You are on page 1of 3

‫إنشاء فلسفي‬

‫من اقتراح محمد انفيفخ‬

‫الموضوع الثاني‬
‫القولة‪:‬‬
‫"يقتضي مبدأ العدالة تحقيق المساواة‪ ،‬إل في الحالة التي تكون فيها اللمساواة مفيدة اجتماعيا‪".‬‬
‫اشرح مضمون القولة وبين أبعادها‪.‬‬

‫المتحان الوطني الموحد للباكالوريا المغربية‪ /‬الدورة العادية ‪/2009‬المسالك العلمية والتقنية والصأيلة‪.‬‬

‫النشاء‬

‫إن مبدأ العدالة يقوم على مجموعة من المفارقات التي تؤسس للعلقة بين العدالة والمساواة مممن‬
‫جهة‪ ،‬وبينها وبين اللمساواة ممن جهمة ثانيمة‪ ،‬وتتمأطر القول ة ضممن مح ور الحمق والعدالمة فمي إطمار‬
‫مجزوءة السياسية؛ إذ تؤكد هذه القولة على اقتضمماء مبممدأ العدالممة للمسمماواة إل فممي حالممة واحممدة‪ ،‬وهممي‬
‫تحقيق الفائدة الجتماعية التي قد توجد أحيانا في اللمساواة‪ ،‬فما العدالممة إذن؟ وممما هممي طبيعممة العلقممة‬
‫بين العدالة والمساواة مممن جهمة‪ ،‬وبينهمما وبيمن اللمسمماواة ممن جهمة ثانيممة؟ وهممل العدالمة تؤسمس علممى‬
‫المساواة أم على النصاف؟‬
‫إن مبدأ العدالة يقتضممي ويسممتلزم تحقيممق المسمماواة؛ لن العدالممة باعتبارهمما تشممير إلممى مجممموع‬
‫القواعد القانونية والمعايير الخلقية الممتي يعتمممدها مجتمممع ممما فممي تنظيممم العلقممات داخلممه‪ ،‬سممواء فممي‬
‫مظهرها الخارجي الموضوعي المتمثل في المؤسسات التشريعية والقانونية‪ ،‬أو في مظهرهما المعيماري‬
‫الخلقي الذي يتطلع الجميع لستلهامه بدرجات متباينة‪ .‬إن العدالة بهذا العتبار تعممد أساسمما للمسمماواة‪،‬‬
‫إذ ل تتحقق العدالة إل داخله باعتباره فعل يعامل به الجميع بشكل ل تفاوت فيممه أبممدا بيممن الجميممع وفممي‬
‫جميع الحالت بغض النظر عن الختلفات الموجودة بين البشر‪ ،‬لكن ماذا لممو كممانت اللمسمماواة تحقممق‬
‫فائدة للمجتمع؟‬
‫إن المساواة قد تؤدي أحيانا إلى تفويت المصلحة الجتماعية العامة والخاصأممة‪ ،‬فهممو أننمما جعلنمما‬
‫الناس متساويين في كل المجالت لدى هذا المر إلى نفي التفمماوت مممن حيممث السممتحقاق رغممم وجممود‬

‫‪1‬‬
‫التفاوت في الواجبات‪ ،‬وهذا ما يؤدي بالعدالة المؤسسة على المساواة إلى ظلم اجتماعي‪ ،‬ولعممل هممذا ممما‬
‫جعممل العدالممة تنفتممح علممى اللمسمماواة أحيانمما لممما تحققممه مممن الفائممدة الجتماعيممة‪ ،‬وبهممذا المعنممى تكممون‬
‫اللمساواة هي أن يمنح لكل فرد ما يستحقه بغض النظر عن منطوق القانون‪ ،‬وهنا تتحممول العدالممة مممن‬
‫تأسيسها على المساواة إلى تأسيسها على النصمماف؛ لن العدالممة المؤسسممة علممى المسمماواة قممد تقممع فممي‬
‫أخطاء عندما تطبق عمومية قوانينها على الحالت الخاصأة‪ ،‬لكن النصاف وحده يكيف قمموانين العدالممة‬
‫ويجعلها تستقيم مع تلك الحالت الخاصأممة‪ ،‬وهممذا ممما سمميعود بالفائممدة والمنفعمة علممى الجماعممة كلهمما‪ ،‬إن‬
‫الفائدة الجتماعية إذن مبرر للمساواة‪.‬‬
‫إن هذا الطرح )أي اللجوء إلى اللمساواة لتحقيممق نمموع ممما مممن العدالممة فممي حالممة وجممود فائممدة‬
‫اجتماعية لذلك( قد عرف تأييدا له من بعض الفلسفة‪ ،‬ومنهم جون راولس )‪ (John Rawls‬الذي يقر‬
‫أن العدالممة تقموم علممى مبممدأين مختلفيممن نسممبيا‪ :‬المبممدأ الول يفممرض المسمماواة فممي الحقمموق والواجبممات‬
‫الساسية بيممن الجميممع‪ ،‬بينممما المبممدأ الثمماني فيفممرض اللمسمماواة الجتماعيممة والقتصممادية‪ ،‬وذلممك مثممل‬
‫اللمساواة في مجالي السلطة والثروة‪ ،‬لكنه يشترط على هذا المبدأ الخير ليظل داخل العدالممة أن يلممتزم‬
‫أصأحاب المتيازات بجزء من تلك السلطة والثروة‪ .‬وأن يكون هذا التعاون وذاك القبول إدارييمن‪ .‬وهممذا‬
‫هو عين العدالة القائمة على النصاف الذي يقمر بالمسماواة فمي نفمس الحق وق م ن جهمة‪ ،‬وبعمدم وضمع‬
‫العوائق أمام من سحمت لهم مواهبهم وظروفهم الجتماعية ببلمموغ مراتممب عليمما مممن الممثروة والسمملطة‪،‬‬
‫على أن يتم فتح المجال لغيرهم لمكانية وصأولهم إلى نفس المراتب‪ .‬لكن أل يعتبر هذا التصور للعدالممة‬
‫منافيا للحق؟‬
‫إن الحممق ل يتحقممق إل داخممل المسمماواة‪ ،‬وخارجهمما ل يمكممن الحممدث أبممدا عممن الحممق‪ ،‬فممالحق‬
‫والمساواة متطابقان‪ ،‬أو هما وجهان لعملة واحدة‪ .‬ولهذا فل مبرر للمساواة على الطلق‪ ،‬إذ اللمساواة‬
‫ظلم وهل بطبيعة الشياء وقوانينها‪ ،‬فحسممب آلن )إميممل شممارتيي( )‪(Emile Chartier‬مم ‪ Alain‬ف إن‬
‫الحق ل يسود إل حين يتساوى الطفل الصغير ممع الشمخص الراشمد‪ ،‬والغنمي ممع الفقيمر‪ ،‬والرجمل ممع‬
‫المرأة‪ ،‬والعالم مع الجاهل‪ ،‬والصحيح مع المريض‪ ..‬ويضرب مثال لذلك بالطفل الصممغير الممذي يحمممل‬
‫نقودا ويريد بها شراء سلعة‪ ،‬فإن الحق ل يوجد إل حين يتساوى هممذا الطفممل فممي ثمممن الشممراء مممع تلممك‬
‫الخادمة الكثر شطارة‪ ،‬وكذلك المر إذا كان البائع جاهل بقيمممة ممما يممبيعه – إممما كتابمما نممادرا أو لوحممة‬
‫رسام مشهور – في حين أن المشتري على علم بقيمممة السمملعة فممإن العدالممة هممو سممعر السمموق العمممومي‬
‫دائما‪ ،‬وكذلك المر بالنسبة للقوانين‪ ،‬فالعدالة منها هي التي يكون الجميع أمامها سواسية‪ ،‬إن اللمساواة‬
‫إذن ل مبرر لها‪ ،‬إنها قول بئيس‪.‬‬
‫إن الحممق باعتبمماره قيمممة إنسممانية عليمما تممؤطر العلقممات الجتماعيممة إذن‪ ،‬فممإنه ل ينفصممل عممن‬
‫القوانين النابعة من الخلق والعقل‪ ،‬لكن هذا الحق الذي يعممد رغبممة كممل إنسممان ليممس شمميئا آخممر سمموى‬

‫‪2‬‬
‫تحقيق المساواة مع الغير‪ ،‬ما لم تكن المساواة غير عادلة فإنه من النصاف اللجوء إلممى اللمسمماواة فممي‬
‫بعض الجوانب الجتماعية ولظروف خاصأة‪ ،‬شممرط تمموفير نفممس الشممروط أمممام الجميممع بشممكل متسمماو‬
‫للوصأول إلى تلك الجوانب التي قد تكون اللمساواة فيها نوعا من العدالة المنصفة‪.‬‬

‫مع تحيات موقع تفلسف‬


‫‪tafalsouf.com‬‬

‫‪3‬‬

You might also like