Professional Documents
Culture Documents
2021-2022
الصف
09
ّ
ِ
صوص
العربي ُة
ُ
غة
كتاب ال ّن
ال ّل ُ
صوص
ِ ِتاب ال ّن
ك ُ
الص ُّف الت ِ
ّاس ُع ّ
عزيزي الطالب،
ـم ليكــون رفي ًقــا لــك وصدي ًقــا؛ ســتجد فيــه النصــوص المقـ َّـررة فــي كتــاب األنشــطة ِ
ـاب ُص ِّمـ َ
هــذا كتـ ٌ
ونصوصــا أخــرى رديفــة ،فــي ك ُِّل فــ ّن مــن فنــون القــول :ال ُقــرآن الكريــم ،والحديــث
ً اللغو ّيــة،
الشــريف ،والنّصــوص األدب ّيــة ،ونصــوص الـ ّـرأي ،والنّصــوص المعلومات ّيــة .وهــو دعــو ٌة منّــا لتكــون
قســا مــن طقــوس حياتــك اليوم ّيــة ،تجــد لهــا متّسـ ًعا مــن الوقــت ،فتخلــو فيــه بكتـ ٍ
ـاب تقرؤه القــراء ُة َط ً
بحر ّيــة ،وتبحــر فــي عوالمــه بهــدوء وســام.
ـدروس المقــررة واالختبـ ِ
ـارات إلــى الحيــاة المنفتحــة علــى ِ ـاة المقيـ ِ
ـدة بالـ ـط الحيـ ِ
إن التّحــرر مــن نمـ ِ
ّ
ّ ّ ّ
أدوات نجــاح ِ
راســخ ًة وممتــدّ ة ِ ســيمنحك بــكل أشــكالِها وألوانِهــا هــو ا ّلــذي
الثقافــة والمعرفــة ِّ
ُ
ـف ودرس. ومتناميـ ًة وهــو ا ّلــذي ســينير بصير َتــك لتــرى الحيــا َة أك َبـ َـر بكثيــر مــن مجـ ّـرد مدرســة وصـ ٍّ
إنّنــا نح ّثــك علــى أن تجعــل للقــراءة فــي هــذا الكتــاب وكتـ ٍ
ـب أخــرى وق ًتــا تقتطعــه مــن يومــك ،ولــو
أن تجعـ َـل لقراءاتــك فــي هــذا الكتــاب والكتــب األخــرى صــدى فــي ـجعك علــى ْكان قصيـ ًـرا ،ونشـ ّ
ِ
ـخصية فــي ـب عنهــا علــى صفحاتــك الشـ ِ
حياتــك ،فتتحــدّ ث عنهــا مــع أصدقائــك وعائلتــك ،وتكتـ ُ
ـكل هــذا سيســهم إســهاما ملموســا فــي بنـ ِ
ـاء شــخص ّيتك ،وتعزيــز ـي؛ فـ ُّ ِ
ً ً ُ ُ مواقــع التواصــل االجتماعـ ّ
ثقتِــك ِ
بنفســك ،وتزويــدك بمفاتيــح النجــاح الدائــم المســتمر.
2
عزيزي الطالب،
فهمــا َ
يكــون أكثــر ً إن القــراءة ،وقــراءة األدب علــى وجــه الخصــوص ،تســاعد المــرء علــى أن ّ
وإن هــذا النــوع مــن القــراءة هــو ا ّلــذي يجعــل اإلنســان أكثــر تواض ًعــا للحيــاة والنــاس ،وأوســع أف ًقــاّ ،
كل قصــة أو روايــة تقرؤهــا هــي بمثابــة بوابــة تُفتــح لــك ل ُت ْب ِص َر الحيــاة بتفاصيلها إن ّ
ـامحا وذكا ًءّ .
وتسـ ً
الصغيــرة ،تلــك ا ّلتــي قــد ال ننتبــه لهــا ونحــن نمــارس واجباتنــا اليوم ّيــة ،ونغــدو ونــروح مــع الغاديــن
ـتقر فــي قلــوب الكثيريــن مــن النــاس ،أولئــك البوابــة هــي ا ّلتــي تجعلــك تسـ ّ
إن هــذه ّ والرائحيــنّ .
ـات ،فتعــرف مــا لــم تكــن تعــرف ،وتــدرك ـص ،وتحكــي حكاياتِهــم الروايـ ُ ـب عنهــم القصـ ُ
الذيــن تُكتـ ُ
مــا لــم يكــن خطــر لــك علــى بــال.
عزيزي الطالب،
وجوهــا ال نهايــة لهــا للحيــاة،
ً ّ
إن قــراءة األدب تشــبه الدخــول فــي مــرآة ســحر ّية كبيــرة ،تكشــف لــك
وقوتــه ،فــي صدقــه وكذبــه ،فــي عـ ّـزه وذ ّلــه ،فــي
لفعــل الزمــان فــي اإلنســان ،ولإلنســان فــي ضعفــه ّ
أنان ّيتــه وظلمــه ،فــي ر ّقتــه وقســوته فــي أحزانــه وأفراحــه ،وآالمــه وأحالمــه .وكلمــا انفتــح كتـ ٌ
ـاب بيــن
ـان مــا ،اســتطالت مــرآ ٌة ســحري ٌة أمامــه ليــرى مــا لــم يكــن يـ ُـرى، ـكان مــا ،فــي زمـ ٍ
ـارئ فــي مـ ٍـدي قـ ٍ يـ ْ
مســك بيــن يديــه قصــة ـف مــا كان ســيبقى محجوبــا لألبــد لــوال لحظــة تبصـ ٍـر قادتــه إلــى أن ي ِ ِ
ويكشـ َ
ُ ُّ ً
أن الخلــود ال يكــون إال للخيــر الص ْفحــة األخيــرة فيهــا يــزداد يقينًــا ّ
ـب ّأو روايـ ًة ســتجع ُله بعــد أن يقلـ َ
والحــق والجمــال.
ِ
اللغة العربية. نرجو لك رحل ًة ممتع ًة ومفيد ًة مع
3
4
الفهرس
يتم تعريف المحتوى على تطبيق التعلم الذكي
مالحظة:
النّصوص المعالجة في كتاب (التطبيقات ال ّلغو ّية) تجد عناوينها مظ ّللة بال ّلون ّ
الرمادي.
5
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
35 ُ
الحديث العربي
ُّ عر » ّ
الش ُ
39 ◊لن أبكي -للشاعرة فدوى طوقا ن
41 للش ِ
اعر إبراهيم ناجي ◊خواطِ ُر ال ُغ ِ
روب ّ -
42 ◊قال محمود سامي البارودي
ِ ِ ِ »الحرك ُة ِّ
43 الشعر ّي ُة في دولة اإلمارات العرب ّية ُ
المتّحدة
45 ◊ذكرى َجدّ تي َ -جمال بن حويرب
46 ◊قال كريم معتوق
47 ِ -
الق َّص ُة القصير ُة
49 » ِ
الق َّص ُة القصير ُة
53 خير ( -ألفونسو دوديه) ◊الدَّ ْر ُس األَ ُ
61 ناو َر ُة ُ -م َح َّمد ُم ْستَجاب
الم َ◊ ُ
65 دارس ( -م .آثار طاهر) ِ ◊ ُم َفت ُِّش َ
الم
75 ◊العباء ُة -عائشة خلف الكعبي
ٍ ِ
79 الساعدي ـم َخ َش َبة -مريم ّ ◊ق َّص ُة ال َع ِّ
83 الح ّصا َل ُة -د .أحمد زياد مح ّبك ◊ َ
87 ◊جدار -شريف الجهني
89 ◊النائبات ..حين تؤاخي -للكاتب األمريكي( :أو .هنري)O. Henry/
95 ب -للكاتب األمريكي( :إرنست همنجواي) ◊يو ٌم م َن التّر ّق ِ
ِ
99 حالت الس ِير ّ
والر أدب ّ
ُ -
101 » ّ
السير ُة األدب ّي ُة
103 ◊ َتع َّلم ُت ِمن َأ ِ
وقات ال َفرا ِغ -ع ّباس محمود ال َع ّقاد ْ َ ْ
107 الص ِ
ين ◊رحل ُة ِ
ابن ب ّطوط َة إلى ّ
109 ◊تجاربي مع الحقيقة ( -المهاتما غاندي)
111 ◊رحلة إلى شمال إفريقيا -القنطرة ( -أندريه جيد)
6
113 الرأي
نصوص ّ
ُ *
115 قاالت
ُ الم
َ -
117 »المقال ُة
119 إشارات ُي ْر ِس ُلها ُّ
الش َهدا ُء -الدكتورة فاطمة الصايغ ٌ ◊
7
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
8
الكرمي
ُ رآن
الق ُ
ُ
ريف واحلديث ّ
الش ُ ُ
9
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
10
يرّشلا ثيدحلاو ُميركلا ُنآرُقلا
ُ
الكرمي
ُ رآن
الق ُ
ُ
قال ال ّل ُه تعالى:
َ
﴿ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ
ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ
ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ
ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ
ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ
ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ
ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ﴾
(سورة ُلقمان)
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 11
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
12 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
يرّشلا ثيدحلاو ُميركلا ُنآرُقلا
ُ
أحاديث شريفةٌ
ُ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 13
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
14
األدبي ُة
ّ صوص
ُ ال ّن
15
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
16
عر ِّ
الش ُ
17
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
18 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -رعِّشلا
اجلاهلي
ُّ عر ِّ
الش ُ
الشــعر الجاهلــي هــو ِّ
الشــعر العربــي الــذى قيــل قبــل اإلســام ،وقــد تم ّيــز العــرب عــن ســواهم مــن ِّ
األمــم األخــرى بصفــاء القريحــة ومالءمتهــم بيــن بيئتهــم وخيالهــم وتأملهــم ،فكانــوا أشــعر األمــم.
ـي ،ولذلــك كان ِّ
الشــعر مــرآة لهــذه الحيــاة البدو ّيــة القاســية الخشــنة، فالباديــة بيئــة ِّ
الشــعر الجاهلـ ّ
يصــف األطــال والديــار واالنتجــاع والظعــن والفــاة والحيــوان والمعــارك وآبــار الميــاه.
وتظهــر موســيقى الغنــاء فــي وزن القصيــدة وحــرف رو ّيهــا (قافيتهــا) الموحــد؛ فــإن كان حــرف
الــروي فــي
تســمى القصيــدة (بائيــة) ،وإن كان حــرف ّ
ّ الــروي (القافيــة) فــي القصيــدة (البــاء)
ّ
القصيــدة (الــدّ ال) تسـ ّـمى القصيــدة (داليــة) ،وإن كان حــرف الـ ّـروي فــي القصيــدة (نو ًنــا) تسـ ّـمى
القصيــدة (نونيــة).
وقــد تبــوأ ّ
الشــاعر الجاهلــي مكانــة مرموقــة فــي عصــره فــكان لســان قبيلتــه ،كمــا لعبــت األســواق
مهمــا فــي التعريــف بالشــعراء ونقــل أشــعارهم بيــن القبائــل األخــرى.
دورا ً
الموســمية الكبــرى ً
-أيضــا -للخطابــة ِّ
والشــعر ،ومــن أهــم فاألســواق لــم تكــن للبيــع والشــراء فحســب ،بــل كانــت ً
هــذه األســواق :ســوق عــكاظ ،وهــي ســوق فــي صحــراء بيــن نخلــة والطائــف شــرق مكــة ،وكانــت
ـع َث ْغـ ُـر مدينــة ّ
الرســول^ ،وســوق ذي تســتمر عشــرين يو ًمــا ،وســوق ذي المجــاز قــرب َينْ ُبـعٍ ،و َينْ ُبـ ُ
المجنــة قــرب مكــة.
الم َحكِّميــن ،تقــام لــه فــي هــذه األســوق ُق ّبــة، المؤرخــون إلــى أن النّابغــة ُّ
الذبيانــي كان مــن ُ ّ ويذهــب
الركبــان. ِ يذهــب إليهــا ّ
الشــعراء؛ ليعرضــوا شــعرهم عليــه ،فمــن أشــاد بــه ذاع صي ُتـ ُه وتناقلــت شــعره ُّ
ـدون إال فــي أوائــل القــرن الثانــي للهجــرة ،وهــذا مــا يفســر
وي لــم ُيـ ّ ِّ
والشــعر الجاهلــي شــعر َمـ ْـر ّ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 19
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ضيــاع أغلبــه .فالكثيــر مــن رواتــه ذهبــت بهــم حــروب الفتــح ،وأوفــر هــذه القصائــد ح ًّظــا مــن
المع ّلقــات مــن أفضــل مــا وصلنــا مــن العصــر
المذهبــات ،وقــدُ عــدّ ت ُ
ّ الحفــظ هــي المع ّلقــات أو
الجاهلــي .ويزعــم أغلــب المؤرخيــن أنهــا ســبع قصائــد اختارتهــا العــرب فكتبتهــا بمــاء الذهــبُ ،ثـ َّ
ـم
ـم :امــرؤ القيــس ،وزهيــر بــن أبــي ســلمى ،وطرفــة ع ّلقتهــا علــى الكعبــة إعجا ًبــا بهــا ،وأصحابهــا ُهـ ْ
بــن العبــد ،ولبيــد بــن ربيعــة ،وعنتــرة بــن شــداد ،وعمــرو بــن كلثــوم ،والحــارث بــن ح ِّلــزة.
وتتنــاول القصيــدة الجاهليــة مجموعــة مــن الموضوعــات والعواطــف المختلفــة فــي بنـ ٍ
ـاء ينقســم ّ
الشــاعر القســم األول بالبــكاء علــى الديــار القديمــة (الوقــوف علــىإلــى ثالثــة أقســام ،إذ يســتهل ّ
وهــو
َ ّغــزل بالمحبوبــة ،أي الت ّْشــبيب، األطــال) ا ّلتــي رحــل عنهــا ،وتــرك فيهــا ذكرياتــهُ ،ث َّ
ــم الت ّ
حســي ،يصــف ينقســم إلــى قســمين :غــزل عفيــف ،يــدور حــول ّ
بــث الشــوق واللوعــة ،وغــزل ّ
جمــال المــرأة :شــعرها وعنقهــا وجبينهــا وعينهــا وأســنانها وطولهــا ..كمــا يصــف ثيابهــا وزينتهــا
الشــاعر إلــى وصــف ُظعنِهــا ،أي ترحالهــا مــع قبيلتهــا إلــى مــكان آخــر بح ًثــا عــن وع ّفتهــاُ ،ثـ َّ
ـم ينتقــل ّ
المــاء والــكأل.
والقســم الثالــث هــو الغــرض الرئيــس فــي القصيــدة ،وهــو إِ ّمــا فخــر أو مــدح أو رثــاء أو هجــاء أو
عتــاب أو اعتــذار أو حكمــة.
الشــاعر بالن َّسـ ِ
ـب قومــات الحيــاة القبل ّيــة ،يفخــر فيــه ّ
فالفخــر فخــر بالقبيلــة وبالنفــس ،وهــو مــن ُم ّ
والشــجاعة والكــرم واإلســراع إِلــى معونــة اآلخريــن ،والمــدح هــو ثنــاء علــى الممــدوح وفضائلــه
ومآثــره ،ويغلــب علــى أهــل الباديــة كمــا نــرى ذلــك عنــد امــرئ القيــس وزهيــر بــن أبــي ســلمى،
للتكســب يغلــب علــى أهــل الحضــر كمــا نــرى عنــد النابغــة الذبيانــي واألعشــى ،والرثــاء
ّ ومــدح
الشــاعر الجاهلــي المرثــي بجميــع الصفــات ا ّلتــي يصــف بهــا هــو مديــح الميــت ،يصــف فيــه ّ
الممــدوح ،والهجــاء عكــس المــدح يوصــف فيــه المهجـ ّـو وقبيلتــه بِضعــة النّســب ُ
والجبــن والبخــل،
ـلما بــه ،ويع ّبــر عــن ُخالصــة تجــارب
أ ّمــا الحكمــة ،فهــي قــول موجــز مشــهور ،يتضمــن معنًــى مسـ ً
صاحبهــا فــي الحيــاة.
20 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -رعِّشلا
ُت َع ُّل بما ُأ ْدنِـــي َع َل ْي َك و َتن َْه ُل ُك َم ْولو ًدا َو ُعلت َُك يافِ ًعا
َ 1غ َذ ْوت َ
ساهرا َأت ََم ْل َم ُ
ــــــل ً لِ َشك َ
ْواك إِ ّل بالشك ِْو لم َأبِ ْت
2إذا ليل ٌة نا َبت َْك َّ
ِ
ُط ِر ْق َت بِه دوني َو َع ْي َ
ني ت َْه ُم ُل نك با َّلذيدو َ ُ
المطروق َ 3كأنّي أنا
الموت َحت ٌْم ُم َؤ َّج ُل
َ َلتَع َل ُم َّ
أن عليك وإِنّها
َ الر َدى َن ْف ِسي
اف ََّخ ُ 4ت َ
فيك ُأ َؤ ِّمـ ُـل
إليها َمدَ ى ما ُكن ُْت َ الس َّن والغاي َة ا ّلتي فلما َب َل ْغ َت ِّ
ّ 5
َفض ُل المت ِّ ِ كأن َّك أنـ َ َ 6ج َع ْل َت َجزائي ِمن َْك َج ْب ًها َو ِغ ْلظ ًة
المنع ُم ُ
ـت ُ
الم ِ
جاو ُر َي ْف َع ُل الجار ُ
ُ َف َع ْل َت كما فليتك إ ْذ لم َت ـ ْـر َع َحـ َّـق ُأ ُبـ َّـوتــي َ 7
وفي َر ْأ ِي َك التّفنيدُ َل ْو ُكن َْت َت ْع ِق ُل الم َفن َِّد رأ ُي ـ ُه
باس ِم ُ وس َّم ْيتَني ْ َ 8
الص َو ِ
اب ُم َوك َُّل بِـ َـر ٍّد ع َلى َأ ْهـ ِ َف كــأ َّن ـ ُهلــلــخــا ِ
ِ 9تَــــراه م ِ
ـــعـــدًّ ا
ـل َّ ُ ُ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 21
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
َوص َّي ُة ٍ
أب
الطبيب
بن َّع ْب َد ُة ُ
22 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -رعِّشلا
األموي
ِّ والعصرِ
َ ِ
اإلسالم عر يف عصرِ صد ِر ِّ
الش ُ
الرســول^؛ فقــد روي أن الخليفــة عمــر بــن الخطــاب الراشــدون نهــج ّ وقــد انتهــج ُ
الخلفــاء ّ
للزبرقــان بــن بــدر ،ولمــا طلــب -رضــي ال ّلــه عنــه -حبــس ّ
الشــاعر الحطيئــة حيــن أقــذع فــي هجائــه ّ
منــه الحطيئــة العفــو؛ ألن َح ْب َســه حــال دون االهتمــام بــأوالده ،عفــا عنــهَ ،و َخ ّلــى ســبيل ُه علــى ّأل
يهجــو أحــدً ا مــن المســلمين.
وعندَ ال ّل ِه في َ
ذاك الجزا ُء َه َج ْو َت ُم َح ّمدً ا َف َأ َج ْب ُت عن ُه
َف َش ٌّركما لخيركُما الــفــدا ُء َأتَهجوه و َلــســت له بِك ٍ
ُفء ُ َ ْ َ ُ
أمــي ـ َن ال ـ ّلـ ِـه شيم ُت ُه الــوفــا ُء باركًا َب ًّــرا حني ًفا
ـجـ ْـو َت ُم َ
َهـ َ
كمــا اشــتهر كعــب بــن زهيــر بالميتــه «بانــت ســعاد» ا ّلتــي أعلــن فيهــا إســامه ،وطلــب فيهــا رضــا
الرســول^ وعفــوه ،والتــي يقــول فــي مطلعهــا:
ّ
- )1راجــع عمــر فــروخ ،تاريــخ األدب العربــي :األدب القديــم مــن مطلــع الجاهليــة إلــى ســقوط الدولــة األمويــة ،ط ( ،4بيــروت :دار
العلــم للمالييــن)1981 ،
-راجع أحمد حسن الزيات ،تاريخ األدب العربي ،ط ( 8بيروت :دار المعرفة)2004 ،
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 23
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
24 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -رعِّشلا
ويصــف مفاتنهــا ومغامراتــه معهــا ،وقــد يصــف مجموعــة مــن النّســاء .وقــد ُر ِوي أن عمــر بــن ربيعــة
للحــواج ،فيشــبب بالحرائــر الجميــات ،ويصفهــن طائفــات محرمــات ،فزهــدت
ّ كان يتعــرض
(دهلــك)
األســر فــي أداء الفريضــة خشــية منــه ،ممــا جعــل الخليفــة عمــر بــن عبــد العزيــز ينفيــه إلــى ْ
إحــدى جــزر البحــر األحمــر بيــن بــاد اليمــن والحبشــة ولــم يعــد إال بعــد أن أقســم أن يتــوب.
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 25
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
26 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -رعِّشلا
وني في َأشيا َء ُتك ِْس ُب ُه ْم َح ْمدا ُد ُي َ ُيعاتِ ُبني في الدَّ ْي ِن َق ْو ِمي َوإِنَّما 1
ِ َأ َلــم يــر َقومي ك َ ِ
َو ُأعس ُر َحتّى َت ْب ُل َغ ال ُع ْس َر ُة َ
الج ْهدا َيف ُأوس ُ
ــر َمـ َّـر ًة ْ َ َ 2
الغنى ِمن ُْه ُم ُب ْعدا
ضل ِ َوال زا َدني َف ُ ـار ِم ُنهم َت َق ُّر ًبا َفما زا َدنــي ِ
اإلقــتـ ُ 3
قوق ما َأطاقوا َلها َسدَّ ا ُث ُغور ُح ٍ
َ َأ ُســدُّ بِـ ِـه َما َقد َأ َخـ ُّلــواَ ،و َض َّيعوا 4
ف ِجدَّ ا َو َبي َن َبني َع ِّمي َل ُمخت َِل ٌ َوإِ ّن ا َّلــذي َبيني َو َبي َن َبني َأبي 5
َد َعـ ْـونــي إِلــى ن َْص ٍر َأتيت ُُه ُم َشــدّ ا ـم إِلى ن َْصري بِطا ًء َوإِ ْن ُه ُم َأ ُ
راهـ ْ 6
َوإِ ْن َي ْه ِدموا َم ْجدي ُ
بنيت َل ُهم َم ْجدا َفإِ ْن َيأكُلوا َلحمي َو َف ْر ُت ُلحو َم ُه ْم 7
َوإِ ْن ُه ْم َه َووا َغ ّيي َهو ْي ُت َل ُه ْم ُر ْشدا َوإِ ْن َض َّيعوا َغ ْيبي َح ِف ْظ ُت ُغيو َب ُه ْم 8
َز َج ْر ُت َل ُهم َط ًيرا ت َُم ُّر بِ ِه ْم َس ْعدا َوإِ ْن َز َجروا َط ْي ًرا بِن ٍ
َحس ت َُم ُّر بي 9
ِ 10وإِ ْن َق َطعوا ِمنِّي األَ ِ
واص َــر ِض َّل ًة
الم َح َّب َة َو ُ
الو ّدا َو َص ْل ُت َل ُهم منِّي َ َ
حم ُل ِ و َليسكَريمال َقو ِممني ِ ديم َع َل ِيه ُم ِ ِ
الحقدا َ َْ ُ َ َ َ 11وال َأحم ُل الحقدَ ال َق َ
َوإِ ْن َق َّل مالي َلم ُأ َك ِّل ْف ُه ُم ِر ْفدا َ 12ل ُه ْم ُج ُّل مالي إِن تَتا َب َع لي ِغنًى
شيم ٌة لي َغ ُيرها تُشبِ ُه ال َع ْبدا ناز ًل يف ما دا َم ِ الض ِ َ 13وإِ ّنــي َل َع ْبدُ َ
َوما َ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 27
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
*
الصلتان العبدي
قال َّ
28 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -رعِّشلا
*
قال يزيد بن احلكم ال ّثقفي َي ِع ُ
ظ ابنه بَ ْدرًا
ِ ُ
واألمــثــال يضر ُبها يــا َبـــدْ ُر
1
الحكيم
ُ لـــــذي الـــ ُّل ِّ
ـــب
خـــيـــر و ٍّد ال يـــــدو ُم
ُ مــــا ــــــــو ِّد ِه
ُ ــلــخــلــيــل بِ
ِ دم لِ
ُْ
ـم ِ
ــــجــــار َك ح ـ َّق ـ ُهف لِ وا ْع ِ
والـــحـــق يــعــرفــ ُه الــكــريـ ُ
ُّ ـــــــر ْ
ـحــمــدُ َأ ْو َيلو ُم ًمــا ســوف َيـ ْ ـف يو
ـضــيـ َ َّ
بـــأن الـ ّ وا ْعـــ َل ْ
ـــم
ِ والـــنّـــاس مــبــتَــنِ ِ
ـممــــو ُد الــبــنــايــة َأ ْو ذمــيـ ُ ــيــان محـ ُ ُ ْ
ـم بِــالــعــلــ ِم يــنــتــفـ ُ
ـع الــعــلــيـ ُ َـــــي فــــإ َّنــــ ُه
واعـــــلـــــم ُبـــــن َّ
ْ
ـم
يــهــيــج لـــه الــعــظــيـ ُ
ُ م ـ ّـم ــا األمـــــــــور دقــيــ ُقــهــا
َ َّ
إن
2
الغريم
ُ ضـــا ُه وقــد ُيــلــوى ــل مــثـ ُـل الـــدَّ يـــ ُن تُقـ
والــتَّــ ْب ُ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 29
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
30 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -رعِّشلا
العباسي
ّ ِّ
الشعر يف العصرِ
ـي بســقوط الدولــة األمو ّيــة فــي الشــام ســنة 132هـــ 749/م ،وقيــام دولــة بنــي
يبــدأ العصــر العباسـ ّ
العبــاس فــي الكوفــة (العــراق) ،وينتهــي سياسـ ًيا بســقوط بغــداد فــي يــد (هوالكــو) التتــري ســنة 656
1
هـ 1258/م.
ويعــد عصــر الدولــة العباســية عصــر اإلســام الذهبــي ا ّلــذي بلغــت فيــه الدولــة اإلســامية أوج
ازدهارهــا الفكــري ،فنُقلــت العلــوم األجنبيــة ،وتنوعــت اآلداب العربيــة وتطــورت .وخال ًفــا للدولــة
األمويــة ا ّلتــي كانــت عربيــة خالصــة متعصبــة للعــرب لغـ ًة وأد ًبــا ،قاعدتهــا دمشــق علــى حــدود باديــة
العــرب ،اصطبغــت الدولــة العباســية بصبغــة فارســية؛ ألن ال ُفـ ْـر َس ُهــم الذيــن أيدوهــا ،فجعلــت
قاعدتهــا بغــداد أقــرب األمصــار إلــى بالدهــم .فتأثــر العــرب بعــادات الفــرس وتقاليدهــم ولغتهــم،
وتمازجــوا معهــم بالتــزاوج والتناســل ،وأشــرك الخلفــاء الموالــي (المســلمين مــن غيــر العــرب)
س وأتــراك وســريان وروم وبربــر فضعفــت العصبيــة ،وتعــددت ِ
الفـ َـر ُق، فــي سياســة الدولــة مــن ُفـ ْـر ٍ
وتكاثــر الجــواري والغلمــان ،والتأنــق فــي الطعــام واللبــاس ،والتنافــس فــي البنــاء والتشــييد ،كل
هــذا كان لــه أثــر ب ّيــن فــي اللغــة العربيــة وآدابهــا.
أ ّمــا علــى مســتوى المعنــى ،فقــد تولــدت المعانــي الحضريــة ،واقتبســت األفــكار الفلســفية؛ إذ أ ْك َثــر
- )1راجع أحمد حسن الزيات ،تاريخ األدب العربي ،ط ( 8بيروت :دار المعرفة)2004 ،
-راجــع عمــر فــروخ ،تاريــخ األدب العربــي :العصــور العباســية حتــى القــرن الرابــع هجــري ،ط ( 4بيــروت) ،دار العلــم للمالييــن،
()1981
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 31
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
الم َو َّلديــن ،وهــذا يع ّلــل وفــرة المعانــي الجديــدة فــي شــعر بشــار بــن بــرد
شــعراء هــذا العصــر مــن ُ
وأبــي نــواس وأبــي العتاهيــة وابــن الرومــي .وكان لنقــل العــرب علــوم اليونــان وغيرهــم تأثيــر فــي
شــعر أبــي تمــام والمتنبــي وأبــي العــاء المعــري وغيرهــم بمــا دخلــه مــن آراء علميــة وأفــكار فلســفية
وسياســية.
الشــعر فقــد بقيت ،واســتمرت؛ فالفخــر والمديــح والغزل والرثــاء والحكمــة والوصف أ ّمــا أغــراض ِّ
والزهــد أغــراض قديمــة منــذ العصــر الجاهلــي ،إال أن الفخــر القبلــي القديــم تضــاءل ،وحـ َّـل محلــه
الفخــر بالنفس.
كمــا انتشــرت فــي المديــح معانــي الشــجاعة والكــرم وشــرف األصــلّ ،
ورق االعتــذار ،واتّســع فيــه
العتــاب الرقيــق ،وكثــر الزهــد والحكمــة ،وأصبحــا فنّيــن يعالجهمــا مجموعــة مــن ّ
الشــعراء فــي
ـتقل بذاتــه ،ولــم يقتصــر علــى الصيــدقصائــد أو ُمق ّطعــات .وأصبــح ال َّطـ ْـر ُد (وصــف الصيــد) با ًبــا مسـ ً
فقــط ،بــل تنــاول كل مــا يتعلــق بالحيــوان ،ح ّتــى وصــف «قتــال ِ
الد َيكــة» ،كمــا أصبــح الخمــر فنًّــا
مســتق ً
ال بذاتــه مــع مــا يتبــع ذلــك مــن آداب المنادمــة.
وأ ّمــا علــى مســتوى الــوزن ،فقــد ابتدعــت أوزان أخــرى ،كالمســتطيل والممتــد ،وهمــا عكــس
المق ّطعــات (أبيــات
والزجــل ،والدوبيــت والمواليــا ،ونُظمــت ُ ّ
والموشــح ّ الطويــل والمديــد،
معــدودة فــي أغــراض محــدودة).
ولمــا انفــرط عقــد الخالفــة ،وكثــرت الدويــات العربيــة وغيــر العربيــة ،باســتقالل الــوالة فــي
ـارا،
ـكارا وانتشـ ً فــارس والشــام ومصــر والمغــرب ،وجــد ِّ
الشــعر فــي غيــر بغــداد تشــجي ًعا ،فــازداد ابتـ ً
فاألمــراء مثــل الخلفــاء ُي َق ِّربــون ّ
الشــعراء ،ويعضدونهــم.
ومــا إن انتهــى القــرن الخامــس للهجــرة حتّــى ذهــب جمــال الشــعر ،وفقــد تأثيــره فــي النفــوس
لذهــاب المعضديــن لــه مــن البويهييــن والســاجقة وكثــرة الفتــن والصراعــات ،فغــاب التوليــد
واإلبــداع ،وكثــر تقليــد معانــي األقدميــن واســتخدام المحســنات البديعيــة والمبالغــة فــي المــدح
اســتدرارا لألكــف.
ً للتكســب
32 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -رعِّشلا
نبي
مل َت ّ الط ِ
يب ا ُ قال أبو ّ
ــأنِ ِ
ــه مــا َعنانا ـم ِمــ ْن َش ْ ّاس َق ْب َلنا ذا َّ ِ
ـاهـ ْ
َو َعــنـ ُ الزمانا ب الن ُ َصح َ
عض ُه ْم أحيانا
ــر َب َ ـــ ُهَ ،و ْإ ْن َس َّ ــم ِمـنْـــ
ــه ْ
ٍ
َوتَـــو َّلـــوا بِــ ُغ َّ
ــصــة كُــ ُّل ُ
ِ
ــــهَ ،و َلــكــ ْن ُتــ َك ــدِّ ُر اإلحسانا نيع َلياليـ ربــمــا ُتـ ِ
الص َ ـحــس ـ ُن ّ ْ ُّ
ْه ِ
ــــر ح ـ ّتــى أعـــانَـــ ُه َمــــ ْن أعــانــا ب الدَّ َوكأنّا َل ْم َنـ ْـر َض فينا بِ َر ْي ِ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 33
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
34 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -رعِّشلا
احلديث
ُ العربي
ُّ عر ّ
الش ُ
األدب العربــي الحديــث 1هــو األدب ا ّلــذي ظهــر تاريخ ًّيــا فيمــا ُي ْط َلـ ُـق عليــه العصــر الحديــث ،هــذا
العصــر ا ّلــذي يصعــب تحديــده حســب الحقــب أو الحــوادث التاريخيــة ،فالعصــر العثمانــي انتهــى
فــي بعــض األقطــار العربيــة بعــد الحــرب العالميــة األولــى عــام 1918م ،ولــم يكــن لــه وجــود فــي
أقطــار عربيــة قبــل ذلــك بقــرون .وقــد َأ ْولــى بعــض الدارســين أهميــة للحملة الفرنســية عــام -1798
1801علــى مصــر وبــاد الشــام ،وهــي حملــة اســتعمارية جلبــت معهــا بعــض العناصــر الثقافيــة مــن
مثــل المطبعــة والصحيفــة والمرصــد والمكتبــة والمســرح والعلمــاء ،وهــو مــا ن ّبــه النــاس فــي مصــر
إلــى تخلــف الواقــع وضــرورة االنفتــاح علــى العصــر ،وبنــاء جيــش قــوي ،شــرع فــي تأسيســه محمــد
علــي ،بعــد أن ســيطر علــى الحكــم بعــد جــاء الحملــة الفرنســية.
ومــن أجــل بنــاء جيــش قــوي أرســل محمــد علــي البعثــات إلــى إيطاليــا وفرنســا ،وكان رفاعــة
الطهطــاوي مرشــدً ا دين ًيــا لطــاب البعثــة الرابعــة إلــى فرنســا ،أفــاد مــن هــذه الرحلــة فــي ترجمــة
المعــارف المختلفــة ،وتعــرف الفــرق بيــن واقــع المصرييــن وواقــع الغربييــن .وقــد اهتــم الخديــوي
إســماعيل بالحركــة العلميــة ،فأنشــأ مــدارس للعلــوم والهندســة والطــب والحــرب ،واســتأنف
إرســال البعثــات إلــى أوروبــا ،وأســس نظــارة المــدارس ،وعهــد إليهــا أمــر التعليــم ،وأنشــأ المكتبــة
الخديويــة ،وبنــى مدرســة المعلميــن ،وبســط يــد المؤلفيــن ،فنــزح إليهــا األجانــب مــن أدبــاء
وعلمــاء ،فــكان اختــاط هــؤالء بالمصرييــن ســب ًبا فــي نهــوض اللغــة واألدب.
ومهمــا يكــن مــن أمــر فــإن الحيــاة الثقافيــة واألدب ّيــة أفــادت علــى نحــو غيــر مباشــر مــن هــذه الحركــة
العلميــة ا ّلتــي صاحبــت إنشــاء المــدارس المختلفــة العامــة والمتخصصــة لخدمــة الجيــش ،فــكان أن
ظهــرت تيــارات فكريــة وثقافيــة مختلفــة كان أهمهــا تيــار إحيــاء التــراث لمواجهــة النمــاذج األدب ّيــة
واضحــا فــي الشــعر؛ إذ مــال ّ
الشــعراء إلــى إحيــاء النمــاذج التراثيــة فــي ً والفكريــة الغربيــة ،وبــدا ذلــك
العصريــن األمــوي والعباســي ،وبــرز مــن ّ
الشــعراء اإلحيائييــن نخبــة فــي أقطــار الوطــن العربــي علــى
رأســهم محمــود ســامي البــارودي ،وضمــت هــذه النخبــة أحمــد شــوقي ،وحافــظ إبراهيــم ،وخليــل
مطــران ،وإبراهيــم اليازجــي ،والزهــاوي ،والرصافــي فــي العــراق ،واألميــر عبــد القــادر الجزائــري،
)1أحمد حسن الزيات ،تاريخ األدب العربي ،ط ( 8بيروت :دار المعرفة)2004 ،
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 35
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
وتــا ذلــك جيــل ظـ َّـل متعل ًقــا بأهــداب الكالســيكية ،ممــن ُسـ ّـموا بالكالســيكيين الجــدد ،مــن مثــل
الجواهــري ،وعمــر أبــو ريشــة ،وعزيــز أباظــة ،وإبراهيــم طوقــان ،ومصطفــى وهبــي التــل ،وبــدوي
الجبــل ،إلــى جانــب شــعراء العصبــة األندلســية ،وهــم شــعراء المهجــر الجنوبــي.
وقــد نزعــت جماعــة (الديــوان) المؤلفــة مــن عبــاس محمــود العقــاد ،وإبراهيم عبــد القــادر المازني،
وعبــد الرحمــن شــكري منز ًعــا (رومنطيق ًيــا) وأعجبــت باللــون الغنائــي الذاتــي واللغــة العصريــة
البســيطة ،وقــد دعــت فــي «الديــوان» ا ّلــذي صــدر منــه جــزءان ،شــارك فيهمــا الع ّقــاد والمازنــي ســنة
1921إلــى الصــدق فــي اإلحســاس والتعبيــر ،ونقــدوا المدرســة الكالســيكية الجديــدة ،وخاصــة
أحمــد شــوقي ،وحافــظ ابراهيــم نقــدً ا الذ ًعــا.
والتقــت جماعــة الديــوان مــع الرابطــة القلميــة فــي مبادئهــا وفــي مفهومهــا للشــعر ،وبــدا الجانــب
واضحــا فــي خصائــص ِّ
الشــعر لديهــا ،علــى نحــو مــا ظهــر فــي العالقــة بيــن العقــاد ً الرومانتيكــي
وميخائيــل نعيمــة .ومــن أعــام الرابطــة القلميــة :جبــران خليــل جبــران ،وميخائيــل نعيمــة ،ونســيب
تأسســت الرابطــة القلميــة ســنة 1920
عريضــة ،وإيليــا أبــو ماضــي ،وأميــن الريحانــي ،وقــد ّ
ـورا
واتّخــذت مــن نيويــورك مقـ ًّـرا لهــا ،فثــارت علــى الصــور الشــعرية القديمــة ،واســتخدمت صـ ً
رومنطيقيــة جديــدة ،ومضاميــن حديثــة ،وتأثــرت بالطبيعــة والحر ّيــة.
هيمنــت (الرومانتيكيــة) علــى الســاحة األدب ّيــة فــي األقطــار العربيــة خــال الثالثينــات واألربعينــات،
وقــد ظهــرت مالمــح الحركــة (الرومانتيكيــة) بوضــوح شــديد فــي «جماعــة أبولــو» ا ّلتــي ّ
أسســها
أحمــد زكــي أبــو شــادي ،وانضــم إليهــا أعــام (الرومانتيكيــة) فــي الوطــن العربــي مــن مثــل:
علــي محمــود طــه ،وإبراهيــم ناجــي ،وأبــو القاســم الشــابي ،وأنــور العطــار .وكانــت مجلــة
أبولــو( )1934-1932قــد أحدثــت نهضــة شــعرية علــى مســتوى الشــكل والمضمــون ،وظهــرت
فيهــا مالمــح التحــول فــي تعــدد القوافــي ،وفــي التجديــد فــي المعجــم والصــورة واإليقــاع.
يفجــر ّ
الشــعراء الشــباب عواطفهــم (الرومانتيكيــة) فــي شــكل جديــد هــو وكان مــن الطبيعــي أن ّ
شــكل ِّ
الشــعر الجديــد ،أو قصيــدة التفعيلــة؛ ألســباب فنيــة واجتماعيــة واقتصاديــة وسياســية ونفســية
بعــد الحــرب العالميــة الثانيــة متأثريــن بمنجــزات (الرومانتيكيــة) والرمزيــة اللتيــن شــاعتا فــي
مهــد الطريــق لحركــة ِّ
الشــعر الجديــد أو شــعر التفعيلــة مرحلــة مــا بيــن الحربيــن العالميتيــن ،ممــا ّ
36 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -رعِّشلا
ا ّلــذي بــدأ شــكل ًيا فــي اختيــار التفعيلــة بــدل البيــت الشــعريُ ،ث َّ
ــم اتجــه وجهــة واقعيــة ،قبــل أن
رواد هــذه المدرســة :نــازك المالئكــة ،وبــدر شــاكر السـ ّياب ،وعبــد
تتعــدد أشــكاله وصــوره .ومــن ّ
الوهــاب البياتــي ،ونــزار قبانــي ،وصــاح عبــد الصبــور ،وقــد غلــب علــى ِّ
الشــعر الحديــث قصيــدة
التفعيلــة ا ّلتــي أصبــح لهــا أعالمهــا الكبــار فــي وقتنــا الراهــن.
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 37
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
38 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -رعِّشلا
لن أبكي
للشاعرة فدوى طوقان
(أ)
أطالل يافا يا َأح ّبائيِ على
والش ِ
وك الر ْد ِم ّ وفي َفوضى ُحطا ِم الدُّ ِ
ور بي َن َّ
َو َق ْف ُتَ ،و ُق ْل ُت لِ ْل َعيني ْن
ِقفا َن ْب ِك
أطالل َم ْن َرحلوا ،وفاتوها ِ على
تُنادي َم ْن َبناها الدّ ْار
َوتَنعى َم ْن َبناها الدّ ْار
نس ِح ًقا
القلب ُم َ
ُ َّ
وأن
ِ
القلب :ما َف َع َل ْت بِك األ ّيا ُم يا ُ
دار؟ ُ َ
وقال
َ
القاطنون ُهنا؟ وأي َن
أخبار؟ هل جاءت ِ
ْك ّأيْ ، هل جاءت ِ
ْك بعدَ الن ِ َو ْ
ُ َ َ
مشاريع ال َغ ِد اآلتي
َ ُهنا كانواُ ،هنا َحلمواُ ،هنا َرسموا
الح ْل ُم واآلتي؟ وأي َن ُهمو؟ فأي َن ُ
َو َل ْم َينطِ ْق ُحطا ُم الدّ ْار
ْ
جران ت ِ
واله ت الصم ِ ناك ِسوى غيابِ ِهمو وصم ِ َو َل ْم َينطِ ْق ُه َ
ّ ْ َ َ ْ
واألشباح
ْ ناك َج ْم ُع البو ِموكان ُه َ َ
ْ
وكان َغريب الوج ِه والي ِد وال ِّل ِ
سان، َ َ َ ْ
ُي َح ِّو ُم في حواشيها
َي ُمدُّ أصو َل ُه فيها
وكان ِ
اآلم َر النّاهي َ
ْ
وكان َ
وكان...
ْ
باألحزان القلب
ُ غص
َو َّ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 39
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
(ب)
َأ ِح ّبائي
الرماد ّي ْة ِ َم َس ْح ُت ِ
الجفون َضبا َب َة الدَّ ْم ِع َّ عن ُ
ِ
ْ
واإليمان ب الح ِّ
نور ُ لَلقاك ُْم ،وفي َع ْين ََّي ُ
ْ
باإلنسان ِ
باألرض، بِك ُْم،
واخجلي َل َو انّي ِج ْئ ُت ألقاك ُْم َف َ
بلول راع ٌش َم ْ وجفني ِ
َ َ
خذول ْ وقلبي ِ
يائ ٌس َم َ
َوها أنا يا َأ ِح ّبائي ُهنا َم َعك ُْم
ِلَ ْقبِ َس ِمنْكُمو َج ْم َر ْة
صابيح الدُّ جى ِم ْن َز ْيتِك ُْم َق ْط َر ْة َ ِل ُخ َذ يا َم
لِ ِمصباحي
َوها أنا يا َأ ِح ّبائي ،إلى َي ِدك ُْم َأ ُمدُّ َيدي
رؤوسك ُْم ُألقي ُهنا َر ْأسي ِ َو ِعنْدَ
مسالش ِ َوأر َف ُع َج ْب َهتي َم َعك ُْم إلى ّ
ِ
َص ْخ ِر ِجبالنا ّ
قو ْة َوها َأ ْنت ُْم ك َ
ِ
ك ََز ْه ِر ِجبالنا ُ
الح ْل َو ْة
الج ْر ُح َيسح ُقني؟
فكيف ُ
َ
اليأس َيسح ُقني؟
كيف ُ َو َ
كيف َأما َمك ُْم أبكي؟
َو َ
َيمينًا بعدَ هذا اليو ِم َل ْن َأبكي
40 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -رعِّشلا
روب
الغ ِ ِ
خواط ُر ُ
ّ
للشاعرِ إبراهيم ناجي
واألضــوا َء
ْ َ
الظِّالل وش ِر ُ
بت َ ّسيم زا ًدا لِروحي علت الن َ وج ُ َ
منك َر ْو َضـــ ًة َغنّا َء َ َج َع َل ْت فاتـأن األضـــواء مخت َِل ٍ َلــكـ َّ
َ ُ
كيف شا َءَو َسرى في َجوانِحي َ َم َّر بي ِع ْط ُرها َف َأ ْسك ََر َن ْفسي
ِمـ ْثـ ُـل ما كـ َ
ـان َأ ْو َأ َش ــدُّ َعنا َء ب ِمنها
ن َْشو ٌة َل ْم َت ُط ْل َصحا ال َق ْل ُ
البحر ،ن َْح ُن َل ْسنا َسوا َء
ُ أ ُّيها الشبي ُه َش ً
بيها ـم ّ إِ َّنــمــا ُيـ ْفـ َـهـ ُ
باق َون َْح ُن َح ْر ُب ال َّليالي أنت ٍ
َمـ َّـز َق ـ ْتــنــا َو َصــ ّي َ
ــرتْــنــا َهــبــا َء َ
هب َي ْعلو حينًا َو َي ْمضي ُجفا َء ِ بد ّ
الذا كالز ِ
عات ون َْح ُن ّ ْت ٍ َأن َ
الحيا َة واألَ ْحــيــا َء
إذ َم َل ْل ُت َ جيب إِ َل ْي َك َي َّم ْم ُت َوجهي
َو َع ُ
ُجيب نِــدا َء ِ
ـل ُك َر ًّدا وال ت ُ
ِ ِ
َأ ْبتَغي عنْد َك الت ّ
ّأسي وما ت َْمـ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 41
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
42 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -رعِّشلا
العربي ِة ا ُ
مل ّتحدة ّ ِ
اإلمارات ِ
دولة عري ُة يف احلركة ِّ
الش ّ ُ
ّحــدة ،فإنّنــا نجــدُ صعوبــ ًةِ المت ِ ِ ِ ِ للش ِ نــؤر َخ ِّ إذا أردنــا ْ
ــعر الحديــث فــي دولــة اإلمــارات العرب ّيــة ُ أن ِّ
ـث -ح ّتــى اآلن -ال يــكا ُد ـعر الحديـ ِ الشـ ِ
أن مــا َوص َلنــا مــن ِّ ـك ّ فــي تحديـ ِـد بواكيـ ِـر ِه ،أو بداياتِـ ِـه؛ ذلـ َ
ـوص شــعر ّي ٍة
ـك فــا نــكا ُد نعثـ ُـر علــى نصـ ٍ ات ،ومــا بعدَ هــا ،أ ّمــا مــا قبـ َـل ذلـ َ ـاوز مرحلـ َة العشــريني ِ
ّ يتجـ ُ
ـات ـإن الدِّ راسـ ِـك فـ ّ ـث فــي هـ ِـذ ِه المنطقـ ِـة ،ولذلـ َ ـعر الحديـ ِ الشـ ِ ـخ ِّ ّخذهــا ُمن َط َل ًقــا لتأريـ ِأن نت َ ـتطيع ْ
نسـ ُ
ـاعر «ســالم بــن علــي الشـ ِـارات تنطلـ ُـق -عــادةً -مــن ّ ـث فــي اإلمـ ِ ـعر الحديـ ِ الشـ ِ روا َد ِّ ا ّلتــي تناو َلـ ْ
ـت ّ
ِ
ونهايــة ال َق ِ ِ ِ ِ ِ ِ العويــس» ا ّلــذي َ
ــرن عشــر،
َ الممتــدّ ة مــا بيــ َن نهايــة ال َقــرن التّاس َ
ــع عــاش فــي الفتــرة ُ
كاناإلحيائــي ا ّلــذي َ ــاعر وبوصف ِ
ــه ّ ِ ِ الش ِ األو َل لهــذا ِّ ِ ِ
َّ الش َ الحديــث، ــعر الرائــدَ ّ العشــري َن بوصفــه ّ
ـنات البديع ّيـ ِـة،
غر َقـ ًة فــي المحسـ ِ
ُ َ ِّ ـت ُم ِ ـاراة األسـ ِ
ـاليب ا ّلتــي كا َنـ ْ ـزة تنــأى عــن مجـ ِ
ُ
يكتــب بطريقـ ٍـة متميـ ٍ
ُ ّ ُ
ـاز.ـبات ،واأللغـ ِ ـات ،والمناسـ ِ والتــي كانــت تركــز علــى اإلخوانيـ ِ
ُ ّ
نصوصــا شــعر ّي ًة ـرف عنهــم شــي ًئا ،وإذا لــم نجــدْ الشــعراء ا ّلذيـن عاشــوا قبـ َـل هـ ِ
ـؤالء فإنّنــا ال نعـ ُ أ ّمــا ّ
ً َ ُ
ِ ـاب وسـ ِ أساســا إلــى غيـ ِ
ـمـائل ال ِّطباعــة ا ّلتــي لـ ْ ـع ًـك يرجـ ُ ـتمرار ،فـ ّ
ـإن ذلـ َ َ تؤ ِّكــدُ هــذا التّواصـ َـل واالسـ
تأخـ ٍ
ـرة.1 ـج ّإل فــي فتـ ٍ
ـرة ُم ّ تدخـ ْـل إلــى منطقـ ِـة الخليـ ِ
الرشيد بوشعير ،أدب الخليج العربي الحديث والمعاصر ،منشورات دار العالم العربي ،دبي ،ط1432 ،1هـ2011/م.
)1أ .دّ .
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 43
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ـعري واتّجاهاتِــه وجوانبِــه وجدان ًّيــا ،ووطن ًّيــا، ـدرة علــى اإلبــداعِ ،وتعــدُّ ِد محـ ِ
ـاور الخطـ ِ
ـاب ِّ
الشـ ِّ
وال ُقـ ِ
وقوم ًّيــا.
ـك مــن ـائل ُمختلفـ ٍـة ،وذلـ َ ـف ذاتِـ ِـه بوسـ َـارات اعتمــدَ علــى تثقيـ ِ
ـل فــي اإلمـ ِ الشـ ِ
ـعراء األوائـ ِ وجيـ ُـل ُّ
ت ا ّلتــي كا َنــت تصـ ُـل إلــى المنطقـ ِـة بطريقـ ٍـة غيـ ِـر ُمنت َظ َمـ ٍـة ،ومــن
ـف والمجـ ّـا ِ
ـال متابعـ ِـة الصحـ ِ
ُّ ُ
خـ ِ
والمث ّقفيـ َن مــن ِ ـب فــي المكتبـ ِ ـال الكتـ ِـاتْ ،أو مــن خـ ِـال اإلذاعـ ِ خـ ِ
الخاصــة لــدى الميســوري َن ُ ّ ـات
أبنـ ِ
ـاء المنطقـ ِـة.
44 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -رعِّشلا
ذكرى َج ّدتي
َجمال بن حويرب
ُتــطــوى على األ ّيـــا ِم واألعـــوا ِم الجميعَ ،وخ ّلفوها َص ْف َح ًة
ُ حل َر َ
شيب َو ُفـ ْـر َقـ ِـة األرحــا ِم
الم ِ
َب ْعدَ َ َف ِل َم ْن ت َِئ ُّنَ ،و َم ـ ْن َي ُض ُّم فؤا َدها
ـت بِخيا ِم
حتّى الــخــيــا ُم َت ـ َبــدَّ َلـ ْ ــل وال َأتْرا ُبهــا
ال َأ ْه ُلهـــا َأ ْه ٌ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 45
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
46 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
القصرية
ُ ص ُة ِ
الق َّ
47
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
48
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
القصرية
ُ ص ُة ِ
الق َّ
ِ
ـان أثـ َـر فــان :أي ـص» ،ا ّلــذي يأتــي بمعنــى التَّت ّبــع ،يقــال :قـ َّ
ـص فـ ٌ «الق ّصة»مشــتقة مــن الفعــل « َقـ َّ
تت ّبعــه .ومنــه قولــه تعالــى( :ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) .ويأتــي
أيضــا بمعنــى اإلخبــار والروايــة ،يقــالَ :قــص عليــه الخبــر :أي حدّ ثــه ،و َقــص ِ
الق ّصــة :أي حكاهــا. ً
ّ ّ
ِ
فالق ّصــة :هــي الحكايــة ا ّلتــي تُحكــى.
«الق ّصــة» فــي االصطــاح فلهــا تعريفــات كثيــرة ،لك ـ ّن معظــم هــذه التعريفــات يؤكــد علــى ّ
أن أمــا ِ
ّ
الق ّصــة ســرد متخ ّيــل قصيــر نســب ًّيا ،يهــدف إلــى إحــداث تأثيــر معيــن ،وفــي أغلــب األحــوال تركــز ِ
الق ّصــة القصيــرة علــى شــخصية واحــدة فــي موقــف واحــد ،فــي لحظــة واحــدة ،فــي مــكان بعينــه. ِ
ـري يتنــاول بالســرد حد ًثــا وقــعْ ،أو يمكــن ِ
وقــد اختصــر بعضهــم تعريــف الق ّصــة بقولــه « َفـ ٌّن أدبـ ٌّ
ـي نثـ ٌّ
أن يقــع».
وأهــم مــا يمكــن أن يقــال عــن ِ
الق ّصــة (والروايــة كذلــك) إنّهــا فـ ٌّن غايتــه اإلمتــاع فــي المقــام األول،
الق ّصــة (أو الروايــة) أن تقــدم معلومــات للقــارئ بصــورة مباشــرة ،وليــس مــن فليــس مــن أهــداف ِ
الق ّصــة فــن ،والفــن ال يتخــذ مــن الخطــاب المباشــر وســيلة أو طريقــة إن ِ
أن تُع ّلــم أو تعــظّ .
أهدافهــا ْ
للتعبيــر والوصــول إلــى وجــدان القــارئ.
ـتحث القــارئ علــى التفكيــر والتأمــل ،وعلــى أن ينظــر إلــى الحيــاة مــن زوايــا مختلفــة، إن ِ
الق ّصــة تسـ ُّ ّ
ومــن خــال تفاصيــل صغيــرة جــدًّ ا قــد ال ينتبــه إليهــا ،لكنهــا تشــكل حيــاة النــاس وتؤثــر فيهــم،
الق ّصــة الناجحــة هــي ا ّلتــي تجعــل القــراء يفكــرون ،ويشــعرون. لذلــك نقــول :إن ِ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 49
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
.3اإلطــار الزمانــي والمكانــي :يحــدد هــذا العنصــر زمــن وقــوع األحــداث ومكانهــا ،والكاتــب
المتمكــن يوظــف عنصــر الزمــان والمــكان توظي ًفــا يناســب جــو ِ
الق ّصــة ،والفكــرة. ّ
الق ّصــة ،وهــو ليــس الكاتــب ،بــل الكاتــب.4الــراوي ووجهــة النظــر :الــراوي هــو ا ّلــذي يــروي ِ
راو قــد يكــون شــخصية مــن يختــار وجهــة نظــر معينــة تُــروى مــن خاللهــا ِ
الق ّصــة ،ويرويهــا ٍ
شــخصيات ِ
الق ّصــة ،وقــد يكــون راو ًيــا خارج ًّيــا .ووجهــة النظــر ا ّلتــي ينطلــق منهــا الــراوي
تتقاطــع مــع فكــرة الروايــة ،ألنهــا تع ّبــر عنهــا.
50 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 51
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
52 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
س ا َأل ُ
خري الد ْر ُ
َّ
(ألفونسو دوديه)
ِ
الفاعــل ِ
أســماء قــال إنّــ ُه َسيســأ ُلنا فــيالســ ّيدَ (هامــل) َ خاصــ ًة ّ
وأن ّ ّ
اله َر ِ ٍ ِ ِ ِ
ـم أ ُكـ ْن أف َقـ ُه فيــه شــي ًئاَ .1ف َّكـ ْـر ُت ل َو ْه َلــة فــي َ
والمفعــول ،وهـ َـو مــا َلـ ْ
)1ماذا ي ِ
يقع
أن َ مك ُن ْ ُ
بين الراوي والسيدِ
ب،
ّ ّ َ ّ
ـان ال ّطبيعـ ِـة بِـك ُِّل ـوار متَمر ًغــا فــي أحضـ ِ وإمضـ ِ
ـاء بق ّيـ ِـة النّهـ ِ
(هامل)؟
ـار َج األسـ ِ ُ ّ ـار خـ ِ
َجمالِهــا َو ُعنفوانِهــا.
ِ ــم ًة ...وعلــى ِ والســما ُء ُم ِ ِ
األغصــان شــرق ًة باس َ قــس رائ ًعــاّ ، كان ال ّط ُ َ
ف ســيمفون ّي ًة عذبــ ًة يــور ت ِ ِ ِ ُه َ
َعــز ُ نــاك فــي أطــراف الغابــات َشــر َعت ال ّط ُ
ـف ،فيمــا َ ِ
كان الجنــو ُد ـع ال ّطبيعــة ال َ
يوصـ ُ ـاز ٍج مـ َ
ـماع فــي تَمـ ُ ِّف األسـ َ ت َُش ـن ُ
الصبـ ِـر َوصــدِّ ِ
ـل م ـ َن ّ ـم هائـ ٍون تدريبات ِهــم ،علــى أنّنــي اســت َعن ُْت بِ َكـ ٍّ يــؤ ّد َ
ـت إلــى المدرسـ ِـة ِ ِ ـراء لِ ُمقاومـ ِـة ذلـ َاإلغـ ِ
موقنًــا بأ ّن ـ ُه ال ُبــدَّ ـك ُك ِّلــهَ ،
فهر ْعـ ُ
أن ُأريــدَ مــا ـي ْ ـس ِمنْ ـ ُه ُبــدٌّ ،وبأ ّن ـ ُه إذا لــم َي ُك ـ ْن مــا ُأريــدُ ،فـ َّ
ـإن علـ َّ ممــا ليـ َ
ّ
الراوي
صفات ُّ
هذ ِه الن ِحتى ِ
)2ما ُ
يكــون.2
قطة؟ ُّ ّ
غفيــرا مــ َن الن ِ
ّــاس ــة حتّــى َل َم ْح ُ
ــت َج ْم ًعــا اجتــز ُت دار البلدي ِ
ْ مــا إن
ً ّ َ
ـدراـنتين َخ َلتــا -مصـ ً ـت َ -ولِ َسـ ِ ـات ،تِ ْلـ َ
ـك ا ّلتــي كا َنـ ْ أمــام لوحـ ِـة اإلعالنـ ِ
َ
ـارك ا ّلتــي َخ ِســرناها ...التّجنيـ ِـد... ـار سـي ٍئة ...المعـ ِ ِ ِ
لمــا ُيرشــدُ نا مـ ْن أخبـ ٍ ّ
ـون َ
اآلن أن يكـ َ ـدة العســكر ّي ِةَ ...وف ّكـ ْـر ُت :مــاذا عســا ُه ْ أوامـ ِـر قائـ ِـد الوحـ ِ
ـرعة ،وفــي أثنـ ِ
ـدث؟ و َعــدَ و ُت بأقصــى سـ ٍ
ـي الحــدّ ا ُد
ـاح بـ َ ـك صـ َ ـاء ذلـ َ ُ ْ حـ َ َ
أن )3ما الّذي ي ِ
مك ُن ْ ُ ٌ 3 كان يقــر ُأ لوح ـ َة اإلعالنـ ِ
ـاتُ ،يراف ُق ـ ُه ِص ْب َي ـة: (واشــتر) ا ّلــذي َ
حدث؟
َ يكون قد
َ
ـتص ُل إلــى مدرســتِ َك فــي ُمت ََّس ـ ٍع م ـ َن ـف الــوطء يــا بنــي ...سـ ِ
َ َ ُ َّ
َ -خ ِّفـ ِ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 53
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ِ
الوقــت!
ـت قـ ِـد ـت الحديقـ َة ّ
الصغيــر َة ح ّتــى ُكنْـ ُ َو ِخ ْل ُتـ ُه يهــز ُأ بــي ...ومــا ْ
إن حا َذ ْيـ ُ
آخر أنفاســي. اســتن َفدْ ُت َ
ِ
ـع ح ّتــى تطـ ُـر َق أسـ َ
ـماع الجلبـ ُة ترتفـ ُ ـي ،كا َنــت َ فــي بدايــة ك ُِّل يــو ٍم دراسـ ٍّ
روس ا ّلتــي ن َُر ِّد ُدهــا األدراج ،والــدّ ُ ِ ـح وإغـ ُ
ـاق الشــارعَِ ،ف ْتـ ُ ـفل ّ ـار ِة أسـ َ المـ ّ
أعمــق،َ واحــد ُمرتفــعٍ ،و َأ ْيدينــا علــى آذانِنــا َســع ًيا ورا َء فهــ ٍم ٍ ٍ
بصــوت
ِ
أن الهــدو َء تطــرق المنضــد َة أما َمــ ُه ،علــى ّ ُ الرهيبــ ُة َومســطر ُة ُم َع ِّلمنــا ّ
ـان والمـ ِ الزمـ ِ كان م َخيمــا علــى تجاويـ ِ
ـكان .فوا َعجبــي! ويــا ـف ّ ســاعتَها َ ُ ِّ ً
ـت سـ ِ ِ
ـتار الفوضــى، ـت أنــوي التّس ـ ّل َل إلــى مكانــي تحـ َ لســوء ح ّظــي! ُكنْـ ُ
الم َص ّلي ـ َن. ِ ـس َث ّم ـ َة فوضــى! ...يو َمهــا َ
ـت أشــب َه بســكون ُ الص ْمـ ُ
كان ّ وليـ َ
ـس ك ٌُّل ِمن ُْهــم فــي مقعـ ِـد ِه، ِ
َو َن َظـ ْـر ُت َع ْبـ َـر النّافــذة ،فــإذا رفاقــي قــد جلـ َ
رس ذها ًبــا َوإيا ًبــاَ ،و ِمســطر ُت ُه رع ُغرف ـ َة الــدّ ِ الس ـ ّيدُ (هامــل) َيـ ْـذ ُ كان ّ فيمــا َ
تحـ َ ِ ِ
ـم جمي ًعا، وأن َأ ُمـ َّـر أما َم ُهـ ْ
ـابْ ، ـح البـ َ أن أفتـ َ ـي يو َمهــا ْ ـت إبطــه .تع ّيـ َن علـ َّ
عــبجــل ،ومــا اعترانــي ِمــ ْن ُر ٍ أن تتخ ّيلــوا مــا احتوانــي ِمــ ْن َخ ٍ ُــم َْولك ْ
ــة: فقــال بِر ّق ٍ
َ الســ ّيدُ (هامــل) أن شــي ًئا لــم َيحــدُ ْ ــل! علــى ّ قاتِ ٍ
ث ،رآنــي ّ
ـك ـرعة أيهــا الصغيــر (فرانــز) ،لقــد ُكنّــا علــى و َشـ ِ ـك بسـ ٍ رجـ َ ـب إلــى ُد ِ
َ ّ ُ ُّ «اذهـ ْ َ
4
ـك». ـدء ِم ـ ْن دونِـ َ البـ ِ الحدث الّذي
َ س ّج ِل
َ )4
القصةِ.
يع ُّد بدايةَ ِّ
َُ
ٍ
أن ــت ّ الح ْظ ُ ــم َأكُــ ْن قــد َ قفــز ُت بســرعة إلــى مقعــديَ ،وســاعتَها َل ْ َو ْ
المهــدّ َبَ ،و ُق ّبع َتـ ُه
وقميصـ ُه ُ
َ ُمع ّل َمنــا َ
كان يرتــدي بدل َتـ ُه الخضــرا َء األنيقـ َة،
ِ
ناســبات ،فمــا ذلــك ّإل فــي ُ
الم َ الســودا َءَ ،ل ْ
ــم َيكُــ ْن يرتــدي الحرير ّيــ َة ّ
5
الخ ْط ُ
ــب؟ َ ْب في
)5ما ال َخط ُ
َ
رأيك؟
ٍ
صمــت كان يســو ُد المدرســ َة ِمــ ْن
وزا َد فــي دهشــتي َو َعجبــي مــا َ
54 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
ِ ٍ
المقاعــدَ بلــغ َأ ْو َجــ ُه حينمــا َل َم ْح ُ
ــت أن اســتغرابي َ وهــدوء ...علــى ّ
تغشــاه ْم -كمــا تَغشــاناَ -ســكين ٌة ِ
القريــة ِ
بأهــل الخلف ّيــ َة وقــد امتــ َ
أ ْت َ
ُ
ــت ِ
األطــراف ،ورأ ْي ُ ــه ُثالثي ِ
ــة العجــوز (هــاوزر) بِ ُقبعتِ ِ وقــارَ .ل َم ْح ُ
ــت
ّ ّ َ َو ٌ
ِ ِ
كثيــرا.
ً نفــراالســابِ َق ْي ِنَ ،و ً ديــر البريــد ّ كذلــك ُع ْمــد َة المدينــة َو ُم َ َ
ِ
مبــادئ تــاب ِ العجــوز (هــاوزر) َ ــت ّ والح ْظ ُ
وضــع ك َ َ كان قــد َ بــأن َ
التّعلي ـ ِم علــى ُر ْك َب َت ْيـ ِـه ،فيمــا جعـ َـل َن ّظار َت ـ ُه الهائل ـ َة بي ـ َن صفحاتِـ ِـه ،وفــي
مقعد ِه، ِ َّجـ ُه إلــى ـت الســيدَ (هامــل) َيت ِ
ـك رأ ْيـ ُ ّ ـرة تِ ْلـ َ
ِخ َضــم تســاؤالتي الحائـ ِ
ِّ
الرقيقـ ِـة ا ّلتــي خاط َبنــي بهــا: ِ ِ
ـول بــذات النّبــرة ّ ويقـ ُ
ســأ َل ِّقنُك ُْم إ ّيــا ُه،ــر مــا ُ ِ ُ
هــو آخ ُ رس يــا أوالدي َ ســيكون هــذا الــدّ ُ -
ِ
مــدارس فقــط فــيْ بتدريــس األلماني ِ
ــة ِ ــر ِمــ ْن (برليــن)
ّ صــدر األ ْم َُ فقــد
ِ (اإللــزاس وال ّلوريــن) ،وسـ ُ
ـي ـيصل ُمدَ ِّر ُسـك ُُم الجديــدُ َغــدً ا ...أنصتــوا إلـ َّ
ِ 6 آخ ُــر َد ٍ جيــدً ا ،فهــذا هــو ِ
هذ ِه
رس َلك ْ
)6ماذا ُتسمي ِ
ّ
اللّحظةَ في بنيةِ
ُــم بالفرنســ ّية. َ َ ِّ
ِ ِ َ َونز َل ْ
الحبكة؟ ّــاس ــم َر الن ُ ذلــك إ ًذا مــا ت ََس َّ َ اعقــة! الص
نــزول ّ لــي
ــت كلماتُــ ُه َع َّ
درس لــي بالفرنس ـي ِة»! وأنــا بالـ ِ
ـكاد ٍ «آخـ ُـرـات ِ بِســببِ ِه أمــام لوحـ ِـة اإلعالنـ ِ
ّ َ َ
الضميـ ِـر... اآلن بوخـ ِـز ّ ـعر َ ـم أشـ ُ ـك؟ َكـ ْ ـم أكثـ َـر ِم ـ ْن ذلـ َ ـب! َل ـ ْن أتع ّلـ َ أكتـ ُ
الجــري بح ًثــا ٍ ِ ِ بالنَّــدَ ِم علــى مــا َ
أض ْع ُت ـ ُه فــي ســالف أ ّيامــي م ـ ْن وقــت فــي َ
ســنح ْت لــي لِ َت َع ُّلــ ِم َ تلــك ال ُفرصــ َة ا ّلتــي هــد ًرا َ يــور ،م ِ
أعشــاش ال ّط ِ ُ ِ عــن
-المزعجـ ُة ســابِ ًقا -أحبا ًبــا ِ
الفرنسـ ّيةَ ،و َبــدَ ْت لــي حقيبتــي وكُتبــي ال ّثقيلـ ُة ُ
راقـ ِـه ِمســطر َت ُه و ِرفا ًقــا ،أمــا مع ِّلمنــا الس ـيدُ (هامــل) فقــد أنســاني ُقــرب فِ ِ
ْ ُ ّ ّ ّ َُ ُ َ
ـوار ِه.
الرهيب ـ َة َوغراب ـ َة أطـ ِ
ّ
مالبس ِ
ــه، ِ ِ
أجمــل ِ
ارتــداء فذلــك إ ًذا مــا دعــا ُه إلــى
َ ِ
لمســكين!يــا َل
عض َ
ــون القريــة؛ لقــد كانــوا ِمثلــي َي ّ
ِ ِ
أهــل ِ
حضــور ســبب
َ ْــت َ
اآلن وأدرك َُ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 55
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
تعبيــرا ِ
عــن ً الكثيــر ســابِ ًقا .لقــد جــاؤوا
َ ــم أضاعــوا أصابــع النَّــد ِم؛ ألن ُّه ْ
َ
ٍ
ـاص ال مثيـ َـل َلـ ُه ،وعــن ـك ا ّلــذي خد َم ُهــم أربعيـ َن ســن ًة بإخــم لذلِـ َ ِ
امتنان ِهـ ْ
ـن ا ّلــذي مــا عــاد وطنًــا ،ولهـ ِـذ ِه البـ ِ
ـاد احترام ِهــم َومح ّبتِ ِهــم لهــذا الوطـ ِِ
َ َ
ـك الفكــر ُة عاصفـ ًة فــي خيالــيَ ،و ُك ّلمــا ـت تِلـ َ ـت لِ َغ ِير ِهــم .جا َلـ ْ أضحـ ْ
َ ا ّلتــي
ٍ 7
والت حيــ َن َمنــدم! َ ٍ
حقيقــة از َد ْد ُت أ َل ًمــا، َتك َّشــ َف ْت عــن هاتين ِ
الفقر ِ
تين ِ )7في
القصةِ، ِ
بفكرة ِّ إبداء
ٌ
ـت ِمـ ْن ـك ُأ ِمــر ُت بالقـ ِ ِ
ـراءة! جــا َء َد ْوري إ ًذا ،ســاعتَها تمنّ ْيـ ُ وفــي أثنــاء ذلـ َ ْ
ما الفكر ُة في ِ
رأي َك؟
دائمــا
ـس ً ـوب بِ ـك ُِّل طالقـ ٍـة واقتـ ٍ
ـدار ،ولك ـ ْن ليـ َ أن أقــر َأ المطلـ َ ك ُِّل قلبــي ْ
ـم تَع ّثـ ْـر ُت عنــدَ ّأو ِل كلمـ ٍـة ،ود ّقـ ُ
ـات ِ
ـت كاألبلــهُ ،ثـ َّ ننـ ُ
ـال مــا نَتمنّــا ُهَ ،وق ْفـ ُ
ِ
المنضــدة ــكتان بِ َط ِ
ــرف ِ يــداي ُم ْم ِس ٍ
ســعورةَ ،و َطبــول هندي ٍ
ــة َم ٍ قلبــي ك
َ ّ
ـرؤ علــى رف ـ ِع رأســي خجـ ًـا.
ـت ،وال أجـ ُ ـنُ ،م ِ
طر ًقــا ُكنْـ ُ ك ََوتد ْيـ ِ
ٍ
وهدوء: يد (هامل) في ر ّق ٍةكلمات الس ِ
ِ َوتس ّل ْل ُت إلى
ّ
يكفيــك ِ
عــن ال ّلــو ِم َ غيــر (فرانــز)َ ،فبِ َ
ــك مــا الص ُ َ -لــ ْن أو ِّب َخ َ
ــك أ ُّيهــا ّ
ــم ال َعج َلــ ُة؟ ُه َ ِ ُ ِ ِ ِ
نــاك نقــول لن ُفســنا ك َُّل يــو ٍم :ل َ ــت؟ إنّنــا
ّأنيــب ،أرأ ْي َ
والت
ـورَ ، ِ
ـب
ذاك عيـ ُ ـع المحظـ ُ ـع م ـ َن الوقــت ،ســأتع ّل ُم َغــدً ا ،وهــا قــد وقـ َ ُمت ََّسـ ٌ
ِ
ـك (األلــزاس) األكبـ ُـر« ،تأجيـ ُـل َت َع ُّلـ ِم اليــو ِم إلــى الغــد» .لقــد َم َّكنْ ُتـ ْ
ـم أولئـ َ
ومــع
َ ُــم فرنســ ّي َ
ون، َ
عــون بأ ّنك ْ أن يقولــوا َلكُــم :تدَّ
بذلــكْ -
َ الدُّ خــا َء -
ِ
ّــك تســتطيعون القــراء َة أو الكتابــ َة بِ ُلغتك ُ
ُــم األُ ِّم؟! لكن َ َ َ
ذلــك فإ ّنكُــم ال
ــت األســو َأ ،فنحــ ُن جمي ًعــا ُم َق ِّص َ
ــرون ،وعلينــا ْ
أن عزيــزي (فرانــز) َل ْس َ
لــون قــدْ را ال بــأس بِ ِ
ــه مــن يتحم َ نلــو َم أن ُف َســنا أشــدَّ ال ّلــو ِمّ .
إن آبا َءكُــم
َ ً ّ
إليهــم فــي الحقـ ِ
ـول علــى َنضمــوا ِ أن ت ّـون ْالمســؤول ّي ِة ،فقــد كانــوا ُي َف ّضلـ َ
ـول علــى حفنـ ٍـة مــن المـ ِ
ـالَ .وأنــا نَصيبــي الع ْل ـ ِم؛ رغب ـ ًة فــي الحصـ ِ َت َل ّقــي ِ
َ
رس ـ ْلكُم لِ َســقي أزهــاري
ـك؛ َأ َلــم ُأ ِ
ْ ـأس بِـ ِـه كذلـ َ
م ـ َن ال ّلــو ِم والتّقصيـ ِـر ال بـ َ
ِ
56 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 57
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
8 باأللماني ِ
ــة؟». سار ِت
ّ كيف َ
َ )8
أن
بعد ْاألحداث َ
ُ
ِ
الس ـ ِّيدَ (هامــل)ـع رأســي َب ْي ـ َن الوهلــة واألُخــرى ،فــأرى َّ ـت أرفـ ُ َو ُكنْـ ُ أن
عرفوا جمي ُع ُهم ّ
هو
رس َ الد َ
هذا ّ
ِ
أرجــاء ال َف ْص ِ ٍ جالِ ًســا علــى كُرســ ّي ِه َ
ــل ــا َن َظ َ
ــر ُه فــي حــراكُ ،منَ ِّق ً دون األخير؟
ُ رس
الد ُ
ّ
ـت ك ُِّل لقطـ ٍـة فــي ذاكرتِـ ِـه إلــى األبـ ِـد. وأركانِـ ِـه ،فكأنّمــا هـ َـو ُيحـ ِ
ـاو ُل تثبيـ َ
ـي ـوال أربعيـن ســن ًة َ ِ ـت فــي نفســي :طـ َ تَخ ّيـ ْـلُ ،ق ْلـ ُ
ـس علــى الكُرسـ ِّ كان َي ْجلـ ُ َ
ـذة بي ـ َن فينـ ٍـة و ُأخــرىـل ،فيمــا تتس ـ ّل ُل نظرا ُت ـه عبــر النّافـ ِ
ُ َ ذاتِـ ِـه أمــا َم الفصـ ِ
ـداد َيـ ِـد البِلــى
ـك شــيء ســوى امتـ ِ
ٌ إلــى حديقتِـ ِـه البهيجـ ِـة .مــا تغ ّيـ َـر ِمـ ْن ذلـ َ
ـوز ا ّلتــي َســم َق ْتـجار الجـ ِ والمناضـ ِـد ،وأشـ ِ ِ
المقاعــد َ -نو ًعــا مــا -إلــى َ
ـدار ُم ْل َت َّفـ ًة َحـ ْـو َل ِ فرو ُعهــا ،وتســا َم ْتَ ،و َأذر ِع ال ّلبـ ِ
ـاب ا ّلتــي تسـ ّل َقت الجـ َ
ـك قل َبـ ُه،ـم َس َيك ِْسـ ُـر ذلـ َ ـقف .يــا َللمسـ ِ
ـكين! َكـ ْ السـ َ
ـاوزت ّ النّوافـ ِـذ ح ّتــى جـ َ
ـك غادرنــا إلــى غيـ ِـر رجعـ ٍـة بعــدَ أن اعتــا َد علــى ذلـ َ َو ُي َح ِّطـ ُ
ـم كَيا َنـ ُه ،عندَ مــا ُي ُ
قــر َلــ ُه ــه؟ ِ ُك ِّل ِ
قــرار ،وال يــدو ُم ٌ ــع هــذا الدَّ ْه ُــر أحيانًــاُ ،م َت َق ِّل ٌ
ــب ،ال َي ُّ موج ٌ
علــى حـ ٍ
ـال.
يســتمع ــه ،وهــو مالمــح األســى فــي تقاطيــ ِع وج ِه ِ و َشــر ْع ُت أقــر ُأ ِ
ُ َ ْ َ َ
ِ ِ ِ ِ ِ
ـروح َوتجــي ُء فــي ـي تـ ُ إلــى َو ْقـ ِع خطــوات ُأختــه فــي ال ُغرفــة ال ُعلو ّيــة ،وهـ َ
عليهمــا مغــادر ُة البـ ِ الس ـ َف ِر ،إ ْذ َ ِ ِ
ـاد ـم ِ ُ كان يتح ّتـ ُ ـب َّ إعدادهــا لحقائـ ِ ـم
خ َضـ ِّ
ٍ
ـجاعة ال مثيـ َـل كان يتح ّلــى بشـ الس ـ ّيدَ (هامــل) َ فــي اليــو ِم التّالــي .لك ـ ّن ّ
س ح ّتــى نهايتِـ ِـه. َلهــاَ ،م َّكنَ ْت ـ ُه م ـ َن االســتما ِع إلــى ك ُِّل َد ْر ٍ
غــار فــي
الص ُ شــرع ِّ
َ ّاريــخُ ،ث ّ
ــم ِ الكتابــة جــا َء ْت ِح ّصــ ُة الت
ِ ِ
درس بعــدَ
ـوز (هــاوزر) ينطِـ ُـق الحـ َ
ـروف كان العجـ ُ ـروف الهجائ ّيـ ِـة ،فيمــا َ
ترديـ ِـد الحـ ِ
ــه بكلتــا يدَ ي ِ
ــه فــي أمســك بِ ِ
َ ــه ،وقــدمعهــم ،و ِكتابــه مفتــوح علــى ركب َتي ِ
ْ ُ ْ ٌ َ ُ ُ َُ
ـك ِ
واض ًحــا فــي ت ََهــدُّ ِج أيضــا يبكــي ،بــدا ذلـ َ ـوق ولهفـ ِـة ُمـ َـو ِّدعٍَ .
كان هـ َـو ً شـ ٍ
58 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
ــم يســتطِ ْع مواصلــ َة قــال :أنا...أنــا ...علــى أنّــ ُه َل ْ أي أصدقائــيَ ، ْ
ذلــك.َ ــه َمنَ َعتْــ ُه ِمــ ْن
حلق ِ
الحديــثَ ،ثمــ َة غصــ ٌة فــي ِ
ّ َّ
ِ
َ
ودون رأسـ ُه،ـدار َـل ،وأســندَ إلــى الجـ ِ ـي مـ َن الفصـ ِ ـن َقصـ ٍَّأوى إلــى ُر ْكـ ٍ
ِ ـار إلينــا بيـ ِـد ِه ْ ٍ ِ
ث الّذيالح َد ُ
ِ
)10ما َ
َخ َت َم الق ّصةَ ؟
ـراف.10 ـم االنصـ ُ أن بِإمكان ُكـ ُ ـس بِبِنْــت َشــفة ،أشـ َ ْ
أن ينبـ َ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 59
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
60 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
ناو َر ُة
مل َا ُ
س َتجاب ُم َح َّمد ُم ْ
()1
وزيتو ًنــا»ُ ،ثــم َأ ْلقــى إِ َليـ ِـه بِالنُّقـ ِ َن َظــر إِلــى ال َب ّقـ ِ
ـود، ْ َّ ـال َل ـ ُهُ « :أريــدُ ُج ْبنًــا َ ْـال ،وقـ َ َ
الم َح ِّــل ،و َأ َخ َ ِ
َدار إِلــى داخ ِ َناو َلهــا ال َب ّق ُ
ــذ َي ْق َط ُ
ــع ــل َ اســت َ ــال ،و َت َف َّح َصهــاُ ،ث َّ
ــم ْ ت َ
ـزانَ ،ف َأضـ َ ـدار َك َذ ْب َذ َب ـ َة الميـ َ ِ قالِــب الجبنَـ ِـة ،وي َضـ ِ
ـاف ـع فــي الميــزانَ ،تـ َ ـع الق َطـ َ َ ُ َ ُْ
ِ إِ َل ْيـ ِـه ِق ْط َع ـ َة ُج ْبـ ٍ
الس ـكِّي َن ،وا ْن َتـ َـز َع ُجـ ْـز ًءا فمــدَّ ِّـن ُأ ْخــرى ،زا َد ْت َع ـ ْن ُم َعدَّ لهــاَ ،
الر ُجـ ُـل َم ْغ ِش ـ ًّيا َع َل ْيـ ِـه. ـكَ ،ف َقــدْ َس ـ َق َط َّ ِمنْهــا َغ ْيـ َـر َأ َّن ـ ُه ُسـ ْـر َ
عان مــا ْار َت َبـ َ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 61
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
()2
()4
62 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
الض ِحـ َ
ـك ،وا ْفتَعلــوا ـون بالحي َلـ ِـة َّ ـم ِ
العارفـ َ ـاش فــي ُقلـ ِ
ـوب النّـ ِ
ـاسَ ،ك َتـ َ واالرتِعـ َ
ْ
ِ
ــجى.
الم َس ّ
الج َســد ُ ــر إِلــى َالتَّشــا ُغ َل بالنَّ َظ ِ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 63
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
64 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
ِ
دارسمل ُم َف ِّت ُ
شا َ
(م .آثار طاهر)
الشــار ِع
ـفل ّ ـش ِم ـ ْن فـ ّـا ٍح َ
كان يحمـ ُـل محرا َث ـ ُه إلــى ن َّجـ ٍ
ـار أسـ َ الم َف ِّتـ ُ
استفسـ َـر ُ
ـن المدرسـ ِـة. عـ ِ
ِ ٍ ِ
ـار آهَ ..أ َجـ ْـل ُهنــا مدرس ـ ٌة فــي مــكان مــا ..وأعتقــدُ أنّهــا خـ ُ
ـارج القريــة .وأشـ َ
ـار إلــى الطريـ ِـق ال ّطال ـ ِع م ـ َن القريـ ِـة. ٍ
بإصب ـ ٍع ُم َش ـ ّققة طالهــا الغبـ ُ
ِ
الميــاه كثيــر مــ َن ــات َوال ّط ِ الشــوارع مليئــ ًة بالم َطب ِ َــت ّ كان ِ
تســر َب إليهــا ٌ يــنَ ،و َّ َ ّ ُ َ
ِ
المــاء ــل َم ْت ِمــ َن ــة ..فيمــا اتّشــح ْت ُأخــرى س ِ البيــوت ال ّطيني ِِ ّازحــة ِمــ َن
ِ الن
َ َ ّ
ـول ،فمــا َ
كان مـ َن ـدأت الحقـ ُـث بـ ِ ـوارع فجــأ ًة حيـ ُ ـك ّ ـت تلـ َ -بال ُغبـ ِ
الشـ ُ وانتهـ ْ
ـارَ -
ـائقـن .وعلــى ُب ْعـ ٍـد َب ُصـ َـر بسـ ِ ـب َب ْي ـ َن َح ْق َل ْيـ ِب َر ْطـ ٍ ـار َع ْبـ َـر َد ْر ٍ
أن سـ َ ـش ّإل ْ المف ّتـ ِ
ِ
راجــة، ــف ِ
ســائ ُق الدّ اقتــرب ِمنْــ ُه َحتّــى تَو ّق َ دراجــة متّجهــا ناحيتَــه ،ومــا ِ
إن ٍ
َ ً
ـف باحتــرا ٍم َل ـ ُه: أن َي ِقـ َ ـزل عنهــا قبـ َـل ْ َونـ َ
-المدرس ُة؟
ـروي موج ـ ٌة َز ْهـ ٍـو إ ْذ إ َّن ـ ُه ُقــدِّ َر َل ـ ُه َأ ْن َي ُمــدَّ َيــدَ ال َعـ ْـو ِن إلــى َس ـ ِّي ٍد ِ
َوغمـ َـرت القـ َّ
شــعر بال َف ِ ِ ج ٍ ِ
ــلخــار ُيك ِّل ُ ــو ِر موافقتَــهَ .و َ ليــل مــ َن المدينــةَ ،وأعلــ َن علــى ال َف ْ َ
ٍ ِ هامتَــ ُه تــار ًة ُأخــرى ،إِ ْذ تخ ّي َ
عابــر ديــر المدرســة َو ُط ّل َبهــا َأ ْو َّ
أي نفســ ُه َو ُم َ ــل َ
ـك ســيعلو فــي الشـ َّ ـك الباشــا ..شــأ ُن ُه َ ـرون إليـ ِـه وهـ َـو بِ ُصحبـ ِـة ذلـ َ ـروي ينظـ َ َقـ ٍّ
انتفــخ لهمــا َ ــب والت ِ
ّيــه ــي ٍء ِمــ َن ال ُع ْج ِ لذلــك بِ َش ْ َ أحــس
َّ
ِ
الغافيــةَ ..و هــم
قريت ُ
ِ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 65
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ِ
األرض علــى ـك ،قبـ َـل حــر ِ
ث ـت المدرس ـ ُة ُهنــاَ ،أنــا ُمتأ ّكــدٌ ِم ـ ْن ذلـ َ َ -قــدْ كا َنـ ِ
َ ْ
أقـ ِّـل تقديـ ٍـر!
66 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
-المبنى؟!
أليس ُه َ
ناك مبنًى؟ َ -
ـات فــيـول ،فيمــا امتــدّ ْت ســو ُق النَّبـ ِ ـب كثي ًفــا َغن ًّيــا بالمحصـ ِ كان حقـ ُـل ال َق َصـ ِ َ
ُ ْ
ـرار ..وحمــرا َء داكنـ ٍـة ،وغا َبـ ْ
ـت ـت ببقـ ٍع رماد ّيـ ِـة االخضـ ِ ُشــموخٍ ..وقـ ِـد اصطب َغـ ْ
ات النّســي ِم .وفــي الجهـ ِـة األُخــرى ذراهــا فــي ر ْقصـ ٍـة نَشــوى متمايلـ ٍـة مــع هـ ّـز ِ
َ َ َ ُ َ َ
ـم وآن بِ ُ
ذارهــاَ .و َن َظــرا َح ْو َل ُهمــاَ ..لـ ْ ـتَ ، ـول عديــد ٌة قــد ُح ِر َثـ ْ ـت ُهنــاك حقـ ٌ كا َنـ ْ
َي ُك ـ ْن ُهنــاك َأ َحــدٌ .
ٍ
دهشة. يفي في ِ
القصب! َ ذكر َ
الر ُّ
قال ّ حقل -لقد َ
األمر ُم ِم ًّل.
بات ُ الم َفت ُِّشَ . أجلَ .
قال ُ ْ -
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 67
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
َت في الن ِ
ّاحية األُخرى! ُ -ر َّبما كان ْ
ذلك ،وعندَ ما ت ِ
َجدُ المدرس َة َأ ْخبِ ْرني. َح َّر َع ْن َ
أنت َوت َ
ب َ اذه ْ
اسمع! َ
ْ -
دارس ِ
ِ َ
ماس ًحا حاج َب ُه. قال ُم َفت ُِّش َ
الم
ِ
المفقودة. ِ
المدرسة يبحث ِ
عن ُ وانطلق يفي دراج َت ُه جان ًبا،
َ الر ُّ
طرح ّ
َو َ
ِ ِ ِ
ــمراء، الس
األرض ّ صــر ُه فــي ــس ُم ً
جيــا َب َ ِّــش المدرســة فقــدْ َج َل َ أ ّمــا ُم َفت ُ
االخضــرار الممتَــدِّ أمــام ناظري ِ ِ
ــه باه ًيــا َ َْ ِ ُ ْ ِ
الماثــل أما َمــ ُه ..فــي والمحصــول
ـرف السـ ِ
ـماء َ
كان ـس طـ َ ّ ـت َد َرجا ُتـ ُه وظال ُلـ ُه ح ّتــى إذا مــا المـ َ زاه ًيــا ..وقــد تفاو َتـ ْ
فــي َأ ْوهاهــا.
ـجار بعيـ ٍ
ـات فــي َأشـ ٍ ـت بِ ْضــع بومـ ٍ ِ
ـدة، ُ الســماءَ ..ن َع َقـ ْ َو َلـ ْ
ـم َت ُكـ ْن َث َّمـ َة َغ ْي َمـ ٌة فــي ّ
الحــدَ أِ عال ًيــا فــي ك ََسـ ٍ
ـل فيمــا ع َبـ َـر ْت فو َق ـ ُه َعصافيـ ُـر َج ْذلــى ـض ِ ـت بعـ ُ َو َح ّل َقـ ْ
ُمترنِّم ـ ٌة.
68 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
ـب فيهــاـت أعــوا ُد القصـ ِ ـاك ..وفــي ُبقعـ ٍـة ُق َّصـ ْ ـل ،وهنـ َ وصـ َـل إلــى وسـ ِ
ـط الحقـ ِ
األرض الجـ ِ
ـرداء ..لــم ِ ـون طال ًبــا ال ُقر ُفصــا َء علــى ـس أربعـ َ فبــدَ ْت ملســا َء ،جلـ َ
ـث كان الهــدوء يل ُّفهــم بـ ٍ
ـرداء يبعـ ُ األرضَ .. ِ ـاط يقيهــم صال َبـ َة يكـ ْن تحتَهــم بسـ ٌ
ْ ُ
ـارن ذلــك ِ
ـدارس ا ّلــذي قـ َ ـش المـ ـوس ،بــدا ذلــك جل ًّيــا لِ ُم َف ِّتـ ِ الراح ـ َة فــي النّفـ ِ
ّ
ـم . ـب إ ّبـ َ ِ
ـب عيــدان القصـ ِبصخـ ِ
َ
ـان ت ََو ّج ـ َه إليهـ ْ
)6ما ّأو ُل انطباعٍ 6
الم َف ِّت ُش ِ
عن كونَه ُ ّ
ِ
يدل
المدرسة؟ عال َم ُّ
ـرب فيمــا انحنــى الضـ ِ ـظ جـ ِ
ـداول ّ ت الــرؤوس جماعيــا فــي محاولـ ٍـة لِح ْفـ ِ واهتـ ّـز ِ
ّ
ذلك؟ ُ ًّ ّ ُ
وو ِض َع ْ ِ ِ
بعــض ــت ُ يســتذكرون مــا ُد ّو َن فيهــاُ ..
َ هــم
ــم منهــم علــى ألواح ْ ق ْس ٌ
ـس ُم ِسـ ٌّن يحمـ ُـل ـب .وجلـ َالرطـ ُ ـف مدا ُدهــا ّ
ـمس كيمــا يجـ َّ ِ الشـ ِ ـت ّ ـواح تحـ َ األلـ ِ
ــتات ِعــدّ ةً ،و ُد ّع َم ْواهــن ..رمــم مــر ٍ
ٍ ُ ّ َ ّ كرســي ُم َه ْل َه ٍ
ــل ُمتــداعٍ.. ٍّ عصــا علــى ً
ـت ـي فقــدْ ُث ّبـ َ
ـامير ،أ ّمــا ظهـ ُـر الكرسـ ِّ
ـت فيــه بمسـ َ ـرائح حديد ّيـ ٍـة ُث ِّب َتـ ْ
أطرا ُفــه بشـ َ
ـان فجــأ ًة وقدَ ُم ـ ُهـض مع ّلــم الصبيـ ِ ـت علــى إطـ ِ ـواح ُر ّك َبـ ْ
بألـ ٍ
ـي .ونهـ َ ُ ُ ّ ـاره األصلـ ِّ
حذائـ ِـه:
ِ ـث عــن فـ ِ
ـردة تبحـ ُ
ـار .واسـ َ
ـتغرق ـم مــن ُغبـ ٍ ِ
بظهورهـ ْ ـب التَالميـ ُـذ وقو ًفــا ..ماســحي َن مــا َع ِلـ َـق َو َهـ َّ
الم َفت ِ ــك ن َف َســ ُه فقــدْ أذه َلــ ُه ِ
الوقــت كيمــا يتما َل ُ
ِّــش، حضــور ُ
ُ بعــضــم َ المع ّل ُ
ـت
ـاش كانـ ْ ـي ا ّلــذي تــر َّأ َس بــه طلب َت ـ ُه ،بقطعـ ِـة قمـ ٍ ـن الكرسـ ِّ ـار عـ ِ
ـض ال ُغبـ َ ونفـ َ
ـي ُمنتظِـ ًـرا إشــار ًة مــا،
الريفـ ُّ ـف ّـش .ووقـ َ ـوق كَتِ ِفـ ِـه قبـ َـل ْ
أن ُي َقــدِّ َم المقعــدَ للمفتـ ِ فـ َ
ـكر ُه فاختفــى كمــا جــا َء. لك ـ َّن المف ّتـ َ
ـش شـ َ
صاح المع ّل ُم!
حضورَ .
ْ حضور ،احترا ْم،
ْ -
نعم س ّيدي.
ْ -
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 69
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ٍ
بصعوبة ثاني ًة: -وماالذي تُدَ ِّر ُسه َل ُه ْم؟ وسم َع ُه ُ
الم َفت ُِّش يزدر ُد ري َق ُه
طالب في ال ّثاني!
ٌ وهو
للصف الرابعَِ ،
ِّ كتاب
َ -س ّيدي! هذا ٌ
َ
لديك ُهنا؟ كم ً
فصل ْ -
الس ِ
ادس. الفصل ّ ِ
األول حتّى ّ ِ ِ -س ّت ٌة َس ّيدي! ِم َن
قال المع ّل ُم ُم ً
شيرا بعصاه. ابعَ ،س ّيدي! َ
الر ُ ُ
الفصل ّ هو
-هذا َ
ٍ
بحماس! قال المع ّل ُم
آخرَ ،س ّيدي! َ
فصل َ ْ -
اسأل ً
ِ ـل ال ّثانــي إجــرا َء بعـ ِـش م ـ َن الفصـ ِالم َف ِّتـ ُ
الج ْم ـ ِع َّ
فأتمهــا ـض عمل ّيــات َ ـب ُوطلـ َ
الحــروف األو ِل ِ ِ ٍ
صحيحــة .وقــر َأ ٍ
َ الفصــل ّ طالبــان مــ َن بطريقــة معظمهــم
ُ
ِ ِ ِ ٍ
دون خطــأ بال ّطريقــة اإليقاع ّيــة ا ّلتــي ســاعدَ ْت علــى إجادتهــا ًّ
صمــا، األبجد ّيـ َة َ
70 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
ث القريـ ُة
ـم فتب َعـ ُه حامـ ًـا عصــا ُه .ســتتحدّ ُ ِ
ـدارس ،أ ّمــا المع ّلـ ُ
المـ
ـش َ ـرج ُم َف ِّتـ ُ
وخـ َ
ِ ــس ُم َفت ُ ِ
ــدارس الم
ِّــش َ جاورهــا عــن ذلــك الحــدث أ ّيا ًمــا عــدّ ةً ..وتن َّف َ َ ومــا
ـل: ِ
خروجــه م ـ َن الحقـ ِ الصعــدا َء حـ َ
ـال ُّ
ٍ
غرفة؟ استئجار ّحو ،أليس بو ِ
سعك تنتقل بمدرستِ َك على هذا الن ِ
-لماذا ُ
ُ َ َ
أستأجر؟ َس ّيدي!!
ُ -
-حسنًا ..لِ َم ال ُ
تفعل؟
اليريدون مدرسـ ًة َ أن ُيعط َينــا غرفـ ًة واحد ًة ســيدي! إنّهم كل .ال أحــدَ يرضــى ْ ّ -
ـرون فــي التّع ّلـ ِم ـم يـ َ هنــا ،لقــد أوضحــوا ذلــك مــر ٍ
ات عــدّ ةً ،إِ ْذ ّ
إن كثيـ ًـرا منهـ ْ ّ ُ
ِ
ـأن عليهــم إزجــا َء الوقــت فــي ـدون بـ ّ ِ ِ
مضيع ـ ًة ألوقــات األوالد ا ّلذي ـ َن يعتقـ َ
أن يســاعدوا ـم ْـري بهـ ْ
ـي! وبأ ّنــه حـ ٌّ ـل نافـ ٍع مفيـ ٍـد بـ ً
ـدل مـ َن ال ّلهـ ِـو الدّ راسـ ِّ عمـ ٍ
محمــد» ِ ـول ورعـ ِآباءهــم فــي الحقـ ِ
السـ ّيدَ «شــادري علــي ّ ـي الماشــية -لكـ َّن ّ َ ْ
ِ ـم ..هـ َـو الوحيــدُ ا ّلــذي ينظـ ُـر إلينــا بعيـ ِ
ياس ـ ّيدي! ّفه ـ ِم والعطــف َ ـن الت ُّ الزعيـ َ ّ
ـتطيع تأمي ـ َن ُغرفـ ٍـة لنــا َأ ْو
ـدرك األهم ّي ـ َة القصــوى للتّعلي ـ ِم ،إ ّنــه اليسـ ُ إ ّنــه يـ ُ
الشيشــا ِم ا ّلتــي يملكُهــا لنتف ّيـ َـأ ُه
ـجرة ّأرض ،لكنّـه منحنــا ظِـ َّـل شـ ِ ٍ ح ّتــى قطعـ ِـة
ُ َ
ـم ِ ِ الموس ـ ِم ،ح ّتــى َحـ َّـل ُ طـ َ
أوان َحـ ْـرث أرضهــا ،وهــا نح ـ ُن هــذا الموسـ ُ ـوال َ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 71
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
وإعداد ِه لكم.
ِ ِ
الحقل ِ
وسط ِ
بإخالء ٌ
جميل ْ
أن قا َم -
ــت ِ
الحقــل ،لقــدْ ُق ْم ُ ِ
وســط ِ
بتنظيــف يســمح لنــا أن ٌ
جميــل ْ نعــمَ ،ســ ّيدي،
َ ْ -
ـتغرق العمـ ُـل منّــاـب فــي هــذه البقعـ ِـةَ ،س ـ ّيدي ،واسـ َ ـي القصـ ِ واألوال َد بجنـ ِ
ب م ـ َن ال ّثامنـ ِـة
ـكل َد َأ ٍ األو ِل عملــوا معنــا بـ ِّ ـل ّ أيا ًمــا ثالث ـ ًة ،ح ّتــى طلب ـ ُة الفصـ ِ
ـلـن العمـ ِ ـف عـ ِ أن نتو ّقـ َ كان لزا ًمــا ْ
ـرب ،وبعدَ هــا َ ـاة المغـ ِ صباحــا ح ّتــى صـ ِ
ً
المحصــول فــي حــز ٍم نُحم ُلهــا علــى عربــةِ َ ُ
نربــط لحلــول ال ّظــا ِم .وكنّــا ِ
ِّ
ـول .لقــدْ قـ َ تجرهــا العجـ ُ ِ
السـ ّيدُ «شــادري» ـال ّ السـ ّيد «شــادري» ا ّلتــي كانــت ُّ ّ
ـي الطريق ـ ُة الوحيــد ُة ـك هـ َ ـت تلـ َ ـم ،ونقــدّ َر ُه ،فكانـ ْإن علينــا َأ ْن ُن َث ِّم ـ َن التّعليـ َ ّ
ـات ذلــك. إلثبـ ِ
ِ ِ ِ
توسـ َط ْت بقعـ ٌة الصبيــان عمام َتـ ُه البيضــا َء فبــدا أعلــى رأســه وقــدْ ّ ـم ّ ـع ُم َع ّلـ ُ
وخلـ َ
ـرق فــي ُمقلتَيـ ِـه ،وتغ ّيـ َـر
ـوع تترقـ ُ ِ
ـت َث ّمـ َة دمـ ٌ
ـي بالحنّــاء ،كا َنـ ْـعر ُه المطلـ َّصلعــا ُء شـ َ
الشـ ِ
ـيء متهدّ ًجــا. ـض ّ صو ُتــه لوهلـ ٍـة فبــدا أجـ َّ
ـش بعـ َ
ِ
القصب. ِ
لكثرة ماحم ْل ُت على رأسي من ِر َز ِم -لقد َف َقدْ ُت َشعري
واعتمــر ِعم َت ـه ثاني ـ ًةُ ،ثــم نظــر إلــى البعيـ ِـد مشــيحا ببصـ ِـر ِه ،و َشــرعا يمشـ ِ
ـيان َ ً ُ َّ َ َ ّ ُ
ِ ِ َجنْ ًبــا إلــى َجن ٍ
يســير فــي
ُ الصبيــان الــذي َ
كان ــدارس َو ُمع ّل ُ
ــم ّ الم ْــب؛ ُم َفت ُ
ِّــش َ
ٍ
مســتقيمة.8 ُخ ًطــى ِ
غيــر ِ
الحوار؛ ِ )8م ْن هذا
الم َعل َِّم
تصف ُ
ُ كيف
َ
وتالميذَ ه؟
ـال المع ّلـ ُ
ـم فــي فقط!..قـ َ
كان لدينــا ُغرف ـ ٌةُ ،غرف ـ ٌة واحــد ٌة ْ
ـط لــو َ َ -س ـ ّيدي! فقـ ْ
وســوف
َ ِ
األرض فــإن لــم تكــ ْن ُغرفــ ًة فقطعــ ٌة صغيــر ٌة مــ َن ٍ
هادئــةْ ، نب ٍ
ــرات َ
ـتغرق األمـ ُـر فصـ ًـا كامـ ًـا .لكنّنــا سـ ُ
ـننجز ذلــك نبنيهــا .األوال ُد وأنــا .قــد يسـ ُ
إن شــا َء ال ّل ـ ُه.
ْ
ببنت َش ٍ
أن ينبس ِ ِ ِ
فة. دون ْ َ
طريقه ُقدُ ًما َ دارس في َومضى ُم َفت ُِّش َ
الم
ٍ
أرض ،وبأنّــه ال أحــدَ ِ
رقعــة ِ
بطلــب ُ
أكــون مغال ًيــا أعلــمَ ،ســ ّيدي ،أنّــي قــد -
ُ
72 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 73
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
74 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
*
العباءة
ُ
عائشة خلف الكعبي
ت ِ
الحكا َي ُة.. هكَذا ابتَدَ َأ ِ
ْ َ
أن يرتضــي الخلــع مصيــراِ -مـن العــود ِة إِلــى المنْـ ِـز ِل ِ
باكـ ًـرا. ذات مسـ ٍ
ـاء َمنَ َعنــي ِضـ ْـر ٌس َعنيــدٌ َ -أبــى ْ
َ َ َ ْ َ ً َ َ َ َ
راحـ ِـة ك ِّفـ ِـه َح ّتــى َق َفـ ْـز ُت ِمـ ْن ِ ِ ِ ِ
خار ًجــا مـ َن العيــا َدة ُم ْســندً ا َو ْج َهـ ُه إِلــى َ ـض األَخيـ ُـر ِ مــا إِن ان َْسـ َّـل َ
المريـ ُ
ـت حقيبتــيِ ،
ـروج: ـم ُ
بالخـ ِ ـت بهــا ُم َو ِّد َعـ ًة ،و َأنــا َأ ُهـ ُّ
وص ْحـ ُ َناو ْلـ ُ َ َ َم ْق َعــدي ،وت َ
ـت علــى َيــدي القابِ َضـ ِـة َعلــى ال َعبــا َء ِة ،فبا َد ْلتُهــا االبتســام َة
ـي ت َُر ِّبـ ُ ِ ـت ُج ْملتَهــا تلـ َ
ـك وا ْبت ََسـ َـم ْت؛ وهـ َ قالـ ْ
القياس ّ ،93
الطبعة األولى ،دائرة الثقافة واإلعالم في الشّ ارقة 2007م. ِ * ُغ ُ
رفة
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 75
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ـادرت المـ َ
ـكان. ـت هد ّيتــي وغـ ُ
ـم حملـ ُ
وشــكرتُها ،ثـ َّ
ِ
ــه ْق ُت حيــ َن َو َق َ
ــع ــت بت َْج ِر َبتهــاَ ،ش َــو َأنَّنــي ُق ْم ُ
ــي ُه َبــاب ُغ ْر َفتــي َع َل َّ
ــت َ َأ َّو ُل مــا َف َع ْلتُــ ُه حيــ َن َأ ْغ َل ْق ُ
بجمـ ِ
ـال ـت لــي! ُدر ُت َحـ ْـو َل َن ْفســي م ْز ُهـ َّـو ًة ِ
َ ْ المـ ْـر ِآة! َلك ََأنَّهــا ُف ِّص َلـ ْ
ـكاس صورتــي فــي ِ
َ َب َصــري َعلــى ان ِْعـ ِ
ـور ِة:
رأي الدُّ كْتـ َ ـم علــى ِ ِ ِ
الجديــد ،و َأنــا ُأت َْمتـ َُم ْظ َهــري َ
ـت إِ ْحــدى ِ ـس ،و َقــدْ ُأ ِّطـ َـر ْت َأ ْطرا ُفهــا ِبق ْط َعـ ِـة (الدّ انِتيـ ِ(الشـ ْي َل َة) ِمـ َن الكيـ ِ
ـل) َن ْفســهاُ ،
ور ِّص َعـ ْ ـح ْب ُت ََّسـ َ
ِ ِ ِ ِ ِ
ـدر العبــاءةَ ،و َض ْعتُهــا َعلى َر ْأســيْ ،
واسـتَدَ ْر ُت، ـط َصـ َ توسـ َ ـي َن ْفســه ا ّلــذي ّ ـروش) الف ِّضـ ِّ َزواياهــا بـ(ال ُبـ
المــر ِآة ،ول َفــر ِ
ِ
ـت َقـ َّـر ْر ُت َأ ْن َأ ْرتَديهــا َصبـ َ
ـاح ال َيـ ْـو ِم التّالــي. ط َجمــال مــا َر َأ ْيـ ُ ْ ألُ ْلقــي َن ْظـ َـر ًة َعلــى ْ
َف ْج َأةً..
ــمين ِمــن تَح ِ ٍ ــس) األَبي ِ ِ ف ِح ِ
ــذاء (التِّنِ ِ
ــت كج َــرذ َس ٍ ْ ْ ــض ُيط ُّــل ُ َْ ــت َط َــر َنــاي حيــن َل َم ْح ُ
ــت َع ْي ََج َح َظ ْ
ـش َعـ ْن ـف البـ ِ
ـابَ ،أ ْن ُبـ َ ـف ِمـ َن األَ ْح ِذ َيـ ِـة َخ ْلـ َ
ـت إِلــى َصـ ِّ ـي مـ ْن َفـ ْـوريَ ،
وه َر ْعـ ُ العبــاء ِة ،نَسـ ْل ُته ِمـن َقدَ مـ ِ
َ َ َ ُ ْ َ َّ
ِ
الصنــف ا ّلــذي ترتديــه ٍ ٍ ِ ِ
ـم َأ ِجــدْ ســوى َأ ْحذ َيــة َخفي َفــة مـ ْن ذلـ َ ِ ِ ِ ٍ
ـك َّ حروســة ،ف َلـ ْ
َ الم
حــذاءَ ،يليـ ُـق بفخا َمــة َ
الص ْي ِف َّيـ ِـة. ِ
الصنــاد ِل َّ
ـض َّ ـات ،و َب ْعـ ِ
مرضـ ُ الم ِّ
ُ
يا َل ُب ْؤسي!
76 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
فضي. ٍ
بهالل َت الحقيب ُة مخملي ًة سوداء بكس ٍ
راتُ ،ز َّم منت ََص ُفها كان ِ
ٍّ َ ْ
ِ
الجديدة. بح َّلتي للخروج إلى الن ِ
ِ كون شب َه مستعدّ ٍة ِ
الحقيبة َأ ُ با ْقتِ ِ
ناء ِ
ّاس ُ هذه
المسا َء..
َهذا َ
ـاة ُمت ََأ ِّل َقـ ٍـة ِم ْثلي فــي ِعيا َد ٍة َحقيـ َـر ٍة ك ََهـ ِـذ ِهَ .أ َج ْلَ .س ُأ ْد ِه ُشــهم
سيسـ َطع نَجمــي ،سـي َتعجب النّــاس ِمـن َفتـ ٍ
ْ ُ َ َ َ َّ ُ َ َْ ُ ْ
المســا َء.
جمي َعهــم َهذا َ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 77
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
78 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
*
ـم َخ َ
ش َبةٍ الع ِّ ِق َّ
ص ُة َ
الساعدي
مرمي ّ
ْــذ َتحــر ْك ،وبِمــا أنَّــ ُه لــم َي َّ
تحــر ْك ُمن ُ ٍ
خشــاب إذا َل ْ
ــم ت ّ َتحــو ُل األجســا ُد إلــى َأ ت ّ
َ ِ
يصرخــون صــار َخشــب ًة ،نَدعــو ُهَ :ع َّمنــا الخشــب َة ،والك ُ
بــار َ َع َر ْفنَــا ُه ،فقــدْ
َ
كذلــك. ُ
"األطفــال ُقســاةٌ" .وقــد ُكنَّــا ــر ِّد َ
دون ِ
ودائمــا ُي َ
ً بوجوهنَــا ُم َعنِّفيــ َن،
قابــل مــع الجــدَّ ِة ُ ...أم ِ ِ
ــه ،و َع َر ْفنــا َّ
أن ِّ ِ َ َ الخشــب ُة َيســ ُك ُن فــي ال َبيــت ُ
الم َع ُّمنــا َ
ـون َلهــا ُأ َّمهـ ٌ
ـات، ـاب -تكـ ُ وأدركْنــا أ َّن ـ ُه -ح َّتــى األخشـ ُ
ـمَ ،َجدَّ َتنَــا هــي األُ ُّم لل َعـ ِّ
ـب مــا يحلــو َلنــا. ُكنَّــا نَتع َّلـ ُ
ـم كثيـ ًـرا ،حسـ َ
ِ
مراويــن، الح ِ ُغر َفتُــه بيضــاء ،جدرانُهــا والســرير ،وك ُُّل َش ٍ
ــيء ،ســوى َع ْينَ ْيــه َ ْ َّ ُ َ ُ ُ َُ
ِ ِ ِ
ـك علــى َو ْج ِههــاَ ،و َظ ْه ِرهــا ُ
المنحنــي الم َج َّعــدَ ،و ُكنَّــا َنضحـ ُ
ـي ُ َو َو ْجــه ُأ ِّمــه ال ُبنِّـ ِّ
الخش ـ َب ِة.
ـع َ اله ْمـ ِ
ـس مـ َ
ِ
م ـ ْن كَثــرة َ
ِ
ـار
ـي َج َســدً ا َعمود ًّيــا ُمتَحـ ِّـركًا صـ َ ـت هـ َ كان َج َســدً ا ُأفق ًّيــا ثاب ًتــاَ ،وكا َنـ ْ
وبمــا أ َّن ـ ُه َ
ُطعمــه ..ت ِ
َغس َ ِ ــم َع مــا َي ُ
ــل قــول ..ت َ ُ ُحدِّ َثــ ُه ..ت َْس َ
كثيــرا حتّــى ت َ ً َنحنــي
َ ال ُبــدَّ ْ
أن ت
ــف رقبتِ ِ ِ ِ
تحــت
َ ــه.. ــف مــا بيــ َن َأصابِعــهَ ..خ ْل َ َ َ ــط َشــ ْع َر ُه ُ ..تنَ ِّظ ََو ْج َهــ ُه ..ت َُم ِّش َ
ـت ـول :هــذا َو ْقـ ُ ـيَ ،وتقـ َ ـكانَ .و ُكنَّــا َننْتَظِـ ُـر ِ
خار ًجــا ح ّتــى تَنتهـ َ
ِذرا َعيـ ِـه ...ك َُّل مـ ٍ
َ ْ
ظاه ُر ِرعا َي ِة
)1ما م ِ
َ 1
َســتحم !..
ُّ األخشــاب ت
ُ ــش ...حتّــى ُــم َ ...ونندَ ِه ُ اســتحما ِم َع ِّمك ْ
جوز لِ َخ َش َبة؟
ال َع ِ
َ
-األطفــال ال ُقســاةَ- َــزور ُه ُك ُّلنــا ،ن َْحــ ُن ــه ٍر كان ْ
َــت َح ْف َلــ ًة َلنــا ،ن ُ وبِدا َيــ ُة ك ُِّل َش ْ
أن َيتحـ َّـر َك ،فقـ ْ
ـط َيفـ َـر ُح َدخـ ُـل َيفـ َـر ُح َ
دون ْ ـوات ،وحي ـ َن ن ُ ـوة واألَخـ ِ ِ
أبنــا ُء اإلخـ َ
نتصــو ُر ُه
َّ ُ
نضحــكَ ،و كان بِ َح ْج ِمنَــاَ ،و ــه عندمــا َ ث عــن أي ِام ِ
َّ ــهَ ،ويتحــدَّ ُ بِعينَي ِ
َْ ْ
السعيد» -صادرة عن هيئة أبو ظبي للثّقافة وال ّتراث .2009 / ّ
والحظ ّ القصصي ِة «مريم
ّ
ِ
المجموعة * من
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 79
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
80 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
ِ ِ
ــت بِدُ خــول َمنــزل ال َع ِّ
ــم ــةَ ،ر ِغ ْب ُ
البيــوت ال َقديم ِ
َ
ِ ــرر ُت علــى اليــو َم ...حيــ َن َم ْ
ـت بال ُف ْر َجـ ِـة عليـ ِـه ِم ـ ْن َبعيـ ٍـد...ـراب ،فاكت َف ْيـ ُ
ـح َيس ـ ُكنُ ُه أغـ ٌ"خشــبة" ،لكنَّ ـ ُه أصبـ َ
ـل ـت فــي الدَّ ِ
اخـ ِ ـولَ ،وأتذ َّكـ ُـر حي ـ َن ُكنْـ ُ ـار ِجِ ...صـ ْـر ُت َأشــتهي الدُّ خـ َ ِم ـ َن الخـ ِ
ـروج.
الخـ َ َو َبصــري ُم َع َّلـ ٌـق بالنَّافِـ َـذ ِة َأشــتهي ُ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 81
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
82 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
صالَ ُة
احل ّ
َ
حمبك
ّ د .أحمد زياد
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 83
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ــت ِمنْهــا النُّقــو ُدُ ،متَدَ ِّف َقــ ًة، ــن ،وانْدَ َل َق ْ ــت ُمن َْشــطِ َر ًة إلــى نِ ْص َف ْي ِ الم ْطر َق ِ
ــة ،ا ْن َف َل َق ْ َ
ِ
ِ ـت فــي َأ ْر ِ الق َط ـ ِع النَّقد َّيـ ِـةَ ،و َت َف َّر َقـ ْ
ـض ِ ـت ِمنْهــا َبعـ ُ
ـت
َحـ َ ض ال ُغ ْر َفــة ،ت ْ َدح َر َجـ ْ
َوت ْ
السـ ِ ِ ِ ِ ِ ـاث ،فالحـ َـق إِحداهــا وهـ ِ ِ األثـ ِ
ـرير، َح َت َّ ـي تَفـ ُّـر مـ ْن َيد ْيــه ،راك َضـ ًة ،لت َْسـتَق َّر ت ْ َ َ ْ َ
ِ
األرض. ــمتْها َعلــى ٍ ٍ
غيــرةَ ،ر َس َ
َب ْعــدَ َد ْورات َص َ
يض ُّمهــا بيـ َن يد ْيـ ِـه، الح ّصا َلـ ِـةَ ،والنُّقــو ُد ُمنْثا َلـ ٌة ِمنْهــاَ ،ف َأ َخـ َـذ َيجم ُعهــا َو ُ عــا َد إلــى َ
ـاح َلـ ُه َأ ْن َيت ََأ َّم َلها، ِ ِ ِ ِ أخـ َـذ ْت صــور ُة الدَّ راجـ ِـة ِ َو َ
ـض فــي ذ ْهنــه ،لكنَّـ ُه مــا عــا َد ُيتـ ُ تومـ ُ ّ َ َ
أن َي ُعــدَّ ُه ،هــا هـ َـو ـال بيـ َن يد ْيـ ِـه َيشـ َغ ُل ُه عنْهــا ،وع َل ْيـ ِـه ْ بالواض َحـ ِـةَ ،والمـ ُ
ِ ـيفمــا هـ َ
ـوز ُع النُّقــو َد َعلــى ـئ فــي ال َعــدِّ َ ،و ُيعيــدُ ُه َمـ َّـر ًة َب ْعــدَ َمـ َّـر ٍة ،ويـ ِّ ِ
ذا َيض َطـ ِـر ُبَ ،و ُي ْخطـ ُ
اجـ ِـة. ِ ِ ِ ـاتَ ،و ُي َف ِّكــر فــي نُزولِـ ِـه إلــى السـ ِ فِئـ ٍ
ـع َأب ْيــه؛ لشــراء الدَّ ّر َ ـوقَ ،مـ َ ّ ُ
ـم َرجــا ُأ َّم ـ ُه َأ ْن ُت ْعطِ َي ـ ُه ٍ ـع النُّقــو َد فــي ِق ْط َعـ ِـة ُقمـ ٍ
ـاش َصغيـ َـرةَ ،ل َّفهــا بِهــاُ ،ثـ َّ َج َمـ َ
ـم َت ْب َخـ ْـل َع َل ْيـ ِـه ُأ ُّمـ ُه َشــي ًئا ِممــا يتَو َّقــع َأنَّهــا تَدَّ ِخــره؛ لِيسـ َتك ِْم َل َثمـن الدَّ ر ِ
اجــةَ ،و َلـ ْ َ َ ّ َ ُُ َْ ّ َ َ ُ
أن ينتظِـ َـر ح ّتــى َيجــي َء والِــدُ ُه إلــى كان عل ْيـ ِـه ْ بِمــا تَسـتَطيع َأ ْن ُت َقدِّ مـه َلـهِ ،
ولكـ ْن َ َ ُ ُ ْ ُْ
ِ 2 ِ
ـع آخـ ِـر النَّهــار. ِ ف أُ ِّم خالِ ٍد
)2ما َم ْو ِق ُ
البيــت ،مـ َ ِ ِمن ِش ِ
راء َولَدها ْ
ـع أب ْيـ ِـه ـات َعلــى َع َجـ ٍ ـض ال ُّل َقيمـ ِ و َلــم يــدْ ِر فــي المسـ ِ اجةَ ؟ وما َدليل َُك الد ّر َ َّ
ـلَ ،مـ َ ـم بعـ َ ـف ا ْلت ََهـ َـاء ك ْيـ َ َ ْ َ على ذلِ َك؟
الزيتــونِ، ِ ٍ ِ ِ ِ
ـارُ ،م ْكتَف ًيــا بِك ْسـ َـرة ُخ ْبـ ٍـزَ ،و َب ْعـ ِ الصغـ ِ ِ ِ َو ُأ ِّمـ ِـه ْ
ـض ح ّبــات م ـ َن َّ ْ وإخ َوتــه ِّ
ـع إلــى َأب ْيـ ِـهُ ،منْتَظِـ ًـرا وهـ َـو َي َت َط َّلـ ُ
احتَســاهاُ ، ـف ْ ـم َيــدْ ِر كيـ َ الشـ ِ
ـاي َلـ ْ كأ َس ّ ح ّتــى ْ
ـاء ســر ْي ًعاُ ،م َت َل ِّه ًفــا ،لِ ُي ْع ِلـ َن َلـ ُه عـ ْن َر ْغ َبتِـ ِـه ،وهـ َـو ُي َف ِّكـ ُـر نتهــي ِمث َلـه ِمـن العشـ ِ
ُ َ َ أن َي ِ َ ْ
ـم يوافِـ ْـق ،ومــاذا َســيف َع ُل إذا أن ُي ْقنِ َعـ ُه ْ
إن لـ ْ ـف ُي ْم ِكنُـ ُه ْ بِموا َف َقتِـ ِـهْ ،أو َر ْف ِضـ ِـه ،وك ْيـ َ
َمنَ َع ـ ُه؟!
84 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
الصـ َّـر ِة، ُثــم رجــع إلــى ُغرفتِـ ِـه ،و َأقفـ َـل بابهــا َعليـ ِـه ،و َقـ ِـد احتَفـ َ ِ ِ ِ
ـظ لن ْفســه م ـ َن ُّ ْ ْ َ َ َّ َ َ َ
ـتر َي بِهــا َح ّصا ّلـ ًة جديــدَ ةً ،ويدَّ ِخـ َـر ف ْيهــا ثانِ َيـ ًة
أن َيشـ ِ بِ ِق ْط َعـ ٍـة واحــدَ ٍةَ ،ف َقـ ْ
ـطَ ،قـ َّـر َر ْ
ك ُن أَ ْن َي َ
كون )4ماذا يم ِ
ُْ ِ 4
اجــة. ـي ٍء َ
آخـ َـرَ ،غ ْيـ ِـر الدَّ ّر َ
ِ ٍ أن يح ُلـ ِ
ـم م ـ ْن َجديــدَ ،ولك ـ ْن بِ َشـ ْ َ
ِ
ـع النُّقــودَ ،و ْ َ ق َطـ َ
ِ
ديد؟
الج ُ ٍِ
ُحل ُْم خالد َ
ما الَّذي َي ْج َعل َُك
قول ذلِ َك؟َت ُ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 85
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
86 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
جدار
شريف اجلهني
يقــف فــي مواجهتــي ..ينظــر إلــى عينــي طويـ ًـا .يقــاوم دمعــة كادت تفــر مــن عينــه اليمنى..يــزدرد
لعابــه وكأنــه يحــاول أن يبتلــع الحزن..يســعلُ ،ثـ َّ
ـم يعــود إلــى أريكتــه يتأمــل الســقف ،هكــذا حــال
(الزهايمــر) تم ّلكــه فــي
والــدي المســن منــذ شــهور ،كل يــوم يكــرر المشــهد نفســه أكثــر مــن مــرةّ ،
األســابيع األخيــرة بدرجــة كبيــرة ،منــذ أيــام زارنــا ابــن عمــي ،فســأله والــدي عــن حالــه ،وحــال
ـم دلــف إلــى غرفتــه ،وعــاد بعــد برهــة ،وس ـ ّلم عليــه ،واحتضنــه،
والــده ا ّلــذي مــات منــذ ســنينُ ،ثـ َّ
وســأله مــن جديــد عــن حالــه ،وحــال أبيــه ..خــال الســاعة ا ّلتــي قضاهــا ابــن العــم فــي منزلنــا سـ ّلم
الضجــر علــى
عليــه والــدي بالحمــاس نفســه أكثــر مــن خمــس مـ ّـرات ،ح ّتــى أبصــرت عالمــات ّ
الضيــف ،حزنــت كثيـ ًـرا لمــا آلــت إليــه حــال أبــي ،صــرت أتمنــى لــه المــوت ليســتريح ..تلــك
وجــه ّ
األمنيــة أخجــل أنهــا تســكن صــدري ،لكننــي لــم أتمكــن مــن طمســها ،زوجتــي كانــت توليــه رعايــة
خاصــة ،ولكنهــا تبدلــت كثيـ ًـرا ،ح ّتــى أوالدي يمــرون عليــه وكأنــه قطعــة مــن أثــاث! منــذ يوميــن كان
ابنــي األكبــر يبحــث عــن (ريمــوت) التلفــاز ،فقــال لوالــدي :قــم ياجدي،فربمــا كنــت تجلــس عليــه،
وأمســكه مــن عضديــه وأقامــه ،وحيــن وجــد (الريمــوت) مــكان جلســته أخــذ يتنقــل بيــن محطــات
التلفــاز ،وتــرك والــدي واق ًفــا وجســده يهتــز مــن الوهــن ،ح ّتــى أتــت ابنتــي وأجلســته برفــق ،متــى
تعلمــت ياولــدي تلــك القســوة؟! منزلنــا اليــوم يبــدو كخليــة نحــل ،فقــد انتهــى مهنــدس الديكــور
مــن تشــطيب (الفيــا) الجديــدة بالتجمــع الخامــس ،كنــت أعمــل أكثــر مــن خمــس عشــرة ســاعة
الرغــم مــن ســعادتي بــأن أســرتي ســتنتقل
متصلــة فــي اليــوم الواحــد ح ّتــى أســدّ د أقســاطها ،علــى ّ
إلــى مــكان أكثــر رحابــة ،إال أن تلــك الشــقة تربطنــي بهــا ذكريــات العمــر.
عزائــي الوحيــد هــو الســعادة ا ّلتــي أراهــا فــي أعيــن أوالدي وزوجتــي ،وهــم يجمعــون المالبــس فــي
وعمــت الضوضــاء المنــزل،
العمــالّ ،
الحقائــب اســتعدا ًدا لالنتقــال إلــى المنــزل الجديــد ..حضــر ّ
وفــي خــال نصــف ســاعة كانــت الشــقة خاليــة مــن أي أثــاث ..صدمنــي صــوت زوجتــي وهــي
مفتوحــا ،والــكل منشــغل عنــه ،فأجابهــا ولــدي األكبــر بعــدم
ً تســأل ابنتــي :أيــن جــدّ ك؟ البــاب كان
اكتــراث :نذهــب باألثــاث ً
أول (للفيــا) الجديــدةُ ،ثـ َّ
ـم أعــود للبحــث عنــه.
ـم اتجهــت ناحيتــي ..مســحت الزجــاج أمــام عينــي بك ّفهــا ،أنزلتنــي من
حدجتــه ابنتــي بنظــرة غيــظُ ،ثـ َّ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 87
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
88 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
ثم تأنى!
َع ْب َر النافذة ..ولج اللص إلى الغرفة سري ًعا ّ
تلــك األنــاة كان مصدرهــا قناعــة ذاتيــة لديــه مؤ ّداهــا أن اللــص ا ّلــذي يحترم مهنتــه ..يأخــذ -كمبدأ-
وقتــه قبــل أن يأخــذ أي شــيء آخر.
خاصــا ،وبنظــرة ســريعة إلــى هيئــة البــاب الخارجــي وذاك اللبــاب المتطــاول كان البيــت مســكنًا ً
ـص أن صاحبــة المنــزل كانــت تســترخي فــي ا ّلــذي مــا عــرف مقــص المــزارع ،منــذ فتــرة أدرك اللـ ُّ
إحــدى الشــرفات المطلــة علــى المحيــط محدِّ ثـ ًة صاحــب يخــت متعاطـ ٍ
ـفَ ..ح َسـ َن اإلصغــاء كيــف
أنهــا لــم تجــد بعــد مــن يتفهــم رقــة قلبهــا ووحــدة روحهــا وعنــوان أحاسيســها.
وأنبــأه النــور المتســلل مــن النوافــذ األمام ّيــة بالطابــق الثالــث ،بــأن رب البيــت قــد آب إليــه ،بأنــه
عمــا قريــب ســيعمد إلــى النــور فيطفئــه قبــل أن يخلــد إلــى نــوم عميــق ..كان فصــل الخريــف ..زمنًــا
وروحــا حيــث يزهــد ســيد البيــت فــي حدائــق الســطح وروعــة التصميــم الهندســي.
ً
وأشــعل اللــص لفافــة تبــغ فأبــرز وهــج القدّ احــة الخاطــف مالمحــه النائتــة ،كان ينتمــي إلــى الفئــة
الثالثــة مــن طبقــة اللصــوص وهــي فئــة لــم ُيعتــرف بعــد بهــا أو ّ
يرخــص لهــا.
علمــا مــن واقــع التجربة بالنــوع األول والثانــي منهــم إذ ّ
إن باإلمــكان تصنيفهم لقــد أحاطتنــا الشــرطة ً
عط ًفــا علــى نــوع ياقاتهــم ،فالــذي يضبــط متل ّب ًســا بجريمــة الســرقة دون ياقــة هــو مــن أردأ األنــواع
علــى اإلطــاق وأكثرهــا انحـ ً
ـال ودونيــة.
أ ّمــا النــوع اآلخــر -ذو الياقــة ،أعنــي -فغال ًبــا مــا ينظــر إليــه علــى أنــه مــن الموســرين ،شــخص جديــر
نهــارا هــو ال يتنــاول إفطــاره إال بكامــل بدلتــه األنيقــة ،حتّــى إذا مــا جــن الليــل
ً باالحتــرام ح ًّقــا،
ونفــث المســاء أدخنتــه الســوداء عــاد إلــى مهنــة الســطو المشــينة ،كخفافيــش الظــام!
ولهــذا النــوع مــن اللصــوص زوجــة فــي كل واليــة ،وخطيبــة بــكل مقاطعــة ،ولــه كذلــك نفــوذ
ـم لهــن
إعالمــي ال يحــد ،تعــززه التأكيــدات المســتمرة الــواردة مــن العديــد مــن النســاء اللواتــي تـ ّ
الشــفاء علــى يديــه بعــد الجرعــة األولــى مــن عــاج وصفــه لهــن ،بعــد أن أضنتهــن مراجعــة األطبــاء
الم َهــرة دون جــدوى!
َ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 89
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
لصنــا يرتــدي ســترة زرقــاء ،وهــو كمــا أســلفنا ..مــن النــوع الثالــث ا ّلــذي يصعــب تحديــد فئتــه..
كان ُّ
كــم ســتحتار الشــرطة فــي تصنيفــه لــو شــاء لــه حظــه العاثــر أن يقــع فــي يدهــا.
وشرع صاحبنا في التجوال خلسة كيما ين ّفذ مهمته ا ّلتي جاء من أجلها.
فانوســا داكنًــا،
ً ولــم يكــن يرتــدي قنا ًعــا أو أحذيــة مطاطيــة كاتمــة للصــوت ،كال ..ولــم يكــن يحمــل
مسدســا مــن عيــار ،38ويلــوك بشــراهة قطعــة لبــان بنكهــة النعنــع الفلفلــي ،وكان
ً لكنــه كان يخبــئ
أثــاث المنــزل ملفو ًفــا بأغطيــة لحفظــه مــن تســلل ذرات الغبــار إليــه ،أ ّمــا آنيــة الفضــة فقــد كانــت
محفوظــة فــي خزانــات بعيــدة المنــال.
ونظــر اللــص إلــى مــا حولــه ..لــم يكــن يتوقــع تغيـ ًـرا فــي مجــرى األحــداث ،وحصــر جـ ّـل تفكيــره
فــي هدفــه الوحيــد ..الغرفــة العليــا ذات اإلضــاءة الخافتــة حيــث يغــرق رب المنــزل فــي نــوم عميــق
بعــد جهــد يــوم مضــن أمضــاه فــي امتيــاح عـ ٍ
ـزاء لروحــه جــراء مــا يشــعر بــه مــن فــراغ رهيــب وشــوق
لشــريكة حياتــه ال يحــد!
ـرت علــى بعــض المــال ..ســاعة يــد ثمينــة ..قلــم مرصــع بالمجوهــرات ،أو مــا أشــبه ذلــك
ربمــا عثـ ُ
قــال لنفســه إذ سـ ّـهل صاحــب المنــزل مهمتــه بتــرك إحــدى النوافــذ مفتوحــة علــى مصراعيهــا!
وفتــح اللــص بلطــف بــاب الغرفــة المضــاءة ،وعلــى الســرير كان رب البيــت يغيــب فــي متاهــات
المنــام ،وتناثــرت علــى التســريحة ،حاجــات كثيــرة ..ســاعة ورزمــة فواتيــر ..مفتــاح ..وســيجارات
ُد ّقــت أعقابهــا ،ربطــة شــعر حريريــة ورديــة ..علبــة مسـكّن فـ ّـوار لــم تُفتــح بعــد أن ابتاعهــا المســكين
در ًءا ألوجــاع الصبــاح.
وخطــا اللــص صــوب (التســريحة) ثــاث خطــوات ،وفجــأ ًة تمتــم المســتلقي ببضــع كلمــات حــادة
واندســت يــده اليمنــى تحــت الوســادة علــى أ ّنــه أبقاهــا هنــاك!
ّ و ...فتــح عينيــه
-ابــق ســاكنًا!! قــال لــه اللــص بلهجــة تقليديــة تحادثيــة هادئــة ،إِ ْذ إن لصــوص الفئــة الثالثــة ال
يهمســون!
تحرك!
ونظر المواطن الجاثم في سريره إلى نهاية ماسورة المسدس المستديرة فما ّ
-ارفع كلتا يديك!
صاح اللص به.
90 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
كانــت لحيــة المســكين قصيــرة مدببــة مــازج ســوادها شــيء مــن الشــيب كلحيــة طبيــب أســنان
ماهــر ..وبــدا الرجــل ثابــت الجنــان ،أب ًّيــا ..واث ًقــا مــن نفســه ..و ..مشـ ً
ـمئزا .وجلــس فــي ســريره
راف ًعــا يــده اليمنــى فقــط!
ـي النــار بيســراك!
-ارفــع اليســرى ،كــرر اللــص توزيــع األوامــر ،قــد تكــون ثنائــي اليديــن فتطلــق علـ َّ
بإمكانــك أن تعــدّ إلــى الرقــم اثنيــن ،هيــا ارفــع الثانيــة قلــت لــك.
-ال يمكنني أن أرفع األخرى! أجابه الرجل بأسارير مكفهرة.
-ما بها؟ استفسر اللص.
( -روماتيزم) في الكتف!
-أهو من النوع الملتهب؟
-أجل! وقد تغلغل االلتهاب فيها.
ولثانيــة أو اثنتيــن بقــي اللــص واق ًفــا ،وفوهــة مسدســه مصوبــة نحــو اليــد العليلــة لضحيتــه..
وتســللت نظراتــه هنيــة إلــى الغنيمــة المتناثــرة علــى صفحــة التســريحة ..علــى أنهــا عــادت محرجـ ًة
كيمــا تســتقر علــى الرجــل أمامــه ،فيمــا علــت وجهــه كذلــك تكشــيرة مفاجئــة!
ـتعرضا تعبيــر وجهــك قــال المواطــن لــه بمــزاج متعكــر :إن كنــت قــد أتيــت
-ال تقــف هكــذا مسـ ً
بقصــد الســرقة فســارع بإنهــاء مــا وفــدت مــن أجلــه ،أمامــك بعــض الحاجــات هنــا وهنــاك! ه ّيــا!
-معــذرة صديقــي! قــال اللــص مبتسـ ًـما ،علــى أنــي لــم أكن أتوقــع أن أصــادف ضحيــة (روماتــزم)..
ـخصا
إذ إنــي؟ وهــذا المــرض صديقــان ال يفترقــان ،لقــد أصــاب يــدي اليســرى .لــو كان اللــص شـ ً
أرضــا حينمــا رفضــت رفــع يــدك!
آخــر لطرحــك ً
-وهل يالزمك (الروماتيزم) منذ مدة طويلة؟ سأله الرجل.
-منذ أربع سنوات ،على أني أعتقد أن من يصاب به سيالزم طول العمر.
-ألم تجرب زيت ِ
ذات األجراس؟ سأله الرجل باهتمام.
-بــل اســتهلكت مــن ذلــك عــدة جالونــات ،ولــو أن الح ّيــات ا ّلتــي اســتخدمت زيتهــا قــد ُمــدّ ت
كحبــل لبلغــت كوكــب زحــل ،ولســمع صليــل أجراســها ســكان (فالباريــزو) فــي (آنديانــا).
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 91
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
92 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
-هراء ..قال الرجل غاض ًبا ،ال يتعدّ ى مفعوله َد ْه َن الذراع بزبدة مطعم!
-بالتأكيد! قال اللص .ال يصلح إال كعالج لخدوش القطط!
الصحــي ،تأثيــره حســن فيمــا يختــص
ّ أظـ ّن أن خيــر عــاج لذلــك هــو شــيء مــن الشــراب المنعــش
متأوهــا!
ً بحالتينــا! ..ارتــد مالبســك ،وهيــا بنــاٍ ..آه هــا لقــد عاودتنــي نوبــة األلــم ثانيــة! قــال
ـادرا علــى ارتــداء مالبســي دون مســاعدة ..كان األلــم رهي ًبــا ..علــى أنــي
-ألســبوع خــا مــا كنــت قـ ً
أخشــى أن يكــون الخــادم قــد خلــد إلــى النــوم!
-هيا ،أنا سأساعدك على ارتدائها.
على أن موج ًة مباغتة من تلك اآلالم التقليدية داهمت الرجل.
مسد لحيته المدببة ا ّلتي ّ
احتل المشيب نصف أرجائها. -فجأة ،فما زاد على أن ّ
-أمر غير عادي قال!
ً
رجــا قــال :إن مرهــم ً
منــاول إيــاه إذ ســقط منــه ،أعــرف -إليــك بالقميــص ،قــال لــه اللــص،
ـادرا علــى
(األمبــري) قــد أفــاده كثيـ ًـرا بعــد أســبوعين فقــط مــن االســتعمال ،ح ّتــى إنــه بــات قـ ً
إحــكام ربطــة العنــق (المنزلقــة) -رغــم صعوبــة ذلــك -بكلتــا اليديــن!
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 93
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
94 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
كنــت ال أزال فــي ســريري ..عندمــا دخــل (كنــزي) الغرفــة ليغلــق النافــذة ،فبــدا لــي عندهــا أنــه
مريــض! كان يرتجــف مــن البــرد ،وقــد علــت وجهــه صفــرة وشــحوب ،وكان يمشــي بأنــاة وتثاقــل،
كأن كل خطــوة تنهــك قــواه ..وســألته :مــاذا بــك يــا كنــزي العزيــز؟ فأجــاب :إنــي أشــعر بشـ ٍ
ـيء مــن
الصــداع ،وســيزول األلــم وشــيكًا .فقلــت لــه :اذهــب إلــى فراشــك ..وســآتي لرؤيتــك متــى نهضت.
بيــد أنــي عندمــا نزلــت إلــى غرفتــه ،وجــدت أنــه ال يــزال فــي ثيابــه ،وقــد جلــس قــرب الموقد ســاه ًيا،
فبــدت علــى قســمات وجهــه الشــاحب ذي الربيــع التاســع كل معانــي البــؤس والشــقاء ...ومســحت
يــدي علــى جبينــه فشــعرت أنــه كان محمو ًمــا بعــض الشــيء فقلــت لــه :اذهــب إلــى فراشــك ،فأنــت
مريــض يــا بنــي.
فقــال :كال ..ال بــأس ،ورأيــت مــن واجبــي أن أســتدعي الطبيــب ،فلمــا جــاء وأخــذ حــرارة الطفــل
ســألته :كــم درجــة حرارتــه يــا دكتــور؟ .فقــال :مئــة واثنتيــن .وانتهــى الطبيــب مــن فحصــه فانصــرف،
بعــد أن تــرك ثالثــة أنــواع مــن األدويــة ،فــي برشــامات أنواعهــا مختلفــة ،لــكل منهــا تعليمــات خاصــة
لتناولها.
مختصــا فــي أمــراض الحمــى ،ممــا جعلــه يؤكــد أنــه ال خطــر علــى حيــاة الطفــل
ً وكان الطبيــب
طالمــا أن درجــة الحــرارة لــم تتعــدّ األربــع درجــات بعــد المئــة ويأخــذ االحتياطــات الكافيــة لتالفــي
أي التهــاب رئــوي قــد يحــدث أحيا ًنــا ..فـ ّ
ـإن هــذه الحمــى تصبــح خفيفــة الوقــع ..غيــر ذات بــال.
ونظــرت إليــه فــإذا قــد علــت وجهــه صفــرة وشــحوب ..وظهــرت تحــت عينيــه بقــع ســوداء داكنــة،
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 95
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
وكان مســتلق ًيا علــى الفــراش ،ال يبــدي حــراكًا ،وال يظهــر أي اكتــراث لمــا يــدور حولــه.
وقــرأت لــه بعــض المقاطــع مــن كتــاب (القرصــان طواردبيــل) ولكنــي لــم ألبــث أن الحظــت أنــه لــم
يكــن ليســمع أو يعــي حر ًفــا واحــدً ا ممــا كنــت أقــرأ .وســألته :كيــف حالــك اآلن ..يــا كنــزي العزيــز؟
فأجــاب باقتضــاب :ال أزال كمــا كنــت.
وجلســت علــى حافــة الســرير ،ورحــت أقــر ُأ لنفســي بانتظــار وقــت تناولــه الحبــة الثانيــة ،وظننــت
لحظــة أنــه البــد قــد نــام ،ولكــن عندمــا رفعــت عينــي عــن الكتــاب ..رأيتــه مــا زال مســتيق ًظا يحــدق
بنظــرة غريبــة إلــى حافــة الســرير فســألته :ولكــن لمــاذا ال تجــرب أن تنــام؟ ســأوقظك متــى حانــت
ســاعة تناولــك الــدواء ،فأجــاب :إنــي ُأ ّ
فضــل أن أبقــى مســتيق ًظا ..وال حاجــة بــك تضطــرك إلــى
البقــاء معــي ،إذا كان ذلــك يزعجــك.
ورأيــت أن أمكــث عنــده ح ّتــى الحاديــة عشــرة ،أي ح ّتــى وقــت تناولــه الــدواءُ ،ثـ َّ
ـم خرجــت .كان
وهاجــا ،وكانــت األرض مغطــاة بطبقــة مــن الجليــد ،فبــدت لــي األشــجار
ً قارصــا
ً اليــوم ســاط ًعا
العاريــة األغصــان ،وبــدا لــي الشــوك المقطــوع ،والعشــب واألرض واألشــواك ،حيــث ســقطت
تلــك األشــواك بــدأت تتحــرك تحــت ثقلــي كالرقــاص.
واكتفيــت بمــا قمــت بــه ،ورجعــت أدراجــي ســعيدً ا رغــم كل شــيء باكتشــافي هــذه الســرية قــرب
البيــت .ولمــا وصلــت إلــى المنــزل ،واستفســرت عــن صحــة الصغيــر قيــل لــي :إنــه رفــض دخــول
رأســا إلــى الغرفــة ،ومــا إن وطئــت قدمــي أرضهــا ح ّتــى ســمعته
أي كان إلــى غرفتــه ..فتوجهــت ً
يقــول :ال تدخــل! إذ ال يجــب أن تصــاب بعــدوى مثلــي .ولكننــي لــم آبــه لكالمــه.
واقتربــت منــه فدهشــت إذ رأيتــه لــم يغيــر وضعــه منــذ أن تركتــه .كان وجهــه مــا يــزال شــاح ًبا ،رغــم
أن خديــه كانــا محمريــن مــن تأثيــر الحمــى ،أ ّمــا نظرتــه فمــا زالــت مســمرة بحافــة الســرير ،وأخــذت
حرارتــه ،فســألني عندمــا انتهيــت :كــم هــي؟.
فقلــت :حوالــي المئــة ،وكنــت أعــرف أنهــا فــوق المئــة بأكثــر مــن درجــة .وقــال :كانــت حرارتــي
مئــة واثنتيــن هــذا الصبــاح .فقلــت :مــن قــال هــذا؟ إنــي أكذبــه الخبــر ،فقــد تعــددت حرارتــه أجــاب
الطبيــب .فقلــت :ال تهتــم وال تقلــق ..وال تكتئــب ،فــإن حرارتــك ال تدعــو للقلــق .فقــال :إننــي ال
أشــعر بقلــق .فقلــت ونظرتــه ســاهمة :هــذا ..مــا أفعلــه.
96 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ريصقلا ةَّصِقلا
ُ ةّيبدألا ُصوصّنلا -
واضحــا جل ًيــا مــن نظراتــه وحديثــه ..أنــه إنمــا يخفــي فــي نفســه شــي ًئا كان يعصــف بهــا ،وناولته
ً وكان
حبــة ،وقلــت لــه :خــذ هــذه مــع قليــل مــن المــاء ،فقــال :أتعتقــد أن ذلــك ســيجدي نف ًعــا؟ فقــت لــه:
ـول ،ولكنــي لــم ـم فتحــت كتا ًبــا ،وشــرعت أقــرأ لــه منــه فصـ ً
بــكل تأكيــد! وجلســت قــرب ســريرهُ ،ثـ َّ
ألبــث أن شــعرت أنــه لــم يكتــرث لشــيء ممــا كنــت أقــرؤه ،فأقلعــت عــن ذلــك.
فأجبتــه :ولكنــك لــن تمــوت ..مــاذا دهــاك لتســأل مثــل هــذا الســؤال الســخيف؟ فقــال :أجــل..
أعــرف أنــي ســأموت ..فــإن حرارتــي قــد تعــدت االثنتيــن بعــد المئــة .فطمأنتــه قائـ ًـا :ولكــن ،مــن
ذا ا ّلــذي قــال لــك إن مثــل هــذه الحــرارة تكــون قاتلــة؟ إن مــن البالهــة بمــكان أن تفكــر بمثــل هــذه
األمــور!.
فقــال :ولكنــي أعــرف أنــي ســأموت ،فعندمــا كنــت فــي المدرســة ،فــي فرنســا ،كنــت أســمع األوالد
يقولــون :إنــه ال يمكــن المــرئ أن يعيــش إذا جــاوزت حرارتــه األربعــة واألربعيــن ..وأنــا معــي مئــة
صباحــا! وقلــت لــه (كنــزي)
ً واثنتــان! وهكــذا إ ًذا :فقــد انتظــرت المــوت النهــار كلــه منــذ التاســعة
العزيــز؟ إن مثــل درجــات الحــرارة كمثــل األميــال والكيلومتــرات ســواء بســواء.
فأنــت لــن تمــوت بمجــرد أن حرارتــك مئــة واثنتــان ..ألن درجــة حــرارة الطبيعيــة تختلــف باختــاف
نــوع الدرجــات :فهــي عنــد ذاك ،37وعنــد هــذا .68
ولــم تبــدر منــه إال هــذه الكلمــة :آه !...بيــد أن نظرتــه ا ّلتــي ظ ّلــت مســمرة بحافــة الســرير فقــدت
شــي ًئا مــن ثباتهــا وقســاوتها ..وأخيـ ًـرا زال مــا كا يعتمــل فــي نفســه مــن خــوف ..وأســى ..وشــجى،
ومــا إن أقبــل الغــد ح ّتــى رجــع إليــه اتزانــه ،وأضحــى يبكــي بســهولة ألمــور مــا كان أســخفها!..
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 97
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
98 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ِ
حالتوالر
ّ السريِ
أدب ّ
ُ
99
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
100 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -الحّرلاو ِريّسلا ُبدأ
األدبي ُة
ّ رية
الس ُ
ّ
اله ْي َئـ ُة. ِ
ـيرةَُ : ـار بهــم سـ ْي َر ًة َح َسـنَ ًةَّ .
والسـ َ ـيرةُ :الطريقـ ُة .يقــال :سـ َ السـنَّ ُةِّ ،
والسـ َ ـير ُة فــي اللغــة هــي ُّ
السـ َ
ِّ
وفــي التنزيــل العزيــز( :ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ).
السيرة األدب ّية إلى سيرة ذات ّية وسيرة غير ّية.
وتنقسم ّ
فالسيرة الذات ّية :هي ا ّلتي يكتبها الشخص بنفسه عن نفسه.
ّ
الســيرة الغير ّيــة :فهــي ا ّلتــي يكتبهــا كاتــب مــا عــن شــخص آخــر ،فهــي ترجمــة حيــاة شــخص
ّأمــا ّ
عــن طريــق الشــواهد والشــهادات والوثائــق.
الســيرة الذات ّيــة أن يكــون موضوع ًيــا فــي نظرتــه لنفســه ،وهــو يذكــر موقفــه مــن
ويتحتــم علــى كاتــب ّ
أيضــا أن يكــون موضوع ًّيــا ،وأن يقــف موقــف
الســيرة الغير ّيــة ً
النــاس والحــوادث .وعلــى كاتــب ّ
الســيرة األدب ّيــة.
الشــاهد ال القاضــي .ولذلــك يعــدّ الصــدق مــن أهــم شــروط كتابــة ّ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 101
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ســيرته (قصــة حياتــي) ،وعبــاس محمــود العقــاد فــي ســيرتيه (أنــا) و(حيــاة قلــم) ،وإبراهيــم عبــد
القــادر المازنــي فــي ســيرته (قصــة حيــاة) ،وطــه حســين فــي ســيرته (األيــام) ،وتوفيــق الحكيــم
فــي ســيرته (زهــرة العمــر) ،وأحمــد أميــن فــي ســيرته (حياتــي) ،وميخائيــل نعيمــة فــي ســيرته
(ســبعون) ،وبنــت الشــاطئ فــي ســيرتها (علــى الجســر).
102 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -الحّرلاو ِريّسلا ُبدأ
*
الفراغِ ِ
وقات َن أَ َت َع َّل ْم ُ
ت ِم ْ
الع ّقاد
عباس حممود َ
ّ
ِ
العمل تملكُنا..... أوقات
ُ
ـس هــذا وق ًتــا مملــو ًءا ألنّهــم يملؤو َنــه بمــا هــو َ ِ ـس هــذا َو ْق ًتــا فار ًغــا ألنّهــم مشـ
ـغولون فيــه ،وليـ َ ليـ َ
أفــر ُغ م ـ َن الفــراغِ.
ِ
اإلطالق... ٍ
بوقت على ليس
هذا َ
ِ
الهباء،ولكـ َّن ـت ا ّلــذي نســتغني عنــه ،ونبــدّ ُد ُه ،ونرمــي بــه مـ َ
ـع ـت الفــراغِ» أ َّنـ ُه الوقـ ُ
ـس معنــى «وقـ ُ وليـ َ
ـل ـت العمـ ِأن قضينــا وقـ َأنفســنا فيــه ،بعــدَ ْ
ـك َ ـت ا ّلــذي بقـ َ
ـي لنــا لنمل َكـ ُه ونملـ َ ـت الفــرا ِغ هـ َـو الوقـ ُ وقـ َ
الضـ ِ
ـرورة. ـف ّ ـش وتكاليـ ِ ـخري َن لمــا نزاو ُلـ ُه ِمـ ْن شـ ِ
ـواغل العيـ ِ مملوكيـ َن ُم َسـ َّ
ِ
ـتعمار «كنــدا» الشــمال ّي ِة َّ
أن اإلنجليـ َـز والفرنســيي َن تســابقوا علــى اسـ قــر ْأ ُت مـ ّـر ًة فــي تاريـ ِ
ـخ أمريــكا ّ
ـث أخفـ َـق الفرنسـ َ
ـيون..لماذا؟ ـح اإلنجليـ ُـز حيـ ُ
فنجـ َ
ـور يحتــاج إلــى قضـ ِ
ـاء األرض البـ ِ
ِ ِ
القفــار مــ َن ـتعمار ـل ذلــك -وأصابــواَّ -
أن اسـ زعمــوا فــي تعليـ ِ
ُ َ
ِ
األرض ِ
ـتعمار تلــك ـدن الحافلـ ِـةَّ ،
وأن اإلنجليـ َـز نجحــوا فــي اسـ ـوال فــي ُعزلـ ٍـة عـ ِ
ـن المـ ِ األوقـ ِ
ـات ال ّطـ ِ
الذاتية ،المجلد ،22الطبعة األولى ،بيروت ،دار الكتاب اللبناني ،1982 ،ص-ص.140-136 .
ّ السيرة
*) عباس محمود العقادّ -
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 103
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ـي ال يطيـ ُـق العزلـ َة ،وال ـات الفــرا ِغ منعزليـ َن منفرديـ َنَّ ،
وأن الفرنسـ َّ أن يقضــوا أوقـ َـتطيعون ْ
َ ألنّهــم يسـ
ـل بيـ َن النّـ ِ
رات واألصائـ ِ ِ
ـوق إلــى المدينـ ِـة لقضــاء الســه ِ
ـزال فــي شـ ٍ أن ي ْفــر َغ ِ
لنفســه ،وال يـ ُ
ـاس ّ َ يحتمـ ُـل ْ َ ُ
َ
ـادرون عليــه... ـم قـ ِ ـرك ميـ َ فــي األنديـ ِـة والمجتمعـ ِ
ـات ،فتـ َ
ـدان الخــاء لمـ ْن هـ ْ
ـتطيع ْ
أن يجــدَ فــي ـان منّــا ال يسـ ُ ـإن اإلنسـ َ ـدق علــى الفرنســيي َن ،فـ َّ الشـ ِ
ـرق مــا يصـ ُ ويصــدُ ُق علينــا فــي ّ
ـوات ،والـات والقهـ ِ ـت ح ّتــى يلــو َذ بال ُّطرقـ ِنفسـ ِـه مــا يشــغ ُله ســاع َة فــراغٍ ،وال يحــس بفــرا ٍغ مـن الوقـ ِ
ِ
َ َ ُّ ُ
أ بـ ِـه ذلـ َ
ـك الفــرا َغ. ـيء يمـ ُدماغـ ِـه إلــى شـ ٍ
ـواء ِ ـاق ضميـ ِـر ِه وأطـ ِ
ـل فــي أعمـ ِ يهتــدي بعــدَ البحـ ِ
ـث ال ّطويـ ِ
ِ
ـتعمار «كنــدا».. ـاب الفرنســيي َن ِم ـ ْن هـ ِـذ ِه الخصلـ ِـة أنّهــم أخفقــوا فــي اسـ كان ُقصــارى مــا أصـ َإِ ْن َ
ـون ،وأنّنــا ال نجــدُ ِ
ـتعمار ّإل ألنّنــا فارغـ َ
ـب فريسـ َة االسـ نذهـ ْ
ـم َ ـم ،فلع ّلنــا َلـ ْ
فاألمـ ُـر معنــا أخطـ ُـر وأعظـ ُ
فــي ِ
نفوســنا مــا ننطــوي عليــه.
َ
يقضــون فيــه ٍ
مغلــق ٍ
مــكان فتــرات فــيٍ جــال َلتر ْكتُهــم ِ
األقويــاء ِمــ َن الر ِ َ
امتحــان ولــو أنّنــي أر ْد ُت
ّ
ـآن بقــو ِة الفكـ ِـر وقـ ِ
ـوة الخ ْلـ ِـق ِ ِ ِ ِ ِ
الســاعات فهــو رجـ ٌـل مـ ُ ّ فم ـ ْن صبـ َـر علــى هــذه ّ ســاعات فراغهــمَ ،
ـال ،و َم ـ ْن لــم يصبِـ ْـر عليهــا فهــو الفــار ُغ ا ّلــذي ال َخ ْيـ َـر فيـ ِـه.
وقـ ّـو ِة االحتمـ ِ
ِ
ساعات الفراغِ؟ ماذا نتع ّل ُم ِم ْن
104 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -الحّرلاو ِريّسلا ُبدأ
ِ
الحاضر ـخ اإلنســان ّي ِة ِمـ ْن ّأولِــه إلــى عهـ ِـده ولــوال أنَّنــا نخشــى َأ ْن ُيقــدِّ َس النّـ ُ
ـاس الفــرا َغ َل ُق ْلنــاَّ :
إن تاريـ َ
مديـن لسـ ِ
ـاعات الفراغِ. َ ٌ
بفراغهــم أشــنع الجنايـ ِ
ـات ،ودفعــوا بــه إلــى ِ ـاني أقوا ًمــا فارغيـ َن َجنَــوا عليــه ـرف التّاريـ ُ
َ ـخ اإلنسـ ُّ لقــدْ عـ َ
ـرب تــار ًة وإلــى الفتنـ ِـة تــار ًة أخــرى؛ ألنّهــم وجــدوا أما َمهــم متّسـ ًعا مـ َن الفــرا ِغ يعيشـ َ
ـون فيــه. الحـ ِ
ـازف بالجانـ ِ
ـب دون ْ
أن نجـ َ ولكنّنــا -ح ّتــى مــع هــذا -ال نســتغني عــن ثمـ ِ
ـرات ذلــك الفــرا ِغ جمي ًعــا َ َ َ
ـخ اإلنسـ ِ
ـان. ـح النّافـ ِع مـ ْن تاريـ ِ
الصالـ ِ
ّ
ـون ا ّلذيـن اتّسـع ْت أوقاتُهــم للبــذخِ وال ّتـ ِ
ـرف بيـ َن ـخ اإلنســان ّي ِة لــوال الفارغـ َ
مــاذا يبقــى مــن تاريـ ِ
َ َ
والح َل ِل؟
الحلــي ُ
ِّ
ـس
ـار والحجـ َـر النّفيـ َ ـاب البحـ ِـر ليجلـ َ
ـب الحريـ َـر والبهـ َ ُ
ويمخـ ُـر ُعبـ َ األرض،
َ ـوب
كان يجـ ُ َم ـ ْن َ
ـروح؟
الصـ ُ والحجـ َـر ا ّلــذي تبنــى بــه ّ
وح َّبــذا قضــا ُء الفــرا ِغ ُك ِّلـ ِـه فيمــا هــو خيـ ٌـر .ولكنَّنــا إذا ُخ ّي ْرنــا بي ـ َن الفــرا ِغ خيـ ِـر ِه وشـ ِّـر ِه وبي ـ َن
الشـ َّـر ْي ِن. الخترنــا أهـ َ
ـون ّ ْ ضيــا ِع الفــرا ِغ ُك ِّلـ ِـه
أن َ
كان ـون اليــو َم ُمتّس ـ ًعا ِم ـ َن الفــرا ِغ لِ ُع ّمالِهــم بعــدَ ْ
ـال يطلبـ َ إن ال ُعقــا َء ِم ـ ْن أصحـ ِ
ـاب األعمـ ِ َّ
ـض المـ ِ
ـال ـت ينفـ ُـق بعـ َـض الوقـ ِ ـب الفــرا ِغ مقصــورا علــى العمـ ِ
ـال .فالعامـ ُـل ا ّلــذي ينفـ ُـق بعـ َ ً طلـ ُ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 105
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ـواق. والشـ ِ
ـراء فــي األســــ ِ ـدور الحركـ ُة -حركـ ُة البيـ ِع ّ
فتـ ُ
ِ ِ ِ ـرص ال ِمـ ْن حسـ ِ
ـاب الحـ ِ حســب ًة مــن حسـ ِ
االقتصاد، ـاب اإلســراف ،وحســب ًة يرضى عنهــا ع ْلـ ُ
ـم
ِ ِ
األخالق. ـب عليهــا ع ْلـ ُ
ـم وال يغضـ ُ
ـتخلص فيــه خيـ َـر مــا ندَّ خـ ُـر ُه ِمـ ْن غربلـ ِـة
ُ وال َفــرا ُغ ا ّلــذي نحف ُظـ ُه هــو ا ّلــذي يحف ُظنــا؛ ألنّنــا نسـ
والعظـ ِ
ـات. ـارف ِ ـارب والمعـ ِالتّجـ ِ
106 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -الحّرلاو ِريّسلا ُبدأ
الصنيِ
وطة إىل ّ
َ بط رحلة ِ
ابن ّ ُ
الص ِ
ين:1 قال اب ُن ب ّطوط َة في رحلتِ ِه ع ْن ِ
أهل ّ َ
ناعات:
ِ الص
كام ّ ِذ ْك ُر ما ُخ ّصوا به ْ
من ِإ ْح ِ
ِ
ـهور
للصناعــات ،وأشــدُّ هم إتقا ًنــا فيهــا ،وذلــك مشـ ٌ ـم األم ـ ِم إِحكا ًمــا ّ ـن أعظـ ُ الصيـ ِ
وأهـ ُـل ّ
ِ ِ ِ
ـم فأطنبــوا فيــه ،وأ ّمــا التّصويـ ُـر فــا ُيجاريهــم ـاس فــي تصانيفهـ ْ م ـ ْن حالهــم ،قــد وص َف ـ ُه النّـ ُ
ـب ما عظيمــا ،ومــن عجيـ ِ ً ـدارا
ـإن لهــم فيــه اقتـ ًإحكامـ ِـه ِمـ َن الـ ّـرو ِم وال ِمـ ْن ســواهم ،فـ َّ
ِ أحــدٌ فــي
ـم ُعــدْ ُت إليهــا ّإل ورأ ْيـ ُ ِ ِ ـك أ ّنــي مــا دخ ْلـ ُ ـاهدْ ُت لهــم ِمـ ْن ذلـ َ
ـت ـط مدينـ ًة مـ ْن ُمدنهــم ،ثـ َّ ـت قــ ُّ شـ َ
ِ
األســواق! الحيطــان ،والكواغــدُ موضوعــ ٌة فــي ِ وصــور أصحابــي منقوشــ ًة فــي صورتــي
َ
ـت إلــى قصـ ِـر ـوق النّ ّقاشــي َنَ ،ووص ْلـ ُ ـلطان فمــرر ُت علــى سـ ِ ِ السـ ِ ولقــد َدخ ْلـ ُ
َْ ـت إلــى مدينــة ُّ
ِ
فلمــا ُعــدْ ُت مـ َن القصـ ِـر عشـ ًّيا َمـ َـر ْر ُت ـع أصحابــي ،ونحـ ُن علــى ِز ّي العراق ّييـ َنّ ، الســلطان مـ َ ّ
كاغــد قــدْ ألصقــو ُه ٍ وصــور أصحابــي منقوشــ ًة فــي ــت صورتــي ِ
المذكــورة ،فرأ ْي ُ ــوقبالس ِ
َ ّ
ـبه ِهَ ،و ُذ ِكـ َـر
ـئ شــي ًئا ِمـ ْن شـ ِ ِ ِ ٍ
بالحائــط ،فجعـ َـل ك ُُّل واحــد منّــا ينظـ ُـر إلــى صــورة صاحبِــه ال تخطـ ُ
ِ
ـرون إلينــا ـم بذلــك ،وأنّهــم أ َتــوا إلــى القصـ ِـر ونح ـ ُن فيــه فجعلــوا ينظـ َ أمرهـ ْ السـ َ
ـلطان َ أن ّ لــي َّ
ـم،ـك عــاد ٌة لهــم فــي تصويـ ِـر ك ُِّل َمـ ْن يمـ ُّـر بهـ ْ
ـعر بذلــك ،وتلـ َ ـم نشـ ْ صورنــا ونحـ ُن لـ ْ
َ َو ُيصـ ّـو َ
رون
يوجـ ِ
ـراره عنهــم بعثــوا صور َت ـ ُه ـب فـ َ ـب إذا فعـ َـل مــا ِ ُ أن الغريـ َ وتنتهــي حا ُلهــم فــي ذلــك إلــى َّ
ـورة ُأ ِخـ َـذ.
ـك الصـ ِ
ـث عنــه فحي ُثمــا ُو ِجــدَ َش ـ َب ُه تلـ َ ّـادَ ،و ُب ِحـ َ
إلــى البـ ِ
رق: للمسافرين في ُ
الط ِ َ حفظهمْ
ِ ْ
ذك ُر
ـال للمسـ ِ ـن آمـن البـ ِ
ـافر منفــر ًدا مســير َة ـإن اإلنسـ َ
ـان يسـ ُ ـافر ،فـ َّ ـاد وأحسـنُها حـ ً الصيـ ِ َ ُ
وبــا ُد ّ
أن لهــم فــي ـك ّ ـب ذلـ َ ـون م َع ـ ُه األمـ ُ
ـوال ال ّطائل ـ ُة فــا يخـ ُ ـهر ،وتكـ ُ تسـ ِ
ـعة أشـ ٍ
ـاف عليهــا ،وترتيـ ُ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 107
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ـان والرجـ ِ
ـال ،فــإذا حاكــم يســكن بـ ِـه فــي جماعـ ٍـة ِمـن الفرسـ ِ ببالدهــم ُفند ًقــا ،عليــه ِ ِ ك ُِّل منـ ٍ
ـزل
ّ َ ُ ٌ ْ
ـب أســما َء ـرة جــاء الحاكــم إلــى الفنـ ِ ـاء اآلخـ ِ ـرب أو العشـ ِكان بعــدَ المغـ ِ َ
ـدق ،وم َعــه كات ُبــه فكتـ َ ُ َ
ـدق عليهــم ،فــإذا َ
كان ـاب الفنـ ِ ـم عليهــا ،وأقفـ َـل بـ َ جمي ـ ِع َم ـ ْن يبيـ ُ
ـت بــه م ـ َن المســلمي َن ،وختـ َ
ِ ٍ
ـث م َعهــمـيرا ،وبعـ َ ـب بهــا تفسـ ً ـح ،جــا َء وم َعــه كات ُبـ ُه ،فدعــا ك َُّل إنســان باســمه ،وكتـ َ الصبـ ِ
بعــدَ ّ
حاكمــه أنَّهــم جمي ُع ُهــم قــد وصلــوا ِ ـزل ال ّثانــي لــه ،ويأتيــه ببـ ٍ
ـراءة مــن يوص ُلهــم إلــى المنـ ِ
َمـ ْن ّ ْ
ببالدهــم ...وفــي هــذه الفنـ ِ
ـادق ِ وإن لــم يفعـ ْـل طل َبــه بهــم ،وهكــذا العمـ ُـل فــي ك ُِّل منـ ٍ
ـزل إليــهْ ،
ـم فهــي ِ المســافِ ُر مـ َن
واإلوز ،وأ ّمــا الغنـ ُ
ُّ ـاج
وخصوصــا الدّ جـ ُ
ً األزواد، ـاج إليــه ُ
ـع مــا يحتـ ُ جميـ ُ
قليلـ ٌة عندَ هــم.
108 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -الحّرلاو ِريّسلا ُبدأ
جتاربي مع احلقيقة
(املهامتا غاندي)
وأغلــب الظــن أنــي كنــت فــي الســابعة تقري ًبــا عندمــا غــادر أبــي (بوربانــدر) إلــى (راجكــوت) ليصبح
عضـ ًـوا فــي محكمــة (راجاســتانك) ،وهنــاك أدخلــت إلــى مدرســة أول ّية.
وأســتطيع أن أتذكــر تلــك األيــام فــي وضــوح ،وفــي جملــة ذلــك أســماء المدرســين الذيــن علمونــي
وبعــض صفاتهــم المميــزة ،لــم يكــن فــي ميســوري أن أكــون أكثــر مــن تلميــذ عــادي .ومــن المدرســة
مضيــت إلــى مدرســة الضاحيــةُ ،ثـ َّ
ـم إلــى المدرســة الثانويــة بعــد أن بلغــت الثانيــة عشــرة .ولســت
أذكــر أنــي كذبــت قــط- ،خــال هــذه المــدة القصيــرة -كذبــة واحــدة علــى معلمــي ،أو علــى رفاقــي
ســواء بســواء .كنــت شــديد الحيــاء ،وكنــت أجتنــب االتصــال بأحــد .كانــت كتبــي ودروســي هــي
رفيقــي األوحــد ،وكان الوصــول إلــى المدرســة مــع دقــات الســاعة والعــودة إلــى البيــت حالمــا
تقفــل المدرســة همــا عادتــي اليوميــة .كنــت أعــدو راج ًعــا بــكل مــا فــي الكلمــة مــن معنــى؛ ألنــي لــم
أكــن أحتمــل التحــدث إلــى أحــد ،بــل لقــد كنــت أخشــى أن يســخر أحــد منــي أو يتنــدّ ر بــي..
وهنــاك حادثــة وقعــت فــي االمتحــان ا ّلــذي جــرى خــال ســنتي األولى فــي المدرســة الثانويــة ،وهي
جديــرة بالتدويــن ،كان (مســتر جيلــز) ،مفتــش المعــارف ،قــد وفــد إلــى مدرســتنا فــي مهمة تفتيشــية،
وكان قــد قــدّ م إلينــا خمــس كلمــات لنكتبهــا كتمريــن فــي التهجيــة ،وكانــت إحــدى تلــك الكلمــات
( )Kettleوكنــت قــد أخطــأت فــي تهجيتهــا ،فحــاول المــدرس أن ُيل ّقننــي الجــواب الصحيــح بمقــدّ م
حذائــه ،ولكنــي لــم أفهــم مــا يريــد .لقــد كان المتعــذر علــي أن أرى أنــه أراد منــي أن أنقــل التهجيــة مــن
ـدرس كان هنــاك ليراقبنــا ،ويحــول بيننــا وبيــن
لــوح جــاري الحجــري ،ذلــك ألنــي كنــت أعتقــد أن المـ ّ
النقــل .وكانــت النتيجــة أن الغلمــان جميعهــم -باســتثنائي أنــا -قــد تهجــوا الكلمــات جميعهــا علــى
وجههــا الصحيــح .أنــا وحــدي كنــت الغــام األبلــه ،وحــاول المــدرس فيمــا بعــد أن يثبــت لــي هــذه
البالهــة ،ولكــن علــى غيــر طائــل ،فلــم يكــن فــي ميســوري قــط أن أتعلــم فــن «النقــل».
ومــع ذلــك فــإن هــذه الحادثــة لــم تقلــل -الب ّتــة -مــن احترامــي لمعلمــي ،كنــت -بالفطــرة -أعمــى عن
ـم أكبــر منــي سـنًّا ،وفيمــا بعــد قــدّ ر لــي أن أعــرف كثيـ ًـرا مــن نقائــض هــذا المعلــم ،ولكن
أخطــاء َمـ ْن ُهـ ْ
احترامــي لــه ظــل هــو هــو ،ذلــك أنــي كنــت قــد تعلمــت أن أنفــذ أوامــر المتقدميــن فــي الســن ،ال أن
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 109
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
أمحــص أفعالهم.
وثمــة حادثتــان أخريــان ،ترجعــان إلــى الفتــرة نفســها ،لــم تبرحــا ذاكرتــي فــي يــوم مــن األيــام ،فقــد
كنــت دائمــا أكــره المطالعــة فــي أ ّيمــا كتــاب إضافــي غيــر كتبــي المدرســية ،كان علــي أن أنجــز
دروســي اليوميــة ألنــي كنــت أكــره أن يو ّبخنــي معلمــي بقــدر مــا كنــت أكــره أن أخدعه ،وهكــذا كنت
أدرس دروســي ،ولكــن ذلــك كثيـ ًـرا مــا كان يتــم مــن غيــر أن ُأعمــل عقلــي فيهــا ،وهكــذا لــم أكــن
ـي وقعتــا
آلخــذ نفســي بقــراءات إضافيــة ح ّتــى ولــو لــم أســتطع مذاكــرة دروســي جيــدً ا ،ولكــن عينـ ّ
بطريقــة مــا علــى كتــاب كان أبــي قــد اشــتراه ،وكان ذلــك الكتــاب هــو «شــرافانا بيتــر يبهــا كــي ناتــاكا»
(مســرحية عــن إخــاص شــرافانا لوالديــه) ،وقــد قــرأت الكتــاب فــي شــوق عــارم ،ووفــد إلــى
بلدنــا فــي الوقــت نفســه بعــض العارضيــن المتجوليــن ،وكانــت بيــن الصــور ا ّلتــي عرضــت علينــا
صــورة تمثــل (شــرافانا) وقــد حمــل والديــه الضريريــن إلــى الحــج بواســطة ألــواح مــن الخشــب
شــدت إلــى كتفيــه .وتــرك الكتــاب والصــورة أثـ ًـرا فــي ذهنــي ،ال ســبيل إلــى محــوه ،وقلــت فــي
نفســي« :ههنــا مثــل يحســن بــك أن تقتــدي بــه» ،إن نــدب الوالديــن األليــم لوفــاة (شــرافانا) ال
يــزال طر ًّيــا فــي ذاكرتــي ،لقــد حــرك اللحــن الرقيــق عواطفــي ،فعزفتــه علــى «كونســيرتينا» كان
أبــي قــد اشــتراها لــي.
وكانــت ثمــة حادثــة مماثلــة تتصــل بمســرحية أخــرى ،فحوالــي ذلــك الوقــت تما ًمــا حصلــت علــى
إذن مــن والــدي يجيــز لــي أن أرى مســرحية كانــت إحــدى الفــرق المســرحية تمثلهــا .والواقــع أن
هــذ المســرحية -واســمها «هاريششــاندرا» -أســرت فــؤادي ،ومــا كان لــي أن أتعــب من مشــاهدتها،
ولكــن كــم مــرة ســوف يســمح لــي بالذهــاب؟ لقــد فرضت تلــك المســرحية نفســها علي فمشــاهدتها
ماثلــة فــي ذهنــي أبــدً ا ،والريــب فــي أنــي قــد مثلــت لنفســي دور «هاريششــاندرا» مــرات ال تحصــى.
وكان الســؤال ا ّلــذي وجهتــه إلــى نفســي ليــل نهــار هــو «لمــاذا ال يكــون الجميــع أمنــاء مخلصيــن
مثــل (هاريششــاندرا)؟» كان ات ّبــاع الحقيقــة ومكابــدة كل مــا كابــده (هاريششــاندرا) مــن محــن همــا
المثــل األعلــى األوحــد ا ّلــذي أوحــت بــه إلــي .لقــد آمنــت بقصــة (هاريششــاندرا) بــكل مــا فــي
كلمــة اإليمــان مــن معنــى حرفــي ،وكثيـ ًـرا مــا دعانــي التفكيــر إلــى البــكاء .إن حصافتــي تنبئــي اليــوم
أن (هاريششــاندرا) اليمكــن أن يكــون شــخصية تاريخيــة ،ومــع ذلــك فــكل مــن (هاريششــاندرا)
و(شــرافانا) حقيقــة حيــة عنــدي ،وأنــا واثــق مــن أن عواطفــي ســوف تســتثار ،كشــأنها مــن قبــل ،إذا
مــا ُقــدر لــي أن أقــرأ اليــوم هاتيــن المســرحيتين كـ ّـر ًة أخــرى.
110 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيبدألا ُصوصّنلا -الحّرلاو ِريّسلا ُبدأ
أخيـ ًـرا انفرجــت الصخــرة ا ّلتــي كانــت تمتــد إلــى جانبنــا منــذ الصبــاح ،هــا هــو البــاب ،اقتحمنــاه ،إنــه
الليــل ،نمشــي فــي الظــل ،ظهــر اكتمــال النهــار ا ّلــذي انتهــى .جمــال البلــد المرغــوب .مــن أجــل أي
افتتــان وســكون ســتصدر عنــك اآله! امتــدادك تحــت الضــوء الذهبــي الدافــئ.
ظهر عالم مختلف ،غريب ،ثابت ،هادئ ،وال لون ،أسعيد هو؟ ال ،أحزي ٌن؟ ال ،إنه هادئ.
اقتربنــا بحــذر ،كمــا لــو وســط مــاء دافــئ ومضطــرب تحــت فــيء النخيــل ،وخطــوة بعــد خطــوة بدأنــا
نقتــرب ..صــوت نــاي ،حركــة بيضــاء ،مــاء يهمــس بلطــف ،ضحــك أطفــال قــرب المــاءُ ،ثـ َّ
ـم ال
شــيء ،ال قلــق ،وال فكــرة ،ليــس ح ّتــى هــدو ًءا :هنــا ال شــي يتحــرك ،إنــه عالــم فاتــن فــي مــاذا كنــت
أرغــب إلــى حــدود هــذا اليــوم؟ مــاذا كان يقلقنــي؟
جــاء الليــل ،الماشــية أوت ،مــا كنــا نظنــه هــدو ًءا ،لــم يمكــن ســوى إســبات وفتــور .وفــي لحظــة
أرادت الواحــة ،وهــي مندهشــة ومرتجفــة ،أن تعيــش.
هبــوب خفيــف جــدً ا ،المــس النخيــل .دخــان أزرق يتصاعــد مــن البيــوت الطينيــة جميعهــا فيمــأ
بالضبــاب القريــة التــي -عندمــا تدخــل الماشــية -تخلــد إلــى النــوم ،وتغــوص فــي ليــل هــادئ شــبيه
بالمــوت.
كــم تمتــد الحيــاة المتواصلــة ،الشــيخ يمــوت بــا ضجيــج ،والطفــل يكبــر بــا رجــة ،القريــة تبقــى
كمــا هــي ،حيــث ال وجــود لكائــن متشــوق إلــى األفضــل ،ويأتــي بشــيء جديــد بعــد بعــض الكــد.
قريــة بأزقــة ضيقــة ،بــا تــرف ،هنــا يدفــع الفقــر إلــى معرفــة نفســه ،الــكل يأخــذ قســطه مــن الراحــة،
ويبتســم بســعادة بســيطة ،العمــل البســيط فــي الحقــول ،هــذا هــو العصــر الذهبــي! ُثـ َّ
ـم علــى ُخطــا
األبــواب ،يســتولي الليــل بأغانيــه وحكايــاه علــى متعــة المســاء البطــيء.
مــن بيــن كل المقاهــي ذات الطابــع (المورســكي) ،اختــرت األكثــر انــزواء ،واألكثــر عتمــة ،مــا ا ّلــذي
جذبنــي إليهــا؟ ال شــيء ،الظــل ،الشــكل ،الليــن الممتــد ،الغنــاء وأال تكــون مرئ ًيــا مــن الخــارج،
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 111
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
إحساســا بأنــك مهاجــر ســري .أدخــل بــدون إحــداث ضجــة ،أجلــس بســرعة، ً الشــيء ا ّلــذي يو ّلــد
ولكــي ال أخـ ّـل بنظــام األشــياء ،أتظاهــر بأننــي أقــرأ ،وأبقــى أنتظــر ...لكــن ال شــيء ،عجــوز ينــام فــي
الزاويــة ،وآخــر يغنــي بصــوت خفيــض جــدً ا تحــت أحــد المقاعــد ،كلــب يقضــم عظمــة ،والطفــل
ا ّلــذي يعمــل بالمقهــى ،يقــف قــرب الموقــد ،ويحــرك الرمــاد بح ًثــا عــن بعــض الجمــر لتدفئــة قهوتــي
المــرة ،الزمــن ا ّلــذي ينســاب ليــس لــه ســاعات ،لكــن بمــا أن كل واحــد يعيــش فــي عطالــة تامــة ،فــإن
الملــل هنــا يصبــح مسـ ً
ـتحيل.
مــاذا كنــت أريــد إلــى حــدود هــذا اليــوم؟ لمــاذا أغتــم؟ أوه! لكنــي اآلن أعــرف ،خــارج الزمــن،
الحديقــة ا ّلتــي يســتريح فيهــا الزمــن بلــد مغلــق ،هــادئ ،شــبيه بمنطقــة (أركادي )!...Arcadie
لقــد عثــرت علــى مــكان الراحــة.
هنــا الســلوك الالمبالــي يقطــف كل لحظــة بــا مالحقــة ،اللحظــة تكــرر نفســها دون كلــل ،الســاعة
تعيــد الســاعة ،واليــوم يكــرر اليــوم.
ثغــاء القطيــع فــي الليــل ،غنــاء القصابــات المتمــوج تحــت النخيــل ،هديــل طائــر الورشــان
الالمتناهــي ،أيتهــا الطبيعــة ا ّلتــي بــا هــدف ،بــا حــداد ،بــا تغيــر ،عندمــا تبتســمين هكــذا فــي وجــه
أكثــر ّ
الشــعراء عذوبــة ،فإنــك -فــي عينــي الورعــة -تبتســمين لــي...
رأيــت فــي الليلــة المــاء المحبــوس ينتشــر ،يرطــب الحديقــة ليــروي عطــش النباتــات ،طفـ ًـا أســود
البشــرة ،حافــي القدميــن داخــل المســقى ،يوجــه حســب رغبتــه الــري الموجــه بطريقــة جيــدة ،يفتــح
أو يغلــق فــي الطيــن ســدو ًدا صغيــرة ،كل ســد يصــب المــاء عنــد كل شــجرة معنيــة ،علــى الجــذع
-تحديــدً ا -رأيــت هــذا المــاء يصعــد مــن الحفــر المتشــققة مثقـ ًـا بالتــراب ،داف ًئــا ،ويعطيــه شــعاع
الشــمس لو ًنــا أصفــر ،وفــي األخيــر يأتــي المــاء الفائــض بغــزارة مــن كل الجهــات ،ليغمــر ســيقان
الشــعير.
112 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
الرأي
نصوص ّ
ُ
113
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
114
قاالت
ُ امل
َ
115
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
116
يأّرلا ُصوصن -الا قَملا
املقالة
ُ
المقالــة هــي قطعــة نثريــة ذات طــول معتــدل ،يتنــاول فيهــا الكاتــب بعــض القضايــا الخاصــة أو
ـوص الـ ّـرأي؛ ألنهــا
العامــة مــن وجهــة نظــره الخاصــة ،ولذلــك تصنّــف المقالــة علــى أنهــا مــن نصـ ُ
فــي الغالــب تع ّبــر عــن رأي كاتبهــا فــي الموضــوع ا ّلــذي يتناولــه بالكتابــة.
أ ّمــا المقالــة فــي العصــر الحديــث فقــد ارتبطــت بظهــور الصحافــة ،ونشــأت فــي حضنهــا ،وقــد ذكــر
محمــود نجــم للمقالــة أربعــة أطــوار ،هــي:
الطــور األول :يضــم ُكتَّــاب الصحــف الرســمية ،مثــل رفاعــة رافــع الطهطــاوي ،وميخائيــل عبــد
الســيد ،وعبــد ال ّلــه أبــو الســعود ،ومحمــد أنســي ،وتمتــدّ ح ّتــى الثــورة العرابية .وقــد نشــروا مقاالتهم
فــي «الوقائــع المصريــة» و«وادي النيــل» و«الوطــن» و«روضــة األخبــار» و«مــرآة الشــرق» ،وتناولــوا
المواضيــع السياســية ،وتميــز أســلوبهم بكثــرة اســتخدام المحســنات البديعيــة والزخــرف اللفظــي.
الطــور الثانــي :تأثــر بنشــأة الحــزب الوطنــي األول ،وبــروح الثــورة ا ّلتــي ســبقت الحركــة ال ُعرابيــة،
دورا كبيـ ًـرا فــي تطويــر المقالــة .مــن أبــرز
وباألدبــاء الســوريين الذيــن اســتقروا فــي مصــر ،ولعبــوا ً
ُك َّتــاب هــذا الطــور :أديــب إســحق ،وســليم النقــاش ،وســعيد البســتاني ،وعبــد ال ّلــه نديــم ،ومحمــد
عبــده ،وإبراهيــم المويلحــي ،ومحمــد عثمــان جــال ،وعبــد الرحمــن الكواكبــي ،وبشــارة تقــا.
ومــن أهــم الصحــف ا ّلتــي كتبــوا فيهــا نذكــر «األهــرام» و«مصــر» و«الفــاح» و«الحقــوق» ،وقــد
تناولــت مقاالتهــم مواضيــع اجتماعيــة ،وقــد تحللــت مــن الصنعــة اللفظيــة.
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 117
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
الطــور الثالــث :ظهــرت فــي هــذا الطــور مدرســة صحفيــة حديثــة ،نشــأت فــي عهــد االحتــال
االنكليــزي لمصــر ،مــن أبــرز روادهــا :علــي يوســف ،ومصطفــى كامــل ،وعبــد العزيــز جاويــش،
وولــي الديــن يكــن ،وســليم ســركيس ،ومحمــد رشــيد رضــا ،وخليــل مطــران ،وأحمــد لطفــي
الســيد ،كمــا ظهــرت صحــف ناطقــة باســم أحــزاب سياســية ،فــكان الزعيــم مصطفــى كامــل الناطــق
باســم الحــزب الوطنــي ينشــر مقاالتــه فــي جريــدة «اللــواء» ،وكان أحمــد لطفــي الســيد يمثــل حــزب
األمــة ،وينشــر مقاالتــه السياســية والفكريــة فــي جريــدة «الجريــدة».
الطــور الرابــع :المدرســة الحديثــة ا ّلتــي تبــدأ بالحــرب العالميــة األولــى وبأحــداث ثــورة 1919
المصريــة ،وقــد ظهــرت فــي هــذه الفتــرة صحــف تركــت أثرهــا فــي كتابــة المقالــة مثــل جريــدة
«الســفور» لعبــد الحميــد حمــدي ،و«االســتقالل» لمحمــود عزمــي ،وقــد شــارك فــي تحريرهــا
طــه حســين ،وجريــدة «السياســة» لمحمــد حســين هيــكل ،وكانــت ناطقــة باســم حــزب األحــرار
الدســتوريين ،وجريــدة «البــاغ» لعبــد القــادر حمــزة ،وجريــدة «األســبوع» إلبراهيــم عبــد القــادر
المازنــي ،وقــد تناولــت المقالــة فــي هــذا الطــور مواضيــع سياســية ،وتميــز أســلوبها بالوضــوح
والدقــة.
وواضــح ّ
أن هــذه األطــوار تر ّكــز علــى تطــور المقالــة فــي مصــر ،وقــد أشــار محمــود نجــم نفســه إلــى
ـورا مــن المقالــة فــي مصــر. ّ
أن المقالــة الصحفيــة فــي لبنــان كانــت أســرع تطـ ً
ومنــذ ذلــك الوقــت قطعــت المقالــة ،علــى اختــاف أنواعهــا ،شــو ًطا كبيـ ًـرا ،فصــار لــكل بلــد ُكتَّابــه،
وتنوعــت موضوعــات المقالــة ،وقضاياهــا ،وتطــورت أســاليبها ،وصــارت المقالــة مــن أكثر أشــكال
ّ
ـارا.
الكتابــة شــيو ًعا وانتشـ ً
أن لكتابــة المقالــة أصـ ً
ـول يلتــزم بهــا ال ُك ّتــاب ،منهــا :تحـ ّـري الدقــة فــي نقــل المعلومــات، ـك ّ
وال شـ ّ
والموضوعيــة فــي عــرض وجهــات النظــر ،والصــدق والعدالــة ،وعــدم التح ّيــز ،واللغــة الســليمة
المشــرقة الواضحــة.
118 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
يأّرلا ُصوصن -الا قَملا
*
داء إشارات يُ ْر ِس ُلها ُّ
الش َه ُ ٌ
الدكتورة فاطمة الصايغ
ـوف تكـ ُ
ـون مغايــرةً .ففــي هــذا العــا ِم تعــو ُد ذكــرى الراب ـ ِع واألربعي ـ َن سـ َ ِ
ـي ّاحتفاالتُنــا بيومنــا الوطنـ ِّ
بعضهــا عر َفهــا ،وعركَهــا ِ ِ ـت فــي نفـ ِ
ـم عــدّ ةٌُ ،
ـوس أبنــاء االتّحــاد قيـ ٌ تكر َسـ ْ ال ّثانــي مــن ديسـ َ
ـمبر وقــد ّ
ـي. اآلن عــن قـ ٍف َ بمعناهــا العفــوي البسـ ِ
ـي والفعلـ ِّ
ـرب بمعناهــا الواقعـ ِّ ـض اآلخـ ُـر يتعـ ّـر ُ
ـيط ،والبعـ ُ ِّ
الشـ ِـع ذكــرى يــو ِم ّ
ـهيد؛ وهــو اليــو ُم 30مــن نوفمبـ َـر، ـب مـ َـي هــذا العــا ُم تتواكـ ُذكــرى اليــو ِم الوطنـ ِّ
ـارات لذكــرى جمي ـ ِع شـ ِ
ـهدائنا .أعيا ُدنــا الوطن ّي ـ ُة تعــو ُد هــذا العــا َم خص َص ْت ـ ُه اإلمـ ُوهــو اليــو ُم ا ّلــذي ّ
ِ
ّضحيــة والرغبــ ُة فــي الت ِ ِ ِ ٌ ِ ِ
للوطــن واالنتمــاء لــهّ ، الــوالء أكبــر مــ َن
مخــزون ُ اإلمــارات أبنــاء ولــدى
ألجلـ ِـه.
ِ
ـاد وتقدي ِم أو ِل شـ ٍ
ـهيد: ـبيله منـ ُـذ قيــا ِم االتّحـ ِ ِ
بأرواحهــم في سـ ِ ضحــوا ِ ـرف تاريـ ُ
ّ ـخ اإلمــارات شــهدا َء َّ عـ َ
ـيط لقـ ّـو ٍة
ـاحه البسـ ِ
ـاذج البطولـ ِـة عندَ مــا تصــدّ ى بسـ ِ أروع نمـ ِ
ـرب َ ـالم ســهيل خميــس ا ّلــذي ضـ َ هــو سـ ُ
ـب الكُبــرى ،وظـ َّـل أرضـ ِـه ووطنِـ ِـه فــي جزيـ ِ
ـرة ُطنْـ ِ ـروت ،وهــو يدافــع عــن ِ ـش والجبـ ُ قوا ُمهــا البطـ ُ
ُ
ِ
اإلمــارات ،وذلــك يــو ُم 30 ِ
دولــة ِ
تاريــخ ٍ
شــهيد فــي ســقط َأ َّو َل
َ أرض ِ
ــه حتّــى مراب ًطــا يدافــع عــن ِ
ُ
نوفمبــر .1971
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 119
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ـبيل العـ ّـز ِة والقيـ ِم اإليجاب ّيـ ِـة ا ّلتــي قــا َم عليهــا هــذا الوطـ ُن. كل قطـ ِ
ـرة َد ٍم ُأري َقـ ْ
ـت فــي سـ ِ ِ
أبنائهــا ،ومــن ِّ
ـف الوطن ّيـ ِـة بي ـ َن ـارات مــا يختــص بال ُّلحمـ ِـة االجتماعيـ ِـة ،وتوحـ ِـد الــرؤى والمواقـ ِ
ّ ّ ّ ُّ
ثانــي تلــك اإلشـ ِ
ـم ا ّلتــي قــد تظهـ ُـر بيـ َن ال َف ْينَـ ِـة أبنـ ِ
ـاء الوطـ ِ
ـن مــن أقصــاه إلــى أقصــاه قيــاد ًة وشــع ًبا ،وهــذا يفنّــدُ المزاعـ َ
ِ ِ ِ
تخصنــا جمي ًعــا.واألخــرى عــن اختــاف المواقــف تجــا َه القضايــا المصير ّيــة والكبــرى ا ّلتــي ُّ
ٍ ووجـ َه بوصلتَنــا تجــا َه قضيـ ٍـة
واحدة؛ ووحــدَ مواق َفنــا ،ولــم يفر ْقهــاّ ، يفر ْقنــاّ ،
وحدَ نــا ولــم ّ
ـدث ّفمــا حـ َ
ـي ال تتجـ ّـز ُأ أبــدً ا.
ـن القومـ ِّ ـن وطنِنــاّ ،
وأن قض ّيـ َة األمـ ِ أن أمنَنــا مــن أمـ ِ
وهــي َّ
بملذاتِهــا
ــه الحيــا ُة ّ اإلمــارات ورفاهيتِهــا لــم ُت ْل ِه ِ
ّ
ِ ِ
رفــاه وافــرا ِمــ ْن
ً نــال ح ًّظــاــباب ا ّلــذي َالش ُهــذا ّ
ـداث األخيــر ُة لتخلـ َـق منــه شــبا ًبا واع ًيــا ِ
وانتمائــه لهــا ،بـ ْـل عر َك ْت ـ ُه األحـ ُ والئــه لوطنِــه
الماديـ ِـة عــن ِ
ّ
ـن اإلمـ ِ
ـارات، ـل أمـ ِ
ـات مــن أجـ ِ ـارات مــن تضحيـ ٍ ِ لـ ِ
ـدوره فــي بنــاء الوطـ ِ
ـن ،وواع ًيــا لمــا تقــو ُم بــه اإلمـ ُ
ـج ٍّ
ككل. ـن منطقـ ِـة الخليـ ِ
وأمـ ِ
ٍ
مواطن ـارات قو ّي ٍة لـ ِّ
ـكل ـال إشـ ٍـون يوم ًّيــا بإرسـ ِإن شــهدا َءنا ا ّلذيــن ســقطوا دفا ًعــا عــن مكتســباتِنا يقومـ َ َّ
ـارا وطن ًيــا ـكل جنــدي اختـ َّ ِ ـارات فخـ ٍـر وتقديـ ٍـر لـ ِّ أرض هــذه الدّ ولـ ِـة ،إشـ ِِ ومقي ـ ٍم علــى
ـط لنفســه مسـ ً ٍّ
ٍ
وإشــارات خــط الن ِ
ّــار، يزالــون علــى ِّ
َ ِ
البواســل ا ّلذيــ َن ال ِ
بجنودنــا واعتــزازا
ً فخــرا يملؤنــا جمي ًعــاُ
ً
إعالؤهــا ،ووال ٌء للوطـ ِ ٍ لشــبابِنا بـ َّ
ـاره. ـب إظهـ ُـن يجـ ُ ُ ـبـم يجـ ُ رفاهــا وملـ ّـذات ،بـ ْـل قيـ ٌ
ـت ً ليسـ ْ
ـأن الحيــا َة َ
ـن َأ ْو خيانتِـ ِـه
ـن الوطـ ِ
ـث بأمـ ِ ـكل َمـ ْن ت َُسـ ِّـو ُل لــه ُ
نفسـ ُه العبـ َ ـلون إشـ ٍ
ـارات قو ّيـ ًة لـ ِّ أن شــهدا َءنا يرسـ َ كمــا َّ
ـض مـن اإلشـ ِ ِ
ـهداؤنا ونســتقب ُلهاـارات ا ّلتــي يرسـ ُلها شـ ُ َ َأ ْو التّفكيـ ِـر فــي االعتــداء عليـ ِـه .تلــك هــي بعـ ٌ
ـكل فخـ ٍـر واعتـ ٍ
ـزاز وتقديـ ٍـر. نحـ ُن بـ ِّ
ـوف تظـ ُّـل فــي ذاكرتِنــا وذاكـ ِ
ـرة األجيـ ِ الشـ ِ ـي ويــو ِم ّ ِ َّ
ـال ـهيد هــذا العــا َم سـ َ إن احتفاالتنــا باليــو ِم الوطنـ ِّ
للشـ ِ ِ ٍ ٍ ٍ ِ
ـهيد ،ولكـ ْن ـص فيهــا يو ًمــا ّ ـس لكونهــا المـ ّـر َة األولــى ا ّلتــي ن ّ
ُخصـ ُ الجديــدة لفتــرة طويلــة ُمقبلــة ليـ َ
توحدانِنــا ِ
مناســبتين ِّ غاليتيــن علــى قلوبِنــا،
ِ ِ
مناســبتين المــر َة األولــى ا ّلتــي نحتضــ ُن فيهــاّ لكونِهــا
120 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
يأّرلا ُصوصن -الا قَملا
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 121
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
122 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
يأّرلا ُصوصن -الا قَملا
*
عليم
ُ عليم ثُ َّم ال َّت
ُ 2016ال َّت
د .خالد اخلاجة
األو ِل فــي الدّ فــا ِع َع ّمــا ح ّق َقتْــ ُه دولتُنــا ِمــ ْن َّ
خــط الدّ فــا ِع ّ باعتبــار ِه
ِ
هــي تنضــبَ ،ب ْ ِ
وباعتبــاره ال ّثــرو َة الحقيق ّيــ َة ا ّلتــي ال ٍ
ــل َ ُ كتســبات، ُم
عقــل َن ّي ٍ
ٍ ٍ ٍ
مــع ك ُِّل فكــرة جديــدة مــن
أي ــر فــي ِّ ال ّثــرو ُة ا ّلتــي تتجــدّ ُد َ
ِ ٍ
الدكتور خالد الخاجة بنجاحــه مرحلــة علــى ُس ـ ّل ِم التّعلي ـ ِم ،كمــا أ ّنــه االسـ ُ
ـتثمار المحكــو ُم
عميد كلية اإلعالم والمعلومات ِ
وارتقائهــا علــى ُســ ّل ِم الواســع لتقــدّ ِم األمــ ِم البــاب وهــو حتمــا،
في جامعة عجمان ُ ُ َ ً
الحضــاري. ِ
الرفــاه
ِّ ّ
ذروة ســنا ِم الحضـ ِ ِ ـعوب للوصـ ِ
ـارة ـول إلــى والشـ ُ ـم ّ ـابق فيــه األُ َمـ ُ
ـار ا ّلــذي تتسـ ُ
كمــا أ ّنـ ُه المضمـ ُ
دون تعليـ ٍم متيـ ٍ ِ ِ اإلنســان ّي ِة ،فــا حضــار َة وال تقــدّ َم َ
ـمـن ،وال تعليـ َ ـم حقيق ًّيــا َ دون ع ْلـ ٍم ،وال ع ْلـ َ
ٍ
ـكالت، يواجه ـ ُه ِم ـ ْن ُمشـ وتوظيفـ ِـه فــي َحـ ِّـل مــا
ِ ـاة اإلنسـ ِ
ـان، ـدور ِه فــي حيـ ِ ٍ
إدراك لـ ِ متينًــا َ
دون
ُ
دون وضــ ِع برامــج تعليمي ٍ
ــة فعــل ذلــك َ ِ ويجابهــه ِمــن تَحدّ ٍ
يــات ،وال ُقــدر َة للتّعليــ ِم علــى
ّ َ َُ ُ ُ ْ
ـت ا ّلــذي تــزوده فيـ ٍـه بالمعلومـ ِـة ،وت ِ
ُكسـ ُب ُه المهــارةَ. الشــخصي ِة ،فــي الوقـ ِ ِ
ـج معن ّيـ ٍـة ببنــاء ّ
َ ّ ُُ ّ ومناهـ َ
ـإن تَط ّلعاتــيَ ،وإِ ْن ش ـ ْئ َت الدّ ق ـ َةِ ،م ـ ْن أمنياتــي لعــام ،2016
وألن األمـ َـر علــى هــذا النّحـ ِـو ،فـ ّ
ّ
مراحلـ ِـه األولــى ،قــادرا علــى تلبيـ ِـة طموحـ ِِ وبخاصـ ٍـة فــي أن يكـ َ
ْ
ـات ً ّ ـي، الم ْخـ َـر ُج التّعليمـ ُّ
ـون ُ
ـديد علــى طريـ ِـق االرتقـ ِ
ـاء بمنظومتِـ ِـه. ـيدة ،ا ّلتــي تدفــع بزخ ـ ٍم شـ ٍ ـادة السياس ـي ِة الرشـ ِ القيـ ِ
ُ ّ ّ ّ
ـاركون بمخرجاتِهــم فــي صناعـ ِـة مسـ ِ
ـتقبل َ ـي أنّهــم يشـ ـون بالحقـ ِ
ـل التّعليمـ ِّ ُأمنياتــي َأ ْن ُيـ َ
ـدرك العاملـ َ
عملهــم ،ومــا يكــون مســتوى ِ ُ ــد ،وعلــى َقــدْ ِر ِع ْل ِمهــم أطفــال اليــو ِم هــم كبــار ال َغ ِ
ُ ُ ْ َ ِ
الوطــنّ ،
ألن
ـارات نوع ّيـ ٍـة ،تحــدّ ُد قيم ـ َة مــا يقدّ مو َن ـ ُه وجود َت ـ ُهَ ،و ّ
أن ال ّطفـ َـل ـات إنســاني ٍة ومهـ ٍ
ّ
يحملو َن ـه ِم ـن صفـ ٍ
ُ ْ
ـاف مــا يمك ُثـه مــع أفـ ِ ـع ُمع ِّلميـ ِـه وق ًتــا أضعـ َ ِِ ِ ِ ِ فــي مراحـ ِ
ـراد ُ َ ـل تع ّلمــه المختلفــة ،يقضــي فــي مدرســته َومـ َ
ـن التّنشــئ ُة موازي ـ ًة للتّعلي ـ ِم. ـف ِم ـ ْن ِ
تأثيرهــم ،فلتكـ ِ أســرتِ ِه ،مــا يضاعـ ُ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 123
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ـب َأ ْن تجــدَ ُه ِ ِ ـون وحركـ ِـة النّـ ِ ِ ـاة والكـ ِ ـال فــي الحيـ ِ ـدرك الجمـ َ وألن َمـ ْن يـ ُ ّ
ـاس مـ ْن حولــه ،يصعـ ُ
ـب َأ ْن ُيعــا َد االهتمــا ُم بالتّربيـ ِـة الفـــــــن ّي ِة ا ّلتــي
ب ،لــذا ،وجـ َ ـص ِ
يو ًمــا فريسـ ًة للفوضــى والتّعـــــــ ّ
قادرا
وتجعل الفــر َد ً ُ ـاس،
ـلوكَ ،و ُتن َّمــي اإلحسـ َ السـ َ وق ،وتضبـ ُ
ـط ّ ـسَ ،وت َُر ّقــي الـ ّـذ َ
تُهــــ ّـذ ُب النّفـ َ
ـن اإلذاعـ ِـة المدرسـ ّي ِة ،بمــا ـال خالِ ِقهــا ،فضـ ًـا عـ ِـاة وتج ّلياتِهــا َو َجـ ِ ـن الحيـ ِ علــى رؤيـ ِـة محاسـ ِ
ـال والتّواصـ ِ ـارات االتّصـ ِتحويـ ِـه ِمـن مــواد تُنمــي لديـ ِـه مهـ ِ
الب، ـف ال ّط ُ ـع اآلخريـ َن ،ليكتشـ َ ـل مـ َ َ َّ ّ ْ
ِ ِ ِ
ـون ّإل بهــذه النّشــاطات. ـب لــم َي ُكـ ْن لهــا َأ ْن تكـ َ ٍ
ونحـ ُن م َعـ ُه ،مهــارات ومواهـ َ
ـاء بهــا فــي العــا ِم الجديـ ِـد ،ذلــكأن التّط ّلــع إلــى المنظومـ ِـة التّعليميـ ِـة وتمنّــي االرتقـ ِ والحـ ُّـق َّ
ّ َ
ِ
ألن األمنيــات كا ّف ـ ًة لعــا ِم ،2016تجــدُ أنّهــا تبــد ُأ بالتّعلي ـ ِمَ ،أ ْو تجــدُ ُه قاسـ ًـما مشــتركًا أعظـ َ
ـم ّ
ـن و ِقبلـ َة الباحثيـن عنــه والفاريـن ِمـن أتـ ِ
ـون ّ َ ْ َ ـارات واحـ َة األمـ ِ َ فيهــاَ ،ف َمـ ْن َيتمنّــى َأ ْن تظـ َّـل اإلمـ ُ
أن األمـ َن ّأو ًل ،هــو مــا قا َلــه رسـ ُ
ـول ـك ّإل عبـ َـر تعليـ ٍم يؤ ّكــدُ َّ ـن ،لـ ْن يكـ َ
ـون ذلـ َ ـب والمحـ ِ ّعصـ ِالت ّ
ـال« :مـن بــات آمنًــا فــي ِســربِ ِه» ،ومـن يتمنّــى َأ ْن يحف َظــه ال ّلـه ِمـن ك ُِّل ٍ
داء. ُ ْ َ َ ْ َ ْ ال ّلـ ِـه^ حيـ َن قـ َ َ ْ َ
عصرهــاِ ،مـ ْن
ِ ِ
أدوات ـاءات نوع ّيـ ٍـة تملـ ُ
ـك ـج كفـ ٍ ـادر علــى تخريـ ِ بتعليــم قـ ٍ
ـك ّإل ٍ ـون ذلـ َفلـ ْن يكـ َ
الرسـ ُ ِ ِ ـث والقـ ِ
ـدرة علــى االبتـ ِ أب البحـ ِ َد ِ
ـول ـكار ،إدراكًا منهــا لقيمــة مــا تقــو ُم بــه ،أل ّنـ ُه مــا قا َلـ ُه ّ
ـدان ِمـن متط ّلبـ ِ ـن «معا ًفــى فــي بدنِــه» ،فعافيـ ُة األبـ ِ
ـات االســتمتا ِع بباقــي ْ ُ ـم^ بعــدَ األمـ ِ ُ الكريـ ُ
يجعــل أصحا َبــ ُه قادريــ َن علــى ُ يكــون ّإل ٍ
بتعليــم َ الر ْغــدةََ ،لــ ْن
النِّ َعــ ِمَ ،و َمــ ْن َيتمنّــى الحيــا َة ّ
124 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
يأّرلا ُصوصن -الا قَملا
الكريم^: الرسـ ُ
ـول ـن الــذي لمسـه النّــاس ،وهــو ما اختتـ ِ الفكـ ِـر المنجـ ِـز ،والعمـ ِ
ـل المتقـ ِ
ُ ـم بــه ّ
َ ُ َ ُ
يومـ ِـه».
ـك قــو َت ِ ِ
« َي ْملـ ُ ْ
وجود ِه،
ِ ـان َأ ْن يقــوم بمتط ّلبـ ِ
ـات ـتطيع اإلنسـ ُ ِ ِ بهـ ِـذ ِه ال ّثالث ّيـ ِـة ال َفـ ّـذ ِة :األمـ ِ
َ والصحــة والغــذاء يسـ ُ ـن ِّ
ِ
لتحقيقهــا حاضــر قــوي ،و ِ
حاض ـ ٌن أمي ـ ٌن إن التّعليــم ِ ِ
ـأرضَ .ويقينًــا ّ ـار ِه لـ
ـي فلســف َة إعمـ ِ
ٌّ َ ٌ َ َويعـ َ
ـب.ّعصـ ِ ـج غيـ َـر الفقـ ِـر والمـ ِ
ـرض والت ُ األرض ،فالجهـ ُـل ال ينتـ ُ ِ علــى
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 125
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
126 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
يأّرلا ُصوصن -الا قَملا
* ِ
حياة طفلةٍ يف
جميلة البشري
ِ
غيــرة ا َّلتــي ِ ألنطلــق راكضــ ًة إلــى َ ِ
ســحة ك َُّل يــو ٍم؛ س ال ُف ــب َق ْــر َع َج َــر ِ
الص
تلــك الغرفــة ّ َ ْــت أتر ّق ُ
ُكن ُ
ـرة ،ال تـ ُ ـئت منـ ُـذ مــدّ ٍة قصيـ ٍ ـت قــدْ ُأ ِ
ـوح
ـزال تفـ ُ نشـ ْ ـي جديــد ٌة كا َنـ ْ ـوف الدّ راس ـ ّي َة ،وهـ َالصفـ َ ـط ّ تتوسـ ُ
ّ
ِ ـب والـ ِ ـزج برائحـ ِـة الكُتـ ِ ِ
صندوقهــا الذاكــر ُة بِ ُحـ ٍّ
ـب فــي مزيجــا اختز َل ْتـ ُه ّ
ً ـورق منْهــا رائحـ ُة ال ّطــاء ،لتمتـ َ
ال ّطفولـ ِّ
ـي إلــى اليــو ِم.
ولفــت
َ تمــر بجانِبــي، ِ
رأيــت إحــدى ال ّطالبــات ُُّ ِ
المدرســةّ ،إل حيــ َن أعــرف أنّهــا مكتبــ ُة
ُ ــم َأكُــ ْن
َل ْ
ِ ِ
ـب عليهــا
ـيَ ،وقــدْ كُتـ َـكل مث ّبت ـ ٌة أعلــى طــرف الـ ّـز ِي المدرسـ ِّ
الشـ ِ
انْتباهــي شــار ٌة صغيــر ٌة مســتدير ُة ّ
ـك العالم ـ ُة حينَهــا ،أوق ْفتُهــا وســألتُها ،مــاذا تعنــي هـ ِ
ـذه اإلشــارةُ، «أصدقــا ُء المكتبـ ِـة» ،فاجأتْنــي تلـ َ
ِ
المكتبة. فأ ْفهمتْنــي أ ّنـه تــم إنشــاء مكتبـ ٍـة فــي المدرسـ ِـة ،وأ ّنـه َتــم اختيارهــا ضمـن مجموعـ ِـة أصدقـ ِ
ـاء َ ُ ُ َّ ُ ُ َّ َ َ
ـك العمـ ِـرَ ،لــم يكـن يهمنــي طــرح مزيـ ٍـد مـن األسـ ِ
ـئلةُ ،هنـ َ
ـم
ـم فــي رأســي ،وارتسـ َ ـاك شــي ٌء أهـ ُّ َ ُ ْ ُّ ْ فــي ذلـ َ ُ ْ
ـرت بفــار ِغ الصبـ ِـر إشــراق َة يــو ِم غـ ٍـد. ِ ـيَ .
ـك بعــدَ انتهــاء الــدّ وا ِم المدرسـ ِّ
ـي ،انتظـ ُ كان ذلـ َ أمــا َم عينـ َّ
ـت بواب ـ َة المدرسـ ِـة صباحــا ،فــي يــو ٍم ِشــتوي بـ ٍ ٍ
ـت إلــى ـارد ،هرعـ ُ ٍّ ً ـت ّأو َل طفلــة َد َخ َلـ ْ ّيقي ـ ٌن أ ّنــي ُكنْـ ُ
ـض أدرت ِ
الم ْق َبـ َ ُ ـت البــاب ،وبسـ ٍ
ـرعة ـط المدرسـ ِـة ،طرقـ ُ
ـدة القابعـ ِـة وسـ َ
ـرة الجديـ ِ ـك الغرفـ ِـة الصغيـ ِ تلـ َ
َ ّ
ـزال مقفـ ًـا ،أل ّن ـه ال أحــدَ فــي المدرسـ ِـة َغيــري ،وإحــدى العامـ ِ
ـات ا َّلتــي كانـ ْ
ـت ُ كان ال يـ ُ ُ ألفتح ـ ُهَ ،
َ
ـت للتـ ِّـو.
قــدْ وصلـ ْ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 127
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
أدب وسـ ٍ
ـعادة. ـكل ٍ
التّحيـ َة بـ ِّ
ـف
ـي خلـ َ إن َج َلسـ ْ
ـاك كائـ ٌن صغيـ ٌـر خل َفهــا يت َب ُعهــا ،ومــا ْ دخلـ ِ
ـت المع ّلمـ ُة الغرفـ َة ،وهنـ َ
ـت علــى الكرسـ ِّ
ـت أنــا في الموضــو ِع ُمباشــرةً.. ال ّطاولـ ِـة ،دخلـ ُ
ـب ا َّلتــي فــي المكتبـ ِـةَ ،فهـ ْـل تأذني ـ َن لــي كل الكتـ ِ أن أقــر َأ َّ
ـب القــراءةَ ،وأريــدُ ْ ـت لهــا :إنّنــي أحـ ُُّق ْلـ ُ
ـيـت تنظـ ُـر إلـ َّ ـون صديق ـ ًة للمكتبـ ِـة؟ كا َنـ ْ كل يــو ٍم مجموع ـ ًة ألقر َأهــاَ ،وهـ ْـل يمك ـ ُن َأ ْن أكـ َ ـأن آخـ َـذ َّ
بـ ْ
ـمَ ،وبإمكانــي َأ ْن ُأســاعدَ ِك فــي ـتَ :ن َعـ ْ ـي مبتســم ٌة ،وســألتْني :ألهـ ِـذ ِه الدّ رجـ ِـة تُح ّبيـ َن القــراءةَ! ُق ْلـ ُ وهـ َ
ـت: الرابـعِ .قالـ ْ ـت؟ َف َأج ْبـ ُ ـف أنـ ِ ـبَ .ض ِح َكـ ْ قـ ِ
ـراءة ك ُِّل الكتـ ِ
ـف ّ الصـ ِّ
ـت :فــي ّ أي َصـ ٍّ ـتَ ،وســألتْني :فــي ِّ
ـك تُح ّبيـ َن ـآخ ُذ ِك ضمـن المجموعـ ِـة؛ أل ّنـ ِ ـط ..ولكنّنــي سـ ُ السـ ِ
ـادس فقـ ْ ِ نحـ ُن ُ
َ ـف ّ الصـ ِّ نأخــذ طالبــات ّ
القــراءةَ.
ُ
والوحــش»، قصــ َة «الجميلــ ُة قالــتُ :أريــدُ ِك َأ ْن تقرئــي لــي ،كان ْ
َــت ّ ْ َأجلســتْني َوناولتْنــي ِق ّصــ ًةَ ،و
بغالفِهــا األخضـ ِـر ورســوماتِها الجميلـ ِـة ،بــد ْأ ُت أقــر ُأ ،ونسـي ُت وجــود المع ِّلمـ ِـة ،إلــى ِ
أن اســتو َق َفتْني َ ُ َ َ ْ َ
ـن المتابعـ ِـة..
عـ ِ
الس ـ ِّن ِ ِِ ِ ـراءة بال ّلغـ ِـة العرب ّيـ ِـةَ ،و ُح ْسـ ِ
ـت علــى إجادتــي للقـ ِ
ـن نُطقــي للحــروف َو َســا َمته فــي هــذه ّ َ َوأثنـ ْ
بص ّحـ ِـةبنفسـ ِـه ،ويمضــي ِ
ـك ال ّثنــاء ا ّلــذي يعطــي التّلميـ َـذ دفع ـ ًة معنوي ـ ًة ،تجع ُل ـه يثـ ُـق ِ
ُ ّ ُ
الصغيـ ِ
ـرة .ذلـ َ ّ
ـل حياتِـ ِـه الدّ راس ـ ّي ِة.
منهجـ ِـه فــي ّأو ِل مراحـ ِ
ِ
ـرة ،ا َّلتــي َك ُبـ َـر ْت معــي ،فصـ ُ ـف مكتبتــي الصغيـ ِ ِ
ألود َعهــا َأ ْر ُفـ َ
ـي ـك مكتب ـ ًة رائع ـ ًة ،هـ َ ـرت َ
اآلن أمتلـ ُ ّ
ـدر ســعادتي. حياتــي ومصـ ُ
وكأن بحـ ًـرا ِم ـ َن العلــو ِم والمعرفـ ِـة َقــدْ أرســى ســفينَ َت ُه
َّ أجمـ ُـل األيــا ِم ،حي ـ َن يبــد ُأ معـ ِـر ُض الكتـ ِ
ـاب،
128 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
يأّرلا ُصوصن -الا قَملا
ـراءة؛ لينهـ َـل من ـه ،أيــام قليل ـ ٌة ،ولكنّهــا عظيم ـ ُة الفائـ ِ
كل م ِحــب للقـ ِ
ـدة. ٌ ُ أمــا َم ِّ ُ ٍّ
ٍ
بكتــب مــ ْن حملــ ًة ُ
تحمــل حقيبــ ُة َســفري كُت ًبــا، ٍ مــع ك ُِّل
وتصح ُبنــي؛ ألعــو َد ُم ّ
َ أصح ُبهــا
َ رحلــة، َو َ
ـف األعمـ ِ
ـار فــي جميـ ِع ـعوب القارئـ ِـة ِمـن مختلـ ِ
الشـ ِ ـارة ،وكــم ِ
تلفتُنــي مشــاهدُ ّ الزيـ ِ
ثقافـ ِـة البلـ ِـد محـ ِّـل ّ
ْ َ ْ
ـلوب حيـ ٍ
ـاة. نعيشــها نح ـ ُن كأسـ ِ المرافـ ِـقُ ،متمنّي ـ ًة َأ ْن َ
ِ
ـم ،وهـ َـوـاك الجــز ُء المهـ ُّ ـي المكتب ـ ُة ،وهنـ َ الص َغـ ِـر ،ال َّلبِنَ ـ ُة األُولــى هـ َ
ـان يبــد ُأ م ـ َن ِّ
الخالص ـ ُةَ ،أ َّن ال ُبنيـ َ
ُ
ـرت ِم ـ َن
ـت َونفـ ُ ـت ك َِر ْهـ ُ
ـخرت منّــي َأ ْو تجاه َلتْنــيُ ،ر َّبمــا كنـ ُ ْ ـت َص ِل َف ـ ًة َوسـ أمين ـ ُة المكتبـ ِـة ،فلـ ْـو كا َنـ ْ
الشـ ِ ـم ،باإلضافـ ِـة إلــى المــوا ِّد ّ ـاك أب َشــجع أبنــاءه علــى القـ ِ ِ
ـائقة ودعمهـ ْ
َ ـراءة َُ ّ َ القــراءة بســببِهاَ ،و ُهنـ َ ٌ
ـات السـ ِ
ـليمة. ـج التّثقيفيـ ِـة المتنوعـ ِـة الهادفـ ِـة ا َّلتــي تثــري العقـ َـل بالمدخـ ِ والبرامـ ِ
ّ ّ
ِ
األطفال. الر ُ
هان على ّ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 129
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
130 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
يأّرلا ُصوصن -الا قَملا
*
بصمة إجناز َِك
َ اترك
ْ
املسكري
ّ شيخة
ُ
ـك َأ ْن َ
تعيشــها كمــا تتمنّــى، ـام ِعنا ُجملـ َة «الحيــا ُة قصيــرةٌ» ،بقصـ ِـد َأ َّن عليـ َ ـكل يــردد دائمــا علــى مسـ ِ
ُّ ً الـ ُّ
الزيــارةَ ،ومــا أســمى ـن ّ ِ
فليحسـ ِ ـان زائـ ٌـر،وتفعـ َـل مــا تشــا ُء وتشــتهي ،ومــا الحيــا ُة ّإل َمح ّطـ ٌة ،واإلنسـ ُ
ـاسَ ،ويعمـ َـل علــى ِخدمـ ِـة َوطنِـ ِـه. كأن ُيفيــدَ غيـ َـر ُه ِمـ َن النّـ ِ
ـدف ْ ـون لإلنسـ ِ
ـان َهـ ٌ أن يكـ َ ْ
ـك؟ مــاذا لــو ُمنِ ْح َت ـتكون بصم ُتـ َُ ـع ..فمــاذا سـ ـرك بصمـ ًة خل َفنــا؛ ليتذك ََّرنــا بهــا الجميـ ُ ُك ُّلنــا نُريــدُ َأ ْن نتـ َ
ـك فيـ ِـه؟ كيـ َ
ـف تُريــدُ ـت جدار َتـ َ ـك ّإل َأ ْن تُثبِـ َ ـال تُح ّبـ ُه ،ومــا عليـ َـون فــر ًدا فاعـ ًـا فــي مجـ ٍ الفرصـ َة لتكـ َ
ـكَ ،أ ْم َأ ْن يتذ ّكـ َ
ـروك ـك وإنجازاتِـ َ ـال أعمالِـ َ ـم َك ِمـ ْن خـ ِ ـروك باسـ ِ
ـاس؟ َأتــو ُّد َأ ْن يتذ ّكـ َ َأ ْن يتذ ّكـ َـر َك النّـ ُ
ٍ
ـخص ـخص آخـ َـر ،فيحاولــوا َأ ْن يجــدوا ِصلـ َة َقرابـ ٍـة بينَـ َ
ـك َوبيـ َن َشـ ٍ ـازات شــال وإنجـ ِ
ـال أعمـ ِ َ ِمـ ْن خـ ِ
ـخص ذي أهم َّيـ ٍـة! ٍ ـدودة طفيل َّيـ ٍـة علــى َظ ْهـ ِـر شـ
يعرفو َنـه؟ فتصبــح اســما ملتص ًقــا كـ ٍ
ً ُ َ ُ
أماكنِ ِهــم َلــم يضيفــوا شــي ًئا علــى هـ ِ
ـذه ـرون كمــا هــم فــي ِ تمــر األيــام ســريع َة الوتيـ ِ
ـرةَ ،ويظـ ُّـل الكثيـ َ
ْ ْ ُ ُ ْ ُ ُّ
ـم تطويهــا األَيــا ُم َط ًّيــا بــا ِ ِ ِ
ـرون إلــى أنفسـ ِـه ْم وســني َن ِ
الحيــاة ســوى زفــرات األســى ،ينظـ َ ِ
أعمارهـ ْ
ـون لهــم أي نــو ٍع ِم ـن االمتنـ ِ ٍ ُخ َّلــدُ ،وال إنجـ ٍ أفعـ ٍ
ـان. َ ـخاص يحملـ َ ُ ْ َّ ـازات تُذكـ ُـر ،وال أشـ ـال ت َ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 131
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
132 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
يأّرلا ُصوصن -الا قَملا
تواصـ ْـلَ ،وأبـ ِـد ْعَ ،وا ْتـ ُـر ْك َأثـ ًـرا ..اقتنـ ِ
ـص َخـ ُـر ْج مـ َن الدُّ نيــا كمــا دخلتَهــا خال ًيــا ِمـ َن اإلنجـ ِ
ـازَ ،بـ ْـل َ ال ت ْ
ِ
ـي بصم ُتـ َ
ـك.. الفرصـ َة :هــذه هـ َ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 133
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
134 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
حفي ُة
ّ الص
األعمدة ّ
ُ
135
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
136
يأّرلا ُصوصن -ةّيفحّصلا ُةدمعألا
حفي
ُّ الص
مود ّ
ُ الع
َ
حفــي مــن أهــم المصــادر ا ّلتــي تمنــح القــارئ فكــرة واســعة عــن طبيعــة
ّ الص
ولذلــك فالعمــود ّ
المجتمــع ،وأهــم قضايــاه الحيو ّيــة ،فهــو يشــبه المــرآة فــي أنــه يعكــس مــا تمــور بــه الحيــاة فــي
مجتمــع مــن المجتمعــات فــي فتــرة زمنيــة معينــة.
ـي أنــه ملتصــق بكاتبــهُ ،ي َسـ ّـمى باســمه فــي الغالــب ،ولذلــك الصحفـ ّولعـ ّـل أكثــر مــا يتم ّيــز بــه العمــود ّ
تكتســب األعمــدة الصحفيــة مكانتهــا مــن مكانــة كاتبهــا ،ومــا اشــتهر بــه مــن فكــر َن ِّيـ ٍـر ،وموضوعيــة
فــي عــرض القضايــا ومناقشــتها ،وامتــاك لناصيــة اللغــة وأســرارها .ولذلــك صــار مــن المتعــارف
ـي يع ّبــر عــن رأي كاتبــه ،وليــس شــر ًطا أن يع ّبــر
الصحفـ ّ عليــه فــي عالــم الصحافــة والنشــر ّ
أن العمــود ّ
عــن موقــف الصحيفــة.
ّ
إن قــراءة األعمــدة الصحفيــة ومتابعتهــا عــن كثــب تزيــد مــن وعــي القــارئ ،وتكشــف لــه الكثيــر ممــا
يحــدث فــي مجتمعــه ،وتجعلــه علــى علــم بمجريــات األمــور ،وتضعــه أمــام تنويعــات مــن وجهــات
النظــر واألفــكار والتجارب.
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 137
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
138 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
يأّرلا ُصوصن -ةّيفحّصلا ُةدمعألا
*
س ِهم!
غياب َش ْم ِ
ِ العرب تس َّببوا يف
ُ
فاطمة املزروعي
ِ ٍ ٍ ٍ ِ ِ ِ ِ
ـمـرب للحضــارة اإلنســان ّية م ـ ْن علــو ٍم ومخترعــات َو ُمنجــزات علم ّيــة ،تنقسـ ُ النّظــر ُة لمــا ّقدَّ َم ـ ُه العـ ُ
ـال فــي الرقــي بالحضـ ِ ـكل ف ّعـ ٍـهم ْت بشـ ٍ ـن :الفئـ ُة األولــى ِ إلــى فئتيـ ِ
ـارة ّ ّ أن الحضــار َة العرب ّيـ َة أسـ َ تؤمـ ُن َّ
مختلــف العلــو ِم ،والفئــ ُة األُخــرى ِ ِ
تأســيس األكبــر فــي ور ِ ِ َ اإلنســان ّي ِة،
ُ العــرب الــدّ ُ للعلمــاء وكان
ـارة اإلغريق ّيـ ِـة إلــى
كل مــا قــام بِـ ِـه العــرب هــو نقـ ُـل العلــو ِم ِمـن الحضـ ِ
َ ُ َ َ أن َّ تنكـ ُـر هــذا الفضـ َـل ،وتدَّ عــي َّ
ـول: الع ْلـ ِم علــى المجتمــع» (برترانــد راســل) ا ّلــذي يقـ ُ ـاب «أثــر ِ ـف ِكتـ ِ ـرق ،مثـ َـل مــا جــا َء بِـ ِـه مؤ ِّلـ ُ الشـ ِ
ّ
ـل المعـ ِ
ـادن ـاة ،وفــي معرفـ ِـة كيف ّيـ ِـة تحويـ ِ ـير الحيـ ِ ـفة وإكسـ ِ ـاف حجـ ِـر الفالسـ ِ
َ
«العــرب رغبــوا فــي اكتشـ ِ
ُ
ِ
حقائق ـداف اكتشــفوا العديــدَ مــن ـوث وراء هـ ِـذ ِه األهـ ِ ـاء تَتب ِع ِهــم للبحـ ِ ِ الرخيصـ ِـة إلــى ذهـ ٍ
َ ـب ،وفــي أثنـ ُّ ّ
ـت تقنياتُهــم بدائيـ ًة». ِ ٍ ٍ ٍ ِ ِ
همــة َو ُمثبتــة ،كمــا بق َيـ ْيتوصلــوا إلــى أ ّيــة قوانيـ َن طبيع ّيــة ُم ّ الكيميــاء ،لكن َُّهــم لــم ّ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 139
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
فــإن كتا َبهــا َو ّجــ َه نقــدً ا الذ ًعــا ألورو ّبــا ،عارضــ ًةاألصــل والمنشــأَِّ ، ِ أن (زيغريــد) ألمان ّيــ ُة ورغــم ّ
َ
ُ
ســتكون كيــف ــه ،ولكنّنــي ال أدري أجمع ِ
ِ وأثــر ِه علــى العا َلــ ِم
ِ ِ
المجيــد ِ
تاريخنــا ــو َل
َ الحقائــق َح ْ
َ
َ
شــون هم ِ َ َ رأت ّ ر ّد ُة فِ ْع ِلهــا إذا مــا ْ
فضــل ُعلمائهــمَ ،ويتجاهلون َُهــمَ ،و ُي ِّ نكــرون أنفســهم ُي
العــرب َ َ أن
ـرب تسـ ّببوا فــي ِ
ـف كتا ًبــا آخـ َـر بعنــوان «العـ ُ حضارت َُهــم َمفتونيـ َن بال ّثقافـ ِـة الغرب ّيـ ِـة ،ال أكثـ َـر! ُر ّبمــا تُؤ ِّلـ ُ
شمســهم».ِ غيـ ِ
ـاب
140 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
يأّرلا ُصوصن -ةّيفحّصلا ُةدمعألا
*
طريقها
َ ُّ
تضل عادة ال
ُ الس
ّ
الظاهري
ناصر ّ
ــت ظِ َّلنــا،
كــم تب َع ْ
ــف! ْولــم نتو ّق ْ ِ
ولــم ننتبِــ ْه! ْ
كــم تع َّث ْرنــا بهــا فــي طريقنــاْ ، الســعادةَْ ، كــم صاد ْفنــا َّْ
ِ ِ
أخذتْنــا مــن أيدينــا فــي ُظلمــات ال ُّطرقــات ،وال ّليـ ُـل غيـ ُـر صديـ ٍـق ،لكنَّنــا ـم َ ِ
ـت خل َفنــا! كـ ْ ـم نلتفـ ْولـ ْ
الســعاد ُة كنهـ ٍـر جـ ٍ ِ ِ
ـار، ـم نحفـ ْـل بهــا! ّ هر ْبنــا منهــا ،خ ْفنــا منهــا ْأو ســا َقتْنا أقدا ُمنــا لمناطـ ِـق العتمــة ،ولـ ْ َ
والســعاد ُة قــد تأتــي كمطـ ٍـر ِ
ـوق لجيرانــه ّإل الخيـ َـر ،وال تعـ ُِ
المحاذي ـ ُة َل ـ ُه األذىّ ، ـوت ُ ـرف البيـ ُ ال يسـ ُ
غمــرة ِمــ ْن ٍ
نــور ٍ األمــور إلــى يحــو ُل ِ
والحيــاة ،وفجــأ ًة ِ
الفــرح ِ
باتجــاه ِ
األشــياء ــظ ك َُّل نهمــرِ ،
يوق ُ ٍ ُم
َ ِّ
ـور.ـرور وحبـ ٍ وسـ ٍ
وخريــف
َ الوقــت،
َ ــط ٍ
عجــوز ،تتأ ّب ُ تحــت َقدَ مــي
َ ٍ
صغيــرة ٍ
زاويــة أن تجدَ هــا فــي الســعاد ُة يمكــ ُن ْ
ّ
ـوع قاتـ ٌـل،أن الجـ َ المتبقي ـ َة ِم ـ ْن حياتِهــا ،غيـ َـر ّ أن تســو َم الوج ـ َه ْأو تُسـ ِ
ـاو َم األ ّيــا َم ُ ال ُعمـ ِـر ،وال تريــدُ ْ
ـي فــي حقيقـ ِـة األمـ ِـر تمــدُّ ـرار واألبنـ ِ
ـاء واألبـ ِ ـن ِمـن األوفيـ ِ
ـك ،وهـ َـاء ،يجع ُلهــا تمــدُّ يدَ هــا َلـ َ الزمـ ِ ََو ُخلـ ّـو ّ
ـك تفقدُ هــا. بصير َتـ َ
َ ـك ُيخطِ ُئهــا ،وال
الســعادةَ ،فــا تجعـ ْـل قل َبـ َ ّ
ـك ك َُّل ـم أنّهــا تحمـ ُـل لـ َ وجههــا ،رغـ َـاب فــي ِ ِ
ـك توصــدُ البـ َ ـك ،لكنّـ َ ـاب بيتِـ َ
ـرق بـ َ الســعاد ُة أحيا ًنــا ،تطـ ُ ّ
ِ ِ ِ ِ
ـم ينهــز ْم بخجلــه وحاجتــه ،مــاذا َلـ ْـو ـت الق ّط ـ َة تدخـ ُـلْ ،أو َ الخيـ ِـر ،مــا ضـ ّـر َك َلـ ْـو تر ْكـ َ
ـحا ُذ َلـ ْ ذاك ّ
الشـ ّ
ـك ُمشــر ًعا ـوت الجيـ ِ
ـران خيـ ًـرا كثيـ ًـرا ،مــا ضـ ّـر َك َلـ ْـو تر ْكـ َ
ـت با َبـ َ ـواب بيـ ِ ـك ألبـ ِ ـاب بيتِـ َـت ِمـ ْن بـ ِ أخرجـ َ
ْ
ِ ِ ِ ِ ِ
أزاح مـ ْن طريقـ َ
ـك َه ًّمــا ْأو ـك الكثيـ ُـر من ُْهــم بســم ًة ْأو ِر ًضــا ْأو َ فــي وجــوه َخ ْلـ ِـق ال ّلــه ،فر ّبمــا حمـ َـل لـ َ
ـك ثان ًيــا؟ أول ،ولبيتِـ َ
ـك ً ـت الســعاد َة مــن الدّ خـ ِ
ـول لقلبِـ َ ـم من ْعـ َ ّ
ِ
عثــرةً ،لـ َ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 141
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
وحــس
ُّ ِ
القلــب، َــت ســعاد ُة
ــت ،كان ْإن َف ِر َح ْــت ْالقلــب ،واألُ ْخ ُ
ِ َــت ســعاد ُة
َــت ،كان ْإن َض ِحك ْ األُ ُّم ْ
بعز ِهمــا ،كا َنـ ْ
ـت ذكر ِهمــاَ ،ومشــيدً ا ِّ
ـي ح ًّيــا بِ ِ واألب ا ّلــذي ِ
تفتقــدُ ْ ، ِ البيـ ِ
ـت الكبيـ ِـر بالجــدِّ الغائـ ِ
إن بقـ َ ـب
ســعاد ُة القلـ ِ
ـب.
142 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
يأّرلا ُصوصن -ةّيفحّصلا ُةدمعألا
*
رسالةٌ ساميةٌ
مرمي مسعود ّ
الشحي
ـكل كبيـ ٍـر ،فنســب ُة المواطني َن ـن بشـ ٍ ـي والمواطـ ِ ـض فــي الدّ ولـ ِـة مهنـ ٌة تفتقـ ُـر إلــى الـ ِ
ـكادر المح ّلـ ِّ فالتّمريـ ُ
ـن عــن دراسـ ِـة ـزوف المواطـ ِ فــي هـ ِـذ ِه المهنـ ِـة ال تتعــدّ ى الخمس ـ َة فــي المئـ ِـة مــن العاملي ـ َن بهــا ،وعـ ُ
ـت ســاب ًقا النّظــر ُة الدّ ون ّيـ ُة ا ّلتــي ِ التّمريـ ِ
أوضحـ ُ
ْ ـباب كثيــرةٌ ،منهــا كمــا ـم العمـ ُـل بــه َلـ ُه أسـ ٌ
ـض ،ومـ ْن َثـ َّ
ِ
ـادي ا ّلــذيـب المـ ِّ المتع ِّلـ ُـق بالجانـ ِ ـم ر ّبمــا الجــز ُء َ
اآلخـ ُـر ُ ـع علــى عاتـ ِـق المجتمـ ِع ُ
تغييرهــاَ ،ومـ ْن َثـ َّ يقـ ُ
ـرب الكثيـ ُـر نحـ َـو المهــا ِّم اإلدار ّيـ ِـة؛ ألنّهــا أقـ ُّـل ِ
ـذول فــي َن َظـ ِـر بعض ِهــم ،فيهـ ُ ال يــوازي الجهــدَ المبـ َ
جهــدً ا ،وأكثـ ُـر مــادةً.
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 143
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
144 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
صوص
ُ ال ّن
املعلوماتي ُة
ّ
145
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
146
ةّيتامولعملا ُصوصّنلا
املعلوماتي ُة
ّ صوص
ُ ال ّن
ُت َعــدُّ معرفــة نــوع النــص المقــروء مــن أهــم اإلســتراتيجيات ا ّلتــي تســاعد القــارئ علــى فهــم
النصــوص ،والتن ّبــه إلــى النقــاط الجوهريــة فيهــا ،والتعمــق فــي أفكارهــا ومضامينهــا؛ فقــراءة قصيــدة
الشــعر تختلــف عــن قــراءة قصــة ،وهــذه تختلــف عــن قــراءة نــص معلوماتــي ،فلــكل نــوع مــن مــن ِّ
ِ
النصــوص الطريقــة ا ّلتــي تناســبه ،وتناســب الغايــات ا ّلتــي مــن أجلهــا كُتـ َ
ـب ،وبســببها يقرؤهــا القراء.
وأكثــر مــا تجــد النصــوص المعلوماتيــة فــي المعاجــم ،والموســوعات ،واألطالــس ،وكتــب التعليــم،
والكتــب المدرســية علــى اختالفهــا ،والخرائــط ،والمقــاالت العلميــة ا ّلتــي تنشــر فــي المجــات،
كمــا نــرى فــي مجلــة (ناشــيونال جيوغرافيــك) علــى ســبيل المثــال.
وأهــم مــا يم ّيــز النصــوص المعلوماتيــة اعتمادهــا علــى الحقائــق واألرقــام ،ونتائــج الدراســات
العلميــة ،ولذلــك يعتمــد تقييــم النــص المعلوماتــي علــى الصحــة والدقــة فــي نقــل المعلومــات،
والتوثيــق العلمــي ا ّلــذي يحيــل إلــى المصــادر ،وعلــى ِ
الجــدّ ة والتحديــث ،فــا ينقــل النــص نتائــج
دراســات قديمــة ،ويتــرك الحديثــة منهــا.
ولكتابــة النصــوص المعلوماتيــة أصــول وطــرق معتمــدة ،فــا يجــوز للكاتــب أن يتصــدى لكتابــة
نــص معلوماتــي مــن دون أن يلتــزم بهــذه األصــول التزا ًمــا تا ًّمــا .وقــد تطـ ّـورت طــرق كتابــة النصوص
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 147
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
المعلوماتيــة فــي العصــر الحديــث ،وصــار المؤلفــون يعتمــدون علــى وســائل كثيــرة تســاعد القــارئ
علــى فهــم المعلومــات ،وتنظيمهــا ،وحفظهــا ،وتذكرهــا ،كالجــداول ،والقوائــم ،واألشــكال
والرســومات التوضيحيــة ،والصــور.
ّ
إن قــراءة النصــوص المعلوماتيــة تتطلــب مــن القــارئ االنتبــاه ،والتدقيــق ،وإعــادة تنظيــم المعلومات
بمــا يناســب أغراضــه الخاصــة ،وهــي مــن أكثــر المهــارات أهميــة للطــاب ،خاصــة فــي المرحلــة
الجامعيــة.
148 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيتامولعملا ُصوصّنلا
*
ياحي
ِّ الس ستقبليةٌ ِ
للقطاعِ ّ ّ رؤيةٌ ُم
جريدة اال ّتحاد
ِ
تطويــر ــة وأولوي ِ
ــة ّحــدة مــدى أهمي ِ
ِ المت ِ ِ ِ
ّ ّ الرشــيد ُة لدولــة اإلمــارات العرب ّيــة ُ تَعــي القيــاد ُة ّ
تؤه ُلهــا لتكـ َ ٍ ِ
ـون مقومــات ضخمـ ًةِّ ، ـك ّ أن الدّ ولـ َة تمتلـ ُ خصوصــا ّ
ً ـياحي،
السـ ِّ وتنشــيط القطــا ِع ّ
المم ّيـ ُـز
ـي ُ ـع الجغرافـ ُّ أجمعـ ِـه ،ومـ ْن ِ
أبرزهــا الموقـ ُ
ِ ـات السـ ِ
ـياحة فــي العا َلـ ِم ّ
ـرز وجهـ ِ إحــدى أبـ ِ
ـن واالسـ ِ ِ
ـتقرار ا ّلــذي ا ّلــذي حباهــا ال ّلـ ُه بِــه ،والبِنــى التّحت ّيـ ُة الحديثـ ُة ّ
الصلبـ ُة ،فضـ ًـا عــن األمـ ِ
ف ا ّلتــي ـاب والتّطــر ِـط موجـ ِـة اإلرهـ ِ اح ،الس ـ ّيما وسـ َ للس ـ ّي ِ ـل الجـ ِ ـرز عوامـ ِ ُي َعــدُّ أحــدَ أبـ ِ
ّ ـذب ّ
ـف بالعديـ ِـد ِم ـ ْن مناطـ ِـق اإلقلي ـ ِم والعا َل ـ ِم. تعصـ ُ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 149
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ـبكة ال ُّطـ ِ رة متم ّثلـ ٍـة فــي شـ ِ ٍ ٍ ٍ ِ ولعـ َّـل ِم ـ ْن أبـ ِ
ـرق قومــات تم ُّت َعهــا بِبنيــة تحت ّيــة ُمتطـ ّـو ُ الم ّ
ـك ُ ـرز تلـ َ
فضــا عــن ً الفنــادق والمطاعــ ِم العالمي ِ
ــة، ِ ٍ
فاخــرة مــ َن ٍ
ومجموعــة ِ
والمواصــات، والن ِ
ّقــل
ّ
ـال مك ـ ُن إغفـ ُ ـزة .وال ي ِ ـروعات الســياحي ِة التّرفيهيـ ِـة الكُبــرى والمتميـ ِ ِ ـود قائمـ ٍـة مــن المشـ وجـ ِ
ُ ُ ّ ّ ّ ّ
ِ
األمــن يخلــق بيئــ ًة مــ َنُ سياســي اقتصــادي َو ٍ
اســتقرار ــه دولتُنــا الحبيبــ ُة مــن مــا تتمتّــع بِ ِ
ٍّ ٍّ ُ
ِ ِ ِ ِ
ـون ،واحتــرا ِم ُحر ّيــة الفــرد فــي الوقــت ذاتــه .كمــا ِ ـتقرار ،ونظــا ٍم قائـ ٍم علــى تطبيـ ِـق القانـ ِ واالسـ ِ
اح السـ ّي ِ ـذاب ّ رصـ ِـة اجتـ ِ ِ
ـي ُمتطـ ّـو ٍر ُي َط ِّبـ ُـق المعاييـ َـر الدّ ول ّيـ َة ،يزيــدُ مـ ْن ُف َ أن وجــو َد قطــا ٍع صحـ ٍّ
ِ ّ
ـي ِمـ ْن ـعب اإلماراتـ ُّ الشـ ُ ـب مــا يتم ّيـ ُـز بِـ ِـه ّ ـياحة العالج ّيـ ِـة .هــذا ُك ُّلـ ُه إلــى جانـ ِ الهادفيـن إلــى السـ ِ
ّ َ
ـنَ ،و ُمعاملتِ ِهــم. ـوف الوطـ ِ ـتقبال ضيـ ِ ـن اسـ ِ ـال وقي ـ ٍم أصيلـ ٍـة فــي ُحسـ ِ ِخصـ ٍ
150 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيتامولعملا ُصوصّنلا
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 151
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
152 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيتامولعملا ُصوصّنلا
*
ِ
املستقبل من أبوظبي إىل لندن ِق ُ
طار
د .إبراهيم الدرمكي
دون ضجـ ٍـة ،وال َخ ّضـ ٍ ـي ِمـن ِ ِ ِ
ـات، ّ ـارا ينطلـ ُـق مـ ْن أبــو ظبـ ٍ ْ تَخ ّيـ ْـل َلـ ْـو َأ َّن قطـ ً
ـكك الحديد ّيـ ِـة ـلة ِم ـن السـ ِ
َ ِّ
يقطــع صحــراء الرب ـ ِع الخالــي ،مــرورا بسلسـ ٍ
ً َ ُّ ُ
ضــاب تُرك ّيــاَ ،و ِمــ ْن
َ الشــا ِم ّو ِه
ريــف ّ
َ تشــق باديــ َة األُ ِّ
ردن َو ُّ الدّ ولي ِ
ــة، ّ
الفاتــح بِشــ ّقيها ِ ِ
البوســفور ا ّلــذي َن َف ِ
اآلســيوي
ِّ ِ حمــديربــط مدينــ َة ُم ّ
ُ ــق
ـدن .الدكتور إبراهيم الدرمكي ـول إلــى لنـ َـار «اليــورو ســتار» ،وصـ ً ـس ،عبـ َـر ِقطـ ِ
ـي إلــى باريـ َ واألوروبـ ِّ
باحث وأكاديمي،
رئيس قسم اللغة العربية الزهـ ِ
والدراسات اإلماراتية في ـاب،ـروج األعشـ ِ
ـور ،ومـ َ ـول ّ ـال ،وحقـ َ ـار والجبـ َ
ـت تــرى األنهـ َ هــا أنـ َ
كليات التقنية العليا بأبوظبي ِ
البلــدان تمتــدُّ َ
أجمــل َ
تلــك ّ
وكأن ِ
والبلــدات، ِ
مناظــر ال ُقــرى َتت ََأ ّم ُــل فــي
دون عنـ ٍ
ـي ،تقــو ُم بِتَص ُّف ِحـ ِـه َ
ـاء. ـك فــي «ألبــو ٍم» جغرافـ ٍّأما َمـ َ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 153
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
ـون َعربـ ًة،ـار َلـ ُه خمسـ َ أن ك َُّل ِقطـ ٍ ـار االتّحـ ِ
ـاد ّ ـل مشــرو ِع ِقطـ ِ أكثـ ُـر مــا يشــدُّ االنتبــا َه ِمـ ْن بيـ ِ
ـن ك ُِّل تفاصيـ ِ
ـون فــي سـ ِ ـيد الكربـ ِ ـاث ثانــي أكسـ ِ ممــا ُيق ِّلـ ُـل انبعـ َ ٍ ٍ
ـماء ـيكون بديـ ًـا عــن خمســي َن شــاحنة ثقيلــةّ ، ُ وسـ
ـتنخفض
ُ ـازات الدفيئ ـ َة ســإن الغـ ِ ـات حركـ ِـة المـ ِ
ـرور للقطـ ِ
ـار ،فـ ّ ـال تَح ُّقـ ِـق تو ّقعـ ِ
ـارات ،وفــي حـ ِ اإلمـ ِ
ارة علــى ال ّطريـ ِـقْ ،أو ـف سـي ٍ ِ ألكثـ َـر ِمـ ْن 2.2مليـ َ
ـون طـ ٍّن ســنو ًيا ،وهــذا وحــدَ ُه ُيعــاد ُل وجــو َد 375ألـ َ ّ
ـات إلــى مناطـ ِـق ُمعالجتِهــا ،بعيــدً ا عــن القطــار النّفايـ ِ
ُ
ـينقل ِ ـون شـ ٍ
ـجرة! وسـ ُ مــا يــوازي زراعـ َة 52مليـ َ
ِ
تكلفة ـار َسـ ُي َخ ِّف ُض ِمـ ْن أن اســتخدا َم القطـ ِ ـدر جديـ ٍـد لل ّطاقـ ِـة ،فضـ ًـا عــن ّ
لتحويلهــا إلــى مصـ ٍ ِ المـ ِ
ـدن، ُ
ِ والم َقــدّ ر ُة بأكثـ َـر مــن 650مليـ َ ِ ِ ِ
ـي وحدَ هــا. ـون درهـ ٍم فــي إمــارة أبــو ظبـ ٍ الســنو ّية لل ُّطــرقُ ، الصيانــة ّ ّ
ـير المروعـ ِـة علــى الخطـ ِ ِ ِ ِ َخبــر ســار آخــر ،وهــو ّ ِ
ـوط السـ ِ ُ ّ ـار َس ـ ُيق ِّل ُل م ـ ْن هفــوات حــوادث ّ
أن القطـ َ ُ ٌّ ٌ
ٍ
عاليــة مــن األمــانِ. ــة بدرجــةٍ
ــكك الحديدي ِ ارات؛ لِتَمتُّــ ِع الس ِ
ويلــة للســي ِ
ال ّط ِ
ّ ِّ ّ ّ
كــةَ ،و ِر ِ
مــال ِ
حــراء المتحر ِ الص بطــول 1200كــم َع ْبــر ِر ِ
ِ ٍ ــط ِســك ِّة
ــل بِنــا ُء َخ ِّ
لكــ ْنَ ،ه ْ
ُ ّ مــال ّ َ حديــد
ــبخات ســيتم بــا تحدّ ٍ
يــات؟ ِ الس
ُّ ّ
ـل التّكنولوجيـ ِ
ـات ـاح المشــروعَِ ،أ ْو تع ُّثـ ِـر أهدافِـ ِـه مســأل ُة اختيـ ِ
ـار أفضـ ِ ـور الحاسـ ِ
ـمة فــي نجـ ِ ِمـ َن األمـ ِ
ّ
ـات الخبـ ِ
ـرة. ات ،ومقاولي ـن ،وبيوتـ ِ المتاحـ ِـة فــي هـ ِـذ ِه الصناعـ ِـةِ ،م ـن معــدّ ٍ
َ َ ُ ْ ُ ّ ُ
الر ِ
يــاح علــى ِ ــة فــي مواســ ِم ُثبــان الرملي ِ
القطــار هــو تجمــع الك ِ ِ ِّ ِ
هبــوب ّ ّ ّ ّ ُ لخــط ــج
المزع ُوالجانــب ُ
ُ
ـل إلــى َحـ ٍّـل ُمســتدا ٍم لهــذا العائـ ِـق هـ َـو زراعـ ُة
ّوصـ ِ ِ ِ
السـكّة ،ولعـ َّـل الوســيل َة األكثـ َـر كفــاء ًة للت ّ
ُقضبــان ِّ
الرمل ّيـ ِـة. ِ ِ ِ
الس ـكّة لتثبيــت الكُثبــان ّ
ِ
ـاب المحل ّيــة علــى جانبــي ّ الزاحفـ ِـة ،واألعشـ ِ ـات ّالنّباتـ ِ
ِ
المناطــق ا ّلتــي للق ِ
طــار فــي الخرســانة ِ
ِ ــة ِمــ َن
مســارات أنبوبي ٍ
ٍ ِ
عمــل ــات ُأخــرى ُ
مثــل َو ُه َ
نــاك تقن ّي ٌ
ّ
مــال. ِ
بحركــة الر ِ تشــتهر
ّ ُ
ِ
لقضبــان بيعــة العدواني ِ
ــة ذات ال ّط ِ
ــبخات الســاحلي ِة ِ
ِ الس ِ الســك ِّة ِ
ّ ّ ّ بمناطــق ّ ســيمر
ُّ كبيــر مــ َن ّ
ٌ ُجــز ٌء
ٍ ِ ِ ِ ِ ِ
ــل ُمشــكل ًة ُأخــرى لوجــود طبقــات مــ َن ّ
(الســيليكا) الرخــو ُة تُم ِّث ُ
حات ّ المســ ّط ُ الحديــد ،وهــذه ُ
الس ِ
ــطح. ِ ٍ ِ ِ
ّاعمــة ا ّلتــي تمتــدُّ -أحيانًــا- مــال الكربوني ِ
والر ِ
تحــت قشــرة ّ
َ أمتــار لعشــرة ــة الن ّ ّ
154 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيتامولعملا ُصوصّنلا
ـازال مكت ًّظــا بالكثيـ ِـر مــن اإلســتراتيجي ِ ِ ـات ،فالجميـ ُـل فــي قطـ ِ
ات ّ ـار االتّحــاد أ ّنـ ُه مـ َ ُ وأ ًّيــا كا َنــت التّحدّ يـ ُ
ـاق ،و َل ـ ُه ارتباطا ُت ـ ُه المحل ّي ـ ُة واإلقليم ّي ـ ُة ،وهــو كفيـ ٌـل بـ ْ
ـأن ُيديـ َـر وج ـ َه ـروع عمـ ٌـوح ،فالمشـ ُ وال ّطمـ ِ
ـن مئـ ِـة مشــرو ٍع ليكـ َ
ـون عر ْفنــا أ ّنـ ُه اختيـ َـر ِمـ ْن بيـ ِ
ـك إذا َ
ِ
المنطقــة بِ َأسـ ِـرها نحـ َـو العا َلـ ِم ،وال نسـ ُ
ـتغرب ذلـ َ
ـادس لقـ ِ
السـ ِ ِ
ـادة ـنوي ّ
السـ ِّ الملتقــى ّ األو َل فــي العا َل ـ ِم لســنة »2013فــي ُ ـتراتيجي ّ
َّ ـروع اإلسـ
«المشـ َ
ِ ِ
ـم فــي «نيويــورك» َّ
مؤخـ ًـرا. قطــا ِع البِنــى التّحت ّيــة العالمـ ِّ
ـي ا ّلــذي ُأقيـ َ
ِ
الكبريت آالف طـن ِمـن حبيبـ ِ
ـات ـل ِ 10 ـاث ِ
مراحـ َـل ،تبــد ُأ األولــى بنقـ ِ َتــم تصميــم المشــرو ِع علــى ثـ ِ
ٍّ ْ ُ ُ َّ
ِ ِ ِ ِ ِ
ويــس» ،وتمتــدُّ المرحلــ ُة مــ َن الحــدود َ
مــع يوم ًّيــا مــ ْن َحق َلــي «شــاه» و«حبشــان» إلــى مينــاء ّ
«الر
ـيَ ،و ِمـ ْن ُهنـ َ
ـاك يتفـ ّـر ُع ـارف مدينـ ِـة أبــو ظبـ ٍـاحل إلــى مشـ ِ السـ ِ ِ ِ
الســعود ّية فــي «الغويفــات» ،علــى طــول ّ
ِ
ّ
السـ ِ
ـاحل ِ الخـ ِّ ـع اسـ ِ
ـتمرار َ ـن» وإلــى « ُعمـ َ ـدي آخـ ُـر إلــى «ال َعيـ ِ َخـ ٌّ
ـي علــى طــول ّ الرئيسـ ِّ
ـط ّ ـان» ،مـ َ ـط حديـ ٌّ
الشـ ِ «جبـ ِ ِ ِ ـث يمــر بال ُقـ ِ ِ ِ
ـارقة، ـتمر إلــى ّـي» ،ويسـ ُّ ـل علـ ٍّ ـرب مـ ْن مينــاء «خليفـ َة» ومينــاء َ ُّ ـي ،حيـ ُ باتّجــاه ُدبـ ّ
ـث مينــا ُء «صقـ ٍـر» ،واآلخـ ُـر عبـ َـر رأس الخيمـ ِـة ،حيـ ُ ِ ـن ،أحدُ ُهمــا إلــىليتفـ ّـر َع مـ ّـر ًة ُأخــرى إلــى فرعيـ ِ
ـالـرون مــن االنتقـ ِ ـل عــا َم 2018ســيتم ّك ُن الكثيـ َ ـك المراحـ ِ ـرة ،وبانتهـ ِ
ـاء تلـ َ ـال الحجـ ِـر إلــى الفجيـ ِ ِجبـ ِ
ـس التّعـ ِ
ـاون. دول مجلـ ِ ـاق ِ دول ُأخــرى هــي أبعــدُ ِمـ ْن نطـ ِ ـف مناطـ ِـق الدّ ولـ ِـة ،وإلــى ٍ بيـن مختلـ ِ
َ ُ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 155
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
156 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيتامولعملا ُصوصّنلا
طري ِ
ات ملكة ِ
الف ّ ُ َم
ف بـــ «الهيفــات» ،وتنمــو «الهيفــات» ُمتشــابِ َك ًة، تفرعـ ٍـة ،تُعـ َـر ُ ٍ ِ ويتر ّكــب جسـ ِ
ـم الف ْطـ ِـر م ـ ْن خيــوط ُم ّ ُ ُ ََ
ِ ِ أن ُهنـ َ
ـاك أنوا ًعــا مـ َن الفطر ّيــات ال ُت َكـ ِّـو ُن خيو ًطــا، ف بـــ «الميســليوم»ّ ،إل ّ ِ
كونـ ًة َغـ ْـز ًل فطر ًّيــا ُيعـ َـر ُ
َو ُم ِّ
ِ ِ
كون ـ ًة
دون انفصالهــاُ ،م ِّ ـم الخاليــا َ ولكنّهــا تنمــو ُمتبرعم ـ ًة مثـ َـل فطـ ِـر الخميــرة ،وقــد يسـ ُّ
ـتمر تبرعـ ُ
سلســل ًة ِم ـن الخاليــا المتبرعمـ ِـة ا ّلتــي تشــبه الس ـبح َة فــي شـ ِ
ـكلها. ُ ُّ ْ َ ُ َ
ـن المجــر ِ ِ ِ ِ
ـات
وبعضهــا كبيـ ٌـر ،والفطر ّيـ ُُ دة، ـض هــذه الفطر ّيــات صغيـ ُـر الحج ـ ِم ،ال ُيــرى بالعيـ ِ ُ ّ وبعـ ُ
ف -عمو ًمــا -باسـ ِم «عيــش ِ
األرض ،وهــي تُعـ َـر ُ ـود ِه علــى
ـان منـ ُـذ بدايـ ِـة وجـ ِ
الكبيــر ُة معروفـ ٌة لإلنسـ ِ
ـرش هـ ِـذ ِه المملكـ ِـة. والم ِلـ ُ
ـك المتـ ّـو ُج علــى عـ ِ ِ
ـي أرقــى أنــوا ِع الفطر ّيــاتَ ، الغــراب» ،وهـ َ
األرض بأ ّن ـه ِم ـن مملكـ ِـة الفطريـ ِ ـي علــى وجـ ِـه ـف أكبـ ُـر كائـ ٍ
ف اليــو َم ـات ،وهــو مــا ُيعـ َـر ُ ّ ِ ُ ْ ـن َحـ ٍّ َو ُيصنّـ ُ
ـرب ِمـ ْنـت تُر َبـ ِـة الغابـ ِـة القوم ّيـ ِـة بال ُقـ ِ
باسـ ِم «عيــش غــراب العســل» ا ّلــذي اكتشـ َف ُه ال ُعلمــا ُء نام ًيــا تحـ َ
ـات التُّربـ ِـة،ـزارة بي ـن حبيبـ ِ
َ ُ
الف ْطـ ِـر نامي ـ ًة بغـ ٍـوط هــذا ِ واليـ ِـة «أريجــون» األمريك ّيـ ِـة ،فقــد وجــدوا خيـ َ
ـت مســاح ًة َقدْ رهــا تســع ُة كيلومتـ ٍ ـذور األشـ ِ
ـجار ،ح ّتــى َغ َّطـ ْ ـور وجـ ِ الصخـ ِ
ـرات ُ ـس طري َقهــا بيـ َن ّ تتحسـ ُ
ّ
ٍ
أربعة ـون َو ْز ُنـ ُه أثقـ َـل ِمـ ْن
ـك يكـ ُـي بحوالــي 600طـ ٍّن ،وبذلـ َ ُمر ّبعـ ٍـةَ ،و ُيقــدَّ ُر َو ْز ُن هــذا الكائـ ِ
ـن ُ
الخرافـ ِّ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 157
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
الف ْطـ ِـر بنحـ ِـو 2400سـ ٍ ـاء العمالقـ ِـة مجتمعـ ًة ،كمــا حســب العلمــاء ُعمــر هــذا ِ ـان الزرقـ ِ
ـنة، َ ُ ُ ْ َ ُ ِمـ َن الحيتـ ِ َّ
الف ْطـ ُـر ينمــوَ ،ويتغـ ّـذىَ ،وينمــو، ـازال هــذا ِ
ـاد .ومـ َ أي أ ّنـه بــد َأ فــي النّمــو نحــو 350ســن ًة قبـ َـل الميـ ِ
َ ِّ ْ ُ
جمــاَ ،و َو ْز ًنــاَ ،و ُعمـ ًـرا. ِ
األرض َح ً ـي علــى َو ْجـ ِـه رقمــا قياسـ ًّيا ألكبـ ِـر كائـ ٍ
ـن َحـ ٍّ َويتكاثـ ُـرُ ،مح ّق ًقــا ً
فــات النّبات ّيــ َة ِمــ ْن أفــر ِع
ــل الم َخ َّل ِ
ــر «عيــش غــراب العســل» أنّــ ُه ُي َح ّل ُ ُ
ِ ٍ
أهــم َعمل ّيــة يقــو ُم بهــا ف ْط ُ
َو ُّ
للذوبـ ِ
ـان ـيطة قابلـ ٍـة ّـات إلــى مــواد بسـ ٍ
َّ الم َخ َّلفـ ُ ِ ِ ِ
المتســاقطة ،فتتحـ ّـو ُل هــذه ُ
ِ ِ
ـجار الميتــة ،واألوراق ُ األشـ ِ
ــة األُخــرى ،أ ّمــا الكائنــات الحي ِ
ِ ســائر تتغــذى عليهــا ِ
ّباتــاتَ ،و ّ جــذور الن فتمتصهــا ِ
المــاء، فــي
ّ ُ ُ ُّ
بالعناصــر الغذائي ِ
ــة. ِ فــات العضويــ ُة فتتحــو ُل إلــى «دبــال» تُحســن قــوام الت ِ
ُّربــة ،وتمدُّ هــا الم َخ َّل ُ
ّ َ َ ِّ ُ َ ّ ّ ُ
ٍ ِ ٍ بــدور م ِهــم َك ُعم ِ
إضرابــات َ
ودون لــل َأ ْو ك ٍ
َلــل، دون َم ٍ
للبيئــةَ ، نظافــة ــال ٍ ُ ٍّ ّ ــات
وهكــذا تقــو ُم الفطر ّي ُ
تحســين ظروفِ ِ
ــه. ِ ِ
العمــلَ ،و ِ
ســاعات ِ
تحديــد ِ
األجــورَ ،و ِ
بزيــادة ــب ِ
تُطال ُ
158 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيتامولعملا ُصوصّنلا
ـرف ســوى ِ 5.7%مـ ْن ُجم َلـ ِـة ـول ،فنحــن ال نعـ ُ الفطريـ ِ
ـات عا َل ًمــا مجهـ ً ّ
ـت مملكـ ُة ِ ـك فمــا زا َلـ ْ ـع ذلـ َ
ومـ َ
ِ ِ ـاتَ ،وإِ َّن مــا نعر ُفـ ُه عــن سـ ِ الفطريـ ِ ِ
ممــا نعر ُفـ ُه عــن ـخ ،وأعمــاق المحيــط هـ َـو أكثـ ُـر بكثيـ ٍـر ّ الم ّريـ ِ
ـطح َ ّ
ـب ،والعميـ ِـق التّأثيـ ِـر ،والواس ـ ِع االنتشـ ِـيط التّركيـ ِـن البسـ ِ هــذا الكائـ ِ
-ســبحا َن ُه ـار ،ا ّلــذي َوه َب ـ ُه ال ّل ـ ُه ُ
ـات جمي َعهــا ـراد ِه جنــودا تغــزو النّباتـ ِ ـدرات ال حصــر لهــا ،فاســتطاع َأ ْن يجعـ َـل ِم ـن أفـ ِ ٍ وتعالــىُ -قـ
ً ْ َ َ ْ َ
ـارك ال ّل ـ ُه أحس ـ ُن الخالِقي ـ َن.
ـخ َرها لخدمـ ِـة البشــر ّي ِة ،فتبـ َ ِ
األرضَ ،وسـ ّ علــى َس ـ ْط ِح
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 159
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
160 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيتامولعملا ُصوصّنلا
تنمية ال ّتفكريِ
ُ
حممد حممود العلي
مهمــا فــي حيــاة اإلنســان ،وقــد ك َّرمــه ال ّلــ ُه وم ّيــزه علــى مخلوقاتــه بالعقــل
دورا ً
يلعــب التفكيــر ً
ا ّلــذي يعتبــر مــن أبــرز المكونــات الشــخصية لإلنســان ،وأداة التفكيــر ا ّلتــي البــد مــن تنميتهــا لتقــوم
أساســا فــي اإلصالح
بوظيفتهــا علــى أكمــل وجــه؛ ألن تنميــة التفكيــر لــدى اإلنســان وإصالحــه تعــد ً
والتنميــة.
فالتفكيــر ضــرورة إنســانية وشــرعية ،بــل فريضــة إســامية ،حيــث دعــا ال ُقــرآن الكريــم اإلنســان إلــى
التفكــر فــي ملكــوت ال ّلــه ،وجعلــه ســمة ألصحــاب العقــول الراجحــة ،ووصفهــم( :ﮉ ﮊ ﮋ
ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ
ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ
ﮪ) (آل عمــران).
وبــدون التفكيــر يفقــد اإلنســان إنســانيته ،ويصبــح كمــا قــال تعالــى عــن الذيــن امتلكــوا أدوات
الســمع والبصــر والفهــم ،ولكنهــم عطلوهــا( :ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ)( .األعــراف).
فالتفكيــر ســلوك هــادف ،وهــو غايــة يمكــن الوصــول إليهــا عــن طريــق التعلــم والتدريــب .لهــذا
اهتمــت الــدول بتربيــة التفكيــر ،وأصبــح فــي مقدمــة أولوياتهــا عبــر مؤسســاتها التعليميــة والتدريبيــة
واإلدارات العامــة والخاصــة ،بمــا يتيــح للمتعلــم التمكــن مــن المتطلبــات المعرفيــة والوجدانيــة
لمواجهــة تحديــات العصــر المتناميــة ،وذلــك بــأن يكــون االهتمــام بتعليــم المتعلــم كيــف يفكــر؟
أكثــر مــن االهتمــام بمــاذا يفكــر؟
إن حاجــة اإلنســان إلــى تلبيــة متطلبــات العصــر ،ومواكبــة التطــورات العلميــة والمعرفيــة ا ّلتــي
تصعــب اإلحاطــة بهــا تفــرض عليــه تطويــر قدراتــه وتنميتهــا الكتشــاف المعلومــات ومعالجتهــا
وفهمهــا وتفســيرها ونقدهــا ،وإن ثقافــة التفكيــر تعلــي مــن قيمــة العقــل وتحقــق قيمــة التســامح
الفكــري والقبــول باآلخــر ،وهــذا بــدوره يــؤدي إلــى خلــق المواطــن الواعــي ا ّلــذي ال ينحــرف
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 161
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
كمــا أن العولمــة الثقافيــة وســهولة تعــرض بعضهــم لالنبهــار ،ومــن ُثـ َّ
ـم االنســياق الالعقالنــي وراء
أفــكار وثقافــات وأســاليب حيــاة أخــرى لمجــرد كونهــا مختلفــة ،وهنــا يأتــي دور التفكيــر فــي غربلــة
هــذه األفــكار واالتجاهــات ا ّلتــي يتعــرض لهــا ،ويبنــي موقفــه منهــا علــى أســس واضحــة ومتينــة.
ويســاعد التفكيــر علــى اتخــاذ قــرارات فــي مواقــف أخالقيــة مهمــة تواجهنــا فــي حياتنــا الشــخصية
والعمليــة ،وخاصــة المواقــف ا ّلتــي ال يوجــد فيهــا نــص قانونــي محــدد .وإن حاجــة ســوق العمــل
لنوعيــات جديــدة مــن األفــراد الذيــن يتســمون بالقــدرة علــى تحليــل المواقــف ا ّلتــي يتعرضــون لهــا
بصــورة نقديــة وتقديــم الحلــول للمشــكالت المتعــددة ا ّلتــي يفرضهــا واقــع الحيــاة المعاصــرة،
إضافــة إلــى اعتمــاد االقتصــاد العالمــي علــى آليــات الســوق وتشــجيع المبــادرة الفرديــة ا ّلتــي تحتــاج
إلــى قــدرات خاصــة تســاعد علــى تحليــل المعلومــات االقتصاديــة المتاحــة وتوظيفهــا لمصلحــة
الفــرد.
إن عولمــة المعرفــة والمشــكالت واألحــداث فرضــت صناعــة التفكيــر وإنتــاج األفــكار علــى
المجتمــع العالمــي ،ح ّتــى إن بعــض الــدول انتقلــت مــن طــور تنميــة الثــروات الباطنيــة إلــى طــور
تنميــة الثــروات الذهنيــة والعقليــة .يقــول أحــد المفكريــن اليابانييــن« :معظــم دول العالــم تعيــش
علــى ثــروات تقــع تحــت أقدامهــا ،وتنضــب بمــرور الزمــن ،أ ّمــا نحــن فــي اليابــان فنعيــش علــى
ثــروة فــوق أرجلنــا ،تــزداد ،وتعطــي بقــدر مــا نأخــذ منهــا».
ومــا أحوجنــا اليــوم نحــن العــرب فــي ظــل الظــروف ا ّلتــي تعصــف بنــا إلــى إســتراتيجية وطنيــة فــي
تنميــة التفكيــر وبنــاء اإلنســان الصالــح ،نســتلهمها مــن إرثنــا الحضــاري مــع االســتفادة مــن التجارب
الرائــدة وإعطائهــا الصبغــة ا ّلتــي تع ّبــر عــن هويتنــا وحضارتنــا ،إســتراتيجية قابلــة للتطبيــق ،وقــادرة
علــى إعــداد اإلنســان المفكّــر والفاعــل فــي حقــول العمــل واإلدارة داخل ًّيــا ،والمؤ ّثــر إقليم ًّيــا،
الســالف.
ودول ًّيــا ،يعيــد لألمــة ألقهــا ّ
تنطلــق هــذه اإلســتراتيجية مــن تنميــة التفكيــر ومهاراتــه ،وذلــك بتوفيــر البيئــة التعليميــة والتدريبيــة،
وتدريــس مناهــج التربيــة العلميــة القــادرة علــى إعــداد األفــراد القادريــن علــى التفكيــر الســليم،
162 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيتامولعملا ُصوصّنلا
واإلعــداد النفســي للمتعلــم كالثقــة بالنفــس والمرونــة واالنفتــاح الذهنــي وحــب التغييــر اإليجابــي،
واالعتــراف بالخطــأ ،واالســتماع إلــى وجهــة نظــر اآلخريــن ،وتجنّــب التناقــض والغمــوض
والتواصــل مــع اآلخريــن .مــن جهــة ثانيــة ،اإلدراك الحســي ،بمعنــى توجيــه الحــواس حســب
الهــدف ،واالســتماع الواعــي ،والمالحظــة الدقيقــة ،والنظــر للموضــوع مــن زوايــا مختلفــة،
وتخزيــن المعلومــات ،وتذكّرهــا بطريقــة منظمــة .ومــن جهــة أخــرى تجنــب أخطــاء التفكيــر،
باالبتعــاد عــن التمركــز حــول الــذات ،والقفــز إلــى النتائــج ،واالبتعــاد عــن األحــكام الشــخصية،
والبحــث عــن حلــول غيــر تقليديــة .والبــد مــن تطويــع العقــل للموقــف مــن خــال التعــرف إلــى
الغــرض مــن التفكيــر ،وتحديــد نمــط التفكيــر المالئــم للموقــف ،واالســتعداد لتغييــر نمــط التفكيــر
إذا تغيــر الموقــف ،هــذا مــن جانــب تنميــة المهــارات لــدى المتعلــم.
أ ّمــا تنميــة التفكيــر فــي هــذه اإلســتراتيجية فيجــب أن تقــوم مؤسســاتنا التعليميــة والتربويــة والتدريبية
بتأميــن المعلــم أو المــدرب المؤهــل والفعــال؛ ألنــه يمثــل أهــم عناصــر نجــاح تعليــم التفكيــر،
ملمــا بخصائــص التفكيــر الفعــال ومهاراتــه المتنوعــة ،ومتابعــة التطــورات
والــذي ينبغــي أن يكــون ًّ
التربويــة والمناهــج التدريبيــة.
كمــا أ ّنــه البــد مــن توفيــر البيئــة التعليميــة المالئمــة إلثــارة التفكيــر الف ّعــال لــدى المتعلميــن ،كالقاعة
الصفيــة ،والوســائل التعليميــة المتنوعــة والحديثــة ،والمقاعــد المريحــة ،والمراجــع المتعــددة،
وطرائــق التدريــس واألنشــطة التعليميــة ا ّلتــي تتناســب والفــروق الفرديــة ،مــع اســتخدام الحاســوب
و(اإلنترنــت).
وأخيـ ًـرا التأكيــد علــى اســتخدام التقويــم وإجراءاتــه المتنوعــة المتمركــزة حــول ضــرورة قيــاس مــا
تعلمــه الطالــب ،وال يقتصــر ذلــك علــى االختبــارات الشــفوية والتحريريــة فقــط ،وإنمــا اســتخدام
تقنيــات أخــرى كالمالحظــة والســجالت التراكميــة ومقاييــس التقديــر والمناقشــة الجماعيــة
والرســم البيانــي ،والتقاريــر الفرديــة والجماعيــة.
كل ذلــك إلعــداد جيــل قــادر علــى التفكيــر ومواجهــة المشــكالت وتقديــم الحلــول ،جيــل يحافــظ
علــى هويتــه ،ويؤثــر فــي محيطــه اإلقليمــي والعالمــي ،وينهــض باألمــة لتضاهــي األمــم المتقدمــة.
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 163
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
164 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيتامولعملا ُصوصّنلا
تطوير الذات
حممد بن علي شيبان العامري
ُّ
كل مــا حولنــا يبحــث عــن مســتقبله ..ال يريــد أن يقــف مكتــوف اليديــن إزاء حاضــره مك ّبـ ًـا بماضيه،
اهتزت
فــاألرض الجــرداء تكظــم صبرهــا ح ّتــى ينــزل المطــر عليها ..فــإذا ســالت وديانهــا باألمطــارّ ،
كل زوج بهيج. وربــت وأنبتــت مــن ّ
ال ّليـ ُـل مهمــا بــدا طويـ ًـا ثقيـ ًـا مدثـ ًـرا بعباءتــه الســميكة الســوداء ،فـ ّ
ـإن الكــون يمنِّــي النفــس بنهــار
ـدي جميــل تتف ّتــح فيه أســارير الحيــاة والكائنــات ،فالغدُ المشـ ُ
ـرق مســتقبل، ـرف مشـ ٍ
ـرق عـ ٍ مرفـ ٍ
ـذب نـ ّ ُ
والخريــف ا ّلــذي تتعـ ّـرى أشــجاره مــن خضرتهــا اليانعــة ،وثمارهــا الشــه ّية ،وأزهارهــا البه ّيــة ،يبــدو
والريــاض والمــزارع
للناظــر كهيــاكل عظيمــة ناشــزة توحــي بالمــوت واالنتهــاء ،لكــ ّن الحدائــق ِّ
ـي زاهـ ٍـر مثمــر تعــود فيــه بســمة الحيــاة إلــى ّ
كل هــذا الموات، والبســاتين تؤ ِّمــل نفســها بمسـ ٍ
ـتقبل ربيعـ ٍّ
والفـ ّـاح ا ّلــذي يمضــي أوقاتــه تحــت الشــمس ّ
اللهبــة ،وتحــت ســياط البــرد القــارس ،إنّمــا يدفعــه
لتحمــل هــذا العــذاب المســتعذب ،فالموســم مســتقبله الضاحــك
ّ مسـ ُ
ـتقبل موســمه العامــر بالغــال،
ـي ال َعطِــر..
الغنـ ّ
واألُ ّم ا ّلتــي تنتظــر تســعة أشــهر بلياليهــا ونهاراتهــا وحملهــا الثقيــل ا ّلــذي يوهــن بدنهــا ،ومــا تعانيــه
يتجمــع مســتقبلها ك ّلــه فــي رؤيــة وليدهــا المنتظــر النــور ،إنّهــا تولــد بوالدتــه ..ولــوال
ّ مــن مصاعــب،
إيمانهــا بالمســتقبل المحفــوف باألمــل لمــا عانــت متاعــب الحمــل ،وال كابــدت آالم المخــاض،
ح ّتــى الدجاجــة ا ّلتــي ترقــد علــى بيضهــا أ ّيا ًمــا معــدودات يحدوهــا األمـ ُـل فــي أن تــرى صيصانهــا
ـدرج مــن حولهــا مزقزقات..وأنــت تقضــي عا ًمــا كامـ ًـا علــى مقاعــد الدراســة
بألوانهــا الزاهيــة ،تـ ُ
ـي تتّجــه صــوب مســتقبلك العلمــي والعملــي لتتقــدّ م خطــوة نحــو المســتقبل ،وفــي ّ
كل عــام دراسـ ّ
شــو ًطا آخــر..
هــذا هــو الكــون ،تط ّلــع إلــى المســتقبل ك ّلــه ،يغمــره التفــاؤل ّ
أن المؤ ّمــل -وإن كان غي ًبــا -لكنّــه
ســيأتي حامـ ًـا بيــن ط ّياتــه الســعد والرحمــة والبركــة ،ولــذا قيــل« :تفاءلــوا بالخيــر تجــدوه» .فكــم
ـم بــات وهــو يرجــو أن
ـض نــام ليلتــه وهــو يمنِّــي النفــس بالشــفاء ..وكــم مــن صاحــب هـ ّ مــن مريـ ٍ
همــه ..وكــم مــن مشــكلة عويصــة داخ فيهــا صاحبهــا لكنّــه لــم يعــدم األمل
يطلــع الصبــاح بمــا يفـ ِّـرج ّ
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 165
كتاب النصوص للصف ال ّتاسع
فبــدون األمــل تصبــح الحيــاة زنزانــة ض ِّيقــة ال نطيــق العيــش فيهــا لــوال فســح ُة األمــل ،فالماضــي
ـيصبح المسـ ُ
ـتقبل -ذات يــوم- ُ كان ذات يــوم حاضـ ًـرا ،والحاضــر بعــد مــدّ ٍة ســيكون ماض ًيــا ،وسـ
حاضـ ًـرا ،فالمســاف ُة بيننــا وبيــن غدنــا ليســت بعيــدة ،وبقــدر مــا يكــون الماضــي والحاضــر مشــرقين
تكــون صــورة المســتقبل ،لكـ ّن ذلــك -كمــا ســنرى -ليــس شــر ًطا ضرور ًيــا ،فقــد تحــدث فــي حياتنا
نقــات نوعيــة نكســر فيهــا موانــع الســير ،ونزيــح عقبــات الطريــق لنح ِّلــق نحــو المســتقبل بأجنحــة
الســفن ،فر ّبمــا جــاء الغــد وقــد تراجعنــا ،ور ّبمــا جــاء وقــد
الريــاح بمــا ال تشــتهي ُّ
األمــل! وقــد تأتــي ِّ
واجهتنــا ضاغطــة غ ّيــرت الكثيــر مــن برامجنــا ومشــاريعنا علــى غيــر رغبــة أو إرادة منّــا.
إن الشــعوب ا ّلتــي خطــت خطــوات واســعة وواثقــة فــي مضمــار العلــوم والفنــون واالقتصــاد
ّ
والثقافــة هــي شــعوب أولــت مســتقبلها اهتما ًمــا بال ًغــا ،ولــم تقنــع بمــا هــو عليــه أبناؤهــا مــن واقــع
ـادي أو معنــوي ناهــض ومشــرق ،فاليابــان نهضــت مــن حطــام وأطــال الدمــار الشــامل ا ّلــذي مـ ّ
لحــق بهــا جـ ّـراء الحــرب العالميــة الثانيــة ،باحثــة عــن مســتقبل باهــر ،فــكان لهــا مــا أرادت ،رغــم
تواضــع إمكاناتهــا الما ّديــة ،والعالــم اليــوم -أينمــا اتّجــه -يعنــى بالمســتقبل فــي أبحاثــه ودراســاته
التخصصيــة فــي هــذا المجــال الحيــوي ،ولقــد ســبق ديننــا إلــى ذلــك فــي تأكيــده علــى
ّ ومؤسســاته
ّ
166 حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة
ةّيتامولعملا ُصوصّنلا
المســتقبل األفضــل مــن يــوم األُ ّمــة وأمســها ،ففــي دعائــه^« :ال ّلهـ ّ
ـم ..واجعــل الحيــاة زيــادة لــي
كل خيــر» ،دعــوة مفتوحــة لالســتزادة مــن الخيــرات واإلبداعــات والبــركات ،والتــي تشــمل ّ
كل فــي ِّ
إنتــاج ينفــع البشــرية ،ويخ ِّفــف آالمهــا ،ويصــل بهــا إلــى مراقــي العـ ّـزة واالزدهــار والنهضــة والتطـ ّـور
والمنافســة مــع األمــم األخــرى فــي العلــم والمعرفــة والعمــل الصالــح ،وال يكــون ذلــك ممكنًــا ّإل
بجهودنــا فــرادى ومجتمعيــن.
حقوق الطبع © محفوظة لوزارة التربية والتعليم – دولة اإلمارات العربية المتحدة 167
اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻬﺠﻴﻦ ﰲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ
ﻣﺎﻗﺒﻞ
اﻟﺤﻠﻘﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ اﻟﺤﻠﻘﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺤﻠﻘﺔ اﻷوﱃ اﻟﺮوﺿﺔ/ اﻟﺨﻄﺔ اﻟﺪراﺳﻴﺔ
رﻳﺎض اﻷﻃﻔﺎل
اﻟﺘﻌﻠﻢ
اﻟﻤﺪرﺳﻲ
اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ
اﻟﺘﻌﻠﻢ
اﻹﻟﻜﺘﺮوﱐ
اﻟﺬاﰐ
ﺗﻘﻮم اﻟﻮزارة ﺑﺎﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎﱄ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﰲ ﻗﺒﻮل اﻟﻄﻠﺒﺔ ﰲ اﻟﺘﺨﺼﺼﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﺴﻖ ﻣﻊ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﺳﻮق
اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﺪوﱄ
اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ اﻟﻌﺎم اﻟﻤﺘﻘﺪم
اﻟﻤﺴﺘﻮى 1-4
أﻋﻠﻰ 10ﰲ اﻟﻤﺌﺔ 12
ﺑﺮاﻣﺞ ﺛﺎﻧﻮﻳﺎت اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﰲ ﻧﺘﺎﺋﺞ
اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ اﻻﺧﺘﺒﺎرات اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ
ﻋﺎﻣﺎ ) 4ﺳﻨﻮات(
)اﻟﺼﻔﻮف (9-12اﻷﻋﻤﺎر ﻣﻦ 14إﱃ ً 18
اﻟﺤﻠﻘﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ
اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﺪوﱄ
اﻷﻋﻤﺎر 4) 10-13ﺳﻨﻮات(
اﻷﻋﻤﺎر 4) 10-13ﺳﻨﻮات(
اﻟﺤﻠﻘﺔ اﻷوﱃ
اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﺪوﱄ
اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ اﻟﻤﺒﻜﺮة
اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﺪوﱄ
) 3-5ﺳﻨﻮات(
) 2ﺳﻨﺘﺎن(
) 4 - 3ﺳﻨﻮات(
) 3 - 2ﺳﻨﻮات(
اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ
ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺗﺠﺴﻴﺮي
اﻟﺘﻌﻠﻴ ـ ـ ــﻢ اﻟﻤﺴﺘ ـ ـ ــﻤﺮ