You are on page 1of 25

‫`‬

‫تأثير فيروس كورونا على االقتصاد المصري والعالمي‬

‫تحت إشراف‬

‫رئيس مكتب التربية العسكرية‬


‫عقيد أ‪.‬ح‪ /‬عبد الرحمن محمد عبد الرحمن‬

‫‪1‬‬
‫تأثير فيروس كورونا على االقتصاد المصري والعالمي‬

‫إعداد‬

‫الرقم القومي‬ ‫رقم الفصيلة‬ ‫الرقم المسلسل‬ ‫االسم بالكامل‬

‫‪30010300101453‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪73‬‬ ‫سيف الدين رضا عبد الفتاح محمد‬

‫‪30011270400031‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪70‬‬ ‫سمير بدر سمير محمد‬

‫‪2‬‬
‫الفهرس‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫‪4‬‬ ‫المقدمة‬

‫‪5‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬تأثير فيروس كورونا على االقتصاد المصري‬

‫‪5‬‬ ‫القسم األول‪ :‬اآلثار االقتصادية الناتجة عن أزمة فيروس كورونا في مصر‬

‫‪8‬‬ ‫القسم الثاني‪ :‬جهود االقتصاد المصري في مواجهة كورونا‬

‫‪15‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تأثير فيروس كورونا على االقتصاد العالمي‬

‫‪15‬‬ ‫القسم األول‪ :‬اآلثار االقتصادية الناتجة عن أزمة فيروس كورونا في العالم‬

‫‪19‬‬ ‫القسم الثاني‪ :‬مواجهات االقتصاد العالمي لفيروس كورونا‬

‫‪25‬‬ ‫مصادر البيانات والمراجع الخاصة بالموضوع‬

‫‪3‬‬
‫المقدمة‬

‫ين) صدق هللا العظيم الشعراء ‪.80 /‬‬ ‫ضتُ فَ ُه َو يَ ْ‬


‫ش ِف ِ‬ ‫(وإِذَا َم ِر ْ‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم َ‬

‫منذ نهاية عام ‪ ،2019‬ظهر فيروس كوفيد ‪ 19-‬في مدينة وهان الصينية‪ ،‬وحتى يومنا هذا‬
‫تعاني دول العالم من هذه الجائحة على المستوي الصحي واالقتصادي‪.‬‬

‫وبالرغم من االضمحالل النسبي لهذا الفيروس‪ ،‬اال ان اثاره على االقتصاد المحلي‬
‫والدولي جسيمه وستستمر في المستقبل القريب والبعيد حسب قدرات الدول على التعامل‬
‫معها‪.‬‬

‫لقد سببت جائحة كوفيد‪ 19-‬العديد من التداعيات السلبية على النشاط االقتصادي العالمي‬
‫والمصري‪ ،‬والتي من المتوقع ان تدفع باالقتصاد العالمي الي اسوء معدالته منذ ازمة‬
‫‪ 1929‬ويمكن ان تكون "األسواء في التاريخ"‪ .‬واليزال هناك حالة من عدم اليقين حول‬
‫مدي قوة التأثيرات السلبية على االقتصاد‪ ،‬فالتداعيات االقتصادية تعتمد على عوامل‬
‫مرتبطة يصعب التنبؤ بها‪.‬‬

‫ورغم قدرة االقتصاد المصري علي التصدي لتداعيات االزمة الراهنة حتى االن‪ ،‬اال انه من‬
‫التوقع ان يشهد هذا التقدم الملحوظ تباطؤ فيما يخص بعض القطاعات الي أثرت عليها‬
‫االزمة بشكل مباشر‪ ،‬وأهمها القطاعات التي قد تؤدي الي خلل في مصادر الدخل األجنبي‪.‬‬

‫وعلى عكس العديد من األزمات السابقة‪ ،‬فقد قوبل ظهور جائحة كورونا باستجابة كبيرة‬
‫وحاسمة على صعيد السياسات االقتصادية كُللت بالنجاح بصفة عامة في التخفيف من حدة‬
‫أسوأ التكاليف البشرية للجائحة على المدى القصير‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬أوجدت االستجابة لهذه‬
‫الحالة الطارئة أيضا ً أخطار جديدة ‪ -‬مثل الزيادة الهائلة في مستويات الدين العام والخاص‬
‫تعاف منصف من األزمة ما لم يتم‬
‫ٍ‬ ‫في االقتصاد العالمي ‪ -‬التي قد تشكل خطرا ً على تحقيق‬
‫التصدي لها على نحو حاسم‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الفصل األول‪ :‬تأثير فيروس كورونا على االقتصاد المصري‬

‫مقدمة الفصل‬

‫بالنظر إلى التجارب التاريخية‪ ،‬تنهض االقتصادات بعد األزمات إلى مستويات أعلى مما‬
‫كانت عليه قبل األزمات فتظهر آفاق اقتصادية جديدة ويحدث تقارب بين الرؤى المختلفة‬
‫حول السياسات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتظهر الثروات واإلمكانات البشرية المحلية‬
‫الكامنة لتتحدى األزمة وتتجاوزها‪.‬‬

‫وتفاعال مع األزمة العالمية التي نعيشها جميعا والتي امتدت إلى مصر‪ ،‬حيث وجد قطاع‬
‫األعمال المصري نفسه أمام سوق شديد التغير بتحدياته وفرصه وآلياته واحتياجاته‪ ،‬قام‬
‫المنتدى االقتصادي لمصر بكرة بطرح تساؤالت حول األثر الحالي لتلك التغيرات‪ ،‬مع‬
‫حرصه على التنبيه لرصد الفرص المتاحة أمام االقتصاد المصري‪ ،‬بل المجتمع المصري‬
‫بكافة فئاته‪ ،‬أثناء وبعد عبور مصر بسالم لتداعيات األزمة‪.‬‬

‫القسم األول‪ :‬اآلثار االقتصادية الناتجة عن أزمة فيروس كورونا في مصر‬

‫الواقع أن أزمة فروس كورونا قد اصطدمت بالمؤشرات االقتصادية التي دوما ً ما عملت‬
‫مصر بجد طوال برنامج االصالح لتحقيقها مع الحفاظ على االستقرار وإظهار التقدير‬
‫التضحيات الثقيلة التي كان على الناس تحملها لدعمهم‪ .‬إال أنه وكما لوحظ‪ ،‬فإن األزمة‬
‫متعددة األوجه وليس لدى الحكومة المصرية مهمة سهلة للتخفيف الجمع بين اآلثار‬
‫االجتماعية واالقتصادية والصحية لتفشي كوفيد‪.19-‬‬

‫دون الخوض في الكثير من التفاصيل‪ ،‬يكفي اإلشارة إلى أن توقعات صندوق النقد الدولي‬
‫أعادت تقييم الزيادة في نمو الناتج المحلي اإلجمالي الحقيقي لتتراجع النسبة إلى ‪ ٪2‬في‬
‫عام ‪ 2020‬من التوقعات األولية القريبة من ‪ ٪6‬مع استمرار تأثير جائحة فيروس‬
‫كورونا‪ .‬مقابل معدل النمو السكاني البالغ ‪ ،٪2.3‬وهو أحد أعلى معدالت النمو العالمي‪،‬‬
‫مما يعني أن مصر ستعاني بنفس القدر من معدل نمو سلبي للفرد‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫عادت معدالت البطالة إلى مستواها السابق قبل خمس سنوات لتصل إلى ‪ ٪12‬تقري ًبا بعد‬
‫أن وصلت إلى ‪ ٪8‬في عام ‪ ،2019‬وهو أدنى مستوى على اإلطالق خالل ‪ 20‬عا ًما بسبب‬
‫تنفيذ برنامج اإلصالح‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬انخفض الدين العام من ‪ ٪103‬في عام‬
‫‪ 2017/2016‬إلى حوالي ‪ ٪85‬في ‪ ، 2019/2018‬وهو اتجاه هبوطي صحي ‪ ،‬ومع ذلك‬
‫يظل مرتفعًا مقارنة بالناتج المحلي اإلجمالي ‪ ،‬وبالتالي يستمر في فرض مخاطر‬
‫االستدامة‪ ،‬وسيتفاقم هذا األمر إذا تسببت األزمة في توقف الضبط المالي‪.‬‬

‫وفي هذا السياق وبسبب التأثير العالمي للوباء واإلغالق العالمي‪ ،‬تواجه مصر انخفاضًا‬
‫كبيرا في صافي تدفقاتها المالية‪ .‬من المؤسف للغاية أن يأتي هذا النقص في التمويل في‬
‫ً‬
‫وقت كانت فيه القناعة السائدة هي أن مصر كانت تسحب نفسها من عنق الزجاجة‪.‬‬
‫كبيرا في عائدات قناة‬
‫خسرت مصر دخلها من قطاع السياحة‪ ،‬وواجهت انخفاضًا ً‬
‫صا حادًا في عائدات التصدير‪ ،‬وسط االنخفاض الحاد في أسعار النفط‬
‫السويس‪ ،‬وتقل ً‬
‫دوالرا للبرميل‪ .‬إضافة إلى‬
‫ً‬ ‫دوالرا للبرميل إلى ما ال يزيد عن ‪25‬‬
‫ً‬ ‫والغاز العالمية من ‪60‬‬
‫كل هذا‪ ،‬سيكون النخفاض التحويالت بنسبة ‪ ٪20‬على الصعيد العالمي تأثير مدمر على‬
‫االقتصاد المصري‪ ،‬باعتباره خامس أكبر متلق للتحويالت في العالم‪ .‬ولوضع األمور في‬
‫نصابها‪ ،‬يشترط البنك الدولي أن االنخفاض في التحويالت “غير مسبوق”‪ ،‬وأن األقرب‬
‫لألزمة الراهنة هي األزمة المالية العالمية (‪ ،)2009/2008‬عندما انخفضت التحويالت‬
‫بنحو ‪ .٪5‬تعد التحويالت والسياحة أكبر مصدرين للعملة األجنبية لمصر‪ ،‬وقد توقف‬
‫االثنان في فترة ما بعد كورونا التي سيكون من الصعب استردادها على المدى القصير‪.‬‬
‫في ضوء الخسائر الهائلة التي تتكبدها مصر في عائداتها‪ ،‬سيتعين عليها‪ ،‬وفقًا لوزير‬
‫المالية‪ ،‬إعادة تقييم ميزانيتها إلى أسفل ومراجعة طرق الحفاظ على اإلنفاق العام وزيادته‬
‫في قطاعات مثل التعليم والصحة‪.‬‬

‫عند وضع معدل النمو في مصر في سياق إقليمي‪ ،‬من المفيد أن ننظر عن كثب إلى‬
‫التغييرات المتوقعة التي قام بها صندوق النقد الدولي لتوقعات الناتج المحلي اإلجمال لعام‬
‫‪ 2020‬نتيجة ألزمة كوفيد‪.19-‬‬

‫‪6‬‬
‫في حين أنه من الواضح أن جميع البلدان تضررت بشدة من كوفيد‪ ،19-‬حيث تنحدر إلى‬
‫معدالت النمو السلبية‪ ،‬يبدو أن مصر أفضل ً‬
‫حاال من الدول األخرى‪ .‬وبفقدان ‪ ٪4‬من‬
‫مستوى نموها‪ ،‬فإن معدل النمو اإليجابي في مصر سوف يتالشى‪ ،‬كما ذكرنا‪ ،‬بمجرد أن‬
‫نأخذ في االعتبار معدل نمو السكان‪ .‬باإلضافة إلى التفاوت الكبير في مستويات المعيشة في‬
‫مصر‪ ،‬ستكون الفئات السكانية الضعيفة هي األكثر تضرراً‪ ،‬وفقا ألرقام األمم المتحدة‪،‬‬
‫يعيش أكثر من ‪ % 30‬من السكان تحت خط الفقر‪ ،‬وأيضا ً لن تكون مصر قادرة على‬
‫اللجوء إلى أصدقائها الخليجيين لتخفيف مأزقها‪ ،‬فالجميع في نفس القارب واألزمة لم‬
‫تترك أحداً‪.‬‬

‫تأثرت بعض المؤشرات االقتصادية الكلية األساسية لمصر خالل فترة ذروة وباء فيروس‬
‫كورونا في مصر‪ ،‬قبل أن يسترد بعض منها عافيته‪ ،‬بحسب دراسة للجهاز المركزي‬
‫للتعبئة العامة واإلحصاء‪.‬‬

‫وجاءت الدراسة التي أعلن عنها الجهاز تحت اسم "دراسة عن تداعيات فيروس‬
‫كورونا المستجد على االقتصاد المصري خالل الفترة من ‪ 14‬فبراير وحتى ‪ 16‬يونيو‬
‫‪."2020‬‬

‫‪7‬‬
‫وذكر البيان أن الفترة من بداية الجائحة وحتى األسبوع الثالث تقريبا ً من شهر يونيو‬
‫نموا في معدل حدوث اإلصابات المؤكدة‪.‬‬
‫الماضي شهدت ً‬

‫وشهد األسبوع األخير من يونيو الماضي انتهاء مرحلة التوسع الوبائي وبداية انحسار‬
‫األزمة مع اتجاه معدل حدوث اإلصابات المؤكدة نحو االنخفاض‪ ،‬وفقًا للبيان‪.‬‬

‫وتناولت الدراسة أثر فيروس كورونا على بعض المؤشرات التالية‪:‬‬

‫‪-1‬الناتج المحلي اإلجمالي‬

‫انخفض معدل النمو السنوي للناتج المحلي اإلجمالي الحقيقي في الربع الثالث من العام‬
‫المالي ‪ 2020/2019‬ليسجل ‪ %5‬مقابل ‪ %5.6‬عام ‪.2019/2018‬‬

‫‪-2‬معدل البطالة‬

‫ارتفع معدل البطالة في الربع الرابع من العام المالي الماضي إلى ‪ %9.6‬وذلك على‬
‫النقيض خالل نفس الربع من العامين السابقين‪.‬‬

‫ترجع الدراسة هذا االرتفاع إلى األزمة الحالية لفيروس كورونا المستجد والتي تسببت في‬
‫تعليق المدارس وحركة الطيران وإغالق المحالت جزئيًا‪.‬‬

‫‪-3‬الرقم القياسي ألسعار المنتجين والمستهلكين‬

‫شهد الرقم القياسي تدهور مستمر خالل الفترة فبراير‪-‬أبريل ‪ 2020‬مسجال معدل تراجع‬
‫سنوي بلغ ‪ %18.8‬في نهاية الفترة‪.‬‬

‫ويُعزى هذا التراجع إلى انخفاض أسعار أنشطة الزراعة وصيد األسماك والتعدين‬
‫واستغالل المحاجر وخدمات الغذاء واإلقامة بنسب ‪ % 4.5‬و‪ % 67.7‬و‪ ،% 8.1‬على‬
‫التوالي‪.‬‬

‫ويُالحظ أن تأثير كوفيد‪ 19-‬على معدل التضخم السنوي ألسعار المستهلكين محدود إذا ما‬
‫قورن بأثر الجائحة على معدل التغير السنوي ألسعار المنتجين‪ ،‬وفقًا للدراسة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ومع انحسار الوباء تراجع االنخفاض في معدل التغير السنوي ألسعار المنتجين ليسجل‬
‫‪ %15.2‬ارتفاعًا بمقدار ‪ 3.6‬نقطة مئوية في شهر مايو ‪.2020‬‬

‫‪-4‬أسعار الصرف‬

‫شهد الجنيه المصري انخفاضًا خالل الفترة من فبراير حتى مايو ‪ 2020‬بلغ نحو ‪%1.8‬‬
‫من قيمته‪ ،‬وذلك تزامنا مع تراجع التدفقات الدوالرية نتيجة لعدة أسباب منها على سبيل‬
‫المثال انخفاض الصادرات السلعية بمعدل ‪ %39.4‬في نفس الفترة‪.‬‬

‫وذكرت الدراسة أن تفاقم األثر السلبي على قيمة الجنيه جراء تأثر قطاع السياحة بشكل‬
‫ملحوظ بانتشار الفيروس واالنخفاض الكبير في أعداد السائحين والليالي السياحية مع‬
‫إغالق المطارات وتعليق الرحالت الجوية‪ ،‬مما ساهم في تراجع إيرادات مصر من النقد‬
‫األجنبي‪.‬‬

‫لكن مع انحسار موجة كورونا شهدت الفترة من مايو إلى أغسطس الماضي ارتفاعًا طفيفا‬
‫في قيمة الجنيه بمعدل ‪.%0.2‬‬

‫‪-5‬قناة السويس‪:‬‬

‫انخفضت إيرادات قناة السويس بالدوالر بد ًءا من أبريل الماضي مقارنة بالمستويات‬
‫المناظرة في العامين السابقين ‪ 2018‬و‪ 2019‬نظرا ً لتأثر التجارة العالمية بشكل عام‬
‫بالجائحة‪.‬‬

‫وذكرت الدراسة أن معدل التغير الشهري لإليرادات سجل أدنى مستوى له‬

‫(‪ )%7.5-‬في شهر مايو ‪ 2020‬مقارنة بنفس الشهر في العامين السابقين (‪ %4.5‬و‪%6‬‬
‫على التوالي)‪.‬‬

‫ويمكن تحديد التأثير الحقيقي للجائحة على قطاع قناة السويس بالنظر للتغير في الحموالت‬
‫الصافية وعدد السفن العابرة للقناة قبل وبعد فبراير ‪.2020‬‬

‫‪9‬‬
‫وقال الجهاز إن الحموالت انخفضت من ‪ 101.8‬مليون طن إلى ‪ 84.2‬مليون طن‪،‬‬
‫وانخفضت أعداد السفن من ‪ 1731‬إلى ‪ 1381‬سفينة خالل الفترة أبريل‪-‬يونيو ‪.2020‬‬

‫لكن إيرادات القناة أظهرت تحسنًا إذ ارتفع معدل التغير الشهري إليرادات قناة السويس‬
‫بشكل ملحوظ في يوليو ‪ 2020‬بنسبة ‪.%8.7‬‬

‫‪-6‬قطاع السياحة والسكك الحديدية‬

‫لحق ضرر جسيم بقطاع السياحة من حيث أعداد السائحين حيث انخفضت من ‪ 900‬ألف‬
‫سائح في فبراير الماضي إلى صفر سائح في أبريل الماضي بنسبة انخفاض ‪.%100‬‬

‫أما قطاع السكك الحديدية فقد انخفضت اإليرادات الحقيقية للسكك الحديدية بنسبة ‪%55.7‬‬
‫خالل الفترة من فبراير‪-‬أبريل الماضيين‪.‬‬

‫لكن قطاع السكك الحديدية شهد تحسنًا ملمو ً‬


‫سا في قيمة اإليرادات الحقيقية بنسبة‬
‫‪ %96.9‬خالل الفترة من أبريل إلى يوليو الماضيين‪.‬‬

‫‪-7‬صافي االحتياطي النقدي‬

‫انخفض صافي االحتياطات الدولية بقيمة ‪ 9.5‬مليار دوالر خالل الفترة من فبراير–مايو‬
‫الماضيين‪.‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬جهود االقتصاد المصري في مواجهة كورونا‬

‫نجح االقتصاد المصري في السير بخطى ثابتة ومنهجية استباقية ومرنة‪ ،‬نحو تحقيق‬
‫مستهدفات برنامج اإلصالح االقتصادي والهيكلي‪ ،‬وفي مقدمتها تطبيق اإلصالحات‬
‫الرامية إلى النهوض بمعدل النمو‪ ،‬واحتواء نسب عجز الموازنة‪ ،‬ومعدالت التضخم‪،‬‬
‫فضالً عن اتخاذ االحتياطيات الدولية من النقد األجنبي مسارا ً تصاعدياً‪ ،‬في ظل انتعاش‬
‫األنشطة التجارية وتعافي قطاع السياحة‪ ،‬إلى جانب ارتفاع تحويالت المصريين في‬
‫الخارج‪ ،‬وغيرها من مصادر النقد األجنبي‪ ،‬ما أسهم في تعزيز بنية االقتصاد المصري‪،‬‬
‫وتماسكه وصموده في مواجهة التحديات‪ ،‬وإنقاذه من تأثيرات جائحة كورونا التي أضرت‬

‫‪10‬‬
‫بالعديد من االقتصادات العالمية‪ ،‬وهو األمر الذي انعكس بدوره على تحسن المؤشرات‬
‫االقتصادية‪ ،‬وحظى بإشادة كبيرة من المؤسسات الدولية‪.‬‬

‫في هذا الصدد أصدر المركز اإلعالمي لمجلس الوزراء تقريرا ً تضمن إنفو جرافات تسلط‬
‫الضوء على شهادات الثقة من جانب المؤسسات الدولية في االقتصاد المصري بفضل‬
‫صالبته أمام أزمة كورونا ‪.‬‬

‫وركز التقرير على توقع البنك الدولي بأن تعود مصر إلى مسار النمو الذي كانت عليه‬
‫قبل جائحة كورونا‪ ،‬الفتا ً إلى أن معدل نمو االقتصاد المصري سيرتفع من ‪ %3.3‬للعام‬
‫المالي ‪ 2021/2020‬إلى ‪ %5.5‬للعاميين الماليين ‪ ،2022/2021‬و‪.2023/2022‬‬

‫وأوضح التقرير أن تلك التوقعات مدفوعة بكل من تعافي االقتصادات العالمية وال سيما‬
‫الشركاء التجاريين الرئيسيين لمصر‪ ،‬فضالً عن عودة تعافي القطاع السياحي وزيادة‬
‫صادرات الغاز‪ ،‬باإلضافة إلى النمو المستمر بقطاع تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪،‬‬
‫وكذلك انتعاش قطاعي التشييد والبناء والعقارات‪.‬‬

‫واستعرض التقرير التحسن في أبرز المؤشرات االقتصادية‪ ،‬ليتوقع البنك الدولي تراجعا ً‬
‫في العجز الكلي كنسبة من الناتج المحلي اإلجمالي ليصل إلى ‪ %6.8‬عام ‪،2023/2022‬‬
‫مقارنة بـ ‪ %7.2‬عام ‪.2022/2021‬‬

‫وبشأن الفائض األولي كنسبة من الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬توقع البنك الدولي أن يسجل‬
‫‪ %2‬عام ‪ ،2023/2022‬مقارنة بـ ‪ %1.8‬عام ‪ ،2022/2021‬أما عن عجز الميزان‬
‫التجاري فتوقع البنك أن يتراجع إلى ‪ %9.6‬عام ‪ ،2023/2022‬مقارنة بـ ‪ %10.5‬عام‬
‫‪.2022/2021‬‬

‫وفي السياق ذاته سلط التقرير الضوء على تعقيبات البنك الدولي‪ ،‬فيما يخص اإلصالح‬
‫االقتصادي‪ ،‬مؤكدا ً أن تلك اإلصالحات التي ساعدت على استقرار االقتصاد الكلي خالل‬
‫السنوات الماضية‪ ،‬أسهمت في بناء القدرة على مواجهة التحديات المتعلقة بأزمة كورونا‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وعلى صعيد التصنيف االئتماني ثمن البنك مواصلة مصر جهودها لمعالجة التحديات‬
‫االقتصادية المختلفة‪ ،‬ما جعل وكاالت التصنيف االئتماني الدولية تبقي على توقعاتها‬
‫المستقبلية لمصر عند "مستقرة" رغم األزمة العالمية الحادة‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالتضخم‪ ،‬وفقا ً للتقرير‪ ،‬ذكر البنك الدولي أن معدل التضخم ال يزال في حدود‬
‫النطاق المستهدف من قبل البنك المركزي المصري وهو ‪ )%2±( %7‬في الربع األخير‬
‫من ‪ ،2022‬كما أشاد بما شهده النشاط االقتصادي ومصادر النقد األجنبي من انتعاش‪،‬‬
‫وبدء القطاعات الموجهة نحو التصدير في استعادة عافيتها‪.‬‬

‫وباإلضافة لما سبق من تعقيبات على النشاط االقتصادي في مصر‪ ،‬أوضح البنك أن‬
‫احتياطيات النقد األجنبي تقل عن الذروة التي بلغتها قبل تفشى جائحة كورونا عند ‪45.5‬‬
‫مليار دوالر‪ ،‬لكنها ظلت عند مستويات وفيرة نسب ًيا بلغت ‪ 40.8‬مليار دوالر بنهاية أكتوبر‬
‫‪ 2021‬لتغطي ‪ 7‬أشهر من واردات السلع‪.‬‬

‫يأتي هذا فيما أبرز التقرير إشارة البنك لصمود القطاع المصرفي المصري في وجه‬
‫تحديات أزمة كورونا‪ ،‬ومواجهته الجائحة بسيولة قوية وربحية مستقرة‪ ،‬مؤكدا ً أن‬
‫السالمة المالية للبنوك ال تزال مالئمة حتى بعد صدمة فيروس كورونا‪ ،‬كما توقع أيضا ً أن‬
‫تستأنف نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي اإلجمالي مسارها النزولي في األجل‬
‫المتوسط‪.‬‬

‫واستمرارا ً الستعراض شهادات الثقة من جانب المؤسسات الدولية في االقتصاد المصري‪،‬‬


‫تناول التقرير توقع وكالة موديز‪ ،‬تحسن تصنيف مصر االئتماني بفضل استمرار ضبط‬
‫أوضاع المالية العامة وخفض معدالت الدين‪.‬‬

‫وركز التقرير‪ ،‬على شهادات موديز فيما يخص وضع مصر االئتماني‪ ،‬مؤكدةً أن االقتصاد‬
‫المصري يدعمه سجل حافل من االلتزام باإلصالحات االقتصادية والمالية‪ ،‬بما يتوازن مع‬
‫التحديات الناشئة عن متطلبات التمويل الكبيرة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫كما أشار إلى أن مصر لديها قاعدة تمويلية محلية واسعة‪ ،‬باإلضافة إلى توافر احتياطيات‬
‫النقد األجنبي بما يتجاوز مدفوعات الدين الخارجية والتقلبات في تدفق رأس المال‪ ،‬إلى‬
‫جانب استعادة تحقيق فوائض أوليه بالموازنة لمستويات ما قبل جائحة كورونا‪ ،‬بما‬
‫يتوازن مع خطة خفض الدين بداية من السنة المالية ‪.2023/2022‬‬

‫وأظهر التقرير أن تحسين مصر لتصنيفها االئتماني مستقبالً‪ ،‬يرتبط باستمرار ضبط‬
‫أوضاع المالية العامة‪ ،‬وتحقيق خفض ملحوظ في نسبة الدين العام الحكومي إلى الناتج‬
‫المحلي اإلجمالي‪ ،‬فضالً عن تحقيق خفض ملحوظ في إجمالي مدفوعات الدين كنسبة من‬
‫اإليرادات‪ ،‬مع استمرار إطالة آجال استحقاق الديون‪ ،‬باإلضافة إلى التحسن المستدام في‬
‫سوق العمل والصادرات غير البترولية‪.‬‬

‫وكشف التقرير عن توقعات وكالة موديز بتعافي االقتصاد المصري ومؤشرات الدين خالل‬
‫عام ‪ ،2022/2021‬ليسجل معدل النمو االقتصادي ‪ ،%5.5‬كما توقعت أن يصل عجز‬
‫الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي اإلجمالي إلى ‪%.3.5‬‬

‫يأتي هذا فيما جاءت التوقعات بشأن إجمالي الدين العام الحكومي كنسبة من الناتج‬
‫المحلي اإلجمالي ليصل إلى ‪ ،%89.8‬وأن تصل مدفوعات فوائد الدين كنسبة من‬
‫اإليرادات إلى ‪%.43.8‬‬

‫واستكماالً الستعراض شهادات الثقة من جانب المؤسسات الدولية‪ ،‬ركز التقرير على‬
‫تعان من انكماش اقتصادي طيلة جائحة كورونا‪ ،‬ومن‬
‫ِ‬ ‫تأكيد اإليكونوميست أن مصر لم‬
‫المتوقع عودة التعافي لمستويات ما قبل الجائحة‪ ،‬لتتحسن التوقعات بشأن معدل النمو‬
‫االقتصادي مسجلة ‪ %5.4‬عام ‪ ،2022/2021‬و‪ %5.6‬عام ‪ ،2023/2022‬و‪ %5.7‬عام‬
‫‪. 2024/2023‬‬

‫وشملت التوقعات‪ ،‬وفقا ً للتقرير‪ ،‬بأن يكون قطاعا البناء والطاقة محركين رئيسيين‬
‫لالقتصاد خالل السنوات المقبلة‪ ،‬وأن ينتعش قطاع السياحة‪ ،‬باإلضافة إلى أنه مع اتساع‬
‫نطاق النمو وانخفاض معدالت البطالة‪ ،‬ستظل معدالت نمو االستهالك قوية خالل الفترة من‬
‫‪ 2022‬إلى ‪. 2026‬‬
‫‪13‬‬
‫وأظهر التقرير التوقعات بشأن تراجع معدل التضخم‪ ،‬ليسجل ‪ %6.3‬عام ‪ ،2022‬و‪%5.7‬‬
‫عام ‪ ،2023‬و‪ %5.1‬عام ‪ ،2024‬فيما توقعت اإليكونوميست تراجع عجز الحساب‬
‫الجاري كنسبة من الناتج المحلي اإلجمالي ليسجل ‪ %3.9‬عام ‪ ،2022/2021‬و‪ %3‬عام‬
‫‪ ،2023/2022‬و‪ %2.9‬عام ‪. 2024/2023‬‬

‫وأوضح التقرير أنه من المتوقع أن يبقى العجز عند متوسط ‪ %2.9‬من الناتج المحلى‬
‫اإلجمالي خالل الفترة من ‪ 2022‬حتى ‪ ،2026‬مقارنة بـ ‪ %4.4‬خالل الفترة من ‪2016‬‬
‫إلى ‪. 2020‬‬

‫كما جاءت التوقعات بشأن االستهالك الخاص كنسبة من الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬ليسجل‬
‫‪ %4.7‬عام ‪ ،2022/2021‬و‪ %5.4‬عام ‪ ،2023/2022‬و‪ 5.7‬عام ‪.2024/2023‬‬

‫ملخص الفصل‬

‫في الختام‪ ،‬يتعين على مصر أن تجري مراجعة لنفقات ميزانيتها في ضوء تأثير الفيروس‬
‫التاجي على عائدات مصر‪ .‬تحتاج مصر إلى النظر في نظام جديد تما ًما بمصادر جديدة‬

‫‪14‬‬
‫دورا أكبر في مجاالت الرعاية‬
‫لإليرادات واإلنفاق العام بأولويات جديدة تؤدي فيها الدولة ً‬
‫الصحية والتعليم وتوطين االستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية دون إزاحة القطاع‬
‫الخاص‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬تأثير فيروس كورونا على االقتصاد العالمي‬

‫مقدمة الفصل‬

‫أحدثت جائحة كورونا موجات من الصدمات التي اجتاحت االقتصاد العالمي‪،‬‬


‫وتسببت في أكبر أزمة اقتصادية عالمية فيما يزيد على قرن من الزمان‪ .‬وأدت‬
‫هذه األزمة إلى زيادة حادة في عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها‪ .‬وتشير‬
‫الشواهد األولية إلى أن التعافي من هذه األزمة سيكون متفاوتا ً بقدر تفاوت‬
‫آثارها االقتصادية األولية‪ ،‬إذ تحتاج االقتصادات الصاعدة والفئات المحرومة‬
‫اقتصاديا ً وقتا أطول كثيرا لتعويض ما نجم عن الجائحة من خسائر فقدان الدخل‬
‫وسبل كسب العيش‪.‬‬

‫القسم األول‪ :‬اآلثار االقتصادية الناتجة عن أزمة فيروس كورونا في العالم‬

‫كانت اآلثار االقتصادية للجائحة بالغة الحدة في االقتصادات الصاعدة حيث كشفت حاالت‬
‫فقدان الدخل الناجمة عنها عن أوجه الهشاشة االقتصادية التي كانت قائمة من قبل‪ ،‬بل‬
‫زادت من تفاقمها‪ .‬فمع انتشار الجائحة في عام ‪ ،2020‬أصبح من الواضح أن جانبا ً كبيرا ً‬
‫من القطاع العائلي وقطاع الشركات لم يكن مؤهالً لتحمل صدمة تصيب الدخل من حيث‬
‫طول أمدها واتساع نطاقها‪ .‬وتشير الدراسات المستندة إلى بيانات ما قبل األزمة‪ ،‬على‬
‫سبيل المثال‪ ،‬إلى أن أكثر من ‪ %50‬من األسر في االقتصادات الصاعدة والمتقدمة لم‬
‫تتمكن من الحفاظ على مستوى االستهالك األساسي نفسه ألكثر من ثالثة أشهر في حالة‬
‫فقدان الدخل‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫وبالمثل‪ ،‬لم تغط االحتياطيات النقدية لدى الشركات متوسطة الحجم سوى أقل من ‪ 55‬يوما ً‬
‫من النفقات‪ .‬وكان جزء كبير من القطاع العائلي وقطاع الشركات في االقتصادات الصاعدة‬
‫مثقالً بالفعل بمستويات مرتفعة من الديون غير المستدامة قبل وقوع األزمة‪ ،‬وواجه‬
‫صعوبة في خدمة تلك الديون عندما أدت الجائحة وما ارتبط بها من تدابير الصحة العامة‬
‫إلى انخفاض حاد في دخل األسر وإيرادات الشركات‪.‬‬

‫لقد أثرت األزمة تأثيرا ً حادا ً على معدالت الفقر وعدم المساواة على مستوى العالم‪ ،‬حيث‬
‫ارتفع معدل الفقر العالمي ألول مرة منذ جيل كامل‪ ،‬وأدت حاالت فقدان الدخل غير‬
‫المتناسبة فيما بين الفئات المحرومة إلى ارتفاع كبير في عدم المساواة داخل البلدان وفيما‬
‫بينها‪ .‬ووفقا ً لبيانات المسح‪ ،‬في عام ‪ ،2020‬سجل معدل البطالة المؤقتة في ‪ %70‬من‬
‫جميع البلدان نسبة أعلى بين العمال الذين لم يتموا إال مرحلة التعليم االبتدائي‪ .‬أما حاالت‬
‫فقدان الدخل فكانت أيضا ً أكبر بين الشباب والنساء وأصحاب المهن الحرة والعمالة‬
‫الموسمية ذوي المستويات التعليمية النظامية األقل‪ .‬وقد تأثرت النساء‪ ،‬على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬بفقدان الدخل والعمل ألنهن كن على األرجح يعملن في قطاعات تضررت بقدر‬
‫أكبر من جراء تدابير اإلغالق العام والتباعد االجتماعي‪.‬‬

‫وتبرز أنماط مماثلة فيما بين الشركات‪ .‬فقد كانت الشركات األصغر حجما ً ومنشآت األعمال‬
‫غير الرسمية والمشروعات التي ليس لديها سوى سبل وصول محدودة إلى سوق االئتمان‬
‫الرسمي أكثر تضررا ً من حاالت فقدان الدخل الناجمة عن جائحة كورونا‪ .‬أما الشركات‬
‫األكبر حجما ً فقد خاضت غمار األزمة وهي تملك القدرة على تغطية نفقاتها لمدة تصل إلى‬
‫‪ 65‬يوماً‪ ،‬مقارنة بمدة ‪ 59‬يوما ً للشركات متوسطة الحجم و‪ 53‬يوما ً لمنشآت األعمال‬
‫الصغيرة و‪ 50‬يوما ً لمنشآت األعمال متناهية الصغر‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬شكلت منشآت‬
‫األعمال متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة نسبة كبيرة للغاية في القطاعات األكثر‬
‫تضررا ً من األزمة‪ ،‬مثل خدمات اإلقامة والطعام‪ ،‬وتجارة التجزئة‪ ،‬والخدمات الشخصية‪.‬‬

‫شهدت الدول العربية منذ بداية فيروس «كورونا» سلسلة من التبعات المتالحقة التي‬
‫استدعت آثارها ذكريات األزمة المالية العالمية التي عصفت باالقتصاد العالمي في عام‬

‫‪16‬‬
‫‪ ،2008‬وظلت تالحقه لعدة سنوات‪ ،‬لكن مع اختالف كبير في مسببات األزمة ومع حالة‬
‫أعلى من عدم اليقين‪ ،‬فقد تأثر االقتصاد العالمي عبر قنوات رئيسية عدة‪ ،‬وهي‪ :‬جانب‬
‫العرض‪ ،‬وجانب الطلب‪ ،‬والثقة في أسواق المال العالمية وأسواق السلع األولية وبالتالي‬
‫الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬وقد شهد االقتصاد العالمي انكماشا ً خالل عام ‪ ،2020‬وهناك‬
‫تفاؤل حذر حول آفاق نموه المستقبلية مع تخفيف اإلجراءات االحترازية والعودة لألوضاع‬
‫الطبيعية‪ ،‬وقد تتطور حدة سلبية اآلثار االقتصادية وتباطؤ النمو االقتصادي العالمي حسب‬
‫تطورات هذه األزمة‪.‬‬
‫لم تكن الدول العربية بمعزل عن آثار األزمة على جانبي المالية العامة واالقتصاد‪ ،‬فالدول‬
‫العربية وبحكم عالقاتها االقتصادية ومكانتها العالمية تؤثر وتتأثر باألحداث والظروف‬
‫العالمية‪ ،‬حيث أثر فيروس «كورونا» على نشاط االقتصاد المحلي باإلضافة إلى اآلثار‬
‫السلبية للركود االقتصادي العالمي وانخفاض الطلب خصوصا ً في أسواق النفط الذي شهد‬
‫انخفاضات حادة غير مسبوقة في األسعار‪ ،‬ورغم األثر السلبي على نمو االقتصاد غير‬
‫النفطي وما يصاحبه من تفاقم في عجز الميزانية عن المخطط له مع التزام الدول العربية‬
‫بمستويات اإلنفاق لدعم االقتصاد المحلي‪.‬‬
‫تأثر األداء االقتصادي للدول العربية في عام ‪ 2020‬بشكل ملموس بالتداعيات الناتجة عن‬
‫جائحة «كوفيد ‪ ،»19 -‬استنادا ً إلى التقرير االقتصادي العربي الموحد ‪ ،2021‬وأثّر هذا‬
‫الوباء بشكل رئيسي على األداء االقتصادي في المنطقة العربية من خالل االنخفاض الحاد‬
‫في حجم النشاط االقتصادي بسبب تأثير إجراءات اإلغالق الحتواء الوباء على عدد من‬
‫القطاعات مثل السياحة والنقل وتجارة التجزئة وخدمات الضيافة مثل الفنادق والمطاعم‬
‫والمقاهي‪ .‬ونتج عن ذلك انخفاض كبير في الناتج المحلي اإلجمالي وتسجيل زيادة كبيرة‬
‫في عجوزات الموازنات العامة والدين العام‪ ،‬نتيجة التدابير التي اتخذتها الدول للتخفيف‬
‫من آثار الوباء على الصحة العامة‪ ،‬ودعم الشركات والعمال في القطاع الرسمي‪ ،‬وتقديم‬
‫اإلعانات الفورية للطبقات الفقيرة في شكل تحويالت نقدية وعينية حتى لمن هم خارج‬
‫شبكات األمان االجتماعي‪ ،‬وكذلك المؤسسات واألفراد العاملين في القطاع غير الرسمي‪.‬‬
‫إضافةً لما سبق‪ ،‬تأثرت الدول المصدرة الرئيسة للنفط أيضا ً بصدمة اقتصادية أخرى‬

‫‪17‬‬
‫متمثلة في انخفاض الطلب على النفط وهبوط أسعاره في األسواق العالمية وانخفاض‬
‫إنتاجه في إطار اتفاق «أوبك‪ »+‬ما بين الدول أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول‪،‬‬
‫والدول المصدرة الرئيسية المنتجة للنفط من خارج المنظمة‪ .‬أما الدول العربية األخرى‪،‬‬
‫فتأثرت أيضا ً بانخفاض عائدات السياحة‪ ،‬وتراجع الطلب الخارجي نتيجة لتباطؤ النمو في‬
‫اقتصادات أهم الشركاء التجاريين‪ ،‬وتباطؤ تدفقات االستثمار األجنبي المباشر‪ .‬وباإلضافة‬
‫إلى الجائحة‪ ،‬واصلت األوضاع الداخلية تأثيراتها غير المواتية على األداء االقتصادي في‬
‫بعض الدول العربية األخرى‪.‬‬
‫بلغ الناتج المحلي اإلجمالي باألسعار الجارية في الدول العربية كمجموعة نحو ‪2432‬‬
‫مليار دوالر عام ‪ 2020‬مسجالً معدل انكماش قُ ّدِّر بنحو ‪ %11.5‬بالمقارنة مع عام ‪2019‬‬
‫كنتيجة لتأثير األوضاع المذكورة‪ ،‬وهو انكماش لم تعرف الدول العربية مثله حتى في‬
‫أعقاب األزمة المالية العالمية في عام ‪ .2009‬وتُقدّر الخسارة في الناتج المحلي اإلجمالي‬
‫في الدول العربية في عام ‪ 2020‬نتيجة للجائحة بنحو ‪ 221‬مليار دوالر باألسعار الثابتة‬
‫لعام ‪ ،2015‬وانكمش الناتج المحلي اإلجمالي في كل الدول العربية باستثناء مصر التي‬
‫كانت الدولة العربية الوحيدة التي حققت نموا ً في الناتج المحلي اإلجمالي خالل عام‬
‫‪ ،2020‬حيث بلغ ‪ ،%3.6‬بينما سجل ‪ %3.3‬عام ‪ 2021‬وفقا ً لصندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬واستنادا ً إلى تقديرات صندوق النقد الدولي لعام ‪ 2021‬نما االقتصاد في‬
‫المملكة العربية السعودية بمعدل ‪ ،%2.8‬بعد أن انكمش في عام ‪ 2020‬بمعدل ‪،%4.1‬‬
‫وهو أكبر اقتصاد عربي ومن مجموعة العشرين‪ ،‬ومن الجدير باإلشارة أن جميع الدول‬
‫العربية األخرى حققت معدالت نمو إيجابية في عام ‪ ،2021‬وفقا ً لصندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫ومن أجل التصدي للجائحة وسبل التعامل معها والنهوض بالواقع االقتصادي العربي‪ ،‬ال بد‬
‫من العمل على استخدام تطبيقات تخطيط الموارد المؤسسية لتشغيل أنظمتها لمعلومات‬
‫اإلدارة المالية‪ ،‬مما يتيح الحصول على المخصصات والنفقات لالستجابة لفيروس‬
‫«كورونا» واألوبئة األخرى مستقبالً‪ ،‬كما ينبغي على صناع السياسات وضع خطط‬
‫للطوارئ يمكن تعديل حجمها بمرونة للتصدي للمخاطر الصحية واالقتصادية ومخاطر‬
‫المالية العامة التي تنشأ عن حاالت تفشي األوبئة المتكررة‪ ،‬ويجب على الحكومات تعزيز‬

‫‪18‬‬
‫كفاءة اإلنفاق الحكومي‪ ،‬وزيادة اإليرادات غير النفطية‪ ،‬وتوجيه الدعم لمستحقيه‪ ،‬وتطوير‬
‫آلية إعداد الميزانية العامة للدولة‪ ،‬وتعزيز إدارة الدين العام‪ ،‬والنمو االقتصادي وتعزيز‬
‫االستثمارات الحكومية والقطاع الخاص‪ ،‬وتشجيع ودعم االبتكار والبحث العلمي والرقمنة‬
‫االقتصادية إلى جانب قيام البنوك المركزية بدعم الطلب والثقة عن طريق تيسير األوضاع‬
‫المالية‪ ،‬وضمان تدفق االئتمان إلى القطاعات السلعية‪ ،‬وتعزيز السيولة في األسواق‬
‫المالية المحلية والدولية كما يجب أن تكون خطة اإلصالح محددة زمنياً‪ ،‬وإنشاء شراكة‬
‫حقيقية بين القطاعين العام والخاص وتقديم الدعم والتسهيالت لقطاعات الصناعات‬
‫الغذائية والدوائية والقطاع الزراعي‪.‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬مواجهات االقتصاد العالمي لفيروس كورونا‬

‫بعد مرور عام ونصف منذ بداية ظهور جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد‪ ،)19-‬من‬
‫المتوقع أن يشهد االقتصاد العالمي في عام ‪ 2021‬أقوى تعاف له فيما بعد الكساد في ‪80‬‬
‫عاما‪ .‬ولكن من المحتمل أن يتفاوت ذلك االنتعاش فيما بين البلدان‪ ،‬إذ يبدو أن االقتصادات‬
‫ستسجل معدل نمو قويا في حين سيتأخر العديد من االقتصادات النامية عن اللحاق‬
‫ِّ ّ‬ ‫الكبيرة‬
‫بالركب‪.‬‬

‫ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو العالمي لتصل إلى ‪ %5.6‬هذا العام‪ ،‬ويرجع ذلك في‬
‫المقام األول إلى قوة النمو في االقتصادات الكبيرة مثل الواليات المتحدة والصين‪ .‬وعلى‬
‫الرغم من تعديل تنبؤات النمو لكل منطقة من مناطق العالم تقريبا بالزيادة بالنسبة لعام‬
‫‪ ،2021‬فإن العديد من المناطق ال تزال تعاني من جائحة كورونا وما تمخضت عنه من‬
‫تداعيات طويلة األجل‪ .‬وعلى الرغم من انتعاش هذا العام‪ ،‬فمن المتوقع أن يقل مستوى‬
‫إجمالي الناتج المحلي العالمي في ‪ 2021‬بنسبة ‪ %3.2‬عن تنبؤات ما قبل الجائحة‪ ،‬ومن‬
‫المرتقب أن يظل نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في كثير من اقتصادات األسواق‬
‫الصاعدة واالقتصادات النامية دون مستويات ذروته قبل الجائحة لفترة طويلة من الزمن‪.‬‬
‫ومع استمرار تصاعد الجائحة‪ ،‬فإنها ستُح ِّدّد معالم مسار النشاط االقتصادي العالمي‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ومن المتوقع أن تساهم كل من الواليات المتحدة والصين بنحو ربع النمو العالمي في‬
‫‪ .2021‬وقد لقي االقتصاد األمريكي دعما من حزمة واسعة من التدابير المالية التنشيطية‪،‬‬
‫ومن المتوقع أن تنتشر عمليات التطعيم على نطاق واسع بحلول منتصف عام ‪،2021‬‬
‫وتشير التنبؤات إلى أن معدل النمو سيصل إلى ‪ %6.8‬هذا العام‪ ،‬وهي أسرع وتيرة للنمو‬
‫منذ عام ‪ .1984‬أ َّما اقتصاد الصين الذي لم ينكمش العام الماضي فمن المتوقع أن يسجل‬
‫معدل نمو قوي قدره ‪ %8.5‬ثم يتباطأ مع تحول التركيز إلى تقليص المخاطر على‬
‫االستقرار المالي‪.‬‬

‫من المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو في اقتصادات األسواق الصاعدة واالقتصادات النامية‬
‫لتصل إلى ‪ %6‬هذا العام بفضل زيادة الطلب الخارجي وارتفاع أسعار السلع األولية‪ .‬غير‬
‫أن هناك عقبات أمام التعافي في كثير من البلدان نتيجة لحدوث طفرة جديدة في اإلصابة‬
‫بفيروس كورونا‪ ،‬وتفاوت عمليات التطعيم‪ ،‬واإللغاء الجزئي للتدابير الحكومية لدعم‬
‫سجل معدل النمو وتيرة أكثر‬
‫النشاط االقتصادي‪ .‬وباستبعاد الصين‪ ،‬من المتوقع أن يُ ِّ ّ‬
‫تواضعا ليصل إلى ‪ .%4.4‬وفي األمد األطول‪ ،‬من المرجح أن تنخفض آفاق المستقبل في‬
‫اقتصادات األسواق الصاعدة واالقتصادات النامية نتيجة لإلثر المستمر لتداعيات جائحة‬
‫كورونا – من حيث تآكل المهارات من جراء فقدان الوظائف وسنوات الدراسة الضائعة‪،‬‬
‫وهبوط حاد لالستثمار؛ وارتفاع أعباء الديون؛ وزيادة مواطن الضعف المالي‪ .‬وتشير‬
‫التنبؤات إلى أن معدل النمو في هذه المجموعة من البلدان سينحسر إلى ‪ %4.7‬في ‪2022‬‬
‫مع قيام الحكومات تدريجيا بإلغاء تدابير دعم السياسات‪.‬‬

‫وفي االقتصادات منخفضة الدخل التي تأخرت فيها عمليات التطعيم ضد الفيروس‪ ،‬تم تعديل‬
‫تنبؤات النمو بالنقصان إلى ‪ .%2.9‬وإذا ن َّحينا جانبا االنكماش الذي شهده العام الماضي‪،‬‬
‫فإن هذه ستكون أبطأ وتيرة للنمو في نحو ‪ 20‬عاما‪ .‬ومن المتوقع أن يقل ناتج المجموعة‬
‫من االقتصادات في عام ‪ 2022‬بنسبة ‪ %4.9‬عن تنبؤات ما قبل الجائحة‪ .‬وقد كانت‬
‫االقتصادات منخفضة الدخل الهشة والمتأثرة بالصراع هي األشد تضررا من الجائحة‪،‬‬
‫وانتكست المكاسب من حيث نصيب الفرد من الدخل وعدنا للوراء عشرة أعوام على األقل‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫وعلى الصعيد اإلقليمي‪ ،‬من المتوقع أن تسجل منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ أقوى‬
‫معدالت التعافي‪ ،‬ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى قوة التعافي في الصين‪ .‬وفي جنوب آسيا‪،‬‬
‫شّي الفيروس في الهند ونيبال‪ .‬ومن‬
‫واجه التعافي عقبات من جراء موجات متكررة من تف ِّ‬
‫المتوقع أن ت ُ ِّ ّ‬
‫سجل منطقتا الشرق األوسط وشمال أفريقيا‪ ،‬وأمريكا الالتينية والبحر‬
‫الكاريبي نموا هزيال إلى درجة ال تكفي للتعويض عن تأثير االنكماش في عام ‪ .2020‬وأ َّما‬
‫التعافي في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء فقد لقي دعما من التأثيرات غير المباشرة‬
‫للتعافي العالمي‪ ،‬لكنه من المتوقع أن يظل هشا بالنظر إلى بطء وتيرة حمالت التطعيم‬
‫وتأخيرات في االستثمارات الرئيسية في البنية التحتية وقطاع الصناعات االستخراجية‪.‬‬

‫تفترض تنبؤات يونيو‪/‬حزيران أن االقتصادات المتقدمة ستحقق عمليات تطعيم واسعة‬


‫النطاق لسكانها‪ ،‬وتتمكن من احتواء الجائحة بشكل فعال بنهاية العام‪ .‬ومن المتوقع أن‬
‫تقلص اقتصادات األسواق الصاعدة واالقتصادات النامية الرئيسية بدرجة كبيرة حاالت‬
‫اإلصابة الجديدة بالفيروس‪ .‬ولكن توقعات آفاق المستقبل يخيم عليها قدر كبير من عدم‬
‫اليقين‪ .‬ومن األمور التي قد تُق ّ ِّوض التعافي أو ت ُ ِّ‬
‫خرجه عن مساره الصحيح طول أمد‬
‫الجائحة‪ ،‬أو موجة من إفالس الشركات‪ ،‬أو الضغوط المالية‪ ،‬أو حتى االضطرابات‬

‫‪21‬‬
‫االجتماعية‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬قد يؤدي النجاح في اإلسراع بالقضاء على جائحة كورونا‪،‬‬
‫وزيادة التأثيرات غير المباشرة للنمو في االقتصادات المتقدمة إلى تحقيق نمو عالمي أكثر‬
‫حيوية‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬فمن المحتمل أن تكون الجائحة قد تسبَّبت في نكسات خطيرة للمكاسب اإلنمائية‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن نمو نصيب الفرد من الدخل من المتوقع أن يبلغ ‪ %4.9‬فيما بين‬
‫اقتصادات األسواق الصاعدة واالقتصادات النامية هذا العام‪ ،‬فإن التنبؤات تشير إلى أنه‬
‫سيكون ثابتا في البلدان منخفضة الدخل‪ .‬وبحلول عام ‪ ،2022‬من غير المتوقع التعويض‬
‫عن كامل الخسارة في نصيب الفرد من الدخل في نحو ثلثي بلدان األسواق الصاعدة‬
‫والبلدان النامية‪ ،‬بما في ذلك ثالثة أرباع البلدان منخفضة الدخل الهشة والمتأثرة‬
‫بالصراع‪ .‬وبنهاية هذا العام‪ ،‬من المتوقع أن يكون نحو ‪ 100‬مليون شخص قد سقطوا مرة‬
‫أخرى في براثن الفقر المدقع‪ .‬وأشد الفئات تضررا من هذه اآلثار السلبية هم الفئات األولى‬
‫بالرعاية واألكثر احتياجا ً ‪ -‬النساء واألطفال والعمال غير المهرة وغير الرسميين‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫زاد معدل التضخم العالمي مع التعافي االقتصادي‪ ،‬ومن المتوقع أن يواصل االرتفاع خالل‬
‫ما تبقى من العام‪ ،‬لكنه سيظل في حدود النطاق المستهدف لمعظم البلدان‪ .‬وفي اقتصادات‬
‫األسواق الصاعدة واالقتصادات النامية التي ارتفع فيها التضخم عن المستوى المستهدف‪،‬‬
‫قد ال يستلزم هذا االتجاه استجابة على صعيد السياسة النقدية شريطة أن يكون مؤقتا وأن‬
‫تظل توقعات التضخم راسخة‪.‬‬

‫قد يؤدي ارتفاع أسعار الغذاء وتسارع وتيرة التضخم الكلي إلى تفاقم النقص المتزايد في‬
‫األمن الغذائي في البلدان منخفضة الدخل‪ .‬ويجب أن يسعى واضعو السياسات إلى ضمان‬
‫أال يؤدي تصاعد معدالت التضخم إلى عدم استقرار توقعات التضخم في األجل الطويل‬
‫ومقاومة استخدام أنظمة الدعم أو قيود األسعار لتخفيف أعباء زيادة أسعار الغذاء‪ ،‬إذ أن‬
‫هذه األسعار قد تتسبب في زيادة الديون وخلق مزيد من الضغوط الصعودية على األسعار‬
‫العالمية للمنتجات الزراعية‪.‬‬

‫ويتيح تعافي التجارة العالمية بعد ركود العام الماضي فرصة القتصادات األسواق الصاعدة‬
‫واالقتصادات النامية لتعزيز النمو االقتصادي‪ .‬وفي المتوسط‪ ،‬تزيد تكاليف التجارة مرة‬
‫ونصفا في اقتصادات األسواق الصاعدة واالقتصادات النامية عنها في االقتصادات‬
‫المتقدمة‪ ،‬وقد يؤدي تخفيضها إلى تعزيز التجارة وتحفيز االستثمار والنمو‪.‬‬

‫ونظرا ألن مساعدات اإلغاثة من الجائحة قريبة على نحو مدهش في الكثير من األماكن‪،‬‬
‫لكنها بعيدة المنال في أماكن أخرى‪ ،‬فإن اتخاذ إجراءات على مستوى السياسات سيكون ذا‬
‫أهمية بالغة‪ .‬ومن الضروري للقضاء على الجائحة تحقيق التوزيع المنصف للقاحات‪.‬‬
‫وسيكون تقديم تخفيف واسع النطاق من الديون ذا أهمية كبيرة لكثير من البلدان منخفضة‬
‫الدخل‪ .‬ومن الضروري أن يعمل واضعو السياسات لدعم التعافي االقتصادي من خالل‬
‫تدابير مالية ونقدية‪ ،‬وفي الوقت ذاته الحرص على حماية االستقرار المالي‪ .‬وينبغي أن‬
‫تعتمد السياسات نهجا يراعي العواقب بإنعاش رأس المال البشري‪ ،‬وتوسيع إمكانية‬
‫الحصول على خدمات الترابط الرقمي‪ ،‬واالستثمار في البنية التحتية الخضراء من أجل‬
‫تعزيز النمو من خالل مسار أخضر وقادر على الصمود وشامل للجميع‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وسيتطلب ذلك تنسيق الجهود العالمية للقضاء على الجائحة من خالل عمليات تطعيم‬
‫واسعة النطاق وقيادة حصيفة على صعيد االقتصاد الكلي من أجل تفادي األزمات‪.‬‬

‫ملخص الفصل‬

‫كانت استجابات الحكومات للجائحة على المدى القصير سريعة وشاملة على نحو‬
‫استثنائي‪ .‬فقد تبنت الحكومات العديد من أدوات السياسات التي كانت إما غير مسبوقة على‬
‫اإلطالق أو لم يتم استخدامها من قبل على هذا النطاق في االقتصادات الصاعدة‪ .‬ومن‬
‫األمثلة على ذلك تدابير الدعم الكبير المباشر للدخل‪ ،‬وتأجيل سداد الديون‪ ،‬وبرامج شراء‬
‫األصول التي نفذتها البنوك المركزية‪ .‬وتباينت هذه البرامج تباينا ً كبيرا ً من حيث الحجم‬
‫والنطاق (الشكل ‪ ،)1-1‬ويرجع ذلك في جانب منه إلى أن العديد من البلدان منخفضة الدخل‬
‫واجهت مصاعب جمة لتعبئة الموارد نظرا ً لمحدودية القدرة على الوصول إلى أسواق‬
‫االئتمان وارتفاع مستويات الدين الحكومي قبل وقوع األزمة‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬كان حجم‬
‫االستجابة لألزمة على صعيد المالية العامة كنسبة من إجمالي الناتج المحلي كبيرا ً على‬
‫نحو متماثل تقريبا ً في البلدان مرتفعة الدخل‪ ،‬وضعيفا ً بشكل متماثل‪ ،‬أو لم توجد أي‬
‫استجابة‪ ،‬في البلدان منخفضة الدخل‪ .‬وفي البلدان متوسطة الدخل‪ ،‬جاءت االستجابة على‬
‫صعيد المالية العامة متباينة إلى حد بعيد‪ ،‬مما عكس اختالفات ملحوظة في قدرة الحكومات‬
‫على اإلنفاق على برامج الدعم ورغبتها في ذلك‪.‬‬

‫خاتمة البحث‬

‫حلّت األزمة االقتصادية في ظل كورونا والتي صنفها الخبراء االقتصاديين على أنّها أسوأ‬
‫األزمات االقتصادية خالل الثالثة عقود التي مرت على اإلطالق‪ ،‬فقد أدت كورونا وحسب‬
‫اإلحصائيات والتقارير التي أعدها الخبراء العالميون على أنّه قد استغني ع ّما يقارب الـ‬
‫‪ 225‬وظيفة دائمة‪ ،‬وقد أصبحت ساعات العمل أقل‪ ،‬فالمؤسسات التي كانت تداوم لثماني‬
‫ساعات صارت تداوم لما يقارب األربع ساعات على األكثر‪ ،‬وزاد ذلك من نسبة االحتكار‬

‫‪24‬‬
‫للمواد التي يكثر عليها الطلب خاصة المواد الغذائية والمطهرات والمعقمات التي ارتفعت‬
‫جنوني‪ ،‬وانخفضت حركة الشراء العالمية وتوقفت الكثير من العقود التي‬
‫ّ‬ ‫أسعارها بشكل‬
‫وقعتها الشركات العالمية بين بعضها‪ .‬لكن بالمقابل انتشرت األسواق اإللكترونية بشكل‬
‫كبير حتّى صار اإلنسان يشتري جميع متطلباته وتصل إلى بيته جاهزة معقمة دون أن‬
‫يتكلف عناء الذهاب والتسوق واالتصال المباشر مع الناس‪ ،‬وانتشرت بذلك شركات‬
‫التوصيل التي ألقت على عاتقها توصيل جميع المنتجات من جميع المحال التي ال تتوفّر‬
‫فيها خدمة التوصيل‪ ،‬وانتشر كذلك التعليم اإللكتروني عن بعد بحيث صار الطالب يتلقون‬
‫المعلومات من أستاذهم عبر الشابكة اإللكترونية‪ ،‬أي باختصار يمكن القول ّ‬
‫إن السوق‬
‫اإللكتروني قد استطاع أن يحل بشكل كبير مكان السوق الواقعي‪ ،‬حتى ألفه النّاس وباتوا‬
‫يعتمدون عليه حتى مع عدم فرض حظر تنقل أو تجول‪ ،‬ولكن مع ذلك ّ‬
‫فإن السوق‬
‫اإللكتروني لم يستطع أن يحقق النجاحات الموجودة في السوق الواقعي‪ ،‬ولكن على أي‬
‫حال فقد حاولت بعض الشركات استبدال الثاني األول‪ّ .‬‬
‫إن كورونا هو واحد من الحاالت‬
‫الطارئة التي تصيب األسواق العالمية ما بين الحين واآلخر‪ ،‬وقد استطاع الكثير من‬
‫األشخاص التكيف مع ذلك الوضع على الرغم من خطورته‪ ،‬ولكن من باب السير مع التيار‬
‫حتى ال يرفضه فيقتله‪ ،‬إال أن هناك مجموعة كبيرة من النّاس لم تستطع حتى هذه اللحظة‬
‫تأمين حياتها بعد المصائب التي حلت عليها إثر كورونا‪ ،‬ولكن يبقى األمل هو حبل النجاة‬
‫الوحيد الذي يتعلق به اإلنسان‪ ،‬والشعوب كلها تتعلق ً‬
‫أمال في انتهاء هذا الفايروس الخطير‬
‫ع ّما قريب‪.‬‬

‫مصادر البيانات والمراجع الخاصة بالموضوع‬

‫‪https://www.albankaldawli.org/ar/publication/wdr2022/brief/chapter-1-introduction-the-‬‬ ‫البنك الدولي‪:‬‬


‫‪economic-impacts-of-the-covid-19-crisis‬‬

‫‪https://www.idsc.gov.eg/DocumentLibrary/List?Cid=8&Iid=29‬‬ ‫مجلس الوزراء‪-‬مركز الدعم واتخاذ القرار‪:‬‬

‫‪https://mped.gov.eg/DynamicPage?id=86‬‬ ‫وزارة التخطيط والتنمية االقتصادية‪:‬‬

‫‪25‬‬

You might also like