You are on page 1of 19

‫الماستر المتخصص‪ :‬المالية اإلسالمية‬

‫مقصد العدالة االجتماعية في المعامالت‬


‫المالية في ضوء السنة النبوية‬

‫تأطير‪ :‬ذ‪ .‬عثمان المودن‬ ‫من إنجاز الطلبة‪:‬‬

‫محمد أيت عثمان‬


‫رشيدة بن داهمو‬
‫مريم الكريمي‬

‫السنة الدراســـية ‪2021- 2022‬‬


‫الفهرس‬

‫المقدمة‪2...................................................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم العدالة االجتماعية مدارسة في المصطلح…‪3 ................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬العدالة االجتماعية في اللغة واالصطالح‪3.......………..……………………..............‬‬

‫‪ -1-1‬العدالة االجتماعية في اللغة ……………………………………………‪3…………..‬‬

‫‪ -1-2‬العدالة االجتماعية في االصطالح………………………………………‪4………..….‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العدالة االجتماعية في الشريعة اإلسالمية واألنظمة الوضعية‪4..........................‬‬

‫‪-1-1‬مفهوم العدالة االجتماعية في الشريعة اإلسالمية واألنظمة الوضعية……………‪4….……….‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مقصد العدالة االجتماعية في المعامالت المالية زمن الرسول ﷺ ‪5..………………….‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مظاهر وأسس العدالة االجتماعية في المعامالت المالية في ضوء السنة النبوية‪10...‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الغاية من العدالة االجتماعية في المعامالت المالية وآثارها على الفرد والمجتمع‬

‫والتنمية‪10………………………………………………………………………………………………….....‬‬

‫الخاتمة‪16....................................................................................................‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع ‪18.………………………………………………………………………………..‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬

‫جاءت ال ّ‬
‫شريعة اإلسالميّة لتحقيق مقاصد وغايات‪ ،‬وجلب مصالح ودرء مفاسد وآفات من أجل تحقيق‬
‫تغفل ال ّشريعة أن تتناو َل جميع جوانب حياة ال ّناس ومن‬
‫ْ‬ ‫سعادة للبشريّة جمعاء في الدّنيا واآلخرة‪ ،‬ولم‬
‫ال ّ‬
‫ي واالقتصادي‪ ،‬فقد أرست ال ّشريعة اإلسالميّة قواع َدا وأسسا ً ومنهجا ً واضحا ً في‬
‫بينها الجانبين االجتماع ّ‬
‫االقتصاد واالجتماع يضمن تحقيقَ العدالة االقتصاديّة واالجتماعيّة في المجتمعات اإلسالميّة‪.‬‬

‫‪‬أهمية البحث‬
‫الهدف من بحثنا هو تسليط الضوء على أهمية العدالة االجتماعية في المعامالت المالية من خالل دراسة‬
‫مقاصدها وآثارها على الفرد والمجتمع والتنمية‪.‬‬

‫‪ ‬إشـــكاليــة البحــث‪:‬‬

‫سنحاول من خالل هذا العمل اإلجابة عن اإلشكالية التالية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫ما المقصد من العدالة االجتماعية في المعامالت المالية‪ ،‬وما آثارها على الفرد والمجتمع والتنمية؟‬

‫‪ ‬خـطـــــة البحـــث‪:‬‬

‫في المبحث األول سنتطرق الى مفهوم العدالة االجتماعية في اللغة واالصطالح وفي الشريعة اإلسالمية‬

‫واألنظمة الوضعية‪ ،‬ثم في المبحث الثاني سنرى مقصد العدالة االجتماعية في المعامالت المالية في‬

‫ضوء السنة النبوية حيث سنتناول في هذا المبحث نماذج العدالة االجتماعية في المعامالت المالية زمن‬

‫الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وآثارها على الفرد والمجتمع والتنمية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫المبحث‪ :‬األول مفهوم العدالة االجتماعية مدارسة في المصطلح‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬العدالة االجتماعية في اللغة واالصطالح‬

‫‪ ‬العدالة االجتماعية في اللغة؟‬


‫العدالة االجتماعية لغة فهي مصدر عدل‪ ،‬والعدل خالف الجور‪ ،‬وهي كلمة لها معان متباينة منها‪:‬‬
‫االستقامة‪ ،‬واالنصاف‪ ،‬والمساواة والقسط والقسطاس والعدول عن االمر‪ ،1‬فيفهم معناها من مساقات‬
‫الكالم الذي وردت فيه‪ .‬فهي إذن مجموعة من المترادفات والمفاهيم التي تشير الى معنى العدالة في‬
‫دالالت متعددة لتكون نقيض الظلم االجتماعي‪ ،‬والذي يتجسد في عدة صور منها االستبداد واالستعباد‬
‫والقهر االجتماعي‪.‬‬

‫‪ ‬العدالة االجتماعية في االصطالح؟‬

‫ي‪ ،‬وأحكام تشريعيّة ‪ ،‬تضمن للنّاس إن‬


‫العدالة االجتماعيّة هي منظومة فكريّة‪ ،‬ومنهج أخالق ّ‬
‫استقاموا عليها والتزموا بها المساواة أمام القانون‪ ،‬ونيل جميع الحقوق في الحياة بعيداً عن ّ‬
‫الظلم‬
‫والمحاباة‪ ،‬هناك منهجا ً واضحا ً في اإلسالم يضمن تحقيق العدالة االجتماعيّة بين ال ّناس‪ ،‬ومن أبرز ما‬
‫يتضمنه هذا المنهج التأكيد على المساواة بين النّاس في الحقوق والواجبات‪ ،‬فك ّل المسلمين أمام‬
‫ي على ضعيف‪ ،‬وال لصاحب‬ ‫ي على فقير‪ ،‬وال لقو ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شريعة اإلسالميّة والقانون سواء ال فضل لغن ّ‬
‫شريعة هو التّقوى فقط‪ ،‬و ّ‬
‫إن من‬ ‫أن معيار التّفاضل في ال ّ‬‫سلطة ونفوذ على من ليس له سلطان‪ ،‬ذلك ّ‬
‫شأن اإليمان بهذا االعتقاد أن يزيل الفوارق االجتماعيّة بين النّاس ويح ّقق العدالة بينهم‪ ،‬لقول الرسول‬
‫علَى‬ ‫احد‪ ،‬أ َ َال َال فَ ْ‬
‫ض َل ِلعَ َر ِب ٍّي َ‬ ‫احد‪َ ،‬و ِإنَّ أ َبَاكُ ْم َو ِ‬
‫اس‪ ،‬أ َ َال ِإنَّ َربَّكُ ْم َو ِ‬
‫صلى هللا عليه و سلم {{ يَا أَيُّهَا النَّ ُ‬
‫علَى أَحْ َم َر ِإ َّال ِبالت َّ ْق َوى‪}} ،‬‬ ‫س َودَ‪َ ،‬و َال أ َ ْ‬
‫س َو َد َ‬ ‫علَى أَ ْ‬
‫ي‪َ ،‬و َال ِألَحْ َم َر َ‬
‫علَى ع ََر ِب ٍّ‬ ‫ي‪َ ،‬و َال ِل َع َج ِم ٍّ‬
‫ي َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ع َج ِم ٍّ‬
‫أخرجه االمام أحمد وغيره بإسناد ال بأس به‪.‬‬

‫‪ ‬المطلب الثاني ‪ :‬مفهوم العدالة االجتماعية في الشريعة اإلسالمية واألنظمة الوضعية ‪:‬‬

‫إن معظم أصحاب النظريات في موضوع العدالة يجمعون على أن المساواة األساسية في حقوق‬
‫اإلنسان وفي الحقوق المدنية والمؤسسات السياسية للديمقراطية الليبرالية تكون في مجملها الشروط‬
‫المسبقة والعناصر الحيوية للعدالة عالوة على ذلك فإن أصحاب نظريات العدالة يرون أن مرجعية‬

‫‪ 1‬ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم األفريقي‪ ،‬لسان العرب (بيروت‪ :‬دار صادر‪ ،‬ط‪ )1‬ج‪ ،11‬ص‪.430‬‬

‫‪3‬‬
‫مقياس المساواة ال تنحصر فقط في الحقوق السياسية والمدنية بل تتعداها لتشمل الحقوق االقتصادية‬
‫‪..‬االجتماعية والثقافية وتكافؤ الفرص‪.‬‬

‫إن مفهوم العدالة االجتماعية تكتنفه النسبية إذ انه يختلف من اتجاه فكري الى اتجاه آخر ففي الشريعة‬
‫اإلسالمية تختلف طبيعة العدالة االجتماعية في الشريعة اإلسالمية عن طبيعتها في النظم الوضعية‬
‫المقارنة اختالفا ً بيناً‪ ،‬الختالف تصور الشريعة لها عن تصورات هذه النظم‪ ،‬حيث أن الشريعة جاءت‬
‫أصالً إلقامة العدالة بصورة عامة والعدالة االجتماعية بحاجة بين الناس بصورة خاصة‪.‬‬

‫يرى بعض الباحثين أن على الشريعة اإلسالمية أنها ال تفرق بين العدل والعدالة في اللغة‬
‫واالصطالح‪ ،‬فكالهما يؤدي إلى معنى واحد‪ ،‬وهو إحقاق الحق‪ ،‬بتطبيق أحكام الشرع‪ ،‬نميز أن‬
‫الشريعة اإلسالمية قد استعملت كلمة أخرى تؤدي معنى العدالة في الفكر العربي ـ قديمه وحديثه ـ‬
‫وتسمو عليها وهي اإلحسان‪.‬‬

‫وفي التصور اإلسالمي تتجدد معالم العدالة االجتماعية‪ ،‬بالعدل واإلحسان والشورى وحماية‬
‫الضعيف‪ ،‬وإدانة الظلم والتوازن بين حقوق ال شعب وحقوق السلطة السياسية وجعل أهم غايات النظام‬
‫السياسي أن يجعل محورة العدالة على المستويات االجتماعية واالقتصادية والثقافية كافة‪.‬‬

‫تولى الدين اإلسالمي شؤون الحياة اإلنسانية‪ ،‬فكان له تصور كلي عن األلوهية والكون والحياة واإلنسان‪،‬‬
‫تجسد في القرآن والحديث وفي سيرة الرسول ﷺ وسننه العملية‪ ،‬كما جسد اإلسالم الحياة على أنها تراحم‬
‫وتواد وتعاون وتكامل‪ ،‬وحدد األسس وقرر النظم بين المسلمين على وجه خاص‪ ،‬وبين جميع أفراد‬
‫اإلنسانية على وجه عام‪ ،‬فكان هدف اإلسالم‪ ،‬الوحدة المطلقة المتعادلة المتناسقة‪ ،‬والتكافل العام بين‬
‫األفراد والجماعات‪ ،‬وهذا هو أساس جوهر تحقيق العدالة االجتماعية في ظل اإلسالم التي تراعي‬
‫العناصر األساسية في فطرة اإلنسان غير متجاهلة للطاقة البشرية‪ ،‬وبالتالي يمكن القول أن العدالة‬
‫االجتماعية من أهم المبادئ التي أرساها اإلسالم والتي يقوم عليها المجتمع اإلسالمي‪ ،‬واألسس التي‬
‫تؤسس عليها العالقات بين أفراد المجتمع المسلم‪ ،‬والعدل هو المعيار الذي يدرك من خالله ثبات المجتمع‬
‫واستقراره‪ ،‬وبذلك عمل اإلسالم على تثبيت وترسيخ قيمة العدالة بين الناس حتى ربط جميع نواحي‬
‫الحياة بناء على أسس العدالة‪ ،‬فالعدالة مرتبطة بأنظمة اإلدارة‪ ،‬والحكم والمواثيق بين الناس‪ ،‬واالقتصاد‬
‫والتفكير‪ ،‬واألسرة والتربية وغيرها من أنظمة اإلسالم المختلفة حتى أن التاريخ قد شهد على سالمة‬
‫المجتمعات التي حكمها اإلسالم‪ ،‬وكيف حماها من خراب العمران‪ ،‬وكيف حال المجتمعات من دمار‬
‫النفوس وانحطاط األخالق‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الثان‪ :‬مقصد العدالة االجتماعية يف المعامالت المالية يف ضوء السنة النبوية‬
‫ي‬ ‫المبحث‬
‫‪ ‬المطلب االول‪ :‬مظاهر وتطبيقات العدالة االجتماعية يف المعامالت المالية زمن الرسول‬
‫صىل هللا عليه وسلم‬

‫أرسى ا إلسالم العديد من القواعد واألسس التي تنظم العالقات بين أفراد المجتمع‪ ،‬ومن أهمها‬
‫العدالة االجتماعية بما تحمله من معان وقيم رفيعة‪ ،‬صارت نموذجا يحتذى بعدما كانت أمال يرتجى في‬
‫ظل الدولة اإلسالمية‪ ،‬وأن هم اإلسالم األول وشغله الشاغل هو اإلنسان‪ ،‬ذلك المخلوق المكرم من قبل‬
‫هللا عز وجل‪ ،‬بغض النظر عن دينه وجنسه ولونه‪.‬‬

‫فالعدالة االجتماعية جاءت من العدل الذي يعتبر جوهر اإلسالم وروحه‪ ,‬وهو المحور األساسي لتطبيق‬
‫أصول الدين وفروعه‪ ,‬وع ليه ترتكز فلسفة بناء المجتمع‪ ,‬وحفظ الحقوق‪ ,‬وتعميق المبادئ األخالقية ‪،‬لهذا‬
‫ِ۬ ْ ُ ْ ٰ َ َ ْ ٰ َ‬
‫ه ع ِن‬ ‫َّ َ۬ ه َ َ ُ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ٰ َ َ ٓ ْ‬ ‫أمرنا هللا به في قوله تعالى‬
‫﴿۞إن اَّلل يامر ِبالعد ِل و ِاالحسَٰ َِٰن و ِإيتا ِءے ِذے ِالقر ۪ ين وين ۪ ي‬‫ِ‬
‫ه ُ َ َّ ه َ ِۖ‬ ‫َ ْ َ ْ ِۖ َ ُ ُ‬ ‫ِ۬ا ْل َف ْح َش ٓاء َو ْال ُ‬
‫غ ي ِعظك ْم ل َعلك ْم تذك ُرون﴾ [النحل‪. ]90 :‬فكانت شريعة محمد ﷺ هي تاريخ‬ ‫ِي‬ ‫ب‬‫ال‬‫و‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫نك‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الميالد الحقيقي للعدالة االجتماعية التي لم تكن مطبقة في أي مجتمع أو حضارة إنسانية قبل اإلسالم ‪.‬‬
‫فالرسول ﷺ أقام مجتمع المدينة المنورة على أسس مثالية لن تجد لها مثيال في التاريخ البشر إال في‬
‫الكتابات النظرية لقدامى فالسفة اإلغريق مثل أفالطون وأرسطو‪.‬‬

‫فقد حرص صلى هللا عليه وسلم على المؤاخاة بين المهاجرين من أهل مكة واألنصار من أهل يثرب‪.‬‬
‫وقد انطوت تلك المؤاخاة االستثنائية على جوانب اقتصادية هامة ترتب عليها إعادة توزيع الثروة والدخل‬
‫بصورة طوعية بين المهاجرين واألنصار‪ .‬يقول الدكتور عبد الرحمن يسري في كتابه «تطور الفكر‬
‫االقتصادي»‪ « :‬فقد تنازل األنصار طواعية ومحبة بموجب هذه األخوة الصادقة عن جانب من ثرواتهم‬
‫أو أصولهم اإلنتاجية إلخوانهم من المهاجرين‪ .‬ولقد اتخذ هذا التنازل صفة دائمة في بعض األحيان‬
‫وصفة مؤقتة في حاالت أخرى‪ .‬ومن ضمن ما عرض األنصار على النبي (صلى هللا عليه وسلم) أن‬
‫يقسم النخيل بينهم وبين إخوانهم المهاجرين‪ ،‬ولكنه رفض هذا العرض منهم حيث يعني التنازل عن‬
‫أهم شكل من أشكال الثروة الزراعية لديهم‪ .‬وربما أن الرسول (صلى هللا عليه وسلم) كان يرى بعين‬
‫النبوة الصادقة أن األمور ستتغير إلى األحسن وأن أبوابا جديدة للرزق سوف تفتح مستقبال على‬
‫الجميع»‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وإذا كان توزيع الثروات ما زال من أهم المشكالت التي تؤرق االقتصاديين عبر العصور‪ ،‬ويعد إغفاله‬
‫أو عدم التصدي له كما ينبغي من أبرز نقاط الضعف عند غالبية المدارس االقتصادية‪ .‬فإن مدينة اإلسالم‬
‫األولى قد أقيمت على مبادئ العدالة االجتماعية‪ ،‬دون انقضاض على الملكية الفردية أو تدمير لعوامل‬
‫اإلنتاج‪.‬‬

‫فكان لها شروط‪:‬‬

‫‪ ‬الشرط األو ل هو تكافؤ الفرص و منه حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن‬
‫مالك بن أوس بن الحدثان قال « كان عمر يحلف على أيمان ثالث يقول وهللا ما أحد أحق بهذا‬
‫المال من أحد وما أنا بأحق به من أحد وهللا ما من المسلمين أحد إال وله في هذا المال نصيب‬
‫إال عبدا مملوكا ولكنا على منازلنا من كتاب هللا تعالى وقسمنا من رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم فالرجل وبالؤه في اإلسالم والرجل وقدمه في اإلسالم والرجل وغناؤه في اإلسالم‬
‫والرجل وحاجته و وهللا لئن بقيت لهم ليأتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو‬
‫يرعى مكانه» رواه اإلمام أحمد في المسند‪ ،‬وأبو يوسف في كتاب الخراج ‪.‬‬

‫‪ ‬أما الشرط الثاني فهو عدالة توزيع الثروة الذي يتضمن عدالة األجور‪ ،‬روي أن أبو عبيدة تحدث‬
‫يوما ً مع عمر (رضي هللا عنه) في استخدام الصحابة في العمل فقال «أما إن فعلت فأغنهم‬
‫بالعمالة عن الخيانة»‪ ،‬قال أبو يوسف في تفسيره «إذا استعملتم على شيء فابذل لهم العطاء‬
‫والرزق ال يحتاجون»‪ .‬فالعدالة االجتماعية التي تتحقق من خالل كفاية وعدالة األجور تؤدي الى‬
‫رضى الطبقة العاملة وبالتالي تمنع ما نسميه بالفساد المالي‪.‬‬
‫ذلك فقد امتثل المسلمون في مجتمع المدينة المنورة ألمر الرسول ﷺ بالوفاء بحق األجير حيث‬
‫قال في الحديث الشريف الذي رواه ابن ماجة وأخرجه المنذري في الترغيب والترهيب‪« :‬أعطوا‬
‫األجير حقه قبل أن يجف عرقه» أو كما قال فيما رواه البخاري وابن ماجه وغيرهما‪ :‬عن أبي‬
‫هريرة رضى هللا عنه" عن الرسول ﷺ قال « إن رب العزة تبارك وتعالى يقول‪ :‬ثالثة أنا‬
‫خصمهم يوم القيامة‪ ،‬ومن كنت خصمه خصمته‪ :‬رجل أعطى بي ثم غدر‪ ،‬ورجل باع حرا فأكل‬
‫ثمنه‪ ،‬ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره» (رواه مسلم )‪ ،‬فكان ذلك أيضا‬
‫دعامة هامة في توزيع الدخول والثروات‪ ،‬إذ كان عنصر العمل يؤجر بعدالة والتزام‪ ،‬بما ينطوي‬
‫عليه ذلك من خلق للطلب الفعال‪.‬‬
‫ُ۬‬
‫اس أ َ ْ‬
‫ش َيا ٓ َءهُ ْم» [األعراف‪ ]84 :‬ومن تفسيرها أنها نزلت في‬ ‫سواْ ا ُلنَّ َ‬
‫يقول هللا تعالى‪َ « :‬و َال ت َ ْب َخ ُ‬
‫إنصاف األجراء‪ ،‬وعدم التعدي على حقوقهم المادية ومنه تحقيق العدالة لالجتماعية ‪،‬ألننا نجد‬
‫أن بعض الناس يستأجرون عماالً كي يعملوا عندهم‪ ،‬وعندما ينتهي هؤالء العمال من عملهم‬

‫‪6‬‬
‫يمنعهم أصحاب العمل من حقهم‪ ،‬ويبخسهم من أجرهم‪ ،‬فكثيرا ً ما نجد موظفين‪ ،‬أو سائقين‪ ،‬أو‬
‫خدم‪ ،‬أو غير ذلك من أصحاب المهن‪ ،‬ممن يمكثون ألشهر أو ربما لسنوات دون أن يحصلوا‬
‫على أجورهم‪ ،‬ومستحقاتهم المالية حتى أنه في بعض األحيان يتم الوقوع في التمييز و الالمساواة‬
‫بين العمال في األجر رغم قيامهم بنفس المهام ‪ ،‬وبالتالي فالعدالة االجتماعية هنا ملغية الن‬
‫التمييز يجب أن يكون فقط على أساس الكفاءة و االجتهاد‪ ،‬قال ﷺ «أنزلوا الناس منازلهم »‬
‫(رواه أبو داود)‪.‬‬

‫من جهة أخرى أرست البعثة النبوية دعائم نظام العدالة في توزيع الثروات على فريضة الزكاة‬
‫وفضيلة الصدقات والقرض الحسن واإلعذار في الدين (فنظرة ٌ إلى ميسرةٍ) والوقف الخيري‪،‬‬
‫فعن إسحاق بن عبد هللا بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول ‪« :‬كان أبو طلحة أكثر‬
‫أنصاري بالمدينة ماال من نخل ‪ ،‬وكان أحب أمواله إليه برحاء ‪ ،‬وكانت مستقبلة المسجد ‪،‬‬
‫وكان رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬يدخلها ‪ ،‬ويشرب من ماء فيها طيب ‪ ،‬قال أنس ‪:‬‬
‫فلما نزلت لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون قام أبو طلحة ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول هللا إن هللا‬
‫يقول ‪{ :‬لن تنالوا البر حتى تُنِفُقوا مما تُحبون} وإن أحب أموالي برحاء ‪ ،‬وإنها صدقة هلل‬
‫أرجو برها وذخرها عند هللا ‪ ،‬فضعها يا رسول هللا حيث شئت ‪ ،‬قال ‪ :‬فقال رسول هللا ‪ -‬صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪ : -‬بخ ذلك مال رابح ‪ ،‬ذلك مال رابح ‪ ،‬وقد سمعت ما قلت ‪ ،‬وإني أرى أن‬
‫تجعله في األقربين ‪ ،‬فقال أبو طلحة ‪ :‬أفعل يا رسول هللا ‪ ،‬فقسمها أبو طلحة بين أقاربه وبني‬
‫عمه»‪[ .‬صحيح‪[ – ].‬متفق عليه‪.].‬‬
‫فكل هذه المظاهر التي تم التطرق إليها عن العدالة االجتماعية في المعامالت المالية إنما هي‬
‫انبت ت على بعض األسس العقدية والقيمية والتشريعية المتصلة بمفاهيم وقيم وقواعد اإلسالم في‬
‫المال‪ ،‬من هذه األسس نذكر‪:‬‬
‫‪ ‬االستخالف في المال‪ :‬وبالتالي إسناد ملكية المال هلل تعالى‪ ،‬قال عزوجل ﴿ َو َءاتُوهُم ٍِّمن َّما ِل ُ۬ ِ َّ ِ‬
‫للِ۬ا‬
‫ِے َءات۪ ٰيكُ ْۖ ْم ﴾ [ النور‪ ،] 33 :‬ثم استخالف الجماعة في االنتفاع بال مال‪ ،‬أما الفرد فنائب ووكيل‬ ‫ُ۬اِلذ ٓ‬
‫امنُواْ بِ َّ ِ‬
‫اّلل‬ ‫عن الجماعة في االنتفاع بالمال على وجه ال يتناقض مع مصلحتها‪ ،‬قال تعالى ﴿ ۞ َء ِ‬
‫ستَ ْخلَ ِفينَ فِي ْۖ ِه فَال ِذينَ َءا َمنُواْ ِمنكُ ْم َوأ َنفَقُواْ لَ ُه ُمۥٓ أَجْ ر َكبِ ْۖير﴾‬
‫َو َرسُو ِل ِهۦ َوأَن ِفقُواْ ِم َّما َجعَلَكُم ُّم ْ‬
‫[الحديد ‪ ، ]7 :‬وهذا االستخالف العام يتحقق من خالل القواعد التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أن للجماعة حق االنتفاع بمصادر الثروة الرئيسية دون الفرد‪ ،‬قال الرسول ﷺ «الناس شركاء‬
‫في ثالثة الماء والكأل والنار» (رواه احمد وأبو داود)‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -‬تولى الدولة إدارة إنتاج هذه المصادر باعتبارها وكيل للجماعة ونائب عنها‪ ،‬قال عمر بن‬
‫الخطاب (رضي هللا عنه) «لو أن عناقا” عنزا” ذهب بشاطئ العراق ألخذ بها عمر يوم‬
‫القيامة»‪.‬‬
‫‪ ‬توفير فرص العمل‪ :‬من أسس العدالة االجتماعية في المنظور االقتصاد اإلسالمي أن الدولة‬
‫اإلسالمية ينبغي أن تقوم بتوفير العمل المناسب لكل فرد حسب مقدرته‪ ،‬فقد روى البخاري‬
‫وغيرة أن رجال جاء إلى النبي ﷺ يطلب إليه أن يدبر حاله ألنه خال من الكسب‪ ،‬وان الرسول‬
‫دعا بقدوم وسواة بيده‪ ،‬وجعل له يدا خشبية وضعها فيه‪ ،‬ثم دفعه وكلفة بالعمل لكسب قوته في‬
‫مكان اختاره له‪ .‬وأوجب اإلمام الغزالي في اإلحياء أخذا بهذا الحديث أن على ولي األمر أن‬
‫يزود العامل بالة العمل‪ ،‬وعلى الدولة اإلسالمية أن تراعي في األجور إن تفي في إشباع‬
‫الحاجات األساسية‪ ،‬فقد روي أن أبو عبيدة تحدث يوما ً مع عمر (رضي هللا عنه) في استخدام‬
‫الصحابة في العمل فقال « أما إن فعلت فأغنهم بالعمالة عن الخيانة» ـ قال أبو يوسف في‬
‫تفسيره «إذا استعملتم على شيء فابذل لهم العطاء والرزق ال يحتاجون»‪.‬‬
‫‪ ‬توفير العالج ‪ :‬في المنظور االقتصاد اإلسالمي فالدولة اإلسالمية ينبغي أن تقوم بتوفير العالج‬
‫بأسعار مناسبة ‪ ،‬وأدلة ذلك ما ورد في السيرة ‪،‬إن نفرا من عيينة قدموا على الرسول ﷺ فاسلموا‬
‫واستوبؤا المدينة‪ ،‬وشكوا ألم الطحال ‪ ،‬فأمر بهم الرسول ﷺ إلى لقاحة وكان سرح المسلمين بذي‬
‫الجدر ناحية قباء قريبا من عير ترعي هنالك‪ ،‬فكانوا فيها حتى صحوا وسمنوا وكانوا استأذنوه‬
‫أن يشربوا من ألبانها و أبوالها ( علي عادة القوم في التداوي في زمنهم) فأذن لهم ‪ ،‬وكان‬
‫عمر(رضي هللا عنه) يسأل عن واليه وأحواله مع رعيته ‪،‬وكان مما يسأل عنه عيادته المرضى‬
‫جميعا أحرارهم وعبيدهم ‪ ،‬فإن أجاب رعية الوالي عن خصلة من الخصال بانتفائها من واليهم‬
‫عزل الوالي لعدم قيامه بحق رعايته‪ ،‬ومر عمر(رضي هللا عنه) عند مجزئيه الشام على قوم من‬
‫المجزومين ففرض لهم شيئا من بيت المال‪.‬‬
‫‪ ‬ضوابط السوق والتسعير‪ :‬ومن أسس العدالة االجتماعية في المنظور االقتصاد اإلسالمي أن‬
‫الدولة اإلسالمية ينبغي أن تقوم بوضع ضوابط للسوق‪ ،‬تتضمن تسعير السلع الضرورية‬
‫واالستراتيجية‪ ،‬وهنا نجد في الفقه االقتصادي اإلسالمي ثالثة مذاهب حول حكم التسعير‪،‬‬
‫المذهب األول هو مذهب المنع الذى يرى انه ال يجوز للحاكم أن يسعر على الناس مطلقا ً‬
‫(المنع)‪ ،‬وإن فعل ذلك يكون فعله هذا إكراها ً يكره معه البيع والشراء (الكراهة)‪ ،‬ويمنع صحة‬
‫البيع عند بعضهم (التحريم)‪ ،‬وقد استدل أنصار هذا المذهب بأدلة ‪ ،‬منها قوله ﷺ «إن هللا هو‬
‫المس ِ ٍّعر ‪ ،‬القابض الباسط الرازق ‪ ،‬وإني ألرجو أن ألقى هللا عز وجل ‪ ،‬وليس أحد منكم يطلبني‬
‫بمظلمة في دم وال مال» (رواه أنس بن مالك)‪ ،‬غير أن هذا الحديث ‪-‬وغيره من النصوص‬
‫‪8‬‬
‫المماثلة‪ -‬ال يدل على المنع المطلق للتسعير‪ ،‬ولكنه يدل على المنع من التسعير في األحوال التي‬
‫يكون التسعير فيها مجحفا ً بحق البائع أو العامل الذي يقوم بما يجب عليه من امتناع عن االحتكار‬
‫أو التواطؤ إلغالء األسعار ورفعها ‪ ،‬يقول ابن تيمية « من احتج على منع التسعير مطلقا ً بقول‬
‫النبي (صلى هللا عليه وسلم‪ «)-‬إن هللا هو المسعر… » قيل له ‪ :‬هذه قضية معينة ‪ ،‬وليست‬
‫لفظا ً عاما ً ‪ ،‬وليس فيها أن أحدا ً ام تنع من بيع ما الناس يحتاجون إليه ‪ ،‬ومعلوم أن الشيء إذا‬
‫قل رغب الناس في المزايدة فيه ‪ ،‬فإذا بذله صاحبه ‪ ،‬كما جرت به العادة ‪ ،‬ولكن الناس تزايدوا‬
‫فيه – فهنا ال يسعر عليهم »‪ .‬أما المذهب الثاني فهو مذهب اإليجاب‪ :‬فقد ذهب بعض العلماء‪،‬‬
‫كسعيد بن المسيب‪ ،‬وربيعة بن عبد الرحمن‪ :‬إلى جواز التسعير مطلقا ً (الوجوب)‪ ،‬وذهب‬
‫المالكية إلى جواز التسعير في األقوات مع الغالء‪ .‬أما المذهب الثالث فهو مذهب الجمع بين المنع‬
‫واإليجاب‪ :‬فقد ذهب كثير من متأخري الحنفية وبعض الحنابلة ‪ ،‬كابن تيمية وابن القيم إلى منع‬
‫التسعير في أحوال و إيجابه (جوازا أو وجوبا ) أحيانا ً أخرى‪ ،‬يقول ابن تيمية‪« :‬التسعير منه ما‬
‫هو ظلم ‪ ,‬ومنه ما هو عدل جائز بل واجب » ويقول « إذا تضمن العدل بين الناس ‪ ,‬مثل‬
‫إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل‪ ,‬ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ‬
‫زيادة على عوض المثل‪ ,‬فهو جائز بل واجب» ‪ ،‬ويقول ابن القيم «فإذا تضمن ظلم الناس‬
‫وإكراههم بغير حق على البيع بثمن ال يرضونه‪ ,‬أو منعهم مما أباح هللا لهم فهو حرام‪ ,‬وإذا‬
‫تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل‪ ,‬ومنعهم‬
‫مما يحرم عليهم‪ ,‬من أخذ الزيادة على عوض المثل‪ ,‬فهو جائز‪ ,‬بل واجب »‪.‬والمذهب الذى‬
‫نرجحه ‪ ،‬والذي يتسق مع مضمون مذهب الجمع بين المنع واإليجاب‪ ،‬أن التسعير يختلف الحكم‬
‫عليه طبقا لمصلحة الجماعة‪ ،‬يقول ابن القيم « وجماع األمر أن مصلحة الناس‪ ,‬إذا لم تتم إال‬
‫بالتسعير‪ ,‬سعر عليهم تسعير عدل ال وكس فيه وال شطط ‪ ,‬وإذا اندفعت حاجتهم بدونه‪ ,‬لم يفعل‬
‫» ‪ ،‬فان كان التسعير في سلعة معينة في ظرف معين ال يحقق مصالحها ويلحق بها الضرر كان‬
‫المنع ‪ ،‬أما إذا كان التسعير يحقق مصلحة الجماعة كان اإليجاب بشرط أن ال يتضمن السعر‬
‫الذى تضعه الدولة الضرر للبائع والمشتري ‪.‬وللجماعة مصلحة دائمة في وجوب تسعير السلع‬
‫الضرورية واالستراتيجية ‪ ،‬دفعا لضرر دائم يتمثل في وقوع الناس في عبودية فئة تحتكر‬
‫أرزاقهم و تتكدس الثروات في أيديهم و بالتالي نقع في خرق للعدالة االجتماعية في المعامالت‬
‫المالية‪.‬‬
‫‪ ‬مكافحه الفقر‪ :‬فلتحقيق العدالة االجتماعية في منظور االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬يفترض على الدولة‬
‫اإلسالمية تبنى آلليات معينة لمكافحة الفقر‪ ،‬ومن بينها‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫علَي ِْه ُم ْۖۥٓ ِإنَّ‬
‫ص ِ ٍّل َ‬ ‫ص َدقَ ٗة ت ُ َ‬
‫ط ِ ٍّه ُرهُ ْم َوت ُ َز ِ ٍّك ِ‬
‫يهم ِبهَا َو َ‬ ‫‪ ‬الزكاة‪ :‬يقول هللا تعالى" ُخ ْذ ِمنَ ا َ ْم ٰ َو ِل ِه ْم َ‬
‫يم" [التوبة‪ ]104:‬و العلماء المفسرون و منهم أبو بكر‬ ‫ع ِل ْۖ‬
‫س ِميع َ‬ ‫سكَن لَّ ُه ْۖ ْم َو َّ ُ‬
‫للِ۬ا َ‬ ‫صلَ ٰ َو ِتكَ َ‬
‫َ‬
‫بن العربي األندلسي المالكي قال "خد" موجهة إلى رسول هللا ﷺ بصفته إمام المسلمين‬
‫‪،‬و كذلك موجهة لكل من يأتي بعده و تكون له هذه الصفة ‪،‬و بالتالي فالزكاة مفروضة‬
‫أن تقوم بها مؤسسات سيادية تابعة للدولة‪ ،‬حتى أنه بعد وفاة الرسول ﷺ كان أبو بكر‬
‫الصديق (رضي هللا عنه و أرضاه) يحارب مانعي الزكاة فقال‪ « :‬وهللا لو منعوني عقاال‬
‫كانوا يؤدونه إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لقاتلتهم على منعه »‪.‬‬
‫‪ ‬إقراض الدولة للمحتاج‪ :‬ينقل ابن عابدين عن أبو يوسف (يدفع للعاجز – أي العاجز عن‬
‫زراعة أرضه الخراجية لفقره – كفايته من بيت المال قرضا ً ليعمل ويستغل أرضه)‪.‬‬

‫الثان‪ :‬الغاية من العدالة االجتماعية يف المعامالت المالية واثارها عىل الفرد‬


‫ي‬ ‫‪ ‬المطلب‬
‫والمجتمع والتنمية‪.‬‬

‫‪ ‬الغاية من العدالة االجتماعية يف المعامالت المالية‬

‫حرصت الشريعة اإلسالمية في أحكامها على منح المكلفين الحرية في التصرفات‬


‫المالية‪ ،‬من حيث إباحة الملكية الفردية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬لكن هذه الحرية ليست حرية مطلقة‪ ،‬بل لها‬
‫قيود وضوابط تضبطها وتجعلها قائمة على ميزان مستقيم‪ ،‬ومن تلك المعايير والقيم‪ :‬إقامة‬
‫العدل‪ ،‬ودفع الظلم‪ ،‬فحرصت الشريعة اإلسالمية في أحكامها على تحقيق مقصد العدل في‬
‫سائر التصرفات المالية‪ ،‬وتأكيدها على ذلك بترتيب الثواب والعقاب؛ وهذا له أثره في حفظ‬
‫حقوق العباد المالية وضمانها‪ ،‬وبالتالي يقوم كل مكلف بأداء ما عليه من واجبات لزمته‪ ،‬وتم‬
‫يطالب بما له من حقوق مشروعة‪ ،‬وفق ميزان عادل‪ ،‬وقسطاس مستقيم‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية في مجموع الفتاوى‪" :‬المعامالت من المبايعات‬
‫واإليجارات والوكاالت والمشاركات والهبات والوقوف والوصايا ونحو ذلك من المعامالت‬
‫المتعلقة بالعقود والقبوض؛ فإن العدل فيها هو قوام العالمين ال تصلح الدنيا واآلخرة إال‬
‫به" ‪ .‬فمن العدل فيها ما هو ظاهر يعرفه كل أحد بعقله كوجوب تسليم الثمن على المشتري‪،‬‬
‫وتسليم المبيع على البائع للمشتري‪ ،‬وتحريم تطفيف المكيال والميزان‪ ،‬ووجوب الصدق‬
‫والبيان‪ ،‬وتحريم الكذب والخيانة والغش‪ ،‬وأن جزاء القرض الوفاء والحمد‪ .‬ومنه ما هو خفي‬
‫جاءت به الشرائع أو شريعتنا ‪-‬أهل اإلسالم ‪-‬فإن عامة ما نهى عنه الكتاب والسنة من‬
‫المعامالت يعود إلى تحقيق العدل والنهي عن الظلم‪ :‬دقه وجله؛ مثل أكل المال بالباطل‪.‬‬
‫وجنسه من الربا والميسر‪ .‬وأنواع الربا والميسر التي نهى عنها النبي صلى هللا عليه وسلم‬

‫‪10‬‬
‫مثل بيع الغرر وبيع حبل الحبلة و بيع الطير في الهواء والسمك في الماء والبيع إلى أجل غير‬
‫مسمى وبيع المصراة وبيع المدلس والمالمسة والمنابذة والمزابنة والمحاقلة والنجش وبيع‬
‫الثمر قبل بدو صالحه وما نهى عنه من أنواع المشاركات"‪.‬‬
‫يقول ابن القيم –رحمه هللا – في كتابه أعالم الموقعين‪" :‬إن هللا أرسل وأنزل كتبه‬
‫بالعدل الذي قامت به السماوات واألرض وكل أمر أخرج من العدل إلى الجور‪ ،‬ومن‬
‫المصلحة إلى عكسها فليس من شرع هللا في شيء وحيثما ظهرت دالئل العدل وسفر وجهه‬
‫فثم شرع هللا وأمره"‪.‬‬
‫ومقصد العدالة االجتماعية في المعامالت المالية واضح‪ ،‬وقد ورد التعبير عنه في كتب‬
‫القواعد الفقهية بألفاظ متنوعة‪ ،‬ومردها إلى هذا المقصد‪ ،‬مثل المعاملة مبناها على العدل‪ ،‬أو‬
‫المعاوضة مبناها على المعادلة والمساواة بين الجانبين أو األصل في المعاوضات والمقابالت‬
‫هو التعادل بين الجانبين‪ ،‬وهذه بعض‪:‬‬
‫‪ ‬تحريم الربا‬
‫في صحيح مسلم عن جابر‪ ،‬قال ‪»:‬لعن رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬آكل الربا‪،‬‬
‫ومؤكله‪ ،‬وكاتبه‪ ،‬وشاهديه‪ ،‬وقال‪ :‬هم سواء« ‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية" ‪:‬واألصل في العقود جميعها هو العدل؛ فإنه بعثت به‬
‫الرسل وأنزلت الكتب والشارع نهى عن الربا لما فيه من الظلم وعن الميسر لما فيه من‬
‫الظلم والقرآن جاء بتحريم هذا وهذا وكالهما أكل المال بالباطل‪".‬‬
‫وال شك أن الربا هو عين الظلم‪ ،‬إذ فيه استحالل ألموال الناس بالباطل‪ ،‬واستغال ل‬
‫لحاجة الفقير من قبل أصحاب رؤوس األموال‪ ،‬من خالل اشتراط الزيادة الجائرة أضعافا‬
‫مضاعفة‪ ،‬فجاء اإلسالم بالنهي عن هذا التعامل الموغل في اإلجرام‪ ،‬تحقيقا لمقصد العدل بين‬
‫الناس‪ ،‬وشرع المعامالت القائمة على البيوع‪ ،‬والمرابحات‪ ،‬واإليجارات‪ ،‬التي يكون كل من‬
‫العاقدين فيها له حق وعليه واجب‪ ،‬فوزعت الشريعة الحقوق والواجبات بميزان العدل‪ ،‬بحيث‬
‫لو تأملنا في كل عقد من العقود لوجدناها قائمة على أن كال من الطرفين له غنم وعليه غرم‪.‬‬
‫‪ ‬تحريم الرشوة‬
‫وهي كل ما يدفعه اإلنسان ليتوصل من خاللها إلى أمر ال يحل له شرعاً‪ ،‬وقد ورد في‬
‫السنة ‪ (:‬لعن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم)‪،‬‬
‫أخرجه الترمذي‪ ،‬وحسنه األلباني‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وواقع المجتمعات التي سادت فيها هذه الجريمة خير شاهد على اختالل ميزان العدل‪،‬‬
‫فأصبح الكفؤ غير قادر على الوصول إلى حقه‪ ،‬من فرص التعليم أو التوظيف‪ ،‬بل حتى في‬
‫أبسط حقوقه كالصحة مثال‪ ،‬وهذه الجريمة إذا فشت في مجتمع من المجتمعات ساد الظلم‬
‫والتعدي على أموال الناس بعضهم على بعض؛ فتحريم الرشوة فيه تحقيق لمقصد العدل في‬
‫التصرفات المالية الذي تدعوا إليه الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ ‬األمر بوضع الجوائح‬
‫ففي حديث جابر رضي هللا عنه »أن النبي صلى هللا عليه وسلم وضع الجوائح« أبو‬
‫داود والنسائي واإلمام أحمد‪.‬‬
‫ضا أن رسول هللا ﷺ قال»‪ :‬لو بعت من‬
‫وفي صحيح مسلم‪» :‬أمر بوضع الجوائح« ‪ ،‬وعنه أي ً‬
‫ثمرا فأصابته جائحة‪ ،‬فال يحل لك أن تأخذ منه شيئ ًا‪ ،‬بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ «‬
‫أخيك ً‬
‫(رواه مسلم)‪.‬‬
‫والجائحة‪ :‬هي كل آفة ال صنع لآلدمي فيها كالريح الشديدة‪ ،‬والبرد القارس‪ ،‬والحر‬
‫الشديد‪ ،‬والجراد ونحو ذلك من اآلفات السماوية‪ ،‬وما حصل بفعل اآلدمي ال يسمى جائحة‪.‬‬
‫وصورة المسألة التي يتبين بها مقصد العدالة االجتماعية‪ :‬فيما إذا تلف المعقود عليه‬
‫مشتر أو مستأجر‪ ،‬ونحوهما‪ ،‬دفع الثمن أو‬
‫ٍ‬ ‫قبل التمكن من قبضه لم يجب على العاقد من‬
‫األجرة‪ ،‬وهذا ما يسمى بوضع الجوائح؛ ألن األصل في العقود العدل من الجانبين‪ ،‬واستالم‬
‫كل منهما ما عاقد عليه‪ ،‬فإذا لم يحصل ألحدهما ما عاقد عليه لم يكن لآلخر أن يأخذ منه‬
‫العوض بال مقابل‪.‬‬
‫‪ ‬تحريم االحتكار‬
‫واالحتكار‪ :‬هو أن يدخر السلعة من أقوات الناس حتى يغلو ثمنها فيبيعها‪ ،‬مع شدة‬
‫الحاجة إليها من عموم الناس‪ ،‬وهو محرم لقول النبي ‪ -‬ﷺ ‪ -‬كما ثبت في مسلم من‬
‫حديث معمر بن عبد هللا ‪(:‬ال يحتكر إال خاطئ) (رواه مسلم)‪ ،‬قال ابن القيم ‪:‬وجماع األمر أن‬
‫مصلحة الناس إذا لم تتم إال بالتسعير سعر لهم تعسير العدل‪.‬‬
‫ويبرز مقصد العدالة االجتماعية في مبدأ النهي عن االحتكار من خالل الموازنة بين‬
‫حق البائع في الربح‪ ،‬وبين حق المشتري في رواج السلع‪ ،‬وسهولة الوصول لألقوات‪ ،‬ولذلك‬
‫في األنظمة الرأسمالية التي تردت في المادية المحضة‪ ،‬تشجع على الوصول إلى الربح‪ ،‬ولو‬
‫على حساب المستهلكين‪ ،‬فتقوم بعض الشركات العمالقة بإتالف األطنان من الحبوب في‬
‫البحار للحفاظ على األسعار بمستويات عالية‪ ،‬بينما يموت اآلالف من البشر جراء الجوع‬

‫‪12‬‬
‫والمجاعات‪ ،‬وهذه صورة من صور اختالل العدالة االجتماعية حين تنفلت النفوس البشرية‬
‫عن منظومة القيم التي تنظم عملية التبادل المالي والتجاري ‪.‬‬
‫‪ ‬آثار العدالة االجتماعية عىل الفرد والمجتمع والتنمية‬

‫نذكر من ضمن آثار العدالة االجتماعية على الفرد والمجتمع والتنمية‪:‬‬

‫تضييق الفوارق الطبقية بين الطبقات االجتماعية‪:‬‬


‫ول ّما كان المجتمع اإلنساني مبنيا ً على تفاوت قابليات األفراد في التحصيل وبذل الجهد‬
‫أوال‪ ،‬ول ّما كانت الثروة العينية والقيمية في تحرك وتداول مستمر بين األفراد ثانياً‪ ،‬أصبح‬
‫نشوء االختالف في تملّك الثروة وبذلها أمرا حتمياً‪ .‬ويدل هذا االختالف على أن وظائف‬
‫األفراد في المجتمع متفاوتة أيضا ‪ .‬فوظيفة المتبوع تختلف عن وظيفة التابع‪ ،‬ووظيفة القائد‬
‫المدرس‪ ،‬وهذا التنوع في األدوار االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫تختلف عن وظيفة المقود‪ ،‬والطبيب غير‬
‫يتطلب اختالفا ً في درجات العيش ضمن الطبقة الواحدة فحسب‪ ،‬وال يتطلب تعددا ً للطبقات‬
‫كما يؤكد النظام الرأسمالي‪ ،‬ولنضرب مثاالً على اختالف الدرجة االجتماعية ضمن الطبقة‬
‫ُقر بضرورة امتالك دار للسكنى لكل عائلة من‬
‫الواحدة‪ ،‬فمن المعلوم أن النظام اإلسالمي ي ّ‬
‫المقررة للسكن‪ ،‬وليس‬
‫ّ‬ ‫عوائل المجتمع‪ ،‬فيصبح االختالف بين األفراد حينئ ٍذ في نوعية الدور‬
‫بين التمليك وعدم التمليك كما هو الحاصل في النظام الرأسمالي‪ ،‬بل أن القاعدة واألصل في‬
‫النظرية اإلسالمية‪ ،‬هو أن ِمن ّ ِ‬
‫حق ك ِّل فر ٍد امتالك سكن الئق بحاله االجتماعي واالقتصادي‪.‬‬

‫إن اإلسالم وضع لتسديد منهجه في تضييق الفوارق الطبقية ضوابط دقيقة؛ حيث قرر‪:‬‬

‫‪-‬أوالً إشباع جميع حاجات األفراد األساسية بما فيه الكفاية من حيث المأكل‪ ،‬والملبس‪،‬‬
‫والمسكن‪ ،‬والخدمات الصحية‪ ،‬وخدمات النقل العام‪.‬‬

‫‪ -‬ثانيا ً أن للفقراء حقا ً في أموال األغنياء‪ .‬ففرض ضرائب على الثروة الحيوانية‬
‫والزراعية والمعدنية والنقدية‪.‬‬

‫وبذلك تعامل اإلسالم مع صميم المشكلة االجتماعية هادفا ً إزالة أسباب الفقر والحرمان‪ ،‬محاوالً‬
‫اقتالع جذور الفساد االقتصادي الذي عانت منه البشرية لقرون طويلة‪ .‬فالزكاة‪ ،‬وهي الضريبة‬
‫المحددة بنسبة مئويّة في األنعام الثالثة‪ :‬اإلبل والبقر والغنم‪ ،‬وفي الغالت األربع‪ :‬الحنطة والشعير‬
‫والتمر والزبيب‪ ،‬وفي النقدين‪ :‬الذهب والفضة‪ ،‬تشبع الفقراء من المأكل والملبس وتسد حاجاتهم‬
‫األساسية األخرى‪ .‬والخمس‪ ،‬الذي هو إخراج عشرين بالمائة من الواردات السنوية ـ خمس الغنيمة‬
‫كانت أو خمس الفائدة أو الربح ـ يشتمل على عدة مصادر منها‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫أوال‪ :‬المعادن المستخرجة من األرض بضمنها النفط والكبريت‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬ما يفضل من مؤونة سنة األفراد‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬ما يخرج من البحار وما يعثر عليه من الكنوز‪.‬‬

‫ّ‬
‫يغطي حاجات الفقراء الواسعة‪ ،‬ويرفع من‬ ‫وهذا المقدار من الثروة االجتماعية‬
‫مستواهم ويمنحهم فرصا ً للعمل واإلنتاج‪ ،‬ويساعد الدولة على بناء المدارس والمستشفيات‬
‫ووسائل التدريب والتأهيل االجتماعي‪.‬‬

‫تكافؤ الفرص وأثره في تحقيق العدالة االجتماعية‪:‬‬


‫إن هللا سبحانه وتعالى قسم األرزاق بين البشر وجعل فيهم الغني والفقير‪ ،‬وتتحقق العدالة بين البشر عن‬
‫طريق تكافؤ الفرص قد بينها القرآن الكريم كما في قوله تعالى‪َ ﴿:‬ولَقَ ْد َم َّكنَّاكُ ْم فِي ْاأل َ ْر ِ‬
‫ض َو َجعَ ْلنَا لَكُ ْم فِيهَا‬
‫شك ُُرون ﴾‪[ .‬سورة األعراف ‪]10:‬‬ ‫ش قَ ِل ا‬
‫يال َما ت َ ْ‬ ‫َمعَا ِي َ‬

‫فلذلك دعا التشريع اإلسالمي إلى تكافؤ الفرص للعمل بكل جوانبه للمواجهة المباشرة‬
‫والحاسمة لمشكلة الفقر‪ ،‬ويعد ضرورة لتحقيق التماسك االجتماعي‪ ،‬إذ يدعو اإلسالم الفقراء‬
‫إلى العمل الجاد المثمر‪ ،‬ويحمل الدولة اإلسالمية مسؤولية خلق فرص العمل للقادرين عليه‬
‫وأن ترغبهم فيه أَو تجبرهم عليه‪ ،‬فالعمل فرض على كل قادر‪.‬‬
‫وكذلك من اهم األثار التي نتجت عن تكافؤ الفرص القضاء على البطالة كما في قوله تعالى‪:‬‬

‫وكذلك من آثار تكافؤ الفرص إقامة العدل وعمران األوطان قال تعالى‪:‬‬
‫)و َجعَ ْلنَا فِيهَا‬ ‫} َوآيَةٌ لَ ُه ُم ْاأل َ ْر ُ‬
‫ض ا ْل َم ْيتَةُ أَحْ يَ ْينَا َها َوأ َ ْخ َرجْ نَا ِم ْن َها َحبًّا فَ ِم ْنهُ يَأ ْكُلُونَ (‪َ 33‬‬
‫ون (‪ِ )34‬ليَأْكُلُوا ِم ْن ث َ َم ِر ِه َو َما ع َِملَتْهُ أ َ ْيدِي ِه ْم أَفَ َال‬
‫ب َوفَج َّْرنَا فِيهَا ِمنَ ا ْلعُيُ ِ‬ ‫عنَا ٍ‬ ‫ت ِم ْن نَ ِخي ٍل َوأ َ ْ‬
‫َجنَّا ٍ‬
‫شك ُُرونَ { ] يس ‪[34 :33‬‬
‫يَ ْ‬
‫عدالة التوزيع وأثارها في الدخل والثروة واألجور‪:‬‬

‫إن عدالة التوزيع في االقتصاد اإلسالمي تتحقق عندما تكون هناك فرص متكافئة في‬
‫اكتساب الثروة والدخل‪ ،‬وكذلك عندما تحصل عناصر اإلنتاج على العائدات (العمل وعائده‬
‫األَجر‪ ،‬واألرض وعائدها اإليجار أَو الريع‪ ،‬ورأَس المال وعائده الربح)‬
‫فالتوزيع العادل القائم على أساس احترام الجهد البشري يحقق آثار مهمة منها يشحذ‬
‫الهمم ويؤدي إلى إنتاج أفضل كما ونوعا‪ ،‬ويؤدي اإلنتاج األكبر إلى نصيب أَكبر من الرفاهية‪،‬‬
‫فاذا تحققت العدالة في توزيع الثروة في المجتمع كان أَقرب لعدالة توزيع الدخل ويتحقق الدخل‬
‫لألفراد من جراء قيامهم بالعمل واإلنتاج في كافة األنشطة االقتصادية‪ ،‬وذلك لمنع التقلبات في‬

‫‪14‬‬
‫الدخل ومعالجة البطالة والوصول إلى تضخم معتدل والقيام بالبرامج االجتماعية وتحسين‬
‫مستويات األجور‪.‬‬
‫فمن أثر عدالة التوزيع في الدخل توافر حد الكفاية لكل فرد لقوله تعالى‪:‬‬
‫ع فِيها َوال ت َ ْعرى (‪َ )118‬وأَنَّكَ ال ت َ ْ‬
‫ظ َمؤُا فِيها َوال ت َ ْ‬
‫ضحى(‪{ )119‬‬ ‫} إِنَّ لَكَ أَالَّ ت َ ُجو َ‬
‫]سورة طه‪ [ 119 -118 :‬فحد الكفاية "يعني مستوى أَرقى في المعيشة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫خاتمة‬

‫بعد الدراسة المستفيضة لموضوع‪ :‬مقصد العدالة االجتماعية في المعامالت المالية في‬
‫ضوء السنة النبوية‬
‫توصلنا إلى حقائق ثابتة ومن هذه الحقائق‬
‫‪ ‬فقد توصلنا الى أن العدالة االجتماعية تقوم على أساس التوزيع العادل للدخل القومي بين طبقات‬
‫المجتمع المختلفة الذي يعد العنصر األساسي للعدالة االجتماعية‪ ،‬لكونه يقلل من الفوارق‬
‫االجتماعية بين طبقات المجتمع الواحد ويعمل على تحقيق المساواة في فرص الحياة وتوسيع‬
‫مجاالت تنمية اإلمكانات الذاتية لألفراد واستغاللها بأقصى درجاتها لكون التفاوت في القدرات‬
‫الذاتي ألفراد المجتمع أمرا طبيعياً‪،‬‬
‫‪ ‬وتساهم في القضاء على الفقر والبطالة والسعي للتشغيل وال سيما الموارد البشرية‪ ،‬ونشر العدل‬
‫في األوطان عن طريق التمكين والقسمة في تكافؤ الفرص وأثرها في تحقيق ذلك‬
‫‪ ‬وكذلك توصلنا الى أن عدالة التوزيع في الدخل والثروة واألجور تساهم في توافر حد الكفاية‬
‫وتشجع االدخار والدعوة الى استثمار األموال وعدم اكتنازها‬
‫‪ ‬وكذلك توصلنا الى أن أثر إعادة توزيع الدخل والثروة تتم عن طريق الزكاة والضرائب‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫انتهى بحمدهللا‬

‫هذا ما تم جمعه وبيانه وهيكلته من هذا البحث‪ ،‬فهو اجتهاد شخصي فإن‬
‫أصبنا فمن عند هللا وحده وإن أخطأنا فمن نفسنا والشيطان‬

‫‪17‬‬
: ‫المصادر و المراجع‬

‫القرآن الكريم‬

"‫ "لسان العرب‬،‫ محمد بن مكرم األفريقي‬،‫ابن منظور‬

https://www.islamweb.net/ar/article/232510/%D9%85%D9%82%D8%B5%D8%AF -
%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%84-%D9%81%D9%8A-
%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AA -
%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9% 8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-
%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%8A%D8%A9

http://www.masaha.org/book/view/1727-
%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9-
%D9%88%D8%B6%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%B7-
%D8%AA%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AB-
%D8%B1%D9%88%D8%A9-%D9%81%D9%8A-
%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85#

https://www.aljamaa.net/ar/6216/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9 -
%D9%81%D9%8A-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-
%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9 -
/%D9%81%D9%8A-%D8%A7

18

You might also like