You are on page 1of 21

‫الم ْخَبر‪ ،‬أبحاث في اللغة واألدب الجزائري– جامعة بسكرة‪ .

‬الجزائر‬
‫مجلة َ‬

‫حجاجية الخطاب القرآني‬


‫سورة يوسف‪ -‬أنموذجا‪-‬‬

‫ط ‪ -‬د‪ /‬فاطمة الزهرة المالحي‬


‫قسم اللغة العربية وآدابها‬
‫كلية اللغة واألدب العربي والفنون‬
‫جامعة باتنة (الجزائر)‬

‫الملخص‪:‬‬
‫نحاول من خالل هذه الدراسة بيان أهمية موضوع الحجاج وآلياته التخاطبية الحجاجية‬
‫في القصص القرآني ونخص بالدراسة‪ ،‬قصة النبي يوسف عليه الصالة والسالم‪،‬وكذا الكشف‬
‫عن خصائص الخطاب الحجاجي الحواريفي القصص القرآني‪ ،‬فما الحجاج وما نصيب القرآن‬
‫منه؟ وكيف يتجسد الخطاب الحجاجي في القصص القرآني عامة وفي قصة النبي يوسف‬
‫طب؟‬
‫عليه السالم على وجه الخصوص؟ وماهي تقنيات التأثير واإلقناع في المخا َ‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الحجاج‪،‬سورة يوسف‪،‬الخطاب الحجاجي‪،‬اآلليات التخاطبية‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪In thisstudy, wetry to explain the importance of the subject of pilgrims‬‬
‫‪and theirmechanisms of discourse in the Quranic stories and the study,‬‬
‫‪the story of the ProphetJoseph peacebeuponhim, as well as the‬‬
‫‪disclosure of the characteristics of dialogue discourse. Whatpilgrims‬‬
‫‪and whatshare of the Koran? And how is the discourse of the‬‬
‫‪pilgrimsreflected in the Quranic stories in general and in the story of‬‬
‫‪the Prophet, peacebeuponhim in particular? What are the techniques of‬‬
‫‪influence and persuasion in the address?.‬‬
‫‪The Discourse of‬؛ ‪ Surah Yusuf‬؛‪keyword: Argumentation‬‬
‫‪ The Mechanisms of Speech.‬؛ ‪Argumentation‬‬

‫‪.‬‬
‫‪352‬‬ ‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬
‫أ‪ /‬فاطمة الزهرة المالحي‬ ‫حجاجية الخطاب القرآني سورة يوسف‪ -‬أنموذجا‪-‬‬

‫إن للغة أبعادا حجاجية في جميع مستوياتها‪،‬فهي عند "ديكرو"‪ ،‬دراسة مجالية‬‫ّ‬
‫(‪ )polémique‬في جوهرها‪،‬ونظ ار لظهور المقتضى باعتباره من أهم األشكال الحجاجية‬
‫الكامنة فيها‪،‬يعتبر" ديكرو"‪ ،‬اللغة بصرف النظر عن استعماالتنا المختلفة لها‪،‬مسرح محاورة‬
‫ومواجهة بين الذوات البشرية‪ ،‬تكمن وظيفة الحجاج لدى ديكرو و أسكومبر في ما يعرف ب‬
‫"التوجيه"(‪ )L’orientation‬حتى ّأنهما حص ار داللة الملفوظ في التوجيه الناتج عنه‪،‬ويحصل‬
‫هذا التوجيه في مستويين‪:‬مستوى السامع‪ ،‬ومستوى الخطاب نفسه خاصة ما بين المستويين‬
‫من تداخل و تواشج‪ ،‬والغرض هو توجيه السامع أو مواساته أو إقناعه أو جعله يأتي عمال ما‪،‬‬
‫أو إزعاجه وإحراجه وغير ذلك‪...‬ويحصل هذا التوجيه على الصعيدين إما صريحا أو‬
‫‪1‬‬
‫ضمنيا»‪.‬‬
‫أوال‪-‬الحجاج القرآني‪:‬‬
‫أ‪ -‬الخطاب الحجاجي‪:‬‬
‫" يعد الحجاج كآلية يتضمنها نوع معين من الخطابات أو خطابات كثيرة ومختلفة‪،‬وإذا‬
‫الخطابيين‪،‬فإنه في األبحاث والكتابات الحديثة‬
‫ّ‬ ‫كان قد تجسد فيما نسميه باإلستمالة واإلقناع‬
‫‪2‬‬
‫أصبح موضوعا قائما بذاته‪،‬ويتفاعل مع مجاالت خاصة كذلك‪،‬كاللغويات والفلسفة‪...‬ففي‬
‫منظور بعض هذه الكتابات نجد الحجاج أو التدليل يشيران إلى ذلك الخطاب الصريح أو‬
‫الضمني الذي يستهدف اإلقناع واإلفحام معا‪،‬مهما كان متلقي هذا الخطاب‪،‬ومهما كانت‬
‫الطريقة المتبعة في ذلك‪،‬ومن هنا كان منطلق نظرية الحجاج المعاصرة عند كل‬
‫مايير"‪،M.Meyer‬و"روالن‬ ‫"ميشال‬ ‫‪،CH.Perelman‬و‬ ‫من"شاييمبيرلمان"‬
‫بارت"‪."R.Barthes‬‬
‫ومع ظهور ما يعرف بالبالغة الجديدة عام ‪0592‬م‪،‬ضمنها "بيرلمان" في كتابه "‬
‫مقال في البرهان‪:‬البالغة الجديدة"‪،‬يحاول دراسة وإعادة تأسيس البرهان أو المحاجة اإلستداللية‬
‫ومتميزة لدراسة المنطق التشريعي‬
‫ّ‬ ‫باعتباره تحديدا منطقيا بالمفهوم الواسع‪،‬كتقنية خاصة‬
‫والقضائي على وجه التحديد وامتدادا لباقي أنواع الخطابات األخرى المعاصرة وقد ولدت‬
‫البالغة الجديدة في حضن البنيوية النقدية ذات النزوع الشكالني الواضح وتكمن حداثتها في‬
‫ّأنها تقابل مايعرف البالغة الفيلولوجية‪،‬ويدعمها ثلة من العلماء من أمثال‪" :‬جيرار‬
‫‪3‬‬
‫جينيت"‪"،‬جان كوهين"‪"،‬تدوروف" "جماعة ليجا"‪.‬‬

‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬ ‫‪352‬‬


‫الم ْخَبر‪ ،‬أبحاث في اللغة واألدب الجزائري– جامعة بسكرة‪ .‬الجزائر‬
‫مجلة َ‬
‫يرى "بيرلمان" من خالل أبحاثه البرهانية التي تتعدى بالغة األقدمين وتغفل بعض الجوانب‬
‫التي ظفرت باهتمامهم‪،‬فبالنسبة لهم مثال كان هدف البالغة قبل كل شيء هو فن الكالم‬
‫المقنع للجمهور وتستهدف تأييدا للطروحات المقدمة‪،‬للوصول إلى النتائج المستهدفة‪.‬‬
‫يميز البالغة كإجراء طبيعي أو مفتعل‪،‬فهذا اإلجراء من أجل‬
‫أن ما ّ‬‫‪ -‬كما يرى "بيرلمان" ّ‬
‫أن القرآن العظيم قد اشتمل‬
‫الوصول إلى نتيجة محددة‪،‬يقول في هذا الصدد "الزركشي"‪« :‬إعلم ّ‬
‫من برهان وداللة‪،‬وتقسيم وتحديد شيء من كليات‬ ‫على جميع أنواع البراهين واألدلة‪،‬وما‬
‫المعلومات العقلية والسمعية‪،‬إال كتاب الله تعالى قد نطق به لكن أورده تعالى على عادة العرب‬
‫دون دقائق طرق أحكام المتكلمين ألمرين هما‪:4‬‬
‫‪5‬‬
‫ان َق ْو ِم ِه لُِيَبِّي َن َل ُه ْم "‬ ‫‪ ‬ما قاله عز وجل " و ما أَرسْلَنا ِم ْن رس ِ‬
‫ول ِإ اال ِبلِ َس ِ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ َْ‬
‫واعلم أنه قد يظهر منه بدقيق الفكر استنباط البراهين العقلية على طرق المتكّلمين‪..‬ومن ذلك‬
‫اإلستدالل على أن صانع العالم واحد‪،‬بداللة التمانع المشار إليه في قوله تعالى‪:‬‬
‫ش ع اما ي ِ‬ ‫الل ُه َلَفس َدتَا َفس ْبح َ ا ِ ِ‬
‫يهما آَلِه ٌة ِإ اال ا‬
‫﴿َلو َك َ ِ ِ‬
‫صُفو َن﴾‪،6‬ألنه لو كان للعالم‬ ‫ان الله َر ّب اْل َع ْر ِ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ان ف َ َ‬ ‫ْ‬
‫صانعان لكان ال يجري تدبيرهما على نظام‪،‬وال يتسق على إحكام‪..‬‬
‫الحجة بالجليل من الكالم‪،‬فإن استطاع‬
‫أن المائل إلى دقائق المحاجة‪،‬هو العاجز عن إقامة ّ‬
‫‪ّ ‬‬
‫أن يفهم باألوضح الذي يفهمه األكثرون‪،‬لم ينحط إلى الغموض الذي ال يعرفه ّإال‬
‫األقلون‪،‬فأخرج الله تعالى مخاطبته خلقه في أجلى صورة ليفهم العامة من جليلها ما يقنعهم‬
‫إن الخطاب الحجاجي مؤّلف من استراتيجيات اقناعية تمّثل عمود التشكيلة‬ ‫وتلزمهم الحجة‪ّ .‬‬
‫أن هذه األخيرة تمنح تلك التقنيات ما يصلها بالواقع‪،‬فبينهما من القرابة ما بين‬
‫البالغية‪،‬كما ّ‬
‫اإلعتقادين الذاتي والوضوعي‪ ،‬وما بين التأثير واإلقناع من ضبابية تمييز‪،‬وإن أقيم على أسس‬
‫المتوجه إلى مستمع‬
‫ّ‬ ‫نظرية كما جاء في قول بيرلمانوتيتكااآلتي‪":‬نقصد بالحجاج المؤثر ذلك‬
‫المصوب نحو كائن عاقل فالفرق دقيق و رهين بمفهوم الخطيب‬
‫ّ‬ ‫خاص و باإلقناعي‬
‫لكل من الجدل والبالغة‪،‬وفي‬
‫للعقل أساسا " ‪،‬فال غرابة أن يقع اللوغوس في الحدود المتاخمة ّ‬
‫‪7‬‬

‫التفاوت بين جانبيه " الفعلي واإلسقاطي" وما لهما من أثر في كثير من الخالفات بين‬
‫المجتمعات اإلنسانية‪.8‬‬
‫أن المظاهر الحجاجية للخطاب‪،‬أيا كان نوعها ال تتمثل في‬ ‫يرى أبو بكر العزاوي ّ‬
‫فقط‪،‬ولكنها تتمّثل أيضا في أشياء أخرى‪،‬فهي تتمثل في كثير من‬
‫ّ‬ ‫الروابط والعوامل الحجاجية‬

‫‪355‬‬ ‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬


‫أ‪ /‬فاطمة الزهرة المالحي‬ ‫حجاجية الخطاب القرآني سورة يوسف‪ -‬أنموذجا‪-‬‬

‫أن الخطاب أو النص يشمل على‬


‫الظواهر الصرفية والتركيبية والمعجمية والداللية‪،‬وكما يؤكد ّ‬
‫ثالثة أنماط من العالقات وهي‪:‬‬
‫‪ -3‬العالقات المنطقية‬ ‫‪ -2‬العالقات الزمانية‬ ‫‪-1‬العالقات الفضائية‬
‫أن المهم هو النوع الثالث من العالقات أي؛ المنطقية وهو ما يؤكد أن للنص منطقه‬ ‫وّ‬
‫الخاص وبنيته اإلستداللية‪،‬ويؤكد هذا أيضا ما نستعمله في خطاباتنا وحواراتنا من عبارات من‬
‫قبيل " حسن اإلستدالل والبرهان "متين الحجة " ناصع البرهان " هذا أمر ظاهر البطالن ال‬
‫يقوم عليه دليل‪،‬هذه أدلة متعارضة وحجج متناقضة‪،...‬فالن حاضر الدليل وصحيح‬
‫اإلستدالل‪،‬وغيرها من األقوال والتعابير التي يشار بها إلى البعد المنطقي اإلستداللي في‬
‫الحجاجي‪..‬إن األقوال والجمل أو بتعبير حجاجي مجموعة من الحجج والنتائج التي‬
‫ّ‬ ‫الخطاب‬
‫تقوم بينها أنماط مختلفة من العالئق فالحجة تستدعي الحجة المؤيدة أو المضادة‪،‬والدليل‬
‫يفضي إلى دليل آخر‪..‬وكما نضيف المظاهر الحجاجية األخرى‪ ،‬والتي تهتم ببنية الخطاب‬
‫الداخلية وذلك من خالل ربطه بالمتكّلم والمخاطب ومالبسات وظروف السياق التخاطبي‬
‫‪9‬‬
‫واإلجتماعي العام‪..‬‬
‫ثانيا‪:‬خصائص الخطاب الحجاجي‪:‬‬
‫يتميز الخطاب الحجاجي بخصائص بنائية تواصلية‪،‬مما يجعله مختلفا عن غيره من‬
‫ّ‬
‫أن طريقة بنائه وأسلوب‬‫الخطابات األخرى (كالسردية‪ ،‬والحكائية‪ ،‬واإلخبارية)‪،‬كما ّ‬
‫استدالله‪،‬وخضوعه لشروط القول والتلقي‪،‬كّلها تؤكد ذلك التميز‪،‬باإلضافة إلى انتماء الخطاب‬
‫الحجاجي إلى المجال التداولي الذي يضع من أولياته اإلجابة عن مجموعة من األسئلة‬
‫يوجه خطابه؟ماذا يقصد من كالمه هذا؟ هذه األسئلة وغيرها تتطلب‬ ‫أهمها‪:‬من يتكّلم؟ إلى من ّ‬
‫اإلجابة واستحضا ار جيدا لمقاصد المتكّلم‪،‬واألفعال الكالمية بأبعادها السياقية والتداولية وخاصة‬
‫الحجاجية وبامكاننا توضيح ذلك في الشكل اآلتي‪:10‬‬

‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬ ‫‪352‬‬


‫الم ْخَبر‪ ،‬أبحاث في اللغة واألدب الجزائري– جامعة بسكرة‪ .‬الجزائر‬
‫مجلة َ‬
‫النظرية اللسانية‬
‫إنتاج الخطاب الطبيعي‬
‫إنتاج أنماط خطابية‬

‫خطاب حجاجي‬ ‫خطاب وصفي‬ ‫خطاب سردي‬


‫الخطاب القرآني‬ ‫خطاب‪...‬‬
‫إن الخطاب القرآني خطاب حجاجي‪،‬وما يصوغ القول بحجاجيته‪ ،‬هو ّأنه‬ ‫ّ‬
‫حد قول بنفنيست إذ يقول‪:‬‬
‫خطاب‪،‬والخطاب يقتضي اإلقناع والتأثير على ّ‬
‫«الخطاب في أعم مفاهيمه كل قول يفترض متكّلما وسامعا‪،‬مع توفر مقصد التأثير بوجه من‬
‫ِ‬
‫كقصد التأثير والتغيير‬ ‫الوجوه في هذا السامع»‪ ،‬فالخطاب القرآني يتوفر على آليات حجاجية‬
‫‪11‬‬
‫في المتلقي بهدف اإلقناع واإلذعان واستمالة اآلخر إليه‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬اآلليات التخاطبية الحجاجية في القصص القرآني‪:‬‬
‫‪ -1‬استراتيجيات التخاطب‬
‫بناء على معايير واضحة وهي‪:‬‬
‫لقد تم تصنيف أنواع استراتيجيات الخطاب ً‬
‫ويتفرع منه إستراتيجيتان‬
‫ّ‬ ‫‪-‬المعيار االجتماعي‪ ،‬ويتعّلق بالعالقة بين طرفي الخطاب‬
‫هما‪:‬التضامنية والتوجيهية‪.‬‬
‫‪-‬معيار شكل الخطاب اللغوي‪ ،‬للداللة على قصد المرسل وتأسست عليه االستراتيجية‬
‫التلميحية‪.‬‬
‫‪-‬معيار هدف الخطاب‪ ،‬وتأسست عليه استراتيجية اإلقناع ضمن األهداف التي يرمي المرسل‬
‫الى تحقيقها من خالل خطابه اقناع المرسل اليه بما يراه أي؛« احداث تغيير في الموقف‬
‫الفكري أو العاطفي»‪،‬لديه ولتحقيق هذا الهدف استراتيجية تداولية تعرف باستراتيجية اإلقناع‪،‬‬
‫إذ تكتسب اسمها من هدف الخطاب وتختلف اإلستراتيجيات التي تسهم في ذلك من ناحية‬
‫العالقة بين طرفي الخطاب‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬الحجاج والحوار القرآني‪:‬‬
‫عدة جوانب وهي‪:‬‬
‫منطق الخطاب القرآني‪ :‬يمكننا دراسة منطق الخطاب القرآني من ّ‬ ‫‪-‬‬

‫‪352‬‬ ‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬


‫أ‪ /‬فاطمة الزهرة المالحي‬ ‫حجاجية الخطاب القرآني سورة يوسف‪ -‬أنموذجا‪-‬‬

‫‪-1‬مزايا المتكّلم‪:‬‬
‫إن دراسة مزايا المتكّلم هي من جملة الطرق التي يمكن أن ّ‬
‫تقدم تصوي ار مناسبا لمنطق‬ ‫ّ‬
‫جية وكمال مطلق‪،‬ومع التسليم بانتساب القرآن‬
‫القرآن‪،‬فمع التسليم بوجود الله تعالى كحقيقة خار ّ‬
‫أن هذا الكالم هو انعكاس لصفات وكماالت صاحبه الوجودية‬
‫اليه‪ ،‬نصل بحكم العقل إلى ّ‬
‫يشكل طريقا‬
‫التأمل في صفاته وأفعاله تعالى يمكن أن ّ‬
‫بأن ّ‬ ‫فإن العقل يحكم أيضا ّ‬
‫ومن هنا ّ‬
‫لمعرفة القرآن ومنطقه‪.‬‬
‫‪-‬مزايا النص‪:‬‬
‫نص من النصوص بما في ذلك القرآن الكريم على تشخيص‬ ‫أي ّ‬ ‫تساعد معرفة مزايا ّ‬
‫بأنه‬
‫خاصة‪،‬فهو يصف نفسه ّ‬
‫منطق ولغة ذلك النص‪،‬وبدراسة القرآن نجد ّأنه يثبت لنفسه مزايا ّ‬
‫كتاب مبين‪ّ ،‬بينة وآية‪،‬برهان‪،‬بصائر‪،‬حق‪،‬قول فصل‪ .‬كتاب عزيز ال يأتيه الباطل من بين يديه‬
‫وال من خلفه‪.‬‬
‫‪-3‬دائرة المخاطبين‪:‬‬
‫إن من الطرق التي يمكن أن ّ‬
‫نحدد عبرها منطق الخطاب القرآني دراسة الدائرة التي‬ ‫ّ‬
‫النص إذا ما جعل مخاطبه فئة خاصة‬ ‫يتوجه إليها الخطاب القرآني‪،‬فمما يحكم به العقل أن ّ‬
‫خاص من طبقات الناس أو‬‫ّ‬ ‫كالعلماء والعرفاء والفالسفة‪،‬أو أي طبقة أو صنف أو عرق‬
‫أصنافهم أو أعراقهم‪،‬فإن مضمون وأسلوب لغة هذا النص ال بد من أن تكون متناسبة مع ذلك‬
‫‪12‬‬
‫المخاطب نفسه‪.‬‬
‫‪-4‬هدف النص‪:‬‬
‫ومما يمكن أن يساعدنا في معرفة منطق الخطاب القرآني كذلك معرفة هدفه‪،‬ومن هنا‬
‫فإن معرفة هدف النص القرآني لها دورها أيضا في دراسة لسانيات القرآن وما يرتبط بلغته لقد‬
‫ّ‬
‫‪13‬‬
‫التدبر في آيات الله‪.‬‬
‫أن هدفه هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور و ّ‬
‫أعلن القرآن ّ‬
‫خامسا‪ -‬الحوار القرآني في سورة يوسف وآلياته اإلقناعية‪:‬‬
‫يعد الحوار من أهم اإلستراتيجيات الخطابية الكامنة في القصص القرآني بشكل عام‬
‫ّ‬
‫وفي سورة يوسف التي نحن بصدد دراستها بشكل خاص‪.‬‬

‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬ ‫‪352‬‬


‫الم ْخَبر‪ ،‬أبحاث في اللغة واألدب الجزائري– جامعة بسكرة‪ .‬الجزائر‬
‫مجلة َ‬
‫يعد الخطاب القرآني‬
‫إن ّفنية الحوار تكمن في اختيار السارد للغة المتحاورين وإتقانها‪،‬كما ّ‬
‫ّ‬
‫خطاب تواصلي يصدر عن أدبية تقريرية اقناعية كذلك كان الحوار من أبرز اآلليات‬
‫اقناعية تبليغية‪...‬‬
‫فعالية و ّ‬
‫التخاطبية ّ‬
‫إن معظم الحوارات في القرآن الكريم تبدأ بصيغ مختلفة من مادة قول وهي إحدى الكلمات‬ ‫ّ‬
‫الكثيرة اإلستخدام في القرآن الكريم‪.‬أما أنواع الحوارات التي تستخدم في القرآن الكريم فأكثرها‬
‫من نوع الحوار الخارجي مباش ار كان أم غير مباشر والحوار الداخلي أقل استخداما بالنسبة‬
‫إليه‪.‬‬
‫‪-1‬الحوار الخارجي المباشر‪:‬‬
‫َح َس َن‬ ‫ص َعَلْي َك أ ْ‬ ‫وجل مع نبيه محمد صلى الله عليه وسّلم ﴿َن ْح ُن َنُق ُّ‬ ‫ّ‬ ‫عز‬‫‪ ‬حوار الله ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ﴾‪.‬‬ ‫ِن ُكْن َت م ْن َقْبلِه َلم َن اْل َغافلِ َ‬‫َن َوإ ْ‬ ‫ص ِب َما أ َْو َحْيَنا ِإَلْي َك َه َذا اْلُقْرآ َ‬
‫اْلَق َص ِ‬
‫‪14‬‬

‫ص َعَل ْي َك‬ ‫عن ابن عباس قال‪:‬قالوا‪:‬يا رسول الله‪،‬لو قصصت علينا؟ فنزلت‪َ ﴿ .‬ن ْح ُن َنُق ُّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫ين﴾‪.‬‬ ‫ص ِب َما أ َْو َح ْيَنا ِإَل ْي َك َه َذا اْلُق ْرآ َ‬
‫َن َوإِ ْن ُك ْن َت م ْن َقْبله َلم َن اْل َغافل َ‬ ‫َحس َن اْلَقص ِ‬
‫أَْ‬
‫‪15‬‬
‫َ‬
‫يه َيا أََب ِت ِإِّني‬ ‫‪ ‬حوار النبي يوسف مع والده يعقوب‪ ،‬يقول الله تعالى‪ِ ﴿:‬إ ْذ َقال يوسف ِألَِب ِ‬
‫َ ُ ُ ُ‬
‫الشمس واْلَقمر أرَي ُتهم لِي س ِ ِ‬
‫ين﴾‪.‬‬‫اجد َ‬ ‫َح َد َع َشَر َك ْوَكًبا َو َّ ْ َ َ َ َ َ ْ ُ ْ‬ ‫َأرَْي ُت أ َ‬
‫‪16‬‬
‫َ‬
‫قصة يوسف إذ قال ألبيه وأبوه‬
‫يقول الله تعالى‪:‬اذكر لقومك يا محمد في قصصك عليهم من ّ‬
‫يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم الصالة والسالم‪...،‬فقال ابن عباس رؤيا األنبياء وحي‪،‬‬
‫وقد تكّلم المفسرون على تعبير هذا المنام " ّإنا األحد عشر كوكبا عبارة عن اخوته وكانوا أحد‬
‫أمه‪...‬أما االحد عشر كوكبا قد أخبر جبريل‬
‫ّ‬ ‫عشر رجال سواه والقمر والشمس عبارة عن ابيه و‬
‫عليه السالم النبي صلى الله عليه وسّلم بأسمائها قال‪" :‬جريان‪ ،‬والطارق‪ ،‬والذيال‪ ،‬وذوالكنفات‪،‬‬
‫و قابس‪ ،‬ووثاب‪ ،‬وعمودان و الفليق‪ ،‬والمصبح‪ ،‬والضروح‪ ،‬وذو الفرغ‪ ،‬والضياء‪،‬والنور"‪.‬‬
‫‪17‬‬

‫ف‬ ‫ِ ِ‬
‫وس َ‬
‫‪ ‬حوار إخوة يوسف مع بعضهم‪،‬يقول سبحانه وتعالى‪﴿:‬قال َقائ ٌل مْن ُه ْم َال َت ْقُتُلوا ُي ُ‬
‫ين ﴾‪،18‬قال قتادة ومحمد بن‬ ‫ِ‬
‫السَّي َارِة ِإ ْن ُكْن ُت ْم َفاعلِ َ‬
‫ض َّ‬‫وه ِفي َغَي َاب ِة اْل ُج ِّب َيْل َت ِق ْط ُه َب ْع ُ‬
‫َوأَْلُق ُ‬
‫اسحاق‪ :‬وكان أكبرهم واسمه روبيل‪ ،‬قال السدى‪ :‬الذي قال ذلك يهوذا وقال مجاهد‪ :‬هو‬
‫شمعون "ال تقتل يوسف" أي؛ ال تصلوا في عداوته وبغضه إلى قتله‪،‬ولم يكن لهم سبيل إلى‬
‫قتله ألن الله تعالى كان يريد منه أم ار ال بد منه وهو اإليحاء إليه بالنبوة‪،‬والتمكين له ببالد‬

‫‪352‬‬ ‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬


‫أ‪ /‬فاطمة الزهرة المالحي‬ ‫حجاجية الخطاب القرآني سورة يوسف‪ -‬أنموذجا‪-‬‬

‫مصر والحكم بها فصرفهم الله عنه بمقالة روبيل فيه وإشارته عليهم بأن يلقوه في غيابة الجب‬
‫وهو أسفله‪.‬‬
‫السَّي َارِة ﴾‪.‬أي المارة من المسافرين‬
‫ض َّ‬ ‫َب ْع ُ‬ ‫‪ ‬وقال قتادة‪ :‬وهي بئر المقدس﴿ َيْل َت ِق ْط ُه‬
‫ِ‬
‫ين﴾‪.‬أي إن كنتم عازمين على ما‬ ‫ُكْن ُت ْم َفاعلِ َ‬ ‫فتستريحوا منه بهذا وال حاجة إلى قتله﴿ ِإ ْن‬
‫‪19‬‬
‫تقولون‪.‬‬
‫ال‬ ‫ِ‬
‫الس ْج َن َف َتَي ِ‬
‫ان َق َ‬ ‫وجل‪َ ﴿ :‬وَد َخ َل َم َع ُه ّ‬
‫‪ ‬حوار النبي يوسف مع صاحبي السجن‪،‬يقول عز ّ‬
‫الطْيُر ِمْن ُه‬
‫ق ْأر ِسي ُخْبًاز َتأ ُْكل َّ‬ ‫َع ِصر َخم ار وَقال ْاآلَ َخر ِإِّني أَرِاني أ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُ‬ ‫َحم ُل َف ْو َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َح ُد ُه َما إّني أََراني أ ْ ُ ْ ً َ َ‬ ‫أَ‬
‫ِ‬ ‫َنِبْئَنا ِب َتأ ِْويلِ ِه ِإَّنا َنر َ ِ‬
‫ين﴾‪،‬قال قتادة‪:‬كان أحدهما ساقي الملك واآلخر خبازه‪،‬قال‬ ‫اك م َن اْل ُم ْح ِسن َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫محمد بن اسحاق‪ :‬كان الذي على الشراب بنوا واآلخر مجلث‪ ،‬وقال السدى‪ :‬وكان سبب حبس‬
‫الملك إياهما أنه توهم أنهما تماآل على سمه في طعامه وشرابه‪،‬وكان يوسف عليه السالم قد‬
‫اشتهر في السجن بالجود واألمانة وصدق الحديث وحسن السمت وكثرة العبادة صلوات الله‬
‫حبا شديدا‪...‬ثم ّأنهما رأيا‬ ‫عليه وسالمه وعند دخول هذان الفتيان الى السجن تآلفا به وأحباه ّ‬
‫مناما فرأى الساقي أنه يعصر خم ار يعنى عنبا‪ ،‬وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود‪ :‬إني‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح ِم ُل َف ْو َ‬
‫ق َ ْأر ِسي ُخْبًاز‬ ‫ال ْاآلَ َخُر ِإّني أََراني أ ْ‬
‫أراني أعصر عنبا‪،‬وقال اآلخر وهو الخباز‪َ ﴿،‬وَق َ‬
‫‪20‬‬
‫الطْيُر ِمْن ُه َنِّبْئَنا ِب َتأ ِْويلِ ِه ﴾‪،‬‬
‫َتأ ُْكل َّ‬
‫ُ‬
‫‪-2‬الحوار المركب‪ :‬من الحوارات الجميلة التي تلقى مباشرة ويتسم بسمة الوصف والتحليل‬
‫ونموذج من الحوار المحلل شهادة الشاهد الذي يحكم في النهاية على براءة يوسف –عليه‬
‫ِ‬ ‫السالم‪-‬من الذنب‪َ ﴿ :‬قال ِهي راود ْتِني عن َن ْف ِسي و َش ِهد َش ِ‬
‫يص ُه ُقَّد‬ ‫َهلِ َها ِإ ْن َك َ‬
‫ان َقم ُ‬ ‫اهٌد ِم ْن أ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يص ُه ُقَّد م ْن ُدُب ٍر َف َك َذَب ْت َو ُه َو م َن‬ ‫ان َقم ُ‬ ‫ِن َك َ‬ ‫﴿وإ ْ‬
‫ين﴾‪َ ،‬‬ ‫م ْن ُقُب ٍل َف َص َد َق ْت َو ُه َو م َن اْل َكاذِب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫يم ﴾‪.‬‬ ‫ال ِإَّن ُه م ْن َكْيد ُك َّن ِإ َّن َكْي َد ُك َّن َعظ ٌ‬
‫يص ُه ُقَّد م ْن ُدُب ٍر َق َ‬
‫ين ﴾‪َ﴿ ،‬ل َّما َأرَى َقم َ‬ ‫الصادق َ‬
‫أنظر كيف يحلل هذا الحوار الحادثة التي وقعت ويعين المذنب في نهاية األمر بحجة‬
‫إن ما نلمسه في القصة القرآنية ليوسف عليه السالم‪،‬الفن الحواري وكذا الممارسة‬
‫دامغة‪ّ ، .‬‬
‫‪21‬‬

‫التواصلية الكالمية بين شخصيات وأحداث هذه القصة التي تعتمد بين آياتها اللغة الحوارية‬
‫المنطوقة ذات األبعاد الحجاجية و اإلقناعية‪.‬‬
‫سادسا‪-‬الخبر واإلنشاء في سورة يوسف‪:‬‬
‫أ‪ -‬أسلوب األمر‬

‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬ ‫‪322‬‬


‫الم ْخَبر‪ ،‬أبحاث في اللغة واألدب الجزائري– جامعة بسكرة‪ .‬الجزائر‬
‫مجلة َ‬
‫اوال‪ -/‬األمر وضعا‪ :‬األمر في اللغة يحمل رغبة اآلمر في استجابة األمور لشيء ما سواء‬
‫أكان فعال أم قوال‪،‬فيقال‪:‬أمرت فالنا أمره أي‪:‬أمرته بما ينبغي له من الخبر‪.‬‬
‫وفيما يخص األمر‪،‬نجد "السكاكي" يؤكد أن لألمر تحققات مختلفة منها صيغة "افعل"‪،‬‬
‫"ليفعل"‪" ،‬فعال"المصدر‪،‬اسم الفعل الجامد (صه‪ ،‬ايه‪ ،‬آمين وغيرها)‪.‬يؤلف بينها شرط‬
‫اإلستعالء‪ ،‬وعليه فإن الصيغ السابقة الذكر إذا أجريت على أصلها واستعملت على سبيل‬
‫‪22‬‬
‫اإلستعالء كانت أمرا‪.‬‬
‫ولذلك تنتفي سائر المعاني من التماس ودعاء وتهديد وغيرها‪،‬التي ترتبط أساسا بقرائن‬
‫األحوال يقول السكاكي‪":‬واألمر في لغة العرب عبارة عن استعمالها‪،‬أعني استعمال‬
‫نحو‪:‬لينزل‪،‬وأنزل ونزال‪،‬وصه على سبيل اإلستعالء فهي موضوعة لسبيل اإلستعالء‪،‬ثم اذا كان‬
‫اإلستعالء ممن هو أعلى رتبة من المأمور استتبع إيجابه وجوب الفعل بحسب جهات مختلفة‬
‫واإلسم يستتبعه‪.‬‬
‫فوجوب توفر شرط اإلستعالء ينجم وجوب انجاز الفعل‪،‬إال أن اإلخالل به يترتب عنه‬
‫مجرد طلب الفعل‪.‬‬
‫وهذه الشروط التي يكون وفقها األمر أم ار وهي‪:‬‬
‫أ‪-‬طلب الحصول في الخارج‬
‫ب‪-‬مطلوب غير حاصل‬
‫ج‪-‬ممكن الحصول‬
‫د‪-‬الطالب مستعل على المطلوب منه‪ .‬وهذا الصنف من الطلب يجري على غير أصله ويخرج‬
‫إلى معان تناسب المقامات التي تؤدى فيها وهذه بعض األمثلة‪:‬‬
‫‪-‬إذا استعمل على سبيل التضرع كقولنا‪":‬اللهم اغفر وارحم"‪،‬تولد معنى الدعاء‪.‬‬
‫‪-‬إن استعمل على سبيل التلطف كقول أحد لمن يساويه في المرتبة‪":‬افعل" بدون استعالء‪،‬‬
‫ولدت االلتماس‪.‬‬
‫‪-‬وان استعملت في مقام اإلذن كقولنا‪":‬جالس الحسن أو ابن سيرين"‪ ،‬ولدت اإلباحة‪.‬‬
‫‪-‬وان استعملت في نقام تسخط المأمور به‪،‬ولدت التهديد‪.‬‬
‫الخبر واإلنشاء الوارد في سورة يوسف‪:‬‬
‫ب‪-1 -‬صيغ األمر‪:‬‬

‫‪322‬‬ ‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬


‫أ‪ /‬فاطمة الزهرة المالحي‬ ‫حجاجية الخطاب القرآني سورة يوسف‪ -‬أنموذجا‪-‬‬

‫أوال‪:‬األمر بفعل األمر‪ :‬ومن أمثلة األفعال الكالمية أسلوب األمر الذي يتجلى في اآليات‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫(صيغة افعل)‪:‬احتمالين األول هو القتل أو ان‬ ‫ف أ َِو ا ْطَر ُح ُ‬
‫وه أَْر ًضا‬ ‫وس َ‬
‫‪ ‬ا ْقُتُلوا ُي ُ‬
‫يطرحوه في ارض حتى ال يهتدي إلى أبيه‪.‬‬
‫(صيغة‬ ‫يها َوإَِّنا َل َص ِاد ُقو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يها َواْلع َير َّالتي أَ ْقَبْلَنا ف َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َل اْلَقْرَي َة َّالتي ُكَّنا ف َ‬
‫اسأ ِ‬
‫‪َ ‬و ْ‬
‫افعل)‪:‬وهي مصر والمعنى(أرسل إلى أهلها فسلهم عن كنه القصة)‪،‬وال شك أن الفعل (اسأل)‬
‫قد أدى في سياق اآلية تفاعال مع أطراف القصة كالقرية وأهلها ثم أردفها بالعير وجاء ذلك كله‬
‫محاولة من إخوة يوسف للتدليل على صدقهم‪.‬‬
‫الل ِه ِإَّن ُه‬
‫‪َ ‬وَر َاوَد ْت ُه َّالِتي ُه َو ِفي َبْيِت َها َع ْن َن ْف ِس ِه َو َغَّلَق ِت ْاألَْب َواب َوَقاَل ْت َهْي َت َل َك َقال م َعا َذ َّ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫(اسم فعل األمر)‪ ،‬قال الفراء وهي لغة ألهل‬ ‫الظالِ ُمو َن‬
‫َحس َن م ْثواي ِإَّن ُه َال ُيْفلِ ُح َّ‬
‫َرّبِي أ ْ َ َ َ َ‬
‫حوران سقطت إلى مكة فتكّلموا بها‪،‬وأهل المدينة يقرؤون ِهيت لك بكسر الهاء وال يهمزون‬
‫وذكر عن علي بن أبي طالب وابن عباس أنهما قرءا "هئت لك" يراد بها‪ :‬تهيأت لك وقال‬
‫الالم للتنبيه واألمر في اآلية أفاد رغبة "زليحة" امرأة العزيز في‬ ‫بعضهم هي بمعنى "هّلم" و ّ‬
‫الل ِه ِإان ُه َرّبِي‬
‫إقحام يوسف عليه السالم في معصية حملها إليه ولذا استعاذ بالله قائال‪" :‬معا َذ ا‬
‫ََ‬
‫أَحسن م ْثواي ِإانه َال يْفلِح ا‬
‫الظالِ ُمو َن"‪.‬‬ ‫ََْ ََ َ ُ ُ ُ‬
‫موجهة هي دليل يأخذ بالفعالية الخطابية في تعلقها‬ ‫أن كل حجة ّ‬ ‫يرى طه عبد الرحمان ّ‬
‫متميزا‪،‬ويظهر‬
‫تعد فعال قصديا ّ‬
‫بالمتكّلم؛والدليل على تعّلق الحجة الموجهة بالمتكّلم هو أنها ّ‬
‫الموجهة في أمرين هما‪:23‬‬
‫ّ‬ ‫تميز قصدية الحجة‬
‫‪-‬ارتباط القصدية باللغة‬
‫‪-‬وتراتب القصدية‬
‫ب‪-‬أسلوب التوكيد‪:‬‬
‫متعددة في اللغة العربية فقد يجيء بتكرار اللفظة بعينها أو‬
‫" ألسلوب التوكيد أشكال ّ‬
‫بمرادفها وهو ما يسمى عند النحاة بالتوكيد اللفظي وهناك نوع آخر يسمونه التوكيد‬
‫المعنوي‪،‬ويقع بتوظيف ألفاظ معينة بعد الكلمة النراد توكيدها ومنها‪ :‬نفس‪ ،‬عين‪ ،‬ذات‪،‬‬
‫و"أن"‪،‬ونونا التوكيد‬
‫"إن" ّ‬
‫كل‪،‬جميع‪،‬وما كان بمعناها‪،‬ومنها حروف تفيد التوكيد ومنها الناسخان ّ‬

‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬ ‫‪323‬‬


‫الم ْخَبر‪ ،‬أبحاث في اللغة واألدب الجزائري– جامعة بسكرة‪ .‬الجزائر‬
‫مجلة َ‬
‫الخفيفة والثقيلة والم اإلبتداء وآداة اثبات وتقرير المعنى في ذهنه وقد وظف كثي ار في القرآن‬
‫جليا في سورة يوسف "‪.‬‬ ‫يم‪،‬ولعل ذلك ما يتضح ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكر‬
‫ِ ن ‪24‬‬
‫"إننا" وأدمج حرف التوكيد‬
‫(إّنا)‪ :‬أصلها ّ‬ ‫اه ُقْرَآًنا َعَربًِّيا َل َعَّل ُك ْم َت ْعقُلو َ ﴾‬
‫‪ِ ﴿ ‬إَّنا أَْن َزْلَن ُ‬
‫وجل تعظيما لذاته العليا المتسامية وألن لغة‬
‫عز ّ‬ ‫(إن) مع نون الجماعة التي تعود على الله ّ‬ ‫ّ‬
‫العرب أفصح اللغات وأبينها وأوسعها وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس‪.‬‬
‫ان لِ ْ ِ‬
‫ْل ْن َس ِ‬
‫ان َعُدٌّو‬ ‫طَ‬‫الشْي َ‬ ‫اك َعَلى ِإ ْخ َوِت َك َفَي ِك ُ‬
‫يدوا َل َك َكْيًدا ِإ َّن َّ‬ ‫ص ُرْؤَي َ‬
‫صْ‬‫ال َيا ُبَن َّي َال َت ْق ُ‬
‫‪َ ﴿ ‬ق َ‬
‫ين﴾‪25.‬فالتوكيد هنا لفظي يكيدوا كيدا أي؛ يحتالوا لك حيلة يردونك فيها ولهذا ثبتت السنة‬ ‫ُمِب ٌ‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسّلم أنه قال‪ " :‬إذا رأى أحدكم ما يحب فليحدث به‪،‬وإذا رأى‬
‫ما يكره فليتحول إلى جنبه اآلخر‪ ،‬وليتفل عن يساره ثالثا‪،‬وليستعيذ بالله من شرها وال يحدث‬
‫بها أحدا فإنها لن تضره"‪.‬‬
‫ظو َن﴾‪(26.‬إّنا)توكيد حرفي ونحن نحفظه‬ ‫اف ُ‬‫﴿ أَرِسْل ُه معَنا َغًدا يرَتع ويْلعب وإَِّنا َل ُه َلح ِ‬ ‫‪‬‬
‫َ‬ ‫َْ ْ َ َ َ ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬
‫ونحوطه من أجلك‪.‬‬
‫َح ُّب ِإَلى أَِبيَنا ِمَّنا َوَن ْح ُن ُع ْصَب ٌة ِإ َّن أََباَنا َل ِفي َض َال ٍل‬ ‫ف َوأَ ُخ ُ‬
‫وه أ َ‬ ‫﴿ِإ ْذ َقاُلوا َلُي ُ‬
‫وس ُ‬ ‫‪‬‬
‫التوكيد باالمأي حلفوا فيما يظنون والله ليوسف وأخوه‪،‬يعنون بنيامين وكان‬ ‫ُمِب ٍ‬
‫ين﴾‪.‬‬
‫‪27‬‬

‫أي جماعة فكيف أحب ذينك اإلثنين أكثر‬ ‫منا ونحن عصبة"‬ ‫شقيقه ألمه "أحب إلى أبينا ّ‬
‫"إنا أبانا لفي ضالل مبين" يعنون في تقديمهما على محبته إياهما أكثر منا‪.‬‬ ‫من الجماعة ّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين﴾ ‪.‬‬ ‫ف َحَّتى َت ُكو َن َحَر ًضا أ َْو َت ُكو َن م َن اْل َهالك َ‬
‫وس َ‬
‫﴿ َقاُلوا َتالله َت ْف َتأُ َت ْذ ُكُر ُي ُ‬
‫‪28‬‬
‫‪‬‬
‫الل ِه َلَق ْد‬
‫توكيد بالقسم أي ال تفارق تذكر يوسف‪ ،‬وفي آية أخرى يقول الله تعالى‪َ ﴿ :‬قاُلوا َت َّ‬
‫ِِ‬ ‫َآ َثَر َك َّ‬
‫توكيد بالقسم‪ ،‬يقولون معترفين له بالفضل‬ ‫ِن ُكَّنا َل َخاطئ َ‬
‫ين﴾‪.‬‬ ‫الل ُه َعَلْيَنا َوإ ْ‬
‫‪29‬‬

‫الخُلق والسعة والملك والتصرف والنبوة أيضا وأقروا له بأنهم أساءوا إليه‬
‫واألثرة عليهم في ُ‬
‫وأخطئوا في حقه‪.‬‬
‫تسمى العالقة التي تربط بين الحجة والنتيجة العالقة الحجاجية وهي تختلف جذريا عن‬
‫االستلزام أو االستنتاج المنطقي‪،‬ويمكن الحديث أيضا عن السلم الحجاجي الذي يتكون من فئة‬
‫حجاجية موجهة‪،‬ويتكون من مجموعة من الدرجات في القوة والضعف وللتمثيل نقول‪:‬‬
‫‪ -0‬حصل علي على دكتوراه دولة‬
‫‪ -8‬حصل علي على اجازة‬

‫‪322‬‬ ‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬


‫أ‪ /‬فاطمة الزهرة المالحي‬ ‫حجاجية الخطاب القرآني سورة يوسف‪ -‬أنموذجا‪-‬‬

‫‪ -3‬حصل علي على البكالوريا‬


‫إن ما نالحظه من خالل هذه الجمل الحجاجية تنتمي إلى الفئة الحجاجية نفسها وإلى‬ ‫‪ّ -4‬‬
‫السلم الحجاجي نفسه وتحيل الى نتيجة مضمرة تتمّثل في كفاءة علي العلمية والمعرفية‬
‫ينبني السّلم الحجاجي على قوانين ثالثة هي‪:‬‬
‫‪ -0‬قانون النفي (ليس علي مجتهدا‪،‬إنه لم ينجح في اإلمتحان)‪.‬‬
‫‪ -8‬قانون القلب (لم يحصل علي على الدكتوراه‪،‬بل لم يحصل على الماجيستير )‪.‬‬
‫‪ -3‬قانون الخفض أو الدونية مثل ( الجو ليس باردا‪،‬لم يحضر كثير من األصدقاء إلى‬
‫أن هناك مفهوم آخر للسلم الحجاجي هو مفهوم الوجهية أو اإلتجاه‬
‫كما ّ‬
‫‪30‬‬
‫الحفل)‪.‬‬
‫الحجاجي (‪،)L’orientation argumentative‬ويعني هذا المفهوم أنه اذا كان قول ما‬
‫يمكن انشاء فعل حجاجي‪،‬فان القيمة الحجاجية لهذا القول يتم تحديدها بواسطة اإلتجاه‬
‫الحجاجي‪،‬وهذا األخير قد يكون صريحا أو مضم ار وزد على ذلك ّ‬
‫أن لغتنا العربية تحوي‬
‫روابط حجاجية جمة مثل‪ :‬لكن‪،‬بل‪،‬إذا‪،‬إذن‪،‬حتى‪،‬كي‪،‬الم التعليل‪،‬السيما‪،‬وإذ‪،‬وألن‪،‬وبما‬
‫‪31‬‬
‫أن‪.....،‬‬
‫سادسا‪ -‬اآلليات التخاطبية في قصة يوسف عليه السالم‪:‬‬
‫‪-1‬مبدأ الحجاج‪:‬‬
‫تعد األليات التخاطبية التي تتحكم في صحة الخطاب وقبوله منوطة بأركان العملية‬ ‫ّ‬
‫المحرك‬
‫ّ‬ ‫تعد‬
‫التخاطبية‪،‬وهذه األخيرة من إحدى وسائل القرآن الكريم لتحقيق التواصل وتأكيده‪،‬إذ ّ‬
‫المحرك األمثل للقلوب‪.‬‬
‫األساس للعقول و ّ‬
‫اهتم القرآن اهتماما كبي ار بالتخاطب وآلياته من الحوار والتشاور واإلختالف‬
‫وقد ّ‬
‫وعناصر الخطاب كلها‪،‬ووضع أسسا لها‪،‬وعرفة اآلليات التي كان ينهجها األنبياء في تبليغ‬
‫الدعوة الى األفراد والجماعات واألمم‪،‬واألسلوب الذي عّلمهم إياه القرآن الكريم في هذا المجال‬
‫تتمثل فيما جاء في الذكر الحكيم قوله عز وجل‪ " :‬قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء‬
‫بيننا وبينكم ّإال الله وال نشرك به شيئا‪ ،‬أن لكل خطاب حواري مجموعة آليات البد أن يدركها‬
‫المحاور قبل الحوار فيلتزم بها في ثنايا كالمه والمقصود هنا" اآلداب التي يجب أن يلتزمها‬
‫كل من المتحاورين أثناء المحاورة للوصول إلى أفضل النتائج المرجوة من الحوار‪،‬فالمراد‬
‫بضوابط الحوار مجموعة القواعد واآلداب واألحكام‪،‬وهي ما يسمى آداب البحث‪،‬أو علم‬

‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬ ‫‪322‬‬


‫الم ْخَبر‪ ،‬أبحاث في اللغة واألدب الجزائري– جامعة بسكرة‪ .‬الجزائر‬
‫مجلة َ‬
‫المناظرة‪،‬أو آداب الحوار والمناظرة‪.‬ولنجاح الحوار التخاطبي وتبليغ مقاصده الحوارية‬
‫‪32‬‬
‫التخاطبية وآداب الحوار‪.‬‬
‫‪ -1‬إستراتيجية اإلقناع‪:‬‬
‫إن إستراتيجية اإلقناع بالحجاج واضحة في القرآن الكريم وأقوال رسول الله صلى الله‬
‫تجسد استعمال هذه اإلستراتيجيات‪.‬‬
‫عليه وسلم‪ ،‬لنجد الكثير من النماذج التي ّ‬
‫أ‪-‬اآلليات البالغية‪:‬‬
‫" يشهد تاريخ البالغة أنها كانت تعني تارة فن اإلقناع وتارة الصنعة الجمالية؛فقد اتسعت‬
‫للوظيفتين الحجاجية والجمالية‪،‬وعلى الرغم من كل ما قيل عن انحرافها أو انحسارها عندما‬
‫اختزلت ابتداء من القرن السادس عشر في تناول جزء واحد من أجزاء الخطاب المتمثل في‬
‫‪33‬‬
‫األسلوب"‪.‬‬
‫"مدار البالغة كلها على استدراج الخصم إلى اإلذعان والتسليم‪،‬ألنه ال انتفاع بإيراد األلفاظ‬
‫المليحة الرائقة وال المعاني اللطيفة الدقيقة دون أن تكون مستجلبة لبلوغ غرض المخاطب‬
‫‪34‬‬
‫بها"‪.‬‬
‫طب واستمالته‬
‫إن الفلك الذي تدور فيه البالغة يرتكز على أمرين إثنين هما‪ :‬اقناع المخا َ‬
‫اعتمادا على األلفاظ الراقية والتي تدغدغ أذن المخاطب للتسليم واإلذعان لها‪.‬‬
‫إن عملية التخاطب تستند إلى جملة من العناصر الخطابية والحجاجية التي البد من‬ ‫ّ‬
‫مراعاتها وإدراكها لمعرفة سياق التخاطب وفي هذا المقام نحاول عرض أهم اآلليات التخاطبية‬
‫طب وقد انبثقت نظرية الحجاج من أفكار أقطاب‬ ‫ِ‬
‫المخاطب أو المخا َ‬ ‫الحجاجية التي استعملها‬
‫مدرسة أوكسفورد (أوستين ومحاضراته بعنوان كيف ننجز األشياء بالكالم) وكذا سيرلوديكرو‬
‫اللذان قاما بتطوير أفكار أوستين بهذا الخصوص‪،‬واقترح إضافة فعلين لغويين هما فعل‬
‫أن " األصل في تكوثر الكالم هو صفته الحجاجية بناء على أنه‬
‫االقتضاء وفعل الحجاج‪،‬وبما ّ‬
‫ألنهما‬
‫ال خطاب بغير حجاج" ‪ ،‬يعتبر الحجاج عامال مشتركا بين الجدل والخطابة‪،‬ذلك ّ‬
‫‪35‬‬

‫قوتان إلنتاج الحجج‪..‬‬


‫ب‪ -‬االستعارة الحجاجية‪:‬‬
‫تعرف االستعارة الحجاجية بكونها تلك االستعارة التي تهدف إلى إحداث تغيير في‬ ‫ّ‬
‫تحقيقه‪".‬إن قوة الحجاج في المفردات‬
‫ّ‬ ‫الموقف الفكري أو العاطفي للمتلقي وهو ما ّيود المرسل‬

‫‪325‬‬ ‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬


‫أ‪ /‬فاطمة الزهرة المالحي‬ ‫حجاجية الخطاب القرآني سورة يوسف‪ -‬أنموذجا‪-‬‬

‫تبدو في االستعماالت اإلستعارية أقوى ّ‬


‫مما نحسه عند استخدامنا لنفس المفردة بالمعنى‬
‫‪36‬‬
‫الحقيقي‪.‬‬
‫‪-‬االستعارة الحجاجية استعارة تهدف إلى إحداث تغيير في الموقف الفكري أو العاطفي‬
‫السامع ويبهجه‪،‬وهو ينصح الخطيب‬ ‫للمتلقي‪،‬فهي عند "أرسطو" مظهر خارجي يجتذب ّ‬
‫يصر على استعمال‬
‫ّ‬ ‫جيدا ألن موارد النثر أقل من موارد الشعر وأضيق‪،‬ولهذا‬
‫باالعتناء بها ّ‬
‫االستعارات البسيطة والقريبة والواضحة وضوحا تاما‪...‬وينصح بعدم اإلكثار منها حتى ال‬
‫‪37‬‬
‫يخرج بها من االستعارة الحجاجية الى االستعارة الشعرية‪.‬‬
‫يفترض طه عبد الرحمان افتراضات للقول اإلستعاري وهي‪:‬‬
‫أن القول اإلستعاري قول حواري وحواريته صفة ذاتية له‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن القول اإلستعاري قول حجاجي وحجاجيته من الصنف التفاعلي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن القول اإلستعاري قول عملي‪،‬وصفته العملية تالزم ظاهره البياني والتخييلي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اإلستعارة‬
‫الكناية‬
‫تشبيه بليغ‬
‫التشبيه ب(كأن)‬
‫التشبيه المرسل بالكاف‬
‫المعنى الحقيقي‬

‫القوة الحجاجية البيانية‬


‫‪ -‬اإلستعارة الحجاجية في سورة يوسف‪:‬‬
‫اإلستعارة الحجاجية األولى‪:‬‬
‫ِ ِ‬ ‫يقول الله تعالى‪ِ﴿ :‬إ ْذ َقال يوس ِ ِ‬
‫س‬‫الش ْم َ‬ ‫ف ألَِبيه َيا أََبت ِإّني َأرَْي ُت أ َ‬
‫َح َد َع َشَر َك ْوَكًبا َو َّ‬ ‫َ ُ ُ ُ‬
‫ين﴾‪،38،‬في اآلية الكريمة استعارة مكنية فشبه الكواكب بقوم عقالء‬ ‫واْلَقمر أرَي ُتهم لِي س ِ ِ‬
‫اجد َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ ْ ُ ْ‬
‫ساجدين والسجود قرينة‪،‬قال ابن عباس‪ " :‬رؤيا األنبياء وحي واألحد عشر كوكبا هم إخوته‬
‫األحد عشر نفرا‪،‬والشمس والقمر أبوه وأمه‪،‬ألن الكواكب ال تسجد ال تسجد في‬

‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬ ‫‪322‬‬


‫الم ْخَبر‪ ،‬أبحاث في اللغة واألدب الجزائري– جامعة بسكرة‪ .‬الجزائر‬
‫مجلة َ‬
‫الحقيقة"‪،‬فالسجود هنا للتحية وكان بمنزلة المصافحة وانتقل من العبادة إلى التحية‪،‬والتقدير وهو‬
‫سجود غير حقيقي ولكن يكون على شكل انحناء فقط أما السجود لله تعالى وحده‪.‬‬
‫اإلستعارة الحجاجية الثانية‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫ال َب ْل َس َّوَل ْت َل ُك ْم أَْن ُف ُس ُك ْم أ ْ‬
‫َمًار َف َصْبٌر‬ ‫اءوا َعَلى َقميصه ب َد ٍم َكذ ٍب َق َ‬
‫﴿و َج ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫ان َعَلى َما َت ِص ُفو َن ﴾‪ ،39‬ففي اآلية الكريمة استعارة وصف بالمصدر‬ ‫َج ِميل َو َّ‬
‫الل ُه اْل ُم ْس َت َع ُ‬ ‫ٌ‬
‫المبالغ كأنه نفس الكذب وعينه‪،‬فالدم الذي في القميص ليس حقيقي من جهة مخالفة لونه لون‬
‫ماهم فيه‪،‬وجاءوا على قميصه بدم كذب أي؛مكذوب مفترى‪،‬وهذا من األفعال التي يؤكدون بها‬
‫ما تمالثوا عليه من المكيدة‪،‬وهو أنهم عمدوا إلى سلخه فيما ذكره مجاهد والسدى وغير‬
‫واحد‪،‬فذبحوها ولطخوا ثوب يوسف بدمها موهمين أن هذا قميصه الذي أكله فيه الذئب‪،‬وقد‬
‫أصابه من دمه‪،‬ولكنهم نسوا أن يخرقوا فلهذا لم يرج هذا الصنيع على نبي الله يعقوب‪،،‬بل قال‬
‫ص ْبٌر َج ِميل" سورة‬
‫لهم معرضا عن كالمهم إلى ما وقع في نفسه" َب ْل َساوَل ْت َل ُك ْم أ َْنُف َس ُك ْم أ َْم ًار َف َ‬
‫يوسف اآلية ‪.11‬‬
‫‪-2‬الكناية وداللتها الحجاجية‪:‬‬
‫يك ْم َوَت ُكوُنوا ِم ْن َب ْع ِد ِه‬
‫وه أَْر ًضا َي ْخ ُل َل ُك ْم َو ْج ُه أَِب ُ‬
‫ف أ َِو ا ْطَر ُح ُ‬
‫وس َ‬
‫‪-1‬يقول الله تعالى‪﴿ :‬ا ْقُتُلوا ُي ُ‬
‫َق ْو ًما َص ِال ِح َ‬
‫ين﴾‬
‫‪40.‬‬

‫َي ْخ ُل َل ُك ْم َو ْج ُه أَِب ُ‬
‫يك ْم‬ ‫اقتلوا يوسف‬
‫نتيجة‬ ‫مقدمة (الحجة)‬
‫تعد مقدمة‬ ‫في اآلية كناية تلويحية عن المحبة الخالصة‪ ،‬فقتل أخيهم يوسف والتخلص منه ّ‬
‫لنتيجة واحدة وهي خلو وجه أبيهم فيقبل عليهم‪.‬‬
‫يب ِبَر ْح َمِتَنا َم ْن‬ ‫ِ‬
‫اء ُنص ُ‬
‫ِ‬ ‫ف ِفي ْاألَْر ِ‬
‫ض َي َتَب َّوأُ مْن َها َحْي ُث َي َش ُ‬ ‫وس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪-2‬يقول تعالى‪َ ﴿:‬وَك َذل َك َم َّكَّنا لُي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين﴾‪.‬‬‫َجَر اْل ُم ْح ِسن َ‬ ‫يع أ ْ‬
‫اء َوَال ُنض ُ‬‫َن َش ُ‬
‫‪41‬‬

‫ِ‬ ‫ف ِفي ْاأل َْر ِ‬ ‫ِ ا ِ‬


‫َيتََباوأُ م ْن َها َح ْي ُث َي َش ُ‬
‫اء‬ ‫ض‬ ‫َوَك َذل َك َمكانا لُي ُ‬
‫وس َ‬
‫يتصرف فيها كيف يشاء)‬
‫ّ‬ ‫نتيجة(‬ ‫مقدمة (حجة)أي؛أرض مصر‬

‫سابعا‪ -‬اآلليات الحجاجية في سورة يوسف‪:‬‬

‫‪322‬‬ ‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬


‫أ‪ /‬فاطمة الزهرة المالحي‬ ‫حجاجية الخطاب القرآني سورة يوسف‪ -‬أنموذجا‪-‬‬

‫يتوفر القرآن الكريم على معطيات ما جعله خطابا حجاجيا إقناعيا وما جعل الحجاج‬
‫يصيب كثي ار من العناصر اللغوية فيه مثل الكلمات والتراكيب والصور‪،‬والخطاب القرآني‬
‫ردا على خطابات حاملة لعقائد ومناهج فاسدة فالخطاب القرآني‬ ‫ألنه جاء ّ‬
‫خطاب حجاجي ّ‬
‫يهدف إلى تغيير وضع قائم فهو مسرح لتحاور الذوات وتحاججها وتجادلها كما تعج فيه أقوال‬
‫المتخاصمين والمتخاطبين على اختالف أنواعهم‪.‬‬
‫والخطاب القرآني في سورة يوسف غني وثري باآلليات الحجاجية المتنوعة ويعود الفضل في‬
‫وتنوع المخاطبين فيه ومن جملة هاته اآلليات نجد‪:‬‬
‫لتعدد موضوعاته ّ‬
‫ذلك ّ‬
‫‪ -/1‬الروابط الحجاجية‪:‬‬
‫إن تقدير المتكّلم أو المرسل لردود أفعال المخاطب أو المرسل إليه‪،‬يجعله يستنبط‬
‫ّ‬
‫حججا افتراضية بناء على ذلك التقدير‪،‬وألن خطابه الحجاجي هذا يكون دوما مواجهة لخطاب‬
‫الحجاجي هذا يكون دوما مواجهة لخطاب ّ‬
‫ضد حقيقي أو تقديري(سواء كان طرحا واقعا وهو‬
‫فوض‪،‬أونقد ار يتوقعه المتكّلم ويفترض وجوده في ذهن المتلقي)‪،‬فإنه يسهم تحقيق‬
‫ّ‬ ‫بالتالي مر‬
‫النصي‪،‬وقد يتعين بطريقة‬
‫السياق ّ‬
‫النشاط التواصلي الذي قد تفرضه البنية الّلغوية ذاتها‪،‬أو ّ‬
‫المقدمة‬
‫مباشرة عن طريق‪" :‬الروابط الحجاجية‪Connecteurs argumentatif‬التي تصل ّ‬
‫باإلستنتاج‪،‬وتتدخل في توجيه داللة المحاججة‪.‬‬
‫كل منها بداللتها‬
‫يتوفر الخطاب القرآني المتمّثل في سورة يوسف على مجموع روابط تنفرد ّ‬
‫المتكون بين النتيجة (ال ّ‬
‫طرح) والحجة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫وأثرها‬
‫‪-1‬الفاء‪:‬‬
‫الرابط الحجة‬ ‫األطروحة‬
‫َن َي ْج َعُلوهُ ِفي َغَي َاب ِة‬ ‫َج َم ُعوا أ ْ‬
‫ِ‬
‫فلما َذ َهُبوا ِبه َوأ ْ‬ ‫‪ّ -‬‬ ‫َكَل ُه ال ِّذ ْئ ُب َوَن ْح ُن الفاء‬
‫‪َ-‬قاُلوا َلِئ ْن أ َ‬
‫اْل ُج ِّب َوأ َْو َح ْيَنا ِإَل ْي ِه َلتَُنِّبَئان ُه ْم ِبأ َْم ِرِه ْم َه َذا َو ُه ْم َال‬ ‫اس ُرو َن‬ ‫عصب ٌة ِإانا ِإ ًذا َلخ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َْ‬
‫َي ْش ُع ُرو َن‬
‫َكَل ُه ال ِّذ ْئ ُب َو َما أ َْن َت ِب ُم ْؤ ِم ٍن َلَنا َوَل ْو ُكانا‬ ‫‪-‬أ َ‬ ‫‪َ-‬قاُلوا َيا أََب َانا ِإانا َذ َه ْبَنا َن ْستَِب ُق الفاء‬
‫ين‬ ‫ِِ‬ ‫وتَرْكنا يوسف ِع ْند متَ ِ‬
‫صادق َ‬ ‫َ‬ ‫اعَنا‬ ‫َ َ َ ُ ُ َ َ َ‬
‫ان َعَلى َما‬ ‫ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يصه ِب َد ٍم َك ِذ ٍب الفاء‬ ‫‪-‬وجاءوا عَلى َق ِم ِ‬
‫يل َوالل ُه اْل ُم ْستَ َع ُ‬ ‫ص ْبٌر َجم ٌ‬ ‫‪َ-‬ف َ‬ ‫َ‬
‫صُفو َن‬ ‫تَ ِ‬ ‫ال َب ْل َساوَل ْت َل ُك ْم أ َْنُف ُس ُك ْم أ َْم ًار‬
‫َق َ‬

‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬ ‫‪322‬‬


‫الم ْخَبر‪ ،‬أبحاث في اللغة واألدب الجزائري– جامعة بسكرة‪ .‬الجزائر‬
‫مجلة َ‬

‫َسُّروهُ‬‫ال َيا ُب ْش َرى َه َذا ُغ َال ٌم َوأ َ‬ ‫فأ َْدَلى َدْلَوهُ َق َ‬ ‫الفاء‬ ‫اارةٌ َفأ َْرَسُلوا َو ِارَد ُه ْم‬
‫اء ْت َسي َ‬
‫‪َ -‬ج َ‬
‫يم ِب َما َي ْع َمُلو َن‬ ‫ا ِ‬
‫اع ًة َوالل ُه َعل ٌ‬ ‫ض َ‬ ‫ِب َ‬
‫ال ِإان ُه ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫يص ُه ُقاد م ْن ُدُب ٍر َق َ‬
‫ِ‬
‫فل اما َأرَى َقم َ‬ ‫يص ُه ُقاد ِم ْن ُدُب ٍر الفاء‬ ‫ِ‬
‫ان َقم ُ‬ ‫‪َ-‬وإِ ْن َك َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َف َك َذب ْت وهو ِمن ا ِ ِ‬
‫َك ْيد ُك ان إ ان َك ْي َد ُك ان َعظ ٌ‬
‫يم‬ ‫ين‬
‫الصادق َ‬ ‫َ َ َُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪-‬وَق ِ‬
‫َعتََد ْت‬‫‪َ-‬فَل اما َسم َع ْت ِب َم ْك ِرِه ان أ َْرَسَل ْت ِإَل ْي ِه ان َوأ ْ‬ ‫ام َأرَةُ الفاء‬
‫ال ن ْس َوةٌ في اْل َمد َينة ْ‬ ‫َ َ‬
‫اح َد ٍة ِم ْن ُه ان ِس ِّك ًينا َوَقاَل ِت‬‫َله ان متا َكأً وآَتَ ْت ُك ال و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اها َع ْن َنْفسه َق ْد‬ ‫ِ‬ ‫اْل َع ِز ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫يز تَُراوُد َفتَ َ‬
‫ط ْع َن أ َْي ِدَي ُهنا‬
‫اخرج عَلي ِه ان َفَل اما أرَينه أَ ْكبرنه وَق ا‬
‫َ َْ ُ َْ َ ُ َ‬ ‫ُْ ْ َ ْ‬ ‫ض َال ٍل‬ ‫اها في َ‬
‫َش َغَفها حبًّا ِإانا َلَنر ِ‬
‫ََ‬ ‫َ ُ‬
‫ِا ِ‬
‫ك‬‫اش لله َما َه َذا َب َش ًار ِإ ْن َه َذا ِإ اال َمَل ٌ‬ ‫َوُقْل َن َح َ‬ ‫ُمِب ٍ‬
‫ين‬

‫َك ِر ٌ‬
‫يم‬
‫ف َع ْن ُه َك ْي َد ُه ان ِإان ُه ُهَو‬ ‫ص َر َ‬ ‫ُّه َف َ‬
‫اب َل ُه َرب ُ‬ ‫استَ َج َ‬
‫َف ْ‬ ‫َح ُّب ِإَل اي ِم اما الفاء‬ ‫ِ ِ‬
‫الس ْج ُن أ َ‬
‫ال َر ّب ّ‬ ‫‪َ-‬ق َ‬
‫ِ‬ ‫اِ‬ ‫ف َعِّني‬ ‫ي ْدع َِ ِ ِ ا‬
‫يم‬
‫يع اْل َعل ُ‬
‫السم ُ‬ ‫ص ِر ْ‬ ‫ونني إَل ْيه َوإِال تَ ْ‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬
‫َك ْن م َن‬ ‫ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َص ُب إَل ْيهن َوأ ُ‬ ‫ا‬
‫َك ْي َد ُهن أ ْ‬
‫ين‬ ‫ِِ‬
‫اْل َجاهل َ‬
‫‪-2‬إذ‪ ،‬لكن‬
‫الحجة‬ ‫الرابط‬ ‫األطروحة‬
‫َح ُّب ِإَلى أَِب َينا ِمانا‬
‫َخوهُ أ َ‬
‫ف َوأ ُ‬‫وس ُ‬ ‫‪-‬إ ْذ َقاُلوا َلُي ُ‬ ‫ف َوإِ ْخ َوِت ِه إذ‬
‫وس َ‬
‫ان في ُي ُ‬
‫‪َ-‬لَق ْد َك ِ‬
‫َ‬
‫ض َال ٍل ُمِب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات لِ ا‬
‫ين‬ ‫صَب ٌة ِإ ان أََب َانا َلفي َ‬
‫َوَن ْح ُن ُع ْ‬ ‫ين‬
‫لسائل َ‬ ‫آََي ٌ‬
‫وح ِ‬ ‫‪-‬ذلِك ِم ْن أ َْنب ِاء اْل َغي ِب ُن ِ‬
‫ِإ ْذ أ ْ‬
‫َج َم ُعوا أ َْم َرُه ْم َو ُه ْم َي ْم ُك ُرو َن‬ ‫يه إذ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِإَل ْي َك َو َما ُك ْن َت َل َد ْي ِه ْم‬
‫لكن‪:‬‬
‫الرابط الحجاجي "لكن" من أدوات التعارض الحجاجي وهي حرف يفيد اإلستدراك "‬
‫لما أخبرت عن‬ ‫كأنها ّ‬
‫ومعنى اإلستدراك ان تنسب حكما السمها يخالف المحكوم عليه قبلها‪ّ ،‬‬
‫األول بخبر خفت أن يتوهم من الثاني مثل ذلك‪،‬فتداركت بخبره إن سلبا وإن ايجابا ولذلك ال‬
‫تكون إال بعد كالم ملفوظا به أو ّ‬
‫مقدر‪...‬وال تقع(لكن)إال بين متنافيين ومتغايرين بوجه‬
‫‪42‬‬
‫ما‪..‬التغاير في المعنى بمنزلته في الّلفظ "‪.‬‬

‫‪322‬‬ ‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬


‫أ‪ /‬فاطمة الزهرة المالحي‬ ‫حجاجية الخطاب القرآني سورة يوسف‪ -‬أنموذجا‪-‬‬

‫الل ِه ِم ْن‬
‫َن ُن ْش ِر َك ِب َّ‬
‫ان َلَنا أ ْ‬
‫وب َما َك َ‬‫اق َوَي ْعُق َ‬
‫ِس َح َ‬ ‫يم َوإ ْ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫﴿و َّاتَب ْع ُت مل َة آََبائي إْبَراه َ‬
‫عز وجل‪َ :‬‬ ‫يقول ّ‬
‫ن ‪43‬‬ ‫اس َوَل ِك َّن أَ ْك َثَر َّ‬
‫الن ِ‬
‫اس َال َي ْش ُكُرو َ ﴾‪.‬‬ ‫الل ِه َعَلْيَنا َو َعَلى َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َشي ٍء َذلِ َك ِم ْن َف ْض ِل َّ‬
‫ْ‬
‫يقول هجرت طريق الكفر والشرك‪،‬وسلكت طريق هؤالء المرسلين صلوات الله وسالمه‬
‫عليهم أجمعين وهكذا يكون حال من سلك طريق الهدى‪،‬واتبع طريق المرسلين‪،‬وأعرض عن‬
‫طريق الظالمين‪،‬فإن الله يهدي قلبه ويعلمه ما لم يكن يعلم‪،‬ويجعله إماما يقتدى به في الخير‪.‬‬
‫وهذا التوحيد وهو اإلقرار بأنه ال اله اال الله وحده ال شريك له﴿ َوَل ِك َّن أَ ْك َثَر َّ‬
‫الن ِ‬
‫اس َال‬
‫َي ْش ُكُرو َن﴾‪ 44.‬أي ال يعرفون نعمة الله عليهم بإرسال الرسل إليهم‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫وفي األخير نورد قوال للدكتور أبو بكر العزاوي حيث يرى " أن مجال الحجاج أوسع‬
‫وأكبر من الجملة أو القول و ّإنما مجاله الحقيقي هو الخطاب والحوار‪،‬حيث تظهر وجوه‬
‫استعماله وتتجلى طرائق اشتغاله"‪.‬‬
‫تعد اإلستعارة أعلى مراتب الساللم الحجاجية باعتبار أن لكل قول حجة ومعنى ظاهري‬
‫‪ّ -‬‬
‫وكذا معنى ضمني و المعى الضمني هو األثبت واألرسخ في الذهن‪.‬‬
‫إن من أهم اآلليات الحجاجية " الحجاج السلوكي" فالحجاج قد يكون لغوياً أو غير لغوي‪،‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫فإن الحجج والنتائج ستكون في هذا‬
‫وهذا النوع أي؛ غير اللغوي يعتمد على التواصل السلوكي‪ّ ،‬‬
‫جليا في سورة يوسف وبالتحديد في‬ ‫اإلطار عبارة عن عناصر أيقونية أو سلوكية‪.‬ونرى ذلك ّ‬
‫وجل‪:‬‬
‫عز ّ‬ ‫قوله ّ‬
‫احَد ٍة ِمْن ُه َّن ِس ِّكيًنا َوَقاَل ِت‬ ‫﴿ َفَل َّما َس ِم َع ْت ِب َم ْك ِرِه َّن أَْر َسَل ْت إَِلْي ِه َّن َوأ ْ‬
‫َع َتَد ْت َله َّن مَّت َكأً وآ ََت ْت ُك َّل و ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫اش لَِّل ِه َما َه َذا َب َشًار ِإ ْن َه َذا ِإَّال َمَل ٌك‬‫ط ْع َن أَْي ِدَي ُه َّن َوُقْل َن َح َ‬
‫اخر ْج َعَلْي ِه َّن َفَل َّما أرَْيَن ُه أَ ْكَبْرَن ُه وَق َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫َك ِر ٌ‬
‫يم﴾‪.‬‬
‫‪45‬‬

‫السلوك هو الذي أفضى إلى الحجاج والمتمّثل في‪:‬‬


‫هن‬
‫‪-‬سمعت بمكر ّ‬
‫لهن متكأً وسكينا‬
‫أعدت ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫يم‬
‫وقلن حاش لله ما هذا بش ار إن هذا إالّ ملك كر ٌ‬ ‫أيديهن َ‬‫طعن ُ‬ ‫‪-‬ق ّ‬
‫والنتيجة التي أفضت إليها زليخة يقول تعالى‪َ ﴿ :‬قاَلت َف َذلِ ُك َّن َّال ِذي ُلم ُتَّنِني ِف ِ‬
‫يه َوَلَق ْد‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ين﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الصاغر َ‬ ‫َمُرُه َلُي ْس َجَن َّن َوَلَي ُكوَن ْن م َن َّ‬
‫اس َت ْع َص َم َوَلئ ْن َل ْم َي ْف َع ْل َما آ ُ‬
‫َر َاوْد ُت ُه َع ْن َن ْفسه َف ْ‬
‫‪46‬‬

‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬ ‫‪322‬‬


‫الم ْخَبر‪ ،‬أبحاث في اللغة واألدب الجزائري– جامعة بسكرة‪ .‬الجزائر‬
‫مجلة َ‬

‫‪-1‬عبد الله صولة‪ ،‬الحجاج القرآني من خالل أهم خصائصه األسلوبيىة‪،‬دار‬


‫الفارابي‪،‬ط‪،0‬بيروت لبنان‪8112،‬م‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪-2‬هاجر مدقن‪،‬الخطاب الحجاجي أنواعه وخصاصه‪،‬دار األمان‪،‬الرباط‪،‬ط‪0،0434‬هـ‪-‬‬
‫‪8103‬م‪،‬ص‪45.42‬‬
‫‪ -3‬صالح فضل‪،‬بالغة الخطاب وعلم النص‪،‬عالم المعرفة‪،‬أغسطس ‪0555‬م‪،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.92‬‬
‫‪ -5‬ابراهيم اآلية ‪.14‬‬
‫‪-6‬األنبياء‪،‬اآلية ‪.88‬‬
‫‪ -7‬محمود عكاشة‪،‬تحليل الخطاب في ضوء نظرية أحداث اللغة دراسة تطبيقية ألساليب‬
‫التأثير واإلقناع الحجاجي في الخطاب النسوي في القرآن الكريم‪،‬دار النشر‬
‫للجامعات‪،‬القاهرة‪،‬ط‪0،8103‬م‪،‬ص‪.42.44‬‬
‫‪ -8‬أمينة الدهري‪،‬الحجاج وبناء الخطاب في ضوء البالغة الجديدة‪،‬شركة النشر والتوزيع‪،‬الدار‬
‫البيضاء‪،‬ط‪0،0438‬هـ‪8100-‬م‪،‬ص‪.80‬‬
‫‪ -9‬أبو بكر العزاوي‪،‬الخطاب والحجاج‪،‬مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع‪،‬بيروت‬
‫لبنان‪،‬ط‪0،8101‬م‬
‫‪،‬ص‪.05.02‬‬
‫‪ -10‬بوسالح فايزة‪،‬الساللم الحجاجية في القصص القرآني –مقاربة تداولية –أطروحة مقدمة‬
‫لنيل شهادة الدكتوراه في اللسانيات‪،‬جامعة وهران أحمد بن بلة‪8109-0،8104‬م‪،‬ص‪.82.82‬‬
‫‪ -11‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.82‬‬
‫‪ -12‬محمد باقر سعيدي روشن‪،‬منطق الخطاب القرآني دراسات في لغة القرآن‪،‬تر‪ :‬رضا‬
‫شمس الدين‪ ،‬مكتبة مومن قريش ط‪،0‬بيروت ‪8104‬م‪،‬ص‪890‬‬
‫‪ -13‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.898‬‬
‫‪ -14‬يوسف‪،‬اآلية ‪.13‬‬
‫‪ -15‬ابن كثير‪،‬تفسير القرآن العظيم‪،‬دار الهيثم‪،‬ج‪،8‬ص‪.0944‬‬
‫‪ -16‬سورة يوسف‪،‬اآلية ‪.14‬‬
‫‪322‬‬ ‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬
‫أ‪ /‬فاطمة الزهرة المالحي‬ ‫حجاجية الخطاب القرآني سورة يوسف‪ -‬أنموذجا‪-‬‬

‫‪ -17‬ابن كثير‪ ،‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬دار الهيثم‪،‬ج‪،8‬ص‪0918‬‬


‫‪ -18‬سورة يوسف‪،‬اآلية ‪.01‬‬
‫‪ -19‬ابن كثير‪،‬ص‪.0913‬‬
‫‪ -20‬يوسف اآلية ‪.34‬‬
‫‪ -21‬مجلة الحوار القصصي في القرآن الكريم‪ ،‬سعيدة حسن شاهي‪،‬وآفرين زارع‪ ،‬الحوار‬
‫القصصي في القرآن الكريم قراءة في ضوء مفاهيم اللسانيات الحديثة‪،‬جمهورية ايران‬
‫االسالمية‪ -‬جامعة شيراز‪.‬‬
‫‪ -22‬مختار عطية‪،‬علم المعاني ودالالت األمر في القرآن الكريم دراسة بالغية‪،‬دار الوفاء‬
‫لدنيا الطباعة والنشر‪،‬دن‪،‬اإلسكندرية‪8114،‬م‪،‬ص‪.382‬‬
‫‪ -23‬طه عبد الرحمان‪ ،‬اللسان والميزان أو التكوثر العقلي‪،‬المركز الثقافي العربي‪،‬ط‪ ،0‬الدار‬
‫البيضاء ‪0552‬م‪،‬ص‪809‬‬
‫‪ -24‬يوسف اآلية‪18،‬‬
‫‪ -25‬يوسف اآلية‪.19‬‬
‫‪ -26‬يوسف اآلية‪.08،‬‬
‫‪ -27‬يوسف اآلية‪12،‬‬
‫‪ -28‬يوسف اآلية‪.29،‬‬
‫‪ -29‬يوسف اآلية‪.50،‬‬
‫‪ -30‬جميل حمداوي‪،‬من الحجاج إلى البالغة الجديدة‪،‬أفريقيا‬
‫الشرق‪،‬المغرب‪،‬د‪.‬ط‪8104،‬م‪،‬ص‪32‬‬
‫‪ -31‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.32‬‬
‫‪ -32‬تا ار فرهاد شاكر‪،‬اللسانيات الخطابية في قصص األنبياء(آدم وإبراهيم وعيسى) عليهم‬
‫السالم في القرآن الكريم‪،‬عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع‪،‬اربد‬
‫األردن‪،‬ط‪0،8102‬م‪.803.804،‬‬
‫‪ -33‬محمد مبشال‪،‬البالغة والخطاب‪،‬منشورات ضفاف ومنشورات اإلختالف دار‬
‫األمان‪،‬الرباط‪،‬ط‪0،0439‬هـ‪8104-‬م‪،‬ص‪019‬‬
‫‪ -34‬عبد الله صولة‪،‬الحجاج في القرآن من خالل أهم خصائصه‪،‬ص‪.22‬‬
‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬ ‫‪323‬‬
‫الم ْخَبر‪ ،‬أبحاث في اللغة واألدب الجزائري– جامعة بسكرة‪ .‬الجزائر‬
‫مجلة َ‬

‫‪ -35‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪،‬استراتيجيات الخطاب مقاربة لغوية تداولية‪،‬دار الكتاب‬


‫الجديد‪،‬ط‪،0‬بيروت لبنان‪ 8114‬م‪،‬ص ‪.894‬‬
‫‪ -36‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪،‬استراتيجيات الخطاب مقاربة لغوية تداولية‪،‬دار الكتاب‬
‫الجديد‪،‬ط‪،0‬بيروت لبنان‪ 8114‬م‪،‬ص ‪.894‬‬
‫‪ -37‬هاجر مدقن‪،‬الخطاب الحجاجي أنواع وخصائصه‪،‬ص‪.23‬‬
‫‪-38‬يوسف اآلية‪.14،‬‬
‫‪-39‬يوسف اآلية‪02،‬‬
‫‪-40‬يوسف اآلية ‪.15‬‬
‫‪-41‬يوسف اآلية‪.94،‬‬
‫‪-42‬بوسالح فايزة‪،‬الساللم الحجاجية في القصص القرآني –مقاربة تداولية –أطروحة مقدمة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه في اللسانيات‪،‬جامعة وهران أحمد بن بلة‪8109-0،8104‬م‪،‬ص‪.044‬‬
‫‪-43‬يوسف اآلية‪.32،‬‬
‫‪-44‬يوسف اآلية‪.32،‬‬
‫‪ -45‬يوسف اآلية‪.30،‬‬
‫‪-46‬يوسف األية‪.38،‬‬

‫‪322‬‬ ‫مجلة المخبر‪ -‬العدد الرابع عشر‪8102 -‬‬

You might also like