Professional Documents
Culture Documents
تحت إشراف
1
تأثير فيروس كورونا على االقتصاد المصري والعالمي
إعداد
2
الفهرس
الصفحة الموضوع
4 المقدمة
5 القسم األول :اآلثار االقتصادية الناتجة عن أزمة فيروس كورونا في مصر
15
الفصل الثاني :تأثير فيروس كورونا على االقتصاد العالمي
15 القسم األول :اآلثار االقتصادية الناتجة عن أزمة فيروس كورونا في العالم
3
المقدمة
منذ نهاية عام ،2019ظهر فيروس كوفيد 19-في مدينة وهان الصينية ،وحتى يومنا هذا
تعاني دول العالم من هذه الجائحة على المستوي الصحي واالقتصادي.
وبالرغم من االضمحالل النسبي لهذا الفيروس ،اال ان اثاره على االقتصاد المحلي
والدولي جسيمه وستستمر في المستقبل القريب والبعيد حسب قدرات الدول على التعامل
معها.
لقد سببت جائحة كوفيد 19-العديد من التداعيات السلبية على النشاط االقتصادي العالمي
والمصري ،والتي من المتوقع ان تدفع باالقتصاد العالمي الي اسوء معدالته منذ ازمة
1929ويمكن ان تكون "األسواء في التاريخ" .واليزال هناك حالة من عدم اليقين حول
مدي قوة التأثيرات السلبية على االقتصاد ،فالتداعيات االقتصادية تعتمد على عوامل
مرتبطة يصعب التنبؤ بها.
ورغم قدرة االقتصاد المصري علي التصدي لتداعيات االزمة الراهنة حتى االن ،اال انه من
التوقع ان يشهد هذا التقدم الملحوظ تباطؤ فيما يخص بعض القطاعات الي أثرت عليها
االزمة بشكل مباشر ،وأهمها القطاعات التي قد تؤدي الي خلل في مصادر الدخل األجنبي.
وعلى عكس العديد من األزمات السابقة ،فقد قوبل ظهور جائحة كورونا باستجابة كبيرة
وحاسمة على صعيد السياسات االقتصادية كُللت بالنجاح بصفة عامة في التخفيف من حدة
أسوأ التكاليف البشرية للجائحة على المدى القصير .ومع ذلك ،أوجدت االستجابة لهذه
الحالة الطارئة أيضا ً أخطار جديدة -مثل الزيادة الهائلة في مستويات الدين العام والخاص
تعاف منصف من األزمة ما لم يتم
ٍ في االقتصاد العالمي -التي قد تشكل خطرا ً على تحقيق
التصدي لها على نحو حاسم.
4
الفصل األول :تأثير فيروس كورونا على االقتصاد المصري
مقدمة الفصل
بالنظر إلى التجارب التاريخية ،تنهض االقتصادات بعد األزمات إلى مستويات أعلى مما
كانت عليه قبل األزمات فتظهر آفاق اقتصادية جديدة ويحدث تقارب بين الرؤى المختلفة
حول السياسات االقتصادية واالجتماعية ،وتظهر الثروات واإلمكانات البشرية المحلية
الكامنة لتتحدى األزمة وتتجاوزها.
وتفاعال مع األزمة العالمية التي نعيشها جميعا والتي امتدت إلى مصر ،حيث وجد قطاع
األعمال المصري نفسه أمام سوق شديد التغير بتحدياته وفرصه وآلياته واحتياجاته ،قام
المنتدى االقتصادي لمصر بكرة بطرح تساؤالت حول األثر الحالي لتلك التغيرات ،مع
حرصه على التنبيه لرصد الفرص المتاحة أمام االقتصاد المصري ،بل المجتمع المصري
بكافة فئاته ،أثناء وبعد عبور مصر بسالم لتداعيات األزمة.
الواقع أن أزمة فروس كورونا قد اصطدمت بالمؤشرات االقتصادية التي دوما ً ما عملت
مصر بجد طوال برنامج االصالح لتحقيقها مع الحفاظ على االستقرار وإظهار التقدير
التضحيات الثقيلة التي كان على الناس تحملها لدعمهم .إال أنه وكما لوحظ ،فإن األزمة
متعددة األوجه وليس لدى الحكومة المصرية مهمة سهلة للتخفيف الجمع بين اآلثار
االجتماعية واالقتصادية والصحية لتفشي كوفيد.19-
دون الخوض في الكثير من التفاصيل ،يكفي اإلشارة إلى أن توقعات صندوق النقد الدولي
أعادت تقييم الزيادة في نمو الناتج المحلي اإلجمالي الحقيقي لتتراجع النسبة إلى ٪2في
عام 2020من التوقعات األولية القريبة من ٪6مع استمرار تأثير جائحة فيروس
كورونا .مقابل معدل النمو السكاني البالغ ،٪2.3وهو أحد أعلى معدالت النمو العالمي،
مما يعني أن مصر ستعاني بنفس القدر من معدل نمو سلبي للفرد .باإلضافة إلى ذلك،
5
عادت معدالت البطالة إلى مستواها السابق قبل خمس سنوات لتصل إلى ٪12تقري ًبا بعد
أن وصلت إلى ٪8في عام ،2019وهو أدنى مستوى على اإلطالق خالل 20عا ًما بسبب
تنفيذ برنامج اإلصالح ،عالوة على ذلك ،انخفض الدين العام من ٪103في عام
2017/2016إلى حوالي ٪85في ، 2019/2018وهو اتجاه هبوطي صحي ،ومع ذلك
يظل مرتفعًا مقارنة بالناتج المحلي اإلجمالي ،وبالتالي يستمر في فرض مخاطر
االستدامة ،وسيتفاقم هذا األمر إذا تسببت األزمة في توقف الضبط المالي.
وفي هذا السياق وبسبب التأثير العالمي للوباء واإلغالق العالمي ،تواجه مصر انخفاضًا
كبيرا في صافي تدفقاتها المالية .من المؤسف للغاية أن يأتي هذا النقص في التمويل في
ً
وقت كانت فيه القناعة السائدة هي أن مصر كانت تسحب نفسها من عنق الزجاجة.
كبيرا في عائدات قناة
خسرت مصر دخلها من قطاع السياحة ،وواجهت انخفاضًا ً
صا حادًا في عائدات التصدير ،وسط االنخفاض الحاد في أسعار النفط
السويس ،وتقل ً
دوالرا للبرميل .إضافة إلى
ً دوالرا للبرميل إلى ما ال يزيد عن 25
ً والغاز العالمية من 60
كل هذا ،سيكون النخفاض التحويالت بنسبة ٪20على الصعيد العالمي تأثير مدمر على
االقتصاد المصري ،باعتباره خامس أكبر متلق للتحويالت في العالم .ولوضع األمور في
نصابها ،يشترط البنك الدولي أن االنخفاض في التحويالت “غير مسبوق” ،وأن األقرب
لألزمة الراهنة هي األزمة المالية العالمية ( ،)2009/2008عندما انخفضت التحويالت
بنحو .٪5تعد التحويالت والسياحة أكبر مصدرين للعملة األجنبية لمصر ،وقد توقف
االثنان في فترة ما بعد كورونا التي سيكون من الصعب استردادها على المدى القصير.
في ضوء الخسائر الهائلة التي تتكبدها مصر في عائداتها ،سيتعين عليها ،وفقًا لوزير
المالية ،إعادة تقييم ميزانيتها إلى أسفل ومراجعة طرق الحفاظ على اإلنفاق العام وزيادته
في قطاعات مثل التعليم والصحة.
عند وضع معدل النمو في مصر في سياق إقليمي ،من المفيد أن ننظر عن كثب إلى
التغييرات المتوقعة التي قام بها صندوق النقد الدولي لتوقعات الناتج المحلي اإلجمال لعام
2020نتيجة ألزمة كوفيد.19-
6
في حين أنه من الواضح أن جميع البلدان تضررت بشدة من كوفيد ،19-حيث تنحدر إلى
معدالت النمو السلبية ،يبدو أن مصر أفضل ً
حاال من الدول األخرى .وبفقدان ٪4من
مستوى نموها ،فإن معدل النمو اإليجابي في مصر سوف يتالشى ،كما ذكرنا ،بمجرد أن
نأخذ في االعتبار معدل نمو السكان .باإلضافة إلى التفاوت الكبير في مستويات المعيشة في
مصر ،ستكون الفئات السكانية الضعيفة هي األكثر تضرراً ،وفقا ألرقام األمم المتحدة،
يعيش أكثر من % 30من السكان تحت خط الفقر ،وأيضا ً لن تكون مصر قادرة على
اللجوء إلى أصدقائها الخليجيين لتخفيف مأزقها ،فالجميع في نفس القارب واألزمة لم
تترك أحداً.
تأثرت بعض المؤشرات االقتصادية الكلية األساسية لمصر خالل فترة ذروة وباء فيروس
كورونا في مصر ،قبل أن يسترد بعض منها عافيته ،بحسب دراسة للجهاز المركزي
للتعبئة العامة واإلحصاء.
وجاءت الدراسة التي أعلن عنها الجهاز تحت اسم "دراسة عن تداعيات فيروس
كورونا المستجد على االقتصاد المصري خالل الفترة من 14فبراير وحتى 16يونيو
."2020
7
وذكر البيان أن الفترة من بداية الجائحة وحتى األسبوع الثالث تقريبا ً من شهر يونيو
نموا في معدل حدوث اإلصابات المؤكدة.
الماضي شهدت ً
وشهد األسبوع األخير من يونيو الماضي انتهاء مرحلة التوسع الوبائي وبداية انحسار
األزمة مع اتجاه معدل حدوث اإلصابات المؤكدة نحو االنخفاض ،وفقًا للبيان.
انخفض معدل النمو السنوي للناتج المحلي اإلجمالي الحقيقي في الربع الثالث من العام
المالي 2020/2019ليسجل %5مقابل %5.6عام .2019/2018
-2معدل البطالة
ارتفع معدل البطالة في الربع الرابع من العام المالي الماضي إلى %9.6وذلك على
النقيض خالل نفس الربع من العامين السابقين.
ترجع الدراسة هذا االرتفاع إلى األزمة الحالية لفيروس كورونا المستجد والتي تسببت في
تعليق المدارس وحركة الطيران وإغالق المحالت جزئيًا.
شهد الرقم القياسي تدهور مستمر خالل الفترة فبراير-أبريل 2020مسجال معدل تراجع
سنوي بلغ %18.8في نهاية الفترة.
ويُعزى هذا التراجع إلى انخفاض أسعار أنشطة الزراعة وصيد األسماك والتعدين
واستغالل المحاجر وخدمات الغذاء واإلقامة بنسب % 4.5و % 67.7و ،% 8.1على
التوالي.
ويُالحظ أن تأثير كوفيد 19-على معدل التضخم السنوي ألسعار المستهلكين محدود إذا ما
قورن بأثر الجائحة على معدل التغير السنوي ألسعار المنتجين ،وفقًا للدراسة.
8
ومع انحسار الوباء تراجع االنخفاض في معدل التغير السنوي ألسعار المنتجين ليسجل
%15.2ارتفاعًا بمقدار 3.6نقطة مئوية في شهر مايو .2020
-4أسعار الصرف
شهد الجنيه المصري انخفاضًا خالل الفترة من فبراير حتى مايو 2020بلغ نحو %1.8
من قيمته ،وذلك تزامنا مع تراجع التدفقات الدوالرية نتيجة لعدة أسباب منها على سبيل
المثال انخفاض الصادرات السلعية بمعدل %39.4في نفس الفترة.
وذكرت الدراسة أن تفاقم األثر السلبي على قيمة الجنيه جراء تأثر قطاع السياحة بشكل
ملحوظ بانتشار الفيروس واالنخفاض الكبير في أعداد السائحين والليالي السياحية مع
إغالق المطارات وتعليق الرحالت الجوية ،مما ساهم في تراجع إيرادات مصر من النقد
األجنبي.
لكن مع انحسار موجة كورونا شهدت الفترة من مايو إلى أغسطس الماضي ارتفاعًا طفيفا
في قيمة الجنيه بمعدل .%0.2
-5قناة السويس:
انخفضت إيرادات قناة السويس بالدوالر بد ًءا من أبريل الماضي مقارنة بالمستويات
المناظرة في العامين السابقين 2018و 2019نظرا ً لتأثر التجارة العالمية بشكل عام
بالجائحة.
وذكرت الدراسة أن معدل التغير الشهري لإليرادات سجل أدنى مستوى له
( )%7.5-في شهر مايو 2020مقارنة بنفس الشهر في العامين السابقين ( %4.5و%6
على التوالي).
ويمكن تحديد التأثير الحقيقي للجائحة على قطاع قناة السويس بالنظر للتغير في الحموالت
الصافية وعدد السفن العابرة للقناة قبل وبعد فبراير .2020
9
وقال الجهاز إن الحموالت انخفضت من 101.8مليون طن إلى 84.2مليون طن،
وانخفضت أعداد السفن من 1731إلى 1381سفينة خالل الفترة أبريل-يونيو .2020
لكن إيرادات القناة أظهرت تحسنًا إذ ارتفع معدل التغير الشهري إليرادات قناة السويس
بشكل ملحوظ في يوليو 2020بنسبة .%8.7
لحق ضرر جسيم بقطاع السياحة من حيث أعداد السائحين حيث انخفضت من 900ألف
سائح في فبراير الماضي إلى صفر سائح في أبريل الماضي بنسبة انخفاض .%100
أما قطاع السكك الحديدية فقد انخفضت اإليرادات الحقيقية للسكك الحديدية بنسبة %55.7
خالل الفترة من فبراير-أبريل الماضيين.
انخفض صافي االحتياطات الدولية بقيمة 9.5مليار دوالر خالل الفترة من فبراير–مايو
الماضيين.
نجح االقتصاد المصري في السير بخطى ثابتة ومنهجية استباقية ومرنة ،نحو تحقيق
مستهدفات برنامج اإلصالح االقتصادي والهيكلي ،وفي مقدمتها تطبيق اإلصالحات
الرامية إلى النهوض بمعدل النمو ،واحتواء نسب عجز الموازنة ،ومعدالت التضخم،
فضالً عن اتخاذ االحتياطيات الدولية من النقد األجنبي مسارا ً تصاعدياً ،في ظل انتعاش
األنشطة التجارية وتعافي قطاع السياحة ،إلى جانب ارتفاع تحويالت المصريين في
الخارج ،وغيرها من مصادر النقد األجنبي ،ما أسهم في تعزيز بنية االقتصاد المصري،
وتماسكه وصموده في مواجهة التحديات ،وإنقاذه من تأثيرات جائحة كورونا التي أضرت
10
بالعديد من االقتصادات العالمية ،وهو األمر الذي انعكس بدوره على تحسن المؤشرات
االقتصادية ،وحظى بإشادة كبيرة من المؤسسات الدولية.
في هذا الصدد أصدر المركز اإلعالمي لمجلس الوزراء تقريرا ً تضمن إنفو جرافات تسلط
الضوء على شهادات الثقة من جانب المؤسسات الدولية في االقتصاد المصري بفضل
صالبته أمام أزمة كورونا .
وركز التقرير على توقع البنك الدولي بأن تعود مصر إلى مسار النمو الذي كانت عليه
قبل جائحة كورونا ،الفتا ً إلى أن معدل نمو االقتصاد المصري سيرتفع من %3.3للعام
المالي 2021/2020إلى %5.5للعاميين الماليين ،2022/2021و.2023/2022
وأوضح التقرير أن تلك التوقعات مدفوعة بكل من تعافي االقتصادات العالمية وال سيما
الشركاء التجاريين الرئيسيين لمصر ،فضالً عن عودة تعافي القطاع السياحي وزيادة
صادرات الغاز ،باإلضافة إلى النمو المستمر بقطاع تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت،
وكذلك انتعاش قطاعي التشييد والبناء والعقارات.
واستعرض التقرير التحسن في أبرز المؤشرات االقتصادية ،ليتوقع البنك الدولي تراجعا ً
في العجز الكلي كنسبة من الناتج المحلي اإلجمالي ليصل إلى %6.8عام ،2023/2022
مقارنة بـ %7.2عام .2022/2021
وبشأن الفائض األولي كنسبة من الناتج المحلي اإلجمالي ،توقع البنك الدولي أن يسجل
%2عام ،2023/2022مقارنة بـ %1.8عام ،2022/2021أما عن عجز الميزان
التجاري فتوقع البنك أن يتراجع إلى %9.6عام ،2023/2022مقارنة بـ %10.5عام
.2022/2021
وفي السياق ذاته سلط التقرير الضوء على تعقيبات البنك الدولي ،فيما يخص اإلصالح
االقتصادي ،مؤكدا ً أن تلك اإلصالحات التي ساعدت على استقرار االقتصاد الكلي خالل
السنوات الماضية ،أسهمت في بناء القدرة على مواجهة التحديات المتعلقة بأزمة كورونا.
11
وعلى صعيد التصنيف االئتماني ثمن البنك مواصلة مصر جهودها لمعالجة التحديات
االقتصادية المختلفة ،ما جعل وكاالت التصنيف االئتماني الدولية تبقي على توقعاتها
المستقبلية لمصر عند "مستقرة" رغم األزمة العالمية الحادة.
وفيما يتعلق بالتضخم ،وفقا ً للتقرير ،ذكر البنك الدولي أن معدل التضخم ال يزال في حدود
النطاق المستهدف من قبل البنك المركزي المصري وهو )%2±( %7في الربع األخير
من ،2022كما أشاد بما شهده النشاط االقتصادي ومصادر النقد األجنبي من انتعاش،
وبدء القطاعات الموجهة نحو التصدير في استعادة عافيتها.
وباإلضافة لما سبق من تعقيبات على النشاط االقتصادي في مصر ،أوضح البنك أن
احتياطيات النقد األجنبي تقل عن الذروة التي بلغتها قبل تفشى جائحة كورونا عند 45.5
مليار دوالر ،لكنها ظلت عند مستويات وفيرة نسب ًيا بلغت 40.8مليار دوالر بنهاية أكتوبر
2021لتغطي 7أشهر من واردات السلع.
يأتي هذا فيما أبرز التقرير إشارة البنك لصمود القطاع المصرفي المصري في وجه
تحديات أزمة كورونا ،ومواجهته الجائحة بسيولة قوية وربحية مستقرة ،مؤكدا ً أن
السالمة المالية للبنوك ال تزال مالئمة حتى بعد صدمة فيروس كورونا ،كما توقع أيضا ً أن
تستأنف نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي اإلجمالي مسارها النزولي في األجل
المتوسط.
وركز التقرير ،على شهادات موديز فيما يخص وضع مصر االئتماني ،مؤكدةً أن االقتصاد
المصري يدعمه سجل حافل من االلتزام باإلصالحات االقتصادية والمالية ،بما يتوازن مع
التحديات الناشئة عن متطلبات التمويل الكبيرة.
12
كما أشار إلى أن مصر لديها قاعدة تمويلية محلية واسعة ،باإلضافة إلى توافر احتياطيات
النقد األجنبي بما يتجاوز مدفوعات الدين الخارجية والتقلبات في تدفق رأس المال ،إلى
جانب استعادة تحقيق فوائض أوليه بالموازنة لمستويات ما قبل جائحة كورونا ،بما
يتوازن مع خطة خفض الدين بداية من السنة المالية .2023/2022
وأظهر التقرير أن تحسين مصر لتصنيفها االئتماني مستقبالً ،يرتبط باستمرار ضبط
أوضاع المالية العامة ،وتحقيق خفض ملحوظ في نسبة الدين العام الحكومي إلى الناتج
المحلي اإلجمالي ،فضالً عن تحقيق خفض ملحوظ في إجمالي مدفوعات الدين كنسبة من
اإليرادات ،مع استمرار إطالة آجال استحقاق الديون ،باإلضافة إلى التحسن المستدام في
سوق العمل والصادرات غير البترولية.
وكشف التقرير عن توقعات وكالة موديز بتعافي االقتصاد المصري ومؤشرات الدين خالل
عام ،2022/2021ليسجل معدل النمو االقتصادي ،%5.5كما توقعت أن يصل عجز
الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي اإلجمالي إلى %.3.5
يأتي هذا فيما جاءت التوقعات بشأن إجمالي الدين العام الحكومي كنسبة من الناتج
المحلي اإلجمالي ليصل إلى ،%89.8وأن تصل مدفوعات فوائد الدين كنسبة من
اإليرادات إلى %.43.8
واستكماالً الستعراض شهادات الثقة من جانب المؤسسات الدولية ،ركز التقرير على
تعان من انكماش اقتصادي طيلة جائحة كورونا ،ومن
ِ تأكيد اإليكونوميست أن مصر لم
المتوقع عودة التعافي لمستويات ما قبل الجائحة ،لتتحسن التوقعات بشأن معدل النمو
االقتصادي مسجلة %5.4عام ،2022/2021و %5.6عام ،2023/2022و %5.7عام
. 2024/2023
وشملت التوقعات ،وفقا ً للتقرير ،بأن يكون قطاعا البناء والطاقة محركين رئيسيين
لالقتصاد خالل السنوات المقبلة ،وأن ينتعش قطاع السياحة ،باإلضافة إلى أنه مع اتساع
نطاق النمو وانخفاض معدالت البطالة ،ستظل معدالت نمو االستهالك قوية خالل الفترة من
2022إلى . 2026
13
وأظهر التقرير التوقعات بشأن تراجع معدل التضخم ،ليسجل %6.3عام ،2022و%5.7
عام ،2023و %5.1عام ،2024فيما توقعت اإليكونوميست تراجع عجز الحساب
الجاري كنسبة من الناتج المحلي اإلجمالي ليسجل %3.9عام ،2022/2021و %3عام
،2023/2022و %2.9عام . 2024/2023
وأوضح التقرير أنه من المتوقع أن يبقى العجز عند متوسط %2.9من الناتج المحلى
اإلجمالي خالل الفترة من 2022حتى ،2026مقارنة بـ %4.4خالل الفترة من 2016
إلى . 2020
كما جاءت التوقعات بشأن االستهالك الخاص كنسبة من الناتج المحلي اإلجمالي ،ليسجل
%4.7عام ،2022/2021و %5.4عام ،2023/2022و 5.7عام .2024/2023
ملخص الفصل
في الختام ،يتعين على مصر أن تجري مراجعة لنفقات ميزانيتها في ضوء تأثير الفيروس
التاجي على عائدات مصر .تحتاج مصر إلى النظر في نظام جديد تما ًما بمصادر جديدة
14
دورا أكبر في مجاالت الرعاية
لإليرادات واإلنفاق العام بأولويات جديدة تؤدي فيها الدولة ً
الصحية والتعليم وتوطين االستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية دون إزاحة القطاع
الخاص.
مقدمة الفصل
كانت اآلثار االقتصادية للجائحة بالغة الحدة في االقتصادات الصاعدة حيث كشفت حاالت
فقدان الدخل الناجمة عنها عن أوجه الهشاشة االقتصادية التي كانت قائمة من قبل ،بل
زادت من تفاقمها .فمع انتشار الجائحة في عام ،2020أصبح من الواضح أن جانبا ً كبيرا ً
من القطاع العائلي وقطاع الشركات لم يكن مؤهالً لتحمل صدمة تصيب الدخل من حيث
طول أمدها واتساع نطاقها .وتشير الدراسات المستندة إلى بيانات ما قبل األزمة ،على
سبيل المثال ،إلى أن أكثر من %50من األسر في االقتصادات الصاعدة والمتقدمة لم
تتمكن من الحفاظ على مستوى االستهالك األساسي نفسه ألكثر من ثالثة أشهر في حالة
فقدان الدخل.
15
وبالمثل ،لم تغط االحتياطيات النقدية لدى الشركات متوسطة الحجم سوى أقل من 55يوما ً
من النفقات .وكان جزء كبير من القطاع العائلي وقطاع الشركات في االقتصادات الصاعدة
مثقالً بالفعل بمستويات مرتفعة من الديون غير المستدامة قبل وقوع األزمة ،وواجه
صعوبة في خدمة تلك الديون عندما أدت الجائحة وما ارتبط بها من تدابير الصحة العامة
إلى انخفاض حاد في دخل األسر وإيرادات الشركات.
لقد أثرت األزمة تأثيرا ً حادا ً على معدالت الفقر وعدم المساواة على مستوى العالم ،حيث
ارتفع معدل الفقر العالمي ألول مرة منذ جيل كامل ،وأدت حاالت فقدان الدخل غير
المتناسبة فيما بين الفئات المحرومة إلى ارتفاع كبير في عدم المساواة داخل البلدان وفيما
بينها .ووفقا ً لبيانات المسح ،في عام ،2020سجل معدل البطالة المؤقتة في %70من
جميع البلدان نسبة أعلى بين العمال الذين لم يتموا إال مرحلة التعليم االبتدائي .أما حاالت
فقدان الدخل فكانت أيضا ً أكبر بين الشباب والنساء وأصحاب المهن الحرة والعمالة
الموسمية ذوي المستويات التعليمية النظامية األقل .وقد تأثرت النساء ،على وجه
الخصوص ،بفقدان الدخل والعمل ألنهن كن على األرجح يعملن في قطاعات تضررت بقدر
أكبر من جراء تدابير اإلغالق العام والتباعد االجتماعي.
وتبرز أنماط مماثلة فيما بين الشركات .فقد كانت الشركات األصغر حجما ً ومنشآت األعمال
غير الرسمية والمشروعات التي ليس لديها سوى سبل وصول محدودة إلى سوق االئتمان
الرسمي أكثر تضررا ً من حاالت فقدان الدخل الناجمة عن جائحة كورونا .أما الشركات
األكبر حجما ً فقد خاضت غمار األزمة وهي تملك القدرة على تغطية نفقاتها لمدة تصل إلى
65يوماً ،مقارنة بمدة 59يوما ً للشركات متوسطة الحجم و 53يوما ً لمنشآت األعمال
الصغيرة و 50يوما ً لمنشآت األعمال متناهية الصغر .باإلضافة إلى ذلك ،شكلت منشآت
األعمال متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة نسبة كبيرة للغاية في القطاعات األكثر
تضررا ً من األزمة ،مثل خدمات اإلقامة والطعام ،وتجارة التجزئة ،والخدمات الشخصية.
شهدت الدول العربية منذ بداية فيروس «كورونا» سلسلة من التبعات المتالحقة التي
استدعت آثارها ذكريات األزمة المالية العالمية التي عصفت باالقتصاد العالمي في عام
16
،2008وظلت تالحقه لعدة سنوات ،لكن مع اختالف كبير في مسببات األزمة ومع حالة
أعلى من عدم اليقين ،فقد تأثر االقتصاد العالمي عبر قنوات رئيسية عدة ،وهي :جانب
العرض ،وجانب الطلب ،والثقة في أسواق المال العالمية وأسواق السلع األولية وبالتالي
الناتج المحلي اإلجمالي ،وقد شهد االقتصاد العالمي انكماشا ً خالل عام ،2020وهناك
تفاؤل حذر حول آفاق نموه المستقبلية مع تخفيف اإلجراءات االحترازية والعودة لألوضاع
الطبيعية ،وقد تتطور حدة سلبية اآلثار االقتصادية وتباطؤ النمو االقتصادي العالمي حسب
تطورات هذه األزمة.
لم تكن الدول العربية بمعزل عن آثار األزمة على جانبي المالية العامة واالقتصاد ،فالدول
العربية وبحكم عالقاتها االقتصادية ومكانتها العالمية تؤثر وتتأثر باألحداث والظروف
العالمية ،حيث أثر فيروس «كورونا» على نشاط االقتصاد المحلي باإلضافة إلى اآلثار
السلبية للركود االقتصادي العالمي وانخفاض الطلب خصوصا ً في أسواق النفط الذي شهد
انخفاضات حادة غير مسبوقة في األسعار ،ورغم األثر السلبي على نمو االقتصاد غير
النفطي وما يصاحبه من تفاقم في عجز الميزانية عن المخطط له مع التزام الدول العربية
بمستويات اإلنفاق لدعم االقتصاد المحلي.
تأثر األداء االقتصادي للدول العربية في عام 2020بشكل ملموس بالتداعيات الناتجة عن
جائحة «كوفيد ،»19 -استنادا ً إلى التقرير االقتصادي العربي الموحد ،2021وأثّر هذا
الوباء بشكل رئيسي على األداء االقتصادي في المنطقة العربية من خالل االنخفاض الحاد
في حجم النشاط االقتصادي بسبب تأثير إجراءات اإلغالق الحتواء الوباء على عدد من
القطاعات مثل السياحة والنقل وتجارة التجزئة وخدمات الضيافة مثل الفنادق والمطاعم
والمقاهي .ونتج عن ذلك انخفاض كبير في الناتج المحلي اإلجمالي وتسجيل زيادة كبيرة
في عجوزات الموازنات العامة والدين العام ،نتيجة التدابير التي اتخذتها الدول للتخفيف
من آثار الوباء على الصحة العامة ،ودعم الشركات والعمال في القطاع الرسمي ،وتقديم
اإلعانات الفورية للطبقات الفقيرة في شكل تحويالت نقدية وعينية حتى لمن هم خارج
شبكات األمان االجتماعي ،وكذلك المؤسسات واألفراد العاملين في القطاع غير الرسمي.
إضافةً لما سبق ،تأثرت الدول المصدرة الرئيسة للنفط أيضا ً بصدمة اقتصادية أخرى
17
متمثلة في انخفاض الطلب على النفط وهبوط أسعاره في األسواق العالمية وانخفاض
إنتاجه في إطار اتفاق «أوبك »+ما بين الدول أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول،
والدول المصدرة الرئيسية المنتجة للنفط من خارج المنظمة .أما الدول العربية األخرى،
فتأثرت أيضا ً بانخفاض عائدات السياحة ،وتراجع الطلب الخارجي نتيجة لتباطؤ النمو في
اقتصادات أهم الشركاء التجاريين ،وتباطؤ تدفقات االستثمار األجنبي المباشر .وباإلضافة
إلى الجائحة ،واصلت األوضاع الداخلية تأثيراتها غير المواتية على األداء االقتصادي في
بعض الدول العربية األخرى.
بلغ الناتج المحلي اإلجمالي باألسعار الجارية في الدول العربية كمجموعة نحو 2432
مليار دوالر عام 2020مسجالً معدل انكماش قُ ّدِّر بنحو %11.5بالمقارنة مع عام 2019
كنتيجة لتأثير األوضاع المذكورة ،وهو انكماش لم تعرف الدول العربية مثله حتى في
أعقاب األزمة المالية العالمية في عام .2009وتُقدّر الخسارة في الناتج المحلي اإلجمالي
في الدول العربية في عام 2020نتيجة للجائحة بنحو 221مليار دوالر باألسعار الثابتة
لعام ،2015وانكمش الناتج المحلي اإلجمالي في كل الدول العربية باستثناء مصر التي
كانت الدولة العربية الوحيدة التي حققت نموا ً في الناتج المحلي اإلجمالي خالل عام
،2020حيث بلغ ،%3.6بينما سجل %3.3عام 2021وفقا ً لصندوق النقد الدولي.
من ناحية أخرى ،واستنادا ً إلى تقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2021نما االقتصاد في
المملكة العربية السعودية بمعدل ،%2.8بعد أن انكمش في عام 2020بمعدل ،%4.1
وهو أكبر اقتصاد عربي ومن مجموعة العشرين ،ومن الجدير باإلشارة أن جميع الدول
العربية األخرى حققت معدالت نمو إيجابية في عام ،2021وفقا ً لصندوق النقد الدولي.
ومن أجل التصدي للجائحة وسبل التعامل معها والنهوض بالواقع االقتصادي العربي ،ال بد
من العمل على استخدام تطبيقات تخطيط الموارد المؤسسية لتشغيل أنظمتها لمعلومات
اإلدارة المالية ،مما يتيح الحصول على المخصصات والنفقات لالستجابة لفيروس
«كورونا» واألوبئة األخرى مستقبالً ،كما ينبغي على صناع السياسات وضع خطط
للطوارئ يمكن تعديل حجمها بمرونة للتصدي للمخاطر الصحية واالقتصادية ومخاطر
المالية العامة التي تنشأ عن حاالت تفشي األوبئة المتكررة ،ويجب على الحكومات تعزيز
18
كفاءة اإلنفاق الحكومي ،وزيادة اإليرادات غير النفطية ،وتوجيه الدعم لمستحقيه ،وتطوير
آلية إعداد الميزانية العامة للدولة ،وتعزيز إدارة الدين العام ،والنمو االقتصادي وتعزيز
االستثمارات الحكومية والقطاع الخاص ،وتشجيع ودعم االبتكار والبحث العلمي والرقمنة
االقتصادية إلى جانب قيام البنوك المركزية بدعم الطلب والثقة عن طريق تيسير األوضاع
المالية ،وضمان تدفق االئتمان إلى القطاعات السلعية ،وتعزيز السيولة في األسواق
المالية المحلية والدولية كما يجب أن تكون خطة اإلصالح محددة زمنياً ،وإنشاء شراكة
حقيقية بين القطاعين العام والخاص وتقديم الدعم والتسهيالت لقطاعات الصناعات
الغذائية والدوائية والقطاع الزراعي.
بعد مرور عام ونصف منذ بداية ظهور جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد ،)19-من
المتوقع أن يشهد االقتصاد العالمي في عام 2021أقوى تعاف له فيما بعد الكساد في 80
عاما .ولكن من المحتمل أن يتفاوت ذلك االنتعاش فيما بين البلدان ،إذ يبدو أن االقتصادات
ستسجل معدل نمو قويا في حين سيتأخر العديد من االقتصادات النامية عن اللحاق
ِّ ّ الكبيرة
بالركب.
ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو العالمي لتصل إلى %5.6هذا العام ،ويرجع ذلك في
المقام األول إلى قوة النمو في االقتصادات الكبيرة مثل الواليات المتحدة والصين .وعلى
الرغم من تعديل تنبؤات النمو لكل منطقة من مناطق العالم تقريبا بالزيادة بالنسبة لعام
،2021فإن العديد من المناطق ال تزال تعاني من جائحة كورونا وما تمخضت عنه من
تداعيات طويلة األجل .وعلى الرغم من انتعاش هذا العام ،فمن المتوقع أن يقل مستوى
إجمالي الناتج المحلي العالمي في 2021بنسبة %3.2عن تنبؤات ما قبل الجائحة ،ومن
المرتقب أن يظل نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في كثير من اقتصادات األسواق
الصاعدة واالقتصادات النامية دون مستويات ذروته قبل الجائحة لفترة طويلة من الزمن.
ومع استمرار تصاعد الجائحة ،فإنها ستُح ِّدّد معالم مسار النشاط االقتصادي العالمي.
19
ومن المتوقع أن تساهم كل من الواليات المتحدة والصين بنحو ربع النمو العالمي في
.2021وقد لقي االقتصاد األمريكي دعما من حزمة واسعة من التدابير المالية التنشيطية،
ومن المتوقع أن تنتشر عمليات التطعيم على نطاق واسع بحلول منتصف عام ،2021
وتشير التنبؤات إلى أن معدل النمو سيصل إلى %6.8هذا العام ،وهي أسرع وتيرة للنمو
منذ عام .1984أ َّما اقتصاد الصين الذي لم ينكمش العام الماضي فمن المتوقع أن يسجل
معدل نمو قوي قدره %8.5ثم يتباطأ مع تحول التركيز إلى تقليص المخاطر على
االستقرار المالي.
من المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو في اقتصادات األسواق الصاعدة واالقتصادات النامية
لتصل إلى %6هذا العام بفضل زيادة الطلب الخارجي وارتفاع أسعار السلع األولية .غير
أن هناك عقبات أمام التعافي في كثير من البلدان نتيجة لحدوث طفرة جديدة في اإلصابة
بفيروس كورونا ،وتفاوت عمليات التطعيم ،واإللغاء الجزئي للتدابير الحكومية لدعم
سجل معدل النمو وتيرة أكثر
النشاط االقتصادي .وباستبعاد الصين ،من المتوقع أن يُ ِّ ّ
تواضعا ليصل إلى .%4.4وفي األمد األطول ،من المرجح أن تنخفض آفاق المستقبل في
اقتصادات األسواق الصاعدة واالقتصادات النامية نتيجة لإلثر المستمر لتداعيات جائحة
كورونا – من حيث تآكل المهارات من جراء فقدان الوظائف وسنوات الدراسة الضائعة،
وهبوط حاد لالستثمار؛ وارتفاع أعباء الديون؛ وزيادة مواطن الضعف المالي .وتشير
التنبؤات إلى أن معدل النمو في هذه المجموعة من البلدان سينحسر إلى %4.7في 2022
مع قيام الحكومات تدريجيا بإلغاء تدابير دعم السياسات.
وفي االقتصادات منخفضة الدخل التي تأخرت فيها عمليات التطعيم ضد الفيروس ،تم تعديل
تنبؤات النمو بالنقصان إلى .%2.9وإذا ن َّحينا جانبا االنكماش الذي شهده العام الماضي،
فإن هذه ستكون أبطأ وتيرة للنمو في نحو 20عاما .ومن المتوقع أن يقل ناتج المجموعة
من االقتصادات في عام 2022بنسبة %4.9عن تنبؤات ما قبل الجائحة .وقد كانت
االقتصادات منخفضة الدخل الهشة والمتأثرة بالصراع هي األشد تضررا من الجائحة،
وانتكست المكاسب من حيث نصيب الفرد من الدخل وعدنا للوراء عشرة أعوام على األقل.
20
وعلى الصعيد اإلقليمي ،من المتوقع أن تسجل منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ أقوى
معدالت التعافي ،ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى قوة التعافي في الصين .وفي جنوب آسيا،
شّي الفيروس في الهند ونيبال .ومن
واجه التعافي عقبات من جراء موجات متكررة من تف ِّ
المتوقع أن ت ُ ِّ ّ
سجل منطقتا الشرق األوسط وشمال أفريقيا ،وأمريكا الالتينية والبحر
الكاريبي نموا هزيال إلى درجة ال تكفي للتعويض عن تأثير االنكماش في عام .2020وأ َّما
التعافي في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء فقد لقي دعما من التأثيرات غير المباشرة
للتعافي العالمي ،لكنه من المتوقع أن يظل هشا بالنظر إلى بطء وتيرة حمالت التطعيم
وتأخيرات في االستثمارات الرئيسية في البنية التحتية وقطاع الصناعات االستخراجية.
21
االجتماعية .وفي الوقت نفسه ،قد يؤدي النجاح في اإلسراع بالقضاء على جائحة كورونا،
وزيادة التأثيرات غير المباشرة للنمو في االقتصادات المتقدمة إلى تحقيق نمو عالمي أكثر
حيوية.
ومع ذلك ،فمن المحتمل أن تكون الجائحة قد تسبَّبت في نكسات خطيرة للمكاسب اإلنمائية.
وعلى الرغم من أن نمو نصيب الفرد من الدخل من المتوقع أن يبلغ %4.9فيما بين
اقتصادات األسواق الصاعدة واالقتصادات النامية هذا العام ،فإن التنبؤات تشير إلى أنه
سيكون ثابتا في البلدان منخفضة الدخل .وبحلول عام ،2022من غير المتوقع التعويض
عن كامل الخسارة في نصيب الفرد من الدخل في نحو ثلثي بلدان األسواق الصاعدة
والبلدان النامية ،بما في ذلك ثالثة أرباع البلدان منخفضة الدخل الهشة والمتأثرة
بالصراع .وبنهاية هذا العام ،من المتوقع أن يكون نحو 100مليون شخص قد سقطوا مرة
أخرى في براثن الفقر المدقع .وأشد الفئات تضررا من هذه اآلثار السلبية هم الفئات األولى
بالرعاية واألكثر احتياجا ً -النساء واألطفال والعمال غير المهرة وغير الرسميين.
22
زاد معدل التضخم العالمي مع التعافي االقتصادي ،ومن المتوقع أن يواصل االرتفاع خالل
ما تبقى من العام ،لكنه سيظل في حدود النطاق المستهدف لمعظم البلدان .وفي اقتصادات
األسواق الصاعدة واالقتصادات النامية التي ارتفع فيها التضخم عن المستوى المستهدف،
قد ال يستلزم هذا االتجاه استجابة على صعيد السياسة النقدية شريطة أن يكون مؤقتا وأن
تظل توقعات التضخم راسخة.
قد يؤدي ارتفاع أسعار الغذاء وتسارع وتيرة التضخم الكلي إلى تفاقم النقص المتزايد في
األمن الغذائي في البلدان منخفضة الدخل .ويجب أن يسعى واضعو السياسات إلى ضمان
أال يؤدي تصاعد معدالت التضخم إلى عدم استقرار توقعات التضخم في األجل الطويل
ومقاومة استخدام أنظمة الدعم أو قيود األسعار لتخفيف أعباء زيادة أسعار الغذاء ،إذ أن
هذه األسعار قد تتسبب في زيادة الديون وخلق مزيد من الضغوط الصعودية على األسعار
العالمية للمنتجات الزراعية.
ويتيح تعافي التجارة العالمية بعد ركود العام الماضي فرصة القتصادات األسواق الصاعدة
واالقتصادات النامية لتعزيز النمو االقتصادي .وفي المتوسط ،تزيد تكاليف التجارة مرة
ونصفا في اقتصادات األسواق الصاعدة واالقتصادات النامية عنها في االقتصادات
المتقدمة ،وقد يؤدي تخفيضها إلى تعزيز التجارة وتحفيز االستثمار والنمو.
ونظرا ألن مساعدات اإلغاثة من الجائحة قريبة على نحو مدهش في الكثير من األماكن،
لكنها بعيدة المنال في أماكن أخرى ،فإن اتخاذ إجراءات على مستوى السياسات سيكون ذا
أهمية بالغة .ومن الضروري للقضاء على الجائحة تحقيق التوزيع المنصف للقاحات.
وسيكون تقديم تخفيف واسع النطاق من الديون ذا أهمية كبيرة لكثير من البلدان منخفضة
الدخل .ومن الضروري أن يعمل واضعو السياسات لدعم التعافي االقتصادي من خالل
تدابير مالية ونقدية ،وفي الوقت ذاته الحرص على حماية االستقرار المالي .وينبغي أن
تعتمد السياسات نهجا يراعي العواقب بإنعاش رأس المال البشري ،وتوسيع إمكانية
الحصول على خدمات الترابط الرقمي ،واالستثمار في البنية التحتية الخضراء من أجل
تعزيز النمو من خالل مسار أخضر وقادر على الصمود وشامل للجميع.
23
وسيتطلب ذلك تنسيق الجهود العالمية للقضاء على الجائحة من خالل عمليات تطعيم
واسعة النطاق وقيادة حصيفة على صعيد االقتصاد الكلي من أجل تفادي األزمات.
ملخص الفصل
كانت استجابات الحكومات للجائحة على المدى القصير سريعة وشاملة على نحو
استثنائي .فقد تبنت الحكومات العديد من أدوات السياسات التي كانت إما غير مسبوقة على
اإلطالق أو لم يتم استخدامها من قبل على هذا النطاق في االقتصادات الصاعدة .ومن
األمثلة على ذلك تدابير الدعم الكبير المباشر للدخل ،وتأجيل سداد الديون ،وبرامج شراء
األصول التي نفذتها البنوك المركزية .وتباينت هذه البرامج تباينا ً كبيرا ً من حيث الحجم
والنطاق (الشكل ،)1-1ويرجع ذلك في جانب منه إلى أن العديد من البلدان منخفضة الدخل
واجهت مصاعب جمة لتعبئة الموارد نظرا ً لمحدودية القدرة على الوصول إلى أسواق
االئتمان وارتفاع مستويات الدين الحكومي قبل وقوع األزمة .ونتيجة لذلك ،كان حجم
االستجابة لألزمة على صعيد المالية العامة كنسبة من إجمالي الناتج المحلي كبيرا ً على
نحو متماثل تقريبا ً في البلدان مرتفعة الدخل ،وضعيفا ً بشكل متماثل ،أو لم توجد أي
استجابة ،في البلدان منخفضة الدخل .وفي البلدان متوسطة الدخل ،جاءت االستجابة على
صعيد المالية العامة متباينة إلى حد بعيد ،مما عكس اختالفات ملحوظة في قدرة الحكومات
على اإلنفاق على برامج الدعم ورغبتها في ذلك.
خاتمة البحث
حلّت األزمة االقتصادية في ظل كورونا والتي صنفها الخبراء االقتصاديين على أنّها أسوأ
األزمات االقتصادية خالل الثالثة عقود التي مرت على اإلطالق ،فقد أدت كورونا وحسب
اإلحصائيات والتقارير التي أعدها الخبراء العالميون على أنّه قد استغني ع ّما يقارب الـ
225وظيفة دائمة ،وقد أصبحت ساعات العمل أقل ،فالمؤسسات التي كانت تداوم لثماني
ساعات صارت تداوم لما يقارب األربع ساعات على األكثر ،وزاد ذلك من نسبة االحتكار
24
للمواد التي يكثر عليها الطلب خاصة المواد الغذائية والمطهرات والمعقمات التي ارتفعت
جنوني ،وانخفضت حركة الشراء العالمية وتوقفت الكثير من العقود التي
ّ أسعارها بشكل
وقعتها الشركات العالمية بين بعضها .لكن بالمقابل انتشرت األسواق اإللكترونية بشكل
كبير حتّى صار اإلنسان يشتري جميع متطلباته وتصل إلى بيته جاهزة معقمة دون أن
يتكلف عناء الذهاب والتسوق واالتصال المباشر مع الناس ،وانتشرت بذلك شركات
التوصيل التي ألقت على عاتقها توصيل جميع المنتجات من جميع المحال التي ال تتوفّر
فيها خدمة التوصيل ،وانتشر كذلك التعليم اإللكتروني عن بعد بحيث صار الطالب يتلقون
المعلومات من أستاذهم عبر الشابكة اإللكترونية ،أي باختصار يمكن القول ّ
إن السوق
اإللكتروني قد استطاع أن يحل بشكل كبير مكان السوق الواقعي ،حتى ألفه النّاس وباتوا
يعتمدون عليه حتى مع عدم فرض حظر تنقل أو تجول ،ولكن مع ذلك ّ
فإن السوق
اإللكتروني لم يستطع أن يحقق النجاحات الموجودة في السوق الواقعي ،ولكن على أي
حال فقد حاولت بعض الشركات استبدال الثاني األولّ .
إن كورونا هو واحد من الحاالت
الطارئة التي تصيب األسواق العالمية ما بين الحين واآلخر ،وقد استطاع الكثير من
األشخاص التكيف مع ذلك الوضع على الرغم من خطورته ،ولكن من باب السير مع التيار
حتى ال يرفضه فيقتله ،إال أن هناك مجموعة كبيرة من النّاس لم تستطع حتى هذه اللحظة
تأمين حياتها بعد المصائب التي حلت عليها إثر كورونا ،ولكن يبقى األمل هو حبل النجاة
الوحيد الذي يتعلق به اإلنسان ،والشعوب كلها تتعلق ً
أمال في انتهاء هذا الفايروس الخطير
ع ّما قريب.
25