Professional Documents
Culture Documents
ٕ
ٖ
ٗ
ا١تقدمة
( األفكار وا١تفاىيم ) أخطر ما يواجو اإلنساف ُب حياتو! وكم من فكرة أقامت صاحبها
من فراش نومو ُب ساعة متأخرة ! وكم من فكرة أقعدت كبَتاً بعد رحلة من الفاعلية ُب
واقعو ! وىي صوت مالك بن نيب رٛتو اهلل تعاىل ُب حقبة من الزمن :اجملتمعات ال
ٖتسب بكثرة أفراداىا ،وإمنا ٖتسب بفاعلية ىؤالء األفراد .اىػ وا١تشاريع الضخمة ىي ُب
كونت ُب النهاية مساحات
األصل لبنات ! وإذا رأيت حراكاً ُب واقع فتلك راية مصلح ّ
الربيع اليت تراىا .
إف حاجة األمة اليوـ لكل فرد فيها أشد من كل حاجة ،ولن تستطيع أف تأٌب على شيء
من آما٢تا ،ومهومها إال من خبلؿ ىؤالء األفراد .واشوقاه إىل كل فرد يوسع مساحة الربيع
ويأٌب على مهوـ أمتو من خبلؿ فكرة حية ،ومشروع هبيج !
لنفسي حياة مثل أف أتقدمػ ػ ػ ػػا تأخرت أستبقي اٟتياة فلم أجد
ولكن على أقدامنا تقطر ال ّدما فلسنا على األعقاب تدمى كلومنا
لقد ظلت ىذه األمة إىل عهد قريب ىي روح الدنيا ،وقلبها النابض ،وكانت أمبلً لكل
إنساف وما تزاؿ .وإذا أرادت أف تستبقي ىذه ا١تعاين ،وتأٌب على ىذه اآلماؿ ،و٘تد ُب
مساحة تأثَتىا فعليها أف تف ّكر ُب استثمار قدرات أبنائها من خبلؿ األفكار وا١تفاىيم
الفاعلة ُب واقعها .ما أحوجنا اليوـ إىل استلهاـ ذكريات اجملد ،وقراءة فتوح الناىضُت !
قم يا صاحيب من سرير نومك ،واهنض من مساحة واقعك ،واستقبل فجر األمل ،
٘
وصافح الفأؿ ،واكتب لنا قصة اجملد .وردد أماين ا٠تليفة عمر رضي اهلل تعاىل عنو وأرضاه
قاؿ لبعض الرفاؽ ٘ :تنوا ! فكل أفاض ُب أمانيو وحُت انتهوا ومل يشفوا لو غليبلً قاؿ :
لكنٍت أ٘تٌت بيتاً ٦تلوءاً رجاالً كأيب عبيدة ! واشوقاه للكبار ! وشوقاه لصناع التاريخ !
ٟتماؿ ا١تصابيح ُب غسق الدجى !
وشوقاه ّ
أو مت كردياً ٖتت ظل القسطل واصنع لنفسك منزالً تعلو بو
من أف ديوت أسَت طرؼ أكحل موت الفٍت ُب عزة خَت لو
فسناف ر٤تي واٟتساـ يقر يل أو أنكرت فرساف عبس نسبيت
بل فاسقٍت بالعز كأس اٟتنظل ال تسقٍت ماء اٟتياة بذلة
من أجل ىذه ا١تعاين كلها جاءت فكرة ( مشروع العمر ) الفكرة اٟتية اليت ستأٌب على
جزء كبَت من آماؿ ىذه األمة ،وىي نبت ذلك السقاء ُب كتايب األوؿ ( :ابدأ كتابة
حياتك ) والتجربة التطبيقية ا١تيدانية لذلك التنظَت ! واألمل كبَت أف يتداعى كبار األمة
ومؤسساهتا الفاعلة ،وكل طاقاهتا إىل قراءة ىذه الفكرة ،وصناعة أحبلمها ُب الواقع ،
والتعاضد من أجل اإلغراء هبا وحُت تستوي تطبيقاً سيكوف لؤلمة بإذف اهلل تعاىل شأف كبَت
مثَت ،ولو يبلغ مدى صوٌب أذاف العا١تُت لفعلت لعلهم يبلغهم ما يعجز عن وفائو اٟترؼ .
الشكر هلل تعاىل الذي يهب لعبيده ما يشاء تفضبلً وإحساناً ٍب أليب سعود شاعر اٟترؼ
ٙ
وا١تعٌت ،وأيب عبد الرٛتن حيي اٟتادثي على جهدمها ُب مراجعتو وتصحيحو ،ولكل الشركاء
ُب صناعة الفكرة ،ومد أثرىا ُب الواقع ،داعياً اهلل تعاىل أف ديد ُب أثرىا ،وحييي هبا آماؿ
أمة ُب واقعها ،ويرزقها القبوؿ إنو ويل ذلك والقادر عليو.
Mashal001@hotmail.com
ٚ
ٛ
البدايات
كانت ٟتظة مثَتة تلك اليت ًب فيها تكرمي أبينا آدـ ُب مشهد هبيج من حضور ا١تبلئكة
(وإذا قاؿ ربك للمبلئكة إين جاعل ُب األرض خليفة ) واللحظات إمنا تكتسب مكانتها
من األحداث اليت ٕتري فيها .
لقد خلق اهلل تعاىل اإلنساف وأودع فيو من القدرات واإلمكانات والقوى الكامنة ما كاف هبا
صاٟتاً لعمارة األرض ،وٖتقيق ا٠تبلفة الكربى فيها .ومن ا للحظة اليت أىبط فيها آدـ إىل
يومنا ىذا ظلت الدنيا وما تزاؿ هبيجة باإلنساف ،ح افلة بو مسرورة بلحظاتو ،ومن مد
بصره فيمن حولو أدرؾ ىذا ا١تعٌت ّتبلء !
ما أهبج ا١تساحات اليت يتحدث فيها إىل اختيار اهلل تعاىل ،إىل َخْلقو وإبداعو ،إىل نفخة
وحي) إىل الذي روحو تعاىل قبل أف يكوف كومة من طُت ( :فَإِذَا سَّويػتُو ونَػ َفخت فِ ِيو ِمن ر ِ
ُْ َ َُْ ْ ُ
ٚت ًيعا ِمْنوُ) .
ض َِ السماو ِ
ات َوَما ُِب ْاأل َْر ِ ِ
س ّخر اهلل تعاؿ لو كل شيء (َو َس َّخَر لَ ُك ْم َما ُب َّ َ َ
وكم من ناىض من فراش نومو أوقد سراج مهتو فابتدأ قصة مشروعو الكبَت ،وقاـ يردد ُب
العا١تُت :
ٜ
لدي ُحلُم
(ٔ)
واشوقاه إىل حلم يدفع بصاحبو إىل أماين الكبار ! واشوقاه إىل رحلة جيد فيها اإلنساف
طموحاتو ،ويستنفر فيها طاقاتو وإمكاناتو وقدراتو ! .أحبلمك اليت تُف ّكر فيها اليوـ ىي
واقعك الذي تعيشو ُب الغد ،ومن ال حلم لو ُب واقع اليوـ ال مشروع لو ُب أحداث الغد.
كل ىذه ا١تشاريع الكربى اليت تراىا ما ثلة ُب عامل الواقع كانت باألمس أحبلماً ُب عقوؿ
كونت مباىج النهايات.
أصحاهبا ،وما زالت أماين تًتدد ُب أفكارىم ومشاعرىم حىت ّ
يطوح بأفكارؾ ومشاعرؾ إىل الغد ! إىل ىناؾ ،إىل الغيب ا١تنتظر ليكن لديك حلم ّ
وا١تسافات اجملهولة ،إىل ٟتظات الفوز والغلبة واالنتصار ! كن كأولئك الذين رأوا واقعهم
قبل أف يصلوا إليو بعشرات السنُت وما زالوا ُب الطريق إليو حىت كانت ٟتظات اللقاء .
أخرج من ضيق اللحظة ،وأسر الواقع ،ومهوـ احمليط إىل ساحات حلمك ومساحات
الربيع ُب حياتك .
دعك من كل ما يقاؿ حولك ،وما يثار ُب طريقك ،وما تتناقلو ٣تالس احملبطُت واهنض
إىل أحبلمك الكبار .
أنا ىنا ال أتكلم عن فكرة تود الوصوؿ إليها ،كبل ! أتكلم عن ُحلُم يقتات من مشاعرؾ
ويعيش ُب وجدنك ،ويأخذ كل ٟتظة من تفكَتؾ .
احلم ! واجعل لنا من حلمك قصة تروى على األجياؿ ! احلم لتقتات األجياؿ القادمة
من أملك .
ٓٔ
احلم حىت لو كنت ُب بيت مستأجر ،أوعائلة فقَتة ،أو تعيش ظروفاً بائسة ،احلم
فسيأٌب الربيع وتعود األرض خضراء من جديد .
احلم أيها القارئ فالتاجر مل يولد يوماً وُب فمو ملعقة من ذىب ! والعامل ولد وىو ال
يعرؼ شيئاً من حروؼ ا٢تجاء .
وسجل ُب
قم يا صاحيب إىل بيتك وعلّق على جداره قصة حلمك ،واكتب فيو رؤيتك ّ ،
زواياه مشروعك الكبَت ،وابدأ رحلة األشواؽ إليو ،وقل لكل من وقف ُب طريقك أو
شكك ُب أحبلمك ،أو استطاؿ مسافة ذلك األمل ( :لدي ُحلُم ) وسيسقط أماـ ىذا
ا١تعٌت كل عقبات الطريق .
ٔٔ
لدي حلم
(ٕ)
احلم يا صاحيب ففضاء اٟتريات أدعى ألف تعيش حلمك كما تشاء ! قم إىل ساحات
الفضاء ،وتن ّفس أملك ،وابدأ رحلة أشواقك ُب األرض ،ودعك من كل العراقيل اليت
يتحدثوف عنها فإمنا ىي أوىاـ .ال تبقى جالساً ،منتظراً ،قلقاً فأنت أهبج مشاىد الكوف
واٟتياة ال تعًتؼ إال با١تتفائلُت ! اخرج إىل ساحات الفضاء وردد كما ردد األوؿ :
الش ػ ػ ػ َّػم ِاء فوؽ ِ
الق َّم ِة َّ َّسر َ ِ ِ
ػأعيش َر ْغ َم الدَّاء واألَعػ ػػداء ػ ػ ػ كالن ْ
َسػ ػ ُ
ب واألَمطا ِر واألَنوا بالس ػ ػ ْػح ِ ض ِ
يئة ىا ِزئاً ػ ػ ػ ُّ س ا١ت ِ الشػ ػ ْػم ِ
ْأرنُو إىل َّ
الس ػ ػ ػ ِ ُ
ػوداء ػئيب وال َأرى ػ ػ ػ َما ُب قَرا ِر ا٢تَُّوةِ َّ ال ْأرم ػ ػ ُػق الظِّ َّل الك َ
وتلك َسػ ػ ػػعاد ُة الش َعر ِاء ِ
ػَت ُب ُدنيػػا ا١ت َشاع ِر حالماً ػ ػ ػ َغ ِرداً َ ُ وأَسػ ػ
َ
( لدي ُحلُم ) ىو الذي أخرج كعب بن مالك ُب ساعة متأخرة من الليل ليأٌب للنيب صلى
اهلل عليو وسلم بوضوئو وحُت قاؿ لو صلى اهلل عليو وسلم ( :سل يا ربيعة ) قاـ اٟتلم
جييب ( :أسألك مرافقتك ُب اٞتنة يارسوؿ اهلل ) .
( لدي حلم ) ىو ذاتو الذي كاف يعيش ُب مشاعر تلك الصاٟتة اليت أصيبت بالصرع
متكشفة ُب عرض الطريق فتأٌب لرسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم قائلة ( :ادع اهلل
وتسقط ّ
يا رسوؿ اهلل أف يشفيٍت ) فيقوؿ ٢تا ( :إف شئت دعوت اهلل تعاىل لك وإف صربت فلك
اٞتنة ) فيقوـ اٟتلم من جديد قائبلً ( :بل أصرب يا رسوؿ اهلل) وتعيش على شقاء الدنيا
ونوبات الصرع ٗتنقها ُب كل حُت ومشاعرىا ترصد ٟتظات اٟتلم ( إف صربت فلك اٞتنة)
كوف ٢تاروف الرشيد واقعو الذي خياطب فيو يوماً سحابة ُب عرض
( لدي ُحلُم ) ىو اليت ّ
السماء ( :امطري حيث شئت فسيأتينا خراجك ) .
ٕٔ
( لدي حلم ) ىو الذي كاف خيامر عقل ىند ابنة عتبة زوجة أيب سفياف حُت قاؿ ٢تا بعض
متفرسي العرب ( إين أتوسم ُب طفلك أف يسود قومو ) فقالت ( :ثَكِْلَتو إف مل يسد إال
قومو ) .
( لدي ُحلُم ) ىو الذي جعل أبا بكر رضي اهلل تعاىل عنو قصة تروى ُب العمل والبناء
والتضحيات حىت إنو ليدعى يوـ القيامة من أبواب الثمانية يدخل من أيها شاء .
( لدي حلم ) ىو الذي حفز ببلؿ رضي اهلل تعاىل عنو حىت إنو ال يتوضأ وضوءاً ُب أي
ساعة من ليل أو هنار حىت يصلى بذلك الوضوء ركعتُت .
طوح هبمة سعد بن معاذ حىت اىتز ١توتو عرش الرٛتن ومل يتجاوز
( لدي حلم ) ىو الذي ّ
عمره ُب اإلسبلـ سبع سنوات فقط .
( لدي ُحلُم ) ليست أمنية ٣تردة ! إذا أردت أف تصحب أصحاهبا وتأٌب ُب فلك آما٢تا
فعليك أف ٗتلو بنفسك ،وتف ّكر ُب مشروعك ،وتًتؾ ٠تيالك يسبح ُب الفضاء كيف
شاء!
( لدي ُحلُم ) ٖتتاج منك تفرغاً من شواغل نفسك ،وتفكَتاً طويبلً ُب التاريخ الذي
ستبدأ خطواتو األوىل ُب واقعك .
( لدي ُحلُم ) ٖتتاج منك إىل قرار تتخذه مهما كانت كلفتو ،ومهما كاف طوؿ أمده
ومسافتو .
( لدي ُحلُم ) ميبلدؾ اٞتديد ! وتاريخ أحبلمك ! وأياـ الربيع ُب حياتك القادمة.
ٖٔ
( لدي ُحلُم )
( ٖ)
من حقك أف ٖتلم ،ومن حقك أف تبوح بأشجانك ،ومن حقك أف تتن ّفس ُب الدنيا
كلها كما تشاء !
( لدي ُحلُم ) ٖتتاج منك أف ٗتطو ُب األرض وأنت مشبع بالثقة ،مليء باألحبلـ قادر
على بذؿ كل ما ديكن للوصوؿ إىل تلك األحبلـ .
( لدي ُحلُم ) حق مشاع لكل إنساف يتن ّفس ىواء ىذه اٟتياة ،للرجل ،وا١ترأة ،والصغَت
والكبَت ،وا١توظف وا١تتفرغ ،للمسافر وا١تقيم ،ال فرؽ ُب األحبلـ بالذات بُت كل حي .
( لدي ُحلُم ) ديكن أف تثَته ُب بيتك من خبلؿ تربية ولدؾ وتأٌب منو على أحبلـ
مشروعك الكبَت ُب األرض ( أو ولد صاحل يدعو لو ) أو من خبلؿ عملك ووظيفتك ،أو
من خبلؿ فكرتك اليت تعيش من أجلها ،ومشروعك الكبَت الذي تتن ّفس أحبلمك كلها
من أجلو .
يا صاحيب ! ما دورؾ ُب أمتك ! ما ذا قدمت جملتمعك ،وأمتك ،ودينك ! قم يا صاحيب
فمن عاش لنفسو عاش صغَتاً ومات يوـ ديوت وىو صغَت ،ومن عاش لغَته عاش كبَتاً
ومات يوـ ديوت وىو كبَت .
إىل مىت ستظل قاعداً دوف حراؾ ! إىل مىت وأنت تعيش لنفسك ،إىل مىت وأنت مل تغرد
بعد بأحبلـ أمتك وأحاديث أشواقك !
( لدي ُحلُم ) يصنعها التاجر ٔتالو ،وا١تعلم برسالتو ،والتقٍت من خبلؿ شاشتو ،والشاعر
واألديب من خبلؿ حرفو ،وإماـ ا١تسجد من فناء مسجده وجامعو ،وا١تريب وحافظ القرآف
من خبلؿ حلقتو ومشروعو .
ٗٔ
احلم يا صاحيب حىت لو كنت عامبلً مغًتباً فاٟتياة أهبج من ظروفنا العارضة ،وأمتك أحوج
ما تكوف لفنك ومهارتك .
احلم أياً كاف موقعك ،ونوع وظيفتك ،وتاريخ والدتك ،احلم فاهلل تعاىل خلقنا أحراراً
ومن الغنب أف منوت دوف أف نأٌب على ىذه األحبلـ .
( لدي ُحلُم ) رددىا اآلف على لسانك ،واىتف هبا ُب مشاعرؾ ،وح ّدث هبا من حولك
وابدأ هبا قصة مشروعك الكبَت ُب اٟتياة .وغداً تروي لنا قصتك ،ويبعث لنا التاريخ
أحداث روايتك .
تتوسع
وأنا ( لدي ُحلُم ) ! ىل تدري ما ىو ! :حُت تعتنق أنت فكرة ( مشروع العمر) ّ
مساحة مشروعي ،وتنداح قصة أحبلمي ُب الواقع من جديد .
٘ٔ
إى اهلداية ًساتب ،واهصالح دزجات ،وأنا ال أحتدّث يها إىل اههاسم اهعابد
اخلائف ًو ثوزاى اهشًوات واهشبًات يف عسض اهطسيق فران وشأنٌ وإمنا
أحتدّث عو صهاع احلياة أصحاب املشازيع ،وزوّاد اإلصالح ،وحاًوي زايات
اجلًاد .
أحتدّث إىل اهريو وهدوا عوى األزض ال هيعيشوا هرواتًم ًعزوهني عو واقع
اهبهاء ،وإمنا وهدوا هيجريوا حتديات اهواقع ،ويفشحوا يف ًعاني األًى ،
ويوسعوا يف ًشاحات اهسقع اخلضساء يف اهصحازي اهقاحوة .
ٔٙ
أشواؽ الكبار
األشواؽ فن ! ٖتتاج إىل قلوب تركض إليها ،ومشاعر هتتف هبا ،وأحداث تدفع بصاحبها
لعناقها .وإذا أردت أف تقرأ فنوف ىذه القصة وأحداث ىذه الرواية وفصوؿ ىذا ا١تعٌت
الكبَت فاقرأ قصة أيب األنبياء إبراىيم عليو السبلـ وىو يتوؽ ويشتاؽ إىل ٗتليد ذكره ،وبقاء
أثره ،وامتداد حياتو من خبلؿ ذلك الشوؽ ( واجعل يل لساف صدؽ ُب اآلخرين ) كاف
يعيش أمنية أال دير ُب األرض مرور العابرين .وقرر أف يعيش حياتُت :اٟتياة األوىل تلك
اليت خيوضها ّتسده ،واألخرى تلك اليت يثَتىا ٔتشروعو ،وظل يهتف بأمنيتو حىت كاف لو
ما أراد .وكذلك الكبار !
ما أكثر ما تنداح األشواؽ ُب قلوب الكبار ! وقل أف ٕتد مثَتاً ُب واقعو إال وىو يردد تلك
ُت إِ َم ًاما) ىذه أشواؽ القوـ ! وتلك أمانيهم ! ولن ٕتد كبَتاً إال ِ ِ
اج َعْلَنا لْل ُمَّتق َ
األمنية َ( :و ْ
وىو يتوؽ للمعايل ،ويزاحم على صفوؼ ا١تبدعُت !
جاء نيب اهلل تعاىل سليماف عليو السبلـ ليضرب على كثَت من األماين ،واألشواؽ ،ويدعها
صفحاً ،ويتوؽ ويشتاؽ لشيء مل يتكرر ،ومل حيدث ُب األرض بعد ،وال ديكن أف يتكرر
ِ ٍ ب اغْ ِ
اب)
ت الَْوَّى ُ ب ِيل ُملْ ًكا َال يَػْنَبغِي ِألَ َحد ِم ْن بَػ ْعدي إِن َ
َّك أَنْ َ ى
َو ِ
اؿ َر ِّ ْ َ ْ
يل رف ُب الواقع (قَ َ
اب) كاف من حقو أف ت الَْوَّى ُ والكبار ال حيد أمانيهم شيء ،وإذا فقو الداعي معٌت (إِن َ
َّك أَنْ َ
يسبح ُب مشاعره كيف شاء !
وعلمنا نبينا صلى اهلل عليو أف ا١تعايل أكرب من ٣ترد سؤاؿ ،واألشواؽ ا١تثَتة ال ٖتدىا
األماين الضئيلة ! وقف واصفاً للجنة فأبلغنا أهنا ليست درجة واحدة ٕتمع العا١تُت ُب ذات
ا١تكاف رغم فوارؽ العمل ،كبل ! وإمنا ىي درجات ( :إِ َّف ُِب ا ْٞتَن َِّة ِمائَ َة َدَر َجة ) وحُت أبلغنا
ىذه اٟتقيقة الكربى عاد يستنهض ا٢تمم ويستنفر الطاقات ،ويطلق العناف لطموح
ِ العاملُت قائبلً ( :فَإِذَا سأَلْتُم اللَّو فَاسأَلُوه الِْفردوس فَإِنَّو أَوس ُ ِ
ط ا ْٞتَنَّة َوأَ ْعلَى ا ْٞتَنَّة أَُراهُ فػَ ْوقَوُ َ ُ َ ْ ُ َْ ْ َ ُ ْ َ
ٔٚ
الر ْٛتَ ِن َوِمْنوُ تَػ َف َّجُر أَنْػ َه ُار ا ْٞتَن َِّة) كأنو يقوؿ :اقفزوا هبممكم ،وطَتوا بأشواقكم ، ش َّ َعْر ُ
وارحلوا بقلوبكم ،وتعلقوا بالفردوس األعلى فدونكم منازؿ الكبار ! .وما زالت األماين
واألشواؽ برجل حىت جعلتو منة عداد ا١تنفقُت وىو ال ديلك شيئاً من ا١تاؿ (َ :وَر ُج ٌل آتَاهُ
ت ِمثْ َل َما ِ َّ ِ ِ اللَّوُ عِْل ًماَ ،وَملْ يػُْؤتِِو َم ًاال فَػ ُهَو يَػ ُق ُ
وؿ :لَْو أَ َّف الل َو آتَاين مثْ َل َما أُ َ
وٌب فَُبل ٌفل لََف َعْل ُ
َج ِر َسَواءٌ) وكل إنساف يعيش ُب الدنيا على قدر أشواقو وأمانيو يَػ ْف َع ُل فَُبل ٌف ،فَػ ُه َما ُِب ْاأل ْ
وغداً تبُت ا١تسافات .
ٔٛ
ا١تشاريع والذكريات
كم من ذكرى ما زالت ٘تنح أصحاهبا اٟتياة ! وكم من مقبور ىذه اللحظة يشارؾ ُب البناء
،وديد ُب ساحات دينو ،ويأٌب على مهوـ أمتو !
ما رأيت مثل ا١تشاريع ٗتّلد ذكريات أصحاهبا ،وتبقيهم أحياء حىت بعد رحليهم من
صْيػَناهُ ُِب إِ َم ٍاـ ٍ ِ
َّموا َوآثَ َارُى ْم َوُك َّل َش ْيء أَ ْح َ
ب َما قَد ُ
األرض ( :إنَّا َْ٨ت ُن ُْ٨ت ِي الْ َم ْوتَى َونَ ْكتُ ُ
ُت) وقد قاؿ ابن اٞتوزي حيكي قصة الغابرين :فمنهم من يذكر با٠تَت مدة مديدة ٍب ُمبِ ٍ
ينسى ،ومنهم من يذكر مئة سنة ٍب خيفى ذكره وقربه ،ومنهم أعبلماً يبقى ذكرىم أبداً .
اىػ وكم من مقبور نسي ذكره عند آخر تراب ُب يد قابره ! وإذا أردت قراءة قصص ىذه
الذكريات وأثر ا١تشاريع فيها فافتح كتاباً ،أو اٝتع إذاعة ،أو شاىد قناة أو اٝتع أحاديث
الراوين لًتى اٟتقيقة أبُت ما تكوف .
حيكي (شفيق جرب) قصة وقعت لو ٢تا عبلقة با١تشروع يقوؿ فيها :كنت ُب بلد وشاركت
ذات مرة ُب جنازة ،وحُت دخلت تلك ا١تقربة وجدت على كل قرب لوحة تعرؼ بعمره
فيكتب تاريخ والدتو وتاريخ وفاتو إال أف ٙتة مفارقة عجيبة ومسألة غامضة فيما بُت تاريخ
ا١تيبلد وتاريخ الوفاة فعلى القرب األوؿ ولد عاـ ٓ٘ ٜٔـ وتوُب عاـ ٜٜٓٔمػ وعمره عاـ
واحد ،وآخر ولد ُب عاـ ٓٔ ٜٔـ وتوُب ُب عاـ ٜٓٔٛـ وعمره عشروف عاماً ،فظننت
أف ٙتة خطأ ُب تدوين تاريخ عمر كل إنساف فلما خرجت سألت فقيل يل :إننا ال ٨تسب
من عمر اإلنساف إال الذي قضاه ُب مشروع ،وما عدا ذلك فنعده ىباء القيمة لو فرجع
إىل نفسو سائبلً الئماً وعاتباً :وأنا إذا مت عندكم فاكتبوا على قربي ( شفيق جرب من
بطن أمو إىل عامل القرب ) .قاؿ الطنطاوي رٛتو اهلل تعاىل معلقاً على ىذا ا١تعٌت ( :اٟتياة
ليست بطوؿ السنُت ،وإمنا بعرض األحداث ) .وكم من حي حيتاج إىل من يصيح ُب أذنيو
ٜٔ
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرىا
عمر ثانػػي
فالػذك ػ ػ ػ ػ ػػر لئلنس ػػاف ٌ
ٕٓ
ٔ
ما ا١تشروع ؟
ا١تشروع العمري ىو مشروع تتضح ُب ذىن صاحبو أىدافو وتستويل فكرتو على فكره وعقلو
ويبذؿ لو ٚتيع طاقاتو ..
ىذا ىو مشروع العمر الذي نصبت لك رايتو ُب ىذا الكتاب ،وفرضت لك من سناـ
وقيت أجّلو وأٙتنو ،وكتبت إليك بو وروحي تنزع إىل حروفو ،وما حرؼ متُت ُب حياة
صاحبو أمثل من فكرة تأٌب على قدرات إنساف وطاقات و وإمكاناتو ُب الواقع يوما ما !
مشروع العمر ٗتصص ،و٣تاؿ ٖتبو ،وتعشقو ،وهتفو إليو ٔتشاعرؾ وقلبك وٕتد فيو رواء
روحك ووجدانك .
ىو يا صاحيب ا٢تدؼ الكبَت الذي نصبتو لنفسك ،وتوجهت إليو بقلبك ،وسعيت لو
بكل ما ٘تلك من وقت وجهد وماؿ ليكوف الذكرى اليت تقصها األجياؿ ،واٟتياة اليت
تثَتىا ا١تشاريع فيما بعد .
مشروع العمر رسالتك ُب اٟتياة ،ورؤيتك اليت كتبتها لنفسك ،وتود أف تراىا واقعاً بعد
سنُت من عمرؾ ! .
مشروع فكرة تبلمس مشاعرؾ ،وهتتف بقلبك ،وٕتد روحك فيو كأنك تولد عند ذكرىا
من جديد .
ٔ
ػ نشوء الفكرة كاف قبل سن وات ط ويلة إثر كلمة ٝتعتها من فضيلة الدكتور /عبد اهلل الشهراين ُب لقاء ٚتعٍت بو ،قلت ذلك عرفاناً لصاحب الفضل األوؿ ،وحىت تعلم أثر الكلمة
العملية اليت تلبس ثوب الصدؽ ماذا تًتؾ ُب قلوب اآلخرين .
ٕٔ
مشروع العمر عمل يلد أوؿ ما يلد فكرة ُب ذىنك ٍ ،ب ينمو مع األياـ كما ينمو اٞتنُت ،
وما يزاؿ يكرب حىت يكوف ُب النهاية كل شيء .يلد كما قلت لك فكرة ٍب تتعاىدىا
بأحبلمك ،وتفكَتؾ ،وتشغل هبا نفسك كل يوـ ،حىت تراىا ُب كل موقف ،
وتتجسدىا ُب كل لقاء .
مشروع العمر قد يكوف عمبلً علمياً ،أو تربوياً ،أو اجتماعياً ،أو تقنياً ،أو أدبياً ،وقد
يكوف ما يكوف ...ا١تهم أنو ُب النهاية عمل ورسالة يستطيع ُب النهاية أف يقف على
قدمي و ،ويدعو الناس إىل رؤيتو ومشاىدتو ،ويبقى شاىداً لك ُب الدارين .
ٕٕ
ٕٖ
تأصيل ا١تشروع
القارئ لكتاب اهلل تعاىل وسنة رسولو صلى اهلل عليو وسلم جيد دعوة ظاىرة لفكرة ا١تشروع
قاؿ تعاىل ( :ولكل وجهة ىو موليها ) ففي اآلية دعوة لكل إنساف أف خيتار ما يبلئمو
من ا١تشاريع والتخصصات ،وفيها إشارة إىل أف الناس قدرات ٥تتلفة ومتباينة فبل يصلح ٢تا
٣تاؿ أو ٗتصص أو مشروع واحد ،وعلى كل إنساف أف يشارؾ ُب العمل الذي يناسب
ىذه القدرات وتلك اإلمكانات .
وُب حديث النيب صلى اهلل عليو وسلم ( :إذا مات اإلنساف انقطع عملو إال من ثبلث
صدقة جارية ،أوعلم ينتفع بو ،أو ولد صاحل يدعو لو) دعوة لكل فرد أف يستثمر طاقاتو
ويوسع أثره ويبٍت مشروعو الذي يبقى حياً ماثبلً بعد رحيلو ،بل ُب اٟتديث إغراء مثَت أف
يعيش اإلنساف حياتُت ،وأال يكوف من أولئك الذين تنقطع أعما٢تم بعد رحيلهم من
األرض .كأنو صلى اهلل عليو وسلم يقوؿ :األصل ُب األعماؿ أهنا تنقطع ،وال تدوـ ،
وإذا أرد اإلنساف أف يبقى أثره ،وحييي ذكره ،ويبقى حياً ُب العا١تُت فلينظر إىل مشروع
يعيش من أجلو ،ويستنفر فيو طاقاتو وإمكاناتو حىت إذا ما رحل بقي أثره وفكرتو ومشروعو
يذّكر بو ،ويهيل على قربه بالذكريات .
وأباف صلى اهلل عليو وسلم أف منازؿ الناس يوـ القيامة ومداخلهم ُب اٞتنة من أبواب
األعماؿ اليت ٘تيزوا فيها ومنحوىا أوقاهتم ،وأثاروىا بالبناء والتضحيات فقاؿ صلى اهلل عليو
اب اٞتَن َِّة :يَا َعْب َد اللَّ ِو َى َذا َخْيػٌر،
ودي ِمن أَبػو ِِ ِ ِِ ِ
وسلم َ ( :م ْن أَنْػ َف َق َزْو َج ُْت ُب َسب ِيل اللَّو ،نُ َ ْ َْ
ابالصبلَةِ ،ومن َكا َف ِمن أَ ْى ِل اٞتَِه ِاد ُدعِي ِمن ب ِ َّ الصبلَةِ ُدعِي ِمن ب ِ
اب َّ ِ
ل ى
ْ َ
أ ن مفَمن َكا َف ِ
َ َْ ْ َ َْ َ َ ْ ْ َْ
الص َدقَِة ُدعِ َي
افَ ،وَم ْن َكا َف ِم ْن أَ ْى ِل َّ الريَّ ِ الصي ِاـ ُدعِي ِمن ب ِ ِ ِ ِ
اب َّ َ َْ اٞت َهادَ ،وَم ْن َكا َف م ْن أَ ْى ِل َِّ
الص َدقَِة) .
اب َّ ِمن ب ِ
َْ
وكاف أبو بكر رضي اهلل تعاىل عنو مثاالً يصلح ٠تليط من األعماؿ وا١تشاريع ويستطيع أف
وؿ اللَّ ِو َما
ت َوأُِّمي يَا َر ُس َ يصنع فيها ٘تيزاً ظاىراً ّبيناً حىت قاؿ رضي اهلل تعاىل عنو :بِأَِيب أَنْ َ
ٕٗ
ك األَبػو ِ
اب ُكلِّ َها ،قَ َ ِ ِ اب ِمن َ ٍ ك األَبػو ِ ِ ِ ِ
اؿ: ضُر َورة ،فَػ َه ْل يُ ْد َعى أَ َح ٌد م ْن تلْ َ َْ ْ َعلَى َم ْن ُدع َي م ْن تلْ َ َْ
(نَػ َع ْم َوأَْر ُجو أَ ْف تَ ُكو َف ِمْنػ ُه ْم) .
وأرشد صلى اهلل عليو وسلم أف كل إنساف خلق لتوجو معُت ،و٣تاؿ ٤تدد فقاؿ صلى اهلل
عليو وسلم ( :أعملوا فكل ميسر ١تا خلق لو ) .
ووجو صلى اهلل عليو وسلم :بأف من كماؿ عقل اإلنساف ،وفقهو بنفسو ،وإدراكو
إلمكاناتو أف حيدد ا١تشروع ا١تناسب لو ،وأال يكلف نفسو فوؽ طاقتو فقاؿ صلى اهلل عليو
وسلم ( :أكلفوا من العمل ما تطيقوف ) ومن أخذ شيئاً ال يناسبو ،أو ٛتّل نفسو ٣تاالً ال
يطيقو وجد مضضاً من العمل ،وضاقت عليو نفسو ،ومل جيد استمتاعاً بوقتو ،وكاف ذلك
ا٠تيار جالباً للضيق ،والعسر ،وا١تشقة وأكلف نفسو ُب النهاية ما ال يطيق .
إف ىذه ا١تعاين ُب الوحي كافية جداً للولع بالفكرة ،واٟتدب عليها ،والوصوؿ إليها بكل
٦تكن ،ومن قرأ سَت صحابة رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم وجد مناذج كثَتة ومثَتة آمنت
بالفكرة ،وسعت إليها بكل ما ٘تلك ،وبذلت ُب سبيل الوصوؿ إليها كل شيء ،وباتت
ُب النهاية واقعاً يذّكر هبا ،ويعيد وىج ذكرياهتا ُب كل زماف ومكاف .
إضاءة :
أ سػ ػ ػوأ فكرة تواجهنا تلك اليت ٖتدثنا من الداخل أننا أقل من تلك األماين اليت نريدىا ُب
مستقبل األياـ .
ٕ٘
١تاذا ا١تشاريع ؟
لعل من األسئلة اليت تدور ُب ذىن القارئ ٢تذا الكتاب ١ :تاذا ا١تشاريع بالذات ؟ ١تاذا ىذا
اٟتديث الطويل عنها مع أنو ديكن لئلنساف أف يقدـ عمبلً ال تنطبق عليو صفة ا١تشروع
نافع خيدـ بو نفسو ويدعم بو رسالة ٣تتمعو وأمتو ؟ وديكن آف ُجياب علىمبارؾ ٌ
عمل ٌ لكنو ٌ
ىذا السؤاؿ من خبلؿ الآلٌب :
تلبس باسم ا١تشروع صار إىل أوالً :ا١تشروع خيتلف عن أي عمل آخر ألف كل عمل ّ
الدواـ أقرب منو إىل الزواؿ ،فغالب األعماؿ اليت يقدمها اإلنساف ُب حياتو تنتهي بانتهاء
اللحظة اليت يفارقها فيها ،وُب انتهاء العمل توقف لرحلة األجر ،وكل عاقل يهفو
الستمرار أجره ،وينتظر كل ٟتظة تزيد فيها حسناتو ،وحاجتنا إىل حسنات دائمة وأجور
مستمرة أبلغ من كل حاجة ،وىذا كلو مقروف برحلة اإلنساف ُب مشروع ،وقد تتقاصر أو
تتبلشى ُب بقية األعماؿ مهما كانت زاكية وكبَتة .
إف ا١تشروع حيتاج إىل جهد وعناء وبذؿ وتضحية ،وُب صحيح الوحي ( :أجرؾ على قدر
مشقتك ) والفرؽ بُت العمل العابر وا١تشروع فرؽ ىائل فحاجة ا١تشروع إىل التضحيات
أكرب من حاجة العمل ،والعوائد منو ُب النهاية أكرب بكثَت من األعماؿ العابرة ُب حياة
إنساف .
ثانياً :أثر ا١تشاريع أكرب ،ودائرة تأثَتىا أوسع ،وٖتتاج ُب ا١تقابل إىل جهود أكرب من تلك
اليت تصرؼ لصاحل العمل ،وحاجة األمة اليوـ ملحة إىل ىذا السهم من اإلصبلح ،وىذا
الدور ا١تثَت من ا١تسؤولية ،وكلما ما عظم ا١تشروع زادت مساحة األثر ُب الواقع .
إف األمة اليوـ أحوج ما تكوف إىل رجاؿ ديثلوهنا ،ويقفوف على ثغراهتا ،وجيودوف بكل ما
ديلكوف لسد حاجتها ،وحُت يفقو أفراد األمة أدوارىم ،وحاجة األمة ا١تلحة إليهم لن
ٕٙ
جيدوا أكثر أثراً من تزاٛتهم على إقامة مشاريع تدفع بعجلة أمتهم إىل الصفوؼ األوؿ ،
ٓتبلؼ العمل الذي يستطيع أف يقوـ بو أي فرد ،ويشارؾ بو ُب البناء على قدر سعتو
وطاقتو وقدرتو .
ثالثاً :العمل ُب مشروع استفزاز لطاقات اإلنساف وقدراتو ،وبعث لقواه وإمكاناتو ،وٖتد
كبَت خيوضو ُب مستقبل حياتو ! ٓتبلؼ العمل الذي يػقدـ بأقل ما ديكن من جهد .
ا١تشاريع تظل قائمة ُب وجو صاحبها وٖتتاج إىل عمل مستمر ودأب كبَت ُب الوصوؿ هبا
إىل هناياتو .
إف العمل مهما كاف كبَتاً ال ديثل اختباراً دقيقاً لقدرات اإلنساف وطاقاتو ،وال يستطيع أف
يقف فيو اإلنساف ُب النهاية على تقييم لتلك اإلمكانات والقدرات ،ويظل السهم الذي
يدفع فيو ولو كاف ضعيفاً كافياً على األقل ُب ذىن صاحبو .بينما ا١تشروع ديثّل اختباراً
قاسياً لتلك القدرات ،ويظل ملحاً على النهوض والوقوؼ بقوة أو السقوط واإلخفاؽ
بالكلية .ا١تشروع يستنفر كل طاقات اإلنساف ،وإمكاناتو ،وقدراتو ،ويستحوذ على وقتو
وجهده ومشاعره ،ألنو ديثل حباً لدى صاحبو ،وينطلق فيو رغبة وشوقاً ٓتبلؼ العمل
الذي يُدفع إليو رغبة ُب أجر ،أو حباً للمشاركة ُب البناء فبل جيد فيو من الشوؽ واٟتب
واإلجبلؿ ما جيد ُب أجواء ا١تشروع .إف اإلنساف يقدـ عمبلً ،ويشعر فيو با١تشاركة
الوجدانية ألمتو لكنو يقدمو وىو يشعر بالتعب ،واٞتهد ا١تبذوؿ ،والطاقات ا١تهدرة ،
وغالباً ما جيد مض األمل ،وتثور منو الشكوى نتيجة ما يلقاه من عوارض العمل ٓتبلؼ
ا١تشروع فإنو يقدمو وىو يشعر باللذة والراحة والطمأنينة ،والرواء النفسي الذي خيامره ُب
كل ٟتظة من ٟتظات مشروعو .
إضاءة :
ٕٛ
ٕٜ
أصحاب ا١تشاريع
( ٔ)
تظل اٟتاجة إىل القدوة كبَتة وملحة ،ويشتاؽ الناس للتجربة العملية التطبيقية أشد من
اشتياقهم للكلمة حىت وإف كانت تطرب القلب وتلهب ا١تشاعر ..
إف أصحاب ا١تشاريع ُب األمة عدد كبَت ،كتبوا مشاريعهم ٕتربة تطبيقية و٧تاحاً عملياً ،ومل
يًتكوا للكبلـ مساحة بقدر ما تركوا العمل يتحدث عن نفسو واقعاً تشاىده األجياؿ حياً
قبل أف تقرأه حرباً على صفحات الكتب .وسأٚتع لك ُب ىذه ا١تساحة ٚتلة من
أصحاب ا١تشاريع ٦تن صنعوا تارخياً ،وتركوا أثراً ،وبنوا ٢تم من الذكريات ما تأٌب على
آما٢تم بعد سنُت .
الرسل عليهم صلوات اهلل تعاىل وسبلمو من زمن نوح إىل زمن نبينا ٤تمد صلى اهلل عليو
وسلم كلهم جاؤوا بأعظم مشروع إىل الدنيا " مشروع الدعوة إىل اهلل تعاىل " وظلوا
مستميتُت ُب ٖتقيق مشاريعهم ،جادين ُب بلوغها إىل غاياهتا ،وقد عاشوا ٢تا كل ٟتظة
من حياهتم ،وما من صاحب مشروع اليوـ إىل قياـ الساعة إال وىو يشرب من معينهم ،
ويسَت ُب ركاهبم .
أيب بن كعب األنصاري رضي اهلل عنو عاش ١تشروعو حفظ وضبط كتاب اهلل تعاىل ومل يزؿ
عاكفاً على مشروعو مهتماً بو غارقاً ُب تفاصيلو حىت وصل فيو للدرجة اليت قاؿ النيب صلى
أيب :آهلل ٝتاين لك ؟ قاؿ :
اهلل عليو وسلم لو " إف اهلل أمرين أف أقرأ عليك القرآف " قاؿ ُّ
ٖٓ
نعم ،قاؿ :وذكرت عند رب العا١تُت ؟ قاؿ " :نعم" فذرفت عيناه " وىو ٦تن ٚتع القرآف
الكرمي ُب زمن النيب صلى اهلل عليو وسلم حىت ضرب النيب صلى اهلل عليو وسلم مرة من
ا١ترات صدره قائبلً " ليهنك العلم أبا ا١تنذر "
حساف بن ثابت رضي اهلل عنو كاف مشروعو الذي عاش لو " الشعر " حىت كاف شاعر
وتقوت ٔتشروعو الدعوة ،وشاع بو دين اهلل تعاىل ُب األرض ،وىزـ بو
الدعوة ُب زمانو ّ ،
األعداء ىزائم نفسيو ُب مواقف كثَتة حىت قاؿ النيب صلى اهلل عليو وسلم " أجب عٍت ،
أيدؾ اهلل بروح القدس " وقاؿ لو صلى اهلل عليو وسلم " اىجهم وجربيل معك " وقاؿ
صلى اهلل عليو وسلم ُب بياف أثر ا١تشروع ُب رفعة الدين ،وىزدية الباطل " إنو أشد عليهم
من وقع النبل "
خالد بن الوليد رضي اهلل عنو وأرضاه كاف مشروعو الذي عاش لو دقائق حياتو وتفاصيل
عمره " اٞتهاد ُب سبيل اهلل " حىت قاؿ الذىيب عنو "سيف اهلل تعاىل ،وفارس اإلسبلـ ،
وليث ا١تشاىد ،السيد اإلماـ األمَت الكبَت قائد اجملاىدين أبو سليماف ا١تخزومي ا١تكي
شهد الفتح وحنيناً وتأمر ُب أياـ النيب صلى اهلل عليو وسلم واحتبس أدراعو والمتو ُب سبيل
اهلل ،وحارب أىل الردة ومسيلمة وغزا العراؽ واستظهر ٍب اخًتؽ الربية السماوية ْتيث
قطع ا١تفازة من حد العراؽ إىل أوؿ الشاـ ُب ٜتس لياؿ ُب عسكر معو ،وشهد حروب
الشاـ ،ومل يبق ُب جسده قيد شرب إال وعليو طابع الشهادة ،عاش ستُت سنة ،وقتل
ٚتاعة من األبطاؿ ،ومات على فراشو فبل قرت أعُت اٞتبناء .اىػ ووصل شغفو ٔتشروعو
إىل
أحب ّ
إيل فيها عروس أنا ٢تا ٤تب ّوحبو لو وانتماؤه إليو حىت قاؿ :ما من ليلة يُهدى ّ
أصبح فيها العدو " وتع ّذر ُب آخر حياتو عن
من ليلة شديدة الربد كثَتة اٞتليد ُب سرية ّ
ٖٔ
بعده عن انشغاؿ ٔتشروعو عن كتاب اهلل تعاىل قائبلً :منعٍت اٞتهاد كثَتاً من القراءة . .
وىا ىو يبكي ُب آخر ٟتظاتو ُب الدنيا ،ويكتب لنا ٔتداد من ذىب عظمة ا١تشروع ُب
حياتو قائبلً :لقيت كذا وكذا زحفاً ،وما ُب جسدي شرب إال وفيو ضربة بسيف أو رمية
بسهم ،وىا أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما ديوت البعَت فبل نامت أعُت اٞتبناء .
عائشة بنت أيب بكر الصديق رضي اهلل تعاىل عنها وأرضاىا كاف مشروعها الذي عاشت لو
حياهتا " العلم " حىت بلغ مسندىا " ألفُت ومئتُت وعشرة أحاديث " قاؿ الذىيب :وال
أعلم ُب أمة ٤تمد صلى اهلل عليو وسلم من النساء ،بل وال ُب النساء مطلقاً امرأة أعلم
منها .اىػ
أبو ىريرة الصحايب اٞتليل رضي اهلل تعاىل عنو صاحب مشروع عاش لو ٟتظاتو ،وبذؿ
فيو أوقاتو ،وأودع فيو كل ما ديلك من جهد وُب النهاية غادر أبو ىريرة الدنيا ،وظل
مشروعو هنراً دافقاً جيري ُب جسد األمة حيييها كل ٟتظة ،ويهتف هبا إىل رحاب السنة
النبوية كل حُت .عاش ١تشروعو وحفظ الوحي وال يذكر نبيك صلى اهلل عليو وسلم اليوـ
ُب ٣تلس أو لقاء أو درس أو اجتماع إال وبصحبتو ىذا الصحايب اٞتليل رضي اهلل تعاىل
عنو .فكم ىي منن ا١تشاريع على أصحاهبا !
ٕٖ
أصحاب ا١تشاريع
(ٕ)
من الكبار الذين صنعوا مشاريعهم ،وعرفوا الفكرة اٟتية اليت يعيشوف من أجلها ،وأدركوا
أف قيمة اإلنساف من خبلؿ مشروعو الذي يدفع بو ُب تاريخ أمتو :البخاري رٛتو اهلل تعاىل
ومشروعو العمري حفظ حديث رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ،بدأت رحلة مشروعو
واستنهض مهتو لو وىو ُب سن العاشرة ومل يًتكو حىت رحل من الدنيا وعمره اثنتاف وستوف
سنة وقضى ُب مشروعو ما يزيد على ٜتسُت سنة .
مل يكن مشروع البخاري الذي تراه األمة اليوـ هبذا اٟتجم وليد ٟتظات باردة ..كبل وإمنا
يدوف حديثاً
كاف ضجيع التعب وا٢تموـ وا١تعاناة الكربى ،بلغ من عنايتو ٔتشروعو أنو مل ّ
واحداً ُب كتابو الصحيح حىت يغتسل ويصلي ركعتُت ،ومل يرحل صاحب ا١تشروع حىت
اعًتؼ لو أصحاب الشأف ورفقاء الدرب بلقب أمَت ا١تؤمنُت ُب اٟتديث ،حىت قاؿ ابن
خزدية واصفاً صاحب ا١تشروع " :ما ٖتت أدمي السماء أعلم باٟتديث من ٤تمد بن
إٝتاعيل البخاري .وقاؿ أبو جعفر ٝتعت حيِت بن جعفر يقوؿ " لو ق ّدر يل أف أزيد ُب
عمر ٤تمد بن اٝتاعيل من عمري لفعلت ل فإف موٌب يكوف موت رجل واحد ،وموتو
وودع البخاري الدنيا وترؾ لنا صحيحو عبلمة شاىدة على روح مشروعو ذىاب العلم ّ .
وأثره ،ويكفيو شرفاً وقدراً ورفعة أف أقاـ النيب صلى اهلل عليو وسلم بُت األمة ناطقاً ُب كل
ٟتظة إىل قياـ الساعة .
ٖٖ
اٟتافظ ابن حجر ػ رٛتو اهلل تعاىل ػ ومشروعو " تأليف كتاب فتح الباري الذي شرح فيو
صحيح البخاري " وقضى ُب مشروعو ٜتسة وعشرين عاماً ،حىت قاؿ الشوكاين رٛتو اهلل
تعاىل :ال ىجرة بعد الفتح .اىػ وىا ىي األمة من تاريخ اٟتافظ إىل يومها ىذا تعد الفتح
أعظم ا١تشاريع اليت ُخطت لبياف جبللة أصح كتاب بعد كتاب اهلل تعاىل .
أبو حنيفة رٛتو اهلل تعاىل ،ومالك بن أنس ،و٤تمد بن إدريس الشافعي ،وأٛتد بن حنبل
األئمة األربعة الكبار ّرواد ا١تشاريع ،وصانعو التاريخ ،وأصحاب ا١تذاىب ا١تشهورة واليت ال
زالت األمة تتعلّم منهم ،وهتتدي للحق من خبلؿ مشاريعهم ،و٘تضي سالكة إىل رهبا
تعاىل من خبلؿ التفقو على مذاىبهم .
ابن خلدوف ،عبد الرٛتن بن ٤تمد بن خلدوف رٛتو اهلل تعاىل وقد قدـ لؤلمة مشروعاً فكرياً
كبَتاً ٘تثّل ُب كتابو " العرب وديواف ا١تبتدأ وا٠ترب ،وألثر ا١تشروع وأمهيتو ُب حياة األمم اليوـ
رفع بو ابن خلدوف إىل كبار ا١تفكرين حىت قيل عن مشروعو :عمل مل يقم ٔتثلو إنساف ُب
أي زماف ومكاف .
جابر بن حياف ،ومشروعو علم الكيمياء الذي برع فيو وصرؼ لو كل ما ديلك من وقت
وجهد وعناء حىت صار ىذا العلم يعرؼ بو فيقاؿ :علم جابر ،حىت قاؿ عنو ابن
خلدوف :إماـ ا١تدونُت ػ ُب علم الكيمياء ػ جابر بن حياف ،حىت إهنم خيصوهنا بو فيسموهنا
" علم جابر" ولو فيها سبعوف رسالة .اىػ وعُد صاحب ا١تشروع أوؿ من أدخل التجربة
العلمية ا١تخربية ُب منهج البحث العلمي ،وقد عكف على مشروعو واىتم بو وعٍت
بنجاحو ،وكتب فيو مؤلفات وترٚتت ىذه الكتب إىل اللغة البلتينية وظلت ىذه الكتب
ىي ا١ترجع األوَب للكيمياء قريباً من ألف عاـ.
ٖٗ
٤تمد بن موسى ا٠توارزمي ومشروعو علم اٞترب والذي يعرؼ باٝتو إىل اليوـ ُب ببلد الدنيا ،
واعًتؼ علماء الغرب قاطبة بأثره ُب علم اٞترب ووصفوه بأنو أعظم رياضي ُب عصره ،بل
عده بعضهم أعظم رياضي ُب كافة العصور ..وىذا كلو يدلك على عظم مشروعو ُب
األرض ،وأثره ُب ٖتريك اٟتركة العلمية ُب اٟتياة ومناذج أخرى ٦تاثلة ُب الساحة العلمية
التجريبية كالرازي أحد أعبلـ الطب ،وابن النفيس ،ومالك بن نيب ُب مشروعو الفكري ،
وأيب األعلى ا١تودودي ،وآخرين على ذات الطريق أسهموا ّتبلء ُب تقدـ األمة ،وكتابة
تارخيها ا١تثَت .
سليماف بن عبد العزيز الراجحي ُ ،ب مشروعو ا١تايل ،بدأت رحلتو ١تشروعو ُب سن العاشرة
أو قبل ذلك بقليل ،وظل مرابطاً على ىذا ا١تشروع ،وقدـ لو ما يستحق أف يكوف بو كبَتاً
،وىا ىو يدفع بو ُب تاريخ األمة من أوسع نطاؽ .
ٖ٘
أصحاب ا١تشاريع
(ٖ)
من الكبار الذين مل يرحلوا من الدنيا حىت صنعوا فيها واقعاً هبيجاً ،ومدوا ُب مساحتها
عبد الرٛتن السميط ُب مشروعو الدعوي ،ترؾ ألجل مشروعو الوطن ،ورحل إىل ببلد
غَت القارة " ومضت األياـ وىا ىو يعانق بطموحو
إفريقيا حىت قيل ُب وصفو " الرجل الذي ّ
اجملد ،ويقف مشروعو ماثبلً بعد أف استوى على سوقو ،ولعلو بلغك أف إحدى النتائج
لذلك ا١تشروع اليوـ إسبلـ ما يزيد على ستة عشر مليوناً من غَت الربامج وا١تشروعات
العلمية ،والطبية ،واالجتماعية ،وغداً بُت يدي اهلل تعاىل تبُت الفوارؽ بُت العا١تُت .
األلباين رٛتو اهلل تعاىل ومشروعو ٖتقيق حديث النيب صلى اهلل عليو وسلم " أعظم ا١تشاريع
ُب العصر اٟتاضر ،وأزكاىا أثراً ُب حياة األمة ،وقد عاش مشروعو كل ٟتظات عمره ،
وٖتوؿ بو من صاحب ٤تل ال يتجاوز مًتين يُصلح فيو بضع ساعات إىل الدنيا قاطبةّ
يكتب فيها أعظم الذكريات ! وال تكاد اليوـ تسمع درساً أو خطبة أو كلمة ُب أصقاع
األرض إال وىو حاضر فيها باسط الذكريات !
مشروع " قنوات اجملد الفضائية " والذي يعد باكورة ا١تشاريع اإلعبلمية الرائدة على مستوى
األمة ،وتقدـ من خبلؿ ىذه ا١تشروع قيم الدين ،وتبٍت توجهات األجياؿ ،وتعُت على
بلوغ الناس لغاياهتم الكربى ُب اٟتياة .
٤تمد يوسف سييت ،باكستاين اٞتنسية ،بدأ مشروعو ُب ببلده ٍب قدـ مكة ليستكمل فيها
رحلة ا١تشروع ،وأنشأ أوؿ ٚتعية لتحفيظ القرآف ٔتكة ا١تكرمة عاـ ( ٕٖٔٛىػ ) وجلب
ٖٙ
٢تذه اٞتمعية معلمُت من باكستاف ٍ ،ب توجو بعد عامُت من نشوء اٞتمعية ُب مكة ا١تكرمة
إىل ا١تدينة النبوية وأنشأ هبا ٚتعية ٖتفيظ القرآف الكرمي با١تدينة عاـ ( ٖٗٔٛىػ ) ٍب بعد
مضي عامُت توجو إىل مدينة الرياض وأنشأ هبا ٚتعية ٖتفيظ القرآف الكرمي عاـ ( ٖٔٛٙىػ
) ورحل ٤تمد يوسف سييت ولقي ربو ،وتواصل بعده ذلك ا١تشروع ُب مدف ا١تملكة العربية
السعودية ،وببلد العامل اإلسبلمي ،وما تراه اليوـ من ىذه اٞتموع ا١تباركة من علماء وأئمة
ورواد إصبلح ىي بعض ٙتار مشروعو الكبَت .ٔ .
وخطباء وطبلب علم ّ
٤تمد توفيق :الرجل ا١تؤسسة كما يصفو بعض الكتاب ،مشروعو دعوة غَت ا١تسلمُت إىل
اإلسبلـ ،امتد مشروعو إىل ما يزيد على السبعُت عاماً ،بدأت فكرة ا١تشروع لدى الرجل
٦تا رآه من افتتاف العرب وا١تسلمُت باألجانب ،يقوؿ فإذا استطعت أف أقنع ىؤالء
األجانب باإلسبلـ أجربنا ا١تفتونُت لبللتفات إىل عظمة ديننا وااللتزاـ بو ،انطلق مشروعو
وكانت سياستو أال يًتؾ من يبدأ ُب دعوتو إال بعد أف يعلن الشهادتُت ،وكانت أقصر مدة
للدعوة شهرين ،وأطوؿ مدة خاضها سبعة عشر عاماً ،وواصل مشروعو ،واستمر فيو ،
وأسلم على يديو آالؼ ،من ىؤالء قسيس يعمل أستاذاً لؤلدب ُب جامعة الفاتيكاف ،
وقاضي جزيرة ساف موريس ،والقائد ا٢تولندي " كلنجر " الذي أٝتى نفسو " ٤تمد توفيق
كلنجر " تيمناً باسم صديقو ٤تمد توفيق ،وناىض التسعُت عاماً من عمره وىو ال يزاؿ
ينوء ٔتشروعو وحيلم بتحقيق آمالو ُب اٟتياة .
عبد اٟتميد بن ب اديس رٛتو اهلل تعاىل ُب مشروعو الدعوي أياـ االحتبلؿ الفرنسي للجزائر ،
خاض مشروعو بعد احتبلؿ اٞتزائر بستُت سنة من خبلؿ دروس العلم ،والدعوة ،
ٔ
الفواز
ػ ٣تلة البيا ف ،العدد ( ٖٕ٘ ) لكاتبو /خالد بن عبد اهلل ّ
ٖٚ
كوف لبنات ىي اليت سامهت ُب استعادة
ومشاريع اإلصبلح على تنوعها .ومل يرحل حىت ّ
الببلد أرضها ،وبدأت رحلة اٟترية ُب وقعها من جديد .
أٛتد ديدات رٛتو اهلل تعاىل من خبلؿ مشروعو ( الدعوة لئلسبلـ ) من خبلؿ ا١تناظرات
والندوات واحملاضرات والكتب وا١تعاىد الشرعية لتخريج الدعاة لئلسبلـ وفتح اهلل تعاىل
على يديو من خبلؿ ىذا ا١تشروع آفاقاً واسعة ،ولو مل يكن من أثره إىل طالبو اليافع
الداعية ا٢تندي ( ذاكر ) الذي ديد ُب رقعة ىذا الدين من خبلؿ ذات ا١تشروع لكاف كافياً
ُب ا١تقاـ .
كوف بو طبلباًعبد اهلل القرعاوي رٛتو اهلل تعاىل ُب مشروعو الدعوي والعلمي والذي ّ
كحافظ حكمي ،وعبد اهلل البساـ ،وعبد اهلل بن عقيل رٛتهم اهلل تعاىل ،وفتح بو آفاقاً
للدعوة من خبلؿ فتح ا١تدارس وبناء ا١تساجد وتعليم الناس من القصيم مروراً باٟتجاز إىل
اليمن .وكم من أجياؿ تروي أثره ،و٘تد ُب قصة مشروعو ،وتبعث ُب أحبلمو ،وتعيد
ذكرياتو ُب الواقع من جديد .
د علي بن عبد اهلل الفقيو والذي حوؿ ٛتبلت ا١تبلريا اليت تقيمها وزارة الصحة ُب ا١تملكة
العربية السعودية إىل مشروع صحي ضخم ( ٚتعية زمزـ للخدمات الصحية التطوعية )
واليت ىي اليوـ شامة ُب العمل ا٠تَتي ُب ىذه الببلد ،وصنع من ٤تافظة القنفذة من خبلؿ
العمل على تأىيل طاقاهتا حكاية من أمل كانت أمنية ُب مساحة ضيقة وىي اليوـ أفسح
ما تكوف ُب األرض ،ورحل رٛتو اهلل تعاىل من الدنيا وىو ُب باكر شبابو ،وخلّف ُٛتّاالً
للرسالة ،وصناعاً للمشاريع ،وكم من أثر حيكي قصة ! وتاريخ ديد ُب مساحة ،وشواىد
تدفع بآماؿ ذلك ا١تشروع من خبلؿ ىذه الذكريات !.
ٖٛ
أصحاب ا١تشاريع
(ٗ)
حفظي سائق شاحنة ُب أوربا أراد أف يشارؾ ُب بناء أمتو ،وحيقق حلمو من خبلؿ مشروع
اإلذاعة فصنع إذاعة ُب النمسا يبث منها دين اهلل تعاىل إىل أقطار األرض ،بدأ مشروعو
من خبلؿ صناعة مقاطع نشيد ٍب ٖتولت الفكرة إىل إذاعة يسجل فيها ٤تاضرات العلماء
ٍب يبثها للعامل ،ويستجلب دعاة يشاركوف ُب اإلذاعة بشكل مباشر ٍ ،ب توسعت ىذه
اإلذاعة ،وأصبحت تبث للعامل ما يثَت شجوف صاحبها وآماؿ أمتو .واستطاع سائق
الشاحنة أف يدخل صفوؼ الكبار ،ويفقو لغة ا١تشاريع ،ويعيش ُب جزء من األرض ينوء
بأٛتاؿ مشروع ،ومهوـ أمة ،وٖتديات واقع .
ا١ترأة السوداء قصة مشروع مثَت ُب الواقع ُب زمن النيب صلى اهلل عليو وسلم قصدت تأخَته
إىل ىذه ا١تساحة خشيت أنك تقرأ صناع ا١تشاريع والتجارب الضخمة وحيوؿ حجم
ا١تشاريع بينك وبُت أمانيك .
ىذه ا١ترأة استطاعت أف تقرأ قدراهتا وإمكاناهتا بوعي فحددت مشروعها بناء على تلك
خباء ُب ا١تسجد ،وعكفت على تنظيف ا١تسجد وحُت القدرات واإلمكانات فبنت ٢تا ً
رحلت من األرض ُب ساعة متأخرة من الليل غسلها الصحاب ة وصلوا عليها ودفنوىا ومل
يبلغوا نيب اهلل صلى اهلل عليو وسلم برحيلها ،وحُت جاء الفجر فجع النيب صلى اهلل عليو
وسلم برحيل صاحبة وسأؿ عنها وتأسف على فواهتا وعتب على الصحابة ُب عدـ إببلغو
ٍب ديم وجهو إىل قربىا صلى اهلل عليو وسلم موادعاً .إف ا١تثَت أف صانعة ىذا ا١تشروع امرأة
ٖٜ
،ضعيفة اإلمكانات واستطاعت رغم ىذه الظروؼ أف ٖتدد قدراهتا ،وتتعرؼ على
إمكاناهتا ٍب ٖتدد مشروعها وتبدأ رحلة العمل حىت أتت ُب النهاية منو على أهبج
اللحظات.
إنٍت أذ ّكرؾ ُب ختاـ جولة ىؤالء الكبار أف اعتناؽ ىذه الفكرة ( مشروع العمر ) ليست
حكراً على أحد ،وال حيكمها سن ،وال بيئة ،وال ظروؼ فقط ٖتتاج صاحب ىم وإرادة
وٖتديات وىي كافية ُب عناؽ ىذه الفكرة ،وصناعة أحبلمها ُب الواقع القريب بإذف اهلل
تعاىل .
إضاءة ُ :ب باب االستئذاف ال تطرؽ على باب فػ ػػوؽ ثبلث وُب باب طلب اجملد ال تًتؾ
ذلك الباب حىت يفتح لك .
ٓٗ
ٗٔ
مشاريع مقًتحة
ا١تشاريع اليت ديكن أف ينتسب ٢تا اإلنساف كثَتة ،و٥تتلفة ،ومتنوعة ،وديكن لك أف ٗتتار
مشروعك ُب اٟتياة كما تريد ،وسأعرض لك ىنا بعضاً من ا١تشاريع اليت ديكن أف تكوف
إضاءة على طريق ىذا العامل الفسيح ُب حياتك ُب مستقبل األياـ .
من تلك ا١تشاريع :إغاثة الفقراء وا١تساكُت وا١تعوقُت واألرامل واأليتاـ وتفريج كرهبم وسد
حاجتهم ولو مل يكن ُب ذلك إال قوؿ النيب صلى اهلل عليو وسلم " أنا وكافل اليتيم كهاتُت
ُب اٞتنة ) وقولو صلى اهلل عليو وسلم ( :الساعي على األرملة وا١تسكُت كاجملاىد ُب سبيل
اهلل ) لكاف كافياً ُب ا١تقاـ .
ومن تلك ا١تشاريع :اإلصبلح بُت الناس ،وسد ما بينهم من شقاؽ ،ووأد ا٠تبلؼ والنزاع
،وسد ثغرات الفرقة ،وٚتع مشل ا١تفًتقُت بكلمة صاٟت ة ،وجهد مبارؾ ،وعمل دؤوب ،
وقد قاؿ اهلل تعاىل مباركاً ىذا ا١تشروع وداعياً إليو مهم الكبار " ال خَت ُب كثَت من ٧تواىم
إال من أمر بصدقة أو معروؼ أو إصبلح بُت الناس ،ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات اهلل
ب صلَّى اللَّوُ َعَلْي ِو َو َسلَّ َم متمماً لذلك " :أَ َح ُّ فسوؼ نؤتيو أجراً عظيماً " وقاؿ رس ُ ِ
وؿ اللَّو َ َُ
َع َم ِاؿ إِ َىل اللَّ ِو تَػ َع َاىل ُسُر ٌور تُ ْد ِخلُوُ َعلَى ب األ ْ َّاس إِ َىل اللَّ ِو تَػ َع َاىل أَنْػ َفعُ ُه ْم لِلن ِ
َّاس َ ،وأَ َح ُّ الن ِ
وعا َ ،وألَ ْف أَ ْم ِش َي َم َع ِ ِ ِ
ف َعْنوُ ُكْربَ ًة ،أَْو تَػ ْقضي َعْنوُ َديْػًنا ،أَْو تَطُْرُد َعْنوُ ُج ً ُم ْسل ٍم ،أَْو تَ َكش ُ
ف ُِب َى َذا الْ َم ْس ِج ِد يَػ ْعٍِت َم ْس ِج َد الْ َم ِديَن ِة َش ْهًرا َ ،وَم َن ِ أَ ِخ ُِب حاج ٍة أَح ُّ ِ
ب إِ ََّيل م ْن أَ ْف أَ ْعَتك َ َ َ َ
ضاهُ َمؤلَ اللَّوُ قَػلَْبوُ َر َج ً
اء اء أَ ْف ديُْ ِضَيوُ أَ ْم َ ضَبوُ َسَتػَر اللَّوُ َع ْوَرتَوُ َ ،وَم ْن َكظَ َم َغْيظَوُ َولَْو َش َف َغ َ َك َّ
ت اللَّوُ قَ َد َموُ يَػ ْوَـ تَػُز ُ يػوـ الِْقيام ِة ،ومن م َشى مع أَ ِخ ِيو ُِب ح ٍ
وؿ اجة َح َّىت يَػَتػ َهيَّأَ لَوُ أَثػَْب ََ َ َْ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ
األَقْ َد ِاـ.
ٕٗ
ومن تلك ا١تشاريع :أف يكوف اإلنساف طبيباً نافعاً مباركاً ُب أمتو ،ويتوىل سد فرض من
فروض ال كفاية على ا١تسلمُت ،ويكفيهم أثر التويل عن ىذه الوظائف اليت ال تقوـ مصاحل
ا١تسلمُت إال هبا فيقوـ على رعاية ا١ترضى ،ويتوىل مهوـ الناس ومشكبلهتم الصحية
والنفسية ،ويقوـ على نشر ثقافة العلم الذي حيملو ،ويكوف بذلك درعاً واقياً من األمراض
واألوبئة ،وحييي ُب ٣تتمعو ووطنو وأمتو مفهوـ الصحة وأثرىا ُب ٖتقيق اٟتياة الكردية للناس
( وينتسب إىل صفوؼ الدعاة مئات األطباء ولكن ٜتسُت منهم ديكن أف يكونوا من
اٞتراح جيري أ لف عملية خبلؿ عشر سنوات على األقل ومع كل صّناع اٟتياة حقاً ...فإف ّ
ُ
عملية يشكره أبن اء ا١تريض وأشقاؤه وأصدقاؤه وجَتانو ،فإذا كاف نبهاً انتقى منهم عشرة
فوطّد هبم عبلقتو ويظل يتصل هبم تلفونياً وبا١تراسلة ويبارؾ أعيادىم ،ويعزيهم عند
ا١تصائب ويرسل ٢تم الكتب واألشرطة وىو خبلؿ كل ذلك يؤّذف فيهم أف آمنوا ،وأف
اإلسبلـ حق ،وأف رجاؿ اإلسبلـ أخي ار .ويعاونو سكرتارية نشطة وتقوـ بتذكَته فيحصل
بذلك على والء واحد على األقل منهم حىت لو أىدرنا التسعة ،أي يقدـ للدعوة ألف ويل
خبلؿ حياتو الطبية الدعوية ،أي ٖتوز الدعوة ٜتسُت ألفاً عرب أذاف األطباء ا٠تمسُت من
صّناع اٟتياة ..الراشد ،صناعة اٟتياة )
ُ
ومن تلك ا١تشاريع :أف يكوف اإلنساف مهندساً جاداً ُب رسالتو ،كبَتاً ُب واقعو ،ويصنع
قدوة صاٟتة ُب ٛتل فروض الكفايات عن ا١تسلمُت ،ويقوـ على حوائج الناس ويبٍت
مفاىيم العمراف ،واٟتضارة اإلسبلمية ( .وا١تهندس ا١تعماري من أىم صناع اٟتياة فإف
بعض عجينة النحل يكمن ُب سداسياهتا ،ونصف ٚتاؿ اٟتياة بُت جناحي فراشة ..
ا١تدينة اٞتميلة جزء من اٟتياة ..الراشد ،صناعة اٟتياة )
ٖٗ
ومن تلك ا١تشاريع :مشروع التعليم ،وىو من أعظم مشاريع األمة وأكثرىا أثراً ُب الواقع .
وإذا صحت النية ُب مشروع كهذا ناؿ بو اإلنساف خَتي الدنيا واآلخرة ،وحاجة األمة إليو
أكثر من كل حاجة ،ولو وجدت األمة اليوـ من يقوـ على ىذا ا١تشروع ويرعاه ويقوـ
بواجبو كما أريد لو لتغَت وجو األمة وعادت كما كانت ُب صدر الزماف .
ومن تلك ا١تشاريع :مشروع الًتبية ألبناء ا١تسلمُت ،والعناية بتخريج أجياؿ تفهم ىذا
اإلسبلـ فهماً صحيحاً ،وتقوـ ْتقو ُب العا١تُت ،وا١تشاريع الًتبوية بالذات من أكثر
ا١تشاريع أثراً ُب تقدـ األمة وصناعة ٣تدىا ،وكتابة تارخيها ،وكل مشروع يقوـ على بناء
ىذا اإلنساف ،ويصوغ مفاىيمو ،ويبٍت قيمو يأٌب على آماؿ األمة من أوسع األبواب .
ومن تلك ا١تشاريع :مشروع دعوة اٞتاليات ،وىو مشروع يزيد ُب مساحة ىذا الدين
ويوسع من أثره ،ويدفع بو إىل آمالو العراض ،وقد قاؿ النيب صلى اهلل عليو وسلم مبيناً
ّ
أثر ىذا ا١تشروع على صاحبو " :لئن يهدي اهلل بك رجبلً واحداً خَت لك من ٛتر النعم "
ومن تلك ا١تشاريع :القياـ على حفظ كتاب اهلل تعاىل وفهمو وتدبره وتعميم أثره ُب
نصب
العا١تُت ،وقد قاؿ صلى اهلل عليو وسلم " خَتكم من تعلم القرآف وعلمو " وسواء ّ
اإلنساف نفسو ٢تذا ا١تشروع بأف جلس ألبناء ا١تسلمُت معلماً لكتاب اهلل تعاىل ،أو قاـ
على ا١تشروع إدارة ومتابعة وإثر ًاء فكل ذلك ُب عداد ا١تشاريع .
وقد يكوف مشروع اإلنساف مشروعاً إعبلمياً يتوىل صياغة عقوؿ األمة ويبٍت مفاىيمها ،
ويصوغ قيمها من خبلؿ برامج ومشروعات قيمية مؤثرة ،ويلعب ىذا ا١تشروع اليوـ دوراً
ٗٗ
خطَتاً ُب واقع األمة إجياباً وسلباً ،ومامل جيد صّناعاً لفكرتو ،وكباراً ُب إدارة مشروعو وإال
خسرت األمة من خبللو شيئاً كبَتاً .
وقد يكوف مشروع اإلنساف ترٚتة الكتب وا١تقاالت والعلوـ اليت تفيد اإلنساف ُب حياتو
العلمية أو العملية .
وقد يكوف مشروع اإلنساف بناء األسرة ا١تسلمة على منهج اهلل تعاىل ،وسنة نبيو صلى اهلل
عليو وسلم ،وإعدادىا حىت تكوف قادرة على ٛتل رسالتها وتويل قضاياىا بناء ٢تا ودفاعاً
عنها .على أنٍت أذكرؾ أيها الكبَت ُب مهومك أف مثل ىذه ا١تشاريع ٣ترد أمثلة ،وأنت
أعرؼ ٔتا خيصك منها ،وما يناسب ميولك ،وما تأٌب إليو نفسك ،وإياؾ أف تشارؾ ُب
مشروع ال عبلقة لك بو ،وال رابطة بينك وبينو .وا٠تيار لك ،وأنت ا١تسؤوؿ األوؿ
واألخَت عن ذلك ،وا٠تيارات كثَتة ومتنوعة ،وكل مشروع ديد ُب مساحة دينك ديكنك
أف تعتنقو وتأٌب على آمالك من خبللو .
إف األبواب اليت ندعوؾ إليها ياصاحيب كثَتة ال تكاد ُٖتصى وما سطرناه لك ىنا سوى
كل الدعاة فبلسفة أو شعراء وإمنا ىي مئة صناعة أمثلة ( ونظرية صناعة اٟتياة ال تريد َّ
ومهنة وٗتصص وفن ،وما نظن أحداً يقف هبذه األبواب ا١تئة يطرقها ٍب ال يُفتح لو باب
يلج منو إىل دار االجتهاد وركن اإلبداع ،ونظريتنا بريئة من إرىاؽ أحد وإعناتو وإحراجو ،
بل دوف الذكي االخ تيار اٟتر يرسم لنفسو الدور الذي يشاء إذا شاء اهلل ،وكل الطرؽ
تودي إىل القاىرة وصنعاء ،ويعقوب ما زاؿ يوصي أبناءه :يا بٍت ادخلوا من أبواب متفرقة
فقط يُراد لنا أف نثق بأنفسنا ...الراشد ،صناعة اٟتياة )
٘ٗ
مواصفات ا١تشروع
ا١تشروع الذي خيتاره اإلنساف لنفسو ليكوف مشروع عمره ُب اٟتياة البد أف يكوف مستوفياً
للمواصفات اليت ٘تنحو وصف ا١تشروع ،وترسم لو وجوداً من خبلؿ العمل والتضحية
والبناء .و٣تمل ىذه الصفات أربع :
الصفة األوىل ُب ا١تشروع :أف يكوف مشروعاً يصل بُت دنيا اإلنساف وآخرتو .وىذا ىو
األصل ُب حياة ا١تسلم ،ومل يكن ْتاجة إىل بياف لوال ىذه الفرقة اليت يراىا اإلنساف ُب
الواقع وقد أطربٍت ما قاؿ ٤تمد قطب ُب كتابو قبسات من الرسوؿ حُت قاؿ " :أوؿ ما
يتميز هبا اإلسبلـ أف طريق اآلخرة ىو طريق الدنيا
خيطر على الباؿ ىو ىذه العجيبة اليت ّ
ببل اختبلؼ وال افًتاؽ ،إهنما ليسا طريقُت منفصلُت أحدمها للدنيا واآلخر لآلخرة ! وإمنا
ىو طريق واحد يشمل ىذه وتلك ،ويربط ما بُت ىذه وتلك ،ليس ىناؾ طريق لآلخرة
اٝتو العبادة ،وطريق للدنيا اٝتو العمل ! وإمنا ىو طريق واحد أولو ُب الدنيا وآخره ُب
اآلخرة ،وىو طريق ال يفًتؽ فيو العمل عن العبادة ،وال العبادة عن العمل ،كبلمها شيء
واحد ُب نظر اإلسبلـ ،وكبلمها يسَت جنباً إىل جنب ُب ىذا الطريق الواحد ال طريق سواه
.اىػ إف ا١تشروع الذي يتبناه اإلنساف لنفسو ال بد أف يكوف ُب حس صاحبو أوالً ا١تشاركة
وا١تسامهة على األقل ُب بناء صرح األمة الكبَت ،وحُت خيلو ذىن اإلنساف من ىذا ا١تعٌت
فبل مفروح بعمل يقدمو ،وال ىدؼ يركض إليو ،وال حياة يسعى ُب ٖتقيقها من أجل
ذلك مهما بلغ ما يدفعو ُب ذلك من جهد وعمل .
ٗٙ
الصفة الثانية :أف تكوف ٤تباً ١تشروعك :وال شيء يصنع اإلبداع كاٟتب ! واألفكار اليت
٨تبها ٧تتاحها ٔتش اعرنا ،ونصنع ٢تا واقعاً من ال شيء ،وتعود ُب النهاية صرحاً شا٥تاً بعد
إف كانت ٣ترد فكرة عابرة .إف األعماؿ اليت ٧تد ٢تا واقعاً ُب نفوسنا ،ونقبل إليها و٨تن
نشعر أف بيننا وبينها صلة هنبها كل شيء ،ونشعر أهنا تقتات من قلوبنا قبل أف نصرؼ
عليها شيئاً من جهودنا وأموالنا .اٟتب وحده يصنع حكاية النجاح ،ويبٍت ٢تا سبلمل الرقي
ويقرب ٢تا مسافات النمو ،ويظل يسقيها ٔتاء األمل والفأؿ حىت يأٌب منها ُب النهاية
ّ ،
على كل شيء .وإذا أردت أف تصنع حكاية لبلستمتاع ُب واقعك فانصب حياتك كلها
لفكرة تعشقها ،ومشروع ٖتبو ،وقضية تعيش ٢تا وأعدؾ أف تتحوؿ تلك الصحاري
ا١تبسوطة ُب الواقع إىل مساحات شاسعة من الربيع .
الصفة الثالثة :أف يكوف مشروعك الذي اخًتتو متوافقاً مع قدراتك وإمكاناتك :وىذه
صفة غاية ُب األمهية ُب ٧تاح مشروعك ،ال بد أف يكوف ىذا ا١تشروع متوافقاً مع قدراتك
تتقمص مشروعاً ليس لك ! أو تتبٌت فكرة ال عبلقة لك هبا! أو
وإمكاناتك ،وإياؾ أف ّ
يسوقك اآلخروف إىل أفكارىم ،ومشاريعهم فتخسر وقتك ،وتفوت عليك فكرتك األصل
وتعود تبعاً آلخرين .وتبدأ رحلة خصاـ نكدة بينك وبُت أفكارؾ اليت تعيش ٢تا ومن
أجلها.
إف بعضاً من أصحاب ا١تشاريع يدفعهم الفرح ببعض ا١تشاريع اليت يروهنا ُب الواقع فيندفعوف
إىل تقليدىا ،و٤تاكاهتا ،وحياولوف جاىدين ُب جعلها مشاريعهم وواقعهم ورحلتهم ُب
اٟتياة ويفاجؤوف ُب النهاية أهنم مل يصلوا إىل شيء ،ويعودوف بعد فوات الزمن يبحثوف عن
الفكرة الضائعة ،وا١تشروع الصحيح ،وقد فات األواف .
ٗٚ
الصفة الرابعة :أف يكوف مشروعك مشروعاً ٦تكناً ُب الواقع إنك حُت ٗتتار مشروعك
حيز اإلمكاف ،وبُت يدي قدراتك وإمكاناتك
ينبغي أف ٗتتار مشروعاً قاببلً للتنفيذ ،وُب ّ
فبل ٗتتار مشروعاً ال ديكن أف يكوف لو واقع إما لكرب حجمو ،أو لعظمة إمكاناتو ،أو ١تا
يتطلبو من أدوات وأمواؿ ال ديكن لئلنساف بلوغها أو الوصوؿ إليها إال إذا كانت ىذه
ا١تعاين كلها ُب قدرة اإلنساف وإمكانو فذلك شيء آخر ،وال دينع اإلنساف تبعات ا١تشروع
وتكاليفو من اختياره إذا كاف حيبو وُب إمكانو .
على أنٍت أذكرؾ وأنت تقرأ ىػذه الصفات وتتأملها أهنا متكاملة ،فبل ديكن أف تأخذ
بعضها وتًتؾ بعضها اآلخر ،بل إف مل تتوافر ىذه الصفات األربع كلها ُب ذات ا١تشروع
الذي اخًتتو فلن هتنأ ٔتشروعك الذي ٖتب ،ولن تصل إىل أمانيك اليت تريد .
إضاءة :
كل األفكار اٞتميلة إذا مل تقتت من أرواح أصحػ ػ ػ ػػاهبا فلن ٕتد مكاناً مناسباً ،وواقعاً تُدىل
فيو بالثمػ ػػار .
ٗٛ
ٜٗ
تتعرؼ على مشروعك ؟
كيف ّ
(ٔ)
ىذا سؤاؿ ُب غاية األمهية ،حُت تعلم قدر ا١تشروع ،وأثره ،وأمهيتو ُب حياتك الشخصية
ودوره ا١تثَت ُب مد مساحة واقعك ،وتتوؽ نفسك إىل عناؽ ىذا اٟتلم ،وعيش ىػذه
اٟتقيقة الكربى ،وتبدأ رحلة البحث واألشواؽ إىل ىػذه األمنية ،ويضنيك التفكَت للوصوؿ
أتعرؼ على مشروعي ؟ ديكن حينها
لذات الفكرة ،ويًتدد ُب واقعك ىذا السؤاؿ :كيف ّ
أف نبدأ وإياؾ قصة البحث عن ىذه اٟتقيقة ُب األسطر القادمة من ىذا الكتاب ،فتعاؿ
معي إىل حيث أشواقك ! إىل ٟتظة عناؽ الغيث بأرض الربيع ،تعاىل إىل رحلة األفكار
اٟتية ،وقصص التاريخ ا١تثَتة ،وأحداث الواقع الكبَت ! ىات يدؾ ،عفواً قبل ذلك ىات
مشاعرؾ ،وأشواقك فرحلة األفكار مامل تضخها ا١تشاعر بقوة التصل ُب الغالب إىل هناية
الطريق .تعاؿ معي أحدثك عن الفكرة اٟتية ( مشروع العمر ) وأريك كيف تعثر عليها !
وكيف تلقى مشاعرؾ حُت تلقاىا !
قلت لك سابقاً :مشروع العمر :مشروع تتضح ُب ذىنك أىدافو ،وتستويل فكرتو على
فكرؾ وعقلك ،وتبذؿ لو ٚتيع طاقاتك .وإذا قرأت ىذا التعريف قراءة ٦تعنة أدركت كيف
تعثر على مشروعك ،وتصل إىل غايتك ،وتصل إىل أمانيك ! وإذا أردت أف تعثر على
مشروعك فبلبد أف يكوف ُب مشروعك الذي ٗتتاره ثبلثة جوانب :
األوؿ :أف يكوف ىذا ا١تشروع الذي ٗتتاره مشروعاً واضحاً لك ال لبس فيو ،تعرؼ
أىدافو ،وتدرؾ تفاصيلو ،وٖتدد مسافة الزمن اليت سيقطعها من عمرؾ ،ومساحة األرض
ٓ٘
اليت ستمشيها ُب سبيل الوصوؿ إليو .من الضرورة يا صاحيب أف تكوف أىداؼ مشروعك
واضحة ال لبس فيها ،كالفجر حُت يزيح ظبلـ الليل .وما تصنع ٔتشروع خيالطو الظبلـ
يف
عرض أو تعر ٌ
فبل ترى صورتو النهائية ،وال تبُت لك فيو مباىج ا٠تتاـ ! لو طُلب منك ٌ
١تشروعك انطلقت تبينو للسائل كأمنا ٖتكي قصة حياتك وأحبلمك ال فرؽ .إذا مل تعرؼ
تفاصيل مشروعك ،وأىدافو ،ونقطة النهاية فقد ال تبلغ أشواقك فيو !
الثاين :أف تستويل فكرة ا١تشروع على فكرؾ وعقلك :أحدثك ىنا عن االستيبلء ،عن
مشاعر اٟتب ،عن الشوؽ ،وإذا مل ٕتد ياصاحيب و٢تاً ُب قلبك ،وشوقاً ُب مشاعرؾ ،
وتنساؽ إليو ٔتجرد ٝتاع ذكره ،وتقبل إليو إقباؿ الراغب للماء ُب يوـ صائف بعد طوؿ
انتظار فبل مفروح بو ! االستيبلء الذي نتحدث عنو ىنا معٌت من الوالء يقوـ ُب قلب
صاحب ا١تشروع فيدفع من أجل مشروعو وقتو وفكره ومالو ومشاعره دوف مقابل !
االستيبلء ديكنك من السهر لساعات متأخرة من أجل مشروعك ،ويقيمك من أحلى
ٟتظات النوـ لتعانق فيها أحبلمك ،وحيملك على حزـ حقائب السفر من أجل ذات
الفكرة اليت تعيش من أجلها ،وجيعلك تقرر العودة من أجلو ولو كانت تكلفك كل شيء.
حُت تسافر من أجل تلك الفكرة ،وتقيم من أجلها ،وتستدين ٢تا وترى كل ما تصنع ال
يعنيك ُب شيء فتلك اللحظة ىي ٟتظة ميبلد مشروعك ُب اٟتياة .أٖتدث ىنا عن
االستيبلء الذي جعل الشيخ عطية سامل رٛتو اهلل تعاىل حُت أشكلت عليو مسألة علمية مل
يزؿ ُب ْتثها من الظهر إىل ضحى اليوـ الثاين ،وىو ذات الشغف الذي الزـ األلباين رٛتو
اهلل تعاىل فوقف على سبلمل مكتبتو ُب باكر يوـ يطالع كتاباً فلم يرعو إال أذاف اٞتامع
لصبلة الظهر.
ٔ٘
تعرؼ عليو ،ويثور فيك
حُت يستغرؽ بك التفكَت ُب مشروعك ،وتستثمر كل ٟتظة لل ّ
الشوؽ عند لقائو أو اٟتديث عنو فتلك من أبلغ دالئل االستيبلء اليت نتحدث عنها ُب
ىػذه اللحظة .االستيبلء ال ديكنك من االنتظار ،بل يسوقك الشوؽ إىل اللقاء ،ومن
التعرؼ
أعظم دالئلو كثرة اٟتديث عن مشروعك ،وسؤالك عن النجاح فيو ،وإٟتاحك ُب ّ
على وسائل جديدة لبلوغ غاياتو والوصوؿ إىل أمانيك فيو .
مشروعك ال ديكن أف يولد ُب نفسك إال ُب اللحظة اليت ٕتد فيها عمبلً تنساؽ لو دوف
شعور ،وتلهث وراءه دوف تفكَت ،وٗتطو خلفو دوف تأمل ..ىذه اللحظة ىي اللحظة
اليت ديكن أف نبارؾ لك فيها وجود مشروعك الشخصي .
فإف سألت ُب ىذه ا١ترحلة :ىل جيد صاحب ا١تشروع ىذه ا١تعاين من أوؿ وىلة ؟ وىل
يلقاىا ُب بداية الطريق ؟ فأقوؿ لك :ال ،ليس بالضرورة ،بل األصل أهنا تنمو مع
ت و٘تددت ُب حياتك .ال شيء ا١تشروع ،وكلما دفعت من وقتك ١تشروعك كلما َمنَ ْ
يتمكن من قلبك إال بعد طوؿ تفكَت ! الفكرة اٟتية يا صاحيب كاٟتُب ال فرؽ ! كلما
منحتها تفكَتؾ وأفضت ٢تا ٔتشاعرؾ وم ّكنتها من وقتك زادت مساحة االىتماـ هبا
و٘ت ّكنت من االستيبلء وانداحت ٢تا ا١تشاعر واألفكار .
الثالث :أف تبذؿ لو ٚتيع أوقاتك . .فإذا وجدت عمبلً من األعماؿ ُب أي ٣تاؿ وكنت
مستعداً تلك اللحظة أف تبذؿ فيو ٚتيع أوقاتك ،وتشعر ٔتتعة وراحة ُب ذلك الوقت فهذه
من دالئل عثورؾ على فكرتك اٟتية . .إف أوقاتنا ال ديكن أف تبذؿ بسخاء إال ُب عمل
٨تبو و٧تد ُب دقائقو ا١تتعة والراحة ،وحُت ٧تد ذلك العمل و٘تر بنا تلك اللحظات فهي
البُت على العثور عن ما نبحث عنو من سنوات .حُت تكوف مستعداً للتضحية من
الدليل ّ
ٕ٘
أجل مشروعك بكل ما ٘تلك ،تعطيو مشاعرؾ ُب التفكَت وجهدؾ ُب النظر ،وحياتك ُب
التأمل ٍ ،ب تصرؼ لو وقتك كلو ،و٘تنحو دقائق عمرؾ وٟتظات حياتك ،وترى أف كل
ذلك أرخص ما يكوف عندؾ وألذ دقائق عمرؾ فهذه عندي أصدؽ بينة على أنك عثرت
على مشروعك ،وبدأت رحلة ا٢توى اليت يبحث عنها السائلوف عن ىذا ا١تعٌت الكبَت .
إذا وجدت عمبلً هبذه ا١تواصفات الثبلث ،فقد وجدت مشروعك العمري ،وعثرت على
فكرتك اٟتية ،ولقيت أمنيتك الكربى ،وبدأت رحلة أشواقك ُب عامل اٟتياة من جديد
وخلػػفت وراءؾ ٚتاىَت كثَتة ما زالت تبحث عن ذات الفكرة ،وتلهث وراء أماين
َّ
ا١تشاريع.
إضاءة :
ٖ٘
تتعرؼ على مشروعك ؟
كيف ّ
(ٕ)
إف اختيار مشروع حياتك قرار ُب غاية األمهية ،وىو من أصعب القرارات اليت تتخذىا ُب
عمرؾ كلو ألنك ستعيش هبػذه الفكرة ما بقي من حياتك .اخًت مشروعاً ستعيش معو ما
بقي من عمرؾ ! عل يك أف تومن أف حسن اختيارؾ ١تشروعك ُب البداية ىو الكفيل بأف
تعيش مستمتعاً ُب حياتك ،مثَتاً ُب واقعك ،كبَتاً ُب أملك وٖتدياتك .
إنٍت أدعوؾ ُب ىذه اللحظة للعزلة ،سافر إىل مكاف ٕتد فيو متعتك ،وتشعر فيو
باالستقرار .اْتث عن مساحة من األرض ٕتد فيها ا٢تدوء ،وتلقى فيها الراحة ،وٗتلّص
من جوالك حىت ال تتعرض ُب أحرج ٟتظة من عمرؾ لقرار تندـ عليو طيلة حياتك
القادمة.
إذا وجدت ىذا الفراغ ،وىذه اللحظات من زمنك ،وتلك الفرصة الشعورية ُب ذىنك
فدوف ىذه األسئلة ُب دفًت خاص ٍب أجب على كل سؤاؿ منها :
ّ
السؤاؿ األوؿ :ما اىتماماتك ُب اٟتياة ؟
....................................
....................................
...................................
السؤاؿ الثاين :ما األعماؿ اليت تستمتع هبا ُب حياتك ؟
ٗ٘
.................................
...............................
...............................
السؤاؿ الثالث :من األشخاص الذين أُعجبت هبم ُب حياتك ؟
.........................................
.........................................
........................................
السؤاؿ الرابع ١ :تاذا أعجبت هبم دوف غَتىم ؟
........................................
........................................
........................................
السؤاؿ ا٠تامس :ما أسعد ٟتظات حياتك ؟
.........................................
.........................................
.........................................
السؤاؿ السادس :ما أىم ثبلثة أمور ُب حياتك ؟
..........................................
٘٘
...........................................
.........................................
السؤاؿ السابع :ما أىم أعمالك اليت تقوـ هبا يومياً ؟
.........................................
.........................................
........................................
السؤاؿ الثامن :ما أىم ثبلثة أمور ُب حياتك على اإلطبلؽ ؟
......................................
......................................
.......................................
خَتت بُت أعمالك اليومية ما العمل الذي لن تتخلى عنو ؟
السؤاؿ التاسع :لو ّ
.....................................
.....................................
.....................................
السؤاؿ العاشر :ما أىم نقاط قوتك ؟
......................................
......................................
٘ٙ
.......................................
السؤاؿ اٟتادي عشر :ما مهاراتك ومواىبك اليت ٘تتلكها ؟
.......................................
.......................................
.......................................
السؤاؿ الثاين عشر :ما األمنية اليت هتتف بقلبك كل ٟتظة ؟
......................................
......................................
.....................................
السؤاؿ الثالث عشر :لو دعيت إىل مكتبة أو معرض ما الركن الذي يستحوذ على وقتك
؟
....................................
....................................
....................................
السؤاؿ الرابع عشر :لو فتح لك موقع على النت أو مدونة ما ذا ستكتب فيها ؟
...................................
...................................
٘ٚ
....................................
السؤاؿ ا٠تامس عشر :لو اتصل بك صديق لتقدـ لو برنا٣تاً تدريبياً أو تلقي لو موضوعاً
ففي أي ٣تاؿ ستتحدث ؟
...................................
..................................
..................................
السؤاؿ السادس عشر :ما ذا تريد أف تكوف بعد عشرين سنة قادمة من حياتك ؟
....................................
...................................
..................................
وتتميز بو ُب حياتك ؟
السؤاؿ السابع عشر :ما اجملاؿ الذي تود أف تعرؼ بو بُت الناس ّ
.........................................
السؤاؿ الثامن عشر ُ :ب آخر اللحظات من عمرؾ ..اكتب عن مشروعك الذي تًتكو
قائماً بعد موتك ؟
........................................
.......................................
.......................................
٘ٛ
قد تأخذ منك ىذه األسئلة يوماً واحداً ،وقد تأخذ منك أسبوعاً كامبلً ،وقد تزيد على
ذلك فتصل إىل شهر ،وقد ٘تتد إىل أكثر من ذلك ألهنا أسئلة ٖتدد رحلتك ُب األرض
وتعينك على العثور على أعظم األفكار أثراً ُب اٟتياة ،وتكشف لك أوسع ا١تتع ُب
واقعك (مشروع العمر) ،وتكتب ميبلد حياتك من جديد .حُت تنتهي من اإلجابة عليها
أعد التأمل فيها من جديد ،خذ جولة ثانية ،وثالثة ،ورابعة ،وعاشرة فالفكرة حقيقة بكل
ما يُبػذؿ ُب سبيلها .فإف عثرت منها على مشروعك الشخصي فتلك األحبلـ الغائبة عثرت
عليها ،وتلك اآلماؿ اليت تبحث عنها وصلت إليها ،فإف مل يكن ،ومل تلق بعد فكرتك
الغائبة ،وأحبلمك الضائعة فتعاؿ معي إىل خطوة أخرى ُب ذات الطريق فلعلك تأٌب منها
إىل آمالك اليت تبحث عنها وأشواقك اليت تود عناؽ هناياهتا .
ٜ٘
تتعرؼ على مشروعك ؟
كيف ّ
(ٖ)
إف مشكلتنا أننا نغفل عن اكتشاؼ مقدراتنا الكربى ،ونتغافل عن كنوز ُب نفوسنا ال
ٖتتاج سوى الًتكيز .ما أحوجنا إىل بعث مقدراتنا ،اكتشاؼ طاقاتنا ،البحث عن الكنوز
ا١تدفونة ُب عا١تنا الكبَت .
ديكن أف يكوف ىذا البحث ذاتياً ،وديكن أف يستعُت فيو الباحث ببعض ا١تراكز ا١تتخصصة
اليت تعينك على اكتشاؼ تلك القدرات ا١تكنونة ُب نفسك ،وتفتح لك نافذة على أغوار
نفسك ،وٕتليات روحك .
دوف
إف مل تصل ،أو تعثر البحث ،أو مل تستطع الوصوؿ إىل ما ذكرت فخذ قلمك ،و ّ
سجلها على ورقة ،
األعماؿ وا١تشاريع اليت ٘تارسها أو ٖتبها وٕتد رغبة ُب ا١تشاركة فيها ّ ،
ٍب علقها على جدار منزلك أو ضعها على سطح مكتبك أو على شاشة حاسبك
الشخصي أو حىت ُب غرفة نومك ،ا١تهم أف تكوف تلك ا١تشاريع ٖتت نظرؾ تأخذ من
وتقرب لك مسافات تلك األماين .تأمل تلك ا١تشاريع ا١تكتوبة
وقتك ،وتذّكر هبمومك ّ ،
،وأعد النظر إليها ،وقلّب البصر فيها لًتى أين ٕتد قلبك ،ومشاعرؾ ،ورواء روحك !
ٓٙ
ما ا١تشروع الذي تنزع إليو روحك أكثر من غَته ! ما ا١تشروع الذي يستحوذ على قلبك ،
ويثَت فيك الفضوؿ ؟ قد قالوا يا صاحيب :شخ ص واحد لديو شغف أفضل من تسعة
وتسعُت شخصاً ال ديلكوف سوى االىتماـ .إنك حُت تعرضها أماـ نظرؾ كما تفعل اآلف
ال تبقي خيارات مفتوحة ُب عقلك ،وإمنا ٖتصر عقلك ونظرؾ ُب ىذه ا١تشاريع بالذات ،
وىذا يعطيك فرصة ا١تقارنة واالختيار .
ٔٙ
تيأس وكن معي فيما بقي من أسطر ىػذا الكتاب ،وال تقلق ،فاألفكار اٟتية مكلفة ،
و٣تهدة ،وٖتمل عناء ُب سبيل الوصوؿ إليها ،وبقي مساحات أرجو أف يكوف فيها ما
يعينك على الوصوؿ إىل أمانيك .
ٕٙ
تتعرؼ على مشروعك ؟
كيف ّ
( ٗ)
أعرؼ أرقك ،وأق ّدر فيك ىذا البحث للقاء أمنيتك ،وأشكر لك ىذا النفس الطويل ُب
سبيل عناؽ األفكار اٟتية .وأقوؿ لك :ديكنك أف تعثر على مشروعك من خبلؿ
اآلخرين سواء كانوا معلمُت أو أصدقاء أو زمبلء ،وُب التاريخ مناذج عثروا على مشاريعهم
من خبلؿ اآلخرين ،فهػذا البخاري صاحب الصحيح رٛتو اهلل تعاىل عثر على مشروعو من
تفرغ أحد لكتابة صحيح
خبلؿ مشورة ونصيحة وفكرة قا٢تا شيخو ُب لقاء قاؿ :لو ّ
السنة فتل ّقف ىذه الفكرة ،وصنع منها أضخم مشروع ُب األرض ( صحيح البخاري )
ومثلو الذىيب رٛتو اهلل تعاىل رأى شيخو خطو فقاؿ لو :إف خطك يشبو خط احملدثُت
فثارت ُب قلبو وفكره وبٌت من خبل٢تا مشروعو الكبَت .وقاؿ أبو حنيفة رٛتو اهلل تعاىل :
إالـ ٗتتلف ؟ فقلت :اختلف إىل
عيب وىو جالس فدعاين وقاؿ َ :الش ِّ
مررت يوماً على َّ
فبلف ل قاؿ :مل أعن إىل السوؽ عنيت االختبلؼ إىل العلماء ؟ فقلت لو :أنا قليل
االختبلؼ إليهم ،فقاؿ :ال تفعل ،وعليك بالنظر ُب العلم ،و٣تالسة العلماء ل فإين أرى
فيك يقظة وحركة .قاؿ :فوقع ُب قليب من قولو فًتكت االختبلؼ ػ ػ أي إىل السوؽ ػ ػ
وأخذت ُب العلم فنفعٍت اهلل تعاىل بقولو .اىػ ومثل ذلك الشافعي رٛتو اهلل تعاىل فقد
حكى ٖتولو من الشعر واألدب للفقو فقاؿ :كنت امرأً أكتب الشعر وآٌب البوادي فأٝتع
منهم وقدمت مكة وخرجت وأنا أ٘تثّل بشعر لبيد فضربٍت رجل من ورائي من اٟتَ َجبة فقاؿ
:رجل من قريش ٍب ابن ا١تطلب رضي من دينو ودنياه أف يكوف معلّماً !! ما الشعر ؟
ك اهلل .قاؿ :فنفعٍت اهلل بكبلـ ذلك ِ
الشعر إذا استحكمت فيو قعدت معلّماً ..تفقو يػُ ْعل َ
ٖٙ
اٟتجيب ورجعت إىل مكة وكتبت عن ابن عيينة ما شاء اهلل أف أكتب .اىػ ػ وجاء األلباين
رٛتو اهلل تعاىل بعد ذلك ليقوؿ لنا :إف الفكرة إذا استعمرت صاحبها وجد ٢تا فضاء ُب
أحلك الظروؼ وأضيق ا١تساحات .كاف ُب بداية حياتو يصلح الساعات ُب مساحة ال
تتجاوز ا١تًتين لكنو ١تا كاف شغوفاً بفكرة ،وباحثاً عن مشروع مل ٘تنعو ظروفو البائسة من
البحث عن الفكرة ا١تفقودة ُب حياتو وحُت وقعت ُب يده ٣تلة وقعت ُب يده الفكرة
الغائبة ورأى من خبل٢تا ٖتقيق العراقي إلحياء علوـ الدين للغزايل ،واستولت عليو تلك
األحرؼ ( صححو البخاري ،وحسنو الًتمذي ،وضعفو ابن ا١تديٍت ) فًتؾ ما ُب يده ،
ٖتوؿ من صانع ساعات إىل صانع عقوؿ ،ومن مساحة ا١تًتين إىل كل شرب من األرض ،
وّ
ومل يرحل حىت جعل من مشروعو ذكريات ستظل إىل قياـ الساعة .فقط أردت أف أقوؿ
تقرب ا١تسافات ،وجديتك تعلو فوؽ كل شيء . لك حلُ ُمك يصنع اٟتقيقة ،ورغبتك ّ
حُت تكوف جاداً ُب البحث ستلقى فكرتك اٟتية ،وستعثر على مشروعك الكبَت .
شاور من تعرؼ من زمبلئك ٦ت ن تثق فيو وتعرؼ قدرتو على حسن االختيار ،وكلما كاف
من تشاوره أعرؼ بقدراتك وألصق بك ،وأعرؼ بفكرة ا١تشروع كاف أقرب وألصق بالفكرة
وأىدى من غَته إىل الصواب .
قابل من تثق بو من ا١تدربُت ،وا١تستشارين من أىل الثقة وا٠تربة وا١تراس والعلم والعمل
والقدرة على حسن االختيار ،حاوؿ أف تلتقي أصحاب ا١تشاريع الذين ٢تم ٕتربة و٧تاح
ملموس ُب ٧تاح ا١تشروعات فقد ٕتد من خبلؿ تلك اللقاءات ما يفتح لك الطريق .فإف
عثرت على مشروعك وحلمك وأمنيتك وفكرتك اٟتية فذاؾ وإال فتعاؿ معي إىل آخر
خطوة ُب الطريق لعلك تلقي ما بقي فيها من أمل .
ٗٙ
تتعرؼ على مشروعك
كيف ّ
( ٘)
رائع ومثَت ىذا التصميم على الوصوؿ إىل مشروعك ! يعجبٍت فيك ىذا اإلصرار ومثلك
بإذف اهلل تعاىل أقرب إىل ٖتقيق مراده وعناؽ فكرتو .ديكنك الوصوؿ إىل فكرتك
ومشروعك من خبلؿ البحث ُب ا١تشاريع اليت ٖتتاجها األمة ،ال أعٍت أف تذىب تسد
ثغرة ُب األمة وحاجة ال تناسبك وال توافق ميولك ،كبل ،وإمنا أريدؾ أف تتأمل ُب ا١تشاريع
لتختار منها ما يناسب ميولك ويبعث مباىج اٟتياة ُب قلبك .قلت ذلك ألف كثَتين
يريدوف مناذج وأمثلة تساعدىم ُب العثور ،وتعينهم على التطبيق .
بقي أف أقوؿ لك أوصيك أف تنطرح بُت يدي اهلل تعاىل ،وتدمن دعاءه ،وتطيل الوقوؼ
بُت يديو ،وٗتر لو ذليبلً حقَتاً ال ٘تلك خياراً لنفسك إال بعد توفيقو وىدايتو لك .
ٗتَت ُب دعائك أوقات اإلجابة من السحر ،وساعة اٞتمعة ،وٟتظات السجود ،
ّ
وا٠تلوات وليكن ذلك كلو مع حسن رجاء وتوكل وصدؽ وإقباؿ .وكم من غائب ّقربو
الدعاء ! وكم من أمنية أحا٢تا واقعاً بعد طوؿ انتظار ! .
٘ٙ
استخر ربك تعاىل ،فإف رأيت بوارؽ توفيق ،أو وجدت أحبلمك اليت تريد ،وشعرت
بصفاء روحك ،ورضاىا ٔتا عرض ٢تا فهنيئاً ،وإال كرر ىذه االستخارة ،وإذا حسن
إقبالك قرب مطلوبك وتيسر لك ما تريد .فقط كن جاداً ُب الطريق ،صلباً أماـ العقبات
وال تستطل طريق أمنيتك فاألفكار اٟتية ٖتتاج إىل طوؿ أمل .وال تقف متلفتاً ُب الطريق
ووسع أثرؾ
،قاعداً منتظراً أف يفتح اهلل تعاىل لك ُب مشروع ،بل اعمل ،وق ّدـ لنفسك ّ ،
،ومد ُب مساحة دينك ُب أي ٣تاؿ تراه أقرب لنفسك ،واسعى ُب ذات الوقت للبحث
عن فكرتك اٟتية ،ومشروعك الكبَت .وإف لقيت مشروعك بعد ىذا البحث ،وعثرت
على فكرتك اٟتية فبل أقل من أف تبلغٍت ألفرح مثلك فعثورؾ على مشروعك ىو ُب ذات
الوقت عثوري أنا على ذات ا١تشروع!
ٙٙ
زساهة
ٙٚ
تعدد ا١تشاريع
إف وجود ا١تشروع ُب حياة أي إنساف ىو أعظم األدلة اليت نرى من خبل٢تا قدرة ذلك
اإلنساف على ا١تشاركة ُب عامل الكب ار ،والقدرة على ٖتويل ا١تثاؿ إىل واقع .ولن ٕتد
إنساناً يعيش مشروعو ،وجيهد ُب بنائو ،ويسعى ُب ٖتقيق غاياتو إال أدركت أنك أماـ
كبَت .
إف فكرة ا١تشروع ُب أساسها فكرة ال تقوـ جذلة قوية متينة إال ُب حياة إنساف متُت ُب
اإلرادة والقدرة وا١تبادرة وروح ا١تسؤولية بالدرجة اليت مكنتو من خوض الواقع بقوة وسلطتو
على استثمار ٟتظات حياتو بأمنت ما يكوف .
فإذا كاف ا١تشروع على عظمة ذكره وأثر واقعو وكثرة متطلباتو مل يكن مقنعاً إلنساف أف
يكوف ىو الوحيد ُب حياتو ،وتطلّع بشوؽ إىل مشروع آخر أو مشاريع أخرى يسد هبا
طاقاتو ،ويستثمر هبا ٟتظاتو ،ويكتب هبا تارخيو كونو أكرب من حجم ا١تشروع الواحد فإف
يوسع مساحة أثره ،ويكتب حظ أمتو بأكثر
األمة تبارؾ لو ىذه التطلعات ،وتدعوه أف ّ
من مشروع ،على أف يفقو أف تلك األمنية معلقة بشرطُت :
األوؿ :أف تكوف قدراتو وطاقاتو وإمكاناتو قابلة لذلك ،وٖتتمل أكثر من مشروع .فإذا
كاف ديلك ىذه الطاقات ،ولديو ا١تساحة الكافية لتحقيق مساحة أوسع وديكنو أف ديد ُب
أثر واقعو وأمتو إىل األفضل فإف التحجَت عليو وحصره ُب مشروع واحد ىدر ٢تذه اٞتهود ،
وتضييع ٢تذه القدرات ،وتفويت مصاحل ذاتية وٚتاعية .
ٙٛ
الثاين :أف ال يؤثّر كل مشروع على اآلخر :فإذا ٘تكن إنساف من كل مشروع بالقدر
الكاُب إلقامتو ،فبل مانع أف حيّلق ّتهده وعزديتو ُب بناء مشروع آخر .بشرط أال تكوف
وٗتاصم توجهو ،وتنازع وحدتو فبل
ىػذه ا١تشاريع فيما بعد ٣ترد مسميات تتقاسم وقتو ُ ،
يستوثق منها مشروعاً واحداً ،فبل ىو الذي أقاـ مشروعاً وكياناً ومثاالً صاٟتاً لبلقتداء وال
تفرغ ١تشروع واحد يأٌب منو على كل تلك اآلماؿ .
ىو الذي ّ
وٙتة أمثلة كانت صاٟتة ٟتمل مشاريع متعددة ،و٘تكنت من توسيع أثرىا ،وعانقت أماين
أمتها وجاوزت ٖتديات واقعها ،من ىذه األمثلة :عبد اهلل بن ا١تبارؾ رٛتو اهلل تعاىل كاف
مشروعاً ُب العلم ،واٞتهاد ،والصدقة ،والعبادة ،قاؿ الذىيب :واجتمع ٚتاعة من أىل
الفضل يعدوف خصالو رٛتو اهلل تعاىل فقالوا :العلم ،والفقو ،واألدب ،والنحو ،واللغة ،
والفصاحة ،والشعر ،وقياـ الليل ،والعبادة ،واٟتج ،وا لغزو ،والشجاعة ،والفروسية ،
والقوة ،وترؾ الكبلـ فيما ال يعنيو ،واإلنصاؼ ،وقلة ا٠تبلؼ على أصحابو .اىػ ولذلك
قاؿ سفياف رٛتو اهلل تعاىل :إين ألشتهي من عمري كلو أف أكوف سنة مثل ابن ا١تبارؾ فما
أقدر وال ثبلثة أياـ .اىػ
تنوع ا١تشاريع
ومثلو شيخ اإلسبلـ ابن تيمية رٛتو اهلل تعاىل فقد كاف مثاالً مثَتاً على ّ
الكربى ،فقد كاف عا١تاً ،وعابداً ،وزاىداً ،و٣تاىداً ،وآمراً با١تعروؼ وناىياً عن ا١تنكر ،
وراداً على أعداء الدين ،وكاف ُب كل ىذه ا١تشاريع مثاالً حياً لبلقتداء .
ومثلو العلم ابن باز رٛتو اهلل تعاىل ،فقد كاف مشاريع ضخمة ،فقد كاف عا١تاً باٟتديث ،
ومفتياً للعامة وا٠تاصة ،وعابداً متميزاً ،وقائماً ْتوائج الناس ،وعلى مدار تسعُت عاماً مل
يتوقف لو مشروع .فإذا كنت مثل ىؤالء ،وتشعر أف لديك طاقات ومواىب متعددة ،
ٜٙ
وقدرات فائقة فإف ُب حصرؾ ُب مشروع إماتوٌ ٢تذه القدرات ،وٖتجَتٌ ٢تذه القوى وتعطيل
١تساحات مبهجة من العمل فلك أف تبدأ رحلة ا١تشاريع اليت ٖتبها ولو كانت متعددة ،
ولعلك تأٌب من خبل٢تا إىل آمالك ،وأماين أمتك .
ٓٚ
تغيَت ا١تشروع
األصل أف مشروع اإلنساف ىو ما استوىل على فكره وعقلو من البداية ،وحل حبو بقلبو ،
ووجد لذتو واستمتع بدقائقو كل ٟتظة ،ىذا ىو األصل ُب مشروع العمر ،وإذا كاف
كذلك وجد لو صاحبو لذة ُب قلبو ،ولقي لو ىتافاً كبَتاً ُب مشاعره ،واستحوذ على وقتو
ويتوسع
واستفرغ فيو كل إمكاناتو ،وْتث عن أفضل األوقات اليت يتم هبا مشروعو ّ ،
وتتوسع اللذات ُب قلبو .
ا١تشروع ّ
فإف بدأ ُب مشروعو ،وقضى فيو وقتاً طويبلً ،ومل جيد فيو تلك ا١تتع اليت يتحدث عنها
أصحاب ا١تشاريع ،وصار جياىد نفسو على فكرة عصية عن التطبيق ،ومل جيد ٢تا رو ًاء ُب
حياتو ،ويشعر ٓتصاـ نكد بُت ميولو ومواىبو ومشروعو الذي خيوضو ،وتأكد أف ٙتة خطأ
حدث ُب االختيار األوؿ ،وقدراتو عاجزة عن استيعاب ا١تشروع ،ومل يكن قرار االنتقاؿ
تقليداً آلخرين ،أو استعجاالً للنتائج فلو حينئذ أف يًتؾ مشروعو وينفصل عنو ،ويبدأ
رحلة البحث عن مشروع جديد يتوافق مع ميولو ويتناسب مع قدراتو وإمكاناتو بشرط أف
ٕتري تلك ا١تعاين اليت ذكرت فيما سبق بشأف اختيار ا١تشروع كاملة ،ويتحرى اإلنساف
فيها قدر وسعو حىت ال يصبح شتاتاً وحقل ٕتارب وتضيع حياتو ُب الًتدد وهتدر أوقاتو
وىو مل يصل بعد إىل فكرتو ومشروعو .
إف ا٠تطأ وارد ،وكم من خسارة بنتها العجلة ،أو عدـ الدقة ُب االختيار ،أو مشورة ال
معرفة ٢تا بواقعنا الشخصي ،فكونت ىذا الواقع ،فتكوف ا١تكابرة حينئذ على ذات ا١تشروع
خسارة إضافية .وكم من إنساف اختار مشروعو وسعى إليو بكل ما ديلك وبذؿ لنجاحو
كل الوسائل ا١تمكنة ٍب قرر ُب النهاية تركو والبحث عن مشروع ديثل عمقاً ُب حياتو وبدأ
ٔٚ
رحلتو اٞتديدة ويشعر باستمتاع ورضى وجيد لذة وسروراً ويرى أف قرار التغيَت كاف حبلً
١تشكلتو ،وسبباً مثَتاً ُب ٧تاحو .وىذا كلو كما قلت لك بعد بذؿ األسباب ،واٗتاذ كافة
اٟتلوؿ ا١تواتية لنجاح ا١تشروع األوؿ ،وعدـ االستسبلـ لعقبات الطريق .
إف علينا أف نستميت ُب مشاريعنا اليت جهدنا ُب اختيارىا أوالً ،وتعبنا عليها ،وأال
والء كبَتاً
نستسلم لعوارض الطريق مهما بلغت ،وأف ندرؾ أف أفكارنا اليت آمنا هبا ٖتتاج ً
دي ّكننا من الفرح هبا ،والدفاع عنها حىت تصلب وتكوف واقعاً .مامل نتأكد أف بداية الطريق
بُت ُب القرار األوؿ فاألمر واسع ،والفرص متاحة ،واإلرادة غَت صحيحة ،وٙتة خطأٌ ّ ٌ
تقرب البعيد ،وتبٍت من حلم وأمنية واقعاً مثَتاً مع مرور األياـ .
ّ
ٕٚ
ا١تشاريع الفردية واٞتماعية
بعد كل ىذا الطرح لعلك تسأؿ :ىل مشروع اإلنساف ال بد أف يكوف مشروعاً فردياً ىو
ا لذي يقيمو ويتواله بالسقيا وا١تتابعة وىو صاحبو ُب كل ٟتظاتو ! أو ديكن أف يكوف
مشروعاً ٚتاعياً ضمن فريق ،كأف يكوف شريكاً ُب مشروع ٚتعيات أو مؤسسات تربوية
أو اجتماعية أو دعوية ،أو علمية أو تقنية و٨تو ذلك ؟
فيقاؿ :قد يكوف مشروع اإلنساف مشروعاً فردياً ىو ا لذي يضع أىدافو ويقوـ على رعايتو
،ويتواله ُب كل ٟتظاتو حىت يقوـ ويثمر ويقوى عوده ،ويكتمل بناؤه ،وحينئذ يكوف
اإلنساف قد أقاـ مشروعاً كبَتاً ،وقدـ ألمتو ما تتمناه منو من خبلؿ تلك اٞتهود ا١تتكاملة
كونت لبنة ا١تشروع ُب البداية ورعتو حىت أٙتر ووصل إىل النهاية .
اليت ّ
وقد يكوف مشروع اإلنساف مشروعاً ٚتاعياً كالعمل ُب مؤسسة تربوية أو علمية أو
اجتماعية ،أو تقنية يديرىا أفراد على أف جيري ُب ىذا ا١تشروع الصفات اليت ذكرت ُب
مواصفات ا١تشروع واليت من أمهها :أف تكوف ٤تباً ١تشروعك شغوفاً بو ،وأف يتوافق مع
قدراتك وإمكاناتك .
فإذا كاف العمل الذي تديره ُب مؤسسة تشعر بأمهيتو ،وقوتو ،وأثره ُب رسالة ا١تؤسسة ،
ْتيث يُعد دخولك وخروجك مؤثراً ُب أداء ىػذه ا١تؤسسة ،ويستهويك ىذا العمل فتجد لو
مساحة ُب قلبك ومشاعرؾ ،وتسايرؾ اللذة ُب أوقات العمل وتسيطر عليك ،وتشعر أنك
جزء ال يتجزأ من منظومة العمل ،ويستفرغ طاقاتك كلها أو جلها ،وتشعر ا١تؤسسة ُب
النهاية أهنا تقوـ بك عضواً مؤثراً ص احب مشروع كما تقوـ بالرئيس ا١تسؤوؿ األكرب ُب
ٖٚ
ا١تشروع فأنت تقوـ ٔتشروع ولو كنت منضوياً ُب ٣تموعة يساعد بعضكم بعضاً ُب اكتماؿ
ا١تشروع وقيامو بأدواره اليت أنشئ من أجلها .بل إف حاجة األمة كبَتة جداً للمشاريع
اٞتماعية ،وال يتصور أف تؤدي رسا لتها ،وتقوـ بفروضها الكفائية إال من خبلؿ ىذه
ا١تؤسسات .وأمم األرض اليوـ تعيش عصر التكتبلت ُب كل شيء وتستعُت على بلوغ
غاياهتا من خبلؿ االجتماع .ومن وعى ىػذه ا١تسؤوليات وأدرؾ خطورة دوره وأثره شارؾ
ُب بناء ىذه ا١تؤسسات من خبلؿ مشروع ،وبذؿ لو من جهده وطاقتو ووقتو ما يكوف
كفيبلً بنجاحها وٖتقيقها ألىدافها اليت جاءت لتحقيقها .
ٗٚ
أعاذهيت عوى إتعاب نفشي ...وزعيي يف اهدجى
زوض اهشًاد
٘ٚ
كيف تبدأ مشروعك ؟
مربوؾ ! لعلك وصلت إىل حلمك وأمنيتك الكربى وفكرتك اٟتية ومشروعك ُب اٟتياة !
يا٢تا من ٟتظات ٦تتعة تلك اليت جيد فيها اإلنساف ضالتو اليت يبحث عنها بعد طوؿ زماف .
بتحديدؾ ١تشروعك قطعت ثلثي مسافة الطريق ومل يبق عليك سوى الثلث األخَت ،
ولعلك تسأؿ اآلف كيف أبدأ ؟ ومن أين ؟ وما ذا أفعل ُب بداية الطريق ؟ وما أوؿ خطوة
ُب ا١تشروع ؟ وكيف يصبح مشروعي واقعاً ؟ ولعلي أعينك ىنا ببعض وسائل الطريق اليت
تعينك على الوصوؿ :
التخطيط ١تشروعك :أوؿ ا٠تطوات اليت تضمن لك بعد توفيق اهلل تعاىل أف يكوف
مشروعك واقعاً عملياً بعد أف كاف معرفة نظرية ..ويكوف التخطيط فاعبلً ومؤثراً حُت
ينطلق من ا١ترتكزات التالية :
أوالً :حدد رؤيتك :ضع الصورة النهائية ١تشروعك ..ما ذا تريد أف تكوف ُب النهاية ؟
ما الغا ية الكربى من مشروعك ؟ ما نقطة النهاية اليت ترٝتها ١تشروعك ؟
خذ ورقة أو افتػ ػ ػػح حاسػ ػ ػػوبك الشػ ػػخصي واكت ػ ػػب ىذه العب ػ ػػارة :
بعد عشر سنوات من اآلف ستكوف نتائج مشروعي كما يلي :
........................................................................
........................................................................
.......................................................................
ٚٙ
أعد قراءة ىذه النهاية ،تأملها ،كرر قراءهتا ،قلِّبها ُب مشاعرؾ مرات ،حاوؿ أف ٘تنحها
فكرؾ ووقتك ،قد ٖتتاج منك إىل تعديل أو تغيَت أو اختصار أو تفصيل ،افعل فيها ما
تشاء ..ا١تهم ُب النهاية أف ترسم الصورة النهائية ١تشروعك ،وأحبلمك لعشر سنوات
قادمة من بداية ا١تشروع .
ثانياً :حدد وضعك اٟتايل الذي وصلت إليو ُب مشروعك :أين أنت ىذه اللحظة من
ذات ا١تشروع ؟ من الضرورة أف تعرؼ اآلف ىل أنت ُب بداية ا١تشروع ؟ أو قد بدأت ُب
خطواتو األوىل ؟ معرفة نقطة البداية ضرورة حىت تعرؼ كم ٖتتاج من خطوات للنهاية !
ومن أين ستبدأ ! ومىت ستصل !
أنت ْتاجة ُب ىذه النقطة أف تسأؿ نفسك :كم حيتاج منك مشروعك من الوقت ؟ كم
مقدار الوقت اليومي الذي يقوـ بو ا١تشروع ؟ ىل البيئة اليت أنت فيها مناسبة لنجاح
ا١تشروع ،أو ال بد من االنتقاؿ إىل بيئة أخرى ! أو ديكن التغلب على ظروؼ البيئة من
خبلؿ وسائل أخرى !
إف ٖتديد وضعك اٟتايل بالغ األمهية ُب ٧تاح مشروعك ُب ا١تستقبل ،وحُت ٗتطئ ٖتديد
وضعك ،أو ال ترٝتو بدقة ،أو ال تعطيو عناية كبَتة قد خيتل ٗتطيطك كلو ،ويضيع
مشروعك ُب النهاية دوف جدوى .
سبق فيما مضى أنك وضعت رؤيتك النهائية ١تشروعك ،وأين ستصل فيو ! وما ذا تريد أف
تكوف بعد عشر سنوات قادمة من عمرؾ ! فبل يلتبس عليك األمر و٘تتزج عليك الرؤية
باألىداؼ ،ألف الرؤية شيء عاـ ترسم هنايتك الكربى ١تشروعك ،واألىداؼ ىي
ا٠تطوات اليت توصلك لعناؽ تلك الرؤية . .وىذه مسألة دقيقة ينبغي أال تفوتك ،ألف
كثَتاً من أصحاب ا١تشاريع خيلطوف بُت الرؤية واألىداؼ فَتوهنا شيئاً واحداً ،وىي ٗتتلف
فالثانية وسيلة لؤلوىل .
اكتب أىدافك اليت ٖتقق لك رؤيتك ْ ،تيث ترسم أىداؼ العاـ كاملة ٍ ،ب ٕتزئها على
أىداؼ شهرية ،وأسبوعية ،ويومية .على أف تكوف األىداؼ ُب هنايتها ٘تثّل الرؤية العامة
اليت تطمح إليها ،ويكتمل هبا ا١تشروع ُب حياتك .
ديكنك االستفادة ُب ٖتقيق مشروعك من خبلؿ أصحاب التجارب وا١تشاريع السابقة ،
ومن خبلؿ الدورات التدريبية ُب التخطيط ،وإدارة الوقت ،وىي برامج ٦تكنة وكثَتة وديكن
لصاحب ا١تشروع أف يبدأ من خبلؿ خطوات بسيطة يصل منها ُب النهاية إىل مشروعو .
وٙتة قضايا مهمة ُب التخطيط جيب أف يتنبو ٢تا صاحب ا١تشروع :
ٚٛ
أوالً :حيتاج صاحب ا١تشروع أف يصرؼ من وقتو لصاحل ا١تشروع حىت يكتمل ويصلب
عوده من ثبلث إىل ٜتس ساعات يومياً تزيد ال تنقص وتستثمر وفق أىداؼ ٣تدولة
مستقاة من أىداؼ كل أسبوع .
ثانياً :حيتاج صاحب ا١تشروع إىل ٍ
حاد كل يوـ يؤجج مهتو ،ويدفع بقواه ،وحيميو من
اليأس واإلحباط وعقبات الطريق ككتب النجاح ،والتنمية الشخصية ،واألشرطة السمعية
وصحبة الناجحُت ،وكل ما يعُت على بلوغ النهايات .
ثالثاً :ذ ّكر نفسك كل يوـ أنك تقطع جزءاً مثَتاً ُب سبيل مشروعك الكبَت وغاياتك
وتقرب مسافات أحبلمك مع األياـ .
العظمى ّ ،
رابعاً :ص ّفق لنفسك خاصة ُب البدايات ،وكلما قطعت شوطاً ،أو أهنيت مسافة ،
وقرب حلمك فكافئ نفسك برحلة ،أو راحة ،أو متعة فالنفوس كما حيدوىا العمل
تشتاؽ إىل رؤية مباىج الفوز .إف اٞتماىَت ال ٕتتمع مشجعة مباركة إال بعد براىُت كثَتة
يكتبها واقعك تثبت أنك أىل لتصفيقها ُب النهايات .
ٜٚ
كيف ينجح مشروعك ؟
(ٔ)
لقد تعرفت خبلؿ الوقت الذي قضيتو ُب قراءة ىذا الكتاب على مشروعك ،ونبارؾ لك
أفراحك ىذه اللحظات بأف وجدت حلمك وأملك الذي تبحث عنو من زمن ،ونذكرؾ
بأف ىذه اللحظات من أٙتن ٟتظات حياتك ،وأٚتل دقائق عمرؾ كلها ،وإذا وجد
اإلنساف فكرة تستعمره ومشروعاً حيقق لو أحبلمو فقد ٖتقق لو ما يريد .
ؤتا أنك وصلت ٢تذه اٟتقيقة ،وتعرفت على مشروعك العمري ُب اٟتياة ،وعرفت من أين
تبدأ ! ومىت ! وكيف ! فلم يبق عليك إال أف تتعرؼ على إجابة ىذا السؤاؿ الكبَت :كيف
ينجح مشروعك ؟
إف أي مشروع ُب اٟتياة يريد لو صاحبو إشراقاً ُب الفضاء ،ومساحة عريضة على األرض ،
وقوة وىج ُب اٟتياة ال بد أف يصنع لو من أسباب النجاح ما يصل بو إىل النهايات ،
واألسباب ا١تفضية إىل ٧تاح ا١تشاريع كثَتة نأٌب على بعضها ُب ىذه ا١تساحة ،من أمهها
وأعظمها وأكثرىا أثراً ُب ٧تاح ا١تشروع :
إف من أعظم الطرؽ اليت تسلك باإلنساف إىل أفراحو وهناية مشروعو وٖتقيق غاياتو صبلح
النية ،وقد قاؿ صلى اهلل عليو وسلم " :إمنا األعماؿ بالنيات ،وإمنا لكل امرئ ما نوى "
فمن صلحت لو نيتو صلح لو كل شيء ،ومن ساءت نيتو ضاع عليو كل شيء .وكم من
عمل صغَت عظّمتو النية ! وكم من عمل كبَت ح ّقرتو النية ،واهلل ا١تستعاف ! إف األوقات
ٓٛ
ا١تستقطعة ُب ا١تشاريع كثَتة فإذا ما صحبتها النية الصاٟتة كانت أرباحاً مثَتة ُب حياة
صاحبها ،وإذا ما فاتت منها فات منها كل شيء .وكم من الىث دوف غاية ! وكم من
٤تروـ وىو ُب ساحات ا٠تَت ! وقد شكى الكبار تقّلب نياهتم ،وسألوا اهلل تعاىل جادين.
وُب غزوة تبوؾ شارؾ رجاؿ ُب الغزوة ،ونالوا ما فيها من أجر وىم مل يربحوا ا١تدينة قدر
شرب وإمنا نالوا بر النيات ،وثواهبا حبسهم العذر .ومن أحب منازؿ الكبار جهد ُب
تصحيح نيتو وسأؿ اهلل عز وجل أف جينبو ٤تبطات األعماؿ .
عيش ا١تشروع
إذا أراد صاحب ا١تشروع النجاح ١تشروعو فبلبد أف يعيشو كل ٟتظة من حياتو وإال صار
مشروعاً بارداً فاتراً ال قيمة لو ،وال أثر فيو ! العيش للمشروع بأف هتب لو وقتك وفكرؾ
ومشاعرؾ ،وتكوف مستعداً لكل شيء من أجلو ،وما يزاؿ بك مشروعك حىت تستدين
من أجلو وترى ذلك أبسط ما تدفعو فيو وأرخص ما يكوف لو .
٧تاحك ُب مشروعك موقوؼ على خفقاف قلبك لو ،وطرب أذنك بو وشوؽ مشاعرؾ إليو
وىتاؼ روحك بأحاديثو وذكرياتو ،حىت يصَت بضعة منك ،وجيري ُب مشاعرؾ كما جيري
الدـ ُب جسد إنساف .
إذا عاش اإلنساف مشروعو دفع لو كل شيء ،واستلذ فيو كل متاعب الطريق ،وال أدؿ
على ذلك من موقف الفقيو ا١تالكي احملدث اإلماـ ٤تمد بن سحنوف القَتواين ،فقد قاؿ
القاضي عياض ُب ترتيب ا١تدارؾ :كانت حملمد بن سحنوف ُسّريّة يقاؿ ٢تا أـ مداـ ،فكاف
عندىا يوماً ،وقد شغل ُب تأليف كتاب إىل الليل فحضر الطعاـ فاستأذنتو ليأكل ،فقاؿ
ٔٛ
٢تا :أنا مشغوؿ الساعة ،فلما طاؿ عليها جعلت تل ّقمو الطعاـ حىت أتت عليو ،و٘تادى
على ما ىو فيو إىل أف أ ّذف لصبلة الصبح ،فقاؿ :شغلنا عنك الليلة يا أـ مداـ ،ىات
ما عندؾ ،فقالت :قد ػ واهلل ياسيدي ػ ألقمتو لك ،فقاؿ ٢تا ماشعرت بذلك .
تعرب عن ىذه اللحظات ُب حياة وقد ٘تٌت عبد اهلل بن بشر الطالقاين تلك األمنية اليت ّ
أصحاب ا١تشاريع بقولو :أرجو أف يأتيٍت أمري واحملربة بُت يدي ومل يفارقٍت العلم واحملربة .
وٖتدث ابن اٞتوزي رٛتو اهلل تعاىل عن ىذا ا١تعٌت قائبلً :ولقد كنت ُب حبلوة طليب للعلم
ألقى من الشدائد ما ىو عندي أحلى من العسل ألجل ما كنت أطلب وأرجو ..كنت ُب
زمن الصبا آخذ معي أرغفة يابسة ،فأخرج ُب طلب اٟتديث ،واقعد على هنر عيسى
ببغداد ،فبل أقدر على أكلها إال عند ا١تاء ،فكلما أكلت لقمة شربت عليها ،وعُت مهيت
ال ترى إال لذة ٖتصيل العلم ..وكنت أدور على ا١تشايخ لسماع اٟتديث فينقطع نفسي
ٕٛ
الع ْدو لئبل أسبق ،وكنت أصبح وليس يل مأكل ! وأمسي وليس يل مأكل ! ولو من َ
شرحت أحوايل لطاؿ الشرح .وقاؿ البزار ُب وصف شيخو شيخ اإلسبلـ ابن تيميو رٛتو
اهلل تعاىل :وكاف العلم كأنو قد اختلط بلحمو ودمو وسائره ،فإنو مل يكن لو مستعاراً ،بل
كاف لو شعاراً ودثاراً .وقاؿ ا١تزين قيل للشافعي كيف شهوتك للعلم ؟ قاؿ :أٝتع باٟترؼ
تنعمت األذناف .قيل لو :وكيف
تتنعم بو مثل ما ّ
٦تا مل أٝتعو فتود أعضائي أف ٢تا أٝتاعاً ّ
حرصك عليو ؟ قاؿ :حرص اٞتموع ا ١تنوع على بلوغ لذتو ُب ا١تاؿ .وقيل لو :كيف
عرب عن ىذا الشوؽ
طلبك لو ؟ قاؿ :طلب ا١ترأة ا١تضلة ولدىا وليس ٢تا غَته .وخَت ما يُ ّ
للمشاريع ما قالو أبو الرحياف البَتوين حُت ُدخل عليو وىو ُب آخر ٟتظات حياتو فقاؿ
للداخل :كيف تقوؿ ُب حساب اٞتدات الفاسدات ؟ فقاؿ لو حىت ُب ىذه اللحظات ؟
أودع الدنيا وأنا عامل هبذه ا١تسألة خَتيل من أف أرحل وأنا جاىل هبا .
قاؿ لو :يا ىذا ّ
ومثل ذلك ما دونو سليماف الراجحي ُب رحلتو مع مشروعو فقد كتب ُب سبيل ٖتقيقو
يتصوره إال أصحاب ا١تشاريع ،كاف
أروع ٟتظات ا١تعاناة ،وٖتمل ُب سبيل ذلك ما ال ّ
مقدار وجبتو اليومية لاير ،ومع ذلك ظل خيتصرىا على نصف لاير ويعيد النصف اآلخر
لصاحب العمل رعاية ٟتقو وتدريباً للنفس على األمانة ورعاية ٟتقوؽ اآلخرين ،ومرت بو
ٟتظات ال يفطر ،وال يتغدى ،وإذا جاء وقت العشاء وقف عند ا٠تباز طويبلً من أجل
أف يقل ٙتن شراء ا٠تبز ،وعاش مرارة اٞتوع والفقر والذلة ُب مواقف كثَتة كاف ٙتارىا ىذا
التاريخ الذي بناه لنفسو ووطنو وأمتو .وقاؿ ا١تسَتي وىو يتحدث عن عيشو ١تشروعو أنو
قرر االستقالة من اٞتامعة إل٘تاـ مشروعو برغم أف أسرتو ستصبح دوف دخل ثابت ،وبعد
حرب ا٠تليج حينما أصبح من حقي العودة لوظيفيت ( باعتبار أنٍت كنت أعمل ُب ا٠تليج )
ٖٛ
التفرغ ألهني ا١توسوعة ( وأٝتي ىذا ضرباً من اٞتنوف
وجدت أنو ال بد من االستمرار ُب ّ
ا١تق ّدس الذي أصابٍت وأصاب زوجيت لواله ما انتهيت من ا١توسوعة ) وقاؿ رٛتو اهلل تعاىل :
وقد ٧تحت إىل حد كبَت ُب توظيف ا١تاؿ بدؿ أف يوظفٍت فلم أضطر قط إىل أف أقوـ
بعمل يتناقض مع مشروعي الفكري أو يعوقو ،ومل أعمل إال ُب وظائف أقوـ بتوظيفها
٠تدمتو ..ومل أشغل أي منصب إداري من أي نوع طيلة حياٌب ،حىت عملي مستشاراً
ثقافياً للوافد الدائم ٞتامعة الدوؿ العربية لدى ىيئة األمم ا١تتحدة ُب نيويورؾ أصبحت ٣ترد
على أف أعمل ُب ىيئة األمم ا١تتحدة براتب
إطار لتحقيق مشروعي ا١تعرُب ،وحينما عُرض ّ
ضخم آثرت البقاء ُب وظيفيت والتضحية بالراتب الضخم ألف الوظيفة اٞتديدة كانت
تستوعب كل وقيت كما أهنا تتعارض كلياً مع مشروعي الفكري .اىػ
ٗٛ
كيف ينجح مشروعك ؟
(ٕ)
ال زلت أؤّكد عليك أف ٧تاحك ُب مشروعك مرىوف باألسباب اليت تبذ٢تا ُب سبيل ٖتقيقو
قدراً وكيفية ،فكلما ارتفعت قيمة ىذه األسباب ُب ذىنك ،وبذلت ٢تا من ٙتُت عمرؾ
كلما اقًتبت من النجاح ،وقاربت بلوغ الطريق ،وىذه قضية ال تفوت على أمثالك ومن
ذلك :
وىو من أعظم األسباب أثراً ُب دفع ا١تشاريع ،ومن حسنت سَتتو مع ربو استقاـ لو
مشروعو ،و٘تاسكت عراه ،و٘تكن من اٟتياة .وكم من فارط بعد ٘تاـ ،واهلل ا١تستعاف !
وإذا أردت أف تعرؼ قدر ىػذا ا١تعٌت فانظر سورة ا١تزمل ،وتأمل صدرىا لًتى اٟتقائق كيف
تصنع ُب ا١تشاريع ! " يا أيها ١تزمل .قم الليل إال قليبلً .نصفو أو انقص منو قليبلً .أو زد
عليو ورتل القرآف ترتيبلً " أراد اهلل تعاىل أف يصنع األرض اليت تستقبل الوحي ،ويقوي
اٞتسد الذي يستقبل الرسالة ،وحيي القلب الذي حيمل ا١تشروع .فاستقبل النيب صلى اهلل
عليو وسلم القبلة وىو قائم يصلي ولصدره أزيز كأزيز ا١ترجل من البكاء ،وظل واقفاً حىت
تفطرت قدماه صلى اهلل عليو وسلم ،ومل استوى قلبو ،وصلب عوده ،وهتيآ لنزوؿ الوحي
نزؿ عليو بأثقالو حىت كاد يرض فخذه فقاـ بو ُب العا١تُت ،وما زاؿ رافعاً راية مشروعو حىت
عانق مباىج النهايات فيو .
٘ٛ
وكذلك الكبار أدركوا أثر ىذا اٞتانب ُب مشاريعهم فمازالوا عاكفُت على الوصية حىت ٖتقق
٢تم من اٟتياة ما يشاؤوف .وال ديكن أف تأٌب على مباىج مشروع كبَت إال وٕتد أنفاس
توسع لو التاريخ وفسح لو ُب
ىذا ا١تعٌت أعطر ما تكوف .وكل من توسع ُب ىػذا ا١تعٌت ّ
الذكر وأفاض عليو من الثناء .
٧تاح ا١تشاريع مرىوف بقدرة أصحاهبا على تربية أنفسهم على ا١تعايل ،والنهوض هبا إىل
يوسع أثر مشروعو ،ويكتب حظو من التأثَت فعليو أف يقتاد غاياهتا الكبار .من أراد أف ّ
نفسو ٟتياض ا١تكارـ ،ويزمها بلجاـ العمل والبناء والتحديات .
إف النفوس تكل و٘تل وتتعب ،وتضجر من طوؿ الطريق ،ومامل تكن قادرة على فرض قوة
تأىيلية على ذواهتا فقد تقعد ُب منتصف الطريق ولو كاف النجاح منها رأي عُت !
القراءة ُب سَت الناجحُت :
إف من ا١تهم أف نكوف قادرين على إ٢تاب نفوسنا باٟتماس ،وإشباعها بالتشجيع ،ودفعها
وصّناع اٟتياة ،وأياً كاف مشروع
للمقدمة بأخبار الكبار ،من خبلؿ قراءة سَت الناجحُت ُ ،
اإلنساف فهو ْتاجة إىل القراءة حىت يقوى ويُثمر ويزىر ربيعاً أخضر ُب واقع األرض !
ما أحوج نفوسنا إىل ٝتاع أخبار الكبار ،والتلذذ برحلتهم ،والشوؽ إىل صنائعهم ُب
التاريخ .فإذا ما حرص صاحب ا١تشروع على ٝتاع كل ٍ
حاد يرفع مهتو ،ويدفع قوتو ،
ويلهب ٛتاسو قاـ ُب ا٢تجَت يكتب حظ مشروعو من الواقع ،ويبٍت مستقبل أيامو باألمل
.
ٛٙ
حضور الدورات التدريبية :
ٙتة دورت ٗتلق حافزاً مثَتاً ُب النفوس ،وٕتلب على جسد إنساف ٓتيل األمل ورجلو فإذا
ودوف النافع
ما حرص صاحب ا١تشروع على ٚتع اٞتيد منها ،وخصص وقتاً لسماعها ّ ،
منها دفعت بو إىل مساحات من األمل ،ومكنتو من ا١تواصلة ُب بناء مشروعو خاصة تلك
اليت تُعٌت بالتحفيز ،وتعمل ُب بناء األفكار ،وتُلهب كوامن النفوس .فإذا ما ضاؼ
إليها ما يُعٌت با١تهارات ،وإدارة األوقات ،وبناء األولويات ًب بناؤه ،ووصل إىل مراده من
أقرب طريق .
استثمار الوقت
فضيلة الوقت ىي اليت مكنت الناجحُت من تيجاف الفضيلة ! أعظم ا١توارد ُب حياة إنساف
وقتو وزمانو ،ولن جيد صاحب ا١تشروع مورداً لنماء مشروعو وقوتو مثل الوقت .وقد كاف
السلف يشحوف بأوقاهتم كما يشح أحدنا بديناره ودرمهو .ومن أدرؾ ىذا ا١تعٌت رتّب وقتو
وحدد أولوياتو ،واستثمر ٟتظات زمانو وىو موعود بعد ذلك بتماـ أمانيو واكتماؿ
ٛٚ
مباىجو .قاؿ عبد الوىاب ا١تسَتي رٛتو اهلل تعاىل وىو يتكلم عن عنايتو ٔتشروعو وأنو مل
يتوقف عنو حىت ُب األحداث الكبار :ومن أىم األحداث ا١ترتبطة با١توسوعة ( موسوعة
اليهود واليهودية والصهيونية ) :ما حدث ُب أثناء االجتياح العراقي للكويت إذ اكتشفت
أف كل مراجعي وأوراقي ونسخة ا١توسوعة الوحيدة ىناؾ ُب الكويت ومل يكن من ا١تمكن أف
أبقى ُب القاىرة بعيداً عن كل ىذا غَت عارؼ ٔتا ديكن أف حيدث ٢تذا االستثمار الفكري
فقررت أف أذىب للكويت ،وقد مكثت ُب الكويت أثناء االجتياح زىاء ثبلثة أسابيع مل
أتوقف أثناءىا عن العمل ٍب اتفقت مع ٣تموعة من األصدقاء على استئجار "تريبل" ( عربة
نقل ضخمة ) وضعت فيها كل صناديق األوراؽ اليت ٗتصٍت وركب أصدقائي سياراهتم
ونسيت سيارٌب من فرط فرحيت باألوراؽ .اىػ
إف صاحب ا١تشروع لن يبلغ ىدفو ،ويصل لنهاية مشروعو ما مل يكن أشح بوقتو من شحو
ٔتالو ،وستظل حياة صاحب ا١تشروع مرىونة باستثماره لوقتو ،والعناية بو ،و٤تاولة بناء
أوقات لو من األوقات الضائعة وا١تهدرة ُب حياة كثَت من الناس .
ٛٛ
كيف ينجح مشروعك
(ٖ)
من األسباب ا١تهمة لبلوغ ا١تشروع ،والوصوؿ إىل هناياتو ،والتلذذ بو ،وعناقو ُب قادـ
األياـ :
صاحب ا١تشروع جيب أف يدرؾ أف ٙتة مسافة طويلة جداً قبل االحتفاء ٔتشروعو ،ومن مل
يدرؾ بعد شقة الطريق ومسافتو فلن يصنع جديداً ُب واقعو .من الضروري أف يتحلى
صاحب ا١تشروع بالصرب ،وأف يعلم علم اليقُت أنو ال وصوؿ لو إىل غاياتو إال على جسر
من اآلمل وا١تشاؽ .
قد يستغرؽ مشروعك عشر سنوات وأكثر ،وقد يستغرؽ من غَتؾ ٜتسُت عاماً قبل أف
يعيش إيناع ٙتاره ،وقد يستغرؽ من ثالث عمره كلو ،ويرحل من األرض وىو يشعر أف
مشروعو ما زاؿ ْتاجة إىل رواء .وليس أدؿ على ذلك من مشاريع الرسل عليهم صلوات
اهلل تعاىل وسبلمو أٚتعُت ،فقد عاش نوح ألف سنة إال ٜتسُت عاماً وىو جيهد بغية
النهايات اليت يتمناىا صاحب مشروع ،ومثلو أولو العزـ من الرسل ،حىت قاؿ نبينا صلى
اهلل عليو وسلم " يأٌب النيب يوـ القيامة ومعو الرجل ،ويأٌب النيب ومعو الرجبلف ،ويأٌب
النيب وليس معو أحد " وقد تكوف مدة انقضاء ا١تشروع وعناؽ هنايتو أقصر من ذلك بكثَت
هما عند أصحاب ا١تشاريع مىت ينتهوف من مشاريعهم ؟ ا١تهم أف تكوف نياهتم
،وليس ُم ّ
ٜٛ
خالصة هلل تعاىل ،ويبذلوف ٢تا كافة األسباب ا١تواتية لنجاحها ،ويتشوفوف إىل ٟتظات
هنايتها ،ويركضوف إليها ركض اٞتادين .
من األسباب :الثقة باهلل تعاىل :والتوكل عليو ،والتوجو إليو بقلبك وروحك وأنفاسك
كلها ،والتطّلع إىل توفيقو وسداده ُب كل طريق ،وٟتظة ،وجهد وعمل .
ومن األسباب :الدعاء :فإنو باب فرج ،ومفتاح أمل ،ودليل صدؽ الطالب ُب ٖتقيق
مطلوبو من اهلل تعاىل ،ومن أدمنو ،وأحل على اهلل تعاىل فيو ،ورفع يديو طويبلً ،وقلبُو
مضطر إىل اهلل تعاىل فتح اهلل تعاىل عليو ،ووفقو ،وأصاب ما أراد ولو تأخر زماف اإلجابة.
ٌ
ومن األسباب :التدرج ُب بناء ا١تشروع :فبل ديكن أف يصل اإلنساف ٔتشروعو إىل النهاية
ويقسمو على مراحل ،ويبدأ فيو خطوة ٓتطوة ،
اليت ينتظرىا ما مل يتدرج ُب بناء مشروعو ّ ،
فإف مثل ىذا التدرج والتقسيم للمشروع دي ّكن صاحب ا١تشروع من رؤية النجاح ،واللذة
با١تراحل ا١تقطوعة فيو ،ويتجدد نشاطاً لبدء ا١ترحلة الثانية وبلوغ هنايتها القريبة ٓ ،تبلؼ ما
لو بدأ ُب ا١تشروع حزمة واحدة ،فقد يذبل ُب منتصف الطريق ،وتطوؿ عليو أفراح
النهايات ،وىذا أحد األسباب اليت ينبغي أف يدرؾ آثارىا صاحب ا١تشروع ،فيبدأ ُب
تصور مشروعو أوالً ،ويقسمو على مراحل ثانياً ،وحيدد لكل مرحلة زمناً معيناً ال يتجاوز ّ
زمنو ثالثاً .
جيب أف يعلم صاحب ا١تشروع أنو ُب زمن ضعفت فيو ا٢تمم ،وانشغل كثَتوف بواقعهم عن
مهوـ أمتهم ومساحات دينهم ،وحاالت من اإلحباط تلف ٚتوعاً من الناس ،وتكتب
ٜٓ
عليهم ُب ذات الوقت التواين والكسل والعجز ،فإذا أضيف إىل ذلك قلة ا١تشجعُت ٠توض
التجارب الكربى واحملاوالت اٞتديدة كاف لزاماً على صاحب ا١تشروع أف حيتفي بنهاية كل
مرحلة من ا١تشروع ،ويشجع نفسو ببعض أوقات الراحة ،والفسح حىت تعود أكثر إقباالً
وليعلم أصحاب ا١تشاريع أهنم قد يضطروف ُب بداية الطريق من أف يصفقوا ألنفسهم حىت
تأٌب اللحظات اليت تصفق ٢تم فيها اٞتماىَت .
ٜٔ
ٜٕ
الفهرس
ا١تقدمة
البدايات
أشواؽ الكبار
ا١تشروع والذكريات
ما ا١تشروع ؟
تأسيل ا١تشروع
١تاذا ا١تشاريع ؟
ٖٜ
مشاريع مقًتحة
مواصفات ا١تشروع
تغيَت ا١تشروع
ٜٗ
ٜ٘
الغبلؼ ا٠تارجي
إف صناعة التاريخ فن ٘تلكو األرواح وليس لؤلجساد من ذلك شيء ..
واألرض أفسح ميداف يًتؾ فيو اإلنساف أثر خطوه ورحلتو ....
وسنن اهلل تعاىل ُب الكوف تأىب أف تفتح األبواب إال للطارقُت عليها بقوة
ولو مل أجد روحي ُب ىذا الكتاب لبللت حربه وشربت ماءه من جديد راجياً تلك اٟتياة
لوال أنو قاـ ُب قليب " مشروع العمر " قبل أف أكتب حرفاً واحداً ُب ىذا الكتاب
يلقاين ُب كل طريق
وحيدوين ُب كل لقاء
ا١تؤلف
ٜٙ