You are on page 1of 49

‫الفصل الثاني متطلبات تحقيق العدالة في التعليم الجامعي‬

‫المحور األول العدالة في التعليم الجامعي‬


‫أوًال مفهوم العدالة‬

‫ثانيًا بعض المفاهيم المرتبطة بمفهوم العدالة في التعليم الجامعي‬

‫ثالثًا العدالة االجتماعية‬

‫رابعًا العدالة التعليمية‬

‫خامسًا العدالة في التعليم الجامعي‬

‫المحور الثاني متطلبات تحقيق العدالة في التعليم الجامعي‬

‫أوًال أهم معايير ومؤشرات تحقيق العدالة في التعليم الجامعي‬

‫ثانيًا مسببات غياب العدالة في التعليم الجامعي‬

‫ثالثًا معوقات تحقيق العدالة في التعليم الجامعي‬

‫رابعًا متطلبات تحقيق العدالة في التعليم الجامعي‬

‫‪1‬‬
‫الفصل الثالث متطلبات تحقيق العدالة في التعليم الجامعي‬

‫تمهيد‬
‫إن العالقة بين التعليم والعدالة االجتماعية في شكلها الظاهر تعد عالقة جزء بكل أو خ‪++‬اص‬
‫بعام؛ بمعنى أن التعليم أحد الحقوق التي تضمنتها مواثيق العدالـة االجتماعيـة لمواطنيها وال‪++‬تي‬
‫تسعى إلى إتاحة هذا الحق في إطار من المساواة العادلـة والحريـات المنضبطة‪ ،‬إال أن العالق‪++‬ة‬
‫بينهما في جوهرها عالقة تأثير وتأثر متبادلة؛ فـال تتحقـق العدال‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة في مجتم‪++‬ع م‪++‬ا‬
‫دون تحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة في التعليم ‪ ،‬وال يمكن أن تتحقـق العدال‪++‬ة في التعليم في غي‪++‬اب سياس‪++‬ات‬
‫العدالة االجتماعية الشاملة للمجتمع كله ‪ ،‬وبالتالي ال يمكن أن يحدث إصالح تربوي بعي‪++‬دًا عن‬
‫اإلصالح السياسي واالقتصادي واالجتماعي (‪.)1‬‬

‫فالحــق في التعلــيم حــق أصيل من حقــوق اإلنســان‪ ،‬كفلتــه كل المواثي‪++‬ق الدوليــة‬


‫والتشــريعات المحليــة بم‪++‬ا فيهم الدس‪++‬تور المص‪++‬ري ال‪++‬ذي ش‪++‬دد على الحـق في المجانيـة في‬
‫المؤسسـات التعليميـة بمختل‪++‬ف أنواعه‪++‬ا انطالق‪++‬ا من مب‪++‬دأ نشـر التعليم وارس‪++‬اء أس‪++‬س العدال‪++‬ة‬
‫االجتماعية‪ .‬وق‪++‬د أولت الدول‪++‬ة المص‪++‬رية اهتمام‪ً+‬ا كب‪++‬يرًا ب‪++‬التعليم وأعطتـه مكانـة بـارزة فـي‬
‫دس‪++‬تورها؛ ال‪++‬ذى أك‪++‬د علي أن التعليم ال‪++‬زامي ح‪++‬تى نهاي‪++‬ة المرحل‪++‬ة الثانويـة ‪ ,‬وتكفـل الدولـة‬
‫مجانتيه فضًال عن التزام الدولة بت خصيص نسبه من اإلنفاق الحكومي للتعليم ال تقـل عـن (‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ )%٤‬من الناتج القومي اإلجمالي تتصاعد تدريجيًا حتي تتفق مع المعدالت العالمية‪.‬‬

‫وستتناول الباحثة في هذا الفصل ما يلي‬

‫المحور األول العدالة في التعليم الجامعي ويش‪++‬مل مفه‪++‬وم العدال‪++‬ة ‪ ،‬بعض المف‪++‬اهيم المرتبط‪++‬ة‬
‫بمفهوم العدالة في التعليم الجامعي‪ ،‬العدال‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة ‪ ،‬العدال‪++‬ة التعليمي‪++‬ة‪ ،‬العدال‪++‬ة في التعليم‬
‫الجامعي‬

‫‪)( 1‬أسماء الهادي إب‪++‬راهيم عب‪++‬د الحي‪ :‬التش‪++‬ريعات الدس‪++‬تورية المص‪++‬رية على ض‪++‬وء مع‪++‬ايير العدال‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة في التعليم " دراس‪++‬ة‬
‫تحليلية"‪ ،‬مجلة جامعة االزهر‪ ،‬مجلة كلية التربية‪ ،‬جامع‪++‬ة األزه‪++‬ر‪ ،‬الع‪++‬دد‪ )١٧٠( ،‬الج‪++‬زء الراب‪++‬ع‪ ،‬أكت‪++‬وبر‪٢٠١٦ ،‬م‪ ،‬ص ص ‪-599‬‬
‫‪600‬‬

‫‪ )(2‬جمهورية مصر العربية ‪ :‬دستور ‪ 2014‬وتعديالته ‪ ،‬الوقائع المصرية ‪ ،‬العدد (‪ )14‬تابع ‪19/1/2014 ،‬‬

‫‪2‬‬
‫المح‪++‬ور الث‪++‬اني متطلب‪++‬ات تحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة في التعليم الج‪++‬امعي ويش‪++‬مل أهم مع‪++‬ايير‬
‫ومؤش‪+‬رات تحقي‪+‬ق العدال‪+‬ة في التعليم الج‪+‬امعي‪ ،‬مس‪+‬ببات غي‪+‬اب العدال‪+‬ة في التعليم الج‪+‬امعي‪،‬‬
‫معوقات تحقيق العدالة في التعليم الجامعي‪ ،‬متطلبات تحقيق العدالة في التعليم الجامعي‬

‫‪3‬‬
‫المحور األول ‪ -‬العدالة في التعليم الجامعي‬

‫أوًال ‪ -‬مفهوم العدالة‬

‫العدالة لغًة‬ ‫‪-1‬‬

‫العدل ضد الجور‪ ،‬وما قام في النف‪++‬وس أن‪++‬ه مس‪++‬تقيم‪ ،‬كالعدال‪++‬ة والعدول‪++‬ة والمعدل‪++‬ة والمعدل‪++‬ة‪.‬‬
‫عدل يعدل‪ ،‬فهو عادل من عدول وعذل ‪ ،‬بلفظ الواحد‪ ،‬وهذا اسم للجم‪++‬ع‪ .‬رج‪++‬ل ع‪++‬دل‪ ،‬وام‪++‬رأة‬
‫عذل وعذلة‪ .‬وعدل و الحكم تع‪+‬ديال أقام‪+‬ه ‪ ،‬و‪ -‬فالن‪+‬ا زگ‪+‬اه‪ ،‬و‪ -‬الم‪+‬يزان س‪+‬واه‪ .‬والعدل‪+‬ة‪،‬‬
‫محركة وكهمزة المزكون‪ ،‬أو كهمزة للواحد‪ ،‬وبالتحريك للجمع‪ .‬وعدله يعدله وعادله وازنه‪،‬‬
‫و في المخي‪++‬ل ركب مع‪++‬ه والع‪++‬دل المث‪++‬ل والنظ‪++‬ير‪ ،‬كالع‪++‬دل والع‪++‬ديل‪ ،‬ج أع‪++‬دال وع‪++‬دالء‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫والكيل‪ ،‬والجزاء‪ ،‬والفريضة‪ ،‬والنافلة‪ ،‬والفداء‪ ،‬والسوية‪ ،‬واالستقامة ‪.‬‬

‫وجاء في لسان العرب " والَع ْد ُل ِمْن الَّن اِس ا‍لَم ْر ِض ُّي قوُل ه وُح ْك ُم ه‪ .‬وَر ُج ٌل َع ْد ٌل وع‪+‬اِد ٌل‬
‫جاِئُز الشهاَد ِة‪ ،‬وَر ُجٌل َع ْد ٌل ِر ضًا وَم ْق َن ٌع في الشهادة ‪ ...‬والَع دالة والُعدولة وا‍لَم ْع ِدل ‪ُ+‬ة وا‍لَم ْع َد ل ‪ُ+‬ة ‪،‬‬
‫كُّله الَع ْد ُل‪ ،‬وتعديُل الُشُهوِد أْن تقوَل ِإَّن هم ُع ُد وٌل‪ .‬وَع َّد َل الُح ْك َم أقاَم ُه‪ .‬وَع َّد َل الرج‪َ+‬ل َز َّك اه‪.‬‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫والَع ْد ُل الذي لم َت ْظ َه ْر منه ِر يبٌة "‬

‫العدالة اصطالحًا‬ ‫‪-2‬‬

‫العدال‪++‬ة وص‪++‬ف بالمص‪++‬در معن‪++‬اه ذو ع‪++‬دل‪ ،‬ق‪++‬ال تع‪++‬الى {َو َأْش ِه ُد وا َذ َو ْي َع ْد ٍل ِم ْنُك ْم } (س‪++‬ورة‬
‫الطالق ‪ ،‬اية ‪ ) 2‬ويقال رجل عدل ورجالن عدل‪ ،‬ورجال عدل‪ ،‬وامرأة عدل‪ ،‬ونس‪++‬وة ع‪++‬دل‪،‬‬
‫كل ذلك على معنى رجال ذوو عدل‪ ،‬ونسوة ذوات عدل‪ ،‬فهو ال يثنى‪ ،‬وال يجم‪++‬ع‪ ،‬وال ي‪++‬ؤنث‪،‬‬
‫فإن رأيته مجموعًا‪ ،‬أو مثنى أو مؤنثًا‪ ،‬فعلى أنه قد أجرى مجرى الوصف الذى ليس بمصدر‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وتعديل الشيء تقويمه‪ ،‬يقال عدلته فاعتدل‪ ،‬أى قومته فاستقام‪.‬‬

‫‪ )( 1‬محي الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي‪ :‬القاموس المحيط ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪1061‬‬

‫‪2‬‬
‫()ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة ‪ ،2016 ،‬الجزء ‪ ،١١‬ص ‪٤٣٠‬‬

‫‪4‬‬
‫ومفهوم العدالة مفهوم قديم للغاية فقد تجلى في الفكر المصري القديم من خالل “ماعت”‬
‫وقد تجلى أيضًا في الفلسفة الصينية القديمة والفلس‪+‬فة اليوناني‪+‬ة القديم‪+‬ة‪ .‬وُيع‪+‬د مص‪++‬طلح العدال‪+‬ة‬
‫االجتماعية هو مصطلح كاثوليكي باألساس وبعد ذلك تم أخذه من قبل العلمانيين الحداثيين‪ ،‬وتم‬
‫استخدام مفهوم “العدالة االجتماعية” ألول مرة في العصر الحديث حوالي ع‪++‬ام ‪ 1840‬كتعب‪++‬ير‬
‫من المفك‪++‬رين السياس‪++‬يين عن ن‪++‬وع جدي‪++‬د من الفض‪++‬يلة الالزم‪++‬ة لمجتمع‪++‬ات م‪++‬ا بع‪++‬د الزراع‪++‬ة‬
‫(المجتمعات الصناعية)‪ ،‬وقد تم تصميم المصطلح من قبل المفكرين الحداثيين العلمانيين ليع‪++‬ني‬
‫توزي‪++‬ع الدول‪++‬ة الموح‪++‬د لمزاي‪++‬ا وأعب‪++‬اء المجتم‪++‬ع (‪ )1‬وُيعت‪++‬بر أول اس‪++‬تخدام لمص‪++‬طلح العدال‪++‬ة‬
‫االجتماعي‪++‬ة عن‪++‬دما كتب قس إيط‪++‬الي ُي دعى “ل‪++‬ويجي تاب‪++‬اريلي دازيلي‪++‬و ‪Luigi Taparelli‬‬
‫‪ ”D’Azeglio‬عن الحاج‪++‬ة الى اس‪++‬تعادة الفض‪++‬يلة القديم‪++‬ة لم‪++‬ا ك‪++‬ان ُيس‪++‬مى “العدال‪++‬ة العام‪++‬ة‬
‫‪ ” General Justice‬عند أرسطو والقديس توما اإلكويني ولكن في شكل معاصر وقد أدرج‬
‫(‪)2‬‬
‫لويجي هذه العملية تحت مفهوم “العدالة االجتماعية”‪.‬‬

‫وعلى م‪++‬ا س‪++‬بق يمكن للباحث‪++‬ة أن تع‪++‬رف العدال‪++‬ة بانه‪++‬ا" هي أن ت((ؤمن الدول((ة حي((اة كريم((ة‬
‫لمواطنيها وفقًا الحتياجات كل فرد فيها‪ ،‬هذه االحتياج((ات ال((تي تختل((ف من ف((رد الخ((ر حس((ب‬
‫الن((وع والعم((ر والحل((ة االجتماعي((ة وقدرات((ه وإمكانيات((ه " ‪ ،‬فليس مج‪++‬رد توف‪++‬ير احتياج‪++‬ات‬
‫المواطنين بقدر ثابت لكل األفراد يتم تحقي‪+‬ق العدال‪+‬ة ‪ ،‬فاحتياج‪+‬ات الطف‪+‬ل غ‪+‬ير الب‪+‬الغ والرج‪+‬ل‬
‫غ‪++‬ير الم‪++‬رأة ناهي‪++‬ك عن اختالف طبيع‪++‬ة المس‪++‬توى التعليمي درج‪++‬ة ونوع ‪ً+‬ا‪ ،‬وك‪++‬ذلك الق‪++‬درات‬
‫الجسمية والعقلية ‪....‬الخ‪ ،‬فهذه كلها اعتبارات وفروق يتوجب مراعاتها‪ ،‬وكلما ارتفعت دراج‪++‬ة‬
‫مراعاة الدولة لهذه االعتبارات والفروق كلما ارتفعت درجة تحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة في الدول‪++‬ة بص‪++‬فة‬
‫عامة بين مواطنيها‬

‫مفهوم العدالة في اإلسالم‬ ‫‪-3‬‬

‫وقد وردت مادة (العدل) في القرآن الك‪++‬ريم (‪ )28‬م‪++‬رة‪ ،‬وردت كلم‪++‬ة (القس‪++‬ط( المرادف‪++‬ة له‪++‬ا (‬
‫‪ )25‬مرة‪ .‬وهذا ألهميت‪++‬ه ومكانت‪++‬ه الرفيع‪++‬ة في الفك‪++‬ر اإلس‪++‬المي و الع‪++‬دل في اإلس‪++‬الم فريض‪++‬ة‬

‫‪)( 3‬عماد السيد محمد إسماعيل الشربينى ‪ :‬عدالة الصحابة رض‪++‬ي هللا عنهم في ض‪++‬وء الق‪++‬رآن الك‪++‬ريم والس‪++‬نة النبوي‪++‬ة ودف‪++‬ع الش‪++‬بهات‪،‬‬
‫مكتبة اإليمان‪ ،‬القاهرة‪ ،2006 ،‬ص ‪16‬‬

‫‪)( 1‬سيد قطب‪ :‬العدالة االجتماعية في االسالم‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ .1995 ،‬ص ‪20‬‬

‫‪)( 2‬مريم وحيد‪ :‬الخطاب السياسي في السينما المصرية‪ :‬دراسة في مفهوم العدالة االجتماعية ‪ ،1981-1961‬رسالة دكت‪++‬وراة‪ ،‬جامع‪++‬ة‬
‫القاهرة‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم السياسية‪.2018 ،‬‬

‫‪5‬‬
‫واجبة على الحكام نحو الرعية و المحكومين والعدل في المعامالت بين الرعية بعضهم البعض‬
‫(‪)1‬‬
‫و بين المسئولين و من تحتهم‪ ،‬أمر هللا تعالى به و حض عليه في القرآن الكريم‬

‫والعدل اسم من أس‪++‬ماء اهللا الحس‪++‬نى ليس ب‪++‬ه اله‪++‬وى في ج‪++‬ور في الحكم‪...‬فاهلل تع‪++‬الى كام‪++‬ل‬
‫الصفات الحسنى والقدوس المنزه عن كل نقص وعيب‪ ،‬فهو العدل في ذاته وكل ما يصدر عنه‬
‫(‪)2‬‬
‫عدل ‪ ،‬وهو مصدر العدل وعدله مطلق وكل قوله وفعله عدل‬

‫وذكر الغزالي أن العدالة " عب‪++‬ارة عن اس‪++‬تقامة الس‪++‬يرة وال‪++‬دين ويرج‪++‬ع حاص‪++‬لها إلى هيئ‪++‬ة‬
‫راسخة في النفس تحمل على مالزمة التقوى والمروءة جميعًا حتى تحصل ثقة النفوس بص‪++‬دقه‬
‫فال ثقة بقول من ال يخاف هللا تع‪++‬الى خوف‪ً+‬ا وازع‪ً+‬ا عن الك‪++‬ذب‪ ،‬ثم ال خالف في أن‪++‬ه ال يش‪++‬ترط‬
‫العصمة من جميع المعاصي وال يكفي أيضًا اجتناب الكبائر بل من الصغائر ما يرد به كسرقة‬
‫بصلة وتطفيف في حبة قصدًا‪ ،‬وبالجملة كل م‪++‬ا ي‪++‬دل على ركاك‪++‬ة دين‪++‬ه إلى ح‪++‬د يس‪++‬تجرئ على‬
‫الكذب باألغراض الدنيوية كيف وقد شرط في العدالة الت‪++‬وقي عن بعض المباح‪++‬ات القادح‪++‬ة في‬
‫المروءة نحو األكل في الطريق والبول في الش‪++‬ارع وص‪++‬حبة األراذل وإف‪++‬راط الم‪++‬زح وض‪++‬ابط‬
‫ذلك فيما جاوز محل اإلجماع أن يرد إلى اجتهاد الحاكم فما دل عن‪++‬ده على جرأت‪++‬ه على الك‪++‬ذب‬
‫(‪)3‬‬
‫رد الشهادة به وما ال‪ ،‬فال"‬

‫والعدالة في اإلسالم مفهوم شامل يتض‪++‬من المس‪+‬اواة بين الن‪+‬اس في الحق‪+‬وق و الواجب‪+‬ات و‬
‫اعطاء كل ذي حق حقه ‪..‬يقول تعالى ً( من يعمل سوءا يجز به وال يجد ل‪++‬ه من دون اهللا ولي‪++‬ا‬
‫وال نصيرًا)‪ (.‬النساء ‪ )123‬و هذا المبدأ تقرر في العقيدة االسالمية على أكمل وجه ‪ ،‬ف‪++‬اعتبر‬
‫المسلمين إخوانا متساوين في الحقوق و الواجبات‪ ،‬و ك‪++‬ل منهم مس‪++‬ئول أم‪++‬ام اهللا تع‪++‬الى الع‪++‬دل‬
‫عما فعله وما قدمت يداه‪ ،‬و لم يفرق اإلسالم بين رجل و امرأة وال غ‪++‬ني أو فق‪++‬ير وال ح‪++‬اكم أو‬
‫محكوم وال فضل بين الناس إال بالعلم والتقوى يق‪++‬ول تع‪++‬الى ‪‬إن أك‪++‬رمكم عن‪++‬د اهللا أتقاكم)‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫[الحجرات ‪(.13‬‬

‫‪)( 1‬لخضر بن قومار ‪ :‬مفهوم العدل في اإلسالم ونماذج من روائعه‪ ،‬مجلة الذخيرة للبحوث والدراسات اإلسالمية‪ ،‬المجل‪++‬د (‪ ،)1‬الع‪++‬دد‬
‫التجريبي‪ ،2017 ،‬ص ‪53‬‬

‫‪2‬‬
‫()لخضر بن قومار‪ :‬مفهوم العدل في اإلسالم ونماذج من روائعه‪ ،‬المرجع السابق ص ‪53‬‬

‫‪)( 3‬علوي عبدالقادر السقاف واخرون ‪ :‬كتاب الموسوعة العقدية ‪ -‬الدرر السنية‪ ،‬موقع الدرر السنية على اإلنترنت ‪ ، dorar.net‬ص‬
‫‪256‬‬

‫‪)( 4‬المرجع السابق ‪ :‬ص ‪56‬‬

‫‪6‬‬
‫ثانيًا بعض المفاهيم المرتبطة بمفهوم العدالة في التعليم الجامعي‬

‫المساواة‬ ‫‪-1‬‬

‫المساواة في اللغة بمعني ساواه‪ ,‬ماثله وعادله‪ .‬بالت‪++‬الي هي المماثل‪++‬ة والمعادل‪++‬ة اي المش‪++‬ابهة‬
‫(‪)1‬‬
‫والمطابقة‬

‫و يقصد بالمساواة هي التماثل بين الجميع في الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب‬
‫اللون العرق ‪ ,‬ال‪++‬دين او الحال‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة وت‪++‬وافر معامل‪++‬ة مس‪++‬اوية لك‪++‬ل ب‪++‬ني البش‪++‬ر‪ ،‬والغ‪++‬اء‬
‫الفوارق الموجودة والتي تظهر بحكم الطبيع‪++‬ة ‪ .‬ويرتك‪++‬ز ح‪++‬ق المس‪++‬اواة على حقيق‪++‬ة أن البش‪++‬ر‬
‫متساوين فيما بينهم‪ ،‬أي ال يوجد أناس فوق أن‪++‬اس‪ ،‬أو أن‪++‬اس تحت أن‪++‬اس‪ .‬وح‪++‬ق المس‪++‬اواة ه‪++‬و‬
‫حق أساسي في المجتمع الديموقراطي فالجميع متساوون في الحقوق والواجبات ال فض‪++‬ل الح‪++‬د‬
‫(‪)2‬‬
‫علي أخر‪.‬‬

‫وقالت األمم المتحدة "يمثل المبدآن المتمثالن في المس‪++‬اواة وع‪++‬دم التمي‪++‬يز ج‪++‬زءًا من أس‪++‬س‬
‫س‪+‬يادة الق‪+‬انون‪ .‬وكم‪+‬ا الحظت ال‪+‬دول األعض‪+‬اء في إعالن االجتم‪+‬اع الرفي‪+‬ع المس‪+‬توى المع‪+‬ني‬
‫بسيادة القانون‪ ،‬فإن “جمي‪++‬ع األش‪++‬خاص‪ ،‬والمؤسس‪++‬ات والكيان‪++‬ات‪ ،‬العام‪++‬ة والخاص‪++‬ة‪ ،‬بم‪++‬ا فيه‪++‬ا‬
‫الدول نفسها‪ ،‬يجب أن يحاسبوا وفقا لقوانين عادلة ونزيهة ومنصفة ولهم الح‪++‬ق في أن يتمتع‪++‬وا‬
‫بحماية القانون دونما تمييز على قدم المساواة” (الفق‪++‬رة ‪ .)2‬وعق‪++‬دت الع‪++‬زم أيض‪++‬ا على اح‪++‬ترام‬
‫المساواة في الحقوق بين الجميع دونم‪++‬ا تمي‪++‬يز على أس‪++‬اس الع‪++‬رق أو الجنس أو اللغ‪++‬ة أو ال‪++‬دين‬
‫(الفقرة ‪. )3( ")3‬‬

‫تكافؤ الفرص‬ ‫‪-2‬‬

‫‪1‬‬
‫()مجمع اللغة العربية‪ :‬المعجم الوسيط‪ ،‬مطابع دار الشروق‪ ،‬القاهرة ‪ ،2005 ،‬ص ‪430‬‬

‫‪2‬‬
‫()جان جاك روسو‪ :‬اصل التفاوت بين البشر‪ ،‬ترجمة عادل زعيتر‪ ،‬مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة ‪ ،‬القاهرة ‪ ،2012, ,‬ص ‪37‬‬

‫‪)( 3‬األمم المتح‪+++++++++++++++++++‬دة‪ :‬المس‪+++++++++++++++++++‬اواة وع‪+++++++++++++++++++‬دم التمي‪+++++++++++++++++++‬يز مت‪+++++++++++++++++++‬وافر على الراب‪+++++++++++++++++++‬ط‬


‫‪https://www.un.org/ruleoflaw/ar/thematic-areas/human-rights/equality-and-non-discrimination/‬‬
‫‪24/7/2022‬‬

‫‪7‬‬
‫هو اإلنصاف وعدم التمييز في توفير الفرص في كافة المج‪++‬االت كاألس‪++‬رة‬ ‫يقصد بتكافؤ الفرص‬
‫والتعليم والعمل وتقلد المناصب وغيرها من المجاالت وذلك من خالل مراعاة االحتياجات والكفاءة‬
‫والقدرات (‪.)1‬‬

‫كم‪++‬ا تع‪++‬رف بانه‪++‬ا " المس‪++‬اواة في ف‪++‬رص النف‪++‬اذ إلى جمي‪++‬ع ج‪++‬وانب المش‪++‬اركة االقتص‪++‬ادية ‪،‬‬
‫واالجتماعّية والسياسّية ‪ ،‬وعدم مواجهة العوائق على أساس الجنس‪ .‬يعني تّك افؤ الف‪++‬رص في ع‪++‬الم‬
‫العمل الحصول على فرص متكافئة في التقدم بطلب وظيفة محددة ‪ ،‬وفي االستخدام وامتالك منشأة‬
‫أو إدارتها ومتابعة الدورات التعليمية‪ ،‬أو التدريبية ‪ ،‬أو في التأهيل للحصول على بعض الكف‪++‬اءات‬
‫واعتبار المرء على أنه عامل وجدير بالترقية في المهن أو المناصب كافة‪ ،‬بما فيها تلك التي يهيمن‬
‫عليها جنس أو آخر‪ .‬وتش‪+‬ير المس‪+‬اواة في المعامل‪+‬ة في ع‪+‬الم العم‪+‬ل إلى المس‪+‬اواة في الحق‪+‬وق مث‪+‬ل‬
‫(‪)2‬‬
‫األجور وظروف العمل واألمن الوظيفي والضمان االجتماعي‪".‬‬

‫اما عن تكافؤ الفرص التعليمية فقد اختلفت اآلراء والتفسيرات حول مع‪+‬ني تك‪+‬افؤ الف‪+‬رص‬
‫التعليمية وإبعاده‪ ،‬كما ق‪++‬د يرج‪+‬ع ه‪+‬ذا االختالف إلي ارتب‪+‬اط ه‪+‬ذا المب‪+‬دأ بالفلس‪+‬فة الخاص‪++‬ة بك‪+‬ل‬
‫دولة‪ ،‬أو بطبيعة النظام السياسي القائم‪ ،‬هذا باإلضافة إلي أن هذا المبدأ أقرب إلي النظرية من‪++‬ه‬
‫إلي وصف واقع حقيقي‪ ،‬فتكافؤ الفرص التعليمية ال يقصد وصف حال‪+‬ة حقيقي‪+‬ة وإنم‪+‬ا م‪+‬ا يجب‬
‫أن يكون‪.‬‬

‫ويتمثل مفهوم تك‪+‬افؤ الف‪+‬رص التعليمي‪+‬ة في ص‪++‬ورة مدرس‪+‬ة تفتح أبوابه‪+‬ا للجمي‪+‬ع على مب‪+‬دأ‬
‫التكافؤ والمس‪++‬اواة بين مختل‪++‬ف األف‪++‬راد في المجتم‪++‬ع‪ .‬وه‪++‬ذا يع‪++‬نى أن يت‪++‬وجب على المؤسس‪++‬ات‬
‫التربوية من مدارس وجامعات أن تستوعب جمي‪+‬ع الراغ‪+‬بين بمتابع‪+‬ة دراس‪+‬تهم دون اعتب‪+‬ارات‬
‫(‪)3‬‬
‫عرقية أو دينية أو طائفية أو جغرافية أو ألي اعتبار آخر‪.‬‬

‫‪ )( 1‬وزارة الخارجية البحرينية ‪ :‬لجنة تكافؤ الفرص‪ ،‬متاح على الرابط ?‪https://www.mofa.gov.bh/Default.aspx‬‬
‫‪ tabid=8324&language=ar-BH‬بتاريخ ‪2022 /11/11‬‬

‫‪)( 2‬لجنة األمم المتحدة االقتصادية واالجتماعية لغربي آسيا ( ‪ : ) Escwa‬تكافؤ الفرص ‪ ،‬متاح على الرابط‬
‫‪https://www.unescwa.org/ar/sd-glossary/%D8%AA%D9%83%D8%A7%D9%81%D8%A4-‬‬
‫‪ %D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%B5‬بتاريخ ‪2022 /11 /11‬‬

‫‪ )( 3‬علي أسعد وطفة‪ :‬تكافؤ الفرص األكاديمية في جامعة الكويت‪ ،‬تأثير متغيرات الوسط االجتماعي‪ ،‬مركز دراسات الخليج والجزيرة‬
‫العربية‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬العدد (‪ ،2011 ،)29‬ص ‪25‬‬

‫‪8‬‬
‫ويرتكز مفهوم تكافؤ الفرص التعليمي‪++‬ة إلى تص‪++‬ور قوام‪++‬ه أن التحص‪++‬يل العلمي والمع‪++‬رفي‬
‫يشكل نوًع ا من الخبرات المادية والروحية‪ ،‬وبالتالي فإن ديمقراطية التعليم ال تتحقق في توف‪++‬ير‬
‫الفرص التربوية المتكافئة فحسب‪ ،‬وإنما في توفير اإلمكانيات المتكافئة للتحص‪+‬يل ال‪+‬تربوي بين‬
‫أف‪++‬راد المجتم‪++‬ع‪ ،‬بمراع‪++‬اة متطلب‪++‬ات ك‪++‬ل ف‪++‬رد واحتياجات‪++‬ه ‪ ،‬وه‪++‬ذا ه‪++‬و ج‪++‬وهر (الديمقراطي‪++‬ة)‬
‫التربوية‪ .‬و مصطلح تكافؤ الفرص مصطلح كبير يشمل العديد من المجاالت الحياتية المختلفة‪،‬‬
‫فهو أشمل و أوسع و أكبر ‪ ،‬فهو يش‪++‬مل الن‪++‬واحي السياس‪++‬ية و االقتص‪++‬ادية و االجتماعي‪++‬ة بكاف‪++‬ة‬
‫فروعه‪++‬ا ‪ .‬و هي ال ب‪++‬د من أن تك‪++‬ون نابع‪++‬ة من إرادة الش‪++‬عوب ال‪++‬تي تس‪++‬عى لتحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة‬
‫(‪)1‬‬
‫االجتماعية و التي ترغب بأن تنمي نفسها و مجتمعها و بلدها‪،‬‬

‫وقد ظل مبدأ تكافؤ الفرص يشغل بال كل المهتمين بالشأن ال‪++‬تربوي والتعليمي على الس‪++‬واء‬
‫مدة ليست بهينة فق‪++‬دموا حل‪++‬وال منه‪++‬ا‪ -‬تعميم التعليم‪ ،‬و إلزامي‪++‬ة التعليم‪ ،‬و مجانتي‪++‬ه وخاص‪++‬ة في‬
‫العالم القروي‪ .‬ويرى البعض اآلخر أن تكافؤ الفرص التعليمية ال يعني فق‪++‬ط المس‪++‬اواة في ح‪++‬ق‬
‫التعليم لكل األفراد بل األهم من هذه المساواة‪ ،‬هو المساواة في الفرص ال‪++‬تي تمكن الط‪++‬الب من‬
‫التخرج والنجاح‪ ،‬فتك‪++‬افؤ الف‪+‬رص في التعليم يتض‪++‬من باإلض‪++‬افة إلى التك‪++‬افؤ في ف‪++‬رص القب‪++‬ول‬
‫(‪)2‬‬
‫وااللتحاق‪ ،‬تكافؤ في فرص االستمرار فيه والنجاح والتحصيل واإلنجاز ‪.‬‬

‫ومفهوما تكافؤ الفرص التعليمية في التعليم الجامعي يعتبر من أكثر المفاهيم شموًال حيث‬
‫أورد أن تكافؤ الفرص التعليمي‪++‬ة في التعليم الج‪++‬امعي يع‪++‬ني " أن يك‪++‬ون لك‪++‬ل ف‪++‬رد في المجتم‪++‬ع‬
‫فرصة متكافئة مع غيره في االلتحاق ب‪+‬التعليم – النظ‪+‬امي وغ‪+‬ير النظ‪+‬امي وك‪+‬ل أل‪+‬وان التربي‪+‬ة‬
‫غير المقصودة – واالستمرار فيه بقدر م‪++‬ا تؤهل‪++‬ه قدرات‪++‬ه واس‪++‬تعداداته العقلي‪++‬ة وميول‪++‬ه وجه‪++‬ده‬
‫ال‪+‬ذاتي‪ ،‬وأن يحص‪++‬ل على نص‪++‬يب متك‪+‬افئ من الخ‪+‬دمات التعليمي‪+‬ة ال‪+‬تي تق‪+‬دمها حكومت‪+‬ه‪ ،‬وأال‬
‫يعوقه أي عامل خارجي من الحصول على هذه الفرص‪++‬ة س‪++‬واء تعل‪++‬ق العام‪++‬ل بظ‪++‬روف التعليم‬
‫الداخلية أم تعلق بالظروف االقتصادية واالجتماعية واألسرية في المجتمع ككل وكذلك حقه في‬
‫الحصول على فرصة متكافئة مع غيره في شغل الوظيف‪+‬ة ال‪+‬تي تتف‪+‬ق م‪+‬ع الش‪+‬هادة الدراس‪+‬ية أو‬
‫(‪)3‬‬
‫الدرجة الجامعية الحاصل عليها‬

‫‪)( 1‬علي اسعد وطفة‪ :‬علم االجتماع التربوي وقضايا الحياة التربوية المعاصرة‪ ، ،‬مكتبة الفالح للنشر والتوزيع‪ ،‬الكويت‪1998 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.217‬‬

‫‪ )( 2‬محمد صديق حمادة‪ :‬فلسفة تكافؤ الفرص التعليمية بين النظرية والتطبيق‪ ، ،‬بحوث مؤتمر نحو رؤية نقدية للفكر التربوي العربي‪،‬‬
‫الجزء األول ‪ ،‬القاهرة‪2004 ،‬م‪ ،‬ص‪.279 :‬‬

‫‪9‬‬
‫وعلي‪++‬ة يمكن توض‪++‬يح الف‪++‬رق بين مفه‪++‬وم العدل‪++‬ة ومفه‪++‬وم المس‪++‬اواة ومفه‪++‬وم تك‪++‬افؤ الف‪++‬رص في‬
‫الجدول التالي‬
‫العدالة‬ ‫تكافؤ الفرص‬ ‫المساواة‬
‫هي أن تؤمن الدولة حياة‬ ‫هي التماثل بين الجميع في هو اإلنصاف وعدم التمييز في‬
‫كريمة لمواطنيها وفقًا‬ ‫توفير الفرص في كافة المجاالت‬ ‫الحقوق والواجبات دون‬
‫الحتياجات كل فرد فيها‪،‬‬ ‫كاألسرة والتعليم والعمل وتقلد‬ ‫تمييز بسبب اللون او‬
‫له االحتياجات التي تختلف‬ ‫العرق ‪,‬او الدين او الحالة المناصب وغيرها من المجاالت‬
‫من فرد ألخر حسب النوع‬ ‫االجتماعية وتوافر معاملة وذلك من خالل مراعاة‬
‫والعمر والحالة االجتماعية‬ ‫االحتياجات والكفاءة والقدرات‪،‬‬ ‫مساوية لكل بني البشر‪،‬‬
‫وقدراته وإمكانياته‬ ‫وإلغاء الفوارق الموجودة لها جانب خارجي واخر داخلي‬
‫والتي تظهر بحكم الطبيعة‬
‫‪.‬‬

‫وعلية يمكن الق‪++‬ول ب‪++‬أن مفه‪++‬وم العدال‪++‬ة مفهوم‪ً+‬ا أك‪++‬ثر ش‪++‬مولية واتس‪++‬اعًا من مفه‪++‬ومي المس‪++‬اواة‬
‫والتكافؤ الفرص ‪ ،‬فمفهوم المساواة ينصب بالدرج‪+‬ة األولى على المس‪+‬اواة في توزي‪+‬ع األنص‪+‬بة‬
‫مساواة في الحقوق والواجبات دون النظر الحتياجات كل ف‪++‬رد وطبيع‪+‬ة التن‪+‬وع بين األف‪+‬راد في‬
‫تلك االحتياجات ‪ ،‬بينما ينصب مفهوم تكافؤ الفرص على فرص العم‪++‬ل او المكان‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة‬
‫بما يجعله يميل أكثر ألن يكون مفهومًا اقتصاديًا او ينظر له على توفير عدالة اقتصادية ‪ ،‬بينما‬
‫مفهوم العدالة مفهوم شامل يسعى الن ينال كل فرد حياة إنسانية كريمة في كافة ج‪++‬وانب حيات‪++‬ه‬
‫مع مراعاة الفروق الفردية وخصوصية كل فرد ‪ ،‬وهذا مكمن الصعوبة فيه‪++‬ا وهي الق‪+‬درة على‬
‫مراعاة تلك الفروق ‪.‬‬

‫ثالثًا العدالة االجتماعية‬

‫مفهوم العدالة االجتماعية‬ ‫‪-1‬‬

‫يشار إلي العدالة االجتماعية في قاموس الخدمة االجتماعية علي أنها "حالة مثالية يك‪++‬ون‬
‫فيها لكل أف‪++‬راد المجتم‪+‬ع نفس الحق‪+‬وق األساس‪+‬ية والحماي‪+‬ة وااللتزام‪+‬ات والف‪+‬رص والمكاس‪+‬ب‬
‫(‪)1‬‬
‫االجتماعية‪.‬‬

‫‪)( 3‬جمال الدهشان ‪ :‬رؤية مقترحة لتطوير نظم القبول بالجامعات المصرية الحكومية لتحقيق العدالة االجتماعي‪++‬ة التعليم ‪ ،‬دورية نق‪++‬د‬
‫وتنوير‪ -‬العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر‪/‬أكتوبر‪/‬نوفمبر ‪ -‬خريف (‪ ،)2015‬ص ‪108‬‬

‫‪1‬‬
‫()أحمد شفيق السكري ‪ :‬قاموس الخدمة االجتماعية والخدمات االجتماعية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪ ،‬االسكندرية ‪ ،2000.‬ص ‪49‬‬

‫‪10‬‬
‫وعرفت علي أنها "اقتـسام أفـراد المجتمـع المكانات والمراكز االجتماعية والميزات‬
‫بعدل و إنصاف ومساواة وبـنفس الطريقة‪ ،‬وتتطلب العدالة االجتماعية األخ‪++‬ذ في االعتب‪++‬ار ك‪++‬ل‬
‫(‪)1‬‬
‫المعـايير االجتماعيـة والـسياسية واالقتصادية السائدة في المجتمع‬

‫العدالة االجتماعية في التعليم‬ ‫‪-2‬‬

‫أما مصطلح العدالة االجتماعية في التعليم فهو إتاح‪++‬ة الف‪++‬رص التعليمي‪++‬ة بش‪++‬كل متك‪++‬افئ لجمي‪++‬ع‬
‫(‪)2‬‬
‫التالميذ بغض النظر عن النوع أو المستوي االجتماعي أو االقتصادي أو الثقافي‬

‫كما تعرف علي أنه‪++‬ا "اتاح‪++‬ة ف‪++‬رص تعليمي‪++‬ة متكافئ‪++‬ة لجمي‪++‬ع األف‪++‬راد حس‪++‬ب ق‪++‬دراتهم‬
‫الفردي‪++‬ة وج‪++‬دارتهم بغض النظ‪++‬ر عن مك‪++‬ان اإلقام‪++‬ة واألص‪++‬ل والجنس والخلفي‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة‬
‫(‪)3‬‬
‫والثقافية وما إلي ذلك‪.‬‬

‫وال تعني العدالة االجتماعية المساواة المطلقة في أنصبة أفراد المجتمع من الدخل الق‪++‬ومي‬
‫أو الثروة القومية ‪ ،‬لكن المفهوم الشائع للعدالة االجتماعية أن توزع األنصبة على نحو ي‪++‬راعى‬
‫الفروق الفردية بين الناس في أمور كثيرة ‪ ،‬وال‪++‬تي منه‪++‬ا الف‪+‬روق في الجه‪++‬د المب‪++‬ذول والمه‪++‬ارة‬
‫والتأهي‪++‬ل العلمي وغ‪++‬ير ذل‪++‬ك ‪ .‬والمس‪++‬اواة هي في األس‪++‬اس مس‪++‬اواة في الحق‪++‬وق والواجب‪++‬ات‪،‬‬
‫ومساواة أو تكافؤ في الفرص‪ ،‬فالمس‪++‬اواة في الحق‪++‬وق تنص‪++‬رف إلى الح‪++‬ق في التعليم والص‪++‬حة‬
‫والمأوى والحق في الحرية وغيرها ‪.‬‬

‫شروط تحقيق العدالة االجتماعية‬ ‫‪-3‬‬

‫وال تكفي المساواة في الفرص لتحقيق العدالة االجتماعية إال بتوافر خمس شروط وهي‬
‫إزالة العوائق التي تؤدي إلى التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو األص‪++‬ل أو اللغ‪++‬ة‬ ‫ا‪.‬‬
‫أو الدين‬

‫‪1‬‬
‫‪()Jon P.Fiynn.: Social Justice In Social Agencies , In: Encyclopedia Of Social Work , Washington ,‬‬
‫‪N.M.S.W, 19 th Edition , Vol( 3).1995, p2196‬‬

‫‪2‬‬
‫‪()Ahrens, Niki. Parallels Between Social Justice Education And Nature Preschool, A qualitive Case‬‬
‫)‪Study, University Of Washington , A Master Of Education These Is,2014, P.P(3-96‬‬

‫‪)( 3‬المجلس الدولي للعلوم االجتماعية وآخرون ‪:‬التقرير العالمي للعلوم االجتماعي‪++‬ة ‪ ,‬تح‪++‬دي ح‪++‬االت ع‪++‬دم المس‪++‬اواة مس‪++‬ارات من أج‪++‬ل‬
‫تحقيق عالم يسوده العدل ‪ ,‬اليونسكو ‪ ,‬باريس ‪ ،2016.‬ص ‪23‬‬

‫‪11‬‬
‫وف‪++‬رة الف‪+‬رص و تع‪++‬ني توف‪++‬ير ف‪++‬رص متس‪++‬اوية للجمي‪++‬ع للحص‪++‬ول على التعليم‪ ،‬بغض‬ ‫ب‪.‬‬
‫النظر عن الجنس‪ ،‬العرق‪ ،‬الديانة‪ ،‬الطبق‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة‪ ،‬أو أي عوام‪++‬ل أخ‪++‬رى‪ .‬وه‪++‬ذا‬
‫يش‪++‬مل توف‪++‬ير ف‪++‬رص التعليم المج‪++‬اني والمت‪++‬اح للجمي‪++‬ع‪ ،‬وتوف‪++‬ير الم‪++‬دارس والمعلمين‬
‫والمواد التعليمية بشكل متس‪++‬اٍو لجمي‪++‬ع الطالب ه‪++‬ذا يس‪++‬اعد على تحقي‪++‬ق المس‪++‬اواة في‬
‫الفرص والحد من الفقر والتهميش‬
‫التمكين بمعنى تمكين األفراد لالستفادة من الفرص المتاحة والتنافس عليها بما يتوافر‬ ‫ج‪.‬‬
‫لديهم من قدارت‬
‫خلق الظروف التي تهيئ للناس فرًص ا حقيقية للحكم على نوعية الحياة التي ينشدونها‬ ‫د‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫السعي المستمر لتصحيح الفروق الكبيرة في توزيع الدخل والثروة و النفوذ‬ ‫ه‪.‬‬

‫أنواع العدالة االجتماعية‬ ‫‪-4‬‬


‫العدالة النسبية‬ ‫ا‪.‬‬

‫وتتمث‪++‬ل في تناس‪++‬ب الف‪++‬روق في أنص‪++‬بة األف‪++‬راد المجتم‪++‬ع من ال‪++‬دخل وال‪++‬ثروة م‪++‬ع الف‪++‬روق‬
‫الفردية بين هؤالء األفراد سواء في الجهد المبذول في األعمال المختلف‪+‬ة‪ ،‬أو فيم‪++‬ا تتطلب‪++‬ه تل‪++‬ك‬
‫األعمال من مها ارت‪ ،‬وتأهيل علمي وخبرة‪ .‬وينبغي أن تكون الفروق بين أف‪++‬راد المجتم‪++‬ع في‬
‫الدخل والثروة أو في غيرها من المكاسب مقبول‪+‬ة اجتماعي‪َ+‬ا‪ ،‬بمع‪+‬نى أنه‪+‬ا تتح‪+‬دد وف‪++‬ق مع‪+‬ايير‬
‫موضوعية متوافق عليها اجتماعيا‪ .‬وقد ذهب البعض إلى القول بأن الالمساواة في االقتص‪++‬ادية‬
‫واالجتماعية يجب أن تنظم على نحو يجعلها تق‪+‬دم لألف‪+‬راد األق‪+‬ل حظ‪+‬ا في المجتم‪+‬ع أك‪+‬بر نف‪+‬ع‬
‫ممكن‪ ،‬كما يجعلها تتيح في الوقت نفسه إمكاني‪++‬ة االلتح‪++‬اق بالوظ‪++‬ائف والمواق‪++‬ع المختلف‪++‬ة أم‪++‬ام‬
‫جميع األفراد في إطار من المس‪++‬اواة في الحق‪+‬وق والواجب‪++‬ات‪ ،‬والتك‪++‬افؤ في الف‪+‬رص‪ ،‬وه‪++‬و م‪++‬ا‬
‫يرتب التزاما على الدولة بوضع السياسات واتخاذ اإلجراءات الكفيلة بتوفير الف‪++‬رص‪ ،‬وتمكين‬
‫األفراد من االستفادة منها والتنافس عليها منافسة عادلة ومتكافئة‪.‬‬

‫العدالة التوزيعية‬ ‫ب‪.‬‬

‫‪ )( 1‬إبراهيم العيسوي ‪ " ،‬األفاق المستقبلية لتحقيق العدالة والتنمية في اقتصاد الربي‪++‬ع الع‪++‬ربي ‪ :‬حال‪++‬ة مص‪++‬ر " ‪ ،‬في المنت‪++‬دى اإلقليمي‬
‫حول ‪ :‬اقتصاديات الربيع العربي ‪ ،‬المعهد العربي للتخطيط ‪ ،‬عمان ‪ ،‬المملكة األردنية الهاش‪++‬مية ‪ 18-17 ،‬ديس‪++‬مبر ‪ ،2012‬ص ص‬
‫‪11-10‬‬

‫‪12‬‬
‫وتع‪++‬ني التوزي‪++‬ع الع‪++‬ادل للم‪++‬وارد واألعب‪++‬اء‪ ،‬ويتم ذل‪++‬ك من خالل هيك‪++‬ل األج‪++‬ور ونظم ال‪++‬دعم‬
‫الحكومي والضرائب والتحويالت وتوفير الخدمات العامة ونظم الض‪++‬مان االجتم‪++‬اعي‪ .‬وك‪++‬ذلك‬
‫التدخل من خالل سياسات إعادة التوزيع لتقلي‪+‬ل ح‪+‬دة التفاوت‪+‬ات في توزي‪+‬ع ال‪+‬دخول وال‪+‬ثروات‬
‫حال الحاجة إلى ذلك‪.‬‬

‫العدالة التشاركية‬ ‫ج‪.‬‬

‫بمعنى تمكين المواطنين من المشاركة في الحياة االقتصادية والسياسية‪ ،‬وذلك من خالل إتاح‪++‬ة‬
‫الخدمات التعليمية والصحية بصورة متكافئة لألفراد وتوفيرها للفئات األق‪++‬ل دخ‪++‬ااًل م‪++‬ع تيس‪++‬ير‬
‫وصولهم إليها‪ .‬وكذلك توفير فرص العمل الالزمة سواء لدى الدولة وقطاعها الع‪++‬ام وجهازه‪++‬ا‬
‫الحكومي وهيئاتها االقتصادية‪ ،‬أو من خالل قيام الحكومة بتهيئة البيئة االقتصادية وتيسير بيئة‬
‫األعمال بما يخلق فرص العمل في القطاع الخاص ويعمل على رفع مس‪++‬توى التش‪++‬غيل وتمكين‬
‫(‪)1‬‬
‫األفراد من المشاركة في العملية التنموية‪.‬‬

‫عناصر العدالة االجتماعية‬ ‫‪-5‬‬

‫ويشمل اإلطار النظري لمفهوم العدالة ثالثة عناصر أساسية‬

‫عدالة أفقي((ة وتع‪++‬ني المعامل‪++‬ة المتس‪++‬اوية لمن هم في فئ‪++‬ة متس‪++‬اوية من حيث الق‪++‬درات‬ ‫ا‪.‬‬
‫والمهارات كتوزيع أعباء وعائد التنمية بشكل متساوي على أبناء الجيل الواحد‬
‫عدالة رأسية وتعكس اختالف المعاملة لغير المتساوين من حيث القدرات والمه‪++‬ارات‬ ‫ب‪.‬‬
‫من أبن‪++‬اء الجي‪++‬ل الواح‪++‬د‪ . .‬بمع‪++‬نى أن يص‪++‬نف أبن‪++‬اء الجي‪++‬ل الواح‪++‬د حس‪++‬ب الق‪++‬درات‬
‫والمه‪++‬ارات ثم ت‪++‬وزع على ك‪++‬ل ف‪++‬رد أو مجموع‪++‬ة منهم كم األعب‪++‬اء والعوائ‪++‬د بم‪++‬ا ه‪++‬و‬
‫مناسب لقدراته ومهاراته ‪.‬‬
‫عدال((ة م((ا بين األجي((ال وهي ال‪++‬تي تجم‪++‬ع بين المفه‪++‬ومين الس‪++‬ابقين حيث يتم تحقي‪++‬ق‬ ‫ج‪.‬‬
‫المساواة بين األجيال المختلفة‪ ،‬التي تحمل أعب‪++‬اء التنمي‪++‬ة ومكاس‪++‬بها فض‪ً+‬ال عن تحقي‪++‬ق‬
‫التوزيع العادل للموارد بين تلك األجيال (‪. )2‬‬

‫‪)( 1‬أحمد السيد النجار‪ "،‬اآلليات االقتصادية لبن‪++‬اء العدال‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة"‪ ،‬تقري‪++‬ر االتجاه‪++‬ات االقتص‪++‬ادية اإلس‪++‬تراتيجية ‪، 2012‬مرك‪++‬ز‬
‫الدراسات السياسية واالستراتيجية باألهرام‪ ،‬القاهرة ‪، 2012،‬ص‪119‬‬

‫‪)( 2‬عبيـر محمـد علي عبـد الخالـق‪ :‬دور التعليم في تحقيق العدالة االجتماعية في كوريا الجنوبية وفرص اس‪++‬تفادة مص‪++‬ر من التجرب‪++‬ة‬
‫الكورية‪ ،‬المجلة العلمية لكلية الدراسات االقتصادية والعلوم السياسية‪ ،‬المجلد ‪ ،1‬العدد ‪ ،2016 ،1‬ص ‪204-203‬‬

‫‪13‬‬
‫البعد االقتصادي للعدالة االجتماعية‬ ‫‪-6‬‬

‫تمثل التغيرات التكنولوجية المتسارعة أحد دعائم النظام االقتصادي العالمي‪ .‬ورغم ما نجم‬
‫عن ث‪++‬ورة تكنولوجي‪++‬ا المعلوم‪++‬ات من تحس‪++‬ينات في اإلنتاجي‪++‬ة والرفاهي‪++‬ة‪ ،‬إال أنه‪++‬ا في المقاب‪++‬ل‬
‫رفعت مس‪++‬تويات ع‪++‬دم المس‪++‬اواة في ال‪++‬دخول وانعكس‪++‬ت س‪++‬لبا على العدال‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة وتك‪++‬افؤ‬
‫الفرص‪ .‬ومرد ذلك ما أسفرت عنه التغيرات التكنولوجية من تغيرات في الفن اإلنتاجي لصالح‬
‫السلع كثيف‪++‬ة العمال‪++‬ة وال‪++‬تي من ش‪++‬أنها زي‪++‬ادة الطلب على رأس الم‪++‬ال والعمال‪++‬ة الم‪++‬اهرة مقاب‪++‬ل‬
‫انخف‪++‬اض حاج‪++‬ة المنتجين للعمال‪++‬ة منخفض‪++‬ة المه‪++‬ارة‪ .‬وق‪++‬د أوض‪++‬حت الدراس‪++‬ات أن التغ‪++‬يرات‬
‫التكنولوجية خالل العقدين األخيرين سببت تفاوت ال‪++‬دخول م‪++‬ا بين ‪ %100 -90‬س‪++‬كان دول‬
‫منظمة التعاون االقتصادي (‪. )1‬‬

‫و كانت التجارة ضمن أس‪++‬باب أخ‪++‬رى ت‪++‬دفع نح‪++‬و ت‪++‬دهور العدال‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة وزي‪++‬ادة ع‪++‬دم‬
‫المساواة‪ .‬فعلى الرغم من أن تدفقات التجارة كانت محركا للنمو في العديد من ال‪++‬دول من خالل‬
‫رفع الكفاءة وتعزيز القدر في ارتفاع معدالت استخدام التكنولوجيا في إنتاج الس‪++‬لع والخ‪++‬دمات‪،‬‬
‫إال أن هذا أدى إلى زيادة حدة التفاوت وعدم المس‪+‬اواة بين فئ‪+‬ات المجتم‪+‬ع في ال‪+‬دول المتقدم‪+‬ة‪.‬‬
‫وفي المقاب‪++‬ل‪ ،‬ك‪++‬ان األم‪++‬ر مختلف‪+‬ا بالنس‪++‬بة أغلب ال‪++‬دول النامي‪++‬ة‪ ،‬حيث أس‪++‬فرت زي‪++‬ادة الت‪++‬دفقات‬
‫التجارية عن تقليل التفاوتات في الدخول‪ ،‬السيما مع تنشيط الطلب الكلي من خالل زيادة أجور‬
‫العمال والطلب على العمالة منخفضة المهارة (‪. )2‬‬

‫وفيم‪+‬ا يتعل‪+‬ق بالعدال‪+‬ة في توزي‪+‬ع الف‪+‬رص‪ ،‬وتحقي‪+‬ق التك‪+‬افؤ في الحص‪++‬ول على الخ‪+‬دمات‬
‫الصحية‪ ،‬والخدمات التعليمية‪ ،‬والخ‪++‬دمات المالي‪++‬ة تش‪++‬ير تج‪++‬ارب ال‪++‬دول النامي‪++‬ة خالل الف‪++‬ترة (‬
‫‪ ) 2012 -2010‬إلى زيادة عدم المس‪++‬اواة في الحص‪++‬ول على الرعاي‪++‬ة الص‪++‬حية بين مختل‪++‬ف‬
‫شرائح الدخل مقارنة باالقتصادات المتقدم‪++‬ة‪ .‬وعلى مس‪++‬توى الخ‪++‬دمات التعلمي‪++‬ة‪ ،‬أظه‪++‬ر مؤش‪++‬ر‬
‫جيني للتعليم (‪ )2000-2012‬هبوطا ملحوظا في الدول النامية‪ ،‬وهو ما يعني أن‪++‬ه رغم تمكن‬
‫الطبقات الفقيرة على نحو م‪++‬ا من الحص‪++‬ول على الخ‪++‬دمات التعليمي‪++‬ة‪ ،‬ف‪++‬إن ش‪++‬رائح س‪++‬كانية من‬

‫‪1‬‬
‫‪()Alan Thomas: Meanings and Views of Development, Poverty and Development into the 21St‬‬
‫‪Century, Oxford University Press,london, 2000, pp.78-79.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪()Lbid: pp 78-79‬‬

‫‪14‬‬
‫منخفض‪++‬ي ال‪++‬دخل‪ -‬أو ح‪++‬تى الطبق‪++‬ات المتوس‪++‬طة‪ -‬ظلت ال تس‪++‬تطيع الحص‪++‬ول على الخ‪++‬دمات‬
‫التعليمية ‪ ،‬وهو ما يرجع جز إلى التحيز في مخصصات اإلنفاق العام وتفضيل بعض المن‪++‬اطق‬
‫أو الفئات داخل المجتمع في توفير الخدمات التعليمية على غيرها ‪ .‬وبالنسبة للخ‪++‬دمات المالي‪++‬ة‪،‬‬
‫ك‪+‬انت التفاوت‪+‬ات أك‪+‬ثر ح‪+‬دة فيم‪+‬ا يتعل‪+‬ق باس‪+‬تخدام الخ‪+‬دمات المالي‪+‬ة بين االقتص‪+‬ادات المتقدم‪+‬ة‬
‫والنامي‪++‬ة عنه‪++‬ا ع‪++‬بر مس‪++‬تويات ال‪++‬دخل داخ‪++‬ل البل‪++‬د الواح‪++‬د‪ ،‬ف‪++‬أكثر من ‪% 80‬من الب‪++‬الغين في‬
‫االقتصادات المتقدمة لديهم حسابات في المؤسس‪++‬ات المالي‪++‬ة الرس‪++‬مية‪ ،‬بمع‪++‬دل م‪++‬رتين أك‪++‬ثر من‬
‫(‪)1‬‬
‫البالغين في االقتصادات النامية‬

‫العالقة بين التعليم والعدالة في توزيع الدخول‬ ‫‪-7‬‬

‫وفق‪++‬ا لبرن‪++‬امج األمم المتح‪++‬دة اإلنم‪++‬ائي (‪ )1990‬تنط‪++‬وي التنمي‪++‬ة البش‪++‬رية على توس‪++‬يع‬
‫الخيارات المتاحة أمام األفراد بم‪++‬ا يكف‪++‬ل لهم حي‪++‬اة مدي‪++‬دة وص‪++‬حية‪ ،‬ويمكنهم من اكتس‪++‬اب العلم‬
‫والمعرفة والحصول على الموارد الالزمة لمستوى معيشة الئق (‪. )2‬‬

‫وقد اتسعت خيارات التنمية البشرية لتشمل توفير مناخ مالئم قوامه الحرية والعدالة والتميز‬
‫واالس‪++‬تمرارية‪ ،‬باإلض‪++‬افة إلى التمت‪++‬ع بف‪++‬رص اإلب‪++‬داع واإلنت‪++‬اج والتمت‪++‬ع ب‪++‬االحترام ال‪++‬ذاتي‬
‫الشخصي‪ ..‬وغيرها من الخيارات التي تتفاوت من مجتمع آخر ومن فترة زمنية ألخرى (‪.)3‬‬

‫وتتض‪++‬من تنمي‪++‬ة العنص‪++‬ر البش‪++‬ري الترك‪++‬يز على ج‪++‬ودة التعليم والت‪++‬دريب‪ ،‬وتط‪++‬وير أنم‪++‬اط‬
‫التفك‪+‬ير والس‪+‬لوك‪ ،‬وتفعي‪+‬ل مش‪+‬اركة األف‪++‬راد في اتخ‪+‬اذ الق‪+‬رار‪ ،‬وكل‪+‬ك منح مزي‪+‬د من االهتم‪+‬ام‬
‫للعالقات االجتماعية والعادات والتقاليد‪ ،‬وثقافة الشعوب وطرق وأس‪++‬اليب العم‪++‬ل واإلنت‪++‬اج‪ ،‬أي‬
‫تعبئ‪++‬ة األف‪++‬راد وزي‪++‬ادة ق‪++‬دراتهم ومه‪++‬اراتهم به‪++‬دف زي‪++‬ادة مش‪++‬اركتهم في الحي‪++‬اة االقتص‪++‬ادية‬
‫(‪)4‬‬
‫واالجتماعية والسياسية‬

‫‪)( 1‬عبيـر محمـد علي عبـد الخالـق‪ :‬دور التعليم في تحقيق العدالة االجتماعية في كوريا الجنوبية وف‪++‬رص اس‪++‬تفادة مص‪++‬ر من التجرب‪++‬ة‬
‫الكورية ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪205‬‬

‫‪)( 2‬برنامج األمم المتحدة اإلنمائي‪ :‬تقرير التنمية البشرية‪، 1991،‬ص‪، 27‬متاح على الرابط‬
‫‪https://www.un.org/ar/millenniumgoals/pdf/HDR_20072008_AR_complete.pdf‬‬

‫‪)( 3‬مجدة إمام‪ :‬التنمية االجتماعية في مرحل‪++‬ة االص‪++‬الح االقتص‪++‬ادي‪ :‬دراس‪++‬ة سوس‪++‬يولوجيا للمؤش‪++‬رات االجتماعي‪++‬ة‪ ،‬رس‪++‬الة دكت‪++‬وراه‪،‬‬
‫جامعة عين شمس‪، 2007،‬ص‪. 8‬‬

‫‪ )( 4‬منظمة العمل العربية‪" :‬تنمية الموارد البشرية في مواجهة البطالة"‪ ،‬مؤتمر العمل العربي‪ ،‬القاهر‪1999 ،‬‬

‫‪15‬‬
‫وت‪++‬ؤدي سياس‪++‬ات التنمي‪++‬ة البش‪++‬رية‪ -‬وفي مق‪++‬دمتها سياس‪++‬ات التعليم والت‪++‬دريب والرعاي‪++‬ة‬
‫الصحية‪-‬إلى رفع كفاءة العنصر البشري وإكسابه المعارف والمها ارت والق‪+‬درات ال‪+‬تى تجعل‪+‬ه‬
‫قاد اًر على أداء الدور المنوط به في التنمية االقتصادية واالجتماعي‪++‬ة في المجتم‪++‬ع حيث أك‪++‬دت‬
‫الدراسات التطبيقية للبن‪++‬ك ال‪++‬دولي ومنظم‪++‬ة العم‪++‬ل الدولي‪++‬ة على أن االهتم‪++‬ام بسياس‪++‬ات التنمي‪++‬ة‬
‫البش‪++‬رية‪ -‬وفي مق‪++‬دمتها تل‪++‬ك المتعلق‪++‬ة ب‪++‬التعليم والت‪++‬دريب‪ -‬ي‪++‬ؤثر إيجابي‪++‬ا في مه‪++‬ا ارت األف‪++‬راد‬
‫وإنتاجيتهم‪ ،‬وهو ما من شأنه زيادة الدخول‪ ،‬وإعادة توزيعها على نحو يكفل العدال‪++‬ة والمس‪++‬اواة‬
‫االقتصادية في كل من الدول المتقدم‪++‬ة والنامي‪++‬ة‪ .)1( .‬ووفق‪++‬ا للم‪++‬دخل االقتص‪++‬ادي واالجتم‪++‬اعي‬
‫لتفسير اتجاهات توزيع الدخول في ضوء تأثير المتغ‪++‬يرات السياس‪++‬ية واالجتماعي‪++‬ة والمؤسس‪++‬ية‬
‫يعد التعليم من أكثر المتغيرات تأثيرا على عدالة توزيع الدخول‪ ،‬يليه عوامل أخرى مثل ت‪++‬دخل‬
‫(‪)2‬‬
‫الدولة اقتصاديا وقوة النقابات العمالية والمهنية وغيرها‪.‬‬

‫وينعكس نمط توزيع الفرص على تكوين رأس المال البش‪+‬ري في المجتم‪+‬ع‪ ،‬حيث تتزاي‪+‬د‬
‫أهمية تحقيق التوزيع الع‪+‬ادل للف‪+‬رص التعليمي‪+‬ة من خالل م‪+‬ا س‪+‬يواكب ذل‪+‬ك من تحس‪+‬ن هيك‪+‬ل‬
‫رأس المال البشري إلى جانب التحسن الكمي والنوعي في هيكل عرض سوق العمل‪ ،‬وبالت‪++‬الي‬
‫تحسن هيكل توزيع الدخل ما يؤدي في النهاية إلى تحقق مستوى أعلى من الرفاهة االقتص‪++‬ادية‬
‫والعدالة االجتماعية في المجتمع‪ .‬كما يُّع د التعليم عامال رئيسيا في تحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة‪،‬‬
‫فاقتص‪++‬ار الف‪++‬رص التعليمي‪++‬ة على الفئ‪++‬ات األعلى دخال من ش‪++‬أنه تعمي‪++‬ق التفاوت‪++‬ات الطبقي‪++‬ة‬
‫واستدامتها‪ ،‬في حين أن التوسع في إتاحة التعليم من خالل زيادة اإلنفاق العام على تعليم الفئات‬
‫األقل دخال وتقديم الخدمات التعليمية الجيدة مع تيسير وص‪++‬ولهم إليه‪++‬ا ي‪++‬ؤدي إلى تراج‪++‬ع فج‪++‬وة‬
‫األجور بين العاملين المهرة والعاملين منخفضي المهارة (‪.)3‬‬

‫رابعًا العدالة التعليمية‬

‫مفهوم العدالة التعليمية‬ ‫‪-1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪()George P., Returns to Investment in Education :A Global Update, World Bank Policy, Research‬‬
‫‪Working Papers, WPS No.(1067),1993, P.9.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪()Irma A. & Nobuhiko F., Income Inequality and Development During the 1980s, Indian Economic‬‬
‫‪Review, New Series, Vol. 27, 1992, PP.17-18.‬‬

‫‪)( 3‬مؤتمر األمم المتحدة للتجارة والتنمية‪ ،‬معالجة التف‪++‬اوت عن طري‪++‬ق التج‪++‬ارة والتنمي‪++‬ة في خط‪++‬ة التنمي‪++‬ة لم‪++‬ا بع‪++‬د( ‪ )2015‬ال‪++‬دورة‬
‫الحادي‪++++‬ة والس‪++++‬تون لمجلس التج‪++++‬ارة والتنمي‪++++‬ة‪ 2014 ،‬مت‪++++‬اح على الراب‪++++‬ط ‪https://unctad.org/system/files/official-‬‬
‫‪ document/tdb61d1_ar.pdf‬بتاريخ ‪12/2022 /12‬‬

‫‪16‬‬
‫عرفت بأنها" أن توفر الدولة لكل فرد التعليم الذي يتناسب مع قدراته‪ ،‬وأن يتمتعوا بخدماتهم‬
‫التعليمي‪++‬ة ال‪++‬تي تق‪++‬دمها بحيث يك‪++‬ون ه‪++‬ذا التوزي‪++‬ع توزيع‪++‬ا ع‪++‬ادال على الجمي‪++‬ع دون تمي‪++‬يز أو‬
‫(‪)1‬‬
‫تحيز" ‪.‬‬

‫وع‪++‬رفت أيض‪ً++‬ا بأنه‪++‬ا "إعط‪++‬اء ك‪++‬ل من يعم‪++‬ل في حق‪++‬ل التعليم حق‪++‬ه ك‪++‬امًال برض‪++‬ا وحب‬
‫(‪)2‬‬
‫وموضوعية‪ ،‬مع أخذ ما عليه من واجبات بنفس الطريقة وبصورة متوازنة"‪.‬‬

‫وهي أيضا " ضمان إتاحة فرص متكافئة للجميع للحصول علي خدمات تعليمية‬
‫جي‪++‬دة المس‪++‬توي دون أي ش‪++‬كل من أش‪++‬كال التمي‪++‬يز س‪++‬واء علي أس‪++‬اس الن‪++‬وع أو المس‪++‬توي‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫االجتماعي أو المنطقة أو أي أساس أخر "‬

‫و " تعني أن توفر الدولة لكل فرد التعليم الذي يتناسب مع قدراته ‪ ،‬وأن يتمتعوا‬
‫بخدماتهم التعليمية التي تقدمها الدولة بحيث يكون هذا التوزيع توزيعا عادال علي الجمي‪++‬ع دون‬
‫(‪)4‬‬
‫تمييز أو تحيز "‬

‫وتعتمد العدالة التعليمية على عاملين رئيسيين األول هو اإلنصاف‪ ،‬مما يعني أن العوام‪++‬ل‬
‫الخاصة بالظروف الشخصية للف‪++‬رد يجب أال تت‪++‬داخل م‪++‬ع إمكان‪++‬ات النج‪++‬اح األك‪++‬اديمي‪ .‬العام‪++‬ل‬
‫الثاني المهم هو التضمين‪ ،‬والذي يشير إلى معيار ش‪+‬امل ينطب‪+‬ق على الجمي‪+‬ع في نظ‪+‬ام تعليمي‬
‫معين‪ .‬يرتبط هذان العامالن ارتباًط ا وثيًقا ويعتمد كل منهما على اآلخر من أج‪++‬ل نج‪++‬اح النظ‪++‬ام‬
‫(‪)5‬‬
‫التعليمي ‪.‬‬

‫‪ )( 1‬علي صالح جوهر‪ ،‬وآخرون ‪ :‬معوقات تحقيق العدالة التعليمية لطالب التعليم الجامعي المصري‪ ،‬مجلة القراءة والمعرفة‪ ،‬مص‪++‬ر‪،‬‬
‫ع‪ ،2017 .186‬ص ‪128‬‬

‫‪)( 2‬جمال محمد محمد الهنيدي‪ .:‬عدالة التعليم في الفك‪++‬ر ال‪++‬تربوي اإلس‪++‬المي‪ ،‬مجل‪++‬ة البحث العلمي في التربي‪++‬ة‪ - ،‬كلي‪++‬ة البن‪++‬ات لآلداب‬
‫والعلوم والتربية جامعة عين شمس ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ع‪ ,15‬ج‪)2014( ،4‬ص ص‪1080 -1079‬‬

‫‪ )( 3‬أشرف العريي ‪ :‬اقتصاديات التعليم العالي في مصر بين خياري العام وإلخاص واعتب‪++‬اري العدال‪++‬ة والكف‪++‬اءة ‪ ،‬التعليم الع‪++‬الي في‬
‫مصر هل تؤدي المجانية إلى تكافو الفرص ‪ ،‬مجلس السكان الدولي ‪ ،‬القاهرة ‪ ،٢٠١٢ ،‬ص ‪134‬‬

‫‪ )( 4‬علي صالح حامد جوهر‪ ، ،‬أحمد محمد جابر أحمد‪ ،‬و رانيا وصفي عثمان غنيم‪" .‬معوقات تحقيق العدال‪++‬ة التعليمي‪++‬ة لطالب التعليم‬
‫العالي المصري‪" .‬مجلة القراءة والمعرفة‪ ،‬العدد (‪ ،)2017( ، ) 186‬ص ‪179‬‬

‫‪5‬‬
‫‪()F. Bocken.at all: Facing the Future: A Blueprint for a Resilient and Equitable Society: Connecting the‬‬
‫‪Functional Building Blocks , Transdisciplinary Insights Volume 2, 2018, p.15‬‬

‫‪17‬‬
‫وال تقتصر العدالة في التعليم على حّق الطفل في الذهاب إلى المدرسة‪ ،‬وال تعني فقط "تمّتع‬
‫الجميع بالتعليم"‪ ،‬علًما أّن هذا حّق بدهّي أساسّي ‪ ،‬بل وتتعّد ى فكرة العدالة إلى حّق الطفل في‬
‫التعّلم في أمان‪ ،‬وتوّفر البيئة والظروف المناسبة لتطوير مهاراته الالزمة‪ ،‬وذلك حسب حاجته‬
‫وقدراته الذاتّية طيلة مّد ة تمدرسه‪ ،‬ومع هذا تبقى عدالًة جزئّي ًة ‪ ،‬فُيضاف حّق الطالب في النجاح‬
‫المدرسّي واألكاديمّي على قدر طاقاته وقدراته‪ ،‬وحتى هذا ليس كافًيا أيًض ا‪ ،‬إذ ثّمة حّق الطالب‬
‫في الحصول على فرص العمل مستقباًل ‪ ،‬والمساهمة في اإلنتاج حسب إمكاناته استناًد ا إلى مبدأ‬
‫(‪)1‬‬
‫تكافؤ الفرص‬
‫وتستند األهمية المتزايدة للعدالة في التعليم إلى فرضية أن مستوى تعليم الفرد يرتبط ارتباًط ا‬
‫مباشًر ا بنوعية الحياة في المستقبل (‪.)2‬لذلك فإن النظام األكاديمي الذي يمارس العدالة التعليمية‬
‫هو أساس قوي لمجتمع عادل ومزدهر‪.‬‬

‫وتقع مسؤولّية تأمين العدالة على الدولة التي عليها تط‪++‬وير بًن ى تحتّي ة‪ ،‬وخط‪++‬ط وسياس‪++‬ات‬
‫تعليمّية طويلة األمد ترتبط بمشاريعها التنموّية‪ ،‬وتعتمد على االستثمار في رأس المال البشرّي ‪.‬‬
‫تظهر المؤّشرات أّن العدالة في التعليم مغّيبة في معظم دول العالم‪ ،‬ومنها الدول العربّي ة‪ ،‬إذ إّن‬
‫النظام التعليمّي العربّي لم يسر يوًما ضمن خّط ة واضحة‪ ،‬تهدف من ناحية إلى محاربة التمييز‬
‫والطبقّية في التعليم‪ ،‬ومن ناحية ثانية إلى ربط التعليم بمشاريع التنمية المجتمعّي ة واالقتص‪++‬ادّية‬
‫(‪)3‬‬
‫لخلق فرص متساوية للطاّل ب جميعهم ‪.‬‬

‫أهمية تحقيق العدالة التعليمية‬ ‫‪-2‬‬

‫تعتبر العدالة التعليمية هي حجر الزاوية التي ُيستند إليه‪++‬ا في تحقي‪++‬ق ب‪++‬اقي ج‪++‬وانب العدال‪++‬ة في‬
‫المجتمع ككل‪ ،‬و تتمثل أهمية تحقيق العدالة التعليمية في عدد من النقاط كما يلي‬

‫تحقيق مستوي أعلي من الرفاهة االقتصادية في المجتمع‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪)( 1‬منهجيات‪ :‬عن العدالة في التعليم‪ ،‬العدد (‪ )4‬ربيع ‪ ،2021‬ص ‪2‬‬

‫‪2‬‬
‫‪()F. Bocken.at all: Facing the Future: A Blueprint for a Resilient and Equitable Society: Connecting the‬‬
‫‪Functional Building Blocks , 0p.Cit.p 24‬‬

‫‪)( 3‬منهجيات‪ :‬عن العدالة في التعليم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪2‬‬

‫‪18‬‬
‫يؤثر االهتمام بعدالة توزيع الفرص التعليمية تأثيرًا إيجابيًا في مهارات العمال وإنت‪++‬اجيتهم؛‬
‫وبالت‪++‬الي ف‪++‬إن زي‪++‬ادة اإلنف‪++‬اق على التعليم يمكن أن ي‪++‬ؤدي إلي زي‪++‬ادة متوس‪++‬ط مس‪++‬توي ال‪++‬دخول‬
‫وأيضًا إلى إعادة توزيعه علي نحو يكفل المزيد من العدالة االقتصادية في المجتمعات المتقدم‪++‬ة‬
‫أو النامية‪ ،‬ومن ثم فإنه يمكن استخدام توزيع الفرص التعليمية كوس‪++‬يلة إلع‪++‬ادة توزي‪++‬ع ال‪++‬دخول‬
‫في المجتمع‪ ،‬وعدم قصر االستثمارات والخدمات علي فئات اجتماعية معينة ومناطق جغرافي‪++‬ة‬
‫(‪)1‬‬
‫بما يسمح برفع مستويات المعيشة‪ ,‬وبالتالي إعادة توزيع الدخول‪.‬‬

‫القضاء على الفقر وتحقيق الحراك االجتماعي‬ ‫ب‪-‬‬

‫يلعب التعليم دورًا كب‪++++‬يرًا في تحري‪++++‬ك األف‪++++‬راد ع‪++++‬بر الس‪++++‬لم الطبقي‪ ،‬من خالل المهن‬
‫والوظ‪++‬ائف وال‪++‬ترقي االجتم‪++‬اعي‪ ،‬وال يمكن أن يك‪++‬ون ذل‪++‬ك إال إذا تحققت العدال‪++‬ة بين جمي‪++‬ع‬
‫الطبقات والمستويات‪ .‬وحتى ال يصبح التعليم أداة لزيادة التباين الطبقي داخل المجتمع‪ ،‬ويك‪++‬ون‬
‫التعليم وسيلة للحراك االجتماعي‪ ،‬فال يصح أن تتحول الم‪++‬دارس إلى وس‪++‬يلة لل‪++‬ربح‪ ،‬أو يص‪++‬بح‬
‫التعليم س‪++‬وقًا موازي‪++‬ة في ال‪++‬بيوت ومراك‪++‬ز ال‪++‬دروس الخصوص‪++‬ية والكتب الخارجي‪++‬ة‪ ،‬وينقس‪++‬م‬
‫الطالب في ذل‪++‬ك إلى فئ‪++‬تين فئ‪++‬ة ق‪++‬ادرة على تحم‪++‬ل نفق‪++‬ات وأعب‪++‬اء التعليم واالس‪++‬تمرار فيـه‬
‫والحصول على تعليم جيد‪ ،‬والثانية ال تقدر على تحمل نفقاته وال تس‪++‬تطيع الحص‪++‬ول على تعليم‬
‫(‪)2‬‬
‫جيد وتحاصرها الظروف االجتماعية واالقتصادية ويزداد فيها الرسوب والتسرب‪.‬‬

‫ج‪ -‬رفع الظلم االجتماعي عن المحرومين‬

‫وتتطلب العدال‪++‬ة التعليمي‪++‬ة منظوم‪++‬ة مجتمعي‪++‬ة ش‪++‬املة على كاف‪++‬ة القطاع‪++‬ات والمؤسس‪++‬ات‬
‫االجتماعي‪++‬ة لالرتق‪++‬اء ب‪++‬أحوال المواط‪++‬نين‪ ،‬وتوزي‪++‬ع ثم‪++‬ار التنمي‪++‬ة توزيع‪ً+‬ا ع‪++‬ادًال دون محاب‪++‬اة‪،‬‬
‫وااللتف‪+‬ات إلى المن‪+‬اطق المحروم‪+‬ة والفئ‪+‬ات المهمش‪+‬ة ح‪+‬تى يمكن االس‪+‬تفادة الكامل‪+‬ة من جمي‪+‬ع‬
‫الطاقات والخبرات في المجتمع‪ ،‬وتوجيه جه‪++‬ود اإلص‪++‬الح في التعليم إلى األم‪++‬اكن ال‪++‬تي تع‪++‬اني‬
‫مـن قـصـور في الخ‪++‬دمات التعليمي‪++‬ة‪ ،‬وتحدي‪++‬د المحافظ‪++‬ات األك‪++‬ثر احتياج‪++‬ا للخ‪++‬دمات التعليمي‪++‬ة‬
‫(‪)3‬‬
‫ووضعها بصورة مرتبة لتكثيف الخدمات فيها‪.‬‬

‫‪ )( 1‬سمير محمد محمد المعناوي وآخرون ‪ :‬متطلبات تحقيق العدالة التعليمية بالتعليم الثانوي المصري‪ ،‬مجلة كلي‪++‬ة التربي‪++‬ة ‪ ،‬جامع‪++‬ة‬
‫االزهر‪ ،‬العدد(‪ ، )193‬الجزء (‪ ،)5‬يناير ‪ ،2022‬ص ‪311‬‬

‫‪ )( 2‬المرجع السابق‪ :‬ص ‪312‬‬

‫‪)( 3‬سمير محمد محمد المعناوي وآخرون‪ :‬متطلبات تحقيق العدالة التعليمية بالتعليم الثانوي المصري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪312‬‬

‫‪19‬‬
‫مبررات الدعوة إلى تحقيق العدالة التعليمية‬ ‫‪-3‬‬

‫ال شك أن حصول كل فرد على حقه في تعليم عالي الجودة على نحو متس‪++‬او ومتك‪++‬افئ من‬
‫أهم العوام‪++‬ل ال‪++‬تي ت‪++‬ؤدي إلى تعمي‪++‬ق العدال‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة‪ ،‬وعلى العكس حين يص‪++‬بح التعليم‬
‫مص‪++‬درًا من مص‪++‬ادر التمي‪++‬يز والطبقي‪++‬ة والتف‪++‬اوت المب‪++‬الغ في‪++‬ه في اكتس‪++‬اب مه‪++‬ارات العم‪++‬ل‬
‫والوظائف والمهن فإنه يكرس الالمساواة ويعيد إنتاج نفس النظ‪++‬ام الطبقي‪ ،‬ال‪++‬ذي يف‪+‬رز الكبـت‬
‫االجتم‪++‬اعي والش‪++‬عور بالدوني‪++‬ة‪ ،‬ومن هن‪++‬ا اكتس‪++‬بت العدال‪++‬ة التعليمي‪++‬ة أهمي‪++‬ة بالغ‪++‬ة على كاف‪++‬ة‬
‫المستويات واالتجاهات‪ .‬ولذا فإن الح‪++‬ديث عن العدال‪++‬ة يجب أن يص‪++‬اغ ص‪++‬ياغة واقعي‪++‬ة ترس‪++‬خ‬
‫لمفهوم ال‪+‬دور ال‪+‬تربوي للمجتم‪+‬ع المص‪++‬ري بك‪+‬ل مكونات‪+‬ه في عالج أزمات‪+‬ه التعليمي‪+‬ة‪ ،‬وتحق‪+‬ق‬
‫األمل المرجـو وهـو النه‪++‬وض ب‪++‬التعليم كم‪ً+‬ا وكيف‪ً+‬ا دعم‪ً+‬ا لمتطلب‪++‬ات التنافس‪++‬ية العالمي‪++‬ة‪ ،‬وس‪++‬عيا‬
‫لتحقيق العدالة‪ ،‬ويحقق االستيعاب الكام‪+‬ل لك‪+‬ل الطالب‪ ،‬ويكف‪+‬ل ح‪+‬ق الطالب في ف‪+‬رص عم‪+‬ل‬
‫مناس‪++‬بة تمكنهم من ممارس‪++‬ة مه‪++‬امهم في الحي‪++‬اة‪ ،‬ح‪++‬تى يمكن اإلنس‪++‬ان مـن نقـع نفس‪++‬ه ووطن‪++‬ه‬
‫وعالمه (‪،)1‬ويمكن تقسيم تلك المبررات إلى‬

‫المبررات العالمية‬ ‫أ‪-‬‬

‫ومن هذه المبررات ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬التط‪++‬ورات الديمقراطي‪++‬ة الهائل‪++‬ة ال‪++‬تي يش‪++‬هدها الع‪++‬الم المعاص‪++‬ر‪ ،‬ال س‪++‬يما الع‪++‬الم الع‪++‬ربي‬
‫وانعكاسات تلك التطورات السياسية على مفهوم الحرية واالنتقال إلى التعليم باعتباره المح‪++‬رك‬
‫الرئيسي لصناعة األمة وصياغة عقول أبنائها الذين يقودون حاليا ثورات التغيير‬

‫‪ -‬التطورات السياسية المتالحقة في الع‪+‬الم وال‪+‬تي انعكس‪+‬ت ب‪+‬دوره على قناع‪+‬ة األمم بأهمي‪+‬ة أن‬
‫يكون التعليم مواكبا لهذه التطورات وأن يك‪++‬ون التعليم في األم‪++‬ة ص‪++‬مام أم‪++‬ان يحمى أبن‪++‬اء ه‪++‬ذه‬
‫األمة من الفكر المغلوط واالتجاه نحو التشدد والتطرف‬

‫‪ -‬الثورات العلمية والتكنولوجية وتنامي الحاجة إلى التعليم المم‪+‬يز في الع‪+‬الم ك‪+‬ان دافع‪+‬ا مهم‪+‬ا‬
‫لإليمان بقناعة االتجاه نحو ترسيخ مفهوم العدالة في التعليم واالستمتاع به كحق أصيل ال يقب‪++‬ل‬
‫المساومة‪.‬‬

‫‪ )( 1‬على صالح جوهر‪ ،‬ميادة محمد الباسل‪( ،‬م)‪ :‬متطلبـات دعـم مجانيـة التعلـيم للعدالـة التعليميـة بـين المــصريين‪ ،‬المــؤتمر العلمي‬
‫التاســع "التعلــيم والعدالــة االجتماعيــة"‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة سوهاج‪ ،‬الموافق ‪ 25-26‬أبريل‪ ،2015 ،‬ص ‪.3‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬التوج‪+‬ه الع‪+‬المي نح‪+‬و إنش‪+‬اء ش‪+‬ركات إلدارة أص‪+‬ول المؤسس‪+‬ات التعليمي‪+‬ة‪ ،‬وم‪+‬ا ت‪+‬رتب على‬
‫وتهديد للمجانية في التعليم والتوغل شيئا فشيئا نحو قتل المجانية والقضاء عليها‬

‫‪ -‬التنافسية العالمية وسعى الدول الجاد نحو امتالك المعرفة كأساس للنهضة جعلها تؤمن بعدالة‬
‫التعليم و تومن كذلك بأن السعي إلى تحقيق العدال‪++‬ة ه‪++‬و من ص‪++‬ميم الحف‪++‬اظ على األمن الق‪++‬ومي‬
‫والهوية الثقافية‪.‬‬

‫‪ -‬زيادة االنفاق الع‪+‬المي على التعليم وتن‪+‬امي الف‪+‬وارق الرهيب‪+‬ة بين ال‪+‬دول الغني‪+‬ة والفق‪+‬يرة مم‪+‬ا‬
‫أبرز غياب العدالة‪.‬‬

‫‪ -‬زيادة الهوة في معايير العدالة التعليمي‪++‬ة بين ال‪++‬دول الفق‪+‬يرة وال‪++‬دول األك‪++‬ثر ث‪++‬راء فيم‪++‬ا يتعل‪++‬ق‬
‫بمؤشرات االستيعاب ومجانية التعليم وفرص العمل بعد التخرج وغير ذلك من مؤشرات جودة‬
‫(‪)1‬‬
‫التعليم ‪.‬‬

‫ب‪ -‬المبررات المحلية‬

‫ومن تلك المبررات ما يلي‬

‫تماشيًا مع رؤية مصر ‪ 2030‬فقد أعلنت الحكومة المصرية في العام ‪2015‬م عـن‬ ‫‪-1‬‬
‫استراتيجية التنمي‪++‬ة المس‪++‬تدامة (رؤي‪++‬ة مص‪++‬ر ‪ ،)2030‬واس‪++‬تهدفت فيه‪++‬ا الوص‪++‬ول في‬
‫الع‪++‬ام ‪2030‬م إلى تعليم ع‪++‬الي الج‪++‬ودة ومت‪++‬اح للجمي‪++‬ع (دون تمي‪++‬يز) في إط‪++‬ار نظ‪++‬ام‬
‫مؤسسي كف‪ ،‬وعادل‪ ،‬وبناء مجتمع يتميز بالمساواة في الحق‪+‬وق والـفـرص‪ .‬وب‪+‬أعلى‬
‫درجة من االندماج المجتمعي‪ ،‬والتوزيع الع‪+‬ادل في ض‪+‬وء مع‪+‬ايير الكف‪+‬اءة واإلنج‪+‬از‪،‬‬
‫ويحفز ف‪++‬رص الح‪++‬راك االجتم‪++‬اعي‪ .‬وتمث‪++‬ل االس‪++‬تراتيجية محط‪++‬ة أساس‪++‬ية في مس‪++‬يرة‬
‫التنمي‪++‬ة الش‪++‬املة في مص‪++‬ر ترب‪++‬ط الحاض‪++‬ر بالمس‪++‬تقبل وتس‪++‬تلهم إنج‪++‬ازات الحض‪++‬ارة‬
‫المصرية العريقة‪ ،‬لتبني مسيرة تنموية واضحة لوطن متقدم تسوده العدالة االقتصادية‬
‫(‪)2‬‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وتعيد إحياء الدور التاريخي لمصر في الريادة اإلقليمية‪.‬‬

‫‪)( 1‬علي صالح جوهر‪ ،‬ميادة فوزي الباسل‪ :‬متطلبات دعم مجانية التعليم للعدالة التعليمية بين المص‪++‬ريين‪ ،‬مرج‪++‬ع س‪++‬ابق‪ ،‬ص ص ‪-9‬‬
‫‪16‬‬

‫‪ )( 2‬سمير محمد محمد المعناوي وآخرون‪ :‬متطلبات تحقيق العدالة التعليمية بالتعليم الثانوي المصري‪ ،‬مرجع السابق ‪ ،‬ص ‪315‬‬

‫‪21‬‬
‫التأكيد الدس((توري علي تحقي((ق العدال((ة التعليمي((ة تن‪++‬اول الدس‪++‬تور المص‪++‬ري لع‪++‬ام (‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ )2014‬قض‪++‬ايا العدال‪++‬ة في التعليم‪ ،‬حيث يتف‪+‬ق م‪++‬ع الدس‪++‬اتير الدولي‪++‬ة في التأكي‪++‬د على‬
‫مبدأي المجانية واإللزام‪ ،‬وتوفيره وفق‪ً+‬ا لمع‪++‬ايير الج‪++‬ودة العالمي‪++‬ة‪ ،‬كم‪++‬ا تن‪++‬اول العدال‪++‬ة‬
‫والتمويل‪ .‬والمتتبع لحركة الدساتير في مصر منذ عام ‪1971‬م وم‪++‬ا تاله من دس‪++‬اتير‪،‬‬
‫يلحظ تأكيدها على مبادئ العدالة التعليمية من مجانية وإلزام وتكافؤ للفرص التعليمية‪،‬‬
‫وذلك لألهمية القصوى للتعليم في بناء مصر القوية‪ ،‬وتحقي‪++‬ق تق‪++‬دمها ونهض‪++‬تها‪ ،‬كم‪++‬ا‬
‫أعدت وزارة التربية والتعليم الخطة االستراتيجية للتعليم (‪ )2030-2014‬معنونة ب‬
‫"التعليم المشروع القومي لمصر"‪ ،‬وتمثل هدفها في االلتزام بحق كل طفل في فرصة‬
‫متكافئة لتلقي خدمة تعليمي‪++‬ة بمس‪++‬توى من الج‪++‬ودة يتناس‪++‬ب م‪++‬ع المع‪++‬ايير العالمي‪++‬ة‪ ،‬من‬
‫خالل إتاحة فرص لاللتحاق وإكمال التعليم لجمي‪++‬ع الس‪++‬كان في س‪++‬ن التعليم‪ ،‬وتحس‪++‬ين‬
‫(‪)1‬‬
‫الخدمة التعليمية‪.‬‬
‫ازدواجي((ة النظ((ام التعليمي ش‪++‬هد النظ‪++‬ام المص‪++‬ري التعليمي‪ -‬في ض‪++‬وء المتغ‪++‬يرات‬ ‫‪-3‬‬
‫المعاصرة‪ -‬وجـود منظومات تعليمية تتباين أنماطهـا وفلس‪++‬فتها ومناهجه‪++‬ا وتوجهاتهـا‬
‫وانتماءاتها‪ ،‬مما ينعكس سلبًا على مستويات‪ .‬الملتحقين والمتخرجين من مختل‪++‬ف ه‪++‬ذه‬
‫األنظمة‪ ،‬ولم يتوقف األمر عند هذا الحد من الثنائيات بينما هو حكومي وخاص‪ ،‬ديني‬
‫ومدني‪ ،‬عـام وفني‪ ،‬وطني وأجنبي‪ ،‬بل ضـم أنماط‪ً+‬ا وأنواع‪ً+‬ا مختلف‪++‬ة تتع‪++‬دد وتختل‪++‬ف‬
‫في ضوئها المناهج واألساليب‪ ،‬مما ي‪+‬ؤدي إلى االختالف‪+‬ات الشاس‪+‬عة بين الطبق‪+‬ات في‬
‫نوعي‪++‬ة التعليم ‪ .‬وتمث‪++‬ل الم‪++‬دارس األجنبي‪++‬ة أح‪++‬د أهم التح‪++‬ديات ال‪++‬تي تع‪++‬وق اإلص‪++‬الح‬
‫الثقافي‪ ،‬حيث إنها تساعد في خلق جيل ينتمي للقيم والمبادئ الغربية ومتشبع بثقافته‪++‬ا‪،‬‬
‫خاصة فيما يتعلق باستخدام اللغة العربي‪++‬ة ال‪++‬تي هي وع‪++‬اء الثقاف‪++‬ة‪ ،‬في حين أن ال‪++‬دول‬
‫األجنبية تحرم على طالبها دراس‪++‬ة أي لغ‪++‬ة أخ‪++‬رى غ‪++‬ير اللغ‪++‬ة األم ح‪++‬تى يتمكن‪++‬وا من‬
‫إجادته‪++‬ا و تب‪++‬دأ المش‪++‬كالت الخاصـة بتـدني الجـودة والقص‪++‬ور في تحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة‬
‫(‪)2‬‬
‫التعليميـة‪.‬‬

‫‪ )( 1‬الهيئة العامة لالستعالمات مجلس وزراء جمهوري‪++‬ة مص‪++‬ر العربي‪++‬ة‪ :‬الخط‪++‬ة االس‪++‬تراتيجية للتنمي‪++‬ة المس‪++‬تدامة ‪ ،2030‬مت‪++‬اح على‬
‫الرابط استراتيجية مصر للتنمية المستدامة (رؤية مصر ‪-)2030‬الهيئة العامة لإلستعالمات (‪ )sis.gov.eg‬بتاريخ ‪2023 /10/6‬‬

‫‪)( 2‬سمير محمد محمد المعناوي وآخرون‪ :‬متطلبات تحقيق العدالة التعليمية بالتعليم الثانوي المصري‪ ،‬مرجع السابق ‪ ،‬ص ‪315‬‬

‫‪22‬‬
‫ازدياد الطلب على المكمالت أو البدائل التعليمية والتي نازعت المؤسسات التعليمية‬ ‫‪-4‬‬
‫من م‪++‬دارس وجامع‪++‬ات حكومي‪++‬ة أدواره‪++‬ا ومن تل‪++‬ك المكمالت والب‪++‬دائل الم‪++‬دارس‬
‫الخاصة‪ ،‬والمساعدات من أولي‪+‬اء األم‪+‬ور ألبن‪+‬ائهم في الم‪+‬ذاكرة‪ ،‬وتك‪+‬وين مجموع‪+‬ات‬
‫التقوية‪ ،‬والدروس الخصوصية‪ ،‬وما تبذله األسر من إنفاق يفوق طاقات الكث‪++‬ير منه‪++‬ا‪،‬‬
‫لضمان النجاح والمجموع في ظل ت‪++‬دني ج‪++‬ودة التعليم المج‪++‬اني؛ ب‪++‬ل أص‪++‬بحت األس‪++‬ر‬
‫تتكلف نفقة التعليم مرتين‪ ،‬فيم‪++‬ا تنفق‪++‬ه على التعليم الرس‪++‬مي ومص‪++‬روفاته‪ ،‬وم‪++‬ا تدفع‪++‬ه‬
‫للدروس الخصوصية والتي تزداد بشكل كبير في المراحل التعليمية المتقدمة‪ ،‬مما يعد‬
‫دليًال واضحًا على ضعف تحقيق العدالة التعليمية بين الشرائح المختلفة‪،)1( .‬‬

‫وتمث‪+++‬ل الجامع‪+++‬ات الخاص‪+++‬ة اح‪+++‬دى ص‪+++‬ور الب‪+++‬دائل التعليمي‪+++‬ة في تعليم الج‪+++‬امعي األك‪+++‬ثر‬
‫وضوحًا ‪،‬والقت الجامعات الخاصة واألهلية في مصر في السنوات األخيرة أقباال كبيرًا‪،‬‬

‫فق‪++‬د تزاي‪++‬دت ع‪++‬داد خ‪++‬ريجي الجامع‪++‬ات الخاص‪++‬ة في مص‪++‬ر بص‪++‬ورة مض‪++‬طردة ليتط‪++‬ور من(‬
‫‪ )7619‬خريج في العام الدراسي ‪ 2009‬ليصل الى (‪ )30485‬في العام الدراس‪++‬ي ‪، 2020‬‬
‫بما يعني أن عدد خريجي التعليم الجامعي الخاص في مصر قد تضاعف بنسبة ‪ %400‬تقريب‪++‬ا‬
‫‪ ،‬وهذه نسبة تسترعي االنتباه والنظر في مسبباتها من ناحية وأثارها على العدالة التعليمي‪++‬ة من‬
‫ناحية أخرى‪.‬‬

‫فمن سلبيات خصخصة التعليم الج‪++‬امعي الترك‪++‬يز على ج‪++‬انب ال‪++‬ربح وإهم‪++‬ال الج‪++‬انب العلمي ‪،‬‬
‫وتدخل أصحاب رأس المال فى أمور اإلدارة األكاديمية مما يح‪++‬د من ص‪++‬الحيتها‪ ،‬و المس‪++‬اهمة‬
‫فى زيادة معدل البطالة بين الخريجين لكونها نسخة مكررة من الجامعات الحكومي‪++‬ة ‪ ،‬ومخالف‪++‬ة‬
‫بعض اإلج‪++‬راءات اإلداري‪++‬ة كنس‪++‬ب الحض‪++‬ور المق‪++‬ررة للطلب‪++‬ة ‪ ،‬والطاق‪++‬ة االس‪++‬تيعابية لبعض‬
‫الكليات واألقس‪++‬ام ‪ .‬ك‪++‬ذلك لم تل‪++‬بى الجامع‪++‬ات الخاص‪++‬ة بعض المتطلب‪++‬ات المجتمعي‪++‬ة منه‪++‬ا على‬
‫النحو المرجو مثل قبول نسبة من الطلبة الفقراء المتميزين ال‪++‬ذين لم يقبل‪++‬وا فى كلي‪++‬ات حكومي‪++‬ة‬
‫يرغبون الدراسة فيها نتيجة نقص مجموعهم عدة درجات عما حدده مكتب التنسيق ‪ ،‬التخطي‪++‬ط‬
‫عند قبول الطلب‪++‬ة بطريق‪++‬ة ت‪++‬راعى مش‪++‬اركة الخ‪++‬ريج فى س‪++‬وق العم‪++‬ل ‪ ،‬تحدي‪++‬د رس‪++‬وم دراس‪++‬ية‬
‫معتدلة مراعاة لظروف المجتمع المصري االقتصادية ‪‌.‬د‪ -‬القيام بمشاريع تسهم في ح‪++‬ل بعض‬

‫‪)( 1‬سمير محمد محمد المعناوي وآخرون‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪317‬‬

‫‪23‬‬
‫مش‪++‬كالت البيئ‪++‬ة ‪ .‬االرتب‪++‬اط بمراك‪++‬ز اإلنت‪++‬اج والخ‪++‬دمات في المجتم‪++‬ع ‪ ،‬توف‪++‬ير منح دراس‪++‬ية‬
‫(‪)1‬‬
‫ومعونات مالية للطلبة المتفوقين‬

‫تنامي معدالت البطالة‬ ‫‪-5‬‬

‫تمثل البطالة أكبر تحد يقف في وجه عمليات التنمية‪ ،‬بل إنها تشكل هدرا ماليًا واجتماعي‪++‬ا‬
‫وتربويا لسنوات من اإلنفاق والتعليم والجهد والمتابع‪++‬ة من جمي‪++‬ع األط‪++‬راف؛ ففي ال‪++‬وقت ال‪++‬ذي‬
‫ينتظر فيه المجتمع أن يجني حصاد تلك السنوات‪ ،‬إذا بها تضيع سدى‪ ،‬ويتعرض أصحابها إلى‬
‫قنبلة موقوتة في المجتمع‪ .‬وهذا يؤكد أن غياب العدال‪++‬ة التعليميـة وسـوء توزي‪++‬ع الطالب وقل‪++‬ة‬
‫االلتحاق بالتعليم المدعم لتوجهات المجتمع واحتياجاته من الق‪++‬وى العامل‪++‬ة المدرب‪++‬ة أس‪++‬هم ب‪++‬دور‬
‫كبير في تنامي معدالت البطالة؛ كيف يعقل أن يتخرج كل عام في مصر م‪++‬ا يق‪++‬رب من ملي‪++‬ون‬
‫ش‪++‬اب في ش‪++‬تى أن‪++‬واع التعليم‪ ،‬والمحص‪++‬لة النهائي‪++‬ة االنض‪++‬مام إلى الحص‪++‬يلة الرقمي‪++‬ة الس‪++‬نوية‬
‫للبطالة‪ ،‬إذا لم يكن التعليم مدعمًا سوق العم‪++‬ل ف‪++‬إن ذل‪++‬ك يع‪++‬د نوع‪ً+‬ا من أن‪++‬واع اله‪++‬در التعليمي‪،‬‬
‫الذي هو في النهاية مظهرًا من مظاهر غياب العدالة التعليمية التي تس‪+‬تدعي أن يك‪+‬ون اإلنس‪+‬ان‬
‫(‪. )2‬‬
‫متمتعًا بتعليمه بأن ينال به فرصة عمل تمكنه من إثبات ذاته في المجتمع‬

‫التوسع في التعليم األجنبي والخاص‬ ‫‪-6‬‬

‫إن اإلف‪++‬راط في التعليم الخ‪++‬اص والتوس‪++‬ع فـيـه يـؤدي ال محال‪++‬ة إلى اإلخالل بمب‪++‬دأ تك‪++‬افؤ‬
‫الف‪++‬رص بين الطالب‪ ,‬واإلخالل بمب‪++‬دأ ال‪++‬تزام الدول‪++‬ة بمجاني‪++‬ة التعليم‪ ،‬وزي‪++‬ادة الف‪++‬روق بين‬
‫الم‪++‬دارس الحكومي‪++‬ة والخاص‪++‬ة لص‪++‬الح الم‪++‬دارس الخاص‪++‬ة‪ ,‬ي‪++‬ؤثر س‪++‬لبًا على العملي‪++‬ة التعليمي‪++‬ة‬
‫برمتها‪ ،‬فالتعليم من الخ‪++‬دمات الس‪++‬يادية ال‪++‬تي الب‪++‬د من مش‪++‬اركة الدول‪++‬ة في تق‪++‬ديمها واإلش‪++‬راف‬
‫عليها‪ ,‬كما أن تدخل الدولة في التعليم ضروري لتحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة التعليمي‪++‬ة‪ ,‬فالص‪++‬لة بين الدول‪++‬ة‬
‫والتعليم اإللزامي ص‪++‬لة بديهي‪++‬ة ال يمكن نكرانه‪++‬ا وق‪++‬د أس‪++‬هم انتش‪++‬ار التعليم األجن‪++‬بي والخ‪++‬اص‬
‫تعزيز الطبقية والتمييز في المجتمع‪ ،‬بم‪++‬ا أن‪++‬ه يق‪++‬دم للـصـفـوة وصـورة مـن صـور الوجاه‪++‬ة‬
‫االجتماعية‪ ،‬ومقدم‪+‬ة للمهن والوظ‪+‬ائف ال‪+‬تي يتمت‪+‬ع به‪+‬ا األغني‪+‬اء‪ ،‬ب‪+‬ل أص‪++‬بح ذل‪+‬ك ح‪+‬ائال دون‬
‫الح‪++‬راك االجتم‪++‬اعي‪ ،‬ح‪++‬تى رس‪++‬خ ل‪++‬دى الفق‪++‬راء أن التعليم ال فائ‪++‬دة من ورائ‪++‬ه‪ ،‬ب‪++‬ل أن‪++‬ه يرس‪++‬خ‬

‫‪)( 1‬فكرى محمد الس‪++‬يد على المت‪++‬ولى ‪ :‬تق‪++‬ييم الجامع‪++‬ات الخاص‪++‬ة المص‪++‬رية فى ض‪++‬وء أه‪++‬دافها وبعض المتغ‪++‬يرات المجتمعي‪++‬ة‪ ،‬رس‪++‬الة‬
‫دكتوراه ‪ ،‬كلية التربية ‪ ،‬جامعة المنصورة ‪ ،2006 ،‬ص ‪300‬‬

‫‪ )( 2‬على صالح جوهر‪ ،‬ميادة محمد الباسل‪ :‬متطلبـات دعـم مجانيـة التعلـيم للعدالـة التعليميـة بـين المــصريين‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪3‬‬

‫‪24‬‬
‫للطيقية‪ ،‬مما أفقد قيمته لدى الكثيرين‪ ،‬وألجأ كثيرًا منهم لترك التعليم والبحث عن عمل يض‪++‬من‬
‫(‪)1‬‬
‫لهم الحياة الكريمة‪.‬‬

‫مواجهة مخاطر ومهددات السالم االجتماعي‬ ‫‪-7‬‬

‫تقتضي ضرورة المحافظة على السالم االجتم‪+‬اعي تغليـب دور الدول‪+‬ة في تحقي‪+‬ق العدال‪+‬ة‬
‫التعليمي‪++‬ة‪ ،‬في ظ‪++‬ل م‪++‬ا تش‪++‬هده المنطق‪++‬ة العربي‪++‬ة من تهدي‪++‬د وض‪++‬غوط دولي‪++‬ة‪ ،‬ألن ت‪++‬رك التعليم‬
‫وضعف الجدوى منه معناه انخراط الشباب في أعمال تخريب وتدمير وانضمام العاطلين الذين‬
‫يكونون فريسة الستقطابهم في األعمال المحرمة من تهريب وتعاطي وتجارة للمخدرات وغ‪++‬ير‬
‫(‪)2‬‬
‫ذلك من األعمال التي ال طاقة للمجتمع بمواجهتها‬

‫ضعف اإلنفاق على التعليم‬ ‫‪-8‬‬

‫إن ض‪++‬مان كفال‪++‬ة التعليم للجمي‪++‬ع بالمج‪++‬ان يس‪++‬تلزم المزي‪++‬د من اإلنف‪++‬اق لتوف‪++‬ير الحاج‪++‬ات‬
‫التعليمية‪ ،‬ويسبب اض‪++‬طرار كث‪++‬ير من األف‪++‬راد للمش‪++‬اركة في تحم‪++‬ل عبء اإلنف‪++‬اق على التعليم‬
‫برغم سوء الحالة االقتصادية ‪ ،‬تؤكد المبررات الس‪++‬ابقة على أن التعليم المص‪++‬ري يع‪++‬اني أزم‪++‬ة‬
‫حقيقية على مستوي غياب العدالة‪ ،‬تلك األزمة تس‪++‬تدعي التفك‪++‬ير بجدي‪++‬ة في بن‪++‬اء آليـة قـوميـة‬
‫عصرية جديدة ترسخ مفهـوم العدالة في التعليم‪ ،‬وإق‪++‬رار منظوم‪++‬ة اس‪++‬تراتيجية مس‪++‬تقبلية فاعل‪++‬ة‬
‫تدعم مفهوم العدالة في التعليم وتنقله من كالم ال قيمة له إلى واقع عملي ممنهج وممارس يمكن‬
‫تفعيله والقيام به؛ تل‪++‬ك أهم الم‪++‬بررات باإلض‪++‬افة إلى تن‪++‬امي االتج‪++‬اه نح‪++‬و الديمقراطي‪++‬ة وحق‪++‬وق‬
‫اإلنسان وتنامي دور المجتمع المدني في التعليم واتساع مفهوم المشاركة في اإلص‪++‬الح‪ ،‬وتع‪++‬دد‬
‫وسائل اإلنفاق عليه وتنامي الدراسات التي ترسخ مفهوم االستثمار في التعليم‪ ،‬ومن ثم كل ذلك‬
‫رسخ االتجاه العالمي نحو العدالة التعليمية واإليمان بها كمبدأ رئيسي لتحقيق التنمي‪++‬ة في جمي‪++‬ع‬
‫(‪)3‬‬
‫بلدان العالم‪.‬‬

‫اهم مستويات تحقيق العدالة التعليمية‬ ‫‪-4‬‬

‫‪)( 1‬عم‪++‬اد ص‪++‬يام‪ :‬سياس‪++‬ات القب‪++‬ول بين العدال‪++‬ة ومش‪++‬كالت التنمي‪++‬ة ‪ .‬م‪++‬ؤتمر التعميم الج‪++‬امعي فى مص‪++‬ر ‪:‬خريط‪++‬ة الواق‪++‬ع واستش‪++‬راق‬
‫المستقبل ‪ ،2019 ،‬العدد (‪ )17‬القاهرة ‪ ،‬ص ‪1696.‬‬

‫‪ )( 2‬أسماء احمد خلف ‪ :‬مجانية التعليم الجامعي وعالقتها بتكافؤ الفرص التعليمية فى ضوء التحديات الراهنة وأزم‪++‬ة التح‪++‬ول‪ ،‬المجل‪++‬ة‬
‫التربوية ‪ ،‬كلية التربية ‪ ،‬جامعة سوهاج ‪ ،‬العدد(‪ ،)59‬مارس ‪ ،2019 ،‬ص ‪260‬‬

‫‪ )( 3‬على صالح جوهر‪ ،‬ميادة محمد الباسل‪ :‬متطلبـات دعـم مجانيـة التعلـيم للعدالـة التعليميـة بـين المــصريين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪3‬‬

‫‪25‬‬
‫يقتض‪++‬ي المفه‪+‬وم الموض‪++‬وعي للعدال‪+‬ة التعليمي‪+‬ة أن يس‪+‬بقه ويص‪++‬احبه تك‪+‬افؤ أو تق‪+‬ارب في‬
‫الفرص االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ورفع مستوى معيشة األفراد وتحقيق أكبر قدر ممكن للعدال‪++‬ة‬
‫االجتماعية بين جميع الطبقات‪ ،‬فليس األمر متعلقًا بفتح المدارس بالمجان أمام الجميع؛ بل تب‪++‬دأ‬
‫العدالة بتضييق الف‪+‬وارق بين الطبق‪+‬ات وتوف‪+‬ير الرعاي‪+‬ة والتكافـل والض‪+‬مان االجتم‪+‬اعي لغ‪+‬ير‬
‫القادرين‪ ،‬بما يسمح بتحقيق استيعاب الجميع‪ .‬ومـن أهـم أبعـاد العدال‪++‬ة االجتماعيـة ضـرورة‬
‫االهتمام بالفئات األك‪++‬ثر احتياجـًا لـفـرص التعليم المج‪++‬اني‪ ،‬وإعطاءه‪++‬ا ق‪++‬درا من االهتم‪++‬ام من‬
‫خالل تقديم اإلعانات التي تسهم في تعليمها دون عقبات حتى تشارك في عمليات اإلنتاج ‪.‬‬

‫وتتحق‪++‬ق العدال‪++‬ة التعليمي‪++‬ة من خالل ع‪++‬دة مع‪++‬ايير تب‪++‬دأ من التهيئ‪++‬ة لاللتح‪++‬اق ب‪++‬التعليم ح‪++‬تى‬
‫التخرج وإيجاد فرص العم‪+‬ل المناس‪+‬بة لك‪+‬ل مؤه‪+‬ل دراس‪+‬ي‪ ،‬ويش‪+‬ير التقس‪+‬يم الت‪+‬الى لمس‪+‬تويات‬
‫تحقق العدالة‬

‫العدالة قبل االلتحاق بالمدرسة‬ ‫ا‪.‬‬

‫وقد تكون هذه القضية أخطر قض‪++‬ية في التعليم والتعلم على اإلطالق‪ ،‬ألنه‪++‬ا البداي‪++‬ة‪ ،‬وألن‬
‫كل ما سيحدث من تلك النقطة فصاعدا سيبنى عليها‪ ،‬وال عجب والحالة هك‪++‬ذا من وج‪++‬ود خل‪++‬ل‬
‫في العدالة و وجود مناخ عام يدعم الفروق االجتماعية وغياب العدالة ‪ ،‬أن تتف‪++‬اقم الف‪++‬روق بين‬
‫المتعلمين مع تقدمهم أكثر فأكثر في تعليمهم‪ .‬فالبد من توزيع الثروة االجتماعية توزيعا عادًال‪،‬‬
‫لتحس‪++‬ين مس‪++‬توى األس‪++‬ر المعيش‪++‬ي واالرتق‪++‬اء بهم مادي‪++‬ا واجتماعي‪++‬ا‪ ،‬وتوزي‪++‬ع خ‪++‬يرات البالد‬
‫وثرواتها على الجميع دون تمييز‬

‫العدالة في اإلتاحة و القبول ‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬

‫يقصد بعدالة القبول أن تساعد الدولة كل فرد تنطبق عليه معايير القبول أن يلتحـق بالتعليم‬
‫الحكومي العام بعيدا عن التحيز ألي عامل‪ ،‬وأن يستفيد المجتم‪++‬ع من الجمي‪++‬ع دون إقص‪++‬اء أو‬
‫تمييز‪ .‬من خالل العدالة في توزيع الخدمات التعليمية بين الفئات االجتماعية المختلفة‪ ،‬واألقاليم‬
‫الجغرافية‪ .‬فالتفاوت في مدخالت العملية التعليمية أو ظروف التعليم الداخلية مثل ‪:‬مدى حداث‪++‬ة‬
‫أو قدم المبنى المدرسي‪ ،‬مستوى التجه‪++‬يزات المدرس‪++‬ية‪ ،‬كثاف‪++‬ة الفص‪++‬ل‪ ،‬مس‪++‬توى إع‪++‬داد المعلم‬
‫وغيرها‪ ،‬لها أثر على التفاوت في اإلنجاز الدراسي وهو ما يجع‪++‬ل االقتص‪++‬ار على التك‪++‬افؤ في‬
‫القبول غير كاف لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ويعُّد مؤشر التمثيل النسبي للفئات االجتماعي‪++‬ة داخ‪++‬ل مراح‪++‬ل التعليم معي‪++‬اًر ا مهًم ا للحكم على‬
‫مدى تحقق مبدأ العدالة وتكافؤ الف‪+‬رص‪ .‬ويقص‪+‬د بالتمثي‪+‬ل النس‪+‬بي معرف‪+‬ة أع‪+‬داد المتعلمين من‬
‫أبناء فئة اجتماعية بعينها من مراحل التعليم‪ ،‬ومقارنة ذلك ب‪++‬الوزن النس‪++‬بي للفئ‪++‬ات المعني‪++‬ة في‬
‫الهرم السكاني‪ .‬ويكون التمثي‪++‬ل النس‪++‬بي ألبن‪++‬اء الفئ‪++‬ات االجتماعي‪++‬ة في التعليم دااًل على تحقي‪++‬ق‬
‫المساواة في الفرص التعليمية حينما يكون هذا التمثيل مساوًيا لتمثيل الفئات في الهرم الس‪++‬كاني‬
‫(‪)1‬‬

‫العدالة في المعاملة‬ ‫ج‪.‬‬

‫ويقص‪++‬د به‪++‬ا أن يعام‪++‬ل جمي‪++‬ع الطالب معامل‪++‬ة قائم‪++‬ة على الح‪++‬ق والع‪++‬دل ال على المكان‪++‬ة‬
‫االجتماعية‪ ،‬من حيث إتاحة فرص التعلم‪ ،‬وتوزيع النظر واالهتمام‪ ،‬والجلوس في مكان ب‪++‬ارز‬
‫ليراه جميع المتعلمين‪ ،‬ويشير أيضا إلى ض‪++‬رورة حص‪++‬ول ك‪++‬ل ف‪++‬رد على فرص‪++‬ة متكافئ‪++‬ة م‪++‬ع‬
‫غ‪++‬يره في االس‪++‬تفادة من العناص‪++‬ر التعليمي‪++‬ة ال‪++‬تي تق‪++‬دمها الدول‪++‬ة‪ ،‬وأن ت‪++‬وزع ه‪++‬ذه العناص‪++‬ر‬

‫بالتساوي بقدر اإلمكان دون تمييز‪ ،‬فالعدلة في المعامل‪++‬ة داخ‪++‬ل الص‪++‬ف الدراس‪++‬ي تع‪++‬ني أن يتم‬
‫التعامل مع جميع الطالب بالمساواة واإلنصاف‪ ،‬وأن يتم تقدير جميع الطالب بغض النظر عن‬
‫خلفياتهم أو مستوياتهم الدراس‪++‬ية‪ .‬وتش‪++‬مل ذل‪++‬ك تق‪++‬دير اآلراء واألفك‪++‬ار واإلس‪++‬هامات المختلف‪++‬ة‬
‫‪1‬‬
‫لجميع الطالب في الصف‬

‫العدالة في النتائج (التوظيف)‬ ‫د‪.‬‬

‫وتع‪++‬ني حص‪++‬ول ك‪++‬ل ف‪++‬رد علي فرص‪++‬ة متكافئ‪++‬ة م‪++‬ع غ‪++‬يره في ش‪++‬غل الوظيف‪++‬ة ال‪++‬تي تتف‪++‬ق م‪++‬ع‬
‫الشهادةالدراسية أو الدرجة العلمية الحاصل عليها وذلك ألن التمييز والتفرق‪++‬ة في ه‪++‬ذا الج‪++‬انب‬
‫يذهب بالكثير من اآلمال والطموحات التي تعد دافعًا أساسيا لإلقبال علي التعليم‪.‬‬

‫العدالة التعليمية بين الذكور واإلناث‬ ‫ه‪.‬‬

‫إن إتاحة الفرص المتساوية والمتكافئة للمرأة لاللتحاق بالتعليم شأنها في ذلك شأن الرجل تماما‬
‫يمثل ضرورة ملحة ألي مجتمع يسعى إلى التطور والتقدم‪ ،‬مع األخذ في االعتب‪++‬ار التوس‪++‬ع في‬

‫‪1‬‬
‫() عبد الفتاح إبراهيم ترك‪ :‬تكافؤ الفرص التعليمية‪ ،‬الديمقراطية والتعليم في مصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المكتبة األكاديمية ‪ ،‬ص ‪157‬‬

‫‪27‬‬
‫أنم‪++‬اط التعليم الج‪++‬امعي والج‪++‬امعي ال‪++‬تي تتناس‪++‬ب م‪++‬ع دوره‪++‬ا مث‪++‬ل مؤسس‪++‬ات القط‪++‬اع التعليمي‬
‫(‪)1‬‬
‫التدريسي والطبي ‪.‬‬

‫خامسًا العدالة في التعليم الجامعي‬


‫‪ -1‬مفهوم العدالة التعليمية في التعليم الجامعي‬

‫يقصد بها "منح أبناء المجتمع كافة الحق‪++‬وق التعليمي‪++‬ة بغض النظ‪++‬ر عن أوض‪++‬اعهم االجتماعي‪++‬ة‬
‫واالقتصادية وأن يكون المحك الوحيد في قبول المتعلمين وانتق‪++‬الهم بين أن‪++‬واع ومراح‪++‬ل التعليم‬
‫هو االستعدادات والقدرات العقلي‪+‬ة ش‪+‬ريطة تحدي‪+‬د ك‪+‬ل العوام‪+‬ل الم‪+‬ؤثرة في ه‪+‬ذه االس‪+‬تعدادات‬
‫(‪)2‬‬
‫والقدرات"‬

‫كما يمكن تعريف العدالة التعليمية بأنه‪++‬ا "ح‪++‬ق ك‪++‬ل ف‪++‬رد في التعليم المجتم‪++‬ع تتطب‪++‬ق علي‪++‬ه‬
‫الشروط المتفق عليها أن يلتحق بالتعليم ويستمر فيه بقدر ما تؤهله قدراته الشخص‪++‬ية ‪ ،‬ويتمت‪++‬ع‬
‫بخدمات‪++‬ه ‪ ،‬وأن يحص‪++‬ل علي الوظيف‪+‬ة ال‪++‬تي تتف‪+‬ق م‪++‬ع مس‪++‬تواه التعليمي ‪ ،‬بغض النظ‪++‬ر عن أي‬
‫عام‪++‬ل خ‪++‬ارجي يرتب‪++‬ط بالمس‪++‬توي االقتص‪++‬ادي واالجتم‪++‬اعي و الن‪++‬وع أوالجماع‪++‬ة أو المنطق‪++‬ة‬
‫الجغرافية التي ينتمي إليها ‪".‬‬
‫وأيض‪ً++‬ا يمكن تعري‪++‬ف العدال‪++‬ة التعليمي‪++‬ة بأنه‪++‬ا إتاح‪++‬ة الف‪++‬رص التعليمي‪++‬ة لمي‪++‬ول المتعلمين‬
‫واتجاهاتهم بحيث يصل كل فرد إلى أقصي ما توصله إليه ميوله وقدراته ‪ ،‬فه‪++‬و ت‪++‬وفر مراح‪++‬ل‬
‫تعليمية متعاقبة ذات مناهج تعليمية متنوعة وأهداف عديدة ومترابطة تقدم لجميع أفراد المجتمع‬
‫علي حد سواء ‪ ،‬وأن يكون التكافؤ لكافة أبناء الشعب بالتساوي والعدل وإعطائهم حرية اختي‪+‬ار‬
‫ن‪++‬وع التعليم ومس‪++‬تواه وف‪++‬ق إمكاني‪++‬اتهم وق‪++‬دراتهم الشخص‪++‬ية و ليس وف‪++‬ق طبق‪++‬اتهم االجتماعي‪++‬ة‬
‫(‪)3‬‬
‫وإمكانياتهم االقتصادية أو أصولهم الوراثية واتجاهاتهم السياسية أو جذورهم المعرفية‪.‬‬

‫المحور الثاني متطلبات تحقيق العدالة في التعليم الجامعي‬

‫‪)( 1‬سمير محمد محمد المعناوي وآخرون‪ :‬متطلبات تحقيق العدالة التعليمية بالتعليم الثانوي المصري‪ ،‬مرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪-316‬‬
‫‪317‬‬

‫‪ )( 2‬علياء عمر كامل إبراهيم فرج ‪ :‬التعددية في التعليم بالحلق‪++‬ة األولي من التعليم األساس‪++‬ي وأثره‪++‬ا علي تك‪++‬افؤ الف‪++‬رص التعليمي‪++‬ة في‬
‫مصر في الفترة ‪ ، ٢٠٠٥ – ١٩٨٥‬رسالة ماجستير غير منشورة ‪ ،‬معهد الدراسات التربوية ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ،٢٠٠٥ ،‬ص ‪15‬‬

‫‪)( 3‬إبراهيم ناصـر ‪ ،‬عبد هللا الرشدان ‪ :‬مـدي تحقيق ديمقراطية التعليم في مدارس المرحلة األساسية في األردن فـي العـام الدراس‪++‬ي‬
‫‪ ، ٩٤-٩٣‬مجلة كلية التربية ‪ ،‬جامعة المنصورة ‪ ،‬العدد ‪ ، ۲۸‬مجلد ‪ ،١٩٩٥ ، ۱‬ص ‪422‬‬

‫‪28‬‬
‫يتض‪++‬من تحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة في التعليم الج‪++‬امعي العدي‪++‬د من المتطلب‪++‬ات ‪ ،‬وفي س‪++‬بيل التع‪++‬رض‬
‫لمتطلبات تحقيق العدالة في التعليم الجامعي كان من الضروري التعرض لعدد من النق‪++‬اط وهي‬
‫مع‪++‬ايير ومؤش‪++‬رات تحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة في التعليم الج‪++‬امعي و مس‪++‬ببات غي‪++‬اب العدال‪++‬ة في التعليم‬
‫الجامعي و معوق‪++‬ات تحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة في التعليم الج‪++‬امعي و متطلب‪++‬ات تحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة في التعليم‬
‫الجامعي ‪ ،‬وهذا ما ستتناوله الباحثة في الصفحات التالية بشيء من التفصيل‬

‫أوًال أهم معايير ومؤشرات تحقيق العدالة في التعليم الجامعي‬

‫الحق في التعليم هو حق كل فرد ‪ ،‬س‪++‬واء ك‪++‬ان طفًال أم يافع‪ً+‬ا أم راش‪++‬دًا في الحص‪++‬ول على‬
‫تربية جيدة ‪ ،‬حيث تحترم كرامته ويتحقق نم‪++‬و شخص‪++‬يته علي أفض‪++‬ل وج‪++‬ه ؛ ح‪++‬تى يتمكن من‬
‫تحقي‪++‬ق ذات‪++‬ه ويص‪++‬بح عنص‪++‬را فع‪++‬ال في المجتم‪++‬ع ‪ ،‬وليس تحقي‪++‬ق ه‪++‬ذا الح‪++‬ق بالس‪++‬هولة ال‪++‬تي‬
‫نتص‪++‬ورها ؛ ب‪++‬ل إن‪++‬ه كث‪++‬ير التعقي‪++‬د ويف‪++‬ترض التزام‪ً++‬ا من المعن‪++‬يين باتخ‪++‬اذ جمي‪++‬ع الت‪++‬دابير‬
‫واإلجراءات الضرورية لتأمين تكافؤ الفرص لجميع األفراد فيم‪++‬ا يخص االلتح‪++‬اق بالمؤسس‪++‬ات‬
‫التربوية ‪ ،‬وتكافؤ الفرص في المعاملة ‪ ،‬والمتابعة ‪ ،‬والنج‪++‬اح ‪ ،‬أي توف‪++‬ير بيئ‪++‬ة تعليمي‪++‬ة س‪++‬ليمة‬
‫تحترم حقوق المتعلم ‪ ،‬وتوفيرجميع مستلزمات جودة التربية من مناهج تعليمية تراعي تطلعات‬
‫األفراد ‪ ،‬ومعلمين مؤهلين ‪ ،‬وخدمات تربوي‪++‬ة مس‪++‬اندة لت‪++‬أمين اس‪++‬تفادة جمي‪++‬ع المتعلمين ‪ ،‬مه‪++‬ام‬
‫ك‪++‬انت فروق‪++‬اتهم الفردي‪++‬ة ‪ ،‬من الف‪++‬رص التعليمي‪++‬ة المتاح‪++‬ة لهم ‪ .‬ول‪++‬ذلك يمكن لتحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة‬
‫التعليمية في التعليم الجامعي أن تتحقق عن طريق مجموعة من المعايير وهي كاآلتي ‪-‬‬

‫ا‪ -‬العدالة االجتماعية طبقا لمعيار الحاجة‬

‫يش‪++‬ير ه‪++‬ذا المعي‪++‬ار إلى توزي‪++‬ع الخ‪++‬دمات التعليمي‪++‬ة ومص‪++‬ادرها بحيث يتم طبق ‪ً+‬ا للحاج‪++‬ات‬
‫التعليمية لألفراد ‪ ،‬بمعني من يحتاج أكثر يحصل على أك‪+‬ثر ‪ ،‬وي‪+‬ري أص‪++‬حاب ه‪+‬ذا االتج‪+‬اه ‪،‬‬
‫أنه إذا كانت الفروق الفردية في الذكاء مهمة فإن قدرًا كبيرًا من هذه الفروق يحدث في مرحل‪++‬ة‬
‫ما قبل االلتحاق بالمدرسة ‪ ،‬وما تزال األسرة تؤدي دورًا مهمًا في هذه الف‪++‬روق ‪ ،‬ومن ثم فإن‪++‬ه‬
‫يجب أن يتبني المجتمع وسائل وبرامج تعليمية خاص‪++‬ة لكي تع‪++‬وض ض‪++‬عف كف‪+‬اءة البيئ‪++‬ة ال‪++‬تي‬
‫ينم‪++‬و فيه‪++‬ا ه‪++‬ؤالء الطالب ‪ ،‬وه‪++‬ذا يع‪++‬ني تق‪++‬ديم المس‪++‬اعدات والرعاي‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة والص‪++‬حية‬

‫‪29‬‬
‫والمادية لبعض الطالب ذوي المستوي االقتصادي المنخفض وذلك لتحييد العام‪++‬ل الم‪++‬ادي مم‪++‬ا‬
‫(‪)1‬‬
‫يجعل التسابق بين الطالب على أساس الجدارة المعتمدة على القدرات الذهنية فقط ‪.‬‬

‫ب‪ -‬العدالة التعليمية طبقًا لمعيار الجدارة‬

‫والجـدارة هنـا تعنـي " جميـع أنماط وأشكال األداء الفني للفرد والذي يمكن تحديده ويشمل‬
‫( الذكاء ‪-‬العمـل ‪ -‬الجهد ‪ -‬المهـارة ) " ‪ ،‬وتدعو فكـرة الـجـدارة والكفـاءة إلـي أن يعامـل كـل‬
‫فـرد فـي المجتمع أو المؤسسة التعليمية بالتساوي مع اآلخرين ‪ ،‬وذلك بتوف‪++‬ير نفس المس‪++‬تويات‬
‫الدراسية والكتب المقرؤه والتكلف‪+‬ة المتس‪+‬اوية لجمي‪+‬ع الطالب دون تفرقـه أو اعتب‪+‬ار للجنس أو‬
‫اللون ‪ ،‬وإذا تحقق ذلك النجـاح سيكون لمـن هـم أكثر قدرة وكفاءة ‪ ،‬وهذا يعني أن مـن يمثـل‬
‫المكانة االجتماعيـة العليـا هـم صفوة عقلية أو عمليـة ‪ ،‬وبهذا ترجـع الف‪+‬روق بين األف‪+‬راد فـي‬
‫مقـدار الـدخل ‪ ،‬وال‪++‬ثروة ‪ ،‬والقـوي ‪ ،‬إلي اختالف‪++‬ات بين األف‪++‬راد وفـي مقـدرتهم وإمكاني‪++‬اتهم‬
‫الشخصية ‪ ،‬وذلك ألن المجتمـع مـن حيـث المبـدأ يعطـي كـل فـرد فرصًا متساوية مع اآلخرين‬
‫ليصبح ذا نفـوذ أو نجاحـًا ‪ .‬ويالحـظ أن هـذا االتجـاه يتجاهـل العوام‪++‬ل البيئي‪++‬ة ‪ ،‬والظـروف‬
‫(‪)2‬‬
‫االقتصادية االجتماعية التي تؤثر علي فرصة الحصول على التعليم واالستمرار فيه ‪.‬‬

‫ج‪ -‬العدالة التعليمية طبقًا لمعيار القبول وااللتحاق‬

‫حيث يتمثل هذا المعيار في أن تساعد الحكومة كل فرد في المجتمع تنطبق عليه معايير‬
‫وشروط القبول ‪ ،‬في أن يلتحق بأي مرحلة أو نوع من التعليم الحكومي العام بغض النظ‪++‬ر عن‬
‫أي عامل خ‪++‬ارجي يرتب‪++‬ط بالمس‪++‬توي االقتص‪++‬ادي االجتم‪++‬اعي أو الن‪++‬وع أو المنطق‪++‬ة الجغرافي‪++‬ة‬
‫المقيم بها ‪ ،‬ويستمر العمل طبقًا لهذا المس‪++‬توي من المرحل‪++‬ة االبتدائي‪++‬ة وح‪++‬تى الجامع‪++‬ة ويعت‪++‬بر‬
‫أبسط مستويات تكافؤ الفرص التعليمية في تطبيقه (‪ .)3‬كما أن مؤسس‪++‬ات التعليم الج‪++‬امعي ج‪++‬زء‬
‫من نظام واحد يبدأ بالتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة ويتواصل مدي الحي‪++‬اة ‪ ،‬وطبق‪ً+‬ا لإلعالن‬
‫الع‪++‬المي لحق‪++‬وق اإلنس‪++‬ان ينبغي أن يس‪++‬تند القب‪++‬ول في التعليم الج‪++‬امعي وفق ‪ً+‬ا لمع‪++‬ايير الكف‪++‬اءة‬

‫‪)( 1‬سلیمان نسیم ‪ ،‬عوض توفيق وآخرون ‪ :‬تكافؤ الف‪++‬رص في السياس‪++‬ات التعليمي‪++‬ة في مص‪++‬ر‪ ،‬المرك‪++‬ز الق‪++‬ومي للبح‪++‬وث االجتماعي‪++‬ة‬
‫والجنائية القاهرة‪.۱۹۹۱ ،‬ص ‪95‬‬

‫‪ )( 2‬بثينة عبد الرؤوف رمضان ‪ :‬جماعات الضغط وتكافؤ الفرص التعليمية ‪ ،‬رسالة ماجستير ‪ ،‬معهد الدراسات والبح‪++‬وث التربوي‪++‬ة ‪،‬‬
‫جامعة القاهرة ‪ ،٢٠٠٥ ،‬ص ‪35‬‬

‫‪ )( 3‬علي السيد محمد الشخيبي ‪ :‬علم اجتماع التربية المعاصرة " تطوره – منهجيته – تكافؤ الفرص التعليمية " ‪ ،‬دار الفكر الع‪++‬ربي ‪،‬‬
‫القاهرة ‪ . ۲۰۰۲ ،‬ص ‪35‬‬

‫‪30‬‬
‫والمثابرة والمواظبة لدي من يريدون االلتحاق ‪ ،‬كمعايير موضوعية بعيدة عن التحيز ألي فئ‪++‬ة‬
‫(‪)1‬‬
‫أو طبقة في عملية القبول ‪.‬‬

‫وال شك أن أهم عنصر من عناصر الربط بين خط‪++‬ة التعليم وخط‪++‬ة التنمي‪++‬ة العام‪++‬ة في أي‬
‫مجتمع أن يكون القبول في التعليم الجامعي في ض‪+‬وء االحتياج‪+‬ات من الق‪+‬وي العامل‪+‬ة ‪ ،‬أي في‬
‫ضوء الحاجات الفعلية للسوق االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬فنجد أن سياس‪+‬ة القب‪+‬ول وااللتح‪+‬اق ق‪+‬د‬
‫اتجهت الي فتح أبواب التعليم الجامعي ألكبر عدد ممكن من الطالب ل‪++‬ذلك زادت أهمي‪++‬ة الرب‪++‬ط‬
‫بين الحاجة إلى العمالة وسياسة القبول في فروعة واختصاصاته المختلفة مرتكزة ومستندة إلى‬
‫الحاجة إلى العمالة وإال كانت النتيج‪++‬ة بطال‪++‬ة بين المتعلمين وعج‪++‬زًا عن تلبي‪++‬ة حاج‪++‬ات الس‪++‬وق‬
‫(‪)2‬‬
‫االقتصادية واالجتماعية من االختصاصات غير المطلوبة ‪.‬‬

‫وعلي الرغم من أن االلتحاق بمؤسسات التعليم الجامعي يشهد تزايدًا ‪ ،‬فإن قدرة الحكومات‬
‫علي مس‪++‬اندته تنخفض ب‪++‬اطراد وتتس‪++‬ع اله‪++‬وة ‪ ،‬وهي هائل‪++‬ة اآلن بين البل‪++‬دان النامي‪++‬ة والبل‪++‬دان‬
‫المتقدمة في مجال التعليم الجامعي ‪ ،‬كم‪++‬ا أن تموي‪++‬ل التعليم الج‪++‬امعي من الحكوم‪++‬ة يض‪++‬ع عبئ‪ً+‬ا‬
‫متزايدًا علي دافعي الضرائب خاصة في ضوء تزايد الطلب علي ه‪++‬ذا التعليم وارتف‪++‬اع تك‪++‬اليف‬
‫مكوناته ومن ثم تزايدت عملية نقل كلفة التعليم الج‪++‬امعي من علي كاه‪++‬ل الحكوم‪++‬ة إلى القط‪++‬اع‬
‫(‪)3‬‬
‫الخاص ‪.‬‬

‫إن عدم المساواة في فرص االلتحاق بين المحافظات المختلفة يبرز وجود اس‪++‬تثمارات هام‪++‬ة‬
‫أقل في التعليم الج‪++‬امعي في المن‪++‬اطق الريفي‪++‬ة ‪ ،‬يض‪++‬اف إلى ذل‪++‬ك أن تص‪++‬حيح ه‪++‬ذه االختالالت‬
‫يفرض عبئًا ماليًا إضافيًا علي الدولة وعلي مؤسسات التعليم الج‪++‬امعي (‪ .)4‬إن ع‪++‬دم التك‪++‬افؤ في‬
‫فرص االلتحاق بالتعليم الجامعي البد أن يرتبط بمعيار ما ‪ ،‬و المقصود ب‪++‬ه غالب ‪ً+‬ا ع‪++‬دم تناس‪++‬ب‬
‫تمثيل فئة معينة أو مجموعة معينة (بن‪+‬ات ‪ ،‬مع‪+‬اقين ‪ ،‬فق‪+‬راء ‪ ،‬كب‪+‬ار س‪+‬ن ‪...‬في مج‪+‬ال م‪+‬ا م‪+‬ع‬

‫‪ )( 1‬المجالس القومية المتخصصة ‪ :‬تقرير المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي والتكنولوجي ‪ ،‬القاهرة ‪ . ) ۲۰۰۲ – ۲۰۰۱ ( ،‬ص‬
‫‪129‬‬

‫‪ )( 2‬وائل وفيق رضوان ‪ :‬التعليم الجامعي الخاص في مصر " دراسة تقييميه " ‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة ‪ ،‬كلية التربي‪++‬ة ب‪++‬دمياط‬
‫جامعة المنصورة ‪ ،٢٠٠٦ ،‬ص ‪166‬‬

‫‪ )( 3‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪225‬‬

‫‪)( 4‬ياسمين فهيم ‪ ،‬نهـي سـامي ‪ :‬الكفايـة والتك‪++‬افؤ في تموي‪++‬ل التعليم الج‪++‬امعي في مص‪++‬ر ‪ ،‬مجلـة مس‪++‬تقبليات ‪ ،‬مجل‪++‬د ( ‪ ،)41‬ع‪++‬دد (‬
‫‪ ،) 157‬اليونسكو ‪ ،‬مارس ‪ ،۲۰۱۱‬ص ‪84‬‬

‫‪31‬‬
‫مقدار وجود تلك الفئة في المجتمع ‪ .‬بمعني أنه ليس من التكافؤ أن يؤدي عامل اجتم‪+‬اعي معين‬
‫إلي تقليل فرص التحاق فرد ما بالتعليم الج‪+‬امعي ‪ .‬إال أن ه‪+‬ذا المفه‪+‬وم ق‪+‬د ال يكفي للتعب‪+‬ير عن‬
‫دور التعليم الجامعي في التقليل من عدم التكافؤ والس‪+‬عي نح‪+‬و نش‪+‬ر العدال‪+‬ة االجتماعي‪+‬ة ‪ ،‬ومن‬
‫هن‪++‬ا فق‪++‬د ح‪++‬اولت الجه‪++‬ات المختلف‪++‬ة البحث عن مؤش‪++‬رات يمكن االعتم‪++‬اد عليه‪++‬ا في متابع‪++‬ة‬
‫السياسات الخاصة بتوسيع وتكافؤ فرص االلتحاق والقبول بالتعليم الجامعي وتقويمها ‪ ،‬وتتم‪++‬يز‬
‫(‪)1‬‬
‫هذه المؤشرات بالمواصفات اآلتية‬

‫تغطي األبعاد المختلفة لقضية تكافؤ القبول بالتعليم الجامعي ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تسمح بالمقارنة بين الدول المختلفة ‪ ،‬وبين الدول ونفسها عبر الزمن ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مقارنة الوضع الحالي لسياسات التعليم الجامعي باألوضاع السابقة وربطها بما يمكن أن تك‪++‬ون‬ ‫‪‬‬
‫علية األوضاع في المستقبل‬
‫مراعاة الخصائص النوعية لكل دولة عند المقارن‪+‬ة وتفس‪+‬ير اإلحص‪++‬اءات فكلم‪+‬ا اتس‪+‬مت ط‪+‬رق‬ ‫‪‬‬
‫االلتحاق والقبول بالعدالة كلما تمكن التعليم الجامعي من أداء وظيفته كآلية للح‪++‬راك االجتم‪++‬اعي‬
‫وإذا لم تتسم تلك الطرق بالعدالة ‪ ،‬فإن النظام سيفرز وي‪+‬دعم أش‪+‬كاًال مختلف‪+‬ة من التمي‪+‬يز وع‪+‬دم‬
‫(‪)2‬‬
‫المساواة ‪.‬‬
‫د‪ -‬العدالة طبقًا لمعيار ظروف التعليم الداخلية‬

‫حيث يشير هذا المعيار إلى حصول كل طالب علي فرصة متكافئة م‪++‬ع غ‪++‬يره في االس‪++‬تفادة‬
‫من المصادر والعناصر والخدمات التعليمية التي تقدمها الدولة ‪ ،‬وأن يتم توزيع ه‪++‬ذه المص‪++‬ادر‬
‫والخدمات بالتساوي أو حسب االحتياجات بقدر اإلمكان بين طالب المرحلة التعليمية الواحدة ‪،‬‬
‫ويتصف هذا المعيار بالصعوبة والتعقيد نظرًا لكثرة العناصر التعليمية المرتبطة به مما يتطلب‬
‫جهدًا كب‪+‬يرًا من الق‪+‬ائمين علي النظ‪+‬ام التعليمي باإلض‪+‬افة إلى ض‪+‬رورة الحيادي‪+‬ة والموض‪+‬وعية‬
‫والتخطيط الرشيد ‪.‬‬

‫إن ضغط الطلب االجتماعي علي التعليم الجامعي يؤدي إلي زي‪++‬ادة أع‪++‬داد الطالب زي‪++‬ادة‬
‫كبيرة مما كان عليه ‪ ،‬مما أدي إلي ظهور مشكالت عديدة ومتنوعة تقف أمام إعداد تلك الثروة‬

‫‪)( 1‬محمد عبد السالم راغب ‪ :‬التعليم الجامعي في مصـر هـل تـؤدي المجانيـة إلـى تك‪++‬افؤ الف‪++‬رص ‪ ،‬مف‪++‬اهيم تك‪++‬افؤ فـرص االلتح‪++‬اق‬
‫بالتعليم الجامعي في مصر والمتطلبات المعلوماتية للتعامل مع قضايا ضعف التكافؤ ‪ ،‬مجلس السكان الدولي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ‪41‬‬

‫‪2‬‬
‫‪()Mohammed Hougroum Aomar Ibourk: Access and equity in financing higher education, the case of‬‬
‫‪Morocco, Unesco Morocco, 2011‬‬

‫‪32‬‬
‫البشرية الهائلة وفقًا الحتياجات الماضي س‪++‬وق العم‪++‬ل (‪ ،)1‬وت‪++‬زداد ح‪++‬دة المش‪++‬كلة عن‪++‬دما تك‪++‬ون‬
‫الموارد المتاحة غير كافية لإلنفاق على هذه األعداد ‪ ،‬وتصبح المعامل والتجهيزات والمكتب‪++‬ات‬
‫غير الكافية ‪ ،‬وافتقار المعامل إلى التجهيزات الحديث‪++‬ة (‪ ،)2‬مم‪++‬ا ي‪++‬ؤثر س‪++‬لبًا علي كف‪++‬اءة العملي‪++‬ة‬
‫التعليمية وجودتها ‪ ،‬حيث أن القصور في جودة الخ‪++‬دمات التعليمي‪++‬ة ينعكس س‪++‬لبًا علي مس‪++‬توي‬
‫خريجي الجامعات فالعدالـة فـي ظـروف التعليم الداخليـة مـن أهـم عناصـر تحقيق العدالـة فـي‬
‫التعليم الج‪+++‬امعي ‪ ،‬حيث أن الكف‪+++‬اءة الداخلي‪+++‬ة للمنظوم‪+++‬ة التعليميـة الب‪+++‬د أن تتس‪+++‬م بالعدال‪+++‬ة‬
‫واإلنصـاف فـي توزيـع الفـرص التعليميـة داخـل المؤسسة التعليمية‬

‫ج‪ -‬العدالة طبقًا لمعيار الظروف االجتماعية واالقتصادية ‪.‬‬

‫حيث أن معيار الظروف االجتماعية واالقتصادية للطالب له تأثير فع‪++‬ال في عملي‪++‬ة تحقي‪++‬ق‬
‫العدالة وتكافؤ الفرص بين الطالب ‪ ،‬ف‪++‬الطالب ذوي الخلفي‪+‬ة االجتماعي‪+‬ة االقتص‪++‬ادية المرتفع‪+‬ة‬
‫يحصلون علي النسبة األكثر من تكافؤ الفرص في التعليم الجامعي ‪ ،‬فعامل الثروة والتعليم عند‬
‫الوالدين يس‪+‬اعد الط‪+‬الب علي إتم‪+‬ام مس‪+‬يرة التعليم الج‪+‬امعي وااللتح‪+‬اق ب‪+‬ه ‪ ،‬وه‪+‬ذا على عكس‬
‫الطالب الذي يمت‪++‬ع بالخلفي‪++‬ة االقتص‪++‬ادية االجتماعي‪++‬ة المنخفض‪++‬ة ‪ .‬ل‪++‬ذا الب‪++‬د عن‪++‬د توف‪++‬ير ف‪++‬رص‬
‫التحاق الطالب بالتعليم الجامعي مراع‪+‬اة الظ‪+‬روف االجتماعي‪+‬ة واالقتص‪++‬ادية للطالب ح‪+‬تى يتم‬
‫تحقيق العدالة التعليمية بين الطالب في مؤسسات التعليم الجامعي (‪.)3‬‬

‫د‪ -‬العدالة طبقًا لمعيار فرص العمل بعد التخرج‬

‫حيث يعتبر هذا المعيار همزة الوصل بين النظام التعليمي والبناء الوظيفي في المجتمع ويدل‬
‫علي نجاحه تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية‪ ،‬ويؤكد هذا المعيار على أن يحصل ك‪++‬ل خ‪++‬ريج‬
‫من التعليم الحك‪++‬ومي علي ف‪++‬رص غ‪++‬يره في الحص‪++‬ول علي العم‪++‬ل أو الوظيف‪++‬ة ال‪++‬تي تتف‪++‬ق م‪++‬ع‬
‫مؤهله وتخصص‪++‬ه الدراس‪++‬ي وخاص‪++‬ة إذا ك‪++‬انت الحكوم‪++‬ة مس‪++‬ئولة عن توظي‪++‬ف الخ‪++‬ريجين في‬

‫‪ )( 1‬أشرف فهيم عبده ‪ :‬الفاقد الكمي وعوامله في التعليم الجامعي المصري " دراسة ميدانية " ‪ ،‬رسالة ماجستير ‪ ،‬كلية التربية جامع‪++‬ة‬
‫المنوفية ‪ ،۲۰۰۰ ،‬ص ‪49‬‬

‫‪ )( 2‬محمود مصطفي الشال ‪ :‬تطوير التعليم الجامعي في ضوء المتغيرات المجتمعية " دراسة تحليلية "‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية التربي‪++‬ة‬
‫بدمنهور ‪ ،‬جامعة إسكندرية ‪ ، ١٩٩٤ ،‬ص ص ‪۸۳ ، ۸۲‬‬

‫‪)( 3‬دينا رشاد محمد حسن؛ محمد ماهر محمود الجمال؛ رشيدة السيد أحمد الطاهر‪" .‬تكافؤ الفرص التعليمية وانعكاسات مؤشراتها على‬
‫التعليم الجامعي المصري"‪ .‬مجلة دراسات تربوية واجتماعية ‪2022 ،10.1 ،28 ،‬‬

‫‪33‬‬
‫المؤسسات الحكومية ويتفق التطبيق السليم لهذا المعي‪+‬ار المب‪+‬دأ ال‪+‬ديمقراطي ( الرج‪+‬ل المناس‪+‬ب‬
‫(‪)1‬‬
‫في المكان المناسب ) حتى يستطيع الفرد أن يخدم ويفيد مجتمعه ‪.‬‬

‫ومما تجدر اإلشارة إليه أن االقتصار على التكافؤ في القبول غير كاف لتحقيق العدالة‬
‫في ف‪+++‬رص التعليم ولكن الب‪+++‬د من الظ‪+++‬روف الداخلي‪+++‬ة للتعليم كك‪+++‬ل والتك‪+++‬افؤ في الظ‪+++‬روف‬
‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬فتحقيق تكافؤ الفرص التعليمية ال يبدأ من داخل النظام التعليمي بق‪++‬در‬
‫ما يبدأ أوال من خالل توفير فرص وظ‪++‬روف اقتص‪++‬ادية واجتماعي‪++‬ة (‪ .)2‬فض‪++‬ال عن تمدي‪++‬د ه‪++‬ذه‬
‫العداله لما بعد التخرج بربطها بسوق العمل بإتاحة االلتحاق بالتخصصات ذات القيم‪++‬ة الس‪++‬وقية‬
‫العالية وتتيح فرص عمل اكبر أمام الجميع وفق قدراتهم‬

‫ثانيًا مسببات غياب العدالة في التعليم الجامعي‬

‫يمكن تلخيص مسببات غياب العدالة في التعليم الجامعي فيما يلي‬

‫‪ -1‬تنامي معدالت الفقر في المجتمع المصري‬

‫وتشير اإلحصائيات الدولية تنامي معدالت الفقر مما كان له أثر سلبا على فرص‬
‫االلتحاق بالتعليم الجامعي وبالتالي اتساع الفوارق الطبقية بين األغني‪++‬اء والفق‪++‬راء‪ ،‬فب‪++‬الرغم من‬
‫تعاقب الثورات الشعبية وما يتبعها من جهود مجتمعية وحكومية لتحقيق العدالة االجتماعي‪++‬ة في‬
‫جميع قطاعات الدولة عامة وفي التعليم خاصة‪ ،‬إال أن هناك عديدا من مؤشرات اختالل ميزان‬
‫العدالة االجتماعية في مصر؛ والتي كانت نتاجـا تـدريجيا لتطبيق سياس‪++‬ة التحري‪++‬ر االقتص‪++‬ادي‬
‫الرأسمالي منذ بداية سبعينيات القرن العش‪++‬رين ‪ ،‬تل‪++‬ك السياس‪++‬ات ال‪++‬تي أدت إلى تزاي‪++‬د مع‪++‬دالت‬
‫النمو بشكل ملحوظ خالل العشر سنوات األولـى من القرن الحادي والعش‪+‬رين إال أن‪+‬ه ص‪+‬احبها‬
‫(‪)3‬‬
‫عدة تأثيرات سلبية على العدالة االجتماعية عامة والتعليم بشكل خاص‪.‬‬

‫سوء توزيع مخصصات اإلنفاق الحكومي على التعليم‬ ‫‪-2‬‬

‫‪ )( 1‬علي السيد محمد الشخيبي ‪ :‬علم اجتماع التربية المعاصرة " تطوره – منهجيته – تكافؤ الف‪++‬رص التعليمي‪++‬ة "‪ ،‬مرج‪++‬ع س‪++‬ابق‪ .‬ص‬
‫‪246‬‬

‫‪ )( 2‬جمال علي الدهشان ‪ :‬تكافؤ الفرص التعليمية " المفهوم ومظاهر التطبيق في عصور االزدهار اإلسالمي " ‪ ،‬مجلة البحوث النفسية‬
‫والتربوية ‪ ،‬كلية التربية بشبين الكوم ‪ ،‬جامعة المنوفية ‪ ،‬العدد (‪ ،۱۹۹۳ ، )۳‬ص ‪33‬‬

‫‪)( 3‬ابتسام الجعفراوي‪ :‬االستثمار االجتماعي وتحقيق العدالة االجتماعي‪++‬ة‪ .‬مجل‪++‬ة اإلدارة‪ ،‬اتح‪++‬اد جمعي‪++‬ات التنمي‪++‬ة اإلداري‪++‬ة‪ ،‬الع‪++‬دد ( ‪)2‬‬
‫أكتوبر ‪ ،2011 ،‬ص ‪. 30‬‬

‫‪34‬‬
‫إن آلية االتفاق على التعليم في مصر يشوبها سوء توزيع للموارد ومن ثم ترتب على هذا ت‪++‬أثر‬
‫العدالة وحرمان كثير من الفئات من حقوقها التعليمي‪++‬ة المش‪++‬روعة وال‪++‬تي يلعب العام‪++‬ل الم‪++‬ادي‬
‫(‪)1‬‬
‫سبا رئيسا فيها‪.‬‬

‫الخلل في معدالت االستيعاب بالتعليم المصري‬ ‫‪-3‬‬


‫ففي دراسة للبنك ال‪+‬دولي ع‪+‬ام ‪ ٢٠٠٢‬أك‪+‬دت أن الطالب ال‪+‬ذين ينتم‪+‬ون لألس‪+‬ر الفق‪+‬يرة بمثل‪+‬ون‬
‫حوالي ( ‪ ) %25‬من طالب التعليم االبتدائي في مص‪++‬ر‪ ،‬في حين يش‪++‬كلون ح‪++‬والي ‪ %14‬من‬
‫طالب التعليم الث‪++‬انوي‪ ،‬في مص‪++‬ر‪ ،‬ونح‪++‬و (‪ ) %4‬فق‪++‬ط من طالب التعليم الج‪++‬امعي ‪ ،‬وتل‪++‬ك‬
‫مؤشرات رقمية خطيرة جدا توضح لنا الخلل الرهيب في معدالت االستيعاب وذلك كل‪++‬ه راج‪++‬ع‬
‫لغياب العدالة والحرمان من فرص االلتحاق بالتعليم وه‪++‬ذا يس‪++‬تدعي من‪++‬ا اإلس‪++‬راع ب‪++‬التفكير في‬
‫سبل عصرية لمواجهة هذا األمر المفزع والمؤلم في آن واحد ‪.‬‬
‫كما قدرت الدراس‪+‬ة أن الش‪+‬باب في الفئ‪+‬ة العمري‪+‬ة من ‪٢٩ -۲۰‬س‪+‬نة ال‪+‬ذين ينتم‪+‬ون للطبق‪+‬ات‬
‫االجتماعية العليا يكون احتمال التح‪+‬اقهم ب‪+‬التعليم الج‪+‬امعي ح‪+‬والي ( ‪ )%98.5‬في حين تص‪+‬ل‬
‫هذه النسبة فقط إلى نح‪++‬و( ‪ ) %5.5‬فق‪++‬ط بالنس‪++‬بة للش‪++‬باب ال‪++‬ذين ينتم‪++‬ون للطبق‪++‬ات االجتماعي‪++‬ة‬
‫األدنى‬
‫إن المتأمل للواقع السابق يدرك أن فجوة العدالة الرقمية في تزاي‪+‬د يه‪+‬دد اس‪+‬تقرار التعليم في‬
‫مصر فاالفتراض الرقمي الذي يقول إن هناك فوجا في التعليم االبتدائي تصل نسبة االس‪++‬تيعاب‬
‫فيه إلى( ‪ ) %85‬بنسبة هدر مقداره ( ‪ ) %15‬تصل ه‪+‬ذه النس‪+‬بة إلى( ‪ ) %٢٠‬هـدرا بنهاي‪+‬ة‬
‫التعليم االبت‪++‬دائي وت‪++‬رداد ه‪++‬ذه النس‪++‬بة إلى( ‪ ) %٢٥‬بنهاي‪++‬ة التعليم اإلع‪++‬دادي نس‪++‬بة من يلتح‪++‬ق‬
‫بالجامع‪++‬ة من إجم‪++‬الي ه‪++‬ذا الف‪++‬وج ح‪++‬والي( ‪ ) %۲۰‬فق‪++‬ط من( ‪ ) %85‬وال‪++‬تي ك‪++‬انت النس‪++‬بة‬
‫األجمالية‪ ،‬هذا االفتراض الرقمي يتطابق مع المؤشرات التي سبق ذكرها وهذا يؤكد لن‪++‬ا مع‪++‬دل‬
‫االستيعاب في الث‪+‬انوي والج‪+‬امعي بمص‪++‬ر محف‪+‬وف بأزم‪+‬ة غي‪+‬اب أو ض‪++‬عف العدال‪+‬ة اال يح‪+‬رم‬
‫الفقراء من فرص العدالة إذ يحرم الفقراء من فرص تعليمية كثيرة ويستحوذ األغني‪++‬اء ب‪++‬أموالهم‬
‫(‪)2‬‬
‫على فرص تعليمية أكبر‬
‫غياب العدالة في التعليم قبل الجامعي‬ ‫‪-4‬‬

‫‪)( 1‬على صالح جوهر‪ ،‬ميادة محمد الباسل‪ :‬متطلبـات دعـم مجانيـة التعلـيم للعدالـة التعليميـة بـين المــصريين‪ ،‬مرجع س‪++‬ابق‪ ،‬ص ص‬
‫‪16 -12‬‬

‫‪)( 2‬المرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪16 -12‬‬

‫‪35‬‬
‫إن غياب العدالة في فرص التعليم الجامعي في مصر تس‪++‬تمد ج‪++‬ذورها من ع‪++‬دم العدال‪++‬ة في‬
‫فرص التعليم قبل الجامعي أو الثانوي تحديدًا فالمقيدون في مرحل‪+‬ة التعليم الث‪+‬انوي الع‪+‬ام ال‪+‬ذين‬
‫يخوضون في نهاية المرحلة اختبارات الثانوي‪++‬ة العام‪++‬ة المؤهل‪++‬ة لاللتح‪++‬اق ب‪++‬التعليم الج‪++‬امعي ال‬
‫يشكلون سوى حوالي ثلث المقيدين في مرحلة التعليم الثانوي (العام األزهري‪ ،‬الف‪++‬ني) في حين‬
‫يشكل المقي‪+‬دون في التعليم الف‪+‬ني ح‪+‬والي( ‪ )%55‬من جمل‪+‬ة المقي‪+‬دون وه‪+‬ؤالء ال تج‪+‬د ل‪+‬ديهم‬
‫فرص تقريبًا في اس‪++‬تكمال تعليمهم الج‪++‬امعي ‪ ،‬ونح‪++‬و(‪ )%٩٤‬ممن يس‪++‬تكملون تعليمهم الث‪++‬انوي‬
‫الع‪++‬ام يلتحق‪++‬ون بمؤسس‪++‬ات التعليم الج‪++‬امعي(‪ )%76‬في الجامع‪++‬ات( ‪ )%۱۸‬في المعاه‪++‬د ف‪++‬وق‬
‫المتوسطة والعليا فإن( ‪ ) %9‬فقط ممن يستكملون تعليمهم الثانوي الف‪++‬ني يس‪++‬تطيعون االلتح‪++‬اق‬
‫بأحد مؤسسات التعليم الج‪++‬امعي ‪ ،‬وم‪++‬رة أخ‪++‬رى ف‪++‬إن مث‪++‬ل ه‪++‬ذا الن‪++‬وع من االس‪++‬تبعاد يحم‪++‬ل في‬
‫طياته تحيزا واضحًا الفقراء الذين يمثلون الغالبية العظمى من المقيدون بالتعليم الف‪++‬ني ونس‪++‬بة (‬
‫‪ )%97‬من األف‪++‬راد ال‪++‬ذين ينتم‪++‬ون للطبق‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة ال‪++‬دنيا يلتحق‪++‬ون به‪++‬ذا الن‪++‬وع من التعليم‬
‫الثانوي كما اتضح أيضا أن فرص التحاق الشباب ال‪++‬ذين ينتم‪++‬ون لألس‪++‬ر األعلى دخال أو ث‪++‬روة‬
‫بالتعليم الثانوي العام ليس الفني أعلى بحوالي ‪ ٢٠٦‬مرة من أقرانهم ممن ينتمون لألس‪++‬ر األق‪++‬ل‬
‫(‪)1‬‬
‫ثروة‪.‬‬

‫االنعكاسات المحلية لألزمة االقتصادية المعاصرة‬ ‫‪-5‬‬


‫إن مرور العالم بأزمة اقتصادية عالمية أقر بالس‪++‬لب على مص‪++‬ر‪ ،‬وعلى األوض‪++‬اع االقتص‪++‬ادية‬
‫بها مما جعل كثير من الطالب في المجتمعات الفق‪++‬يرة ي‪++‬تركون التعليم بحث‪ً+‬ا عن ف‪++‬رص العم‪++‬ل‬
‫التي تضمن ألسرهم البقاء وأصبحوا هم المس‪++‬ئولون عن إعال‪++‬ة ه‪++‬ذه األس‪++‬ر وتحم‪++‬ل مس‪++‬ئوليتها‬
‫(‪)2‬‬
‫مبكرًا ‪ ،‬أال يعد ذلك نوعًا من أنواع غياب العدالة‪.‬‬

‫‪ -6‬تعميم التعليم المميز بالمصروفات في كل كليات الجامعات المصرية الحكومية‬

‫فمن المالحظ انتشار اقسام ذات طبيعة ماليه خاصة – مرتفعة عن غيرها – برغم تبعيته‪++‬ا‬
‫للجامعات الحكومية كما هو الحال في كليات االقتصاد والعلوم السياس‪++‬ية والتج‪++‬ارة والحق‪++‬وق‪،‬‬

‫‪)( 1‬الجهاز المركزي للتعبئة واالحصاء ‪ :‬النشرة السنوية للتعليم قبل الجامعي عام ‪ - 2020/2021‬الجهاز المركزى للتعبئة العامة واإلحصاء‪،‬‬
‫متاح على الرابط ?‪https://www.capmas.gov.eg/Pages/StatisticsOracle.aspx‬‬
‫‪ Oracle_id=2110&page_id=5104&YearID=23420‬بتاريخ ‪1/1/2023‬‬

‫‪)( 2‬على صالح جوهر‪ ،‬ميادة محمد الباسل‪ :‬متطلبـات دعـم مجانيـة التعلـيم للعدالـة التعليميـة بـين المــصريين‪ ،‬مرجع س‪++‬ابق‪ ،‬ص ص‬
‫‪16 -12‬‬

‫‪36‬‬
‫وما لو من تأثيرات س‪++‬لبية ح‪++‬تى على الط‪++‬الب المتف‪+‬وق‪ ،‬إذ س‪++‬وف يج‪++‬د نفس‪++‬ه في النهاي‪++‬ة يتعلم‬
‫تعليمًا من الدرجة الثانية في نفس الكلية مع قرينه الذي قد يكون حصل على مجموع أق‪++‬ل من‪++‬ه‬
‫لكنه تخرج في مدرسة لغات وقادر على دف‪++‬ع المص‪++‬روفات‪ .‬فض‪ً+‬ال عن التمي‪++‬يز في مس‪++‬تويات‬
‫التأهيل التي يحصل عليها الخريجون في الكلية الواح‪++‬دة‪ ،‬نتيج‪++‬ة لتن‪++‬وع لغ‪++‬ة الت‪++‬دريس به‪++‬ا بين‬
‫(‪)1‬‬
‫أقسام مجانية تدرس باللغة العربية‪ ،‬وأقسام غير مجانية للدراسات باللغات األجنبية‬

‫انتشار التعليم الخاص ورغبة األغنياء في التشبه بالدول األجنبية‬ ‫‪-7‬‬


‫وتعد نشأة الجامعات الخاصة وال‪++‬تي طالم‪++‬ا عارض‪++‬ها الكث‪++‬يرون لكونه‪++‬ا تخ‪++‬ل بمب‪++‬دأ تك‪++‬افؤ‬
‫الفرص وتوفر للقادرين نوعية متميزة من التعليم ال يحصل عليه غير القادرين‪ ،‬إال أنها أنشئت‬
‫مع نمو جماعات مصالح ترغب في أن تتاح لها فرصة لالس‪++‬تثمار في مج‪++‬ال التعليم الج‪++‬امعي‪،‬‬
‫وهي الجماعات التي أصبحت تروج لفكرة الجامع‪++‬ات الخاص‪++‬ة كأح‪++‬د أش‪++‬كال الض‪++‬غط‪ ،‬وال‪++‬ذي‬
‫توافق مع رغبة شرائح اجتماعية أخرى ترغب في توف‪++‬ير التعليم الج‪++‬امعي البنائه‪++‬ا ‪ ،‬بص‪++‬رف‬
‫النظر عن قدراتهم الذهنية‪ .‬كذلك نشأة الجامع‪++‬ات األجنبي‪++‬ة و م‪++‬ا ي‪++‬ترتب عليه‪++‬ا من التمي‪++‬يز في‬
‫(‪)2‬‬
‫مستويات التأهيل التي يحصل عليها الخريجون وما تتيحه لهم من فرص‪.‬‬
‫وقدرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة واالحصاء عدد خريجي الجامعات الخاصة بما يق‪++‬ارب‬
‫ال( ‪ )33‬الف خريج ‪ ،‬إن انتشار التعليم الخاص على النحو الذي ن‪++‬راه في مص‪++‬ر حالي‪++‬ا أش‪++‬عل‬
‫الطبقية بالمجتمع المصري إذ أصبح التعليم هنا مقدما للصفوة‪ .‬رغبة في التشبه بالدول األجنبية‬
‫وأصبح االلتح‪+‬اق بالم‪+‬دارس الخاص‪++‬ة صـورة مـن صـور الوجاه‪+‬ة االجتماعي‪+‬ة في المجتم‪+‬ع‬
‫المصري والتي ب‪++‬دورها رس‪++‬خت مف‪++‬اهيم اإلحس‪++‬اس ب‪++‬القهر ل‪++‬دى بعض الطالب الفق‪++‬راء ال‪++‬ذين‬
‫(‪)3‬‬
‫يرون أنهم في مجتمع يكاد يكون متجها نحو نوع جديد من أنواع العنصرية في التعليم‪.‬‬
‫االنعكاسات المحلية لتنامي اإلنفاق العائلي على التعليم‬ ‫‪-8‬‬
‫إن عدم أداء الدول‪+‬ة لمهامه‪+‬ا في تموي‪+‬ل التعليم ال‪+‬ذي ه‪+‬و في األص‪+‬ل مج‪+‬اني وتن‪+‬امي مع‪+‬دالت‬
‫اإلنفاق العائلي على التعليم لهو صورة من صور غياب العدالة القائمة تلك الصورة التي ت‪++‬برز‬

‫‪)( 1‬أسماء خلف حسن ‪ :‬مجانية التعليم الجامعي وعالقتها بتكافؤ الفرص التعليمية فى ضوء التحديات الراهن‪++‬ة وأزم‪++‬ة التح‪++‬ول‪ ،‬المجل‪++‬ة‬
‫التربوية العدد(‪ /)59‬مارس ‪ ،2019 ،‬ص ص ‪466 -464‬‬

‫‪)( 2‬أسماء خلف حسن ‪ :‬مجانية التعليم الجامعي وعالقتها بتكافؤ الفرص التعليمية فى ضوء التحديات الراهن‪++‬ة وأزم‪++‬ة التح‪++‬ول‪ ،‬المجل‪++‬ة‬
‫التربوية العدد(‪ /)59‬مارس ‪ ،2019 ،‬ص ص ‪466 -464‬‬

‫‪)( 3‬الجه‪+‬از المرك‪+‬زي للتعبئ‪+‬ة واالحص‪+‬اء‪ :‬اع‪+‬داد خ‪+‬ريجي الجامع‪+‬ات الخاص‪+‬ة في مص‪+‬ر ح‪+‬تى ‪ ، 2020‬مت‪+‬اح على الراب‪+‬ط الجه‪+‬از‬
‫المركزي للتعبئة العامة واإلحصاء (‪ )capmas.gov.eg‬بتاريخ ‪2022 /12 /15‬‬

‫‪37‬‬
‫تخلي الدول‪++‬ة عن مس‪++‬ئوليتها المالي‪++‬ة تج‪++‬اه التعليم وت‪++‬رك اولي‪++‬اء األم‪++‬ور فريس‪++‬ة س‪++‬هلة في ظ‪++‬ل‬
‫معدالت متنامية من الفقر (‪..)1‬‬

‫‪ -9‬تنامي الدعوة إلى تخفيض عدد الملتحقين بالجامعات‬

‫تلك الدعوة التي تتنافى مع اعتبارات العدالة كما تتنافى مع اعتب‪++‬ارات الكف‪++‬اءة‪ ،‬وال‪++‬تي ج‪++‬اءت‬
‫تماشيًا مع رأي البنك الدولي بالتركيز على التعليم األساسي كون‪++‬ه األس‪++‬اس في عملي‪++‬ة التنمي‪++‬ة‪،‬‬
‫والتقليل من األهمية النسبية لدور التعليم الجامعي في الدول النامية ومن بينيا مصر‪.‬‬

‫‪ -10‬اتساع ظاهرة الدروس الخصوصية‬

‫تحت ض‪++‬غط الحاج‪++‬ة الملح‪++‬ة إلى التف‪++‬وق‪ -‬كم‪++‬ا نعتق‪++‬د‪ -‬وقص‪++‬ور النظ‪++‬ام التعليمي عن القي‪++‬ام‬
‫بواجباته ليعمل بها مدرسون وأساتذة جامعيون‪ ،‬رغم أن القانون يحظر عليهم ذلك من الناحي‪++‬ة‬
‫النظري‪++‬ة األم‪+‬ر ال‪++‬ذي أض‪++‬عف تمام‪ً+‬ا من ق‪++‬وة ال‪++‬دفع الرامي‪++‬ة إلى تحقي‪++‬ق المس‪++‬اواة من‪++‬ذ الحقب‪++‬ة‬
‫الناصرية – من ‪ 1952‬وحتى ‪ -1970‬وحتى اآلن‪ .‬وما تعني‪++‬ه ه‪++‬ذه الظ‪++‬اهرة من أن النظ‪++‬ام‬
‫التعليمي في مصر يتم خصخصته بشكل غير مباش‪++‬ر ليتع‪++‬اظم اإلنف‪++‬اق الع‪++‬ائلي‪ /‬األس‪++‬ري على‬
‫(‪)2‬‬
‫التعليم رغم ضمان مجانتيه بنص الدستور‬

‫وهناك عددًا أخر من مسببات عدم تحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة في التعليم الج‪++‬امعي ترك‪++‬زت ه‪++‬ذه المس‪++‬ببات في‬
‫الشق االقتصادي و منها‬

‫سوء توزيع الدخل األسري‬ ‫‪-1‬‬


‫عجز وسوء توزيع مخصصات اإلنفاق الحكومي على التعليم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫عدم كفاءة أداء منظومة التعليم‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الفقر وزيادة اإلنفاق العائلي على التعليم‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أسباب عدم التكافؤ في االلتحاق بالتعليم الجامعي حسب المناطق الجغرافية‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫(‪)3‬‬
‫سباب عدم التكافؤ في االلتحاق بالتعليم الجامعي حسب النوع‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫‪)( 1‬على صالح جوهر‪ ،‬ميادة محمد الباسل‪ :‬متطلبـات دعـم مجانيـة التعلـيم للعدالـة التعليميـة بـين المــصريين‪ ،‬مرج‪+‬ع س‪+‬ابق‪ ،‬ص ص‬
‫‪16 -12‬‬

‫‪)( 2‬أسماء خلف حسن ‪ :‬مجانية التعليم الجامعي وعالقتها بتكافؤ الفرص التعليمية فى ضوء التحديات الراهن‪++‬ة وأزم‪++‬ة التح‪++‬ول‪ ،‬المجل‪++‬ة‬
‫التربوية العدد(‪ /)59‬مارس ‪ ،2019 ،‬ص ص ‪466 -464‬‬

‫‪38‬‬
‫ثالثًا معوقات تحقيق العدالة في التعليم الجامعي‬

‫تواجه العدالة التعليمية معوق‪++‬ات كث‪++‬يرة تح‪++‬ول دون تحقيقه‪++‬ا‪ ،‬وتختل‪++‬ف درجـة هـذه المعوق‪++‬ات‬
‫والتحديات من مجتمع آلخر‪ ،‬ففي الدول الفقيرة تواجه العدالة معوقات اقتصادية لتموي‪++‬ل التعليم‬
‫وسـد حاجـات السكان األصلية التعليمية وتوفير التعليم للجميع دون تمييز‪ ،‬وخاص‪++‬ة م‪++‬ع زي‪++‬ادة‬
‫السكان وزيادة حدة الفقر‪ ،‬وفي مواجهة هذه التحديات‪ ،‬من المهم التأكيد على أهمية دور الدول‪+‬ة‬
‫في اعتمـاد تـدابير إيجابية تستهدف الفئات المحرومة‪ ،)1( ،‬ومن بين تلك المعوقات ما يلي‬

‫المعوقات االقتصادية‬ ‫‪-1‬‬

‫تتأثر العدالة التعليمية بالعديد من المعوقات االقتص‪++‬ادية وال‪++‬تي من أهمه‪++‬ا ض‪++‬عف اإلنف‪++‬اق على‬
‫التعليم‪ ،‬وهذا يرتبط بالناتج القومي والميزانية العامة للدول‪++‬ة‪ ،‬ك‪++‬ذلك الظ‪++‬روف االقتص‪++‬ادية وم‪++‬ا‬
‫من شأنها التأثير على تحقيق العدالة يتصل بها من أزمات‪ ،‬وانتهاج الدولة لسياسات وإجراءات‬
‫(‪)2‬‬
‫من شأنها التأثير على العدالة التعليمية واالجتماعية‪.‬‬

‫المعوقات االجتماعية‬ ‫‪-1‬‬

‫وتتمثل في الحواجز والقيود ال‪++‬تي يض‪++‬عها المجتم‪++‬ع أم‪++‬ام بعض فئات‪++‬ه وطوائف‪++‬ه للحص‪++‬ول على‬
‫التعليم‪ ،‬وتتص‪++‬ل تل‪++‬ك القي‪++‬ود ب‪++‬التركيب الطبقي للمجتم‪++‬ع ونظرت‪++‬ه للعائ‪++‬د من التعليم‪ ،‬والنظ‪++‬ام‬
‫االجتماعي الس‪++‬ائد وم‪++‬ا يحتوي‪++‬ه من قيم وع‪++‬ادات وتقالي‪++‬د‪ ،‬وش‪++‬كل نس‪++‬يجه االجتم‪++‬اعي وعالقت‪++‬ه‬
‫بسوق العمل وما يحدث داخلـه مـن تح‪++‬والت اجتماعي‪++‬ة وتاريخي‪++‬ة وم‪++‬ا يرجـوه مـن أهـداف‪،‬‬
‫باإلضافة إلى فلس‪+‬فته التعليمي‪+‬ة ومظ‪+‬اهر االختالف ال‪+‬تي توج‪+‬د بين الف‪+‬رص التعليمي‪+‬ة المتاح‪+‬ة‬
‫(‪)3‬‬
‫لألفراد من خالل معايير الجدارة واالستحقاق‪.‬‬

‫المعوقات الثقافية‬ ‫‪-2‬‬

‫‪ )( 3‬منى البرادعي ‪ :‬عدم تكافؤ الفرص في التعليم الجامعي في مصر‪ :‬المؤش‪+‬رات والتفس‪+‬يرات‪ ،‬مجلس الس‪+‬كان ال‪+‬دولي‪ ،2012 ،‬ص‬
‫ص ‪73-61‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Chris Sturgis, In Pursuit of Equality (2017).A Framework for Equity Strategies in Competency-Based‬‬
‫‪Education, the National Summit on K-12 Competency-Based Education, June.p8‬‬

‫‪)( 2‬سمير محمد محمد المعناوي وآخرون‪ :‬متطلبات تحقيق العدالة التعليمية بالتعليم الثانوي المصري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪3018‬‬

‫‪)( 3‬سمير محمد محمد المعناوي وآخرون‪ :‬متطلبات تحقيق العدالة التعليمية بالتعليم الثانوي المصري المرجع السابق ص ‪3019‬‬

‫‪39‬‬
‫تشكل الثقافة السائدة لدى الكثيرين بضعف الجدوى من التعليم وأهميت‪++‬ه في الحي‪++‬اة‪ ،‬ففي ال‪++‬وقت‬
‫الذي تدفع فيه الجامعات سنويًا آالف الطالب ممن يبحثون عن فرص عمل‪ ،‬وربما ال يج‪++‬دون‪،‬‬
‫وإن وجدوا فبعيدًا عن تخصصهم الدراسي‪ ،‬في حين يسرع الطالب ال‪++‬ذين ترك‪++‬وا المدرس‪++‬ة في‬
‫سن مبكر في تكوين حياتهم؛ حينه‪++‬ا يحس الش‪++‬باب بض‪++‬عف الج‪++‬دوى من التعليم‪ ،‬وأن‪++‬ه مض‪++‬يعة‬
‫للوقت والجهد والمال‪ ،‬وهذا ما يدفع الطالب بعد المرحلة اإلعدادية لدخول التعليم الفني‪ ،‬ال من‬
‫أجل تعلم حرفة أو ص‪++‬نعة‪ ،‬ولكن للبحث عن ف‪++‬رص العم‪++‬ل وال‪++‬زواج بعي‪++‬دا عن مش‪++‬وار التعليم‬
‫الذي ال يسمن وال يغني من جوع "من وجهة نظرهم ‪.‬‬

‫معوقات تتعلق بالجنس والنوع‬ ‫‪-3‬‬

‫فعلى ال‪++‬رغم من التق‪++‬دم الكب‪++‬ير في التوس‪++‬ع في التعليم في معظم ال‪++‬دول النامي‪++‬ة‪ ،‬ال ت‪++‬زال اإلن‪++‬اث‬
‫مت‪++‬أخرة في االلتح‪++‬اق والتحص‪++‬يل في جمي‪++‬ع مس‪++‬تويات التعليم‪ ،‬ل‪++‬ذلك يمي‪++‬ل العلم‪++‬اء إلى مناقش‪++‬ة‬
‫العوائق التي تحول دون التحاقهم بالتعليم بشكل منفصل‪ ،‬فقد يكون ذل‪++‬ك ناتج‪ً+‬ا األع‪+‬راف الثقافي‪++‬ة‬
‫والمعتقد الثقافي الذي ينظر للمرأة باألدوار التقليدية كأمه‪+‬ات وزوج‪+‬ات مهمته‪+‬ا الطهي وتنظي‪+‬ف‬
‫المنزل‪ ،‬والمساعدة في تربية اإلخوة‪ ،‬وأن الذكور األطفال هم أكثر قيمة من اإلناث‪ ،‬لذلك عن‪++‬دما‬
‫ال تستطيع األسر تحمل تكاليف كل منهما‪ ،‬يختارون تعليم ال‪++‬ذكور على اإلن‪++‬اث‪ ،‬كم‪++‬ا أن األس‪++‬رة‬
‫مس‪++‬تعدة للتض‪++‬حية أك‪++‬ثر من ذل‪++‬ك لجع‪++‬ل الول‪++‬د ينجح في التعليم والوظيف‪++‬ة؛ إلى غ‪++‬ير ذل‪++‬ك من‬
‫(‪)1‬‬
‫المعتقدات واألعراف التي تحول دون تحقيق العدالة التعليمية‪.‬‬

‫المعوقات الجغرافية‬ ‫‪-4‬‬

‫ويتمثل أحد الحواجز الجغرافية في قلة توفر مدارس الثانوي العام في العديد من القرى‪ ،‬إضافة‬
‫إلى انخفاض جودة وسوء ظروف مدا الحكومي في المناطق الريفية‪ ،‬حيث توجد ف‪++‬روق كب‪++‬يرة‬
‫بين المناطق الحضرية والريفية والسيما فيما يخص ارتفاع مع‪++‬دالت الف‪++‬ترات الدراس‪++‬ية‪ ،‬وقل‪++‬ة‬
‫التجهيزات في المناطق الريفية‪ ،‬والدعم الطبي ال‪++‬ذي تقدم‪++‬ه العي‪++‬ادات وأنش‪++‬طة اإلث‪++‬راء الثق‪++‬افي‬
‫مثل الموسيقى أو الرحالت الميدانية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪()Nkechi Catherine, (2013). Educational Opportunity And Inequality InNigeria: Assessing Social‬‬
‫‪Background, Gender, And Regional Effects Educational Policy And Leadership, The Graduate College,‬‬
‫‪University Of Iowa, D.Ph.p48‬‬

‫‪40‬‬
‫كما تتركز فرص العمل بصفة أساسية في المحافظات والمناطق الحضرية مقارنة بالمن‪++‬اطق‬
‫الريفية‪ ،‬ويفسر هذا انخفاض معدالت االلتحاق بالتعليم في هذه المناطق‪ ،‬إذ يعرف الطالب أن‪++‬ه‬
‫يتعين عليهم ترك موطنهم من أجل البحث عن فرصة عم‪+‬ل بع‪+‬د التخ‪+‬رج‪ ،‬ويش‪+‬ير ه‪+‬ذا ض‪+‬منيًا‬
‫(‪)1‬‬
‫إلى سبب آخر وراء عدم التكافؤ في االلتحاق بالتعليم الجامعي بين هذه المناطق‪.‬‬

‫رابعًا متطلبات تحقيق العدالة في التعليم الجامعي‬

‫هن‪++‬اك العدي‪++‬د من المتطلب‪++‬ات ال‪++‬واجب توافره‪++‬ا من اج‪++‬ل تحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة في التعليم الج‪++‬امعي‬
‫المصري من هذه المتطلبات‬

‫متطلبات بيانية وإحصائية‬ ‫أ‪-‬‬

‫ذكر عدد من التوصيات في المجال اإلحصائي من اجل تحقيق العدالة في التعليم الجامعي ومن‬
‫هذه التوصيات‬

‫تش‪++‬كيل فري‪++‬ق من خ‪++‬براء التخطي‪++‬ط واإلحص‪++‬اء ال‪++‬تربوي يض‪++‬م ممثلين من المجلس األعلى‬ ‫‪-1‬‬
‫للجامع‪++‬ات ووزارة التربي‪++‬ة والتعليم والجه‪++‬از المرك‪++‬زي للتعبئ‪++‬ة واإلحص‪++‬اء ومرك‪++‬ز معلوم‪++‬ات‬
‫رئاسة الوزراء‪ ،‬ينطلق من خطة تطوير التعليم الجامعي‪ ،‬خاصة فيما يتعل‪++‬ق بسياس‪++‬ات التوس‪++‬ع‬
‫وتكافؤ فرص االلتحاق بالتعليم الجامعي‪ ،‬واالسترشاد بقوائم مؤش‪++‬رات التعليم الج‪++‬امعي بمعه‪++‬د‬
‫اليونس‪++‬كو لإلحص‪++‬اء‪ ،‬ومنظم‪++‬ة التع‪++‬اون االقتص‪++‬ادي والتنمي‪++‬ة؛ لوض‪++‬ع منظوم‪++‬ة متكامل‪++‬ة تض‪++‬م‬
‫إحصاءات ومؤشرات التعليم الجامعي في مصر‪ ،‬مع تحدي‪++‬د مص‪++‬فوفة البيان‪++‬ات المطلوب‪++‬ة له‪++‬ذه‬
‫المؤش‪++‬رات‪ ،‬ومص‪++‬ادر ومنهجي‪++‬ة جمعه‪++‬ا‪ ،‬وك‪++‬ذلك آلي‪++‬ات تح‪++‬ديثها وإدارته‪++‬ا وض‪++‬مان جودته‪++‬ا‬
‫وإتاحتها أص‪++‬حاب المص‪++‬لحة جميع‪ً+‬ا‪ ،‬بالش‪++‬كل ال‪++‬ذي ي‪++‬تيح التخطي‪++‬ط والمتابع‪++‬ة ل‪++‬برامج تحس‪++‬ين‬
‫االلتح‪++‬اق المتك‪++‬افئ الف‪++‬رص بكف‪++‬اءة وفاعلي‪++‬ة‪ ،‬وم‪++‬ا يس‪++‬تلزم ذل‪++‬ك من ص‪++‬نع ق‪++‬رارات تش‪++‬غيلية‬
‫واستراتيجية‪.‬‬
‫تط‪++‬وير موق‪++‬ع إحص‪++‬اءات التعليم الج‪++‬امعي الت‪++‬ابع للمجلس األعلى للجامع‪++‬ات بحيث يتض‪++‬من‬ ‫‪-2‬‬
‫إحصاءات تفصيلية كاملة‪ ،‬يمكن تنزيلها على صيغ إلكترونية متعددة‪.‬‬

‫‪)( 1‬منى البرادعي ‪ :‬عدم تكافؤ الفرص في التعليم الجامعي في مصر‪ :‬المؤشرات والتفسيرات‪ ،‬مجلس السكان الدولي‪ ،2012 ،‬مرج‪++‬ع‬
‫سابق ص ‪48‬‬

‫‪41‬‬
‫االهتمام باستكمال البيانات والمؤشرات المرتبطة بتمويل التعليم‪ ،‬فالتخطيط لزيادة القيد وتك‪++‬افؤ‬ ‫‪-3‬‬
‫فرص االلتحاق بالتعليم الجامعي البد أن يرتبط بزيادة متناسبة في معدالت اإلنفاق؛ ول‪++‬ذا فالب‪++‬د‬
‫من ت‪++‬وافر ه‪++‬ذه المؤش‪++‬رات ال‪++‬تي تس‪++‬مح بالمتابع‪++‬ة والتق‪++‬ويم الموض‪++‬وعي لإلنف‪++‬اق على التعليم‬
‫الجامعي‪ ،‬لضمان جودته‪ ،‬باإلضافة إلى أن هذه المؤشرات ال غنى عنها عند وضع الميزانيات‬
‫متوسطة المدى وموازنات البرامج واألداء‪.‬‬
‫البحث في كيفية التكامل واالنسجام بين المسوح األس‪++‬رية واالجتماعي‪++‬ة وقواع‪++‬د بيان‪++‬ات التعليم‬ ‫‪-4‬‬
‫الجامعي‪ ،‬بالشكل الذي يعظم من االستفادة بنتائج هذه المسوح والدراس‪++‬ات‪ ،‬ويس‪++‬مح باس‪++‬تخراج‬
‫المؤشرات المرتبطة بالخلفية االجتماعية االقتصادية‪.‬‬
‫العمل على أن تضم قواعد بيانات التعليم الجامعي الكليات العسكرية والشرطة‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫تدعيم التكامل بين قواعد بيانات التعليم الجامعي والتعليم قبل الجامعي‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫بناء القدرات الالزمة من خالل التدريب وتوفير البرمجيات واألطر اإلدارية المناسبة لالستفادة‬ ‫‪-7‬‬
‫إلى أقصى حد من اإلحصاءات والمؤشرات التي يتم نشرها من قبل المعنيين من صناع الق‪+‬رار‬
‫وأص‪++‬حاب المص‪++‬لحة‪ ،‬وذل‪++‬ك على مس‪++‬توى وزارة التعليم الج‪++‬امعي‪ ،‬وعلى مس‪++‬توى الجامع‪++‬ات‬
‫وإداراتها المختلفة‪.‬‬
‫إن التوسع في إتاحة التعليم الجامعي يجب أال ُيغفل جودة الخدمة المقدم‪++‬ة‪ ،‬بمع‪++‬نى أن‪++‬ه يجب أن‬ ‫‪-8‬‬
‫يكون التوجه هو التوسع في إتاحة فرص متكافئة في تعليم عال مض‪++‬مون الج‪++‬ودة‪ ،‬وه‪++‬و األم‪++‬ر‬
‫الذي يستوجب أن تتضمن منظومة معلومات التعليم الجامعي مؤشرات للجودة وما تس‪++‬تلزم من‬
‫بيانات ترتبط بالبنية التحتية والقدرات المؤسسية‪ ،‬وتقنيات المعلوم‪+‬ات‪ ،‬والكف‪+‬اءة الداخلي‪+‬ة‪ ،‬وإذا‬
‫كان بعضها متوافًر ا مثل تأهيل أعضاء هيئة التدريس‪ ،‬فإنه يحتاج إلى ترجمت‪++‬ه إلى مؤش‪++‬رات؛‬
‫كعدد الطالب لكل عضو هيئة تدريس مؤهل وف‪++‬ق التخصص‪++‬ات المختلف‪++‬ة‪ ،‬وه‪++‬ذا ينطب‪++‬ق أيض‪++‬ا‬
‫(‪)1‬‬
‫على معدالت التسرب وإعادة الصفوف ‪.‬‬
‫ب‪ -‬متطلبات تتعلق بإدارة الموارد االقتصادية والمخصصات المالية للتعليم الجامعي‬

‫ومن تلك المتطلبات ما يلي‬

‫‪ -1‬تحسين جودة التعليم بغية إلغاء الحاج‪+‬ة إلى ال‪+‬دروس الخصوص‪+‬ية‪ ،‬ينبغي توف‪+‬ير رواتب أعلى‬
‫وخطط رواتب أكثر تحفيزا للمدرسين مع تطبيق مبادرات أفضل لتدريب وتأهيل المدرسين‪.‬‬

‫‪)( 1‬محمد عبد السالم راغب‪ :‬مفاهيم تكافؤ فرص االلتح‪+‬اق ب‪+‬التعليم الج‪+‬امعي في مص‪+‬ر‪ ،‬والمتطلب‪+‬ات المعلوماتي‪+‬ة للتعام‪+‬ل م‪+‬ع قض‪+‬ايا‬
‫ضعف التكافؤ‪ ،‬مجلس السكان الدولي‪ ،2012،‬ص ص ‪48-47‬‬

‫‪42‬‬
‫ُ وسوف يؤدي تدريس منهج محسن ومرتبط بالمهارات المطلوبة في سوق العم‪+‬ل إلى زي‪+‬ادة‬
‫جودة التعليم ومعدالت العائد على التعليم‪.‬‬
‫‪ -2‬إتاحة الموارد للمستحقين والحد من التحيز تجاه التعليم الجامعي علمًا بأن زيادة الكف‪++‬اءة والح‪++‬د‬
‫من اإلنفاق في مؤسسات التعليم الجامعي‪ ،‬التي تعاني من تضخم حاد في التكاليف التشغيلية‪،‬‬
‫والذي بدوره سيؤدي إلى زيادة الموارد المتاحة لدعم الطالب من الخميس األفقر‪.‬‬
‫‪ -3‬تخصيص مزيد من الموارد للمناطق الريفية؛ لما كانت المن‪++‬اطق الريفي‪++‬ة تحتض‪++‬ن العدي‪++‬د من‬
‫الفقراء في مصر‪ ،‬فإنه ال يمكن تحقيق منظومة تعليمية مواتي‪++‬ة للفق‪++‬راء دون معاجل‪++‬ة مش‪++‬كلة‬
‫التوزي‪++‬ع الجغ‪++‬رافي للم‪++‬وارد المالي‪++‬ة والمنش‪++‬آت‪ .‬وينطب‪++‬ق ه‪++‬ذا على التعليم الج‪++‬امعي والتعليم‬
‫االبتدائي والثانوي‪ ،‬إذ يؤثر انخفاض عدد الم‪++‬دارس على ق‪++‬درة الط‪++‬الب على االس‪++‬تمرار في‬
‫مستويات التعليم المتقدمة‪.‬‬
‫‪ -4‬تنويع هيكل تمويل التعليم الجامعي؛ تعتبر هذه خطوة هامة لضمان دفع األفراد مقاب‪++‬ل المزاي‪++‬ا‬
‫التي يستفيدون منه‪++‬ا وع‪++‬دم إه‪++‬دار اإلنف‪++‬اق الحك‪++‬ومي في دعم األغني‪++‬اء أو األف‪++‬راد الراغ‪++‬بين‬
‫والقادرين على دفع رسوم تعليمهم كما هو الحال حاليًا‪.‬‬
‫‪ -5‬إقام‪+‬ة ش‪+‬راكات أك‪+‬ثر ترابط‪ً+‬ا بين المؤسس‪+‬ات الحكومي‪+‬ة والقط‪+‬اع الخ‪+‬اص والجه‪+‬ات المانح‪+‬ة‬
‫والمنظمات غير الحكومية‪ .‬ويستلزم تحسين جودة منظومة التعليم وفرص االلتح‪++‬اق ب‪++‬التعليم‬
‫تعاونًا وثيقًا ب‪++‬ني جمي‪++‬ع األط‪++‬راف المعني‪++‬ة من أج‪++‬ل تط‪++‬بيق المب‪++‬ادرات والسياس‪++‬ات الجدي‪++‬دة‬
‫وتوفير تمويل أو خدمات تعليمية تكميلية‪.‬‬
‫‪ -6‬تنفيذ مبادرات تعليمية تستهدف محافظات أو مجتمعات مح‪++‬ددة؛ في الغ‪++‬الب ال يحق‪++‬ق اإلنف‪++‬اق‬
‫على التعليم والسياس‪++‬ات التعليمي‪++‬ة على مس‪++‬توى الدول‪++‬ة ت‪++‬أثيرًا ملحوظ ‪ً+‬ا على أرض الواق‪++‬ع‪.‬‬
‫ويمكن أن تك‪+‬ون اإلدارة المحلي‪+‬ة ع‪+‬امال هام‪ً+‬ا في تحوي‪+‬ل الم‪+‬وارد المالي‪+‬ة العام‪+‬ة إلى نت‪+‬ائج‬
‫تعليمي‪++‬ة جي‪++‬دة ومعاجل‪++‬ة أوج‪++‬ه التح‪++‬يز في مع‪++‬دالت االلتح‪++‬اق ب‪++‬التعليم المحلي‪++‬ة س‪++‬واء ك‪++‬انت‬
‫(‪)1‬‬
‫مرتبطة بالدخل أو النوع ‪.‬‬

‫ج‪ -‬متطلبات مرتبطة بالتمويل ومصادرة‬

‫ومنها ما يلي‬

‫ترشيد اإلنفاق الحكومي على التعليم الجامعي‬ ‫‪-1‬‬

‫‪1‬‬
‫()منى البرادعي ‪ :‬عدم تكافؤ الفرص في التعليم الجامعي في مصر‪ :‬المؤشرات والتفسيرات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪75-74‬‬

‫‪43‬‬
‫من خالل ترشيد عدد اإلداريين غير األكاديميين‪ ،‬تحويل معظم الموارد الجاري‪++‬ة نح‪++‬و تحس‪++‬ين‬
‫قدرات أعضاء هيئة التدريس و ربط المرتبات باألداء‪ ،‬ربط التمويل الحكومي للجامعات بع‪++‬دد‬
‫الطالب الملتحقين واحتياجات كل كلية و كف‪++‬اءة األداء‪ ،‬تقلي‪++‬ل التحكم الم‪++‬الي من قب‪++‬ل الدول‪++‬ة و‬
‫ترك مسئولية حوكمة التمويل للجامعات نفسها لتحسين جودتها و تحقيق كفاءتها العامة‬

‫تنويع مصادر تمويل التعليم الجامعي‬ ‫‪-2‬‬

‫يوجد أنماط متعددة لتعبئة موارد مالية إضافية لتموي‪++‬ل التعليم الج‪++‬امعي منه‪++‬ا ف‪++‬رض رس‪++‬وم و‬
‫ضرائب خاصة بالتعليم الجامعي ‪ ،‬ومساهمات المؤسسات والش‪+‬ركات والبن‪+‬وك ‪ ،‬تب‪+‬ني الدول‪+‬ة‬
‫ألنماط جديدة من التعليم الجامعي (التعليم المم‪+‬ول ذاتي‪+‬ا) ‪ ،‬تحوي‪+‬ل بعض الوح‪+‬دات األكاديمي‪+‬ة‬
‫إلى وح‪++‬دات إنتاجي‪++‬ة ‪ ،‬توجي‪++‬ه البح‪++‬وث لخدم‪++‬ة قطاع‪++‬ات المجتم‪++‬ع ‪ ،‬االس‪++‬تعانة بالجامع‪++‬ات‬
‫كمراكز استشارية ‪ ،‬اس‪+‬تثمار أمالك الجامع‪+‬ة ‪ ،‬اس‪+‬تثمار نش‪+‬اط دور الكتب للطباع‪+‬ة والنش‪+‬ر‪،‬‬
‫إحداث مشاركة بين الجامعات وبين الشركات ‪ ،‬الهبات و التبرع‪++‬ات ‪ ،‬األوق‪++‬اف ‪ ،‬جمعي‪++‬ات‬
‫(‪)1‬‬
‫الخريجين‪ ،‬الرسوم الدراسية ‪ ،‬المنح التعليمية ‪ ،‬القروض الطالبية‬

‫إعطاء فرصة أكبر للجامعات الخاصة‬ ‫‪-3‬‬

‫حتى سنة ‪ 1996‬لم يكن مس‪++‬موح للجامع‪++‬ات الخاص‪++‬ة بالتواج‪++‬د في مص‪++‬ر فيم‪++‬ا ع‪+‬دا الجامع‪++‬ة‬
‫األمريكية ال‪+‬تي أسس‪+‬ت من‪+‬ذ س‪+‬نة ‪.1919‬وبداي‪+‬ة من ‪ 1996‬ب‪+‬دأ دور الجامع‪+‬ات الخاص‪++‬ة في‬
‫التعليم الج‪++‬امعي في التزاي‪++‬د‪ ،‬و زاد ع‪++‬ددها من( ‪ ) 5‬جامع‪++‬ات فق‪++‬ط س‪++‬نة ‪2001‬إلى ( ‪)19‬‬
‫جامع‪+++‬ة في ‪. 2016‬و وض‪+++‬عت الدول‪+++‬ة التش‪+++‬ريعات المالئم‪+++‬ة لزي‪+++‬ادة االس‪+++‬تثمار في التعليم‬
‫الخاص‪.‬و تتمتع مؤسسات التعليم الجامعي الخ‪++‬اص بإعف‪++‬اء ض‪++‬ريبي‪ .‬وزارة التعليم الج‪++‬امعي‪،‬‬
‫إحصاءات التعليم (‪ ) 2014‬و رغم ذلك لم يتعد إجمالي الط‪++‬الب الملتحقين ب‪++‬التعليم الج‪++‬امعي‬
‫الخاص حوالي (‪ )% 4‬من إجمالي ع‪++‬دد الط‪++‬الب المقي‪++‬دين ب‪++‬التعليم الج‪++‬امعي المص‪++‬ري ل‪++‬ذلك‬
‫فالجامعات الخاصة يجب أن يزداد عددها و ي‪++‬زداد مع‪++‬دل التح‪++‬اق الط‪++‬الب الق‪++‬ادرين به‪++‬ا ليق‪++‬ل‬
‫التكدس في الجامعات الحكومية و يقل الطلب على التعليم الجامعي العام‪.‬‬

‫ورغم أهمية تواجد التعليم الجامعي الخاص لحل مشكلة الكفاي‪++‬ة والكف‪++‬اءة‪ ،‬إال أنه‪++‬ا ت‪++‬ؤدي‬
‫إلى تفاقم مشكلة العدالة ‪ ،‬بسبب حرمان الطبقات مح‪++‬دودة ال‪++‬دخل من إمكاني‪++‬ة االلتح‪++‬اق به‪++‬ا ‪-‬‬

‫‪ )( 1‬امنيه أسامة احمد شاهين ‪ :‬تعبئة موارد مالية إضافية لتلبية متطلبات تطوير التعليم الجامعي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪210‬‬

‫‪44‬‬
‫لتزي‪++‬د ق‪++‬درتها التنافس‪++‬ية في س‪++‬وق العم‪++‬ل‪ -‬لع‪++‬دم وج‪++‬ود ق‪++‬درة على االق‪++‬تراض أو وج‪++‬ود منح‬
‫دراس‪++‬ية‪ ،‬و مزاحم‪++‬ة األغني‪++‬اء لهم في الجامع‪++‬ات العام‪++‬ة‪ ،‬مم‪++‬ا تس‪++‬بب في انخف‪++‬اض كف‪++‬اءة‬
‫الجامعات العامة بالمؤشرات السابق اإلشارة الجامعات العامة نهائيا و تترك مصير و مس‪++‬تقبل‬
‫إليها‪ .‬لذلك ال ننصح أن تتخلى الدولة عن دورها في التعليم الجامعي في مصر في ي‪+‬د القط‪+‬اع‬
‫الخاص الذي عادة ما يبحث عن الربح و ليس الصالح العام والذي تحكمه ق‪++‬وى الس‪++‬وق‪ .‬ل‪++‬ذلك‬
‫ال تقترح الدارسة إلغاء مجانية التعليم كما أشارت دراسات سابقة‪ ،‬االن ذلك ق‪++‬د يح‪++‬دث العدي‪++‬د‬
‫من المشاكل ‪.‬‬

‫تقاسم التكاليف مع القادرين في الجامعات العامة لترشيد المجانية‬ ‫‪-4‬‬

‫والمقصود به التحول الج‪+‬زئي في تموي‪+‬ل التعليم الج‪+‬امعي من الحكوم‪+‬ات أو دافعي الض‪++‬رائب‬


‫إلى أولياء األمور أو الطالب‪ .‬أي أن تقاس‪++‬م التك‪++‬اليف ال يع‪++‬نى إلغ‪++‬اء دعم التعليم الج‪++‬امعي نم‪++‬ا‬
‫تشارك التكاليف بين الدولة والقادرين على الدفع‪.‬وا والتحول نح‪++‬و سياس‪++‬ة تقاس‪++‬م التك‪++‬اليف ق‪++‬د‬
‫يأخذ عدة (‪ ،)1‬ويمكن تفعيل ذلك من خالل من خالل ما يلي ‪:‬‬

‫تحديد قيمة الرسوم الدراسية وفقا للمؤهل الذي سيحصل عليه الطالب ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يتحمل الطلب ( ‪ )٧٥‬من التكلفة الفعلية للدراسة في حالة بقائ‪++‬ه لإلع‪+‬ادة م‪++‬رة واح‪++‬دة ‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫م‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬ع‬
‫مراعاة ظروف الطالب غير القادرين ‪.‬‬
‫يتحمل الطالب التكلفة كلها عند البقاء لإلعادة مرة ثانية أو مرات أخري ‪ ،‬مع مراعاة‬ ‫‪-‬‬
‫الظروف االقتصادية للطالب الفقراء التي قد تكون هي سبب الرسوب ‪.‬‬
‫إعفاء الطالب ممن ينتمون إلي األسر ذات الدخل المنخفض من هذه الرسوم ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يتحم‪++‬ل ط‪++‬الب الدراس‪++‬ات العلي‪++‬ا التكلف‪++‬ة الكلي‪++‬ة للتعليم ‪ ،‬م‪++‬ع اس‪++‬تثناء ال‪++‬ذين يعمل‪++‬ون‬ ‫‪-‬‬
‫كب‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬احثين‬
‫في الجامعات و مراكز البحوث ‪.‬‬
‫يدفع الطالب (‪ )٥٠‬من الس‪++‬كن في الم‪++‬دن الجامعي‪++‬ة ‪ ،‬و يمكن اس‪++‬تثناء الطالب ال‪++‬ذين‬ ‫‪-‬‬
‫يحصلون على تقديرات عالية من دفع هذه الرسوم ‪.‬‬

‫‪)( 1‬سلوى محمد عبد العزيز‪ :‬تمويل التعليم الجامعي في مصر لتحقيق النمو االحتوائي ودعم التنمية المستدامة‪ ،‬المؤتمر ال‪++‬دولي لمعه‪++‬د‬
‫التخطيط القومي "نحو تعليم داعم للتنمية المستدامة في مصر"‪ ،‬معهد التخطيط الدولي ‪ ،‬القاهرة ‪ 8-6 ،‬مايو ‪ ،2017‬ص ص ‪-313‬‬
‫‪316‬‬

‫‪45‬‬
‫زيادة الرسوم الدراسية المفروضة على الطالب األجانب ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫زيادة رسوم خريجي الم‪+‬دارس الخاص‪++‬ة (اللغ‪+‬ات) عن‪+‬د التح‪+‬اقهم بالجامع‪+‬ة كمحاول‪+‬ة‬ ‫‪-‬‬
‫إلعادة التوازن بين ما كانوا يدفعونه في مرحلة التعليم قبل الجامعي وما يدفعون‪++‬ه في‬
‫(‪)1‬‬
‫مرحلة التعليم الجامعي‬

‫وذكر عدد من الباحثين متطلبات أخرى تحقيق العدالة في التعليم الجامعي وهي ‪:‬‬

‫ديمقراطية التعليم‬ ‫‪-1‬‬

‫إن أول مظه‪++‬ر من مظ‪++‬اهر عدال‪++‬ة التعليم أن يك‪++‬ون التعليم داعم‪++‬ا للتوجه‪++‬ات الديمقراطي‪++‬ة ‪،‬‬
‫مرسخا لثقافة التس‪++‬امح والتع‪++‬ايش والس‪++‬الم واح‪++‬ترام حق‪+‬وق اإلنس‪++‬ان ناب‪++‬ذا للعنص‪++‬رية والفرق‪++‬ة‬
‫بسبب لون أو جنس أو دين‪.‬‬

‫عدالة توزيع الموارد‬ ‫‪-2‬‬

‫إن العدالة في توزيع الموارد المتاحـة حـق أصيل للجميع في مراحل التعليم وإن عدالة توزي‪++‬ع‬
‫الموارد دون محاباة أو تميز يرسخ المفهوم الص‪++‬حيح لعدال‪++‬ة الدول‪++‬ة في التعام‪++‬ل م‪++‬ع موارده‪++‬ا‬
‫المتاح‪++‬ة وعدال‪++‬ة الدول‪++‬ة ك‪++‬ذلك في االتف‪++‬اق المت‪++‬وازن والع‪++‬ادل على كاف‪++‬ة مراح‪++‬ل التعليم وف‪++‬ق‬
‫معايير من الشفافية والحيادية التي تضمن ترسيخ مفهوم الرضا لدى المواطنين‪.‬‬

‫المواءمة مع الحراك االجتماعي‬ ‫‪-3‬‬

‫إن المجتمعات تؤمن بحتمية الحراك االجتماعي واإليمان هذا يؤكد أن القناعة بأن ينتقل بعض‬
‫الناس من مستوى اجتماعي وثقافي متواضع إلى مس‪++‬تويات أرقى أم‪++‬ر مقب‪++‬ول في المجتمع‪++‬ات‬
‫العادلة ‪ ،‬بل أن ه‪++‬ذا الح‪++‬ق ح‪++‬ق أص‪++‬يل من حق‪+‬وق أبن‪++‬اء ال‪++‬وطن في أي مك‪++‬ان ل‪++‬ذا ف‪++‬ان التعليم‬
‫العادل يجب أن يكون مرسخا لهذا التوجه العادل الديمقراطي في آلياته واإلنساني في مضمونه‬
‫العام ‪ ،‬بل والداعم لالتجاه نحو التميز والسعي الدائم ألثبات الذات وهذا هو جوهر عدالة النظم‬
‫(‪)2‬‬
‫التعليمية كما ينبغي أن تكون‬

‫‪1‬‬
‫()امنيه أسامة احمد شاهين ‪ :‬تعبئة موارد مالية إضافية لتلبية متطلبات تطوير التعليم الجامعي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪217‬‬

‫‪2‬‬
‫() سعيد المصري ‪ :‬التعليم وتحديات التنمية المستدامة‪ ،‬مجلس الوزراء المصري – مركز دعم واتخاذ القرار ‪ ،2019 ،‬ص ‪9‬‬

‫‪46‬‬
‫مواكبة التوجهات العالمية الداعمة للعدالة في التعليم‬ ‫‪-4‬‬

‫تل‪++‬ك التوجه‪++‬ات ال‪++‬تي حملته‪++‬ا اليونس‪++‬كو وإعالن‪++‬ات حق‪++‬وق اإلنس‪++‬ان بداي‪++‬ة من ع‪++‬ام ‪،1948‬‬
‫واإلعالن األم‪++‬ريكي ع‪++‬ام ‪ ، 1948‬والميث‪++‬اق االجتم‪++‬اعي ‪ ،1961‬ومعاه‪++‬دة س‪++‬ان ج‪++‬ورج‬
‫‪ ،١٩٦٩‬واتفاقية الفضاء على التميز ضد المرأة ع‪++‬ام ‪ 1979‬وإعالن س‪++‬توكهولم ع‪++‬ام ‪1996‬‬
‫والنصوص الدستورية العالمية آخرها الدستور المصري عام ‪ ٢٠١٣‬وه‪++‬ذه النص‪++‬وص ترس‪++‬خ‬
‫لمفهوم عدال‪++‬ة التعليم وأن ه‪++‬ذه العدال‪++‬ة أص‪++‬بحت مص‪++‬انة ب‪++‬المواثيق الدولي‪++‬ة والمعاه‪++‬دات ال‪++‬تي‬
‫(‪)1‬‬
‫أصبحت شرطا رئيسا لالعتراف بقوة األنظمة التعليمية أوضعفها‬

‫متطلبات التنمية المستدامة والتنافسية العالمية‬ ‫‪-5‬‬

‫أصبحت عدال‪++‬ة التعليم متطلب‪++‬ا أساس‪++‬يا للتنمي‪++‬ة المس‪++‬تدامة ودعم التنافس‪++‬ية العالمي‪++‬ة ‪ ،‬فاألنظم‪++‬ة‬
‫التعليمي‪++‬ة المتقدم‪++‬ة هي تل‪++‬ك ال‪++‬تي جعلت معي‪++‬ار العدال‪++‬ة ه‪++‬و المعي‪++‬ار األول لتحقي‪++‬ق النهض‪++‬ة‬
‫التعليمية المتمثلة في عدالة توزيع الموارد‪ ،‬عدالة نسب االستيعاب ‪ ،‬عدالـة توزي‪++‬ع ال‪++‬ثروات ‪،‬‬
‫عدالة فرض النمو المهني ‪ ،‬عدالة فرض اإلبداع واالبتكار ‪ ،‬عدالة المبادرات الفردية ‪ ،‬عدال‪++‬ة‬
‫دعم اإلنج‪++‬از ال‪++‬ذاتي ‪ ،‬عدالـة الس‪++‬عي للتم‪++‬يز ال‪++‬دولي واإلقليمي والمحلى تل‪++‬ك كله‪++‬ا مؤش‪++‬رات‬
‫(‪)2‬‬
‫عالمية تحقق التميز وتسعى للتنافسية عبر معيار العدالة في التعليم ‪.‬‬

‫متطلبات المناخ وتتمثل في‬ ‫‪-6‬‬


‫الحاجة إلى تحقيق العدالة في إتاحة الفرص و العدالة في مس‪+‬توى التعليم بين الم‪+‬دارس‬ ‫‪‬‬
‫العامة والخاصة‬
‫العدالة في مستوى التعليم بين اإلناث والذكور‬ ‫‪‬‬
‫العدالة في االلتحاق بالجامعات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫العدالة في الحصول على وظيفة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫العدالة في مستوى التعليم الديني والمدني‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪)( 1‬سناء سيد خليل‪ :‬مبادئ حقوق االنسان في الدستور المصري ‪ ،‬دراسات في حقوق االنسان ‪ ،‬متاح على الرابط دراس‪++‬ات فى حق‪++‬وق‬
‫االنسان ‪ -‬مبادئ حقـوق اإلنسـان فـي الدستـور المـصــري (‪ ، )sis.gov.eg‬بتاريخ ‪15/6/2023‬‬

‫‪ )( 2‬يونس‪+‬كو ‪ :‬مجموع‪+‬ة أدوات التعليم من أج‪+‬ل التنمي‪+‬ة المس‪+‬تدامة لع‪+‬ام ‪ ،2030‬مت‪+‬اح على الراب‪+‬ط مجموع‪+‬ة أدوات التعليم من أج‪+‬ل‬
‫التنمية المستدامة لعام ‪ ،)unesco.org( 2030‬بتاريخ ‪2023 /16/6‬‬

‫‪47‬‬
‫العدالة بين الفقراء واألغنياء داخل التعليم العام‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫العدالة في إتاحة الفرص التعليمية في االبتدائي واإلعدادي والثانوي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫نظام اإلدارة بالمدارس الداعم للعدالة التعليمية‬ ‫‪‬‬
‫التنظيم المؤسس‪++‬ى الفاع‪++‬ل وقدرت‪++‬ه داخ‪++‬ل ه‪++‬ذه المؤسس‪++‬ات على ترس‪++‬يخ مب‪++‬ادئ عدال‪++‬ة‬ ‫‪‬‬
‫التعليم‬
‫التناغم والتواصل بين اإلدارة التعليمية العليا والوسطى والدنيا داخل المجتم‪++‬ع التعليمي‬ ‫‪‬‬
‫المصري‬
‫التناغم والتواصل بين مؤسسات التعليم قبل الجامعي ومؤسسات الدولة األخرى‬ ‫‪‬‬
‫التشريعات والقوانيين الداعمة للمجانية‬ ‫‪‬‬
‫المساهمات التطوعية الفاعلة لمؤسسات المجتمع المدني الداعمة للمجاني‪0‬‬ ‫‪‬‬
‫الموارد البشرية المتاحة داخل تلك المؤسسات ومدى القدرة على االستفادة منها‬ ‫‪‬‬
‫مناخ العمل الفعلي داخل هذه المؤسسات‬ ‫‪‬‬
‫مدى رضا العاملين داخل هذه المؤسسات عن واقع المجانية‬ ‫‪‬‬
‫مدى رضا المستفيدين وأولياء األمور عن سياسات المجانية التي أقرتها الدول‪++‬ة تحقيق‪++‬ا‬ ‫‪‬‬
‫(‪)1‬‬
‫لعدالة التعليم‪.‬‬

‫الخاتمة‬

‫استعرض‪++‬ت الباحث‪++‬ة في ه‪++‬ذا الفص‪++‬ل العدال‪++‬ة التعليمي‪++‬ة في التعليم الج‪++‬امعي ‪ ،‬وذل‪++‬ك‬


‫بالسير في محورين تناول األول منهم‪+‬ا مفه‪+‬وم العدال‪+‬ة في التعليم الج‪+‬امعي وم‪+‬ا يرتب‪+‬ط ب‪+‬ه من‬
‫مفاهيم مشابهة كالمساواة‪ ،‬وتكافؤ الفرص ‪ ،‬والعدالة االجتماعية ‪ ،‬والعدالة التعليمية‪ .‬بينما تن‪++‬ال‬
‫المحور الثاني متطلبات تحقيق العدالة في التعليم الجامعي بمصر حيث تناولت الباحثة‬
‫أهم معايير ومؤش‪++‬رات تحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة في التعليم الج‪++‬امعي‪ ،‬مس‪++‬ببات غي‪++‬اب العدال‪++‬ة في التعليم‬
‫الج‪++‬امعي‪ ،‬متطلب‪++‬ات تحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة في التعليم الج‪++‬امعي‪ ،‬معوق‪++‬ات تحقي‪++‬ق العدال‪++‬ة في التعليم‬
‫الجامعي‪ ،‬وفد خرجت الباحثة مما سبق بعدد من النتائج وهي ‪:‬‬

‫‪)( 1‬علي صالح جوهر‪ ،‬ميادة فوزي الباسل‪ :‬متطلبات دعم مجانية التعليم للعدالة التعليمية بين المصريين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪-20‬‬
‫‪23‬‬

‫‪48‬‬
‫أن مفهوم العدالة مفهوم قديم للغاية مرتب‪++‬ط بنش‪++‬أة البش‪++‬رية واختل‪++‬ف في تن‪++‬اول مفه‪++‬وم‬ ‫‪-1‬‬
‫العدالة فقد تنوعت و تعّد دت تع‪++‬اريف العدال‪++‬ة بين العلم‪++‬اء‪ ،‬س‪++‬واء أك‪++‬انوا مح‪++‬دثين أم‬
‫أصوليين وما يقصد به تبعًا لتغير الفلسفات والمدارس البحثية التي تناولته وقد ع‪++‬رفت‬
‫الباحث‪++‬ة العدال‪++‬ة إجرائي‪++‬ا بأنه‪++‬ا " هي أن ت((ؤمن الدول((ة حي((اة كريم((ة لمواطنيه((ا وفق(ًا‬
‫الحتياجات كل فرد فيها‪ ،‬هذه االحتياج((ات ال((تي تختل((ف من ف((رد ألخ((ر حس((ب الن((وع‬
‫والعمر والحلة االجتماعية وقدراته وإمكانياته "‬
‫يرتبط مفهوم العدالة بعدد من المف‪+‬اهيم األخ‪+‬رى ال‪+‬تي تتص‪++‬ل ب‪+‬ه وت‪+‬داخل مع‪+‬ه ومنه‪+‬ا‬ ‫‪-2‬‬
‫المساواة ‪ ،‬تكافؤ الفرص‬
‫ترتبط العدالة في التعليم الج‪+‬امعي بالعدال‪+‬ة التعليمي‪+‬ة كج‪+‬زء منه‪+‬ا وال‪+‬تي ب‪+‬دورها تع‪+‬د‬ ‫‪-3‬‬
‫جزء من العدالة االجتماعية ككل‬
‫هناك العديد من المتطلبات لتحقيق العدالة في التعليم الجامعي وأيضا عدد من المعايير‬ ‫‪-4‬‬
‫التي ينظر من خاللها في مدى توافر متطلبات تحقيق العدالة‬

‫ومن اجل تحقيق العدالة في التعليم الجامعي البد من تشخيص واق‪++‬ع تحقيقه‪++‬ا وه‪++‬ذا م‪++‬ا‬
‫سيتم تناوله في الفصل التالي‬

‫‪49‬‬

You might also like