You are on page 1of 32

‫فائدة يف استقبال رمضان‬

‫فائدة يف‬
‫الزكاة‬ ‫‪٢٦‬‬
‫وأحكام‬
‫اغتنام رمضان‬

‫استقبال رمضان‬
‫فائدة يف‬
‫الزكاة‬
‫يف‬
‫وأحكام‬
‫اغتنام رمضان‬ ‫‪٢٦‬‬
‫فائدة‬
‫حقوق الطبع والنرش لكل مسلم‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫احلمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم عىل رسول اهلل‪،‬‬


‫أما بعد‪،‬‬
‫فهذه فوائد وخالصات جمموعة يف‪ :‬اغتنا ِم‬
‫خريا‬
‫رمضان‪ ،‬نسأل اهلل أن ينفع هبا‪ ،‬وأن جيزي ً‬
‫شها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إعدادها و َن ْ ِ‬ ‫َ‬
‫وأعان يف‬ ‫َ‬
‫شارك‬ ‫َّ‬
‫كل َمن‬

‫‪3‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫مواسم اخلريات‪ ،‬وح َّلت علينا أيا ُم ال َف ْض ِل‬


‫ُ‬ ‫أظ َّلتنا‬
‫ِ‬
‫وإقالة‬ ‫الدعوات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وإجابة َّ‬ ‫ِ‬
‫والربكات‪،‬‬ ‫والر ِ‬
‫محات‬ ‫َّ‬ ‫‪١‬‬
‫رمضان‬ ‫وجاء‬ ‫احلســنات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ضاعفة‬ ‫وم‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫العثرات‪ُ ،‬‬
‫الذنوب ِ‬
‫والع ِتق من النِّريان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مغفرة ُّ‬ ‫شهر‬
‫ُ‬
‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫ﮝﮞﮟﮠﮡﮢ‬
‫ﮣ) [البقرة‪.]185 :‬‬
‫وقــال‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨﭩ ﭪ ﭫﭬﭭﭮ ﭯ‬
‫ﭰ) [البقرة‪.]183 :‬‬
‫رسول اهلل ‪« :‬إِذا جا َء َر َم ُ‬
‫ضان؛‬ ‫ُ‬ ‫وقال‬
‫واب الن َِّار‪،‬‬ ‫ِ‬
‫جلنَّــة‪َ ،‬و ُغ ِّل َق ْت َأ ْب ُ‬ ‫ُف ِّت َح ْت َأ ْب ُ‬
‫واب ا َ‬
‫ياطني»(‪.)1‬‬
‫ُ‬ ‫َو ُص ِّف َد ْت َّ‬
‫الش‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1899‬ومسلم (‪.)1079‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫ــس‪،‬‬
‫ــوات اخلَ ْم ُ‬
‫ُ‬ ‫«الص َل‬
‫وقــال ‪َّ :‬‬
‫ضان إِىل َر َم َ‬
‫ضان؛‬ ‫جل ْم َع ِة‪َ ،‬و َر َم ُ‬‫جل ْم َعــ ُة إىل ا ُ‬
‫وا ُ‬
‫رات ما بينَهن‪ ،‬إِذا اج َتنَب الك ِ‬
‫َبائ َر»(‪.)1‬‬ ‫ْ َ‬ ‫ُم َك ِّف ٌ َ ْ ُ َّ‬
‫ضــان إِيام ًنا‬
‫َ‬ ‫ويف احلديــث‪َ « :‬مــ ْن صــا َم َر َم‬
‫واحتِسا ًبا؛ ُغ ِف َر َل ُه ما َت َق َّد َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه‪َ ،‬و َم ْن قا َم‬
‫ْ‬
‫واحتِسا ًبا؛ ُغ ِف َر َل ُه ما َت َق َّد َم ِم ْن‬
‫َل ْي َل َة ال َق ْد ِر إِيام ًنا ْ‬
‫َذ ْنبِ ِه»(‪.)2‬‬
‫ضــان إِيام ًنا‬
‫َ‬ ‫ويف رواية أخــرى‪َ « :‬م ْن قا َم َر َم‬
‫واحتِسا ًبا؛ ُغ ِف َر َل ُه ما َت َق َّد َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه»(‪.)3‬‬
‫ْ‬
‫حق وطاعة‪َّ ،‬‬
‫وأن اهلل تعاىل هو‬ ‫[(إيام ًنا) أي‪ :‬تصدي ًقا بأ َّنه ٌّ‬
‫رشع صيا َمه وقيا َمه ور َّغب فيه‪.‬‬
‫الذي َ‬
‫و(احتسـا ًبا) أي‪ :‬طلب الثواب مـن اهلل تعاىل‪ ،‬فيصو ُمه ويقو ُمه‬

‫((( رواه مسلم (‪.)233‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)2014‬ومسلم (‪.)760‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)37‬ومسلم (‪.)760‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫عزيمـ ًة‪ ،‬على معنـى الرغبـة يف ثوابه‪ ،‬ط ِّيبـة ُ‬


‫نفسـه بذلك‪ ،‬غري‬
‫لصيامـه ِ‬
‫وقيامـه‪ ،‬مُ ِل ًصا يف ذلك هلل تعـاىل َ‬
‫وحده]‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مسـتثقل‬

‫كان َأ َّو ُل َل ْي َل ٍة‬


‫رسول اهلل ‪« :‬إِذا َ‬ ‫ُ‬ ‫وقال‬
‫ضان؛ ص ِّف َد ِ‬
‫ياطني َو َم َر َد ُة‬ ‫ُ‬ ‫ت َّ‬
‫الش‬ ‫من َش ْه ِر َر َم َ ُ‬
‫واب الن ِ‬
‫َّــار فلم ُي ْف َت ْح منها‬ ‫اجلــ ِّن‪َ ،‬و ُغ ِّل َق ْت َأ ْب ُ‬ ‫ِ‬
‫َّــة فلم ُي ْغ َل ْق منها‬ ‫باب‪ ،‬و ُف ِّتح ْت َأبواب اجلن ِ‬
‫ْ ُ َ‬ ‫ٌ َ َ‬
‫باغي اخلَ ْ ِي َأ ْقبِ ْل‪َ ،‬ويا‬ ‫يــا‬ ‫‪:‬‬ ‫باب‪ ،‬وينادي م ٍ‬
‫ناد‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ َُ‬
‫ص‪ ،‬وهللِ ُع َتقا ُء من الن َِّار‪َ ،‬و َذ َ‬
‫لك‬ ‫الش َأ ْق ِ‬
‫ْ‬ ‫باغي َّ ِّ‬ ‫َ‬
‫ُك َّل َل ْي َل ٍة»(‪.)1‬‬

‫دخل ِ‬
‫عليه‬ ‫ف َر ُج ٍل َ‬ ‫«ر ِغ َم َأ ْن ُ‬
‫وقال ‪َ :‬‬
‫ضان‪ُ ،‬ث َّم ا ْن َس َل َخ قبل َأ ْن ُي ْغ َف َر له»(‪.)2‬‬
‫َر َم ُ‬
‫وحسنه األلباني‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه الترمذي (‪ ،)682‬وابن ماجه (‪،)1642‬‬
‫وصححه األلباني‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه الترمذي (‪،)3534‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫اجلليلة‪ ،‬التي‬‫ِ‬ ‫ِ‬


‫العظيمة‬ ‫ِ‬
‫العبــادات‬ ‫الصو ُم من‬
‫اختصه‬‫َّ‬ ‫ثوابا‪ ،‬وقد‬ ‫أجرهــا و َي ْع ُظم ُ‬ ‫ُيضا َعف ُ‬ ‫‪٢‬‬
‫«قال اهللُ‪:‬‬ ‫اهلل تعاىل لنفســه‪ ،‬كام يف احلديث‪َ :‬‬
‫الصيا َم‪َ ،‬فإِ َّن ُه يل َو َأنا‬
‫ُك ُّل َع َم ِل ا ْب ِن آ َد َم َل ُه‪ ،‬إِالَّ ِّ‬
‫َأ ْج ِزي بِ ِه‪ ...‬وا َّلذي َن ْف ُس ُم َ َّم ٍد بِ َي ِد ِه؛ َلُ ُل ُ‬
‫وف‬
‫يح املِ ْس ِك‪.‬‬ ‫ب ِعن َْد اهلل ِم ْن ِر ِ‬ ‫ِ‬
‫الصائ ِم َأ ْط َي ُ‬‫َف ِم َّ‬

‫تــان َي ْف َر ُح ُهــا‪ :‬إِذا َأ ْف َط َر َف ِر َح‬ ‫لِلص ِائ ِم َفرح ِ‬


‫ْ َ‬ ‫َّ‬
‫بِ ِف ْط ِر ِه‪َ ،‬وإِذا َل ِق َي َر َّب ُه َف ِر َح بِ َص ْو ِم ِه»‪.‬‬

‫ويف رواية ملسلم‪ُ « :‬ك ُّل َع َم ِل ا ْب ِن آ َد َم ُيضا َع ُ‬


‫ف‪،‬‬
‫عم َئة ِضع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ــر َأم ِ‬
‫ف‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ــ‬
‫َ ْ‬ ‫س‬ ‫إىل‬ ‫ا‬ ‫ثال‬ ‫حل َســنَ ُة َع ْ ُ ْ‬ ‫ا َ‬
‫الص ْو َم‪َ ،‬فإِ َّن ُه يل َو َأنا َأ ْج ِزي‬
‫قال اهللُ ‪ :‬إِالَّ َّ‬
‫بِ ِه‪َ ،‬ي َد ُع َش ْه َو َت ُه َو َطعا َم ُه ِم ْن َأ ْجيل»(‪.)1‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1904‬ومسلم (‪.)1151‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫ول اهلل ‪:‬‬ ‫و َع ْن َأيب ُأما َم َة ‪َ ،‬أ َّن ُه َس َأ َل َر ُس َ‬


‫الص ْو ِم؛ َفإِ َّن ُه‬
‫قال‪َ « :‬ع َل ْي َك بِ َّ‬
‫َأ ُّي ال َع َم ِل َأ ْف َض ُل؟ َ‬
‫ال ِع ْد َل َل ُه»(‪.)1‬‬

‫والصرب ثوا ُبه اجل َّنة؛ فقد‬


‫ُ‬ ‫الص ْب‪،‬‬
‫شهر َّ‬
‫رمضان ُ‬
‫حد وال‬
‫األجر بغري ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫وعد اهلل الصابري َن بعظي ِم‬
‫َ‬ ‫‪٣‬‬
‫عد وال ِمقدار‪ ،‬فقال‪( :‬ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ‬ ‫ٍّ‬
‫ﰗ ﰘ) [الزمر‪.]10 :‬‬

‫وقال تعاىل‪( :‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬


‫ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [البقــرة‪ ،]153 :‬قال‬
‫الصوم»(‪ ،)2‬كام يف احلديث‪:‬‬ ‫جماهد‪« :‬الصرب‪َّ :‬‬ ‫ٌ‬
‫الص ْ ِب‪َ ،‬و َثال َث ِة َأ َّيا ٍم ِم ْن ُك ِّل َش ْه ٍر‪،‬‬
‫«ص ْو ُم َش ْه ِر َّ‬
‫َ‬
‫وصححه األلباني‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه النسائي (‪،)2220‬‬
‫((( ينظر‪ :‬تفسير البغوي (‪ ،)89/1‬وابن كثير (‪.)251/1‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫الص ْب هو‬ ‫فشــهر‬ ‫؛‬ ‫ِ (‪)1‬‬


‫»‬ ‫ر‬ ‫د‬
‫ْ‬ ‫الص‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ــ‬‫ب‬ ‫ي ْذ ِ‬
‫ه‬
‫َّ‬ ‫ُ ْ َ َ َ َ َّ‬
‫شهر رمضان‪.‬‬
‫ُ‬
‫الص ْد ِر)‪ِ :‬غ ّشه ووساوسه‪ ،‬أو احلقد والغيظ والعداوة]‪.‬‬
‫[(و َحر َّ‬
‫َ‬

‫«فجـاء الصـو ُم والصلا ُة على هـذا القـول‬


‫يمنـع مـن‬
‫ُ‬ ‫الصيـام‬
‫أن ِّ‬ ‫يف اآليـة متناسـ ًبا‪ ،‬يف َّ‬
‫ـد يف الدنيـا‪ ،‬والصالة تنهى‬ ‫الشـهوات و ُي َز ِّه ُ‬
‫عـن ال َف ْحشـاء واملنكَـر‪ ،‬و ُيقـرأ فيهـا القرآن‬
‫الـذي يذ ِّكـر اآلخـرة»(‪.)2‬‬

‫أيضا؛‬
‫الص ْب والصلاة م ًعا ً‬ ‫ُ‬
‫ورمضان يشـمل َّ‬
‫والدعـاء واالبتهال‬
‫اإلكثـار من الصالة ُّ‬
‫ُ‬ ‫ففيه‬
‫إىل اهلل تعاىل‪.‬‬
‫((( رواه اإلمام أحمد (‪ ،)23070‬وهو في صحيح الترغيب (‪.)1032‬‬
‫((( تفسير القرطبي (‪ ،)372/1‬باختصار‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫«املؤمـن‬
‫ُ‬ ‫ـب ‪:‬‬ ‫احلافـظ ابـ ُن َر َج ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قـال‬
‫جهادان ِ‬
‫لنفسـه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫رمضـان‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫شـهر‬ ‫ـع له يف‬ ‫جي َت ِ‬
‫م‬
‫ُ‬ ‫‪٤‬‬
‫ِ‬
‫بالليل‬ ‫الصيـام‪ ،‬وجهـاد‬
‫جهـاد بالنهـار على ِّ‬
‫على القيام‪.‬‬

‫هذيـن اجلها َد ِ‬
‫يـن‪َّ ،‬‬
‫ووف‬ ‫ِ‬ ‫بين‬
‫مجـع َ‬‫َ‬ ‫فمـن‬‫َ‬
‫ِ‬
‫بغير‬ ‫أجـره‬ ‫ف‬ ‫ِّ‬ ‫و‬ ‫ما؛‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ع‬ ‫بر‬ ‫وص‬ ‫هما‪،‬‬ ‫بح ُق ِ‬
‫وق‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِحسـاب» ( ‪. )1‬‬

‫صلا ُة الرتاويـح من قيـا ِم الليـل يف رمضان‪،‬‬


‫واالقتصـار على إحـدى‬‫ُ‬ ‫وأجرهـا عظيـم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪٥‬‬
‫النبـي‬ ‫ُ‬
‫ـل‬ ‫ع‬ ‫عشرة ركعـة أفضـل ‪-‬فهـو فِ‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫الزيـادة على‬ ‫حـرج يف ِّ‬
‫َ‬ ‫‪ ،-‬لكـن ال‬
‫واسـع واحلمـد هلل‪.‬‬‫ٌ‬ ‫فاألمـر يف ذلـك‬
‫ُ‬ ‫ذلـك‪،‬‬
‫((( لطائف المعارف (ص‪.)171‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫الرتاويح يف املسـجد‪ ،‬فاألفضل َّأل‬


‫َ‬ ‫َمن َّ‬
‫صلى‬
‫ينصرف حتـى ينتهـي اإلمـا ُم منهـا؛ ل ُي َ‬
‫كتب‬ ‫ِ‬ ‫‪٦‬‬
‫ِ‬
‫املسـجد‬ ‫ِ‬
‫املتعاونون يف‬ ‫واألئمة‬ ‫‪،‬‬ ‫له قيـام ٍ‬
‫ليلـة‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الواحـد كاإلمـام الواحد‪.‬‬
‫ِ‬
‫للعبـد يو َم‬ ‫الصـوم‪ :‬أ َّنـه َي ْشـ َف ُع‬ ‫مـن فضائـل َّ‬
‫«الصيـا ُم وال ُق ْر ُ‬ ‫‪٧‬‬
‫آن‬ ‫القيامـة؛ كما يف احلديـث‪ِّ :‬‬
‫الصيا ُم‪:‬‬ ‫ـول‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬‫ة‬‫ـد يـوم القيام ِ‬ ‫عان لِ ْلعب ِ‬
‫ي ْشـ َف ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫وات بِالن ِ‬ ‫والشـه ِ‬
‫َّهار‪،‬‬ ‫َأ ْي َر ِّب‪َ ،‬منَ ْع ُتـ ُه ال َّطعا َم َّ َ‬
‫آن‪َ :‬منَ ْع ُتـ ُه الن َّْو َم‬ ‫فيـه‪َ .‬و َي ُق ُ‬
‫ـول ال ُق ْـر ُ‬ ‫َف َشـ ِّفعني ِ‬
‫ْ‬
‫عان»(‪.)1‬‬ ‫قال‪َ « :‬في َشـ َّف ِ‬ ‫فيه»‪َ .‬‬‫بِال َّلي ِل؛ َف َشـ ِّفعني ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ختصيص ٍ‬
‫بـاب يف اجلنَّة‬ ‫ُ‬ ‫الصـوم‪:‬‬ ‫مـن فضائل َّ‬
‫غريهم؛ كام يف‬ ‫للصائمين ال َي ْد ُخ ُل منه ٌ‬
‫أحـد ُ‬ ‫َ‬ ‫‪٨‬‬

‫وصححه األلباني في صحيح الجامع (‪.)3882‬‬


‫َّ‬ ‫((( رواه اإلمام أحمد (‪،)6626‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫الر َّي ُ‬
‫ان‪،‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬ ‫ـ‬‫ل‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫قال‬ ‫ي‬ ‫ا‬‫ب‬ ‫با‬ ‫احلديـث‪« :‬إِ َّن يف اجلن ِ‬
‫َّـة‬
‫ُ َّ‬ ‫ً ُ‬ ‫َ‬
‫ـو َم القيا َم ِة‪ ،‬الَ َي ْد ُخ ُل‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫ون‬
‫ُ َّ ُ َ ْ‬ ‫م‬ ‫ي ْد ُخ ُـل ِمنْه الص ِ‬
‫ائ‬ ‫َ‬
‫ون؟‬‫الص ِائ ُم َ‬ ‫قـال‪َ :‬أ ْيـ َن َّ‬ ‫ـم‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫َ‬ ‫ـد‬
‫ٌ‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ْـ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ـم‪َ ،‬فإِذا‬ ‫َ‬ ‫ـون‪ ،‬الَ ي ْد ُخ ُـل ِ‬
‫ه‬‫ُ‬
‫ُ َ ُْ ْ‬‫ي‬ ‫َ‬
‫غ‬ ‫د‬
‫ٌ‬ ‫ح‬ ‫أ‬ ‫ه‬ ‫ْـ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َف َي ُقو ُم َ َ‬
‫ـم َي ْد ُخ ْل ِمنْـ ُه َأ َح ٌد»(‪.)1‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫د َخ ُلـوا ُأ ْغ ِ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫شـهر الرتبية على التقوى‪،‬‬
‫ُ‬ ‫شـهر رمضان هـو‬
‫ُ‬
‫الصوم؛‬
‫العظمى مـن َّ‬
‫َ‬ ‫بـل التقـوى هـي الغايـة‬ ‫‪٩‬‬
‫كما قـال تعـاىل‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧﭨﭩ ﭪ ﭫﭬﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ) [البقـرة‪.]183 :‬‬
‫العبـد بينه وبني‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫جيعـل‬ ‫والتقـوى معناهـا‪ :‬أن‬
‫ـخطِه وعقابِه وقايـ ًة تقيه من‬
‫وس َ‬ ‫ِ‬
‫غضـب اهلل َ‬
‫ذلـك؛ بفعـل طاعته واجتنـاب معصيته‪.‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1896‬ومسلم (‪.)1152‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫العبـد مع َّيـ َة اهلل‪ ،‬وحم َّبتـه‪،‬‬


‫ُ‬ ‫وبالتقـوى ُ‬
‫ينـال‬
‫َ‬
‫وتسـهيل‬ ‫وحف َظـه‪،‬‬ ‫ووالي َتـه‪ ،‬وتكريمـه‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫الذنـوب وتعظيم األجور‪،‬‬ ‫األمـور‪ ،‬مع تكفري ُّ‬
‫والفـوز باملراد‪ ،‬والسـعادة يف الدنيـا واآلخرة‪.‬‬

‫يـرب يف املسـلم مراقبـ َة اهلل وابتغا َء‬ ‫فالصـوم ِّ‬


‫وكـف النفس عـن احلرام‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َو ْج ِهـه بالعمـل‪،‬‬
‫ور‬‫الـز ِ‬
‫ـو َل ُّ‬ ‫ـد ْع َق ْ‬‫كما يف احلديـث‪َ « :‬مـ ْن َل ْ َي َ‬
‫حاجـ ٌة يف َأ ْن َي َ‬
‫ـد َع‬ ‫هلل‬
‫ِ‬ ‫ـس‬ ‫ي‬‫ل‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫؛‬ ‫والعم َـل بِ ِ‬
‫ـه‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ‬
‫َطعا َمـ ُه َو َشا َبـ ُه»(‪.)1‬‬

‫ـس‬ ‫قـال عمـر بـ ُن عبـد العزيـز ‪َ « :‬ل ْي َ‬


‫ـل‪،‬‬ ‫ـوى اهلل بِصيـا ِم الن ِ‬
‫ِّهـار‪َ ،‬وال بِ َقيـا ِم ال َّل ْي ِ‬ ‫َت ْق َ‬
‫ين َذلِ َك! َو َل ِكـ َّن َت ْق َوى اهلل‪:‬‬
‫وال َّت ْخليـط فيام َب ْ َ‬
‫((( رواه البخاري (‪.)1903‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫تر َض اهلل‪َ ،‬ف َم ْن‬‫َت ْـر ُك ما َح َّر َم اهلل‪َ ،‬و َأدا ُء ما ا ْف َ َ‬


‫ير إىل َخ ْ ٍي»(‪.)1‬‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ا‬ ‫ير‬ ‫َ‬
‫خ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ـد َذلِ‬ ‫ُر ِز َق َب ْع َ‬
‫ٌْ‬ ‫ًْ ُ َ‬
‫فظ‬‫وح ِ‬
‫نفسـه‪ِ ،‬‬ ‫الصـوم يعني املسـلم على َضب ِط ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وتضييـق مسـالك‬ ‫سر شـهوته‪،‬‬ ‫جوارحـه‪ ،‬و َك ْ ِ‬ ‫‪١٠‬‬
‫ِ‬
‫والصبر على أذى‬ ‫الشـيطان‪ ،‬وكظـ ِم الغيـظ‪،‬‬
‫ِ‬
‫الرديئة‬ ‫وتنقيـة النفـس مـن األخلاط‬ ‫ِ‬ ‫النـاس‪،‬‬
‫ِ‬
‫واألخلاق الرذيلة؛ فهـو زكا ٌة وطهار ٌة للنفس‪.‬‬
‫«الصيا ُم ُجنَّ ٌة‪َ ،‬فـإِذا َ‬
‫كان‬ ‫كما قـال ‪ِّ :‬‬
‫ـذ َوال‬‫ـث يوم ِئ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫لا‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ـم‬ ‫ك‬‫ُ‬ ‫د‬ ‫يـوم صـو ِم َأح ِ‬
‫َْ َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ُ َ ْ َ‬
‫ـد َأ ْو قا َت َلـ ُه َف ْل َي ُق ْـل‪:‬‬ ‫ب‪َ ،‬فـإِ ْن سـا َّب ُه َأ َح ٌ‬ ‫َي ْس َ‬
‫ـخ ْ‬
‫ـم»(‪.)2‬‬ ‫إِ ِّن امـر ٌؤ ِ‬
‫صائ‬
‫ٌ‬ ‫ْ ُ‬
‫[(جنَّة)‪ُ :‬سرتة ومانع عن املعايص‪ ،‬ووقاية من دخول النار‪.‬‬
‫ُ‬

‫((( الزُّ هْ د الكبير للبيهقي (‪.)964‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1894‬ومسلم (‪.)1151‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫ً‬
‫فاحشا‪.‬‬ ‫(ال َي ْر ُف ْث)‪ :‬ال يتك َّلم كال ًما‬
‫(وال يس َخب)‪ :‬ال يرفع صو َته وال ُي ِ‬
‫اصم]‪.‬‬ ‫َ َْ ْ‬

‫الدنيا من املعايص‪ ،‬بك ْ ِ‬


‫َس‬ ‫فالصو ُم «وقايـ ٌة يف ُّ‬
‫َّ‬
‫وحفـظ اجلـوارح‪ ،‬ويف اآلخـرة من‬ ‫الشـهوة ِ‬

‫النـار؛ ألنـه َي ْقمـع اهلوى و َي ْـر َدع الشـهوات‬


‫التـي هي من أسـلحة الشـيطان»(‪.)1‬‬

‫عجيـب يف حفـظ اجلوارح‬


‫ٌ‬ ‫«تأثير‬
‫ٌ‬ ‫وللصـوم‬
‫الظاهـرة وال ُقـوى الباطنـة ‪ ...‬فالصو ُم حيفظ‬
‫عىل القلب واجلـوارح ِص َّح َتهـا‪ ،‬و ُيعيد إليها‬
‫مـا اسـت َلبته منهـا أيـدي الشـهوات؛ فهو من‬
‫ِ‬
‫العـون عىل التقـوى»(‪.)2‬‬ ‫أكرب‬
‫((( فيض القدير للمناوي (‪.)242/4‬‬
‫((( زاد المعاد البن القيِّم (‪ ،)29/2‬باختصار‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫أثـر‬
‫ظهـر ُ‬‫الصائـم التقـوى يف قلبـه؛ َ‬
‫ُ‬ ‫إذا ح َّقـق‬
‫ذلـك على جوارحـه‪ :‬طاعـ ًة هلل‪ ،‬وصيانـ ًة‬ ‫‪١١‬‬
‫ربا‬ ‫وص‬ ‫بالقضـاء‪،‬‬ ‫ورضـا‬ ‫احلـرام‪،‬‬ ‫عن‬ ‫ـه‬ ‫ِ‬
‫لنفس‬
‫ً‬
‫وشـكرا على النَّعماء‪ِ ،‬‬
‫وص ْد ًقا يف‬ ‫ْ‬ ‫على البالء‪ً ُ ،‬‬
‫القـول والعمـل‪.‬‬

‫قـال جابـر بـن عبـد اهلل ‪« :‬إذا ُص ْمت‬


‫صرك َولِسـا ُنك عـن‬ ‫ـم ُعك َو َب َ ُ‬ ‫ـم َس ْ‬ ‫َف ْل َي ُص ْ‬
‫ِ‬
‫اخلـاد ِم‪َ ،‬و ْل َيكُـ ْن‬ ‫ب واملأثـم‪َ ،‬و َد ْع أذى‬ ‫الك ِ‬
‫َـذ ِ‬
‫صيامـك‪َ ،‬والَ‬ ‫ِ‬ ‫َع َليـك وقـار وس ِ‬
‫ـكينَ ٌة يـو َم‬ ‫َ ٌ َ َ‬ ‫ْ‬
‫صيامك َسـوا ًء»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ـو َم‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ط‬ ‫َ ْتع ْـل يـوم فِ‬
‫ََ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫واإلقبال عىل اهلل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫التوبة الصادقـة‪،‬‬ ‫شـهر‬
‫رمضان ُ‬
‫ُ‬
‫باإلقلا ِع عن َّ‬
‫الذنـوب واملعايص‪ ،‬والنَّـد ِم عليها‪،‬‬ ‫‪١٢‬‬

‫((( مصنَّف ابن أبي شيبة (‪.)8973‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫وال َعـ ْز ِم على عـدم العـودة إليهـا‪ ،‬ور ِّد املظـاملِ إىل‬
‫أهلِهـا‪( :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬
‫ﰁ ﰂ) [النـور‪.]31 :‬‬

‫وقد ُه ِّيئت الظروف‪ ،‬و ُفتِ َحت أبواب اجلنَّة‬


‫وس ْل ِس َلت‬ ‫للتائبني‪ ،‬و ُغ ِّلقت أبواب النار‪ُ ،‬‬
‫باغي اخلَ ْ ِي َأ ْقبِ ْل»‪،‬‬
‫الشياطني‪ ،‬ونا َدى املنادي‪« :‬يا َ‬
‫العتق من النار مفتوح للفائزين‪.‬‬‫وباب ِ‬
‫ُ‬

‫والتوبـ ُة وإن كانت واجبـ ًة يف ِّ‬


‫كل وقت ومن‬
‫وألز ُم؛‬
‫ـب َ‬‫أوج ُ‬ ‫ِّ‬
‫كل ذنـب؛ فهـي يف رمضـان َ‬
‫فرمضـان موسـم الطاعـات‪ ،‬وفيـه ِ‬
‫تنـزل‬
‫ووعد اهلل فيـه بمغفرة‬
‫َ‬ ‫الرمحـات والبركات‪،‬‬
‫َّ‬
‫الذنـوب واخلطيئات‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫ومـن مل يربـح يف هـذا الشـهر ففـي أي ٍ‬


‫وقت‬ ‫ِّ‬ ‫ََْ‬ ‫َ‬
‫يتعـرض ملغفـرة اهلل يف هذا‬
‫َي ْر َبـح؟! و َمـن مل َّ‬
‫خري هذا الشـهر‬ ‫الشـهر فمتـى؟! و َمن ُح ِ‬
‫ـر َم َ‬
‫فهـو ا َمل ْحروم‪.‬‬

‫بيع ِه‬
‫م ِدبا يف ر ِ‬
‫الر ْو ُض َأ ْم َسـى ُ ْ ً َ‬
‫إِذا َّ‬
‫ـب‬ ‫نري َ ْ‬
‫وي َص ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َففـي ِّ‬
‫أي حين َي ْسـ َت ُ‬

‫ُ‬
‫القـرآن‬ ‫شـهر القـرآن‪ ،‬وفيـه ُأ ِ‬
‫نـز َل‬ ‫رمضـان ُ‬
‫ُ‬
‫‪١٣‬‬
‫مجلـ ًة واحـد ًة مـن ال َّلـوح املحفـوظ إىل بيت‬
‫ـدر‪ ،‬كما‬ ‫الدنيـا‪ ،‬يف ِ‬
‫ليلـة ال َق ْ‬ ‫السماء ُّ‬
‫العـزة يف َّ‬
‫َّ‬
‫قـال تعـاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [القـدر‪:‬‬

‫‪ ،]1‬وقـال‪( :‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞ) [الدخـان‪.]3 :‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫ِ‬
‫مظاهر‬ ‫رمضان مـن أع َظم‬
‫َ‬ ‫وقـراء ُة القـرآن يف‬
‫اإلكثـار‬
‫ُ‬ ‫االجتهـاد يف العبـادة‪ ،‬التـي ينبغـي‬
‫منهـا آنـا َء الليـل وأطـراف النهـار‪ ،‬وقد كان‬
‫رسـول اهلل ‪‬‬ ‫َ‬ ‫جربيل ‪ُ ‬ي ِ‬
‫دار ُس‬
‫كل ليلـة مـن رمضـان‪ ،‬كام قـال اب ُن‬ ‫القـرآن َّ‬
‫رسـول اهللِ ‪‬‬ ‫ُ‬ ‫ع َّبـاس ‪« :‬كان‬
‫ـو َد مـا َيك ُ‬
‫ُـون يف‬ ‫ـو َد النـاس‪ ،‬وكان َأ ْج َ‬ ‫َأ ْج َ‬
‫يـل‪ ،‬وكان َي ْلقـا ُه‬ ‫ضـان حين َي ْلقـا ُه ِج ْب ُ‬ ‫َ‬ ‫َر َم‬
‫آن‪،‬‬ ‫ضـان‪َ ،‬ف ُي ِ‬
‫دار ُسـ ُه ال ُق ْر َ‬ ‫َ‬ ‫ـة مـن َر َم‬ ‫يف كل َلي َل ٍ‬
‫ْ‬
‫ير مـن‬ ‫ـو ُد بِاخلَ ْ ِ‬
‫ـول اهللِ ‪َ ‬أ ْج َ‬ ‫َف َل َر ُس ُ‬
‫الم ْر َسـ َل ِة»(‪.)1‬‬
‫يـح ُ‬ ‫الر ِ‬‫ِّ‬

‫الز ْه ِ‬
‫ـر ُّي ‪ :‬إذا‬ ‫ٍ‬
‫شـهاب ُّ‬ ‫حممـد بـ ُن‬
‫ُ‬ ‫وكان‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)6‬ومسلم (‪.)2308‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫دخـل رمضان قـال‪« :‬إ َّنام هو تلاو ُة القرآن‪،‬‬ ‫َ‬


‫وإطعـا ُم الطعام»(‪.)1‬‬

‫محيدا‬
‫للعودة عـو ًدا ً‬ ‫ِ‬ ‫فرمضـان فرص ٌة عظيمـ ٌة‬
‫ُ‬
‫للقـرآن الكريـم‪ :‬قـراء ًة‪ ،‬ودراسـ ًة‪ ،‬وتد ُّب ًـرا‪،‬‬
‫وتع ُّل ًما‪ ،‬وتربيـ ًة على القرآن‪.‬‬

‫فاملجاهـد َة املجاهـد َة‪ ،‬عسـى اهلل أن يكت َبـك‬


‫مـن الفائزيـن‪( :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [العنكبـوت‪.]69 :‬‬

‫الصالـح ُيكثـرون مـن قـراءة‬


‫ُ‬ ‫ف‬‫السـ َل ُ‬
‫كان َّ‬
‫وخارجهـا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الصلاة‬ ‫القـرآن يف رمضـان‪ ،‬يف‬
‫َ‬ ‫‪١٤‬‬
‫كل ٍ‬
‫يشء وأق َب ُلوا‬ ‫دخـل رمضـان تركـوا َّ‬
‫َ‬ ‫وإذا‬
‫على رمضان‪.‬‬
‫((( لطائف المعارف البن رجب (ص‪.)171‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫خيتم‬
‫فبعضهـم ُ‬
‫عدة ختمات‪ُ ،‬‬ ‫وكان هلـم فيـه َّ‬
‫كل سـبع‪ ،‬فـإذا َ‬
‫دخل‬ ‫وبعضهـم َّ‬
‫ُ‬ ‫كل ثلاث‪،‬‬ ‫َّ‬
‫بعضهـم َّ‬
‫كل ليلة(‪.)1‬‬ ‫ختـم ُ‬
‫َ‬ ‫العشر‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بركـة اهلل تعـاىل هلـم يف أوقاهتـم‪،‬‬ ‫وهـذا مـن‬
‫وصـدق ن َّياهتِـم‪ ،‬وحمافظتهـم على أوقاهتم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫خيتلـف مـن شـخص لشـخص‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وهـذا‬
‫ُ‬
‫وأعاملـم‬ ‫وأحـوال النـاس وارتباطاهتـم‬
‫ِ‬
‫متفاوتـة‪ ،‬واملو َّفـق َمـن و َّفقـه اهلل‪.‬‬

‫ـن َق َـر َأ ال ُق ْـر َ‬


‫آن يف‬ ‫«م ْ‬‫النبـي ‪َ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫قـول‬
‫ـل ِمـن َث ٍ‬
‫ٌ‬
‫حممـول عىل َمن‬ ‫(‪)2‬‬
‫لاث َل ْ َي ْف َق ْه ُه»‬ ‫َأ َق َّ ْ‬ ‫‪١٥‬‬

‫((( ينظر‪ :‬تفســير ســعيد بن منصــور (‪ ،)151 ،150‬ولطائــف المعارف‬


‫(ص‪.)171‬‬
‫وصححه األلباني في‬
‫َّ‬ ‫((( رواه أبو داود (‪ ،)1390‬واإلمام أحمد (‪،)6499‬‬
‫الصحيحة (‪.)601/5‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫يـدوا ُم على ذلـك‪ ،‬أمـا األوقـات َّ‬


‫املفضلـة‬
‫خاصة العشر األواخر‪،-‬‬
‫‪-‬كشـهر رمضـان َّ‬
‫املفضلـة ‪-‬كمكـة َملـن دخلهـا‬
‫أو األماكـن َّ‬
‫اإلكثـار فيهـا‬
‫ُ‬ ‫ب‬
‫مـن غير أهلهـا‪-‬؛ ف ُيسـ َت َح ُّ‬
‫من تلاوة القـرآن اغتنا ًمـا للزمـان واملكان‪،‬‬
‫وهـو قـول اإلمام أمحـد وإسـحاق وغريمها‪،‬‬
‫عمـل ِ‬
‫غريهـم(‪.)1‬‬ ‫ُ‬ ‫وعليه ُّ‬
‫يـدل‬

‫وطهار ُتا‬ ‫القلـوب‬ ‫ة‬


‫ُ‬ ‫حيـا‬ ‫هـو‬ ‫تعـاىل‬ ‫اهلل‬ ‫ـر‬ ‫ك‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ذ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وال ُّطمأنينـ ُة هلـا‪ُ ،‬يـريض الرمحـن‪ ،‬و َي ْط ُـر ُد‬ ‫‪١٦‬‬

‫ـط اخلطايـا‪ ،‬وأه ُلـه هـم‬


‫وي ُّ‬
‫الشـيطان‪ُ َ ،‬‬
‫َ‬
‫املوعـودون بالفضل‬ ‫َ‬
‫السـابقون يـو َم القيامة‪،‬‬
‫العظيـم‪ ،‬كما قـال تعـاىل‪( :‬ﭲ ﭳ‬
‫((( ينظر‪ :‬لطائف المعارف (ص‪.)171‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫ﭴ ﭵ ﭶ) [اجلمعـة‪ ،]10 :‬وقـال‪:‬‬
‫(ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [األحـزاب‪.]35 :‬‬
‫ـر اهلل تعاىل‪ ،‬يف‬ ‫اإلكثار مـن ِذ ْك ِ‬ ‫ُ‬ ‫فعلى الصائـ ِم‬
‫خاص ًة‬ ‫‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫حـال‬ ‫ـة‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫وعلى‬ ‫‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وحين‬ ‫ٍ‬
‫وقـت‬ ‫كل‬ ‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫صباحـا ومسـا ًء‪ ،‬ويف أ ْد ِ‬
‫بـار‬ ‫ً‬ ‫األذكار املأثـور َة‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫واألحـوال‬ ‫ِ‬
‫األوقـات‬ ‫الصلـوات‪ ،‬ويف‬
‫وهنـارا‪.‬‬
‫ً‬ ‫واألسـباب املختلفـة ً‬
‫ليلا‬ ‫ِ‬
‫وعليـه أن ُيكثِـر مـن الباقيـات الصاحلـات‪:‬‬
‫ـد هلل‪َ ،‬وال إِ َلـ َه إِ َّل اهلل‪،‬‬ ‫والح ْم ُ‬
‫حان اهلل‪َ ،‬‬ ‫«سـ ْب َ‬ ‫ُ‬
‫وأحـب‬‫ُّ‬ ‫بر»‪ ،‬فهـ َّن َغ ْـر ُس اجلنَّـة‪،‬‬ ‫واهللُ َأ ْك َ ُ‬
‫وأحـب إىل نب ِّينـا ‪‬‬ ‫ُّ‬ ‫الـكالم إىل اهلل‪،‬‬
‫ممَّـا طلعـت عليـه الشـمس‪.‬‬
‫زال لسا ُنك َر ْط ًبا ِمن ِذ ْك ِر اهلل‪.‬‬ ‫فال َي ُ‬

‫‪23‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫الدعاء هو العبادة‪ ،‬وهو سالح املؤمن‪َ ،‬‬


‫وأكرم‬ ‫ُّ‬
‫ٌ‬
‫وامتثال ألمر اهلل‪( :‬ﭝ‬ ‫ٍ‬
‫يشء عىل اهلل‪،‬‬ ‫‪١٧‬‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [غافر‪.]60 :‬‬
‫الصيام‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ور َّغب فيه سـبحانه بني آيات ِّ‬
‫(ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬
‫ﯹ ﯺ ﯻ) [البقرة‪.]186 :‬‬
‫الص ِائ ُم‬‫ويف احلديث‪َ « :‬ثال َث ٌة ال ُت َر ُّد َد ْع َو ُ ُت ْم‪َّ :‬‬
‫واإلمام ِ‬
‫العاد ُل‪َ ،‬و َد ْع َو ُة ا َمل ْظ ُلو ِم»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬‫ح َّتى ي ْفطِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ـو ٍم‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫يف‬ ‫ء‬ ‫قـا‬‫ت‬‫َ‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫«إ‬ ‫آخـر‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫حديـث‬ ‫ويف‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ـم‬ ‫ْه‬ ‫ن‬ ‫ـد ِ‬
‫م‬ ‫ـة [يعنـي‪ :‬يف رمضـان]‪ ،‬لِـك ُِّل َعب ٍ‬ ‫و َلي َل ٍ‬
‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ـو ٌة ُم ْسـ َتجا َب ٌة»(‪.)2‬‬‫َد ْع َ‬
‫((( رواه الترمذي (‪ ،)3598‬وابن ماجه (‪ ،)1752‬واإلمام أحمد (‪،) 9743‬‬
‫وصححه محقِّقو المسند بطرقه وشواهده‪.‬‬
‫َّ‬
‫وصححه األلباني في صحيح الجامع (‪.)2169‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه اإلمام أحمد (‪،)7450‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫الترض ُع إىل اهلل تعـاىل باإلحلاحِ‬


‫ُّ‬ ‫فعلى الصائـ ِم‬
‫ِ‬
‫واألوقات‬ ‫ِ‬
‫األحـوال‬ ‫الدعـاء‪ ،‬مـع اغتنـا ِم‬
‫يف ُّ‬
‫ـث األخير من‬ ‫ـجود‪ ،‬وال ُّث ُل ِ‬
‫ِ‬ ‫كالس‬
‫الفاضلـة‪ُّ ،‬‬
‫الف ْطر‪ ،‬ويف ُقنُـوت ِ‬
‫الو ْتر‪ ،‬وبني‬ ‫الليل‪ ،‬وعنـد ِ‬

‫شر األواخر‪ ،‬و َمن‬ ‫األذان واإلقامـة‪ ،‬ويف ال َع ْ‬


‫ُيكْثِ ُـر َق ْـر َع األبـواب ُيوشـك أن ُيف َتح له‪.‬‬

‫واجل ِ‬
‫ود‬ ‫ُ‬ ‫دقة‪،‬‬ ‫اإلنفاق والص ِ‬ ‫ِ‬ ‫شهر‬ ‫رمضان‬
‫ُ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫والمحتاجين‪،‬‬ ‫عفاء‬ ‫الض‬ ‫ِ‬
‫واساة‬ ‫وم‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫والكرم‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫‪١٨‬‬
‫رسول اهللِ ‪َ « ‬أ ْج َو َد ما َيك ُ‬
‫ُون‬ ‫ُ‬ ‫وكان‬
‫ول اهللِ‬‫ضان حني َيلقا ُه ِج ْب ُيل ‪َ ...‬ف َل َر ُس ُ‬ ‫يف َر َم َ‬
‫يح ا ُمل ْر َس َل ِة»(‪،)1‬‬
‫الر ِ‬ ‫‪َ ‬أ ْج َو ُد بِاخلَ ْ ِي من ِّ‬
‫حل َسنة‪.‬‬ ‫ولنا فيه ‪ ‬األُ ْس َو ُة ا َ‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)6‬ومسلم (‪.)2308‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫قال‪َ :‬س ِم ْع ُت‬ ‫وعن َأيب َبك ِْر ْب ِن َأيب َم ْر َي َم ‪َ :‬‬


‫ضان‪َ « :‬ق ْد‬
‫ض َش ْه ُر َر َم َ‬ ‫َم ْش َي َخ َتنا َي ُقو ُل َ ِ‬
‫ون إذا َح َ َ‬
‫ون‪« :‬ا ْنب ِس ُطوا بِالنَّ َف َق ِة ِ‬
‫فيه؛‬ ‫ض ُم َط ِّه ٌر»‪َ ،‬و َي ُقو ُل َ َ‬ ‫َح َ َ‬
‫بيل اهللِ ‪.)1(»‬‬ ‫ف كالنَّ َف َق ِة يف َس ِ‬
‫َفإِ َّنا ُتضا َع ُ‬

‫دخل رمضان قال‪:‬‬ ‫الز ْه ِر ُّي ‪ :‬إذا َ‬‫وكان ُّ‬


‫«إ َّنام هو تالو ُة القرآن‪ ،‬وإطعا ُم الطعام»(‪.)2‬‬

‫ٌ‬
‫برهان‬ ‫الصدق ُة من َأ َج ِّل الطاعات‪ ،‬وهي‬ ‫َّ‬
‫إيامن ِ‬
‫صاحبِها‪ ،‬يأيت يف ظ ِّلها‬ ‫وحج ٌة عىل ِص ْد ِق ِ‬ ‫‪١٩‬‬
‫ُ َّ‬
‫يو َم القيامة‪َ ،‬ت ْفديه من عذاب اهلل‪ ،‬وهي تقي‬
‫السوء واألمراض‪ ،‬وتك ِّفر الذنوب‪،‬‬ ‫مصارع ُّ‬
‫َ‬
‫الر ِّب‪ ،‬و ُتبارك يف املال‪ ،‬و َتزيد‬
‫غضب َّ‬
‫َ‬ ‫و ُتطفئ‬
‫وي ِلف اهلل عىل صاحبها‪ ،‬ويق َبلها اهلل‬‫الرزق‪ُ ،‬‬‫يف ِّ‬
‫((( فضائل رمضان البن أبي الدنيا (‪.)25‬‬
‫((( لطائف المعارف البن رجب (ص‪.)171‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫أعظم‬ ‫َ‬
‫تكون‬ ‫حتى‬ ‫لصاحبها‬ ‫فها‬ ‫تعاىل وي ِ‬
‫ضاع‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اإلكثار منها يف رمضان‪.‬‬
‫َ‬ ‫فاإلكثار‬
‫َ‬ ‫جل َبل‪،‬‬
‫من ا َ‬

‫الصائمني‪،‬‬
‫َ‬ ‫الجود يف رمضان‪ :‬تفطري‬ ‫من ُ‬
‫وأجره عظيم؛ ففي احلديث‪« :‬من َف َّطر ِ‬
‫صائ ًم؛‬ ‫‪٢٠‬‬
‫َ ْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ص ِم ْن َأ ْج ِر‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫ي‬
‫َْ ُ َ ُ‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫غ‬ ‫‪،‬‬‫ه‬‫كان َله ِم ْث ُل َأج ِر ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ُ‬
‫الص ِائ ِم َش ْي ًئا»(‪.)1‬‬
‫َّ‬

‫والتسامح‪،‬‬ ‫و‬‫ِ‬ ‫ْ‬


‫ف‬ ‫ع‬ ‫وال‬ ‫رمضان شهر الص ِ‬
‫لة‬ ‫َ‬ ‫شهر‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬
‫بص َلتِك‬
‫أول الناس ِ‬ ‫حك َ‬ ‫ولت ُكن قراب ُتك ِ‬
‫ور ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪٢١‬‬
‫خاصة الفقراء منهم‪.‬‬ ‫ودك وعطفك ور ِ‬‫وج ِ‬
‫حتك‪َّ ،‬‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ‬

‫َ‬
‫وبارك يف ُعمره‪،‬‬ ‫بسط اهلل ِر ْز َقه‪،‬‬
‫حا َ‬‫فمن َو َص َل َر ِ ً‬
‫َ‬
‫الد ْهر‪.‬‬
‫ونوائب َّ‬
‫َ‬ ‫السوء‬
‫مصارع ُّ‬
‫َ‬ ‫ودفع عنه‬
‫َ‬
‫وصححه األلباني‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه الترمذي (‪ ،)807‬وابن ماجه (‪،)1746‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫تذكري بعظيم نِ ْع َمة اهلل‬


‫ٌ‬ ‫صو ُم رمضان فيه‬
‫بجوع‬ ‫أيضا ُ‬ ‫عميل ً‬
‫ّ‬ ‫وتذكري‬
‫ٌ‬ ‫تعاىل عىل العبد‪،‬‬ ‫‪٢٢‬‬
‫فمن َ‬
‫ذاق‬ ‫اجلائعني وبؤس الفقراء واملساكني؛ َ‬
‫ٍ‬
‫واحد تن َّبه‬ ‫أمل اجلوع وال َع َطش يف هنار ٍ‬
‫شهر‬ ‫َ‬
‫أكثر عمره جائ ًعا؛ ف َي ْعطف عىل‬ ‫يعيش َ‬‫إىل َمن ُ‬
‫ويتصدق عليهم‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الفقراء واملساكني‬
‫الو ْحدةواالئتِالف‪،‬‬ ‫األمةعىل َ‬
‫يرب َّ‬ ‫شهررمضان ِّ‬ ‫ُ‬
‫وعدم االفرتاق واالختالف‪ ،‬كام قال تعاىل‪:‬‬ ‫‪٢٣‬‬
‫(ﯜ ﯝ ﯞ) [احلجرات‪ ،]10 :‬وقال‪:‬‬
‫(ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ )‬
‫[التوبة‪.]71 :‬‬
‫يصومون م ًعا‪ ،‬و ُيفطِرون م ًعا عىل‬
‫َ‬ ‫فاملسلمون‬
‫واحد‪ ،‬وحيرصون عىل صالة اجلامعة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أذان‬
‫والرتاويح‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫العظيمة‪ ،‬ومك ِّف ِ‬


‫رات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العبادات‬ ‫ال ُع ْم َر ُة من‬
‫الذنوب‪ ،‬وهي تنفي ال َف ْق َر عن صاحبِها‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫‪٢٤‬‬
‫أجرا؛ كام قال النبي‬ ‫رمضان أع َظ ُم ً‬
‫َ‬ ‫وهي يف‬
‫ضان َت ْقيض َح َّج ًة‪،‬‬
‫‪ُ « :‬ع ْم َرة يف َر َم َ‬
‫َأ ْو َح َّج ًة َمعي»(‪.)1‬‬
‫ِ‬
‫العبادة‪،‬‬ ‫رمضان االجتها ُد يف‬ ‫ب يف‬
‫َ‬ ‫ُي ْس َت َح ُّ‬
‫وهنارا‪ ،‬واغتنا ُم األوقات‬
‫ً‬ ‫واإلكثار منها ً‬
‫ليل‬ ‫ُ‬ ‫‪٢٥‬‬
‫ِ‬
‫الصاحلة‪ :‬صال ًة‪ ،‬وتالو ًة للقرآن‬ ‫ِ‬
‫األعامل‬ ‫يف‬
‫وتبكريا إىل‬
‫ً‬ ‫وحمافظ ًة عىل صالة اجلامعة‪،‬‬
‫وإكثارا من‬
‫ً‬ ‫املساجد‪ ،‬وإحسا ًنا إىل الناس‪،‬‬
‫الص َدقات‪ ،‬واعتكا ًفا يف العرش األواخر منه‪.‬‬ ‫َّ‬

‫َ‬ ‫ِ‬
‫«وكان من هديه ‪‬‬ ‫يقول اب ُن الق ِّيم ‪:‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1863‬ومسلم (‪.)1256‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫اإلكثار من أنوا ِع العبادات؛‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫رمضان‪:‬‬ ‫يف ِ‬
‫شهر‬
‫َ‬
‫رمضان‪،‬‬ ‫َ‬
‫القرآن يف‬ ‫دار ُسه‬ ‫جربيل ُي ِ‬
‫ُ‬ ‫فكان‬
‫الر ِ‬
‫يح‬ ‫ِ‬
‫باخلري من ِّ‬ ‫جربيل أجو َد‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان إذا لق َيه‬
‫الناس‪ ،‬وأجو َد ما‬ ‫ِ‬ ‫ا ُمل ْر َس َلة‪ ،‬وكان أجو َد‬
‫رمضان‪ ،‬يكْثِر فيه من الص َد ِ‬
‫قة‪،‬‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫يكون يف‬
‫ِ‬
‫والصالة‪،‬‬ ‫وتالوة القرآن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلحسان‪،‬‬
‫ِ‬
‫واالعتكاف‪.‬‬ ‫والذ ِ‬
‫كر‪،‬‬ ‫ِّ‬

‫ُص‬ ‫خي‬ ‫ال‬ ‫بام‬ ‫العبادة‬ ‫ن‬‫م‬‫رمضان ِ‬


‫َ‬ ‫ُص‬
‫ُّ‬ ‫وكان خي ُّ‬
‫غريه ِبه من ُّ‬
‫الشهور»(‪.)1‬‬ ‫َ‬

‫ـان يف النوم‪،‬‬
‫احلذر مــن تضييــع رمضـ َ‬
‫َ‬ ‫ـذر‬
‫احلـ َ‬
‫والقيــل والقــال‪ ،‬والوقــوع يف املعــايص‬ ‫‪٢٦‬‬
‫واملن َكــرات‪.‬‬

‫((( زاد المعاد (‪.)30/2‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫فرمضان فرص ٌة عظيم ٌة؛ فاغ َتنِ ْمها‪ ،‬و ُكن‬


‫ُ‬
‫صاد ًقا يف االجتهاد والعبادة؛ لع َّلك تكون‬
‫من الفائزين‪.‬‬

‫يا َمن طا َلت َغ ْيبته‪ ،‬هذه أ َّيا ُم ا ُمل َ‬


‫صالة‬
‫خسار ُته‪ ،‬قد أقب َلت أ َّيام ال ِّتجارة َّ‬
‫الرابحة‬ ‫َ‬ ‫دامت‬
‫يا َمن َ‬
‫من مل يربح يف هذا الشهر‪ ،‬ففي أي ٍ‬
‫وقت َي ْر َبح؟!‬ ‫ِّ‬ ‫ََْ‬ ‫َ‬

‫‪31‬‬
‫‪ ٢٦‬فائدة يف اغتنام رمضان‬

‫الصيام والقيام وتالوة‬


‫نسأل اهلل تعاىل أن يتق َّبل منَّا ِّ‬
‫القرآن‪ ،‬و ُيعي َننا عىل طاعته‬
‫وجيع َلنا فيه من الفائِزين آمني‬
‫رب العاملني‬
‫واحلمد هلل ِّ‬

‫‪32‬‬

You might also like