You are on page 1of 3

‫درس الحق و العدالة‬

‫محاور الدرس ‪:‬‬


‫ـ ـ ـ المحوراالول ‪ :‬الحق بين الطبيعي و الوضعي‪.‬‬
‫ـ ـ المحور الثانيـ ‪:‬العدالةـ باعتبارها كأساس الحق ‪.‬‬
‫المحور الثالث ‪ :‬العدالةـ بين المساواة و االنصاف ‪.‬‬
‫التأطير اإلشكاليـ ‪:‬‬

‫يرتبط الحق بالعدالةـ ارتباطا وثيقا ‪،‬إذ ال يوجد حقا بدون عدالة ‪ ،‬كما ال توجد عدالة بدون‬
‫حق ‪ .‬ولعل عبارة "الحق و العدالة " هي أروع ما أبدعته البشريةـ عبر مسارهاـ التاريخي‬
‫الطويل ‪ .‬غير أنه بالرغم من أن الحق و العدالةـ تعتبر من القيم و المثل العليا التي تتميز‬
‫بجاذبيتهاـ وسحرهاـ لدى اإلنسانية ‪ ،‬إال انها تبقى من المفاهيم الفضفاضةـ و الملتبسة و‬
‫الغامضة ‪ .‬مما يدفعنا إلى طرح األسئلة التاليةـ ؟ ما الحق ؟ و ما العدالةـ ؟ وما طبيعة العالقة‬
‫بينهما ؟ومن الذي يؤسس اآلخر؟ وهل العدالةـ تتحقق بالمساواةـ أم باإلنصاف ؟‬

‫داللةـ الحق و العدالة ‪.‬‬


‫يقصــد بــالحق مــا يجب أن يكــون إمــا لصــدقه أو الســتقامتهـ ‪ ،‬إنــه القيــام بفعــل أو االمتنــاع عن‬
‫فعــل شــيءأو إلــزام الغــيرـ بــه تبعــا لمعيــار أو قاعــدة قانونيــة أخالقيــة تــؤطر عالقــات األفــراد فيمــا‬
‫بينهم داخل مجتمع سياسيـ منظم ‪.‬أما العدالة‪،‬ـ فتشير إلى مجموع القواعد القانونيةـ و المعايير‬
‫األخالقية التي يعتمدهاـ مجتمـع مـا في تنظيم العالقـات بين أفـراده ســواء في مظهرهـاـ الخـارجيـ‬
‫الموضــوعي المتمثــل في المؤسســات التشــريعية و القانونيـةـ أو في مظهرهـاـ المعيــاري األخالقي‬
‫الــذي يتطلــع جميــع النــاس الســتلهامهـ ‪.‬إن هــذا التحديــد الــدالليـ يــدفعنا على التســاؤل حــول‬
‫مصدر الحق وعالقته بالعدالةـ ‪.‬‬
‫المحور األول ‪ :‬الحق بين الطبيعيـ و الوضعي ‪.‬‬
‫إشكال المحور ‪ :‬ما الفرق بين الحق الطبيعي و الحق الوضعي ؟‬
‫أطروحة توماس هوبز ‪:‬‬
‫ي ــرى طوم ــاس ه ــوبز أن حالـ ـةـ الطبيع ــة هي ح ــربـ الكـ ـلـ ض ــد الك ــل بس ــبب طبيع ــة اإلنس ــانـ‬
‫العدواني ــة و الش ــريرة حيث يس ــعى ك ــل األف ــراد إلى الحف ــاظ على حي ــاتهمـ وقت ــل اآلخ ــرينـ ‪،‬‬
‫لكنهمـ في اآلن ذاتهـ يحــافظون على أنفســهمـ من المــوت‪ ،‬ممــا يضــطرهم إلى الــدخول في عقــد‬
‫اجتمــاعي يتنــازلون بموجبــه عن كــل مــا يملكــون من قــوة و حقــوق طبيعيــة لحــاكم قــوي مســتبد‬
‫يضمن لهم السلم و األمان مقابلـ طاعته و الخضوع المطلق إلرادتهـ ‪.‬فأصل الحق إذن حســب‬
‫هوبز ـ طبيعي يستمد أساسهـ من القوة ‪ .‬أي قوة الحاكم ‪,‬‬
‫أطروحة جون جاك روسو ‪:‬‬
‫يــرى روســو أن الحـق الطـبيعي ال يقـوم على القـوة ألن القــوة طاقــة جسـدية ال يمكن أن تؤســس‬
‫الح ــق مطلق ــا ‪ .‬ويرج ــع أس ــاس الح ــق بالنس ــبة إلي ــه إل االتف ــاق و التعاق ـدـ ال ــذي ينتق ــل بموجب ــه‬
‫اإلنسـانـ من حالـةـ الطبيعـة الـتي يتمتـع فيهـا بالحريـةـ المطلقـة و الحـق الغـير المحـدود على حالـةـ‬
‫التمــدن ‪ ,‬ويــرفض تصــور هــوبز الــذي يبــني الحــق على القــوة مــا دام اإلنســانـ بالنســبة إليــه ذو‬
‫طبيعــة شــريرةـ ‪ ،‬ويــرى ـ عكس هــوبز ـ ـ أن الحــق يتأســس على التعاقــد واالتفــاق و على الطبيعــة‬
‫الخيرة لإلنسان ‪.‬‬
‫المحور الثاني ‪ :‬العدالةـ باعتبارهاـ حقاـ ‪.‬‬
‫أطروحة اسبنوزا ‪ :‬العدالةـ هي أساس الحق ‪.‬‬
‫يرى اســبنوزا أن العدالـةـ هي إعطــاء كــل ذي حــق حقــه ‪ ،‬فهي وحــدها الضــامنةـ لحــق النــاس في‬
‫الحفــاظ على حيــاتهمـ و حمايــة مصــالحهم و التمتــع بحريــاتهم طبقــا للقــوانين المتعاقـدـ عليهــا ‪،‬‬
‫فال وجود لحق خارج عدالة قوانين الدولة وتشريعاتهاـ ‪ ،‬واألفــرادـ ملزمــون بقــوة القــانون على‬
‫ع ــدم إلح ــاق الض ــرر ببعض ــهمـ البعض ‪ ،‬ومن واجب القض ــاةـ الض ــربـ على ي ــد ك ــل من ينته ــك‬
‫القانون ويرفض أوامر الحاكم مع الحرص عل الحكم بالعدلـ بين األفرادـ دون اعتبار وضــعهم‬
‫االجتماعيـ ‪.‬‬
‫أطروحة أالن ‪ :‬العدالة هي المساواة ‪.‬‬
‫ي ــرى أالن أن غاي ــة العدالـ ـةـ هي تحقي ــق المس ــاواة ‪ ،‬ف ــالقوانين العادلـ ـةـ هي ال ــتي يك ــون الن ــاس‬
‫سواســية أمامهــا بغض النظــر التفاوتــاتـ القائمــة فيمــا بينهم من حيث جنســهم وســنهم ولغتهم‬
‫وقوة ابدأنهمـ ‪ ،‬ويقول أالن "إن القوانينـ العادلــة هي الــتي يكـون الجميـع أمامهـاـ سواســية ســواء‬
‫كانوا رجاال أو نســاء أو أطفــاال أو مرضــى أو جهــاال ‪.‬أمــا أولئــك الــذينـ يقولــون أن الال مســاواة‬
‫هي من طبيعة األشياء فهم يقولون قوال بئيسا "‬

‫المحور الثالث ‪ :‬العدالةـ بين المساواة و اإلنصاف ‪.‬‬


‫ـ إشكال المحور ‪ :‬هل العدالة تتحقق بالمساواةـ أم باإلنصاف ؟‬
‫أطروحة أرسطو ‪ :‬يرى ارسطو أن اإلنصاف و العدالة متطابقان ‪ ،‬غير أن اإلنصاف أفضــل ألنـهـ‬
‫يصـ ــحح أخطـ ــاء القـ ــانون ‪ .‬باعتبـ ــاره يجسـ ــد روح القـ ــانون ‪ ،‬ولكيـ يـ ــبين أطروحتـ ــه أشـ ــار أن‬
‫الق ــانون يتم ــيز بالعمومي ــة ‪ ،‬كم ــا أنه ــا توج ــد في ــه ثغ ــراتـ فض ــال على ان ــه ال يتض ــمن الح ــاالتـ‬
‫الخاصة ‪.‬كما انه ينشا عن تطبيقه بعض األخطاء ‪ ،‬مما يحتم تطبيق اإلنصــاف من اجــل تجــاوز‬
‫الثغرات وتصحيح أخطاء العدالة ‪ ,‬وعليه إذا كــانت العدالــة هي التطــبيق الحــرفي للقــوانين فــإن‬
‫اإلنصاف هو تطبيق روح القانون ‪.‬‬
‫أطروحة راولز ‪:‬‬
‫يؤكد أن العدالةـ تتحقق بالمساواة من جهة وبالالمساواةـ من جهة أخرى ‪ .‬فالمساواة تقتضي‬
‫أن يستفيد جميع الناس من نفس الحقوق والثروة ‪ .‬وعــدم المســاواة ‪ ،‬تتمثــل في عــدم وضــع‬
‫العراقي ـلـ أمــام الــذينـ هم بحكم مــواهبهم وقــدراتهم يســتطيعوا أن يعملــوا أفضــل دون نســيان‬
‫أولئك الذينـ لم يسعفهم الحظ ‪.‬‬
‫اطروحة ما كس شيلر ‪:‬‬
‫ينتق ـ ــد ش ـ ــيلر االتجاهـ ـ ــاتـ الفلس ـ ــفية ال ـ ــتي ت ـ ــدعو إلى المس ـ ــاواة المطلق ـ ــة دون األخـ ـ ـذـ بعين‬
‫االعتبــاراتـ االختالفــات الــتي توجــد بين األفــرادـ من حيث القــدرات و المــؤهالت ‪ ،‬ويــرى أن‬
‫الــذينـ يــدعون إلىـ المســاواة ‪ ،‬هم الضــعفاءـ و المتخلفين الــذين يحملــون الكراهيــة و الحقــد و‬
‫الحسـد للنـاجحين و المتفـوقين ليخلص في األخـيرـ أن المسـاواة الحقيقيـة‪ ،‬هي الـتي تقـوم على‬
‫اإلنصــاف الــذي يــراعي االختالفــاتـ و التمــايزات بين األفــراد حســب طبــائعهمـ و مــؤهالتهم‬
‫الفكريةـ و العقلية و النفسية ‪.‬‬
‫خالصة تركيبية ‪:‬‬
‫إذا كــان الحــق كقيمــة إنســانية عليــا ‪ ،‬يهــدف إلىـ تحقيــق العدالــة ‪ ,‬فــإن هــذه األخــيرة ال يمكن‬
‫تحقيقها وتجسيدها إال داخل القوانينـ وتحت رعاية الدولة ‪ .‬غير أن العدالة ال يمكن تحقيقهــا‬
‫من خالل التطبيق الحرفي للقانون ‪ ،‬وإنما يمكن تحقيقها من خالل تطــبيق روح القـانون الــذي‬
‫هـ ــو اإلنصـ ــاف ‪ ،‬وهـ ــذا مـ ــا حـ ــاولت التجربـ ــة المغربيـ ــة القيـ ــام بـ ــه من خالل هيئـ ــة اإلنصـ ــاف و‬
‫المصالحة ‪.‬‬

You might also like