Professional Documents
Culture Documents
بيان حقيقة نسب الكورد في مصادر الشيعة والرد عليهم
بيان حقيقة نسب الكورد في مصادر الشيعة والرد عليهم
Yıl/Sal/Year: 2022
Sayı/Hejmar/Issue: 5
الشيعة والرد عليهم
e-ISSN 2717-8315
Doi: 10.55118/kurdiyat.1099565
Rûpel/Sayfa Page: 85-100
Charif MURAD
ملخص
تاريخ أي أمة ينبغي أن يُكتب بأيدي أبنائها؛ ألن األعداء ال
يتورعون عن تزوير الحقائق ،وتشويهها باألكاذيب إالّ ما ندر،
والكرد كأمة مظلومة منذ بداية العصر الحديث والمعاصر تم
تشويه تاريخها بيد أعدائها من العرب والعجم ،ولكن حقد العجم
من الفرس و-خاصة شيعة الفرس -دفعهم أن يحاربوا الكرد في
85
ثقافتهم كما حاربوهم في سلب أراضيهم ،وهو حقد دفين منذ أيام
Cureya Nivîsarê/Makale Türü/Article Types:
اإلسالم األولى ،عندما قضى سيدنا عمر بن الخطاب -رضي هللا
Nivîsara Lêkolînê/Araştırma Makalesi/Research عنه -على عرش كسرى ،فمنذ ذلك اليوم وحتى اآلن يسعون إلى
Article
إعادة عرش كسرى بكل الوسائل ،وينتقمون من أهل السنة
Dema Hatinê/Makale Geliş Tarihi/Received:
06.04.2022 عامة ،ومن الكرد خاصة ،ومن صور انتقامهم ما روجوه في
Dema Pejirandinê/Kabul Tarihi/Accepted/:
14.06.2022
كتبهم عن نسب األكراد ،وأنهم من أوالد الجن ونسبوا هذا الكالم
لبعض من الصحابة والتابعين ،بل نسبوه إلى النبي صلى هللا
Charif Murad Dr. Öğr. Üyesi Van Yüzüncü Yıl
Üniversitesi, İlahiyat Fakültesi عليه وسلم .والبحث سيناقش هذه ال ِف ْريَة من خالل الوقوف على
charifmurad@hotmail.com
Orcid: 0000-0001-7778-6871 نشأتها ،وبيان بطالنها باألدلة الشرعية والعلمية والعقلية
والمنطقية ،ويبين مدى حقد الشيعة على الكرد وتاريخهم
Atıf: Murad. C. (2022). “Beyanu Haqîqet المشرف.
Nesebi’l-Kurd fî Mesadiri’ş-Şî‘a we’r-Redd
‘Aleyhim”, Kurdiyat, 5, 85-100. الكلمات المفتاحية :الكرد ،التاريخ ،الشيعة ،مصادر
Citation: Murad. C. (2022). “Explanation of التاريخ ،أصل الكرد.
the Truth about the Kurdish Lineage in Shiite
Sources and the Response to them”, Kurdiyat,
5, 85-100.
تمهيد
من البديهيات التي ال تخفى على أحد أن اإلسالم حرم االستعالء واالفتخار واالستكبار والتكبر على اآلخرين،
وجعل ميزان التفاضل بين الناس في الدنيا واآلخرة التقوى؛ فال فضل ألح ٍد على أحد ّإل بالتقوى والعمل
الصالح ،ولكن كثيرون هم الذين يعادون اإلسالم وشرائعه وقوانينه ،ويرفضون االعتراف به كدين سماوي،
بل يطعنون فيه ،وهذا ما ال يتعجب منه أحد ،خاصة إذا كان اإلنكار من أعداء اإلسالم وخصومه ،ولكن
لألسف نجد كثيرا ً يصدر هذا األمر من بعض من ينتسب إلى اإلسالم اسما ً وظاهراً ،ويعاديه في الحقيقة
والباطن.
وفي الحقيقة ما دفعني إلى الكتابة في هذا البحث هو ما تم تداوله ونشره في اآلونة األخيرة عبر وسائل
التواصل االجتماعي من مقطع فيديو وتحت اسم (الحقيقة الصعبة) وبعنوان (الشعب الكردي في منظور
اإلسالم) ،والذي حاول فيه المتكلم أن يظهر لألكراد أوالً ،وللمسلمين ثانيا ً أن اإلسالم والعرب من المسلمين
ينظرون إلى الكرد على أنهم أقل درجة منهم ،وأنهم ليسوا صادقين في دعواهم بأن اإلسالم ال يفرق بين
معتنقيه إال بالتقوى والعمل الصالح ،وكان المقطع يتناول موضوع نسب الكرد في المصادر اإلسالمية ،مع
العلم أنه سرد أحد عشر مصدراً ،وذكر ما جاء في هذه المصادر من أصل نسب الكرد على أنهم من أوالد
الجن ،ولم يكن بين المصادر إال مصدر واحد ألهل السنة والجماعة ،والبقية كلها تعود إلى الشيعة ،وقد أرسل
لي أحد اإلخوة الصحفيين الكرد المقيمين في أوروبا الفيديو ،وطلب مني أن أرد على الفيديو وما جاء فيه،
وقمت بالرد عليه من خالل تسجيل صوتي في عشر دقائق ،وطلبت منه أن يفرغه على الورقة بصيغة وورد،
وعندما أرسل لي أحد الزمالء الدعوة إلى هذا المؤتمر فرحت كثيرا ً ألنني سوف ّ
أفرغ نفسي للكتابة والبحث
في هذا الموضوع بشكل جدي ،ال كما فعلت من قبل. 87
والذي ينبغي أن نعلمه جميعا ً أن عملي السابق وهذا العمل لم يكن نابعا ً من تعصبي لقوميتي ،فحاشى أن
أتعصب لشيء نهى عنه رسولنا األعظم -صلوات ربي عليه وسالمه ،-وإنما دفاعا ً عن الحق ،وإظهارا ً
للحقيقة؛ وليكون شاهدا ً على عمل أولئك الناس الذين يتعمدون الكذب ،ويحاولون تزوير الحقائق ،وزرع
الشبهات ،وطرح ما من شأنه أن يعكر صفوة العيش بين األشقاء ،وقد بينت أن هذا الكالم ال يمكن أن يصدر
إال من أحد اثنين ،أولهما :من كردي حاقد على اإلسالم والمسلمين ،وهم عادة من األحزاب اليسارية أو
أصحاب الفكر الشيوعي أو العلماني ،والثاني :من شخص إيزيدي ،ممن تعرضوا لألذى من قِبَ ِل داعش،
فأفرغ حقده في هذا الفيديو ليزرع بذور الشك في نفوس بعض شباب الكرد البعيدين عن اإلسالم الصحيح،
وحاول أن يصطاد في الماء العكر؛ ألنه وأمثاله ال يستطيعون مواجهة علماء الكرد وباحثيهم بالبرهان
والدليل ،فليس عليه إال أن يحاول االصطياد في هذا الجو المشحون ،والمليء بالتناقضات والتيارات الفكرية
التي تداخلت فيما بينها ،وال يسلم من رشاش شذوذ فكرها إال من رحم ربي وممن عرف الحق وفتح هللا له
نور بصيرته.
ولكن قبل الدخول إلى صلب الموضوع أريد أن أمهد للموضوع بعدة نقاط ،هي من األهمية بمكان في هذا
البحث منها مثالً:
أ-أهمية معرفة اإلنسان لنسبه
لقد سعت أغلب الشعوب إلى التعرف على أنسابها ،وقبائلها وعشائرها؛ منذ فجر التاريخ؛ الرتباط عدة أمور
بهذه المعرفة ،وقد عدّ بعضهم من ال يعرف نسبه منقصة له ولعائلته إلى األبد؛ لذا نال هذا العلم عناية كبيرة
من العلماء منذ القدم وعندما جاء اإلسالم رفع من شأنه ،وش ّجع على تدوينه من بداية عصر التدوين حتى غدا
علما ً مستقالً بذاته ،له أسسه ومناهجه ومصادره وطرق إثباته والمتعاملين معه ،وقد قال جل جالله ﴿:يَا أيها
إن أ ْك َرم ُك ْم ِع ْندَ هللا أَتْقَا ُك ْم ﴾[ ،سورة
لتعارفواِ ،
َ اس ِإنَّا َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَ َك ٍر و أنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم ُ
شعُوبا ً وقبائ َل النَّ ُ
الحجرات .]31/ 94:
ب ،وقال ابن سيده :ال ِنّسْبةُ والنُّ ْسبَةُ ت وهو واحدُ األ َ ْنسا ِ ب لغةً« :بفتح النون والسين» ن ُ
َسب القَرابا ِ « والنَّ َ
س ُ
ب
س ُ ب ،والنُّ ْسبَةُ االس ُم التهذيب النَّ َ
مصدر اال ْنتِسا ِ
ُ ب القَرابةُ وقيل :هو في اآلباء خاصة و قيل :الن ْسبَةُ س ُ والنَّ َ
باآلباء ويكون إِلى البالد ويكون في الصناعة( .ابن منظور،بد،ت ،ج .)557 /1ويفهم من هذا أن النسب ِ يكون
أن ينسب اإلنسان إلى آباءه وأجداده أو إلى جده األكبر
ب ِإلى أَبيه أَي سبْتُ الرج َل أ َ ْنسبُه بالضم ِنسْبةً ونَ ْسبًا ِإذا ذَ َك ْرتَ نَ َ
سبه وا ْنت َ َ
س َ وجاء أيضا ً ما قاله الجوهري « :نَ َ
ا ْعت َزَ ى»(.ابن منظور،بد،ت ،ج.)557 /1
وقد ذكر أبو العباس المشهور بالقلقشندي «128ه» مدى أهمية علم األنساب ،وفائدته ومدى حاجة الناس
إليه في حياتهم االجتماعية فقال « :ال خفاء أن معرفة األنساب من األمور المطلوبة ،والمعارف المندوبة؛
لما يترتب عليها من األحكام الشرعية ،والمعارف الدينية»( .القلقشندي ،2891 ،ص .)7وذكر من هذه
االعتبارات التي وردت الشريعة في مواضع منها :كالعلم بمعرفة نسب نبينا محمد -صلى اهلل عليه وسلم،-
كونه من القريش ومن عشيرته من بني هاشم وعاش في المكة ثم هاجر منها إلى المدينة وتوفي بها وقبره
فيها ،فقال أيضاً « :فإنه ال بد لصحة اإليمان من معرفة ذلك ،وال يعذر مسلم في الجهل به وناهيك بذلك”.
(القلقشندي ،2891 ،ص)7
88
ب-معرفة األنساب مه ٌم لعدة اعتبارات
يدعي -أحد هناك اعتبارات أخرى ألهمية معرفة األنساب منها مثالً :التعارف بين البشر حتى ال يتعزى-وال ّ
اس ِإَّنا َخلَ ْقَنا ُك ْم ِم ْن َذ َك ٍر َوأ ُْنثَى.﴾.. يمة﴿:يا أَُّيهَا َّ
الن ُ َ إلى غير أبيه وأجداده إو�لى هذا المعنى تشير اآلية الكر
[سورة الحجرات .]31/94:فلوال االهتمام بمعرفة علم األنساب لتعذر إدراك ذلك ولفات طرق كثيرة للوصول
إليه.
ومنها :اعتبار النسب في اإلمامة العظمى للمسلمين التي هي خالفة للرسول في أمته ،فقد ذكر اإلمام
صلَّى اهللُ َعلَ ْي ِه
الماوردي في كتابه األحكام السلطانية اإلجماع على كون اإلمام قرشياً ..فقد ثبت أن النبي َ
َو َسلَّ َم ،قال»:األئمة من قريش»( .ابن حنبل1002 ،م ،وابن مالك ،813 /91 /برقم.)70321 :
ومن االعتبارات األخرى :الكفاءة في الزواج عند اإلمام الشافعي -رضي اهلل عنه ..-ومنها :مراعاة النسب
النبي-صلَّى اهللُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم -قال« :تنكح المرأة ألربع:
َ الشريف في المرأة المنكوحة ،فقد ثبت في الصحيح أن
لدينها ،وحسبها ،ومالها ،وجمالها»( .البخاري2241 ،هـ ،7 /7،برقم0905 :؛ ومسلم ،بد،ت ،ط ،باب
-صلَّى اهللُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّم -في المرأة الحسب ،وهو شرف استحباب نكاح ذات الدين “ ،)6801 /2 ،فراعى َ
.اآلباء
الرق على العرب في أحد قولي الشافعي رضي اهلل عنه وموافقيه ،فإذا لم يعرف النسب تعذر
ومنها :جريان ِّ
ذلك ،إلى غير ذلك من األحكام الجارية هذا المجرى.
ثم ليعلم أنه قد ذهب كثير من أئمة المحدثين والفقهاء ،كالبخاري ،إلى جواز الرفع في األنساب احتجاجاً بعمل
السلف ،فقد كان أبو بكر الصديق -رضي اهلل عنه -في علم األنساب في المقام األرفع والجانب األعلى،
وذلك أدل دليل وأعظم شاهد على شرف هذا العلم وجاللة قدره( ”.القلقشندي ،بد،ت ،ص.)9-7
وقد صدق من قال« :والنسب مجلبة للعز مدعاة للقوة فمتى عرف أفراد من البشر أو قبائل منهم أنهم تلفهم
جامعة النسب؛ فإن قلب كل منهم يحن لألخر ..وقد أكد ذلك دين اإلسالم فأمر بصلة األرحام ،ووعد لها
بالمثوبات الجزيلة ،وتوعد على قطعها لئال تتخاذل األيدي وتتدابر النفوس فيفشل اإلنسان في حاجته ورقيه،
..وهل تعرف األرحام إال بمعرفة القبائل واألفخاذ والفصائل التي هي موضوع علم النسب؛ ألنه يوثق الصلة
بين األجيال ،ويربط األبناء باألسالف ،ويوضح صحة انتساب كل رجل إلى قومه ،كما أنه يؤدي إلى التمسك
بالفضائل ،واالهتمام بصلة األرحام التي أمر هللا بها»( .الهاشمي :تاريخ النشر في /31يوليو3102م) .وقد
ورد في األثر »:تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم وال تكونوا كنبط السواد ،إذا سئل أحدهم من أين
أنت؟ قال من قرية كذا»( .الحاكم7241 ،هـ ،ج.)161/1
فمما سبق يتبن لنا أن علم األنساب من العلوم المهمة التي اعتنت بها البشرية بشكل عام ،واإلسالم بشكل
خاص ،بل جعل معرفته أمر شرعي وضروري؛ ألن بمعرفته تتعلق بأمور شرعية كثيرة مثل :تقسيم
المواريث والفرائض ،وصلة األرحام والوالية والكفاءة والوقف والوصية والدية ،ويساعد على الحفاظ على
المجتمع ،ويؤدي إلى التعارف الذي من أجله جعل هللا البشرية شعوبا ً وقبائل ،ومن باب زيادة المعرفة أقول:
كان الصينيون يهتمون بأنسابهم اهتما ًما كبيرا ً حتى أنهم كانوا يكتبون أسماء آبائهم وأجدادهم أللف سنة على
هياكل موتاهم ،وكان لليهود والنصارى أيضا ً اهتمام بالغ ،ولكن في اإلسالم كان األمر في درجة بالغة من
سابون متميزون في مختلف العصور؛ ومن أشهرهم عقيل بن أبي طالب االهتمام حتى برز في اإلسالم ن ّ
89
الهاشمي ،وأبو بكر الصديق ،وفي العصر األموي كثر التأليف في هذا الجانب ،وخاصة في اليمن بدأ االهتمام
الزائد بكتابة األنساب وشجرة العائلة بعد هجرة العلويين إلى اليمن فرارا ً من بطش العباسيين ،واشتهر منهم
أحمد الهمداني بكتابه ((اإلكليل))( ،األنساب ،تاريخ الزيارة في 0202/1/61م) .وفي كل عصر من عصور
ويدونه حتى في عصرنا الحاضر. ّ اإلسالم ظهر من يهتم بهذا العلم
نسبة الكرد وأصولهم
وبالعودة إلى من أهتم بكتابة تاريخ الكرد وأنسابهم وأصولهم مثل الكاتب شرف خان البدليسي في كتابه الذائع
الصيت» شرفنامة في تاريخ الدول واإلمارات الكردية» نجد أنه يؤكد على أن الكتّاب المسلمين اختلفوا في
أصل الكرد ،فمنهم من أرجعهم إلى أصل عربي ،ثم اختلفوا في هذا األصل أيضاً؛ ألن منهم من ينسبونهم إلى
ربيعة بن بكر بن وائل ،ومنهم من ينسبونهم إلى مضر بن نزار ،فيقولون إنهم ولد كرد بن مرد بن صعصعة
بن هوازن ،وجماعة ثالثة ينسبونهم إلى ربيعة ومضر.
والفئات الثالثة السابقة يتفقون على أن الكرد انفردوا عن العرب من قديم الزمان بسبب الدماء التي وقعت
بينهم وبين غسان « ،ومن هؤالء الكتّاب من ألحق الكرد بالشيطان أو الجن وذلك عن طريق إماء سليمان بن
داود ،حين سلب ملكه ووقع على إمائه المنافقات الشيطان المعروف بالجسد فحملن منه ،فلما رد هللا على
سليمان ملكه ووضع تلك اإلماء الحوامل قال سليمان :أكردوهن إلى الجبال واألودية ،فربتهم أمهاتهم وتناكحوا
وتناسلوا وهذا بدء نسب األكراد»( .البدليسي6002 ،م ،ج.)5 /1
وهنا بيت القصيد كما يقولون ،فالبحث كله سيدور حول هذه الرواية التي ال يمكن لعاق ٍل يحترم عقله أن يقبل
بمث ِل هذا الكالم ،قبل تناوله بالبحث والمناقشة.
وعند البحث والتأمل في هذا الكالم الذي يقوله البدليسي وهو ينقل عن المسعودي من كتابه «مروج الذهب»
ي من اآلراء التي يتكلم بها الناس عن أصل األكراد ،والمسعودي عندما يذكر هذا يذكر هذا الكالم على أنه رأ ٌ
الكالم ،يذكره وهو مستغربٌ ممن يصدق هذا الكالم الباطل؛ ألنه يقول بعد ذلك مستغرباً « :وقد كان وزير
الضحاك في كل يوم يذبح كبشا ً ورجالً ويخلط أدمغتهما ،ويطعم تينك الحياتين اللتين كانتا في كتفي الضحاك،
ويطردُ من تخلَّص إلى الجبال ،فتوحشوا وتناسلوا في تلك الجبال فهم بدء األكراد ،وهؤالء من نسلهم،
س ال يتناكرونه ،وال أصحاب التواريخ القديمة وال وتشعبوا أفخاذاً ،وما ذكرنا من خبر الضحاك فالفُ ْر ُ
س ال يتناكرونه ،وال أصحاب التواريخ الحديثة» .فتأمل معي في قوله« :وما ذكرنا من خبر الضحاك فالفُ ْر ُ
القديمة وال الحديثة» .وهذا أسلوب من أساليب التعجب منه من كالم كهذا الكالم-رحمه هللا تعالى.-
-أن الكرد باإلضافة إلى أن «شرف خان البدليسي» يذكر رأياً رابعاً مستدالً بكالم مينورسكي–
ص ،ويرجح قوم من اإليرانيين بناء على أسس لغوية وتاريخية ،لكنه ينكر أن يكون الكرد من اإليرانيين ُ َّ
الخل ْ ً
رأي الذي يقول أنه كان يوجد في أرض كردستان األوسط شعب لهم اسم مماثل السم الكرد وهو (كاردو) وقد
تم االندماج بين أكراد إيران وهذا الشعب بعد اختالطهما ،كما يرجح رأي هيرودوت في القرن الخامس ق.م
أن اسم بوخته يوخ مرتبط باسم بوختان الذي يعني بوهتان ،الذين هم من أهل جزيرة ابن عمر الحالية ،وهذا
الرأي يقول به كزينيفون ،ويذكر ياقوت الحموي رأياً قريباً من هذا عن بوهتان نقالً عن ابن أثير الذي يعد من
أهل مدينة جزيرة ابن عمر أو بوهتان.
كما يذهب إلى أن مينورسكي يقول« :إن الذي ال شك فيه هو أن كاردشو القديمة ،موطن شعب الكاردو ،كانت
من المواطن األصلية للشعب الكردي اليوم .وإذا ثبت هذا يجب أن نسلم بان كلمتي (كاردشو) و(كرد)
90 مترادفتان .وهذا الرأي ال مراء فيه منذ بداية القرن العشرين»( .البدليسي6002 ،م ،ج.)8 /1
وعند النظر في هذه الروايات نجد أن الباحثة تريفة البرزنجي ذكرها ضمن اآلراء األسطورية والتاريخية
التي تناولت أصل الكرد ،واعتبرتها من الخرافات واألساطير التي تداولها القدماء ،ومع ذلك فهي تذهب إلى
القول »:ولكن هذا ال يجزم عدم صحة هذه الروايات بصورة مطلقة»( .البرزنجي ،0102 ،ص.)73
وحاولت أن تجد للقصة منفذا ً علميا ً عندما قالت« :فربما تكون حادثة الضحاك ومرضه هذا حقيقيا ً وقد ُوصف
له هذه الوصفة للتّخلص من جور وبطش الضحاك في تعامله مع األطباء الذين فشلوا في معالجته .فربما
الحيتان اللتان توصفان بأنهما كانتا على كتفه إنما كانتا ورمين خبيثين فبالغ الناس في سرد رواية المرض،
ولبطش الضحاك وجبروته ،وليوقع الخوف في رعيته أوحى لهم بأنهما حيّتان بدل الورمين ،فبهذا تداولها
الناس وكتبه الكتّاب من غير تمحيص وتعليق»( .البرزنجي ،0102 ،ص.)93
وهناك آراء لباحثين معاصرين ومستشرقين يقولون :إن الكرد هم السكان األصليون لجبال أسيا الصغرى،
ولغتهم لغة آرية ،وتأثروا بالعنصر الهندي اآلري ،ويستند من يقول هذا الكالم على تقاليد الشعب الكردي
وخصائصه االجتماعية ،وتشابه لغتهم مع لغة اآلريين ،وعلى براهين فلولوجية ودالئل من اللغة.
باإلضافة إلى رأي ثالث يرى أصحابه أن األكراد مزيج من عناصر آرية وعناصر أصلية ،وهؤالء يرجحون
أن أصل الكرد ميدي ولغتهم من اللغات اآلرية الهندوأوروبية ،وهؤالء يستندون في رأيهم هذا على بعض
التحقيقات العلمية األخيرة ،وعلى تشابه بعض العادات ،وهذا يدل على تمازج األقوام الوافدة باألقوام األصلية».
(البرزنجي ،0102 ،ص.)14-04
وقد لخصت الباحثة تريفة البرزنجي البحث بقولها« :وتوضح هذه الدراسات أن أصل الكرد من الشعوب
الهندوأوروبية وباألخص من اآلرية الميدية ،وعاشوا على أرض كردستان قبل الميالد بعشرات القرون ،وهذا
ما يأخذ به معظم الكتّاب والمثقفين الكرد وقادة الفكر السياسي ومنظري الحركات السياسية والوطنية والقومية
ويميلون إليه ...ويبدو للباحثة أن النظريات التي ترجع أصل الكرد إلى المجموعة اآلرية هي الراجحة ويأخذ
بها كثير من الباحثين األكراد»( .البرزنجي ،0102 ،ص .)14وقد يكون ترجيح هذا الرأي على اآلراء األخرى
ناتج عن بعض األثر وعلم الحفريات التي تظهر عليها بعض النقوش ،وعلى أسس لغوية وتاريخية.
وأقول :إن المؤرخ محمد أمين زكي يرجح هذا الرأي ويصر على أن كردستان الذي هو الموطن األول للساللة
البشرية الثانية وموضع انتشارها إلى جهات أخرى حسب الحوادث التاريخية ،كان يسكنه في فجر التاريخ
شعوب جبال زاغروس ،ويؤكد على وجودهم في تلك المناطق من القرن التاسع ق.م ،ويؤكد على أنهم شعب
آري الجنسية ،بل كانوا ساللة اآلريين األقحاح (الهنود – األوروبيين) ،وينكر من يدعي من المستشرقين أن
الكرد ليس لهم تاريخ ما قبل سنة 056ق .م( .ينظر زكي بك 5002 :م ،ص.)56
وفي النهاية تبقى كل هذه اآلراء عبارة عن نظريات واجتهادات خاصة تحتاج إلى أدلة علمية ،واألفض ُل أن
يقال :إن أصل البشرية كلها تعود إلى آدم عليه السالم الذي خلقه اهلل من التراب ،وال يوجد عرق أو عنصر
أفضل من عنصر آخر ،وما هذا الجدل الطويل في التفريق بين الجنسيات والشعوب والقبائلّ ،إل وسيلةً
اتخذها أعداء اإلنسانية أوالً وأعداء المسلمين ثانية ،لزرع التفرقة بين أبناء األمة الواحدة1؛ لتسهل عليهم مص
خيراتهم ،ثم يزرع بينهم الحقد والضغينة والكراهية والقطيعة حتى يسهل عليهم احتالل أراضيهم وتمزيق
يصدقونهم ،وينفذون ما يطلب منهم بدون النظر إلى القانون الذي وحدتهم ،وتشتيت شملهم ،ومع األسف الكل ّ
ِ ِ
وبا َوقََبائ َل لتَ َع َارفُوا ِإ َّن أَ ْك َرَم ُك ْم ِ
اس ِإَّنا َخلَ ْقَنا ُك ْم م ْن َذ َك ٍر َوأ ُْنثَى َو َج َعْلَنا ُك ْم ُش ُع ً يقول فيه ربهم جميعاًَ ﴿:يا أَُّيهَا َّ
الن ُ
يم َخبِ ٌير﴾[ ،سورة الحجرات .]31/94:أي ميزان التفاضل بالتقوى والعمل الصالح، َّ ِ ِ َّ ِ
ع ْن َد الله أَتْقَا ُك ْم ِإ َّن اللهَ َعل ٌ
ولم يجعل عباده من البشر شعوباً وقبائل ليتخاصموا ويتنافسوا ويتقاتلوا؛ ويتناكروا ألصولهم ودياناتهم
91
وعقائدهم في سبيل إرضاء العدو ،إنما هدفه ليتعارفوا ويتعاونوا على عمارة األرض ،وتحويلها إلى جنة
أرضية ،ويكونوا صفاً واحداً في سبيل الدفاع عن شرفهم وأرضهم ودينهم أمام هجمات الهمج من البشر.
-2المصادر التي تناولت نسب األكراد ونسبوهم إلى الجن
سبق أن قلت إن المدعي الذي تحدث في مقطع الفيديو أدعى أن المصادر اإلسالمية تذكر أن نسب الكرد
من الجن ،وحاول أن يشوه اإلسالم أوالً في أعين األكراد ويقول لهم- :كما صرح في نهاية تسجيله-عودوا
إلى دين آباءكم وأجدادكم الزرادشتة ،واتركوا دين عرب البادية ،فهو إذاً يريد إخراج الكرد من دينهم الحنيف.
ثانياً-لم يكن أميناً في نقله لألخبار عن مصادرها األصلية؛ فقد نسب تلك المصادر إلى اإلسالم ،ويعني
باإلسالم أهل السنة والجماعة ،أما ما ذكره من المصادر فكلها شيعية إال مصدر واحد وهو تفسير ابن كثير،
ومصدران مختلف في عقيدة صاحبيهما ،فالمسعودي والراغب األصفهاني كنت متردد في عقيدتها حتى رأيت
ما قاله العلماء في حقهما ،فكالهما ينسب إلى الشيعة إو�ن لم يكونا يظهران الحقد مثل غالة الشيعة في هذا
جزم الذهبي في السير بأن المسعودي كان معتزلياً فقال« :فهو من أهل بغداد ،نزل مصر مدة، الزمان فقد ّ
وكان معتزلياً «( .الزركلي2002 ،م ،ج.).772/4
وقال ابن الحجر أثناء كالمه عن إحدى الروايات« :قال ابن حبان رواه المسعودي عن عمرو بن مرة عن
إبراهيم قال :والمسعودي ال تقوم به حجة»( .ابن الحجر ،بد،ت ،ج.)43،3
- 1مع مالحظة عدم إنكارنا أن يبحث اإلنسان عن أصله ونسبه ،وأهمية ذلك قد سبق الحديث عنه ،أما إذا
كان البحث عن النسب في غياهب الماضي القديم جداَ فهو ضرب من التكهن وعدم اليقين ،فيترك الشك ويبقى
اليقين .فنبحث إلى حد اليقين عن النسب وما تجاوزه فنتوقف عنه ونكل علمه إلى اهلل تعالى.
وقال في مكان أخر أثناء ترجمته لحياة المسعودي« :وكتبه طافحة بأنه كان شيعياً متعزلياً»( .ابن الحجر،
بد،ت ج .)235 /5وقال عن ابن تيمية شيخ اإلسالم في كتابه منهاج السنة: إن كتاب تاريخ المسعودي –
يقصد -كتاب مروج الذهب ،فيه كثير من الروايات المكذوبة التي يجب الحذر منها ،وعدم الثقة بالنقل منه
دون تمحيص ومعرفة صحة ذلك من عدمه ،وقال أيضاً« :وفي تاريخ المسعودي من األكاذيب ما ال يحصيه
إال اهلل تعالى ،فكيف يوثق بحكاية منقطعة اإلسناد في كتاب قد عرف بكثرة الكذب» (.نقالً من موقع إسالم
ويب ،مقال بعنوان (كتابا المسعودي وابن األثير في الميزان) ،تاريخ النشر8002/8/03/م /تاريخ الزيارة/
في 0202/2/6م) .وعلماء الشيعة يعتبرونه شيعياً من اإلمامية االثني عشرية ،ويكثرون من مدحه والتباهي
به.
يعده من الشيعة ،وعلماء الشيعة يجرونه إليهم ج اًر إال أن هناك من األدلة ما واألصفهاني إو�ن كان البعض ّ
تدل على أنه كان على عقيدة أهل السنة والجماعة كقوله في مخطوطة له باسم رسالة في االعتقاد« :و الفرقة
الناجية هم أهل السنة والجماعة الذين اقتدوا بالصحابة ،فمعلوم أن اهلل تعالى رضي عنهم حيث قال﴿ :لَقَ ْد
ت َّ
الش َج َرِة﴾[،سورة الفتح .]81/84:ومعلوم أنه لم يرض عنهم إال بعد ين ِإ ْذ ُيَبايِ ُع َِ ِ َّ
ون َك تَ ْح َ َرض َي اللهُ َع ِن اْل ُم ْؤ ِمن َ
صحة اعتقادهم وصدق مقالهم وصالح أفعالهم»( 2 . الساريسي ،العدد 0202/2/6 ،35م) .وهذا كاف في
بيان أنه على عقيدة أهل السنة والجماعة.
ومعلوم أن الشيعة ال تقبل باإلسالم كدين ،بل تستخدمه كوسيلة للتضليل على أتباعها باسم الدين وآل البيت،
ولم يكن أميناً -المدعي-؛ ألنه اقتلع النص عن موضوعه األساسي الذي استخدمه الكاتب ألجله ،واستخدمه
يدعي ،وينتقم من اإلسالم؛ألغراضه الدنيئة ،وهو بعمله هذا ينتقم من الكرد ،وال يدافع عن نسب الكرد كما ّ
ألنه ال ُيخفي حقده وكراهيته لإلسالم والمسلمين ،بل يظهره للعيان ،ومن هذه المصادر:
92
أ – كتاب محاضرات األدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء ،وهو يعود في أصله إلى الراغب األصفهاني
المعروف بأبي القاسم الحسين بن محمد بن المفضل :وقد اقتلع -المدعي-هذا النص من سياقه من قول
الراغب األصفهاني ،واستخدمه في تحقيق غرضه لزرع الحقد بين الكرد واإلسالم والمسلمين ،فقال :لقد جاء
في الكتاب اإلسالمي المشهور ،ثم أورد النص على الشكل التالي« :ذكر أن عمر بن الخطاب -رضي اهلل
عنه -روى عن النبي-صلى اهلل عليه وسلم -أنه قال :األكراد جيل الجن كشف عنهم الغطاء ،إو�نما سموا
األكراد؛ ألن سليمان عليه السالم لما غ از الهند سبى منهم ثمانين جارية وأسكنهن جزيرة ،فخرجت الجن من
البحر ،فواقعوهن فحمل منهم أربعون جارية ،فأخبر سليمان بذلك فأمر بأن يخرجن من الجزيرة إلى أرض
فارس ،فولدن أربعين غالماً ،فلما كثروا وأخذوا في الفساد وقطع الطرق فشكوا ذلك إلى سليمان فقال أكردوهم
إلى الجبال فسموا بذلك أكرادا»( .األصفهاني9991،م ،ج.)624 /1
-2المصدر الثاني تفسير ابن كثير
حيث ذكر أيضا ً الكالم الذي أورده ابن كثير في تفسيره آلية رقم ستة عشر من سورة الفتح وهو﴿ :قُ ْل ِل ْل ُمخَلَّفِينَ
شدِي ٍد تُقَاتِلُونَ ُه ْم [.﴾..سورة الفتح .]61/84 :كما أخرج النص من ع ْونَ ِإلَى قَ ْو ٍم أُو ِلي بَأ ْ ٍس َ
ست ُ ْد َ ِمنَ ْالَع َْرا ِ
ب َ
ع ْن ان آخر ،حدثنا اب ُْن أ َ ِبي خَا ِل ٍد َ مكانه وسياقه وأورده على الشكل التالي« :قَا َل اب ُْن أ َ ِبي ُ
ع َم َرَ :و َجدْتُ فِي َم َك ٍ
علَ ْي ِه وسلم« :تقاتلوا قَ ْو ًما نِعَالُ ُه ُم صلَّى َّ
للاُ َ سو ِل َّ
للاِ َ س َر قَ ْو َل َر ُأَبِي ِه قَالَ :نَزَ َل علينا أبو هريرة رضي هللا عنه فَفَ َّ
- 2تلك الرسالة مخطوطة في مكتبة السليمانية باسم رسالة في االعتقاد ،مرقمة برقم ،283اسمها سعيد
علي باشا ،السليمانية ،استمبول .نقالً من موقع ملتقى أهل السنة ،مقال بعنوان (الراغب األصفهاني وموقفه من
الفرق الكالمية) ،للكاتب عمر عبد الرحمن الساريسي ،مجلة الجامعة اإلسالمية – المدينة النبوية – العدد ،35
تاريخ األخذ في 0202/2/6م.
ار ُزونَ يَ ْعنِي األكراد .وقوله تعالى( :تُقاتِلُونَ ُه ْم أ َ ْو يُ ْس ِل ُمونَ ) يعني :شرع لَ ُك ْم ِج َهادَ ُه ْم ش ْع ُر» قَالَُ :ه ُم ْالبَ ِ ال َّ
ار». علَ ْي ِه ْم أ َ ْو يُ ْس ِل ُمونَ فَيَ ْد ُخلُونَ فِي دِينِ ُك ْم بِ َل قِت َا ٍل بَ ْل بِ ْ
اختِيَ ٍ علَ ْي ِه ْمَ ،ولَ ُك ُم النُّ ْ
ص َرة ُ َ َوقِت َالَ ُه ْم ،فَ َل يَزَ ا ُل ذَلِكَ ُم ْست َِم ًّرا َ
( ابن كثير 9141 ،هـ،ج.)413/7
-3المصدر الثالث مروج الذهب للمسعودي :وقد أورد المدعي النص الذي ذكره المسعودي في كتابه هذا
على الشكل التالي بعد أن انتزعه من مكانه األصلي فقال« :األكراد ونسبهم ومساكنهم :ومن الناس من ألحقهم
ُ
الشيطان المعروف بالجسد، بإماء سليمان بن داود عليهما السالم حين سلب ملكه ووقع على إمائه المنافقات
ْ
وعصم هللا منه المؤمنات أن يقع عليهن ،فعلق منه المنافقات ،فلما َردَّ هللاّ على سليمان ُملكه ووضع تلك اإلماء
الحوامل من الشيطان قال :أكردوهن إلى الجبال واألودية ،فربتهم أمهاتهم ،وتناكحوا ،وتناسلوا ،فذلك بدء
نسب األكراد»( .المسعودي5002 ،م ،ج.)912- 812 /1
وفي الحقيقة ذكر المسعودي هذه المقولة على الشكل التالي؛ وأنا سوف أذكره بتمامه للفائدة أوالً و إلثبات
الخيانة العلمية التي مارسها صاحب فيديو (الحقيقة الصعبة) .حيث قال:
« األكراد ونسبهم ومساكنهم :وأما أجناس األكراد وأنواعهم فقد تنازع الناس في بدئهم؛ فمنهم من رأى أنهم
من ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ،انفردوا في قديم الزمان ،وانضافوا إلى الجبال واألودية ،دعتهم إلى
ذلك األنفة ،وجاوروا من هنالك من األمم الساكنة المدن والعمائر من األعاجم والفرس ،فحالوا عن لسانهم،
وصارت لغتهم أعجمية ،ولك ِّل نوع من األكراد لغة لهم بالكردية»(.المسعودي5002 ،م ،ج .)812 /1ثم
ذكر الروايات التي تناقلتها الناس عن أصل الكرد مثل بقية أصحاب التواريخ فذكر أن من الناس من يرى أن 93
أصل الكرد يعود إلى مضر بن نزار ،والبعض يرى أنهم من أوالد كرد بن صعصعة بن هوزان ،كما ذكر
أن سبب بعدهم عن الناس والتجاءهم إلى الجبال كان بسبب القتال والدماء التي كانت بين غسان وبينهم ،كما
ذكر أن من الناس من يرى أنهم من مضر وربيعة ،وبسبب بعدهم عن المدن واعتصامهم بالجبال بحثا ً عن
المياه والمراعي؛ فتحولوا عن لغتهم العربية بسبب مجاراتهم لألمم األخرى ،وأيضا ً ذكر قصة إماء نبي هللا
مر معنا سابقاً ،كما
سليمان عليه السالم حين سلب منه ملكه ،وعودة ملكه إليه وقوله أكردوهم إلى الجبال كما َّ
ذكر أن من الناس من يذكرون أصل الكرد يعود إلى قصة الحاكم الظالم الذي عرف بالضحاك والذي اختلف
فيه الناس هل هو من العرب أم الفرس؟ ،وقصة الحيّتان وخرجهما من كتفه ،وتوصيف األطباء له عالجا ً من
دماغ البشر ،وأمره لوزيره بذبح كل يوم شابين من شباب الكرد ،فقال « :وقد كان وزير الضحاك في كل يوم
يذبح كبشا ً ورجالً ويخلط أدمغتهما ،ويطعم تينك الحيتين اللتين كانتا في كتفي الضحاك ،ويطرد من تخلَّص
إلى الجبال ،فتوحشوا وتناسلوا في تلك الجبال فهم بدء األكرادَ ،وهؤالء من نسلهم ،وتشعبوا أفخاذا ،وما ذكرنا
س اليتناكرونه ،وال أصحاب التواريخ القديمة وال الحديثة»(.المسعودي5002 ،م، من خبر الضحاك فالفُ ْر ُ
ج.)812 /1
ثم تكلم عن نسب الفرس ثم نسب الترك .ثم قال« :وما قلنا من األكراد فاألشهر عند الناس؛ واألصح من
أنسابهم؛ أنهم من ولد ربيعة بن نزار»(.المسعودي5002 ،م ،ج.)912- 812 /1
-4الكافي للكليني ،حيث ذكر في الباب :912من كره مناكحته من األكراد والسودان قال« :وال تناكحوا من
األكراد أحدا ً فإنهم جنس من الجن كشف عنهم الغطاء»(.الكليني8241 -7002 ،ه،ـ ج/6ص .)212وقد قال
الطوسي في حقه« :وهذا مروي في الكافي بسند فيه إرسال» .ج ،51 /7في الحاشية.
-5الجامع للشرائع للفقيه البارع يحي بن سعيد الحلي ( )096-106وقال« :وال يخالط السفلة وال يعاملهم،
والمحارفين وال ذا عاهة؛ فإنهم أظلم شيء وال تقترض ممن لم -يكن -فكان ،ويكره مخالطة األكراد ببيع
وشراء ونكاح»(.الحلي5041 ،هـ ،ص.)542
-6النهاية في عودة الفقيه والفتاوى حيث قال« :وينبغي أن يتجنب مخالطة ال ّ
سفلة من الناس واألدنين منهم،
وال يعامل ّإل من نشأ في خير ،ويجتنب معاملة ذوي العاهات والمحارفين ،وال ينبغي أن يخالط أحدا من
ً
األكراد ،ويتجنب مبايعتهم ومشاراتهم ومناكحتهم»(.الصدوق4041 ،هـ ،ج.)461/3
-7تهذيب األحكام في شرح المقنعة؛ للشيخ المفيد تأليف أبي جعفر محمد بن الحسين الطوسي حيث ذكر في
كتابه تحت رقم 24حديثا ً عن «أحمد بن محمد بن عيسى ،عن علي بن الحكم عمن حدثّه عن أبي الربيع
الشامي قال :سألت أبا عبد هللا عليه السالم فقلت :إن عندنا قوما ً من األكراد وإنهم اليزالون يجيئون بالبيع،
فنخالطهم ونبايعهم ،فقال :يا أبا ربيع ال تخالطوهم ،فإن األكراد من أحياء الجن ،كشف هللا عنهم الغطاء ،فال
تخالطوهم»(.الطوسي6831 ،هـ ،ج.)51/7
وقد قال الطوسي في حاشية هذا الحديث وعلق عليه بقوله« :مروي في الكافي بسند فيه إرسال ،وقال العالمة
المجلسي-رحمه هللا :-يدل على كراهية معاملة األكراد ،وربما يؤول كونهم من الجن بأنهم لسوء أخالقهم
وكثرة حيلهم أشباه الجن ،فكأنهم منهم كشف عنهم الغطاء( ،المرآة) .ثم قال الطوسي :وأقول :كل ما ورد في
هذا الباب من النهي عن مخالطة األكراد وأمثالهم خاص بجماعة .كانوا في تلك األيام سكنوا المدينة .وغشوا
في معامالتهم؛ فلذا منع اإلمام عليه السالم من مخالطتهم ومعاملتهم ،والحق أن المراد طائفة خاصة ،ال كل
من اشتهر بهذه العناوين ولو كان مؤمنا ً عادالً ،واستفادة العموم من هذه األخبار خروج عن الطريق العلمي
واالجتهادي»(.الطوسي6831 ،هـ ،ج.)51/7
94 -8رياض المسالك لعلي الطباطبائي ،قال« :وفي الخبر :إن عندنا قوما ً من األكراد ال يزالون يجيئون بالبيع
فنخالطهم ونبايعهم ،فقال :ال تخالطوهم ،فإن األكراد حي من أحياء الجن كشف هللا تعالى عنهم الغطاء فال
تخالطوهم «( .الطباطبائي2141 ،هـ ،ج.)261/8
-9تفسير نور الثقلين ،لعبد علي بن جمعة العروسي الحويزي ،الذي أيضاً يروي الرواية السابقة نقالً من
الكافي أيضاً من رواية أبي الربيع الشامي ،وأنه جاء في كتاب الكافي عن علي بن إبراهيم عن محمد بن
إسماعيل البرمكي إلى أن قال عمن ذكره عن أبي الربيع الشامي قال« :قال لي أبو عبد اهلل -عليه السالم )
َِّ
و ِم َنٱلذ َ
ينقَالُٓوْا ا من السودان أحدا ،فان كان البد فمن النوبة فإنهم من الذين قال اهلل عزوجلَ ( : - :ال تشترو
ِ ِّ ٰ ِ ۡ صر ٰٓ
ى أَخَذنَا ميثَقَهُمۡ فََن ُسوْا َحظّا ِّم َّما ُذك ُروْا بِه) (المائدة ،)41 :إما إنهم سيذكرون ذلك الحظ وسيخرج مع ٰ ِ
إَّنا َن َ َ
القائم-عليه السالم -منا عصابة منهم ،وال تنكحوا من األكراد أحداً فإنهم جنس من الجن كشف عنهم
الغطاء»(.الحويزي ،بد،ت ،ج.)106 /1
-01من ال يحضره الفقيه؛ ألبي جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ،وهو أيضاً ذكر الرواية السابقة
ونسبها إلى الكافي وعن أبي ربيع الشامي أيضاً .فقال« :وقال علي ه السالم ألبي الربيع الشامي:
«ال تخالط األكراد ، فإن األكراد حي من الجن كشف اهلل عزوجل عنهم الغطاء»( .الصدوق4041 ،هـ.
ج.)461/3
د -بيان حقيقة هذا الكالم
بعد حصر جميع المصادر التي ذكرها صاحب (الحقيقة الصعبة) نجد أن هذه المصادر ليس بينها سوى
مصدر واحد ينسب حقيقة إلى اإلسالم؛ أي التي تنسب إلى أهل السنة والجماعة؛ والتي تعتبر األكراد منها،
وهى أوالً :تفسير القرآن العظيم البن كثير؛ الذي لم يكن يقصد بذكره لهذه الرواية ما قاله صاحب(الحقيقة
الصعبة) الطعن في الكرد أو االنتقاص منهم ،بل لقد ذكر كل الروايات التي ذكرها المفسرون في َم ْن هم
ع ْونَ ِإلى قَ ْو ٍم أُو ِلي بَأ ْ ٍس َ
شدِيدٍ﴾ ،المذكورين في سورة الفتح ،فذكر -رحمه هللا تعالى- ست ُ ْد َ
المراد بقوله تعالىَ ﴿ :
أكثر من عشرة أقوال ،وقال ومنهم :هوازن ،وثقيف ،وبنو حنيفة ،وأهل الفارس ،والروم ،وأهل األوثان ،وقال
بأس شديد ولم يعين فرقة ،وقال أيضاً :ولم يأت أولئك بعدُ .ثم ذكر رواية عن أبي هريرة
أيضاً :هم رجال أولو ٍ
بأنهم البارزون ،ثم ذكر أنهم الترك ،ثم فسر البارزون السابق بقوله :هم الكرد الذين نعالهم من الشعر.
وعند النظر والتدقيق في كالم ابن كثير الماضي نجد أن كالمه فيه تكريم لألكراد وليس فيه إساءة
كما يدعي صاحب ( الحقيقة الصعبة) فقد وصف األكراد من بين األقوام األقوياء ،وقد رجحهم على بقية
األقوام السابقين ،وهذا لعمري شهادة من مفسر قدير للشعب الكردي في شجاعته ورجولته ،وأما لبسهم للنعا ٍل
من الشعر فظروفهم وجغرافيتهم هي التي تحتم عليهم أن يلبسوا كل ما من شأنه أن يوفر لهم الدفء والراحة؛
فهم يعيشون على الجبال وبين الوديان ،وال يخفى على أحد برودة الجبال وقساوتها ،ثم في ذلك الزمن كان
أغلب سكان العالم حفاة وعراة ،أما الكرد فكان لهم لباس من جلد الحيوانات ونعال من شعرها ،وهذا دليل آخر
على حضارتهم الصناعية والمادية ،فهم كانوا أصحاب حرفٍ وصناعة ،واعتماد على الذات في توفير
حاجاتهم األساسية.
ولبيان الحقيقة وإظهار الحق سوف أُوردُ هنا بعضا ً مما ذكره-رحمه هللا-في تفسيره لتلك اآلية حيث قال في
شدِي ٍد ع ْونَ ِإلى قَ ْو ٍم أُو ِلي بَأ ْ ٍس َ ست ُ ْد َ
ب َ تفسيره آلية ثماني وأربعين من سورة الفتح﴿ :قُ ْل ِل ْل ُمخَلَّفِينَ ِمنَ ْالَعْرا ِ
ْس عذابا ً أ َ ِليماً ،لَي َ سنا ً َو ِإ ْن تَت ََولَّ ْوا َكما ت ََولَّ ْيت ُ ْم ِم ْن قَ ْب ُل يُعَ ِذّ ْب ُك ْم َ للاُ أَجْ را ً َح َ تُقاتِلُونَ ُه ْم أ َ ْو يُ ْس ِل ُمونَ فَإِ ْن ت ُ ِطيعُوا يُؤْ تِ ُك ُم َّ
ت تَجْ ِري ْ
سولَهُ يُد ِْخلهُ َجنَّا ٍ للاَ َو َر ُ يض َح َر ٌج َو َم ْن ي ُِطعِ َّ ْ
علَى ال َم ِر ِ علَى ْالَع َْرجِ َح َر ٌج َوال َ علَى ْالَعْمى َح َر ٌج َوال َ َ
َّ َ
ع ْونَ إِل ْي ِه ْم الذِينَ ُه ْم َّ ْ َ
س ُِرونَ فِي َهؤُل ِء القَ ْو ِم الذِينَ يُ ْد َ ْ
ف ال ُمفَ ّ َ ْ ً
عذابا أ ِليما﴾ .اختَل َ َ ً ّ
هار َو َم ْن يَت ََو َّل يُعَ ِذ ْبهُ َ ْ َ ْ
ِم ْن تَحْ تِ َها الن ُ
ث] بَنُو ض َّحاكُ [.الثَّا ِل ُ َّ ال ُ هَ ل ا َ ق ، يفِ ٌ قَ ث ي] ن
ِ اَّ ث [..ال َ ة بع ُ
ش
َ َ ُ َْ ه ا و ر ،نُ از َو ه
ُْ َ ِ م ه َّ نَ أ َا] هُ د ح َ [أ
َ ٍ َ ل ا و ْ
ق َ أ ى َ ل شدِي ٍد َ
ع أُولُو بَأ ْ ٍس َ
َحنِيفَةَ(...ابن كثير 9141 ،هـ،ج.)413/7
ثم ذكر القول الرابع على أنهم هم أهل فارس ،وذكر أنه قول علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي هللا
عنهما ،والقول السادس أنهم هم الروم وهو اخيار كعب األحبار ،وأما مجاهد فيقول :أنهم أهل األوثان ،كما 95
أكد على أن الكثير من العلماء الذين ذهبوا إلى أنهم قوم لم يأتوا بعد وهكذا ذكر أغلب الروايات في هؤالء
ع َم َر: انُ :ه ُم الت ُّ ْركُ ،قَا َل اب ُْن أَبِي ُ س ْفيَ ُ ار ُزونَ ..،قَا َل ُ الذين وصفهم هللا بأنهم أولو بأس شديد ثم قال »:و ُه ُم ْالبَ ِ
ار ُزونَ يَ ْع ِني األكراد ،وقوله تعالى :تُقا ِتلُونَ ُه ْم ش ْع ُر» قَالَُ :ه ُم ْالبَ ِ ان آخر« :..،تقاتلوا قَ ْو ًما ِنعَالُ ُه ُم ال َّ َو َجدْتُ ِفي َم َك ٍ
َ
علَ ْي ِه ْم أ ْو يُ ْس ِل ُمونَ
ص َرة ُ َ علَ ْي ِه ْمَ ،ولَ ُك ُم النُّ ْ أ َ ْو يُ ْس ِل ُمونَ يعني شرع لَ ُك ْم ِج َهادَ ُه ْم َوقِت َالَ ُه ْم ،فَ َل يَزَ ا ُل ذَلِكَ ُم ْست َِم ًّرا َ
ار( »..ابن كثير 9141 ،هـ،ج.)413/7 فَيَ ْد ُخلُونَ فِي دِينِ ُك ْم بِ َل قِت َا ٍل بَ ْل بِ ْ
اختِيَ ٍ
أما ما جاء في كتاب محاضرات األدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء ،للراغب األصفهاني :فمعروف أن
الكتاب لم يصنف ضمن الكتب التي تتكلم عن حقيقة شيء من األشياء؛ ألن المؤلف -رحمه هللا تعالى -يقول
في مقدمته لهذا الكتاب أنه جمع في هذا الكتاب كل ما هو نادر من األخبار والنكت ،وخاصة أغربها وأبعدها
عن العقل أو القبول بها؛ ألنه جمعها بنا ًء على طلب السلطان فقال« :وبعد :فإن سيدنا -ع ّمر هللا بمكانه مرابع
ت األخبار ،ومن عيون األشعار ،ومن غيرهما أحب أن أختار له مما صنفتُ من نك ِ َ الكرم ،ومجامع النعم،-
من الكتب ،فصوال في محاضرات األدباء ،ومحاورات الشعراء والبلغاء( .»...األصفهاني9991 ،م،
ج .)31/1وقال أيضاً« :وقد ضمنت ذلك طرفا ً من األبيات الرائقة ،واألخبار الشائقة ،وأوردت فيه ،ما إذا
ب)؛ فإنه ظرف مليء طرفاً، والنجم من ْ
قط ِ ِ والبدر من فلك
ِ سدِ،(يكون منهُ مكانَ الروح من ج َ ُ قيس بمعناه:
ووعا ٌء حشي جدا ً وسخفاً ،من شاء وجد منه ناسكا ً يعظه ويبكه ،ومن شاء صادف منه فاتكا ً يضحكه ويلهيه:
واألشجان والطرب)»( .األصفهاني9991 ،م ،ج.)41/1 ُ خف
س ُ (فالجدّ وال َه ْز ُل في ت َْوشيح لُحْ متها ،والنب ُل وال ّ
ِ
ُ
فبعد كالم المؤلف نفسه هذا وهو يصف كتابه بهذه الصفات التي منها :نكت وهزل وطرب والطرف ،فهل
يصح أن نأخذ من هذا الكتاب كالما ً ونقدمه على أنه حق وحقيقة ،وأنه دليل على أن نسب الكرد من الجن؟!
ي ِ نعمته ليقول له :انظر ففي الناس من يقول هذا الكالم الباطل ،ويستغربفالمؤلف يذكر هذا الكالم لول ّ
األصفهاني أن يكون في الناس من يصدِّق أن قوما ً من اإلنس يعود أصلهم إلى الجن .وكأنه يتساءل وهل في
مجهول وروايته غير مقبولة عند الكثيرين من أصحاب الحديث والصنعة الحديثية ،بل ينبغي أن يكون الراوي
الثقة وله شهرة االشتهار في راوية الحديث ،إو�الً فمن هو أبا الربيع الشامي هذا؟ باإلضافة إلى رفض أهل
السنة أخذ الحديث من الروافض الذين يكفِّرون سيدنا أبا بكر وسيدنا عمر بن الخطاب ،ويشتمونهما على
المنابر وهما أفضل خلق اهلل تعالى بعد رسول اهلل -صلى عليه وسلم -باتفاق جمهور علماء أهل السنة
والجماعة.
ناهيك عن أدلة أخرى أقوى من هذا فإن الروافض ليس لهم كتاب يتحدث عن أحوال الرجال في الجرح
والتعديل حتى المئة الرابعة من الهجرة حتى ألف الكشي في المائة الرابعة ،فإذا ً عقيدتهم كلها قائمة على
روايات مكذوبة ال أصل لها ،فكيف برواية عن أصل األكراد!.
ثانياً -الرد الشرعي
الشريعة ودعوى زواج اإلنس من الجن :هذا الموضوع حقيقة مسار جدل واختالف بين العلماء منذ القديم،
- 3نقالً من موقع إسالم ويب ،مقال بعنوان ( أحوال الرواة – رواية المجهول) ،تاريخ النشر في 3102/7/7م،
تاريخ األخذ في 0202 /2 /01م.
فقد أجاز بعضهم وقوع الزواج بين الجنسين ،ولكن القائلين بالمنع هم األكثر ،ولهم في ذلك أدلة من النقل
والعقل فمن النقل مثالً ،اآليات التي ذكرها اإلمام السيوطي في كتابه األشباه والنظائر والذي أجاب بجوابين:
األول بنعم ،والثاني بال ،واألول لعماد بن يونس ،والثاني :لقاضي القضاة شرف الدين البارزي ،عندما سأله
أحدهم هل من الممكن أن يتم التزاوج بين رجل من اإلنس وبأمرة من الجن...فكان جوابه :ليس من الممكن؛
اجا)، ِ ِ َّ
(واَللهُ َج َع َل لَ ُك ْم م ْن أ َْنفُس ُك ْم أ َْزَو ً لما جاء في اآليتين الكريمتين :األولى قوله تعالى من سورة النحلَ :
ِ ِ ِِ
اجا)[ ،الروم: ق لَ ُك ْم م ْن أ َْنفُس ُك ْم أ َْزَو ً (و ِم ْن َآياته أ ْ
َن َخلَ َ [النحل ،]27 /61:والثانية قوله تعالى من سورة الرومَ :
،]12/03حيث ذهب المفسرون في تفسيرهم لهاتين اآليتين إلى أن معنى -جعل لكم من أنفسكم -أي من
اء ُك ْم َر ُسو ٌل ِم ْن أ َْنفُ ِس ُك ْم)[التوبة ]821 /9:أي من جنسكم ونوعكم وعلى خلقكم ،كما قال تعالى( :لَقَ ْد َج َ
اآلدميين والبشر؛ وألن الالتي يجوز نكاحهن هن بنات العمومة وبنات الخؤولة فدخل في ذلك من هي في
ات َخ ِال َك وبَن ِ
ات ات ع َّماتِ َك وبَن ِ ات ع ِّم َك وبَن ِ نهاية البعد كما هو المفهوم من آية األحزاب (وبَن ِ
ََ ََ َ ََ َ ََ
َخ َالتِ َك)[،األحزاب ،]05 /33:والمحرمات غيرهن ،وهن األصول والفروع ،وفروع أول األوصول ،وأول الفروع
من باقي األصول ،كما في آية التحريم في النساء فهذا كله في النسب ،وليس بين اآلدميين والجن نسب ،هذا
جواب البارزي.
فإن قلت :ما عندك من ذلك .قلت :الذي أعتقده التحريم ،لوجوه :منها :ما تقدم من اآليتين .ومنها :ما روى
صلَّى سو ُل َّ
للاِ َ - حرب الكرماني في مسائله عن أحمد وإسحاق قاال :حدثنا فالن...عن الزهري قال( :نَ َهى َر ُ
ع ْن نِ َكاحِ ْال ِج ِّن) ،والحديث وإن كان مرسالً فقد عضد بأقول العلماء .فروي المنع منه عن
سلَّ َمَ -
علَ ْي ِه َو َ َّ
للاُ َ
الحسن البصري ،و ...وقال الجمال السجستاني من الحنفية .في كتاب -منية المفتي عن الفتاوى السراجية -ال
يجوز المناكحة بين اإلنس والجن ،وإنسان الماء الختالف الجنس»( .السيوطي0991،م ،ص.)652
فهذه هي مجموعة من أراء العلماء أهل السنة والجماعة أوردها الشيخ السيوطي في عدم جواز نكاح اإلنس
جن؟ وهذا شرعاً فكيف بالعقل فهل يعقل أن يتولد قوم بكاملهم من اإلنس 97
للجنية ،فكيف يتولد منهما إنس أو ّ
من نساء آدميات ولكن آبائهم من الجن؟!
قَ ،و َل ش ََّك أ َ َّن الض ََّر َر بِ َك ْونِ ِه ِم ْن ال ْرقَا ِ ص ُل ِل ْل َولَ ِد ِم ْن الض ََّر ِر بِ ْ ِ َو ِم ْن َها :أَنَّهُ قَ ْد ُمنِ َع ِم ْن نِ َكاحِ ْال ُح ِ ّر ِل ْل َ َم ِة؛ ِل َما يَحْ ُ
ق الَّذِي ه َُو َم ْر ُج ُّو َّ
الز َوا ِل ال ْرقَا ِ ض َر ِر ْ ِ شدُّ ِم ْن َ طة ٌ أ َ َ صا ٌل َو ُمخَالَ َ ِج ِنّيَّ ٍة َو ِفي ِه شَا ِئبَةُ ِم ْن ْال ِج ِّن خ َْلقًا َو ُخلُقًاَ ،ولَهُ ِب ِه ْم ا ِت ّ َ
ْس ِم ْن ف فِي النَّ ْوعِ ،فَ َل َ ْن ي ُْمنَ َع ِم ْن نِ َكاحِ َما لَي َ ير ،فَإِذَا ُمنِ َع ِم ْن نِ َكاحِ ْال َ َم ِة َم َع ِال ِت ّ َحا ِد فِي ْال ِج ْن ِس ِل ِل ْختِ َل ِ ِب َكثِ ٍ
َ َ
ي ،ل ْم أ َر َم ْن تَنَبَّهَ لهُ. َ ب أ ْولىَ .و َهذَا ت َْخ ِري ٌج قَ ِو ٌّ َ َ ْال ِج ْن ِس ِم ْن بَا ِ
ع ْن ف ْال ِج ْن ِس َو َك ْو ِن ْال ُمت ََو ِلّ ِد ِم ْن َها يَ ْخ ُر ُج َ اختِ َل ُ علَى ْال َخ ْي ِلَ ،و ِعلَّةُ ذَلِكَ ْ : اء ْال ُح ُم ِر َ ع ْن إ ْنزَ ِ ضا أَنَّهُ نَ َهى َ َويُقَ ّ ِوي ِه أ َ ْي ً
ث النَّ ْهي «إنَّ َما يَ ْفعَ ُل ذَلِكَ الَّذِينَ َل يَ ْعلَ ُمونَ » فَ ْال َم ْن ُع ِم ْن ذَلِكَ فِي َما نَحْ ُن ِج ْن ِس ْال َخ ْي ِل ،فَيَ ْلزَ ُم ِم ْنهُ قِلَّت ُ َهاَ ،وفِي َحدِي ِ
س ِعيدُ ب ُْن ْالعَب ِ
َّاس عثْ َمانَ َ ال ْن ِسيَّةَ أ َ ْولَى َوأَحْ َرى ،لَ ِك ْن َر َوى أَبُو ُ يِ ْ ِ فِي ِه أ َ ْولَىَ .وإِذَا تَقَ َّر َر ْال َم ْن ُع ،فَ ْال َم ْن ُع ِم ْن نِ َكاحِ ْال ِج ِنّ ّ
َب قَ ْو ٌم ِم ْن ي قَالََ :كت َ الزبَ ْي ِد ُّ س ِعيدُ ب ُْن دَ ُاود ُّ س ِة ،فَقَالََ :حدَّثَنَا ُمقَاتِلٌَ ،حدَّثَنِي َ ال ْل َه ِام َو ْال َوس َْو َ بِ ْ : ي ،فِي ِكت َا ِ الر ِاز ّ َّ
َ
ع ُم أنَّهُ ي ُِريدُ ً
اريَة يَ ْز ُ ِ ج َ َا ن ي
ْ َ ل إ ب
ُ ُ
ط خْ َ ي ّ
ن ِ ِج ْ
ال نْ مِ ل ً ج
ُ رَ َا نهُ ه
َ َّ
إن وا: ُ ل اَ ق و ، ن ّ
ِ ِ ِ َ ج ْ
ال اح َ
ك ن
ِ نْ ع
َ ُ هَ ن وُ لَ ْأ
س َ ي ل
ِكٍ ا م
َ ى َ ل إ ن
َ ِ م َ ي ْ
ال لِ أ َ ْه
ت: املٌ ،قِي َل لَ َهاَ :م ْن زَ ْو ُجك؟ قَالَ ْ ت ْام َرأَة ٌ َح ِ سا فِي الدِّين َولَ ِك ْن أ َ ْك َرهُ إذَا ُو ِجدَ ْ ْال َح َللَ ،فَقَالََ « :ما أ َ َرى بِذَلِكَ بَأ ْ ً
الس َْل ِم بِذَلِكَ »( .السيوطي0991،م ،ص.)652 سادُ فِي ْ ِ ِم ْن ْال ِج ِّن ،فَيَ ْكثُر ْالفَ َ
أقول :هذا األثر الذي ذكره اإلمام السيوطي بحثت عنه كثيرا ً فلم أجده إال في كتابه األشباه والنظائر ،ولم أعثر
على الحكم عليه ،ولكنه يدل أيضا ً على أن الزواج بين اإلنسي والجنية أمر مرفوض عقالً؛ للفساد الذي سوف
يترتب على هذا الزواج ،فلو أجازت الشريعة الزواج بين الجنسين إذا ً لخرجت كل يوم من الفاسقات والمومسات
من تدعي أن الجنين الذي في بطنها من زوجها الجني الذي ال يراه أحدٌ سواها! وهذا جواب في غاية الدقة
واألهمية لرفض إمكانية اإلنجاب من الجن ،فإذا أين تقبل رواية صاحب (الحقيقة الصعبة) أن األكراد من
أوالد الجن الذين وطؤُّ وا إماء النبي سليمان عليه السالم؟.
رابعا ً – الرد عليهم من الواقع
98 وهنا أيضا ً نسأل صاحب قصة (الحقيقة الصعبة) هل سمعت يوما ً أن امرأة كانت تسير في الطريق العام
وأوقفتها السلطات أو الناس؛ ألنها تأخذ بيد طفل لها من زوجها الجني؟!
أو هل وجدت حتى في وسائل التواصل رغم كثرتها على أن أحدا ً ادعى أنه تزوج من جنية وله منها أوالد،
!أو العكس صحيح امرأة إنسية تدعي بأنها متزوجة من جني ولها نسل كامل منه؟
فإذا ً الواقع والعقل يرفضان الروايات التي ذكرتها مصادر الشيعة عن أصل األكراد ونسبتهم إلى الجن ،وال
يقول بهذا الكالم إال من فقد عقله ،أو تنازل عن إنسانيته وبشريته ،فهل بعد كل هذه األدلة يحتاج األمر إلى
مزيد من البحث والتدقيق في هذه المسألة السخيفة ،ولكن ماذا نفعل مع األعداء الذين يرمون بشبههم بين
العوام ،لعلها تجد آذانا ً صاغية من بعض الجهالء والمغرضين من أمثال صاحب ( الحقيقة الصعبة)؛ لذا نجد
أنفسنا مضطرين أن نض ِيّ َع الكثير من الساعات للرد على هؤالء الشياطين؛ لنكشف عن الحقيقة الناصعة في
عصر أصبح فيه الحليم حيراناً ،والحصول على الحقيقة أمرا ً صعبا ً ولكن أمام الباحثين تبقى الحقيقة حقيقة
مهما حاول المغرضون أن يحجبوا نور الشمس عن الناس بكذبهم وشبههم .وهللا من وراء القصد.
الخاتمة
أقول في الخاتمة كم هو سهل في هذا العصر أن يُب ِدّ َل المغرضون الحقائق ،ويشوهوا صورة من عرفوا
بالشهامة والكرم والعلم والمعرفة والشجاعة في أخالقهم وتعامالتهم ،بسبب سهولة الحصول على المعلومات
من الشبكة العنكبوتية ،وكم هو سريع انتشار تلك األخبار الكاذبة في مشرق األرض ومغاربها؛ نتيجة النتشار
وسائل التواصل االجتماعي بشكل كبير ،و هذا األمر يدفع بالباحثين والعلماء أن يبذلوا المزيد من الجهود في
إيصال الحق والحقيقة إلى أكبر شريحة تؤمن بأن الباطل ال يهدأ أبداً ،وال يلقي سالحه بسهولة مهما طال
الزمان؛ لذا عليهم أيضا ً أن يواصلوا ليلهم بنهار في البحث عن الحق والحقيقة ،وإظهارها للناس مهما كان
الثمن؛ لذا أوصي نفسي أوالً وأخوتي الباحثين بمجموعة من التوصيات وهي:
-1عدم الخوف من خوض المعارك العلمية في ساحة الكتب والمصادر والمراجع ،لجمع المادة العلمية ألي
1141هـ0991/م.
-الصدوق :محمد بن علي بن محمد بن بابونه القمي ،من ال يحضره الفقيه ،ت :علي أكبر الغفاري ،مطبعة
جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ،ط4041 ،2هـ.
-الطباطبائي :السيد علي بن محمد بن علي ،رياض المسائل في بيان أحكام الشرع بالدالئل ،المؤسسة
اإلسالمية للنشر ،إيران ،قم ،ط2141 ،1هـ.
-الطوسي :محمد أبو جعفر بن الحسين بن علي ،تهذيب األحكام في شرح المقنعة للشيخ المفيد ،ت :علي أكبر
الغفاري ،دار الكتب اإلسالمية ،طهران ،ط6831 ،1هـ.
-القلقشندي :أحمد بن علي بن أحمد الفزاري ،قالئد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان ،ت :إبراهيم
اإلبياري ،دار الكتاب المصرية ،ط2041 ،2هـ .2891
-الكليني ،أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الرازي ،الكافي ،دار الفجر ،بيروت ،ط-7002 ،1
8241هـ .
-الهاشمي :محمد ،علم النسب وأهميته وطرق إثباته ،من صحيفة اإلتحاد العالمي لألشراف ،تاريخ النشر
في /31يوليو3102م /تاريخ األخذ في 0202/1/61م.
-مخطوطة رسالة في االعتقاد رقم 283مكتبة سعيد علي باشا ،السليمانية ،استمبول .نقالً من موقع ملتقى
أهل السنة ،مقال بعنوان (الراغب األصفهاني وموقفه من الفرق الكالمية) ،للكاتب عمر عبد الرحمن
الساريسي ،مجلة الجامعة اإلسالمية – المدينة النبوية – العدد ،35تاريخ األخذ في 0202/2/6م.
-المسعودي :أبو الحسن علي بن الحسن بن علي ،مروج الذهب ومعادن الجوهر ،المكتبة العصرية ،صيدا
100 ،بيروت ،ت :كمال حسن مرعي ،ط 5241/1هـ 5002م .
-مسلم ،أبو الحسن مسلم بن الحجاج ،صحيح مسلم ،ت :محمد فؤاد عبد الباقي ،دار إحياء التراث العربي،
بيروت ،بدون ت ،ط.
-موقع إسالم ويب ،مقال بعنوان ( أحوال الرواة – رواية المجهول) تاريخ النشر في 3102/7/7م ،تاريخ
األخذ في 0202 /2 /01م.
-موقع إسالم ويب ،مقال بعنوان( كتابا المسعودي وابن األثير في الميزان) ،تاريخ النشر8002/8/03/م/
تاريخ الزيارة /في 0202/2/6م.
-موقع صحابة رسول اهلل-صلى اهلل عليه وسلم ،-مقال بعنوان /األنساب /تاريخ الزيارة في 0202/1/61م.
-موقع علي الكوراني العاملي ،مقال بعنوان ،مفردات الراغب األصفهاني مع مالحظات العاملي ،بدون تاريخ
النشر ،تاريخ األخذ في /4شباط 0202/م.