Professional Documents
Culture Documents
أ. بكراوي
أ. بكراوي
ملخص البحث
يقصد باالزدواجية القضائية تخصيص قضاء إداري مستقل عن القضاء العادي مهمته الفصل في
المنازعات اإلدارية؛ أي المنازعات التي تكون اإلدارة طرفا ً فيها،وتعود جذوره التاريخية إلى النظام
القضائي الفرنسي،هذا وتبنت الجزائر نظام االزدواجية بموجب دستور ،1996الذي أعقبته مجموعة من
القوانين نذكر من بينها:
القانون العضوي رقم 98/01 :المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله؛ -
القانون رقم 98/02 :المتعلق بالمحاكم اإلدارية؛ -
القانون العضوي رقم 98/03 :المتعلق باختصاصات محكمة التنازع وتنظيمها وعملها؛ -
القDDانون رقم 08/09:المDDؤرخ في 18صDDفر عDDام 1429هـ الموافق ل 25فDDبراير سDDنة 2008 -
المتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية.
1
المطلـب األول :مفهـوم االزدواجية القضائية"
الفرع األول :تعريف القضاء اإلداري
يعرف القضاء اإلداري على أنه هيئة" D...تختص بالفصل في المنازعات اإلدارية الDDتي تكDDون اإلدارة
طرفا ً فيها بصفتها سلطة عامة؛ بمعنى أن يخصص للمنازعة اإلدارية قضاء متخصصاً ،ويتم الفصل فيها
طبقا ً لقواعد القانون العام".1
و يعرف القضاء اإلداري بأنه D... " :ليس مجرد قضاء تطDDبيقي كالقضDDاء المDDدني ،بل هو في األغلب
قضاء إنشائي يبتدع الحلDDول المناسDDبة للروابط القانونية الDDتي تنشأ بين اإلدارة في تسDDييرها للمرافق العامة
وبين األفراد ،وهي روابط تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص".2
مما سبق يتضح أن القضاء اإلداري يقوم على دعامتين وهمDDا :اسDDتقالل هيئDDات القضDDاء اإلداري عن
هيئات القضاء العادي ،3وتطبيق قواعد خاصة ومتميزة على المنازعات اإلدارية.4
الفرع الثاني :تمييز القضاء اإلداري عن نظام القضاء العادي
يختلف القضاء اإلداري عن القضاء العادي من عدة زوايا ،وهي:
أوالً :من حيث الشكل
يوجد في القضاء اإلداري على مستوى القاعدة المحاكم اإلداريDDة ،وهي بمثابة أول درجة للتقاضDDي،
يعلوها مجلس الدولة ،الذي يعتبر الهيئة القضDائية الDتي تنقض أمامها أحكDام وقDرارات المحDاكم اإلداريDة.
وتجDDDDدر اإلشDDDDارة إلى أنه يمكن أن يعهد ببعض االختصاصDDDDات لمجلس الدولة للنظر فيها كمحكمة أول
درجDDDة ،كما هو معمDDDول به في نظDDDام القضDDDاء اإلداري الجزائDDDري ،حيث نصت المDDDادة 9من القDDDانون
العضوي 5رقم 98/01 :على ما يلي " :يفصـل مجلـس الدولة ابتدائيا ً ونهائيا ً في:
-1الطعDDون باإللغDDاء المرفوعة ضد القDDرارات التنظيمية أو الفردية الصDDادرة عن السDDلطات اإلدارية
المركزية والهيئات العمومية الوطنية والمنظمات المهنية الوطنية.
-2الطعDDون الخاصة بالتفسDDير ومDDدى شDDرعية القDDرارات الDDتي تكDDون نزاعاتها من اختصDDاص مجلس
الدولة" .
هذا وتتعدد المحاكم اإلدارية في فرنسا ،وهي متنوعة حسب ما يقتضيه التخصص الفDDني ،ويDDأتي على
رأسها مجلس الدولة إما مستأنفاً ،أو ناقضا ً ألحكامها ،وتتمثل المحاكم اإلدارية التي ُتسDDتأنف أحكامها أمDDام
مجلس الدولة الفرنسي في :المحاكم اإلدارية اإلقليمية ،المحاكم اإلدارية لألقاليم البعيدة عن فرنسا ( أقDDاليم
ما وراء البحار ) ،مجلس الغنائم البحرية ،والتهيئة المختصة بالعقود ذات الصلة بالمجهود الحDDربي ،وأما
المحDDDDاكم الDDDتي يعتDDDبر مجلس الدولة الفرنسي كجهة نقض لألحكDDDDام الDDDتي تصDDDدر عنها فهي :محكمة
2
المحاسDDDبات ،المحكمة الخاصة باإلشDDDراف على كيفية تنفيذ الميزانيDDDة ،والمجDDDالس الخاصة بDDDالنظر في
6
المنازعات المتعلقة بالتجنيد ،أو بالتعليم ،أو بالمساعدات االجتماعية.
ثانياً :من حيث المنظومة" القانونية:
يعتمد القاضي اإلداري على قواعد القانون اإلداري ،وأهم ما يميز هذا القDDانون كونه حDDديث النشDDأة،
وغير مقنن ،وفي تطور دائم؛ حيث أن القاضي اإلداري يجتهد من أجل خلق القواعد القانونية التي تساعده
في فض المنازعDDات الDDتي تحDDدث بين اإلدارة واألفDDراد ،في حين نجد أن قاضي المنازعDDات العادية يعتمد
على قواعد القانون السارية المفعول.
هDDذا ويرتكز القضDDاء اإلداري في فرنسا على االزدواجية القضDDائية ،الDDذي يعDDود أصل نشDDأتها إلى
التفسير الخاطئ الذي تبناه رجDال الثDورة الفرنسDية لمبDدأ الفصل بين السDلطات 8الDذي تDرتب عنه صDدور
قانون 24 – 16 :أغسطس سنة 1790الذي يحرم على السDDلطات القضDDائية التعDDرض لمراقبة أعمDDال
9
اإلدارة.
ولقد عهد رجDDال الثDDورة إلى اإلدارة أمر الفصل في المنازعDDات اإلداريDDة ،واسDDتبعدوا حينها المحDDاكم
القضDDائية ،وهDDذا ما يعDDرف بنظDDام اإلدارة القاضDDية ،الDDذي يقضي بإسDDناد مهمة الفصل إلى رجDDال اإلدارة
أنفسهم في ما يخص المنازعات التي تكون اإلدارة طرفا ً فيها ،وهذا التصDDرف الDDذي قDDام به رجDال الثDDورة
مرده إلى منع المحاكم العادية من النظر في هذه المنازعات من ناحية ،ولعDDدم إنشDDاء محDDاكم إدارية تتDDولى
10
الفصل في هذه المنازعات من ناحية أخرى.
3
ولقي هذا النظام قبوالً في أوساط المجتمع الفرنسي بسبب التسليم لفكرة اسDDتقاللية اإلدارة ،األمر الDDذي
11
يجعلها بمثابة الخصم والحكم في آن واحد،وفي نفس الوقت في منأى عن رقابة القضاء.
وأعقبت هDDذه النظDDرة خطDDوة مهمDDة ،تمثلت في إنشDDاء هيئDDات استشDDارية ( ،مجلس الدولDDة ،وهيئDDات
األقاليم) ،وذلك بنص دستور السنة الثامنة في عهد نابليون بونابرت ،وقد تم تخويل هذه الهيئDDات النظر في
المنازعات اإلدارية؛ بحيث تقوم باقتراح حل لها ،ثم تقدمه للرئيس اإلداري ،الذي يقوم باعتماده ،وسDDميت
هذه المرحلة بفترة القضاء المحجوز.12
وفي 24مايو سDDنة 1872صDDدر القDDانون الDDذي يخDDول لمجلس الدولة صDDالحية إصDDدار األحكDDام في
المنازعات اإلدارية ،وأصبحت بموجبها أحكام مجلس الدولة قابلة للتنفيذ دون اشتراط التصديق من طرف
الهيئات اإلداريDة ،ففي 13ديسDDمبر 1889قضى مجلس الدولة في قضDDية - - cadotبDأن يلجDDؤا إليه
مباشDDDDDرة دون المDDDDDرور أوالً على الهيئDDDDDات اإلدارية ،13وأطلق على هDDDDDذه المرحلة مرحلة القضDDDDDاء
المفDDوض.14وعلى الDDرغم من أن مجلس الدولة أصDDبح يقضي في المنازعDDات اإلداريDDة ،إال أنه ظل مقيDDداً،
وهذا بسبب نظرية الوزير القاضي ،التي تقضي بأن إنشاء مجلس الدولة وهيئات األقاليم لم يكن من ورائه
- 1ينظر :حممد أنس قاسم جعفر ،مقدمة يف دراسة القضاء اإلداري ،مبدأ الشرعية( ،د.ط) ،القاهرة :دار النهضة العربية1998 ،م ،ص
.160
- 2حسني مصطفى حسني ،القضاء اإلداري(،د.ط) ،اجلزائر :د.م.ج ،1999 ،ص .4
- 3ينظر :حممد الصغري بعلي ،القضاء اإلداري ،جملس الدولة( ،د.ط) ،عنابة :دار العلوم Fللنشر( ،د.ت) ،ص .20
- 4ينظر :إدريس سدود ،بعض املالحظات حول القانون اإلداري ،جملس امليادين ،جامعة حممد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية بوجدة ،العدد الثاين ،السنة1405 :هـ 1987 -م ،ص .93 -83
- 5مؤرخ يف 30ماي 1998ج .ر رقم ،37لسنة .1998
- 6ينظر :حسني مصطفى Fحسني،مرجع سابق ،ص .19
- 7ينظر :عبد الغين بسيوين ،القانون اإلداري ( ،د .ط ) ،بريوت :الدار اجلامعية للطباعة والنشر ( ،د.ت) ،ص .47 ،46
- 8ينظر :عدنان محودي اجلليل ،مبدأ الفصل بني السلطات وحقيقة أفكار مونتسكيو ،جملة احلقوق ،السنة ،9عدد ، 4-1جامعة الكويت،
ص 109وما بعدها.
- 9نصت املادة 13:من القانون الفرنسي 24 – 16 :أغسطس سنة 1790على ما يلي:
" Les fonctions judiciaires sont distincts et demeureront seaparee des fonctions
administratives. Les juges ne pourront, à peine de fofaiteure, troubler de quelque
manière que ce soit les opérations des corps administratifs ni citer devant les
" .administrateurs pour rasons de leurs fonctions
-ينظر :حممد سليمان الطماوي ،القضاء اإلداري ،قضاء اإللغاء ،ط ،7القاهرة :دار الفكر العريب ،1996 ،ص . 34
- 10ينظر :عبد الغين بسيوين ،املرجع السابق ،ص 48؛ عوابدي عمار ،النظرية العامة للمنازعات اإلدارية يف النظام القضائي اجلزائري،ج،1
(د.ط) ،اجلزائر :د.م.ج( ،د.ت) ،ص .164 -161
- 11ينظر :طعيمة Fاجلرف ،القانون اإلداري ،ط ، 4القاهرة :دار النهضة العربية ،1978 ،ص 47؛ علي خطار ،مرجع سابق ،ص .172
- 12ينظر :سليمان حممد الطماوي ،مرجع سابق ،ص 35؛ طعيمة اجلرف ،مرجع سابق ،ص 48؛ علي خطار ،مرجع سابق ،ص .173
4
إلغDDDاء نظDDDام اإلدارة القاضDDDية ،وإنما كDDDان دعم اإلدارة القاضDDDية؛ حيث أن اإلدارة هي الجهة صDDDاحبة
االختصاص العام الذي يخول لها النظر في المنازعات اإلدارية ،بينما الهيئات األخرى المتمثلة في مجلس
الدولة ومجالس األقاليم ال تختص بالنظر في المنازعات اإلدارية ،إال إذا نص القانون على ذلك.
واسDDتمر الوضع على نفس الحDDال إلى أن ألغي هDDذا االختصDDاص بمDDوجب مرسDDوم 30سDDبتمبر سDDنة
15
.1953
الفرع الثاني :تطور القضاء اإلداري في الجزائر
أوالً :النظام القضائي الجزائري قبل االحتالل الفرنسي
كانت الشريعة اإلسالمية هي التي تطبق في تسيير المرافق العامة للدولة ،وكان النظام القضائي ي َُطب َُّق
في األغلب وفقDDDا ً للمDDDذهب المDDDالكي ،وقد عDDDرفت الجزائر "...قضDDDاء المظDDDالم ذي الطبيعة القضDDDائية
المتخصصة والخاصة بعملية النظر والفصل في مظالم األفDDراد من اعتDDداءات وتعسDDفات السDDلطات العامة
وتغولها على حقوق األفراد وحرياتهم ".16
هذا وتتفق والية المظالم مع القضاء العادي في اعتبار كل منهما يهدف إلى إقامة العدل وإنصاف الحق
بجميع الطرق المشروعة ،إال أنهما يتمايزان في عدة أوجه أهمها:
للناظر في المظالم قوة وهيبة ال توجد عند القاضي المخصص للنظر في القضايا العادية،ولهذا نجد في
بعض األحيان أن الخليفة يجلس بنفسه للنظر في قضايا المظالم.كما أنه يختار للجلDوس لها أشDهر القضDاة،
وأقواهم عزيمة في تحقيق العدل بحيث ال تلومه في الحق لومة الئم.
- 18الغوثي بن ملحة ،القانون اإلداري ،ج ( ،1د .ط ) ،اجلزائر :د.م.ج 2002 ،م ،ص.31 -28
-19ينظر :عمار عوابدي ،مرجع سابق ،ص 168،167؛ حممد البجاوي ،اإلصالح القضائي يف اجلزائر ،جملة القبس ،وزارة األوقاف ،العدد
األول ،السنة األوىل ،ذو القعدة 1385هـ -مارس 1966م ،ص .52
- 20ينظر :الغوثي بن ملحة ،مرجع سابق ،ص .77،78
6
وفي سنة 1996أخذت الجزائر بنظDام االزدواجية القضDائية من خالل دسDتور 28نوفمDبر ،211996
حيث نصت الفقرة الثانية من المادة 152على ما يلي " :يؤسس مجلس دولة كهيئة مقومة ألعمال الجهات
القضDDائية اإلدارية ".ومنذ ذلك الحين تتDالت القDوانين المتعلقة بإرسDاء قواعد القضDاء اإلداري الجزائDDري،
فصدرت القوانين التالية:
-القانون العضوي رقم 98/01 :المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله.22
-القانون العادي رقم 98/02 :المتعلق بالمحاكم اإلدارية.23
-القانون العضوي رقم 98/03 :المتعلق باختصاصات محكمة التنازع وتنظيمها وعملها.24
كما أعقب صدور هذه القوانين ،صدور عدة مراسيم تنفيذية من أهمها:
المرسوم التنفيذي رقم 98/261 :الذي يحدد أشكال اإلجDراءات وكيفياتها في المجDال االستشDاري -
أمام مجلس الدولة.25
المرسDDوم التنفيDDذي رقم 98/262 :الDDذي يحDDدد كيفيDDات إحالة جميع القضDDايا المسDDجّ لة و/أو على -
الغرفة اإلدارية للمحكمة العليا إلى مجلس الدولة.26
المرسوم التنفيDذي رقم 98/263 :الDذي يحDدد كيفيDات تعDيين رؤسDاء المصDالح واألقسDام لمجلس -
الدولة وتصنيفهم.27
المرسوم التنفيذي رقم 98/356 :الذي يحدد كيفيات تطبيق أحكDDام القDDانون رقم 98/02 :المتعلق -
بالمحاكم اإلدارية.28
المرسوم التنفيذي رقم 01/413 :المتضمن إنشاء مجلّة مجلس الدولة وتنظيمها وسيرها.29 -
المرسوم التنفيذي رقم 03/165 :الذي يحDDدد شDDروط وكيفيDDات تعDDيين مستشDDاري الدولة في مهمة -
غير عادية لدى مجلس الدولة.30
- 21ينظر :زغداوي حممد ،مالحظات حول النظام القضائي اإلداري " املستحدث" ،جملة العلوم اإلنسانية ،منشورات جامعة منتوري
قسنطينة ،العدد ،10 :ديسمرب ،1998ص .123 -113
-22املؤرخ يف 30ماي 1998م ،ج.ر ،رقم 37لسنة 1998م.
- 23املؤرخ يف 30ماي 1998م ،ج.ر ،رقم 37لسنة 1998م.
- 24املؤرخ يف 30ماي 1998م ،ج.ر ،رقم 37لسنة 1998م.
- 25املؤرخ يف 29أوت 1998م ،ج.ر ،رقم 64لسنة 1998م.
- 26املؤرخ يف 29أوت 1998م ،ج.ر ،رقم 64لسنة 1998م.
- 27املؤرخ يف 29أوت 1998م ،ج.ر ،رقم 64لسنة 1998م.
- 28املؤرخ يف 14نوفمرب 1998م ،ج.ر ،رقم 85لسنة 1998م.
-29املؤرخ يف 19ديسمرب ،2001ج.ر ،رقم 78لسنة 2001م.
-30املؤرخ يف 09أفريل ،2003ج.ر ،رقم 26لسنة 2003م.
7
وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع كان يخضع المنازعات اإلدارية لنفس اإلجراءات المتعلقة بالمنازعات
العادية ،وكان يرى البعض محدودية هذا اإلصDDالح؛ ألنDDه" كDDرّ س نفس القواعد القانونية الDDتي تحكم سDDير
المنازعة اإلدارية بمقتضى أحكDDام قDDانون اإلجDDراءات المدنية سDDوا ًء في مجDDال االختصDDاص أو في مجDDال
اإلجراءات".31إلى أن صدر القDDانون رقم 08/09:المDDؤرخ في 18صDDفر عDDام 1429هـ الموافق ل 25
فبراير سنة 2008المتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية.
حيث خصص الكتاب الرابع منه لإلجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية اإلدارية،وقد جاء في الباب
األول:اإلجراءات Dالمتبعة أمام المحDDاكم اإلداريDDة،وتنDDاول مختلف المسDDائل المتعلقة باالختصDDاص النDDوعي
واإلقليمي ،وإجراءات رفع الدعوى وسيرها والفصل فيها.أما الباب الثاني فقد تضDDمن اإلجDDراءات المتبعة
أمام مجلس الدولة من حيث االختصاص وكذا إجراءات رفع الدعوى وسيرها والفصل فيها.والباب الثالث
خصص للقضايا االستعجالية.والباب الرابع في طرق الطعن.والخامس Dفي الصلح والتحكيم.وأخيراً البDDاب
السادس في تنفيذ أحكام الجهات القضائية اإلدارية.
خاتمـة
نقول في ختام هDDذا البحث أن كالً من والية المظDالم والقضDاء اإلداري عرفا تطDDوراً كبDيراً في مراحل
زمنية متعاقبDDة ،فنجد أن والية المظDDالم قد أصDDبحت تتمتع بكيDDان مسDDتقل عن القضDDاء العDDادي في العهد
قاض خاص مهمته الفصل في المظالم ،كما شهدت هذه المرحلة بDDروز حركة العباسي؛ حيث تم تخصيص ٍ
التنظير في مجDDال قضDDاء المظDDالم ،ومنذ ذلك الحين أخDDذت في التطDDور ،إلى أن أصDDبحت قضDDا ًء مسDDتقالً،
يتناوله البDDاحثون أثنDDاء دراسDDتهم لمبحث القضDDاء في الفقه اإلسDDالمي .وما قيل عن والية المظDDالم يصDDدق
أيضا ً على القضاء اإلداري؛ حيث أنه يمكن القDDول أنه مر بنفس المراحل كDDذلك؛ حيث أنه ما فDDتئ القضDDاة
اإلداريون يساهمون في خلق نظرياته وإرساء دعائمه ،وقد شهد اليوم بروز فقهاء مختصين في شرحه.
ويمكن حصر نقطة االختالف بين والية المظDDالم والقضDDاء اإلداري من حيث التطDDور التDDاريخي في
كون أن قاضي المظالم عهد إليه منذ الوهلة األولى بتولي النظر ،بل تعدى األمر أكDDثر من هDDذا ،فنجDDده أنه
كان صاحب الوالية العامة في القضاء ،وال يمكن ألي جهة قضائية أن تحيل إليه قضية ما ،أو تنازعه فيها
بDDدعوى عDDدم تخصصه في النظر فيهDDا .في حين نجد أن القاضي اإلداري لم يصل إلى مرحلة الفصل في
القضايا إلا في مرحلة متأخرة من نشأته؛ حيث كان يقDترح حلDوالً للقضDDايا المعروضة DأمامDه ،ليقDDدمها بعد
ذلك إلى رجال اإلدارة لكي يقوموا باعتمادها.
9