You are on page 1of 96

ٔ

ٕ
ٖ
ٗ
‫ا‪١‬تقدمة‬

‫( األفكار وا‪١‬تفاىيم ) أخطر ما يواجو اإلنساف ُب حياتو! وكم من فكرة أقامت صاحبها‬
‫من فراش نومو ُب ساعة متأخرة ! وكم من فكرة أقعدت كبَتاً بعد رحلة من الفاعلية ُب‬
‫واقعو ! وىي صوت مالك بن نيب ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل ُب حقبة من الزمن ‪ :‬اجملتمعات ال‬
‫ٖتسب بكثرة أفراداىا ‪ ،‬وإمنا ٖتسب بفاعلية ىؤالء األفراد ‪ .‬اىػ وا‪١‬تشاريع الضخمة ىي ُب‬
‫كونت ُب النهاية مساحات‬
‫األصل لبنات ! وإذا رأيت حراكاً ُب واقع فتلك راية مصلح ّ‬
‫الربيع اليت تراىا ‪.‬‬

‫إف حاجة األمة اليوـ لكل فرد فيها أشد من كل حاجة ‪ ،‬ولن تستطيع أف تأٌب على شيء‬
‫من آما‪٢‬تا ‪ ،‬ومهومها إال من خبلؿ ىؤالء األفراد ‪ .‬واشوقاه إىل كل فرد يوسع مساحة الربيع‬
‫ويأٌب على مهوـ أمتو من خبلؿ فكرة حية ‪ ،‬ومشروع هبيج !‬

‫قوموا يارفاؽ رددوا ُب اآلفاؽ ‪:‬‬

‫لنفسي حياة مثل أف أتقدمػ ػ ػ ػػا‬ ‫تأخرت أستبقي ا‪ٟ‬تياة فلم أجد‬

‫ولكن على أقدامنا تقطر ال ّدما‬ ‫فلسنا على األعقاب تدمى كلومنا‬

‫لقد ظلت ىذه األمة إىل عهد قريب ىي روح الدنيا ‪ ،‬وقلبها النابض ‪ ،‬وكانت أمبلً لكل‬
‫إنساف وما تزاؿ ‪ .‬وإذا أرادت أف تستبقي ىذه ا‪١‬تعاين ‪ ،‬وتأٌب على ىذه اآلماؿ ‪ ،‬و٘تد ُب‬
‫مساحة تأثَتىا فعليها أف تف ّكر ُب استثمار قدرات أبنائها من خبلؿ األفكار وا‪١‬تفاىيم‬
‫الفاعلة ُب واقعها ‪ .‬ما أحوجنا اليوـ إىل استلهاـ ذكريات اجملد ‪ ،‬وقراءة فتوح الناىضُت !‬
‫قم يا صاحيب من سرير نومك ‪ ،‬واهنض من مساحة واقعك ‪ ،‬واستقبل فجر األمل ‪،‬‬
‫٘‬
‫وصافح الفأؿ ‪ ،‬واكتب لنا قصة اجملد ‪ .‬وردد أماين ا‪٠‬تليفة عمر رضي اهلل تعاىل عنو وأرضاه‬
‫قاؿ لبعض الرفاؽ ‪٘ :‬تنوا ! فكل أفاض ُب أمانيو وحُت انتهوا ومل يشفوا لو غليبلً قاؿ ‪:‬‬
‫لكنٍت أ٘تٌت بيتاً ‪٦‬تلوءاً رجاالً كأيب عبيدة ! واشوقاه للكبار ! وشوقاه لصناع التاريخ !‬
‫‪ٟ‬تماؿ ا‪١‬تصابيح ُب غسق الدجى !‬
‫وشوقاه ّ‬
‫أو مت كردياً ٖتت ظل القسطل‬ ‫واصنع لنفسك منزالً تعلو بو‬

‫حصن ولو شيدتو با‪ٞ‬تندؿ‬ ‫فا‪١‬توت ال ينجيك من آفاتو‬

‫من أف ديوت أسَت طرؼ أكحل‬ ‫موت الفٍت ُب عزة خَت لو‬

‫فوؽ الثرياء والسماؾ األعزؿ‬ ‫إف كنت ُب عدد العبيد فهميت‬

‫فسناف ر‪٤‬تي وا‪ٟ‬تساـ يقر يل‬ ‫أو أنكرت فرساف عبس نسبيت‬

‫بل فاسقٍت بالعز كأس ا‪ٟ‬تنظل‬ ‫ال تسقٍت ماء ا‪ٟ‬تياة بذلة‬

‫من أجل ىذه ا‪١‬تعاين كلها جاءت فكرة ( مشروع العمر ) الفكرة ا‪ٟ‬تية اليت ستأٌب على‬
‫جزء كبَت من آماؿ ىذه األمة ‪ ،‬وىي نبت ذلك السقاء ُب كتايب األوؿ ‪ ( :‬ابدأ كتابة‬
‫حياتك ) والتجربة التطبيقية ا‪١‬تيدانية لذلك التنظَت ! واألمل كبَت أف يتداعى كبار األمة‬
‫ومؤسساهتا الفاعلة ‪ ،‬وكل طاقاهتا إىل قراءة ىذه الفكرة ‪ ،‬وصناعة أحبلمها ُب الواقع ‪،‬‬
‫والتعاضد من أجل اإلغراء هبا وحُت تستوي تطبيقاً سيكوف لؤلمة بإذف اهلل تعاىل شأف كبَت‬
‫مثَت ‪ ،‬ولو يبلغ مدى صوٌب أذاف العا‪١‬تُت لفعلت لعلهم يبلغهم ما يعجز عن وفائو ا‪ٟ‬ترؼ ‪.‬‬
‫الشكر هلل تعاىل الذي يهب لعبيده ما يشاء تفضبلً وإحساناً ٍب أليب سعود شاعر ا‪ٟ‬ترؼ‬

‫‪ٙ‬‬
‫وا‪١‬تعٌت ‪ ،‬وأيب عبد الر‪ٛ‬تن حيي ا‪ٟ‬تادثي على جهدمها ُب مراجعتو وتصحيحو‪ ،‬ولكل الشركاء‬
‫ُب صناعة الفكرة ‪ ،‬ومد أثرىا ُب الواقع ‪ ،‬داعياً اهلل تعاىل أف ديد ُب أثرىا ‪ ،‬وحييي هبا آماؿ‬
‫أمة ُب واقعها ‪ ،‬ويرزقها القبوؿ إنو ويل ذلك والقادر عليو‪.‬‬

‫د ‪ /‬مشعل بن عبد العزيز الفبلحي‬

‫ا‪١‬تملكة العربية السعودية ‪٤ ،‬تافظة القنفذة ‪ ،‬حلي‬

‫‪Mashal001@hotmail.com‬‬

‫‪ٚ‬‬
ٛ
‫البدايات‬

‫كانت ‪ٟ‬تظة مثَتة تلك اليت ًب فيها تكرمي أبينا آدـ ُب مشهد هبيج من حضور ا‪١‬تبلئكة‬
‫(وإذا قاؿ ربك للمبلئكة إين جاعل ُب األرض خليفة ) واللحظات إمنا تكتسب مكانتها‬
‫من األحداث اليت ٕتري فيها ‪.‬‬

‫لقد خلق اهلل تعاىل اإلنساف وأودع فيو من القدرات واإلمكانات والقوى الكامنة ما كاف هبا‬
‫صا‪ٟ‬تاً لعمارة األرض ‪ ،‬وٖتقيق ا‪٠‬تبلفة الكربى فيها‪ .‬ومن ا للحظة اليت أىبط فيها آدـ إىل‬
‫يومنا ىذا ظلت الدنيا وما تزاؿ هبيجة باإلنساف ‪ ،‬ح افلة بو مسرورة بلحظاتو ‪ ،‬ومن مد‬
‫بصره فيمن حولو أدرؾ ىذا ا‪١‬تعٌت ّتبلء !‬

‫ما أهبج ا‪١‬تساحات اليت يتحدث فيها إىل اختيار اهلل تعاىل ‪ ،‬إىل َخْلقو وإبداعو‪ ،‬إىل نفخة‬
‫وحي) إىل الذي‬ ‫روحو تعاىل قبل أف يكوف كومة من طُت ‪( :‬فَإِذَا سَّويػتُو ونَػ َفخت فِ ِيو ِمن ر ِ‬
‫ُْ‬ ‫َ َُْ ْ ُ‬
‫‪ٚ‬ت ًيعا ِمْنوُ) ‪.‬‬
‫ض َِ‬ ‫السماو ِ‬
‫ات َوَما ُِب ْاأل َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫س ّخر اهلل تعاؿ لو كل شيء (َو َس َّخَر لَ ُك ْم َما ُب َّ َ َ‬
‫وكم من ناىض من فراش نومو أوقد سراج مهتو فابتدأ قصة مشروعو الكبَت ‪ ،‬وقاـ يردد ُب‬
‫العا‪١‬تُت ‪:‬‬

‫فإما حياة تسر الصديق ‪ ...‬وإما ‪٦‬تات يغيظ العدا‬

‫وأرجو أف نكوف وإياؾ من أولئك الناىضُت !‬

‫‪ٜ‬‬
‫لدي ُحلُم‬

‫(ٔ)‬

‫واشوقاه إىل حلم يدفع بصاحبو إىل أماين الكبار ! واشوقاه إىل رحلة جيد فيها اإلنساف‬
‫طموحاتو ‪ ،‬ويستنفر فيها طاقاتو وإمكاناتو وقدراتو ‪ ! .‬أحبلمك اليت تُف ّكر فيها اليوـ ىي‬
‫واقعك الذي تعيشو ُب الغد ‪ ،‬ومن ال حلم لو ُب واقع اليوـ ال مشروع لو ُب أحداث الغد‪.‬‬

‫كل ىذه ا‪١‬تشاريع الكربى اليت تراىا ما ثلة ُب عامل الواقع كانت باألمس أحبلماً ُب عقوؿ‬
‫كونت مباىج النهايات‪.‬‬
‫أصحاهبا ‪ ،‬وما زالت أماين تًتدد ُب أفكارىم ومشاعرىم حىت ّ‬
‫يطوح بأفكارؾ ومشاعرؾ إىل الغد ! إىل ىناؾ ‪ ،‬إىل الغيب ا‪١‬تنتظر‬ ‫ليكن لديك حلم ّ‬
‫وا‪١‬تسافات اجملهولة ‪ ،‬إىل ‪ٟ‬تظات الفوز والغلبة واالنتصار ! كن كأولئك الذين رأوا واقعهم‬
‫قبل أف يصلوا إليو بعشرات السنُت وما زالوا ُب الطريق إليو حىت كانت ‪ٟ‬تظات اللقاء ‪.‬‬
‫أخرج من ضيق اللحظة ‪ ،‬وأسر الواقع ‪ ،‬ومهوـ احمليط إىل ساحات حلمك ومساحات‬
‫الربيع ُب حياتك ‪.‬‬
‫دعك من كل ما يقاؿ حولك ‪ ،‬وما يثار ُب طريقك ‪ ،‬وما تتناقلو ‪٣‬تالس احملبطُت واهنض‬
‫إىل أحبلمك الكبار ‪.‬‬
‫أنا ىنا ال أتكلم عن فكرة تود الوصوؿ إليها ‪ ،‬كبل ! أتكلم عن ُحلُم يقتات من مشاعرؾ‬
‫ويعيش ُب وجدنك ‪ ،‬ويأخذ كل ‪ٟ‬تظة من تفكَتؾ ‪.‬‬
‫احلم ! واجعل لنا من حلمك قصة تروى على األجياؿ ! احلم لتقتات األجياؿ القادمة‬
‫من أملك ‪.‬‬

‫ٓٔ‬
‫احلم حىت لو كنت ُب بيت مستأجر ‪ ،‬أوعائلة فقَتة ‪ ،‬أو تعيش ظروفاً بائسة ‪ ،‬احلم‬
‫فسيأٌب الربيع وتعود األرض خضراء من جديد ‪.‬‬
‫احلم أيها القارئ فالتاجر مل يولد يوماً وُب فمو ملعقة من ذىب ! والعامل ولد وىو ال‬
‫يعرؼ شيئاً من حروؼ ا‪٢‬تجاء ‪.‬‬
‫وسجل ُب‬
‫قم يا صاحيب إىل بيتك وعلّق على جداره قصة حلمك ‪ ،‬واكتب فيو رؤيتك ‪ّ ،‬‬
‫زواياه مشروعك الكبَت ‪ ،‬وابدأ رحلة األشواؽ إليو ‪ ،‬وقل لكل من وقف ُب طريقك أو‬
‫شكك ُب أحبلمك ‪ ،‬أو استطاؿ مسافة ذلك األمل ‪ ( :‬لدي ُحلُم ) وسيسقط أماـ ىذا‬
‫ا‪١‬تعٌت كل عقبات الطريق ‪.‬‬

‫ٔٔ‬
‫لدي حلم‬
‫(ٕ)‬
‫احلم يا صاحيب ففضاء ا‪ٟ‬تريات أدعى ألف تعيش حلمك كما تشاء ! قم إىل ساحات‬
‫الفضاء ‪ ،‬وتن ّفس أملك ‪ ،‬وابدأ رحلة أشواقك ُب األرض ‪ ،‬ودعك من كل العراقيل اليت‬
‫يتحدثوف عنها فإمنا ىي أوىاـ ‪ .‬ال تبقى جالساً ‪ ،‬منتظراً ‪ ،‬قلقاً فأنت أهبج مشاىد الكوف‬
‫وا‪ٟ‬تياة ال تعًتؼ إال با‪١‬تتفائلُت ! اخرج إىل ساحات الفضاء وردد كما ردد األوؿ ‪:‬‬
‫الش ػ ػ ػ َّػم ِاء‬ ‫فوؽ ِ‬
‫الق َّم ِة َّ‬ ‫َّسر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ػأعيش َر ْغ َم الدَّاء واألَعػ ػػداء ػ ػ ػ كالن ْ‬
‫َسػ ػ ُ‬
‫ب واألَمطا ِر واألَنوا‬ ‫بالس ػ ػ ْػح ِ‬ ‫ض ِ‬
‫يئة ىا ِزئاً ػ ػ ػ ُّ‬ ‫س ا‪١‬ت ِ‬ ‫الشػ ػ ْػم ِ‬
‫ْأرنُو إىل َّ‬
‫الس ػ ػ ػ ِ‬ ‫ُ‬
‫ػوداء‬ ‫ػئيب وال َأرى ػ ػ ػ َما ُب قَرا ِر ا‪٢‬تَُّوةِ َّ‬ ‫ال ْأرم ػ ػ ُػق الظِّ َّل الك َ‬
‫وتلك َسػ ػ ػػعاد ُة الش َعر ِاء‬ ‫ِ‬
‫ػَت ُب ُدنيػػا ا‪١‬ت َشاع ِر حالماً ػ ػ ػ َغ ِرداً َ‬ ‫ُ‬ ‫وأَسػ ػ‬
‫َ‬
‫( لدي ُحلُم ) ىو الذي أخرج كعب بن مالك ُب ساعة متأخرة من الليل ليأٌب للنيب صلى‬
‫اهلل عليو وسلم بوضوئو وحُت قاؿ لو صلى اهلل عليو وسلم ‪ ( :‬سل يا ربيعة ) قاـ ا‪ٟ‬تلم‬
‫جييب ‪( :‬أسألك مرافقتك ُب ا‪ٞ‬تنة يارسوؿ اهلل ) ‪.‬‬
‫( لدي حلم ) ىو ذاتو الذي كاف يعيش ُب مشاعر تلك الصا‪ٟ‬تة اليت أصيبت بالصرع‬
‫متكشفة ُب عرض الطريق فتأٌب لرسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم قائلة ‪ ( :‬ادع اهلل‬
‫وتسقط ّ‬
‫يا رسوؿ اهلل أف يشفيٍت ) فيقوؿ ‪٢‬تا ‪ ( :‬إف شئت دعوت اهلل تعاىل لك وإف صربت فلك‬
‫ا‪ٞ‬تنة ) فيقوـ ا‪ٟ‬تلم من جديد قائبلً ‪ ( :‬بل أصرب يا رسوؿ اهلل) وتعيش على شقاء الدنيا‬
‫ونوبات الصرع ٗتنقها ُب كل حُت ومشاعرىا ترصد ‪ٟ‬تظات ا‪ٟ‬تلم ( إف صربت فلك ا‪ٞ‬تنة)‬
‫كوف ‪٢‬تاروف الرشيد واقعو الذي خياطب فيو يوماً سحابة ُب عرض‬
‫( لدي ُحلُم ) ىو اليت ّ‬
‫السماء ‪ ( :‬امطري حيث شئت فسيأتينا خراجك ) ‪.‬‬

‫ٕٔ‬
‫( لدي حلم ) ىو الذي كاف خيامر عقل ىند ابنة عتبة زوجة أيب سفياف حُت قاؿ ‪٢‬تا بعض‬
‫متفرسي العرب ( إين أتوسم ُب طفلك أف يسود قومو ) فقالت ‪ ( :‬ثَكِْلَتو إف مل يسد إال‬
‫قومو ) ‪.‬‬
‫( لدي ُحلُم ) ىو الذي جعل أبا بكر رضي اهلل تعاىل عنو قصة تروى ُب العمل والبناء‬
‫والتضحيات حىت إنو ليدعى يوـ القيامة من أبواب الثمانية يدخل من أيها شاء ‪.‬‬
‫( لدي حلم ) ىو الذي حفز ببلؿ رضي اهلل تعاىل عنو حىت إنو ال يتوضأ وضوءاً ُب أي‬
‫ساعة من ليل أو هنار حىت يصلى بذلك الوضوء ركعتُت ‪.‬‬
‫طوح هبمة سعد بن معاذ حىت اىتز ‪١‬توتو عرش الر‪ٛ‬تن ومل يتجاوز‬
‫( لدي حلم ) ىو الذي ّ‬
‫عمره ُب اإلسبلـ سبع سنوات فقط ‪.‬‬
‫( لدي ُحلُم ) ليست أمنية ‪٣‬تردة ! إذا أردت أف تصحب أصحاهبا وتأٌب ُب فلك آما‪٢‬تا‬
‫فعليك أف ٗتلو بنفسك ‪ ،‬وتف ّكر ُب مشروعك ‪ ،‬وتًتؾ ‪٠‬تيالك يسبح ُب الفضاء كيف‬
‫شاء!‬
‫( لدي ُحلُم ) ٖتتاج منك تفرغاً من شواغل نفسك ‪ ،‬وتفكَتاً طويبلً ُب التاريخ الذي‬
‫ستبدأ خطواتو األوىل ُب واقعك ‪.‬‬
‫( لدي ُحلُم ) ٖتتاج منك إىل قرار تتخذه مهما كانت كلفتو ‪ ،‬ومهما كاف طوؿ أمده‬
‫ومسافتو ‪.‬‬
‫( لدي ُحلُم ) ميبلدؾ ا‪ٞ‬تديد ! وتاريخ أحبلمك ! وأياـ الربيع ُب حياتك القادمة‪.‬‬

‫ٖٔ‬
‫( لدي ُحلُم )‬
‫( ٖ)‬
‫من حقك أف ٖتلم ‪ ،‬ومن حقك أف تبوح بأشجانك ‪ ،‬ومن حقك أف تتن ّفس ُب الدنيا‬
‫كلها كما تشاء !‬
‫( لدي ُحلُم ) ٖتتاج منك أف ٗتطو ُب األرض وأنت مشبع بالثقة ‪ ،‬مليء باألحبلـ قادر‬
‫على بذؿ كل ما ديكن للوصوؿ إىل تلك األحبلـ ‪.‬‬
‫( لدي ُحلُم ) حق مشاع لكل إنساف يتن ّفس ىواء ىذه ا‪ٟ‬تياة ‪ ،‬للرجل ‪ ،‬وا‪١‬ترأة ‪ ،‬والصغَت‬
‫والكبَت ‪ ،‬وا‪١‬توظف وا‪١‬تتفرغ ‪ ،‬للمسافر وا‪١‬تقيم ‪ ،‬ال فرؽ ُب األحبلـ بالذات بُت كل حي ‪.‬‬
‫( لدي ُحلُم ) ديكن أف تثَته ُب بيتك من خبلؿ تربية ولدؾ وتأٌب منو على أحبلـ‬
‫مشروعك الكبَت ُب األرض ( أو ولد صاحل يدعو لو ) أو من خبلؿ عملك ووظيفتك ‪ ،‬أو‬
‫من خبلؿ فكرتك اليت تعيش من أجلها ‪ ،‬ومشروعك الكبَت الذي تتن ّفس أحبلمك كلها‬
‫من أجلو ‪.‬‬
‫يا صاحيب ! ما دورؾ ُب أمتك ! ما ذا قدمت جملتمعك ‪ ،‬وأمتك ‪ ،‬ودينك ! قم يا صاحيب‬
‫فمن عاش لنفسو عاش صغَتاً ومات يوـ ديوت وىو صغَت ‪ ،‬ومن عاش لغَته عاش كبَتاً‬
‫ومات يوـ ديوت وىو كبَت ‪.‬‬
‫إىل مىت ستظل قاعداً دوف حراؾ ! إىل مىت وأنت تعيش لنفسك ‪ ،‬إىل مىت وأنت مل تغرد‬
‫بعد بأحبلـ أمتك وأحاديث أشواقك !‬
‫( لدي ُحلُم ) يصنعها التاجر ٔتالو ‪ ،‬وا‪١‬تعلم برسالتو ‪ ،‬والتقٍت من خبلؿ شاشتو ‪ ،‬والشاعر‬
‫واألديب من خبلؿ حرفو ‪ ،‬وإماـ ا‪١‬تسجد من فناء مسجده وجامعو ‪ ،‬وا‪١‬تريب وحافظ القرآف‬
‫من خبلؿ حلقتو ومشروعو ‪.‬‬
‫ٗٔ‬
‫احلم يا صاحيب حىت لو كنت عامبلً مغًتباً فا‪ٟ‬تياة أهبج من ظروفنا العارضة ‪ ،‬وأمتك أحوج‬
‫ما تكوف لفنك ومهارتك ‪.‬‬

‫احلم أياً كاف موقعك ‪ ،‬ونوع وظيفتك ‪ ،‬وتاريخ والدتك ‪ ،‬احلم فاهلل تعاىل خلقنا أحراراً‬
‫ومن الغنب أف منوت دوف أف نأٌب على ىذه األحبلـ ‪.‬‬
‫( لدي ُحلُم ) رددىا اآلف على لسانك ‪ ،‬واىتف هبا ُب مشاعرؾ ‪ ،‬وح ّدث هبا من حولك‬
‫وابدأ هبا قصة مشروعك الكبَت ُب ا‪ٟ‬تياة ‪ .‬وغداً تروي لنا قصتك ‪ ،‬ويبعث لنا التاريخ‬
‫أحداث روايتك ‪.‬‬
‫تتوسع‬
‫وأنا ( لدي ُحلُم ) ! ىل تدري ما ىو ! ‪ :‬حُت تعتنق أنت فكرة ( مشروع العمر) ّ‬
‫مساحة مشروعي ‪ ،‬وتنداح قصة أحبلمي ُب الواقع من جديد ‪.‬‬

‫٘ٔ‬
‫إى اهلداية ًساتب ‪ ،‬واهصالح دزجات ‪ ،‬وأنا ال أحتدّث يها إىل اههاسم اهعابد‬
‫اخلائف ًو ثوزاى اهشًوات واهشبًات يف عسض اهطسيق فران وشأنٌ وإمنا‬
‫أحتدّث عو صهاع احلياة أصحاب املشازيع ‪ ،‬وزوّاد اإلصالح ‪ ،‬وحاًوي زايات‬
‫اجلًاد ‪.‬‬

‫أحتدّث إىل اهريو وهدوا عوى األزض ال هيعيشوا هرواتًم ًعزوهني عو واقع‬
‫اهبهاء ‪ ،‬وإمنا وهدوا هيجريوا حتديات اهواقع ‪ ،‬ويفشحوا يف ًعاني األًى ‪،‬‬
‫ويوسعوا يف ًشاحات اهسقع اخلضساء يف اهصحازي اهقاحوة ‪.‬‬

‫‪ٔٙ‬‬
‫أشواؽ الكبار‬

‫األشواؽ فن ! ٖتتاج إىل قلوب تركض إليها ‪ ،‬ومشاعر هتتف هبا ‪ ،‬وأحداث تدفع بصاحبها‬
‫لعناقها ‪ .‬وإذا أردت أف تقرأ فنوف ىذه القصة وأحداث ىذه الرواية وفصوؿ ىذا ا‪١‬تعٌت‬
‫الكبَت فاقرأ قصة أيب األنبياء إبراىيم عليو السبلـ وىو يتوؽ ويشتاؽ إىل ٗتليد ذكره ‪ ،‬وبقاء‬
‫أثره ‪ ،‬وامتداد حياتو من خبلؿ ذلك الشوؽ ( واجعل يل لساف صدؽ ُب اآلخرين ) كاف‬
‫يعيش أمنية أال دير ُب األرض مرور العابرين ‪ .‬وقرر أف يعيش حياتُت ‪ :‬ا‪ٟ‬تياة األوىل تلك‬
‫اليت خيوضها ّتسده ‪ ،‬واألخرى تلك اليت يثَتىا ٔتشروعو ‪ ،‬وظل يهتف بأمنيتو حىت كاف لو‬
‫ما أراد ‪ .‬وكذلك الكبار !‬
‫ما أكثر ما تنداح األشواؽ ُب قلوب الكبار ! وقل أف ٕتد مثَتاً ُب واقعو إال وىو يردد تلك‬
‫ُت إِ َم ًاما) ىذه أشواؽ القوـ ! وتلك أمانيهم ! ولن ٕتد كبَتاً إال‬ ‫ِ ِ‬
‫اج َعْلَنا لْل ُمَّتق َ‬
‫األمنية ‪َ( :‬و ْ‬
‫وىو يتوؽ للمعايل ‪ ،‬ويزاحم على صفوؼ ا‪١‬تبدعُت !‬
‫جاء نيب اهلل تعاىل سليماف عليو السبلـ ليضرب على كثَت من األماين ‪ ،‬واألشواؽ ‪ ،‬ويدعها‬
‫صفحاً ‪ ،‬ويتوؽ ويشتاؽ لشيء مل يتكرر ‪ ،‬ومل حيدث ُب األرض بعد ‪ ،‬وال ديكن أف يتكرر‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ب اغْ ِ‬
‫اب)‬
‫ت الَْوَّى ُ‬ ‫ب ِيل ُملْ ًكا َال يَػْنَبغِي ِألَ َحد ِم ْن بَػ ْعدي إِن َ‬
‫َّك أَنْ َ‬ ‫ى‬
‫َ‬‫و‬ ‫ِ‬
‫اؿ َر ِّ ْ َ ْ‬
‫يل‬ ‫ر‬‫ف‬ ‫ُب الواقع (قَ َ‬
‫اب) كاف من حقو أف‬ ‫ت الَْوَّى ُ‬ ‫والكبار ال حيد أمانيهم شيء ‪ ،‬وإذا فقو الداعي معٌت (إِن َ‬
‫َّك أَنْ َ‬
‫يسبح ُب مشاعره كيف شاء !‬
‫وعلمنا نبينا صلى اهلل عليو أف ا‪١‬تعايل أكرب من ‪٣‬ترد سؤاؿ ‪ ،‬واألشواؽ ا‪١‬تثَتة ال ٖتدىا‬
‫األماين الضئيلة ! وقف واصفاً للجنة فأبلغنا أهنا ليست درجة واحدة ٕتمع العا‪١‬تُت ُب ذات‬
‫ا‪١‬تكاف رغم فوارؽ العمل ‪ ،‬كبل ! وإمنا ىي درجات ‪( :‬إِ َّف ُِب ا ْ‪ٞ‬تَن َِّة ِمائَ َة َدَر َجة ) وحُت أبلغنا‬
‫ىذه ا‪ٟ‬تقيقة الكربى عاد يستنهض ا‪٢‬تمم ويستنفر الطاقات ‪ ،‬ويطلق العناف لطموح‬
‫ِ‬ ‫العاملُت قائبلً ‪( :‬فَإِذَا سأَلْتُم اللَّو فَاسأَلُوه الِْفردوس فَإِنَّو أَوس ُ ِ‬
‫ط ا ْ‪ٞ‬تَنَّة َوأَ ْعلَى ا ْ‪ٞ‬تَنَّة أَُراهُ فػَ ْوقَوُ‬ ‫َ ُ َ ْ ُ َْ ْ َ ُ ْ َ‬
‫‪ٔٚ‬‬
‫الر ْ‪ٛ‬تَ ِن َوِمْنوُ تَػ َف َّجُر أَنْػ َه ُار ا ْ‪ٞ‬تَن َِّة) كأنو يقوؿ ‪ :‬اقفزوا هبممكم ‪ ،‬وطَتوا بأشواقكم ‪،‬‬ ‫ش َّ‬ ‫َعْر ُ‬
‫وارحلوا بقلوبكم ‪ ،‬وتعلقوا بالفردوس األعلى فدونكم منازؿ الكبار ! ‪ .‬وما زالت األماين‬
‫واألشواؽ برجل حىت جعلتو منة عداد ا‪١‬تنفقُت وىو ال ديلك شيئاً من ا‪١‬تاؿ ‪(َ :‬وَر ُج ٌل آتَاهُ‬
‫ت ِمثْ َل َما‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫اللَّوُ عِْل ًما‪َ ،‬وَملْ يػُْؤتِِو َم ًاال فَػ ُهَو يَػ ُق ُ‬
‫وؿ‪ :‬لَْو أَ َّف الل َو آتَاين مثْ َل َما أُ َ‬
‫وٌب فَُبل ٌفل لََف َعْل ُ‬
‫َج ِر َسَواءٌ) وكل إنساف يعيش ُب الدنيا على قدر أشواقو وأمانيو‬ ‫يَػ ْف َع ُل فَُبل ٌف‪ ،‬فَػ ُه َما ُِب ْاأل ْ‬
‫وغداً تبُت ا‪١‬تسافات ‪.‬‬

‫‪ٔٛ‬‬
‫ا‪١‬تشاريع والذكريات‬
‫كم من ذكرى ما زالت ٘تنح أصحاهبا ا‪ٟ‬تياة ! وكم من مقبور ىذه اللحظة يشارؾ ُب البناء‬
‫‪ ،‬وديد ُب ساحات دينو ‪ ،‬ويأٌب على مهوـ أمتو !‬
‫ما رأيت مثل ا‪١‬تشاريع ٗتّلد ذكريات أصحاهبا ‪ ،‬وتبقيهم أحياء حىت بعد رحليهم من‬
‫صْيػَناهُ ُِب إِ َم ٍاـ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َّموا َوآثَ َارُى ْم َوُك َّل َش ْيء أَ ْح َ‬
‫ب َما قَد ُ‬
‫األرض ‪ ( :‬إنَّا َْ‪٨‬ت ُن ُْ‪٨‬ت ِي الْ َم ْوتَى َونَ ْكتُ ُ‬
‫ُت) وقد قاؿ ابن ا‪ٞ‬توزي حيكي قصة الغابرين ‪ :‬فمنهم من يذكر با‪٠‬تَت مدة مديدة ٍب‬ ‫ُمبِ ٍ‬
‫ينسى ‪ ،‬ومنهم من يذكر مئة سنة ٍب خيفى ذكره وقربه ‪ ،‬ومنهم أعبلماً يبقى ذكرىم أبداً ‪.‬‬
‫اىػ وكم من مقبور نسي ذكره عند آخر تراب ُب يد قابره ! وإذا أردت قراءة قصص ىذه‬
‫الذكريات وأثر ا‪١‬تشاريع فيها فافتح كتاباً ‪ ،‬أو ا‪ٝ‬تع إذاعة ‪ ،‬أو شاىد قناة أو ا‪ٝ‬تع أحاديث‬
‫الراوين لًتى ا‪ٟ‬تقيقة أبُت ما تكوف ‪.‬‬
‫حيكي (شفيق جرب) قصة وقعت لو ‪٢‬تا عبلقة با‪١‬تشروع يقوؿ فيها ‪ :‬كنت ُب بلد وشاركت‬
‫ذات مرة ُب جنازة ‪ ،‬وحُت دخلت تلك ا‪١‬تقربة وجدت على كل قرب لوحة تعرؼ بعمره‬
‫فيكتب تاريخ والدتو وتاريخ وفاتو إال أف ‪ٙ‬تة مفارقة عجيبة ومسألة غامضة فيما بُت تاريخ‬
‫ا‪١‬تيبلد وتاريخ الوفاة فعلى القرب األوؿ ولد عاـ ٓ٘‪ ٜٔ‬ـ وتوُب عاـ ٓ‪ٜٜٔ‬مػ وعمره عاـ‬
‫واحد ‪ ،‬وآخر ولد ُب عاـ ٓٔ‪ ٜٔ‬ـ وتوُب ُب عاـ ٓ‪ٜٔٛ‬ـ وعمره عشروف عاماً ‪ ،‬فظننت‬
‫أف ‪ٙ‬تة خطأ ُب تدوين تاريخ عمر كل إنساف فلما خرجت سألت فقيل يل ‪ :‬إننا ال ‪٨‬تسب‬
‫من عمر اإلنساف إال الذي قضاه ُب مشروع ‪ ،‬وما عدا ذلك فنعده ىباء القيمة لو فرجع‬
‫إىل نفسو سائبلً الئماً وعاتباً ‪ :‬وأنا إذا مت عندكم فاكتبوا على قربي ( شفيق جرب من‬
‫بطن أمو إىل عامل القرب ) ‪ .‬قاؿ الطنطاوي ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل معلقاً على ىذا ا‪١‬تعٌت ‪( :‬ا‪ٟ‬تياة‬
‫ليست بطوؿ السنُت ‪ ،‬وإمنا بعرض األحداث ) ‪ .‬وكم من حي حيتاج إىل من يصيح ُب أذنيو‬
‫‪ٜٔ‬‬
‫فارفع لنفسك بعد موتك ذكرىا‬

‫عمر ثانػػي‬
‫فالػذك ػ ػ ػ ػ ػػر لئلنس ػػاف ٌ‬

‫ٕٓ‬
‫ٔ‬
‫ما ا‪١‬تشروع ؟‬

‫ا‪١‬تشروع العمري ىو مشروع تتضح ُب ذىن صاحبو أىدافو وتستويل فكرتو على فكره وعقلو‬
‫ويبذؿ لو ‪ٚ‬تيع طاقاتو ‪..‬‬

‫ىذا ىو مشروع العمر الذي نصبت لك رايتو ُب ىذا الكتاب ‪ ،‬وفرضت لك من سناـ‬
‫وقيت أجّلو وأ‪ٙ‬تنو ‪ ،‬وكتبت إليك بو وروحي تنزع إىل حروفو ‪ ،‬وما حرؼ متُت ُب حياة‬
‫صاحبو أمثل من فكرة تأٌب على قدرات إنساف وطاقات و وإمكاناتو ُب الواقع يوما ما !‬

‫مشروع العمر ٗتصص ‪ ،‬و‪٣‬تاؿ ٖتبو ‪ ،‬وتعشقو ‪ ،‬وهتفو إليو ٔتشاعرؾ وقلبك وٕتد فيو رواء‬
‫روحك ووجدانك ‪.‬‬

‫ىو يا صاحيب ا‪٢‬تدؼ الكبَت الذي نصبتو لنفسك ‪ ،‬وتوجهت إليو بقلبك ‪ ،‬وسعيت لو‬
‫بكل ما ٘تلك من وقت وجهد وماؿ ليكوف الذكرى اليت تقصها األجياؿ ‪ ،‬وا‪ٟ‬تياة اليت‬
‫تثَتىا ا‪١‬تشاريع فيما بعد ‪.‬‬

‫مشروع العمر رسالتك ُب ا‪ٟ‬تياة ‪ ،‬ورؤيتك اليت كتبتها لنفسك ‪ ،‬وتود أف تراىا واقعاً بعد‬
‫سنُت من عمرؾ ! ‪.‬‬

‫مشروع فكرة تبلمس مشاعرؾ ‪ ،‬وهتتف بقلبك ‪ ،‬وٕتد روحك فيو كأنك تولد عند ذكرىا‬
‫من جديد ‪.‬‬

‫ٔ‬
‫ػ نشوء الفكرة كاف قبل سن وات ط ويلة إثر كلمة ‪ٝ‬تعتها من فضيلة الدكتور ‪ /‬عبد اهلل الشهراين ُب لقاء ‪ٚ‬تعٍت بو ‪ ،‬قلت ذلك عرفاناً لصاحب الفضل األوؿ ‪ ،‬وحىت تعلم أثر الكلمة‬
‫العملية اليت تلبس ثوب الصدؽ ماذا تًتؾ ُب قلوب اآلخرين ‪.‬‬

‫ٕٔ‬
‫مشروع العمر عمل يلد أوؿ ما يلد فكرة ُب ذىنك ‪ٍ ،‬ب ينمو مع األياـ كما ينمو ا‪ٞ‬تنُت ‪،‬‬
‫وما يزاؿ يكرب حىت يكوف ُب النهاية كل شيء ‪ .‬يلد كما قلت لك فكرة ٍب تتعاىدىا‬
‫بأحبلمك ‪ ،‬وتفكَتؾ ‪ ،‬وتشغل هبا نفسك كل يوـ ‪ ،‬حىت تراىا ُب كل موقف ‪،‬‬
‫وتتجسدىا ُب كل لقاء ‪.‬‬

‫مشروع العمر قد يكوف عمبلً علمياً ‪ ،‬أو تربوياً ‪ ،‬أو اجتماعياً ‪ ،‬أو تقنياً ‪ ،‬أو أدبياً ‪ ،‬وقد‬
‫يكوف ما يكوف ‪ ...‬ا‪١‬تهم أنو ُب النهاية عمل ورسالة يستطيع ُب النهاية أف يقف على‬
‫قدمي و ‪ ،‬ويدعو الناس إىل رؤيتو ومشاىدتو ‪ ،‬ويبقى شاىداً لك ُب الدارين ‪.‬‬

‫ٕٕ‬
ٕٖ
‫تأصيل ا‪١‬تشروع‬

‫القارئ لكتاب اهلل تعاىل وسنة رسولو صلى اهلل عليو وسلم جيد دعوة ظاىرة لفكرة ا‪١‬تشروع‬
‫قاؿ تعاىل ‪ ( :‬ولكل وجهة ىو موليها ) ففي اآلية دعوة لكل إنساف أف خيتار ما يبلئمو‬
‫من ا‪١‬تشاريع والتخصصات ‪ ،‬وفيها إشارة إىل أف الناس قدرات ‪٥‬تتلفة ومتباينة فبل يصلح ‪٢‬تا‬
‫‪٣‬تاؿ أو ٗتصص أو مشروع واحد ‪ ،‬وعلى كل إنساف أف يشارؾ ُب العمل الذي يناسب‬
‫ىذه القدرات وتلك اإلمكانات ‪.‬‬
‫وُب حديث النيب صلى اهلل عليو وسلم ‪ ( :‬إذا مات اإلنساف انقطع عملو إال من ثبلث‬
‫صدقة جارية ‪ ،‬أوعلم ينتفع بو ‪ ،‬أو ولد صاحل يدعو لو) دعوة لكل فرد أف يستثمر طاقاتو‬
‫ويوسع أثره ويبٍت مشروعو الذي يبقى حياً ماثبلً بعد رحيلو ‪ ،‬بل ُب ا‪ٟ‬تديث إغراء مثَت أف‬
‫يعيش اإلنساف حياتُت ‪ ،‬وأال يكوف من أولئك الذين تنقطع أعما‪٢‬تم بعد رحيلهم من‬
‫األرض ‪ .‬كأنو صلى اهلل عليو وسلم يقوؿ ‪ :‬األصل ُب األعماؿ أهنا تنقطع ‪ ،‬وال تدوـ ‪،‬‬
‫وإذا أرد اإلنساف أف يبقى أثره ‪ ،‬وحييي ذكره ‪ ،‬ويبقى حياً ُب العا‪١‬تُت فلينظر إىل مشروع‬
‫يعيش من أجلو ‪ ،‬ويستنفر فيو طاقاتو وإمكاناتو حىت إذا ما رحل بقي أثره وفكرتو ومشروعو‬
‫يذّكر بو ‪ ،‬ويهيل على قربه بالذكريات ‪.‬‬
‫وأباف صلى اهلل عليو وسلم أف منازؿ الناس يوـ القيامة ومداخلهم ُب ا‪ٞ‬تنة من أبواب‬
‫األعماؿ اليت ٘تيزوا فيها ومنحوىا أوقاهتم ‪ ،‬وأثاروىا بالبناء والتضحيات فقاؿ صلى اهلل عليو‬
‫اب ا‪ٞ‬تَن َِّة‪ :‬يَا َعْب َد اللَّ ِو َى َذا َخْيػٌر‪،‬‬
‫ودي ِمن أَبػو ِ‬‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫وسلم ‪َ ( :‬م ْن أَنْػ َف َق َزْو َج ُْت ُب َسب ِيل اللَّو‪ ،‬نُ َ ْ َْ‬
‫اب‬‫الصبلَةِ‪ ،‬ومن َكا َف ِمن أَ ْى ِل ا‪ٞ‬تَِه ِاد ُدعِي ِمن ب ِ‬ ‫َّ‬ ‫الصبلَةِ ُدعِي ِمن ب ِ‬
‫اب‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ى‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫فَمن َكا َف ِ‬
‫َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫الص َدقَِة ُدعِ َي‬
‫اف‪َ ،‬وَم ْن َكا َف ِم ْن أَ ْى ِل َّ‬ ‫الريَّ ِ‬ ‫الصي ِاـ ُدعِي ِمن ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اب َّ‬ ‫َ َْ‬ ‫ا‪ٞ‬ت َهاد‪َ ،‬وَم ْن َكا َف م ْن أَ ْى ِل َِّ‬
‫الص َدقَِة) ‪.‬‬
‫اب َّ‬ ‫ِمن ب ِ‬
‫َْ‬
‫وكاف أبو بكر رضي اهلل تعاىل عنو مثاالً يصلح ‪٠‬تليط من األعماؿ وا‪١‬تشاريع ويستطيع أف‬
‫وؿ اللَّ ِو َما‬
‫ت َوأُِّمي يَا َر ُس َ‬ ‫يصنع فيها ٘تيزاً ظاىراً ّبيناً حىت قاؿ رضي اهلل تعاىل عنو ‪ :‬بِأَِيب أَنْ َ‬
‫ٕٗ‬
‫ك األَبػو ِ‬
‫اب ُكلِّ َها‪ ،‬قَ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اب ِمن َ ٍ‬ ‫ك األَبػو ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫ضُر َورة‪ ،‬فَػ َه ْل يُ ْد َعى أَ َح ٌد م ْن تلْ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َعلَى َم ْن ُدع َي م ْن تلْ َ َْ‬
‫(نَػ َع ْم َوأَْر ُجو أَ ْف تَ ُكو َف ِمْنػ ُه ْم) ‪.‬‬
‫وأرشد صلى اهلل عليو وسلم أف كل إنساف خلق لتوجو معُت ‪ ،‬و‪٣‬تاؿ ‪٤‬تدد فقاؿ صلى اهلل‬
‫عليو وسلم ‪ ( :‬أعملوا فكل ميسر ‪١‬تا خلق لو ) ‪.‬‬
‫ووجو صلى اهلل عليو وسلم ‪ :‬بأف من كماؿ عقل اإلنساف ‪ ،‬وفقهو بنفسو ‪ ،‬وإدراكو‬
‫إلمكاناتو أف حيدد ا‪١‬تشروع ا‪١‬تناسب لو ‪ ،‬وأال يكلف نفسو فوؽ طاقتو فقاؿ صلى اهلل عليو‬
‫وسلم ‪ ( :‬أكلفوا من العمل ما تطيقوف ) ومن أخذ شيئاً ال يناسبو ‪ ،‬أو ‪ٛ‬تّل نفسو ‪٣‬تاالً ال‬
‫يطيقو وجد مضضاً من العمل ‪ ،‬وضاقت عليو نفسو ‪ ،‬ومل جيد استمتاعاً بوقتو ‪ ،‬وكاف ذلك‬
‫ا‪٠‬تيار جالباً للضيق ‪ ،‬والعسر ‪ ،‬وا‪١‬تشقة وأكلف نفسو ُب النهاية ما ال يطيق ‪.‬‬
‫إف ىذه ا‪١‬تعاين ُب الوحي كافية جداً للولع بالفكرة ‪ ،‬وا‪ٟ‬تدب عليها ‪ ،‬والوصوؿ إليها بكل‬
‫‪٦‬تكن ‪ ،‬ومن قرأ سَت صحابة رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم وجد مناذج كثَتة ومثَتة آمنت‬
‫بالفكرة ‪ ،‬وسعت إليها بكل ما ٘تلك ‪ ،‬وبذلت ُب سبيل الوصوؿ إليها كل شيء ‪ ،‬وباتت‬
‫ُب النهاية واقعاً يذّكر هبا ‪ ،‬ويعيد وىج ذكرياهتا ُب كل زماف ومكاف ‪.‬‬
‫إضاءة ‪:‬‬
‫أ سػ ػ ػوأ فكرة تواجهنا تلك اليت ٖتدثنا من الداخل أننا أقل من تلك األماين اليت نريدىا ُب‬
‫مستقبل األياـ ‪.‬‬

‫ٕ٘‬
‫‪١‬تاذا ا‪١‬تشاريع ؟‬

‫لعل من األسئلة اليت تدور ُب ذىن القارئ ‪٢‬تذا الكتاب ‪١ :‬تاذا ا‪١‬تشاريع بالذات ؟ ‪١‬تاذا ىذا‬
‫ا‪ٟ‬تديث الطويل عنها مع أنو ديكن لئلنساف أف يقدـ عمبلً ال تنطبق عليو صفة ا‪١‬تشروع‬
‫نافع خيدـ بو نفسو ويدعم بو رسالة ‪٣‬تتمعو وأمتو ؟ وديكن آف ُجياب على‬‫مبارؾ ٌ‬
‫عمل ٌ‬ ‫لكنو ٌ‬
‫ىذا السؤاؿ من خبلؿ الآلٌب ‪:‬‬

‫تلبس باسم ا‪١‬تشروع صار إىل‬ ‫أوالً ‪ :‬ا‪١‬تشروع خيتلف عن أي عمل آخر ألف كل عمل ّ‬
‫الدواـ أقرب منو إىل الزواؿ ‪ ،‬فغالب األعماؿ اليت يقدمها اإلنساف ُب حياتو تنتهي بانتهاء‬
‫اللحظة اليت يفارقها فيها ‪ ،‬وُب انتهاء العمل توقف لرحلة األجر ‪ ،‬وكل عاقل يهفو‬
‫الستمرار أجره ‪ ،‬وينتظر كل ‪ٟ‬تظة تزيد فيها حسناتو ‪ ،‬وحاجتنا إىل حسنات دائمة وأجور‬
‫مستمرة أبلغ من كل حاجة ‪ ،‬وىذا كلو مقروف برحلة اإلنساف ُب مشروع ‪ ،‬وقد تتقاصر أو‬
‫تتبلشى ُب بقية األعماؿ مهما كانت زاكية وكبَتة ‪.‬‬

‫إف ا‪١‬تشروع حيتاج إىل جهد وعناء وبذؿ وتضحية ‪ ،‬وُب صحيح الوحي ‪ ( :‬أجرؾ على قدر‬
‫مشقتك ) والفرؽ بُت العمل العابر وا‪١‬تشروع فرؽ ىائل فحاجة ا‪١‬تشروع إىل التضحيات‬
‫أكرب من حاجة العمل ‪ ،‬والعوائد منو ُب النهاية أكرب بكثَت من األعماؿ العابرة ُب حياة‬
‫إنساف ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬أثر ا‪١‬تشاريع أكرب ‪ ،‬ودائرة تأثَتىا أوسع ‪ ،‬وٖتتاج ُب ا‪١‬تقابل إىل جهود أكرب من تلك‬
‫اليت تصرؼ لصاحل العمل ‪ ،‬وحاجة األمة اليوـ ملحة إىل ىذا السهم من اإلصبلح ‪ ،‬وىذا‬
‫الدور ا‪١‬تثَت من ا‪١‬تسؤولية ‪ ،‬وكلما ما عظم ا‪١‬تشروع زادت مساحة األثر ُب الواقع ‪.‬‬

‫إف األمة اليوـ أحوج ما تكوف إىل رجاؿ ديثلوهنا ‪ ،‬ويقفوف على ثغراهتا ‪ ،‬وجيودوف بكل ما‬
‫ديلكوف لسد حاجتها ‪ ،‬وحُت يفقو أفراد األمة أدوارىم ‪ ،‬وحاجة األمة ا‪١‬تلحة إليهم لن‬
‫‪ٕٙ‬‬
‫جيدوا أكثر أثراً من تزا‪ٛ‬تهم على إقامة مشاريع تدفع بعجلة أمتهم إىل الصفوؼ األوؿ ‪،‬‬
‫ٓتبلؼ العمل الذي يستطيع أف يقوـ بو أي فرد ‪ ،‬ويشارؾ بو ُب البناء على قدر سعتو‬
‫وطاقتو وقدرتو ‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬العمل ُب مشروع استفزاز لطاقات اإلنساف وقدراتو ‪ ،‬وبعث لقواه وإمكاناتو ‪ ،‬وٖتد‬
‫كبَت خيوضو ُب مستقبل حياتو ! ٓتبلؼ العمل الذي يػقدـ بأقل ما ديكن من جهد ‪.‬‬
‫ا‪١‬تشاريع تظل قائمة ُب وجو صاحبها وٖتتاج إىل عمل مستمر ودأب كبَت ُب الوصوؿ هبا‬
‫إىل هناياتو ‪.‬‬

‫إف العمل مهما كاف كبَتاً ال ديثل اختباراً دقيقاً لقدرات اإلنساف وطاقاتو ‪ ،‬وال يستطيع أف‬
‫يقف فيو اإلنساف ُب النهاية على تقييم لتلك اإلمكانات والقدرات ‪ ،‬ويظل السهم الذي‬
‫يدفع فيو ولو كاف ضعيفاً كافياً على األقل ُب ذىن صاحبو ‪ .‬بينما ا‪١‬تشروع ديثّل اختباراً‬
‫قاسياً لتلك القدرات ‪ ،‬ويظل ملحاً على النهوض والوقوؼ بقوة أو السقوط واإلخفاؽ‬
‫بالكلية ‪ .‬ا‪١‬تشروع يستنفر كل طاقات اإلنساف ‪ ،‬وإمكاناتو ‪ ،‬وقدراتو ‪ ،‬ويستحوذ على وقتو‬
‫وجهده ومشاعره ‪ ،‬ألنو ديثل حباً لدى صاحبو ‪ ،‬وينطلق فيو رغبة وشوقاً ٓتبلؼ العمل‬
‫الذي يُدفع إليو رغبة ُب أجر ‪ ،‬أو حباً للمشاركة ُب البناء فبل جيد فيو من الشوؽ وا‪ٟ‬تب‬
‫واإلجبلؿ ما جيد ُب أجواء ا‪١‬تشروع ‪ .‬إف اإلنساف يقدـ عمبلً ‪ ،‬ويشعر فيو با‪١‬تشاركة‬
‫الوجدانية ألمتو لكنو يقدمو وىو يشعر بالتعب ‪ ،‬وا‪ٞ‬تهد ا‪١‬تبذوؿ ‪ ،‬والطاقات ا‪١‬تهدرة ‪،‬‬
‫وغالباً ما جيد مض األمل ‪ ،‬وتثور منو الشكوى نتيجة ما يلقاه من عوارض العمل ٓتبلؼ‬
‫ا‪١‬تشروع فإنو يقدمو وىو يشعر باللذة والراحة والطمأنينة ‪ ،‬والرواء النفسي الذي خيامره ُب‬
‫كل ‪ٟ‬تظة من ‪ٟ‬تظات مشروعو ‪.‬‬

‫يتشوؼ معو صاحبو لنتائج كبَتة ‪ ،‬و‪٧‬تاحات ضخمة ‪ ،‬ومستقبل عريض‬


‫رابعاً ‪ :‬العمل ال ّ‬
‫يكفيو منو ‪ٟ‬تظات األجر العارضة ُب الطريق ‪ٓ ،‬تبلؼ ا‪١‬تشروع الذي يعيش فيو صاحبو‬
‫‪ٕٚ‬‬
‫ويشيد واقعاً ‪٤‬تسوساً ‪ ،‬ويعيش ُب كل ‪ٟ‬تظة من مشروعو وىو حياوؿ أف‬
‫وىو يبٍت تارخياً ‪ّ ،‬‬
‫جيسد ىذه األماين اليت يعيشها إىل واقع ٕتري عليو آثاره ُب الدارين ‪.‬‬
‫ّ‬
‫خامساً ‪ :‬العمل ال دي ّكن اإلنساف من استشراؼ ا‪١‬تستقبل ‪ ،‬يكفيو اللحظات العابرة ‪،‬‬
‫والفرص السا‪٨‬تة ‪ٓ ،‬تبلؼ ا‪١‬تشروع فإنو ديكن صاحبو من العيش مرتُت ‪ ،‬األوىل تلك اليت‬
‫خيوضها ّتسده ‪ ،‬والثانية تلك اليت يعيشها ٔتشروعو بعد رحيلو ‪ .‬إف صاحب ا‪١‬تشروع‬
‫يتخيل ا‪ٟ‬تياة األخرى اليت يظل فيها حياً رغم الرحيل ‪ ،‬ومؤثراً رغم‬
‫يعيش مشروعو وىو ّ‬
‫البعد ‪ ،‬وال يتوقف تأثَته ‪١‬ترض أو عارض أو موت بل يظل أثره سائراً مثَتاً ُب واقع األرض‪.‬‬

‫إضاءة ‪:‬‬

‫كثَتة ىي األب ػ ػ ػ ػ ػواب اليت ٖتتاج إدماف قػ ػ ػ ػػرع‬

‫‪ٕٛ‬‬
ٕٜ
‫أصحاب ا‪١‬تشاريع‬

‫( ٔ)‬

‫تظل ا‪ٟ‬تاجة إىل القدوة كبَتة وملحة ‪ ،‬ويشتاؽ الناس للتجربة العملية التطبيقية أشد من‬
‫اشتياقهم للكلمة حىت وإف كانت تطرب القلب وتلهب ا‪١‬تشاعر ‪..‬‬

‫إف أصحاب ا‪١‬تشاريع ُب األمة عدد كبَت ‪ ،‬كتبوا مشاريعهم ٕتربة تطبيقية و‪٧‬تاحاً عملياً ‪ ،‬ومل‬
‫يًتكوا للكبلـ مساحة بقدر ما تركوا العمل يتحدث عن نفسو واقعاً تشاىده األجياؿ حياً‬
‫قبل أف تقرأه حرباً على صفحات الكتب ‪ .‬وسأ‪ٚ‬تع لك ُب ىذه ا‪١‬تساحة ‪ٚ‬تلة من‬
‫أصحاب ا‪١‬تشاريع ‪٦‬تن صنعوا تارخياً ‪ ،‬وتركوا أثراً ‪ ،‬وبنوا ‪٢‬تم من الذكريات ما تأٌب على‬
‫آما‪٢‬تم بعد سنُت ‪.‬‬

‫الرسل عليهم صلوات اهلل تعاىل وسبلمو من زمن نوح إىل زمن نبينا ‪٤‬تمد صلى اهلل عليو‬
‫وسلم كلهم جاؤوا بأعظم مشروع إىل الدنيا " مشروع الدعوة إىل اهلل تعاىل " وظلوا‬
‫مستميتُت ُب ٖتقيق مشاريعهم ‪ ،‬جادين ُب بلوغها إىل غاياهتا ‪ ،‬وقد عاشوا ‪٢‬تا كل ‪ٟ‬تظة‬
‫من حياهتم ‪ ،‬وما من صاحب مشروع اليوـ إىل قياـ الساعة إال وىو يشرب من معينهم ‪،‬‬
‫ويسَت ُب ركاهبم ‪.‬‬

‫أيب بن كعب األنصاري رضي اهلل عنو عاش ‪١‬تشروعو حفظ وضبط كتاب اهلل تعاىل ومل يزؿ‬
‫عاكفاً على مشروعو مهتماً بو غارقاً ُب تفاصيلو حىت وصل فيو للدرجة اليت قاؿ النيب صلى‬
‫أيب ‪ :‬آهلل ‪ٝ‬تاين لك ؟ قاؿ ‪:‬‬
‫اهلل عليو وسلم لو " إف اهلل أمرين أف أقرأ عليك القرآف " قاؿ ُّ‬
‫ٖٓ‬
‫نعم ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬وذكرت عند رب العا‪١‬تُت ؟ قاؿ ‪ " :‬نعم" فذرفت عيناه " وىو ‪٦‬تن ‪ٚ‬تع القرآف‬
‫الكرمي ُب زمن النيب صلى اهلل عليو وسلم حىت ضرب النيب صلى اهلل عليو وسلم مرة من‬
‫ا‪١‬ترات صدره قائبلً " ليهنك العلم أبا ا‪١‬تنذر "‬

‫حساف بن ثابت رضي اهلل عنو كاف مشروعو الذي عاش لو " الشعر " حىت كاف شاعر‬
‫وتقوت ٔتشروعو الدعوة ‪ ،‬وشاع بو دين اهلل تعاىل ُب األرض ‪ ،‬وىزـ بو‬
‫الدعوة ُب زمانو ‪ّ ،‬‬
‫األعداء ىزائم نفسيو ُب مواقف كثَتة حىت قاؿ النيب صلى اهلل عليو وسلم " أجب عٍت ‪،‬‬
‫أيدؾ اهلل بروح القدس " وقاؿ لو صلى اهلل عليو وسلم " اىجهم وجربيل معك " وقاؿ‬
‫صلى اهلل عليو وسلم ُب بياف أثر ا‪١‬تشروع ُب رفعة الدين ‪ ،‬وىزدية الباطل " إنو أشد عليهم‬
‫من وقع النبل "‬

‫خالد بن الوليد رضي اهلل عنو وأرضاه كاف مشروعو الذي عاش لو دقائق حياتو وتفاصيل‬
‫عمره " ا‪ٞ‬تهاد ُب سبيل اهلل " حىت قاؿ الذىيب عنو "سيف اهلل تعاىل ‪ ،‬وفارس اإلسبلـ ‪،‬‬
‫وليث ا‪١‬تشاىد ‪ ،‬السيد اإلماـ األمَت الكبَت قائد اجملاىدين أبو سليماف ا‪١‬تخزومي ا‪١‬تكي‬
‫شهد الفتح وحنيناً وتأمر ُب أياـ النيب صلى اهلل عليو وسلم واحتبس أدراعو والمتو ُب سبيل‬
‫اهلل ‪ ،‬وحارب أىل الردة ومسيلمة وغزا العراؽ واستظهر ٍب اخًتؽ الربية السماوية ْتيث‬
‫قطع ا‪١‬تفازة من حد العراؽ إىل أوؿ الشاـ ُب ‪ٜ‬تس لياؿ ُب عسكر معو ‪ ،‬وشهد حروب‬
‫الشاـ ‪ ،‬ومل يبق ُب جسده قيد شرب إال وعليو طابع الشهادة ‪ ،‬عاش ستُت سنة ‪ ،‬وقتل‬
‫‪ٚ‬تاعة من األبطاؿ ‪ ،‬ومات على فراشو فبل قرت أعُت ا‪ٞ‬تبناء ‪ .‬اىػ ووصل شغفو ٔتشروعو‬
‫إىل‬
‫أحب ّ‬
‫إيل فيها عروس أنا ‪٢‬تا ‪٤‬تب ّ‬‫وحبو لو وانتماؤه إليو حىت قاؿ ‪ :‬ما من ليلة يُهدى ّ‬
‫أصبح فيها العدو " وتع ّذر ُب آخر حياتو عن‬
‫من ليلة شديدة الربد كثَتة ا‪ٞ‬تليد ُب سرية ّ‬
‫ٖٔ‬
‫بعده عن انشغاؿ ٔتشروعو عن كتاب اهلل تعاىل قائبلً ‪ :‬منعٍت ا‪ٞ‬تهاد كثَتاً من القراءة ‪. .‬‬
‫وىا ىو يبكي ُب آخر ‪ٟ‬تظاتو ُب الدنيا ‪ ،‬ويكتب لنا ٔتداد من ذىب عظمة ا‪١‬تشروع ُب‬
‫حياتو قائبلً ‪ :‬لقيت كذا وكذا زحفاً ‪ ،‬وما ُب جسدي شرب إال وفيو ضربة بسيف أو رمية‬
‫بسهم ‪ ،‬وىا أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما ديوت البعَت فبل نامت أعُت ا‪ٞ‬تبناء ‪.‬‬

‫عائشة بنت أيب بكر الصديق رضي اهلل تعاىل عنها وأرضاىا كاف مشروعها الذي عاشت لو‬
‫حياهتا " العلم " حىت بلغ مسندىا " ألفُت ومئتُت وعشرة أحاديث " قاؿ الذىيب ‪ :‬وال‬
‫أعلم ُب أمة ‪٤‬تمد صلى اهلل عليو وسلم من النساء ‪ ،‬بل وال ُب النساء مطلقاً امرأة أعلم‬
‫منها ‪ .‬اىػ‬

‫أبو ىريرة الصحايب ا‪ٞ‬تليل رضي اهلل تعاىل عنو صاحب مشروع عاش لو ‪ٟ‬تظاتو ‪ ،‬وبذؿ‬
‫فيو أوقاتو ‪ ،‬وأودع فيو كل ما ديلك من جهد وُب النهاية غادر أبو ىريرة الدنيا ‪ ،‬وظل‬
‫مشروعو هنراً دافقاً جيري ُب جسد األمة حيييها كل ‪ٟ‬تظة ‪ ،‬ويهتف هبا إىل رحاب السنة‬
‫النبوية كل حُت ‪ .‬عاش ‪١‬تشروعو وحفظ الوحي وال يذكر نبيك صلى اهلل عليو وسلم اليوـ‬
‫ُب ‪٣‬تلس أو لقاء أو درس أو اجتماع إال وبصحبتو ىذا الصحايب ا‪ٞ‬تليل رضي اهلل تعاىل‬
‫عنو ‪ .‬فكم ىي منن ا‪١‬تشاريع على أصحاهبا !‬

‫ٕٖ‬
‫أصحاب ا‪١‬تشاريع‬

‫(ٕ)‬

‫من الكبار الذين صنعوا مشاريعهم ‪ ،‬وعرفوا الفكرة ا‪ٟ‬تية اليت يعيشوف من أجلها ‪ ،‬وأدركوا‬
‫أف قيمة اإلنساف من خبلؿ مشروعو الذي يدفع بو ُب تاريخ أمتو ‪ :‬البخاري ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل‬
‫ومشروعو العمري حفظ حديث رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬بدأت رحلة مشروعو‬
‫واستنهض مهتو لو وىو ُب سن العاشرة ومل يًتكو حىت رحل من الدنيا وعمره اثنتاف وستوف‬
‫سنة وقضى ُب مشروعو ما يزيد على ‪ٜ‬تسُت سنة ‪.‬‬

‫مل يكن مشروع البخاري الذي تراه األمة اليوـ هبذا ا‪ٟ‬تجم وليد ‪ٟ‬تظات باردة ‪ ..‬كبل وإمنا‬
‫يدوف حديثاً‬
‫كاف ضجيع التعب وا‪٢‬تموـ وا‪١‬تعاناة الكربى ‪ ،‬بلغ من عنايتو ٔتشروعو أنو مل ّ‬
‫واحداً ُب كتابو الصحيح حىت يغتسل ويصلي ركعتُت ‪ ،‬ومل يرحل صاحب ا‪١‬تشروع حىت‬
‫اعًتؼ لو أصحاب الشأف ورفقاء الدرب بلقب أمَت ا‪١‬تؤمنُت ُب ا‪ٟ‬تديث ‪ ،‬حىت قاؿ ابن‬
‫خزدية واصفاً صاحب ا‪١‬تشروع ‪ " :‬ما ٖتت أدمي السماء أعلم با‪ٟ‬تديث من ‪٤‬تمد بن‬
‫إ‪ٝ‬تاعيل البخاري ‪ .‬وقاؿ أبو جعفر ‪ٝ‬تعت حيِت بن جعفر يقوؿ " لو ق ّدر يل أف أزيد ُب‬
‫عمر ‪٤‬تمد بن ا‪ٝ‬تاعيل من عمري لفعلت ل فإف موٌب يكوف موت رجل واحد ‪ ،‬وموتو‬
‫وودع البخاري الدنيا وترؾ لنا صحيحو عبلمة شاىدة على روح مشروعو‬ ‫ذىاب العلم ‪ّ .‬‬
‫وأثره ‪ ،‬ويكفيو شرفاً وقدراً ورفعة أف أقاـ النيب صلى اهلل عليو وسلم بُت األمة ناطقاً ُب كل‬
‫‪ٟ‬تظة إىل قياـ الساعة ‪.‬‬

‫ٖٖ‬
‫ا‪ٟ‬تافظ ابن حجر ػ ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل ػ ومشروعو " تأليف كتاب فتح الباري الذي شرح فيو‬
‫صحيح البخاري " وقضى ُب مشروعو ‪ٜ‬تسة وعشرين عاماً ‪ ،‬حىت قاؿ الشوكاين ر‪ٛ‬تو اهلل‬
‫تعاىل ‪ :‬ال ىجرة بعد الفتح ‪ .‬اىػ وىا ىي األمة من تاريخ ا‪ٟ‬تافظ إىل يومها ىذا تعد الفتح‬
‫أعظم ا‪١‬تشاريع اليت ُخطت لبياف جبللة أصح كتاب بعد كتاب اهلل تعاىل ‪.‬‬

‫أبو حنيفة ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل ‪ ،‬ومالك بن أنس ‪ ،‬و‪٤‬تمد بن إدريس الشافعي ‪ ،‬وأ‪ٛ‬تد بن حنبل‬
‫األئمة األربعة الكبار ّرواد ا‪١‬تشاريع ‪ ،‬وصانعو التاريخ ‪ ،‬وأصحاب ا‪١‬تذاىب ا‪١‬تشهورة واليت ال‬
‫زالت األمة تتعلّم منهم ‪ ،‬وهتتدي للحق من خبلؿ مشاريعهم ‪ ،‬و٘تضي سالكة إىل رهبا‬
‫تعاىل من خبلؿ التفقو على مذاىبهم ‪.‬‬

‫ابن خلدوف ‪ ،‬عبد الر‪ٛ‬تن بن ‪٤‬تمد بن خلدوف ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل وقد قدـ لؤلمة مشروعاً فكرياً‬
‫كبَتاً ٘تثّل ُب كتابو " العرب وديواف ا‪١‬تبتدأ وا‪٠‬ترب ‪ ،‬وألثر ا‪١‬تشروع وأمهيتو ُب حياة األمم اليوـ‬
‫رفع بو ابن خلدوف إىل كبار ا‪١‬تفكرين حىت قيل عن مشروعو ‪ :‬عمل مل يقم ٔتثلو إنساف ُب‬
‫أي زماف ومكاف ‪.‬‬

‫جابر بن حياف ‪ ،‬ومشروعو علم الكيمياء الذي برع فيو وصرؼ لو كل ما ديلك من وقت‬
‫وجهد وعناء حىت صار ىذا العلم يعرؼ بو فيقاؿ ‪ :‬علم جابر ‪ ،‬حىت قاؿ عنو ابن‬
‫خلدوف‪ :‬إماـ ا‪١‬تدونُت ػ ُب علم الكيمياء ػ جابر بن حياف ‪ ،‬حىت إهنم خيصوهنا بو فيسموهنا‬
‫" علم جابر" ولو فيها سبعوف رسالة ‪ .‬اىػ وعُد صاحب ا‪١‬تشروع أوؿ من أدخل التجربة‬
‫العلمية ا‪١‬تخربية ُب منهج البحث العلمي ‪ ،‬وقد عكف على مشروعو واىتم بو وعٍت‬
‫بنجاحو ‪ ،‬وكتب فيو مؤلفات وتر‪ٚ‬تت ىذه الكتب إىل اللغة البلتينية وظلت ىذه الكتب‬
‫ىي ا‪١‬ترجع األوَب للكيمياء قريباً من ألف عاـ‪.‬‬
‫ٖٗ‬
‫‪٤‬تمد بن موسى ا‪٠‬توارزمي ومشروعو علم ا‪ٞ‬ترب والذي يعرؼ با‪ٝ‬تو إىل اليوـ ُب ببلد الدنيا ‪،‬‬
‫واعًتؼ علماء الغرب قاطبة بأثره ُب علم ا‪ٞ‬ترب ووصفوه بأنو أعظم رياضي ُب عصره ‪ ،‬بل‬
‫عده بعضهم أعظم رياضي ُب كافة العصور ‪ ..‬وىذا كلو يدلك على عظم مشروعو ُب‬
‫األرض ‪ ،‬وأثره ُب ٖتريك ا‪ٟ‬تركة العلمية ُب ا‪ٟ‬تياة ومناذج أخرى ‪٦‬تاثلة ُب الساحة العلمية‬
‫التجريبية كالرازي أحد أعبلـ الطب ‪ ،‬وابن النفيس ‪ ،‬ومالك بن نيب ُب مشروعو الفكري ‪،‬‬
‫وأيب األعلى ا‪١‬تودودي ‪ ،‬وآخرين على ذات الطريق أسهموا ّتبلء ُب تقدـ األمة ‪ ،‬وكتابة‬
‫تارخيها ا‪١‬تثَت ‪.‬‬

‫سليماف بن عبد العزيز الراجحي ‪ُ ،‬ب مشروعو ا‪١‬تايل ‪ ،‬بدأت رحلتو ‪١‬تشروعو ُب سن العاشرة‬
‫أو قبل ذلك بقليل ‪ ،‬وظل مرابطاً على ىذا ا‪١‬تشروع ‪ ،‬وقدـ لو ما يستحق أف يكوف بو كبَتاً‬
‫‪ ،‬وىا ىو يدفع بو ُب تاريخ األمة من أوسع نطاؽ ‪.‬‬

‫ٖ٘‬
‫أصحاب ا‪١‬تشاريع‬

‫(ٖ)‬

‫من الكبار الذين مل يرحلوا من الدنيا حىت صنعوا فيها واقعاً هبيجاً ‪ ،‬ومدوا ُب مساحتها‬
‫عبد الر‪ٛ‬تن السميط ُب مشروعو الدعوي ‪ ،‬ترؾ ألجل مشروعو الوطن ‪ ،‬ورحل إىل ببلد‬
‫غَت القارة " ومضت األياـ وىا ىو يعانق بطموحو‬
‫إفريقيا حىت قيل ُب وصفو " الرجل الذي ّ‬
‫اجملد ‪ ،‬ويقف مشروعو ماثبلً بعد أف استوى على سوقو ‪ ،‬ولعلو بلغك أف إحدى النتائج‬
‫لذلك ا‪١‬تشروع اليوـ إسبلـ ما يزيد على ستة عشر مليوناً من غَت الربامج وا‪١‬تشروعات‬
‫العلمية ‪ ،‬والطبية ‪ ،‬واالجتماعية ‪ ،‬وغداً بُت يدي اهلل تعاىل تبُت الفوارؽ بُت العا‪١‬تُت ‪.‬‬

‫األلباين ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل ومشروعو ٖتقيق حديث النيب صلى اهلل عليو وسلم " أعظم ا‪١‬تشاريع‬
‫ُب العصر ا‪ٟ‬تاضر ‪ ،‬وأزكاىا أثراً ُب حياة األمة ‪ ،‬وقد عاش مشروعو كل ‪ٟ‬تظات عمره ‪،‬‬
‫وٖتوؿ بو من صاحب ‪٤‬تل ال يتجاوز مًتين يُصلح فيو بضع ساعات إىل الدنيا قاطبة‬‫ّ‬
‫يكتب فيها أعظم الذكريات ! وال تكاد اليوـ تسمع درساً أو خطبة أو كلمة ُب أصقاع‬
‫األرض إال وىو حاضر فيها باسط الذكريات !‬

‫مشروع " قنوات اجملد الفضائية " والذي يعد باكورة ا‪١‬تشاريع اإلعبلمية الرائدة على مستوى‬
‫األمة ‪ ،‬وتقدـ من خبلؿ ىذه ا‪١‬تشروع قيم الدين ‪ ،‬وتبٍت توجهات األجياؿ ‪ ،‬وتعُت على‬
‫بلوغ الناس لغاياهتم الكربى ُب ا‪ٟ‬تياة ‪.‬‬

‫‪٤‬تمد يوسف سييت ‪ ،‬باكستاين ا‪ٞ‬تنسية ‪ ،‬بدأ مشروعو ُب ببلده ٍب قدـ مكة ليستكمل فيها‬
‫رحلة ا‪١‬تشروع ‪ ،‬وأنشأ أوؿ ‪ٚ‬تعية لتحفيظ القرآف ٔتكة ا‪١‬تكرمة عاـ ( ٕ‪ٖٔٛ‬ىػ ) وجلب‬
‫‪ٖٙ‬‬
‫‪٢‬تذه ا‪ٞ‬تمعية معلمُت من باكستاف ‪ٍ ،‬ب توجو بعد عامُت من نشوء ا‪ٞ‬تمعية ُب مكة ا‪١‬تكرمة‬
‫إىل ا‪١‬تدينة النبوية وأنشأ هبا ‪ٚ‬تعية ٖتفيظ القرآف الكرمي با‪١‬تدينة عاـ ( ٗ‪ٖٔٛ‬ىػ ) ٍب بعد‬
‫مضي عامُت توجو إىل مدينة الرياض وأنشأ هبا ‪ٚ‬تعية ٖتفيظ القرآف الكرمي عاـ ( ‪ٖٔٛٙ‬ىػ‬
‫) ورحل ‪٤‬تمد يوسف سييت ولقي ربو ‪ ،‬وتواصل بعده ذلك ا‪١‬تشروع ُب مدف ا‪١‬تملكة العربية‬
‫السعودية ‪ ،‬وببلد العامل اإلسبلمي ‪ ،‬وما تراه اليوـ من ىذه ا‪ٞ‬تموع ا‪١‬تباركة من علماء وأئمة‬
‫ورواد إصبلح ىي بعض ‪ٙ‬تار مشروعو الكبَت ‪.ٔ .‬‬
‫وخطباء وطبلب علم ّ‬
‫‪٤‬تمد توفيق ‪ :‬الرجل ا‪١‬تؤسسة كما يصفو بعض الكتاب ‪ ،‬مشروعو دعوة غَت ا‪١‬تسلمُت إىل‬
‫اإلسبلـ ‪ ،‬امتد مشروعو إىل ما يزيد على السبعُت عاماً ‪ ،‬بدأت فكرة ا‪١‬تشروع لدى الرجل‬
‫‪٦‬تا رآه من افتتاف العرب وا‪١‬تسلمُت باألجانب ‪ ،‬يقوؿ فإذا استطعت أف أقنع ىؤالء‬
‫األجانب باإلسبلـ أجربنا ا‪١‬تفتونُت لبللتفات إىل عظمة ديننا وااللتزاـ بو ‪ ،‬انطلق مشروعو‬
‫وكانت سياستو أال يًتؾ من يبدأ ُب دعوتو إال بعد أف يعلن الشهادتُت ‪ ،‬وكانت أقصر مدة‬
‫للدعوة شهرين ‪ ،‬وأطوؿ مدة خاضها سبعة عشر عاماً ‪ ،‬وواصل مشروعو ‪ ،‬واستمر فيو ‪،‬‬
‫وأسلم على يديو آالؼ ‪ ،‬من ىؤالء قسيس يعمل أستاذاً لؤلدب ُب جامعة الفاتيكاف ‪،‬‬
‫وقاضي جزيرة ساف موريس ‪ ،‬والقائد ا‪٢‬تولندي " كلنجر " الذي أ‪ٝ‬تى نفسو " ‪٤‬تمد توفيق‬
‫كلنجر " تيمناً باسم صديقو ‪٤‬تمد توفيق ‪ ،‬وناىض التسعُت عاماً من عمره وىو ال يزاؿ‬
‫ينوء ٔتشروعو وحيلم بتحقيق آمالو ُب ا‪ٟ‬تياة ‪.‬‬

‫عبد ا‪ٟ‬تميد بن ب اديس ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل ُب مشروعو الدعوي أياـ االحتبلؿ الفرنسي للجزائر ‪،‬‬
‫خاض مشروعو بعد احتبلؿ ا‪ٞ‬تزائر بستُت سنة من خبلؿ دروس العلم ‪ ،‬والدعوة ‪،‬‬
‫ٔ‬
‫الفواز‬
‫ػ ‪٣‬تلة البيا ف ‪ ،‬العدد ( ٖٕ٘ ) لكاتبو ‪ /‬خالد بن عبد اهلل ّ‬

‫‪ٖٚ‬‬
‫كوف لبنات ىي اليت سامهت ُب استعادة‬
‫ومشاريع اإلصبلح على تنوعها ‪ .‬ومل يرحل حىت ّ‬
‫الببلد أرضها ‪ ،‬وبدأت رحلة ا‪ٟ‬ترية ُب وقعها من جديد ‪.‬‬

‫أ‪ٛ‬تد ديدات ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل من خبلؿ مشروعو ( الدعوة لئلسبلـ ) من خبلؿ ا‪١‬تناظرات‬
‫والندوات واحملاضرات والكتب وا‪١‬تعاىد الشرعية لتخريج الدعاة لئلسبلـ وفتح اهلل تعاىل‬
‫على يديو من خبلؿ ىذا ا‪١‬تشروع آفاقاً واسعة ‪ ،‬ولو مل يكن من أثره إىل طالبو اليافع‬
‫الداعية ا‪٢‬تندي ( ذاكر ) الذي ديد ُب رقعة ىذا الدين من خبلؿ ذات ا‪١‬تشروع لكاف كافياً‬
‫ُب ا‪١‬تقاـ ‪.‬‬

‫كوف بو طبلباً‬‫عبد اهلل القرعاوي ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل ُب مشروعو الدعوي والعلمي والذي ّ‬
‫كحافظ حكمي ‪ ،‬وعبد اهلل البساـ ‪ ،‬وعبد اهلل بن عقيل ر‪ٛ‬تهم اهلل تعاىل ‪ ،‬وفتح بو آفاقاً‬
‫للدعوة من خبلؿ فتح ا‪١‬تدارس وبناء ا‪١‬تساجد وتعليم الناس من القصيم مروراً با‪ٟ‬تجاز إىل‬
‫اليمن ‪ .‬وكم من أجياؿ تروي أثره ‪ ،‬و٘تد ُب قصة مشروعو ‪ ،‬وتبعث ُب أحبلمو ‪ ،‬وتعيد‬
‫ذكرياتو ُب الواقع من جديد ‪.‬‬

‫د علي بن عبد اهلل الفقيو والذي حوؿ ‪ٛ‬تبلت ا‪١‬تبلريا اليت تقيمها وزارة الصحة ُب ا‪١‬تملكة‬
‫العربية السعودية إىل مشروع صحي ضخم ( ‪ٚ‬تعية زمزـ للخدمات الصحية التطوعية )‬
‫واليت ىي اليوـ شامة ُب العمل ا‪٠‬تَتي ُب ىذه الببلد ‪ ،‬وصنع من ‪٤‬تافظة القنفذة من خبلؿ‬
‫العمل على تأىيل طاقاهتا حكاية من أمل كانت أمنية ُب مساحة ضيقة وىي اليوـ أفسح‬
‫ما تكوف ُب األرض ‪ ،‬ورحل ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل من الدنيا وىو ُب باكر شبابو ‪ ،‬وخلّف ُ‪ٛ‬تّاالً‬
‫للرسالة ‪ ،‬وصناعاً للمشاريع ‪ ،‬وكم من أثر حيكي قصة ! وتاريخ ديد ُب مساحة ‪ ،‬وشواىد‬
‫تدفع بآماؿ ذلك ا‪١‬تشروع من خبلؿ ىذه الذكريات ‪!.‬‬
‫‪ٖٛ‬‬
‫أصحاب ا‪١‬تشاريع‬

‫(ٗ)‬

‫حفظي سائق شاحنة ُب أوربا أراد أف يشارؾ ُب بناء أمتو ‪ ،‬وحيقق حلمو من خبلؿ مشروع‬
‫اإلذاعة فصنع إذاعة ُب النمسا يبث منها دين اهلل تعاىل إىل أقطار األرض ‪ ،‬بدأ مشروعو‬
‫من خبلؿ صناعة مقاطع نشيد ٍب ٖتولت الفكرة إىل إذاعة يسجل فيها ‪٤‬تاضرات العلماء‬
‫ٍب يبثها للعامل ‪ ،‬ويستجلب دعاة يشاركوف ُب اإلذاعة بشكل مباشر ‪ٍ ،‬ب توسعت ىذه‬
‫اإلذاعة ‪ ،‬وأصبحت تبث للعامل ما يثَت شجوف صاحبها وآماؿ أمتو ‪ .‬واستطاع سائق‬
‫الشاحنة أف يدخل صفوؼ الكبار ‪ ،‬ويفقو لغة ا‪١‬تشاريع ‪ ،‬ويعيش ُب جزء من األرض ينوء‬
‫بأ‪ٛ‬تاؿ مشروع ‪ ،‬ومهوـ أمة ‪ ،‬وٖتديات واقع ‪.‬‬

‫ا‪١‬ترأة السوداء قصة مشروع مثَت ُب الواقع ُب زمن النيب صلى اهلل عليو وسلم قصدت تأخَته‬
‫إىل ىذه ا‪١‬تساحة خشيت أنك تقرأ صناع ا‪١‬تشاريع والتجارب الضخمة وحيوؿ حجم‬
‫ا‪١‬تشاريع بينك وبُت أمانيك ‪.‬‬

‫ىذه ا‪١‬ترأة استطاعت أف تقرأ قدراهتا وإمكاناهتا بوعي فحددت مشروعها بناء على تلك‬
‫خباء ُب ا‪١‬تسجد ‪ ،‬وعكفت على تنظيف ا‪١‬تسجد وحُت‬ ‫القدرات واإلمكانات فبنت ‪٢‬تا ً‬
‫رحلت من األرض ُب ساعة متأخرة من الليل غسلها الصحاب ة وصلوا عليها ودفنوىا ومل‬
‫يبلغوا نيب اهلل صلى اهلل عليو وسلم برحيلها ‪ ،‬وحُت جاء الفجر فجع النيب صلى اهلل عليو‬
‫وسلم برحيل صاحبة وسأؿ عنها وتأسف على فواهتا وعتب على الصحابة ُب عدـ إببلغو‬
‫ٍب ديم وجهو إىل قربىا صلى اهلل عليو وسلم موادعاً ‪ .‬إف ا‪١‬تثَت أف صانعة ىذا ا‪١‬تشروع امرأة‬

‫‪ٖٜ‬‬
‫‪ ،‬ضعيفة اإلمكانات واستطاعت رغم ىذه الظروؼ أف ٖتدد قدراهتا ‪ ،‬وتتعرؼ على‬
‫إمكاناهتا ٍب ٖتدد مشروعها وتبدأ رحلة العمل حىت أتت ُب النهاية منو على أهبج‬
‫اللحظات‪.‬‬

‫إنٍت أذ ّكرؾ ُب ختاـ جولة ىؤالء الكبار أف اعتناؽ ىذه الفكرة ( مشروع العمر ) ليست‬
‫حكراً على أحد ‪ ،‬وال حيكمها سن ‪ ،‬وال بيئة ‪ ،‬وال ظروؼ فقط ٖتتاج صاحب ىم وإرادة‬
‫وٖتديات وىي كافية ُب عناؽ ىذه الفكرة ‪ ،‬وصناعة أحبلمها ُب الواقع القريب بإذف اهلل‬
‫تعاىل ‪.‬‬

‫إضاءة ‪ُ :‬ب باب االستئذاف ال تطرؽ على باب فػ ػػوؽ ثبلث وُب باب طلب اجملد ال تًتؾ‬
‫ذلك الباب حىت يفتح لك ‪.‬‬

‫ٓٗ‬
ٗٔ
‫مشاريع مقًتحة‬

‫ا‪١‬تشاريع اليت ديكن أف ينتسب ‪٢‬تا اإلنساف كثَتة ‪ ،‬و‪٥‬تتلفة ‪ ،‬ومتنوعة ‪ ،‬وديكن لك أف ٗتتار‬
‫مشروعك ُب ا‪ٟ‬تياة كما تريد ‪ ،‬وسأعرض لك ىنا بعضاً من ا‪١‬تشاريع اليت ديكن أف تكوف‬
‫إضاءة على طريق ىذا العامل الفسيح ُب حياتك ُب مستقبل األياـ ‪.‬‬

‫من تلك ا‪١‬تشاريع ‪ :‬إغاثة الفقراء وا‪١‬تساكُت وا‪١‬تعوقُت واألرامل واأليتاـ وتفريج كرهبم وسد‬
‫حاجتهم ولو مل يكن ُب ذلك إال قوؿ النيب صلى اهلل عليو وسلم " أنا وكافل اليتيم كهاتُت‬
‫ُب ا‪ٞ‬تنة ) وقولو صلى اهلل عليو وسلم ‪ ( :‬الساعي على األرملة وا‪١‬تسكُت كاجملاىد ُب سبيل‬
‫اهلل ) لكاف كافياً ُب ا‪١‬تقاـ ‪.‬‬

‫ومن تلك ا‪١‬تشاريع ‪ :‬اإلصبلح بُت الناس ‪ ،‬وسد ما بينهم من شقاؽ ‪ ،‬ووأد ا‪٠‬تبلؼ والنزاع‬
‫‪ ،‬وسد ثغرات الفرقة ‪ ،‬و‪ٚ‬تع مشل ا‪١‬تفًتقُت بكلمة صا‪ٟ‬ت ة ‪ ،‬وجهد مبارؾ ‪ ،‬وعمل دؤوب ‪،‬‬
‫وقد قاؿ اهلل تعاىل مباركاً ىذا ا‪١‬تشروع وداعياً إليو مهم الكبار " ال خَت ُب كثَت من ‪٧‬تواىم‬
‫إال من أمر بصدقة أو معروؼ أو إصبلح بُت الناس ‪ ،‬ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات اهلل‬
‫ب‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعَلْي ِو َو َسلَّ َم متمماً لذلك ‪" :‬أَ َح ُّ‬ ‫فسوؼ نؤتيو أجراً عظيماً " وقاؿ رس ُ ِ‬
‫وؿ اللَّو َ‬ ‫َُ‬
‫َع َم ِاؿ إِ َىل اللَّ ِو تَػ َع َاىل ُسُر ٌور تُ ْد ِخلُوُ َعلَى‬ ‫ب األ ْ‬ ‫َّاس إِ َىل اللَّ ِو تَػ َع َاىل أَنْػ َفعُ ُه ْم لِلن ِ‬
‫َّاس ‪َ ،‬وأَ َح ُّ‬ ‫الن ِ‬
‫وعا ‪َ ،‬وألَ ْف أَ ْم ِش َي َم َع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف َعْنوُ ُكْربَ ًة ‪ ،‬أَْو تَػ ْقضي َعْنوُ َديْػًنا ‪ ،‬أَْو تَطُْرُد َعْنوُ ُج ً‬ ‫ُم ْسل ٍم ‪ ،‬أَْو تَ َكش ُ‬
‫ف ُِب َى َذا الْ َم ْس ِج ِد يَػ ْعٍِت َم ْس ِج َد الْ َم ِديَن ِة َش ْهًرا ‪َ ،‬وَم َن‬ ‫ِ‬ ‫أَ ِخ ُِب حاج ٍة أَح ُّ ِ‬
‫ب إِ ََّيل م ْن أَ ْف أَ ْعَتك َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ضاهُ َمؤلَ اللَّوُ قَػلَْبوُ َر َج ً‬
‫اء‬ ‫اء أَ ْف ديُْ ِضَيوُ أَ ْم َ‬ ‫ضَبوُ َسَتػَر اللَّوُ َع ْوَرتَوُ ‪َ ،‬وَم ْن َكظَ َم َغْيظَوُ َولَْو َش َ‬‫ف َغ َ‬ ‫َك َّ‬
‫ت اللَّوُ قَ َد َموُ يَػ ْوَـ تَػُز ُ‬ ‫يػوـ الِْقيام ِة ‪ ،‬ومن م َشى مع أَ ِخ ِيو ُِب ح ٍ‬
‫وؿ‬ ‫اجة َح َّىت يَػَتػ َهيَّأَ لَوُ أَثػَْب َ‬‫َ َ‬ ‫َْ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ‬
‫األَقْ َد ِاـ‪.‬‬

‫ٕٗ‬
‫ومن تلك ا‪١‬تشاريع ‪ :‬أف يكوف اإلنساف طبيباً نافعاً مباركاً ُب أمتو ‪ ،‬ويتوىل سد فرض من‬
‫فروض ال كفاية على ا‪١‬تسلمُت ‪ ،‬ويكفيهم أثر التويل عن ىذه الوظائف اليت ال تقوـ مصاحل‬
‫ا‪١‬تسلمُت إال هبا فيقوـ على رعاية ا‪١‬ترضى ‪ ،‬ويتوىل مهوـ الناس ومشكبلهتم الصحية‬
‫والنفسية ‪ ،‬ويقوـ على نشر ثقافة العلم الذي حيملو ‪ ،‬ويكوف بذلك درعاً واقياً من األمراض‬
‫واألوبئة ‪ ،‬وحييي ُب ‪٣‬تتمعو ووطنو وأمتو مفهوـ الصحة وأثرىا ُب ٖتقيق ا‪ٟ‬تياة الكردية للناس‬
‫( وينتسب إىل صفوؼ الدعاة مئات األطباء ولكن ‪ٜ‬تسُت منهم ديكن أف يكونوا من‬
‫ا‪ٞ‬تراح جيري أ لف عملية خبلؿ عشر سنوات على األقل ومع كل‬ ‫صّناع ا‪ٟ‬تياة حقاً ‪ ...‬فإف ّ‬
‫ُ‬
‫عملية يشكره أبن اء ا‪١‬تريض وأشقاؤه وأصدقاؤه وجَتانو ‪ ،‬فإذا كاف نبهاً انتقى منهم عشرة‬
‫فوطّد هبم عبلقتو ويظل يتصل هبم تلفونياً وبا‪١‬تراسلة ويبارؾ أعيادىم ‪ ،‬ويعزيهم عند‬
‫ا‪١‬تصائب ويرسل ‪٢‬تم الكتب واألشرطة وىو خبلؿ كل ذلك يؤّذف فيهم أف آمنوا ‪ ،‬وأف‬
‫اإلسبلـ حق ‪ ،‬وأف رجاؿ اإلسبلـ أخي ار ‪ .‬ويعاونو سكرتارية نشطة وتقوـ بتذكَته فيحصل‬
‫بذلك على والء واحد على األقل منهم حىت لو أىدرنا التسعة ‪ ،‬أي يقدـ للدعوة ألف ويل‬
‫خبلؿ حياتو الطبية الدعوية ‪ ،‬أي ٖتوز الدعوة ‪ٜ‬تسُت ألفاً عرب أذاف األطباء ا‪٠‬تمسُت من‬
‫صّناع ا‪ٟ‬تياة ‪ ..‬الراشد ‪ ،‬صناعة ا‪ٟ‬تياة )‬
‫ُ‬
‫ومن تلك ا‪١‬تشاريع ‪ :‬أف يكوف اإلنساف مهندساً جاداً ُب رسالتو ‪ ،‬كبَتاً ُب واقعو ‪ ،‬ويصنع‬
‫قدوة صا‪ٟ‬تة ُب ‪ٛ‬تل فروض الكفايات عن ا‪١‬تسلمُت ‪ ،‬ويقوـ على حوائج الناس ويبٍت‬
‫مفاىيم العمراف ‪ ،‬وا‪ٟ‬تضارة اإلسبلمية ‪ ( .‬وا‪١‬تهندس ا‪١‬تعماري من أىم صناع ا‪ٟ‬تياة فإف‬
‫بعض عجينة النحل يكمن ُب سداسياهتا ‪ ،‬ونصف ‪ٚ‬تاؿ ا‪ٟ‬تياة بُت جناحي فراشة ‪..‬‬
‫ا‪١‬تدينة ا‪ٞ‬تميلة جزء من ا‪ٟ‬تياة ‪ ..‬الراشد ‪ ،‬صناعة ا‪ٟ‬تياة )‬

‫ٖٗ‬
‫ومن تلك ا‪١‬تشاريع ‪ :‬مشروع التعليم ‪ ،‬وىو من أعظم مشاريع األمة وأكثرىا أثراً ُب الواقع ‪.‬‬
‫وإذا صحت النية ُب مشروع كهذا ناؿ بو اإلنساف خَتي الدنيا واآلخرة ‪ ،‬وحاجة األمة إليو‬
‫أكثر من كل حاجة ‪ ،‬ولو وجدت األمة اليوـ من يقوـ على ىذا ا‪١‬تشروع ويرعاه ويقوـ‬
‫بواجبو كما أريد لو لتغَت وجو األمة وعادت كما كانت ُب صدر الزماف ‪.‬‬

‫ومن تلك ا‪١‬تشاريع ‪ :‬مشروع الًتبية ألبناء ا‪١‬تسلمُت ‪ ،‬والعناية بتخريج أجياؿ تفهم ىذا‬
‫اإلسبلـ فهماً صحيحاً ‪ ،‬وتقوـ ْتقو ُب العا‪١‬تُت ‪ ،‬وا‪١‬تشاريع الًتبوية بالذات من أكثر‬
‫ا‪١‬تشاريع أثراً ُب تقدـ األمة وصناعة ‪٣‬تدىا ‪ ،‬وكتابة تارخيها ‪ ،‬وكل مشروع يقوـ على بناء‬
‫ىذا اإلنساف ‪ ،‬ويصوغ مفاىيمو ‪ ،‬ويبٍت قيمو يأٌب على آماؿ األمة من أوسع األبواب ‪.‬‬

‫ومن تلك ا‪١‬تشاريع ‪ :‬مشروع دعوة ا‪ٞ‬تاليات ‪ ،‬وىو مشروع يزيد ُب مساحة ىذا الدين‬
‫ويوسع من أثره ‪ ،‬ويدفع بو إىل آمالو العراض ‪ ،‬وقد قاؿ النيب صلى اهلل عليو وسلم مبيناً‬
‫ّ‬
‫أثر ىذا ا‪١‬تشروع على صاحبو ‪ " :‬لئن يهدي اهلل بك رجبلً واحداً خَت لك من ‪ٛ‬تر النعم "‬

‫ومن تلك ا‪١‬تشاريع ‪ :‬القياـ على حفظ كتاب اهلل تعاىل وفهمو وتدبره وتعميم أثره ُب‬
‫نصب‬
‫العا‪١‬تُت ‪ ،‬وقد قاؿ صلى اهلل عليو وسلم " خَتكم من تعلم القرآف وعلمو " وسواء ّ‬
‫اإلنساف نفسو ‪٢‬تذا ا‪١‬تشروع بأف جلس ألبناء ا‪١‬تسلمُت معلماً لكتاب اهلل تعاىل ‪ ،‬أو قاـ‬
‫على ا‪١‬تشروع إدارة ومتابعة وإثر ًاء فكل ذلك ُب عداد ا‪١‬تشاريع ‪.‬‬

‫وقد يكوف مشروع اإلنساف مشروعاً إعبلمياً يتوىل صياغة عقوؿ األمة ويبٍت مفاىيمها ‪،‬‬
‫ويصوغ قيمها من خبلؿ برامج ومشروعات قيمية مؤثرة ‪ ،‬ويلعب ىذا ا‪١‬تشروع اليوـ دوراً‬

‫ٗٗ‬
‫خطَتاً ُب واقع األمة إجياباً وسلباً ‪ ،‬ومامل جيد صّناعاً لفكرتو ‪ ،‬وكباراً ُب إدارة مشروعو وإال‬
‫خسرت األمة من خبللو شيئاً كبَتاً ‪.‬‬

‫وقد يكوف مشروع اإلنساف تر‪ٚ‬تة الكتب وا‪١‬تقاالت والعلوـ اليت تفيد اإلنساف ُب حياتو‬
‫العلمية أو العملية ‪.‬‬

‫وقد يكوف مشروع اإلنساف بناء األسرة ا‪١‬تسلمة على منهج اهلل تعاىل ‪ ،‬وسنة نبيو صلى اهلل‬
‫عليو وسلم ‪ ،‬وإعدادىا حىت تكوف قادرة على ‪ٛ‬تل رسالتها وتويل قضاياىا بناء ‪٢‬تا ودفاعاً‬
‫عنها ‪ .‬على أنٍت أذكرؾ أيها الكبَت ُب مهومك أف مثل ىذه ا‪١‬تشاريع ‪٣‬ترد أمثلة ‪ ،‬وأنت‬
‫أعرؼ ٔتا خيصك منها ‪ ،‬وما يناسب ميولك ‪ ،‬وما تأٌب إليو نفسك ‪ ،‬وإياؾ أف تشارؾ ُب‬
‫مشروع ال عبلقة لك بو ‪ ،‬وال رابطة بينك وبينو ‪ .‬وا‪٠‬تيار لك ‪ ،‬وأنت ا‪١‬تسؤوؿ األوؿ‬
‫واألخَت عن ذلك ‪ ،‬وا‪٠‬تيارات كثَتة ومتنوعة ‪ ،‬وكل مشروع ديد ُب مساحة دينك ديكنك‬
‫أف تعتنقو وتأٌب على آمالك من خبللو ‪.‬‬

‫إف األبواب اليت ندعوؾ إليها ياصاحيب كثَتة ال تكاد ُٖتصى وما سطرناه لك ىنا سوى‬
‫كل الدعاة فبلسفة أو شعراء وإمنا ىي مئة صناعة‬ ‫أمثلة ( ونظرية صناعة ا‪ٟ‬تياة ال تريد َّ‬
‫ومهنة وٗتصص وفن ‪ ،‬وما نظن أحداً يقف هبذه األبواب ا‪١‬تئة يطرقها ٍب ال يُفتح لو باب‬
‫يلج منو إىل دار االجتهاد وركن اإلبداع ‪ ،‬ونظريتنا بريئة من إرىاؽ أحد وإعناتو وإحراجو ‪،‬‬
‫بل دوف الذكي االخ تيار ا‪ٟ‬تر يرسم لنفسو الدور الذي يشاء إذا شاء اهلل ‪ ،‬وكل الطرؽ‬
‫تودي إىل القاىرة وصنعاء ‪ ،‬ويعقوب ما زاؿ يوصي أبناءه ‪ :‬يا بٍت ادخلوا من أبواب متفرقة‬
‫فقط يُراد لنا أف نثق بأنفسنا ‪ ...‬الراشد ‪ ،‬صناعة ا‪ٟ‬تياة )‬

‫٘ٗ‬
‫مواصفات ا‪١‬تشروع‬

‫ا‪١‬تشروع الذي خيتاره اإلنساف لنفسو ليكوف مشروع عمره ُب ا‪ٟ‬تياة البد أف يكوف مستوفياً‬
‫للمواصفات اليت ٘تنحو وصف ا‪١‬تشروع ‪ ،‬وترسم لو وجوداً من خبلؿ العمل والتضحية‬
‫والبناء ‪ .‬و‪٣‬تمل ىذه الصفات أربع ‪:‬‬

‫الصفة األوىل ُب ا‪١‬تشروع ‪ :‬أف يكوف مشروعاً يصل بُت دنيا اإلنساف وآخرتو ‪ .‬وىذا ىو‬
‫األصل ُب حياة ا‪١‬تسلم ‪ ،‬ومل يكن ْتاجة إىل بياف لوال ىذه الفرقة اليت يراىا اإلنساف ُب‬
‫الواقع وقد أطربٍت ما قاؿ ‪٤‬تمد قطب ُب كتابو قبسات من الرسوؿ حُت قاؿ ‪ " :‬أوؿ ما‬
‫يتميز هبا اإلسبلـ أف طريق اآلخرة ىو طريق الدنيا‬
‫خيطر على الباؿ ىو ىذه العجيبة اليت ّ‬
‫ببل اختبلؼ وال افًتاؽ ‪ ،‬إهنما ليسا طريقُت منفصلُت أحدمها للدنيا واآلخر لآلخرة ! وإمنا‬
‫ىو طريق واحد يشمل ىذه وتلك ‪ ،‬ويربط ما بُت ىذه وتلك ‪ ،‬ليس ىناؾ طريق لآلخرة‬
‫ا‪ٝ‬تو العبادة ‪ ،‬وطريق للدنيا ا‪ٝ‬تو العمل ! وإمنا ىو طريق واحد أولو ُب الدنيا وآخره ُب‬
‫اآلخرة ‪ ،‬وىو طريق ال يفًتؽ فيو العمل عن العبادة ‪ ،‬وال العبادة عن العمل ‪ ،‬كبلمها شيء‬
‫واحد ُب نظر اإلسبلـ ‪ ،‬وكبلمها يسَت جنباً إىل جنب ُب ىذا الطريق الواحد ال طريق سواه‬
‫‪ .‬اىػ إف ا‪١‬تشروع الذي يتبناه اإلنساف لنفسو ال بد أف يكوف ُب حس صاحبو أوالً ا‪١‬تشاركة‬
‫وا‪١‬تسامهة على األقل ُب بناء صرح األمة الكبَت ‪ ،‬وحُت خيلو ذىن اإلنساف من ىذا ا‪١‬تعٌت‬
‫فبل مفروح بعمل يقدمو ‪ ،‬وال ىدؼ يركض إليو ‪ ،‬وال حياة يسعى ُب ٖتقيقها من أجل‬
‫ذلك مهما بلغ ما يدفعو ُب ذلك من جهد وعمل ‪.‬‬

‫‪ٗٙ‬‬
‫الصفة الثانية ‪ :‬أف تكوف ‪٤‬تباً ‪١‬تشروعك ‪ :‬وال شيء يصنع اإلبداع كا‪ٟ‬تب ! واألفكار اليت‬
‫‪٨‬تبها ‪٧‬تتاحها ٔتش اعرنا ‪ ،‬ونصنع ‪٢‬تا واقعاً من ال شيء ‪ ،‬وتعود ُب النهاية صرحاً شا‪٥‬تاً بعد‬
‫إف كانت ‪٣‬ترد فكرة عابرة ‪ .‬إف األعماؿ اليت ‪٧‬تد ‪٢‬تا واقعاً ُب نفوسنا ‪ ،‬ونقبل إليها و‪٨‬تن‬
‫نشعر أف بيننا وبينها صلة هنبها كل شيء ‪ ،‬ونشعر أهنا تقتات من قلوبنا قبل أف نصرؼ‬
‫عليها شيئاً من جهودنا وأموالنا ‪ .‬ا‪ٟ‬تب وحده يصنع حكاية النجاح ‪ ،‬ويبٍت ‪٢‬تا سبلمل الرقي‬
‫ويقرب ‪٢‬تا مسافات النمو ‪ ،‬ويظل يسقيها ٔتاء األمل والفأؿ حىت يأٌب منها ُب النهاية‬
‫‪ّ ،‬‬
‫على كل شيء ‪ .‬وإذا أردت أف تصنع حكاية لبلستمتاع ُب واقعك فانصب حياتك كلها‬
‫لفكرة تعشقها ‪ ،‬ومشروع ٖتبو ‪ ،‬وقضية تعيش ‪٢‬تا وأعدؾ أف تتحوؿ تلك الصحاري‬
‫ا‪١‬تبسوطة ُب الواقع إىل مساحات شاسعة من الربيع ‪.‬‬

‫الصفة الثالثة ‪ :‬أف يكوف مشروعك الذي اخًتتو متوافقاً مع قدراتك وإمكاناتك ‪ :‬وىذه‬
‫صفة غاية ُب األمهية ُب ‪٧‬تاح مشروعك ‪ ،‬ال بد أف يكوف ىذا ا‪١‬تشروع متوافقاً مع قدراتك‬
‫تتقمص مشروعاً ليس لك ! أو تتبٌت فكرة ال عبلقة لك هبا! أو‬
‫وإمكاناتك ‪ ،‬وإياؾ أف ّ‬
‫يسوقك اآلخروف إىل أفكارىم ‪ ،‬ومشاريعهم فتخسر وقتك ‪ ،‬وتفوت عليك فكرتك األصل‬
‫وتعود تبعاً آلخرين ‪ .‬وتبدأ رحلة خصاـ نكدة بينك وبُت أفكارؾ اليت تعيش ‪٢‬تا ومن‬
‫أجلها‪.‬‬

‫إف بعضاً من أصحاب ا‪١‬تشاريع يدفعهم الفرح ببعض ا‪١‬تشاريع اليت يروهنا ُب الواقع فيندفعوف‬
‫إىل تقليدىا ‪ ،‬و‪٤‬تاكاهتا ‪ ،‬وحياولوف جاىدين ُب جعلها مشاريعهم وواقعهم ورحلتهم ُب‬
‫ا‪ٟ‬تياة ويفاجؤوف ُب النهاية أهنم مل يصلوا إىل شيء ‪ ،‬ويعودوف بعد فوات الزمن يبحثوف عن‬
‫الفكرة الضائعة ‪ ،‬وا‪١‬تشروع الصحيح ‪ ،‬وقد فات األواف ‪.‬‬
‫‪ٗٚ‬‬
‫الصفة الرابعة ‪ :‬أف يكوف مشروعك مشروعاً ‪٦‬تكناً ُب الواقع إنك حُت ٗتتار مشروعك‬
‫حيز اإلمكاف ‪ ،‬وبُت يدي قدراتك وإمكاناتك‬
‫ينبغي أف ٗتتار مشروعاً قاببلً للتنفيذ ‪ ،‬وُب ّ‬
‫فبل ٗتتار مشروعاً ال ديكن أف يكوف لو واقع إما لكرب حجمو ‪ ،‬أو لعظمة إمكاناتو ‪ ،‬أو ‪١‬تا‬
‫يتطلبو من أدوات وأمواؿ ال ديكن لئلنساف بلوغها أو الوصوؿ إليها إال إذا كانت ىذه‬
‫ا‪١‬تعاين كلها ُب قدرة اإلنساف وإمكانو فذلك شيء آخر ‪ ،‬وال دينع اإلنساف تبعات ا‪١‬تشروع‬
‫وتكاليفو من اختياره إذا كاف حيبو وُب إمكانو ‪.‬‬

‫على أنٍت أذكرؾ وأنت تقرأ ىػذه الصفات وتتأملها أهنا متكاملة ‪ ،‬فبل ديكن أف تأخذ‬
‫بعضها وتًتؾ بعضها اآلخر ‪ ،‬بل إف مل تتوافر ىذه الصفات األربع كلها ُب ذات ا‪١‬تشروع‬
‫الذي اخًتتو فلن هتنأ ٔتشروعك الذي ٖتب ‪ ،‬ولن تصل إىل أمانيك اليت تريد ‪.‬‬

‫إضاءة ‪:‬‬

‫كل األفكار ا‪ٞ‬تميلة إذا مل تقتت من أرواح أصحػ ػ ػ ػػاهبا فلن ٕتد مكاناً مناسباً ‪ ،‬وواقعاً تُدىل‬
‫فيو بالثمػ ػػار ‪.‬‬

‫‪ٗٛ‬‬
ٜٗ
‫تتعرؼ على مشروعك ؟‬
‫كيف ّ‬
‫(ٔ)‬

‫ىذا سؤاؿ ُب غاية األمهية ‪ ،‬حُت تعلم قدر ا‪١‬تشروع ‪ ،‬وأثره ‪ ،‬وأمهيتو ُب حياتك الشخصية‬
‫ودوره ا‪١‬تثَت ُب مد مساحة واقعك ‪ ،‬وتتوؽ نفسك إىل عناؽ ىذا ا‪ٟ‬تلم ‪ ،‬وعيش ىػذه‬
‫ا‪ٟ‬تقيقة الكربى ‪ ،‬وتبدأ رحلة البحث واألشواؽ إىل ىػذه األمنية ‪ ،‬ويضنيك التفكَت للوصوؿ‬
‫أتعرؼ على مشروعي ؟ ديكن حينها‬
‫لذات الفكرة ‪ ،‬ويًتدد ُب واقعك ىذا السؤاؿ ‪ :‬كيف ّ‬
‫أف نبدأ وإياؾ قصة البحث عن ىذه ا‪ٟ‬تقيقة ُب األسطر القادمة من ىذا الكتاب ‪ ،‬فتعاؿ‬
‫معي إىل حيث أشواقك ! إىل ‪ٟ‬تظة عناؽ الغيث بأرض الربيع ‪ ،‬تعاىل إىل رحلة األفكار‬
‫ا‪ٟ‬تية ‪ ،‬وقصص التاريخ ا‪١‬تثَتة ‪ ،‬وأحداث الواقع الكبَت ! ىات يدؾ ‪ ،‬عفواً قبل ذلك ىات‬
‫مشاعرؾ ‪ ،‬وأشواقك فرحلة األفكار مامل تضخها ا‪١‬تشاعر بقوة التصل ُب الغالب إىل هناية‬
‫الطريق ‪ .‬تعاؿ معي أحدثك عن الفكرة ا‪ٟ‬تية ( مشروع العمر ) وأريك كيف تعثر عليها !‬
‫وكيف تلقى مشاعرؾ حُت تلقاىا !‬

‫قلت لك سابقاً ‪ :‬مشروع العمر ‪ :‬مشروع تتضح ُب ذىنك أىدافو ‪ ،‬وتستويل فكرتو على‬
‫فكرؾ وعقلك‪ ،‬وتبذؿ لو ‪ٚ‬تيع طاقاتك ‪ .‬وإذا قرأت ىذا التعريف قراءة ‪٦‬تعنة أدركت كيف‬
‫تعثر على مشروعك ‪ ،‬وتصل إىل غايتك ‪ ،‬وتصل إىل أمانيك ! وإذا أردت أف تعثر على‬
‫مشروعك فبلبد أف يكوف ُب مشروعك الذي ٗتتاره ثبلثة جوانب ‪:‬‬

‫األوؿ ‪ :‬أف يكوف ىذا ا‪١‬تشروع الذي ٗتتاره مشروعاً واضحاً لك ال لبس فيو ‪ ،‬تعرؼ‬
‫أىدافو ‪ ،‬وتدرؾ تفاصيلو ‪ ،‬وٖتدد مسافة الزمن اليت سيقطعها من عمرؾ ‪ ،‬ومساحة األرض‬

‫ٓ٘‬
‫اليت ستمشيها ُب سبيل الوصوؿ إليو ‪ .‬من الضرورة يا صاحيب أف تكوف أىداؼ مشروعك‬
‫واضحة ال لبس فيها ‪ ،‬كالفجر حُت يزيح ظبلـ الليل ‪ .‬وما تصنع ٔتشروع خيالطو الظبلـ‬
‫يف‬
‫عرض أو تعر ٌ‬
‫فبل ترى صورتو النهائية ‪ ،‬وال تبُت لك فيو مباىج ا‪٠‬تتاـ ! لو طُلب منك ٌ‬
‫‪١‬تشروعك انطلقت تبينو للسائل كأمنا ٖتكي قصة حياتك وأحبلمك ال فرؽ ‪ .‬إذا مل تعرؼ‬
‫تفاصيل مشروعك ‪ ،‬وأىدافو ‪ ،‬ونقطة النهاية فقد ال تبلغ أشواقك فيو !‬

‫الثاين ‪ :‬أف تستويل فكرة ا‪١‬تشروع على فكرؾ وعقلك ‪ :‬أحدثك ىنا عن االستيبلء ‪ ،‬عن‬
‫مشاعر ا‪ٟ‬تب ‪ ،‬عن الشوؽ ‪ ،‬وإذا مل ٕتد ياصاحيب و‪٢‬تاً ُب قلبك ‪ ،‬وشوقاً ُب مشاعرؾ ‪،‬‬
‫وتنساؽ إليو ٔتجرد ‪ٝ‬تاع ذكره ‪ ،‬وتقبل إليو إقباؿ الراغب للماء ُب يوـ صائف بعد طوؿ‬
‫انتظار فبل مفروح بو ! االستيبلء الذي نتحدث عنو ىنا معٌت من الوالء يقوـ ُب قلب‬
‫صاحب ا‪١‬تشروع فيدفع من أجل مشروعو وقتو وفكره ومالو ومشاعره دوف مقابل !‬
‫االستيبلء ديكنك من السهر لساعات متأخرة من أجل مشروعك ‪ ،‬ويقيمك من أحلى‬
‫‪ٟ‬تظات النوـ لتعانق فيها أحبلمك ‪ ،‬وحيملك على حزـ حقائب السفر من أجل ذات‬
‫الفكرة اليت تعيش من أجلها ‪ ،‬وجيعلك تقرر العودة من أجلو ولو كانت تكلفك كل شيء‪.‬‬
‫حُت تسافر من أجل تلك الفكرة ‪ ،‬وتقيم من أجلها ‪ ،‬وتستدين ‪٢‬تا وترى كل ما تصنع ال‬
‫يعنيك ُب شيء فتلك اللحظة ىي ‪ٟ‬تظة ميبلد مشروعك ُب ا‪ٟ‬تياة ‪ .‬أٖتدث ىنا عن‬
‫االستيبلء الذي جعل الشيخ عطية سامل ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل حُت أشكلت عليو مسألة علمية مل‬
‫يزؿ ُب ْتثها من الظهر إىل ضحى اليوـ الثاين ‪ ،‬وىو ذات الشغف الذي الزـ األلباين ر‪ٛ‬تو‬
‫اهلل تعاىل فوقف على سبلمل مكتبتو ُب باكر يوـ يطالع كتاباً فلم يرعو إال أذاف ا‪ٞ‬تامع‬
‫لصبلة الظهر‪.‬‬

‫ٔ٘‬
‫تعرؼ عليو ‪ ،‬ويثور فيك‬
‫حُت يستغرؽ بك التفكَت ُب مشروعك ‪ ،‬وتستثمر كل ‪ٟ‬تظة لل ّ‬
‫الشوؽ عند لقائو أو ا‪ٟ‬تديث عنو فتلك من أبلغ دالئل االستيبلء اليت نتحدث عنها ُب‬
‫ىػذه اللحظة ‪ .‬االستيبلء ال ديكنك من االنتظار ‪ ،‬بل يسوقك الشوؽ إىل اللقاء ‪ ،‬ومن‬
‫التعرؼ‬
‫أعظم دالئلو كثرة ا‪ٟ‬تديث عن مشروعك ‪ ،‬وسؤالك عن النجاح فيو ‪ ،‬وإ‪ٟ‬تاحك ُب ّ‬
‫على وسائل جديدة لبلوغ غاياتو والوصوؿ إىل أمانيك فيو ‪.‬‬

‫مشروعك ال ديكن أف يولد ُب نفسك إال ُب اللحظة اليت ٕتد فيها عمبلً تنساؽ لو دوف‬
‫شعور ‪ ،‬وتلهث وراءه دوف تفكَت ‪ ،‬وٗتطو خلفو دوف تأمل ‪ ..‬ىذه اللحظة ىي اللحظة‬
‫اليت ديكن أف نبارؾ لك فيها وجود مشروعك الشخصي ‪.‬‬

‫فإف سألت ُب ىذه ا‪١‬ترحلة ‪ :‬ىل جيد صاحب ا‪١‬تشروع ىذه ا‪١‬تعاين من أوؿ وىلة ؟ وىل‬
‫يلقاىا ُب بداية الطريق ؟ فأقوؿ لك ‪ :‬ال ‪ ،‬ليس بالضرورة ‪ ،‬بل األصل أهنا تنمو مع‬
‫ت و٘تددت ُب حياتك ‪ .‬ال شيء‬ ‫ا‪١‬تشروع ‪ ،‬وكلما دفعت من وقتك ‪١‬تشروعك كلما َمنَ ْ‬
‫يتمكن من قلبك إال بعد طوؿ تفكَت ! الفكرة ا‪ٟ‬تية يا صاحيب كا‪ٟ‬تُب ال فرؽ ! كلما‬
‫منحتها تفكَتؾ وأفضت ‪٢‬تا ٔتشاعرؾ وم ّكنتها من وقتك زادت مساحة االىتماـ هبا‬
‫و٘ت ّكنت من االستيبلء وانداحت ‪٢‬تا ا‪١‬تشاعر واألفكار ‪.‬‬

‫الثالث ‪ :‬أف تبذؿ لو ‪ٚ‬تيع أوقاتك ‪ . .‬فإذا وجدت عمبلً من األعماؿ ُب أي ‪٣‬تاؿ وكنت‬
‫مستعداً تلك اللحظة أف تبذؿ فيو ‪ٚ‬تيع أوقاتك ‪ ،‬وتشعر ٔتتعة وراحة ُب ذلك الوقت فهذه‬
‫من دالئل عثورؾ على فكرتك ا‪ٟ‬تية ‪ . .‬إف أوقاتنا ال ديكن أف تبذؿ بسخاء إال ُب عمل‬
‫‪٨‬تبو و‪٧‬تد ُب دقائقو ا‪١‬تتعة والراحة ‪ ،‬وحُت ‪٧‬تد ذلك العمل و٘تر بنا تلك اللحظات فهي‬
‫البُت على العثور عن ما نبحث عنو من سنوات ‪ .‬حُت تكوف مستعداً للتضحية من‬
‫الدليل ّ‬
‫ٕ٘‬
‫أجل مشروعك بكل ما ٘تلك ‪ ،‬تعطيو مشاعرؾ ُب التفكَت وجهدؾ ُب النظر ‪ ،‬وحياتك ُب‬
‫التأمل ‪ٍ ،‬ب تصرؼ لو وقتك كلو ‪ ،‬و٘تنحو دقائق عمرؾ و‪ٟ‬تظات حياتك ‪ ،‬وترى أف كل‬
‫ذلك أرخص ما يكوف عندؾ وألذ دقائق عمرؾ فهذه عندي أصدؽ بينة على أنك عثرت‬
‫على مشروعك ‪ ،‬وبدأت رحلة ا‪٢‬توى اليت يبحث عنها السائلوف عن ىذا ا‪١‬تعٌت الكبَت ‪.‬‬

‫إذا وجدت عمبلً هبذه ا‪١‬تواصفات الثبلث ‪ ،‬فقد وجدت مشروعك العمري ‪ ،‬وعثرت على‬
‫فكرتك ا‪ٟ‬تية ‪ ،‬ولقيت أمنيتك الكربى ‪ ،‬وبدأت رحلة أشواقك ُب عامل ا‪ٟ‬تياة من جديد‬
‫وخلػػفت وراءؾ ‪ٚ‬تاىَت كثَتة ما زالت تبحث عن ذات الفكرة ‪ ،‬وتلهث وراء أماين‬
‫َّ‬
‫ا‪١‬تشاريع‪.‬‬

‫التعرؼ على مستقبلك ‪ ،‬ومشروعك ُب ا‪ٟ‬تياة ‪،‬‬


‫إف ىذه ا‪ٞ‬توانب الثبلثة قد تكوف كافية ُب ّ‬
‫فإف وصلت إىل مشروعك من خبل‪٢‬تا فأبارؾ لك ميبلدؾ ا‪ٟ‬تقيقي ‪ ،‬وأبارؾ ألمتك بدايتك‬
‫ا‪ٟ‬تقيقة ُب العمل والبناء والتضحيات ‪ .‬وإف مل تصل ‪١‬تشروعك ‪ ،‬ومل هتتد إليو مع كل ما‬
‫ذكرت إليك فتعاؿ معي إىل ا‪٠‬تطوة الثانية لعلها هتديك إف شاء اهلل تعاىل إىل أحبلـ عمرؾ‬
‫وأمانيك الكبار ‪.‬‬

‫إضاءة ‪:‬‬

‫ستصل ما دمت موقناً أف حلمك الكبَت ُب هناية الطريق ‪.‬‬

‫ٖ٘‬
‫تتعرؼ على مشروعك ؟‬
‫كيف ّ‬
‫(ٕ)‬

‫إف اختيار مشروع حياتك قرار ُب غاية األمهية ‪ ،‬وىو من أصعب القرارات اليت تتخذىا ُب‬
‫عمرؾ كلو ألنك ستعيش هبػذه الفكرة ما بقي من حياتك ‪ .‬اخًت مشروعاً ستعيش معو ما‬
‫بقي من عمرؾ ! عل يك أف تومن أف حسن اختيارؾ ‪١‬تشروعك ُب البداية ىو الكفيل بأف‬
‫تعيش مستمتعاً ُب حياتك ‪ ،‬مثَتاً ُب واقعك ‪ ،‬كبَتاً ُب أملك وٖتدياتك ‪.‬‬

‫إنٍت أدعوؾ ُب ىذه اللحظة للعزلة ‪ ،‬سافر إىل مكاف ٕتد فيو متعتك ‪ ،‬وتشعر فيو‬
‫باالستقرار ‪ .‬اْتث عن مساحة من األرض ٕتد فيها ا‪٢‬تدوء ‪ ،‬وتلقى فيها الراحة ‪ ،‬وٗتلّص‬
‫من جوالك حىت ال تتعرض ُب أحرج ‪ٟ‬تظة من عمرؾ لقرار تندـ عليو طيلة حياتك‬
‫القادمة‪.‬‬

‫إذا وجدت ىذا الفراغ ‪ ،‬وىذه اللحظات من زمنك ‪ ،‬وتلك الفرصة الشعورية ُب ذىنك‬
‫فدوف ىذه األسئلة ُب دفًت خاص ٍب أجب على كل سؤاؿ منها ‪:‬‬
‫ّ‬
‫السؤاؿ األوؿ ‪ :‬ما اىتماماتك ُب ا‪ٟ‬تياة ؟‬

‫‪....................................‬‬
‫‪....................................‬‬
‫‪...................................‬‬
‫السؤاؿ الثاين ‪ :‬ما األعماؿ اليت تستمتع هبا ُب حياتك ؟‬

‫ٗ٘‬
‫‪.................................‬‬
‫‪...............................‬‬
‫‪...............................‬‬
‫السؤاؿ الثالث ‪ :‬من األشخاص الذين أُعجبت هبم ُب حياتك ؟‬
‫‪.........................................‬‬
‫‪.........................................‬‬
‫‪........................................‬‬
‫السؤاؿ الرابع ‪١ :‬تاذا أعجبت هبم دوف غَتىم ؟‬
‫‪........................................‬‬
‫‪........................................‬‬
‫‪........................................‬‬
‫السؤاؿ ا‪٠‬تامس ‪ :‬ما أسعد ‪ٟ‬تظات حياتك ؟‬
‫‪.........................................‬‬
‫‪.........................................‬‬
‫‪.........................................‬‬
‫السؤاؿ السادس ‪ :‬ما أىم ثبلثة أمور ُب حياتك ؟‬
‫‪..........................................‬‬
‫٘٘‬
‫‪...........................................‬‬
‫‪.........................................‬‬
‫السؤاؿ السابع ‪ :‬ما أىم أعمالك اليت تقوـ هبا يومياً ؟‬
‫‪.........................................‬‬
‫‪.........................................‬‬
‫‪........................................‬‬
‫السؤاؿ الثامن ‪ :‬ما أىم ثبلثة أمور ُب حياتك على اإلطبلؽ ؟‬
‫‪......................................‬‬
‫‪......................................‬‬
‫‪.......................................‬‬
‫خَتت بُت أعمالك اليومية ما العمل الذي لن تتخلى عنو ؟‬
‫السؤاؿ التاسع ‪ :‬لو ّ‬
‫‪.....................................‬‬
‫‪.....................................‬‬
‫‪.....................................‬‬
‫السؤاؿ العاشر ‪ :‬ما أىم نقاط قوتك ؟‬
‫‪......................................‬‬
‫‪......................................‬‬
‫‪٘ٙ‬‬
‫‪.......................................‬‬
‫السؤاؿ ا‪ٟ‬تادي عشر ‪ :‬ما مهاراتك ومواىبك اليت ٘تتلكها ؟‬
‫‪.......................................‬‬
‫‪.......................................‬‬
‫‪.......................................‬‬
‫السؤاؿ الثاين عشر ‪ :‬ما األمنية اليت هتتف بقلبك كل ‪ٟ‬تظة ؟‬
‫‪......................................‬‬
‫‪......................................‬‬
‫‪.....................................‬‬
‫السؤاؿ الثالث عشر ‪ :‬لو دعيت إىل مكتبة أو معرض ما الركن الذي يستحوذ على وقتك‬
‫؟‬
‫‪....................................‬‬
‫‪....................................‬‬
‫‪....................................‬‬
‫السؤاؿ الرابع عشر ‪ :‬لو فتح لك موقع على النت أو مدونة ما ذا ستكتب فيها ؟‬
‫‪...................................‬‬
‫‪...................................‬‬

‫‪٘ٚ‬‬
‫‪....................................‬‬

‫السؤاؿ ا‪٠‬تامس عشر ‪ :‬لو اتصل بك صديق لتقدـ لو برنا‪٣‬تاً تدريبياً أو تلقي لو موضوعاً‬
‫ففي أي ‪٣‬تاؿ ستتحدث ؟‬
‫‪...................................‬‬
‫‪..................................‬‬
‫‪..................................‬‬
‫السؤاؿ السادس عشر ‪ :‬ما ذا تريد أف تكوف بعد عشرين سنة قادمة من حياتك ؟‬
‫‪....................................‬‬
‫‪...................................‬‬
‫‪..................................‬‬
‫وتتميز بو ُب حياتك ؟‬
‫السؤاؿ السابع عشر ‪ :‬ما اجملاؿ الذي تود أف تعرؼ بو بُت الناس ّ‬
‫‪.........................................‬‬
‫السؤاؿ الثامن عشر ‪ُ :‬ب آخر اللحظات من عمرؾ ‪ ..‬اكتب عن مشروعك الذي تًتكو‬
‫قائماً بعد موتك ؟‬
‫‪........................................‬‬
‫‪.......................................‬‬
‫‪.......................................‬‬

‫‪٘ٛ‬‬
‫قد تأخذ منك ىذه األسئلة يوماً واحداً ‪ ،‬وقد تأخذ منك أسبوعاً كامبلً ‪ ،‬وقد تزيد على‬
‫ذلك فتصل إىل شهر ‪ ،‬وقد ٘تتد إىل أكثر من ذلك ألهنا أسئلة ٖتدد رحلتك ُب األرض‬
‫وتعينك على العثور على أعظم األفكار أثراً ُب ا‪ٟ‬تياة ‪ ،‬وتكشف لك أوسع ا‪١‬تتع ُب‬
‫واقعك (مشروع العمر) ‪ ،‬وتكتب ميبلد حياتك من جديد ‪ .‬حُت تنتهي من اإلجابة عليها‬
‫أعد التأمل فيها من جديد ‪ ،‬خذ جولة ثانية ‪ ،‬وثالثة ‪ ،‬ورابعة‪ ،‬وعاشرة فالفكرة حقيقة بكل‬
‫ما يُبػذؿ ُب سبيلها ‪.‬فإف عثرت منها على مشروعك الشخصي فتلك األحبلـ الغائبة عثرت‬
‫عليها ‪ ،‬وتلك اآلماؿ اليت تبحث عنها وصلت إليها ‪ ،‬فإف مل يكن ‪ ،‬ومل تلق بعد فكرتك‬
‫الغائبة ‪ ،‬وأحبلمك الضائعة فتعاؿ معي إىل خطوة أخرى ُب ذات الطريق فلعلك تأٌب منها‬
‫إىل آمالك اليت تبحث عنها وأشواقك اليت تود عناؽ هناياهتا ‪.‬‬

‫‪ٜ٘‬‬
‫تتعرؼ على مشروعك ؟‬
‫كيف ّ‬
‫(ٖ)‬

‫التحَت ا‪١‬تبلزـ لك ‪ ،‬وأق ّدر لك ترددؾ الكبَت ُب اختيار مشروعك‬


‫إنٍت أعذرؾ ُب ىذا ّ‬
‫العمري فذلك قرار كبَت خطَت يستحق ىذا القلق ‪ ،‬وحيتاج إىل أطوؿ ‪٦‬تا منحتو بكثَت‬
‫تعرؼ على قدراتك ‪ ،‬وإمكاناتك ‪،‬‬
‫أدعوؾ ىذه اللحظة إىل اكتشاؼ نفسك من جديد ‪ّ ،‬‬
‫خذ جولة على مواىبك فقد تعثر على أكثر ا‪ٟ‬تقائق وأعمقها أثراً ُب حياتك !‬

‫إف مشكلتنا أننا نغفل عن اكتشاؼ مقدراتنا الكربى ‪ ،‬ونتغافل عن كنوز ُب نفوسنا ال‬
‫ٖتتاج سوى الًتكيز ‪ .‬ما أحوجنا إىل بعث مقدراتنا ‪ ،‬اكتشاؼ طاقاتنا ‪ ،‬البحث عن الكنوز‬
‫ا‪١‬تدفونة ُب عا‪١‬تنا الكبَت ‪.‬‬

‫ديكن أف يكوف ىذا البحث ذاتياً ‪ ،‬وديكن أف يستعُت فيو الباحث ببعض ا‪١‬تراكز ا‪١‬تتخصصة‬
‫اليت تعينك على اكتشاؼ تلك القدرات ا‪١‬تكنونة ُب نفسك ‪ ،‬وتفتح لك نافذة على أغوار‬
‫نفسك ‪ ،‬وٕتليات روحك ‪.‬‬

‫دوف‬
‫إف مل تصل ‪ ،‬أو تعثر البحث ‪ ،‬أو مل تستطع الوصوؿ إىل ما ذكرت فخذ قلمك ‪ ،‬و ّ‬
‫سجلها على ورقة ‪،‬‬
‫األعماؿ وا‪١‬تشاريع اليت ٘تارسها أو ٖتبها وٕتد رغبة ُب ا‪١‬تشاركة فيها ‪ّ ،‬‬
‫ٍب علقها على جدار منزلك أو ضعها على سطح مكتبك أو على شاشة حاسبك‬
‫الشخصي أو حىت ُب غرفة نومك ‪ ،‬ا‪١‬تهم أف تكوف تلك ا‪١‬تشاريع ٖتت نظرؾ تأخذ من‬
‫وتقرب لك مسافات تلك األماين ‪ .‬تأمل تلك ا‪١‬تشاريع ا‪١‬تكتوبة‬
‫وقتك ‪ ،‬وتذّكر هبمومك ‪ّ ،‬‬
‫‪ ،‬وأعد النظر إليها ‪ ،‬وقلّب البصر فيها لًتى أين ٕتد قلبك ‪ ،‬ومشاعرؾ ‪ ،‬ورواء روحك !‬
‫ٓ‪ٙ‬‬
‫ما ا‪١‬تشروع الذي تنزع إليو روحك أكثر من غَته ! ما ا‪١‬تشروع الذي يستحوذ على قلبك ‪،‬‬
‫ويثَت فيك الفضوؿ ؟ قد قالوا يا صاحيب ‪ :‬شخ ص واحد لديو شغف أفضل من تسعة‬
‫وتسعُت شخصاً ال ديلكوف سوى االىتماـ ‪ .‬إنك حُت تعرضها أماـ نظرؾ كما تفعل اآلف‬
‫ال تبقي خيارات مفتوحة ُب عقلك ‪ ،‬وإمنا ٖتصر عقلك ونظرؾ ُب ىذه ا‪١‬تشاريع بالذات ‪،‬‬
‫وىذا يعطيك فرصة ا‪١‬تقارنة واالختيار ‪.‬‬

‫أ٘تيز بو ‪ ،‬وأشعر فيو‬


‫حاوؿ أف ٖتاصر فكرؾ ومشاعرؾ ّتملة من األسئلة ‪ :‬ما الشيء الذي ّ‬
‫ثناء‬
‫بالثقة ‪ ،‬وأعرؼ أنٍت أقوى فيو من غَتي ؟ سل نفسك ‪ :‬ما األشياء اليت تلقى فيها ً‬
‫عاطراً ‪٦‬تن حولك؟ فيم يعتمد عليك األصدقاء والزمبلء وا‪١‬تقربوف ؟ ما اجملاؿ الذي يأسرؾ ‪،‬‬
‫والفن الذي ٕتد فيو نفسك؟ والتخصص الذي ترى فيو رواء روحك ومشاعرؾ ؟ يا صاحيب‬
‫األطفاؿ ال يناموف ليلة العيد! ما الفكرة وا‪١‬تشروع والعمل الذي إذا بدأت فيو أصبحت‬
‫تتعرؼ على األشياء اليت تثَت فضولك‬
‫كاألطفاؿ الذين ال يناموف ليلة العيد ! ىل ديكن أف ّ‬
‫؟ لو طلب منك ا‪١‬تشاركة ُب مناسبة ما الفن ‪ ،‬والتخصص ‪ ،‬واجملاؿ الذي ستشارؾ فيو ؟‬
‫سل نفسك ما أكثر األشياء يهمك ‪ ،‬ويلفت نظرؾ ‪ ،‬ويبعث الشوؽ ُب قلبك ؟ ‪ٙ‬تة أشياء‬
‫تعرؼ عليها فقد تكوف ىي القصة اليت تنتظرؾ لقراءة‬
‫تستحوذ على مهك أكثر من غَتىا ّ‬
‫فصو‪٢‬تا ! أرأيت من يريد أف يشًتي سيارة أو يبٍت بيتاًكم يأخذ منو البحث والسؤاؿ ‪ ،‬وكم‬
‫كوب أو مسكو ٌف من‬
‫تستغرؽ منو من أوقات ! أليس من الغنب ُب حياتنا أف يستحوذ مر ٌ‬
‫السؤاؿ والبحث أكثر من استعمار أكثر األفكار أثراً ُب حياتنا ! فإف وجدت ما تريد ‪،‬‬
‫وٖتقق لك ذلك ا‪ٟ‬تلم فتلك الفرص اليت ٖتتاج إىل شكر فنبارؾ لك لقاء تلك األمنية ‪،‬‬
‫وهننئك ٔتستقبل العمل والبناء والتحديات ! فإف مل تصل ‪ ،‬ومل تعثر بعد على مشروعك فبل‬

‫ٔ‪ٙ‬‬
‫تيأس وكن معي فيما بقي من أسطر ىػذا الكتاب ‪ ،‬وال تقلق ‪ ،‬فاألفكار ا‪ٟ‬تية مكلفة ‪،‬‬
‫و‪٣‬تهدة ‪ ،‬وٖتمل عناء ُب سبيل الوصوؿ إليها ‪ ،‬وبقي مساحات أرجو أف يكوف فيها ما‬
‫يعينك على الوصوؿ إىل أمانيك ‪.‬‬

‫ٕ‪ٙ‬‬
‫تتعرؼ على مشروعك ؟‬
‫كيف ّ‬
‫( ٗ)‬

‫أعرؼ أرقك ‪ ،‬وأق ّدر فيك ىذا البحث للقاء أمنيتك ‪ ،‬وأشكر لك ىذا النفس الطويل ُب‬
‫سبيل عناؽ األفكار ا‪ٟ‬تية ‪ .‬وأقوؿ لك ‪ :‬ديكنك أف تعثر على مشروعك من خبلؿ‬
‫اآلخرين سواء كانوا معلمُت أو أصدقاء أو زمبلء ‪ ،‬وُب التاريخ مناذج عثروا على مشاريعهم‬
‫من خبلؿ اآلخرين ‪ ،‬فهػذا البخاري صاحب الصحيح ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل عثر على مشروعو من‬
‫تفرغ أحد لكتابة صحيح‬
‫خبلؿ مشورة ونصيحة وفكرة قا‪٢‬تا شيخو ُب لقاء قاؿ ‪ :‬لو ّ‬
‫السنة فتل ّقف ىذه الفكرة ‪ ،‬وصنع منها أضخم مشروع ُب األرض ( صحيح البخاري )‬
‫ومثلو الذىيب ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل رأى شيخو خطو فقاؿ لو ‪ :‬إف خطك يشبو خط احملدثُت‬
‫فثارت ُب قلبو وفكره وبٌت من خبل‪٢‬تا مشروعو الكبَت ‪ .‬وقاؿ أبو حنيفة ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل ‪:‬‬
‫إالـ ٗتتلف ؟ فقلت ‪ :‬اختلف إىل‬
‫عيب وىو جالس فدعاين وقاؿ ‪َ :‬‬‫الش ِّ‬
‫مررت يوماً على َّ‬
‫فبلف ل قاؿ ‪ :‬مل أعن إىل السوؽ عنيت االختبلؼ إىل العلماء ؟ فقلت لو ‪ :‬أنا قليل‬
‫االختبلؼ إليهم ‪ ،‬فقاؿ ‪ :‬ال تفعل ‪ ،‬وعليك بالنظر ُب العلم ‪ ،‬و‪٣‬تالسة العلماء ل فإين أرى‬
‫فيك يقظة وحركة ‪ .‬قاؿ ‪ :‬فوقع ُب قليب من قولو فًتكت االختبلؼ ػ ػ أي إىل السوؽ ػ ػ‬
‫وأخذت ُب العلم فنفعٍت اهلل تعاىل بقولو ‪ .‬اىػ ومثل ذلك الشافعي ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل فقد‬
‫حكى ٖتولو من الشعر واألدب للفقو فقاؿ ‪ :‬كنت امرأً أكتب الشعر وآٌب البوادي فأ‪ٝ‬تع‬
‫منهم وقدمت مكة وخرجت وأنا أ٘تثّل بشعر لبيد فضربٍت رجل من ورائي من ا‪ٟ‬تَ َجبة فقاؿ‬
‫‪ :‬رجل من قريش ٍب ابن ا‪١‬تطلب رضي من دينو ودنياه أف يكوف معلّماً !! ما الشعر ؟‬
‫ك اهلل ‪ .‬قاؿ ‪ :‬فنفعٍت اهلل بكبلـ ذلك‬ ‫ِ‬
‫الشعر إذا استحكمت فيو قعدت معلّماً ‪ ..‬تفقو يػُ ْعل َ‬
‫ٖ‪ٙ‬‬
‫ا‪ٟ‬تجيب ورجعت إىل مكة وكتبت عن ابن عيينة ما شاء اهلل أف أكتب ‪ .‬اىػ ػ وجاء األلباين‬
‫ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل بعد ذلك ليقوؿ لنا ‪ :‬إف الفكرة إذا استعمرت صاحبها وجد ‪٢‬تا فضاء ُب‬
‫أحلك الظروؼ وأضيق ا‪١‬تساحات ‪ .‬كاف ُب بداية حياتو يصلح الساعات ُب مساحة ال‬
‫تتجاوز ا‪١‬تًتين لكنو ‪١‬تا كاف شغوفاً بفكرة ‪ ،‬وباحثاً عن مشروع مل ٘تنعو ظروفو البائسة من‬
‫البحث عن الفكرة ا‪١‬تفقودة ُب حياتو وحُت وقعت ُب يده ‪٣‬تلة وقعت ُب يده الفكرة‬
‫الغائبة ورأى من خبل‪٢‬تا ٖتقيق العراقي إلحياء علوـ الدين للغزايل ‪ ،‬واستولت عليو تلك‬
‫األحرؼ ( صححو البخاري ‪ ،‬وحسنو الًتمذي ‪ ،‬وضعفو ابن ا‪١‬تديٍت ) فًتؾ ما ُب يده ‪،‬‬
‫ٖتوؿ من صانع ساعات إىل صانع عقوؿ ‪ ،‬ومن مساحة ا‪١‬تًتين إىل كل شرب من األرض ‪،‬‬
‫وّ‬
‫ومل يرحل حىت جعل من مشروعو ذكريات ستظل إىل قياـ الساعة ‪ .‬فقط أردت أف أقوؿ‬
‫تقرب ا‪١‬تسافات ‪ ،‬وجديتك تعلو فوؽ كل شيء ‪.‬‬ ‫لك حلُ ُمك يصنع ا‪ٟ‬تقيقة ‪ ،‬ورغبتك ّ‬
‫حُت تكوف جاداً ُب البحث ستلقى فكرتك ا‪ٟ‬تية ‪ ،‬وستعثر على مشروعك الكبَت ‪.‬‬

‫شاور من تعرؼ من زمبلئك ‪٦‬ت ن تثق فيو وتعرؼ قدرتو على حسن االختيار ‪ ،‬وكلما كاف‬
‫من تشاوره أعرؼ بقدراتك وألصق بك ‪ ،‬وأعرؼ بفكرة ا‪١‬تشروع كاف أقرب وألصق بالفكرة‬
‫وأىدى من غَته إىل الصواب ‪.‬‬

‫قابل من تثق بو من ا‪١‬تدربُت ‪ ،‬وا‪١‬تستشارين من أىل الثقة وا‪٠‬تربة وا‪١‬تراس والعلم والعمل‬
‫والقدرة على حسن االختيار ‪ ،‬حاوؿ أف تلتقي أصحاب ا‪١‬تشاريع الذين ‪٢‬تم ٕتربة و‪٧‬تاح‬
‫ملموس ُب ‪٧‬تاح ا‪١‬تشروعات فقد ٕتد من خبلؿ تلك اللقاءات ما يفتح لك الطريق ‪.‬فإف‬
‫عثرت على مشروعك وحلمك وأمنيتك وفكرتك ا‪ٟ‬تية فذاؾ وإال فتعاؿ معي إىل آخر‬
‫خطوة ُب الطريق لعلك تلقي ما بقي فيها من أمل ‪.‬‬
‫ٗ‪ٙ‬‬
‫تتعرؼ على مشروعك‬
‫كيف ّ‬
‫( ٘)‬

‫رائع ومثَت ىذا التصميم على الوصوؿ إىل مشروعك ! يعجبٍت فيك ىذا اإلصرار ومثلك‬
‫بإذف اهلل تعاىل أقرب إىل ٖتقيق مراده وعناؽ فكرتو ‪ .‬ديكنك الوصوؿ إىل فكرتك‬
‫ومشروعك من خبلؿ البحث ُب ا‪١‬تشاريع اليت ٖتتاجها األمة ‪ ،‬ال أعٍت أف تذىب تسد‬
‫ثغرة ُب األمة وحاجة ال تناسبك وال توافق ميولك ‪ ،‬كبل ‪ ،‬وإمنا أريدؾ أف تتأمل ُب ا‪١‬تشاريع‬
‫لتختار منها ما يناسب ميولك ويبعث مباىج ا‪ٟ‬تياة ُب قلبك ‪ .‬قلت ذلك ألف كثَتين‬
‫يريدوف مناذج وأمثلة تساعدىم ُب العثور ‪ ،‬وتعينهم على التطبيق ‪.‬‬

‫كتاب التاريخ لًتى مشاريعهم وأفكارىم اليت‬


‫اقرأ سَت الكبار وا‪١‬تؤثرين وصّناع النجاح ‪ ،‬و ّ‬
‫عاشوا من أجلها ‪ ،‬وضحوا ُب سبيلها لعلك تعثر على أمنيتك وتلقى فكرتك ‪ ،‬وإذا كاف‬
‫البخاري عثر على مشروعو من خبلؿ كلمة عارضة فلعلك تلقى مشروعك من خبلؿ‬
‫سَتة مثَتة ‪.‬‬

‫بقي أف أقوؿ لك أوصيك أف تنطرح بُت يدي اهلل تعاىل ‪ ،‬وتدمن دعاءه ‪ ،‬وتطيل الوقوؼ‬
‫بُت يديو ‪ ،‬وٗتر لو ذليبلً حقَتاً ال ٘تلك خياراً لنفسك إال بعد توفيقو وىدايتو لك ‪.‬‬

‫ٗتَت ُب دعائك أوقات اإلجابة من السحر ‪ ،‬وساعة ا‪ٞ‬تمعة ‪ ،‬و‪ٟ‬تظات السجود ‪،‬‬
‫ّ‬
‫وا‪٠‬تلوات وليكن ذلك كلو مع حسن رجاء وتوكل وصدؽ وإقباؿ ‪ .‬وكم من غائب ّقربو‬
‫الدعاء ! وكم من أمنية أحا‪٢‬تا واقعاً بعد طوؿ انتظار ! ‪.‬‬

‫٘‪ٙ‬‬
‫استخر ربك تعاىل ‪ ،‬فإف رأيت بوارؽ توفيق ‪ ،‬أو وجدت أحبلمك اليت تريد ‪ ،‬وشعرت‬
‫بصفاء روحك ‪ ،‬ورضاىا ٔتا عرض ‪٢‬تا فهنيئاً ‪ ،‬وإال كرر ىذه االستخارة ‪ ،‬وإذا حسن‬
‫إقبالك قرب مطلوبك وتيسر لك ما تريد ‪ .‬فقط كن جاداً ُب الطريق ‪ ،‬صلباً أماـ العقبات‬
‫وال تستطل طريق أمنيتك فاألفكار ا‪ٟ‬تية ٖتتاج إىل طوؿ أمل ‪ .‬وال تقف متلفتاً ُب الطريق‬
‫ووسع أثرؾ‬
‫‪،‬قاعداً منتظراً أف يفتح اهلل تعاىل لك ُب مشروع ‪ ،‬بل اعمل ‪ ،‬وق ّدـ لنفسك ‪ّ ،‬‬
‫‪ ،‬ومد ُب مساحة دينك ُب أي ‪٣‬تاؿ تراه أقرب لنفسك ‪ ،‬واسعى ُب ذات الوقت للبحث‬
‫عن فكرتك ا‪ٟ‬تية ‪ ،‬ومشروعك الكبَت ‪ .‬وإف لقيت مشروعك بعد ىذا البحث ‪ ،‬وعثرت‬
‫على فكرتك ا‪ٟ‬تية فبل أقل من أف تبلغٍت ألفرح مثلك فعثورؾ على مشروعك ىو ُب ذات‬
‫الوقت عثوري أنا على ذات ا‪١‬تشروع!‬

‫صّناع النجاح ُب الواقع ‪ ،‬أىبلً بك‬


‫فأىبلً بك يا صاحيب ُب عامل الكبار ‪ ،‬أىبلً بك ضمن ُ‬
‫وبفكرتك ا‪ٟ‬تية ؤتشروعك الكبَت فما أسعد أمتك بك ىذه اللحظة ! وما أهبج مستقبلها‬
‫بأمثالك !‬

‫وإذا مل يكن عوف من اهلل للفىت ‪ ...‬فأوؿ ما جيٍت عليو اجتهاده‬

‫‪ٙٙ‬‬
‫زساهة‬

‫ال تقف عوى حافة اهطسيـــــــــــــــق تتشوّي املازة ًَقْ َعداً‬


‫هوسكوب ‪ ،‬بى تقدّم إىل وسطٌ هتختاز ًلانم اهري‬
‫تسيد ‪.‬‬

‫‪ٙٚ‬‬
‫تعدد ا‪١‬تشاريع‬

‫إف وجود ا‪١‬تشروع ُب حياة أي إنساف ىو أعظم األدلة اليت نرى من خبل‪٢‬تا قدرة ذلك‬
‫اإلنساف على ا‪١‬تشاركة ُب عامل الكب ار ‪ ،‬والقدرة على ٖتويل ا‪١‬تثاؿ إىل واقع ‪ .‬ولن ٕتد‬
‫إنساناً يعيش مشروعو ‪ ،‬وجيهد ُب بنائو ‪ ،‬ويسعى ُب ٖتقيق غاياتو إال أدركت أنك أماـ‬
‫كبَت ‪.‬‬

‫إف فكرة ا‪١‬تشروع ُب أساسها فكرة ال تقوـ جذلة قوية متينة إال ُب حياة إنساف متُت ُب‬
‫اإلرادة والقدرة وا‪١‬تبادرة وروح ا‪١‬تسؤولية بالدرجة اليت مكنتو من خوض الواقع بقوة وسلطتو‬
‫على استثمار ‪ٟ‬تظات حياتو بأمنت ما يكوف ‪.‬‬

‫فإذا كاف ا‪١‬تشروع على عظمة ذكره وأثر واقعو وكثرة متطلباتو مل يكن مقنعاً إلنساف أف‬
‫يكوف ىو الوحيد ُب حياتو ‪ ،‬وتطلّع بشوؽ إىل مشروع آخر أو مشاريع أخرى يسد هبا‬
‫طاقاتو ‪ ،‬ويستثمر هبا ‪ٟ‬تظاتو ‪ ،‬ويكتب هبا تارخيو كونو أكرب من حجم ا‪١‬تشروع الواحد فإف‬
‫يوسع مساحة أثره ‪ ،‬ويكتب حظ أمتو بأكثر‬
‫األمة تبارؾ لو ىذه التطلعات ‪ ،‬وتدعوه أف ّ‬
‫من مشروع ‪ ،‬على أف يفقو أف تلك األمنية معلقة بشرطُت ‪:‬‬

‫األوؿ ‪ :‬أف تكوف قدراتو وطاقاتو وإمكاناتو قابلة لذلك ‪ ،‬وٖتتمل أكثر من مشروع ‪.‬فإذا‬
‫كاف ديلك ىذه الطاقات ‪ ،‬ولديو ا‪١‬تساحة الكافية لتحقيق مساحة أوسع وديكنو أف ديد ُب‬
‫أثر واقعو وأمتو إىل األفضل فإف التحجَت عليو وحصره ُب مشروع واحد ىدر ‪٢‬تذه ا‪ٞ‬تهود ‪،‬‬
‫وتضييع ‪٢‬تذه القدرات ‪ ،‬وتفويت مصاحل ذاتية و‪ٚ‬تاعية ‪.‬‬

‫‪ٙٛ‬‬
‫الثاين ‪ :‬أف ال يؤثّر كل مشروع على اآلخر ‪ :‬فإذا ٘تكن إنساف من كل مشروع بالقدر‬
‫الكاُب إلقامتو ‪ ،‬فبل مانع أف حيّلق ّتهده وعزديتو ُب بناء مشروع آخر ‪ .‬بشرط أال تكوف‬
‫وٗتاصم توجهو ‪ ،‬وتنازع وحدتو فبل‬
‫ىػذه ا‪١‬تشاريع فيما بعد ‪٣‬ترد مسميات تتقاسم وقتو ‪ُ ،‬‬
‫يستوثق منها مشروعاً واحداً ‪ ،‬فبل ىو الذي أقاـ مشروعاً وكياناً ومثاالً صا‪ٟ‬تاً لبلقتداء وال‬
‫تفرغ ‪١‬تشروع واحد يأٌب منو على كل تلك اآلماؿ ‪.‬‬
‫ىو الذي ّ‬
‫و‪ٙ‬تة أمثلة كانت صا‪ٟ‬تة ‪ٟ‬تمل مشاريع متعددة ‪ ،‬و٘تكنت من توسيع أثرىا ‪ ،‬وعانقت أماين‬
‫أمتها وجاوزت ٖتديات واقعها ‪ ،‬من ىذه األمثلة ‪ :‬عبد اهلل بن ا‪١‬تبارؾ ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل كاف‬
‫مشروعاً ُب العلم ‪ ،‬وا‪ٞ‬تهاد ‪ ،‬والصدقة ‪ ،‬والعبادة ‪ ،‬قاؿ الذىيب ‪ :‬واجتمع ‪ٚ‬تاعة من أىل‬
‫الفضل يعدوف خصالو ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل فقالوا ‪ :‬العلم ‪ ،‬والفقو ‪ ،‬واألدب ‪ ،‬والنحو ‪ ،‬واللغة ‪،‬‬
‫والفصاحة ‪ ،‬والشعر ‪ ،‬وقياـ الليل ‪ ،‬والعبادة ‪ ،‬وا‪ٟ‬تج ‪ ،‬وا لغزو ‪ ،‬والشجاعة ‪ ،‬والفروسية ‪،‬‬
‫والقوة ‪ ،‬وترؾ الكبلـ فيما ال يعنيو ‪ ،‬واإلنصاؼ ‪ ،‬وقلة ا‪٠‬تبلؼ على أصحابو ‪ .‬اىػ ولذلك‬
‫قاؿ سفياف ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل ‪ :‬إين ألشتهي من عمري كلو أف أكوف سنة مثل ابن ا‪١‬تبارؾ فما‬
‫أقدر وال ثبلثة أياـ ‪ .‬اىػ‬

‫تنوع ا‪١‬تشاريع‬
‫ومثلو شيخ اإلسبلـ ابن تيمية ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل فقد كاف مثاالً مثَتاً على ّ‬
‫الكربى ‪ ،‬فقد كاف عا‪١‬تاً ‪ ،‬وعابداً ‪ ،‬وزاىداً ‪ ،‬و‪٣‬تاىداً ‪ ،‬وآمراً با‪١‬تعروؼ وناىياً عن ا‪١‬تنكر ‪،‬‬
‫وراداً على أعداء الدين ‪ ،‬وكاف ُب كل ىذه ا‪١‬تشاريع مثاالً حياً لبلقتداء ‪.‬‬

‫ومثلو العلم ابن باز ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل ‪ ،‬فقد كاف مشاريع ضخمة ‪ ،‬فقد كاف عا‪١‬تاً با‪ٟ‬تديث ‪،‬‬
‫ومفتياً للعامة وا‪٠‬تاصة ‪ ،‬وعابداً متميزاً ‪ ،‬وقائماً ْتوائج الناس‪ ،‬وعلى مدار تسعُت عاماً مل‬
‫يتوقف لو مشروع ‪ .‬فإذا كنت مثل ىؤالء ‪ ،‬وتشعر أف لديك طاقات ومواىب متعددة ‪،‬‬
‫‪ٜٙ‬‬
‫وقدرات فائقة فإف ُب حصرؾ ُب مشروع إماتوٌ ‪٢‬تذه القدرات ‪ ،‬وٖتجَتٌ ‪٢‬تذه القوى وتعطيل‬
‫‪١‬تساحات مبهجة من العمل فلك أف تبدأ رحلة ا‪١‬تشاريع اليت ٖتبها ولو كانت متعددة ‪،‬‬
‫ولعلك تأٌب من خبل‪٢‬تا إىل آمالك ‪ ،‬وأماين أمتك ‪.‬‬

‫ٓ‪ٚ‬‬
‫تغيَت ا‪١‬تشروع‬

‫األصل أف مشروع اإلنساف ىو ما استوىل على فكره وعقلو من البداية ‪ ،‬وحل حبو بقلبو ‪،‬‬
‫ووجد لذتو واستمتع بدقائقو كل ‪ٟ‬تظة ‪ ،‬ىذا ىو األصل ُب مشروع العمر ‪ ،‬وإذا كاف‬
‫كذلك وجد لو صاحبو لذة ُب قلبو ‪ ،‬ولقي لو ىتافاً كبَتاً ُب مشاعره ‪ ،‬واستحوذ على وقتو‬
‫ويتوسع‬
‫واستفرغ فيو كل إمكاناتو ‪ ،‬وْتث عن أفضل األوقات اليت يتم هبا مشروعو ‪ّ ،‬‬
‫وتتوسع اللذات ُب قلبو ‪.‬‬
‫ا‪١‬تشروع ّ‬
‫فإف بدأ ُب مشروعو ‪ ،‬وقضى فيو وقتاً طويبلً ‪ ،‬ومل جيد فيو تلك ا‪١‬تتع اليت يتحدث عنها‬
‫أصحاب ا‪١‬تشاريع ‪ ،‬وصار جياىد نفسو على فكرة عصية عن التطبيق ‪ ،‬ومل جيد ‪٢‬تا رو ًاء ُب‬
‫حياتو ‪ ،‬ويشعر ٓتصاـ نكد بُت ميولو ومواىبو ومشروعو الذي خيوضو ‪ ،‬وتأكد أف ‪ٙ‬تة خطأ‬
‫حدث ُب االختيار األوؿ ‪ ،‬وقدراتو عاجزة عن استيعاب ا‪١‬تشروع ‪ ،‬ومل يكن قرار االنتقاؿ‬
‫تقليداً آلخرين ‪ ،‬أو استعجاالً للنتائج فلو حينئذ أف يًتؾ مشروعو وينفصل عنو ‪ ،‬ويبدأ‬
‫رحلة البحث عن مشروع جديد يتوافق مع ميولو ويتناسب مع قدراتو وإمكاناتو بشرط أف‬
‫ٕتري تلك ا‪١‬تعاين اليت ذكرت فيما سبق بشأف اختيار ا‪١‬تشروع كاملة ‪ ،‬ويتحرى اإلنساف‬
‫فيها قدر وسعو حىت ال يصبح شتاتاً وحقل ٕتارب وتضيع حياتو ُب الًتدد وهتدر أوقاتو‬
‫وىو مل يصل بعد إىل فكرتو ومشروعو ‪.‬‬

‫إف ا‪٠‬تطأ وارد ‪ ،‬وكم من خسارة بنتها العجلة ‪ ،‬أو عدـ الدقة ُب االختيار ‪ ،‬أو مشورة ال‬
‫معرفة ‪٢‬تا بواقعنا الشخصي ‪ ،‬فكونت ىذا الواقع ‪ ،‬فتكوف ا‪١‬تكابرة حينئذ على ذات ا‪١‬تشروع‬
‫خسارة إضافية ‪ .‬وكم من إنساف اختار مشروعو وسعى إليو بكل ما ديلك وبذؿ لنجاحو‬
‫كل الوسائل ا‪١‬تمكنة ٍب قرر ُب النهاية تركو والبحث عن مشروع ديثل عمقاً ُب حياتو وبدأ‬
‫ٔ‪ٚ‬‬
‫رحلتو ا‪ٞ‬تديدة ويشعر باستمتاع ورضى وجيد لذة وسروراً ويرى أف قرار التغيَت كاف حبلً‬
‫‪١‬تشكلتو ‪ ،‬وسبباً مثَتاً ُب ‪٧‬تاحو ‪ .‬وىذا كلو كما قلت لك بعد بذؿ األسباب ‪ ،‬واٗتاذ كافة‬
‫ا‪ٟ‬تلوؿ ا‪١‬تواتية لنجاح ا‪١‬تشروع األوؿ ‪ ،‬وعدـ االستسبلـ لعقبات الطريق ‪.‬‬

‫إف علينا أف نستميت ُب مشاريعنا اليت جهدنا ُب اختيارىا أوالً ‪ ،‬وتعبنا عليها ‪ ،‬وأال‬
‫والء كبَتاً‬
‫نستسلم لعوارض الطريق مهما بلغت ‪ ،‬وأف ندرؾ أف أفكارنا اليت آمنا هبا ٖتتاج ً‬
‫دي ّكننا من الفرح هبا ‪ ،‬والدفاع عنها حىت تصلب وتكوف واقعاً ‪ .‬مامل نتأكد أف بداية الطريق‬
‫بُت ُب القرار األوؿ فاألمر واسع ‪ ،‬والفرص متاحة ‪ ،‬واإلرادة‬ ‫غَت صحيحة ‪ ،‬و‪ٙ‬تة خطأٌ ّ ٌ‬
‫تقرب البعيد ‪ ،‬وتبٍت من حلم وأمنية واقعاً مثَتاً مع مرور األياـ ‪.‬‬
‫ّ‬

‫ٕ‪ٚ‬‬
‫ا‪١‬تشاريع الفردية وا‪ٞ‬تماعية‬

‫بعد كل ىذا الطرح لعلك تسأؿ ‪ :‬ىل مشروع اإلنساف ال بد أف يكوف مشروعاً فردياً ىو‬
‫ا لذي يقيمو ويتواله بالسقيا وا‪١‬تتابعة وىو صاحبو ُب كل ‪ٟ‬تظاتو ! أو ديكن أف يكوف‬
‫مشروعاً ‪ٚ‬تاعياً ضمن فريق ‪ ،‬كأف يكوف شريكاً ُب مشروع ‪ٚ‬تعيات أو مؤسسات تربوية‬
‫أو اجتماعية أو دعوية ‪ ،‬أو علمية أو تقنية و‪٨‬تو ذلك ؟‬

‫فيقاؿ ‪ :‬قد يكوف مشروع اإلنساف مشروعاً فردياً ىو ا لذي يضع أىدافو ويقوـ على رعايتو‬
‫‪ ،‬ويتواله ُب كل ‪ٟ‬تظاتو حىت يقوـ ويثمر ويقوى عوده ‪ ،‬ويكتمل بناؤه ‪ ،‬وحينئذ يكوف‬
‫اإلنساف قد أقاـ مشروعاً كبَتاً ‪ ،‬وقدـ ألمتو ما تتمناه منو من خبلؿ تلك ا‪ٞ‬تهود ا‪١‬تتكاملة‬
‫كونت لبنة ا‪١‬تشروع ُب البداية ورعتو حىت أ‪ٙ‬تر ووصل إىل النهاية ‪.‬‬
‫اليت ّ‬
‫وقد يكوف مشروع اإلنساف مشروعاً ‪ٚ‬تاعياً كالعمل ُب مؤسسة تربوية أو علمية أو‬
‫اجتماعية ‪ ،‬أو تقنية يديرىا أفراد على أف جيري ُب ىذا ا‪١‬تشروع الصفات اليت ذكرت ُب‬
‫مواصفات ا‪١‬تشروع واليت من أمهها ‪ :‬أف تكوف ‪٤‬تباً ‪١‬تشروعك شغوفاً بو ‪ ،‬وأف يتوافق مع‬
‫قدراتك وإمكاناتك ‪.‬‬

‫فإذا كاف العمل الذي تديره ُب مؤسسة تشعر بأمهيتو ‪ ،‬وقوتو ‪ ،‬وأثره ُب رسالة ا‪١‬تؤسسة ‪،‬‬
‫ْتيث يُعد دخولك وخروجك مؤثراً ُب أداء ىػذه ا‪١‬تؤسسة ‪ ،‬ويستهويك ىذا العمل فتجد لو‬
‫مساحة ُب قلبك ومشاعرؾ ‪ ،‬وتسايرؾ اللذة ُب أوقات العمل وتسيطر عليك ‪ ،‬وتشعر أنك‬
‫جزء ال يتجزأ من منظومة العمل ‪ ،‬ويستفرغ طاقاتك كلها أو جلها ‪ ،‬وتشعر ا‪١‬تؤسسة ُب‬
‫النهاية أهنا تقوـ بك عضواً مؤثراً ص احب مشروع كما تقوـ بالرئيس ا‪١‬تسؤوؿ األكرب ُب‬

‫ٖ‪ٚ‬‬
‫ا‪١‬تشروع فأنت تقوـ ٔتشروع ولو كنت منضوياً ُب ‪٣‬تموعة يساعد بعضكم بعضاً ُب اكتماؿ‬
‫ا‪١‬تشروع وقيامو بأدواره اليت أنشئ من أجلها ‪ .‬بل إف حاجة األمة كبَتة جداً للمشاريع‬
‫ا‪ٞ‬تماعية ‪ ،‬وال يتصور أف تؤدي رسا لتها ‪ ،‬وتقوـ بفروضها الكفائية إال من خبلؿ ىذه‬
‫ا‪١‬تؤسسات ‪ .‬وأمم األرض اليوـ تعيش عصر التكتبلت ُب كل شيء وتستعُت على بلوغ‬
‫غاياهتا من خبلؿ االجتماع ‪ .‬ومن وعى ىػذه ا‪١‬تسؤوليات وأدرؾ خطورة دوره وأثره شارؾ‬
‫ُب بناء ىذه ا‪١‬تؤسسات من خبلؿ مشروع ‪ ،‬وبذؿ لو من جهده وطاقتو ووقتو ما يكوف‬
‫كفيبلً بنجاحها وٖتقيقها ألىدافها اليت جاءت لتحقيقها ‪.‬‬

‫ٗ‪ٚ‬‬
‫أعاذهيت عوى إتعاب نفشي ‪ ...‬وزعيي يف اهدجى‬
‫زوض اهشًاد‬

‫إذا شام اهفتى بسق املعاهي ‪ ...‬فأيوى فائت طيب‬


‫اهسقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد‬

‫٘‪ٚ‬‬
‫كيف تبدأ مشروعك ؟‬

‫مربوؾ ! لعلك وصلت إىل حلمك وأمنيتك الكربى وفكرتك ا‪ٟ‬تية ومشروعك ُب ا‪ٟ‬تياة !‬
‫يا‪٢‬تا من ‪ٟ‬تظات ‪٦‬تتعة تلك اليت جيد فيها اإلنساف ضالتو اليت يبحث عنها بعد طوؿ زماف ‪.‬‬

‫بتحديدؾ ‪١‬تشروعك قطعت ثلثي مسافة الطريق ومل يبق عليك سوى الثلث األخَت ‪،‬‬
‫ولعلك تسأؿ اآلف كيف أبدأ ؟ ومن أين ؟ وما ذا أفعل ُب بداية الطريق ؟ وما أوؿ خطوة‬
‫ُب ا‪١‬تشروع ؟ وكيف يصبح مشروعي واقعاً ؟ ولعلي أعينك ىنا ببعض وسائل الطريق اليت‬
‫تعينك على الوصوؿ ‪:‬‬

‫التخطيط ‪١‬تشروعك ‪ :‬أوؿ ا‪٠‬تطوات اليت تضمن لك بعد توفيق اهلل تعاىل أف يكوف‬
‫مشروعك واقعاً عملياً بعد أف كاف معرفة نظرية ‪ ..‬ويكوف التخطيط فاعبلً ومؤثراً حُت‬
‫ينطلق من ا‪١‬ترتكزات التالية ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬حدد رؤيتك ‪ :‬ضع الصورة النهائية ‪١‬تشروعك ‪ ..‬ما ذا تريد أف تكوف ُب النهاية ؟‬
‫ما الغا ية الكربى من مشروعك ؟ ما نقطة النهاية اليت تر‪ٝ‬تها ‪١‬تشروعك ؟‬

‫خذ ورقة أو افتػ ػ ػػح حاسػ ػ ػػوبك الشػ ػػخصي واكت ػ ػػب ىذه العب ػ ػػارة ‪:‬‬

‫بعد عشر سنوات من اآلف ستكوف نتائج مشروعي كما يلي ‪:‬‬

‫‪........................................................................‬‬

‫‪........................................................................‬‬

‫‪.......................................................................‬‬
‫‪ٚٙ‬‬
‫أعد قراءة ىذه النهاية ‪ ،‬تأملها ‪ ،‬كرر قراءهتا ‪ ،‬قلِّبها ُب مشاعرؾ مرات ‪ ،‬حاوؿ أف ٘تنحها‬
‫فكرؾ ووقتك ‪ ،‬قد ٖتتاج منك إىل تعديل أو تغيَت أو اختصار أو تفصيل ‪ ،‬افعل فيها ما‬
‫تشاء ‪ ..‬ا‪١‬تهم ُب النهاية أف ترسم الصورة النهائية ‪١‬تشروعك ‪ ،‬وأحبلمك لعشر سنوات‬
‫قادمة من بداية ا‪١‬تشروع ‪.‬‬

‫تصور الرؤية النهائية فاكتبها ٍب احفظها ُب حاسوبك الشخصي ‪ ،‬أو ُب‬


‫إذا وصلت إىل ّ‬
‫مكتبك ‪ ،‬ضعها قريبة منك ‪ ،‬تستطيع أف تراىا حىت تضمن السَت على ذات الطريق ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬حدد وضعك ا‪ٟ‬تايل الذي وصلت إليو ُب مشروعك ‪ :‬أين أنت ىذه اللحظة من‬
‫ذات ا‪١‬تشروع ؟ من الضرورة أف تعرؼ اآلف ىل أنت ُب بداية ا‪١‬تشروع ؟ أو قد بدأت ُب‬
‫خطواتو األوىل ؟ معرفة نقطة البداية ضرورة حىت تعرؼ كم ٖتتاج من خطوات للنهاية !‬
‫ومن أين ستبدأ ! ومىت ستصل !‬

‫أنت ْتاجة ُب ىذه النقطة أف تسأؿ نفسك ‪ :‬كم حيتاج منك مشروعك من الوقت ؟ كم‬
‫مقدار الوقت اليومي الذي يقوـ بو ا‪١‬تشروع ؟ ىل البيئة اليت أنت فيها مناسبة لنجاح‬
‫ا‪١‬تشروع ‪ ،‬أو ال بد من االنتقاؿ إىل بيئة أخرى ! أو ديكن التغلب على ظروؼ البيئة من‬
‫خبلؿ وسائل أخرى !‬

‫إف ٖتديد وضعك ا‪ٟ‬تايل بالغ األمهية ُب ‪٧‬تاح مشروعك ُب ا‪١‬تستقبل ‪ ،‬وحُت ٗتطئ ٖتديد‬
‫وضعك ‪ ،‬أو ال تر‪ٝ‬تو بدقة ‪ ،‬أو ال تعطيو عناية كبَتة قد خيتل ٗتطيطك كلو ‪ ،‬ويضيع‬
‫مشروعك ُب النهاية دوف جدوى ‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬ارسم أىدافك بدقة ‪:‬‬


‫‪ٚٚ‬‬
‫إف أىم ما ُب عملية التخطيط أف ترسم أىداؼ ا‪١‬تشروع بشكل واضح ْتيث يتحرؾ‬
‫ا‪١‬تشروع كل يوـ ‪ ،‬من خبلؿ منهج واضح ‪ ،‬وزمن ‪٤‬تدد ‪ ،‬وإال صار ا‪١‬تشروع فارغاً من‬
‫حقيقتو كمشروع ‪.‬‬

‫سبق فيما مضى أنك وضعت رؤيتك النهائية ‪١‬تشروعك ‪ ،‬وأين ستصل فيو ! وما ذا تريد أف‬
‫تكوف بعد عشر سنوات قادمة من عمرؾ ! فبل يلتبس عليك األمر و٘تتزج عليك الرؤية‬
‫باألىداؼ ‪ ،‬ألف الرؤية شيء عاـ ترسم هنايتك الكربى ‪١‬تشروعك ‪ ،‬واألىداؼ ىي‬
‫ا‪٠‬تطوات اليت توصلك لعناؽ تلك الرؤية ‪ . .‬وىذه مسألة دقيقة ينبغي أال تفوتك ‪ ،‬ألف‬
‫كثَتاً من أصحاب ا‪١‬تشاريع خيلطوف بُت الرؤية واألىداؼ فَتوهنا شيئاً واحداً ‪ ،‬وىي ٗتتلف‬
‫فالثانية وسيلة لؤلوىل ‪.‬‬

‫اكتب أىدافك اليت ٖتقق لك رؤيتك ‪ْ ،‬تيث ترسم أىداؼ العاـ كاملة ‪ٍ ،‬ب ٕتزئها على‬
‫أىداؼ شهرية ‪ ،‬وأسبوعية ‪ ،‬ويومية ‪ .‬على أف تكوف األىداؼ ُب هنايتها ٘تثّل الرؤية العامة‬
‫اليت تطمح إليها ‪ ،‬ويكتمل هبا ا‪١‬تشروع ُب حياتك ‪.‬‬

‫ديكنك االستفادة ُب ٖتقيق مشروعك من خبلؿ أصحاب التجارب وا‪١‬تشاريع السابقة ‪،‬‬
‫ومن خبلؿ الدورات التدريبية ُب التخطيط ‪ ،‬وإدارة الوقت ‪ ،‬وىي برامج ‪٦‬تكنة وكثَتة وديكن‬
‫لصاحب ا‪١‬تشروع أف يبدأ من خبلؿ خطوات بسيطة يصل منها ُب النهاية إىل مشروعو ‪.‬‬
‫و‪ٙ‬تة قضايا مهمة ُب التخطيط جيب أف يتنبو ‪٢‬تا صاحب ا‪١‬تشروع ‪:‬‬

‫‪ٚٛ‬‬
‫أوالً ‪ :‬حيتاج صاحب ا‪١‬تشروع أف يصرؼ من وقتو لصاحل ا‪١‬تشروع حىت يكتمل ويصلب‬
‫عوده من ثبلث إىل ‪ٜ‬تس ساعات يومياً تزيد ال تنقص وتستثمر وفق أىداؼ ‪٣‬تدولة‬
‫مستقاة من أىداؼ كل أسبوع ‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬حيتاج صاحب ا‪١‬تشروع إىل ٍ‬
‫حاد كل يوـ يؤجج مهتو ‪ ،‬ويدفع بقواه ‪ ،‬وحيميو من‬
‫اليأس واإلحباط وعقبات الطريق ككتب النجاح ‪ ،‬والتنمية الشخصية ‪ ،‬واألشرطة السمعية‬
‫وصحبة الناجحُت ‪ ،‬وكل ما يعُت على بلوغ النهايات ‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬ذ ّكر نفسك كل يوـ أنك تقطع جزءاً مثَتاً ُب سبيل مشروعك الكبَت وغاياتك‬
‫وتقرب مسافات أحبلمك مع األياـ ‪.‬‬
‫العظمى ‪ّ ،‬‬
‫رابعاً ‪ :‬ص ّفق لنفسك خاصة ُب البدايات ‪ ،‬وكلما قطعت شوطاً ‪ ،‬أو أهنيت مسافة ‪،‬‬
‫وقرب حلمك فكافئ نفسك برحلة ‪ ،‬أو راحة ‪ ،‬أو متعة فالنفوس كما حيدوىا العمل‬
‫تشتاؽ إىل رؤية مباىج الفوز ‪ .‬إف ا‪ٞ‬تماىَت ال ٕتتمع مشجعة مباركة إال بعد براىُت كثَتة‬
‫يكتبها واقعك تثبت أنك أىل لتصفيقها ُب النهايات ‪.‬‬

‫‪ٜٚ‬‬
‫كيف ينجح مشروعك ؟‬

‫(ٔ)‬

‫لقد تعرفت خبلؿ الوقت الذي قضيتو ُب قراءة ىذا الكتاب على مشروعك ‪ ،‬ونبارؾ لك‬
‫أفراحك ىذه اللحظات بأف وجدت حلمك وأملك الذي تبحث عنو من زمن ‪ ،‬ونذكرؾ‬
‫بأف ىذه اللحظات من أ‪ٙ‬تن ‪ٟ‬تظات حياتك ‪ ،‬وأ‪ٚ‬تل دقائق عمرؾ كلها ‪ ،‬وإذا وجد‬
‫اإلنساف فكرة تستعمره ومشروعاً حيقق لو أحبلمو فقد ٖتقق لو ما يريد ‪.‬‬

‫ؤتا أنك وصلت ‪٢‬تذه ا‪ٟ‬تقيقة ‪ ،‬وتعرفت على مشروعك العمري ُب ا‪ٟ‬تياة ‪ ،‬وعرفت من أين‬
‫تبدأ ! ومىت ! وكيف ! فلم يبق عليك إال أف تتعرؼ على إجابة ىذا السؤاؿ الكبَت ‪ :‬كيف‬
‫ينجح مشروعك ؟‬

‫إف أي مشروع ُب ا‪ٟ‬تياة يريد لو صاحبو إشراقاً ُب الفضاء ‪ ،‬ومساحة عريضة على األرض ‪،‬‬
‫وقوة وىج ُب ا‪ٟ‬تياة ال بد أف يصنع لو من أسباب النجاح ما يصل بو إىل النهايات ‪،‬‬
‫واألسباب ا‪١‬تفضية إىل ‪٧‬تاح ا‪١‬تشاريع كثَتة نأٌب على بعضها ُب ىذه ا‪١‬تساحة ‪ ،‬من أمهها‬
‫وأعظمها وأكثرىا أثراً ُب ‪٧‬تاح ا‪١‬تشروع ‪:‬‬

‫تصحيح النية ‪:‬‬

‫إف من أعظم الطرؽ اليت تسلك باإلنساف إىل أفراحو وهناية مشروعو وٖتقيق غاياتو صبلح‬
‫النية ‪ ،‬وقد قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪ " :‬إمنا األعماؿ بالنيات ‪ ،‬وإمنا لكل امرئ ما نوى "‬
‫فمن صلحت لو نيتو صلح لو كل شيء ‪ ،‬ومن ساءت نيتو ضاع عليو كل شيء ‪ .‬وكم من‬
‫عمل صغَت عظّمتو النية ! وكم من عمل كبَت ح ّقرتو النية ‪ ،‬واهلل ا‪١‬تستعاف ! إف األوقات‬
‫ٓ‪ٛ‬‬
‫ا‪١‬تستقطعة ُب ا‪١‬تشاريع كثَتة فإذا ما صحبتها النية الصا‪ٟ‬تة كانت أرباحاً مثَتة ُب حياة‬
‫صاحبها ‪ ،‬وإذا ما فاتت منها فات منها كل شيء ‪ .‬وكم من الىث دوف غاية ! وكم من‬
‫‪٤‬تروـ وىو ُب ساحات ا‪٠‬تَت ! وقد شكى الكبار تقّلب نياهتم ‪ ،‬وسألوا اهلل تعاىل جادين‪.‬‬

‫وُب غزوة تبوؾ شارؾ رجاؿ ُب الغزوة ‪ ،‬ونالوا ما فيها من أجر وىم مل يربحوا ا‪١‬تدينة قدر‬
‫شرب وإمنا نالوا بر النيات ‪ ،‬وثواهبا حبسهم العذر ‪ .‬ومن أحب منازؿ الكبار جهد ُب‬
‫تصحيح نيتو وسأؿ اهلل عز وجل أف جينبو ‪٤‬تبطات األعماؿ ‪.‬‬

‫عيش ا‪١‬تشروع‬

‫إذا أراد صاحب ا‪١‬تشروع النجاح ‪١‬تشروعو فبلبد أف يعيشو كل ‪ٟ‬تظة من حياتو وإال صار‬
‫مشروعاً بارداً فاتراً ال قيمة لو ‪ ،‬وال أثر فيو ! العيش للمشروع بأف هتب لو وقتك وفكرؾ‬
‫ومشاعرؾ ‪ ،‬وتكوف مستعداً لكل شيء من أجلو ‪ ،‬وما يزاؿ بك مشروعك حىت تستدين‬
‫من أجلو وترى ذلك أبسط ما تدفعو فيو وأرخص ما يكوف لو ‪.‬‬

‫‪٧‬تاحك ُب مشروعك موقوؼ على خفقاف قلبك لو ‪ ،‬وطرب أذنك بو وشوؽ مشاعرؾ إليو‬
‫وىتاؼ روحك بأحاديثو وذكرياتو ‪ ،‬حىت يصَت بضعة منك ‪ ،‬وجيري ُب مشاعرؾ كما جيري‬
‫الدـ ُب جسد إنساف ‪.‬‬

‫إذا عاش اإلنساف مشروعو دفع لو كل شيء ‪ ،‬واستلذ فيو كل متاعب الطريق ‪ ،‬وال أدؿ‬
‫على ذلك من موقف الفقيو ا‪١‬تالكي احملدث اإلماـ ‪٤‬تمد بن سحنوف القَتواين ‪ ،‬فقد قاؿ‬
‫القاضي عياض ُب ترتيب ا‪١‬تدارؾ ‪ :‬كانت حملمد بن سحنوف ُسّريّة يقاؿ ‪٢‬تا أـ مداـ ‪ ،‬فكاف‬
‫عندىا يوماً ‪ ،‬وقد شغل ُب تأليف كتاب إىل الليل فحضر الطعاـ فاستأذنتو ليأكل ‪ ،‬فقاؿ‬
‫ٔ‪ٛ‬‬
‫‪٢‬تا ‪ :‬أنا مشغوؿ الساعة ‪ ،‬فلما طاؿ عليها جعلت تل ّقمو الطعاـ حىت أتت عليو ‪ ،‬و٘تادى‬
‫على ما ىو فيو إىل أف أ ّذف لصبلة الصبح ‪ ،‬فقاؿ ‪ :‬شغلنا عنك الليلة يا أـ مداـ ‪ ،‬ىات‬
‫ما عندؾ ‪ ،‬فقالت ‪ :‬قد ػ واهلل ياسيدي ػ ألقمتو لك ‪ ،‬فقاؿ ‪٢‬تا ماشعرت بذلك ‪.‬‬

‫عرب عنها الز‪٥‬تشري ُب بعض أبيات بقولو ‪:‬‬


‫وىو ذات ا‪ٟ‬تقيقة اليت ّ‬
‫سهري لتنقيح العلوـ ألذ يل ‪ ...‬من وصل غانية وطيب عناؽ‬
‫عويصة ‪ ...‬أشهى وأحلى من م ِ‬
‫دامة ساقي‬ ‫ٍ‬ ‫و٘تايلي طرباً ‪ٟ‬تل‬
‫ُ‬
‫العشاؽ‬
‫وصرير أقبلمي على أوراقها ‪ ...‬أحلى من الدوكاه و ّ‬
‫وألذ من نقر الفتاة لدفها ‪ ...‬نقري أللقي الرمل عن أوراقي‬

‫وآخر راقي‬ ‫ٍ‬


‫ل‬ ‫يامن حياوؿ باألماين رتبيت ‪ ...‬كم بُت مست ِ‬
‫ف‬
‫َ‬ ‫ُ َْ‬
‫أأبيت سهراف الدجى وتبيتو ‪ ...‬نوماً وتبغي بعد ذاؾ ‪ٟ‬تاقي‬

‫تعرب عن ىذه اللحظات ُب حياة‬ ‫وقد ٘تٌت عبد اهلل بن بشر الطالقاين تلك األمنية اليت ّ‬
‫أصحاب ا‪١‬تشاريع بقولو ‪ :‬أرجو أف يأتيٍت أمري واحملربة بُت يدي ومل يفارقٍت العلم واحملربة ‪.‬‬
‫وٖتدث ابن ا‪ٞ‬توزي ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل عن ىذا ا‪١‬تعٌت قائبلً ‪ :‬ولقد كنت ُب حبلوة طليب للعلم‬
‫ألقى من الشدائد ما ىو عندي أحلى من العسل ألجل ما كنت أطلب وأرجو ‪ ..‬كنت ُب‬
‫زمن الصبا آخذ معي أرغفة يابسة ‪ ،‬فأخرج ُب طلب ا‪ٟ‬تديث ‪ ،‬واقعد على هنر عيسى‬
‫ببغداد ‪ ،‬فبل أقدر على أكلها إال عند ا‪١‬تاء ‪ ،‬فكلما أكلت لقمة شربت عليها ‪ ،‬وعُت مهيت‬
‫ال ترى إال لذة ٖتصيل العلم ‪ ..‬وكنت أدور على ا‪١‬تشايخ لسماع ا‪ٟ‬تديث فينقطع نفسي‬

‫ٕ‪ٛ‬‬
‫الع ْدو لئبل أسبق ‪ ،‬وكنت أصبح وليس يل مأكل ! وأمسي وليس يل مأكل ! ولو‬ ‫من َ‬
‫شرحت أحوايل لطاؿ الشرح ‪ .‬وقاؿ البزار ُب وصف شيخو شيخ اإلسبلـ ابن تيميو ر‪ٛ‬تو‬
‫اهلل تعاىل ‪ :‬وكاف العلم كأنو قد اختلط بلحمو ودمو وسائره ‪ ،‬فإنو مل يكن لو مستعاراً ‪ ،‬بل‬
‫كاف لو شعاراً ودثاراً ‪ .‬وقاؿ ا‪١‬تزين قيل للشافعي كيف شهوتك للعلم ؟ قاؿ ‪ :‬أ‪ٝ‬تع با‪ٟ‬ترؼ‬
‫تنعمت األذناف ‪ .‬قيل لو ‪ :‬وكيف‬
‫تتنعم بو مثل ما ّ‬
‫‪٦‬تا مل أ‪ٝ‬تعو فتود أعضائي أف ‪٢‬تا أ‪ٝ‬تاعاً ّ‬
‫حرصك عليو ؟ قاؿ ‪ :‬حرص ا‪ٞ‬تموع ا ‪١‬تنوع على بلوغ لذتو ُب ا‪١‬تاؿ ‪ .‬وقيل لو ‪ :‬كيف‬
‫عرب عن ىذا الشوؽ‬
‫طلبك لو ؟ قاؿ ‪ :‬طلب ا‪١‬ترأة ا‪١‬تضلة ولدىا وليس ‪٢‬تا غَته ‪ .‬وخَت ما يُ ّ‬
‫للمشاريع ما قالو أبو الرحياف البَتوين حُت ُدخل عليو وىو ُب آخر ‪ٟ‬تظات حياتو فقاؿ‬
‫للداخل ‪ :‬كيف تقوؿ ُب حساب ا‪ٞ‬تدات الفاسدات ؟ فقاؿ لو حىت ُب ىذه اللحظات ؟‬
‫أودع الدنيا وأنا عامل هبذه ا‪١‬تسألة خَتيل من أف أرحل وأنا جاىل هبا ‪.‬‬
‫قاؿ لو ‪ :‬يا ىذا ّ‬
‫ومثل ذلك ما دونو سليماف الراجحي ُب رحلتو مع مشروعو فقد كتب ُب سبيل ٖتقيقو‬
‫يتصوره إال أصحاب ا‪١‬تشاريع ‪ ،‬كاف‬
‫أروع ‪ٟ‬تظات ا‪١‬تعاناة ‪ ،‬وٖتمل ُب سبيل ذلك ما ال ّ‬
‫مقدار وجبتو اليومية لاير ‪ ،‬ومع ذلك ظل خيتصرىا على نصف لاير ويعيد النصف اآلخر‬
‫لصاحب العمل رعاية ‪ٟ‬تقو وتدريباً للنفس على األمانة ورعاية ‪ٟ‬تقوؽ اآلخرين ‪ ،‬ومرت بو‬
‫‪ٟ‬تظات ال يفطر ‪ ،‬وال يتغدى ‪ ،‬وإذا جاء وقت العشاء وقف عند ا‪٠‬تباز طويبلً من أجل‬
‫أف يقل ‪ٙ‬تن شراء ا‪٠‬تبز ‪ ،‬وعاش مرارة ا‪ٞ‬توع والفقر والذلة ُب مواقف كثَتة كاف ‪ٙ‬تارىا ىذا‬
‫التاريخ الذي بناه لنفسو ووطنو وأمتو ‪ .‬وقاؿ ا‪١‬تسَتي وىو يتحدث عن عيشو ‪١‬تشروعو أنو‬
‫قرر االستقالة من ا‪ٞ‬تامعة إل٘تاـ مشروعو برغم أف أسرتو ستصبح دوف دخل ثابت ‪ ،‬وبعد‬
‫حرب ا‪٠‬تليج حينما أصبح من حقي العودة لوظيفيت ( باعتبار أنٍت كنت أعمل ُب ا‪٠‬تليج )‬

‫ٖ‪ٛ‬‬
‫التفرغ ألهني ا‪١‬توسوعة ( وأ‪ٝ‬تي ىذا ضرباً من ا‪ٞ‬تنوف‬
‫وجدت أنو ال بد من االستمرار ُب ّ‬
‫ا‪١‬تق ّدس الذي أصابٍت وأصاب زوجيت لواله ما انتهيت من ا‪١‬توسوعة ) وقاؿ ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل ‪:‬‬
‫وقد ‪٧‬تحت إىل حد كبَت ُب توظيف ا‪١‬تاؿ بدؿ أف يوظفٍت فلم أضطر قط إىل أف أقوـ‬
‫بعمل يتناقض مع مشروعي الفكري أو يعوقو ‪ ،‬ومل أعمل إال ُب وظائف أقوـ بتوظيفها‬
‫‪٠‬تدمتو ‪ ..‬ومل أشغل أي منصب إداري من أي نوع طيلة حياٌب ‪ ،‬حىت عملي مستشاراً‬
‫ثقافياً للوافد الدائم ‪ٞ‬تامعة الدوؿ العربية لدى ىيئة األمم ا‪١‬تتحدة ُب نيويورؾ أصبحت ‪٣‬ترد‬
‫على أف أعمل ُب ىيئة األمم ا‪١‬تتحدة براتب‬
‫إطار لتحقيق مشروعي ا‪١‬تعرُب ‪ ،‬وحينما عُرض ّ‬
‫ضخم آثرت البقاء ُب وظيفيت والتضحية بالراتب الضخم ألف الوظيفة ا‪ٞ‬تديدة كانت‬
‫تستوعب كل وقيت كما أهنا تتعارض كلياً مع مشروعي الفكري ‪ .‬اىػ‬

‫ٗ‪ٛ‬‬
‫كيف ينجح مشروعك ؟‬

‫(ٕ)‬

‫ال زلت أؤّكد عليك أف ‪٧‬تاحك ُب مشروعك مرىوف باألسباب اليت تبذ‪٢‬تا ُب سبيل ٖتقيقو‬
‫قدراً وكيفية ‪ ،‬فكلما ارتفعت قيمة ىذه األسباب ُب ذىنك ‪ ،‬وبذلت ‪٢‬تا من ‪ٙ‬تُت عمرؾ‬
‫كلما اقًتبت من النجاح ‪ ،‬وقاربت بلوغ الطريق ‪ ،‬وىذه قضية ال تفوت على أمثالك ومن‬
‫ذلك ‪:‬‬

‫حسن الصلة باهلل تعاىل ‪:‬‬

‫وىو من أعظم األسباب أثراً ُب دفع ا‪١‬تشاريع ‪ ،‬ومن حسنت سَتتو مع ربو استقاـ لو‬
‫مشروعو ‪ ،‬و٘تاسكت عراه ‪ ،‬و٘تكن من ا‪ٟ‬تياة ‪ .‬وكم من فارط بعد ٘تاـ ‪ ،‬واهلل ا‪١‬تستعاف !‬

‫إذا مل يكن عوف من اهلل للفىت ‪ ...‬فأوؿ ما جيٍت عليو اجتهاده‬

‫وإذا أردت أف تعرؼ قدر ىػذا ا‪١‬تعٌت فانظر سورة ا‪١‬تزمل ‪ ،‬وتأمل صدرىا لًتى ا‪ٟ‬تقائق كيف‬
‫تصنع ُب ا‪١‬تشاريع ! " يا أيها ‪١‬تزمل ‪ .‬قم الليل إال قليبلً ‪ .‬نصفو أو انقص منو قليبلً ‪ .‬أو زد‬
‫عليو ورتل القرآف ترتيبلً " أراد اهلل تعاىل أف يصنع األرض اليت تستقبل الوحي ‪ ،‬ويقوي‬
‫ا‪ٞ‬تسد الذي يستقبل الرسالة ‪ ،‬وحيي القلب الذي حيمل ا‪١‬تشروع ‪ .‬فاستقبل النيب صلى اهلل‬
‫عليو وسلم القبلة وىو قائم يصلي ولصدره أزيز كأزيز ا‪١‬ترجل من البكاء ‪ ،‬وظل واقفاً حىت‬
‫تفطرت قدماه صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬ومل استوى قلبو ‪ ،‬وصلب عوده ‪ ،‬وهتيآ لنزوؿ الوحي‬
‫نزؿ عليو بأثقالو حىت كاد يرض فخذه فقاـ بو ُب العا‪١‬تُت ‪ ،‬وما زاؿ رافعاً راية مشروعو حىت‬
‫عانق مباىج النهايات فيو ‪.‬‬
‫٘‪ٛ‬‬
‫وكذلك الكبار أدركوا أثر ىذا ا‪ٞ‬تانب ُب مشاريعهم فمازالوا عاكفُت على الوصية حىت ٖتقق‬
‫‪٢‬تم من ا‪ٟ‬تياة ما يشاؤوف ‪ .‬وال ديكن أف تأٌب على مباىج مشروع كبَت إال وٕتد أنفاس‬
‫توسع لو التاريخ وفسح لو ُب‬
‫ىذا ا‪١‬تعٌت أعطر ما تكوف ‪ .‬وكل من توسع ُب ىػذا ا‪١‬تعٌت ّ‬
‫الذكر وأفاض عليو من الثناء ‪.‬‬

‫الًتبية على ا‪١‬تعايل‬

‫‪٧‬تاح ا‪١‬تشاريع مرىوف بقدرة أصحاهبا على تربية أنفسهم على ا‪١‬تعايل ‪ ،‬والنهوض هبا إىل‬
‫يوسع أثر مشروعو ‪ ،‬ويكتب حظو من التأثَت فعليو أف يقتاد‬ ‫غاياهتا الكبار ‪ .‬من أراد أف ّ‬
‫نفسو ‪ٟ‬تياض ا‪١‬تكارـ ‪ ،‬ويزمها بلجاـ العمل والبناء والتحديات ‪.‬‬

‫إف النفوس تكل و٘تل وتتعب ‪ ،‬وتضجر من طوؿ الطريق ‪ ،‬ومامل تكن قادرة على فرض قوة‬
‫تأىيلية على ذواهتا فقد تقعد ُب منتصف الطريق ولو كاف النجاح منها رأي عُت !‬
‫القراءة ُب سَت الناجحُت ‪:‬‬
‫إف من ا‪١‬تهم أف نكوف قادرين على إ‪٢‬تاب نفوسنا با‪ٟ‬تماس ‪ ،‬وإشباعها بالتشجيع ‪ ،‬ودفعها‬
‫وصّناع ا‪ٟ‬تياة ‪ ،‬وأياً كاف مشروع‬
‫للمقدمة بأخبار الكبار ‪ ،‬من خبلؿ قراءة سَت الناجحُت ‪ُ ،‬‬
‫اإلنساف فهو ْتاجة إىل القراءة حىت يقوى ويُثمر ويزىر ربيعاً أخضر ُب واقع األرض !‬

‫ما أحوج نفوسنا إىل ‪ٝ‬تاع أخبار الكبار ‪ ،‬والتلذذ برحلتهم ‪ ،‬والشوؽ إىل صنائعهم ُب‬
‫التاريخ‪ .‬فإذا ما حرص صاحب ا‪١‬تشروع على ‪ٝ‬تاع كل ٍ‬
‫حاد يرفع مهتو ‪ ،‬ويدفع قوتو ‪،‬‬
‫ويلهب ‪ٛ‬تاسو قاـ ُب ا‪٢‬تجَت يكتب حظ مشروعو من الواقع ‪ ،‬ويبٍت مستقبل أيامو باألمل‬
‫‪.‬‬

‫‪ٛٙ‬‬
‫حضور الدورات التدريبية ‪:‬‬

‫‪ٙ‬تة دورت ٗتلق حافزاً مثَتاً ُب النفوس ‪ ،‬وٕتلب على جسد إنساف ٓتيل األمل ورجلو فإذا‬
‫ودوف النافع‬
‫ما حرص صاحب ا‪١‬تشروع على ‪ٚ‬تع ا‪ٞ‬تيد منها ‪ ،‬وخصص وقتاً لسماعها ‪ّ ،‬‬
‫منها دفعت بو إىل مساحات من األمل ‪ ،‬ومكنتو من ا‪١‬تواصلة ُب بناء مشروعو خاصة تلك‬
‫اليت تُعٌت بالتحفيز ‪ ،‬وتعمل ُب بناء األفكار ‪ ،‬وتُلهب كوامن النفوس ‪ .‬فإذا ما ضاؼ‬
‫إليها ما يُعٌت با‪١‬تهارات ‪ ،‬وإدارة األوقات ‪ ،‬وبناء األولويات ًب بناؤه ‪ ،‬ووصل إىل مراده من‬
‫أقرب طريق ‪.‬‬

‫لقاء الناجحُت ‪:‬‬


‫لقاء ناجح واحد ُب الواقع ٍ‬
‫كاؼ للدفع ٔتشروعك مسافات طويلة ‪٨‬تو بلوغ النهايات ‪ .‬إف‬
‫ويصور لك أف‬
‫الذي يتح ّدث من ٕتربة واقعية دينحك شعوراً بقرب مسافة النجاح ‪ّ ،‬‬
‫عقبات الطريق حكاية ال رصيد ‪٢‬تا ُب الواقع ‪ ،‬ويثَت فيك فأالً عريضاً بتحقيق مشروعك ‪.‬‬
‫نتعرؼ على صناع النجاح ‪ ،‬ولو ضربنا إليهم مسافات سفر ‪ ،‬فا‪ٟ‬تكاية الواقعية‬
‫فعلينا أف ّ‬
‫تفرؽ كثَتاً عن حكايات الذكريات !‬

‫استثمار الوقت‬

‫فضيلة الوقت ىي اليت مكنت الناجحُت من تيجاف الفضيلة ! أعظم ا‪١‬توارد ُب حياة إنساف‬
‫وقتو وزمانو ‪ ،‬ولن جيد صاحب ا‪١‬تشروع مورداً لنماء مشروعو وقوتو مثل الوقت‪ .‬وقد كاف‬
‫السلف يشحوف بأوقاهتم كما يشح أحدنا بديناره ودرمهو ‪ .‬ومن أدرؾ ىذا ا‪١‬تعٌت رتّب وقتو‬
‫وحدد أولوياتو ‪ ،‬واستثمر ‪ٟ‬تظات زمانو وىو موعود بعد ذلك بتماـ أمانيو واكتماؿ‬
‫‪ٛٚ‬‬
‫مباىجو‪ .‬قاؿ عبد الوىاب ا‪١‬تسَتي ر‪ٛ‬تو اهلل تعاىل وىو يتكلم عن عنايتو ٔتشروعو وأنو مل‬
‫يتوقف عنو حىت ُب األحداث الكبار ‪ :‬ومن أىم األحداث ا‪١‬ترتبطة با‪١‬توسوعة ( موسوعة‬
‫اليهود واليهودية والصهيونية ) ‪ :‬ما حدث ُب أثناء االجتياح العراقي للكويت إذ اكتشفت‬
‫أف كل مراجعي وأوراقي ونسخة ا‪١‬توسوعة الوحيدة ىناؾ ُب الكويت ومل يكن من ا‪١‬تمكن أف‬
‫أبقى ُب القاىرة بعيداً عن كل ىذا غَت عارؼ ٔتا ديكن أف حيدث ‪٢‬تذا االستثمار الفكري‬
‫فقررت أف أذىب للكويت ‪ ،‬وقد مكثت ُب الكويت أثناء االجتياح زىاء ثبلثة أسابيع مل‬
‫أتوقف أثناءىا عن العمل ٍب اتفقت مع ‪٣‬تموعة من األصدقاء على استئجار "تريبل" ( عربة‬
‫نقل ضخمة ) وضعت فيها كل صناديق األوراؽ اليت ٗتصٍت وركب أصدقائي سياراهتم‬
‫ونسيت سيارٌب من فرط فرحيت باألوراؽ ‪ .‬اىػ‬

‫إف صاحب ا‪١‬تشروع لن يبلغ ىدفو ‪ ،‬ويصل لنهاية مشروعو ما مل يكن أشح بوقتو من شحو‬
‫ٔتالو ‪ ،‬وستظل حياة صاحب ا‪١‬تشروع مرىونة باستثماره لوقتو ‪ ،‬والعناية بو ‪ ،‬و‪٤‬تاولة بناء‬
‫أوقات لو من األوقات الضائعة وا‪١‬تهدرة ُب حياة كثَت من الناس ‪.‬‬

‫‪ٛٛ‬‬
‫كيف ينجح مشروعك‬

‫(ٖ)‬

‫من األسباب ا‪١‬تهمة لبلوغ ا‪١‬تشروع ‪ ،‬والوصوؿ إىل هناياتو ‪ ،‬والتلذذ بو ‪ ،‬وعناقو ُب قادـ‬
‫األياـ ‪:‬‬

‫الصرب على طوؿ الطريق ‪:‬‬

‫صاحب ا‪١‬تشروع جيب أف يدرؾ أف ‪ٙ‬تة مسافة طويلة جداً قبل االحتفاء ٔتشروعو ‪ ،‬ومن مل‬
‫يدرؾ بعد شقة الطريق ومسافتو فلن يصنع جديداً ُب واقعو ‪ .‬من الضروري أف يتحلى‬
‫صاحب ا‪١‬تشروع بالصرب ‪ ،‬وأف يعلم علم اليقُت أنو ال وصوؿ لو إىل غاياتو إال على جسر‬
‫من اآلمل وا‪١‬تشاؽ ‪.‬‬

‫قد يستغرؽ مشروعك عشر سنوات وأكثر ‪ ،‬وقد يستغرؽ من غَتؾ ‪ٜ‬تسُت عاماً قبل أف‬
‫يعيش إيناع ‪ٙ‬تاره ‪ ،‬وقد يستغرؽ من ثالث عمره كلو ‪ ،‬ويرحل من األرض وىو يشعر أف‬
‫مشروعو ما زاؿ ْتاجة إىل رواء ‪ .‬وليس أدؿ على ذلك من مشاريع الرسل عليهم صلوات‬
‫اهلل تعاىل وسبلمو أ‪ٚ‬تعُت ‪ ،‬فقد عاش نوح ألف سنة إال ‪ٜ‬تسُت عاماً وىو جيهد بغية‬
‫النهايات اليت يتمناىا صاحب مشروع ‪ ،‬ومثلو أولو العزـ من الرسل ‪ ،‬حىت قاؿ نبينا صلى‬
‫اهلل عليو وسلم " يأٌب النيب يوـ القيامة ومعو الرجل ‪ ،‬ويأٌب النيب ومعو الرجبلف ‪ ،‬ويأٌب‬
‫النيب وليس معو أحد " وقد تكوف مدة انقضاء ا‪١‬تشروع وعناؽ هنايتو أقصر من ذلك بكثَت‬
‫هما عند أصحاب ا‪١‬تشاريع مىت ينتهوف من مشاريعهم ؟ ا‪١‬تهم أف تكوف نياهتم‬
‫‪ ،‬وليس ُم ّ‬

‫‪ٜٛ‬‬
‫خالصة هلل تعاىل ‪ ،‬ويبذلوف ‪٢‬تا كافة األسباب ا‪١‬تواتية لنجاحها ‪ ،‬ويتشوفوف إىل ‪ٟ‬تظات‬
‫هنايتها ‪ ،‬ويركضوف إليها ركض ا‪ٞ‬تادين ‪.‬‬

‫من األسباب ‪ :‬الثقة باهلل تعاىل ‪ :‬والتوكل عليو ‪ ،‬والتوجو إليو بقلبك وروحك وأنفاسك‬
‫كلها ‪ ،‬والتطّلع إىل توفيقو وسداده ُب كل طريق ‪ ،‬و‪ٟ‬تظة ‪ ،‬وجهد وعمل ‪.‬‬

‫ومن األسباب ‪ :‬الدعاء ‪ :‬فإنو باب فرج ‪ ،‬ومفتاح أمل ‪ ،‬ودليل صدؽ الطالب ُب ٖتقيق‬
‫مطلوبو من اهلل تعاىل ‪ ،‬ومن أدمنو ‪ ،‬وأحل على اهلل تعاىل فيو ‪ ،‬ورفع يديو طويبلً ‪ ،‬وقلبُو‬
‫مضطر إىل اهلل تعاىل فتح اهلل تعاىل عليو ‪ ،‬ووفقو ‪ ،‬وأصاب ما أراد ولو تأخر زماف اإلجابة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ومن األسباب ‪ :‬التدرج ُب بناء ا‪١‬تشروع ‪ :‬فبل ديكن أف يصل اإلنساف ٔتشروعو إىل النهاية‬
‫ويقسمو على مراحل ‪ ،‬ويبدأ فيو خطوة ٓتطوة ‪،‬‬
‫اليت ينتظرىا ما مل يتدرج ُب بناء مشروعو ‪ّ ،‬‬
‫فإف مثل ىذا التدرج والتقسيم للمشروع دي ّكن صاحب ا‪١‬تشروع من رؤية النجاح ‪ ،‬واللذة‬
‫با‪١‬تراحل ا‪١‬تقطوعة فيو ‪ ،‬ويتجدد نشاطاً لبدء ا‪١‬ترحلة الثانية وبلوغ هنايتها القريبة ‪ٓ ،‬تبلؼ ما‬
‫لو بدأ ُب ا‪١‬تشروع حزمة واحدة ‪ ،‬فقد يذبل ُب منتصف الطريق ‪ ،‬وتطوؿ عليو أفراح‬
‫النهايات ‪ ،‬وىذا أحد األسباب اليت ينبغي أف يدرؾ آثارىا صاحب ا‪١‬تشروع ‪ ،‬فيبدأ ُب‬
‫تصور مشروعو أوالً ‪ ،‬ويقسمو على مراحل ثانياً ‪ ،‬وحيدد لكل مرحلة زمناً معيناً ال يتجاوز‬ ‫ّ‬
‫زمنو ثالثاً ‪.‬‬

‫من األسباب ا‪٠‬تا٘تة وا‪١‬تؤثرة ُب ٖتقيق ا‪١‬تشروع ‪ :‬االحتفاء با‪١‬تشروع‬

‫جيب أف يعلم صاحب ا‪١‬تشروع أنو ُب زمن ضعفت فيو ا‪٢‬تمم ‪ ،‬وانشغل كثَتوف بواقعهم عن‬
‫مهوـ أمتهم ومساحات دينهم ‪ ،‬وحاالت من اإلحباط تلف ‪ٚ‬توعاً من الناس ‪ ،‬وتكتب‬
‫ٓ‪ٜ‬‬
‫عليهم ُب ذات الوقت التواين والكسل والعجز ‪ ،‬فإذا أضيف إىل ذلك قلة ا‪١‬تشجعُت ‪٠‬توض‬
‫التجارب الكربى واحملاوالت ا‪ٞ‬تديدة كاف لزاماً على صاحب ا‪١‬تشروع أف حيتفي بنهاية كل‬
‫مرحلة من ا‪١‬تشروع ‪ ،‬ويشجع نفسو ببعض أوقات الراحة ‪ ،‬والفسح حىت تعود أكثر إقباالً‬
‫وليعلم أصحاب ا‪١‬تشاريع أهنم قد يضطروف ُب بداية الطريق من أف يصفقوا ألنفسهم حىت‬
‫تأٌب اللحظات اليت تصفق ‪٢‬تم فيها ا‪ٞ‬تماىَت ‪.‬‬

‫ٔ‪ٜ‬‬
ٜٕ
‫الفهرس‬

‫ا‪١‬تقدمة‬

‫البدايات‬

‫لدي ُحلُم (ٔ)‬

‫لدي ُحلُم (ٕ)‬

‫لدي ُحلُم (ٖ)‬

‫أشواؽ الكبار‬

‫ا‪١‬تشروع والذكريات‬

‫ما ا‪١‬تشروع ؟‬

‫تأسيل ا‪١‬تشروع‬

‫‪١‬تاذا ا‪١‬تشاريع ؟‬

‫أصحاب ا‪١‬تشاريع (ٔ)‬

‫أصحاب ا‪١‬تشاريع (ٕ)‬

‫أصحاب ا‪١‬تشاريع (ٖ)‬

‫أصحاب ا‪١‬تشاريع (ٗ)‬

‫ٖ‪ٜ‬‬
‫مشاريع مقًتحة‬

‫مواصفات ا‪١‬تشروع‬

‫تتعرؼ على مشروعك (ٔ)‬


‫كيف ّ‬
‫كيف تت ّعرؼ على مشروعك (ٕ)‬

‫تتعرؼ على مشروعك (ٖ)‬


‫كيف ّ‬
‫تتعرؼ على مشروعك (ٗ)‬
‫كيف ّ‬
‫تتعرؼ على مشروعك (٘)‬
‫كيف ّ‬
‫تعدد ا‪١‬تشاريع‬

‫تغيَت ا‪١‬تشروع‬

‫ا‪١‬تشاريع الفردية وا‪ٞ‬تماعية‬

‫كيف تبدأ مشروعك ؟‬

‫كيف ينجح مشروعك (ٔ)‬

‫كيف ينجح مشروعك (ٕ)‬

‫كيف ينجح مشروعك (ٖ)‬

‫ٗ‪ٜ‬‬
ٜ٘
‫الغبلؼ ا‪٠‬تارجي‬

‫إف صناعة التاريخ فن ٘تلكو األرواح وليس لؤلجساد من ذلك شيء ‪..‬‬

‫واألرض أفسح ميداف يًتؾ فيو اإلنساف أثر خطوه ورحلتو ‪....‬‬

‫وسنن اهلل تعاىل ُب الكوف تأىب أف تفتح األبواب إال للطارقُت عليها بقوة‬

‫ولو مل أجد روحي ُب ىذا الكتاب لبللت حربه وشربت ماءه من جديد راجياً تلك ا‪ٟ‬تياة‬

‫لوال أنو قاـ ُب قليب " مشروع العمر " قبل أف أكتب حرفاً واحداً ُب ىذا الكتاب‬

‫يلقاين ُب كل طريق‬

‫وحيدوين ُب كل لقاء‬

‫ويقيمٍت وأنا ُب أحلى ‪ٟ‬تظات االستمتاع ‪.‬‬

‫وأجزـ أنك ستلقى روحي ُب كل حرؼ تقرؤه ‪.‬‬

‫ا‪١‬تؤلف‬

‫ظهر األحد ٕٔ‪ٖٔٗٙ/ٕٔ/‬ىػ‬

‫‪ٜٙ‬‬

You might also like