Professional Documents
Culture Documents
الهدف الثقافي
المحجوب حبيبي -شاعر وباحث -عضو قيادة حزب الطليعة الديمقراطي االشتراكي /المغرب
نعيش بكل تأكيد مرحلة ردة وتراجع بأن حرية التفكير هي األساس األول وتمويل من الرجعيات البترولية
حتى عما كان وعما كنا نطمح تحقيقه: لتقدم األوطان ،وأن النهضة ال تندفع ُّ وإعالمها المضلل ،حيث انتشر العنف
*ردة تتجلى في تراجعات طبعت قوى إلى األمام؛ إال بفتح أبواب االجتهاد والتخريب والدمار في العديد من البلدان
اليسار التي سار الكثير منها يتجنب على مصراعيها ،وأن ذلك ال يتم؛ إال في التي كانت تشكل محو ًرا للمقاومة
الحديث عن مطلب العلمانية وأصبح مناخ علماني تستبدل فيه ثقافة اإلتباع والممانعة وبمستويات مختلفة.
النقاش حول القومية يتهم بالرجعية بثقافة اإلبداع ،وبممارسة التجريب الذي وحيث أن العلمانية تتمثل في فصل
والقومجية ،سي ًرا على نهج الوهابية كل مجال ،ولذلك زرعوا ال يتوقف في ِّ الدين عن السلطة ،أي حياد سلطة الدولة
وكل المخططات اإلمبريالية والصهيونية في عقولنا وحتى في أقصى ظروف تجاه المعتقدات الدينية وعدم التمييز
والرجعية التي تحالفت لتخريب النهج الشدة واالختالف ضرورة المحافظة على: بين المواطنين على أساس الدين أو العرق
العروبي القومي ،وهدم مقدماته كل العوالم والتفاعل ـ روح االنفتاح على ِّ أو الجنس والمساواة بين المواطنين في
األساسية في بناء الدول الوطنية .معها فهي الطريق إلى ازدهار المعرفة الحماية واالحترام وتولي الوظائف ،وأن
الديمقراطية باعتبارها؛ مم ًرا تاريخ ًيا ً
مختلفا أو مغاي ًرا ـ تق ُّبل اآلخر مهما كان ال تتدخل السلطة في الشؤون الدينية،
اجبار ًيا لتحقيق وحدة الشعوب وبناء فذاك هو الوضع الطبيعي للوجود. وال في التعليم الديني ،ويبقى لها الحق
القوة ...وهكذا عنت بكيفية مرض ّية ـ التواضع وحسن االستماع باعتباره في مواجهة األفكار التي تنشر الكراهية
جمعت كل اآلفات من كهف الظلمة؛ شرطا ضرور ًيا إلثراء الفكر وتوسع ً والعنصرية والتعصب ،وكل ما يعرض
حركات إرهابية (القاعدة وداعش المعرفة باعتبارها نتاج التنوع والتعدد االختيارات اإلنسانية للخطر ...ويضمن
والنصرة ...وغيرها من المسميات)، في التوجهات واألفكار وللعقل منهجه القانون في ظل العلمانية؛ حرية التدين
تنفذ مخططات اإلمبريالية والصهيونية الصارم كي يفرز ويصنف ويختار. وحرية اختيار الدين الذي يبتغيه الفرد
والرجعية في محاولة لمسح آثار ما كل القيود ،ليالحظ ـ تحرير العقل من ِّ وممارسة الشعائر واالحتفال بالمناسبات
تبقى من عوامل الممانعة ،وما بقي ويقارن ويقايس ويجرب ويحكم الدينية ،كل ذلك دون اجبار أو إكراه...
لهذه األمة من إمكانيات للدفاع عن وليمضي في أفقه الواعد ،متحر ًرا؛ إال كما يضمن حرية التعليم الديني
وجودها وكرامة إنسانها وحقه في المساءلة الذي ُي ِ
خض ُع من التزامه مبدأ ُ لمتعلمي كل دين من األديان شريطة أال
التحرر والحياة والعزة ...كما انبعثت كل شيء ،بما في ذلك العقل الذي له َّ يتهدد روح المواطنة وأال يخل باآلداب
في نهج صهيونيوحركات عنصرية يكف عن ُمساءلة نفسه قبل ُمساءلة ُّ ال العامة.
7
6 تطبيعيه مع الصهيونية. غيره. وحيث أن الفلسفة العلمانية من أهم
*ردة تتجلى في تقليص المدى ـ أخذ مسافة نقدية من كل النزعات الفلسفات الحديثة في عالمنا المعاصر
ِّ
وحق المسموح به من حرية التفكير، الطائفية والمذهبية واإليديولوجية وانطال ًقا من بداية القرن الفائت،
االجتهاد المختلف فيه. والمفاهيم االستعالئية التي تسعى إلى حيث يجمع على مبادئها جل الفالسفة
الهدف الرقمي -فلسطين العدد : )1493(19تشرين أول/أكتوبر 2020
*ردة جمعت من بين عواملها التمترس التمييز والتفضيألو التي تسيج العقل والمفكرين ،باعتبارها قواعد عالقات
خلف التابوهات والمقدسات ،وبين اآلثار وتغلقه ،ألنها سبب الكثير من مظاهر ترتكز إلى الحق في حرية التفكير
السلبية لالستبداد السياسي ،الذي كان التخلف الذي يستحكم ويسيطر بين واالعتقاد وتقبل اآلخر ،بغض النظر عن
سب ًبا أساس ًيا في استئصال التعددية الكثير من الشعوب. االتفاق معه أو مخالفته ،وأن النقاش
واالختالف ،حيث تمت فرملة الدينامية إن األصل في ذلك كله ،أنه ال معنى آلية مقبولة لإلقناع واالقتناع ،والعلمانية
االجتماعية وضرب التعليم في جوهره، أي عقل من غير االعتراف لتحرير ِّ ليست كما يدعي المدعون المستفيدون
لما أخضع للهاجس األمني في شموليته األ َّولي والبديهي بحتمية االختالف من سيطرة السلطة الدينية ،فهي
ومنهجا ومضمونًا).
ً (تفكي ًرا ،وممارسة الناتج من حرية بقية العقول المكافئة؛ ليس هدفها نشر اإللحاد وال تسفيه
طبعا حصل تسييد لآلثار الضارة الناجمة ً فالعقل طبيعته المغايرة والمساءلة األديان ،ولكنها في نفس اآلن تعطي
عن القمع المركب ،لقد تم تخريب مسار والبحث والمقارنة واالختبار والموازنة الفرص للجدل بالمنطق والحجة والدليل
من العمليات اإلصالحية اتجاه بناء الدولة والقياس والمفاضلة والحكم واالختيار... العلمي وإبراز الحقائق والمواقف التي
الوطنية الديمقراطية ،وكان الثمن غال ًيا؛ واالجتهاد العقلي يرتبط بالجسارة تحرر اإلنسان من العنصرية والكراهية
بقاؤنا نرزح في مستنقع مظلم تهب واالقتحام وبتوسع المرجعية المعرفية والتعصب ،وبكثير من الجدية والدقة
عليه عواصف الرمال الوهابية لتطمر ما والمهارة والدربة والتجربة والمرونة والصرامة والهدوء ،رافضة أي تدخل
تبقى من نور العقل ...وجعل األبواب والدقة ومن هنا كانت أصالته. في الحياة العامة أو المؤسساتية ،حيث
مشرعة على كل االحتماالت. فـ»العقل أعدل األشياء تو ُّز ًعا بين تبقى القوانين والدساتير الديمقراطية
إن ال مخرج من كل تلك اآلفات؛ إال الناس» ،فيما ذهب إليه الفيلسوف سيدة الموقف.
الغودة إلى الفهرس
بالنضال المستميت من أجل بناء الدول الفرنسي ديكارت ،ويظل كذلك ما وأمام الردة التي أصبحنا نعيش
الوطنية الديمقراطية على قاعدة جميعا ينهلون من المعرفة ً ظل الناس َّ على تراجعاتها التي طالت كل القيم
العلمانية والمعرفة وبسواعد إنسان واع اإلنسانية من دون حدود ،وال يعوق الرائعة التي نُشئنا على قواعدها ،حيث
ومسؤول. حريتَهم في التفكير واالجتهاد عائق. تعلمنا على أيادي رعيل من المناضلين