You are on page 1of 5

‫روائع الكتب‬ ‫أدب األطفال‬ ‫روائع القصص‬ ‫الشعر العربي‬ ‫األدب العربي‬ ‫اللغة العربية‬ ‫الرئيسية‬

‫الرئيسية ‪ /‬الشعر العربي ‪ /‬تحليل و شرح قصيدة النهر المتجمد لميخائيل نعيمة‬ ‫‪
‬بحث‬

‫تحليل و شرح قصيدة النهر المتجمد لميخائيل نعيمة‬

‫أحبتنا زوار موقع أنا البحر ‪ .‬يسعدنا أن نصطحبكم اليوم مع جولة باردة مع األديب الكبير‬
‫ميخائيل نعيمة ‪.‬‬

‫تخيل يا صديقي أنك اعتدت أن تقف يوميا أمام نهر جميل ‪ ،‬يجري ماؤه مترقرقا ‪ ،‬فراقك هذا‬
‫المنظر ‪ ،‬وأسرك هدوءه الساكن ‪ ،‬لكن فجأة أصبح هذا النهر متجمدا بفعل البرد الشديد في فصل‬
‫الشتاء ‪ ،‬فبماذا سيوحي إليك ذلك ؟‬

‫شخصيا سأحضر أدوات التزلج وأعيث في النهر تزحلقا…هههه…لحظة لحظة …األمر أعمق من‬
‫ذلك بكثير عند أديبنا ميخائيل نعيمة ‪ ،‬فلقد وقف على نفس المنظر ‪ ،‬فما هي الخواطر التي‬
‫أوحاها إليه النهر المتجمد ؟‬

‫‪ ‬‬

‫محتويات‬

‫‪ 1‬النهر المتجمد في الشتاء‬


‫‪ 2‬النهر المتجمد في فصل الربيع‬
‫‪ 3‬تحليل و شرح‪ ‬قصيدة النهر المتجمد‬
‫‪ 4‬عودة الحياة إلى النهر المتجمد‬
‫‪ 5‬رسائل عميقة تحملها قصيدة النهر المتجمد‬

‫النهر المتجمد في الشتاء‬


‫يا نهُر هل نضبْت مياُه َك فانقطعَت عن الخريـر ؟‬

‫أم قد َه ِر ْم َت وخار عزُم َك فانثنيَت عن المسير ؟‬

‫باألمِس كنَت مرنمًا بين الحدائـِق والزهـور‪ ‬‬

‫تتلو على الدنيا وما فيها أحاديـَث الدهـور‪ ‬‬

‫باألمس كنَت تسير ال تخشى الموانع في الطريـق‪ ‬‬

‫واليوَم قد هبطْت عليك سكينة اللحِد العميـق‪ ‬‬

‫باألمس كنـَت إذا أتيُت ك باكيـًا سَّلْي تنـي‪ ‬‬


‫واليوم صـرَت إذا أتيُت َك ضاحكـا أبكيتنـي‪ ‬‬

‫باألمس كنَت إذا سمعَت تنُّه ـِد ي وتوّج ِع ـي‪ ‬‬

‫تبكي ‪ ،‬وها أبكي أنا وحدي ‪ ،‬وال تبكي معي !‪ ‬‬

‫ما هذه األكفان ؟ أم هذي قيـود من جليـد‪ ‬‬

‫قد كَّب َلتَك وذَّلَلتـك بها يد البـرد الشديـد ؟‬

‫ها حولك الصفصاف ال ورق عليه وال جمـال‪ ‬‬

‫يجثو كئيبا كلما مّر ت بـِه ريـح الشمـال‪ ‬‬

‫والحور يندب فوق رأسك ناثرا أغصانه‪ ‬‬

‫ال يسرح الحّس ـون فيـه مـرّد دا ألحانه‬

‫تأتيه أسراب من الغربـان تنعـق في الفضـا‪ ‬‬

‫فكأنها ترثي شبابا من حياتك قـد مضـى‪ ‬‬

‫وكأنـها بنعيبها عند الصبـاح وفي المسـاء‪ ‬‬

‫جوق يشيع جسمك الصافي إلى دار البقـاء‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫النهر المتجمد في فصل الربيع‬


‫[‪]wp_ad_camp_3‬‬

‫لكن سينصرف الشتا ‪ ،‬وتعود أيـام الربيـع‪ ‬‬

‫فتفك جسمك من عقال مكنته يـد الصقيـع‪ ‬‬

‫وتكّر موجتك النقية حرة نحـو البحـار‪ ‬‬

‫ُح بلى بأسراِر الدجى ‪ ،‬ثملى بأنـوار النهـار‪ ‬‬

‫وتعود تبسُم إذ يالطف وجهك الصافي النسيم‪ ‬‬

‫وتعود تسبح في مياهك أنجم الليل البهيـم‪ ‬‬

‫والبدُر يبسط من سماه عليَك سترا من لجين‪ ‬‬

‫والشمُس تستر باألزاهر منكبيك العارييـن‪ ‬‬

‫والَح ْو ر ينسى ما اعتراه من المصائـِب والمحن‪ ‬‬

‫ويعود يشمخ أنفه ويميس مخضـّر الفنن‬

‫وتعود للصفصاِف بعد الشيب أيام الشبـاب‪ ‬‬


‫فيغرد الحّس ـوُن فوق غصونه بدل الغـراب‪ ‬‬

‫ما أجملها من خواطر المست القلوب ‪ ،‬حيث وقف شاعرنا على النهر وناجاه كإنسان به روح ‪،‬‬
‫ويسمع ويعي ما يقول ‪ ،‬فكان الخطاب مؤثرا ألنه يحمل عالقة صفاء وحب بين النهر والشاعر‬
‫ميخائيل نعيمة ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫تحليل و شرح‪ ‬قصيدة النهر المتجمد‬


‫‪ ‬‬

‫يقف الشاعر في بداية قصيدته أمام النهر المتجمد وكأنه جثة هامدة ‪ ،‬وقد أخذ الحزن من قلب‬
‫الشاعر مأخذه ‪ ،‬فرثاه بعبارات مؤثرة لمسناها جليا في كلماته ‪.‬‬

‫يقف مندهشا وهو يرى النهر الذي كان في األمس القريب يتمتع بالنشاط والحركة ‪ ،‬واآلن أضحى‬
‫كعجوز هرم أخذت منه األيام والسنين ‪.‬‬

‫يا نهُر هل نضبْت مياُه َك فانقطعَت عن الخريـر ؟‬

‫أم قد َه ِر ْم َت وخار عزُم َك فانثنيَت عن المسير ؟‬

‫باألمِس كنَت مرنمًا بين الحدائـِق والزهـور‪ ‬‬

‫تتلو على الدنيا وما فيها أحاديـَث الدهـور‪ ‬‬

‫لكن الحقيقة أن تجمد‪  ‬النهر هو توقف عن الحياة وبالتالي موت ونهاية ‪.‬‬

‫باألمس كنَت تسير ال تخشى الموانع في الطريـق‪ ‬‬

‫واليوَم قد هبطْت عليك سكينة اللحِد العميـق‪ ‬‬

‫يتذكر الشاعر أيام كان يعتريه الحزن والشقاء فال يجد التسلية واألنس إال من صديقه النهر‬
‫الرقراق ‪ ،‬هذا النهر الذي كان يفرح لفرح الشاعر ويبكي لحزنه ‪ ،‬لكن الموت غّي به ‪ ،‬فترك صاحبه‬
‫يبكي وحدته ‪ ،‬ويشكو وحشته ‪.‬‬

‫باألمس كنَت إذا سمعَت تنُّه ـِد ي وتوّج ِع ـي‪ ‬‬

‫تبكي ‪ ،‬وها أبكي أنا وحدي ‪ ،‬وال تبكي معي !‪ ‬‬

‫تأثير النهر المتجمد – أو باألحر النهر الميت – كان وضحا على الطبيعة ككل ‪ ،‬وكأن الحزن خيم‬
‫على الجميع ‪ ،‬فال طائر يغرد ‪ ،‬وال أوراق شجر تزهو بخضرتها ‪ ،‬بل أتى سرب من طيور الغربان‬
‫السوداء تشيع النهر المتجمد إلى مثواه األخير ‪.‬‬

‫تأتيه أسراب من الغربـان تنعـق في الفضـا‪ ‬‬

‫فكأنها ترثي شبابا من حياتك قـد مضـى‪ ‬‬

‫وكأنـها بنعيبها عند الصبـاح وفي المسـاء‪ ‬‬


‫جوق يشيع جسمك الصافي إلى دار البقـاء‪ ‬‬

‫فهل هذه هي النهاية حقا ؟ أمات النهر وفارق صاحبه ؟‬

‫‪ ‬‬

‫عودة الحياة إلى النهر المتجمد‬


‫‪ ‬‬

‫تنفرج العقد واألحزان ‪ ،‬وتنكسر الهموم واآلالم ‪ ،‬فموتة النهر المتجمد لم تكن سوى انبعاثا ليس‬
‫كأي انبعاث !‬

‫كطائر العنقاء الذي يموت ثم ينبعث من رماده ‪ ،‬كذلك النهر انبعث في فصل الربيع بنفس متجدد ‪،‬‬
‫وحياة مليئة بحب البقاء ‪ ،‬وتمتع بالبهجة والهناء كما هو الحال لنهر سبو في فصل الربيع ‪.‬‬

‫لكن سينصرف الشتا ‪ ،‬وتعود أيـام الربيـع‪ ‬‬

‫فتفك جسمك من عقال مكنته يـد الصقيـع‪ ‬‬

‫وتكّر موجتك النقية حرة نحـو البحـار‪ ‬‬

‫ُح بلى بأسراِر الدجى ‪ ،‬ثملى بأنـوار النهـار‪ ‬‬

‫وبدورها تبتهج الطبيعة بعودة الحياة للنهر المتجمد ‪ ،‬فتنشر نسيمها العليل فوق أغصان األشجار‬
‫اليانعة ‪ ،‬وتهدي الشمس الدافئة حلة من األزهار تكسو جوانب النهر البّس ام ‪ ،‬فتشكل لوحة ربيعية‬
‫جميلة ‪ ،‬وتختمها في الليل انعكاس نجوم السماء على صفحة مياهه الشفافة ‪.‬‬

‫وتعود تبسُم إذ يالطف وجهك الصافي النسيم‪ ‬‬

‫وتعود تسبح في مياهك أنجم الليل البهيـم‪ ‬‬

‫والبدُر يبسط من سماه عليَك سترا من لجين‪ ‬‬

‫والشمُس تستر باألزاهر منكبيك العارييـن‪ ‬‬

‫أما مشهد الغربان المشيعة لجثمان النهر المتجمد ‪ ،‬فيتحول في فصل الربيع إلى مشهد طائر‬
‫الحسون وهو يحلق مغردا بالحياة واألمل ‪ ،‬فتعود لألغصان حيويتها ‪ ،‬وتكتسي األرض خضرة‬
‫‪ ،‬فيغدو النهر شابا مفعما بالنشاط والحيوية ‪.‬‬

‫رسائل عميقة تحملها قصيدة النهر المتجمد‬


‫‪ ‬‬

‫لطالما كان الشاعر واألديب ميخائيل نعيمة يحمل في كتاباته وخواطره رسائل وغايات هادفة ‪،‬‬
‫وخير مثال قصيدة النهر المتجمد التي تناولناها في موضوعنا ‪ ،‬فهي في مظهرها تحمل صورة‬
‫طبيعية خالصة ( النهر المتجمد شتاء ) و ( عودة الحياة للنهر المتجمد في فصل الربيع ) ‪.‬‬

‫لكنها تحمل في العمق فكرة أخالقية واضحة ‪ ،‬وتتعلق بثنائية اليأس واألمل ‪ ،‬فلطالما كانت حياة‬
‫اإلنسان تحكمها فصول متعاقبة بين يأس وجمود حينا ‪ ،‬وأمل وانفراج أحايين أخرى ‪ ،‬والعبرة‬
‫بمن يصبر وينتظر الفرج ‪ ،‬وال يستسلم لقيود الظلمة والهموم ‪ ،‬فيكون كالنهر المتجمد الذي ينتظر‬
‫حتما فصل الربيع ليعيد الحياة إليه ‪.‬‬

‫وما دام لهذا الكون رب يسيره ‪ ،‬تعالى وتبارك في إبداعه وعظمته ‪ ،‬فستظل قلوبنا تحيى برحمته ‪،‬‬
‫وتنبعث نشيطة مبتهجة بعد كل يأس وآالم ‪.‬‬

‫قد يعجبك االطالع على ‪:‬‬

‫قصيدة عن الربيع ‪ :‬كلمات رقيقة على صوت زقزقة العصافير‬

‫شاركها‬
‫‪Facebook ‬‬
‫‪Twitter ‬‬
‫‪Pinterest‬‬

‫اقرأ أيضا‬

‫ ‬

‫شعر عن الوفاء ‪ :‬باقة مختارة من أروع ما قاله الشعراء‬

‫ ‬

‫شعر عن الكرم ‪ :‬أجمل األبيات من أهل الجود والسخاء‬

‫ ‬

‫شعر عن الصبر ‪ :‬مفتاح الفرج وسلوان القلوب عند الخطوب‬

‫ ‬

‫شعر عن االبتسامة ‪ :‬أبيات ترسم على الثغر راحة وصفاء‬

‫صفحات‬

You might also like