You are on page 1of 11

‫اﻷﺳﺗﺎذة‪:‬رﯾم ﺑوش‬

‫ﻣﺣﺎﺿرات اﻟﺳداﺳﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟوﺣدة ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‬


‫‪ 40‬إﻟﻰ اﻟﻔوج ‪/31‬اﻷﻓواج‪:‬ﻣن اﻟﻔوج ‪4‬اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪/‬اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻷوﻟﻰ‪:‬اﻟﺗطور اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟﻌﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‬
‫ﻣﻘدﻣﺔ‪:‬‬
‫إن ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻋﻠم ﻗدﯾم ﻧﺷﺄ ﻓﻲ أﺣﺿﺎن اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ‪،‬ﺛم ﻣزج ﺑﯾن‬
‫اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ و اﻟﻌﻠم‪ ،‬ﺑﻌد ذﻟك ﺻﺣﺢ ﻣﺳﺎره ﻟﺗﺗﺿﺢ اﺗﺟﺎھﺎﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻘرن ‪ 20‬و ﺗﺣول إﻟﻰ ﻋﻠم‬
‫ﺗﺟرﯾﺑﻲ‪.‬و ﯾﻌﺗﺑر ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أﺣد ﻓروع ﻋﻠم اﻟﻧﻔس و ﯾﮭدف ﺑﺎﻷﺳﺎس إﻟﻰ ﻓﮭم‬
‫طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﻔرد و اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ‪،‬و ﯾﺣﺎول ﻓﮭم اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﯾﺗﻣﻛن‬
‫اﻹﻧﺳﺎن ﻣن اﻟﺗواﻓق ﻣﻊ اﻟﻘواﻋد و اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر واﻟﻘﯾم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺳﺎﺋدة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟذي ﯾﻌﯾش‬
‫ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻓﮭﻧﺎك اﻋﺗﻘﺎد ﺑﺄن ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﺣدﯾث ﻗد وﻟد ﻣﻧﺗﺻف اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن‬
‫ﻓﻘط‪،‬و ﺑﻌد اﻧﺗﺷﺎر ھذا اﻟﻌﻠم و ﻏزر إﻧﺗﺎﺟﮫ‪،‬ﺣﺎول أﺻﺣﺎب ھذا اﻟرأي إﻏﻔﺎل اﻟﻧظر ﻋن‬
‫اﻟﻣﺎﺿﻲ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن ﺗﺄﻣﻼت ذھﻧﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﻌوق ﺗﻘدم ﺣرﻛﺔ ھذا اﻟﻌﻠم اﻟﺣﯾوي‪.‬‬

‫و ﻗﺑل أن ﯾﺻﺑﺢ ﻋﻠم ‪،‬ﺑﺣث اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻋن إﺟﺎﺑﺔ ﻟﮭذا اﻟﺳؤال‪:‬ﻣﺎ ھﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ‬


‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن؟ ﻓﺎﻻھﺗﻣﺎم ﺑﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻗدﯾم و ﺣدﯾث ﻓﻲ ﻧﻔس‬
‫اﻟوﻗت‪.‬ﻓﺎﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻷﺳﻼف ﻛﺎﻧت ﺗﻧﻘﺻﮭم اﻟوﺳﺎﺋل اﻟدﻗﯾﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ‪،‬إﻻ أﻧﮭم ﺗرﻛوا‬
‫ﻟﻧﺎ رﺻﯾدا ﻣﮭﻣﺎ ﻣن اﻟﻣﻼﺣظﺎت و اﻟﻔروض‪.‬و ﯾﺑﯾن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﻠوم ﻛﯾف أن ﻋﺛرات ﺟﯾل ﻣﺎ‬
‫ﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻗد ﺗﺻﺑﺢ أﺳﺎس ﺑﻧﺎء ﻟدى ﺟﯾل آﺧر‪.‬‬
‫ﻧﺷﺄة ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ و ﺗطوره‬
‫ھﻧﺎك اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﻔﻛرﯾن اﻟذﯾن ﻛﺎن ﻟﮭم ﺷرف ﺗﺄﺳﯾس ھذا اﻟﻌﻠم‬
‫ﻣﺛل‪:‬أﻓﻼطون‪،‬أرﺳطو‪،‬ھوﺑز‪،‬ﻛوﻧت‪،‬ھﯾﺟل‪.‬‬
‫ﻓﺣﺎﻻت اﻟﺗﺻدع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻗدﻣت ﺑواﻋث و ﻣﺣﺎوﻻت ﻟﺗﻘدﯾم ﺣﻠول ﻟﻠﻣﺷﻛﻼت‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬ﺑدأ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﻧﺗﻌش ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ‪،‬و اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ‬
‫اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ و ﻣﺎ ﻧﺟم ﻋﻧﮭﻣﺎ ﻣن اﻧﺣراﻓﺎت‪،‬ﻛﺎﻧت ﻣﺛﯾرة ﻟﺟﻣﯾﻊ ﻓروع اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪،‬ﻓﺎﻟﺗﺣدي‬
‫اﻟﻘﺎﺋم ﻛﺎن ﻛﯾف ﯾﻣﻛن اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﻘﯾم اﻟﺣرﯾﺔ و ﺣﻘوق اﻟﻔرد ﺗﺣت ظروف اﻟﺿﻐط اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‬
‫و اﻟﺗﺣرﻛﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻓﮭﻧﺎك وﺟﮭﺔ ﻧظر أﺧرى ﺗرﺟﻊ ﻧﺷﺄة ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺑل ھذا‬
‫اﻟﺗﺎرﯾﺦ‪،‬أي إﻟﻰ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ‪ (1889) 19‬ﺣﯾث ظﮭرت ﺑﻌض اﻟﻛﺗب اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ‬
‫ﺣول ھذا اﻟﻣﺟﺎل اﻟﻣﻌرﻓﻲ اﻟﺟدﯾد‪.‬و ﻛﺎن ﻣوﺿوﻋﮭﺎ آﻧذاك دراﺳﺔ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻔرد ﺑﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‬
‫أو ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺳﻣﻰ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪.‬‬
‫ﺧﻼل ﻓﺗرة اﻷرﺑﻌﯾﻧﺎت و اﻟﺧﻣﺳﯾﻧﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن‪،‬اﺳﺗﻣر ﻋﻠم اﻟﻧﻔس‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﺗطور إﻟﻰ أن وﺳﻊ ﻣﺟﺎل ﺑﺣﺛﮫ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻻﺗﺟﺎھﺎت‪.‬ﻓﺎﻟﻣوﺿوﻋﺎت‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎوﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﺑﺣث‪-‬ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺧﻣﺳﯾﻧﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن‪:‬‬
‫*دراﺳﺔ ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﻋﻠﻰ ﺳﻠوك اﻟﻔرد و اﻟﻣﻧظﻣﺎت و اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و ﺗﺄﺛﯾر ﻋﺿوﯾﺔ‬
‫اﻟﻔرد ﻓﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻠوﻛﮫ‪.‬‬
‫*ﺗﻧﺎول ﻣوﺿوع ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﻣﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ و اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻠﻔرد‪.‬‬
‫ﺣﯾث اﻧﺑﺛﻘت ﻋن ھذه اﻷﺑﺣﺎث اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻧظرﯾﺎت ‪:‬‬
‫‪-‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻧﺎﻓر اﻟﻣﻌرﻓﻲ ﻟﻠﺑﺎﺣث ﻟﯾون ﻓﯾﺳﺗﻧﺟر‪.‬‬

‫ﻧظرﯾﺔ اﻟﺣﺎﺟﺎت ﻷﺑراھﺎم ﻣﺎﺳﻠو‪.‬‬

‫‪-‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻌﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻷﻟﺑرت ﺑﺎﻧدورا و ﺟوﻟﯾﺎن روﺗر‪.‬‬


‫و ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر ﺣﻘﺑﺔ اﻟﺳﺗﯾﻧﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن‪،‬ھﻲ اﻟﻔﺗرة اﻟﺗﻲ اﺳﺗوي ﻓﯾﮭﺎ‬
‫ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻛﻌﻠم ﻣﺳﺗﻘل ﻋن ﺣﻘﻠﻲ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس و ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع‪.‬إذ ﻟم ﯾﻌد‬
‫ﯾطور ﻧﻔﺳﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻓﺣﺳب‪،‬و إﻧﻣﺎ أﺻﺑﺢ ﯾؤﺛر ﻓﻲ ﺣﻘول اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻷﺧرى‬
‫ﻛﺣﻘﻠﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ و ﻋﻠوم اﻹﻋﻼم و اﻻﺗﺻﺎل‪.‬و ذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗم ﺗﻧﺎوﻟﮭﺎ ﻓﻲ ھذا اﻟﺣﻘل ﻣﺛل‪:‬اﻹدراك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪،‬ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﻘرار‪.‬‬
‫اﺧﺗﻠف ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺣول ﺑداﯾﺔ ظﮭور ھذا اﻟﻌﻠم‪،‬ﻓروﺑرت ﺑﺎرون ﯾرﺟﻊ‬
‫ﻧﺷﺄة ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ إﻟﻰ ﺳﻧوات ‪،1908-1924‬و ھﻲ اﻟﻔﺗرة اﻟﺗﻲ ظﮭر ﻓﯾﮭﺎ ﻋﻠم‬
‫اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻛﻌﻠم ﻣﺳﺗﻘل ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﯾﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺷرت ﻓﻲ ھذه‬
‫اﻟﻔﺗرة و ﺗﺿﻣﻧت ﺗﺣﻠﯾل ﻣﺻطﻠﺢ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪.‬و ﻣن ھذه اﻷﻋﻣﺎل‪:‬‬

‫‪-‬ﻛﺗﺎب وﯾﻠﯾﺎم ﻣﺎﻛدوﺟﺎل ‪ William Mc Dougall‬اﻟذي ﻧﺷر ﻋﺎم ‪ 1908‬ﺗﺣت‬


‫ﻋﻧوان "ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ" ‪.‬‬

‫‪-‬و ﻛذﻟك ﻛﺗﺎب ﻓﻠوﯾد أﻟﺑورت ‪ Floyd Allport‬اﻟذي ﻧﺷر ﻋﺎم ‪ 1924‬ﺗﺣت ﻧﻔس‬
‫اﻟﻌﻧوان أﯾﺿﺎ‪.‬‬
‫ﻟﻘد رﻛز ھذﯾن اﻟﻌﻣﻠﯾن ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة أن اﻟﺳﻠوك اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن اﻟﻣﯾول اﻟﻐرﯾزﯾﺔ‬
‫و اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﺳﻠوك اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ‪.‬‬

‫ﺑﻌدھﺎ ﺟﺎءت أﻋﻣﺎل ‪.Muzafar Sherif et Kurt Lewin‬رﻛز‬


‫و‬ ‫ﺷرﯾف)‪ (1935‬دراﺳﺔ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻣﺗﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‬
‫اﻟﺗﻔﺎﻋﻼت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ‪.‬ﻓﻲ ﺣﯾن اھﺗم ﻟوﯾن ﺑدراﺳﺔ ظﺎھرة اﻟﻘﯾﺎدة ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ و ﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﺑدﯾﻧﺎﻣﻛﯾﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪:‬اﻟﺗﺣدﯾدات اﻻﺻطﻼﺣﯾﺔ ﻟﻌﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‬


‫ﺳﻧﺗﻧﺎول ﺗﻌرﯾف ﻋﻠم اﻟﻧﻔس و ﺗﻌرﯾف ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع و ﺗﻌرﯾف ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‬
‫و اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﻌﻠوم اﻟﺛﻼﺛﺔ ﺛم أھﻣﯾﺔ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻔرد و اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ‪.‬‬
‫ﻛﻠﻣﺔ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﻋﻠﻣﻲ اﻟﻧﻔس و اﻻﺟﺗﻣﺎع‪،‬ﻓﻣﺎ ھو ﺗﻌرﯾف ﻋﻠم اﻟﻧﻔس‬
‫و ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع؟‬

‫‪2-1‬ﺗﻌرﯾف ﻋﻠم اﻟﻧﻔس‬


‫ھو ﻋﻠم دراﺳﺔ اﻟﺳﻠوك اﻟﺻﺎدر ﻋن اﻹﻧﺳﺎن ﺳواء ﻛﺎن داﺧﻠﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻛل دواﻓﻊ‬
‫و اﻧﻔﻌﺎﻻت أو ﺧﺎرﺟﯾﺎ و ﯾﺷﻣل اﻟﺳﻠوك اﻟظﺎھر اﺗﺟﺎه اﻵﺧرﯾن‪.‬و ﻧﻘﺻد ﺑﺎﻟﻧﺷﺎط‬
‫اﻟداﺧﻠﻲ‪،‬اﻟﻧﺷﺎط اﻟذي ﻻ ﯾظﮭر أﻣﺎم اﻟﻧﺎس ﻛﺎﻟﺗﻔﻛﯾر و اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﻟﻛن ﻟﮭﺎ ﻣظﺎھر ﺧﺎرﺟﯾﺔ‬
‫ﺗﻧﺷﺄ ﻋﻧﮭﺎ ﻣﺛل ﺳﻠوﻛﻲ ﻧﺣو اﻵﺧرﯾن ﺑﺎﻟﻌدوان أو اﻟﺗﻌﺎون‪،‬أو ﻣﺛل أﻟﻔﺎظﻲ و ﺗﻌﺑﯾراﺗﻲ ﻋن‬
‫ﻣﺷﺎﻋري و آراﺋﻲ ﻧﺣو اﻵﺧرﯾن ﻛل ھذا ﺿﻣن إطﺎر ﻋﻠم اﻟﻧﻔس أو ﻋﻠم دراﺳﺔ اﻟﺳﻠوك‪.‬‬
‫ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن ﻋﻠم اﻟﻧﻔس ﻣﺟﺎل واﺳﻊ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺿم ﻋدد ﻣن اﻟﻔروع اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻛﻌﻠم اﻟﻧﻔس‬
‫اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ‪،‬ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﺗرﺑوي‪،‬ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪.‬ﺣﯾث ﯾﮭﺗم ﻋﻠم اﻟﻧﻔس ﺑﺎﻷﺳس اﻟﻧظرﯾﺔ‬
‫ﻣﺎ ﯾﻛﻣن ﺧﻠف اﻟﺳﻠوك و اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ ﻧظرﯾﺎت ﺟدﯾدة‪،‬أﻣﺎ اﻟﻔروع اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﺗﺳﺗﻔﯾد ﻣن‬
‫اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻧظرﯾﺔ ﺧدﻣﺔ ﻟﻸﻓراد‪.‬ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻛﯾف ﻧﺳﺗﻔﯾد ﻣن ﻧظرﯾﺎت ﻋﻠم اﻟﻧﻔس ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗﻌﻠم؟ﻓﻌﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﺗرﺑوي ھو ﻋﻠم ﺗطﺑﯾﻘﻲ ﻷﻧﮫ ﯾﺄﺧذ اﻷﺳﺎﺳﯾﺎت اﻟﻧظرﯾﺔ ﻣن ﻋﻠم اﻟﻧﻔس‬
‫و ﯾﺳﺗﻔﯾد ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻣدرﺳﺔ و اﻟﺗدرﯾس‪.‬‬
‫ﯾﻌﺗﺑر ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓرﻋﺎ أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻣن ﻓروع ﻋﻠم اﻟﻧﻔس و ﻟﮫ ﻓروﻋﮫ اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ‬
‫ﻣﺛل ‪:‬اﻹﻋﻼم ‪ ،‬اﻟرأي اﻟﻌﺎم‪.‬ﯾﺧﺗص ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑدراﺳﺔ اﻟﺳﻠوك ﺑﯾن اﻷﻓراد‪،‬ﻓﻠو‬
‫رﺟﻌﻧﺎ ﻟﺗﻌرﯾف ﻋﻠم اﻟﻧﻔس ﻓﮭو ﯾﺧﺗص ﺑدراﺳﺔ اﻟﺳﻠوك ﻋﻣوﻣﺎ ﻟﻛن ﺳﻠوك اﻟﻔرد اﺗﺟﺎه‬
‫اﻵﺧرﯾن ﺗﺄﺛﯾرا و ﺗﺄﺛرا ھو ﻣن اﺧﺗﺻﺎص ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪،‬إذ ﯾﮭدف إﻟﻰ اﺳﺗﻧﺗﺎج‬
‫ﻗواﻧﯾن ﻧﺷﺄة و ﺗطور اﻟﺳﻠوك ﺑﯾن اﻷﻓراد‪.‬‬
‫ﻟﻛن ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻻ ﯾوﺟد ﺳﻠوك إﻧﺳﺎﻧﻲ ﻏﯾر اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪،‬ﻓﺎﻟدواﻓﻊ و اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﻛﻠّﮭﺎ‬
‫ﻣﺗﺄﺛرة ﻛﯾف ﻧﺷﺄﻧﺎ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ؟و ﻛﯾف ﻧﻌﺑر ﻋﻧﮭﺎ ﻓﻲ إطﺎر ﺛﻘﺎﻓﻲ؟و ﻛﯾف ﻧﻘدﻣﮭﺎ ﻟﻶﺧرﯾن؟ﻓﻌﻠم‬
‫اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ھو اﻟﻣظﻠﺔ اﻷوﺳﻊ ﻟﻌﻠم اﻟﻧﻔس‪.‬‬

‫‪2-2‬ﺗﻌرﯾف ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع‬


‫ﯾﮭﺗم ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ﺑدراﺳﺔ اﻟظواھر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺧذ ﺷﻛل ﻧظم اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‬
‫و ﻣﻧظﻣﺎت رﺳﻣﯾﺔ‪.‬ﻓﻌﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ﯾﺗﻧﺎول اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺳﯾرھﺎ اﻷﻓراد‪،‬و ھؤﻻء اﻷﻓراد ھم‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن ﻋن ﺗﺳﯾﯾر ھﺎﺗﮫ اﻷﻧظﻣﺔ‪،‬ﻓﻼ ﯾوﺟد أﻧظﻣﺔ ﻣن ﻏﯾر ﺑﺷر‪،‬ﻓﻼ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺗﺧﯾل أﻧظﻣﺔ‬
‫ﺑدون أﺷﺧﺎص‪ .‬ﻓﻧظﺎم اﻟﻣرور ﯾﺳﯾره ﺟﻧود اﻟﻣرور‪،‬و اﻟﻧظﺎم اﻟﻣﺎﻟﻲ ﯾﺳﯾره اﻟﻣﺧﺗﺻون‬
‫اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﯾن و ھﻛذا دواﻟﯾك‪.‬‬
‫إذن ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ﯾﺗﻧﺎول ﻗﺿﯾﺔ ﻣواﺟﮭﺔ و ﺗﻌﺎﻣل اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻊ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟرﺳﻣﯾﺔ‪،‬ھﻧﺎ‬
‫اﻟﻔرد ﯾﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻧظﺎم‪ ،‬ﻟﯾس ﻣﻊ ﻓرد ﻣﺛﻠﮫ‪،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل أﻧﺎ ﻻ أﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﺷرطﻲ اﻟﻣرور‬
‫ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﮫ ﺧﺻم ﻟﻲ ﺑل ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﮫ ﯾﻣﺛل اﻟﻧظﺎم و واﺟب ﻋﻠﻲّ اﺣﺗراﻣﮫ ﻣن ﺧﻼل‬
‫اﻻﻟﺗزام ﺑﻘواﻧﯾن اﻟﻣرور‪،‬إذا ھذا ھو اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟذي ﯾﮭﺗم ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ﺑدراﺳﺗﮫ‪،‬أي‬
‫دراﺳﺔ ﺗﺻرﻓﺎت اﻷﻓراد ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ ﻣؤﺳﺳﺎت اﻟدوﻟﺔ أو اﻷﻧظﻣﺔ اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻋﻣوﻣﺎ ‪،‬ﻓﻛﻠﻣﺔ‬
‫أﻧظﻣﺔ رﺳﻣﯾﺔ ﺗﻌﻧﻲ‪:‬ﻧظﺎم ﺳﯾﺎﺳﻲ‪،‬أو اﻗﺗﺻﺎدي‪،‬أو ﺗﻌﻠﯾﻣﻲ‪،‬ﻓﻛﻠﮭﺎ أﻧظﻣﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻣﺳﺗﻘرة ﺗﻌﻠو‬
‫اﻷﻓراد‪،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﻔرد ﻣﻣﻛن أن ﯾﺗﻐﯾر ﻟﻛن ﯾظل اﻟﻧظﺎم ﺛﺎﺑﺗﺎ‪،‬ﻟﻛن ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﻣﻣﻛن ﯾﺗﻛﺎﺗف‬
‫اﻷﻓراد ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻹﺳﻘﺎط ﻧظﺎم ﻣﻌﯾن‪.‬ﻓﺎﻟﺑﺷر ھم اﻟذﯾن ﯾﺣرﻛون اﻷﻧظﻣﺔ و ﯾﻣﻠﻛون اﻵﻟﯾﺔ‬
‫ﻟﺗﺳﯾﯾرھﺎ‪.‬‬
‫ﻓﯾﻣﻛن ﺗﻌرﯾف ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ﺑﺄﻧﮫ ﻋﻠم دراﺳﺔ اﻟﺳﻠوك اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻠﮫ ﻣﻊ اﻟﻧظم‬
‫اﻟرﺳﻣﯾﺔ و اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﺑﻘواﻋد و أﻧظﻣﺔ و ﺗﻘﺎﻟﯾد‪.‬أﻣﺎ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره‬
‫ﻓرﻋﺎ ﻣن ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ﯾﮭﺗم ﺑﺎﻟظواھر ﻏﯾر اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺳﻠوك اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ‪،‬ﻣﺛﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟك‪:‬إذا‬
‫اﺟﺗﻣﻊ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺳﻛﺎن ﻟﺗﻧظﯾم أﻣور اﻟﺣﻲ اﻟﻘﺎطﻧﯾن ﺑﮫ ﺑﺻﺑﺢ ھذا اﻟﺳﻠوك ﻧﻔﺳﯾﺎ‬
‫اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ‪،‬ﻓﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛﻠت ﻏﯾر رﺳﻣﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﻷي ﻧظﺎم ‪،‬وإﻧﻣﺎ اﺗﻔﻘوا ﻟﺗﻧظﯾم‬
‫ﺟﮭود ﺗطوﻋﯾﺔ ﻏﯾر رﺳﻣﯾﺔ‪.‬‬
‫و ﯾﻌﺗﺑر ﻛذﻟك ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓرﻋﺎ ﻣن ﻓروع ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع‪،‬إذ ﯾﮭﺗم ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﺣﺔ‬
‫اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ ﻏﯾر اﻟرﺳﻣﯾﺔ‪،‬إذا ھو اﻟﻣﺟﺎل اﻟذي ﺗﺗﻘﺎطﻊ ﻓﯾﮫ اﻟظواھر اﻟﻔردﯾﺔ ﻣﻊ اﻟظواھر‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻧﺻل ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﻟﺗﻘدﯾم ﺗﻌرﯾف ﻟﻌﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟذي اﺗﻔق ﻋﻠﯾﮫ ﻛﻼ ﻣن ﻋﻠﻣﺎء‬
‫اﻟﻧﻔس و ﻋﻠﻣﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎع ﺳوﯾﺎّ‪:‬ﻋﻠم دراﺳﺔ اﻟﺳﻠوك ﺑﯾن اﻷﻓراد ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪.‬‬

‫‪2-3‬ﺗﻌرﯾف ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‬


‫ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ھو أﺣد ﻓروع اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ اﻟﺗﻲ ظﮭرت ﻧﺗﯾﺟﺔ‬
‫و‬ ‫اﻟﺗطور اﻟﻣﻌرﻓﻲ اﻟذي ﻋرﻓﮫ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس و ﻋﻠوم أﺧرى ﻓﻲ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ‬
‫أوروﺑﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺑﻧﻲ اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﻛﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺳﯾﻛوﻟوﺟﻲ ﻟﻠظواھر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬ﻓﮭو ذﻟك‬
‫اﻟﺗﺧﺻص اﻟذي ﻋﻣد أﺻﺣﺎﺑﮫ ﺑﺣث اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻓﯾﮭﺎ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺗﻔﺎﻋل ﺑﯾن اﻟﻧﻔس‬
‫و‬ ‫و اﻟﻣﺣﯾط اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪.‬ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟدراﺳﺔ ﺗﺄﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻣﻌطﯾﺎت اﻟﻧﻔس اﻟﻔردﯾﺔ‬
‫اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻣﺗﻔﺎﻋﻠﺗﯾن‪،‬اﻟﻠﺗﺎن ﺗﻧﺗﺟﺎن ﺳﻠوﻛﺎ ﻣﻌﯾﻧﺎ ﯾﻣﻛن ﺗﺳﻣﯾﺗﮫ ﺑﺎﻟﺳﻠوك اﻟﻧﻔﺳﻲ‪-‬‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪.‬‬
‫و ﯾﻣﻛن ﺗﻌرﯾف ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﺄﻧﮫ ﻓرع ﻣن ﻓروع ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻟذي ﯾدرس‬
‫اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻠﻔرد و اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ھو ﺗﻔﺎﻋل ﺑﯾن اﻷﻓراد‪،‬ﯾﺣدث ﻣن‬
‫ﺧﻼل اﻟرﻣوز أو ﻣﺛﯾرات اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬‬

‫و ﯾﻌرف ﻛل ﻣن روﺑرت ﺑﺎرون‪Robert A.Baron‬و ‪ Donn Byrn‬ﻋﻠم اﻟﻧﻔس‬


‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ "ﺑﺄﻧﮫ ﺣﻘل ﻋﻠﻣﻲ اﻟذي ﯾﺑﺣث ﻓﻲ ﻓﮭم طﺑﯾﻌﺔ و أﺳﺑﺎب ﺳﻠوك اﻟﻔرد ﻓﻲ اﻟﻣواﻗف‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ"‪ .‬إذن ھو ﻋﻠم ﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺣﻠﻘﺔ اﻟوﺳطﻰ ﺑﯾن ﻋﻠم اﻟﻧﻔس و ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع‪،‬ﻓﮭو ﯾﺗﻧﺎول‬
‫ﻗﺿﺎﯾﺎ ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ﺗﻧﺎوﻻ ﻧﻔﺳﯾﺎ ﻣﺳﺗﻔﯾدا ﻣﻧﮭﺟﯾﺎ و ﻧظرﯾﺎ ﻣن ﻛﻠﯾﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻣﺿﻣوﻧﮫ اﻟﻌﺎم ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟدراﺳﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﺳﻠوك اﻟﺻﺎدر‬
‫ﻋن اﻟﻔرد ﺗﺣت ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣﻧﺑﮭﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪،‬ﻛﻣﺎ ﯾﮭﺗم ﺑﻣﺟﻣل اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺎت اﻟﺻﺎدرة‬
‫ﻋن اﻟﻔرد ردا ﻋن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﻧﺑﮭﺎت‪.‬و ھذا ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻔﻌل اﻟﻧﻔﺳﻲ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﺷﺗرط وﺟود‬
‫ﻣﻧﺑﮫ و اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ و ﺗوﻓر اﻟداﻓﻊ ﻟﺗﺣﻘﯾق ھذه اﻟﻣﻌﺎدﻟﺔ‪،‬و ھذا ﯾﺗﻘﺎرب ﻣﻊ اﻟﻣﻌﺎدﻟﺔ اﻻﺗﺻﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﻔرض وﺟود ﻣرﺳل ﻣﺳﺗﻘﺑل و ﻗﻧﺎة‪،‬ﻋﻠﻣﺎ أن ﻛﻼ اﻟﻣﻌﺎدﻟﺗﯾن ﺗؤدﯾﺎن وظﯾﻔﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ داﺧل‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ أﻻ و ھﻲ إﺣداث ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻔﺎﻋل اﻟﺗﻲ ﺑدورھﺎ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺎﺳﺗﻣرار اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و ﺗﻣﻛن‬
‫أﻓراده ﻣن اﻹﺑداع و ﺗﻧﻣﯾﺔ ﻗدراﺗﮭم اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪.‬‬
‫و إذا ﻛﺎن ﻋﻠﻣﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎع ﯾﮭﺗﻣون ﺑﺎﻟﺗﻔﺎﻋل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﺻورة ﻋﺎﻣﺔ ﻓﺈن ﻋﻠم اﻟﻧﻔس‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾدرس ﻛﯾف ﯾﻧﻣو و ﯾﺗطور اﻟﻔرد اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ و ﻛﯾف ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻧﺷﺋﺔ‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و ﻛﯾف ﯾﺳﺗﺧدم اﻟﺗﻔﺎﻋل ﻟﯾﻌﺑر اﻟﻔرد ﻋن اﻷﻧﻣﺎط اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و ﻛﯾف ﯾﺗﺷرب‬
‫اﻟﻔرد اﻵراء و اﻻﺗﺟﺎھﺎت ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺷﺄ ﻓﯾﮭﺎ و ﻛﯾف ﯾﺗﺄﺛر و ﯾؤﺛر ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﮭﺎ‪.‬ﻓﻌﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ إذن ﯾدرس اﻟﻌواﻣل اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺿﻣﻧﮭﺎ‬
‫ﺗﻛوﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت‪.‬‬
‫ﻓﻌﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﯾس وﻟﯾد اﻟﻣﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرى أﻧﮫ ﯾﺳﺎوي ﻋﻠم اﻟﻧﻔس زاﺋد ﻋﻠم‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎع‪،‬ﻛوﻧﮫ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺎھﺞ ﻣﺣددة ﻣن أﺟل ﺗﻘﺻﻲ اﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪،‬ﻓﯾﺗﻧﺎول‬
‫ﺑﺎﻟوﺻف و اﻟﺗﺟرﯾب ﺳﻠوك اﻟﻔرد ﻣﻊ اﻷﺷﺧﺎص اﻵﺧرﯾن ﻣن ﺣﯾث ﺗﺄﺛره ﺑﮭم و ﺗﺄﺛﯾره‬
‫ﻓﯾﮭم‪.‬ﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى اﻟﻌﻠم اﻟذي ﯾدرس ﺳﻠوك اﻷﻓراد ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣواﻗف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ‪،‬ﻓﺄھم ﻣﺎ‬
‫ﯾﻌﻧﻰ ﺑﮫ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ھو دراﺳﺔ اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻠﻔرد و إذا أردﻧﺎ ﻓﮭﻣﮫ ﻛﺎن‬
‫ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﯾﻧﺎ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ ﺗﻘﻧﯾﺎت ﻋﻠم اﻟﻧﻔس ‪.‬‬
‫ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ھو ﻋﻠم ﯾدرس ﺳﻠوك اﻷﻓراد ﺑﻌﻼﻗﺗﮫ ﺑﺎﻟﻣواﻗف و اﻟﻣﺛﯾرات‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ رﻣوز اﻟﺗﻔﺎﻋل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪،‬ﻓﺄي رﻣز ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﻔﺎﻋل اﻵﺧرﯾن‬
‫ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺛﯾر اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪.‬‬
‫و ﻣن زاوﯾﺔ أﺧرى ﻓﻌﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ و ﻋﻠم اﻟﻧﻔس ﻛﻼھﻣﺎ ﻣﺿطر إﻟﻰ أن‬
‫ﯾدرس ﺳﻠوك اﻟﻔرد ﻛﻛﺎﺋن اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ ﺑﯾﺋﺔ ﯾﺗﺄﺛر ﺑﮭﺎ و ﯾؤﺛر ﻓﯾﮭﺎ‪،‬ﻓرﻏم اﻟﺻﻌوﺑﺔ‬
‫اﻟﻣﻧﮭﺟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻣﺗﻐﯾر اﻟﺳﻠوك إﻻ أن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﯾرﻛزون ﻓﻲ دراﺳﺎﺗﮭم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺻدر‬
‫و ﻣﺎ‬ ‫ﻣن اﻟﻔرد و اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن ﺗﺻرﻓﺎت‪،‬ﻓﺎﻟﺳﻠوك ﯾﺗﺟﺳد ﻣن ﺧﻼل ﺗﺻرﻓﺎت اﻷﻓراد‬
‫ﯾﺻدر ﻋﻧﮭم ﻣن أﻓﻌﺎل و ﻣواﻗف‪ .‬ﻓﺎﻟﺑﺎﺣث ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﮭدف إﻟﻰ اﻛﺗﺷﺎف‬
‫اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻐﯾر ﺑﺗﺄﺛﯾرھﺎ ﺳﻠوك اﻟﻔرد و اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﺳﺗﺟﺎﺑﺗﮭم ﻟﻠﻣﺛﯾرات اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬‬
‫إن اﻟطروﺣﺎت اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑدأت ﺗﻔرض ﻣﻧطق‬
‫اﻟﻘﯾﺎس ‪،‬ﻓﺎﻟﺗطور اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻲ اﻧﺗﻘل إﻟﻰ اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟذي زودھﺎ ﺑﺄﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺗﻲ‬
‫ﻻ ﺗؤﻣن إﻻ ﺑﺎﻟدﻟﯾل اﻟرﻗﻣﻲ‪.‬ﻓﻣن ﺧﻼل ھذا ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﺗﺄﻛد ﻋﻠﻰ أن ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‬
‫و ﻋﻠوم اﻻﻋﻼم و اﻻﺗﺻﺎل ﻛﻠﯾﮭﻣﺎ ﻋﻠﻣﺎن ﻣﺗﻛﺎﻣﻼن ﻣن ﺣﯾث اﻟﺗﻧﺎول اﻟﻣﻧﮭﺟﻲ ﻟﻠظواھر‬
‫اﻟﻣﺑﺣوث ﻓﯾﮭﺎ‪.‬‬

‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ‪ :‬اﻟﺗﺣدﯾدات اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻠﻔرد‬


‫ﻣن ﺑﯾن اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻧﺎوﻟﮭﺎ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻛﻣوﺿوع ﻟﻠﺑﺣث‬
‫و اﻟدراﺳﺔ اﻟﺳﻠوك ‪،‬ﻓﻣن ﺑﯾن ﻣﺟﺎﻻت ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟدراﺳﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﺳﻠوك اﻟﺻﺎدر‬
‫ﻋن اﻟﻔرد ﺗﺣت ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣﻧﺑﮭﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬‬
‫إن ﻛﻠﻣﺔ ﺳﻠوك ﺑﻣﻌﻧﺎھﺎ اﻟﻌﺎم ﺗﺗﺿﻣن ﻛل ﻧﺷﺎط ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻟﻛﺎﺋن اﻟﺣﻲ‪،‬ﻓﺎﻧﺷﻐﺎل اﻟطﻔل‬
‫ﻓﻲ اﻟﻠﻌب ھو ﻧوع ﻣن اﻟﺳﻠوك‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻛﻠﻣﺔ ﺳﻠوك ﻓﻲ ﻧظر اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﯾن ھو ﻛل ﻣﺎ ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻹﻧﺳﺎن ﻣن أﻋﻣﺎل‬
‫و ﻧﺷﺎط ﺻﺎدر ﻋن دواﻓﻊ داﺧﻠﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﺳﻠوك ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧﺣو ﻣﺎ ھو إﻻ ﻧﺗﺎج اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟدﯾﻧﺎﻣﻛﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻣن ﺗﻔﺎﻋل اﻹﻧﺳﺎن‬
‫ﺑﻣﯾوﻟﮫ و ﺣﺎﺟﺎﺗﮫ و ﻧزﻋﺎﺗﮫ و اﺗﺟﺎھﺎﺗﮫ ﻣﻊ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﺑدورھﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﻠوك‪.‬‬
‫‪-3-1‬اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ و ﺗﻔﺳﯾرھﺎ ﻟﻠﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‬
‫‪-3-1-1‬ﻧظرﯾﺔ ﻛﻼرك ھل‬
‫ﺗذھب ھذه اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾرھﺎ ﻟﻠﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻋﻧد اﻟﻔرد إﻟﻰ أن اﻟﺳﻠوك ﯾﺗﻛون‬
‫ﻧﺗﯾﺟﺔ اﺣﺗﻛﺎك اﻟﻔرد ﺑﻐﯾره أو ﺑﻣﺣﯾطﮫ أﺛﻧﺎء إﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺎﺗﮫ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ‪،‬ﻓﮭو ﺻﻔﺔ ﻣﻛﺗﺳﺑﺔ‬
‫ﻣرﺗﺑطﺔ أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺎﻟﻔرد‪،‬إذ ﯾﻌﺗﺑر ھذا اﻷﺧﯾر أﺳﺎس اﻟدراﺳﺔ أﻣﺎ اﻹطﺎرات اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‬
‫و اﻷﻧﻣﺎط اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﺗﻠﻌب دورا ﺛﺎﻧوﯾﺎ ﻓﻘط‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻣﺛﯾرات اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻓﻲ ﻧظر ﺻﺎﺣب ھذه اﻟﻧظرﯾﺔ ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗدﻓﻊ اﻟﻔرد إﻟﻰ اﻛﺗﺳﺎب‬
‫ﻋﺎدات ﺗﺟﻌﻠﮫ ﯾﺣﺗك ﺑﻐﯾره ﻣن اﻷﻓراد ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻏﺎﯾﺎﺗﮫ و إﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺎﺗﮫ‪،‬و ﻣن ھﻧﺎ ﯾﺻﺑﺢ‬
‫ﺳﻠوك اﻟﻔرد ﯾﺗﻛرر ﺑطرﯾﻘﺔ آﻟﯾﺔ و ﻣﯾﻛﺎﻧﻛﯾﺔ ﺧﻼل ﻣﺷواره اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ و ﺣﺳب ﻣﺗطﻠﺑﺎت‬
‫ﺣﯾﺎﺗﮫ اﻟﯾوﻣﯾﺔ‪.‬‬
‫اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﺿوء ﻧظرﯾﺔ ﻛﻼرك ھو اﻛﺗﺳﺎب ﻋﺎدات اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑطرﯾﻘﺔ‬
‫و‬ ‫آﻟﯾﺔ ﺗﺗﺣدد ﺑﻣﺛﯾرات ﻣﺎدﯾﺔ‪،‬و أن دراﺳﺔ اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺗﺗطﻠب اﻟﺑدء ﺑﺎﻟﻔرد‬
‫اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺛﯾرات ﻓﻲ اﻟﻣواﻗف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﺗؤدي إﻟﻰ اﺳﺗﺟﺎﺑﺎت ﻣﻌﯾﻧﺔ‪.‬‬
‫و ﻣﻌﻧﻰ ھذا ﻧﻘطﺔ اﻟﺑدء ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ھو اﻟﻔرد و ﻟﯾس اﻷﻧﻣﺎط‬
‫اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ أو اﻹطﺎرات اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬‬
‫‪-3-1-2‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﺟﺷطﻠت‬
‫ﺗﺧﺗﻠف ﻧظرﯾﺔ اﻟﺟﺷطﻠت ﻋن اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣﺿﻣون ﻓﮭﻲ ﺗﺟﻌل ﻧﻘطﺔ‬
‫اﻟﺑدء ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟوﺳط اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻻ اﻟﻔرد‪،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ‬
‫أن ﺳﻠوك اﻟﻔرد ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﯾﺗﺣدد و ﯾﺗﺧذ ﺻﻔﺎﺗﮫ اﻟﻣﻣﯾزة ﻣن اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻌﺎم‬
‫ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ‪،‬و ﯾرﺗﺑط ھذا ﺑﻣﻔﮭوم اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺟزء و اﻟﻛل‪،‬ﻓﯾﺗﺷﻛل اﻟﺳﻠوك اﻟﻔردي ﻧﺗﯾﺟﺔ‬
‫إدراك اﻟﻔرد ﻟﻠوﺣدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻧظﺎم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪.‬‬
‫و ﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾص اﻟﺳﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾز ﻧظرﯾﺔ اﻟﺟﺷطﻠت ﻓﻲ ﻋﺎﻣﻠﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن‪:‬‬
‫‪-1‬إن اﻟﺑدء ﻓﻲ اﻟدراﺳﺔ ﯾﻛون ﻣن اﻟﻛل‬
‫و أن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ھﻲ أﻛﺛر ﻣن ﻣﺟرد ﺗﺟﻣﻊ ﻣﺟﻣوع أﻓرادھﺎ و أن اﻟﺳﻣﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻻ‬
‫ﺗﻔﮭم إﻻ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻛل اﻟذي ﯾﺣﺗوﯾﮭﺎ‪.‬‬
‫‪-2‬أن اﻹدراك ﺳﺎﺑق ﻟﻣﺧﺗﻠف أﻧﻣﺎط اﻟﺳﻠوك ﺳواء أﻛﺎن ﺳﻠوﻛﺎ ﻣﻌرﻓﯾﺎ‬
‫أو ﺣرﻛﯾﺎ‪،‬ﻓﺎﻟﻔرد ﯾدرك اﻷﻣور أوﻻ ﺛم ﺗﺗﻛون ﻟدﯾﮫ ﺳﻠوﻛﺎت اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ذﻟك‪.‬‬

‫‪-3-2‬ﻋواﻣل ﺗﻛوﯾن اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻠﻔرد‬


‫ﯾﺗﻛون اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻋﻧد اﻟﻔرد ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻋواﻣل ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺗﻔﺎﻋﻠﺔ ﻣﻌﺎ ھﻲ‪:‬‬

‫‪ .1‬اﻟﻌواﻣل اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪:‬ﻣﺛل اﻟﻠﻐﺔ و اﻟﻘﯾم و اﻟروح اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺄﺛر‬


‫و ﯾﺗﻣﺳك ﺑﮭﺎ اﻟﻐﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻌظﻣﻰ ﻣن أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪،‬ﻟذﻟك ﻓﺈن ﺗﻐﯾﯾرھﺎ ﯾﻠﻘﻰ‬
‫ﺻﻌوﺑﺔ ﻛﺑﯾرة‪.‬‬
‫‪ .2‬اﻟﻌواﻣل اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ‪:‬و اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻣل اﻧﺗﻣﺎء اﻟﻔرد إﻟﻰ ﺟﻣﺎﻋﺎت أوﻟﯾﺔ ﻣﺛل‬
‫اﻷﺳرة أو ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻠﻌب أو اﻟﻣﮭﻧﺔ و اﻟﻌﻣل و اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﯾﺔ‪،‬و ﻛذﻟك‬
‫اﻟﻌواﻣل اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣدد ﺑﺎﻟﺳن و اﻟﺟﻧس و اﻟطﺑﻘﺔ‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ و اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﻛﻧﯾﺔ ‪.‬‬
‫‪ .3‬اﻟﺧﺑرات اﻟﺧﺎﺻﺔ‪:‬اﻟﺗﻲ ﯾﻣر ﺑﮭﺎ اﻟﻔرد ﻋﻠﻰ ﻣدى اﻟﺣﯾﺎة و اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﺷﺗرك ﻣﻌﮫ‬
‫ﻓﯾﮭﺎ ﺑﻧﻔس اﻟﺷﻛل أو ﺑﻧﻔس اﻟﻘدر ﻏﯾره ﻣن اﻷﻓراد‪.‬‬

‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟراﺑﻌﺔ‪ :‬ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى‬


‫إن ﻟﻌﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻋﻼﻗﺔ وطﯾدة ﺑﻣﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠوم ﻻﺳﯾﻣﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‬
‫و اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‪،‬و ﻣﺎ ھذه اﻟﻌﻼﻗﺔ إﻻ ﺗراﺑط ﻣﻧﮭﺟﻲ و ﻣوﺿوﻋﻲ أﺛرﺗﮭﺎ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺑرھﻧت‬
‫ﻋﻠﻰ أن ﺳﺎﺋر اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺣﯾث أﻧﮫ ﻛﺎﺋن ﯾﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ‬
‫ﻣﺣﯾطﮫ ﯾؤﺛر و ﯾﺗﺄﺛر ﺑﺑﯾﺋﺗﮫ‪،‬ﺣﯾث ﺗدﻓﻌﮫ اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻛﺗﺳﺎب ﺳﻠوك ﻣﻌﯾن و ﺑﻧﺎء ﺷﺧﺻﯾﺔ‬
‫وﻓق ﻣﺗﻐﯾرات ﻣﺣددة و ھﻲ ﻛﻠّﮭﺎ ﻣﺟﺎل اھﺗﻣﺎم اﻟﻌﻠوم‪.‬‬

‫و‬ ‫و ﺗﺑﻘﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻣﻧﮭﺟﯾﺔ ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ذات ﻗﯾﻣﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ‬
‫ھذا ﻣﺎ ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﺧﺻﺻﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أن ﺗﺟد ﻟﮭﺎ ﺳﺑﯾﻼ‬
‫ﻟﻠﺗطور و ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻣﻌﺗﺑرة‪،‬و ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ﻧﺟد أن اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟذي ﯾﺟﻣﻊ‬
‫ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف ھذه اﻟﻌﻠوم ﻟﯾس وﻟﯾد اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﺧﺑرﯾﺔ ﻛﻣﺎ ھو اﻟﺷﺄن ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟدﻗﯾﻘﺔ‪،‬ﺑل ھو‬
‫ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﻌﺎرف إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ﻣﺣﻘﻘﺔ و ﻣﻧظﻣﺔ ﻧﺗوﺻل إﻟﯾﮭﺎ ﺑﺈﺗﺑﺎع اﻟﻣﻧﺎھﺞ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪،‬ﻣﻊ‬
‫إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻘﯾﺎس ﻛﻣﺎ ھو اﻟواﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﺳوﺳﯾوﻣﺗري و اﻟﺳﯾﻛوﻣﺗري‪،‬و ﺑﺗﺟﻣﯾﻊ ﺗﻠك اﻟﻣﻌﺎرف‬
‫ﺑﺈطﺎر ﻣﻧظم ﻣن ﺧﻼل وﺿﻊ ﻧظرﯾﺎت ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠوم أن ﺗﻔﺳر اﻟظواھر اﻟﺗﻲ ھﻲ‬
‫ﻣﺟﺎل اھﺗﻣﺎﻣﮭﺎ‪.‬‬
‫و ﺳﻧﺣﺎول ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﻣﻌطﯾﺎت اﻟﻣﺗوﻓرة ﻟدﯾﻧﺎ أن ﻧﺟﺳد اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﺑﻌض اﻟﻌﻠوم‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻧؤﻛد ﺿرورة اﻟﺗراﺑط و اﻟﺗﻛﺎﻣل اﻟﻣوﺟود ﺑﯾﻧﮫ‪.‬‬

‫‪-4-1-‬ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﻌﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﻌﺎم‬


‫إن ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻓﻲ أي أﺳﺎس ﻣن أﺳﺳﮫ ﻋن ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﻌﺎم‪،‬ﻓﻣن‬
‫ﺑﯾن أھداف ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ھو دراﺳﺔ اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻠﻔرد‪،‬إﻻ أﻧﻧﺎ إذا أردﻧﺎ أن‬
‫ﻧﻔﮭم ھذا اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻛﺎن ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﯾﻧﺎ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ ﺗﻘﻧﯾﺎت ﯾﺳﺗﻌﻣﻠﮭﺎ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس ﻛﺄن‬
‫ﻧطرح اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬

‫‪ -‬ﻛﯾف ﯾﺣﻘق اﻟﻔرد أﻏراﺿﮫ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ -‬ﻛﯾف ﯾدرك اﻟﻔرد ﺑﯾﺋﺗﮫ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ -‬ﻛﯾف ﯾﺗﻌﻠم اﻟﻔرد ﺳﻠوﻛﮫ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪.‬‬


‫ﻟﻔﮭم اﻟﺳﻠوك ﻓﮭﻣﺎ دﻗﯾﻘﺎ ﯾﺗطﻠب ﻣﻧﺎ ﻓﺣص اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﺛﻼﺛﺔ اﻟﻣذﻛورة‪،‬ﻛﻣﺎ ﯾﺗطﻠب‬
‫اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻧظرﯾﺎت و اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎوﻟت ھذه اﻟﻣواﺿﯾﻊ ﻓﻲ‬
‫ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﻌﺎم‪.‬‬
‫و ﻣن ﻣﻧطﻠق آﺧر ﻓﻌﻠم اﻟﻧﻔس ﻣﺛل ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻛﻼھﻣﺎ ﻣﺿطر إﻟﻰ أن‬
‫ﯾدرس ﺳﻠوك اﻟﻔرد ﻛﻛﺎﺋن اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أي ﯾدرس اﻟﻔرد ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺗﮫ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﯾﺗﺄﺛر و ﯾؤﺛر‬
‫ﻓﯾﮭﺎ‪.‬و ﻣﺎ ﻣن ظﺎھرة ﻣن اﻟظواھر اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻻ و ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻧﺷﺄﺗﮭﺎ و ﺗطورھﺎ ﻋواﻣل‬
‫اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬ﻓﺎﻻﺧﺗﻼﻓﺎت اﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ ﺗؤدي إﻟﻰ اﺧﺗﻼﻓﺎت ﺟوھرﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ‪.‬‬

‫و ﻧﻼﺣظ أن ﻣﺑﺎدئ اﻟداﻓﻊ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ و اﻹدراك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ و اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‬


‫ﻣﺗطﺎﺑﻘﺔ ﻣﻊ ﻣﺑﺎدئ اﻟداﻓﻊ و اﻹدراك و اﻟﺗﻌﻠم اﻟﺗﻲ ﯾﻌﻧﻰ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﻌﺎم ﺑدراﺳﺗﮭﺎ‪.‬ﻓﺎﻟﻣﺑﺎدئ‬
‫و اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﻔﺳر ﺑﮭﺎ اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ھﻲ ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﻣﺑﺎدئ و اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﯾﻌﻧﻰ‬
‫ﺑﮭﺎ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس‪.‬‬
‫‪-4-2‬ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﻌﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع‬
‫ھﻧﺎك ﺻﻠﺔ وﺛﯾﻘﺔ ﺑﯾن ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ و ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع‪.‬ﻓﺑﯾﻧﻣﺎ ﻧﺟد ﻋﻠم اﻟﻧﻔس‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﻌﻧﻲ ﺑدراﺳﺔ اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻠﻔرد‪،‬ﻧﺟد ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ﯾﻌﻧﻲ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‬
‫و ﻣﻘوﻣﺎﺗﮫ و ﻣﺷﻛﻼﺗﮫ ﻓﯾﮭﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﺟﻣﮭور و اﻷﺳرة و ﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﻣﻧظﻣﺎت‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ ﻓﻲ دراﺳﺗﮫ ھذه ﺑﺎﻟﻣؤﺛرات اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﺳﻠوك اﻷﻓراد‪.‬ﻛذﻟك‬
‫اﻟﺣﺎل ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻌﻧﻲ ﺑدراﺳﺔ ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ و اﻟﻣؤﺛرات اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺳﻠوك اﻷﻓراد و ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ﺑﻧﺻب اھﺗﻣﺎﻣﮫ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻔرد و ﻛﯾف ﯾﺗﻔﺎﻋل ﻣﻊ اﻷﻓراد‬
‫اﻵﺧرﯾن‪.‬‬
‫و ﻣن ﺟراء ھذه اﻟﺗﺄوﯾﻼت ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺗوﺻل ﺑﺄن ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾدرس‬
‫اﻟﻌواﻣل اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺿﻣﻧﮭﺎ ﺗﻛوﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت و اﻟﺗﻲ ﺑدورھﺎ ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن و ﺗﻐﯾﯾر‬
‫اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪،‬و ﻋﻧدﻣﺎ ﻧدرس طﺑﯾﻌﺔ و ﺷﻌور اﻟﻔرد ﻓﻲ ﻣواﻗف اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‬
‫ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧدرﺳﮫ ﻣن وﺟﮭﺔ ﻧظر ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪،‬و ﻋﻧدﻣﺎ ﻧدرس اﻟﻣواﻗف ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻓﺈﻧﻧﺎ‬
‫ﻧدرﺳﮭﺎ ﻣن وﺟﮭﺔ ﻧظر ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ﻓﻛﻼ اﻟﺗﺧﺻﺻﯾن ﯾﮭﺗم ﺑﻌﻧﺎﺻر ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن واﻗﻊ واﺣد‬
‫ﻻ ﯾﺗﺟزأ‪.‬‬

‫‪-4-3‬ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﻌﻠوم اﻹﻋﻼم و اﻻﺗﺻﺎل‬

‫و‬ ‫إن اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻋﻼﻣﯾﺔ ﺗﺣﻣل ﻓﻲ ﻣﺿﻣوﻧﮭﺎ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﺗﺻﺎﻟﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻣرﺳل‬
‫أو‬ ‫اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل‪،‬ﺗﺗم ﻋن طرﯾق إﺣدى اﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼﻣﯾﺔ ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻣﺳﻣوﻋﺔ‪-‬ﻣرﺋﯾﺔ‬
‫ﻣﻘروءة‪،‬ﺗﻧﺗﻘل ﺑواﺳطﺗﮭﺎ اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻛل رﻣوز أو ﺻور و ﯾﻘوم اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﺑﺎﺳﺗﯾﻌﺎب‬
‫اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻣﺛﯾرا ﯾﺳﺗﺟﯾب ﻟﮫ اﻷﻓراد‪،‬ﻟﻛن اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﺗﺗوﻗف ﻋﻠﻰ ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟرﺳﺎﻟﺔ‬
‫ﺑﺳﯾطﺔ أو ﻣﻌﻘدة‪ ،‬ﻣﺑﺎﺷرة أو ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة‪،‬واﺿﺣﺔ أو ﻏﺎﻣﺿﺔ‪...‬و ھﻛذا ﻧﺟد أن اﻹﻋﻼم‬
‫ﻋﻣﻠﯾﺔ ﯾﺗرﺗب ﻋﻧﮭﺎ ﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ ﺳﻠوك اﻟﻔرد و اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ و ھﻧﺎ ﯾﺟد ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣﺟﺎﻻ‬
‫و اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﯾﮫ‪.‬‬ ‫ﺧﺻﺑﺎ ﯾﺑﺣث ﻓﯾﮫ ﻋن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺄﺛﯾر ھذه و ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﻐﯾﯾرھﺎ ﻟﻠﺳﻠوك‬
‫و ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ﯾﻠﻌب اﻹﻋﻼم دورا ھﺎﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻧﺷﺋﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و اﻟﺗطﺑﯾﻊ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‬
‫ﻟﻠﻔرد‪،‬و ﺗﺳﺎھم وﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼم ﻓﻲ اﻟوﺣدة اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و اﻟﺗﻘرﯾب ﺑﯾن طﺑﻘﺎت‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و ﻧﻘل اﻹرث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﺑﯾن اﻷﺟﯾﺎل و ﺗﻌﺗﺑر ھذه اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﻣذﻛورة ھﻲ اﻷﺧرى ﻣن‬
‫اھﺗﻣﺎﻣﺎت ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻹﻋﻼم و ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﺗﺟﺎوز ھذا‬
‫اﻟﻣﺿﻣون‪،‬ﻓﻣﻊ اﻟﺗطور اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻲ أﺻﺑﺣت اﻟﻌﻼﻗﺔ أﻛﺛر ﺗراﺑطﺎ و ﺗداﺧﻼ ﻧظرا ﻟﺣﺎﺟﺔ‬
‫اﻹﻋﻼم ﻟﻌﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻹﻋﻼم ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟراﺑﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪.‬‬
‫إذن ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾدرس اﻟﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺄﺛر ﺑﮭﺎ أﻓﻛﺎر و ﻣﺷﺎﻋر و ﺳﻠوك‬
‫اﻟﻔرد ﺑﺣﺿور اﻵﺧرﯾن‪.‬ﻓﮭو ﯾرﻛز ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺣدث ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ھذا اﻟﺗﺄﺛر‪:‬‬
‫ﻛﯾف ﯾؤﺛر اﻟﺻدﯾق ﻓﻲ رأي ﺻدﯾﻘﮫ؟‬
‫ﻛﯾف ﯾﺗﺄﺛر اﻟﻔرد ﺑرأي اﻵﺧرﯾن؟‬
‫ﻛﯾف ﯾؤﺛر اﻹﺷﮭﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠوك اﻟﺷراﺋﻲ؟‬
‫ﻟﻣﺎذا ﯾﻧﺟذب ﻓرد ﻣﺎ ﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ؟‬
‫ﻓﮭو ﻻ ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑوﺻف اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻛن ﯾﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﻔﺳﯾره أي ﻓﮭﻣﮫ ﻣن ﺧﻼل‬
‫ﻣﻌرﻓﺔ أﺳﺑﺎﺑﮫ‪.‬‬

You might also like