Professional Documents
Culture Documents
وهناك أنواع أخرى تعتمد على خزان هواء ،وأحجام هذا النوع تتراوح بين قزم صغير ال يتعدى طوله 20سم وبين عمالق
رهيب يبلغ ثمانية عشر مترا وبوزن يصل إلى عشرين طنا ،يمتلك القرش ميزات مجتمعة تساعده على تحسس البيئة
المحيطة وكشفها بدقة متناهية ،فهو مثال يمتلك مقدرة هائلة على الرؤية في األعماق بفضل وجود طبقة عاكسة تقوم
بتضخيم كمية الضوء الساقط على الشبكية ،األمر الذي يجعله قادرا على تحسس أضعف األضواء ،باإلضافة إلى أن جلده
يحتوي حجيرات تشبه األقماع ،وهي مليئة بالنهايات العصبية فائقة الحساسية ألبسط رنين يحمله الماء لها ،إلى جانب
حاسة شم قوية يمكنه عبرها اإلحساس برائحة قطرة واحدة من الدم في 100ألف لتر من الماء ،كما تمكنه هذه الحاسة
من متابعة أثر الروائح لمسافة كيلومترات عديدة..ناهيك على أن مقدمة األنف مزودة بنوع من المسامات الصوتية
فتمكنه من االستدالل على أي حقل كهربائي مهما كان ضئيال ،بمعنى أنه قادر على رصد أي حركة عضلية مهما بلغت من
الضعف.
هذه هي األسلحة التي يتزود بها هذا الوحش الفريد والتي تعطيه القدرة على السباحة لمسافات تصل إلى مئة كم يوميا
وألعماق تمتد إلى 2000متر ،هذا هو القرش الذي زرع الرعب في شواطئ كاليفورنيا وأستراليا والذي سماه الناس
«أسنان البحر» لكن الحقائق العلمية تكذب نسيج األساطير التي حاكها الناس عنه ،وكل تلك المبالغات الهوليودية .فهو ال
يستمرئ لحم اإلنسان وال يستسيغه أبدا ،غير أنه يهاجمه غالبا بدافع الخوف والدفاع عن النفس
.لقد تحول صيده إلى
تجارة رابحة مما بات يتهدد وجود أنواعه في بيئته الطبيعية ،فقد تم اصطياد 800ألف طن خالل فترة التسعينات من
القرن العشرين
.الغريب أن كل شيء في جسد هذا الحيوان يدعو الصطياده ،فلحمه لذيذ ومقوي لصمامات القلب ،أما
زعانفه فقد باتت جزء من نشاط شبكات السوق السوداء التي تجد رواجا وأسواقا مفتوحة في الصين وتايالند وكوريا
ووسنغافورة وغيرها من البلدان اآلسيوية المزدهرة ،وفي المطاعم الفاخرة في هذه الدول يصل سعر طبق حساء زعانف
القرش ،الذي يقال أن له بعض الفوائد الصحية التي تماثل عقاقير الفياغرا المقوية جنسيا ،إلى 150يورو
.ويقول علماء
األحياء المائية والبحرية إن هذا اإلقبال على حساء زعانف القرش ،يهدد بالقضاء على واحد من أقدم المخلوقات ويهدد
النظام البيئي الذي يعاني من زيادة معدالت الصيد الجائرة.
ويحذر البيئيون من أن بعض أسماك القرش ،مثل قرش المطرقة والقرش األبيض العظيم انخفضت أعدادها بنسبة تصل
إلى %70خالل الخمس عشرة سنة الماضية ،وهذا أمر مقلقل جدا لعلماء الطبيعة والبيئة والحيوانات ،وبخاصة أمام
حقيقة اختفاء بعض األنواع األخرى تماما من البحار والمحيطات
.وتقدر منظمة الغذاء والزراعة التابعة لألمم المتحدة انه
قد جرى اصطياد 856ألف طن من أسماك القرش وبعض أنواع األسماك األخرى التي تنتمي لنفس الفصيلة في عام
،2003وهذه الكمية المخيفة تعد أعلى بثالث مرات من الكمية التي تم اصطيادها قبل خمسين سنة عندما تحول حساء
زعانف سمك القرن إلى رمز للثروة والجاه في المجتمعات اآلسيوية.
أما حساء زعانف القرش ،التي يضاف إليها الفطر واللحم وغيرها من األغذية البحرية ويجري طهيه لمدة 8ساعات ،يعد
من األكالت التقليدية في مآدب الزواج وغيرها من االحتفاالت .وقد زادت شعبيته في الصين مع زيادة حجم الطبقة
المتوسطة هناك
.باإلضافة إلى ما سبق كعوامل مهددة لوجوده في البيئة فان ثمة اهتمام كبير من كبريات دور األزياء
العالمية بجلده الذي يتم استغالله كحقائب أنيقة غالية الثمن أليدي السيدات وإلى أحذية في أقدامهن.مما يؤدي إلى هذا
النهم في اصطياده الجائر
.و من الجدير بالذكر أنه قد تم اكتشاف مادة السكاالمين المقاومة للسرطان وتوجد بمعدته.
أسماك القرش في طريقها إلى االنقراض ،وبخاصة بعض أنواعها باتت في مرحلة الخطر ،حيث تبلغ األنواع اآليلة لالختفاء
عشرين نوعا ،األمر الذي دفع الحكومات الغربية للتوقيع على معاهدة روما 1999التي تمنع صيد بعض األنواع في فترة