You are on page 1of 5

‫))‬

‫الإشكال ❸ (( ما معيار‪/‬معايري علمية وصالحية النظرية‪/‬النظريات العلمية‬


‫))‬

‫تأطري إشكايل‬

‫حول تصورهما لأسس‬ ‫))‬


‫و(( التجريبية‬ ‫))‬
‫العقلانية‬ ‫((‬
‫يفتح المجال مجدد ًا للسجال بين النزعتين‬ ‫))‬
‫إن التساؤل حول (( معايير علمية النظر ية العلمية‬
‫المعرفة وأشكال التحقق من مدى صلاحيتها وقيمتها العلمية‪ .‬وبما أن مجالات المعرفة العلمية متعددة (فيز ياء – ر ياضيات – بيولوجيا؛ ‪ ،)..‬والواقع العلمي‬
‫يختلف من حقل لآخر (الماكرو–فيز ياء؛ الميكرو–فيز ياء ؛ ‪ ،)..‬فإن إنتاج النظر يات لا يتم وفق نفس المناهج ولا يخضع لنفس المنطلقات‪ ،‬وهذا ما يدفعنا‬
‫للتساؤل‪ :‬هل يوجد معيار واحد نحدد من خلاله علمية النظر ية وصلاحيتها في كل هذه المجالات العلمية أم أنه توجد معايير مختلفة ومتعددة بتعدد مجالات‬
‫وحقول المعرفة العلمية؟ وأي المعايير ا لتالية يمكننا العودة إليها للحكم على علمية النظر يات العلمية من عدمها‪ :‬أهو التحقق التجريبي للنظر ية العلمية أم بناؤها‬
‫العقلي–الر ياضي أم قابلية هذه النظر ية للتكذيب والتفنيد؟‬

‫❶ – بيري دوهيم – ‪ )1916 – 1821( Pierre DUHEM‬معيار القابلية للتحقق التجريبي‬

‫إن الإتـــــــفاق مع التجربة‬ ‫((‬ ‫المعيار الذي يجعل من نظر ية ما نظر ية علمية هو قابليتها للتحقق التجريبي أي‪ ،‬مدى تطابقها مع الواقع‬
‫هو الذي يشكل بالنسبة للنظر ية‬ ‫التجريبي‪ ،‬وبهذا المعنى تكون التجربة عاملا حاسما في الحكم على صدق وصلاحية النظر يات العلمية‪ .‬فكل نظر ية‬
‫الفيز يائية المعيار الوحيد للحقيقة ))‪.‬‬ ‫ما‬ ‫أكدتها التجربة فهي نظر ية علمية‪ ،‬وما دونها فهي خارج دائرة العلم؛ إذ لا يصح نعث معرفة ما بصفة (( العلمية‬
‫))‬

‫بيير دوهيم‬ ‫لم تخضع للفحص التجريبي‪ ،‬وكل تنازل عن هذا المعيار ‪ /‬الشرط هو تنازل عن صفة العلمية‪.‬‬

‫‪‬كل نظر ية اتفقت مع التجربة فهي (( علمية ))‪.‬‬ ‫التجربة مرجع في الحكم على النظر يات؛ أي نرجع ونعود إليها‬

‫غري علمية ))‪.‬‬ ‫((‬ ‫‪ ‬وكل نظر ية تعارضت مع التجربة فهي‬ ‫مــن أجــل تصنيف النظر يات‪ :‬أهي علمية أم غري علمية؟ ‪‬‬

‫مجزوءة‪ :‬املعرفة | مفهوم‪ :‬النظرية والتجربة | اإلشكال ③ معايري علمية النظريات العلمية‬ ‫‪01‬‬ ‫مادة الفلسفة | األستاذ عمر الشمة | الفئة املستهدفة‪ :‬السنة الثانية بكالوريا‬
‫❷ – ألربت أنشتاين – ‪ )1955 – 1879( Albert EINSTEIN‬معيار البناء العقلي الرياضي‬

‫معیار صدق وصلاحية النظر ية العلمية يكمن في تماسكها المنطقي‬ ‫((‬


‫إن‬
‫الر ياضي وانسجامها مع مبادئ العقل ))‪ ،‬هذا ما يتبناه العالم (( ألبرت آینشتاين )) الذي‬
‫يؤسس موقفه على فكرتين متكاملتين‪:‬‬
‫‪ ‬الفكرة الأولى‪ :‬أنه وجه نقدا لكل من اعتبر التجربة معيارا وحيدا لصدق النظر ية‬

‫ما الذي‬ ‫((‬


‫العلمية‪ ،‬بحيث تساءل بصيغة استنكار ية عن إهمال وتهميش دور العقل‬

‫تبقى للعقل إذا كانت التجربة في بداية فهم الواقع ونهايته؟ ))‪ ،‬وهنا لابد من الإشارة‬

‫إلى أن (( آينشتاين )) لا يقصي التجربة من الممارسة العلمية و يلغيها‪ ،‬بل جعل لها دورا‬

‫ثانويا‪ ،‬لأنها لم تستطع مواكبة ما عرفه العلم من تطور وما كشفه من موضوعات‬

‫دقيقة ومعقدة‪ ،‬ولهذا فالتجربة لا تصلح كمعيار لصدق وصلاحية النظر يات العلمية‪.‬‬

‫‪ ‬الفكرة الثانية‪ :‬تأكيده على القدرات اللامحدودة التي يتمتع بها العقل الر ياضي والتي‬
‫يستطيع خلق مفاهيم وقوانين جديدة تمكنه‬ ‫))‬
‫تجعل منه (( عقلا حرا‪ ،‬خلاقا ومبدعا‬
‫من فهم الظواهر العلمية مهما كانت درجة تعقيدها وشدة دقتها‪ ،‬وهذا ما يؤهل العقل‬
‫الر ياضي ليكون المعيار الأصلح لصدق النظر ية العلمية‪.‬‬
‫‪ .‬لم تعد الر ياضيات المعاصرة مثلا تستند على (( مسلمات )) أو (( بديهيات ))‪ ،‬بل أصبحت علمية الر ياضيات ترتبط بـ (( النسق الر ياضي المنسجم )) ‪ ،‬أي أن هناك تماسك‬
‫منطقي عقلاني يجمع مسلمات نظر ية ر ياضية ونتائجها‪ .‬فالاستنتاج الر ياضي النسقي هو الذي يضمن علمية العلم الر ياضي و يؤكد صدق نتائجه‪.‬‬
‫‪ .‬إن إنشاء افتراضات عقلية جديدة‪ ،‬في الر ياضيات المعاصرة‪ ،‬أدى إلى نتائج جديدة‪ ،‬تنسجم مع تلك الافتراضات‪ ،‬وتتكامل معها‪ .‬و بالتالي فتحقق هذا الانسجام‬
‫والتناسق بين الافتراضات والنتائج هو معيار العلمية في الر ياضيات المعاصرة‪.‬‬
‫مجزوءة‪ :‬املعرفة | مفهوم‪ :‬النظرية والتجربة | اإلشكال ③ معايري علمية النظريات العلمية‬ ‫‪00‬‬ ‫مادة الفلسفة | األستاذ عمر الشمة | الفئة املستهدفة‪ :‬السنة الثانية بكالوريا‬
‫‪BERNHARD RIEMANN‬‬ ‫‪NIKOLAY LOBACHEVSKY‬‬ ‫‪EUCLIDE‬‬
‫(‪2562‬م – ‪2522‬م)‬ ‫(‪2976‬م – ‪2552‬م)‬ ‫(‪ 033‬ق‪.‬م – ‪ 652‬ق‪.‬م)‬
‫‪ ‬لـم تعد الر ياضيات‬
‫– سطح كروي؛‬ ‫– سطح مقعر؛‬ ‫– سطح مستو؛‬
‫– درجة انحناء المستقيم = أكثر من صفر؛‬ ‫– درجة انحناء المستقيم = أقل من صفر؛‬ ‫– درجة انحناء المستقيم = صفر؛‬ ‫المعاصرة تستند على تصور‬
‫– من نقطة خارج مستقيم لا يمكن رسم‬ ‫– من نقطة خارج مستقيم يمكن رسم ما‬ ‫– من نقطة خارج مستقيم لا يمكن رسم‬ ‫ر ياضي واحد‪ ،‬هو تصور‬
‫أي مواز لهذا المستقيم؛‬ ‫لا نهاية من المتواز يات؛‬ ‫إلا مواز واحد؛‬
‫– مجموع زوايا المثلث = أكبر من ‪.081°‬‬ ‫– مجموع زوايا المثلث = أقل من ‪.081°‬‬ ‫– مجموع زوايا المثلث = ‪.081°‬‬ ‫أقليدس )) الذي يتأسس‬ ‫((‬

‫))‬ ‫((‬ ‫))‬ ‫((‬ ‫))‬ ‫((‬ ‫أو‬ ‫))‬


‫مسلمات‬ ‫((‬
‫على‬
‫(هندسة‬ ‫))‬
‫بديهيات‬ ‫((‬

‫السطح المستوي)‪.‬‬

‫مجزوءة‪ :‬املعرفة | مفهوم‪ :‬النظرية والتجربة | اإلشكال ③ معايري علمية النظريات العلمية‬ ‫‪01‬‬ ‫مادة الفلسفة | األستاذ عمر الشمة | الفئة املستهدفة‪ :‬السنة الثانية بكالوريا‬
‫❸ – كارل بوبر – ‪ )1994 – 1902( Karl POPPER‬معيار القابلية للتفنيد‪/‬التكذيب‪ /‬التزييف‬
‫))‬ ‫((‬
‫معيارا متميزا وفريدا لإثبات صدق وصلاحية النظر ية العلمية‪ ،‬وهو‬ ‫كارل بوبر‬ ‫يتبنى‬
‫أو (( معيار القابلية للتفنيد ))‪ .‬إن المبدأ الذي ينطلق منه (( كارل بوبر )) هو أن‬ ‫))‬
‫معيار القابلية للتكذيب‬ ‫((‬

‫النظر ية العلمية ليست دعوى لامتلاك الحقيقة المطلقة والنهائية‪ ،‬بل هي محاولات تأملية لتحليل سمات العالم‬
‫الطبيعي‪ .‬فعوض أن يكرس العالم مجهوده ويتجه بتجاربه واستدلالاته نحو التأكيد على ما يجعل النظر ية‬
‫))‬
‫كل الغربان سود‬ ‫((‬
‫صحيحة‪ ،‬فعليه أن يكرس هذا المجهود بالاتجاه نحو ما يثبت ز يفها ‪ .1‬مثلا إذا كانت‬

‫‪ ..‬إن ما هو علمي خاصيته أنه لا يعكس الواقع‪،‬‬ ‫((‬ ‫))‪ ،‬فالذي‬ ‫‪2‬‬
‫كللا البجع أبي‬ ‫((‬
‫هناك نظر ية تقول‪:‬‬

‫يضمن علمية هذه النظر ية هو المجهود الذي يكرسه العالم بل يترجمه إلى نظر يات متغيرة قابلة للتكذيب ‪..‬‬
‫للبحث عن بجعة واحدة لها لون آخر‪ ،‬حتى يدحض هذه والنظر يات العلمية فانية‪ ،‬وهي فانية لأنها علمية ‪.)) ..‬‬
‫;‪ . EDGAR MORIN‬‬ ‫النظر ية ويثبت ز يفها‪ .‬إن العالم يكون فاعلا حينما يحاول‬
‫‪SCIENCE AVEC CONSCIENCE.‬‬
‫تكذيب النظر يات العلمية‪ ،‬وليس إثبات أنها صحيحة‪ .‬و يتم‬
‫التخلص أو على الأقل مراجعة كل نظر ية تم إثبات ز يفها وعدم صدقها‪ .‬وهذا ما يضمن للعلم التقدم نحو اکتشافات‬
‫جديدة‪ .‬إن ما يثبت وجهة النظر هذه التي يتبناها (( کارل بوبر )) هو التقدم الذي يشهده العلم وما يعرفه من قطائع يفند ويز يف اللاحق منها السابق‪.‬‬

‫أول من قدم هذا المفهوم‪ ،‬إذ اعتقد بأن قابلية الدحض هي الجزء المنطقي وحجر الأساس لنظر ية المعرفة العلمية‪ ،‬وأنها ترسم حدود البحث العلمي‪،‬‬ ‫))‬ ‫‪ 1‬كان الفيلسوف (( كارل بوبر‬
‫فاقترح أن الافتراضات والنظر يات غير القابلة للتكذيب أو الدحض تعتبر لا علمية‪ ،‬وإن اعتبرت عكس ذلك فهي إذن علم زائف‪.‬‬
‫‪ 2‬على سبيل المثال‪ ،‬يعتبر الإدعاء بأن (( كل البجع لونه أبيض )) قابلا للدحض لأنه نقض من قبل الافتراض الأساسي التالي‪ (( :‬في عام ‪ ،0761‬عثر المكتشف الهولندي (( فيليم دي‬
‫فلامين )) خلال حملته على بجعات سوداء اللون على ضفة نهر سوان في أستراليا والذي يعتبر بهذه الحالة مشاهدة حقيقية ))‪.‬‬

‫مجزوءة‪ :‬املعرفة | مفهوم‪ :‬النظرية والتجربة | اإلشكال ③ معايري علمية النظريات العلمية‬ ‫‪01‬‬ ‫مادة الفلسفة | األستاذ عمر الشمة | الفئة املستهدفة‪ :‬السنة الثانية بكالوريا‬
‫خالصة تركيبية‬
‫يتضح مما سبق أن الرهان الأساسي لهذا الإشكال هو‬

‫الـكشف عن طبيعة النقاش الإبستيمولوجي الذي شهد على تطور‬

‫ثور ية )) كبرى‬ ‫((‬


‫المعارف وتقدم العلم‪ .‬والذي عرف لحظات‬

‫قلبت نظرة الإنسان إلى ذاته وإلى العالم (الثورة الـكوبيرنيكية؛‬

‫نظر ية التطور؛ النظر ية النسبية؛ ‪ ،)..‬ومع ذلك فإن بعض النتائج‬

‫العلمية لم تكن أبدا في صالح الإنسان‪ ،‬وهو ما يدعونا إلى إعادة‬

‫صياغة الإشكالات العلمية في قالب أخلاقي‪ .‬يسائل نتائج العلم‬

‫ويدعو إلى تخليق الممارسة العلمية‪.‬‬

‫مجزوءة‪ :‬املعرفة | مفهوم‪ :‬النظرية والتجربة | اإلشكال ③ معايري علمية النظريات العلمية‬ ‫‪01‬‬ ‫مادة الفلسفة | األستاذ عمر الشمة | الفئة املستهدفة‪ :‬السنة الثانية بكالوريا‬

You might also like