You are on page 1of 2

‫اللغة العربية وتحديات العصر الحاضر في ظل العولمة‬

‫اللغة العربية حتظى مبكانة مرموقة بني لغات العامل‪،‬باعتبارها اللغة األم ملا يربو على مائة وستني‬
‫مليونا من املسلمني والعرب من جانب‪ ،‬وآخر‪ ،‬أهنا اللغة املقدسة ملا يربو على ألف مليون مسلم‬
‫يف مجيع أحناء العامل‪ ،‬فهي اللغة األم لسكان العريب‪ ،‬واللغة الثانية‪ 6‬لسكان العامل اإلسالمي‪ 6،‬وثالث‬
‫لغات العامل من حيث سعة انتشارها وسعة مناطقها‪ ،‬وإحدى اللغات الست اليت تكتب‪ 6‬هبا وثائق‬
‫األمم املتحدة‪ ،‬إهنا اللغة اليت اختارها اهلل لينزل هبا أفضل كتبه على أفضل رسله‪ .‬وبالتايل فهي‬
‫إحدى اللغات احلية واملتفاعلة‪ 6‬مع باقي لغات الشعوب واألجناس واحلضارات‪.‬‬
‫أضف إىل ذلك أن ” اليونسكو”‪ 6‬قد اعتمدت يوم ‪ 18‬ديسمرب من كل عام‪ ،‬يوما عامليا للغة‬
‫العربية‪ ،‬وأقرت أن هذه اللغة يتحدث هبا اثنان‪ 6‬وعشرون عضوا‪ 6‬من الدول األعضاء‪ 6‬يف ”‬
‫اليونسكو”‪ 6‬وهي لغة رمسية يف املنظمة‬
‫ومما ال شك فيه أن اللغة تؤدي دورا مهما يف حياة األمم وتارخيها حبيث هي ماضيها وحاضرها‬
‫ومستقبلها وصورهتا وفكرها وروحها ومصريها‪ .‬وال وجود ألمة بغري وجود اللغة إذ يتم هبا‬
‫التواصل بني أبناء اجملتمع‪ ،‬وعن طريقها يكتسب الناس خرباهتم ومهاراهتم‪ ،‬وتنمو معارفهم‪،‬‬
‫ويرتبطون فيما بينهم‪ ،‬وبرتاثهم‪ 6‬وحضاراهتم‪ ،‬ويتواصلون‪ 6‬مع ركب احلضارة والتطور‪.‬‬

‫وبأخذ االعتبار ألمهية اللغة العربية قد أورد بعض العلماء األجانب أقواال عن أمهية اللغة العربية‬
‫ومكانتها يف اجملتمعات‪ ،‬حيث قال الفرنسي إرنست رينان‪ ”:‬اللغة العربية بدأت فجأة على غاية‬
‫من الكمال‪ ،‬وهذا أغرب ما وقع يف تاريخ البشر‪ ،‬فليس طفولة وال شيخوخة”‪ ،‬أما األملاين فريتاغ‬
‫فقال فيها‪ ”:‬اللغة العربية أغىن لغات العامل”‬
‫البحث يف حتديات العصر احلاضر للغة العربية له أمهية قصوى‪،‬وذلك بأسباب تالية‪:‬‬
‫• السبب‪ 6‬األول يعود إىل الدين احلنيف‪ ،‬فهذه اللغة وعاء للفكر اإلسالمي عرب مخسة عشر قرنا من‬
‫الزمان‪ ،‬وهي الوسيلة ألداء العبادات وخباصة الصلوات اخلمس وتالوة القرآن الكرمي‪.‬‬
‫• والسبب‪ 6‬الثاين يعود اىل أن اللغة العربية هلا وظيفة اجتماعية‪ ،‬فهي اليت نتواصل بواسطتها ‪،‬‬
‫واحلفاظ عليها هو السبيل لبقاء التالحم القومي بني الناطقني هبا‪.‬‬
‫الذي هو مفخرة لنا‪ ،‬وال نستطيع التواصل معه إال من خالل اللغة العربية‪.‬‬
‫• والسبب‪ 6‬الرابع هو سبب إنساين‪ ،‬فاللغة العربية ثروة ثقافية لإلنسانية‪ 6‬قاطبة‪،‬وقد استفادت منها‬
‫اللغات األخرى كالعربية والفرنسية‪ 6‬واإلجنليزية‪ ،‬واندثار هذه اللغة أو اضمحالهلا معناه ذهاب‬
‫وال ميكن لنا أن ننسى بأن اللغة العربية هي لغة كل موضوع وعلم وفن‪ ،‬وهذه هي ميزهتا الكربى‬
‫ال تتضمنها أي لغة أخرى‪ .‬وهي لغة املدن والتمدن ويف الوقت نفسه لغة الصحراء‪ ،‬أفهل نسيتم‬
‫داراحلكمة يف بغداد؟ وهل نسيتم ما كتبه اجلاحظ يف فنون عديدة مل يكتشفها الغرب إال بعد ألف‬
‫سنة؟ والطب والصيدلة والرياضيات وشروح أرسطو وعلم الفلك وعلم االجتماع وفلسفة‬
‫التاريخ…‪ .‬اخل‪.‬‬
‫أمل تكن تكتب‪ 6‬بالعربية اليت أوجدت هلا التعابري املناسبة؟ واليوم‪ 6‬لقد أوجدت أمساء عديدة‬
‫الخرتاعات كثرية‪ 6.‬إن أمثال كلمات النفاثة‪ ،‬والصاروخ‪ ،‬والدبابة‪ ،‬والغواصة‪ 6،‬واهلاتف‪ ،‬واحملرك‪،‬‬
‫والطائرة‪ ،‬والطاقة الكهربائية‪ ،‬والطاقة النووية وغريها‪ .‬أليست هذه بكلمات عربية مائة باملائة ؟‬
‫وقد عرض الدكتور حممد حسني ما تشمل التحديات الداخلية‪ ،‬وهي عنده ثالثة‪:‬‬
‫‪ .1‬منها ما يتعلق بإصالح النحو والقواعد‬
‫‪ .2‬ومنها ما يتعلق باخلط العريب‬
‫‪ .3‬ومنها ما يتعلق باألدب العريب‬
‫وحينما حنن على وشك انتهاء اخلطابة‪ ،‬خنص بالذكر بأن اللغة العربية دائما واجهت التحديات‬
‫من أول يومها إىل يومنا هذا‪ ،‬فالتحديات ختتلف يف شكلها وصورهتا‪ ،‬ولكن املواجهة‪ 6‬كانت قوية‬
‫يف كل عصر‪.‬‬
‫أما اليوم‪ ،‬يف عصر العوملة ‪،‬تقع املسوؤلية على أرباب اللغة ومستخدميها أن يتعلموا من جتارب‬
‫األمم املتقدمة‪ 6‬لغة وثقافة وأوجدوا سبال ووسيلة للغة العربية أن تنال مكانتها احلقيقية‪ 6‬من خالل‬
‫التمسك بثوابتهم الثقافية وقيمهم الدينية وشخصيهم القومية وخصائصهم النفسية واإلجتماعية‬
‫حيث ال ميكن اقتالع جذورهم‪.‬‬
‫ويف اخلتام حيلو يل أن أختم خطابيت بكلمات ما قاهلا الزعيم اهلندي الشهري املهامتا غاندي‪ ” :‬ال‬
‫أريد أن يكون‪ 6‬منزيل حماطا باجلدران من مجيع اجلوانب‪ 6‬ونوافذي مسدودة‪ ،‬أريد أن هتب ثقافات‬
‫كل األرض مبحاذاة منزيل وبكل حرية‪ ،‬لكين أرفض أن يقتلعين أحد من جذوري”‬

You might also like