You are on page 1of 3

‫كورونا أزالت اللثام‬

‫( موسيقى تنتشر في االرجاء و المسرح مظلم ‪ ،‬فجأة يتسلط ضوء في منتصف الخشبة ‪،‬‬
‫فنشاهد جسدا متكورا يقف بسالسة و مرونة ثم تظهر مالمحه ‪ .‬نعم يا سادة إنه فيروس‬
‫واقف بشموخ فوق صورة لكوكب األرض في منتصف خشبة )‬
‫المجهول (يدخل بوجه مصفر واضعا قناع تنفس يغطي نصف وجهه ‪،‬قائال بصوت مهتز‬
‫و متقطع يظهر في طياته اإلرهاق ) ماذا فعلت بي ؟ إنني أحتظر ‪ ،‬جل أعضاء جسمي‬
‫تصرخ ألما ‪.‬‬
‫( ضاحكة بإستهزاء ) أنا لم أفعل شيئا فجسدك كان يصرخ نتيجة إستهتارك‬ ‫كورونا‬
‫في طريقة أكلك العشوائية و نسيانك للطعام الطعام الصحي بحجة أنه ليس لذيذا و صرخ‬
‫جسدك منذ اهملته ونسيت الرياضة التي تصونه و تحميه ‪ .‬في كل مرة كل مرة كان يئن من‬
‫األلم ألما روحك ‪ ،‬مهشما قلبك ‪ ،‬هازا كيانك ‪ .‬طوال أيام مشيت بغرور متناسيا أنك إنسان أما‬
‫فأتيت ألذكرك بذالك فقط ‪.‬‬
‫( يمسك الرجل قلبه بألم ثم يقع على األرض فتصعد روحه إلى خالقها معلنة خسارتها )‬
‫‪( :‬يدخل بغرور مبتسم بخبث )‬ ‫شخص يرتدي بدلة تحمل شعار العدالة‬
‫‪ (:‬تساءلت بنبرة تحمل في طياتها سخرية وإستهتار ) ‪:‬مرحبا ! هل جئت تلقي‬ ‫كورونا‬
‫بذنوبك على عاتقي أنت أيضا ؟‬
‫الشخص ‪ ( :‬قال بنبرة ماكرة )‪ :‬ال أبدا بل جئت لشكرك فأنت فتحت لي أبواب مغارة‬
‫علي بابا على مصراعيها‬
‫كورونا ‪ .:‬ةة (تساءلت بإستغراب ) وكيف هذا ؟‬
‫الشخص ‪( :‬تساءلت باستغراب ) لقد أخذنا الكثير من النقود بسبب عملنا و نفوذنا إضافة إلى‬
‫نهبنا لثروة البالد ‪ .‬و قد إستغللت عملي في عدة أشياء لعل أبرزها الهروب من الضرائب ‪ .‬أه‬
‫! لو تعلمين كم أنا سعيد ففي تلك الفترة التي قتل فيها الجميع بسببك و عانوا من الفقر و‬
‫الجوع و األلم و جبروا على اإلفتراق عن األهل و األحباب بسبب المسافات التي فرضها‬
‫البروتوكول الصحي حينها كنت أجلس على عرش من المال و أتنقل بين المدن خارقا ً القانون‬
‫رغم أني ممثله و حاميه ‪.‬‬
‫كورونا ‪ ( :‬متسائلة بتعجب وحيرة ) أال تخجل حين تقول هذا ؟ أين ضميرك يا رجل ؟ و‬
‫مبدئك ؟هل ذهب قسمك مهب الريح ؟‬
‫الشخص ‪ ( :‬ضاحكا بإستهزاء ) و لم الخجل فالجميع يسرق و ينهب في هذه الدولة فهل‬
‫سأكون الصالح الوحيد هنا ؟ و في إطار الحديث عن الضمير أين ذهب ضميرك حين‬
‫الكثيرين ؟‬
‫‪ (:‬مجيبة بقوة و ثقة ) أجل يجب أن تكون رجال صالحا حتى لو كنت الشريف‬ ‫كورونا‬
‫الوحيد في العالم أجمع و ليس في دولتك فقط كان يجب أن تكون تلك الجوهرة النادرة ال أن‬
‫تكون خروفا جبانا يتبع بقية القطيع أما بخصوص ضميري فأنتم تجبرتم ونسيتم أنفسكم بل و‬
‫نسيتم انكم خليفة هللا في األرض و لكم مسؤولية حمايتها و إضافة لذلك باشرتم تدميرها و أنا‬
‫أتيت ألذكركم فرغم أني فيروس ال يرى بالعين المجردة إال أني أعجزت العلماء وقتلت‬
‫الكثير من بني أدم (توقفت عن الحديث ثم نشرت غبارا وقالت بنبرة لعوبة ) و اٱلن وداعا‬
‫إذهب حيث ال ينفعك النفوذك و ال مالك الذي جنيته باإلحتيال و التالعب‬
‫(ماهي لحظات معدودة حتى يسقط الشخص صريعا وفي هذه األثناء دخل أحد األطباء )‪.‬‬
‫‪ ( :‬ضحكت بسخرية ) و أنت هل جئت لتشكرني أم لتلومني ؟‪.‬‬ ‫كورونا‬
‫الطبيب ‪( :‬أجاب بثقة ) نحن اتينا لنحمي البالد من شرك ؟‪.‬‬
‫( قالت باستغراب ) من أنتم ؟ و ماذا ‪......‬‬ ‫كورونا‪.‬‬
‫(توقفت الحروف في حنجرتها ما إن دخل فريق ال بأس به يرتدي سترات بيضاء )‪.‬‬
‫الطبيب و الفريق األبيض ‪( :‬أجابوا في صوت واحد يرهب السامع ) نحن الجيش األبيض‬
‫الذي وفى بقسمه دائما و اٱلن أيضا جئنا لنفي بعهدنا أال وهو إنقاذ البالد من براثينك‬
‫( قالت في محاولة منها حثهم عن العدول عن مهاجمتها ) لم أنتم من يهاجمني ؟‬ ‫كورونا‬
‫هل أنتم الجيش الوحيد في البالد أم أنهم إختاروكم لتكونوا كبش الفداء ؟‪.‬‬
‫أحد من الجيش األبيض ‪ :‬أوال إن الشعب سالحنا و قوتنا و مهمة الجندي أن يحافظ على‬
‫سالحه ثم يكفينا أن الشعب يكن لنا اإلحترام و التقدير و ثانيا يد واحدة ال تصفق لذلك الجيش‬
‫األخر قادم في الطريق ‪.‬‬
‫(ما إن أنهى كلماته حتى قدم العديد من األشخاص حاملين في أيديهم اليمنى الكتب أما اليسرى‬
‫ففيها أشياء مختلفة فالبعض يحمل أقالم حبر و البعض حبر والبعض أوراق بيضاء و أخر‬
‫يحمل ريشة )‪.‬‬
‫الفريق الذي دخل للتو ‪( :‬في صوت واحد ) نحن جنود الحبر جئنا لنساند الجيش األبيض و‬
‫نكون له السند و المعتصم ‪.‬‬
‫كورونا ‪ (:‬محاولة الصمود أمام جسارتهم ) أو تضنون أنكم بفعلتكم هذه سوف تهزمونني ؟‬
‫الجيش األبيض وجنود الحبر ‪(:‬قالوا بقوة تخشع لها الجبال) نحن ال نظن بل مما ال شك فيه‬
‫أننا سنهزمك ‪.‬‬
‫(ما إن أنهوا هذه الكلمات حتى دخل المواطنون الواحد تلو األخر قائلين بثقة و تشجيع )‬
‫انطلقوا فنحن معكم في السراء و الضراء‬
‫و نحن لكم حامون‬
‫ومن أجلكم صامدن‬
‫هللا عليكم حامدون‬
‫ونحن بكم واثقون‬
‫( ضربوا أقدامهم في األرض و قدموا لهم التحية العسكرية فلم يكن من جنود الحبر و الجيش‬
‫األبيض إال رد التحية بكل فخر ثم إنطلقوا مهاجمين هذا الفيروس اللعين من كل حد‬
‫وصوب)‪.‬‬
‫‪( :‬بصوت مرجف وخائف ) ماذا تفعلون ؟ إبتعدوا عني أه انقذوني ليساعدني‬ ‫كورونا‬
‫احدكم رجاء ‪.‬‬
‫(ثم إنقطع الصوت دون رجعة و بعد أن تخلصوا من هذا الفيروس اللعين توجه اقتلعوا‬
‫رأس ذلك الشخص الذي خان البالد و كانت قطرات الدم تتساقط منه ثم قاموا برميه إلى‬
‫الجمهور و أمسكوا أيدي بعضهم قائلين )‪:‬‬
‫فال عاش في البالد من خانها وال عاش من ليس من جندها‬
‫(أغلق الستار و انبثق النشيد الوطني التونسي في األرجاء )‪.‬‬

You might also like