You are on page 1of 86

‫‪ www.alukah.

net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫‪1‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫الثقافة‪ :‬مفاهيـم ومقاربات‬


‫(نحو رؤية ســوسيو‪ -‬أنتروبولوجية)‬

‫الدكتور جميـــل حمـــــداوي‬

‫‪2‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫اإله ـ ــداء‬
‫أهدي هذا الكتاب إلى والــدتي رحمهــا اهلل‪ ،‬راجيــا من اهلل عــز وجــل أن‬
‫يتغمــدها برحمتــه ومغفرتــه ولطفــه ورأفتــه‪ ،‬ويســكنها فســيح جنانــه مــع‬
‫الرسل واألنبياء واألولياء الصالحين والشهداء األوفياء‪.‬‬

‫الم ـق ــدم ـ ــة‬


‫تتكون احلضارة (‪ )Civilisation‬من مفهومني أساسيني مها‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫لتكنولوجيا(‪ )Technologie‬والثقاف‪+‬ة(‪ .)Culture‬فالتكنولوجي‪+‬ا هي ك‪+‬ل م‪+‬ا أنتج‪+‬ه‬


‫اإلنسان على الصعيد التقين والعمراين واآليل وال‪++‬رقمي واملادي‪ .‬يف حني‪ ،‬تع‪++‬ين الثقاف‪++‬ة ك‪++‬ل‬
‫م ‪++‬ا أنتج ‪++‬ه اإلنس ‪++‬ان على الص ‪++‬عيد املعن ‪++‬وي‪ ،‬مث ‪++‬ل‪ :‬اآلداب‪ ،‬والفن ‪++‬ون‪ ،‬والفلس ‪++‬فة‪ ،‬والعل ‪++‬وم‪،‬‬
‫واملع‪++ +‬ارف‪ ،‬وال‪++ +‬رتاث‪ ،‬والع‪++ +‬ادات‪ ،‬والتقالي‪++ +‬د‪ ،‬واألع‪++ +‬راف‪.‬أي‪ :‬تع‪++ +‬ين ك‪++ +‬ل املنتج الفك‪++ +‬ري‬
‫والعلمي واألديب والف ‪++‬ين‪ .‬وب ‪++‬ذلك‪ ،‬تك ‪++‬ون احلض ‪++‬ارة ذات ط ‪++‬ابع م ‪++‬ادي( التكنولوجي ‪++‬ا) من‬
‫جهة‪ ،‬وذات طابع معنوي(الثقافة) من جهة أخرى‪ .‬ومن مث‪ ،‬فاحلض‪++‬ارة هي ك‪++‬ل م‪++‬ا أنتج‪++‬ه‬
‫اإلنسان وأبدعه على املستويني‪ :‬املادي واملعنوي‪.‬‬

‫والميكن احلديث عن حضارة اإلنسان ومسوه الثقايف إال بعد انتقاله من مرحلة الطبيعة اليت‬
‫ك ‪++‬ان فيه ‪++‬ا اإلنس ‪++‬ان يش ‪++‬به احلي ‪++‬وان إىل مرحل ‪++‬ة الثقاف ‪++‬ة ال ‪++‬يت أص ‪++‬بح فيه ‪++‬ا اإلنس ‪++‬ان حيتكم إىل‬
‫العق ‪++‬ل واملنط ‪++‬ق والق ‪++‬انون ومؤسس ‪++‬ات الدول ‪++‬ة‪ ...‬ومن هن ‪++‬ا‪ ،‬تع ‪++‬رب الثقاف ‪++‬ة عن م ‪++‬دى تط ‪++‬ور‬
‫اإلنسان وحتضره‪ ،‬بعد أن كان يعيش حياة التيه واخلوف والفوض‪++‬ى يف مرحل‪+‬ة الطبيع‪++‬ة‪ ،‬أو‬
‫حي ‪++‬اة بيولوجي ‪++‬ة عض ‪++‬وية تش ‪++‬به حي ‪++‬اة احليوان ‪++‬ات الغريزي ‪++‬ة والوحش ‪++‬ية‪ .‬لكن بع ‪++‬د اكتش ‪++‬اف‬
‫الكتاب‪++‬ة‪ ،‬ب‪++‬دأت مرحل‪++‬ة الثقاف‪++‬ة والت‪++‬دوين والتس‪++‬جيل والتوثي‪++‬ق‪ ،‬وق‪++‬د حتولت بعض الثقاف‪++‬ات‬
‫إىل حض ‪++‬ارات إنس ‪++‬انية خال ‪++‬دة ع ‪++‬رب الت ‪++‬اريخ‪ ،‬كثقاف ‪++‬ة اإلنس ‪++‬ان الع ‪++‬راقي‪ ،‬وثقاف ‪++‬ة اإلنس ‪++‬ان‬
‫الفرع ‪++‬وين‪ ،‬وثقاف ‪++‬ة اإلنس ‪++‬ان الفارس ‪++‬ي‪ ،‬وثقاف ‪++‬ة اإلنس ‪++‬ان اليون ‪++‬اين‪ ،‬وثقاف ‪++‬ة اإلنس ‪++‬ان الع ‪++‬ريب‪،‬‬
‫وثقافة اإلنسان األسيوي (الياباين بصفة خاصة)‪...‬‬

‫ومن جه ‪++‬ة أخ ‪++‬رى‪ ،‬ترتب ‪++‬ط الثقاف ‪++‬ة بس ‪++‬ياقها االجتم ‪++‬اعي واملع ‪++‬ريف واحلض ‪++‬اري‪ .‬أي‪ :‬هن ‪++‬اك‬
‫عملي ‪++‬ة تب ‪++‬ادل وتفاع ‪++‬ل بني الثقاف ‪++‬ة واجملتم ‪++‬ع؛ فالثقاف ‪++‬ة ت ‪++‬ؤثر يف اجملتم ‪++‬ع‪ ،‬واجملتم ‪++‬ع ي ‪++‬ؤثر يف‬
‫الثقاف ‪++‬ة‪ .‬ويع ‪++‬ين ه ‪++‬ذا كل ‪++‬ه أن الثقاف ‪++‬ة تعكس خمتل ‪++‬ف الص ‪++‬راعات والتطاحن ‪++‬ات والتناقض ‪++‬ات‬

‫‪4‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫اجلدلي‪++‬ة ال‪++‬يت توج‪++‬د يف اجملتم‪++‬ع على مجي‪++‬ع األص‪++‬عدة واملس‪++‬تويات‪ ،‬س‪++‬واء أك‪++‬انت سياس‪++‬ية أم‬
‫اجتماعي‪++ +‬ة أم ديني‪++ +‬ة أم فكري‪++ +‬ة‪ ...‬ومن مث‪ ،‬تع‪++ +‬رب الثقاف‪++ +‬ة عن واقعه‪++ +‬ا أو معادهلا املوض‪++ +‬وعي‬
‫بطريقة انعكاس‪+‬ية مباش‪+‬رة كم‪+‬ا ه‪+‬و احلال يف الكتاب‪+‬ات الواقعي‪+‬ة الس‪+‬اذجة‪ ،‬أو بطريق‪+‬ة مادي‪+‬ة‬
‫جدلي ‪++ + +‬ة مبفه ‪++ + +‬وم ك ‪++ + +‬ارل م ‪++ + +‬اركس(‪ ،)Karl Marx‬أو بطريق ‪++ + +‬ة متاثلي ‪++ + +‬ة متوازي ‪++ + +‬ة (‬
‫‪ )Homologie‬مبفهوم لوسيان كولدمان(‪.)Lucien Goldmann‬‬

‫إذُا‪ ،‬حتمل الثقافة‪ ،‬يف طياهتا‪ ،‬أبعادا طبقية واجتماعية وإيديولوجية‪ ،‬فضال عن مقص‪++‬ديات‬
‫ونوايا وخلفيات مباشرة وغري مباشرة‪.‬‬

‫إذًا‪ ،‬ما الثقافة لغة واصطالحا؟ وم‪+‬ا عالقته‪+‬ا باحلض‪+‬ارة؟ وم‪+‬ا أهم مف‪+‬اهيم الثقاف‪+‬ة؟ وم‪+‬ا أهم‬
‫حمددات الثقافة؟ وما أهم العوامل اليت تتحكم يف عملي‪++‬ة التغ‪++‬ري الثق‪++‬ايف؟ وم‪++‬ا أهم املقارب‪++‬ات‬
‫األنرتوبولوجي ‪++‬ة والسوس ‪++‬يولوجية ال ‪++‬يت اهتمت بالفع ‪++‬ل الثق ‪++‬ايف؟ ه ‪++‬ذا ماس ‪++‬وف نرص ‪++‬ده يف‬
‫كتابنا هذا الذي عنوناه بـ(سوسيولوجيا الثقاف ــة)‪ ،‬على أس‪++‬اس أن الثقاف‪++‬ة تت‪++‬أثر بأوض‪++‬اعها‬
‫اجملتمعية إجيابا وسلبا من جهة‪ ،‬وأن الثقافة هلا دور كبري يف احملافظ‪++‬ة على اجملتم‪++‬ع أو تث‪++‬ويره‬
‫أو تغيريه من جهة أخرى‪.‬‬

‫وأرجو من اهلل عز وجل أن يلقى هذا الكتاب املتواضع رضا القراء‪ ،‬وأشكر اهلل شكرا‬
‫جزيال على نعمه الكثرية‪ ،‬وأمحده على علمه وصحته وفضائله اليت ال تعد وال حتصى‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم الثقافة وما يتعل ــق بها‬


‫الميكن فهم مص ‪++‬طلح الثقاف ‪++‬ة إال بتعريفه ‪++‬ا لغ ‪++‬ة واص ‪++‬طالحا يف احلقلني الع ‪++‬ريب والغ ‪++‬ريب على‬
‫النحو التايل‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الثقافة لغ ــة واصطالحا‬


‫تش‪++‬تق كلم‪++‬ة الثقاف‪++‬ة من فع‪++‬ل ثق‪++‬ف‪ ،‬وه‪++‬و عن‪++‬د ابن منظ‪++‬ور يف قاموس‪++‬ه (لســان العــرب)‪":‬‬
‫ثقف‪ :‬ثقف الشيء ثقفا وثقافا وثقوفة‪ :‬حذقه‪ .‬ورج‪++‬ل ثق‪++‬ف وثق‪++‬ف وثق‪++‬ف‪ :‬ح‪++‬اذق فهم‪،‬‬
‫وأتبع‪++‬وه فق‪++‬الوا‪ :‬ثق‪++‬ف لق‪++‬ف‪...‬اللحي‪++‬اين‪ :‬رج‪++‬ل ثق‪++‬ف لق‪++‬ف‪ ،‬وثق‪++‬ف لق‪++‬ف‪ ،‬وثقي‪++‬ف لقي‪++‬ف‪،‬‬
‫بني الثقافة واللقافة‪ .‬ابن السكيت‪ :‬رجل ثق‪++‬ف لق‪++‬ف إذا ك‪++‬ان ض‪++‬ابطا ملا حيوي‪++‬ه قائم‪++‬ا ب‪++‬ه‪.‬‬
‫ويق ‪++‬ال‪ :‬ثق ‪++‬ف الش ‪++‬يء وه ‪++‬و س ‪++‬رعة التعلم‪ .‬ابن دري ‪++‬د ‪ :‬ثقفت الش ‪++‬يء حذقت ‪++‬ه وثقفت ‪++‬ه إذا‬
‫ظفرت به‪ .‬قال اهلل تعاىل‪ :‬فإم‪+‬ا تثقفنهم يف احلرب‪ .‬وثق‪+‬ف الرج‪+‬ل ثقاف‪+‬ة أي‪ :‬ص‪+‬ار حاذق‪+‬ا‬
‫خفيفا مثل ضخم‪ ،‬فه‪+‬و ض‪+‬خم‪ ،‬ومن‪+‬ه املثاقف‪+‬ة‪ .‬وثق‪+‬ف أيض‪+‬ا ثقف‪+‬ا مث‪+‬ل تعب تعب‪+‬ا أي‪ :‬ص‪+‬ار‬
‫حاذق‪++‬ا فطن‪++‬ا فه‪++‬و ثق‪++‬ف‪ ،‬وثق‪++‬ف مث‪++‬ل ح‪++‬ذر وح‪++‬ذر‪ ،‬ون‪++‬دس ون‪++‬دس؛ ففي ح‪++‬ديث اهلج‪++‬رة‪:‬‬
‫وه ‪++‬و غالم لقن ثق ‪++‬ف أي‪ :‬ذو فطن ‪++‬ة وذك ‪++‬اء‪ ،‬واملراد أن ‪++‬ه ث ‪++‬ابت املعرف ‪++‬ة مبا حيت ‪++‬اج إلي ‪++‬ه‪ .‬ويف‬
‫ح ‪++‬ديث أم حكيم بنت عب ‪++‬د املطلب ‪ :‬إين حص ‪++‬ان فم ‪++‬ا أكلم‪ ،‬وثق ‪++‬اف فم ‪++‬ا أعلم‪ .‬وثق ‪++‬ف‬
‫اخلل ثقافة وثقف فه‪+‬و ثقي‪+‬ف وثقي‪+‬ف ‪ -‬بالتش‪+‬ديد ‪ -‬األخ‪+‬رية على النس‪+‬ب‪ :‬ح‪+‬ذق ومحض‬
‫ج‪++‬دا‪ ،‬مث‪++‬ل بص‪++‬ل حري‪++‬ف‪ ،‬ق‪++‬ال‪ :‬وليس حبس‪++‬ن‪ .‬وثق‪++‬ف الرج‪++‬ل‪ :‬ظف‪++‬ر ب‪++‬ه‪ .‬وثقفت‪++‬ه ثقف‪++‬ا مث‪++‬ال‬
‫بلعته بلعا أي‪ :‬صادفته‪...‬‬

‫وثقفنا فالنا يف موضع كذا أي‪ :‬أخ‪++‬ذناه‪ ،‬ومص‪++‬دره الثق‪++‬ف‪ .‬ويف التنزي‪++‬ل العزي‪++‬ز‪ :‬واقتل‪++‬وهم‬
‫حيث ثقفتموهم ‪ .‬والثقاف والثقافة‪ :‬العمل بالسيف؛‬

‫‪6‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫ويف احلديث‪ :‬إذا مل ‪++‬ك اثن ‪++‬ا عش ‪++‬ر من ب ‪++‬ين عم ‪++‬رو بن كعب ك ‪++‬ان الثق ‪++‬ف والثق ‪++‬اف إىل أن‬
‫تقوم الساعة‪ ،‬يعين اخلصام واجلالد‪ .‬والثقاف‪ :‬حديدة تكون مع القواس والرم‪+‬اح يق‪+‬وم هبا‬
‫الشيء املعوج‪...‬وتثقيفها‪ :‬تسويتها‪"1.‬‬

‫يتض ‪++‬ح‪ ،‬مما س ‪++‬بق‪ ،‬أن الثقاف ‪++‬ة مش ‪++‬تقة من فع ‪++‬ل ثق ‪++‬ف ال ‪++‬ذي ي ‪++‬دل على مع ‪++‬ان ع ‪++‬دة‪ ،‬مث ‪++‬ل‪:‬‬
‫احلذق‪ ،‬وال‪++ +‬ذكاء‪ ،‬والفطن‪++ +‬ة‪ ،‬والفهم‪ ،‬وس‪++ +‬رعة التعلم‪ ،‬واحلف‪++ +‬اظ على املعرف‪++ +‬ة وامتالكه‪++ +‬ا‪،‬‬
‫وض ‪++‬بط األش ‪++‬ياء واحملتوي ‪++‬ات‪ ،‬وفهمه ‪++‬ا بش ‪++‬كل حمكم‪ ،‬وتس ‪++‬وية املع ‪++‬وج‪ ...‬ويع ‪++‬ين ه ‪++‬ذا أن‬
‫املثق ‪++‬ف ه ‪++‬و املتقن‪ ،‬وال ‪++‬ذكي‪ ،‬والف ‪++‬اهم الكيس‪ ،‬والفطن ال ‪++‬واعي ال ‪++‬ذي ي ‪++‬درك املوض ‪++‬وعات‬
‫بشكل جيد‪ ،‬واملتأين يف معرفة األشياء وتعلمها إىل درجة احلذق واإلتقان والذكاء‪.‬‬

‫أم‪++ + +‬ا الثقاف‪++ + +‬ة (‪ )Culture‬يف الق‪++ + +‬واميس الغربي‪++ + +‬ة‪ ،‬فتع‪++ + +‬ين الطق‪++ + +‬وس الديني‪++ + +‬ة يف العص‪++ + +‬ور‬
‫الوس‪++‬طى‪ .‬وبع‪++‬د ذل‪++‬ك‪ ،‬أطلقت الثقاف‪++‬ة على فالح‪++‬ة األرض‪ .‬ومل تكتس‪++‬ب دالالهتا الفكري‪++‬ة‬
‫والعلمي‪++‬ة‪ ،‬فردي‪++‬ا ومجاعي‪++‬ا‪ ،‬إال يف الق‪++‬رنني التاس‪++‬ع عش‪++‬ر والعش‪++‬رين امليالديني‪ .‬والي‪++‬وم‪ ،‬تع‪++‬ين‬
‫الثقافة التقاليد والعادات واألع‪+‬راف من جه‪+‬ة‪ ،‬واإلنت‪+‬اج األديب والفك‪+‬ري والف‪+‬ين وال‪+‬روحي‬
‫والعلمي من جهة أخرى‪.‬‬

‫وهك‪++‬ذا‪ ،‬فق‪++‬د التبس‪++‬ت الثقاف‪++‬ة‪ ،‬ع‪++‬رب الص‪++‬ريورة التارخيي‪++‬ة الغربي‪++‬ة‪ ،‬مبف‪++‬اهيم ع‪++‬دة‪ ،‬ك‪++‬الطقوس‬
‫الديني‪++ + +‬ة (‪ )Cultes‬يف العص‪++ + +‬ور الوس‪++ + +‬طى‪ ،‬وفالح‪++ + +‬ة األرض يف الق‪++ + +‬رن الس‪++ + +‬ابع عش‪++ + +‬ر‪،‬‬
‫والتك ‪++‬وين الفك ‪++‬ري وم ‪++‬دى تقدم ‪++‬ه ل ‪++‬دى الش ‪++‬خص يف الق ‪++‬رن الث ‪++‬امن عش ‪++‬ر‪ ،‬وجتاوز الثقاف ‪++‬ة‬
‫ملرحلة الطبيعة يف الدرس السوسيولوجي يف القرن التاسع عشر‪ .‬وكانت الثقافة تعين‪ ،‬سنة‬

‫‪ -‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب ‪ ،‬حرف الثاء‪ ،‬مادة ثقف‪ ،‬اجلزء الثالث‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪1‬‬

‫سنة ‪2003‬م‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫‪1862‬م‪ ،‬جممل املعارف اليت ميتلكها الفرد‪ ،‬والسيما املعارف العلمية‪ ،‬أو ما يس‪++‬مى الي‪++‬وم‬
‫بالثقافة العامة‪.‬‬

‫وبع‪++‬د منتص‪++‬ف الق‪++‬رن العش‪++‬رين‪ ،‬وبالض‪++‬بط س‪++‬نة ‪1980‬م‪ ،‬جند ق‪++‬اموس الروس الص‪++‬غري(‪le‬‬
‫‪ ) Petit Larousse‬يعرف الثقافة‪ ،‬يف إطار رؤية مجاعية‪ ،‬على أهنا جمموعة من البنيات‬
‫الدينية واالجتماعية والتظاهرات الثقافية والفنية اليت متيز جمتمعا ما‪.‬‬

‫ويف أملاني‪++‬ا‪ ،‬خيتل‪+‬ف مص‪++‬طلح الثقاف‪++‬ة عن مص‪++‬طلح احلض‪++‬ارة‪ ،‬ف‪++‬إذا ك‪++‬انت الثقاف‪++‬ة تع‪++‬ين التق‪++‬دم‬
‫الفك‪++‬ري للش‪++‬خص واجلماع‪++‬ة من الن‪++‬واحي الروحي‪++‬ة والفكري‪++‬ة والعلمي‪++‬ة‪ ،‬ف‪++‬إن احلض‪++‬ارة تع‪++‬ين‬
‫التقدم املادي يف خمتلف مظاهره العمرانية والتقنية والرتاثية‪...‬‬

‫وعلى العم ‪++ +‬وم‪ ،‬ميكن احلديث عن ن ‪++ +‬وعني من الثقاف ‪++ +‬ة‪ :‬ثقاف ‪++ +‬ة فردي ‪++ +‬ة مرتبط ‪++ +‬ة باكتس ‪++ +‬اب‬
‫املعارف‪ ،‬أو توفر الفرد على ثقافة علمية عامة تؤهله لفهم العامل وتفسريه وتأويل‪+‬ه؛ وثقاف‪+‬ة‬
‫مجاعي ‪++‬ة وجمتمعي ‪++‬ة مرتبط ‪++‬ة بثقاف ‪++‬ة ش ‪++‬عب معني‪ ،‬ل ‪++‬ه هوي ‪++‬ة متيزه وختصص ‪++‬ه مقارن ‪++‬ة بالش ‪++‬عوب‬
‫األخرى‪.‬‬

‫وخيتل ‪++‬ف مفه ‪++‬وم الثقاف ‪++‬ة من ب ‪++‬احث إىل آخ ‪++‬ر‪ ،‬بتب ‪++‬اين اجملال املع ‪++‬ريف‪ ،‬واختالف التص ‪++‬ورات‬
‫الفكري‪++‬ة والفلس‪++‬فية والقناع‪+‬ات الشخص‪++‬ية‪.‬ويع‪++‬ين ه‪+‬ذا أن الثقاف‪++‬ة " ش‪+‬أهنا ش‪+‬أن " اجلماع‪+‬ة"‪،‬‬
‫كث‪++‬رية االس‪++‬تخدام‪ ،‬ويس ‪++‬تحيل اإلش ‪++‬ارة إىل تعري ‪++‬ف وحي ‪++‬د هلا خالف التعريف ‪++‬ات العمومي ‪++‬ة‬
‫على غرار اجملال االجتماعي الذي يتم فيه إنتاج املعاين املشرتكة‪".2‬‬

‫‪ -‬جون سكوت‪ :‬علم االجتماع‪ :‬المفاهيم األساسية‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممد عثمان‪ ،‬الشبكة العربية لألحباث والنشر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الثانية‪2013 ،‬م‪ ،‬ص‪.141:‬‬


‫‪8‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫ه ‪++‬ذا‪ ،‬وق ‪++‬د أورد ألف ‪++‬رد كروب ‪++‬ر (‪ )Alfred Kroeber‬وكالي ‪++‬د كالكه ‪++‬ون (‪Clyde‬‬
‫‪ ،)Kluckhohn‬س ‪++‬نة ‪1952‬م‪ ،‬أك ‪++‬ثر من ‪ 150‬تعري ‪++‬ف للثقاف ‪++‬ة يف كتاهبم ‪++‬ا(مراجعــة‬
‫نقدية للمفاهيم والتعاريف)‪3‬؛ والسبب يف هذا التعدد هو اختالف النظري‪++‬ات واملقارب‪++‬ات‬
‫والرؤى الفلسفية واالجتماعية اليت انطلق منها الباحثون يف فهم النشاط اإلنس‪++‬اين وتقوميه‪.‬‬
‫والثقافة عند كاليد كالكهون هي" مجيع خمططات احلياة ال‪++‬يت تك‪++‬ونت على م‪++‬دى الت‪++‬اريخ‬
‫مبا يف ذلك املخططات الضمنية والصرحية والعقلية والالعقلية (غري العقلي‪++‬ة)‪ ،‬وهي موجه‪++‬ه‬
‫يف أي وقت كموجهات لسلوك الناس عند احلاجة‪"4.‬‬

‫أم ‪++‬ا الثقاف ‪++‬ة عن ‪++‬د منظره ‪++‬ا األول العالم ‪++‬ة اإلجنل ‪++‬يزي ت ‪++‬ايلور(‪ ،)Taylor‬فهي" ذل ‪++‬ك الك ‪++‬ل‬
‫املركب ال ‪++‬ذي يش ‪++‬تمل على املعرف ‪++‬ة والعقي ‪++‬دة والفن واألخالق والق ‪++‬انون والع ‪++‬ادات‪ ،‬أي‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫قدرات وعادات أخرى يكتسبها اإلنسان بصفته عضوا يف اجملتمع"‪.‬‬

‫وعلي‪+‬ه‪ ،‬تش‪+‬تمل الثقاف‪+‬ة على ك‪+‬ل م‪+‬اهو معن‪+‬وي وفك‪+‬ري وخي‪+‬ايل‪ ،‬ض‪+‬من م‪+‬ا يس‪+‬مى ب‪+‬الرتاث‬
‫الالم‪++ + + +‬ادي‪ ،‬مث‪++ + + +‬ل‪ :‬اآلداب‪ ،‬والفن‪++ + + +‬ون‪ ،‬والس‪++ + + +‬رديات‪ ،‬والت‪++ + + +‬اريخ‪ ،‬والفلس‪++ + + +‬فة‪ ،‬والفك‪++ + + +‬ر‪،‬‬
‫واإلب‪++‬داع‪...‬يف حني‪ ،‬تش‪++‬تمل التكنولوجي‪++‬ا على ك‪++‬ل م‪++‬اهو م‪++‬ادي‪ ،‬من‪ :‬ص‪++‬ناعة‪ ،‬وفالح‪++‬ة‪،‬‬
‫وعلم‪ ،‬وتقنية‪ ،‬وإعالم رقمي‪ ،‬وآثار‪ ،‬وخزف‪...‬‬

‫‪3‬‬
‫‪- (En) Cary Nelson et Dilip Parameshwar Gaonkar, Disciplinarity‬‬
‫‪and dissent in cultural studies, éd. Routledge, 1996, p. 45‬‬
‫‪ -‬نقال عن‪ :‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬محاضــرات في األنتروبولوجيــا(علم اإلنســان)‪ ،‬مكتب‪++‬ة العبيك‪++‬ان‪ ،‬الري‪++‬اض‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫السعودية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬سنة ‪2001‬م‪ ،‬ص‪.160:‬‬


‫‪ -‬نقال عن‪ :‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.160:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫وكل حضارة ثقافة‪ ،‬وليست كل ثقاف‪+‬ة حض‪+‬ارة‪ .‬فق‪+‬د ع‪+‬رف األفارق‪+‬ة واإلس‪+‬كيمو الثقاف‪+‬ة‪،‬‬
‫لكنهم مل يعرف ‪++‬وا احلض ‪++‬ارة‪ .‬بينم ‪++‬ا ع ‪++‬رف الع ‪++‬رب‪ ،‬يف العص ‪++‬ور الوس ‪++‬طى‪ ،‬الثقاف ‪++‬ة واحلض ‪++‬ارة‬
‫على حد سواء‪.‬‬

‫إذًا‪ ،‬فالثقافة جتاوز ملا بعد الطبيعة‪ ،‬ونقض ملكوناهتا البدائي‪+‬ة والوحش‪+‬ية والغريزي‪+‬ة‪ .‬ومن مث‪،‬‬
‫فهي تتم‪++ +‬يز مبجموع‪++ +‬ة من اخلص‪++ +‬ائص كوج‪++ +‬ود الق‪++ +‬وانني‪ ،‬واالحتك‪++ +‬ام إىل العق‪++ +‬ل واملنط‪++ +‬ق‬
‫واللوغ ‪++ +‬وس‪ ،‬ومتث ‪++ +‬ل العدال ‪++ +‬ة‪ ،‬وتأس ‪++ +‬يس الدول ‪++ +‬ة‪ ،‬وض ‪++ +‬بط احلري ‪++ +‬ة‪ ،‬والقض ‪++ +‬اء على العن ‪++ +‬ف‬
‫والفوض ‪++‬ى والص ‪++‬راع وح‪++‬رب الك ‪++‬ل ض ‪++‬د الك ‪++‬ل‪ ،‬ووج‪++‬ود دول ‪++‬ة املؤسس ‪++‬ات‪ ،‬وتنظيم احلي ‪++‬اة‬
‫اجلماعي‪++‬ة‪ ،‬وتوف‪++‬ري األمن واالس‪++‬تقرار وحري‪++‬ة التعب‪++‬ري‪.‬إذا‪ ،‬فالثقاف‪++‬ة طريق‪++‬ة للمعرف‪++‬ة واإلدراك‬
‫وفهم الع‪++‬امل املوض‪++‬وعي يف تفاع‪++‬ل م‪++‬ع اآلخ‪++‬ر‪ ،‬يف بيئ‪++‬ة جمتمعي‪++‬ة معين‪++‬ة‪.‬والثقاف‪++‬ة ك‪++‬ذلك فع‪++‬ل‬
‫إنساين رمزي مرتب‪+‬ط بالعق‪+‬ل واللغ‪+‬ة والقرحية الذهني‪+‬ة والفكري‪+‬ة‪ ،‬على عكس احلي‪+‬وان ال‪+‬ذي‬
‫يصدر سلوكيات فطرية وغريزية حمضة‪.‬‬

‫ومن جه‪++‬ة أخ‪++‬رى‪ ،‬يع‪++‬ود التن‪++‬وع الثق‪++‬ايف إىل تن‪++‬وع الواق‪++‬ع االجتم‪++‬اعي؛ ومبا أن الواق‪++‬ع يتغ‪++‬ري‬
‫باس‪++‬تمرار ض‪++‬من ص‪++‬ريورة جدلي‪++‬ة غ‪++‬ري متناهي‪++‬ة‪ ،‬فالثقاف‪++‬ة ب‪++‬دورها تتغ‪++‬ري باس‪++‬تمرار‪ .‬وه‪++‬ذا ه‪++‬و‬
‫ال ‪++‬ذي يس ‪++‬هم يف احلديث عن التم ‪++‬ايز الثق ‪++‬ايف‪ ،‬والتن ‪++‬وع الثق ‪++‬ايف‪ ،‬والص ‪++‬دام الثق ‪++‬ايف‪ ،‬واهلوي ‪++‬ة‬
‫الثقافية‪ ،‬واخلصوصية الثقافية‪ ،‬والصراع بني املركز واهلامش‪...‬‬

‫وخالص‪++‬ة الق‪++‬ول‪ ،‬إن الثقاف‪++‬ة أفك‪++‬ار وأش‪++‬ياء وعالق ‪++‬ات‪ ،‬وهي إدراك للع‪++‬امل واألش‪++‬ياء فهم‪++‬ا‬
‫وتفسريا وتأويال‪.‬إن اإلنسان يدرك املوض‪+‬وع املقص‪+‬ود بوعي‪+‬ه ع‪+‬رب الفع‪+‬ل والتفاع‪+‬ل والتب‪+‬ادل‬
‫الثقايف‪ .‬ومن مث‪ ،‬فاملعرفة واإليديولوجيا جزء من الثقافة اإلنسانية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الفــرق بين الحضــارة والثقافــة‬


‫من املع‪++‬روف أن احلض‪++‬ارة (‪ )Civilisation‬هي نت‪++‬اج بش‪++‬ري مرتب‪++‬ط باجله‪++‬د اإلنس‪++‬اين‪،‬‬
‫والعم ‪++‬ل ال ‪++‬دؤوب‪ ،‬وال ‪++‬زمن الت ‪++‬ارخيي‪ .‬وتنقس ‪++‬م إىل ش ‪++‬قني‪ :‬الش ‪++‬ق املادي ال ‪++‬ذي يتمث ‪++‬ل يف‬
‫التكنولوجي ‪++‬ا(‪ ،)Technologie‬وهي ك ‪++‬ل م ‪++‬ا أنتج ‪++‬ه اإلنس ‪++‬ان مادي ‪++‬ا وعمراني ‪++‬ا وتقني ‪++‬ا‬
‫وآلي ‪++‬ا إلس ‪++‬عاد البش ‪++‬رية‪.‬أم ‪++‬ا الش ‪++‬ق الث ‪++‬اين من احلض ‪++‬ارة‪ ،‬فيتمث ‪++‬ل فيم ‪++‬ا ه ‪++‬و معن ‪++‬وي وروحي‬
‫وقيمي(أي الم‪++‬ادي)‪ ،‬وه‪++‬و الثقاف‪++‬ة (‪ .)Culture‬ويقص‪++‬د هبا ك‪++‬ل م‪++‬ا أنتج‪++‬ه اإلنس‪++‬ان من‬
‫فك‪++‬ر وإب‪++‬داع وفن ودين وع‪++‬ادات وتقالي‪++‬د وأع‪++‬راف وطق‪++‬وس‪ ،‬وم‪++‬ا خلف‪++‬ه من ت‪++‬راث وآث‪++‬ار‬
‫مادية وعمرانية وتقنية وآلية ورقمية ‪...‬‬

‫وعليه‪ ،‬فالثقافة هي املعتقدات والقيم واملعايري واإليديولوجيات وكل املنتجات العقلية ال‪++‬يت‬
‫خلفه‪++‬ا اإلنس‪++‬ان الع‪++‬ارف‪ ،‬أو هي " منط احلي‪++‬اة الكلي جملتم‪++‬ع م‪++‬ا‪ ،‬والعالق‪++‬ات ال‪++‬يت ترب‪++‬ط بني‬
‫أف ‪++‬راده‪ ،‬وتوجه ‪++‬ات ه ‪++‬ؤالء األف ‪++‬راد يف حي ‪++‬اهتم"‪ ،6‬أو هي ك ‪++‬ل م ‪++‬ا يتعل ‪++‬ق ب ‪++‬العلوم والفن ‪++‬ون‬
‫واآلداب واملعتقدات والصناعات التقنية واألديان‪ .‬وبتعبري آخر‪ ،‬الثقافة هي هذه" اجملموعة‬
‫املعق ‪++ +‬دة ال ‪++ +‬يت تش ‪++ +‬مل املع ‪++ +‬ارف واملعتق ‪++ +‬دات والفن والق ‪++ +‬انون واألخالق والتقالي ‪++ +‬د وك ‪++ +‬ل‬
‫القابليات والتطبيقات األخرى اليت يكتسبها اإلنسان كعضو يف جمتمع ما" ‪.7‬‬

‫ويع‪++‬ين ه‪++‬ذا أن الثقاف‪++‬ة تش‪++‬مل املعطي‪++‬ات الفكري‪++‬ة والعاطفي‪++‬ة واملادي‪++‬ة‪ .‬وق‪++‬د عرفه‪++‬ا أن‪++‬ور عب‪++‬د‬
‫امللك بأهنا" كل ما يصور جتارب اإلنسان شعرا‪ ،‬ونثرا‪ ،‬ولونا‪ ،‬ونغمة‪ ،‬وش‪++‬كال‪ ،‬وص‪++‬ورة‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الغين عماد‪ :‬سوسيولوجيا الثقافة‪ ،‬المفاهيم واإلشكاليات من الحداثة إلى العولمة‪ ،‬مركز دراس ‪++‬ات‬ ‫‪6‬‬

‫الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل سنة ‪2006‬م‪ ،‬ص‪.10:‬‬


‫‪ -‬الطاهر لبيب‪ :‬سوسيولوجيا الثقافة‪ ،‬عيون املقاالت‪ ،‬ال‪++‬دار البيض‪++‬اء‪ ،‬املغ‪++‬رب‪،‬الطبع‪++‬ة الثاني‪++‬ة س‪++‬نة ‪،1986‬‬ ‫‪7‬‬

‫ص‪.10:‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫كل تعبري‪ -‬أيا كان شكله‪ ،‬ومنطه‪ ،‬وهدفه‪ ،‬وأصالته‪ ،‬ونوعيت‪++‬ه‪ .‬ك‪++‬ل م‪++‬ا من ش‪+‬أنه أن خيرج‬
‫أحوال الناس من برجها الذايت‪ ...‬إىل ساحة اإلدراك‪...‬والتذوق والفاعلية"‪.8‬‬

‫وإذا ك‪++ +‬انت الش‪++ +‬عوب البدائي‪++ +‬ة حتتكم إىل الطبيع‪++ +‬ة وس‪++ +‬ننها وق‪++ +‬وى األس‪++ +‬طورة وامليت‪++ +‬وس‬
‫والالهوت‪ ،‬فإن الشعوب املتحضرة حتتكم إىل الثقافة والعقل واملنط‪++‬ق واللوغ‪++‬وس واحلقيق‪++‬ة‬
‫العلمية‪.‬‬

‫وعلى العم‪++‬وم‪ ،‬فاحلض‪++‬ارة ذات ط‪++‬ابع م‪++‬ادي يتمث‪++‬ل يف م‪++‬اهو آيل وص‪++‬ناعي وعم‪++‬راين وتق‪++‬ين‬
‫من جه ‪++ +‬ة؛ وذات ط ‪++ +‬ابع الم ‪++ +‬ادي يتمث ‪++ +‬ل يف األفك ‪++ +‬ار واملعنوي ‪++ +‬ات واملتخيالت واملع ‪++ +‬ارف‬
‫والعلوم واآلداب والفنون من جهة أخرى‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مفه ــوم المثاقف ــة‬


‫تع ‪++ +‬ين كلم ‪++ +‬ة املثاقف ‪++ +‬ة ( ‪ )Acculturation‬يف ص ‪++ +‬يغتها اإلجنليزي ‪++ +‬ة‪ ،‬يف علم االجتم ‪++ +‬اع‬
‫الثق ‪++‬ايف‪ ،‬خمتل ‪++‬ف التح ‪++‬والت الثقافي ‪++‬ة ال ‪++‬يت تنتج عن االحتك ‪++‬اك الثق ‪++‬ايف بني خمتل ‪++‬ف الثقاف ‪++‬ات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬من حيث املقاومة واالندماج واالضمحالل واهليمنة‪ .‬وبتعبري آخر‪ ،‬تعين املثاقف‪++‬ة‬
‫عملي ‪++‬ة تب ‪++‬ادل املع ‪++‬ارف واملعلوم ‪++‬ات واخلربات واألفك ‪++‬ار واملش ‪++‬اعر واملمارس‪++‬ات والنص ‪++‬وص‬
‫بني الثقافات واحلضارات املنصهرة واملتالقحة واملتفاعل‪+‬ة واملتداخل‪+‬ة واملتش‪+‬ابكة فيم‪+‬ا بينه‪+‬ا‪،‬‬
‫م ‪++‬ع تب ‪++‬ادل املنتج ‪++‬ات الفكري ‪++‬ة واألدبي ‪++‬ة والفني ‪++‬ة والقيم الرمزي ‪++‬ة بني الش ‪++‬عوب املتج ‪++‬اورة أو‬
‫املتباع‪++‬دة‪ ،‬ض‪++‬من ك‪++‬ون ثق‪++‬ايف واح‪++‬د‪ ،‬ع‪++‬رب االطالع املع‪++‬ريف‪ ،‬واالحتك‪++‬اك الثق‪++‬ايف‪ ،‬والرتمجة‪،‬‬
‫واالطالع على آراء اآلخرين‪،‬وتبادل الزيارات الثقافية من بلد إىل آخر‪.‬‬

‫‪ -‬أنور عبد امللك‪ :‬دراســات في الثقافــة الوطنيــة‪ ،‬دار الطليع‪++‬ة‪ ،‬ب‪++‬ريوت‪ ،‬لبن‪++‬ان‪ ،‬الطبع‪++‬ة األوىل س‪++‬نة ‪،1967‬‬ ‫‪8‬‬

‫ص‪.7:‬‬
‫‪12‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫وقد حتيل املثاقف‪++‬ة على ص‪++‬راع احلق‪++‬ول الثقافي‪++‬ة الوطني‪++‬ة واألجنبي‪++‬ة‪ ،‬كم‪++‬ا ي‪++‬دل على ذل‪++‬ك ‪-‬‬
‫جبالء‪ -‬فعل الرتمجة‪ ،‬واالهتمام باآلداب املقارن‪++‬ة‪ ،‬ودراس‪+‬ة ص‪++‬ورة اآلخ‪+‬ر يف اآلداب احمللي‪++‬ة‪.‬‬
‫دون أن ننس ‪++‬ى الص ‪++‬راع الثق ‪++‬ايف والرم ‪++‬زي والس ‪++‬يميائي والفلس ‪++‬في واحلض ‪++‬اري والت ‪++‬ارخيي‬
‫املوجود بني املركز والفرع‪ ،‬أو صراع الثقافة اهلامشية م‪++‬ع الثقاف‪++‬ة املهيمن‪++‬ة أو املس‪++‬يطرة‪ ،‬أو‬
‫ص ‪++‬راع التقلي ‪++‬د الثق ‪++‬ايف م ‪++‬ع التجدي ‪++‬د واحلداث ‪++‬ة‪ ،‬أو ص ‪++‬راع األنس ‪++‬اق الثقافي ‪++‬ة الفرعي ‪++‬ة م ‪++‬ع‬
‫األنس‪+‬اق الثقافي‪+‬ة الك‪+‬ربى‪ .‬ويع‪+‬ين ه‪+‬ذا أن املثاقف‪+‬ة هتتم بنت‪+‬ائج عملي‪+‬ة االحتك‪+‬اك بني ثقاف‪+‬ات‬
‫األفراد واجلماعات واجملتمعات‪.‬‬

‫ه ‪++‬ذا‪ ،‬وق ‪++‬د اس ‪++‬تخدم مص ‪++‬طلح املثاقف ‪++‬ة ألول م ‪++‬رة من قب ‪++‬ل ج ‪++‬ون ويس ‪++‬لي ب ‪++‬اول ( ‪John‬‬
‫‪ )Wesley Powell‬سنة ‪1880‬م‪ ،‬يف دراساته حول امله‪++‬اجرين الق‪++‬اطنني بالوالي‪++‬ات‬
‫املتح ‪++‬دة األمريكي ‪++‬ة‪ .‬وبع ‪++‬د ذل ‪++‬ك‪ ،‬متثل ‪++‬ه أن ‪++‬رتوبولوجيو أمريك ‪++‬ا الش ‪++‬مالية‪ .‬يف حني‪ ،‬اخت ‪++‬ار‬
‫اإلجنل‪++‬يز مص‪++‬طلح التب‪++‬ادل الثق‪++‬ايف(‪ ،)cultural change‬واخت‪++‬ار اإلس‪++‬بان مص‪++‬طلح ع‪++‬رب‬
‫الثق‪++ +‬ايف(‪.)transculturation‬بينم‪++ +‬ا اخت‪++ +‬ار الفرنس‪++ +‬يون مص‪++ +‬طلح الت‪++ +‬داخل الثق‪++ +‬ايف (‬
‫‪.) interpénétration des civilisations‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مفه ــوم المثق ــف‬


‫يقصد باملثقف (‪ )L’intellectuel‬ذلك الشخص الذي ميارس العمل الذهين والعقلي‪،‬‬
‫ويع‪++ +‬ىن ب‪++ +‬التفكري والتأم‪++ +‬ل والتخيي‪++ +‬ل واإلب‪++ +‬داع املع‪++ +‬ريف‪ ،‬وينتج اآلداب والعل‪++ +‬وم والفن‪++ +‬ون‪،‬‬
‫وخيرتع التقنيات واآلليات املادية والرقمية‪.‬‬

‫ويع‪++‬رف املثق‪++‬ف أيض‪++‬ا أن‪++‬ه ذل‪++‬ك الش‪++‬خص ال‪++‬ذي ينتج ك‪++‬ل ال‪++‬دوال اللفظي‪++‬ة والبص‪++‬رية‪ ،‬من‬
‫ش‪++ + + + +‬عراء‪ ،‬ون‪++ + + + +‬اثرين‪ ،‬وكت‪++ + + + +‬اب‪ ،‬وموس‪++ + + + +‬يقيني‪ ،‬وفالس‪++ + + + +‬فة‪ ،‬وتش‪++ + + + +‬كيليني‪ ،‬وس‪++ + + + +‬ينمائيني‪،‬‬
‫ومسرحيني‪ ...‬وه‪+‬ذا إن دل على ش‪+‬يء‪ ،‬فإمنا ي‪++‬دل على م‪++‬دى تع‪++‬دد ف‪++‬روع الثقاف‪++‬ة‪ ،‬وتن‪++‬وع‬
‫حقوهلا وأنساقها‪ ،‬وكثرة أقطاهبا ومسالكها‪ ،‬وتعدد مزاوليها من البشر‪.‬‬

‫وميكن أن منيز‪ ،‬م ‪++ + +‬ع الب ‪++ + +‬احث املص ‪++ + +‬ري أن ‪++ + +‬ور عب ‪++ + +‬د املل ‪++ + +‬ك‪ ،‬بني املثقفني (بفتح الق ‪++ + +‬اف)‬
‫واملثقفني(بكس ‪++ +‬ر الق ‪++ +‬اف)‪ .‬فالفئ ‪++ +‬ة األوىل من املثقفني تتمث ‪++ +‬ل يف املتعلمني الع ‪++ +‬اديني ال ‪++ +‬ذي‬
‫يش ‪++‬تغلون بك ‪++‬ل م ‪++‬اهو ذه ‪++‬ين‪ ،‬ابت ‪++‬داء من املريب والق ‪++‬ارئ الع ‪++‬ادي إىل املرؤوس واملنف ‪++‬ذ‪ .‬أي‪:‬‬
‫كل من يعرف القراءة والكتابة؛ لكن غري قادر على قيادة اجملتمع‪ ،‬وتنويره ثقافي‪+‬ا وإعالمي‪+‬ا‬
‫وأدبيا ومعرفيا؛ بسبب عج‪+‬ز ه‪+‬ذا املثق‪+‬ف عن اإلب‪+‬داع واإلنت‪+‬اج الفك‪+‬ري‪ .‬أم‪+‬ا الفئ‪+‬ة الثاني‪+‬ة‪،‬‬
‫فاملقص ‪++‬ود هبا"ال ‪++‬ذين يش ‪++‬تغلون يف أعم ‪++‬ال تس ‪++‬عى لنش ‪++‬ر الثقاف ‪++‬ة بني اجلم ‪++‬اهري الواس ‪++‬عة من‬
‫الن ‪++ + +‬اس‪..‬أو إىل تك ‪++ + +‬وين فئ ‪++ + +‬ة املثقفني الع ‪++ + +‬اديني"‪ .9‬ويع ‪++ + +‬ين ه ‪++ +‬ذا أن املثقفني هم املنتج ‪++ + +‬ون‬
‫واملب‪++ +‬دعون يف اجملتم‪++ +‬ع‪ ،‬يش‪++ +‬كلون النخب‪++ +‬ة القيادي‪++ +‬ة املتن‪++ +‬ورة بفك‪++ +‬رهم وعلمهم ومع‪++ +‬رفتهم‬
‫وثقافتهم‪.‬‬

‫‪ --‬أنور عبد امللك‪ :‬دراسات في الثقافة الوطنية‪ ،‬ص‪.201:‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬منابع الثقافة ومصادرها‬


‫تتمث ‪++‬ل من ‪++‬ابع الثقاف ‪++‬ة‪ ،‬عن ‪++‬د املثق ‪++‬ف املتن ‪++‬ور‪ ،‬يف املص ‪++‬در الط ‪++‬بيعي عن طري ‪++‬ق حماك ‪++‬اة الطبيع ‪++‬ة‬
‫وجتاوزه‪++‬ا وخلقه‪++‬ا‪ ،‬أو اس‪++‬تغالل الطبيع‪++‬ة واس‪++‬تثمارها‪ ،‬والص‪++‬راع معه‪++‬ا ج‪++‬دليا للتحكم فيه‪++‬ا‬
‫خمافة من رعبها‪ ،‬واتقاء كوارثها اخلطرية ال‪++‬يت هتدد حي‪++‬اة اإلنس‪++‬ان وبق‪++‬اءه‪ .‬وال يقتص‪++‬ر ه‪+‬ذا‬
‫الص‪++‬راع على م‪++‬ا ه‪++‬و ط‪++‬بيعي فق‪++‬ط‪ ،‬ب‪++‬ل يتع‪++‬داه إىل الص‪++‬راع ال‪++‬داخلي‪ ،‬والص‪++‬راع م‪++‬ع األف‪++‬راد‬
‫من ب‪++‬ين جمتمع‪++‬ه‪ ،‬والص‪++‬راع م‪++‬ع مقابل‪++‬ه اجلنس‪++‬ي ال‪++‬ذي يتمث‪++‬ل يف املرأة‪ ،‬ناهي‪++‬ك عن الص‪++‬راع‬
‫االجتماعي والصراع الطبقي‪.10‬‬

‫واهلدف من الثقافة ه‪+‬و حتقي‪++‬ق املتع‪++‬ة الوجداني‪++‬ة واملنفع‪++‬ة املادي‪++‬ة‪ .‬أي‪ :‬يع‪++‬رب املثق‪++‬ف عن نقص‬
‫ش ‪++‬عوري والش ‪++‬عوري‪ .‬ويع ‪++‬رب أيض ‪++‬ا عن حرم ‪++‬ان على مس ‪++‬توى حتقي ‪++‬ق الرغب ‪++‬ات وال ‪++‬نزوات‬
‫واإلش‪++ + +‬باع املادي‪ .‬ومن مث‪ ،‬فالثقاف‪++ + +‬ة تع‪++ + +‬ويض عن النقص واحلرم‪++ + +‬ان والكبت‪ .‬وتس‪++ + +‬تلزم‬
‫الثقافة‪ ،‬إىل ج‪+‬انب املتع‪+‬ة واملنفع‪+‬ة‪ ،‬ثنائي‪+‬ات أخ‪+‬رى ك‪+‬اللعب والعم‪+‬ل‪ ،‬والش‪+‬كل واملض‪+‬مون‪،‬‬
‫والعقل والعاطفة‪ .‬ويقول بوعلي ياسني‪ ":‬إن املثق‪+‬ف األديب أو الفن‪+‬ان اليق‪+‬دم مض‪+‬مونا أو‬
‫ش ‪++‬كال‪ ،‬ب ‪++‬ل يق ‪++‬دم نفع ‪++‬ا و‪/‬أو إمتاع ‪++‬ا‪ .‬والميكن أن يك ‪++‬ون هن ‪++‬اك عم ‪++‬ل ف ‪++‬ين دون مض ‪++‬مون‬
‫تثقيفي أو إمتاعي‪ .‬إمنا اخلالف على األولوية بني املض‪++‬مون والش‪++‬كل‪ .‬ل‪++‬وال وج‪++‬ود الص‪++‬راع‬
‫الطبقي‪ ،‬أي ل‪+‬و مل يكن االس‪+‬تغالل واالض‪+‬طهاد من مكون‪+‬ات جمتمعن‪+‬ا‪ ،‬ملا اختلفن‪+‬ا م‪+‬ع أح‪+‬د‬
‫ح‪++‬ول أن الش ‪++‬كل ه‪++‬و املقي ‪++‬اس الوحي ‪++‬د يف النق ‪++‬د الف ‪++‬ين أو األديب‪ ،‬واألص ‪++‬ح أن نق ‪++‬ول‪ :‬ل ‪++‬وال‬
‫الص ‪++‬راع الطبقي‪ ،‬ملا ك ‪++‬ان مثة ف ‪++‬رق بني املض ‪++‬مون والش ‪++‬كل‪ ،‬ولك ‪++‬انت مق ‪++‬اييس اجلم ‪++‬ال يف‬

‫‪ -‬بوعلي ياسني‪ :‬ينابيع الثقافة ودورها في الصراع االجتماعي‪ ،‬الناشر امللتقى‪ ،‬املطبعة ‪، infoedition‬‬ ‫‪10‬‬

‫الطبعة الثانية املغرب‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬صص‪.27-6:‬‬


‫‪15‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫جوهره‪++‬ا واح‪++‬دة يف تق‪++‬ييم األعم‪++‬ال الفني‪++‬ة ل‪++‬دى ك‪++‬ل جمتم‪++‬ع أو ل‪++‬دى ك‪++‬ل مجاع‪++‬ة بش‪++‬رية يف‬
‫‪11‬‬
‫مرحلة زمنية معينة"‪.‬‬

‫إذًا‪ ،‬الميكن احلديث عن ثنائي‪++ +‬ة الش‪++ +‬كل واملض‪++ +‬مون يف املنتج الثق‪++ +‬ايف‪ ،‬س‪++ +‬واء أك‪++ +‬ان هن‪++ +‬اك‬
‫صراع طبقي أو مل يكن ذلك‪ ،‬فالشكل يدل بطبيعته السيميائية والرمزية‪ .‬مبعىن ليس هناك‬
‫مضمون وش‪+‬كل كم‪+‬ا يعتق‪+‬د الكث‪+‬ري من الب‪+‬احثني والنق‪+‬اد واملثقفني‪ ،‬ب‪+‬ل هن‪+‬اك عنص‪+‬ر واح‪+‬د‬
‫ه‪++‬و الش‪++‬كل فق‪++‬ط‪.‬بي‪++‬د أن ه‪++‬ذا الش‪++‬كل ي‪++‬دل‪.‬أي‪ :‬حيم‪++‬ل دالالت ومع‪++‬اين ص‪++‬رحية أو مض‪++‬مرة‬
‫عرب النسق العالمايت أوالسيميائي‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وخيتلف املثقف االحرتايف الفردي املتخص‪++‬ص أو املوس‪+‬وعي عن املثق‪++‬ف الش‪++‬عيب ال‪++‬ذي‬
‫يبدو فاعال مجاعيا‪ ،‬يعتمد على الذاكرة اجلماعية‪ ،‬وحيمل يف جعبت‪+‬ه مهوم الطبق‪+‬ة الكادح‪+‬ة‪،‬‬
‫ويعرب عنها بطريقة عفوية ساذجة أو ثورية‪ ،‬أو يذعن يف تعبريه لسلطة الفئة احلاكمة خوفا‬
‫وت ‪++‬ذلال وتزلف ‪++‬ا‪ .‬ومن مسات ه ‪++‬ذه الثقاف ‪++‬ة الش ‪++‬عبية االرتك ‪++‬ان إىل الرواي ‪++‬ة اجلماعي ‪++‬ة‪ ،‬وتف ‪++‬تيق‬
‫الذاكرة‪ ،‬واستخدام اللغة الشفوية‪ ،‬وامليل إىل التشخيص احلسي املادي الواقعي‪...‬‬

‫وعلى العم‪++‬وم‪ ،‬تتمث‪++‬ل مص‪++‬ادر الثقاف‪++‬ة يف ال‪++‬دين‪ ،‬واجملتم‪++‬ع‪ ،‬والت‪++‬اريخ‪ ،‬وال‪++‬رتاث‪ ،‬والتج‪++‬ارب‬
‫الفردي ‪++ +‬ة واجلماعي ‪++ +‬ة‪ ،‬والتفاع ‪++ +‬ل م ‪++ +‬ع الواق ‪++ +‬ع املوض ‪++ +‬وعي‪ ،‬إىل ج ‪++ +‬انب الع ‪++ +‬ادات والتقالي ‪++ +‬د‬
‫واألعراف والقيم‪.‬‬

‫ويك‪++‬ون التعب‪++‬ري عنه‪++‬ا بطرائ‪++‬ق فني‪++‬ة خمتلف‪++‬ة‪ ،‬تت‪++‬أرجح بني التمث‪++‬ل واالكتس‪++‬اب من جه‪++‬ة أوىل‪،‬‬
‫واإلنتاج واإلضافة والتعديل من جهة ثانية‪ ،‬واإلبداع واخللق والتجاوز من جهة ثالثة‪...‬‬

‫‪ -‬بوعلي ياسني‪ :‬ينابيع الثقافة ودورها في الصراع االجتماعي‪ ،‬ص‪.27-26:‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المبحث الثالث‪ :‬أنــواع الثقافــة‬


‫ميكن احلديث عن أن‪++ + +‬واع ع‪++ + +‬دة من الثقاف‪++ + +‬ة البش‪++ + +‬رية واإلنس‪++ + +‬انية يف جمال علم االجتم‪++ + +‬اع‬
‫الثق ‪++‬ايف‪ .‬فهن ‪++‬اك الثقاف ‪++‬ة الفردي ‪++‬ة مقاب ‪++‬ل الثقاف ‪++‬ة اجلماعي ‪++‬ة؛ والثقاف ‪++‬ة الذكوري ‪++‬ة مقاب ‪++‬ل الثقاف ‪++‬ة‬
‫النس ‪++‬وية؛ والثقاف ‪++‬ة الواعي ‪++‬ة مقاب ‪++‬ل الثقاف ‪++‬ة الالواعي ‪++‬ة أو املس ‪++‬تلبة؛ والثقاف ‪++‬ة الفطري ‪++‬ة املوروث ‪++‬ة‬
‫مقاب ‪++‬ل الثقاف ‪++‬ة املكتس ‪++‬بة؛ والثقاف ‪++‬ة العقلي ‪++‬ة مقاب ‪++‬ل الثقاف ‪++‬ة التجريبي ‪++‬ة؛ والثقاف ‪++‬ة املثالي ‪++‬ة مقاب ‪++‬ل‬
‫الثقاف‪++ +‬ة املوض‪++ +‬وعية أو الوض‪++ +‬عية أو الواقعي‪++ +‬ة أو املادي‪++ +‬ة؛ والثقاف‪++ +‬ة الش‪++ +‬فوية مقاب‪++ +‬ل الثقاف‪++ +‬ة‬
‫املكتوب ‪++‬ة؛ والثقاف ‪++‬ة العاملة مقاب ‪++‬ل الثقاف ‪++‬ة الش ‪++‬عبية؛ والثقاف ‪++‬ة الورقي ‪++‬ة مقاب ‪++‬ل الثقاف ‪++‬ة الرقمي ‪++‬ة؛‬
‫والثقافة الذهنية مقابل الثقافة اليدوية أو املهنية أو العملية‪.‬‬

‫وهن‪++‬اك أيض‪++‬ا ثقاف‪++‬ة النبالء من األرس‪++‬تقراطيني والبورج‪++‬وازيني مقاب‪++‬ل ثقاف‪++‬ة العام‪++‬ة؛ وثقاف‪++‬ة‬
‫اجلم‪++‬اهري مقاب‪++‬ل ثقاف‪++‬ة النخب‪++‬ة؛ وثقاف‪++‬ة املثق‪++‬ف (بفتح الق‪++‬اف) مقاب‪++‬ل ثقاف‪++‬ة املثق‪++‬ف (بكس‪++‬ر‬
‫الق‪++‬اف)؛ والثقاف‪++‬ة الس‪++‬امية الراقي‪++‬ة مقاب‪++‬ل الثقاف‪++‬ة العامي‪++‬ة؛ والثقاف‪++‬ة املتن‪++‬ورة (الثقاف‪++‬ة الك‪++‬ربى)‬
‫مقاب‪++ +‬ل الثقاف‪++ +‬ة الس‪++ +‬ائدة (القيم والع‪++ +‬ادات والتقلي‪++ +‬د وطرائ‪++ +‬ق العم‪++ +‬ل أو الرؤي‪++ +‬ة)؛ والثقاف‪++ +‬ة‬
‫املركزي‪++‬ة مقاب‪++‬ل الثقاف‪++‬ة الفرعي‪++‬ة؛ والثقاف‪++‬ة الس‪++‬ائدة واملهيمن‪++‬ة مقاب‪++‬ل الثقاف‪++‬ة اهلامش‪++‬ية؛ وثقاف‪++‬ة‬
‫األنا مقابل ثقافة اآلخر؛ والثقافة احمللية أو اخلاصة مقابل الثقافة الكونية أو العاملية‪...‬‬

‫وختتل‪++‬ف الثقاف‪++‬ة من جمال مع‪++‬ريف إىل آخ‪++‬ر‪ ،‬أو من نس‪++‬ق ثق‪++‬ايف حملي إىل نس‪++‬ق ثق‪++‬ايف أجن‪++‬يب‪،‬‬
‫أو من حقل ثقايف إىل حقل آخر مبفهوم بي‪++‬ري بوردي‪++‬و(‪ )P. Bourdieu‬للحق‪++‬ل الثق‪++‬ايف‪،‬‬
‫فثقافة رجل العلوم ختتلف عن ثقافة رج‪+‬ل اآلداب والفن‪++‬ون‪ .‬كم‪++‬ا ختتل‪+‬ف ثقاف‪++‬ة الفيلس‪++‬وف‬
‫عن ثقافة الرجل األدب‪ ،‬ورجل الدين‪ ،‬ورجل العرفان‪...‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المبحث الرابع‪ :‬نش ــأة الثقافـ ــة‬


‫من املعل ‪++‬وم أن الكتاب ‪++‬ة هي املعي ‪++‬ار احلقيقي للتمي ‪++‬يز بني الثقاف ‪++‬ة والطبيع ‪++‬ة من جه ‪++‬ة‪ ،‬أو بني‬
‫العصور التارخيية وما قبل التاريخ من جه‪+‬ة أخ‪+‬رى‪ .‬وبالت‪+‬ايل‪ ،‬يص‪+‬عب علين‪+‬ا معرف‪+‬ة اإلنس‪+‬ان‬
‫يف فرتة ما قبل التدوين والتسجيل والكتابة‪ ،‬إال ما تقدم‪++‬ه لن‪++‬ا احلفري‪++‬ات واآلث‪++‬ار واملعطي‪++‬ات‬
‫األنرتوبولوجي‪++‬ة واألركيولوجي‪++‬ة‪ .‬وعلى ال‪++‬رغم من ذل‪++‬ك‪ ،‬ميكن تقس‪++‬يم ف‪++‬رتة ماقب‪++‬ل الت‪++‬اريخ‬
‫إىل ثالث ‪++‬ة عص ‪++‬ور أساس ‪++‬ية‪ :‬العص ‪++‬ر احلج ‪++‬ري‪ ،‬والعص ‪++‬ر ال ‪++‬ربونزي‪ ،‬والعص ‪++‬ر احلدي ‪++‬دي‪ .‬يف‬
‫حني‪ ،‬تنقس ‪++ +‬م مرحل ‪++ +‬ة الت ‪++ +‬اريخ إىل العه ‪++ +‬د الق ‪++ +‬دمي‪ ،‬والعص ‪++ +‬ر الوس ‪++ +‬يط‪ ،‬والعص ‪++ +‬ر احلديث‪،‬‬
‫والعصر املعاصر‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬تعد نشأة اإلنسان ف‪+‬وق البس‪+‬يطة قض‪+‬ية علمي‪+‬ة ش‪+‬ائكة يف جمال األنرتوبولوجي‪+‬ا أو‬
‫علم اإلنس‪++‬ان؛ نظ‪+‬را لتض‪++‬ارب اآلراء بني الب‪++‬احثني‪ ،‬واختالف أق‪++‬واهلم يف ذل‪++‬ك‪ .‬وق‪++‬د أثبتت‬
‫الدراسات اإلنسانية واحلفري‪+‬ة واألثري‪+‬ة أن املرحل‪+‬ة األوىل لظه‪+‬ور اإلنس‪+‬ان ك‪+‬ان من‪+‬ذ ثالثين‬
‫مليون سنة‪ ،‬مع ظهور ن‪+‬وع من الث‪+‬دييات القردي‪+‬ة والبش‪+‬رية الص‪+‬غرية ال‪+‬يت التتج‪+‬اوز نص‪+‬ف‬
‫م‪++‬رت‪ ،‬وك‪++‬ان ظهوره‪++‬ا مبص‪++‬ر القدمية‪ .‬ويف ه‪++‬ذا الص‪++‬دد‪ ،‬يق‪++‬ول ع‪++‬دنان أمحد مس‪++‬لم‪ ":‬ك‪++‬انت‬
‫املرحلة األوىل منذ ثالثين مليون سنة‪ ،‬ومتثلت بظهور نوع من الثدييات القردية والبش‪++‬رية‬
‫ال‪++‬يت مل يكن ط‪++‬ول قامته‪++‬ا يتج‪++‬اوز نصف مـتر‪ ،‬ومل يكن يف فمه‪++‬ا س‪++‬وى نص‪++‬ف ف‪++‬ك‪ ،‬وق‪++‬د‬
‫ع‪++‬ثر على بقاي‪++‬ا هياك‪++‬ل عظمي‪++‬ة هلذه النم‪++‬اذج األوىل يف منطقة الفيـوم جنـوب القـاهرة‪ .‬مما‬
‫يع‪++‬ين أن أرض مصــر القديمــة ق‪++‬د تك‪++‬ون امله‪++‬د األول للبش‪++‬رية‪ .‬وق‪++‬د ع‪++‬رفت ه‪++‬ذه النم‪++‬اذج‬
‫‪12‬‬
‫باسم (بروبليوباتاك)‪".‬‬

‫‪ -‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.29:‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫أما املرحلة الثانية‪ ،‬فهي مرحلة اإلنس‪++‬ان (راماباتاك) ال‪++‬ذي ظه‪++‬ر من‪++‬ذ خمسة عشــر مليــون‬
‫سنة يف إفريقيا وأوروبا وآسيا‪ ،‬وقد متيزت هذه النماذج البشرية " حبجم اجلمجم‪+‬ة األك‪+‬رب‬
‫بكث ‪++‬ري من حجم مججم ‪++‬ة النم ‪++‬وذج الفي ‪++‬ومي املص ‪++‬ري األول‪ ،‬لكن مس ‪++‬احة الوج ‪++‬ه أض ‪++‬يق‪،‬‬
‫وعدد األسنان أقل‪.‬وقد عاشت هذه الساللة يف الغابات إمجاال‪ ،‬وكانت تعتم‪++‬د يف غ‪++‬ذائها‬
‫على العش ‪++‬ب والنب ‪++‬ات بش ‪++‬كل رئيس‪.‬ويب ‪++‬دو أهنا ك ‪++‬انت تس ‪++‬تعمل احلج ‪++‬ارة لتحطيم عظ ‪++‬ام‬
‫‪13‬‬
‫احليوانات لكي تتغذى بالنخاع العظمي‪".‬‬

‫أما املرحلة الثالثة‪ ،‬فتس‪+‬مى مبرحل‪+‬ة النم‪+‬وذج األس‪+‬رتايل‪ ،‬وق‪+‬د ظه‪+‬ر بأفريقي‪+‬ا من‪+‬ذ س‪+‬تة ماليني‬
‫ع‪++‬ام‪ ،‬ويس‪++‬مى أيض‪++‬ا مبا قب‪++‬ل اإلنس‪++‬ان‪ ،‬و" وق‪++‬د احتف‪++‬ظ مبعظم املالمح العام‪++‬ة (للراماباتاك)‪،‬‬
‫وإن ك‪+‬ان متيز عن‪+‬ه بارتف‪+‬اع حجم اجلمجم‪+‬ة إىل س‪+‬ت مائ‪+‬ة س‪+‬نتمرت مكعب ب‪+‬دل أرب‪+‬ع مئ‪+‬ة‪،‬‬
‫لكن مساحة الوجه ظلت ضيقة‪.‬ويبدو أن اإلنسان األس‪+‬رتايل ق‪++‬د حق‪++‬ق تط‪+‬ورا خط‪+‬ريا ج‪+‬دا‬
‫بالنس‪++‬بة ملس‪++‬ار الن‪++‬وع البش‪++‬ري؛ ذل‪++‬ك أن‪++‬ه بع‪++‬د أن ك‪++‬انت مناذج املرحل‪++‬تني الس‪++‬ابقتني ت‪++‬دب‬
‫على أطرافها األربعة‪ ،‬مشى اإلنسان األسرتايل على قدميه فقط‪...‬وه‪+‬ذه املرحل‪+‬ة األس‪+‬رتالية‬
‫‪14‬‬
‫هي اليت يصطلح العلماء على تسميتها مبرحلة ماقبل التاريخ أو فجر التاريخ‪".‬‬

‫أما املرحلة الرابعة‪ ،‬فهي مرحلة اإلنسان الع‪++‬ارف أو احلاذق(هوموهابيلوس)‪ ،‬وك‪++‬ان ذل‪++‬ك‬
‫من ‪++‬ذ مليــونين ونصــف المليــون عــام‪ "،‬وه ‪++‬و نس ‪++‬خة متط ‪++‬ورة لنم ‪++‬وذج اإلنس ‪++‬ان األس ‪++‬رتايل‬
‫يتم‪++‬يز عن‪++‬ه بأن‪++‬ه أط‪++‬ول قام‪++‬ة‪ ،‬وحجم ال‪++‬دماغ ص‪++‬ار ‪-‬هن‪++‬ا‪ -‬أك‪++‬رب بكث‪++‬ري(مثان مائ‪++‬ة س‪++‬نتيمرت‬
‫مكعب بدل ست مائة)‪ ،‬كما أن قوام‪+‬ه اس‪+‬تقام عمودي‪+‬ا‪ ،‬بع‪+‬دما ك‪+‬ان ق‪+‬وام األس‪+‬رتايل م‪+‬ائال‬
‫إىل االحنن‪++‬اء‪.‬كم‪++‬ا متيز اإلنس‪++‬ان احلاذق بقدرت‪++‬ه على ق‪++‬رض أي ش‪++‬يء‪ ،‬س‪++‬واء أك‪++‬ان حلمي‪++‬ا أم‬

‫‪ -‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.29:‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪ -‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.30-29:‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫نباتي‪++‬ا‪ ،‬وذل‪++‬ك بفض‪++‬ل أس‪++‬نانه األق‪++‬وى‪ ،‬واألك‪++‬رب ع‪++‬ددا‪ ،‬واألك‪++‬ثر تنوع‪++‬ا‪ ،‬مما جعل‪++‬ه ق‪++‬ادرا على‬
‫التأقلم مع أي نوع من البيئة‪"15.‬‬

‫وأكثر من هذا‪ ،‬فقد عرف هذا اإلنسان احلاذق العارف الص‪+‬يد‪ ،‬وس‪+‬كن األك‪+‬واخ‪ ،‬وص‪+‬نع‬
‫أدواته احلجرية‪ ،‬وحتول حنو جمتمع أس‪+‬ري‪ ،‬وق‪++‬د انبث‪++‬ق عن ه‪+‬ذا الك‪++‬ائن م‪++‬ا يس‪++‬مى باإلنس‪++‬ان‬
‫البن‪++‬اء (هوموأزيكتوس) ال‪++‬ذي ظه‪++‬ر بأفريقي‪++‬ا‪ ،‬وانتش‪++‬ر يف خمتل‪++‬ف من‪++‬اطق الع‪++‬امل‪ ،‬وخاص‪++‬ة يف‬
‫الصني وفلسطني القدمية‪ ،‬وكان ذلك منذ مليون وخمسمائة ألف عــام‪ ".‬وق‪++‬د متيز إنس‪++‬ان‬
‫هذه املرحلة بتحقي‪+‬ق تق‪+‬دم مهم يف تط‪+‬وير أدوات الص‪+‬يد‪ ،‬كم‪+‬ا أح‪+‬رز تق‪+‬دما مهم‪+‬ا يف جمال‬
‫‪16‬‬
‫إحكام سيطرته التامة على النار‪ ،‬وإخضاعها لالستخدام يف معظم أوجه حياته‪".‬‬

‫وبع ‪++‬د ذل ‪++‬ك‪ ،‬ظه ‪++‬ر اإلنس ‪++‬ان العاق ‪++‬ل العاق ‪++‬ل (الهوموســابينس) وه ‪++‬و اجلد األق ‪++‬رب لإلنس ‪++‬ان‬
‫احلديث‪ ،‬كان ذلك منذ مائيت ألف سنة‪ " ،‬وقد متيز بقامته األطول‪ ،‬وجبمجمته األض‪++‬خم‪،‬‬
‫ومبساحة وجهه األوسع‪"17.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تبقى هذه النظريات والتصورات األنرتوبولوجية نس‪++‬بية وافرتاض‪++‬ية واحتمالي‪++‬ة‪ ،‬قابل‪++‬ة‬
‫للنق ‪++‬اش العلمي‪ ،‬كلم ‪++‬ا توص ‪++‬ل الب ‪++‬احثون إىل مكتش ‪++‬فات أثري ‪++‬ة وأركيولوجي ‪++‬ة جدي ‪++‬دة‪ ،‬فال‬
‫أح‪++‬د" يعلم على وج‪++‬ه اليقني م‪++‬ىت بالتحدي‪++‬د ظه‪++‬ر أول إنس‪++‬ان‪ ،‬فتحدي‪++‬د ب‪++‬دايات الش‪++‬يء من‬
‫أص‪++‬عب م‪++‬ا يك‪++‬ون‪ ،‬فالب‪++‬دايات تك‪++‬ون غ‪++‬ري واض‪++‬حة أحيان‪++‬ا‪ ،‬ألن التغ‪++‬ريات ال‪++‬يت ت‪++‬ؤثر عليه‪++‬ا‬
‫حتدث دائما عرب عملية التطور‪ .‬أي‪ :‬تراكم تغيريات صغرية‪ ،‬وأحيانا صغرية جدا‪ ،‬ولكنها‬
‫مهم‪++‬ة‪ ،‬ل‪++‬ذلك ال نس‪++‬تطيع حتدي‪++‬د تل‪++‬ك النقط‪++‬ة ال‪++‬يت يس‪++‬عنا عن‪++‬دها الق‪++‬ول‪" :‬ه‪++‬ذه هي نقط‪++‬ة‬

‫‪ -‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.31:‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪ -‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.32:‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪ -‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.32:‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫البداية بالضبط »‪ .‬مبعىن أنه ال نستطيع تش‪+‬خيص بداي‪+‬ة حمددة لإلنس‪+‬ان‪ ،‬كم‪+‬ا ه‪+‬و احلال يف‬
‫صعوبة حتديد بداية للكون‪ ،‬أو بداية أصل احلياة‪ ،‬ولكنا نستطيع حتديد حقب زمني‪++‬ة معين‪++‬ة‬
‫‪18‬‬
‫شهدت بدايات التغريات على الرئيسيات العليا اليت أفضت لظهور اإلنسان‪".‬‬

‫وعلى العم ‪++‬وم‪ ،‬فقب ‪++‬ل أن يتح ‪++‬ول املخل ‪++‬وق البش ‪++‬ري إىل إنس ‪++‬ان عاق ‪++‬ل‪ ،‬كم ‪++‬ا ه ‪++‬و اإلنس ‪++‬ان‬
‫اليوم‪ ،‬فقد م‪+‬ر مبجموع‪+‬ة من التح‪+‬والت البيولوجي‪+‬ة والدماغي‪+‬ة والعقلي‪+‬ة؛ نتيج‪+‬ة جملموع‪+‬ة من‬
‫العوامل املناخية والوراثية‪ ،‬فقد بدأ باملالمح القردية وصوال إىل اكتس‪++‬اب املالمح اإلنس‪++‬انية‬
‫املعاصرة‪ .‬ومن هنا‪ " ،‬تشري األحباث احلفرية إىل أنه‪ ،‬قبل حنو ‪ 35‬مليون عام‪ ،‬ظهر أوائل‬
‫األس‪++‬الف احلقيق‪++‬يني املش ‪++‬رتكني لإلنس‪++‬ان وللق‪++‬ردة‪ .‬أي‪ :‬الرئيس‪++‬يات العلي‪++‬ا ال‪++‬يت انع‪++‬زلت يف‬
‫الق‪++‬ارة اإلفريقي‪++‬ة‪ ،‬حني ك‪++‬انت كله‪++‬ا عب‪++‬ارة عن جزي‪++‬رة‪ .‬وتش‪++‬ري الدراس‪++‬ات اجليولوجي‪++‬ة أن‪++‬ه‪،‬‬
‫قبل حنو ‪ 17‬مليون عام‪ ،‬التقت الصفيحة اإلفريقية العربي‪++‬ة بالص‪++‬فيحة األوروبي‪++‬ة اآلس‪++‬يوية‪،‬‬
‫مما ش ‪++‬كل جس ‪++‬را بري ‪++‬ا بني تل ‪++‬ك الق ‪++‬ارات‪ ،‬مسح من خالل ‪++‬ه للكائن ‪++‬ات احلي ‪++‬ة أن تتنق ‪++‬ل فيم ‪++‬ا‬
‫‪19‬‬
‫بينها‪".‬‬

‫وبع ‪++‬د ذل ‪++‬ك‪ ،‬ظه ‪++‬رت جمموع ‪++‬ة من األن ‪++‬واع اإلنس ‪++‬انية‪ ،‬مث ‪++‬ل اإلنس ‪++‬ان األس ‪++‬رتايل‪ ،‬واإلنس ‪++‬ان‬
‫العاقل‪ ،‬واإلنسان البناء‪ ،‬واإلنسان العاقل العاقل‪...‬‬

‫‪ -‬عبد الغين سالمة‪(:‬ظهور اإلنسان)‪ ،‬موقع الحوار المتمدن‪ ،‬العدد‪13/08/2011 ،3455:‬م‪،‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=271173‬‬
‫‪ -‬عبد الغين سالمة‪(:‬ظهور اإلنسان)‪ ،‬الرابط نفسه‪.‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫" ومن ه ‪++‬ذا املنطل ‪++‬ق‪ ،‬ميكن ع ‪++‬د (هوموهــابيلوس) احلاذق (العاق ‪++‬ل) األب احلقيقي إلنس ‪++‬ان‬
‫األزمن‪++ +‬ة احلديث‪++ +‬ة‪ ،‬مما يع‪++ +‬ين أن عم‪++ +‬ر البش‪++ +‬رية احلالي‪++ +‬ة ي‪++ +‬رقى إىل ملي‪++ +‬ونني ونص‪++ +‬ف امللي‪++ +‬ون‬
‫سنة‪.‬وذلك أن املراحل السابقة (للهابيلوس) مل تكن سوى مقدمة للنموذج البشري‪".20‬‬

‫وعلى أي ح‪++‬ال‪ ،‬فق‪++‬د حتققت جمموع‪++‬ة من التط‪++‬ورات ال‪++‬يت مس‪++‬ت الك‪++‬ائن البش‪++‬ري؛ ويرج‪++‬ع‬
‫ذلك إىل عوامل مناخية وجيولوجية عدة‪ ،‬حلقت الكرة األرضية من‪++‬ذ عش‪++‬رين ملي‪++‬ون س‪++‬نة‪.‬‬
‫وقد ترتب عن ذلك التطور أن انتقل اإلنس‪+‬ان من ك‪+‬ائن بيول‪+‬وجي حي‪+‬واين إىل ك‪+‬ائن ثق‪+‬ايف‬
‫وحض ‪++ +‬اري‪ ،‬يس ‪++ +‬تعمل اللغ ‪++ +‬ة أداة رمزي‪++ + +‬ة للتعب ‪++ +‬ري والتواص ‪++ +‬ل‪ ،‬مث يع ‪++ +‬ىن بالبن ‪++ +‬اء األس‪++ + +‬ري‬
‫واالجتماعي‪.‬‬

‫ويع‪++‬ين ه‪++‬ذا أن الثقاف‪++‬ة ظه‪++‬رت م‪++‬ع اإلنس‪++‬ان العاق‪++‬ل العاق‪++‬ل أواحلاذق(الهوموسـابينس)‪ ،‬بع‪++‬د‬
‫ختلص ‪++‬ه من ك ‪++‬ل املظ ‪++‬اهر الطبيعي ‪++‬ة والبدائي ‪++‬ة والوحش ‪++‬ية على مس ‪++‬توى الس ‪++‬لوك واملمارس ‪++‬ة‬
‫والتفاعل‪.‬‬

‫ويعين هذا أن الفعل الثقايف قد بدأ مع اإلنسان احلديث املتحض‪+‬ر واملتم‪+‬دن‪ ،‬وإن ك‪+‬ان ه‪+‬ذا‬
‫اإلنس ‪++‬ان يش ‪++‬رتك م ‪++‬ع احلي ‪++‬وان يف م ‪++‬اهو غري ‪++‬زي وجنس ‪++‬ي وانفع ‪++‬ايل وعض ‪++‬وي‪ .‬أي‪ :‬جيم ‪++‬ع‬
‫اإلنس‪++‬ان بني م‪++‬اهو غري‪++‬زي وثق‪++‬ايف‪ .‬وبالت‪++‬ايل‪ ،‬فه‪++‬و ك‪++‬ائن بيوثق‪++‬ايف بامتي‪++‬از‪ .‬مبع‪++‬ىن أن‪++‬ه إنس‪++‬ان‬
‫غري‪++‬زي يتص‪++‬رف مث‪++‬ل الكائن‪++‬ات احليواني‪++‬ة على املس‪++‬توى ال‪++‬بيولوجي والعض‪++‬وي واجلس‪++‬دي‪،‬‬
‫كم‪++‬ا يب‪++‬دو ذل‪++‬ك جلي‪++‬ا على مس‪++‬توى األك‪++‬ل والش‪++‬رب‪ ،‬واس‪++‬تعمال الق‪++‬وة‪ ،‬وممارس‪++‬ة اجلنس‪.‬‬
‫ويف الوقت نفسه‪ ،‬ه‪+‬و ك‪+‬ائن ثق‪+‬ايف يعيش يف اجملتم‪+‬ع م‪+‬ع اآلخ‪+‬رين‪ ،‬خيرتع أدوات‪+‬ه الس‪+‬تغالل‬
‫الطبيعة والتحكم فيها‪ ،‬بصناعة أدوات الصيد والفالحة واملالحة والبناء‪ .‬ويف هذا الصدد‪،‬‬

‫‪ -‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.34-33:‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫يق ‪++‬ول إدغ ‪++‬ار م ‪++‬وران (‪ ":) Edgar Morin‬فقولن ‪++‬ا‪ :‬إن اإلنس ‪++‬ان ك ‪++‬ائن بيوثق ‪++‬ايف‪ ،‬ليس‬
‫معناه ببس‪+‬اطة وض‪+‬ع ه‪+‬ذين احلدين (بيوثق‪+‬ايف) الواح‪+‬د منهم‪+‬ا جبوار اآلخ‪+‬ر‪ ،‬ب‪+‬ل إب‪+‬راز كي‪+‬ف‬
‫أهنم ‪++‬ا يس ‪++‬همان مع ‪++‬ا يف إنت ‪++‬اج بعض ‪++‬هما لبعض‪ ،‬وكي ‪++‬ف أهنم ‪++‬ا يفض ‪++‬يان إىل القض ‪++‬ية الثنائي ‪++‬ة‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ -‬ك‪++‬ل فع‪++‬ل إنس‪++‬اين ه‪++‬و فع‪++‬ل بيوثق‪++‬ايف (كأفع‪++‬ال األك‪++‬ل والش‪++‬رب والن‪++‬وم والت‪++‬ربز واجلم‪++‬اع‬
‫والغناء والرقص والتفكري أو التأمل)؛‬

‫‪ -‬كل فعل إنساين هو يف الوقت نفسه فعل بيولوجي كلية وفعل ثقايف كلية‪"21.‬‬

‫هذا‪ ،‬وقد ارتبط تاريخ الثقافة اإلنسانية بالكتابة‪ ،‬وظهور اإلنس‪+‬ان الع‪+‬ارف أو الع‪+‬امل‪ .‬وم‪+‬ع‬
‫ظه‪++‬ور الكتاب‪++‬ة‪ ،‬ب‪++‬دأت عملي‪++‬ة الت‪++‬دوين والتوثي‪++‬ق والتس‪++‬جيل والنقش والنحت والكتاب‪++‬ة على‬
‫الص ‪++‬خور واجلل‪++‬ود والعظ‪++‬ام واألش ‪++‬جار واألوراق وال ‪++‬ربدي وس‪++‬عف النخي ‪++‬ل‪ .‬وك ‪++‬ان ال ‪++‬دافع‬
‫احلقيقي إىل ذل ‪++‬ك ه ‪++‬و احلاج ‪++‬ة والنقص والقل ‪++‬ق‪ ،‬وق ‪++‬د قي ‪++‬ل‪ :‬إن احلاج ‪++‬ة هي أم االخ ‪++‬رتاع‪.‬‬
‫وه ‪++‬ذا م ‪++‬ا أثبت ‪++‬ه مالينوفس ‪++‬كي(‪ )Malinovski‬عن ‪++‬دما رب ‪++‬ط الثقاف ‪++‬ة بال ‪++‬دوافع واحلاج ‪++‬ات‬
‫األساس ‪++‬ية والفرعي ‪++‬ة‪ .‬أي‪ :‬ربطه ‪++‬ا حباج ‪++‬ات بيولوجي ‪++‬ة كاألك ‪++‬ل واجلنس والش ‪++‬هوة‪ .‬ويق ‪++‬ول‬
‫املاركسيون أيضا‪ :‬متر الثقافة مبراحل ثالث هي‪ :‬اجلوع‪ ،‬والغذاء‪ ،‬والشبع‪ .‬ومن مث‪ ،‬ننتق‪++‬ل‬
‫من الطبيعي إىل الثقافة بواسطة اللغة‪ ،‬أو ننتق‪++‬ل‪ -‬حس‪++‬ب كل‪++‬ود ليفي ش‪++‬رتاوس(‪Claude‬‬
‫‪ -)Lévi-Strauss‬من الن‪++‬يئ إىل املطب‪++‬وخ بفع‪++‬ل الثقاف‪++‬ة‪ ،‬أو إىل املتعفن بفع‪++‬ل الط‪++‬بيعي‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فالطبخ نشاط وسيط بني الطبيعة والثقافة‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪-Edgar Morin : L’individualité de l’homme, In Philosophie, les‬‬
‫‪Interrogations contemporaines, Fayard 1980, pp : 44-48.‬‬
‫‪23‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫ومل تكتف الثقافة بالكتابة فحسب‪ ،‬بل توط‪+‬دت باس‪+‬تعمال اللغ‪+‬ة والرم‪+‬وز‪ .‬وب‪+‬ذلك‪ ،‬حتق‪+‬ق‬
‫‪ -‬جمتمعيا‪ -‬ما يسمى بعملية التفاعل والتواص‪++‬ل والتب‪++‬ادل بني األف‪++‬راد وال‪++‬ذوات والكائن‪++‬ات‬
‫اإلنسانية؛ إذ إن الثقافة هي حص‪+‬يلة تفاع‪+‬ل األف‪+‬راد يف اجملتمع‪+‬ات البش‪+‬رية‪ .‬وإذا ك‪+‬ان النم‪+‬ل‬
‫والنحل قد عرفا تنظيما اجتماعيا راقيا‪ ،‬إال أن ذلك مل يصل إىل مرتب‪++‬ة الثقاف‪++‬ة ال‪++‬يت تس‪++‬تلزم‬
‫العقل واملنطق واللغة واإلبداع كما لدى اإلنسان‪ ،‬ذلك الكائن الثقايف‪ .‬ويف ه‪++‬ذا الس‪++‬ياق‪،‬‬
‫يق‪++‬ول ع‪++‬دنان أمحد مس‪++‬لم يف كتاب‪++‬ه (محاضرات في األنتروبولوجيا)‪ ":‬إن ق‪++‬درة اإلنس‪++‬ان‬
‫على إنت ‪++‬اج الثقاف ‪++‬ة هي أهم خاص ‪++‬ية متيز اإلنس ‪++‬ان عن ب ‪++‬اقي الث ‪++‬دييات واحليوان ‪++‬ات مجيع ‪++‬ا‪،‬‬
‫ومن أعم عناص‪++‬ر الثقاف‪++‬ة اللغ‪++‬ة‪ ،‬فعن طريقه‪++‬ا جتم‪++‬ع وتس‪++‬جل الثقاف‪++‬ة وتنق‪++‬ل من جي‪++‬ل آلخ‪++‬ر‬
‫فيمكن منوه ‪++‬ا وتق ‪++‬دمها‪ ،‬كم ‪++‬ا أن الثقاف ‪++‬ة ت ‪++‬زود اللغ ‪++‬ة مبعظم مض ‪++‬موناهتا‪ ،‬فهي ال ‪++‬يت تعطي‬
‫اإلنس‪++‬ان املوض‪++‬وعات ال‪++‬يت يتكلم عنه‪++‬ا‪ ،‬وتش‪++‬مل الثقاف‪++‬ة ك‪++‬ذلك ك‪++‬ل م‪++‬ا يص‪++‬نع اإلنس‪++‬ان من‬
‫‪22‬‬
‫عناصر املادة مثل‪ :‬امللبس واملباين واألدوات اليت تزداد كثافة كلما تقدم اإلنسان‪".‬‬

‫ويع‪++‬د التنظيم االجتم‪++‬اعي أهم م‪++‬ا مييز اإلنس‪++‬ان الثق‪++‬ايف‪ ،‬مبا في‪++‬ه عملي‪++‬ات التفاع‪++‬ل والتواص‪++‬ل‬
‫والتب‪++‬ادل‪ .‬ويف ه‪++‬ذا اإلط‪++‬ار‪ ،‬يق‪++‬ول ع‪++‬دنان أمحد مس‪++‬لم‪":‬ومن أهم عناص‪++‬ر الثقاف‪++‬ة العالق‪++‬ات‬
‫االجتماعي ‪++‬ة ال ‪++‬يت ترب ‪++‬ط بني اإلنس ‪++‬ان وأخي ‪++‬ه اإلنس ‪++‬ان‪.‬أي‪ :‬النظم االجتماعي ‪++‬ة ال ‪++‬يت خيرتعه ‪++‬ا‬
‫اإلنس ‪++‬ان بص ‪++‬ورة مجاعي ‪++‬ة لينظم تل ‪++‬ك العالق ‪++‬ات االجتماعي ‪++‬ة‪ ،‬وجيب التفرق ‪++‬ة بني العالق ‪++‬ات‬
‫االجتماعي ‪++‬ة اإلنس ‪++‬انية ال ‪++‬يت ت ‪++‬دخل يف نط ‪++‬اق الثقاف ‪++‬ة؛ والعالق ‪++‬ات االجتماعي ‪++‬ة ال ‪++‬يت تظه ‪++‬ر‬
‫بص ‪++‬ورة غريزي ‪++‬ة فطري ‪++‬ة عن ‪++‬د بعض احلش ‪++‬رات واحليوان ‪++‬ات‪ ،‬ال ب ‪++‬ل إن بعض تل ‪++‬ك العالق ‪++‬ات‬
‫‪23‬‬
‫االجتماعية الغريزية أكثر تنظيما من بعض العالقات اإلنسانية‪"..‬‬

‫‪ -‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.162:‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪ -‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.162:‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫ويالح ‪++‬ظ أن أغلب املقارب ‪++‬ات ال ‪++‬يت تن ‪++‬اولت إش ‪++‬كالية الثقاف ‪++‬ة ق ‪++‬د رك ‪++‬زت على التقاب ‪++‬ل بني‬
‫الط‪++ +‬بيعي والثق‪++ +‬ايف‪ ،‬أو بني ال‪++ +‬بيولوجي واإلنس‪++ +‬اين‪ ،‬أو بني الفط‪++ +‬ري واملكتس‪++ +‬ب‪ .‬وي‪++ +‬ذهب‬
‫كل ‪++ + +‬ود ليفي ش ‪++ + +‬رتاوس إىل أن الثقاف ‪++ + +‬ة تتم ‪++ + +‬يز عن الطبيع ‪++ + +‬ة بوج ‪++ + +‬ود القواع ‪++ + +‬د والق ‪++ + +‬وانني‬
‫واملؤسس‪++‬ات‪ .‬ويف ه‪++‬ذا الش‪++‬أن‪ ،‬يق‪++‬ول الب‪++‬احث‪ ":‬ق‪++‬د جنع‪++‬ل من مس‪++‬ألة االنتق‪++‬ال من الطبيع‪++‬ة‬
‫إىل الثقافة لغزا الميكن حله‪ :‬فأين تنتهي الطبيع‪++‬ة؟ وأين تب‪++‬دأ الثقاف‪++‬ة؟ ميكن أن نتص‪++‬ور ع‪++‬دة‬
‫طرق لإلجابة على هذه املسألة‪ .‬غري أنه اتضح إىل اآلن أن كل هذه الط‪++‬رق خيبت اآلم‪++‬ال‬
‫على حنو كبري(‪)...‬‬

‫اليس ‪++‬مح لن ‪++‬ا‪ ،‬إذًا‪ ،‬أي حتلي ‪++‬ل أن ن ‪++‬درك نقط ‪++‬ة االنتق ‪++‬ال من واق ‪++‬ع الطبيع ‪++‬ة إىل وق ‪++‬ائع الثقاف ‪++‬ة‬
‫وآلي ‪++‬ة متفص ‪++‬لها‪.‬غ ‪++‬ري أن النق ‪++‬اش الس ‪++‬الف مل يفض بن ‪++‬ا فق ‪++‬ط إىل ه ‪++‬ذه النتيج ‪++‬ة الس ‪++‬لبية‪ ،‬فق ‪++‬د‬
‫أم ‪++ +‬دنا عن طري ‪++ +‬ق وج ‪++ +‬ود القاع ‪++ +‬دة أو غياهبا يف الس ‪++ +‬لوكيات ال ‪++ +‬يت الت ‪++ +‬دخل حتت طائ ‪++ +‬ل‬
‫التحدي‪++‬دات الغريزي‪++‬ة‪ ،‬باملقي‪++‬اس األك‪++‬ثر قيم‪++‬ة بالنس‪++‬بة للمواق‪++‬ف االجتماعي‪++‬ة‪ :‬فحيث تظه‪++‬ر‬
‫القاع‪++‬دة فنحن على يقني بأنن ‪++‬ا على ص ‪++‬عيد الثقاف ‪++‬ة‪ .‬وبص ‪++‬ورة متن ‪++‬اظرة من الس ‪++‬هل أن ن ‪++‬رى‬
‫فيم‪++‬ا ه‪++‬و ع‪++‬ام مقي‪++‬اس الطبيع‪++‬ة‪ ،‬ذل‪++‬ك أن م‪++‬ا ه‪++‬و ق‪++‬ار ل‪++‬دى مجي‪++‬ع البش‪++‬ر يفلت بالض‪++‬رورة من‬
‫مي‪++ +‬دان الع‪++ +‬ادات والتقالي‪++ +‬د والتقني‪++ +‬ات واملؤسس‪++ +‬ات ال‪++ +‬يت عن طريقه‪++ +‬ا تتم‪++ +‬ايز جمموع‪++ +‬اهتم‬
‫وتتع‪++ +‬ارض‪ ،‬ويف انع‪++ +‬دام حتلي‪++ +‬ل واقعي‪ ،‬ف‪++ +‬إن املقي‪++ +‬اس املزدوج املرتك‪++ +‬ز على القاع‪++ +‬دة وعلى‬
‫م ‪++‬اهو ع ‪++‬ام ي ‪++‬وفر مب ‪++‬دأ حتلي ‪++‬ل مث ‪++‬ايل ميكن أن يس ‪++‬مح‪ -‬على األق ‪++‬ل يف بعض احلاالت ويف‬
‫حدود معينة‪ -‬بعزل العناصر الطبيعية عن العناصر الثقافية اليت تدخل ض‪+‬من الـتأليفات ال‪+‬يت‬
‫هي من مس‪++‬توى أك‪++‬ثر تعقي‪++‬دا‪ .‬لنق‪++‬ل إذًا إن ك‪++‬ل م‪++‬اهو ع‪+‬ام ل‪++‬دى اإلنس‪++‬ان يع‪++‬ود إىل الطبيع‪++‬ة‬

‫‪25‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫ويتم ‪++‬يز بالتلقائي ‪++‬ة‪ ،‬وإن ك ‪++‬ل م ‪++‬ا خيض ‪++‬ع لقاع ‪++‬دة ينتمي إىل الثقاف ‪++‬ة‪ ،‬ويتس ‪++‬م بص ‪++‬فيت النس ‪++‬بية‬
‫واخلصوصية‪"24.‬‬

‫ومن هن‪++‬ا‪ ،‬إذا ك‪++‬انت الطبيع‪++‬ة تتم‪++‬يز مباهو ع‪++‬ام وفط‪++‬ري وتلق‪++‬ائي‪ ،‬ف‪++‬إن الثقاف‪++‬ة تتم‪++‬يز بوج‪++‬ود‬
‫القواعد‪ ،‬فضال عماهو نسيب وخاص‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪-Claude Lévi Strauss : Les structures élémentaires de la parenté.‬‬
‫‪Ed. P.U.F, pp : 1.3.4.‬‬
‫‪26‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المبحث الخامس‪ :‬نظريات الثقافة ومقارباتها المنهجية‬


‫ميكن احلديث عن جمموع‪++ + + + + +‬ة من املقارب ‪++ + + + + +‬ات لدراس‪++ + + + + +‬ة الظ‪++ + + + + +‬واهر الثقافي ‪++ + + + + +‬ة يف بع ‪++ + + + + +‬دها‬
‫السوسيولوجي‪ ،‬وميكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المقارب ــة األنتروبولوجية للثقافــة‬


‫هتدف هذه املقارب‪+‬ة إىل دراس‪+‬ة موض‪+‬وع الثقاف‪+‬ة اإلنس‪+‬انية وص‪+‬فا وحتليال وت‪+‬أويال‪ ،‬بدراس‪+‬ة‬
‫اجملتمع ‪++‬ات البدائي ‪++‬ة القدمية‪ ،‬واجملتمع ‪++‬ات احمللي ‪++‬ة والريفي ‪++‬ة‪ ،‬وجمتمع ‪++‬ات املدين ‪++‬ة‪ .‬وترتك ‪++‬ز ه ‪++‬ذه‬
‫املقارب‪+‬ة على رص‪++‬د ب‪++‬ىن اجملتمع‪++‬ات الثقافي‪++‬ة‪ ،‬مهم‪++‬ا ك‪++‬ان نوعه‪++‬ا‪ ،‬بتحدي‪++‬د مساهتا وخصائص‪++‬ها‬
‫وعناص‪++‬رها‪ ،‬ووص‪++‬ف عملي‪++‬ات الت‪++‬أثري والت‪++‬أثر‪ ،‬وكيفي‪++‬ة انتش‪++‬ار الثقاف‪++‬ة يف ه‪++‬ذه اجملتمع‪++‬ات‪،‬‬
‫وعوام‪++‬ل ذل‪++‬ك؛ وحتدي‪++‬د دور الثقاف‪++‬ة يف بن‪++‬اء الشخص‪++‬ية األساس‪++‬ية لإلنس‪++‬ان؛ م‪++‬ع اس‪++‬تجالء‬
‫خمتل ‪++‬ف الف ‪++‬وارق املوج ‪++‬ودة بني اإلنس ‪++‬ان واحلي ‪++‬وان‪ ،‬م ‪++‬ع العلم أن ال ‪++‬ذي مييز اإلنس ‪++‬ان عن‬
‫احليوان هو الثقافة والسلوك احلضاري‪.‬‬

‫كم‪++‬ا ت‪++‬درس ه‪++‬ذه املقارب‪++‬ة الثقاف‪++‬ة العام‪++‬ة لإلنس‪++‬ان والثقاف‪++‬ات الفرعي‪++‬ة األخ‪++‬رى‪ ،‬مث‪++‬ل‪ :‬ثقاف‪++‬ة‬
‫سكان الريف‪ ،‬وثقافة سكان املدن‪ ،‬وثقافة سكان اجلبال‪ ،‬وثقافة س‪++‬كان الس‪++‬واحل‪...‬إخل‪،‬‬
‫وتبي ‪++‬ان أث ‪++‬ر الثقاف ‪++‬ة يف الس ‪++‬لوك الف ‪++‬ردي واجلم ‪++‬اعي‪ ،‬وتص ‪++‬نيف الثقاف ‪++‬ة إىل أمناطه ‪++‬ا (الثقاف ‪++‬ة‬
‫املثالي ‪++‬ة والثقاف ‪++‬ة الواقعي ‪++‬ة)‪ ،‬واس ‪++‬تجالء اخلص ‪++‬ائص العام ‪++‬ة للثقاف ‪++‬ة (ثقاف ‪++‬ة كوني ‪++‬ة وإنس ‪++‬انية‬
‫وفطرية وعامة ومكتسبة‪.)...‬‬

‫إذًا‪ ،‬ت ‪++ + +‬درس املقارب ‪++ + +‬ة األنرتوبولوجي ‪++ + +‬ة الثقاف ‪++ + +‬ة يف خمتل ‪++ + +‬ف أنظمته ‪++ + +‬ا الرمزي ‪++ + +‬ة‪ ،‬واللغوي ‪++ + +‬ة‪،‬‬
‫والسياسية‪ ،‬واجملتمعية‪ ،‬والدينية‪ ،‬واألدبية‪ ،‬والفنية‪ ،‬والعلمية‪ ،‬والفكرية‪ ،‬وكذلك يف عالق‪++‬ة‬

‫‪27‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫وطي ‪++‬دة باملنتج ‪++‬ات االقتص ‪++‬ادية والتقني ‪++‬ة واآللي ‪++‬ة ال ‪++‬يت اس ‪++‬تعملها اإلنس ‪++‬ان إلش ‪++‬باع حاجيات ‪++‬ه‬
‫ورغباته العضوية والغريزية والشعورية والالشعورية‪.‬‬

‫إذًا‪" ،‬ت‪++‬درس األنرتوبولوجي‪++‬ا الثقافي‪++‬ة موض‪++‬وع" الثقاف‪++‬ة"‪ ،‬واملع‪++‬ىن املبس‪++‬ط ل‪++‬ذلك املفه‪++‬وم ه‪++‬و‬
‫طريق‪++ + +‬ة معيش‪++ + +‬ة جمتم‪++ + +‬ع م‪++ + +‬ا‪ ،‬س‪++ + +‬واء أك‪++ + +‬ان ذل‪++ + +‬ك اجملتم‪++ + +‬ع ب‪++ + +‬دائيا أم متخلف‪++ + +‬ا أم نامي‪++ + +‬ا أو‬
‫متق‪++‬دما‪.‬والثقاف‪++‬ة من ص‪++‬نع اإلنس‪++‬ان وهي ظ‪++‬اهرة طبيعي‪++‬ة ختض‪++‬ع لق‪++‬وانني الطبيع‪++‬ة مث‪++‬ل ق‪++‬انون‬
‫التط ‪++‬ور وق ‪++‬انون البق ‪++‬اء لألص ‪++‬لح؛ ول ‪++‬ذلك يدرس ‪++‬ها ه ‪++‬ذا املي ‪++‬دان مبنهج علمي الخيتل ‪++‬ف عن‬
‫املنهج املس ‪++‬تخدم يف العل ‪++‬وم الطبيعي ‪++‬ة لدراس ‪++‬ة ظ ‪++‬واهر الطبيع ‪++‬ة األخ ‪++‬رى‪ .‬إن ق ‪++‬درة اإلنس ‪++‬ان‬
‫على إنت ‪++‬اج الثقاف ‪++‬ة هي أهم خاص ‪++‬ية متيز اإلنس ‪++‬ان عن ب ‪++‬اقي الث ‪++‬دييات واحليوان ‪++‬ات مجيع ‪++‬ا‪،‬‬
‫ومن أهم عناص‪++‬ر الثقاف‪++‬ة اللغ‪++‬ة‪ ،‬فعن طريقه‪++‬ا جتم‪++‬ع وتس‪++‬جل الثقاف‪++‬ة وتنق‪++‬ل من جي‪++‬ل آلخ‪++‬ر‬
‫فيمكن منوه ‪++‬ا وتق ‪++‬دمها‪ ،‬كم ‪++‬ا أن الثقاف ‪++‬ة ت ‪++‬زود اللغ ‪++‬ة مبعظم مض ‪++‬موناهتا‪ ،‬فهي ال ‪++‬يت تعطي‬
‫اإلنس‪++‬ان املوض‪++‬وعات ال‪++‬يت يتكلم عنه‪++‬ا‪ ،‬وتش‪++‬مل الثقاف‪++‬ة ك‪++‬ذلك ك‪++‬ل م‪++‬ا يص‪++‬نع اإلنس‪++‬ان من‬
‫عناص ‪++ +‬ر املادة مث ‪++ +‬ل‪ :‬امللبس واملب ‪++ +‬اين واآلالت واألدوات ال ‪++ +‬يت ت ‪++ +‬زداد كثاف ‪++ +‬ة كلم ‪++ +‬ا تق ‪++ +‬دم‬
‫‪25‬‬
‫اإلنسان‪".‬‬

‫وقد ظهرت هذه املقاربة مع العالمة اإلجنليزي إدوارد ت‪++‬ايلور(‪ )Edward Tylor‬من‪++‬ذ‬
‫الق‪++ +‬رن التاس‪++ +‬ع عش‪++ +‬ر امليالدي‪ ،‬وانتش‪++ +‬رت م‪++ +‬ع جمموع‪++ +‬ة من العلم‪++ +‬اء‪ ،‬أمث‪++ +‬ال‪ :‬مورج‪++ +‬ان‪،‬‬
‫وروبرتس ‪++‬ون مسيث‪ ،‬وفري ‪++‬زر‪ ،‬وبان ‪++‬دليري‪ ،‬وكاش ‪++‬ينج‪ ،‬ودورس ‪++‬ي‪ ،‬وفليتش ‪++‬ر‪ ،‬ول ‪++‬وي‪ ،‬ومني‪،‬‬
‫وماكلينان‪ ،‬وبت ريفز‪ ،‬وباخوفني‪...،‬‬

‫‪-‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.162-161:‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫وتنتمي نظري ‪++‬ات ه ‪++‬ؤالء ال ‪++‬رواد والعلم ‪++‬اء الب ‪++‬احثني يف جمال األنرتوبولوجي ‪++‬ا الثقافي ‪++‬ة إىل "‬
‫املدرسة التطورية " " اليت هتتم ب‪+‬البحث عن نش‪+‬أة اجملتم‪+‬ع اإلنس‪+‬اين والثقاف‪+‬ة‪ ،‬وحماول‪+‬ة رس‪+‬م‬
‫ص‪++ +‬ورة عام‪++ +‬ة لتط‪++ +‬ور الثقاف‪++ +‬ة من‪++ +‬ذ الق‪++ +‬دم‪.‬وق‪++ +‬د انتش‪++ +‬ر االجتاه التط‪++ +‬وري يف معظم العل‪++ +‬وم‬
‫االجتماعية يف ذلك الوقت بسبب تأثري نظرية (داروين) يف التطور العض‪++‬وي‪ ،‬وأذك‪++‬ر على‬
‫س ‪++‬بيل املث ‪++‬ال نظري ‪++‬ة العالم ‪++‬ة األم ‪++‬ريكي مورج ‪++‬ان(‪( )Lewis Henry Morgan‬‬
‫‪1881-1818‬م) اخلاص ‪++‬ة بتط ‪++‬ور اجملتم ‪++‬ع اإلنس ‪++‬اين من حال ‪++‬ة اجملتم ‪++‬ع الب ‪++‬دائي الق ‪++‬دمي إىل‬
‫حالة اجملتمع املدين احلديث ‪".26‬‬

‫ومن ب‪++‬اب العلم‪ ،‬فق‪++‬د ظه‪++‬ر االجتاه التط‪++‬وري يف الق‪++‬رن التاس‪++‬ع عش‪++‬ر امليالدي‪ .‬وي‪++‬رى ه‪++‬ذا‬
‫االجتاه األن‪++‬رتوبولوجي أن احلض‪++‬ارة اإلنس‪++‬انية ق‪++‬د تط‪++‬ورت من املرحل‪++‬ة البدائي‪++‬ة إىل املرحل‪++‬ة‬
‫املتحض ‪++‬رة أو املتمدن ‪++‬ة‪ .‬ويع ‪++‬ين ه ‪++‬ذا أن ه ‪++‬ذا االجتاه ي ‪++‬درس حض ‪++‬ارة الش ‪++‬عوب البدائي ‪++‬ة يف‬
‫نشأهتا وتارخيها وتطورها‪ ،‬ويقارهنا حبض‪+‬ارات الش‪+‬عوب املتقدم‪+‬ة وثقافاهتا‪ ،‬على أس‪+‬اس أن‬
‫املرحل ‪++‬ة الراهن ‪++‬ة هي مرحل ‪++‬ة علي ‪++‬ا يف س ‪++‬لم تط ‪++‬ور احلض ‪++‬ارة البش ‪++‬رية‪ .‬ومن هن ‪++‬ا‪ ،‬فاألس ‪++‬رة‬
‫الطوطمي‪++‬ة هي الش‪++‬كل األول ألن‪++‬واع األس‪++‬رة‪.‬يف حني‪ ،‬تع‪++‬د الديان‪++‬ة الطوطمي‪++‬ة هي الديان‪++‬ة‬
‫األوىل اليت قامت عليها الديانات العاملية الراهنة‪ .‬وما يعيب هذا االجتاه أنه يقوم على مب‪++‬دإ‬
‫االفرتاض يف دراسة حضارات الشعوب؛ وهذا راجع إىل قلة الوث‪+‬ائق واملعطي‪+‬ات والبيان‪+‬ات‬
‫التارخيية واملستندات اليقينية‪.‬‬
‫ومن أهم أعضاء هذا االجتاه ل‪++‬ويس ه‪++‬نري مورغ‪++‬ان (‪،)Lewis Henry Morgan‬‬
‫وإدوارد ت ‪++‬ايلور( ‪ ،)Edward Tylor‬وجيمس ج ‪++‬ورج فري ‪++‬زر(‪James George‬‬
‫‪...)Frazer‬‬

‫‪ -‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.164:‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المقــارب ــة التاريخية‬


‫تعىن هذه املقاربة بتطور الثقافة يف بعدها الزمين والت‪++‬ارخيي‪ ،‬م‪++‬ع تتب‪++‬ع الص‪++‬ريورة الثقافي‪++‬ة يف‬
‫‪27‬‬
‫الزم‪++ + +‬ان واملك‪++ + +‬ان‪ ،‬كم‪++ + +‬ا ه‪++ + +‬و احلال عن‪++ + +‬د األم‪++ + +‬ريكي فران‪++ + +‬ز ب‪++ + +‬واز (‪)Franz Boas‬‬
‫وهرسكوفيتش(‪ .)Herskovits‬وهتتم هذه املقاربة اليت تن‪++‬درج ض‪++‬من املدرس‪++‬ة التارخيي‪++‬ة‬
‫بدراس‪++‬ة ثقاف‪++‬ات العش‪++‬ائر والقبائ‪++‬ل يف إط‪++‬ار نطاقه‪++‬ا اجلغ‪++‬رايف والثق‪++‬ايف‪ ،‬م‪++‬ع إع‪++‬ادة بن‪++‬اء ه‪++‬ذه‬
‫الثقافة يف املاضي‪ ،‬واستجالء تارخيه‪+‬ا بغي‪+‬ة مقارنته‪+‬ا بب‪+‬اقي ت‪+‬واريخ املن‪+‬اطق الثقافي‪+‬ة األخ‪+‬رى‬
‫اجملاورة أو الكائنة يف جمال ثق‪+‬ايف واح‪+‬د‪ ،‬بغي‪+‬ة رص‪+‬د الق‪+‬وانني الثقافي‪+‬ة الثابت‪+‬ة ال‪+‬يت تتحكم يف‬
‫تطور هذه الثقافات‪.‬بيد أن هذه القوانني ذات طابع نفسي ليس إال‪ .‬وبتعب‪++‬ري آخ‪+‬ر‪ ،‬ت‪++‬درس‬
‫هذه املقاربة خمتلف الصالت الثقافية واجلغرافية بني الثقافات‪ ،‬والبحث عن آليات التث‪++‬اقف‬
‫أو املثاقفة أو التبادل الثقايف‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المقارب ــة البنيوية‬


‫تصدر املقاربة البنيوية من منطلق لس‪++‬اين‪ .‬إذ تتعام‪++‬ل ه‪+‬ذه املقارب‪++‬ة م‪++‬ع الظ‪+‬واهر الثقافي‪++‬ة وف‪++‬ق‬
‫رؤي‪++ +‬ة بنيوي‪++ +‬ة لس‪++ +‬انية س‪++ +‬كونية حمايث‪++ +‬ة‪ ،‬هبدف البحث عن الق‪++ +‬وانني الثابت‪++ +‬ة ال‪++ +‬يت تتحكم يف‬
‫خمتلف الظواهر الثقافية املتعددة واملتنوعة‪ ،‬والبحث عن داللة األشكال الثقافية‪.‬‬

‫إذًا‪ ،‬يه‪+‬دف االجتاه الب‪+‬نيوي إىل دراس‪+‬ة الظ‪+‬واهر األنرتوبولوجي‪+‬ة يف ض‪+‬وء اللس‪+‬انيات النص‪+‬ية‬
‫كما طرحها فرديناند دوسوس‪+‬ري(‪ ،)Ferdinand de Saussure‬ب‪+‬التوقف عن‪+‬د الب‪+‬ىن‬
‫الش ‪++‬كلية هلذه الظ ‪++‬واهر‪ ،‬والتعام ‪++‬ل معه ‪++‬ا س ‪++‬انكرونيا‪ ،‬دون استحض ‪++‬ار املعطي ‪++‬ات التارخيي ‪++‬ة‬
‫واملرجعية‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪- Franz Boas : Race, Language and Culture (1940), New York,‬‬
‫‪Maxmillan.‬‬
‫‪30‬‬
‫ تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬www.alukah.net

‫ذي‬++ ‫)ال‬Claude Lévi-Strauss(‫رتاوس‬++ ‫ود ليفي ش‬++ ‫ة كل‬++ ‫ذه املقارب‬++ ‫ومن أهم ممثلي ه‬
‫ وتناول أيضا البنيات األساسية للقرابة ضمن منهجية بنيوية‬،28‫درس ثنائية الطبيعة والثقافة‬
‫ه( من أجـ ـ ــل معـ ـ ــنى‬++ + + ‫) يف مؤلف‬Pierre Bourdieu( ‫و‬++ + + ‫ري بوردي‬++ + + ‫؛ وبي‬29‫انية‬++ + + ‫لس‬
‫) يف كتاهبا(تعقي ـ ــدات‬Françoise Héritier( ‫يي‬++ + + ‫واز هرييت‬++ + + ‫؛ وفرانس‬30)‫تط ـ ــبيقي‬
‫ه (م ــا وراء الطبيع ــة‬++ ‫) يف كتاب‬Philippe Descola (‫كوال‬++ ‫؛ وفيليب ديس‬31)‫العه ــد‬
...32) ‫والثقافة‬

28
- Claude Lévi-Strauss : Anthropologie structurale, Paris, Plon,
juillet 1958.
29
- Claude Lévi-Strauss : Les Structures élémentaires de la parenté ,
Paris, La Haye, Mouton, 1967.
30
- Pierre Bourdieu, Le Sens pratique, Paris, Les Éditions de Minuit,
coll. « Le sens commun », 1980, 475 p.
31
- Françoise Héritier-Augé et Élisabeth Copet-Rougier (édition et
présentation), Les Complexités de l'alliance, Vol. I, Les Systèmes
semi-complexes, Montreux, Gordon and Breach Science Publishers ;
Paris, Éditions des Archives contemporaines, 1990.
32
- Philippe Descola .Par-delà nature et culture, Paris, Gallimard,
« Bibliothèque des sciences humaines », 2005.
31
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المطلب الرابع‪ :‬المقاربة البنيوية الوظيفية‬


‫التكتفي ه ‪++‬ذه املقارب ‪++‬ة بدراس ‪++‬ة الظ ‪++‬واهر الثقافي ‪++‬ة من خالل بناه ‪++‬ا الداخلي ‪++‬ة‪ ،‬ب ‪++‬ل تنفتح عن‬
‫اخلارج ب‪++‬البحث عن وظائفه‪++‬ا‪ ،‬ورب‪++‬ط البني‪++‬ة بالوظيف‪++‬ة‪.‬أي‪ :‬رب‪++‬ط الس‪++‬لوك الثق‪++‬ايف لإلنس‪++‬ان‬
‫باحلاج ‪++‬ات األص ‪++‬لية والفرعي ‪++‬ة لإلنس ‪++‬ان‪ .‬ل ‪++‬ذا‪ ،‬ترتب ‪++‬ط ه ‪++‬ذه املقارب ‪++‬ة باإلجاب ‪++‬ة عن س ‪++‬ؤال "‬
‫ملاذا؟"‪.‬‬

‫ومن هن‪++‬ا‪ ،‬تنب‪++‬ين املقارب‪++‬ة الوظيفي‪++‬ة على النس‪++‬ق والوظيف‪++‬ة‪ ،‬من خالل تش‪++‬بيه اجملتم‪++‬ع بالك‪++‬ائن‬
‫العض‪++ +‬وي احلي‪ .‬مبع‪++ +‬ىن أن اجملتم‪++ +‬ع يتك‪++ +‬ون من جمموع‪++ +‬ة من العناص‪++ +‬ر والبني‪++ +‬ات واألنظم‪++ +‬ة‪.‬‬
‫ويؤدي كل عنصر من ه‪+‬ذه العناص‪++‬ر وظيف‪++‬ة م‪++‬ا داخ‪+‬ل ه‪+‬ذا اجله‪++‬از اجملتمعي‪ .‬وهبذا‪ ،‬يرتاب‪++‬ط‬
‫ك ‪++‬ل عنص ‪++‬ر يف النس ‪++‬ق بوظيف ‪++‬ة م ‪++‬ا‪ .‬ومن مث‪ ،‬ف ‪++‬اجملتمع نظ ‪++‬ام متكام ‪++‬ل ومرتاب ‪++‬ط ومتماس ‪++‬ك‪،‬‬
‫يهدف إىل حتقيق التوازن واحلفاظ على املكتسبات اجملتمعي‪+‬ة‪ .‬ومن مث‪ ،‬يق‪+‬وم ال‪+‬دين والرتبي‪+‬ة‬
‫‪ -‬مثال‪ -‬باحلفاظ على توازن اجملتمع‪.‬‬

‫وخ ‪++‬ري من ميث ‪++‬ل ه ‪++‬ذه املقارب ‪++‬ة الفرنس ‪++‬ي إمي ‪++‬ل دورك ‪++‬امي‪ ،‬واألمريكي ‪++‬ان تلك ‪++‬وت بارس ‪++‬ونز (‬
‫‪ 33)Talcott Parsons‬وروب ‪++‬رت م ‪++‬ريتون(‪34 )R.Merton‬على س ‪++‬بيل التمثي ‪++‬ل‪.‬‬
‫وقد كان هلذه النظرية إشعاع كبري يف سنوات اخلمسني من القرن املاضي‪.‬‬

‫ويع ‪++‬ين ه ‪++‬ذا أن النظري ‪++‬ة الوظيفي ‪++‬ة تعت ‪++‬رب " اجملتم ‪++‬ع نظام ‪++‬ا معق ‪++‬دا تعم ‪++‬ل ش ‪++‬ىت أج ‪++‬زاؤه س ‪++‬ويا‬
‫لتحقي‪++‬ق االس‪++‬تقرار والتض‪++‬امن بني مكونات‪++‬ه‪ .‬ووفق‪++‬ا هلذه املقارب‪++‬ة‪ ،‬ف‪++‬إن على علم االجتم‪++‬اع‬
‫استقص‪++‬اء عالق‪++‬ة مكون‪++‬ات اجملتم‪++‬ع بعض‪++‬ها ببعض وص‪++‬لتها ب‪++‬اجملتمع برمت‪++‬ه‪.‬وميكنن‪++‬ا على ه‪++‬ذا‬
‫‪33‬‬
‫‪-Parsons, Talcott: The social System.tavistock, London, 1952.‬‬
‫‪34‬‬
‫‪- Merton, Robert K: Social theory and social structure.Glencoe,‬‬
‫‪Free Press, 1957.‬‬
‫‪32‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫األس ‪++‬اس أن حنل ‪++‬ل‪ ،‬على س ‪++‬بيل املث ‪++‬ال‪ ،‬املعتق ‪++‬دات الديني ‪++‬ة والع ‪++‬ادات االجتماعي ‪++‬ة‪ ،‬بإظه ‪++‬ار‬
‫ص ‪++‬لتها بغريه ‪++‬ا من مؤسس ‪++‬ات اجملتم ‪++‬ع؛ ألن أج ‪++‬زاء اجملتم ‪++‬ع املختلف ‪++‬ة تنم ‪++‬و بص ‪++‬ورة متقارب ‪++‬ة‬
‫بعضها مع بعض‪.‬‬

‫ولدراسة الوظيف‪+‬ة ال‪+‬يت تؤديه‪+‬ا إح‪+‬دى املمارس‪+‬ات أو املؤسس‪+‬ات االجتماعي‪+‬ة‪ ،‬ف‪+‬إن علين‪+‬ا أن‬
‫حنل ‪++‬ل م ‪++‬ا تقدم ‪++‬ه املس ‪++‬امهة أو املمارس ‪++‬ة لض ‪++‬مان دميوم ‪++‬ة اجملتم ‪++‬ع‪.‬وطاملا اس ‪++‬تخدم الوظيفي ‪++‬ون‪،‬‬
‫ومنهم ك‪++‬ونت ودرك‪++‬امي‪ ،‬مب‪++‬دأ املش‪++‬اهبة العض‪++‬وية للمقارن‪++‬ة بني عم‪++‬ل اجملتم‪++‬ع مبا ين‪++‬اظره يف‬
‫الكائنات العضوية‪.‬ويرى هؤالء أن أجزاء اجملتمع وأطرافه تعمل س‪+‬ويا‪ ،‬وبص‪++‬ورة متناس‪+‬قة‪،‬‬
‫كم‪++‬ا تعم‪++‬ل أعض‪++‬اء اجلس‪++‬م البش‪++‬ري‪ ،‬ملا في‪++‬ه نف‪++‬ع اجملتم‪++‬ع مبجمل‪++‬ه‪.‬وليتس‪++‬ىن لن‪++‬ا دراس‪++‬ة أح‪++‬د‬
‫أعضاء اجلسم‪ ،‬كالقلب على سبيل املثال‪ ،‬فإن علينا أن نبني كيفية ارتباطه بأعضاء اجلسم‬
‫األخ‪++‬رى ووظائف‪++‬ه‪.‬وعن‪++‬د ض‪++‬خ ال‪++‬دم يف س‪++‬ائر أج‪++‬زاء اجلس‪++‬م‪ ،‬ي‪++‬ؤدي القلب دورا حيوي‪++‬ا يف‬
‫اس‪++‬تمرار احلي‪++‬اة يف الك‪++‬ائن احلي‪.‬وباملث‪++‬ل‪ ،‬ف‪++‬إن حتلي‪++‬ل الوظ‪++‬ائف ال‪++‬يت يق‪++‬وم هبا أح‪++‬د تكوين‪++‬ات‬
‫‪35‬‬
‫اجملتمع يتطلب منا أن نبني الدور الذي تلعبه يف استمرار وجود اجملتمع‪ ،‬ودوام عافيته‪".‬‬

‫ومن هن ‪++‬ا‪ ،‬تنب ‪++‬ين النظري ‪++‬ة الوظيفي ‪++‬ة على جمموع ‪++‬ة من املب ‪++‬ادئ واملف ‪++‬اهيم األساس ‪++‬ية‪ ،‬مث ‪++‬ل‪:‬‬
‫العنصر‪ ،‬والوظيفة‪ ،‬والنس‪+‬ق‪ ،‬والعالق‪+‬ات املختلف‪+‬ة‪ ،‬والبن‪+‬اء االجتم‪+‬اعي‪ ،‬واملش‪+‬اهبة العض‪+‬وية‪،‬‬
‫وال ‪++ +‬دور‪ ،‬واملكان ‪++ +‬ة االجتماعي ‪++ +‬ة‪ ،‬واملتطلب ‪++ +‬ات الوظيفي ‪++ +‬ة‪ ،‬والب ‪++ +‬دائل الوظيفي ‪++ +‬ة‪ ،‬واملعوق ‪++ +‬ات‬
‫الوظيفي ‪++‬ة‪ ،‬والوظ ‪++‬ائف الظ ‪++‬اهرة‪ ،‬والوظ ‪++‬ائف الكامن ‪++‬ة‪ ،‬واجلزء يف خدم ‪++‬ة الك ‪++‬ل‪ ،‬والتض ‪++‬امن‬
‫العض‪++ + + +‬وي‪ ،‬واحملافظ‪++ + + +‬ة واالس‪++ + + +‬تقرار‪ ،‬والنظ‪++ + + +‬ام والت‪++ + + +‬وازن‪ ،‬واألدوار احليوي‪++ + + +‬ة‪ ،‬واالتس‪++ + + +‬اق‬
‫واالنسجام‪ ،‬والتماسك االجتماعي مقابل مبدإ التجزئة والصراع‪..‬‬

‫‪ -‬أنتوين غيدنز‪ :‬علم االجتماع‪ ،‬ترمجة‪ :‬فايز الصياغ‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبن‪++‬ان‪ ،‬الطبع‪++‬ة‬ ‫‪35‬‬

‫األوىل ‪2005‬م‪ ،‬ص‪.74:‬‬


‫‪33‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫بيد أن البنيوية الوظيفية هي امتداد للمدرس‪++‬ة الوظيفي‪++‬ة الكالس‪++‬يكية‪ ،‬على أس‪++‬اس أن النظ‪++‬ام‬
‫اجملتمعي مرتب‪+‬ط بوظيف‪+‬ة م‪+‬ا‪.‬أي‪ :‬هتتم ه‪+‬ذه املقارب‪+‬ة بتحدي‪+‬د ال‪+‬دور ال‪+‬ذي يق‪+‬وم ب‪+‬ه عنص‪+‬ر م‪+‬ا‬
‫داخ ‪++‬ل النس ‪++‬ق الكلي على غ ‪++‬رار اجلس ‪++‬م اإلنس ‪++‬اين احلي‪ .‬مبع ‪++‬ىن أن ك ‪++‬ل عنص ‪++‬ر ي ‪++‬ؤدي دورا‬
‫معين‪++‬ا‪ ،‬أو يق‪++‬وم بوظيف‪++‬ة أساس‪++‬ية داخ‪++‬ل الك‪++‬ل اجملتمعي‪ ،‬أو يس‪++‬اهم بعم‪++‬ل م‪++‬ا داخ‪++‬ل النظ‪++‬ام‬
‫الثقايف‪.‬‬

‫ومن أهم رواد ه ‪++ +‬ذه املقارب ‪++ +‬ة أرنول ‪++ +‬د ف ‪++ +‬ان جي ‪++ +‬نيب(‪،)Arnold Van Gennep‬‬
‫وبرونيس ‪++‬الف مالينوفس ‪++‬كي(‪ ،36)Bronislaw Malinowski‬ورادكلي ‪++‬ف رجيينال ‪++‬د‬
‫براون (‪ ،37)Alfred Reginald Radcliffe-Brown‬وإدوار إيفان بريتشار(‪E‬‬
‫‪...38)dward Evan Evans-Pritchard‬‬

‫هذا‪ ،‬ويرتب‪+‬ط النظ‪+‬ام أو النس‪+‬ق الثق‪+‬ايف واجملتمعي عن‪+‬د مالينوفس‪+‬كي ب‪+‬أداء احتياج‪+‬ات أص‪+‬لية‬
‫وفرعي‪++ +‬ة‪.‬وهك‪++ +‬ذا‪ ،‬ي‪++ +‬رى الب‪++ +‬احث أن " ثقاف‪++ +‬ة أي جمتم‪++ +‬ع تنش‪++ +‬أ وتتط‪++ +‬ور يف إط‪++ +‬ار إش‪++ +‬باع‬
‫االحتياج ‪++‬ات البيولوجي ‪++‬ة لألف ‪++‬راد‪ ،‬وال ‪++‬يت حص ‪++‬رها يف التغذي ‪++‬ة واإلجناب والراح ‪++‬ة البدني ‪++‬ة‪،‬‬
‫واألم‪++ +‬ان واالس‪++ +‬رتخاء‪ ،‬واحلرك‪++ +‬ة والنم‪++ +‬و‪ .‬وتنش‪++ +‬أ النظم االجتماعي‪++ +‬ة ع‪++ +‬ادة لتحقي‪++ +‬ق تل‪++ +‬ك‬
‫الرغب ‪++‬ات‪ ،‬فنج ‪++‬د ‪ -‬مثال‪ -‬أن ال ‪++‬زواج واألس ‪++‬رة يش ‪++‬بعان احلاج ‪++‬ة اجلنس ‪++‬ية‪ ،‬ويؤدي ‪++‬ان وظيف ‪++‬ة‬

‫‪- Bronisław Kasper Malinowski : Une théorie scientifique de la‬‬


‫‪36‬‬

‫‪culture et autres essais, Maspéro/La Découverte, 1970 .‬‬


‫‪37‬‬
‫‪- Alfred Reginald Radcliffe-Brown : Structure et fonction dans la‬‬
‫‪société primitive, 1968‬‬
‫‪38‬‬
‫‪- E. E. Evans-Pritchard. Les Nuer. Description des modes de vie‬‬
‫‪et des institutions politiques d'un peuple nilote, texte original‬‬
‫‪publié en 1940. Trad. de l'anglais par Louis Evrard, 1968, Gallimard.‬‬
‫‪34‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫اإلجناب والرتبي‪++‬ة‪ ،‬كم‪++‬ا أن املس‪++‬كن وامللبس ميكن‪++‬ان اجلس‪++‬م من احلص‪++‬ول على الق‪++‬در الالزم‬
‫من الراح ‪++‬ة والتواف ‪++‬ق الب ‪++‬دين والنفس ‪++‬ي‪ .‬ولكي تس ‪++‬تمر الثقاف ‪++‬ة يف أداء وظيفته ‪++‬ا من ناحي ‪++‬ة‬
‫إش ‪++‬باع تل ‪++‬ك احلاج ‪++‬ات اإلنس ‪++‬انية الض ‪++‬رورية فمن الض ‪++‬روري إذًا يف رأي مالينوفس ‪++‬كي أن‬
‫تتوافر اللوازم املادية كأدوات الصيد واحلرب (مثال)‪ ،‬والبد من وضع قواعد ونظم واجب‪++‬ة‬
‫االحرتام والطاعة والتطبيق إلحكام الضبط االجتماعي‪ ،‬عالوة على ضرورة وجود تقس‪++‬يم‬
‫للعم ‪++‬ل على أس ‪++‬اس اجلنس والس ‪++‬ن‪ ،‬وحتدي ‪++‬د األدوار واملكان ‪++‬ات بني األف ‪++‬راد مما ي ‪++‬ؤدي إىل‬
‫‪39‬‬
‫نشوء تنظيم اجتماعي متماسك له صفتا االستقرار واالستمرار‪".‬‬

‫أم ‪++‬ا رادكلي ‪++‬ف ب ‪++‬راون‪ ،‬فيختل ‪++‬ف عن مالينوفس ‪++‬كي يف تفس ‪++‬ريه للثقاف ‪++‬ة يف إط ‪++‬ار بيول ‪++‬وجي‪،‬‬
‫باملماثل ‪++‬ة بني احلي ‪++‬اة االجتماعي ‪++‬ة واحلي ‪++‬اة الوظيفي ‪++‬ة‪ .‬ويع ‪++‬ين ه ‪++‬ذا أن ‪++‬ه يس ‪++‬تفيد من آراء إمي ‪++‬ل‬
‫دورك ‪++‬امي وسبنس ‪++‬ر يف تفس ‪++‬ري الظ ‪++‬اهرة االجتماعي ‪++‬ة تفس ‪++‬ريا عض ‪++‬ويا وبيولوجي ‪++‬ا‪ .‬بينم ‪++‬ا رك ‪++‬ز‬
‫إيفانز بريتشار على اجملتمعات البدائية بغية دراسة نظمها االجتماعية والثقافية‪ ،‬انطالقا من‬
‫منهجية بنيوية وظيفية تدرس األنساق الكلية يف عالقتها الوظيفية‪.‬‬

‫وعلي‪++‬ه‪ ،‬إذا ك‪++‬ان االجتاه التط‪++‬وري يعق‪++‬د مقارن‪++‬ة بني الش‪++‬عوب البدائي‪++‬ة والش‪++‬عوب املتحض‪++‬رة‬
‫الراهن ‪++‬ة‪ ،‬ف ‪++‬إن االجتاه الب ‪++‬نيوي ال ‪++‬وظيفي ي ‪++‬درس الثقاف ‪++‬ات أو احلض ‪++‬ارات البدائي ‪++‬ة يف نس ‪++‬قها‬
‫الثقايف البنيوي الثابت‪ .‬ويعين هذا أن االجتاه الوظيفي يدرس عناصر الثقافات واحلض‪++‬ارات‬
‫القدمية يف إطاره‪++‬ا أنس‪++‬اقها الكلي‪++‬ة‪ ،‬م‪++‬ع تبي‪++‬ان وظيف‪++‬ة ك‪++‬ل عنص‪++‬ر داخ‪++‬ل ه‪++‬ذا النس‪++‬ق الكلي‪،‬‬
‫دون اجملازف ‪++‬ة بعق ‪++‬د مقارن ‪++‬ة م ‪++‬ا بني الش ‪++‬عوب القدمية والش ‪++‬عوب املتحض ‪++‬رة املعاص ‪++‬رة‪.‬أي‪:‬‬
‫ي‪++‬درس ه‪++‬ذا االجتاه الش‪++‬عوب البدائي‪++‬ة كم‪++‬ا هي يف الواق‪++‬ع‪ ،‬واليهمه‪++‬ا م‪++‬ا قب‪++‬ل أو مابع‪++‬د‪ ،‬ب‪++‬ل‬
‫ت‪++‬درس ظواهره‪++‬ا الثقافي‪++‬ة واجملتمعي‪++‬ة دراس‪++‬ة بنيوي‪++‬ة س‪++‬تاتيكية ثابت‪++‬ة وس‪++‬انكرونية‪ ،‬برب‪++‬ط ك‪++‬ل‬

‫‪ -‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.116:‬‬ ‫‪39‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫عنص‪++‬ر بوظيفت‪++‬ه داخ‪++‬ل النس‪++‬ق الكلي‪ .‬بينم‪++‬ا يعتم‪++‬د االجتاه التط‪++‬وري على الت‪++‬اريخ يف دراس‪++‬ة‬
‫الظواهر األنرتوبولوجية‪ ،‬وربط الظواهر ببعدها الدياكروين القائم على الصريورة الزمانية‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬المق ــاربة السوسيولوجية‬


‫تسعى املقاربة السوسيولوجية‪ ،‬م‪++‬ع إمي‪++‬ل دورك‪++‬امي (‪ ،)E.Durkheim‬ومارس‪++‬يل م‪++‬وس‬
‫(‪ ،)M.Mauss‬واملعهد السوسيولوجي (‪ )Le Collège de sociologie‬ال‪+‬ذي‬
‫تبل ‪++‬ور م ‪++‬ا بني ‪1937‬و‪1939‬م‪ ،‬إىل دراس ‪++‬ة الظ ‪++‬واهر اجملتمعي ‪++‬ة دراس ‪++‬ة تش ‪++‬ييئية موض ‪++‬وعية‬
‫وكمي‪++‬ة‪ .‬واهلدف من ذل‪++‬ك ه‪++‬و تفس‪++‬ري ه‪++‬ذه الظ‪++‬واهر تفس‪++‬ريا وض‪++‬عيا انطالق‪++‬ا من أبعاده‪++‬ا‬
‫السياسية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬والدينية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والقانونية‪.‬‬

‫ه‪++‬ذا‪ ،‬وي‪++‬رى إمي‪++‬ل دورك‪++‬امي أن مص‪++‬در املعرف‪++‬ة ليس العق‪++‬ل أواحلس‪ ،‬ب‪++‬ل ه‪++‬و اجملتم‪++‬ع‪ ،‬كم‪++‬ا‬
‫يبدو ذلك يف كتابه(األشكال األولية للحياة الدينية‪ .)40‬ويتكون اجملتم‪++‬ع من جمموع‪++‬ة من‬
‫األفراد تنسج بينهم عالقات متنوعة‪ ،‬ولك‪+‬ل ف‪+‬رد عق‪+‬ل خ‪+‬اص ب‪+‬ه‪ .‬وك‪+‬ذلك للمجتم‪+‬ع عق‪+‬ل‬
‫مجعي (‪ )Conscience collective‬خ ‪++ +‬اص ب ‪++ +‬ه ه ‪++ +‬و مص ‪++ +‬در املع ‪++ +‬ارف واألفك ‪++ +‬ار‬
‫الس‪++‬ائدة‪ .‬وبالت‪++‬ايل‪ ،‬فالعق‪++‬ل اجلمعي ه‪++‬و مص‪++‬در املع‪++‬ارف ال‪++‬يت ي‪++‬ؤمن هبا ك‪++‬ل ف‪++‬رد من أف‪++‬راد‬
‫اجملتمع‪.‬ويعين هذا أن املثقف أو املبدع يصدر عن هذا العقل اجلمعي‪ ،‬ويستمد منه أفك‪++‬اره‬
‫وتص‪++‬وراته وتأمالت‪++‬ه االجتماعي‪++‬ة‪ .‬ومن مث‪ ،‬فالعق‪++‬ل اجلمعي ه‪++‬و جمموع‪++‬ة من العق‪++‬ول الفردي‪++‬ة‬
‫اليت تنصهر يف بوتقة معرفية واحدة‪ ،‬وتشرتك يف اخلصائص اجملتمعية نفسها‪ .‬ويعين هذا أن‬
‫الض ‪++‬مري اجلمعي أو العق ‪++‬ل اجلمعي مبثاب ‪++‬ة الش ‪++‬عور مجاعي‪ ،‬وليس الش ‪++‬عورا فردي ‪++‬ا ب ‪++‬املفهوم‬
‫الفرويدي‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪-Durkheim, Émile : Les formes élémentaires de la vie religieuse,‬‬
‫‪Presses Universitaires de France, 5e édition, 2003‬‬
‫‪36‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫وعلي ‪++‬ه‪ ،‬ي ‪++‬رى دورك ‪++‬امي أن مجي ‪++‬ع املق ‪++‬والت املنطقي ‪++‬ة واملف ‪++‬اهيم العقلي ‪++‬ة والفك ‪++‬ر هي نت ‪++‬اج‬
‫اجملتمع‪ ،‬ونتاج العقل اجلمعي‪.‬أي‪ :‬إن اجملتم‪++‬ع الش‪++‬امل ه‪++‬و ال‪++‬ذي يتحكم يف معرف‪++‬ة اإلنس‪++‬ان‬
‫وثقافت‪++‬ه وإبداع‪++‬ه وابتك‪++‬اره‪ .‬ومن الص‪++‬عب فص‪++‬ل املثق‪++‬ف عن الض‪++‬مري اجملتمعي اجلمعي؛ ألن‪++‬ه‬
‫يص‪++‬در‪ ،‬يف أفك‪++‬اره وتوجهات‪++‬ه‪ ،‬عن مف‪++‬اهيم ومتخيالت جمتمعي‪++‬ة مجعي‪++‬ة‪ ،‬ألفته‪++‬ا اجلماع‪+‬ة ع‪+‬رب‬
‫ممارستها الطقوسية والدينية واالجتماعية‪.‬‬

‫أم ‪++‬ا مارس ‪++‬يل م ‪++‬وس‪ ،‬فق ‪++‬د اهتم باحلدث اجملتمعي يف أبع ‪++‬اده الكلي ‪++‬ة‪ :‬االقتص ‪++‬ادية‪ ،‬والثقافي ‪++‬ة‪،‬‬
‫والديني‪++‬ة‪ ،‬والرمزي‪++‬ة‪ ،‬والقانوني‪++‬ة‪ ،‬دون الرتك‪++‬يز على عام‪++‬ل دون آخ‪++‬ر‪ .‬ب‪++‬ل ينظ‪++‬ر إىل الك‪++‬ائن‬
‫البش‪++‬ري نظ‪++‬رة واقعي‪++‬ة حمسوس‪++‬ة كلي‪++‬ة وش‪++‬املة‪ ،‬يف خمتل‪++‬ف أبعاده‪++‬ا املتنوع‪++‬ة‪ :‬الفيزيولوجي‪++‬ة‪،‬‬
‫واالجتماعي‪++ +‬ة‪ ،‬والنفس‪++ +‬ية‪ ،‬ض‪++ +‬من م‪++ +‬ا يس‪++ +‬مى بالك‪++ +‬ائن الكلي أو اإلنس‪++ +‬ان الش‪++ +‬امل ال‪++ +‬ذي‬
‫س‪++‬يكون منطلق‪++‬ا لدراس‪++‬ات بي‪++‬ري بوردي‪++‬و (‪)Bourdieu‬ح‪++‬ول اهلابيتوس‪ .‬وأهم م‪++‬ا يتعل‪++‬ق‬
‫هبذا اجملال هو تركيزه على فكرة التبادل كم‪++‬ا يف كتاب‪++‬ه (الهديــة) ‪ 41‬ال‪++‬يت تق‪++‬وم على ثالث‬
‫مراح‪++ +‬ل أساس‪++ +‬ية هي‪ :‬وج‪++ +‬وب تق‪++ +‬دمي اهلدي‪++ +‬ة‪ ،‬ووج‪++ +‬وب اس‪++ +‬تقباهلا‪ ،‬ووج‪++ +‬وب إرجاعه‪++ +‬ا‬
‫وإعادهتا‪.‬ومن هن ‪++‬ا‪ ،‬تق ‪++‬وم مجي ‪++‬ع اجملتمع ‪++‬ات‪ ،‬س ‪++‬واء البدائي ‪++‬ة منه ‪++‬ا أو املتحض ‪++‬رة‪ ،‬على فك ‪++‬رة‬
‫التبادل‪ ،‬كالتبادل على مستوى الزواج‪ ،‬والتبادل على املستوى االقتص‪++‬ادي‪ ،‬والتب‪++‬ادل على‬
‫املستوى السياسي‪ ،‬والتبادل على املستوى اللساين‪...‬‬

‫‪41‬‬
‫‪-M. Mauss : Essai sur le don. Forme et raison de l'échange dans‬‬
‫‪les sociétés archaïques (1925), Introduction de Florence Weber,‬‬
‫‪Quadrige/Presses universitaires de France, 2007.‬‬
‫‪37‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المطلب السادس‪ :‬المقارب ــة السيكولوجية‬


‫تبل‪++‬ورت ه‪++‬ذه املقارب‪++‬ة م‪++‬ع س‪++‬ابري (‪ ،)Saper‬وروث بين‪++‬ديكت(‪،)Ruth Benedict‬‬
‫وم ‪++ +‬ارغريت دورا (‪ ،)Margaret Mead‬ورال ‪++ +‬ف لينت ‪++ +‬ون(‪.)Ralph Linton‬‬
‫وتع‪++ +‬ىن ه‪++ +‬ذه املقارب‪++ +‬ة األنرتوبولوجي‪++ +‬ة النفس‪++ +‬ية بدراس‪++ +‬ة العالق‪++ +‬ة املوج‪++ +‬ودة بني الشخص‪++ +‬ية‬
‫والثقافة‪ .‬لذلك‪ ،‬جتمع هذه املقاربة بني علم نفس الشخصية‪ ،‬واألنرتوبولوجيا الثقافي‪++‬ة ال‪++‬يت‬
‫هتتم بدراس‪++‬ة الثقاف‪++‬ة‪ .‬ومن مث‪ ،‬ترك‪++‬ز ه‪++‬ذه املقارب‪++‬ة على ت‪++‬أثري الثقاف‪++‬ة يف الشخص‪++‬ية‪.‬أي‪ :‬يف‬
‫حاملها‪ .‬مبعىن أن الثقافة قد تكون عامال حمددا للشخصية السوية واملضطربة‪.‬‬

‫ومن مث‪ ،‬فق ‪++‬د أظه ‪++‬رت األحباث األنرتوبولوجي ‪++‬ة ذات الط ‪++‬ابع النفس ‪++‬ي أن الف ‪++‬رد ليس مثقف ‪++‬ا‬
‫س‪++‬لبيا‪ ،‬ب‪++‬ل ه‪++‬و ك‪++‬ائن ثق‪++‬ايف إجيايب ومب‪++‬دع‪ .‬مبع‪++‬ىن أن ليس هن‪++‬اك شخص‪++‬يات منمط‪++‬ة ثقافي‪++‬ا‬
‫بطريق‪++‬ة مجاعي‪++‬ة‪ ،‬ب‪++‬ل هن‪++‬اك شخص‪++‬يات مبدع‪++‬ة ومتف‪++‬ردة ومتم‪++‬يزة‪ .‬وق‪++‬د حياف‪++‬ظ األف‪++‬راد على‬
‫ثق ‪++‬افتهم األص ‪++‬لية‪ ،‬أو ق ‪++‬د جيددون فيه ‪++‬ا‪ ،‬وق ‪++‬د يق ‪++‬اومون ك ‪++‬ل ثقاف ‪++‬ة دخيل ‪++‬ة‪ ،‬أو يس ‪++‬تقبلوهنا‬
‫بطواعية واقتن‪+‬اع‪ .‬ل‪+‬ذا‪ ،‬الميكن فهم اجملتمع‪+‬ات الثقافي‪+‬ة إال بفهم نفس‪+‬يات الشخص‪+‬يات جتاه‬
‫ثقاف‪++‬ة جمتمعي‪++‬ة م‪++‬ا‪ .‬ويف ه‪++‬ذا الس‪++‬ياق‪ ،‬يق‪++‬ول ع‪++‬دنان أمحد مس‪++‬لم‪ ":‬أظه‪++‬رت دراس‪++‬ات عملي‪++‬ة‬
‫التغ ‪++‬ري الثق ‪++‬ايف أن الف ‪++‬رد يف اجملتم ‪++‬ع ليس جمرد حام ‪++‬ل س ‪++‬ليب لثقاف ‪++‬ة اجملتم ‪++‬ع‪ ،‬وإمنا ه ‪++‬و خمرتع‬
‫لعناص ‪++‬ر ثقافي ‪++‬ة جدي ‪++‬دة‪ ،‬ولدي ‪++‬ه الق ‪++‬درة على رفض أي جتدي ‪++‬د يف ثقافت ‪++‬ه أو قبول ‪++‬ه‪ ،‬وهك ‪++‬ذا‬
‫وج‪++‬د الب‪++‬احثون أن الفهم ال‪++‬دقيق لظ‪++‬اهرة التكام‪++‬ل الثق‪++‬ايف‪ ،‬ولعملي‪++‬ات التغ‪++‬ري الثق‪++‬ايف يتطلب‬
‫الرج ‪++‬وع إىل حق ‪++‬ائق علم النفس وخباص ‪++‬ة علم نفس الشخص ‪++‬ية‪ ،‬فق ‪++‬د الحظ ‪++‬وا أن ح ‪++‬االت‬
‫رفض أو قب‪++‬ول تغ‪++‬ريات ثقافي‪++‬ة يف جمتم‪++‬ع م‪++‬ا ترتب‪++‬ط بص‪++‬ورة م‪++‬ا مبدى تواف‪++‬ق عناص‪++‬ر املركب‬
‫الثق ‪++ +‬ايف اجلدي ‪++ +‬د م ‪++ +‬ع الشخص ‪++ +‬ية العام ‪++ +‬ة ألعض ‪++ +‬اء اجملتم ‪++ +‬ع‪ ،‬ه ‪++ +‬ذا إض ‪++ +‬افة إىل مالحظ ‪++ +‬ة أن‬

‫‪38‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫شخصيات أعض‪+‬اء اجملتم‪+‬ع تتف‪+‬ق يف مسات معين‪+‬ة‪ ،‬ويرج‪+‬ع ذل‪+‬ك االتف‪+‬اق إىل أن عيش‪+‬تهم يف‬
‫‪42‬‬
‫ثقافة واحدة‪".‬‬

‫وقد ميز رالف لينتون‪ 43‬بني شكلني من الشخص‪++‬يات‪ :‬الشخص‪++‬ية األساس‪++‬ية (‪Personn‬‬
‫‪ )alité de base‬والشخص‪++ +‬ية الوظيفي‪++ +‬ة(‪.)Personnalité fonctionnelle‬‬
‫فالشخصيات األساسية هي تلك الشخصيات املنمطة اجتماعيا‪ ،‬واليت تتم‪++‬يز مبجموع‪++‬ة من‬
‫العناصر ال‪+‬يت يت‪+‬وق اجملتم‪+‬ع توفره‪+‬ا يف الشخص‪+‬ية‪ .‬مبع‪+‬ىن أن الشخص‪+‬ية األساس‪+‬ية تش‪+‬رتك م‪+‬ع‬
‫ب‪++‬اقي شخص‪++‬يات اجملتم‪++‬ع يف جمموع‪++‬ة من الص‪++‬فات املش‪++‬رتكة واألحاس‪++‬يس وأمناط الس‪++‬لوك‪،‬‬
‫ك‪++ +‬آداب األك‪++ +‬ل واجلل‪++ +‬وس والتحي‪++ +‬ة‪ ،‬واالس‪++ +‬تجابات املوح‪++ +‬دة جتاه جمموع‪++ +‬ة من املواق‪++ +‬ف‪،‬‬
‫وطرائق اللباس‪ .‬وميكن التمثيل لذلك مبشجعي كرة الق‪+‬دم ال‪+‬ذين يتحول‪+‬ون إىل شخص‪+‬يات‬
‫أساس ‪++ +‬ية منمط ‪++ +‬ة ش ‪++ +‬عوريا وفكري ‪++ +‬ا وس ‪++ +‬لوكيا‪ ،‬من خالل م ‪++ +‬واقفهم املوح ‪++ +‬دة جتاه احلدث‬
‫الواحد(تشجيع الفريق )‪.‬‬

‫يف حني‪ ،‬تع‪++‬د الشخص‪++‬يات الوظيفي‪++‬ة تل‪++‬ك الشخص‪++‬ية املتع‪++‬ددة واملتنوع‪++‬ة ال‪++‬يت ترتب‪++‬ط بوظيف‪++‬ة‬
‫أو دور معني‪ ،‬مث‪++‬ل‪ :‬شخص‪++‬ية وظيفي‪++‬ة لألطب‪++‬اء‪ ،‬وشخص‪++‬ية وظيفي‪++‬ة للمح‪++‬امني‪ ،‬وشخص‪++‬ية‬
‫وظيفية للمدرسني‪ ،‬إخل‪...‬‬

‫ويع ‪++‬ين ه ‪++‬ذا أن اجملتم ‪++‬ع يقب ‪++‬ل بنم ‪++‬ط واح ‪++‬د من الشخص ‪++‬ية‪ ،‬وهي الشخص ‪++‬ية األساس ‪++‬ية ال ‪++‬يت‬
‫تش‪++‬رتك م‪++‬ع ب‪++‬اقي أف‪++‬راد اجملتم‪++‬ع يف جمموع‪++‬ة من املواق‪++‬ف واالس‪++‬تجابات وردود الفع‪++‬ل‪ .‬كم‪++‬ا‬
‫يقبل بأمناط متعددة من الشخصية‪ ،‬وهي الشخصية الوظيفية‪.‬‬

‫‪ -‬عدنان أمحد مسلم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.168:‬‬ ‫‪42‬‬

‫‪43‬‬
‫‪-Ralph Linton : Le Fondement culturel de la personnalité , Paris :‬‬
‫‪Dunod, 1977 ; traduction de The Cultural Background of Personality.‬‬
‫‪39‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫وهكذا‪ ،‬فاجملتمع يشكل شخصية أساس‪+‬ية ج‪+‬اهزة ومش‪+‬رتكة ومنمط‪+‬ة س‪+‬لوكيا وفكري‪+‬ا‪.‬ويف‬
‫الوقت نفسه‪ ،‬يبلور شخصية وظيفية متنوعة ومتعددة حسب أدوارها ووظائفها‪ .‬ومن مث‪،‬‬
‫فاجملتمع ‪++‬ات املنغلق ‪++‬ة واملتخلف ‪++‬ة تبل ‪++‬ور لن ‪++‬ا شخص ‪++‬يات أساس ‪++‬ية منمط ‪++‬ة‪ ،‬كم ‪++‬ا يف اجملتمع ‪++‬ات‬
‫االشرتاكية‪ .‬بينم‪+‬ا تس‪+‬هم اجملتمع‪+‬ات الرأمسالية يف تك‪+‬وين شخص‪+‬يات وظيفي‪+‬ة فاعل‪+‬ة ومبدع‪+‬ة‬
‫ونامية ومتطورة‪.‬‬

‫المطلب السابع‪ :‬المق ــاربة التأويلية‬


‫تس‪++‬تند املقارب‪++‬ة التأويلي‪++‬ة إىل دراس‪++‬ة الظ‪++‬واهر الثقافي‪++‬ة واجملتمعي‪++‬ة يف ض‪++‬وء مقارب‪++‬ة قائم‪++‬ة على‬
‫الفهم والتأوي‪++ +‬ل‪ ،‬بعي‪++ +‬دا عن التفس‪++ +‬ري السوس‪++ +‬يولوجي والب‪++ +‬نيوي والس‪++ +‬يكولوجي‪ .‬ومن مث‪،‬‬
‫حتاول ه ‪++‬ذه املقارب ‪++‬ة دراس ‪++‬ة األنظم ‪++‬ة أو الظ ‪++‬واهر الثقافي ‪++‬ة دراس ‪++‬ة س ‪++‬يميائية رمزي ‪++‬ة‪ ،‬بتمث ‪++‬ل‬
‫منهجية الفهم لدى ماكس فيرب(‪.)Max Weber‬‬

‫إذًا‪ ،‬يه‪++ + +‬دف االجتاه الت‪++ + +‬أويلي إىل دراس‪++ + +‬ة الظ‪++ + +‬واهر األنرتوبولوجي‪++ + +‬ة والثقافي‪++ + +‬ة بعي‪++ + +‬دا عن‬
‫املقارب‪++‬ات التفس‪++‬ريية‪ ،‬س‪++‬واء أك‪++‬انت س‪++‬يكولوجية أم بنيوي‪++‬ة أم سوس‪++‬يولوجية وض‪++‬عية‪ .‬وق‪++‬د‬
‫اهتم ه ‪++‬ذا االجتاه بتأوي ‪++‬ل الوق ‪++‬ائع الثقافي ‪++‬ة‪ ،‬باس ‪++‬تيحاء منهج م ‪++‬اكس في ‪++‬رب ال ‪++‬ذي يرك ‪++‬ز على‬
‫الفرد يف تفاعله مع اجملتمع‪ ،‬وتأويل الدالالت الرمزية اليت تتضمنها األفعال اإلنسانية‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫ومن أهم ممثلي ه‪++ + + +‬ذا االجتاه الت‪++ + + +‬أويلي املابع‪++ + + +‬د احلداثي‪ :‬كليف‪++ + + +‬ورد غ‪++ + + +‬ريتز(‪Clifford‬‬
‫‪ )Geertz‬ص ‪++ +‬احب ع ‪++ +‬دة مؤلف ‪++ +‬ات‪ ،‬مث ‪++ +‬ل‪( :‬تأويـ ــل الثقافـ ــات)‪ ،44‬و(بـ ــالي‪ ،‬وتأويـ ــل‬
‫ثقافة)‪ ،45‬و(مالحظة اإلسالم)‪ ،46‬و(سوق صفرو‪ ،‬اقتصاد البزار)‪...47‬‬

‫وقد استعمل غريتز‪ ،‬يف دراس‪+‬اته وأحباث‪++‬ه اإلثنوغرافي‪++‬ة‪ ،‬منهجي‪++‬ة س‪+‬يميائية رمزي‪++‬ة وتأويلي‪++‬ة يف‬
‫دراس ‪++‬ة س ‪++‬وق ص ‪++‬فرو ب ‪++‬األطلس املتوس ‪++‬ط ب ‪++‬املغرب‪ ،‬ودراس ‪++‬ة الظ ‪++‬واهر الثقافي ‪++‬ة واجملتمعي ‪++‬ة‬
‫بأندونيس ‪++‬يا‪ .‬ومن مث‪ ،‬فمنهجيت ‪++‬ه ميداني ‪++‬ة قائم ‪++‬ة على املالحظ ‪++‬ة الوص ‪++‬فية‪ ،‬وتأوي ‪++‬ل الرم ‪++‬وز‪،‬‬
‫والبحث عن الدالالت الثاوية والعميقة واخللفية‪.48‬‬

‫المطلب الثامن‪ :‬المقاربة اإليديولوجية‬


‫ظه ‪++‬رت املقارب ‪++‬ة اإليديولوجي ‪++‬ة يف دراس ‪++‬ة الظ ‪++‬واهر الثقافي ‪++‬ة واملعرفي ‪++‬ة م ‪++‬ع كتاب ‪++‬ات ك ‪++‬ارل‬
‫م‪+‬اركس ال‪+‬يت تثبت أن املثقفني أو املفك‪+‬رين يع‪+‬ربون عن أفك‪+‬ار الطبق‪+‬ة املهيمن‪+‬ة أو الس‪+‬ائدة‪.‬‬
‫وبالت ‪++‬ايل‪ ،‬ميثل ‪++‬ون البني ‪++‬ة الفوقي ‪++‬ة وهي بني ‪++‬ة إيديولوجي ‪++‬ة‪ .‬ومن هن ‪++‬ا‪ ،‬تتج ‪++‬اوز مادي ‪++‬ة ك ‪++‬ارل‬
‫م ‪++‬اركس اجلدلي ‪++‬ة املادي ‪++‬ات الس ‪++‬ابقة كاملادي ‪++‬ة األرس ‪++‬طية؛ واملادي ‪++‬ة الذري ‪++‬ة م ‪++‬ع دميق ‪++‬ريطيس؛‬

‫‪-Clifford Geertz: The Interpretation of Cultures, Basic Books,‬‬


‫‪44‬‬

‫‪New York, 1973.‬‬


‫‪-Clifford Geertz: Bali : Interprétation d'une culture, Gallimard,‬‬
‫‪45‬‬

‫‪1984.‬‬
‫‪46‬‬
‫‪- Clifford Geertz :Observer l'islam. Changements religieux au‬‬
‫‪Maroc et en Indonésie, La Découverte, 1992.‬‬
‫‪-Clifford Geertz: Le souq de Sefrou. Sur l'économie de bazar ,‬‬
‫‪47‬‬

‫‪2003.‬‬
‫‪48‬‬
‫‪-Clifford Geertz, « La description dense. Vers une théorie‬‬
‫‪interprétative de la culture », Enquête, no 6, 1998, p. 3.‬‬
‫‪41‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫واملادي ‪++‬ة التجريبي ‪++‬ة اإلجنليزي ‪++‬ة م ‪++‬ع ج ‪++‬ون ل ‪++‬وك‪ ،‬ودافي ‪++‬د هي ‪++‬وم‪ ،‬واس ‪++‬تيوارت مي ‪++‬ل؛ واملادي ‪++‬ة‬
‫امليكانيكية مع فيورباخ‪ .‬وهنا‪ ،‬تعطى األس‪+‬بقية ملا ه‪+‬و م‪+‬ادي واقتص‪+‬ادي على م‪+‬اهو فك‪+‬ري‬
‫وإي‪++‬ديولوجي‪ .‬كم‪++‬ا أن البني‪++‬ة التحتي‪++‬ة ذات الطبيع‪++‬ة املادي‪++‬ة هي ال‪++‬يت تتحكم يف البني‪++‬ة الفوقي‪++‬ة‬
‫القائم ‪++‬ة على الفك ‪++‬ر وال ‪++‬دين والتص ‪++‬وف واألدب والفن واإلي ‪++‬ديولوجيا‪ ...‬ويف ه ‪++‬ذا‪ ،‬يق ‪++‬ول‬
‫ماركس‪ ":‬ويشكل جمموع عالقات اإلنتاج هذه البنيان االقتصادي للمجتم‪++‬ع‪ ،‬أي يش‪++‬كل‬
‫األس ‪++‬اس احلقيقي ال ‪++‬ذي يق ‪++‬وم فوق ‪++‬ه ص ‪++‬رح عل ‪++‬وي ق ‪++‬انوين وسياس ‪++‬ي وتتمش ‪++‬ى مع ‪++‬ه أش ‪++‬كال‬
‫اجتماعي‪++‬ة‪ .‬فأس‪++‬لوب إنت‪++‬اج احلي‪++‬اة املادي‪++‬ة ه‪++‬و ش‪++‬رط العملي‪++‬ة االجتماعي‪++‬ة والسياس‪++‬ية والعقلي‪++‬ة‬
‫للحي‪++‬اة بوج‪++‬ه ع‪++‬ام‪ .‬ليس وعي الن‪++‬اس بال‪++‬ذي حيدد وج‪++‬ودهم‪ ،‬ولكن وج‪++‬ودهم االجتم‪++‬اعي‬
‫ه ‪++‬و ال ‪++‬ذي حيدد وعيهم‪ .‬فعن ‪++‬دما تص ‪++‬ل ق ‪++‬وى اجملتم ‪++‬ع اإلنتاجي ‪++‬ة املادي ‪++‬ة إىل درج ‪++‬ة معين ‪++‬ة من‬
‫تطورها تدخل يف صراع مع أحوال اإلنت‪+‬اج القائم‪+‬ة أو ب‪+‬التعبري الق‪+‬انوين م‪+‬ع أح‪+‬وال امللكي‪+‬ة‬
‫ال ‪++‬يت ك ‪++‬انت تعم ‪++‬ل يف ظله ‪++‬ا ح ‪++‬ىت ذل ‪++‬ك ال ‪++‬وقت‪ .‬وتتغ ‪++‬ري ه ‪++‬ذه األح ‪++‬وال ال ‪++‬يت هي قي ‪++‬د على‬
‫األش ‪++ + +‬كال التطوري ‪++ + +‬ة من الق ‪++ + +‬وى اإلنتاجي ‪++ + +‬ة‪ .‬ويف ه ‪++ + +‬ذه اللحظ ‪++ + +‬ة حتل حقب ‪++ + +‬ة من الث ‪++ + +‬ورة‬
‫االجتماعي ‪++‬ة‪ .‬فتع ‪++‬ديل القاع ‪++‬دة االقتص ‪++‬ادية جير يف أذيال ‪++‬ه قلًب ا س ‪++‬ريًعا بدرج ‪++‬ة أك ‪++‬ثر أو أق ‪++‬ل‪،‬‬
‫لك‪++‬ل الص‪++‬رح العل‪++‬وي اهلائ‪++‬ل‪ .‬وعن‪++‬د دراس‪++‬ة االنقالب‪++‬ات ال‪++‬يت من ه‪++‬ذا الن‪++‬وع جيب دائًم ا أن‬
‫نف ‪++‬رق بني القلب املادي ال ‪++‬ذي حيدث يف أح ‪++‬وال اإلنت ‪++‬اج االقتص ‪++‬ادية وال ‪++‬يت ميكن تقريره ‪++‬ا‬
‫بدقة علية‪ ،‬وبني األشكال القانونية والسياسية والدينية والفنية والفلسفية أو بكلمة واح‪++‬دة‬
‫األش‪++ +‬كال األيديولوجي‪++ +‬ة ال‪++ +‬يت ي‪++ +‬درك الن‪++ +‬اس يف ظله‪++ +‬ا ه‪++ +‬ذا الص‪++ +‬راع وجياه‪++ +‬دون يف س‪++ +‬بيل‬
‫فضه"‪.49‬‬

‫‪ -‬كارل ماركس‪ :‬مساهمة في نقد االقتصــاد السياســي‪،‬ترمجة‪ :‬راش‪++‬د ال‪++‬رباوي‪ ،‬دار النهض‪++‬ة العربي‪++‬ة‪ ،‬الطبع‪++‬ة‬ ‫‪49‬‬

‫األوىل ‪1969‬م‪ ،‬ص‪.3:‬‬


‫‪42‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫ويع ‪++‬ين ه ‪++‬ذا أن م ‪++‬ا ه ‪++‬و اقتص ‪++‬ادي وم ‪++‬ادي وجمتمعي ه ‪++‬و ال ‪++‬ذي حيدد فك ‪++‬ر الن ‪++‬اس ووعيهم‬
‫ووج ‪++‬ودهم‪ .‬واليع ‪++‬ين ه ‪++‬ذا أن الفك ‪++‬ر س ‪++‬ليب‪ ،‬الدور ل ‪++‬ه يف تغي ‪++‬ري اجملتم ‪++‬ع أو الت ‪++‬أثري في ‪++‬ه‪ ،‬ب ‪++‬ل‬
‫ي‪++‬ؤمن بفعاليت‪++‬ه وخص‪++‬وبته‪ ،‬وت‪++‬أثريه يف اجملتم‪++‬ع املادي احملس‪++‬وس‪ .‬ويف ه‪++‬ذا‪ ،‬يق‪++‬ول م‪++‬اركس‪":‬‬
‫إن العيب ال‪++‬رئيس للمادي‪++‬ة الس‪++‬ابقة كله‪++‬ا‪ ،‬مبا فيه‪++‬ا مادي‪++‬ة فيورب‪++‬اخ‪ ،‬ه‪++‬و أن الش‪++‬يء‪ ،‬الواق‪++‬ع‪،‬‬
‫الع ‪++‬امل احملس ‪++‬وس‪ ،‬الينظ ‪++‬ر إلي ‪++‬ه فيه ‪++‬ا إال على ش ‪++‬كل موض ‪++‬وع تأم ‪++‬ل وليس كفاعلي ‪++‬ة إنس ‪++‬انية‬
‫مشخص ‪++‬ة‪ ،‬ليس كممارس ‪++‬ة‪ ،‬وليس ذاتي ‪++‬ا‪...‬إن املذهب املادي القائ ‪++‬ل إن الن ‪++‬اس هم نت ‪++‬اج‬
‫الظروف والرتبية‪ ،‬وأن الناس الذين تغريوا هم بالت‪+‬ايل نت‪+‬اج ظ‪+‬روف أخ‪+‬رى وتربي‪+‬ة تغ‪+‬ريت‪،‬‬
‫أن ه ‪++‬ذا املذهب املادي ينس ‪++‬ى أن الن ‪++‬اس هم بالض ‪++‬بط ال ‪++‬ذين يغ ‪++‬ريون الظ ‪++‬روف‪ ،‬وأن املريب‬
‫نفسه هو يف حاجة إىل أن يرىب‪".50‬‬

‫وعليه‪ ،‬فثمة عالقة جدلية أو عالقة تأثر وت‪++‬أثري بني الفك‪++‬ر والواق‪++‬ع‪ ،‬بني ال‪++‬وعي واملادة‪ ،‬بني‬
‫الب ‪++‬ىن الفوقي ‪++‬ة والب ‪++‬ىن التحتي ‪++‬ة‪ .‬ومن مث‪ ،‬فاإلي ‪++‬ديولوجيا ليس ‪++‬ت س ‪++‬وى التعب ‪++‬ري الفك ‪++‬ري عن‬
‫العالق‪++‬ات الس‪++‬ائدة يف اجملتم‪++‬ع‪ ،‬تل‪+‬ك العالق‪++‬ات ال‪++‬يت جتع‪++‬ل طبق‪++‬ة م‪++‬ا هي الطبق‪++‬ة الس‪++‬ائدة على‬
‫الطبق ‪++‬ات األخ ‪++‬رى‪.‬أي‪ :‬اإلي ‪++‬ديولوجيا هي تل ‪++‬ك األفك ‪++‬ار املش ‪++‬وهة ال ‪++‬يت تعكس العالق ‪++‬ات‬
‫اجلدلية السائدة يف اجملتمع الطبقي‪ ،‬ضمن ظرفي‪++‬ة مادي‪++‬ة وروحي‪++‬ة م‪++‬ا‪ .‬مبع‪++‬ىن أن اإلي‪++‬ديولوجيا‬
‫تزيي‪++‬ف للحق‪++‬ائق وت‪++‬ربير هلا واس‪++‬تالب لآلخ‪++‬رين‪.‬ويف ه‪++‬ذا‪ ،‬يق‪++‬ول أجنل‪++‬ز‪ ":‬اإلي‪++‬ديولوجيا هي‬
‫نش ‪++‬اط فك ‪++‬ري‪ ،‬يق ‪++‬وم ب ‪++‬ه ذل ‪++‬ك ال ‪++‬وعي أن ‪++‬ه مفك ‪++‬ر واع‪ ،‬يف حني إن ‪++‬ه إمنا يص ‪++‬در عن وعي‬

‫‪ -‬ك‪++‬ارل م‪++‬اركس وفردري‪++‬ك أجنل‪++‬ز ‪ :‬اإليديولوجية األلمانية‪ ،‬ترمجة‪ :‬ف‪++‬ؤاد أي‪++‬وب‪ ،‬دار دمش‪++‬ق‪ ،‬س‪++‬ورية‪،‬الطبع‪++‬ة‬ ‫‪50‬‬

‫األوىل سنة ‪1976‬م‪ ،‬ص‪.651:‬‬


‫‪43‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫زائف مغلوط ذلك ألن القوى احلقيقية احملركة له‪ ،‬تبقى جمهولة لديه‪ ،‬وإال ملا كان نش‪++‬اطه‬
‫الفكري ذاك‪ ،‬إيديولوجيا‪."51‬‬

‫إذًا‪ ،‬ف ‪++‬املثقف ه ‪++‬و ال ‪++‬ذي ينتج اإلي ‪++‬ديولوجيا الكلي ‪++‬ة أو اجلزئي ‪++‬ة‪ ،‬م ‪++‬ادام ينتمي إىل بني ‪++‬ة فوقي ‪++‬ة‬
‫تتحكم يف الفك‪++‬ر البش‪++‬ري برمت‪++‬ه‪.‬وه‪++‬ذه اإلي‪++‬ديولوجيا عب‪++‬ارة عن ت‪++‬ربيرات واهي‪++‬ة تص‪++‬در عن‬
‫وعي مغل‪++‬وط‪ ،‬وخاص‪++‬ة عن‪++‬دما تك‪++‬ون بعي‪++‬دة عن واقعه‪++‬ا املادي واالقتص‪++‬ادي واالجتم‪++‬اعي‪.‬‬
‫إال أن لي ‪++‬نني مييز بني اإلي ‪++‬ديولوجيا البورجوازي ‪++‬ة ال ‪++‬يت تع ‪++‬ادي أفك ‪++‬ار الطبق ‪++‬ة الربوليتاري ‪++‬ة‪،‬‬
‫وختدع نفس‪++ +‬ها باألوه‪++ +‬ام الزائف‪++ +‬ة؛ واإلي‪++ +‬ديولوجيا االش‪++ +‬رتاكية ال‪++ +‬يت تق‪++ +‬ود الطبق‪++ +‬ة العمالي‪++ +‬ة‬
‫الثورية‪ ،‬وتقوم بتنويرها وتأطريها وتوعيتها‪.‬‬

‫أما لوي ألتوسري(‪ ،52)L.Althusser‬فقد ميز بني أجهزة الدولة القمعية وأجهزة الدولة‬
‫اإليديولوجي ‪++ +‬ة‪ ،‬ف ‪++ +‬األوىل تتمث ‪++ +‬ل يف احلكوم ‪++ +‬ة‪ ،‬واإلدارات‪ ،‬واجليش‪ ،‬والش ‪++ +‬رطة‪ ،‬واحملاكم‪،‬‬
‫والس ‪++‬جون‪ .‬بينم ‪++‬ا تتمث ‪++‬ل الثاني ‪++‬ة يف رج ‪++‬ال ال ‪++‬دين‪ ،‬واإلعالم‪ ،‬واملدرس ‪++‬ة‪ ،‬والثقاف ‪++‬ة‪ ،‬ونظ ‪++‬ام‬
‫العائل‪++‬ة وال‪++‬زواج واألح‪++‬وال الشخص‪++‬ية‪ ،‬والق‪++‬انون‪ ،‬والسياس‪++‬ة احلزبي‪++‬ة‪ ،‬والنقاب‪++‬ات‪.‬ف‪++‬األجهزة‬
‫القمعي ‪++‬ة األوىل تنتمي كله ‪++‬ا إىل القط ‪++‬اع الع ‪++‬ام‪.‬يف حني‪ ،‬تنتمي الثاني ‪++‬ة إىل القط ‪++‬اع‪:‬اخلاص‬
‫املتع ‪++‬دد واملتن ‪++‬وع‪.‬أي‪ :‬هن ‪++‬اك تقاب ‪++‬ل بني العن ‪++‬ف ال ‪++‬ذي متارس ‪++‬ه الدول ‪++‬ة بأجهزهتا ومؤسس ‪++‬اهتا‬

‫‪51‬‬
‫& ‪- Lettre d'Engels à F. Mehring, 14 juillet 1893, in : K. Marx‬‬
‫‪F. Engels, Études philosophiques, Paris, 1961‬‬
‫‪52‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Louis ALTHUSSER, “Idéologie et appareils idéologiques‬‬
‫‪d’État. (Notes pour une recherche).” Article originalement publié‬‬
‫‪dans la revue La Pensée, no 151, juin 1970. In ouvrage de Louis‬‬
‫‪Althusser, POSITIONS (1964-1975), pp. 67-125. Paris : Les Éditions‬‬
‫‪sociales, 1976, 172 pp.‬‬
‫‪44‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫العامة‪ ،‬واإليديولوجيا اليت متارسه مؤسسات القطاع اخلاص‪ .‬ويعين هذا كله أن الدول‪++‬ة أو‬
‫الطبق ‪++‬ة احلاكم ‪++‬ة حتاف ‪++‬ظ على وجوده ‪++‬ا ومص ‪++‬احلها‪ ،‬وتس ‪++‬هر على ت ‪++‬وازن اجملتم ‪++‬ع ومتاس ‪++‬كه‬
‫واتس‪+‬اقه وانس‪+‬جامه‪ ،‬بواس‪+‬طة وس‪+‬يلتني‪ :‬العن‪+‬ف من جه‪+‬ة‪ ،‬واإلي‪+‬ديولوجيا من جه‪+‬ة أخ‪+‬رى‪.‬‬
‫ومن مث‪ ،‬فالثقاف ‪++ + +‬ة واإلعالم وال ‪++ + +‬دين والسياس ‪++ + +‬ة والق ‪++ + +‬انون واألس ‪++ + +‬رة والنقاب ‪++ + +‬ة يف خدم ‪++ + +‬ة‬
‫إي‪++‬ديولوجيا الدول‪++‬ة ومص‪++‬احلها املباش‪++‬رة وغ‪++‬ري املباش‪++‬رة‪ .‬وبتعب‪++‬ري آخ‪++‬ر‪ ،‬متارس الدول‪++‬ة ن‪++‬وعني‬
‫من العن‪++‬ف إزاء أف‪++‬راد اجملتم‪++‬ع‪ ،‬عنف‪++‬ا مادي‪++‬ا مباش‪++‬را قائم‪++‬ا على القم‪++‬ع بواس‪++‬طة أجه‪++‬زة الدول‪++‬ة‬
‫العامة‪ ،‬وعنفا رمزيا عرب جمموعة من القنوات اإليديولوجية والثقافية‪.‬‬

‫يف حني‪ ،‬ميز أنطونيو غرامش‪++‬ي‪ 53‬بني الب‪++‬ىن الفوقي‪++‬ة وبني آلي‪++‬ات اش‪++‬تغاهلا‪ .‬وإذا ك‪++‬ان هن‪++‬اك‬
‫من يفصل بينهم‪+‬ا كم‪+‬ا فع‪+‬ل م‪+‬اركس وأجنل‪+‬ز وك‪+‬ارل ماهنامي‪ ،‬ف‪+‬إن أنطوني‪+‬و غرامش‪+‬ي يوح‪+‬د‬
‫بينهم‪++‬ا ض‪++‬من م‪++‬ا يس‪++‬مى مبفه‪++‬وم الكتل‪++‬ة التارخيي‪++‬ة ال‪++‬يت تع‪++‬ين اجلم‪++‬ع ج‪++‬دليا بني البني‪++‬ة الفوقي‪++‬ة‬
‫والبني‪++‬ة التحتي‪++‬ة‪ ،‬يف حلظ‪++‬ة تارخيي‪++‬ة حمددة‪ ،‬وض‪++‬من بني‪++‬ة إيديولوجي‪++‬ة معين‪++‬ة‪ .54‬وتتك‪++‬ون البني‪++‬ة‬
‫الفوقية من جمتمعني‪ :‬جمتمع مدين وجمتمع سياسي‪ ،‬وقد يكون بينهما تنافر وصراع جديل‪،‬‬
‫أو تع ‪++‬ايش وتض ‪++‬امن وتع ‪++‬اون‪ .‬أم ‪++‬ا املثق ‪++‬ف فه ‪++‬و ال ‪++‬ذي حيق ‪++‬ق الوح ‪++‬دة العض ‪++‬وية بني البني ‪++‬تني‬

‫‪53‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Antonio GRAMSCI, Lettres de la prison (1928-1937).‬‬
‫‪Traduction française par Jean Noaro, 1953.‬‬

‫‪54‬‬
‫‪- Antonio GRAMSCI, Gramsci dans le texte. De l’avant aux‬‬
‫‪derniers écrits de prison (1916-1935). Recueil de textes réalisé sous‬‬
‫‪la direction de François Ricci en collaboration avec Jean Bramant.‬‬
‫‪Textes traduits de l’Italien par Jean Bramant, Gilbert Moget, Armand‬‬
‫‪Monjo et François Ricci. Paris : Éditions sociales, 1975, 798 pages.‬‬
‫‪45‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫ضمن الكتلة التارخيية املوح‪+‬دة‪ .‬ويك‪++‬ون وس‪+‬يطا ج‪+‬دليا بينهم‪++‬ا‪ .‬ومن مث‪ ،‬يتح‪++‬دث غرامش‪++‬ي‬
‫عن املثقف العضوي الذي يسهم يف تغيري الواقع وتثويره طبقيا وجمتمعيا‪.55‬‬

‫أم‪++ + + + + +‬ا السوس‪++ + + + + +‬يولوجي األملاين ك‪++ + + + + +‬ارل ماهنامي(‪ ،)Karl Mannheim‬فيم‪++ + + + + +‬يز بني‬
‫اإلي‪++‬ديولوجيا اجلزئي‪++‬ة واإلي‪++‬ديولوجيا الكلي‪++‬ة‪ ،‬يف كتاب‪++‬ه( اإليــديولوجيا واليوتوبيــا)‪ 56‬ال‪++‬ذي‬
‫نش ‪++‬ر س ‪++‬نة ‪1929‬م‪ ،‬فاإلي ‪++‬ديولوجيا األوىل ترتب ‪++‬ط باألفك ‪++‬ار ال ‪++‬يت يعتنقه ‪++‬ا الش ‪++‬خص‪ ،‬وال ‪++‬يت‬
‫ي‪++‬رى فيه‪++‬ا خص‪++‬ومه غط‪++‬اء ش‪++‬عوريا أو الش‪++‬عوريا حلقيق‪++‬ة املوق‪++‬ف ال‪++‬ذي يص‪++‬در عن‪++‬ه‪.‬مبع‪++‬ىن أن‬
‫الش ‪++‬خص ق ‪++‬د اليع ‪++‬رب ص ‪++‬راحة عن مص ‪++‬احله بش ‪++‬كل مباش ‪++‬ر‪ ،‬ب ‪++‬ل يغلفه ‪++‬ا بت ‪++‬ربيرات نظري ‪++‬ة‬
‫ليصرف أنظار اآلخرين عنها‪،‬وميكن تسمية هذا باإليديولوجيا الطبقية‪.‬‬

‫أما اإليديولوجيا الثانية‪ ،‬فهي جمموع األفكار اليت تعتنقها فئة اجتماعية م‪++‬ا‪ ،‬س‪++‬واء أك‪++‬انت‬
‫طبق‪+‬ة أم غ‪+‬ري طبق‪+‬ة‪ ،‬فتح‪+‬اول أن تق‪+‬دم ت‪+‬ربيرات ملوقفه‪+‬ا داخ‪+‬ل اجملتم‪+‬ع‪ ،‬وميكن تق‪+‬ريب ه‪+‬ذه‬
‫اإليديولوجيا من الثقافة مبفهومها العام‪ .‬لكن األفراد‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬يستمدون إيديولوجيتهم‬
‫من اجملتم ‪++‬ع ض ‪++‬من م ‪++‬ا يس ‪++‬مى عن ‪++‬د دورك ‪++‬امي بالض ‪++‬مري اجلمعي‪ ،‬فالميكن فص ‪++‬له عن أفك ‪++‬ار‬
‫األفراد اآلخرين الذين ينتمون إىل الطبقة االجتماعية نفسها اليت ينتمي إليها ذلك الفرد‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Antonio GRAMSCI, Textes (1917-1934). Édition réalisée par‬‬
‫‪André Tosel. Une traduction de Jean Bramon, Gilbert Moget, Armand‬‬
‫‪Monjo, François Ricci et André Tosel. Paris : Éditions sociales, 1983,‬‬
‫‪388 pages. Introduction et choix des textes par André Tosel.‬‬
‫‪56‬‬
‫‪- Karl Mannheim (1929), Idéologie et utopie (Une introduction à la‬‬
‫‪sociologie de la connaissance. Paris: Librairie Marcel Rivière et Cie,‬‬
‫‪1956, 233 pages.‬‬
‫‪46‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫وإذا ك‪++‬ان ك‪++‬ارل م‪++‬اركس يفس‪++‬ر اإلنت‪++‬اج ال‪++‬ذهين والثق‪++‬ايف وف‪++‬ق الواق‪++‬ع املادي اجلديل‪ ،‬على‬
‫أس‪++‬اس أن اإلي‪++‬ديولوجيا هي نت‪++‬اج الطبق‪++‬ة املس‪++‬يطرة على وس‪++‬ائل اإلنت‪++‬اج‪ ،‬ف‪++‬إن غي روش‪++‬ي(‬
‫‪ 57 )Guy Rocher‬يعت‪++ +‬رب اإلي‪++ +‬ديولوجيا عنص‪++ +‬را من عناص‪++ +‬ر الثقاف‪++ +‬ة‪ ،‬وليس الثقاف‪++ +‬ة‬
‫كلها‪ .‬وبالتايل‪ ،‬ال ترتبط باجملتمع كله (إيديولوجيا كلية)‪ ،‬بل جبزء من اجملتمع(إي‪++‬ديولوجيا‬
‫جزئية)‪.‬‬

‫أم ‪++ +‬ا السوس ‪++ +‬يولوجي الفرنس ‪++ +‬ي راميون آرون (‪ ،)Raymond Aron‬فيق ‪++ +‬ول بنهاي ‪++ +‬ة‬
‫اإلي‪++‬ديولوجيا يف س‪++‬نوات اخلمس‪++‬ني من الق‪++‬رن املاض‪++‬ي‪ ،‬يف كتاب‪++‬ه (أفيــون المثقفين)‪ 58‬على‬
‫غ‪++ +‬رار األمريك‪++ +‬يني‪ :‬دانيي‪++ +‬ل بي‪++ +‬ل(‪ )Daniel Bell‬ال‪++ +‬ذي ق‪++ +‬ال بنهاي‪++ +‬ة اإلي‪++ +‬ديولوجيات‬
‫القدمية‪ ،59‬واألمريكي فرنسيس فوكويوما (‪ )Francis Fukuyama‬الذي قال بنهاية‬
‫التاريخ واإلنسان القدمي‪...60‬‬

‫‪57‬‬
‫‪-Guy Rocher : Introduction à la sociologie générale , Montréal‬‬
‫‪(Québec), Canada, Éditions H.M.H., 1968-1969.‬‬
‫‪58‬‬
‫‪- Raymond Aron : L'Opium des intellectuels, Paris, Calmann-‬‬
‫‪Lévy, 1955.‬‬
‫‪59‬‬
‫‪- Daniel Bell :The End of Ideology: On the Exhaustion of‬‬
‫)‪Political Ideas in the 1950s (1960‬‬
‫‪60‬‬
‫‪- Francis Fukuyama, La Fin de l'histoire et le Dernier Homme ,‬‬
‫‪Paris, Flammarion, coll. Histoire, 1992, 452 p.‬‬
‫‪47‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المبحث السادس‪ :‬محددات الثقافـ ــة‬


‫من املع ‪++ +‬روف أن الثقاف ‪++ +‬ة خاص ‪++ +‬ية إنس ‪++ +‬انية واجتماعي ‪++ +‬ة مكتس ‪++ +‬بة ب ‪++ +‬التعلم والدرب ‪++ +‬ة واملران‬
‫والص‪++‬قل‪ ،‬قائم‪++‬ة على مع‪++‬ارف خلفي‪++‬ة‪ ،‬وأنس‪++‬اق تناص‪++‬ية متع‪++‬ددة‪ ،‬وحق‪++‬ول مركزي‪++‬ة وفرعي‪++‬ة‬
‫تتصارع فيما بينها من أجل حتقي‪++‬ق اهليمن‪++‬ة‪ .‬عالوة على ذل‪++‬ك‪ ،‬فالثقاف‪++‬ة نس‪++‬ق كلي أو نظ‪++‬ام‬
‫س‪++‬يميائي رم‪++‬زي ومنفتح‪ ،‬تت‪++‬داخل في‪++‬ه جمموع‪++‬ة من احلق‪++‬ول واألنس‪++‬اق املركزي‪++‬ة والفرعي‪++‬ة‪،‬‬
‫والميكن للمثق‪++ +‬ف اخلوض يف أي نس‪++ +‬ق مع‪++ +‬ريف أو ثق‪++ +‬ايف إال بتمث‪++ +‬ل اهلابيتوس الثق‪++ +‬ايف‪ ،‬أو‬
‫امتالك جمموع‪++ +‬ة من االس‪++ +‬تعدادات والتص‪++ +‬ورات الفطري‪++ +‬ة واملكتس‪++ +‬بة لفهم لعب‪++ +‬ة األنس‪++ +‬اق‬
‫الثقافي‪++‬ة املتص‪++‬ارعة واملتنافس‪++‬ة فيم‪++‬ا بينه‪++‬ا‪ .‬ومن هن‪++‬ا‪ ،‬فالثقاف‪++‬ة هي نس‪++‬ق ونظ‪++‬ام وحق‪++‬ل ثق‪++‬ايف‬
‫كلي‪ ،‬يتفرع إىل جمموعة من احلقول واألنساق الفرعية األخرى‪.‬‬

‫وتتم ‪++‬يز الثقاف ‪++‬ة ب ‪++‬النمو والتغ ‪++‬ري والتح ‪++‬ول واالنتش ‪++‬ار والتط ‪++‬ور‪ ،‬على أس ‪++‬اس أن اجملتمع ‪++‬ات‬
‫البشرية خاضعة للتطور املس‪+‬تمر‪ ،‬والنم‪+‬و ال‪+‬ديناميكي الفاع‪+‬ل‪.‬ل‪+‬ذلك‪ ،‬فالثقاف‪+‬ة ب‪+‬دورها تتغ‪+‬ري‬
‫م ‪++‬ع تغ ‪++‬ري اجملتم ‪++‬ع‪ .‬وهن ‪++‬ا‪ ،‬ميكن أن تس ‪++‬هم الثقاف ‪++‬ة يف تغي ‪++‬ري اجملتم ‪++‬ع جزئي ‪++‬ا أوكلي ‪++‬ا‪ ،‬أو يق ‪++‬وم‬
‫اجملتمع أيضا بتغيري الثقافة‪ ،‬أو تتغ‪+‬ري الثقاف‪+‬ة واجملتم‪+‬ع يف ال‪+‬وقت نفس‪+‬ه‪ .‬وال ننس‪+‬ى أن الثقاف‪+‬ة‬
‫تنتش‪++‬ر من مك‪++‬ان إىل آخ‪++‬ر حس‪++‬ب النظري‪++‬ة األنرتوبولوجي‪++‬ة االنتش‪++‬ارية ال‪++‬يت ميثله‪++‬ا ك‪++‬ل من‪:‬‬
‫فران ‪++‬ز ب ‪++‬واس(‪ )Franz Boas‬وويلي ‪++‬ام ريف ‪++‬ري(‪.)William H. R. Rivers‬أي‪:‬‬
‫المتكث الثقاف‪++‬ة يف مك‪++‬ان واح‪++‬د‪ ،‬ب‪++‬ل تنتق‪++‬ل من مك‪++‬ان إىل آخ‪++‬ر‪ .‬فق‪++‬د انتقلت احلض‪++‬ارة من‬
‫الع‪++‬راق إىل مص‪++‬ر وف‪++‬ارس واليون‪++‬ان وش‪++‬به اجلزي‪++‬رة العربي‪++‬ة‪ ،‬لتنتق‪++‬ل فيم‪++‬ا بع‪++‬د إىل ب‪++‬اقي ال‪++‬دول‬
‫واملن ‪++ + +‬اطق األخ ‪++ + +‬رى‪.‬ويع ‪++ + +‬ين ه ‪++ + +‬ذا أن الثقاف ‪++ + +‬ة تن ‪++ + +‬أى عن الثب ‪++ + +‬ات واحملافظ ‪++ + +‬ة والتقوق ‪++ + +‬ع‬
‫واالنعزالي‪++‬ة‪...‬وق‪++‬د يك‪++‬ون االنتش‪++‬ار الثق‪++‬ايف بالتقلي‪++‬د واحملاك‪++‬اة واإلض‪++‬افة والتع‪++‬ديل والتط‪++‬وير‬
‫والتجديد واإلبداع واالبتكار‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫وعلي‪++‬ه‪ ،‬فالثقاف‪++‬ة عب‪++‬ارة عن أفك‪++‬ار وأعم‪++‬ال وأش‪++‬ياء‪ .‬مبع‪++‬ىن أهنا التقتص‪++‬ر على املنتج الفك‪++‬ري‬
‫والفلس ‪++ +‬في والعلمي واملع ‪++ +‬ريف واألديب والف ‪++ +‬ين وال ‪++ +‬ديين فحس ‪++ +‬ب‪ ،‬ب ‪++ +‬ل تتع ‪++ +‬دى ذل ‪++ +‬ك إىل‬
‫ممارس‪++‬ات ثقافي‪++‬ة (ال‪++‬رقص مثال)‪ ،‬أو أش‪++‬ياء مص‪++‬نوعة فني‪++‬ا ومجالي‪++‬ا وتقني‪++‬ا وعمراني‪++‬ا‪ .‬وختض‪++‬ع‬
‫الثقاف‪++‬ة لثنائي‪++‬ة املض‪++‬مون والش‪++‬كل‪ ،‬فق‪++‬د ي‪++‬رجح املض‪++‬مون على حس‪++‬اب الش‪++‬كل‪ ،‬أو ي‪++‬رجح‬
‫الشكل على حساب املضمون‪ ،‬أو ينتظم‪+‬ان يف وح‪+‬دة جدلي‪+‬ة متكامل‪+‬ة‪ .‬وق‪+‬د تك‪+‬ون الثقاف‪+‬ة‬
‫مثالي ‪++‬ة أو مادي ‪++‬ة أو مطلق ‪++‬ة أو نس ‪++‬بية‪ .‬وتتس ‪++‬م الثقاف ‪++‬ة أيض ‪++‬ا خباص ‪++‬يتها االنتقائي ‪++‬ة والرتاكمي ‪++‬ة‬
‫وانتقاهلا من جي‪++‬ل إىل آخ‪++‬ر‪ ،‬بع‪++‬د أن حتق‪++‬ق تراكم‪++‬ا كمي‪++‬ا وكيفي‪++‬ا‪ .‬وختض‪++‬ع الثقاف‪++‬ة ك‪++‬ذلك‬
‫جملموعة من اخلاصيات اجلوهرية‪ ،‬مثل‪ :‬التكامل‪ ،‬والتب‪+‬اين‪ ،‬والت‪+‬داخل‪ ،‬والتث‪+‬اقف‪ ،‬والتع‪+‬دد‪،‬‬
‫والتن‪++ +‬وع‪ ،‬والتب‪++ +‬ادل‪ ،‬والتع‪++ +‬اون‪ ،‬والص‪++ +‬راع‪ ،‬واملنافس‪++ +‬ة‪ ،‬والتض‪++ +‬امن‪ ،‬والتط ‪++‬ابق‪ ،‬واإلك‪++ +‬راه‪،‬‬
‫واإلل ‪++‬زام‪ ...‬وميكن للثقاف ‪++‬ة أن تنتعش حض ‪++‬اريا إن تط ‪++‬ورا‪ ،‬وإن هيمن ‪++‬ة‪ ،‬وإن ارتق ‪++‬اء‪ .‬ويف‬
‫ال‪++‬وقت نفس‪++‬ه‪ ،‬ميكن أن ختض‪++‬ع‪ ،‬بع‪++‬د تق‪++‬اعس أبنائه‪++‬ا وحامليه‪++‬ا‪ ،‬لثقاف‪++‬ة أخ‪++‬رى وف‪++‬ق املقول‪++‬ة‬
‫اخللدوني ‪++‬ة‪ :‬املغل ‪++‬وب مول ‪++‬ع دائم‪ً+ +‬ا بتقلي ‪++‬د الغ ‪++‬الب‪ ،‬وميكن أن تن ‪++‬دثر الثقاف ‪++‬ة وتض ‪++‬محل بش ‪++‬كل‬
‫تدرجيي أو بشكل فوري‪.61‬‬

‫‪ -‬راجع‪ :‬عبد الغين عماد‪:‬نفسه‪ ،‬صص‪.131-115:‬‬ ‫‪61‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المبحث السابع‪ :‬التغي ــر الثقاف ــي‬


‫من املع‪++ + +‬روف أن اجملتم‪++ + +‬ع خيض‪++ + +‬ع للتغ‪++ + +‬ري والتح‪++ + +‬ول بش‪++ + +‬كل دائم ومس‪++ + +‬تمر‪ ،‬كم‪++ + +‬ا حيدث‬
‫ملؤسساته ومنظمات‪++‬ه الص‪++‬غرى والك‪++‬ربى (األس‪+‬رة‪ ،‬واملدرس‪+‬ة‪ ،‬واجلامع‪++‬ة‪ ،‬واحلزب‪ ،‬والنقاب‪++‬ة‪،‬‬
‫واحلكومة‪.)...‬لذا‪ ،‬يرفض علماء االجتماع احلديث عن بنية اجملتمع(‪)Structure‬؛ ألن‬
‫ذل ‪++‬ك حيي ‪++‬ل على الثب ‪++‬ات واحملايث ‪++‬ة واالس ‪++‬تقرار‪ .‬يف حني‪ ،‬يتس ‪++‬م اجملتم ‪++‬ع ب ‪++‬التحول والتط ‪++‬ور‬
‫والتغري الدائم‪ .‬ومن مث‪ ،‬فقد اهتم علم االجتماع مبفهوم التح‪+‬ول أو التغ‪+‬ري االجتم‪+‬اعي من‪+‬ذ‬
‫انطالق‪++ +‬ه م‪++ +‬ع رواده األوائ‪++ +‬ل (ابن خل ‪++‬دون‪ ،‬وس ‪++‬ان س ‪++‬يمون‪ ،‬وأوجس‪++ +‬ت ك‪++ +‬ونت‪ ،‬وإمي‪++ +‬ل‬
‫دوركامي‪ ،‬وماكس فيرب‪ ،‬وكارل ماركس‪)...‬‬

‫وغالب ‪++‬ا‪ ،‬م ‪++‬ا يك ‪++‬ون التغ ‪++‬ري التق ‪++‬ين س ‪++‬باقا يف عملي ‪++‬ة التح ‪++‬ول والتغ ‪++‬ري اجملتمعي؛ إذ تنتج عن ‪++‬ه‬
‫جمموع‪++‬ة من التح‪++‬والت املادي‪++‬ة واملعنوي‪++‬ة والثقافي‪++‬ة‪ .‬ويع‪++‬ين ه‪++‬ذا أن التح‪++‬ول التكنول‪++‬وجي ه‪++‬و‬
‫املدخل ال ‪++‬رئيس إىل ب ‪++‬اقي التح ‪++‬والت والتغ ‪++‬ريات اجملتمعي ‪++‬ة األخ ‪++‬رى‪ .‬ويتحق ‪++‬ق ه ‪++‬ذا التح ‪++‬ول‬
‫بالتصحيح واإلص‪+‬الح واملعاجلة والتع‪+‬ديل والتص‪+‬ويب واإلض‪++‬افة والتط‪+‬وير واخلل‪+‬ق والتج‪+‬اوز‬
‫واالبتكار واإلبداع‪ .‬وقد تك‪+‬ون ه‪+‬ذه التح‪+‬والت كمي‪+‬ة ومادي‪+‬ة من جه‪+‬ة‪ ،‬وكيفي‪+‬ة ومعنوي‪+‬ة‬
‫من جهة أخرى‪.‬‬

‫وق ‪++‬د يتحق ‪++‬ق التح ‪++‬ول أيض ‪++‬ا بإض ‪++‬افة عناص ‪++‬ر جدي ‪++‬دة إىل عناص ‪++‬ر قدمية‪ ،‬م ‪++‬ع احملافظ ‪++‬ة على‬
‫الق‪++‬دمي‪ ،‬إىل أن يص‪++‬بح ذل‪++‬ك ح‪++‬اجزا أو عائق‪++‬ا مع‪++‬رقال لعجل‪++‬ة التنمي‪++‬ة والتط‪++‬ور والتق‪++‬دم‪.‬ومن‬
‫مث‪ ،‬يتخذ التغري أش‪+‬كاال ع‪+‬دة على مس‪++‬توى االجتاه‪ ،‬ك‪++‬االنطالق من البس‪++‬يط حنو املعق‪++‬د‪ ،‬أو‬
‫السري بشكل تصاعدي مستقيم‪ ،‬أو الس‪+‬ري بطريق‪+‬ة جدلي‪+‬ة ماركس‪+‬ية حنو األم‪+‬ام‪ ،‬أو بطريق‪+‬ة‬
‫تدرجي ‪++ +‬ة تتخلله ‪++ +‬ا الثغ ‪++ +‬رات والتع ‪++ +‬ثرات‪ ،‬أو بطريق ‪++ +‬ة جتم ‪++ +‬ع بني الكمي والكيفي أو املادي‬

‫‪50‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫واملعن ‪++‬وي‪ ،‬أو بطريق ‪++‬ة خاض ‪++‬عة ملنط ‪++‬ق ال ‪++‬ربح واخلس ‪++‬ران‪ .‬وق ‪++‬د ينتج عن التغ ‪++‬ريات اخلاض ‪++‬عة‬
‫للتخطيط تغريات عشوائية وتلقائية غري خمطط هلا بشكل دقيق‪.‬‬

‫ويالح‪++‬ظ أن أهم تغ‪++‬ري جمتمعي عرفت‪++‬ه اإلنس‪++‬انية‪ ،‬من‪++‬ذ تارخيه‪++‬ا إىل يومن‪++‬ا ه‪++‬ذا‪ ،‬ذل‪++‬ك التغ‪++‬ري‬
‫املرتب ‪++‬ط ب ‪++‬الثورة الزراعي ‪++‬ة ال ‪++‬ذي نتج عنه ‪++‬ا ظه ‪++‬ور املدن الك ‪++‬ربى والص ‪++‬غرى‪ ،‬وم ‪++‬ا زال ه ‪++‬ذا‬
‫التح ‪++‬ول جاري ‪++‬ا إىل يومن ‪++‬ا ه ‪++‬ذا‪ .‬عالوة على التغ ‪++‬ري اإلعالمي وال ‪++‬رقمي ال ‪++‬ذي ح ‪++‬ول ثقاف ‪++‬ة‬
‫اجملتمع إىل ثقافة بص‪++‬رية وس‪+‬يميائية بامتي‪++‬از‪ .‬ل‪++‬ذا‪ ،‬يص‪++‬عب احلديث عن التغ‪++‬ري يف غي‪++‬اب فع‪++‬ل‬
‫احلركية والتحول والديناميكية‪.‬‬

‫ه ‪++‬ذا‪ ،‬وق ‪++‬د قلن ‪++‬ا ‪ -‬س ‪++‬ابقا‪ -‬إن التغ ‪++‬ري اجملتمعي ل ‪++‬ه آث ‪++‬ار جلي ‪++‬ة وواض ‪++‬حة يف ب ‪++‬اقي البني ‪++‬ات‬
‫واملؤسس ‪++ +‬ات األخ ‪++ +‬رى‪ ،‬وخاص ‪++ +‬ة مؤسس ‪++ +‬ة الثقاف ‪++ +‬ة‪ .‬ومن مث‪ ،‬يت ‪++ +‬أثر الفع ‪++ +‬ل الثق ‪++ +‬ايف بب ‪++ +‬اقي‬
‫التغ‪++‬ريات التقني‪++‬ة والسياس‪++‬ية واجملتمعي‪++‬ة واالقتص‪++‬ادية والديني‪++‬ة والطبيعي‪++‬ة واحلض‪++‬ارية‪.‬وبالت‪++‬ايل‪،‬‬
‫ميكن احلديث عن جمموعة من عوامل التغري الثقايف اليت ميكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪‬العوامــل الطبيعيــة والمناخيــة‪ :‬تع ‪++‬د العوام ‪++‬ل الطبيعي ‪++‬ة واملناخي ‪++‬ة من أهم املؤثرات ال ‪++‬يت‬
‫تتحكم يف ثقاف ‪++‬ات الش ‪++‬عوب‪ .‬ألن املثق ‪++‬ف يت ‪++‬أثر ببيئت ‪++‬ه س ‪++‬لبا أو إجياب ‪++‬ا‪ .‬وق ‪++‬د تس ‪++‬هم البيئ ‪++‬ة‪،‬‬
‫بك‪++‬ل خصائص‪++‬ها الطبيعي‪++‬ة واملناخي‪++‬ة‪ ،‬أن توج‪++‬ه املثق‪++‬ف توجيه‪++‬ات خمتلف‪++‬ة حبس‪++‬ب الظ‪++‬روف‬
‫ال ‪++‬يت يعيش ‪++‬ها ذل ‪++‬ك املثق ‪++‬ف‪.‬ومن مث‪ ،‬ف ‪++‬املوقع اجلغ ‪++‬رايف واملن ‪++‬اخ الط ‪++‬بيعي ي ‪++‬ؤثر يف نفس ‪++‬يات‬
‫وذهني‪++‬ات املفك‪++‬رين واملثقفني واملب‪++‬دعني بش‪++‬كل من األش‪++‬كال‪ ،‬فثقاف‪++‬ة أبن‪++‬اء اجلب‪++‬ال ختتل‪++‬ف‬
‫عن ثقافة أبناء السواحل والسهول واجلزر والصحارى واملناطق اجلليدية‪...‬‬

‫‪‬العوامــل الســكانية والبشــرية‪ :‬تق ‪++‬وم العوام ‪++‬ل الس ‪++‬كانية والبش ‪++‬رية ب ‪++‬دور ه ‪++‬ام يف تغي ‪++‬ري‬
‫تركيب ‪++‬ة اجملتم ‪++‬ع والثقاف ‪++‬ة على ح ‪++‬د س ‪++‬واء‪ .‬ويتجلى ذل ‪++‬ك واض ‪++‬حا يف ع ‪++‬دد األف ‪++‬راد‪ ،‬وع ‪++‬دد‬
‫‪51‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫الزجيات‪ ،‬ونس ‪++ +‬بة املوالي ‪++ +‬د والوفي ‪++ +‬ات‪ ،‬وكيفي ‪++ +‬ة توزي ‪++ +‬ع الس ‪++ +‬كان يف األرض والق ‪++ +‬ارات‪،‬‬
‫وطبيعتهم من حيث اجلنس والسن والع‪+‬رق‪ ،‬ونس‪+‬بة الكثاف‪+‬ة الس‪+‬كانية‪ .‬وق‪+‬د أثبت دورك‪+‬امي‬
‫أن الكثاف‪++ +‬ة الس‪++ +‬كانية أو املادي‪++ +‬ة ق‪++ +‬د س‪++ +‬امهت يف تقس‪++ +‬يم العم‪++ +‬ل‪.‬ويف ه‪++ +‬ذا الص‪++ +‬دد‪ ،‬يق‪++ +‬ول‬
‫الباحث‪ ":‬ولقد بينا يف موضع آخر أن كل زيادة يف حجم اجملتم‪++‬ع ويف كثافت‪++‬ه الديناميكي‪++‬ة‬
‫ت ‪++‬ؤدي إىل تش ‪++‬عب احلي ‪++‬اة االجتماعي ‪++‬ة‪ ،‬وذل ‪++‬ك ألهنا توس ‪++‬ع األف ‪++‬ق ال ‪++‬ذي يس ‪++‬تطيع الف ‪++‬رد أن‬
‫حيي ‪++‬ط ب ‪++‬ه بفك ‪++‬ره أو ميأله بنش ‪++‬اطه العملي ويفض ‪++‬ي كال ه ‪++‬ذين الع ‪++‬املني إىل تغي ‪++‬ري الش ‪++‬روط‬
‫‪62‬‬
‫األسساية للحياة االجتماعية تغيريا كامال‪".‬‬

‫ويعين هذا كل‪+‬ه أن العوام‪+‬ل الس‪+‬كانية والبش‪+‬رية ق‪+‬د ت‪+‬ؤثر يف املثق‪+‬ف س‪+‬لبا أو إجياب‪+‬ا‪ ،‬فتش‪+‬كل‬
‫رؤيته إىل العامل حسب الوضعية اليت يوجد عليها ذلك املثقف‪.‬‬

‫‪‬العوام ــل الدينيـة‪ :‬من املعل‪++‬وم أن ال‪++‬دين‪ ،‬باعتب‪++‬اره منظوم‪++‬ة من العقائ‪++‬د والش‪++‬عائر والقيم‬
‫والع‪++‬ادات واألع‪+‬راف واألعم‪++‬ال والطق‪++‬وس‪ ،‬يس‪++‬هم يف تط‪+‬وير الفع‪++‬ل الثق‪++‬ايف ض‪++‬من حق‪++‬ل أو‬
‫جمال معني‪ .‬وبالت ‪++‬ايل‪ ،‬ميارس ال ‪++‬دين ت ‪++‬أثريه الواض ‪++‬ح واجللي يف كث ‪++‬ري من املثقفني؛ ألن ‪++‬ه ميد‬
‫األدب والفن وباقي احلقول واألنس‪+‬اق الثقافي‪+‬ة األخ‪+‬رى مبجموع‪+‬ة من املض‪+‬امني واألش‪+‬كال‬
‫واملفاهيم واأللفاظ اللغوي‪++‬ة والرم‪++‬وز بغي‪++‬ة تعض‪++‬يدها أو تقويته‪++‬ا أوتس‪++‬ليحها باحلق‪++‬ائق اليقيني‪++‬ة‬
‫أو الص‪++‬ادقة ح‪++‬ول اهلل‪ ،‬والك‪++‬ون‪ ،‬واإلنس‪++‬ان‪ ،‬وخل‪++‬ق الع‪++‬امل‪ ،‬ومص‪++‬ري اإلنس‪++‬ان‪ .‬وق‪++‬د يتح‪++‬ول‬
‫ال‪++ +‬دين إىل إي‪++ +‬ديولوجيا ‪ -‬حس‪++ +‬ب ل‪++ +‬وي ألتوس‪++ +‬ري‪ -‬عن‪++ +‬د بعض املفك‪++ +‬رين ورج‪++ +‬ال ال‪++ +‬دين‬
‫واملثقفني والكت‪++ +‬اب والفن‪++ +‬انني ال‪++ +‬ذين يتقرب‪++ +‬ون من الس‪++ +‬لطة‪ ،‬أو يك‪++ +‬ون أفيون‪++ +‬ا لالس‪++ +‬تغالل‬

‫‪ -‬إميل دوركامي‪ :‬قواعد المنهج في علم االجتماع‪ ،‬ترمجة‪ :‬حمم‪++‬ود قاس‪++‬م والس‪++‬يد حمم‪++‬د ب‪++‬دوي‪ ،‬دار املعرف‪++‬ة‬ ‫‪62‬‬

‫اجلامعية ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬طبعة ‪1988‬م ‪ ،‬ص‪.232:‬‬


‫‪52‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫واالستالب والتخدير كم‪+‬ا ي‪+‬رى ذل‪+‬ك ك‪+‬ارل م‪+‬اركس‪ .‬ويع‪+‬ين ه‪+‬ذا أن الثقاف‪+‬ة تت‪+‬أثر بال‪+‬دين‬
‫سلبا أو إجيابا‪.‬‬

‫‪‬العوام ــل اإليديولوجي ــة والثقافي ــة‪ :‬تت ‪++‬أثر الثقاف ‪++‬ة باإلي ‪++‬ديولوجيا اجلزئي ‪++‬ة أو الكلي ‪++‬ة‪ ،‬أو‬
‫باإلي ‪++ +‬ديولوجيا الطبقي ‪++ +‬ة‪ ،‬أو باإلي ‪++ +‬ديولوجيا الثقافي ‪++ +‬ة للمجتم ‪++ +‬ع برمت ‪++ +‬ه‪ .‬ومن مث‪ ،‬يتش ‪++ +‬رب‬
‫املثقف‪ ،‬يف كتاباته ومواقفه السياسية واالجتماعية‪ ،‬جمموعة من اإليديولوجيات الثوري‪++‬ة أو‬
‫العلمي ‪++‬ة‪ ،‬ويع ‪++‬رب عنه ‪++‬ا بش ‪++‬كل مباش ‪++‬ر أو غ ‪++‬ري مباش ‪++‬ر‪ ،‬ب ‪++‬ل يقتن ‪++‬ع هبا على ال ‪++‬رغم من ومهه ‪++‬ا‬
‫وزيفه‪++ +‬ا وس‪++ +‬راهبا املوض‪++ +‬وعي‪ .‬ويتجلى ه‪++ +‬ذا واض‪++ +‬حا عن‪++ +‬د املثقفني املاركس‪++ +‬يني أواملثقفني‬
‫العض‪++‬ويني مبفه‪++‬وم أنطوني‪++‬و غرامش‪++‬ي‪ ،‬واملثقفني ال‪++‬دينيني واحلزب‪++‬يني والنق‪++‬ابيني ال‪++‬ذين يعتق‪++‬ون‬
‫جمموع ‪++‬ة من األفك ‪++‬ار يعتق ‪++‬دون أهنا أفك ‪++‬ار جمتمعي ‪++‬ة ص ‪++‬ادقة وص ‪++‬حيحة‪ .‬بينم ‪++‬ا هي أفك ‪++‬ار‬
‫تصدر عن قناعات مربرة إيديولوجيا ومصلحيا‪.‬‬

‫وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فاإليديولوجيا هي اليت تزود املثقف باملضامني واحلموالت والرؤى‬
‫والتص ‪++‬ورات والقناع ‪++‬ات واألطروح ‪++‬ات الفكري ‪++‬ة ال ‪++‬يت ي ‪++‬دافع عنه ‪++‬ا يف كتابات ‪++‬ه بغي ‪++‬ة خدم ‪++‬ة‬
‫مصاحله الشخصية من جهة‪ ،‬أو خدمة مصاحل طبقته االجتماعية وتطلعاهتا وطموحاهتا من‬
‫جهة أخرى‪.‬‬

‫‪‬العوامــل التقنيــة والرقميــة‪ :‬تق‪++‬وم العوام‪++‬ل التقني‪++‬ة والرقمي‪++‬ة واآللي‪++‬ة ب‪++‬دور ه‪++‬ام يف تغي‪++‬ري‬
‫الثقاف ‪++ +‬ة‪ ،‬فق ‪++ +‬د س ‪++ +‬امهت املخرتع ‪++ +‬ات واألدوات التكنولوجي ‪++ +‬ة احلديث ‪++ +‬ة يف تغي ‪++ +‬ري اجملتمع ‪++ +‬ات‬
‫ج‪++‬ذريا‪ ،‬وتط‪++‬وير ثقاف‪++‬ات أفراده‪++‬ا ومجاعاهتا‪ ،‬بفض‪++‬ل اس‪++‬تعمال تل‪++‬ك املخرتع‪++‬ات اجلدي‪++‬دة يف‬
‫اس‪++‬تغالل الطبيع‪++‬ة واس‪++‬تثمارها والتكي‪++‬ف معه‪++‬ا‪ .‬وق‪++‬د انفتحت الثقاف‪++‬ة ‪ -‬الي‪++‬وم‪ -‬على الثقاف‪++‬ة‬
‫الرقمي‪++‬ة واحلاس‪++‬وبية‪ ،‬فتح‪++‬ولت الثقاف‪++‬ة من ثقاف‪++‬ة ورقي‪++‬ة أو ش‪++‬فوية إىل ثقاف‪++‬ة رقمي‪++‬ة افرتاض‪++‬ية‬

‫‪53‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫متع ‪++‬ددة األبع ‪++‬اد واألك ‪++‬وان واحلق ‪++‬ول واألنس ‪++‬اق‪ .‬وق ‪++‬د أض ‪++‬حت ه ‪++‬ذه الثقاف ‪++‬ة الرقمي ‪++‬ة تتم ‪++‬يز‬
‫بالس ‪++‬رعة يف تب ‪++‬ادل املعلوم ‪++‬ات واملع ‪++‬ارف‪ ،‬ونق ‪++‬ل احملتوي ‪++‬ات واملض ‪++‬امني واألش ‪++‬كال من بيئ ‪++‬ة‬
‫جغرافية إىل بيئة أخرى‪ ،‬مهما بعدت املسافة أو قربت‪.‬‬

‫‪‬العوامــل النفســية‪ :‬الننس‪++‬ى م‪++‬دى أمهي‪++‬ة العوام‪++‬ل النفس‪++‬ية يف تط‪++‬وير اجملتمع‪++‬ات‪ ،‬وتغي‪++‬ري‬
‫األنساق الثقافية من مكان إىل آخ‪+‬ر‪ ،‬ومن زم‪+‬ان إىل آخ‪+‬ر‪ .‬ويع‪+‬ين ه‪+‬ذا أن نفس‪+‬ية املب‪+‬دع أو‬
‫املثقف قد تدفعه شعوريا أو الشعوريا أو سلوكيا أو ذهنيا إىل اس‪++‬تعمال أن‪++‬واع من الكتاب‪++‬ة‬
‫واألشكال الثقافية‪ ،‬أو امليل إىل إيديولوجيا معينة‪ ،‬أو االنطالق من فلس‪++‬فة معين‪++‬ة‪ .‬ومن مث‪،‬‬
‫فالثقاف ‪++ +‬ة ق ‪++ +‬د تس ‪++ +‬هم فيه ‪++ +‬ا نفس ‪++ +‬يات متوازن ‪++ +‬ة‪ ،‬أو نفس ‪++ +‬يات معق ‪++ +‬دة‪ ،‬أو نفس ‪++ +‬يات منعزل ‪++ +‬ة‬
‫وانطوائية‪ ،‬أو نفسيات عابثة‪ ،‬أو نفسيات مضطربة وغري سوية‪.‬‬

‫‪‬العوام ــل االقتصادية‪ :‬ونع‪++‬ين هبا خمتل‪++‬ف العوام‪++‬ل املادي‪++‬ة واآللي‪++‬ة واإلنتاجي‪++‬ة ال‪++‬يت تتحكم‬
‫يف الب ‪++‬ىن الفوقي ‪++‬ة واإليديولوجي ‪++‬ة‪ ،‬والس ‪++‬يما الثقافي ‪++‬ة منه ‪++‬ا‪ .‬مبع ‪++‬ىن أن العوام ‪++‬ل االقتص ‪++‬ادية‪-‬‬
‫حس‪++ + +‬ب الكتاب‪++ + +‬ات املاركس‪++ + +‬ية‪ -‬هي ال‪++ + +‬يت حترك الفع‪++ + +‬ل الثق‪++ + +‬ايف‪ ،‬وتتحكم في‪++ + +‬ه إجياب‪++ + +‬ا أو‬
‫س ‪++‬لبا‪.‬ومن مث‪ ،‬الميكن فص ‪++‬ل املثق ‪++‬ف ودوره عن احملي ‪++‬ط السوس ‪++‬يو‪ -‬اقتص ‪++‬ادي ال ‪++‬ذي حيرك‬
‫بني ‪++‬ة اجملتم ‪++‬ع‪ ،‬وخمتل ‪++‬ف طبقات ‪++‬ه املتفاوت ‪++‬ة‪ ،‬مبا فيه ‪++‬ا النخب ‪++‬ة املثقف ‪++‬ة‪ .‬وأك ‪++‬ثر من ذل ‪++‬ك‪ ،‬خيض ‪++‬ع‬
‫اإلنتاج الثقايف للتقلبات االقتص‪+‬ادية كس‪+‬ادا وتض‪+‬خما‪ ،‬كم‪+‬ا يب‪+‬دو ذل‪+‬ك جلي‪+‬ا على مس‪+‬توى‬
‫الكتاب ‪++‬ة تنظ ‪++‬ريا وممارس ‪++‬ة‪ .‬ومن مث‪ ،‬يع ‪++‬رب املثقف ‪++‬ون عن إي ‪++‬ديولوجيا الطبق ‪++‬ة االجتماعي ‪++‬ة ال ‪++‬يت‬
‫ينتم‪++‬ون إليه‪++‬ا‪ ،‬وي‪++‬دافعون عن مص‪++‬احلهم وآم‪++‬اهلم وطموح‪++‬اهتم‪ ،‬وخاص‪++‬ة أهنم ي‪++‬دافعون عن‬
‫تطلعات الطبقة البورجوازية الصغرى أو الوسطى‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫‪ ‬عامــل الحداثــة‪ :‬حينم‪++‬ا نتأم‪++‬ل مفه‪++‬وم احلداث‪++‬ة (‪ ،)la modernité‬فإن‪++‬ه يتب‪++‬ادر إىل‬
‫أذهانن‪++ +‬ا جمموع ‪++‬ة من املف‪++ +‬اهيم التص‪++ +‬ورية‪ ،‬مث‪++ +‬ل‪ :‬الغ‪++ +‬رب‪ ،‬والعلماني‪++ +‬ة‪ ،‬واحلض‪++ +‬ارة‪ ،‬والعلم‪،‬‬
‫والثقاف ‪++‬ة‪ ،‬والتقني ‪++‬ة‪...‬ويع ‪++‬ين ه ‪++‬ذا أن احلداث ‪++‬ة هي حلظ ‪++‬ة تارخيي ‪++‬ة متن ‪++‬ورة عاش ‪++‬تها أوروب ‪++‬ا يف‬
‫الق‪++ +‬رنني اخلامس عش‪++ +‬ر والس‪++ +‬ادس عش‪++ +‬ر امليالديني‪ ،‬من خالل الث‪++ +‬ورة على رج‪++ +‬ال ال‪++ +‬دين‬
‫واإلقط ‪++ + +‬اع واجله ‪++ + +‬ل واخلراف ‪++ + +‬ة والش ‪++ + +‬عوذة‪ ،‬باس ‪++ + +‬تلهام احلض ‪++ + +‬ارتني اليوناني ‪++ + +‬ة والروماني ‪++ + +‬ة‪،‬‬
‫واالستهداء بالعق‪+‬ل واملنط‪+‬ق‪ ،‬واس‪+‬تثمار الطبيع‪+‬ة‪ ،‬واألخ‪+‬ذ بالفلس‪+‬فة التجريبي‪+‬ة‪ ،‬وال‪+‬دفاع عن‬
‫اإلنسان وحرياته اخلاصة والعامة‪ ،‬والدعوة إىل حقوق اإلنسان الطبيعي‪+‬ة واملكتس‪+‬بة‪ ،‬وخل‪+‬ق‬
‫اجملتمع‪++‬ات املدني‪++‬ة‪ ،‬وتط‪++‬وير االقتص‪++‬اد يف ض‪++‬وء الليربالي‪++‬ة الفردي‪++‬ة‪ ،‬واالنفت‪++‬اح على الش‪++‬عوب‬
‫األخ‪++‬رى‪ ،‬وتأس‪++‬يس املخت‪++‬ربات العلمي‪++‬ة‪ ،‬وتش‪++‬جيع االكتش‪++‬افات اجلغرافي‪++‬ة واملالح‪++‬ة البحري‪++‬ة‬
‫حبثا عن املواد األولية ومصادر الثروة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬حتيل كلمة احلداثة على الدميقراطية‪ ،‬وحق‪++‬وق اإلنس‪++‬ان‪ ،‬والدول‪++‬ة الليربالي‪++‬ة‪ ،‬وامللكي‪++‬ة‬
‫الفردي ‪++ +‬ة‪ ،‬وص ‪++ +‬عود البورجوازي ‪++ +‬ة‪ ،‬واس ‪++ +‬تخدام العق ‪++ +‬ل والعلم يف فهم الطبيع ‪++ +‬ة وتفس ‪++ +‬ريها‪،‬‬
‫واس ‪++‬تعمال املنهج العلمي يف دراس ‪++‬ة الوث ‪++‬ائق‪ ،‬ومتث ‪++‬ل املوض ‪++‬وعية يف التعام ‪++‬ل م ‪++‬ع الظ ‪++‬واهر‬
‫املرص ‪++‬ودة‪ ،‬وفص ‪++‬ل ال ‪++‬دين عن الدول ‪++‬ة‪ .‬وق ‪++‬د ت ‪++‬رتب على ه ‪++‬ذه احلداث ‪++‬ة أن تط ‪++‬ورت أوروب ‪++‬ا‬
‫سياس‪++ +‬يا واقتص‪++ +‬اديا واجتماعي‪++ +‬ا وثقافي‪++ +‬ا‪ ،‬وأص‪++ +‬بحت منوذج‪++ +‬ا للتم‪++ +‬دن وال‪++ +‬رقي احلض‪++ +‬اري‬
‫والتطور التقين والص‪+‬ناعي واملعرف‪+‬ة الثقافي‪+‬ة‪ ،‬ومه‪+‬د الفلس‪+‬فات النظري‪+‬ة والعملي‪+‬ة‪ ،‬وأك‪+‬ثر من‬
‫هذا‪ ،‬فقد سيطرت على العامل بفضل علمها وتقنيتها وقوهتا العسكرية واملادية‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫هذا‪ ،‬ويعرف حممد سبيال مفه‪+‬وم احلداث‪+‬ة بقول‪+‬ه‪ ":‬فه‪+‬و يع‪+‬ين يف مق‪+‬ام أول حتقيب‪+‬ا زمني‪+‬ا‪ .‬أي‬
‫إش ‪++‬ارة إىل العص ‪++‬ور احلديث ‪++‬ة التالي ‪++‬ة للعص ‪++‬ور الوس ‪++‬طى وللعص ‪++‬ور القدمية حس ‪++‬ب التص ‪++‬نيف‬
‫الغريب الذي اختذ اليوم طابعا كونيا‪.‬‬

‫وهو ‪ -‬يف مقام ثان‪ -‬يعين نواة فكرية أو رؤية للعامل تبلورت بع‪+‬د انطالق حركي‪+‬ة احلداث‪+‬ة‬
‫يف أوربا الغربية (إيطاليا‪ -‬فرنسا‪-‬أملانيا‪-‬إجنل‪+‬رتا) من‪+‬ذ الق‪+‬رن اخلامس عش‪+‬ر‪ ،‬وال‪+‬يت ي‪+‬ؤرخ هلا‬
‫باألح‪++‬داث املفص‪++‬لية يف ت‪++‬اريخ أورب‪++‬ا‪ :‬النهض‪++‬ة الفني‪++‬ة واألدبي‪++‬ة والعلمي‪++‬ة بإيطالي‪++‬ا ال‪++‬يت ك‪++‬انت‬
‫ن ‪++‬واة النهض ‪++‬ة األوربي ‪++‬ة ال ‪++‬يت تط ‪++‬ورت يف الق ‪++‬رنني اخلامس عش ‪++‬ر والس ‪++‬ادس عش ‪++‬ر امليالدي‪،‬‬
‫وال ‪++‬يت بل ‪++‬ورت النزع ‪++‬ة اإلنس ‪++‬ية (‪ ) L’humanisme‬األوربي ‪++‬ة يف مرحل ‪++‬ة أوىل‪ ،‬وبلغت‬
‫ذروهتا يف حرك‪++‬ة األن‪++‬وار (‪ ) Les lumières‬يف الق‪++‬رن الث‪++‬امن عش‪++‬ر امليالدي كحرك‪++‬ة‬
‫فكري‪++‬ة قوامه‪++‬ا العقالني‪++‬ة والتجريبي‪++‬ة واإلميان باحلري‪++‬ة وبق‪++‬انون التق‪++‬دم‪ .‬واألح‪++‬داث املفص‪++‬لية‬
‫الك ‪++‬ربى للحداث ‪++‬ة األوربي ‪++‬ة جبانب حرك ‪++‬ة النهض ‪++‬ة الفني ‪++‬ة واألدبي ‪++‬ة والعلمي ‪++‬ة هي اإلص ‪++‬الح‬
‫ال ‪++ +‬ديين ال ‪++ +‬ذي دش ‪++ +‬نته احلرك ‪++ +‬ة الربوتس ‪++ +‬تانتية يف الق ‪++ +‬رن الس ‪++ +‬ادس عش ‪++ +‬ر يف أورب ‪++ +‬ا‪ .‬اجلوهر‬
‫التح ‪++‬ديثي لإلص ‪++‬الح ال ‪++‬ديين ال ‪++‬ذي ن ‪++‬ادى ب ‪++‬ه م ‪++‬ارتن ل ‪++‬وثر‪ ،‬وال ‪++‬ذي انتش ‪++‬ر أوال يف البل ‪++‬دان‬
‫اجلرمانية والسكندينافية اليت كانت قد تشكلت فيها كن‪++‬ائس دول‪++‬ة (‪) Eglise d’Etat‬‬
‫قوي‪++‬ة‪ ،‬ه‪++‬و حتوي‪++‬ل اإلميان ال‪++‬ديين إىل جترب‪++‬ة إميان شخص‪++‬ي ذايت ت‪++‬أملي (‪) foi reflexire‬‬
‫تتح‪++‬ول فيه‪++‬ا التجرب‪++‬ة الديني‪++‬ة من س‪++‬لطة خارجي‪++‬ة آم‪++‬رة إىل جترب‪++‬ة شخص‪++‬ية حيض‪++‬ر فيه‪++‬ا بق‪++‬وة‬
‫جانب حري‪+‬ة االختي‪+‬ار والق‪+‬رار ال‪+‬ذايت مقاب‪+‬ل س‪+‬لطة التبش‪+‬ري وس‪+‬لطة التقالي‪+‬د وال‪+‬رتاث ال‪+‬ديين‬
‫املؤسسي حيث مل يعد القرب‪++‬ان (‪ ) L’hostie‬إال عجين‪++‬ا‪ ،‬والرف‪++‬ات (‪) Lesreliques‬‬
‫إال عظاما‪ .‬أما احلدث املفص‪+‬لي الن‪+‬وعي اآلخ‪+‬ر فه‪+‬و الث‪+‬ورة الفرنس‪+‬ية س‪+‬نة ‪ .1789‬ويتمث‪+‬ل‬
‫جوهرها يف قلب طبيعة السلطة السياس‪+‬ية من االعتم‪+‬اد على احلق اإلهلي إىل االرتك‪+‬از على‬
‫‪56‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫احلق اإلنس‪++‬اين‪ ،‬كم‪++‬ا يتمث‪++‬ل يف اإلعالن عن حق‪++‬وق اإلنس‪++‬ان واملواطن س‪++‬نة ‪ 1789‬وإق‪++‬رار‬
‫قانون نابليون‪ .‬وهي إجراءات فرض‪++‬ت مب‪++‬دأ الذاتي‪++‬ة أو الفردي‪++‬ة اإلنس‪++‬انية كأس‪+‬اس ومقي‪++‬اس‬
‫ومرج‪++‬ع‪ ،‬وفرض‪++‬ت مب‪++‬دأ حري‪++‬ة االختي‪++‬ار الف‪++‬ردي كأس‪++‬اس للنظ‪++‬ام السياس‪++‬ي مقاب‪++‬ل احلق‪++‬وق‬
‫التارخيية والرتاثية"‪.63‬‬

‫إذًا‪ ،‬ترتبط احلداثة‪ ،‬باعتبارها حقبة زمنية‪ ،‬بعصر النهضة األوروبية‪ ،‬أو بعصر اإلنس‪++‬ان‪ ،‬أو‬
‫بعصر األنوار‪ ،‬وكان الغرض منها ه‪+‬و حتديث أوروب‪++‬ا وعص‪++‬رنتها مادي‪++‬ا ومعنوي‪++‬ا على مجي‪++‬ع‬
‫األص ‪++ +‬عدة واملس ‪++ +‬تويات‪ .‬وق ‪++ +‬د اس‪++ +‬تمرت ه‪++ +‬ذه احلداث ‪++ +‬ة ح‪++ +‬ىت س‪++ +‬نوات الس ‪++ +‬تني من الق ‪++ +‬رن‬
‫العش ‪++‬رين‪ ،‬لتنتق ‪++‬ل أوروب ‪++‬ا إىل م ‪++‬ا بع ‪++‬د احلداث ‪++‬ة ال ‪++‬يت اس ‪++‬تهدفت تق ‪++‬ويض امليتافيزيق ‪++‬ا الغربي ‪++‬ة‪،‬‬
‫وحتطيم املقوالت املركزية اليت هيمنت ق‪++‬دميا وح‪+‬ديثا على الفك‪++‬ر الغ‪++‬ريب‪ ،‬كاللغ‪++‬ة‪ ،‬واهلوي‪++‬ة‪،‬‬
‫واألص ‪++‬ل‪ ،‬والص ‪++‬وت‪ ،‬والعق ‪++‬ل‪...‬وق ‪++‬د اس ‪++‬تخدمت يف ذل ‪++‬ك آلي ‪++‬ات التش ‪++‬تيت والتش ‪++‬كيك‬
‫واالختالف والتغ ‪++‬ريب‪ .‬كم ‪++‬ا تق ‪++‬رتن مابع ‪++‬د احلداث ‪++‬ة بفلس ‪++‬فة الفوض ‪++‬ى والعدمي ‪++‬ة والتفكي ‪++‬ك‬
‫والالمعىن والالنظام‪ .‬وتتميز نظري‪+‬ات م‪+‬ا بع‪+‬د احلداث‪+‬ة عن احلداث‪+‬ة الس‪+‬ابقة بق‪+‬وة التح‪+‬رر من‬
‫قي‪++‬ود التمرك‪++‬ز‪ ،‬واالنفك‪++‬اك عن اللوغ‪++‬وس والتقلي‪++‬د وم‪++‬اهو متع‪++‬ارف علي‪++‬ه‪ ،‬وممارس‪++‬ة كتاب‪++‬ة‬
‫االختالف واهلدم والتش‪++‬ريح‪ ،‬واالنفت‪++‬اح على الغ‪++‬ري ع‪++‬رب احلوار والتفاع‪++‬ل والتن‪++‬اص‪ ،‬وحمارب‪++‬ة‬
‫لغة البنية واالنغالق واالنطواء‪ ،‬مع فضح املؤسسات الغربية املهيمن‪++‬ة‪ ،‬وتعري‪++‬ة اإلي‪++‬ديولوجيا‬
‫البيض‪++ +‬اء‪ ،‬واالهتم‪++ +‬ام باملدنس واهلامش والغ‪++ +‬ريب واملتخي‪++ +‬ل واملختل‪++ +‬ف‪ ،‬والعناي‪++ +‬ة ب‪++ +‬العرق‪،‬‬
‫واللون‪ ،‬واجلنس‪ ،‬واألنوثة‪ ،‬وخطاب مابعد االستعمار‪....‬‬

‫‪ -‬حممد سبيال‪ ( :‬اإلسالم وحتديات احلداثة)‪ ،‬موقع حممد سبيال‪،‬‬ ‫‪63‬‬

‫‪http://www.mohamed-sabila.com/maqal12.html‬‬
‫‪57‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫وعلى العم ‪++‬وم‪ ،‬تطل ‪++‬ق احلداث ‪++‬ة الغربي ‪++‬ة على جمموع ‪++‬ة من املف ‪++‬اهيم‪ ،‬مث ‪++‬ل‪ :‬التن ‪++‬وير‪ ،‬والدول ‪++‬ة‪،‬‬
‫والدميقراطي ‪++ +‬ة‪ ،‬وحق ‪++ +‬وق اإلنس ‪++ +‬ان‪ ،‬والعق ‪++ +‬ل‪ ،‬واملنط ‪++ +‬ق‪ ،‬والس ‪++ +‬ببية‪ ،‬والتقني ‪++ +‬ة‪ ،‬والليربالي ‪++ +‬ة‪،‬‬
‫والعلماني ‪++‬ة‪ ،‬والفردي ‪++‬ة‪ ،‬والنظ ‪++‬ام‪ ،‬والوح ‪++‬دة‪ ،‬واالنس ‪++‬جام‪ ،‬واإلنت ‪++‬اج‪ ،‬واهليمن ‪++‬ة‪ ،‬واللوغ ‪++‬وس‪،‬‬
‫واملركزي ‪++ +‬ة الغربي ‪++ +‬ة‪ ،‬وهيمن ‪++ +‬ة الرج ‪++ +‬ل األبيض على ب ‪++ +‬اقي األع ‪++ +‬راق واألجن ‪++ +‬اس األخ ‪++ +‬رى‪،‬‬
‫والسيطرة على الطبيعة والذات واجملتمع على حد سواء‪...‬‬

‫وتس ‪++‬تند احلداث ‪++‬ة ‪ -‬كم ‪++‬ا يف الغ ‪++‬رب‪ -‬إىل جمموع ‪++‬ة من املقوم ‪++‬ات األساس ‪++‬ية ال ‪++‬يت تتمث ‪++‬ل يف‬
‫االس ‪++‬تفادة من اإلرث اليون ‪++‬اين والروم ‪++‬اين‪ ،‬والث ‪++‬ورة على اإلقط ‪++‬اع ورج ‪++‬ال ال ‪++‬دين‪ ،‬واألخ ‪++‬ذ‬
‫بالعلماني‪++‬ة‪ ،‬واالحتك‪++‬ام إىل الدول‪++‬ة والق‪++‬انون والقواع‪++‬د‪ ،‬واالسرتش‪++‬اد بالعق‪++‬ل واملنط‪++‬ق والعلم‬
‫واحلتمي‪++‬ة يف فهم الطبيع‪++‬ة واستكش‪++‬افها‪ ،‬ومتث‪++‬ل االقتص‪++‬اد اللي‪++‬ربايل الف‪++‬ردي‪ ،‬واح‪++‬رتام امللكي‪++‬ة‬
‫اخلاص‪++‬ة‪ ،‬وتق‪++‬ديس العلم‪ ،‬وإحالل اإلنس‪++‬ان مكان‪++‬ة ك‪++‬ربى يف املنظوم‪++‬ة الفكري‪++‬ة‪ ،‬واالهتم‪++‬ام‬
‫ب‪+‬املنهج العلمي‪ ،‬واملي‪+‬ل حنو التفك‪+‬ري التجري‪+‬يب‪ ،‬واس‪+‬تعمال التقني‪+‬ة يف جمال التع‪+‬دين والتص‪+‬نيع‬
‫والتح ‪++‬ديث والتفك ‪++‬ري‪ ،‬والتش ‪++‬بث بالعم ‪++‬ل واالكتش ‪++‬اف وروح املغ ‪++‬امرة‪ ،‬واح ‪++‬رتام حق ‪++‬وق‬
‫اإلنسان‪ ،‬واالهتمام بالصناعة وتطوير الثقافة‪.‬‬

‫ه‪++ +‬ذا‪ ،‬وي‪++ +‬رى املفك‪++ +‬ر اإلي‪++ +‬راين داري‪++ +‬وش ش‪++ +‬يغان أن مقوم‪++ +‬ات احلداث‪++ +‬ة تتمث‪++ +‬ل يف"االنتق‪++ +‬ال‬
‫الت ‪++‬درجيي على مس ‪++‬توى املعرف ‪++‬ة من النظ ‪++‬رة التأملي ‪++‬ة إىل التفك ‪++‬ري املنهجي التق ‪++‬ين والتجري ‪++‬يب‪،‬‬
‫وعلى مس‪++ + +‬توى الطبيع‪++ + +‬ة من األش‪++ + +‬كال اجلوهري‪++ + +‬ة إىل املف‪++ + +‬اهيم امليكانيكي‪++ + +‬ة والرياض‪++ + +‬ية‬
‫التكميمية‪ ،‬وعلى مستوى اإلنسان من املاهيات القبلية الثابتة إىل الدوافع والغرائ‪++‬ز األولي‪++‬ة؛‬
‫‪64‬‬
‫وعلى مستوى التاريخ من النظرة الغائية اخلالصية إىل النظرة التارخيانية‪".‬‬

‫‪ -‬داريوش شيغان‪ :‬أوهام الهوية‪ ،‬الرتمجة العربية‪ ،‬دار الساقي لندن ‪ ،1993‬ص‪.47-41:‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫هذا‪ ،‬وترتبط احلداثة‪ ،‬يف عمومها‪ ،‬بالتق‪+‬دم واالزده‪+‬ار والتح‪+‬ديث والتغي‪+‬ري‪ ،‬وحتقي‪+‬ق التنمي‪+‬ة‬
‫الشاملة املستمرة اليت تعود على اإلنسان بالنفع العام ماديا ومعنويا‪.‬‬

‫ويتض ‪++‬ح‪ ،‬مما س ‪++‬بق ذك ‪++‬ره‪ ،‬أن املثق ‪++‬ف املعاص ‪++‬ر ق ‪++‬د اس ‪++‬تفاد من آلي ‪++‬ات احلداث ‪++‬ة وتص ‪++‬وراهتا‬
‫الفكرية والفلسفية واملنهجية واملادية حتديثا ورؤية وممارسة وتفكريا‪.‬‬

‫‪ ‬عامل مابعد بعد الحداثة‪ :‬متتد فرتة مابعد احلداثة (‪ )Post modernism‬من‬
‫سنة ‪1970‬م إىل سنة ‪1990‬م‪ .‬ويقصد هبا النظريات والتيارات واملدارس الفلسفية‬
‫والفكرية واألدبية والنقدية والفنية اليت ظهرت ما بعد احلداثة البنيوية والسيميائية‬
‫واللسانية‪ .‬وقد جاءت مابعد احلداثة لتقويض امليتافيزيقا الغربية‪ ،‬وحتطيم املقوالت‬
‫املركزية اليت هيمنت قدميا وحديثا على الفكر الغريب‪ ،‬كاللغة‪ ،‬واهلوية‪ ،‬واألصل‪،‬‬
‫والصوت‪ ،‬والعقل‪...‬وقد استخدمت يف ذلك آليات التشتيت والتشكيك واالختالف‬
‫والتغريب‪ .‬وتقرتن مابعد احلداثة بفلسفة الفوضى والعدمية والتفكيك والالمعىن‬
‫والالنظام‪ .‬وتتميز نظريات ما بعد احلداثة عن احلداثة السابقة بقوة التحرر من قيود‬
‫التمركز‪ ،‬واالنفكاك عن اللوغوس والتقليد وماهو متعارف عليه‪ ،‬وممارسة كتابة‬
‫االختالف واهلدم والتشريح‪ ،‬واالنفتاح على الغري عرب احلوار والتفاعل والتناص‪ ،‬وحماربة‬
‫لغة البنية واالنغالق واالنطواء‪ ،‬مع فضح املؤسسات الغربية املهيمنة‪ ،‬وتعرية اإليديولوجيا‬
‫البيضاء‪ ،‬واالهتمام باملدنس واهلامش والغريب واملتخيل واملختلف‪ ،‬والعناية بالعرق‪،‬‬
‫واللون‪ ،‬واجلنس‪ ،‬واألنوثة‪ ،‬وخطاب مابعد االستعمار‪....‬‬

‫ويعين هذا أن ما بعد احلداثة من املصطلحات األكثر التباسا وإثارة يف فرتة مابعد احلداثة‪،‬‬
‫حيث اختلف حوله نقاد ودارسو (مابعد احلداثة)؛ نظرا لتعدد مفاهيمه ومدلوالته من‬

‫‪59‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫ناقد إىل آخر‪ .‬بل جند أن املعاين اليت قدمت ملفهوم (مابعد احلداثة) متناقضة فيما بينها‬
‫وخمتلفة ومتداخلة‪ ،‬حىت أثري حول استخدام مفهوم مصطلح (مابعد احلداثة) نقاش‬
‫مستفيض‪ ،‬إذ يعترب من أهم املصطلحات اليت" شاعت وسادت منذ اخلمسينيات امليالدية‪،‬‬
‫ومل يهتد أحد بعد إىل حتديد مصدره‪ :‬فهناك من يعيد املفردة إىل املؤرخ الربيطاين أرنولد‬
‫توينيب عام ‪1954‬م‪ ،‬وهناك من يربطها بالشاعر والناقد األمريكي تشارلس أولسون يف‬
‫اخلمسينيات امليالدية‪ ،‬وهناك من حييلها إىل ناقد الثقافة ليزيل فيدلر‪ ،‬وحيدد زماهنا بعام‬
‫‪ 1965‬م‪ .‬على أن البحث عن أصول املفردة أفضى إىل اكتشاف استخدامها قبل هذه‬
‫التواريخ بكثري‪ ،‬كما يف استخدام جون واتكنز تشامبان ملصطلح " الرسم مابعد احلداثي"‬
‫يف عقد ‪1870‬م‪ ،‬وظهور مصطلح مابعد احلداثة عند رودولف بانفتز يف عام‬
‫‪65‬‬
‫‪1917‬م‪".‬‬

‫وقد تبني واضحا أن أفكار (مابعد احلداثة) خمتلفة نسبيا عن مفاهيم احلداثة السابقة‪.‬‬
‫وهناك من يرى أن أفكار (مابعد احلداثة) خمتلفة جذريا عن أفكار احلداثة‪.‬‬
‫ويعتقد"بعضهم أنه من املمكن اعتبار الكتاب والفنانني يف مرحلة (ماقبل احلداثة) على‬
‫أهنم مابعد احلداثيون‪ ،‬بالرغم من أن املفهوم مل يكن مصاغا آنذاك‪ .‬وهذا أقرب إىل‬
‫اجلدل الذي يرى نظريات فرويد عن الالوعي أهنا موجودة مسبقا يف الفكر الرومانسي‬
‫األملاين‪ .‬وقد ناقش الفيلسوف األملاين يورغن هابرماس (‪)Habermas‬أن مشروع‬
‫احلداثة مل ينته أبدا بعد‪ ،‬حيث يواصل هذا املشروع سعيه لتحقيق أهدافه (وهبذا‪ ،‬يقصد‬
‫هابرماس قيم تنوير العقل والعدالة االجتماعية)‪ .‬ويعد مصطلح "مابعد احلداثة "‬

‫‪ -‬سعد البازعي وميجان الرويلي‪ :‬دليل الناقد األدبي‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبع ‪++‬ة الثاني ‪++‬ة ‪،‬‬ ‫‪65‬‬

‫سنة ‪2000‬م‪ ،‬ص‪.138:‬‬


‫‪60‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫(والكلمات املشاهبة له) أيضا يف نظر الكثريين أنه يشري‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬إىل دور وسائل‬
‫اإلعالم يف اجملتمعات الرأمسالية يف أواخر القرن العشرين‪ .‬وأيا كان استخدامه املفضل‪،‬‬
‫فمن الواضح أن نظرية تفسري التطورات االجتماعية والثقافية عن طريق السرديات‬
‫الكربى مل تعد ممكنة أو مقبولة‪ ،‬وأنه مل يعد ممكنا لألفكار أن تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا‬
‫مع الواقع التارخيي‪ .‬فكل شيء هو النص والصورة‪ .‬وبالنسبة للكثريين‪ ،‬حياول العامل‬
‫الذي يتم تصويره يف فيلم( الماتريكس)‪ ،‬حيث جند احلياة البشرية تقلد اآلالت اليت‬
‫تسيطر عليها‪ ،‬إقناع املشاهد بعامل مابعد احلداثة‪ ،‬إلقناعه بكابوس من عالم الخيال‬
‫‪66‬‬
‫العلمي ‪ ،‬فهذا العامل هو مبنزلة استعارة أو جماز عن حالة اإلنسان احلايل‪".‬‬

‫وهناك من الباحثني والدارسني من يربط (مابعد احلداثة) بفلسفة التفكيك والتقويض‪،‬‬


‫وحتطيم املقوالت املركزية الكربى اليت هيمنت على الثقافة الغربية من أفالطون إىل يومنا‬
‫هذا‪ .‬ويف هذا الصدد‪ ،‬يقول دافيد كارتر (‪ ،)David karter‬يف كتابه( النظرية‬
‫األدبية )‪":،‬وتعرب هذه املواقف من "مابعد احلداثة" عن موقف متشكك بشكل جوهري‬
‫جلميع املعارف البشرية‪ ،‬وقد أثرت هذه املواقف على العديد من التخصصات األكادميية‬
‫وميادين النشاط اإلنساين(من علم االجتماع إىل القانون والدراسات الثقافية‪ ،‬من بني‬
‫امليادين األخرى)‪ .‬وبالنسبة للكثريين تعد "مابعد احلداثة" عدمية على حنو خطري‪ ،‬فهي‬
‫تقوض أي معىن للنظام والسيطرة املركزية للتجربة‪ .‬فال العامل وال الذات هلما وحدة‬
‫متماسكة"‪.67‬‬

‫‪ -‬ديفيد كارتر‪ :‬النظرية األدبية‪ ،‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬باسل املسامله‪ ،‬دار التكوين‪ ،‬دمش‪++‬ق‪ ،‬س‪++‬وريا‪ ،‬الطبع‪++‬ة األوىل س‪++‬نة‬ ‫‪66‬‬

‫‪2010‬م‪ ،‬ص‪.130:‬‬
‫‪ -‬ديفيد كارتر‪ :‬النظرية األدبية‪ ،‬ص‪.131:‬‬ ‫‪67‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫ومن مث‪ ،‬فقد اعتمدت فلسفة (مابعد احلداثة) على التشكيك والتقويض والعدمية‪ .‬كما‬
‫اعتمدت على التناص والالنظام والالانسجام‪ ،‬وإعادة النظر يف الكثري من املسلمات‬
‫واملقوالت املركزية اليت تعارف عليها الفكر الغريب قدميا وحديثا‪ .‬ومن مث‪ ،‬تزعزع مابعد‬
‫احلداثة‪ -‬حسب دافيد كارتر‪ ":-‬مجيع املفاهيم التقليدية املتعلقة باللغة واهلوية‪ ،‬إذ نسمع‬
‫كثريا من الطالب األجانب الذين يدرسون األدب اإلنكليزي ينعتون أي شيء اليفهمونه‬
‫أو يعربون عنه مبابعد حداثي‪ .‬وكثريا ماتكشف النصوص األدبية يف "مابعد احلداثة" عن‬
‫غياب االنغالق‪ ،‬وتركز حتليالهتا على ذلك‪ .‬وهتتم كل من النصوص واالنتقادات بعدم‬
‫وضوح اهلوية‪ ،‬وماهو معروف باسم" التناص"‪ :‬هو إعادة صياغة األعمال املبكرة أو‬
‫‪68‬‬
‫الرتابط بني النصوص األدبية‪".‬‬

‫هذا‪ ،‬وميكن احلديث‪ ،‬يف إطار (مابعد احلداثة)‪ ،‬عن أربعة منظورات جتاهها‪ ،‬املنظور‬
‫الفلسفي الذي يرى أن (مابعد احلداثة) دليل على الفراغ بغياب احلداثة نفسها؛ واملنظور‬
‫التارخيي الذي يرى أن (مابعد احلداثة) حركة ابتعاد عن احلداثة أو رفض لبعض جوانبها؛‬
‫واملنظور اإليديولوجي السياسي الذي يرى أن (مابعد احلداثة) تعرية لألوهام‬
‫اإليديولوجية الغربية؛ واملنظور اإلسرتاتيجي النصوصي الذي يرى أن مقاربة نصوص‬
‫(مابعد احلداثة) التتقيد باملعايري املنهجية‪ ،‬وليست مثة قراءة واحدة‪ ،‬بل قراءات منفتحة‬
‫‪69‬‬
‫ومتعددة‪.‬‬

‫ويعين هذا كله أن املثقف املعاصر قد استفاد من نظريات احلداثة‪ .‬كما استفاد أيضا من‬
‫نظريات ما بعد احلداثة يف بلورة خطابه الثقايف‪.‬‬

‫‪ -‬ديفيد كارتر‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.131:‬‬ ‫‪68‬‬

‫‪ -‬سعد البازعي وميجان الرويلي‪ :‬دليل الناقد األدبي‪ ،‬ص‪.143:‬‬ ‫‪69‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫‪ ‬الع ـ ــولمة‪ :‬إذا ك ‪++‬ان كل ‪++‬ود ليفي ش ‪++‬رتاوس ي ‪++‬دعو إىل التكام ‪++‬ل والتن ‪++‬وع الثق ‪++‬ايف‪ ،‬ف ‪++‬إن‬
‫العوملة ج‪++‬اءت لتغ‪++‬ريب الثقاف‪++‬ة وتزييفه‪++‬ا واس‪++‬تالهبا وت‪++‬دجينها‪ ،‬كم‪++‬ا يتض‪++‬ح ذل‪++‬ك جلي‪++‬ا عن‪++‬د‬
‫فرنسيس فوكوياما الذي أعلن هناية الت‪++‬اريخ؛ وآلفني ت‪++‬وفلر (‪ )Alven Toffler‬القائ‪++‬ل‬
‫بالثالوث‪ :‬ال‪++‬ثروة‪ ،‬والعن‪++‬ف‪ ،‬واملعرف‪++‬ة‪ ،70‬على أس‪++‬اس أن الق‪++‬وة واملعرف‪++‬ة تؤدي‪++‬ان إىل حتص‪++‬يل‬
‫ال ‪++ +‬ثروة واالس ‪++ +‬تيالء عليه ‪++ +‬ا‪ ،‬ول ‪++ +‬و باس ‪++ +‬تعمال العن ‪++ +‬ف؛ وص ‪++ +‬مويل هنتغت ‪++ +‬ون(‪Samuel‬‬
‫‪ )Phillips Huntington‬الذي قال بص‪++‬راع احلض‪++‬ارات ‪71‬ض‪++‬من إش‪++‬كالية الص‪++‬راع‬
‫بني الش ‪++‬رق والغ ‪++‬رب‪ ،‬وق ‪++‬د أثبت أن هن ‪++‬اك ثالث ‪++‬ة أن ‪++‬واع من احلض ‪++‬ارات بالنس ‪++‬بة للموق ‪++‬ف‬
‫الغ‪++‬ريب واألم‪++‬ريكي‪ :‬احلض‪++‬ارة املتحدي‪++‬ة (احلض‪++‬ارة اإلس‪+‬المية واحلض‪++‬ارة الص‪++‬ينية)؛ واحلض‪++‬ارة‬
‫الض‪++ +‬عيفة (حض‪++ +‬ارة أمريك‪++ +‬ا الالتيني‪++ +‬ة وأفريقي‪++ +‬ا)؛ واحلض‪++ +‬ارات املتأرجح‪++ +‬ة ال‪++ +‬يت تتمث‪++ +‬ل يف‬
‫احلض‪+‬ارة الروس‪+‬ية‪ ،‬واحلض‪+‬ارة اهلندوس‪+‬ية‪ ،‬واحلض‪+‬ارة الياباني‪+‬ة‪ ،‬وهي تت‪+‬أرجح يف تعامله‪+‬ا م‪+‬ع‬
‫الغرب األمريكي إجيابا أو سلبا‪ ،‬صراعا أو تعاونا‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يعد هذا القرن املعومل أو " املغومل" ثقافيا" قرن التوتر واحلرية والقلق‪ ،‬حيث الثقافة‬
‫أصبحت‪ ،‬بكيفية ما‪ ،‬قادرة على االفرتاس أيضا"‪.72‬‬

‫‪ ‬تغير البراديغمات الثقافية‪ :‬تتغري الثقافة بتغري الرباديغمات والنماذج املعرفي‪++‬ة والعلمي‪++‬ة‬
‫واألدبي‪++‬ة والفني‪++‬ة نظري‪++‬ة وتطبيق‪++‬ا وممارس‪++‬ة ووظيف‪++‬ة‪ .‬مبع‪++‬ىن أن التح‪++‬ول الثق‪++‬ايف يتحق‪++‬ق بفع‪++‬ل‬
‫تغري النظريات والنماذج والربديغمات العلمية ال‪++‬يت تظه‪++‬ر من حني آلخ‪+‬ر‪ ،‬كم‪++‬ا يثبت ذل‪++‬ك‬

‫‪70‬‬
‫‪- Alven Toffler :The Third Wave (1980) Bantam Books.‬‬
‫‪71‬‬
‫‪- Samuel Huntington, Le Choc des civilisations, Éditions Odile‬‬
‫‪Jacob, Paris, 1997.‬‬
‫‪ -‬عبد الغين عماد‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.23:‬‬ ‫‪72‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫توم ‪++‬اس ك ‪++‬ون(‪ )T.Kuhn‬يف كتاب ‪++‬ه (بني ــة الث ــورات العلمي ــة)‪ .73‬أي‪ :‬تتغ ‪++‬ري األنس ‪++‬اق‬
‫الثقافية بتغري الرباديغم‪++‬ات والنم‪++‬اذج والنظري‪++‬ات واملن‪+‬اهج واالفرتاض‪++‬ات العلمي‪++‬ة‪ .‬ويف ه‪+‬ذا‪،‬‬
‫يق ‪++‬ول ج ‪++‬اك هارم ‪++‬ان‪":‬تعت ‪++‬رب النظري ‪++‬ة العلمي ‪++‬ة جه ‪++‬ازا مفهومي ‪++‬ا ذا ط ‪++‬ابع رم ‪++‬زي ومنطقي‪،‬‬
‫يس ‪++‬تجيب لع ‪++‬دة ش ‪++‬روط‪ ،‬منه ‪++‬ا املالءم ‪++‬ة يف مواجه ‪++‬ة إش ‪++‬كالية حمددة وموض ‪++‬وعات معين ‪++‬ة‪،‬‬
‫والتماس‪++‬ك فيم‪++‬ا خيص جمموع‪++‬ة املف‪++‬اهيم والقض‪++‬ايا ال‪++‬يت تس‪++‬تعملها (النظري‪++‬ة)‪ ،‬واالختب‪++‬ار يف‬
‫مواجه‪++‬ة إج‪++‬راءات عملي‪++‬ة ميداني‪++‬ة توظ‪++‬ف جلم‪++‬ع املعطي‪++‬ات (البيان‪++‬ات)‪.‬تق‪++‬وم النظري‪++‬ة دائم‪++‬ا‬
‫بعملي ‪++‬ة اخ ‪++‬تزال حلق ‪++‬ل املش ‪++‬كالت ال ‪++‬يت مه ‪++‬دت لبلورهتا‪ ،‬إهنا حمددة وتش ‪++‬ري إىل جمال دقي ‪++‬ق‬
‫وحمدد من الواق ‪++‬ع‪.‬إض ‪++‬افة إىل ذل ‪++‬ك فهي حتتف ‪++‬ظ بط ‪++‬ابع افرتاض ‪++‬ي‪ ،‬قابل ‪++‬ة للمراجع ‪++‬ة‪ ،‬قابل ‪++‬ة‬
‫إلثبات خطئها‪،‬وال تستطيع أب‪++‬دا اعتباره‪++‬ا ص‪++‬ادقة بش‪++‬كل هنائي دون أن نعرض‪++‬ها باس‪++‬تمرار‬
‫لالختبار أو مواجهة وقائع أخرى ونظريات أخرى‪.‬‬

‫إن اخلط‪++‬اب العلمي ه‪++‬و عب‪++‬ارة عن جمموع‪++‬ة من الرم‪++‬وز تتمت‪++‬ع ببن‪++‬اء حنوي‪ ،‬وقواع‪++‬د داللي‪++‬ة‬
‫متنح مرجعية معىن ملفاهيم ذلك اخلطاب‪.‬لكن خالفا للنظرية‪ ،‬الميكن اعتبار اخلطاب ق‪++‬ابال‬
‫لالختب ‪++‬ار ب ‪++‬ل ميكن اعتب ‪++‬اره مالئم ‪++‬ا بدرج ‪++‬ة أو ب ‪++‬أخرى ملعاجلة مش ‪++‬كلة م ‪++‬ا‪ ،‬أو مناس ‪++‬با لفئ ‪++‬ة‬
‫معين ‪++‬ة من املوض ‪++‬وعات‪.‬فاخلط ‪++‬اب‪ ،‬يف ه ‪++‬ذه احلال ‪++‬ة‪ ،‬ميث ‪++‬ل بالنس ‪++‬بة للنظري ‪++‬ة م ‪++‬ا ميثل ‪++‬ه الغالف‬
‫بالنسبة للهدية‪.‬‬

‫ميث ‪++ +‬ل األمنوذج أو ال ‪++ +‬رباديغم مزجيا من افرتاض ‪++ +‬ات فلس ‪++ +‬فية‪ ،‬أمنوذجي ‪++ +‬ات نظري ‪++ +‬ة‪ ،‬مف ‪++ +‬اهيم‬
‫مفتاحية‪ ،‬نتائج حبوث قيمة‪ ،‬تشكل يف جمموعها عاملا مألوفا للتفكري لدى الباحثني يف فرتة‬
‫‪74‬‬
‫حمددة من تطور ختصص علمي معني‪".‬‬

‫‪73‬‬
‫‪-T.Kuhn : La structure des révolutions scientifiques, 1970.‬‬
‫‪64‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫وإذا ك‪++ +‬ان توم‪++ +‬اس ك‪++ +‬ون يتح‪++ +‬دث عن ال‪++ +‬رباديغم أو النم‪++ +‬وذج العلمي‪ ،‬ف‪++ +‬إن بي‪++ +‬ري بوردي‪++ +‬و‬
‫يتح‪++ + + + +‬دث عن اهلابيتوس أو نظ ‪++ + +‬ام االس ‪++ + +‬تعدادات والتص‪++ + + + +‬ورات(‪ .)Habitus‬يف حني‪،‬‬
‫يتح‪++‬دث م‪++‬اكس في‪++‬رب عن الب‪++‬ريوف (‪ ،)Beruf‬وه‪+‬ذه النم‪++‬اذج العلمي‪++‬ة واالجتماعي‪++‬ة كله‪++‬ا‬
‫تسهم يف تغيري الثقافة وشؤوهنا‪.‬‬

‫إذًا‪ ،‬فعوام ‪++‬ل التغ ‪++‬ري الثق ‪++‬ايف متع ‪++‬ددة ومتنوع ‪++‬ة وخمتلف ‪++‬ة‪ .‬ومن مث‪ ،‬الميكن احلديث عن عام ‪++‬ل‬
‫واحد ووحيد يتحكم يف التغري الثقايف‪ ،‬بل هناك عدة عوامل متداخلة ومتشابكة ومتفاعلة‬
‫فيما بينها‪.‬‬

‫‪ -‬ج‪++‬اك هارم‪++‬ان‪ :‬خطابــات علم االجتمــاع في النظريــة االجتماعيــة‪ ،‬تع‪++‬ريب‪ :‬العياش‪++‬ي عنص‪++‬ر‪ ،‬دار املس‪++‬رية‬ ‫‪74‬‬

‫للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األوىل سنة ‪2010‬م‪ ،‬ص‪.16-15:‬‬
‫‪65‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المبحث السابع‪ :‬اضمحــالل الثقاف ــة‬


‫ختضع الثقافة اإلنسانية والبشرية لقانون التطور واالرتقاء والصراع اجلديل‪ .‬فبعد أن هتيمن‬
‫ثقافة ما على عرش الصدارة‪ ،‬وتسيطر على دواليب املركز‪ ،‬وتسود لفرتة تارخيية أو زمني‪++‬ة‬
‫معين ‪++‬ة‪ ،‬بفض ‪++‬ل قوهتا التحديثي ‪++‬ة واإلنتاجي ‪++‬ة واالبتكاري ‪++‬ة واإلبداعي ‪++‬ة‪ ،‬فإهنا إن مل حتاف ‪++‬ظ على‬
‫تل ‪++‬ك املكان ‪++‬ة بق ‪++‬وة الس ‪++‬لطة والعلم والتقني ‪++‬ة واللغ ‪++‬ة واإلنت ‪++‬اج‪ ،‬ف ‪++‬إن ثقاف ‪++‬ة الف ‪++‬رع أو اهلامش‬
‫ميكن أن ت‪++ +‬دخل معه‪++ +‬ا يف ص‪++ +‬راع ج‪++ +‬ديل‪ ،‬ح‪++ +‬ىت هتيمن عليه‪++ +‬ا بفض‪++ +‬ل مقوماهتا التجديدي‪++ +‬ة‬
‫واحلداثي ‪++‬ة اخلاص ‪++‬ة هبا‪ .‬ويع ‪++‬ين ه ‪++‬ذا أن الثقاف ‪++‬ة‪ ،‬يف جوهره ‪++‬ا‪ ،‬ص ‪++‬راع بني األنس ‪++‬اق الثقافي ‪++‬ة‬
‫بامتي‪++‬از‪ ،‬كم‪++‬ا يق‪++‬ول ب‪++‬ذلك إيتام‪++‬ار إيف‪++‬ان زه‪++‬ر(‪ .75)Itamar Even-Zohar‬وغالب‪++‬ا‪،‬‬
‫م‪++‬ا ت‪++‬رتجم لن‪++‬ا ه‪++‬ذه اإلش‪++‬كالية ت‪++‬أثر املغل‪++‬وب بالغ‪++‬الب؛ ألن الثقاف‪++‬ة تنه‪++‬ار وتض‪++‬محل بتقلي‪++‬د‬
‫ثقافة األجنيب‪ ،‬ومتثل أنساقها الثقافية‪ ،‬باستيعاهبا واحتوائها واالندماج فيه‪+‬ا تغريب‪+‬ا وت‪+‬دجينا‬
‫واستالبا‪.‬‬

‫ويع‪++‬ين ه‪++‬ذا كل‪++‬ه أن " الثقاف‪++‬ات ق‪++‬د تتفك‪++‬ك بكيفي‪++‬ة م‪++‬ا‪ ،‬وتفق‪++‬د مكانته‪++‬ا العاملي‪++‬ة‪ ،‬ب‪++‬ل ح‪++‬ىت‬
‫احمللية إذا بدأت تدخل يف فلك ثقافة جدي‪++‬دة تس‪++‬تقي منه‪++‬ا قيم‪++‬ا الص‪++‬لة هلا هبا‪ .‬فالثقاف‪++‬ة‪ ،‬يف‬
‫احملصلة‪ ،‬هي وعي واستجابات ملتطلبات واقع تسيطر عليه وتتحكم به‪ ،‬ويكون ه‪++‬و نفس‪++‬ه‬
‫جزءا منها‪.‬وإذا مل يكن كذلك تصبح بالضرورة وعيا بالعجز وإدراكا للقصور‪ .‬يع‪++‬ين ه‪++‬ذا‬
‫أن من خيل ‪++‬ق الوق ‪++‬ائع والت ‪++‬اريخ ه ‪++‬و ال ‪++‬ذي يف ‪++‬رض القيم املرتبط ‪++‬ة بس ‪++‬لطته‪ ،‬وبالت ‪++‬ايل تك ‪++‬ون‬
‫اهليمنة الثقافية حمص‪+‬لة العملي‪+‬ات الثقافي‪+‬ة العلته‪+‬ا‪.‬وم‪+‬ا مييز اهليمن‪+‬ة الثقافي‪+‬ة الراهن‪+‬ة عن هيمن‪+‬ة‬
‫‪75‬‬
‫‪- Even-Zohar (Itamar), « Polysystem Studies », numéro special de‬‬
‫‪Poetics Today, vol. 11, no 1, 1990.‬‬
‫‪66‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫الثقاف ‪++ +‬ات القدمية الك ‪++ +‬ربى‪ ،‬أهنا مدعم ‪++ +‬ة مبزيج من التكنولوجي ‪++ +‬ا الص ‪++ +‬رحية واإلي ‪++ +‬ديولوجيا‬
‫املض ‪++‬مرة‪ ،‬وأهنا حتم ‪++‬ل رؤي ‪++‬ة تش ‪++‬وهبا العنص ‪++‬رية الثقافي ‪++‬ة‪ ،‬وال ‪++‬يت يطل ‪++‬ق عليه ‪++‬ا إثي ‪++‬ان باليب ‪++‬ار"‬
‫العنص ‪++‬رية التفاض ‪++‬لية"‪ ،‬وهي عنص ‪++‬رية دومنا عنص ‪++‬ر‪ ،‬تلعب فيه ‪++‬ا الثقاف ‪++‬ة دور البيولوجي ‪++‬ا يف‬
‫‪76‬‬
‫العنصرية الكالسيكية‪".‬‬

‫هذا‪ ،‬ويرتبط سقوط ثقافة ما بعوامل ذاتية وموضوعية عدة‪،‬وخاص‪+‬ة عن‪+‬دما تتح‪+‬ول الثقاف‪+‬ة‬
‫السائدة أو املهيمنة إىل ثقافة تقليدية أو شعاراتية أو ثقافة حمافظة‪ ،‬التعي مفارق‪++‬ات الواق‪++‬ع‪،‬‬
‫وال تعىن بتحوالته اجلدلية الكمية والنوعية‪ ،‬وال تستوعب مستجدات احلداثة أو التحديث‬
‫على ح‪++‬د س‪++‬واء؛ مما يعرض‪++‬ها ذل‪++‬ك للتضعض‪++‬ع واالن‪++‬دثار واالض‪++‬محالل لتح‪++‬ل حمله‪++‬ا الثقاف‪++‬ة‬
‫املتقدم ‪++‬ة الغالب ‪++‬ة‪ .‬ويع ‪++‬ين ه ‪++‬ذا أن الثقاف ‪++‬ة" ليس ‪++‬ت ماهي ‪++‬ة ثابت ‪++‬ة‪ ،‬أو معطى جام ‪++‬دا‪ ،‬إمنا هي‬
‫حمصلة حقل تفاعلي‪ ،‬يرسم عالق‪+‬ة ت‪+‬وتر دائم‪+‬ا بني ال‪+‬وعي والواق‪+‬ع‪ ،‬بني ال‪+‬ذات واملوض‪+‬وع‪،‬‬
‫بني احلاض ‪++ +‬ر واملس ‪++ +‬تقبل واحللم واإلمك ‪++ +‬ان‪ .‬ق ‪++ +‬د تنجح الثقاف ‪++ +‬ة يف جتاوز ه ‪++ +‬ذا اجلدل ع ‪++ +‬رب‬
‫اإلض‪++‬افة واإلغن‪++‬اء دون التض‪++‬حية بأح‪++‬د طرفي‪++‬ه‪ ،‬وق‪++‬د ت‪++‬ذبل وتض‪++‬محل م‪++‬ىت تعم‪++‬ق االنفص‪++‬ال‬
‫بني الوعي والواقع‪ ،‬وتتحول بالتايل إىل طقوس وشعائر وفلكلور يكتفي بتغذي‪++‬ة ال‪++‬ذاكرة‪".‬‬
‫‪77‬‬

‫وهك‪+‬ذا‪ ،‬ختض‪+‬ع الثقاف‪+‬ة لس‪+‬نة التط‪+‬ور والتح‪+‬ول والتغ‪+‬ري على غ‪+‬رار اإلنس‪+‬ان‪ ،‬فتب‪+‬دأ الثقاف‪+‬ة يف‬
‫الظه‪++‬ور والتك‪++‬ون والتبل‪++‬ور والنش‪++‬أة ح‪++‬ىت تص‪++‬بح ثقاف‪++‬ة ناض‪++‬جة ومزده‪++‬رة ومتكامل‪++‬ة‪ .‬وبع‪++‬د‬
‫ذل‪++ + +‬ك‪ ،‬تتع‪++ + +‬رض لالن‪++ + +‬دحار واالض‪++ + +‬محالل كاإلنس‪++ + +‬ان ال‪++ + +‬ذي يعيش الطفول‪++ + +‬ة والش‪++ + +‬باب‬
‫والكهولة‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الغين عماد‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.18:‬‬ ‫‪76‬‬

‫‪ -‬عبد الغين عماد‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.18:‬‬ ‫‪77‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المبحث الثامن‪ :‬مفاهي ــم ومصطلحات ثقافي ــة‬


‫ميكن احلديث عن جمموع‪++‬ة من املف‪++‬اهيم ال‪++‬يت هلا عالق‪++‬ة بسوس‪++‬يولوجيا الثقاف‪++‬ة‪ ،‬س‪++‬واء أك‪++‬ان‬
‫ذل ‪++‬ك من ق ‪++‬ريب أم من بعي ‪++‬د‪ ،‬مث ‪++‬ل‪ :‬الثقاف ‪++‬ة‪ -‬احلض ‪++‬ارة‪ -‬اجملتم ‪++‬ع‪ -‬الشخص ‪++‬ية‪ -‬املعرف ‪++‬ة‪-‬‬
‫املثق‪++‬ف‪ -‬النس‪++‬بية الثقافي‪++‬ة‪ -‬التن‪++‬وع الثق‪++‬ايف‪ -‬املثاقف‪++‬ة‪ -‬التعددي‪++‬ة الثقافي‪++‬ة‪ -‬التث‪++‬اقف‪ -‬التط‪++‬ور‬
‫الثق ‪++‬ايف‪ -‬التغ ‪++‬ري الثق ‪++‬ايف‪ -‬التفاع ‪++‬ل الثق ‪++‬ايف‪ -‬األنرتوبولوجي ‪++‬ا الثقافي ‪++‬ة واالجتماعي ‪++‬ة‪ -‬ال ‪++‬رتاكم‬
‫الثق ‪++‬ايف‪ -‬التكام ‪++‬ل الثق ‪++‬ايف‪ -‬التغ ‪++‬ري الثق ‪++‬ايف‪ -‬الرأمسال الثق ‪++‬ايف‪ -‬الكتل ‪++‬ة التارخيي ‪++‬ة‪ -‬املثق ‪++‬ف‬
‫العض ‪++‬وي‪ -‬املواق ‪++‬ع اإليديولوجي ‪++‬ة‪ -‬الـتأثري الثق ‪++‬ايف‪ -‬النتاج ‪++‬ات الثقافي ‪++‬ة‪ -‬تص ‪++‬نيف املثقفني‪-‬‬
‫اهليمنة الثقافية‪ -‬التهجني الثقايف‪ -‬الطبقة املثقفة‪ -‬املنبت الطبقي‪ -‬الوض‪++‬ع الطبقي‪ -‬الثقاف‪++‬ة‬
‫الشعبية‪-‬الثقافة اجلماهريية‪ -‬البنية الفوقية والبنية التحتية‪ -‬اإليي‪++‬دولوجيا ‪-‬اليوتوبي‪++‬ا‪ -‬األط‪++‬ر‬
‫املعرفي ‪++‬ة‪ -‬التهجني الثق ‪++‬ايف‪ -‬الت ‪++‬داخل الثق ‪++‬ايف‪ -‬الدراس ‪++‬ات الثقافي ‪++‬ة‪ -‬ع ‪++‬رب الثق ‪++‬ايف‪-‬األمناط‬
‫الثقافي‪++ +‬ة العام‪++ +‬ة ‪ -‬الس‪++ +‬مات الثقافي‪++ +‬ة‪ - 78‬املركب الثق‪++ +‬ايف ‪ - 79‬األمناط الثقافي‪++ +‬ة‪ -‬الت‪++ +‬وتر‬
‫الثق ‪++‬ايف‪ -‬حمددات الثقاف ‪++‬ة‪ -‬آلي ‪++‬ات التفاع ‪++‬ل الثق ‪++‬ايف‪ -‬األنس ‪++‬اق الثقافي ‪++‬ة املتع ‪++‬ددة‪ -‬اهلامش‬
‫واملرك‪++‬ز‪ -‬الثقاف‪++‬ة العاملي‪++‬ة أو الكوني‪++‬ة‪ -‬الثقاف‪++‬ة احمللي‪++‬ة والوطني‪++‬ة والقومي‪++‬ة‪ -‬املمانع‪++‬ة واملقاوم‪++‬ة‬
‫الثقافية‪ -‬األصالة واملعاص‪+‬رة‪ -‬الذاتي‪+‬ة واملوض‪+‬وعية‪ -‬الك‪+‬ائن البيوثق‪+‬ايف‪ -‬اجلربي‪+‬ة والطوعي‪+‬ة‪-‬‬

‫‪ -‬الس‪++ +‬مة الثقافي‪++ +‬ة هي العنص‪++ +‬ر ال‪++ +‬ذي الميكن جتزئت‪++ +‬ه أك‪++ +‬ثر ‪ ،‬مث‪++ +‬ل‪ :‬خ‪++ +‬امت اخلطب‪++ +‬ة ‪ ،‬والدبك‪++ +‬ة‪ ،‬واحلج‪++ +‬اب‪،‬‬
‫‪78‬‬

‫والرقص‪...‬‬
‫‪ -‬جمموعة من السمات‪ ،‬مثل‪ :‬تعدد الزوجات وكثرة املهور‪ ،‬كثرة األعراس وكثرة التكاليف‪...‬‬ ‫‪79‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫احلق ‪++‬ائق والقيم‪ -‬تغ ‪++‬ري األذواق ‪ -‬التغ ‪++‬ري واالس ‪++‬تقرار‪ -‬البني ‪++‬ة والتغ ‪++‬ري‪ -‬الف ‪++‬رد واجلماع ‪++‬ة‪-‬‬
‫االضمحالل الثقايف أو سقوط الثقافة‪ -‬النظم االجتماعية (مالينوفسكي)‪ -‬اهلوية الثقافي‪++‬ة‪-‬‬
‫اخلصوص‪+‬ية الثقافي‪+‬ة‪ -‬احلق‪+‬ل الثق‪+‬ايف (بي‪+‬ري بوردي‪+‬و)‪ -‬التمرك‪+‬ز ح‪+‬ول ال‪+‬ذات‪ -‬العق‪+‬ل اجلمعي‬
‫(إمي‪++‬ل دورك‪++‬امي)‪ -‬اهلابيتوس(بي‪++‬ري بوردي‪++‬و)‪ -‬النس‪++‬ق الثق‪++‬ايف (ت‪++‬الكوت بارس‪++‬ونز)‪ -‬الرأمسال‬
‫الرمزي(بورديو)‪ -‬الب‪++‬ريوف (م‪++‬اكس في‪++‬رب)‪ -‬الص‪++‬راع اجلديل (هيج‪++‬ل وم‪++‬اركس وأجنل‪++‬ز) ‪-‬‬
‫الباري‪++‬ديغم (توم‪++‬اس ك‪++‬ون)‪ -‬الثقاف‪++‬ة الش‪++‬عبية‪ -‬الفلكل‪+‬ور‪ -‬األدب الش‪++‬عيب‪ -‬النخب‪++‬ة املثقف‪++‬ة‪-‬‬
‫الثقاف ‪++‬ة الرمزي ‪++‬ة‪ -‬الفاع ‪++‬ل الثق ‪++‬ايف‪ -‬العملي ‪++‬ات الثقافي ‪++‬ة‪ -‬التالقح الثق ‪++‬ايف‪ -‬الرتمجة‪ -‬األدب‬
‫املق ‪++‬ارن‪ -‬العوملة‪ -‬والتقان ‪++‬ة‪ -‬واهليمن ‪++‬ة‪ -‬ص ‪++‬راع الثقاف ‪++‬ات واحلض ‪++‬ارات‪ -‬اهليمن ‪++‬ة الثقافي ‪++‬ة‪-‬‬
‫اآلخر الثقايف‪ -‬اإلثنوغرافي‪+‬ا واألنرتوبولوجي‪+‬ا‪ -‬الظ‪+‬واهر الثقافي‪+‬ة‪ -‬املس‪+‬احة الثقافي‪+‬ة‪-‬الس‪+‬لوك‬
‫الثقايف‪ -‬العامل الثقايف‪ -‬اجملتمع الثقايف‪ -‬الغياب الثقايف ‪-‬املعاين الثقافية‪ -‬النموذج الثقايف‪-‬‬
‫النظم الثقافي ‪++‬ة‪ -‬النس ‪++‬ق الثق ‪++‬ايف‪ - 80‬العناص ‪++‬ر الثقافي ‪++‬ة‪ -‬الشخص ‪++‬ية األساس ‪++‬ية‪ -‬الشخص ‪++‬ية‬
‫الوظيفية‪ -‬العناصر الثقافية‪ -‬اإلجابة الثقافية‪ -‬االنتش‪+‬ار الثق‪+‬ايف‪-‬ال‪+‬دوائر الثقافي‪+‬ة‪ -‬الثقاف‪+‬ات‬
‫املركزي‪++ +‬ة‪-‬املن‪++ +‬اطق الثقافي‪++ +‬ة‪ -‬التح‪++ +‬يز الثق‪++ +‬ايف‪ -‬الف‪++ +‬وارق الثقافي‪++ +‬ة‪ -‬اإليكولوجي‪++ +‬ا الثقافي‪++ +‬ة‪-‬‬
‫املمارس‪++ +‬ات الثقافي‪++ +‬ة‪ -‬الثقاف‪++ +‬ات اإلنس‪++ +‬انية‪-‬ال‪++ +‬رتاث الثق‪++ +‬ايف‪ -‬ال‪++ +‬رتاث الالم‪++ +‬ادي‪ -‬الثقاف‪++ +‬ة‬
‫الفرعية‪...‬‬

‫‪ -‬النسق الثقايف جمموعة من النظم الدينية والعائلية والفنية والدينية‪...‬‬ ‫‪80‬‬

‫‪69‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫الخاتم ــة‬
‫ويف األخ‪+‬ري‪ ،‬نس‪+‬تنتج‪ ،‬مما س‪+‬بق قول‪+‬ه‪ ،‬أن الثقاف‪+‬ة مص‪+‬طلح ع‪+‬ام وع‪+‬ائم وفض‪+‬فاض يف دالالت‪+‬ه‬
‫اللغوي‪++‬ة واالص‪++‬طالحية‪ ،‬وخيتل‪++‬ف من حق‪++‬ل مع‪++‬ريف إىل آخ‪++‬ر‪ .‬وبالت‪++‬ايل‪ ،‬فالثقاف‪++‬ة من املف‪++‬اهيم‬
‫الغامضة يف الثقافتني‪ :‬الغربية والعربية على حد سواء‪.‬‬

‫وختتلف مدلوالت الثقافة‪ ،‬بطابعها املعنوي والروحاين‪ ،‬من البنيوية إىل األنرتوبولوجيا إىل‬
‫م‪++‬ا بع‪++‬د البنيوي‪++‬ة‪ .‬وتن‪++‬درج الثقاف‪++‬ة ‪ -‬جمالي‪++‬ا‪ -‬ض‪++‬من احلض‪++‬ارة ال‪++‬يت تنقس‪++‬م إىل ش‪++‬قني‪ :‬الش‪++‬ق‬
‫املادي والتق ‪++ + + +‬ين ال ‪++ + + +‬ذي يس ‪++ + + +‬مى بالتكنولوجي ‪++ + + +‬ا(‪)Technologie‬؛ والش ‪++ + + +‬ق املعن ‪++ + + +‬وي‬
‫واألخالقي واإلبداعي الذي يسمى بالثقافة(‪.)Culture‬‬

‫ومن جه ‪++‬ة أخ ‪++‬رى‪ ،‬تتم ‪++‬يز الثقاف ‪++‬ة مبجموع ‪++‬ة من الس ‪++‬مات واخلص ‪++‬ائص واملكون ‪++‬ات‪ ،‬فهي‬
‫خاصية جمتمعية إنسانية‪ ،‬وجتاوز للطبيعة ونقيض هلا‪ .‬وبالت‪++‬ايل‪ ،‬فهي منفتح‪++‬ة على الثقاف‪++‬ات‬
‫األخ ‪++‬رى ع ‪++‬رب آلي ‪++‬ات االحتك ‪++‬اك‪ ،‬والتب ‪++‬ادل‪ ،‬والتث ‪++‬اقف‪ ،‬والتن ‪++‬اص‪ ،‬والتع ‪++‬اون‪ ،‬والتن ‪++‬افس‪،‬‬
‫والتداخل‪ ،‬والصراع‪ ،‬واهليمنة‪...‬‬

‫ه ‪++‬ذا‪ ،‬وتفص ‪++‬ل الثقاف ‪++‬ة املرك ‪++‬ز عن اهلامش تفاوت ‪++‬ا وتباين ‪++‬ا واختالف ‪++‬ا‪ ،‬ض ‪++‬من التقاب ‪++‬ل اجلديل‬
‫املوجود بني الغالب واملغلوب‪ .‬وتعرب الثقافة أيضا عن نضج اإلنسان وم‪++‬دى تط‪++‬وره ومسوه‬

‫‪70‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫وارتقائه يف مدارج احلضارة والتق‪++‬دم واالزده‪+‬ار‪ .‬كم‪++‬ا أهنا عالم‪++‬ة على م‪++‬دى حتض‪++‬ر ال‪++‬دول‬
‫ومنوه ‪++‬ا اقتص ‪++‬اديا واجتماعي ‪++‬ا‪ ،‬ودلي ‪++‬ل ق ‪++‬اطع على م ‪++‬دى رقي ش ‪++‬عوهبا بغي ‪++‬ة حتقي ‪++‬ق التنمي ‪++‬ة‬
‫البشرية‪.‬‬

‫ومثة جمموع ‪++ +‬ة من املقارب ‪++ +‬ات ال ‪++ +‬يت تن ‪++ +‬اولت الثقاف ‪++ +‬ة بال ‪++ +‬درس والتحلي ‪++ +‬ل والفهم والتفس ‪++ +‬ري‬
‫والتأوي‪++‬ل‪ ،‬منه‪++‬ا‪ :‬املقارب‪++‬ة الثقافي‪++‬ة‪ ،‬واملقارب‪++‬ة التطوري‪++‬ة‪ ،‬واملقارب‪++‬ة التارخيي‪++‬ة‪ ،‬واملقارب‪++‬ة البنيوي‪++‬ة‬
‫اللسانية‪ ،‬واملقاربة البنيوية الوظيفية‪ ،‬واملقاربة السوسيولوجية‪ ،‬واملقارب‪++‬ة التأويلي‪++‬ة‪ ،‬واملقارب‪++‬ة‬
‫اإليديولوجية‪...‬‬

‫ه‪++ +‬ذا‪ ،‬وخيض‪++ +‬ع التغ‪++ +‬ري الثق‪++ +‬ايف جملموع‪++ +‬ة من العوام‪++ +‬ل ال‪++ +‬يت حص‪++ +‬رناها يف العوام‪++ +‬ل الطبيعي‪++ +‬ة‬
‫واملناخي ‪++ + +‬ة‪ ،‬والعوام ‪++ + +‬ل اجلغرافي ‪++ + +‬ة والس ‪++ + +‬كانية‪ ،‬والعوام ‪++ + +‬ل الديني ‪++ + +‬ة‪ ،‬والعوام ‪++ + +‬ل الثقافي ‪++ + +‬ة‬
‫واإليديولوجي ‪++‬ة‪ ،‬والعوام ‪++‬ل التقني ‪++‬ة‪ ،‬والعوام ‪++‬ل النفس ‪++‬ية‪ ،‬وعام ‪++‬ل احلداث ‪++‬ة‪ ،‬وعام ‪++‬ل م ‪++‬ا بع ‪++‬د‬
‫احلداثة‪ ،‬وعامل العوملة‪...‬‬

‫ومن جه ‪++ +‬ة أخ ‪++ +‬رى‪ ،‬هن ‪++ +‬اك جمموع ‪++ +‬ة من املف ‪++ +‬اهيم واملص ‪++ +‬طلحات ال ‪++ +‬يت يس ‪++ +‬تند إليه ‪++ +‬ا علم‬
‫االجتماع الثقايف‪ ،‬يف خمتلف حقوله وأنساقه املعرفية املركزية والفرعية‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫ثبت المص ــادر والمراجــع‬

‫المصادر‪:‬‬
‫‪-1‬ابن منظ ‪++‬ور‪ :‬لســان العــرب‪ ،‬اجلزء الث ‪++‬الث‪ ،‬دار ص ‪++‬ادر‪ ،‬ب ‪++‬ريوت‪ ،‬لبن ‪++‬ان‪ ،‬الطبع ‪++‬ة األوىل‬
‫سنة ‪2003‬م‪.‬‬

‫المراجع باللغة العربية‪:‬‬


‫‪-2‬إميل دوركامي‪ :‬قواعد المنهج في علم االجتماع‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممود قاسم والس‪++‬يد حمم‪++‬د‬
‫بدوي‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬طبعة ‪1988‬م‪.‬‬

‫‪-3‬أنتوين غيدنز‪ :‬علم االجتماع‪ ،‬علم االجتماع‪ ،‬ترمجة‪ :‬ف‪++‬ايز الص‪++‬ياغ‪ ،‬مرك‪++‬ز دراس‪++‬ات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل ‪2005‬م‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫‪-4‬أن‪++‬ور عب‪++‬د املل‪++‬ك‪ :‬دراســات في الثقافــة الوطنيــة‪ ،‬دار الطليع‪++‬ة‪ ،‬ب‪++‬ريوت‪ ،‬لبن‪++‬ان‪ ،‬الطبع‪++‬ة‬
‫األوىل سنة ‪1967‬م‪.‬‬

‫‪ -5‬ب ‪++‬وعلي ياس ‪++‬ني‪ :‬ين ــابيع الثقاف ــة ودوره ــا في الص ــراع االجتم ــاعي‪ ،‬الناش ‪++‬ر امللتقى‪،‬‬
‫املطبعة ‪ ،infoedition‬الطبعة الثانية املغرب‪ ،‬سنة ‪2006‬م‪.‬‬

‫‪ -6‬ج‪++‬اك هارم‪++‬ان‪ :‬خطابات علم االجتمـاع في النظريـة االجتماعيـة‪ ،‬تع‪++‬ريب‪ :‬العياش‪++‬ي‬


‫عنص‪++ + +‬ر‪ ،‬دار املس‪++ + +‬رية للنش‪++ + +‬ر والتوزي‪++ + +‬ع والطباع‪++ + +‬ة‪ ،‬عم‪++ + +‬ان‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبع‪++ + +‬ة األوىل س‪++ + +‬نة‬
‫‪2010‬م‪.‬‬

‫‪ -7‬ج‪++‬ون س‪++‬كوت‪ :‬علم االجتماع‪ :‬المفــاهيم األساســية‪ ،‬ترمجة‪ :‬حمم‪++‬د عثم‪++‬ان‪ ،‬الش‪++‬بكة‬
‫العربية لألحباث والنشر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الثانية‪2013 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -8‬داريوش شيغان‪ :‬أوهام الهوية‪ ،‬الرتمجة العربية‪ ،‬دار الساقي لندن ‪1993‬م‪.‬‬

‫‪ -9‬ديفي ‪++‬د ك ‪++‬ارتر‪ :‬النظري ــة األدبي ــة‪ ،‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬باس ‪++‬ل املس ‪++‬امله‪ ،‬دار التك ‪++‬وين‪ ،‬دمش ‪++‬ق‪،‬‬
‫سوريا‪ ،‬الطبعة األوىل سنة ‪2010‬م‪.‬‬

‫‪ -10‬عب‪++‬د الغ‪++‬ين عم‪++‬اد‪ :‬سوسيولوجيا الثقافة‪ ،‬المفــاهيم واإلشــكاليات من الحداثــة إلى‬


‫العولمة ‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل سنة ‪2006‬م‪.‬‬

‫‪ -11‬ع ‪++ +‬دنان أمحد مس ‪++ +‬لم‪ :‬محاض ـ ــرات في األنتروبولوجي ـ ــا(علم اإلنس ـ ــان)‪ ،‬مكتب ‪++ +‬ة‬
‫العبيكان‪ ،‬الرياض‪ ،‬السعودية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬سنة ‪2001‬م‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫‪ -2‬سعد الب‪++‬ازعي وميج‪++‬ان ال‪++‬رويلي‪ :‬دليل الناقد األدبي‪ ،‬املرك‪++‬ز الثق‪++‬ايف الع‪++‬ريب‪ ،‬ب‪++‬ريوت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪2000‬م‪.‬‬

‫‪ -13‬الطاهر لبيب‪ :‬سوسيولوجيا الثقافة‪ ،‬عيون املقاالت‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغ‪+‬رب‪،‬الطبع‪+‬ة‬


‫الثانية سنة ‪1986‬م‪.‬‬

‫‪ -14‬ك‪++‬ارل م‪++‬اركس‪ :‬مساهمة في نقد االقتصــاد السياســي‪،‬ترمجة‪ :‬راش‪++‬د ال‪++‬رباوي‪ ،‬دار‬


‫النهضة العربية‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1969‬م‪.‬‬

‫‪ -15‬ك‪++‬ارل م‪++‬اركس وفردري‪++‬ك أجنل‪++‬ز‪ :‬اإليديولوجيـة األلمانيـة‪ ،‬ترمجة‪ :‬ف‪++‬ؤاد أي‪++‬وب‪ ،‬دار‬
‫دمشق‪ ،‬سورية‪،‬الطبعة األوىل سنة ‪1976‬م‪.‬‬

‫المصادر األجنبية‪:‬‬
‫‪16-Alfred Reginald Radcliffe-Brown: Structure et‬‬
‫‪fonction dans la société primitive, 1968.‬‬

‫‪17-Alven Toffler:The Third Wave (1980) Bantam‬‬


‫‪Books.‬‬

‫‪18-Antonio GRAMSCI, Lettres de la prison (1928-‬‬


‫‪1937). Traduction française par Jean Noaro, 1953.‬‬

‫‪19- Antonio GRAMSCI, Gramsci dans le texte. De‬‬


‫‪l’avant aux derniers écrits de prison (1916-1935).‬‬

‫‪74‬‬
‫ تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬www.alukah.net

Recueil de textes réalisé sous la direction de François


Ricci en collaboration avec Jean Bramant. Textes traduits
de l’Italien par Jean Bramant, Gilbert Moget, Armand
Monjo et François Ricci. Paris: Éditions sociales, 1975.
20- Antonio GRAMSCI, Textes (1917-1934). Édition
réalisée par André Tosel. Une traduction de Jean
Bramon, Gilbert Moget, Armand Monjo, François Ricci
et André Tosel. Paris: Éditions sociales, 1983, 388 pages.
Introduction et choix des textes par André Tosel.
21-Bronisław Kasper Malinowski: Une théorie
scientifique de la culture et autres essais, Maspéro/La
Découverte, 1970.

22-Cary Nelson et Dilip Parameshwar Gaonkar,


Disciplinarity and dissent in cultural studies, éd.
Routledge, 1996.

23-Claude Lévi Strauss: Les structures élémentaires


de la parenté. Ed. P.U.F

24-Claude Lévi-Strauss: Anthropologie structurale,


Paris, Plon, juillet 1958.

75
‫ تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬www.alukah.net

25- Claude Lévi-Strauss: Les Structures élémentaires


de la parenté, Paris, La Haye, Mouton, 1967.
26-Clifford Geertz: The Interpretation of Cultures,
Basic Books, New York, 1973.
27-Clifford Geertz: Bali: Interprétation d'une culture,
Gallimard, 1984.
28-Clifford Geertz:Observer l'islam. Changements
religieux au Maroc et en Indonésie, La Découverte,
1992.
29-Clifford Geertz: Le souq de Sefrou. Sur
l'économie de bazar, 2003.
30-Clifford Geertz, « La description dense. Vers une
théorie interprétative de la culture », Enquête, no 6,
1998.
31- Daniel Bell:The End of Ideology: On the
Exhaustion of Political Ideas in the 1950s (1960)
32-Durkheim, Émile: Les formes élémentaires de la
vie religieuse, Presses Universitaires de France, 5 e
édition, 2003

76
‫ تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬www.alukah.net

33-Edgar Morin: L’individualité de l’homme, In


Philosophie, les Interrogations contemporaines, Fayard
1980.

34-E. E. Evans-Pritchard. Les Nuer. Description des


modes de vie et des institutions politiques d'un
peuple nilote, texte original publié en 1940. Trad. de
l'anglais par Louis Evrard, 1968, Gallimard.

35- Even-Zohar (Itamar), « Polysystem Studies »,


numéro special de Poetics Today, vol. 11, no 1, 1990.
36-Philippe Descola.Par-delà nature et culture, Paris,
Gallimard, « Bibliothèque des sciences humaines », 2005.

37-Francis Fukuyama, La Fin de l'histoire et le


Dernier Homme, Paris, Flammarion, coll. Histoire,
1992

38-Françoise Héritier-Augé et Élisabeth Copet-Rougier


(édition et présentation), Les Complexités de
l'alliance, Vol. I, Les Systèmes semi-complexes,
Montreux, Gordon and Breach Science Publishers ;
Paris, Éditions des Archives contemporaines, 1990.

77
‫ تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬www.alukah.net

39- Franz Boas: Race, Language and Culture (1940),


New York, Maxmillan.
40-Guy Rocher: Introduction à la sociologie
générale, Montréal (Québec), Canada, Éditions
H.M.H., 1968-1969.
41- Karl Mannheim (1929), Idéologie et utopie (Une
introduction à la sociologie de la connaissance. Paris:
Librairie Marcel Rivière et Cie, 1956.
42-K. Marx & F. Engels, Études philosophiques,
Paris, 1961.
43-Louis ALTHUSSER: “Idéologie et appareils
idéologiques d’État. (Notes pour une recherche).”
Article originalement publié dans la revue La Pensée, no
151, juin 1970. In ouvrage de Louis Althusser,
POSITIONS (1964-1975), pp. 67-125. Paris: Les
Éditions sociales, 1976.
44-M. Mauss: Essai sur le don. Forme et raison de
l'échange dans les sociétés archaïques (1925),
Introduction de Florence Weber, Quadrige/Presses
universitaires de France, 2007.
45-Merton, Robert K: Social theory and social
structure.Glencoe, Free Press, 1957.

78
‫ تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬www.alukah.net

46-Parsons, Talcott: The social System.tavistock,


London, 1952.
47- Pierre Bourdieu, Le Sens pratique, Paris, Les
Éditions de Minuit, coll. « Le sens commun », 1980.
48-Ralph Linton: Le Fondement culturel de la
personnalité, Paris: Dunod, 1977 ; traduction de The
Cultural Background of Personality.
49- Raymond Aron: L'Opium des intellectuels, Paris,
Calmann-Lévy, 1955.
50- Samuel Huntington, Le Choc des civilisations,
Éditions Odile Jacob, Paris, 1997.
51-T.Kuhn: La structure des révolutions
scientifiques, 1970.

:‫المقاالت‬
،3455:‫دد‬++ ‫ الع‬،‫ موق ــع الح ــوار المتم ــدن‬،)‫ان‬++ ‫ور اإلنس‬++ ‫(ظه‬:‫المة‬++ ‫ين س‬++ ‫د الغ‬++ ‫ عب‬-52
،‫م‬13/08/2011
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=271173
،‫ موقع محمد سبيال‬،)‫ (اإلسالم وحتديات احلداثة‬:‫ حممد سبيال‬-53
http://www.mohamed-sabila.com/maqal12.html

79
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫الفهرس‬
‫اإله ـ ــداء ‪2..........................................................................‬‬
‫امل ـق ــدم ـ ــة ‪3.........................................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مفهوم الثقافة وما يتعل ــق هبا ‪5..........................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬الثقافة لغ ــة واصطالحا ‪5...............................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الفــرق بني احلضــارة والثقافــة ‪10........................................‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬مفه ــوم املثاقف ــة ‪11...................................................‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬مفه ــوم املثق ــف ‪13....................................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬منابع الثقافة ومصادرها ‪14............................................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬أنــواع الثقافــة ‪16.....................................................‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬نش ــأة الثقافـ ــة ‪17.....................................................‬‬
‫املبحث اخلامس‪ :‬نظريات الثقافة ومقارباهتا املنهجية ‪26................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬املقارب ــة األنرتوبولوجية للثقافــة ‪26......................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬املقــارب ــة التارخيية ‪29...................................................‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬املقارب ــة البنيوية ‪29...................................................‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬املقاربة البنيوية الوظيفية ‪31............................................‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬املق ــاربة السوسيولوجية ‪35...........................................‬‬
‫املطلب السادس‪ :‬املقارب ــة السيكولوجية ‪37............................................‬‬

‫‪80‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫املطلب السابع‪ :‬املق ــاربة التأويلية ‪39..................................................‬‬


‫املطلب الثامن‪ :‬املقاربة اإليديولوجية ‪40...............................................‬‬
‫املبحث السادس‪ :‬حمددات الثقافـ ــة ‪47.................................................‬‬
‫املبحث السابع‪ :‬التغي ــر الثقاف ــي ‪49....................................................‬‬
‫املبحث السابع‪ :‬اضمحــالل الثقاف ــة ‪65................................................‬‬
‫املبحث الثامن‪ :‬مفاهي ــم ومصطلحات ثقافي ــة ‪67.......................................‬‬
‫اخلامت ــة ‪69..........................................................................‬‬
‫ثبت املص ــادر واملراجــع ‪71...........................................................‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫الس ـ ــيرة الذاتي ـ ــة‪:‬‬

‫‪ -‬مجيل محداوي من مواليد مدينة الناظور (املغرب)‪.‬‬

‫‪ -‬حاصل على دبلوم الدراسات العليا سنة ‪1996‬م‪.‬‬

‫‪ -‬حاصل على دكتوراه الدولة سنة ‪2001‬م‪.‬‬

‫‪ -‬حاصل على إجازتني‪:‬األوىل يف األدب العريب‪ ،‬والثانية يف الشريعة والقانون‪.‬‬

‫‪ -‬أستاذ التعليم العايل باملركز اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين بالناظور‪.‬‬

‫‪ -‬أستاذ األدب العريب‪ ،‬ومناهج البحث الرتبوي‪ ،‬واإلحصاء الرتبوي‪ ،‬وعلوم الرتبية‪،‬‬
‫والرتبية الفنية‪ ،‬واحلضارة األمازيغية‪ ،‬وديداكتيك التعليم األويل‪...‬‬

‫‪-‬أديب ومبدع وناقد وباحث‪ ،‬يشتغل ضمن رؤية أكادميية موسوعية‪.‬‬

‫‪ -‬حصل على جائزة مؤسسة املثقف العريب (سيدين‪/‬أسرتاليا) لعام ‪2011‬م يف النقد‬
‫والدراسات األدبية‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫‪ -‬حاصل على جائزة ناجي النعمان األدبية سنة‪2014‬م‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس الرابطة العربية للقصة القصرية جدا‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس املهرجان العريب للقصة القصرية جدا‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس اهليئة العربية لنقاد القصة القصرية جدا‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس اهليئة العربية لنقاد الكتابة الشذرية ومبدعيها‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مجعية اجلسور للبحث يف الثقافة والفنون‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس خمترب املسرح األمازيغي‪.‬‬

‫‪ -‬عضو اجلمعية العربية لنقاد املسرح‪.‬‬

‫‪-‬عضو رابطة األدب اإلسالمي العاملية‪.‬‬

‫‪ -‬عضو احتاد كتاب العرب‪.‬‬

‫‪-‬عضو احتاد كتاب اإلنرتنت العرب‪.‬‬

‫‪-‬عضو احتاد كتاب املغرب‪.‬‬

‫‪ -‬من منظري فن القصة القصرية جدا وفن الكتابة الشذرية‪.‬‬

‫‪ -‬خبري يف البيداغوجيا والثقافة األمازيغية‪.‬‬

‫‪ -‬ترمجت مقاالته إىل اللغة الفرنسية واللغة الكردية‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫‪ -‬شارك يف مهرجانات عربية عدة يف كل من‪ :‬اجلزائر‪ ،‬وتونس‪ ،‬ومصر‪ ،‬واألردن‪،‬‬


‫والسعودية‪ ،‬والبحرين‪ ،‬والعراق‪ ،‬واإلمارات العربية املتحدة‪...،‬‬

‫‪ -‬مستشار يف جمموعة من الصحف واجملالت واجلرائد والدوريات الوطنية والعربية‪.‬‬

‫‪ -‬نشر العديد من املقاالت الورقية احملكمة وغري احملكمة‪ ،‬وعددا ال حيصى من املقاالت الرقمية‪.‬‬
‫وله (‪ )120‬كتاب‪ ،‬وأكثر من تسعني كتابا رقميا منشورا‪.‬‬

‫‪ -‬ومن أهم كتبه‪ :‬الشذرات بني النظرية والتطبيق‪ ،‬والقصة القصرية جدا بني التنظري والتطبيق‪،‬‬
‫والرواية التارخيية‪ ،‬تصورات تربوية جديدة‪ ،‬واإلسالم بني احلداثة وما بعد احلداثة‪ ،‬وجمزءات‬
‫التكوين‪ ،‬ومن سيميوطيقا الذات إىل سيميوطيقا التوتر‪ ،‬والرتبية الفنية‪ ،‬ومدخل إىل األدب‬
‫السعودي‪ ،‬واإلحصاء الرتبوي‪ ،‬ونظريات النقد األديب يف مرحلة مابعد احلداثة‪ ،‬ومقومات القصة‬
‫القصرية جدا عند مجال الدين اخلضريي‪ ،‬وأنواع املمثل يف التيارات املسرحية الغربية والعربية‪ ،‬ويف‬
‫نظرية الرواية‪ :‬مقاربات جديدة‪ ،‬وأنطولوجيا القصة القصرية جدا باملغرب‪ ،‬والقصيدة الكونكريتية‪،‬‬
‫ومن أجل تقنية جديدة لنقد القصة القصرية جدا‪ ،‬والسيميولوجيا بني النظرية والتطبيق‪ ،‬واإلخراج‬
‫املسرحي‪ ،‬ومدخل إىل السينوغرافيا املسرحية‪ ،‬واملسرح األمازيغي‪ ،‬ومسرح الشباب باملغرب‪،‬‬
‫واملدخل إىل اإلخراج املسرحي‪ ،‬ومسرح الطفل بني التأليف واإلخراج‪ ،‬ومسرح األطفال باملغرب‪،‬‬
‫ونصوص مسرحية‪ ،‬ومدخل إىل السينما املغربية‪ ،‬ومناهج النقد العريب‪ ،‬واجلديد يف الرتبية والتعليم‪،‬‬
‫وببليوغرافيا أدب األطفال باملغرب‪ ،‬ومدخل إىل الشعر اإلسالمي‪ ،‬واملدارس العتيقة باملغرب‪،‬‬
‫وأدب األطفال باملغرب‪ ،‬والقصة القصرية جدا باملغرب‪،‬والقصة القصرية جدا عند السعودي علي‬
‫حسن البطران‪ ،‬وأعالم الثقافة األمازيغية‪...‬‬

‫‪ -‬عنوان الباحث‪ :‬مجيل محداوي‪ ،‬صندوق الربيد‪ ،1799‬الناظور‪ ،62000‬املغرب‪.‬‬

‫‪ -‬اإلمييل‪Hamdaouidocteur@gmail.com:‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫‪Jamilhamdaoui@yahoo.fr‬‬

‫الغ ــالف الخارجـ ــي‬

‫ترتبط الثقافة بسياقها االجتماعي واملعريف واحلضاري‪.‬أي‪ :‬هناك عملي‪+‬ة تب‪+‬ادل وتفاع‪+‬ل بني‬
‫الثقاف ‪++‬ة واجملتم ‪++‬ع؛ فالثقاف ‪++‬ة ت ‪++‬ؤثر يف اجملتم ‪++‬ع‪ ،‬واجملتم ‪++‬ع ي ‪++‬ؤثر يف الثقاف ‪++‬ة‪ .‬ويع ‪++‬ين ه ‪++‬ذا كل ‪++‬ه أن‬
‫الثقاف‪++‬ة تعكس خمتل‪++‬ف الص‪++‬راعات والتطاحن‪++‬ات والتناقض‪++‬ات اجلدلي‪++‬ة ال‪++‬يت توج‪++‬د يف اجملتم‪++‬ع‬
‫على مجيع األصعدة واملستويات‪ ،‬س‪+‬واء أك‪+‬انت سياس‪+‬ية أم اجتماعي‪+‬ة أم ديني‪+‬ة أم فكري‪+‬ة‪...‬‬
‫ومن مث‪ ،‬تع‪++‬رب الثقاف‪++‬ة عن واقعه‪++‬ا أو معادهلا املوض‪++‬وعي بطريق‪++‬ة انعكاس‪++‬ية مباش‪++‬رة كم‪++‬ا ه‪++‬و‬
‫احلال يف الكتاب ‪++‬ات الواقعي ‪++‬ة الس ‪++‬اذجة‪ ،‬أو بطريق ‪++‬ة مادي ‪++‬ة جدلي ‪++‬ة مبفه ‪++‬وم ك ‪++‬ارل م ‪++‬اركس(‬
‫‪ ،)Karl Marx‬أو بطريق‪++ + + +‬ة متاثلي‪++ + + +‬ة متوازي‪++ + + +‬ة (‪ )Homologie‬مبفه‪++ + + +‬وم لوس‪++ + + +‬يان‬
‫كولدمان(‪.)Lucien Goldmann‬‬

‫املؤلف‪ :‬مجيل محداوي‬

‫الكتاب‪ :‬سوسيولوجي ــا الثقاف ــة‬

‫الطبعة األوىل ‪2016‬م‬


‫‪85‬‬
‫‪ www.alukah.net‬تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫حقوق الطبع حمفوظة للمؤلف‬

‫‪86‬‬

You might also like