You are on page 1of 275

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة الجزائر ‪1‬‬
‫كلية الحقوق‬

‫جمع مداخالت‬
‫الملتقى الوطني الرابع ملخبرقانون األسرة حول‪:‬‬

‫مصادرقانون األسرة الجزائري‬

‫المنعقدة جلساته‬
‫يوم ‪ 11‬جويلية ‪ ،2222‬بمدرج الملتقيات‪ ،‬كلية الحقوق‬

‫‪1111‬هـ‪2222-‬مـ‬
‫عنوان المصنف‪:‬‬

‫من إعداد‪ :‬مجموعة من الباحثين‬


‫المتابعة والترجمة والتخريج‪ :‬أ‪.‬د جمال عياش ي‪ ،‬د‪ .‬فتحية حواس‪ ،‬د‪.‬صفاء بن شعبان‪ ،‬صبرينة‬
‫تاوريرت‪ ،‬أمينة بوعزيز‪ ،‬سمير بوفرورة‪.‬‬
‫أمين التحرير‪ :‬د‪ .‬فتيحة لعطر‪.‬‬

‫حقوق الطبع والنشر حمفوظة‬


‫ُ‬
‫تحفظ حقوق الملكية الفكرية واألدبية الواردة في هذا المصنف؛ وعليه‪ُ ،‬يحظر كل نقل للمصنف أو‬
‫أي جزء منه بكل طرق الطبع والتصوير والترجمة أو إعادة التنضيد أو التسجيل على شرائط أو حزم‬
‫ّ‬
‫أسطوانية أو برمجته على أسطوانات ضوئية‪ ،‬إال بإذن خطي من مدير مخبر قانون األسرة‪ ،‬الملحق‬
‫بكلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.1‬‬

‫الكائن مقره بـ‪ :‬كلية الحقوق‪ ،‬سعيد حمدين‪ ،‬الطابق األرض ي للمكتبة‪ ،‬مجمع املخابر‪ ،‬المكتب رقم ‪.2‬‬

‫هاتف‪/‬فاكس‪125 161 581 :‬‬


‫عنوان صفحة فايس بوك املخبر‪ :‬مخبر قانون األسرة‬
‫البريد اإللكتروني للمخبر‪Labo.droitdelafamille@gmail.com :‬‬
‫الصفحة الرسمية للمخبر‪https://www.liens.univ-alger.dz/LDF :‬‬
‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬
‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬
‫جامعة الجزائر ‪1‬‬
‫كلية الحقوق‬

‫جمع مداخالت‬
‫الملتقى الوطني الرابع ملخبرقانون األسرة حول‪:‬‬

‫المنعقدة جلساته‬
‫يوم ‪ 11‬جويلية ‪ ،2222‬بمدرج الملتقيات‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫اهليئة الشرفية للملتقى الوطين‬
‫أ‪.‬د عبد احلكيم بن تليس مدير اجلامعة ‪............‬مديرا شرفيا للملتقى الوطين‬
‫أ‪.‬د عيسى لعالوي عميد كلية احلقوق ‪...........‬رئيسا شرفيا للملتقى الوطين‬
‫أ‪.‬د دليلة فركوس مدير املخرب ‪....................................‬مديرة للملتقى الوطين‬
‫د‪ .‬فتحية حواس عضو املخرب‪........................................‬رئيسة للملتقى الوطين‬
‫أ‪.‬د‪ .‬مجا عياش عضو املخرب ‪...............‬رئيسا للجنة العلمية للملتقى الوطين‬

‫أعضاء اللجنة العلمية ‪-‬القراءة والتحكيم‪-‬‬


‫أ‪.‬د العش ي نوارة )جامعة الجزائر‪(1‬‬ ‫أ‪.‬د دليلة فركوس )جامعة الجزائر‪(1‬‬
‫أ‪.‬د وفاء شيعاوي )جامعة الجزائر‪(1‬‬ ‫أ‪.‬د جمال الديب)جامعة الجزائر‪(1‬‬
‫أ‪.‬د فطيمة نساخ)جامعة الجزائر‪(1‬‬ ‫د‪ .‬فتحية حواس)جامعة الجزائر‪(1‬‬
‫د‪ .‬زكية غناي)جامعة بومرداس(‬ ‫د‪ .‬عياش رتيبة)جامعة البليدة ‪(2‬‬
‫د‪ .‬علي حمداوي (جامعة الجزائر‪)1‬‬ ‫د‪ .‬عيس ى قسـايسية )جامعة الجزائر‪)1‬‬
‫د‪ .‬نوال قحموص (جامعة الجزائر‪)1‬‬ ‫د‪ .‬سعاد راحلي )جامعة الجزائر‪(1‬‬
‫د‪ .‬أم الخيربوقرة )جامعة الجزائر‪)1‬‬ ‫د‪ .‬حنان مباركة كركوري )جامعة الجزائر‪(1‬‬
‫أمقران راضية )جامعة الجزائر‪(1‬‬ ‫د‪ .‬عبد المنعم النعيمي )جامعة الجزائر‪)1‬‬
‫محمد زيدان )جامعة الجزائر‪(1‬‬ ‫آكلي زازون )جامعة الجزائر‪(1‬‬

‫أعضاء لجنة المتابعة والترجمة والتخريج‬


‫د‪ /‬حنان مباركة كركوري )جامعة الجزائر‪(1‬‬ ‫د‪ /‬بوعالم عويس )جامعة الجزائر‪(1‬‬
‫د‪ /‬حنان عبد الحق )جامعة الجزائر‪(1‬‬ ‫د‪ /‬دالل نوي )جامعة الجزائر‪(1‬‬
‫د‪ /‬قرميط سارة )جامعة الجزائر‪(1‬‬ ‫د‪ /‬حنان كشباط )جامعة الجزائر‪(1‬‬
‫ط‪.‬د‪ /‬صفاء بن عاشور)جامعة الجزائر‪(1‬‬ ‫ط‪.‬د‪ /‬أمينة بوعزيز )جامعة الجزائر‪(1‬‬
‫ط‪.‬د‪ /‬نشادي فوزية )جامعة الجزائر‪(1‬‬ ‫ط‪.‬د‪ /‬حنان براهمي )جامعة الجزائر‪(1‬‬
‫ط‪.‬د‪ /‬سليمة بوطبة )جامعة الجزائر‪(1‬‬ ‫ط‪.‬د‪ /‬مفيدة بوشاش ي )جامعة الجزائر‪(1‬‬
‫جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

‫فهرس املحتويات‬

‫فهرس املحتويات‪10....................................................................................................................‬‬

‫إشكالية الملتقى‪10.......................................................................................................................‬‬

‫المداخلة االفتتاحية‬
‫جمال عياش ي‪10..........................................................................................................‬‬

‫المصادرالدولية لقانون األسرة الجزائري‬


‫مريم بوغازي‪01...........................................................................................................‬‬

‫تأثيراالتفاقيات الدولية في تفسيرفي تفسيرقانون األسرة الجزائري‬


‫فوزية نشادي ‪82.........................................................................................................‬‬

‫اإلطارالقانوني الستناد القاض ي الجزائري إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية في أحكامه‬


‫عائشــة عبد الحميــد‪00...............................................................................................‬‬

‫التشريع األسري الجزائري –بين مرجعيتي االتفاقيات الدولية والشريعة اإلسالمية‪-‬‬


‫علي حمداوي‪28...........................................................................................................‬‬
‫ازدواج مصدرالتشريع األسري الجزائري بين التوفيق والتوقيف‬
‫عبد الحميد عيدوني‪08...............................................................................................‬‬
‫أثرالمصادرالتبعية على األحكام األسرية في التشريع الجزائري ‪-‬االستحسان نموذجا‪-‬‬
‫محمد مصطفاوي‪28................................................................................................‬‬
‫تطبيق نصوص قانون األسرة بين‪" :‬اللفظ والفحوى"‬
‫عالل طحطاح عبد النور زيدان‪40...........................................................................‬‬
‫تأثيرالنظام العام على التفسيرالقضائي لقواعد قانون األسرة‬
‫عبد الرزاق يعقوبي‪008...............................................................................................‬‬

‫موقف الفقه اإلسالمي من أحكام قانون األسرة الجزائري (الوالية في الزواج)‬


‫فتيحة لعطر‪080.........................................................................................................‬‬
‫اإلحالة في تطبيق أحكام األهلية بين قانون األسرة والقانون المدني‪ :‬أي عالقة بين‬
‫القانونيين؟‬
‫أم الخير بوقرة‪001......................................................................................................‬‬

‫حدود انفتاح قضاء شؤون األسرة على مبادئ وقواعد القانون المدني‪ :‬خصوصيات إعمال‬
‫قواعد المسؤولية المدنية على الروابط األسرية نموجا‬
‫يحي طاهري وعبد الحكيم بن هبري‪020.....................................................................‬‬

‫تأثيرالقانون المدني على قانون األسرة في مجال عيوب اإلرادة‬


‫مصطفى شابو وبابا عيس ى‪004..................................................................................‬‬

‫دورالفقه اإلسالمي في درء الشغورالقانوني لألحكام منظمة لحقوق المحجورعليهم‬


‫حنان كشباط‪040.......................................................................................................‬‬

‫دورالعرف كمصدرلقواعد اإلثبات األسرية و أثره في األحكام االجتهادية القضائية‬


‫فضيلة خليفة‪810......................................................................................................‬‬

‫دوراالجتهاد القضائي في فهم نصوص قانون األسرة وفي تطبيق أحكامها‬


‫رتيبة عياش‪831..........................................................................................................‬‬
‫السلطة التقديرية للقاض ي األسري في مسألة التعويض عن الضرر الناتج عن فك‬
‫الرابطة األسرية‬
‫نجوى سديرة وزهير بولفول‪800.................................................................................‬‬

‫دور غرفة شؤون األسرة والمواريث في سد النقص الحاصل في نصوص قانون األسرة‬
‫الجزائري‬
‫محمد توفيق قديري‪820............................................................................................‬‬
‫إشكالية الملتقى‬

‫صرح المشرع الجزائري في ديباجة مشروع قانون ا ألسرة ‪ 11-48‬المعدل والمتمم‬ ‫ّ‬
‫اب ألمر ‪ 50-50‬ابلمصادر القانونية والشرع ّية التي اعتمدها في َس ِّنّه للنصوص القانونية من‬
‫قانون ا ألسرة‪ ،‬أأين أأكّد اعتماده على المذاهب السنية ا ألربعة وغيرها من المذاهب الفقه ّية‬
‫المس ِّلمة على غرار قوانين‬
‫ا ألخرى‪ ،‬فيما اعتمد أأيضا بعض القوانين والمدوانت العربية ْ‬
‫ا ألحوال الشخصية لمصر‪ ،‬سوراي‪ ،‬تونس‪ ،‬والمغرب وغيرها‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ولم يترك ا ألحوال التي قد يكـتـنف النص فيها غموضا في صياغتها أأو نقصا‬
‫أأو تناقضا أأو غيرها من دواعي التدخّل في تفسير النّص القانوني من غير تنظيم‪ ،‬وانما‬
‫أأرجعها الى أأحكام الشريعة السالمية‪ ،‬وهو الحكم الذي صرح به في المادة ‪ 000‬من‬
‫قانون ا ألسرة‪.‬‬
‫كل ذلك‪ ،‬قد يجعل النص من قانون ا ألسرة الجزائري محصورا بين أأحكام الشريعة‬
‫السالمية س نًّا وتفسيرا‪ ،‬وهذا من دون اغفال قوانين الدول العربية المسلمة‪ ،‬ذلك أأن‬
‫كافة هذه القوانين لدول اسالمية وشعوب مسلمة وهو ما يمثل بتحصي ٌل حاصل العتماد‬
‫على ا ألحكام الشرعية‪.‬‬
‫ولـكن‪ ،‬هل كانت مصادر قانون ا ألسرة المصرح بها في ديباجة مشروعه محترمة‬
‫لس يما بعد تعديله س نة ‪0550‬؟ وهل يتس نى للمتصدي لتفسير النص القانوني ‪-‬وهو‬
‫القاضي في أأغلب ا ألحيان‪ -‬الرجوع الى أأحكام الشريعة السالمية في تفسيره للنص‬
‫القانوني؟ وكيف يتحقق له مبتغى المشرع‪ ،‬ابلنظر الى عدم وضوح عبارة "أأحكام الشريعة‬
‫السالمية" الواردة في المادة ‪ 000‬على اعتبار أأن الفكرة عند القاصي والداني أأن الجزائر‬
‫من ا ألوطان التي احتضنت الفقه المالكي‪ ،‬بمعنى هل يمكن قصر تفسير نصوص قانون‬
‫ا ألسرة على مذهب المام مالك ‪-‬رحمه الله‪ -‬فقط‪ ،‬أأم يتوسع ابلستناد على كافة المذاهب‬
‫السنية ا ألخرى؟‬
‫ثم ان بعضا من الشكالت العملية التي قد تنشأأ في الستناد على نصوص قانون‬
‫ا ألسرة وتفسيره‪ ،‬انطالقا من فكرة أأن قانون ا ألسرة فرع من فروع القانون الخاص المنتمي‬
‫‪-‬الى حد‪ -‬للشرعة العامة للقانون المدني بحيث قد يسعى بعض شراح قانون ا ألسرة‬
‫ومفسري نصوصه الى أأحكام القانون المدني لتفسيره وفقا لمقتضياتها‪ ،‬كما قد يستند‬
‫البعض الآخر الى مبدا تدرج القوانين لعدم احترام الطبيعة الخاصة ألحكام قانون ا ألسرة‬
‫المس تنبطة على أأحكام وحي قطعية الدللة والثبوت‪ ،‬فالى أأي مدى يعتبر هذا التوجه‬
‫صحيحا؟ والى أأي درجة يمكن العتماد على غير الشريعة السالمية في شرح وتفسير‬
‫نصوص قانون ا ألسرة دون اغفال صراحة الحكم الوارد في المادة ‪ 000‬من قانون ا ألسرة؟‬
‫ويبقى أأن بعض ا ألحكام الواردة في نصوص قانون ا ألسرة ولو ظهرت كاملة في‬
‫ضبطها لالفتراض القانوني والحل المستشرف له‪ ،‬ال أأن الرجوع الى أأحكام الشريعة‬
‫السالمية يُظهر خالف ذلك تماما وا ألدلة على مثل هذا التصور كثيرة جدا في قانون‬
‫ا ألسرة‪ ،‬و أأجلى مثال عليها " أأو أأي شخص أآخر تختاره" هذه العبارة الدخيلة على نص‬
‫المادة ‪ 0/11‬بحيث لم يأأت المشرع بحكم شرعي واضح فيها وانما أأخذ شطر الحكم كما‬
‫هي عليه الفتوى عند الحنفية ولم يأأت ابلحكم كامال‪ ،‬في حين الرجوع الى النص القانوني‬
‫ل يظهر مثل هذا النقص‪ ،‬فهل يمكن اللتزام بصريح النص والتغافل عن مصدر الحكم‬
‫الشرعي وابلتالي خرق قاعدة وخاصية مهمة من خصائص القاعدة القانونية أأل وهي أأن‬
‫"القاعدة القانونية اجتماعية المنشأأ"؟ أأم يجب الرجوع الى الحكم من مصدره واعتبار‬
‫النص انقصا واتمامه بما يوافقه من فقه واجتهاد متفق عليه؟‬
‫كل هذه التساؤلت تشكل عائقا كبيرا في تطبيق النصوص القانونية من قانون‬
‫ا ألسرة الجزائري كما أأراد لها المشرع أأن تُط ّبق وكما يُفترض لها أأن تكون وفقا للمبادئ‬
‫القانونية العامة لس يما منها مبد أأ ل اجتهاد مع وجود نص‪ ،‬وقواعد تفسير النصوص القانونية‬
‫وطرق شرحها وغيرها من التفصيالت‪ ،‬وهو ما يفتح الباب واسعا أأمام الدعوى للسير‬
‫كما سار ا ألولون في اعداد مدونة جزائرية شرعية ل ألحوال الشخصية قد تساهم الى حد‬
‫كبير في درء العبء الواقع على كاهل القضاة وغيرهم من الهيئات والباحثين الذين يتصدون‬
‫لتفسير وشرح النصوص من قانون ا ألسرة الجزائري‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

‫مداخلة افتتاحية‬
‫‪Introductory speech‬‬
‫مجال عياشي‬
‫كلية احلقوق‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫خمرب قانون األسرة‬
‫‪Dr.DjamelAYACHI@Gmail.Com‬‬

‫نص املداخلة‪:‬‬
‫بسم اهلل الرحيم الرمحن الكريم املنان‪ ،‬واسعِ العطاء‪ ،‬العادلِ يف القضاء‪ ،‬اختار‬
‫لعباده ما يناسبُهم وهداهم ملا يَصلُح به سبيلهم‪ ،‬بأن شرع هلم أحكام معيشتهم‪،‬‬
‫فوضّح هلم املصادر وهو على كل شيء قادر‪ ،‬ثم الصالة والسالم على خري األنام‬
‫اهلادي لليت هي أقوم من األفعال واألقوال‪ ،‬سن بإذن ربه السنن‪ ،‬وبنت النواهي واألوامر‪،‬‬
‫وكان لكل خري مبادر‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فإن مصدر القإنون أسإسه الذي تُقتبس منه أحكإمه‪ ،‬التي تتضمنهإ نصوصه التشريعية‪،‬‬
‫التنفيذية والتنظيمية‪ ،‬أين تتحول تلك المإدة الولية الى نصوص مصبوغة ابللزام في حكمهإ لسلوك‬
‫الشخص المخإطب ابلقإنون‪ ،‬وهذا مإ يُصطلح على وصفه ابلمصإدر المإدية أو الصلية أو حتى‬
‫الحقيقية‪.‬‬
‫ابلرغم من اختالل قيمة الحكإم الشرعية في النصوص القإنونية المعإصرة‪ ،‬ابعتبإرهإ مصدرا‬
‫من مصإدرهإ‪ ،‬ال أن مكإنتهإ بقيت اثبتة الى حد كبير‪ ،‬خإصة في مجإل قإنون السرة‪ ،‬بمإ فيه من‬
‫قواعد منظمة للزواج ‪-‬انعقإدا وانحالل‪ -‬حتى بعد تعديل القإنون ابلمر ‪ ،50-50‬وهذا مإ سيتم‬
‫الستشهإد له قطعإ في الكثير من المداخالت التي س ُتعرض في هذا الملتقى‪.‬‬
‫ول منإص من التأكيد على هذا التوجه التشريعي الوطني من خالل الرجوع الى مجموعة‬
‫الحكإم التحضيرية المودعة لدى المجلس الشعبيي الوطني من قبل الحكومة بتإريخ‪ 02 :‬سبتمبر‬
‫‪ ،1291‬والتي ورد فيهإ مإ يلي‪:‬‬
‫"اعتمدت اللجنة في وضع هذه النصوص على المصإدر السإس ية التإلية‪:‬‬
‫‪ .1‬القرأن الكريم؛‬
‫‪ .0‬الس نة النبوية الثإبتة ثبوات مقبول عند علمإء الحديث؛‬
‫‪8‬‬

‫‪ .3‬الجمإع؛‬
‫‪ .4‬القيإس؛‬
‫‪ .0‬الجتهإد؛‬
‫‪ .6‬الفقه على المذاهب الربعة‪ ،‬وعند غير الئمة الربعة في بعض المسإئل"‬
‫كمإ تم العتمإد على جملة من القوانين العربية السالمية المقإرنة‪ ،‬من أمثإل‪:‬‬
‫‪" .1‬قإنون الحوال الشخصية السوري؛‬
‫‪ .0‬قإنون الحوال الشخصية المصري مع بعض شروحه"‪.‬‬
‫وغيرهإ من المصإدر التشريعية الخرى‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ولم يترك المشرع الجزائري نصوص قإنون السرة عُرضة في تفسيرهإ ‪-‬كلمإ كإن ذو‬
‫محل‪ -‬بمإ ل يتنإسب وبنإؤهإ الول‪ ،‬أين أحإطهإ بأحكإم الشريعة السالمية؛ سواء كإن ذلك من‬
‫حيث البنإء والنشإء أو من حيث الشرح والتفسير‪ ،‬ومن هنإ جإءت المإدة ‪ 000‬من قإنون السرة‬
‫ُمصرح فيهإ بلزوم الرجوع لحكإم الشريعة السالمية في‪" :‬كل مإ لم يرد فيه نص"‪ ،‬وهذا مإ يجعل‬
‫من الرجوع للفقه السالمي واقتبإس الحكإم الجتهإدية منه بضوابطه الموضوعية والمنهجية العلمية‪،‬‬
‫حقيق ابعتمإده كحكم قإنوني لزم‪ ،‬لس يمإ ان كإن المر متعلقإ بحكم قضإئي واجتهإد القإضي فيه‪،‬‬
‫من خالل الولوج في الراء الفقهية للظواهر القإنونية ال ُمغفلة تنظيمإ‪.‬‬
‫ثم ان مزاعم تأثر تعديل قإنون السرة ابلتفإقيإت الدولية والجمعيإت (النسوية)‪ ،‬بصفة‬
‫مطلقة َم ْوقف يحتإج الى تبرير‪ ،‬بل ان اعتمإده دون دليل مرفوض تمإمإ‪ ،‬كيف وقد جإء في عرض‬
‫مشروع القإنون المتضمن الموافقة على المر ‪ 50-50‬المعدل والمتمم للقإنون رقم ‪ 11-94‬المتضمن‬
‫قإنون السرة تأكيد المشرع الجزائري على‪..." :‬أن الشريعة السالمية مصدر من مصإدر القإنون‪،‬‬
‫واعتبرهإ مصدرا أصليإ لمسإئل الحوال الشخصية"‪.‬‬
‫المقرر أن قإنون السرة الجزائري حتى بعد تعديله ابلمر ‪ 50-50‬بقي‬ ‫كمإ جإء في تالوة ِّ‬
‫يعتمد أحكإم‪" :‬الشريعة السالمية ‪...‬ابعتبإرهإ المصدر السإسي لقإنون السرة"‪.‬‬
‫ابلرغم من ذلك‪ ،‬ال أنهإ تبقى من أكثر المسإئل التي تلحق وضع وتعديل وفهم وتفسير‬
‫أحكإم قإنون السرة تعقيدا‪ ،‬ارتبإطهإ الدائم بجملة من تلك التفإقيإت التي تُصإدق عليهإ الهيئإت‬
‫المتعإقبة فتلزم المشرع الجزائري بضبط النصوص القإنونية الداخلية بمإ يتوافق والحكإم التي تأتي‬
‫بهإ هذه التفإقيإت‪ ،‬وهذا مإ قد يشكل عإئقإ كبيرا في الس تمرار على نفس نهج احترام أحكإم‬
‫الشريعة السالمية لتعإرض جل أحكإم هذه التفإقيإت مع أحكإم الشريعة السالمية التي يدينهإ‬
‫‪9‬‬

‫الشعب الجزائري‪ ،‬ومن هنإ تكون التحفظإت أحسن ألية تُعمل لعدم احداث اضطراابت قإنونية‬
‫تعكر حسن تطبيق النصوص القإنونية على المجتمع الذي يُفترض أن تصدر معبرة عن شخصيته‪:‬‬
‫داينة‪ ،‬عرفإ‪ ،‬تقليدا‪ ،‬وفي العموم هوية‪ ،‬والشكإل يزيد حدة في كل مإ تمت المصإدقة عليه بتحفظإت‬
‫تم رفعهإ أو دونمإ تحفظإت تضمن الس يإدة الداخلية للدولة على أراضيهإ وتحإفظ على هوية المجتمع‪.‬‬
‫بنإء على ذات السس‪ ،‬ل يكون لمن يتصدى لنصوص قإنون السرة ابلتفسير والشرح‬
‫الرجوع الى الشرعة القإنونية العإمة التي تتضمنهإ أحكإم القإنون المدني‪ ،‬ال بنإء على ضوابط واجبة‬
‫الحترام‪ ،‬بحيث ل يمكنه العدول عن مقتضى نص المإدة ‪ 000‬من قإنون السرة الى اعمإل المبإدئ‬
‫القإنونية العإمة واعتمإد القإنون المدني في الشرح والتفسير‪ ،‬اذ الحإلة القإنونية لحكإم الشريعة‬
‫السالمية لزمة‪ ،‬وهو مإ يؤدي الى ضرورة تخطيي كل من يرجع لحكإم القإنون المدني دون س ند‬
‫قإنوني صريح‪ ،‬فإلرجوع للقإنون المدني لتفسير نصوص قإنون السرة ل يمكن أن يكون قإنونيإ ال‬
‫في حإل التصريح به في النص من قإنون السرة كمإ هي أحكإم المواد ‪ 96 ،93 ،90‬من ذات‬
‫القإنون مثال‪ ،‬أمإ في غيرهإ من الحكإم ل مكإن ول محل لهإ‪ ،‬ومن هنإ جإءت العديد من الخطإء‬
‫في الكثير من التفإسير القإنونية والجتهإدات القضإئية النإتجة عن مثل هذا الحيإد القإنوني الصريح‬
‫عن النص في الحإلة لحكإم الشريعة السالمية‪.‬‬
‫بعض النصوص؛ ولو ظهرت أحكإمهإ اتمة ال أن النقص ينتإبهإ في كثير منهإ‪ ،‬والتي من‬
‫أوضحهإ تمثيال نص المإدة ‪ 11‬من قإنون السرة‪ ،‬التي تظهر في صيإغتهإ كإملة‪ ،‬غير أن الرجوع‬
‫للمصإدر الفقهية المقتبس منهإ الحكم القإنوني يبين خالف ذلك‪ ،‬بل ويؤكد النقص الفإدح الذي‬
‫انتإب النص؛ ومن هنإ‪ ،‬تكون الدراية الفإئقة ابلمصإدر الفقهية للحكإم القإنونية لزمة ومطلوبة‬
‫للفصل في مدى تمإم الحكم القإنوني الوراد في النص أو نقصه‪.‬‬
‫كل هذه الشكإلت النظرية والتطبيقية تجد مجإل خصبإ لهإ للمنإقشة والتحليل في‬
‫المداخالت التي سيتم عرضهإ من قبل السإدة البإحثين في هذا الملتقى‪.‬‬
‫وتقبلوا مني أسمى التحإاي وأبلغ التقديرات‪ ،‬ورجإئي كل الرجإء أن ينإل هذا الملتقى حظه‬
‫من النجإح المعهود للتظإهرات العلمية التي يُبرمهإ مخبر قإنون السرة‪ ،‬تحت وصإية الكلية العريقة‬
‫وادارتهإ المتعإونة‪ ،‬وعلى رأسهإ الس يد العميد الس تإذ الدكتور عيسى لعالوي‪.‬‬
10 1 ‫جامعة اجلزائر‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

‫املصادر الدولية لقانون األسرة اجلزائري‬


International sources of Algerian family law
‫مريم بوغازي‬
‫ سكيكدة‬1955 ‫ أوت‬20 ‫ جامعة‬،‫خمرب النقل البحري واملوانئ يف اجلزائر‬
m.boughazi@gmail.com
:‫امللخص‬
‫تحتل المعاهدات الدولية مكانة هامة في النظام القانوني الجزائري حيث اعترف لها الدس تور ابلممو‬
‫ مما يطرح الإشكال حول مدى مالءمة التفاقيات الدولية كمصدر لقانون ا ألسرة‬،‫على القوانين الداخلية‬
‫ وعليه يهدف هذا البحث اإلى اإبراز التعديالت التي ممت قانون ا ألسرة تنفيذا لاللتزامات الدولية‬،‫الجزائري‬
‫ وقد‬.‫وتأأثير القواعد الدولية على الخصوصية القانونية والجتماعية ل ألسرة الجزائرية من خالل اتباع منهج تحليلي‬
5002 ‫خلصت الدراسة اإلى أأن التفاقيات الدولية أأسهمت بشكل كبير وواضح في تعديل قانون ا ألسرة عام‬
‫ لذلك وجب اإعادة النظر‬،‫مس جميع أأطراف العالقة الزوجية في محاولة لتحقيق المماواة التامة بين الزوجين‬
.‫في هذا القانون من جديد على ضوء أأحكام الشريعة الإسالمية‬
.‫الممو‬-‫اإدماج – التحفظ‬-‫ التفاقيات الدولية‬:‫الكلمات املفتاحية‬
Abstract :
International treaties hold an important place in the Algerian legal system,
where the constitution recognized them as superior to domestic laws, raising the
question of international treaties’ appropriateness as a source of Algerian family
law. This research, therefore, aims to highlight the amendments to the family law
in implementation of international obligations and the impact of international
rules on the legal and social privacy of the Algerian family through the analytical
approach. The study found that international treaties had contributed significantly
to amending the family law in 2005, affecting all parties of the marital relationship
to achieve full equality between the spouses. This law should therefore be reviewed
in the light of Islamic sharia provisions.
key words : international conventions- Integration- Reservation- superiority.
‫‪11‬‬

‫مقدمة املداخلة‪:‬‬
‫تعد التفاقيات الدولية أأحد مصادر القانون في الجزائر‪ ،‬وهي تحتل مكانة هامة في هرم تدرج القواعد‬
‫القانونية من حيث أأنها تممو على القوانين الوطنية بنص المادة ‪ 121‬من الدس تور‪ )1(،‬وهو ما يفرض على‬
‫المشرع الجزائري ضمان توافق النصوص القانونية الداخلية مع التفاقيات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية‬
‫من خالل تعديل ما كان منها مخالفا لتلك التفاقيات أأو اإلغائها من أأجل الوفاء ابللتزامات الدولية وتجنب قيام‬
‫ممؤولية الدولة عن أأعمال سلطتها التشريعية بناء على القانون الدولي‪ ،‬ذلك أأن التفاقيات الدولية تتمتع بقوة‬
‫اإلزامية في مواجهة الدول المصادقة عليها توجب عليها اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتطبيق أأحكام التفاقية‬
‫وإانفاذها في نظامها القانوني الداخلي بما فيها التدابير التشريعية‪.‬‬
‫تبعا لذلك فقد تم عام ‪ 5002‬تعديل قانون ا ألسرة الجزائري(‪ )2‬عقب المصادقة على اتفاقية القضاء على‬
‫جميع أأشكال التمييز ضد المر أأة (اتفاقية س يداو)(‪ )3‬وكذا التفاقية الدولية لحقوق الطفل‪ )4(،‬وهو ما أأثر بشكل‬
‫واضح على النظام القانوني الذي يحكم ا ألسرة الجزائرية خاصة أأن المعاهدات الدولية تحمل نظاما خارجيا دوليا‬
‫يمري داخل الدولة‪ ،‬مما يعني اإمكانية تنافيه مع منظومة القيم والمكوانت ا ألساس ية لهوية الشعب(‪ )5‬وتعارضه‬
‫مع الخصوصية الدينية والجتماعية للدولة التي حاولت الجزائر الحفاظ عليها في بعض جوانبها من خالل التحفظ‬
‫على بعض نصوص التفاقيتين التي تتعارض مع مبادئ المجتمع والدولة الجزائرية وعلى ر أأسها الدين الإسالمي‪،‬‬
‫غير أأن الجزائر قامت في وقت لحق بمحب تلك التحفظات اس تجابة لتوصيات الهيئات الدولية وهو ما‬

‫(‪ )1‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 521-50‬مؤرخ في ‪ 52‬محرم عام ‪ 1115‬الموافق ‪ 12‬سبتمبر س نة ‪ ،5050‬يتضمن اس تدعاء الهيئة‬
‫النتخابية لالس تفتاء المتعلق بمشروع تعديل الدس تور‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ ،21‬الم نة ‪ ،22‬الصادرة بتاريخ ‪ّ 52‬‬
‫محرم عام‬
‫‪ 1115‬ه الموافق ‪ 11‬سبتمبر س نة ‪ 2020‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬ا ألمر رقم ‪ 05-02‬المؤرخ في ‪ 12‬محرم ‪1151‬ه الموافق ‪ 52‬فبراير ‪ ،5002‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،12‬الم نة ‪ ،15‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 12‬محرم ‪ 1151‬الموافق ‪ 52‬فبراير ‪.5002‬‬
‫(‪ )3‬صادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 21/61‬مؤرخ في ‪ 5‬رمضان ‪ 1111‬الموافق ‪ 55‬يناير ‪ ،1661‬يتضمن‬
‫انضمام الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية مع التحفظ اإلى اتفاقية القضاء على جميع أأشكال التمييز ضد المر أأة لم نة‬
‫‪ ،1626‬الجريدة الرسمية العدد ‪ ،1‬الم نة ‪ ،33‬الصادرة بتاريخ ‪ 51‬يناير ‪.1661‬‬
‫(‪ )4‬صادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 111/65‬مؤرخ في ‪ 51‬جمادى الثانية ‪ 1113‬الموافق ‪ 16‬ديممبر‬
‫‪ ،1665‬يتضمن المصادقة مع التصريحات التفميرية اإلى اتفاقية حقوق الطفل التي وافقت عليها الجمعية العامة ل ألمم المتحدة‬
‫بتاريخ ‪ 50‬نوفمبر ‪ ،1626‬الجريدة الرسمية العدد ‪ ،61‬الم نة ‪ ،56‬الصادرة بتاريخ ‪ 52‬جمادى الثانية ‪ 1113‬الموافق ‪53‬‬
‫ديممبر ‪.1665‬‬
‫(‪ )5‬عمار خبابه‪" ،‬المعاهدات الدولية والتشريع الجزائري"‪ ،‬مداخلة منشورة على الموقع اللكتروني‪:‬‬
‫‪http://www.apn.dz/AR/plus-ar/actualite-speciale-ar/215-2014-05-21-11-08-43/1847-2015-05-‬‬
‫‪05-15-36-14. Consulté le 02/05/5055, 11:21.‬‬
‫‪12‬‬

‫انعكس بشكل واضح على العديد من القواعد الناظمة ل ألسرة الجزائرية والعالقة بين أأطرافها‪ ،‬مما يطرح اإشكال‬
‫جوهراي يتعلق بمدى مالءمة التفاقيات الدولية كمصدر لقانون ا ألسرة الجزائري‪.‬‬
‫بناء عليه يهدف هذا البحث اإلى اإبراز تأأثير القواعد الدولية على قانون ا ألسرة الجزائري والتعديالت‬
‫التي ممت نصوصه تنفيذا لالتفاقيات الدولية المارية في هذا المجال والتي صادقت عليها الجزائر وكذا‬
‫انعكاسات تلك التعديالت على الخصوصية القانونية والجتماعية ل ألسرة الجزائرية من خالل اتباع منهج تحليلي‪.‬‬
‫ل إالجابة عن الإشكالية المطروحة وتحقيق أأهداف هذه الورقة البحثية‪ ،‬وجب تحديد مكانة التفاقيات‬
‫الدولية في النظام القانوني الجزائري ( أأول) ثم اإبراز دور هذه التفاقيات في تعديل قانون ا ألسرة الجزائري‬
‫(اثنيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مكانة االتفاقيات الدولية يف النظام القانوني اجلزائري‬

‫تتدرج المصادر القانونية في الجزائر في شكل هرمي ل يخلو من اإشكالت قانونية كونه يفرض سمو‬
‫بعض القواعد القانونية على أأخرى‪ ،‬ويمري هذا التدرج على التفاقيات الدولية التي تحتل مكانة وسطا بين‬
‫الدس تور والقانون‪ ،‬لكنها ل تصبح انفذة في النظام القانوني الداخلي اإل بعد اإدماجها عن طريق اإجراءات يحددها‬
‫الدس تور الذي يعترف لها ابلممو على القانون بعد استيفاء هذه الإجراءات‪ ،‬اإل أأن الحفاظ على س يادة الدولة‬
‫ومبد أأ سمو الدس تور أأوجب وجود ضماانت للحفاظ على الخصوصية الوطنية عند تنفيذ التفاقيات الدولية‪.‬‬

‫‪ /1‬نفاذ االتفاقيات الدولية يف النظام القانوني الداخلي‬

‫تتمتع التفاقيات الدولية بقوة اإلزامية في مواجهة الدول المصادقة عليها التي تلتزم ابتخاذ كافة التدابير‬
‫الالزمة لضمان نفاذ أأحكامها في نظامها القانوني الداخلي‪ ،‬وهو ما يتطلب اإدماج هذه التفاقيات وفقا لشروط‬
‫و أأساليب تختلف من دولة اإلى أأخرى كما يفرض الوفاء ابللتزامات التفاقية العتراف لها اب ألولوية في حال‬
‫تعارض نصوصها مع قواعد القانون الداخلي‪.‬‬

‫أ‪ /‬إدماج االتفاقيات الدولية يف النظام القانوني الداخلي‬

‫اإن اإدخال معاهدة ما في النظام القانوني الداخلي لدولة ما يعني تمكين المعاهدة من أأن تصبح قانوان‬
‫ملزما لجميع أأجهزة الدولة‪ ،‬واذا كان القانون الدولي قد ترك للدول حرية اختيار الطريقة التي بواسطتها تعكس‬
‫التزامات المعاهدة في تشريعاتها الداخلية‪ ،‬فاإنه ينبغي توافر مجموعة من الشروط لنفاذ المعاهدة أأهمها التصديق‬
‫‪13‬‬

‫على المعاهدة ونشرها وفق ا ألصول المعمول بها داخل كل دولة‪ )6(،‬حيث تتمتع الدول بحرية اختيار أأسلوب‬
‫اإدماج التفاقيات الدولية في نظامها القانوني الداخلي ذلك أأن القانون الدولي يترك لها هامشا تقديراي واسعا في هذا‬
‫المجال ويفرض عليها التزاما بتحقيق نتيجة يتمثل في الوفاء ابللتزامات الدولية دون تحديد وسائل معينة لذلك‪.‬‬
‫وقد ظهرت في هذا المجال عدة نظرايت حول العالقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي‪ ،‬أأهمها‬
‫مذهبان أأساس يان هما مذهب ثنائية القانون الذي يتطلب اتخاذ اإجراءات خاصة لإدماج التفاقيات الدولية في‬
‫القانون الداخلي ويكون ذلك غالبا بموجب قانون خاص كما هو الحال في بريطانيا مثال‪ ،‬ومذهب وحدة القانون‬
‫الذي يعتبر كال من القانون الدولي والداخلي كياان واحدا ضمن كتلة قانونية واحدة تتدرج في القوة‪ ،‬مع اإعطاء‬
‫ا ألولوية في التطبيق للقانون الدولي‪ ،‬وابلتالي فالمعاهدة بمجرد المصادقة عليها تصبح أأحد مصادر القانون الداخلي‬
‫وجزء من قواعده دونما حاجة لإجراءات شكلية أأخرى تجعلها كذلك وهو المذهب الذي أأخذ به الدس تور‬
‫الجزائري‪.‬‬
‫وتعود صالحية اإبرام المعاهدات الدولية والمصادقة عليها في الجزائر لرئيس الجمهورية طبقا للفقرة ‪15‬‬
‫من المادة ‪ 61‬من الدس تور الجزائري‪ ،‬غير أأنه وابلنظر لطبيعة بعض المعاهدات وأاثرها فقد نص الدس تور على‬
‫ضرورة موافقة كل غرفة من غرف البرلمان صراحة على هذا النوع من المعاهدات وهي تتمثل في اتفاقيات الهدنة‪،‬‬
‫الملم والتحالف والتحاد‪ ،‬والمعاهدات المتعلقة بحدود ال ّدولة‪ ،‬والمعاهدات المتعلقة بقانون‬ ‫ومعاهدات ّ‬
‫ا ألشخاص‪ ،‬والمعاهدات التي تترتب عليها نفقات غير واردة في ميزانية ال ّدولة والتفاقات الثنائية أأو المتعددة‬
‫ا ألطراف المتعلقة بمناطق التبادل الحر والشراكة وابلتكامل القتصادي‪)7(.‬‬
‫ّ‬
‫اإضافة اإلى التصديق فاإن من أأهم اللتزامات التي تتكفل بها الملطة التنفيذية ما يتعلق بنشر المعاهدة‬
‫والمرسوم المتضمن المصادقة عليها في الجريدة الرسمية حتى يتم نى للجميع الحتجاج بها أأمام القضاء‪ ،‬وليس‬
‫ذلك لعتباره شرطا دس توراي لإعمال أأحكام المعاهدة وطنيا‪ ،‬بقدر ما هو ضرورة عملية تطبيقية‪ ،‬ذلك أأن‬
‫المؤسس الدس توري لم يشترط نشر المعاهدات لإقرار مبد أأ سمو المعاهدات على القانون حمب المادة ‪121‬‬
‫من الدس تور التي تقضي بأأن "المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية‪ ،‬حمب الشروط المنصوص‬
‫عليها في الدس تور‪ ،‬تممو على القانون"‪)8(.‬‬

‫حيث يعتبر النشر اإجراء هاما في مجال العلم ابلقوانين الداخلية والمعاهدات الدولية على حد سواء‪،‬‬
‫فال يجبر أأحد على احترام أأوتنفيذ قاعدة قانونية لم يتم الإعالن عنها بنشرها‪ ،‬رغم أأن الدس تور الجزائري لم‬

‫(‪ )6‬علي أأبو هاني‪" ،‬مشكلة نفاذ المعاهدات الدولية في القوانين الداخلية"‪ ،‬في‪ :‬مجلة البحوث والدراسات العلمية‪ ،‬المجلد‬
‫الثالث‪ ،‬العدد ا ألول‪ ،‬جامعة يحيىى فارس المدية‪ ،5006 ،‬ص ‪.506‬‬
‫(‪ )7‬المادة ‪ 123‬من التعديل الدس توري لعام ‪.5050‬‬
‫(‪ )8‬س بع زاين‪" ،‬مكانة المعاهدات الدولية ضمن مبد أأ تدرج القوانين في النظام الدس توري الجزائري"‪ ،‬في‪ :‬مجلة الحقوق‬
‫والعلوم الإنمانية‪ ،‬المجلد التاسع‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬جامعة زاين عاشور الجلفة‪ ،5011 ،‬ص ‪.516‬‬
‫‪14‬‬

‫يشترط صراحة اإجراء النشر لمراين التفاقيات الدولية‪ ،‬اإل أأن المجلس الدس توري تطرق لهذه الممأألة بأأن‬
‫أأشار اإليها في القرار الصادر بتاريخ ‪ 20‬أأوت ‪ 1989‬والذي جاء فيه "اعتبارا أأنه بعد المصادقة على كل اتفاقية‬
‫وفور نشرها فاإنها تندرج ضمن القانون الوطني‪ ،‬وتكتمب تطبيقا للمادة ‪ 132‬من الدس تور سلطة تممو على‬
‫سلطة القوانين‪ ،‬وتممح بذلك لكل مواطن جزائري ابلتذرع بها أأمام الجهات القضائية"‪ )9(،‬اإل أأن الواقع العملي‬
‫يثبت أأنه ل يتم نشر المعاهدات الدولية وإانما وثيقة التصديق او النضمام أأو الموافقة عليها فقط‪.‬‬
‫بناء على ما تقدم تصبح المعاهدات جزء من القانون الداخلي منذ المصادقة عليها على اعتبار أأن‬
‫الدس تور الجزائري ل يشترط حتى اإجراء النشر اإذ بمجرد المصادقة عليها تكتمب التفاقية الدولية قوة قانونية‬
‫أأسمى من القانون الداخلي‪ ،‬اإذ يتوجب على كافة سلطات الدولة احترامها و أأخذها بعين العتبار في كافة‬
‫نشاطاتها خاصة فيما يتعلق ابتفاقيات حقوق الإنمان التي تتمتع بأأثر مباشر يجعلها تمري في مواجهة سلطات‬
‫الدولة منذ المصادقة عليها‪ ،‬اإل أأن علم ا ألفراد ابلتفاقية وحقهم في الحتجاج بها أأمام القاضي الوطني ل ينشأأ اإل‬
‫من اتريخ نشرها في الجريدة الرسمية أأو نشر وثيقة المصادقة عليها‪.‬‬

‫ب‪ /‬مسو االتفاقيات الدولية على القانون الداخلي‬

‫يعتبر مبد أأ تدرج القواعد القانونية أأداة لدفع التعارض بين أأحكام التفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية‬
‫سواء كان هذا التعارض صريحا أأو ضمنيا(‪ )10‬وبناء على هذا التدرج فاإن التفاقيات الدولية تممو على القانون‬
‫الداخلي الذي يجب أأن يكون متوافقا مع القواعد التفاقية‪ ،‬وقد احتلت المعاهدة الدولية مكانتها المتميزة ابعتبار‬
‫أأنها حال صيرورتها انفذة وفقا لإجراءات دولية ودس تورية‪ ،‬تصبح ملزمة تجاه أأطرافها ومن مظاهر هذا اللتزام‬
‫أأن تكون جزء من القانون الداخلي لكل دولة‪ ،‬ول يمكن لها الحتجاج بقانونها الداخلي للتنصل من هذه‬
‫اللتزامات أأو اعتباره مبررا لعدم وفائها بها‪ ،‬وهو ما يقتضيه مبد أأ حمن النية في تنفيذ المعاهدات الدولية‪)11(،‬‬

‫خاصة اإذا تضمنت هذه ا ألخيرة نصوصا تلزم الدول ابتخاذ تدابير تشريعية لإنفاذ نصوصها أأو جعل قوانينها‬
‫الداخلية متوافقة مع التفاقية ‪-‬وهو الحال في اتفاقية س يداو واتفاقية حقوق الطفل‪ -‬وإال قامت ممؤوليتها الدولية‬
‫بمبب عدم الوفاء ابلتزاماتها التعاقدية‪.‬‬

‫(‪ )9‬رابح سعاد‪ ،‬الجزائر والقانون الدولي لحقوق الإنمان‪ ،‬أأطروحة لنيل شهادة دكتوراه‪ ،‬جامعة أأبو بكر بلقايد تلممان‪-5011 ،‬‬
‫‪ ،5012‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ )10‬س بع زاين‪ ،‬المرجع المابق‪ ،‬ص ‪.513‬‬
‫(‪ )11‬المرجع نفمه‪ ،‬ص ‪.513‬‬
‫‪15‬‬

‫يقصد بمبد أأ سمو المعاهدات الدولية أأن كل التفاقيات الّتي تم اإدراجها في النظام القانوني للدولة‪ ،‬عن‬
‫طريق اإقرارها والمصادقة عليها قانوان أأو عن طريق النضمام اإليها‪ ،‬تصبح جزءا من التشريع‪ ،‬بل تكتمب ابسم‬
‫الدس تور قيمة قانونية أأعلى من تلك الممنوحة للتشريعات الوطنية‪)12( .‬‬

‫ففي حال تعارض القانون الداخلي مع التفاقية وجب تغليب هذه ا ألخيرة واستبعاد القانون الداخلي أأاي‬
‫كانت طريقة اإدماج التفاقية في النظام القانوني الداخلي‪ ،‬حيث يعتبر عدم الوفاء ابللتزامات التعاهدية الدولية‬
‫عمال غير مشروع يرتب ممؤولية الدولة عند ثبوته‪ ،‬ومن تمام الوفاء ابللتزامات التعاهدية خضوع القانون‬
‫الداخلي ألحكام هذه اللتزامات‪ ،‬وليس للدولة أأن تبرر عدم التزامها أأو الإخالل به أأو التقاعس في تنفيذه‬
‫بوجود قانون داخلي يفرض ذلك‪ ،‬وهو ما أأكدته المادة ‪ 52‬من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات التي نصت على‬
‫أأنه "ل يجوز لطرف في معاهدة أأن يحتج بنصوص قانونه الداخلي كمبرر لإخفاقه في تنفيذ المعاهدة"‪ ،‬وابلتالي‬
‫يقع على عاتق الملطة التشريعية العمل على تعديل النصوص القانونية المخالفة لالتفاقيات الدولية النافذة في‬
‫الجزائر‪ ،‬أأو سن تشريعات لتطبيق أأحكامها اإن لم تكن موجودة‪)13(.‬‬

‫‪ /5‬ضمانات احرتام اخلصوصية الوطنية‬

‫ابلنظر اإلى عالمية نصوص التفاقيات الدولية التي تتضمن أأحكاما واحدة تمري في مواجهة جميع الدول‬
‫ا ألطراف على اختالف دايانتها وس ياساتها التشريعية وهويتها الجتماعية كان لزاما ضمان احترام خصوصية كل‬
‫دولة ومبادئها الدس تورية‪ ،‬لذلك فقد أأجازت أأغلب التفاقيات الدولية التحفظ على نصوصها وفقا لشروط‬
‫وإاجراءات تكفل احترام س يادة الدولة من جهة واللتزام ابلمتثال ألحكامها من جهة أأخرى‪ ،‬كما أأن سمو‬
‫القواعد الدس تورية على التفاقيات الدولية أأسفر عن إانشاء أليات للرقابة على دس تورية المعاهدات الدولية‪.‬‬

‫أ‪ /‬التحفظ على االتفاقيات الدولية‬

‫التحفظ هو اإعالن من جانب واحد‪ ،‬أأاي كانت صيغته أأو تمميته‪ ،‬تصدره دولة ما عند توقيعها أأو‬
‫تصديقها أأو قبولها أأو اإقرارها أأو انضمامها اإلى معاهدة‪ ،‬مم تهدفة به استبعاد أأو تغيير ا ألثر القانوني لبعض أأحكام‬
‫المعاهدة من حيث سراينها على تلك الدولة‪ )14(،‬على أأن ل يكون التحفظ منافيا لموضوع التفاقية وغرضها‪)15( .‬‬

‫(‪ )12‬رابح سعاد‪ ،‬المرجع المابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬


‫(‪ )13‬س بع زاين‪ ،‬المرجع المابق‪ ،‬ص ‪.513‬‬
‫(‪ )14‬البند د من الفقرة ا ألولى من المادة ‪ 2‬من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات‪ ،‬المعتمدة من قبل مؤتمر ا ألمم المتحدة بشأأن‬
‫قانون المعاهدات المنعقد في الفترة من ‪ 6‬نيمان‪/‬ابريل اإلى ‪ 55‬أاير‪/‬مايو ‪ ،1969‬عرضت للتوقيع في ‪ 53‬أأاير‪/‬مايو ‪،1616‬‬
‫ودخلت حيز النفاذ في ‪ 52‬كانون الثاني‪/‬يناير ‪.1620‬‬
‫(‪ )15‬الفقرة ج من المادة ‪ 16‬من التفاقية نفمها‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫فالهدف من التحفظ هو تشجيع الدول على المصادقة على التفاقيات الدولية شرط أأن ل يتعارض هذا‬
‫التحفظ مع موضوع التفاقية وهدفها‪ ،‬خاصة اإذا تضمنت التفاقية مبادئ و أأفكار تتعارض مع القواعد الثابتة في‬
‫ا ألنظمة القانونية للدول‪ ،‬حيث يتمثل المبب الرئيمي للتحفظات التي تبديها الجزائر على بعض أأحكام التفاقيات‬
‫الدولي ّة الخاصة بحقوق النمان‪ ،‬هو أأن مضمون بعض المواد قد يكون مخالفا للمبادئ ا ألساس ية للنظام القانوني‬
‫الجزائري‪ ،‬ويقصد بذلك المبادئ العامة المنظمة للمجتمع الجزائري المنصوص عليها في الدس تور‪ ،‬والمتمثلة‬
‫أأساسا في أأحكام المادة الثانية منه التي تنص على أأن "الإسالم دين الدولة الجزائرية"‪ ،‬وعلى اعتبار أأن الإسالم‬
‫دين الدولة‪ ،‬من المفروض أأن تكون القوانين موافقة ألحكام الشريعة الإسالمية‪ ،‬و أأهمها قانون ا ألحوال‬
‫الشخصية‪ ،‬وهو المجال الذي تبني عليه الدول الغربية انتقادها للدول الإسالمية في مجال حقوق الإنمان‪)16(.‬‬

‫لذلك تعد اتفاقية س يداو أأكثر التفاقيات الدولية التي تم التحفظ على نصوصها‪ )17(،‬خاصة المادة ‪11‬‬
‫منها المتعلقة ابلمماواة بين الجنمين في كافة الممائل المتعلقة ابلزواج والعالقات ا ألسرية‪ )18(،‬ويتمحور سبب‬
‫تلك التحفظات حول تبريرين رئيم يين هما التعارض مع القوانين الداخلية ومخالفة الشريعة الإسالمية‪ )19(،‬ذلك‬
‫أأن التفاقية لم تراع الخصوصيات العقائدية والدينية والإيديولوجية للدول المصادقة عليها‪ ،‬خاصة العربية‬
‫والإسالمية وحتى الغربية‪ ،‬فقد وضعت جملة من المبادئ والمعايير التي ل تتالءم مع الختالفات الفطرية‬
‫والطبيعية بين الرجل والمر أأة محاولة توحيد ا ألنظمة القانونية الداخلية حول نظرة جديدة فيما يتعلق بتنظيم‬
‫العالقة بين الرجل والمر أأة وهو ما جعل الدول تحافظ على خصوصيتها وس يادتها الوطنية من خالل التحفظ‬
‫على النصوص التي تمس بها أأو تخالفها‪ ،‬فقد تحفظت الجزائر على أأربع مواد من التفاقية هي المادة ‪،5/6 ،5‬‬

‫(‪ )16‬رابح سعاد‪ ،‬المرجع المابق‪ ،‬ص ‪ .52‬نقال عن‪ :‬كمال شطاب‪ ،‬حقوق الإنمان في الجزائر بين الحقيقة الدس تورية والواقع‬
‫المفقود‪ ،‬دار الخلدونية للنشر والتوزيع ‪،‬الجزائر ‪ ،2005،‬ص ‪.110‬‬
‫(‪ )17‬قامت المعودية بتحفظ عام على كافة نصوص التفاقية التي تتعارض مع الشريعة الإسالمية‪.‬‬
‫(‪ )18‬أأكدت اللجنة المعنية ابلقضاء على التمييز ضد المر أأة أأن التحفظ على المادتين ‪ 5‬و‪ 11‬يتعارض مع الغرض من التفاقية‬
‫ومقصدها‪ ،‬وابلتالي فهو غير جائز بموجب الفقرة ‪ 5‬من المادة ‪ 52‬من التفاقية‪ ،‬كما دعت الجزائر وكافة الدول اإلى سحب‬
‫تحفظاتها على نصوص التفاقية لضمان تطبيق فعلي لنصوصها وتجم يد كامل للمماواة بين الرجل والمر أأة‪ .‬انظر‪ :‬اللجنة المعنية‬
‫ابلقضاء على التمييز ضد المر أأة‪ ،‬المالحظات الختامية للجنة المعنية ابلقضاء على التمييز ضد المر أأة‪ ،‬الوثيقة رقم‬
‫‪ ،CEDAW/C/DZA/CO/3-4‬الدورة الحادية والخممون‪ 13 ،‬ش باط‪/‬فبراير‪ 5-‬أذار‪/‬مارس ‪ ،5015‬ص ‪.05‬‬
‫(‪ )19‬تجدر الإشارة اإلى أأن الولايت المتحدة ا ألمريكية رغم أأنها دولة غربية ل دينية لم تصادق على التفاقية حيث اعتبر‬
‫الكونغرس ا ألمريكى تلك التفاقية نوعا من التدخل في الشؤون الداخلية للولايت المتحدة ا ألمريكية‪ ،‬كما اعتبر أأن قضااي‬
‫ا ألحوال الشخصية ومنها تحديد النمل شأأن شخصي ل ينبغي للقوانين أأن تحكمه‪ ،‬وعلق انئب في الكونغرس ا ألمريكي أأن‬
‫اتفاقية س يداو مدمرة للمجتمع وتقضي على الترابط ا ألسري ألي دولة توقع على بنودها‪ .‬انظر‪ :‬مشاعل حلفان عبد الله أل‬
‫عايش‪ ،‬الأثر العقدي والفكري على المر أأة المملمة من اتفاقية الم يداو‪ ،‬رسالة ماجم تير‪ ،‬كلية الشريعة و أأصول الدين‪ ،‬جامعة‬
‫الملك خالد‪ ،‬المملكة العربية المعودية‪ ،5012 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪17‬‬

‫‪ 1/12‬و المادة ‪ 11‬بمبب تعارضها مع القانون الداخلي‪ )20(،‬وعليه فاإن هذه التحفظات تنتهىي بتعديل القانون‬
‫الداخلي‪.‬‬
‫وقد أأوضحت لجنة القضاء على التمييز ضد المر أأة أأن التحفظ على بعض نصوص التفاقية بدافع الحفاظ‬
‫على الموروث الديني أأو الثقافي أأو التممك اب ألعراف والتقاليد من شأأنه تكريس عدم المماواة بين الرجل‬
‫والمر أأة‪ ،‬واعتبرت أأن هذه التحفظات تضعف فعالية التفاقية وتعرقل عمل اللجنة تمس بجوهر وروح التفاقية‬
‫حيث تحرم المر أأة من الحماية التي توفرها التفاقية‪ ،‬ودعت الجزائر اإلى مواصلة جهودها وسحب تحفظاتها على‬
‫التفاقية‪ )21( ،‬كما أأبدت منظمة العفو الدولية قلقها بشأأن الاثر المترتبة عن التحفظات حيث ر أأت أأن معظمها‬
‫يتعارض مع هدف التفاقية المتمثل في اإلغاء التمييز و أأن البقاء على تلك التحفظات يقوض اإمكانية تمتع المر أأة‬
‫ابلحماية وممارسة الحقوق المقررة لها‪ ،‬لذلك فقد دعت الدول اإلى رفع جميع تحفظاتها على التفاقية لضمان‬
‫الوفاء ابلتزاماتها ا ألساس ية‪)22( .‬‬

‫كما تحفظت الجزائر كغيرها من الدول العربية على المادة ‪ 13‬المتعلقة بحرية الطفل وحقه في التعبير‪،‬‬
‫والمادة ‪ 14‬المتعلّقة بحرية الفكر والوجدان والدين‪ ،‬والمادة ‪ 11‬المتعلقة بحماية الطفل من التدخل التّعمفي‬
‫والالشرعي في حياته الخاصة‪ ،‬والمادة ‪ 17‬المتعلقة بتمكين الطفل من الوصول اإلى الإعالم ووسائل التربية‬
‫المختلفة‪ ،‬وقد أأرفقت الحكومة الجزائرية وثيقة التصديق على معاهدة حقوق الطفل بمجموعة من الإعالانت‬
‫التفميرية‪ ،‬حيث تعلق الإعالن التفميري ا ألول ابلفقرتين ا ألولى والثانية من المادة ‪ ،14‬اإذ اعتبر هذا الإعالن‬
‫ابلمقومات ا ألساس ية للنظام القانوني‬
‫أأن حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين ليس مطلقا‪ ،‬وإانما مقيّد ّ‬
‫الجزائري‪ ،‬والتي تفمر مع ا ألخذ بعين العتبار نص المادة الثانية من الدس تور والتي مضمونها أأن الإسالم دين‬
‫الدولة‪ ،‬كما أأن ّ حرية الر أأي والمعتقد ل يمكن المماس بها وهو ما ينص عليه الدس تور ابلإضافة اإلى قانون‬
‫ا ألسرة الذي ينص على أأن تربية الطفل تتم وفقا لدين أأبيه‪ ،‬بحيث أأّن اللتزامات الواردة في هذه المادة سوف‬
‫تفمر ابلتوافق مع النظم القانونية الجزائرية وخاصة الدس تور الذي ينص على أأن دين الدولة هو الإسالم‪ ،‬أأما‬
‫الإعالن التفميري الثاني فقد خص المواد ‪ 13-16‬و‪ 12‬سالفة الذكر التي ّنصت على حرية التعبير‪ ،‬وحماية‬

‫(‪ )20‬كان ا ألجدر أأن تمتند الجزائر في تحفظاتها على تعارض أأحكام تلك النصوص مع الشريعة الإسالمية ذلك أأن التذرع‬
‫ابلقانون الداخلي لعدم تنفيذ اللتزامات الدولية غير جائز بموجب نص المادة ‪ 52‬من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات‪.‬‬
‫(‪ )21‬تقرير اللجنة المعنية ابلقضاء على التمييز ضد المر أأة‪ ،‬الوثيقة ‪ ،A/53/38/Rev.1‬الجمعية العامة ل ألمم المتحدة‪ ،‬الدورة‬
‫‪ ،23‬نيويورك‪ ،1662 ،‬ص ص ‪.23-22‬‬
‫(‪ )22‬منظمة العفو الدولية‪ ،‬التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أأشكال التمييز ضد المر أأة‪ :‬تقويض حماية المر أأة من العنف‬
‫في الشرق الأوسط وشمال افريقيا‪ ،‬الوثيقة رقم ‪ ،5001/11/3 ،IOR 51/009/2004‬ص ‪ .01‬منشورة على الموقع‬
‫الإلكتروني‪:‬‬
‫‪http://alnamaa.org/2018/12/10/2033/. Consulté le 22/08/2019, 16:30.‬‬
‫‪18‬‬

‫الطفل من أأي مماس بممعته وشرفه‪ ،‬وتمكين الطفل من الحصول على المعلومات والمواد من كافة المصادر‪،‬‬
‫العتبار‬ ‫بعين‬ ‫ا ألخذ‬ ‫مع‬ ‫تطبق‬ ‫بحيث‬
‫مصلحة الطفل والحاجة اإلى حمايته‪ ،‬وفي هذا الإطار سوف تفمر الحكومة اللتزامات الواردة في هذه المواد‬
‫واضعة في اعتبارها القانون الوطني‪)23( .‬‬

‫ب‪ /‬الرقابة على دستورية املعاهدات الدولية‬


‫تهدف الرقابة الدس تورية اإلى احترام مبد أأ التململ الهرمي لإلزامية النصوص القانونية وذلك ضماان‬
‫للشرعية‪ ،‬فهىي من أأهم مظاهر أأولوية القـاعدة القـانونية‪ )24(،‬كما يشكل محور الرقابة على دس تورية القوانين‬
‫والمعاهدات ابعتباره يرتكز على مبد أأ دس توري هام هو مبد أأ سمو الدس تور ويشكل جوهره احترام القانون‬
‫ا ألدنى للقانون ا ألعلى وعدم تجاوزه أأو مخالفته‪ )25(،‬حيث تخضع المعاهدات الدولية لرقابة قبلية على دس تورية‬
‫التفاقيات الدولية قبل المصادقة عليها لإقرار موافقتها للدس تور من عدمها‪ ،‬وقد كانت هذه المهمة موكولة للمجلس‬
‫الدس توري اإل أأن التعديل الدس توري لعام ‪ 5050‬عهد بها للمحكمة الدس تورية التي يمكن اإخطارها بشأأن‬
‫دس تورية المعاهدات قبل التصديق عليها‪ ،‬وتفصل فيها بموجب قرار‪)26( .‬‬

‫اإن طبيعة بعض المعاهدات الدولية وأاثر بعضها الخر قد يجعلها تنعكس على القوانين الوطنية وكذلك‬
‫على اختصاصات الملطة التشريعية‪ ،‬هذا ما يفمر وجوب الموافقة الصريحة لغرفتي البرلمان كل على حدة على‬
‫هذا النوع من المعاهدات‪ )27(،‬اإل أأنه يم توجب أأيضا ضمان توافق هذه المعاهدات مع الدس تور‪ ،‬خاصة أأن‬
‫الرقابة على دس تورية المعاهدات أأصبحت رقابة جوازية وليمت وجوبية على عكس ما كان عليه الحال قبل‬
‫التعديل الدس توري لم يوضح ا ألثر القانوني المترتب عن عدم دس تورية المعاهدة بعد التصديق عليها في حال‬
‫لم يتم اإخطار المحكمة الدس تورية بها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور االتفاقيات الدولية يف تعديل قانون األسرة اجلزائري‬

‫(‪ )23‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 111/65‬المتضمن المصادقة مع التصريحات التفميرية اإلى اتفاقية حقوق الطفل‪.‬‬
‫(‪ )24‬محمد بوسلطان‪" ،‬الرقابة على دس تورية المعاهدات في الجزائر"‪ ،‬في‪ :‬مجلة المجلس الدس توري‪ ،‬العدد ا ألول‪،5013 ،‬‬
‫ص ‪ .01‬مقال منشور على الموقع الكتروني‪:‬‬
‫‪https://constitutionnet.org/sites/default/files/constitutional_council_journal_vol.1_2013.pd‬‬
‫‪f. Consulté le 06/05/5055, 20:39.‬‬
‫(‪ )25‬س بع زاين‪ ،‬المرجع المابق‪ ،‬ص ‪.513‬‬
‫(‪ )26‬المادة ‪ 160‬من التعديل الدس توري لعام ‪.5050‬‬
‫(‪ )27‬محمد بوسلطان‪ ،‬المرجع المابق‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪19‬‬

‫لقد كان لالتفاقيات الدولية ابلغ ا ألثر في تعديل نصوص قانون ا ألسرة عام ‪ ،5002‬فقد قامت الجزائر‪،‬‬
‫رغم التحفظات التي أأبدتها على بعض بنود اتفاقتي س يداو وحقوق الطفل‪ ،‬بتعديل العديد من نصوص هذا‬
‫القانون امتثال للتزاماتها المقررة في التفاقية وهو ما انعكس جليا على ا ألحكام المتعلقة ابلزواج وأاثره‪.‬‬

‫‪ /1‬التعديالت املتعلقة بالرابطة الزوجية‬

‫من أأهم التعديالت التي ممت قانون ا ألسرة تنفيذا لالتفاقيات الدولية تعزيز الحقوق المعترف بها للمر أأة‬
‫ومحاولة جعلها مماوية لحقوق الرجل وإاعادة توزيع ا ألدوار ووظائف كل طرف داخل ا ألسرة‪ ،‬وقد تجلى ذلك‬
‫أأساسا في العتراف للمر أأة بحقوق جديدة وتوس يع نطاق حقوقها التي كانت مقررة لها‪ ،‬كل ذلك على حماب‬
‫المركز القانوني للرجل في محاولة لتحقيق المماواة التامة بين الزوجين‪.‬‬

‫أ‪ /‬توحيد سن الزواج بني الرجل واملرأة‬

‫كانت المادة ‪ 7‬من قانون ا ألسرة لعام ‪ )28(،1621‬أأي قبل التعديل‪ ،‬تنص على أأ ّن أأهلية الرجل في‬
‫الزواج تكتمل بتمام ‪ 21‬عاما والمر أأة بتمام ‪ 18‬عاما‪ ،‬وهذه المادة كانت ضمن ا ألس باب التي جعلت قانون‬
‫ا ألسرة يتعرض للكثير من النقد‪ ،‬ابعتباره خلق نوعا من التمييز بين المر أأة والرجل‪ ،‬اإضافة اإلى أأنه كان يتناقض‬
‫مع العديد من المواد المتعلقة اب ألهلية في التشريع الجزائري‪ ،‬وعلى ر أأسها المادة ‪ 10‬من القانون المدني‪ ،‬وهو ما‬
‫سن الزواج بين الرجل والمر أأة لتحقيق المماواة بينهما‪ ،‬ولتالفي‬ ‫دفع المشرع اإلى تعديلها من خالل توحيد ّ‬
‫وسن الرشد المدني‪ )29(،‬حيث جاء في المادة ‪ 2‬بعد تعديلها أأن "تكتمل‬ ‫سن الزواج ّ‬ ‫الختالف الموجود بين ّ‬
‫أأهلية الرجل والمر أأة في الزواج بتمام ‪ 19‬عام ًا‪."... ،‬‬

‫ب‪ /‬املساواة يف حق إبرام عقد الزواج‬

‫أأاثرت ممأألة الولية في الزواج جد ًل كبير ًا‪ ،‬نتج عنه تعديل أأحكامها في قانون ا ألسرة حيث أأقر المشرع‬
‫الجزائري حق المر أأة الراشدة في ابرام عقد زواجها بنفمها في حضور وليها‪ ،‬وابلتالي فقد أألغى الولي كركن في‬
‫عقد الزواج‪ ،‬وهو ما تؤكدة المادة ‪ 6‬التي حصرت أأركان الزواج في تبادل رضا الزوج وحذفت الولي والشاهدين‬

‫(‪ )28‬قانون رقم ‪ 11-21‬مؤرخ في ‪ 06‬رمضان ‪ 1101‬الموافق ‪ 06‬يونيو ‪ ،1621‬المتضمن قانون ا ألسرة المعدل والمتمم‪.‬‬
‫(‪ )29‬نم يمة أأمال حيفري‪ ،‬المركز القانوني للمر أأة في ظل التعديالت المم تحدثة في قانون الأسرة الجزائري‪ ،‬حفرايت‪ ،‬مركز‬
‫دال ل ألبحاث والإنتاج الإعالمي‪ ،‬مصر‪ ،5012 ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪20‬‬

‫والصداق‪ ،‬كما أأن المشرع ترك للمر أأة حرية اختياره وابلتالي فقد يكون ا ألب أأو أأي شخص أخر حتى لو كان‬
‫أأجنبيا عنها‪)30( .‬‬

‫المشرع الجزائري من خالل التعديل الجديد في ممأألة ولية المر أأة في الزواج اإلى‬ ‫وابلتالي فقد اتجه ّ‬
‫اعتبار الولي في عقد الزواج أأمر ًا شكلي ًا فقط‪ ،‬فالمر أأة البالغة يمكن لها أأن تختار أأ ّي شخص يتولى عقد زواجها‪،‬‬
‫كما يمكن لها أأن تباشر عقد زواجها بنفمها متى بلغت سن الرشد شأأنها في ذلك شأأن الرجل‪)31( .‬‬
‫ّ‬
‫والجدير ابلذكر أأنه رغم هذا التعديل القانوني فاإن العرف الجتماعي لم يتغير اإذ مازال مباشرة المر أأة عقد‬
‫زواجها بنفمها‪ ،‬والس تغناء عن وليها أأمرا غير مقبول وغريبا عن قيم المجتمع‪.‬‬
‫اإضافة اإلى ما س بق فقد تم تعديل المادة ‪ 31‬من قانون ا ألسرة من خالل حذف الفقرة ا ألولى منها التي‬
‫كانت تنص على عدم جواز زواج المملمة بغير المملم‪ ،‬وهو ما يترتب عنه المماح للمر أأة المملمة ابلزواج‬
‫من غير المملم من ابب التماوي مع الرجل‪ ،‬الذي له الحق فى الزواج بكتابية‪ ،‬تطبيقا للمادة ‪ 11‬من اتفاقية‬
‫س يداو وفي ذلك دون شك مخالفة صارخة ألحكام الشريعة الإسالمية‪.‬‬
‫ج‪ /‬تقييد حق الزوج يف التعدد‬

‫وضع تعديل المادة ‪ 2‬من قانون ا ألسرة (‪ )32‬شروطا وإاجراءات جديدة في حال رغب الزوج ابلتعدد‪،‬‬
‫تتمثل أأساسا في موافقة الزوجتين المابقة والالحقة ووجود المبرر الشرعي وكذا الحصول على ترخيص من‬
‫رئيس المحكمة‪ ،‬وابلتالي فقد جعل ممارسة الزوج حقه في التعدد مرهوان بموافقة الزوجتين وكذا ترخيص‬
‫المشرع الجزائري حين قام بتعديل قانون ا ألسرة في سبيل تحقيق‬
‫رئيس المحكمة له بهذا الزواج‪ ،‬وبذلك فاإن ّ‬
‫حماية أأكبر للمر أأة لم يمنع تعدد الزوجات كما جاء في بعض التشريعات كالقانون التونمي‪ ،‬اإنما حذا حذو‬
‫المشرع المغربىي في وضع قيود للتعدد‪)33( .‬‬
‫ّ‬

‫(‪ )30‬تنص المادة ‪ 11‬من قانون ا ألسرة الجزائري على أأن "تعقد المر أأة الراشدة زواجها بحضور ول ّيها‪ ،‬وهو أأبوها‪ ،‬أأو أأحد‬
‫أأقاربها‪ ،‬أأو أأ ّي شخص أخر تختاره"‪.‬‬
‫(‪ )31‬محمد توفيق قديري‪" ،‬مظاهر التوازن بين مركزي المر أأة والرجل في قانون ا ألسرة الجزائري"‪ ،‬في‪ :‬مجلة القانون والمجتمع‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ا ألول‪ ،‬جامعة محمد دراية أأدرار‪ ،5012 ،‬ص ‪.120‬‬
‫أ‬
‫(‪ )32‬تنص المادة ‪ 02‬من قانون ا ألسرة الجزائري على أأن " يممح ابلزواج بأكثر من واحدة في حدود الشريعة الإسالمية متى‬
‫وجد المبرر الشرعي وتوفرت شروط ونية العدل‪.‬‬
‫يجب على الزوج اإخبار الزوجة المابقة والمر أأة التي يقبل على الزواج بها‪ ،‬و أأن يقدّم طلب الترخيص ابلزواج اإلى رئيس‬
‫المحكمة لمكان ممكن الزوجية‪.‬‬
‫يمكن رئيس المحكمة أأن يرخص ابلزواج الجديد‪ ،‬اإذا تأأكد من موافقتهما و أأثبت الزوج المبرر الشرعي وقدرته على توفير العدل‬
‫والشروط الضرورية للحياة الزوجية"‪.‬‬
‫(‪ )33‬نم يمة أأمال حيفري‪ ،‬المرجع المابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪21‬‬

‫‪ /5‬التعديالت املتعلقة بآثار الزواج واحنالله‬

‫تهدف هذه التعديالت اإلى محاولة تحقيق المماواة بين للرجل والمر أأة داخل ا ألسرة ليس فقط في‬
‫الحقوق وإانما في الواجبات أأيضا‪ ،‬مما أأدى اإلى الإخالل ابلتوازن بين مركزيهما القانونيين حيث تم اإثقال كاهل‬
‫المر أأة ابلتزامات جديدة أأصبحت تتقاسمها مع الرجل‪.‬‬
‫أ‪ /‬حق احلضانة والوالية على األبناء‬

‫المشرع الجزائري من مركز الرجل فيما يتعلق بحق‬ ‫بموجب تعديل المادة ‪ 64‬من قانون ا ألسرة غيّر ّ‬
‫الحضانة‪ ،‬فأأبقى ا ألولوية ل ألم ابعتبارها أأولى بحضانة ولدها‪ ،‬لكن أأتبعها اب ألب‪ ،‬تليه الجدة ل ألم‪ ،‬ثم الجدة‬
‫ل ألب‪ ،‬ثم الخالة‪ ،‬ثم العمة‪ ،‬ثم ا ألقربون درجة‪ ،‬دائم ًا مع مراعاة مصلحة المحضون في الترتيب‪.‬‬
‫وبذلك فاإن المشرع قد انتقل اب ألب من المرتبة الرابعة اإلى المرتبة الثانية في ترتيب الحواضن‪ ،‬محاولة‬
‫منه في المماواة بين الرجل والمر أأة في ممأألة الحضانة تماش يا مع ما جاء في اتفاقية س يداو مع ترجيح مصلحة‬
‫الطفل في كل الحالت‪ ،‬وهذا ما يؤكده ما جاء في التقرير الدوري للجزائر الذي نص على أأنه "‪...‬يم تجيب‬
‫التعديل المدخل على مجلة ا ألسرة اإلى مبد أأ الحرص على الطفل وهكذا فاإن ا ألب يأأتي في المرتبة الثانية‪."...‬‬
‫(‪)34‬‬

‫كما حمم تعديل المادة ‪ 12‬من قانون ا ألسرة الإشكال المتعلق بتأأثير عمل المر أأة على حقها في الحضانة‬
‫بأأن نصت صراحة على أأن ّه "ل يمكن لعمل المر أأة أأن يشكل سبب ًا من أأس باب سقوط الحق عنها في ممارسة‬
‫الحضانة"‪ ،‬وذلك بهدف توفير حماية أأكبر لفائدة المر أأة الحاضنة مراعي ًا في ذلك مصلحة المحضون قبل كل‬
‫شيء‪.‬‬
‫اإضافة اإلى الحق في الحضانة فقد ممت التعديالت حق المر أأة في الولية على أأبنائها‪ ،‬ذلك أأن قانون‬
‫بحق الولية ل ألم الحاضنة على أأبنائها‪ ،‬فكان ا ألب دائم ًا يحتفظ ّ‬
‫بحق الولية‬ ‫ا ألسرة لعام ‪ 1984‬لم يكن يعترف ّ‬
‫القصر حتى بعد الطالق وإاس ناد الحضانة ل ألم‪ ،‬ول تنتقل الولية ل ألم اإل في حال اإهمال ا ألب أأو‬ ‫على أأبنائه ّ‬
‫فقدانه‪ )35( ،‬وبعد صدور ا ألمر ‪ 05-02‬نصت المادة ‪ 22‬من قانون ا ألسرة على أأنه "في حالة الطالق يمنح‬
‫القاضي الولية لمن أأس ندت له حضانة ا ألولد"‪ ،‬بغض النظر عما اإذا كان الحاضن رجال أأو امر أأة‪ ،‬وابلتالي‬
‫تمري هذه الولية في حال زواج البن أأو البنت القاصر‪ ،‬حيث يتولى زواجه بعد ترخيص القاضي بذلك وليه‬
‫والمتمثل في ا ألم الحاضنة طبقا للمادة ‪ 5/11‬من قانون ا ألسرة‪.‬‬

‫(‪ )34‬التقرير الجامع للتقريرين ‪ 3‬و‪ 1‬الذي قدمته الجزائر اإلى لجنة القضاء على التمييز ضد المر أأة عن تنفيذ اتفاقية القضاء على‬
‫التمييز ضد المر أأة المقدم بتاريخ ‪ 12‬ماي ‪ ،5006‬ص ‪.50‬‬
‫(‪ )35‬المادة ‪ 13‬من قانون ا ألسرة الجزائري‪.‬‬
‫‪22‬‬

‫ب‪ /‬إعادة تقسيم املسؤوليات األسرية‬

‫بتعديله لقانون ا ألسرة س نة ‪ ،5002‬نص المشرع الجزائري على مجموعة من الواجبات المشتركة تقع‬
‫على عاتق الزوجين في المادة ‪ 36‬وحددها في ‪ 2‬واجبات‪ ،‬في حين أألغى الواجبات التي تقع على كل طرف‬
‫تجاه الخر حيث أألغى المادتين ‪ 38‬و‪ 36‬وعدل المادة ‪ 37‬وغير مضمونها جذراي‪ ،‬كما نص على اس تقاللية الذمة‬
‫المالية للمر أأة و أأضاف ممأألة ا ألموال المشتركة بين الزوجين‪ ،‬وعليه فقد حاول المشرع التموية بين الرجل‬
‫والمر أأة وجعل كال منهما ممؤول نحو الخر بمجموعة من الواجبات‪ ،‬مم تهدفا بذلك المماواة بين مركزيهما‬
‫في ا ألسرة‪)36( .‬‬

‫وبذلك فقد أأاتحت للزوجة المشاركة في تم يير ا ألسرة ابلتعاون مع الزوج على مصلحة ا ألسرة ورعاية‬
‫ا ألطفال وحمن تربيتهم‪ ،‬وابلتشاور في تم يير شؤون ا ألسرة وتباعد الولدات‪ ،‬ووضع مفهوما جديدا لإدارة‬
‫ا ألسرة ينمجم مع ما تمليه اللتزامات الناش ئة عن النضمام اإلى اتفاقية س يداو‪ ،‬ويتعارض مع الشريعة الإسالمية‬
‫التي منحت القوامة للرجل بما فيها رئاسة ا ألسرة‪ ،‬اإذ أأصبحت المادة ‪ 36‬بعد التعديل تماوي دون تمييز بين‬
‫واجبات الرجل والمر أأة‪)37(.‬‬

‫وتبعا لذلك تم اإلغاء المادة ‪ 39‬التي كانت تنص على واجب طاعة الزوج ومراعاته ابعتباره رئيس العائلة‬
‫وكذا اإرضاع ا ألولد عند الس تطاعة وتربيتهم‪ ،‬مما يؤكد اتجاه المشرع نحو تحقيق المماواة التامة في الواجبات‬
‫ا ألسرية‪ ،‬ذلك أأن اتفاقية س يداو تعتبر طاعة الزوجة لزوجها وكذا قوامته تمييزا ضدها‪ ،‬و أأن اإرضاعها ألولدها‬
‫ليس بواجب عليها‪ ،‬و أأن كال من حق الرجل في القوامة والطاعة يهد مبد أأ المماواة‪ ،‬ويكرس مبد أأ دونية المر أأة‬
‫في مواجهة الرجل‪ )38(،‬وابلتالي فقد تم اإثقال كاهل المر أأة بأأعباء وواجبات تجاه أأسرتها كانت في غنى عنها وهي‬
‫في أأصلها مفروضة على الرجل‪.‬‬
‫رغم هذه التعديالت اإل أأن الهيئات الدولية المكلفة ابلرقابة على التفاقيات الدولية ر أأت أأنها غير كافية‪،‬‬
‫فقد أأبدت لجنة حقوق الطفل قلقها من أأحكام قانون ا ألسرة التي ل تزال تنطوي على التمييز ضد الفتيات‬
‫وتتممك ابلتمييز الشديد بين الجنمين وهو ما يؤثر سلب ًا على حقوق الطفل‪ ،‬حيث أأعربت اللجنة عن قلقها‬
‫إازاء اس تمرار العمل اب ألحكام القانونية التي تميز ضد الفتيات والنماء من قبيل تلك المتعلقة ابلميراث والواردة‬

‫(‪ )36‬محمد توفيق قديري‪ ،‬المرجع المابق‪ ،‬ص ‪.125‬‬


‫(‪ )37‬شوقور فاضل‪" ،‬مطالب لجنة القضاء على جميع أأشكال التمييز ضد المر أأة للجزائر برفع التحفظ على المادة ‪ 11‬من اتفاقية‬
‫س يداو بين الممكن و المأأمول"‪ ،‬في‪ :‬مجلة القانون والعلوم الم ياس ية‪ ،‬العدد المابع‪ ،‬المركز الجامعي النعامة‪ ،‬جانفي ‪،5012‬‬
‫ص ‪.360‬‬
‫(‪ )38‬بوكايس سمية‪ ،‬المماواة بين الجنمين في قانون الأسرة الجزائري في ضوء اتفاقية القضاء على جميع أأشكال التمييز ضد‬
‫المر أأة‪ ،‬مذكرة ماجم تير‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم الم ياس ية‪ ،‬جامعة أأبو بكر بلقايد‪ ،‬تلممان‪ ،5011-5013 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪23‬‬

‫في قانون ا ألسرة لعام ‪ .5002‬وتعرب اللجنة أأيض ًا عن قلقها لمحدودية التدابير التي اتخذتها الدولة الطرف لتغيير‬
‫المواقف والملوكيات المجتمعية التمييزية وتلك القائمة على الملطة ا ألبوية وكذلك القوالب النمطية الخاصة‬
‫بأأدوار الجنمين‪.‬كما حثت اللجنة على الإلغاء الفوري من قانون ا ألسرة جميع ا ألحكام ا ألخرى التي تميز ضد‬
‫الفتيات والنماء وتؤثر سلب ًا على جميع ا ألطفال‪ ،‬من قبيل ا ألحكام القانونية المتعلقة بحضانة الطفل والميراث‬
‫والطالق وتعدد الزوجات والتطليق‪)39( .‬‬

‫كما أأعلنت لجنة القضاء على التمييز ضد المر أأة أأن التحفظ على التفاقية بدافع الحفاظ على الموروث‬
‫الديني أأو الثقافي أأو التممك اب ألعراف والتقاليد من شأأنه تكريس عدم المماواة بين الرجل والمر أأة‪ ،‬معتبرة أأن‬
‫هذه التحفظات تضعف فعالية التفاقية وتعرقل عمل اللجنة تمس بجوهر وروح التفاقية حيث تحرم المر أأة من‬
‫الحماية التي توفرها التفاقية‪ ،‬ودعت الجزائر اإلى مواصلة جهودها وسحب تحفظاتها على التفاقية‪ )40( ،‬فضال‬
‫عن ذلك فقد عبرت منظمة العفو الدولية عن قلقها بشأأن الاثر المترتبة عن التحفظات حيث ر أأت أأن معظمها‬
‫يتعارض مع هدف التفاقية المتمثل في اإلغاء التمييز و أأن البقاء على تلك التحفظات يقوض اإمكانية تمتع المر أأة‬
‫ابلحماية وممارسة الحقوق المقررة لها‪ ،‬لذلك فقد دعت الدول اإلى رفع جميع تحفظاتها على التفاقية لضمان‬
‫الوفاء ابلتزاماتها ا ألساس ية‪)41(.‬‬

‫اخلامة‪:‬‬

‫يعد قانون ا ألسرة في أأي دولة أأكثر القوانين الداخلية حماس ية ابلنم بة لعالقته ابلقواعد الدولية‪ ،‬نظرا‬
‫لخصوصية المجال الذي ينظمه والمتمثل في ا ألسرة التي تعتبر الركيزة ا ألساس ية للمجتمع والتي تعكس هويته‬
‫ومبادئه ودينه‪ ،‬كما أأنه يتضمن الثوابت التي تقوم عليها الهوية الوطنية والمرجعية الدس تورية‪ ،‬لذلك فاإن الدولة‬
‫تواجه اإشكال حقيقيا عند انضمامها أأو مصادقتها على التفاقيات الدولية خاصة اإذا كانت تعترف لهذه ا ألخيرة‬
‫بمكانة عليا في هرم تدرج القوانين وتقر لها بمبد أأ الممو على القانون الداخلي‪ ،‬مما يفرض عليها جعل هذا ا ألخير‬
‫متوافقا مع التفاقيات التي تكون طرفا فيها امتثال للتزاماتها الدولية‪ ،‬وهو الحال في الجزائر التي قامت بتعديل‬
‫قانون ا ألسرة عام ‪ 5002‬من أأجل الوفاء ابلتزاماتها الدولية‪.‬‬
‫بناء عليه فقد خلصت هذه الدراسة اإلى جملة من النتائج أأهمها‪:‬‬

‫(‪ )39‬تقرير لجنة حقوق الطفل‪ ،‬النظر في التقارير المقدمة من الدول ا ألطراف بموجب المادة ‪ 11‬من التفاقية‪ ،‬المالحظات‬
‫الختامية‪ :‬الجزائر‪ ،‬الوثيقة ‪ ،CRC/C/DZA/CO/3-4‬الجمعية العامة ل ألمم المتحدة‪ ،‬الدورة الم تون ‪ 56‬أأاير‪/‬مايو ‪12 -‬‬
‫حزيران‪/‬يونيه ‪ ،5015‬ص ص ‪.2-1 ،03‬‬
‫(‪ )40‬تقرير اللجنة المعنية ابلقضاء على التمييز ضد المر أأة‪ ،‬الوثيقة ‪ ،A/53/38/Rev.1‬المرجع المابق‪ ،‬ص ص ‪.23-22‬‬
‫(‪ )41‬منظمة العفو الدولية‪ ،‬المرجع المابق‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪24‬‬

‫‪ -1‬قامت الجزائر تحت ضغوط مم تمرة ومتكررة من المنظمات الدولية ابإعادة النظر في قانون ا ألسرة‬
‫عام ‪ 5002‬تنفيذا لالتفاقيات الدولية التي صادقت عليها والتي تمثلت أأساسا في اتفاقية س يداو واتفاقية حقوق‬
‫الطفل‪ ،‬من خالل اإدخال تعديالت جذرية ممت المركز القانوني للرجل والمر أأة في محاولة لتكريس مبد أأ‬
‫المماواة التامة بينهما وإاعادة رسم اإطار العالقة الزوجية‪.‬‬
‫‪ -5‬أأكدت تعديالت قانون ا ألسرة الجزائري على أأولوية مصلحة الطفل فيما يتعلق بأاثر الزواج كالحضانة‬
‫والولية‪.‬‬
‫‪ -3‬لم يراع المشرع الفروق البيولوجية الجمدية والنفم ية التي تفرض تنوع ا ألدوار داخل ا ألسرة و‬
‫اختالف حقوق والتزامات كل طرف في العالقة الزوجية تحقيقا للتكامل الذي يعد أأساس نجاح هذه المؤسمة‪.‬‬
‫‪ -1‬حاولت الجزائر الموازنة بين الحفاظ على الخصوصية الوطنية من جهة والوفاء ابلتزاماتها التي تفرضها‬
‫التفاقيات الدولية غير أأنها لم توفق اإلى حد ما‪ ،‬حيث انحرف المشرع في كثير من ا ألحيان مما أأدى اإلى ترجيح‬
‫كفة التفاقيات الدولية ويتجلى ذلك في التفكك ا ألسري الذي يتزايد انتشاره في المجتمع الجزائري والذي لم‬
‫يكن معهودا في س نوات سابقة‪.‬‬
‫‪ -2‬مازال تطبيق التفاقيات الدولية في مجال ا ألحوال الشخصية وخصوصا اتفاقية س يداو يثير الكثير‬
‫من الجدل والمخاوف‪ ،‬التي تتركز أأساسا في الضغوط والدعوات المتكررة اإلى سحب ما تبقى من تحفظات‬
‫على التفاقية والتي تخالف في غالبية أأحكامها الشريعة السالمية ومبادئ المجتمع الجزائري وقيمه‪.‬‬
‫بناء على ما س بق فاإن خصوصية أأحكام قانون ا ألسرة و أأهميته في تماسك ووحدة المجتمع الجزائري‬
‫والحفاظ على الهوية الوطنية والثوابت الدينية يتطلب حرصا وإادراكا كبيرين من الملطات الوطنية فيما يتعلق‬
‫ابلتزاماتها الدولية وذلك من خالل‪:‬‬
‫‪ -1‬اإعادة النظر في أأحكام قانون ا ألسرة من جديد على ضوء أأحكام الشريعة الإسالمية‪.‬‬
‫‪ -5‬التممك بتحفظات التي أأبدتها الجزائر على التفاقيات الدولية المارية في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ -3‬اإعادة دور مؤسمات الدولة وعلى وجه الخصوص المماجد والمؤسمات التعليمية في ترس يخ‬
‫ثوابت الهوية الوطنية لمماعدة المجتمع الجزائري والدولة على مواجهة التحدايت الدولية التي تهدد اس تقرار‬
‫ا ألسرة وبقاءها في اإطارها المحدد لها بموجب نصوص القرأن والم نة‪.‬‬
‫‪ -1‬تشديد الرقابة على المعاهدات الدولية قبل المصادقة عليها لضمان توافقها مع القواعد الدس تورية‬
‫والخصوصية الوطنية‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬
‫أوال‪ :‬املراجع‬
‫‪ /1‬الكتب‬

‫‪ -‬نم يمة أأمال حيفري‪ ،‬المركز القانوني للمر أأة في ظل التعديالت المم تحدثة في قانون ا ألسرة الجزائري‪،‬‬
‫حفرايت‪ ،‬مركز دال ل ألبحاث والإنتاج الإعالمي‪ ،‬مصر‪.5012 ،‬‬
‫‪ /2‬املقاالت‬

‫‪ -‬س بع زاين‪" ،‬مكانة المعاهدات الدولية ضمن مبد أأ تدرج القوانين في النظام الدس توري الجزائري"‪،‬‬
‫في‪ :‬مجلة الحقوق والعلوم الإنمانية‪ ،‬المجلد التاسع‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬جامعة زاين عاشور الجلفة‪.5011 ،‬‬
‫‪ -‬علي أأبو هاني‪" ،‬مشكلة نفاذ المعاهدات الدولية في القوانين الداخلية"‪ ،‬في‪ :‬مجلة البحوث والدراسات‬
‫العلمية‪ ،‬المجلد الثالث‪ ،‬العدد ا ألول‪ ،‬جامعة يحيىى فارس المدية‪.5006 ،‬‬
‫‪ -‬فاضل شوقور‪" ،‬مطالب لجنة القضاء عمى جميع أأشكال التمييز ضد المر أأة للجزائر برفع التحفظ‬
‫على المادة ‪ 11‬من اتفاقية س يداو بين الممكن و المأأمول"‪ ،‬في‪ :‬مجلة القانون والعلوم الم ياس ية‪ ،‬العدد المابع‪،‬‬
‫المركز الجامعي النعامة‪ ،‬جانفي ‪.5012‬‬
‫‪ -‬محمد بوسلطان‪" ،‬الرقابة على دس تورية المعاهدات في الجزائر "‪ ،‬في‪ :‬مجلة المجلس الدس توري‪،‬‬
‫العدد ا ألول‪.5013 ،‬‬
‫‪ -‬محمد توفيق قديري‪" ،‬مظاهر التوازن بين مركزي المر أأة والرجل في قانون ا ألسرة الجزائري"‪ ،‬في‪:‬‬
‫مجلة القانون والمجتمع‪ ،‬المجلد ‪ ،3‬العدد ا ألول‪ ،‬جامعة محمد دراية أأدرار‪.5012 ،‬‬

‫‪ /3‬الرسائل واملذكرات‬

‫‪ -‬سعاد رابح‪ ،‬الجزائر والقانون الدولي لحقوق الإنمان‪ ،‬أأطروحة لنيل شهادة دكتوراه‪ ،‬جامعة أأبو بكر‬
‫بلقايد تلممان‪.5012-5011 ،‬‬
‫‪ -‬سمية بوكايس‪ ،‬المماواة بين الجنمين في قانون ا ألسرة الجزائري في ضوء اتفاقية القضاء على جميع‬
‫أأشكال التمييز ضد المر أأة‪ ،‬مذكرة ماجم تير‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم الم ياس ية‪ ،‬جامعة أأبو بكر بلقايد‪ ،‬تلممان‪،‬‬
‫‪.5011-5013‬‬
‫‪ -‬مشاعل حلفان عبد الله أل عايش‪ ،‬ا ألثر العقدي والفكري على المر أأة المملمة من اتفاقية الم يداو‪،‬‬
‫رسالة ماجم تير‪ ،‬كلية الشريعة و أأصول الدين‪ ،‬جامعة الملك خالد‪ ،‬المملكة العربية المعودية‪.5012 ،‬‬

‫‪ /4‬التقارير‬

‫‪ -‬التقرير الجامع للتقريرين ‪ 3‬و‪ 1‬الذي قدمته الجزائر اإلى لجنة القضاء على التمييز ضد المر أأة عن تنفيذ‬
‫اتفاقية القضاء على التمييز ضد المر أأة المقدم بتاريخ ‪ 12‬ماي ‪.5006‬‬
‫‪26‬‬

‫‪ -‬اللجنة المعنية ابلقضاء على التمييز ضد المر أأة‪ ،‬الوثيقة ‪ ،A/53/38/Rev.1‬الجمعية العامة ل ألمم‬
‫المتحدة‪ ،‬الدورة ‪ ،23‬نيويورك‪.1662 ،‬‬
‫‪ -‬اللجنة المعنية ابلقضاء على التمييز ضد المر أأة‪ ،‬المالحظات الختامية للجنة المعنية ابلقضاء على التمييز‬
‫ضد المر أأة‪ ،‬الوثيقة رقم ‪ ،CEDAW/C/DZA/CO/3-4‬الدورة الحادية والخممون‪ 13 ،‬ش باط‪/‬فبراير‪5-‬‬
‫أذار‪/‬مارس ‪.5015‬‬
‫‪ -‬لجنة حقوق الطفل‪ ،‬النظر في التقارير المقدمة من الدول ا ألطراف بموجب المادة ‪ 11‬من التفاقية‪،‬‬
‫المالحظات الختامية‪ :‬الجزائر‪ ،‬الوثيقة ‪ ،CRC/C/DZA/CO/3-4‬الجمعية العامة ل ألمم المتحدة‪ ،‬الدورة‬
‫الم تون ‪ 56‬أأاير‪/‬مايو ‪ 12 -‬حزيران‪/‬يونيه ‪.5015‬‬
‫‪ -‬منظمة العفو الدولية‪ ،‬التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أأشكال التمييز ضد المر أأة‪ :‬تقويض‬
‫حماية المر أأة من العنف في الشرق ا ألوسط وشمال افريقيا‪ ،‬الوثيقة رقم ‪.5001/11/3 ،IOR 51/009/2004‬‬

‫ثالثا‪ :‬النصوص القانونية‬

‫‪ -‬اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات‪ ،‬المعتمدة من قبل مؤتمر ا ألمم المتحدة بشأأن قانون المعاهدات المنعقد‬
‫في الفترة من ‪ 6‬نيمان‪/‬ابريل اإلى ‪ 55‬أاير‪/‬مايو ‪ ،1969‬عرضت للتوقيع في ‪ 53‬أأاير‪/‬مايو ‪ ،1616‬ودخلت حيز‬
‫النفاذ في ‪ 52‬كانون الثاني‪/‬يناير ‪.1620‬‬
‫‪ -‬قانون رقم ‪ 11-21‬مؤرخ في ‪ 06‬رمضان ‪ 1101‬الموافق ‪ 06‬يونيو ‪ ،1621‬المتضمن قانون ا ألسرة‬
‫المعدل والمتمم اب ألمر رقم ‪ 05-02‬المؤرخ في ‪ 12‬محرم ‪1151‬ه الموافق ‪ 52‬فبراير ‪ ،5002‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ ،12‬الم نة ‪ ،15‬الصادرة بتاريخ ‪ 12‬محرم ‪ 1151‬الموافق ‪ 52‬فبراير ‪ ،5002‬والموافق عليه بموجب‬
‫القانون ‪ 06-02‬المرخ في ‪ 52‬ربيع ا ألول عام ‪ 1151‬الموافق ‪ 01‬مايو ‪ ،5002‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،13‬الم نة‬
‫‪ ،15‬الصادرة بتاريخ ‪ 12‬جمادى ا ألولى ‪ 1151‬الموافق ‪ 55‬يونيو ‪.5002‬‬
‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 111/65‬مؤرخ في ‪ 51‬جمادى الثانية ‪ 1113‬الموافق ‪ 16‬ديممبر ‪ ،1665‬يتضمن‬
‫المصادقة مع التصريحات التفميرية اإلى اتفاقية حقوق الطفل التي وافقت عليها الجمعية العامة ل ألمم المتحدة‬
‫بتاريخ ‪ 50‬نوفمبر ‪ ،1626‬الجريدة الرسمية العدد ‪ ،61‬الم نة ‪ ،56‬الصادرة بتاريخ ‪ 52‬جمادى الثانية ‪1113‬‬
‫الموافق ‪ 53‬ديممبر ‪.1665‬‬
‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 21/61‬مؤرخ في ‪ 5‬رمضان ‪ 1111‬الموافق ‪ 55‬يناير ‪ ،1661‬يتضمن انضمام‬
‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية مع التحفظ اإلى اتفاقية القضاء على جميع أأشكال التمييز ضد المر أأة‬
‫لم نة ‪ ،1626‬الجريدة الرسمية العدد ‪ ،1‬الم نة ‪ ،33‬الصادرة بتاريخ ‪ 51‬يناير ‪.1661‬‬
‫‪27‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 521-50‬مؤرخ في ‪ 52‬محرم عام ‪ 1115‬الموافق ‪ 12‬سبتمبر س نة ‪،5050‬‬


‫يتضمن اس تدعاء الهيئة النتخابية لالس تفتاء المتعلق بمشروع تعديل الدس تور‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪،21‬‬
‫محرم عام ‪ 1115‬ه الموافق ‪ 11‬سبتمبر س نة ‪.5050‬‬
‫الم نة ‪ ،22‬الصادرة بتاريخ ‪ّ 52‬‬
‫رابعا‪ :‬مواقع االنرتنت‬

‫‪ -1‬عمار خبابه‪" ،‬المعاهدات الدولية والتشريع الجزائري"‪ ،‬مداخلة منشورة على الموقع اللكتروني‪:‬‬
‫‪http://www.apn.dz/AR/plus-ar/actualite-speciale-ar/215-2014-05-21-11-08-‬‬
‫‪43/1847-2015-05-05-15-36-14. Consulté le 02/05/5055, 11:21.‬‬
‫‪5-http://alnamaa.org/2018/12/10/2033/. Consulté le 22/08/2019, 16:30.‬‬
‫‪https://constitutionnet.org/sites/default/files/constitutional_council_journal_vol.1_2‬‬
‫‪013.pdf. Consulté le 06/05/5055, 20:39.‬‬
28 1 ‫جامعة اجلزائر‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

.2322 ‫ جوان‬03 ،‫ مصادر قانون األسرة اجلزائري‬،‫امللتقى الوطين الثاني‬

‫تأثري االتفاقيات الدولية يف تفسري نصوص قانون األسرة اجلزائري‬


The Impact of international conventions on the interpretation of
Algerian family law
‫فوزية نشادي‬
1‫ جامعة اجلزائر‬،‫ كلية احلقوق‬،‫خمرب قانون االسرة‬
fazouziad@gmail.com

:‫امللخص‬
‫ لضمان إحترإم سمو إالتفاقيات إلدولية‬،0202 ‫إن من أبرز ما جاء به تعديل إلدس تور في إس تفتاء‬
‫ منه جاء فيها "وجوب إلتزإم إلقاضي في ممارسة وظيفته بتطبيق إلمعاهدإت‬171 ‫ نص إلمادة‬،‫على إلقانون‬
‫ مما يطرح‬،‫ إذ على إلقاضي أن يتحرى وجواب موإئمة أحكامه لمبادئ إتفاقيات حقوق إالنسان‬،"‫إلمصادق عليها‬
،‫بشدة مسألة تأثير إدماج إلقاضي لالتفاقيات إلمعنية بحقوق إالنسان في تفسير وشرح نصوص قانون إلسرة‬
‫وخلصت إلدرإسة إلى إلتوجه نحو إزدوإجية إلمرجعية في إلتفسير إلتي تؤدي إلى توس يع نطاق إالجتهاد وابلتالي‬
.‫ترإجع إلحكام إلتي إس تقر عليها إلقضاء‬
.‫ إلقضاء‬،‫ تفسير‬،‫ قانون إلسرة‬،‫ إلمعاهدإت إلدولية‬،‫ إلدس تور‬:‫الكلمات املفتاحية‬
Abstract :
One of the most Important statements of the amendment of the constitution
in the 2020 referendum is to ensure that the high international conventions on the
law respect the article 171 of which states that ″the judge must be obliged in the
exercise of his function to apply the approved treaties″, as the judge must comply
which strongly raises the issue of the impact of observing the of principles of
professional conventions on human rights in interpreting and explaining the
provisions of family law, the study concluded that the trend towards double
reference in interpretation, which leads to the expansion of the scope of ijtihad
and thus the review of the judiciary.
Key words: judiciary, family law, interpretation, constitution,
transcendence of international treaties.
‫‪29‬‬

‫مقدمة املداخلة‪:‬‬

‫إن تفسير نصوص إلقانون يدخل في صميم عمل إلقاضي‪ ،‬فعندما يمارس إلقاضي وظيفته إلمنوطة به‪،‬‬
‫وهي تطبيق إلقانون على إلنزإع إلمطروح عليه‪ ،‬إما أن يطبق إلنص مباشرة في حالة وضوح إلنص إلقانوني‬
‫وتجليه من أي غموض‪ ،‬وإما أن يس تدعي تفسيره لنقص أو غموض أو نحوه‪ ،‬ونصوص قانون إلسرة كغيرها‬
‫من إلقوإنين إلوضعية قد يعتريها إلقصور وإلغموض وإلنقصان كما قد يعتريها إلوضوح وإلبيان‪ ،‬ولقد ظل قاضي‬
‫شؤون إلسرة يضطلع بتفسير نصوص قانون إلسرة وفق ما تقتضيه أحكام إلشريعة إالسالمية ابعتبارها إلمصدر‬
‫إلصلي وإالحتياطي للقانون‪ ،‬حتى بعد دسترة سمو إالتفاقيات إلدولية على إلقانون إلوطني منذ دس تور ‪،1991‬‬
‫بموجب نص إلمادة ‪ 132‬منه‪ ،‬ثم إلمادة ‪ 150‬في إلتعديل إلدس توري لعام ‪ ،2016‬جاء فيها "أن إلمعاهدإت‬
‫إلتي يصادق عليها رئيس إلجمهورية حسب إلشروط إلمنصوص عليها في إلدس تور تسمو على إلقانون ‪ ،".‬إال‬
‫أن قاضي شؤون إلسرة ظل بمنأى عن إلدخول في إشكالية إلتعارض مع إالتفاقيات إلدولية تطبيقا وتفسيرإ‪،‬‬
‫كما هو مبين في إلحكام إلقضائية إلصادرة عن غرفة إلحوإل إلشخصية‪ ،‬وذلك نظرإ للخصوصية إلتي يتميز بها‬
‫قانون إلسرة عن ابقي فروع إلقانون من حيث تمسكه بأحكام إلشريعة إالسالمية‪.‬‬
‫بيد أن ما جاء به تعديل ‪1 0202‬بموجب إلم ‪ 171‬إلتي دسترة إلزإم إلقاضي بتنفيذ إالتفاقيات إلدولية‬
‫صرإحة‪ ،‬كألية ذإتية اللزإمها‪ ،‬تحت تأثير إلضغوطات إلدولية بشأن إلتزإم إلدول بتنفيذها‪ ،‬كما ورد في تعليقات‬
‫إللجنة إلمعنية بحقوق إالنسان‪ ،‬إلتي ترصد تقييم أدإء إلدول لعهد إلدولي إلخاص ابلحقوق إلمدنية و إلس ياس ية‪،‬‬
‫في مجال تحديد معايير لاللتزإم ابلعهد إلدولي إلخاص ابلحقوق إلمدنية و إلس ياس ية‪ ،‬وإلتي يسري إلعمل بها‬
‫على جميع إالتفاقيات إلخرى‪ ،‬وجوب تطبيق إالتفاقيات إلدولية أمام إلمحاكم إلوطنية‪ ،2‬ليتجاوز بذلك مرحلة‬
‫إجرإئية أخرى من سلم إالجرإءإت إلدولية إلتدريجية إلمعتمدة‪ ،‬بعد أن حققت شوطا كبيرإ في موإئمة إلنصوص‬
‫إلدإخلية لمقتضيات إالتفاقيات إلدولية ‪.‬‬
‫وتنفيذ إالتفاقيات إلدولية يتم إما عن طريق تطبيق نصوص إلمعاهدة مباشرة‪ ،‬أو إاللتزإم بموإئمة‬
‫أحكامه لمبادئ إالتفاقيات إلمعنية بحقوق إالنسان خاصة‪ ،‬مما يطرح بشدة مسألة إدماج إلقاضي لالتفاقيات‬
‫إلمعنية بحقوق إالنسان في تفسير وشرح نصوص قانون إلسرة‪ ،‬نظرإ الرتباطه إلوثيق بأحكام إلشريعة إالسالمية‬

‫‪ -1‬دس تور ‪ 1991‬إلصادر في إلجريدة إلرسمية رقم عدد ‪ 76‬إلمؤرخة في ‪ 08‬ديسمبر ‪ ، 1996‬إلمعدل ابلقانون رقم ‪03-02‬‬
‫إلمؤرخ في ‪ 10‬أبريل ‪ 2002‬إلجريدة إلرسمية رقم ‪ 25‬إلمؤرخة في ‪ 14‬أبريل‪ 2002‬إلقانون رقم ‪ 19-20‬إلمؤرخ في ‪ 15‬نوفمبر‬
‫‪2008‬إلجريدة إلرسمية رقم ‪ 63‬إلمؤرخة في ‪ 16‬نوفمبر‪ 2008‬إلقانون رقم ‪ 21-11‬لمؤرخ في ‪ 06‬مارس ‪ 2016‬إلجريدة‬
‫إلرسمية رقم‪ 14‬إلمؤرخة في ‪ 7‬مارس ‪ 2016‬و إلمرسوم إلرئاسي رقم ‪ 442 – 20‬إلمؤرخ في ‪ 30‬ديسمبر ‪ ، 2020‬إلمتعلق‬
‫ابصدإر إلتعديل إلدس توري ‪ ،‬إلمصادق عليه في إس تفتاء أول نوفمبر س نة ‪ ، 2020‬في إلجريدة إلرسمية للجمهورية إلجزإئرية‬
‫إلديمقرإطية إلشعبية‪ ،‬إلمنشور في إلجريدة إلرسمية رقم ‪ 82‬إلمؤرخة في ‪ 30‬ديسمبر‪.0202‬‬
‫‪ -2‬رايض إلصبح‪ ،‬إالتفاقيات إلدولية لحقوق إالنسان وفلسفة إلتشريع إلوطني‪ ،‬بحث منشور على إلموقع إلرسمي لرإديو إلبلد‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬بتاريخ ‪Hhtp://ammannet ،21:00 ،0202/10/20‬‬
‫‪30‬‬

‫نصوصه‬
‫كمصدر مادي وإحتياطي طبقا لالحالة إلتي نصت عليها إلمادة ‪ 000‬قانون إلسرة‪ ،‬خاصة وإن أغلب ً‬
‫تتميز ابلعمومية في صياغتها‪ ،‬وأخرى غامضة بسب إلتعميم وإنعدإم إلتفصيل‪ ،‬لذلك يهدف هذإ إلطرح إلى‬
‫إلبحث في تأثير إعمال إالتفاقيات إلدولية على تفسير قاضي شؤون إلسرة للقانون من خالل إالشكالية إلتالية‪:‬‬
‫مدى تأثير إالتفاقياتت إلدولية في تفسير نصوص قانون إلسرة إلجزإئري؟ فهل قاضي شؤون إلسرة ملزم عند‬
‫تطبيقه لنصوص قانون إلسرة مرإعاة عدم مخالفته لمقتضيات إالتفاقيات إلدولية‪ ،‬وما هي إلآاثر إلمترتبة على‬
‫مرإعاة مقتضياتها و في حالة مخالفة إلقاضي لها؟‬
‫املبحث األول‪ :‬معايري االلتزام باالتفاقيات الدولية وأثاره على تطبيق نصوص قانون‬
‫األسرة‪:‬‬

‫يتناول هذإ إلمبحث تفسير نصوص قانون إلسرة على ضوء إالتفاقيات إلدولية (مطلب أول) ثم أآاثر‬
‫ذلك إاللتزإم على تطبيقات نصوص قانون إلسرة في (إلمطلب إلثاني)‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تفسري نصوص قانون األسرة على ضوء االتفاقيات الدولية‪:‬‬
‫إكتفى تعديل دس تور‪ 0202‬بموجب إلم ‪ 171‬دسترة إلتزإم إلقاضي بتنفيذ إالتفاقيات إلدولية‪ ،‬دون أن‬
‫يبين كيفية إعمال هذه إالتفاقيات‪ ،‬ومادإم أن هذه إلخيرة دولية إلمصدر‪ ،‬فان تحديد ذلك يكون بناء على ما‬
‫ورد دوليا في هذإ إلمجال‪ ،‬ومن بين إلخيارإت إلتي قدمت في هذإ إلشأن‪ ،‬ما ورد من طرف إللجنة إلمعنية‬
‫بحقوق إالنسان إلتي ترصد تقييم أدإء إلدول لعهد إلدولي إلخاص ابلحقوق إلمدنية و إلس ياس ية‪ ،‬وهو موإئمة‬
‫تطبيق إلنصوص إلوطنية و تفسيرها لمقتضيات إالتفاقيات إلدولية(فرع أول)‪ ،‬وذلك في حدود ما سمحت به‬
‫إلتحفظات و إالعالانت إلتفسيرية إلوإردة عليها مما يس تلزم وجوب إضطالع إلقاضي ابالتفاقيات إلدولية وما‬
‫يصدر بشأنها من نصوص‪( :‬فرع اثني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬االلتزام مبواءمة األحكام القضائية ملقتضيات االتفاقيات الدولية‪:‬‬
‫لقد أصبح موإءمة إلحكام إلقضائية إلصادرة مع مقتضيات إالتفاقيات إلدولية‪ ،‬في ظل دس تور ‪0200‬‬
‫بموجب إلمادة ‪171‬منه‪ ،‬مبدأ دس توري صريح ال يجوز مخالفته‪ ،‬وهي خطوة مهمة ضمن إلخطوإت إالسترإتيجية‬
‫إلتدريجية إلتي وضعتها إلهيئات إلدولية إلمعنية بتنفيذ إالتفاقيات إلدولية العمالها‪ ، ،‬منها مخطط عمل مؤتمر‬
‫إسطنبول‪ ،1‬جاء فيه وجوب تفعيل دور إلهيئات إلقضائية في تنفيذ إالتفاقيات إلدولية على إلصعيد إلوطني‪،‬‬
‫وهذإ يس تلزم على إلقل أن يفسر نصوص قانون إلسرة وفق ما تقتضيه إالتفاقيات إلدولية خاصة في مجال‬
‫إلحقوق و إلحرايت‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فان إلتزإم قاضي شؤون إلسرة بنص إلمادة ‪ 171‬من دس تور ‪ ،0202‬تضع أمامه تحدايت كبرى‬
‫من إجل تحقيق إلموإئمة بين إلمرجعيتين‪ ،‬أو على إلقل تقليل نس بة إلتعارض إلمنافي لمقتضيات إالتفاقيات‬

‫‪ -1‬تقرير عن إطار عمل مؤتمر إسطنبول ‪ ،0221‬مرإجعة إالليات‪ ،‬وزإرة إلتخطيط و إلتعاون إلدولي‪ ،0220 ،‬نقال عن تقرير‬
‫حول تحليل إلوضع إلوطني‪ ،‬إلحقوق إالنشانية للمرإة و إلمساوإة على إسا إلنوع إالجتماعي‪ ،‬إالردن‪ ،‬ص‪ 01‬على إلموقع‬
‫‪HRIDJR0003_GenderEqualityJorden_Ar_2010‬‬
‫‪31‬‬

‫إلدولية‪ ،‬إال ما صدر بشأنها تحفظات وإعالانت تفسيرية‪ ،‬أبدتها إلدولة إلجزإئرية في هذإ إلمجال‪ ،‬لمنع تطبيقها‬
‫أو إلتضييق منها‪ ،‬وإن كانت هذه إلتحفظات أبدت حجة ضعيفة في موإجهة إلضغوطات إلدولية من أجل تحقيق‬
‫أكبر قدر من مطالبها‪.‬‬
‫وإاللتزإم إلقضائي ابلمرجعية إلدولية إلتي إلمصادق عليها في مجال شؤون إلسرة في إلحقيقة هو إمتدإد‬
‫للتوجه إلتشريعي في تعديل قانون إلسرة ‪ 0220‬على غرإر تشريعات إغلب إلدول إالسالمية‪ ،‬في إلسعي من‬
‫إجل تحقيق إلموإئمة بين إلمرجعيتين‪ ،‬وما يؤكد ذلك‪ ،‬ما ورد في إلتقارير إلمقدمة من طرف إلدولة إلجزإئرية‬
‫في مجال إلمساعي إلتي قامت بها من إجل تنفيذ إلتزإماتها إلدولية‪ ،‬منها ما جاء في تقرير إلمقدم إلى لجنة‬
‫س يدإو‪ " :‬أن إلجزإئر تسعى إلى إدخال عناصر عدم إلتمييز و إلمساوإة بين إلجنسين على نحو تدريجي دون‬
‫ترإجع في مجال إلحوإل إلشخصية"‪.1‬‬
‫ومن بين إلساليب إلتي إعتمدها إلمشرع إلجزإئري لتحقيق إلموإئمة‪ ،‬في إطار إلتعديالت إلمدخلة‬
‫على نصوص قانون إلسرة في عام ‪ ٥٠٠٢‬توس يع بعض إلحقوق‪ ،‬كحق إلمرأة بتزويج نفسها بمنحها حق إختيار‬
‫أي شخص ليكون وليها‪ ،‬وتقييد بعضها كالحق في تعدد إلزوجات‪.‬‬
‫ورغم ذلك‪ ،‬فقد أاثرت هذه إلتعديالت على إلمس توى إلدولي قلقا بشأن تفسير وتنفيذ إلقاضي إلسري‬
‫لها على نحو يتنافى مع روح إلقانون أو يتعارض معه‪ ،‬وهو ما أعربت عنه إلمقررة إلخاصة إلمعنية ابلعنف ضد‬
‫إلمرأة بعد زايرتها إلى إلجزإئر في تقريرها جاء فيه‪ ...." :‬فغال ًبا ما تُفسر هذه إلحكام وتنفذ بطريقة تتنافى مع‬
‫روح إلقانون أو تتعارض معه‪ ،‬مما يفضي إلى إلمزيد من إلتمييز وإلظلم‪ ...،‬فالقيود إلتي أدخلت بموجب‬
‫تعديالت عام ‪ 0220‬على ممارسة تعدد إلزوجات‪ ،‬إلتي أبقى عليها إلقانون‪ ،‬عندما يفشل إلزوج في إلحصول‬
‫على موإفقة إلزوجة إلولى ولم يحصل على إذن من إلقاضي‪ ،‬يتزوج ابلثانية زوإ ًجا عرفيًا ثم ّيقره إلقاضي فيما‬
‫بعد"‪.2‬‬

‫‪ -1‬وحياني جياللي‪ ،‬حماية حقوق إلمرأة في قانون إلسرة إلجزإئري على ضوء إالتفاقيات إلدولية‪ ،‬أطروحة دكتورإه‪ ،‬جامعة‬
‫تلمسان‪ ،0219/0210 ،‬ص‪02‬‬
‫‪ -2‬رش يدة مانج‪ ،‬تقرير إلمقررة إلخاصة إلمعنية ابلعنف ضد إلمرأة وأس بابه وعوإقبه ‪ ،‬في ‪ ٠٠‬تشرين إلثاني ‪ / -‬إلس يدة رش يدة‬
‫مانجو ‪ ،‬عن بعثتها إلى إلجزإئر ‪٠‬نوفمبر ‪ ،٥٠٠٠‬يتضمن‪ ،‬إس تنتاجات إلمقررة إلخاصة إلمعنية ابلعنف ضد إلمرأة وأس بابه‬
‫وعوإقبه بعد إلزايرة إلتي قام ت بهإ إلى إلجزإئر في إلفترة من ‪ ٠‬إلى ‪ ٠٠‬تشرين إلثاني‪ /‬نوفمبر ‪ . ٥٠٠٠‬وتبحث إلمقررة‬
‫إلخاصة في تقريرها هذإ حالة إلعنف ضد إلمرأة وأس بابه وعوإقبه‪ ،‬ورد فعل إلدولة على هذإ إلعنف وإلتحدايت إلتي ال تزإل‬
‫قائمة‪ ،‬مس تعرضة على وجه إلخصوص إلتقدم إلمحرز منذ إلزايرة إلتي قامت بهإ إلمقررة إلخاصة إلسابقة في عام ‪،٥٠٠٢‬‬
‫مجلس حقوق إالنسان إلدورة إلسابعة عشرة إلبند ‪ ٣‬من جدول إلعمال تعزيز وحماية جميع حقوق إالنسان‪ ،‬إلمدنية‬
‫وإلس ياس ية وإالقتصادية وإالجتماعية وإلثقافية‪ ،‬بما في ذلك إلحق في إلتنمية‪ ،‬تقرير إلمقررة إلخاصة إلمعنية ابلعنف ضد إلمرأة‬
‫وأس بابه وعوإقبه‪ ،‬مجلس حقوق إالنسان‪ ،‬إلجمعية إلعامة‪ ،‬إلمم إلمتحدة ‪، A/HRC/17/26/Add3‬إلدورة إلسابعة عشر‪،‬‬
‫إلبند ‪0‬من جدول إالعمال‪19 ،‬ىماي ‪ ،0211‬ص‪19‬و‪. 02‬‬
‫‪32‬‬

‫بمعنى إنه على إلقاضي أن يحكم ببطالن إلزوإج إلثاني إذإ لم يحصل على ترخيص من إلقاضي‪ ،‬حتى‬
‫يكون إلتفسير موإفق لروح إلمادة ‪0‬مكرر‪1‬ق أ بمفهوم إالتفاقيات إلدولية‪ ،‬رغم إنه من إلناحية إلشرعية يعتر‬
‫زوإج صحيح يترتب عليه جميع أآاثره‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬حاول إلمشرع تفادي عدم موإئمة إلقانون لمقتضيات إالتفاقيات إلدولية كلما سمحت له‬
‫إلفرصة‪ ،‬لذلك ميز في إلثر إلمترتب على إلزوإج في حالة إلتعدد دون إلحصول على ترخيص قضائي‪ ،‬بفسخ‬
‫إلزوإج إلثاني إذإ لم يتم إلدخول طبقا للمادة ‪ 20‬مكرر‪ ،1‬مادإم أن إلعقد لم يرتب أاثره بعد‪ ،‬وابلتالي ف‬
‫ن فسخه ال يمتد إلى إلمساس بحقوق أخرى غير حق إلزوج في إلتعدد‪ ،‬رغم أن هذإ إلثر ال يستند إلى حكم‬
‫شرعي‪ ،‬وإنما جاء من إجل تقليص نطاق عدم موإئمة إلتشريع لالتفاقيات إلدولية‪ ،‬في إطار حماية إلسرة‬
‫إلناش ئة في إطار إلزوإج إلول وحماية إلطفال‪ ،‬تطبيقا لقاعدة أقل إلضررين‪ ،1‬مادإم أن إلزوإج قبل إلدخول‬
‫ال يترتب أي إثر من أآاثر إلزوإج‪.‬‬
‫أما بعد إلدخول يثبت إلزوإج إلثاني بحكم قضائي إذإ ثبت وجود زوإج عرفي طبقا لحكام إلمادة ‪،00‬‬
‫مع إالحتفاظ للزوجتين إلسابقة و إلالحقة بحق إلتطليق في حالة إلتدليس طبقا لحكام إلمادة ‪20‬مكرر‪ ،‬لنه‬
‫ليس للمشرع وال إلقاضي أن يحكم ببطالن أو فساد زوإج توإفرت فيه أركان وشروط إنعقاده وصحته‪ ،‬وإنما‬
‫ينعقد صحيحا ومرتبا ل آاثره ابتفاق إلفقهاء‪2.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اضطالع القاضي باالتفاقيات الدولية وما يصدر بشأنها من نصوص‪:‬‬

‫إن إلقاضي عند تطبيق إالتفاقيات إلدولية مباشرة أو إعتمادها كمرجعية لتفسير نصوص قانون إلسرة‪،‬‬
‫عليه أن يضطلع ابالتفاقيات إلدولية إلتي صادقت عليها إلجزإئر‪ ،‬وكذإ تفسيرإت لجان حقوق إالنسان بشأنها‪.3‬‬
‫كما عليه أن يتحرى موقف إلدولة إلجزإئرية من تلك إلنصوص‪ ،‬فيستبعد من نطاق إعمال إالتفاقيات‬
‫جميع إلموإد إلمتحفظ عليها‪ ،‬وما ورد من إعالانت تفسيرية إلتي أبدتها إلدولة بشأنها‪ ،‬مثل إلتقيد ابلتصريح‬
‫إلتفسيري للمادة ‪ 14‬إلفقرة إلولى وإلثانية منها في إتفاقية حقوق إلطفل‪ ،‬جاء فيه "أحكام إلفقرة إلولى و إلثانية‬
‫من إلمادة ‪ 14‬س تفسرها إلحكومة إلجزإئرية بمرإعاة إلركائز إلساس ية للنظام إلقانوني إلجزإئري‪ ،‬وابلخص‬
‫إلدس تور إلذي ينص في مادته إلثانية على أن إالسالم دين إلدولة‪ ،‬وفي مادته ‪ 35‬على أنه ال مساس بحرمة‬
‫حرية إلمعتقد وحرمة حرية إلرأي وإلقانون رقم‪11 / 84‬إلمؤرخ في ‪ 9‬يوليو س نة ‪ 1984‬إلمتضمن لقانون إلسرة‬
‫إلذي ينص على أن تربية إلطفل تتم وفقا لدين أبيه"‪.4‬‬

‫‪ -1‬نوي دالل‪ ،‬دور قاضي شؤون إالسرة في حماية إلنظام إلعام و إالدإب إلعامة‪ ،‬رسالة دكتورإه‪ ،‬تخصص قانون إسرة‪،‬‬
‫‪ ،0201/0202‬جامعة إلجزإئر‪ ،1‬ص‪119‬‬
‫‪ -2‬محمد أبو زهرة‪ ،‬إلحوإل إلشخصية‪ ،‬ط‪ ،0‬دإر إلفكر إلعربيي‪ ،‬إلقاهرة‪1077 ،‬هـ‪ 1907 ،‬م ص‪91‬‬
‫‪ -3‬رايض إلصبح‪ ،‬إالتفاقيات إلدولية لحقوق إالنسان وفلسفة إلتشريع إلوطني‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -4‬زيوي خير إلدين‪ ،‬إدماج إلمعاهدإت إلدولية في إلنظام إلقانوني إلدإخلي إلجزإئري طبقا لدس تور س نة ‪ ،1991‬رسالة‬
‫ماجس تير‪ ،‬إلقانون إلدولي و إلعالقات إلدولية‪0220/0220 ،‬م‪ ،‬جامعة إلجزإئر ‪ ،1‬ص‪99‬‬
‫‪33‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬آثار مراعاة مقتضيات االتفاقيات الدولية يف تفسري قانون األسرة‬

‫يترتب على مرإعاة إلقاضي مقتضيات إالتفاقيات إلدولية في تفسير قانون إلسرة إزدوإج إلمرجعية إلفقهية‬
‫في تفسير نصوص قانون إلسرة (فرع أول)‪ ،‬وتوس يع نطاق تحديد حقوق وحرايت إلفرإد مما يترتب عليه‬
‫تضييق حق إلقاضي في إلدفع بمخالفتها للنظام إلعام‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ازدواجية املرجعية يف تفسري نصوص قانون األسرة‪:‬‬

‫إن إزدوإجية إلمرجعية إلفقهية تلزم إلقاضي تحقيق إلموإئمة كلما أتيح له ذلك‪ ،‬وقد وجد إلمشرع إلجزإئري‬
‫في إلحكام إلشرعية إالجتهادية إلمجال إلمرن في ذلك‪ ،‬مثل إلتعديل إلذي مس إلوالية على إلرإشدة طبقا‬
‫للمادة ‪ ،11‬و منع تزويج إلقاصر قانوان بتحديد سن إلزوإج‪.‬‬
‫ولما كان إلقاضي يضطلع بتنفيذ إلقانون‪ ،‬فعليه عند تفسير إلنصوص إلخذ بعين إالعتبار نية إلمشرع‬
‫في ذلك‪ ،‬مما يجعل إلقاضي يحث في مصادر إلشريعة إالسالمية إلمختلفة دون إلتقيد بمذهب معين‪ ،‬عن رأي‬
‫وإفق أو على إلقل يقارب ما تقتضيه إالتفاقيات إلدولية‪ ،‬و إلخذ بما شاذ من إلآرإء إلفقهية‪ ،‬مثل ترإجع موقف‬
‫إلقضاء بعد تعديل ‪ 0220‬بشأن إلحاق أنساب نتاج عالقات غير شرعية‪ ،‬فبعدما كان إلقضاء يأخذ برأي جمهور‬
‫إلفقهاء من إلمالكية و إلشافعية و إلحنابلة وبعض إلحنفية و إلظاهرية و إلزيدية‪ ،‬بعدم إثبات إلنسب إلناتج عن‬
‫عالقة غير شرعية مطلقا‪ ،‬ترإجعت إلمحكمة إلعليا بعد تعديل ‪ 0220‬عن موقفها ابلحاق أنساب نتاج عالقات‬
‫غير شرعية في حاالت إالعتدإء‪ ،‬منها قرإر صادر بتاريخ ‪ ،0229/27/20‬تم فيه إثبات نسب في إعتدإء جنسي‬
‫بناء على حكم جزإئي أدإن إلمتهم بهذإ إلفعل‪.1‬‬
‫وفي قرإر أآخر بتاريخ ‪ 0211/20/10‬ملف رقم ‪ ،117070‬ألحق نسب ولد نتاج إعتدإء على قاصر‬
‫بعد إدإنته ابلجريمة‪ ،2‬مستندين في ذلك على رأي ذهب إليه إسحاق إبن رإهويه وإبن سيرين وعروة بن إلزبير‬
‫وسليمان بن يسار وإبن تيمية وإبن إلقيم ومفاده إلحاق ولد إلزان بأبيه إذإ إعترف وتحقق كونه منه‪ ،‬بشرط أال‬
‫تكون إلزإنية ذإت زوج‪ ،‬وأضاف أبو حنيفة شرطا أآخر‪ ،‬وهو أن يتزوج إلزإني ابلزإنية قبل وضع إلحمل‪ ،‬وهو‬
‫قول شاذ من إلآرإء إلفقهية على وصف إبن رشد وإبن حجر‪3.‬‬

‫ولقد لقي هذإ إلتوجه إلجديد إلذي إعتمدته إلمحكمة إلعليا إختالفا فقهيا‪ ،‬بين رإفض له مطلقا‪ ،‬ومؤيد‬
‫في حاالت خاصة تخضع لتقدير إلقاضي‪ ،‬بشروط محددة‪ ،‬في إطار مبادئ إلشريعة إالسالمية ومقاصدها من‬
‫حفظ إلنفس وإلنسل‪4.‬‬

‫‪ -1‬قرإر صادر بتاريخ ‪ ، 0229/27/20‬غير منشور نقال عن نوإرة إلعشي‪ ،‬دور قاضي شؤون إلسرة في حفظ إلآدإب إلعامة‪،‬‬
‫حوليات جامعة إلجزإئر‪ ،1‬ع‪ ، 01‬ج‪ ،0‬ص‪001‬‬
‫‪ -2‬مجلة إلمحكمة إلعليا‪ ،‬ملف رقم ‪ ،117070‬بتاريخ ‪ ،0210 ،0211/20/10‬ع‪ ،21‬ص‪090‬‬
‫‪ -3‬نوإرة إلعشي‪ ،‬دور قاضي شؤون إلسرة في حفظ إلآدإب إلعامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪009‬‬
‫‪ - 4‬نوإرة إلعشي‪ ،‬دور قاضي شؤون إلسرة في حفظ إلآدإب إلعامة‪ ،‬نفس إلمرجع‪ ،‬ص‪091‬‬
‫‪34‬‬

‫إن إستناد إلقاضي على مرجعيتين دس توريتين وهما‪ :‬إلمرجعية إلدينية إلتي يحظر إلمساس بها‪،‬‬
‫وإلمرجعية إلدولية إلمترجمة في إالتفاقيات إلدولية‪ ،‬قد يترتب عليه ترإجع ما إس تقر عليه إالجتهاد إلقضائي في‬
‫إلفترة إلسابقة على صدور تعديل دس تور ‪ ،0202‬في ظل قانون يعتمد في كثير من نصوصه في تنفيذها على‬
‫إلتفسير لنقص أو غموض ونحوه‪.‬‬
‫وتجدر إالشارة إلى أن إعتماد إلقاضي إزدوإجية إلمرجعية في تفسير إلنصوص ال يمس ابلحكام إلشرعية‬
‫إلثابتة وإلقطعية‪ ،‬فهيي بمنأى عن كل تغيير أو تحريف‪ ،‬لن إلمساس بها يعني إلمساس ابلدين إالسالمي‪ ،‬وهو‬
‫محظور دس توراي كما س يأتي تبيانه‪ ،‬فهيي أصل تحفظات إلدولة إلجزإئرية على بعض نصوص إلمعاهدإت‬
‫إلمصادق عليها أو تضييق تطبيقا عن طريق إعتماد إالعالانت إلتفسيرية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تضييق نطاق الدفع مبخالفة النظام العام يف جمال احلقوق واحلريات‪:‬‬

‫يعتبر إلنظام إلعام من أهم إلمبادئ إلتي تحكم تفسير إلنصوص إلقانونية‪ ،‬وإلذي يتعين على إلقاضي‬
‫مرإعاته‪ ،‬لنه يتعلق ابلمحافظة على كيان إلدولة وإلمجتمع وإس تقرإرهما‪ ،1‬نظرإ الرتباطه ابلسس إلدينية‬
‫وإلس ياس ية وإالقتصادية وإلخالقية وإالجتماعية في وقت معين وفي مجتمع محدد‪ ،‬وتعد تنظيم إلسرة ومسائل‬
‫إلحوإل إلشخصية من إلسس إالجتماعية وإلدينية إلمكونة للنظام إلعام‪.‬‬
‫ورغم أن إلنظام إلعام فكرة نسبية يتغير بتغير إلزمان وإلمكان‪ ،2‬إال إنه قبل دس تور ‪ 0211‬لم يكن‬
‫يثير أي إشكال في تحديد قاضي إلسرة لما يعتبر من إلنظام إلعام‪ ،‬العتماد وحدة إلمصدر وهو إلشريعة‬
‫إالسالمية إلتي تتميز بثبات أحكامها إلصالحة لكل زمان ومكان‪ ،‬إال أن ما ورد في نص إلمادة ‪ 000‬من إلدس تور‬
‫من حيث إعتبار إلحقوق و إلحرايت إلساس ية لالنسان و إلموإطن من إلثوإبت إلدس تورية‪ ،‬عندما منع‬
‫إلمساس بها‪ ،‬يمنحها قيمة قانونية أسمى من إلدس تور‪ ،‬كاس تثناء وحيد إلوإرد على مبدأ سمو إلدس تور على‬
‫إلمعاهدة إلدولية‪ 3،‬وبذلك يكون إلدس تور قد وسع من مجال إلحقوق و إلحرايت إلتي تعتبر من إلنظام إلعام‬
‫إلوطني‪ ،‬عندما إعتبر إتفاقيات حقوق إالنسان إلمدمجة في إلنظام إلقانوني إلجزإئري من قيم إلمجتمع إلجزإئري‪،‬‬
‫وضيق من مجال إلدفع بمخالفة مقتضيات إالتفاقيات إلدولية للنظام إلعام‪.‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬مدى إمكانية خمالفة قاضي شؤون األسرة ملقتضيات االتفاقيات‬
‫الدولية يف تطبيقاته‬

‫‪ -1‬عالل طحطاح‪ ،‬نص إلمادة‪ 11‬من قانون إلسرة إلجزإئري بين ظاهر إلصياغة وحتمية إلتفسير‪ ،‬مجلة صوت إلقانون‪ ،‬ع‪،0‬‬
‫إكتوبر‪ ،0210‬ص‪.09‬‬
‫‪2‬بلمامي عمر‪ ،‬إثر إالتفاقيات إلدولية في إعمال فكرة إلنظام إلعام في إلجزإئر‪ ،‬مجلة إلعلوم إالجتماعية و إالنسانية لجامعة‬
‫ابتنة‪ ،‬ع‪ ، 1990 ،0‬ص‪00‬‬
‫‪ -3‬رإبحي أحسن‪ ،‬مبدأ تدرج إلمعايير إلقانونية في إلنظام إلقانوني إلجزإئري‪ ،‬رسالة دكتورإه‪ ،‬جامعة إلجزإئر ‪،0221/0220 ،1‬‬
‫ص‪70‬‬
‫‪35‬‬

‫يتناول هذإ إلمبحث سلطة إستبعاد إلقاضي إلتفسير وفق مقتضيات إالتفاقيات إلدولية (إلمطلب‬
‫إلول)‪ ،‬ثم إلى أآاثر مخالفة إلقاضي للحقوق وإلحرايت إلتي تقتضيها إالتفاقيات إلدولية‪( :‬إلمطلب إلثاني)‬
‫املطلب االول‪ :‬سلطة استبعاد القاضي التفسري وفق مقتضيات االتفاقيات الدولية‬

‫طبقا لمبدأ إلشرعية إلتي نصت عليه إلمادة ‪ 110‬من إلدس تور‪ ،‬يلتزم إلقاضي في ممارسة وظيفته‬
‫ابحترإم مبدأ تدرج إلقوإنين‪ ،‬إلذي يقتضي في حالة تعارض إلنصوص إلقانونية إستبعاد إلنص أو إلتفسير إلموإفق‬
‫للقانون إلدنى درجة‪ ،‬ولما كرس إلدس تور سمو إالتفاقية إلدولية على إلقوإنين إلدإخلية‪ ،‬فانه يفترض أن يتم‬
‫إستبعاد إلقانون إلذي يتعارض معها‪.‬‬
‫كما يمكن أن يترتب على إعمال إالتفاقية إلدولية في تطبيق إلنصوص إلوطنية وتفسيرها‪ ،‬تعارضها مع‬
‫أحكام إلشريعة إالسالمية إلتي تعد هي أيضا من إلسس إلمكونة للنظام إلعام‪ ،‬ففي هذه إلحالة يكون إلخيار‬
‫أمام إلقاضي صعب‪ ،‬بين إاللتزإم ابالتفاقيات إلدولية ابعتبارها تسمو على إلقانون‪ ،‬وبين أحكام إلشريعة إالسالمية‬
‫إلتي تعتبر أن إلمصدر إلصلي لقانون إلسرة‪ ،‬لذلك يس تلزم تحديد مدى إمكانية إستبعاد إلقاضي تفسير قانون‬
‫إلسرة وفق مقتضيات إالتفاقيات إلدولية في حالة مخالفتها لحكام إلشريعة إالسالمية‪ ،‬ويتأتى ذلك من خالل‬
‫تحديد موقف إلدس تور من مكانة إالتفاقيات إلدولية (فرع أول)‪ ،‬ثم إلى موقف إلدس تور من مكانة إلشريعة‬
‫إالسالمية (فرع اثني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬املكانة الدستورية لالتفاقيات الدولية‬

‫إن سمو إلمعاهدإت أو إالتفاقيات إلدولة على إلقوإنين‪ ،‬ابلنظر إلى نص إلمادة‪ 171‬ال تسري على‬
‫إلدس تور‪ ،‬وإنما تكس بها إلمرتبة إلثانية في إلسلم إلقانوني بعده‪ ،‬بيد أن ما تضمنه نص إلفقرة إلخيرة من ديباجة‬
‫إلدس تور إلتي ورد فيها‪" :‬تشكل هذه إلديباجة جزءإ ال يتجزأ من هذإ إلدس تور‪ ".‬وما تضمنته إحدى فقرإتها‬
‫"يعبر إلشعب إلجزإئري عن تمسكه بحقوق إالنسان إلمنصوص عليها في إالعالن إلعالمي لحقوق إالنسان لعام‬
‫‪1948‬و إالتفاقيات إلدولية إلتي صادقت عليها إلجزإئر"‪ ،‬فانه يمكن إلقول إن مكانة إالتفاقيات إلدولية ابلنس بة‬
‫إلى إلدس تور من مكانة ديباجته‪.‬‬
‫وعليه فان كل من إالعالن إلعالمي لحقوق إالنسان و إالتفاقيات إلدولية إلتي صادقت عليها إلجزإئر‬
‫في مجال حقوق إالنسان تتمتع بقوة إلدس تور‪ ،‬وهذإ يوإفق تماما مع ما ورد في إلفقرة ‪ 0‬من إلم ‪ 192‬من‬
‫دس تور ‪- 0202‬جديدة ‪ ،-‬عندما فسح إلمجال للمحكمة إلدس تورية ابلفصل بقرإر في إطار إلرقابة إلدس تورية‬
‫إلسابقة وإلالحقة حول توإفق إلقوإنين و إلتنظيمات مع إلمعاهدإت إلدولية‪.‬‬
‫بناء عليه‪ ،‬فان إلحكام إلدس تورية فيما يخص حقوق إالنسان‪ ،‬لم تعد محصورة في إلوثيقة إلدس تورية‬
‫فحسب‪ ،‬وإنما إتسعت لتشمل أيضا أحكام إالعالن إلعالمي لحقوق إالنسان و إالتفاقيات إلدولية لحماية حقوق‬
‫إالنسان‪ ،‬إلعالمية منها و إالقليمية إلتي صادقت عليها إلجزإئر‪ ،‬مكونة بذلك كتلة دس تورية على غرإر بعض‬
‫‪36‬‬

‫إلدول إلعربية كالدس تور إلمصري و إالمارإتي‪ ،1‬ولما كانت إالتفاقيات إلدولية تكتسب نفس قيمة إلدس تور‪،‬‬
‫فان ما تتضمنه من أحكام ملزمة للدولة إلجزإئرية تنفي عن إلقاضي إلدفع بمخالفتها لحكام إلدس تور‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مكانة الشريعة اإلسالمية بالنسبة إىل الدستور‬

‫تتحدد مكانة إلشريعة إالسالمية في إلتنظيم إلدس توري‪ ،‬من خالل مبدأين هامين تضمنهما إلدس تور‬
‫وهما ‪ :‬إالسالم دين إلدولة إلمنصوص عليه في إلمادة إلثانية منه‪ ،‬ومبدأ عدم إلمساس ابلدين مطلقا لنه من‬
‫إلثوإبت إلتي ال يجوز مخالفتها‪ ،‬كما ورد في نص إلمادة ‪ 000‬منه جاء فيه "ال يمكن لي تعديل دس توري أن‬
‫يمس ابالسالم ابعتباره دين إلدولة‪ ".‬في موإجهة إلدس تور نفسه فيمنع إلتعديل أن يمس بمبادئ إلدين إالسالمي‪،‬‬
‫وإعتبار إلدين إالسالمي في منأى عن كل تعديل دس توري يجعلها من إلحكام فوق إلدس تورية‪ ،2‬فال يجوز‬
‫للقاضي مخالفتها وإن كان مقتضاها يخالف إلدس تور بما في ذلك إالتفاقيات إلدولية‪.‬‬
‫وهذإ إلحظر كمبدأ دس توري في موإجهة جميع إلمؤسسات إلوطنية وإلدولية‪ ،‬ويتعدى ليشمل أيضا‬
‫إلسلوكات إلخالقية إلمنافية للدين إالسالمي‪ ،‬كما ورد في إلمادة ‪ 11‬إلفقرة إلخيرة منه تنص على" منع‬
‫إلمؤسسات من إلقيام ابلسلوك إلمخالف للخالق إالسالمية‪".‬‬
‫فهذه إلموإد هي إلتي تفصل بين إلحقوق و إلحرايت و إلضماانت إلتي تحول دون تفسير قانون إلسرة‬
‫وفق مقتضيات إالتفاقيات إلدولية في حالة تعارضها مع إلشريعة إالسالمية‪ ،‬على إعتبار إلدين إالسالمي من أهم‬
‫إلثوإب إلوطنية إلتي يحميها إلدس تور‪.‬‬
‫وهو إلدفع إلذي إعتمدته إلدولة إلجزإئرية عند إبدإء تحفظاتها أو في موإجهة إلضغوطات إلدولية إلمطالبة‬
‫برفع تحفظاتها‪ ،‬منها ما ورد في تقرير إلجزإئر إلمقدم في ‪ 0229‬إلى إللجنة س يدإو بشأن أحكام إلميرإث جاء‬
‫فيه‪ ":‬تخضع إلحوإل إلشخصية لحكام إلشريعة إالسالمية ال س يما إالرث إلذي تحكمه قوإعد رابنية تنطبق‬
‫على إلمسلمين وهذه إلقوإعد جبرية ال يمكن إلمساس بها"‪.3‬‬
‫من خالل ما س بق‪ ،‬يبدو جليا تمسك إلجزإئر بأحكام إلشريعة إالسالمية إلقطعية إلثابتة في مسائل‬
‫تنظيم إلسرة و إلحوإل إلشخصية‪ ،‬للحفاظ على وحدة إلدين وإلهوية وحماية لكيان إلدولة و إلمجتمع‪.‬‬

‫‪ -1‬شوقي يعيش تمام إحكام تقديم إلدفع بعدم دس تورية إلقوإنين في تعديل إلدس توري ‪ 0202‬بين متطلبات إلتاصيل إلدس توري‬
‫وتجليات إلتاطير إلقانوني‪ ،‬مجلة إالجتهاد إلقضائي‪ ،‬إلمجلد ‪ ،10‬ع‪10 ،21‬مارس‪ ،0201‬مخبر إثر إالجتهاد إلقضائي على حركة‬
‫إلتشريع‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬ص‪19‬‬
‫‪ -2‬سهيلة قمودي‪ ،‬مصير إتفاقيات حقوق إالنسان في إلنظام إلقانوني إلجزإئري‪ ،‬مجلة إلحقوق و إلعلوم إالنسانية‪ ،‬إلمجلد ‪،10‬‬
‫ع ‪ ،0201 ،20‬ص‪000‬‬
‫‪ -3‬بن عويمر محمد إلصالح‪ ،‬إلمساوإة بين إلجنسين في إبرإم عقد إلزوإج في قانون إالسرة إلجزإئري و إلموإثيق إلدولية‪،‬‬
‫إطروحة دكتورة‪ ، 0211/0210 ،‬جامعة إبو بكر بلقايد تلمسان‪ ،‬ص ‪097‬‬
‫‪37‬‬

‫وابلتالي فان إستبعاد إلقاضي للتفسير إلموإفق لالتفاقيات إلدولية إلمتعارضة مع إلدس تور ال يحيد عن‬
‫مبدأ إحترإم تدرج إلقوإنين‪ ،‬على إعتبار أن حماية إلسرة وفق ما يقتضيه إلدين إالسالمي وقيم إلشعب إلجزإئري‬
‫مكفول دس توراي‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬آثار خمالفة القاضي للحقوق واحلريات اليت تقتضيها االتفاقيات‬
‫الدولية‬

‫يترتب على مخالفة إلقاضي عند تطبيق نصوص قانونه إلدإخلي للحقوق وإلحرايت إلمنصوص عليها في‬
‫إتفاقيات حقوق إالنسان‪ ،‬دفع إلمتقاضي بعدم دس تورية إلنص إلتشريعي (فرع أول)‪ ،‬وفي حالة عدم إس تجابة‬
‫إلمؤسسات إلوطنية للمطالب يتيح للمتقاضي تقديم تظلمات على إلمس توى إلدولي وإالقليمي (فرع اثني)‬
‫الفرع األول‪ :‬الدفع بعدم دستورية النص التشريعي أمام احملاكم الوطنية‪:‬‬

‫إن إلدفع بعدم إلدس تورية كحق للفرإد‪ ،‬إس تحدثه دس تور ‪ 0211‬بموجب إلمادة‪ 100‬منه في إطار‬
‫تعزيز إلرقابة إلالحقة على دس تورية إلقوإنين‪ ،‬وتعزيز حماية حقوق و حرايت إلفرإد‪ ،‬بعدما كانت قاصرة على‬
‫إلهيئات إلس ياس ية فقط‪ ،1‬و هو إجرإء دفاعي‪ ،‬مخول للفرإد‪ ،‬من أجل حماية حقوقهم إلمعترف بها دس توراي‪،‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬صدر بشأن تنفيذها إلقانون إلعضوي رقم ‪ 10/11‬إلصادر في ‪ 20‬سبتمبر ‪ 0210‬إلمحدد لشروط‬
‫و كيفيات تطبيق إلدفع بعدم إلدس تورية إلذي دخل حيز إلتطبيق في ‪ 27‬مارس ‪. 0219‬‬
‫هذإ وأضاف دس تور ‪ 0202‬بموجب إلم ‪ 190‬إلدفع بعد دس تورية إلحكم إلتشريعي أو إلتنظيمي إلذي‬
‫يتوقف عليه مأل إلنزإع أمام إلمحكمة إلدس تورية‪ ،‬بناء على إحالة من إلمحكمة إلعليا أو مجلس إلدولة‪ ،‬إلتي‬
‫تنظر في ما إذإ كان مأل إلنزإع ينتهك إلحقوق و إلحرايت إلتي يضمنها إلدس تور‪ ،‬ليوإفق هذإ إالجرإء‪ ،‬كأدإة‬
‫وضعها إلدس تور في يد إلمتقاضين‪ ،‬مع ما جاء في ديباجة إلدس تور‪ ،‬عندما منح للمتقاضين حق إلتمسك‬
‫ابلحقوق و إلحرايت إلصادرة في إالعالن إلعالمي لحقوق إالنسان‪ ،‬تمكنهم من فرض حقوقهم و حرايتهم‬
‫إلساس ية‪ ،‬في حالة تعارض إلنص إلتشريعي إلوطني إلمنظم لهذه إلحقوق و إلحرايت مع ما جاء في إالعالن و‬
‫إالتفاقيات إلدولية إلمتعلقة بحقوق إالنسان عن طريق إلدفع بعدم دس توريتها‪2 .‬‬

‫إن إلمشرع إلدس توري بمنح إالتفاقيات إلدولية على غرإر غالبية إلدول قيمة دس تورية‪ ،‬وسع من نطاق‬
‫إلكتلة إلدس تورية خارج إلوثيقة إلدس تورية‪ ،‬ليمتد إلى إلمعاهدإت في وجوب توإفق إلقوإنين و إلتنظيمات‪،‬‬

‫‪ -1‬بن صديق فتيحة‪ ،‬هاملي محمد‪ ،‬إلدفع بعدم إلدس تورية في إلنظام إلدس توري إلجزإئري‪ :‬مؤشر إلتوجه نحو إلرقابة إلقضائية‬
‫على دس تورية إلقوإنين‪ ،‬مقال منشور‪ ،‬إلمجلة إالكاديمية للبحث إلقانوني‪ ،‬إلمجلد ‪ ،10‬ع‪ ،20‬س نة ‪ ،0201‬ص‪000‬‬
‫‪ -2‬طبقا للمادة ‪ 01‬من نفس إلقانون جاء فيها " يسري مفعول هذإ إلقانون إلعضوي إبتدإء من ‪ 7‬مارس س نة ‪"0219‬‬
‫‪38‬‬

‫وهو إالجتهاد إلذي إعتمده إلمجلس إلدس توري إلذي س بق وإن إستند عليه في تفسيره للنصوص إلقانونية‪،1‬‬
‫وابلتبعية توسع مجال إلتزإم إلقاضي بتطبيق إلقانون وتفسيره ليكون في إطار إلكتلة إلدس تورية‪.‬‬
‫في إطار حماية مبدأ إلشرعية إلدس تورية في تطبيق إلقوإنين‪ ،‬فان حدود إلحقوق وإلحرايت إلقابلة‬
‫للدفع بعدم إلدس تورية إلتي يتمسك بها إلفرإد في حالة إلنزإع تتسع لتشمل كل ما تضمنه إلدس تور وديباجته‪،‬‬
‫وما أحالت عليه من إالعالن إلعالمي للحقوق إالنسان وإالتفاقيات إلدولية للحقوق إالنسان‪ ،‬مع مرإعاة إلثوإبت‬
‫إلوطنية في إطار ما يعرف بوحدة إلقانون‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الدفع على املستوى االقليمي والدولي عن طريق التظلمات الفردية‪:‬‬

‫إعتمد هذإ إالجرإء في كثير من إلمعاهدإت و إالتفاقيات إلدولية و إالقليمية إلى جانب نظام إلتقارير‪،‬‬
‫لتعزيز إلرقابة على تنفيذ إالتفاقيات‪ ،‬وذلك لضمان إحترإم حقوق و حرايت إلفرإد إلدولية على إلصعيد إلوطني‪،‬‬
‫حيث تلتزم إلدول بوضع أليات دولية و إقليمية‪ ،‬تمكن إلفرإد حماية حقوقهم وحرايتهم إلمعترف بها إقليميا‬
‫ودوليا‪ ،‬ففي حالة إخفاق إالجرإءإت إلقضائية في إلتصدي النتهاكات حقوق إالنسان‪ ،‬يالحظ أن إلليات و‬
‫إالجرإءإت إلمتعلقة ابلتظلمات إلفردية متاحة على إلمس تويين إالقليمي و إلدولي من إجل إلمساعدة ابلقيام على‬
‫نحو حقيقي ابحترإم و تنفيذ و تطبيق معايير حقوق إالنسان إلدولية على إلصعيد إلمحلي‪.2‬‬
‫اخلامة‪:‬‬

‫مما س بق تقديمه تبين‪:‬‬


‫‪ -1‬أن إلتزإم قاضي شؤون إلسرة ابلمادة‪ 171‬إلتي جاء بها تعديل إلدس تور‪ ،‬يؤدي إلى إضافة‬
‫مرجعية أخرى إلى جانب إلمرجعية إلدينية‪ ،‬إلتي ظلت تحكم قانون إلسرة في نصه وفي فحوإه‪ ،‬ابعتبار أن‬
‫إلشريعة إالسالمية إلمصدر إلصلي و إالحتياطي للقانون‪.‬‬
‫‪ -0‬إن إعتبار إالعالن إلعالمي من قيم إلشعب إلجزإئري‪ ،‬وتبوء إالتفاقيات إلدولية إلمعنية بحقوق‬
‫إالنسان في ظل تعديل ‪ 0202‬مكانة إلدس تور مما يجعلها تشكل كتلة دس تورية‪ ،‬ال يعني أنها توإزي مكانة‬
‫إلشريعة إالسالمية فهيي فوق إلدس تورية‪ ،‬يحظر مطلقا إلمساس ابلدين إالسالمي و إلثوإبت إلوطنية حتى‬
‫إلدس تور نفسه‪ ،‬وهي تتعلق ابلحكام إلشرعية إلثابتة و إلقطعية‪ ،‬فهيي أصل تحفظات إلدولة إلجزإئرية على‬
‫بعض نصوص إلمعاهدإت إلمصادق عليها أو تضييق تطبيقا عن طريق إعتماد إالعالانت إلتفسيرية‪.‬حفاظا على‬
‫إلكليات إلخمس ومقاصده‪.‬‬

‫‪ -1‬فزإدري زهيرة‪ ،‬عيسى زهية‪ ،‬تعزيز إختصاص إلقضاء إلدس توري بتفسير نصوص إلدس تور في ظل إلتعديل إلدس توري‬
‫لس نة ‪ ،0202‬إلمجلة إلجزإئرية للعلوم إلقانونية‪ ،‬إلمجلد ‪ ،00‬ع‪ ،0201 ،20‬ص‪090‬‬
‫‪ -2‬إلمم إلمتحدة‪ ،‬إالعالن إلعالمي لحقوق إالنسان ‪ ،‬كيف يحمي إلقانون إلدولي حقوق إالنسان‪ ،‬على إلرإبط‬
‫‪un.org/ar/documents‬‬
‫‪39‬‬

‫‪ -0‬توس يع نطاق إالجتهاد في إلمسائل إلشرعية إلمختلف فيها‪ ،‬وهذإ من شأنه أن يؤدي إلى إلمساس‬
‫بمبادئ إلشريعة إالسالمية‪ ،‬أهمها إلكليات إلخمس من حفظ إلدين و إلنفس و إلنسل و إلمال و إلعرض‪.‬‬
‫‪ -0‬إنه يقع على عاتق إلقاضي ابالضافة إلى وجوب معرفته بأحكام إلشريعة إالسالمية بمصادرها‬
‫إلمختلفة‪ ،‬عبء إالضطالع بنصوص إالتفاقيات إلتي صادقت عليها إلدولة إلجزإئرية وفق إلشروط إلمقررة في‬
‫إلدس تور من جهة‪ ،‬وجميع إلتحفظات و إالعالانت إلتفسيرية إلتي أبدتها إلدولة بشأن نصوصها‪.‬‬
‫وأمام إلتحدايت إلتي توإجه قاضي شؤون إلسرة في مجال تطبيق إلقانون و تفسيره‪ ،‬وأمام هذإ إلتوجه‬
‫نحو تكريس تنفيذ إاللتزإمات إلدولية في مجال تنفيذ إلحقوق وإلحرايت قضائيا‪ ،‬نوصي بما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تعديل قانون إلسرة بصياغات قانونية دقيقة ووإضحة وإالبتعاد عن إلعمومية و إلغموض و إللبس و‬
‫إضافة موإد جديدة تتضمن إلمسائل إلتي أغفلها إلقانون إلحالي وسد إلثغرإت ابالعتماد على إلبحاث و إلدرإسات‬
‫من أهل إالختصاص في إلجانبين إلقانوني و إلشرعي‪.‬‬
‫‪ -0‬تعزيز سلطة قاضي شؤون إلسرة في حماية إلنظام إلعام وإلآدإب إلعامة وفق ما تقتضيه إلشريعة‬
‫إالسالمية‪.‬‬
‫‪ -0‬إنشاء محاكم متخصصة في شؤون إلسرة وإعتماد إلتخصص إلقضائي في مجال إلحوإل إلشخصية‪.‬‬
‫‪ -0‬إعتماد إلتكوين وإلتدريب إلمتخصص للقضاة في مجال قضاء إلسرة على مس توى إلدرإسات‬
‫إلعليا‪.‬‬
‫‪ -0‬إنشاء لجنة خاصة لدى إلمحكمة إلعليا مكونة من قضاة و علماء إلشريعة إالسالمية تنظر في مسائل‬
‫إلحوإل إلشخصية‪.‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‪:‬‬

‫‪ -1‬محمد أبو زهرة‪ ،‬إلحوإل إلشخصية‪ ،‬ط‪ ،0‬دإر إلفكر إلعربيي‪ ،‬إلقاهرة‪1077 ،‬هـ‪ 1907 ،‬م‬
‫‪ -0‬وحياني جياللي‪ ،‬حماية حقوق إلمرأة في قانون إلسرة إلجزإئري على ضوء إالتفاقيات إلدولية‪،‬‬
‫أطروحة دكتورإه‪ ،‬جامعة تلمسان‪،0219/0210 ،‬‬
‫‪ -0‬نوي دالل‪ ،‬دور قاضي شؤون إلسرة في حماية إلنظام إلعام و إلآدإب إلعامة‪ ،‬رسالة دكتورإه‪،‬‬
‫تخصص قانون أسرة‪ ،0201/0202 ،‬جامعة إلجزإئر‪،1‬‬
‫‪ -0‬زيوي خير إلدين‪ ،‬إدماج إلمعاهدإت إلدولية في إلنظام إلقانوني إلدإخلي إلجزإئري طبقا لدس تور‬
‫س نة ‪ ،1991‬رسالة ماجس تير‪ ،‬إلقانون إلدولي و إلعالقات إلدولية‪0220/0220 ،‬م‪ ،‬جامعة إلجزإئر ‪1‬‬
‫‪ -1‬نوإرة إلعشي‪ ،‬دور قاضي شؤون إلسرة في حفظ إلآدإب إلعامة‪ ،‬حوليات جامعة إلجزإئر‪ ،1‬ع‪،01‬‬
‫ج‪.0‬‬
‫‪ -7‬شوقي يعيش تمام أحكام تقديم إلدفع بعدم دس تورية إلقوإنين في تعديل إلدس توري ‪ 0202‬بين‬
‫متطلبات إلتأصيل إلدس توري وتجليات إلتأطير إلقانوني‪ ،‬مجلة إالجتهاد إلقضائي‪ ،‬إلمجلد ‪ ،10‬ع‪،21‬‬
‫‪10‬مارس‪ ،0201‬مخبر إثر إالجتهاد إلقضائي على حركة إلتشريع‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪،‬‬
‫‪40‬‬

‫‪ -0‬عالل طحطاح‪ ،‬نص إلمادة‪ 11‬من قانون إلسرة إلجزإئري بين ظاهر إلصياغة وحتمية إلتفسير‪،‬‬
‫مجلة صوت إلقانون‪ ،‬ع‪ ،0‬إكتوبر‪.0210‬‬
‫‪ -9‬لمامي عمر‪ ،‬إثر إالتفاقيات إلدولية في إعمال فكرة إلنظام إلعام في إلجزإئر‪ ،‬مجلة إلعلوم إالجتماعية‬
‫و إالنسانية لجامعة ابتنة‪ ،‬ع‪.1990 ،0‬‬
‫‪ -12‬رإبحي أحسن‪ ،‬مبدأ تدرج إلمعايير إلقانونية في إلنظام إلقانوني إلجزإئري‪ ،‬رسالة دكتورإه‪ ،‬جامعة‬
‫إلجزإئر ‪،0221/0220 ،1‬‬
‫‪ -11‬سهيلة قمودي‪ ،‬مصير إتفاقيات حقوق إالنسان في إلنظام إلقانوني إلجزإئري‪ ،‬مجلة إلحقوق و إلعلوم‬
‫إالنسانية‪ ،‬إلمجلد ‪ ،10‬ع ‪،0201 ،20‬‬
‫‪ -11‬فزإدري زهيرة‪ ،‬عيسى زهية‪ ،‬تعزيز إختصاص إلقضاء إلدس توري بتفسير نصوص إلدس تور في‬
‫ظل إلتعديل إلدس توري لس نة ‪ ،0202‬إلمجلة إلجزإئرية للعلوم إلقانونية‪ ،‬إلمجلد ‪ ،00‬ع‪،0201 ،20‬‬
‫‪ -10‬رايض إلصبح‪ ،‬إالتفاقيات إلدولية لحقوق إالنسان وفلسفة إلتشريع إلوطني‪ ،‬بحث منشور على‬
‫إلموقع إلرسمي لرإديو إلبلد‪ ،‬عمان‪ ،‬بتاريخ ‪Hhtp://ammannet ،21:00 ،0202/10/20‬‬
‫‪ -10‬إلمم إلمتحدة‪ ،‬إالعالن إلعالمي لحقوق إالنسان‪ ،‬كيف يحمي إلقانون إلدولي حقوق إالنسان‪ ،‬على‬
‫إلرإبط ‪un.org/ar/documents‬‬
‫‪ -10‬رش يدة مانج‪ ،‬تقرير إلمقررة إلخاصة إلمعنية ابلعنف ضد إلمرأة وأس بابه وعوإقبه ‪ ،‬في ‪ ٠٠‬تشرين‬
‫إلثاني ‪ / -‬إلس يدة رش يدة مانجو ‪ ،‬عن بعثتها إلى إلجزإئر ‪٠‬نوفمبر ‪ ،٥٠٠٠‬إلمم إلمتحدة‬
‫‪A/HRC/17/26/Add.‬‬
‫القوانني‪:‬‬
‫‪ -10‬دس تور ‪ 1991‬إلصادر في إلجريدة إلرسمية رقم عدد ‪ 76‬إلمؤرخة في ‪ 08‬ديسمبر ‪، 1996‬‬
‫إلمعدل ابلقانون رقم ‪03-02‬إلمؤرخ في ‪ 10‬أبريل ‪ 2002‬إلجريدة إلرسمية رقم ‪ 25‬إلمؤرخة في ‪ 14‬أبريل‪2002‬‬
‫إلقانون رقم ‪ 19-20‬إلمؤرخ في ‪ 15‬نوفمبر ‪ 2008‬إلجريدة إلرسمية رقم ‪ 63‬إلمؤرخة في ‪ 16‬نوفمبر‪ 2008‬إإلقانون‬
‫رقم ‪ 21-11‬لمؤرخ في ‪ 06‬مارس ‪ 2016‬إلجريدة إلرسمية رقم‪ 14‬إلمؤرخة في ‪ 7‬مارس ‪ 2016‬و إلمرسوم‬
‫إلرئاسي رقم ‪ 442 – 20‬إلمؤرخ في ‪ 30‬ديسمبر ‪ ، 2020‬إلمتعلق ابصدإر إلتعديل إلدس توري ‪ ،‬إلمصادق‬
‫عليه في إس تفتاء أول نوفمبر س نة ‪ ، 2020‬في إلجريدة إلرسمية للجمهورية إلجزإئرية إلديمقرإطية إلشعبية ‪،‬‬
‫إلمنشور في إلجريدة إلرسمية رقم ‪ 82‬إلمؤرخة في ‪ 30‬ديسمبر‪.0202‬‬
‫‪ -02‬إلقانون إلعضوي رقم ‪ 10/11‬إلصادر في ‪ 20‬سبتمبر ‪ 0210‬إلمحدد لشروط و كيفيات تطبيق‬
‫إلدفع بعدم إلدس تورية‪ ،‬إلذي دخل حيز إلتطبيق في ‪ 27‬مارس ‪. 0219‬‬
‫‪ -01‬مجلة إلمحكمة إلعليا‪ ،‬ملف رقم ‪ ،117070‬بتاريخ ‪ ،0210 ،0211/20/10‬ع‪.090 ،21‬‬
‫‪41‬‬ ‫جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

‫امللتقى الوطين الرابع‪ ،‬مصادر قانون األسرة اجلزائري‪ 11 ،‬جويلية ‪2222‬‬

‫اإلطار القانوني الستناد القاضي اجلزائري إىل مبادئ‬


‫الشريعة اإلسالمية يف أحكامه‬
‫‪The legal framework for the Algerian judge to rely on the‬‬
‫‪principles of Islamic law in his rulings‬‬
‫عائشة عبد احلميد‬
‫جامعة الشاذلي بن حديد‪ ،‬الطارف‬
‫‪draicha614@gmail.com‬‬

‫امللخص باللغة العربية‪:‬‬


‫تعرف السلطة القضائية بأنها الجهة المكلفة ابلفصل في المنازعات والخصومات بين أشخاص المجتمع‪،‬‬
‫ويؤدي القضاء دورا كبيرا في تحقيق العدالة بين أفراد المجتمع‪ ،‬واس تقرار المعامالت بينهم‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫سلطة تمارسها الدولة وتباشر كل ما يخصها‪ ،‬تسمى ''السلطة القضائية'' التي تشكل ركيزة دولة القانون‪ ،‬وضامن‬
‫الحماية للحقوق والحرايت‪.‬‬
‫يمارس القاضي الجزائري سلطاته وفقا للقانون ونعني ابلقانون مجموعة القواعد الوضعية التي هي من‬
‫صنع ألة التشريع‪.‬‬
‫حيث يؤسس حكمه القاضي ابلعقوبة وفقا للقانون الوصفي طبقا للمادة ‪ 01‬من القانون المدني الجزائري‪.‬‬
‫حيث تعد الشريعة الإسالمية المصدر الثاني للحكم بعد التشريع‪ ،‬هذا التوجه جاء من خالل خلفيات‬
‫اتريخية واس تعمارية لن الجزائر وبحكم احتاللها من فرنسا لزيد من ‪ 130‬س نة‪ ،‬وهذه الخيرة أي فرنسا لم‬
‫تكن تس تعمل أحكام الشريعة الإسالمية اإل في القضااي المتعلقة ابلسرة‪ ،‬وقد سار المشرع الجزائري على‬
‫منهجه‪ ،‬فال يس تعمل القاضي الجزائري مبادئ الشريعة الإسالمية اإل في القضااي المتعلقة ابلسرة‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬أحكام القضاء؛ التشريع؛ الشريعة الإسالمية؛ القانون الجزائري؛ العدالة‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪The judicial authority is known as the body charged with settling disputes and disputes‬‬
‫‪between people of society, and the judiciary plays a major role in achieving justice among members‬‬
‫‪of society and stabilizing transactions between them, through an authority exercised by the state and‬‬
‫‪carrying out everything related to it. State of law, and a guarantor of protection for rights and‬‬
‫‪freedoms.‬‬
‫‪42‬‬

‫‪The Algerian judge exercises his powers in accordance with the law, and by law we mean a‬‬
‫‪set of man-made rules that are the creation of the legislative instrument.‬‬
‫‪Where he establishes his sentence ruling the punishment according to the descriptive law‬‬
‫‪according to Article 01 of the Algerian Civil Code.‬‬
‫‪Where Islamic law is the second source of rule after the legislation. This approach came from‬‬
‫‪historical and colonial backgrounds because Algeria, by virtue of its occupation of France for more‬‬
‫‪than 130 years, and the latter, namely France, did not use the provisions of Islamic law except in cases‬‬
‫‪related to the family, and the Algerian legislator followed suit. In his approach, the Algerian judge‬‬
‫‪does not use the principles of Islamic law except in cases related to the family.‬‬
‫‪Key words: Judicial provisions ; legislation ; Islamic law ; Algerian law ; Justice.‬‬

‫مقدمة املداخلة‪:‬‬

‫لم يكن للجزائر قبل الس تعمار الفرنسي عام ‪ ،1830‬أي قانون عدا القانون الذي نصت عليه الشريعة‬
‫الإسالمية‪ ،‬واس تمر هذا القانون في السراين اإلى فترة قصيرة بعد الس تعمار‪ ،‬حيث كانت تطبق العقوابت‬
‫الشرعية‪ ،‬وإان لم يكن هذا التطبيق شامال لكل أنحاء الجزائر‪.‬‬
‫ففي غرب الجزائر مثال‪ ،‬أقبل المير عبد القادر عل الوظائف الشرعية‪ ،‬فعين في كل عمالة وكل دائرة‬
‫واسعة النحاء قاضيا عالما‪ ،‬يفضل في القضااي الشرعية عل مذهب الإمام مالك‪ ،‬وشرط أن يكون فقيها‪ ،‬نزيها‪،‬‬
‫مشهورا ابلعفاف والقيام بأمور الدين‪ ،‬وقد حاولت السلطات الفرنس ية‪ ،‬أن تبسط قوانينها التي تخدم مصالحها‬
‫في كل مكان‪ ،‬ولما يتس نى لها ذلك‪ ،‬عمدت اإلى تجزئة القوانين‪ ،‬حيث وضعت للنزاعات التي يكون أطرافها‬
‫أو أحدهما فرنس يا قانوان خاصا‪ ،‬وهو قانون العقوابت الفرنسي‪ ،‬وأما النزاعات التي تقوم بين الجزائريين فيما‬
‫بينهم‪ ،‬فيطبق فيها القانون الجزائري‪ ،‬وفي ‪ 26‬سبتمبر ‪ ،1842‬طبقت السلطات الفرنس ية التنظيم القضائي‬
‫الفرنسي الجديد في الجزائر‪ ،‬وبدأ العمل به في جانفي ‪ ،1843‬وبذلك مسح القضاء الإسالمي نهائيا‪1.‬‬

‫وقد طبقت السلطات الفرنس ية بعد ذلك قوانين متعددة عل الجزائريين‪ ،‬ل وجود لها في قانون العقوابت‬
‫الفرنسي‪ ،‬وإانما كانت عقوابت تتماشى مع مصالحها‪.‬‬
‫وبصدور المر الجديد في ‪ 23‬نوفمبر ‪ ،1944‬أصبح بموجبه جميع الجزائريين خاضعين على العموم‬
‫للتشريع النافذ على الفرنس يين‪ ،‬وقد حمل هذا المر بعض الإصالحات‪ ،‬حيث نظم طرق المعارضة‪ ،‬وإاجراءات‬
‫التنفيذ المؤقت والقضاء المس تعجل‪.‬‬
‫وحصر اختصاص القاضي الشرعي في الحوال الشخصية وحدد اختصاص المحاكم وألغى التمييز بين‬
‫الجزائريين‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬كما ألغى العقوبة الإدارية‪ ،‬وابندلع الثورة التحريرية في ‪ 01‬نوفمبر ‪ ،1954‬ألغت فرنسا‬

‫‪ -1‬منصور رحماني‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي العام‪ ،‬دار العلوم‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪43‬‬

‫بعض الإصالحات بموجب المر السابق‪ ،‬فأنشأت الحكام العسكرية والخاصة‪ ،‬وفي ‪ 22‬ديسمبر ‪ 1958‬صدر‬
‫المر رقم ‪ 1297/58‬والذي عدل المادة ‪ 447‬من قانون العقوابت الفرنسي‪ ،‬وأصبح بمقتضاه قانون العقوابت‬
‫المطبق في فرنسا هو المطبق في الجزائر‪.‬‬
‫وعند حصول الجزائر على اس تقاللها عام ‪ ،1962‬صدر المر رقم ‪ ،157-62‬المؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر‬
‫‪ ،1962‬ويقضي بتمديد مفعول التشريع الفرنسي المطبق في الجزائر‪ ،‬في ذلك التاريخ‪ ،‬اإل ابس تثناء الحكام‬
‫التي تتعارض مع الس يادة الوطنية‪1.‬‬

‫اإن خضوع القاضي الجزائري للقانون يجعله يس تنبط أحكامه من القانون الوضعي وفقا للحكام‬
‫الدس تورية‪ ،‬ولكنه في أحيان عديدة يلجأ اإلى أحكام الشريعة الإسالمية خاصة اإذا ما تعلق المر ابلمبادئ‬
‫الناظمة لشؤون السرة‪ ،‬ولكن يبقى اعتماد‪ ،‬على مبادئ الشريعة الإسالمية بصفة احتياطية ولكنها مصدر‬
‫رسمي اثن‪.‬‬
‫نعتمد في دراستنا على المنهج التحليلي والمنهج الوصفي‪ ،‬لنجيب عن هذه الإشكالية‪:‬‬
‫‪ -‬ما هو معيار استناد القاضي الجزائري اإلى مبادئ الشريعة الإسالمية في أحكامه؟‬
‫املبحث األول‪ :‬االستناد القضائي للتشريع الوضعي‬

‫ولية القضاء من أعلى الولايت قدرا وأجلها خطرا وأعزها مكاان‪ ،‬وأعظمها شأان‪ ،‬وأشرفها ذكرا‪ ،‬فقد‬
‫أصبح مبدأ الس تقالل القضاء جزءا من الضمير الإنساني بحيث لم يعد من القبول اإنكاره‪ ،‬بل أصبح مبدأ حتميا‬
‫لتأمين العدالة‪ ،‬وكفالة الحقوق وصون الحرايت‪.‬‬
‫ومن ثم فاإن القضاء سلطة من سلطات الدولة الثالث‪ ،‬وليس وظيفة من وظائفها‪ ،‬وأن يكون محايدا‬
‫بعيدا عن كل نزعة مذهبية أو عقائدية‪ ،‬وأن يكون القضاة متحررون من أي تدخل أو اإشراف أو رقابة‪2.‬‬

‫وابلرجوع اإلى القانون العضوي رقم ‪ ،11-04‬المؤرخ في ‪ 6‬سبتمبر ‪ ،2004‬يتضمن القانون الساسي‬
‫للقضاء‪ ،‬يعني القضاة بموجب مرسوم رئاسي بناء على اقتراح من وزير العدل وبعد مداولة المجلس العلى‬
‫للقضاء‪3.‬‬

‫حيث تنص المادة ‪ 08‬من القانون الساسي للقضاء على ما يلي‪'' :‬يجب على القاضي أن يصدر أحكامه‬
‫طبقا لمبادئ الشرعية والمساواة‪ ،‬ول يخضع في ذلك اإل للقانون‪ ،‬وأن يحرص على حماية لمصلحة العليا''‪.‬‬

‫‪ -1‬منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.50‬‬


‫‪ -2‬طاهري حسين‪ ،‬التنظيم القضائي الجزائر‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2013 ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ -3‬القانون العضوي رقم ‪ ،11-04‬المؤرخ في ‪ 21‬رجب عام ‪1425‬ه الموافق لــــــــ ‪ 06‬سبتمبر س نة ‪ ،2004‬يتضمن القانون‬
‫الساسي للقضاء‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،57‬المؤرخة في ‪ 23‬رجب عام ‪1425‬ه‪ ،‬الموافق لـــــــ ‪ 08‬سبتمبر لس نة ‪،2004‬‬
‫ص‪.13‬‬
‫‪44‬‬

‫عندما يتحدثون عن القاضي‪ ،‬يتصورون في مخليتهم الرجل المحترم‪ ،‬المتعلم المس تغني عن الآخرين‪،‬‬
‫ماداي وعقليا‪ ،‬وأضيف اإلى تلك الصورة النموذجية‪ ،‬كون الرجل دارسا للقانون متدراب على يد القانونين المخضرمين‬
‫ومتدرجا في وظائف القضاء‪ ،‬مشهودا له بتحري العدل والنزاهة‪.‬‬
‫ثم اإن حق التقاضي مكفول للناس‪ ،‬فلكل شخص حق اللجوء إالى القضاء‪ ،‬بقصد الحصول على الحماية‬
‫القضائية‪ ،‬وتكفل الدولة تقريب القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضااي‪.‬‬
‫حيث يحكم القاضي خالل حكمه ابإحدى الوس يلتين‪:‬‬
‫‪ -‬نظام القاضي الفرد‪ :‬وهو النظام الذي يبعث في نفس القاضي الشعور ابلمسؤولية‪ ،‬فيحمله على‬
‫الإخالص في العمل مما يدفع بع اإلى الدقة من أجل العمل على التطبيق السليم للقاضي‪ ،‬ويكون هذا في‬
‫المحكمة البتدائية‪.‬‬
‫‪ -‬نظام تعدد القضاة‪ :‬وهو أن يشترك في الحكم عدة قضاة‪ ،‬مما يسمح بمناقشة القضية‪ ،‬ونظام تعدد‬
‫القضاة يبعد القاضي عن المؤثرات والرغبات مما يكفل له النزاهة والس تقاللية‪ ،‬ويبرز هذا النظام في محاكم‬
‫الس تئناف‪1.‬‬

‫اإن الترتيب الوارد في المادة الولى ملزم‪ ،‬على الرغم من ضرورة اإعادة النظر فيه‪ ،‬وذلك ابإعادة العتبار‬
‫للشريعة الإسالمية‪ ،‬وجعلها مهيمنة على التشريع كله‪ ،‬وبمختلف مراتبه‪ ،‬تطبيقا للمادة الثانية من للدس تور‬
‫الجزائري والتي تنص على ما يلي‪'' :‬الإسالم دين الدولة'' ‪ ،2‬يستند القاضي الجزائري اإلى القانون الوضعي أو‬
‫ما يسمى التشريع من أجل تطبيقه على النزاع المطروح أمامه‪.‬‬
‫املطلب األول‪ -‬التشريع كمصدر رمسي للقضاء اجلزائري‪:‬‬
‫يعد التشريع مصدرا وطنيا (داخليا) للقانون‪ ،3‬فالتشريع هو مختلف القواعد القانونية التي تصدر عن‬
‫السلطة التشريعية (البرلمان بغرفتيه)‪ ،‬ويصدر في شكل قانون ‪.Loi‬‬
‫اإن التشريع كمصدر رسمي للقانون‪ ،‬هو وضع القواعد القانونية المكتوبة بواسطة السلطة العامة المختصة‬
‫بذلك في الدولة وهي عادة السلطة التشريعية‪4.‬‬

‫‪ -1‬فريجة حسين‪ ،‬المبادئ الساس ية في قانون الإجراءات المدنية والإدارية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،2013 ،‬‬
‫ص‪.07‬‬
‫‪ -2‬نسرين شريقي‪ ،‬سعيد بوعلي‪ ،‬القانون الدولي الخاص الجزائري‪ ،‬دار بلقيس‪ ،‬الجزائر‪ ،2013 ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -3‬القانون رقم ‪ ،01-16‬المؤرخ في ‪ 06‬مارس ‪ ،2016‬ج‪.‬ر عدد ‪ 14‬المؤرخة في ‪ 07‬مارس‪ ، 2016‬يتضمن التعديل‬
‫الدس توري‪.‬‬
‫‪ -4‬حبيب ابراهيم الخليلي‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2012 ،‬ص‪.371.‬‬
‫‪45‬‬

‫وتختلف التشريعات في قوتها وطريقة س نها بحسب السلطة المصدرة لها‪ ،‬فأعالها درجة هو الدس تور‬
‫(التشريع الساسي)‪ ،‬وأوسطها هو التشريع العادي وأدانها هو التشريع الفرعي‪ ،‬اإن كلمة قانون تس تعمل للتعبير‬
‫عن التشريع العادي‪ ،‬فهو يعبر عن مجموعة القواعد المنظمة لسلوك وعالقات الشخاص في المجتمع على وجه‬
‫ملزم سواء كان مصدرها التشريع أو غيره من المصادر‪ ،‬فيراعي دائما اإصداره من صاحبة الختصاص في وضع‬
‫التشريع وهو السلطة التشريعية حيث تنص المادة ‪ 165‬من الدس تور على ما يلي‪'' :‬ل يخضع القاضي إال‬
‫للقانون''‪.‬‬
‫يعد القضاء الجزائري معتمدا اعتمادا رئيسا على القانون الوضعي أو التشريع‪ ،‬وهو ما يصدر عن السلطة‬
‫التشريعية سواء أكان قانوان عضواي أو قانوان عاداي‪ ،‬ويظل خضوعه السمى للدس تور وقوانين الجمهورية‪،‬‬
‫فالحكام القضائية التي تصدر عن المحاكم‪ ،‬مجرد قرارات فردية تصدر تطبيقا للقواعد القانونية‪ ،‬لهذا ل يتصور‬
‫أن يكون القضاء مصدرا للقانون‪ ،‬بهذا المعنى‪ ،‬فاإن الحكام تطبق القواعد القانونية ول تخلقها‪1.‬‬

‫فالقاضي يمارس سلطة واسعة في تفسير القانون الوضعي نظرا لعمومية القواعد القانونية وتجريدها‪،‬‬
‫والقضاء تحت س تار تفسير النصوص يساهم في خلق قواعد قانونية سدا للثغرات في النصوص التشريعية أو‬
‫تحقيقا لمالئمة هذه النصوص للظروف الجتماعية الالحقة أو وضعها‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ -‬القوانني الوضعية املعتمد عليها من طرف القاضي اجلزائري‬

‫يولى القانون الجزائري أهمية كبيرة للتشريع‪ ،‬ويعقد له الغلبة كمصدر للقانون‪ ،‬حيث يعد القاضي الجزائري‬
‫السلطة لتطبيق القوانين الوضعية المصدرة من طرف السلطة التشريعية‪ ،‬كمصدر رسمي للقانون الجزائري وعلى‬
‫رأسها الدس تور كتشريع أساسي أو أعلى في الدولة‪ ،‬ويليه التشريع العادي‪ ،‬وفي مقدمته التشريعات العادية‬
‫التقنيات الجزائرية التي صدرت في فروع القانون المختلفة وهي على سبيل المثال ل الحصر‪:‬‬
‫‪ -‬المر رقم ‪ ،155-66‬المؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪ ،1966‬المتضمن قانون الإجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ -‬المر رقم ‪ ،156-66‬المؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪ ،1966‬المتضمن قانون العقوابت الجزائري‪.‬‬
‫‪ -‬المر رقم ‪ ،58-75‬المؤرخ في ‪26‬سبتمبر ‪ ،1975‬يتضمن القانون المدني المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ -‬المر رقم ‪ ،59-75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ،1975‬المتضمن القانون التجاري المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ ،07-79‬المؤرخ في ‪ 21‬يوليو ‪ ،1979‬المتضمن قانون الجمارك‪ ،‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ ،09-08‬المؤرخ في ‪ 25‬فيفري ‪ ،2008‬المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية‪.‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ ،03-09‬المؤرخ في ‪ 25‬فيفري ‪ ،2009‬يتعلق بحماية المس تهلك وقمع الغش‪.‬‬

‫‪ -1‬حبيب ابراهيم الخليلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.167‬‬


‫‪46‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ ،02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ،2004‬يتضمن القواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪.‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ ،01-05‬المؤرخ في ‪ 6‬فيفري ‪ ،2005‬يتعلق ابلوقاية من تبييض الموال وتمويل الإرهاب‬
‫ومكافحتهما‪.‬‬
‫‪ -‬المر رقم ‪ ،17-05‬المؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر ‪ ،2005‬يتضمن الموافقة على المر ‪ ،06-05‬المؤرخ في‬
‫‪ 23‬أوت ‪ ،2005‬والمتعلق بمكافحة التهريب‪.‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ ،01-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪ ،2006‬يتعلق ابلوقاية من الفساد وكافحته‪.‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ ،11-84‬المؤرخ في ‪ 9‬يونيو ‪ ،1984‬والمتضمن قانون السرة‪ ،‬المعدل والمتمم ابلمر‬
‫رقم ‪.02-05‬‬
‫املبحث الثاني‪ -‬اللجوء إىل مبادئ الشريعة اإلسالمية يف قضايا األسرة‬

‫اإن الصل في القانون هو حرية اس تخالص الحكام من أي مصدر‪ ،‬فقد تراعي القواعد الخالقية على‬
‫العتبارات القتصادية‪ ،‬أو العتبارات الدينية على القواعد القتصادية‪ ،‬كما لو حرم المشرع بيع الخمور وهنا‬
‫تعد الشريعة الإسالمية المصدر الرئيسي للقانون‪ ،‬كل ذلك في اإطار قواعد النظام العام والآداب العامة‪1.‬‬

‫ويختلف مبدأ استناد القاضي من دولة اإلى أخرى‪ ،‬وابلرجوع اإل نص المادة الولى من القانون المدني‬
‫الجزائري نجدها تنص على ما يلي‪'' :‬يسري القانون على جميع المسائل التي تتناولها نصوصه في لفظها أو في‬
‫فحواها‪ ،‬وإاذا لم يوجد نص تشريعي‪ ،‬حكم القاضي بمقتضى مبادئ التشريعية الإسالمية‪ ،‬فاإذا لم يوجد فبمقتضى‬
‫العرق‪ ،‬فاإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة''‪2 .‬‬

‫حيث تعد الشريعة الإسالمية المصدر الرسمي الثاني لقواعد القانون‪.‬‬


‫في المجتمعات القديمة كان القانون مختلطا ابلدين‪ ،‬اإلى درجة أن رجال الدين كانوا هم في نفس الوقت‬
‫رجال القانون‪ ،‬وكان احترام القواعد القانونية يعتمد أساسا على العتقاد بأنها تعبير عن ا إلرادة الإلهية‪ ،‬ومن هنا‬
‫اس تمد القانون في تلك العصور هيبته‪.‬‬
‫وكان للدين دور وتأثير كبير في تكوين قواعد القانون التي كانت اإما قواعد دينية أو قواعد عرفية‪،‬‬
‫أسهمت الداين في تقويمها على ضوء مبادئها‪.‬‬
‫ثم جاءت الداين السماوية ومنها ما تناول أمور الدين والدنيا‪ ،‬بتنظيم شامل‪ ،‬وفي ظل الشريعة‬
‫الإسالمية‪ ،‬قد ارتبط القانون ابلدين ارتباطا وثيقا‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية‪ ،‬دار العلوم‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص‪.03‬‬
‫‪ -2‬المر رقم ‪ ،58-75‬المؤرخ في ‪ 20‬رمضان عام ‪ 1395‬ه‪ ،‬الموافق لــــ ‪ 26‬سبتمبر س نة ‪ ،1975‬والمتضمن القانون المدني‬
‫الجزائري المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪47‬‬

‫فقد كانت الشريعة الإسالمية مطبقة في كثير من البالد الإسالمية‪ ،‬بحيث تعد المصدر الرسمي‬
‫الصيل للقانون في هذه البالد‪ ،‬ثم تقلص دور الشريعة نتيجة لقتباس هذه البالد قوانينها من القوانين الغربية‬
‫الحديثة‪.‬‬
‫ومع ذلك فما زالت الشريعة الإسالمية مصدرا رسميا أصليا للقانون في بعض الدول الإسالمية‪ ،‬فضال‬
‫عن ذلك فهيي المصدر الرسمي الصيل ابلنس بة للحوال الشخصية‪1.‬‬

‫تعد مبادئ الشريعة الإسالمية المصدر الرسمي الحتياطي الول للقانون الجزائري‪ ،‬ويقصد بذلك أن‬
‫على القاضي الجزائري أن يلجأ اإلى مبادئ الشريعة الإسالمية لإيجاد الحل على هداها حيث ل تسعفه النصوص‬
‫التشريعية في فروع القانون المختلفة أو المبادئ العامة في القانون الوضعي الجزائري ابلحل المنشود لموضوع‬
‫النزاع القائم أمامه‪.‬‬
‫ويقصد بمبادئ الشريعة الإسالمية التي يجوز للقاضي ‪ -‬في غيبة النصوص التشريعية وغيبة المبادئ‬
‫العامة للقانون الوضعي الجزائري – اس تنباط الحلول منها‪ ،‬المبادئ العامة لهذه الشريعة‪ ،‬أي المبادئ المتفق‬
‫عليها بال خالف بين المذاهب الإسالمية‪ ،‬وهي أربعة مذاهب‪ :‬المذهب الحنفي‪ ،‬والمذهب المالكي‪ ،‬والمذهب‬
‫الشافعي والمذهب الحنبلي‪.‬‬
‫بحيث ل يملك القاضي أن يستند في حل النزاع القائم أمامه على القواعد التفصيلية التي تختلف بشأنها‬
‫المذاهب‪2.‬‬

‫يالحظ في التشريع الجزائر‪ ،‬أنه في مجال الحوال الشخصية ل تعد الشريعة الإسالمية مجرد مصدر‬
‫احتياطي‪ ،‬بل هي ما زالت مصدرا رسميا أصيال للقانون الجزائري في هذا المجال‪.‬‬
‫وبقدر ما يصدر من تشريعات منظمة للحوال الشخصية‪ ،‬يتأثر دور الشريعة الإسالمية كمصدر رسمي‬
‫أصيل اإذ يقوم مقامها عندئذ التشريع كمصدر رسمي أصيل‪ .‬فبمقتضى النظام الإسالمي أن تكون جميع أنواع‬
‫التشريع‪ ،‬وعلى رأسها الدس تور‪ ،‬غير مخالفة للقرأآن والس نة‪ ،‬حيث يس تمد التشريع شرعيته منها‪ ،‬وهو ما يتوافق‬
‫ظاهراي مع نص المادة ‪ 02‬من الدس تور الجزائري التي تنص على أ الإسالم دين الدولة‪3.‬‬

‫‪ -1‬حبيب ابراهيم الخليلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.327‬‬


‫‪ -2‬حبيب ابراهيم الخليلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ -3‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪48‬‬

‫املطلب األول‪ :‬األحكام املوجودة يف القانون اجلزائري املستمدة من الشريعة‬


‫اإلسالمية‬
‫تظل الشريعة الإسالمية ابلنس بة للمسائل التي ينظمها التشريع هي المصدر المادي والتاريخي‪ ،‬لن‬
‫التشريع في هذه المسائل يعترف منها وتظل مصدرا رسميا احتياطيا ابلنس بة لمسائل الحوال الشخصية المنظمة‬
‫بتشريع أسوة بمسائل الحوال العينية على غرار الكثير من المسائل التي عالجها التقنين المدني على ضوء أحكام‬
‫الفقه الإسالمي ومن أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬نظرية التعسف في اس تعمال الحق‪ :‬المادة ‪ 41‬من القانون المدني‪.‬‬
‫‪ -‬نظرية الظروف الطارئة‪ :‬المادة ‪ 107‬من القانون المدني‪.‬‬
‫‪ -‬أحكام خيار رؤية الشيء المبيع‪ :‬المادة ‪ 325‬من القانون المدني‪.‬‬
‫‪ -‬أحكام البيع في مرض الموت‪ :‬المادة ‪ 408‬من القانون المدني‪.‬‬
‫‪ -‬أحكام الشفعة‪ :‬المادة ‪ 794‬من القانون المدني‪1.‬‬

‫يأخذ القاضي بأحكام الشريعة الإسالمية في‪:‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬املسائل املتعلقة بالنظام العام واآلداب العامة للمجتمع اجلزائري‬

‫يقصد ابلنظام العام مجموعة المصالح الجوهرية للمجتمع أو مجموعة السس التي يقوم عليها كيان الجماعة‬
‫سواء كانت س ياس ية أو اجتماعية أو اقتصادية أو خلقية منها تعدد الزوجات‪ ،‬وإاابحة الطالق في حين أنه يحرم‬
‫المعاشرة السيئة‪.‬‬
‫أما الآداب العامة فهيي تلك السس الخلقية الضرورية لحفظ كيان المجتمع وهي جزء من النظام العام‪،‬‬
‫وهي بمثل الجانب الخالقي في المجتمع‪ ،‬حيث يعد ضرورة اتخاذ العالقة بين الرجل والمرأة شكال معينا وهو‬
‫الزواج حتى تكون عالقة مشروعة ولهذا تعد القواعد الآمرة للزواج قواعد أآمرة‪2.‬‬

‫نجد أيضا من انحية أخرى أوجه عديدة لستناد القاضي لمبادئ الشريعة الإسالمية على غرار عقوبة‬
‫الإعدام ‪-‬رغم أنها مازالت محل جدل كبير في التشريع الجزائري‪ -‬حيث نجد أن قانون القضاء العسكري‬
‫الجزائري‪ ،‬رقم ‪ 14-18‬يحيلنا اإلى المرسوم رقم ‪ 193-64‬المؤرخ في ‪ 3‬يونيو ‪ ،1964‬والمرسوم رقم ‪،201-64‬‬
‫المؤرخ في ‪ 7‬يوليو ‪ ،1964‬حيث يكمن مضمون المرسومين أن عقوبة الإعدام تكون وفقا لحكام الشريعة‬
‫الإسالمية‪3.‬‬

‫‪ -1‬حبيب ابراهيم الخليلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.120‬‬


‫‪ -2‬حبيب ابراهيم الخليلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪ -3‬القانون رقم ‪ ،14-18‬المؤرخ في ‪ 29‬يوليو ‪ ،2018‬يتضمن قانون القضاء العسكري الجزائري‪( ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ /47‬لس نة‬
‫‪.)2018‬‬
‫‪49‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬قانون األحوال الشخصية (قانون األسرة اجلزائري)‬

‫ترك المشرع الجزائري تنظيم الحوال الشخصية للقواعد الدينية وهي هنا القواعد المس تمدة من الشريعة‬
‫الإسالمية‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬الذمة المالية للمرأة‪ :‬تحكمها المادة ‪ 37‬من قانون السرة‪ ،‬رقم ‪ ،02-05‬حيث أعطى للمرأة الحرية في‬
‫التصرف في مالها‪1.‬‬

‫الإسالمية‪2.‬‬ ‫‪ -‬تقرير شروط الحضانة في التشريع الجزائري وهذا ما يتوافق مع الشريعة‬


‫‪ -‬طلب الخلع طبقا للمادة ‪ 54‬من قانون السرة‪.‬‬
‫‪ -‬أحكام التطليق‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 53‬من قانون السرة‪3.‬‬

‫‪ -‬الشروط التفاقية لعقد‬


‫الزواج‪4.‬‬

‫‪ -‬أركان انعقاد عقد الزواج‪ ،‬اإذ يفسخ الزواج عند تخلفها قبل الدخول‪ ،‬ويثبت بعد الدخول بصداق‬
‫المثل‪ 5‬ويعطي القاضي الجزائري أهمية ابلغة لتطبيق الحكام الخاصة المتعلقة ابلميراث وأحكامه للشريعة‬
‫الإسالمية وللقرأآن الكريم‪ ،‬منها‪( :‬أس باب الإرث‪ ،‬أصناف الورثة‪ ،‬أصحاب الميراث ''النصبة'')‪ ،‬العاصب‪،‬‬
‫الحجب‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫خامتة املداخلة‪:‬‬

‫اإن القاضي ملزم بتطبيق القانون‪ ،‬فهو ل ينحرف عن الوقائع التي جاء بها أطراف الخصومة القضائية‪،‬‬
‫ول يجوز للقاضي أن يتعداها تطبيقا واحتراما لمبدأ حياد القاضي‪ ،‬ومعنى حياد القاضي هو أن يزن المصالح‬
‫القانونية للخصوم ابلعدل‪.‬‬
‫فهو يحكم بما يقرره القانون‪ ،‬ومما تقدم نخلص اإلى النتائج التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬عبد الفتاح تقية‪ ،‬الذمة المالية للزوجة في الشريعة الإسالمية وقانون السرة الجزائري‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية‬
‫والقتصادية والس ياس ية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬جوان‪ ،2011 ،‬ص‪.157‬‬
‫‪ -2‬سامية بن قوية‪ ،‬أآاثر الحضانة في الشريعة الإسالمية وقانون السرة الجزائري‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القتصادية والقانونية‬
‫والس ياس ية‪ ،‬العدد‪ ،2010 ،1‬ص‪.137‬‬
‫‪ -3‬لمطاعي نور الدين‪ ،‬سلطة قاضي شؤون السرة في التكييف القانوني للوقائع‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والس ياس ية‬
‫والقتصادية‪ ،‬العدد‪ ،2012 ،3‬سبتمبر‪ ،2012 ،‬ص‪.327‬‬
‫‪ -4‬العشي نورة‪ ،‬الشروط التفاقية في عقد الزواج في قانون السرة‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والس ياس ية والقتصادية‪،‬‬
‫العدد‪ ،3‬مارس ‪ ،2013‬ص‪.369‬‬
‫‪ -5‬العشي نورة‪ ،‬مدى نجاعة التعديالت الواردة في المر رقم ‪ 02-05‬في حماية عقد الزواج‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية‬
‫والقتصادية والس ياس ية‪ ،‬عدد‪ ،02‬جوان‪ ،2012‬ص‪.167‬‬
‫‪50‬‬

‫‪ -1‬اإن حكم القاضي هو الثر القادم في القاعدة القانونية الموضوعية أو الإجرائية‪.‬‬


‫‪ -2‬استناد القاضي اإلى القانون الوضعي انتج عن الموروث القانوني الس تعماري قضاءا وحكما‪.‬‬
‫ونتوصل اإلى القتراحات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬اإن مسألة التكييف القانوني هي من أساس يات العمل القضائي‪ ،‬وابلتالي حكم القاضي يحدد تبعا‬
‫لس باب رفع الدعوى‪.‬‬
‫‪ -2‬اإن تقرير المادة ‪ 01‬من القانون المدني والستناد اإلى مبادئ الشريعة الإسالمية احتياطا بعد القانون‬
‫هو حكم مبدئي وفقط‪.‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‪:‬‬
‫أول‪ -‬المصادر‪:‬‬
‫‪ -1‬الكتب‪:‬‬
‫‪ .1‬حبيب اإبراهيم الخليلي‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪ .2‬طاهري حسين‪ ،‬التنظيم القضائي الجزائر‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ .3‬فريجة حسين‪ ،‬المبادئ الساس ية في قانون الإجراءات المدنية والإدارية‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ .4‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية‪ ،‬دار العلوم‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪ .5‬منصور رحماني‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي العام‪ ،‬دار العلوم‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪ .6‬نسرين شريقي‪ ،‬سعيد بوعلي‪ ،‬القانون الدولي الخاص الجزائري‪ ،‬دار بلقيس‪ ،‬الجزائر‪.2013،‬‬
‫‪ -2‬المقالت‪:‬‬
‫‪ .1‬العشي نورة‪ ،‬الشروط التفاقية في عقد الزواج في قانون السرة‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية‬
‫والس ياس ية والقتصادية‪ ،‬العدد‪ ،3‬مارس ‪.2013‬‬
‫‪ .2‬العشي نورة‪ ،‬مدى نجاعة التعديالت الواردة في المر رقم ‪ 02-05‬في حماية عقد الزواج‪ ،‬المجلة‬
‫الجزائرية للعلوم القانونية والقتصادية والس ياس ية‪ ،‬عدد‪ ،02‬جوان‪.2012‬‬
‫‪ .3‬سامية بن قوية‪ ،‬أآاثر الحضانة في الشريعة الإسالمية وقانون السرة الجزائري‪ ،‬المجلة الجزائرية‬
‫للعلوم القتصادية والقانونية والس ياس ية‪ ،‬العدد‪.2010 ،1‬‬
‫‪ .4‬عبد الفتاح تقية‪ ،‬الذمة المالية للزوجة في الشريعة الإسالمية وقانون السرة الجزائري‪ ،‬المجلة‬
‫الجزائرية للعلوم القانونية والقتصادية والس ياس ية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬جوان‪.2011 ،‬‬
‫‪ .5‬لمطاعي نور الدين‪ ،‬سلطة قاضي شؤون السرة في التكييف القانوني للوقائع‪ ،‬المجلة الجزائرية‬
‫للعلوم القانونية والس ياس ية والقتصادية‪ ،‬العدد‪ ،2012 ،3‬سبتمبر‪.2012 ،‬‬
‫‪51‬‬

‫اثنيا‪ -‬النصوص القانونية‪:‬‬


‫‪ .1‬القانون رقم ‪ ،01-16‬المؤرخ في ‪ 06‬مارس ‪ ،2016‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 14‬المؤرخة في ‪07‬‬
‫مارس‪ ، 2016‬يتضمن التعديل الدس توري‪.‬‬
‫‪ .2‬القانون العضوي رقم ‪ ،11-04‬المؤرخ في ‪ 21‬رجب عام ‪1425‬ه الموافق لــــــــ ‪ 06‬سبتمبر‬
‫س نة ‪ ،2004‬يتضمن القانون الساسي للقضاء‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،57‬المؤرخة في ‪ 23‬رجب عام‬
‫‪1425‬ه‪ ،‬الموافق لـــــــ ‪ 08‬سبتمبر لس نة ‪.2004‬‬
‫‪ .3‬القانون رقم ‪ ،14-18‬المؤرخ في ‪ 29‬يوليو ‪ ،2018‬يتضمن قانون القضاء العسكري الجزائري‪،‬‬
‫(ج‪.‬ر عدد ‪ /47‬لس نة ‪.)2018‬‬
‫‪ .4‬المر رقم ‪ ،58-75‬المؤرخ في ‪ 20‬رمضان عام ‪ 1395‬ه‪ ،‬الموافق لــــ ‪ 26‬سبتمبر س نة ‪،1975‬‬
‫والمتضمن القانون المدني الجزائري المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

‫امللتقى الوطين الرابع‪ ،‬مصادر قانون األسرة اجلزائري‪ 11 ،‬جويلية ‪2222‬‬

‫التشريع األسري اجلزائري‬


‫بني مرجعييت االتفاقيات الدولية والشريعة اإلسالمية‬
‫‪Algerian family legislation‬‬
‫‪Between references to international agreements and Islamic law‬‬
‫علي محداوي‬
‫خمرب قانون األسرة‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة اجلزائر‪1‬‬
‫‪ali57hamdaoui@outlook.fr‬‬

‫ملخص املداخلة‪:‬‬
‫بعد مصادقة الجزائر على االتفاقيات الدولية للمرأة‪ ،‬الس يما اتفاقية س يداو‪ ،9191‬بتحفظات عليها‪،‬‬
‫أصبحت ملزمة بإدراج بنود االتفاقية في قوانينها الداخلية‪ ،‬ومنها قانون السرة الجزائري‪ ،‬المس تمد‪ ،‬أصال‪ ،‬من‬
‫الشريعة االإسالمية‪.‬‬
‫وبذلك‪ ،‬وجد المشرع نفسه بين مرجعيتين‪ :‬مرجعية االتفاقيات الدولية‪ ،‬ومرجعية الشريعة االإسالمية‪،‬‬
‫التي هي مصدر تشريعه السري‪.‬‬
‫فاإلى أي مدى اس تطاع المشرع الجزائري التوفيق بين المرجعيتين؟‬
‫وهل خصوصية أحكام قانون السرة وتميزها‪ ،‬تبرر التحفظ على اتفاقيات المرأة‪ ،‬ومنها‪ :‬س يداو؟‬
‫س نحاول االإجابة على هذه االإشكالية‪ ،‬من خالل هذه المداخلة‪ ،‬وفق منهج اس تقرائي تحليلي مقارن‪،‬‬
‫سعيا الإيجاد حلول أو مخرجات لهذه االزدواجية بين المرجعيتين‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬التشريع – قانون السرة الجزائري‪-‬المرجعية‪-‬االتفاقيات الدولية‪-‬الشريعة‬
‫االإسالمية‪.‬‬
‫‪Abstract‬‬
‫‪After the Algerian state ratificated the international conventions concerning‬‬
‫‪women’s rights, especialy the Cedaw convention of 1979 (with some‬‬
‫‪reservations about it), it became obliged to insert its terms within the domestic‬‬
‫‪53‬‬

‫‪laws, including the Algerian family law, which is originally driven out of Islamic‬‬
‫‪law.‬‬
‫‪Therefore, the Algerian legislator found itself between two references: the one of‬‬
‫‪international conventions and the one with Islamic law, and that poses a problem,‬‬
‫‪which we resume as follows: to what extent the Algerian legislator was able to‬‬
‫‪reconcile the two references. And does the particularity of the rules of the family‬‬
‫‪law justify the reservations concerning women’s rights conventions like‬‬
‫?‪Cedaw’s‬‬
‫‪We will try to answer these questions, with induction and with a comparative‬‬
‫‪analytical method.‬‬

‫‪Key words; legislation-Algerian family law- reference- the international‬‬


‫‪conventions- Islamic law.‬‬

‫مقدمة املداخلة‪:‬‬
‫كانت وال تزال الشريعة االإسالمية أساس ومصدر التشريعات في غالب البلدان العربية واالإسالمية‪،‬‬
‫أو بعبارة أخرى‪ ،‬فان التشريعات الوضعية في هذه البالد تخضع لحكام الشريعة االإسالمية‪ ،‬والس يما‪ ،‬في‬
‫مجال ما يسمى بلحوال الشخصية‪.‬‬
‫ومع تدويل حقوق ا إالسنسان مموما‪ ،‬وحقوق المرأة خصوصا‪ ،‬مملت المم المتحدة على التأسيس لشرمية‬
‫دولية وفق معايير عالمية تكون مرجعية لكل أمضاء المجتمع الدولي‪ ،‬اإال أن هذه المرجعية لقيت فيما بعد‬
‫مواجهة قوية؛ اإقليمية ووطنية‪ ،‬تمثلت في تحفظات ال يمكن تجاوزها‪ ،‬تنطلق من مفهوم الخصوصية الثقافية‬
‫والحضارية لكل أمة‪ ،‬والتي للدين فيها نصيب كبير‪ ،‬الس يما اإذا تعلق المر بلشريعة االإسالمية‪.‬‬
‫وبلنس بة للجزائر‪ ،‬بعد مصادقتها على االتفاقيات الدولية للمرأة‪ ،‬الس يما اتفاقية س يداو‪ ،9191‬بتحفظات‬
‫عليها‪ ،‬أصبحت ملزمة بإدراج بنود االتفاقية في قوانينها الداخلية‪ ،‬ومنها قانون السرة الجزائري‪ ،‬المس تمد‪،‬‬
‫أصال‪ ،‬من الشريعة االإسالمية‪.‬‬
‫وبذلك‪ ،‬وجد المشرع نفسه بين مرجعيتين‪ :‬مرجعية االتفاقيات الدولية‪ ،‬ومرجعية الشريعة االإسالمية‪،‬‬
‫التي هي مصدر تشريعه السري‪.‬‬
‫فاإلى أي مدى اس تطاع المشرع الجزائري التوفيق بين المرجعيتين؟‬
‫وهل خصوصية أحكام قانون السرة وتميزها‪ ،‬تبرر التحفظ على اتفاقيات المرأة‪ ،‬ومنها‪ :‬س يداو؟‬
‫‪54‬‬

‫س نحاول االإجابة على هذه االإشكالية‪ ،‬من خالل هذه المداخلة‪ ،‬وفق منهج اس تقرائي تحليلي مقارن‪،‬‬
‫سعيا الإيجاد حلول أو مخرجات لهذه االزدواجية بين المرجعيتين‪ ،‬وس يكون حديثنا فيما يلي من سطور‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل مبحثين‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬مضامين س يداو والموقف الجزائري في س ياق المرجعية الدولية‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مرجعية الشريعة لقانون السرة ومظاهر تميزها من المرجعية الدولية‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مضامني سيداو واملوقف اجلزائري يف سياق املرجعية الدولية‬
‫تحت رعاية المم المتحدة مقدت المؤتمرات ووقعت االتفاقيات التي تدمو الدول الى االلتزام بهذه‬
‫الحقوق‪ ،‬وتثبيتها في دساتيرها‪ ،‬وتكمن أهمية االتفاقيات الدولية‪ ،‬الس يما اتفاقية س يداو‪ ،‬كونها ملزمة التنفيذ من‬
‫قبل الدول التي صادقت عليها‪ ،‬حتى ولو كانت هذه االتفاقيات تتعارض مع القوانين الداخلية لتلك الدول‪،‬‬
‫بمتبارها المرجعية التي لها الولوية على التشريعات والقوانين الداخلية‪.‬‬
‫وقدكان أفق مقد اتفاقية س يداو والمؤتمرات الدولية للمرأة‪ ،‬وغيرها‪ ،‬المناس بة والفرصة السانحة‪ ،‬التي‬
‫اس تغلتها بعض جمعيات المجتمع المدني‪ ،‬والمنظمات غير الحكومية‪ ،‬لبعث النشاط في اتجاه تغيير أو تعديل‬
‫قوانين الحوال الشخصية في البالد العربية االإسالمية‪ ،‬وأنه من الواجب االنخراط في الخيار التحديثي‪ ،‬وامتبار‬
‫القوانين والصكوك الدولية مرجعا أساس يا لقانون السرة‪ ،‬هذه السرة التي يجب‪ ،‬في تقديرهم‪ ،‬أن تزال منها‬
‫صبغة القداسة‪.‬‬
‫سنتعرض‪ ،‬فيما يلي‪ ،‬بشيء من التفصيل‪ ،‬من مضامين اتفاقية (س يداو)‪( ،‬المطلب الول(‪ ،‬والموقف‬
‫الجزائري من االتفاقية ( المطلب الثاني)‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مضامني اتفاقية (سيداو)‬
‫لقد بلغت مناية المم المتحدة بحقوق المرأة درجة جعلتها ال تكتفي بما أوردته في الشرعة الدولية‪ ،‬من‬
‫االقرار بلمساواة في الحقوق والحرايت بين المرأة والرجل‪ ،‬بل ممدت الى اصدار االتفاقيات التي تؤكد على‬
‫ضرورة تحسين أوضاع المرأة‪ ،‬ومكافحة كل اشكال التمييز ضد النساء‪.‬‬
‫‪55‬‬

‫وقد كانت البداية بتفاقية الحقوق الس ياس ية للمرأة (‪ ،)9191‬ثم اتفاقية جنس ية المرأة المتزوجة‬
‫(‪ ،)9199‬ثم اتفاقية الرضا بلزواج والحد الدنى لسن الزواج (‪ ،)9191‬الى ان توجت هذه الجهود بتفاقية‬
‫القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة (‪ ،)9191‬بعد االإعالن في (‪ )9199‬طبعا (‪.)1‬‬
‫وقد ارتأينا‪ ،‬تحت هذا العنوان‪ ،‬أن نركز على محتوى اتفاقية س يداو‪ ،‬مموما‪ ،‬ثم نبرز أهم ما تضمنته‬
‫االتفاقية من بنود ملزمة‪ ،‬وخطيرة‪ ،‬تقتضي ادراجها في القوانين الداخلية للدول‪ ،‬رغم تعارضها أحياان مع‬
‫الخصوصيات الثقافية والحضارية للدول المضاء‪ .‬وذلك من خالل الفرعين التاليين‪:‬‬
‫الفرع الول‪ :‬محتوى وموضوع االتفاقية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أخطر بنود االتفاقية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حمتوى وموضوع االتفاقية‬
‫س نحاول‪ ،‬ولو بإيجاز‪ ،‬تبيان محتوى االتفاقية‪( ،‬أوال)‪ ،‬ثم نثني بلحديث من موضوع االتفاقية‪( ،‬اثنيا)‪،‬‬
‫وذلك حتى تكون نظرتنا للموضوع أكثر وضوحا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حمتوى االتفاقية‬
‫منذ صدور االعالن العالمي للقضاء على التمييز ضد المرأة في عام ‪ ،9199‬والجهود الدولية تتواصل في‬
‫اإطار المم المتحدة‪ ،‬من أجل ترجمة المبادئ العامة ل إالعالن في شكل اتفاقية دولية شاملة لكل المواثيق‬
‫واالعالانت والتعهدات الدولية المعنية بوضع لمرأة‪ ،‬ومفصلة اللتزامات قانونية – واضحة ومحددة – تقع على‬
‫عاتق الدول في مجال القضاء على التمييزضد المرأة والنهوض بها‪ ،‬اإلى جانب تحديد االجراءات والآليات الكفيلة‬
‫بوضع هذه االلتزامات موضع التطبيق الفعلي على أرض الواقع‪،‬فكان أن تمخضت تلك الجهود‪،‬في اطار المنظمة‬
‫الدولية‪ ،‬وتحت اشراف الجمعية العامة‪ ،‬من امتماد هذه الخيرة‪ ،‬اتفاقية س يداو في ديسمبر ‪ ،9191‬والتي‬
‫دخلت حيز النفاذ في ‪ 30‬سبتمبر ‪9199‬بعد تلقي التصديقات العشرين الالزمة‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وتتضمن االتفاقية ثالثين مادة تطبيقية‪ ،‬ويجري تقس يم االتفاقية اإلى عدة أجزاء‪:‬‬
‫الجزء الول‪( :‬المواد من ‪ )9-9‬حول واجبات والتزامات الطراف في االتفاقية‪.‬‬
‫الجزء الثاني‪( :‬المواد من ‪ )1-9‬حول حماية الحقوق الس ياس ية للمرأة‪.‬‬
‫الجزء الثالث‪( :‬المواد من ‪ )91-93‬حول التزامات الدول الطراف في مجاالت التعليم والعمل والصحة‪.‬‬
‫الجزء الرابع‪( :‬المواد من ‪ )99-99‬حول المساواة وعدم التمييز في ميدان الحوال الشخصية والسرية‪.‬‬

‫(‪ )1‬س بق صدور اتفاقية س يداو – كما هو معلوم ‪-‬اعالن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تمهيدا لها‪ ،‬وتبعها بروتكول‬
‫اختياري‪ ،‬جاء لتغطية الثغرات التي وقعت فيها االتفاقية‪ ،‬وقد وافقت عليه الجمعية العامة في جلس تها المنعقدة في ‪ 9‬تشرين‬
‫الثاني س نة ‪ ،9199‬وهو مؤلف من احدى مشر مادة‪.‬‬
‫‪56‬‬

‫الجزء الخامس‪(:‬المواد من ‪ )11-99‬حول أآلية تنفيذ االتفاقية (لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة)‪.‬‬
‫الجزء السادس‪( :‬المواد من ‪ )03-10‬حول أحكام عامة ومنها مسألة التوقيع والتصديق واالنضمام‬
‫لالتفاقية والتحفظ على االتفاقية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬موضوع االتفاقية‬


‫ان القضاء على كافة مظاهر التمييز ضد المرأة هو الموضوع الساسي لالتفاقية‪ ،‬ويشكل أساس‬
‫االتفاقية وفلسفتها القانونية التي تصبو اإلى تحقيقها‪ ،‬ولكن االتفاقية المسكونة بهاجس المساواة وعدم التمييز على‬
‫أساس الجنس ال تقف مند هاجسها فحسب‪ ،‬وإانما تتخذ منه أساسا الإعادة صياغة العالقات داخل المجتمع‪،‬‬
‫بغية التأكيد على الدور االنتاجي والفعال للمرأة في س ياق هذه العالقات‪)1( .‬‬

‫فالديباجة تقر على أنه‪ ،‬على الرغم من الجهود المختلفة التي بذلتها المم المتحدة من اجل تقدم‬
‫حقوق ا إالسنسان ومساواة المرأة‪ ،‬فاإنه "ال يزال هناك تمييز واسع النطاق ضد المرأة" وأن هذا التمييز "يشكل‬
‫انتهاكا لمبادئ المساواة في الحقوق واحترام كرامة االسنسان‪ ،‬ومقبة أمام مشاركة النساء على قدم المساواة مع‬
‫الرجال في الحياة الس ياس ية واالجتمامية واالقتصادية والثقافية في دولهن‪ ،‬ويعيق نماء ورخاء المجتمع والسرة‪،‬‬
‫ويزيد من صعوبة التطور الكامل الإمكاانت الجنسين والتنمية البشرية والوطنية والعالمية"‪.‬‬
‫هذه –في تقديران‪-‬أهم ما في اتفاقية "س يداو" ‪ ،9191‬وقد رأينا كيف أن هذه االتفاقية تتخذ من‬
‫مبدأ المساواة وعدم التمييز محورا أساس يا وانظما لكل الحقوق الواردة في االتفاقية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أخطر بنود االتفاقية‬

‫ان بعض ما تدمو اإلى اإدراجه‪ ،‬االتفاقيات والمؤتمرات الدولية للمرأة‪ ،‬في القوانين الداخلية للدول‬
‫المضاء‪ ،‬بمتباره يشكل تمييزا ضد المرأة‪ ،‬يتعارض مع القوانين‪ ،‬الس يما ما تعلق منها بلمرأة وقانون السرة‬
‫الجزائري‪ ،‬بمتبار أن مرجعيتها ومصدرها شريعة االإسالم‪.‬‬
‫ولعل أهم البنود والتوصيات التي تسعى المم المتحدة اإلى اإقحامها في قوانين الحوال الشخصية‬
‫للبلدان العربية واالإسالمية‪ ،‬ومنها الجزائر‪ ،‬نلخصه فيما يلي‪:‬‬

‫(‪ )1‬محمد يوسف علوان‪ ،‬محمد خليل الموسى‪ ،‬القانون الدولي لحقوق ا إالسنسان الحقوق المحمية‪ ،‬ج‪ ،1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪.939‬‬
‫‪57‬‬

‫اإلغاء القوامة وإالغاء طاعة الزوجة لزوجها وإالغاء رب السرة‪ ،‬اإلغاء والية الب على البنت في الزواج‪،‬‬
‫اإلغاء التعدد‪ ،‬جعل الطالق بيد القاضي‪ ،‬المساواة في الميراث‪ ،‬حرية المرأة في السكن أينما شاءت‪ ،‬حرية‬
‫المرأة في جسدها‪ ،‬اس تحداث جريمة جديدة مقابها السجن وهي ‪(:‬االغتصاب الزوجي)‪ ،‬واالعتراف بأوالد‬
‫الزان‪ ،‬كما هو المر في كل الدول الغربية‪ )1( ،‬بل تماما كما طرحته ودمت اليه بعض بنود س يداو‪ ،‬ومؤتمرات‬
‫المرأة‪ ،‬اإمطاء الشواذ كافة الحقوق‪...‬وغيرها من التعديالت التي من شأنها اإلغاء كافة الفوارق بين الرجل والمرأة‬
‫(‪)2‬‬

‫وسنتعرض بختصار‪ ،‬لهم الفقرات من المادة (‪ )99‬التي كانت محل مخالفات شرمية وهي كالآتي‪:‬‬
‫‪-9‬جاء في الفقرة (أ) اإمطاء المرأة والرجل نفس الحق في مقد الزواج‪ ،‬ومعنى ذلك‪ ،‬اإلغاء وتجاهل‬
‫مسألة الوالية على المرأة التي لم يس بق لها الزواج‪.‬‬
‫‪-1‬وجاء في الفقرة (ب) نفس الحق في حرية الزوج‪ ،‬وهذا يعني أن من حق المرأة اختيار من ترضاه‬
‫من الزواج من غير اشتراك وليها في تلك المسؤولية‪ ،‬وان لها الحق في مقد زواجها على من تريد‪ ،‬حتى ولو‬
‫كان من تريد الزواج منه غير مسلم‪ ،‬وهذا مخالف للنص القرأآني الذي يحرم على المرأة المسلمة الزواج من‬
‫غير المسلم‪.‬‬
‫‪-0‬وأما الفقرة (ج) والتي تدمو اإلى المساواة في الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج ومند فسخه فاإنها‬
‫تعمل على اإسقاط ما يفرضه االإسالم على الزوج من حقوق للمرأة‪ ،‬والمتمثلة بلمهر وتجهيز المسكن المناسب‪،‬‬
‫ثم تأثيثه وإاعداده اإعدادا كامال يليق بلزوجة‪ ،‬وكذلك االإنفاق من مأكل وملبس ودواء وخدمة " إان كان لمثالها‬
‫خدم" وغيرها مما هو في العرف والعادة‪.‬‬
‫اإن تحميل المرأة مسؤولية االإنفاق‪ ،‬يضطرها اإلى الخروج اإلى العمل‪ ،‬ويجعل العمل واجبا في حقها‪،‬‬
‫تماما كما هو واجب على الرجل‪ ،‬ولذلك فان فقهاء الشريعة يقررون‪ ،‬بأن التسوية بين الرجل والمرأة في أمر‬
‫االإنفاق ظلم وإاجحاف في حق المرأة بدموى الحرية والمساواة‪.‬‬
‫‪-1‬الفقرة د‪ :‬والمتعلقة بنفس الحقوق والمسؤوليات كوالدة‪ ،‬بغض النظر من حالتها الزوجية‪ ،‬فكأن هذه‬
‫الفقرة تشجع على العالقات غير المشروعة كما هو الحال في المجتمعات الغربية‪.‬‬

‫(‪)1‬سعاد مبد الله‪ ،‬الناصر‪ ،‬قضية المرأة‪ ،‬رؤية تأصيلية‪ ،‬كتاب المة‪ ،‬وزارة الوقاف والشؤون االإسالمية‪ ،‬قطر‪ ،‬العدد‪،1‬‬
‫‪ ،9119‬ص‪.911‬‬
‫(‪ )2‬اللجنة االإسالمية العالمية للمرأة والطفل‪ ،‬ورشة لتفعيل وسنشر ميثاق السرة في االإسالم‪ ،‬القاهرة ‪ 90‬فبراير ‪ - .1331‬وانظر‬
‫كذلك‪ :‬ندوة بعنوان‪ :‬كيف يعود الترابط للسرة المصرية‪ .‬بعد س نوات التفكك‪ ،‬بتاريخ ‪ 91‬مارس ‪ ،1391‬مجلة التبيان‪ ،‬العدد‪:‬‬
‫‪ 11‬أبريل ‪ .1391‬ص‪.11، 19 :‬‬
‫‪58‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتبن لنا بما ال يدع مجاال للشك‪ ،‬أن الهدف الساسي من تضمين االتفاقية بهذه الفقرات‪ ،‬هو‬
‫فرض النموذج االجتمامي الغربيي على العالم‪ ،‬تكملة للنجاح في فرض النموذج الس ياسي واالقتصادي‪ ،‬وهذه‬
‫النماذج ال ترامي في تشريعاتها القانونية اختالف العقيدة‪ ،‬أو تباين الثقافة بين المجتمعات‪ ،‬بل هي تسعى لفرض‬
‫نمط حضاري موحد على العالم‪ ،‬تلتزم به الدول كلها‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬املوقف اجلزائري من االتفاقية‬

‫اإن االنضمام أو المصادقة على االتفاقيات ال ّدولية لحقوق ا إالسنسان والمرأة‪ ،‬يقتضي بداهة اس تعداد هذه‬
‫ال ّدولة أو تلك‪ ،‬لاللتزام بنصوص ومضامين هذه االتفاقية‪ ،‬وذلك من طريق اإدراجها في قوانينها أو تشريعاتها‬
‫سمو االتفاقيات ال ّدولية على‬
‫ال ّداخلية‪ ،‬بل بإمطاء هذه النصوص َمرتبة أسمى من قوانينها الدّ اخلية تطبيقا لمبدأ‪ّ :‬‬
‫التشريعات ال ّداخلية‪ ،‬اال أن هذا االلتزام‪ ،‬يصطدم أحياان‪ ،‬مع بعض القوانين والتشريعات الداخلية‪،‬‬
‫خاصة ما تعلق منها بلحوال الشخصية‪ ،‬المر الذي يس تدمي التحفظ عليها‪ ،‬احتراما لخصوصيتها‪.‬‬
‫وفي ضوء ما ذكران‪ ،‬فاإننا سنتحدث أوال‪ ،‬من التزام الجزائر بإدراج النصوص الدول ّية للمرأة في‬
‫القوانين الدّ اخلية وبتنفيذها (الفرع الول)‪ .‬ثم ن ُثني بلحديث من‪ :‬اقتضاء الخصوصية التحفظ على بعض بنود‬
‫االتفاقية‪( .‬الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التزامات اجلزائر بإدراج نصوص االتفاقية يف القوانني الداخلية‬

‫يشكل التزام الدول بتنفيذ بنود المعاهدة‪ ،‬أحد المبادئ المهمة بموجب قانون المعاهدات‪ ،‬فكل معاهدة‬
‫دولية لحقوق ا إالسنسان تخلق موجبات ملزمة البد للدول الطراف فيها من الوفاء بها‪ ،‬والدول ملزمة بتطبيق‬
‫المعاهدة وفقا لروحيتها (‪ .)1‬تنص المادة ‪ 19:‬من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات (‪ )9191‬على أن‪" :‬كل معاهدة‬
‫انفذة ملزمة لطرافها‪ ،‬وعليهم تنفيذها بحسن نية"‪ ،‬كما تنص المادة ‪ 19:‬على أن ّه‪" :‬ال يجوز لطرف في معاهدة‬
‫أن يحتج بنصوص قانونه الدّاخلي كمبرر لتقصيره في تنفيذ المعاهدة"‪.‬‬
‫وتعتبر اتفاقية س يداو‪ ،‬مع غيرها من االتفاقيات ال ّدولية لحقوق ا إالسنسان‪ ،‬نوعا من المعاهدات ال ّدولية‬
‫الملزمة قانوان للدّول الطراف فيها‪ ،‬وهذا حسب الرأي السائد في الفقه الدولي المعاصر (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬هالة سعيد التبسي‪ ،‬التبسي‪ ،‬هالة سعيد‪ ،‬تبسي‪ ،‬هالة سعيد‪ ،‬حقوق المرأة في ظل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز‬
‫ضد المرأة (س يداو)‪ ،‬ط‪ ،9‬منشورات الحلبيي الحقوقية‪ ،‬سوراي‪ .1399،‬ص ‪.99‬‬
‫)‪ (2‬ويذهب جانب كبير من الفقه الدّ ولي اإلى أن المعاهدات الدّ ولية‪ ،‬ومن بينها اتفاقية س يداو (‪ ،)9191‬ال تلزم قانوان إاالّ الدّول‬
‫المجردة‪ ،‬ممال بقاعدة "سنسبية أاثر المعاهدات"‪.‬‬‫الطراف فيها‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬ال تصلح كمصدر من مصادر القواعد الدولية العامة و ّ‬
‫الخاصة بحقوق ا إالسنسان‪ ،‬فهذه‬ ‫وخاصة بلنّس بة لالتفاقيات الدّ ولية ّ‬
‫وال شك أن الرأي السابق ال يمكن التسليم به على اإطالقه‪ّ ،‬‬
‫‪59‬‬

‫سن التشريعات ِلضمان تطبيق‬ ‫وتنص بعض المعاهدات ال ّدولية صراحة على اإلزام الدّول الطراف ّ‬
‫المعاهدة‪ ،‬وإاحداث تعديالت على القوانين القائمة بما يتمشى وأحكام المعاهدة‪ ،‬ومنها‪ ،‬اتفاقية س يداو‪ ،‬حيث‬
‫ّنصت في المادة الثالثة(‪ )30‬منها على‪« :‬تتخذ الدّول الطراف في جميع الميادين‪ ،‬والس يما الميادين الس ياس ية‪،‬‬
‫واالجتمامية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬والثقافية كل التدابير المناس بة‪ ،‬بما في ذلك التشريع ‪ ،‬لكفالة تطور المرأة وتقدّ مها‬
‫الحرايت الساس ية‪ ،‬والتمتع بها على أساس المساواة‬ ‫الكاملين‪ ،‬وذلك ليضمن لها ممارسة حقوق ا إالسنسان‪ ،‬و ّ‬
‫بلرجل"‪.‬‬
‫ّ‬
‫و ّنصت كذلك المادة(‪ )31‬الفقرة "ب " من هذه االتفاقية على "امتماد التدابير التشريعية وغيرها‪،‬‬
‫المناس بة‪ ،‬بما في ذلك ما يقتضيه المر من جزاءات‪ ،‬لحظر كل تمييز ض ّد المرأة"‪.‬‬
‫ومهما كان الرأي‪ ،‬فالثابت أن اتفاقية س يداو تتمتع –كما أسلفنا‪-‬بقوة قانونية اإلزامية في مواجهة الدّول‬
‫الطراف فيها‪ ،‬وهذا يقتضي التزام تلك الدول بأحكام االتفاقية‪ ،‬وضمان تمتع المرأة بلحقوق والحرايت الساس ية‬
‫تعرضت تلك ال ّدول للمساءلة ال ّدولية‪.‬‬
‫الواردة فيها‪ ،‬وإاال ّ‬
‫واالإلزام يعني؛ أن الدّول مسؤولة من الوفاء بلتزاماتها بحسن ن ّية‪ ،‬وأن ّه يمكن مسائلتها من عدم التزامها‪،‬‬
‫كما أن ّه يجدر بها تبرير تقصيرها في االلتزام‪ .‬وهنالك أيضا أآلية رصد لضمان المسائلة‪ ،‬حيث يجب على كافة‬
‫الدّول الطراف رفع تقارير دورية اإلى (لجنة س يداو)(‪.)1‬‬
‫في هذا الشأن‪ ،‬وفي ضوء التزاماتها الدولية‪ ،‬اجتهدت الجزائر‪-‬على غرار العديد من الدّول العرب ّية‪-‬منذ‬
‫صدور "اإعالن ببيجين ومناهج العمل"‪ ،‬فضال من انضمامها التفاقية س يداو (‪ِ " ،)9191‬لتحيين" قوانينها‬
‫الصكوك ال ّدولية التي صادقت عليها بما يحفظ خصوصيتها‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬قامت بجملة من‬ ‫ومطابقتها مع ّ‬
‫مست قانون السرة وقانون الجنس ّية‪ ،‬وقانون العقوبت وقانون ال َع َمل‪ ،‬وغيرها من القوانين‪.‬‬ ‫التعديالت ّ‬

‫االتفاقيات‪ ،‬ومن بينها اتفاقية س يداو (‪ ،)9191‬تصلح مصدرا للقواعد القانونية الدّ ولية العامة‪ ،‬ومن ث ّم تكون ملزمة‪ ،‬ليس فقط‬
‫للدّ ول التي صادقت عليها‪ ،‬ولكن تمتد طبيعتها االإلزامية اإلى بقي دول العالم غير الطراف في تلك االتفاقيات‪ .‬انظر‪ :‬مبد‬
‫الواحد محمد الفار‪ ،‬قانون حقوق ا إالسنسان في الفكر الوضعي والشريعة االإسالمية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬س نة‪ ،9119‬ص‪991‬‬
‫وما بعدها‪ ،‬ومح ّمد الغمري‪ ،‬واقع المرأة المصرية في ضوء اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة‪ ،‬ط‪،9‬‬
‫القاهرة‪ ،1330،‬ص‪.01‬‬
‫)‪ (1‬لطالما تولّت لجنة ‪ :‬س يداو (‪ )9191‬مساءلة الدّ ول الطراف من خالل مملية رفع التقارير من اإخفاقاتها في تطبيق اتفاقية‬
‫س يداو(‪9191‬على المس توى الوطني‪ .‬فهيي قد أشارت اإلى التزام الدّ ول من خالل تعليقاتها الختامية وتوصياتها العامة‪ ،‬بتعديل‬
‫القوانين الوطنية‪.‬‬
‫‪60‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اقتضاء اخلصوصية التحفظ على بعض بنود االتفاقية‬


‫ذهب فريق معتبر من فقهائنا‪ ،‬بعد دراسة مميقة شرمية وقانونية‪ ،‬اإلى أن بعض بنود اتفاقية س يداو‬
‫(‪ )9191‬مخالفة للشريعة االإسالمية‪ ،‬وتشكل في مجملها بنودا غربية مخالفة لثقافتنا االإسالمية تحت شعار‬
‫المساواة بين لرجل والمرأة‪ ،‬وهي تهدف أساسا اإلى اإفساد المجتمعات العربية واالإسالمية وخلخلة ثوابته الفكرية‬
‫الضابطة لمسيرة الحياة السرية‪ ،‬وقيمها الخالقية الراسخة‪.‬‬
‫ولعله من المناسب في هذا المقام‪ ،‬التعرض لهم المواد التي تتعارض مع أحكام الشريعة االإسالمية‬
‫فيما يراه أهل االختصاص في فقه الشريعة والقانون‪ .‬حيث أبدت الجزائر‪ ،‬مند انضمامها اإلى اتفاقية س يداو‪،‬‬
‫تحفظات على المواد الخمس التالية‪ .)9/11، 99، 1/99، 1/1، 1 (:‬ثم سحبت تحفظاتها‪ ،‬واقتصرت على‬
‫المادة (‪ )99‬لخطورتها‪ ،‬وتتعلق هذه المادة بلمساواة بين المرأة و ّالرجل في كافة المور المتعلقة بلزواج‬
‫والعالقات السرية‪.‬‬
‫وقد جاء تحفظ الجزائر كالآتي‪" :‬تعلن حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬أ ّن أحكام‬
‫المادة ‪ 99‬المتعلقة بلمساواة بين ّالرجل والمرأة في جميع المسائل المترتبة من الزواج‪ ،‬أثناء الزواج‪ ،‬ومند‬
‫االنفصال‪ ،‬ال يجب أن تتعارض مع أحكام قانون السرة الجزائري"‪ .‬ومعنى هذا‪ ،‬في حقيقة المر‪ ،‬أ ّن هذه‬
‫المواد تبدو متعارضة مع أحكام الشريعة االإسالمية‪ ،‬التي تعد مصدر ًا أساس ي ًّا في سن القوانين الوطنية‪ ،‬وخاصة‬
‫تلك المتعلقة بشؤون السرة‪.‬‬
‫وقد شكلت المادة ‪ 99‬هذه‪ ،‬في الغالب‪ ،‬محور تحفظات الدّول االإسالمية‪ ،‬كما أن ّها تعتبر المادة الكثر‬
‫رفضا‪ ،‬حتى من قبل الدّول غير االإسالمية‪ .‬وقد كانت هذه المادة مصدر قلق لجميع الفقهاء‪ ،‬حيث امتبروا أنها‪:‬‬
‫من أخطر مواد االتفاقية على االإطالق‪ ،‬حيث أنها تدمو اإلى تجاوز االحكام الشرمية بشكل واضح وصريح‪.‬‬
‫فهذه المادة (‪ ،)99‬تطلب من الدول المضاء‪ ،‬اتخاذ جميع التدابير للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة‬
‫المور المتعلقة بلزواج‪ ،‬والعالقات السرية‪.)1(.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬ننتهيي الى أن مرجعية االتفاقيات الدولية‪ ،‬ومنها س يداو‪ ،‬ال يمكن انكارها تماما‪ ،‬لن ذلك‬
‫يوقعنا في تناقض مع المعايير الدولية لحقوق االسنسان‪ ،‬اال اننا ال يمكن قبولها على اطالقها‪ ،‬نظرا لمرجعية الشريعة‬
‫االإسالمية للتشريع السري على وجه الخصوص‪ ،‬وهو ما س نفصل فيه في المبحث الثاني‪ ،‬كما يلي‪:‬‬

‫(‪ )1‬منال محمود المش ني‪ ،‬حقوق المرأة بين المواثيق الدولية وأصالة التشريع االإسالمي‪ ،‬دراسة مقارنة بلشريعة االإسالمية‬
‫والقوانين الدولية الخاصة بحقوق المرأة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬ممان‪ .1399 ،‬ص ‪( 099‬بتصرف)‪.‬‬
‫‪61‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬مرجعية الشريعة لقانون األسرة ومظاهر متيزه عن املرجعية‬


‫الدولية‬
‫ان بعض ما تدمو اإلى اإدراجه‪ ،‬االتفاقيات والمؤتمرات الدولية للمرأة‪ ،‬في القوانين الداخلية للدول‬
‫المضاء‪ ،‬بمتباره يشكل تمييزا ضد المرأة‪ ،‬يتعارض مع القوانين‪ ،‬الس يما ما تعلق منها بلمرأة وقانون السرة‬
‫الجزائري‪ ،‬بمتبار أن مرجعتيها ومصدرها شريعة االإسالم‪ ،‬المر الذي يجعل من بعض أحكام قانون السرة‬
‫متميزة من بعض ما ورد في المواثيق والمؤتمرات الدولية‪ ،‬وهو ما س نتناوله‪ ،‬من خالل المطلبين التالين‪:‬‬
‫المطلب الول‪-‬مرجعية الشريعة للتشريع ومنه قانون السري الجزائري‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مظاهر تميز قانون السرة من المرجعية الدولية‪.‬‬
‫املطلب األول‪-‬مرجعية الشريعة للتشريع ومنه قانون األسري اجلزائري‬
‫أن التشريع الوضعي في البالد العربية واالإسالمية‪ ،‬اإنما يخضع لحكام الشريعة االإسالمية (‪ ،)1‬والس يما‬
‫ما تعلق منه بلحوال الشخصية‪ ،‬ذلك الن موضوع المرأة في البالد االإسالمية‪ ،‬تحكمه‪ ،‬منذ أكثر من ألف‬
‫عام‪ ،‬قواعد ومبادئ الشريعة االإسالمية‪ ،‬وهي النظام العام في هذه البالد‪.)2‬‬
‫ومن دالئل خضوع التشريع الوضعي‪ ،‬في البالد العربية واالإسالمية لحكام الشريعة االإسالمية؛ امتماد‬
‫االإسالم دينا للدولة في أغلب دساتير البلدان العربية واالإسالمية‪ )3( ،‬ومنها الجزائر‪ ،‬وامتبارها (الشريعة‬
‫االإسالمية) المصدر الرسمي االحتياطي الول بعد التشريع‪ ،‬المر الذي كان له بلغ الثر في تميز أحكام قانون‬
‫السرة الجزائري من مقررات اتفاقيات حقوق المرأة‪ ،‬ومنها س يداو (‪ ،)9191‬التي تم امتمادها لتصبح اإطارا‬
‫مرجعيا دوليا‪ ،‬يضمن للمرأة التساوي "الكامل" في الحقوق مع الرجل‪.‬‬
‫ولعله من المناسب أن نبسط محتوى هذه الفقرة في العناوين الفرمية التالية‪:‬‬

‫(‪ )1‬محمد مبد الحميد أبو زيد‪ ،‬مبدأ المساواة بين الجنسين شرعا ووضعا‪ ،‬ب‪.‬د‪.‬ن‪ ،.‬القاهرة‪ ،1331 ،‬ص‪919‬‬
‫(‪ )2‬جمال الدين محمد محمود‪ ،‬المرأة المسلمة في مصر العولمة‪ ،‬ط‪ ،9‬دار الكتاب المصري‪ ،‬القاهرة‪1339، ،‬ص‪.91،90‬‬
‫(‪ )3‬تنص جل دساتير الدول العربية واالإسالمية على أن‪ :‬دين الدولة الرسمي هو االإسالم‪ ،‬ومعنى ذلك‪ ،‬أن النظام الساسي‬
‫الذي تقوم عليه‪ ،‬هو النظام االإسالمي‪ ،‬وأن االإسالم هو المصدر الذي تأخذ منه‪ ،‬والمرجع الذي تنتهيي اإليه‪ ،‬والحاكم الذي‬
‫تأتمر بأمره وتنتهيي بنهيه‪.‬‬
‫والجزائر‪ ،‬بمتبارها جزءا ال يتجزأ من العالم العربيي واالإسالمي‪ ،‬امتمدت بطبيعة الحال‪ ،‬االإسالم دينا للدولة‪ ،‬في كل دساتيرها‪،‬‬
‫ابتداء من دس تور ‪( 9190‬المادة الرابعة)‪ ،‬ثم النص نفسه نجده في المادة الثانية‪ ،‬في كل من دس تور ‪ ،9199‬ودس تور ‪9191‬‬
‫و‪ ،9119‬وما تالها من تعديالت‪ ،‬ومعنى هذا‪ ،‬أن النظام القانوني الجزائري ينبغي أن يكون مطابقا لحكام الشريعة االإسالمية‪،‬‬
‫ال مجرد االإشارة اإلى النزعة الدينية السائدة في الجزائر‪.‬‬
‫وينتج من امتبار الدس تور في قمة هرم النظام القانوني الجزائري‪ ،‬أن كل القوانين الوطنية بما فيها قانون السرة (الجزائري)‬
‫وحتى المعاهدات المصادق عليها‪ ،‬يجب أن تحترمه وتكون متمش ية مع أحكامه‪ ،‬ل إالشارة‪ ،‬فان الجزائر من الدول التي جعلت‬
‫الدس تور في قمة هرم النظام القانوني‪ ،‬وهذا ما يعرف" بمبدأ سمو الدس تور"‪ ،‬تأتي بعده المعاهدات المصادق عليا طبقا‬
‫للمادة‪ 901‬من دس تور‪ 9119‬و المادة ‪ 993‬من التعديل الدس توري الخير(‪.)1399‬والمادة ‪ 991‬من دس تور ‪.1313‬‬
‫‪62‬‬

‫الفرع األول‪ -‬مرجعية الشريعة اإلسالمية للتشريع‬


‫تشكل الشريعة االإسالمية مصدرا تشريعيا‪ ،‬مما يس توجب احترام أحكامها مند سن مختلف القوانين‪،‬‬
‫وأخذها في االمتبار مند المصادقة على أية اتفاقية دولية‪.‬‬
‫فهيي تشكل مصدرا تشريعيا‪ ،‬سواء بلنس بة للقانون المدني‪ ،‬أو بلنس بة لقانون السرة الجزائري‪.‬‬
‫فالقانون المدني الجزائري(‪ ،)1‬وتحديدا‪ :‬المادة الولى منه الفقرة (‪ ،)1‬جاء فيها ما يلي‪ ..." :‬وإاذا لم يوجد‬
‫نص تشريعي‪ ،‬حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة االإسالمية"‪.‬‬
‫ومعنى هذا‪ ،‬أن القاضي حينما يعوزه نص في التشريع‪ ،‬يجب عليه الرجوع اإلى المبادئ المقررة‬
‫في الشريعة االإسالمية‪ ،‬سواء بلنس بة اإلى الحكام التي تتعلق بتكوين السرة ونظامها؛ من زواج وطالق ونفقة‬
‫وحضانة وسنسب‪ .‬وغيرها من الموضوعات التي تدخل فيما يسمى ب «االحوال الشخصية"‪ ،‬ام بلنس بة الى‬
‫االحكام التي تتعلق بلموال والتصرف فيها‪ ،‬من بيع وإايجار ورهن‪ ،‬وغير ذلك مما يسمى ب «الحوال‬
‫العينية‪)2".‬‬

‫وبذلك غدا التشريع‪ ،‬المصدر الرسمي الصلي لكل من الحوال الشخصية والعينية في القانون‬
‫الجزائري‪ ،‬وأصبحت مبادئ الشريعة االإسالمية‪ ،‬بلنس بة اإليهما مصدرا احتياطيا فيما لم يتناوله تقنين السرة أو‬
‫التقنين المدني من أمور تتعلق بهما(‪.)3‬‬

‫ان المشرع الجزائري‪ ،‬وفاء منه بحق الشريعة االإسالمية‪ ،‬التي ظلت طوال قرون عديدة خلت‬
‫شريعة البالد الولى‪ ،‬امتبرها المصدر االحتياطي الول الذي يكمل نقص التشريع‪ ،‬فهيي بذلك تعتبر مصدرا‬
‫تكميليا يلي التشريع مباشرة في ترتيب المصادر الرسمية للقانون الجزائري‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مرجعية الشريعة اإلسالمية لقانون األسرة اجلزائري‬


‫والذي يهمنا–في هذا المقام – هو الحديث من الشريعة االإسالمية كمصدر لقانون السرة الجزائري‪،‬‬
‫وهو ما انتهجه المشرع لجزائري‪ ،‬حيث صاغ مسائل الحوال الشخصية في نصوص مس تمدة أساس ًا من‬
‫الشريعة االإسالمية‪ ،‬وأفرد لها تقنينا سماه‪" :‬قانون السرة "‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجع المادة الولى من القانون المدني الجزائري‪ ،‬حيث الشريعة هي المصدر الثاني الذي يلجأ اليه القاضي في النزاعات‬
‫المطروحة أمامه‪ ،‬بعد التشريع‪.‬‬
‫(‪ )2‬محمد سعيد جعفور‪ ،‬مدخل اإلى العلوم القانونية –الوجيز في نظرية القانون‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫ط ‪ ،9‬الجزائر‪ ،1331،‬ص‪.999‬‬
‫(‪ )3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.999‬‬
‫‪63‬‬

‫وما يالحظ على هذا القانون‪ ،‬أنه جعل من الشريعة االإسالمية مصدرا احتياطيا يرجع اإليه‬
‫القاضي في حالة عدم وجود النص التشريعي‪ ،‬حيث جاء في المادة ‪ 111‬ما نصه‪" :‬كل ما لم يرد النص عليه في‬
‫هذا القانون‪ ،‬يرجع فيه أحكام الشريعة االإسالمية‪".‬‬
‫ومهما يكن من أمر‪ ،‬فاإن الشريعة االإسالمية‪ ،‬بمتبار مصدريتها للتشريعات الداخلية‪ ،‬الس يما في مجال‬
‫الحوال الشخصية‪ ،‬كان لها الثر البالغ في تميز أحكام قانون السرة الجزائري مما يسمى بلمرجعية الدولية في‬
‫هذا الشأن‪ ،‬وهو ما س نحاول اس تجالءه فيما يلي‪:‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬مظاهر متيز بعض أحكام قانون األسرة عن املرجعية الدولية‬

‫كان وال يزال لهذه الشريعة االإسالمية الثر البالغ في تميز واختالف أحكام قانون السرة الجزائري من‬
‫بنود ومقررات االتفاقيات والمؤتمرات الدولية‪ ،‬التي يراد تمريرها وإادراجها في القوانين السرية لهذه الدول‪ ،‬بحجة‬
‫أن المرجعية لهذه االتفاقيات الدولية‪ ،‬المر الذي أاثر اإشكالية حقيقية بين ما يسمى بلعالمية‪ ،‬في مواجهة‬
‫خصوصية تتمسك بها البلدان العربية واالإسالمية بلدرجة الولى‪ ،‬بمتبارها مس تهدفة في مقاتلها‪.‬‬
‫ان الناظر في التشريع الجزائري‪ ،‬خاصة ما تعلق منه بلحوال الشخصية‪ ،‬يجد انه يحتوي على‬
‫بعض الحقوق التي لم تقرر بذات الكيفية التي نصت عليها مختلف اتفاقيات حقوق المرأة وعل رأسها‪ :‬س يداو‬
‫(‪.)9191‬‬
‫وبعبارة أخرى‪ ،‬فاإن المرأة‪ ،‬في اإطار أو نطاق قانون السرة الجزائري‪ ،‬لها وضعية خاصة ومتميزة مقارنة‬
‫مع الوضعية التي يطالب بتحقيقها للنساء في ضوء المرجعية الدولية المنظمة لهذا الموضوع‪ ،‬وهي‪ ،‬في الواقع‪،‬‬
‫متميزة بأحكامها‪ ،‬وال تمثل تمييزا ضد المرأة‪.‬‬
‫وتبيا ًان لهذا الطرح‪ ،‬فاإننا س نحاول التعرض‪ ،‬بإيجاز‪ ،‬لبعض الحكام في قانون السرة الجزائري ‪-‬‬
‫المس تمدة أصال من الشريعة االإسالمية‪-‬والتي تعتبر في نظر بنود بعض االتفاقيات والمؤتمرات الدولية‪ ،‬أنها‬
‫تمييز ضد المرأة‪ ،‬وما هي بتمييز‪ ،‬بلهيي‪ ،‬على حد تعبير الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي –رحمه الله‪-‬‬
‫‪"،‬من لطائف التشريع الربني "(‪ .)1‬وسنتعرض لبعضها فقط‪ ،‬لن التفصيل فيها س يطول‪.‬‬

‫(‪ )1‬محمد سعيد رمضان البوطي‪( ،‬المرأة بين طغيان النظام الغربيي ولطائف التشريع الربني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬مقدمة الكتاب‪.‬‬
‫‪64‬‬

‫الفرع األول‪ :‬يف القوامة والطاعة‬


‫تلزم المادة ‪ 99‬فقرة ‪ 9‬حرف ج من اتفاقية س يداو (‪ ،)9191‬الدول الطراف بتخاذ جميع التدابير‬
‫المناس بة‪ ،‬وبوجه خاص‪ ،‬تضمن على أساس تساوي الرجل والمرأة نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج‪،‬‬
‫فهيي بذلك تنشئ على عاتق الدول‪ ،‬االلتزام بتوفير نفس الحقوق والمسؤوليات للزوجين أثناء قيام العالقة‬
‫الزوجية‪.‬‬
‫ولقد س بق وأن تعرض فقهاؤان لموضوع‪ :‬القوامة وما تقتضيه من واجب النفقة على الزوجة‪ ،‬وما يقابلها‬
‫من واجب الطاعة‪ :‬طاعة الزوجة لزوجها‪ ،‬فحق الزوجة في النفقة‪ ،‬وحق الزوج في الطاعة‪ ،‬وهما حقان‬
‫متقابالن‪ ،‬وإاهمال أحدهما يسقط الآخر‪.‬وفي هذا الس ياق‪ ،‬يقول الدكتور محمد مختار محمد المهدي (‪..." )1‬‬
‫وأما القضاء على كل الفوارق بين الرجل والمرأة‪ ،‬فهو مناد مع الفطرة والطبيعة التي خلق الله عليها كال منهما‪،‬‬
‫وإاال لما صار لكل منهما خصائص بيولوجية وفوارق جسدية‪ ،‬ومسؤوليات للمومة تختلف من مسؤوليات‬
‫البوة"‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فاننا نالحظ أن المشرع الجزائري‪ ،‬بإلغائه المادة‪ ،9/01‬يكون بذلك قد خطى خطوة في‬
‫اتجاه تغريب أحكام قانون السرة‪ ،‬واس تجاب ولو جزئيا للمنادين بتخاذ االتفاقيات الدولية للمرأة مرجعية لقوانين‬
‫الحوال الشخصية في البالد العربية واالإسالمية‪ ،‬ال س يما اإذا ضممنا اإلى هذه الخطوة ما تعلق بمسألة الوالية‬
‫في الزوج (المادة‪ 99 :‬من قانون السرة الجزائري المعدل)‪.)2( .‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬يف التسوية يف اإلرث‬

‫على خالف ما تدمو اإليه اتفاقية س يداو‪ ،‬وغيرها من مقررات المؤتمرات الدولية‪ ،‬التي أصبحت مهوسة‬
‫بهاجس المساواة‪ ،‬فاإن قانون السرة الجزائري‪ ،‬وكما هو مقرر في اغلب الدول العربية واالإسالمية‪ ،‬يميز بين‬
‫الرجل والمرأة في أحكام الميراث‪ ،‬أو بعبارة أخرى‪ ،‬فاإن قانون السرة الجزائري‪ ،‬يجعل نصيب الذكور في‬

‫(‪ )1‬وهو رئيس الجمعية الشرمية الرئيس ية‪ ،‬ومضو مجمع المبحوث االسالمية بلزهر‪ ،‬اإجابة على السؤال الوارد من‪ :‬اللجنة‬
‫االإسالمية العالمية للمرأة والطفل‪ ،‬مما يتضمنه جدول أممال االجتماع الس نوي‪ ،‬للجنة مركز المرأة بلمم المتحدة‪ ،‬والذي مقد‬
‫في مارس ‪ ،1331‬وركز على متابعة تنفيذ وتطبيق بنود اتفاقيات المرأة‪ ،‬والواثئق المعنية ذات الصلة‪ ،‬وموضوع هذا العام هو‬
‫" التقاسم المتساوي للمسؤوليات بين النساء والرجال "‪ ،‬مس تهدفا اقتسام الرجل مع المرأة كل أدوار الرعاية في المنزل‪ ،‬بدموى‬
‫أن تلك الدوار هي أدوار غير مدفوعة الجر ‪،‬بحيث تتاح أمامها الفرصة للخروج واالش تغال بأممال تدر عليها ربح ًا ماد ًاي ‪،‬مجلة‬
‫التبيان‪ .‬العدد ‪ ،99‬القاهرة‪ ،‬أآفريل‪.1331‬‬
‫(‪)2‬في حكم طاعة الزوجة لزوجها وهو الوجوب انظر‪:‬‬
‫‪-9‬على مبد الواحد وافي‪ :‬المرجع السابق ص ‪ 99:‬تحت منوان‪ ":‬ال تفرقة في االسالم بين الرجل والمرأة في واجب الطاعة "‬
‫‪-1‬جمال الدين محمد محمود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص(‪ )991_999‬تحت منوان "القوامة والطاعة "‪.‬‬
‫‪65‬‬

‫الميراث أكثر من نصيب نظائرهم من االإانث في الكثير من الحوال‪ ،‬فللذكر مثل حظ النثيين في الوالد‬
‫والخوات‪ ،‬وللزوجة من زوجها المتوفي نصف نصيب الزوج من تركــه زوجته‪،‬ونصيب الب من تركه ولده يبلغ‬
‫أحيا ًان مثلي نصيب الم أو أكثر من ذلك‪ ،‬وال ينقص منه في أي حال‪.‬‬
‫وقانون السرة الجزائري يس تمد أحكامه هذه من الشريعة االإسالمية‪ ،‬كما أسلفنا في المواد‬
‫‪ 919‬وما بعدها‪ ،‬وقد بنيت هذه التفرقة‪ ،‬على أساس التفرقة بين أمباء الرجل االقتصادية في الحياة وأمباء‬
‫المرأة‪ ،‬فمسؤولية الرجل في هذه الحياة‪ ،‬من الناحية المادية‪ ،‬أوسع كثير ًا في الوضاع االإسالمية من مسؤولية‬
‫المرأة‪.‬‬
‫أما الحجة القائلة بأن المرأة تعمل وتنفق على بيتها كالزوج وتشاركه في المباء‪ ،‬فلهذا انتفى الحكم‬
‫فوض شرع ًا‪ ،‬فحتى لو اتفق الزوجان على كتابة شرط ممل المرأة في‬ ‫التاريخي لهذه الآية‪ )1( ،‬فهذا القول مر ٌ‬
‫العقد‪ ،‬صح العقد وبطل الشرط‪ ،‬بخالف بعض القوانين الغربية‪ ،‬ومنها القانون الفرسنسي الذي يشترط اإسهام‬
‫الزوجة في النفقة‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪-‬يف حق الطالق للرجل‬

‫يعترض كثير من المعاصرين على كون الطالق بيد الرجل‪ ،‬ويطالبون بإمطاء الزوجين الحق المتساوي‬
‫في الطالق مع تقييده بإجراءات تكفل اس تمرار الحياة الزوجية‪ ،‬وهذا ما نص عليه التشريع التوسنسي‪ ،‬في المادة‬
‫‪ 09‬منه بقوله‪" :‬ا ّإن المحكمة هي التي تعلن الطالق بناء على طلب أحد ّالزوجين بسبب ما حصل له من ضرر‪،‬‬
‫ويقضي لمن تضرر من الزوجين بتعويض من الضرر المادي والمعنوي النّاجم من الطالق"‪.‬‬
‫ولعل السؤال الذي ما فتئ يردده ويثيره هؤالء هو‪ :‬لماذا حصر االسالم الطالق بيد الزوج؟ والجواب‬
‫مند أهل الفقه (‪ )2‬يسير‪ ،‬نجمله في الآتي‪:‬‬

‫(‪ )1‬و في هذا الس ياق‪ ،‬يأتي مقال يسير في‪ ،‬تقديران‪ ،‬في اتجاه تغريب أحكام قانون االسرة اجزائري‪ ،‬بدموى ان فيها تمييزا‬
‫ضد المراة‪،‬في مجال التسوية بين الجنسين في الميراث‪،‬تحديدا‪ ،‬انظر‪Houhou yamina , la discrimination a l :‬‬
‫‪egard des femmes dans l heritage en droit algerien,(r.a.s.j.e.p),n3,sep,2014,pp 85-96‬‬
‫(‪)2‬يوسف القرضاوي‪ ،‬مركز المرأة في الحياة االسالمية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.991 ،999‬‬
‫وأنظر كذلك‪ :‬علي مبد الواحد وافي‪ ،‬المرأة في االسالم‪ ،‬دار النهضة مصر للطبع والنشر‪ ،‬ط‪( ،1‬ب‪ ،‬ت‪ ،‬ن) القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫ص ‪.991‬‬
‫‪66‬‬

‫أوال‪-‬اإن حصر االسالم الطالق في يد الزوج‪ ،‬اإنما يعود لعدة أس باب من أهمها‪ :‬كونه –الزوج‪-‬المتضرر‬
‫الول من الطالق من الناحية المادية‪ ،‬فهو رب السرة وعائلها والمسؤول منها‪ ،‬وهو الذي دفع المهر والنفقة‬
‫حتى قام ببناء السرة على كاهله‪ ،‬ومن كان كذلك‪ ،‬كان مزيزا عليه أن يتحطم بناء السرة اإال لضرورات قاهرة‪.‬‬
‫اثنيا‪-‬كذلك‪ ،‬يعود حصر االسالم الطالق في يد الزوج وعدم اإمطائه للقاضي اإال في حاالت قصوى‪،‬‬
‫لمبدأ التستر الذي يدمو اإليه االسالم‪ ،‬فليس من المصلحة أن يفوض الطالق اإلى المحكمة‪ ،‬اإذ ليس كل‬
‫أس باب الطالق مما يجوز أن يذاع في المحاكم يتناقله المحامون والكتاب وغيرهم‪ ،‬بل معظم أس باب الطالق‬
‫تتمثل في أمور ال يصح اإعالنها‪ ،‬حفاظا على كرامة السرة وسمعة أفرادها ومس تقبل بناتها وبنيها"(‪)1‬‬

‫لقد أثبتت التجارب عدم جدوى حصر الطالق بيد القاضي‪ ،‬سواء في الغرب أو مند بعض العلماء‬
‫ممن اتخذوهم قدوة من بني جلدتنا (‪ ،)2‬المر الذي أدى اإلى عدول الكثير من دول الغرب من هذا االإجراء‪،‬‬
‫والسعي –في الوقت الحاضر‪-‬اإلى نقل الطالق من القاضي اإلى الزوجين معا‪ ،‬بحيث يكفي أن يتفق الزوجان‬
‫فيما بينهما على الطالق دون حاجة اإلى حكم القاضي‪" ،‬ويكفي مندئذ تسجيله في السجل المدني‪ ،‬وفعال‪ ،‬تم‬
‫تعديل قانون السرة في السويد على هذا النحو‪ ،‬والمتحدثون من الحضارة الغربية‪ ،‬ينظرون اإلى هذا التعديل‬
‫على أنه خطوة اإلى المام على طريق تحرير المرأة الوروبية‪ ،‬لنه يتجنب تعقيد االجراءات القضائية من جهة‪،‬‬
‫كما يتجنب الكشف من أسرار الزوجية من جهة أخرى (‪.)3‬‬
‫ولعل سائال يسأل كيف للزوجة الكارهة أن تتخلص من زوجها اإذا ساء خلقه أو قصر في حقوقها‬
‫المشروعة تقصيرا بينا‪ ،‬أو غير ذلك من الس باب؟ والجواب‪ ،‬أن في شريعة االإسالم وتعاليمه نوافذ ومخارج‬
‫عديدة لهذه الزوجة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أ‪-‬اشتراطها في العقد ان يكون الطالق بيدها‪ ،‬فهذا جائز مند أبيي حنيفة وأحمد‪ ،‬وفي الصحيح" أحق‬
‫الشروط أن توفوا ما اس تحللتم به الفروج"‪)4(.‬‬

‫(‪ )1‬راشد الغنوشي ‪ ،‬المرأة بين القرأآن وواقع المسلمين‪ ،‬المركز المغاربيي للبحوث والترجمة‪ ،‬لندن‪ ،‬انكلترا‪ ،‬ط‪ ،1333 ،1‬ص‬
‫‪ 933 .11‬من التجربة التوسنس ية وفشلها في التقليل من سنس بة الطالق‪ ،‬بقوله؛ أن هذا المر أثبتته احصائيات الطالق التي‬
‫سجلت في توسنس‪ ،‬حيث لوحظ االرتفاع في سنس بة الطالق‪ ،‬على الرغم من "أن المبرر الذي قدم النتزاع سلطة الطالق من‬
‫يد الزوج وإايكالها اإلى القاضي‪ ،‬هو حماية السرة‪ ،‬بإاتحة فرصة للقاضي ليراجع فيها الزوجين‪ ،‬ويحاول الصلح بينهما‪ ،‬والواقع‬
‫يثبت أن سنس بة المصالحات الناجحة ضئيلة جدا‪."...‬‬
‫(‪)3‬محمد البهيي‪ ،‬االسالم واتجاه المرأة المسلمة المعاصرة‪ ،‬دار التضامن‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،9199 ،‬ص ‪.10‬‬
‫(‪)4‬متفق عليه‪ ،‬من حديث مقبة بن عامر‪.‬‬
‫‪67‬‬

‫ب‪-‬الخلع‪ :‬فللمرأة الكارهة لزوجها أن تفدي نفسها منه‪ ،‬بأن ترد عليه ما أخذت من صداق ونحوه‪،‬‬
‫وهو ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة ‪ 91‬من قانون السرة المعدل في ‪.1339‬‬
‫ونكتفي بهذا القدر‪ ،‬من مظاهر تميز قانون السرة الجزائري من بعض بنود االتفاقيات الدولية‪ ،‬ومنها‬
‫س يداو‪ ،‬وقد تبين لنا بكل وضوح‪ ،‬تميُّز هذا القانون‪ ،‬على غرار أغلب قوانين الحوال الشخصية في البالد‬
‫العربية واالإسالمية‪ ،‬واختالف بعض أحكامه القطعية التي ال مجال لالجتهاد فيها‪ ،‬والتي مصدرها –كما أسلفنا‪-‬‬
‫شريعة االإسالم‪.‬‬
‫وال يفوتنا ‪-‬في هذا المقام‪-‬أن سنس ِ ّجل تنازل بعض الدول العربية واالإسالمية من بعض الحكام السرية‬
‫التي تميزها مما يسمى بلمرجعية الدولية‪ ،‬التي تعتمد أساس ًا على الفلسفة الغربية في هذا المجال‪ ،‬وذلك بنحرافها‬
‫البيّن من الشريعة االإسالمية متأثرة في ذلك بلغزو القانوني الغربيي‪ ،‬الذي تبلور بسهولة في بعض الدول‬
‫االإسالمية‪ ،‬لظروف اجتمامية واقتصادية وس ياس ية‪.‬‬
‫ومهما يكن من أمر‪ ،‬ورغم بعض المأآخذ التي س بق وأن أشران اليها في موضعها ‪ ،‬فان قانون السرة‬
‫الجزائري‪ ،‬على غرار قوانين الحوال الشخصية في البالد العربية واالإسالمية‪ ،‬اليزال يحافظ على تميزه‪ ،‬وقد‬
‫تبين لنا أن حقوق المرأة داخل السرة في قانون السرة الجزائري بصفة خاصة ‪،‬تختلف كثيرا مما هو مقرر لها‬
‫في االتفاقيات الدولية للمرأة‪ ،‬وذلك نتيجة منطقية المتماد المشرع الجزائري –على غرار قوانين الحوال‬
‫الشخصية في البالد االإسالمية – الشريعة االإسالمية مصدر ًا لتشريعاته‪ ،‬الس يما السرية منها‪، ،‬وهي من‬
‫الخصوصيات الدينية‪ ،‬واالإسالمية تحديد ًا‪.‬‬
‫ونخلص‪ ،‬أخيرا‪ ،‬الى أن العالمية‪ ،‬وفق ما تطرحه الشرمية الدولية لهذه الحقوق‪ ،‬تقابل تحفظات ال‬
‫يمكن تجاوزها‪ ،‬تنطلق من مفهوم الخصوصية الثقافية والحضارية‪ ،‬التي عاد المؤتمر العالمي لحقوق ا إالسنسان‬
‫(‪ )9110‬في «فيينا» لالعتراف بها‪ ،‬وتأكيدها في اإطار الحلول الوسط لتأكيد العالمية‪ ،‬والخصوصية الثقافية‬
‫والحضارية في أآن واحد‪.‬‬
‫خامتة املداخلة‪:‬‬
‫بعد هذ المحاولة ل إالحاطة بموضوع المداخلة‪ ،‬الموسومة ب‪ :‬التشريع السري الجزائريين مرجعيتي‬
‫االتفاقيات الدولية والشريعة االإسالمية‪ ،‬نخلص الى بعض النتائج‪ ،‬نتبعها ببعض التوصيات‪ ،‬وذلك على النحو‬
‫الآتي‪:‬‬
‫‪:‬‬
‫‪68‬‬

‫أوال‪ :‬النتائج‬
‫اجتهدت الجزائر لتحيين قوانينها‪ ،‬ومطابقتها مع الصكوك ال ّدولية التي صادقت عليها بما يحفظ‬
‫خصوصيتها‪ ،‬وقد تمثل ذلك في التعديالت التي طالت قوانين‪ :‬السرة والجنس ية والعقوبت والعمل وغيرها‪،‬‬
‫وهذا وفق ما تقتضيه التزاماتها الدولية‪.‬‬
‫أن هذه االلتزامات تتفق والنظرة االإسالمية اإلى المعاهدات ال ّدولية‪ ،‬وضرورة احترام المعاهدات مع‬
‫الغير والوفاء بمقتضياتها‪ ،‬اللّهم إاالّ ما تعارض منها مع أحكام معينة في النظام القانوني الدّ اخلي‪ ،‬أو في قانون‬
‫الحوال الشخصية‪ ،‬بمتبار مرجعية الشريعة االإسالمية‪ ،‬لكون هذه البنود محل تحفظ‪ ،‬وهو ما فعلته البلدان‬
‫العربية واالإسالمية مموما‪ ،‬ومنها الجزائر‪ ،‬وهي ترى أن هذا التحفظ اإنما تقتضيه الخصوصية الثقافية والحضارية‬
‫للمة االإسالمية بلدرجة الولى‪ ،‬وال يمكن قبول مرجعية االتفاقيات الدولية للمرأة ومنها س يداو على اإطالقها‪.‬‬
‫ورغم بعض المأآخذ‪ ،‬التي س بق وأن أشران اليها في موضعها ‪ ،‬فان قانون السرة الجزائري‪ ،‬على غرار‬
‫قوانين الحوال الشخصية في البالد العربية واالإسالمية‪ ،‬اليزال يحافظ على تميزه‪ ،‬وقد تبين لنا أن حقوق المرأة‬
‫داخل السرة في قانون السرة الجزائري بصفة خاصة ‪،‬تختلف كثيرا مما هو مقرر لها في االتفاقيات الدولية‬
‫للمرأة‪ ،‬وذلك نتيجة منطقية المتماد المشرع الجزائري ‪-‬على غرار قوانين الحوال الشخصية في البالد االإسالمية‪-‬‬
‫الشريعة االإسالمية مصدر ًا لتشريعاته‪ ،‬الس يما السرية منها‪، ،‬وهي من الخصوصيات الدينية ‪،‬واالإسالمية‬
‫تحديد ًا‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬يرى البعض أن من أس باب فشل المم المتحدة في تحقيق أهدافها‪ ،‬عدم مراعاة الخصوصيات‬
‫الحضارية والثقافية لكل بلد‪ ،‬وخاصة في القضااي االجتمامية‪ ،‬مثل المرأة والسرة‪ ،‬والعالقة بين الجنسين‪ ،‬التي‬
‫تعتبر في مقدمة الخصوصيات الفردية والوطنية والحضارية لية أمة من المم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬االقرتاحات‬
‫‪.9‬ضرورة االعتراف بعالمية حقوق االسنسان‪ ،‬وبمرجعية االتفاقيات الدولية فيما ال يتعارض مع قيمنا‬
‫االإسالمية‪ ،‬بمعنى أنه ال يمكن قبول المرجعية الدولية على اطالقها‪ ،‬ولس نا مع الدفع المطلق بلخصوصية‪ ،‬الن‬
‫هناك معايير عالمية لحقوق ا إالسنسان يمكن تطبيقها‪ ،‬ولكن توجد أيضا منطقة تتعلق بخصوصية الثقافة العربية‬
‫االإسالمية‪ ،‬ينبغي أن ندافع منها بغير جمود أو انغالق‪.‬‬
‫‪.1‬ضرورة التمسك بلخصوصية الثقافية والحضارية للدّول‪ ،‬ومنها الخصوصية االإسالمية للجزائر‪ ،‬المر‬
‫الذي يقتضي؛ وجوب التحفظ على بعض ما يتعارض معها في االتفاقيات الدولية المتعلقة بلمرأة‪ ،‬وخاصة منها‪،‬‬
‫اتفاقية س يداو (‪.)9191‬‬
‫‪69‬‬

‫‪ .0‬ان عالمية حقوق االسنسان تقابلها تحفظات ال يمكن تجاوزها‪ ،‬تنطلق من مفهوم الخصوصية الثقافية‬
‫والحضارية‪ ،‬التي عاد المؤتمر العالمي لحقوق ا إالسنسان (‪ )9110‬في «فيينا» لالعتراف بها‪ ،‬وتأكيدها‪.‬‬
‫وان هذا الطرح‪ ،‬ينبغي أن يكون أو يبقى الحل التوفيقي أو الوسط لتأكيد العالمية‪ ،‬والخصوصية الثقافية‬
‫والحضارية في أآن واحد‪.‬‬
‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الكتب‬
‫‪-9‬أبو زيد‪ ،‬محمد مبد الحميد‪ ،‬مبدأ المساواة بين الجنسين شرعا ووضعا‪ ،‬ب‪.‬د‪.‬ن‪ ،.‬القاهرة‪.1331 ،‬‬
‫‪-1‬البوطي‪ ،‬محمد سعيد رمضان‪ ،‬المرأة بين طغيان النظام الغربيي ولطائف التشريع الربتي‪،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬دمشق‪.9119 ،‬‬
‫‪-0‬البهيي‪ ،‬محمد‪ ،‬االسالم واتجاه المرأة المسلمة المعاصرة‪ ،‬دار التضامن‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪9199 ،‬‬
‫‪-1‬التبسي‪ ،‬هالة سعيد‪ ،‬هالة سعيد‪ ،‬حقوق المرأة في ظل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز‬
‫ضد المرأة (س يداو)‪ ،‬ط‪ ،9‬منشورات الحلبيي الحقوقية‪ ،‬سوراي‪.1399،‬‬
‫‪-9‬الغنوشي‪ ،‬راشد‪ ،‬المرأة بين القرأآن وواقع المسلمين‪ ،‬المركز المغاربيي للبحوث والترجمة‪ ،‬لندن‪،‬‬
‫انكلترا‪ ،‬ط‪.1333 ،1‬‬

‫‪-9‬الغمري‪ ،‬مح ّمد‪ ،‬واقع المرأة المصرية في ضوء اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة‪،‬‬
‫ط‪ ،9‬القاهرة‪.1330،‬‬

‫‪-9‬الفار‪ ،‬مبد الواحد محمد‪ ،‬قانون حقوق ا إالسنسان في الفكر الوضعي والشريعة االإسالمية‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬س نة‪.9119‬‬

‫‪-9‬القرضاوي‪ ،‬يوسف‪ ،‬مركز المرأة في الحياة االإسالمية مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪9119 ،9‬‬

‫‪-1‬المش ني‪ ،‬منال محمود‪ ،‬حقوق المرأة بين المواثيق الدولية وأصالة التشريع االإسالمي‪ ،‬دراسة مقارنة‬
‫بلشريعة االإسالمية والقوانين الدولية الخاصة بحقوق المرأة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬ممان‪.1399 ،‬‬
‫‪-93‬الناصر‪ ،‬سعاد مبد الله‪ ،‬قضية المراة‪ ،‬رؤية تأصيلية‪ ،‬كتاب المة‪ ،‬وزارة الوقاف والشؤون‬
‫االإسالمية‪ ،‬قطر‪ ،‬ال عدد‪9119 ،1‬‬
‫‪70‬‬

‫‪-99‬جعفور‪ ،‬محمد سعيد مدخل اإلى العلوم القانونية –الوجيز في نظرية القانون‪ ،‬دار هومة للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط ‪ ،9‬الجزائر‪.1331،‬‬
‫‪-91‬سعد‪ ،‬مبد العزيز‪ ،‬الجرائم الواقعة على نظام السرة‪ ،‬الديوان الوطني للشغال التربوية‪،‬‬
‫ط‪9،1331‬الجزائر‪.‬‬
‫‪90‬سعد‪ ،‬مبد العزيز‪ ،‬قانون السرة الجزائري في ثوبه الجديد‪ ،‬شرح أحكام الزواج والطالق بعد‬
‫التعديل‪ ،‬سلسلة تبس يط القوانين‪ ،‬ط ‪ ،31‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.1390 ،‬‬
‫‪-91‬علوان‪ ،‬محمد يوسف‪ ،‬والموسى‪ ،‬محمد خليل‪ ،‬القانون الدولي لحقوق ا إالسنسان‪ ،‬الحقوق المحمية‪،‬‬
‫ط‪ ،0‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬ج‪.1331 ،1‬‬

‫‪-99‬محمود‪،‬جمال الدين محمد‪ ،‬محمد‪ ،‬المرأة المسلمة في مصر العولمة‪ ،‬ط‪ ،9‬دار الكتاب المصري‪،‬‬
‫القاهرة‪1339،‬‬

‫‪-99‬وافي‪ ،‬علي مبد الواحد‪ ،‬حقوق ا إالسنسان في االإسالم‪ ،‬ط‪ ،9‬دار النهضة‪ ،‬مصر‪.1331 ،‬‬

‫ثانيا‪ :‬املقاالت والدوريات‬


‫‪-9‬اللجنة االإسالمية العالمية للمرأة والطفل‪ ،‬ورشة لتفعيل وسنشر ميثاق السرة في االإسالم‪ ،‬القاهرة ‪90‬‬
‫فبراير ‪.1331‬‬
‫‪-1‬ندوة بعنوان‪ :‬كيف يعود الترابط للسرة المصرية‪ .‬بعد س نوات التفكك‪ ،‬بتاريخ ‪ 91‬مارس ‪،1391‬‬
‫مجلة التبيان‪ ،‬العدد‪ 11 :‬أبريل ‪.1391‬‬
‫‪-0‬بيان ائتالف والمنظمات االإسالمية‪ ،‬مجلة التبيان‪ ،‬العدد‪ ،01 :‬القاهرة‪ ،‬أفريل ‪.1339‬‬
‫‪Houhou yamina , la discrimination a l egard des femmes dans l heritage -1‬‬
‫‪en droit algerien,(r.a.s.j.e.p),n3,sep,2014‬‬
‫ثالثا‪ :‬النصوص القانونية‬

‫أ‪-‬الدساتري وتعديالتها‬

‫‪-9‬دس تور ‪،9190‬وصدر في ‪93‬سبتمبر ‪،9190‬جريدة رسمية رقم ‪،91‬الجزائر‪.‬‬


‫‪-1‬دس تور ‪ ،9199‬وصدر بأمر رقم ‪ 19/99‬في ‪ 11‬نوفمبر ‪ ،9199‬جريدة رسمية رقم ‪ ،11‬الجزائر‪.‬‬
‫‪-0‬دس تور‪،9191 :‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد‪ ،31‬الس نة ‪ ،19‬بتاريخ‪.9191.30.39 :‬‬
‫‪71‬‬

‫‪-1‬دس تور‪ ،9119 :‬االصادر بلمرسوم الرئاسي رقم‪ ،109-19 :‬المؤرخ في‪ ،9119-91-39 :‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬عدد‪ ،99‬المؤرخة في‪.9119-91-39:‬‬
‫‪-9‬القانون رقم ‪ ،39-99‬المؤرخ في ‪ 39‬مارس ‪ ،1399‬يتضمن التعديل الدس توري الجزائري‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية رقم ‪.91‬‬
‫‪-9‬قانون رقم ‪ 111-13‬المؤرخ في ‪ ،1313 91 03‬الجريدة الرسمية العدد‪91 :‬‬
‫ب‪-‬التشريعات العادية‪:‬‬
‫‪-9‬القانون رقم ‪ 93/39‬المؤرخ في ‪1339/39/13‬م‪ ،‬المعدل والمتمم للمر رقم ‪ 99/99‬المؤرخ في‬
‫‪9199/31/19‬م‪ ،‬المتضمن القانون المدني الجزائري‪ ،‬ج‪ ،‬ر‪ 11 ،‬لس نة ‪.1339‬‬
‫‪-1‬القانون رقم ‪ 99/91‬المؤرخ في ‪ 9191/39/31‬م‪ ،‬والمتضمن قانون السرة الجزائري‪ ،‬معدل ومتمم‬
‫بلمر رقم ‪ 31/39‬المؤرخ في ‪1339/31/19‬م‪ ،‬ج‪ .‬ر عدد ‪ 99‬لس نة ‪.1339‬‬
‫ج‪-‬املواثيق الدولية‪:‬‬
‫‪-9‬اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لس نة ‪ ،9191‬صادقت الجزائر عليها بموجب‬
‫المرسوم الرئاسي ‪ 99 – 19‬المؤرخ في ‪ 11‬جانفي ‪ ،9119‬الجريدة الرسمية ‪ ،39‬المؤرخة في ‪ 11‬جانفي‬
‫‪.9119‬‬
‫‪72‬‬ ‫جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

‫ازدواجية مصدر التشريع األسري اجلزائري بني التوفيق والتوقيف‬


‫‪Duplication of Algerian family legislation between reconciliation and arrest‬‬
‫عيدوني عبد احلميد‬
‫جامعة أبوبكر بلقايد‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬تلمسان‪ ،‬اجلزائر‬
‫‪aidouni@gmail.com‬‬
‫امللخص‪:‬‬
‫تتجاذب قانون ا ألسرة الجزائري مرجعين اثنين‪ :‬أأوالهما الشريعة االإسالمية بجميع مذاهبها وما‬
‫ورد فيها من أراء فقهيه؛ وبين االتفاقيات الدولية‪ ،‬والغرض من هذه المداخلة هو البحث في هل وفق المشرع‬
‫الجزائري في محاولة التوفيق بينهما أأو التوقف عند أأحدهما‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬تشريع‪ ،‬قانون‪ ،‬أأسرة‪ ،‬شريعة‪ ،‬اتفاقيات‪ ،‬دولية‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪The Algerian family law attracts two references: the first is the Islamic‬‬
‫‪Sharia, with all itsschools of thought, and the jurisprudential opinions contained‬‬
‫‪in it; And between international conventions, and the purpose of this intervention‬‬
‫‪is to research whether the Algerian legislatoris in accordance with an attempt to‬‬
‫‪reconcilethem or stop at one of them.‬‬
‫‪The keywords: Legislation, law, family, Islamiclaw, conventions,‬‬
‫‪international.‬‬
‫مقدمـة املداخلة‪:‬‬
‫يتميز قانون ا ألسرة الجزائري ابزدواجية مصادره‪ ،‬فالمشرع عندما يريد أأن يصيغ نصوصا في قانون‬
‫ا ألسرة‪ ،‬يجد نفسه مشتبكا مع قوتين اثنتين‪ :‬قوة الشرعية الفقهية االإسالمية‪ ،‬وبين قوة الشرعية الدولية المتمثلة‬
‫في المقررات والفلسفة الحداثية التي جاءت بها‪ ،‬والتي تعبر عنها االتفاقيات الدولية وتشرف عليها المنظمات‬
‫ا ألممية‪.‬‬
‫فالمشرع يجد نفسه بين أأمريين أأحالهما مر‪ ،‬بأأيهما يأأخذ؟ هل يأأخذ ابلطرح الذي جاءت به االتفاقيات‬
‫الدولية؟ أأم يأأخذ ابلطرح الذي جاءت به الشريعة االإسالمية؟ وكيف يمكن التوفيق بينهما أأو التوقف على‬
‫أأحدهما؟‬
‫‪73‬‬

‫ل إالجابة على كل هذه التساؤالت ستنصب هذه المداخلة المعنونة بـ" اإزدواجية التشريع ا ألسري‬
‫الجزائري بين التوفيق والتوقيف" على بيان هذا تجاذب في مسأألتين هامتين‪ ،‬وهما مسأألة الولي ومسأألة الخلع‪،‬‬
‫لتعذر ذكر كل مسائل قانون ا ألسرة في هكذا مداخلة‪ ،‬وذلك وفيق مبحثين اثنين‪:‬‬
‫المبحث ا ألول‪ :‬اإزدواجية مصادر التشريع ا ألسري في الزواج‪-‬مسأألة الولي أأنموذجا‪-‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اإزدواجية مصادر التشريع ا ألسري في الطالق‪-‬مسأألة الخلع أأنموذجا‪-‬‬

‫املبحث األول‪ :‬ازدواجية مصادر التشريع األسري يف الزواج ‪-‬مسألة الولي منوذجا‪-‬‬

‫ينصب الحديث هنا عن والية الزواج على النساء في الشريعة االإسالمية ابعتبارها أأحد المصادر المهمة‬
‫لقانون ا ألسرة الجزائري (المطلب ا ألول)؛ ثم ننظر اإلى موقف المشرع الجزائري من مسأألة الولي ابلنس بة للبالغة‬
‫الراشدة (المطلب الثاني)‬

‫املطلب األول‪ :‬والية الزواج على النساء شرعا‬

‫قبل الخوض في والية تزويج النساء يجب التنبيه هنا اإلى أأهلية الزواج في الشريعة االإسالمية‪ ،‬والتي‬
‫ال تشترط البلوغ الإبرام عقد الزواج لكن ينعقد قابال للفسخ اإذا طلبه الصغير الذي عقد الزواج عنه ذكرا كان‬
‫أأو أأنثى‪ ،‬وال يصح زواج غير المجبر بال اإذن المر أأة ولو كانت طفلة‪ ،‬أأما دليل أأن للصغير الذكر أأو ا ألنثى فسخ‬
‫النكاح المبرم عنه ما ثبت أأن جارية بكرا أأتت النبيي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فذكرت أأن أأابها زوجها وهي كارهة‬
‫فخيرها النبيي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وهذا هو الراجح من مذهب أأبيي حنيفة و أأحمد في أأحد الروايتين‪ ،‬ومال‬
‫اإليه ابن تيمية ‪ ،‬وإان كان ذلك للجارية البنت فهو من ابب أأولى للفتى الذكر‪ ،‬أأما دليل أأن غير المجبر ال ينكحه‬
‫أأاي كان اإال ابإذنه أأن والية االإجبار تثبت ابالتفاق ل ألب والجد دون سواهما‪.‬‬
‫فاإن قيل لما سمح للولي المجبر اإنكاح الصغيرة والبكر؟ الجواب ألن ا ألصل في ا ألب والجد أأنهما أأقرب‬
‫الناس اإلى الولد و أأشفقهم عليه‪ ،‬و أأنهما ال يدخران جهدا في كمال النظر وبذل النصح له‪ ،‬ولعل الراجح في زواج‬
‫القاصر أأنه يقع انفذا شرعا اإذا أأبرمه الولي المجبر لكنه قابل للفسخ اإذا طلبه هذا القاصر الذي أأبرم العقد عنه ‪.‬‬
‫واختلف الفقهاء في الوالية هل هي اثبتة على كل امر أأة؟ فذهب ا ألحناف أأنها غير اثبتة على كل امر أأة‪،‬‬
‫فال تثبت على البالغة العاقلة‪ ،‬قال العيني عن الزواج‪" :‬وينعقد بنكاح الحرة العاقلة البالغة برضاها وإان لم يعقد‬
‫عليها ولي بكرا كانت أأو ثيبا عند أأبيي حنيفة و أأبيي يوسف في ظاهر الرواية"‪ ،‬قال‪" :‬وعند محمد ينعقد موقوفا"‬
‫‪ ،‬ثم قال‪" :‬لكن للولي االإعتراض في غير الكفوء" ‪ ،‬قال الرمفوري‪" :‬دفعا للعار عنه‪ ،‬هذا اإذا لم تلد‪ ،‬فاإن ولدت‬
‫فال حق للولي في الفسخ‪ ، "..‬قال السخاوي‪" :‬سواء كانت بكرا أأوثيبا اإذا زوجت نفسها جاز النكاح في ظاهر‬
‫الرواية سواء كان الزوج كفؤا لها أأو غير كفء فالنكاح صحيح اإال أأنه اإذا لم يكن كفؤا لها فل ألولياء حق‬
‫االعتراض‪.." .‬‬
‫‪74‬‬

‫وخالف مذهب ا ألحناف الجمهور‪ ،‬قال عبد الوهاب المالكي‪" :‬ال يصح كون المر أأة وليا في عقد النكاح‬
‫ال على نفسها وال على غيرها" ‪ ،‬قال القرافي المالكي‪" :‬العاقد الزوج أأو الولي‪ ،‬وال يجوز عقد المر أأة على نفسها‬
‫و ال على غيرها بكرا كانت أأوثيبا‪ ،‬رش يدة أأو سفيهة‪ ،‬أأذن الولي أأم ال‪ ، "...‬قال الشافعي‪" :‬فأأي امر أأة نكحت‬
‫بغير اإذن وليها فال نكاح لها" ‪ ،‬قال ابن قدامة الحنبلي‪" :‬النكاح ال يصح اإال بولي‪ ،‬وال تملك المر أأة تزويج‬
‫نفسها و ال غيرها‪ ،‬وال توكل غير وليها في تزويجها فاإن فعلت فال يصح النكاح ‪" .‬‬
‫و أأدلة الجمهور قول رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ " :‬أأيما امر أأة نكحت بغير اإذن وليها فنكاحها ابطل‬
‫فنكاحها ابطل فنكاحها ابطل‪ ،‬فاإن دخل بها فلها المهر بما اس تحل من فرجها‪ ،‬وإان اش تجروا فالسلطان ولي‬
‫من ال ولي له" ‪ ،‬وطعن في هذا الحديث ا ألحناف‪ ،‬فقالوا روي الحديث عن عائشة رضي الله عنها و قد خالفته‬
‫بفعلها ‪ ،‬فقد ثبت في موطأأ مالك أأن عائشة زوج النبيي صلى الله عليه وسلم زوجت حفصة بنت عبد الرحمن‬
‫المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائب ابلشام فلما قدم عبد الرحمن قال‪ :‬ومثلي يصنع هذا به ومثلي يفتات عليه‬
‫فكلمت عائشة المنذر بن الزبير فقال المنذر‪ :‬فاإن ذلك بيد عبد الرحمن‪ .‬فقال عبد الرحمن ما كنت ألرد أأمرا‬
‫قضيته فقرت حفصة عند المنذر ولم يكن ذلك طالقا‪.‬‬
‫ورد ابن عبد البر أأن‪ " :‬قوله في هذا الباب أأن عائشة زوجت حفصة بنت عبد الرحمن أأخيها من‬
‫المنذر بن الزبير ليس على ظاهره ولم يرد بقوله زوجت حفصة – والله أأعلم – اإال الخطبة والكناية في الصداق‬
‫و نحو ذلك دون العقد" ‪ ،‬و عقب عليهم بما روي عن عائشة رضي الله عنها أأنها قالت‪" :‬كان الفتى من بني‬
‫أأختها اإذا هوى الفتاة من بني أأخيها ضربت بينهما سترا و تكلمت‪ ،‬فاإن لم يبقى اإال النكاح قالت اي فالن‪ ،‬انكح‪،‬‬
‫فاإن النساء ال يُ ْنكحن‪" .‬‬
‫ومما يمكن أأن يرد به على ا ألحناف أأن عائشة رضي الله عنها لم تصرح برد الحديث‪ ،‬أأما ما فعلته مع‬
‫حفصة بنت أأخيها فيمكن أأن يحمل على وجوه‪ ،‬أأوالها أأنها ما أأرادت اإال الخطبة و دفع الصداق ال عقد النكاح‪،‬‬
‫و اثنيها أأنها أأخطأأت فاإنها على جاللة قدرها غير معصومة اإذ قد يلحقها الخطأأ عن غير قصد‪ ،‬هذا اإذا فرض جدال‬
‫أأنها أأرادت العقد‪.‬‬
‫قال الزركشي‪" :‬فالذي عليه الجمهور العمل بظاهر الحديث و ال يخرج عنه بمجرد عمل الصحابيي"‬
‫ثم زاد‪" :‬وذهب أأكثر الحنفية اإلى اتباع قول الراوي" ثم قال‪" :‬وقال بعض المالكية‪ :‬اإن كان ذلك مما يمكن أأن‬
‫يدرك بشواهد ا ألحوال‪ ،‬والقرائن المقتضية لذلك‪ ،‬وليس ل إالجتهاد مساغ في ذلك اتبع قوله‪ ،‬و اإن كان صرفه‬
‫عن ظاهره يمكن أأن يكون لضرب من االإجتهاد تعين الرجوع اإلى ظاهر الخبر" ‪ ،‬وال يمكن أأن يصنف ما فعلته‬
‫عائشة رضي الله عنها اإال أأنه من ابب االإجتهاد‪ ،‬زد على أأن فعلها هذا يتضمن وجوها من االحتماالت فال يمكن‬
‫أأن يرد به ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪75‬‬

‫واس تدل الجمهور أأيضا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬ال نكاح اإال بولي"‪ ،‬والحديث روي عن‬
‫عائشة رضي الله عنها ‪ ،‬ورده ا ألحناف وضعفوه‪ ،‬قال الرمفوري‪" :‬و أأما حديث عائشة رضي الله عنها فمداره‬
‫على الزهري وابن جريج سأأله عنه فلم يعرفه" ‪ ،‬ورد عليهم الجمهور بما أأورده الشريف التلمساني حين قال‪:‬‬
‫"والجواب عند أأصحابنا أأن ا ألصل لم يصرح بتكذيب الفرع فاإذا روى عنه العدل وجب العمل بما روى‪ ،‬وال‬
‫يضر نس يان المروي عنه‪ ،‬وقد جرت عادة المحدثين بأأن يروي ا ألصل عن الفرع عن ا ألصل نفسه‪ ،‬اإذا نسي‬
‫ا ألصل"‪ ،‬ومما اس تدل به الجمهور كذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬ال تزوج المر أأة المر أأة وال تزوج‬
‫المر أأة نفسها"‪.‬‬
‫والراجح اشتراط الولي على ر أأي الجمهور‪ ،‬ولعل المصلحة في اشتراط الوالية في المر أأة دون الرجل‬
‫ذلك أأن المر أأة تغلب عليها عاطفتها‪ ،‬فلذلك وصفهن النبيي صلى الله عليه وسلم أأنهن‪" :‬انقصات عقل" ‪ ،‬ونقصان‬
‫عقلهن ليس معناه سفههن‪ ،‬بل معناه فرط عاطفتهن كما هو معلوم خاصة في مثل هذه ا ألمور‪ ،‬فقد تجرها‬
‫عاطفتها اإلى من ال يس تحقها‪ ،‬والرجال أأقدر الناس على معرفة الرجال‪ ،‬والولي وخاصة ا ألب أأحرص الناس من‬
‫أأن ال يزوج ابنته اإال كفؤا‪ ،‬فالمصلحة هي حماية المر أأة‪ ،‬ال أأن الوالية وصاية على إارادة المر أأة وتقيد لها‪ ،‬فاإن‬
‫تنازع الولي مع وليته فالسلطان ولي لمن ال ولي له‪ ،‬فاإنه أأقدر و أأعلم بمصلحة المر أأة‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬الوالية يف تزويج املرأة الراشدة‬

‫تنص المادة ‪ 1/11‬من ق‪ .‬أأ‪" :‬تعقد المر أأة الراشدة زواجها بحضور وليها وهو أأبوها أأو أأحد أأقاربها أأو أأي‬
‫شخص أخر تختاره"‪.‬‬
‫قال عبد القادر بن داود‪" :‬وهذا من صميم الفقه المالكي‪ ،"...‬واستشهد بقول عبد الرحمن الجزيري‪:‬‬
‫"المالكية قالوا اإذا وجد أأولياء أأقرب و أأبعد صح عقد ابلولي ا ألبعد مع وجود ا ألقرب‪ ، "...‬لكن أأغفل قول المؤلف‬
‫فيما بعد‪" :‬ولكن هذا في الولي غير المجبر‪ ،‬أأما الولي المجبر فاإنه ال يصح أأن يباشر العقد غيره مع وجوده سواء‬
‫كان المجبر أأاب أأو وصيا أأو مالكا اإال في حالة واحدة‪ ،‬وهي أأن يكون لذلك المجبر أأب أأو أأخ أأو ابن أأوجد وقد‬
‫فوض لهم أأو لواحد منهم النظر في أأموره"‪.‬‬
‫ومما استشهد به قول ابن رشد في البداية والنهاية أأنه‪ " :‬ويتخرج على رواية ابن القاسم عن مالك في‬
‫الوالية قول رابع أأن اشتراطها س نة ال فرض‪ ،‬وذلك أأنه روى عنه أأنه كان يرى الميراث بين الزوجين بغير ولي‪،‬‬
‫و أأنه يجوز للمر أأة غير الشريفة أأن تس تخلف رجال من الناس على اإنكاحها‪ ،‬وكان يس تحب أأن تقدم الثيب وليها‬
‫ليعقد عليها‪ ،‬فكأأنه عنده من شروط التمام ال من شروط الصحة بخالف عبارة البغداديين من أأصحاب مالك"‬
‫‪ ،‬و أأغفل قول ابن رشد قبلها‪" :‬فذهب مالك اإلى أأنه ال نكاح اإال بولي و أأنها شرط في الصحة في رواية أأشهب‬
‫‪76‬‬

‫عنه" ‪ ،‬و أأغفل كذلك قول بن الجزي المالكي أأنه‪ " :‬ال خالف في المذهب في فسخ اإنكاح غير ا ألب مع‬
‫حضوره اإال اإذا عقد ا ألخ نكاح أأخته البكر بغير اإذن أأبيها فاإن كان هو القائم بأأمر أأبيه جاز اإن أأجازه ا ألب‪" .‬‬
‫فمن يقول لغير الشريفة اإنكاح نفسها بوالية غير ا ألب يرى أأن ل ألب أأن يفسخ النكاح اإذا لم يجزه‪،‬‬
‫فعلى من يدعي العمل بهذا القول أأن يأأخذ بكله ال ببعضه مما يميل اإليه‪.‬‬
‫فالمشرع هنا ومن يميل اإلى ما ذهب اإليه يقسم في الوالية المر أأة اإلى راشدة وصغيرة على مذهب أأبيي‬
‫حنيفة ‪ ،‬ثم يجيز اس تخالف المر أأة غير وليها على قول شاذ من المالكية وال يأأخذ بكل ما ورد في هذا الر أأي‬
‫بأأكمله‪ ،‬فهل هذا اإال تتبعا مذموما للرخص التي نهيى العلماء عنه‪ ،‬قال ا ألوزاعي‪" :‬من أأخذ بنوادر العلماء خرج‬
‫عن االإسالم" ‪ ،‬وقال اإسماعيل القاضي‪" :‬من جمع زلل العلماء ثم أأخذ بها ذهب دينه‪" .‬‬
‫يجدر التنبيه هنا اإلى ما جاء في القرار القضائي المؤرخ في‪ 32.‬جانفي ‪ 3001‬أأنه‪.." :‬وبما أأن قضاة‬
‫الموضوع رفضوا دعوى اإثبات الزواج العرفي للمر أأة الثيب لعدم حضور الولي فاإنهم خالفوا القانون" ‪ ،‬قال العربيي‬
‫بلحاج‪" :‬ظاهر من هذا االجتهاد أأن المحكمة العليا أأخذت بقول الحنفية على صحة انفراد المر أأة البالغة العاقلة"‬
‫‪ ،‬وفي هذا الكالم نظر فاإن االجتهاد المذكور لم يزد على أأنه طبق ما كان منصوصا عليه في قانون ا ألسرة قبل‬
‫التعديل‪ ،‬اإذ كان ينص على أأنه يثبت عقد الزواج بعد الدخول بصداق المثل اإذا اختل ركن واحد ويبطل اإذا‬
‫اختل أأكثر من ركن‪.‬‬
‫وواضح هذا ا ألمر من منطوق القرار المذكور اإذ جاء فيه‪" :‬حيث أأنه فعال ابلرجوع اإلى الحكم المس تأأنف‬
‫والقرار المطعون فيه يتبين أأن قضاة الموضوع اس تمعوا اإلى شهود أأثبتوا في شهادتهم أأن الزواج العرفي تم بين‬
‫الطرفين برضاهما وعلى صداق حدد مقداره أأمام اإمام المسجد‪ ،‬و أأن الزوجة انقشت بنود عقد الزواج بنفسها‬
‫دون حضور والي عليها و أأمام هذا فقضاء الموضوع برفض دعوى المدعية الرامية الإثبات الزواج العرفي يعتبر‬
‫من غير أأساس قانوني مادام الدخول قد تم ونتج عن الزواج بنتا تسمى (ح) وذلك تأأسيسا على المادة‪ 22.‬من‬
‫ق‪ .‬أأفي نصها يثبت الزواج بعد الدخول بصداق المثل اإذا اختل ركن واحد"‪ ،‬ثم أأضاف القرار أأنه‪" :‬وما دام ركن‬
‫الوالي هو وحده المختل فاإن الزواج يثبت بعد الدخول‪ ،"..‬اإذا فال يقال أأن القرار هو من أأخذ بمذهب أأبيي‬
‫حنيفة بل النص القانوني‪.‬‬
‫قال بلحاج العربيي‪" :‬ال يوجد نص اثبت الورود وصريح الداللة في الشريعة االإسالمية يجعل الوالية‬
‫على المر أأة شرط في عقد الزواج" ‪ ،‬وفي هذا الكالم نظر اإذ لو صح لم يذهب جمهور العلماء اإلى اشتراط‬
‫الولي‪ ،‬قال الترمذي‪" :‬والعمل في هذا الباب على حديث النبيي صلى الله عليه وسلم (ال نكاح اإال بولي) عند‬
‫أأهل العلم من أأصحاب النبيي صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أأبيي طالب وعبد الله بن‬
‫عباس و أأبو هريرة وغيرهم‪ ،‬وهكذا روي عن بعض فقهاء التابعين أأنهم قالوا ال نكاح اإال بولي‪ ،‬منهم سعيد بن‬
‫‪77‬‬

‫المسيب والحسن البصري وشريح وإابراهيم النخعي وعمر بن عبد العزيز وغيرهم‪ ،‬وبهذا يقول سفيان الثوري‬
‫وا ألوزاعي وعبد الله بن المبارك ومالك والشافعي و أأحمد وإاسحاق‪" .‬‬
‫ور أأي السادة الحنفية وإان كان مرجوحا اإال أأنه محترم مبني على نظر واعتبار ومراعاة المصالح‪ ،‬أأما ما‬
‫ذهب اإليه المشرع في المادة‪ 1/11.‬من ق‪ .‬أأ فمخالف للشريعة االإسالمية وما تعارف عليه الناس في المجتمع‬
‫الجزائر‪ ،‬قالت دليلة فركوس‪" :‬اإنفرد المقنن الجزائري ابلحكم الوارد في هذا النص‪ ،‬ال س يما في العبارة ا ألخيرة‬
‫من هذه الفقرة‪ ،‬اإذ ال أأصل لها في الشريعة االإسالمية‪ ،‬فال يعقل أأن تساوي عالقة ا ألب اببنته أأو أأحد ا ألقارب‬
‫بقريبته مع أأي شخص أخر تختاره المر أأة بمناس بة عقد زواجها" ‪ ،‬قال جياللي تشوار‪" :‬لم يقل بهذا أأي مذهب‬
‫من المذاهب‪ ،‬حتى المذهب الحنفي الذي يعطي للمر أأة أأن تتزوج بغير ولي لكن أأعطى ل ألب حق االعتراض "‬
‫‪.‬‬
‫وادعاء أأن بعض المالكية يرون الزواج بدون ولي ادعاء خاطئ عن مالك‪ ،‬قال الرامفوري‪" :‬هذا النقل‬
‫عنه غلط‪ ،‬والصحيح عنه أأن الزانية اإن زوجها الجار أأو غيره ليس بولي جاز "‪.‬‬
‫قال العربيي بلحاج‪" :‬المر أأة الراشدة هي ولية على نفسها تتولى اإدارة أأموالها وشؤونها بنفسها فأأولى أأن‬
‫نترك لها مسأألة اختيار الزوج" ‪ ،‬وهذا الكالم فيه نظر رد عليه القرافي المالكي صاحب الفروق بقوله‪" :‬تصرفها‬
‫في نفسها مع غلبة شهوتها يخشى منه العار عليها وعلى أأوليائها‪ ،‬يأأخذها غير الكفؤ‪ ،‬وهي مفسدة تدوم على ا ألايم‬
‫بخالف المال فيكون الحجر عليها أأولى من الحجر على السفيه في ماله" ‪ ،‬وما قاله القرافي ملموس في واقع‬
‫الناس اليوم‪ ،‬فكم من بنت لم تأأبه بوليها فلما عاينت ا ألمر بعد الزواج ابن لها فضاعة ما اقترفت‪ ،‬اإذ النساء ال‬
‫يعلمن بحال الرجال‪ ،‬وال يعلم حال الرجال اإال الرجال‪ ،‬فكم من كذوب غشوم صور نفسه ملكا وديعا‪ ،‬كما قال‬
‫تعالى‪{َ :‬وا َذا َر َأيْ َتهُ ْم تُ ْعجِ ُب َك َأ ْج َسا ُمه ُْم َوان ي َ ُقولُوا ت َ ْس َم ْع ِلقَ ْو ِلهِ ْم َكأَنَّهُ ْم خُشُ ٌب ُّم َس نَّدَ ٌة} ‪ ،‬وقال تعالى‪{َ :‬و ِم َن النَّ ِاس‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َمن يُ ْعجِ ُب َك قَ ْولُ ُه ِفي الْ َح َيا ِة الدُّ نْ َيا َوي ُْشهِدُ الل َّ َه عَل َ ٰى َما ِفي قَلْ ِب ِه َوه َُو َأل َ ُّد الْ ِخ َصا ِم}‪.‬‬
‫والشريعة لم تقرر الوالية وصاية على إارادة المر أأة‪ ،‬بل قررت الوالية حماية ومساندة لها وتكريما وتشريفا‬
‫لمقامها اإذ تطلب من أأبيها‪ ،‬حتى يدرك الراغب لها أأنها ليست بسهلة المنال‪ ،‬بل وراءها الرجال فيحتاط ألمره‪،‬‬
‫ويعلم أأنه عليه الحذر من تضييعها‪.‬‬
‫والغريب أأن هناك من قال أأن المصلحة من جعل الوالية فيما يتعلق ابلمر أأة البالغة على هذا النحو ألجل‬
‫رفع الحرج عنها‪ ،‬اإذ كان لها أأن تقاضي أأابها اإذا منعها من الزواج‪ ،‬والجواب على هذا القول أأن هذه المصلحة‬
‫ملغاة لعدة وجوه منها أأن قهر ا ألب بزواج ابنته ابإذن القاضي دون رضاه أأهون من قهره اإذا تولى تزويجها واحد‬
‫من عامة الناس دون إاذنه هذا من جهة‪ ،‬وال يختلف الحرج الواقع على المر أأة سواء قاضت أأابها لتتزوج ممن‬
‫منعها منه وبين حرجها اإذا تخطته اإلى غيره فزوجها هذا من جهة أأخرى‪.‬‬
‫‪78‬‬

‫والظاهر أأن المشرع الجزائري في والية تزويج البالغة لم يراعي ال الفقه االإسالمي وال حتى ا ألعراف‬
‫الجزائرية‪ ،‬بل كان فعل ذلك للضغوطات الدولية وكذا لتلميع الصورة أأمام المجتمع الدولي‪ ،‬فقد صادقت الدولة‬
‫الجزائرية على اتفاقية القضاء على جميع أأشكال التمييز ضد المر أأة س نة ‪ ،1991‬أأي في قلب أأحداث العشرية‬
‫السوداء التي فرضت حصارا على الجزائر‪.‬‬
‫لذا كان لزاما على المشرع حينها أأن يزيل هذا الحصار ابإعطاء صورة متفتحة عن الجزائر‪ ،‬فأأثرت‬
‫الس ياسة كثيرا على القوانين‪ ،‬ومن هنا تم تس ييس قانون ا ألسرة وذلك بموجب تعديل ‪ ،3002‬الذي كان ل ًّيا‬
‫للنصوص القانونية حتى تقارب نص المادة ‪ 11‬من اتفاقية جميع أأشكال التمييز ضد المر أأة‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬ازدواجية مصادر التشريع األسري يف الطالق –مسألة اخللع منوذجا‪-‬‬

‫يجري الحديث هنا عن مسأألة مهمة وحساسة وهي مدى اشتراط رضا الزوج على اإيقاع الخلع في‬
‫الشريعة االإسالمية (المطلب ا ألول)؛ ثم ننظر اإلى موقف المشرع الجزائري (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬رضا الزوج باخللع يف الفقه اإلسالمي‬

‫ذهب جمهور الفقهاء اإلى أأن الزوج ال يجبر على قبول المخالعة اإذا لم يرضى بها‪ ،‬وهذا مذهب الحنابلة‪،‬‬
‫جاء عن ابن تيمية‪-‬وقد س ئل عن من أأكرهت زوجها على الخلع ثم تزوجت غيره‪ ،‬هل يصح زواجها الثاني‪ -‬فقال‪:‬‬
‫" اإن كان الزوج ا ألول أأكره على الفرقة بحق‪ -‬مثل أأن يكون مقصرا في واجباتها‪ ،‬أأومضرا لها بغير حق من قول‬
‫أأو فعل‪ -‬كانت الفرقة صحيحة‪ ،‬والنكاح الثاني صحيحا‪ ،‬وهي زوجة الثاني‪ ،‬وإان كان أأكره ابلضرب أأو الحبس‬
‫وهو محسن لعشرتها حتى فارقها لم تقع الفرقة‪ ،‬بل اإذا أأبغضته و هو محسن اإليها فاإنه يطلب منه الفرقة من غير‬
‫أأن يلزم بذلك‪ ،‬فاإن فعل و اإال أأمرت المر أأة ابلصبر عليه اإذا لم يكن ما يبيح الفسخ‪" .‬‬
‫ورضا الزوج ابلخلع مس تحب غير الزم عند الشافعية‪ ،‬قال ابن حجر‪ " :‬قول رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ " :‬أأقبل الحديقة وطلقها تطليقة" هو أأمر اإرشاد و اإصالح ال اإيجاب" ‪ ،‬وهذا مذهب ا ألحناف كذلك قال‬
‫البهوتي‪" :‬وتسن اإجابتها أأي الزوجة اإذا سأألته الخلع على عوض" ‪ ،‬وإالى هذا أأيضا ذهب الظاهرية‪ ،‬قال ابن‬
‫حزم‪ " :‬الخلع هو االفتداء اإذا كرهت المر أأة زوجها فخافت أأن ال توفيه حقه أأو خافت أأن يبغضها فال يوفيها حقها‬
‫فلها أأن تفتدي منه ويطلقها اإن رضي هو‪ ،‬وإاال ال يجبر هو وال أأجبرت هي‪ ،‬اإنما يجوز بتراضيهما" ‪ ،‬وجاء عن‬
‫اللجنة الدائمة ل إالفتاء أأن الزوج يس تحب له أأن يس تجيب اإلى الخلع اإذا طلبته الزوجة ال أأن يجبر عليه‪.‬‬
‫ون ُقل أأن مالكا يرى الخلع بدون رضا الزوج ‪ ،‬وذلك لما ورد في المدونة أأن مالكا قال في الحكمين‪:‬‬
‫"فاإن اس تطاعا الصلح أأصلحا بينهما وإاال فرقا بينهما‪ ،‬ثم يجوز فراقهما دون االإمام وإان ر أأاي أأن يأأخذ من مالها حتى‬
‫يكون خلعا فعال‪ ، ".‬و أأن ابن رشد قال ‪ ":‬و الفقه أأن (الفداء)اإنما جعل للمر أأة في (مقابلة) ما (بيد الرجل)من‬
‫‪79‬‬

‫الطالق‪ ،‬فاإنه لما جعل الطالق بيد الرجل اإذا فرك المر أأة جعل الخلع بيد المر أأة اإذا فركت الرجل " ‪ ،‬و أأن بن‬
‫الجزي قال‪ ":‬أأن يكون خلع المر أأة اختيارا منها وحبا في فراق الزوج من غير اإكراه وال ضرر منه بها‪ ،‬فاإن انخرم‬
‫أأحد الشرطين نفذ الطالق ولم ينفذ الخلع ‪. " .‬‬
‫والحقيقة أأن ما قاله مالك أأو ابن رشد أأو ابن الجزي ال يدل اإطالقا على أأنهم يرون الخلع بدون رضا‬
‫الزوج‪ ،‬بل الصواب عندهم أأن الخلع ال يقع اإال برضا الزوج‪ ،‬بيد أأنه اإذا اش تد الخصام حتى اضطر القاضي اإلى‬
‫تعيين الحكمين فاإن حكمهما انفذ ولو قضيا ابلخلع دون رضا الزوج‪ ،‬فحكم الحكمين‪-‬ال المر أأة‪ -‬عند المالكية‬
‫ينفذ كما ينفذ فعل الحاكم في ا ألقضية‪.‬‬
‫و أأما ما قاله ابن رشد فال يزيد على أأنه قرر أأن الخلع حق للمر أأة كما أأن الطالق حق للرجل‪ ،‬ال أأنها‬
‫توقعه ابلكيفية التي يوقع بها الزوج الطالق‪ ،‬وفي قوله‪" :‬والفقه أأن الفداء اإنما جعل للمر أأة في مقابلة ما بيد الرجل‬
‫من الطالق" ما يدل أأن الخلع عنده ال يقع اإال برضا الزوج‪ ،‬يوضح هذا المعنى ما قاله محمد ا ألمين الش نقيطي‬
‫من‪ " :‬أأن العوض المبذول للزوج من جهتها اإنما بذلته في مقابلة ما (يملكه الزوج) وهو الطالق‪" .‬‬
‫وليس في قول بن الجزي كذلك ما قد يوحي أأنه يرى الخلع بدون رضا الزوج‪ ،‬بل في تعريفه للخلع أأن‬
‫"معناه أأن تبذل المر أأة أأو غيرها للرجل ماال على أأن يطلقها" ما يدل أأنه يذهب اإلى ما ذهب اإليه الجمهور في‬
‫هذه المسأألة‪ ،‬ومما يؤكد أأن المالكية ال يرون الخلع اإال برضا الزوج أأنهم لم يوقعوه اإال بتلفظ الزوج ابلطالق أأو‬
‫بما يدل على الخلع كما ذكر من قبل‪.‬‬
‫وابلتالي‪ ،‬فاإن جمهرة علماء الشريعة‪ -‬بما فيهم المالكية‪ -‬يرون أأن الخلع يقع كأأصل عام برضا الزوج اإال‬
‫اإذا قضى به الحكمين ‪ ،‬والذي صرف صيغة الوجوب في قوله صلى الله عليه وسلم‪ " :‬أأقبل الحديقة و طلقها‬
‫تطليقة" اإلى الندب داللة قوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬اإنما الطالق لمن أأمسك ابلساق" على أأحقية الرجل‬
‫ابإيقاع الطالق‪ ،‬ومما يؤكد هذا قول الله تعالى‪{:‬فَال ُجنَ َاح عَلَ ْيهِ َما ِفي َما افْتَدَ ْت ِب ِه} ‪ ،‬فدل لفظ {عَلَ ْيهِ َما}على‬
‫ضرورة أأن تنصرف إارادة كل منهما اإلى اإيقاع الخلع وما يتعلق به ‪.‬‬
‫اإال أأن ابن ابز س ئل عن امر أأة تزوجت ابن عمها ولم يكتب الله في قلبها له مودة‪ ،‬وقد خرجت من‬
‫بيته منذ ثالث عشرة س نة‪ ،‬وحاولت منه الطالق أأو المخالعة أأو الحضور معه اإلى المحكمة فلم يرض بذلك‪،‬‬
‫وهي تبغضه بغضا كثيرا‪ ،‬تفضل معه الموت على الرجوع اإليه‪ ،‬وقد أأسقطت نفسها من السطح لما أأراد أأهلها‬
‫االإصالح بينها وبينه‪ ،‬فما الحكم؟‬
‫فأأجاب رحمه الله‪":‬مثل هذه المر أأة يجب التفريق بينها وبين زوجها المشار اإليه‪ ،‬اإذا دفعت اإليه جهازه؛‬
‫لقول النبيي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬لثابت بن قيس لما أأبغضته زوجته وطلبت فراقه‪ ،‬وسمحت برد حديقته‬
‫اإليه‪،‬و ألن بقاءها في عصمته‪ ،‬والحال ما ذكر يسبب عليها أأضرارا كثيرة‪ ،‬وقد قال النبيي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫(ال ضرر وال ضرار)‪ ،‬و ألن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها‪ ،‬وال ريب أأن‬
‫‪80‬‬

‫بقاء مثل هذه المر أأة في عصمة زوجها المذكور من جملة المفاسد التي يجب تعطيلها وإازالتها والقضاء عليها‪ ،‬وإاذا‬
‫امتنع الزوج عن الحضور مع المر أأة المذكورة اإلى المحكمة وجب على الحاكم فسخها من عصمته‪ ،‬اإذا طلبت‬
‫ذلك وردت عليه جهازه للحديثين السابقين وللمعنى الذي جاءت به الشريعة واس تقر من قواعدها‪" .‬‬
‫وهذا الذي أأورده ابن ابز هو نفسه ما ذهب اإليه بعض حكام الشام المقادسة من الحنابلة كما ذكره بن‬
‫مفلح ‪ ،‬اإال أأن ما ذكره ابن ابز ينبغي أأن ال يحمل على اإطالقه‪ ،‬بل على حالة اإذا تعنت الزوج في عدم قبول‬
‫الخلع وتيقن القاضي من تضرر المر أأة من ذلك و اس تحال التوفيق بينها وبين زوجها‪ ،‬فهذه الحالة اس تثناء ويبق‬
‫ا ألصل لزوم رضا الزوج على مبد أأ الخلع‪.‬‬
‫فالحكم الذي أأقره الشرع أأن المر أأة اإذا نشزت عن زوجها وعظها‪ ،‬فاإن اتعظت وإاال هجرها في المضجع‬
‫تعالى‪{:‬و َّالال ِتي‬
‫َ‬ ‫بأأن يليها ظهره في الفراش فال يجامعها‪ ،‬فاإن ارتدعت و اإال ضربها ضراب غير مبرح قال الله‬
‫ون نُشُ َوزه َُّن فَ ِع ُظوه َُّن َوا ْه ُج ُروه َُّن ِفي الْ َمضَ اجِ ع ِ َواضْ ِربُوه َُّن} ‪ ،‬فاإن أأطاعته فال سبيل له عليها وإاال رفعا‬ ‫تَخَافُ َ‬
‫أأمرهما للقاضي‪ ،‬فاإن اس تطاع الصلح بينهما أأصلح وإاال عين حكمين‪ ،‬حكم صالح من أأهل الزوج وحكم صالح‬
‫من أأهل الزوجة‪ ،‬فاإن اس تطاعا الصلح فعال وإاال فرقا بينهما و اإن أألزما الزوج على الخلع دون رضاه‪ ،‬وعلى‬
‫القاضي والحكمين أأن يجتهدوا أأن يكون الخلع برضا الزوج وطيب نفس منه‪ ،‬و اإال نبهوه أأنه اإذا تعنت أألزموه‬
‫ابلخلع‪ ،‬قال الله تعالى‪{َ :‬وا ْن ِخ ْف ُت ْم ِشقَ َاق بَيْ ِنهِ َما فَابْ َعثُوا َح َك ًما ِم ْن َأ ْه ِل ِه َو َح َك ًما ِم ْن َأ ْه ِلهَا ا ْن يُ ِريدَ ا ا ْص َال ًحا ي ُ َو ِف ِق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الل َّ ُه بَيْنَهُ َما} ‪ ،‬و قال تعالى أأيضا‪{ :‬فَا ْن ( ِخ ْف ُت ْم) َأالَّ ي ُ ِقي َما ُحدُ و َد الل َّ ِه فَال ُجنَ َاح عَل َ ْيهِ َما ِفي َما افْتَدَ ْت ِب ِه ِتلْ َك ُحدُ و ُد‬
‫ِ‬
‫الل َّ ِه فَال ت َ ْعتَدُ وهَا}‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬رضا الزوج باخللع يف القانون اجلزائري‬

‫اإذا رجعنا اإلى القانون الجزائري نجد أأن االجتهاد القضائي نحى في أأول ا ألمر منحى جمهور الفقهاء من‬
‫اشتراط رضا الزوج على الخلع‪ ،‬جاء في القرار المؤرخ في ‪31‬نوفمبر‪ 1911‬أأنه‪" :‬من المقرر فقها و قضاء أأن قبول‬
‫الزوج للخلع أأمر وجوبيي‪ ،‬و أأن ليس للقاضي سلطة مخالفة الزوجين دون رضا الزوج‪ ،‬ومن ثم فاإن القضاء بما‬
‫يخالف هذا المبد أأ يعد مخالفا ألحكام الفقه‪ ، ".‬كما جاء في قرار أخر مؤرخ في‪ 32‬أأبريل‪ 1991‬أأنه‪" :‬من المقرر‬
‫شرعا وقانوان أأنه يشترط لصحة الخلع قبوله من طرف الزوج و ال يجوز فرضه عليه من طرف القاضي ومن ثم‬
‫فاإن القضاء بما يخالف هذا المبد أأ يعد خرقا ألحكام الخلع و خطأأ في تطبيق القانون ‪" .‬‬
‫إاال أأنه سرعان ما غير االجتهاد القضائي موقفه فقضى في القرار القضائي المؤرخ في ‪ 19‬أأبريل ‪1991‬على‪:‬‬
‫" أأن الخلع يحكم به القاضي دون اشتراط رضا الزوج" ‪ ،‬وفي قرار أخر في نفس التاريخ قضى‪ " :‬أأن الخلع أأجازته‬
‫الشريعة االإسالمية و كرسه ق‪ .‬أأ و سواء رضي به الزوج أأولم يرض فاإنه يكفي أأن تعرض الزوجة بدال لفك الرابطة‬
‫الزوجية دون دفع الحاجة اإلى موافقة الزوج‪ ، ".‬وهذا ما اس تقر عليه االجتهاد القضائي في الجزائر ‪ ،‬ثم أأتت‬
‫‪81‬‬

‫المادة ‪ 21‬من ق‪ .‬أأ ‪-‬والمعدلة بموجب ا ألمر‪ -03/02‬لتحسم ا ألمر في هذه المسأألة بنصها أأنه‪" :‬يجوز للزوجة‬
‫دون موافقة الزوج أأن تخالع نفسها‪...".‬‬
‫يالحظ مما ذكر أأن الخلع في الجزائر انتقل بين طرفي نقيض‪ ،‬فلما أأن كان ال يقع اإال برضا الزوج صار‬
‫بعد ذلك حقا خالصا للمر أأة توقعه دون الحاجة اإلى رضا زوجها‪ ،‬و أأحسن من هذا وذلك‪.‬‬
‫لو أأن المشرع نحى منحى القول الراجح في الخلع بأأن يجعل رضا الزوج هو ا ألصل‪ ،‬فينص على أأن يقع‬
‫الخلع برضا الزوج اإال اإذا قرره الحكمين وقضى به القاضي بعد التأأكد من اس تحالة العشرة بين الزوجين‪.‬‬
‫وفي ا ألخير يجب تنبيه كل من المشرع والقاضي والزوجين‪ ،‬ذلك أأن التساهل في اإيقاع الخلع فيه‬
‫تفكيك ل ألسر وانحالل للمجتمع‪ ،‬وهو ما بد أأت بوادره تظهر منذ تعديل ا ألمر ‪.03/02‬‬
‫فعلى الس ياسة التشريعية أأن تراعي الواقع المجتمعي‪ ،‬والبد من تذكير القاضي اإلى ضرورة اإعمال سلطته‬
‫التقديرية‪ ،‬فيسعى قصار جهده اإلى اإعمال المادة ‪ 21‬من ق‪ .‬أأ وإالى أأن يجمع بين الزوجين قدر المس تطاع‪.‬‬
‫ويجب من تحذير الزوجة اإلى ما قد ورد من عاقبة من طلبت الطالق من زوجها من غير سبب‪ ،‬وما‬
‫قد ورد من بعض الفقهاء أأن الخلع اإذا لم يرض به الزوج ال يقع وتبق زوجته‪.‬‬
‫وينبغي على الزوج في الخلع أأن يتبع الشرع ويستن بهدي النبيي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فاإذا طلب منه‬
‫المخالعة أأن يس تجيب اإلى ذلك‪ ،‬قال الله تعالى‪{َ :‬وا ْن ي َ َت َف َّرقَا يُغ ِْن الل َّ ُه ُك ًّال ِم ْن َس َع ِت ِه َو َك َان الل َّ ُه َو ِاس ًعا َح ِكي ًما}‪.‬‬
‫ِ‬
‫خامتة املداخلة‪:‬‬

‫المالحظ أأن المشرع الجزائري ساوى اإلى درجة متقاربة جدا بين المركزيين القانونيين للزوج والزوجة‬
‫في عقد الزواج‪ ،‬فاعتبر شرط الولي شرطا تكميليا للبالغة الراشدة لو أأبرمت زواجها بدونه صح‪ ،‬كما أأن لها أأن‬
‫تنهيي العالقة الزوجية إابرادتها المنفردة مثلها مثل الرجل‪ ،‬فاإن كان على الزوج التعويض في الطالق التعسفي‪،‬‬
‫فاإن عليها بدل الخلع‪ ،‬اإال أأن هذا يعتبر االلتزام الوحيد عليها في التوابع المادية من فك الرابطة الزوجية‪ ،‬وتبقى‬
‫على عاتق الزوج النفقة الواجبة على أأوالده ابلزايدة على بدل االإيجار‪.‬‬
‫ويمكن القول أأن المشرع الجزائري فيما ذهب اإليه كان أأقرب اإلى االتفاقيات الدولية منه اإلى الشريعة‬
‫االإسالمية‪ ،‬فقد ساوى اإلى حد كبير بين المركزيين‪ ،‬فأأضعف من دور الولي للبالغة الراشدة و أألغى القوامة و أأعطى‬
‫الحق للزوجة أأن تخالع زوجها بدون موافقته‪ ،‬لكن لم يساوي بين ا ألعباء‪ ،‬فأأثقل أأعباء الرجل ومال ميال عظيما‬
‫اإلى المر أأة‪.‬‬
‫‪82‬‬ ‫جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

‫امللتقى الوطين الرابع‪ ،‬مصادر قانون األسرة اجلزائري‪ 11 ،‬جويلية ‪2222‬‬

‫أثر املصادر الشرعية التبعية يف قانون األسرة اجلزائري‬


‫ـ اإلستحسان منوذجا ـ‬
‫‪The impact of auxiliary legal sources on Algerian family law,‬‬
‫‪Al-istihsân as an example‬‬
‫أ‪.‬د‪ /‬حممد مصطفاوي‬
‫خمرب السيادة والعوملة‪ ،‬كلية احلقوق ـ جامعة حيي فارس ـ املدية‬
‫‪mostmed2@gmail ̣com‬‬

‫امللخص باللغة العربية‪:‬‬


‫تتميّزّالحياةّا ألسريةّابلتفاعلّوّالتغيرّالمتواصلّوّهذاّبسببّطبيعةّا ألفرادّالمنضوينّتحتها‪ّ،‬فلكلّ‬
‫فردّمنّ أأفرادهاّحاجاتّوّطموحاتّوّرغباتّيصبوّلتحقيقهاّمنّاببّالحاجةّاليها‪ّ،‬منّتربيةّوتعليمّونفقةّ‬
‫وسكينة‪،...‬وتكونّهذهّالممارسةّوفقّمنظورّالحقوقّوّالواجباتّالمنوطةّبأأفرادها‪ّ،‬فكلّحسبّوضعهّفيّ‬
‫الفضاءّا ألسريّابعتبارهمّ أأصوالّ أأوّفروعا‪ّ،‬وحتىّتتمّ أأوّتتحققّهذهّالحركيةّبشكلّايجابييّوّبنّاء‪ّ،‬الّب ّمنّ‬
‫وجودّمنظومة ّتشريعية ّتحكمّالعالقاتّا ألسرية‪ّ ،‬فتضبطّمسارهاّوتصونّوجودهاّض ّ أأيّعارضّ أأوّته ي ّ‬
‫يفس هاّ أأوّيحولّدونّتحقيقّهذهّا أله اف‪ّ .‬‬
‫لق ّتأأسستّالمنظومةّالتشريعيةّالمتعلقةّبفقهّا ألسرةّعلىّمصادرّمتع دةّتُس تنبطّمنهاّا ألدلةّالشرعيةّ‬
‫فيّبناءّا ألحكامّالفقهية‪ّ،‬وهذهّالمصادرّب ورهاّتنقسمّالىّ"ّمصادرّ أأصليةّ"ّممثلةّفيّ‪ّ:‬القرأّنّالكريمّوّالس نةّ‬
‫النبويةّوّاالجماعّثمّالقياس‪ّ،‬والتيّتُعرفّابلمصادرّ"ّال ُمتفقّعليهاّ"ّوابلتاليّا ألخذّبأأحكامها‪ّ،‬وّمصادرّ أأخرىّ‬
‫اصطلحّعليهاّ"ّابلمصادرّالمختلفّ‬ ‫تُعرفّ"ّابلّتبعيةّ"ّمثل‪ّ:‬االس تحسانّوّالمصالحّالمرسلةّ ّوال ُعرفّوغيرها‪ّ،‬و ُ‬
‫فيهاّ"ّبسببّالتباينّبينّالمذاهبّالفقهيةّفيّتوظيفها ّوالعملّبمقتضاها‪ّ ،‬وس يكونّ" ّدليلّاالس تحسان ّ"ّ‬
‫محورّهذهّالم اخلةّأّأوّالورقةّالبحثية‪ّ،‬منّانحيةّ أأثرهّفيّمعالجةّوّخ مةّقضاايّفقهّا ألسرة‪ّ،‬وق رةّهذاّال ليلّ‬
‫علىّمسايرةّالمتغيراتّ أأوّالنوازلّالطارئةّعلىّا ألسرة‪ّ،‬وذلكّمنّخاللّايرادّجملةّمنّا ألحكامّالفقهيةّا ألسريةّ‬
‫وّالتيّكانّمنشؤهاّّاالس تحسان‪ّ ّّ.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ّ:‬فقهّا ألسرةّـّالمصادرّالشرعيةّـّا ألحكامّالفقهيةّـّدليلّاالس تحسان‪.‬‬
‫‪Abstract :‬‬
‫‪Family life is characterized by interaction and constant change And that's because of‬‬
‫‪the nature of its members , every one has needs and aspirations that they aspire to achieve, as‬‬
‫‪education, alimony and serenity‬‬
83

This practice is among the rights and duties entrusted to its members, each according
to his status, as ascendant or descendant.
In order for this movement to be positive and constructive, there must be a legislative
system governing family relations, regulating its course and safeguarding its existence against
any interference or threat that corrupts it or prevents its goals.
This legislative system has been based on multiple sources from which legal
dispositions are derived And contribute to the elaboration of the doctrine.
these sources are divided into original represented in the Holy Quran, prophetic
tradition, consensus and analog reasoning, known by the agreed sources, whose dispositions
are applied .
other auxiliary sources, such as preferred choice ( istihsan ), absolute interests, custom
and others, known by non-agreed sources because of doctrinal difference about their use and
application.
Al-istihsan will be the center of this research in terms of its impact on the treatment of
family doctrinal questions, and its ability to follow its changes and emergency calamities , by
presenting a set of doctrinal dispositions whose origin was al istihsan.
Key words:ّLegal sources, family doctrine, jurisprudence, preferred choice (istihsân).
:‫مقدمة املداخلة‬

ّ‫ينبني ّالفقهّا ألسريّعلىّجملةّمنّا ألحكامّالشرعيةّتعالجّالروابطّوّالصالتّبينّا ألفراد ّفيّنطاق‬


ّ‫ّوهذه‬،‫ّحيثّتتقررّالحقوقّ ألصحابهاّماديةّكانتّمثلّالّنفقةّوّاّلميراثّ أأوّمعنويةّكالحضانةّوّالنسب‬،‫ا ألسرة‬
ّ‫ّوهنا‬،...‫الحقوقّوّالواجباتّمنشؤهاّ أأدلةّالشرعّكالايتّالقرأنيةّوّا ألحاديثّالنبويةّوّاالس تحسانّوّالعرف‬
ّ‫ّالدراكّمفهومهّثمّضبطّأأهميته‬،‫يجبّالتعريفّابلمص رّأأيّ"ّاالس تحسانّ"ّابعتبارهّموضوعّهذهّالم اخلة‬
ّ .‫فيّاالس ت اللّوابلتاليّالتوظيفّالشرعيّلهّفيّمعالجةّ أأحكامّا ألسرة‬
ّ‫ّّيصبحّالح يث‬،‫ولماّكانّالملتقىّيصبوّفيّ ُجلّمحاورهّالّيضا ّخصوصيةّا ألحكامّوالتقنينّا سلسري‬
ّ‫ّّلبيانّهذهّالخصوصيةّوالحاجةّالملحةّفيّتوظيف‬،‫أّأوّالتعرضّللمصادرّالتشريعيةّعموماّ أأمراّمنهجياّوضروراي‬
ّ‫ّمعّبيان‬،‫ّواالس تحسانّب ورهّ أأح ّهذهّالمصادر‬،‫كاملّا ألدلةّ أأصليةّكانتّ أأوّتبعيةّخ مةّل ألسرةّووجودها‬
ّ .‫ّمسايرةّللحاجاتّوالمطالبّالمتج دةّعلىّالمس توىّا ألسري‬،‫وتوضيحّ ألهميةّهذاّالتوظيف‬
ّ‫ ّو ّهذا‬،‫الّريبّ أأنّأأهميةّهذاّالموضوعّمس تم ةّمنّ أأهميةّالظواهرّالمتفاعلةّضمنّالفضاءّا ألسري‬
ّ‫ّذلكّ أأنّالفردّفيّ أأسرتهّماّهو‬،‫التفاعلّب ورهّسينعكسّنشاطهّاماّسلباّ أأوّايجاابّعلىّاس تقرارّابقيّالمجتمع‬
ّ‫ّكانّ أأساسهاّا ألولّتشريعّوّتقنينّ أأقرّهذهّالممارساتّ أأوّمنعها‬،‫سوىّنتاجّلماّتلقاهّمنّممارساتّومعامالت‬
ّ .‫ّالّلشيءّسوىّلمصلحةّا ألسرةّوّالمجتمعّككل‬،‫ألح ّا ألطرافّمنّا ألصولّ أأوّالفروع‬
‫‪84‬‬

‫ّّتص رّاالشكاليةّمنّمنطلقّحركيةّونماء ّالتشريعّالفقهيي ّبكافةّمصادره ّالمتفقّعليها ّوّالمختلفّ‬


‫حولهاّ‪ّ1‬فيّمسايرةّوّمعالجةّماّيطر أأ ّعلىّالحياةّا ألسريةّمنّتغييرّوحركية‪ّ ،‬وماّيعترضهاّمن ّنوازلّوّقضاايّ‬
‫متج دة‪ّ،‬وعليهّماّا ألثرّالذيّتركتهّا ألدلةّالتبعيةّكاالس تحسانّعلىّمس توىّا ألحكامّا ألسرية؟ّ ّوبتعبيرّ أأدقّ‬
‫أأيّفاعليةّتشريعيةّخلفهاّمص رّاالس تحسانّفيّنطاقّالحياةّا ألسرية؟ ّ‬
‫وتتضمن‪ّ:‬تمهي ا ّوفيهّبسطّلمفهومّا ألدلةّالمتفقّعليهاّوالمختلفّحولّها‪ّ،‬منّخاللّاب ّرازّطبيعةّكلّ‬
‫منهاّابيجاز‪ّ،‬ثمّبيانّمكانةّاالس تحسانّبينها‪ّ ّّ.‬‬
‫ّوتكونّالم اخلة ّمتضمنة ّلتح ي ّاالطارّالمعرفيّلالس تحسانّوذلكّبتق يمّتعريفّلغوي ّللفظةّ‬
‫"اس تحسن" ّثم ّتثنيتهّبتعريفّاصطالحيّلمص رّاالس تحسان ّكمطلبّ أأول‪ّ،‬يليهّدليلّمشروعيّته ّكمطلبّ‬
‫اثن‪،‬و أأهمّ أأقسامهّوهوّالمطلبّالثالث‪ّ،‬معّذكرّلبعضّا ألمثلةّالعمليةّالتطبيقيةّلهّضمنّفقهّالمعامالت‪ّ،‬يتبعهّ‬
‫المطلبّالرابعّوهوّالح يثّعنّأأهميةّاالس تحسانّفيّالقضاايّالمعاصرة‪ّ،‬ثمّتخصيصّ أأثرهّالتشريعيّفيّقانونّ‬
‫ا ألسرةّالجزائري‪ّ،‬ابيرادّجملةّمنّمسائله‪ّ،‬وّهوّمضمونّالمطلبّالخامس‪ّ،‬فخاتمةّللم اخلة‪ّ ّ.‬‬
‫متهيد عام‪ّ :‬‬
‫تُبنىّا ألحكامّالفقهيةّفيّالتشريعّاالسالميّمنّخاللّاس تنباطهاّوّاس تخراجهاّمنّا ألدلة‪ّ،‬والتيّتُعرفّ‬
‫ابلنصوصّنقليةّكانتّمثل‪ّ:‬أايتّالقرأنّالكريمّوّا ألحاديثّالنبويةّوّاالجماع‪ّ،‬فُينقلّمنهاّال ليلّالحكميّمثالّ‬
‫علىّجوازّالبيعّوّتحريمّالرابّمنّقولهّتعالى‪َ ّ﴿:‬و َأ َحلَّّاللهُّالب ْي َع َّوّ َح َّر َمّالر َّاب﴾‪ّ2،‬وّي ُس ت لّ أأيضاّبأأحاديثّالنبييّ‬
‫صلىّاللهّعليهّوسلمّعلىّهذهّا ألحكامّفيّاابحةّالبيعّمثال‪ّ:‬بح يثّرافعّبنّخ يجّعن ماّس ئلّالّرسولّصلىّ‬
‫اللهّعليهّوّسلمّعنّ أأفضلّالكسبّفقال‪َّ ّ":‬عم ُّلّ ّالر ُّجلّّبَّّي ّهّ‪ّ،‬وُّكلّّبيعَّّّمبّْ ُّرورّ‪ّّ3".‬ويس ت لّعلىّتحريمّالرابّ‬
‫بح يثّمسلمّوغيره‪ّ،‬عنّجابرّرضيّاللهّعنهّقال‪ّ":‬لعنّرسولّاللهّصلىّالهّعليهّوّسلمّأكلّالرّابّوّ ُموكلهّ‬
‫وَّكاتَّّب ُّهّوّشَّاهّ َّّيْهّ‪َّ ّ،‬وّقَا َّلّ ُّه ّْمّ َّس َّواءّ"‪ّ4‬وّعليهّكانّاجماعّالفقهاءّعلىّاابحةّالبيعّوّتحريمّالرابّبالّخالف‪ّ،‬فمنّ‬
‫هذهّالايتّوا ألحاديثّوّاالجماعّيُنقلّهذاّالحكمّاابحةّوّتحريما‪ّ .‬‬
‫أأماّالمصادرّالّعقليةّفهيي ّع ي ة ّمثلّالقياسّواالس تحسان ّ ّوالمصالحّالمرسلةّوس ّاببّالذرائع‪ّ،...‬‬
‫ّوسميتّكذلكّالعمالّالعقلّفيهاّواالجتهادّالس تنباطّحكمّالواقعةّفيماّالّنصّفيه‪ّ،‬مثلّاس ّتنباطّحكمّالنوازلّ‬
‫و ّكلّما ّهوّمس تج ‪ّ ،‬مماّلمّيذكرّفيّالنص‪ّ ،‬مثل ّالحكمّبتحريمّالنبيذ ّوهوّالفرع ّقياساّعلىّالخمر ّوهوّ‬

‫ّ ‪ّ1‬المصادرّالمختلفّحولها‪ُ ّ:‬يرادّبهاّالمصادرّالتبعيةّكاالس تحسانّوالمصالحّالمرسلةّوّس ّالذرائع‪ّ...‬وغيرهاّ‪ّ .‬‬


‫ّ ‪2‬سورةّالبقرة‪ّ،‬اليةّ‪ّ ّ.472‬‬
‫‪ ّ3‬أأحم ّفيّمس ن هّ(رقمّ‪ّ،)17171‬شر ّوفهرسة‪ّ:‬حمزةّ أأحم ّالزين‪ّ،‬ط‪ّ،1‬القاهرة‪ّ،‬دارّالح يث‪ّ،1771،‬ج‪ّ،11‬ص‪ّ .144‬‬
‫‪ 4‬أأخرجهّمسلمّفيّصحيحه‪ّ،‬كتاب‪ّ:‬البيوعّابب‪ّ:‬لعنّأكلّالرابّوموكله‪ّ،‬بيروت‪ّ،‬دارّالكتبّالعلمية‪ّ،‬د‪.‬ت‪ّ،‬ج‪ّ،1‬ص‪ّ ،777‬‬
‫‪85‬‬

‫ا ألصلّالمنصوصّعليهّتحريماّفيّالقرأنّالكريم‪ّ ،‬وذلكّالشتراكّالفرع ّ(النّبيذ) ّمعهّفي ّنفس ّالعلة‪ّ ،‬وهيّ‬


‫االسكارّالمؤديّلزوالّالعقلّفيشتركانّفيّنفسّالحكمّ‪ّ...‬وغيرهاّمنّا ألمثلة‪ّ .‬‬
‫وعن ّمالحظة ّهذه ّا ألدلة ّبهذه ّاالعتبارات ّ أأو ّالتّوصيفات‪ّ ،‬فانه ّمن ّالممكن ّ أأن ّيتصف ّالمص رّ‬
‫التشريعيّبصفتينّمعا‪ّ،‬مثلّكونهّ أأصلياّوّنقلياّفيّأنّّواح ‪ّ،‬كالقرأنّالكريمّوّالس نةّالنبويةّوّاالجماع‪ ّ،‬أأوّكونهّ‬
‫تبعياّو ّنقلياّمثل‪ّ :‬العرفّوّعملّ أأهلّالم ينةّوّمذهبّالصحابيي‪ ّ،‬أأوّكونهّتبعياّوّعقلياّفيّأنّواح ّأّأيضاّ‬
‫مثل‪ّ:‬االس تحسانّوّالمصالحّالمرسلةّوس ّاببّالذرائع‪ّ،‬فكلّهذهّا ألدلةّ أأوّالمصادرّالتشريعيةّالثالثةّا ألخيرة‪ّ،‬‬
‫ُّمخّتلفّّفيّا ألخذّبهاّعن ّعلماءّالمذاهب‪ّ،‬فتكونّتبعية‪ّ،‬وهذاّهوّالتوصيفّا أّلول‪ّ،‬وّفيّنفسّالوقتّيكونّ‬
‫اعمالّالعقلّوّاجتهادهّفيّفضائهاّقائما‪ّ،‬كتوصيفّ أأوّاعتبارّاثنّيجمعهاّ‪ّ .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تعريف االستحسان ّ‬
‫ّين رجّاالس تحسانّضمنّا ألدلةّالتبعيةّالمختلفّفيها‪ّ،‬وهوّدليلّعقليّفيّوصفهّلقيامهّعلىّ أأساسّ‬
‫االجتهادّوالبحثّفيّالمسأألة‪ ،‬فيكونّلزاماّتح ي ّمفهومهّبعرضّتعريفّلغ ّويّثمّاصطالحيّلهّضمنّهذاّ‬
‫الفرعينّالتاليين‪ّ :‬‬
‫الفرع األول‪ّ:‬االستحسان لغة‬

‫وهوّاعتبارّالشيءّحس نا‪ّ،‬علىّوزنّاس تفعال‪ّ،‬وهوّمنّال ُحسنّعكسّال ُقبح‪ّ،‬فكلّماّيهواهّاالّنسانّ‬


‫ويميلّاليهّيعتبرّحس ناّ‪ّ،‬حتىّوّانّكانّمس تقبحاّعن ّالغير‪ّ .1‬‬
‫الفرع الثاني‪ّ:‬االستحسان اصطالحا ّ‬
‫ّهوّتركّ أأح ّوجوهّاالجتهادّالجاريةّكالقياسّ أأوّالقاع ةّالشرعيةّالكليةّلسببّ أأوّوجهّظهرّللمجته ّ‬
‫أأنهّ أأقوى‪ّ،2‬بمعنىّأأنّاالس تحسانّيفترقّعنّالقياسّابلرغمّمنّكونهماّدليلينّعقليين‪ّ،‬وهناّالّيّسيرّالمجته ّ‬
‫علىّوفقّالقاع ةّالكليةّالجامعةّللمسائلّالمتشابهة‪ّ،‬بلّيع لّعنهاّلغيرهاّل ّوجودّعلةّكانتّ أأقوىّأّأثراّفيّالحكم‪ّ .‬‬
‫ّوعرف ّالمالكية ّاالس تحسانّبجملةّمختصرةّفقالوا‪ّ":‬هوّالقولّبأأقوىّال ّليلين"‪ ّ ،3‬أأيّ أأنّالمجته ّ‬
‫يأأخذّبقوةّال لّيلّوهوّالسببّالموجبّللع ولّعنّالقاع ةّالكلية‪ّ،‬وّبهّيتمّالترجيحّوّالع ولّاّلىّحكمّيخالفّ‬
‫القياسّالظاهر‪ّ .‬‬
‫ّ‬

‫‪ 1‬أأنظر‪ّ،‬محم ّبنّمنظورّاالفريقي‪ّ،‬لسانّالعرب‪ّ،‬بيروت‪ّ،‬دارّصادر‪ّ،‬دت‪ّ،‬ج‪ّ،11‬ص‪ّ،112‬ص‪ّ .117‬‬


‫‪ ّ2‬أأنظر‪ّ،‬عب ّاللهّبنّيوسفّال ُج يع‪ّ،‬تيسيرّعلمّ أأصولّالفقه‪ّ،‬ط‪ّ،2‬بيروت‪ّ،‬مؤسسةّالراين‪ّ،4007،‬ص‪ّ .171‬‬
‫‪3‬د‪/‬عب ّاللهّمعصر‪ّ،‬تقريبّمعجمّمصطلحاتّالفقهّالمالكي‪ّ،‬ط‪ّ،1‬بيروت‪ّ،‬دارّالكتبّالعلمية‪ّ،4007،‬ص‪ّ .17‬‬
‫‪86‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬دليل مشروعيته‬


‫اس تم ّاالس تحسانّمشروعيتهّبمجموعةّمنّا ألدلة‪ ّ،‬أأولهاّالقرأنّالكريم‪ّ،‬كقولهّتعالى‪ّ﴿:‬الذ َينّي َْس تَ ّم ُع َ‬
‫ونّ‬
‫ونّ َأ ْح َس نَ ُّه﴾‪ 1‬فالنصّأأمرّابتباعّا ألحسنّمنّالقولّوليسّالحسنّفقط‪ّ،‬وهذاّالنصّعن ّالفقهاءّ‬ ‫القَ ْو َلّفَيَتَّب ُع َ‬
‫موجبّلالس تحسانّواالحتجاجّبهّكأأصلّمنّا ألصول‪ّ .2‬‬
‫ّوعليهّفاالس تحسانّكمص رّتشريعيّيحققّاتباعّ أأقوىّا أّلثرّفيّال ليل‪ّ ،‬وهوّطريقّاّلفقهاءّلحفظّ‬
‫ا ألحكامّالمصلحيةّالمتفقةّمعّالمقاص ّالشرعية‪ّ ،3‬ولهذاّكانّاالس تحسانّقياساّخفيتّعلتهّل قتهاّووجوبّ‬
‫ادراكهاّبذهنّمتفطن‪ّ .‬‬
‫واس ت لّ أأيضاّجمهورّالفقهاءّمنّالحنفيةّوّالمالكيةّوّالحنابلةّبأأنّا ألخذّابالس تحسانّهوّ أأخذّابليسرّ‬
‫الذيّيع ّمنّ أأهمّخصائصّالشريعةّاالسالميةّو أأصولها‪ّ ،‬قالّتعالى‪ّ ﴿:‬يُري ُ ّالل ُه ّب ُّك ُمّ ّالي ُْس َر َّو ّ َال ّيُّري ُ ُ‬
‫ّبكمّ‬
‫ال ُع ْس َّر﴾‪ّ،4‬كماّ أأنّاالس تحسانّفيّثبوتهّيقومّعلىّدليلّمتفقّعليهّمنّنصّ أأوّاجماعّ أأوّضرورةّ أأوّمصلحةّ‬
‫معتبرةّشرعا ّ أأوّعُرف‪ّ ،‬وكلّذلكّيقتضيّالع ولّعنّمجرىّالقياسّالعادي‪ ،5‬ألنّالقياسّالخفيّكانّ أأقوىّ‬
‫خذّاالجتهادّالمالكيّبهّتوسعاّأكثرّمنّالحنفيةّدرءاّلغلوّالقياس‪ّ،‬خاصةّاذاّكانّالقياسّ‬ ‫أ‬ ‫حجةّونظرا‪،‬وق ّ أأ‬
‫الظاهرّيعارضّعرفاّشائعاّ أأوّمصلحةّراجحةّ أأوّ أأدىّالىّحرجّوّمشقة‪ّ .6‬‬
‫فاالس تحسانّبهذهّالمعانيّهوّ أأخذّبأأحسنّماّيظهرّللمجته ّمنّالنصوصّ أأوّبأأحسنّماّيظهرّلهّمنّ‬
‫القياسّعن ّافتقادهّللنصوص‪،7‬وليسّمجردّتشريعّابلهوىّأأوّالتشهيي‪ّ .8‬‬
‫هذهّابختصارّأأدلةّالقائلينّبحجيةّاالس تحسانّوّالعملّبه‪ّ،‬وهمّجمهورّالفقهاءّمنّالحنفيةّوّالمالكيةّ‬
‫وّالحنابلة‪ّ .‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬أقسام االستحسان‬

‫ينقسمّاالس تحسانّبحسبّال ليلّالذيّيقومّعليهّكالنصّ أأوّاالجماعّ أأوّمراعاتهّ ألثرّالمصلحةّ أأوّ‬


‫الضرورةّ أأو ّالعرفّوغيرهاّمنّال واعيّالصارفةّعنّاتباعّالقاع ةّ أأوّال ليلّالكلي‪ّ ،‬ومنهّتصبحّهذهّالمراعاةّ‬
‫هيّال الةّعلىّ أأقسامهّكالتالي‪ّ :‬‬

‫‪1‬سورةّالزمر‪ّ،‬اليةّ‪ّ .11‬‬
‫‪ّ2‬د‪/‬محم ّيوسفّموسى‪ّ،‬التشريعّاالسالميّوّ أأثرهّفيّالفقهّالغربيي‪ّ،‬ط‪ّ،4‬بيروت‪ّ،‬العصرّالح يثّللنشر‪،1771ّ،‬ص‪ّ .41‬‬
‫‪ 3‬أأنظر‪ّ،‬مصطفىّ أأحم ّالزرقا‪ّ،‬الم خلّالفقهييّالعام‪ّ،‬ط‪ّ،4‬دمشق‪ّ،‬دارّالقلم‪ّ،4002،‬ج‪،1‬ص‪ّ .71‬‬
‫‪4‬سورةّالبقرة‪ّ،‬اليةّ‪ّ .111‬‬
‫أأنظر‪،‬د‪/‬وهبةّالزحيلي‪،‬الوجيزّفيّ أأصولّالفقه‪،‬ط‪،11‬دمشق‪،‬دارّالفكر‪،4007،‬ص‪ّ 5 .70‬‬
‫ّراجع‪،‬الزرقا‪،‬الم خلّالفقهييّالعام‪،‬ج‪،1‬ص‪ّ 6 .77‬‬
‫أأنظر‪،‬د‪/‬عمرّسليمانّا ألشقر‪،‬نظراتّفيّ أأصولّالفقه‪،‬ط‪،1‬ا ألردن‪،‬دارّالنفائس‪،4011،‬ص‪ّ 7 .411‬‬
‫أأنظر‪ّ،‬عب ّالوهابّخالف‪،‬علمّ أأصولّالفقهّوخالصةّالتشريعّاالسالمي‪،‬القاهرة‪،‬دارّالفكرّالعربيي‪،1777،‬ص‪ّ 8 .77‬‬
‫‪87‬‬

‫الفرع األول‪ :‬استحسان بالنص ّ‬


‫النصّاماّقرأنّأأوّس نة‪ّ،‬فتكونّاليةّمثالّمتضمنةّلحكمّمسأألةّخالفاّللقاع ةّالعامة‪ّ،‬فمنّقال‪ّ":‬ماليّ‬
‫ص قةّللفقراءّوّالمساكين"ّفالقياسّالظاهرّهوّ أأنّيتص قّبكلّماله‪ّ،‬ولكنّاالس تحسانّيقضيّحملّكالمهّ‬
‫همّص َ ق ًةّتُطه ُرهُمّوتُزكيه ْمّّبهَا﴾‪ّ .1‬‬
‫علىّمرادّمعنىّالزكاة‪ّ،‬لقولهّتعالى‪﴿:‬خ ُْذّمنّ َأ ْم َوال َ‬
‫الفرع الثاني‪ :‬استحسان باإلمجاع ّ‬
‫وهوّافتاءّالمجته ينّفيّمسأألةّخالفاّل ألصلّفيّأأش باهها‪ّ،‬كقولهمّبجوازّعق ّاالس تصناعّ ّوهوّالتعاق ّ‬
‫معّصانعّعلىّصناعةّشيءّمعينّمقابلّثمنّمعلومّيأأخذه‪ّ،‬فمقتضىّالقياسّالظاهرّبطالنه‪ ّ،‬أّلنهّعق ّعلىّمع وم‪ّ،‬‬
‫ولكنّ أأجيزّاجماعاّمنّاببّالضرورةّوحاجةّالناسّاليه‪،ّ 2‬فكانّاس تحسانهمّلهذاّالعق ّاجماعاّمراعاةّلحاجةّ‬
‫الناسّاليهّفيّكلّزمان‪ّ .‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬استحسان باملصلحة ّ‬
‫وهوّقيامّمصلحةّحقيقيةّمشروعةّتقتضيّاس تثناءّالمسأألةّمنّقاع تهاّالكلية‪ّ،‬كوصيةّالمحجورّعليهّ‬
‫لسفهّفيّس بلّالخير‪ّ،‬فمقتضىّالقياسّ أأوّالقاع ةّالكليةّع مّصحةّتبرعاتّالمحجورّعليهّصيانةّ ألموالهّمنّ‬
‫ُ‬
‫الضياعّوّالتب ي ّ‪،‬لكن ّالمصلحةّاقتضتّالجوازّ ألنّالوصيةّالّتنقلّالملكيةّاالّبع ّوفاةّالموصيّالمحجورّ‬
‫عليه‪ّ،‬فاس تثنيتّمنّا ألصلّالعامّلتمكينّالمحجورّعليهّمنّتحصيلّا ألجرّوع مّاالضرارّبهّحالّحياته‪ّ .3‬‬
‫ومنّاببّاالس تحسانّابلمصلحةّتضمينّا ألجيرّماّيهلكّ أأوّيضيعّعن هّمنّا ألمتعة‪ّ،‬االّاذاّوقعّالهالكّ‬
‫بسببّقوةّقاهرةّيعجزّعنّدفعها‪ّ،‬فا ألصلّالعامّع مّتضمينهّ ألنّي هّي ّ أأمانة‪ّ،‬وابلتاليّفالحكمّابلتضمينّهوّ‬
‫اس تحسانّابلمصلحةّحفظاّ ألموالّالناس‪ّ،‬وكذلك ّنظراّلش يوعّالخيانةّوضعفّالوازعّال يني‪،4‬فتكون ّهذهّ‬
‫المراعاةّداعيةّالثباتّهذاّالحكمّخالفاّللقاع ةّالعامةّ أأوّالقياسّالظاهر‪ّ ّّ.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬استحسان بالضرورة ّ‬
‫كقولّالفقهاءّبطهارةّالابرّوّ أأحواضّالمياه ّالتيّوقعتّفيهاّالنجاساتّابلنز ّ أأيّاخراجّمق ارّمنّ‬
‫الماءّمنهاّثمّالحكمّبطهارتهاّضرورةّ‪،‬فمقتضىّالقياسّالظاهرّع مّطهارتهاّولوّبنز ّالماءّكلهّ أأوّبعضهّلمالقاةّ‬

‫سورةّالتوبة‪،‬الية‪ّ 1 .101‬‬
‫أأنظرد‪/‬محم ّرمضانّالبوطي‪،‬ضوابطّالمصلحةّفيّالشريعةّاالسالمية‪،‬ط‪،2‬دمشق‪،‬دارّالفكر‪،4007،‬ص‪ّ 2 .411،414‬‬
‫أأنظر‪،‬د‪/‬الزحيلي‪،‬الوجيزّفيّ أأصولّالفقه‪،‬ص‪ّ 3 .17‬‬
‫أأنظر‪،‬د‪/‬عب ّالكريمّزي ان‪ّ،‬الوجيزّفيّ أأصولّالفقه‪،‬ط‪،7‬بغ اد‪،‬مؤسسةّقرطبة‪،1777،‬ص‪ّ 4 .412‬‬
‫‪88‬‬

‫ال لوّابلماءّوتنجسهّكلّمرةّيعودّفيهاّللبئرّ أأوّالحوضّعن ّالنز ‪ّ،‬فتركواّالقياسّالظاهرّاسّتحساانّوّحكمواّ‬


‫بطهارتهاّبنز ّمق ارّمنّالماءّللضرورة‪ّ 1.‬‬
‫الفرع اخلامس‪ :‬استحسان بالعرف ّ‬
‫وهوّ أأنّيتعارفّالناس ّفيّحياتهمّوتصرفاتهم ّ أأمراّمخالفا ّللقاع ةّالكليةّ أأوّالقياس‪ّّ ،‬بسببّالحاجةّ‬
‫الملحةّلذلكّالفعل‪ّ،‬مثلّتعارفهمّدفعّ أأجرةّمعينةّعن ّاس تعمالهمّالحمّامّدونّتح ي ّلمق ارّالماءّالمس تعملّ أأوّ‬
‫زمنّالمكوثّفيه‪ّ ،‬فمقتضىّالقياسّع مّالجوازّ ألنهّاجارةّمش تملةّعلىّجهالةّولكنهّ أأجيزّ ُعرفاّدفعا ّللحرجّ‬
‫والمضايقةّعنّالناس‪ّ .2‬‬
‫فهذهّا ألمثلةّابختصارّماّهيّسوىّتمثيلّ ألثرّاالس تحسانّوتطبيقاتهّعلىّمس توىّالفقهّاالسالمي‪ّ،‬‬
‫وم ىّاعت ادّجمهورّالفقهاءّبحجيته‪ّ .‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬أهمية االستحسان يف القضايا املعاصرة ّ‬
‫انّقيمةّاالس تحسانّابعتبارهّدليالّشرعياّفقهياّستبقىّاثبتةّعلىّمر ّالعصور‪ّ،‬بسببّق رتهّعلىّ‬
‫مسايرةّماّيتج دّمنّمسائلّ أأو ّنوازلّفيّحياةّالناسّوّيومياتهم‪ّ،‬وذلكّلقيامهّعلىّمراعاةّالمصالحّوالنظرّ‬
‫للمأالتّالخذةّبمنظورّاليسرّورفعّالحرج‪،...‬فهذهّالمبادئّالمميزةّللشريعةّاالسالميةّهيّالتيّتعطيّمجاالتّ‬
‫واسعةّوأفاقاّأأرحبّلوجودّداللةّاالس تحسانّ ّوحضورهّعلىّمس توىّع ي ّمنّالمسائل‪ّ .‬‬
‫انّ أأغلبّاالّس تحساانتّالمعاصرةّت خلّفيّمضامينّالضروراتّوّالمصالحّوّالحاجات‪ّ،‬وّلهذاّ أأجازّ‬
‫الكثيرّمنّالعلماءّقضاايّع ة‪ّ،‬لمّيكنّللناسّسابقّعه ّلهمّبها‪ ّ،‬ألنهاّمنّالنواّزلّوّالطوارئّالتيّلمّتح ثّمنّ‬
‫قبل‪،‬منّذلكّمثال‪ّ:‬جوازّاجراءّالجّراحاتّالتّجميلية ّالتيّت عوّاليهاّالحاجةّوّالضرورة‪ّ ،‬كتصحيحّاختاللّ‬
‫ا ألس نان‪ّ،‬وّالتصاقّا ألصابع‪ّ،‬والتشوهاتّالجس يةّكزوالّالشعرّوّتساقطه‪...3‬وّغيرهاّمنّالظواهرّالتيّتمسّ‬
‫حياةّالناسّوّّتصيبهمّبأأنواعّمنّالحرجّوّالضيقّوليسّهذاّفحسب‪ّ،‬بلّكانّاالس تحسانّموظفاّ أأيضاّفيّ‬
‫القضاايّا ألسريةّوهوّمضمونّالمطلبّالموالي‪ّ .‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬األثر التشريعي لالستحسان يف قانون األسرة اجلزائري ّ‬
‫ان ّقضاايّا ألسرةّبطبيعتهاّمتج دةّوتعرفّتغيراّمتواصال‪ّ ،‬بسبب ّاكراهاتّالواقعّالمعيش ّومتطلباتهّ‬
‫المتزاي ة‪ّ،‬فالنظامّا ألسريّيتفاعلّمنّخاللّالعالقاتّالرابطةّبينّ أأفرادهّوّعناصره‪ّ،‬ضمنّمب أأّّأداءّالحقوقّ‬
‫وتحملّالواجباتّالمنوطة ّبكلّفردّمنّ أأفرادّا ألسرة‪ّ،‬وعليهّكانّدليلّاالس تحسانّحاضراّفيّالكثيرّمنّ‬

‫أأنظر‪ّ،‬د‪/‬الزحيلي‪ّ،‬الوجيزّفيّ أأصولّالفقه‪،،‬ص‪ّ 1 .11‬‬


‫أأنظر‪،‬نفسّالمرجع‪،‬ص‪ّ 2 .11‬‬
‫أأنظر‪،‬د‪/‬يعقوبّبنّعب ّالوهابّالباحسين‪،‬االس تحسان‪،‬الرايض‪،‬مكتبةّالرش ّانشرون‪،4007،‬ص‪،177‬ص‪ّ 3 .171‬‬
‫‪89‬‬

‫مسائلّا ألسرةّق يماّوّح يثا‪ّ،‬بلّوفيّ أأعق ّوّ أأخطرّالمسائلّوالقضاايّا ألسرية‪ّ،‬وذلكّمنّاببّحفظّمصلحةّ‬


‫ا أّلسرةّلتقومّب ورهاّفيّالمجتمعّككل‪ّ .‬‬
‫ومنّاببّالتمثيلّلوجودّداللةّاالس تحسانّفيّفقهّا ألسرةّق يما‪ّ،‬مسأألةّالشهادةّابلتسامعّوهوّش يوعّ‬
‫خبرّبينّالناسّوشهرتهّبينهمّتواترا‪ّ،1‬فتقبلّشهادةّالتّسامعّفيّقضاايّش ي ةّا ألهميةّ سأسراي‪ّ،‬مثلّاثباتّالنكا ّ‬
‫والنسبّوالوالدةّ ّوالسفهّوّالرضاعّوالوصيةّوّالهبةّوّالموتّودخولّالرجلّعلىّامر أأتهّدونّرؤيةّأّأوّمعاينةّ‬
‫لهذهّالوقائع‪،2‬وهذاّخالفاّل ألصلّوهوّالمعاينة‪ ّ،‬ألنّالشهادةّمش تقةّمنّال ُمشاه ةّوّالّتتمّاالّابلعلم‪ّ،‬ب ليلّ‬
‫وال﴾‪ّ3‬ووجهّ‬ ‫ّالس ْم َع َّوّال َب َص َر َّوّال ُف َؤادَّ ُكلٌّّ سأ ْو َالئ َكّ َك َانّ َع ْنهُّ َم ْس ُؤ ًّ‬
‫قولهّتعالى‪َ ّ﴿:‬و َالّت َ ْق ُفّ َماّلَي َْسّل َ َكّبهّعلْم ِّا َّن َّ‬
‫االس تحسانّهوّاختصاصّالمعاينةّفيّهذهّالمسائلّبمجموعةّمنّخواصّالناس‪ّ،‬فتكونّالحاجةّالىّهذاّالنوعّ‬
‫منّالشهادةّملحةّوّضروريةّخصوصاّعن ّفق انّغيرهّمنّالشهادات‪،4‬وعليهّلوّعُملّاب ألصلّ أأوّال ليلّالكليّ‬
‫وهوّا ألخذّبّشهادةّالمعاينةّالّالتسامع‪ّ،‬س يؤديّذلكّالّمحالةّالىّالحرجّوّتعطيلّا ألحكامّالمتعلقةّاب ألسرةّ‬
‫ونفيهاّمنّنسبّ أأوّميراثّ أأوّوصيةّوغيرها‪ّ،‬لهذاّكانّاالس تحسانّمؤسساّعلىّ أأصلّالنظرّفيّمأّالتّا ألفعالّ‬
‫تحصيالّللمصالحّودرءاّللمفاس ّكماّصر ّبذلكّ أأبوّاسحاقّالشاطبييّالغرانطيّصاحبّكتابّيي‪ّ"ّ:‬االعتصامّ‬
‫"ّو"الموافقاتّفيّ أأصولّا ألحكام"‪،5‬والحياةّالمعاصرةّهيّالّيومّ أأحوجّماّتكونّالىّاالجتهادّاالس تحسانيّ‬
‫الواسعّلتلبيةّحاجياتّالواقعّواستيعاابّلمتطلباتهّالمس تج ةّعلىّغيرّ أأمثلةّسابقة‪ّ .6‬‬
‫أأما ّابلنس بة ّ ألثر ّاالس تحسان ّح يثا ّفي ّقانون ّا ألسرة ّالجزائري ّرقم ّ‪ّ 11-12‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ07‬‬
‫رمضان‪1202‬هجريةّالموافقّلّ‪07‬جوان‪ّ،1712‬والمع لّاب ألمرّ‪01‬ـ‪ّ04‬بتاريخّ‪ّ47‬فبرايرّ‪ّ،4001‬س نج ّمراعاةّ‬
‫دليلّالمصلحةّفيّذلكّسبباّالس تحسانّا ألخذّبجملةّمنّالت ابيرّالوقائيةّنصتّعليهاّموادّقانونيةّته فّالىّ‬
‫أ‬
‫تحقيقّأكبرّق رّمنّالحمايةّلوجودّا ألسرةّوّدوامّرابطتهاّبينّعناصرها‪ّ،‬لتقومّبأأدوارهاّالمجتمّعية‪ّ،‬ومنّا ألمثلةّ‬
‫علىّذلكّمايلي‪ّ :‬‬
‫ـّمسأألةّتح ي ّسنّالزواجّابلنس بةّللمقبلينّعلىّمباشرةّهذاّالعق ‪ّ،‬الذيّوصفهّالقرأنّالكريمّابلميثاقّ‬
‫الغليظّلماّيُح ثهّمنّأاثرّوّتبعات‪ّ،‬فتح ي ّسنّالزواجّهوّاس تحسانّمنّاببّالمصلحة ّللطرفين‪ّّ ،‬ليكونّ‬
‫الزوجّوّالزوجةّم ركينّلماّيقبالنّعليهّمنّتصرفّعن ّاتخاذّقرارّابالرتباطّفيماّبينهما‪ّ ّ،‬ونظراّ ألهميةّالسنّ‬

‫أأنظر‪،‬مجموعة ّمن ّالمؤلفين‪،‬معجم ّمصطلحات ّالعلوم ّالشرعية‪،‬ط‪،4‬الرايض‪،‬م ينة ّالملك ّعب ّالعزيز ّللعلوم ّوّ‬
‫التقنية‪،4017،‬ص‪ّ 1 .222‬‬
‫أأنظر‪،‬د‪/‬وهبةّالزحيلي‪،‬الفقهّاالسالميّوّ أأدلته‪،‬ط‪،1‬دمشق‪،‬دارّالفكر‪،4001،‬ج‪،1‬ص‪ّ 2 .7014‬‬
‫سورةّاالسراء‪،‬اليةّ‪ّ 3 ّ.17‬‬
‫أأنظر‪،‬د‪/‬وهبةّالزحيلي‪ّ،‬الفقهّاالسالميّوّ أأدلته‪،‬ج‪،1‬ص‪ّ 4 .7014‬‬
‫أأنظرد‪/‬بلقاسمّبنّذاكرّالزبي ي‪ّ،‬االجتهادّفيّمناطّالحكمّالشرعيّعن ّا ألصوليين‪،‬ط‪،1‬الخُبر‪،‬السعودية‪،4012،‬ص‪ّ 5 .222‬‬
‫راجع‪ :‬أأ‪،‬د‪ /‬أأحم ّبوعود‪ّ،‬فقهّالواقع‪ ّ،‬أأصولّوضوابط‪،‬ط‪،1‬القاهرة‪،‬دارّالسالم‪،4007،‬ص‪ّ 6 .111‬‬
‫‪90‬‬

‫فيّعق ّالزواجّنج ّ أأنّتقنينّا ألسرةّالجزائريّ أأبقىّعليه‪ّ،‬رغمّالتع يلّالذيّطاله‪ّ،‬فق ّنصتّالمادةّ‪ّ7‬قبلّ‬


‫التع يلّعلىّ أأنّيكونّسنّالزوجّابلغاّ‪ّ41‬س نة‪ّ،‬وتمامّ‪ّ11‬س نةّابلنس بةّللزوجة‪ّ .‬‬
‫وبع ّالتع يلّارتأأىّالمقننّالجزائريّا ألخذّبمب أأّالتسويةّبينّالطرفينّفيّهذاّالعق ‪ّ،‬فأأصبحتّالمادةّ‬
‫‪ّ7‬مع لةّتنصّفيّفقرتهاّا ألولىّعلىّالسنّالقانونيّللزواجّبعبارة‪ّ":‬تكتملّ أأهليةّالرجلّوّالمر أأةّفيّالزواجّبتمامّ‬
‫‪ّ17‬س نة‪ّ".‬وّعليهّفجانبّالمصلحةّفيّهذاّالمنحىّهوّتحقيقّمعّنىّاالدراكّوّالوعيّل ىّالطرفينّفيّانّشاءّ‬
‫عق ّالزواج‪ّ،‬ليكونّرضاهماّبهّخالياّمنّ أأيّش بهةّق ّتفس ّعالقتهماّمس تقبال‪ّ .‬‬
‫ـّكذلكّمسأألةّاشتراطّالشهادةّالطبيةّقبلّالزواج‪ّ ،‬وهذاّأأيضاّمنّاببّاالس تحسانّابلمصلحة‪ّ،‬‬
‫فأأغلبّالفقهاءّالمعاصرينّيرونّجوازّالكشفّالطبييّعلىّالخاطبينّمنّاببّالوقاية‪ ّ ،‬ألنّاللهّتعالىّجعلّ‬
‫تحقيقّالسكينةّغايةّفيّالزواج‪ّ ،‬بقولهّتعالى‪َ ّ ﴿:‬وم ْن ّأ َايته ّ َأ ْن ّ َخلَ َق ّلَ ُكمّم ْن ّ َأن ُفس ُك ْم ّ َأ ْز َوا ًجاّلت َ ْس ُكنُواّالَ ْيهَا﴾‪ّ1‬‬
‫ِ‬
‫فهذهّالسكينةّالمطلوبةّمنّالزواجّالّتتحققّمعّوجودّا ألمراضّ أأوّا ألسقامّّالمزمنة‪ّ،‬لهذاّكانّالفحصّالطبييّ‬
‫شرطاّقانونياّيحققّمصالحّع ي ةّوي فعّمفاس ّاجتماعيةّوّماليةّكثيرة‪ّ ّّ.2‬‬
‫ومنّهذاّالبابّ أأيضا‪ّ،‬تضمنّقانونّا ألسرةّالجزائريّبع ّالتع يل‪ّ،‬اشتراطّتق يمّشهادةّطبيةّقبلّ‬
‫الزواجّحيثّنصّعليهاّفيّالفقرةّا ألولىّمنّالمادةّ‪ّ7‬مكررّوفيها‪ّ":‬يجبّعلىّطالبييّالزواجّ أأنّيق ماّوثيقةّ‬
‫طبية‪ّ،‬الّيزي ّاتريخهاّعنّثالثة(‪ ّ)1‬أأشهرّتثبتّخلوهماّمنّ أأيّمرضّ أأوّ أأيّعاملّق ّيشكلّخطراّيتعارضّ‬
‫معّالزواج‪ّ ".‬فصياغةّهذهّالمادةّالقانونيةّكانتّمعبرةّبوضو ّعنّالغرضّ أأوّالمصلحةّالمرجوةّمنّاشتراطّ‬
‫الشهادةّالطبيةّفيّبناءّعق ّالزواج‪ّ،‬والعملّبهاّّكانّاس تحّساانّتمليهّمراعاةّالمصلحةّا ألسريةّمّس تقبال‪ّ .‬‬
‫وّلهذاّالسببّكانّالفقهاءّا ألوائلّيعالجونّمسائلّموجباتّالخيارّفيّالعقود‪ُ ّ،‬معتبرينّالعللّفيّ أأح ّ‬
‫الزوجينّ أأوّكالهماّسبباّكافياّلرد ّالنكا ّوّرفضه‪ّ ،‬مثلهّفيّذلكّالعيوبّالتيّّيَُّرّد ّبهاّعق ّاّلبيع‪ّ ،‬وق ّعللّ‬
‫بعضّفقهاءّالمالكيةّهذاّالردّخوفاّمنّانتقالّهذهّالعللّللأبناءّمس تقبالّبع ّالزواج‪ّ،3‬فكانتّنظرتهمّفيّذلكّّ‬
‫للمأالتّوعواقبّالتصرفات‪ّ .‬‬
‫انّهذاّالشرطّمب ئياّالّيمنعّالزواج‪ ّ،‬ألنّشروطّاالنعقادّقانوانّمح دةّفي‪ ّ:‬أأهليةّالزواجّوالص اقّ‬
‫والوليّوشاه ينّوانع امّالموانعّالشرعيةّللزواج‪ّ،‬وهذاّماّتضمنتهّالمادةّ‪ّ7‬مكرر‪ّ،‬ولكنّالغرضّمنّاس تحسانّ‬

‫سورةّالروم‪،‬الية‪ّ 1 .41‬‬
‫أأنظر‪ّ،‬د‪/‬وضحةّعليويّصالح‪ّ،‬االس تحسانّفيّفقهّا ألسرة‪ّ،‬بغ اد‪ّ،‬جامعةّدايلىّ(مجلةّلداب)ّع دّ‪ّ،141‬حزيرانّ‪ّ،4017‬‬
‫ص‪ّ 2 .470‬‬
‫أأنظر‪،‬محم ّبن ّرش ‪،‬ب اية ّالمجته ّونهاية ّالّمقتص ‪،‬خرج ّ أأحاديثه‪ :‬أأحم ّ أأبوالمج ‪،‬ط‪ّ ،1‬القاهرة‪،‬دارّ‬
‫العقي ة‪،4002،‬ج‪،4‬ص‪،70‬ص‪ّ 3 .71‬‬
‫‪91‬‬

‫هذاّالشرطّواس تح اثهّقانوانّهوّدرءّالمفاس ّوا ألضرارّمس تقبال‪ّ،‬والتيّس تصبحّعبئاّاضافّياّعلى ّكاهلّ‬


‫ا ألسرة‪ّ،‬مماّق ّيُه دّوجودهاّوانفكاكّ ُعراها‪ّ .‬‬
‫ونظراّلهذهّالمخاطرّالمح قة ّبكيانّا ألسرة‪ّ ،‬نج ّ أأنّالمقننّالجزائريّق ّش دّوّ أأوجبّعلىّضابطّ‬
‫الحالةّالم نيةّوّالموثقّمعا‪ّ،‬ضرورةّالتأأك ّمنّخضوعّالزوجينّللفحصّالطبييّقبلّتوثيقّعق ّزواجهما‪ّ،‬حيثّ‬
‫وردّفيّالفقرةّالثانيةّمنّالمادةّ‪ّ7‬مكررّماّنصه‪ّ":‬يتعينّعلىّالموثقّ أأوّضابطّالحالةّالم نية‪ ّ،‬أأنّيتأأك ّّقبلّ‬
‫تحريرّعق ّالزواجّمنّخضوعّالطرفينّللفحوصاتّالطبيةّومنّعلمهماّبماّق ّتكشفّعنهّمنّ أأمراضّ أأوّعواملّ‬
‫ق ّتشكلّخطراّيتعارضّمعّالزواج‪ّ.‬ويؤشرّبذلكّفيّعق ّالزواج‪ّ ّ".‬‬
‫وهناّس نج ّاالس تحسانّدليالّشرعياّمبنياّعلىّالمصلحةّودفعّا ألضرارّعنّكالّالعاق ين‪ّ،‬والّريبّ‬
‫أأنّاشتراطّالفحوصاتّالطبيةّالح يثةّقانوان‪ّ،‬سّيحققّنس بةّكبيرةّمنّمفهومّمب أأّالحمايةّا ألسريةّبكلّ أأبعادها‪ّ،‬‬
‫بلّويعملّعلىّصيانةّضروريّمنّالضرورايتّالخمس‪ ّ،‬أأالّوهوّمقص ّحفظّالنسل‪ّ1‬الذيّيكونّسليماّخَلقاّ‬
‫وخُلقاّ ّويحافظّب ورهّعلىّاس تمراريةّالحياةّالبشريةّالسوية‪ّ ّ.‬‬
‫فهذهّابختصارّصورّ أأوّ أأمثلةّتؤك ّحضورّدليلّاالس تحسانّو أأثرهّفيّبناءّا ألحكامّالفقهيةّق يماّّ‬
‫وح يثا‪ّ،‬وم ىّالحاجةّاليهّّفيّمعالجةّماّيتج دّمنّقضاايّوّيطر أأّمنّنوازلّفيّمجالّا ألحوالّالشخصية‪ّ .‬‬
‫خامتة املداخلة‪ّ :‬‬
‫ان ّطبيعةّاالس تحسانّفيّا ألخذّبمصلحةّجزئيةّوالع ولّعنّا ألصلّ أأوّالقاع ةّالكليةّفيّمجالّ‬
‫اس تنباطّحكمّالواقعةّ أأوّالمسأألة‪ّ،‬تؤهلهّللتوظيفّالمس تمرّك ليلّشرعيّفيّمعالجةّالنوازلّوالقضاايّا ألسريةّ‬
‫بماّيخ مّحقيقةّمب أأّاالس تقرارّالمجتمعيّوّالتماسكّبينّ أأفرادّا ألسرةّالواح ة‪ّ،‬خاصةّفيّزمنّ أأ ّصبحتّفيهّ‬
‫ا ألسرةّه فاّوّغرضاّتس ته فهّال عاوىّالمغرضةّوّا ألفكارّال اعيةّاللغاءّمفهومّا ألسرةّوّالتقليلّمنّقيمتها‪ّ،‬‬
‫ولعلّماّيمكنّجعلهّنتائجّلهذهّالم اخلةّنقاطاّوهي‪ّ :‬‬
‫‪1‬ـّالحياةّا ألسرية ّمتج دةّبطبيعتها‪ّ ،‬وهذهّالحقيقةّداعيةّلمسايرة ّهذاّالتج ي ّتالفيا ّللتب ي ّ أأوّ‬
‫االضمحالل‪ّ،‬حيثّتصبحّمسأألةّمعرفةّواس تنباطّا ألحكامّ ّوفقّالضوابطّالشرعيةّالم ّراعيةّللث ّوابتّوّالمتغيراتّ‬
‫أأمراّوّجوبيا‪ّ،‬لتبيينّماّيخ مّا ألسرةّفعالّوّماّيكونّسبباّفيّكبحّنموهاّالطبيعي‪ّ .‬‬
‫‪ّ4‬ـّانّالمصادرّالتشريعيةّ أأصليةّكانتّ أأوّتبعية‪ّ،‬ارتبطتّبشكلّوثيقّبفقهّا ألحوالّالشخصيةّق يماّ‬
‫وح يثا‪ّ،‬ولهذاّالسببّلمّتخلّال راساتّالشرعيةّمنّمعالجةّجوانبّمختلفةّمنّالحياةّا ألسرية‪ّ،‬بلّوكانتّ‬

‫أأنظر‪،‬د‪/‬قطب ّمصطفى ّسانو‪،‬المصالح ّالمرسلة‪،‬مفهومها ّو ّمجاالت ّتوظيفها‪،‬وتطبيقاتها ّالمعاصرة‪،‬ط‪،1‬بيروت‪،‬دار ّابنّ‬


‫حزم‪،4007،‬ص‪،70‬ص‪ّ 1 71‬‬
‫‪92‬‬

‫متفاعلةّمعهاّبشكلّحيويّلماّللأسرةّمنّخطورةّووزنّعلىّمس توىّالمجتمعّككل‪ّ،‬فكانّفقهّا ألسرةّفقهاّ‬


‫قائماّبذاته‪ّ،‬يحتاجّلتخصصّودراسةّمنهجية‪ّ .‬‬
‫‪ّ1‬ـّدليلّاالس تحسانّكمص رّتشريعيّتبعيّموضوعّج يرّابل راسةّوالتحليل‪ّ،‬خاصةّفيّمجالّا ألسرةّ‬
‫وقضاايهاّالمتج دةّح يثا‪ّ،‬فالظروفّوالمتغيراتّالمتعاقبةّبشكلّمتسارع‪ّ،‬تفرضّعلىّطلبةّالعلمّالشرعيّوّ‬
‫القانونيّمعرفةّهذاّال ليلّوّتوظيفهّواقعياّفيّمعالجةّالنوازلّوالطوارئّالحادثةّعلىّا ألسرة‪ّ ّ،‬العطاءّال راساتّ‬
‫النظريةّّبُع هاّالعملي‪ّ .‬‬
‫أأماّالتّوصياتّفهييّكالتالي‪ّ :‬‬
‫أ‬
‫اتّعلميةّأكاديميةّتهتمّابلتشريعّا ألسريّفقهاّوّقانوان‪ّ ّ،‬وذلكّبطر ّ‬ ‫‪ّ1‬ـّضرورةّتنظيمّلقاءاتّوّن و‬
‫االنشغاالتّالحقيقيةّوّعرضّالتح ايتّالقائمةّفيّطريقّالبناءّالمجتمعي‪ّ،‬للتمكنّمنّفهمّعميقّلهاّوابلتاليّ‬
‫الق رةّعلىّمعالجتهاّبفاعليةّوّايجابيةّتخ مّا ألسرةّوتعززّمكانتهاّفيّهذاّالوسطّال ُّمفعمّابلكثيرّمنّالمتغيراتّ‬
‫والتأأثيراتّالواف ةّوّالمس تح ثة‪ّ .‬‬
‫‪ّ4‬ـّانّال راساتّالمتعلقةّاب ألسرةّمتشعبة‪ّ،‬تتقاطعّفيهاّالكثيرّمنّالجوانب‪ّ،‬وتشت ّركّفيهاّجملةّمنّ‬
‫العلومّالشرعيةّوالقانونيةّ ّواالجتماعيةّوغيرها‪ّ،‬مماّي عوّضرورةّالىّتضمنّمحاورّهذهّال راساتّفكرةّ أأوّمب أأّ‬
‫النظرةّالشموليةّفيّالطر ّوالمعالجة‪ّ،‬وذلكّلنّيتمّاالّمنّخاللّاشراكّكلّالمهتمينّوالفاعلينّفيّالمجالّ‬
‫ا ألسريّ أأفراداّكانواّ أأوّمؤسسات‪ّ .‬‬
‫‪ّ1‬ـّّقانونّا ألسرةّالجزائريّاضافةّمهمةّفيّالتشريعّالج ّزائريّعموماّووثيقةّرسميةّضروّريةّفيّتنظيمّ‬
‫الحياةّا ألسريةّخصوصا‪ّ،‬تحتاجّلمزي ّمنّاالثراءّوالمتابعةّالعلميةّوّالموضوعيةّمنّطرفّ أأهلّاالختصاص‪ّ،‬‬
‫وذلكّابس ت راكّماّهوّانقصّوتثمينّماّهوّايجابيي‪ّ،‬خ مةّل ألسرةّوّالمجتمع‪ّ ،‬دونّاغفالّ أأوّتقاعسّعنّ‬
‫مسايرةّماّهوّج ي ّوج يرّابالهّتمامّفيّظلّالتح ايتّالمعاصرةّوّاكراهاتّالواقعّالتيّتفرضّوجودهاّ‬
‫المس تمرّعلىّالعالقاتّا ألسرية‪ّ .‬‬
‫فيّختامّهذهّالم اخلة ّنتمنىّكلّالتوفيقّوّالس اد ّللقائمينّعلىّشؤونّمخبر ّقانون ّا أّلسرة ّبكليةّ‬
‫الحقوق‪ّ،‬جامعةّ"ّسعي ّحم ينّ"ّّالجزائر‪ّ ّ.1‬‬
‫أوّال‪ :‬املصادر و املراجع‪:‬‬

‫‪ّ1‬القرأنّالكريم‪ّ .‬‬
‫ّ‪ 2‬االجتهادّفيّمناطّالحكمّالشرعيّعن ّا ألصوليين‪،‬د‪ّ/‬بلقاسمّبنّذاكرّالزبي ي‪،‬ط‪،1‬الخُبر‪،‬السعودية‪ّ .4012،‬‬
‫‪ 3‬االس تحسان‪،‬د‪/‬يعقوبّبنّعب ّالوهابّالباحسين‪،‬مكتبةّالرش ّانشرون‪،‬الرايض‪.4007،‬‬
‫‪93‬‬

‫‪ 4‬االس تحسان ّفي ّفقه ّا ألسرة‪ّ ،‬د‪ّ /‬وضحة ّعليوي ّصالح‪،‬بغ اد‪،‬جامعة ّدايلى(مجلة ّالداب)ّ‬
‫ع د‪،141‬حزيران‪.4017،‬‬
‫‪ّ 5‬ب اية ّالمجته ّونهاية ّالمقتص ‪،‬محم ّبن ّرش ّالقرطبيي‪،‬خرج ّ أأحاديثه‪ :‬أأحم ّ أأبو ّالمج ‪،‬القاهرة‪،‬دارّ‬
‫العقي ة‪ّ .4002،‬‬
‫‪ّ7‬التشريعّاالسالميّو أأثرهّفيّالفقهّالغربيي‪،‬د‪/‬محم ّيوسفّموسى‪،‬ط‪،4‬بيروت‪،‬العصرّالح يثّللنشر‪ّ .1771،‬‬
‫‪ّ7‬تقريبّمعجمّمصطلحاتّالفقهّالمالكي‪،‬د‪ّ/‬عب ّاللهّمعصر‪،‬ط‪،1‬بيروت‪،‬دارّالكتبّالعلمية‪ّ .4007،‬‬
‫‪ّ1‬صحيحّمسلم‪،‬مسلمّالقشيريّالنيسابوري‪،‬بيروت‪،‬دارّالكتبّالعلمية‪،‬دت‪ّ .‬‬
‫‪ّ7‬ضوابطّالمصلحةّفيّالشريعةّاالسالمية‪،‬د‪/‬محم ّسعي ّرمضانّالبوطي‪،‬ط‪،2‬دمشق‪،‬دارّالفكر‪ّ .4007،‬‬
‫‪ّ10‬علمّ أأصولّالفقهّوّخالصةّالتشريعّاالسالمي‪،‬عب ّالوهابّخالف‪،‬القاهرة‪،‬دارّالفكرّالعربيي‪ّ .1777،‬‬
‫‪ّ11‬الفقهّاالسالميّو أأدلته‪،‬د‪/‬وهبةّالزحيلي‪،‬ط‪،1‬دمشق‪/‬دارّالفكر‪ّ .4001،‬‬
‫‪ّ14‬فقهّالواقع‪ ،‬أأصولّوضوابط‪ ،‬أأ‪،‬د‪ /‬أأحم ّبوعود‪،‬ط‪،1‬القاهرة‪،‬دارّالسالم‪ّ .4007،‬‬
‫‪ّ11‬لسانّالعرب‪،‬محم ّبنّمنظورّاالفريقي‪،‬بيروت‪،‬دارّصادر‪،‬دت‪ّ .‬‬
‫‪ّ12‬الم خلّالفقهييّالعام‪،‬مصطفىّ أأحم ّالزرقا‪،‬ط‪،4‬دمشق‪،‬دارّالقلم‪ّ .4002،‬‬
‫‪ّ11‬ال ُمس ن ‪ ،‬أأحم ّبنّحنبلّالشيباني‪،‬شر ّوفهرسة‪:‬حمزةّ أأحم ّالزين‪،‬ط‪،1‬القاهرة‪،‬دارّالح يث‪ّ .1771،‬‬
‫‪ّ17‬المصالحّالمرسلةّمفهومهاّومجاالتّتوظيفهاّوتطبيقاتهاّالمعاصرة‪ ،‬أأ‪،‬د‪/‬قطبّمصطفىّسانو‪،‬ط‪،1‬بيروت‪،‬دارّ‬
‫ابنّحزم‪ّ .4007،‬‬
‫‪ّ 17‬معجم ّمصطلحات ّالعلوم ّالشرعية‪،‬مجموعة ّمن ّالمؤلفين‪،‬ط‪،4‬الرايض‪،‬م ينة ّالملك ّعب ّالعزيز ّللعلومّ‬
‫والتقنية‪ّ .4017،‬‬
‫‪ّ11‬نظراتّفيّ أأصولّالفقه‪،‬د‪/‬عمرّسليمانّا ألشقر‪،‬ط‪،1‬ا ألردن‪،‬دارّالنفائس‪ّ .4011،‬‬
‫‪ّ17‬الوجيزّفيّ أأصولّالفقه‪،‬د‪/‬وهبةّالزحيلي‪،‬ط‪،11‬دمشق‪،‬دارّالفكر‪ّ .4007،‬‬
‫‪ّ40‬الوجيزّفيّ أأصولّالفقه‪،‬د‪/‬عب ّالكريمّزي ان‪،‬ط‪،7‬بغ اد‪،‬مؤسسةّقرطبة‪.1777،‬‬
‫ّّثانيا‪ :‬القوانني‪ّ :‬‬
‫قانونّا ألسرةّالجزائريّرقمّ‪ّّ12‬ـّّ‪ّ11‬المؤرخّفيّ‪ّ07‬رمضانّ‪1202‬هّالموافقّلـّ‪ّ07‬جوانّ‪ّّ1712‬المع لّ‬
‫وّالمتممّاب ألمرّ‪ّ01‬ـّ‪ّ .04‬‬
94 1 ‫جامعة اجلزائر‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

‫تطبيق نصوص قانون األسرة بني اللفظ والفحوى‬


Application of family law texts between word and content
‫عبد النور زيدان وعال ل ححطا‬
‫ املركز اجلامعي عبد اهلل مرسلي تيبازة وجامعة اجلياللي بونعامة مخيس مليانة‬،‫خمرب نظام احلالة املدنية‬
a.tahtah@univ-dbkm.dz - abdennourzidane@gmail.com
:‫امللخص باللغة العربية‬
‫ ولذلك فان إرإدة إلمشرع ينبغي‬،‫إن سن إلنصوص إلقانونية يقتضي تطبيقها ابلكيفية إلتي أرإدها وإضعها‬
‫ ولهذإ فان إلتحقق من مرإد إلمشرع‬.‫تفعيلها بتطبيق إلتي س نها حسب إلصياغة إلحرفية للنص أو مرإد إلمشرع‬
‫ فان خفيت وجب إلبحث عنها؛ من أجل ذلك فان‬،‫ضمن إلنص إلقانوني يتأكد ابلصياغة إللفظية لهذإ إلخير‬
‫ أي إلتعرف عليها وتحديد مضمونها وإلشروط إلتي‬،‫تطبيق إلنصوص إلقانونية في إلوإقع إلعملي يقتضي تفسيرها‬
‫ غير أنه قد يشوبه نقص‬،‫ فالنص قد يكون سليما ووإضحا‬.‫تلزم لتطبيقها ومدى إنطباقها على إلحالة إلمعروضة‬
.‫ وفي إلحالتين تفسيره أمر الزم لتطبيقه على إلنزإع إلمطروح‬،‫أو غموض أو تناقض أحياان‬
‫ من أجل ذلك فان‬،‫ وهو في هذإ يقوم بتفسيره مس تعينا بعدة ضوإبط‬،‫ويقوم إلقضاء بتطبيق إلقانون‬
.‫تطبيق إلقاضي لنصوص قانون إلسرة يطرح عدة إشكاليات تتعلق أساس بمدى حريته في إالختيار‬
.‫ حرية‬،‫ إلقاضي‬،‫ تفسير‬،‫ تطبيق‬:‫الكلمات املفتاحية باللغة العربية‬
Abstract :
The enactment of legal texts requires their application in the manner
intended by their maker, and therefore the will of the legislator should be given
effect by applying of the texts enacted in accordance with the literal formulation
of the text or the legislator’s intent. For this reason, the verification of the
legislator’s intent within the legal text is confirmed by the verbal formulation of
this latter, and if the intent of legislator is hidden, it should be searched for;
therefore, the application of legal texts in practice requires their interpretation,
namely, identifying them, determining their content, the conditions required to
their application and the extent of their applicability to the present case. The text
may be sound and clear, however, it may be incomplete, ambiguous or sometimes
contradictory, in both cases, its interpretation is necessary for its application to the
dispute in question.
‫‪95‬‬

‫‪The judiciary enforces the law, and accordingly, it interprets it using a set of‬‬
‫‪controls, to that end, the judge's application of the provisions of the family code‬‬
‫‪poses a number of problems concerning mainly his freedom of choice.‬‬
‫‪Keywords: Application, Explanation, The judge, Freedom .‬‬

‫مقدمة املداخلة‪:‬‬

‫إن سن إلمشرع للنصوص إلقانونية يقتضي تطبيقها ابلكيفية إلتي أرإدها‪ ،‬ولذلك فان إرإدة إلمشرع ينبغي‬
‫تفعيلها بتطبيق تلك إلنصوص حسب إلصياغة إلحرفية لها أو حسب مرإد إلمشرع‪.‬‬
‫وإلتحقق من مرإد إلمشرع ضمن إلنصوص إلقانونية يتأكد من صياغتها إللفظية فان خفي وجب إلبحث‬
‫عن مرإده‪.‬‬
‫من أجل ذلك؛ فان تطبيق إلنصوص إلقانونية في إلوإقع إلعملي يقتضي تفسيرها‪ ،‬أي إلتعرف عليها‬
‫وتحديد مضمونها وإلشروط إلتي تلزم لتطبيقها ومدى إنطباقها على إلحالة إلمعروضة‪.‬‬
‫وإلنص قد يكون سليما ووإضحا‪ ،‬غير أنه في بعض إلحيان يشوبه نقص أو غموض أو تناقض‪ ،‬وفي‬
‫كلتا إلحالتين فان إلتفسير أمر الزم لتطبيق إلنص على إلنزإع إلمطروح‪.‬‬
‫فيقوم إلقضاء بتطبيق إلقانون‪ ،‬وهو في هذإ إلتطبيق يقوم بتفسيره مس تعينا بعدة ضوإبط‪ ،‬ولهذإ فان‬
‫تطبيق إلقاضي لنصوص قانون إلسرة يطرح إشكالية مدى حريته في إالختيار بين لفظ إلنص عند تطبيقه وبين‬
‫فحوإه؟‬
‫وإلهدف من هذه إلمدإخلة توضيح حاالت تطبيق إلنص بلفظه وإبرإز إلضوإبط وإلقيود وإلمبادئ إلتي‬
‫تحكم ذلك‪ ،‬ثم يتم إلتعرض لحاالت تطبيق إلنص بفحوإه وهنا يتعلق إلمر بتفسير إلنص وإلبحث عن معانيه‬
‫وأحكامه بعيدإ عن حرفية إللفاظ‪ ،‬ويتم في هذإ إالطار إبرإز إلضوإبط وإلقيود وإلمبادئ إلمقررة لذلك ‪.‬‬
‫وس نعتمد على إلمنهج إلتحليلي في تجس يد أمثلة عن كيفية تطبيق إلنصوص‪ ،‬كما نعتمد إلمنهج إلوصفي‬
‫عند إبرإز ضوإبط تطبيق إلقانون‪ ،‬ونس تعين ابلمنهج إلمقارن عند إلتعرض للقوإنين إلمقارنة‪.‬‬
‫وللجابة على إالشكالية إلمطروحة نتناول إلموضوع ضمن محورين أساس يين‪.‬‬
‫إلمحور إلول‪ :‬إلتطبيق إلحرفي لنصوص قانون إلسرة ‪ -‬إلحاالت وإلآليات‪.‬‬
‫إلمحور إلثاني‪ :‬تطبيق إلنص إلقانوني بفحوإه‪.‬‬
‫‪96‬‬

‫احملور األو ل‪ :‬التطبيق احلريف لنصوص قانون األسرة ‪ -‬احلاالت واآلليات‬


‫إن صياغة إلنصوص إلقانونية علم يحتاج إلى دقة وفن يحتاج إلى إبدإع‪ ،‬ذلك أن مدلول إلمصطلح‬
‫معتبر عند إلصياغة وعند إلتطبيق على إلسوإء‪ ،‬وكل ضعف في إلصياغة س يؤدي ابلضرورة إلى خلل في إلتطبيق‬
‫أو على إلقل س يوقع إلمطبق في إشكاالت يقتضي حلها بحسن تفسير إلنص‪.‬‬
‫إن إس تعمال وإضع إلقانون لمصطلح معين يعتبر كأصل إعتمادإ لمضمون ومعنى ذلك إلمصطلح‪ ،‬لذلك‬
‫ال يجوز مبدئيا إلحياد عن مدلول إلمصطلح إلى غيره دون مبرر منطقي‪.‬‬
‫وعلى هذإ فان إلتطبيق إلحرفي للنص له حاالته ومقتضياته وله أآلياته وأسسه إلتي نحاول إبرإزها قيما‬
‫يأتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬حاالت التطبيق احلريف للنص‬

‫إن إلعامل في إلقانون وإلعارف به صياغة وتطبيقا يدرك جليا أن تطبيق نصوصه يترإوح بين إللفظ و‬
‫إلفحوى‪.‬‬
‫وقبل تحديد مضمون كل حالة على حدة ينبغي إلفصل في مسألة إختيار إلقاضي بينهما أي إختياره بين‬
‫إللفظ وإلفحوى هل هو على سبيل إالطلق أم أن إلقاضي مقيد وملزم ابلخذ ابحدإهما دون إلخرى ابلنظر‬
‫إلى ظروف وشروط محددة‪.‬‬
‫في إطار إلمبادئ إلتي تحكم إلمسألة فان أهمها هو تطبيق إلقانون من حيث إللفظ أو من حيث‬
‫إلفحوى‪ ،‬وقد تضمنت هذإ إلمبدأ إلمادة إلولى من إلقانون إلمدني إلجزإئري إلتي جاء فيها‪ " :‬يسري إلقانون‬
‫على جميع إلمسائل إلتي تتناولها نصوصه في لفظها أو في فحوإها ‪"....‬‬
‫وتجدر إالشارة إلى أن إلقانون إلمدني ال يطبق في مسائل قانون إلسرة إلى بمقتضى إالحالة إلصريحة‬
‫إس تثناء على نص إلمادة ‪ 222‬قانون أسرة إلتي أوردت إلصل وهو تطبيق أحكام إلشريعة إالسلمية في كل‬
‫ما لم يرد فيه نص في تقنين إلسرة‪.‬‬
‫غير أن تضمين مبدأ قانوني في قانون ما ال يلغي إعتباره مبدءإ عاما وإجب إالحترإم في ابقي إلقوإنين‪.‬‬
‫وعليه فان هذإ إلمبدأ يبقى ساري على نصوص قانون إلسرة كمبدأ وليس كنص قانوني وإرد في إلقانون‬
‫إلمدني‪ ،‬كما أن موقع إلنص يجعله وإجب إالحترإم لنه يتعلق بتطبيق إلقانون بصفة عامة‪.‬‬
‫وعلى هذإ؛ فان إلمبدأ يقتضي إما تطبيق إلقانون بلفظه وإما تطبيقه بمعناه‪.‬‬
‫‪97‬‬

‫إن إلقرإءة إلسطحية لمضمون إلمبدأ ولما تضمنته إلمادة إلسابقة قد يجعلنا نقول أن للقاضي إلخيار بيت‬
‫إعتماد إللفظ وبين إعتماد إلمعنى‪ ،‬وهي نتيجة تفندها إلمقتضيات إللغوية وإلمقتضيات إلمنطقية‪.‬‬
‫ففي إللغة فان حرف "أو" يفيد إلتوزيع كما يفيد إلتخيير ويفيد معاني أخرى‪ ،‬وكما جاء عند بعض‬
‫إللغويين فان هذإ إلحرف إذإ جاء بعد إلفعل إلمضارع فانه يفيد إلتوزيع‪.‬‬
‫وإلمقصود ابلتوزيع أنه إذإ توفرت شروط حالة ال ينبغي إلحيد عنها إلى غيرها بل يجب إلخذ بها‪ ،‬وعليه‬
‫فاذإ توفرت شروط إلتطبيق إللفظي للنص ال ينبغي تجاوزه من خلل إلبحث عن معنى يتجاوز إلمدلول إلحرفي‪.‬‬
‫أما في منطق إلقانون فانه ال يمكن إعطاء إلقاضي إلحرية في إالختيار بين إللفظ وإلمعنى لن من شأن‬
‫ذلك أن يخلق فوضى في إلتطبيق وعدم إنسجام بين إلمطبقين ويؤدي إلى إلفتح إلوإسع إلى إهدإر مدلول إللفاظ‬
‫إلتي إعتمدها من َوضَ َع إلقانون ويجعل من إل ُم َطبق وإضعا جديدإ للقانون على غير ما أرإده إلوإضع إلصلي‪.‬‬
‫وعليه فان إلبحث عن إلفحوى ال يكون إلى عند إلمقتضى وإللزوم‪ ،‬وأن إعتماد إللفظ عند غياب ذلك‬
‫إلمقتضى هو إلوإجب وهو إلصل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط تطبيق النص بلفظه‬

‫إن تحديد حالة تطبيق إلنص بلفظه يكون اببرإز حاالت ما يقابله‪ ،‬أي متى يجب إعتماد إللفظ وبضدها‬
‫تعرف إلش ياء كما يقال‪.‬‬
‫يرى بعض إلفقه أن إلتفسير عملية ضرورية لتطبيق إلقوإعد إلقانونية على إلحاالت إلوإقعية‪ ،‬وأن إلعملية‬
‫إلتفسيرية ضرورية في جميع حاالت إلنص‪.1‬‬
‫ويورد ذإت إلفقه إعترإض إلبعض على هذإ إالطلق‪ ،‬حيث يرى أنه ال محل للتفسير وال ضرورة له‬
‫حينما يكون إلنص إلتشريعي سليما ووإضحا‪ ،‬وليس أمام إلقاضي في حالة وضوخ إلنص إال تطبيقه مباشرة دون‬
‫تفسيره‪.2‬‬
‫وفي هذإ إلمعنى يقول بعض إلفقه‪ ":‬أن من خصائص إلقاعدة إلقانونية إلعموم وإلتجريد‪ ،‬وهي بذلك قد‬
‫تكون وإضحة ال غموض فيها‪ ،‬وقد تكون ابالتساع وإلتجريد بحيث ال يعرف ما إذإ كانت تس توعب إلنازلة‬

‫‪ 1‬ـ د‪ .‬خالد وزإني‪ ،‬مناهج تفسير إلنصوص بين علماء إلشريعة و فقهاء إلقانون‪ ،‬دإر إلجامعة إلجديدة للنشر‪ ،‬إالسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪ ،2002 ،‬ص ‪.466‬‬
‫‪ 2‬ـ أنظر د‪ .‬خالد وزإني‪ ،‬إلمرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.466‬‬
‫‪98‬‬

‫إلمعروضة أو ال تشملها‪ ،‬كما قد تأتي غامضة‪ ،‬وهنا تقوم إلحاجة إلى تفسير إرإدة إلمشرع أو إلبحث عن إرإدته‬
‫إلحقيقية"‪.1‬‬
‫فهذإ إلرأي إلفقهيي يرى أن إلتفسير يتعلق ابلنصوص إلغامضة دون إلوإضحة‪ ،‬بل أورد بعض إلفقه‬
‫صرإحة أن إلتفسير ال يرد إال على إلنص إلغامض‪.2‬‬
‫ونحن ال نتفق مع إلنتيجة إلتي توصل إليها بعض إلفقه‪ ،‬وهي إلقول بأن إالتجاه إلقائل بقصر إلتفسير‬
‫على إلنصوص إلغامضة يؤدي إلى وجوب تطبيق إلنصوص إلوإضحة كما هي مهما بدت نتائج تطبيقها شاذة ال‬
‫يقبلها إلمنطق‪.3‬‬
‫ذلك أن إلنص إلذي يؤدي تطبيقه إلى نتائج شاذة هو في إلحقيقة نص غامض إذ ال بد من أن نعطي‬
‫إلغموض مدلوال وإسعا‪.‬‬
‫وفي هذإ إلشأن ينبغي إلقول أنه يجب تطبيق إلنص إلقانوني بلفظه عندما يكون إللفظ وإضحا جليا‬
‫دقيقا ظاهر إلداللة ال لبس فيه وال تناقض‪ ،‬وأال يؤدي تطبيقه حرفيا إلى إحدإث مشاكل ومنازعات‪ ،‬وهذه‬
‫إلحالة اندرة إلوقوع إن لم تكن مس تحيلة‪ ،‬س يما وأن إلقانون من وضع إلبشر‪.4‬‬
‫فحاالت إلتفسير هي إلس باب إلتي تجعل إلمفسر ـــــ فقيها كان أو قاضياـــــ يبحث عن إلتعرف على‬
‫معنى إلنص إلمرإد تفسيره‪ .‬وتتمثل هذه إلس باب في بعض إلمشاكل إلتي تسم إلنصوص إلقانونية إلتي تلحقها‬
‫بسمة عدم إلوضوح إلذي يس تدعي إلوقوف على قصد وإضعها منها‪.5‬‬
‫ويلجأ إلى إلبحث عن إلفحوى‪ ،‬أي تفسير إلنص في حالة عدم وضوح إللفظ أو وجود تناقضات في‬
‫إلنص أو لبس فيه‪ ،‬أو أن إلتطبيق إلحرفي للنص س يؤدي إلى نتائج سخيفة غير منطقية وغير معقولة‪ ،‬وال‬
‫يتوقف إلمر عند هذإ إلحد‪ ،‬بل يعتبر إلنص وإجب إلتفسير إذإ أدى تطبيقه أو على إلقل من شأن تطبيقه‬

‫‪1‬ـ د إلحبيب إلدقاق‪ ،‬محمد أمهيرإي‪ ،‬خالد إلمالكي‪ ،‬مدخل لدرإسة إلعلوم إلقانونية(محاضرإت)‪ ،‬جامعة محمد إلخامس‬
‫إلرابط‪ ،‬كلية إلعلوم إلقانونية وإالقتصادية و إالجتماعية‪ ،‬أكدإل‪ -‬إلمغرب‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ 2‬ـ محمد فؤإد رشاد‪ ،‬قوإعد تفسير إلمعاهدإت في إلشريعة إالسلمية و إلقانون إلدولي‪ ،‬دإر إلفكر إلجامعي‪ ،‬إالسكندرية ‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬إلطبعة إلولى‪ ،2002 ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ 3‬ـ د خالد إلوزإني‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.466‬‬
‫‪ 4‬ـ د‪ .‬علل طحطاح‪ ،‬نص إلمادة ‪ 66‬من قانون إلسرة بين ظاهر إلصياغة إللفظية وحتمية إلتفسير‪ ،‬مجلة صوت إلقانون‪،‬‬
‫مجلة سدإس ية دولية محكمة‪ ،‬تصدر عن مخبر نظام إلحالة إلمدنية‪ ،‬جامعة إلجيللي بونعامة‪ ،‬خميس مليانة‪ ،‬إلجزإئر‪ ،‬إلعدد‬
‫‪ ،2‬أكتوبر ‪ ،2066‬ص ‪.64‬‬
‫‪5‬ـ د محمد سعيد جعفور‪ ،‬مدخل إلى إلعلوم إلقانونية‪ ،‬إلوجيز في نظرية إلقانون‪ ،‬دإر هومه للطباعة و إلنشر و إلتوزيع‪ ،‬إلجزإئر‪،‬‬
‫‪ ،2002‬ص ‪.292‬‬
‫‪99‬‬

‫حرفيا أن يؤدي إلى خلق مشاكل أو منازعات‪ ،‬فهنا نقول أن إلنص غامض يقتضي تفسيرإ‪ ،‬ابلبحث عن فحوى‬
‫قويم من شأنه تجاوز كل إالشكاالت إلسابقة‪ ،‬وهذإ هو إلمطلوب قانوان ومنطقا وعقل‪ .‬إذ من غير إلمنطقي‬
‫إلتمادي في تطبيق نص خلق توترإت بدعوى أنه قانون يجب تطبيقه كما هو‪ ،‬فعلى إلقضاء وإلشرإح خصوصا‬
‫تلفي بعض هفوإت إلمشرع عن طريق إلتفسير إلمنطقي وإلعلمي للنصوص إلقانونية‪.1‬‬
‫وإذإ كانت تلك إلس باب إلمذكورة تعد سببا لتفسير إلنص‪ ،‬فانها تعد سببا أيضا للعدول عن أي تفسير‬
‫من شأنه أن يترتب عنه تلك إلس باب وإال فل عبرة ابلعدول عن إللفظ إلى إلفحوى إذإ كانت إلنتائج ذإتها‪،‬‬
‫فالتفسير إلذي تترتب عنه تلك إلنتائج‪ ،‬أي مشاكل ومنازعات ونتائج سخيفة وغير منطقية‪ ،‬يعد تفسيرإ سيئا‬
‫يجب إلبحث عن غيره وإلعدول عنه‪ ،‬وهنا تجد إلمبادئ إلتي يخضع لها إلتفسير دورها كقيد وضابط لعملية‬
‫إلتفسير‪.‬‬
‫وعليه فان قاعدة أن إلعبرة للمقاصد وإلمعاني وليس لللفاظ وإلمباني مرتبطة بحالة وجود إشكاالت في‬
‫إعتماد إللفاظ‪ ،‬إذ أن وضوح إللفاظ يحتم إعتماد داللة إللفاظ دون إلبحث عن فحوى أخر لها‪.‬‬
‫وابلنتيجة فان إلصل هو إعتماد إلمعنى إللفظي للنصوص وال يجوز إلعدول عن ذلك إال في حالة‬
‫غموض إلنص وفقا للمعنى إلموسع للغموض‪.‬‬
‫احملور الثاني‪ :‬تطبيق النص القانوني بفحواه‬
‫إن غموض إلنص هو مقتضى للبحث عن فحوى له‪ ،‬وهنا فقط تظهر ضرورة تطبيق قاعدة أن إلعبرة‬
‫للمقاصد وإلمعاني وليس لللفاظ وإلمباني‪.‬‬
‫وفيما يلي نحدد مضمون إلقاعدة ثم ضوإبط تطبيق إلقاعدة‪ ،‬أي ضوإبط تفسير إلنصوص عند غموضها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مضمون القاعدة‬

‫في تحديد إلمقصود ابلقاعدة‪ ،‬يورد إلبعض تعريفات للمقاصد‪ ،‬فيعتبرها إالرإدة إلمتوجهة إلى إلمور‪ ،‬أي‬
‫هي إلدوإفع وإلدوإعي إلتي تجعل إلمكلف بتصرفه يتجه إليها‪ ،‬وهي إلغرإض إلتي أرإدها إلمتصرف من تصرفه‪،‬‬
‫وإلغرض ما لجله فعل إلفاعل‪ .‬وإلمرإد هو إلمقاصد إلتي تضمنتها إلقرإئن إللفظية وليست إلمقاصد إلتي تبقى‬
‫حبيسة إلنفس‪.2‬‬

‫‪1‬ـ د‪ .‬علل طحطاح‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.64‬‬


‫‪2‬ـ د‪ .‬محمد بن حمد عبد إلحميد‪ ،‬وسيرين بنت عيسى إلباز‪ ،‬قاعدة إلعبرة في إلعقود ابلمقاصد وإلمعاني ال ابللفاظ وإلمباني‪-‬‬
‫درإسة تحليلية تطبيقية مقارنة مع إلقانون إلمدني إلردني‪ ،‬مجلة جامعة أم إلقرى‪ -‬إلسعودية‪ ،‬إلطبعة ‪ ،6‬س نة ‪ 6622‬هـ‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪100‬‬

‫وأما إلمعاني فهيي ما تدل عليه إللفاظ بوضعها أو ابس تعمالها‪ ،‬فالمعنى هو إلصورة إلذهنية من حيث‬
‫أنه وضع ابزإئها إللفظ‪ ،‬وبدون هذه إلحيثية ال تسمى معنى‪.1‬‬
‫وإلتفسير في إللغة هو إاليضاح وإلتبيين‪ ،‬ووزنه تفعيل من إلفسر وهو إلبيان وإلكشف‪ ،‬تقول فسرت‬
‫إلشيء ـ ابلتخفيف ـ أفسره فسرإ‪ ،‬وفسرته ـ ابلتشديد ـ أفسره تفسيرإ إذإ بينته‪.2‬‬
‫وفي إالصطلح إلقانوني إلتفسير هو توضيح ما أبهم من ألفاظ إلقانون وتكميل ما إقتضب من نصوصه‬
‫وتخريج ما نقص من أحكامه‪ ،‬وإلتوفيق بين أجزإئه إلمتناقضة‪.3‬‬
‫أو هو إلتَّ ُعرف عن معنى إل ُحكم إلذي تتضمنه هذه إلقاعدة‪ ،‬بحيث تتضح من ألفاظها أو فحوإها حدود‬
‫إلحالة إلوإقعية إلتي وضعت إلقاعدة من أجل تنظيمها‪.4‬‬
‫وإلتفسير هو إلبحث عن فحوى إلنص ومعانيه وإس تخرإج أحكامه‪.5‬‬
‫ويكون إلقصد من تفسير إلقانون هو تحديد وتوضيح معنى إلقاعدة إلقانونية‪ ،‬وإس تجلء ما قد يكتنفها‬
‫من غموض أو إبهام‪ ،‬تمهيدإ لتطبيقها على إلحاالت إلعملية إلتي تندرج ضمن حكمها‪.6‬‬
‫وإلتفسير أنوإع‪:‬‬
‫‪ .6‬إلتفسير إلتشريعي أو إلرسمي‪ :‬ويقصد به إلتفسير إلذي تقوم به إلسلطة إلتي أصدرت إلقانون‪ ،7‬فهو‬
‫إلذي يصدر عن إلمشرع نفسه ليبين حقيقة ما يقصده من تشريع سابق‪ ،‬ويصدر في صورة تشريع يسمى إلتفسير‬
‫إلتشريعي‪ ،‬ويعتبر جزءإ متمما للتشريع إلذي يفسره وهو أمر اندر من إلناحية إلعملية‪.8‬‬
‫‪ .2‬إلتشريع إلقضائي‪ :‬يتصل إلتفسير إلقضائي بوقائع إلحياة إلعملية وحاجيات إلجماعة‪ ،‬ومن ثم فليس‬
‫للقضاء أن يفسر إلقوإنين إال إذإ اثر نزإع حول إلحكم إلذي تمليه نصوصها‪ ،‬فل يقبل من إلفرإد أن يتقدموإ إلى‬
‫إلمحكمة لمجرد طلب تفسير نص غامض‪ ،‬أو لتبيان لهم إلطريقة إلتي س يفسر بها هذإ إلنص في حالة قيام نزإع‬
‫بينهم بشأنه‪ ،‬إذ إلقاعدة أن إلمصلحة أساس إلدعوى‪ ،‬أي أنه يشترط لقبول إلدعوى أن تستند إلى مصلحة حالة‬

‫‪1‬ـ د‪ .‬محمد بن حمد عبد إلحميد‪ ،‬وسيرين بنت عيسى إلباز‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪2‬ـ د خالد وزإني‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪3‬ـ إنظر محمد فؤإد رشاد‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ 4‬ـ د‪ .‬محمد سعيد جعفور‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ 5‬ـ د‪ .‬علل طحطاح‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪66‬‬
‫‪ 6‬ـ د‪ .‬إلحبيب إلدقاق‪ ،‬محمد أمهيرإي‪ ،‬خالد إلمالكي‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪7‬ـ د‪ .‬خالد وزإني‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪606‬‬
‫‪8‬ـ د‪ .‬محمد سعيد جعفور‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.224‬‬
‫‪101‬‬

‫وجدية‪ ،‬فل يجوز أن يطلب من إلمحكمة تفسير إلقوإنين إلتي لم يقم بشأنها أي نزإع وإلنطق بأحكام مجردة‬
‫عن إلجزإء‪.1‬‬
‫فالتفسير إلقضائي هو إلتفسير إلذي يصدر عن إلقاضي حين يطبق قوإعد إلقانون على إلحاالت إلوإقعية‬
‫إلمعروضة عليه للفصل فيها بحكم وظيفته وإلتزإمه ابلحكم فيها‪.‬‬
‫ويقوم إلقاضي بتفسير إلنصوص إلغامضة من تلقاء نفسه حتى ولو لم يطلب منه أطرإف إلنزإع ذلك‪،‬‬
‫لن مهمة إلقاضي تقتضي تفسير إلقوإعد إلقانونية قبل تطبيقها على إلمنازعات إلمعروضة‪.2‬كما أن تفسير إلقاضي‬
‫يكتسي طابعا عمليا‪ ،‬إذ هو يأتي متأثرإ ابلظروف إلمحيطة بهذإ إلنزإع‪.3‬‬
‫‪2‬ـ إلتفسير إلفقهيي‪ :‬يعبر إلتفسير إلفقهيي عن إلجهد إلذي يبذله شرإح إلقانون وإلفقهاء في تفسير إلقوإعد‬
‫إلتشريعية وأحكام إلقضاء وإلتعليق عليها وإنتقادها‪ ،‬ويس تعين إلفقهاء في تفسيرهم بقوإعد إلمنطق إلسليم وإعتماد‬
‫ما يؤدي إليه‪ ،‬دون نظر إلى إلنتائج إلعملية إلتي يؤدي إليها تطبيق إلتشريع على إلحاالت إلوإقعية‪ ،‬فالتفسير‬
‫إلفقهيي يعتبر غاية في ذإته وليس وس يلة‪.4‬‬
‫وفي تفسير إلنصوص إلقانونية ظهرت عدة مدإرس فاذإ كان إلتفسير يتضمن معرفة معنى إلقاعدة إلقانونية‬
‫وهذإ يقتضي تحديد إلمعنى إلذي قصده إلمشرع‪ ،‬فان إلرإء متباينة حول مقصد إلمشرع إلذي يجب مرإعاته‬
‫في إلتفسير‪ ،‬هل هو مقصد إلمشرع عند وضع إلنص أم مقصد إلمشرع عند تطبيق إلنص‪ ،‬مما أدى إلى‬
‫إختلف في مدإرس إلتفسير‪ ،‬حيث تكونت ثلث مدإرس أو مذإهب وهي‪ :‬مدرسة إلتزإم إلنص‪ ،‬وتسمى‬
‫بمدرسة إلشرح على إلمتون‪ ،‬ومدرسة إلتطور إلتاريخي‪ ،‬وتسمى ابلمدرسة إالجتماعية‪ ،‬ومدرسة إلبحث إلعلمي‬
‫إلحر أو ما يسمى ابلمدرسة إلعلمية‪.5‬‬
‫فمدرسة إلتزإم إلنص أو إلشرح على إلمتون ظهرت في فرنسا مرتبطة بظهور إلقانون إلمدني إلفرنسي‬
‫في مجموعة وإحدة أو ما أطلق عليه قانون انبليون‪ ،‬حيث إنبهر مجموعة من إلفقهاء بذلك إلقانون وإعتقدوإ أنه‬

‫‪1‬ـ د‪ .‬محمد وزإني ‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪602‬‬


‫‪ -2‬نفس إلمرجع‪ ،‬ص ‪.602‬‬
‫‪3‬ـ د‪ .‬محمد سعيد جعفور‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.224‬‬
‫‪4‬ـ نفس إلمرجع‪ ،‬ص ‪.226‬‬
‫‪5‬ـ عبد إلمهدي "محمد سعيد" أحمد إلعجلوني‪ ،‬قوإعد تفسير إلنصوص و تطبيقاتها في إالجتهاد إلقضائي إلردني ـ درإسة‬
‫أصولية مقارنة ـ أطروحة دكتورإه في إلقضاء إلشرعي‪ ،‬كلية إلدرإسات إلعليا‪ ،‬إلجامعة إلردنية‪ ،2004 ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪102‬‬

‫جاء شامل لكل شيء وصالح لكل زمان‪ ،‬وقد برزت طريقة هذه إلمدرسة من خلل شرح نصوص ذلك إلتقنين‬
‫متنا متنا‪ ،‬أي نص تلو إلخر بنفس إلترتيب إلذي ورد به إلتقنين‪.1‬‬
‫ومن أهم إلسس إلتي تقوم عليها تقديس إلنصوص وإالعتقاد أنها كاملة‪ ،‬وأن إلتشريع هو إلمصدر‬
‫إلوحيد للقانون‪ ،‬وفي حالة عجز إلقضاء أو إلفقه في إس تخلص إلحكم فالعيب في إلفقه أو إلقضاء وليس في‬
‫إلتشريع أو إلمشرع‪.2‬‬
‫كما تقوم على أساس إلبحث عن إرإدة إلمشرع في حكم إلنزإع إلمعروض‪ ،‬فهذه هي إلوظيفة إلحصرية‬
‫للتفسير عند أنصار هذه إلمدرسة‪ ،‬وهذه إالرإدة تكون حقيقية أو مفترضة‪ ،‬وإالرإدة إلمعتبرة هي إرإدة إلمشرع‬
‫عند وضع إلنصوص وليس عند تطبيقها‪.3‬‬
‫أما مدرسة إلتطور إلتاريخي (إلمدرسة إالجتماعية)‪ :‬فترى أنه يجب إلتعامل مع إلنص إلقانوني بحيث‬
‫يلئم إلحدإث إلجديدة وغير إلمتوقعة‪ ،‬حتى ولو أدى ذلك إلى تحوير إلقانون إلقديم‪ ،‬فتفسير إلقوإنين وتطبيقها‬
‫ال يتم إذإ ابالعتماد على إرإدة وإضعيها عند وضعها وإنما ابالستناد على إلضرورإت إلمرتبطة بوقت تطبيقها‪،‬‬
‫فالتفسير إلذي يجب إعطاؤه للنص هو إلتفسير إلذي يفترض ابلمشرع أن يعطيه إلن للحالة إلتي حدثت‪ ،‬ولم‬
‫يكن الحظها سابقا‪ ،‬فالقانون وليد حاجات إلمجتمع وتطوره وهو بمجرد صدوره ينفصل عن إرإدة وإضعيه‪،‬‬
‫ويمكن أن يتغير معناه من وقت لخر‪ ،‬ليظل دإئما ملئما لظروف إلمجتمع إلمتطورة‪.4‬‬
‫وتقوم هذه إلنظرية على إعتبار أن إلقانون يتكون ويتطور بصفة تلقائية فهو وليد إلبيئة وإلحاجة‬
‫إالجتماعية‪ ،‬وعلى هذإ فوجود إلتشريع ال يحول دون تطور إلقانون بتطور ظروف إلمجتمع‪ ،‬فالنصوص إلقانونية‬
‫بمجرد وضعها تنفصل عن إرإدة إلمشرع حتى تتمكن من إلتكيف مع إلتطورإت إلمتعاقبة في إلمجتمع‪ ،‬وهذإ‬
‫معناه أن إلقانون وليد إلبيئة إالجتماعية يتطور بتطورها‪ .5‬ولذلك على إلمفسر أن ينظر للنية إالحتمالية للمشرع‬
‫فيما لو خول وضع إلنص ضمن إلظروف وإلمعطيات إلجديدة‪.6‬‬
‫أما مدرسة إلبحث إلعلمي إلحر (إلمدرسة إلعلمية)‪ ،‬فهيي تتفق مع إلمدرسة إلتقليدية في تفسير إلنصوص‬
‫إلتشريعية وفقا لنية إلمشرع إلحقيقية وقت وضع إلتشريع‪ ،‬ولذلك يمتنع على إلمفسر إلبحث عن إالرإدة إلمفترضة‬
‫أو إالحتمالية للمشرع متى تعذر عليه إلوقوف على إرإدته إلحقيقية بحيث ال يصح أن نفترض أمرإ وننس به لنية‬

‫‪1‬ـ د‪ .‬محمد سعيد جعفور‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪2‬ـ د‪ .‬خالد وزإني‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.666‬‬
‫‪3‬ـ د‪ .‬محمد سعيد جعفور ‪،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪290‬‬
‫‪ 4‬ـ عبد إلمهدي "محمد سعيد" أحمد إلعجلوني‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫‪ 5‬ـ د‪ .‬محمد سعيد جعفور‪ ،‬إلمرجع إلسابق ‪ ،‬ص ‪.296‬‬
‫‪6‬ـ عبد إلمهدي "محمد سعيد" أحمد إلعجلوني‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪103‬‬

‫وإضع إلنص كما يفعل مفسروإ إلمدرسة إلتاريخية‪ .‬وفي حالة إنعدإم إالرإدة إلحقيقية للمشرع فيتعين إلتسليم بخلو‬
‫إلتشريع من إلقاعدة إلوإجبة إلتطبيق‪ ،‬ويكون من إلصوإب إلبحث عنها في إلمصادر إلرسمية إلولى للقانون‬
‫كالدين ومبادئ إلشريعة إالسلمية وإلعرف‪ ،‬وإذإ كانت هذه إلمصادر خالية بدورها من إالشارة إلى إلقاعدة‪،‬‬
‫فعلى إلمفسر أن يلجأ إلى إلبحث إلعلمي إلحر‪ .‬أي أن يتقمص وظيفة إلمشرع ليضع إلقاعدة إلتي تفرضها إلحقائق‬
‫إلوإقعية وإلتاريخية وإلعقلية وإلمثالية وذلك ابلرجوع إلى جوهر إلقانون مع إلخذ بعين إالعتبار مختلف إلعوإمل‬
‫إلتي يؤدي تفاعلها إلى ظهور إلقاعدة إلقانونية كالعوإمل إالقتصادية وإالجتماعية وإلس ياس ية وإلخلقية وإلدينية‪.1‬‬
‫إن عملية إلتفسير بغض إلنظر عن سببها أو منطلقها ال بد من أن تخضع لمبادئ و ضوإبط تقيدها وإال‬
‫أصبحت عملية عشوإئية ضررها أكبر من نفعا وس يكون إالختلف كبيرإ ليس هناك من يحكمه أو يؤطره‪.‬‬
‫إذن إلحكم بين إالختلفات هو ضوإبط إلتفسير‪ ،‬فيكون ُم ْحت َ ِر ُمها على صوإب و ُمتَ َجاوزها على خطأ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضوابط تفسري نصوص قانون األسرة‬

‫يقتضي تفسير نصوص قانون إلسرة وجوب إحترإم جملة من إلمبادئ هي في حقيقتها ضوإبط تضبط‬
‫عملية تفسير تلك إلنصوص‪ ،‬فل ينبغي إلحياد عنها وإال إنصرف إلمعنى وفحوى إلنص لغير مرإده‪.‬‬
‫املبدأ األو ل‪ :‬احرتام املبادئ والنصوص الدستورية اليت خيضع هلا القانون الذي ينتمي‬
‫له النص املراد تفسريه‬

‫من إلمعروف أن إلدس تور هو مجموعة إلقوإعد إلقانونية إلتي تحدد إلتنظيم إلس ياسي في دولة معينة‪،‬‬
‫وأن تلك إلقوإعد تقع في قمة سلم إلتدرج إلهرمي للنظام إلقانوني في إلدولة‪ ،‬ويؤدي هذإ إلتدرج إلى وجوب تقيد‬
‫إلقانون إلدنى ابلقانون إلعلى وعدم مخالفته‪ ،‬فالقانون يجب أن يتقيد ابلدس تور وال يخالفه‪. 2‬‬
‫وإذإ كانت عملية وضع إلقانون ينبغي أال تخالف إلدس تور تحقيقا لمبدأ دس تورية إلقوإنين وتجس يدإ‬
‫لمبدأ إلمشروعية فان عملية إلتفسير ذإتها ال بد أن تخضع لتلك إلمبادئ وإال كانت غير دس تورية وخرقا لمبدأ‬
‫إلمشروعية‪.‬‬
‫إذن ال شك أن عملية إلتفسير من ابب أولى يجب أن تحترم إلمبادئ وإلنصوص إلدس تورية وروح‬
‫إلدس تور وإال كان تفسيرإ معيبا‪ ،‬فل يجوز منطقا وال عقل فضل عن إالعتبارإت إلقانونية أن يكون إلتشريع‬
‫دس توراي ثم نجعل تطبيقه غير دس توري بسوء تفسيره‪.‬‬

‫‪1‬ـ د‪ .‬خالد وزإني‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.662‬‬


‫‪2‬ـ د‪ .‬عمر إلعبد إلله‪ ،‬إلرقابة على دس تورية إلقوإنين (درإسة مقارنة)‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‪ ،‬إلمجلد إلسابع عشر‪ ،‬إلعدد إلثاني‬
‫‪ ،2006‬ص ‪.2‬‬
‫‪104‬‬

‫وابلرجوع إلى موضوع إلبحث‪ ،‬فان أهم إلمبادئ إلدس تورية إلتي تضمنها إلدس تور إلجزإئري هو إعتبار‬
‫أن إالسلم دين إلدولة‪ ،‬وهذه إلحكام تقتضي أن أي تفسير للنصوص إلمتعلقة ابلسرة ينبغي أن ال تخرج عن‬
‫مقتضيات إعتبار أن إالسلم دين إلدولة‪ ،‬وإالعتبارإت إلمرتبطة بها كما ذكرانها سابقا‪ ،‬بما يقتضي على إلمفسرين‬
‫عموما وخصوصا إلقضاء وإلفقه أن ال يفرغ إلنصوص إلقانونية إلمتعلقة بتقنين إلسرة من طابعها إالسلمي‪ ،‬كما‬
‫ينبغي عند إلخلف أن يعتمد إلفقه إالسلمي كمرجعية للتفسير‪.‬‬
‫وإلحاصل أن مبدأ دس تورية إلقوإنين وإلذي يعد أحد أوجه دس تورية تفسير إلقوإنين يقتضي س يما في‬
‫مجال إلسرة إحترإم إلشريعة إالسلمية‪ ،‬كما يقتضي تنزيل إلفقه إالسلمي عند تفسير إلنصوص تجس يدإ لذلك‬
‫إلمبدأ ال س يما وأن أحكام تقنين إلسرة مس تنبطة من ذلك إلفقه‪.‬‬
‫املبدأ الثاني‪ :‬احرتام التفسري خلاصية اجتماعية القاعدة القانونية‬

‫يعتبر إلقانون س يما عند أنصار إلمدرسة إلتاريخية أو إالجتماعية حدث إجتماعي ينشئ إلجماعة ويتأثر‬
‫بظروفها إلجغرإفية وإالجتماعية وإالقتصادية وإلس ياس ية وإلفكرية وغيرها‪ ،‬فهو وليد إلبيئة وإلحاجة إالجتماعية‪.1‬‬
‫ومن أهم خصائص إلقاعدة إلقانونية أنها قاعدة سلوك إجتماعي‪ ،‬فيرى بعض إلفقه أن إعتبار إلقاعدة‬
‫إلقانونية قاعدة سلوك إجتماعي يدرج عادة ضمن إلمعنى إلوإسع لمصطلح قانون كما قد يتلءم مع إلمفهوم إلضيق‬
‫له في شكل تقنين ما يقنن سلوك إجتماعي معين‪.2‬‬
‫وخاصية إجتماعية إلقاعدة إلقانونية وإجبة إالحترإم عند إصدإر إلقانون‪ ،‬وعند تفسيره وعند تطبيقه‪،‬‬
‫فالقاعدة إلقانونية‪ ،‬كما هو مجمع عليه‪ ،‬قاعدة سلوك إجتماعي بما يقتضي إحترإم هذه إلخاصية عند وضع نصوص‬
‫قانونية‪ ،‬فهذه إلنصوص يجب أن تحترم معتقدإت وأخلق وعادإت وتقاليد إلمجتمع إلذي تخاطبه‪ ،‬فل يعقل‬
‫أن نخاطب مجتمع بقوإعد قانونية ال تحترم معتقدإته وعادإته وتقاليده‪ ،‬ثم نطالبه ابحترإم تلك إلنصوص‪ ،‬فهذإ ال‬
‫يعد في إلمنطق إال خبال وسوء تقدير‪.‬‬
‫ويس تمر إحترإم هذإ إلمبدأ عند تفسير تلك إلنصوص وتطبيقها‪ ،‬فكل تفسير ال يحترم إلمجتمع ومعتقدإته‬
‫هو تفسير ابطل‪ ،‬ويؤدي في إلنهاية إلى إلتطبيق إلسقيم لتلك إلنصوص‪.‬‬
‫وليس إلمرإد بهذإ إلقول كما قد يس تنتج إلبعض أن تطبيق إلنصوص إلقانونية يخضع لرضا إلمخاطبين‬
‫بها‪ ،‬فهذإ إلقول غير سليم‪ ،‬فالمرإد هو أن يحترم وإضعي إلقانون ومفسروه ومطبقوه إلمجتمع‪ ،‬مع خضوع هؤالء‬

‫‪ 1‬ـ د‪ .‬محمد سعيد جعفور‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.296‬‬


‫‪ 2‬ـ أنظر د‪ .‬عجة إلجيللي ‪ ،‬مدخل للعلوم إلقانونية ‪ ،‬إلجزء إلول ‪ ،‬نظرية إلقانونية‪ ،‬برتي للنشر‪ ،‬إلجزإئر‪ ،2009 ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪105‬‬

‫للنصوص إلقانونية سوإء رضوإ بها أو لم يرضوإ‪ ،‬وعند إحترإم إلمبدأ إلسابق س يكون رفض تلك إلقوإعد اندر‬
‫جدإ إن لم يكن غير موجود أصل‪.‬‬
‫وابلرجوع إلى تفسير تقنين إلسرة‪ ،‬فل يكاد ينازع أحد أن عموم إلمجتمع إلجزإئري وإالسلمي عموما‬
‫يرضون إلفقه إالسلمي مرجعية إجتماعية وقانونية بما يقتضي أن تس تمد إلنصوص إلقانونية س يما في مجال‬
‫إلسرة من هذإ إلفقه‪ ،‬مع مرإعاة ما تقتضيه إلمصلحة وفقه إلموإزانت‪ ،‬وإذإ سلمنا بأن كثير من أحكام تقنين‬
‫إلسرة مس تمدة من إلفقه إالسلمي فانه ينبغي إلتسليم أيضا أن معالم هذإ إلفقه وأحكامه وأسسه وقوإعده هي‬
‫إلمعتمدة في تفسير تلك إلنصوص عند أي غموض يعتريها وبأي شكل من إلشكال‪ ،‬وبهذإ نكون قد إحترمنا‬
‫مبدأ وخاصية إلقاعدة إلقانونية وضعا وتفسيرإ وإال س نكون أهدران تلك إلخاصية ابعتماد تفسير يتجاوز معتقدإت‬
‫إلمجتمع وما يرتضيه‪ ،‬حتى ولو إحترمنا تلك إلمعتقدإت عند إصدإر إلقانون‪ ،‬فالنتيجة مرتبطة ابلتطبيق أكثر ما‬
‫هي مرتبطة ابلوضع وإلتقنين‪.‬‬
‫املبدأ الثالث‪ :‬احرتام التفسري للمصدر املادي للقانون الذي ينتمي إليه النص املراد‬
‫تفسريه‬

‫إلمصادر إلمادية للقانون هي تلك إلمصادر إلتي تس تقي منها إلقاعدة إلقانونية موضوعها أو مادتها‪ ،‬وهي‬
‫مصادر مختلفة ومتنوعة حسب محل كل قاعدة سوإء كان هذإ إلمحل ذو طابع إقتصادي أو إجتماعي أو‬
‫س ياسي‪.1‬‬
‫ويعتبر تقنين إلسرة مس تمد مباشرة من إلفقه إالسلمي‪.2‬‬
‫وال نظن أن أحد سينازع إلقول بأنه ينبغي إلرجوع إلى إلمصدر إلمادي للنص إلمرإد تفسيره عند غموضه‪،‬‬
‫فمن غير إلمنطقي على إالطلق أن تأخذ فكرة قانونية من مصدر ويتم تفسيرها وفق مصدر مغاير‪ ،‬فاذإ أخذان‬
‫قانون ما من إلنظام إللتيني‪ ،‬فكيف يتم تفسير إلنصوص إلتي تضمنها وفقا للنظام إلنجلوسكسوني أو إلجرماني‪،‬‬
‫فهذإ تجاوز غير مبرر‪ ،‬إذ يجب تفسير إلنص وفقا لمعطيات وأفكار إلنظام إللتيني‪ ،‬غير أن قاعدة إجتماعية‬
‫إلقاعدة إلقانونية قد تقتضي أحياان تجاوز هذإ إلمبدأ للتخفيف من وطأة مخالفة هذه إلقاعدة‪ ،‬فمثل إذإ أخذان‬
‫قانون من إلنظام إللتيني‪ ،‬وخلقت نصوصه مشاكل يمكن تطويع تلك إلنصوص عن طريق تفسيرها وفقا‬
‫لمعتقدإت إلمجتمع وما يرتضيه‪ ،‬وهي عملية موإزنة يجب على إلمفسر إلقيام بها‪ ،‬لتفادي إالنفصام إلصارخ بين‬
‫إلقانون وإلمجتمع‪ ،‬فعلى إلمفسر محاولة تدإرك ما ورد من خلل قانوني‪ ،‬لكن دون تحريف أو تشويه أو تعطيل‬
‫فاضح للنص إلمفسر‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ د‪ .‬عجة إلجيللي‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.262‬‬


‫‪2‬ـ د‪ .‬إلحبيب إلدقاق‪ ،‬محمد أمهيرإي‪ ،‬خالد إلمالكي‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪106‬‬

‫ويرإعى في تفسير إلنص إلمذهب إلذي ُأ ِخذ منه أيضا‪ ،‬فمن غير إلمنطقي مثل أن يس تمد إلنص من‬
‫إلفقه إلمالكي ثم نفسره على ضوء إلفقه إلحنفي‪.‬‬
‫إذن أي غموض لنص قانوني يتعلق بأحكام إلسرة ينبغي تفسيره وفقا لحكام إلشريعة إالسلمية إلتي‬
‫تعد إلمصدر إلمادي لتلك إلحكام‪ ،‬وينبغي تنزيل إلفقه إالسلمي عند تفسير إلنصوص إلتي إس تمدت إلحكام‬
‫إلتي تضمنتها من ذلك إلفقه‪،‬‬
‫وبشأن إعتماد هذإ إلمنهج ال مكان للحديث هنا عن إصطدإم محتمل بين هذإ إلمبدأ ومبدأ إجتماعية‬
‫إلقاعدة إلقانونية‪ ،‬ذلك أن إلشريعة هي مصدر عقيدة إلمسلمين ومنطلق سلوكياتهم‪ ،‬على إلقل نظراي أو من ابب‬
‫ما يجب أن يكون ــــ إلملتزمون منهم وغيرهم ــــ إال ما شذ وندر‪ ،‬وإلشاذ يحفظ وال يقاس عليه‪ ،‬ويجب على‬
‫إلشاذ أن يخضع للمنطق إلعام إلغالب وليس إلعكس‪ ،‬فالغالب إلمألوف هو إلمرجح هنا‪.‬‬
‫وبشأن تفسير إلنصوص فقد أحسن قانون إلحوإل إلشخصية إالمارإتي رقم ‪ 22‬لس نة ‪ 2004‬صنعا‬
‫حين نص صرإحة في مادته إلثانية على‪6 ":‬ـ يرجع في فهم إلنصوص إلتشريعية في هذإ إلقانون وتفسيرها وتأويلها‬
‫إلى أصول إلفقه إالسلمي وقوإعده‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تطبق نصوص هذإ إلقانون على جميع إلمسائل إلتي تناولتها في لفظها أو فحوإها ويرجع في تفسيرها‬
‫وإس تكمال أحكامها إلى إلمذهب إلفقهيي إلذي أخذت منه‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ إذإ لم يوجد نص في هذإ إلقانون يحكم بمقتضى إلمشهور من مذهب مالك‪ ،‬ثم أحمد‪ ،‬ثم مذهب‬
‫إلشافعي‪ ،‬ثم مذهب أبيي حنيفة‪.".‬‬
‫ونصت إلمادة ‪ 266‬من إلقانون إلموريتاني رقم ‪ 42‬لس نة ‪ 2006‬على أنه‪ ":‬يرجع في تفسير مدلوالت‬
‫هذه إلمدونة عند إالشكال إلى مشهور مذهب مالك‪.".‬‬
‫ورغم عدم إلنص على هذإ صرإحة في قانون إلسرة إلجزإئري‪ ،‬إال أن هذإ إلتوجه يشكل مبدأ عام في‬
‫إلتفسير يجب إحترإمه‪ ،‬وحبذإ لو تم إلنص عليه صرإحة لتفادي أي إنحرإف عنه‪.‬‬
‫املبدأ الرابع‪ :‬احرتام التفسري للمصادر الرمسية (التالية للتقنني) للقانون الذي ينتمي‬
‫له النص املراد تفسريه‬

‫إلمؤكد أن وإضعي إلقانون عند تقريرهم مصادر رسمية لقانون ما يريدون إعطاء تلك إلمصادر دور في‬
‫حكم أوضاع قانونية لم ينظمها إلتقنين‪ ،‬وهذإ إلمر يقتضي إعطاء تلك إلمصادر إلولوية عند تفسير إلنصوص‪،‬‬
‫فمثل إذإ إلتبس حكم بشأن قاعدة ابلقانون إلمدني ليس هناك ما يمنع إلبحث عن تفسير في أحكام إلشريعة‬
‫إالسلمية ابعتبارها مصدرإ اثنيا بعد إلتقنين‪.‬‬
‫‪107‬‬

‫وابلرجوع إلى قانون إلسرة إلجزإئري في إلمادة ‪ 222‬منه رد إلى أحكام إلشريعة إالسلمية في كل ما‬
‫لم يرد فيه نص فيه‪.‬‬
‫وهذإ يقتضي تنزيل إلفقه إالسلمي عند تفسير نصوص تقنين إلسرة إلجزإئري‪.‬‬
‫املبدأ اخلامس‪ :‬أال يؤدي التفسري إىل املساس بالنظام العام‬

‫إن فكرة إلنظام إلعام هي أحد أهم إلضوإبط إلتي يجب أن يسعى إلقانون للمحافظة عليها‪ ،‬لنها تتعلق‬
‫ابلمحافظة على كيان إلدولة وإلمجتمع وإس تقرإرهما‪ ،‬فكل تفسير يؤدي إلى تطبيق إلنص بشكل يمس ابلنظام‬
‫إلعام هو تفسير ابطل يجب إستبعاده‪.‬‬
‫ولفكرة إلنظام إلعام إتصال مباشر ابلمجتمع‪ ،‬فهيي تقوم من جهة بترجمة إلسس إلدينية وإلس ياس ية‬
‫وإالجتماعية وإالقتصادية ‪...‬إلخ‪ ،‬إلتي يقوم عليها إلمجتمع إنطلقا من وضعه إلفلسفي وإليديولوجي‪ ،‬في صورة‬
‫قوإعد قانونية لها قوة إلزإم إلقوإعد إلقانونية إلعادية‪ ،‬وهذه وجهة نظر من حيث إلمقاصد وإلغاايت‪ ،‬ومن جهة‬
‫اثنية فهيي تقوم بحماية تلك إلسس مما قد ينالها من تهديد سوإء أكان دإخليا على يد إلسلطة أو إلفرإد‪ ،‬أو‬
‫خارجيا في صورة إعتدإء من قانون أجنبيي عليها‪ ،‬وهذه وجهة نظر من حيث إلوسائل إلتي يتم بها تحقيق‬
‫إلمقاصد‪ .‬ففكرة إلنظام إلعام هي فكرة متصلة إتصاال مباشرإ ابلمجتمع كونها مس تمدة من مجموع إلقوإعد إلمعبرة‬
‫عن إلقيم وإلسس إلعليا إلكامنة في ضمير إلجماعة مما يجعلها صمام إلمان لهوية إلمجتمع وحفظ ثوإبته‪.1‬‬
‫إذن فالقوإعد إلدينية إلتي يؤمن بها إلمجتمع ويرتضيها تشكل أحد أسس إلنظام إلعام‪ ،‬وال شك أن‬
‫إلقوإعد إلمتعلقة ابلسر تعد قوإعد من إلنظام إلعام وإعتمادها من إلفقه إلمالكي يعني أن هذإ إلفقه وعلى إلصل‬
‫في إلمسائل إلمس توحاة منه إعتبرها إلقانون من إلنظام إلعام‪.‬‬
‫فاذإ تبنى إلقانون تلك إلسس وترجمها إلى قوإعد أمرة فانه من غير إلمقبول إهدإر ذإك إلمعنى من‬
‫خلل تفسيرها بعيدإ عن إلسس إلتي إرتضاها إلمجتمع ومن خلفه وإضعي إلقانون‪ ،‬بما يقتضي أن ينزل إلفقه‬
‫إلمالكي عند تفسير إلنصوص إلمس توحاة منه إحترإما لفكرة إلنظام إلعام وتجس يدإ لها‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ عليان عدة‪ ،‬فكرة إلنظام إلعام وحرية إلتعاقد في ضوء إلقانون إلجزإئري وإلفقه إالسلمي‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة إلدكتورإه‬
‫في إلقانون إلحاص‪ ،‬جامعة أبوبكر بلقايد ‪ ،‬تلمسان‪ ،‬إلجزإئر‪ ،‬كلية إلحقوق و إلعلوم إلس ياس ية‪ ،2064/2064 ،‬ص ‪ 62‬و‬
‫‪.69‬‬
‫‪108‬‬

‫وبشأن فكرة إلنظام إلعام قد يقول إلبعض أنها ترتبط ابلقوإعد إلقانونية إلمرة إلتي تشكل وتحدد مجال‬
‫إلنظام إلعام‪ ،‬غير أن هذإ إلقول وإن كان صحيحا فل بد أال يهمل إلجانب إلمعنوي للنظام إلعام‪ ،‬فالقوإعد إلقانونية‬
‫تشكل إلجانب إلمادي إلملموس من إلنظام إلعام‪ ،‬وهذه إلقوإعد ال تشكل في ذإتها فكرة إلنظام إلعام بل تشكل‬
‫أحد إلس بل إلتي يرإد منها إلمحافظة عليه‪ ،‬وإلهدف إلمبتغى هو إلنظام إلعام‪.‬‬
‫وقد تصدر نصوص قانونية أمرة لكنها وبسبب سوء تقدير يؤدي تطبيقها إلى إلمساس ابلنظام إلعام‬
‫إلمعنوي‪ ،‬إلمتمثل في كيان إلمجتمع وإلدولة ومكوانتهما‪ ،‬ومن بينها إلسس إلدينية‪ ،‬فهنا هل إلولى تغليب‬
‫إلجانب إلمادي أي إلنص أم إلجانب إلمعنوي‪ ،‬أي إلمحافظة إلحقيقية على إلنظام إلعام؟‬
‫ال شك أن إالجابة إلمنطقية وإلهادفة س تكون ابلقول بضرورة تغليب إلجانب إلمعنوي للنظام إلعام ولو‬
‫على حساب إلقوإعد إلمرة إلتي تشكل إلوس يلة وإلآلية لتحقيق إلنظام إلعام‪ ،‬فل ينبغي تغليب إلوس يلة ولو‬
‫كانت نتيجتها كارثية ابلنظر إلى خلل معين‪ ،‬فالقوإعد إلمرة قرينة على إلمحافظة على إلنظام إلعام‪ ،‬لكنها مجرد‬
‫قرإئن بس يطة يمكن إثبات عكسها‪ ،‬وما إابحة تعديلها بل وإلغاؤها كلية إال دليل على ذلك‪.‬‬
‫فل بد إذن من إلمحافظة على حقيقة إلنظام إلعام‪ ،‬ابلنظر إلدقيق وإلمتمعن في مدى تحقق إلمحافظة‬
‫فعليا‪ ،‬فالعبرة ابلنتيجة إلحقيقية ال ابلنتائج إلمفترضة‪.‬‬
‫وهذإ ال يعني أننا نشك أن إلنظام إلعام إلشكلي أو إلمادي في مجال إلسرة وفي جانبه إلمس تنبط من‬
‫إلشريعة قد يصطدم من إلنظام إلعام إلمعنوي إلذي يؤسس أيضا على أحكام إلشريعة ابلنظر إلى ما تضمنه‬
‫تقنين إلسرة‪ ،‬فهذإ إلمر غير ممكن إلحدوث للتطابق إلموجود بين نوعي إلنظام إلعام أي تطابق بين إلنظام‬
‫إلعام إلمادي وإلنظام إلعام إلمعنوي‪.‬‬
‫فالصدإم وإلتناقض يحدث حينما تس تمد إلقوإعد إلمرة من غير إلسس إلتي تكون الزمة للمحافظة‬
‫على كيان إلمجتمع بشكل يؤدي إلى إدخال قوإعد غريبة تلقى إلمعارضة وإلعدإء خاصة إذإ كانت في حد ذإتها‬
‫تمس إس تقرإر إلمجتمع‪ ،‬فهنا يحدث إلتصادم بين هذه إلقوإعد وإلسس إلمعنوية للنظام إلعام أي إلمبادئ إلتي‬
‫يؤمن بها إلمجتمع وإلتي لم تترجم إلى نصوص قانونية بل يعتمد نقيضها كنصوص قانونية في هذه إلحالة فقط‬
‫نغلب إس تقرإر إلمجتمع إذإ كان ابالمكان إعطاء تفسير للنص من شأنه أن يزيل إلتناقض أو على إلقل أن‬
‫يخفف من وطأته‪.‬‬
‫فل بد من أن يكون إلقاضي إيجابيا ال سلبيا‪ ،‬وأن يجعل نصب عينيه إلمحافظة على كيان إلدولة‬
‫ومكوانتها‪ ،‬عوض أن يكون كالآلة يطبق كل ما يجده أمامه ولو كان س يؤدي إلى كوإرث في إلوإقع‪ ،‬مؤسسا‬
‫ذلك أنه يطبق إلقانون كما هو‪ ،‬فروح إلقانون أولى من لفظه‪ ،‬وتفادي إلكوإرث أولى من معالجتها‪ ،‬ودرأ إلمفاسد‬
‫أولى من جلب إلمصالح‪.‬‬
‫‪109‬‬

‫خامتة املداخلة‪:‬‬

‫تعتبر عملية تفسير نصوص قانون إلسرة مسألة جد مهمة وال مناص من إلقيام بها لتحقيق غاايت تلك‬
‫إلنصوص إلقانونية‪ ،‬من أجل ذلك توصلنا لجملة من إلنتائج نختصرها كما يلي‪:‬‬
‫‪ -6‬إذإ كان من إلضروري إصدإر نصوص قانونية من شأنها أن تنظم إلمجتمع وتحافظ على كيانه وإس تقرإره‬
‫وتعمل على تطوره وإزدهاره وإعلء سعادته ورفاهيته‪ ،‬فليس من إلحكمة أال تطبق تلك إلنصوص بشكل يهدر‬
‫إلغاايت إلسابقة ويجسد نقيضها‪.‬‬
‫‪ -2‬عملية تطبيق إلقانون مسألة في غاية إلهمية بما يس تدعي تزويدها ابلليات وإلمبادئ إللزمة‬
‫لنجاعتها وجديتها‪.‬‬
‫‪ -2‬إلقانون ال يمكن تطبيقه في غالب إلحاالت إال بعد تفسيره فان عملية إلتفسير ال تقل مقدإر ذرة في‬
‫إلهمية عن عملية إلتطبيق‪ ،‬لذلك ال بد من أن تحاط بمبادئ علمية مدروسة وممنهجة وأن ال تعتمد بشكل‬
‫عشوإئي إعتباطي يؤدي ابلنتيجة إلى إهدإر روح إلقانون وتضييع غاايته وأهدإفه‪.‬‬
‫‪ -6‬في مجال نصوص قانون إلسرة ال بد من إحترإم إلهدإف إلتي أرإدها إلمشرع ورسمها صرإحة أو‬
‫ضمنا‪ ،‬وإلتي أساسها إعتماد أحكام إلشريعة إالسلمية مصدرإ رسميا له لتنظيم إلعلقات إلسرية‪ ،‬فعلى إلقاضي‬
‫أن يلتزم صريح إلنص فيه كما ورد بلفظه متى كان وإضحا ال غموض فيه‪ ،‬وال يبحث عن إلفحوى إال إذإ كان‬
‫له مقتضى ولزم إلمر ذلك‪ ،‬لن إعتماد إللفظ عند غياب إلمقتضى هو إلوإجب وإلصل‪ .‬غاية ما في إلمر أن‬
‫إلبحث عن فحوى إلنص بتفسيره يجب أال ي ُ َترك للقاضي حرية مطلقة في ذلك‪ ،‬بل يتقيد بجملة من إلضوإبط‬
‫تمنعه من إلخرود عن إلمبادئ وإلقوإعد إلتي تحكم إلمجتمع وإلسرة إلجزإئرية وضوإبط إلنظام إلعام إلتي يعتبر‬
‫إلدين إالسلمي فيها دينا للدولة ال يجب إلحياد عنه‪.‬‬
‫ومن أجل تحقيق هاته إلنتائج‪ ،‬نوصي بما يلي‪:‬‬
‫‪ -6‬ال ينبغي إلرجوع لحكام إلقانون إلمدني لتفسير وإيضاح وتثمين نصوص قانون إلسرة لنه ال يعتبر‬
‫مصدرإ له إال ما نص عليه قانون إلسرة صرإحة‪.‬‬
‫‪ -2‬ينبغي تنزيل إلفقه إالسلمي عند تفسير نصوص قانون إلسرة ويجب مرإعاة إلحكام إلتي إس تمدت‬
‫من ذلك إلفقه‪.‬‬
‫‪ -2‬تعديل نص إلمادة ‪ 222‬من قانون إلسرة لتصبح تنص على‪ ":‬يرجع في فهم نصوص هذإ إلقانون‬
‫وتفسيرها وتأويلها إلى أصول إلفقه إالسلمي وقوإعده‪.‬‬
‫‪110‬‬

‫تطبق نصوص هذإ إلقانون على جميع إلمسائل إلتي تناولتها في لفظها أو فحوإها‪ ،‬ويرجع في تفسيرها‬
‫وإس تكمال أحكامها إلى إلمذهب إلذي أخذت منه‪ ،‬ويرإعي إلقاضي مبادئ إلعدإلة وخصوصية إلمجتمع إلجزإئري‬
‫في أعرإفه وتقاليده إلتي ال تتعارض مع أحكام إلشريعة إالسلمية‪.‬‬
‫إذإ لم يوجد نص في هذإ إلقانون يرجع إلى أحكام إلشريعة إالسلمية‪".‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‪:‬‬

‫‪ -6‬د‪ .‬إلحبيب إلدقاق‪ ،‬محمد أمهيرإي‪ ،‬خالد إلمالكي‪ ،‬مدخل لدرإسة إلعلوم إلقانونية(محاضرإت)‪،‬‬
‫جامعة محمد إلخامس إلرابط‪ ،‬كلية إلعلوم إلقانونية وإالقتصادية و إالجتماعية‪ ،‬بدون اتريخ‪ ،‬أكدإل‪ -‬إلمغرب‪.‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬خالد وزإني‪ ،‬مناهج تفسير إلنصوص بين علماء إلشريعة و فقهاء إلقانون‪ ،‬دإر إلجامعة إلجديدة‬
‫للنشر‪ ،‬إالسكندرية‪ ،‬مصر‪.2002 ،‬‬
‫‪ -2‬عبد إلمهدي "محمد سعيد" أحمد إلعجلوني‪ ،‬قوإعد تفسير إلنصوص و تطبيقاتها في إالجتهاد‬
‫إلقضائي إلردني ـ درإسة أصولية مقارنة ـ أطروحة دكتورإه في إلقضاء إلشرعي‪ ،‬كلية إلدرإسات إلعليا‪ ،‬إلجامعة‬
‫إلردنية‪.2004 ،‬‬
‫‪ -6‬د‪ .‬عجة إلجيللي‪ ،‬مدخل للعلوم إلقانونية‪ ،‬إلجزء إلول‪ ،‬نظرية إلقانونية‪ ،‬برتي للنشر‪ -‬إلجزإئر‪ ،‬س نة‬
‫‪.2009‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬علل طحطاح‪ ،‬نص إلمادة ‪ 66‬من قانون إلسرة بين ظاهر إلصياغة إللفظية وحتمية إلتفسير‪،‬‬
‫مجلة صوت إلقانون‪ ،‬مجلة سدإس ية دولية محكمة ‪ ،‬تصدر عن مخبر نظام إلحالة إلمدنية‪ ،‬جامعة إلجيللي‬
‫بونعامة‪ ،‬خميس مليانة ‪ ،‬إلجزإئر ‪ ،‬إلعدد ‪ 2‬أكتوبر ‪.2066‬‬
‫‪ -4‬عليان عدة‪ ،‬فكرة إلنظام إلعام وحرية إلتعاقد في ضوء إلقانون إلجزإئري وإلفقه إالسلمي‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل شهادة إلدكتورإه في إلقانون إلحاص‪ ،‬جامعة أبوبكر بلقايد ‪ ،‬تلمسان‪ ،‬إلجزإئر‪ ،‬كلية إلحقوق و إلعلوم‬
‫إلس ياس ية‪.2064/2064 ،‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬عمر إلعبد إلله‪ ،‬إلرقابة على دس تورية إلقوإنين (درإسة مقارنة)‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‪ ،‬إلمجلد‬
‫إلسابع عشر‪ ،‬إلعدد إلثاني ‪.2006‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬محمد بن حمد عبد إلحميد‪ ،‬وسيرين بنت عيسى إلباز‪ ،‬قاعدة إلعبرة في إلعقود ابلمقاصد وإلمعاني‬
‫ال ابللفاظ وإلمباني‪ -‬درإسة تحليلية تطبيقية مقارنة مع إلقانون إلمدني إلردني‪ ،‬مجلة جامعة أم إلقرى‪ -‬إلسعودية‪،‬‬
‫إلطبعة ‪ ،6‬س نة ‪ 6622‬هـ‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫‪ -9‬د‪ .‬محمد سعيد جعفور‪ ،‬مدخل إلى إلعلوم إلقانونية‪ ،‬إلوجيز في نظرية إلقانون‪ ،‬دإر هومه للطباعة‬
‫و إلنشر و إلتوزيع‪ ،‬إلجزإئر‪.2002 ،‬‬
‫‪ -60‬محمد فؤإد رشاد‪ ،‬قوإعد تفسير إلمعاهدإت في إلشريعة إالسلمية و إلقانون إلدولي‪ ،‬دإر إلفكر‬
‫إلجامعي‪ ،‬إالسكندرية‪ -‬مصر‪ ،‬إلطبعة إلولى‪.2002 ،‬‬
‫‪112‬‬
‫جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬
‫امللتقى الوطين الرابع‪ ،‬مصادر قانون األسرة اجلزائري‪ 11 ،‬جويلية ‪2222‬‬

‫تأثري النظام العام على التفسري القضائي لقواعد قانون األسرة‬


‫‪Impact of public order on judicial interpretation of family law rules‬‬
‫عبدالرزاق يعقوبي‬
‫جامعة اجلياللي بونعامة مخيس مليانة‬
‫‪a.yagoubi@univ-dbkm.dz‬‬

‫ملخص املداخلة‪:‬‬
‫يتناول موضوع المداخلة تأأثير النظام العام على تفسير القاضي لنصوص قانون ا ألسرة الخاصة ابلعالقة‬
‫الزوجية من خالل محاولته اليجاد الحل القانوني للقضية المعروضة عليه بسبب غموض وابهام القاعدة القانونية‬
‫‪ ،‬أأين يجد نفسه ملزما ابحترام واعمال ضابط النظام العام طيلة عملية التفسير ‪ ،‬والذي يقتضي منه ابتداءا‬
‫وانتهاءا احترام مرجعية النص ا ألسري المتمثلة في المرجعية الدينية ومحاولة التوفيق بينها وبين نصوص االلتزامات‬
‫الدولية للجزائر تجاه اتفاقيات حقوق المر أأة بصفة خاصة ما أأمكن ذلك‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية ‪ :‬النظام العام ا ألسري‪ ،‬التفسير القضائي‪ ،‬المرجعية الدينية ‪ ،‬المساواة بين‬
‫الجنسين ‪ ،‬اتفاقية س يداو‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪The subject of this study is the effect of public order on the judge’s interpretation of‬‬
‫‪the family law texts related to the marital relationship to find a legal solution to the conflict‬‬
‫‪because of the ambiguity and ambiguity of the legal rule, where he finds himself obligated to‬‬
‫‪respect public order throughout the interpretation process, which requires him to respect the‬‬
‫‪reference of the family text represented in the religious reference And try to reconcile them‬‬
‫‪with the texts of Algeria's international commitments towards women's rights conventions in‬‬
‫‪particular, whenever possible.‬‬
‫‪Keywords: family public order, judicial interpretation, religious reference, gender‬‬
‫‪equality, CEDAW convention.‬‬
‫مقدمة املداخلة‪:‬‬
‫تعتبر ا ألحكام المتعلقة اب ألسرة بصفة عامة واالحكام المتعلقة ابلعالقة الزوجية بصفة خاصة المجال‬
‫الخصب العمال ضابط النظام العام من خالل استناد معظم مواد قانون االسرة الجزائري الى المرجعية الدينية‬
‫‪113‬‬

‫االسالمية في تنظيم هذه العالقات الس يما بوجود االحالة الى تطبيق احكام الشريعة االسالمية فيما ال نص فيه‬
‫طبقا للمادة ‪ 222‬من نفس القانون‪.‬‬
‫هذه المرجعية اصطدمت ابنضمام الجزائر الى االتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق المر أأة والطفل والتي‬
‫تضمنت العديد من المبادئ المخالفة للمسلمات الدينية االسالمية اين سعت الجزائر الى مواءمة تشريعاتها‬
‫الداخلية ومن ضمنها قانون االسرة ليتوافق والتزاماتها الدولية وهذا ماتجسد في تضمين تعديل قانون االسرة‬
‫لس نة ‪ 2002‬العديد من المفاهيم والمصطلحات الدولية ومن ضمنها الغاء وجوبية شرط الولي في الزواج والغاء‬
‫النص الخاص ابلقوامة وطاعة الزوجة لزوجها وغيرهما‪.‬‬
‫وان كان من المسلم بأأن القاضي يطبق النص القانوني كما هو ‪ ،‬او كما يقول الفقيه بكاراي اندراي ‪:‬‬
‫"القاضي بوق ينزل حكم القانون" ‪ ،‬فان غموض وابهام بعض النصوص يؤدي به الى اعمال قواعد التفسير‬
‫للوصول الى الحكم المناسب للقضية المطروحة بين يديه والتي يثار حولها اشكالية الركون الى احتضان المفاهيم‬
‫الدولية اليجاد الحل القانوني أأم االنتصار للحكم الفقهيي والمرجعية الدينية بصفة عامة‪.‬‬
‫هذا ا ألمر يدعوان لطرح اشكالية المداخلة ‪ :‬ماهي مظاهر تأأثر التفسير القضائي بفكرة النظام العام في‬
‫مجال العالقة االسرية؟‪.‬‬
‫لالجابة على هذه االشكالية سأأس تعمل المنهج التحليلي لتحليل النصوص القانونية وربطها بمحوري‬
‫الموضوع و اس تعمال المنهج االس تقرائي بتتبع قرارات القضاء في مجال البحث وفقا للخطة التالية‪:‬‬
‫المحورا ألول‪ :‬تأأثير النظام العام على عملية التفسير من خالل المراجع الصريحة للنص ا ألسري‬
‫المحور الثاني‪ :‬التفسير القضائي ا ألسري في خدمة المرجعية الدينية االسالمية‪.‬‬
‫المحور الثالث ‪ :‬تأأثير االلتزامات الدولية على التفسير القضائي للنص ا ألسري‪.‬‬
‫احملور األول ‪ :‬تأثري النظام العام على عملية التفسري من خالل املراجع الصرحية للنص‬
‫األسري‬
‫يعرف االس تاذين ‪ :‬طعيبة عيسى وجياللي تشوار النظام العام في مجال عالقات القانون بأأنه "مجموع‬
‫ا ألسس التي يقوم عليها بنيان المجتمع وكيانه المادي بحيث ال يتصور قيام هذا البنيان او الكيان واس تمراره عند‬
‫تخلفها أأي كل ما يرتبط بمصلحة عامة تمس النظام العام سواء كانت مصلحة اجتماعية او اقتصادية او س ياس ية‬
‫او خلقية‪...".‬‬
‫و أأمام عدم اعطاء تعريف شامل للنظام العام ا ألسري بصفة خاصة كان الب ّد من البحث أأوال عن مظاهر‬
‫تجس يد فكرة النظام العام من خالل المراجع الصريحة للنص ا ألسري كالنصوص المتعلقة بموانع الزواج وايضا‬
‫منع التبني واخيرا نظام المواريث‪.‬‬
‫‪114‬‬

‫‪ 1‬ـ بطالن التفسري القضائي املخالف لنصوص موانع الزواج‪:‬‬


‫انطالقا من كون عملية التفسير القضائي ال تكون اال بوجود االبهام والغموض في النص القانوني فان‬
‫هذا ا ألمر يدفعنا للجزم ببطالن التفسير المخالف للنصوص القانونية الصريحة المس تمدة من احكام الشريعة‬
‫االسالمية ‪ ،‬وهذا ال يتعلق بتفسير النص الواضح ‪ ،‬لكن يتعلق بتفسير النصوص االخرى الغامضة والذي‬
‫يكون تفسيرها مخالفا لفحوى هذه النصوص الصريحة ‪ ،‬كالنصوص الخاصة بموانع الزواج‪.‬‬
‫ان محتوى قانون االسرة الجزائري مس تمد معظمه من أأحكام الشريعة االسالمية ومذاهب واقوال‬
‫الفقهاء سواء في نصوصه الصريحة أأو في االحالة الواردة بنص المادة ‪ 222‬منه التي نصت ‪" :‬كلّما لم يرد فيه‬
‫نص في هذا القانون يرجع بشأأنه الى أأحكام الشريعة االسالمية " ‪ ،‬والحقيقة أأن أأحكام الشريعة االسالمية هي‬
‫أأصل كل حكم متعلق اب ألسرة عند المسلمين فمنها تؤخذ القواعد وتس تنبط ا ألحكام‪.‬‬
‫اذا جئنا الى نصوص قانون ا ألسرة وجدان العديد من ا ألحكام الشرعية القطعية مجسدة في مواد معينة‬
‫‪ ،‬والتي ال يمكن للقاضي أأن يلجأأ لتفسيرها كما هو الحال ابلنس بة للتعداد الخاص بموانع الزواج الوارد بنصوص‬
‫المواد ‪ 22‬وما يليها من قانون ا ألسرة مع تجنب الخلط بين عدم امكانية تفسير تلك النصوص وبين اختيار‬
‫النص ا ألنسب لتطبيقه على النزاع كما هو الحال ابلنس بة لرجوع القاضي في بحث مسأألة مصير الزوجة التي‬
‫أأعادت الزواج وعودة زوجها ا ألول المفقود حيا طبقا للمادة ‪ 222‬من نفس القانون ‪ ،‬وهذا ما يعبر عنه الشراح‬
‫ابلتفرقة بين االجتهاد القضائي االنشائي الذي قد يكون بناء على تفسير النص وفقا للزمان والمكان المطلوبين‬
‫وبين االجتهاد القضائي االنتقائي الذي ينصرف الى االجتهاد في بحث أراء الفقهاء في المسأألة ونقلها وانتقاء‬
‫واختيار الحل ا ألنسب لها‬
‫نصت المادة ‪ 22 :‬من قانون االسرة ‪" :‬موانع النكاح المؤبدة هي ‪ :‬القرابة والمصاهرة والرضاع " ‪ ،‬و أأيضا‬
‫نص المادة ‪ 00‬ايضا ‪ ":‬يحرم من النساء مؤقتا‪ :‬المحصنة‪،‬المعتدة من طالق أأو وفاة‪،‬المطلقة ثالاث‪،‬‬
‫كما يحرم مؤقتا‪ :‬الجمع بين ا ألختين أأو بين المر أأة وعمتها أأو خالتها‪ ،‬سواء كانت شقيقة أأو ألب أأو ألم‬
‫أأو من رضاع‪ ،‬زواج المسلمة مع غير المسلم‪".‬‬
‫هذين النصين مقيدين لسلطة القاضي في تفسيرهما او استبعادهما ‪ ،‬فال يمكن مثال للقاضي الذي رفع‬
‫أأمامه نزاع يتعلق بطلب الزوجة تطليقها لثبوت ردة زوجها ان يرفض طلبها بحجة عدم النص على الردة في‬
‫موانع الزواج المذكورة او يستند على حرية المعتقد للرفض بل البد له من اعمال ضابط النظام العام ا ألسري‬
‫والحكم ابلتفريق بينهما الختالف الدين مثلما اتجهت اليه المحكمة العليا في أأحد قراراتها حيث نصت على‬
‫أأنه‪":‬يحق للزوجة المسلمة طلب التطليق في حالة ارتداد الزوج عن دين االسالم ويحكم القاضي فورا ابلتفرقة‬
‫بين الطرفين مراعاة للنظام العام ‪ ...‬الن الردة كما تمنع الزواج ابتداء فانها تمنعه بقاء‪ ...‬وان مسالة المساواة بين‬
‫المواطنين وحرية المعتقد والفكر وفقا لنص المادتين ‪ 22‬و‪ 03‬من الدس تور القائم عليها وجه الطعن ال عالقة‬
‫لهما بقضية الحال ويتعين معه رفض الطعن‪..." .‬‬
‫‪115‬‬

‫كما أأن تدخل المشرع ونصه على اتباع ر أأي مذهب معين يمنع القاضي من الميل عن النص واستبعاده‬
‫الختيار ر أأي مذهب فقهيي اثني يراه مناس با لحل النزاع المطروح أأمامه تطبيقا للقاعدة الفقهية التي تنص أأن "‬
‫اختيار الحاكم للمذهب يرفع كل خالف" ‪ ،‬كما هو الحال ابلنس بة الختيار المشرع الجزائري للمذهب المالكي‬
‫في مدة وكمية الحليب المعتبر للحرمة طبقا للمادة ‪ 22‬من قانون االسرة" ال يحرم الرضاع اال ما حصل قبل‬
‫الفطام أأو في الحولين سواء كان اللبن قليال أأو كثيرا‪ ".‬أأين جاء في قرار المحكمة العليا " من المقرر شرعا انه‬
‫يفسخ الزواج بسبب الرضاع ‪ ،‬وان القرار المطعون فيه لما قضى بتاييد الحكم المس تأأنف القاضي بفسخ الزواج‬
‫المبرم بين الطرفين بسبب الرضاع طبق صحيح القانون مما يتعين رفض الطعن‪".‬‬
‫‪2‬ـ النظام العام من خالل منع التبين‪:‬‬
‫مسأألة التبني مسأألة من المسائل المحرمة قطعا في احكام الشريعة االسالمية مصداقا لقوله تعالى ‪:‬‬
‫"ا ْدعُو ُه ْم ل ئابئه ْم ه ئُو قأ ْق ئسطُ عندئ اللهه فئان ل ه ْم ت ئ ْعل ئ ُموا أ ئاب ئء ُه ْم فئاخ ئْوانُ ُك ْم في ال ّدين ئو ئم ئوالي ُك ْم ئول ئي ئْس عئل ئ ْي ُك ْم ُجنئاح‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫في ئما قأخ ئْطأْتُم به ئول ئ َٰ كن هما ت ئ ئع همدئ ْت قُلُوبُ ُك ْم ئو ئك ئان الل ه ُه غئ ُف ًورا هرحي ًما " ‪ ،‬وجاء جاء نص المادة ‪ 23‬من قانون االسرة‬
‫واضحا ومكرسا للحكم الشرعي القطعي ابلنص " يمنع التبني شرعا وقانوان" ‪ ،‬فهذا النص واضح الداللة على‬
‫معناه ‪ ،‬فهو يتضمن المنع والنهيي ‪ ،‬والنهيي عند فقهاء ا ألصول يقتضي دوام الترك والتحريم ويقتضي البطالن‬
‫ان تم اللجوء اليه واعادة الحال الى ماكانت عليه قبله ‪ ،‬وعليه فال يمكن للقاضي تفسير النص أأو استبعاده ال‬
‫س يما اذا تعلق ا ألمر بواقعة تبني فيها طرف أأجنبيي تحكمها قواعد القانون الدولي الخاص اين يلجأأ الى استبعاد‬
‫النص االجنبيي الذي يجيز ا ألمر ابالستناد الى النظام العام نفسه ‪ ،‬مهما كانت التسمية التي اطلقت على التبني‬
‫ومهما كان النزاع المتفرع أأو المتصل ابلتصرف الباطل كمطالبة االبن المتبنى بنصيبه في الميراث أأو أأحقيته في‬
‫الوالية في زواج بنات من تبنّاه وغيرها ‪.‬‬
‫سار االجتهاد القضائي للمحكمة العليا على ابطال التبني متى ثبت لقضاة الموضوع وجوده فجاء في‬
‫قرارها ‪" :‬من المقرر قانوان ان التبني ممنوع شرعا وقانوان وينسب االبن البيه متى كان الزواج شرعيا و أأمكن‬
‫االتصال ولم ينفه ابلطرق المشروعة‪...‬وحيث انحصر طلب الطاعنين الحاليين على ابطال التبني الذي أأقامه‬
‫المرحوم (ط‪،‬ن) فان قضاة الموضوع عندما انقشوا الدعوى وكأأن ّها تتعلّق بنفي النسب وطبقوا قاعدة الولد‬
‫للفراش فانهم قد اساءوا التكييف مما ينجر عنه نقض قرارهم بدون احالة‪".‬‬
‫‪3‬ـ جتسيد النظام العام ضمن أحكام املرياث‪:‬‬
‫تكفلت الشريعة االسالمية ببيان انصبة الورثة وحقوقهم بشكل علمي ودقيق منعا للظلم وتحقيقا للعدل‬
‫‪ ،‬واحتوى قانون االسرة الجزائري على كتاب كامل ألحكام الميراث من المادة ‪ 623‬الى المادة ‪ 680‬منه بين‬
‫فيه احكام الميراث وفقا لما نص عليه الشرع الحكيم ابتداء من شروط اس تحقاق االرث وانصبة الورثة و قسمة‬
‫‪116‬‬

‫التركات ‪ ،‬وهي النصوص التي تشكل نظاما عاما ال يمكن المساس به في حال المنازعة بين الورثة وال يمكن‬
‫للقاضي ان يعطل نصوصه أأو يفسرها ال س يما ما يخص انصبة الورثة وحقوقهم او في أأي نزاع متصل اب ألنصبة‪.‬‬
‫وللتمثيل على ذلك فقد نصت المادة ‪ 622‬من قانون االسرة على أأن ا ألب من أأصحاب السدس في‬
‫التركة وان اهمال نصيبه في القسمة من طرف قضاة الموضوع يكون مدعاة وسببا لنقض وابطال الحكم لتعلق‬
‫نصيبه ابلنظام العام المس تمد من الحكم الشرعي القطعي لقوله تعالى‪ :‬ئ"و قلب ئ ئويْه ل ُك ّل ئواح ٍد ّمنْهُ ئما ُّ‬
‫السدُ ُس م هما‬
‫تئ ئركئ ان ئك ئان ل ئ ُه ئولئد"‪ .‬و في ذلك جاء قرار المحكمة العليا‪ " :‬من المقرر قانوان وشرعا ان اصحاب السدس هم‬
‫ن‬
‫س بعة من بينهم االب بشرط وجود الولد او ولد االبن ذكرا كان أأو انثى‪...‬والثابت في قضية الحال ان نصيب‬
‫االب اهمل فعال في الفريضة المقدمة من طرف الموثق والمصادق عليها من طرف المحكمة ‪ ...‬فكان على قضاة‬
‫الموضوع ا ألمر ابجراء فريضة أأخرى تشمل كافة ورثة الهالك بما فيهم ا ألب‪".‬‬
‫اذن يتضح أأن التفسير القضائي القائم على مخالفة مرجعية النص االسري المتمثل في النصوص‬
‫القطعية ألحكام الشريعة االسالمية المتجسدة في نصوص قانون االسرة او التي يجدها القاضي في احكام‬
‫الشريعة االسالمية ابالحالة المنصوص عليها ابلمادة ‪ 222‬من نفس القانون هو تفسير ابطل بطالان مطلقا‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬التفسير القضائي ا ألسري في خدمة المرجعية الدينية االسالمية‬
‫يقع في الواقع أأن يقوم الرجل ابعادة الزواج اثنية دون التقدم امام القضاء الس تصدار الترخيص المس بق‬
‫المنصوص عليه ابلمادة ‪ 08‬مكرر من قانون االسرة ثم يتوجه للمحكمة الثبات زواجه الثاني االمر الذي يضع‬
‫القاضي أأمام ا ألمر الواقع بين أأن يتمسك بحرفية النص ورفض دعواه لعدم استيفاء شروط طلب التعدد وبين‬
‫أأن يعمل ضابط النظام العام وال يلتفت الى تلك الشروط ويثبت الزواج الثاني ويأأمر بتسجيله بسجالت الحالة‬
‫المدنية (‪ ، )6‬كما أأن مسأألة تفسير مصطلح الولي في عبارة " أأي شخص تختاره البنت " تثير اشكالية تجاوز‬
‫المعنى اللفظي للمصطلح بتطبيق ضابط النظام العام في توضيح معنى المصطلح وتقريبه لمجاله الفقهيي( ‪.) 2‬‬
‫‪1‬ـ إثبات الزواج العريف املستهلك دون االعتداد بشرط الرتخيص‪:‬‬
‫تعتبر اتفاقية س يداو مسأألة التعدد من بين المسائل التي تشكل تمييزا ضد المر أأة طبقا للمادة ‪ 63‬منها‬
‫وحث ّت الدول االعضاء على الغاء نظام تعدد الزوجات ‪،‬كما وضع المشرع الجزائري ضوابط سابقة للتعدد ضمن‬
‫المواد ‪ 8‬و‪8‬مكرر و‪8‬مكرر ‪ 06‬من قانون االسرة‬
‫لكن قد يعمد الطرفان الى الزواج العرفي بعدم سعيهما لتسجيله في اجاله القانونية بسبب وجود زواج‬
‫سابق سواء برفض الزوجة االولى للزواج الثاني او ألي سبب مرتبط ابلزواج االول ‪،‬فيتقدم الطرفان بدعوى‬
‫امام قسم شؤون االسرة الثبات زواجهما العرفي واعطائه الصبغة القانونية لالعتراف به وتسجيله بسجالت‬
‫الحالة المدنية‪.‬‬
‫‪117‬‬

‫عندما يتم التحقيق في الدعوى يقف القاضي على توافر جميع اركان وشروط العقد اال ما تعلق بغياب‬
‫ضوابط التعدد كالترخيص القضائي وموافقة الزوجة االولى‪ ،‬فيقوم القاضي ابثبات الزواج العرفي بغض النظر عن‬
‫ذلك مدفوعا ابلنظام العام الذي يوجب اثبات هذا الزواج الس يما اذا نتج عنه اوالد وهم في حاجة لعقد زواج‬
‫والديهم لتسجيلهم ودراس تهم وغيرهما‪.‬‬
‫ان المحكمة العليا لم تنقض أأي قرارات او احكام قضائية في مجال اثبات الزواج العرفي رغم عدم‬
‫توافر ضوابط التعدد‪ ،‬ابلنظر الى ان القانون لم يرتب أأي جزاء على عقد الزواج المس تهلك ولم يمنح الزوجة‬
‫االولى اال الحق في طلب التطليق للتدليس‪ ،‬فيكفي ان تتوافر في الزواج الثاني أأركانه وشروطه للحكم ابثباته‬
‫وفي ذلك جاء في احد قراراتها ‪... " :‬وحيث ومادامت المحكمة قامت ابجراء تحقيق واتكدت من توافر اركان‬
‫الزواج المنصوص عليها في قانون االسرة ‪،‬فان قضاة الموضوع غير ملزمين ابلرجوع الى احكام الشريعة االسالمية‬
‫وتوجيه اليمين للمطعون ضدها مادام النص القانوني موجودا"‪.‬‬
‫‪2‬ـ تفسري مصطلح الشخص الذي ختتاره البنت كوليّ ‪:‬‬
‫في اطار مواءمة الجزائر لتشريع االسرة مع اتفاقية س يداو تم تعديل نص المادة ‪ 66‬منه ابعطاء المر أأة‬
‫الراشدة الحق في اختيار وليّها ‪،‬وتضمن نص التعديل مصطلح يثير مشكلة كبيرة في تفسيره وهو مصطلح " أأو‬
‫أأي شخص تختاره"‪ ،‬فهل هو شخص من ضمن من ُذكروا قبله وهم االب او احد االقارب وتقوم ابالختيار بينهم‬
‫ام ان الشخص المقصود هو شخص اخر غير من ُذكروا وال تربطه أأي قرابة ابلبنت ؟‪.‬‬
‫يرى الدكتور طحطاح عالل ‪ :‬انه اليكون اختيار المر أأة للشخص االخر ليكون لها وليا اال في حالة‬
‫عدم وجود اب او احد االقارب العاصبين او ذوي االرحام ‪ ...‬كما ان المنطق الى جانب مبادئ التفسير يؤيد‬
‫هذا القول اذ ما هو الداعي الن تختار شخصا ال صلة له بها وهي ابمكانها ان تختار أأاي كان من ا ألقارب‪.‬‬
‫هذا التفسير المنطقي للأس تاذ طحطاح عالل تؤيده معطيات الواقع المجتمعي في الجزائر الذي يحكمه‬
‫العرف الجاري ابن ولي المر أأة هو أأبوها وفي حالة عدم وجوده لفقد او غياب او لعاهة او لعضل تنتقل الوالية‬
‫ألقاربها العاصبين ‪،‬وال يوجد في هذا العرف ما يعطي غيرهم هذه الصفة وفي ذلك جاء في احد قرارات المحكمة‬
‫العليا " ال يجوز للولي ان يمنع من في واليته من الزواج اذا رغبت فيه او كان اصلح لها ‪،‬واذا وقع المنع‬
‫فللقاضي ان يأأذن به مع مراعاة احكام المادة ‪ 02‬من قانون االسرة ‪ ...‬ولم ّا تبين في قضية الحال ان االب امتنع‬
‫عن تزويج ابنته دون توضيح االس باب التي بنى عليها هذا االمتناع ‪،‬فان القضاة بقضائهم ابالذن للمدعية ابلزواج‬
‫طبقوا صحيح القانون ومتى كان كذلك اس توجب رفض الطعن‪".‬‬
‫ا ّن المنازعة القضائية في صفة " أأ ّي شخص تختاره " البنت ولي ّا لها قد تُثار ويكون لها مجاال للتفسير‬
‫وا ألثر في تحديد وصف الزواج اذا تعلق ا ألمر ابلزواج قبل البناء ابعتبار ان نص المادة ‪ 02‬من قانون االسرة‬
‫‪118‬‬

‫واضح في هذه النقطة فتخلف شرط الولي يؤدي الى فسخ عقد الزواج قبل الدخول ‪ ،‬والى ثبوته بصداق المثل‬
‫اذا تم الدخول‪.‬‬
‫يجب أأن يكون تفسير المصطلح من طرف القاضي محترما وغير مناقض للنظام العام الذي يراعي‬
‫طبيعة المجتمع الجزائري وعرفه ال نصوص االتفاقيات الدولية وال أأفكار الجمعيات النسوية المنحرفة ‪ ،‬فاعطاء‬
‫تفسير للمصطلح بأأنه واحد من ضمن من ذكروا قبله بنص المادة ابلترتيب الوارد وابلضوابط الفقهية الثابتة يؤدي‬
‫الى احترام التفسير لمبد أأ النظام العام ومسايرته وتأأكيد راسخ في هذه الحالة على اجتماعية القاعدة القانونية‪.‬‬
‫وقد س بق للمحكمة العليا ان أأكدت في قراراتها على وجوب ان يكون الولي من ضمن احد االقارب‬
‫وليس فقط االب فجاء في احد قراراتها ‪ " :‬يثبت الزواج العرفي بشهادة االقارب او بشهادة امراتين ورجل وال‬
‫يشترط ان يكون الولي محصورا في االب ‪ "...‬والغت قرار مجلس قضاء البليدة الذي قضى ابلغاء حكم‬
‫المحكمة االبتدائية القاضي بتثبيت الزواج العرفي بحجة ان عم الطاعنة ال يحق له أأن يمثل الطاعنة كولي‪.‬‬
‫احملور الثالث ‪ :‬تأثري االلتزامات الدولية على التفسري القضائي للنص األسري‬
‫ابنضمام الجزائر الى العديد من االتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق االنسان عامة واتفاقيات حقوق المر أأة‬
‫والطفل خاصة كان عليها ان تسعى الى مواءمة تشريعاتها الداخلية مع مضمون تلك االتفاقيات التي تنطلق من‬
‫أأفكار غربية متطرفة ‪ ،‬والتي كانت وليدة نشاط تيار الفيمنيست الراديكالي المتطرف التي لم تراع طبيعة‬
‫المجتمعات واعرافها فهيي " دعاية ظهرت في بلداننا االسالمية من مصادر أأمريكية و أأوروبية " والتي تصور‬
‫عالقة الرجل ابلمر أأة بصورة الحرب والعداء وسعي المر أأة الى الثورة على قيود الرجل والمجتمع‪.‬‬
‫ابلنس بة للعالقة الزوجية فان تأأثير انضمام الجزائر لالتفاقيات الدولية ال س يما اتفاقية القضاء على جميع‬
‫اشكال التمييز ضد المر أأة المعروفة اختصارا ابتفاقية س يداو او اتفاقية االمم المتحدة لحقوق الطفل يبدو‬
‫واضحا على مفهوم النظام العام االسري من خالل مبد أأ المساواة وعدم التمييز ( ‪ ، ) 6‬كما تثور بمناس بة‬
‫التفسير مسأألة اخرى تتعلق بمدى استبعاد القاضي للمفاهيم الدولية المخالفة لنظامه العام والمرجعية الدينية‬
‫للنص ( ‪). 2‬‬
‫‪ .1‬مبدأ املساواة وعدم التمييز‪:‬‬
‫لم يكن تعديل قانون ا ألسرة بأأمر رئاسي س نة ‪ 2002‬اال محاولة لدفع الضغوط الدولية على الجزائر التي‬
‫طالبتها بتنفيذ التزاماتها الدولية المتمثلة في مواءمة قانون االسرة مع نصوص اتفاقية س يداو والتي تأأخرت بزعمهم‬
‫منذ مصادقة الجزائر عليها س نة ‪ 6223‬اين تبنى المشرع فيه مبد أأ المساواة ولو كان يطغى عليها جانب المساواة‬
‫الرقمية كالغاء وجوبية شرط الولي بعد ان كان ركنا من اركان عقد الزواج وايضا الغاء نص المادة ‪ 02‬من قانون‬
‫االسرة التي كانت تمثل القوامة ابلتزام الزوجة واجب طاعة زوجها وغير ذلك ( أأ) ومن جهة اثنية فان نفس‬
‫‪119‬‬

‫المبد أأ تم ادخاله في تعديل قانون الجنس ية في نفس الس نة لتحقيق المساواة في منح الجنس ية للطفل (ب)‬
‫‪.‬‬
‫أـ مفهوم املساواة الزوجية‪:‬‬
‫من خالل قراءة متأأنية للنصوص المعدلة من قانون االسرة نجد أأنها جاءت لتصور مدى التزام الجزائر‬
‫بنقل نصوص اتفاقية س يداو لنظامها التشريعي الداخلي وعلى ر أأس المبادئ التي عملت على تكريسها مبد أأ‬
‫المساواة بين الجنسين في عالقتهما الزوجية سواء كان ذلك اثناء نشأأة العالقةاو عند انتهائها‬
‫*ـ مظاهر تكريس مبدأ املساواة عند نشأة العالقة الزوجية ‪:‬‬
‫ويتعلق ا ألمر ب‪:‬‬
‫تكريس المساواة الرقمية بتحديد سن محدد وواحد للزواج طبقا للمادة ‪ 00:‬من قانون االسرة المعدلة‬
‫ب‪ 62‬س نة لكل من الرجل والمر أأة ‪ ،‬وهذا النص ملزم لضابط الحالة المدنية أأو الموثق عند ابرام عقد الزواج‬
‫أأمامهما ‪ ،‬لكن يمكن للقاضي بطلب من ولي احد الطرفين او كالهما ان يرخص ابلزواج ألقل من هذا السن‬
‫للضرورة وبعد دراسة ملف الطلب؛ ‪،‬وهنا يتم اعمال ضابط النظام العام في النزول الى سن معينة لمنح‬
‫الترخيص فال يمكن للقاضي ان ينزل ابلترخيص مثال القل من سن ‪ 60‬س نة لكون النظام العام يشترط العقل‬
‫في مثل هذه العقود الخطيرة‪.‬‬
‫تكريس ركن الرضا المعبر عنه من الطرفين ‪ ،‬ابلنص على اشتراط رضا المر أأة في ابرام العقد طبقا‬
‫للمادة ‪ 02‬من قانون االسرة المعدلة فال يمكن ارغامها على قبول الزواج ولم يصبح لوليها ان يزوجها ضد رغبتها‬
‫أأو يمنعها من الزواج بمن تختاره‪.‬‬
‫*ـ مظاهر تكريس مبدأ املساواة عند انتهاء العالقة الزوجية ‪:‬‬
‫ويتعلق ا ألمر ب‪:‬‬
‫منح الزوجة حق طلب الخلع بدون موافقة الزوج طبقا للمادة ‪ 22‬من قانون االسرة المعدلة ‪ ،‬وهو‬
‫حق مقابل لحق الزوج في طلب الطالق ‪ ،‬وتكريس لمساواة الزوجين في انهاء العالقة الزوجية ‪ ،‬فال يمكن‬
‫للقاضي بمناس بة الخلع ان يفسر النص الواضح برفض طلب الخلع لرفض الزوج وال يكون له اال الفصل في‬
‫مقابل الخلع ان وقع االختالف في تحديد قيمته ‪،‬وفي ذلك جاء في قرار المحكمة العليا ‪" :‬المبد أأ‪ :‬الخلع حق‬
‫ارادي للزوجة يقابل حق العصمة ّللزوج ‪ ......‬و حيث انه يتبين ابلرجوع الى الحكم المطعون فيه ان المحكمة‬
‫س ببت حكمها ان الخلع حق ارادي للزوجة يقابل حق العصمة للطاعن وال يعتد فيه ابرادة الطاعن وابلتالي فان‬
‫الحكم المطعون فيه مسبب بما فيه الكفاية ويتعين رفض الطعن " ‪ ،‬ويبقى للقاضي ان يراقب الطلب من خالل‬
‫اجراءات رفعه فال يمكن ان يقدم كطلب مقابل لطلب الزوج االصلي برجوع زوجته وهي المسالة التي سار‬
‫عليها قضاء المحكمة العليا ابشتراط ان يكون طلب الخلع طلبا مس تقال واصليا فجاء في قرارها " المبد أأ‪ :‬ترفع‬
‫‪120‬‬

‫دعوى التطليق او دعوى الخلع بدعوى مس تقلة وليس بطلب مقابل مالم يوافق عليه الزوج من دون قيد او‬
‫شرط ‪... ".‬‬
‫توس يع اس باب التطليق من خالل تعديل المادة ‪ 20‬من قانون االسرة المعدلة ابضافة اس باب ثالثة‬
‫اخرى للمادة ويتعلق االمر ابلتطليق لمخالفة الشروط المتفق عليها في العقد والشقاق المس تمر ومخالفة احكام‬
‫المادة ‪ 08‬من قانون االسرة والمتعلقة ابلتعدد‪ ،‬وان توس يع االس باب جعل من دور القاضي في الصلح مجرد‬
‫اجراء شكلي دون نتائج ‪ ،‬ويتجلى تعامل القاضي في بحث اس باب التطليق واعتماده على مبد أأ النظام العام‬
‫في تفسير االس باب والحاالت واضحا من خالل استناده على ضرورة المحافظة على شمل ا ألسرة كما هو الحال‬
‫في سبب العيوب الزوجية التي تمنع من اس تئناف الحياة الزوجية فقد مضت المحكمة العليا في سبيل‬
‫المحافظة على شمل االسرة الى منح الزوج أأجل س نة للعالج مع بقاء الزوجة مع بعلها في تلك المدة‪.‬‬
‫ب ـ مفهوم املساواة يف منح اجلنسية للولد‪:‬‬
‫تم تعديل المادتين ‪ 03 :‬و‪ 02‬من قانون الجنس ية بموجب أأمر رئاسي في س نة ‪ّ 2002‬‬
‫ليكرس‬
‫المساواة التامة بين الرجل والمر أأة في منح ولدهما جنسيتهما دون أأي شرط أأو قيد‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 03 :‬بعد التعديل ‪ ":‬يعتبر جزائراي الولد المولود من أأب جزائ ري أأو أأم جزائرية‪".‬‬
‫ونصت المادة ‪ 02‬منه ‪ ":‬عندما ي ّدعي شخص الجنس ية الجزائرية كجنس ية أأصلية يمكن اثباتها عن‬
‫طريق النسب بوجود أأصلين ذكرين من جهة ا ألب أأو ا ألم مولودين في الجزائر ومتمتعين ابلشريعة االسالمية‪.".‬‬
‫أأصبح ابالمكان منح الولد الناتج خارج اطار عقد الزواج جنس ية أأمه ا ألصلية عن طريق الدّم متى‬
‫ثبت أأن ّها جزائرية ‪ ،‬و لم يُصبح االشكال مطروحا بخصوص سعي مجهول ا ألب الثبات جنسيته طبقا للمادة ‪02‬‬
‫من قانون الجنس ية المعدلة ‪ ،‬تطبيقا لمبد أأ المساواة بين الجنسين في منح جنسيتهما لولدهما بغض النظر عن‬
‫الطريقة التي نتج عنها الولد ‪.‬‬
‫‪2‬ـ استيعاد املفاهيم الدولية املخالفة للمرجعية الدينية االسالمية‪:‬‬
‫ان القاضي ابعتباره حامي النظام العام الوطني عند فصله في النزاعات المرفوعة أأمامه فانه يستبعد أأي‬
‫مفهوم مخالف للنظام العام‪.‬‬
‫البد من االشارة الى ان القاضي ال يفسر نصوص االتفاقية الدولية وانما يفسر قانونه الوطني اذا كان‬
‫هناك محل للتفسير بمعنى أأن تل ُّمس مدى تأأثر التفسير القضائي ابالتفاقيات الدولية من خالل تعامله مع نص‬
‫قانون االسرة المتضمن بنود او مبادئ االتفاقية ‪ ،‬فلو عرض عليه نزاع يتعلق من المفاهيم المتفق عليها أأن‬
‫التفسير المخالف لمراجع النص جزاؤه البطالن ‪ ،‬فال يمكن للقاضي ان يفسر غموض النص ابالستناد الى مفهوم‬
‫دولي مخالف لمرجعية النص ا ألسري الدينية‪.‬‬
‫خامتة املداخلة‪:‬‬
‫نتوصل في خاتمة هذه المداخلة الى النتائج والتوصيات التالية‪:‬‬
‫‪121‬‬

‫النتائج‪:‬‬
‫هيمنة المرجعية االسالمية في وضع نصوص قانون االسرة‪.,‬‬
‫تجس يد بعض المبادئ الدولية التفاقية س يداو في قانون االسرة او قانون الجنس ية كالمساواة وعدم‬
‫التمييز ادى الى بروز تفسيرات قضائية بعيدة عن واقع المجتمع واعرافه‪.‬‬
‫ترتب على اعتماد القاضي على مبد أأ النظام العام في تفسير نصوص قانون االسرة تقريبه لمجال تطبيق‬
‫النص الى مجاله االجتماعي‪.‬‬
‫التوصيات‪:‬‬
‫ضرورة احترام التفسير القضائي لفكرة النظام العام ا ألسري بما يسمح بتحقيق االمن القانوني الخادم‬
‫الجتماعية القاعدة القانونية‪.‬‬
‫بطالن التفسير القضائي المخالف ألحكام قانون االسرة والتي تجد مصدرها في النصوص الشرعية‬
‫القطعية من جهة‪ ،‬او التفسير الذي ال يحترم اعراف المجتمع الجزائري من جهة أأخرى‪.‬‬
‫تكوين القضاة على مختلف رتبهم في السلم التسلسلي القضائي في الميدان الفقهيي وايضا في ميدان‬
‫القانون الدولي لحقوق االنسان لتكون عملية التفسير من شخص مؤهل‪.‬‬
‫االبتعاد عن المؤثرات او الميوالت الس ياس ية في عملية التفسير القضائي لنصوص ا ألسرة‪ ،‬وااللتزام‬
‫بمعطيات الواقعة المعروضة على القاضي اشخاصا ومكاان وزماان ابحترام االعراف السائدة ونبذ كل دخيل عليها‪.‬‬
‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫أ‪-‬الكتب‪:‬‬
‫‪1-‬حسن الهداوي‪ ،‬القانون الدولي الخاص (تنازع القوانين ) ‪،‬ط‪،2‬دار الثقافة ‪، 6220،‬عمان ‪،‬المملكة‬
‫االردنية الهاشمية‬
‫‪2-‬عبدالله بن محمد المزروع ‪ ،‬الزام ولي االمر و أأثره في المسائل الخالفية ‪ ،‬مؤسسة البيان ‪ ،‬ط‪،6‬‬
‫‪6202‬ه ‪ ،‬الرايض‪.‬‬
‫‪3-‬محمد ابو زهرة ‪ ،‬تنظيم االسرة وتنظيم النسل ‪ ،‬دار الفكر العربيي ‪ ،‬ط‪، 6203، 6‬بيروت‪.‬‬
‫ب‪-‬املقاالت‪:‬‬
‫‪1-‬البعلي ابراهيم ‪ ،‬النظام العام كألية حمائية من الشروط الجزائية التعسفية بين القصور التشريعي‬
‫واالجتهاد القضائي ‪ ،‬مجلة منازعات االعمال ‪ ،‬مجلد ‪ 2062‬عدد ‪ 20‬في ‪ ، 00/02/2062‬المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪2-‬جزول صالح‪ ،‬حدود النظام العام في مواد االسرة ‪ ،‬المجلة المتوسطية للقانون واالقتصاد المجلد ‪02‬‬
‫العدد ‪ 06‬لس نة ‪ 2020‬جامعة ابيي بكر بلقايد تلمسان‪.‬‬
‫‪3-‬طحطاح عالل‪ ،‬نص المادة ‪ 66‬من قانون ا ألسرة بين ظاهر الصياغة اللفظية وحتمية التفسير ‪ ،‬مجلة‬
‫صوت القانون العدد الثاني أأكتوبر ‪ ، 2062‬جامعة الجياللي بونعامة خميس مليانة‪.‬‬
‫‪122‬‬

‫‪4-‬طعيبة عيسى‪ ،‬تشوار الجياللي ‪ ،‬النظام العام ومنح الحكم االجنبيي ا ألسري الصيغة التنفيذية ‪،‬‬
‫مجلة االس تاذ الباحث للدراسات القانونية والس ياس ية ‪ ،‬مجلد ‪2‬عدد ‪ 2‬الس نة ‪.2062‬‬
‫‪5-‬عطاء الرحمان الندوي‪ ،‬االجتهاد ودوره في تجديد الفقه االسالمي ‪ ،‬مجلة دراسات‪ ،‬المجلد الثالث‬
‫ديسمبر ‪ ، 2003‬الجامعة االسالمية العالمية شيتاغونغ ‪ ،‬بنغالديش‪.‬‬
‫‪6-‬علي بن عباس الحكمي ‪ ،‬دالالت النهيي عند االصوليين و أأثرها في الفروع الفقهية ‪ ،‬مجلة جامعة ام‬
‫القرى ‪ ،‬الس نة االولى العدد االول ‪ 6202‬ه ‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪7-‬فاسي عبدالله ‪ ،‬الرضاع و أأثره على حرمة الزواج ‪ ،‬دفاتر الس ياسة والقانون ‪ ،‬العدد ‪ 62‬جوان ‪2063‬‬
‫‪ ،‬جامعة قاصدي مرابح ورقلة‪.‬‬
‫‪8-‬نزار كريمة ‪ ،‬التوجه التشريعي نحو تكريس المساواة بين الزوجين و أأثره على ا ألسرة ‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫القانونية واالجتماعية جامعة زاين عاشور ابلجلفة ‪ ،‬المجلد الخامس ‪،‬العدد الثالث ‪،‬سبتمبر ‪. 2020‬‬
‫ج‪-‬الرسائل واملذكرات اجلامعية‪:‬‬
‫‪1-‬ابراهيم بوريش ‪ ،‬محددات النظام العام في العالقات ا ألسرية بين الثبات والتطور ‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫ديبلوم الدراسات العليا ‪،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة محمد االول ‪ ،‬الس نة الجامعية‬
‫‪ 2002 2008‬المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪2-‬نجيب عبدالله نجيب الجيشة‪،‬مفهوم النظام العام وتطبيقاته في التشريع الفلسطيني ‪،‬مذكرة ماجس تير‬
‫‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية انبلس ‪ ،‬فلسطين‪.2060‬‬
‫د‪-‬النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ 1-‬قانون رقم ‪ 66 82‬مؤرخ في‪ 02 :‬جوان ‪6282‬المتضمن قانون ا ألسرة معدل ومتمم‪ ،‬ج ر عدد ‪22‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 62 :‬جوان ‪.6282‬‬
‫‪ 2-‬أأمر رقم ‪06 02‬مؤرخ في‪ 20 :‬فيفري ‪ 2002‬يعدل ويتمم ا ألمر رقم ‪ 83 00‬المؤرخ في‪ 62 :‬ديسمبر‬
‫‪ 6200‬والمتضمن قانون الجنس ية الجزائرية ‪ ،‬ج ر عدد ‪ 62‬صادر بتاريخ ‪ 20 :‬فيفري ‪.2002‬‬
‫‪ 3-‬أأمر رقم ‪02 02‬مؤرخ في‪ 20 :‬فيفري ‪ 2002‬يعدل ويتمم القانون رقم ‪ 66 82‬المؤرخ في‪ 02 :‬جوان‬
‫‪ 6282‬المتضمن قانون االسرة ‪ ،‬ج ر عدد ‪ 62‬صادر بتاريخ ‪ 20 :‬فيفري ‪.2002‬‬
‫‪4-‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 236 22‬مؤرخ في‪ 62 :‬ديسمبر ‪ 6222‬المتضمن المصادقة مع التصريحات‬
‫التفسيرية على اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة بقرار الجمعية العامة لالمم المتحدة رقم ‪ 22/22‬المؤرخ في‪20:‬‬
‫نوفمبر ‪ 6282‬وبد أأ نفاذها بتاريخ‪ 02:‬سبتمبر ‪ 6220‬حسب المادة ‪ 22‬منها‪ ،‬ج ر عدد ‪ 26‬صادر بتاريخ‪20 :‬‬
‫ديسمبر ‪.6222‬‬
‫‪123‬‬

‫‪5-‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 26 23‬مؤرخ في‪22 :‬جانفي ‪ 6223‬المتضمن انضمام الجمهورية الجزائرية‬
‫الديموقراطية الشعبية مع التحفظ الى اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المر أأة لس نة ‪ 6202‬المعتمدة‬
‫بقرار الجمعية العامة ل ألمم المتحدة رقم ‪ 680/02‬المؤرخ في‪ 68:‬ديسمبر ‪ 6202‬وبد أأ نفاذها بتاريخ‪ 00:‬سبتمبر‬
‫‪ 6286‬حسب المادة ‪ 20‬منها ‪ ،‬ج ر عدد ‪ 03‬صادر بتاريخ‪ 22 :‬جانفي ‪.6223‬‬
‫ج‪-‬القرارات القضائية‪:‬‬
‫‪1-‬م ع ج‪ ،‬غ ش أأ م ‪ :‬قرار مؤرخ في‪ 62:‬نوفمبر ‪ ،6282‬الملف رقم ‪ ، 206 260‬مجلة االجتهاد‬
‫القضائي لغرفة االحوال الشخصية‪ ،‬عدد خاص ‪،‬س نة ‪.2006‬‬
‫‪2-‬م ع ج ‪ ،‬غ ش أأ م ‪ :‬قرار مؤرخ في ‪ 00:‬مارس ‪ ، 6220‬ملف رقم ‪ ، 20238:‬مجلة االجتهاد‬
‫القضائي لغرفة شؤون االسرة ‪ ،‬عدد خاص ‪ ،‬س نة ‪.2006‬‬
‫‪3-‬م ع ج‪ ،‬غ ش أأ م‪ :‬قرار مؤرخ في‪ 02 :‬ماي ‪ ، 6222‬ملف رقم ‪، 600202 :‬المجلة القضائية العدد‬
‫الثاني ‪ ،‬س نة ‪.6222‬‬
‫‪4-‬م ع ج‪ ،‬غ ش أأ م ‪ :‬قرار مؤرخ في ‪ 26 :‬جويلية ‪، 6228‬ملف رقم‪ ، 200260 :‬المجلة القضائية‬
‫العدد الثاني ‪،‬س نة ‪.2000‬‬
‫‪5-‬م ع ج ‪ ،‬غ ش أأ م ‪:‬قرار مؤرخ في ‪ 68‬جانفي ‪ ، 2000‬ملف رقم ‪ ، 202022‬المجلة القضائية‬
‫العدد االول ‪ ،‬س نة ‪.2006‬‬
‫‪6-‬م ع ج ‪ ،‬غ ش أأ م‪ :‬قرار مؤرخ في ‪ 62 :‬فيفري ‪ ، 2000‬ملف رقم ‪ ، 086880‬مجلة المحكمة‬
‫العليا العدد الثاني‪ ،‬س نة ‪. 2000‬‬
‫‪7-‬م ع ج ‪،‬غ ش أأ م ‪ :‬قرار مؤرخ في‪ 66 :‬مارس ‪ ، 2002‬ملف رقم ‪، 202022:‬مجلة المحكمة‬
‫العليا العدد الثاني ‪ ،‬س نة ‪.2002‬‬
‫‪8-‬م ع ج ‪ ،‬غ ش أأ م ‪ :‬قرار مؤرخ في‪ 62 :‬سبتمبر ‪ ، 2002‬ملف رقم ‪ ، 320608:‬مجلة المحكمة‬
‫العليا ‪ ،‬العدد االول ‪ ،‬س نة ‪.2062‬‬
‫‪9-‬م ع ج ‪ ،‬غ ش أأ م ‪ :‬قرار مؤرخ في ‪ 62:‬سبتمبر ‪ ، 2066‬ملف رقم ‪ ، 323222 :‬مجلة‬
‫المحكمة العليا ‪،‬العدد االول ‪ ،‬س نة ‪.2062‬‬
‫‪10-‬م ع ج قرار مؤرخ في ‪ 62 :‬افريل ‪ ، 2062‬ملف رقم ‪ ، 322082‬مجلة المحكمة العليا العدد‬
‫الثاني ‪ ،‬س نة ‪.2062‬‬
‫‪124‬‬ ‫جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

‫امللتقى الوطين الرابع‪ ،‬مصادر قانون األسرة اجلزائري‪ 11 ،‬جويلية ‪2222‬‬

‫موقف الفقه اإلسالمي من بعض أحكام قانون األسرة‬


‫اجلزائري (الوالية يف الزواج‪ ،‬تعدد الزوجات)‬
‫‪The position of Islamic Fiqh on some provisions of the Algerian‬‬
‫)‪family law (guardianship in marriage, polygamy‬‬
‫فتيحة لعطر‬
‫خمرب قانون األسرة‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫‪fatiha.later@gmail.com‬‬

‫ملخص املداخلة‪:‬‬
‫حظيت ا ألسرة ابهتمام الفقه الإسالمي الذي وضح القواعد الخاصة بها‪ ،‬حفاظا على اس تقرارها‪ ،‬وقد‬
‫كرس الدس تور الجزائري حمايتها‪ ،‬كما اعتبرها قانون ا ألسرة الجزائري الخلية ا ألساس ية للمجتمع‪.‬‬
‫تعتبر الشريعة الإسالمية مصدرا لقانون ا ألسرة الجزائري‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل المادة ‪ 222‬منه‪ ،‬اإل‬
‫أأن المشرع الجزائري أأقر أأحكاما ضمنه ل تمت ابلصلة لما قضى به الفقه الإسالمي‪ ،‬ومن بين النماذج التي‬
‫اخترانها في هذه الدراسة مسأألتي الولية في الزواج‪ ،‬وتعدد الزوجات‪ .‬فنجده قد همش دور الولي من خالل‬
‫جعله شرطا وليس ركنا لنعقاد الزواج‪ ،‬وجعل دوره مقتصرا فقط على الحضور في مجلس العقد‪ ،‬أأضف اإلى‬
‫ذلك أأنه سمح للفتاة أأن تختار أأي شخص ليتولى تزويجها ضاراب عرض الحائط ا ألحكام الفقهية في هذا الشأأن‬
‫وحتى ا ألعراف التي ل تسمح بذلك‪ .‬أأما فيما يخص مسأألة التعدد‪ ،‬فقد أأقر شروطا ل وجود لها فقها كضرورة‬
‫اإخبار الزوجة السابقة والمر أأة التي يقبل على الزواج بها‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬الفقه الإسالمي‪ ،‬قانون ا ألسرة الجزائري‪ ،‬الولي‪ ،‬تعدد الزوجات‪.‬‬
‫‪Abstract :‬‬
‫‪The family received the attention of Islamic jurisprudence, which clarified‬‬
‫‪its rules in order to preserve its stability. The Algerian constitution devoted its‬‬
‫‪protection, and the Algerian family law considered it the basic cell of society.‬‬
‫‪Islamic Sharia is a source of Algerian family law, and this is evident through Article‬‬
‫‪222 of it, but the Algerian legislator approved provisions within it that are not‬‬
‫‪related to what Islamic jurisprudence has ruled, and among the models we have‬‬
‫‪chosen in this study are the two issues of guardianship in marriage, and polygamy.‬‬
‫‪125‬‬

‫‪He marginalized the role of the guardian by making it a condition and not a pillar‬‬
‫‪of the marriage contract, and making his role limited only to attendance at the‬‬
‫‪contract council, in addition to that, he allowed the girl to choose any person to‬‬
‫‪marry her, ignoring the jurisprudence provisions in this regard and even the norms‬‬
‫‪that do not allow this. With regard to the issue of polygamy, he approved‬‬
‫‪conditions that do not exist in jurisprudence, such as the necessity of informing‬‬
‫‪the ex-wife and the woman he accepts to marry.‬‬
‫‪key words : Islamic Fiqh, Algerian family law, guardian, polygamy.‬‬
‫مقدمة املداخلة‪:‬‬

‫تعتبر ا ألسرة الخلية ا ألساس ية للمجتمع‪ ،‬لهذا فقد تكفل الفقه الإسالمي ببيان ا ألحكام الخاصة بها‪،‬‬
‫سواء تعلق ا ألمر ابلزواج‪ ،‬الطالق‪ ،‬الميراث‪...‬الخ‪ .‬كما كرس المؤسس الدس توري حمايتها من خالل الفقرة ‪1‬‬
‫من المادة ‪ 11‬من الدس تور(‪ )1‬التي نصت على أأنه‪'' :‬تحظى ا ألسرة بحماية الدولة''‪ .‬وبدوره المشرع الجزائري‬
‫جسد اهتمامه بها من خالل اإصداره للقانون رقم ‪ )2(11-48‬المتضمن قانون ا ألسرة المعدل والمتمم اب ألمر رقم‬
‫‪ ،)3(52-50‬والذي أأكد على أأن ا ألسرة هي الخلية ا ألساس ية للمجتمع‪ ،‬وتتكون من أأشخاص تجمع بينهم صلة‬
‫الزوجية والقرابة(‪.)4‬‬
‫تشكل الشريعة الإسالمية مصدرا لقانون ا ألسرة الجزائري‪ ،‬كما نجد أأن المادة ‪ 222‬منه تنص على أأنه‪:‬‬
‫''كل ما لم يرد النص عليه في هذا القانون يرجع فيه اإلى أأحكام الشريعة الإسالمية''‪ ،‬وهو ما يسمح للقاضي‬
‫ابلعودة اإلى أأحكام الشريعة الإسالمية –اإذا عرضت عليه مسأألة لم يرد بشأأنها نص قانوني‪ -‬دون تحديد لمذهب‬
‫فقهيي معين‪ ،‬ولو أأن المعروف بأأن المذهب المعمول به غالبا في الجزائر هو المذهب المالكي‪.‬‬
‫رغم ما س بق بيانه‪ ،‬اإل أأنه يالحظ بأأن المشرع الجزائري قد أأقر بعض ا ألحكام في قانون ا ألسرة أأقل‬
‫ما يقال عنها أأنها غريبة‪ ،‬كونها ل تستند اإلى أأي مذهب فقهيي‪ .‬لهذا اختران تسليط الضوء على مسأألتين منها‬

‫‪ - 1‬دس تور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،42‬الصادر في ‪ 10‬جمادى ا ألولى عام ‪1882‬‬
‫هـ‪ ،‬الموافق ‪ 05‬ديسمبر ‪.2525‬‬
‫‪ - 2‬قانون رقم ‪ 11-48‬مؤرخ في ‪ 9‬رمضان عام ‪ 1858‬الموافق ‪ 59‬يونيو ‪ ،1948‬يتضمن قانون ا ألسرة‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ ،28‬الصادر يوم الثالاثء ‪ 12‬يونيو س نة ‪ ،1948‬ص ‪ ،915‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ - 3‬أأمر رقم ‪ 52-50‬مؤرخ في ‪ 14‬محرم عام ‪ 1821‬الموافق ‪ 21‬فبراير س نة ‪ ،2550‬يعدل ويتمم القانون رقم ‪ 11-48‬المؤرخ‬
‫في ‪ 59‬رمضان عام ‪ 1858‬الموافق ‪ 59‬يونيو س نة ‪ 1948‬والمتضمن قانون ا ألسرة‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،10‬الصادر بتاريخ ‪ 21‬يونيو ‪.2550‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 52‬من القانون رقم ‪ ،11-48‬السالف الذكر‪.‬‬
‫‪126‬‬

‫يشوبهما الغموض من جهة ويثير تطبيقهما اإشكالت عديدة اإذا ما قارانها بموقف الفقه الإسالمي بخصوصهما‬
‫وهذا من جهة أأخرى‪ ،‬وتتمثل هاتين المسأألتين في‪ :‬الولية في الزواج‪ ،‬تعدد الزوجات‪.‬‬
‫يهدف هذا البحث اإلى تسليط الضوء على أأحكام الفقه الإسالمي بخصوص مسأألتي الولية في الزواج‬
‫وتعدد الزوجات‪ ،‬وهذا لبيان مدى مطابقتها ألحكام قانون ا ألسرة الجزائري‪ ،‬على اعتبار أأن الشريعة الإسالمية‬
‫مصدر من مصادر قانون ا ألسرة‪.‬‬
‫انطالقا مما س بق‪ ،‬ارتأأينا طرح الإشكالية الآتية‪ :‬ما هو موقف الفقه الإسالمي من ا ألحكام الواردة في‬
‫قانون ا ألسرة بخصوص مسأألتي الولية في الزواج وتعدد الزوجات؟‬
‫ل إالجابة على هذه الإشكالية‪ ،‬قسمنا البحث اإلى قسمين رئيس يين‪:‬‬
‫ا ألول‪ -‬نتناول فيه موقف الفقه الإسالمي من أأحكام قانون ا ألسرة الخاصة بمسأألة الولية في الزواج‪.‬‬
‫الثاني‪ -‬نخصصه لموقف الفقه الإسالمي من أأحكام قانون ا ألسرة الخاصة بتعدد الزوجات‪.‬‬
‫اتبعنا في هذا البحث المنهجين الوصفي‪ ،‬والتحليلي‪ ،‬اإذ يتضح المنهج الوصفي من خالل بيان ا ألحكام‬
‫الفقهية والقانونية للمسائل التي يثيرها الموضوع‪ .‬أأما المنهج التحليلي فيظهر من خالل تحليل هذه النصوص‬
‫القانونية وتوضيح مضمونها‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬أحكام الوالية يف الزواج فقها وقانونا‬

‫يعتبر الزواج رابطة بين الرجل والمر أأة‪ ،‬وابعتباره ميثاقا غليظا‪ ،‬جعل الفقه الإسالمي انعقاده متوقفا على‬
‫ضرورة توفر مجموعة من ا ألركان والشروط‪ ،‬هذه ا ألخيرة التي من بينها الولي (المطلب ا ألول)‪ ،‬والذي نص‬
‫عليه المشرع الجزائري ضمن المواد ‪ 59‬مكرر(‪)1‬و‪ )2(11‬و‪ )3(10‬من قانون ا ألسرة الجزائري‪( ،‬المطلب الثاني)‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مسألة وجود الولي أثناء إبرام العقد فقها وقانونا‬

‫اختلف فقهاء الشريعة الإسالمية حول مسأألة وجود الولي أأثناء اإبرام العقد‪ ،‬وقد كان لكل فريق حجج‬
‫ومبررات استند عليها (الفرع ا ألول)‪ ،‬غير أأن المشرع الجزائري قد أأقر حكما خاصا في هذه المسأألة (الفرع‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫‪ - 1‬تنص المادة ‪ 59‬مكرر من ا ألمر رقم ‪ ،52-50‬السالف الذكر‪ ،‬على أأنه‪'' :‬يجب أأن تتوفر في عقد الزواج الشروط ا آلتية‪:‬‬
‫‪...‬الولي‪''...‬‬
‫‪ 2‬تنص المادة ‪ 11‬من ا ألمر رقم ‪ ،52 -50‬السالف الذكر‪ ،‬بأأنه‪'' :‬تعقد المرأأة الراشدة زواجها بحضور وليها وهو أأبوها أأو أأحد‬
‫أأقاربها أأو أأي شخص تختاره''‪.‬‬
‫‪ - 3‬تنص المادة ‪ 10‬من ا ألمر رقم ‪ ،52-50‬السالف الذكر‪ ،‬بأأنه‪'' :‬ل يجوز للولي‪ ،‬أأاب كان أأو غيره‪ ،‬أأن يجبر القاصرة التي هي‬
‫في وليته على الزواج‪ ،‬ول يجوز أأن يزوجها بدون موافقتها''‪.‬‬
‫‪127‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أقوال الفقهاء خبصوص مسألة وجود الولي أثناء عقد الزواج‬

‫اتفق الفقهاء على أأن المر أأة البالغة العاقلة اإذا عقد وليها الشرعي نكاحها برضاها و إابذنها كان هذا العقد‬
‫صحيحا وانفذا‪ ،‬ثم اختلفوا‪ :‬هل يجوز للمر أأة المكلفة أأن تتولى تزويج نفسها؟ وهل عبارتها في نكاح نفسها‬
‫معتبرة؟ أأم ل بد من الولي في صحة عقد النكاح؟ ولهم في ذلك أأقوال‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬قول اجلمهور مبنع تولي املرآة نكاح نفسها مطلقا‬

‫ذهب الجمهور اإلى أأنه ل يصح النكاح اإل بولي‪ ،‬والولية شرط في صحة نكاح البالغة العاقلة الحرة‬
‫مطلقا‪ ،‬سواء كانت بكرا أأو ثيبا‪ ،‬ول يجوز لها أأن تتولى عقد النكاح لنفسها أأصالة أأو نيابة أأو وكالة‪ ،‬وعبارتها‬
‫غير معتبرة في عقد النكاح‪ ،‬ولو عقدت من غير ولي فالنكاح ابطل‪ ،‬يفسخ في كل حال‪ ،‬وهو مذهب المالكية‬
‫والشافعية والحنابلة والظاهرية(‪.)1‬‬
‫اس تدل الجمهور القائلون بعدم انعقاد النكاح بعبارة النساء‪ -‬الذين يرون أأن الولي شرط في النكاح‪-‬‬
‫بكل من المنقول والمعقول‪.‬‬
‫أأما المنقول‪ :‬فبالقرأآن والس نة‪.‬‬
‫أأما القرأآن‪ :‬فاس تدلوا منه ابلآايت التالية‪:‬‬
‫‪ – 1‬قوله تعالى‪'' :‬وانكحوا الآايمى منكم والصالحين من عبادكم وإامائكم''(‪.)2‬‬
‫‪ – 2‬قوله س بحانه وتعالى‪'' :‬ول تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا‪.)3(''...‬‬
‫ووجه الحتجاج ابلآيتين أأن الله تعالى خاطب ابلنكاح الرجال‪ ،‬ولم يخاطب به النساء‪ ،‬فكأأنه قال‪ :‬ل‬
‫تنكحوا أأيها ا ألولياء مولياتكم للمشركين‪.‬‬
‫أأما الس نة فقد اس تدلوا منها بما يلي‪:‬‬
‫‪ – 1‬عن أأبيي موسى أأن الرسول عليه الصالة والسالم قال‪'' :‬ل نكاح اإل بولي''(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬حافظ محمد أأنور‪ ،‬ولية المر أأة في الفقه الإسالمي‪ ،‬دار بلنس ية‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪1825 ،‬هـ‪ ،‬ص ص ‪ 081‬اإلى‬
‫‪.084‬‬
‫‪ - 2‬سورة النور‪ ،‬أآية ‪.02‬‬
‫‪ - 3‬سور البقرة‪ ،‬من الآية ‪.222‬‬
‫نضال محمد أأبوة س نينة‪ ،‬الولية في النكاح في الشريعة الإسالمية‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،‬ا ألردن‪ ،2515 ،‬ص ص ‪.110-112‬‬
‫‪ - 4‬أأخرجه أأبو داود (‪ ،)2540‬والترميذي (‪ ،)1151‬وابن ماجة (‪ ،)1441‬والدارمي (‪.)211‬‬
‫‪128‬‬

‫والنفي في الحديث يتجه اإلى الصحة التي هي أأقرب المجازين اإلى الذات‪ ،‬فيكون الزواج بغير ولي‬
‫ابطال‪ ،‬كما س يأأتي في حديث عائشة رضي الله عنها‪.‬‬
‫‪ -2‬روى البخاري عن الحسن قال‪...'':‬فال تعضلوهن‪ ."...‬قال‪'' :‬حدثني معقل بن يسار أأنها نزلت فيه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫زوجت أأختا لي من رجل فطلقها حتى اإذا نقضت عدتها جاء يخطبها‪ ،‬فقلت له‪ :‬زوجتك‪ ،‬وفرش تك‪،‬‬
‫و أأكرمتك‪ ،‬فطلقتها‪ ،‬ثم جئت تخطبها !! ل والله ل تعود اإليها أأبدا‪ ،‬وكان رجال ل بأأس به‪ ،‬وكانت المر أأة تريد‬
‫أأن ترجع اإليه‪ ،‬فأأنزل الله هذه الآية‪'' :‬فال تعضلوهن''‪ ،‬فقلت الآن أأفعل اي رسول الله‪ ،‬قال فزوجتها اإايه''‪.‬‬
‫قال الحافظ في الفتح‪ :‬ومن أأقوى الحجج هذا السبب المذكور في نزول هذه الآية المذكورة‪ ،‬وهي‬
‫أأصرح دليل على اعتبار الولي‪ ،‬وإال لما كان لعضله معنى‪ ،‬و ألنها لو كان لها أأن تزوج نفسها لم تحتج اإلى أأخيها‪،‬‬
‫ومن كان أأمره اإليه ل يقال اإن غيره منعه منه‪.‬‬
‫‪ –0‬عن عائشة أأن الرسول عليه الصالة والسالم قال‪ '' :‬أأيما امر أأة نكحت بغير اإذن وليها فنكاحها ابطل‪،‬‬
‫فنكاحها ابطل‪ ،‬فنكاحها ابطل‪ ،‬فاإن دخل بها فلها المهر بما اس تحل من فرجها‪ ،‬فاإن اش تجروا فالسلطان ولي‬
‫من ل ولي له''(‪.)1‬‬
‫ووجه الدللة من هذا الحديث أأن النبيي صلى الله عليه والسالم حكم على نكاحها نفسها دون اإذن‬
‫وليها ابلبطالن‪ ،‬وقرر ذلك ثالاث لتأأكيد بطالنه‪ ،‬فهو قاض ابشتراطه الولي في صحة النكاح‪.2‬‬
‫‪ – 8‬قالوا و ألن الزواج له مقاصد متعددة‪ ،‬والمر أأة كثيرا ما تخضع لحكم العاطفة‪ ،‬فال تحسن الختيار‪ ،‬فيفوتها‬
‫حصول هذه المقاصد‪ ،‬فمنعت من مباشرة العقد وجعل اإلى وليها‪ ،‬لتحصل على مقاصد الزواج على الوجه‬
‫الأكمل‪.3‬‬
‫و أأما المعقول‪ ،‬فقد قال الجمهور‪ :‬اإن النكاح له مقاصد ش تى‪ ،‬ومنها رابط ا ألسر‪ ،‬والمر أأة ل تحسن‬
‫الختيار‪ ،‬لقلة ما لديها من الختبار‪ ،‬ولس يما أأنها تخضع لحكم العاطفة التي تغطي عليها جهة المصلحة‪ ،‬فتحصيال‬
‫لهذه المقاصد على الوجه الأكمل قلنا بمنعها من مباشرة العقد‪.‬‬
‫وإانما المر أأة منعت الس تقالل ابلنكاح لقصور عقلها‪ ،‬فال يؤمن انخداعها ووقوعه منها على وجه المفسدة‪،‬‬
‫وهذا مأأمون فيما اإذا أأذن فيه وليها‪.‬‬

‫‪ -1‬أأخرجه أأحمد وا ألربعة اإل النسائي‪.‬‬


‫الس يد سابق‪ ،‬فقه الس نة (نظام ا ألسرة‪ -‬الحدود والجناايت)‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‬
‫‪.112‬‬
‫‪ - 2‬نضال محمد أأبو س نينة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ - 3‬الس يد سابق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪129‬‬

‫والمر أأة من طبيعتها الحياء‪ ،‬فكان الولي‪ ،‬لكي ل تنسب اإلى الوقاحة وقلة ا ألدب‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬القول بأن العقد يصح بعبارة النساء‪ ،‬بدون ولي‪ ،‬وهو رأي أبو حنيفة‪.‬‬
‫قال أأبو حنيفة و أأبو يوسف في ظاهر الرواية‪ :‬ينفذ نكاح حرة مكلفة (ابلغة عاقلة) بال رضى ولي‪،‬‬
‫فللمر أأة البالغة العاقلة أأن تتولى عقد زواجها‪ ،‬وزواج غيرها‪ ،‬لكن اإذا تولت عقد زواجها‪ ،‬وكان لها ولي عاصب‪،‬‬
‫اشترط لصحة زواجها ولزومه أأن يكون الزوج كفؤا‪ ،‬و أأل يقل المهر عن مهر المثل‪ ،‬فاإذا تزوجت بغير كفء‪،‬‬
‫فلوليها حق العتراض على الزواج ويفسخه القاضي‪ ،‬اإل أأنه اإذا سكت حتى ولدت أأو حملت حمال ظاهرا‪،‬‬
‫سقط حق الولي في العتراض وطلب التفريق‪ ،‬حفاظا على تربية الولد‪ ،‬ولئال يضيع ابلتفريق بين أأبويه‪ ،‬فاإن‬
‫بقاءهما مجتمعين على تربيته أأحفظ له بال ش بهة‪.‬‬
‫والمفتى به أأن المر أأة اإذا تزوجت بغير كفء‪ ،‬وقع العقد فاسدا‪ ،‬فلو رضي الولي بعد العقد ل ينقلب‬
‫صحيحا‪.‬‬
‫و أأدلتهم تتمثل في‪:‬‬
‫‪ – 1‬حديث‪'' :‬ا أليم أأحق بنفسها من وليها‪ ،‬والبكر تس تأأمر في إاذنها‪ ،‬وإاذنها صماتها''‪ ،‬وا أليم التي ل زوج لها‪،‬‬
‫بكرا كانت أأو ثيبا‪ ،‬فدل على أأن للمر أأة الحق في تولي العقد‪.‬‬
‫‪ – 2‬للمر أأة أأهلية كاملة في ممارسة جميع التصرفات المالية من بيع وإايجار ورهن وغيرها‪ ،‬فتكون أأهال لمباشرة‬
‫زواجها بنفسها‪ ،‬ألن التصرف حق خالص لها‪.2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬موقف املشرع اجلزائري من مسألة وجود الولي أثناء عقد الزواج‬

‫ابلرجوع اإلى المادة ‪ 59‬من قانون ا ألسرة الجزائري الواردة تحت عنوان " أأركان الزواج"‪ ،‬نجد أأن‬
‫المشرع الجزائري اعتبر رضا الزوجين هو الركن الوحيد في عقد الزواج‪ ،‬بينما اعتبر بقية ا ألركان‪-‬المعتبرة أأركاان‬
‫عند جمهور الفقهاء‪ -‬مجرد شروط‪.‬‬
‫من خالل ما س بق بيانه بخصوص ا ألحكام الفقهية الخاصة بمدى جواز تولي المر أأة نكاح نفسها‪ ،‬يتضح‬
‫أأن جمهور الفقهاء قد ذهب اإلى منع تولي المر أأة نكاح نفسها مطلقا‪ ،‬حتى أأن الإمام أأبو حنيفة رغم أأنه أأجاز العقد‬
‫بعبارة النساء بدون ولي‪ ،‬اإل أأنه قيد ذلك بشروط س بق ذكرها‪ ،‬لكن يالحظ أأن المشرع الجزائري من خالل‬
‫صياغته للمادة ‪ 11‬لم يأأخذ بأأي من هذين الر أأيين‪ ،‬اإذ نص على أأنه‪'' :‬تعقد المر أأة الراشدة زواجها بحضور وليها''‪،‬‬
‫وهو ما يجعلنا نفهم من خالل صياغة هذه المادة بأأن المر أأة هي التي تتولى وتعقد زواجها بنفسها‪ ،‬ول يكون‬

‫‪ - 1‬نضال محمد أأبو س نينة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.110-118‬‬


‫‪ - 2‬وهبة الزحيلي‪ ،‬الفقه الإسالمي و أأدلته (ا ألحوال الشخصية)‪ ،‬الجزء ‪ ،1‬الطبعة ‪ ،2‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوراي‪،1940 ،‬‬
‫ص ‪.198‬‬
‫‪130‬‬

‫لوالدها في هذا الشأأن اإل دور اثنوي يقتصر على ''الحضور''‪ ،‬وهو ما يخالف ليس فقط أأحكام الفقه الإسالمي‪،‬‬
‫وإانما ا ألعراف أأيضا التي تقضي بأأن مجلس عقد الزواج يحضره الرجال فقط لما يميز المر أأة من حياء‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬مراتب األولياء فقها وقانونا‬

‫لم يقتصر اهتمام الفقه الإسالمي على مسأألة ضرورة وجود الولي أأثناء اإبرام العقد من عدمه‪ ،‬بل تعداه‬
‫اإلى تحديد مراتب ا ألولياء (الفرع ا ألول)‪ ،‬وقد كان للمشرع الجزائري موقف من ذلك (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ترتيب األولياء يف الفقه اإلسالمي‬

‫اإن مراتب الولية عند القائلين بها نسب وسلطان ومولى‪ ،‬ومجرد الإسالم عند مالك‪ ،‬غير أأن الفقهاء‬
‫اختلفوا في ترتيب الولية من النسب‪ ،‬فكل مذهب يرى ترتيبا معينا‪ ،‬وعليه سنس تعرض الترتيب الذي أأخذ به‬
‫كل مذهب‪.‬‬
‫فعند المالكية الولية معتبرة ابلتعصيب ما عدا ابلنس بة لالبن‪ ،‬فا ألقرب عصبة أأولى ابلولية‪ ،‬وعند الإمام‬
‫مالك ا ألبناء أأولى ابلولية وإان نزلوا‪ ،‬ثم الآابء‪ ،‬ثم الإخوة ألب وا ألم ثم ل ألب ثم الإخوة ل ألب وا ألم ثم ل ألب‬
‫فقط‪ ،‬ثم ا ألجداد ل ألب وإان علوا‪ .‬وقال المغيرة الجد و أأبوه أأولى من ا ألخ وابنه ثم العمومة ثم السلطان‪.‬‬
‫أأما الشافعية فقد خالفوا المالكية في ولية البنوة‪ ،‬فلم يجيزوها أأصال‪ ،‬فقدموا ا ألب ثم الجد ثم أأب الجد‬
‫ثم ا ألخ ألبوين أأو ألب‪.1‬‬
‫يختلف الحنفية في ترتيب ا ألولياء‪ ،‬فقال أأبو يوسف ومحمد أأنها تكون للعصبة ابلنفس (وهو الذكور‬
‫الذين ل تكون قرابتهم للمولى عليه بواسطة ا ألنثى وحدها)‪ ،‬كالبن وا ألب وا ألخ الشقيق‪ ،‬فاإذا لم يكن كانت‬
‫الولية للسلطان أأو القاضي‪.‬‬
‫وقال أأبو حنيفة اإن ترتيب ا ألولياء يكون للعصبة النسبية ا ألقوى فا ألقوى حسب ترتيبهم في الميراث‪،‬‬
‫فاإن لم تكن عصبة نسبية‪ ،‬فالولية ل ألقرابء غير العصبة من ذوي ا ألرحام و أأصحاب الفروض في ابب الميراث‪،‬‬
‫غير أأنهم اختلفوا في الترتيب‪ ،‬ثم مولى الموالة‪ ،‬ثم السلطان‪ ،‬ثم القاضي ومن يقيمه القاضي‪.2‬‬

‫‪ - 1‬عبد الحفيظ بقة‪'' ،‬ركن الولي في عقد الزواج والإشكالت التي تثيرها المادة ‪ 11‬من قانون ا ألسرة الجزائري''‪ ،‬مجلة‬
‫الحقوق والعلوم الإنسانية‪ ،‬عدد ‪ ،20‬المجلد ا ألول‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪ - 2‬بدران أأبو العينين بدران‪ ،‬أأحكام الزواج والطالق في الإسالم‪ ،‬بحث تحليلي ودراسة مقارن‪ ،‬الطبعة ‪ ،2‬مطبعة دار‬
‫التأأليف‪ ،‬مصر‪ ،1911 ،‬ص ص ‪.128-120‬‬
‫‪131‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ترتيب األولياء يف قانون األسرة اجلزائري‬


‫يالحظ أأن المشرع الجزائري ‪-‬فيما يخص ترتيب ا ألولياء‪ ،-‬قد أأورد عبارة غريبة ضمن نص المادة ‪11‬‬
‫من قانون ا ألسرة الجزائري‪ ،‬والتي جاء فيها‪...'' :‬وهو أأبوها أأو أأحد أأقاربها أأو أأي شخص تختاره''‪ ،‬وهو ما‬
‫يدعوان للحيرة والتساؤل حول كيفيه اإمكانية عقد المر أأة زواجها بمعية شخص تختاره"؟ وهو ما ل يمكن أأن‬
‫تسمح به شريعتنا الغراء و أأعرافنا‪ ،‬ألن مثل هذه العبارة من شأأنها أأن تشكل خطرا على اس تقرار ا ألسر الجزائرية‬
‫‪ ،‬لكون السماح للمر أأة ابختيار أأي شخص ليتولى تزويجها س يفتح الباب ل محالة أأمام تمرد الفتيات واس تغناءهم‬
‫عن ا ألولياء الذين حددهم الفقه الإسالمي ابلشكل الذي يحفظ كرامتهن‪.‬‬
‫ومن أأسوء الحتمالت التي يمكن أأن تلجأأ اإليها المر أأة أأن تتخذ من صديقها أأو زميلها أأو جارها وليا لها‪،‬‬
‫وهو ما يعد اس تفزازا ألحكام الشريعة الإسالمية التي تولي أأهمية ابلغة وقدس ية كبيرة لدور الولي في عقود‬
‫الزواج‪ ،‬انهيك عما يمكن أأن يحدث عند علم الولي الشرعي بزواج ابنته دون علمه ورضاه‪.‬‬
‫وبناء على التساهل من المشرع ضاعت حقوق المر أأة و أأصبحت غير محمية فال تجد الرجل الذي‬
‫يحميها من هضم حقوقها والحتيال عليها‪ .‬وليس من الغرابة أأن نجد من يس تصغر عقل المر أأة ويغريها بمعسول‬
‫الكالم من أأجل جرها بذلك للمستنقعات النجسة‪ ،‬مس تدلين في ذلك اإلى أأن المر أأة الجزائرية اس تطاعت أأن‬
‫تتولى أأعلى المناصب‪ ،‬بل و أأصبحت ل تختلف عن الرجل في أأي شيء‪ ،‬في حين ل تتمتع ابلحرية في اتخاذ‬
‫قرار زواجها ابعتباره أأهم محطة مصيرية في حياتها‪.1‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬األحكام الفقهية والقانونية اخلاصة بتعدد الزوجات‬

‫أأابح الفقه الإسالمي للرجل التعدد في الزوجات ضمن قواعد محددة‪ ،‬وذلك تحقيقا لحكم عديدة وليس‬
‫ظلما للمر أأة كما تدعي بذلك الدول الغربية‪ ،‬فقد حدد الفقه الإسالمي الإطار الذي ينبغي أأن يس تعمل فيه الزوج‬

‫‪ - 1‬عبد الحفيظ بقة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.110‬‬


‫‪132‬‬

‫هذه الرخصة (المطلب ا ألول) وبدوره المشرع الجزائري نص على تعدد الزوجات ضمن قانون ا ألسرة في المواد‬
‫‪ )1(54‬و‪ 54‬مكرر(‪ )2‬و ‪ 54‬مكرر‪()3(1‬المطلب الثاني)‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬قيود تعدد الزوجات فقها وقانونا‬

‫جعلت الشريعة ا إلسالمية تعدد الزوجات خاضعا لقيود‪ ،‬ينبغي على من يقبل عليه أأن يلتزم بها (الفرع‬
‫ا ألول)‪ ،‬كما أأقر المشرع الجزائري شروطا خاصة بمن يرغب في التعدد (الفرع الثاني)‬
‫الفرع األول‪ :‬قيود تعدد الزوجات يف الفقه اإلسالمي‬

‫مع اإابحة الشريعة الإسالمية للتعدد‪ ،‬قيدت هذه الإابحة بشرطين اإذا لم يس تطع الرجل بهما قياما‪،‬‬
‫وجب عليه الوقوف عند الواحدة‪:‬‬
‫أوال‪ :‬العدل بني الزوجات‪ :‬وعدم ظلمهن‪ ،‬ل فرق بين قديمة وحديثة‪ ،‬وجميلة وقبيحة‪ ،‬وهذا العدل‬
‫نوعان‪ ،‬مس تطاع وغير مس تطاع‪:‬‬
‫فالمس تطاع هو الواجب توفره عند التعدد‪ ،‬وهو العدل في المعاملة‪ ،‬ومراعاة ما يجب لكل منهن من‬
‫حقوق‪ ،‬ومن غير ميل اإلى اإحداهن‪ ،‬ومضارة ما سواها‪ ،‬قال تعالى‪ ...:‬فاإن خفتم أأل تعدلوا فواحدة‪.4''...‬‬
‫أأما غير المس تطاع فالعدل في الميول القلبية‪ ،‬والمحبة الباطنية‪ ،‬وهو أأمر ليس بمقدور الإنسان‪ ،‬ومن‬
‫الصعوبة بمكان توفره أأو التحكم فيه‪ ،‬قال تعالى‪'' :‬ولن تس تطيعوا أأن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم‪ ،‬فال تميلوا‬
‫كل الميل''‪ .5‬فقد كان النبيي صلى الله عليه وسلم يحب عائشة رضي الله عنها أأكثر من غيرها‪ ،‬ومع هذا كان‬

‫‪ - 1‬تنص المادة ‪ 54‬من ا ألمر رقم ‪ ،52-50‬السالف الذكر‪ ،‬على أأنه‪'' :‬يسمح ابلزواج أبأكثر من زوجة واحدة في حدود الشريعة‬
‫الإسالمية متى وجد المبرر الشرعي وتوفرت شروط ونية العدل‪.‬‬
‫يجب على الزوج اإخبار الزوجة السابقة والمرأأة التي يقبل على الزواج بها و أأن يقدم طلب الترخيص ابلزواج اإلى رئيس المحكمة‬
‫لمكان مسكن الزوجية‪.‬‬
‫أ‬
‫يمكن رئيس المحكمة أأن يرخص ابلزواج الجديد‪ ،‬اإذا تأكد من موافقتهما و أأثبت الزوج المبرر الشرعي وقدرته على توفير العدل‬
‫والشروط الضرورية للحياة الزوجية''‪.‬‬
‫‪ - 2‬تنص المادة ‪54‬مكرر من ا ألمر رقم ‪ ،52-50‬السالف الذكر‪ ،‬على أأنه‪'' :‬في حالة التدليس يجوز لكل زوجة رفع دعوى‬
‫قضائية ضد الزوج للمطالبة ابلتطليق''‪.‬‬
‫‪ - 3‬تنص المادة ‪ 54‬مكرر‪ 1‬من ا ألمر رقم ‪ ، 52-50‬السالف الذكر على أأنه‪'' :‬يفسخ الزواج الجديد قبل الدخول‪،‬اإذا لم‬
‫يس تصدر الزوج ترخيصا من القاضي وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 4‬أأعاله''‪.‬‬
‫‪ - 4‬سورة النساء‪ ،‬من الآية ‪.0‬‬
‫‪ -5‬سورة النساء‪ ،‬الآية ‪.129‬‬
‫‪133‬‬

‫يساوي بين نسائه في ا ألمور المادية‪ ،‬ول يخصها بشيء اإل بعد استئذان ابقي زوجاته‪ ،‬ولذلك كان يقول‪'' :‬اللهم‬
‫هذا قسمي فيما أأملك فال تؤاخذني فيما ل أأملك''‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬القدرة على اإلنفاق‬

‫ل يحل شرعا الإقدام على الزواج‪ ،‬سواء من واحدة أأو من أأكثر اإل بتوفر القدرة على مؤن الزواج‬
‫وتكاليفه‪ ،‬والس تمرار في أأداء النفقة الواجبة للزوجة على الزوج‪ ،‬لقوله صلى الله عليه وسلم‪'' :‬اي معشر الش باب‪،‬‬
‫من اس تطاع منكم الباءة فليتزوج ‪ ''...‬و"الباءة"‪ :‬مؤنة النكاح‪.2‬‬
‫والتساؤل الذي يمكن أأن يطرح في هذا الصدد يتمثل فيما يلي‪ :‬هل اإذا تم الزواج مع عدم تحقيق‬
‫هذين الشرطين يكون الزواج غير صحيح؟‬
‫لقد اتفق الفقهاء على أأن هذين الشرطين ليسا من شروط الصحة‪ ،‬ولذلك يصح الزواج مع عدم توفر‬
‫الشرطين ويكون الشخص أآثما يحاس به الله س بحانه وتعالى على الجور وعدم القيام بتكاليف الزواج‪.‬‬
‫وإانما لم يحكموا بفساد العقد‪ ،‬مع توفر وقوع العاقد في الإثم‪:‬‬
‫‪ – 1‬ألن فساد العقود وصحتها يناطان بأأمور واقعة ل بأأمور متوقعة‪ ،‬ولو حكمنا بفساد العقد لخش ية الظلم أأو‬
‫لخوف العيلة لحكمنا بفساد العقد ألمر متوقع قد يقع وربما ل يقع‪.‬‬
‫‪ – 2‬و ألن خوف الظلم أأمر نفسي‪ ،‬و أأحكام العقود ابلصحة والفساد ل يصح أأن ترتبط بأأمور نفس ية خفية ل‬
‫تجرى عليها أأحكام القضاء‪ ،‬والقدرة على الإنفاق أأمر يتصل ابلرزق‪ ،‬والرزق عند عالم الغيوب‪ ،‬فليس ألحد‬
‫أأن يجيء اإلى عاقدين‪ ،‬علم كل منهما بأأمر صاحبه‪ ،‬وقدرته وقد رضيا ابلزواج‪ :‬فيقول لهما‪ :‬ل تتزوجا‪ ،‬أأو الزواج‬
‫بينكما غير صحيح‪ ،‬ألنه في المس تقبل ل يس تطيع الإنفاق عليها‪ ،‬مع أأن المال غاد ورائح‪ ،‬ويطرح تقدير الزوجين‬
‫ورضاهما رضا صحيحا‪.3‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬قيود التعدد وفقا لقانون األسرة اجلزائري‬

‫من خالل نص المادة ‪ 54‬من قانون ا ألسرة الجزائري نالحظ وجود تناقض‪ ،‬فمن جهة نجدها تقضي‬
‫بأأنه يسمح ابلزواج بأأكثر من زوجة واحدة في حدود الشريعة الإسالمية‪ ،‬ومن جهة أأخرى تورد شروطا ليس‬

‫‪ - 1‬أأخرجه أأبو داود في سننه ابب في القسم بين النساء‪ ،‬حديث رقم ‪ .1415‬والترمذي في جامعه‪ ،‬ابب ما جاء في التسوية‬
‫بين الضرائر‪ ،‬حديث رقم ‪ .1121‬والنسائي في الصغرى‪ ،‬ابب ميل الرجل اإلى بعض نسائه دون بعض‪ ،‬حديث رقم ‪،0920‬‬
‫وابن ماجه في سننه‪ ،‬ابب القسمة بين النساء‪ ،‬حديث رقم ‪ .1911‬أأنظر‪ :‬بدران أأبو العينين بدران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪-158‬‬
‫‪.150‬‬
‫‪ - 2‬وهبة الزحيلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ - 3‬محمد أأبو زهرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.92-91‬‬
‫‪134‬‬

‫لها أأثر في أأحكام الشريعة الإسالمية‪ ،‬وهو ما يوحي بأأن المقصود بعبارة ''في حدود الشريعة الإسالمية'' ضرورة‬
‫التقيد ابلعدد‪.‬‬
‫تتمثل الشروط التي أأدرجها المشرع الجزائري للتعدد دون أأن تقضي بها أأحكام الشريعة الإسالمية فيما‬
‫يلي‪ :‬وجود المبرر الشرعي‪ ،‬ضرورة اإخبار الزوجة السابقة والمر أأة التي يقبل على الزواج بها‪ ،‬وتقديم طلب‬
‫الترخيص ابلزواج اإلى رئيس المحكمة لمكان الزوجية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد ينبغي التنويه بأأن دعوات جديدة ظهرت في عصران تمنع التعدد اإل ابإذن القاضي‪،‬‬
‫ليتأأكد من تحقق ما شرطه الشرع لإابحة التعدد‪ ،‬وهو العدل بين الزوجات والقدرة على الإنفاق‪ ،‬ألن الناس‬
‫وخصوصا الجهلة أأساؤوا اس تعمال رخصة التعدد المسموح بها شرعا لغاايت اإنسانية كريمة‪ .‬لكن تولى المخلصون‬
‫دحض مثل هذه الدعوات ألس باب معقولة هي ما يأأتي‪:‬‬
‫‪ – 1‬اإن الله س بحانه وتعالى أأانط ابلراغب في الزواج وحده تحقيق شرطي التعدد‪ ،‬فهو الذي يقدر الخوف‬
‫من عدم العدل‪ ،‬لقوله تعالى‪'' :‬فاإن خفتم أأل تعدلوا‪ ،‬فواحدة'‪ ،'1‬فاإن الخطاب فيه لنفس الراغب في الزواج‪ ،‬ل‬
‫ألحد سواه‪ ،‬من قاض أأو غيره‪ ،‬فيكون تقدير مثل هذا الخوف من قبل غير الزوج مخالفا لهذا النص‪ .‬وكذلك‬
‫البحث في توفر القدرة على الإنفاق‪ ،‬فاإنه منوط ابلراغب في الزواج‪ ،‬لقوله صلى الله عليه وسلم‪'' :‬اي معشر‬
‫الش باب من اس تطاع منكم الباءة فليتزوج‪ 2''...‬فهو خطاب ل ألزواج ل لغيرهم‪.‬‬
‫‪ – 2‬اإن اإشراف القاضي على ا ألمور الشخصية أأمر عبث‪ ،‬اإذ قد ل يطلع على السبب الحقيقي‪ ،‬ويخفي الناس‬
‫عادة عليه ذلك السبب‪ ،‬فاإن اطلع على الحقائق‪ ،‬كان اطالعه فضحا ألسرار الحياة الزوجية‪ ،‬وتدخال في حرايت‬
‫الناس‪ ،‬وإاهدارا إلرادة الناس‪ ،‬وخوضا في قضااي ينبغي توفير وقت القضاة لغيرها‪ ،‬ومنعا و أأمرا في غير محله‪،‬‬
‫فالزواج أأمر شخصي بحت‪ ،‬يتفق فيه الزوجان مع أأولياء المر أأة‪ ،‬ل يس تطيع أأحد تغيير وجهته‪ ،‬وتبديل قيمه‪.‬‬
‫وإان أأسرار البيت المغلقة ل يعلم بها أأحد غير الزوجين‪.‬‬
‫‪ – 0‬ليس تعدد الزوجات هو السبب في تشرد ا ألطفال‪ ،‬كما يزعمون‪ ،‬وإانما السبب يكمن في اإهمال ا ألب‬
‫تربية النشء‪ ،‬وإادمان الخمر‪ ،‬وتعاطي المخدرات والنصراف في اإرواء اللذات‪ ،‬ولعب الميسر‪ ،‬وارتياد المقاهي‪،‬‬
‫وإاهمال شأأن ا ألسرة‪ ،‬وغيرها من ا ألس باب(‪.)3‬‬

‫‪ - 1‬سورة النساء‪ ،‬الآية ‪.0‬‬


‫‪ - 2‬رواه البخاري في كتاب النكاح‪ ،‬ابب من لم يس تطع الباءة فليصم ‪ ،)8119( 1905/0‬ومسلم في كتاب النكاح‪ ،‬ابب‬
‫اس تحباب النكاح لمن اتقت نفسه اإليه ووجد مؤنة‪ ،‬واش تغال من عجز عن المؤن ابلصوم ‪.)1855( 1514/2‬‬
‫‪ - 3‬وهبة الزحيلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.110-112‬‬
‫‪135‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬حكم الشروط االتفاقية يف تعدد الزوجات فقها وموقف املشرع‬
‫اجلزائري‬
‫قد يحدث و أأن تشترط الزوجة على زوجها شروطا تتعلق ابلتعدد‪ ،‬وفي هذا الصدد كان للفقه الإسالمي‬
‫موقف من ذلك (الفرع ا ألول)‪ ،‬كما يتضح من خالل المادة ‪ 19‬من قانون ا ألسرة الجزائري(‪ )1‬بأأن المشرع‬
‫يسمح بمثل هذه الشروط (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬موقف الفقه اإلسالمي من الشروط االتفاقية يف تعدد الزوجات‬

‫تناول فقهاء الشريعة الإسالمية الشروط التفاقية في تعدد الزوجات من خالل اشتراط المر أأة الجديدة‬
‫طالق الرجل لزوجته ( أأول)‪ ،‬واشتراط المر أأة أأن ل يتزوج الرجل عليها (اثنيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اشرتاط املرأة اجلديدة طالق الرجل لزوجته‪:‬‬

‫قد تتفق امر أأة مع رجل على أأن يطلق زوجته ا ألولى‪ ،‬فما هو حكم الشرع في ذلك؟‬
‫اتفق جمهور علماء المسلمين على أأن هذا الشرط ابطل‪ ،‬وإاذا تم الزواج الجديد مع هذا الشرط كان‬
‫الزواج صحيحا والشرط ابطال ملغى‪ ،‬ول سبيل للزوجة الجديدة ول للقضاء اإلى اإجبار الزوج على تنفيذ هذا‬
‫الشرط أأو دفع تعويض عند عدم تنفيذه‪ ،‬كما أأن الزوجة الجديدة ليس لها طلب فسخ زواجها بسبب عدم تنفيذ‬
‫هذا الشرط‪.‬‬
‫والدليل على بطالن هذا الشرط ما رواه أأبو هريرة أأن النبيي صلى الله عليه وسلم‪'' :‬نهيى أأن يخطب‬
‫الرجل على خطبة أأخيه‪ ...‬ول تسأأل المر أأة طالق أأختها لتكتفئ ما في صفحتها أأو اإانئها‪ ،‬فاإنما رزقها على الله‬
‫تعالى''‪.2‬‬
‫كما روى عبد الله بن عمر أأن النبيي عليه الصالة والسالم قال‪'' :‬ل يحل أأن تنكح امر أأة بطالق‬
‫أأخرى''‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اشرتاط املرأة أال يتزوج الرجل عليها‬

‫أأجمع الفقهاء المسلمون على أأن هذا الشرط ل يمنع الزوج من الزواج على امر أأته‪ ،‬ول يبطل عقد‬
‫زواجه ابلزوجة الجديدة‪ ،‬سواء اشترط في صلب عقد الزواج أأو كان هناك اتفاق عليه قبل عقد الزواج أأو‬
‫اتفق عليه بعد عقد الزواج‪ ،‬ألن منع الزوج من الزواج على امر أأته اإلى أأربع زوجات هو تحريم حالل أأحله الله‬
‫له‪ ،‬وقد قال صلى الله عليه ويلم‪'' :‬المسلمون على شروطهم اإل شرطا أأحل حراما أأو حرم حالل''‪.3‬‬

‫‪ - 1‬تنص المادة ‪ 19‬من ا ألمر رقم ‪ ،52-50‬السالف الذكر‪ ،‬بأأنه‪'' :‬للزوجين أأن يشترطا في عقد الزواج أأو في عقد رسمي‬
‫لحق كل الشروط التي يراينها ضرورية‪ ،‬ولس يما شرط تعدد الزوجات ‪''...‬‬
‫‪ - 2‬رواه مسلم (‪ ،)11( )1502/2‬كتاب النكاح (‪ )1‬ابب تحريم الخطبة على خطبة أأخيه حتى يأأذن أأو يترك – رقم (‪.)05‬‬
‫والبخاري (‪ )11( )159/0‬كتاب النكاح (‪ )80‬ابب ل يخطب على خطبة أأخيه حتى ينكح أأو يدع – رقم (‪.)0182‬‬
‫‪ - 3‬أأخرجه الترمذي (‪ ،)1002‬وابن ماجة (‪.)2000‬‬
‫‪136‬‬

‫ويس تحب للزوج أأن يفي بهذا الشرط فال يتزوج على امر أأته اإل برضاها‪ ،‬ألن الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪'' :‬اإن أأحق الشروط أأن توفوا بها ما اس تحللتم به الفروج''‪ ،‬لكن اختلف الفقهاء اإذا لم يف الزوج بما‬
‫شرط لزوجته وتزوج عليها‪ ،‬فمنهم من ر أأى أأن مخالفة هذا الشرط ل يترتب عليها أأي أأثر لفساد هذا الشرط‬
‫أأو بطالنه‪.‬‬
‫ومن الفقهاء من جعل للزوجة الحق في فسخ زواجها من الرجل اإن خالف هذا الشرط وتزوج عليها‪،‬‬
‫ويثبت لها هذا الحق على التراخي‪ ،‬أأي أأنه ل يسقط بمضي المدة وإانما يسقط بما يدل على رضاها بزواج الرجل‬
‫عليها‪ ،‬سواء كان هذا الرضا صراحة كقولها أأنها لن تطلب الفسخ‪ ،‬أأو دللة وذلك بتمكين الرجل منها مع علمها‬
‫بأأنه تزوج عليها رغم هذا الشرط‪ .‬على أأن الرجل اإذا خالف هذا الشرط وتزوج على امر أأته ثم ما لبث أأن طلق‬
‫الزوجة الجديدة قبل أأن يتم لزوجته ا ألولى فسخ زواجها منه لمخالفته ما اشترطه لها‪ ،‬لم يكن لهذه الزوجة أأن‬
‫تطلب فسخ زواجها منه‪.‬‬
‫وطلب الزوجة فسخ زواجها عند مخالفة هذا الشرط قد يؤدي اإلى امتناع الزوج عن الزواج عليها‪،‬‬
‫خصوصا اإذا كان له منها أأولد ترعاهم‪ ،‬فيؤول الشرط اإلى تحريم حالل عليه‪ ،‬وهذا غير جائز شرعا‪.‬‬
‫ومن الفقهاء من ر أأى أأنه عند مخالفة هذا الشرط للزوجة أأن تطالب بمهر مثلها اإن كان المهر المسمى‬
‫أأقل من مهر المثل وثبت أأنها لم ترض ابلمهر المسمى اإل بسبب ما شرطه لها الزوج من عدم الزواج عليها(‪.)1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬موقف املشرع اجلزائري من الشروط االتفاقية يف تعدد الزوجات‬

‫حسب المادة ‪ 19‬من قانون ا ألسرة الجزائري السالفة الذكر‪ ،‬للزوجة الحق في أأن تشترط في عقد‬
‫النكاح أأو في عقد رسمي لحق أأن ل يتزوج عليها زوجها‪ ،‬ويكون هذا الشرط ملزما لمن التزم به‪ ،‬كما أأنه‬
‫يرتب نتيجة أأساس ية‪ ،‬وهي أأن المحكمة ل تأأذن ابلتعدد مهما كانت جدية ا ألس باب‪ ،‬ومهما كانت المبررات‬
‫الشرعي‪ ،‬ويبقى تراجع الزوجة على الشرط الحل الوحيد لحصول الزوج على الإذن ابلتعدد متى توفرت ابقي‬
‫الشروط‪.2‬‬
‫حصر المشرع الجزائري الجزاء القانوني المترتب عن عدم وفاء الزوج ابلشروط ا إلرادية –والتي من‬
‫بين شرط عدم التعدد‪ -‬في اإعطاء الحق للزوجة المتضررة بطلب التطليق استنادا ألحكام الفقرة التاسعة من‬
‫المادة ‪ 00‬من قانون ا ألسرة‪ ،‬بنصها على أأنه‪" :‬يجوز للزوجة أأن تطلب التطليق للأس باب الآتية‪ - :‬مخالفة‬
‫الشروط المتفق عليها في عقد الزواج"‪ ،‬كما قضت المادة ‪ 00‬مكرر من قانون ا ألسرة الجزائري بأأنه‪" :‬يجوز‬

‫‪ - 1‬عبد الناصر توفيق العطار‪ ،‬تعدد الزوجات في الشريعة الإسالمية‪ ،‬الطبعة ‪ ،0‬مكتبة المهتدين‪ ،‬دون بلد النشر‪ ،‬دون‬
‫س نة النشر‪ ،‬ص ص ‪ 112‬اإلى ‪.111‬‬
‫‪ - 2‬عمر بوعاللة‪" ،‬تعدد الزوجات بين الحق والرخصة في التشريعات ا ألسرية المغاربية‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والس ياس ية"‪،‬‬
‫عدد ‪ ،11‬جوان ‪ ،2510‬ص ‪.02‬‬
‫‪137‬‬

‫للقاضي في حالة الحكم ابلتطليق أأن يحكم للمطلقة ابلتعويض عن الضرر الالحق بها"‪ .‬و ألن هذه الصياغة‬
‫وردت عامة فشملت جميع أأس باب التطليق‪ ،‬ولكون الإخالل ابلشروط ا إلرادية أأحد هذه ا ألس باب فاإنه يجوز‬
‫للقاضي الحكم للمطلقة ابلتعويض اإذا ر أأى في ذلك ضرورة‪ ،‬وإال يكتفي ابلتطليق دون الغرم‪.‬‬
‫وعليه فـاإن القاضي مجبر على التحقق من وقوع الإخالل ابلشرط‪ ،‬فاإن ثبت له ذلك وجب أأن يحكم‬
‫ابلتطليق وفقا لرغبة المر أأة‪ ،‬فهو حق من حقوقها ملكته ابلشرط الذي التزم به الزوج‪ ،‬أأما مسأألة التعويض فتبقى‬
‫جوازية خاضعة للسلطة التقديرية للقاضي‪.1‬‬
‫نرى بأأن جعل عدم التزام الزوج بشرط التعدد‪ -‬الذي تشترطه الزوجة‪ -‬كسبب للتطليق‪ ،‬من شأأنه‬
‫جلب أأضرار‪ ،‬خاصة اإذا كان لهذه الزوجة أأولد‪ ،‬وهو ما س يؤدي اإلى تفكك ا ألسرة‪ ،‬رغم أأن التعدد محلل في‬
‫الإسالم‪.‬‬
‫خامتة املداخلة‪:‬‬

‫اإن دراسة أأحكام قانون ا ألسرة وبحث موقف الفقه الإسالمي بخصوصها يجعلنا ندرك التناقضات بينهما‪،‬‬
‫وهو ما يتضح من خالل النماذج التي اخترانها في هذا البحث‪ ،‬والذي توصلنا من خالله اإلى النتائج التالية‪:‬‬
‫‪-1‬فيما يخص مسأألة وجود الولي أأثناء اإبرام عقد الزواج ذهب الجمهور اإلى أأنه ل يصح النكاح اإل بولي‪ ،‬بينما‬
‫ذهب الحنفية اإلى أأنه يصح العقد بعبارة النساء‪ ،‬بدون ولي‪ ،‬لكن قيدوا ذلك بشروط‪.‬‬
‫‪ - 2‬اختلف الفقهاء كذلك حول ترتيب ا ألولياء‪.‬‬
‫‪ - 0‬اعتبر المشرع الجزائري الولي شرطا للزواج وليس ركنا‪.‬‬
‫‪ - 8‬سمح المشرع الجزائري للمر أأة الراشدة بأأن تعقد زواجها بحضور وليها‪ ،‬وهو ا ألمر الذي لقى انتقادا شديدا‪.‬‬
‫‪ - 0‬جعل المشرع الجزائري مراتب ا ألولياء كالتالي‪ :‬ا ألب‪ ،‬أأحد ا ألقارب‪ ،‬أأو أأي شخص تختاره‪.‬‬
‫‪ -1‬سمح الفقه الإسالمي للزوج ابلتعدد في زوجاته لكن ضمن قيود محددة‪ ،‬تتمثل في العدل بين الزوجات‬
‫والقدرة على الإنفاق‪.‬‬
‫‪ - 1‬أأقر المشرع الجزائري شروطا للتعدد لم يقضي بها الفقه الإسالمي‪ ،‬أأل وهي‪ :‬ضرورة اإخبار الزوجة السابقة‪،‬‬
‫والزوجة التي ينوي الزواج بها‪.‬‬
‫‪ - 4‬اشترط المشرع الجزائري على الزوج الراغب في التعدد أأن يرفع طلب الترخيص ابلزواج اإلى رئيس‬
‫المحكمة لمكان مسكن الزوجية‪.‬‬
‫من خالل النتائج المتوصل اإليها‪ ،‬يالحظ بأأن المشرع الجزائري ورغم اعتبار الشريعة الإسالمية مصدرا لقانون‬
‫ا ألسرة اإل أأنه أأقر أأحكاما ل تتماشى معها‪ ،‬وهذا راجع في نظران اإلى تأأثره اب ألصوات التي تنادي بتحرر المر أأة‬

‫‪ - 1‬خدام هجيرة‪ ،‬حرية المر أأة في الشتراط في عقد الزواج بين الشريعة والقانون‪ ،‬مجلة المعيار‪ ،‬عدد ‪ ،2510 ،1‬ص ص‬
‫‪.005-089‬‬
‫‪138‬‬

‫وضرورة مساواتها مع الرجل‪ ،‬متناس يا بأأن مثل هذه ا ألحكام من شأأنها أأن تحل ما حرم الله وتحرم ما أأحله‪،‬‬
‫وهو ما يفتح الباب واسعا أأمام انهيار ا ألخالق‪ ،‬وتصدع ا ألسر الجزائرية‪ ،‬ولهذا نقترح من جهتنا التوصيات‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ - 1‬ضرورة اإعادة المكانة التي منحها الفقه الإسالمي للولي‪ ،‬وذلك لن يتأأتى اإل بتعديل نص المادة ‪ 11‬من‬
‫قانون ا ألسرة الجزائري‪ .‬وعلى الخصوص جعل الولي هو من يتولى تزويج المر أأة‪ ،‬وحذف عبارة " أأو أأي شخص‬
‫تختاره"‪.‬‬
‫‪ - 2‬ضرورة حصر شروط تعدد الزوجات في العدل والقدرة على الإنفاق وفقا لما أأقره الفقه الإسالمي‪ .‬وإالغاء‬
‫الشروط التي اس تحدثها لس يما‪ :‬وجود المبرر الشرعي‪ ،‬ضرورة اإخبار الزوجة السابقة والمر أأة التي يقبل على‬
‫الزواج بها‪.‬‬
‫‪ – 3‬التراجع عن اعتبار اإخالل الزوج بشرط عدم التعدد–ابعتباره قد يكون أأحد الشروط المتفق عليها في‬
‫عقد الزواج طبقا لما تنص عليه المادة ‪ 19‬من قانون ا ألسرة الجزائري‪ -‬كسبب يجيز للزوجة طلب التطليق‪.‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‪:‬‬

‫أوال _ املصادر‬

‫‪ -‬القرأآن الكريم‬
‫ثانيا‪ -‬املراجع‬
‫أ ‪ -‬الكتب‬

‫‪ - 1‬الس يد سابق‪ ،‬فقه الس نة (نظام ا ألسرة‪ -‬الحدود والجناايت)‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -2‬بدران أأبو العينين بدران‪ ،‬أأحكام الزواج والطالق في الإسالم‪ ،‬بحث تحليلي ودراسة مقارن‪ ،‬الطبعة ‪،2‬‬
‫مطبعة دار التأأليف‪ ،‬مصر‪.1911 ،‬‬
‫‪ -0‬حافظ محمد أأنور‪ ،‬ولية المر أأة في الفقه الإسالمي‪ ،‬دار بلنس ية‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪1825 ،‬هـ‬
‫‪ -8‬عبد الناصر توفيق العطار‪ ،‬تعدد الزوجات في الشريعة الإسالمية‪ ،‬الطبعة ‪ ،0‬مكتبة المهتدين‪ ،‬دون بلد‬
‫النشر‪ ،‬دون س نة النشر‪.‬‬
‫‪ -0‬نضال محمد أأبوة س نينة‪ ،‬الولية في النكاح في الشريعة الإسالمية‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،‬ا ألردن‪.2515 ،‬‬
‫‪ -1‬وهبة الزحيلي‪ ،‬الفقه الإسالمي و أأدلته (ا ألحوال الشخصية)‪ ،‬الجزء ‪ ،1‬الطبعة ‪ ،2‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫سوراي‪.‬‬
‫‪139‬‬

‫ب املقاالت‬
‫‪ - 1‬خدام هجيرة‪" ،‬حرية المر أأة في الشتراط في عقد الزواج بين الشريعة والقانون"‪ ،‬مجلة المعيار‪ ،‬عدد ‪،1‬‬
‫‪ ،2510‬ص ص (‪.)001-081‬‬
‫‪ -2‬عبد الحفيظ بقة‪'' ،‬ركن الولي في عقد الزواج والإشكالت التي تثيرها المادة ‪ 11‬من قانون ا ألسرة‬
‫الجزائري''‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية‪ ،‬عدد ‪ ،20‬المجلد ا ألول‪ ،‬ص ص(‪.)125-150‬‬
‫‪ -0‬عمر بوعاللة‪'' ،‬تعدد الزوجات بين الحق والرخصة في التشريعات ا ألسرية المغاربية''‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫القانونية والس ياس ية‪ ،‬عدد ‪ ،11‬جوان ‪ ،2510‬ص ص (‪.)10-81‬‬
‫ج ‪ -‬النصوص القانونية‬

‫‪ -‬قانون رقم ‪ 11-48‬مؤرخ في ‪ 9‬رمضان عام ‪ 1858‬الموافق ‪ 59‬يونيو ‪ ،1948‬يتضمن قانون ا ألسرة‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ ،28‬الصادر يوم الثالاثء ‪ 12‬يونيو س نة ‪ ،1948‬ص ‪.915‬‬
‫‪ -‬أأمر رقم ‪ 52-50‬مؤرخ في ‪ 14‬محرم عام ‪ 1821‬الموافق ‪ 21‬فبراير س نة ‪ ،2550‬يعدل ويتمم القانون رقم‬
‫‪ 11-48‬المؤرخ في ‪ 59‬رمضان عام ‪ 1858‬الموافق ‪ 59‬يونيو س نة ‪ 1948‬والمتضمن قانون ا ألسرة‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ ،10‬الصادر بتاريخ ‪ 21‬يونيو ‪.2550‬‬
140 1 ‫جامعة اجلزائر‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬
2222 ‫ جويلية‬11 ،‫ مصادر قانون األسرة اجلزائري‬،‫امللتقى الوطين الرابع‬

‫اإلحالة يف تطبيق أحكام األهلية بني قانون األسرة‬


‫ أي عالقة بني القانونني؟‬:‫والقانون املدني اجلزائري‬
Referral in the application of eligibility provisions between family law And
the Algerian Civil Code: What is the relationship between the two laws?
‫أم اخلري بوقرة‬
1 ‫ جامعة اجلزائر‬،‫ كلية احلقوق‬،‫خمرب قانون األسرة‬
mlkhrbouguerra@gmail.com

:‫امللخص باللغة العربية‬


‫ مما يعني أن كل شخص يكون أهال للتمتع ابلحقوق وتحمل‬،‫ترتبط أهلية الشخص بشخصيته القانونية‬
‫ وأهلية أداء وترتبط‬،‫ أهلية وجوب وترتبط بقيام الشخصية وتنتهيي ابنتهائها‬،‫ وهي على قسمين‬،‫االلتزامات قانوان‬
‫ سواء ابلصحة‬،‫ مما يكون له الثر البالغ على تصرفاته‬،‫ فتدور معه وجودا وعدما‬،‫بما يتوافر للشخص من تمييز‬
‫ فكان معيار االإحالة‬،‫ كل ذلك تم تنظيمه بوضع أحكام مشتركة بين القانون المدني وقانون السرة‬،‫أو ابلبطالن‬
‫ كيف يمكن تفسير االإحالة في‬:‫ وهو ما يقودان اإلى طرح االإشكالية الآتية‬،‫بين القانونين هو الفاصل في المر‬
‫تطبيق أحكام الهلية بين قانون السرة والقانون المدني الجزائري؟‬
.‫ البطالن‬،‫ عدم النفاذ‬،‫ االإحالة‬،‫ الشخصية القانونية‬،‫ الهلية‬:‫الكلمات املفتاحية‬
Abstract:
A person’s eligibility is linked to his legal personality, which means that
every person is entitled to enjoy rights and bear legal obligations, which is in two
parts, eligibility is obligatory and is linked to the establishment of personality and
ends with its end, and eligibility to perform and is linked to the discrimination
available to the person, so it revolves with him in existence and without, which
has a great impact on his actions, whether health or invalidity. All this was
organized by the development of joint provisions between the Civil Code and the
Family Law. The criterion of referral between the law was the separation in the
matter, which leads us to raise the following problem : How can referral be
interpreted in the application of the eligibility provisions between the Family Code
and the Algerian Civil Code ?
Keywords : eligibility, legal personality, assignment, impermeability, the nullity.
‫‪141‬‬

‫مقدمة املداخلة‪:‬‬

‫من المتعارف عليه أن قـانون السـرة قانون مس تقل عن القـانون المـدني‪ ،‬اإذ لكل من القانونين أحكام‬
‫خاصة تعنى بتنظيم مجال معين بذاته‪ ،‬فقـانون السـرة مجاله الحوال الشخصية لفراد السرة‪ ،‬بينما يغطي‬
‫القـانون المـدني‪ ،‬وابعتباره الشريعة العامة لفروع القانون الخاص الخرى‪ ،‬المعامالت المالية التي تتم بين‬
‫الفراد‪ ،‬وبرغم هذه االس تقاللية‪ ،‬فاإنه يالحظ وجود أحكام قانونية مشتركة بين القـانونين‪ ،‬وذلك من منطلق‬
‫االإحالة المعتمدة بشأن أحكام الهلية‪ ،‬فالمادة ‪ 97‬من القـانون المـدني(‪ )1‬أوجبت االإحالة اإلى تطبيق قواعد‬
‫الهلية المنصوص عليها في قانون السرة‪ ،‬كما أن المادة ‪ 68‬من قانون السرة(‪ )2‬أوجبت االإحالة اإلى تطبيق‬
‫أحكام الهلية المنصوص عليها في القانون المدني‪ ،‬المر الذي اعترضه الكثير من ردود الفعل‪ ،‬فبالرغم من أن‬
‫كال القانونين فرع من فروع القانون الخاص‪ ،‬اإال أن البعض ذهب اإلى تفسير ذلك ابلتكامل بين القانونين‪ ،‬بينما‬
‫فسره البعض الآخر ابس تقاللية كل قانون على حدى‪.‬‬
‫جاءت هذه الدراسة في س ياق تفسير تأثر قانون السرة ابلقوانين الداخلية والخارجية‪ ،‬ونخص ابلذكر‬
‫هنا القانون المدني‪ ،‬وبغاية تفسير العالقة بين القانونين‪ ،‬ومنه الوقوف على التناقض المسجل بين نصوصهما من‬
‫جهة‪ ،‬ونصوص قانون السرة بين صيغتها ابللغة العربية وصيغتها ابللغة الفرنس ية من جهة أخرى‪.‬‬
‫اإلشكالية‪:‬‬
‫كيف يمكن تفسير االإحالة في تطبيق أحكام الهلية بين قانون السرة والقانون المدني؟‬
‫وتبعا لذلك نثير بعض التساؤالت‪:‬‬
‫– ما هو مضمون االإحالة في تطبيق أحكام الهلية بين قانون السرة والقانون المدني؟‬
‫– هل العالقة بين قانون السرة والقانون المدني عالقة تكامل أم أن قانون السرة مس تقل عن القانون المدني؟‬
‫ل إالجابة على االإشكالية وما اتصل بها من تساؤالت‪ ،‬ارتأينا تقس يم هذه الدراسة اإلى مبحثين‪ ،‬بحيث‬
‫نتناول في المبحث الول‪ :‬مضمون االإحالة في تطبيق قواعد الهلية بين قانون السرة والقانون المدني‪ ،‬وفي‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تفسير االإحالة في تطبيق قواعد الهلية بين قانون السرة والقانون المدني‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مضمون اإلحالة يف تطبيق قواعد األهلية بني قانون األسرة والقانون‬
‫املدني‬
‫ال يختلف اثنان على أن قانون السرة تأخر بكثير من حيث صدوره ابلمقارنة مع القانون المدني‪ ،‬فهذا‬
‫الخير كان قد تضمن بعض النصوص التي تشير للحوال الشخصية‪ ،‬ونخص ابلذكر هنا قواعد الهلية‪ ،‬حيث‬

‫)‪ )1‬المر رقم ‪ ،76-97‬المؤرخ في ‪ 68‬سبتمبر ‪ ،5797‬يتضمن القانون المدني‪ ،‬المعدل والمتمم‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية‬
‫الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ ،96‬الصادرة في ‪ 03‬سبتمبر ‪.5797‬‬
‫(‪ )2‬القانون رقم ‪ ،55-68‬المؤرخ في ‪ 7‬يونيو ‪ ،5768‬يتضمن قانون السرة‪ ،‬المعدل والمتمم‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية‬
‫الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ ،68‬الصادرة في ‪ 56‬يونيو ‪.5768‬‬
‫‪142‬‬

‫أوجب االإحالة اإليها عند التطبيق (المطلب الول)‪ ،‬وسار على هذا النهج قانون السرة‪ ،‬وذلك بأن نص عند‬
‫صدوره على االإحالة اإلى تطبيق قواعد الهلية المنصوص عليها في القانون المدني (المطلب الثاني)‪ ،‬المر الذي‬
‫س يأتي التفصيل فيه بمراعاة التسلسل الزمني لصدور كال القانونين‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مضمون اإلحالة املنصوص عليها بالقانون املدني‬
‫بداية نشير اإلى أن تنظيم أحكام الهلية بموجب نصوص القانون المدني جاء في خمس مواد اإجماال‪،‬‬
‫حيث وردت في الباب الثاني بعنوان "الشخاص الطبيعية واالعتبارية"‪ ،‬الفصل الول بعنوان "الشخاص‬
‫الطبيعية"(‪ ،)1‬على أن االإحالة اإلى تطبيق قواعد الهلية المنصوص عليها في قانون السرة جاء فرضها بموجب‬
‫المادة ‪ 97‬من القـانون المـدني‪ ،‬ونصها‪ « :‬تسري على القصر وعلى المحجور عليهم وعلى غيرهم من عديمي‬
‫الهليــة أو انقصيــها قواعد الهلية المنصوص عليها في قانون السرة »‪ ،‬وهذه القواعد تتعلق اإجماال‪ ،‬وبحسب‬
‫مضمون المواد المنظمة لحكام الهلية(‪ ،)2‬بـحكم التصرفات القانونية الصادرة عن القاصر (الفرع الول)‪،‬‬
‫المجنون والمعتوه والسفيه (الفرع الثاني)‪ ،‬والمحجور عليهم عامة (الفرع الثالث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حكم التصرفات الصادرة عن القاصر‬
‫تقتضي االإحالة اإلى تطبيق قواعد الهلية المنصوص عليها في قانون السرة الرجوع اإلى الكتاب الثاني‬
‫منه بعنوان "النيابة الشرعية"‪ ،‬ومنه الرجوع اإلى الفصل الول بعنوان "أحكام عامة"‪ ،‬حيث نس تنتج من خالل‬
‫تفحص نصوصه حكم تصرفات الصبيي‪ ،‬سواء أكان مميزا (أوال) أو جرى ترش يده طبقا للقانون (اثنيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حكم التصرفات القانونية الصادرة عن الصيب املميز‬
‫الصبيي المميز هو كل من بلغ سن الثالثة عشرة من عمره ابس تقراء المادة ‪ 6/86‬من القانون المدني‪،‬‬
‫ونصها‪ « :‬يعتبر غير مميز من لم يبلغ ثالث عشرة س نة »‪ ،‬غير أنه لم يبلغ سن الرشد المدني المقررة ابلمادة ‪83‬‬
‫من نفس القانون‪ ،‬ونصها‪ « :‬وسن الرشد تسعة عشر (‪ )57‬س نة كاملة »‪ ،‬فمنه وخالل هذه المرحلة العمرية‬
‫يأخذ الصبيي المميز حكم انقص الهلية(‪.)3‬‬
‫والجدير ابلذكر أن أهلية الداء عند الصبيي المميز تكون محدودة‪ ،‬فهيي تخول له حق التصرف في‬
‫المور التي تعود عليه ابلنفع دون الضرر(‪ ،)4‬وذلك على اعتبار أنه يتمتع بقدر معين من االإدراك والتمييز‪ ،‬مما‬
‫يجعل تصرفاته تخضع لحكام المادة ‪ 60‬من قانون السرة‪ ،‬ونصها‪ « :‬من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد‬
‫طبقا للمادة ‪ 80‬من القانون المدني تكون تصرفاته انفذة اإذا كانت انفعة له‪ ،‬وابطلـة اإذا كانت ضارة به‪ ،‬وتتوقف‬
‫على اإجازة الولي أو الوصي فيما اإذا كانت مترددة بين النفع والضرر‪ ،‬وفي حالة النزاع يرفع المر للقضاء »‪ ،‬وتفصيل‬
‫ذلك أن تصرفات الصبيي المميز على ثالث تصورات‪:‬‬

‫(‪ )1‬أنظر المواد من ‪ 83‬اإلى ‪ 87‬من القانون المدني‪.‬‬


‫(‪ )2‬أنظر المواد من ‪ 65‬اإلى ‪ 68‬من قانون السرة‪.‬‬
‫(‪ )3‬نصت المادة ‪ 80‬من القانون المدني على أنه‪ « :‬كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد‪ ،‬وكل من بلغ سن الرشد وكان‬
‫سفيها أو ذا غفلة‪ ،‬يكون انقص الهلية وفقا لما يقرره القانون »‪.‬‬
‫(‪ )4‬الجياللي عجة‪ ،‬مدخل للعلوم القانونية‪ ،‬الجزء ‪ ،6‬نظرية الحق‪ ،‬برتي للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دون س نة نشر‪ ،‬ص‪.588‬‬
‫‪143‬‬

‫التصور الول‪ :‬أن تكون انفذة متى كانت انفعة له (من دون التنصيص على وصفها ابلنفع المحض)‪،‬‬
‫بحيث ترتب له حقوقا من دون أن تحمله أي التزامات‪ ،‬فيغتني الشخص من دون أي مقابل يتحمل دفعه‪،‬‬
‫ومثاله قبول الصبيي المميز للهبة‪.‬‬
‫التصور الثاني‪ :‬أن تكون ابطلة متى كانت ضارة به (من دون التنصيص على وصفها ابلضرر المحض)‪،‬‬
‫ومثالها الهبة الصادرة من الصبيي المميز للغير‪ ،‬اإذ ابنتقال ملكية الشيء الموهوب للغير تفتقر ذمته المالية‪ ،‬ذلك‬
‫لن الهبة تعد عمال من أعمال التبرع(‪ ،)1‬والتي تقتضي صراحة تمتع الواهب بأهلية التبرع(‪ ،)2‬فهيي تحمله التزامات‬
‫من دون أن تكس به أي حق‪ ،‬اإذ ال عوض يقابلها(‪.)3‬‬
‫ومن أمثلة التصرفات الضارة ضررا محضا‪ ،‬نذكر أيضا الوقف الصادر من الصبيي المميز‪ ،‬فحكمه حكم‬
‫الهبة الصادرة منه أي البطالن المطلق‪ ،‬وهو ما تناولته ابلنص صراحة المـادة ‪ 03‬مـن قانون الوقاف(‪ )4‬بقولها‪:‬‬
‫« وقف الصـبيي غيـر صـحيح مطلقـا‪ ،‬سـواء كـان مميـزا أو غيـر مميـز‪ ،‬ولو أذن بذلك الوصـي »‪.‬‬
‫التصور الثالث‪ :‬أن تتوقف على اإجازة الولي أو الوصي متى كانت مترددة بين النفع والضرر‪ ،‬حيث‬
‫تكسب الصبيي المميز حقوقا وتحمله التزامات‪ ،‬ومثل ذلك عمليات البيع والشراء التي تقوم على احتمال الربح‬
‫والخسارة‪ ،‬فاإذا ابع شيئا يمتلكه‪ ،‬ترتب له الحق في ثمن المبيع من جهة‪ ،‬ووقع عليه االلتزام بنقل ملكيته‬
‫للمشتري من جهة أخرى‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حكم التصرفات القانونية الصادرة عن الصيب املرشد‬
‫يُعرف الترش يد على أنه‪« :‬رخصة من القاضي يصبح بموجبها القاصر المميز أهال للتصرف بنفسه‬
‫ولحسابه في كل أمواله أو في بعضها بحسب مضمون االإذن»(‪ ،)5‬وهذا التعريف اإنما يتوافق والمعنى الوارد في‬
‫المادة ‪ 68‬من قانون السرة‪ ،‬ونصها‪ « :‬للقاضي أن يأذن لمن يبلغ سن التمييز في التصرف جزئيا أو كليا في‬
‫أمواله‪ ،‬بناء على طلب من له مصلحة‪ ،‬وله الرجوع في االإذن اإذا ثبت لديه ما يبرر ذلك»‪.‬‬
‫وقد وردت االإشارة أيضا لنظام الترش يد في القانون المدني من خالل التنصيص على الآاثر المترتبة‬
‫عنه‪ ،‬وذلك بأن جاء النص في المادة ‪ 6/06‬على أنه‪ « :‬غير أنه يكون للقاصر المرشــد موطن خاص ابلنس بة‬
‫للتصرفـات التي يعتبره القانون أهال لمباشرتها »(‪ ،)6‬وتفصيل ذلك أن القاصر ال يمكنه مباشرة أعماله بنفسه بل‬

‫(‪ )1‬وردت في قانون السرة‪ ،‬الكتاب الرابع منه بعنوان "التبرعات (الوصية‪ -‬الهبة‪ -‬الوقف)"‪ ،‬الفصل الثاني منه بعنوان "الهبة"‪.‬‬
‫(‪ )2‬نصت المادة ‪ 630‬من قانون السرة على أنه‪ « :‬يشترط في الواهب أن يكون سليم العقل‪ ،‬ابلغا تسع عشرة (‪ )57‬س نة‬
‫وغير محجور عليه »‪.‬‬
‫(‪ )3‬نصت المادة ‪ 636‬من قانون السرة على أن‪ « :‬الهبــة تمليك بال عوض »‪.‬‬
‫(‪ )4‬القانون رقم ‪ ،53-75‬المؤرخ في ‪ 69‬أبريل ‪ ،5775‬يتعلق ابلوقاف‪ ،‬المعدل والمتمم‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،65‬الصادرة في ‪ 6‬ماي ‪.5775‬‬
‫(‪ )5‬علي فياللي‪ ،‬نظرية الحق‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،6355 ،‬ص‪.657‬‬
‫(‪ )6‬ونصها قبل تعديل س نة ‪ « :6337‬ومع ذلك يكون للقاصر الذي بلغ ثمانية عشر س نة ومن في حكمه له موطن خاص‬
‫ابلنس بة للتصرفات التي يعتبره القانون أهال لمباشرتها »‪ .‬أنظر القانون رقم ‪ ،53-37‬المؤرخ في ‪ 63‬يونيو ‪ ،6337‬يعدل ويتمم‬
‫‪144‬‬

‫يتوالها عنه انئبه القانوني‪ ،‬غير أنه اس تثناء من ذلك ومتى جرى ترش يده طبقا للقانون‪ ،‬يمكنه مباشرة بعض‬
‫التصرفات بنفسه‪ ،‬ويكون له لذلك موطنا خاصا‪.‬‬
‫ومن أمثلة ترش يد الصبيي المميز نذكر ترش يده الإبرام عقد الزواج عمال ابلمادة ‪ 6/9‬من قانون السرة‪،‬‬
‫ونصها‪ « :‬وللقاضي أن يرخص ابلزواج قبل ذلك لمصلحة أو ضرورة ‪ ،» ....‬أي قبل بلوغ سن الزواج المحددة‬
‫بتسعة عشر س نة(‪ ،)1‬فاإن صدر الترخيص ابلزواج‪ ،‬اكتسب الزوج المرشد تبعا لذلك أهلية التقاضي فيما‬
‫يتعلق بأآاثر عقد الزواج من حقوق والتزامات(‪.)2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حكم التصرفات الصادرة عن اجملنون واملعتوه والسفيه‬
‫عمال بحكم المادة ‪ 67‬من قانون السرة‪ ،‬فاإن تصرفات كل من المجنون والمعتوه والسفيه تعتبر غير‬
‫انفذة‪ ،‬على أن تكون قد صدرت في حالة الجنون أو العته أو السفه أي بمعنى صدرت في حالة قيام عوارض‬
‫الهلية المذكورة‪ ،‬غير أنه ابلرجوع للمادة السالفة الذكر‪ ،‬وفي صيغتها ابللغة الفرنس ية‪ ،‬نجدها قد رتبت البطالن‬
‫المطلق على تصرفات كل من المجنون والمعتوه والسفيه‪ ،‬المر الذي يجران للتساؤل حول كيفية تفسير التناقض‬
‫الذي انطوت عليه المادة ‪ 67‬من قانون السرة بين صياغتها ابللغة العربية وصياغتها ابللغة الفرنس ية؟ فضال عن‬
‫ذلك نثير التساؤل عن مدى التناقض الحاصل بين هذه المادة والمادتين ‪ 86‬و‪ 80‬من القانون المدني؟ وهو ما‬
‫س يأتي التفصيل فيه في المبحث الثاني من هذه المداخلة‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬حكم التصرفات الصادرة عن احملجور عليهم‬
‫المقصود ابلمحجور عليه كل من بلغ سن الرشد وهو مجنون‪ ،‬أو معتوه‪ ،‬أو سفيه‪ ،‬أو طرأت عليه‬
‫اإحدى الحاالت المذكورة بعد رشده‪ ،‬فتقرر الحجر عليه بحكم القضاء بناء على طلب أحد أقاربه أو ممن له‬
‫مصلحة أو من النيابة العامة(‪ ، )3‬حيث يكون في هذه الحالة الخيرة قد بلغ سن الرشد المدني اإال أنه طرأ عليه‬
‫عارض من العوارض المذكورة‪ ،‬ومنه تخضع تصرفاته‪ ،‬وسواء صدرت عنه قبل الحجر عليه أو بعده‪ ،‬اإلى حكم‬
‫المادة ‪ 539‬من قانون أسرة‪ ،‬ونصها‪ « :‬تعتبر تصرفات المحجور عليه بعد الحكم ابطلة‪ ،‬وقبل الحكم اإذا كانت‬
‫أس باب الحجر ظاهرة وفاش ية وقت صدورها »‪.‬‬
‫وتفصيل ذلك أن التصرفات التي تصدر بعد الحجر تكون ابطلة بطالان مطلقا‪ ،‬وأما تلك التي تصدر‬
‫قبل الحجر‪ ،‬فالصل فيها أنها صحيحة من حيث المبدأ‪ ،‬وذلك على اعتبار أن المحجور عليه كان يتمتع حينها‬
‫بكامل الهلية‪ ،‬غير أنه اإذا صدرت وأس باب الحجر فيها ظاهرة وفاش ية‪ ،‬يكون حكمها البطالن المطلق‪،‬‬

‫المر رقم ‪ ،76/97‬المؤرخ في ‪ 68‬سبتمبر ‪ ،5797‬يتضمن القانون المدني‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪،88‬‬
‫الصادرة في ‪ 68‬يونيو ‪.6337‬‬
‫(‪ )1‬نصت المادة ‪ 5/9‬من قانون السرة على أنه‪ « :‬تكتمل أهلية الرجل والمرأة في الزواج بتمام ‪ 57‬س نة »‪.‬‬
‫(‪ )2‬نصت المادة ‪ 0/9‬من قانون السرة على أنه‪ « :‬يكتسب الزوج القاصر أهلية التقاضي فيما يتعلق بأآاثر عقد الزواج من‬
‫حقوق والتزامات »‪.‬‬
‫(‪ )3‬أنظر المواد ‪ 536 ،535‬و‪ 530‬من قانون السرة‪.‬‬
‫‪145‬‬

‫وتكون أس باب الحجر ظاهرة وفاش ية على رأي البعض(‪ )1‬متى كانت حالة الجنون أو العته أو السفه معلومة‬
‫ومشهرة لدى عامة الناس‪ ،‬هذا ولو لم يكن المتعاقد مع المحجور عليه عالما بذلك‪ ،‬وبغض النظر عما اإذا كان‬
‫سيء أو حسن النية‪ ،‬فلهذه الس باب تقررت‪ ،‬ومن ابب االس تثناء‪ ،‬حماية المحجور عليه من اس تغالل الغير‬
‫لحالته‪.‬‬
‫الجدير ابلذكر أن الحكم الذي أوردته المادة ‪ 539‬من قانون أسرة يقابله حكم أآخر أوردته المادة ‪67‬‬
‫من قانون السرة‪ ،‬والذي اعتبر تصرفات كل من المجنون والمعتوه والسفيه غير انفذة اإن صدرت في حالة‬
‫الجنون أو العته أو السفه‪ ،‬وهو ما تقرر على رأي البعض(‪ )2‬من دون الربط بقرار الحجر هذا وإاذا كان المقصود‬
‫المرحلة السابقة لقرار الحجر‪ ،‬ومنه تساءل عن االكتفاء بوجود هذه العوارض أم يجب اإثبات أنها ظاهرة وفاش ية‬
‫طبقا للمادة ‪539‬؟ وأما اإن كان هذا الحكم يشمل أيضا مرحلة ما بعد الحجر‪ ،‬فاإن نص المادة ‪ 539‬ال يتسع‬
‫ليشمل هذا االس تثناء‪ ،‬وانتهيى في ذلك اإلى أنه سواء أخذ بهذا التفسير أو ذاك‪ ،‬فاإن أحكام قانون السرة‬
‫تختلف من عدة جوانب عما جاء في القانون المدني‪ ،‬وأن التوفيق بينها أمر عسير وربما مس تحيل‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬مضمون اإلحالة املنصوص عليها بقانون األسرة‬
‫لقد تقدم معنا أن قانون السرة أوجب أيضا االإحالة اإلى تطبيق قواعد الهلية المنصوص عليها في‬
‫القانون المدني‪ ،‬وذلك بأن نصت المادة ‪ 66‬منه على أنه‪ « :‬من لم يبلغ سن التمييز لصغر س نه طبقا للمادة ‪86‬‬
‫من القانون المدني تعتبر جميع تصرفاتـه ابطلـــة »‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 68‬منه على أنه‪ « :‬من بلــغ سن الرشد ولم‬
‫يحجر عليـه يعتبر كامل الهلية وفقا لحكام المادة ‪ 83‬من القانون المدني »‪ ،‬ومنه نس تنتج أن مضمون االإحالة‬
‫في تطبيق قواعد الهلية المنصوص عليها في القانون المدني اإنما يفيد اعتماد سن التمييز كمعيار للحكم على‬
‫تصرفات الصبيي غير المميز (الفرع الول)‪ ،‬وسن الرشد كمعيار يقاس به اكتمال أهلية الشخاص (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬سن التمييز كمعيار للحكم على تصرفات الصيب غري املميز‬
‫الصبيي غير المميز هو من لم يبلغ سن الثالثة عشرة من عمره كما قدمنا في ذلك‪ ،‬حيث ينعدم االإدراك‬
‫والتمييز لديه‪ ،‬وتبعا لذلك يُحكم على التصرفات الصادرة عنه ابلبطالن المطلق عمال ابلمادة ‪ 66‬من قانون‬
‫السرة‪ ،‬وذلك دون النظر فيما كانت هذه التصرفات انفعة له أو ضارة به أو دائرة بين النفع والضرر‪ ،‬فال مجال‬
‫للتفرقة بين التصورات الثالثة كما هو مقرر ابلنس بة للصبيي المميز وعلى النحو الذي قدمنا فيه‪.‬‬
‫يالحظ أن االإحالة اإلى تطبيق قواعد الهلية المنصوص عليها في القانون المدني اإنما تقتضي اعتماد سن‬
‫التمييز كمعيار للحكم ببطالن تصرفات الصبيي غير المميز‪ ،‬وذلك لفقده الهلية عمال ابلمادة ‪ 5/86‬من القانون‬
‫المدني‪ ،‬ونصها‪ « :‬ال يكون أهال لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن أو عته أو جنون‬
‫»‪ ،‬ومنه يس توي في ذلك كل من الصبيي المميز والمعتوه والمجنون‪.‬‬

‫(‪ )1‬علي فياللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.666‬‬


‫(‪ )2‬عبد المجيد زعالني‪ ،‬المدخل لدراسة القانون (النظرية العامة للحق‪ :‬نماذج عن العمال الموجهة‪ ،‬نماذج عن أس ئلة‬
‫االختبارات)‪ ،‬الطبعة ‪ ،0‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،6339 ،‬ص‪.560‬‬
‫‪146‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬سن الرشد كمعيار الكتمال أهلية األشخاص‬


‫أوجبت المادة ‪ 68‬من قانون السرة االإحالة أيضا اإلى تطبيق قواعد الهلية المنصوص عليها في القانون‬
‫المدني‪ ،‬ونخص ابلذكر هنا المادة ‪ 5/83‬من القانون المدني‪ ،‬ونصها‪ « :‬كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه‬
‫العقلية‪ ،‬ولم يحجر عليه‪ ،‬يكون كامل الهلية لمباشرة حقوقه المدنية »‪ ،‬ومنه يتحمل كل ابلغ عاقل غير محجور‬
‫عليه نتائج التصرفات التي يقدم على اإبرامها‪ ،‬ودون النظر اإلى الآاثر التي سترتبها فيما اإذا كانت س تعود عليه‬
‫ابلنفع أو ابلضرر‪ ،‬فهذه المرحلة العمرية تقوم على التمييز واالإدراك الكاملين لدى الشخص‪ ،‬مما يجعله كامل‬
‫أهلية الداء‪.‬‬
‫والجدير ابلذكر أن تصرفات الراشد تكون صحيحة ومنتجة لآاثرها من الناحية القانونية‪ ،‬كما أنه ال يمكن‬
‫الطعن فيها بحجة عدم التمييز‪ ،‬كأن يكون الراشد أثناء اإبرام العقد في حالة سكر أو أن يدعي حالة ضعف‬
‫نفسي أو اضطراب عقلي‪ ،‬في حين أنه لم يحجر عليه(‪.)1‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬تفسري اإلحالة يف تطبيق قواعد األهلية بني قانون األسرة والقانون‬
‫املدني‬
‫انطالقا من االإحالة في تطبيق قواعد الهلية بين قانون السرة والقانون المدني‪ ،‬والتي جاء التفصيل في‬
‫مضمونها ضمن المبحث الول‪ ،‬فاإنه يتعين تفسير هذه االإحالة بين القانونين‪ ،‬على أن نس تعرض النصوص القانونية‬
‫التي انطوت على تناقض الحكام التي تبنتها (المطلب الول)‪ ،‬والتي كانت سببا في اختالف الفقه الجزائري‬
‫حول تفسير االإحالة بين القانونين (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬نظرة يف تناقض األحكام حمل اإلحالة بني قانون األسرة والقانون‬
‫املدني‬
‫ترتب على االإحالة بين قانون السرة والقانون المدني التناقض الصارخ بين النصوص القانونية(‪ ،)2‬ونظرا‬
‫لس بق التعرض للبعض منها‪ ،‬س نقتصر في هذا المطلب على ذكر التناقض الحاصل بين المادة ‪ 60‬من قانون‬
‫السرة والمادة ‪ 535‬من القانون المدني (الفرع الول)‪ ،‬وكذا المادة ‪ 67‬من قانون السرة والمادتين ‪ 86‬و‪ 80‬من‬
‫القانون المدني (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التناقض بني املادة ‪ 60‬من قانون األسرة واملادة ‪ 535‬من القانون املدني‬
‫تصرفات الصبيي المميز على ثالث تصورات كما قدمنا في ذلك‪ ،‬حيث تناولتها المادة ‪ 60‬من قانون‬
‫السرة مخالفة بذلك المادة ‪ 535‬من القانون المدني‪ ،‬فهذه الخيرة لم تقم التمييز بين التصرفات النافعة‪ ،‬الضارة‪،‬‬
‫وتلك المترددة بين النفع والضرر‪ ،‬كما أنها قضت بنقص الهلية كأحد أس باب المطالبة ابإبطال العقد(‪ ،)3‬والعقد‬

‫(‪ )1‬علي فياللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.656‬‬


‫(‪ )2‬نذكر منها على سبيل المثال التناقض المسجل بين المادتين ‪ 60‬و‪ 66‬من قانون السرة‪.‬‬
‫(‪ )3‬ونصها‪ « :‬يسقط الحق في اإبطال العقد اإذا لم يتمسك به صاحبه خالل خمس (‪ )7‬س نوات‪ .‬ويبدأ سراين هذه المدة‪ ،‬في‬
‫حال نقص الهلية من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب‪.» .... ،‬‬
‫‪147‬‬

‫المقصود هنا هو العقد الذي يدور بين النفع والضرر‪ ،‬فهو عقد صحيح منتج لآاثره اإال أنه مهدد ابلزوال‪ ،‬وذلك‬
‫في حال أن طلب الصبيي المميز اإبطاله بعد بلوغه سن الرشد القانونية‪ ،‬على أن حقه في ذلك يزول بمضي المدة‬
‫المقررة قانوان(‪.)1‬‬
‫من هذا المنطلق تصدى الفقه الجزائري للتناقض القائم بين المادة ‪ 60‬من قانون السرة والمادة ‪535‬‬
‫من القانون المدني‪ ،‬فالس تاذ الدكتور الجياللي عجة ذهب اإلى القول(‪ « :)2‬بعدم قابلية هذا التصرف ل إالجازة‬
‫متى كان قابال ل إالبطال »‪ ،‬ما يس تفاد منه تأييده الحكم القاضي بقابلية التصرف الدائر بين النفع والضرر ل إالبطال‪،‬‬
‫على أن تستبعد اإجازته اإن لم يكن قابال ل إالبطال في الصل‪ ،‬ولقد أضاف قوله أيضا(‪ « :)3‬وهذا االس تنتاج في‬
‫الواقع يتناقض مع نص المادة ‪ 60‬من قانون السرة التي تنص على أن التصرفات الدائرة بين النفع والضرر تتوقف‬
‫على اإجازة الولي أو الوصي‪ ،‬وهنا نكون أمام اس تنتاجين هما‪:‬‬
‫– االإقرار بوجود تعارض بين القانون المدني وقانون السرة‪ ،‬ذلك لن القانون المدني يحكم ابلبطالن النس بيي‬
‫للتصرف فحسب‪ ،‬بينما قانون السرة يوقف نفاذ التصرف على اإجازة الولي أو الوصي‪.‬‬
‫– أو تطبيق قاعدة الخاص يقيد العام‪ ،‬وفي هذه الحالة يعد قانون السرة في مرتبة الخاص الذي يقيد أحكام‬
‫القانون المدني على اعتبار أنه في مرتبة العام أو الشريعة العامة‪ ،‬وهذا االس تنتاج هو الصلح استنادا اإلى المادة‬
‫‪ 88‬مدني‪ ،‬والتي تتضمن اإحالة ضمنية اإلى قانون السرة بشأن الحكام المتعلقة ابلقصر »‪.‬‬
‫وأما الس تاذ الدكتور علي فياللي‪ ،‬فانتهج مسلكا مغايرا‪ ،‬وذلك بأن رجح الحكم ببطالن التصرف الدائر‬
‫بين النفع والضرر من خالل قوله(‪ )4‬بـأن‪ « :‬الحل القرب اإلى الصواب‪ ،‬والذي يسمح بتجاوز التناقض بين‬
‫النصوص القانونية هو بطالن التصرفات الدائرة بين النفع والضرر‪ ،‬وحجته في ذلك أن أحكام أهلية الداء التي‬
‫يس تخلص منها أن القاعدة العامة أو المبدأ في اكتساب أهلية الداء هو بلوغ سن الرشد‪ ،‬فيصبح الشخص‬
‫أهال للتعاقد ويباشر ما يشاء من التصرفات »‪.‬‬
‫وأما الس تاذ الدكتور علي علي سليمان‪ ،‬فانطلق في تفسير التناقض بين النصين من فكرة العقد الموقوف‬
‫المعروفة في الشريعة االإسالمية(‪ ،)5‬والتي ورد تجس يدها في المادة ‪ 60‬من قانون السرة دون المادة ‪ 535‬من‬

‫(‪ )1‬أنظر المواد ‪ 533‬و‪ 535‬من القانون المدني‪.‬‬


‫(‪ )2‬الجياللي عجة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.589‬‬
‫(‪ )3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.589‬‬
‫(‪ )4‬علي فياللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.658-650‬‬
‫(‪ )5‬وهو العقد الذي يبرمه الصبيي المميز والمندرج ضمن التصرفات الدائرة بين النفع والضرر‪ ،‬حيث اختلف فقهاء الشريعة‬
‫االإسالمية حول صحته من عدمها‪ ،‬وانقسموا لذلك اإلى قائل بصحته غير أنه ينعقد موقوفا على اإجازة الولي أو الصبيي نفسه بعد‬
‫بلوغه (من هذا الرأي نذكر الحنفية ووافقهم المالكية والحنابلة)‪ ،‬وقائل ببطالنه (من هذا الرأي نذكر الشافعية والحنابلة في‬
‫الرواية الثانية عنهم)‪ .‬لكثر تفاصيل أنظر‪ :‬خالد عجالي‪ ،‬نظرية العقد الموقوف في الفقه االإسالمي وتطبيقاتها في القانون المدني‬
‫الجزائري (دراسة مقارنة)‪ ،‬رسالة ماجس تير‪ ،‬تخصص عقود ومسؤولية‪ ،‬جامعة أمحد بوقرة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم التجارية‪،‬‬
‫بومرداس‪ ،‬الجزائر‪ ،6337 ،‬ص ص‪.63-97‬‬
‫‪148‬‬

‫القانون المدني‪ ،‬ومنه ارتأى فك التناقض بين النصين بقوله(‪ « :)1‬ولذا فاإنه يحسن ابلمشرع الجزائري أن يوفق‬
‫عنده اإعادة النظر في القانون المدني بين أحكام القانونين‪ ،‬فأما أن يأخذ بفكرة العقد الموقوف‪ ،‬فال يكون هناك‬
‫محل لطلب االإبطال‪ ،‬وال لسقوط الحق فيه‪ ،‬وأما أن يأخذ بأحكام القانون المدني التي تعتبر هذا العقد صحيحا‬
‫ومنتجا لكل أآاثره حتى يتقرر اإبطاله بحكم القضاء »‪.‬‬
‫وأضاف الس تاذ الدكتور علي علي سليمان قوله أيضا(‪ « :)2‬وإاذا أخذ بفكرة العقد الموقوف المنصوص‬
‫عليها ابلمادة ‪ 60‬من قانون السرة‪ ،‬فينبغي أن يضيف اإليها أن للصبيي المميز الحق في اإجازة هذا العقد بعد‬
‫بلوغه سن الرشد اإذا لم يقره وليه أو وصيه قبل ذلك‪ ،‬مع مالحظة أن نص المادة ‪ 60‬من قانون السرة يتكلم‬
‫عن االإجازة والصحيح هو االإقرار »‪.‬‬
‫وفي ذات الس ياق ذهبت الس تاذة الدكتورة زواوي فريدة اإلى القول(‪ « :)3‬وال شك أنه يس تحسن‬
‫الخذ بفكرة العقد الموقوف بدل العقد القابل ل إالبطال »‪ ،‬وأضافت قائلة‪ « :‬وال بد من تعديل القانون المدني‬
‫على هذا الساس‪ ،‬وال يمكن أن يتم ذلك بقانون السرة‪ ،‬لن القانون المدني قانون خاص ابلنس بة للتصرفات‬
‫المالية‪ ،‬وال يمكن تعديله أو اإلغائه اإال بقانون الحق وخاص ابلتصرفات المالية‪ ،‬وقانون السرة ليس كذلك »‪.‬‬
‫يالحظ في معرض بيان الآراء المذكورة مدى اختالفها حول حكم التصرف الدائر بين النفع والضرر‬
‫بين قانون السرة والقانون المدني‪ ،‬غير أن ترجيح ما ذهبت اإليه الس تاذة الدكتورة زواوي فريدة لمر جدير‬
‫ابلعناية(‪ ،)4‬كيف ال وهي تس تحسن الخذ بفكرة العقد الموقوف المعروف في الشريعة االإسالمية؟ كما أنها من‬
‫هذا المنطلق حسمت قولها بوجوب تعديل القانون المدني ال قانون السرة‪ ،‬وذلك على اعتبار المجال الذي‬
‫يعنى بتنظيمه أي مجال التصرفات المالية‪.‬‬
‫واس تكماال لذلك‪ ،‬فاإنه يتعين الخذ أيضا برأي الس تاذ الدكتور علي علي سليمان الذي سلك هذا‬
‫االتجاه‪ ،‬غير أنه اقترح لذلك االإضافة المتعلقة ابلمادة ‪ 60‬من قانون السرة‪ ،‬والتي تقضي بمنح الصبيي المميز‬
‫الحق في اإجازة العقد الموقوف بعد بلوغه سن الرشد اإذا لم يقره وليه أو وصيه قبل ذلك‪ ،‬على أن يستبدل‬

‫(‪ )1‬علي علي سليمان‪ ،‬النظريــــة العامــــة لاللتــزام (مصـــادر االلتـــزام في القانــون المـــدني الجزائــري)‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،5776 ،‬ص ص‪.73-87‬‬
‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫(‪ )3‬فريدة محـمدي (زواوي)‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية (نظرية الحق)‪ ،CEDOC ،‬دون س نة نشر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫(‪ )4‬ولقد أكدت على ضرورة الخذ بفكرة العقد الموقوف بقولها أيضا‪ .... « :‬وإاذا كان يجب الخذ في هذا المجال ابلقانون‬
‫المدني‪ ،‬لنه هو الصل ابلنس بة للتصرفات القانونية‪ ،‬اإال أن فكرة العقد الموقوف جديرة ابالعتبار اإذ تجعل التصرف ال أثر له‬
‫قبل اإجازة الولي له‪ ،‬ويعتبر هذا عمال وقائيا‪ ،‬فال تظل التصرفات قابلة ل إالبطال مدة معينة »‪ .‬أنظر‪ :‬فريدة محـمدي (زواوي)‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪149‬‬

‫مصطلح االإجازة ابالإقرار(‪ ،)1‬فاالإجازة تصرف قانوني من جانب واحد‪ ،‬وهي تحمل معنى التنازل عن الحق في‬
‫طلب اإبطال العقد(‪.)2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التناقض الوارد بني املادة ‪ 67‬من قانون األسرة واملادتني ‪ 86‬و‪ 80‬من القانون‬
‫املدني‬
‫تتوجب االإشارة بداية اإلى لمادة ‪ 67‬من قانون السرة في صيغتها ابللغة العربية‪ ،‬ونصها‪ « :‬تعتبر تصرفات‬
‫المجنون‪ ،‬والمعتوه والسفيه غير انفذة اإذا صدرت في حالة الجنون‪ ،‬أو العته‪ ،‬أو السفه »‪ ،‬كما تتوجب االإشارة‬
‫لها في صغتها ابللغة الفرنس ية‪ ،‬ونصهــــا‪:‬‬
‫‪« Les actes d'une personne atteinte de démence, d'imbécilité, ou de prodigalité,‬‬
‫‪accomplis sous l'empire de l'un de ces états sont nulles ».‬‬
‫ومنه يظهر التناقض بوضوح بين الصيغتين العربية والفرنس ية‪ ،‬حيث قضت الولى بعدم نفاذ التصرفات الصادرة‬
‫في حالة الجنون أو العته أو السفه‪ ،‬بينما قضت الثانية ببطالنها بطالان مطلقا‪.‬‬
‫وابلرجوع لقواعد الهلية المنصوص عليها ابلقانون المدني‪ ،‬نجد المادة ‪ 5/86‬قد عدمت أهلية صغير‬
‫السن لفقدانه التمييز‪ ،‬وألحقت به كل من المعتوه والمجنون لذات العلة‪ ،‬فأخذت تصرفات (سواء كانت انفعة‬
‫له أو ضارة به أو مترددة بين النفع والضرر) صغير السن (من لم يبلغ سن التمييز) حكم البطالن المقرر ابلمادة‬
‫‪ 66‬من قانون السرة‪ ،‬بينما أخذت تصرفات المعتوه والمجنون حكم عدم النفاذ المقرر ابلمادة ‪ 67‬من قانون‬
‫السرة في صيغتها ابللغة العربية‪ ،‬والتي أوجبت أن تكون التصرفات قد صدرت منهم والعارض (حالة الجنون‬
‫أو العته) قائم‪ ،‬بينما أخذت حكم البطالن المقرر ابلمادة ‪ 67‬السالفة الذكر في صيغتها ابللغة الفرنس ية‪ ،‬هذا‬
‫وألحقت بهما السفيه‪ ،‬وحكمت على تصرفاته بذات الحكم الذي يسري على تصرفات المجنون والمعتوه‬
‫(البطالن)‪.‬‬
‫وأما المادة ‪ ،80‬فقضت بنقص أهلية القاصر المميز (وهو من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد)‪،‬‬
‫وألحقت به الراشد الذي به سفه أو غفلة‪ ،‬على أن يكون ذلك وفقا لما يقرره القانون‪ ،‬وهو ما يفيد االإحالة‬
‫الضمنية لتطبيق قواعد الهلية المنصوص عليها في قانون السرة‪ ،‬كما هو ظاهر في المادة ‪ 88‬من القانون‬
‫المدني‪ ،‬ونصها‪ « :‬يخضع فاقدوا الهلية‪ ،‬وانقصوها‪ ،‬بحسب الحوال لحكام الوالية‪ ،‬أو الوصاية‪ ،‬أو القوامة‬
‫ضمن الشروط ووفقا للقواعد المقررة في القانون »‪.‬‬
‫ومنه تخضع تصرفات القاصر المميز للحكم المقرر ابلمادة ‪ 60‬من قانون السرة‪ ،‬وذلك بأن تكون انفذة‬
‫اإذا كانت انفعة له وابطلة اإذا كانت ضارة به‪ ،‬وتتوقف على اإجازة الولي اإذا كانت مترددة بين النفع والضرر‪،‬‬
‫بينما تخضع تصرفات المعتوه والسفيه للحكم المقرر ابلمادة ‪ 67‬السالفة الذكر أي عدم النفاذ في صيغتها ابللغة‬
‫العربية والبطالن في صيغتها ابللغة الفرنس ية‪.‬‬

‫(‪ )1‬علي علي سليمان‪ ،‬النظريــــة العامــــة لاللتــزام (مصـــادر االلتـــزام في القانــون المـــدني الجزائــري)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫(‪ )2‬أنظر المادة ‪ 533‬من القانون المدني‪.‬‬
‫‪150‬‬

‫والذي يثار في هذا الس ياق من تساؤل اإنما يتعلق ابلراشد الذي به غفلة‪ ،‬فما هو الحكم الذي ينطبق‬
‫على التصرفات الصادرة منه والعارض (حالة الغفلة) قائم؟ أو ابلحرى لما لم يظهر له أثر ضمن قواعد الهلية‬
‫المنصوص عليها في قانون السرة؟ هذا وإان كانت المادة ‪ 666‬من قانون السرة قد أوجبت االإحالة اإلى أحكام‬
‫الشريعة االإسالمية‪ ،‬وذلك بأن نصت على أنه‪ « :‬كل ما لم يرد النص عليه في هذا القانون يرجع فيه اإلى أحكام‬
‫الشريعة االإسالمية »‪.‬‬
‫ويثار التساؤل أيضا حول أهلية الراشد الذي به سفه؟ ذلك لن المادة ‪ 80‬قضت بنقص أهليته‪،‬‬
‫فحكمه حكم القاصر المميز‪ ،‬بينما ساوت المادة ‪ 66‬من قانون السرة بينه وبين المعتوه والمجنون‪ ،‬وشأن الجميع‬
‫شأن صغير السن‪ ،‬حيث يعتبر جميعهم عديمي الهلية‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬االختالف الفقهي حول تفسري اإلحالة بني قانون األسرة والقانون املدني‬
‫الجدير ابلذكر أن االإحالة في تطبيق قواعد الهلية بين قانون السرة والقانون المدني اإحالة متبادلة كما‬
‫قدمنا في ذلك‪ ،‬وقد تفيد هذه االإحالة اإحدى التصورين‪ ،‬فاإما أن يكون قانون السرة مكمال للقانون المدني‪،‬‬
‫وذلك على اعتبار أنه الكثر حداثة في الصدور ابلمقارنة مع القانون المدني (الفرع الول)‪ ،‬وإاما أنه يس تقل عن‬
‫القانون المدني‪ ،‬وذلك على اعتبار المجال الذي يعنى بتنظيمه كل قانون على حدا(‪( )1‬الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تفسري العالقة بني قانون األسرة والقانون املدني بالتكاملية‬
‫أن يكون قانون السرة جزءا مكمال للقانون المدني لتفسير االإحالة بينهما ليس اإال تصورا اعتمده بعض‬
‫الفقه الجزائري‪ ،‬كما أنه حظي ابلتأييد والترحيب من قبل بعض الباحثين المتخصصين (أوال)‪ ،‬هذا وإان كان‬
‫البعض الآخر يرى بضرورة توافر جملة من الشروط للقول بفكرة التكامل بين القانونين (اثنيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التكامل بني قانون األسرة والقانون املدني‬
‫انطالقا من االإحالة المقررة بين قانون السرة والقانون المدني‪ ،‬وما تمخض عنه من تناقض صارخ بين‬
‫النصوص القانونية‪ ،‬خاصة ما تعلق منها ابلمادة ‪ 60‬من قانون السرة والمادة ‪ 535‬من القانون المدني‪ ،‬ذهب‬
‫الس تاذ الدكتور علي علي سليمان اإلى تفسير ذلك بقوله(‪ « :)2‬أن أحكام تقنين السرة ال تعدو أن تكون سوى‬

‫(‪ )1‬وهناك من له وجهة نظر مختلفة‪ ،‬كونه انطلق من اعتبار أن « القانون المدني شريعة عامة واجبة التطبيق في كل ما لم يرد‬
‫بشأنه نص في فروع القانون الخاص الخرى‪ ،‬وهو يتضمن المبادئ القانونية العامة التي تشترك فيها هذه الفروع‪ ،‬منها ما يتعلق‬
‫بتعريف الشخاص ومنها ما يتعلق الش ياء وتقس يمها‪ ،‬وهو كثيرا ما يتدخل ليورد بعض القواعد التي تدخل بطبيعتها في أحد‬
‫فروع القانون الخاص الخرى‪ ،‬وليس ذلك اإال لقلة هذه القواعد وعدم كفايتها لتكوين تقنين مس تقل »‪ .‬أنظر‪ :‬محــمد سعيد‬
‫جعفور‪ ،‬مدخل اإلى العلوم القانونية‪ ،‬الجزء الول‪ ،‬الوجيز في نظرية القانون‪ ،‬الطبعة ‪ ،56‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،6355 ،‬ص‪.75‬‬

‫(‪ )2‬علي علي سليمان‪ ،‬ضرورة اإعادة النظر في القانون المدني الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،5776 ،‬ص‬
‫ص‪-65‬‬
‫‪.66‬‬
‫‪151‬‬

‫جزءا مكمال للتقنين المدني‪ ،‬ومنه ال يمكن القول بأن القانون المدني شريعة عامة وقانون السرة تشريع خاص‬
‫لتطبيق قاعدة الخاص يقيد العام ويلغيه‪ ،‬كما ال يمكن القول بأن التقنين المدني سابق وتقنين السرة الحق‬
‫الإعمال القاعدة الفقهية التي تقضي بأن الالحق ينسخ السابق لنفس االعتبار »‪.‬‬
‫وفي ذات الس ياق انتهج بعض الباحثين المتخصصين المسلك نفسه‪ ،‬بأن تبنى التصور القائل بأن قانون‬
‫السرة جزء مكمل للقانون المدني(‪ ،)1‬وهو التصور الذي يجد له تكريسا حقيقيا بمقتضى االإحالة المقررة ابلقانون‬
‫المدني اإلى قانون السرة‪ ،‬وذلك في أكثر من مادة‪ ،‬نذكر منها على سبيل المثال ال الحصر المواد ‪،998 ،05‬‬
‫‪ ،)2( 997‬فهذه المواد جميعها أحالت اإلى تطبيق أحكام قانون السرة‪ ،‬هذا ولو اختلفت حول تسميته‪ ،‬فالمادة‬
‫‪ 05‬أوردت تسمية "‪ ....‬التشريع العائلي ‪ ،"....‬بينما أوردت المادة ‪ 998‬تسمية "‪ ....‬قانون الحوال الشخصية‬
‫‪ ،"....‬والمادة ‪ 997‬تسمية "‪ ....‬قانون الحوال الشخصية والقوانين المتعلقة بها ‪."....‬‬
‫ثانيا‪ :‬موجبات التكامل بني قانون األسرة والقانون املدني‬
‫لن يتحقق التكامل بين قانون السرة والقانون المدني‪ ،‬فاإنه يس توجب توافر جملة من الشروط نوردها‬
‫لهميتها(‪:)3‬‬
‫‪ )5‬أن ينظم كال القانونين مواضيع تدخل في ذات المجال‪ ،‬فالقانون المدني ينظم في الساس المعامالت المالية‬
‫وبعض المواضيع المتعلقة ابلحوال الشخصية‪ ،‬بينما ينظم قانون السرة الحوال الشخصية‪ ،‬مما يفترض معه‬
‫تحقق التكامل بين القانونين في المواضيع المتعلقة ابلحوال الشخصية‪ ،‬غير أن قانون السرة تعدى نطاق ذلك‬
‫ليشمل المعامالت المالية‪ ،‬بأن تضمن مثال القواعد التي تحكم تصرفات عديمي وانقصي الهلية‪.‬‬
‫‪ )6‬أن يحقق التكامل بين القانونين مبتغاه‪ ،‬وذلك بأن يكون هناك انسجام بين النصوص القانونية‪ ،‬غير أن‬
‫نصوص قانون السرة كثيرا ما تعارضت مع نصوص القانون المدني‪ ،‬بل أكثر من ذلك تناقضت مع بعضها البعض‪.‬‬
‫‪ )0‬أن يتم ضبط وتوحيد المصطلحات المس تعملة في كال القانونين‪ ،‬وهو ما لم يتحقق سواء على صعيد القانون‬
‫المدني أو قانون السرة‪ ،‬فالعديد من المصطلحات وردت بشكل عشوائي ضمن نصوص القانون المدني كما‬
‫قدمنا في ذلك‪ ،‬مثل "قانون الحوال الشخصية"‪" ،‬قانون السرة" و"التشريع العائلي"‪ ،‬كما وردت وبشكل‬
‫عشوائي أيضا في قانون السرة‪ ،‬مثل "عدم النفاذ" و"البطالن"‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬ومادامت هذه الشروط غير محققة‪ ،‬فاإنه يتعذر القول ابلتكامل بين قانون السرة والقانون‬
‫المدني‪ ،‬كيف والتناقض بين النصوص القانونية صارخ؟ وذلك سواء بين نصوص قانون السرة ونصوص القانون‬
‫المدني أو بين الصياغتين العربية والفرنس ية ابلنس بة للنص الواحد؟‬

‫(‪ )1‬لكثر تفاصيل أنظر‪ :‬خالد عجالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.66‬‬


‫(‪ )2‬حمزة قتال‪ ،‬سمير ش يهاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.579-578‬‬
‫(‪ )3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.576‬‬
‫‪152‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬استقاللية قانون األسرة عن القانون املدني‬


‫على نقيض التصور القاضي ابلتكامل بين قانون السرة والقانون المدني‪ ،‬تبنى بعض الفقه الجزائري‬
‫والباحثين المتخصصين فكرة اس تقاللية القانونين عن بعضهما البعض (أوال)‪ ،‬وهي الفكرة المجسدة فعال‪ ،‬والتي‬
‫لها مظاهر ش تى يتعين تبيانها لهميتها القصوى (اثنيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬االجتاه املؤيد الستقاللية قانون األسرة عن القانون املدني‬
‫اإن اس تقاللية قانون السرة عن القانون المدني لفكرة القت التأييد أيضا من قبل بعض الفقه الجزائري‪،‬‬
‫وحجته في ذلك أن أحكام قانون السرة مس تمدة من الشريعة االإسالمية‪ ،‬المر الذي كرس ته المادة ‪ 666‬بأن‬
‫أوجبت االإحالة اإلى تطبيق أحكام الشريعة االإسالمية في حال غياب النص التشريعي(‪ ،)1‬وهذا أمر اثبت ال‬
‫محالة‪ ،‬كما أن القانونين معا يشتركان في ذات المصدر المادي(‪.)2‬‬
‫غير أن الس تاذ الدكتور علي فياللي يرى بأن القانون المدني عبارة عن مجموعة قواعد عامة‪ ،‬وأن‬
‫أحكامه تسري على قانون السرة‪ ،‬لكن عند الحاجة‪ ،‬فأحكام قانون السرة المتعلقة ابلهلية‪ ،‬وعقد الزواج‪،‬‬
‫والرضا المعيب‪ ،‬والنسب وغير ذلك‪ ،‬هي أحكام خاصة س بق النص عليها ابلقانون المدني‪ ،‬والحسن في ذلك‬
‫أن المواد ‪ 66‬و‪ 60‬من قانون السرة تجد مرجعيتها في المواد ‪ 86‬و‪ 80‬من القانون المدني(‪.)3‬‬
‫والذي نستشفه من هذا الرأي في شقه (والحسن في ذلك أن المواد ‪ 66‬و‪ 60‬من قانون السرة تجد‬
‫مرجعيتها في المواد ‪ 86‬و‪ 80‬من القانون المدني) أنه جعل من القانون المدني مصدرا لقانون السرة‪ ،‬حيث يتم‬
‫اللجوء اإلى أحكامه اس تثناء أي عند الحاجة‪ ،‬المر الذي قد يقودان اإلى تفسير ذلك ابلقصور في أحكام الشريعة‬
‫االإسالمية‪ ،‬وهذا تفسير ال يتقبله عاقل‪ ،‬لذا يتعين استبعاده‪.‬‬
‫وفي ذات الس ياق اندت الس تاذة الدكتورة مـحمدي فريدة بضرورة تعديل القانون المدني كقانون خاص‬
‫ابلنس بة للتصرفات المالية‪ ،‬اإذ ال يمكن تعديله أو اإلغائه اإال بقانون الحق وخاص ابلتصرفات المالية‪ ،‬وقانون‬
‫السرة ليس كذلك‪ ،‬فال يمكن أن يتم ذلك بقانون السرة(‪ ،)4‬من هذا المنطلق يمكن القول بأنه يتعذر تحقيق‬

‫‪)1( Voir: Ali Filali, « La codification du droit de la famille: une harmonisation Aléatoire du‬‬
‫‪droit Algérien », Séries spéciales colloques & séminaires, La cohabitation des systèmes‬‬
‫‪juridiques dans le droit Algérien et les approches régionales du droit, colloque international,‬‬
‫‪24 & 25/11/2015, Université d' Alger 1, pp111-112.‬‬
‫(‪ )2‬أنظر المادة الولى من القانون المدني الجزائري‪.‬‬
‫‪)3( « ….Le code civil est le droit commun et que ses dispositions s'appliquent au droit de la‬‬
‫‪famille, en tant que de besoin. Par ailleurs, les dispositions du code de la famille relatives à la‬‬
‫‪capacité, au contrat de mariage, au consentement vicié, à la filiation et autres, sont des‬‬
‫‪applications particulières déjà énoncées par le code civil. Mieux encore, les articles 82 et 83 du‬‬
‫‪code de la famille font référence aux articles 42 et 43 de code civil ». Voir: Ali Filali, Op.Cit,‬‬
‫‪p112.‬‬
‫(‪ )4‬فريدة محـمدي (زواوي)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫‪153‬‬

‫التكامل بين القانونين بل أنه يتعين الفصل بينهما‪ ،‬بحيث يختص كل قانون بمجال معين‪ ،‬فيعنى لذلك القانون‬
‫المدني ابلمعامالت المالية جملة وتفصيال‪ ،‬بينما يعنى قانون السرة ابلحوال الشخصية‪.‬‬
‫وأما في س ياق تبني حل وسطي بين هذا وذاك‪ ،‬اقترح البعض أن تكون االإحالة بموجب نصوص‬
‫القانون المدني اإلى النصوص القانونية الخاصة ابلتصرفات المالية(‪ ،)1‬على أن نستشهد في ذلك ابلقانون المدني‬
‫القطري الذي نص في مادته ‪ 7‬على أنه‪ « :‬يخضع فاقدو الهلية وانقصوها لحكام الوالية على المال المقررة في‬
‫قوانين خاصة »(‪ ،)2‬ما يس تفاد منه االإحالة اإلى القانون رقم ‪ 83‬لس نة ‪ 6338‬يتعلق ابلوالية على أموال القصر(‪،)3‬‬
‫والذي عمل على ضبط جملة المفردات ذات الصلة في الباب الول بعنوان "أحكام عامة"‪ ،‬كالقاصر‪ ،‬الصغير‬
‫غير المميز‪ ،‬الصغير المميز‪ ،‬الراشد ‪ .....‬الوالية‪ ،‬الوصاية‪ ،‬القوامة)‪ ،‬ثم تناول في الباب الثاني بعنوان "النيابة‬
‫الشرعية" أحكام الوالية والوصاية والقوامة‪ ،‬وفي الباب الثالث بعنوان "اإدارة أموال القاصرين" أحكام االإذن‬
‫القضائي ببيع أموال القاصر وشراءها وغير ذلك من االإذن للقاصر بتسلم بعض أمواله الإدارتها أو االإتجار فيها‪،‬‬
‫يليه الباب الرابع بعنوان "العقوابت والحكام الختامية"‪ ،‬بأن تناول النص على العقوابت المقررة لمخالفة الحكام‬
‫المذكورة‪.‬‬
‫والجدير ابلذكر أن المادة ‪ 5/8‬من القانون المدني الجزائري نصت على أنه‪ « :‬تسري القوانين المتعلقة‬
‫ابلهلية على جميع الشخاص الذين تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها »‪ ،‬مما قد يستشف منه أن المشرع‬
‫الجزائري ربما كان يريد اإصدار قانون خاص ابلهلية‪ ،‬وهو أيضا ما قد يستشف ضمنا من المادة ‪ 88‬من نفس‬
‫القانون‪ ،‬ونصها‪ « :‬يخضع فاقدوا الهلية‪ ،‬وانقصوها‪ ،‬بحسب الحوال لحكام الوالية‪ ،‬أو الوصاية‪ ،‬أو القوامة‬
‫ضمن الشروط ووفقا للقواعد المقررة في القانون »‪ ،‬على أنه لم يتم ذكر القانون الواجب الرجوع اإليه بموجب‬
‫االإحالة‪ ،‬فلو أراد به المشرع قانون السرة لفصح عن ذلك صراحة‪ ،‬كما فعل في العديد من النصوص السالف‬
‫ذكرها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مظاهر استقاللية قانون األسرة عن القانون املدني‬
‫يمكن اإجمال مظاهر اس تقاللية قانون السرة عن القانون المدني في النقاط الآتي ذكرها‪:‬‬
‫‪ )5‬االختالف الواضح بين القانونين من حيث المجاالت التي ينظمها كل منهما على حدا‪ ،‬فقانون السرة يعنى‬
‫بتنظيم مجال العالقات بين أفراد السرة عمال ابلمادة الولى من قانون السرة‪ ،‬ونصها‪ « :‬تخضع جميع العالقات‬
‫بين أفراد السرة لحكام هذا القانون »‪ ،‬بينما يغطي القـانون المـدني‪ ،‬في الساس وابعتباره الشريعة العامة‬
‫لفروع القانون الخاص الخرى‪ ،‬المعامالت المالية التي تتم بين أفراد المجتمع عامة‪.‬‬

‫(‪ )1‬حمزة قتال‪ ،‬سمير ش يهاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.633‬‬


‫)‪ )2‬القانون رقم ‪ 66‬لس نة ‪ ،6338‬المؤرخ في ‪ 03‬جوان ‪ ،6338‬يتضمن القانون المدني‪ ،‬الجريدة الرسمية لدولة قطر‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،55‬الصادرة في ‪ 6‬أغسطس ‪.6338‬‬
‫)‪ )3‬القانون رقم ‪ 83‬لس نة ‪ ،6338‬المؤرخ في ‪ 58‬ديسمبر ‪ 6338‬بشأن الوالية على أموال القاصرين‪ ،‬الجريدة الرسمية لدولة‬
‫قطر‪ ،‬العدد ‪ ،36‬الصادرة في‪ 57.‬فبراير ‪.6337‬‬
‫‪154‬‬

‫‪ )6‬االختالف الواضح بين القانونين من حيث مصادر كل منهما على حدة(‪ ،)1‬فقانون السرة يجد مصدره أساسا‬
‫في الشريعة االإسالمية عمال ابلمادة ‪ 666‬من قانون السرة‪ ،‬بينما تعددت مصادر القانون المدني كما هي واردة‬
‫ابلمادة الولى منه‪ ،‬ونصها‪ « :‬يسري القانون على جميع المسائل التي تتناولها نصوصه في لفظها أو في فحواها‪.‬‬
‫وإاذا لم يوجد نص تشريعي‪ ،‬حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة االإسالمية‪ ،‬فاإذا لم يوجد فبمقتضى العرف‪.‬‬
‫فاإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالــة »‪.‬‬
‫خامتـــة املداخلة‪:‬‬
‫لقد خلصنا في ختام هذه المداخلة‪ ،‬والتي انصب موضوعها على االإحالة في تطبيق أحكام الهلية بين‬
‫القـانون المـدني وقانون السرة‪ ،‬اإلى أن كال القانونين وابعتبارهما من فروع القانون الخاص قد اشتركا في هذا‬
‫الشأن‪ ،‬فباتت أحكام الهلية موزعة بينهما‪ ،‬وأن االإحالة من هذا القانون اإلى ذاك كان مألها التناقض الصارخ‬
‫بين النصوص القانونية‪ ،‬بل أكثر من ذلك التناقض بين النص الواحد بصيغتيه العربية والفرنس ية‪ ،‬فضال عن‬
‫التناقض المسجل على مس توى المفردات المس تعملة‪.‬‬
‫النتائج‪:‬‬
‫من جملة النتائج التي توصلنا اإليها في هذه الدراسة‪ ،‬نذكر بخاصة‪:‬‬
‫‪ )5‬أن قواعد الهلية موزعة بين قانون السرة والقانون المدني‪ ،‬ومرد ذلك االإحالة المقررة بموجب كل قانون‬
‫على حدى‪.‬‬
‫‪ )6‬أن اختالف قواعد الهلية بين قانون السرة والقانون المدني اثبت ال محالة‪ ،‬مما يتعذر معه القول ابلتوفيق‬
‫بينها‪.‬‬
‫‪ )0‬أن قواعد الهلية المنصوص عليها في قانون السرة أولى ابلتطبيق في اعتقادان‪ ،‬وذلك لالعتبارات الآتي‬
‫ذكرها‪:‬‬
‫‪ -‬حداثة صدوره ابلمقارنة مع القانون المدني‪.‬‬
‫‪ -‬االإحالة المقررة ضمنا بموجب المادة ‪ 88‬من القانون المدني‪ ،‬من اإخضاع فاقدي الهلية وانقصيها‪ ،‬بحسب‬
‫الحوال‪ ،‬لحكام الوالية‪ ،‬أو الوصاية‪ ،‬أو القوامة ضمن الشروط ووفقا للقواعد المقررة في القانون‪.‬‬
‫‪ -‬االإحالة المقررة صراحة بموجب المادة ‪ 97‬من القانون المدني‪ ،‬من اإخضاع القصر والمحجور عليهم وغيرهم‬
‫من عديمي الهلية أو انقصيها لقواعد الهلية المنصوص عليها في قانون السرة‪.‬‬
‫‪ )8‬أن االختالف الفقهيي حول تفسير العالقة بين قانون السرة والقانون المدني مرده التناقض الصارخ بين‬
‫نصوصهما‪ ،‬بل أكثر من ذلك التناقض الصارخ ابلنس بة للنص الواحد في صيغتيه العربية والفرنس ية‪ ،‬مما ترتب‬
‫عنه االنقسام في الرأي بين قائل ابلتكامل بين القانونين وقائل ابس تقاللية كل قانون عن الآخر‪.‬‬

‫(‪ )1‬على أن يؤخذ في االعتبار التوجه الديني الذي يغلب على واضعي قانون السرة دون القانون المدني‪ .‬لكثر تفصيل أنظر‪:‬‬
‫حمزة قتال‪ ،‬سمير ش يهاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.577‬‬
‫‪155‬‬

‫‪ )7‬أن المشرع الجزائري لطالما سكت عن التناقض الحاصل بين نصوص قانون السرة والقانون المدني‪ ،‬في‬
‫حين أنه كان ابإمكانه تدارك ذلك بتعديل هذه النصوص القانونية حال تعديله للقانونين معا س نة ‪.6337‬‬
‫التوصيات‪:‬‬
‫على ضوء النتائج التي توصلنا إاليها نوصي بما يلي‪:‬‬
‫‪ )5‬تعديل القانون المدني على أن يكون ابإدراج نص يقضي ابالإحالة اإلى القوانين المتعلقة ابلهلية‪ ،‬ومنه نقترح‬
‫النص التالي‪ « :‬يخضع فاقدو الهلية وانقصوها لحكام الوالية على المال المقررة في قوانين خاصة »‪.‬‬
‫‪ )6‬اإصدار قانون خاص وشامل لقواعد الهلية الخاصة ابلقصر‪ ،‬وذلك تطبيقا للنص المقترح‪.‬‬
‫‪ )0‬الخذ ابلفكرة الكثر ترجيحا‪ ،‬وهي فكرة العقد الموقوف‪ ،‬وذلك ابلتنصيص عليها في قانون خاص مثلما‬
‫قدمنا في ذلك‪.‬‬
‫‪ )8‬الخذ بعين االعتبار ابالإضافة المتعلقة ابلصبيي المميز‪ ،‬وذلك ابلتنصيص على حقه في اإجازة هذا العقد بعد‬
‫بلوغه سن الرشد اإذا لم يقره وليه أو وصيه قبل ذلك‪.‬‬
‫‪ )7‬االإعتبار من التناقض الصارخ بين نصوص قانون السرة والقانون المدني‪ ،‬وذلك بمراعاة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الحرص في اختيار المفردات الالزمة عند صياغة النص القانوني‪.‬‬
‫‪ -‬اإشراك متخصصين في اللغة والترجمة لصياغة النص القانوني‪.‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‪:‬‬
‫‪ -I‬املصادر‬
‫أوال‪ :‬النصوص القانونية‬
‫أ) القوانني‬
‫‪ )5‬القانون رقم ‪ ،55-68‬المؤرخ في ‪ 7‬يونيو ‪ ،5768‬يتضمن قانون السرة‪ ،‬المعدل والمتمم‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ ،68‬الصادرة في ‪ 56‬يونيو ‪.5768‬‬
‫‪ )6‬القانون رقم ‪ ،53-75‬المؤرخ في ‪ 69‬أبريل ‪ ،5775‬يتعلق ابلوقاف‪ ،‬المعدل والمتمم‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ ،65‬الصادرة في ‪ 6‬ماي ‪.5775‬‬
‫‪ )0‬القانون رقم ‪ 66‬لس نة ‪ ،6338‬المؤرخ في ‪ 03‬جوان ‪ ،6338‬يتضمن القانون المدني‪ ،‬الجريدة الرسمية لدولة‬
‫قطر‪ ،‬العدد ‪ ،55‬الصادرة في ‪ 6‬أغسطس ‪.6338‬‬
‫‪ )8‬القانون رقم ‪ 83‬لس نة ‪ ،6338‬المؤرخ في ‪ 58‬ديسمبر ‪ 6338‬بشأن الوالية على أموال القاصرين‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية لدولة قطر‪ ،‬العدد ‪ ،36‬الصادرة في‪ 57.‬فبراير ‪.6337‬‬
‫‪ )7‬القانون رقم ‪ ،53/37‬المؤرخ في ‪ 63‬يونيو ‪ ،6337‬يعدل ويتمم المر رقم ‪ ،76/97‬المؤرخ في ‪ 68‬سبتمبر‬
‫‪ ،5797‬يتضمن القانون المدني‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ ،88‬الصادرة في ‪ 68‬يونيو ‪.6337‬‬
‫ب) األوامر‬
‫‪ -5‬المر رقم ‪ ،76-97‬المؤرخ في ‪ 68‬سبتمبر ‪ ،5797‬يتضمن القانون المدني‪ ،‬المعدل والمتمم‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ ،96‬الصادرة في ‪ 03‬سبتمبر ‪.5797‬‬
‫‪156‬‬

‫‪ -II‬املراجع‬
‫أ) الكتب‬
‫‪ )5‬علي علي سليمان‪ ،‬ضرورة اإعادة النظر في القانون المدني الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.5776‬‬
‫‪ )6‬ــــــــــــــــــــــــــ‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام (مصـادر االلتزام في القانون المـدني الجزائري)‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.5776 ،‬‬
‫‪ )0‬عبد المجيد زعالني‪ ،‬المدخل لدراسة القانون (النظرية العامة للحق‪ :‬نماذج عن العمال الموجهة‪ ،‬نماذج عن‬
‫أس ئلة االختبارات)‪ ،‬الطبعة ‪ ،0‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.6339 ،‬‬
‫‪ )8‬علي فياللي‪ ،‬نظرية الحق‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬الجزائر‪.6355 ،‬‬
‫‪ )7‬الجياللي عجة‪ ،‬مدخل للعلوم القانونية‪ ،‬الجزء ‪ ،6‬نظرية الحق‪ ،‬برتي للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دون س نة نشر‪.‬‬
‫‪ )8‬فريدة محـمدي (زواوي)‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية (نظرية الحق)‪ ،CEDOC ،‬دون س نة نشر‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ )9‬محــمد سعيد جعفور‪ ،‬مدخل اإلى العلوم القانونية‪ ،‬الجزء الول‪ ،‬الوجيز في نظرية القانون‪ ،‬الطبعة ‪ ،56‬دار‬
‫هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،6355 ،‬ص‪.75‬‬
‫ب) الرسائل اجلامعية‬
‫‪ )5‬خالد عجالي‪ ،‬نظرية العقد الموقوف في الفقه االإسالمي وتطبيقاتها في القانون المدني الجزائري (دراسة مقارنة)‪،‬‬
‫رسالة ماجس تير‪ ،‬تخصص عقود ومسؤولية‪ ،‬جامعة أمحد بوقرة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم التجارية‪ ،‬بومرداس‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،6337 ،‬ص ص‪.63-97‬‬
‫ج) املقاالت العلمية‬
‫‪ )5‬حمزة قتال‪ ،‬سمير ش يهاني‪" ،‬عالقة القانون المدني بقانون السرة‪ :‬قواعد الهلية نموذجا"‪ ،‬حوليات جامعة‬
‫الجزائر‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ،0‬ص‪.576‬‬
‫د) املداخالت‬
‫‪5( Ali Filali, «La codification du droit de la famille: une harmonisation Aléatoire‬‬
‫‪du droit Algérien», Séries spéciales colloques & séminaires, La cohabitation des‬‬
‫‪systèmes juridiques dans le droit Algérien et les approches régionales du droit,‬‬
‫‪colloque international, 24 & 25/11/ 2015, Université d' Alger 1.‬‬
‫‪157‬‬ ‫جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

‫حدود انفتاح قضاء شؤون األسرة على مبادئ وقواعد القانون املدني‪:‬‬
‫خصوصيات إعمال قواعد املسؤولية املدنية على الروابط األسرية "أمنوذجا"‬

‫‪The limits of the family’s judiciary’s openness to the principles and rules of civil law:‬‬
‫"‪The peculiarities of implementing the rules of civil responsibility on family ties as a "model‬‬

‫طاهري حيي وبن هربي عبد احلكيم‬


‫خمرب قانون األسرة وكلية احلقوق‪ ،‬جامعة اجلزائر‪1‬‬
‫‪HAKIMBENHEBRI@YAHOO.FR-www.tahriyahia19061988@gmail.com‬‬

‫امللخص باللغة العربية‪:‬‬


‫إن أأهمية كل موضوع تبرز من خالل ما يطبعه قانون إ ألسرة من خصوصية تتمثل في تبني نصوصه‬
‫إلتعويض في مسائل إ ألسرة ‪،‬في محاولة تحليل ودرإسة مدى تطبيق قوإعد إلقانون إلمدني على موضوعي‬
‫إلخطبة وإنحالل إلرإبطة إلزوجية ‪ ،‬وذلك من خالل إلعمل على تحديد إلطبيعة إلقانونية لهما في قانون إ ألسرة‪،‬‬
‫مع قياس درجة تأأثرها بمبادئ إلقانون إلمدني‪ ،‬خاصة ما يتعلق ابلتعويض في حالة إلعدول عن إلخطبة ودرإسة‬
‫إلطبيعة إلقانونية لها في محاولة لتأأصيل إلتعويض‪ ،‬على ضوء إلفقه إلسالمي وإلقوإعد إلعامة في إلقانون إلمدني‪،‬‬
‫خاصة إلمسؤولية إلمدنية بشقيها إلعقدي وإلتقصيري‪ ،‬إلى جانب إلتطرق لعتماد قوإعد إلمسؤولية إلمدنية بشقيها‬
‫إلعقدي وإلتقصيري في إنهاء إلعالقة إلزوجية‪ ،‬من خالل درإسة إلمسؤولية إلعقدية في إطار إلتطليق لالخالل‬
‫بشرط من شروط عقد إلزوإج‪ ،‬ابلضافة إلى إعتماد إلمسؤولية إلتقصيرية أأو إلمسؤولية إلعقدية في مجال فك‬
‫إلرإبطة إلزوجية بناء على إرإدة إلزوج أأو بطلب من إلزوجة بمفهوم إلمادة ‪ 84‬من قانون إ ألسرة‪ ،‬وإلذي يبدو‬
‫من خالل هذه إلمقتضيات‪ ،‬إنفتاح إلمشرع على قوإعد إلقانون إلمدني خاصة نظام إلمسؤولية إلمدنية‪ ،‬غير أأن‬
‫هذإ إ ألمر ل يمكن إلحسم فيه‪ ،‬إذ لبد من إلرجوع إلى إلفقه إلسالمي وإلتقصي في ترإثه إلفقهيي عن إمكانية‬
‫إلتعويض على ضوء مقاصد إلشريعة إلسالمية إلقائمة على إلعدل وإلنصاف نظرإ لخصوصية إلفرع إلقانوني إلمنظم‬
‫ل ألسرة إلذي يحتم إلحذر من تمديد إلقوإعد إلعامة للمسؤولية إلمدنية‪ ،‬في نطاق إلروإبط إ ألسرية في حالة إذإ‬
‫ما كانت تتعارض مع خصوصيتها لختالفها جذراي عن إلروإبط إلمدنية إ ألخرى وإلروإبط إلمالية‪.‬‬

‫الكلمات املفتاحية‪ :‬إلمسؤولية إلتقصيرية‪ ،‬إلمسؤولية إلعقدية‪ ،‬إلعدول عن إلخطبة‪ ،‬إنحالل‬


‫إلرإبطة إلزوجية‪.‬‬
‫‪key words:‬‬ ‫‪tort liability, contractual liability, engagement, The dissolution of‬‬
‫‪the marital bond.‬‬
‫‪158‬‬

‫مقدمة املداخلة‪:‬‬

‫حديثا عن عالقة إلقانون إلمدني بقانون إ ألسرة فال أأحد يجادل في أأن إلقانون إلمدني يعد ابلشريعة‬
‫إلعامة للقوإنين‪ ،‬بحيث يتم إلرجوع إليه كلما لم يكن هناك نص على مسأألة معينة في ابقي إلقوإنين ذإت إلصلة‬
‫به ومن بينها قانون إ ألسرة‪ ،‬فبالرغم من وجود إختالف بينهما من حيث إلمصدر إلمادي غير أأن قانون إ ألسرة‬
‫يحمل في طياته عدة نصوص مرتبطة ابلقانون إلمدني‪ ،‬ما يجعل من إلعالقة بينهما تترإوح ما بين إلتقريب‬
‫وإلس تقاللية‪.1‬‬
‫تكمن أأهمية موضوع خصوصيات إلقوإعد إلمدنية في قانون إ ألسرة في محاولة تأأصيل إلتعويض في‬
‫إلروإبط إ ألسرية على ضوء إلفقه إلسالمي وإلقوإعد إلعامة في إلقانون إلمدني‪ ،‬خاصة إلمسؤولية إلمدنية بشقيها‬
‫إلعقدي وإلتقصيري‪ ،‬لس يما و أأن قانون إ ألسرة تبنى من خالل نصوصه إلتعويض في مسائل إ ألسرة وفكرة‬
‫إلتعسف في إس تعمال إلحق وقوإعد إلمسؤولية إلتقصيرية‪..‬‬

‫تظهر هذه إلخصوصية في درإسة وتحليل مدى تطبيق قوإعد إلقانون إلمدني على موضوع إلخطبة‪،‬وذلك‬
‫من خالل إلعمل على تحديد إلطبيعة إلقانونية لها في قانون إ ألسرة‪ ،‬مع قياس درجة تأأثرها بمبادئ إلقانون إلمدني‪،‬‬
‫خاصة فيما تعلق ابلتعويض في حالة إلعدول عن إلخطبة‪ ،‬ودرإسة إلطبيعة إلقانونية لها‪ ،‬ومدى تجس يد قوإعد‬
‫إلمسؤولية إلمدنية في مجال إلخطبة إلتي عمل إلمشرع وإلقضاء على إدخالها في إلروإبط إ ألسرية‪،‬يضاف إلى‬
‫ذلك أأن قانون إ ألسرة وإلقانون إلمدني كالهما ينظم إلعالقات إلتي تنشأأ بين إ ألفرإد وتتمثل بعض نقط إلتالقي‬
‫بين هذين إلقانونين في مبد أأ سلطان إلرإدة‪.‬‬
‫كما تظهر أأيضا في إلتطرق لعتماد قوإعد إلمسؤولية إلمدنية بشقيها إلعقدي وإلتقصيري في إنهاء إلعالقة‬
‫إلزوجية‪،‬من خالل درإسة إلمسؤولية إلعقدية في إطار إلتطليق لالخالل بشرط من شروط عقد‬
‫إلزوإج‪،‬ابلضافة إلى إعتماد إلمسؤولية إلتقصيرية أأوإلمسؤولية إلعقدية في مجال فك إلرإبطة إلزوجية بناء على‬
‫إرإدة إلزوج أأو بطلب من إلزوجة بمفهوم إلمادة ‪ 84‬من قانون إ ألسرة‪ ،‬وإلذي يبدو من خالل هذه إلمقتضيات‬
‫إنفتاح إلمشرع على قوإعد إلقانون إلمدني خاصة نظام إلمسؤولية إلمدنية‪.‬‬
‫غير أأن هذإ إ ألمر ل يمكن إلحسم فيه‪ ،‬إذ لبد من إلرجوع إلى إلفقه إلسالمي وإلتقصي في ترإثه‬
‫إلفقهيي عن إمكانية إلتعويض على ضوء مقاصد إلشريعة إلسالمية إلقائمة على إلعدل وإلنصاف نظرإ لخصوصية‬
‫إلفرع إلقانوني إلمنظم ل ألسرة إلذي يحتم إلحذر من تمديد إلقوإعد إلعامة للمسؤولية إلمدنية في نطاق إلروإبط‬
‫إ ألسرية في حالة ما إذإ تعارضت مع خصوصيتها لختالفها جذراي عن إلروإبط إلمدنية وإلمالية إ ألخرى‪.‬‬

‫‪ 1‬حمزة قتال‪ ،‬سمير ش يهاني‪ ،‬عالقة إلقانون إلمدني بقانون إ ألسرة‪ :‬قوإعد إ ألهلية نموذجا‪ .‬حوليات جامعة إلجزإئر‪ ،6102 ،‬عدد‬
‫‪ ،10‬ص ‪.048‬‬
‫‪159‬‬

‫ومن هذإ إلمنطلق يمكن إلقول أأن درإسة أأي مادة من موإد قانون إ ألسرة وفقا لهذإ إلتنوع في إلمرجعيات‬
‫ل يمكن أأن ينطلق من مسلمة إعتناق مرجعية أأحادية‪ ،‬بل لبد من إلتعمق في مختلف إلمرجعيات إلتي تحكم‬
‫إلموإد موضوع إلدرإسة بغية معرفة مدى إعتمادها على مرجعية معينة أأو أأخرى‬
‫تهدف إلدرإسة إلحالية إلى محاولة إلفصل في إشكالية مدى إس تقالل قانون وقضاء إ ألسرة على إلقانون‬
‫إلمدني‪ ،‬وتبيان حدود إنفتاح قانون إ ألسرة إلجزإئري على إلقانون إلمدني من خالل إلبحث في إلشكالية إلتالية‪:‬‬
‫إلى أأي حد يمكن إعمال إلقوإعد إلمدنية في قضااي إ ألسرة؟ و أأين تتجلى حدود تطبيقها في قضاء شؤون‬
‫إ ألسرة؟‬
‫أأمام تنوع موإضيع إلقضاء إ ألسري‪ ،‬فحال لالشكالية إلبحثية عمدان قصرها على موضوعين‪ ،‬يكمن أأولهما‬
‫في موضوع إلخطبة‪ ،‬ويكمن اثنيهما في إنحالل إلرإبطة إلزوجية‪ ،‬وعلى ذلك تم تخصيص إلمبحث إ ألول من‬
‫هذه إلدرإسة لتبيان دور قضاء شؤون إ ألسرة في إعمال قوإعد إلمسؤولية إلمدنية في مجال إلخطبة‪ ،‬وتم تخصيص‬
‫إلمبحث إلثاني لتبيان دور قضاء شؤون إ ألسرة في إعمال قوإعد إلمسؤولية إلمدنية عند إنحالل إلرإبطة إلزوجية‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬دور قضاء شؤون األسرة يف إعمال قواعد املسؤولية يف جمال اخلطبة‬

‫لقد عرف إلمشرع إلجزإئري إلخطبة ونظم أأحكامها بموجب أأحكام إلمادتين ‪ 10‬و‪ 12‬من قانون إ ألسرة‪،‬‬
‫و أأمام إلقصور إلتشريعي في تنظيم أأحكامها‪ ،‬فان ذلك فتح مجال للجدل إلفقهيي حولها؛ س نقتصر درإستنا إلحالية‬
‫في موضوع إلخطبة على مسأألتين فرعيتن‪ ،‬تكمن أأولهما في إلبحث عن إلتكييف إلفقهيي وإلقانوني للخطبة‪،‬‬
‫وتكمن اثنيهما في إلبحث عن أأساس إلتعويض عن ضرر إلعدول عن إلخطبة في إلفقه إلسالمي وإلقانون‬
‫إلوضعي إلجزإئري‪ ،‬وذلك من خالل ما يلي‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬التكييف الفقهي والقانوني للخطبة‬

‫إلخطبة قانوان هي وعد ابلزوإج‪ ،‬وإن كان إلبعض يعتبرها وعد من نوع خاص‪ ،‬يخضع لشروط خاصة‬
‫من حيث إلشروط وإلآاثر‪ 1‬تفاداي للخلط بين إلوعد ابلزوإج وبين إلوعد ابلتعاقد إلمنظم بموجب أأحكام إلمادتين‬
‫‪ 10‬و‪ 16‬من إلقانون إلمدني‪ ،2‬غير أأن إلجانب إلنظري في هذه إلمسأألة يختلف‪ ،‬إذ نجد من إلفقه من يضفي‬
‫على إلخطبة إلصبغة إلعقدية‪ ،‬في حين نجد من إلبعض إلآخر من ينفيها عنها‪.‬‬

‫‪ 1‬إلعربيي بلحاج‪ ،‬إلطبيعة إلقانونية للخطبة‪ ،‬إلمجلة إلجزإئرية للعلوم إلقانونية‪ ،‬إلقتصادية وإلس ياس ية‪ ،‬عدد ‪ ،10‬ص ‪.606‬‬
‫‪ 2‬فركوس دليلة وجمال عياشي‪ ،‬محاضرإت في قانون إ ألسرة "إنعقاد إلزوإج"‪ ،‬دإر إلخلدونية‪ ،‬إلجزإئر‪ ،6102 ،‬ص‪.00-01‬‬
‫‪160‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الصبغة العقدية للخطبة‬


‫تقوم إلنظرية إلعقدية للخطبة على إلمفهوم إلعادي للعقد وإ ألركان إلعامة إلتي يقوم على أأساسها‪ ،‬فاذإ كان‬
‫إلعقد هو توإفق إرإدتين أأو أأكثر من أأجل إحدإث أأثر قانوني‪ ،‬فتطبيقا لهذه إلقاعدة على إلخطبة يتضح لنا أأن‬
‫إلوعد ابلزوإج يس توفي كل إلشروط إلعقدية فيها ومن ذلك تطابق إرإدتي إلرجل وإلمر أأة أأو من ينوب عنهما‬
‫قانوان على إلتوإعد ابلزوإج تمهيدإ لستساغة عقد إلزوإج وتنفيذه‪ ،‬وينبغي أأن يكون إليجاب وإلقبول عند قيام‬
‫إلخطبة صحيحين‪ ،1‬وإل كانت إلخطبة غير صحيحة لنعدإم صحة إلرضا وسالمته(‪.)2‬‬
‫كما يجب أأن يكون محل إلعقد في إلخطبة مشروعا غير مخالف للنظام إلعام وإ ألخالق إلحميدة‪،‬‬
‫بحيث يكمن في إلتوإعد اببرإم عقد إلزوإج في إلمس تقبل‪ ،‬ابلضافة إلى ضرورة إحترإم أأهلية إلتعاقد في‬
‫إلخطيبين أأو من ينوب عنهما قانوان وعدم وقوعها في إحدى إلعوإرض إلمعدمة أأو إلمنقصة ل ألهلية‪ ،‬أأما إلسبب‬
‫فيكمن في إلعدإد لذلك إلزوإج وإلتمهيد له من خالل فترة من إلختبار يمارسها إلطرفان(‪ ،)3‬فالخطبة بهذإ‬
‫إلمعنى تتوفر على كل إ ألركان وإلشروط إلمطلوبة في كافة إلعقود إلمدنية‪ ،‬كما أأن إلخطبة عقد يرتب إلتزإما‬
‫بعمل معين‪ ،‬يلتزم بمقتضاه كل من إلخطيبين ابتمام إلزوإج في إلمس تقبل وإذإ لم يقم أأحدهما ابلوفاء ابلتزإمه‬
‫تحول إلتزإمه إلى تعويض‪ ،‬فهو عقد صحيح ملزم شأأنه في ذلك شأأن كافة إلعقود إلملزمة للطرفين‪ ،‬إل أأنه يخول‬
‫لكل طرفيه إلحق في إلغائه ابرإدته إلمنفردة‪ ،‬وإذإ تم هذإ إلنهاء بدون سبب‪ ،‬كان إنهاء تعسفيا مكوان لخطأأ‬
‫يعرض من قام به إلى إللتزإم بتعويض إلطرف إلآخر(‪.)4‬‬
‫حديثا عن إلمسؤولية إلمدنية في إلخطبة‪ ،‬فان أأنصار هذه إلنظرية إقتصروإ إلتعويض في حالة إلعدول‬
‫عن إلخطبة على إس تحقاق إلطرف إلمتضرر من هذإ إلعدول للتعويض بما لحقه من ضرر نتيجة عدول إلطرف‬
‫إ ألخر‪ ،‬فالقول ابلنظرية إلعقدية للخطبة قد يتوإفق مع ما تنص عليه بعض إلتشريعات من أأن إلخطبة تعتبر‬
‫عقدإ‪ ،‬إل أأنه يصطدم مع ما ينص عليه إلبعض إلآخر من أأن إلخطبة ل تعتبر عقدإ‪ ،‬إضافة إلى أأن إلعقد ل‬
‫يمكن إلغاؤه إل ابرإدة إلطرفين‪ ،‬وإذإ ما تم إلغاؤه من طرف وإحد إلتزم هذإ إ ألخير بتعويض ما قد يترتب عن‬
‫هذإ إلعمل من ضرر‪.5‬‬

‫‪ 1‬من خالل إرإدة سليمة وغير معيبة بأأحد عيوب إلرضا وإلرإدة‪.‬‬
‫‪ 2‬سليمان مرقس‪ ،‬إلمسؤولية إلمدنية في تقنيات إلبالد إلعربية إلقسم إ ألول إ ألحكام إلعامة‪ ،‬أأركان إلمسؤولية‪ ،‬إلضرر وإلخطأأ‬
‫وإلعالقة إلس ببية‪ ،‬مطبعة إلجبالوي‪ ،‬مصر‪ ،0840 ،‬ص‪.06‬‬
‫‪ 3‬محمد إلمنصف بوقرة‪ ،‬خوإطر حول إلطبيعة إلقانونية للخطبة‪ ،‬إلمجلة إلقانونية إلتونس ية‪ ،‬عدد خاص‪ ،0840 ،‬ص‪.81‬‬
‫‪ 4‬توفيق حسن فرج‪ ،‬إلطبيعة إلقانونية للخطبة و أأساس إلتعويض في حالة إلعدول عنها‪ ،‬مجلة إلحقوق للبحوث إلقانونية‬
‫وإلقتصادية كلية إلحقوق بجامعة إلسكندرية‪ ،‬إلس نة إلحادية عشر‪ ،0826/0820 ،‬عدد ‪ 10‬و‪ ،18‬ص‪.06‬‬
‫‪ 5‬موحى س يدي أأعمر‪ ،‬خصوصيات إلقوإعد إلمدنية في مدونة إ ألسرة ‪-‬من خالل إلزوإج وإنحالل ميثاقه‪ ،‬رسالة نيل إلدكتورإه‬
‫في إلقانون إلخاص‪ ،‬مركز درإسات إلدكتورإه في إلقانون وإلقتصاد وإلتدبير‪ ،‬مخبر قانون إ ألسرة وإلهجرة‪ ،‬كلية إلعلوم إلقانونية‬
‫وإلقتصادية وإلجتماعية‪ ،‬جامعة محمد إ ألول‪ ،‬وجدة‪ ،6100-608 ،‬ص‪.82‬‬
‫‪161‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الصبغة غري العقدية للخطبة‬

‫وفقا لهذإ إلمنظور فال تعدو أأن تكون إلخطبة مجرد وعد ابلزوإج في إلمس تقبل ول يترتب على إلعدول‬
‫عنها أأي مسؤولية من جانب إلطرف إلعادل عنها‪ ،‬ووفقا ألنصار إلنظرية غير إلعقدية فان إلوعد ابلزوإج يكتسي‬
‫صفة إلوإقعة إلقانونية إلبحتة إلمجردة من أأية صبغة إلزإمية ول قيمة قانونية لها‪ ،‬بل هي مجرد إلزإم أأدبيي‪ ،‬فاذإ‬
‫ما تم إلعدول عن إتمام إلزوإج فان هذإ ل يعد خرقا لتفاق قانوني بينهما‪ ،‬ذلك أأنه من غير إلممكن أأن نجبر‬
‫إلخطيبين على إتمام إلوعد ابلزوإج وإبرإمه‪ ،‬فذلك يشكل ضغطا على حرية إلرإدة في إبرإم عقد إلزوإج‪ ،‬وتهديدإ‬
‫غير مباشر على إلخطيبين من إلناحية إلمادية‪ ،‬ولذلك فانكار إلطابع إللزإمي للوعد ابلزوإج و تجريده منه إعتمادإ‬
‫على مبد أأ حرية إلختيار في إبرإم عقد إلزوإج يشكل إلمبد أأ إ ألساسي في إنجاح إلوعد ابلزوإج و ترجمته إلى‬
‫عقد زوإج صحيح مبني على إلترإضي و إلحرية في إلختيار بين إلطرفين‪ ،‬فحرية إلختيار ل ينبغي تقييدها بأأي‬
‫قيد نظرإ لتعلقها ابلنظام إلعام(‪ )1‬ولكونها تشكل إلمنطلق إ ألساسي في إبرإم عقد إلزوإج إلصحيح إلذي قوإمه‬
‫إلمحبة و إلمودة و إنشاء أأسرة مس تقرة تحث رعاية إلزوجين‪ ،‬وعلى ذلك نجد بعض إلفقه(‪ )2‬يرى أأن إلخطبة‬
‫ليست عقدإ ملزما بل مجرد وعد ابلزوإج ل يتجاوز حدود إللتزإم إ ألدبيي إلذي يمهد لمرحلة تمهيدية يتعرف‬
‫فيها إلخطيبين على بعضهما وعلى إلصفات إلتي يتمتع بها كل منهما‪ ،‬وإلتي يمكن أأن تكون أأساسا لحياة زوجية‬
‫سعيدة ومس تقرة(‪.)3‬‬
‫يرى هذإ إلتجاه بأأن إلخطبة مجرد وعد ابلزوإج غير ملزم‪ ،‬يجوز ألي من طرفيه أأن يعدل عنه ابلرإدة‬
‫إلمنفردة متى شاء ذلك من غير قيد أأو شرط ودون إلحاجة إلى إلقول ببطالن إلوعد ابلزوإج‪ ،‬وذلك إنطالقا‬
‫من أأن مبد أأ حرية إلزوإج يقتضي حقيقة أأن ل تكون إلخطبة عقدإ ملزما بل مجرد وعد ل يجوز ألي من‬

‫‪ 1‬وقد جاء في قول أأحد إلفقهاء إلفرنس يين في هذإ إلطار ما يلي‪:‬‬
‫‪« Tout promesse de mariage est nulle comme « contraire à l’ordre publique qui exige que la‬‬
‫‪liberté des parties reste entière ; absolue dégagé de toute contrainte au moment de la‬‬
‫‪célébration » (trib. Civil sein 4 mai 1943 gaz. pal.1943.1.283.‬‬
‫و تجدر إلشارة إلى أأن هذإ إلقول أأورده عزيز إلمعايزي إليمالحي في إلصفحة ‪ 68‬من مؤلفه إلمعنون ابلطبيعة إلقانونية للخطبة‬
‫وأآاثرها في مدونة إ ألسرة ‪.‬‬
‫‪GUYRAYMOND : collection dirigée par J.L CUVELIER et C.LECLERCIA droit civil 3ème‬‬
‫‪édition 1996, Litec , p 512.‬‬
‫‪ 2‬محمد يوسف موسى‪ ،‬أأحكام إ ألحوإل إلشخصية في إلفقه إلسالمي‪ ،‬مطبعة مؤسسة إلخانجي‪ ،‬إلقاهرة‪ ،‬مصر‪0802 ،‬‬
‫ص‪.84‬‬
‫وإنظر أأيضا في نفس إلتجاه‪ :‬عز إلدين إلديناصوري وعبد إلحميد إلشوإربيي " إلمسؤولية إلمدنية في ضوء إلفقه وإلقضاء "‬
‫إلمطبعة إلحديثة للطباعة إلقاهرة‪ ،‬إلطبعة ‪ ،6111 ،11‬ص‪.0014‬‬
‫‪ 3‬عزيز كاظم جبر‪ ،‬إلضرر إلمرتد وتعويضه في إلمسؤولية إلتقصيرية درإسة مقارنة‪ ،‬مطبعة مكتبة دإر إلثقافة للنشر‬
‫وإلتوزيع‪،‬إ ألردن‪ ،‬إلطبعة إ ألولى‪ ،0884 ،‬ص‪.001‬‬
‫‪162‬‬

‫إلخطيبين أأن يتحلل منه‪ ،‬دون أأن يرتب إلعدول عن هذإ إلوعد أأي إلتزإم في ذمة إلعادل لتعويض إلطرف‬
‫إلمتخلى عنه ألن إ ألول مارس حقه(‪.)1‬‬
‫وإلجدير ابلذكر أأن جل إلتشريعات إلحديثة تبنت إلنظرية غير إلعقدية للخطبة ومنها إلتشريع إلجزإئري‪ ،‬حيث‬
‫نص هذإ إ ألخير في إلمادة ‪ 10‬من قانون إ ألسرة أأن إلخطبة وعد ابلزوإج‪ ،‬وليست بزوإج ويدخل في حكمها‬
‫قرإءة إلفاتحة وما جرت به إلعادة وإلعرف من تبادل إلهدإاي (‪ ،)2‬حيث إعتبر إلمشرع في إلمادة ‪ 12‬من نفس‬
‫إلقانون أأن إقترإن إلفاتحة ابلخطبة ل يعد زوإجا‪ ،‬غير أأن إقترإن إلفاتحة ابلخطبة بمجلس إلعقد يعتبر زوإجا متى‬
‫توإفر ركن إلرضا وشروط إلزوإج إلمنصوص عليها في إلمادة ‪ 18‬مكرر من هذإ إلقانون‪.‬‬
‫إن إعتبار إلخطبة مجرد وعد ابلزوإج ليست له أأية قوة ملزمة ما هو إل تأأكيد لمبد أأ حرية إلرضا في‬
‫إبرإم عقد إلزوإج إلذي يخول لكال إلخطيبين إمكانية عدم إتمام إلزوإج وإلعدول عن إلخطبة قبل إبرإم عقد‬
‫إلزوإج في شكله إلقانوني‪ ،‬غير أأن هذإ ل يعني أأن ل تترتب أأية مسؤولية عن إ ألضرإر إلتي يمكن أأن تنتج عن‬
‫هذإ إلعدول‪.3‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬أساس التعويض عن ضرر العدول عن اخلطبة يف الفقه اإلسالمي‬
‫والقانون الوضعي اجلزائري‬

‫تنتهيي إلخطبة في إ ألحوإل إلعادية اببرإم عقد إلزوإج‪ ،‬إل أأنه قد يطر أأ على تلك إلعالقة ما يجعلها تنتهيي‬
‫دون أأن تؤدي إلغرض إلذي وجدت من أأجله أأساسا‪ ،‬وإذإ كان إلنتهاء إلالإرإدي للخطبة ل يثير جدل عمليا‬
‫على إعتبار أأن إلمشرع قد نظم أأحكام إستردإد إلمهر وإلهدإاي بنصوص قانونية مس تمدة في جوهرها من إلفقه‬
‫إلسالمي‪ ،‬وإذإ كان إلتقابل بين إلخطيبين يتم بطريقة ودية غالبا‪ ،‬بحيث يتم إلتفاق على كافة إ ألمور إ ألساس ية‬
‫قبله فان إلعدول من جانب وإحد يثير إشكال عمليا وقانونيا يرتبط بمدى إمكانية إلتعويض عن ذلك إلعدول‬
‫وبشكل خاص إذإ ما صاحبه أأو نتج عنه ضرر للطرف إلآخر‪ ،‬وعليه س نحاول معالجة أأساس إلتعويض عن‬
‫ضرر إلعدول عن إلخطبة في إلفقه إلسالمي وبعده في إلقانون إلوضعي إلجزإئري‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬موقف الفقه اإلسالمي من أساس التعويض عن ضرر العدول عن اخلطبة‬

‫لقد أأقر إلشرع إلسالمي إلحنيف مجموعة من إلضوإبط إلفقهية في مجال إلضمان‪ -‬أأي إلتعويض ابلمعنى‬
‫إلقانوني– فمتى تعرض أأحد إلطرفين إلى إلضرر من إلطرف إلآخر نتيجة تعسف هذإ إ ألخير في إس تعمال حقه‬

‫‪1François‬‬ ‫» ‪Terré et Dominique Fenouillet « droit civil, les personnes la famille les incapacités‬‬
‫‪Op Cit, p 285.‬‬
‫‪ 2‬عبود رش يد‪ ،‬إ ألحوإل إلشخصية قوإعد ونصوص وشروح‪ ،‬مطبعة إلنجاح إلجديدة‪ ،‬إلدإر إلبيضاء‪ ،‬إلطبعة إ ألولى‪،0820 ،‬‬
‫ص‪.82‬‬
‫‪ 3‬موحى س يدي أأعمر‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪163‬‬

‫إل وكان ذلك موجبا للتعويض طبقا ألحكام إلمسؤولية وعلى أأساس إلتعدي يوجب إلضمان‪ ،‬كما يمكن أأن‬
‫يكون إلتعويض أأيضا على أأساس إلتعسف في إس تعمال إلحق‪.‬‬
‫أوال) التعويض على أساس مبدأ التعدي يوجب الضمان‬

‫لعتماد إلتعويض على أأساس نظرية إلتعدي يوجب إلضمان في مجال إلخطبة‪ ،‬فان هذه إلنظرية ترتكز‬
‫على ضرورة توإفر ركن إلتعدي أأو إلعتدإء إلمبني على إلنحرإف في إلسلوك إلمأألوف للرجل إلمعتاد إلمؤسس‬
‫على إلعمل إلضار بدون حق أأو وإجب شرعي‪ ،‬إضافة إلى ركن إلركن إلضرر إلمتمثل في إلحاق إ ألذى ابلآخرين‬
‫فهو كل إيذإء يلحق إلشخص سوإء كان في ماله أأو جسمه أأو عرضه أأو عاطفته‪ ،‬إضافة إليهما ركن إلرإبطة بين‬
‫إلتعدي وإلضرر إما مباشرة أأو تسببا(‪ ،)1‬وإلرإجح لتطبيق نظرية إلضمان في مجال إلخطبة هو ضرورة توإفر‬
‫أأركانها إلثالثة لقيام إلضمان‪ ،‬ومن ثم فان هذه إلنظرية تس توعب مسأألة إلتعويض عن إلضرر إلمس تقل عن فعل‬
‫إلعدول عن إلخطبة خاصة و أأن مقصد إلشارع من وضع أأحكام إلضمان هو رفع إلضرر وجبره(‪. )2‬‬
‫وخالصة إلقول أأنه يجوز إلتعويض عن ضرر إلعدول عن إلخطبة في إلفقه إلسالمي خاصة ابلنس بة‬
‫للضرر إلمس تقل عن فعل إلعدول‪ ،‬وذلك على أأساس مبد أأ إلتعدي يوجب إلضمان في إلفقه إلسالمي‪.3‬‬
‫ثانيا) التعويض على أساس التعسف يف استعمال احلق يف الفقه اإلسالمي‬

‫إختلف فقهاء إلشريعة إلسالمية حول إعمال هذه إلنظرية وإنقسموإ إلى ثالثة أأرإء‪ ،‬فذهب إلر أأي إ ألول‬
‫لالمام مالك وإلمام أأحمد إلى أأن للمالك إس تعمال حقه في ملكيته على أأل يكون قصده إلضرإر ابلآخرين و أأل‬
‫يترتب على فعله إضرإر ابلغير‪ ،‬فاذإ تبين قصد إلضرإر أأو نتج من إس تعمال إلحق إضرإر ابل آخرين وجب منعه‬
‫وإزإلة إلضرر عينا أأو بدل عنه(‪ ،)4‬في حين يذهب جماعة من متأأخري إلحنفية إلى أأنه ل حرية مطلقة للمالك‬
‫في ملكه ما لم يترتب على ذلك إضرإر ابلآخرين بشرط أأن يكون إلضرر فاحشا إذ ل ضرر ول ضرإر‪ ،‬فال‬
‫يجوز لالنسان أأن يضر غيره في نفسه أأو ماله ألن إلضرر ظلم‪ ،‬وإلضرر إلممنوع هو إلضرر إلفاحش مطلقا حتى‬
‫لو نشأأ عن قيام إلنسان بأأفعال مباحة‪ ،‬فال يجوز مقابلة إلضرر ابلضرر‪ ،‬ودرء إلمفاسد مقدم على جلب‬
‫إلمصالح(‪.)5‬‬

‫‪ 1‬وهبة إلزحيلي‪ ،‬نظرية إلضمان أأو أأحكام إلمسؤولية إلمدنية وإلجنائية في إلفقه إلسالمي ‪ -‬درإسة مقارنة‪ ،‬دإر إلفكر‪ ،‬دمشق‬
‫طبعة ‪ ،0846‬ص ‪ 10‬و‪.18‬‬
‫‪ 2‬عبد إلحميد أأخريف‪ ،‬نظرية إلضمان ‪ -‬محاولة في تأأصيل نظرية إلمسؤولية إلمدنية في إلفقه إلسالمي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫إلدرإسات إلعليا في إلقانون إلخاص‪ ،‬جامعة س يدي محمد بن عبد إلله‪ ،0888/0880 ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ 3‬موحى إس يدي إعمر‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪ 4‬وهبة إلزحيلي‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪ 5‬نفس إلمرجع‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪164‬‬

‫أأما إلتجاه إلثالث وإ ألخير فهو ألبيي حنيفة وإلشافعي ودإود إلظاهري إلذين يرون أأن إلنسان حر‬
‫إلتصرف في ملكه ل يقيد حقه في ذلك حتى لو تضرر إلآخرون ألنه يتصرف في خالص ملكه‪ ،‬وإن كان يلحق‬
‫إلضرر بغيره‪ ،‬فال يسأأل عن إلضرر عمال بقاعدة "إلجوإز إلشرعي ينافي إلضمان"‪ ،‬لكن ل يصح داينة عند أأبيي‬
‫حنيفة إتخاذ حق إلملكية سبيال إلى إلضرإر ابلغير(‪.)1‬‬
‫إنطالقا مما س بق ذكره‪ ،‬يمكن تطبيق قوإعد إلتعسف في إس تعمال إلحق كأأساس للتعويض في إلعدول‬
‫عن إلخطبة خاصة و أأن هذإ إلعدول أأضحى غالبا ما يصاحبه ضرر يس توجب إلتعويض عنه‪ ،‬وهذإ ما أأكده بعض‬
‫إلفقه(‪ )2‬إلذي يرى أأن قاعدة "ل ضرر ول ضرإر" ومبد أأ "إساءة إس تعمال إلحق" متنفسا تأأصيليا يمكن من‬
‫خاللهما إقرإر قاعدة إلتعويض عن ضرر إلعدول عن إلخطبة‪ ،‬رغم أأن هذه إلقوإعد طبقها إلفقهاء في مسائل‬
‫إلولية على إلقاصر وإلوكالة فال مانع من تطبيقها على حق إلعدول عن إلخطبة‪ ،‬لس يما و أأنها قوإعد عامة ترتكز‬
‫على نفي إلضرر وإلضرإر(‪.)3‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬األساس القانوني للتعويض عن ضرر العدول عن اخلطبة‬

‫يتقرر إلتعويض بصفة عامة إثر إلحاق إلضرر ابلغير لما يسببه ذلك إلضرر من مساس بحالة إلمضرور‬
‫إلتي كان عليها قبل وقوع إلضرر‪ ،‬وإلتعويض ابعتباره أأثر وجزإء إلمسؤولية إلمدنية فيتمثل في إزإلة أأو جبر‬
‫إلضرر إلذي أأصاب إلمضرور(‪ ،)4‬فالمشرع إلجزإئري وعلى غرإر ما ذهبت إليه بعض إلتشريعات إلعربية قد أأقر‬
‫بمبد أأ إلتعويض عن إلضرر إلناتج عن إلعدول عن إلخطبة‪ ،‬ولعل تنصيص قانون إ ألسرة على إلتعويض عن‬
‫إلعدول عن إلخطبة يثير إشكال نظراي مرتبطا اب ألساس إلذي س يعتمد عليه للقول ابلتعويض‪ ،‬فاذإ تم إعتبارها‬
‫عقدإ حسب ما يذهب إليه أأنصار إلنظرية إلعقدية فان إلتعويض يتم بناء على قوإعد إلمسؤولية إلعقدية‪ ،‬أأما إذإ‬
‫تم نفيها عنها فان أأساس إلتعويض عن إلعدول عنها ل يمكن له أأن يكون سوى بناء على إلمسؤولية إلتقصيرية‪.‬‬
‫أوال) املسؤولية العقدية كأساس للتعويض عن العدول عن اخلطبة‬

‫يقتضي لعمال هذه إلمسؤولية ضرورة وجود عقد صحيح قائم على أأركان وشروط صحيحة‪ ،‬وإلتي‬
‫تكمن عموما في إلخطأأ إلعقدي وإلضرر وإلعالقة إلس ببية بين إلخطأأ وإلضرر‪ ،‬يتمثل إلخطأأ إلعقدي في صورة‬
‫عدم إحترإم طرفي إلخطبة لما يترتب عنها من إلتزإم ابلعدإد وإلتهيئة وإلتحضير لعقد إلزوإج‪ ،‬وذلك عندما ل‬

‫‪ 1‬نفس إلمرجع‪ ،‬ص ‪.60‬‬


‫‪ 2‬نفس إلمرجع‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫و أأنظر أأيضا في هذإ إلتجاه‪ ،‬محمد أأبو زهرة‪ ،‬محاضرإت في عقد إلزوإج وأآاثره ‪ ،‬ص ‪ ،10‬وعبد إلله بن إلطاهر إلسوسي‬
‫إلثناني ‪ ،‬مدونة إ ألسرة في إطار إلمذهب إلمالكي و أأدلته‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪ 3‬حاتم دإيدو‪ ،‬إلمسؤولية إلمدنية في إلخطبة وإلزوإج محاولة في إلتأأصيل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.46‬‬
‫‪ 4‬إبرإهيم إلدسوقي أأبو إلليل‪ ،‬تعويض إلضرر في إلمسؤولية إلمدنية ‪ -‬درإسة تحليلية تأأصيلية لتقدير إلتعويض‪ ،‬مطبوعات جامعة‬
‫إلكويت‪ ،0880 ،‬ص ‪..00‬‬
‫‪165‬‬

‫يبدي أأحد طرفي إلخطبة تعاوان جداي و أأمينا وشريفا من أأجل إلتهيئة وإلعدإد لبرإم عقد إلزوإج‪ ،‬أأو كما لو‬
‫أأبدى إلناكل عن إلخطبة رعونة وطيشا وإس تخفافا‪ ،‬أأو في إلحالة إلتي ل يقدم فيها من أأقدم على إلعدول ابرإدته‬
‫إلمنفردة أأعذإرإ مبررة ومقبولة وفقا لمقتضيات مبد أأ حسن إلنية في إلتعامل(‪.)1‬‬
‫نعتقد أأنه على فرض صحة إعتبار إلخطبة عقدإ‪ ،‬فان طبيعة إللتزإم إلذي تلقيه على عاتق طرفيه ل‬
‫يمكن أأن يكون إل إلتزإما ببذل عناية ألنها ل تلزم اببرإم عقد إلزوإج‪ ،‬وعليه فان مسؤولية إلعدول عنها ل تقوم‬
‫بسبب عدم إبرإم عقد إلزوإج بل إن منشأأها هو عدم إحترإم إللتزإمات إلتي تتولد عن إتفاق إلخطبة وهي‬
‫إلتزإمات تتمثل في ضرورة إلسعي وإلعمل بحسن نية وإلتحضير لبرإم عقد إلزوإج‪ ،‬وهو نفس إلتوجه إلذي‬
‫تبناه إلقضاء إلمصري(‪ ،)2‬وتجدر إلشارة إلى أأن تقدير إلخطأأ إلعقدي في هذإ إلصدد مسأألة تخضع للسلطة‬
‫إلتقديرية للقاضي إلذي يمكن له أأن يس تخلص ذلك من خالل مالبسات إلقضية وإعتمادإ على معيار موضوعي‬
‫ذلك أأن إلقول بأأن إلخاطب إلعادل عن إلخطبة قد إرتكب خطأأ عقداي يس توجب إلرجوع إلى تصرفات إلشخص‬
‫إلعادي وإجرإء موإزنة بين ما فعله وما كان يجب عليه أأن يفعله‪.‬‬
‫بينما يعد إلضرر ابلركن إلثاني لقيام إلمسؤولية إلعقدية‪ ،‬فال يكفي إرتكاب إلعادل عن إلخطبة خطأأ عقداي‬
‫بل لبد أأن يترتب عن ذلك ضرر جس يم للطرف إلآخر نتيجة هذإ إلخطأأ إلتعاقدي‪ .‬ماداي كان أأو معنواي وغالبا‪،‬‬
‫إذ أأنه غالبا ما يؤدي إلعدول عن إلخطبة إلى تفويت فرص كثيرة‪ ،‬كتفويت فرص إلتقدم لالمتحان‪ ،‬أأو فرصة‬
‫إلعمل أأو فرصة إلزوإج من شاب أأو فتاة أأخرى‪ ،‬مما يشكل نوعا من أأنوإع إلضرر إلذي يجب أأن يأأخذه إلقاضي‬
‫في إلحس بان عند إلحكم ابلتعويض‪ ،‬لكن يتعين عليه إلتأأكد من أأن إلفرصة محققة إلوقوع وليست مجرد إحتمال‬
‫أأو أأمنية بعيدة إلمنال؛ وتجدر إلشارة إلى عدم قصر نطاق طلب إلتعويض على إلمر أأة دون إلرجل‪ ،‬فعندما‬
‫قررت إلشريعة إلسالمية أأن ل ضرر ول ضرإر‪ ،‬و أأن إلضرر يجب أأن يزإل‪ 3‬لم تأأخذ بعين إلعتبار جنس‬
‫إلمضرور‪ ،‬ولم تميز بين إلرجل وإلمر أأة‪.‬‬
‫ومن انفلة إلقول أأن إلتعويض عن إلضرر في هذإ إلمضمار يخضع للسلطة إلتقديرية للقضاء ويجب أأن‬
‫يكون مناس با لمقدإر إلضرر‪ ،‬إذ يرى بعض إلفقه(‪ )4‬بأأنه ل ينبغي إطالق إلحرية في إعمال إلقوإعد إلعامة في‬
‫مجال إلتعويض عن إلعدول عن إلخطبة ألن إعتبارها عقدإ تمهيداي مهيئا لعقد إلزوإج يقتضي وجوب تطبيق ما‬
‫يسري على إلزوإج من قوإنين‪ ،‬ومن ثم تطبيق قوإعد قانون إ ألحوإل إلشخصية‪ ،‬وبذلك يتعين إلمساوإة في‬

‫‪ 1‬عبد إلرزإق إلش يخ نجيب‪ ،‬طبيعة إلخطبة في رؤية فقهية جديدة‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.610‬‬
‫‪ 2‬من خالل ما قررته محكمة إلسكندرية بكون "إلخطبة وإن كانت تلزم إلطرفين ابجرإء إلعقد إلنهائي فانه ليس هناك ما يوجب‬
‫إلوفاء ابللتزإم عينا في حالة إلعدول عنها غير أأن إلعدول يوجب إلتعويض حكم صادر بتاريخ ‪ 68‬نوفمبر ‪ 0884‬أأورده حسين‬
‫عامر "إلغاء إلعقد" مرجع سابق ص ‪.626‬‬
‫‪ 3‬لعربيي بلحاج ‪ ،‬إلوجيز في شرح قانون إ ألسرة إلجزإئري‪،،‬إلزوإج وإلطالق‪ ،‬إلجزء إلول‪ ،‬ص ‪.016‬‬
‫‪ 4‬عبد إلرزإق إلش يخ نجيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.012‬‬
‫‪166‬‬

‫إلمعاملة إلقانونية بين إلناكل عن إلخطبة وإلمطلق‪ ،‬إذ ل يجوز إلحكم ابلتعويض عن إلعدول عن إلخطبة بأأكثر‬
‫مما يدفع إلمطلق فيما لو تم إلعقد بينه وبين زوجته وطلقها قبل إلدخول‪ ،‬فالعدل وإلمنطق إلقانونيان ل يقبالن‬
‫بأأن يدفع إلناكل عن إلخطبة أأكثر مما يرتبه إلقانون على من يطلق زوجته قبل إلدخول‪ ،‬وينبغي أأن يترك للسلطة‬
‫إلتقديرية للقضاء إلذي يمكن له أأن يعمل إلقوإعد إلعامة في هذإ إلصدد‪.1‬‬
‫إن تطبيق أأحكام إلمسؤولية إلعقدية في مجال إلخطبة يس تلزم إضافة إلى ما س بق قيام عالقة س ببية‬
‫بين إلخطأأ إلعقدي وإلضرر‪ ،‬إذ يجب أأن يكون هذإ إلضرر على صلة مباشرة ابلخطأأ إلذي إرتكبه فاسخ عقد‬
‫إلخطبة‪ ،‬أأما إذإ كان انجما عن فعل إلمتضرر نفسه فان إلمسؤولية يمكن أأن تنتفي كلية أأو أأن توزع بين طرفي‬
‫إلخطبة حسب إلحالت‪.‬‬
‫ثانيا) املسؤولية التقصريية كأساس للتعويض عن العدول عن اخلطبة‬

‫لقد نظم إلمشرع إلجزإئري إلمسؤولية إلتقصيرية في إلمادة ‪ 068‬من قانون إلمدني‪ ،‬بحيث نص فيها على‬
‫أأن أأي فعل كان يرتكبه إلشخص بخطئه ويسبب ضررإ للغير يلزم من كان سببا في حدوثه ابلتعويض؛ منه فان‬
‫كل من أأحدث ضررإ للغير بخطئه سوإء عن قصد أأو بدونه يعد مرتكبا لخطأأ يلتزم بجبره عن طريق تعويض‬
‫إلمتضرر‪ ،‬وهي ابلمسؤولية إلتي إخذ بها إلمشرع إلجزإئري في إلمادة ‪ 10‬من قانون إ ألسرة إلتي نصت ما‬
‫يلي‪":‬يجوز للطرفين إلعدول عن إلخطبة‪ ،‬وإذإ ترتب عن إلعدول عن إلخطبة ضرر مادي أأو معنوي ألحد‬
‫إلطرفين جاز إلحكم له ابلتعويض"‪.‬‬
‫تجدر إلشارة أأن من يس تعمل حقه بدون تعسف ل يجوز مقاضاته ومطالبته ابلتعويض عن أأي ضرر‬
‫قد يلحق إلغير نتيجة إس تعمال هذإ إلحق وذلك إستنادإ إلى قاعدة إلجوإز إلشرعي ينافي إلضمان(‪ ،)2‬لكن إذإ‬
‫ترتب عن إلعدول عن إلخطبة ضرر لحق إلطرف إلآخر‪ ،‬سوإء كان إلضرر ماداي)‪ (3‬كأأن تكون إلمخطوبة قد‬
‫تركت عملها إس تعدإدإ للزوإج أأو أأن يكون إلخاطب قد تكبد مصاريف إضافية لعدإد بيت إلزوجية‪ ،‬أأو كان‬
‫إلضرر معنواي كأأن ينتج عن إلعدول مساس بشرف أأو بكرإمة إلطرف إلمتخلى عنه‪ 4‬فانه يس توجب إلتعويض‪.‬‬

‫‪ 1‬موحى إس يدي إعمر‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫‪ 2‬إدريس إلفاخوري‪ ،‬قانون إ ألسرة إلمغربيي إلجزء إ ألول أأحكام إلزوإج‪ ،‬دإر إلنشر إلجسور‪ ،‬وجدة‪ ،‬إلطبعة إ ألولى‪،6111 ،‬‬
‫ص ‪.06‬‬
‫‪ 3‬أأنظر أأحميد ولد عبد إلدإئم‪ ،‬إلمسؤولية إلمدنية للآابء عن أأبنائهم إلقصر‪ ،‬مجلة إلعلوم إلقانونية إلدإرية‪ ،‬جامعة أأبو بكر بلقايد‬
‫تلمسان‪ ،‬إلجزإئر‪ ،‬عدد ‪ ،6110 ،0‬ص‪.064‬‬
‫‪ 4‬موحى إس يدي إعمر‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪167‬‬

‫إن توإفر أأركان إلمسؤولية إلتقصيرية وفقا للمادة ‪ 068‬من إلقانون إلمدني يرتب إلتعويض للمتضرر‪،‬‬
‫فالخطأأ في نظر بعض إلفقه(‪ )1‬هو إنحرإف إلسلوك على نحو ل يرتكبه إلشخص إليقظ لو أأنه وجد في نفس‬
‫إلظروف إلخارجية إلتي وجد فيها مرتكب إلفعل‪ ،‬ويقوم إلخطأأ على عنصرين أأولهما مادي هو إلتعدي وإلنحرإف‬
‫وإلثاني معنوي وهو إلتمييز وإلدرإك‪ ،‬أأما إلضرر فهو إلخسارة إلتي لحقت إلمدعي فعال وإلمصروفات إلضرورية‬
‫إلتي إضطر و‪ /‬أأو س يضطر إلى إنفاقها لصالح نتائج إلفعل إلذي إرتكب إضرإرإ به‪ ،‬وكذلك ما حرم منه من نفع‬
‫في دإئرة إلحدود إلعادية لنتائج هذإ إلفعل؛ أأما إلعالقة إلس ببية فهيي إلعالقة بين إلفعل إلضار وإلنتيجة أأي تحقق‬
‫إلضرر‪ ،2‬وعليه فاذإ ما تم إعتبار أأن إلعدول إلمقترن بخطأأ إلخاطب هو إخالل ابلتزإم قانوني فانه يرتب إلمسؤولية‬
‫في حالة إلخالل به‪.3‬‬
‫بتفسير إلمعطيات إلسابقة‪ ،‬يتبين لنا أأن إلمشرع من خالل إلمادة ‪ 10‬من قانون إ ألسرة إشترط للحكم‬
‫ابلتعويض في حالة ما إذإ ترتب عن إلعدول عن إلخطبة ضرر ضرورة صدور فعل من أأحد إلطرفين بقوله ‪" :‬إذإ‬
‫ترتب عن إلعدول عن إلخطبة ضرر مادي أأو معنوي ألحد إلطرفين جاز إلحكم له ابلتعويض"‪'' ،‬ما دإم هو‬
‫إلسبب في حدوث إلضرر‪ 4‬كما أأن صدور إ ألقوإل بدورها يترتب عنها تعويض إذإ كانت هي إلسبب في حدوث‬
‫إلضرر‪ ،‬إضافة إلى ضرورة وجود إلعالقة إلس ببية بين إلخطأأ وإلضرر‪ ،‬ولهذإ فان إلعدول إلمجرد ل يعتبر خطأأ‬
‫تقصيراي‪ ،‬بل لبد وحسب إلشق إ ألخير من إلمادة ‪ 10‬أأن يقترن بفعل يسبب ضررإ للطرف إلآخر حتى يتأأتى‬
‫لهذإ إ ألخير إمكانية إلمطالبة ابلتعويض‪ ،‬وبهذإ يكون إلخطأأ إلتقصيري هو ذلك إلفعل إلضار إلمصاحب للعدول‬
‫عن إلخطبة‪ ،‬ويكون إلتعويض عن إلضرر إلفعلي إلوإقع ل مجرد إلعدول أأو إلفسخ‪.5‬‬
‫وفي هذإ إلطار فقد جاء في إلقضاء إلمصري أأنه‪" :‬يتعين للحكم ابلتعويض بسبب إلعدول عن إلخطبة‬
‫أأن تتوإفر شرإئط إلمسؤولية إلتقصيرية بأأن يكون هذإ إلعدول قد لزمته أأفعال خاطئة في ذإتها ومس تقلة عنه‬
‫إس تقالل اتما ومنسوبة ألحد إلطرفين و أأن ينتج عنه ضرر مادي أأو أأدبيي للطرف إلآخر"(‪ ،)6‬وقد إس تقر إلقضاء‬
‫إلفرنسي على أأن إلتعويض أأساسه إلفعل إلضار ل إلعقد‪ ،7‬ولعل إلشكال إلذي يثور يتعلق ابثبات إلضرر من‬

‫‪ 1‬عبد إلرزإق إلس نهوري‪ ،‬إلوس يط في شرح إلقانون إلمدني إلجديد نظرية إللتزإم بوجه عام مصادر إللتزإم إلعقد‪ ،‬إلعمل غير‬
‫إلمشروع‪ ،‬إلثرإء بال سبب‪ ،‬دإر إحياء إلترإث إلعربيي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دون ذكر اتريخ إلطبع‪ ،‬ص‪.461‬‬
‫‪ 2‬رضا محمد جعفر‪ ،‬إلمضرور ابلضرر و أأثره على إلحق في إلتعويض‪ ،‬دإر إلجامعة إلجديدة للنشر‪ ،‬إلسكندرية‪ ،‬دون ذكر‬
‫إلطبعة‪ ،6110 ،‬ص‪.048‬‬
‫‪ 3‬موحى إس يدي إعمر‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪ 4‬أأحمد إلخمليشي‪ ،‬وجهة نظر إلجزء إلثاني‪ ،‬إ ألسرة‪ ،‬إلطفل وإلمر أأة أأصول إلفقه وإلفكر إلفقهيي‪ ،‬مطبعة إلمعاريف إلجديدة‪،‬‬
‫‪ ،0884‬ص‪.601‬‬
‫‪ 5‬فركوس دليلة و جمال عياشي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ 6‬قرإر محكمة إلنقض إلمصرية رقم ‪ 00‬بتاريخ ‪ ،0804/06/08‬أأورده حاتم دإيدو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪ 7‬توإتي صديق‪ ،‬قانون إ ألسرة في ضوء إلفقه وقرإرإت إلمحكمة إلعليا‪ ،‬إلجزء إلول إلزوإج و إنحالله‪-‬إلنيابة إلشرعية‪ ،‬دون دإر‬
‫نشر‪ ،6160 ،‬ص‪.62‬‬
‫‪168‬‬

‫طرف إلمتضرر‪ ،‬وكذإ إثبات خطأأ إلطرف إلعادل عن إلخطبة وبيان إلعالقة إلس ببية بين إلخطأأ وإلضرر إلذي‬
‫أأصاب إلمضرور(‪ ،)1‬وهو ما يتأأتى حله ابلرجوع إلى إلقوإعد إلعامة للمسؤولية إلتقصيرية في إثبات إلضرر‬
‫إلمنصوص عليها بموجب إلمادة ‪ 068‬من إلقانون إلمدني‪ ،‬حيث ل تقوم هذه إلمسؤولية إل إذإ كان إلضرر نتيجة‬
‫خطأأ صادر عن إلمدعى عليه‪.2‬‬
‫لقد حسم إلمشرع إلجزإئر إلنقاش إلفقهيي وإلقضائي إلمثار حول إلتعويض عن إلعدول عن إلخطبة إذ‬
‫أأقر صرإحة بجوإز إلتعويض عن إلعدول عن إلخطبة على أأساس إلخطأأ إلتقصيري بموجب إلفقرة إلثانية من‬
‫إلمادة إلخامسة من قانون إ ألسرة‪.‬‬
‫فعلى سبيل إلمثال إذإ كان تصرف إلخاطب إلعادل تسبب في صدمة حادة للمخطوبة إس تلزمت بقاءها‬
‫ابلمستشفى لعدة أأايم تحت إلعناية إلمركزية فيكون إلضرر هنا متحققا معنواي ألن تهربه فجأأة يعتبر تشهيرإ بها‬
‫وإنتقاصا من قيمتها وتحطيما لمعنوايتها‪ ،‬فهذه مسأألة يأأخذها قاضي شؤون إ ألسرة في إلحس بان‪ ،‬كما إنه لبد‬
‫أأن يصحب إلعدول أأفعال تضر ابلمخطوبة ألن مجرد إلترإجع عن إلخطبة ل يرتب إلحق في إلتعويض‪ ،‬وإن لم‬
‫يكن له مبرر ظاهر إل عند صدور إلفعل من إلمترإجع عن إلخطبة أألحق ضررإ ابلمخطوبة كحملها على إلنقطاع‬
‫عن إلدرإسة مثال(‪ ،)3‬وهو ما سار عليه إلقضاء إلجزإئري إذ أأجاز للزوجة طلب إلتعويض لوجود إلضرر‬
‫إلمعتبر شرعا لس يما عند طول مدة إلخطبة لن ذلك يحدث ضررإ معنواي اب ألخص‪ 4‬ابعتباره تأأخير مشروع‬
‫إلزوإج وإاثرة إ أللسن ابلتشهير و إلتجريح‪ ،5‬وفي هذإ إلصدد جاء في قرإر للمحكمة إلعليا‪ " :‬أأن إلطاعنة هي‬
‫إلتي عدلت عن إتمام إلزوإج و بدون مبرر شرعي أآو قانوني فانه ل يمكن في هذه إلحالة تحميل إلمطعون ضده‬
‫ابلخسائر و إ ألضرإر إلمترتبة على ذلك‪.6‬‬
‫تجدر إلشارة إلى أأن تجاوز إلخطيبين للحدود إلشرعية‪ ،‬كأأن تصبح إلمخطوبة خليلة للخاطب إلى حد‬
‫ممارسة إلعالقة إلجنس ية وإلنجاب‪ ،‬فانها ل تعويض عن ذلك في حالة إلعدول كون أأن إلخطبة ل ترتب شيئا‬

‫‪ 1‬إ ألمرإني زنطار إلحسن‪ ،‬حقوق إلمر أأة من خالل تحفة إبن عاصم ومدونة إ ألحوإل إلشخصية‪ ،‬إ ألحمدية للنشر وإلتوزيع‪ ،‬إلطبعة‬
‫إ ألولى‪ ،6111 ،‬ص‪.04‬‬
‫‪ 2‬فؤإد بن شكرة ‪ ،‬أآاثر إلعدول عن إلخطبة في ظل مدونة إ ألسرة ‪ -‬درإسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ 3‬فكلما صدر عن أأحد إلطرفين فعل أأو تصرف أألحق ضررإ ابلطرف إلآخر‪ ،‬ثم إختار إلترإجع عن إلخطبة أأمكن للمتضرر‬
‫مطالبته ابلتعويض طبقا للقوإعد إلعامة للمسؤولية إلمدنية‪ ،‬دون إهمال إ ألفعال أأو إ ألقوإل إلتي قد تصاحب ذلك إلنهاء أأو‬
‫تس بقه أأو تأأتي بعده وإلتي إذإ أأحدثت ضررإ للطرف إلآخر ترتب إلمسؤولية إلمدنية إلكاملة لمن صدرت عنه؛ محمد إلكش بور‪،‬‬
‫شرح مدونة إ ألسرة إلجزء إ ألول إلزوإج‪ ،‬مطبعة إلنجاح إلجديدة‪ ،‬إلدإر إلبيضاء‪ ،‬إلطبعة إ ألولى‪ ،6112 ،‬ص‪.082‬‬
‫‪ 4‬فركوس دليلة و جمال عياشي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ 5‬قرإر رقم ‪ 008000‬إلمؤرخ في ‪ 6112-00-00‬إلمنشور في مجلة إلمحكمة إلعليا لس نة ‪ ،6111‬عدد ‪ ،0‬ص‪.841‬‬
‫‪ 6‬قرإر محكمة إلعليا في ملف ‪ 86108‬إلمؤرخ في ‪ 0880-11-00‬إلمنشور في نشرة إلقضاة لس نة ‪ ،0880‬عدد ‪.10‬‬
‫‪169‬‬

‫من أأحكام إلزوإج بل ل ترتب حتى إلخلوة‪ ،‬فضال على أأن عبء إلثبات يقع على إلمتضرر وعلى إلقاضي تقدير‬
‫ذلك وإبرإز عناصر إلمسؤولية في حال إلتعويض‪.1‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬دور قضاء شؤون األسرة يف إعمال قواعد املسؤولية املدنية عند احنالل‬
‫الرابطة الزوجية‬

‫من بين مظاهر إنفتاح قضاء شؤون إ ألسرة على مبادئ وقوإعد إلقانون إلمدني إعمال إلمسؤولية إلعقدية‬
‫في إلتطليق لالخالل بشرط من إلشروط إلتفاقية‪ ،‬وإعمال قوإعد إلمسؤولية إلتقصيرية ونظرية إلتعسف‬
‫لتعويض إلمطلقة في إلطالق إلتعسفي‪ ،‬وهي ما سنتطرق إليهما في إلمطلبين إلتاليين‪.‬‬
‫من‬ ‫املطلب األول‪ :‬إعمال قواعد املسؤولية العقدية يف التطليق لإلخالل برر‬
‫الررو االتفاقية‬

‫لكي تس تفيد إلزوجة إلمتضررة من إلتعويض في إلتطليق لمخالفة إلشروط إلتفاقية يس تلزم توإفر‬
‫شروط أأساس ية تتمثل في ضرورة وجود عقد زوإج صحيح وقائم بين إلزوجين‪ ،‬ثم نشوء إلضرر بسبب إلخالل‬
‫ابللتزإم إلعقدي أأو إلعقد إلمبرم بين إلزوجين ويكون هذإ إلضرر قد مس إلزوجة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬وجود عقد صحيح بني الزوجني‬

‫ل يمكن تصور إلمسؤولية إلعقدية إل إذإ كان هناك وجود عقد صحيح بين إلطرفين وقام أأحدهما‬
‫ابلخالل بما هو ملزم بتنفيذه ما أأدى إلى إلحاق ضرر ابلزوج إلآخر‪ ،‬ويمكن تصور هذإ إلنوع من إلمسؤولية‬
‫في قانون إ ألسرة من خالل إلتطليق لالخالل بشرط من شروط عقد إلزوإج إلتي تم إشترإطها بين إلزوجين‪،‬‬
‫وإلتي غالبا ما يكون هذإ إلخالل من طرف إلزوج دون إلزوجة مما يجعله مسؤول عن تعويض إلزوجة عما‬
‫قد يلحقها من أأضرإر نتيجة تصرفه إلمخالف لما تم إلتفاق عليه في بنود عقد إلزوإج‪ ،‬وتبدو أأهمية هذإ إلسبب‬
‫إلمبرر لطلب إلتطليق في كون أأن إلخالل بشرط متفق عليه في عقد إلزوإج قد يؤدي إلى ضرر ابل ابلزوجة‬
‫وإلذي غالبا ما يتعلق بمسأألة مهمة في نظرها وإل ما كانت لتشترطها في إلعقد‪.‬‬
‫يستند إلتطليق بسبب مخالفة إلشروط إلمتفق عليها في عقد إلزوإج إلى مبد أأ حرية إلتعاقد وحرية‬
‫إلشترإط‪ ،‬وهي ما تأأتي في إلحالة إلتاسعة من نص إلمادة ‪ 00‬من قانون إ ألسرة للتأأكيد على أأن كل إخالل‬
‫بشرط في عقد إلزوإج يعتبر ضررإ مبررإ لطلب إلتطليق‪ ،‬وقد رجح بعض إلفقه‪ 2‬أأساس طلب إلتطليق للزوجة‬
‫في حالة عدم إلوفاء ابلشروط إلمتفق عليها إلى أأنه إلتزإم عقدي أأي إلمسؤولية إلعقدية‪ ،‬وابلتالي يصبح إ ألساس‬
‫إلمبرر لطلب إلتطليق هو إلمادة ‪ 00‬من قانون إ ألسرة وإلتي تعتبر مؤيدإ للمصدر إلذي هو ابلمسؤولية إلعقدية‪.‬‬

‫‪ -1‬توإتي صديق‪ ،‬إلمرجع إلسابق‪ ،‬ص ‪.64-61‬‬


‫‪ 2‬محمد إلكش بور‪ /‬يونس إلزهري‪ /‬حسن فتوخ‪ ،‬إلتطليق بسبب إلشقاق في مدونة إ ألسرة‪ ،‬سلسلة إلدرإسات إلقانونية‬
‫إلمعاصرة‪ ،‬مطبعة إلنجاح إلجديدة‪ ،‬إلدإر إلبيضاء‪ ،‬إلطبعة إ ألولى‪ ،6112 ،‬ص‪.026‬‬
‫‪170‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬حصول الضرر نتيجة اإلخالل بالعقد‬

‫ل يكفي من أأجل تطبيق قوإعد إلمسؤولية إلعقدية بصفة عامة وجود رإبطة عقدية موضوعية‪ ،‬بل يلزم‬
‫إلى جانب ذلك أأن يكون هناك إخالل ابلتزإم تعاقدي مضمن في صلب إلعقد‪ ،‬وبتعبير أآخر يشترط في إلمدعى‬
‫عليه في إلمسؤولية إلعقدية أأن يكون قد إرتكب خطأأ عقداي‪.1‬‬
‫ولعل أأهم مظهر لعمال قوإعد إلمسؤولية إلعقدية في إنهاء إلعالقة إلزوجية ابعتبارها من أأهم‬
‫خصوصيات إلقوإعد إلمدنية في تطبيق قانون إ ألسرة هو إلتطليق لالخالل بشرط من إلشروط إلتفاقية إلمدرجة‬
‫في عقد إلزوإج‪ ،‬إذ نجد أأن إلمشرع إلجزإئري أأكد على إلشروط إلرإدية إلمقترنة بعقد إلزوإج أأو في عقد رسمي‬
‫لحق‪ 2‬إعتمادإ على مبد أأ سلطان إلرإدة في إلقانون وحرية إلزوجين في إلشترإط‪ ،‬إذ نصت إلمادة ‪ 08‬من‬
‫قانون إ ألسرة ما يلي‪" :‬للزوجين أأن يشترطا في عقد إلزوإج أأو في عقد رسمي لحق كل إلشروط إلتي يراينها‬
‫ضرورية‪ ،‬لس يما شرط عدم تعدد إلزوجات وعمل إلمر أأة‪ ،‬ما لم تتناف هذه إلشروط مع أأحكام هذإ إلقانون"‪.‬‬
‫وتجس يدإ لما نص عليه إلمشرع في إلقانون إلمدني إلذي أأصبحت معه إلرإدة إلمحدد إ ألساسي‬
‫لمضامين وأآاثر إلتزإمات إ ألطرإف بقوة تعادل قوة إللتزإمات إلناش ئة عن إلقانون‪ ،‬فال يس تطيع إلزوجين‬
‫إلمتعاقدين إلتحلل من إللتزإم إلرإدي كما ل يس تطيعان إلتحلل من إلتزإماتهما إلقانونية‪ ،‬وإختالل إلتوإزن في‬
‫إلمرإكز إلقانونية لمنش ئي إلتفاقات وإلشروط إلتفاقية‪.3‬‬
‫يمكن تصنيف إللتزإم بهذه إلشروط في خانة إللتزإم بتحقيق نتيجة ألن عدم تحقيق هذه إلنتيجة‬
‫يترتب عليه إمكانية مطالبة إلزوجة ابلتطليق‪ ،‬ومثال ذلك شرط عدم إلتزوج على إلزوجة‪ ،‬ففي هذه إلحالة‬
‫يكون إلزوج ملزما بتحقيق نتيجة للزوجة تتمثل في عدم إلتزوج عليها من زوجة أأخرى‪ ،‬مما يعطي للزوجة‬
‫إلحق في طلب إلتطليق وإلحكم عليه ابلتعويض لفائدتها في حالة إخالله به كشرط عمال في ذلك بأأحكام إلمادة‬
‫‪ 00‬فقرة ‪ 18‬من قانون إ ألسرة‪.‬‬

‫‪ 1‬حبار محمد‪ ،‬قانون إلعقد وإلمسؤولية إلعقدية في إلقانون إلجزإئري وإلمقارن‪ ،‬إلجزء إلثاني‪ ،‬رسالة لنيل درجة دكتورإه إلدولة‬
‫في إلقانون إلخاص‪ ،‬معهد إلحقوق وإلعلوم إلدإرية بن عكنون‪ ،‬جامعة إلجزإئر‪ ،0841/0842 ،‬ص ‪.020‬‬
‫‪ 2‬كما منح إلمشرع إلجزإئري على غرإر إلمشرع إلمغربيي للزوجين إلحرية في كيفية تنظيم عالقتهما ذإت إلطابع إلمالي‪ ،‬وهكذإ‬
‫جاء قانون إ ألسرة بقاعدة إختيارية تخضع لمبد أأ سلطان إلرإدة بمفهومه إلمدني مفادها أأنه لطرفي إلعالقة إلزوجية إلحق في‬
‫تحديد كيفية تنظيم عالقاتهما ذإت إلطابع إلمالي خالل إلزوإج وبعد إنحالله وذلك بتوإفق إرإدتهما على إبرإم عقد مس تقل عن‬
‫عقد إلزوإج‪ .‬وذلك بموجب إلمادة ‪ 01‬من قانون إ ألسرة إلتي جاء فيها ما يلي‪" :‬لكل وإحد من إلزوجين ذمة مالية مس تقلة عن‬
‫ذمة إلآخر؛ غير أأنه يجوز للزوجين أأن يتفقا في عقد إلزوإج أأو في عقد رسمي لحق‪ ،‬حول إ ألموإل إلمشتركة بينهما‪ ،‬إلتي‬
‫يكتس بانها خالل إلحياة إلزوجية وتحديد إلنسب إلتي تؤول إلى كل وإحد منهما"‪.‬‬
‫‪ 3‬موحى إس يدي إعمر‪ ،‬خصوصيات إلقوإعد إلمدنية في مدونة إ ألسرة ‪-‬من خالل إلزوإج وإنحالل ميثاقه‪ ،‬تقرير حول أأطروحة‬
‫لنيل إلدكتورإه في إلقانون إلخاص‪ ،‬كلية إلعلوم إلقانونية وإلقتصادية وإلجتماعية‪ ،‬جامعة محمد إ ألول بوجدة‪ ،‬بتاريخ ‪ 60‬يوليو‬
‫‪ ،6100‬إنظر إلرإبط إللكتروني‪.https://www.droitetentreprise.com/?p=16292 :‬‬
‫‪171‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬إعمال قواعد املسؤولية التقصريية ونظرية التعسف لتعويض‬


‫املطلقة يف الطالق التعسفي‬

‫إن إلطالق في إلشرع وإلقانون ل يلجأأ إليه إلزوج إل في حالة إلضرورة وإس تحالة إس تمرإر إلعشرة بين‬
‫إلطرفين رفعا للحرج وإلمشقة‪ ،‬ومن ثم فان إس تعمال حق إلطالق بشكل تعسفي من جانب إلزوج دون مبرر‬
‫معقول يعتبر تعسفا في إس تعمال إلحق موجبا للتعويض عن إلضرر إلذي لحق إلطرف إل آخر من جرإء هذإ‬
‫إلتعسف‪ ،‬تترتب عليه أآاثر مالية للزوجة إلمطلقة‪ ،‬إستنادإ لقيام إلمسؤولية إلتقصيرية نتيجة إلنهاء إلتعسفي‬
‫للعالقة إلزوجية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬إعمال نظرية التعسف لتعويض املطلقة يف اإلنهاء التعسفي للعالقة‬
‫الزوجية باإلرادة املنفردة للزوج‬

‫لقد كانت إلشريعة إلسالمية س باقة إلى إعمال نظرية إلتعسف في إس تعمال إلحق في إنهاء إلعالقة‬
‫إلزوجية‪ ،‬إذ تضمن إلقرأآن إلكريم مجموعة من إلآايت إلتي تنهيي إ ألزوإج عن عدم إلتعسف في إس تعمال حق‬
‫إلطالق وإلتطليق‪ ،‬وهو ما إقتدت به إلس نة إلنبوية‪ ،1‬حيت ورد في سورة إلبقرة بشأأن إلطالق وإلسلوك‬
‫إلوإجب إتجاه إلمطلقات قوله تعالى‪﴿ :‬وإذإ طلقتم إلنساء فبلغن أأجلهن فأأمسكوهن بمعروف أأو سرحوهن‬
‫بمعروف ول تمسكوهن ضرإرإ لتعتدوإ‪ ،‬ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه﴾‪ ، 2‬ففي هذه إلآية أأمر إلله س بحانه‬
‫وتعالى إلرجال إذإ طلق أأحدهم إلمر أأة طالقا له عليها فيه رجعة أأن يحسن في أأمرها إذإ إنقضت عدتها ولم يبق‬
‫منها إل مقدإر ما يمكنه فيه رجعتها‪ ،‬فاما أأن يمسكها أأي يرجعها إلى عصمة بمعروف‪ ،‬أأو يسرحها أأي يتركها‬
‫حتى تنقضي عدتها ويخرجها من منزله ابلتي هي أأحسن من غير شقاق ول مخاصمة ول تقابح‪.3‬‬
‫وابلرجوع إلى قانون إ ألسرة نجد أأن إلمشرع نص في إلمادة ‪ 06‬منه على ما يلي‪ ":‬إذإ تبين للقاضي‬
‫تعسف إلزوج في إلطالق حكم للمطلقة ابلتعويض عن إلضرر إلالحق بها"؛ فالمشرع إلجزإئري على غرإر‬
‫إلمشرع إلمغربيي من خالل هذه إلمادة إس تعمل مصطلح إلتعسف في إيقاع إلطالق مما يؤكد على إنفتاح قانون‬
‫إ ألسرة على قوإعد إلقانون إلمدني وإلمسؤولية إلمدنية نظرإ لمزإاي هذه إلنظرية وإلتي تتمثل في تقييد صاحب‬
‫إلحق من كيفية إلتصرف في حقه بدون تجاوز إلحدود إلى حد إلس تعمال إلتعسفي للطالق‪.‬‬
‫إن نظرية إلتعسف في إلطالق تس توجب إلرجوع إلى إلقانون إلمدني إلذي تعرض لمفهوم إلتعسف في‬
‫إس تعمال إلحق من خالل مقتضيات إلمادة ‪ 068‬مكرر إلمس تحدثة بموجب إلقانون‪ 01-10‬إثر تعديل إلقانون‬

‫‪ 1‬موحى إس يدي إعمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.080‬‬


‫‪ 2‬إلآية ‪ 600‬من سورة إلبقرة‪.‬‬
‫‪ 3‬لبنى إلغومرتي‪ ،‬إلنهاء إلتعسفي للرإبطة إلزوجية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم إلدرإسات إلعليا إلمعمقة في إلقانون إلخاص‪ ،‬وحدة إلتكوين‬
‫وإلبحث في قانون إ ألسرة إلمغربيي وإلمقارن‪ ،‬كلية إلعلوم إلقانونية وإلقتصادية وإلجتماعية‪ ،‬جامعة عبد إلمالك إلسعدي‪ ،‬طنجة‪.‬‬
‫‪ ،6114/6111‬ص‪.04‬‬
‫‪172‬‬

‫إلمدني إلتي نصت على ما يلي‪" :‬إلس تعمال إلتعسفي للحق خطأأ لس يما في إلحالت إلآتية‪ -0 :‬إذإ وقع بقصد‬
‫إلضرإر ابلغير‪ -6 ،‬إذإ كان يرمي للحصول على فائدة قليلة ابلنس بة إلى إلضرر إلناشئ للغير‪ -0 ،‬إذإ كان إلغرض‬
‫منه إلحصول على فائدة غير مشروعة"‪.‬‬

‫ولتحديد إلمسؤولية ومدى إلتعسف في حل ميثاق إلزوجية لبد من إعتماد قضاة رؤساء أأقسام شؤون‬
‫إ ألسرة معايير تضمن إلعدإلة وتوإزن إلمصالح‪ ،‬ويقصد ابلمعايير تلك إلضوإبط إلتي يعرف بوإسطتها توفر إلوصف‬
‫إلتعسفي عند إس تعمال إلحق‪ ،1‬ولثبات إلتعسف فانه ابت من إلضروري إلسترشاد إلى جانب وسائل إلثبات‬
‫إلمعمول بها بمعيار إلتعسف في إس تعمال إلحق‪ ،‬وخاصة إلتركيز على إثبات إلضرر نظرإ لصعوبة إثبات إلعنصر‬
‫إلذإتي كمعيار للتعسف‪ ،‬لكن مادإم كل طالق فيه ضرر فكيف يتم إثبات إلتعسف وقيام إلضرر‪.2‬‬

‫إن إلبحث في معايير تقدير إلتعسف في إس تعمال إلزوج لحق إلطالق يقتضي على قاضي شؤون‬
‫إ ألسرة إلبحث في مدى إس تعمال إلزوج لحقه في إيقاع إلطالق بقصد إلضرإر ابلمطلقة‪ ،‬ومدى ترجيح إلضرر‬
‫على إلمصلحة‪ ،‬وإلبحث في مدى شرعية وعدم مشروعية إلمصالح إلتي يرمي إلمطلق إلى تحقيقها‪ ،‬وللقاضي‬
‫إلس تعانة ابلنيابة إلعامة في إبرإز بعض مظاهر إلتعسف‪ ،‬إلى جانب ما يظهر من تعسف خالل محاولت إلصلح‬
‫أأو إس تقاء مظاهر إلتعسف في تقرير إلحكمين‪ ،‬وكذإ ما يس تنتج في عدم جدية أأس باب أأو إلعيوب إلمقدمة من‬
‫قبل إلزوج طالب إلطالق‪ ،‬وعليه فالتعسف في إس تعمال حق إلطالق ابلصور إلتي ذكرانها يشكل خطأأ‬
‫تقصيراي يس توجب إلتعويض وفق إ ألحكام إلعامة إلمنصوص عليها في قانون إلمدني إستنادإ لنص إلمادة ‪068‬‬
‫مكرر منه‪.‬‬

‫إلجدير ابلذكر أأن لقضاة شؤون إ ألسرة دور فعال في تطبيق أأحكام قانون إ ألسرة في قضااي فك إلرإبطة‬
‫إلزوجية من خالل إدماج قوإعد إلقانون إلمدني لس يما قوإعد إلمسؤولية إلمدنية في مجال تحديد إلمسؤولية و‬
‫إلحكم ابلتعويض وتقديره ابنفتاح أأحكام قانون إ ألسرة على مقتضيات إلقانون إلمدني‪ ،‬مع مرإعاة حماية إلطرف‬
‫إلمتضرر جرإء إنهاء إلعالقة إلزوجية‪ ،‬وذلك ابقرإرها لمجموعة من إ ألحكام إلتي تخول إمكانية إلحصول على‬
‫إلتعويض إلمدني عن إلضرر إلالحق بأأحد إلزوجين‪ ،‬وقد أأصبحت إلممارسة إلقضائية تمهد لتكريس وخلق‬
‫نصوص قانونية لسد إلفرإغ لس يما في مجال معايير تقدير إلتعسف وتقدير إلضرر إلالحق بأأحد طرفي دعوى‬
‫فك إلرإبطة إلزوجية‪ ،‬حيث يعمل إلقضاء بشكل إيجابيي تلك إلمقتضيات حسب ما إتضح لنا من خالل إلعديد‬
‫من إ ألحكام وإلقرإرإت إلصادرة في إلموضوع‪.‬‬

‫‪ 1‬سعيد أأمجد إلزهاوي‪ ،‬إلتعسف في إس تعمال حق إلملكية في إلشريعة وإلقانون‪ ،‬جامعة بغدإد‪ ،0810 ،‬ص ‪.04‬‬
‫‪ 2‬موحى س يدي إعمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.611‬‬
‫‪173‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إعمال قواعد املسؤولية التقصريية يف للحكم بالتعويض يف إنهاء‬


‫العالقة الزوجية باردة الزوج املنفردة‬
‫يشترط لقيام إلمسؤولية إلتقصيرية في إنهاء إلرإبطة إلزوجية ابرإدة إلزوج إلمنفردة وإمكانية إعتمادها‬
‫كأأساس لهذإ إلنهاء ضرورة توإفر أأركانها إلثالثة إلمتمثلة في إلخطأأ‪ ،‬وإلضرر‪ ،‬وإلعالقة إلس ببية بين إلخطأأ إلضرر‪.‬‬
‫أوال) ركنا اخلطأ والضرر‬

‫إلخطأأ هو كل عمل يعتبر إنحرإفا عن سلوك إلشخص إلمعتاد‪ ،‬وهذإ إلنحرإف يكون وإضحا ل لبس‬
‫فيه إذإ كان ينطوي على قصد إحدإث إلضرر ابلغير‪ ،‬أأي إذإ كان إلخطأأ عمدإ‪ ،‬وهو ما يكون في مثل هذإ‬
‫إلوضوح في بعض صور إلخطأأ غير إلعمدي إذإ كان إلخطأأ جس يما‪ ،‬وعلى إلعكس من ذلك يصدق إلحكم على‬
‫إلسلوك بأأنه خطأأ أأو صوإب إذإ كان إلنحرإف يسيرإ أأي في حالت إلخطأأ إليسير‪ ،1‬فعنصر إلخطأأ يتجسد في‬
‫إساءة إس تعمال حق إلطالق‪ 2‬إلذي يترتب عليه بدإهة ضرر اثبت‪ ،3‬ويقصد ابلتعسف في إس تعمال حق‬
‫إلطالق لجوء إلزوج إلى حقه في إنهاء إلعالقة إلزوجية دون سبب‪ ،‬وإصرإره على ذلك ابلرغم إلمحاولت إلرإمية‬
‫إلى إلتوفيق وإلصالح ابلرغم من عدم إرتكاب إلزوجة ألي ذنب‪ 4،‬وتحديد ذلك من وسائل إلوإقع يس تقل‬
‫قاضي إلموضوع بتقديرها ويمكن إثباتها بجميع وسائل إلثبات‪ ،5‬ويمثل إلتعسف في إس تعمال إلحق صورة من‬
‫صور إلخطأأ في إنهاء إلرإبطة إلزوجية إذإ لم يقصد بهذإ إلس تعمال سوى إلضرإر ابلغير كممارسة أأحد إلزوجين‬
‫لحقه في إلطالق قاصدإ من ورإئه إضرإر إلطرف إ ألخر ضررإ ماداي أأو معنواي‪.‬‬
‫ثانيا) العالقة السببية بني اخلطأ والضرر‬

‫تتمثل إلعالقة بين إلخطأأ وإلضرر في إلنتيجة إلتي تتضرر منها إلزوجة إلمطلقة تعسفيا من قبل زوجها‬
‫إلمتعسف في إس تعمال حق إلطالق‪ ،‬ويكمن إلهدف من إعمال قوإعد إلمسؤولية إلتقصيرية في تقرير إلتعويض‬
‫عند إنهاء إلعالقة إلزوجية وفق ما جاءت به قانون إ ألسرة إلذي تحقق في إطار إلطالق إلتعسفي‪ ،‬حيث إن‬
‫أأساس إلتعويض فيه هو إلضرر إلذي لحقه من جرإء مشاقة إلزوج إ ألخر وتعسفه في إس تعمال حق مخول‬
‫قانوان أأو اب ألحرى عدم مالئمته لس تعمال إلحق إلمذكور ألن عدم إلمشروعية ل يكون إل إذإ كان إلفعل مجردإ‬
‫من إلس ند إلقانوني إلمؤيد‪.6‬‬

‫‪ 6‬إدريس إلعلوي إلعبدلوي‪ ،‬شرح إلقانون إلمدني إلنظرية إلعامة للتزإم‪ -‬إلرإدة إلمنفردة‪ ،‬إلثرإء بال سبب‪ ،‬إلمسؤولية إلتقصيرية‬
‫إلقانون‪،‬إلجزء إلثاني‪ ،‬مطبعة إلنجاح إلجديدة‪ ،‬إلدإر إلبيضاء‪ ،‬إلطبعة إ ألولى‪ ،6111 ،‬ص‪.006‬‬
‫‪ 2‬ونعني بذلك عدم إثبات إلزوج لدعاءإته بوجود أأس باب مستساغة للطالق‪.‬‬
‫‪ 3‬وفي هذإ إلطار نورد مقولة إلمام إلغزإلي‪ ... " :‬وليعلم أأنه مباح – أأي إلطالق‪ -‬ولكنه أأبغض إلمباحات إلى إلله تعالى‪ ،‬وإنما‬
‫يكون مباحا إذإ لم يكن فيه إيذإء ابلباطل‪ ،‬ومهما طلقها فقد أأذإها ول يباح إيذإء إلغير إل بضرورة‪ " ...‬أأورد هذه إلمقولة‬
‫إ ألس تاذ يوسف بناصر في مؤلفه إلمعنون بـ هل من محل لعمال نظرية إلتعسف في إس تعمال إلحق بصدد دعاوى إلطالق‬
‫في ضل إلعمل إلقضائي إلمغربيي؟‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.004‬‬
‫‪ 4‬محمد إلكش بور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ 5‬محمد إلرايض‪ ،‬إلتعسف في إس تعمال إلحق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.600‬‬
‫‪ 6‬عادل حاميدي‪ ،‬إلتطليق للشقاق وإشكالته إلقضائية‪ ،‬مطبعة إ ألمنية‪ ،‬إلرابط‪ ،‬إلطبعة إ ألولى‪ ،6114/6111 ،‬ص‪.088‬‬
‫‪174‬‬

‫أأرإد إلمشرع إلجزإئري من خالل مقتضيات إلمادة ‪ 06‬من قانون إلآسرة إلنفتاح على قوإعد إلمسؤولية‬
‫إلمدنية وذلك لتعويض إلمطلقة عن إلضرر إلالحق بها جرإء تعسف إلطرف إلآخر في إس تعمال حق إلطالق‪،‬‬
‫وهو ما جسده إلقضاء إلجزإئري في أأحد أأحكامه إلمتضمن ما يلي‪ ":‬وحيث إذإ طلق إلزوج زوجته وتبين‬
‫للقاضي أأن إلزوج متعسف في طالقها دونما سبب معقول و أأن إلزوجة س يصيبها بذلك ضرر يحكم على إلمطلق‬
‫بحسب حالة ودرجة تعسفه بتعويض عادل‪ ،1‬وفي حكم أآخر تضمن ما يلي‪ ":‬إذإ كان إلطالق لغير سبب‬
‫مشروع يدعو إليه‪ ،‬وجب على إلمطلق إلمتعسف إلتعويض لما لحق إلزوجة إلمطلقة من أأضرإر بسبب هذإ‬
‫إلطالق‪."2‬‬

‫إستنادإ لما هو مذكور أأعاله‪ ،‬يتبين إنه لقضاة شؤون إ ألسرة دور إيجابيي في مجال تبيان إ ألساس‬
‫إلعقدي أأو إلتقصيري للمسؤول عن إلضرر في فك إلرإبطة إلزوجية إلحكم ابلتعويض‪ ،‬وتقديره من خالل معايير‬
‫قانونية إستنادإ للقانون إلمدني ومعايير إجتماعية عاينها في جلسات محاولت إلصلح قصد إلتأأكد من إلطرف‬
‫إلذي يتحمل إلمسؤولية في إنهاء إلرإبطة إلزوجية ألجل إلحكم عليه بتعويض عادل لفائدة إلطرف إلمتضرر من‬
‫هذإ إلفعل‪.‬‬

‫خامتة املداخلة‪:‬‬
‫نخلص إلى إنفتاح إلمشرع إلجزإئري على قوإعد إلقانون إلمدني خاصة نظام إلمسؤولية إلمدنية لس يما‬
‫عند إلطالع على كيفية تعامل إلقضاء إ ألسري إلجزإئري مع قوإعد إلمسؤولية إلمدنية وإلتعويض إلقضائي كأأبرز‬
‫مس تجد جاءت به قانون إ ألسرة في موضوع إلعدول عن إلخطبة وإنحالل إلعالقة إلزوجية‪ ،‬ثم إلوقوف على‬
‫إلتعويض وتقديره تشريعيا وقضائيا وفقهيا‪ ،‬لكن يبقى إنفتاح نس بيي يترإوح بين إلتقارب اترة وإلس تقالل اترة‬
‫أأخرى‪ .‬ولعل أأهم إلنتائج إلمتوصل إليها تتمثل في مايلي‪:‬‬
‫‪/0‬جاءقانون إ ألسرة مرتكزإ على إلمرجعية إلدينية ابعتبارها إلمصدر إ ألساسي للتشريع إلمنظم للروإبط‬
‫إ ألسرية‪ ،‬كما إنفتح على إلمرجعية إلدولية ابعتبار إلجزإئر جزء من إلمنتظم إلدولي مما يوجب عليه مالئمة‬
‫تقنيناته إلدإخلية مع إلتفاقيات إلدولية‪ ،‬إضافة إلى إس تفادته من إ ألنظمة إلسائدة في إلقانون إلمدني عامة ونظام‬
‫إلمسؤولية إلمدنية على وجه إلخصوص‪.‬‬
‫‪ /6‬أأساس إلتعويض عن ضرر إلعدول عن إلخطبة هو إ ألساس إلتقصيري لكون إلخطبة مجرد وإقعة‬
‫قانونية ل تكتسي أأي صبغة إلزإمية‪.‬‬

‫‪ 1‬قرإر صادر عن إلمحكمة إلعليا إلجزإئرية في إلملف رقم ‪ 00162‬إلمؤرخ في ‪ ،0848/06/10‬أأورده بلحاج إلعربيي‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪،‬ص ‪.600‬‬
‫‪ 2‬بلحاج إلعربيي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.602‬‬
‫‪175‬‬

‫‪/0‬إلتعويض عن ضرر إلعدول عن إلخطبة ما هو إل تأأكيد للقوإعد إلعامة في نطاق إلمسؤولية إلتقصيرية‪.‬‬
‫‪/8‬حماية للطرف إلمتضرر جرإء إنهاء إلعالقة إلزوجية‪ ،‬خول قانون إ ألسرة إمكانية إلحصول على‬
‫إلتعويض عن إلضرر إلالحق بأأحد إلزوجين إعمال لقوإعد ومبادئ إلقانون إلمدني‪ .‬حيث يفعل قضاء شؤون‬
‫إ ألسرة بشكل إيجابيي تلك إلمقتضيات في إلعديد من إ ألحكام وإلقرإرإت إلقضائية‪.‬‬
‫أأما فيما يخص إلتوصيات؛ نوجزها في‪:‬‬
‫‪/0‬في ما يخص إشكالية إلثبات في إلخطبة وتحديد إلمتعسف‪ ،‬حبذإ لو ينص إلمشرع على صياغة‬
‫وثيقة خاصة ابلخطبة تس بق عقد إلزوإج‪ ،‬وتشكل أأدإة قانونية وفعالة في إلثبات لحسم إلنزإعات إلمثارة أأمام‬
‫إلقضاء دون أأن يؤثر ذلك في إلطبيعة إلقانونية للخطبة من حيث كونها مجرد وعد ابلزوإج‪.‬‬
‫‪ /6‬مناشدة قضاة إ ألسرة إلى ضرورة تبيان أأساس إلتعويض في حالة إلحكم به في إنهاء إلرإبطة إلزوجية‪،‬‬
‫وذلك بتوضيح ما إذإ كان أأساسه عقداي أأم تقصيراي‪.‬‬
‫‪ /0‬ضرورة إس تحدإث قانون إجرإئي وموضوعي يتعلق بقانون إ ألسرة لالس تقالل إلنهائي عن قوإعد‬
‫ومبادئ إلقانون إلمدني‪.‬‬

‫قائمة املصادر واملراجع‪:‬‬


‫أوال) املصادر‪:‬‬
‫‪ -0‬إلقرأآن إلكريم‬
‫‪ -6‬إلقانون رقم ‪ 00-48‬إلمؤرخ في ‪ 14‬جوإن ‪ 0848‬إلتضمن قانون إ ألسرة إلجزإئري‪ ،‬إلمعدل وإلمتمم‪.‬‬
‫‪ -0‬إ ألمر رقم ‪ 04-10‬إلمؤرخ في ‪ 0810/18/62‬إلمتضمن إلقانون إلمدني إلجزإئري‪ ،‬إلمعدل وإلمتمم‪.‬‬

‫ثانيا) املراجع‪:‬‬
‫‪ -‬الكتب‬
‫‪ -0‬إبرإهيم إلدسوقي أأبو إلليل‪ ،‬تعويض إلضرر في إلمسؤولية إلمدنية ‪ -‬درإسة تحليلية تأأصيلية لتقدير‬
‫إلتعويض‪ ،‬مطبوعات جامعة إلكويت‪.0880 ،‬‬
‫‪176‬‬

‫‪ -6‬أأحمد إلخمليشي‪ ،‬وجهة نظر إلجزء إلثاني‪ ،‬إ ألسرة‪ ،‬إلطفل وإلمر أأة أأصول إلفقه وإلفكر إلفقهيي‪ ،‬مطبعة‬
‫إلمعاريف إلجديدة‪.0884 ،‬‬
‫‪ -0‬إدريس إلعلوي إلعبدلوي‪ ،‬شرح إلقانون إلمدني إلنظرية إلعامة للتزإم‪ -‬إلرإدة إلمنفردة‪ ،‬إلثرإء بال‬
‫سبب‪ ،‬إلمسؤولية إلتقصيرية إلقانون‪ ،‬إلجزء إلثاني‪ ،‬مطبعة إلنجاح إلجديدة‪ ،‬إلدإر إلبيضاء‪ ،‬إلطبعة‬
‫إ ألولى‪.6111 ،‬‬
‫‪ -8‬إدريس إلفاخوري‪ ،‬قانون إ ألسرة إلمغربيي إلجزء إ ألول أأحكام إلزوإج‪ ،‬دإر إلنشر إلجسور‪ ،‬وجدة‪،‬‬
‫إلطبعة إ ألولى‪ ،‬دون ذكر اتريخ إلطبع‪.‬‬
‫‪ -0‬إ ألمرإني زنطار إلحسن‪ ،‬حقوق إلمر أأة من خالل تحفة إبن عاصم ومدونة إ ألحوإل إلشخصية‪ ،‬إ ألحمدية‬
‫للنشر وإلتوزيع‪ ،‬إلطبعة إ ألولى‪.6111 ،‬‬
‫‪ -2‬إلعربيي بلحاج‪ ،‬إلوجيز في شرح قانون إ ألسرة إلجزإئري‪ ،‬إلزوإج وإلطالق‪ ،‬إلجزء إلول‪ ،‬دون ذكر‬
‫اتريخ إلطبع‪.‬‬
‫‪ -1‬توإتي صديق‪ ،‬قانون إ ألسرة في ضوء إلفقه وقرإرإت إلمحكمة إلعليا‪ ،‬إلجزء إلول إلزوإج وإنحالله‪-‬‬
‫إلنيابة إلشرعية‪ ،‬دون دإر نشر‪.6160 ،‬‬
‫‪ -4‬رضا محمد جعفر‪ ،‬إلمضرور ابلضرر و أأثره على إلحق في إلتعويض‪ ،‬دإر إلجامعة إلجديدة للنشر‪،‬‬
‫إلسكندرية‪ ،‬دون ذكر إلطبعة‪.6110 ،‬‬
‫‪ -8‬سعيد أأمجد إلزهاوي‪ ،‬إلتعسف في إس تعمال حق إلملكية في إلشريعة وإلقانون‪ ،‬جامعة بغدإد‪،‬‬
‫‪.0810‬‬
‫‪ -01‬سليمان مرقس‪ ،‬إلمسؤولية إلمدنية في تقنيات إلبالد إلعربية إلقسم إ ألول إ ألحكام إلعامة‪ ،‬أأركان‬
‫إلمسؤولية‪ ،‬إلضرر وإلخطأأ وإلعالقة إلس ببية‪ ،‬مطبعة إلجبالوي‪ ،‬مصر‪.0840 ،‬‬
‫‪ -00‬عادل حاميدي‪ ،‬إلتطليق للشقاق وإشكالته إلقضائية‪ ،‬مطبعة إ ألمنية‪ ،‬إلرابط‪ ،‬إلطبعة إ ألولى‪،‬‬
‫‪.6114/6111‬‬
‫‪ -06‬عبد إلرزإق إلس نهوري‪ ،‬إلوس يط في شرح إلقانون إلمدني إلجديد نظرية إللتزإم بوجه عام مصادر‬
‫إللتزإم إلعقد‪ ،‬إلعمل غير إلمشروع‪ ،‬إلثرإء بال سبب‪ ،‬دإر إحياء إلترإث إلعربيي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫دون ذكر اتريخ إلطبع‪.‬‬
‫‪ -00‬عبود رش يد‪ ،‬إ ألحوإل إلشخصية قوإعد ونصوص وشروح‪ ،‬مطبعة إلنجاح إلجديدة‪ ،‬إلدإر إلبيضاء‪،‬‬
‫إلطبعة إ ألولى‪.0820 ،‬‬
‫‪ -08‬عز إلدين إلديناصوري وعبد إلحميد إلشوإربيي " إلمسؤولية إلمدنية في ضوء إلفقه وإلقضاء "إلمطبعة‬
‫إلحديثة للطباعة إلقاهرة‪ ،‬إلطبعة ‪.6111 ،11‬‬
‫‪ -00‬عزيز كاظم جبر‪ ،‬إلضرر إلمرتد وتعويضه في إلمسؤولية إلتقصيرية درإسة مقارنة‪ ،‬مطبعة مكتبة دإر‬
‫إلثقافة للنشر وإلتوزيع‪ ،‬إ ألردن‪ ،‬إلطبعة إ ألولى‪.0884 ،‬‬
‫‪ -02‬فركوس دليلة وجمال عياشي‪ ،‬محاضرإت في قانون إ ألسرة "إنعقاد إلزوإج"‪ ،‬دإر إلخلدونية‪،‬‬
‫إلجزإئر‪6102 ،‬‬
‫‪177‬‬

‫‪ -01‬محمد أأبو زهرة‪ ،‬محاضرإت في عقد إلزوإج وأآاثره‪ ،‬دإر إلفكر إلعربيي‪ ،‬إلقاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دون ذكر‬
‫اتريخ إلطبع‪.‬‬
‫‪ -04‬محمد إلكش بور‪ ،‬شرح مدونة إ ألسرة إلجزء إ ألول إلزوإج‪ ،‬مطبعة إلنجاح إلجديدة‪ ،‬إلدإر إلبيضاء‪،‬‬
‫إلطبعة إ ألولى‪.6112 ،‬‬
‫‪ -08‬محمد إلكش بور‪ /‬يونس إلزهري‪ /‬حسن فتوخ‪ ،‬إلتطليق بسبب إلشقاق في مدونة إ ألسرة‪ ،‬سلسلة‬
‫إلدرإسات إلقانونية إلمعاصرة‪ ،‬مطبعة إلنجاح إلجديدة‪ ،‬إلدإر إلبيضاء‪ ،‬إلطبعة إ ألولى‪.6112 ،‬‬
‫‪ -61‬محمد يوسف موسى‪ ،‬أأحكام إ ألحوإل إلشخصية في إلفقه إلسالمي‪ ،‬مطبعة مؤسسة إلخانجي‪،‬‬
‫إلقاهرة‪ ،‬مصر‪.0802 ،‬‬
‫‪ -60‬وهبة إلزحيلي‪ ،‬نظرية إلضمان أأو أأحكام إلمسؤولية إلمدنية وإلجنائية في إلفقه إلسالمي ‪ -‬درإسة‬
‫مقارنة‪ ،‬دإر إلفكر‪ ،‬دمشق طبعة ‪.0846‬‬
‫‪22- François Terré et Dominique Fenouillet « droit civil, les personnes la‬‬
‫‪famille les incapacités.‬‬
‫‪23- GUYRAYMOND : collection dirigée par J.L CUVELIER et‬‬
‫‪C.LECLERCIA droit civil 3ème édition 1996.‬‬
‫‪ ‬إلرسائل إلجامعية‬
‫‪-68‬حبار محمد‪ ،‬قانون إلعقد وإلمسؤولية إلعقدية في إلقانون إلجزإئري وإلمقارن‪ ،‬إلجزء إلثاني‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل درجة دكتورإه إلدولة في إلقانون إلخاص‪ ،‬معهد إلحقوق وإلعلوم إلدإرية بن عكنون‪ ،‬جامعة إلجزإئر‪،‬‬
‫‪.0841/0842‬‬
‫‪-60‬عبد إلحميد أأخريف‪ ،‬نظرية إلضمان ‪ -‬محاولة في تأأصيل نظرية إلمسؤولية إلمدنية في إلفقه إلسالمي‪،‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم إلدرإسات إلعليا في إلقانون إلخاص‪ ،‬جامعة س يدي محمد بن عبد إلله‪.0888/0880 ،‬‬
‫‪-62‬فؤإد بن شكرة‪ ،‬أآاثر إلعدول عن إلخطبة في ظل مدونة إ ألسرة ‪-‬درإسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫إلدرإسات إلمعمقة في إلقانون إلخاص‪ ،‬كلية إلعلوم إلقانونية وإلقتصادية وإلجتماعية‪ .‬جامعة محمد إلول‪،‬‬
‫وجدة‪ ،‬تونس‪.6101-6118 ،‬‬
‫‪-61‬لبنى إلغومرتي‪ ،‬إلنهاء إلتعسفي للرإبطة إلزوجية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم إلدرإسات إلعليا إلمعمقة في إلقانون‬
‫إلخاص‪ ،‬وحدة إلتكوين وإلبحث في قانون إ ألسرة إلمغربيي وإلمقارن‪ ،‬كلية إلعلوم إلقانونية وإلقتصادية‬
‫وإلجتماعية‪ ،‬جامعة عبد إلمالك إلسعدي‪ ،‬طنجة ‪.6114/6111‬‬
‫‪-64‬موحى س يدي أأعمر‪ ،‬خصوصيات إلقوإعد إلمدنية في مدونة إ ألسرة ‪-‬من خالل إلزوإج وإنحالل‬
‫ميثاقه‪ ،‬رسالة نيل إلدكتورإه في إلقانون إلخاص‪ ،‬مركز درإسات إلدكتورإه في إلقانون وإلقتصاد وإلتدبير‪ ،‬مخبر‬
‫قانون إ ألسرة وإلهجرة‪ ،‬كلية إلعلوم إلقانونية وإلقتصادية وإلجتماعية‪ ،‬جامعة محمد إ ألول‪ ،‬وجدة‪.6100-608 ،‬‬
‫‪ ‬إلمقالت إلعلمية‪:‬‬
‫‪ -68‬أأحميد ولد عبد إلدإئم‪ ،‬إلمسؤولية إلمدنية للآابء عن أأبنائهم إلقصر‪ ،‬مجلة إلعلوم إلقانونية إلدإرية‪،‬‬
‫جامعة أأبو بكر بلقايد تلمسان‪ ،‬إلجزإئر‪ ،‬عدد ‪.6110 ،0‬‬
‫‪178‬‬

‫‪-01‬إلعربيي بلحاج‪ ،‬إلطبيعة إلقانونية للخطبة‪ ،‬إلمجلة إلجزإئرية للعلوم إلقانونية‪ ،‬إلقتصادية وإلس ياس ية‪،‬‬
‫عدد ‪.10‬‬
‫‪-00‬توفيق حسن فرج‪ ،‬إلطبيعة إلقانونية للخطبة و أأساس إلتعويض في حالة إلعدول عنها‪ ،‬مجلة إلحقوق‬
‫للبحوث إلقانونية وإلقتصادية كلية إلحقوق بجامعة إلسكندرية‪ ،‬إلس نة إلحادية عشر ‪ ،0826/0820‬عدد ‪10‬‬
‫و‪.18‬‬
‫‪-06‬حمزة قتال‪ ،‬سمير ش يهاني‪ ،‬عالقة إلقانون إلمدني بقانون إ ألسرة‪ :‬قوإعد إ ألهلية نموذجا‪ .‬حوليات‬
‫جامعة إلجزإئر‪ ،6102 ،‬عدد ‪.10‬‬
‫‪-00‬محمد إلمنصف بوقرة‪ ،‬خوإطر حول إلطبيعة إلقانونية للخطبة‪ ،‬إلمجلة إلقانونية إلتونس ية‪ ،‬عدد خاص‪،‬‬
‫‪.0840‬‬
‫‪ ‬إلمجالت إلقضائية‪:‬‬
‫‪-08‬مجلة إلمحكمة إلعليا لس نة ‪ ،6111‬عدد ‪.0‬‬
‫‪-00‬نشرة إلقضاة لس نة ‪ ،0880‬عدد ‪.10‬‬
‫‪179‬‬ ‫جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬
‫امللتقى الوطين الرابع‪ ،‬مصادر قانون األسرة اجلزائري‪ 11 ،‬جويلية ‪2222‬‬

‫األسرة يف جمال عيوب اإلرادة‬


‫قانون‪2222‬‬
‫لية‬ ‫تأثري القانون املدني على‬
‫‪The impact of civil law on family law in the area of will defects‬‬
‫شابو مصطفى وبابا عيسى ليلية‬
‫خمرب قانون األسرة‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة اجلزائر‪1‬‬
‫‪chaoui100@gmail.com‬‬

‫ملخص املداخلة‪:‬‬
‫يعتبر القانون المدني أأهم فروع القانون الخاص و أأصلها‪ ،‬فهو الشريعة العامة لباقي القوانين ا ألخرى‬
‫التي تفرعت عنه‪ ،‬فروح القانون المدني في التشريعات الحديثة أأصبحت حاضرة بقوة‪ ،‬وخصوصا عندما يتعلق‬
‫ا ألمر بمبد أأ سلطان ا إلرادة وما يترتب عنه من أاثر في ذمة طرفي العقد‪ ،‬بحيث نجد هذه الروح المدنية‬
‫حاضرة بقوة في أأحكام قانون ا ألسرة الجزائري‪ ،‬سواء تعلق ا ألمر بمبد أأ سلطان ا إلرادة الذي أأصبح يفرض‬
‫قوته في العالقة الزوجية سواء عند انعقادها أأو عند انحاللها بطريقة ودية بين أأطراف العالقة الزوجية‪ ،‬أأو‬
‫عن طريق الدعوى القضائية وخصوصا عندما يس تغل أأحد أأطراف العالقة الزوجية مكانته وقوته على اإرغام‬
‫الطرف ا ألخر ابلقتران به ولو بدون رضاه‪ ،‬فلدوام العالقة الزوجية بين الزوجين‪ ،‬وتحقق مقاصدها‬
‫و أأغراضها‪ ،‬يجب أأن تكون مبنية على أأساس الثقة والوضوح بين الطرفين‪ ،‬فاإذا كانت إارادة أأحد الطرفين‬
‫مشوبة بعيب من عيوب ا إلرادة‪ ،‬فاإن ذلك يعني فقدان الرضا والقبول من جانبه‪ ،‬لذلك نجد الفقه الإسالمي‬
‫ومعه التشريعات الوضعية منحوا الحق لكل من الطرفين في فسخ عقد الزواج‪ ،‬اإذا تبين ان العقد يشوبه‬
‫عيب من عيوب الرضا المنصوص عليها في القانون المدني‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬عيوب‪ ،‬إارادة‪ ،‬ابطال‪ ،‬فسخ‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪Civil Law is the most important branch of private law and its origin, it is‬‬
‫‪the general law of the rest of the other laws that have branched out from it, the‬‬
‫‪spirit of civil law in modern legislation has become strongly present, especially‬‬
‫‪when it comes to the principle of the power of will and its implications for the‬‬
‫‪parties to the contract, so that we find this civil spirit strongly present in the‬‬
‫‪provisions of Algerian family law, whether it is the principle of the authority of‬‬
‫‪will, which has come to impose its strength in the marital relationship, whether‬‬
‫‪when it is held or when it is dissolved in a friendly manner. Between the parties‬‬
‫‪to the marital relationship, or through judicial proceedings, especially when one‬‬
‫‪180‬‬

‫‪of the parties to the marital relationship exploits his or her status and power to‬‬
‫‪force the other party to marry him even without his consent, for the permanence‬‬
‫‪of the marital relationship between the spouses, and achieve its purposes and‬‬
‫‪purposes, it must be based on trust and clarity between the parties. If the will of‬‬
‫‪one of the parties is tainted by a defect of will, it means a loss of consent and‬‬
‫‪acceptance on its part, so we find Islamic jurisprudence and with positive‬‬
‫‪legislation granted the right to both parties. In the dissolution of the marriage‬‬
‫‪contract, if the contract is found to be flawed by the defects of consent provided‬‬
‫‪for in the Civil Code.‬‬
‫‪Keywords : consent , defects , will , law .‬‬
‫مقدمة املداخلة‪:‬‬
‫يعتبر القانون المدني أأهم فروع القانون الخاص‪ ،‬فهو الشريعة العامة لكل القوانين ا ألخرى‪ ،‬لكونه‬
‫يشمل في عمومه على نظرية عامة لاللتزام صالحة للتطبيق كلما كان هناك فراغ أأو نقص تشريعي‪ ،‬ومن هنا‬
‫نجد أأن روح القانون المدني في معظم التشريعات الحديثة أأصبحت حاضرة بقوة‪ ،‬وخصوصا عندما يتعلق‬
‫ا ألمر بمبد أأ سلطان ا إلرادة وما يترتب عنه من أاثر في ذمة كال طرفي العقد‪ ،‬بحيث نجد ان الروح المدنية‬
‫حاضرة بقوة في قانون ا ألسرة ومن خالل العديد من مقتضياتها الجديدة سواء تعلق ا ألمر بمبد أأ سلطان ا إلرادة‬
‫الذي أأصبح يفرض قوته في العالقة الزوجية سواء عند قيامها أأو عند انحاللها‪ ،‬وخصوصا عندما يس تغل أأحد‬
‫أأطراف العالقة الزوجية مكانته وقوته على اإرغام الطرف الخر على القتران به ولو بدون رضاه‪.‬‬
‫فلكي تس تمر العالقة الزوجية بين الزوجين وتحقق مقاصدها و أأغراضها التي وجدت من أأجلها‪،‬‬
‫يجب أأن تكون مبنية على أأساس الثقة والوضوح بين الطرفين‪ ،‬فاإذا كانت إارادة أأحد الطرفين مشوبة بعيب‬
‫من عيوب ا إلرادة‪ ،‬فاإن ذلك يعني فقدان الرضا والقبول من جانبه‪ ،‬وابلتالي يتم تفويت مصالحه و أأغراضه من‬
‫الزواج‪ ،‬لذلك نجد ان الفقه الإسالمي ومعه التشريعات الوضعية منحوا الحق لكل واحد من الطرفين في‬
‫فسخ عقد الزواج‪ ،‬اإذا تبين أأنه كان ضحية عيب من عيوب الرضا‪ ،‬و لذلك نجد ان المشرع الجزائري في‬
‫قانون ا ألسرة انفتح على القواعد المتعلقة بسالمة ا إلرادة عندما أأدخل عيوب ا إلرادة على الرابطة الزوجية‬
‫وجعلها كسبب من أأس باب انحاللها‪ ،‬و هو ما دفعنا اإلى طرح الإشكالية التالية‪:‬‬
‫ما مدى تأأثير القانون المدني في مجال عيوب ا إلرادة على أأحكام قانون ا ألسرة؟ وهل هناك خصوصية‬
‫تميزها عند تطبيقها في قضاء شؤون ا ألسرة؟‬
‫وعلى ضوء هذه الإشكالية وغير ها من ا ألس ئلة المطروحة س نحاول من خالل هذه المداخلة‬
‫حصر العيوب المؤثرة في الرابطة الزوجية (كمحور أأول)‪ ،‬ثم بعد ذلك سنتحدث عن حدود تطبيق القواعد‬
‫العامة على هذه العيوب وخصوصياتها في قانون ا ألسرة ( كمحور اثن )‪.‬‬
‫‪181‬‬

‫احملور األول‪ :‬العيوب املؤثرة يف الرابطة الزوجية‬


‫قبل أأن نتكلم عن عيوب الرضا المؤثرة في عقد الزواج‪ ،‬ل بد أأن نتطرق لتعريف الرضا ومتعلقاته‬
‫في عقد الزواج‪ ،‬ومكانته في هذا العقد‪ ،‬ثم نتطرق الى العيوب التي قد تعتريه و تؤثر فيه‪.‬‬
‫أ ‪ .‬الرضا يف عقد الزواج‬
‫‪ 1‬ـ تعريف الرضا يف الزواج‬
‫لغة‪ :‬طيب النفس بما يصيبه ويفوته مع عدم التغيير‪.‬‬
‫التعريف االصطالحي الفقهي‪ :‬الرضا فقها هو‪ :‬امتالء الختيار وبلوغه نهايته بحيث يفضي أأثره‬
‫اإلى الظاهر من ظهور البشاشة في الوجه ونحوها ويعرف أأيضا بأأنه الرغبة في الفعل والرتياح اإليه‪.1‬‬
‫ويعبر عن ا إلرادة في عقد الزواج في الفقه ابلصيغة وهي ركن انعقاد عقد الزواج‪ ،‬والركن هو ما‬
‫يتوقف وجود الشيء على وجوده وكان جزءا من حقيقته والذي يكون جزءا من العقد هو الإيجاب والقبول‬
‫فقط‪.2‬‬
‫التعريف االصطالحي القانوني‪ :‬ابلرجوع للمادتين ‪ 40‬و‪ 40‬من قانون ا ألسرة نجد أأن المشرع‬
‫الجزائري قد جعل الرضا ركنا لنعقاد الزواج لتبقى العناصر ا ألخرى المنش ئة لعقد الزواج مجرد شروط صحة‬
‫والمتمثلة في‪ :‬ا ألهلية‪ ،‬الصداق‪ ،‬الولي‪ ،‬الشاهدان‪ ،‬وانعدام الموانع الشرعية ‪ ،‬وتطبيقا لنص المادة ‪ 33‬من‬
‫قانون ا ألسرة الجزائري‪ ،‬فاإذا انعدم ركن الرضا عقد الزواج ترتب عليه البطالن ألن إارادة طرفي عقد الزواج‬
‫غير موجودة أأي منعدمة‪ ،‬غير أأن ا إلرادة قد تكون موجودة ولكن تشوبها عوامل تؤثر على سالمتها‪ ،‬ا ألمر‬
‫الذي يجعل من رضاء المتعاقدين أأو أأحدهما غير سليم‪ ،‬ولهذا فال يكفي أأن يكون الرضا موجودا‪ ،‬بل يجب‬
‫أأن يكون صحيحا وخاليا من العيوب حتى يمكن اعتبار عقد الزواج صحيحا وملزما لطرفيه‪ ،3‬فعالوة على‬
‫اشتراط ا ألهلية الالزمة لإبرام العقد فاإنه ل بد من أأن يأأتي الرضا خاليا من العيوب‪.‬‬
‫ب ـ عيوب الرضا املؤثرة يف عقد الزواج‬
‫قبل البدء في مسأألة عيوب الرضا لبد من الإشارة اإلى مالحظة مهمة وهي ان هناك فارقا أأساس يا‬
‫بين ا إلرادة غير الموجودة وا إلرادة المعيبة‪ ،‬فعدم وجود ا إلرادة يعني به أأن من ابشر التصرف كان فاقدا‬
‫ل إالرادة‪ ،‬أأو أأن إارادته ل تتجه اإلى اإحداث أأثر قانوني‪ ،‬وفي كال الحالتين يختل ركن التصرف فيقع ابطال كما لو‬

‫‪ -1‬مازن مصباح صباح‪ ،‬سامي عدانن العجوزي‪ ،‬عيوب الرضا و أأثرها على المادة العقدية عند الش يخ مصطفى الزرقا‪ ،‬دراسة‬
‫فقهية مقارنة‪ ،‬مجلة جامعة ا ألقصى‪ ،‬المجلد الثامن عشر ‪ ،‬العدد ا ألول يناير ‪ ، 4410‬الصفحة ‪.141‬‬
‫‪ -2‬زبير مصطفى حسين‪ ،‬الطبيعة القانونية لعقد الزواج دراسة مقارنة في تكوين العقد بين قانون ا ألحوال الشخصية والقانون‬
‫المدني‪ ،‬الصفحة ‪.04‬‬
‫‪ -3‬بلعربيي خالدية‪ ،‬أأاثر عيوب الرضا على عقد الزواج‪ ،‬مذكرة ماجس تير‪ ،‬تخصص قانون ا ألسرة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬سعيد‬
‫حمدين‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،4410‬صفحة ‪.44‬‬
‫‪182‬‬

‫ابشر التصرف صبيي غير مميز أأو مجنون أأو سكران أأو من هو في غيبوبة أأو هازل مع اختالف هذا الحكم‬
‫في ا ألحكام المتعلقة ابلزواج‪.4‬‬
‫أأما ا إلرادة المعيبة فهيي إارادة موجودة ولكنها لم تصدر عن نية واختيار ولذلك فهيي ل تحول دون‬
‫وجود التصرف اإنما يكون لمن عييت إارادته أأن يطلب اإبطال هذا التصرف أأي يكون قابال ل إالبطال‪.5‬‬
‫لقد تم النص على عيوب ا إلرادة في القواعد العامة للقانون في المواد من ‪ 24‬اإلى المادة ‪144‬‬
‫وهي الغلط‪ ،‬التدليس‪ ،‬الإكراه‪ ،‬الس تغالل والغبن‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ تعريف عيوب اإلرادة‬
‫عيوب ا إلرادة‪ :‬هي حالت ل يحكم معها ابنتفاء ا إلرادة العقدية الحقيقية كما ل يحكم معها بسالمة‬
‫هذه ا إلرادة من كل شائبة‪ ،‬بل يوجد أفة أأصابت إارادة العاقد‪ ،‬ول يس تطاع معها اعتبار رضاه صحيحا كامال‬
‫ملزما‪.‬‬
‫وتكون هذه العيوب اإما مرافقة لتكوين العقد وإاما تنشا بعد تكوين العقد بسبب طارئ لكنه ذو‬
‫تأأثير في الرضا السابق‪.6‬‬
‫‪ 4‬ـ عيوب اإلرادة يف عقد الزواج‬
‫لم يورد المشرع الجزائري في قانون ا ألسرة قسما خاصا بعيوب الرضا‪ ،‬و اإنما أأشار اإلى بعض‬
‫أأحكامها في نصوص متفرقة‪ ،‬اإل أأنه قد نص عليها في القواعد العامة في القانون المدني في المواد من ‪ 24‬اإلى‬
‫‪ 144‬وهي الغلط‪ ،‬التدليس‪ ،‬الإكراه والغبن وعليه س نقوم بدراسة العيوب المؤثرة في عقد الزواج فقط‪ ،‬وفقا‬
‫لقانون ا ألسرة الجزائري وطبقا للمادة ‪ 444‬منه التي تحيل اإلى أأحكام الشريعة الإسالمية فيما لم يرد نص فيه‬
‫نص‪.7‬‬
‫اإلكراه يف عقد الزواج‪:‬‬
‫لغة‪ :‬هو مصدر من أأكره اإكراها‪ ،‬اإذا غصبته وحملته على أأمر هو له كاره‪ ،‬فأأصل الكلمة يدل على‬
‫خالف الرضا والمحبة‪.8‬‬

‫‪ -4‬مازن مصباح صباح‪ ،‬سامي عدانن العجوزي‪ ،‬عيوب الرضا و أأثرها على ا إلرادة العقدية عند الش يخ مصطفى الزرقا‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.140‬‬
‫‪ -5‬بلعربيي خالدية‪ ،‬أأاثر عيوب الرضا على عقد الزواج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.31‬‬
‫‪ -6‬مازن مصباح صباح ‪،‬سامي عدانن العجوزي ‪ ،‬عيوب الرضا و أأثرها على ا إلرادة العقدية عند الش يخ مصطفى الزرقا ‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪. 141‬‬
‫‪ -7‬تنص المادة ‪ 444‬من قانون ا ألسرة على‪ " :‬كل ما لم يرد النص عليه في هذا القانون يرجع فيه اإلى أأحكام الشريعة‬
‫الإسالمية"‪.‬‬
‫‪ -8‬مازن مصباح صباح ‪ ،‬سامي عدانن العجوزي ‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.141‬‬
‫‪183‬‬

‫اصطالحا‪ :‬عرفه فقهاء القانون المدني بأأنه ذلك الضغط الذي يقع على أأحد المتعاقدين فيولد في‬
‫نفسه رهبة تدفعه اإلى التعاقد وهو ما يسمى ابلإكراه المعنوي‪ ،‬ومثاله أأن يضرب شخص أخر أأو يهدده‬
‫ابلعتداء على العرض أأو ابإاثرة فضيحة‪ ،‬حتى يحمله على التعاقد‪ ،‬وتجدر ا إلشارة اإلى أأن الإكراه المعنوي يفسد‬
‫الرضا دون أأن يعدمه‪ ،‬فا إلرادة موجودة وإان شابها الفساد‪ ،‬ألنها أأتت نتيجة الضغط والترهيب‪ ،‬أأما الإكراه‬
‫المادي فهو الذي يعدم ا إلرادة‪ ،‬ألن المكره ل تكون لديه إارادة مطلقا‪ ،‬ومثاله ان يمسك شخص عنوة ابإبهام‬
‫شخص أأخر ويطبع بصمته على عقد مكتوب أأو س ند دين فيقع العقد هنا ابطال بطالان مطلقا لنعدام ركن‬
‫الرضا‪.9‬‬
‫وفي الفقه الإسالمي يعرف الإكراه بأأنه حمل الغير بغير حق على مال يرضاه‪ ،‬بتخويف يقدر‬
‫الحامل على اإيقاعه بحيث يصبح الغير خائفا به‪.‬‬
‫وعليه يتبين مما س بق بأأن الإكراه هو ذلك الضغط غير المشروع الذي يقع على إارادة الشخص‬
‫فيعيبها بحيث يولد في نفسه خوفا ورهبة تدفعه اإلى اإتيان العمل القانوني دون اختياره ول رضاه‪ ،‬ويالحظ‬
‫بأأن الذي يعيب ا إلرادة والرضا ليس هو الوسائل المادية المس تعملة في الإكراه أأو الضغط‪ ،‬وإانما هو الخوف‬
‫والرهبة التي يخلقها في نفس الشخص الذي يس تعمل تجاهه الإكراه‪.10‬‬
‫الغلط يف عقد الزواج ‪:‬‬
‫‪ -‬لغة‪ :‬هو أأن تعيا ابلشيء فال تعرف وجه الصواب فيه‪ ،‬وهو الكالم لشيء لم ترده‪ ،‬ويقال في منطقه‬
‫غلطا أأي أأخطأأ وجه الصواب‪.11‬‬
‫‪ -‬اصطالحا‪ :‬الغلط وهو وهم يقوم في ذهن الشخص فيصور له ا ألمر على غير حقيقته ويكون هو‬
‫الدافع على التعاقد فهو تصور كاذب للواقع ويؤدي ابلشخص اإلى اإبرام العقد ما كان ليقدم على اإبرامه لو تبين‬
‫له حقيقة ا ألمر‪.‬‬
‫فالغلط كعيب من عيوب ا إلرادة تصور غير موافق للحقيقة يؤدي ابلشخص اإلى اإبرام العقد فيتوهم‬
‫الشخص شيئا على غير حقيقته مما يدعوه اإلى التعاقد عليه‪.‬‬
‫والغلط اإما ان يكون غلطا مانعا يحول دون تطابق إارادتين‪ ،‬أأو يكون عيبا يصيب ا إلرادة فيفسدها‪.‬‬

‫‪ -9‬محمد صبري السعدي‪ ،‬الواضح في شرح القانون المدني ‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬دار الهدى الجزائر ‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ،4441‬ص ‪121 /121‬‬
‫‪ -10‬زبير مصطفى حسين‪ ،‬الطبيعة القانونية لعقد الزواج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.144، 141‬‬
‫‪ -11‬مازن مصباح صباح‪ ،‬سامي عدانن العجوزي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.141‬‬
‫‪184‬‬

‫التدليس يف عقد الزواج‬


‫‪ -‬لغة‪ :‬معناه الخديعة والكتمان والإخفاء فقد جاء في المصباح المنير " دلس البائع تدليسا كتم عيب‬
‫السلعة من المشتري و أأخفاه‪.12‬‬
‫‪ -‬اصطالحا‪ :‬وهو ل يخرج عن المعنى اللغوي‪ ،‬وهو كتمان العيب‪ ،‬ويكون التدليس في البيوع وفي‬
‫الحديث وفي أأمور الدين عامة وفي النكاح‪ ،‬أأما في النكاح فهو أأن يكتم أأحد الزوجين عيبا فيه عن الخر‪ ،‬أأو‬
‫اإخباره له بما ليس فيه تغريرا وخداعا للوصول اإلى مقصوده ابلزواج‪.13‬‬
‫وقد يختلط مفهوم التدليس ابلغلط‪ ،‬فالغلط يقع فيه المتعاقد من تلقاء نفسه دون تدبير من أأي أأحد‪،‬‬
‫بينما التدليس هو مدبر من جانب المدلس ليدفعه اإلى التعاقد‪ ،‬ومن صور التدليس في الزواج أأن يتقدم‬
‫شخص لخطبة امراة فيقوم أأهلها بتزويجه بأأختها‪.‬‬
‫وللتدليس عنصران‪:‬‬
‫‪-‬العنصر املادي‪ :‬وهي تلك الحيل التي يس تعملها المدلس لدفع المدلس عليه اإلى التعاقد والتي‬
‫تكون اإما حيال قولية أأو فعلية تحمله على الرضا بما لم يكن ليرضى ابلتعاقد بغيرها‪ ،‬أأو حتى ابلسكوت عمدا‬
‫لكتمان ظرف معين لو علمه المدلس عليه لما أأبرم لما أأبرم التعاقد وهذا ما يسميه الفقه ابلتدليس السلبيي‪.‬‬
‫‪-‬العنصر النفسي‪ :‬وهو توافر نية التظليل لدى المدلس‪ ،‬والقصد ل إاليقاع ابلطرف ا ألخر‪ ،‬وهذا‬
‫العنصر هو الذي يميز بين الغلط والتدليس‪ ،‬فاإذا انخدع المتعاقد من تلقاء نفسه دون أأن يقوم المدلس‬
‫بخداعه فال وجود للتدليس‪ ،‬وإانما في هذه الحالة نكون أأمام عيب الغلط‪.14‬‬
‫ثانيا‪ :‬آثار عيوب اإلرادة على عقد الزواج‬

‫اإذا صدر الرضاء مشواب بأأحد عيوب ا إلرادة فاإن ا إلرادة هنا تكون موجودة معيبة بأأحد هذه العيوب‬
‫وابلتالي ل يكون التصرف الصادر عن هذه ا إلرادة صحيحا ولكن قابال ل إالبطال‪ ،‬أأما انعدام ا إلرادة فيترتب‬
‫عليه البطالن المطلق وإاذن فهناك فرق بين ا إلرادة الموجودة ولكن معيبة وا إلرادة المعيبة‪ ،‬وهذا اإذا كنا أأمام‬
‫تعاقد تحكمه القواعد العامة في القانون المدني الجزائري‪ ،‬فهل نفس الحكم ينطبق ابلنس بة لعقد الزواج؟‬
‫أثر اإلكراه على إرادة املتعاقدين يف عقد الزواج‪:‬‬

‫اختلف الفقه الإسالمي في مسأألة وقوع عقد الزواج في حالة الإكراه في اتجاهين‬

‫‪ -12‬مازن مصباح صباح‪ ،‬سامي عدانن العجوزي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.141‬‬


‫‪ -13‬بسام موسى النزلي‪ ،‬أأحكام صور التدليس المعاصرة في عقود الزواج‪ ،‬مذكرة ماجس تير‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة غزة‪،‬‬
‫س نة ‪ ،4414‬الصفحة ‪.41‬‬
‫‪ -14‬بلعربيي خالدية‪ ،‬أأاثر عيوب الرضا في عقد الزواج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.04‬‬
‫‪185‬‬

‫التجاه ا ألول‪ :‬يرى أأن الطوع ليس بشرط لجوزا النكاح وابلتالي يجوز نكاح المكره‪.‬‬
‫التجاه الثاني‪ :‬يرى ان الإكراه على النكاح يؤدي لفساد العقد وابلتالي ل يجوز نكاح المكره‪.‬‬
‫ـ موقف املشرع اجلزائري‪ :‬أأخد المشرع الجزائري ببطالن زواج المكره‪ ،‬واعتبره جريمة يعاقب‬
‫عليها القانون‪ ،‬ونص في المادة ‪ 13‬من قانون ا ألسرة منع الولي من أأجبار موليته على الزواج دون رضاها‪ ،‬و أأما‬
‫عن سلطته في منع بنته البكر من الزواج فقد وضع المشرع حدودا لها‪ ،‬وهي مراعاة مصلحتها وفي حالة تعسفه‬
‫فللبنت الحق في اللجوء اإلى القضاء الذي يعين لها وليا للزواج‪.‬‬
‫وإاضافة اإلى ذلك فان المادة ‪ 40‬من قانون ا ألسرى تعرف الزواج بأأنه عقد رضائي‪ ،‬وعليه ل يمكن‬
‫للقاضي اإجبار زوجة ما على الدخول ابلرغم من عدم رضاها وقد جاء في اإحدى قرارات المحكمة العليا‬
‫الصادر بتاريخ ‪" : 4442/43/14‬حيث أأن الزواج بصفة عامة مبني أأساسا على الرضا وهو ركن من أأركانه‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 40‬من قانون ا ألسرة"‪.‬‬
‫وعليه فانه ل ينعقد الزواج اإل إابرادة واعية وجدية‪ ،‬وابلنس بة ل إالكراه ا ألدبيي وفي حالة طاعة الفتاة‬
‫ألبيها بدافع الحترام والحشمة فتقبل ابلعقد فال يجوز لها في هذه الحالة أأن تدفع بأأنها وقعت في الإكراه‪.15‬‬
‫ب ـ تأثري الغلط والتدليس على إرادة املتعاقدين يف عقد الزواج‪:‬‬

‫ـ أثر الغلط يف عقد الزواج‪:‬‬

‫كما س بق و أأن ذكران أأن الغلط هو وهم يقع في ذهن المتعاقد ويكون اإما في جنس المعقود عليه‬
‫أأو في صفة من صفاته‪ ،‬وعليه ما هو حكم الغلط في كلتا الحالتين في عقد الزواج؟‬
‫ـ الغلط يف جنس املعقود عليه‪:‬‬

‫يعتبر العقد المشوب بعيب الغلط في جنس المعقود عليه ابلنس بة للفقه الإسالمي ابطال ألن‬
‫اختالف الجنس يجعل محل العقد معدوما وقت التعاقد‪ ،‬فيكون العقد وقتها قد ولد ابطال ألنه انعقد على‬
‫شيء معدوم‪ ،‬أأي ان العقد بدون محل ل يلحقه رضاء بعد ذلك‪.‬‬
‫أأما ابلنس بة للفقه القانوني فقد صنف الغلط اإلى أأنواع متفاوتة‪ ،‬منها ما يؤثر على سالمة الرضا‬
‫ومنها مادون ذلك‪ ،‬فالغلط الذي يؤثر في رضا المتعاقدين نوعان ‪ :‬اإما غلط معيب للرضا أأو غلط مانع يحول‬
‫دون تطابق الإيجاب مع القبول وابلتالي يمنع قيام العقد‪ ،‬ومثاله أأن يتقدم رجل لخطبه امر أأة دون ذكر اسمها أأو‬
‫مواصفاتها‪ ،‬فيعتقد أأبو البنت انه يريد بنتا أأخرى له‪ ،‬فيقبل ابلزواج فيتضح فيما بعد أأن ا ألب قد وقع غلط ألنه‬

‫‪ -15‬حسين مهداوي‪ ،‬دراسة نقدية للتعديالت الواردة على قانون ا ألسرة في مسائل الزواج و أأاثره‪ ،‬مذكرة ماجس تير‪،‬‬
‫تخصص قانون ا ألسرة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم الس ياس ية‪ ،‬جامعة أأبو بكر بلقايد تلمسان‪ 4440 ،‬ـ ‪ ،4414‬الصفحة ‪.30‬‬
‫‪186‬‬

‫وافق على زواج ابنته التي ل يريد الرجل زواجها‪ ،‬ففي هذه الحالة لم يتطابق الإيجاب مع القبول وابلتالي هذا‬
‫غلط مانع ينتج عنه البطالن المطلق لتعلقه ابلمحل العقد‪.‬‬
‫الغلط يف وصف املعقود عليه ‪:‬‬
‫اإن فوات الوصف المرغوب فيه في المعقود عليه ل يؤثر في صحة الزواج ول يرتب عليه البطالن‬
‫وإانما يؤثر في لزومه فق ‪ ،‬وعليه يكون العقد صحيحا غير لزم في حق من وقع الغلط من جانبه‪ ،‬ومعنى‬
‫القول بعدم لزومه يعود للرضا لن الوصف هو الذي دفعه اإلى التعاقد و ألن الوصف المرغوب فيه شرط في‬
‫العقد وجزاء تخلفه الفسخ وإان شاء أأجازه‪.‬‬
‫أأما عن موقف القضاء الجزائري في مسأألة الغلط فقد اعتبرت الكفاءة شرطا لصحة الزواج فاإذا‬
‫غابت كان هذا سببا من أأس باب عدم لزوم العقد لعدم وجود الرضا عند الزوجة‪ ،‬وابلنس بة لشخصية الزوج‬
‫والزوجة هي مسأألة جوهرية فاإذا كان الغلط في الشخص فاإنه يترتب عليه بطالن العقد‪ ،‬أأما اإذا كان الغلط‬
‫في صفة من صفات المتعاقد ل يمكن بطالن العقد‪.‬‬
‫وهنا من جهة تثور أأيضا مسالة البكارة ابلنس بة للمر أأة فلو تزوج شخص ابمر أأة واكتشف بعد‬
‫الدخول بأأنها ليست بكرا فهل يحق للزوج المطالبة بفسخ العقد لعيب الغلط؟‬
‫وابلرجوع لجتهادات المحكمة العليا نجدها تنص على أأنه يجب أأن يشترط الزوج شرط البكارة‬
‫قبل الدخول ففي قرارها الصادر بتاريخ ‪ 4444/44/43‬نصت على أأن عدم اشتراط العذرية في عقد الزواج ل‬
‫يحمل الزوجة المسؤولية في الطالق والتعويض ألن البناء ابلزوجة ينهيي كل دفع بعدم العذرية‪.‬‬
‫ـ أثر التدليس على إرادة املتعاقدين‪:‬‬

‫التدليس في الزواج له عدة أأشكال و التي يمكن حصرها في ‪ 3‬صور وهي التدليس ابلفعل‪،‬‬
‫والتدليس بكتمان الحقيقة‪ ،‬والتدليس ابلقول‪.‬‬
‫أأما التدليس ابلفعل فله عدة أأمثلة من بينها أأن يقوم أأحد الزوجين ابإحداث تغييرات في جسده‬
‫ليظهره بصورة مرغوب فيها وذلك ابللجوء للعمليات التجميلية‪ ،‬وإاما بتزوير الواثئق الرسمية كتزوير شهادة‬
‫ميالد لتكبير سن فتاة لتصبح أأهال لإبرام عقد الزواج‪ ،‬أأو لإخفاء س نها الحقيقي لتظهر اصغر س نا‪.‬‬
‫ـ الصورة الثانية للتدليس هي كتمان الحقيقة والتي تكون اإما ابإخفاء أأحد الزوجين عيبا فيه للوصول‬
‫لإبرام عقد الزواج ويعتبر هذا النوع من أأخطر أأنواع التدليس و أأشدها ضررا ألن فيها تعمدا لكتمان العيب‬
‫ومن صوره قيام أأحد الزوجين ابإخفاء عيب العجز أأو البرود الجنسي لإدمان على المخدرات‪ ،‬أأو كتمان‬
‫نتيجة الفحص الطبيي الذي يظهر أأمراضا يس تحيل معها الزواج‪ ،‬و طبقا لنص المادة ‪ 43‬من قانون ا ألسرة‬
‫نجد أأن المشرع الجزائري قد أأعطى الحق للزوجة لطلب التطليق ولو بصفة غير مباشرة ابلنس بة لحالة‬
‫العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج‪.‬‬
‫‪187‬‬

‫ـ أأما ابلنس بة للتدليس ابلقول فقد نص المشرع عن هذا النوع من التدليس من خالل المواد ‪42، 42‬‬
‫مكرر ‪ 42 ،‬مكرر‪، 1‬فمن خالل قراءة المادة ‪ 42‬مكرر ‪ ،‬والمادة ‪ 42‬مكرر واحد نجد أأن المادة ‪ 42‬مكرر‬
‫تنص على أأنه في " حالة التدليس يجوز لكل زوجة رفع دعوى قضائية ضد الزوج للمطالبة ابلتطليق " ‪،‬‬
‫وتنص المادة ‪ 42‬مكرر ‪ 1‬على أأنه‪" :‬يفسخ الزواج الجديد قبل الدخول اإذا لم يس تصدر الزوج ترخيصا من‬
‫القاضي وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 42‬أأعاله "‪.‬‬
‫وعليه فاإن قانون ا ألسرة الجزائري قد فرض جزاء صريحا على التدليس ومخالفة القانون فيما‬
‫يتعلق بعدم اإخبار الزوجة ا ألولى بأأنه مقبل على الزواج ابمر أأة اثنية‪ ،‬وبعدم اإخبار المر أأة المقبل على الزواج‬
‫منها بأأنه متزوج من غيرها زواجا قائما غير منحل‪ ،‬وهذا الجزاء يتمثل في معاقبة الزوج بأأن تمنح الزوجتان‬
‫السابقة والالحقة الحق في رفع دعوى قضائية أأمام قسم شؤون ا ألسرة لطلب التطليق‪ ،‬وابلرغم من وجود‬
‫هذه المواد‪ ،‬اإل أأن ما يمكن مالحظته هو وجود عدة فراغات ونقائص قانونية‪.‬‬
‫احملور الثاني‪ :‬حدود تطبيق القواعد العامة على عيوب اإلرادة وخصوصيتها يف‬
‫قانون األسرة‬

‫س بقت الإشارة ان المشرع الجزائري لم يدرج مواد محددة في قانون ا ألسرة تحدد عيوب‬
‫ا إلرادة ولكن أأشار بصفة غير مباشرة اإلى عيبين من عيوب ا إلرادة وهما الإكراه والتدليس‪ ،‬في حين لم يتكلم‬
‫عن ابقي العيوب ا ألخرى في مواد قانون ا ألسرة‪ ،‬وهو ما يطرح اس تفهاما حول اإمكانية المطالبة بفسخ الزواج‬
‫وإابطال تصرف قانوني نظمه قانون ا ألسرة ابلستناد اإلى العيوب ا ألخرى ل إالرادة؟‬

‫فالعيوب التي لم يتكلم عنها قانون ا ألسرة‪ ،‬تتمثل في الغلط والذي هو عبارة عن وهم يصور‬
‫للمتعاقد الواقع على غير حقيقته‪ ،‬ويدفعه إالى التعاقد نتيجة هذا التصور الخاطئ‪.‬‬

‫فتطبيق هذا العيب ل يس تقيم وطبيعة عقد الزواج‪ ،‬الذي هو عقد شخصي أأساسه رضا كل‬
‫زوج بشخص الخر وهو ما يتوج بتوقيعهما معا على عقد الزواج بحضور الشاهدين العدلين‪ ،‬فاإنه من الصعب‬
‫معه تصور الغلط‪ ،‬وحتى في حالة وجوده مثال فاإنه يمكن فسخ عقد الزواج لسبب التدليس‪ ،‬وذلك ألن‬
‫التدليس كما س بق ذكره ل ينهض سببا للفسخ اإل بسبب الغلط الذي وقع للمدلس عليه‪ ،‬كما أأن الغلط‬
‫التلقائي الذي يقع فيه المتعاقد نفسه ل يقتضي فسخ عقد الزواج أأما اإذا وقع العاقد في الغلط نتيجة أأساليب‬
‫التضليل والحتيال ف إان ذلك هو التدليس الذي يخول لصاحبه فسخ عقد الزواج‪.‬‬

‫أأما ابلنس بة للغبن فالمشرع عمل أأيضا على تجاهل هذا العيب‪ ،‬نظرا لكون العنصر ا ألساسي‬
‫في الغبن‪ ،‬هو ما يلحق أأحد المتعاقدين من خسارة مالية بسبب الختالل في ا ألداءات المتبادلة بين الطرفين‬
‫بحيث ينعدم التوازن بين ما يعطيه المتعاقد وما يأأخذه لحظة العقد‪ ،‬فهذا العيب ل يتناسب وطبيعة عقد‬
‫الزواج الذي يغلب عليه الطابع الروحي على المادي وتغيب فيه ا ألداءات المالية المتبادلة‪.‬‬
‫‪188‬‬

‫ومن ثم فاإن كل طعن في تصرف قانوني يتعلق اب ألحوال الشخصية و أأسس على أأحد العيوب‬
‫غير المذكورة في قانون ا ألسرة‪ ،‬يكون غير مقبول لنعدام س نده القانوني‪ ،‬اإذ ل يمكن اعتبار القواعد المنظمة‬
‫في قانون اللتزامات والعقود مسوغا قانونيا للقول بخالف هذا الطرح‪ ،‬ألن قواعد القانون المدني هي قواعد‬
‫عامة ل يمكن اإعمالها أأو الرجوع اإليها حتى ولو مع سكوت النص الخاص في قانون ا ألسرة‪ ،‬وذلك راجع‬
‫لختالف المبادئ وا ألسس الفلسفية التي يقوم عليها كل من القانونين‪ ،‬ولخصوصية الضوابط القانونية المعمول‬
‫بها في مجال الروابط الشخصية مقارنة مع تلك المعمول بها في المعامالت المالية‪ ،‬ل تس تقيم في ا ألخذ‬
‫بعيوب ا إلرادة كلها في المجال ا ألسري‪ ،‬ألن خصوصية عقد الزواج تحتم ذلك‪.‬‬

‫وما يالحظ أأيضا على هذين العيبين‪ ،‬أأنهما يرتبطان ابلعالقات المالية المبنية على أأساس ا ألخذ‬
‫والرد‪ ،‬وابلتالي ل يتصور أأداءات متقابلة ابلشكل الذي يحصل معه الختالل في المراكز القتصادية للطرفين‬
‫لقيام الغبن كعيب يشوب ا إلرادة‪ ،‬وا ألمر كذلك ابلنس بة للغلط‪ ،‬فالتنظيم المحكم لعقد الزواج وفق قانون‬
‫ا ألسرة ل يتصور معه حصوله‪ ،‬ومن هنا فالمشرع رغم القيام ابإدخال عيوب الرضا في القانون المنظم‬
‫للعالقات في قانون ا ألسرة‪ ،‬فهذا ل يعني تأأثره بصفة كلية بأأحكام عيوب ا إلرادة في القانون المدني‪ ،‬اإذ أأن‬
‫حدود تطبيق القواعد العامة تظهر على عدة مس توايت‪.‬‬

‫أوال‪ :‬على مستوى اجلزاء املرتتب على الرضا املعيب‪.‬‬

‫من المعلوم أأن عيوب ا إلرادة تفسد الرضا دون أأن يجهز عليه‪ ،‬لذلك فاإنها ل تحول دون وجود‬
‫التصرف‪ ،‬لذلك يبقى هذا ا ألخير قائما ومرتبا لاثره اإلى أأن يقوم الطرف الذي صدر رضاه معيبا ابإبطال هذا‬
‫التصرف‪ ،‬ولهذا يمكن القول أأن الاثر المترتبة على ا إلرادة المعيبة في القانون المدني هي الحق في اإبطال‬
‫التصرف‪.‬‬

‫أأما ابلنس بة لقانون ا ألسرة‪ ،‬فبالرغم من أأن المشرع ذكر عيب الإكراه والتدليس‪ ،‬كعيبين من‬
‫عيوب الرضا‪ ،‬اإل اإنه لم يرتب عليهما الحق في اإبطال التصرف الذي جاء معيبا‪ ،‬بل رتب الحق في طلب‬
‫الفسخ‪ ،‬ويمكن تفسير ذكر المشرع الإكراه والتدليس اإلى التشبث بأأحكام الفقه الإسالمي‪ ،‬على اعتبار أأن‬
‫الفقه الإسالمي ل يعرف مؤسسة الإبطال أأو البطالن النس بيي في النظرية القانونية التقليدية‪.‬‬

‫لذلك نص المشرع على فسخ عقد الزواج في حالة الإكراه أأو التدليس ولم ينص على اإبطاله‪ ،‬ألن‬
‫قانون ا ألسرة لم يتناول الفسخ بنفس طريقة القانون المدني ودائما أأشار اإليه كنتيجة فقط‪ ،‬هذا فضال على أأن‬
‫ا ألثر الذي يرتبه قبول دعوى الإبطال وهو اإرجاع الحالة اإلى ما كانت عليه وقت اإنشائه‪ ،‬وهي المسأألة التي‬
‫يتميز بها الإبطال عن الفسخ كما تصوره قانون ا ألسرة‪ ،‬اإذ لم تحدد أأثر الفسخ الذي حل حقيقة محل‬
‫الإبطال ما دام ا ألمر متعلقا ابلإبطال المرتبط إابرادة المتعاقدين‪.‬‬
‫‪189‬‬

‫ثانيا‪ :‬على مستوى آجال رفع دعوى الطعن يف التصرف املعيب‪.‬‬


‫اإن القاعدة في الميدان المدني‪ ،‬أأن فوات الزمن يسقط دعوى اإبطال التصرف المعيب‪ ،‬حيث يترتب‬
‫عن فوات المدة التي حددها المشرع دون رفع دعوى الإبطال تصحيح التصرف‪ ،‬فبالرجوع اإلى القانون المدني‬
‫نجده حدد ضوابطه و أجاله‪ ،‬اإل انه في قانون ا ألسرة لم يحدد بوضوح الإطار العام الذي وضع فيه فسخ عقد‬
‫الزواج ل إالكراه أأو التدليس‪ ،‬كما انه لم يضع أأي اجل لرفع الدعوى‪ ،‬مما يجعل المشرع غير دقيق‪ ،‬بل وإانه‬
‫يضع رجال في القانون المدني المحض‪ ،‬ويضع أأخرى في مادة ا ألسرة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬على مستوى عدم تأثر بعض التصرفات بفساد الرضا‬

‫اإن أأي تصرف قانوني يلزم أأن تتوفر فيه شروط صحته ‪ ،‬التي تتطلب بدورها صدور الرضا من‬
‫غير أأن يكون مشوب بعيب من عيوب ا إلرادة التي تفسده‪ ،‬وإال ترتب على ذلك الحق في طلب بطالنه‪،‬‬
‫وان كانت هذه القاعدة ترد على اإطالقها في المعامالت المالية‪ ،‬فاإنها في الميدان ا ألسري‪ ،‬تعرف الكثير من‬
‫الس تثناءات‪ ،‬اإذ ل يمكن الطعن في صحة بعض التصرفات ابلرغم من أأن ا إلرادة جاءت فيها معيبة بعيب‬
‫الإكراه‪.‬‬

‫فمن المسلم به أأن المكره ل إارادة له ول حرية ول اختيار‪ ،‬لذلك نجد أأن المالكية والشافعية‬
‫والحنابلة أأجمعوا على أأن طالق المكره ل يقع‪ ،‬ألن المكره وإان تلفظ بلفظ يفيد الطالق ولم يقصده‪ ،‬وإانما قام‬
‫بذلك لرفع ا ألذى الذي يحدق به‪ ،‬وبهذا يكون اختياره معيبا ل يعتد به‪.‬‬
‫خامتة املداخلة‪:‬‬

‫ان المشرع الجزائري نظم ا ألحكام القانونية لعقد الزواج وجعله عقدا رضائيا وجعل الرضا الركن‬
‫الوحيد في العقد‪ ،‬ابلإضافة اإلى الشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 40‬مكرر‪ ،‬غير أأن هذا التنظيم لم يخل‬
‫من بعض النقائص ومن خالل ان قانون ا ألسرة نظم جزئيات لبعض عيوب ا إلرادة دون أأن يحدد قواعد‬
‫وإاجراءات خاصة بها‪ ،‬غير انه تبين لنا من خالل هذه الدراسة ان تطبيق عيوب ا إلرادة على أأحكام عقد‬
‫الزواج في قانون ا ألسرة يبقى اس تثنائيا ووفقا للخصوصيات التي ترتبط مع هذا العقد‪ ،‬ول يمكن تطبيق‬
‫نظرية عيوب ا إلرادة الواردة في القانون المدني نظرا لختالف مجال التطبيق و لختالف طبيعة التصرف‪ ،‬و‬
‫خاصة نظرا لختالف المصدر المادي ابعتبار قانون ا ألسرة اس تمد أأحكامه من الشريعة الإسالمية و أأحال‬
‫اإليها فيما لم يرد فيه نص‪ ،‬بينما اس تقى القانون المدني أأحكامه من التشريعات الحديثة و خاصة القانون المدني‬
‫الفرنسي‪.‬‬
‫ومن ذلك نخلص اإلى النتائج التالية‪:‬‬
‫‪ -41‬اس تقاللية قانون ا ألسرة من حيث أأحكامه ومصادره‪.‬‬
‫‪ -44‬خروج مفهوم عيوب الرضا في قانون ا ألسرة عن مفهومها العام في القانون المدني‪.‬‬
‫‪ -43‬اختالف اثر وجود عيوب الرضا بين القانون المدني و بين قانون ا ألسرة‪.‬‬
‫‪190‬‬

‫‪ -40‬اختالف مجال تطبيق نظرية عيوب الرضا بين القانون المدني و بين قانون ا ألسرة‪.‬‬
‫‪ -44‬عدم وضوح أأحكام عيوب الرضا بصفة جلية ضمن أأحكام قانون ا ألسرة‪.‬‬
‫ومن خالل هذه النتائج التي توصلنا اإليها فاإننا نقترح التوصيات التالية‪:‬‬
‫‪ -41‬صياغة نظرية عامة لعيوب الرضا تتناسب مع خصائص عقد الزواج و اإدراجها ضمن أأحكام‬
‫قانون ا ألسرة‪.‬‬
‫‪ -44‬تطبيق أأحكام الشريعة الإسالمية فيما يخص عيوب الرضا ابلنس بة لمسائل الزواج و الطالق‪.‬‬
‫‪ -43‬توضيح ا ألحكام المتعلقة بعيوب الرضا و تحديد أأثرها بصورة دقيقة في قانون ا ألسرة‪.‬‬
‫‪ -40‬توضيح ا ألحكام الناتجة عن وجود عيوب الرضا ابلنس بة لمسائل الزواج و الطالق فيما‬
‫يخص أأاثرها خاصة فيما تعلق ابلبطالن و الفسخ‪.‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‪:‬‬

‫املراجع‪:‬‬

‫‪ -41‬محمد صبري السعدي‪ ،‬الواضح في شرح القانون المدني ‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬دار‬
‫الهدى الجزائر ‪ ،‬طبعة ‪.4441‬‬
‫‪ -44‬زبير مصطفى حسين‪ ،‬الطبيعة القانونية لعقد الزواج دراسة مقارنة في تكوين العقد بين قانون‬
‫ا ألحوال الشخصية والقانون المدني‪.‬‬
‫‪ -43‬بلعربيي خالدية‪ ،‬أأاثر عيوب الرضا على عقد الزواج‪ ،‬مذكرة ماجس تير‪ ،‬تخصص قانون ا ألسرة‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.4410‬‬
‫‪ -40‬حسين مهداوي‪ ،‬دراسة نقدية للتعديالت الواردة على قانون ا ألسرة في مسائل الزواج و أأاثره‪،‬‬
‫مذكرة ماجس تير‪ ،‬تخصص قانون ا ألسرة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم الس ياس ية‪ ،‬جامعة أأبو بكر بلقايد تلمسان‪،‬‬
‫‪ 4440‬ـ ‪.4414‬‬
‫‪ -44‬بسام موسى النزلي‪ ،‬أأحكام صور التدليس المعاصرة في عقود الزواج‪ ،‬مذكرة ماجس تير‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق ‪ ،‬جامعة غزة‪ ،‬س نة ‪.4414‬‬
‫‪ -41‬مازن مصباح صباح‪ ،‬سامي عدانن العجوزي‪ ،‬عيوب الرضا و أأثرها على المادة العقدية عند‬
‫الش يخ مصطفى الزرقا‪ ،‬دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬مجلة جامعة ا ألقصى‪ ،‬المجلد الثامن عشر‪ ،‬العدد ا ألول يناير‬
‫‪.4410‬‬
‫القوانني‪:‬‬

‫‪ -41‬القانون المدني الجزائري‪.‬‬


‫‪ -44‬قانون ا ألسرة الجزائري‪.‬‬
‫‪191‬‬
‫جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬
‫امللتقى الوطين الرابع‪ ،‬مصادر قانون األسرة اجلزائري‪ 13 ،‬جويلية ‪2022‬‬

‫الشغور التشريعي للمحجور عليهم قبل وبعد فك الرابطة الزوجية‬


‫‪Legislative void for interdicted before and after the dissolution‬‬
‫‪of the marital bond‬‬
‫كشباط حنان‬
‫خمرب قانون االسرة‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪01‬‬
‫‪hkechbat_91@yahoo.com‬‬

‫ملخص املداخلة‪:‬‬
‫تتناول هذه الدراسة موضوعا غاية في االهمية هو‪ ،‬احكام المحجور عليهم قبل فك الرابطة الزوجية و‬
‫بعدها حيث اوجب كل من الشرع و الفقه الحجر على كل شخص انقص االهلية او فاقدها في معامالتهم‬
‫المالية و بين دور النائب الشرعي ( ولي او وصي او قيم) اما ابلنس بة لتصرفات الشخصية خاصة الزواج و‬
‫الطالق فتختلف حسب كل شخص سواء‪ ،‬كان مجنون او معتوه او سفيه او ذو غفلة و امام اغفال المشرع‬
‫الجزائري تنظيم احكام المحجور عليه قبل فك الرابطة الزوجية و بعدها و عدم بيان دور النائب الشرعي في‬
‫هذه المسائل في قانون االسرة االمر الذي يحيلنا لنص المادة ‪222‬من قانون االسرة و الذي بدوره يحيلنا‬
‫ألحكام الشريعة االسالمية الحنيفة‪.‬‬
‫كلمات المفتاحية ‪ :‬محجور عليهم‪ ،‬زواج ‪ ،‬طالق ‪ ،‬الشريعة االسالمية‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪This study deals with a very important topic, which is, the rulings of those‬‬
‫‪interdicted before and after the dissolution of the marital bond, as both Sharia and‬‬
‫‪jurisprudence required a stone to be imposed on every person who lacks legal‬‬
‫‪capacity or loses it in their financial transactions, and the role of the legal‬‬
‫‪representative (guardian, guardian or trustee) Personal behavior, especially‬‬
‫‪marriage and divorce, varies according to each person, whether he is insane,‬‬
‫‪imbecile, foolish or heedless, and in front of the Algerian legislator’s omission, the‬‬
‫‪regulation of the provisions of the interdicted before and after the dissolution of‬‬
‫‪the marital bond, and the failure to clarify the role of the legal representative in‬‬
‫‪192‬‬

‫‪these issues in the family law, which He refers us to the text of Article 222 of the‬‬
‫‪Family Law, which in turn refers us to the provisions of Islamic Sharia‬‬
‫‪Keywords: interdicted, marriage, divorce, Sharia‬‬
‫مقدمة املداخلة‪:‬‬
‫شهدت الجزائر تغيرات في ش تى المجاالت مست مختلف بناءاتها المكونة لها وتعد ا ألسرة احدى‬
‫هذه البناءات ا ألساس ية التي تأأثرت بمختلف التحوالت‪ ،‬ذلك أأنه منذ صدور قانون ا ألسرة الجزائري س نة‬
‫‪ 1991‬بموجب القانون رقم ‪ 11-91‬المؤرخ في ‪ 1991/90/99‬وجهت له عدة انتقادات لما تضمنه من أأحكام‬
‫قليلة ومبهمة اضافة لغياب التفصيالت الالزمة في عدة مسائل الس يما تلك المتعلقة ابلزواج والطالق‪ ،‬فقد‬
‫شرع في اطار التحوالت والتغيرات طرح مشروع جديد يهدف الى تنظيم أأمور ا ألسرة ويحفظ لكل فرد فيها‬
‫ما له من حقوق وما عليه من واجبات‪ ،‬وحين صدر ا ألمر رقم ‪ 90-90‬المعدل والمتمم لقانون ا ألسرة لم يعالج‬
‫المشرع كثيرا من االتختالفات‪ ،‬ومن بين المسائل التي لم يتضمنها المشرع الجزائري ابلتنظيم تلك الحكام‬
‫المتعلقة بزواج وطالق المحجور عليهم‪ ،‬ذلك أأن هؤالء المحجور عليهم هم فئة ال بأأس بها في المجتمع‬
‫الجزائري‪ ،‬منهم من يكون بحاجة للزواج أأو يكون متزوجا أأساسا ويصاب بعارض بسببه يحجر عليه‪ ،‬أأو قد‬
‫تطلب الزوجة الطالق منه لذلك السبب‪ ،‬خاصة و أأن مسائل زواج وطالق المحجور عليه ال يمكن فيها تطبيق‬
‫أأحكام االهلية الواردة في القانون المدني والواردة في قانون ا ألسرة ألن أأهلية الزواج هي أأهلية خاصة في‬
‫القانون الجزائري ‪.‬‬
‫ونظرا للشغور التشريعي‪ ،‬وفي ظل غياب النص في قانون ا ألسرة عن ا ألحكام المطبقة على زواج‬
‫وطالق المحجور عليهم‪ ،‬ا ألمر الذي يقودان الى اعمال نص المادة ‪ 000‬من قانون ا ألسرة وهو ما يطرح مسأألة‬
‫الرجوع ل ألحكام الشرعية االسالمية بشأأن زواج وطالق المحجور عليهم و ضوابط تفسير و شرح نصوص‬
‫قانون االسرة‪.‬‬
‫وتثير مسأألة عدم وجود نصوص قانونية خاصة لتسوية أأحكام زواج وطالق المحجور عليهم في مجال‬
‫شؤون ا ألسرة وفي ظل الشغور التشريعي اشكالية ما هي الحكام المطبقة على المحجور عليهم قبل وبعد فك‬
‫الرابطة الزوجية ول ألجابة عن هذه االشكالية وارتباطها بموضوع فقد قسمت البحث الى مبحثين‬
‫المبحث ا ألول ل ألحكام المحجور عليه قبل فك الرابطة الزوجية ‪.‬‬
‫المبحث الثاني أأحكام المحجور عليه بعد فك الرابطة الزوجية‪.‬‬
‫وذلك اعتمادا على المنهج التحليلي للنصوص القانونية المنظمة لقواعد واجراءات المحجور عليهم وعلى‬
‫المنهج المقارن بين الفقه االسالمي والقانون‪.‬‬
‫‪193‬‬

‫املبحث األول‪ :‬أحكام احملجور عليه قبل فك الرابطة الزوجية‬


‫جعل اله عز وجل العقل والرشد معيارا للتصرف في المال‪ ،‬لذلك أأوجب فقهاء الشريعة االسالمية‬
‫الحجر على الصغير و المجنون والسفيه على اعتبار أأن الجنون والصغر والسفه من بين العوارض التي يرفع بها‬
‫التكليف الشرعي ومنه في التشريعات الوضعية ومنها التشريع الجزائري‪ ،‬فال يمكن لالنسان أأن يقوم ببعض‬
‫التصرفات ومن بينها ابرام عقد زواج أأو طالق اال اذا كان يتمتع بأأهلية التصرف و ال يتمتع انسان بأأهلية‬
‫التصرف اال اذا كانت لديه أأهلية أداء كاملة ومناط أأهلية ا ألداء هي التمييز واالدراك وال يكتمل هذه ا ألخيرة‬
‫اال ببلوغ االنسان سن الرشد التي حددتها المادة ‪ 19‬من القانون المدني بـ ‪ 19‬س نة كاملة‬
‫خالل هذا المبحث سنتطرق الى ل ألحكام المحجور عليه قبل فك الرابطة الزوجية في الشريعة‬
‫االسالمية في مطلب أأول ونتناول موقف القانون من حكم زواج المحجور عليه في مطلب اثني‬
‫املطلب األول‪ :‬حكم زواج احملجور عليه يف الشريعة اإلسالمية‬
‫اتفق فقهاء المذاهب ا ألربعة على أأن الحجر هو "المنع" ولم يعرف المشرع الجزائري الحجر عند النص‬
‫على أأحكامه بموجب القانون المدني وقانون ا ألسرة واكتفى ببيان أأس باب الحجر اتركا أأمر تحديد مفهومه للفقه‬
‫وابلرجوع الى الفقه نجد أأن أأغلبية فقهاء القانون لم يهتموا بتعريف الحجر وانصبت دراس تهم على معنى االهلية‪،‬‬
‫ومن بين أأهم هذه التعاريف‪ :‬أأن الحجر القضائي عبارة عن «المنع الذي يتم بموجب حكم قضائي يؤدي الى‬
‫عدم أأهلية أأداء الشخص في العقود وابقي ا ألعمال القانونية »‪ ،1‬ومفاد هذا التعريف أأن الحجر يهدف اب ألساس‬
‫الى الحد من أأهلية ا ألداء التي يتمتع بها الشخص الراشد في ابرام التصرفات القانونية والعقود‬
‫والمحجور عليه هو الشخص الذي أأصابه عارض أأفقد أأهليته أأو أأنقص فيها‪ ،‬وتقسم عوارض ا ألهلية‬
‫ابلنظر الى ا ألثر التي ترتب على الحكم ابلحجر على أأساسها الى قسمين أأما القسم ا ألول فهو يشمل على‬
‫السفه والغفلة اللذان يعدمان ا ألهلية وهاذان القسمين يندرجان تحت ضعف المحجور عليهم لعارض سماوي‪،‬‬
‫اضافة الى عوارض أأتخرى ( كالسكر والجهل واالكراه)‪ 2‬فهيي عوارض مكتس بة‪ ،‬وما يهمنا هنا هي العوارض‬
‫الماسة بأأهلية الداء والتي شأأنها أأن تجعل الشخص انقص أأو فاقد ا ألهلة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حكم زواج ناقص األهلية ( السفيه وذو العفلة)‬
‫السفيه وذو الغفلة ليس في عقل كل واحد منهما أأو خلل ‪.‬وال س يما معدومي ا ألهلية ولكن تصرفاتهما‬
‫تخرج عن نطاق تصرف الرجل العادي " وقبل التطرق لحكم زواج كل واحد منها يتوجب أأن نعرض تعريف‬
‫كل من السفيه وذو الغفلة‬

‫‪-1‬ضــبحي محمصــاني‪ ،‬المبادش الشــريعية في القانونية في الحجر والنفقات والمواريث والوصـــية‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،1991‬ص‪.91‬‬
‫‪-2‬وهبة الزحلي‪ ،‬الفقه االسالمي و أأدلته‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشروالتوزيع‪ ،‬ط‪ ،0‬دمشق‪ ،‬سوراي‪ ،1990،‬ج‪ ،1‬ص‪101‬‬
‫‪194‬‬

‫‪ ‬السفيه‪ :‬عرفه الفقه عمو ًما بأأنه تخفة تعتري الشخص فتحمله على العمل على غير مقتضى الشرع‪،1‬‬
‫والسفيه كامل االرادة مبصر بعواقب فساده ورغم ذلك يقدم على التبذير ويتعمده غير معتبر للنتائج بسبب‬
‫تسلط شهوة االتالف عنده على ارادته‪ ،2‬ويمثل السفه بهذا المعنى ضعف بعض الملكات الضابطة في النفس‬
‫ذلك أأنه ال يصيب العقل وال يهدم اهلية صاحبه وانما يصيب التدبير‪ 3‬وعليه بأأخذ السفيه حكم انقص الهلية‬
‫ويتساوى بذلك مع القاصر أأو الصبيي المميز وتأأخذ تصرفاته تالثة اوصاف اما النفاذ ان كان التصرف انف ًعا له‬
‫ضارا له واما أأن يكون نفاذ التصرف موقوفا على اجازة الولي أأو الوصي ان كان‬
‫واما عدم النفاذ ان كان التصرف ً‬
‫التصرف دائرا بين النفع والضرر‪.‬‬
‫ذو الغفلة‪ :‬عرفه البعض من الفقه بأأنه سهولة التردي في الغبن والوقوع فيه لبساطة العقل‬ ‫‪‬‬
‫والقلب والنية ويكون ذو الغفلة غير قادر على التمييز بين التصرفات ان كانت رابحة أأو خاسرة لضعف ادراكه‬
‫حيث يغبن في معامالته و يفسد أأمواله نتيجة سالمة قلبه وحسن نيته‪ 4‬واس تقر الفقهاء على أأن تصرفات ذو‬
‫الغفلة تأأخذ هي كذلك تالث أأوصاف بحسب الحوال اما أأن تكون صحيحة ان كانت انفعة واما أأن تكون‬
‫ابطلة ان كانت ضارة به واما يكون تصرفه قابال لالبطال لصالحه ان كان دائر بين النفع والضرر‪ ،‬ويرى ابلعض‬
‫من الفقه أأن الغفلة مثل السفه فهما ال يعتبران فكرة دقيقة ومقيدة بل فكرة يتس نى اكتشافها من خالل التجارب‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫يشترك الغفلة مع السفه في وقوع تبديد المال لكن االتختالف يظهر في أأن السفه يقصد ما يفعله ورغبته‬
‫في تبديد المال في حين ذو الغفلة ال يقصد تبديد ماله وانما يخدع في المعامالت ويخسر فيها لضعف وقلة‬
‫ذكائه ونقص فطنته‬
‫ان اهلية ابرام عقد زواج ابلنس بة للسفيه وذو الغفلة فقد اجمع الفقهاء على صحة زواجهما في حال‬
‫أأبرم العقد ابذن وليهما‪ ،‬أأما ان ابرم العقد من دون الولي فهناك من الفقهاء من اعتبر ابرامهما لعقد الزواج صحيحا‬
‫وانفدً ا و هو قول ا ألحناف‪ ،‬أأما ر أأي المالكية هو أأن الزواج موقوف على اجازة الولي وان لم يجزه اعتبر رد‬
‫الولي طالقا ابئنا‪ ،‬وان تم الدتخول بها اعطيت ربع دينار ذهبا و أأن لم يتم الدتخول فليس لها شيء‪ ،‬أأما الشافعية‬
‫اعتبروه ابطال ما لم تكن له مصلحة فيه‪ ،‬أأما الحنابلة أأجازوا للسفيه عقد زواجه مادام له فيه مصلحة وان لم‬

‫‪-1‬محمود جمـال الـدين زكي‪ ،‬المبـادش العـامـة للقـانون‪ ( ،‬الجزء ا ألول ‪ :‬في مقـدمـة العلوم القـانونيـة) مطبعـة ومكتبـة االتحـاد‬
‫ابلزقازيق‪ ،‬ت‪ ،0331‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،1903 ،‬ص‪.313‬‬
‫‪-2‬محمد حســـين منصـــور‪ ،‬نظرية الحق‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االزاريطة‪ ،‬االســـكندرية‪ ،‬جمهورية مصـــر العربية‪،0999 ،‬‬
‫ص‪.399‬‬
‫‪-3‬محمود جمال الدين زكي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.313‬‬
‫‪-4‬محمد حسن المنصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.399‬‬
‫‪195‬‬

‫تكن كذلك يقع موقوف على اجازة الولي له‪ 1‬وابلتالي لم يجعل فقهاء الشريعة لولي السفيه وذو الغفلة سلطة‬
‫تزويجه والنيابةعنه ل ألن كالهما ابلغ مميز فال يزوجهما وليهما اال لظاهر مصلحة ورضاهما يكون م ً‬
‫عتبرا في‬
‫ذلك‪2‬‬

‫وعليه يجوز لكل من السفيه وذو الغفلة الزواج دون اذن وليهما‪ ،‬لما للزواج من مصلحة محضة فالزواج‬
‫من شأأنه أأن يصون لهما تبذير اموالهم‪ ،‬وما يجب االشارة له أأن ا ألحكام سابقة الذكر تخص السفيه وذو الغفلة‬
‫من الرجال دون النساء‪ ،‬ل ألن السفيهة وذات الغفلة يخضعن لوالية االجبار عند الجمهور العتبر ا ألنوثة أأو‬
‫البكارة أأما الحنفية يخضعن عندهم لوالية االتختيار ويحجر عليهن في مالهن‪.3‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حكم زواج عدميي االهلية ( اجملنون‪ ،‬املعتوه)‬
‫الغالب ما يربط الفقهاء بين الجنون والعته من أأس باب الحجر وينزالن ابلمجنون والمعتوه منزلة القاصر‬
‫غير مميز عديم أأهلية الداء يمكن تعريف الجنون على أأنه سلب عقل الشخص نتيجة اتختالل العقل حيث‬
‫يمنعه ذلك من القيام اب ألفعال وا ألقوال على مقتضي المنطق اال ً‬
‫اندرا‪ 4‬ويميز الفقهاء بين أأحوال المجانين من‬
‫حيث االمتداد فيقولون بوجود جنون مطبق ال يفيق صاحبه منه اال اذا عقل‪ ،‬وجنون غير مطبق أأي متقطع‬
‫ويتصرف صاحبه أأحياان كالمجنون و أأحياان كالعاقل‪.‬‬
‫أأما العته فلم يتحدث جميع الفقهاء عن العته كسبب من أأس باب الحجر معظمهم ذكروا العته ملحوقا‬
‫ابلجنون‪ ،‬ويرى من حيث تعاريف العته المذكورة أأنهم ال يميزون بينه وبين الجنون ولكن من تناوله من الفقه‬
‫أأبرز عكس ذلك من حيث التعريف والتصرفات فالمعتوه هو مختل عقليا طبيعيا أأحياان‪ ،‬فيش به في بعض‬
‫تصرفاته العقالء ويش به المجانين أأحياان أأتخرى ولعلى أأحسن تعريف وصف به المعتوه اعتباره " مختلط الكالم‬
‫فاسد التدبير‪ ،‬اال أأنه ال يضرب وال يش تم كما يفعل المجنون"‪5‬‬

‫‪1‬نضال محمد أأبو س نينة‪ ،‬الوالية في النكاح في الشريعة االسالمية‪ ،‬دار الثقافة للطباعة والنشروالتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ا ألردن‪،‬‬
‫ط‪ ،1،0911‬ص‪.091‬‬
‫‪-2‬قديري محمد توفيق‪ ،‬النيابة الشــرعية بين الفقه االســالمي والقانون الجزائري دراســة مقارنة ببعض القوانين العربية‪ ،‬رســالة‬
‫دكتوراه علوم في الحقوق‪ ،‬تخصص العقود ومسؤولية‪ ،‬كلية حقوق والعلوم الس ياس ية‪ ،‬جامعة‬
‫‪-3‬نضال محمد أأبو س نينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.091‬‬
‫‪ 4‬عبد الله بن محمد الطبار وعبد الله بن محمد المطلق ومحمد بن ابراهيم الموشي‪ :‬الفقه المسير ( قسم المعامالت) الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬مدار الوطن للنشر الرايض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪1100 ،‬هـ‪0990 ،‬م‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫‪5‬مصـطفى السـ باعي وعبد الرحمان الصابوني‪ ،‬الحوال الشخصية ( في ا ألهلية والوصية و التركات) الطبعة الخامسة‪ ،‬المطبعة‬
‫الجديدة‪ /‬دمشق‪ ،‬سوراي‪1391/1390 ،‬هـ ‪1919/1911 ،‬م‪ ،‬ص‪00‬‬
‫‪196‬‬

‫وعليه اتفق غالبية فقهاء الشريعة االسالمية على أأن المعتوه يأأخذ حكم الصبيي مع العقل أأي أأنه انقص‬
‫الفهم وا ألهلية ال عديمها كالمجنون ويأأخذ المعتوه حكم الصبيي المميز في تصرفاته‪ 1‬أأما المجنون فانه يأأخذ حكم‬
‫الصبيي الغير مميز‪.‬‬
‫وفيما يخص ابرام عقد الزواج المجنون والمعتوه فقد اجمع الفقهاء على أأنه ال يصح ابرام فاقد ا ألهلية‬
‫كالصبيي غير مميز والمجنون والمعتوه عقد زواجه اس تقالال ولو أأذن له وليه قبل العقد أأو جازه بعده‪ 2‬هذا من‬
‫جهة ومن جهة أأتخرى لم يختلف الفقهاء حول جواز تزويج المجنون أأو المعتوه ويقصد ابلتزويج هنا تولي المرء‬
‫عقد نكاح غيره‪ ،‬حيث أأجاز ا ألحناف للولي تزويج المجنون والحنابلة أأقروا أأنه ال بد من ابداء السبب ومثلوا‬
‫ابستبعاد المجنون أأو المعتوه للنساء والخوف عليهم من الفساد أأو الطمع في شفائهم‪3.‬‬

‫وفي الوقت الحديث تم وضع ضوابط لزواج المصابين بأأمراض ذهنية مع تأأكيد جوازه شرع ًا وتتمثل هذه‬
‫الضوابط فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أأن يكون الطرف التخر من عقد الزواج عال ًما بحقيقة المريض الذهني‬
‫‪ -‬أأن ال يكون الطرف التخر مصااب بأأي أفة عقلية لما قد يشكل ضررا كبيرا‬
‫الزواج‪4‬‬ ‫‪ -‬أأن يكون أأولياء الزوجة راضين بهذا‬
‫املطلب الثاني‪ :‬شأن القانون من حكم زواج احملجور عليه‪.‬‬
‫من خالل ما تم عرضه سنتعرض الى موقف قانون ا ألسرة من زواج المحجور عليه مع مقارنته بقانون‬
‫المغربيي وكيف عالجت مدونة ا ألسرة المغربية مسأألة زواج المحجور عليه‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬موقف قانون األسرة اجلزائري من زواج احملجور عليه‬
‫من خالل المادة ‪ 91‬من قانون ا ألسرة تطرق المشرع ل ألهلية الزواج حيث جعلها لدى الرجل والمر أأة‬
‫ابكتمالهما سن ‪ 19‬س نة كاملة‪ ،‬هذا وبين في نفس المادة على امكانية تزويج القاصر كاس تثناء وفي حالة وجود‬
‫ضرورة شرط الحصول على ترتخيص من القاضي المختص والذي بدوره يجب عليه التأأكد من رضا القاصر و‬
‫قدرته على الزواج‪ ،‬وطبقا لنص المادة ‪ 11‬من قانون ا ألسرة نجد أأن المشرع ذكر فيها أأحكام الوالية على زواج‬
‫القاصر ولم يبين معنى مصطلح القاصر وعلى ماذا قد يش تمل‪ ،‬هذا ولم يبين لنا المشرع مجال والية زواج‬
‫المحجور عليه‪.‬‬

‫‪1‬صبحي محمصاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.119‬‬


‫‪-2‬عوض بن رجاء العوضي‪ ،‬الوالية في النكاح‪ ،‬مطابع الجامعة االسالمية‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪،1،0990‬ص ‪.311‬‬
‫‪ .3‬قديري محمد توفيق ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫‪ -4‬قديري محمد توفيق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪199‬‬
‫‪197‬‬

‫وعليه نجد البعض ذهب الى امكانية تطبيق كل من المواد ‪111 1‬و‪ 93‬من قانون ا ألسرة وابلتالي يكون‬
‫زواج المعتوه والمجنون ابطال ان ابشره بنفسه أأما السفيه وذو الغفلة موقوفا على اجازة الولي أأو الوصي ويمنح‬
‫لهؤالء صالحية تزويج المجنون والمعوه ان توافرت فيهم شروط االزمة خاصة المصلحة‪ 1‬وما تجب مراعاته أأنه‬
‫في حالة غياب النص ال يوجد ما يلزم القاضي بمنح صالحية زواج وتزويج المحجور عليه مادام أأن نص‬
‫المادة ‪ 000‬من قانون ا ألسرة يحيله ألحكام الشريعة االسالمية ‪ .‬في ظل غياب االلزام بمذهب معين نجد‬
‫أأن القاضي يلجأأ الى أأحكام المذهب الذي يجده مفهوم لديه‪ ،‬وهذا راجع لعدم تحديد المرجعية الفقهية في‬
‫قانون ا ألسرة عند غياب النص ا ألمر الذي يخلق تضارب في ا ألحكام القضائية‪ ،‬وهذا ما يلزم المشرع بوضع‬
‫نصوص قانونية واضحة وصريحة خاصة بأأهلية زواج ووالية زواج المحجور عليه‪ ،‬ومن أأجل انسجام القوانين‬
‫خاصة قانون ا ألسرة ضمن المواد ‪ 93-90-91‬منه و القانون المدني ضمن المواد ‪ 13-10‬منه واعتبار المجنون‬
‫كالمعتوه والسفيه كذو الغفلة ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬موقف القانون من زواج احملجور عليه‪:‬‬
‫تكتمل أأهلية الزوج في مدونة ا ألسرة المغربية ببلوغ الشخص سن ‪ 19‬س نة ومتمتعا بقدراته العقلية‪،‬‬
‫اما فيما يخص المحجور عليهم فقد ميز المشرع المغربيي بين المجنون وشاكله وبين السفيه والمعتوه‪ ،‬وطبقا‬
‫للمادة ‪ 19‬من مدونة ا ألسرة ال يتمتع المجنون بأأهلية الزواج و أأجاز لوليه تزويجه وفق شروط نظمتها المادة ‪03‬‬
‫من ذات المدونة والتي تتمثل في‬
‫‪ -‬تقديم طلب االذن ابلزواج الى قاضي ا ألسرة‬
‫‪ -‬اتخضاع المعني للخبرة طبية واحدة أأو أأكثر تنتهيي يتقدم تقرير طبيي تسلم للقاضي وله أأن بأأمر‬
‫بخبرة تكميلة ولكل ذي مصلحة طلب خبرة تكميلة أأو مضادة‪2.‬‬

‫‪ -‬أأن يكون الطرف التخر راشدا أأثناء ابرام عقد الزواج مع اطالعه ابلتقرير الطبيي للمحجور عليه‪ ،‬وفي‬
‫حالة الزواج به يعبر عن ضاه في تعهد رسمي يؤكد فيه ارادته الجازمة في الزواج منه‪.‬‬
‫هذا ونص المشرع المغربيي في مدونة ا ألسرة على عدم جواز الطعن في مقرر قبول طلب لالذن‬
‫بتزويج المحجور عليه وجواز الطعن في مقرر الرفض االذن أأمام الهيئة القضائية ا ألعلى ابعتباره أأمرا والئيا‪.‬‬

‫‪ -1‬محب الله بن محمد الطيار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.01‬‬


‫‪-2‬محمد الكشـ بور‪ ،‬الواضح في شرح مدونة ا ألسرة‪ :‬الزواج ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء المغرب‪ ،‬ط‪،0910 ،3‬‬
‫ص‪.009‬‬
‫‪198‬‬

‫وفيما يخص والية زواج السفيه والمعتوه منحهما المشرع المغربيي أأهلية زواج كاملة وهذا اعماال بنص‬
‫المادة ‪ 033‬نمن مدونة ا ألسرة حيث بين فيها أأن سلطة النائب الشرعي لسفيه والمعتوه تقتصر على أأموالهما‬
‫فقط أأما الحوال شخصية فزواجهم صحيح وال حجر عليهما‪1.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬أحكام احملجر عليه بعد فك الرابطة الزوجية‬


‫أأابح االسالم الزواج وفيه أأمر الزوج بمعاشرة زوجته ابلمعروف و أأمر الزوجة بطاعة زوجها و أأرشدهما‬
‫لما فيه صالح عند حدوث الخالف‪ ،‬وجعل أتخر حلول الخالف هو الطالق‪ ،‬ويمكن أأن يكون الطالق ابرادة‬
‫الزوج أأو ابالتفاق مع الزوجة وتراضيها‪ ،‬و أأما أأن يكون الطالق بطلب من الزوجة عن طريق الخلع أأو التطليق‬
‫ومن خالل هذا المبحث س نتناول لحكم طالق المحجور عليه في مطلب اثن‬
‫مطلب أول ‪ :‬حكم الطالق احملجور عليه يف الشريعة اإلسالمية‬
‫أأجمع فقهاء الشريعة االسالمية على أأن الطالق هو رفع قيد النكاح واجمعوا أأيضا على انه من شروط‬
‫صحة وقوع الطالق أأن يكون المطلق ابلغ ًا عاقال وعلى اعتبار أأن الهلية هي جوهر صحة التعبير عن ارادة‬
‫الشخص ومن خالل هذا المطلب سنتكلم عن احكام طالق المحجور عليهم لحاجتهم للهلية اليقاع الطالق‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حكم طالق ناقص األهلية ( السفيه وذو الغفلة)‬
‫س بق لنا و أأن عرضنا أأن السفيه وذو الغفلة ليس في عقليهما خلل او نقص فليسا عديمي ا ألهلية وانما‬
‫تصرفاتهما تخرج عن نطاق العادة‪ ،‬سواء لتسلط شهوة االتالف عن االرادة عند السفيه أأو لسهولة الوقوع في‬
‫الغبن لطيبة قلب ونيته ذو الغفلة ومن التصرفات التي يمكن أأن تقع في طريق السفيه وذو الغفلة الطالق‬
‫حيث اتفق الفقهاء على أأن طالق هؤالء يقع صحيح ًا وانفدً ا حتى ولو وقع هذا الطالق دون اذن الولي‪ ،‬ذلك‬
‫شرطا في صحة‬ ‫أأن الحجر مناطه التصرفات المالية والطالق هو من التصرفات الشخصية وابلتالي ليس ً‬
‫الطالق‪ ،2‬أأما في حالة ايقاع الطالق من طرف الولي أأو الوصي فانه ال أأثر له وال يقبل ألنه خارج نطاق‬
‫الوالية‪ ،‬وابلنس بة للخلع فقد اتفق الفقهاء على صحة خلع السفيه لصحة طالقه ذلك أأنه كل صح طالقه صح‬
‫خلعه‪ ،‬وبما أأن بدل الخلع هو ركن من أأركان الخلع وهو المقابل المالي التي تمنحه الزوجة لزوجها لقاء فرقتها له‬
‫وهو مقرر لصالح الزوج المختلع‪ ،‬ونظرا لكون هذا ا ألخير سفيه ومحجور عليه في ماله فان بدل الخلع ال يسلم‬
‫له وانما يسلم للولي‪ 3‬وهو نفس المر ابلنس بة لذو الغفلة حيث يقاس على السفيه حيث يقع صحيح ًا انفدً وان‬
‫وقع من طرف وليه فال أأثرله‪.‬‬

‫‪-1‬وزارة العدل في المملكة المغربية‪ ،‬دليل عملي المدونة ا ألســــرة‪ ،‬جمعية نشــــر المعلومات القانونية و القضــــائية‪ ،‬الرابط‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬دط‪ ،0991 ،‬ص‪.119‬‬
‫‪-2‬وهيبة الزحيلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.301‬‬
‫‪-3‬عامر ســعيد الزيباري‪ ،‬احكام الخلع في الشـريعة االســالمية‪ ،‬دار ابن حزم للطباعة والنشــر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪،1991‬ص‪.190‬‬
‫‪199‬‬

‫أأما اذا كانت الزوجة المختلعة هي السفيه أأو من ذوات الغفلة في هذه الحالة اتختلفت أأقوال فقهاء‬
‫الشريعة االسالمية حيث يرى كل من الحنفية والحنابلة أأن خلع السفيهة جائز ولكن ال يلزمها بدل الخلع ألنه‬
‫محجور عليها في مالها وقد بذلته دون مقابل وليس لها اهلية التبرع‪.‬‬
‫وابلنس بة للمالكية فعندهم الزوجة السفيه المختلعة ِاشترطوا وجوب اذن الولي في خلعها‪ ،‬وان لم يأأذن‬
‫ال يقع الخلع ويسترد البدل حال دفعه‪ ،‬وفي هذه الحالة ينظر هل علق الزوج قبول الخلع بقبض المال‪ ،‬فان لم‬
‫يشترط قبض المال فانه يعتبر طالقا ابئنا وان كان قد علق قبوله على قبض المال فلم يقبضه او نزع منه بطلب‬
‫الولي ال يترتب الخلع أأثرا وتبقى زوجته قائمة‪ ،‬وهو نفس افتجاه الذي سلكه الشافعية حيث ِاشترطوا اذن‬
‫الولي لصحة الخلع فان كان الخلع قبل الدتخول ِاعتبر طالقا ابئنا وغن كان بعد الدتخول اعتبر طالقا رجعيا وال‬
‫يلزمها مال في الحالتين‪.‬‬
‫فيما يخص سلطة الولي في مخالعة زوج ذات الغفلة أأو السفيهة أأجاز ا ألصناف مخالته اذا ضمن البدل‬
‫في ماله وان لم يضمنه وقع الطالق وال تلتزم المحجور عليها ابلمال أأما عند المالكية فتصح مخالعة الولي المجبر‬
‫شرط موافقة المحجور عليها ولم يجعل الشافعية للولي وغن فعل وقع الطالق ولزمه المال اذا ضمنه وال تلزم‬
‫السفيهة أأو ذات الغفلة شيء‪ ،‬واشترط الحنابلة وجود مصلحة للسفيه حتى يقع الخلع ماله أأو مالها‪1.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬حكم طالق عدميي اهللية ( اجملنون والعتوه)‬


‫من الشروط الجوهرية اليقاع الطالق هو سالمة العقل وفيه اجمع فقهاء الشريعة االسالمية على أأن‬
‫طالق المجنون والمعتوه ال يقع لفقد المجنون للعقل ولنقص عقل المعتوه‪ ،‬وفي هذه المسأألة انقسم الفقهاء‬
‫حول مدى اعتبار الولي في طالق زوجة من تحت واليته‪ ،‬حيث قال الحنفية والشافعية وتول لدى الحنابلة‪،‬‬
‫أأنه ال يقع طالق الولي على زوجة المجنون أأو المعتوه الذي تحت واليته‪ ،‬ور أأى المالكية والحنابلة بوقوع‬
‫طالق ولي المجنون والمعتوه أأن كان في الطالق مصلحة له‪.2‬‬
‫أأما ابلنس بة للخلع أأجمع الفقهاء على أأن من ال يصح طالقه ال يصح خلعه ابلنس بة للزوج أأما ابلنس بة‬
‫للزوجة المخالعة ال يقبل منها خلع وهي معتوهة أأو مجنونة ل ألن من شروط المختلعة ان تكون أأهال للتبرع‪،‬‬
‫أأما سلطة الولي على القيام ابلخلع انقسم بهذا الخصوص الفقهاء الى قولين ا ألول ل ألحنف والشافعية والمفتى به‬
‫لدى الحنابلة أأنه ليس للولي مخالعة زوجة المجنون أأو المعتوه التي يقع في واليته‪ ،‬أأما القول الثاني للمالكية و‬
‫القول االتخر للحنابلة فيرون أأن للولي المجبر أأن يخلع زوجة المجنون والمعتوه الذي في واليته قياسا على صحة‬

‫‪-1‬قديري محمد توفيق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.091‬‬


‫‪ -2‬قدري محمد توفيق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.091‬‬
‫‪200‬‬

‫تزويجه له وطالقه عنه‪ ،1‬وقد رجح بعض الفقهاء المعاصرين القول ا ألول لعدم صحوة خلع الولي ألنه اسقاط‬
‫لحقوق المجنون والمعتوه‪.2.‬‬
‫أأما المخالعة الواقعة من ولي الزوجة المعتوهة أأو المجنونة اتختلف الفقهاء حول سلطة الولي ابيقاع الخلع‪،‬‬
‫فعند ا ألحناف فانه يصح خلع ولي المجنونة والمعتوهة ولكن يؤخذ بدل الخلع من مالها ويضمنه الولي في ماله‪،‬‬
‫أأما المالكية يرون صحة الخلع وينقذ في مالها‪ ،‬أأما الشافعية والحنابلة فالقول عندهم بعدم جوازه اال اذا كان فيه‬
‫مصلحة وكان البدل من مال الولي ‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬شأن القانون من طالق احملجور عليهم‬
‫من خالل هذا المطلب س نحاول أأن نتعرض لموقف قانون ا ألسرة من طالق المحجور عليهم‬
‫الفرع األول‪ :‬موقف قانون األسرة من طالق احملجور عليهم‬
‫انطالقا من المواد ‪ 19‬و‪ 03‬و‪ 01‬من قانون ا ألسرة والتي نصت عن تعداد صور فك الرابطة الزوجية‬
‫ومن خالل اس تقرائهم نجد أأنها لم تبين مدى صحة الطالق الذي يوقعه المحجور عليهم وال فيما يتعلق ابلنائب‬
‫الشرعي في توقيع الطالق ونفس ا ألمر ابلنس بة لحق الزوجة المحجور عليها في طلب التطليق أأو الخلع وتم‬
‫ذكره وتضمنه قانون ا ألسرة هو النص على أأهلية الزواج فقط و أأمام هذا الغياب يرجع القاضي الى أأحكام الشريعة‬
‫االسالمية تطبيقا ألحكام المادة ‪ 000‬من قانون ا ألسرة‪ ،‬وما تجب مراعاته هنا هو االشكاالت التي أأاترها‬
‫الباحثون بخصوص قانون االجراءات المدنية واالدارية وتقنية ل ألحكام خاصة بقانون ا ألسرة من الناحية االجرائية‬
‫تضمنت أأحكام موضوعية غير منصوص عليها في قانون ا ألسرة أأهمها ما جاء في المادة ‪ 130‬من ق‪.‬ج‪.‬م‪.‬ا والتي‬
‫تؤكد على عدم قبول الطالق ابلتراضي ان كان أأحد الزوجين موضوعًا تحت التقديم وهو يخص المحجور عليهم‬
‫دون ان يتم التميز بين انقص ا ألهلية وعديمها‪ .‬هذا وجاءت المادة ‪ 131‬من قانون ا‪.‬ج‪.‬م وبينت أأنه ان كان‬
‫أأحد الزوجين انقص ا ألهلية فان دعوى الطالق (بأأنواعه) توقع ابسمه من قبل الولي أأو المقدم‪ .‬فان عرض هذا‬
‫النزاع على القاضي فهل يطبق أأحكام الشريعة االسالمية اعمال لنص المادة ‪ 000‬من قانون ا ألسرة أأو يقوم‬
‫ابلقياس على ما ورد في النصوص االجرائية ونرى أأنه من ا ألفضل أأن يطبق القاضي أأحكام المذهب المالكي‬
‫اعتبارا لسلطات الواسعة للولي فيه‪ ،‬وعليه يظهر ضرورة اعادة النظر في ا ألحكام الموضوعية المتعلقة بفك‬
‫الرابطة الزوجية والنص بوضوح على شروط المطلق المحجور عليه وحدود سلطة الولي في تطبيق الطالق‬
‫بأأنواعه وذلك بتعديل أأحكام قانون ا ألسرة ‪.‬‬

‫‪ -1‬قدري محمد توفيق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.090‬‬


‫‪-2‬عامر سعيد الزيباري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.191‬‬
‫‪201‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موقف القانون املغربي من طالق احملجور عليهم ‪:‬‬


‫على عكس ما تضمنه المشرع المغربيي في أأحكام زواج المحجور عليهم لم يبين شروط صحة ايقاع‬
‫طالق المحجور عليهم ولم يبين سلطة النائب الشرعي في فك الرابطة الزوجية ابس تثناء الخلع حيث أأشترط‬
‫أأن تكون المر أأة راشدة فان لم تكن كذلك يقع طالقا وال تلزم ابلمال اال اذا أأذن لها النائب الشرعي وهذا اعمال‬
‫للمواد ‪ 110 ،111 ،91 ،99 ،19 ،11‬من مدونة ا ألسرة المغربية و أأمام غياب النص يطبق القاضي المغربيي‬
‫أأحكام المذهب المالكي وفق االحالة في المادة ‪ 199‬من مدونة ا ألسرة المغربية‪.‬‬
‫خامتة املداخلة‪:‬‬
‫تختاما لهذا البحث الذي حاولنا من خالله تبيان ا ألحكام المتعلقة ابلمحجور عليهم قبل وبعد فك الرابطة‬
‫الزوجية في ظل غياب النص المتعلق بزواجهم وطالقهم‪ ،‬وصلنا الى مجموعة من النتائج وضعنا من خاللها‬
‫بعض التوصيات ‪:‬‬
‫النتائج‪:‬‬
‫‪ -1‬في مسائل شؤون ا ألسرة يجب أأن ال يعامل السفيه وذو الغفلة نفس معاملة القاصر الصغير ذلك‬
‫أأنهم ابلغين شرعًا ومسائل الزواج والطالق مناطهما العقل و ليس الرشد ‪.‬‬
‫‪ -0‬حتمية لجوء القاضي أأمام غياب النصوص القانونية ل ألحكام الشرعية االسالمية و أأن القياس على‬
‫احكام زواج القاصر صغير السن ال يس توي مع المجنون والمعتوه‪.‬‬
‫‪ -3‬نظم المشرع المغربيي أأحكام زواج المحجور عليهم على عكس المشرع الجزائري التي أأهمل كال‬
‫ا ألحكام‪.‬‬
‫‪ -1‬اغفال المشرع المغربيي أأحكام طالق المحجور عليهم وهو ا ألمر الذي أأغفله المشرع الجزائري أأيضا‬
‫ولم يشر اليها اال في الجانب االجرائي والذي بدوره يالحظ فيه عدم االنسجام والخلط بينه وبين نصوص اقنون‬
‫ا ألسرة‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫انطالقا مما س بق التعرض اليه بشأأن زواج وطالق المحجور عليهم نجد أأنه من الضروري العمل على‬
‫تعديل قانون ا ألسرة وادراج فيه بعض النصوص أأو المواد عالج التصرفات الشخصية لهؤالء وما يجعلنا نضع‬
‫التوصيات التالية‪:‬‬
‫ابلنس بة لزواج المحجور عليهم‪:‬‬
‫‪ -1‬متى كان الجنون والعته ظاهرين على الشخص سواء قبل الحجر عليه أأو بعد الحجر عليه ضرورة‬
‫النص على أأن عقد المجنون والمعتوه لزواجه ابطل‪.‬‬
‫‪202‬‬

‫‪ -0‬ضرورة النص على منح النائب الشرعي حق تزويج المحجور عليه التي انعدمت أأهليته بمرض‬
‫عقلي وذلك بعد اس تصدار اذن من القاضي وفق شروط وضوابط نذكرها على النحو التالي ‪:‬‬
‫‪ ‬اس تصدار تقرير طبيي من مختص طبيي يقر بعدم اضرار الزواج ابلمريض العقلي والطرف التخر‬
‫من الزواج و أأن المرض العقلي ال ينتقل الى نس يل المريض‬
‫‪ ‬أأن يكون للزواج مصلحة مؤكدة للمريض كأأن يخفف من مرضه مثال‬
‫‪ ‬أأن يكون الطرف التخر عالما بمرض الزوج أأو الزوجة ويبدي قبول صريح على الزواج من ذلك‬
‫المريض‪.‬‬
‫‪ ‬النص صراحة على صحة زواج السفيه وذوالغفلة قبل وبعد الحجر عليه واكتسابهم أأهلية التقاضي‬
‫ابلنس بة للاثره‪.‬‬
‫ابلنس بة لطالق المحجور عليهم‪:‬‬
‫‪ -1‬ضرورة النص صراحة على وقوع طالق السفيه وذو الغفلة وله اهلية التقاضي ابلنس بة للاثر‪.‬‬
‫‪ -0‬النص على عدم صحة وبطالن طالق المجنون والمعتوه وليس لنائب شرعي أأن يطلق زوجة‬
‫المجنون او المعتوه أأو أأن يكون طرفا في الخلع وهذا اذا لم يثبت مصلحة المحجور عليه في فك الربطة‬
‫الزوجية‪.‬‬
‫‪ -3‬النص على عدم وقوع خلع السفيه من دون حضور وليها‪ ،‬وال يعتد بأأي اتفاق خارج مجلس‬
‫القضاء والنص على عدم قبول طلب النائب الشرعي لمخالعة السفيه من زوجها اال بتباث رضا السفيهة و‬
‫مصلحتها‪.‬‬
‫ضرورة مراجعة قواعد قانون ا ألسرة وقانون االجراءات المدنية واالدارية وفقا ما يتناسب‬ ‫‪-1‬‬
‫بعضها البعض‪.‬‬
‫قائمة املراجع ‪:‬‬
‫‪ .1‬ضبحي محمصاني‪ ،‬المبادش الشريعية في القانونية في الحجر والنفقات والمواريث والوصية‪ ،‬دار‬
‫العلم للماليين‪ ،‬لبنان‪.1991 ،‬‬
‫‪-0‬وهبة الزحلي‪ ،‬الفقه االسالمي و أأدلته‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشروالتوزيع‪ ،‬ط‪ ،0‬دمشق‪،‬‬
‫سوراي‪ ،1990،‬ج‪.1‬‬
‫‪3‬محمود جمال الدين زكي‪ ،‬المبادش العامة للقانون‪ ( ،‬الجزء ا ألول ‪ :‬في مقدمة العلوم القانونية) مطبعة‬
‫ومكتبة االتحاد ابلزقازيق‪ ،‬ت‪ ،0331‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.1903،‬‬
‫‪1‬محمد حسين منصور‪ ،‬نظرية الحق‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االزاريطة‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬جمهورية مصر‬
‫العربية‪.‬‬
‫‪203‬‬

‫‪ 0‬نضال محمد أأبو س نينة‪ ،‬الوالية في النكاح في الشريعة االسالمية‪ ،‬دار الثقافة للطباعة‬
‫والنشروالتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ا ألردن‪ ،‬ط‪.1،0911‬‬
‫‪0‬قديري محمد توفيق‪ ،‬النيابة الشرعية بين الفقه االسالمي والقانون الجزائري دراسة مقارنة ببعض‬
‫القوانين العربية‪ ،‬رسالة دكتوراه علوم في الحقوق‪ ،‬تخصص العقود ومسؤولية‪ ،‬كلية حقوق والعلوم الس ياس ية‪،‬‬
‫جامعة‬
‫‪1‬عبد الله بن محمد الطبار وعبد الله بن محمد المطلق ومحمد بن ابراهيم الموشي‪ :‬الفقه المسير (‬
‫قسم المعامالت) الطبعة الثانية‪ ،‬مدار الوطن للنشر الرايض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪1100 ،‬هـ‪0990 ،‬م‪.‬‬
‫‪9‬مصطفى الس باعي وعبد الرحمان الصابوني‪ ،‬الحوال الشخصية ( في ا ألهلية والوصية و التركات)‬
‫الطبعة الخامسة‪ ،‬المطبعة الجديدة‪ /‬دمشق‪ ،‬سوراي‪1391/1390 ،‬هـ ‪1919/1911 ،‬م‪.‬‬
‫‪9‬عوض بن رجاء العوضي‪ ،‬الوالية في النكاح‪ ،‬مطابع الجامعة االسالمية‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬السعودية‪،‬‬
‫ط‪.1،0990‬‬
‫‪-19‬محمد الكش بور‪ ،‬الواضح في شرح مدونة ا ألسرة‪ :‬الزواج ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‬
‫المغرب‪ ،‬ط‪.0910 ،3‬‬
‫‪ 11‬وزارة العدل في المملكة المغربية‪ ،‬دليل عملي المدونة ا ألسرة‪ ،‬جمعية نشر المعلومات القانونية و‬
‫القضائية‪ ،‬الرابط‪ ،‬المغرب‪ ،‬دط‪.0991 ،‬‬
‫‪ 10‬عامر سعيد الزيباري‪ ،‬احكام الخلع في الشريعة االسالمية‪ ،‬دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1991 ،1‬‬
‫‪204‬‬
‫جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

‫امللتقى الوطين الرابع‪ ،‬مصادر قانون األسرة اجلزائري‪ 13 ،‬جويلية ‪2022‬‬

‫دور العرف كمصدر لقواعد اإلثبات األسرية وأثره يف األحكام‬


‫االجتهادية القضائية‪" :‬املسائل الزوجية املالية أمنوذجا"‬
‫‪The role of the norms as a source for the rules of the familial vidence and its‬‬
‫”‪impact in the jurisprudent rulings: “the financial marital ssues as a model‬‬
‫فضيلة خليفة‬
‫دكتوراه يف قانون األسرة‬
‫خمرب قانون األسرة‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة اجلزائر‪1‬‬
‫‪khelifafadila1982@yahoo.fr‬‬
‫ملخص املداخلة‪:‬‬
‫تتصدر أأحكام الشريعة الإسالمية والفقه الإسالمي مصادر القاعدة القانونية ا ألسرية‪ ،‬ابعتبارها ا ألصل‬
‫المحال اإليه في غياب النصوص القانونية المنظمة لقضااي وشؤون ا ألسرة‪ ،‬طبقا لما تقتضيه أأحكام المادة ‪222‬‬
‫من قانون ا ألسرة الجزائري‪ ،‬مما يتوجب على القاضي اللجوء اإلى ا ألحكام السابقة كلما اقتضى ا ألمر ذلك‪ ،‬ولكن‬
‫لما كانت ا ألسرة هي اللبنة ا ألساس ية التي يبنى عليها المجتمع الجزائري الذي تحكمه كغيره من المجتمعات‬
‫العربية والإسالمية عادات وتقاليد و أأعراف‪ ،‬هذه ا ألخيرة التي أأصبحت تتغير بتغير ا ألحوال وا ألزمان وا ألمكان‪،‬‬
‫مما جعلها تؤثر في تفسير القاعدة القانونية المطبقة في اإثبات المسائل الزوجية‪ ،‬ولس يما المالية منها لما تشهده‬
‫من تغيرات اجتماعية رهيبة أأثرت في ا ألعراف السائدة‪ ،‬التي غالبا ما تكون غائبة في نصوص قانون ا ألسرة‬
‫الجزائري بحكم اختالف ا ألعراف الجزائرية ‪،‬مما يؤدي اإلى اختالف ا ألحكام الجتهادية القضائية‪ ،‬ا ألمر الذي‬
‫اس توجب بحث وتقصي دور القاعدة العرفية كمصدر لقواعد الإثبات في المسائل المالية الزوجية‪ ،‬و أأثرها في‬
‫اجتهاد قضاء شؤون ا ألسرة‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬العرف‪ ،‬مصادر القانون‪ ،‬قواعد الإثبات‪ ،‬المسائل المالية الزوجية‪ ،‬الجتهاد‬
‫القضائي‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪The Islamic rules and Islamic jurisprudence are at the top of the familial legal sources‬‬
‫‪since they are the reference in the absence of the legal texts that regulate the family issues‬‬
‫‪according to Article 222 of the Algerian Family Act which obliges the judge to refer to the‬‬
‫‪previous rulings whenever necessary. Since the family is the main pillar of the Algerian society‬‬
‫‪205‬‬

‫‪that is governed by norms and traditions that change according to settings and circumstances,‬‬
‫‪norms affect the applicable legal rules inproving the marital issues especially the financial due‬‬
‫‪to the terrific social changes that affected the prevailing norms which are generally absent in‬‬
‫‪the Algerian Family Act texts due to the difference of the Algerian norms. This leads to the‬‬
‫‪difference in the judicial rulings what pushes us to investigate the role of the norms as a source‬‬
‫‪of evidence in the marital financial issues and their effect on the work of the Family Court.‬‬
‫;‪Key words: Norms; legal sources; rules of evidence; marital financial issues‬‬
‫‪jurisprudence‬‬
‫مقدمة املداخلة‪:‬‬
‫اإن المجتمع الجزائري كغيره من المجتمعات العربية والإسالمية‪ ،‬يشهد في الآونة ا ألخيرة‬
‫تغيرا ملحوظا في نمط الحياة ا ألسرية‪ ،‬والذي مس جانبا من تصرفاتهم وسلوكاتهم المعتادة‪ ،‬التي‬
‫أألبسها الواقع المعاش حلة جديدة لم تكن الحياة ا ألسرية تعهدها من قبل فولوج المر أأة عالم الدراسة‬
‫والشغل‪ ،‬وتغير مظاهر الحياة المادية التي يعيشها ا ألزواج‪ ،‬فرضت عادات و أأعراف لم تكن معروفة‬
‫و أأضفت عليها صفة الإلزامية‪ ،‬مشكلة بذلك أأعرافا دخيلة أأحدثت طفرة في طبيعة العالقة الزوجية‪،‬‬
‫وغيرت من بعض أأحكامها ولس يما في جوانبها المادية‪ ،‬ا ألمر الذي جعل لهذه ا ألعراف دورا مهما‪،‬‬
‫و أأساسا يمكن أأن تبنى عليه ا ألحكام‪ ،‬اإذا ما احتكم أأحد الزوجين لها في اإثبات بعض حقوقهم‬
‫المالية‪.‬‬
‫وإاذا كان المشرع الجزائري قد اعترف في تقنينه ألحكام ا ألسرة بموجب القانون ‪11/48‬‬
‫على مجاراة أأعراف المجتمع الجزائري كمصدر مواليا للمرجعية الشرعية التي أأقرتها أأحكام المادة‬
‫‪ 222‬من القانون السابق‪ ،‬ابلرجوع اإلى أأحكام الشريعة الإسالمية في كل ما لم يرد النص عليه‪ ،‬فاإن‬
‫هذه ا ألخيرة قد احتكمت في العديد من المسائل اإلى ا ألعراف السائدة‪.‬‬
‫أهداف البحث وإشكاليته ‪:‬‬
‫ل يخفى على أأحد من المش تغلين بأأحكام ا ألسرة أأهمية أأحكام الشريعة الإسالمية في‬
‫اإرساء قواعد الإثبات‪ ،‬ولس يما في المسائل المالية للزوجين‪ ،‬ابعتبارها تمثل المجال الخصب‬
‫للمنازعات الزوجية‪ ،‬فاإثبات الحق في الصداق والنفقة ومتاع بيت الزوجية‪ ،‬قد يحتكم اإلى أأعراف‬
‫مغايرة مجاراة للواقع المعاش‪ ،‬ا ألمر الذي يجعل القاضي يجابه غياب النصوص القانونية المنظمة‬
‫‪206‬‬

‫للمسأألة‪ ،‬وإاحالة أأحكام الشريعة الإسالمية والفقه الإسالمي اإلى الحتكام ل ألعراف السائدة‬
‫المشروعة بأأحكام اجتهادية تختلف ابختالف أأعراف الزوجين‪.‬‬
‫ومن هنا كان طرح التساؤل عن مدى تحكيم العرف كمصدر لقواعد الإثبات في المسائل‬
‫المالية الزوجية انطالقا من مرجعيته الفقهية والقانونية؟ وما أأثر مواكبة ا ألعراف ا ألسرية على ا ألحكام‬
‫الجتهادية؟‬
‫منهج البحث‪:‬‬
‫تعتمد دراسة هذا البحث على دراسة اس تقرائية وذلك من خالل؛ تتبع ا ألقوال الفقهية‬
‫والمسائل المتعلقة ابلعرف في أأحكام الشريعة الإسالمية والقوانين المنظمة لمسائل ا ألحوال‬
‫الشخصية وا ألسرة‪ ،‬واقترنت بدراسة تحليلية من خالل عرض المسأألة محل البحث وبسط أأقوال‬
‫الفقهاء‪ ،‬مع بيان موقف القانون والقضاء الجزائري منها‪ ،‬وذلك بتحليل النصوص المنظمة للمسائل‬
‫المالية للزوجين وا ألحكام القضائية‪ ،‬وقد أأردفت بدراسة مقارنة بين بعض القوانين العربية وقانون‬
‫ا ألسرة الجزائري ‪،‬محاولة بيان مواطن النقص والقصور‪ ،‬ولس يما ما تعلق منها بما يلعبه العرف‬
‫كمصدر للقاعدة القانونية المنظمة للمسائل المالية للزوجين‪ ،‬وبيان أأي القوانين كفلت تحقيق ذلك‪.‬‬
‫ومما س بق فاإن أأهم نقاط هذه الورقة البحثية تتمثل في‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬املقصود بالعرف وحجيته يف بناء األحكام الشرعية‬
‫اإذا كان بناء ا ألحكام في الشريعة الإسالمية يعتمد على مصدرين أأساس يين هما‪ :‬القرأآن‬
‫الكريم والس نة النبوية‪ ،‬و أأضاف الفقهاء مصدرين أآخرين هما‪ :‬الإجماع والقياس‪ ،‬فاإن هناك مصدرا‬
‫أآخرا راعت فيه الشريعة الإسالمية أأحوال الناس وعاداتهم هو؛ العرف‬
‫كما اس تمالت القوانين الوضعية اعتباره في مختلف فروعها‪ ،‬ا ألمر الذي يقودان لبحث‬
‫حقيقة العرف في كل من الفقه الإسالمي والقانون‪ ،‬وبيان أأدلة اعتباره في بناء ا ألحكام الشرعية‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬املقصود بالعرف‬
‫يقتضي تحديد المقصود ابلعرف تعريفه من خالل‪ :‬بيان حقيقته اللغوية والفقهية‪ ،‬ثم بيان‬
‫معنى حقيقته القانونية‪ ،‬وكذا تمييزه عن غير من المصطلحات التي أأشكل على الفقه والقانون التفريق‬
‫بينهما‪ ،‬ولس يما مصطلح العادة الذي عادة ما يالزم مصطلح العرف‪.‬‬
‫‪207‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حقيقة العرف‬
‫أوال‪ :‬حقيقة العرف اللغوية‬
‫للعرف لغة أأكثر من معنى ل يكاد يخلو معجم من معاجم اللغة منها‪ ،‬حيث قال ابن فارس‬
‫‪ ":‬العين والراء والفاء" أأصالن صحيحان يدل أأحدها على تتابع الشيء متصال بعضه ببعض‪ ،‬والآخر‬
‫على السكون والطمأأنينة‪ ،‬فا ألولى "العرف" عرف الفرس‪ ،‬وسمي بذلك لتتابع الشعر‪ ،1‬ويقال جاء‪:‬‬
‫القطا عرفا عرفا أأي؛ بعضهم خلف بعض‪ ،‬وا ألصل الآخر "المعرفة والعرفان"‪ ،‬نقول ‪:‬عرف فالن‬
‫فالان عرفاان ومعرفة‪ ،‬وهذا أأمر معروف‪ ،‬وهذا يدل على ما قلناه من سكونه اإليه‪ ،‬ألن من أأنكر‬
‫شيئا توحش منه ونبا عنه والعرف "المعروف" سمي بذلك ألن النفوس تسكن اإليه‪ ،‬والمعروف‬
‫ضد المنكر والعرف ضد النكر‪ ،‬يقال ‪ :‬أأوله عرفا ‪ -‬أأي معروفا‪ ،2‬وقد جاء في المعجم الوس يط‪،‬‬
‫العرف‪ :‬المعروف وهو خالف النكر‪ ،‬وما تعارف عليه الناس في عاداتهم ومعامالتهم‪ ،‬وهو اسم‬
‫من العتراف‪ ،‬يقال ‪ :‬له علي مائة عرفا‪.3‬‬
‫ثانيا‪ :‬حقيقة العرف الفقهية‬
‫اس تعرض الفقهاء تعريفات متعددة للعرف‪ ،‬ولكن من أأقدم من عرف العرف اصطالحا‪،‬‬
‫قول الإمام النسفي‪ -‬رحمه الله‪ -‬في كتابه المس تصفى العرف ‪":‬ما اس تقر في النفوس من جهة وتلقته‬
‫الطباع السليمة ابلقبول"‪ ،4‬هذا وقد ذكر ابن نجيم في كتابه ا ألش باه والنظائر هذا التعريف‪ ،‬وقد‬
‫جاء فيه ‪":‬العرف هو عبارة عما اس تقر في النفوس من ا ألمور المتكررة عن الطباع السليمة"‪.5‬‬
‫كما عرفه الجرجاني في التعريفات فقال‪ ":‬العرف ما اس تقرت النفوس عليه بشهادة العقول‬
‫وتلقته الطباع السليمة ابلقبول"‪ .6‬وقد جاء في تعريف أآخر لبن ظفر ‪ " :‬أأن العرف ما عرفت العقالء‬
‫بأأنه حسن و أأقرهم الشارع عليه"‪.7‬‬

‫‪ 1‬ابن فارس؛ أأبو الحسن أأحمد بن زكراي‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬ت‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ج‪. 241/8‬‬
‫‪2‬‬
‫ابن منظور؛ أأبو الفضل جمال الدين بن مكرم الإفريقي‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.2422‬‬
‫‪3‬‬
‫اإبراهيم مصطفى؛ أأحمد الزايت وأآخرون‪ ،‬المعجم الوس يط‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬ط‪1821 ،8‬ه‪2008/‬م‪ ،‬ص‪. 121‬‬
‫‪ 4‬ابن عابدين؛ محمد ا ألمين‪ ،‬مجموعة رسائل ابن عابدين‪ ،‬نقال عن أأبيي الحافظ النيفي كتابه المس تصفى وهو مخطوط طبع‬
‫المكتبة الهاشمية‪ ،‬دمشق‪ ،‬س نة ‪1111‬ه‪ ،‬ج‪/2‬ص‪.118‬‬
‫‪ 5‬ابن نجيم؛ زين الدين اإبراهيم بن محمد‪ ،‬الأش باه والنظائر‪( ،‬على مذهب أأبو حنيفة النعمان)‪ ،‬ت‪:‬زكراي عميرات‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1812 ،1‬ه‪1222/‬م‪،‬ص‪.92‬‬
‫‪ 6‬الجرجاني؛ علي بن محمد الس يد الشريف‪ ،‬التعريفات‪ ،‬المطبعة الخيرية‪ ،‬مصر المحمية‪ ،‬ط‪1101 ،1‬ه‪،‬ص‪.18‬‬
‫‪ 7‬أأنظر‪ :‬الس يد صالح عوض‪ ،‬أأثر العرف في التشريع الإسالمي‪ ،‬دار الكتاب الجامعي‪ ،‬القاهرة‪،‬ص‪.11‬‬
‫‪208‬‬

‫والمالحظ على هذه التعريفات أأن هناك من اشترطت في العرف الس تقرار في النفوس‬
‫وتلقي الطباع السليمة له ابلقبول‪ ،‬في حين اشترط البعض الآخر عدم رد الشريعة له وإاقرار الشارع‬
‫الناس عليه‪ ،‬فيخرج بذلك ا ألعراف الحادثة بعد عهد الشارع‪ ،‬و أأن يكون المراد منه أأن قواعد الشرع‬
‫تقره ول تأأابه‪.1‬‬
‫وبناء على ما ذكر من شروط في بعض التعريفات وترك البعض الآخر منها‪ ،‬وهي الشروط‬
‫والقيود التي لبد أأن تكون مجتمعة في تعريف العرف المعتبر شرعا‪ ،‬ارتأأى بعض الباحثين احتوائها‬
‫في تعريف جامع‪ ،‬وهو الذي نرجحه من مجمل التعريفات التي س بقت‪" :‬العرف هو ما اس تقر في‬
‫النفوس واس تحسنته العقول وتلقته الطباع السليمة ابلقبول واس تمر الناس عليه بما ل ترده الشريعة‬
‫و أأقرتهم عليه"‪.2‬‬
‫ثالثا‪ :‬حقيقة العرف القانونية‬
‫أأولى فقهاء القانون للعرف أأهمية ابلغة ابعتباره مصدرا من مصادر القانون‪ ،‬وقد حضي‬
‫بذلك عند دراس تهم للمصادر الرسمية والحتياطية (التبعية) للقانون‪ ،‬لما له من دور مهم في تأأسيس‬
‫القواعد القانونية‪ ،‬حيث يتفاوت ذلك الدور بين فروع القانون المختلفة‪ ،‬ومن أأبرز التعريفات القانونية‬
‫للعرف هو أأنه ‪ ":‬مجموعة القواعد التي تنشأأ من درج الناس عليها‪ ،‬ويتوارثونها جيال عن جيل‪،‬‬
‫والتي تعتبر ملزمة لهم بمعنى أأن يكون لها جزاء قانوني كالقانون المس نون سواء بسواء"‪ ،3‬كما عرف‬
‫بأأنه‪ ":‬مصدر ينشئ القاعدة القانونية عن طريق اعتياد الناس على متابعة سلوك معين واس تقرار‬
‫الإيمان في نفوسهم بأأن هذا السلوك قد صار ملزما"‪.4‬‬
‫وإاذا نظران في تعريفات فقهاء القانون للعرف نجدها تختلف عما عليه عند فقهاء الشريعة‬
‫الإسالمية‪ ،‬الذين يرون أأن العرف مجرد اعتياد على مسك معين‪ ،‬فعنصر الإلزام ل تأأثير له عندهم‬

‫‪ 1‬عادل بن عبد القادر بن محمد ولي قوتة‪ ،‬العرف حجيته و أأثره في فقه المعامالت المالية عند الحنابلة‪ ،‬المكتبة المكية‪،‬‬
‫السعودية‪ ،‬ط‪1814 ،1‬ه‪1229/‬م‪ ،‬ج‪/1‬ص‪.29‬‬
‫‪ 2‬الس يد صالح عوض‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص‪.12‬‬
‫‪ 3‬عبد الرزاق الس نهوري؛ أأحمد حشمت أأبو س تيت‪ ،‬أأصول القانون (المخل لدراسة القانون)‪ ،‬مطبعة لجنة التأأليف‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪1210‬م‪،‬ص‪.49‬‬
‫‪ 4‬أأسود نقول‪ ،‬القانون المدني (المدخل وا ألموال)‪ ،‬الجامعة اللبنانية‪ ،‬بيروت‪1801 ،‬ه‪1221/‬م‪،‬ص‪91‬؛ أأنظر الس يد صالح‬
‫عوض‪ ،‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.18‬‬
‫‪209‬‬

‫في تكوين العرف على سلوك معين‪ ،‬ومنه يفهم لعتبار العرف عند القانونيين ل بد أأن يتوفر اإطراد‬
‫الناس بسلوك معين وهو الركن المادي‪ ،‬والعتقاد ابإلزام هذا السلوك هو الركن المعنوي‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الفرق بني العرف والعادة‬
‫يقتضي تحديد الفرق بين العرف والعادة‪ ،‬بيان معنى حقيقتهما في اللغة والصطالح‪ ،‬وإاذا‬
‫كان قد تم بيان معنى حقيقة العرف‪ ،‬فاإنه ل بد من أأن نعرج لتحديد معنى حقيقة العادة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حقيقة العادة‬
‫العادة في اللغة مأأخوذة من العود‪ ،‬يقال عاد يعود عودا وعادة‪ ،‬فمادة (ع‪.‬و‪.‬د) تفيد الرجوع‬
‫اإلى الشيء مرة بعد أأخرى‪ ،‬والعادة معروفة والجمع عاد وعادات وعوائد‪ ،‬وسميت بذلك ألن صاحبها‬
‫يعاودها أأي؛ يرجع اإليها مرة أأخرى بعد أأخرى‪.2‬‬
‫وفي الصطالح فالعادة "ما اس تمر الناس عليه على حكم المعقول وعادوا اإليه مرة بعد‬
‫أأخرى"‪ ،3‬كما عرفت بأأنها‪ " :‬ا ألمر المتكرر من غير عالقة عقلية"‪.4‬‬
‫أأما قانوان فالعادة هي تلك القواعد التي تعارف الناس عليها اتباعها في معامالتهم‪ ،‬والتي‬
‫تصلح لتفسير نية المتعاقدين دون أأن تكون بذاتها ملزمة‪.5‬‬
‫ثانيا‪ :‬متييز العرف عن العادة‬
‫‪ -1‬متييز العرف عن العادة يف الفقه اإلسالمي‬
‫لو نظران اإلى التعريفات التي قدمت للعرف والعادة‪ ،‬نجد أأن بعضها قد عرفت العرف‬
‫انطالقا من العادة؛ وهناك من ميزت العرف عن العادة‪ ،‬وبناء على هذه التعريفات اختلفت الآراء‬
‫في تحديد الفرق بين العرف والعادة وتميزهما‪.‬‬
‫فذهب ر أأي اإلى أأنه ل فرق بين العرف والعادة في الحقيقة العرفية‪ ،‬وهما عند الناس سواء‪،‬‬
‫فهم يرون أأنهما مترادفان فاإذا أأعطف أأحدهما على الآخر‪ ،‬فقيل هذا الحكم اثبت بدللة العرف‬

‫‪ 1‬مصطفى عبد الرحيم أأبو عجيلة‪ ،‬العرف و أأثره في التشريع الإسالمي‪،‬دار الكنب الوطنية‪ ،‬بنغازي‪،‬ط‪،1‬‬
‫‪1121‬ه‪1241/‬م‪،‬ص‪.90‬‬
‫‪ 2‬مصطفى عبد الرحيم أأبو عجيلة‪ ،‬العرف و أأثره في التشريع الإسالمي‪،‬دار الكنب الوطنية‪ ،‬بنغازي‪،‬ط‪،1‬‬
‫‪1121‬ه‪1241/‬م‪،‬ص‪.90‬‬
‫‪ 3‬الجرجاني؛ التعريفات‪،‬ص‪. 11‬‬
‫‪ 4‬ابن عابدين‪ ،‬مجموعة رسائل بن عابدين‪،‬ج‪/2‬ص‪.118‬‬
‫‪ 5‬عبد الرزاق الس نهوري؛ أأحمد حشمت أأبو س تيت‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.21‬‬
‫‪210‬‬

‫والعادة فيكون ذلك من ابب التأأكيد ل التأأسيس‪ ،1‬فالعرف والعادة بمعنى واحد ول تمييز بينهما‪،‬‬
‫فالعادة مأأخوذة من المعاودة فهيي بتكررها ومعاودتها مرة بعد أأخرى‪ ،‬صارت معروفة مس تقرة في‬
‫النفوس متلقاة ابلقبول من غير عالقة ول قرينة حتى صارت حقيقة عرفية‪ ،2‬وبهذا الر أأي أأخذت‬
‫مجلة ا ألحكام العدلية‪ ،‬ومما جاء فيها‪ ،‬يقال أأن العادة هي الذي يس تقر ابلنفوس ويكون مقبول عند‬
‫ذوي الطبائع السليمة بتكراره المرة بعد المرة والعرف بمعنى العادة‪. 3‬‬
‫وقد سار ر أأي اثن اإلى التفرقة بين العرف والعادة‪ ،‬فهناك من ذكر أأن المراد ابلعادة العرف‬
‫العملي‪ ،‬والمراد ابلعرف القولي‪ ،‬وبذلك أأجروا العادة في ا ألفعال‪ ،‬والعرف اب ألقوال‪ ،4‬وهناك من ذكر‬
‫أأن العادة أأعم من العرف ألن العادة تشمل العادات الفردية وعادات الجمهور والتي هي العرف‪،‬‬
‫فالعرف اإذا عادة مقيدة فهو أأخص مطلقا‪ ،‬والعادة أأعم مطلقا‪ ،‬ويتضح أأن العادة تشمل العرف العام‬
‫والخاص‪.5‬‬
‫بينما نسب ر أأي أآخر أأن الفرق بين العرف والعادة اإنما يكمن في حقيقتهما اللغوية‪ ،‬فالعرف‬
‫بحقيقته اللغوية؛ عرف ابلمعروف والعادة بمعنى التكرار‪ ،‬أأما في حقيقتهما العرفية الخاصة فال فرق‬
‫بينهما‪ ،‬وقد أأقر الفقهاء قاعدة فقهية هي" العادة محكمة والعرف كالشرط"‪ ،‬ذلك أأن المراد ابلعرف‬
‫والعادة الذي يعتبر في بناء ا ألحكام الشرعية‪ ،‬وحمل أألفاظ التصرفات عليه‪ ،‬فالعرف الذي اس تمر‬
‫والعادة التي اس تقرت في النفوس ل وجه للتفرقة بينهما‪ ،‬ألن العادة تنشأأ بتكرارها مرة بعد أأخرى‬
‫واس تمرارها يجعلها تس تقر في النفوس فتسمى عرفا‪ ،‬اإذا تلقته الطبائع السليمة ابلقبول‪ ،‬واس تحسنته‬
‫العقول‪ ،‬ومن ثم ل فرق بين العرف والعادة المعتبران في بناء ا ألحكام الشرعية‪ ،6‬وهو الر أأي الذي‬
‫قد يميل اإليه ويرجحه الكثير عن غيره من الآراء ا ألخرى‪.‬‬

‫‪1‬مصطفى عبد الرحيم أأبو عجيلة‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪. 91‬‬


‫‪ 2‬ابن عابدين‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ 3‬علي حيدر‪ ،‬درر الحكام شرح مجلة الأحكام‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬الرايض‪ ،‬طبعة خاصة‪1821،‬ه‪،‬ص‪. 88‬‬
‫‪ 4‬مصطفى عبد الرحيم أأبو عجيلة‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪. 14‬‬
‫‪ 5‬اإسماعيل كوشي؛ لخضر بن قومان‪ ،‬مراعاة العرف والعادة و أأثرها في الفقه المالكي‪ ،‬مجلة الواحات للبحوث‬
‫والدراسات‪2020،‬م‪،‬المجلد‪ ،11‬العدد‪ ،2‬ص‪. 112‬‬
‫‪ 6‬الس يد صالح عوض‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.11‬‬
‫‪211‬‬

‫‪ - 2‬متييز العرف عن العادة يف القانون الوضعي‬


‫يرى فقهاء القانون أأن أأهمية التفرقة بين العرف والعادة تكمن في مدى توفر عنصر ا إللزام‪،‬‬
‫ويترتب على ذلك النتائج التالية‪:1‬‬
‫أأ‪ -‬للمحكمة أأن تطبق العرف من نفسها‪ ،‬أأما العادة فيجب على ذي المصلحة التمسك‬
‫بها‪.‬‬
‫ب‪ -‬أأحكام العرف تلزم الطرفين ولو كان يجهالنه‪ ،‬أأما العادة فال تلزمهما اإل اإذا قصد‬
‫الإحالة عليها صراحة أأو دللة‪.‬‬
‫ج‪ -‬ل محل لإثبات العرف‪ ،‬اإذ أأن معرفة العرف كمعرفة القانون المس نون من مهمة‬
‫القاضي‪ ،‬خالفا للعادة اإذ يجب على من يريد التمسك بها أأن يثبتها‪.‬‬
‫د‪ -‬عدم مراعاة قاضي الموضوع ألحكام العرف يخضع لرقابة محكمة النقض‪ ،‬اإذ العرف‬
‫قانون‪ ،‬خالفا للعادة التي ل تخرج على أأن تكون مجرد واقعة لقاضي الموضوع الر أأي فيها‪.‬‬
‫وكل هذه النتائج الهامة تحتم أأن نفرق بين العرف والعادة‪ ،‬و أأن يطلق على كل منهما اسمه‬
‫حتى يرتفع الخلط الموجود منهما‪ ،‬وبناء على ما س بق ذكره من أآراء فقهية تميز العرف عن العادة‪،‬‬
‫و أأخرى ل تفرق بينهما‪ ،‬وأآراء قانونية تفرق بينهما من عدة جوانب مهمة في اعتبارهما في ا ألحكام‬
‫القضائية‪ ،‬مما يوجب على قاضي شؤون ا ألسرة مراعاة هذه الجوانب المهمة في القضااي والمنازعات‬
‫الزوجية التي تحتكم ل ألعراف والعادات‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬حجية العرف يف بناء األحكام الشرعية‬
‫راعت الشريعة الإسالمية أأعراف الناس وعاداتهم‪ ،‬تيسيرا لهم ودفعا للمشقة عنهم فيما ل‬
‫يخالف أأحكامها‪ ،‬فأألغت التبني والجمع بين ا ألختين وا ألنكحة الفاسدة كنكاح الستبضاع ونكاح‬
‫ا ألخدان والمقت وغيرها‪ ،‬وجعلت من العرف أأصال من ا ألصول التي تبنى عليها ا ألحكام‪ ،‬وقد‬
‫اس تدل الفقهاء على ذلك اب ألدلة الآتي ذكرها‪ .‬وفي هذا الصدد يقول الإمام ابن القيم في مقولة جلية‬
‫انصعة‪" :‬ومن أأفتى الناس بمجرد المنقول في الكتب على اختالف عرفهم وعوائدهم و أأزمنتهم‬
‫و أأمكنتهم و أأحوالهم وقرائن أأحوالهم‪ ،‬فقد ظل و أأظل‪ ،‬وكانت جنايته على الدين أأعظم من جناية من‬
‫طبب الناس كلهم على اختالف بالدهم وعوائدهم"‪.2‬‬

‫‪ 1‬عبد الرزاق الس نهوري؛ أأحمد حشمت أأبو س تيت‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪20‬؛الس يد صالح عوض‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪ 2‬عادل بن عبد القادر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪212‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬حجية العرف يف الكتاب والسنة النبوية‬


‫أوال‪ :‬يف الكتاب‬
‫‪ -1‬قوله تعالى‪ُ ﴿ :‬خ ِذ الْ َع ْف َو َوأْ ُم ْر ِابلْ ُع ْر ِف َوأَ ْع ِر ْض َع ِن الْ َجا ِه ِل َين ﴾‪.1‬‬
‫ووجه الس تدلل في الآية الكريمة أأن الله تعالى أأمر رسوله ﷺ ابلعرف‪ ،‬فدل على اعتباره‪،‬‬
‫اإذ لو لم يكن معتبرا لكان ا ألمر به عتبا‪ ،‬والقرأآن منزه عن العتب‪ ،‬وقد اس تدل بهذه الآية عالء‬
‫الدين الطرابلسي في كتابه الخاص ابلقضاء ابلعرف والعادة‪ ،‬حيث قال‪" :‬فالعادة غلبة معنى من‬
‫المعاني على جميع البالد أأو بعضها"‪.2‬‬
‫كما أأن وجه الس تدلل مبني على أأن المراد ابلعرف عادات الناس و أأعرافهم التي جرى‬
‫عليها التعامل فيما بينهم‪ ،‬و أألفوه في حياتهم ولم ينكر عليهم أأو يخالف تضامن نصوص الشريعة‪،‬‬
‫فا ألعراف الفاسدة والمبتدعة تبعا للهوى والشهوة ل تعتبر‪ ،‬كما أأنها ليست مرادة العلماء عندما‬
‫يتحدثون عن العرف المعتبر في التشريع الإسالمي‪.3‬‬
‫‪ -2‬قوله تعالى‪َ ﴿ :‬وعَلَى الْ َم ْولُو ِد ل َ ُه ِر ْزقُه َُّن َو ِك ْس َوتُه َُّن ِابلْ َم ْع ُر ِ‬
‫وف ﴾‪.4‬‬
‫ووجه الس تدلل أأن المراد بقوله "ابلمعروف"‪ :‬العرف واعتباره في وجوب النفقة على‬
‫الزوج‪ ،‬ما يجب لمثلها على مثله‪ ،‬فاإذا كان الله تعالى ذكره فقد علم تفاوت أأحوال خلقه‪ ،‬وتفاوت‬
‫أأحوال الناس يقتضي تحكيم العرف في ذلك كما سلف‪ ،‬ويلزم ا ألزواج ابلنفقة على ما جرى به‬
‫العرف على قدر اجتهاد الحكام في ذلك‪ ،‬ولو أأنه معروف ما أأدخله الله تعالى في المعروف‪.5‬‬

‫‪ 1‬سورة ا ألعراف؛ الآية‪.122‬‬


‫‪2‬الطرابلسي؛عالء الدين أأبيي الحسين علي بن خليل‪ ،‬معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام‪ ،‬المطبعة الميمنية‪،‬‬
‫مصر‪1101،‬ه‪،‬ص‪111‬؛ابن فرحون‪ ،‬برهان الدين أأبو الوفا اإبراهيم‪ ،‬تبصرة الحكام في أأصول الأقضية ومناهج الأحكام‪ ،‬ت‪:‬جمال‬
‫المرعثلي‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬الرايض‪ ،‬طبعة خاصة‪1821،‬ه‪2001/‬م‪،‬ج‪/2‬ص‪.14‬‬
‫‪3‬عادل بن عبد القادر‪ ،‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.141‬‬
‫‪4‬سورة البقرة؛ الآية‪.211‬‬
‫‪5‬ابن العربيي؛ أأبو بكر محمد بن عبد الله‪ ،‬أأحكام القرأآن‪ ،‬ت‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1828‬ه‪2001/‬م‪،‬ج‪/1‬ص‪،298‬ابن كثير؛ أأبو الوفا اإسماعيل بن عمر‪ ،‬تفسير القرأآن العظيم‪ ،‬ت‪:‬سامي محمد بن سالمة‪ ،‬دار‬
‫طيبة‪،‬الرايض‪،‬ط‪2،1820‬ه‪1222/‬م‪،‬ص‪.118‬‬
‫‪213‬‬

‫وهذه الآية أأوضح من ا ألولى في دللتها على اعتبار العرف في التشريع ابعتباره في موضوع‬
‫النفقة‪ ،‬وليس هناك محل لالعتراض على معناه‪ ،‬أأو على ما تدل عليه كلمة المعروف فيها‪.1‬‬
‫‪ -1‬قوله تعالى‪ِ ﴿ :‬ل ُي ْن ِف ْق ُذو َس َع ٍة ِم ْن َس َعتِ ِه ﴾‪.2‬‬
‫ووجه الس تدلل في الآية ما ورد عن الفقهاء بأأنها تدل على اعتبار العرف في التشريع‪،‬‬
‫سواء في بيان أأحكام النفقة أأو غيرها‪ ،‬حيث قال ابن العربيي‪ ":‬قد بينا أأنه ‪ -‬أأي النفاق‪ -‬ليس له‬
‫تقدير شرعا‪ ،‬وإانما أأحاله الله س بحانه وتعالى على العادة"‪.3‬‬
‫ثانيا‪ :‬حجية العرف يف السنة النبوية‬
‫‪ -1‬قوله ﷺ ‪ ":‬فما رأأى المسلمون حس نا‪ ،‬فهو عند الله حسن‪ ،‬وما رأأوا سيئا فهو عند‬
‫الله سيء "‪.4‬‬
‫ووجه الس تدلل في الحديث أأن المسلون اإذا تعارفوا على أأمر‪ ،‬ور أأوا حس نه فهو حسن‬
‫عند الله تعالى؛ ألن ا ألمة ل تجتمع على ضاللة‪ ،‬ودللة الحديث على حجية الإجماع‪ ،‬ل يمنع أأن‬
‫يدل كذلك على اعتبار العرف بخاصة اإذا رجع اإلى الإجماع العملي‪ ،‬فما رأآه أأهل الإجماع من‬
‫ا ألعراف حسن‪ ،‬فهو عند الله حسن‪.5‬‬
‫وقد تقدم قول فقهاء الحنفية أأن على المجتهد والفقيه أأن ينظر في أأعراف الناس ومعاملتهم‪،‬‬
‫فما كان صالحا تركهم عليه‪ ،‬وما كان فاسدا بين الناس وجه الفساد أأرشدهم اإلى الصحيح من أأحكام‬
‫الشريعة‪ ،‬وبذلك يتضح دللة الحديث السابق على اعتبار العرف في التشريع ما رجع منه اإلى‬
‫الإجماع وما لم يرجع اإليه‪.6‬‬

‫‪ 1‬الس يد صالح عوض‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.192‬‬


‫‪ 2‬سورة الطالق؛ الآية‪.09‬‬
‫‪ 3‬ابن العربيي‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ 4‬أأخرجه أأحمد بن حنبل؛ مس ند الإمام أأحمد‪ ،‬ت‪ :‬شعيب أأرانؤوط‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬حديث رقم ‪،1100‬ج‪/1‬ص‪48‬؛‬
‫الآمدي؛ س يف الدين أأبو الحسن علي بن محمد‪ ،‬الإحكام في أأصول الأحكام‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1801‬ه‪1241/‬م‪،‬ج‪/1‬ص‪.142‬‬
‫‪ 5‬ابن القيم الجوزية؛ أأبيي عبد الله بن أأبيي بكر بن أأيوب‪ ،‬الطرق الحكمية في الس ياسة الشرعية‪ ،‬ت‪:‬انيف بن أأحمد بن‬
‫الحمد‪ ،‬دار عالم الفوائد‪،‬ج‪/2‬ص‪.288-281‬‬
‫‪ 6‬الس يد صالح عوض ‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.141‬‬
‫‪214‬‬

‫‪ -2‬حديث هند بنت عتبة‪ ،‬عن عائشة رضي الله عنها ‪ ":‬أأن هند بنت عتبة‪ ،‬قالت‪ :‬اي‬
‫رسول الله اإن أأبيى سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي اإل ما أأخذت منه وهو ل‬
‫يعلم‪ ،‬فقال ﷺ ‪" :‬خذي ما يكفيك وولدك ابلمعروف"‪.1‬‬
‫ووجه الدللة في الحديث أأن النبيي ﷺ أأمرها بأأخذ ما يكفيها من غير تقدير‪ ،‬ألن تقدير‬
‫ذلك اإنما يرجع اإلى العرف‪ ،‬وفي الحديث تصريح بدللة اعتبار العرف في التشريع‪ ،‬فيما جاء من‬
‫ا ألحكام مطلقا لم يفصل‪.2‬‬
‫وهذا الحديث من أأقوى ا ألدلة على اعتبار العرف في التشريع‪ ،‬فكأأنه قال‪ :‬لقد وجب على‬
‫الزوج نفقة زوجته‪ ،‬وترك أأمر تقديرها اإلى ما يجرى به العرف بينهم بحسب ا ألحوال وا ألماكن‬
‫وا ألزمان‪ ،‬وقال النووي في هذا الحديث فوائد‪ ،‬وذكر منها‪ ":‬اعتماد العرف في ا ألمور التي ليس‬
‫فيها تحديد شرعي"‪.3‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حجية العرف يف اإلمجاع واملعقول‬
‫أوال‪ :‬يف اإلمجاع‬
‫لما علم الفقهاء بأأن الكتاب والس نة دل على اعتبار العرف لم يجدوا بدل من الإجماع على‬
‫اعتباره‪ ،‬فيما ليس فيه نص شرعي من ا ألحكام المطلقة‪ ،‬كما يحكم في الوقائع والتصرفات‪ ،‬وقد‬
‫تتباين وجهات نظر العلماء في طريقة الس تدلل على اعتبار العرف وإاثبات حجيته‪ ،‬مع إاقرارهم‬
‫بأأهمية تحكيمه‪ ،‬ووقوع ذلك في دائرة مجاله وحدود مداه‪ ،‬فالعلماء ‪-‬رحمهم الله‪ -‬مع اختالف‬
‫طرائقهم في الحتجاج ابلعرف والحتجاج له‪ ،‬متفقون في الجملة على حجيته واعتباره‪ ،4‬يقول المام‬
‫القرافي‪ -‬رحمه الله‪ ": -‬و أأما العرف فمشترك بين المذاهب‪ ،‬ومن اس تقر أأها وجدهم يصرحون بذلك‬
‫فيها"‪.5‬‬

‫‪ 1‬أأخرجه البخاري؛ الحافظ أأبو عبد الله مجمد بن اإسماعيل‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬ت‪ :‬أأبو صهيب الكرمي‪ ،‬بيت ا ألفكار الدولية‪،‬‬
‫الرايض‪،‬ط‪1812‬ه‪1224/‬م‪،‬كتاب النفقات‪ ،‬ابب‪ :‬اإذا لم ينفق الرجل‪ ،‬حديث رقم ‪،1118‬ص‪.1012‬‬
‫‪ 2‬أأحمد رشاد عبد الهادي أأبو حسين‪ ،‬أأثر العرف في الأحوال الشخصية‪ ،‬دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬رسالة ماجس تير‪ ،‬جامعة‬
‫الخليل‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬القضاء الشرعي‪1811 ،‬ه‪2011/‬م‪ ،‬ص‪.194‬‬
‫‪ 3‬النووي؛ الحافظ أأبو زكراي يحي بن شرف‪ ،‬صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،‬المطبعة المصرية اب ألزهر‪،‬ط‪،1‬‬
‫‪1182‬ه‪1221/‬م‪،‬كتاب ا ألقضية‪ ،‬ابب قضية هند‪،‬ج‪/12‬ص‪.4‬‬
‫‪ 4‬عادل بن عبد القادر‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.122‬‬
‫‪ 5‬ابن فرحون‪ ،‬تبصرة الحكام‪،‬ج‪.91/2‬‬
‫‪215‬‬

‫ثانيا ‪ :‬يف املعقول‬


‫أأما في المعقول فالضرورة قاضية بلزوم اعتبار العوائد ومراعاتها وبناء ا ألحكام عليها‪ ،‬ولذلك‬
‫قال الشاطبيي‪ ":‬العوائد الجارية ضرورة العتبار شرعا؛ سواء كانت شرعية في أأصلها‪ ،‬أأو غير‬
‫شرعية"‪.1‬‬
‫املبحث الثاني ‪ :‬أثر العرف يف أحكام املسائل املالية الزوجية‬
‫ل يكاد يخلو ابب من أأبواب الفقه السالمي من اعتبار العرف في مختلف ا ألحكام التي‬
‫تتغير بتغير ا ألزمنة وا ألمكنة ‪،‬وقد ذكر القرافي ذلك في مسأألة مفادها هل تبطل الفتاوى التي هي‬
‫في الكتب‪ ،‬ويفتى بما تقتضيه العوائد المتجددة‪ ،‬فكان الجواب‪ " :‬أأن هذه ا ألحكام التي مدركها‬
‫العوائد متى تغيرت تلك العوائد خالف الإجماع وجهالة في الدين بل كل ما هو في الشريعة يتبع‬
‫العوائد بتغير الحكم فيه عند تغير العادة المتجددة‪، 2"...‬ا ألمر الذي ساقنا لبحث أأثر العرف في‬
‫أأحكام الزواج والطالق‪ ،‬ولس يما في المسائل المالية التي غالبا ما تتأأثر بأأعراف الناس و أأحوالهم‬
‫في مختلف ا ألماكن وا ألزمنة‪ ،‬كالصداق والنفقة ومتاع بيت الزوجية‪ ،‬ومدى مراعاة القوانين العربية‬
‫وفي مقدمتهم قانون ا ألسرة الجزائري لمس تجدات ا ألعراف في اإثبات الحقوق المالية‪ ،‬و أأثرها على‬
‫ا ألحكام القضائية‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬أثر العرف يف أككيد الصداق بثثبات الخلوة الصحيحة‬
‫يعتبر الصداق من أأبرز الحقوق المالية التي أأوجبها الشارع الحكيم للزوجة‪ ،‬والتي يبذلها‬
‫الزوج بموجب عقد الزواج‪ ،‬ولكن ل تس تحق هذا الحق المالي اإل ابلدخول أأو بوفاة الزوج‪ ،‬حيث‬
‫تعد هذه ا ألس باب من مؤكدات الصداق التي أأقرتها أأحكام الشريعة الإسالمية‪ ،‬وتضمنتها القوانين‬
‫الوضعية‪ ،‬ولكن هناك سبب أآخر قد أأثبت للزوجة هذا الحق‪ ،‬وهو الخلوة الصحيحة التي كان‬
‫للعرف أأثر في اإثباتها‪.‬‬

‫‪ 1‬الشاطبيي؛ أأبو اإسحاق اإبراهيم بن موسى‪ ،‬الموافقات في أأصول الشريعة الإسالمية‪ ،‬دار ابن عفان‪ ،‬ج‪.844/2‬‬
‫‪2‬الطرابلسي‪ ،‬معين الحكام‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪216‬‬

‫الفرع األول‪ :‬املرجعية الفقهية للعرف‬


‫أأاثر جمهور الفقهاء‪– 1‬رحمهم الله‪ -‬مسأألة الخلوة الصحيحة كقرينة عرفية تأأخذ حكم الدخول‬
‫في اس تحقاق كامل الصداق‪ ،‬فاإذا خلى الرجل ابمر أأته بعد العقد عليها‪ ،‬و أأرخى الستر ثم طلق يحكم‬
‫عليه ابلصداق كامال‪ ،‬وإان كان منكرا للوطء‪ ،‬ألن الخلوة ابمر أأته أأول مرة يشهد العرف والعادة‪ ،‬أأن‬
‫الرجل ل يفارق المر أأة حتى يصل اإليها‪ ،‬بينما خالف الشافعية‪ 2‬في قول جديد ذلك‪ ،‬فالخلوة الصحيحة‬
‫بين الزوجين ل تقوم مقام الدخول‪ ،‬فال يس تقر ول يتأأكد بها المهر‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬املرجعية القانونية للعرف‬
‫أأخذت معظم التشريعات العربية ابلخلوة الصحيحة كقرينة على الدخول تأأخذ حكمه في‬
‫وجوب الصداق كامال‪ ،‬لما يشهد له العرف والعادة‪ ،‬ومن بينها القانون الكويتي حيث نصت المادة‬
‫‪ 11‬من قانون ا ألحوال الشخصية الكويتي لس نة ‪2009‬م‪ ،3‬أأنه‪ ":‬يتأأكد المهر كله ابلدخول الحقيقي‬
‫أأو ابلخلوة الصحيحة أأو بموت أأحد الزوجين"‪ ،‬كما أأخذ القانون القطري بذلك وهو ما تضمنته‬
‫المادة ‪ 12‬من قانون ا ألسرة القطري‪ ،4‬والتي جاء فيها ‪" :‬ويجب المهر ابلعقد الصحيح ويتأأكد كله‬
‫ابلدخول أأو الخلوة الصحيحة أأو الوفاة"‬
‫هذا وقد احتكم القانون ا ألردني على العرف والعادة في تأأكيد الصداق كامال‪ ،‬بناء على‬
‫قرينة الخلوة الصحيحة حتى بعد الطالق‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 81‬من قانون ا ألحوال الشخصية‬
‫ا ألردني‪ 5‬على أأنه ‪ ":‬اإذا سمي مهر في العقد الصحيح لزم أأداؤه كامال بوفاة أأحد الزوجين ولو قبل‬
‫الدخول أأو الخلوة وابلطالق بعد الخلوة الصحيحة"‪ ،‬في المقابل لم يتعرض المشرع الجزائري لمسأألة‬
‫الخلوة الصحيحة ابعتبارها قرينة على الدخول‪ ،‬تقوم على اعتبار العرف والعادة‪ ،‬اإل أأن القضاء‬
‫الجزائري قد استند على أأثر العرف‪ ،‬واعتبر الخلوة الصحيحة من مؤكدات الصداق كامال‪ ،‬حيث‬
‫جاء في قرار المحكمة العليا ‪":‬من المقرر شرعا وقانوان أأنه اإذا أأبرم عقد زواج صحيح وتأأكدت الخلوة‬

‫‪1‬الكاساني ‪ ،‬عالء الدين أأبيي بكر مسعود ‪،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ‪،‬دار الكتب العلمية ‪،‬بيروت ‪،‬ط‪1801، 2‬ه‪1241/‬م‬
‫‪،‬ج‪/2‬ص ‪، 221‬ابن فرحون ‪،‬تبصرة الحكام ‪،‬المرجع السابق ‪،‬ج‪/1‬ص ‪، 211‬ابن قدامة ؛موفق الدين أأبو محمد عبد الله بن‬
‫محمد ‪،‬المغني ‪،‬دار عالم الكتب ‪،‬الرايض ‪،‬ط‪1819، 1‬ه‪1229/‬م ‪،‬ج‪/ 10‬ص ‪.111‬‬
‫‪ 2‬الشيرازي ‪ ،‬أأبو اسحاق ‪،‬المهذب في فقه المام الشافعي ‪ ،‬ت‪ :‬محمد الزحيلي ‪،‬دار القلم ‪،‬دمشق ‪،‬ط‪1819، 1‬ه‪1229/‬م‬
‫‪،‬ج‪/2‬ص‪.811‬‬
‫‪3‬قانون ا ألحوال الشخصية الكويتي رقم ‪ 11‬س نة ‪2009‬م ‪.‬‬
‫‪ 4‬قانون ا ألسرة القطري رقم ‪ 22‬س نة ‪2001‬م‪.‬‬
‫‪ 5‬قانون ا ألحوال الشخصية ا ألردني رقم ‪ 11‬س نة‪2012‬م‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2010/10/19‬ج ر ‪. 1149‬‬
‫‪217‬‬

‫بين الزوجين أأصبح للزوجة الحق في جميع توابع العصمة وكامل الصداق حتى ولو لم يقع احتفال‬
‫ابلدخول"‪.1‬‬
‫وعلى الرغم من اعتراف القضاء الجزائري ابلعرف وتأأكيد كامل الصداق بناء على الخلوة‬
‫الصحيحة في زمن كان يعي الناس فعال المعنى الحقيقي للخلوة الصحيحة‪ ،‬حيث يقل خروج المر أأة‬
‫أأو يتم ذلك بوجود محرم لها‪ ،‬أأما في الوقت الراهن فاإن مسأألة الخلوة الصحيحة أأصبحت من‬
‫المسائل التي قلما تثار‪ ،2‬فقد أأصبحت الزوجة تخرج من أأجل الدراسة أأو العمل‪ ،‬و أأن حصول‬
‫الخلوة الصحيحة قد أأصبح من ا ألمور اليسيرة ومن المحتمالت في هذا العصر‪ ،‬ا ألمر الذي يؤثر‬
‫في اعتبار القضاء الجزائري لقرينة الخلوة الصحيحة في ظل ما تعارف عليه المجتمع الجزائري في‬
‫الآونة ا ألخيرة لإثبات تأأكيد كامل الصداق‪ ،‬وبهذا يكون للعرف أأثر في تغيير الحكم ابلصداق كامال‬
‫اإذا ادعت الزوجة حصول الخلوة الصحيحة ‪،‬وتأأكيد هذه القرينة العرفية بأأداء اليمين لإثبات هذا‬
‫الحق ‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬أثر العرف يف إثبات حق النفقة‬
‫تختلف النفقة ابختالف أأس بابها فالزوجية سبب نفقة الزوجة‪ ،‬والقرابة سبب نفقة ا ألصول‬
‫والفروع‪ ،‬وتعتبر من أأهم المسائل التي روعي فيها عادات الناس و أأعرافهم على اختالف أأمكنتهم‬
‫و أأزمنتهم‪ ،‬سواء تعلق ا ألمر ابلإطعام أأو الإسكان أأو الكسوة أأو العالج‪ ،‬ولكن من خالل دراستنا‬
‫هذه سوف نقصر البحث على مسأألتين مهمتين كان للعرف أأثر في اإاثرتهما وهما‪ :‬نفقة اإخدام الزوجة‪،‬‬
‫ونفقة الدراسة الخاصة للمحضون ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أثر العرف يف إثبات حق نفقة اإلخدام‬
‫أوال‪ :‬املرجعية الفقهية للعرف‬
‫أأجمع الفقهاء‪– 3‬رحمهم الله‪ -‬على أأن من أأس باب الإنفاق الزوجية‪ ،‬فنفقة الزوجة واجبة‬
‫على زوجها بحكم رابط الزوجية الصحيحة‪ ،‬واتفقوا على أأنها حق من حقوقها الشرعية على زوجها‪،‬‬
‫وتشمل الطعام والكسوة والسكنى ابلمعروف‪ ،‬وهي التي جرى العرف والعادة على كفايتها ابعتبارها‬
‫‪ 1‬قرار رقم ‪ ،98191‬غ‪ .‬أأ‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬بتاريخ ‪1221/01/14‬م‪ ،‬المجلة القضائية‪1221 ،‬م‪ ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.11‬‬
‫‪ 2‬أأنظر‪ :‬نبيل صقر‪ ،‬قانون الأسرة نصا وفقها وتطبيقا‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪2001 ،‬م‪ ،‬ص‪.84‬‬
‫‪3‬السرخسي؛ شمس الدين‪ ،‬المبسوط‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج‪/1‬ص‪14‬؛ الدردير؛ أأبو البركات أأحمد بن محمد بن أأحمد‪،‬‬
‫الشرح الصغير على أأقرب المسالك اإلى مذهب المام مالك‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ج‪/2‬ص‪911-918‬؛ الشيرازي ‪،‬المهذب ‪،‬‬
‫ج‪/8‬ص‪111‬؛ ابن قدامة ‪،‬المغني‪ ،‬ج‪/11‬ص‪.111‬‬
‫‪218‬‬

‫من ا ألمور التي لم تقدر في الشرع‪ ،‬لخالف العادات وا ألعراف بين الناس في اإنفاقهم‪ ،‬ولكنهم‬
‫اختلفوا في مسأألة وجوب نفقة الخادم للزوجة‪ ،‬ابعتبارها من المسائل التي تحتكم للعرف‪ ،‬فذهب‬
‫الحنفية والمالكية‪ ،1‬اإلى أأنه اإذا كانت الزوجة من أأهل الإخدام أأي؛ ممن تخدم وجب لها على زوجها‬
‫ذلك‪ ،‬اإن كان موسرا أأو من ا ألشراف الذين ل تخدم عندهم المر أأة نفسها‪ ،‬أأما اإن كان معسرا فال‬
‫يلزمه نفقة خادم حتى ولو كانت من أأهل الإخدام قبل الزواج‪ ،‬وذهب الشافعية والحنابلة ‪2‬اإلى أأنه‬
‫اإذا كانت الزوجة من أأهل الإخدام وجب على زوجها نفقة الخدمة‪ ،‬ألن العشرة ابلمعروف تقتضي‬
‫ذلك‪.‬‬
‫أأما الظاهرية فلم يوجبوا على الزوج نفقة الخادم البتة‪ ،‬وفي ذلك يقول ابن حزم ‪ ":‬وليس‬
‫على الزوج أأن ينفق على خادم لزوجته ولو أأنه ابن الخليفة وهي بنت الخليفة ‪...‬ولم يأأت نص قط‬
‫ابإيجاب نفقة خادمها عليه‪ ،‬فهو ظلم وجور"‪.3‬‬
‫ويتبن من أآراء الفقهاء –رحمهم الله‪ -‬أأن الجمهور حدد وجوب نفقة اإخدام الزوجة التي‬
‫تخدم مثيالتها بناء على ا ألعراف التي تعيش فيها الزوجة اإذا كانت من أأهل الإخدام‪ ،‬وحال الزوج‬
‫اإذا موسرا بحسب المعروف في ذلك الزمان والمكان‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬املرجعية القانونية للعرف‬
‫تعرض المشرع الجزائري لمسأألة نفقة الزوجة في الفصل الثالث من كتابه ا ألول من قانون‬
‫ا ألسرة الجزائري‪ ،4‬حيث نص على وجوب نفقة الزوجة على زوجها بموجب المادة ‪ 98‬منه‪ ،‬أأما‬
‫مش تمالت هذه النفقة فتضمنته المادة ‪ 94‬منه والتي جاء نصها كالآتي‪ ":‬تش تمل النفقة‪ :‬الغذاء‬
‫والكسوة والعالج والسكن أأو أأجرته‪ ،‬وما يعتبر من الضرورايت في العرف والعادة"‪ ،‬هذا النص‬
‫القانوني يالحظ أأنه لم يتطرق صراحة لنفقة اإخدام الزوجة‪ ،‬اتركا المجال للقاضي تقديرها بحسب‬
‫ما هو متعارف عليه في بلد الزوجة‪ ،‬ضمن ما يعتبر من الضرورايت في العرف والعادة‪ ،‬ولس يما‬

‫‪ 1‬الكاساني ‪،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ ،‬ج‪/8‬ص‪28‬؛ الخرشي ؛ أأبو عبد الله محمد ‪،‬الخرشي على مختصر خليل ‪،‬‬
‫المطبعة الكبرى ا ألميرية‪ ،‬مصر المحمية‪ ،‬ط‪1119 2‬ه‪ ،‬ج‪/8‬ص‪.141‬‬
‫‪ 2‬الشربيني ؛شمس الدين محمد بن الخطيب ‪،‬مغني المحتاج اإلى معرفة أألفاظ المنهاج‪،‬دار المعرفة ‪،‬بيروت ‪،‬ط‪1‬‬
‫‪1819،‬ه‪1229/‬م ‪ ،‬ج‪/1‬ص‪119‬؛ ابن قدامة ‪،‬المغني‪ ،‬ج‪/11‬ص‪.111‬‬
‫‪ 3‬ابن حزم؛ أأبو محمد علي بن أأحمد بن سعيد ‪ ،‬المحلى ‪ ،‬دار الآفاق الجديدة‪ ،‬بيروت‪،‬ج‪/10‬ص‪.20‬‬
‫‪ 4‬قانون ا ألسرة الجزائري‪ ،‬رقم ‪ ،11/48‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬يونيو ‪1248‬م‪ ،‬المعدل والمتمم اب ألمر ‪ 02/01‬المؤرخ في ‪29‬‬
‫فبراير ‪2001‬م‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد‪.11‬‬
‫‪219‬‬

‫أأن القضاء الجزائري يأأخذ بعين العتبار ذلك‪ ،‬حيث جاء في قرار المحكمة العليا‪ ":‬يعتمد في تقدير‬
‫النفقة المس تحقة للزوجة على حال الزوجين يسارا أأو عسرا‪ ،‬ثم حال مس توى المعيشة‪....‬وتخفيض‬
‫النفقة المحكوم بها للزوجة دون البحث دخل الزوج وحالة معيشة الزوجة‪ ،‬ودون حساب مس توى‬
‫المعيشة السائدة في المكان الذي يعيش فيه الزوجان مخالفة للقواعد الشرعية"‪.1‬‬
‫وبناء عليه هل يمكن الزوجة مطالبة الزوج بنفقة خادم‪ ،‬اإذا كانت ممن تخدم وكان الزوج‬
‫ميسور الحال؟ وهل يمكن للقاضي اإجابة طلبها الذي ل يخالف القواعد الشرعية المنظمة لهذه‬
‫المسأألة؟‪ ،‬خاصة و أأن هناك العديد من التشريعات العربية التي فصلت صراحة في مسأألة وجوب‬
‫نفقة الإخدام‪ ،‬ومن بينها المشرع ا ألردني الذي تعرض لها في الفقرة"ب" من المادة ‪ 14‬من قانون‬
‫ا ألحوال الشخصية لس نة ‪2012‬م‪ ،‬والتي جاء فيه‪ " :‬ب‪ -‬نفقة الزوجة تشمل الطعام والكسوة‬
‫والسكنى والتطبيب ابلقدر المعروف خدمة الزوجة التي يكون ألمثالها خدم‪ ،"....‬كما سار على‬
‫نهجه المشرع الكويتي‪ ،‬حيث تطرق قانون ا ألحوال الشخصية الكويتي في المادة ‪ 14‬منه على أأنه‪":‬‬
‫تشمل النفقة الطعام ‪،‬والكسوة ‪،‬والسكن‪ ،‬وما يتبع ذلك من تطبيب وخدمة وغيرها حسب العرف"‪.‬‬
‫وعلى غرار المشرع الجزائري لم يتعرض المشرع القطري لهذه المسأألة صراحة‪ ،‬وإانما ترك‬
‫للقاضي تقديرها بحسب العرف‪ ،‬وهو ما تضمنته المادة ‪ 11‬من قانون ا ألسرة القطري لس نة‬
‫‪2001‬م‪ ":‬تشمل النفقة الطعام والكسوة والمسكن والتطبيب وكل مابه مقومات حياة النسان‬
‫حسب العرف"‪.‬‬
‫والحقيقة أأنه على التشريع الجزائري اإعادة النظر في هذه المسأألة‪ ،‬التي أأصبحت في الوقت‬
‫الراهن يس تلزم بحثها لتغير عادات و أأعراف المجتمع الجزائري‪ ،‬ول س يما ا ألسر الجزائرية ذات‬
‫المس توى المعيشي العالي‪ ،2‬فما يعتبر من الضرورايت في العرف والعادة في س نة ‪1248‬م‪ ،‬ل يعتبر‬
‫كذلك في س نة ‪2022‬م‪ ،‬ا ألمر الذي يوجب تعديل النصوص القانونية المنظمة لمادة نفقة الزوجة‬
‫وفق التغيرات التي تشهدها أأعراف و عادات البلد‪.‬‬

‫‪ 1‬قرار رقم ‪ ،88110‬غ‪ .‬أأ‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬بتاريخ ‪1249/02/02‬م‪ ،‬مجلة المحكمة العليا‪1220،‬م‪ ،‬العدد‪ ،1‬ص‪. 11‬‬
‫‪ 2‬أأنظر‪ :‬فركوس دليلة؛ جمال عياشي‪ ،‬محاضرات في قانون الأسرة‪ -‬انعقاد الزواج‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪1819 ،‬ه‪2011/‬م‪،‬‬
‫ص‪.211-210‬‬
‫‪220‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أثر العرف يف إثبات نفقة الدراسة الخاصة للمحضون‬
‫أوال‪ :‬املرجعية الفقهية للعرف‬
‫اتفق الفقهاء‪– 1‬رحمهم الله‪ -‬على أأن نفقة الولد الصغير( المحضون) واجبة على أأبيه‪ ،‬مادام‬
‫أأن المحضون صغير ومحتاج‪ ،‬وقد اس تدلوا بذلك على العديد من ا ألدلة الشرعية ومن بينها ا ألدلة‬
‫المتظافرة لمشروعية العرف و أأثره في ا ألحكام التي س بق تبيانها‪ ،2‬وقد نقل ابن قدامة اإجماع أأهل‬
‫العلم على ذلك‪ ،‬حيث قال في المغني‪ ":‬أأجمع كل من نحفظ عنه من أأهل العلم على أأن المرء نفقة‬
‫أأولده ا ألطفال الذين ل مال لهم"‪.3‬‬
‫هذا وابس تقراء ا ألدلة الشرعية السالف ذكرها في هذا البحث‪ ،‬يتضح أأنها قد بينت المعايير‬
‫الشرعية المعتبرة في نفقة المحضون‪ ،‬أأي بحسب عسر ويسر المنفق‪ ،‬و أأن تكون شاملة وكافية‪،‬‬
‫و أأن تكون ابلمعروف‪ ،‬أأي حس بما تعارف عليه الناس‪ ،‬اإذ العرف يختلف ابختالف ا ألشخاص‬
‫والبلدان‪ ،4‬ومن خالل هذه المعايير الشرعية يتضح أأن الفقهاء قد أأرجعوا مسأألة تحديد نفقة‬
‫المحضون حسب عرف أأهل البلد‪ ،‬ورغم أأنهم لم يتعرضوا لمسأألة نفقة التدريس الخاص للمحضون‪،‬‬
‫ابعتبارها نفقة لم تكن معروفة في زمنهم‪ ،‬اإل أأنهم أأقروا أأن تكون نفقته بحسب ما تعارفوا عليهم‪.‬‬
‫‪ -2‬املرجعية القانونية للعرف‬
‫أأحالت معظم التشريعات العربية مسأألة تحديد نفقة المحضون المس تحقة اإلى العرف‬
‫والعادة‪ ،‬ومن بينها قانون ا ألسرة الجزائري‪ ،‬حيث نصت المادة‪ 94‬منه على أأنه‪" :‬تشمل النفقة الغذاء‬
‫والكسوة والعالج والسكن أأو أأجرته‪ ،‬وما يعتبر من الضرورايت في العرف والعادة"‪.‬‬
‫وفي ذات الس ياق اتجه قانون ا ألسرة القطري اإلى تخصيص نص قانوني يحدد مش تمالت‬
‫نفقة المحضون فقط‪ ،‬وهو ما يستشف من الفقرة الثانية للمادة ‪91‬منه‪ ،‬حيث جاء فيها ‪ ":‬وتشمل‬
‫نفقة المحضون الطعام والكسوة والسكنى والتطبيب والدراسة والسفر للضرورة‪ ،‬وكل ما يعتبر من‬
‫الضرورايت في العرف"‪ ،‬وهو ما يجسد التمييز بين مش تمالت النفقتين‪ ،‬النفقة الزوجية ونفقة‬
‫المحضون‪ ،‬والتي أأدرجها المشرع الجزائري في مادة واحدة السالفة الذكر‪.‬‬

‫‪ 1‬السرخسي‪ ،‬المبسوط‪ ،‬ج‪/1‬ص‪141‬؛ الدردير‪ ،‬الشرح الصغير ‪ ،‬ج‪/2‬ص‪911-918‬؛ الشيرازي ‪،‬المهذب ‪ ،‬ج‪/8‬ص‪121‬؛‬
‫ابن قدامة ‪،‬المغني‪ ،‬ج‪/11‬ص‪.191-192‬‬
‫‪ 2‬س بق ذكر الأدلة الشرعية‪ ،‬ص ‪.1 -1‬‬
‫‪ 3‬ابن قدامة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ج‪/11‬ص‪.191‬‬
‫‪ 4‬نوال بنت عبد العزيز العيد‪ ،‬حقوق المحضون بحث مقدم لندوة أأثر متغيرات العصر في أأحكام الحضانة التي ينظمها المجمع‬
‫الفقهيي الإسالمي‪ ،‬كلية الشريعة والدراسات الإسالمية‪ ،‬جامعة أأم القرى‪1811 ،‬ه‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪221‬‬

‫اإن المناط من تحديد مش تمالت نفقة المحضون هو مدى تأأثرها بمتغيرات العصر الذي‬
‫يعيشه المجتمع الجزائري في الآونة ا ألخيرة‪ ،‬حيث نشهد نقلة نوعية في المس توى المعيشي‪ ،‬ولس يما‬
‫ما تعلق ابلدراسة‪ ،‬حيث انتشرت ظاهرة تدريس ا ألطفال في المدارس الخاصة‪ ،‬و أأصبحت من‬
‫الظواهر السائدة في أأعراف ا ألسر الجزائرية‪ ،‬ومن هنا تتبادر لنا مسأألة مدى مطالبة المحضون‬
‫بنفقة التدريس في المدارس الخاصة‪ ،‬ابعتباره أأصبح من العرف والعادة‪ ،‬اإذا كان ا ألب ميسور‬
‫الحال؟ وما مدى اس تجابة القاضي لقرينة عرفية مس تجدة في مادة نفقة المحضون؟‪.‬‬
‫لم يثر المشرع الجزائري مسأألة دراسة المحضون ضمن مش تمالت النفقة في المادة السالفة‬
‫الذكر‪ ،‬وإانما أأقرها في نص المادة ‪ 91‬حيث جاء فيها ‪ ":‬تجب نفقة الولد على ا ألب ما لم يكن له‬
‫مال‪....‬وتس تمر في حالة ما اإذا كان الولد عاجزا لآفة عقلية أأو بدنية أأو مزاول للدراسة"‪ ،‬ا ألمر‬
‫الذي جسده قرار المحكمة العليا الذي جاء نصه الآتي ‪ ":‬يقصد ابلدراسة التي يس تحق عنها الولد‬
‫النفقة‪ ،‬الدراسة النظامية حسب التنظيم المعمول به في كل طور والمرتبط بسن المتمدرس وليس‬
‫التعليم والتكوين عن بعد"‪ ،1‬ا ألمر الذي يجعل من اإمكانية المطالبة ابلدراسة في المدارس الخاصة‪،‬‬
‫ليس من ا ألمور المستبعدة في ظل التطورات التي تشهدها عاداتنا و أأعرافنا من تغيير لمس توى‬
‫التعلم‪ ،‬والتي تعد من أأهم المسائل المنوطة بمصلحة المحضون‪.‬‬
‫والجدير ابلذكر في هذا الس ياق أأن المشرع ا ألردني قد أأاثر مسأألة تدريس المحضون في‬
‫المدارس الخاصة‪ ،‬حيث جاء في نص المادة ‪ 121‬الفقرة ( أأ) ‪ ":‬اإذا اختار الولي المكلف ابلإنفاق‬
‫على المحضون تعليمه في المدارس الخاصة عدا الس نة التمهيدية فال يملك الرجوع عن ذلك اإل اإذا‬
‫أأصبح غير قادر على نفقات التعليم الخاص أأو وجد مسوغ مشروع لذلك"‪ ،‬مجابهة منه لمتغيرات‬
‫العصر في نمط التدريس وا ألعراف السائدة في المجتمع ا ألردني‪ ،‬ولكنه جعلها مسأألة اختيارية‬
‫للمكلف ابلإنفاق‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬أثر العرف يف إثبات متاع بيت الزوجية‬
‫يعد متاع بيت الزوجية من الحقوق المالية المشتركة بين الزوجين‪ ،‬ومن أأكثر المسائل‬
‫التي تس تدعي الخالف بينهما سواء أأثناء قيام الزوجية أأو بعد الطالق‪ ،‬وحتى بعد وفاتهما أأو وفاة‬
‫أأحدهما‪ ،‬ذلك أأن اإثبات ملكيتهما له من أأصعب ا ألمور لتعذر اس تحضار الدليل بحكم رابط‬

‫‪ 1‬قرار رقم ‪ ،0229141‬غ‪ .‬أأ‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬بتاريخ ‪2011/09/11‬م‪ ،‬مجلة المحكمة العليا‪2011 ،‬م‪ ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.212‬‬
‫‪222‬‬

‫الزوجية الذي يحول دون حصول أأحدهما على بينة تثبت ملكيته‪ ،‬وقد كان للعرف أأثر في اإرساء‬
‫قواعد اإثبات ملكية هذا المتاع ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬املرجعية الفقهية للعرف‬
‫اإن المس تقرئ لكتب الفقهاء –رحمهم الله‪ -‬يتراءى له جليا أأن من أأكثر المسائل التي‬
‫اس تمال فيها الفقهاء لعتبار العرف في الإثبات‪ ،‬مسأألة متاع بيت الزوجية‪ ،‬فقد اعتمدوا على القرينة‬
‫العرفية عند اختالف الزوجين في ملكيته‪ ،‬اإذا لم يكن ألحدهما بينة‪ ،‬فذهب جمهور الفقهاء‪ 1‬اإلى‬
‫أأن متاع البيت لمن يصلح له للقرينة القائمة على العرف والعادة‪ ،‬فما يصلح للرجال يعطى للزوج‬
‫كالبندقية‪ ،‬وما يصلح للنساء يعطى للزوجة كالحلي‪ ،‬ولكنهم اختلفوا فيما يصلح لهما كالفراش والآنية‪،‬‬
‫فقال الحنفية والمالكية‪ 2‬يقضى به للزوج؛ ألن البيت بيته في العادة وهو تحت يده‪ ،‬وقال ابن القاسم‬
‫من المالكية‪ ،‬و أأحمد بن حنبل‪ ،‬وزفر من الحنفية أأن ما يصلح لهما يقسم بينهما بعد اليمين لشتراكهما‬
‫في اليد‪.‬‬
‫بينما قال الشافعية والظاهرية‪ ،3‬أأن متاع البيت يقسم بين الزوجين نصفين سواء أأكان مما‬
‫يصلح للرجال أأو مما يصلح للنساء أأو مما يصلح لهما معا‪ ،‬لظاهر اليد منهما‪ ،‬فقد تملك المر أأة متاع‬
‫الرجل‪ ،‬وقد يملك الرجل متاع المر أأة ابلتجارة أأو الإرث أأو الشراء أأو غيرهما‪ ،‬وبذلك يتبين مدى‬
‫اعتبار القرينة العرفية في اإثبات ملكية متاع البيت ألحد الزوجين لدى الفقهاء‪ ،‬سواء تعلق ا ألمر‬
‫بقرينة الصالحية أأو بقرينة اليد‪ ،‬ومنه اعتبار العرف في الإثبات في هذه ا ألحكام‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬املرجعية القانونية للعرف‬
‫اتجهت معظم القوانين العربية اإلى ترجيح القرائن العرفية في اإثبات ملكية متاع البيت عند‬
‫التنازع وانعدام البينة التي تثبت عكس ذلك‪ ،‬سواء ما تعلق بقرينة الصالحية فيما يصلح ألحد‬
‫الزوجين‪ ،‬أأو بقرينة وضع اليد بحسب العرف السائد‪ ،‬ومن بينها القانون القطري‪ ،‬حيث نصت‬
‫المادة ‪ 89‬من قانون ا ألسرة القطري على أأنه‪ ":‬اإذا اختلف الزوجان في متاع البيت الذي يصلح‬
‫ألحدهما دون الآخر‪....‬اإذا عجز عن اإقامة البينة‪ ،‬فيقضى للزوجة بيمينها بما يصلح للنساء‪ ،‬وللزوج‬
‫بيمينه بما يصلح للرجال"‪ ،‬أأما المتاع المشترك فقد نصت المادة ‪ 84‬منه على أأنه‪ ":‬اإذا اختلف‬
‫‪1‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع ‪ ،‬ج‪/2‬ص‪101‬؛ ابن فرحون‪ ،‬تبصرة الحكام‪،‬ج‪/2‬ص‪10‬؛ ابن قدامة ‪،‬المغني‪ ،‬ج‪/18‬ص‪.111‬‬
‫‪ 2‬الكاساني‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ج‪/2‬ص‪102‬؛ الخرشي‪ ،‬الخرشي على مختصر خليل‪ ،‬ج‪/8‬ص‪.101‬‬
‫‪ 3‬الشيرازي‪ ،‬المهذب في فقه المام الشافعي‪ ،‬ج‪/1‬ص‪112‬؛ ابن حزم‪ ،‬المحلى‪ ،‬ج‪/2‬ص‪.828-821‬‬
‫‪223‬‬

‫الزوجان أأو ورثتهما في متاع البيت الذي يصلح لهما‪ ،‬فيقضى ابلمتنازع فيه مناصفة بينهما بأأيمانهما"‪،‬‬
‫أأما القانون الكويتي فقد نصت المادة ‪ 91‬على أأنه‪ " :‬اإذا اختلف الزوجان في متاع البيت ول بينة‬
‫لهما‪ ،‬فالقول للزوجة مع يمينها فيما يعرف للنساء‪ ،‬وللرجل مع يمينه فيما عدا ذلك"‪ ،‬والمالحظ من‬
‫خالل هذا النص أأن ملكية المتاع المشترك تثبت للزوج دون الزوجة تأأكيدا لقرينة وضع اليد‪ ،1‬في‬
‫حين سار قانون ا ألسرة الجزائري على نهج القانون القطري حيث نصت المادة‪ 91‬على أأنه‪ ":‬اإذا‬
‫وقع النزاع بين الزوجين أأو ورثتهما في متاع البيت وليس ألحدهما بينة فالقول قول الزوجة أأو ورثتها‬
‫مع اليمين في المعتاد للنساء‪ ،‬والقول للزوج أأو ورثته مع اليمين في المعتاد للرجال‪.‬‬
‫والمشتركات بينهما يقتسمانهما مع اليمين"‪ .‬وعلى ضوء هذه المادة يتضح أأنها تدخلت‬
‫لحسم النزاع‪ ،‬ولكن العبرة بنوع المتاع وطبيعته‪.2‬‬
‫أأما القضاء الجزائري فقد تباينت مواقفه‪ ،‬فقد جاء في قرار له‪ ":‬أأنه من المس تقر قضاء‬
‫وشرعا أأن أأاثث البيت لالس تعمال الثنائي بين الزوجين مثل الفراش والغطاء وغرفة النوم وما شابه‬
‫ذلك من أأرائك وزرابيي و أأواني الطبخ هو مبدئيا يعتبر ملكا للزوج ما لم تثبت الزوجة ابلبينة أأن‬
‫ذلك ملك لها اشترته أأو هو من جملة صداقها فاإن لم يكن هذا‪ ،‬فالزوج أأحق به مع يمينه"‪.3‬‬
‫في حين جاء في قرار أآخر‪ ":‬يتقاسم الزوجان في حالة النزاع‪ ،‬ا ألاثث المشترك بينهما مع‬
‫توجيه اليمين"‪ ،4‬ا ألمر الذي يثير مدى تأأثر أأحكام القضاء بتغير ا ألعراف السائدة في مختلف‬
‫ا ألزمنة‪ ،‬ففي زمن القرار ا ألول حكم القضاء بملكية المتاع المشترك للزوج ألنه أأحق به في نظر‬
‫العرف‪ ،‬رغم مخالفته للقاعدة القانونية المقررة في المادة ‪ 91‬من قانون ا ألسرة‪ ،‬وفي قراره الثاني حكم‬
‫بملكية المتاع المشترك مناصفة بين الزوجين مع اليمين وفق ما هو مقرر شرعا وقانوان‪ ،‬أآخذا بعين‬
‫العتبار عرف الزمن الذي صدر فيه الحكم‪ ،‬واحتمالية امتالك الزوجة لهذا النوع من المتاع‪.‬‬

‫‪ 1‬أأحمد الصويعي شليبك‪ ،‬العرف و أأثره في الأحوال الشخصية في الفقه الإسالمي والقانون الكويتي‪ ،‬مجلة كلية القانون الكويتية‬
‫العالمية‪ ،‬جمادى ا ألولى ‪1882‬ه‪ /‬ديسمبر ‪2020‬م‪ ،‬العدد‪ ،8‬ص‪.211‬‬
‫‪ 2‬عبد الفتاح تقية‪ ،‬قانون الأسرة‪ -‬مدعما بأأحدث الجتهادات القضائية والتشريعية‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1811‬ه‪2012/‬م‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ 3‬قرار رقم ‪ ،122212‬غ‪ .‬أأ‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬بتاريخ ‪1242/01/11‬م‪ ،‬المجلة القضائية‪1221 ،‬م‪ ،‬العدد‪ ،1‬ص‪. 11‬‬
‫‪4‬قرار رقم ‪ ،299811‬غ‪ .‬أأ‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬بتاريخ ‪2002/02/11‬م‪ ،‬مجلة المحكمة العليا‪2008 ،‬م‪ ،‬العدد‪ ،1‬ص‪. 112‬‬
‫‪224‬‬

‫اإن مسأألة ملكية متاع البيت قد أأصبحت في الوقت الراهن أأكثر من غيرها من المسائل‪،‬‬
‫التي قد تثار على المس توى القضائي خاصة بعد أأن أأصبحت الزوجة تساهم وبشكل كبير في بناء‬
‫بيت الزوجية ليس فقط متاعه‪ ،‬الذي قد يصلح للزوج أأو لهما معا‪ ،‬مما يوجب على القاضي مراعاة‬
‫مكتس بات الزوجة المالية كقرينة عرفية مس تجدة‪ ،‬وكمرجحات أأولية في اإثبات ملكية المتاع البيت‬
‫الذي يتعذر على الزوجين اإثباتها؛ ألن رابط الزوجية المقدس يحول دون توثيق هذه الحقوق‪.‬‬
‫خامتة املداخلة‪:‬‬
‫اإن أأهمية بحث العرف كمصدر لقواعد الإثبات في المسائل المالية الزوجية‪ ،‬يقتضي بيان‬
‫أأثر العرف في بناء ا ألحكام القضائية ومدى تغيرها من مكان لآخر ومن زمان لآخر‪ ،‬وفق ما تقرر‬
‫في القاعدة الفقهية المشهورة "ل ينكر تغير ا ألحكام بتغير ا ألزمان" ذلك أأن التشريع العادل هو‬
‫الذي تالءم أأحكامه أأعراف من شرع لهم‪ ،‬ويراعي في أأحكام قضاءه ما اس تجد من أأعراف وعادات‬
‫بما يرفع الحرج ويحقق الحقوق‪ ،‬وما يمكن اس تخالصه في هذه الورقة البحثية من نتائج هي‪:‬‬
‫‪ -1‬أأن العرف مصدرا مهما من مصادر الفقه الإسالمي في المسائل التي لم تتناولها النصوص‬
‫الشرعية أأو توضحها أأو تفصل فيها فضال على النصوص التي هي في ا ألساس مبنية على العرف‪،‬‬
‫وهو الحال ذاته في القانون الوضعي‪.‬‬
‫‪ -2‬لم يميز الفقه الإسالمي بين العرف والعادة‪ ،‬ول س يما في ا ألحكام الشرعية المبنية‬
‫على اعتبارهما‪ ،‬في حين ميز القانون الوضعي بين العرف والعادة من حيث الإلزام‪ ،‬ومسأألة اإاثرته‬
‫من تلقاء القاضي ومدى رقابة المحكمة العليا على تطبيقه‪.‬‬
‫‪ -1‬تحتكم العديد من أأحكام ا ألسرة للعرف خاصة في المسائل الجتهادية‪ ،‬كتحديد مقدار‬
‫النفقة والصداق‪ ،‬وما يصلح للزوجين من متاع بيت الزوجية عندما يتعذر دليل اإثبات الملكية‪.‬‬
‫‪ -8‬اعتبرت معظم قوانين ا ألحوال الشخصية وا ألسرة العرف مصدرا مهما لقاعدة الإثبات‪،‬‬
‫يحنكم اإليها في المسائل المالية وغير المالية للزوجين كتحديد الصداق ونفقة الزوجة والمحضون‬
‫وفي متاع الزوجين‪ ،‬بخالف قانون ا ألسرة الجزائري الذي يعتبر العرف في مادة النفقة ومتاع بيت‬
‫الزوجية فقط‪.‬‬
‫أأما أأهم التوصيات التي تتقدم بها هذه الورقة البحثية فهيي‪:‬‬
‫‪225‬‬

‫‪ -1‬ضرورة تكوين قضاة متخصصين في القضاء ا ألسري‪ ،‬ذلك أأن المرجعية الشرعية‬
‫للنصوص القانونية المنظمة للمسائل ا ألسرية تس تدعي اإلمام القاضي بأأحكام الشريعة الإسالمية‬
‫والفقه الإسالمي‪.‬‬
‫‪ -2‬العمل على تنصيب مجلس ل ألسرة في دائرة اختصاص كل محكمة شؤون ا ألسرة‪،‬‬
‫يتكون من مساعدين قضائيين من منطقة المحكمة وحكمين من أأهل الزوجين‪ ،‬وذلك لتنوير القاضي‬
‫اب ألعراف والعادات السائدة في دائرة اختصاصه والتي عادة ما يكون القاضي يجهلها بسبب التعيين‬
‫الخارجي‪.‬‬
‫‪ -1‬ابلنظر لمحدودية نصوص قانون ا ألسرة الجزائري مقارنة بغيره من القوانين العربية‪،‬نوصي‬
‫بضرورة اإدراج نصوص قانونية تتماشى مع ا ألعراف السائدة وتواكب ا ألعراف المس تجدة‪ ،‬بغية‬
‫تعديل التشريع ا ألسري في المسائل التي كان للعرف أأثر في تغيير أأحكامها ول س يما في مادة‬
‫النفقة‪ ،‬ونقترح أأن يكون نصها كالآتي‪:‬‬
‫" ‪ -‬تجب النفقة للزوجة من مال زوجها ولو كانت موسرة‪.‬‬
‫‪ -‬تشمل النفقة‪ :‬الطعام والكسوة والسكنى والعالج‪ ،‬وإاخدام الزوجة التي يكون ألمثالها‬
‫خدم اإذا كان الزوج موسرا وابلقدر المعروف في العرف والعادة"‪.‬‬
‫"‪ -‬تشمل نفقة ا ألولد‪ :‬الطعام والكسوة والسكنى والعالج‪ ،‬ومصاريف الدراسة العامة أأو‬
‫الخاصة اإلى أأن يتحصل على شهادة جامعية‪ ،‬ويراعى في تقديرها حالة عسر أأو يسر ا ألب بحسب‬
‫العرف والعادة"‪.‬‬
‫"‪ -‬ل يمكن ل ألب الرجوع عن نفقات تعليم محضونيه في المدارس الخاصة اإذا كان قد‬
‫اختار ذلك قبل الطالق‪ ،‬اإل اإذا ثبت عجزه عن ذلك"‪.‬‬
‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫أأ‪ -‬المصادر ‪:‬‬
‫‪ -1‬القرأآن الكريم‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن العربيي؛ أأبو بكر محمد بن عبد الله‪ ،‬أأحكام القرأآن‪ ،‬ت‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1828 ،1‬ه‪2001/‬م‪.‬‬
‫‪226‬‬

‫‪ -1‬ابن كثير؛ أأبو الوفا اإسماعيل بن عمر‪ ،‬تفسير القرأآن العظيم‪ ،‬ت‪:‬سامي محمد بن‬
‫سالمة‪ ،‬دار طيبة‪،‬الرايض‪،‬ط‪2،1820‬ه‪1222/‬م‪.‬‬
‫‪ -8‬أأحمد بن حنبل؛ مس ند الإمام أأحمد‪ ،‬ت‪ :‬شعيب أأرانؤوط‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ -1‬الآمدي؛ س يف الدين أأبو الحسن علي بن محمد‪ ،‬الإحكام في أأصول ا ألحكام‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1801 ،1‬ه‪1241/‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬البخاري؛ الحافظ أأبو عبد الله مجمد بن اإسماعيل‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬ت‪ :‬أأبو صهيب‬
‫الكرمي‪ ،‬بيت ا ألفكار الدولية‪ ،‬الرايض‪،‬ط‪1812‬ه‪1224/‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬النووي؛ الحافظ أأبو زكراي يحي بن شرف‪ ،‬صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،‬المطبعة‬
‫المصرية اب ألزهر‪،‬ط‪1182 ،1‬ه‪1221/‬م‪.‬‬
‫ب‪ -‬كتب اللغة والمعاجم‪:‬‬
‫‪ -1‬ابن فارس؛ أأبو الحسن أأحمد بن زكراي‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬ت‪ :‬عبد السالم هارون‪،‬‬
‫دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن منظور؛ أأبو الفضل جمال الدين بن مكرم الإفريقي‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ -1‬الجرجاني؛ علي بن محمد الس يد الشريف‪ ،‬التعريفات‪ ،‬المطبع الخيرية‪ ،‬مصر المحمية‪،‬‬
‫ط‪1101 ،1‬ه‪.‬‬
‫‪ -8‬الفيومي؛ أأحمد بن محمد بن علي المقري‪ ،‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير‪،‬‬
‫مكتبة لبنان‪ ،‬لبنان‪1294 ،‬م‪.‬‬
‫ج‪ -‬كتب المذاهب الفقية‪:‬‬
‫‪ -1‬ابن القيم الجوزية؛ أأبيي عبد الله بن أأبيي بكر بن أأيوب‪ ،‬الطرق الحكمية في الس ياسة‬
‫الشرعية‪ ،‬ت‪:‬انيف بن أأحمد بن الحمد‪ ،‬دار عالم الفوائد‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن حزم؛ أأبو محمد علي بن أأحمد بن سعيد ‪ ،‬المحلى ‪ ،‬دار الآفاق الجديدة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -1‬ابن عابدين؛ محمد ا ألمين‪ ،‬مجموعة رسائل ابن عابدين‪ ،‬طبع المكتبة الهاشمية‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬س نة ‪1111‬ه‪.‬‬
‫‪227‬‬

‫‪ -8‬ابن فرحون‪ ،‬برهان الدين أأبو الوفا اإبراهيم‪ ،‬تبصرة الحكام في أأصول ا ألقضية ومناهج‬
‫ا ألحكام‪ ،‬ت‪:‬جمال المرعثلي‪ ،‬دار عالم الكتب ‪ ،‬الرايض‪ ،‬طبعة خاصة‪1821 ،‬ه‪2001/‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬ابن قدامة ؛موفق الدين أأبو محمد عبد الله بن محمد ‪،‬المغني ‪،‬دار عالم الكتب‬
‫‪،‬الرايض ‪،‬ط‪1819، 1‬ه‪1229/‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬ابن نجيم؛ زين الدين اإبراهيم بن محمد‪ ،‬ا ألش باه والنظائر‪( ،‬على مذهب أأبو حنيفة‬
‫النعمان)‪ ،‬ت‪ :‬زكراي عميرات‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1812 ،1‬ه‪1222/‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬الخرشي ؛ أأبو عبد الله محمد ‪،‬الخرشي على مختصر خليل ‪ ،‬المطبعة الكبرى ا ألميرية‪،‬‬
‫مصر المحمية‪ ،‬ط‪1119، 2‬ه‪.‬‬
‫‪ -4‬الدردير؛ أأبو البركات أأحمد بن محمد بن أأحمد‪ ،‬الشرح الصغير على أأقرب المسالك‬
‫اإلى مذهب المام مالك‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -2‬السرخسي؛ شمس الدين‪ ،‬المبسوط‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ - 10‬الشاطبيي؛ أأبو اإسحاق اإبراهيم بن موسى‪ ،‬الموافقات في أأصول الشريعة‬
‫الإسالمية‪ ،‬دار ابن عفان‪.‬‬
‫‪ -11‬الشربيني ؛شمس الدين محمد بن الخطيب ‪،‬مغني المحتاج اإلى معرفة أألفاظ المنهاج‬
‫‪،‬دار المعرفة ‪،‬بيروت ‪،‬ط‪1819، 1‬ه‪1229/‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬الشيرازي ؛ أأبو اسحاق ‪،‬المهذب في فقه المام الشافعي ‪،‬ت‪ :‬محمد الزحيلي ‪،‬دار‬
‫القلم ‪،‬دمشق ‪،‬ط‪1819، 1‬ه‪1229/‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬الطرابلسي؛ عالء الدين أأبيي الحسين علي بن خليل‪ ،‬معين الحكام فيما يتردد بين‬
‫الخصمين من ا ألحكام‪ ،‬المطبعة الميمنية‪ ،‬مصر‪1101،‬ه‪.‬‬
‫‪ -18‬الكاساني ؛عالء الدين أأبيي بكر مسعود ‪،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ‪،‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪،‬بيروت ‪،‬ط‪1801، 2‬ه‪1241/‬م‪.‬‬
‫د‪ -‬المراجع‪:‬‬
‫‪ -1‬أأحمد الصويعي شليبك‪ ،‬العرف و أأثره في ا ألحوال الشخصية في الفقه الإسالمي‬
‫والقانون الكويتي‪ ،‬مجلة كلية القانون الكويتية العالمية‪ ،‬جمادى ا ألولى ‪1882‬ه‪ /‬ديسمبر ‪2020‬م‪،‬‬
‫العدد‪.8‬‬
‫‪228‬‬

‫‪ -2‬أأحمد رشاد عبد الهادي أأبو حسين‪ ،‬أأثر العرف في ا ألحوال الشخصية‪ ،‬دراسة فقهية‬
‫مقارنة‪ ،‬رسالة ماجس تير‪ ،‬جامعة الخليل‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬القضاء الشرعي‪1811 ،‬ه‪2011/‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬اإسماعيل كوشي؛ لخضر بن قومان‪ ،‬مراعاة العرف والعادة و أأثرها في الفقه المالكي‪،‬‬
‫مجلة الواحات للبحوث والدراسات‪2020 ،‬م‪،‬المجلد‪ ،11‬العدد‪.2‬‬
‫‪ -8‬الس يد صالح عوض‪ ،‬أأثر العرف في التشريع الإسالمي‪ ،‬دار الكتاب الجامعي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -1‬عادل بن عبد القادر بن محمد ولي قوتة‪ ،‬العرف حجيته و أأثره في فقه المعامالت المالية‬
‫عند الحنابلة‪ ،‬المكتبة المكية‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪1814 ،1‬ه‪1229/‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬عبد الرزاق الس نهوري؛ أأحمد حشمت أأبو س تيت‪ ،‬أأصول القانون (المخل لدراسة‬
‫القانون)‪ ،‬مطبعة لجنة التأأليف‪ ،‬القاهرة‪1210 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬عبد الفتاح تقية؛ قانون ا ألسرة‪ -‬مدعما بأأحدث الجتهادات القضائية والتشريعية‪ ،‬دار‬
‫الكتاب الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1811 ،1‬ه‪2012/‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬علي حيدر‪ ،‬درر الحكام شرح مجلة ا ألحكام‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬الرايض‪ ،‬طبعة‬
‫خاصة‪1821،‬ه‪.‬‬
‫‪ -2‬فركوس دليلة؛ جمال عياشي‪ ،‬محاضرات في قانون ا ألسرة‪ -‬انعقاد الزواج‪ ،‬دار‬
‫الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪1819 ،‬ه‪2011/‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬مصطفى عبد الرحيم أأبو عجيلة‪ ،‬العرف و أأثره في التشريع الإسالمي‪،‬دار الكنب‬
‫الوطنية‪ ،‬بنغازي‪،‬ط‪1121 ،1‬ه‪1241/‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬نبيل صقر‪ ،‬قانون ا ألسرة نصا وفقها وتطبيقا‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬نوال بنت عبد العزيز العيد‪ ،‬حقوق المحضون بحث مقدم لندوة أأثر متغيرات العصر‬
‫في أأحكام الحضانة التي ينظمها المجمع الفقهيي الإسالمي‪ ،‬كلية الشريعة والدراسات الإسالمية‪،‬‬
‫جامعة أأم القرى‪1811 ،‬ه‪.‬‬
‫ه‪ -‬القوانين‪:‬‬
‫‪ -1‬قانون ا ألحوال الشخصية ا ألردني رقم ‪ 11‬س نة‪2012‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬قانون ا ألحوال الشخصية الكويتي رقم ‪ 11‬س نة ‪2009‬م ‪.‬‬
‫‪229‬‬

‫‪ -1‬قانون ا ألسرة الجزائري‪ ،‬رقم ‪ ،11/48‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬يونيو ‪1248‬م‪ ،‬المعدل‬


‫والمتمم اب ألمر ‪ 02/01‬المؤرخ في ‪ 29‬فبراير ‪2001‬م‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد‪.11‬‬
‫‪ -8‬قانون ا ألسرة القطري رقم ‪ 22‬س نة ‪2001‬م‪.‬‬
‫و‪ -‬المجالت‪:‬‬
‫‪ -‬المجلة القضائية‪1221 ،‬م‪ ،‬العدد‪ ،1‬مجلة المحكمة العليا‪1220،‬م‪ ،‬العدد‪ ،1‬مجلة‬
‫المحكمة العليا‪2011 ،‬م‪ ،‬العدد‪ ، ،2‬المجلة القضائية‪1221 ،‬م‪ ،‬العدد‪ ،،1‬مجلة المحكمة العليا‪،‬‬
‫‪2008‬م‪ ،‬العدد‪.1‬‬
‫‪230‬‬ ‫جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

‫امللتقى الوطين الرابع‪ ،‬مصادر قانون األسرة اجلزائري‪ 11 ،‬جويلية ‪2222‬‬

‫دور االجتهاد القضائي يف فهم نصوص قانون األسرة ويف تطبيقها‬


‫‪The role of jurisprudence in understanding and applying of family law texts‬‬

‫رتيبة عياش‬
‫خمرب قانون األسرة جامعة اجلزائر ‪1‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جامعة البليدة ‪2‬‬
‫‪Ayacheratiba@gmail.com‬‬

‫ملخص املداخلة‪:‬‬
‫ابلرغم من أن المجال الخصب لالجتهاد القضائي هو حالة غياب النص الذي يحكم الواقعة المعروضة‪،‬‬
‫اال أن القاضي يمكن أن يجتهد مع وجود النص القانوني لن بحث القاضي في نصوص قانون السرة عن القاعدة‬
‫التي يمكن تطبيقها على القضية المعروضة عليه ليس ابلمر الهين‪ ،‬لن النصوص القانونية ال تكون واضحة دائما‪،‬‬
‫كما ال يمكن أن تخلو من كل نقص‪ ،‬بل غالبا ما يجد القاضي نفسه مضطرا الى تفسير مضمون النص‬
‫الس تخالص الحكم الواجب تطبيقه على الواقعة‪ ،‬وحتى ولو كان النص واضحا وخاليا من العيوب ‪،‬فان القاضي‬
‫ال يطبق النص القانوني بشكل ألي‪ ،‬بل البد من دراسة الوقائع المتجددة المراد تطبيق النص عليها دراسة‬
‫علمية تحليلية وما يحيط بها من مالبسات‪.‬‬
‫واالشكال الذي يمكن طرحه بهذا الصدد يتمثل في الآتي‪:‬‬
‫ما مدى مساهمة االجتهاد القضائي في فهم نصوص قانون السرة وفي تطبيقها ؟‬
‫و لالجابة على هذا االشكال سيتم تقس يم هذه المداخلة الى مبحثين ‪ ،‬حيث يتضمن المبحث الول‬
‫دور االجتهاد القضائي في فهم نصوص قانون السرة‪ ،‬أما المبحث الثاني فيتطرق الى دور االجتهاد القضائي في‬
‫تطبيق نصوص قانون السرة‪.‬‬
‫ويمكن اجمال أهم النتائج المتوصل عليها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬لعب االجتهاد القضائي دورا فعاال في تفسير نصوص قانون السرة من حيث فهم النصوص المشوبة‬
‫بعيب الغموض‪ ،‬والنقص ‪ ،‬والتناقض في نفس النص القانوني‪.‬‬
‫‪ -‬لعب االجتهاد القضائي دورا فعاال في تفسير نصوص قانون السرة من حيث تطبيقها حسب‬
‫المالبسات المحيطة ابلوقائع‪.‬‬
‫أما أهم التوصيات فهيي كالآتي‪:‬‬
231

‫ مراعاة‬،‫ وخاصة في الجانب الشرعي‬،‫ ضرورة االهتمام ابلتكوين المتخصص لقضاة شؤون السرة‬-
‫ لتجنب الخطاء التي يمكن أن يقع فيها خالل عملية‬،‫ من قانون السرة‬222 ‫لالحالة التي نصت عليها المادة‬
.‫تفسير النصوص القانونية‬
،‫ االهتمام بموضوعي االجتهاد القضائي وتفسير النصوص على مس توى الماستر تخصص قانون السرة‬-
.‫وعلى مس توى تكوين القضاة‬
.‫ تطبيق النص‬،‫ فهم النص‬،‫ اجتهاد قضائي‬،‫ تفسير النص‬:‫الكلمات املفتاحية‬
Abstract:
Although the fertile field for jurisprudence is the absence of the text
governing the presented incident, the judge can strive with the presence of the
legal text because the judge’s search in the family law texts about the rule that can
be applied to the case before him is not an easy matter, because the legal texts do
not It is always clear, and it cannot be devoid of any deficiency. Rather, the judge
often finds himself obliged to interpret the content of the text to derive the ruling
to be applied to the incident, and even if the text is clear and free from defects,
the judge does not apply the legal text automatically, but rather It is necessary to
study the renewed facts to be applied to the text in an analytical scientific study
and the surrounding circumstances.
The problem that can be posed in this regard is as follows: What is the
contribution of jurisprudence to the understanding and application of family law
texts? In order to answer this problem, this intervention will be divided into two
sections, where the first topic includes the role of jurisprudence in understanding
family law texts, and the second topic deals with the role of jurisprudence in
applying family law texts.
The most important findings can be summarized as follows:
- jurisprudence played an effective role in interpreting family law texts in
terms of understanding texts tainted by the defect of ambiguity, deficiency, and
contradiction in the same legal text.
- jurisprudence played an effective role in interpreting family law texts in
terms of their application according to the circumstances surrounding the facts.
‫‪232‬‬

‫‪The most important recommendations are as follows:‬‬


‫‪- The need to pay attention to the specialized formaition of family‬‬
‫‪affairs judges, especially in the legal aspect, taking into account the referral‬‬
‫‪stipulated in Article 222 of the Family Law, in order to avoid errors that may occur‬‬
‫‪during the process of interpreting legal texts.‬‬
‫‪- Paying attention to the themes of jurisprudence and interpretation of texts‬‬
‫‪at the master's level, specializing in family law, and at the level of formaition‬‬
‫‪judges.‬‬

‫‪key words :Haut du formularize Interpretation of the text, jurisprudence,‬‬


‫‪understanding‬‬ ‫‪the‬‬ ‫‪text,‬‬ ‫‪applying‬‬ ‫‪the‬‬
‫‪text.‬‬
‫مقدمة املداخلة‪:‬‬
‫ان المتصدي لتفسير نصوص قانون السرة هو القاضي‪ ،‬اذا ما اكتنف النص عيب من العيوب‪،‬‬
‫تطبيقا للمعنى العام لنص المادة ‪ 222‬من قانون السرة التي جاء فيها ‪ ":‬كل ما لم يرد عليه النص في هذا القانون‬
‫يرجع فيه الى أحكام الشريعة االسالمية "‪ ،1‬والتي يفيد المعنى الخاص لها عدم وجود نص قانوني يحكم مسألة‬
‫من المسائل ‪ ،‬وهي الحالة التي تشكل المجال الخصب الجتهاد القاضي ‪ ،‬وان كان هذا الخير يجتهد مع وجود‬
‫النص القانوني المعيب بعيب من العيوب ‪ ،‬حيث أنه ال يمكن الحكم في المسألة اال بعد فهم النص ‪ ،‬وربما‬
‫يكون النص واضحا غير معيب ‪ ،‬اال أن الظروف والمالبسات المحيطة ابلواقعة المعروضة على القاضي‬
‫تس تدعي اجتهادا من القاضي لتطبيق النص القانوني ‪.‬‬
‫وبناء على ما س بق تظهر أهمية البحث في دور االجتهاد القضائي في تفسير نصوص قانون السرة فهما‬
‫وتطبيقا‪ ،‬وهي المسألة التي سيتم تسليط الضوء عليها في هذه المداخلة من خالل بحث نماذج تطبيقية لالجتهاد‬
‫القضائي في التفسير من حيث فهم النصوص ومن حيث تطبيقها‪.‬‬
‫االشكال الذي يمكن طرحه بهذا الصدد يتمثل في الآتي‪ :‬ما مدى مساهمة االجتهاد القضائي في‬
‫فهم نصوص قانون السرة وفي تطبيقها؟‬

‫‪ - 1‬القانون رقم‪ ،11 -48 :‬المؤرخ في ‪ ،1048/ 00 /00 :‬المتضمن قانون السرة ‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪ ،‬ع ‪ ، 28‬س نة ‪،1048‬‬
‫ص ‪ ،010‬المعدل والمتمم ابلمر رقم ‪ ، 02-00:‬المؤرخ في ‪ ،2000 /03/ 22 :‬الجريدة الرسمية ‪ ،‬ع ‪، 10‬س نة ‪، 2000‬ص‬
‫‪.14‬‬
‫‪233‬‬

‫و لالجابة على هذا االشكال سيتم تقس يم هذه المداخلة الى مبحثين‪ ،‬حيث يتضمن المبحث الول‬
‫دور االجتهاد القضائي في فهم نصوص قانون السرة‪ ،‬أما المبحث الثاني فيتطرق الى دور االجتهاد القضائي في‬
‫تطبيق نصوص قانون السرة‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬دور االجتهاد القضائي يف فهم نصوص قانون األسرة‬
‫يتضمن هذا المبحث عرض االجتهاد القضائي في فهم النص المشوب بعيب من العيوب ‪ ،‬والذي قد‬
‫يتمثل في الخطأ المادي ( المطلب الول)‪ ،‬أوالغموض ( المطلب الثاني)‪ ،‬أو النقص ( المطلب الثالث)‪ ،‬أو‬
‫التناقض ( المطلب الرابع) ‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬دور االجتهاد القضائي يف فهم النص املشوب باخلطأ املادي‬
‫يكون النص مشواب ابلخطأ المادي اذا كانت العبارة التي ورد فيها تتضمن خطأ فادحا في بعض ألفاظها‬
‫بحيث ال يس تقيم معنى النص اال بتصحيحها‪ ،‬وهذا يعتبر من أبسط العيوب التي يمكن أن تلحق النص القانوني‪.1‬‬
‫مثال ذلك نص المادة ‪ 48‬من قانون السرة التي تنص على أنه‪ « :‬للقاضي أن يأذن لمن يبلغ سن التمييز‬
‫في التصرف جزئيا أو كليا في أمواله‪ ،‬بناء على طلب من له مصلحة‪ ،‬وله الرجوع في االذن اذا ثبت لديه ما‬
‫يبرر ذلك»‪.2‬‬
‫فعبارة «جزئيا أو كليا» غامضة‪ ،‬لنها تنصرف الى التصرف وليس الى المال الذي يتصرف فيه القاصر‬
‫المميز‪ ،‬ومراد المشرع هو التصرف في كل المال أو جزء منه‪ ،‬ولم يتم التوصل الى اجتهاد قضائي في هذه‬
‫المسألة‪ ،‬مع االشارة الى أن المشرع الجزائري خالف الفقه االسالمي عموما‪ ،‬والقانون المقارن عندما نص في‬
‫المادة السابقة على منح القاصر المميز الحق في التصرف في كل أمواله‪.3‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬دور االجتهاد القضائي يف فهم النص املشوب بالغموض‬
‫يكون النص مشواب ابلغموض أو االبهام اذا كانت عبارته غير واضحة ومحتملة للتفسير والتـأويل ويمكن‬
‫أن يس تنتج منها أكثر من معنى واحد‪ ،‬ومهمة القاضي في هذه الحالة اختيار المعنى الكثر صحة والقرب الى‬
‫الصواب‪.4‬‬
‫مثال ذلك ما نصت عليه المادة ‪ 08‬من قانون السرة قبل تعديلها بموجب المر رقم ‪ » :02/00‬يجوز‬
‫للزوجة أن تخالع نفسها بمقابل مالي‪. «...‬‬

‫‪ -1‬مطروح عدالن‪ ،‬االجتهاد القضائي لغرفة الحوال الشخصية ابلمحكمة العليا من خالل مقاصد الشريعة‪ ،‬دكتوراه في العلوم‬
‫االسالمية‪ ،‬تخصص فقه و أصول‪ ،‬جامعة وهران ‪ ،01‬أحمد بن بلة‪ ،‬س نة ‪ ،2010/2018‬ص‪.24‬‬
‫‪ -2‬القانون رقم‪ ، 11 -48:‬والتي لم يشملها تعديل ‪.2000‬‬
‫‪ -3‬رتيبة عياش‪ ،‬محاضرات في مقياس الوالية على المال والنفس‪ ،‬مقدمة لطلبة الس نة الولى ماستر‪ ،‬حقوق‪ ،‬تخصص أحوال‬
‫شخصية‪ ،‬س نة ‪ ،2012 /2010‬كلية الحقوق والعلوم الس ياس ية‪ ،‬جامعة البليدة ‪ ،02‬ص ‪.28‬‬
‫‪ -4‬مطروح عدالن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪234‬‬

‫حيث أن نص المادة السابقة جاء غامضا ولم يوضح طبيعة الخلع القانونية‪ ،‬هل هو عقد رضائي‬
‫تتوقف صحته على رضا الزوج‪ ،‬أم هو حق خالص للزوجة‪ ،‬وال يشترط فيه رضا الزوج؟‬
‫وهذا يتطلب اجتهادا من القضاء في تفسير الطبيعة القانونية للخلع‪ ،‬والمالحظ أن قرارات المحكمة‬
‫العليا الصادرة في موضوع الخلع قبل س نة ‪ ،1002‬كيفته على أنه عقد رضائي‪ ،‬حيث أكدت على ضرورة موافقة‬
‫الزوج لصحة الخلع‪ ،‬ومنها القرار الصادر س نة ‪ 1048‬الذي قضى بأنه‪« :‬متى كان من المقرر شرعا أن الخلع‬
‫يعتبر عقدا رضائيا‪ ،‬وال يجوز حينئذ للقاضي أن يحكم به من تلقاء نفسه‪ ،‬فان القضاء بما يخالف هذا المبدأ‬
‫يعد انتهاكا لقواعد الشريعة االسالمية في الخلع»‪.1‬‬
‫والقرار الصادر س نة ‪ 1001‬الذي جاء فيه‪« :‬ان المادة ‪ 08‬من قانون السرة تشترط لصحة الخلع‬
‫قبوله من طرف الزوج‪ ،‬وال يمكن للقاضي فرضه عليه»‪.2‬‬
‫لكن ابتداء من س نة ‪ 1002‬كرس القضاء الجزائري حق الزوجة في الخلع دون موافقة الزوج‪.‬‬
‫وهذا ما تجلى في عديد القرارات‪ ،‬منها القرار الصادر س نة ‪ 1002‬الذي قضى بأنه‪ « :‬من المقرر قانوان‬
‫أنه يجوز للزوجة أن تخالع نفسها من زوجها على مال يتم االتفاق عليه‪ ،‬فان لم يتفقها على شيء يحكم القاضي‬
‫بما ال يتجاوز صداق المثل وقت الحكم»‪.‬‬
‫ان المادة المذكورة من قانون السرة تسمح للزوجة بمخالعة نفسها من زوجها على مال دون تحديد‬
‫نوعه‪ ،‬كما يتفق الطرفان على نوع المال وقدره‪ ،‬وفي حالة عدم اتفاقهما يتدخل القاضي لتحديده على أال يتجاوز‬
‫ذلك قيمة صداق المثل وقت الحكم دون االلتفات الى عدم قبول الزوج ابلخلع الذي تطلبه الزوجة‪ ،‬لن ذلك‬
‫يفتح الباب لالبتزاز والتعسف الممنوعين شرعا‪ .‬وعليه فان قضاة الموضوع في قضية الحال كما قضوا بتطليق‬
‫الزوجة خلعا دون موافقة الزوج طبقوا صحيح القانون‪ .‬ومتى كان ذلك اس توجب رفض الطعن‪.3‬‬
‫و هذا المبدأ الذي كرسه القضاء الجزائري منذ س نة ‪ 1002‬فرض على المشرع تعديل نص المادة ‪08‬‬
‫من قانون السرة س نة ‪ 2000‬الذي أصبح كما يلي‪ «:‬يجوز للزوجة دون موافقة الزوج أن تخلع نفسها بمقابل‬
‫مالي‪.‬اذا لم يتفق الزوجان على المقابل المالي للخلع‪ ،‬يحكم القاضي بما ال يتجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور‬
‫الحكم»‪.4‬‬

‫‪ -1‬قرار بتاريخ ‪ ،1040 /10/00/11:‬ملف رقم‪ ،33002 :‬المجلة القضائية‪ ،‬ع ‪ ،03‬س نة ‪ ،1040‬ص ‪.34‬‬
‫‪ -2‬قرار بتاريخ‪ ،1001/08/23 :‬ملف رقم‪ ،23440 :‬نشرة القضاة‪ ،‬ع ‪ ،00‬س ‪.1001‬‬
‫‪ -3‬قرار بتاريخ ‪ ،1002/02/ 18:‬ملف رقم‪ ،43003 :‬اجتهاد قضائي‪ ،‬ع خاص‪ ،‬س نة ‪ ،2001‬ص ‪.138‬‬
‫‪ - 4‬المر رقم‪ ،02- 00 :‬المؤرخ في ‪ ،2000/ 03/22 :‬الجريدة الرسمية‪ ،‬ع ‪ ،10‬س نة ‪ ، 2000‬ص ‪.14‬‬
‫‪235‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬دور االجتهاد القضائي يف فهم النص املشوب بالنقص‬


‫يكون النص القانوني انقصا في حالة خلو عباراته من بعض اللفاظ التي ال يس تقيم الحكم اال بها‪،1‬‬
‫وكمثال على ذلك نصت المادة ‪ 103‬من قانون السرة على أنه‪ «:‬يجب أن يكون الحجر بحكم وللقاضي أن‬
‫يس تعين بأهل الخبرة في اثبات أس باب الحجر»‪.‬‬
‫ويس تفاد من النص القانوني السابق أن المشرع منح للقاضي المختص الحق في االس تعانة ابلخبرة الثبات‬
‫أس باب الحجر دون تفريق بين أس باب الحجر التي تس تدعي الخبرة والس باب التي ال تس تدعي ذلك‪ .‬حيث‬
‫أنه اذا كانت دعوى الحجر بسب الجنون أو العته‪ ،‬فان الصل هو االس تعانة بخبرة طبية‪ ،‬أما اذا كان السبب‬
‫هو السفه‪ ،‬فان القاضي ال يحتاج الى خبرة طبية وانما يمكن له المر ابجراء تحقيق قضائي‪ ،‬ابالضافة الى سماع‬
‫أقوال من يرى القاضي فائدة في سماعهم من أقارب السفيه ومن يتعامل معه معاملة تجارية‪.2‬‬
‫وهذا ما أكدته المحكمة العليا في القرار الصادر س نة ‪ 2002‬حيث قضت بأنه‪ «:‬يثبت المرض العقلي‬
‫الذي يبطل التصرف بموجب خبرة طبية صادرة عن طبيب مختص وليس بشهادة الشهود»‪.3‬‬
‫والمرض العقلي ينصرف الى الجنون والعته‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬دور االجتهاد القضائي يف فهم النص املشوب بالتناقض‬
‫يكون التناقض أو التعارض بين نصين اذا كان الحكم الذي يدل عليه أحدهما يخالف تماما الحكم الذي‬
‫يمكن أن يس تنتج من النص الآخر‪ ،‬ومهمة القاضي في هذه الحالة التوفيق بين النصين‪ ،‬فان تعذر ذلك رجح‬
‫أحدهما على الآخر‪.4‬‬
‫وتجدر االشارة الى أن التناقض يمكن أن يطرأ في اطار النص القانوني الواحد‪ .‬ومثال التناقض بين‬
‫نصين قانونيين هو الماداتن ‪ 32‬و‪ 30‬من قانون السرة‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 32‬على أنه‪ « :‬يبطل الزواج اذا‬
‫اش تمل على مانع أو شرط يتنافى ومقتضيات العقد»‪ ،‬بينما نصت المادة ‪ 30‬على ما يلي‪ «:‬اذا اقترن عقد الزواج‬
‫بشرط ينافيه كان ذلك الشرط ابطال والعقد صحيحا»‪.‬‬
‫ويتضح التناقض بين المادتين السابقتين حيث اعتمد المشرع في المادة ‪ 32‬على مذهب جماعة من‬
‫أهل العلم ‪ ،‬ومنهم ابن تيمية الذي يرى بطالن عقد الزواج الذي يش تمل على شرط فاسد‪.5‬‬

‫‪ -1‬مطروح عدالن ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ -2‬رتيبة عياش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪ -3‬قرار بتاريخ ‪ ،2002/02/13:‬ملف رقم‪ ،223020 :‬المجلة القضائية‪ ،‬ع ‪ ،01‬س ‪ ،2003‬ص ‪.240‬‬
‫‪ -4‬مطروح عدالن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -5‬أبو مالك كمال بن الس يد سالم‪ ،‬صحيح فقه الس نة وأدلته‪ ،‬وتوضيح مذاهب الئمة‪ ،‬مع تعليقات فقهية معاصرة‪ ،‬المكتبة‬
‫التوفيقية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون ط ‪ ،‬دون اتريخ ‪،‬ج ‪ ،02‬ص ‪.103‬‬
‫‪236‬‬

‫بينما اعتمد في المادة ‪ 30‬على مذهب الشافعية والحنابلة‪ ،‬الذين وضعوا ضابطا للشرط الذي يبطل‬
‫العقد وهو أن يكون مخال بمقصود الزواج‪ ،‬كأن تشترط تأقيت زواجها‪ ،‬وضابطا للشرط الذي ال يبطل العقد‬
‫‪ ،‬وهو الذي ال يكون مخال بمقصود الزواج كأن تشترط خروجها متى شاءت أو طالق ضرتها‪.1‬‬
‫واعتبر المشرع في المادة ‪ 30‬أن هذه الشروط الفاسدة المنافية لعقد الزواج ال تعتبر مخله ابلمقصود‬
‫من الزواج‪ ،‬لذلك نص على بطالن الشرط وصحة العقد‪ ،‬وهذا هو الصواب‪ ،‬اال أنه لم يُعثر على اجتهاد قضائي‬
‫في هذه المسألة ‪.‬‬
‫وأحسن مثال على التناقض في اطار نفس النص القانوني هو المادة ‪ 100‬من قانون السرة التي نصت‬
‫على أنه‪ « :‬يجب أن يمكن الشخص الذي يراد التحجير عليه من الدفاع عن حقوقه‪ ،‬وللمحكمة أن تعين‬
‫مساعدا اذا رأت في ذلك مصلحة»‪ .‬يس تفاد من المادة السابقة أن المشرع نص على وجوب تمكين المطلوب‬
‫الحجر عليه من الدفاع عن حقوقه ابعتباره شخصا ضعيفا يحتاج للدفاع عن مصالحه‪ ،‬وقد اختلف القضاة في‬
‫تطبيق نص هذه المادة بسبب التناقض الذي ميز فقرتيها‪ ،‬فمن جهة تنص على وجوب تمكين الشخص المراد‬
‫الحجر عليه من الدفاع بصيغة "يجب"‪ ،‬ومن جهة أخرى نصت على صيغة االختيار «‪ ...‬وللمحكمة أن تعين‬
‫له مساعدا اذا رأت في ذلك مصلحة»‪.‬‬
‫وقد فسرت المحكمة العليا في احدى قراراتها نص هذه المادة المتناقضة‪ ،‬حيث قضت بما يلي‪ «:‬يجب‬
‫على القاضي قانوان تعيين محام للدفاع عن الشخص المطلوب الحجر عليه»‪.2‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬دور االجتهاد القضائي يف تطبيق نصوص قانون األسرة‬
‫يتضمن هذا المبحث تحديد المقصود ابالجتهاد في تطبيق النص من الناحية الفقهية (المطلب الول)‪،‬‬
‫و عرض نموذجيين لالجتهاد القضائي في تطبيق النص ( المطلب الثاني)‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬املقصود باالجتهاد يف تطبيق النص فقها‬
‫قسم االمام الشاطبيي االجتهاد الى قسمين هما اجتهاد في االس تنباط واجتهاد في التطبيق‪ ،‬وسار على‬
‫نهجه في هذا التقس يم االمام أبو زهرة‪.‬‬
‫ويقصد به االجتهاد في تحقيق المناط‪ ،‬وهو الذي ال يخلو منه عصر من العصور‪ ،‬حيث يتم تطبيق‬
‫العلل المس تنبطة على الفعال الجزئية ‪ ،‬وذلك بتطبيق ما اس تنبطه السابقون‪ ،‬وبهذا تتضح أحكام المسائل التي‬
‫لم يعرف للسابقين من أصحاب الرتبة رأي فيها‪.3‬‬

‫‪ -1‬أبو مالك بن الس يد سالم‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،02‬ص ‪.108-103‬‬


‫‪ -2‬قرر بتاريخ‪ ،2000/02/13 :‬ملف رقم‪ ،330012 :‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬ع ‪ ،01‬س ‪ ،2000‬ص ‪.331‬‬
‫‪ -3‬أبو اسحاق ابراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبيي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬دار بن عفان‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬ط ‪1‬‬
‫‪ ،1002،‬ج ‪ ،00‬ص ‪ ،12 ،11‬وكذلك أبو زهرة‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬دار الفكر العربيي‪ ،‬دون ط ‪ ،‬دون اتريخ‪ ،‬ص ‪.320‬‬
‫‪237‬‬

‫واالجتهاد في التطبيق ال يقل أهمية وخطورة عن االجتهاد في االس تنباط‪ ،‬بل ان التطبيق ونتائجه هو‬
‫الثمرة من التشريع كله‪ ،‬لن التشريع ال يعد عمال في فراغ‪ ،‬وانما يعتبر مرحلة ضرورية من مراحل العملية‬
‫االجتهادية‪ ،‬حيث أن النصوص تمثل ارادة المشرع ومقاصد التشريع الساس ية‪ ،‬لذلك فعلى القاضي بذل أقصى‬
‫وسعه في فهم النص واستثمار طاقته للداللة على معانيه وأحكامه وتحديد مراد المشرع‪ ،‬ثم دراسة الوقائع‬
‫المتجددة دراسة علمية تحليلية‪ ،‬للتعرف على عناصرها التكوينية وخصائصها‪ ،‬وما يحيط بها من ظروف‬
‫ومالبسات‪ ،‬وأخيرا تطبيق الحكام على الوقائع التي تقتضيها على نحو يحقق المصلحة المقصودة شرعا من حيث‬
‫المأل‪ ،‬لن المصلحة هي مقصد الشرع ‪ ،‬وهي التي تجسد معنى العدل االلهيي‪.1‬‬
‫الص َدقَ ُات ِللْ ُفقَ َرا ِء َوالْ َم َسا ِك ِين‬ ‫ومثال ذلك اجتهاد عمر– رضي الله عنه – في تطبيق قول الله تعالى‪ ﴿:‬ان َّ َما َّ‬
‫ِ‬
‫الس ِبيلِ ف َ ِريضَ ًة ِم َن الل َّ ِه َوالل َّ ُه عَ ِلي ٌم‬ ‫َوالْ َعا ِم ِل َين عَل َ ْيهَا َوالْ ُم َؤلَّفَ ِة قُلُوبُهُ ْم َو ِفي ِالرقَ ِاب َوالْغَا ِر ِم َين َو ِفي َسبِيلِ الل َّ ِه َو ِابْ ِن َّ‬
‫َح ِكي ٌم﴾‪.2‬فالآية توجب اعطاء المؤلفة قلوبهم نصيبهم من الزكاة ابعتبارهم من مصارف الزكاة‪ ،‬اال أن عمر رضي‬
‫الله عنه‪ -‬منعهم ذلك‪ ،‬وحجته في اجتهاده ذلك أن الحاجة لتأليف القلوب منتفية في زمنه بسبب عزة االسالم‪،‬‬
‫فتختلف بذلك الصفة والعلة التي كان يعطى لجلها هؤالء الزكاة‪ ،‬فانتفى اس تحقاقهم لها‪ ،‬وهذا االجتهاد من عمر‬
‫هو اجتهاد في تحقيق مناط الحكم‪.3‬‬
‫وبناء على ما س بق فان القاضي ال يطبق النصوص بشكل ألي‪ ،‬ولكن ال بد له من دراسة الوقائع التي‬
‫يريد تطبيق النص عليها‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬منوذجان لالجتهاد القضائي يف تطبيق النص‬
‫يتم في هذا المطلب التطرق الى االجتهاد القضائي الصادر في مدى أحقية الزوجة الطالبة للتطليق‬
‫بسبب عقم الزوج في التعويض (الفرع الول)‪ ،‬واالجتهاد القضائي الصادر في مدى اس تحقاق الحاضنة المقيمة‬
‫في بلد أجنبيي للسكن الخاص بممارسة الحضانة (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مدى استحقاق طالبة التطليق لعقم الزوج للتعويض‬
‫نصت المادة ‪ 03‬مكرر على ما يلي‪« :‬يجوز للقاضي في حالة الحكم ابلتطليق أن يحكم للمطلقة ابلتعويض‬
‫عن الضر الالحق بها»‪.‬‬
‫جاء اجتهاد المحكمة العليا في اعتبار العقم مانعا من تحقيق الهدف من الزواج‪ ،‬ويحق بموجب ذلك‬
‫للزوجة المطالبة ابلتطليق‪ ،‬حيث قضى بأنه‪« :‬من المقرر قانوان وقضاء‪ ،‬أنه يجوز للزوجة طلب التطليق استنادا‬
‫الى وجود عيب يحول دون تحقيق الهدف من الزواج‪ ،‬كتكوين أسرة‪ ،‬وتربية البناء‪.‬‬

‫‪ -1‬فتحي الدريني‪ ،‬المناهج الصولية في االجتهاد ابلرأي في التشريع االسالمي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط ‪ ،03،2013‬ص ‪30-30‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬سورة التوبة‪ ،‬الآية ‪.00‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -3‬مطروح عدالن ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬


‫‪238‬‬

‫ولما أسس قضاة الموضوع قرارهم القاضي ابلتطليق على عدم امكانية انجاب الوالد‪ ،‬استنادا الى نتائج‬
‫الخبرة الطبية التي خلصت الى عقم الزوج‪ ،‬فانهم قد وفروا لقضائهم الس باب الشرعية الكافية‪ ،...‬ما عدا ما‬
‫يتعلق ابلزام الزوج ابلتعويض»‪.1‬‬
‫واستنادا الى نفس المادتين قررت المحكمة العليا عدم اس تحقاق طالبة التطليق بسبب عقم زوجها‬
‫للتعويض‪ -‬وهذا ما قضى به القرار السابق أيضا – حيث قضت بأنه‪ «:‬ال يتحمل الزوج المصاب بمرض العقم‬
‫مسؤولية تعويض الزوجة طالبة التطليق عن الضرر الحاصل بها بفعل عدم قدرته على االنجاب»‪.2‬‬
‫وجاء في حيثيات هذا القرار‪ ...«:‬وحيث أن العقم وعدم القدرة على االنجاب‪ ،‬وان كان فعال يشكل‬
‫سببا من أس باب التطليق طبقا لحكام المادة ‪ 03‬من قانون السرة‪ ،‬ويخول للزوجة الحق في المطالبة به‪ ،‬فهو‬
‫ال يحمل الزوج المصاب أية مسؤولية عن دفع التعويض لها عنه‪ ،‬ذلك أنه ال دخل الرادته فيه»‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مدى استحقاق احلاضنة املقيمة باخلارج لسكن ممارسة احلضانة‬
‫نصت المادة ‪ 1/ 22‬من قانون السرة على أنه‪ " :‬في حالة الطالق‪ ،‬يجب على الب أن يوفر‪ ،‬لممارسة‬
‫الحضانة‪ ،‬سكنا مالئما للحاضنة‪ ،‬وان تعذر ذلك فعليه دفع بدل االيجار "‪.‬‬
‫ونصت المادة ‪ 24‬من نفس القانون على ما يلي‪ " :‬تشمل النفقة‪ :‬الغذاء والكسوة والعالج‪ ،‬والسكن أو‬
‫أجرته‪ ،‬وما يعتبر من الضرورايت في العرف والعادة "‪.‬‬
‫يس تفاد من النصين القانونيين السابقين أن الب ملزم بتوفير سكن لممارسة الحضانة ‪ ،‬أو دفع بدل‬
‫ايجاره في حالة تعذر توفيره ‪،‬مع ضرورة االشارة الى أن االجتهاد القضائي منح الحق في الحضانة للم المقيمة‬
‫في بلد أجنبيي ابتداء من القرار الصادر س نة ‪ ،32004‬وابلتالي البد من بحث موقف االجتهاد القضائي في‬
‫مسألة مدى أحقية الحاضنة المقيمة في الخارج في سكن ممارسة الحضانة ‪ ،‬حيث جاء في االجتهاد القضائي‬
‫الصادر س نة ‪ 2011‬ما يلي‪ «:‬عن الوجه المتعلق ببدل االيجار فانه ابلرجوع الى القرار المطعون فيه يتبين أن‬
‫قضاة المجلس قضوا ابلزام الطاعن بتوفير المسكن لممارسة الحضانة وفي حالة التعذر يكون ملزما بدفع بدل‬
‫االيجار ابلدينار الجزائري‪ ،‬والحال وأن الب اذا كان ملزما بتوفير السكن المالئم لممارسة الحضانة أو دفع بدل‬
‫االيجار وفقا لنص المادتين ‪ 22‬و‪ 24‬من قانون السرة‪ ،‬فان ذلك مقيد بأن تمارس الحضانة في الجزائر ال في‬
‫الخارج‪ ،‬ومتى كانت الحاضنة تمارس بفرنسا‪ ،‬فان الب ال يكون ملزما ال بتوفير السكن وال ببدل االيجار مما‬
‫يجعل الوجه سديدا في هذا الشق ويجاب له فيه»‪.4‬‬

‫‪ -1‬قرار بتاريخ ‪ ،1002/12/22:‬ملف رقم‪ ،42301 :‬المجلة القضائية‪ ،‬ع ‪ ،02‬س نة ‪ ،1000‬ص ‪.02‬‬
‫‪ -2‬قرار بتاريخ ‪ ،2011/01/13:‬ملف رقم ‪ ،000101:‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬ع ‪ ،02‬س نة ‪ ،2011‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -3‬المحكمة العليا بتاريخ ‪ ،2004/03/12‬ملف رقم ‪ ،820831‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬س نة ‪ ،2004‬ع ‪ ،01‬ص ‪.221‬‬
‫‪ -4‬قرار بتاريخ ‪ ،2011/00/12:‬ملف رقم ‪ ،022208:‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬ع‪ ،01‬س نة‪ ،2011‬ص ‪.308‬‬
‫‪239‬‬

‫خامتة املداخلة‪:‬‬
‫بعد اس تقراء بعض نصوص قانون السرة المشوبة بعيب من العيوب والمتمثلة في الخطأ المادي‬
‫والغموض والنقص والتناقض‪ ،‬واس تقراء بعض النصوص التي قد يقترن تطبيقها بظروف ومالبسات خاصة‪،‬‬
‫وبحث موقف االجتهاد القضائي في فهم تلك النصوص المعيبة‪ ،‬وفي تطبيق النصوص التي يحيط بتطبيقها وقائع‬
‫متجددة‪ ،‬تم التوصل الى مجموعة من النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫أما النتائج فيمكن اجمال أهمها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬لعب االجتهاد القضائي دورا فعاال في تفسير نصوص قانون السرة من حيث فهم النصوص المشوبة‬
‫بعيب الغموض‪ ،‬و النقص ‪ ،‬والتناقض في نفس النص القانوني‪.‬‬
‫‪ -2‬لم يتصد االجتهاد القضائي الى تفسير بعض النصوص المشوبة بعيب الخطأ المادي ‪ ،‬والذي يعد‬
‫من أبسط العيوب‪ ،‬كما لم يتصد الزالة التناقض الموجود بين نصي المادتين ‪ 32‬و ‪ 30‬من قانون السرة ‪ ،‬وربما‬
‫يعود سبب ذلك الى عدم وجود قضااي تخص تلك المسائل‪.‬‬
‫‪ -3‬ساهم االجتهاد القضائي في تعديل نص المادة ‪ 08‬من قانون السرة المشوبة بعيب الغموض س نة‬
‫‪ ،2000‬بعدما اس تقر ابتداء من س نة ‪ 1002‬على اعتبار الخلع حقا أصيال الزوجة ‪ ،‬ال يتوقف على شرط موافقة‬
‫أو قبول الزوج ‪.‬‬
‫‪ -8‬لعب االجتهاد القضائي دورا فعاال في تفسير نصوص قانون السرة من حيث تطبيقها حسب‬
‫المالبسات والظروف المحيطة ابلوقائع‪.‬‬
‫أما التوصيات فيمكن اجمالها في الآتي‪:‬‬
‫‪ -1‬ضرورة االهتمام ابلتكوين المتخصص لقضاة شؤون السرة ‪ ،‬وخاصة في الجانب الشرعي منه ‪،‬‬
‫مراعاة لالحالة التي نصت عليها المادة ‪ 222‬من قانون السرة ‪ ،‬لتجنب الخطاء التي يمكن أن يقع فيها خالل‬
‫عملية تفسير النصوص القانونية‪.‬‬
‫‪ -2‬تأسيس قضاء أسري مس تقل ‪ ،‬يتماشى مع متطلبات شؤون السرة ‪.‬‬
‫‪ -3‬االهتمام بموضوعي االجتهاد القضائي وتفسير النصوص على مس توى الماستر تخصص قانون السرة‪،‬‬
‫وعلى مس توى تكوين القضاة ‪.‬‬
‫املراجع‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الكتب‬
‫‪ -1‬أبو اسحاق ابراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبيي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬دار بن عفان‪ ،‬المملكة‬
‫العربية السعودية‪ ،‬ط ‪ ،1002، 1‬ج ‪.00‬‬
‫‪240‬‬

‫‪ -2‬أبو زهرة‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬دار الفكر العربيي‪ ،‬دون ط ‪ ،‬دون اتريخ‪.‬‬
‫‪ -3‬أبو مالك كمال بن الس يد سالم‪ ،‬صحيح فقه الس نة وأدلته‪ ،‬وتوضيح مذاهب الئمة‪ ،‬مع تعليقات‬
‫فقهية معاصرة‪ ،‬المكتبة التوفيقية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون ط ‪ ،‬دون اتريخ ‪،‬ج‪.03‬‬
‫‪ -8‬فتحي الدريني‪ ،‬المناهج الصولية في االجتهاد ابلرأي في التشريع االسالمي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‬
‫‪.03،2013‬‬
‫ثانيا‪ :‬الرسائل اجلامعية‬
‫‪-‬مطروح عدالن‪ ،‬االجتهاد القضائي لغرفة الحوال الشخصية ابلمحكمة العليا من خالل مقاصد الشريعة‪،‬‬
‫دكتوراه في العلوم االسالمية‪ ،‬تخصص فقه وأصول‪ ،‬جامعة وهران ‪ ،01‬أحمد بن بلة‪ ،‬س نة ‪.2010/2018‬‬
‫ثالثا‪ :‬املطبوعات العلمية‬
‫‪ -‬رتيبة عياش‪ ،‬محاضرات في مقياس الوالية على المال والنفس‪ ،‬مقدمة لطلبة الس نة الولى ماستر‪،‬‬
‫حقوق‪ ،‬تخصص أحوال شخصية‪ ،‬س ‪ ،2012 /2010‬كلية الحقوق والعلوم الس ياس ية‪ ،‬جامعة البليدة ‪.02‬‬
‫رابعا‪ :‬اجملالت القضائية‬
‫‪ -1‬المجلة القضائية‪ ،‬ع ‪ ،03‬س نة ‪.1040‬‬
‫‪ -2‬نشرة القضاة‪ ،‬ع ‪ ،00‬س نة ‪.1001‬‬
‫‪ -3‬المجلة القضائية‪ ،‬ع ‪ ،02‬س نة ‪.1000‬‬
‫‪ -8‬اجتهاد قضائي‪ ،‬ع خاص‪ ،‬س ‪.2001‬‬
‫‪-0‬المجلة القضائية‪ ،‬ع ‪ ،01‬س نة ‪.2003‬‬
‫‪ -0‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬ع ‪ ،01‬س نة ‪.2000‬‬
‫‪ -2‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬ع ‪، 01‬س نة ‪2004‬‬
‫‪-4‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬ع‪ ،01‬س نة‪.2011‬‬
‫‪-0‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬ع ‪ ،02‬س نة ‪.2011‬‬
‫خامسا‪ :‬القوانني‬
‫‪ -‬القانون رقم‪ ، 11 - 48 :‬المؤرخ في ‪ ، 1048 /00/ 00 :‬المتضمن قانون السرة ‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫‪ ،‬ع ‪ ، 28‬س نة ‪ ، 1048‬ص ‪ ،010‬المعدل والمتمم ابلمر رقم‪ ،02- 00 :‬المؤرخ في ‪،2000 03/22 :‬‬
‫الجريدة الرسمية‪ ،‬ع ‪ ،10‬س نة ‪ ، 2000‬ص ‪.14‬‬
‫‪241‬‬ ‫جامعة اجلزائر ‪1‬‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

‫السلطة التقديرية للقاضي األسري يف مسألة التعويض عن‬


‫الضرر الناتج عن فك الرابطة األسرية‬
‫‪The discretion of the family judge in the issue of compensation‬‬
‫‪for damage caused by the dissolution of the family bond‬‬
‫سديرة جنوى وبولفول زهري‬
‫خمرب احلقوق واحلريات يف األنظمة املقارنة‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬اجلزائر‪ 1‬و كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة سوق أهراس‬
‫‪z.boulfoul@univ-soukahras.dz - nadjouas@yahoo.fr‬‬

‫ملخص املداخلة‪:‬‬
‫لقد حظيت ا ألسرة بحماية اإلهية كبيرة‪ ،‬فخصتها المجتمعات الإسالمية بعناية متكاملة نظرا لقدس ية‬
‫روابطها‪ ،‬واعتبرها القانون الخلية والنواة ا ألساس ية في بناء المجتمع‪ ،‬فمصدر قوة ا ألسرة وتراصها يكمن في‬
‫تالحم أأفرادها وتفاهمهم‪ ،‬ونظرا لطبيعة النفس البشرية القنوطة‪ ،‬فاإن تقلباتها النفس ية مفترضة بين الزوجين‪،‬‬
‫وقد تكون نواة لشقاق مس تعص بينهما‪ ،‬ا ألمر الذي يحتم فك الرابطة الزوجية واللجوء اإلى القضاء‪.‬‬
‫وبما أأن قانون ا ألسرة كغيره من القوانين الوضعية‪ ،‬جاءت معظم نصوصه مرنة تسمح للقاضي بإيجاد‬
‫الحل المناسب بختالف الظروف والمالبسات فقد فتحت بب واسع أأمام القاضي لإعمال سلطته التقديرية‪،‬‬
‫ومنح لكل من تضرر من اإنهاء هذا العقد الحق في المطالبة بلتعويض‪ ،‬ولضمان التقيد بأأحكام هذا القانون‬
‫ومختلف نصوصه جعل قاضي شؤون ا ألسرة الجزائري رقيبا ومسؤول عن تطبيق هذا القانون‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬الطالق‪ ،‬التعويض‪ ،‬التعسف‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪The family recieved great divine protection so islamic societies singled out‬‬
‫‪it with integrated care due to the sanctity of ite ties and the low concidered it the‬‬
‫‪cell and the basic nucleus in building society the source of the family's strength‬‬
‫‪and cohesion lies in the cohesion and understanding of its members due to the‬‬
‫‪nature of the human soul its psychological fluctations are assumed between‬‬
‫‪spouses and may be the nucleus of an intractable conflict between them‬‬
‫‪necessitating the dissolution of the bonds of marriage and the recourse to the‬‬
‫‪judiciary.‬‬
‫‪242‬‬

‫‪Since the family law like other positive law most of its legal texts are flexible‬‬
‫‪allowing the judge to find the appropriate solution in different circumstances it‬‬
‫‪opened a wide door for the judge to implement his disicretionary power and‬‬
‫‪granting everyone who was harmed by the termination of this marriage contract‬‬
‫‪the right to claim compliance in order to ensure compliance with the provisions‬‬
‫‪of this law and its various texts the algerian family affairs judge has been made an‬‬
‫‪observer and responsible for implementing this law.‬‬
‫‪Key words:Divorse, compensation, arbitrariess.‬‬
‫مقدمة املداخلة‪:‬‬
‫اإن قانون ا ألسرة كغيره من القوانين الوضعية‪ ،‬ل يخلو من الثغرات والغموض في مختلف نصوصه‪ ،‬فقد‬
‫عمل المشرع الجزائري على منح سلطة تقديرية للقاضي تشمل مختلف المجالت التي يعالجها هذا القانون‪،‬‬
‫وتغطي كافة موضوعاته‪ ،‬حيث منح له السلطة التقديرية في اس تنباط القاعدة القانونية‪ ،‬بلرجوع اإلى أأحكام‬
‫الشريعة الإسالمية في حالة عدم وجود النص القانوني‪ ،‬وذلك طبقا ألحكام المادة ‪ 222‬من قانون ا ألسرة رقم‬
‫‪ 11 – 44‬الصادر بتاريخ ‪ 1044/90/90‬المعدل بموجب ا ألمر ‪ 92 -90‬المؤرخ بتاريخ ‪ 2990/92/22‬دون‬
‫تحديد المذهب الفقهيي الذي يستند اإليه القاضي‪ ،‬ما يعني اإعطائه سلطة تقديرية واسعة في ا ألخذ بأأي ر أأي‬
‫يشاء‪ ،‬متبعا في ذلك مسلك الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده رضوان الله عليهم‪ ،‬ومخالفا‬
‫التشريعات العربية الإسالمية التي س بقته‪ ،‬والتي تأأثرت بلتقييد المذهبيي للسلطة التقديرية للقاضي‪.‬‬
‫فالمشرع الجزائري فتح لقاضي ا ألسرة بب واسعا لإعمال سلطته التقديرية أأثناء ممارس ته عمله القضائي‪،‬‬
‫وهو ا ألمر الذي نلمسه بس تقرائنا لمختلف نصوص قانون ا ألسرة‪ ،‬حيث نجده خوله سلطة تقديرية فيما يتعلق‬
‫بلتعويض عن الطالق التعسفي وتقدير بدل الخلع والتعويض في حالة التطليق والنشوز‪.‬‬
‫فقد يتعسف الزوج في فك الرابطة الزوجية‪ ،‬ويسبب ضررا للزوجة؛ وقد تتعسف الزوجة في مخالعة‬
‫زوجها دون رضاه‪ ،‬وهنا يجوز للقاضي التدخل وإاعمال لسلطته التقديرية‪ ،‬أأن يحكم بلتعويض‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فالإشكالية التي يمكن أأن نطرحها تتمثل فيما يلي‪ :‬كيف يتم اإعمال السلطة التقديرية لقاضي‬
‫شؤون ا ألسرة في تقرير وتقدير التعويض عن الطالق التعسفي وبدل الخلع وحالة التطليق والنشوز؟‬
‫ونظرا لطبيعة هذا الموضوع‪ ،‬فاإن المنهجين الس تقرائي والتحليلي‪ ،‬يفرضان نفس يهما مما جعلنا نسلكهما‬
‫في اإنجاز هذا البحث‪ ،‬وذلك من خالل اس تقراء المواد القانونية المتعلقة بلموضوع وتحليلها‪.‬‬
‫وإانجازا لهذا البحث فاإنه تم تقس يم الموضوع اإلى محورين‪:‬‬
‫المحور ا ألول‪ :‬سلطة قاضي شؤون ا ألسرة في تقرير الحق في اس تحقاق التعويض عن الضرر‬
‫‪243‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬سلطة القاضي ا ألسري في تقدير التعويض‬

‫احملور األول‪ :‬سلطة قاضي شؤون األسرة يف تقرير احلق يف استحقاق التعويض‬
‫عن الضرر‬
‫اإن انحالل الرابطة الزوجية سواء بسبب الزوج أأو بسبب من الزوجة‪ ،‬قد يترتب عليه أأضرار يلزم‬
‫المتسبب فيها بدفع التعويض للطرف الآخر‪ ،‬ومقدار التعويض يخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع‪ ،‬وهو‬
‫ا ألمر الذي س نتناوله من خالل هذا المحور ونبين فيه مدى سلطة القاضي ا ألسري في تقرير اس تحقاق التعويض‬
‫عن الضرر في حالة الطالق التعسفي أأول‪ ،‬ومدى سلطة القاضي ا ألسري في تقرير اس تحقاق التعويض عن‬
‫الضرر في حالة الخلع اثنيا‪ ،‬ومدى سلطة القاضي ا ألسري في تقرير اس تحقاق التعويض في حالة التطليق‬
‫والنشوز اثلثا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مدى سلطة القاضي األسري يف تقرير استحقاق التعويض عن الضرر يف حالة‬
‫الطالق التعسفي‬
‫ل تس تحق المطلقة التعويض اإل اإذا ثبتت مسؤولية الزوج عن الطالق‪ ،‬وقد قضت المحكمة العليا‬
‫في ‪ 1040/91/22‬أأنه‪ ":‬من المقرر شرعا وقضاء أأن المتعة تمنح للزوجة مقابل الضرر الناتج لها من الطالق‬
‫غير مبرر‪ ،‬ويسقط بتحميلها جزء المسؤولية فيه‪ ،‬ولما كان الثابت في قضية الحال أأن القرار المطعون فيه قضى‬
‫بإس ناد الظلم اإلى الزوجين معا‪ ،‬فال سبيل لتعويض أأحدهما ومنح المتعة للزوجة‪ ،‬ومتى كان كذلك اس توجب‬
‫نقض القرار جزئيا فيما يخص المتعة"‪.1‬‬
‫وكان لهذا المبد أأ تطبيقات لدى بعض المحاكم‪ ،‬فاإذا ما تبين للقاضي أأن جانبا من ا ألس باب الدافعة اإلى‬
‫الطالق‪ ،‬يتحمله الزوج وجانب أآخر تتحمله الزوجة‪ ،‬فهنا يجوز للقاضي استبعاد طلبات الزوجة المتعلقة‬
‫بلمتعة‪ ،‬وذلك لنعدام التعسف‪ ،‬ويعتبر ذلك رفضا لطلب التعويض‪.‬‬
‫فالطالق شرع لرفع الضرر وليس بإلحاق الضرر لزوجة‪ ،‬والتعويض الذي يحكم به القاضي ليس لكل‬
‫مطلقة‪ ،‬بل في حالة تعسف الزوج في اس تعمال حقه في الطالق‪ ،‬ويصيب الزوجة ضرر من جراء ذلك‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدى سلطة القاضي األسري يف تقرير استحقاق التعويض عن الضرر يف حالة‬
‫اخللع‬

‫‪ - 1‬قرار بتاريخ ‪ ،1040/91/22‬المحكمة العليا غرفة ا ألحوال الشخصية‪ ،‬ملف رقم ‪ ،90291‬المجلة القضائية العدد ‪ ،94‬س نة‬
‫‪ ،1009‬ص‪.01 :‬‬
‫أ‬
‫‪ - 2‬رايس محمد وشامي أحمد‪ ،‬دور القاضي في تقدير التعويض عن الطالق التعسفي وتقدير بدل الخلع "دراسة مقارنة"‪،‬‬
‫المجلة الجزائرية للقانون المقارن‪ ،‬العدد ‪ ،92‬ص‪.01 :‬‬
‫‪244‬‬

‫لقد جاء في المادة ‪ 04‬من قانون ا ألسرة المعدلة‪ ":‬يجوز للزوجة دون موافقة الزوج أأن تخالع نفسها‬
‫مقابل تعويض‪.‬‬
‫اإذا لم يتفق الزوجان على التعويض يحكم القاضي بما ل يتجاوز قيمة صداق المثل عند صدور‬
‫الحكم"‪.‬‬
‫جاء في عرض أأس باب هذه المادة المرفقة بلمشروع المقدم اإلى مجلس الحكومة بأأن التعديل الذي‬
‫أأدخل على هذه المادة يهدف اإلى توضيح أأحكام الخلع عن طريق تكريس الجتهاد القضائي للمحكمة العليا في‬
‫هذا المجال‪ ،‬المس تقر عليه منذ ‪ 1002‬وتأأكيد حق المر أأة في خلع نفسها من زوجها‪ ،‬دون حاجة اإلى موافقة‬
‫الزوج يمكنه منازعة مقابل التعويض ويرجع في هذه الحالة على القاضي الذي يحكم بما ل يتجاوز قيمة صداق‬
‫المثل‪.‬‬
‫المالحظة من هذه المادة أأن المشرع‪ ،‬أأوجب على القاضي ان يحكم للزوجة بلتطليق خلعا‪ ،‬بمجرد‬
‫طلبه أأي اعتبار إلرادة الزوج‪ ،‬وهذه المادة لم تهمل فقط إارادة الزوج في مسأألة الموافقة على الخلع وإانما عيب‬
‫إارادة الزوج حتى في مسأألة مقابل الخلع‪ ،‬حيث نصت الفقرة الثانية على أأنه اإذا لم يتفق الزوجان على المقابل‬
‫المالي للخلع يحكم القاضي بما ل يتجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور الحكم وما يجب الإشارة اإليه هنا أأنهن‬
‫ل يجوز أأن تكون الحضانة هي المقابل في الخلع ألن الحضانة ليست شيئا مس تقبال للحاضنة بل هو حق مقرر‬
‫أأيضا ل ألولد‪ ،‬هذا بلإضافة اإلى أأن النص صريحا بقوله المقابل المالي مما يؤكد أأن المقابل يكون ماليا والحضانة‬
‫من المسائل الشخصية‪ ،‬فكلمة مال الواردة في المادة ‪ 04‬دليل قاطع على أأن المخالعة ل تجوز ول ترتب أآاثرها‬
‫اإل اإذا كان مقابلها مال‪ ،‬ومن تمة كل ما ل يمكن تقويته بمال ل يصح أأن يكون بدل الخلع‪ ،‬وعليه فاإنه ل يمكن‬
‫أأن تكون الحضانة قانوان مقابال للخلع‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬مدى سلطة القاضي األسري يف تقرير استحقاق التعويض عن الضرر يف حالة‬
‫التطليق والنشوز‬
‫تنص المادة ‪ 09‬مكرر من قانون ا ألسرة على أأنه‪ ":‬يجوز للقاضي في حالة الحكم بلتطليق أأن يحكم‬
‫للمطلقة بلتعويض عن الضرر الالحق بها"‪ ،‬هذه المادة أأضيفت اإلى قانون ا ألسرة عند تعديله س نة ‪ ،2990‬ولم‬
‫يكن هناك نص يفيد بإمكانية التعويض عن ضرر التطليق‪ ،‬وكثيرا ما لجأأت الزوجة المطلقة اإلى المحكمة تطلب‬
‫التعويض بعد أأن حكم لها بلتطليق‪.‬‬
‫قرر المجلس ا ألعلى بتاريخ ‪ 1040/99/22‬انه‪ ":‬من المقرر قانوان أأن التعويض يجب على الزوج الذي‬
‫طلق زوجته تعسفا ونتج عن ذلك ضرر للمطلقة‪ ،‬فاإن كل زوجة بدرت بإقامة دعوى قصد تطليقها من زوجها‬

‫‪ - 1‬وحياني جياللي‪ ،‬حماية المر أأة في قانون ا ألسرة الجزائري على ضوء التفاقيات الدولية‪ ،‬أأطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪،‬‬
‫جامعة أأبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،2910 – 2914 ،‬ص‪.241 :‬‬
‫‪245‬‬

‫وحكم لها به‪ ،‬فالحكم لها بلتعويض غير شرعي‪ ،‬من ثم فاإن القضاء بخالف هذا المبد أأ يعد فهما خاطئا للقانون‪،‬‬
‫ولما كان من الثابت في قضية الحال أأن الزوجة هي التي طلبت التطليق فاإن قضاة المجلس وافقوا على الحكم‬
‫البتدائي وتعديال له برفع مبلغ التعويض ونفقة العدة ونفقة الإهمال بلرغم من تصريح الحكم البتدائي بن الزوجة‬
‫رفضت الرجوع‪ ،‬فاإنهم بقضائهم كما فعلوا فهموا المادة ‪ 02‬من قانون ا ألسرة فهما خاطئا‪ ،‬ومتى كان كذلك‬
‫اس توجب نقض القرار جزئيا في التعويض والسكن ونفقة الإهمال"‪.1‬‬
‫وقد قضت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ ‪ 1004/92/21‬أأنه‪ ":‬متى تبين في قضية الحال ان‬
‫الزوجة طلبت التطليق لتضررها من ضرب الزوج وطردها مع أأولدها وعدم الإنفاق عليهم‪ ،‬ا ألمر الذي يجعلها‬
‫محقة في طلب التطليق والتعويض معا لثبوت تضررها‪ ،‬وعليه قضاة الموضوع لما قضوا بتطليق الزوجة وتعويضها‬
‫طلبوا صحيح القانون"‪.2‬‬
‫يعتبر تخلي الزوجة عن واجباتها أأو عدم طاعتها لزوجها أأو امتناعها عن معاشرته أأو خروجها من بيته‬
‫من غير إاذنه نشوزا‪ ،‬وقياسا على هذا المفهوم ذهبت المحكمة العليا اإلى تعريف نشوز الزوج بأأنه تخليه عن‬
‫واجباته‪ ،‬فقد قضت في قرارها الصادر بتاريخ‪ 1004/94/21 :‬أأنه‪ ":‬من المقرر قانوان أأنه عند نشوز أأحد‬
‫الزوجين يحكم القاضي بلطالق والتعويض للطرف المتضرر‪ ،‬ومتى تبين في قضية الحال أأن الطاعن ثبت‬
‫نشوزه بمتناعه عن توفير السكن المنفرد المحكوم به للزوجة وتعويضها طبقوا صحيح القانون"‪3‬‬

‫احملور الثاني‪ :‬سلطة القاضي األسري يف تقدير التعويض‬


‫يملك القاضي سلطة تقديرية مطلقة في مبلغ التعويض بحيث هناك أأساس قانوني يستند اإليه القاضي‬
‫لس تحقاق التعويض وس نتناول في هذا المحور سلطة القاضي ا ألسري في تقدير التعويض في الطالق التعسفي‬
‫أأول‪ ،‬ثم سلطة القاضي ا ألسري في تقدير التعويض في الخلع اثنيا‪ ،‬سلطة القاضي ا ألسري في تقدير التعويض‬
‫في حالة التطليق والخلع اثلثا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬سلطة القاضي األسري يف تقدير التعويض يف الطالق التعسفي‬


‫يملك القاضي سلطة تقديرية مطلقة أأيضا في مبلغ التعويض‪ ،‬ألن المشرع الجزائري لم يحدد ذلك بنص‬
‫قانوني خالفا للمشرع السوري الذي حصرها بما ل يتعدى س نة من النفقة‪ ،‬على أأن القاضي يمكن أأن يس تعين‬

‫‪ - 1‬المجلس ا ألعلى‪ ،‬غرفة ا ألحوال الشخصية‪ ،1040/99/22 ،‬ملف رقم ‪ ،09912‬المجلة القضائية‪ ،1001 ،‬عدد‪ ،91‬ص‪:‬‬
‫‪.00‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫‪ - 2‬المحكمة العليا‪ ،‬غرفة الحوال الشخصية‪ ،1004/92/21 ،‬ملف رقم ‪ ،102000‬الجتهاد القضائي لغرفة الحوال الشخصية‪،‬‬
‫‪ ،2991‬عدد خاص‪ ،‬ص‪.110 :‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫‪ - 3‬عيساوي عبد النور‪ ،‬حقوق المرأة المتزوجة في ضوء المواثيق الدولية وقانون السرة الجزائري‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه‪،‬‬
‫جامعة أأبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،2910 – 2914 ،‬ص‪.902 :‬‬
‫‪246‬‬

‫في تقديره للتعويض بأأحكام المادة ‪ 20‬من القانون رقم ‪ ،11/44‬والتي نصت على أأنه‪ ":‬يراعي القاضي في تقدير‬
‫النفقة حال الطرفين وظروف المعاش‪ ،‬ول يراجع تقديره قبل مضي س نة"‪ ،1‬ورغم خصوصية النص في النفقة‪،‬‬
‫فالمعيار عام في التقدير‪ ،‬وفضال عن ذلك فاإن القاضي يمكن أأن يتعامل مع النيابة العامة للتحقيق من قدرات‬
‫الزوج المادية حتى يكون التعويض متناس با وواقعيا‪.‬‬
‫ويبدو أأن المشرع الجزائري لم ينص على معايير هذا الطالق التعسفي‪ ،‬وحتى اللجنة الوطنية التي‬
‫أأس ندت اإليها مهمة وضع مشروع تعديل قانون ا ألسرة الجزائري لم توضح ذلك في شرحها للمواد‪ ،‬ومع ذلك‬
‫يمكن عده فيما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬أأن يقع بال سبب ويؤدي بلمطلقة اإلى الضرر كالفاقة والحتياج ويس تثنى من ذلك الطالق بتراضي‬
‫الزوجين‪ ،‬وهذا المعيار لم يتناوله المشرع الجزائري في قانون ا ألسرة‪ ،‬ولهذا تمنى البعض لو أأن المشرع قد‬
‫أأورد نصا صريحا يجيز للقاضي أأن يحكم للمطلقة بمبلغ من المال يدفع لها شهراي لمدة س نة أأو أأكثر كلما طلبت‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪ )2‬أأن يكون بال سبب معقول أأو بدون مبرر شرعي أأو قانوني مقبول‪ ،‬ولقد قررت المحكمة العليا‬
‫العليا في قرارها الصادر في ‪ ،1040/11/22‬بأأنه للمطلقة الحق في النفقة والتعويض وسائر توابع العصمة‪ ،‬اإذا‬
‫كان طالق الزوج غير مبرر‪ ،‬ولو كان الزواج غير مسجل بلحالة المدنية‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬سلطة القاضي األسري يف تقدير التعويض يف اخللع‬
‫لقد أأجاز فقهاء الشريعة الإسالمية أأن كل ما صح أأن يكون صداقا صح أأن يكون مقابل في الخلع‪،‬‬
‫وهو أأهم شرط من شروط المخالعة‪ ،‬ألن الخلع طالق بعوض‪ ،‬ومقابل الخلع هو ما تلتزم به الزوجة لزوجها‬
‫في مقابل طالقها‪ ،‬وا ألصل في بدل الخلع أأن يتفقا عليه الزوجين‪ ،‬أأو أأن يكون إبيجاب من أأحدهما وقبول‬
‫الآخر‪ ،‬أأما اإذا لم يتفقا الطرفان على بدل الخلع فهنا يثور الإشكال؟‬
‫فالمشرع الجزائري تناول ذلك من خالل المادة ‪ 2/04‬من قانون ا ألسرة بقولها‪ ":‬اإذا لم يتفق الزوجان‬
‫على المقابل المالي للخلع‪ ،‬يحكم القاضي بما ل يتجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور الحكم"‪.‬‬
‫من هنا فاإن المشرع الجزائري لم يبين لنا ما يصح أأن يكون بدل للخلع وشروطه مما يتعين معه الرجوع‬
‫اإلى أأحكام الشريعة ل س يما الفقه المالكي بعتباره اس تعمل مصطلح مال ليعبر به عن بدل الخلع‪ ،‬والمال يمكن‬
‫أأن يكون من النقود وا ألوراق المالية المعروفة والمتداولة وكذا كل ا ألش ياء التي يمكن تقويمها نقدا أأو عينا‪،‬‬
‫ولهذا يمكن أأن يكون بدل الخلع الذي تدفعه الزوجة هو مؤجل صداقها أأو نفقة عدتها المقررة شرعا وقانوان‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 20‬من القانون ‪ 11/44‬المتعلق بقانون ا ألسرة قبل التعديل‪.‬‬


‫‪ - 2‬ولد خسان سليمان‪ ،‬سلطات القاضي في الطالق التعسفي‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والقتصادية والس ياس ية‪ ،‬دون‬
‫عدد‪ ،‬ص‪.00 :‬‬
‫‪247‬‬

‫أأما اإذا اتفقا على الطالق بلخلع ولم يحصل اتفاقهما على المقدار المالي المقابل للخلع فاإنه يجوز للقاضي‬
‫أأن يتدخل لحسم الخالف القائم بين الزوجين‪ ،‬حول المبلغ المطلوب أأداءه فيحكم‬
‫بلطالق خلعا مقابل مال ل يتجاوز قيمته قيمة المهر الذي يقدم عادة لمثل الزوجة وقت صدور الحكم‬
‫بلطالق على أأساس الخلع حسب أأعراف كل منطقة‪.‬‬
‫ولقد كرس الجتهاد القضائي الجزائري سلطة القاضي في تقدير بدل الخلع من خالل عدة قرارات منها‬
‫قرار المجلس ا ألعلى سابقا المؤرخ في ‪ 1004/90/22‬والذي جاء فيه‪ ":‬من المقرر شرعا أأنه اإذا اتفق الزوجان‬
‫على مبد أأ الخلع وليس على مبلغ‪ ،‬فلقضاة الموضوع السلطة المطلقة لتحديده بناء على الصداق المعجل‪ ،‬وما‬
‫يثبت لهم من الظلم‪ ،‬وينتج عن الخلع بمجرد قبوله فسخ الزواج دون حاجة اإلى اشتراط أأدائه فورا‪ ،‬اإذ تمكن‬
‫فوق ذلك تأأجيل دفعه‪ ،‬كما يسوغ أأن يكون شيئا غير موجود وقت التفاق"‪.1‬‬
‫ثالثا‪ :‬سلطة القاضي األسري يف تقدير التعويض يف حالة التطليق والنشوز‬
‫منح المشرع الجزائري للمر أأة حق فك الرابطة الزوجية عن طريق التطليق‪ ،‬والذي جاء في المادة ‪09‬‬
‫من قانون ا ألسرة‪ ،2‬اإل ان المشرع قيده بسلطة القاضي حتى يعطي للزوجة الطالق من عدمه اإل أأنه لم يجعل‬
‫هذه السلطة مطلقة وإانما قيدها بضوابط عدة حتى ل يكون هناك اجحاف في حق المر أأة في انهاء الرابطة‬
‫الزوجية‪.‬‬
‫ولم يكتف المشرع بذلك بل أأنه جاء و أأضاف مادة أأخرى بموجب التعديل ا ألخير وهي المادة ‪ 09‬مكرر‬
‫و أأجاز بموجبها للقاضي الحكم للمطلقة بلتعويض في حالة ما أأصابها ضرر جراء التطليق‪ ،‬وهو ما قضت به‬
‫المحكمة العليا كذلك اإذ جاء في احدى قراراتها‪ ":‬يمكن تعويض الزوجة الطالبة للتطليق في حالة ثبوت تضررها‬
‫فعال‪.‬‬

‫‪ - 1‬رايس محمد وشامي أأحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.112 :‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 09‬من قانون ا ألسرة تنص على ما يلي‪ ":‬يجوز للزوجة أأن تطلب التطليق للأس باب الآتية‪:‬‬
‫‪ -‬عدم الإنفاق بعد صدور الحكم بوجوبه ما لم تكن عالمة بإعساره وقت الزواج‪ ،‬مع مراعاة المواد ‪ 24‬و‪ 20‬و‪ 49‬من هذا‬
‫القانون‪.‬‬
‫‪ -‬العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج‬
‫‪ -‬الهجر في المضجع فوق أأربعة أأشهر‬
‫‪ -‬الحكم على الزوج عن جريمة فيها مساس بشرف ا ألسرة وتس تحيل معها مواصلة العشرة والحياة الزوجية‬
‫‪ -‬الغيبة بعد مرور س نة بدون عذر ول نفقة‬
‫‪ -‬مخالفة ا ألحكام الواردة في المادة ‪94‬‬
‫‪ -‬ارتكاب فاحشة مبينة‬
‫‪ -‬الشقاق المس تمر بين الزوجين‬
‫‪ -‬مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج‬
‫‪ -‬كل ضرر معتبر شرعا‪.‬‬
‫‪248‬‬

‫وبلرجوع اإلى حالت وأأس باب التطليق فاإن ا ألضرار التي قد تصيب الزوجة منها‪ ،‬قد تكون مادية أأو‬
‫معنوية اإل أأن ا ألس باب من الفقرة ‪ 2‬اإلى الفقرة ‪ ،0‬فاإن أأضرارها تكون معنوية أأكثر من مادية‪ ،‬ألنها تمس الزوجة‬
‫في عاطفتها‪ ،‬وكرمتها وشرفها‪ ،‬كمسأألة الحكم على الزوج عن جريمة‪ ،‬أأو ارتكاب الزوج لفاحشة مبينة‪.1‬‬
‫أأما النشوز فيكون في حالة عدم قيام أأحد الزوجين بواجباته اتجاه زوجه سواء كانت واجبات شرعية‬
‫أأو قانونية‪ ،‬فمن مظاهر نشوز الزوجة كأأن تخرج من بيت الزوجية بغير اإذن زوج‪ ،‬أأو تسافر بغير إاذنه‪ ،‬أأو‬
‫تمتنع عن السفر أأو النتقال معه اإلى حيث يريد‪ ،‬أأو تمنعه من الس تمتاع بها‪ ،‬اإلى غير ذلك أأما بلنس بة للزوج‬
‫فمن مظاهر نشوزه هجره للمضجع‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 00‬من قانون ا ألسرة الجزائري على أأنه‪ ":‬عند نشوز أأحد الزوجين يحكم القاضي بلطالق‬
‫وبلتعويض للطرف المتضرر"‪.‬‬
‫اإن اإعطاء المشرع للمر أأة حق التعويض في حالة التضرر في أأكثر من حالة حسب المواد ‪ 02‬و‪09‬‬
‫مكرر و‪ 00‬هي س ياسة تشريعية اتبعها من أأجل حماية حقوق المر أأة‪ ،‬أأمام اجحاف الزوج وسوء اس تعماله‬
‫لحقه‪ ،‬وذلك نتيجة للتأأثر بما جاء به في اتفاقية س يداو والتي تنادي بلمساواة والقضاء على التمييز ضد المر أأة‬
‫وما يؤكد ذلك هو ما نص عليه التقرير الدوري للجزائر أأمام لجنة القضاء على التمييز ضد المر أأة والذي جاء‬
‫فيه‪ ... ":‬كل دعوى في الطالق تس تتبع بلضرورة جبر الضرر‪ ،‬وتترتب على عدم تنفيذ حكم التعويض مالحقات‬
‫جنائية ل مناص منها ول س يما ضد الزوج المتعنت‪ ،‬والسوابق القضائية للمحاكم الجنائية صارمة جدا في هذا‬
‫الشأأن‪2‬‬

‫خامتة املداخلة‪:‬‬
‫في خاتمة هذه الدراسة؛ يمكن أأن نطرح بعض النتائج والمقترحات التي نرى في ا ألخذ بها وتبنيها‬
‫فائدة على المس تويين النظري والعلمي‪ ،‬وكالآتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬النتائج‬
‫‪ )1‬المشرع الجزائري خول لقاضي شؤون ا ألسرة أأن يختار من أآراء الفقهاء المتعددة في وقت تقدير‬
‫التعويض في حالة الطالق‪ ،‬ما يراه مالئما للمصلحة أأكثر ومحققا لمقاصد الشارع والمشرع‪ ،‬من جبر الضرر‬
‫الواقع من عدم ظلم الزوجة‪ ،‬وتدقيق كل حادثة وما يحيط بها من مالبسات وقرائن‪.‬‬
‫‪ )2‬كما أأن المشرع منح للقاضي سلطة تقديرية واسعة في تقدير بدل الخلع في حالة عدم اتفاق‬
‫الطرفين على ذلك؛ بشرط أأل يتجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور الحكم‪.‬‬

‫‪ - 1‬بوكايس سمية‪ ،‬المساواة بين الجنسين في قانون ا ألسرة الجزائري في ضوء اتفاقية القضاء على جميع أأشكال التمييز ضد‬
‫المر أأة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجس تير‪ ،‬جامعة أأبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،2914 – 2919 ،‬ص‪.102 :‬‬
‫‪ - 2‬بوكايس سمية‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.100 :‬‬
‫‪249‬‬

‫‪ )9‬أأن التعويض الذي هو نتيجة الطالق التعسفي يتحمله في ا ألصل الزوج المطلق‪ ،‬بعتباره هو‬
‫صاحب الشأأن‪ ،‬لكن يمكن للمر أأة أأن تتحمل عبء التعويض اإذا تبين أأنها السبب في هذا الطالق مثل حالة‬
‫النشوز‪.‬‬
‫‪ )4‬أأن سبب التعويض في الطالق التعسفي هو الضرر المقصود والمحقق‪ ،‬وليس الطالق في حد‬
‫ذاته‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬املقرتحات‬
‫‪ )1‬أأن قانون ا ألسرة الجزائري بحاجة اإلى تعديل وتصويب في بيان بلمعايير التي تحدد وتكشف‬
‫حقيقة الطالق التعسفي‪ ،‬حتى ل يترك فقط اإلى القضاء عن طريق السلطة التقديرية لما في ذلك من احتمال‬
‫وقوع الظلم والخطأأ الجس يم‪.‬‬
‫‪ )2‬كما يجب على المشرع الجزائري أأن يضع بين يدي القاضي‪ ،‬المعايير الموضوعية والضوابط التي‬
‫يعتمد عليها في تقدير التعويض‪.‬‬
‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ -‬قانون رقم ‪ 11 -44‬المتضمن قانون ا ألسرة المعدل والمتمم ب ألمر رقم ‪ 92 – 90‬المؤرخ في ‪22‬‬
‫فبراير ‪.2990‬‬
‫األحكام والقرارات القضائية‪:‬‬
‫‪ -‬قرار بتاريخ ‪ ،1040/91/22‬المحكمة العليا غرفة ا ألحوال الشخصية‪ ،‬ملف رقم ‪ ،90291‬المجلة‬
‫القضائية العدد ‪ ،94‬س نة ‪.1009‬‬
‫‪ -‬المجلس ا ألعلى‪ ،‬غرفة ا ألحوال الشخصية‪ ،1040/99/22 ،‬ملف رقم ‪ ،09912‬المجلة القضائية‪،‬‬
‫‪ ،1001‬عدد‪.91‬‬
‫‪ -‬المحكمة العليا‪ ،‬غرفة ا ألحوال الشخصية‪ ،1004/92/21 ،‬ملف رقم ‪ ،102000‬الجتهاد القضائي‬
‫لغرفة ا ألحوال الشخصية‪ ،2991 ،‬عدد خاص‪.‬‬
‫الرسائل اجلامعية‪:‬‬
‫‪ -‬وحياني جياللي‪ ،‬حماية المر أأة في قانون ا ألسرة الجزائري على ضوء التفاقيات الدولية‪ ،‬أأطروحة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه‪ ،‬جامعة أأبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪.2910 – 2914 ،‬‬
‫‪ -‬عيساوي عبد النور‪ ،‬حقوق المر أأة المتزوجة في ضوء المواثيق الدولية وقانون ا ألسرة الجزائري‪،‬‬
‫رسالة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬جامعة أأبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪.2910 – 2914 ،‬‬
‫‪250‬‬

‫‪ -‬بوكايس سمية‪ ،‬المساواة بين الجنسين في قانون ا ألسرة الجزائري في ضوء اتفاقية القضاء على جميع‬
‫أأشكال التمييز ضد المر أأة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجس تير‪ ،‬جامعة أأبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪.2914 – 2919 ،‬‬
‫املقاالت‪:‬‬
‫‪ -‬رايس محمد وشامي أأحمد‪ ،‬دور القاضي في تقدير التعويض عن الطالق التعسفي وتقدير بدل الخلع‬
‫"دراسة مقارنة"‪ ،‬المجلة الجزائرية للقانون المقارن‪ ،‬العدد ‪.92‬‬
‫‪ -‬ولد خسان سليمان‪ ،‬سلطات القاضي في الطالق التعسفي‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية‬
‫والقتصادية والس ياس ية‪ ،‬دون عدد‪.‬‬
251 1 ‫جامعة اجلزائر‬
‫كلية احلقوق‬
‫خمرب قانون األسرة‬

2222 ‫ جويلية‬11 ،‫ مصادر قانون األسرة اجلزائري‬،‫امللتقى الوطين الرابع‬

‫دور قضاء احملكمة العليا يف سد النقص احلاصل يف نصوص قانون‬


‫ قراءة يف بعض قرارات غرفة شؤون األسرة واملواريث‬،‫األسرة اجلزائري‬
The role of the judiciary of the Algerian Supreme Court in bridging the
deficiency in the Algerian family law, a read in some decisions of the
Chamber of Family Affairs and Inheritance
‫ قديري حممـد توفيق‬.‫د‬
‫ تيارت‬- ‫ جامعة بن خلدون‬،‫ كلية احلقوق والعلوم السياسية‬،‫ جامعة املسيلة‬،‫خمرب الدراسات اإلسالمية والقانونية واالقتصاد اإلسالمي‬
medtoufik.kadiri@univ-tiaret.dz
:‫ملخص املداخلة‬
‫الهدف من هذه المداخلة هو الإجابة على اإشكالية دور قضاء المحكمة العليا الجزائرية في غرفة شؤون‬
‫ا ألسرة والمواريث (ا ألحوال الشخصية والمواريث سابقا) في سد النقص التشريعي في قانون ا ألسرة الجزائري‬
‫ حيث توصلنا ألهمية دور المحكمة‬،‫ ابلعتماد على المنهج الوصفي‬،‫سواء فيما ل نص فيه أأو ما فيه نص غامض‬
‫ مع ضرورة نشر المزيد من القرارات وتحديد المرجعية الفقهية‬،‫العليا ونجاحها لحد كبير في سد النقص التشريعي‬
.‫ووضع دليل عملي لقانون ا ألسرة لفائدة قضاة الموضوع‬
.‫ المحكمة العليا؛ نقص تشريعي؛ قانون ا ألسرة‬:‫الكلمات املفتاحية‬
Abstract :
The aim of this intervention is to answer the question of the role of the
judiciary of the Algerian Supreme Court in the Chamber of Family Affairs and
Inheritance (formerly Personal Status and Inheritance) in bridging the legislative
deficiency in the Algerian family law, whether in what is not stipulated or in which
there is an ambiguous text, relying on the descriptive approach, where we reached
Due to the importance of the role of the Supreme Court and its success to a large
extent in filling the legislative deficiency, with the need to publish more decisions,
define the jurisprudential reference and develop a practical guide to family law for
the benefit of the subject judges.
Keywords: Supreme Court; Legislative deficiency; Family law.
‫‪252‬‬

‫مقدمة املداخلة‪:‬‬
‫قانون ا ألسرة الجزائري هو القانون ‪ 11-48‬المؤرخ في ‪ 9‬جوان ‪ 1948‬معدل ومتمم اب ألمر ‪52-55‬‬
‫المؤرخ في ‪ 22‬فبراير ‪ ،2555‬تضمن أأحكام ا ألسرة من زواج وطالق ونيابة شرعية وميراث وتبرعات عبر ‪8‬‬
‫كتب في ‪ 222‬مادة‪ ،‬ورغم تأأخر صدوره مقارنة ابلقوانين ا ألخرى للدولة وكذا قوانين ا ألسرة وا ألحوال الشخصية‬
‫لمعظم الدول العربية اإل أأنه لم يتضمن جميع المسائل المتعلقة ابلمحاور التي تضمنتها كتبه‪ ،‬حيث أأغفل الكثير‬
‫وقصر في تفصيل بعض ما ورد فيه من نصوص‪ ،‬مكتفيا ابإحالة على أأحكام الشريعة الإسالمية فيما‬ ‫من المسائل ّ‬
‫ل نص فيه دون أأن يبين اختيارا فقهيا محددا أأو منهجية معينة في تحديد القول واجب التطبيق من بين أراء‬
‫الفقهاء التي قد تعدد في المسأألة الواحدة‪.‬‬
‫ومنه فقد اتخذ النص في قانون ا ألسرة عدة أأشكال منها حالة عدم وجود النص ومنها حالة نقص النص‬
‫أأو اقتضابه ومنها حالت غموض للنص‪ .‬وهنا يبرز دور العمل القضائي في حل هذه المشكالت خصوصا قرارات‬
‫المحكمة العليا ممثلة في غرفة شؤون ا ألسرة والمواريث (ا ألحوال الشخصية سابقا) ابعتبار المحكمة العليا هي‬
‫الهيئة المقومة لعمل المحاكم والمجالس القضائية وهي المسؤولة عن توحيد العمل القضائي والجتهاد القضائي‬
‫في البالد‪ .‬وهذا الدور يتعاظم في قضاء شؤون ا ألسرة لما في قانون ا ألسرة من نقص وفق ا ألشكال التي‬
‫ذكرانها قبل قليل (غياب النص‪ ،‬نقصه وغموضه)‪.‬‬
‫ومن خالل ما س بق يطرح الإشكال الذي تعالجه هذه المداخلة وهو كيف ساهم قضاء المحكمة العليا‬
‫الجزائرية في غرفة شؤون ا ألسرة والمواريث (ا ألحوال الشخصية والمواريث سابقا) في سد النقص التشريعي‬
‫في قانون ا ألسرة الجزائري؟‬
‫ول إالجابة على هذا الإشكال نقوم بعرض مجموعة من قرارات المحكمة العليا في مادة شؤون ا ألسرة‬
‫والمواريث قام قضاة المحكمة العليا ابلتطرق لمسأألة ل نص فيها أأو من خالل تفسير النص القانوني ساري‬
‫المفعول وبيان كيفية تطبيقه‪.‬‬
‫وتم توزيع هذه القرارات على محورين حسب طبيعة يخص ا ألول قرارات المحكمة العليا فيما ل نص‬
‫فيه‪ ،‬والثاني يخص قرارات المحكمة العليا فيما اقتضب النص فيه أأو غَـ ُمض‪ ،‬مع القتصار على مسائل الزواج‬
‫وانحالله نظرا لغلبة هذه القضااي على المحاكم ووصولها اإلى المحكمة العليا مقارنة مع بقية مسائل شؤون ا ألسرة‪،‬‬
‫وفق الخطة التالية‪:‬‬
‫المحور ا ألول‪ :‬نماذج لقضاء المحكمة العليا فيما ل نص فيه‬
‫أأول‪ :‬القرارات المتعلقة بقضااي الزواج وأاثره‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬القرارات المتعلقة بقضااي انحالل الزواج وأاثره‬
‫‪253‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬نماذج من قرارات المحكمة العليا في حالة اقتضاب أأو غموض النص‬
‫أأول‪ :‬القرارات المتعلقة بقضااي الزواج وأاثره‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬القرارات المتعلقة بقضااي انحالل الزواج وأاثره‬
‫الخاتمة‪.‬‬
‫وقد تم البحث عن هذه القرارات في مجالت المحكمة العليا المنشورة في موقعها الرسمي الممتدة من‬
‫س نة ‪ 1949‬اإلى ‪ ،2525‬مع العتماد على المنهج الوصفي في عرض القرارات وبيان موقف المحكمة العليا من‬
‫خاللها‪..‬‬
‫احملور األول‪ :‬مناذج لقضاء احملكمة العليا فيما ال نص فيه‬
‫من خالل هذا المحور س نقوم بعرض مجموعة من قرارات المحكمة العليا صدرت بخصوص أأحكام أأو‬
‫قرارات مطعون فيها ابلنقض وكانت القضية محل النزاع ل نص يحكمها في قانون ا ألسرة‪،‬‬
‫أوال‪ :‬القرارات املتعلقة بقضايا الزواج وآثاره‪:‬‬
‫المسائل التي أأغفل المشرع الجزائري النص عنها في قانون ا ألسرة بخصوص عقد الزواج كثيرة‪ ،‬ولكن‬
‫القرارات الصادرة عن المحكمة العليا بهذا الخصوص والتي عثران عليها تركزت أأساسا في المسائل التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬مسؤولية ولي الزوجة عن عدم اإتمام الزواج‪ :‬قبل تعديل قانون ا ألسرة س نة ‪ 2555‬كان لولي الزوجة‬
‫دور ابرز في عقد الزواج ألنه كان ركنا في العقد سواء كان العقد على راشدة أأم قاصرة‪ ،‬ولم يبين المشرع أنذاك‬
‫حدود مسؤوليته في مواجهة الزوج‪ ،‬وكثيرا ما تثور نزاعات حول ذلك حين يقع غش أأو تغرير للزوج من طرف‬
‫الولي‪ ،‬ومن بين هذه الحالت الحالة التي يعد فيها الولي الخاطب ابإتمام الزواج وربما ّتم العقد ولكن المر أأة‬
‫ترفض اإتمام الزواج وتعلن عدم الرضا به مما يس تحيل معه اإتمام العقد‪ .‬ولم ينص المشرع على حكم هذه الحالة‬
‫مما جعلها تخضع للقواعد العامة في المسؤولية ولكن المحكمة العليا في قرارها ‪ 51612‬المؤرخ في‬
‫‪ 1944/11/21‬جاءت لسد هذا النقص التشريعي وقررت مسؤولية الولي على اإتمام الزواج و أأن صفته كولي‬
‫تحمله مسؤولية اإلزام الفتاة التي تحت وليته ابلدخول ومتى لم يفعل ذلك فاإنه هو الذي يتحمل المسؤولية في‬
‫مواجهة الزوج‪1.‬‬

‫وملخص القضية أأن الطاعنة (ب‪.‬م) عقد قرانها ولكن الزفاف لم يتم فوقع الطالق قبل البناء وحكم‬
‫عليها برد نصف الصداق ولما اس تأأنفت الحكم أأيد مجلس قضاء عنابة القرار فطعنت ابلنقض في هذا القرار‬
‫مستندة على عدة أأوجه أأهمها مخالفة قضاة الموضوع للقانون في اإثبات قبض الصداق‪ ،‬اإل أأن المحكمة العليا‬

‫‪ -1‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،1992 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.52‬‬


‫‪254‬‬

‫وفق ما هو مدون في مجلة المحكمة العليا لم تنظر لذلك وركزت على أأن المسؤولية يتحملها ولي الزوجة ألنه‬
‫لم يلزمها ابلدخول‪ ،‬و أأنه هو الذي يقع عليه عبء ومسوؤلية عدم اإتمام الزواج‪ ،‬واس تدل قضاة المحكمة العليا‬
‫بقوله تعالى‪َ )226({:‬وان َطل َّ ۡق ُت ُموه َُّن ِمن قَ ۡبلِ َأن ت َ َم ُّسوه َُّن َوقَدۡ فَ َرضۡ ُت ۡم لَه َُّن فَ ِريضَ ة فَ ِن ۡص ُف َما فَ َرضۡ ُت ۡم ا َّل َأن ي َ ۡع ُف َ‬
‫ون‬
‫ِ‬
‫َأ ۡو ي َ ۡع ُف َو ْا أل َّ ِذي ِب َي ِد ِهۦ ِ ُع ۡقدَ ُة أل ِنّ َكاحِ }‪ .1‬وقالوا أأن‪ ... ":‬فالية جعلت العفو للولي وليس للزوجة وإاذا كان له العفو‬
‫فعليه العزم ‪.2"....‬‬
‫‪ -2‬عدم جواز اإجبار المر أأة على اإتمام الزواج بها ولو قضاء‪ :‬من المسائل التي سكت عنها المشرع في‬
‫قانون ا ألسرة هو سلطة القضاء على الإلزام ابإتمام الزواج‪ ،‬والمقصود هنا هو الزفاف ابلمر أأة والبناء بها وتسجيل‬
‫العقد في سجل الحالة المدنية‪ ،‬وليس المقصود هو اإجبارها على انعقاد الزواج في أأصله ذلك أأنه منصوص على‬
‫منعه في قانون ا ألسرة قبل التعديل بخصوص المر أأة الراشدة وبعد التعديل بخصوص القاصر‪3.‬‬

‫وإانما الحديث هنا عن الحالة التي يتم فيها العقد الشرعي وترفض الزوجة اإتمام الزفاف وتعلن عدم رضاها‬
‫ابلعقد من حيث أأصله‪ ،‬هنا أأكدت المحكمة العليا في قرارها رقم ‪ 289124‬المؤرخ في ‪ 2555/52/14‬غرفة‬
‫ا ألحوال الشخصية والمواريث أأنه ل يمكن اإجبار المر أأة على اإتمام زواج لم ترض به‪ ،‬و أأن الزواج الذي عقده‬
‫أأبوها دون علمها أأو رضاها هو عقد ابطل‪4.‬‬

‫وخالصة القضية أأن الطاعنة (س‪-‬م) طعن ابلنقض في قرار مجلس قضاء أأم البواقي الذي أألغى حكم‬
‫محكمة ششار الذي قضى بفسخ الخطبة وإارجاع ما قدمه المطعون ضده من صداق‪ ،‬وقضى من جديد ابإلزام‬
‫الطاعنة (س‪-‬م) ابإتمام اإجراءات البناء مع تسجيل الزواج في مصالح الحالة المدنية‪ ،‬واستندت الطاعنة في‬
‫ذلك على أأوجه القاسم المشترك بينها هو أأنها لم تكن راضية بهذا الزواج من حيث ا ألصل‪ ،‬وهو ا ألساس الذي‬
‫أأقامت عليه المحكمة العليا قضاءها بنقض وإابطال القرار‪.‬‬
‫‪ -2‬مفهوم الخلوة والبناء (الدخول) ابلزوجة‪ :‬رتب المشرع الجزائري على واقعة البناء أأو الدخول ابلزوجة‬
‫مجموعة من الاثر الهامة أأولها تثبيت الزواج الفاسد وثبوت النسب في الزواج الباطل وثبوت الصداق كامال‪.‬‬
‫اإل أأن المشرع لم يبين ما يعتبر بناء ابلزوجة ومدى اعتبار الخلوة ابلزوجة بناء بها وما ينجم عن ذلك من أاثر‪،‬‬

‫‪ -1‬سورة البقرة‪ ،‬الية ‪.222‬‬


‫‪ -2‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،1992 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.58‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 12‬من قانون ا ألسرة الجزائري قبل تعديلها س نة ‪ 2555‬كانت تنص‪ ":‬ل يجوز للولي أأاب كان أأو غيره أأن يجبر من‬
‫هي وليته على الزواج‪ ،‬ول يجوز له أأن يزوجها دون موافقتها" وبعد تعديل قانون ا ألسرة وإالغاء الولية على المر أأة الراشدة‬
‫صار نص المادة ‪ 12‬كالتي‪ " :‬ل يجوز للولي أأاب كان أأو غيره‪ ،‬أأن يجبر القاصرة التي هي في وليته على الزواج‪ ،‬ول يجوز‬
‫له أأن يزوجها بدون موافقتها "‪.‬‬
‫‪ -4‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2552 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.269‬‬
‫‪255‬‬

‫وقد صدرت بهذا الخصوص مجموعة من القرارات عن المحكمة العليا غرفة ا ألحوال الشخصية والمواريث‬
‫نوردها مرتبة ترتيبا زمنيا تصاعداي من ا ألقدم نحو ا ألحدث‪:‬‬
‫أأ‪ /‬القرار رقم ‪ 55116‬بتاريخ ‪ 1949/15/52‬الصادر عن غرفة ا ألحوال الشخصية والمواريث‪ :‬حدد قضاة‬
‫المحكمة العليا من خالل هذا القرار مفهوم الخلوة الشرعية التي تعتبر بناء أأو دخول فعليا وعبّروا عنها بقولهم‪..(:‬‬
‫من المقرر شرعا أأن انتقال الزوجة اإلى بيت الزوجية واختالء الزوج بها في بيته وغلق اببه عليها وهو الذي ما‬
‫يعبر عنها شرعا (( اإرخاء الس تور)) أأو (( خلوة الهتداء)) يعتبر دخول فعليا يرتب عليه الاثر الشرعية وتنال‬
‫صداقها كامال‪1.)...‬‬

‫ب‪ /‬القرار ‪ 249585‬بتاريخ ‪ 2552/55/55‬الصادر عن غرفة ا ألحوال الشخصية والمواريث‪ :‬من خالل‬
‫هذا القرار أأكد قضاة المحكمة العليا أأن الدخول يتم ابلخلوة الصحيحة متى توفرت أأركان الزواج‪ ،‬والشاهد في‬
‫القرار أأن الطاعن اختلى ابلزوجة في بيت أأبيها بعد عقد الزواج العرفي الصحيح المتوفر على أأركانه وفق ما أأقره‬
‫قضاة الموضوع في الدرجتين ا ألولى والثانية‪2.‬‬

‫ج‪ /‬القرار رقم ‪ 282922‬بتاريخ ‪ 2555/59/18‬الصادر عن غرفة ا ألحوال الشخصية والمواريث‪ :‬في هذا‬
‫القرار بيّن قضاة المحكمة العليا ما يعتبر بناء حين ر أأوا أأن دخول الزوجة بيت الزوجية يعتبر بناء ولو كان ذلك‬
‫ليلة واحدة‪ 3،‬حيث أأن القضية تتعلق أأساسا ابلطعن ابلنقض في قرار مجلس قضاء أأم البواقي الذي أأي ّد الحكم‬
‫المس تأأنف وعدّله في ما تعلق ابلتعويضات المالية الممنوحة للزوجة المطلقة كتوابع لفك العصمة‪ ،‬حيث عاب‬
‫الطاعن على قضاة الموضوع عدم تحليلهم للوقائع والكتفاء ابعتبار دخول الزوجة لبيت الزوجية بناء دون التحري‬
‫عن وقوع الخلوة الشرعية‪ ،‬اإل أأن قضاة المحكمة العليا ردوا على هذا النتقاد للقرار مؤكدين‪ ... ":‬قضاة الموضوع‬
‫أأوضحوا أأن دخول الزوجة لبيت الزوجية ولو ليلة واحدة يعد بناء وهو أأمر يتوافق مع أأحكام الشريعة الإسالمية‬
‫لإمكانية التصال بين الزوجين ‪4."...‬‬

‫‪ -8‬سقوط النفقة الزوجية‪ :‬نص المشرع الجزائري على النفقة ابعتبارها أأثرا من أاثر الزواج والقرابة اإضافة‬
‫اإلى كونها اتبعا من توابع العصمة بعد الطالق وذلك كله في المواد (‪ 48‬اإلى ‪ )45‬من قانون ا ألسرة الجزائري‪،‬‬
‫ولكنه لم يبين متى تسقط النفقة الزوجية وفي غياب النص يمكن الرجوع اإلى القرار رقم ‪ 22262‬المؤرخ في‬
‫‪ 1948/52/59‬الصادر عن غرفة ا ألحوال الشخصية والمواريث الذي جاء في مبدئه‪ ...(:‬متى كان من المقرر‬

‫‪ -1‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،1991 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.28‬‬


‫‪ -2‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2558 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪-222‬ص‪.224‬‬
‫‪ -3‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2555 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.812‬‬
‫‪ -4‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2555 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.816‬‬
‫‪256‬‬

‫شرعا أأن سقوط النفقة عن الزوجة ل يكون اإل بعد ثبوت أأنها بلغت ابلحكم النهائي القاضي برجوعها اإلى محل‬
‫الزوجية وبعد ثبوت امتناعها عن تنفيذ هذا الحكم مما يجعلها انشزا عن طاعة زوجها‪1.).....‬‬

‫حيث يمكن اعتبار هذا القرار تحديدا لسبب من أأس باب سقوط نفقة الزوجة أأل وهو النشوز‪.‬‬
‫‪ -5‬أأحكام نفي النسب عن طريق اللعان‪ :‬على الرغم من أأن اللعان هو أأحد طرق ح ّل الرابطة الزوجية‬
‫غير المنصوص عليها في قانون ا ألسرة الجزائري‪ ،‬وقرارات المحكمة العليا المتعلقة ابللعان عديدة‪ ،‬اإل أأن الغالب‬
‫على هذه القرارات هو ارتباطها ابلقضااي التي يكون فيها اللعان اإحدى طرق نفي النسب ويتم في خاللها اإاثرة‬
‫كونه منهيا للزواج‪ ،‬وعلى الرغم من اإشارة المشرع للعان ضمنا ضمن المادة ‪ 81‬من قانون ا ألسرة اإل أأنه لم يبين‬
‫الكثير من أأحكامه‪ ،‬وفيما يلي نعرض مجموعة من القرارات التي تبين أأحكام اللعان كالتي‪:‬‬
‫أأ‪ /‬اللعان هو الطريق الوحيد لنفي النسب‪ :‬وهو ما جاء في كثير من القرارات من بينها القرار ‪424425‬‬
‫المؤرخ في ‪ 2512/12/12‬الصادر عن غرفة شؤون ا ألسرة والمواريث وجاء في المبد أأ الذي صدّر به القرار‪...":‬‬
‫النسب الثابت ابلفراش ل ينتفي اإل ابللعان المقصود في المادة ‪ 81‬من قانون ا ألسرة‪ 2"....‬وهو ما أأيده كذلك‬
‫قرار المحكمة العليا الغرفة المدنية رقم ‪ 1222242‬المؤرخ في ‪ 2514/12/55‬الصادر عن الغرفة المنشور في‬
‫موقع المحكمة العليا الجزائرية والذي جاء في المبد أأ المذكور في أأوله‪ ...":‬ل يكون نفي النسب اإل ابللعان وهو‬
‫الطريق المشروع لنفي النسب‪ "...‬وجاء في صلب القرار في معرض رد المحكمة العليا على أأوجه الطعن التي‬
‫أأاثرها الطاعن "‪ ...‬لكن حيث اإن اجتهاد المحكمة العليا اس تقر على أأن نفي النسب ل يكون اإل ابللعان وهو‬
‫وحده الطريق المشروع المقرر للنفي وفقا لنص المادة ‪ 81‬من قانون ا ألسرة ‪3."...‬‬

‫ب‪ /‬أجال رفع دعوى اللعان‪ :‬لم ينص قانون ا ألسرة الجزائري على تحديد أأجل معين لرفع دعوى اللعان‪،‬‬
‫اتركا ا ألمر للقضاء‪ ،‬وقد تصدت المحكمة العليا (المجلس ا ألعلى سابقا) لهذا ا ألمر حيث لم يكن ابد ا ألمر‬
‫محددا بمدة معينة‪ ،‬بل كان ا ألصل فيه الفورية وعدم قبول التأأخر ولو ليوم واحد (القرار رقم ‪ 25928‬المؤرخ‬
‫في ‪ 1945/52/25‬غرفة ا ألحوال الشخصية والمواريث)‪ 4‬ما لم يوجد عذر يبرر هذا التأأخر فيقبل منه العذر‬
‫ول مجال للتحجج بمرور مدة متى ثبت توفر عذر مشروع للتأأخر في رفع دعوى اللعان (القرار ‪ 26282‬المؤرخ‬
‫في ‪ 1995/52/16‬غرفة ا ألحوال الشخصية والمواريث)‪ ،5‬ومن ثم اس تقر قضاء المحكمة العليا على أأن المدة‬

‫‪ -1‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،1949 ،‬العدد‪ ،8‬ص‪.119‬‬


‫‪ -2‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2518 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.222‬‬
‫‪ -3‬موقع المحكمة العليا الجزائرية‪ ،‬اتريخ الطالع ‪ 2522/12/21‬الساعة ‪ ،22:54‬رابط القرار‪:‬‬
‫‪http://www.coursupreme.dz‬‬
‫‪ -4‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،1949 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.42‬‬
‫‪ -5‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،1991 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.25‬‬
‫‪257‬‬

‫في دعوى اللعان هي أأس بوع من يوم رؤية الزان أأو العلم ابلحمل وهو ما أأكد عليه القرار ‪ 296525‬المؤرخ في‬
‫‪1.2552/12/25‬‬

‫ج‪ /‬اختصاص القاضي ابللعان‪ :‬القضاء هو المختص ابلحكم ابإجراء المالعنة‪ ،‬وهو ما أأكدته المحكمة‬
‫العليا في قرار حديث تحت رقم ‪ 1222259‬المؤرخ في ‪ 2519/52/56‬الذي جاء في المبد أأ المصدّ ر به‬
‫القرار‪ ..":‬اللعان من اختصاص القضاء وحده ول يجوز ل إالمام أأو المفتي أأن يفصل فيه‪ ،‬يعتبر لغيا وبدون أأثر‬
‫أأي لعان يجري دون اإقامة دعوى نفي النسب ودون أأن يحكم به القاضي أأو يشرف عليه‪2."..‬‬

‫وبهذا ننتهيي من القرارات التي تطرقت لما ل نص فيه من أأحكام الزواج وأاثره وننتقل اإلى قرارات‬
‫المحكمة العليا فيما ل نص فيه في أأحكام انحالل الرابطة الزوجية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬قرارات احملكمة العليا فيما ال نص فيه يف قضايا احنالل الرابطة الزوجية‬

‫تنحل الرابطة الزوجية وفق قانون ا ألسرة الجزائري ابلطالق والوفاة‪ ،‬والطالق يشمل طبقا للمادة ‪84‬‬
‫من قانون ا ألسرة الجزائري على ‪ 8‬صور هي الطالق إابرادة الزوج المنفردة والطالق ابلتراضي والتطليق والخلع‬
‫بناء على طلب الزوجة‪ ،‬وتترتب على انحالل الرابطة الزوجية مجموعة من الاثر المادية والمعنوية منها ما يخص‬
‫الزوجين ومنها ما يتعلق اب ألولد حال وجودهم‪ .‬وحاله حال أأحكام الزواج أأغفل المشرع الكثير من ا ألحكام ولم‬
‫ينص عليها تماما‪ ،‬ولم يشر اإليها حتى‪ ،‬وحاول قضاة المحكمة العليا من خالل ما يصلهم من قضااي سد هذا‬
‫الفراغ التشريعي‪ ،‬ومن أأهم المسائل التي جاءت في قرارات المحكمة العليا نجد‪:‬‬
‫‪ -1‬حق المر أأة التي عقد عليها وهي قاصر في فسخ زواجها بعد الرشد وقبل البناء‪ :‬في قرار المحكمة‬
‫العليا الجزائرية عن غرفة ا ألحوال الشخصية والمواريث رقم ‪ 255211‬بتاريخ ‪ 2551/52/21‬قرر قضاة المحكمة‬
‫العليا مبدءا هاما يجيزون بمقتضاه للمر أأة التي تم العقد عليها وهي قاصرة في التمسك بفسخ الزواج لعدم رضاها‬
‫به على شرط أأن يكون ذلك قبل البناء‪ 3.‬وفي تفاصيل القضية فاإن الطاعن طلب نقض حكم الشراقة بتاريخ‬
‫‪ 1999/51/11‬والذي قضى بفسخ عقد الزواج بينه وبين المطعون ضدها‪ ،‬وبنى الطاعن نقضه على وجهين‬
‫أأولهما أأن العقد الشرعي تم وفق أأحكام القانون و أأن المطعون ضدها ليس لها طلب الفسخ بل ذلك لوليها والوجه‬
‫الثاني أأن دعوى الفسخ جاءت والمر أأة راشدة فكيف يقال أأنه تزوجها وهي قاصر‪ ،‬ورد قضاة المحكمة العليا‬
‫على الوجه ا ألول بأأن المطعون ضدها ما دام لم يبنى بها فلها الحق في عدم اإتمام الزواج وطلب الفسخ وعن‬

‫‪ -1‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2558 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.249‬‬


‫‪ -2‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2519 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪26‬‬
‫‪ -3‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2552 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪828‬‬
‫‪258‬‬

‫الوجه الثاني قال قضاة المحكمة العليا أأن العقد تم والفتاة قاصر وما دام لم يقع دخول فلها حق طلب الفسخ‬
‫بعد بلوغها سن الرشد القانوني وهو رد يش به الرد على الوجه ا ألول ويؤكد عليه‪1.‬‬

‫‪ -2‬طالق المحجور عليه‪ :‬من بين المسائل التي لم يذكرها المشرع الجزائري في قانون ا ألسرة ما تعلق‬
‫بشروط صحة الطالق ل س يما أأهلية المطلّق وهل للمحجور عليه أأو وليه أأن يطلق عنه أأم ل‪ ،‬وفي قرار‬
‫حديث نسبيا صدر عن المحكمة العليا في غرفة شؤون ا ألسرة والمواريث القرار رقم ‪ 1195856‬بتاريخ‬
‫‪ 2512/58/55‬جاء في المبد أأ المذكور في القرار‪ ":‬يصبح الزوج المحكوم عليه ابلحجر غير أأهل لإيقاع الطالق‪،‬‬
‫ول يمكن للمقدم أأن يقوم بذلك نيابة عنه‪ ،‬ألنه حق شخصي؛‬
‫أأما اإذا ر أأى المقدم أأن المصلحة والضرروة تقتضيان اإنهاء الرابطة الزوجية‪ ،‬فيجوز له رفع دعوى أأمام‬
‫قاضي شؤون ا ألسرة‪ ،‬وللمحكمة السلطة التقديرية في اإيقاع الطالق‪ ،‬بعد الإثبات‪ ،‬بناء على المصلحة والضرورة‬
‫وليس إارادة المحجور عليه"‪2.‬‬

‫وهذا القرار تضمن مجموعة من المسائل الهامة التي لم يتضمنها قانون ا ألسرة أأولها أأهلية المطلّق‬
‫والمسأألة الثانية هي عدم جواز اإيقاع المقدم الطالق نيابة عن المحجور عليه ألن ذلك يخرج عن حدود نيابته‬
‫ويتجاوز صالحياته وقد علّل قضاة المحكمة العليا ذلك بأأن الطالق حق شخصي‪ .‬والمسأألة الثالثة والتي ل تقل‬
‫أأهمية عن المسأألتين السابقتين منح القاضي الحق في التفريق بين الزوجين اإذا ر أأى مصلحة المحجور عليه في‬
‫فك الرابطة الزوجية‪.‬‬
‫‪ -2‬رفض طلب الخلع قبل الدخول‪ :‬نص المشرع الجزائري على أأحكام الخلع في مادة واحدة في قانون‬
‫ا ألسرة هي المادة ‪ 58‬ولم يبين الكثير من ا ألحكام ا ألخرى ومن بينها شروط قبول دعوى الخلع فجاء القرار‬
‫‪ 254612‬المؤرخ في ‪ 2556/58/16‬عن غرفة ا ألحوال الشخصية والمواريث الذي نص على المبد أأ التالي‪":‬‬
‫طلب الخلع حق للزوجة بعد الدخول وليس قبل الدخول"‪3.‬‬

‫حيث جاء في حيثيات القرار أأن الحكم المطعون فيه لمحكمة ‪ 2558/52/52‬قضى بتطليق المطعون‬
‫ضدها عن طريق الخلع‪ ،‬وعاب الطاعن على الحكم مخالفة القانون من عدة أأوجه وقد ردّت المحكمة العليا على‬
‫الوجوه مجتمعة بقولها‪ ...":‬حيث أأن الحكم محل الطعن قد خالف القانون و أأساء تطبيقه وذلك أأن طلب الخلع‬
‫ل يمكن للزوجة أأن تطالب به قبل الدخول بل يمكن لها المطالبة به فقط بعد الدخول‪ ،‬وعند بلوغ حياتها‬
‫الزوجية مع زوجها حالة من الكراهية والنفور يتعذر معه مواصلة العشرة الزوجية‪4."...‬‬

‫‪ -1‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2552 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.822‬‬


‫‪ -2‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2512 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.121‬‬
‫‪ -3‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2556 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.821‬‬
‫‪ -4‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.828‬‬
‫‪259‬‬

‫وبهذا ننتهيي من المحور ا ألول من هذه المداخلة المخصص بقضاء المحكمة العليا فيما ل نص فيه تماما‬
‫وننتقل في المحور الثاني لنرى قضاء المحكمة العليا فيما فيه نص ولكنه غامض أأو انقص فجاء قضاؤها تفسيرا‬
‫وتوضيحا وتتميما لمضمون النص‪.‬‬

‫احملور الثاني‪ :‬مناذج لقضاء احملكمة العليا ملا فيه تفسري للنص الغامض أو توضيح‬
‫أو تتميم لنقصه‬

‫ا ألمثلة التي تدخل ضمن هذا المحور ل تقل أأهمية عن سابقتها في المحور ا ألول‪ ،‬ذلك أأن قاضي‬
‫الدرجة ا ألولى في قضااي ا ألسرة ابلذات يحتاج اإلى قرارات المحكمة العليا ليس تعين بها في تفسير النص القانوني‬
‫وتميم نقصه وفيما يلي نعرض أأول نماذج لقرارات المحكمة العليا في مسائل الزواج وأاثره ومن ثم نعرض نماذج‬
‫لقرارات في مسائل انحالل الزواج وأاثره‪.‬‬
‫أوال‪ :‬القرارات املتعلقة بالزواج وآثاره‬

‫نتطرق فيما يلي لمجموعة من القرارات التي قام من خاللها قضاة المحكمة العليا ببيان موقفهم من تفسير‬
‫نص قانوني أأو اإتمام نقص فيه أأو فك غموضه وذلك كالتي‪:‬‬
‫‪ -1‬الطبيعة القانونية للرخصة الإدارية ابلزواج الخاصة ببعض الموظفين‪ :‬نصت المادة ‪ 21‬من قانون ا ألسرة‬
‫الجزائري على تطبيق أأحكام قانون الحالة المدنية في اإجراءات تسجيل عقد الزواج وهي المواد ‪ 21‬اإلى ‪22‬‬
‫من قانون الحالة المدنية الجزائري (ا ألمر‪ 25-25‬المؤرخ في ‪ 1925/52/19‬المتعلق ابلحالة المدنية المعدل‬
‫والمتمم)‪ ،‬حيث جاء في المواد ‪ 22‬ذكر الرخصة الإدارية ابلزواج ضمن الواثئق المطلوبة وهي وثيقة تمنحها‬
‫الإدارة المس تخدمة لموظفيها ترخص لهم بموجبها ابإجراء عقد الزواج وذلك بعد القيام بتحقيق اإداري و أأمني‬
‫حسب طبيعة المنصب الذي يشغله طالب الزواج‪ ،‬ومن أأهم ا ألسالك التي يطلب من موظفيها الترخيص‬
‫الإداري قبل اإبرام عقد الزواج نجد أأسالك ا ألمن والدرك الوطنيين وكذا أأفراد الجيش الوطني الشعبيي والموظفين‬
‫المنتمين للسلك الدبلوماسي‪..‬الخ‪ .‬حيث يمنع القانون على ضابط الحالة المدنية اإبرام الزواج الذي يتطلب فيه‬
‫الرخصة اإذا لم يقدمها المعني‪.‬‬
‫ومنه أأثيرت مسأألة الطبيعة القانونية لهذه الرخصة وهل اإبرام العقد دونها يؤثر على صحة العقد أأم ل؟‬
‫وهنا أأجابت المحكمة العليا في قرارها ‪ 252285‬المؤرخ في ‪ 2556/56/18‬الصادر عن غرفة ا ألحوال الشخصية‬
‫والمواريث‪ ،‬أأجابت على التساؤل بتأأكيدها أأن الرخصة الإدارية ل تعتبر ركنا من أأركان عقد الزواج المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 9‬من قانون ا ألسرة‪1.‬‬

‫‪ -1‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2552 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.861‬‬


‫‪260‬‬

‫حيث جاء في حيثيات القرار أأن الطاعن طلب نقض قرار مجلس قضاء ابتنة الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2558/52/12‬الذي أأيد الحكم المس تأأنف فيما قضى به من تثبيت الزواج العرفي المبرم بين الطاعن والمطعون‬
‫ضدها س نة ‪ ،1999‬حيث استند الطاعن على وجهين للطعن أأهمهما ما ارتبط بأأن زواجه ابلمطعون ضدها تم‬
‫دون رخصة وابلتالي فهو ابطل و أأنه كان على قضاة الموضوع تطبيق أأحكام قانون الحالة المدنية بهذا الخصوص‬
‫ما دامت المادة ‪ 21‬من قانون ا ألسرة تحيله عليه‪ ،‬ولكن قضاة المحكمة العليا ر ّدوا على هذا المطعن بقولهم‪...":‬‬
‫لكن حيث أأن رخصة الزواج‪ ،‬التي تمنحها بعض الجهات الوصية لموظفيها و أأسالكها ل تعد عنصرا أأساس يا في‬
‫الزواج ول تعد ركنا من ا ألركان التي نصت عليها المادة ‪ 59‬من قانون ا ألسرة بل هي رخصة اإدارية يتعلق أأمرها‬
‫ابلإدارة والموظف ل غير ‪1."...‬‬

‫‪ -2‬عدم تثبيت الزواج العرفي أأحد طرفيه أأجنبيي دون رخصة‪ :‬جاء في المادة ‪ 21‬من قانون ا ألسرة‬
‫الجزائري‪ (:‬يخضع زواج الجزائريين والجزائرايت اب ألجانب من الجنسين اإلى أأحكام تنظيمية)‪ ،‬وقد جاء تنظيم‬
‫هذه ا ألحكام في مناس بات عدة أأولها التعليمة الوزارية رقم ‪ 52‬المؤرخة في ‪ 1945/52/11‬الصادرة عن وزارة‬
‫الداخلية المتعلقة ابلترخيص الإداري ل ألجانب ابلزواج‪ ،‬والتعليمة الوزارية رقم ‪ 59‬المؤرخة في ‪2514/11/55‬‬
‫الصادرة عن وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية‪ ،‬المتضمنة تنظيم اإصدار رخصة الزواج‬
‫المختلط‪ ،‬والتي عقبها الإرسال رقم ‪ 555221‬المؤرخ في ‪ 2521/52/59‬الصادر عن وزارة الداخلية والجماعات‬
‫المحلية والتهيئة العمرانية المتعلق بمعالجة طلبات الرخصة الإدارية للزواج المختلط‪ ،‬وهذه النصوص التنظيمية‬
‫بينت كيفية الحصول على الرخصة الإدارية مب ّينة أأنه في حالة وقوع زواج عرفي فاإن ا ألمر يؤول اإلى قاضي شؤون‬
‫ا ألسرة‪2.‬‬

‫ولكن المحكمة العليا وخالف ما رأأيناه بخصوص الرخصة الإدارية للزواج الخاصة ببعض الموظفين‬
‫ر أأت أأنه ل يمكن بحال تثبيت زواج مختلط أأحد طرفيه أأجنبيي ولو وقع الزواج العرفي وكانت الزوجة حامال‬
‫ومن بينها نجد القرارات التالية‪:‬‬
‫أأ‪ /‬القرار رقم ‪ 5982664‬بتاريخ ‪ 2516/52/52‬غرفة شؤون ا ألسرة والمواريث‪ :‬حيث جاء في المبد أأ‬
‫المنصوص عليه في القرار‪ ":‬تثبيت الزواج العرفي بين طرفي العقد من جنس يتين مختلفتين‪ ،‬دون مراعاة ا ألحكام‬
‫التنظيمية المنصوص عليها‪ ،‬يعد مخالفة للقانون"‪3.‬‬

‫‪ -1‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.868‬‬


‫‪ -2‬بشير راضية وقروج فؤاد‪ "،‬اإشكالية تعارض الحكم التنظيمي مع الحكم القضائي بخصوص تثبيت واقعة الزواج العرفي"‪،‬‬
‫مجلة دراسات و أأبحاث‪ ،‬جامعة الجلفة‪ ،‬مجلد‪ ،12‬العدد‪ ،8‬جويلية ‪ ،2521‬ص‪-‬ص‪.244-224 :‬‬
‫‪ -3‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2516 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.125‬‬
‫‪261‬‬

‫وخالصة القضية أأن النائب العام لدى مجلس قضاء وهران طعن ابلنقض في قرار غرفة شؤون ا ألسرة‬
‫بمجلس قضاء وهران الصادر بتاريخ‪ 2512/58/51‬الذي أألغى الحكم المس تأأنف لقسم شؤون ا ألسرة محكمة‬
‫وهران الذي رفض الدعوى لعدم التأأسيس‪ ،‬والفصل من جديد ابلقضاء بتثبيت الزواج العرفي المنعقد بتاريخ‬
‫‪ 2511/59/25‬بين المطعون ضدهما (ا‪.‬غ) سوري الجنس ية و(ب‪.‬ر) جزائرية الجنس ية‪ ،‬وا ألمر بتسجيله في‬
‫سجالت الحالة المدنية وإالحاق نسب الطفل (ب‪.‬م) بأأبيه (ا‪.‬غ) ليصبح (غ‪.‬م)‪ ،‬وقد أأسس النائب العام لمجلس‬
‫قضاء وهران طعنه على مخالفة قضاة المجلس للقانون حين قبلوا طلب المطعون ضدهما وثبتّا زواجهما العرفي‬
‫على الرغم من كون أأحدهما من جنس ية أأجنبية وهو ما يجعل زواجهما خاضعا ل ألحكام التنظيمية التي تتطلب‬
‫رخصة اإدارية وبما أأن المطعون ضدهما لم يعقدا زواجهما بهذه الرخصة فاإنه ل يمكن تثبيته‪ ،‬وقد قبلت المحكمة‬
‫العليا الطعن ابلنقض ونقضت القرار المطعون فيه‪ 1.‬وابلتالي يعود لحكم محكمة وهران ا ألول قوته ويعتبر الزواج‬
‫غير مث ّبت ول يلحق نسب الطفل ألبيه‪.‬‬
‫ب‪ /‬القرار رقم ‪ 1555455‬بتاريخ ‪ 2516/52/12‬غرفة شؤون ا ألسرة والمواريث‪ :‬وجاء في المبد أأ‬
‫المنصوص عليه في مس تهل القرار‪ ":‬توجب ا ألحكام التنظيمية في زواج الجزائري أأو الجزائرية مع ا ألجانب‪،‬‬
‫الحصول على رخصة اإدارية‪ ،‬سواء كان ذلك لتسجيل الزواج أأو تثبيته"‪.2‬‬
‫وخالصة القضية أأن الطاعنين طلبا نقض قرار مجلس قضاء تيزي وزو الذي أألغى حكم المحكمة‬
‫وتصدى للقضية من جديد برفض الدعوى لعدم التأأسيس‪ ،‬حيث كان الطاعنان قد طلبا تثبيت زواجهما العرفي‬
‫وإالحاق نسب البنت‪ ،‬أأمام محكمة تيزي وزو التي رفضت الدعوى لنعدام الصفة وقام قضاة المجلس حين‬
‫الس تئناف ابإلغاء الحكم المس تأأنف والتصدي من جديد برفض الدعوى ا ألصلية لعدم التأأسيس‪ ،‬وعاب الطاعنان‬
‫على قضاة المجلس رفضهم لطلبهما لعدم وجود الرخصة الإدارية المتعلقة بزواج الجزائريين من ا ألجانب‪ ،‬و أأسس‬
‫الطاعنان طعنهما على أأساس أأن الزواج العرفي قد تم صحيحا اتم ا ألركان والشروط طبقا للمادتين ‪ 9‬و‪9‬مكرر‬
‫من قانون ا ألسرة و أأن الرخصة ما هي اإل وثيقة اإدارية‪ ،‬ولكن المحكمة العليا رفضت الطعن و أأيدت قرار قضاة‬
‫المجلس على اعتبار أأن الطاعنة (ا‪.‬م) لم تقدم ما يثبت قيامها ابلإجراءات التي تسمح لها ابلزواج من رعية‬
‫أأجنبية من جنس ية تركية‪ ،‬بذلك فاإن طلبها غير مؤسس قانوان‪3.‬‬

‫ج‪ /‬القرار رقم ‪ 1524921‬بتاريخ ‪ 2516/12/52‬غرفة شؤون ا ألسرة والمواريث‪ :‬ونص على المبد أأ‬
‫التالي‪ ":‬ل يمكت الحكم بتثبيت زواج عرفي‪ ،‬مبرم بين جزائرية و أأجنبيي دون تقديم الرخصة الإدارية"‪.4‬‬

‫‪ -1‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪،121‬ص‪.122‬‬


‫‪ -2‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2516 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.252‬‬
‫‪ -3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪،259‬ص‪.215‬‬
‫‪ -4‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2516 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.211‬‬
‫‪262‬‬

‫وخالصة القضية أأن النائب العام لدى مجلس قضاء سكيكدة طعن ابلنقض في قرار غرفة شؤون‬
‫ا ألسرة لمجلس قضاء سكيكدة الذي أأيّد حكم محكمة تمالوس الذي قضى بتثبيت الزواج العرفي بين (ع‪.‬س)‬
‫و(ك‪.‬ي) الرعية ا ألجنبيي‪ ،‬وقد أأاثرت المحكمة العليا تلقائيا وجه مخالفة القرار للقانون ألن قضاة المجلس أأساؤوا‬
‫تطبيق القانون حين اعتبروا الرخصة الإدارية للزواج بأأجنبيي مطلوبة فقط عند اإبرام عقد الزواج وليس عند‬
‫تسجيله وهو مخالف لنص المادة ‪ 22‬من قانون الحالة المدنية التي وضعت من بين الواثئق التي يجب على‬
‫ضابط الحالة المدنية التحقق من وجودها حين اإبرام العقد وجود وليس فقط عند تسجيله‪1.‬‬

‫وابس تقراء النصوص سالفة الذكر يتبين لنا ثبات قضاة المحكمة العليا على اجتهادهم في تفسير نص‬
‫المادة ‪ 21‬من قانون ا ألسرة والتمييز بينها وبين ما ورد في المادة ‪ 21‬من قانون ا ألسرة‪ ،‬ول نجد مبررا لهذا‬
‫التمييز بين الرخصة الإدارية الخاصة ابلجزائري المنتمي لبعض الوظائف والرخصة المتعلقة اب ألجنبيي‪ ،‬خصوصا‬
‫و أأن واقعة الزواج العرفي المطابق ألحكام الشريعة الإسالمية يتم اإثباته بمقتضى حكم قضائي وهو الحكم المشار‬
‫له ضمن المادة ‪ 22‬من قانون ا ألسرة وضمن ا ألحكام الخاصة بعقود الزواج المغفلة في قانون الحالة المدنية‬
‫الجزائري‪ .‬وإاذا كان مبرر المحكمة العليا أأن زواج الجزائري أأو الجزائرية بأأجنبيي أأو أأجنبية يتطلب تحقيقات‬
‫فيجب أأن نفرق بين الضرورة ا ألمنية وبين واقعة شرعية وقانونية تؤدي اإلى نتائج من أأهمها و أأخطرها وجود‬
‫أأطفال نتاج زواج شرعي يتعين اإثبات نس بهم ألبيهم وحفظ حقوقهم‪2.‬‬

‫‪ -2‬اعتبار الغتصاب نكاح ش بهة يثبت به النسب‪ :‬نصت المادة ‪ 85‬من قانون ا ألسرة الجزائري على‬
‫أأن النسب يثبت بعدة طرق ومن بينها نكاح الش بهة‪ ،‬ولم يبين المشرع المقصود بنكاح الش بهة ونطاق تطبيقه‬
‫اتركا ا ألمر لجتهاد القضاء‪ ،‬ونكاح الش بهة أأو الوطء ابلش بهة هو كل اتصال جنسي بين رجل وامر أأة لكنه ل‬
‫يعتبر زان ول يكون انتجا عن عقد زواج صحيح أأو فاسد‪ ،‬كمن تزف له امر أأة غير زوجته وظنها زوجته فوطأأها‪،‬‬
‫وكمن يطأأ مطلقته التي ابنت منه ظنا منه أأنها تحل له‪ ،‬ويثبت النسب للواطئ اإذا وضعت المر أأة حملها ألقل‬
‫مدة الحمل أأي ‪ 6‬أأشهر من الوطأأ‪ ،‬واذا فارقها بعد أأن وطأأها يعامل كمن فارقها عن زواج فاسد‪3.‬‬
‫إ‬
‫أأما الغتصاب وهو التصال الجنسي ابلإكراه الممارس على المر أأة من الرجل فاإن الفقهاء قالوا بأأنه وطء‬
‫ابلإكراه يعتبر وطأأ ش بهة يترتب عنه ثبوت نسب الطفل ألبيه وليس أأمه كما حال ابن الزان وحالة اللعان‪.‬‬

‫‪ -1‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2516 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪ ،212‬ص‪ ،212‬ص‪.218‬‬


‫‪ -2‬لمزيد من التفصيل في حق الطفل الناتج عن زواج مختلط في النسب‪ :‬العيد عامر‪ "،‬رفض تثبيت عقد الزواج العرفي‬
‫لنعدام رخصة زواج الأجنبيي وحق الطفل في النسب(تعليق على قرار)"‪ ،‬مجلة القانون والعلوم الس ياس ية‪ ،‬المركز الجامعي‬
‫ابلنعامة‪ ،‬مجلد‪ ،8‬العدد‪ ،2‬جوان ‪ ،2514‬ص‪-‬ص‪.856-882:‬‬
‫‪ -3‬وهبة الزحيلي‪ ،‬الفقه الإسالمي و أأدلته‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوراي‪ ،‬ط‪ ،1945 ،2‬ج‪،2‬‬
‫ص‪.644‬‬
‫‪263‬‬

‫وقد أأاثرت المحكمة العليا هذه المسأألة بموجب القرار ‪ 612228‬بتاريخ ‪ 2511/55/12‬غرفة شؤون‬
‫ا ألسرة والمواريث حيث نص مبد أأ القرار‪ ":‬الغتصاب‪ ،‬الثابت بحكم قضائي‪ ،‬يعد وطأأ ابلإكراه‪ ،‬ويكيف بكونه‬
‫نكاح ش بهة‪ ،‬يثبت به النسب"‪1.‬‬

‫وخالصة القضية أأن الطاعنة طلبت نقض قرار مجلس قضاء معسكر الذي أأيد حكم محكمة غريس‬
‫الذي أألغى نسب ابنتها من المطعون ضده ألن الطفلة ولدت بعد شهر من اإبرام الزواج دون مراعاة لواقعة‬
‫الغتصاب و أأن المطعون ضده هو من قام بتسجيل الطفلة ابسمه بعد الزواج الذي أأبرمه تفاداي للمتابعة الجزائية‬
‫بعد الغتصاب‪ ،‬وقد نقضت المحكمة العليا القرار المطعون فيه واس تجابت لطلب الطاعنة و أأسست المحكمة‬
‫العليا قرارها على اعتبار أأن قضاة الموضوع أأهملوا واقعة الغتصاب الثابتة بحكم قضائي والتي تعد وطأأ ابلإكراه‬
‫يكيف كونه نكاح ش بهة يثبت به النسب‪2.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -8‬ما تعلق ابلطرق العلمية لإثبات النسب‪ :‬من أأهم التعديالت التي أأدرجها المشرع الجزائري في قانون‬
‫ا ألسرة س نة ‪ 2555‬كانت اإقراره جواز لجوء القاضي للطرق اعلمية لإثبات النسب‪ ،‬ولكنه لم يزد على ذلك‪،‬‬
‫فلم يبين ما هي الطرق العلمية ول ترتيبها ضمن طرق اإثبات النسب أأي متى يلجأأ اإليها القاضي ومتى ل يلجأأ‪،‬‬
‫وهنا نجد مجموعة من قرارات المحكمة العليا تفسر نص المادة ‪ 85‬فقرة ‪ 2‬من قانون ا ألسرة نعرضها متسلسلة‬
‫زمنيا على النحو التالي‪:‬‬
‫أأ‪ /‬الطرق العلمية ل يمكن تقديمها على اللعان‪ :‬وهو ما جاء في القرار ‪ 655592‬بتاريخ ‪2559/15/15‬‬
‫غرفة ا ألحوال الشخصية والمواريث‪ ،3‬والقرار رقم ‪ 424425‬بتاريخ ‪ 2512/12/12‬غرفة شؤون ا ألسرة‬
‫والمواريث‪.4‬‬
‫ففي القرار ا ألول كان المبد أأ هو‪ " :‬يحول رفع دعوى اللعان دون التذرع ابلطرق العلمية لإثبات النسب"‬
‫وفي حيثيات القرار نجد الطاعنة طلبت نقض قرار مجلس قضاء سطيف الذي أأيد حكم محكمة سطيف‬
‫بتعيين خبيرين لإجراء فحص الشفرة الوراثية للولدين و أأاثرت الطاعنة أأنه س بق الفصل في الموضوع بناء على‬
‫قرار من مجلس قضاء مس يلة أألغى حكما لمحكمة سطيف ورفض من خالله دعوى اللعان لورودها خارج‬
‫الجال وهو ما أأيدته المحكمة العليا في مرحلة الطعن ابلنقض أنذاك‪ ،‬وعلى ذلك ر أأت المحكمة العليا في قضية‬

‫‪ -1‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2512 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.298‬‬


‫‪ -2‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2516 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.296‬‬
‫‪ -3‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2515 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.285‬‬
‫‪ -4‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2518 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.222‬‬
‫‪264‬‬

‫الحال قبول الطعن ابلنقض ألن قضاة مجلس قضاء سطيف لم ينتبهوا لس بق الفصل في الموضوع وما دام‬
‫الكطعون ضده س بق له سلك مسلك اللعان فال طريق له لس تعمال الطرق العلمية‪1.‬‬

‫أأما في القرار الثاني فكان المبد أأ المقرر كالتي‪ ":‬النسب الثابت ابلفراش ل ينتفي اإل ابللعان المقصود‬
‫في المادة ‪ 81‬من قانون ا ألسرة‪.‬‬
‫ل يجوز تقديم البصمة الوراثية على اللعان‪ ،‬بطلب من الزوج"‪.‬‬
‫وفي حيثيات القرار نجد أأن الطاعن يعيب على مجلس قضاء معسكر وقبله محكمة المحمدية عدم‬
‫نظرهم في طلبه الرامي اإلى التحقق من نسب ابنه بواسطة الطرق العلمية حيث رفضته محكمة المحمدية و أأيد‬
‫مجلس قضاء معسكر الحكم‪ ،‬ولكن تبين لقضاة المحكمة العليا أأن قضاة الموضوع لم يهملوا طلبات الطاعن‬
‫ور ّدوا عليها حينما أأكدوا أأن النسب اثبت ابلفراش و أأن نفيه ل يكون اإل ابللعان‪ ،‬وعليه رفض الطعن‪2.‬‬

‫ب‪ /‬الطرق العلمية مقررة لإثبات النسب ل لنفيه‪ :‬وهو ما جاء به القرار رقم ‪ 695214‬بتاريخ‬
‫‪ 2512/52/15‬غرفة شؤون ا ألسرة والمواريث الذي نص مبد أأه على ما يلي‪ ":‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 85‬من‬
‫قانون ا ألسرة‪":‬يجوز للقاضي اللجوء اإلى الطرق العلمية لإثبات النسب"‪ ،‬مقررة لإثبات النسب وليس لنفيه"‪3.‬‬

‫وهذا القرار يفسر الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 85‬من قانون ا ألسرة مؤكدا أأن القاضي حين يلجأأ اإلى الخبرة العلمية لإثبات‬
‫النسب فاإنه يس تخدمها في اإثبات النسب ل نفيه‪ ،‬ألن لنفي النسب طريقا واحدا ووحيدا هو الطريق الشرعي‬
‫أأي اللعان‪.‬‬
‫وخالصة القضية أأن الطاعن طلب نقض قرار مجلس قضاء سطيف الذي أأيد حكم محكمة عين ولمان‬
‫في رفضه طلب المدعي اإجراء تحليل الحمض النووي ألبنائه الثالثة بعد أأن شك في سوء أأخالق زوجته‬
‫وخيانتها له ولكن محكمة عين ولمان رفضت دعواه فاس تأأنف الحكم أأمام مجلس قضاء سطيف الذي أأيد حكم‬
‫المحكمة‪ .‬واستند الطاعن في دعواه على أأن المادة ‪ 85‬فقرة‪ 2‬من قانون ا ألسرة فتحت المجال للتحقق من‬
‫النسب وقطع الشك ابليقين خصوصا و أأنه قدم شهادة تثبت عجزه عن الإنجاب‪ ،‬ولكن قضاة المحكمة العليا‬
‫رفضوا الطعن ألن نسب ا ألبناء اثبت ألبيهم ابلزواج الصحيح ولم يصدر منه نفي للنسب ابلطرق المشروعة‬
‫ومنه ل يمكنه نفي نسب أأبنائه مرة أأخرى ل ابلطرق العلمية ول بغيرها‪4.‬‬

‫والواقع أأن المحكمة العليا بقضائها فيما تعلق ابلبصمة الوراثية لم تخرج عن ما أأجمع عليه الفقهاء وما‬
‫أأكدت عليه مجامع الفقه الإسالمي بخصوص اس تعمال البصمة الوراثية‪ ،‬ولعل من أخرها قرار مجمع الفقه‬

‫‪ -1‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2515 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪ ،286‬ص‪.282‬‬


‫‪ -2‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2518 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.225‬‬
‫‪ -3‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2512 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.264‬‬
‫‪ -4‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2512 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪،225‬ص‪.221‬‬
‫‪265‬‬

‫الإسالمي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسالمي في دورته ‪ 25‬المنعقدة في وهران ابلجزائر في الفترة ما بين‬
‫‪ 14-12‬سبتمبر ‪ 2512‬والذي أأكد فيه على أأن اس تعمال البصمة الوراثية في مجال النسب ل يكون اإل في‬
‫حالت اس تثنائية و أأنه ل يمكن أأن تس تخدم في نفي النسب ول تقدم على اللعان‪1.‬‬

‫وبهذا ننتهيي من الجزء المخصص لقرارات المحكمة العليا فيما تعلق ابلزواج وأاثره وننتقل للجزء‬
‫المخصص لقرارات المحكمة العليا فيما تعلق ابنحالل الزواج وأاثره‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القرارات املتعلقة باحنالل الزواج وآثاره‬

‫مثلما عليه الحال في مسائل الزواج وأاثره قام قضاة المحكمة العليا بتفسير وفك غموض النصوص‬
‫القانونية الخاصة ابنحالل الزواج وأاثر هذا النحالل‪ ،‬ونبين فيما يلي نماذج عن هذه القرارات كالتي‪:‬‬
‫‪ -1‬ل تعويض في التطليق بسبب عقم الزوج‪ :‬التطليق حق ّقرره قانون ا ألسرة الجزائري للمر أأة في حالة‬
‫الضرر وحددت له المادة ‪ 52‬من قانون ا ألسرة ‪ 15‬حالت من بينها العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من‬
‫الزواج‪ ،‬والعقم هو أأحد العيوب التي تحول دون تحقيق هدف هام من أأهداف الزواج وهو الإنجاب الذي‬
‫يعتبر حقا لكال الزوجين‪ ،‬لذلك فاإن للمر أأة أأن تطلب التطليق لعقم الزوج والقاضي يحكم لها بذلك اإذا ثبت له‬
‫بعد الخبرة الطبية الالزمة‪ ،‬و أأثيرت هنا مسأألة التعويض بعد التطليق للعقم هل يحق للزوجة طلبه أأم ل؟‬
‫هنا نجد القرار رقم ‪ 42251‬بتاريخ ‪ 1995/12/22‬عن غرفة ا ألحوال الشخصية والمواريث الذي نص‬
‫مبد أأه على أأنه‪ ":‬من المقرر قانوان وقضاء‪ ،‬أأنه يجوز للزوجة طلب التطليق استنادا لوجود عيب يحول دون‬
‫تحقيق هدف الزواج‪ ،‬كتكوين أأسرة‪ ،‬وتربية ا ألبناء‪.‬‬
‫ولما أأسس قضاة الموضوع قرارهم القاضي ابلتطليق على عدم اإمكانية اإنجاب ا ألولد‪ ،‬استنادا لنتائج‬
‫الخبرة الطبية التي خلصت اإلى عقم الزوج‪ ،‬فاإنهم قد وفروا لقضائهم ا ألس باب الشرعية الكافية‪ ،‬ما عدا ما يتعلق‬
‫ابإلزام الزوج ابلتعويض‪ ،‬مما يتوجب نقضه جزئيا في هذا الجانب لنعدام التعسف "‪2.‬‬

‫وخالصة القضية أأن الطاعن طلب نقض قرار مجلس قضاء معسكر بتاريخ ‪ 1995/56/25‬الذي قرر‬
‫قبول اإعادة السير في الدعوى بعد الخبرة وإافراغ القرار التمهيدي المؤرخ في ‪ 1995/51/15‬وابلنتيجة المصادقة‬
‫على الخبرة الطبية المأأمور بها والقضاء بتطليق المس تأأنفة من زوجها والحكم عليه بمجموعة من المبالغ كنفقة‬
‫العدة (‪1255‬دج) وتعويض (‪ 15.555‬دج) ونفقة غذائية (‪255‬دج) من اتريخ رفع الدعوى‪ .‬وقد عاب الطاعن‬

‫‪ -1‬ينظر في تفاصيل القرار موقع مجمع الفقه الإسالمي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسالمي‪https://iifa- :‬‬
‫‪aifi.org/ar/2364.html‬‬
‫اتريخ الطالع‪ 2522/52/59:‬الساعة ‪.19:12‬‬
‫‪ -2‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،1995 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.92‬‬
‫‪266‬‬

‫على قضاة الموضوع أأنهم قضوا ابلتطليق بينه وبين زوجته دون احترام اإجراءات الصلح الوجوبية من جهة ومن‬
‫جهة أأخرى أأن الستناد للعقم يعني فسخ الزواج والفسخ ل يترتب عنه توابع العصمة‪ ،‬اإل أأن قضاة المحكمة‬
‫العليا ردوا على أأوجه النقض برفضها ألن محاولت الصلح احترمت أأمام المحكمة و أأن العقم اثبت ابلخبرة وهو‬
‫سبب كاف للتطليق‪ ،‬ولكنهم ر أأوا أأن الزوج غير ملزم ابلتعويض ألنه غير متعسف ول تعسف في التطليق‪1.‬‬

‫وتجدر الإشارة اإلى أأن قرار المحكمة العليا هذا كان قبل أأن يدرج المشرع الجزائري المادة ‪ 52‬مكرر‬
‫التي نص فيها على أأنه في حالة التطليق يجوز للقاضي أأن يحكم للمطلقة ابلتعويض على الضرر الالحق بها‪،‬‬
‫وهنا يطرح السؤال هل يمكن الحكم ابلتعويض عند التطليق بسبب عقم الزوج؟ أأعتقد أأن الحكم يبقى نفسه‬
‫ما لم يكن في ا ألمر تغرير أأو خداع فهنا يكون التعويض بسبب الخداع والتغرير ل بسبب العقم في حد ذاته‪.‬‬
‫‪ -2‬يسار الزوجة ل يسقط نفقتها على الزوج‪ :‬نص المشرع الجزائري في المادة ‪ 29‬من قانون ا ألسرة‬
‫الجزائري على أأن القاضي يراعي حين تقدير النفقة حال الطرفين وظروف المعاش‪ ،‬ولم يزد على ذلك‪ ،‬اتركا‬
‫المجال للقضاء‪ ،‬وفي القرار رقم ‪ 222184‬بتاريخ ‪ 2555/52/22‬نجد مثال لتفسير نص المادة ‪ 29‬يتعلق بطلب‬
‫الزوج اإعفاءه من النفقة بحجة يسار الزوجة وقدرتها على الإنفاق على نفسها‪ ،‬أأين قرر قضاة المحكمة العليا المبد أأ‬
‫التالي‪ ":‬من المقرر شرعا أأن يسار الزوجة ل يسقط حقها وحق أأولدها في النفقة بدون مبرر شرعي‪.‬‬
‫اإن قضاة الموضوع بقضائهم ابإلغاء النفقة المقضي بها في الحكم المس تأأنف بحجة يسار الزوجة (الطاعنة)‬
‫رغم عدم اإثبات عسر المطعون ضده أأخطأأوا في تطبيق القانون"‪2.‬‬

‫وخالصة القضية أأن الطاعنة طلبت نقض قرار مجلس قضاء البليدة الذي قضى ابإلغاء الحكم المس تأأنف‬
‫جزئيا فيما تعلق بنفقة الزوجة والعدة ونفقة البنتين المحضونتين والتصدي من جديد لهذه الجزئية برفض طلبها‬
‫في النفقة بحجة أأنها ميسورة الحال بصفتها طبيبة في المستشفى‪ ،‬وعابت الطاعنة على قضاة المجلس مخالفتهم‬
‫للقانون ألن يسار الزوجة ل يعتبر سببا في سقوط النفقة خصوصا و أأن المطعون ضده لم يثبت عسره وهو‬
‫طبيب له عيادة خاصة‪ ،‬وقد ر أأت المحكمة العليا أأن وجه الطعن هذا كاف لنقض قرار المجلس على اعتبار أأن‬
‫قضاة الموضوع خالفوا القانون ألن يسار الزوجة ل يعتبر سببا لسقوط حقها في النفقة وحق بناتها ابعتبارهما‬
‫بنات للمطعون ضده‪3.‬‬

‫‪ -2‬عدد محاولت الصلح قبل النطق ابلطالق‪ :‬طبقا للمادة ‪ 89‬من قانون ا ألسرة فاإن محاولت الصلح‬
‫بين الزوجين وجوبية على أأن ل تتجاوز مدة ثالثة أأشهر‪ ،‬وهو ذات ما نص عليه المشرع في المادتين ‪829‬‬
‫و‪ 882‬من قانون الإجراءات المدنية والإدارية‪ ،‬ولكن عدد محاولت الصلح لم يتم النص عليه ول تحديده بحد‬

‫‪ -1‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪ ،92‬ص‪.98‬‬


‫‪ -2‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2551 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.248‬‬
‫‪ -3‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2551 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.245‬‬
‫‪267‬‬

‫معين‪ ،‬وهو ما جعل المحكمة العليا تتصدى للمسأألة س نة ‪ 2518‬بموجب القرار رقم ‪ 5425291‬بتاريخ‬
‫‪ 2518/52/12‬الذي نص على المبد أأ التالي‪ ":‬اس تقر اجتهاد غرفة شؤون ا ألسرة والمواريث ابلمحكمة العليا‬
‫على خضوع محاولت الصلح للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع ول رقابة للمحكمة العليا عليه"‪1.‬‬

‫وهذا ا ألمر منطقي جدا ألن قاضي الموضوع أأدرى ابلقضية المطروحة أأمامه وهل محاولت الصلح‬
‫تكون قليلة أأم كثيرة‪ ،‬ول وجود لقاعدة اثبتة في الموضوع‪.‬‬
‫‪ -8‬المقصود بصداق المثل في المادة ‪ 58‬الخاصة بمقابل الخلع‪ :‬جاء في المادة ‪ 58‬فقرة ‪ 2‬من قانون‬
‫ا ألسرة‪ ":‬اإذا لم يتفق الزوجان على المقابل المالي للخلع‪ ،‬يحكم القاضي بما ل يتجاوز قيمة صداق المثل وقت‬
‫صدور الحكم "‪ .‬ولم يبين المشرع المقصود من عبارة صداق المثل‪ ،‬وجاء في قرار حديث نسبيا للمحكمة العليا‬
‫س نة ‪ 2512‬رقم ‪ 1558255‬بتاريخ ‪ 2512/52/51‬غرفة شؤون ا ألسرة والمواريث جاء في مبد أأ القرار‪ ":‬اإذا لم‬
‫يتفق الطرفان على مقابل الخلع‪ ،‬فاإن القاضي هو الذي يحدده‪ ،‬بما ل يتجاوز صداق المثل‪ ،‬وقت صدور الحكم‪.‬‬
‫يقصد بصداق المثل في الشريعة الإسالمية‪ ،‬صداق مثل أأقارب المخالعة وحالها في حس بها ومالها‬
‫وجمالها‪ ،‬مثل مهر ا ألخت الشقيقة أأو ألب‪ ،‬فضال عن العرف السائد في المنطقة التي أأبرم فيها عقد زواج‬
‫الطرفين"‪2.‬‬

‫وخالصة القضية أأن الطاعنة عابت على مجلس قضاء ورقلة تعديله جزئيا لحكم محكمة تقرت القاضي‬
‫بفك الرابطة الزوجية عن طريق الخلع وذلك برفع قيمة بدل الخلع من ‪ 2555‬دج اإلى ‪ 25.555‬دج ألنه الحد‬
‫ا ألدنى للصداق في ورقلة بينما كان يجب عليهم النظر في صداق المثل لمكان اإبرام العقد (منطقة القبائل) وقد‬
‫قبلت المحكمة العليا النقض وعللت قرارها بصحة ما ذهبت اإليه الطاعنة اإضافة اإلى العتداد بصداق مثل‬
‫أأقارب المخالعة وحالها في الحسب والمال والجمال والعرف السائد في منطقة اإبرام عقد الزوجين‪3.‬‬

‫المثل‪4.‬‬ ‫وقضاء المحكمة العليا هنا متفق مع قول المالكية في مفهوم مهر‬
‫خامتة املداخلة‪:‬‬
‫تناولنا من خالل هذه المداخلة مجموعة من قرارات المحكمة العليا (المجلس ا ألعلى سابقا) قام من‬
‫خاللها قضاتها بمحاولة سد النقص التشريعي الحاصل في قانون ا ألسرة وذلك ببيان الموقف مما ل نص فيه من‬
‫جهة أأو شرح الموقف الغامض للمشرع من جهة أأخرى‪ .‬حيث توصلنا اإلى عدة نتائج نوجزها كالتي‪:‬‬

‫‪ -1‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2518 ،‬العدد‪ ،2‬ص‪.264‬‬


‫‪ -2‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2512 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.161‬‬
‫‪ -3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪ ،162‬ص‪.168‬‬
‫‪ -4‬ينظر في المقصود بمهر المثل لدى الفقهاء‪ :‬وهبة الزحيلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،266‬ص‪.262‬‬
‫‪268‬‬

‫‪ -1‬المجهود الكبير الذي بذلته المحكمة العليا في معالجة النقص التشريعي ومحاولة توحيد العمل‬
‫القضائي عمال بدورها المنوط بها والمنصوص عليه في الدس تور‪ ،‬كما نسجل نجاحها في سد الكثير من الخلل‬
‫وتوضيح العديد من ا ألحكام كما وضحناه في موضعه من المداخلة‪.‬‬
‫‪ -2‬المالحظ على قرارات المحكمة العليا أأنها ل تفصل كثيرا في حيثيات النزاع الذي حددت صحة‬
‫تطبيق القانون عليه من قبل قضاة الموضوع‪ ،‬ول تشرح موقفها من النزاع‪ ،‬ولعل ذلك يرجع اإلى محاولة البقاء‬
‫بعيدا عن حل النزاع احتراما لعتبار المحكمة العليا محكمة قانون‪ ،‬ولكن التفصيل يعتبر ضروراي لفهم كيفية‬
‫وصول قضاة المحكمة العليا لقرارهم‪.‬‬
‫‪ -2‬اإضافة اإلى ما س بق فاإن قضاة المحكمة العليا ل س يما حين اإبدائهم الر أأي فيما ل نص فيه‪ ،‬فاإنهم ل‬
‫يبينون الختيار الفقهيي المتبع‪ ،‬أأي المرجعية الفقهية التي اعتمدوا عليها في قرارهم ألن ذلك يعتبر أأهم خطوة‬
‫لإرشاد قضاة الموضوع في ذلك‪.‬‬
‫ومنه نقدم التوصيات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬ضرورة نشر جميع قرارات المحكمة العليا وعدم الكتفاء ببعضها فقط‪،‬‬
‫‪ -2‬العمل على وضع دليل عملي لتطبيق قواعد قانون ا ألسرة ومنهجية حل القضااي فيما ل نص فيه‪،‬‬
‫‪ -2‬ضرورة تعديل قانون ا ألسرة الجزائري تعديال جذراي يعتمد على مرجعية فقهية واضحة ويأأخذ في‬
‫الحس بان ما اس تقر عليه العمل القضائي واجتهاد قضاة المحكمة العليا في مسائل شؤون ا ألسرة‪.‬‬
‫تم بحمد الله‪.‬‬ ‫قائمة املصادر واملراجع‪:‬‬
‫‪ -‬املراجع‪:‬‬
‫‪ -1‬وهبة الزحيلي‪ ،‬الفقه الإسالمي و أأدلته‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوراي‪ ،‬ط‪،1945 ،2‬‬
‫ج‪.2‬‬
‫‪ -2‬بشير راضية وقروج فؤاد‪ "،‬اإشكالية تعارض الحكم التنظيمي مع الحكم القضائي بخصوص تثبيت واقعة‬
‫الزواج العرفي"‪ ،‬مجلة دراسات و أأبحاث‪ ،‬جامعة الجلفة‪ ،‬مجلد‪ ،12‬العدد‪ ،8‬جويلية ‪ ،2521‬ص‪-‬ص‪-224 :‬‬
‫‪.244‬‬
‫‪269‬‬

‫‪ -2‬العيد عامر‪ "،‬رفض تثبيت عقد الزواج العرفي لنعدام رخصة زواج ا ألجنبيي وحق الطفل في النسب(تعليق‬
‫على قرار)"‪ ،‬مجلة القانون والعلوم الس ياس ية‪ ،‬المركز الجامعي ابلنعامة‪ ،‬مجلد‪ ،8‬العدد‪ ،2‬جوان ‪ ،2514‬ص‪-‬‬
‫ص‪.856-882:‬‬
‫‪ -‬النصوص القانونية‪:‬‬

‫‪ -1‬القانون ‪ 11-48‬المؤرخ في ‪ 9‬جوان ‪ 1948‬المتضمن قانون ا ألسرة المعدل والمتمم اب ألمر‪ 52-55‬المؤرخ‪22‬‬
‫فبراير ‪.2555‬‬
‫‪ -‬اجملالت القضائية للمحكمة العليا‪:‬‬

‫‪ -1‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،1949 ،‬العدد‪1‬‬


‫‪ -2‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،1949 ،‬العدد‪8‬‬
‫‪ -2‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،1991 ،‬العدد‪1‬‬
‫‪ -8‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،1992 ،‬العدد‪2‬‬
‫‪ -5‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،1991 ،‬العدد‪2‬‬
‫‪ -6‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،1995 ،‬العدد‪2‬‬
‫‪ -2‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2551 ،‬العدد‪1‬‬
‫‪ -4‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2552 ،‬العدد‪2‬‬
‫‪ -9‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2552 ،‬العدد‪2‬‬
‫‪-15‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2558 ،‬العدد‪1‬‬
‫‪ -11‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2558 ،‬العدد‪.2‬‬
‫‪ -12‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2555 ،‬العدد‪2‬‬
‫‪ -12‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2556 ،‬العدد‪2‬‬
‫‪ -18‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2552 ،‬العدد‪1‬‬
‫‪ -15‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2515 ،‬العدد‪1‬‬
‫‪ -16‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2512 ،‬العدد‪1‬‬
‫‪270‬‬

‫‪ -12‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2512 ،‬العدد‪2‬‬


‫‪ -14‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2518 ،‬العدد‪1‬‬
‫‪ -19‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2518 ،‬العدد‪2‬‬
‫‪ -25‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2516 ،‬العدد‪1‬‬
‫‪ -21‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2516 ،‬العدد‪2‬‬
‫‪ -22‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2512 ،‬العدد‪1‬‬
‫‪ -22‬المحكمة العليا‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،2519 ،‬العدد‪.1‬‬
‫‪ -‬املواقع االلكرتونية‪:‬‬

‫‪ -1‬موقع المحكمة العليا‪https://www.coursupreme.dz/ ،‬‬


‫‪ -2‬موقع مجمع الفقه الإسالمي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسالمي‪ ،‬اتريخ الطالع‪2522/52/59:‬‬
‫الساعة ‪ ،19:12‬الرابط‪https://iifa-aifi.org/ar/2364.html :‬‬

You might also like