Professional Documents
Culture Documents
حجاجية الخطاب القرآني نماذج من سورة يوسف عليه السلام
حجاجية الخطاب القرآني نماذج من سورة يوسف عليه السلام
الجزائر
مجلة َ
الملخص:
نحاول من خالل هذه الدراسة بيان أهمية موضوع الحجاج وآلياته التخاطبية الحجاجية
في القصص القرآني ونخص بالدراسة ،قصة النبي يوسف عليه الصالة والسالم،وكذا الكشف
عن خصائص الخطاب الحجاجي الحواريفي القصص القرآني ،فما الحجاج وما نصيب القرآن
منه؟ وكيف يتجسد الخطاب الحجاجي في القصص القرآني عامة وفي قصة النبي يوسف
طب؟
عليه السالم على وجه الخصوص؟ وماهي تقنيات التأثير واإلقناع في المخا َ
الكلمات المفتاحية :الحجاج،سورة يوسف،الخطاب الحجاجي،اآلليات التخاطبية.
Abstract:
In thisstudy, wetry to explain the importance of the subject of pilgrims
and theirmechanisms of discourse in the Quranic stories and the study,
the story of the ProphetJoseph peacebeuponhim, as well as the
disclosure of the characteristics of dialogue discourse. Whatpilgrims
and whatshare of the Koran? And how is the discourse of the
pilgrimsreflected in the Quranic stories in general and in the story of
the Prophet, peacebeuponhim in particular? What are the techniques of
influence and persuasion in the address?.
The Discourse of؛ Surah Yusuf؛keyword: Argumentation
The Mechanisms of Speech.؛ Argumentation
.
352 مجلة المخبر -العدد الرابع عشر8102 -
أ /فاطمة الزهرة المالحي حجاجية الخطاب القرآني سورة يوسف -أنموذجا-
إن للغة أبعادا حجاجية في جميع مستوياتها،فهي عند "ديكرو" ،دراسة مجاليةّ
( )polémiqueفي جوهرها،ونظ ار لظهور المقتضى باعتباره من أهم األشكال الحجاجية
الكامنة فيها،يعتبر" ديكرو" ،اللغة بصرف النظر عن استعماالتنا المختلفة لها،مسرح محاورة
ومواجهة بين الذوات البشرية ،تكمن وظيفة الحجاج لدى ديكرو و أسكومبر في ما يعرف ب
"التوجيه"( )L’orientationحتى ّأنهما حص ار داللة الملفوظ في التوجيه الناتج عنه،ويحصل
هذا التوجيه في مستويين:مستوى السامع ،ومستوى الخطاب نفسه خاصة ما بين المستويين
من تداخل و تواشج ،والغرض هو توجيه السامع أو مواساته أو إقناعه أو جعله يأتي عمال ما،
أو إزعاجه وإحراجه وغير ذلك...ويحصل هذا التوجيه على الصعيدين إما صريحا أو
1
ضمنيا».
أوال-الحجاج القرآني:
أ -الخطاب الحجاجي:
" يعد الحجاج كآلية يتضمنها نوع معين من الخطابات أو خطابات كثيرة ومختلفة،وإذا
الخطابيين،فإنه في األبحاث والكتابات الحديثة
ّ كان قد تجسد فيما نسميه باإلستمالة واإلقناع
2
أصبح موضوعا قائما بذاته،ويتفاعل مع مجاالت خاصة كذلك،كاللغويات والفلسفة...ففي
منظور بعض هذه الكتابات نجد الحجاج أو التدليل يشيران إلى ذلك الخطاب الصريح أو
الضمني الذي يستهدف اإلقناع واإلفحام معا،مهما كان متلقي هذا الخطاب،ومهما كانت
الطريقة المتبعة في ذلك،ومن هنا كان منطلق نظرية الحجاج المعاصرة عند كل
مايير"،M.Meyerو"روالن "ميشال ،CH.Perelmanو من"شاييمبيرلمان"
بارت"."R.Barthes
ومع ظهور ما يعرف بالبالغة الجديدة عام 0592م،ضمنها "بيرلمان" في كتابه "
مقال في البرهان:البالغة الجديدة"،يحاول دراسة وإعادة تأسيس البرهان أو المحاجة اإلستداللية
ومتميزة لدراسة المنطق التشريعي
ّ باعتباره تحديدا منطقيا بالمفهوم الواسع،كتقنية خاصة
والقضائي على وجه التحديد وامتدادا لباقي أنواع الخطابات األخرى المعاصرة وقد ولدت
البالغة الجديدة في حضن البنيوية النقدية ذات النزوع الشكالني الواضح وتكمن حداثتها في
ّأنها تقابل مايعرف البالغة الفيلولوجية،ويدعمها ثلة من العلماء من أمثال" :جيرار
3
جينيت""،جان كوهين""،تدوروف" "جماعة ليجا".
التفاوت بين جانبيه " الفعلي واإلسقاطي" وما لهما من أثر في كثير من الخالفات بين
المجتمعات اإلنسانية.8
أن المظاهر الحجاجية للخطاب،أيا كان نوعها ال تتمثل في يرى أبو بكر العزاوي ّ
فقط،ولكنها تتمّثل أيضا في أشياء أخرى،فهي تتمثل في كثير من
ّ الروابط والعوامل الحجاجية
-1مزايا المتكّلم:
إن دراسة مزايا المتكّلم هي من جملة الطرق التي يمكن أن ّ
تقدم تصوي ار مناسبا لمنطق ّ
جية وكمال مطلق،ومع التسليم بانتساب القرآن
القرآن،فمع التسليم بوجود الله تعالى كحقيقة خار ّ
أن هذا الكالم هو انعكاس لصفات وكماالت صاحبه الوجودية
اليه ،نصل بحكم العقل إلى ّ
يشكل طريقا
التأمل في صفاته وأفعاله تعالى يمكن أن ّ
بأن ّ فإن العقل يحكم أيضا ّ
ومن هنا ّ
لمعرفة القرآن ومنطقه.
-مزايا النص:
نص من النصوص بما في ذلك القرآن الكريم على تشخيص أي ّ تساعد معرفة مزايا ّ
بأنه
خاصة،فهو يصف نفسه ّ
منطق ولغة ذلك النص،وبدراسة القرآن نجد ّأنه يثبت لنفسه مزايا ّ
كتاب مبينّ ،بينة وآية،برهان،بصائر،حق،قول فصل .كتاب عزيز ال يأتيه الباطل من بين يديه
وال من خلفه.
-3دائرة المخاطبين:
إن من الطرق التي يمكن أن ّ
نحدد عبرها منطق الخطاب القرآني دراسة الدائرة التي ّ
النص إذا ما جعل مخاطبه فئة خاصة يتوجه إليها الخطاب القرآني،فمما يحكم به العقل أن ّ
خاص من طبقات الناس أوّ كالعلماء والعرفاء والفالسفة،أو أي طبقة أو صنف أو عرق
أصنافهم أو أعراقهم،فإن مضمون وأسلوب لغة هذا النص ال بد من أن تكون متناسبة مع ذلك
12
المخاطب نفسه.
-4هدف النص:
ومما يمكن أن يساعدنا في معرفة منطق الخطاب القرآني كذلك معرفة هدفه،ومن هنا
فإن معرفة هدف النص القرآني لها دورها أيضا في دراسة لسانيات القرآن وما يرتبط بلغته لقد
ّ
13
التدبر في آيات الله.
أن هدفه هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور و ّ
أعلن القرآن ّ
خامسا -الحوار القرآني في سورة يوسف وآلياته اإلقناعية:
يعد الحوار من أهم اإلستراتيجيات الخطابية الكامنة في القصص القرآني بشكل عام
ّ
وفي سورة يوسف التي نحن بصدد دراستها بشكل خاص.
ص َعَل ْي َك عن ابن عباس قال:قالوا:يا رسول الله،لو قصصت علينا؟ فنزلتَ ﴿ .ن ْح ُن َنُق ُّ
ِِ ِ ِِ ِ
ين﴾. ص ِب َما أ َْو َح ْيَنا ِإَل ْي َك َه َذا اْلُق ْرآ َ
َن َوإِ ْن ُك ْن َت م ْن َقْبله َلم َن اْل َغافل َ َحس َن اْلَقص ِ
أَْ
15
َ
يه َيا أََب ِت ِإِّني حوار النبي يوسف مع والده يعقوب ،يقول الله تعالىِ ﴿:إ ْذ َقال يوسف ِألَِب ِ
َ ُ ُ ُ
الشمس واْلَقمر أرَي ُتهم لِي س ِ ِ
ين﴾.اجد َ َح َد َع َشَر َك ْوَكًبا َو َّ ْ َ َ َ َ َ ْ ُ ْ َأرَْي ُت أ َ
16
َ
قصة يوسف إذ قال ألبيه وأبوه
يقول الله تعالى:اذكر لقومك يا محمد في قصصك عليهم من ّ
يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم الصالة والسالم...،فقال ابن عباس رؤيا األنبياء وحي،
وقد تكّلم المفسرون على تعبير هذا المنام " ّإنا األحد عشر كوكبا عبارة عن اخوته وكانوا أحد
أمه...أما االحد عشر كوكبا قد أخبر جبريل
ّ عشر رجال سواه والقمر والشمس عبارة عن ابيه و
عليه السالم النبي صلى الله عليه وسّلم بأسمائها قال" :جريان ،والطارق ،والذيال ،وذوالكنفات،
و قابس ،ووثاب ،وعمودان و الفليق ،والمصبح ،والضروح ،وذو الفرغ ،والضياء،والنور".
17
ف ِ ِ
وس َ
حوار إخوة يوسف مع بعضهم،يقول سبحانه وتعالى﴿:قال َقائ ٌل مْن ُه ْم َال َت ْقُتُلوا ُي ُ
ين ﴾،18قال قتادة ومحمد بن ِ
السَّي َارِة ِإ ْن ُكْن ُت ْم َفاعلِ َ
ض َّوه ِفي َغَي َاب ِة اْل ُج ِّب َيْل َت ِق ْط ُه َب ْع ُ
َوأَْلُق ُ
اسحاق :وكان أكبرهم واسمه روبيل ،قال السدى :الذي قال ذلك يهوذا وقال مجاهد :هو
شمعون "ال تقتل يوسف" أي؛ ال تصلوا في عداوته وبغضه إلى قتله،ولم يكن لهم سبيل إلى
قتله ألن الله تعالى كان يريد منه أم ار ال بد منه وهو اإليحاء إليه بالنبوة،والتمكين له ببالد
مصر والحكم بها فصرفهم الله عنه بمقالة روبيل فيه وإشارته عليهم بأن يلقوه في غيابة الجب
وهو أسفله.
السَّي َارِة ﴾.أي المارة من المسافرين
ض َّ َب ْع ُ وقال قتادة :وهي بئر المقدس﴿ َيْل َت ِق ْط ُه
ِ
ين﴾.أي إن كنتم عازمين على ما ُكْن ُت ْم َفاعلِ َ فتستريحوا منه بهذا وال حاجة إلى قتله﴿ ِإ ْن
19
تقولون.
ال ِ
الس ْج َن َف َتَي ِ
ان َق َ وجلَ ﴿ :وَد َخ َل َم َع ُه ّ
حوار النبي يوسف مع صاحبي السجن،يقول عز ّ
الطْيُر ِمْن ُه
ق ْأر ِسي ُخْبًاز َتأ ُْكل َّ َع ِصر َخم ار وَقال ْاآلَ َخر ِإِّني أَرِاني أ ْ ِ ِ ِِ
ُ َحم ُل َف ْو َ َ َ ُ َح ُد ُه َما إّني أََراني أ ْ ُ ْ ً َ َ أَ
ِ َنِبْئَنا ِب َتأ ِْويلِ ِه ِإَّنا َنر َ ِ
ين﴾،قال قتادة:كان أحدهما ساقي الملك واآلخر خبازه،قال اك م َن اْل ُم ْح ِسن َ َ ّ
محمد بن اسحاق :كان الذي على الشراب بنوا واآلخر مجلث ،وقال السدى :وكان سبب حبس
الملك إياهما أنه توهم أنهما تماآل على سمه في طعامه وشرابه،وكان يوسف عليه السالم قد
اشتهر في السجن بالجود واألمانة وصدق الحديث وحسن السمت وكثرة العبادة صلوات الله
حبا شديدا...ثم ّأنهما رأيا عليه وسالمه وعند دخول هذان الفتيان الى السجن تآلفا به وأحباه ّ
مناما فرأى الساقي أنه يعصر خم ار يعنى عنبا ،وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود :إني
ِ ِ
َح ِم ُل َف ْو َ
ق َ ْأر ِسي ُخْبًاز ال ْاآلَ َخُر ِإّني أََراني أ ْ
أراني أعصر عنبا،وقال اآلخر وهو الخبازَ ﴿،وَق َ
20
الطْيُر ِمْن ُه َنِّبْئَنا ِب َتأ ِْويلِ ِه ﴾،
َتأ ُْكل َّ
ُ
-2الحوار المركب :من الحوارات الجميلة التي تلقى مباشرة ويتسم بسمة الوصف والتحليل
ونموذج من الحوار المحلل شهادة الشاهد الذي يحكم في النهاية على براءة يوسف –عليه
ِ السالم-من الذنبَ ﴿ :قال ِهي راود ْتِني عن َن ْف ِسي و َش ِهد َش ِ
يص ُه ُقَّد َهلِ َها ِإ ْن َك َ
ان َقم ُ اهٌد ِم ْن أ ْ َ َ َْ َ َ َ ََ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
يص ُه ُقَّد م ْن ُدُب ٍر َف َك َذَب ْت َو ُه َو م َن ان َقم ُ ِن َك َ ﴿وإ ْ
ين﴾َ ، م ْن ُقُب ٍل َف َص َد َق ْت َو ُه َو م َن اْل َكاذِب َ
ِ ِ ِ ِ ِ َّ ِ ِ
يم ﴾. ال ِإَّن ُه م ْن َكْيد ُك َّن ِإ َّن َكْي َد ُك َّن َعظ ٌ
يص ُه ُقَّد م ْن ُدُب ٍر َق َ
ين ﴾َ﴿ ،ل َّما َأرَى َقم َ الصادق َ
أنظر كيف يحلل هذا الحوار الحادثة التي وقعت ويعين المذنب في نهاية األمر بحجة
إن ما نلمسه في القصة القرآنية ليوسف عليه السالم،الفن الحواري وكذا الممارسة
دامغةّ ، .
21
التواصلية الكالمية بين شخصيات وأحداث هذه القصة التي تعتمد بين آياتها اللغة الحوارية
المنطوقة ذات األبعاد الحجاجية و اإلقناعية.
سادسا-الخبر واإلنشاء في سورة يوسف:
أ -أسلوب األمر
أوال:األمر بفعل األمر :ومن أمثلة األفعال الكالمية أسلوب األمر الذي يتجلى في اآليات
اآلتية:
(صيغة افعل):احتمالين األول هو القتل أو ان ف أ َِو ا ْطَر ُح ُ
وه أَْر ًضا وس َ
ا ْقُتُلوا ُي ُ
يطرحوه في ارض حتى ال يهتدي إلى أبيه.
(صيغة يها َوإَِّنا َل َص ِاد ُقو َن ِ ِ ِ
يها َواْلع َير َّالتي أَ ْقَبْلَنا ف َ
ِ ِ
َل اْلَقْرَي َة َّالتي ُكَّنا ف َ
اسأ ِ
َ و ْ
افعل):وهي مصر والمعنى(أرسل إلى أهلها فسلهم عن كنه القصة)،وال شك أن الفعل (اسأل)
قد أدى في سياق اآلية تفاعال مع أطراف القصة كالقرية وأهلها ثم أردفها بالعير وجاء ذلك كله
محاولة من إخوة يوسف للتدليل على صدقهم.
الل ِه ِإَّن ُه
َ وَر َاوَد ْت ُه َّالِتي ُه َو ِفي َبْيِت َها َع ْن َن ْف ِس ِه َو َغَّلَق ِت ْاألَْب َواب َوَقاَل ْت َهْي َت َل َك َقال م َعا َذ َّ
َ َ َ
(اسم فعل األمر) ،قال الفراء وهي لغة ألهل الظالِ ُمو َن
َحس َن م ْثواي ِإَّن ُه َال ُيْفلِ ُح َّ
َرّبِي أ ْ َ َ َ َ
حوران سقطت إلى مكة فتكّلموا بها،وأهل المدينة يقرؤون ِهيت لك بكسر الهاء وال يهمزون
وذكر عن علي بن أبي طالب وابن عباس أنهما قرءا "هئت لك" يراد بها :تهيأت لك وقال
الالم للتنبيه واألمر في اآلية أفاد رغبة "زليحة" امرأة العزيز في بعضهم هي بمعنى "هّلم" و ّ
الل ِه ِإان ُه َرّبِي
إقحام يوسف عليه السالم في معصية حملها إليه ولذا استعاذ بالله قائال" :معا َذ ا
ََ
أَحسن م ْثواي ِإانه َال يْفلِح ا
الظالِ ُمو َن". ََْ ََ َ ُ ُ ُ
موجهة هي دليل يأخذ بالفعالية الخطابية في تعلقها أن كل حجة ّ يرى طه عبد الرحمان ّ
متميزا،ويظهر
تعد فعال قصديا ّ
بالمتكّلم؛والدليل على تعّلق الحجة الموجهة بالمتكّلم هو أنها ّ
الموجهة في أمرين هما:23
ّ تميز قصدية الحجة
-ارتباط القصدية باللغة
-وتراتب القصدية
ب-أسلوب التوكيد:
متعددة في اللغة العربية فقد يجيء بتكرار اللفظة بعينها أو
" ألسلوب التوكيد أشكال ّ
بمرادفها وهو ما يسمى عند النحاة بالتوكيد اللفظي وهناك نوع آخر يسمونه التوكيد
المعنوي،ويقع بتوظيف ألفاظ معينة بعد الكلمة النراد توكيدها ومنها :نفس ،عين ،ذات،
و"أن"،ونونا التوكيد
"إن" ّ
كل،جميع،وما كان بمعناها،ومنها حروف تفيد التوكيد ومنها الناسخان ّ
أي جماعة فكيف أحب ذينك اإلثنين أكثر منا ونحن عصبة" شقيقه ألمه "أحب إلى أبينا ّ
"إنا أبانا لفي ضالل مبين" يعنون في تقديمهما على محبته إياهما أكثر منا. من الجماعة ّ
ِِ ِ َّ ِ
ين﴾ . ف َحَّتى َت ُكو َن َحَر ًضا أ َْو َت ُكو َن م َن اْل َهالك َ
وس َ
﴿ َقاُلوا َتالله َت ْف َتأُ َت ْذ ُكُر ُي ُ
28
الل ِه َلَق ْد
توكيد بالقسم أي ال تفارق تذكر يوسف ،وفي آية أخرى يقول الله تعالىَ ﴿ :قاُلوا َت َّ
ِِ َآ َثَر َك َّ
توكيد بالقسم ،يقولون معترفين له بالفضل ِن ُكَّنا َل َخاطئ َ
ين﴾. الل ُه َعَلْيَنا َوإ ْ
29
الخُلق والسعة والملك والتصرف والنبوة أيضا وأقروا له بأنهم أساءوا إليه
واألثرة عليهم في ُ
وأخطئوا في حقه.
تسمى العالقة التي تربط بين الحجة والنتيجة العالقة الحجاجية وهي تختلف جذريا عن
االستلزام أو االستنتاج المنطقي،ويمكن الحديث أيضا عن السلم الحجاجي الذي يتكون من فئة
حجاجية موجهة،ويتكون من مجموعة من الدرجات في القوة والضعف وللتمثيل نقول:
-0حصل علي على دكتوراه دولة
-8حصل علي على اجازة
َي ْخ ُل َل ُك ْم َو ْج ُه أَِب ُ
يك ْم اقتلوا يوسف
نتيجة مقدمة (الحجة)
تعد مقدمة في اآلية كناية تلويحية عن المحبة الخالصة ،فقتل أخيهم يوسف والتخلص منه ّ
لنتيجة واحدة وهي خلو وجه أبيهم فيقبل عليهم.
يب ِبَر ْح َمِتَنا َم ْن ِ
اء ُنص ُ
ِ ف ِفي ْاألَْر ِ
ض َي َتَب َّوأُ مْن َها َحْي ُث َي َش ُ وس َ ِ ِ
-2يقول تعالىَ ﴿:وَك َذل َك َم َّكَّنا لُي ُ
ِ ِ
ين﴾.َجَر اْل ُم ْح ِسن َ يع أ ْ
اء َوَال ُنض َُن َش ُ
41
يتوفر القرآن الكريم على معطيات ما جعله خطابا حجاجيا إقناعيا وما جعل الحجاج
يصيب كثي ار من العناصر اللغوية فيه مثل الكلمات والتراكيب والصور،والخطاب القرآني
ردا على خطابات حاملة لعقائد ومناهج فاسدة فالخطاب القرآني ألنه جاء ّ
خطاب حجاجي ّ
يهدف إلى تغيير وضع قائم فهو مسرح لتحاور الذوات وتحاججها وتجادلها كما تعج فيه أقوال
المتخاصمين والمتخاطبين على اختالف أنواعهم.
والخطاب القرآني في سورة يوسف غني وثري باآلليات الحجاجية المتنوعة ويعود الفضل في
وتنوع المخاطبين فيه ومن جملة هاته اآلليات نجد:
لتعدد موضوعاته ّ
ذلك ّ
-/1الروابط الحجاجية:
إن تقدير المتكّلم أو المرسل لردود أفعال المخاطب أو المرسل إليه،يجعله يستنبط
ّ
حججا افتراضية بناء على ذلك التقدير،وألن خطابه الحجاجي هذا يكون دوما مواجهة لخطاب
الحجاجي هذا يكون دوما مواجهة لخطاب ّ
ضد حقيقي أو تقديري(سواء كان طرحا واقعا وهو
فوض،أونقد ار يتوقعه المتكّلم ويفترض وجوده في ذهن المتلقي)،فإنه يسهم تحقيق
ّ بالتالي مر
النصي،وقد يتعين بطريقة
السياق ّ
النشاط التواصلي الذي قد تفرضه البنية الّلغوية ذاتها،أو ّ
المقدمة
مباشرة عن طريق" :الروابط الحجاجيةConnecteurs argumentatifالتي تصل ّ
باإلستنتاج،وتتدخل في توجيه داللة المحاججة.
كل منها بداللتها
يتوفر الخطاب القرآني المتمّثل في سورة يوسف على مجموع روابط تنفرد ّ
المتكون بين النتيجة (ال ّ
طرح) والحجة: ّ وأثرها
-1الفاء:
الرابط الحجة األطروحة
َن َي ْج َعُلوهُ ِفي َغَي َاب ِة َج َم ُعوا أ ْ
ِ
فلما َذ َهُبوا ِبه َوأ ْ ّ - َكَل ُه ال ِّذ ْئ ُب َوَن ْح ُن الفاء
َ-قاُلوا َلِئ ْن أ َ
اْل ُج ِّب َوأ َْو َح ْيَنا ِإَل ْي ِه َلتَُنِّبَئان ُه ْم ِبأ َْم ِرِه ْم َه َذا َو ُه ْم َال اس ُرو َن عصب ٌة ِإانا ِإ ًذا َلخ ِ
َ ُ َْ
َي ْش ُع ُرو َن
َكَل ُه ال ِّذ ْئ ُب َو َما أ َْن َت ِب ُم ْؤ ِم ٍن َلَنا َوَل ْو ُكانا -أ َ َ-قاُلوا َيا أََب َانا ِإانا َذ َه ْبَنا َن ْستَِب ُق الفاء
ين ِِ وتَرْكنا يوسف ِع ْند متَ ِ
صادق َ َ اعَنا َ َ َ ُ ُ َ َ َ
ان َعَلى َما ا ِ ِ
يصه ِب َد ٍم َك ِذ ٍب الفاء -وجاءوا عَلى َق ِم ِ
يل َوالل ُه اْل ُم ْستَ َع ُ ص ْبٌر َجم ٌ َ-ف َ َ
صُفو َن تَ ِ ال َب ْل َساوَل ْت َل ُك ْم أ َْنُف ُس ُك ْم أ َْم ًار
َق َ
َسُّروهُال َيا ُب ْش َرى َه َذا ُغ َال ٌم َوأ َ فأ َْدَلى َدْلَوهُ َق َ الفاء اارةٌ َفأ َْرَسُلوا َو ِارَد ُه ْم
اء ْت َسي َ
َ -ج َ
يم ِب َما َي ْع َمُلو َن ا ِ
اع ًة َوالل ُه َعل ٌ ض َ ِب َ
ال ِإان ُه ِم ْن ِ
يص ُه ُقاد م ْن ُدُب ٍر َق َ
ِ
فل اما َأرَى َقم َ يص ُه ُقاد ِم ْن ُدُب ٍر الفاء ِ
ان َقم ُ َ-وإِ ْن َك َ
ِ ِ ِ َف َك َذب ْت وهو ِمن ا ِ ِ
َك ْيد ُك ان إ ان َك ْي َد ُك ان َعظ ٌ
يم ين
الصادق َ َ َ َُ َ
ِ ِ ِ ِ -وَق ِ
َعتََد ْتَ-فَل اما َسم َع ْت ِب َم ْك ِرِه ان أ َْرَسَل ْت ِإَل ْي ِه ان َوأ ْ ام َأرَةُ الفاء
ال ن ْس َوةٌ في اْل َمد َينة ْ َ َ
اح َد ٍة ِم ْن ُه ان ِس ِّك ًينا َوَقاَل ِتَله ان متا َكأً وآَتَ ْت ُك ال و ِ ِ ِ
اها َع ْن َنْفسه َق ْد ِ اْل َع ِز ِ
َ ُ ُ َ يز تَُراوُد َفتَ َ
ط ْع َن أ َْي ِدَي ُهنا
اخرج عَلي ِه ان َفَل اما أرَينه أَ ْكبرنه وَق ا
َ َْ ُ َْ َ ُ َ ُْ ْ َ ْ ض َال ٍل اها في َ
َش َغَفها حبًّا ِإانا َلَنر ِ
ََ َ ُ
ِا ِ
كاش لله َما َه َذا َب َش ًار ِإ ْن َه َذا ِإ اال َمَل ٌ َوُقْل َن َح َ ُمِب ٍ
ين
َك ِر ٌ
يم
ف َع ْن ُه َك ْي َد ُه ان ِإان ُه ُهَو ص َر َ ُّه َف َ
اب َل ُه َرب ُ استَ َج َ
َف ْ َح ُّب ِإَل اي ِم اما الفاء ِ ِ
الس ْج ُن أ َ
ال َر ّب ّ َ-ق َ
ِ اِ ف َعِّني ي ْدع َِ ِ ِ ا
يم
يع اْل َعل ُ
السم ُ ص ِر ْ ونني إَل ْيه َوإِال تَ ْ َ ُ
ِ
َك ْن م َن ا ِ ِ
َص ُب إَل ْيهن َوأ ُ ا
َك ْي َد ُهن أ ْ
ين ِِ
اْل َجاهل َ
-2إذ ،لكن
الحجة الرابط األطروحة
َح ُّب ِإَلى أَِب َينا ِمانا
َخوهُ أ َ
ف َوأ ُوس ُ -إ ْذ َقاُلوا َلُي ُ ف َوإِ ْخ َوِت ِه إذ
وس َ
ان في ُي ُ
َ-لَق ْد َك ِ
َ
ض َال ٍل ُمِب ٍ ِ ِ ِ ات لِ ا
ين صَب ٌة ِإ ان أََب َانا َلفي َ
َوَن ْح ُن ُع ْ ين
لسائل َ آََي ٌ
وح ِ -ذلِك ِم ْن أ َْنب ِاء اْل َغي ِب ُن ِ
ِإ ْذ أ ْ
َج َم ُعوا أ َْم َرُه ْم َو ُه ْم َي ْم ُك ُرو َن يه إذ ْ َ َ
ِإَل ْي َك َو َما ُك ْن َت َل َد ْي ِه ْم
لكن:
الرابط الحجاجي "لكن" من أدوات التعارض الحجاجي وهي حرف يفيد اإلستدراك "
لما أخبرت عن كأنها ّ
ومعنى اإلستدراك ان تنسب حكما السمها يخالف المحكوم عليه قبلهاّ ،
األول بخبر خفت أن يتوهم من الثاني مثل ذلك،فتداركت بخبره إن سلبا وإن ايجابا ولذلك ال
تكون إال بعد كالم ملفوظا به أو ّ
مقدر...وال تقع(لكن)إال بين متنافيين ومتغايرين بوجه
42
ما..التغاير في المعنى بمنزلته في الّلفظ ".
الل ِه ِم ْن
َن ُن ْش ِر َك ِب َّ
ان َلَنا أ ْ
وب َما َك َاق َوَي ْعُق َ
ِس َح َ يم َوإ ْ
ِ ِ ِ ِ َّ
﴿و َّاتَب ْع ُت مل َة آََبائي إْبَراه َ
عز وجلَ : يقول ّ
ن 43 اس َوَل ِك َّن أَ ْك َثَر َّ
الن ِ
اس َال َي ْش ُكُرو َ ﴾. الل ِه َعَلْيَنا َو َعَلى َّ
الن ِ َشي ٍء َذلِ َك ِم ْن َف ْض ِل َّ
ْ
يقول هجرت طريق الكفر والشرك،وسلكت طريق هؤالء المرسلين صلوات الله وسالمه
عليهم أجمعين وهكذا يكون حال من سلك طريق الهدى،واتبع طريق المرسلين،وأعرض عن
طريق الظالمين،فإن الله يهدي قلبه ويعلمه ما لم يكن يعلم،ويجعله إماما يقتدى به في الخير.
وهذا التوحيد وهو اإلقرار بأنه ال اله اال الله وحده ال شريك له﴿ َوَل ِك َّن أَ ْك َثَر َّ
الن ِ
اس َال
َي ْش ُكُرو َن﴾ 44.أي ال يعرفون نعمة الله عليهم بإرسال الرسل إليهم.
خاتمة:
وفي األخير نورد قوال للدكتور أبو بكر العزاوي حيث يرى " أن مجال الحجاج أوسع
وأكبر من الجملة أو القول و ّإنما مجاله الحقيقي هو الخطاب والحوار،حيث تظهر وجوه
استعماله وتتجلى طرائق اشتغاله".
تعد اإلستعارة أعلى مراتب الساللم الحجاجية باعتبار أن لكل قول حجة ومعنى ظاهري
ّ -
وكذا معنى ضمني و المعى الضمني هو األثبت واألرسخ في الذهن.
إن من أهم اآلليات الحجاجية " الحجاج السلوكي" فالحجاج قد يكون لغوياً أو غير لغوي،
ّ -
فإن الحجج والنتائج ستكون في هذا
وهذا النوع أي؛ غير اللغوي يعتمد على التواصل السلوكيّ ،
جليا في سورة يوسف وبالتحديد في اإلطار عبارة عن عناصر أيقونية أو سلوكية.ونرى ذلك ّ
وجل:
عز ّ قوله ّ
احَد ٍة ِمْن ُه َّن ِس ِّكيًنا َوَقاَل ِت ﴿ َفَل َّما َس ِم َع ْت ِب َم ْك ِرِه َّن أَْر َسَل ْت إَِلْي ِه َّن َوأ ْ
َع َتَد ْت َله َّن مَّت َكأً وآ ََت ْت ُك َّل و ِ
َ ُ ُ َ
اش لَِّل ِه َما َه َذا َب َشًار ِإ ْن َه َذا ِإَّال َمَل ٌكط ْع َن أَْي ِدَي ُه َّن َوُقْل َن َح َ
اخر ْج َعَلْي ِه َّن َفَل َّما أرَْيَن ُه أَ ْكَبْرَن ُه وَق َّ
َ َ ُْ
َك ِر ٌ
يم﴾.
45