Professional Documents
Culture Documents
تمهيد للمجزوءة:
تشير داللة الوضع البشري إلى مجموع الشروط والعوامل والمحددات التي تحيط
بحياة اإلنسان ووجوده ،فهو وضع معقد ومتشعب يستعصي علينا ضبطه أو التحكم فيه
نظرا لتضافر مجموعة من األبعاد تساهم في تشكيله ،منها ما هو ذاتي يتصف فيه الكائن
اإلنساني بقدرته على الوعي بذاته ومعرفته بها والتساؤل عن القواعد التي تجعل منه في
المستقبل كائنا أفضل .مما هو عليه اآلن لبلوغ درجة تالئم حقيقته البشرية .كما يتميز أيضا
بقدرته على التفاعل مع المحيط الخ ارجي .واإلنخراط مع الغير في عالقة تأثير متبادلة ،وال
غرابة في األمر ما دام الغير هو الذي يمنح الذات وعيا بوجودها ،ويضفي على هذا الوجود
طابعا إنسانيا .وعالقة األنا بالغير ال تنسج من فراغ بل تتم داخل مجال زماني متعين
وبداخله يراكم اإلنسان منتجاته وإبداعاته م ما يضيف إليه بعدا تاريخيا ،فاإلنسان ال يوجد
سوى بوصفه امتدادا لتاريخ يتجاوزه ،يعيش الماضي والحاضر والمستقبل.
فالكائن البشري إذن هو كائن ذو أبعاد وآفاق توسع نطاق عمله وتأثيره ،وتمنح
لوجوده معنى .فأول ما يثير في اإلنسان هو أنه شخص Personneله هوية يتفرد بها،
وهذا ال يعني أنه صنم أو هيكل جامد بل كائن يظهر بمظاهر شتى ،إنه يخفي كينونته بأقنعة
متنوعة ومختلفة تفرضها طبيعة العالقة التي ينسجها مع األغيار راسما معهم معالم تاريخه
الخاص وتاريخ المجتمع الذي ينتمي إليه.
1
السنة الدراسية2021- 2020 : األستاذ محبوب الطبال
ثانوية أبي بكر الصديق
مادة الفلسفة
يمثل الشخص واحدا من أهم أبعاد الوضع البشري ،وهو لفظ يشير في قواميس اللغة
العربية إلى "كل جسم له ارتفاع وظهور "...مرادفا بذلك كلمات الضخامة والعظمة
والظهور والبروز ...أما في الداللة الفرنسية فلفظ الشخص Personneمشتق من األصل
الالتيني Personnaالتي تدل على القناع الذي يضعه الممثل على وجهه لتشخيص دور
على خشبة المسرح .وبذلك يتبدى مفهوم الشخص أمامنا حامال لمفارقة عظيمة بسبب داللته
على الظهور تارة ،واالختفاء والتستر تارة أخرى إنها مفارقة تستوجب التأمل وتحفز على
طرح التساؤالت التالية:
– هل يملك الشخص هوية معينة ومحددة في ظل التغيرات التي يخضع لها على
المستوى الجسدي والنفسي واالجتماعي؟
– هل للشخص قيمة ما؟ وما الذي يؤسس هذه القيمة؟
– ما موقع الشخص بين الضرورة والحرية؟
2
السنة الدراسية2021- 2020 : األستاذ محبوب الطبال
ثانوية أبي بكر الصديق
مادة الفلسفة
تمهيد:
إذا كان مفهوم الشخص يشير – كما سبق تحديده – كل ذات مفكرة واعية قادرة على
التمييز بين الخير والشر والصدق والكذب وتتحمل مسؤولية أفعالها واختياراتها ،فإن مفهوم
الهوية identitéيشير لغويا إلى حقيقة الشيء أو الشخص أي إلى الصفات الجوهرية التي
تميز الشخص عن غيره وتجعله هو نفسه أي "هو – هو" أي مطابق لذاته.
فإذا كانت الهوية هي حقيقة الشخص المشتملة على صفاته الجوهرية وإذا كان كل
شخص يدرك ذاته بوصفه "أنا " فكيف تتحدد حقيقة هذه األنا أي هويتها ،هل بالرجوع إلى
المظهر الخارجي للشخص المتمثل في الجسد؟ أم إلى األدوار االجتماعية التي ينهض بها
داخل المجتمع؟ أم إلى ما ي شكل باطن الذات من ذاكرة ووعي وإرادة ومسؤولية أخالقية؟ أم
أن الفهم الحقيقي لهوية الشخص ال يمكن أن يتأتى لنا إال بالنظر إلى الشخص كوحدة تساهم
في تشكيلها أبعاد متضافرة ومتكاملة فيما بينها؟
❖ تحليل النص األول :لجون لوك ص( 15 :من كتاب في رحاب الفلسفة)
النص مقتطف من كتاب لوك "مقالة في الفهم البشري" حيث يشكل هذا الكتاب
مساهمة أساسية في الجواب عن سؤال الفلسفة خالل القرنين 17و18م وهو سؤال كيف
يدرك اإلنسان ذاته؟ وكيف يدرك العالم؟ وكيف يبني معرفته؟ وكيف يحافظ على بقائه في
الزمن؟
3
السنة الدراسية2021- 2020 : األستاذ محبوب الطبال
ثانوية أبي بكر الصديق
مادة الفلسفة
– صاحب النص:
– إشكالية النص:
كيف تتحدد الهوية الشخصية؟ وما عالقة هذه الهوية بالشعور؟ وهل يعتبر الشعور
كافيا لتحديد الهوية الشخصية؟
– أطروحة النص:
يذهب الفيلسوف جون لوك على أن المحدد األساسي للهوية الشخصية هو الشعور
فضال عن الذاكرة بوصفها امتدادا للشعور في الزمن الماضي .أي أن الشخص بوصفه كائنا
مفكرا قادرا على التأمل والعودة إلى الذات ،يشعر بأنه مطابقا لذاته ولنفسه دوما أي يمتلك
هوية خاصة رغم مظاهر التغير التي تعتريه في مختلف األزمنة واألمكنة.
نعم قد تصدر عن الشخص أفعال وأفكار مختلفة لكن ذلك ال يفقده الشعور بهويته وهذا
الشعور ال يقترن بالحاضر فقط بل وعبر الذاكرة يتعلق بالماضي أيضا مما ينجم عنه توسع
وامتداد لتلك الهوية دون إلغاء وحدة الذات.
– البنية المفاهيمية:
الهوية :مفه وم فلسفي يدل على حقيقة الشيء أو الشخص أي ما يتعلق بماهيته
وجوهره.
الذات :مفهوم فلسفي يرتبط باألنا الواعي والمفكر ويدل على الشخص.
4
السنة الدراسية2021- 2020 : األستاذ محبوب الطبال
ثانوية أبي بكر الصديق
مادة الفلسفة
الشعور :هو ما يجعل الفرد متوافقا مع ذاته ومع العالم الخارجي عن طريق االنتباه
واإلحساس واإلدراك.
– البنية الحجاجية:
أسلوب الشرط وجوابه (لكي .)...أسلوب التعريف (مفهوم الشخص) .أسلوب النفي
(الشعور ال يقبل االنفصال.)...
– استنتاج:
نستنتج مع جون لوك أن الهوية الشخصية ال تتحقق إال باقتران الشعور بالفقر إذ أن
الذات مهما امتد شعورها في الزمن فذلك ال يؤثر في هويتها لكن هل يبقى الشخص هو –
هو رغم التغيرات التي تطرأ عليه؟ وهل الشعور كافي لجعل الذات في هويتها مع نفسها؟
في مقابل التصورين السابقين يذهب "شوبنهاور" في مؤلفه الشهير "العالم بوصفه
إرادة وتمثل " إلى أن األساس الذي تقوم عليه هوية الشخص ال يجب البحث عليه في الجسم
البشري وال حتى في صورته المحسوسة بالنظر إلى تعرضهما للتغير المستمر ،وإنما يجب
البحث عنه في شيء ما ثابت يقبع خلف تغيرات مظاهرنا الخارجية ،وهذا الشيء الثابت ال
يتعلق بالشعور أو الذاكرة كما زعم جون لوك ما دمنا في حياتنا اليومية نتذكر أشياء وننسى
أشياء أخرى ،وما دمنا أيضا في حالة التقدم في السن أو المرض أو والجنون نفقد الذاكرة
بالمرة .بل يتع لق باإلرادة بوصفها نواة الوجود البشري وحقيقته الجوانية الباطنية وبوصفها
محركة له ولإلرادة كمحدد جوهري لهوية الشخص حسب شوبنهاور عدو لذوذ هو الموت،
غير أنها تهزمه ضامنة بقاء الوجود البشري اعتمادا على وسيلتين هما :العقل والغريزة
الجنسية .فالعقل من صنع اإلرادة تعمل من خالله على التمويه حتى يقبل اإلنسان األلم
والشقاء ،أما الغريزة الجنسية وعن طريق التناسل هي بدورها تقاوم ما يفعله الموت
باألنواع الحية.
5
السنة الدراسية2021- 2020 : األستاذ محبوب الطبال
ثانوية أبي بكر الصديق
مادة الفلسفة
– تركيب للمحور:
رغم اختالف هذه التصورات من حيث منطلقاتها وأطرها المرجعية ونوع األساس
الذي اختارته لتحديد هوية الشخص يبقى القاسم المشترك بينها هو اعترافها بوجود هوية
شخصية لدى الفرد ،تشعره بأنه واحد مطابق لذاته أي هو – هو دائما رغم حاالت التغير
والتبدل التي يتعرض لها في ال زمان والمكان ورغم وجاهة هذا الطرح فقد تنكر له العديد
من علماء األنتروبولوجيا مستندين في ذلك إلى نتائج الثورات العلمية والفكرية المعاصرة
التي أثبتت أن الحديث عن مفاهيم الثبات والوحدة واإلطالق والتطابق أصبح غير ذي
معنى .كان هذا عن هوية الشخص فماذا عن قيمته في الحياة والوجود؟
6
السنة الدراسية2021- 2020 : األستاذ محبوب الطبال
ثانوية أبي بكر الصديق
مادة الفلسفة
تمهيد:
يشير مفهوم الشخص – كما حددنا سابقا – إلى اإلنسان بما هو ذات مفكرة وواعية،
قادرة على التمييز عن الخير الشر والصدق والكذب ،وتشمل مسؤولية أفعالها أما مفهوم
القيمة Valeurفهو الميزة الخاصة بشي أو سلوك إنساني مرغوب فيه ،فالقيمة هي كل ما
يرغب فيه اإلنسان ويسعى نحوه وتتنوع القيم بحيث يمكن الحديث عن قيم اقتصادية لها
ارتباط بحاجيات اإلنسان المادية وقيم عقلية وجمالية وأخالقية وروحية...
فإذا كانت القيمة هي الميزة الخاصة بالشيء أو بسلوك إنساني مرغوب فيه وإذا كل
شخص يدرك نفسه بوصفه أنا .فما الذي يمنح هذه األنا قيمتها؟ هل مما يتبدى به الفرد لذاته
ولآلخرين؟ أم من الدور الذي ينهض به داخل المجتمع؟ أم مما يشكل باطن األنا أو الذات
من وعي وإرادة ومسؤولية أخالقية؟
– إشكالية النص:
أين تكمن قيمة الشخص هل في كونه ذاتا لعقل أخالقي أم أن قيمته تتحدد انطالقا من
مدى انخراطه وتضامنه مع اآلخرين؟
– األطروحة:
يؤكد إيمانويل كانط على أطروحة مفادها أن قيمة الشخص تكمن في كونه ذاتا لعقل
أخالقي عملي ،أي باعتباره غاية في ذاته وليس مجرد وسيلة ،وال يمكن لهذه القيمة أن
توجد إال إذا كان الشخص يعمل وفقا للواجب األخالقي القائم والمتأسس على قاعدة مفادها:
"تصرف على نحو تعامل فيه اإلنسانية في شخصك وفي األشخاص اآلخرين كغاية وليس
كوسيلة بتاتا".
7
السنة الدراسية2021- 2020 : األستاذ محبوب الطبال
ثانوية أبي بكر الصديق
مادة الفلسفة
– تحليل األطروحة:
يعتقد إيمانويل كانط أن قيمة الشخص ال يمكن أن توجد إال بالنظر إليه كغاية في ذاته
بحيث ال تجد هذه القيمة مصدرها في ميوالت اإلنسان وغرائزه الطبيعية ما دام يسعى
جاهدا إلى اقصا ئها والتحرر منها ،بل نجد مصدرها في العقل واإلرادة الطيبة ،وليقنعنا أكثر
بصدق ما ذهب إليه ميز بين عالم األشياء وعالم األشخاص .فاألشياء بوصفها موجودات
محرومة من العقل واإلرادة ،تمتلك فقط قيمة مشروطة بينما األشخاص بوصفهم كائنات
عاقلة ومريدة فينظر إليهم بوصفهم غايات في ذاتهم ،وهذه الغاية ليست ذاتية بل هي غاية
موضوعية بحيث ال يمكن أن تنحل إلى غاية أخرى.
– استنتاج:
يتبين من خالل تحليلنا للنص أن تصور إيمانويل كانط لقيمة الشخص محكوم بنظرية
الواجب األخالقي وباإلرادة الطيبة واألوامر الشرطية والقطعية التي تؤسس هذا الواجب،
لكن هل يمكن القبول بهذا التصور كحل إلشكالية قيمة الشخص؟ هل فعال القيمة األخالقية
هي القيمة الوحيدة التي يمكن أن نسندها للشخص؟ أال يمكن أن نلمس قيم أخرى لها ارتباط
بهويتها المركبة؟
– المناقشة:
– تركيب:
تأسيسا على ما سبق يمكن القول أن الرهان على القيمة المطلقة للشخص اإلنساني ال
يعني اإلغراق في الهوية ،وبالتالي تجاوز حقوق الغير بقدرها يعني االنفتاح على الغير
والتعاون معهم في إطار قيم الحرية والعدالة والمساواة واإلنصاف ،ثم إن التنديد على قيمة
الشخص اإلنساني ومنه اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لم يعد الشخص مطلبا أخالقيا بحثا
بل غدا مطمحا قانونيا وحقوقيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا مما سيضفي عليه طابع
الواقعية أوال ،وطابع الكونية ثانيا غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ،هل قيمة الشخص
مش روطة بحريته أم أنها حاضرة حتى في حالة خضوعه إلكراهات وضرورات مختلفة؟
9
السنة الدراسية2021- 2020 : األستاذ محبوب الطبال
ثانوية أبي بكر الصديق
مادة الفلسفة
تمهيد:
بعد أن وقفنا على محددات الهوية الشخصية وما به يمتلك الشخص قيمته نحاول في
هذا المحور مقاربة موضوع الشخص بين الضرورة والحرية منطلقين في ذلك من سؤال
بسيط :ما المقصود بالضرورة وما معنى الحرية؟ أما الضرورة فمقولة تقابل اإلمكان ال
الحرية وترمز إلى ما ال يمكن أن يكون ،أي ما يتصف بالحتمية والوجوب بينما الحرية
وفي أكثر معانيها شيوعا هي القيام بفعل ما بمحض اإلرادة واالختيار بعيدا عن أية ضغوط
أو عوائق خارجية .وإذا كان بعض الفالسفة قد وسعوا من دائرة الضرورة ،وقلصوا من
مساحة الحرية لدى الشخص ،فإن آخرين وعلى النقيض من ذلك وسعوا من دائرة الحرية
وقلصوا من مساحة الضرورة لديه ،مما يحفزنا على طرح التساؤالت التالية:
ما موقع الشخص بين الضرورة والحرية؟ بمعنى آخر هل يخضع الشخص في وجوده
وحياته الشتراطات الضرورة؟ أم هو ذات حرة وفاعلة وقادرة على التحكم في ناحية
أفعالها؟
– إشكالية النص:
هل يشكل اإلنسان ذاته وهويته في ضوء ما يختار لنفسه بوصفه مشروعا أم أنه كائن
خاضع إلشراطات وحتميات ال يمكن تأثيراتها؟
– األطروحة:
يرى سارتر أن وجود اإلنسان يسبق ماهيته بحيث ال تتحدد هذه األخيرة إال بالمشروع
الذي يختاره ،بمعنى أن اإلنسان يشكل ذاته وهويته في ضوء ما يختاره لنفسه بوصفه
مشروعا يتميز بالتعالي واالنفتاح على العالم.
10
السنة الدراسية2021- 2020 : األستاذ محبوب الطبال
ثانوية أبي بكر الصديق
مادة الفلسفة
– تحليل األطروحة:
إن ما يمثل دعامة الوجود اإلنساني حسب جون بول سارتر هو الحرية على اعتبار
أن اإلنسان حر في أن يختار ذاته ،وبالتالي حر في أن يكون جبانا أو شجاعا أو فاعل خير
أو مجرما ،وبموجب هذه الحرية نظر سارتر إلى اإلنسان بوصفه مشروعا يعيش حالة
اإلمكان ال التحقق ما دام يعمل جاهدا لتجاوز أوضاعه الحاضرة والتعالي عنها من خالل
التطلع نحو المستقبل .أما وسيلته في ذلك فهي الشغل والفعل والحركة ،إن نشاطه العملي
هذا ال ينفي ذاته ويحددها بشكل دائم ،وإنما يجعل منها ذاتا حرة مستقلة في اختياراتها مع
العلم أن الحرية ليست صفة مضافة أو خاصية ثانوية من خصائص الوجود اإلنساني ،ومن
ثم اعترض على كل الفلسفات الجدلية رغم تأثره بها لكونها اتسمت بوجودية الالمعقول
وأفكارها عن الحرية الصنمية ألن أغلبها أمانت عن اآللي والميكانيكي ولجوءها إلى
االختزال وعدم احترامها المقومات المنهج الجدلي ،لقد انتقد فكرة dialectiqueالطبيعة
والحتمية التاريخية وفكرة القوانين الموضوعية وبالتالي تكريس قيم الضرورة والتحجر
والعبودية.
يذهب إمانويل مونيي إلى جانب جون بول سارتر إلى تأكيده على الحرية وترجيحها
على حساب الضرورة ،غير أن الحرية حسب مويني ليست في مستوى الكائن أو الفرد بل
هي في درجة أعلى من درجة الشخص صاحب القيمة المطلقة والمكانة األرقى في الكون،
وهذه الحرية ليست عشوائية بل مشروطة بوضعنا الواقعي وبكل الحدود التي يضعها أمامنا
خاصة وأنها ال تتقدم وال تتطور إال بوجود التضحية وعطاء مسترسل ،غير أن اعتراف
مونيي بوجود شروط ونقاط ارتكاز محيطة بحرية الشخص ال يعني إيمانه بفكرة الضرورة،
وبما أن الشخص بوصفه قيمة أولى فهذه الحرية ال تعطى له بدفعه واحدة بل عن طريق
التحرر المستمر وعن طريق فعل التشخص ،يحاول الشخص أن يحصل حريته.
11
السنة الدراسية2021- 2020 : األستاذ محبوب الطبال
ثانوية أبي بكر الصديق
مادة الفلسفة
تذهب العلوم اإلنسانية على عكس الموقفين السابقين إلى إنكار حرية اإلنسان وقدرته
على خلق أفعاله وعلى التصرف بمحض إرادته واختياره ومن ثم فهي تستبعد الحرية من
مجال الفعل اإلنساني .وتسجل بالمقابل كون سلوكات األفراد مجرد استجابات آلية
وميكانيكية لشروط وحتميات خارجة عن نطاق إرادتهم فمع التحليل النفسي مثال فالشخص
ما هو إال نتيجة حتمية مجموع العقد واألزمات النفسية التي تعرض لها في مرحلة الطفولة
فالفرد اإلنساني حسب علم النفس محكوم بثالثة قوى (الهو – األنا – واألنا األعلى) ،أما مع
علم االجتماع فليست مواقف وميوالت الشخص سوى نتيجة لحتمية التأثيرات المختلفة التي
مارسها عليه المجتمع الذي يعيش فيه عن طريق التربية والتنشئة االجتماعية.
تركيب:
إن ما يمكن أن نخلص إليه ونحن يحدد موقع الشخص بين الضرورة والحرية هو أن
اإلنسان فعال ،في الحياة والوجود خاضع لضرورات وحتميات ال يمكن رد تأثيراتها غير
أنه مع ذلك وبما يملك من وعي وحرية وإرادة قادر على استيعابها وبالتالي توجيهها إلى
الوجهة التي تخدم مصالحه ومطامحه وأهدافه.
12