Professional Documents
Culture Documents
رﻗﻢ اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ:
اﻟﺮﻗﻢ اﻟﺘﺴﻠﺴﻠﻲ:
2
آﯾـــــﺔ
ﺎت َرﺑﱢﻲ
ن اﻟْﺒَ ْﺤ ُﺮ ﻣِﺪَادًا ﻟِﻜَﻠِﻤَ ِ
ﻗـُﻞْ ﻟَ ْﻮ ﻛَﺎ َ ﴿
َﺎت َرﺑﱢﻲ َوﻟَ ْﻮ ِﺟﺌْﻨـَﺎ
أَن ﺗَﻨْﻔَﺬَ ﻛَﻠِﻤ ُ
ﻟَﻨَﻔِﺬَ اﻟْﺒَ ْﺤ ُﺮ ﻗَْﺒـﻞَ ْ
ﺑِﻤِ ْﺜـﻠِﻪِ ﻣَﺪَدًا﴾
) اﻟﻜﮭﻒ ( 109 /
3
دﻋــــــﺎء
اﻟﻠّﻬﻢّ ﺑﻚ أﺳﻠﻤﺖ و ﺑﻚ آﻣﻨﺖ و ﻋﻠﻴﻚ ﺗﻮﻛّﻠﺖ
4
إﻫـ ــﺪاء
إﻟﻰ اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ اﻟﻌﺰﻳﺰﻳﻦ ،ﻳﻨﺒﻮع اﻟﺮﺣﻤﺔ و اﻟﺤﻨﺎن.
إﻟﻰ إﺧﻮﺗﻲ و أﺧﻮاﺗﻲ اﻷﻋﺰاء.
إﻟﻰ ﻗﺮة ﻋﻴﻨﻲ وﻧﻮر ﺣﻴﺎﺗﻲ اﺑﻨﺘﻲ اﻟﻐﺎﻟﻴﺔ أﻣﺎﻧﻲ آﻻء اﻟﺮﺣﻤﺎن.
إﻟﻰ ﺟﺪﺗﻲ اﻟﻌﺰﻳﺰة.
إﻟﻰ اﻟﺬي ﺳﺎﻧﺪﻧﻲ و دﻋﻤﻨﻲ ﻣﻨﺬ أن ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻜﺮة
ﻣﺠﺮدة إﻟﻰ أن أﺻﺒﺢ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ،إﻟﻰ رﻓﻴﻖ درﺑﻲ و ﺷﺮﻳﻚ
ﺣﻴﺎﺗﻲ ،إﻟﻰ زوﺟﻲ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﺮﻫﺎن ﻓﺸﻜﺮا و أﻟﻒ ﺷﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻤﻚ و
رﺣﺎﺑﺔ ﺻﺪرك و ﺳﻌﺔ ﺻﺒﺮك.
إﻟﻰ ﺧﻠﻮد و ﻳﺎﺳﻤﻴﻦ.
إﻟﻰ ﺟﻤﻴﻊ أﺳﺎﺗﺬﺗﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎﻧﺪوﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺸﻮاري اﻟﺪراﺳﻲ.
إﻟﻰ زﻣﻼﺋﻲ و زﻣﻴﻼﺗﻲ.
إﻟﻴﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ أﻫﺪي ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ.
آﻣﻨﺔ
5
ﻣﻘﺪﻣﺔ.
6
ﺗﻌد اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻣﺑﺣﺛﺎ ﻣن ﻣﺑﺎﺣث اﻟدراﺳﺎت اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطورت إّﺑﺎن اﻟﺳﺑﻌﯾﻧﯾﺎت ﻣن اﻟﻘرن
اﻟﻌﺷرﯾن ،و ﻗد ظﻬرت ﻓﻲ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ و ﻗﺎﻣت ﻋﻠﻰ أﻧﻘﺎض اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ ،وﯾﻬﺗم ﻫذا
اﻟﻣﺑﺣث ﺑدراﺳﺔ ﻛﯾﻔﯾﺔ ﻓﻬم اﻟﻧﺎس ﺑﻌﺿﻬم ﺑﻌﺿﺎ و ﺑطرﯾﻘﺔ إﻧﺗﺎﺟﻬم ﻟﻔﻌل ﺗواﺻﻠﻲ أو ﻓﻌل ﻛﻼﻣﻲ ﻓﻲ إطﺎر ﻣوﻗف
ﻛﻼﻣﻲ ﻣﻠﻣوس و ﻣﺣدد ﯾﺗم ﻣن ﺧﻼﻟﻪ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻐﺎﺿﻰ ﻋﻧﻬﺎ ﻋﻠم اﻟدﻻﻟﺔ ﻓﺎﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑﻬذا اﻟﻣﻌﻧﻰ
اﻟﻛﻼﻣﻲ ،ﻟﻬذا رﻛزت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ وﻣراﻗﺑﺔ اﻵﺛﺎر اﻟدﻻﻟﯾﺔ اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﻣوﻗف اﻟدﻻﻟﻲ.
ﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﯾُﻌ ّد اﻟدرس اﻟﺗداوﻟﻲ ﺛرﯾﺎ ﺟدا وذﻟك ﺑﻣﺎ ﯾﻘدّﻣﻪ ﻣن إﺟراءات ﻋﻣﻠﯾﺔ ،ﺳواء ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى
اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻐوي اﻟطﺑﯾﻌﻲ أو ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺧطﺎب اﻷدﺑﻲ؛ ﺣﯾث ﺗﻣدّد ﻫذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺣﺔ واﺳﻌﺔ ﻣن
ﻣﺳﺎﺣﺎت اﻟدرس اﻟﻠﻐوي اﻟﺣدﯾث و اﻣﺗد ﻟﯾﺗﺻل ﺑدراﺳﺎت أﺧرى ﻟﻬﺎ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣﻧطق و اﻟﺳﯾﻣﯾﺎء وﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ و ﻏﯾرﻫﺎ.ﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﻧﺻل إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻗد ﺷﻛﻠت ﻣرﺣﻠﺔ ﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺳﺎر اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت
و ﻫﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻲ دﺷﻧﻬﺎ " ﻫﯾﻣس " " " Hymesﻋﺎﻟم اﻷﺟﻧﺎس اﻷﻣرﯾﻛﻲ وذﻟك ﺑﺷﻧﻪ ﻫﺟوﻣﺎ ﻋﻧﯾﻔﺎ ﻋﻠﻰ
اﻟﺗﺻور اﻟﺗﺟرﯾدي اﻟذي اﻧﺣﺻر ﻓﯾﻪ اﻟﺑﺣث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ ﺳواء ﻣﻊ راﺋد اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ " دوﺳوﺳﯾر " " F. De
" saussureاﻟذي ﺣﺻر ﻣوﺿوع ﺗﻧظﯾرﻩ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ دون اﻟﻛﻼم ،أو ﺻﺎﺣب اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗوﻟﯾدﯾﺔ اﻟﺗﺣوﯾﻠﯾﺔ "
ﺗﺷوﻣﺳﻛﻲ " " " N.Chomeskyاﻟذي ﻗﺻر ﻣوﺿوع ﺗﻧظﯾرﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﻘدرة اﻟﻠﻐوﯾﺔ دون اﻟﻛﻼم أو اﻷداء اﻟﻔﻌﻠﻲ.
و ﻫﻛذا اﻓﺗﺗﺢ " ﻫﯾﻣس " و ﻋﻠﻣﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎع ﻣن ﺑﻌدﻩ اﺗﺟﺎﻫﺎ ﺟدﯾدا ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﺻﺑﺢ ﯾﻌرف
و ﺑﻬذا اﻻﻧﺗﻘﺎل اﻟﻣﺷﻬور ﻟـ " ﻫﯾﻣس " أﻋﯾد اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻟﻠﻧظرﯾﺎت اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ دﺧﻠت ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت
ﺑﻘوة ﻧﺣو ﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ Théorie des actes de parolesاﻟﺗﻲ ﺗرﻛز ﺑدورﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣرﺟﻊ اﻟﻌﻼﻣﺔ
اﻟﻠﻐوﯾﺔ أو اﻟﻣﻛون اﻟﺗداوﻟﻲ composant pragmatiqueﻟﻠﻛﻠﻣﺔ أو اﻟﺟﻣﻠﺔ أو اﻟﻧص اﻟذي أﺻﺑﺢ ﻣﺿﺑوطﺎ
7
ﺑوظﺎﺋف ﺗداوﻟﯾﺔ ﻣﺣددة ﺗرﺗﺑط ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﻗﺎت وﺑطﺑﻘﺎت ﻣﻘﺎﻣﯾﺔ وﺑﺷﺑﻛﺔ ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣﺛل اﻟﻌﻼﻗﺎت
و ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻫﻲ ﻣﺑﺣث ﻟﺳﺎﻧﻲ ﺟدﯾد ﻟﻛن اﻟﺑﺣث ﻓﯾﻬﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾؤرخ ﻟﻪ ﻣﻧذ اﻟﻘدﯾم ﺣﯾث ﻋرف
اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب ﻓﻲ اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻓﻛرة اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﺣدﯾث وﻧﺎﻗﺷوﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣﻣﺎ وﺻﻠﻧﺎ ﻣن
ﺗراﺛﻬم وﻫم إو ن ﻟم ﯾؤﺻﻠوا ﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑﻠﻔظﻪ إﻻ أﻧﻬم ﺗواﻓروا ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣﺎ ﺗﻬﺗم ﺑﻪ ﻣن ﻣظﺎﻫر ﻟﻐوﯾﺔ ﺗﻧﺑﺛق
ﻣن ﺳﯾﺎﻗﺎت اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻐوي اﻟداﺋرة ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﺧﺎطب اﻟﻔﻌﻠﻲ،ﻛﻣﺎ ﺗرﺟﻣوا ﻟﻣﺑﺎﺣث ﻛﺛﯾرة ﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺎب
اﻟﺧﺑر و اﻹﻧﺷﺎء .وﻟم ﯾﻛن اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻣﺛﺎر اﻫﺗﻣﺎم اﻟﻠﻐوﯾﯾن ﻣن اﻟﻧﺣﺎة وﻋﻠﻣﺎء اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻓﺣﺳب ،ﺑل اﻋﺗﻧﻰ
وﺗﻌد " ﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ " أﻫم ﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ؛ ﺣﯾث إن دراﺳﺔ ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل وﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﻪ
اﻟﻣﺗﻛﻠﻣون ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﻣن ﺗﺄﺛﯾر وﺗﺑﻠﯾﻎ إو ﻧﺟﺎز أﻓﻌﺎل ﺗﻌ ّد ﻣن أﻫم ﻣﺟﺎﻻت اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ،وذﻟك
ﺑوﺻﻔﻬﺎ ﺗﻣﺛل اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺻﻐرى اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌﯾن ﺗﺣﻠﯾﻠﻬﺎ واﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ ﻗﺑل اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﻛﺑرى اﻟﺗﻲ
و أﻫم ﻣﺎ ﺳﺄرﻛز ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻫو إﺳﻘﺎط ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻧص ﻗرآﻧﻲ وﻗد اﺧﺗرت " ﺳورة
اﻟﻛﻬف " ﻟﻛﺛرة أﺳﺎﻟﯾب اﻟﺣوار ﻓﯾﻬﺎ وﺗﻧوﻋﻬﺎ واﺧﺗﻼﻓﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﯾن اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺧﺑرﯾﺔ و اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ﺑوﺻﻔﻬﺎ
ﺗﻣﺛل ﻣﺟﺎﻻ ﺛرﯾﺎ ﯾﺗﻧﺎﺳب واﻟدراﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺄﺟرﯾﻬﺎ ﻣﻌﺗﻣدة ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘراء ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل و وﺻﻔﻬﺎ و ﺗﺣﻠﯾﻠﻬﺎ ،ﺛم إﺑراز
ﻓﻲ ﻫذا اﻹطﺎر ﯾﻧدرج ﻣوﺿوﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻣﺎ ﻫو ﻣﺟﺳد ﻓﻲ اﻟﻌﻧوان اﻵﺗﻲ :اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺳورة اﻟﻛﻬف:
دراﺳﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ،وﺳﺄﺣﺎول ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺑﺣث اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗﺳﺎؤﻻت اﻟﺗﻲ ﺗُﺿﻔﻲ ﺑﻌﺿﺎ ﻣن اﻟﻐﻣوض ﻋﻠﻰ
اﻟﻣوﺿوع ﻣن ﻣﺛل:
ﻣﺎ ﻫﻲ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ أدّت إﻟﻰ ظﻬور ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺷﻛّﻠت ﻣﻧﻌرﺟﺎ ﻟﺳﺎﻧﯾﺎ ﺟدﯾدا ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ
اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت؟
8
ﻣﺎ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ؟ وﻛﯾف ﺗﺳﻬم ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻل ؟
ﻛﯾف ﻧﺗﺟﻧب اﻟﻐﻣوض واﻹﺑﻬﺎم ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻل ؟ وﻫل اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣرﻓﻲ ﻟﻣﻠﻔوظ ﻣﺎ ﻛﺎف ﻟﺗﺣدﯾد
ﻣﻘﺻدﻧﺎ ﻣن اﻟﻛﻼم ؟
ﺳﺄﺣﺎول اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن ﻫذﻩ اﻷﺳﺋﻠﺔ وﻏﯾرﻫﺎ وﺗوﺿﯾﺣﻬﺎ ﺑﺷﻲء ﻣن اﻟﺗﺣﻠﯾل واﻟﺗﻔﺳﯾر ﺧﻼل ﻫذا اﻟﺑﺣث.
وأﻣﺎ ﻋن ﺳﺑب اﺧﺗﯾﺎري ﻟﻬذا اﻟﻣوﺿوع ﻓﯾﻛﻣن ﻓﻲ رﻏﺑﺗﻲ ﻓﻲ اﺳﺗﻘ ارء و ﺗﻌﻠﯾل ﻟﻛل ﻣﺎ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻬذا اﻟﻣﺟﺎل
اﻟﺧﺻب ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ اﻟﻬدف اﻟﻣرﺟو وﻫو إزاﻟﺔ ﺷﻲء ﻣن اﻟﻐﻣوض ﻋﻧﻪ و اﻟﺗﻌﻣق أﻛﺛر ﻓﺄﻛﺛر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل و
ذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻛﺷف ﻋن أﻫﻣﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ ﻫذا ﻣن ﺟﻬﺔ ،و ﻣن ﺟﻬﺔ
أﺧرى إﺳﻘﺎط ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل ﻋﻠﻰ ﻧص ﻣن اﻟﻧﺻوص اﻟﻘرآﻧﯾﺔ ) ﺳورة اﻟﻛﻬف ( ﺑﻬدف اﻟرﺑط ﺑﯾن اﻟدرس اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ
اﻟﺗداوﻟﻲ و اﻟﺗراث ،وﻫذا ﻣن ﺧﻼل ﺗﻘﺻﻲ ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل واﺳﺗﺧراﺟﻬﺎ ودراﺳﺗﻬﺎ ﺑﺷﻲء ﻣن اﻟوﺻف واﻟﺗﺣﻠﯾل.
وﻗد اﻋﺗﻣدت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟوﺻﻔﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ وﻫو اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟﻬذﻩ اﻟدراﺳﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟذي ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﻣن
اﺳﺗﻘﺻﺎء اﻟﺣﻘﺎﺋق ووﺻﻔﻬﺎ وﺗﺣﻠﯾﻠﻬﺎ وﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻋﺗﻣﺎدي أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ اﻟذي ﺳﯾﺳﺎﻋد
وﻗد وﺿﻌت ﺧطﺔ ﺗﻣﻛﻧﻧﻲ ﻣن اﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﺑﺣث و ﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف اﻟﻣرﺟوة ﻣﻧﻪ؛ ﺣﯾث
ﻗﺳﻣت اﻟﻌﻣل إﻟﻰ ﻣدﺧل ﺗﻣﻬﯾدي وﻓﺻﻠﯾن ،ﯾﻧطوي ﺗﺣت ﻛل ﻓﺻل ﻣﺑﺣﺛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻵﺗﻲ:
ﻣدﺧل ﺗﻣﻬﯾدي :واﻟﻣوﺳوم ﺑـ :ﻣﻔﻬوم اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻧﺷﺄﺗﻬﺎ وﺗطورﻫﺎ :ﻫو دراﺳﺔ ﻧظرﯾﺔ ﺳﺄﺣﺎول
ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﺎﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،وﯾﻧدرج ﺗﺣﺗﻪ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌﻧﺎﺻر أﺳﻬﻣت ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻧظري
اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻣﻌﺟﻣﻲ واﻻﺻطﻼﺣﻲ ﻟﻠﺗداوﻟﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺗراث اﻟﻌرﺑﻲ و اﻟدرس اﻟﻐرﺑﻲ .
9
ﻧﺷﺄة اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ و ﺗطورﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ وﻓﻲ ﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﺑﺣث اﻟﻠﻐوي اﻟﻐرﺑﻲ.
ﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﺗﺣدﺛت ﻋن أﻫم اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﺗﻲ ﺷﻛّﻠت ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ.
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻟﻣﻌﻧون ﺑـ :ﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ :و ﻫو دراﺳﺔ ﻧظرﯾﺔ ﺟﺎءت ﻓﻲ ﻣﺑﺣﺛﯾن:
أﻣﺎ اﻟﻣﺑﺣث اﻷول :ﻓﻘد اﻫﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ﺿﻣن ظﺎﻫرة اﻟﺧﺑر و
اﻹﻧﺷﺎء.
و أﻣﺎ اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻓﻘد اﺧﺗص ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن أﺻول ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﺑﺣث اﻟﻠﻐوي اﻟﻐرﺑﻲ
اﻟﻣﻌﺎﺻر ،ﺣﯾث ﻗﻣت ﺑﺎﻟﺑﺣث و اﻟﺗﻘﺻﻲ ﻋن اﻟﺧﻠﻔﯾﺔ اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻣﻧذ أن ﻛﺎﻧت
ﻣﺟرد أﻓﻛﺎر طرﺣﻬﺎ " أوﺳﺗﯾن " ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺣﺎﺿرات إﻟﻰ أن ﻗُوﻣت ﻫذﻩ اﻷﻓﻛﺎر و ﻋدّﻟت و
أﺻﺑﺣت ﻧظرﯾﺔ أﺳﺎﺳﯾﺔ ﯾرﺗﻛز ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗداوﻟﻲ و ذﻟك ﺑﻔﺿل ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻣن ﺑﯾﻧﻬم "
ﺳورل ".
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﻣوﺳوم ﺑـ :اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺳورة " اﻟﻛﻬف " :وﻫو دراﺳﺔ ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﺟﺎءت ﻫﻲ
أﻣﺎ اﻟﻣﺑﺣث اﻷول :ﻓﻘد اﻫﺗم ﺑﺗﺣدﯾد اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻌﺎم أو اﻟﺳﯾﺎق اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟﺳورة " اﻟﻛﻬف " ﻣن ﺧﻼل ﺑﻌض
اﻟﺗﻔﺎﺳﯾر اﻟﻣوﺿﺣﺔ ﻷﺳﺑﺎب اﻟﻧزول و ﻣﻛﺎﻧﻪ ،وﺗﺣدﯾد اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ ﻟﻠﺳورة و ذﻟك ﺑﺗﻌﯾﯾن اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت
اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﯾﻬﺎ وﺿﺑط ﻣﻛﺎﻧﻬﺎ و زﻣﺎﻧﻬﺎ ﻋن طرﯾق ﺗوﺿﯾﺢ ﻣﻛوﻧﺎت اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺳورة وﻓﻘﺎ
ﻟﻣﺧطط " ﺟﺎﻛﺑﺳون " " " Jakobsonاﻟﺗﺑﻠﯾﻐﻲ ،ﺣﯾث اﻋﺗﻣدت ﻋﻠﻰ ﻣﺧطط ﺗوﺿﯾﺣﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ
10
ﺗﺣدﯾد اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻌﺎم ﻟﻶﯾﺎت ) ﻣن ﺧﻼل أﺳﺑﺎب اﻟﻧزول (.
ﺗﺣدﯾد اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﻲ ﻋن طرﯾق ﺗوﺿﯾﺢ اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت واﻷﻣﻛﻧﺔ واﻷزﻣﻧﺔ اﻟﺗﻲ دارت
اﻟﻔﻌل اﻹﺳﻧﺎدي أو اﻟﻧﺣوي اﻟذي ﯾوﺿﺢ ﻟﻧﺎ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ.
اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي اﻟذي ﺳﺄﺣدد ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﻧوﻋﯾﺔ اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ )اﺳﺗﻔﻬﺎم ،أﻣر ﻧﻬﻲ و
ﻏﯾرﻫﺎ (.
وأﻣﺎ اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻓﻘد ﺧﺻﺻﺗﻪ ﻟﻠﺣدﯾث ﻋن :أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﺗداوﻟﻲ ودورﻩ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻل ،و
ﯾﻧدرج ﺗﺣت ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌﻧﺎﺻر أﺳﻬﻣت ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﻧظرﯾﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺣﺎوﻟت ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ إﺑراز
أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎق أﺛﻧﺎء ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ،وذﻟك ﻋن طرﯾق ﺿﺑط اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻌﺟﻣﻲ واﻻﺻطﻼﺣﻲ ﻟﻠﺳﯾﺎق
وﺗﺣدﯾد أﻧواﻋﻪ ،اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎق واﻟﺗﻔﺎﻋل وﺑﯾن اﻟﻧص واﻟﺳﯾﺎق ،ﺿﺑط اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻘرآﻧﻲ ﻟﻔﻬم
و أﺧﯾ ار ذﯾﻠت اﻟﺑﺣث ﺑﺧﺎﺗﻣﺔ ﺿﻣّﻧﺗﻬﺎ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺣﺻل ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﺧرﺟت ﺑﻬﺎ ﻣن ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ.
و ﻗد اﻋﺗﻣد اﻟﺑﺣث ﺑﻛل ﻓﺻوﻟﻪ ﻣﺻﺎدر وﻣراﺟﻊ ﻛﺛﯾرة ﻟﻌل ﻣن أﻫﻣﻬﺎ ﻣﺻدرﯾن أﺳﺎﺳﯾن ﻗد أﻟﻬﻣﺎ اﻟﺑﺣث ﻣﺻدر
داﺧﻠﻲ ﻣﺟﺳد ﻓﻲ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻣﺎ وﺟدﺗﻪ ﻓﻲ :ﻣﻔﺗﺎح اﻟﻌﻠوم ﻟـ" اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ " و اﻹﯾﺿﺎح ﻓﻲ ﻋﻠوم
اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻟـ" اﻟﻘزوﯾﻧﻲ " و اﻟﺑﯾﺎن و اﻟﺗﺑﯾﯾن ﻟـ" اﻟﺟﺎﺣظ " و اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ ﻟـ " أﺣﻣد ﺑن ﻓﺎرس" واﻹﺗﻘﺎن ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﻘرآن
ﻟـ" اﻟﺳﯾوطﻲ " ،و ﻣﺻدر ﺧﺎرﺟﻲ ﻣﻣﺛﻼ ﻓﻲ :اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟوظﯾﻔﯾﺔ ﻟـ" أﺣﻣد اﻟﻣﺗوﻛل " و ﻓﻲ أﺻول اﻟﺣوار و
ﺗﺟدﯾد ﻋﻠم اﻟﻛﻼم ﻟـ" طﻪ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن " و ﻓﻲ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻟـ " ﺧﻠﯾﻔﺔ ﺑوﺟﺎدي ".
11
ﻛﻣﺎ اﻋﺗﻣدت ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣراﺟﻊ اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ واﻟرﺳﺎﺋل اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ وﺑﻌض اﻟﻣﻘﺎﻻت اﻟﻣﺑﺛوﺛﺔ ﻓﻲ اﻟدورﯾﺎت
و ﻗد واﺟﻬﺗﻧﻲ ﺑﻌض اﻟﺻﻌوﺑﺎت أﺛﻧﺎء اﻟﺑﺣث ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ ﺿﯾق اﻟوﻗت و ﺻﻌوﺑﺔ اﻟﺗرﺟﻣﺔ ﻋن اﻟﻣﺻﺎدر
اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ وﻗﻠﺔ اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺧدم ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ،وﻟﻛن ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻧﻲ
أﻗف ﻓﻲ وﺟﻪ ﻫذﻩ اﻟظروف و ﻏﯾرﻫﺎ و أﺗﺣدى ﻛل ﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﻪ أن ﯾﻌﯾق ﻫذا اﻟﺑﺣث ﻫو ﺣﺑﻲ و ﻟﻬﻔﺗﻲ ﻟﻠﺑﺣث و
ﻓﻲ اﻷﺧﯾر أرﺟو ﻣن اﷲ ﻋز وﺟل أن أﻛون ﻗد وﻓﻘت ﻓﯾﻣﺎ ﺳﻌﯾت إﻟﯾﻪ ﺧﻼل ﺑﺣﺛﻲ اﻟﻣﺗواﺿﻊ و أن ﺗﻛون
دراﺳﺗﻲ ﺣﺎﻓ از ﻟدراﺳﺎت أﺧرى ﺗﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﺎ ﻓﺎﺗﻧﻲ ﻣن ﺟواﻧب أﺧرى ﻣﻬﻣﺔ ،و ﺣﺳﺑﻲ أﻧﻧﻲ ﺣﺎوﻟت وﺧﺿت ﻫذﻩ
اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺑﺟد وﺻﺑر و ﺻدق ﻓﺈن أﺧطﺄت ﻓﻣﻧﻲ و إن أﺻﺑت ﻓﺑﺗوﻓﯾق ﻣن اﷲ.
و ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻣﺎ ﺗوﺻﻠت إﻟﯾﻪ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺑﺣث ﻛﺎن ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺣوارات ﻋﻣﯾﻘﺔ و ﺗوﺟﯾﻬﺎت ﺻﺎرﻣﺔ ﻣن
اﻟدﻛﺗورة " زﻫﯾرة ﻗروي " اﻟﺗﻲ ﺗوﻟّت ﻣﻬﻣﺔ اﻹﺷراف ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻌﻣل ﻣذ ﻛﺎن ﻓﻛرة ﺣﺗﻰ وﺻل إﻟﻰ ﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ
اﻟﯾوم ،ﻓﺈﻟﯾﻬﺎ أﺗﻘدم ﺑﺎﻟﺷﻛر اﻟﺧﺎﻟص ﻓﻘد ﻛﺎن ﻟﻣﻼﺣظﺎﺗﻬﺎ اﻟدﻗﯾﻘﺔ و ﺗﺷﺟﯾﻌﻬﺎ اﻟﻣﺳﺗﻣر و روﺣﻬﺎ اﻟطﯾﺑﺔ و اﻟﻣرﺣﺔ
ﻛﻣﺎ أﺗﻘدم ﺑﺎﻟﺷﻛر و اﻻﻣﺗﻧﺎن إﻟﻰ أﺳﺗﺎذي ﺳﺎﺑﻘﺎ و أﺑدا اﻟدﻛﺗور " ﯾﺣﻲ ﺑﻌﯾطﯾش " اﻟذي ﻟم ﯾﺑﺧل ﻋﻠﻲ
و ﻻ أﻧﺳﻰ أن أﺗﻘدم ﺑﺷﻛري إﻟﻰ أﻋﺿﺎء ﻟﺟﻧﺔ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻋﻠﻰ طول ﺻﺑرﻫم وﺗﺣﻣﻠﻬم ﻋﻧﺎء ﻗراءة ﻫذا اﻟﺑﺣث و
12
ﻣﺪﺧﻞ ﺗﻤﻬﻴﺪي:
اﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎت اﻟﺘﺪاوﻟﻴﺔ:
ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ،ﻧﺸﺄﺗﻬﺎ و
ﺗﻄﻮرﻫﺎ.
13
ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻣدﺧل اﻟﺗﻣﻬﯾدي:
14
-1ﻣﻔﻬوم اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻟﻐﺔ واﺻطﻼﺣﺎ:
ُﯾﻌ ّد ﻣﻔﻬوم اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻣن أﻫم اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﺣدﯾﺛﺔ اﻟﺗﻲ ﺷدّت اِﻧﺗﺑﺎﻩ اﻟدارﺳﯾن واﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻘود
اﻟﺛﻼﺛﺔ اﻷﺧﯾرة ،ﻓﺗﺿﺎرﺑت اﻵراء ﺣول ﺗﺣدﯾد ﻫذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﺑﺳﺑب اِﺧﺗﻼف اﻟﻣذاﻫب ووﺟﻬﺎت اﻟﻧظر ﻓﯾﻪ ،إذ
ﻟﯾس ﻣن اﻟﯾﺳﯾر أن ﻧﺿﻊ إطﺎ ار ﻧظرﯾﺎ ﻣﻘﻧﻌﺎ ﻟﻠﺗداوﻟﯾﺔ ،1ﻓﻘد ﺣﺎول اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟدارﺳﯾن واﻟﺑﺎﺣﺛﯾن أن ﯾؤﺳﺳوا ﻟﻬﺎ
أط ار ﻣﻌرﻓﯾﺔ ﻏﯾر أن ﺗﺷﻌب ﻣﻧطﻠﻘﺎﺗﻬﺎ اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﺟﻌل وﺟﻬﺎت اﻟﻧظر ﻓﯾﻬﺎ ﺗﺧﺗﻠف وﺗﺗﺿﺎرب ،ﻓﻬﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﻔﺗرق
طرق اﻟﺑﺣث اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ واﻟﻠﺳﺎﻧﻲ ﺣﯾث ﺗﻠﺗﻘﻲ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت واﻟﻣﻧطق واﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺎت وﻋﻠم اﻟﻧﻔس وﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع .2وﺗﺷﯾر
إﻟﻰ ذﻟك " ﻓراﻧﺳواز أرﻣﯾﻧﻛو" " "Françoise Armingaudﻓﻲ ﻗوﻟﻬﺎ " :ﻟﯾﺳت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ درﺳﺎ ﻣﻧﻛﻔﺋﺎ ﻋﻠﻰ
ﻧﻔﺳﻪ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺻدر ﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻬﺎ ﻓﻲ اِﺗﺟﺎﻫﺎت ﻣﺗﻌددة ...ﺑل ﺗﺗدﺧل ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ داﺧﻠﯾﺔ ﻟﻠﻔﻠﺳﻔﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻠﻬم
اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ...وﻧﻛﺎد ﻧرى ﺟﯾدا ،ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ،إﻟﻰ أي ﺣد ﺗﻛون اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻣﻔﺗرق طرق ﻏﻧﯾﺔ ﻟﺗداﺧل-
اِﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻠﺳﺎﻧﯾّﯾن ،اﻟﻣﻧﺎطﻘﺔ ،اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾّﯾن ،اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ،اﻟﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾّﯾن و اﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﯾّﯾن ﻓﻧظﺎم اﻟﺗﻘﺎطﻌﺎت ﻫو
3
ﻧظﺎم ﻟﻺﻟﺗﻘﺎءات و ﻟﻺﻓﺗراﻗﺎت ".
وﻧظ ار ﻟﻼﻫﺗﻣﺎم اﻟﻛﺑﯾر اﻟذي ﺗوﻟﯾﻪ اﻷﺑﺣﺎث اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣﺻطﻠﺢ وﺿرورة ﺗﺣدﯾدﻩ ﻟﻣﺎ ﻟﻪ ﻣن دور ﻓﻌّﺎل ﻓﻲ
ﺑﻧﺎء اﻟﻧظرﯾﺎت واﻟﻣﻧﺎﻫﺞِ ،ارﺗﺄﯾت أن أﺟﻣﻊ ﺑﻌض اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم ﻟﺿﺑط ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ
واﻻﺻطﻼﺣﯾﺔ أﯾﺿﺎ ،ﻷن " اﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﻫو ﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣراد إﺑﻼﻏﻬﺎ ،واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺿﺑط
4
أﻧﺳﺎﻗﻬﺎ ".
1
اﻟﺗوزﯾﻊ -رﯾم ) ﻓرﺣﺎن ﻋودة اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ ( :ﺑراﺟﻣﺎﺗﯾﺔ اﻟﻠﻐﺔ و دورﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾل ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻛﻠﻣﺔ ،دار اﻟﯾﺎزوري اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر و
ص.5 )ﻋﻣّﺎن ،اﻷردن( ،دط،2008 ،
2
-ﻋﻠﻲ ) آﯾت أوﺷﺎن ( :اﻟﺳّﯾﺎق و اﻟﻧص اﻟﺷﻌري ﻣن اﻟﺑﻧﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻘراءة ،دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ )اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء
اﻟﻣﻐرب ( ،ط ،2000 ،1ص ص.57 ،56
3
-ﻓراﻧﺳواز ) أرﻣﯾﻧﻛو ( :اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﺳﻌﯾد ﻋﻠواش ،ﻣرﻛز اﻹﻧﻣﺎء اﻟﻘوﻣﻲ )اﻟرﺑﺎط(،1986 ،ص ص.11 ،10
4
-اﻟﺳﯾﺎق واﻟﻧص اﻟﺷﻌري ﻣن اﻟﺑﻧﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻘراءة ،ص.11
15
-1.1اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻠﻐوي ﻟﻠﺗداوﻟﯾﺔ:
اﻟﺣرْب
ﯾرﺟﻊ اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﻓﻲ أﺻل ِااﺷﺗﻘﺎﻗﻪ إﻟﻰ ﻣﺎدة ) َد َو َل ( ﻓـ " :اﻟد ْﱠوﻟَﺔُ واﻟدﱡوﻟَﺔُ :اﻟ ُﻌﻘْﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎل و َ
ﱡو ُل واﻟدﱡوﻟَﺔ ،ﺑﺎﻟﺿم ﻓﻲ اﻟﻣﺎل ،ﯾﻘﺎل :ﺻﺎر اﻟﻔﻲء دُوﻟَﺔ ﺑﯾﻧﻬم َﯾﺗَ َد َاوﻟُوَﻧﻪُ ﻣَرﱠة ﻟﻬذا وﻣرة ﻟﻬذا .ﻗﺎل
اﻟد ْﱠوﻟَﺔ واﻟﺟﻣﻊ اﻟد َ
ُداوﻟُﻬﺎ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس وﺗَ َد َاوﻟَﺗﻪ اﻷَﯾدي أَﺧذﺗﻪ ﻫذﻩ ﻣرﱠة وﻫذﻩ
َت اﻷَﯾﺎ ُم أَي دارت ،واﷲ ﯾ ِ
أَﻧﻪ وﻗﻊ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎل ،وَداﻟ ِ
َداوﻻً ﺑﻌد
ِن ﺗَ َد َاوﻟُوا اﻷَﻣر ﺑﯾﻧﻬم ﯾﺄﺧذ ﻫذا دَوﻟﺔ وﻫذا دَوﻟﺔ ،وﻗوﻟﻬم َدواﻟَﯾْك أَي ﺗ ُ
ْك ﻣ ْ
ﻣرﱠة ...اﺑن اﻷﻋراﺑﻲ :ﯾﻘﺎل َدواﻟَﯾ َ
5
ﺗَ َد ُاو ٍل ".
واﻟﻣﻼﺣظ ﻫﻧﺎ أن اﻟﻠﻔظ ورد ﻋﻧد ﻛل ﻣن " :اﻟﺟوﻫري " و" ﺳﯾﺑوﯾﻪ " و" اﺑن اﻷﻋراﺑﻲ " ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟدوران
واﻟﺗﻌﺎﻗب ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻲء واﻧﺗﻘﺎﻟﻪ ﻣن ﺷﺧص إﻟﻰ آﺧر أو ﻣن ﻣﻛﺎن إﻟﻰ ﻣﻛﺎن ،ﺑﻌد أن ﻛﺎن ﻣﺳﺗﻘ ار وﺛﺎﺑﺗﺎ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن
ﻣﻌﯾن.
وﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﻘﺎﯾﯾس اﻟﻠﻐﺔ أن " :اﻟدال واﻟواو واﻟﻼم أﺻﻼن :أﺣدُﻫﻣﺎ ﯾد ﱡل ﻋﻠﻰ ﺗﺣوﱡل ﺷﻲ ٍء ﻣن ﻣﻛﺎن إﻟﻰ
ﻣﻛﺎن وﻣن ﻫذا اﻟﺑﺎب ﺗَ َد َاو َل اﻟﻘوُم اﻟﺷّﻲ َء ﺑﯾﻧَﻬم :إذا ﺻﺎر ﻣن ﺑﻌﺿﻬم إﻟﻰ ﺑﻌض".6
5
-أﺑو اﻟﻔﺿل ﺟﻣﺎل اﻟدّﯾن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﻛرم ) اﺑن ﻣﻧظور ( :ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﺎﻣر أﺣﻣد ﺣﯾدر ،راﺟﻌﻪ :ﻋﺑد اﻟﻣﻧﻌم
ﺧﻠﯾل إﺑراﻫﯾم ،ﻣﻧﺷورات ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﯾﺿون ،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط ،2005 ،1اﻟﻣﺟﻠّد ،6ص.350
6
-أﺣﻣد ) اﺑن ﻓﺎرس ( :ﻣﻘﺎﯾﯾس اﻟﻠﻐﺔ ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ﻣﺣﻣد ﻫﺎرون ،دار اﻟﺟﯾل ) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،دط ،دت ،اﻟﻣﺟﻠد،2
ص.314
16
و ورد ﻟﻔظ " ﺗداول " ﻋﻧد " ﺣﻧّﺎ ﻏﺎﻟب " ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻧﺎوب ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻲء ﺣﯾث ﯾﻘول " :وﻧﺎوﺑﻪ وداوﻟﻪ وﻏﺎﯾرﻩ:
7
َاوﻟُوﻩ ".
َﺎوﺑُوا ﻋﻠﻰ اﻷﻣر وﺗَد َ
وﯾﻘﺎل ﺗَﻧ َ
8
ُل ".
ﺑﻌد ﺗَدَاو ٍ
ﻓﺎﻟﺗداول ﻫﻧﺎ ﺟﺎء ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﺣول ﻣن ﻣﻛﺎن إﻟﻰ ﻣﻛﺎن ﺗﺎرة ،واﻟﺗﻌﺎﻗب ﻋﻠﻰ أﻣر ﻣﺎ ﺗﺎرة أﺧرى.
َال اﷲُ
َ◌ َ◌ َ◌ َ◌د َ
ال اﻟﺷﻲ َء إدَاﻟَﺔ ﺟﻌﻠﻪ ُﻣﺗَ َد َاوﻻً ،وأ َ
َ◌ َد َ
أﻣّﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺟم " اﻟﻧﻔﺎﺋس اﻟوﺳﯾط " ﻓﺎﻟﺗداول ﻣن ﻗوﻟﻧﺎ " :أ َ
ﺑﻧﻲ ﻓﻼن ﻣن ﻋدوﱢﻫم :ﻧﺻرﻫم وﻏﻠﱠﺑﻬم ﻋﻠﯾﻪ وﻧزع اﻟدوﻟﺔ ﻣﻧﻪ وﺣوﱠﻟﻬﺎ إﻟﯾﻬمَ .د َاو َل اﷲ ُ◌اﻷّﯾﺎم ﺑﯾن اﻟﻧﺎس أي
ﺻرﻓﻬﺎ ﻟﻬؤﻻء ﺗﺎرة وﻟﻬؤﻻء أﺧرى " 9وﻟﻘد ورد ﻟﻔظ اﻟﺗداول ﻫﻧﺎ ﺑﻣﻌﻧﻰ اِﻧﺗﻘﺎل اﻟﻣﻠك أو اﻟﻣﺎل ﻣن ﺷﺧص إﻟﻰ آﺧر،
ﱠ
ﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم ﻧﺧﻠص إﻟﻰ أن " اﻟﺗداوﻟﯾﺔ " وردت ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﺟم اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ:
وﻻ ﺗﻛﺎد اﻟﻣﻌﺎﺟم اﻷﺧرى ﺗﺧرج ﻋن ﺳﯾﺎق ﻫذﻩ اﻟدﻻﻻت ،وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﯾﻘول" ﺧﻠﯾﻔﺔ ﺑوﺟﺎدي ":
" وﻣﺟﻣوع ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ :اﻟﺗﺣول واﻟﺗﻧﺎﻗل :اﻟذي ﯾﻘﺗﺿﻲ وﺟود أﻛﺛر ﻣن ﺣﺎل ،ﯾﻧﺗﻘل ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ اﻟﺷﻲء وﺗﻠك ﺣﺎل
ﻣﺗﺣو ِ◌ﻟﺔ ﻣن ﺣﺎل ﻟدى اﻟﻣﺗﻛﻠم إﻟﻰ ﺣﺎل أﺧرى ﻟدى اﻟﺳﺎﻣﻊ وﻣﺗﻧﻘﻠﺔ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﯾﺗداوﻟوﻧﻬﺎ ﺑﯾﻧﻬم ،وﻟذﻟك
ُ اﻟﻠﻐﺔ؛
7
دط، -ﺣﻧّﺎ ) ﻏﺎﻟب ( :ﻛﻧز اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ :ﻣوﺳوﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺗرادﻓﺎت واﻷﺿداد واﻟﺗﻌﺎﺑﯾر ،ﻓﻬرس اﻷﻟﻔﺎظ ،ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻟﺑﻧﺎن ﻧﺎﺷرون
دت ،ص.4
8
دار َﺻر اﻟﻬُورﯾﻧﻲ اﻟﻣﺻري اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ
-ﻣﺟد اﻟدﯾن ﻣﺣﻣد ﺑن ﯾﻌﻘوب ) اﻟﻔﯾروز أﺑﺎدي ( :اﻟﻘﺎﻣوس اﻟﻣﺣﯾط ،ﺗﺣﻘﯾق :أﺑو اﻟوﻓﺎ ﻧ ُ
اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺣدﯾث ) اﻟﻘﺎﻫرة ،اﻟﻛوﯾت ،اﻟﺟزاﺋر ( ،دط ،دت ،ص.1014
9
-ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺧﺗﺻﯾن :ﻣﻌﺟم اﻟﻧّﻔﺎﺋس اﻟوﺳﯾط ،إﺷراف :أﺣﻣد أﺑو ﺣﺎﻗﺔ ،دار اﻟﻧﻔﺎﺋس ) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط2007 ،1
ص.402
17
ﻛﺎن ﻣﺻطﻠﺢ )ﺗداوﻟﯾﺔ( أﻛﺛر ﺛﺑوﺗﺎ -ﺑﻬذﻩ اﻟدﻻﻟﺔ -ﻣن اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻷﺧرى اﻟذراﺋﻌﯾﺔ اﻟﻧﻔﻌﯾﺔ ،اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ ...وﻏﯾرﻫﺎ
" 10ﻓﺑﺎﻧﺗﻘﺎل اﻟﻠﻐﺔ ﻣن ﺣﺎل إﻟﻰ ﺣﺎل ﻣن اﻟﻣﺗﻛﻠم إﻟﻰ اﻟﺳﺎﻣﻊ ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗواﺻل اﻟﻠﻐوي.
وردت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﻠﻐوي ﻓﻲ ﺑﻌض اﻵﯾﺎت اﻟﻛرﯾﻣﺔ واﻟﺷﺎﻫد ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
س ﺑِﺎﻹِْ ْﺛ ِﻢ
ِﻦ أَ ْﻣﻮَا ِل اﻟﻨـﱠﺎ ِ
ﻛﻠُﻮا ﻓَﺮِﻳﻘـًﺎ ﻣ ْ
ﻃ ِﻞ َوﺗُ ْﺪﻟُﻮا ﺑِﻬَﺎ إِﻟَﻰ اﻟْ ُﺤﻜﱠﺎ ِم ﻟِﺘَـﺄْ ُ
ﻜ ْﻢ ﺑِﺎ ْﻟﺒـَﺎ ِ
ﻜ ْﻢ ﺑَ ْﻴﻨَ ُ ﴿ وََﻻ ﺗَـﺄْ ُ
ﻛﻠُﻮا أَ ْﻣﻮَاﻟَ ُ
ن ﴾11؛ أي ﻻ ﺗﻠﻘوا ﺑﺄﻣواﻟﻛم إﻟﻰ اﻟﺣﻛﺎم ﻟﺗﺄﻛﻠوﻫﺎ ﺑﺎﻟﺗﺣﺎﻛم ،ﻓﺗدﻟوا ﻣن اﻹدﻻء و"اﻹدﻻء اﻹﻟﻘﺎء؛ أي
وَأَْﻧﺘُ ْﻢ ﺗَ ْﻌﻠَﻤُﻮ َ
إﻟﻘﺎء اﻷﻣوال إﻟﻰ اﻟﺣﻛﺎم ،وﻓﻲ اﻷﺳﺎس أدﻟﯾت دﻟوي ﻓﻲ اﻟﺑﺋر أرﺳﻠﺗﻬﺎ ودﻟوﺗﻬﺎ ﻧزﻋﺗﻬﺎ وﻣن اﻟﻣﺟﺎز دﻟوت ﺣﺎﺟﺗﻲ
12
أي؛ طﻠﺑﺗﻬﺎ ودﻟوت ﺑﻪ إﻟﻰ ﻓﻼن ﺗﺷﻔّﻌت ﺑﻪ إﻟﯾﻪ وأدﻟﻰ ﺑﺣﺟّﺗﻪ أظﻬرﻫﺎ وأدﻟﻰ ﺑﻣﺎل ﻓﻼن إﻟﻰ اﻟﺣﻛﺎم رﻓﻌﻪ "
وﯾﻘول ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ آﺧر ﴿ :ﻣَﺎ أَﻓـَﺎءَ اﻟﻠﱠﻪُ ﻋَﻠَﻰ َرﺳُﻮﻟِِﻪ ﻣ ْ
ِﻦ أَ ْﻫ ِﻞ اﻟْﻘُﺮَى ﻓـَﻠِﻠﱠﻪِ َوﻟِﻠ ﱠﺮﺳُﻮ ِل
ﻛﻢُ
ﻜ ْﻢ َوﻣَﺎ آَﺗـَﺎ ُ
ﻦ اﻷَْ ْﻏﻨِﻴـَﺎءِ ِﻣﻨْ ُ
ن دُوﻟَﺔً ﺑَﻴْ َ
ﻲ َﻻ ﻳَﻜُﻮ َ
ْﻦ اﻟﺴﱠﺒِﻴـ ِﻞ ﻛَ ْ
ِﻴﻦ وَاﺑ ِ
َوﻟِﺬِي ا ْﻟﻘُ ْﺮﺑَﻰ وَاﻟْﻴَﺘـَﺎﻣَﻰ وَاﻟْﻤَﺴَﺎﻛ ِ
10
-ﺧﻠﯾﻔﺔ ) ﺑوﺟﺎدي ( :ﻓﻲ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ :ﻣﻊ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﺄﺻﯾﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدرس اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻘدﯾم ،ﺑﯾت اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻟﻠﻧﺷر
واﻟﺗوزﯾﻊ ) اﻟﻌﻠﻣﺔ ،اﻟﺟزاﺋر ( ،ط ،2009 ،1ص.148
11
-اﻟﺑﻘرة .188 /
12
ﻋﻠﻲ -ﺷﻬﺎب اﻟدﯾن ) اﺑن اﻟﺧﻔﺎﺟﻲ ( :ﻋﻧﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻛﻔﺎﯾﺔ اﻟراﺿﻲ ،ﺿﺑطﻪ وأﺧرﺟﻪ :ﻋﺑد اﻟرزّاق اﻟﻣﻬدي ،ﻣﻧﺷورات
ﺑﯾﺿون ،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط ،1997 ،1اﻟﺟزء ،2ص.476
13
-اﻟﺣﺷر .7/
18
ﯾﺗداول ﻣن اﻷﻣوال .وﻛذا ﻗﺎل " أﺑو ﻋﺑﯾدة " " :اﻟدﱞوﻟﺔ اﺳم اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾٌﺗداول .واﻟدﱠوﻟﺔ اﻟﻔﻌل .وﻣﻌﻧﻰ اﻵﯾﺔ:
14
ﻓﻌﻠﻧﺎ ذﻟك ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻔﺊ ،ﻛﻲ ﻻ ﺗﻘﺳﻣﻪ اﻟرؤﺳﺎء واﻷﻏﻧﯾﺎء واﻷﻗوﯾﺎء ﺑﯾﻧﻬم دون اﻟﻔﻘراء واﻟﺿﻌﻔﺎء ".
ﻦ
ْﻚ اﻷَْﻳـﱠﺎمُ ﻧُﺪَاوِﻟُﻬَﺎ ﺑَﻴْ َ
ﻗَﺮحٌ ﻣِ ْﺜـﻠُﻪُ َوﺗِﻠ َ
ﺲ اﻟْﻘَ ْﻮمَ ْ وﻗﺎل أﯾﺿﺎ ﻋز وﺟل ﴿ :إ ْ
ِن ﻳَ ْﻤﺴَ ْﺴﻜٌﻢٌ ﻗَ ْﺮحٌ ﻓَﻘَ ْﺪ ﻣَ ﱠ
15
ﺐ اﻟﻈﱠﺎﻟِﻤِﻴﻦ َ◌﴾.
ﻜﻢٌ ﺷُ َﻬﺪَاءَ وَاﻟﻠﱠﻪُ َﻻ ﻳُِﺤ ﱡ
ﻦ آَﻣَﻨُﻮا َوﻳَﺘﱠِﺨﺬَ ِﻣﻨْ ُ
س َوﻟِﻴَ ْﻌﻠَﻢَ اﻟﻠﱠﻪُ اﻟﱠﺬِﻳ َ
اﻟﻨـﱠﺎ ِ
إن اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﻣداوﻟﺔ " :ﻧﻘل اﻟﺷﻲء ﻣن واﺣد إﻟﻰ آﺧر ،ﯾﻘﺎل :ﺗداوﻟﺗﻪ اﻷﯾدي إذا ﺗﻧﺎﻗﻠﺗﻪ وﻣﻧﻪ
ﯾﻘول" اﻟﻘﻔّﺎل ّ
أي ﺗﺗداوﻟوﻧﻬﺎ وﻻ ﺗﺟﻌﻠون ﻟﻠﻔﻘراء ﻣﻧﻬﺎ ﻧﺻﯾﺑﺎً، ﴿ ﻛ ْﻲ ﻻ ﻳَﻜُﻮ َن دُوﻟَﺔَ ﺑَﻴْ َﻦ اﻻ ْﻏﻨِﻴـَﺂءِ ﻣِﻨ ُﻜ ْﻢ ﴾ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
وﯾﻘﺎل :اﻟدﻧﯾﺎ دول ،أي ﺗﻧﺗﻘل ﻣن ﻗوم إﻟﻰ آﺧرﯾن ،ﺛم ﻋﻧﻬم إﻟﻰ ﻏﯾرﻫم ،وﯾﻘﺎل :دال ﻟﻪ اﻟدﻫر ﺑﻛذا إذا ِاﻧﺗﻘل إﻟﯾﻪ،
واﻟﻣﻌﻧﻰ أن أﯾﺎم اﻟدﻧﯾﺎ ﻫﻲ ُدول ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﻻ ﯾدوم ﻣﺳﺎرﻫﺎ وﻻ ﻣﺿﺎرﻫﺎ ،ﻓﯾوم ﯾﺣﺻل ﻓﯾﻪ اﻟﺳرور ﻟﻪ واﻟﻐم ﻟﻌدوﻩ،
16
وﯾوم آﺧر ﺑﺎﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ،وﻻ ﯾﺑﻘﻰ ﺷﻲء ﻣن أﺣواﻟﻬﺎ وﻻ ﯾﺳﺗﻘر أﺛر ﻣن آﺛﺎرﻫﺎ ".
واﻟﻣﻼﺣظ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل أن ﻟﻔظ " اﻟﺗداوﻟﯾﺔ " وﻣﺷﺗﻘﺎﺗﻪ اِﺳﺗﻌﻣل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺗﻐﱡﯾر ﺣﺎل اﻟﻘوم ﻣن ﺣﺎل
إﻟﻰ ﺣﺎل ،أو اِﻧﺗﻘﺎل اﻟﻣﻠك ﻣن ﻗوم إﻟﻰ ﻗوم ،أو اﻟﺗﻌﺎﻗب واﻟﺗﻧﺎوب ﻋﻠﻰ أﻣر ﻣﺎ ،وﻛل ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﻧﻠﻣس ﻣن
ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋدم اﻟﺛﺑوت واﻻﺳﺗﻘرار واﻟﺗﺣول ﻛﻣﺎ ﻫو اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻐﺔ ،ﺣﯾث ﺗﻧﺗﻘل ﻣن اﻟﻣﺗﻛﻠم إﻟﻰ اﻟﺳﺎﻣﻊ ﻓﻲ ﺳﯾﺎق
ﻣﺎ ،ﯾﻣﻛن أن ﯾُﻔﻬم أو ﯾُؤوّل إﻟﻰ ﻋدة ﻣﻌﺎﻧﻲ وﺑذﻟك ﯾﻛون اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻏﯾر ﺛﺎﺑت وﻣﺗﺣوّل وﻏﯾر ﻣﺳﺗﻘر ﺑﯾن ﺑﺎﺛﻪ
وﻣﺗﻠﻘﯾﻪ.
14
-أﺑو ﻋﺑد اﷲ ﻣﺣﻣد اﻷﻧﺻﺎري ) اﻟﻘرطﺑﻲ ( :اﻟﺟﺎﻣﻊ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘرآن ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﺑد اﻟﻌﻠﯾم اﻟﺑردوﻧﻲ ،دم ،دط 1963 ،اﻟﺟزء،18
ص.19
15
-آل ﻋﻣران .140 /
16
-ﻣﺣﻣد ﻓﺧر اﻟدﯾن ) اﻟرّازي ( :ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻔﺧر اﻟرّازي اﻟﻣﺷﺗﻬر ﺑﺎﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﻛﺑﯾر وﻣﻔﺎﺗﯾﺢ اﻟﻐﯾب ،دار اﻟﻔﻛر) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،دط،
دت ،اﻟﻣﺟﻠد ،5اﻟﺟزء ،9ص.16
19
: اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﺟم اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ-3.1.1
ُﻋ ﱠد ﻟﻔظ " اﻟﺗداوﻟﯾﺔ " ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﺗﻲ وُﺿﻌت ﻟﺿﺑطﻪ ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﺎﺟم اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ أﻧﻪ
،" ﻟدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔCharles Morris " ﻣﻧﺑﺛق ﻣن اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟذي وﺿﻌﻪ ﻋﺎﻟم اﻟﺳﯾﻣﯾﺎء " ﺷﺎرل ﻣورﯾس
Patrick " " ﻫو ﻣﻘﺗﺑس ﻣن ﻣﻌﺟم " ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺧطﺎب " " ﻟﺑﺎﺗرﯾك ﺷﺎرودو: اﻟﻧص اﻷول
" ﺣﯾث ﯾرى ﻛل ﻣنDominique Maingueneau " " " و " دوﻣﻧﯾك ﻣﺎﻧﻐﯾﻧوCharaudeau
20
qui s’intéresse aux relations des signes avec leurs utilisateurs ,à leur
" 17
emploi et à leurs effets.
ﺗرﺟﻣﺗﻪ:
اﻟﺗداوﻟﯾﺔ :ﻣﻔﻬوم ﯾﺳﺗﻌﻣل " اﺳﻣﺎ " ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺗﻌﻣل " ﺻﻔﺔ " " ﻣﻧظور ﺗداوﻟﻲ ذو ﻗﯾﻣﺔ ﻣﺗﻣﯾزة " :ﯾﻣﻛن ﻟـ ":
اﻟﺗداوﻟﯾﺔ " أن ﺗُﻌرﱠف ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻓرع ﻣن اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت أو أﻧﻬﺎ ﺗﯾﺎر دراﺳﻲ ﻟﻠﺧطﺎب ،ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﺗُﻌرﱠف وﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ
ﻛﺗرﻛﯾﺑﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻛﻼم ...اﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻛﺻﻔﺔ ﯾﻣﻛن ﻟﻬﺎ أن ﺗﻬﺗم ﺑﻣُﻛوّن ﻛﻼﻣﻲ ،ﻣُﻛوّن ﺳﯾﻣﯾﺎﺋﻲ وﻣُﻛوّن
ﺗرﻛﯾﺑﻲ ،وﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم ﻧﺎﺑﻊ ﻣن اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟﺛﻼﺛﻲ ﻟـ ) ﻣورﯾس ( 1938ﻟﻠﻐﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻟذي ﯾﻣﯾز ﺑﯾن ﺛﻼث
اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺗداوﻟﻲ :اﻟذي ﯾﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﺑﻣﺳﺗﻌﻣﻠﯾﻬﺎ وﺑﻣﺟﺎﻻت اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ وﺑﻧﺗﺎﺋﺟﻬﺎ.
وﺧﻼﺻﺔ ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف أن اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ُﻋدّت ﻓرﻋﺎ ﻣن ﻓروع اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت أوﺗﯾﺎ ار ﯾﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﺧطﺎب ﺑﺻﻔﺔ
ﻋﺎﻣﺔ ،ﻛﻣﺎ أن ﻣﻔﻬوم اﻟﺗداوﻟﯾﺔ اِﻧﺑﺛق ﻣن اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟﺛﻼﺛﻲ ﻟـ" ﻣورﯾس" اﻟذي وﺿﻌﻪ ﺑﻬدف دراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ واِﻋﺗﺑر أن
ﻫذﻩ اﻟﺟواﻧب اﻟﺛﻼﺛﺔ ) اﻟﺗرﻛﯾب واﻟﺳﯾﻣﯾﺎء واﻟﺗداوﻟﯾﺔ ( ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ وﻣﺗداﺧﻠﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ.
وﻓﻲ ﺳﯾﺎق آﺧر ﯾرى ﻛل ﻣن " ﻏرﯾﻣﺎس" " " Greimasو" ﺟوزﯾف ﻛورطﻲ " " "J. Courtésأن اﻟﺗداوﻟﯾﺔ
ﺗﻬدف إﻟﻰ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث وذﻟك ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗواﺻل إو ﻧﺟﺎح اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ ﻛﻛل،
17
-Patrick (Charaudeau), Dominique (Maingueneau): Dictionnaire d’analyse du discours, édition du Seuil,
2002, p 454.
21
: اﻟﻧص اﻟﺛﺎﻧﻲ
:ﺗرﺟﻣﺗﻪ
اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ: ﺗﻬدف إﻟﻰ دراﺳﺔ وﺗوﺿﯾﺢ ﻋواﻣل اﻟﺗواﺻل ) اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺔ ( ﻣﺛﻼ- ﻓﻲ اﻟﻣﻔﻬوم اﻷﻣرﯾﻛﻲ-اﻟﺗداوﻟﯾﺔ
ﻛﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم أن ﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﺧطﺎب ﺗدﺧل ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن ﺧﻠﻔﯾﺎت،ﯾؤﺛر ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺗﺧﺎطﺑون ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺿﻬم اﻟﺑﻌض
اﻟﻣرﺳل إﻟﯾﻪ ( اﻟذﯾن ﯾُﻌﺗﺑرون ﻋواﻣل/اﻟﺑﻌد اﻟﻣﻌرﻓﻲ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺧص اﻟﻘدرة اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ ﻟﻠﻔﺎﻋﻠﯾن اﻟﻣﺗﺣدﺛﯾن) اﻟﻣرﺳل
ﻛﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ أن اﻟﻔﻌل اﻟﺗﺄﺛﯾري ﻟﻪ أﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑرى ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻻﺗﺻﺎل واﻟذي...ﻣؤﺛرة ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻل
ﻓﺎﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑﻬذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﻌل ﺗﺄﺛﯾري ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﻘدرة اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ واﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﺑﯾن،ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﻣراﺣﻠﻬﺎ
18
-Algirdas Julien (Greimas), Joseph (Courtés): linguistique sémiotique: dictionnaire résonné de la
théorie du langage, Hachette, supérieur (paris), 1979, p288.
22
وﻋُرﱢﻓت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ أﯾﺿﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣﻌﺎﺟم اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ دراﺳﺔ ﻟﻠﻐﺔ أﺛﻧﺎء اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻣﻊ اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ
ورﺑطﻪ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎق اﻟذي ورد ﻓﯾﻪ ،وﯾﺑدو ذﻟك ﺟﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧص اﻟﻣﻘﺗﺑس ﻣن ﻣﻌﺟم " أﻛﺳﻔورد ":
اﻟﻧص اﻟﺛﺎﻟث:
" pragmatics (noun, linguistics) : The study of the way in which language is used to
express what’s b really means in particular situations, especially when the actual
words used may appear to mean sth Different.
-Pragmatism: noun (u) (formal) thinking about solving problems in a practical
" and sensible way rather than by having fixed ideas and theories.19
ﺗرﺟﻣﺗﻪ:
اﻟﺗداوﻟﯾﺔ :اﺳم "/اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت " ﻫﻲ ﻋﻠم دراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﻛﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﺗدرس ﻛﯾﻔﯾﺔ اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻐﺔ ﻟﺗُﻌﺑّر ﺑﺻﻔﺔ
واﻗﻌﯾﺔ وﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻋﻣّﺎ ﯾرﯾد أن ﯾﻘول ) ﯾﻘﺻدﻩ ( ﺷﺧص ﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﺧﺎﺻﺔ ) اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ( ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون
وﺗﻌﻧﻲ أﯾﺿﺎ اﻟدﻗّﺔ واﻟﺟدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻟﺣل ﻣﺷﻛﻼت وﻗﺿﺎﯾﺎ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻋﻣﻠﯾﺔ وﺣﺳﺎﺳﺔ ﺑﺧﻼف اﻣﺗﻼك أﻓﻛﺎر
ﺛﺎﺑﺗﺔ وﻧظرﯾﺎت.
ﻓﺎﻟﺗداوﻟﯾﺔ إذن ﻫﻲ دراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ أﺛﻧﺎء اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﺧﻼل ﺳﯾﺎق ﻣﻌﯾن ﯾﻘوم ﺑﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣراد إﺑﻼﻏﻪ ﻟﻠﻣﺗﻠﻘﻲ ،ﻛﻣﺎ
أن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻل ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺗم دون أن ﺗﺗوﻓر ﻋﻧﺎﺻرﻩ أو أطراﻓﻪ وﻫﻲ
19
- Michael (Ashby) : Oxford advanced learner’s dictionary of current English, sixth edition: sally
wehmeier, Oxford university press, 2000, p 990.
23
وﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺳﺗﺧﻠﺻﻪ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت أو اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﻠﻐوﯾﺔ أن اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺗﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ أﺛﻧﺎء اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ
ﺿﻣن ﺳﯾﺎق ﻣﺣدد ،ﻛﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻬﺗم ﺑطرﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺧﺎطﺑﯾﺔ ) اﻟﻣﺗﻛﻠم /اﻟﺳﺎﻣﻊ ( ﻟﻣﺎ ﻟﻬﻣﺎ ﻣن دور ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق
ﺑرزت ﺟﻬود ﺟﺎدة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﻗﻠﺗﻬﺎ ،ﻣن أﻫﻣﻬﺎ ﺟﻬود اﻟﺑﺎﺣث" طﻪ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن " و "
أﺣﻣد اﻟﻣﺗوﻛل " ،ﺣﯾث ﺗرﺟﻊ ﺗرﺟﻣﺔ اﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻷﺟﻧﺑﻲ " " pragmatiquesﺑﺎﻟﺗداوﻟﯾﺎت إﻟﻰ اﻟﺑﺎﺣث اﻟﻣﻐرﺑﻲ"
طﻪ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن " ﺳﻧﺔ ) ،(1970وﯾﻘول ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد " :وﻗﻊ اﺧﺗﯾﺎرﻧﺎ ﻣﻧذ ) (1970ﻋﻠﻰ ﻣﺻطﻠﺢ "
اﻟﺗداوﻟﯾﺎت " ﻣﻘﺎﺑﻼ ﻟﻠﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻐرﺑﻲ" ﺑراﻏﻣﺎﺗﯾﻘﺎ " ﻷﻧﻪ ﯾوﻓﻲ اﻟﻣطﻠوب ﺣﻘﻪ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر دﻻﻻﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﯾﻲ "
اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل " و" اﻟﺗﻔﺎﻋل " ﻣﻌﺎ .وﻟﻘﻲ ﻣﻧذ ذﻟك اﻟﺣﯾن ﻗﺑوﻻ ﻣن ﻟدن اﻟدارﺳﯾن اﻟذﯾن أﺧذوا ﯾدرﺟوﻧﻪ ﻓﻲ أﺑﺣﺎﺛﻬم
" ،20وﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﯾُﻌرّف " طﻪ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن" اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ " :اﻟﺗداول ﻋﻧدﻧﺎ ﻣﺗﻰ ﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ
اﻟﺗراﺛﯾﺔ ،ﻫو وﺻف ﻟﻛل ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣظﻬ ار ﻣن ﻣظﺎﻫر اﻟﺗواﺻل واﻟﺗﻔﺎﻋل ﺑﯾن ﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﺗراث ﻣن ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻧﺎس
وﺧﺎﺻﺗﻬم ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﺟﺎل ،ﻓﻲ ﺳﯾﺎق ﻫذﻩ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ،ﻫو وﺻف ﻟﻛل ﻣﺎ ﻛﺎن ﻧطﺎﻗﺎ ﻣﻛﺎﻧﯾﺎ وزﻣﺎﻧﯾﺎ ﻟﺣﺻول
اﻟﺗواﺻل واﻟﺗﻔﺎﻋل ،ﻓﺎﻟﻣﻘﺻود ﺑـ" ﻣﺟﺎل اﻟﺗداول " ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺗراﺛﯾﺔ ،ﻫو إذن ﻣﺣل اﻟﺗواﺻل واﻟﺗﻔﺎﻋل ﺑﯾن
21
ﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﺗراث" .
20
) -طﻪ ) ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ( :ﻓﻲ أﺻول اﻟﺣوار وﺗﺟدﯾد ﻋﻠم اﻟﻛﻼم ،اﻟﻣرﻛز اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ) اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء ،اﻟﻣﻐرب (
ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط ،2000 ،2ص.27
21
ﻟﺑﻧﺎن -طﻪ ) ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ( :ﺗﺟدﯾد اﻟﻣﻧﻬﺞ ﻓﻲ ﺗﻘوﯾم اﻟﺗراث ،اﻟﻣرﻛز اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ) اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء ،اﻟﻣﻐرب ( ) ،ﺑﯾروت
( ،ط ،2005 ،2ص.244
24
ﻓﺎﻟﺗداول ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﺟﺎء ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗواﺻل واﻟﺗﻔﺎﻋل ،وﻗد ﻗﺳم " طﻪ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن " أﺳﺑﺎب
22
اﻟﺗواﺻل واﻟﺗﻔﺎﻋل إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺑﺎب وﻫﻲ :أﺳﺑﺎب ﻟﻐوﯾﺔ وأﺳﺑﺎب ﻋﻘدﯾﺔ وأﺳﺑﺎب ﻣﻌرﻓﯾﺔ.
وﻓﻲ ﺳﻧﺔ ) (1985ظﻬر ﻣؤﻟف ﻟﻠﺑﺎﺣث اﻟﻣﻐرﺑﻲ " أﺣﻣد اﻟﻣﺗوﻛل " ﺣول اﻟوظﺎﺋف اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑﻌﻧوان" :
اﻟوظﺎﺋف اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ " ،ﺣﯾث ُﻋ ّد ﻣؤﻟﻔﻪ إﻧﺟﺎ از ﺗداوﻟﯾﺎ ﻧﺣوﯾﺎ ﻫﺎﻣﺎ ،أﺳﻬم ﻓﻲ إﺛراء ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ
اﻟدراﺳﻲ،23اﻟذي ﺣﺻر ﻣﺻﺎدر اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﺗداوﻟﻲ اﻟﻠﻐوي اﻟﻌرﺑﻲ ﻋﻧد اﻟﻌرب ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﻧﺣو واﻟﺑﻼﻏﺔ وأﺻوﻟﻪ
وﺗﻔﺳﯾرﻩ وﻛل ﻫذﻩ اﻟﻌﻠوم ﺗؤول إﻟﻰ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟوظﯾﻔﯾﺔ ،إذ ﯾرى أن " إﻧﺗﺎج اﻟﻠﻐوﯾﯾن اﻟﻌرب اﻟﻘدﻣﺎء ،إذا اﻋﺗُﺑر ﻓﻲ
" وظﯾﻔﻲ " ﯾُﺷﻛّل ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن أﻫم ﻣراﺣل ﺗطور ﻣﺟﻣوﻋﻪ ) ﻧﺣوﻩ وﺑﻼﻏﺗﻪ وأﺻوﻟﻪ وﺗﻔﺳﯾرﻩ( درس ﻟﻐوي
24
اﻟﻣﻘﺎرﺑﺎت اﻟوظﯾﻔﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻛر اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ ".
25
داﺧل ﻣﻘﺎﻣﺎت وأوﻟت ﻫذﻩ اﻟﻌﻠوم اﻫﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﺑﯾ ار ﺑدراﺳﺔ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻧﺻﺎ ﺧطﺎﺑﯾﺎ ﻣﺗﻛﺎﻣﻼ
إﻧﺟﺎزﻩ.
ﻋرف ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻣدﻟوﻻت ﻋدﯾدة ﻣﻧذ ظﻬورﻩ ﻷول ﻣرة ،ﺣﯾث ﯾﻌود أﺻل اﺷﺗﻘﺎق ﻫذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ
" اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻲ " :اﻟﻔﻌل ،اﻟﺗﻧﻔﯾذ ،اﻻﻧﺗﻬﺎء أو إﺗﻣﺎم اﻟﻔﻌل ،طرﯾﻘﺔ اﻟﺗﺻرف "πQξαcς إﻟﻰ اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻹﻏرﯾﻘﯾﺔ
26
واﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ اﻵﺧرﯾن ،ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻔﻌل" .
22
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.245
23
-ﺣﻧﻔﺎوي ) ﺑﻌﻠﻲ ( :اﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﺑراﻏﻣﺎﺗﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة :ﺧطﺎب ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﺣداﺛﺔ ،ﻣﺟﻠّﺔ اﻟﻠﻐﺔ و اﻷدب ) ﻣﻠﺗﻘﻰ ﻋﻠم اﻟﻧص (
اﻟﻌدد ) ،17ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ( ،ﺟﺎﻧﻔﻲ ،2006ص.51
24
-أﺣﻣد ) اﻟﻣﺗوﻛل ( :اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟوظﯾﻔﯾﺔ :ﻣدﺧل ﻧظري ،ﻣﻧﺷورات ﻋﻛﺎظ ) اﻟرﺑﺎط ( ،1987 ،ص.9
25
-ﻓﻲ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ :ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﺄﺻﯾﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدرس اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻘدﯾم ،ص ص.141 ،140
26
- Martine (Bracops): introduction à la pragmatique, Bruxelles :de Boeck, 2006, P1.
25
وﯾﻌود ﻣﺻطﻠﺢ " اﻟﺗداوﻟﯾﺔ " ﺑﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﺣدﯾث إﻟﻰ اﻟﻔﯾﻠﺳوف واﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﻲ اﻷﻣرﯾﻛﻲ" ﺗﺷﺎرﻟز ﻣورﯾس" "
" Charles Morrisﺳﻧﺔ ) (1938ﺣﯾث ﻋرّﻓﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ " ﺟزء ﻣن اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ ﺗﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻌﻼﻣﺎت
وﻣﺳﺗﻌﻣﻠﯾﻬﺎ " .27وﺗﻣﺛل اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،ﺣﺳب رأﯾﻪ إﺣدى ﻧواح ﺛﻼث ﯾﻣﻛن ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ -ﺳواء أﻛﺎﻧت
" formellesوﻫﻲ : ﻟﻐﺎت طﺑﯾﻌﯾﺔ " " langues naturellesأم ﻟﻐﺎت ﺻورﯾﺔ " langues
اﻟﺗرﻛﯾب " ،" syntaxeاﻟدﻻﻟﺔ " ،" sémantiqueاﻟﺗداوﻟﯾﺔ" ،" pragmatiqueوﻣن ﻫﻧﺎ ﺗﻛون اﻟﻠﻐﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ
اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﻲ اﻟﺗﺎم "ﻫﻲ اﻟﻣﺟﻣوع اﻟﻣﺗداﺧل ﺑﯾن ﺷﺧﺻﯾن ﻟﻠﻌﻼﻣﺎت اﻟﺳﯾﺎرة واﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣدد اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻗواﻋد
28
ﻧﺣوﯾﺔ ودﻻﻟﯾﺔ و ﺗداوﻟﯾﺔ" .
أﻣﺎ اﻟﺑﺎﺣث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ" ﻟﯾﻔﯾﻧﺳون " " S.C Levinsonﯾرى أن اﻟﺗرﻛﯾب ﯾﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﺄﻟﯾﻔﯾﺔ
ﺑﯾن اﻟﻛﻠﻣﺎت ،واﻟدﻻﻟﺔ ﺗﻬﺗم ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ ،أﻣﺎ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﺗُﻌﻧﻰ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل وﯾﺄﺗﻲ ﻫذا
اﻟﺗﻌرﯾف ﺗﻣﯾﯾ از ﻟﻬﺎ ﻋن اﻟدراﺳﺎت اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻫﺗﻣت ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻧظﺎﻣﺎ ﻣﻐﻠﻘﺎ ﻣﻌزوﻻ ﻋن اﻟﻣؤﺛرات
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ؛ وﻟﻘد اﻗﺗرح " ﻟﯾﻔﯾﻧﺳون" ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ " " pragmaticsﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗﻌﺎرﯾف ﺣﺎول أن ﯾﺣدد ﻣن
29
ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﻔﻬوم اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻧذﻛر ﻣﻧﻬﺎ:
اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻫﻲ دراﺳﺔ ﻟظواﻫر ﺑﻧﯾﺔ اﻟﺧطﺎب اﻟﻠﻐوي ﻣن ﺗﺿﻣﯾﻧﺎت إو ﻗﺗﺿﺎءات أو ﻣﺎ
اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻫﻲ دراﺳﺔ ﻛل ﻣظﺎﻫر اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻣن ﻏﯾر ﻓﺻﻠﻬﺎ ﻋن ﻧظرﯾﺔ اﻟدﻻﻟﺔ ،ﻓﺎﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑﻬذا
اﻟﻣﻌﻧﻰ ﺗدرس اﻟﻠﻐﺔ ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﺿﻣن ﺳﯾﺎق ﻣﻌﯾن دون إﻫﻣﺎﻟﻬﺎ ﻟﻠﻣﻌﻧﻰ وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑظروف اﻟﻛﻼم ،ﻓﻬﻲ
27
- Ibid, P1.
28
-اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،ص.30
29
-إدرﯾس ) ﻣﻘﺑول ( :اﻷﺳس اﻻﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺔ و اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻟﻠﻧظر اﻟﻧﺣوي ﻋﻧد ﺳﯾﺑوﯾﻪ ،ﺟدا ار ﻟﻠﻛﺗﺎب اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ) ﻋﻣﺎن ،اﻷردن (
ﻋﺎﻟم اﻟﻛﺗب اﻟﺣدﯾث ) إرﺑد ،اﻷردن ( ،دط ،2008 ،ص.264
26
ﺗﻬﺗم ﺑﺎﻟﻣﺗﺧﺎطﺑﯾن وﻣﻘﺎﺻدﻫم واﻟﺳﯾﺎق اﻟذي ﺗرد ﻓﯾﻪ ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة اﻟﻣﻘﺎم ،وﻛل ﻫذﻩ اﻟﻌﻧﺎﺻر ﻣﺗراﺑطﺔ وﻣﺗداﺧﻠﺔ ﻓﯾﻣﺎ
30
ﺑﯾﻧﻬﺎ.
أﻣﺎ " ﻓﺎن داﯾك" " " Van Dijkﻓﯾﻌرﻓﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻋﻠم ﯾﺧﺗص ﺑـ" ﺗﺣﻠﯾل اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ووظﺎﺋف ﻣﻧطوﻗﺎت
ﻟﻐوﯾﺔ وﺳﻣﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻻﺗﺻﺎل ﺑوﺟﻪ ﻋﺎم " 31ﺣﯾث ﯾرى ﻫذا اﻷﺧﯾر أن اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺗﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻷﻓﻌﺎل
اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ واﻟﻛﺷف ﻋن أﻫﻣﯾﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻل واﻷﺛر اﻟذي ﺗﺗرﻛﻪ ﻓﻲ ﻣﺳﺗﻌﻣﻠﯾﻬﺎ وﺗﻌﺗﺑر ﻧظرﯾﺔ أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم
وﻋرﻓﻬﺎ " إﯾﻠﯾوار" ﺑﺄﻧﻬﺎ " إطﺎر ﻣﻌرﻓﻲ ﯾﺟﻣﻊ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻘﺎرﺑﺎت ﺗﺷﺗرك ﻋﻧد ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﻬﺎ ﻟﻠﻘﺿﺎﯾﺎ
اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺛﻼﺛﺔ ﻣﻌطﯾﺎت ﻟﻣﺎ ﻟﻬﺎ ﻣن دور ﻓﻌﺎل ﻓﻲ ﺗوﺟﯾﻪ اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﻛﻼﻣﻲ وﻫﻲ:
32
اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻻت اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻟﻠﻛﻼم؛ أي اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﯾوﻣﻲ واﻟﻌﺎدي ﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ" .
واﻟﻣﻼﺣظ ﻫﻧﺎ أن " إﯾﻠﯾوار" رﻛز ﻓﻲ ﺗﻌرﯾﻔﻪ ﻟﻠﺗداوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﻛﻼﻣﻲ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ)اﻟﻣﺗﻛﻠم
واﻟﺳﺎﻣﻊ واﻟﺳﯾﺎق ودورﻩ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻌﻧﻰ( وذﻟك ﻟﻣﺎ ﻟﻬﺎ ﻣن أﻫﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗواﺻل وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة ﻫﻧﺎ إﻟﻰ أن
ﻋﻧﺻر " اﻟﺳﯾﺎق" " " contexteﯾُﻌ ّد ﻣن أﻫم اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أﺧذﻫﺎ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ
اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻠﻐوي ،ﻷن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻠﻣﻠﻔوظﺎت ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺣدﯾدﻫﺎ إﻻ إذا ﻛﺎﻧت ﺿﻣن ﺳﯾﺎق ﻣﻌﯾن؛ إذ إن ﻋﻣﻠﯾﺔ
ﯾﺗﺟﻪ ﺑﻪ ﻧﺣو اﻟﻣرﺳَل إﻟﯾﻪ ،ﻓﯾﺻﺑﺢ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻠﻔوظ ﻫو اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻛﺗﺳﺑﻬﺎ اﻟﺧطﺎب ﻓﻲ ﺳﯾﺎق اﻟﺗﻠﻔظ؛ أي
30
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.265
31
-ﻣﺣﻣد اﻷﺧﺿر ) اﻟﺻﺑﯾﺣﻲ ( :اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ وأﺛرﻫﺎ ﻓﻲ ﺗدرﯾس اﻟﻧﺻوص ﺑﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﺛﺎﻧوي ،أطروﺣﺔ ﻣﻘدﻣﺔ
ﻟﻧﯾل درﺟﺔ دﻛﺗوراﻩ دوﻟﺔ ،إﺷراف :ﯾﻣﯾﻧﺔ ﺑن ﻣﺎﻟك ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ) ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ ( ،2005 -2004 ،ص.95
32
-ﺧوﻟﺔ ) طﺎﻟب اﻹﺑراﻫﯾﻣﻲ ( :ﻣﺑﺎدئ ﻓﻲ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت ،دار اﻟﻘﺻﺑﺔ ﻟﻠﻧﺷر )اﻟﺟزاﺋر( ،دط ،2000 ،ص ص. 177،176
27
إن" اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻛﻘﯾﻣﺔ ﻟﻠﻣﻠﻔوظ ﻻ ﺗﺗﺣﻛم ﻓﯾﻪ اﻟﻠﻐﺔ ﺑﻘدر ﻣﺎ ﯾﺗﺣﻛم ﻓﯾﻪ ﻣﺳﺗﻌﻣﻠوﻫﺎ " 33وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ّ
ﻛﻼ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻌﻧﺎﺻر
اﻟﻣرﺳل /اﻟﻣرﺳَل إﻟﯾﻪ /ﺳﯾﺎق اﻟﺗﻠﻔظ ( ﻫﻲ ﻋﻧﺎﺻر ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻋن أي ﻋﻧﺻر ﻣﻧﻬﺎ
ِ اﻟﺛﻼﺛﺔ )
أﻣﺎ اﻟﺑﺎﺣث" ج.ﺑول" " " J.Paulﻓﻬو ﯾﺗﻔق ﻣﻊ " إﯾﻠﯾوار" ﻣن ﺣﯾث ﺗﻌرﯾﻔﻪ ﻟﻠﺗداوﻟﯾﺔ ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑرﻫﺎ "
ﺷﯾﺋﺎ ﻣﺗﺄﺻﻼ ﻓﻲ اﻟﻛﻠﻣﺎت وﺣدﻫﺎ ،وﻻ ﯾرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻣﺗﻛﻠم وﺣدﻩ وﻻ اﻟﺳﺎﻣﻊ وﺣدﻩ ،ﻓﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﻣﻌﻧﻰ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ
ﺗداول" " négociationاﻟﻠﻐﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻟﺳﺎﻣﻊ ﻓﻲ ﺳﯾﺎق ﻣﺣدد )ﻣﺎدي واﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﻟﻐوي( وﺻوﻻ إﻟﻰ
34
ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺗﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ أﺛﻧﺎء اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﻣرﱢﻛزة ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻛﺎﻣن ﻓﻲ ﻛﻼم ﻣﺎ "
اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﺣﺗﻰ ﯾﺗﺣﻘق اﻟﻐرض اﻟﺗواﺻﻠﻲ ﻣﻧﻬﺎ .وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﻫذا اﻻﺧﺗﻼف واﻟﺗﺿﺎرب ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﻔﻬوم ﻫذا
اﻟﻣﺻطﻠﺢ وﺗﻧوع اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت ﺑﺗﻧوع اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟواﺿﻌﯾﻬﺎ ،إﻻ أﻧﻧﺎ ﻧﺟد أن أﻏﻠب اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم ﺗﺗﻔق ﻓﻲ
ﺑﻌض اﻟﻧﻘﺎط اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻧﺎ ﺑﺎﺳﺗﺧﻼص ﻣﻔﻬوم آﻣل أن ﯾﻛون ﺷﺎﻣﻼ وﻛﺎﻓﯾﺎ ﻟﺗﺣدﯾد وﺿﺑط ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ،
ﺣﯾث ﯾﻣﻛن أن ﺗُﻌرّف ﺑﺄﻧﻬﺎ :دراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ أﺛﻧﺎء اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ،دون إﻫﻣﺎل اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟذي ﯾﺣددﻩ اﻟﺳﯾﺎق ﻣرّﻛزة ﻓﻲ ذﻟك
اﻟﻣرﺳل واﻟﻣرﺳَل إﻟﯾﻪ ( اﻟﻠذﯾن ﯾﻌﺗﺑران طرﻓﺎ اﻟﺧطﺎب ،أﻣﺎ اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﻓﻬﻲ
ِ ﻋﻠﻰ ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ وﻫﻲ )
اﻟﻣﺧﺎطب إﻟﻰ اﻟﻣﺧﺎطَب ﻣراﻋﯾﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣﻘﺎم وﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺣﺎل ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗواﺻل ﺑﻬدف
ِ اﻟﺧطﺎب اﻟذي ﯾرﺳﻠﻪ
33
-ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي اﻟﺷﻬري ) اﺑن ظﺎﻓر ( :اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت اﻟﺧطﺎب :ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻟﻐوﯾﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ،دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺟدﯾد اﻟﻣﺗﺣدة ) ﺑﯾروت،
ﻟﺑﻧﺎن( ،ط ،2004 ،1ص ص.23،22
34
-أﺣﻣد ﻣﺣﻣود ) ﻧﺣﻠﺔ ( :آﻓﺎق ﺟدﯾدة ﻓﻲ اﻟﺑﺣث اﻟﻠﻐوي اﻟﻣﻌﺎﺻر ،دار اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ) اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ،ﻣﺻر ( ،دط،2002 ،
ص.14
28
اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ ﻛﻛل ،ﻓﺎﻟﺗداوﻟﯾﺔ إذن ﺗﺳﺎﻋدﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺗوﺿﯾﺢ ﻣﻘﺎﺻدﻧﺎ وﺗﺣدﯾدﻫﺎ ﺿﻣن
35
ﺳﯾﺎق ﻣﺣدد وﻣﻧﺎﺳب ﻟﻬﺎ " ﻟذﻟك وُﺟد ﻣﻔﻬوم اﻟﻔﻌل وﻣﻔﻬوم اﻟﺳﯾﺎق ،وﻣﻔﻬوم اﻹﻧﺟﺎز ﻓﻲ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ" .
وﺗﺄﺗﻲ أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﺣﺎول اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن ﺑﻌض اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﻬﺎﻣﺔ واﻻﺷﻛﺎﻟﯾﺎت اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ﻓﻲ
ﺗﻣﯾزت اﻟدراﺳﺎت اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻌرﺑﻲ ﺑﺎﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺑﻌض اﻟﺟواﻧب اﻟﺗﻲ ﺗُﻌ ّد اﻟﯾوم ﻣن أﻫم اﻟﻣﺑﺎدئ
اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺳﺳت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،ﺣﯾث اﻫﺗم اﻟدارﺳون اﻟﻘدﻣﺎء ﺑدراﺳﺔ اﻟﻧص ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﺧطﺎﺑﺎ ﻣﺗﻛﺎﻣﻼ-
ﻣﺗﺟﺎوزة ﺑذﻟك ﻣﺟرد وﺻف اﻟﺑﻧﯾﺔ واﻟﺷﻛل اﻟﻧﺣوي وﻛل ﻣﺎﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻل اﻟﻠﻐوي -ﻛﻣﺎ اﻫﺗﻣوا ﺑﻣﻌﯾﺎر
اﻟﺻدق واﻟﻛذب وﻣطﺎﺑﻘﺔ اﻟﺧطﺎب ﻟﻠواﻗﻊ وﻋدﻣﻪ وﻣراﻋﺎة اﻟﻣﻘﺎم وﻣطﺎﺑﻘﺗﻪ ﻟﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺣﺎل.
وﺗﺑدو ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ واﻟﺳﻣﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ واﺿﺣﺔ اﻟﻣﻌﺎﻟم ﻓﻲ أﻋﻣﺎل ﺑﻌض اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻟﻘدﻣﺎء ﻧﺣو :اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﻟـ "
اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ")ت204ﻫـ( ،اﻟﺑﯾﺎن واﻟﺗﺑﯾﯾن ﻟـ" اﻟﺟﺎﺣظ ")ت255ﻫـ( ،اﻟﺧﺻﺎﺋص ﻟـ" اﺑن ﺟﻧﻲ" )ت392ﻫـ( ،اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ
ﻓﻲ ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ وﺳﻧن اﻟﻌرب ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻬﺎ ﻟـ" أﺣﻣد ﺑن ﻓﺎرس ")ت395ﻫـ( دﻻﺋل اﻹﻋﺟﺎز ﻟـ" ﻋﺑد اﻟﻘﺎﻫر اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ
")ت471ﻫـ( ،أﺻول" اﻟﺳرﺧﺳﻲ")ت483ﻫـ( اﻟﻛﺷﺎف ﻟـ " اﻟزﻣﺧﺷري" )ت538ﻫـ( ،اﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﻛﺑﯾر ﻟـ " ﻓﺧر
" اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ")ت626ﻫـ( .إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﺑﻌض اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺣداﺛﯾﺔ ﻣن اﻟدﯾن اﻟرازي" )ت606ﻫـ( وﻣﻔﺗﺎح اﻟﻌﻠوم ﻟـ
35
-اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،ص.5
29
ﻣﺛل " :ﺗﺟدﯾد اﻟﻣﻧﻬﺞ ﻓﻲ ﺗﻘوﯾم اﻟﺗراث" و" أﺻول اﻟﺣوار وﺗﺟدﯾد ﻋﻠم اﻟﻛﻼم" ﻟـ " طﻪ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن" ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
أﻋﻣﺎل " أﺣﻣد اﻟﻣﺗوﻛل" ﻣن ﻣﺛل ":اﻟوظﺎﺋف اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ " و" اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟوظﯾﻔﯾﺔ :ﻣدﺧل ﻧظري" و"
وﻛل ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎل ﻋﺎﻟﺟت ﺑﻌض اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻧﺣو ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎم واﻟﺗﺄوﯾل وﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺣﺎل وﻗواﻋد
اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻐﺔ ﻟدى اﻟﻣﺗﻛﻠﻣﯾن ودورﻫم ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ واﻹﻓﻬﺎم ،وﻫذا ﻣﺎ أدى ﺑﺑﻌض اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن
اﻟﻠﻐوﯾﯾن اﻟﻌرب ﻛﺎﻧت ﻟﻬم أﺳﺑﻘﯾﺔ اﻟﺧوض ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟدرس اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﺗداوﻟﻲ ،ﺣﯾث ﯾﺷﯾر إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ
"ﺳوﯾرﺗﻲ" ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺑﺄن " :اﻟﻧﺣﺎة واﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،واﻟﺑﻼﻏﯾﯾن واﻟﻣﻔﻛرﯾن ﻣﺎرﺳوا اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗداوﻟﻲ ﻗﺑل أن ﯾذﯾﻊ
ﺻﯾﺗﻪ ﺑﺻﻔﺗﻪ ﻓﻠﺳﻔﺔ وﻋﻠﻣﺎ ،رؤﯾﺔ واﺗﺟﺎﻫﺎ أﻣرﯾﻛﯾﺎ وأورﺑﯾﺎ ،ﻓﻘد ُوظﱢف اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗداوﻟﻲ ﺑوﻋﻲ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟظواﻫر
36
ﻓﺎﻟدراﺳﺎت اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﺗﻘوم ﻓﻲ اﻷﺻل ﻋﻠﻰ اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب ﻣﻬﺗﻣﺔ ﻓﻲ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ".
اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ﺑدور اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث ) اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻟﺳﺎﻣﻊ ( ودورﻫم ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻔﻬم واﻹﻓﻬﺎم ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻘﺎﺑل
اﻟﺑﯾﺎن ﻋﻧد " اﻟﺟﺎﺣظ " ﻓﻬو " اﺳم ﺟﺎﻣﻊ ﻟﻛل ﺷﻲء ﻛﺷف ﻟك ﻗﻧﺎع اﻟﻣﻌﻧﻰ ،وﻫﺗك اﻟﺣﺟﺎب دون اﻟﺿﻣﯾر ،ﺣﺗﻰ
ﯾﻔﺿﻲ اﻟﺳﺎﻣﻊ إﻟﻰ ﺣﻘﯾﻘﺗﻪ ،وﯾﻬﺟم ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺻوﻟﻪ ﻛﺎﺋﻧﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ذﻟك اﻟﺑﯾﺎن ،وﻣن أي ﺟﻧس ﻛﺎن اﻟدﻟﯾل ،ﻷن
ﻣدار اﻷﻣر واﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﺗﻲ إﻟﯾﻬﺎ ﯾﺟرى اﻟﻘﺎﺋل واﻟﺳﺎﻣﻊ إﻧﻣﺎ ﻫو اﻟﻔﻬم واﻹﻓﻬﺎم ،ﻓﺑﺄي ﺷﻲء ﺑﻠﻐت اﻹﻓﻬﺎم وأوﺿﺣت
37
ﻋن اﻟﻣﻌﻧﻰ ،ﻓذاك ﻫو اﻟﺑﯾﺎن ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣوﺿﻊ" .
36
-ﻣﺣﻣد ) ﺳوﯾرﺗﻲ ( :اﻟﻠﻐﺔ ودﻻﻻﺗﻬﺎ :ﺗﻘرﯾب ﺗداوﻟﻲ ﻟﻠﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺑﻼﻏﻲ ،ﻣﺟﻠﺔ ﻋﺎﻟم اﻟﻔﻛر ،اﻟﻣﺟﻠس اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻧون
واﻵداب) اﻟﻛوﯾت ( ،اﻟﻣﺟﻠد ،28اﻟﻌدد ،3ﻣﺎرس ،2000ص.30
37
-أﺑو ﻋﺛﻣﺎن ﻋﻣرو ﺑن ﺑﺣر ) اﻟﺟﺎﺣظ ( :اﻟﺑﯾﺎن واﻟﺗﺑﯾﯾن ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ﻫﺎرون ،ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﺧﺎﻧﺟﻲ ) ﻣﺻر ( ،دط ،1975
اﻟﺟزء اﻷول ،ص.76
30
ﻓﺎﻟﺑﯾﺎن ﻋﻧد " اﻟﺟﺎﺣظ " إذن ﻫو اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻹﺑﺎﻧﺔ واﻟﻛﺷف ﻋﻣّﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻔس ،واﻹﻓﺻﺎح ﻋﻣّﺎ ﻓﻲ اﻟﺿﻣﯾر
ﺑطرﯾق اﻟﻠﺳﺎن واﻷﻟﻔﺎظ وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺗﺣﻘق ﻏرض اﻟﻔﻬم واﻹﻓﻬﺎم اﻟذي ﯾرﺗﺑط ﻓﻲ اﻷﺻل ﺑﺎﻟﻣﺗﻛﻠم ودورﻩ ﻓﻲ ﺗوﺿﯾﺢ
38
ﻣﺎ ﺧﻔﻲ ﻣن ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻟﻠﺳﺎﻣﻊ.
" ﺛم ﯾﺷﯾر " اﻟﺟﺎﺣظ " إﻟﻰ أﻫﻣﯾﺔ اﻹﻓﻬﺎم ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﻗﻧﺎع واﻟﺗﺄﺛﯾر وﯾوﺿﺢ ذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ:
أﺻﻧﺎف اﻟدﻻﻻت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﻟﻔظ وﻏﯾر ﻟﻔظ ﺧﻣﺳﺔ أﺷﯾﺎء ،ﻻ ﺗﻧﻘص وﻻ ﺗزﯾدّ :أوﻟﻬﺎ ،اﻟﻠﻔظ ،ﺛم اﻹﺷﺎرة ،ﺛم
اﻟﻌﻘد ﺛم ،اﻟﺧط ،ﺛم اﻟﺣﺎل اﻟﺗﻰ ﺗﺳﻣﻰ ﻧﺻﺑﺔ ،واﻟﻧﺻﺑﺔ ﻫﻲ اﻟﺣﺎل اﻟداﻟﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻣﻘﺎم ﺗﻠك اﻷﺻﻧﺎف وﻻ ﺗﻘﺻر
ﻋن ﺗﻠك اﻟدﻻﻻت ،وﻟﻛل واﺣد ﻣن ﻫذﻩ اﻟﺧﻣﺳﺔ ﺻورة ﺑﺎﺋﻧﺔ ﻣن ﺻورة ﺻﺎﺣﺑﺗﻬﺎ وﺣﻠﯾﺔ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﺣﻠﯾﺔ أﺧﺗﻬﺎ ،وﻫﻲ
اﻟﺗﻲ ﺗﻛﺷف ﻟك ﻋن أﻋﯾﺎن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ،ﺛم ﻋن ﺣﻘﺎﺋﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻔﺳﯾر وﻋن أﺟﻧﺎﺳﻬﺎ وأﻗدارﻫﺎ ،وﻋن ﺧﺎﺻﻬﺎ
وﻋﺎﻣﻬﺎ ،وﻋن طﺑﻘﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﺎر واﻟﺿﺎر ،وﻣﺎ ﯾﻛون ﻣﻧﻬﺎ ﻟﻐوا ﺑﻬرﺟﺎ ،وﺳﺎﻗطﺎ ﻣطرﺣﺎ " ،39ﺣﯾث ﻣﯾز" اﻟﺟﺎﺣظ "
ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻷﺻﻧﺎف اﻟﺧﻣﺳﺔ ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﺑﺣﺳب أﻫﻣﯾﺔ ﻛل ﺻﻧف ودورﻩ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،وﻫو إذ ﯾﻌدد
40
أﺻﻧﺎف اﻟدﻻﻟﺔ ﻓﺈﻧﻣﺎ ﯾﻌددﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﻌرض إﺣﺻﺎء وﺳﺎﺋل اﻟﻔﻬم واﻹﺑﺎﻧﺔ ﻋﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻔس أﯾّﺎ ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟوﺳﯾﻠﺔ.
إو ﻟﻰ ﺟﺎﻧب" اﻟﺟﺎﺣظ " ﻧﺟد " أﺑو ﯾﻌﻘوب اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ" اﻟذي ﻻ ﺗﺧﺗﻠف آراءﻩ ﻋن آراء " اﻟﺟﺎﺣظ " اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ،
ﻓﻘد ﺑدت ﻣﻼﻣﺢ اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺗداوﻟﻲ ﻓﻲ أﻋﻣﺎﻟﻪ ،وﯾظﻬر ذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻫﺗﻣﺎﻣﻪ ﺑﻌﻧﺎﺻر اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ ورﺑطﻬﺎ
ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺣﺎل ،وﺑﺎﻟﻣﺗﻛﻠم ودورﻩ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ،وﺑوﺿﻌﯾﺔ اﻟﺳﺎﻣﻊ وطرﯾﻘﺔ ﺗﻠﻘﯾﻪ اﻟﺧطﺎب .وﯾرى " اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ"
أﻧﻪ ﻟﻛ ّل ﻣن ﻫذﯾن اﻟطرﻓﯾن ) اﻟﻣﺗﻛﻠم /اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ( دور ﻓﻌﺎل ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻘﺻد وﺗﺑﻠﯾﻐﻪ وﻓﻬﻣﻪ ،ﻓﻘد ﯾﻛون اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ
ﺧﺎﻟﻲ اﻟذﻫن ﺗﻣﺎﻣﺎ أو ﻣﺗرددا ﻓﻲ اﻟﺣﻛم ،أو ﻣﻧﻛ ار ﻟﻪ ،وﻗد ﯾﺧرج اﻟﻛﻼم ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟظﺎﻫر ،ﻓﯾﺟﻌل ﻏﯾر
38
-ﻓوزي ) اﻟﺳﯾد ﻋﺑد رﺑﻪ ( :اﻟﻣﻘﺎﯾﯾس اﻟﺑﻼﻏﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﺟﺎﺣظ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺎن واﻟﺗﺑﯾﯾن ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻷﻧﺟﻠو اﻟﻣﺻرﯾﺔ )اﻟﻘﺎﻫرة (
،2005ص.122
39
-اﻟﺑﯾﺎن واﻟﺗﺑﯾﯾن ،اﻟﺟزء اﻷول ،ص.76
40
-اﻟﻣﻘﺎﯾﯾس اﻟﺑﻼﻏﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﺟﺎﺣظ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺎن واﻟﺗﺑﯾﯾن ،ص.124
31
اﻟﺳﺎﺋل -وﻫو ﺧﺎﻟﻲ اﻟذﻫن -ﻛﺎﻟﺳﺎﺋل ،وﻗد ﯾﺟﻌل ﻏﯾر اﻟﻣﻧﻛر ﻛﺎﻟﻣﻧﻛر ،وﻗد ﯾﺟﻌل اﻟﻣﻧﻛر ﻛﻐﯾر اﻟﻣﻧﻛر ،ﻣﻧﺑﻬﺎ ﻓﻲ
41
اﻟوﻗت ذاﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﻣراﻋﺎة اﻟﻣﻘﺎم وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ووﺟوب اﻻﻟﺗﻔﺎت إﻟﻰ أﻏراض اﻟﺧطﺎب.
أﻣّﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث ﻓﻧﺟد ﺑﻌض اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﻧظرت إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ ﻧظرة ﺗداوﻟﯾﺔ ﻣن ﻣﺛل ﺑﻌض اﻟﺑﺣوث
اﻟﺗﻲ ﻗدﻣﻬﺎ ﻛل ﻣن " أﺣﻣد اﻟﻣﺗوﻛل" و" طﻪ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن" ﻫذا اﻷﺧﯾر اﻟذي ﻗﺎم ﺑوﺿﻊ ﻣﺻطﻠﺢ"اﻟﺗداوﻟﯾﺔ" ﻛﻣﻘﺎﺑل
ﻟﻠﻣﺻطﻠﺢ اﻷﺟﻧﺑﻲ" " pragmatiqueﺳﻧﺔ ) ، (1970وﺗﺗﺟﻠﻰ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺑﺣث اﻟﺗداوﻟﻲ ﻋﻧدﻩ ﻣن ﺧﻼل اﻫﺗﻣﺎﻣﻪ
ﺑﺎﻟﻛﻼم واﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺧﺎطﺑﯾﺔ ﻛﻛل ،إذ ﯾرى أن اﻟﺗﺧﺎطب ﯾﺗم ﺑﯾن طرﻓﯾن ﯾﺗﺑﺎدﻻن أﻗوﻻ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺑﻐﯾﺔ وﺻول ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ
إﻟﻰ ﻫدﻓﻪ وﻫو اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ،إذ ﯾﻘول ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ":وﻟﻣّﺎ ﻛﺎن اﻟﺗﺧﺎطب ﯾﻘﺗﺿﻲ اﺷﺗراك ﺟﺎﻧﺑﯾن ﻋﺎﻗﻠﯾن ﻓﻲ إﻟﻘﺎء
اﻷﻗوال إو ﺗﯾﺎن اﻷﻓﻌﺎل ﻟزم أن ﺗﻧﺿﺑط ﻫذﻩ اﻻﻗوال ﺑﻘواﻋد ﺗﺣدد وﺟوﻩ ﻓﺎﺋدﺗﻬﺎ اﻹﺧﺑﺎرﯾﺔ أو ﻗل " ﻓﺎﺋدﺗﻬﺎ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ
" ﻧﺳﻣﯾﻬﺎ ﺑﻘواﻋد " اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ " ﻋﻠﻣﺎ ﺑﺄن ﻣﺻطﻠﺢ" اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ" ﻣوﺿوع ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗواﺻل اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن "،42ﻣن
ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﯾرى " طﻪ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن " أن اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺗداوﻟﻲ ﻫو ﻧوع ﻣن اﻟﺗواﺻل واﻟﺗﻔﺎﻋل ﺑﯾن ﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﺗراث ﻣن
43
ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻧﺎس وﺧﺎﺻﺗﻬم.
وﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺗواﺻل واﻟﺗﻔﺎﻋل ذﻟك اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺑﺑﯾﺔ داﺋرﯾﺔ ﺗﻧﻔﻲ
45
وﯾرى " طﻪ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن " أن أﺳﺑﺎب اﻟﺗواﺻل واﻟﺗﻔﺎﻋل ﺗﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺳﺎم أو أﺳﺑﺎب وﻫﻲ:
41
-ﻧﻌﻣﺎن ) ﺑوﻗرّة ( :ﻧﺣو ﻧظرﯾﺔ ﻟﺳﺎﻧﯾﺔ ﻋرﺑﯾﺔ ﻟﻸﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ :ﻗراءة اﺳﺗﻛﺷﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر اﻟﺗداوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻣدوّﻧﺔ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗراﺛﯾﺔ،
ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻠﻐﺔ واﻷدب ) ﻣﻠﺗﻘﻰ ﻋﻠم اﻟﻧص ( ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ) اﻟﺟزاﺋر ( ،اﻟﻌدد ،17ﺟﺎﻧﻔﻲ ،2006ص.180
42
) ﺑﯾروت، -طﻪ ) ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ( :اﻟﻠﺳﺎن واﻟﻣﯾزان أو اﻟﺗﻛوﺛر اﻟﻌﻘﻠﻲ ،اﻟﻣرﻛز اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ) اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء ،اﻟﻣﻐرب (،
ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط ،1998 ،1ص.237
43
-ﺗﺟدﯾد اﻟﻣﻧﻬﺞ ﻓﻲ ﺗﻘوﯾم اﻟﺗراث ،ص.244
44
-ﻣﯾﻠود ) ﺣﺑﯾﺑﻲ ( :اﻻﺗﺻﺎل اﻟﺗرﺑوي وﺗدرﯾس اﻷدب :دراﺳﺔ وﺻﻔﯾﺔ ﺗﺻﻧﯾﻔﯾﺔ ﻟﻠﻧﻣﺎذج واﻷﻧﺳﺎق ،اﻟﻣرﻛز اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ) اﻟدار
اﻟﺑﯾﺿﺎء ،اﻟﻣﻐرب ( ) ،ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط ،1993 ،1ص.101
45
-ﺗﺟدﯾد اﻟﻣﻧﻬﺞ ﻓﻲ ﺗﻘوﯾم اﻟﺗراث ،ص.245
32
اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻠﻐوﯾﺔ :ﯾﻧظر ﻫذا اﻟﺑﺎﺣث إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ أداة ﻟﻠﺗواﺻل واﻟﺗﺑﻠﯾﻎ واﻟﺗﺄﺛﯾر وﻛﻠﻣﺎ
ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻷداة ﻣﺄﻟوﻓﺔ ﻟدى اﻟﻣﺗﻛﻠﻣﯾن ﻛﻠﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ أﻓﯾد واﻟﺗﺄﺛﯾر أﺷد ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﺗﺣﻘق ﻣﻘﺎﺻدﻫم وﻏﺎﯾﺎﺗﻬم
اﻟﻣﻧﺷودة.
اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻌﻘدﯾﺔ :ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺗواﺻل واﻟﺗﻔﺎﻋل ﺷرطﺎن ﻻ ﯾﺗﺣﻘﻘﺎن إﻻ ﻋن طرﯾق اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ
اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ :إن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻل ﺑﯾن اﻟﻣﺗﺧﺎطﺑﯾن واﻟﺗﻔﺎﻋل ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬم ﺗﺗم ﻋن طرﯾق ﻟﻐﺗﻬم
أﻣّﺎ " أﺣﻣد اﻟﻣﺗوﻛل " ﻓﯾُﻌ ّد ﻣن أﺑرز ﻣﻣﺛﻠﻲ اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺗداوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺎت اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟوظﯾﻔﯾﺔ -
واﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،وﯾظﻬر ذﻟك ﻣن ﺧﻼل أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ،و ﺧﻼﺻﺔ ﻣﺎ ﻗدﻣﻪ ﻫذا اﻟﺑﺎﺣث :أن
اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺗداوﻟﻲ ﻟﻠﻐﺔ ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺗﺣدﯾد طﺑﯾﻌﺔ اﻟوظﺎﺋف اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،وﺗﺗﻣﯾز دراﺳﺎﺗﻪ
اﻟوظﯾﻔﯾﺔ ﻟﻠﻐﺔ ﺑﺎﺳﺗﻧﺎدﻫﺎ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻧﺎﺻر وﻫﻲ ":اﻟﺗرﻛﯾب واﻟدﻻﻟﺔ و اﻟﺗداوﻟﯾﺔ" وﯾذﻫب إﻟﻰ أن:
أن اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻟﻬﺎ أﺻول ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ اﻧﺑﺛﻘت ﻣﻧﻬﺎ ،ﺣﯾث ﺗُﻌ ّد اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ اﻟﻣﺻدر
ﻣن اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ّ
46
-ﻣﺳﻌود ) ﺻﺣراوي ( :اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب :دراﺳﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ﻟظﺎﻫرة " اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ" ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،دار
اﻟطﻠﯾﻌﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر ) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط ،2005 ،1ص.17
33
ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋن ﻫذا اﻟﺳؤال ﻻﺑد ﻣن ﺗﺗﺑﻊ واﺳﺗﻘﺻﺎء أﻫم اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ اﻋﺗﻣدت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻼﺗﻬﺎ
ﻟﻠظواﻫر اﻟﻠﻐوﯾﺔ:
ظﻬر ﺗﯾﺎر اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ " " philosophie analytiqueﻓﻲ اﻟﻧﺻف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن
" ﻟودﻓﯾﻧﻎ ﻓﯾﺗﺟﻧﺷﺗﯾن" " ) " ،" L.wittgenstein (1889-1951ﺑرﺗراﻧد رﺳل" " B.Russel
) " ، " (1872-1970رودﻟف ﻛﺎرﻧﺎب" " ) " R.Carnap(1891-1970و " ﺟﻠﺑرت راﯾل "
" ) " G.Ryle(1900-1976وﺗﺗﺿﺢ ﻣﺑﺎدئ ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﻠﻐﺔ -ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ -ﻓﻲ ﻛﺗﺎب
ﺑﻌﻧوان" أﺳس ﻋﻠم اﻟﺣﺳﺎب " ﻟﻠﻔﯾﻠﺳوف اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ " ﻏوﺗﻠوب ﻓرﯾﺟﻪ " " Gottlob Frege
) " (1848-1925واﻟذي ﻣﯾّز ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻪ ﺑﯾن اﻟﻣﻌﻧﻰ واﻟﻣرﺟﻊ ،ورﺑط ﺑﯾن ﻣﻔﻬوﻣﯾن ﺗداوﻟﯾﯾن ﻫﺎﻣﯾن ﻫﻣﺎ "
اﻹﺣﺎﻟﺔ " و " اﻹﻗﺗﺿﺎء " ،47ﻛﻣﺎ ﻣﯾز ﺑﯾن ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑـ" اﺳم اﻟﻌﻠم " و" اﻟﻣﺣﻣول " اﻟﻠذﯾن ﯾﻌﺗﺑران ﻋﻣﺎد " اﻟﻘﺿﯾﺔ
اﻟﺣﻣﻠﯾﺔ " أو ﻛﻣﺎ ﺗﺳﻣﻰ أﯾﺿﺎ " اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ " " " proposition singulièreوﻓﻲ ﺗوﺿﯾﺢ ﻫذا اﻟﺗﻣﯾﯾز
ﯾﻘول " ﻓرﯾﺟﻪ " " :إن اﻟﺗﺻور ﻛﻣﺎ أﻓﻬﻣﻪ ﯾﻘوم ﺑوظﯾﻔﺔ اﻟﻣﺣﻣول ،أﻣﺎ اﺳم اﻟﻌﻠم ﻓﺈﻧﻪ ﻋﺎﺟز ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻋن اﺳﺗﺧداﻣﻪ
48
ﺣﯾث ﯾرى " ﻓرﯾﺟﻪ" أن " اﺳم اﻟﻌﻠم " ﯾﺷﯾر ﻛﻣﺣﻣول .ﯾﺑدو أن ذﻟك ﻣﺣﺗﺎج ﻟﺗوﺿﯾﺢ إو ﻻ ﻛﺎن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﺎطﻼ "
إﻟﻰ ﺷﻲء ﻓردي ﻣﻌﯾن ﻓﻬو ﺑذﻟك ﯾؤدي ﻣﻌﻧﻰ ﺗﺎﻣﺎ وﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻟﻔظ آﺧر ﻟﯾُﺗم ﻣﻌﻧﺎﻩ .أﻣﺎ " اﻟﻣﺣﻣول" ﻓﻬو ﯾدل
49
ﯾﻘوم ﺑﺈﺳﻧﺎد ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟوﺻﻔﯾﺔ اﻟوظﯾﻔﯾﺔ إﻟﻰ " اﺳم اﻟﻌﻠم "، ﻋﻠﻰ " ﺗﺻور" " " concept
وﻟذﻟك ﯾﻘوم اﻻﺳم ﺑوظﯾﻔﺔ اﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻰ ﻋﺎم " اﻟﺣﻣل " ،ﺑﯾﻧﻣﺎ " اﻟﻣﺣﻣول " ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ " اﺳم ﻋﻠم " ﻟﯾﻌطﯾﻪ
ﻣﻌﻧﻰ.
47
-اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب :دراﺳﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ﻟظﺎﻫرة "اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ" ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،ص.20
48
-ﻣﺣﻣود ﻓﻬﻣﻲ ) زﯾدان ( :ﻓﻲ ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،دط ،1984 ،ص.13
49
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،اﻟﺻﻔﺣﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ.
34
ﻛﻣﺎ ﯾذﻫب " ﻓرﯾﺟﻪ " أﯾﺿﺎ ﻓﻲ ﺳﯾﺎق آﺧر إﻟﻰ أن أﺳوار اﻟﻛﻠﯾﺔ أو اﻟﺳور " " quantificateursﻣﺛل:
) ﺑﻌض ،ﺟزء ،ﻛل ( ..ﻟﯾس ﻟﻬﺎ ﻣﻌﻧﻰ إذا اﻗﺗرﻧت ﺑـ" اﺳم اﻟﻌﻠم " ﻓﻼ ﻧﻘول ﻣﺛﻼ " :ﺟﺎء ﺑﻌض ﺳﻣﯾر أو ﻛﻠﻪ أو
ﺟزؤﻩ " ،ﺑﯾﻧﻣﺎ " اﻟﻣﺣﻣول " ﯾﻛون ﻟﻪ ﻣﻌﻧﻰ ﺑﺎﻗﺗراﻧﻪ ﺑﻬذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺎت ،ﻓﻧﻘول ﻣﺛﻼ :ﺑﻌض اﻟﻧﺎس ،ﻛل اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ،وﻛﺎﻧت
ﺗﺣﻠﯾﻼت" ﻓرﯾﺟﻪ " اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ رؤﯾﺔ ﺛﺎﻗﺑﺔ و اﻧطﻼﻗﺔ ﺟدﯾدة ﻓﻲ ﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ،واﻟذي اﻧﺗﻘد ﻣن ﺧﻼل
وﻋﻠﻰ ﻧﻔس ﻣﻧﻬﺞ " ﻓرﯾﺟﻪ " ﺳﺎر اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﻧﻣﺳﺎوي " ﻓﯾﺗﺟﻧﺷﯾن" وذﻟك ﺣﯾن وﺟّﻪ ﺑدورﻩ ﺑﻌض
اﻻﻧﺗﻘﺎدات ﻟﻠﻣﺑﺎدئ اﻟوﺿﻌﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗرى ﺑﺄن وظﯾﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ وﺻف وﻗﺎﺋﻊ اﻟﻌﺎﻟم
اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﺑﻌﺑﺎرات إﺧﺑﺎرﯾﺔ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺻﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﺻدق إذا طﺎﺑﻘت اﻟواﻗﻊ اﻟﺧﺎرﺟﻲ أو ﻧَﺻﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﻛذب إذا ﻟم ﺗطﺎﺑﻘﻪ،
وأُطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ اﺳم " اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﻣرﺟﻌﯾﺔ " أو " اﻹﺧﺑﺎرﯾﺔ " ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺣﯾﻠﻧﺎ إﻟﻰ أﺷﯾﺎء ﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ،50ﻣن ﻫذا
اﻟﻣﻧطﻠق ﻗﺎم اﻟوﺿﻌﺎﻧﯾون ﺑﺎﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ واﻟوظﯾﻔﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ،ﻓﺎﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ ﻫﻲ اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗُﺳﺗﺧدم اﻟﻠﻐﺔ ﻓﯾﻬﺎ ﻛﺄداة ﺗُﺻوﱢر ﻟﻧﺎ وﻗﺎﺋﻊ ﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ ،وﺗَﻌﺗﺑر أن اﻟﻌﺑﺎرة اﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ ﻣﻌﻧﻰ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ
ﺗﺳﺗطﯾﻊ وﺻف ﺷﻲء ﻣوﺟود ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻓﺈذا طﺎﺑﻘﺗﻪ ﯾُﺣﻛم ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺻدق إو ذا ﻟم ﺗطﺎﺑﻘﻪ ﺗُﻌ ّد ﺧﺎطﺋﺔ ،أﻣﺎ "
اﻟوظﯾﻔﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ " ﻓﻬﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻌﻣل اﻟﻠﻐﺔ ﻛﺄداة ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻣﻛﻧوﻧﺎﺗﻧﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻣن ﻣﺷﺎﻋر واﻧﻔﻌﺎﻻت ،ﻗد
ﺗﺿطرب ﻣن ﺣﯾن ﻵﺧر ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺷﺎﻋر ،وﺗﻧدرج ﺗﺣت ﻫذﻩ اﻟوظﯾﻔﺔ ﺑﻌض اﻟﻌﺑﺎرات اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎﻟﺞ
51
ﺣﯾث ﺣذف اﻟوﺿﻌﺎﻧﯾون اﻟﻣﻧﺎطﻘﺔ ﻫذﻩ اﻟﻌﺑﺎرات ﻣن داﺋرة ﻣﺳﺎﺋل اﻷﺧﻼق واﻟﺟﻣﺎل واﻟﻣﺎوراﺋﯾﺎت ﻋﻧد اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ
اﻟﻣﻌﻧﻰ ﺑﺣﺟﺔ أﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺟد ﻣﺎ ﯾطﺎﺑﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،ﻟﻛن ﻫل ﯾﺻﺢ إﺑﻌﺎد ﻫذﻩ اﻟﻌﺑﺎرات اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻘوم ﺑوﺻف اﻟﻌﺎﻟم
اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻧﺣو اﻟﻌﺑﺎرات اﻷﻣرﯾﺔ واﻻﺳﺗﻔﻬﺎﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗُﻌد ﺟﻣﻼ إﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ﻻ ﺗﻘﺑل اﻟوﺻف ﻻ ﺑﺎﻟﺻدق وﻻ ﺑﺎﻟﻛذب ﻋن
داﺋرة اﻟﻣﻌﻧﻰ؟.
50
-اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ وأﺛرﻫﺎ ﻓﻲ ﺗدرﯾس اﻟﻧﺻوص ﺑﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﺛﺎﻧوي ) ﺷﻌﺑﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ( ،ص.102
51
-ﻋﺑد اﻟﺣق ) ﺻﻼح اﺳﻣﺎﻋﯾل ( ،اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻠﻐوي ﻋﻧد ﻣدرﺳﺔ أﻛﺳﻔورد ،دار اﻟﺗﻧوﯾر ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر ) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن (
ط ،1993 ،1ص.12
35
وﯾﺟﯾﺑﻧﺎ ﻋن ﻫذا اﻟﺳؤال " ﻓﯾﺗﺟﻧﺷﺗﯾن " ﻋن طرﯾق رﻓﺿﻪ ﻟﻠﺗﻘﺳﯾم اﻟذي وﺿﻌﻪ اﻟوﺿﻌﺎﻧﯾون اﻟﻣﻧﺎطﻘﺔ
أن " وظﯾﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ ﻫﻲ اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ أو اﻟوﺻف أو اﻹﺷﺎرة ،وﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻫذا ﺗﺻور ﻣﻌﯾن ﻟﻠﻣﻌﻧﻰ
ﻣﻔﺎدﻩ أن ﻣﻌﻧﻰ أي ﻛﻠﻣﺔ ﻫو اﻟﺷﻲء اﻟذي ﺗﻣﺛﻠﻪ أو ﺗﺷﯾر إﻟﯾﻪ ،واﻻﺳم ﯾﻌﻧﻲ اﻟﺷﻲء واﻟﺷﻲء ﻫو ﻣﻌﻧﺎﻩ "52وﻣن ﻫﻧﺎ
ظﻬرت ﻓﻛرة أﻟﻌﺎب اﻟﻠﻐﺔ ﻋﻧد " ﻓﯾﺗﺟﻧﺷﺗﯾن " اﻟذي ﯾرى أﻧﻪ "ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺳﺗﻌﻣل اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻛﻠﻣﺔ " اﻟﻣﻌرﻓﺔ " و" اﻟوﺟود "
و" اﻟﺷﻲء " و" اﻷﻧﺎ " و" اﻟﻘﺿﯾﺔ " و" اﻻﺳم " وﯾﺣﺎوﻟون إدراك ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ،ﻓﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟواﺣد ﻣﻧﻬم أن ﯾﺳﺄل
ﻧﻔﺳﻪ داﺋﻣﺎ :ﻫل ﯾﺗم اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻛﻠﻣﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌل داﺋﻣﺎ ﺑﻬذﻩ اﻟطرﯾﻘﺔ ﻓﻲ ﻟﻌﺑﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻣوﺿﻌﻬﺎ اﻷﺻﻠﻲ؟ إن ﻣﺎ
ﻧﻔﻌﻠﻪ ﻫو إﻋﺎدة اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻣن اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﻲ إﻟﻰ اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﯾوﻣﯾﺔ ".53ﺣﯾث رﻛز ﻫذا اﻟﺑﺎﺣث-
ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣﻠﯾﻼﺗﻪ -ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻠﻐﺔ وطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﻌﻧﻰ ،ﺑﻌﯾدا ﻋن ﻛل ﺗﻔﺳﯾر ﻏﯾﺑﻲ أو ﻣﺎ وراﺋﻲ ،وﻣن
ﻫﻧﺎ أﺻﺑﺣت اﻟﻣﻬﻣﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ وﺗوﺿﯾﺣﻬﺎ وﻓق ﻣﻧﻬﺞ ﺗﺣﻠﯾﻠﻲ ﺑﻌﯾدا ﻋن ﻛل
54
وﻛﺎﻧت ﻫذﻩ ﺑداﯾﺔ ﻻﺗﺟﺎﻩ ﻓﻠﺳﻔﻲ ﺟدﯾد ﻋُرف ﺑﺎﺳم " ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ " اﻟذي ﯾذﻫب إﻟﻰ أن ﺗﻔﺳﯾر ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﻲ.
اﻟﻠﻐﺔ ﻫﻲ اﻷداة اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻛﻧﻬم ﻣن ﻓﻬم اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟذي ﺗﺣﻣﻠﻪ ﻓﻲ طﯾﺎﺗﻬﺎ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬم اﻟﻛون وﺣﻘﯾﻘﺔ ﻋﻼﻗﺗﻧﺎ
ﺑﻪ ﻓﻬﻣﺎ ﺻﺣﯾﺣﺎ إذ " إن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻟﺷؤوﻧﻧﺎ ،وﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟذاﺗﯾﺔ ﻣﻊ اﻷﻓراد واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،وﻣﻊ
ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺟﻧس اﻟﺑﺷري ،ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻟﻐوي إن أراد أن ﯾﻛون ﻟﻪ ﻣﻌﻧﻰ ،ﻓﺎﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻠﻐوي ﻣرﺗﺑط داﺋﻣﺎ وأﺑدا
ﺑﺎﻟﻔﻬم ،ﻣﺎ دام اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟذي ﺗﻧﻘﻠﻪ ﻟﻧﺎ اﻟﻠﻐﺔ ﻻ ﯾﺻﯾر ﻣﻠﻣوﺳﺎ ّإﻻ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻧﺣو ﻓﺎﻟوﺟود اﻟذي ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون
55
ﻣﻔﻬوﻣﺎ أوﻻ ﻫو اﻟﻠﻐﺔ" .
52
-اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻠﻐوي ﻋﻧد ﻣدرﺳﺔ أﻛﺳﻔورد ،ص.13
53
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﮫ ،ص ص.36 ،35
-اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب :دارﺳﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ﻟظﺎﻫرة" اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ" ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،ص.20
54
55
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 21
36
وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻬذا اﻟﺗﺿﺎرب ﻓﻲ اﻵراء واﺧﺗﻼف وﺟﻬﺎت اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ وطرﯾﻘﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﻬﺎ ودراﺳﺗﻬﺎ اﻧﻘﺳم ﺗﯾﺎر
56
اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ اﺗﺟﺎﻫﺎت ﻛﺑرى وﻫﻲ:
اﻟوﺿﻌﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ " : "positivisme logiqueﺗزﻋّم ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ " رودﻟف ﻛﺎرﻧﺎب " ﺣﯾث اﻫﺗم
َ◌ َ◌ َ◌ َ◌ َ◌ﻫﻣل أﻫﻣﯾﺔ ودور اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ ،وذﻟك ﺑﺈﻗﺻﺎء اﻟﻠﻐﺎت اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻣن
ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺻورﯾﺔ وأ َ
دراﺳﺎﺗﻪ.
اﻟظﺎﻫراﺗﯾﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ " :"phénoménologie du langageﺗزﻋّم ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ " إدﻣوﻧد
ﻫوﺳرل" " " I.Husserlاﻟذي اﺑﺗﻌد ﺑﻣﻧﻬﺟﻪ اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻋن اﻟﻛﯾﻧوﻧﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ وﻛل ﻣﺎﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ واﻟﺗواﺻلّ ،إﻻ
" " J.searleﻟدراﺳﺔ أﻧﻪ اﻧﺑﺛق ﻋن ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ أﻫم ﻣﺑدأ اﻋﺗﻣدﻩ" أوﺳﺗﯾن " " " Austinو" ﺳورل"
اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ وﻫو ﻣﺑدأ " اﻟﻘﺻدﯾﺔ " " " intentionnalité
ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ" :"philosophie du langage ordinaireاﻟذي ﺗزّﻋﻣﻪ " ﻓﯾﺗﺟﻧﺷﯾن " ﺣﯾث
اﻫﺗم ﺑدراﺳﺔ وﺗﺣﻠﯾل اﻟﻠﻐﺔ وﻋدﻫﺎ ﻣﺣو ار ﻟﺗﺣﻠﯾﻼﺗﻪ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ،ﺣﯾث ﯾرى أن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺷﻛﻼت ﺗﺣل ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ،وأن ﻫذﻩ
اﻟﻣﺷﺎﻛل إﻧﻣﺎ ﺗرﺟﻊ ﻓﻲ اﻷﺻل إﻟﻰ ﺳوء ﻓﻬﻣﻧﺎ ﻟﻠﻐﺔ ،ﻛﻣﺎ اﻫﺗم ﺑﺎﻟﺟﺎﻧب اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻲ ﻟﻠﻐﺔ ﺣﯾث ﯾﻘول ﻓﻲ ﻫذا
اﻟﺻدد ":ﻓﺎﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﻫو اﻟذي ﯾُﻛﺳب ﺗﻌﻠﯾم اﻟﻠﻐﺔ واﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ " ،57وﯾﻌﺗﻣد " ﻓﯾﺗﺟﻧﺷﯾن " ﻓﻲ دراﺳﺗﻪ ﻟﻠﻐﺎت
58
اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﻼث ﻣﻔﺎﻫﯾم أﺳﺎﺳﯾﺔ وﻫﻲ:
اﻟدﻻﻟﺔ :ﯾﺷﯾر ﻫذا اﻟﻔﯾﻠﺳوف إﻟﻰ ﺿرورة اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺣﺻل " " sens
واﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻘدر " " significationإو ّﻻ وﻗﻌﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺧﻠط ﺑﯾن ﻣﻔﻬوﻣﯾن ﻣﺧﺗﻠﻔﯾن وﻫﻣﺎ اﻟﺟﻣﻠﺔ واﻟﻘول ،ﻷن اﻟﺟﻣﻠﺔ
56
-اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب ،دراﺳﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ﻟظﺎﻫرة اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ،ص.22
57
-اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب :دراﺳﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ﻟظﺎﻫرة " اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ " ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،ص.23
58
-اﻟﺟﯾﻼﻟﻲ ) دﻻّش ( :ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﻣﺣﻣد ﯾﺣﯾﺎﺗن ،دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ )اﺑن ﻋﻛﻧون،
اﻟﺟزاﺋر ( ،1986 ،ص.18
37
ﻟﻬﺎ ﻣﻌﻧﻰ ﻣﻘدر -ﻣﺎ ﻋدا ﺗﻠك اﻟﺟﻣل اﻟﺗﻲ ﺗﻛﺗﺳب ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي ﺗرد ﻓﯾﻪ -وﯾﺗﺣﻘق اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻣن
اﻟﻘﺎﻋدة :اﻟﺗﻲ ﯾﺧﺿﻊ اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﺷروط اﺳﺗﺑداﻟﯾﺔ " " paradigmatiquesوﻧﺣوﯾﺔ
واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﺗﺧﺿﻊ إﻟﻰ اﻟﺗواﺿﻊ واﻻﺻطﻼح ،ﻓﺎﻟﻘﺎﻋدة ﻋﻧد " ﻓﯾﺗﺟﻧﺷﯾن " ﻟﻌﺑﺔ ﻣن أﻟﻌﺎب اﻟﻠﻐﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺷﺎرك ﻓﯾﻬﺎ أن ﯾﻛون ﻣﻠﻣﺎ ﺑﺎﻟﻘواﻋد اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ) اﻻﺻطﻼﺣﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ( دون أن ﯾﻬﻣل اﻟﻘواﻋد اﻟﺛﺎﻧوﯾﺔ )
اﻻﺻطﻼﺣﺎت اﻟﻔردﯾﺔ ( ﻷن ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﺑﺗﻧوع اﻟﻧﺷﺎط اﻟﻠﻐوي ﺑﺻﻔﺔ ﻏﯾر ﻣﺣدودة.
أﻟﻌﺎب اﻟﻠﻐﺔ :ﻫﻲ اﻟﻣﺣور اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟذي ﻗﺎﻣت ﻋﻠﯾﻪ ﺗﺣﻠﯾﻼت " ﻓﯾﺗﺟﻧﺷﯾن " واﻋﺗﺑرﻩ ﺗﻛﻣﻠﺔ
ﻟﻠﻣﻔﻬوﻣﯾن اﻟﺳﺎﺑﻘﯾن ) اﻟدﻻﻟﺔ ،اﻟﻘﺎﻋدة ( ،وﯾﺷﯾر ﻫذا اﻟﻔﯾﻠﺳوف إﻟﻰ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟب أن ﯾﺗﺳﻠل اﻟﺷك ﻓﻲ ﻟﻌﺑﺔ اﻟﻠﻐﺔ
واﻷﻫم ﻣن ﻛل ﻫذا أن ﻻ ﺗُﺛﺑت اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻋﻛس ﻣﺎ ﻧﺗوﻗﻌﻪ ،ﺣﯾث ﯾﻘول ":ﺗﺻوﱠر اﻟﻠﻌﺑﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ :ﻋﻧدﻣﺎ أﻧﺎدﯾك
أدﺧل ﻣن اﻟﺑﺎب "ﻓﻔﻲ ﺟﻣﯾﻊ أﺣوال اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻌﺎدﯾﺔ ،ﯾﺑدو اﻹﻗدام ﻋﻠﻰ اﻟﺷك ﺑﺄن ﻫﻧﺎك ﺑﺎﺑًﺎ ﺣﻘﺎ ﺿرﺑﺎ ﻣن
اﻟﻣﺳﺗﺣﯾﻼت".59
ﻛﻣﺎ ﯾرى" ﻓﯾﺗﺟﻧﺷﯾن" أن اﻟﻠﻐﺔ وﻣﺎ ﺗﺣﻣﻠﻪ ﻣن ﻣﻌﻧﻰ ﺗﻬدف إﻟﻰ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻓﻲ ﻏﯾرﻧﺎ
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﻬم واﻟﺗﻣﺛﯾل ،ﻓﺑدون ﻟﻐﺔ ﻟن ﻧﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ اﻵﺧرﯾن ،ﻓﻬﻲ إذن ﺟزء ﻣن ﻧﺷﺎط وطرﯾﻘﺔ ﺣﯾﺎة،
ﺣﯾث ﯾﻔﺳر ﻫذا اﻟﻔﯾﻠﺳوف ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ ) اﻷﺑﺣﺎث اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ( ﺑﻘوﻟﻪ ":ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻣﺔ ﻟﻌﺑﺔ اﻟﻠﻐﺔ أن ﯾُﺳﺗﺧﻠص
ﻣﻧﻬﺎ ﺑﺄن ﺗﻛﻠم اﻟﻠﻐﺔ ،ﻫو ﺟزء ﻣن ﻧﺷﺎط و طرﯾﻘﺔ ﺣﯾﺎة ،إذ ﺗُﻘدﱢم ﺑﻧﻔﺳك ﻣﺧﺗﻠف أﻟﻌﺎب اﻟﻠﻐﺔ ﺑﻣﺳﺎﻋدة ﻫذﻩ اﻷﻣﺛﻠﺔ
اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ،وأﺧرى ﻏﯾرﻫﺎ:أأﻣر أو أﻋﻣل ﺑﺣﺳب اﻷواﻣر ، -وﺻف ﻣوﺿوع ﺑﺣﺳب ظﻬورﻩ أو ﻣﻘﺎﯾﯾﺳﻪ :أﺿﻊ ﺷﯾﺋﺎ ﻣن
ﺧﻼل وﺻف ﻣﺎ ..اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻓﺗراض واﺧﺗﺑﺎر- :ﺑﺗﻘدﯾم ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺗﺟرﺑﺔ ،ﺑواﺳطﺔ ﺟداول أو رﺳم ﺑﯾﺎﻧﻲ - ،اﺑﺗداع ﻗﺻﺔ:
60
ﺗﻌﺎطﻲ اﻟﻣﺳرح -ﻏﻧﺎء اﻟدواﺋر -اﻟﺣدس ﺑﺎﻷﻟﻐﺎز :طﻠب -ﺷﻛر -ﺷﺣذ -ﺳﻠم -ﺗﻠﻔظ ﺑدﻋﺎء" .
59
-ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،ص.19
60
-اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،ص.23
38
وﯾﺷﯾر " ﻓﯾﺗﺟﻧﺷﯾن" إﻟﻰ أن ﻗﺎﺋﻣﺔ أﻟﻌﺎب اﻟﻠﻐﺔ ﻣﻔﺗوﺣﺔ وﻣﺗﻧوﻋﺔ وﻣﺗطورة ﺣﺳب ﺗﻧوع وﺗطور اﻟﻧﺷﺎط
اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ وﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﺑداع ،وﻫذا ﻣﺎ ﻓﺗﺢ اﻟﻣﺟﺎل ﻟظﻬور أوﻟﻰ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺗﯾﺎر اﻟﺗداوﻟﻲ.
ُﺟﻬت ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻻﻧﺗﻘﺎدات ﻟﻬذا اﻟﻔﯾﻠﺳوف ﻣن طرف ﺑﻌض ﻓﻼﺳﻔﺔ أﻛﺳﻔورد ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ أن "
وﻗد و ﱢ
وﻗد ﺗﺄﺛر ﻓﻼﺳﻔﺔ أﻛﺳﻔورد ﺑﻣذﻫﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻠﻐوي واﻫﺗﻣﺎﻣﻪ ﺑﻘﺿﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧﻰ ،وﯾﺑدو ذﻟك ﺟﻠﯾﺎ ﻓﻲ آراﺋﻪ
to do اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﺎﻫﺎ ﻛل ﻣن "ج.ل أوﺳﺗﯾن" ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ اﻟﺷﻬﯾر " ﻛﯾف ﺗﻔﻌل اﻷﺷﯾﺎء ﺑﺎﻟﻛﻠﻣﺎت " " How
"things with wordsﺳﻧﺔ ) (1962اﻟذي ﻛﺎن ﻟﻪ ﺷﺄن ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗطور اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺗداوﻟﻲ وﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻧظرﯾﺔ
أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم .وﺗﻠﻣﯾذﻩ " ج.ﺳورل " اﻟذي ﻧظّم أﻓﻛﺎر أﺳﺗﺎذﻩ وطور ﻧظرﯾﺔ أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم ﻣن ﺧﻼل اﻫﺗﻣﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻘوى
ُﺗﺿ ّﻣﻧَﺔ ﻓﻲ اﻟﻘول وﯾظﻬر ذﻟك ﺟﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﻪ اﻟذي ظﻬرﻋﺎم ) (1969ﺑﻌﻧوان " أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم " "
اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻣ َ
،"Speech Actsﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺟﻬود " ﺑول ﺟراﯾس" "" H.P.Griceاﻟﺗﻲ أﺳﻬﻣت ﻓﻲ ﺗطور اﻟدرس اﻟﺗداوﻟﻲ
ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﺣدﯾﺛﻪ ﻋن ﻣﺑﺎدئ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺔ ،61ﻣﻊ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻣﺻطﻠﺢ " ﺗداوﻟﯾﺔ " ﻟم ﯾظﻬر ﻓﻲ أي ﻣؤﻟف ﻟﻬؤﻻء
اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ،وﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر أن اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻟم ﺗﺻﺑﺢ ﻣﺟﺎﻻ ﯾُﻌﺗ ّد ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟدرس اﻟﻠﻐوي اﻟﻣﻌﺎﺻر ّإﻻ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد اﻟﺳﺎﺑﻊ
ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﺑﻔﺿل اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﻗدﻣﻬﺎ ﻫؤﻻء اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﺛﻼﺛﺔ اﻟذي ﯾﻧﺗﻣون أﺻﻼ إﻟﻰ ﺗﯾﺎر " ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻌﺎدﯾﺔ " وﻫﻲ اﻟﺣﺿن اﻷول اﻟذي ﻧﺷﺄت ﻓﯾﻪ ﻧظرﯾﺔ أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم ﺣﯾث ﻛﺎن ﺟل اﻫﺗﻣﺎﻣﻬم ﻣﻧﺻﺑﺎ ﻋﻠﻰ أﻫﻣﯾﺔ
ﺑﻔﻬﻣﻬﺎ وﺗﺄوﯾﻠﻬﺎ وﻛﺎن ﻫذا ﻣن ﺻﻣﯾم اﻟﺑﺣث اﻟﺗداوﻟﻲ.62ﻣن ﻫﻧﺎ ﻛﺎن ﻣوﺿوع اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻫو دراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ
61
-ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣد ) ﯾوﻧس ﻋﻠﻲ ( :ﻣﻘدﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻣﻲ اﻟدﻻﻟﺔ واﻟﺗﺧﺎطب ،دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺟدﯾد اﻟﻣﺗﺣدة ) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط1
دت ،ص.15
62
-آﻓﺎق ﺟدﯾدة ﻓﻲ اﻟﺑﺣث اﻟﻠﻐوي اﻟﻣﻌﺎﺻر ،ص ص.10 ،9
39
ﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﯾﻣﻛن ﺗﺣدﯾد ﺑﻌض اﻟﻧﻘﺎط اﻟﺗﻲ ﺗﻠﺗﻘﻲ ﻓﯾﻬﺎ أﺑﺣﺎث اﻟﻌرب اﻟﻘدﻣﺎء ﻣﻊ ﻣﺎ ﻗدﻣﻪ اﻟوظﯾﻔﯾون
63
اﻟﻣﺣدﺛون ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ ،ﻣﻧﻬﺎ:
إن اﻫﺗﻣﺎم اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﻠﺗﻘﻲ ﻣﻊ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌﻠوم واﻟﺗﺧﺻﺻﺎت اﻷﺧرى ذات اﻟﺻﻠﺔ
اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ،ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس ،ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ،اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ ،اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ..وﻫذا ﻣﺎ ذﻫﺑت إﻟﯾﻪ " ﻓراﻧﺳواز
أرﻣﯾﻧﻛو" ﻓﻲ ﻗوﻟﻬﺎ ":وﻧﻛﺎد ﻧرى ﺟﯾدا ،ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ،إﻟﻰ أي ﺣد ﺗﻛون اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻣﻔﺗرق طرق ﻏﻧﯾﺔ
ﻟﺗداﺧل -اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻠﺳﺎﻧﯾن ،اﻟﻣﻧﺎطﻘﺔ ،اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﯾن ،اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ،اﻟﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾﯾن واﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﯾﯾن ﻓﻧظﺎم اﻟﺗﻘﺎطﻌﺎت
64
ﻫو ﻧظﺎم ﻟﻺﻟﺗﻘﺎءات وﻟﻺﻓﺗراﻗﺎت "
وﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ ﺳﺄﺣﺎول ﺗﺣدﯾد ﺑﻌض اﻟﻧﻘﺎط اﻟﺗﻲ ﺗﻠﺗﻘﻲ وﺗﺧﺗﻠف ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻣﻊ ﺑﻌض اﻟﺗﺧﺻﺻﺎت ﻟﻠﻛﺷف ﻋن
ﺗﻬﺗم اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻛﻼم ،وﻫو اﻟﺟﺎﻧب اﻟذي أﺑﻌدﻩ اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﺷﻬﯾر " ﻓردﯾﻧﺎن دوﺳوﺳﯾر"
63
-ﻓﻲ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ :ﻣﻊ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﺄﺻﯾﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدرس اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻘدﯾم ،ص.142
64
-اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،ص.11
40
ﻣن ﻣﺟﺎل دراﺳﺎﺗﻪ ﺣﯾن وﺿﻊ ﺛﻧﺎﺋﯾﺗﻪ اﻟﺷﻬﯾرة ) ﻟﻐﺔ /ﻛﻼم ( ،ﺣﯾث اﻋﺗﺑر اﻟﻠﻐﺔ ﻧظﺎﻣﺎ ﻣﻐﻠﻘﺎ ﺗﺗم دراﺳﺗﻪ ﺑﻌﯾدا
ﻋن ﻛل اﻟﻣؤﺛرات اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،وﻫو ﺑذﻟك ﯾﻠﻐﻲ ﻛل اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻔردﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطﺑﻊ ذﻟك اﻟﻧظﺎم أﺛﻧﺎء اﻷداء ،ﻓﺣﺳب
65
ﻗوﻟﻪ ":اﻟﻠﻐﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﻛﻼم ﻓﻲ أﻧﻬﺎ ﺷﻲء ﯾﻣﻛن دراﺳﺗﻪ ﺑﺻورة ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ" .
وﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻗوﻟﻪ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل إن اﻟﻛﻼم ﻟﯾس ﻣﻌزوﻻ ﻋن اﻟﻠﻐﺔ إﻻ اﻓﺗراﺿﺎ ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻐﺔ أن ﺗﺗﺣﻘق
إﻻ ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى اﻟﻛﻼم ،ﺣﯾث ﺗُطﺑﻊ ﺑﺧﺻﺎﺋص ﻣن ﯾؤدﯾﻬﺎ ﻣﻬﻣﺎ ﺣﺎول ﺗﺟﻧب ذﻟك "ﻓﺎﻟﻛﻼم-إذا -ﻣظﻬر ﻣن
66
ﻓﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﺑﺣﺎﺟﺔ ﻣظﺎﻫر ﺗﺣﻘق اﻟﻠﻐﺔ واﻗﻌﺎ؛ ودراﺳﺗﻪ ﻫﻲ دراﺳﺔ اﻟواﻗﻊ اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﻐﺔ ،واﻟﺗداﺧل واﺿﺢ ﺑﯾﻧﻬﺎ".
ﻟﻶﺧر وﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻬﻣﺎ ﻣﺧﺗﻠﻔﯾن إﻧﻣﺎ ﻫو ﻣﻧﻬﺞ اﻟدراﺳﺔ؛ ﻓﺎﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﺗﻬﺗم ﺑوﺻف اﻟﻠﻐﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن
اﻟﻣﻧﺗظﻣﺔ ﺑﻣﻌزل ﻋن ﻛل ﻣﺎ ﯾﺣﯾط ﺑﻬﺎ وﻫﻲ ﺑذﻟك ﺗﻠﻐﻲ ﺧﺎﺻﯾﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ واﻟﺗﺄﺛﯾرﯾﺔ ،أﻣﺎ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﺗﻬﺗم
ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ أﺛﻧﺎء اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﻣرﻛزة ﻓﻲ ذﻟك ﻋﻠﻰ دور اﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﺑﻬدف ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗواﺻل وﻣن ﺛﻣﺔ
ﺗﻌد ﻛل ﻣن اﻟﺗداوﻟﯾﺔ واﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻣﯾن ﻣﺗراﺑطﯾن ﻷﻧﻬﻣﺎ ﯾﺷﺗرﻛﺎن ﻓﻲ اﻫﺗﻣﺎﻣﻬﻣﺎ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﻲ
اﻟﻠﻐﺔ،67إﻻّ أﻧﻬﻣﺎ ﯾﺧﺗﻠﻔﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ﺑﺟواﻧﺑﻪ؛ ﻓﺎﻟدﻻﻟﺔ ﺗدرس اﻟﻣﻌﻧﻰ وﻓﻘﺎ ﻟﻠوﺿﻊ ﺑﻣﻌزل ﻋن اﻟﺳﯾﺎق وﺑﻌﯾدا ﻋن
اﻟﻣﻘﺎﻣﺎت اﻟﺗﺧﺎطﺑﯾﺔ .68أ ّﻣﺎ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﺗﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﻣﻌﻧﻰ وﻓﻘﺎ ﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻪ ﻣراﻋﯾﺔ ﻓﻲ ذﻟك ظروف اﻟﻣﺗﻛﻠﻣﯾن
وﻣﻘﺎﺻدﻫم واﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟﻬﺎّ .إﻻ أن اﻟﻠﻐوي " ﺷﺎﻫر اﻟﺣﺳن" ﯾرى أﻧﻪ ﻻ ﯾﺻﺢ ﺣﺻر اﻟدﻻﻟﺔ ﻓﻲ دراﺳﺔ
اﻟﻣﻌﻧﻰ ﺑﻣﻌزل ﻋن اﻟﺳﯾﺎق ﻓـ" اﻟﺳﯾﻣﺎﻧﺗﯾﻛﯾﺔ ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻓﻲ إطﺎر أدﻧﻲ ﻣن اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎم ،ﺑﯾﻧﻣﺎ
65
-ﻓردﯾﻧﺎن ) دوﺳوﺳﯾر( :ﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎم ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﯾوﺋﯾل ﯾوﺳف ﻋزﯾز ،دار اﻟﻛﺗب ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر ) ﺑﯾت اﻟﻣوﺻل،
ﺑﻐداد ،اﻟﻌراق( ،دط ،1988 ،ص.33
66
-ﻓﻲ ﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ :ﻣﻊ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﺄﺻﯾﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدرس اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻘدﯾم ،ص.123
67
-ﻣﻘدﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻣﻲ اﻟدﻻﻟﺔ واﻟﺗﺧﺎطب ،ص.1
68
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.13
41
اﻟﺑراﺟﻣﺎﺗﯾﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﺗﺗوﻟﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ ﺿﻣن إطﺎر اﻟﻣﻘﺎم اﻟﻣﺣدد اﻟﻣﻌﺎﻟم واﻟﻣﻘﺎﺻد " .69وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺗﺿﺢ اﻟﺗداﺧل
واﻟﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن اﻟﻌﻠﻣﯾن؛ ﻓﺎﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺗﺑدأ ﻣن ﺣﯾث ﺗﻧﺗﻬﻲ اﻟدﻻﻟﺔ ،ﺣﯾث ﺗﻘوم اﻟدﻻﻟﺔ ﺑﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﻠﻔوظﺎت و ﺗﺣدﯾد
ﻣﻌﺎﻧﯾﻬﺎ اﻟﺣرﻓﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر أدﻧﻰ ﻣن اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎم ،ﻟﻛن دون اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﻣﻘﺎﺻد اﻟﻣﺗﻛﻠﻣﯾن ،ﺛم ﺗﺄﺗﻲ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ
ﻟرﺑط ﻣﻘﺎﺻد اﻟﻣﺗﻛﻠﻣﯾن ﺑﺎﻟﻣﻘﺎم اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟﻬم ﻣراﻋﯾﺔ ﻓﻲ ذﻟك ﺷروط ﻧﺟﺎح أو إﺧﻔﺎق اﻟﻌﺑﺎرات اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر
اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي ﺗرد ﻓﯾﻪ -ﻓﻬﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻟدﻻﻟﺔ-ﺗدرس اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟﻧص واﻟﺳﯾﺎق ﻣﻬﺗﻣﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ
ﺑﺎﻟﺗراﺑط ﺑﯾن ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻧص وﻋﻧﺎﺻر اﻟﻣوﻗف اﻻﺗﺻﺎﻟﻲ اﻟذي ﯾرﺗﺑط ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻣﻧﻬﺟﻲ.70
ﺗﺗﻘﺎطﻊ ﻛل ﻣن اﻟﺗداوﻟﯾﺔ واﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺟواﻧب ،ﻧﺣو اﻫﺗﻣﺎﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ إﻻ أن ﻛﻼ ﻣﻧﻬﻣﺎ ﺗﺧﺗﻠف
ﻋن اﻷﺧرى ﻣن ﺣﯾث ﻣﻧﻬﺞ اﻟدراﺳﺔ ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺗﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ أﺛﻧﺎء اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ﻗواﻋد ﻫذا
اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد ﻓﻲ أذﻫﺎﻧﻧﺎ واﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻧﺎ ﺑﺗﺄدﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣطﻠوب ﻛﺎﻟﻘواﻋد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﻌﻣﻠﯾﺔ
واﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ،72وﻣراﻋﺎة اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي ﺗرد ﻓﯾﻪ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻘوى اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ
وﺷروط ﺗﺣﻘق اﻟﻔﻌل ﺑﺎﻟﻘول ،ﻓﺈن اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﺗﻠﻐﻲ ﻛل اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺗﻲ ﺗﺧرج ﻣن ﻧطﺎق اﻟﺑﻌد اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ ﻟﻠﻧص اﻷدﺑﻲ،
ﻓﻬﻲ إو ن أﻗرت ﺑوﺟود ﺟواﻧب ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻧﻔﺳﯾﺔ ﺗؤﺛر ﻓﻲ إﻧﺗﺎج اﻟﻧص اﻷدﺑﻲ إﻻ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺄﺧذﻫﺎ ﺑﻌﯾن
اﻻﻋﺗﺑﺎر أﺛﻧﺎء دراﺳﺗﻬﺎ ﻟﻠﻧص ،ﻓﺎﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﺗﻘف ﻋﻧد ﺣدود ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻌﺑﺎرة وﻫﻲ ﺑذﻟك ﺗﻧظر إﻟﻰ اﻟﻧص اﻷدﺑﻲ ﻣن
ﺧﻼل ﺣﺻرﻩ ﺑﯾن ﺛﻧﺎﺋﯾﺔ "اﻟﻧﻣط واﻻﻧزﯾﺎح" أو "اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻣﻌﯾﺎري" و" اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻷدﺑﻲ" أو " اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ
69
-ﺷﺎﻫر )اﻟﺣﺳن( :ﻋﻠم اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺳﻣﺎﻧﺗﯾﻛﯾﺔ واﻟﺑراﺟﻣﺎﺗﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،دار اﻟﻔﻛر ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر ) ﻋﻣﺎن ،اﻷردن(
ط ،2001 ،1ص.160
70
-ﻓﺎن ) دﯾك ( :ﻋﻠم اﻟﻧص :ﻣدﺧل ﻣﺗداﺧل اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﺳﻌﯾد ﺣﺳن ﺑﺣﯾري ،دار اﻟﻘﺎﻫرة ﻟﻠﻛﺗﺎب ) ﻣﺻر(
ط ،2001 ،1ص.116
71
-ﺑوزﯾد ) ﻣوﻣﻧﻲ ( :ﻣﻌﻠﻘﺔ اﻣرئ اﻟﻘﯾس :دراﺳﺔ أﺳﻠوﺑﯾﺔ ،ﻣذﻛرة ﺗﺧرج ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟدﻻﻟﺔ ،إﺷراف :ﺑﻠﻘﺎﺳم
ﻟﯾﺑﺎرﯾر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻧﺗوري ) ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ ( ،2006-2005 ،ص .31
72
-ﻋﺑد اﻟﻣﺟﯾد ) ﺟﺣﻔﺔ ( :ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،دار ﺗوﺑﻘﺎل ﻟﻠﻧﺷر) اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء ،اﻟﻣﻐرب( ،1999 ،ص.28
42
واﻟﻛﻼم اﻷدﺑﻲ" .73ﻣن ﻫﻧﺎ ﻧﺧﻠص إﻟﻰ أن اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺗدرس اﻟﻠﻐﺔ أﺛﻧﺎء اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ أﻣﺎ اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﺗﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ
ﺗدرس اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻛل ﻣﺎ ﯾرﺗﺑط ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻐﺔ وﻣﻣﺎرﺳﺗﻬﺎ أﺛﻧﺎء ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻل ﺑﻘﺻد ﺗﺑﻠﯾﻎ رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎ ،ﻣراﻋﯾﺔ
ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺣﺎل ) ﻟﻛل ﻣﻘﺎم ﻣﻘﺎل ( .وﻗد ﻋرّﻓﻬﺎ " أﺑو اﻟﻬﻼل اﻟﻌﺳﻛري" ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﺑﻘوﻟﻪ ":اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻣن
َﻐت اﻟﻐﺎﯾﺔ :إذا اﻧﺗﻬﯾت إﻟﯾﻬﺎ ،وﺑﻠّﻐﺗُﻬﺎ ﻏﯾري ..ﻓﺳﻣﯾت اﻟﺑﻼﻏﺔ ﺑﻼﻏﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻧﻬﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ إﻟﻰ ﻗﻠب
ﻗوﻟﻬم َﺑﻠ ُ
74
اﻟﺳﺎﻣﻊ ﻓﯾﻔﻬﻣﻪ..واﻟﺑﻼغ أﯾﺿﺎ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ):ﻫذا ﺑﻼغ ﻟﻠﻧﺎس ( أي ﺗﺑﻠﯾﻎ".
وﻻ ﯾﺧرج ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﺻطﻼﺣﺎ ﻋن اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ واﻻﻧﺗﻬﺎء إﻟﻰ ﻗﻠب اﻟﺳﺎﻣﻊ" اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻛل ﻣﺎ ﺗﺑﻠﻎ ﺑﻪ اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻗﻠب اﻟﺳﺎﻣﻊ،
75
ﻓﺗﻣﻛﻧﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻪ ﻛﺗﻣﻛﻧﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺳك ﻣﻊ ﺻورة ﻣﻘﺑوﻟﺔ وﻣﻌرض ﺣﺳن" .
ﻓﺎﻟﺑﻼﻏﺔ إذن ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ واﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ اﻟﺳﺎﻣﻊ أﺛﻧﺎء ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻل .وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺻﺑﺢ اﻟﺗداﺧل واﺿﺣﺎ
ﺑﯾن اﻟﻌﻠﻣﯾن ،إذ إﻧﻬﻣﺎ ﯾﺷﺗرﻛﺎن ﻓﻲ اﻫﺗﻣﺎﻣﻬﻣﺎ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﺑوﺻﻔﻬﺎ أداة ﺗﺑﻠﯾﻎ وﺗﺄﺛﯾر وﺗواﺻل ﺑﯾن اﻟﻣﺗﻛﻠﻣﯾن،
وﯾﺳﺎﻧد ﻫذا اﻟرأي " ﻟﯾﺗش" " " Leitchﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ":إن اﻟﺑﻼﻏﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﺻﻣﯾﻣﻬﺎ؛ إذ أﻧﻬﺎ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻻﺗﺻﺎل ﺑﯾن
اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻟﺳﺎﻣﻊ ،ﺑﺣﯾث ﯾﺣﻼن إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﻋﻼﻗﺗﻬﻣﺎ ،ﻣﺳﺗﺧدﻣﯾن وﺳﺎﺋل ﻣﺣددة ﻟﻠﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺿﻬﻣﺎ ،وﻟذﻟك ﻓﺈن
76
اﻟﺑﻼﻏﺔ واﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﺑراﻏﻣﺎﺗﯾﺔ ،ﺗﺗﻔﻘﺎن ﻓﻲ اﻋﺗﻣﺎدﻫﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻐﺔ ﻛﺄداة ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻔﻌل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ" .
73
-ﻣﻌﻠﻘﺔ أﻣرىء اﻟﻘﯾس :دراﺳﺔ أﺳﻠوﺑﯾﺔ ،ص ص.32،31
74
-أﺑو اﻟﻬﻼل ) اﻟﻌﺳﻛري ( :ﻛﺗﺎب اﻟﺻﻧﺎﻋﺗﯾن "اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ واﻟﺷﻌر" ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﻠﻲ ﻣﺣﻣد اﻟﺑﺟﺎوي وﻣﺣﻣد أﺑﻲ اﻟﻔﺿل
إﺑراﻫﯾم ،ﻣﻧﺷورات اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻌﺻرﯾﺔ ) ﺻﯾدا ،ﺑﯾروت ( ،1986 ،ص.6
75
-ﻛﺗﺎب اﻟﺻﻧﺎﻋﺗﯾن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ و اﻟﺷﻌر ،ص.10
76
-اﻟﺗداوﻟﯾﺔ...اﻟﺑراﺟﻣﺎﺗﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة :ﺧطﺎب ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﺣداﺛﺔ ،ص ص .67،66
43
-5.3اﻟﺗداوﻟﯾﺔ وﻋﻼﻗﺗﻬﺎ ﺑﺗﺣﻠﯾل اﻟﺧطﺎب ":"L’analyse du discours
ﯾُﻌ ّد ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺧطﺎب أﺣد ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟدرس اﻟﻠﻐوي اﻟﺣدﯾث اﻟذي ﯾﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﻧﺻوص ﺳواء أﻛﺎﻧت ﻣﺣﻛﯾﺔ
أم ﻣﻛﺗوﺑﺔ .ﻓﺑﻌد أن ﻛﺎﻧت أﻧظﺎر اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن -ﺣﺗﻰ ﻣﻧﺗﺻف اﻟﺳﺑﻌﯾﻧﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن)-(20ﻣوﺟﻬﺔ ﻧﺣو دراﺳﺔ
اﻟﺟﻣﻠﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺳﺗوﯾﺎﺗﻬﺎ " اﻟﺻوﺗﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟدﻻﻟﯾﺔ " ،واﻟﺑﺣث ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻣﻧﺳﺟﻣﺔ وﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت
أم ﻻ ،أﺻﺑﺢ ﻛل اﻻﻫﺗﻣﺎم ﻣﻧﺻﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﻧص ،وﻫذا ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺳﺑﺎب ﻣﻧﻬﺎ :أن اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻗد ﺗﻛون
ﻣﻧﺳﺟﻣﺔ ﻣﻊ ﻗواﻋد اﻟﻧﺣو واﻟﺻرف ،ﻓﺗﻘﺑل ﻓﻘط إذا وردت ﻓﻲ ﺳﯾﺎﻗﻬﺎ اﻟﻣﻧﺎﺳب ،وﺗُرﻓض إذا اﺳﺗﻌﻣﻠت ﺧﺎرج
ﺳﯾﺎﻗﻬﺎ ،ﻓﻣﺛﻼ ﻋﺑﺎرة " أﻫﻧﺋك ﺑﻬذﻩ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟﺳﻌﯾدة " ﺗﻘﺑل إذا وردت ﻓﻲ ﺳﯾﺎق ﺗﻬﻧﺋﺔ ﺷﺧص ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺟﺎﺣﻪ
وﺗﻔوﻗﻪ أو ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ زواﺟﻪ ،وﺗرﻓض إذا ﻗﯾﻠت ﻣﺛﻼ ﻟﺷﺧص ﻓﻘد ﻋزﯾزا ،أو ﻓﺷل أﺛﻧﺎء اﺟﺗﯾﺎزﻩ ﻻﺧﺗﺑﺎر ﻣﺎ ،..وﻣﺎ
ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻏﯾر ﻣﻘﺑوﻟﺔ ﻫو اﻟﺳﯾﺎق اﻟﺧطﺄ اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ،واﻟﻣرﻓوض اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ .ﻫذا ﻣن ﺟﻬﺔ وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى أن
ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻل ﻻ ﺗﺗم ﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﺟﻣل أو ﻋﺑﺎرات ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ أو ﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ﻋن ﺑﻌﺿﻬﺎ ،ﻣن ﻫﻧﺎ ﺣﺎول ﺗﺣﻠﯾل
اﻟﺧطﺎب أن ﯾﺗﺟﺎوز اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻟﯾﺷﻣل اﻟﻧص ﺑﻣﺧﺗﻠف أﻧواﻋﻪ ) ﺷﻔوﯾﺎ ﻛﺎن أو ﻣﻛﺗوﺑﺎ ( ﻓﻌُرﱢف ﺑﺄﻧﻪ " اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻠﻐوي
ﻟﻠﺧطﺎب ﺳواء أﻛﺎن ﻣﺣﻛﯾﺎ أو ﻣﻛﺗوﺑﺎ ،وﯾﻬدف إﻟﻰ دراﺳﺔ اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﯾﺗﻌدى ﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻣﻠﺔ إﻟﻰ
77
ﻣﺳﺗوﯾﺎت أﻛﺑر ﻣﺛل اﻟﺣوار أو اﻟﻧص ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن ﺣﺟﻣﻪ ،وﯾﻬﺗم ﻫذا اﻟﻣﯾدان أﯾﺿﺎ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ ﺳﯾﺎﻗﻬﺎ" .
ﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺗﺿﺢ اﻟﺗداﺧل ﺑﯾن ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺧطﺎب واﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،وﺗﺑدو اﻟﻌﻼﻗﺔ وﺛﯾﻘﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﻓﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﯾﻬﺗم
77
-ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن اﻟﻣؤﻟﻔﯾن :ﻣﻘدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐوﯾﺎت اﻟﻣﻌﺎﺻرة ،دار واﺋل ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ) ﻋﻣّﺎن ،اﻷردن ( ،ط2006 ،3
ص. 200
78
-آﻓﺎق ﺟدﯾدة ﻓﻲ اﻟﺑﺣث اﻟﻠﻐوي اﻟﻣﻌﺎﺻر ،ص .11
44
-6.3اﻟﺗداوﻟﯾﺔ وﻋﻼﻗﺗﻬﺎ ﺑﻌﻠم اﻟﻠﻐﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ" :79"Sociolinguistiques
ﯾﺗداﺧل ﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣﻊ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻛوﻧﻪ ﯾﻬﺗم ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وأﺛرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﻛﻠﻣﯾن
وﻣﻘﺎﺻدﻫم وﻣوﺿوع اﻟﺣدﯾث وﻋﻠﻰ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﺳﻣﺎت اﻟﻠﻐوﯾﺔ وﻓﻲ ﺗﺑﯾﺎن ﻣراﺗب اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث وأﺟﻧﺎﺳﻬم
وﻏﯾرﻫﺎ.
ﺗﻌﺗﻣد اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﻲ دراﺳﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻟﻣﻘوﻻت اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﻧﺣواﻹﻫﺗﻣﺎم ﺑﻘدرات اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن )
اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻟﺳﺎﻣﻊ ( ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧظر إﻟﻰ ﺷﺧﺻﯾﺎﺗﻬم ودرﺟﺔ ذﻛﺎﺋﻬم وﻗدراﺗﻬم ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺗﺑﺎﻩ واﻟﺗذﻛرواﻟﺗرﻛﯾز ..وﻛل
ﻫذﻩ اﻟﻌﻧﺎﺻر ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ أداء اﻷﻓراد وﻗدراﺗﻬم اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﻗف اﻟﻛﻼﻣﻲ.
اﺳﺗﻔﺎدت اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﯾﺔ ﻛﺛﯾ ار ﻣن اﻟدرس اﻟﺗداوﻟﻲ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻌﻠﯾم ﻣن ﺣﯾث ﻣﻧﺎﻫﺟﻪ وﻧﻣﺎذج اﻟﺗﻣﺎرﯾن
واﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت واﻻﺧﺗﺑﺎرات ﺣﯾث اﻧﺗﻘل اﻟﺗﻌﻠﯾم ﻣن ﻣﺟرد اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺗﻠﻘﯾن اﻟﻛﻔﺎءات إﻟﻰ اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ أداء اﻟﻣﺗﻌﻠم،82
وﺗﻠﻘﯾﻧﻪ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﯾﻪ ،ﻓﺎﻷﻣر ﻟم ﯾﻌد ﻣﻧوطﺎ ﺑﺗدرﯾس ﻗﺎﻋدة ﻟﻐوﯾﺔ ) ﺑﻧﯾﺔ ﻧﺣوﯾﺔ( ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺑل ﺑﺗدرﯾس اﻟﻠﻐﺔ
ﺿﻣن ﺳﯾﺎﻗﺎﺗﻬﺎ و أطرﻫﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻠﻣﺗﻌﻠم ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻛﻼم اﺳﺗﻌﻣﺎﻻ ﯾﻼﺋم اﻟﻣﻘﺎم واﻟﻣﻘﺎﺻد اﻟﻣراد
ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﺗﻌﻠﯾﻣﯾﺔ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺷﺄن اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺗُﻌﻧﻰ ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟﻣﻠﻛﺔ واﻟﺗﺑﻠﯾﻎ واﻟﻣﻘﺎم.
79
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .10
80
-آﻓﺎق ﺟدﯾدة ﻓﻲ اﻟﺑﺣث اﻟﻠﻐوي اﻟﻣﻌﺎﺻر ،ص .11
81
-ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،ص.46
82
-ﻓﻲ ﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ :ﻣﻊ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﺄﺻﯾﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدرس اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻘدﯾم ،ص.133
45
-9.3اﻟﺗداوﻟﯾﺔ وﻋﻼﻗﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﺣو اﻟوظﯾﻔﻲ" : " grammaire fonctionnelle
ﺗﻌد ﻧظرﯾﺔ اﻟﻧﺣو اﻟوظﯾﻔﻲ اﻟﺗﻲ ظﻬرت ﻓﻲ ﺳﺑﻌﯾﻧﯾﺎت اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ ﺛﻣرة ﻣن ﺛﻣرات اﻟدراﺳﺎت اﻟوظﯾﻔﯾﺔ،
ﻧذﻛر ﻣﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻻ اﻟﺣﺻر أﺑﺣﺎث " ﻣدرﺳﺔ ﺑراغ " اﻟﺗﻲ ﻋﻣدت إﻟﻰ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻋﻠم اﻷﺻوات وﻋﻠم
اﻷﺻوات اﻟوظﯾﻔﻲ اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬوم " اﻟﻔوﻧﯾم " " " phonèmeﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺧطط " ﺟﺎ ﻛﺑﺳون "
" " Jakobsonﻓﻲ اﻟﺗواﺻل ﺑوظﺎﺋﻔﻪ اﻟﺳت اﻟﻣﻌروﻓﺔ ،وأﻋﻣﺎل اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻧﺳﻘﯾﺔ ﺑـ" ﻟﻧدن" اﻟﺗﻲ دﻋت إﻟﻰ ﻋدم إﻏﻔﺎل
اﻟﺟواﻧب اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ وﻗد طورت ﻓﻲ ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻣﻔﻬوم ﺳﯾﺎق اﻟﺣﺎل ،ودﻋت إﻟﻰ
وﺗﻘوم ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟوظﯾﻔﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻐﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ وﻫﻲ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ واﻟﺗواﺻل ،ﻓﻬذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻻ ﺗﻣﯾز
ﺑﯾن اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﺑﺟﻣﯾﻊ ﻣﺳﺗوﯾﺎﺗﻬﺎ اﻟﺻوﺗﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟدﻻﻟﯾﺔ وﺑﯾن اﻟوظﺎﺋف اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤدﯾﻬﺎ ﻫذﻩ
اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻷرﺑﻌﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى ﺗﻘوم ﺑﺎﻟﺗﺑﻠﯾﻎ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب رﺻد ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻌﺑرة اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ )اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺻوﺗﯾﺔ
واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﻣﻌﺟﻣﯾﺔ واﻟﺗرﻛﯾﺑﯾﺔ( وﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ورﺻد اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن
اﻟﺧﺻﺎﺋص وﺗﻠك.83ﻓﺎﻟﻧﺣو اﻟوظﯾﻔﻲ اﻟذي ﯾﻌد أﻫم راﻓد ﻟﻠدرس اﻟﺗداوﻟﻲ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﯾﺷﺗرك ﻣﻊ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﻲ
اﻫﺗﻣﺎﻣﻪ ﺑوﺻف اﻟﻛﻔﺎءة اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ " " Compétence communicativeﻟﻠﻣﺗﻛﻠم واﻟﺳﺎﻣﻊ وﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ
إﻟﻰ وﺻف وﺗﻔﺳﯾر اﻟﺟواﻧب اﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑوظﯾﻔﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟﺗﻲ ﺗؤدﯾﻬﺎ اﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺎﻋﻼﺗﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻣﺗﺧﺎطﺑﯾن،84
وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺗﺿﺢ اﻟﺗداﺧل ﺑﯾن اﻟﻌﻠﻣﯾن ،ﻓﺎﻟوظﯾﻔﺔ ﺑﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﻌﺎم ﺗﻘﺎﺑل ﻣﻔﻬوم اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،85وﻫو ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ " ﺳﯾﻣون
دﯾك " ﺣﯾث اﻗﺗرح ﻧظرﯾﺔ اﻟﻧﺣو اﻟوظﯾﻔﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﻣﺑﺎدﺋﻬﺎ اﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ.86
83
-ﯾﺣﻲ ) ﺑﻌﯾطﯾش ( :ﻧﺣو ﻧظرﯾﺔ وظﯾﻔﯾﺔ ﻟﻠﻧﺣو اﻟﻌرﺑﻲ ،أطروﺣﺔ دﻛﺗوراﻩ دوﻟﺔ ،إﺷراف :ﻋﺑد اﷲ ﺑوﺧﻠﺧﺎل ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻧﺗوري
)ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ ( ،2006 -2005 ،ص .80
84
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.81
85
-أﺣﻣد ) اﻟﻣﺗوﻛل ( :اﻟوظﺎﺋف اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ﻣﻧﺷورات اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗﺄﻟﯾف و اﻟﺗرﺟﻣﺔ و اﻟﻧﺷر) اﻟدار
اﻟﺑﯾﺿﺎء ،اﻟﻣﻐرب( ،ط،1985 ،1ص .8
86
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .9
46
ﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﺳﺄﺣﺎول ﺗﻠﺧﯾص ﻛل ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﻲ اﻟﻣﺧطط اﻵﺗﻲ:
اﻟﺪﻻﻟﺔ – Sémantique
47
-4أﻫم اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﺗداوﻟﯾﺔ:
ﺗﻘوم اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم ﻣن أﺑرزﻫﺎ ":ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ،ﻣﺑدأ اﻟﻘﺻدﯾﺔ
وﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ ﺳﺄﺣﺎول ﺗﺣدﯾد ﻣدﻟوﻻت ﻫذﻩ اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم ،ﻋﻠﻰ أن ﺗﺗﻧﺎول ﻧظرﯾﺔ "أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم" ﺑﺎﻟدراﺳﺔ واﻟﺗﺣﻠﯾل
ھﻲ ﻣﻔﮭوم ﺗداوﻟﻲ ﺗﺄﺳس ﻋﻠﻰ ﯾد ﻛل ﻣن اﻟﺑﺎﺣث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻔرﻧﺳﻲ" د.ﺳﺑرﺑر" " "D.Sperber
واﻟﺑرﯾطﺎﻧﻲ " د.وﻟﺳن" " .87"D.Wilsonوﺗﮭﺗم ھذه اﻟﻧظرﯾﺔ ﺑﻣﻘوﻟﺔ اﻟﻣﻘﺎم ،ﺣﯾث ﺗﻘوم ﺑﺗﻔﺳﯾر اﻟظواھر
اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ وﺳﻣﺎﺗﮭﺎ اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻓﻲ طﺑﻘﺎﺗﮭﺎ اﻟﻣﻘﺎﻣﯾﺔ ،وﺗﻌد ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﮫ ﻧظرﯾﺔ إدراﻛﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﻠوم
اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ اﻹدراﻛﯾﺔ.88
وﻗد اﻋﺗﻣد ﻛل ﻣن " وﻟﺳن" و " ﺳﺑرﺑر" أﺛﻧﺎء ﺗﺄﺳﯾﺳﻬﻣﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ أﺳس ﻋﻠﯾﻬﺎ "
ﺟراﯾس " ﻣﻔﻬوم اﻻﺳﺗﻠزام اﻟﺣواري واﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻌﺎون ،ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻣﺣﻛوم ﺑﺄرﺑﻊ ﻣﺳﻠﻣﺎت ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻣﺳﻠﻣﺔ
ﻫو ﻣﻔﻬوم أﺧذﻩ " أوﺳﺗﯾن " ﻋن " ﻫوﺳرل " و اﻟظﺎﻫراﺗﯾﯾن وأدﺧﻠﻪ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻼﺗﻪ ﻟﻠظواﻫر اﻟﻠﻐوﯾﺔ ،واﻋﺗﺑر أن ﻛل
87
-اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب :دراﺳﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ﻟظﺎﻫرة اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،ص.36
88
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﮫ ص 36
48
وﯾﻬﺗم ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﺑـ" اﻟرﺑط ﺑﯾن اﻟﺗراﻛﯾب اﻟﻠﻐوﯾﺔ وﻣراﻋﺎة ﻏرض اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻟﻣﻘﺻد اﻟﻌﺎم ﻣن اﻟﺧطﺎب ﻓﻲ
89
إطﺎر ﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻣﺳﺗوف ﻟﻸﺑﻌﺎد اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻟﻠظﺎﻫرة اﻟﻠﻐوﯾﺔ" .
ﺗﻌود ﻧﺷﺄة ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺗداوﻟﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﺣﺎﺿرات اﻟﺗﻲ أﻟﻘﺎﻫﺎ " ﺑول ﺟراﯾس " ﺳﻧﺔ ،1967ﺣﯾث ﻻﺣظ
أن اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻗد ﺗﺣﻣل ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣﻌﺎﻧﻲ أﺧرى ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة .وﺻﯾﻐﺔ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ :ﻟﯾﻛن
ﻫذا اﻟﻔﯾﻠﺳوف ّ
اﻧﺗﻬﺎﺿك ﻟﻠﺗﺧﺎطب ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﻪ اﻟذي ﯾﻘﺗﺿﯾﻪ اﻟﻐرض ﻣﻧﻪ ،وﯾﻘوم ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻋﻠﻰ أرﺑﻊ ﻣﺳﻠﻣﺎت أﺳﺎﺳﯾﺔ ﺗﺿم ﻛل
ﻣﺳﻠﻣﺔ ﻋدد ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻔرﻋﯾﺔ وﻫﻲ :ﻣﺳﻠﻣﺔ اﻟﻛم " " Quantitéوﻣﺳﻠﻣﺔ اﻟﻛﯾف " ،" Qualitéﻣﺳﻠﻣﺔ
ﻫو ﻣﻔﻬوم ﺗداوﻟﻲ ﯾﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﺧطﺎب ﻓﻲ ﺟواﻧﺑﻪ اﻟﻐﺎﻣﺿﺔ وﻓﻲ إطﺎر اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي ﯾرد ﻓﯾﻪ وﯾﻧطوي
ﻟﻘد أﺛﺎر ﻫذا ﻟﻣﻔﻬوم اﻫﺗﻣﺎم اﻟدارﺳﯾن واﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻣﻧذ ﻣطﻠﻊ اﻟﻌﻘد اﻟﺳﺎﺑﻊ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﺣﯾث ظﻬر
اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﻷول ﻣرة ﻣن طرف اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ " ﻓرﯾﺟﻪ " وﻫذا ﺑوﺻﻔﻪ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣن ﻣﺷﻛﻼت ﻋﻠم اﻟدﻻﻟﺔ
اﻟﻣﻧطﻘﻲ اﻟﻣؤﺳس ﻋﻠﻰ اﻟﺻدق ،ﺛم أرﺳﻰ ﻣﺑﺎدئ ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم -ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد" -ﺳﺗراوﺳن " وﻫو أﺣد ﻓﻼﺳﻔﺔ
أﻛﺳﻔورد .وﯾﺷﻛل اﻻﻓﺗراض اﻟﺳﺎﺑق اﻟﺧﻠﻔﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻹﻧﺟﺎح اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ ) اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ ( ﺣﯾث ﯾﻧطﻠق
اﻟﻣﺗﺧﺎطﺑون أﺛﻧﺎء ﺣواراﺗﻬم ﻣن ﻣﻌطﯾﺎت واﻓﺗراﺿﺎت ﺗﻛون ﻣﺷﺗرﻛﺔ وﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻟدﯾﻬم ،ﻻ ﯾﺻرح ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺗﻛﻠﻣون إو ﻧﻣﺎ
89
-اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب :دراﺳﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ﻟظﺎﻫرة اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،ص.10
90
-آﻓﺎق ﺟدﯾدة ﻓﻲ اﻟﺑﺣث اﻟﻠﻐوي اﻟﻣﻌﺎﺻر ،ص .26
49
ﺗﻛون ﻣﺣﺗواة ﻓﻲ اﻟﻘول ،91وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﯾوﺟﻪ اﻟﻣﺗﻛﻠم ﺧطﺎﺑﺎ إﻟﻰ اﻟﺳﺎﻣﻊ ﻣﻔﺗرﺿﺎ أن ﺟواﻧب ﻣن ﻫذا
ﻓﺎﻻﻓﺗراض اﻟﻣﺳﺑق ﻟﻬذﻩ اﻟﻌﺑﺎرة ﻫو أن اﻟﺷﺧص ) ب ( ﻣرﯾض وأن اﻟﺷﺧص) أ ( ﯾﻌرف اﻟﺷﺧص ) ب( وﻋﻠﻰ
ﻟﻛن ﻟﻧﻔﺗرض أن ﻫذﻩ اﻟﻣﻌطﯾﺎت ﻏﯾر ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن وأن اﻟﺷﺧص ) ب ( ﻻ ﯾﻌرف اﻟﺷﺧص ) أ( أو أﻧﻪ ﻟم
ﯾﻛن ﻣرﯾﺿﺎ ﻓﻲ اﻷﺻل وﻫو ﺑﺻﺣﺔ ﺟﯾدة ،ﻓﺳﯾﺟﯾب ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺈﺣدى اﻟﻌﺑﺎرات اﻵﺗﯾﺔ:
أﻏﻠق اﻟﻧﺎﻓذة.
91
-ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،ص.34
50
ﻓﺎﻻﻓﺗراض اﻟﻣﺳﺑق ﻟﻛﻼ اﻟﻌﺑﺎرﺗﯾن أن اﻟﻧﺎﻓذة ﻣﻔﺗوﺣﺔ ﻓﻲ اﻷﺻل .ﺗﻌﺗﺑر اﻻﻓﺗراﺿﺎت اﻟﻣﺳﺑﻘﺔ ﺿرورﯾﺔ ﻹﻧﺟﺎح
اﻟﺗواﺻل واﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﺗﻌﻠﯾم ،إذ أن ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﻠﻘﯾن ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﺟدﯾدة ﻟﺗﻠﻣﯾذ ﻣﺑﺗدئ ﻻ ﺗﺗﺣﻘق إﻻ إذا ﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎك
ﺧﻠﻔﯾﺎت و اﻓﺗراﺿﺎت ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟدﯾﻪ ﯾﺗم اﻻﻧطﻼق ﻣﻧﻬﺎ ﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﺗﻠك اﻟﻣﻌﻠوﻣﺔ.
92
-2.4.4اﻷﻗوال اﻟﻣﺿﻣرة " :" Les sous- entendus
ﻫﻲ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب واﻟﺗﻲ ﺗﺣدد وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺳﯾﺎق اﻟذي ﺗرد ﻓﯾﻪ ،ﺗﻘول " أورﻛﯾوﻧﻲ " " :اﻟﻘول
اﻟﻣﺿﻣر ﻫو ﻛﺗﻠﺔ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﺧطﺎب أن ﯾﺣﺗوﯾﻬﺎ ،وﻟﻛن ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﯾﺑﻘﻰ رﻫن ﺧﺻوﺻﯾﺎت
93
وﻣﺛﺎل ذﻟك :ﻗول ﺷﺧص ﻓﻲ ﻏرﻓﺔ ﻣﻊ ﺻدﯾﻘﻪ " :أﺷﻌر ﺑﺎﻟﺑرد " ﻓﺎﻟﻣﺗﻛﻠم ﻗد ﯾﻘﺻد ﻣن وراء ﺳﯾﺎق اﻟﺣدﯾث "
ﻋﺑﺎرﺗﻪ :أن اﻟﺟو ﺑﺎرد ﺑﺎﻟﻔﻌل ) اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣرﻓﻲ ﻟﻠﻌﺑﺎرة ( وﻗد ﯾرﯾد ﻣن ﺧﻼل ﻋﺑﺎرﺗﻪ أن:
وﺗﺑﻘﻰ ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﺗﺄوﯾﻼت ﻫذﻩ اﻟﻌﺑﺎرة ﻣﻔﺗوﺣﺔ وﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي ﺗرد ﻓﯾﻪ.
92
-اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب :دراﺳﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ﻟظﺎﻫرة اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،ص.32
93
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ص 32
51
Présupposition اﻻﻓﺘﺮاض اﻟﺴﺎﺑﻖ
-ﻣﺸﺘﺮك ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﯿﻦ
-ﻣﺤﺘﻮاة ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺎب ،ﻻ ﯾﺼﺮح ﺑﮭﺎ
ﻧﺘﯿﺠﺔ :ﻧﺠﺎح اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﺒﻠﯿﻐﯿﺔ
ﻣﺘﻀﻤﻨﺎت اﻟﻘﻮل
Les Implicites
اﻷﻗﻮال اﻟﻤﻀﻤﺮة Les sous entendus
-ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺎب
-ﺗﺤﺪد وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺴﯿﺎق اﻟﺬي ﺗﺮد ﻓﯿﮫ.
ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﻌﺑﺎرة اﻟﻠﻐوﯾﺔ واﻟﺷﻲء اﻟذي ﺗﺣﯾل إﻟﯾﻪ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ .وﻗد درس ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم
94
ﻓﻲ ﺿوء ﺗﻌرﯾف اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﻣن ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻧﺎﺻر وﻫﻲ:
ﻫو ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷﺻوات اﻟﺗﻲ ﺗُﻛون اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻣﺛل :م ،د ،ي ،ر ) ﻣدﯾر(.
ﻫو اﻟﺗﺻور اﻟذﻫﻧﻲ اﻟﻣﺟرد ﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻛﻠﻣﺔ ،ﻓﺎﻟﻣدﯾر ﻫو ﺷﺧص ﯾدﯾر ﻣﻛﺎﻧﺎ ﻣﺎ
ﻫو اﻟﺷﻲء اﻟذي ﺗﺣﯾل إﻟﯾﻪ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ ) اﻟواﻗﻊ ( :ﻓﺎﻟﻣدﯾر ﻫو اﻟﺷﺧص اﻟذي ﺗﻧطﺑق
وﻗد ﻗﺳم ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺑﺎرة اﻟﻠﻐوﯾﺔ إﻟﻰ أرﺑﻌﺔ أﻗﺳﺎم ﺑﺣﺳب ﻣﺎ ﺗﺣﯾل ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ وﻫﻲ:
94
-ﺻﻼح ) ﺣﺳﻧﯾن ( :اﻟﻣدﺧل إﻟﻰ ﻋﻠم اﻟدﻻﻟﺔ وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﻌﻠم اﻻﻧﺗرﺑوﻟوﺟﯾﺎ ،ﻋﻠم اﻟﻧﻔس ،اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ،دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺣدﯾﺛﺔ،
) اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﻘﺎﻫرة ،اﻟﻛوﯾت ( ،دط ،2008 ،ص.192
52
95
"ﻋﺑﺎرات ﻋﺎﻣﺔ ،ﻋﺑﺎرات ﺧﺎﺻﺔ ،ﻋﺑﺎرات ﻣﻌﯾﻧﺔ ،ﻋﺑﺎرات ﻏﯾر ﻣﻌﯾﻧﺔ" .
أ( ﻋﺑﺎرات ﻋﺎﻣﺔ :ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﯾل ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺷﺧﺎص أو اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻣﺛل:
ب( ﻋﺑﺎرات ﺧﺎﺻﺔ :ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﯾل ﻋﻠﻰ ﺷﺧص واﺣد أو ﺷﻲء واﺣد ﻣﺛل :اﻷﺳﺗﺎذ ،ﻋﻠﻲ ،اﻟطﺎوﻟﺔ اﻟﺑﯾﺿﺎء.
ت( ﻋﺑﺎرات ﻣﻌﯾﻧﺔ أو ﻣﺣﯾﻠﺔ :ﻫﻲ اﻟﻌﺑﺎرات اﻟﺗﻲ ﺗﺣﯾل إﻟﻰ ﺷﺧص أو ﺷﻲء ﻣﺣدد ﻣﺛل :ﺟﺎء أﺑوك ﯾﺎ ﻋﻠﻲ.
ث( ﻋﺑﺎرات ﻏﯾر ﻣﻌﯾﻧﺔ :ﻫﻲ اﻟﻌﺑﺎرات اﻟﺗﻲ ﺗﺣﯾل إﻟﻰ ﺷﺧص أو ﺷﻲء ﻣﺎ ﻏﯾر ﻣﺣدد ﻣﺛل :رأﯾت ﺷﺧﺻﺎ
ﯾﺳرق ﻣﻧزﻻ.
إﻟﻰ ﻫذا اﻟراﺑط ﺑﯾن اﻟﻣﻔﻬوﻣﯾن ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟﻌﺑﺎرة اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﺗﺣﯾل إﻟﻰ ﺷﻲء ﻣﺎ ﻓﻬذا ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺑﺎﻟﺿرورة وﺟود ﺷﺧص
ﻓﺎﺳم اﻟﻌﻠم " ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺑو ﺗﻔﻠﯾﻘﺔ " ﯾﺣﯾل إﻟﻰ ﺷﺧص ﻣﻌﯾن ﯾﺗرأس ﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋر ،ﻛﻣﺎ أن ﻫذا ﯾﻘﺗﺿﻲ وﺟود
ﺷﺧص ﯾﺗوﻟﻰ ﺣﺎﻟﯾﺎ ﻗﯾﺎدة اﻟﺑﻼد وﻫو اﻟﺳﯾد " ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺑو ﺗﻔﻠﯾﻘﺔ ".
ﯾﻌد ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم اﻷﺳﺎس اﻟﺟوﻫري اﻟذي اﻧﺑﻧﻰ ﻋﻠﯾﻪ اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺗداوﻟﻲ ،وﺿﻌﻪ اﻟﻔﯾﻠﺳوف" أوﺳﺗﯾن" وطورﻩ
" أوﺳﺗﯾن " ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ: ﺗﻠﻣﯾذﻩ "ج .ﺳورل" وﺗﻘوم ﻧظرﯾﺔ أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم ﻋﻠﻰ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ واﻷﻓﻛﺎر ﺟﺎء ﺑﻬﺎ
اﻟﻠﻐﺔ ﻟﯾﺳت ﻣﺟرد وﺳﯾﻠﺔ ﺗﺑﻠﯾﻎ وﺗواﺻل ﺑل ﻫﻲ أداة ﯾﺳﺗﻌﻣﻠﻬﺎ اﻟﻣﺗﻛﻠﻣون ﻟﻠﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ ﻣﺗﻠﻘﻲ اﻟﺧطﺎب.
95
-اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟوظﯾﻔﯾﺔ :ﻣدﺧل ﻧظري ،ص.16
53
اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
54
ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻔﺻل اﻷول:
ﻣدﺧل.
-1 -1اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻷﺳﻠوب اﻟﺧﺑري و اﻷﺳﻠوب اﻹﻧﺷﺎﺋﻲ و آراء ﺑﻌض اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب ﻓﻲ ذﻟك.
-1-1 -1اﻟﺧﺑر.
-2-1 -1اﻹﻧﺷﺎء.
55
ﻣدﺧل:
ﺗﻌد ﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ " " Théorie des Actes de parolesاﻟرﻛﯾزة اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﯾﻬﺎ
اﻻﺗّﺟﺎﻩ اﻟﺗداوﻟﻲ ،وﻫﻲ ﻣن أﻫم ﻧظرﯾﺎﺗﻪ ،وﻗﺑل اﻟﺣدﯾث ﻋن ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺑﺣث ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ أﻋﻣﺎق اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﻌرﺑﻲ
ِ
واﻟﻐرﺑﻲ ﺳﺄﺣﺎول ﺗﺣدﯾد ﻣﻔﻬوم " اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ" " " Acte de paroleﻓﻣﺎذا ﻧﻘﺻد ﺑﻬذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ؟
وﯾﺟﯾﺑﻧﺎ ﻋن ﻫذا اﻟﺳؤال اﻟﺑﺎﺣث اﻟﺟزاﺋري " ﻣﺳﻌود ﺻﺣراوي " ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﻪ " اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب "
ﻗﺎﺋﻼ " :ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺗﺑﻪ اﻟﻔﯾﻠﺳوﻓﺎن " ج.ل .أوﺳﺗﯾن " وﺗﻠﻣﯾذﻩ " ج.ﺳﯾرل " ﺣول ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﺗداوﻟﻲ
ﻓﺈن " اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ" ﯾﻌﻧﻲ :اﻟﺗﺻرف )أو اﻟﻌﻣل !( اﻻِﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو اﻟﻣؤﺳﺳﺎﺗﻲ اﻟذي ﯾﻧﺟزﻩ اﻹﻧﺳﺎن
اﻟﺟدﯾدّ ،
ﺑﺎﻟﻛﻼم ،و ﻣن ﺛ ّم ﻓـ" اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ" ﯾراد ﺑﻪ اﻹﻧﺟﺎز اﻟذي ﯾؤدّﯾﻪ اﻟﻣﺗﻛﻠم ﺑﻣﺟرد ﺗﻠﻔظﻪ ﺑﻣﻠﻔوظﺎت ﻣﻌﯾﻧﺔ وﻣن أﻣﺛﻠﺗﻪ:
96
اﻷﻣر ،واﻟﻧﻬﻲ ،واﻟوﻋد ،واﻟﺳؤال ،واﻟﺗﻌﯾﯾن ،و اﻹﻗﺎﻟﺔ ،واﻟﺗﻌزﯾﺔ ،واﻟﺗﻬﻧﺋﺔ ...ﻓﻬذﻩ ﻛﻠﻬﺎ أﻓﻌﺎل ﻛﻼﻣﯾﺔ" .
ﻓﺎﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﻫو إﻧﺟﺎز ذو طﺎﺑﻊ اِﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻪ ﺑﻐرض
ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗواﺻل وذﻟك ﻣن أﺟل ﺻﻧﺎﻋﺔ ﻣواﻗف اِﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أو ﻣؤﺳﺳﺎﺗﯾﺔ أو ﻓردﯾﺔ ﺑﺎﻟﻛﻠﻣﺎت ،وﻣن ﺛَّم اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ
ﻓﻌل ﻣﺎ أو ﺗرﻛﻪ أو ﺗﻘرﯾر ﺣﻛم ﻣن اﻷﺣﻛﺎم أو ﺗﻘدﯾم وﻋد أو اﻟﺳؤال ﻋن أﻣر ﻣﺎ
اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﻋن طرﯾق ﺣﻣﻠﻪ ﻋﻠﻰ ٍ
ُدرﺳت اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ﺿﻣن ﻣﺑﺎﺣث ﻋﻠم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،وﺗﺣدﯾدا ﺿﻣن ﻧظرﯾﺔ
97
وِاﺷﺗﻐل ﺑﺑﺣﺛﻬﺎ ﻋدد ﻣن ﻋﻠﻣﺎﺋﻧﺎ اﻟﻌرب ﺿﻣن ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻬم ﻋﻠﻰ اِﺧﺗﻼف ﻣذاﻫﺑﻬم وِاﺗّﺟﺎﻫﺎﺗﻬم اﻟﺧﺑر واﻹﻧﺷﺎء،
اﻟﻔﻛرﯾﺔ ،ﻓﺎﻫﺗﻣوا ﺑﻬذﻩ اﻟظﺎﻫرة اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اِﻫﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﺑﯾ ار ﻋﻘدوا ﻟﻪ ﻓﺻوﻻ وأﺑواﺑﺎ ﻋدﯾدة وﺗﻌ ّﻣﻘوا ﻓﻲ ﺑﺣث أﺳﺳﻬﺎ
وﻣﺑﺎدﺋﻬﺎ وﻣﻌﺎﻧﯾﻬﺎ وﺗﻘﺳﯾﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﻓﻛﺎﻧت ﻧظرﯾﺔ " اﻟﺧﺑر واﻹﻧﺷﺎء " ﻣﺣطّ أﻧظﺎر اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ واﻟﻣﻧﺎطﻘﺔ أﻣﺛﺎل" :
أﺑو ﻧﺻر اﻟﻔﺎراﺑﻲ " )ت338ﻫـ( و" أﺑو ﻋﻠﻲ اﺑن ﺳﯾﻧﺎ " )ت428ﻫـ( و" ﻧﺟم اﻟدﯾن اﻟﻛﺎﺗﺑﻲ اﻟﻘزوﯾﻧﻲ "
)ت493ﻫـ( و" ﻗطب اﻟدﯾن اﻟرازي " )ت766ﻫـ( وﻏﯾرﻫم ،وﻗد ﻋﻧﻲ ﻫؤﻻء ﺑدراﺳﺔ اﻟﺗراﻛﯾب اﻟﺧﺑرﯾﺔ ﻣﺳﺗﺑﻌدﯾن ﻣن
ﻣﺟﺎل دراﺳﺎﺗﻬم اﻟﺗراﻛﯾب ﻏﯾر اﻟﺧﺑرﯾﺔ ﺑﻌد أن ﻗ ّﺳﻣوا اﻟﻛﻼم إﻟﻰ أﺳﻠوﺑﯾن ﻫﻣﺎ اﻷﺳﻠوب اﻟﺧﺑري واﻷﺳﻠوب
اﻹﻧﺷﺎﺋﻲ.
ﻛﻣﺎ اﺷﺗﻐل ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟظﺎﻫرة ودراﺳﺗﻬﺎ ﻋدد ﻣن اﻟﻔﻘﻬﺎء واﻷﺻوﻟﯾﯾن ﻧﺣو ":اﺑن اﻟرﺷد اﻟﻘرطﺑﻲ"
)ت595ﻫـ( و" ﻓﺧر اﻟدﯾن اﻟرازي " )ت606ﻫـ( وﻏﯾرﻫم ،وﻗد اِﻫﺗم ﻫؤﻻء اﻟﻌﻠﻣﺎء ﺑدراﺳﺔ اﻷﺳﻠوﺑﯾن اﻟﺧﺑري
واﻹﻧﺷﺎﺋﻲ ﻣﻌﺎ ﺑﻐرض دراﺳﺔ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟوظﯾﻔﯾﺔ ﻟﻠﻘول وﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻘﺎﻣﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرد ﻓﯾﻬﺎ ﺗﻠك اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ
وﻣن اﻟﻧﺣﺎة واﻟﺑﻼﻏﯾﯾن اﻟذﯾن اِﻫﺗﻣوا ﺑدراﺳﺔ ﻫذﻩ اﻟظﺎﻫرة اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اِﻫﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﺑﯾ ار " ﺳﯾﺑوﯾﻪ " )ت ﺣواﻟﻲ
180ﻫـ( و" ﻋﺑد اﻟﻘﺎﻫر اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ " )ت471ﻫـ( و" أﺑو ﯾﻌﻘوب اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ" )ت626ﻫـ( واِﻫﺗم ﻛل ﻣن اﻟﻧﺣﺎة
واﻟﺑﻼﻏﯾﯾن ﺑدراﺳﺔ اﻟﺧﺑر واﻹﻧﺷﺎء وﺣﺎوﻟوا اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻣﻊ ﺗﻘدﯾم ﺷروح واﻓﯾﺔ وﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠظﺎﻫرﺗﯾن.
وﺗﻠﺗﻘﻲ ﻫذﻩ ا ِﻻﺗّﺟﺎﻫﺎت -ﻋﻠﻰ اِﺧﺗﻼف أدواﺗﻬﺎ اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻠﻬﺎ ﻟﻠﻐﺔ -ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻓﻬم واِﺳﺗوﻋﺎب
اﻟﻧص اﻟﻘرآﻧﻲ ﻣن ﺟﻬﺔ ،واﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺧواص ﺗراﻛﯾب اﻟﻛﻼم اﻟﻣﻔﯾدة ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر" أﺑﺎ ﯾﻌﻘوب
-97ﯾﻘﺎﺑل ﻧظرﯾﺔ " اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ " ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﻧظرﯾﺔ " اﻟﺧﺑر واﻹﻧﺷﺎء" ﻓﻲ دراﺳﺎﺗﻧﺎ اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ وﻫذا ﻟﻣﺎ
ﺗﺗﻣﯾز ﺑﻪ ﻫذﻩ اﻷ ﺧﯾرة ﻣن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺳﻣﺎت واﻟﺧﺻﺎﺋص واﻟﺗﻲ ﺗﺗﺷﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﺎﯾﯾن ﻣﻊ ﻧظرﯾﺔ أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم ﻣن
ﺣﯾث ﻣﻧﻬﺟﻬﺎ وﺗﺣﻠﯾﻼﺗﻬﺎ ود ارﺳﺗﻬﺎ ﻟﻠﻐﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ.
57
اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ" أن ﻋﻠم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﻫو ":ﺗﺗﺑﻊ ﺧواص ﺗراﻛﯾب اﻟﻛﻼم ﻓﻲ اﻹﻓﺎدة ،وﻣﺎ ﯾﺗﺻل ﺑﻬﺎ ﻣن اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن وﻏﯾرﻩ،
98
ﺛم ﯾوﺿﺢ ﻣﺎ ﯾﻘﺻدﻩ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﻟﯾﺣﺗرز ﺑﺎﻟوﻗوف ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻋن اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻛﻼم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻟﺣﺎل ذﻛرﻩ"
" ﺧﺎﺻﯾﺔ اﻟﺗرﻛﯾب " ﺑﺄﻧﻬﺎ " ﻣﺎ ﯾﺳﺑق ﻣﻧﻪ إﻟﻰ اﻟﻔﻬم ﻋﻧد ﺳﻣﺎع ذﻟك اﻟﺗرﻛﯾب ﺟﺎرﯾﺎ ﻣﺟرى اﻟﻼزم ﻟﻪ ﻟﻛوﻧﻪ ﺻﺎد ار
ﻣن اﻟﺑﻠﯾﻎ ،ﻻ ﻟﻧﻔس ذﻟك اﻟﺗرﻛﯾب ﻣن ﺣﯾث ُﻫ َو ُﻫ َو ،أو ﻻزﻣﺎ ﻟﻪ ﻟﻣﺎ ُﻫ َو ُﻫ َو ﺣﯾًﻧﺎ " ،99ﺛم ﯾذﻫب " اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ" إﻟﻰ
أن اﻟﻔﻬم ﻫو ﻣﺎ ﯾﺗﺑﺎدر ﻓﻲ ذﻫن اﻟﺳﺎﻣﻊ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺳﻣﻊ ﻛﻼﻣﺎ ﻣﺎ ﻣﺛل ﻋﺑﺎرة " َزﯾ ٌد ﻣﻧطﻠق" " زَﯾ ٌد ﯾﺄﻛل " ﻓﺎﻟﻘﺻد ﻫﻧﺎ
ّ
ﻫو اﻹﺧﺑﺎر ﻋن ﺣﺎل زﯾد ﻣﺛﻼ ﻓﯾﻘول ":وأﻋﻧِﻲ ﺑﺎﻟﻔﻬم ،ﻓﻬم ذي اﻟﻔطرة اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ،ﻣﺛل ﻣﺎ ﯾﺳﺑق ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻣك ﻣن
إن زﯾدا ﻣﻧطﻠق إذا ﺳﻣﻌﺗﻪ ﻋن اﻟﻌﺎرف ﺑﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻛﻼم ،ﻣن أن ﯾﻛون ﻣﻘﺻودا ﺑﻪ ﻧﻔﻲ اﻟﺷك ،أو َرﱡد
ﺗرﻛﯾبّ :
اﻹﻧﻛﺎر ،أو ﻣن ﺗرﻛﯾب :زﯾد ﻣﻧطﻠق ،ﻣن أﻧﻪ ﯾﻠزم ﻣﺟرد اﻟﻘﺻد إﻟﻰ اﻹﺧﺑﺎر أو ﻣن ﻧﺣو ﻣﻧطﻠق ﺑﺗرك اﻟﻣﺳﻧد
100
إﻟﯾﻪ ،ﻣن أﻧﻪ ﯾﻠزم أن ﯾﻛون اﻟﻣطﻠوب ﺑﻪ وﺟﻪ اﻻﺧﺗﺻﺎر ﻣﻊ إﻓﺎدة ﻟطﯾﻔﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﻠوح ﺑﻬﺎ ﻣﻘﺎﻣﻬﺎ" .
ﻓﺎﻟﺗرﻛﯾب ﯾﺧﺗﻠف ﻣﻌﻧﺎﻩ ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﻣﻘﺎم اﻟذي ﯾرد ﻓﯾﻪ ﻋﻠم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﻋﻧد " اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ" ﺣﯾث ﯾرﺗﻛز ﻋﻠﻰ
اﻟﺗرﻛﯾب اﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ دﻻﻻت ﻣﻔﯾدة ﺳواء ﻛﺎﻧت دﻻﻻت ﺣرﻓﯾﺔ أم دﻻﻻت ﺿﻣﻧﯾﺔ وﻛﻠﻬﺎ ﺗﻔﻬم ﻣن اﻟﻣﻘﺎم وﺑﺣﺳب
ا
ﻣﻘﺻد اﻟﻣﺗﻛﻠم ،وﻫذا ﻣﺎ ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﻪ اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ " اﻟﻘﺻد واﻹﻓﺎدة ".
وﻫذا ﻣﺎ رّﻛز ﻋﻠﯾﻪ " اﻟﺧطﯾب اﻟﻘزوﯾﻧﻲ" اﻟذي اِﻫﺗم ﻓﻲ دراﺳﺗﻪ ﻟﻠﻐﺔ وﻟظﺎﻫرة اﻟﺧﺑر واﻹﻧﺷﺎء ﺑﺎﻟﺗﺣدﯾد ﻋﻠﻰ
ﻣطﺎﺑﻘﺔ " اﻟﻣﻘﺎل " " " formeﻟـ" اﻟﻣﻘﺎم " " " situationاﻟذي ﯾرد ﻓﯾﻪ ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺣﺎل ،وﯾ ّﻌرف ﻋﻠم
101
اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ " ﻋﻠم ُﯾﻌرف ﺑﻪ أﺣوال اﻟﻠﻔظ اﻟﺗﻲ ﺑﻬﺎ ﯾطﺎﺑق ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺣﺎل".
-98أﺑو ﯾﻌﻘوب ﯾوﺳف ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﻠﻲ )اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ( :ﻣﻔﺗﺎح اﻟﻌﻠوم ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﻫﻧداوي دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﯾﻣﺔ )ﺑﯾروت،
ﻟﺑﻧﺎن( ط ،2000 ،1ص247.
-99ﻣﻔﺗﺎح اﻟﻌﻠوم ،ص.248
-100اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،اﻟﺻﻔﺣﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ.
-101اﻟﺧطﯾب )اﻟﻘزوﯾﻧﻲ( :اﻹﯾﺿﺎح ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﺑﻼﻏﺔ :ﺗﻌﻠﯾق :ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻣﻧﻌم ﺧﻔّﺎﺟﻲ ،دار اﻟﺟﯾل) ،ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن( ط،3
،1993اﻟﺟزء ، 1ص.52
58
-1.1اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻷﺳﻠوب اﻟﺧﺑري واﻷﺳﻠوب اﻹﻧﺷﺎﺋﻲ وآراء ﺑﻌض اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب ﻓﻲ
ذﻟك:
اِﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب ﻗدﯾﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻷﺳﻠوﺑﯾن اﻟﺧﺑري واﻹﻧﺷﺎﺋﻲ ﻓﺗﻌ ّددت اﻟﺗﻘﺳﯾﻣﺎت واِﺧﺗﻠﻔت،
وﺗﺿﺎرﺑت اﻵراء وﺗﻧوﻋت ﺑﺗﻧوع اﻟﻣراﺣل واﻟﻌﺻور واِﺧﺗﻼف اﻷدوات اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ وﺗﻧوﻋﻬﺎ ﺑﯾن ﻣﻧطﻘﯾﺔ وﻧﺣوﯾﺔ
اﻻﺧﺗﻼف ﺑﺎﻟﺗﺣدﯾد ،ﻓﻲ ﻋدم اِﺗﻔﺎق اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب ﻋﻠﻰ ﻣﺻطﻠﺢ " اﻹﻧﺷﺎء" واﻟذي
وﺑﻼﻏﯾﺔ وﺗداوﻟﯾﺔ ،وﯾﻛﻣن وﺟﻪ ِ
ﻻ ﻧﺟد ﻟﻪ وﺟودا إﻻّ ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﺎت ﺑﻌﺿﻬم أﻣﺛﺎل " :اﻟﺷﯾﺦ ﻧﺟم اﻟدﯾن اﻟﻛﺎﺗﺑﻲ اﻟﻘزوﯾﻧﻲ " )493ﻫـ( وﻫو أول ﻣن
اﻻﺻطﻼﺣﻲ اﻟدﻗﯾق و" ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﻠﻲ اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ" )729ﻫـ( ،وﺑﻌض اﻟّﻧﺣﺎة اﻟﻣﺗﺄﺧرﯾن،
اِﺳﺗﻌﻣل ﻫذا اﻟﻠﻔظ ﺑﻣﻌﻧﺎﻩ ِ
وﯾﺷﯾر إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺑﺎﺣث " ﻣﺳﻌود ﺻﺣراوي" ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ " :ﺗﺗﻣﯾز اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺄﺳﯾﺳﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن ﻋﻣر ﻋﻠم
اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ )ﺣﺗﻰ وﻓﺎة اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ ﺳﻧﺔ 629ﻫـ( ﺑﻌدم اِﺗﻔﺎق اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب ﻋﻠﻰ ﻣﺻطﻠﺢ " اﻹﻧﺷﺎء " -اﻟذي
ﻫو أﺣد اﻟﻘﺳﻣﯾن اﻷﺳﻠوﺑﯾﯾن اﻷﺳﺎﺳﯾﯾن -ﻓﻼ ﻧﺟد ﻟﻪ ذﻛ ار ﻋﻧد اﻹﻣﺎم ﻋﺑد اﻟﻘﺎﻫر اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ أوﻻ ﻋﻧد ﺧﻠﻔﻪ أﺑﻲ
ﯾﻌﻘوب اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ ،وﻻ ﻋﻧد اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟذﯾن ﺳﺎﻫﻣوا ﺑﻘﺳط واﻓر ﻓﻲ اﻟﺗﻘﺳﯾﻣﺎت اﻟﺑﻼﻏﯾﺔ وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﺗﻣﯾﯾز
ﺑﯾن اﻟﺧﺑر واﻹﻧﺷﺎء ﻛﺎﻟﻔﺎراﺑﻲ واﺑن ﺳﯾﻧﺎ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺷﯾر إﻟﻰ ﻋدم ﺷﯾوع ﻫذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻔﺗرة ﺧﺻوﺻﺎ ﺑﯾن
102
اﻟﺑﻼﻏﯾﯾن" .
أن اﻟﻛﻼم ﯾﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻛﺛﯾرة ،ﺣﺻرﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﺷرة وﻫﻲ " :ﺧﺑر واﺳﺗﺧﺑﺎر،
ﻓـ" اﺑن ﻓﺎرس " ﻣﺛﻼ ﯾرى ّ
103
" ﻣﺎ ﺟﺎز ﺗﺻدﯾق واﻟﺧﺑر ﺣﺳﺑﻪ ﻫو وﺗﻣن ،وﺗﻌﺟب".
ٍ وأﻣر ،وﻧﻬﻲ ،ودﻋﺎء ،وطﻠب وﻋرض ،وﺗﺣﺿﯾض،
104
ﻣﺎض ﻣن زﻣﺎن أو ﻣﺳﺗَﻘﺑل داﺋم" .
ٍ أﻣر ﻓﻲ
ﻗﺎﺋﻠﻪ أو ﺗﻛذﯾﺑﻪ ،وﻫو إﻓﺎدة اﻟﻣﺧﺎطَب اً
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد أن اﻻﺳﺗﺧﺑﺎر ﻫو " طﻠب ُﺧﺑْر ﻣﺎ ﻟﯾس ﻋﻧد اﻟﻣﺳﺗﺧﺑر ،وﻫو اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم .وذﻛر ﻧﺎس أن ﺑﯾن
105
ﻓﻬﻣﺗﻪ ورﺑّﻣﺎ ﻟم ﺗﻔﻬﻣﻪ ،ﻓﺈذا ﺳﺄﻟت ﺛﺎﻧﯾﺔً ﻓﺄﻧت ﻣﺳﺗﻔﻬم" .
أ ّﻣﺎ " اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ " ﻓﯾﻘﺳم اﻟﻛﻼم إﻟﻰ ﺧﺑر وطﻠب ،واﻟﺧﺑر ﻋﻧدﻩ ﻫو ﻣﺎ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﺻدق واﻟﻛذب وﯾرﺟﻊ اﻟﺳﺑب
ﻓﻲ اِﺣﺗﻣﺎﻟﻪ اﻟﺻدق واﻟﻛذب إﻟﻰ " إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗﺣﻘق ذﻟك اﻟﺣﻛم ﻣﻊ ﻛل واﺣد ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻣن ﺣﯾث إﻧﻪ ﺣﻛم ﻣﺧﺑر ،وﻣرﺟﻊ
106
ﻓﺈذا طﺎﺑق اﻟﺧﺑر ﻛون اﻟﺧﺑر ﻣﻔﯾدا ﻟﻠﻣﺧﺎطب إﻟﻰ اِﺳﺗﻔﺎدة اﻟﻣﺧﺎطب ﻣﻧﻪ ذﻟك اﻟﺣﻛم وﯾﺳﻣﻰ ﻫذا ﻓﺎﺋدة اﻟﺧﺑر".
107
" اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ" اﻟطﻠب إﻟﻰ ﻧوﻋﯾن: اﻟواﻗﻊ ﻓﻬو ﺻﺎدق إو ذا ﻟم ﯾطﺎﺑﻘﻪ ﻓﻬو ﻛﺎذب ،ﻛﻣﺎ ﻗﺳم
" اﻷﻣر" و " اﻟﻧوع اﻷول ﻣﻧﻪ ﻫو " اﻟﺗﻣﻧﻲ " وﯾﺷﺗﻣل اﻟﻧوع اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟطﻠب ﻋﻠﻰ " اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم " و
" أن " اﻷﺧﻔش " ﻗد ﻗ ّﺳم اﻟﻛﻼم إﻟﻰ ﺳﺗﺔ أﻗﺳﺎم وﻫﻲ ":ﺧﺑر" و
وﯾذﻛر " ﺟﻼل اﻟدﯾن اﻟﺳﯾوطﻲ " ّ
ﺗﻣن ".108
اﺳﺗﺧﺑﺎر" و" أﻣر " و" ﻧﻬﻲ " و" ﻧداء " و" ٍ
ﻟﻛن ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺷﯾوع ﻣﺻطﻠﺢ " اﻹﻧﺷﺎء " واِﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻪ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﺗﺄﺧرﯾن إ ّﻻ أﻧﻬم ﻟم ﯾﺗﻔﻘوا ﻋﻠﻰ
ﻣﺳ ّﻣﻰ واﺣد ﻟﻪ ،ﻓﻣﻧﻬم ﻣن ﻗﺳم اﻷﺳﺎﻟﯾب إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺳﺎم :ﺧﺑر وطﻠب إو ﻧﺷﺎء ،وﻗﺎﻟوا ﻓﻲ ذﻟك "اﻟﻛﻼم إﻣﺎ أن
اﻷول اﻟﺧﺑر واﻟﺛﺎﻧﻲ إن اﻗﺗرن ﻣﻌﻧﺎﻩ ﺑﻠﻔظﻪ ﻓﻬو" اﻹﻧﺷﺎء" إو ن ﻟم ﯾﻘﺗرن ﺑل ﺗﺄﺧر
ﯾﺣﺗﻣل اﻟﺗﺻدﯾق واﻟﺗﻛذﯾب أو ﻻّ ،
110
إﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ،ﻧﺣو :ﺑﻌت وطﻠّﻘت ،أو طﻠﺑﯾﺔ ﻛﺎﻷﻣر واﻟﻧﻬﻲ واﻻﺳﺗﻔﻬﺎم واﻟﺗﻣﻧﻲ.
أ ّﻣﺎ " ﺟﻼل اﻟدﯾن اﻟﺳﯾوطﻲ" ﻓﯾرى ﺧﻼف ذﻟك ،وﯾﻘر ﺑﺄن أﻏﻠب اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن واﻟﻌﻠﻣﺎء ﻧﺣوﯾﯾن ﻛﺎﻧوا أو
ﺑﻼﻏﯾﯾن أو ﻣن ﻋﻠﻣﺎء اﻟ ّدﯾن ﯾذﻫﺑون إﻟﻰ أ ّن اﻟﻛﻼم إ ّﻣﺎ أن ﯾﻛون ﺧﺑ ار ،إو ﻣﺎ أن ﯾﻛون إﻧﺷﺎء ،وﯾؤﻛد ذﻟك ﻓﻲ
ﻗوﻟﻪِ ":اﻋﻠم أن اﻟﺣ ّذاق ﻣن اﻟﻧﺣﺎة وﻏﯾرﻫم وأﻫل اﻟﺑﯾﺎن ﻗﺎطﺑﺔ ﻋﻠﻰ اِﻧﺣﺻﺎر اﻟﻛﻼم ﻓﯾﻬﻣﺎ وأﻧﻪ ﻟﯾس ﻟﻪ ﻗﺳم ﺛﺎﻟث
" ،111وﯾﺳﺎﻧدﻩ ﻓﻲ رأﯾﻪ ﻫذا " اﻟﺧطﯾب اﻟﻘزوﯾﻧﻲ" ﻓﻲ ﺣﺻرﻩ ﻟﻠﻛﻼم ﺑﯾن " اﻟﺧﺑر" و" اﻹﻧﺷﺎء" ووﺟﻪ اﻟﺣﺻر أ ّن
اﻟﻛﻼم " إﻣﺎ أن ﯾﻛون ﻟﻧﺳﺑﺗﻪ ﺧﺎرج ﺗطﺎﺑﻘﻪ ،أو ﻻ ﺗطﺎﺑﻘﻪ ،أو ﻻ ﯾﻛون ﻟﻬﺎ ﺧﺎرج "112ﻓﺎﻟﻛﻼم إﻣﺎ أن ﺗﻛون ﻧﺳﺑﺗﻪ
اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﻧﺳﺑﺗﻪ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻓﯾﻛون ﺻﺎدﻗﺎ ،إو ﻣﺎ أن ﺗﻛون ﻧﺳﺑﺗﻪ اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻏﯾر ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﻧﺳﺑﺗﻪ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
ﻓﯾﻛون ﺑذﻟك ﺧﺑ ار ﻛﺎذﺑﺎ ،أو ﻻ ﯾﻛون ﻟﻧﺳﺑﺗﻪ اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﺧﺎرج ﯾﻘﺻد ﻣطﺎﺑﻘﺗﻪ ﻓذﻟك ﻫو اﻹﻧﺷﺎء.
وﻟم ﯾﻛﺗف اﻟدارﺳون اﻟﻌرب ﺑﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌﻠوم إﻟﻰ ﻗﺳﻣﯾن ﻛﺑﯾرﯾن ﻓﻘط )اﻟﺧﺑر واﻹﻧﺷﺎء( ﺑل ﺗوﻏﻠوا ﻓﻲ دراﺳﺔ
ﺗﻠك اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﯾﺧرج إﻟﯾﻬﺎ ﻛل ﻗﺳم ،ﻣراﻋﯾن ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣﻘﺎﻣﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرد ﻓﯾﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،ﺑل وأﻛﺛر
ﻣن ذﻟك راﺣوا ﯾﻣﯾزون ﺑﯾن اﻟﺟﻣل ﻣن ﺣﯾث ﺷدﺗﻬﺎ وﺿﻌﻔﻬﺎ وﻣﺎ ﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﻬﺎ ﻣن ﻣﻌﺎن ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻘﺎﺑل
اﻟدراﺳﺎت اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺗﻣﯾزت ﺑوﺟﻬﺔ ﻧظر ذات ﺑﻌد ﺗداوﻟﻲ ﺧﻼل دراﺳﺗﻬﺎ وﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻠﻐﺔ وﺳﺄﺣﺎول ﺗوﺿﯾﺢ ﻛل
ﻫذﻩ اﻟﻧﻘﺎط اﻟﺗﻲ ﯾﺗداﺧل ﻓﯾﻬﺎ اﻟدرس اﻟﺗداوﻟﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ﻣﻊ اﻟدرس اﻟﺗداوﻟﻲ اﻟﻐرﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻵﺗﯾﺔ ﻣن ﻫذا
اﻟﻔﺻل.
اِﺧﺗﻠف اﻟدارﺳون ﻓﻲ ﺿﺑط ﻣﻔﻬوم اﻟﺧﺑر وﺗﺣدﯾدﻩ ،ﻓﻣﻧﻬم ﻣن ﺣﺻرﻩ ﺑﯾن ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺻدق واﻟﻛذب ﻣﻊ
اﻷﺧذ ﺑﺎِﻋﺗﻘﺎد اﻟﻣﺗﻛﻠم ،وﻣﻧﻬم ﻣن رﻓض ﻫذا اﻟﺣﺻر ودﻋﻰ إﻟﻰ وﺟوب اﻷﺧذ ﺑﺎﻋﺗﻘﺎد اﻟﻣﺗﻛﻠم وظّﻧﻪ ﺣﺗﻰ إو ن
ﯾﻛون ﺻﺎدﻗﺎ ﻓﻬو ﻣطﺎﺑق ﻟﻠواﻗﻊ ﻣﻊ اِﻋﺗﻘﺎد اﻟﻣﺧﺑر ﺑﻣطﺎﺑﻘﺗﻪ ﻟﻠواﻗﻊ و إﻣﺎ أن ﯾﻛون ﻛﺎذﺑﺎ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬو ﻏﯾر
ﻣطﺎﺑق ﻟﻠواﻗﻊ ﻣﻊ اِﻋﺗﻘﺎد اﻟﻣﺧﺑر ﺑﻌدم ﻣطﺎﺑﻘﺗﻪ ﺣﺗﻰ وﻟو ﺛﺑت اﻟﻌﻛس.
اﻻﺗّﺟﺎﻫﺎت اﻟﺛﻼث:
وﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ ﺳﺄﺣﺎول ﻋرض وﺗوﺿﯾﺢ ﻫذﻩ اﻵراء أو ِ
-ﯾﺗﻔق ﻣﻌظم اﻟﻌﻠﻣﺎء واﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻋﻠﻰ أن اﻟﺧﺑر ﻫو ﻣﺎ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﺻدق أو اﻟﻛذب ﻣراﻋﯾن ﻓﻲ ذﻟك ﻗﺻد
واِﻋﺗﻘﺎد اﻟﻣﺧﺑر ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت ﻧﺳﺑﺔ اﻟﺧﺑر اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﻧﺳﺑﺗﻪ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻣﻊ اِﻋﺗﻘﺎد اﻟﻣﺧﺑر ﺑﻣطﺎﺑﻘﺗﻬﺎ ﻓﺎﻟﻛﻼم
اﻟﺻﺎدق ،إو ذا ﻛﺎﻧت ﻧﺳﺑﺗﻪ اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻏﯾر ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﻧﺳﺑﺗﻪ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻣﻊ ﻋدم اِﻋﺗﻘﺎد اﻟﻣﺧﺑر ﺑﻣطﺎﺑﻘﺗﻬﺎ ﻓﺎﻟﻛﻼم
ﻛﺎذب .وﻣن ﻫﻧﺎ ﻓﺎﻟﺧﺑر ﯾﻘﺑل اﻟﺣﻛم ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﺛﺑوت أو ﺑﺎﻟﻧﻔﻲ ﻋﻛس اﻹﻧﺷﺎء وﻫﻧﺎ ﯾﻛﻣن اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻷﺳﻠوﺑﯾن؛ إذ
إ ّن اﻟﺧﺑر ﻟﻪ ﻧﺳﺑﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﯾﻘﺻد ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣطﺎﺑﻘﺔ اﻟواﻗﻊ أوﻻ ﻣﻊ اِﻋﺗﻘﺎد اﻟﻣﺗﻛﻠم وﻗﺻدﻩ إﻟﻰ ﻣطﺎﺑﻘﺗﻬﺎ إذا ﻛﺎن
اﻟﺧﺑر ﺻﺎدﻗﺎ ،و ﻋدم ﻗﺻدﻩ إﻟﻰ ﻣطﺎﺑﻘﺗﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ إذا ﻛﺎن ﻛﺎذﺑﺎ ،ﺑﺧﻼف اﻹﻧﺷﺎء اﻟذي ﻻ ُﯾﻘﺻد ﻣن
اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻷﺳﻠوﺑﯾن ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ " :واﻟﻔﺎرق ﺑﯾن اﻟﺧﺑر واﻹﻧﺷﺎء ﻫو ﻗﺻد اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ أو ﻗﺻد ﻋدﻣﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺧﺑر،
واﻹﻧﺷﺎء ﻟﯾس ﻓﯾﻪ ﻗﺻد ﻟﻠﻣطﺎﺑﻘﺔ وﻻ ﻟﻌدﻣﻬﺎ " ،113وﻫﻧﺎك ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻣن ﯾﻧﻔﻲ وﺟود ﻧﺳﺑﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﻺﻧﺷﺎء إو ّﻻ
" ﺧﺑ ار " ﺑﻣﺟرد ﺗطﺎﺑﻘﻬﺎ أو ﻋدم ﺗطﺎﺑﻘﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ،وﯾوﺿﺢ ذﻟك " اﻟﻘزوﯾﻧﻲ" ﻣرة أﺧرى ﻓﻲ اﻋﺗﺑرﻧﺎﻩ
114
واﻟﻛذب اﻟﻠذان ﻫﻣﺎ ﻣن ﻟوازم اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ واﻟﻼزم ﺑﺎطل ﻓﺑطل اﻟﻣﻠزوم" .
-واِﺧﺗﻠف ﺑﻌض اﻟﻌﻠﻣﺎء ﺣول اِﻧﺣﺻﺎر اﻟﺧﺑر ﻓﻲ اﻟﺻﺎدق واﻟﻛﺎذب ،ﻓﻣﻧﻬم ﻣن ﻗﺎل ﺑوﺟوب اﻷﺧذ ﺑﺎﻋﺗﻘﺎد
اﻟﻣﺗﻛﻠم أﺛﻧﺎء اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺑر ،ﻓﺎﻟﺣﻛم ﺑﺻدق اﻟﺧﺑر أو ﺑﻛذﺑﻪ ﯾﻛون ﺑﺣﺳب اِﻋﺗﻘﺎد اﻟﻣﺧﺑر وظﻧﻪ ،ﻓﺈذا أﺧﺑر
ﻋن أﻣر ﻣﺎ واِﻋﺗﻘد ﺑﺻواﺑﻪ وﻗﺻد ﻣطﺎﺑﻘﺗﻪ ﻟﻠواﻗﻊ ﺛم ﺗﺑﯾّن أن ذﻟك اﻷﻣر ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ أي ﺑﺧﻼف اﻟواﻗﻊ ﻓﻼ
ﻷﻧﻪ ﻟم ﯾﺗﻛﻠم ﺑﺧﻼف اِﻋﺗﻘﺎدﻩ أو ظﻧﻪ ،وﻣﺛﺎل ذﻟك أﯾﺿﺎ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ﴿ :إِذَا 115
ﻛذب وﻟﻛﻧﻪ وﻫم "
ﻓﻘول اﻟﻣﻧﺎﻓﻘﯾن ﴿ﻧﺸﻬﺪ إﻧﻚ ﻟﺮﺳﻮل اﷲ﴾ ﻗول ﻛﺎذب ،ﻓﻧﺣن ﻛﻣﺳﻠﻣﯾن ﻧﻌﻠم وﻧؤﻣن ﯾﻘﯾﻧﺎ أن ﺳﯾدﻧﺎ ﻣﺣﻣد
(ﻫو رﺳول اﷲ وﻫذا ﻛﻼم ﺻﺣﯾﺢ وﺻﺎدق ،وﻟﻛن إذا ﺻدر ﻣن اﻟﻣﻧﺎﻓﻘﯾن اﻟذﯾن ﯾﻘوﻟون ﺑﺧﻼف ﻣﺎ )
ﺗﻌﺗﻘد ﻗﻠوﺑﻬم ﻓﻛﻼﻣﻬم ﯾﻛون ﻛﺎذﺑﺎ وﺷﻬﺎدﺗﻬم ﻛﺎذﺑﺔ أﯾﺿﺎ ﻷﻧﻬم -وﺑﺣﻛم ﻛﻔرﻫم -ﻓﻬم ﻻ ﯾﻌﺗﻘدون ﺑﻣﺎ ﻗﺎﻟوﻩ وﺷﻬدوا
ﻋﻠﯾﻪ إو ن ﻛﺎن ﻛﻼﻣﻬم ﻣطﺎﺑﻘﺎ ﻟﻠواﻗﻊ ،وﻓﻲ اﻟﺷق اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﯾﺄﺗﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿وَاﻟﻠﱠﻪُ ﻳَ ْﺸ َﻬﺪُ إِ ﱠ
ن
ن﴾ وﻓﯾﻪ ﺗﻛذﯾﺑﻪ ﻋز وﺟل ﻟﻬم ﺑل وﺗﺄﻛﯾدﻩ ﻋﻠﻰ ﺑطﻼن ﺷﻬﺎدﺗﻬم وﻫذا ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل " ﻻم اﻟﺗوﻛﯾد
ذﺑُﻮ َ
ﻦ ﻟَﻜَﺎ ِ
اﻟْ ُﻤﻨـَﺎﻓِﻘِﻴ َ
أن ".
" و" ّ
117
اﻟﺧﺑر ﯾﻧﺣﺻر ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺳﺎم وﻫﻲ:
إ ّﻣﺎ أن ﯾﻛون ﺻﺎدﻗﺎ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬو ﻣطﺎﺑق ﻟﻠواﻗﻊ ﻣﻊ اِﻋﺗﻘﺎد اﻟﻣﺧﺑر ﺑﺄﻧﻪ ﻣطﺎﺑق ﻟﻪ. -1
إ ّﻣﺎ أن ﯾﻛون ﻛﺎذﺑﺎ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬو ﻏﯾر ﻣطﺎﺑق ﻟﻠواﻗﻊ ﻣﻊ ﻋدم اِﻋﺗﻘﺎد اﻟﻣﺧﺑر ﺑﻣطﺎﺑﻘﺗﻪ ﻟﻪ. -2
د -ﻏﯾر ﻣطﺎﺑق ﻟﻠواﻗﻊ دون اِﻋﺗﻘﺎد اﻟﻣﺗﻛﻠم أﻧﻪ ﻣطﺎﺑق أﺻﻼ.
ﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﯾﻌﺗﻣد " اﻟﺟﺎﺣظ " ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ اﻟﺧﺑر أو ﻛذﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻧﺻرﯾن ﻣﻬﻣﯾن و ﻫﻣﺎ :ﻣطﺎﺑﻘﺔ
اﻟﺧﺑر ﻟﻠواﻗﻊ وﻗﺻد اﻟﻣﺗﻛﻠم و اِﻋﺗﻘﺎدﻩ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ .واﻟﻣﻼﺣظ ﻓﻲ ﺗﻘﺳﯾم " اﻟﺟﺎﺣظ "ﻫذا أﻧﻪ ِاﻋﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﺑﻌض
اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ اﻟﺧﺑر أو ﻛذﺑﻪ ،ﻓﻬو ﯾﺗﻐﻠﻐل ﻓﻲ ﻧﻔﺳﯾﺔ اﻟﻣﺧﺑر أﺛﻧﺎء ﻛﻼﻣﻪ
)ﻗﺻدﻩ واِﻋﺗﻘﺎدﻩ( ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾرّﻛز ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗداوﻟﯾون اﻟﻣﻌﺎﺻرون أﺛﻧﺎء دراﺳﺎﺗﻬم وﺗﺣﻠﯾﻠﻬم ﻟﻠﻐﺔ.
ﻟﻬذا ﯾﺗﻣﯾز ِاﺗّﺟﺎﻩ اﻟﺟﺎﺣظ ﺑرؤﯾﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻋﻣﯾﻘﺔ ذات طﺎﺑﻊ ﺗداوﻟﻲ.
ﻗُ ﱢﺳم اﻟﺧﺑر ﺑﺣﺳب درﺟﺔ ﻗوة دﻻﻻﺗﻪ وﺿﻌﻔﻬﺎ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺳﺎم اِﺗﻔق اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻣﯾﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو
118
اﻵﺗﻲ:
ﺧﺑر ِاﺑﺗداﺋﻲ
ﺧﺑر طﻠﺑﻲ
ﺧﺑر إﻧﻛﺎري
اﻟﺧﺑر اﻻﺑﺗداﺋﻲ:
ﻫو اﻟﺧﺑر اﻟذي ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺗﺄﻛﯾد وﯾﺳﺗﻐﻧﻰ ﻓﯾﻪ ﻋن ﻣؤﻛدات اﻟﺣﻛم ﻷن اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﯾﻛون ﺧﺎﻟﻲ اﻟذﻫن
ﺗﻣﺎﻣﺎ ،وﯾﻘول" اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ " ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺧﺑر ":ﻓﺈذا اِﻧدﻓﻊ ﻓﻲ اﻟﻛﻼم ﻣﺧﺑ اًر ،ﻟزم أن ﯾﻛون ﻗﺻدﻩ ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻪ
ﺑﺎﻟﻣﺳﻧد ﻟﻠﻣﺳﻧد إﻟﯾﻪ ﻓﻲ ﺧﺑرﻩ ذاك ،إﻓﺎدﺗﻪ ﻟﻠﻣﺧﺎطب ،ﻣﺗﻌﺎطﯾﺎً ﻣﻧﺎطﻬﺎ ﺑﻘدر اﻻﻓﺗﻘﺎر ﻓﺈذا أﻟﻘﻰ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﺧﺑرﯾﺔ إﻟﻰ
اِﻧﺗﻔﺎء ،ﻛﻔﻰ ﻓﻲ ذﻟك اﻻﻧﺗﻘﺎش ،ﺣﻛﻣﻪ وﯾﺗﻣﻛن ﻟﻣﺻﺎدﻓﺗﻪ إﯾﺎﻩ ﺧﺎﻟﯾﺎً ﻓﺗﺳﺗﻐﻧﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻋن ﻣؤﻛدات اﻟﺣﻛم ،وﯾﺳﻣﻲ
119
ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺧﺑر اﺑﺗداﺋﯾﺎ" .
وﻣﺛﺎل ﻫذا اﻟﻧوع ﻗوﻟك ﻟﺷﺧص ﻣﺎ " :ﻋﻼء اﻟدﯾن طﺎﻟب ﻣﺟﺗﻬد " ﻓﺄﻧت ﻫﻧﺎ ﺑﺻدد إﺧﺑﺎرﻩ ﺑﺎِﺟﺗﻬﺎد " ﻋﻼء
اﻟدﯾن " ﻓﺎﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﺧﺎﻟﻲ اﻟذﻫن ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻻ ﯾﻌﻠم أ ّن " ﻋﻼء اﻟدﯾن " طﺎﻟب ﻣﺟﺗﻬد ،وﻣﺛﺎﻟﻪ ﻗول أﺣد اﻟﺷﻌراء:
120
ﻓﺻﺎدف ﻗـﻠﺑﻲ ﺧـﺎﻟـﻴًـﺎ ﻓـﺘـﻣﻛﻧـﺎ أﺗﺎﻧﻲ ھواھﺎ ﻗﺑل أن أﻋﺮف اﻟﮫوى
ﻓﺎﻟﺷﺎﻋر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺑﯾت ﯾﻘر ﺑﺄن ﻗﻠﺑﻪ ﻛﺎن ﺧﺎﻟﯾﺎ ﻣن اﻟﺣب ﺗﻣﺎﻣﺎ ،ﻓﻬو ﻟم ﯾﻌرﻓﻪ ﻣن ﻗﺑل أﺑدا وﻟﻬذا ﺗﻣﻛن
اﻟﺧﺑر اﻟطﻠﺑﻲ:
اﻻﺳﺗﻧﺎد ﻓﻬو
وﺷك اﻟﻣﺗﻠﻘّﻲ .ﯾﻘول " اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ " ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧوع " :إو ذا أﻟﻘﺎﻫﺎ إﻟﻰ طﺎﻟﺑﻬﺎ ﻣﺗﺣﯾر طرﻓﺎﻫﺎ ﻋﻧدﻩ دون ِ
121
إن ﻋﻼء اﻟدﯾن
وﻣﺛﺎل ﻫذا اﻟﻧوع ﻗوﻟﻧﺎّ ": إن زﯾدا ﻋﺎرف ...وﯾﺳﻣﻲ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺧﺑر طﻠﺑﯾﺎً" .
ﻋﺎرف أو ّ
طﺎﻟب ﻣﺟﺗﻬد " ﻓﻲ ﺗﺄﻛﯾدﻧﺎ ﻋﻠﻰ اِﺟﺗﻬﺎد " ﻋﻼء اﻟدﯾن " ﻟﻣن ﯾﺷك ﻓﻲ اِﺟﺗﻬﺎدﻩ.
ﻫو اﻟﺧﺑر اﻟذي ﯾﺗطﻠب ﻣﻘﺎﻣﻪ ﺗﺄﻛﯾد اﻟﻛﻼم ﻧﺗﯾﺟﺔ إﻧﻛﺎر اﻟﺳﺎﻣﻊ ﻟﻪ وﯾﻘول " اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ " ﻓﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻪ ﻛذﻟك" :
إو ذا أﻟﻘﺎﻫﺎ إﻟﻰ ﺣﺎﻛم ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺧﻼﻓﻪ ،ﻟﯾردﻩ إﻟﻰ ﺣﻛم ﻧﻔﺳﻪ ،اِﺳﺗوﺟب ﺣﻛﻣﻪ ﻟﯾﺗرﺟﺢ ﺗﺄﻛﯾداً ﺑﺣﺳب ﻣﺎ أﺷرب اﻟﻣﺧﺎﻟف
122
اﻹﻧﻛﺎر ﻓﻲ اِﻋﺗﻘﺎدﻩ" .
وﻗد ﯾﻧﻛر اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ اﻟﺧﺑر وﻗد ﯾﺑﺎﻟﻎ ﻓﻲ إﻧﻛﺎرﻩ ،وﻟﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﺗﺄﻛﯾد ﺑﺄدوات ﻣﻌﯾﻧﺔ ﯾﺳﺗﻌﻣﻠﻬﺎ اﻟﻣﺗﻛﻠم أو اﻟﻣﺧﺑر ﺑﺣﺳب
درﺟﺔ إﻧﻛﺎر اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ،وذﻟك ﺣﺗﻰ ﯾﻘﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﻛﻪ أو إﻧﻛﺎرﻩ ﻟﻠﺧﺑر ﺗﻣﺎﻣﺎ.
إن ﻋﻼء اﻟدﯾن ﻟطﺎﻟب ﻣﺟﺗﻬد " وﻫﻧﺎ أُ ﱢﻛد اﻟﺧﺑر ﺑـ " :ﻻم اﻟﺗﺄﻛﯾد " و"
ﻓﻠﻣﻧﻛر اِﺟﺗﻬﺎد " ﻋﻼء اﻟدﯾن " ﺗﻘول ﻟﻪّ " :
ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑق ﻧﻼﺣظ أن اﻟﺟﻣل اﻟﺧﺑرﯾﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺣﺳب اِﺧﺗﻼف درﺟﺔ وﺷدة اﻟﻐرض اﻟذي ﺗﺗﺿﻣﻧﻪ
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﺧﺗﻠف ﻣﻌﺎﻧﯾﻬﺎ وﺗﺗﻧوع ﺑﺗﻧوع اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي ﺗرد ،ﻓﺟﻣﻠﺔ " واﷲ إن ﻋﻼء ﻟطﺎﻟب ﻣﺟﺗﻬد" أﻗوى ﻣن ﺣﯾث
دﻻﻟﺗﻬﺎ ﻣن ﺟﻣﻠﺔ " ﻋﻼء اﻟدﯾن طﺎﻟب ﻣﺟﺗﻬد " وﻗد ﺗﺧرج ﻫذﻩ اﻟدﻻﻟﺔ إﻟﻰ دﻻﻻت وأﻏراض أﺧرى ﺗﻔﻬم ﻣن ﺳﯾﺎق
" اﻹﻧﻛﺎر" و " اﻟﺗﻌﺟب "... اﻟﻛﻼم .ﺣﯾث ﯾﺣﺗﻣل ﻟﻔظ اﻟﺧﺑر ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻛﺛﯾرة ﻣﻧﻬﺎ " :اﻟﺗﻣﻧﻲ " و
123
ﯾﺧرج اﻟﺧﺑر إﻟﻰ ﻣﻌﺎﻧﻲ و أﻏراض ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﻣﻘﺎﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرد ﻓﯾﻬﺎ و ﻣﻧﻬﺎ:
اﻟدﻋﺎء واﻟطﻠب :ﻧﺣو " ﺳﺎﻣﺣﻪ اﷲ وﻏﻔر ﻟﻪ " .أو ﻛطﻠب اﻟﻣﻐﻔرة ﻧﺣو ﻗوﻟك " :أﺳﺗﻐﻔر اﷲ" .
124
َﻼﺛَﺔَ ﻗُﺮُوٍء﴾.
ﻦ ﺛـَ
ُﺴ ِﻬ ﱠ
ﻦ ﺑِﺄَﻧْﻔ ِ
ﺼَ اﻷﻣر :ﻓﻲ ﻣﺛل ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟل﴿ :وَاﻟْ ُﻤﻄـَﻠﱠﻘـ ُ
َﺎت ﻳَﺘَ َﺮﺑﱠ ْ
-2.1.1اﻹ ﻧﺷﺎء:
اِﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻗدﯾﻣﺎ ﺣول اِﺳﺗﻌﻣﺎل ﻣﺻطﻠﺢ " اﻹﻧﺷﺎء " ،وﻻﺣظﻧﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑق أﻧﻪ ﻛﺎن ُﯾﻌّﺑر ﻋن
" اﻹﻧﺷﺎء " ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﺎت ﺑﻌﺿﻬم ﺑﻣﺻطﻠﺢ آﺧر وﻫو اﻟطﻠب ،125وﻣﻧﻬم ﻣن ﺻرح ﺑﺄن اﻟطﻠب ﻫو ﻧوع ﻣن أﻧواع
اﻹﻧﺷﺎء وﻫو ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ " اﻟﺧطﯾب اﻟﻘز وﯾﻧﻲ " ﺣﯾن ﻗﺎل " :اﻹﻧﺷﺎء ﺿرﺑﺎن :طﻠب وﻏﯾر طﻠب " ،126وﻫو
اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟذي ﺳﺎر ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺑﻼﻏﯾون ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ،وﻫو ﻣﺎ ﻧرﺗﺿﯾﻪ ﻓﻲ دراﺳﺗﻧﺎ ﻫذﻩ.
و" اﻹﻧﺷﺎء " ﻫو اﻟﻛﻼم اﻟذي ﻻ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﺣﻛم ﻋﻠﯾﻪ ﺛﺑوﺗﺎ أو ﻧﻔﯾﺎ ،وﻗد ﯾطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻼم اﻟذي ﻟﯾس
ﻟﻧﺳﺑﺗﻪ ﺧﺎرٌج ﺗطﺎﺑﻘﻪ أو ﻻ ﺗطﺎﺑﻘﻪ127؛ أي ﻻ ُﯾﻘﺻد ﻣن ﻧﺳﺑﺗﻪ اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ أن ﺗطﺎﺑق أوﻻ ﺗطﺎﺑق ﻧﺳﺑﺗﻪ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
إو ﻧﻣﺎ ﯾﺑﺣث ﻋن ﻣدﻟوﻻت ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﺗﺗﻼءم ﻣﻊ ﻟﻔظﻪ .وﻗﯾل إﻧﻪ اﻟﻛﻼم اﻟذي" ﻻ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﺻدق واﻟﻛذب ﻟذاﺗﻪ ،وﻻ
128
ﯾﺻﺢ أن ﯾﻘﺎل ﻟﻘﺎﺋﻠﻪ إﻧﻪ ﺻﺎدق أو ﻛﺎذب ،ﻟﻌدم ﺗﺣﻘق ﻣدﻟوﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج وﺗوﻗﻔﻪ ﻋن اﻟﻧطق ﺑﻪ" .
-1.2.1.1.1اﻹﻧﺷﺎء اﻟطﻠﺑﻲ:
129
وﯾﺷﺗﻣل ﻫذا اﻟﺿرب ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟظواﻫر ﻫو ﻣﺎ ﯾﺳﺗدﻋﻲ ﻣطﻠوﺑﺎ ﻏﯾر ﺣﺎﺻل وﻗت اﻟطﻠب.
اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ ﺑﺗﻧوع اﻟﺻﯾﻎ اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ " اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ " وأﺳﺎﻟﯾﺑﻬﺎ ،أو ﺑﺗﻧوع أﻏراﺿﻬﺎ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ وﻗد ﻗُ ﱢﺳﻣت
130
اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم واﻷﻣر واﻟﻧﻬﻲ واﻟﺗﻣﻧﻲ ﺗﻠك اﻷﺳﺎﻟﯾب واﻟﺻﯾﻎ ﺑﻌد دراﺳﺔ وﺑﺣث وﺗوﺳﻊ إﻟﻰ ﺗﺳﻌﺔ أﻗﺳﺎم وﻫﻲ:
واﻟﺗرﺟﻲ واﻟﻧداء واﻟدﻋﺎء واﻟﻌرض واﻟﺗﺣﺿﯾض .وﯾﻣﻛن ﺗوﺿﯾﺢ ﻫذﻩ اﻷﻗﺳﺎم ﻓﻲ اﻟﻣﺧطط اﻵﺗﻲ:
وﻣن اﻟﺑﻼﻏﯾﯾن ﻣن ﻗﺳﻣﻬﺎ إﻟﻰ ﺧﻣﺳﺔ أﻗﺳﺎم ﻓﻘط وﻫﻲ :اﻷﻣر واﻟﻧﻬﻲ واﻻﺳﺗﻔﻬﺎم واﻟﺗﻣﻧﻲ واﻟﻧداء ،وﯾﺷﯾر
إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻷﻗﺳﺎم اﻟﺑﺎﺣث " أﺑو ﺳرﯾﻊ ﯾﺎﺳﯾن " ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ " :وﻫﻲ -أي اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ اﻟطﻠﺑﯾﺔ -ﺧﻣﺳﺔ:
131
اﻟﺗﻣﻧﻲ واﻻﺳﺗﻔﻬﺎم واﻷﻣر واﻟﻧﻬﻲ واﻟﻧداء ،ﻷﻧﻪ – أي اﻷﺳﻠوب -إ ّﻣﺎ أن ﯾﻘﺗﺿﻲ ﻛون ﻣطﻠوﺑﻪ ﻣﻣﻛﻧﺎ أو ﻻ" .
-129ﻋﺑد اﻟﻌﺗﯾق )ﻋزﯾز( :ﻋﻠم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،دار اﻵﻓﺎق اﻟﻌرﺑﯾﺔ) ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ﻣﺻر( ،دط ،2004 ،ص.58
-130ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز)أﺑو ﺳرﯾﻊ ﯾﺎﺳﯾن( :اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻼﻏﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﺳﻌﺎدة )ﺳﻠطﻧﺔ ﻋﻣﺎن( ،ط 1989 ،1ص.10
-131اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻼﻏﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ص.14
70
وذﻟك ﻷﻧﻬم ﯾﻌﺗﺑرون اﻟدﻋﺎء ﻧوع ﻣن اﻷﻣر ،واﻟﺗﺣﺿﯾض واﻟﺗرﺟﻲ ﻧوﻋﺎن ﻣن أﻧواع اﻟﺗﻣﻧﻲ وأ ّﻣﺎ اﻟﻌرض
وﻗد ﻗ ّﺳﻣت ﻫذﻩ اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻷﺻﻠﯾﺔ إﻟﻰ أﻏراض أﺧرى ﺗﻧدرج ﺗﺣﺗﻬﺎ ﺑﺣﺳب ﻣﻌﺎﻧﯾﻬﺎ وﻣدﻟوﻻﺗﻬﺎ واﻟﻣﻘﺎم
اﻟذي ﺗرد ﻓﯾﻪ وﯾﺷﯾر اﻟﺑﺎﺣث " أﺑو ﺳرﯾﻊ " إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﻣرة أﺧرى " :إذا ﻗﻠﻧﺎ :ﻟﺗرى زﯾدا ﻗﺎﺋم ،ﻓﻘد
دﻟﻠﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺳﺑﺔ اﻟﻘﯾﺎم إﻟﻰ زﯾد ﻓﻲ اﻟﻧﻔس ،وﻋﻠﻰ ﻫﯾﺋﺔ ﻧﻔﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺗﻠك اﻟﻧﺳﺑﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ ﯾﺧرﺟﻬﺎ ﻋن اِﺣﺗﻣﺎل
132
اﻟﺻدق واﻟﻛذب ،ﻓﺎﻟﻣﺟﻣوع اﻟﻣرﻛب ﻣن ﻣﻌﺎﻧﯾﻬﺎ ﻣدﻟول اﻟﻛﻼم اﻟﻠﻔظﻲ اﻹﻧﺷﺎﺋﻲ".
ﻓﺎﻹﻧﺷﺎء ﺣﺳﺑﻪ إذا أرﯾد ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻓﺈن ﯾﺳﺗدﻋﻲ ﻣطﻠوﺑﺎ ﻏﯾر ﺣﺎﺻل ﻓﻲ اِﻋﺗﻘﺎد اﻟﻣﺗﻛﻠم وﻗت اﻟطﻠب،
إو ذا أرﯾد ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﻣﺟﺎزي ﻓﺈﻧﻪ ُﯾﺳﺗﻌﻣل ﻓﻲ طﻠب اﻟﺣﺎﺻل ،وﺟﻣﯾﻊ أﻧواع اﻟطﻠب ﯾﺳﺗدﻋﻲ ذﻟك ﺣﺗﻰ إذا ﻛﺎن
اﻟﻣطﻠوب ﺣﺎﺻﻼ ﯾﻣﺗﻧﻊ إﺟراؤﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ،وﯾﺗوﻟد ﻣﻧﻬﺎ ﺑﺣﺳب اﻟﻘراﺋن ﻣﺎ ﯾﻧﺎﺳب اﻟﻣﻘﺎم ،واﻟرأي ﻋﻧد
133
أن ﻫذا اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻣﺟﺎزي ﻫو اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟﺑﺣث واﻟدراﺳﺔ ﻟﻸﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ اﻟطﻠﺑﯾﺔ.
ﻋﻠﻣﺎء اﻟﺑﻼﻏﺔ ّ
ﻗﺳم ﺻﯾﻐﺗﻪ وأدواﺗﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ ،وﻟﻛل ﺻﯾﻐﺔ ﻣن اﻟﺻﯾﻎ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ أﻏراض ﻣﺗﻔرﻋﺔ ﻋﻧﻬﺎ ﺗُﻔﻬم ﻣن اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي
ﺗرد ﻓﯾﻪ وﻣن ﻗﺻد وﻏﺎﯾﺔ اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﻪ ،ﻛﻣﺎ ﺳﺄوﺿﺢ ذﻟك ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ:
اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم:
﴿ إِ ﱠ
ن وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟل: 134
ﻫو طﻠب اﻟﻌﻠم ﺑﺎﻟﺷﻲء ﻟم ﯾﻛن ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﻣن ﻗﺑل ﺑﺄداة ﺧﺎﺻﺔ،
136
ﻣﺎ اﻟذي إن أﻗﺻﻴﻪ ﻋﻧّﻲ ﻋـﺎد. ﻣﺎ اﻟذي ﺻﺑك ﺻﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﻔؤاد
أدواﺗﻪ:
وﻗد ﻗ ّﺳم اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻫذﻩ اﻷدوات ﺑﺣﺳب ﻣﺎ ُﯾطﻠب ﺑﻬﺎ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺳﺎم وﻫﻲ :137ﻣﺎ ﯾطﻠب ﺑﻬﺎ اﻟﺗﺻور أو اﻟﺗﺻدﯾق،
وﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾطﻠب ﺑﻬﺎ اﻟﺗﺻور ﻓﻘط ،وﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾطﻠب ﺑﻬﺎ اﻟﺗﺻدﯾق ﻓﻘط :
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣﻧﻬﺎ اﻟﻛﻼم ﻟﻛﻧﻪ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺣدﯾدﻫﺎ ،إذ إﻧﻪ ﻣﺗردد ﺑﯾن ﺷﯾﺋﯾن وﻫو ﯾطﻠب ﺗﺣدﯾد أﺣدﻫﻣﺎ ،وﻣﺛﺎل
ﻓﺎﻟﺳﺎﺋل ﻫﻧﺎ ﯾﻌﻠم أﻧﻪ ﯾوﺟد ﻓﻲ اﻹﻧﺎء ﻣﺎدة ﺳﺎﺋﻠﺔ ﺑﯾﺿﺎء اﻟﻠون ﻟﻛﻧﻪ ﯾﺟﻬل ﻣﺎ ﺗﻛون ،ﻓرﺑﻣﺎ ﺗﻛون ﺣﻠﯾﺑﺎ ورﺑﻣﺎ ﺗﻛون
ﻟﺑﻧﺎ ،ﻟذﻟك ﯾﺳﺗﻔﺳر ﻋن أﺻل ﺗﻠك اﻟﻣﺎدة وﯾطﻠب ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﻪ ﺗﻌﯾﯾﻧﻬﺎ وﺗﺣدﯾدﻫﺎ ،وﯾﻛون اﻟﺟواب ﻋن ﻣﺛل ﻫذا
اﻟﺳؤال ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن ﻓﺗﻘول ﻣﺟﯾﺑﺎ :ﻟﺑن .وﺗﺄﺗﻲ اﻟﻬﻣزة ﻟطﻠب اﻟﺗﺻدﯾق إذا ﻛﺎن اﻟﺳﺎﺋل ﻣﺗرددا وﯾراودﻩ ﺷك ﺣول ﺛﺑوت
اﻟﻧﺳﺑﺔ أو ﻧﻔﯾﻬﺎ وﻫو ﺑﺳؤاﻟﻪ ﯾرﯾد أن ﯾطﻠب ﺗﻌﯾﯾﻧﺎ ﻟﺗﻠك اﻟﻧﺳﺑﺔ إﻣّﺎ ﺛﺑوﺗﺎ أو ﻧﻔﯾﺎ ،ﻧﺣو ﻗوﻟك :أوﻟﯾد ﻧﺎﺋم؟ أو :أﻧﺎم
وﻟﯾد؟ وﯾﻛون اﻟﺟواب ﻋن ﻣﺛل ﻫذا اﻟﺳؤال ﺑﺗﺣدﯾد اﻟﻧﺳﺑﺔ إ ّﻣﺎ ﺑﺎﻟﺛﺑوت ﻓﺗﻘول " :ﻧﻌم " إو ّﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﻔﻲ ﻓﺗﻘول ":ﻻ "
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻼﺳﺗﻔﻬﺎم اﻟﻣﺛﺑت ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم اﻟﻣﻧﻔﻲ ﯾﻛون اﻟﺟواب ﺑـ " :ﺑﻠﻰ " ﻟﻺﺛﺑﺎت و ﺑـ ":ﻧﻌم " وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻬﻬﺎ
139
ﻣﺛل " :أﺟل " و " إي " إذا أرﯾد اﻟﻧﻔﻲ.
ﻧﻘول :ﻫل ﻧﺎم وﻟﯾد أم ﺧﺎﻟد؟ وﻗَﺑُ َﺢ :ﻫل وﻟﯾدا ﺿرﺑت " ،ﻷن اﻟﺗﻘدﯾم ﯾﺳﺗدﻋﻲ ﺣﺻول اﻟﺗﺻدﯾق ﺑﻧﻔس اﻟﻔﻌل
واﻟﺷك ﻓﯾﻣﺎ ﻗُ ﱢدم ﻋﻠﯾﻪ "141وﯾﺟوز ﻗوﻟك :ﻫل وﻟﯾد ﺿرﺑﺗﻪ؟ وذﻟك ﻟﺟواز ﺗﻘدﯾر اﻟﻣﺣذوف ﻗﺑل وﻟﯾد؛ ﻓﻧﻘول ﻓﻲ
-138اﻹﯾﺿﺎح ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﺑﻼﻏﺔ واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻟﺑﯾﺎن واﻟﺑدﯾﻊ :ﻣﺧﺗﺻر ﺗﻠﺧﯾص اﻟﻣﻔﺗﺎح ،ص.108
-139اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺣو اﻟﻌرﺑﻲ ص.19 ،
-140اﻹﯾﺿﺎح ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﺑﻼﻏﺔ واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻟﺑﯾﺎن واﻟﺑدﯾﻊ :ﻣﺧﺗﺻر ﺗﻠﺧﯾص اﻟﻣﻔﺗﺎح ،ص.108
-141اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،اﻟﺻﻔﺣﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ.
73
ﺻص " ﻫل " اﻟﻔﻌل اﻟﻣﺿﺎرع ﺑﺎﻻﺳﺗﻘﺑﺎل ،وذﻟك ﻣﺎ ﺟﻌل ﻟﻬﺎ ﻣزﯾد اِﺧﺗﺻﺎص ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻬﻣزة،
وﺗُﺧ ﱢ
ن﴾ ون( ،وذﻟك ﻷن إﺑراز ﻣﺎ ﺳﯾﺗﺣدد ﻓﻲ ﻣﻌرض اﻟﺛﺎﺑت ﻓﻲ ﴿ﻓَ َﻬﻞْ أَﻧْﺘُ ْﻢ ﺷَﺎ ِ
ﻛﺮُو َ َل ﺗ َﺷﻛ ُِر َ
ون( أو ﻣن )ﻓَﻬ ْ
ﺗ َﺷﻛ ُِر َ
ون( " ﻫل " ﻫﻧﺎ دﺧﻠت ﻋﻠﻰ ﻓﻌل ﻣﻘ ّدر ،ذﻟك أن اﻟﺿﻣﯾر " أﻧﺗم " ﻓﺎﻋل اﻟﻔﻌل ﺣﻘﯾﻘﺔ .143أ ّﻣﺎ ﻓﻲ )ﻓَﻬ ْ
َل أَ ْﻧﺗُ ْم ﺗ َﺷﻛ ُِر َ
145
وﻗ ّﺳم اﻟﻌﻠﻣﺎء " ﻫل " إﻟﻰ ﻗﺳﻣﯾن :ﺑﺳﯾطﺔ وﻣرﻛﺑﺔ
" ﻫل " اﻟﺑﺳﯾطﺔ :وﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﯾُطﻠب ﺑﻬﺎ وُﺟود ﺷﻲء ﻣﺎ ﻧﺣو ﻗوﻟك :ﻫل اﻟﺣرﻛﺔ ﻣوﺟودة ؟
" ﻫل " اﻟﻣرﻛﺑﺔ :وﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﯾُطﻠب ﺑﻬﺎ وُﺟود ﺷﻲء ﻣﺎ ﻟﺷﻲء آﺧر ﻧﺣو :ﻫل ﻧﻬر اﻟﻧﯾل ﯾﺻب ﻓﻲ
اﻟﺑﺣر اﻷﺑﯾض؟ ﻓﺎﻟﻌﻠم ﺑوﺟود اﻟﻧﯾل أﻣر ﻻ ﺷك ﻓﯾﻪ ،وﻟﻛن اﻟﻣﺟﻬول ﻋﻧﻪ واﻟﻣطﻠوب ﻣﻌرﻓﺗﻪ ﻫو ﺛﺑوت ﺻﺑﻪ ﻓﻲ
اﻟﺑﺣر اﻟﺑﯾض أو ﻧﻔﯾﻪ ﻋﻧﻪ ،وﻟﻬذا ﯾﺟﺎب ﻋﻧﻪ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت ﺑـ " ﻧﻌم " وﻓﻲ اﻟﻧﻔﻲ ﺑـ " ﻻ " وﺗﺷﺗرك اﻟﻬﻣزة ﻣﻊ " ﻫل "
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺗﻘﺳﯾم أﯾﺿﺎ ﻓﻘد ﺗﻛون ﺑﺳﯾطﺔ إن اﺳﺗﻔﻬم ﺑﻬﺎ ﻋن وﺟود اﻟﺷﻲء أو ﻋدﻣﻪ ،وﻗد ﺗﻛون ﻣرﻛﺑﺔ إن اﺳﺗﻔﻬم
ي " و " أّﯾﺎن " و " أﻧّﻰ " و " ﻛﯾف " و " ﻛم " و " ﻣﺗﻰ " و " أﯾن ".
" ﻣﺎ " و " ﻣﺗﻰ " و " أ ّ
142
-اﻷﻧﺑﯾﺎء .80/
-143ﺟﻼل اﻟدﯾن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن )اﻟﻘزوﯾﻧﻲ( :ﺷرح اﻟﺗﻠﺧﯾص ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﺑﻼﻏﺔ ،ﺷرﺣﻪ وﺧرج ﺷواﻫدﻩ :ﻣﺣﻣد ﻫﺎﺷم دوﯾذري،
دار اﻟﺟﯾل) ،ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن( ،ط ،1982 ،2ص.84
-144اﻹﯾﺿﺎح ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﺑﻼﻏﺔ واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻟﺑﯾﺎن واﻟﺑدﯾﻊ :ﻣﺧﺗﺻر ﺗﻠﺧﯾص اﻟﻣﻔﺗﺎح ،ص.109
-145اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،اﻟﺻﻔﺣﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ.
74
" ﻣﺎ " :وﺗﺳﺗﻌﻣل ﻟﺷرح اﻻﺳم وﺑﯾﺎن ﻣدﻟوﻟﻪ اﻟﻠﻐوي ،أو ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻣﺳﻣﻰ ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟل﴿ :اﻟْﻘـَﺎرِﻋَﺔُ ﻣَﺎ
ﻓﺎﻟﻘﺎرﻋﺔ اﺳم ﻣن أﺳﻣﺎء ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ ،وﯾﺷﯾر اﻟﻣﻔﺳر " اﺑن ﻧﺎﺻر اﻟﺳﻌدي " إﻟﻰ أﻧﻬﺎ ﺳﻣﯾت ﻛذﻟك " 146
اﻟْﻘـَﺎرِﻋَﺔُ﴾
ﻷﻧﻬﺎ ﺗُﻘرع اﻟﻧﺎس وﺗزﻋﺟﻬم ﺑﺄﻫواﻟﻬﺎ " 147وﻗد ﺗﺳﺗﻌﻣل " ﻣﺎ " ﻟﻠﺳؤال ﻋن اﻟﺟﻧس أﯾﺿﺎ ،148ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ﴿ :أَ ْم
َﻚ َوإِﻟَﻪَ
ِﻦ ﺑَ ْﻌﺪِي ﻗـَﺎﻟُﻮا ﻧَ ْﻌﺒُﺪُ إِﻟَﻬ َ
نﻣْْت إِذْ ﻗـَﺎلَ ﻟِﺒَﻨِﻴ ِﻪ ﻣَﺎ ﺗَ ْﻌﺒُﺪُو َ
ُﻮب اﻟْﻤَﻮ ُ
ﻛﻨْﺘُ ْﻢ ﺷُ َﻬﺪَاءَ إِذْ ﺣَﻀَ َﺮ ﻳَ ْﻌﻘ َ
ُ
اﻹﻟﻪ اﻟذي ﺳﯾﻌﺑدوﻧﻪ ﻣن ﺑﻌدﻩ ،ﻫل ﺳﯾﻌﺑدون اﻷﺻﻧﺎم أو اﻟﻧﺎر أو اﻟﺷﻣس أو ﺳﯾﻌﺑدون اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ؟
وﻣﺛﺎل ذﻟك أﯾﺿﺎ ﻗوﻟك ﻟﺷﺧص ﻣﺎ ﺗﺳﺗﻔﺳر ﻋن ﺟﻧس أﻣﻼﻛﻪ ﻣﺛﻼ أﻫﻲ أﻣوال أو أراﺿﻲ أو ﻣواﺷﻲ :ﻣﺎ ﻋﻧدك؟
( أ ﻫو ﺑﺷر ﻣﺛﻠﻧﺎ؟ أو ﻫو ﻣن " ﻣن " :ﺗُﺳﺗﻌﻣل ﻟﺗﻌﯾﯾن اﻟﻌﺎﻗل ،ﻧﺣو :ﻣن ﻣﺣﻣد؟ )
اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ؟
" أي " :ﺗُﺳﺗﻌﻣل ﻟﻠﺳؤال ﻋﻣﺎ ُﯾﻣﯾز أﺣد اﻟﻣﺗﺷﺎرﻛﯾن ﻓﻲ أﻣر َﯾ ُﻌ ّﻣﻬﻣﺎ ﻣﺛل ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟل﴿ :ﺛُﻢﱠ
اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﻬف؟
" ﻣﺗﻰ " :ﺗﺳﺗﻌﻣل ﻟﻠﺳؤال ﻋن اﻟزﻣن ﻣﺎﺿﯾﺎ ﻛﺎن أو ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ ،ﻧﺣو :ﻣﺗﻰ ُﻋدت ﻣن اﻟﺳﻔر؟
-146اﻟﻘﺎرﻋﺔ 1 /و.2
-147ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن )اﺑن ﻧﺎﺻر اﻟﺳﻌدي( :ﺗﯾﺳﯾر اﻟﻛرﯾم اﻟرﺣﻣن ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر ﻛﻼم اﻟﻣﻧﺎن ،ﻗ ّدم ﻟﻪ :ﻣﺣﻣد اﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟ ُﻌﺛﯾﻣﯾن وﻋﺑد اﷲ
ﻣﻌﻼ اﻟﻠوﯾﺣق ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻣﻌﺎرف ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ )اﻟرﯾﺎض( ،دط،1419 ،
ﺑن ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺑن ﻋﻘﯾل ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ﺑن ّ
ص.933
-148اﻹﯾﺿﺎح ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﺑﻼﻏﺔ واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻟﺑﯾﺎن واﻟﺑدﯾﻊ ،ﻣﺧﺗﺻر ﺗﻠﺧﯾص اﻟﻣﻔﺗﺎح ،ص.109
-149اﻟﺑﻘرة .133 /
-150اﻟﻛﻬف .12/
75
" أﯾّﺎن " :ﺗﺳﺗﻌﻣل ﻟﻠﺳؤال ﻋن اﻟزﻣن اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ،وأﻛﺛر ﻣﺎ ﺗﻛون ﻓﻲ ﻣواﺿﻊ اﻟﺗﻔﺧﯾم؛ أي ﻓﻲ
اﻟﻣواﺿﻊ ﻟﺗﻲ ﯾُﻘﺻد ﻓﯾﻬﺎ ﺗﻌظﯾم اﻟﻣﺳﺋول ﻋﻧﻪ واﻟﺗﻬوﯾل ﺑﺷﺄﻧﻪ ،ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟل﴿ :ﻳَﺴْﺄَلُ أَﻳـﱠﺎ َ
ن ﻳَ ْﻮمُ
151
اﻟْﻘِﻴـَﺎﻣَ ِﺔ﴾.
َﻦ وَأَْﻧﺒَﺘَﻬَﺎ ﻧَﺒـَﺎﺗـًﺎ " أﻧّﻰ " :ﺗﺳﺗﻌﻣل ﺑﻣﻌﻧﻰ " ﻣن أﯾن ﻟك ؟ " ﻧﺣو﴿ :ﻓَﺘَﻘَﺒـﱠﻠَﻬَﺎ َرﺑﱡﻬَﺎ ﺑِﻘَﺒ ٍ
ُﻮل ﺣَﺴ ٍ
َﺖ
َﻚ َﻫﺬَا ﻗـَﺎﻟ ْ
َاب َوﺟَﺪَ ِﻋﻨْﺪَﻫَﺎ رِْزﻗـًﺎ ﻗـَﺎلَ ﻳـَﺎ ﻣَ ْﺮﻳَﻢُ أَﻧﱠﻰ ﻟ ِ
ﻛﻠﱠﻤَﺎ دَﺧَﻞَ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ َزﻛَﺮِﻳـﱠﺎ اﻟْﻤِ ْﺤﺮ َ
ﺣَﺴَﻨـًﺎ َوﻛَﻔـﱠﻠَﻬَﺎ َزﻛَﺮِﻳـﱠﺎ ُ
َﺎب﴾ ،152ﻛﻣﺎ ﺗﺳﺗﻌﻣل أﯾﺿﺎ ﺑﻣﻌﻧﻰ " ﻛﯾف " ﻧﺣو :أّﻧﻰ
َﻦ ﻳَﺸَﺎ ُء ﺑِﻐَﻴْﺮِ ِﺣﺴ ٍ
َﺮُز ُق ﻣ ْ
ن اﻟﻠﱠﻪَ ﻳ ْ
ِﻦ ِﻋﻨْ ِﺪ اﻟﻠﱠِﻪ إِ ﱠ
ُﻫ َﻮ ﻣ ْ
" أﯾن " :ﺗﺳﺗﻌﻣل ﻟﻠﺳؤال ﻋن اﻟﻣﻛﺎن ﻧﺣو :أﯾن واﻟدﺗك ؟ وﺟواﺑﻪ :ﻓﻲ اﻟﻣﻧزل ﻣﺛﻼ.
" ﻛﯾف " :ﺗﺳﺗﻌﻣل ﻟﻠﺳؤال ﻋن اﻟﺣﺎل ﻧﺣو :ﻛﯾف أﺻﺑﺣت؟ وﺟواﺑﻪ :ﺑﺧﯾر واﻟﺣﻣد ﷲ.
153
ﻜ ْﻢ أَ ْﻋﻠَﻢُ ﺑِﻤَﺎ ﻟَﺒِﺜْﺘُ ْﻢ﴾.
ْﺾ ﻳَ ْﻮٍم ﻗـَﺎﻟُﻮا َرﺑﱡ ُ
ﻗـَﺎلَ ﻗـَﺎﺋِﻞٌ ﻣِﻨْ ُﻬ ْﻢ ﻛَ ْﻢ ﻟَﺒِﺜْﺘُ ْﻢ ﻗـَﺎﻟُﻮا ﻟَﺒِ ْﺜﻨـَﺎ ﻳَ ْﻮﻣًﺎ أَ ْو ﺑَﻌ َ
واﻟﻣﻼﺣظ ﻫو ﺗوﺳﻊ اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻗدﯾﻣﺎ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم واﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻣوﺿوﻋﺔ ﻟﻪ ،وﻟم ﯾﺗوﻗﻔوا ﻋﻧد ﻫذا اﻟﺣد
ﺑل ﺗﻌﻣﻘوا ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺗﻠك اﻷﻟﻔﺎظ واﻟﻣواﺿﻊ اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻓﯾﻬﺎ ﻛل ﻟﻔظ ،ﻛﻣﺎ ﻣﯾّزوا ﺑﯾن ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻠﻔظ اﻟواﺣد
وﺣددوا ﻣواﺿﻊ اِﺧﺗﻼف اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺑدﻗﺔ ﻣراﻋﯾن ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣﻘﺎﻣﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرد ﻓﯾﻬﺎ و وﺿﻌﯾﺔ اﻟﻣﺗﻛﻠم
واﻟﺳﺎﻣﻊ وﻣﻘﺻد ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ وﻏﺎﯾﺎﺗﻪ ﻣن اﻟﺧطﺎب واﻟظروف اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﻬﻣﺎ وﻣﻧزﻟﺔ ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ .ﻓﻛﺎﻧت دراﺳﺎﺗﻬم ذات
ﺑﻌد ﺗداوﻟﻲ ورؤﯾﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ دﻗﯾﻘﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻌﺻرﻫﺎ وﯾﺗﺿﺢ ذﻟك أﻛﺛر ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﻘراءﻫم ﻟﺑﻌض اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻔرﻋﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﯾﺧرج ﻟﻬﺎ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﺑﺻﯾﻐﺗﻪ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ وﺗﺗﻧوﻋﻬﺎ ﺑﺗﻧوع اﻟﻣﻘﺎم ،وﻗد ﺗﻧﺑﻪ اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻗدﯾﻣﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟظﺎﻫرة ﻓﻘﺎﻣوا
ﺑدراﺳﺗﻬﺎ إو ﺣﺻﺎء ﻣﺎ ﻻ ﯾﻘل ﻋن اﺛﻧﯾن وﺛﻼﺛﯾن ) (32ﻣﻌﻧﻰ ﻣﺗﻔرع ﻋن اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ،ﺣﯾث ذﻛر اﻟﺑﺎﺣث " أﺣﻣد
-151اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ .6/
-152آل ﻋﻣران .37 /
-153اﻟﻛﻬف 19/
76
ﻗﺎﺳم " أن " اﻟﺳﯾوطﻲ " " وﺻل ﺑدﻻﻻت اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم اﻟﺗﺣوﯾﻠﯾﺔ إﻟﻰ اﺛﻧﯾن وﺛﻼﺛﯾن دﻻﻟﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺎ ﺑذﻟك ﻣﺎ ذﻛرﻩ
154
ﻟﻛن و ﻧظ ار ﻟﺗوﺳﻊ ﻫذﻩ اﻟدﻻﻻت وﺛراﻫﺎ وﺗﻧوﻋﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﻣﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ -ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻗﺑﻠﻪ ".
اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم واﻟﺷﻌر اﻟﻌرﺑﻲ -وﺟد اﻟﺑﺎﺣﺛون ﺻﻌوﺑﺔ ﻛﺑﯾرة ﻓﻲ ﺣﺻرﻫﺎ إو ﺣﺻﺎﺋﻬﺎ إو ﻋطﺎء ﻋدد ﻧﻬﺎﺋﻲ ﻟﻬﺎ ،وﻫذا
ﻣﺎ أدى ﺑﺑﻌض اﻟدارﺳﯾن ﺑﺈﻓراد ﻫذﻩ اﻟدﻻﻻت ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻬم ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻣﺎ ﻓﻌل اﻟﻌﻼﻣﺔ " ﺷﻣس اﻟدﯾن ﺑن اﻟﺻﺎﺋﻎ "
اﻟذي أﻟّف ﻛﺗﺎﺑﺎ ﺳﻣﺎﻩ " روض اﻹﻓﻬﺎم ﻓﻲ أﻗﺳﺎم اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم " وﯾذﻛر " اﻟﺳﯾوطﻲ" أﻧﻪ ﻗﺎل ﻓﯾﻪ أن اﻟﻌرب ﻗد ﺗو ّﺳﻌت
ﻟﻠﺻﻔﺎر 155".إو ن دل ﻫذا ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻓﺈﻧﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﺗﻲ أوﻻﻫﺎ اﻟدارس اﻟﻌرﺑﻲ ﻗدﯾﻣﺎ ﻟدراﺳﺔ
اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻷﺻل أو اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ اﻟﻣﺑﺎﺷر ﺑﺎﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺣدﯾث ،وﻣﺎ ﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﻬﺎ ﻣن ﺻﯾﻎ ﻣﺟﺎزﯾﺔ ﻓرﻋﯾﺔ )أﻓﻌﺎل
ﻦ
ن ِﻣ َ اﻟﺗﻌﺟب :ﻛﻘوﻟﻪ ﻋز وﺟلَ ﴿ :وﺗَﻔَﻘﱠﺪَ اﻟﻄﱠﻴْ َﺮ ﻓَﻘـَﺎلَ ﻣَﺎ ﻟِ َ
ﻲ َﻻ أَرَى اﻟْ ُﻬ ْﺪ ُﻫﺪَ أَ ْم ﻛَﺎ َ
ﻓﺎﻟﻐرض ﻣن ﻫذا اﻟﺳؤال ﻫو اﻟﺗﻌﺟب ،ﻷن اﻟﻬدﻫد ﻛﺎن ﻻ ﯾﻐﯾب ﻋن ﻧظر " ﺳﻠﯾﻣﺎن " إﻻ إذا 156
ﻦ﴾.
اﻟْﻐَﺎﺋِﺒِﻴ َ
أذن ﻟﻪ ،ﻓﻠ ّﻣﺎ ﻟم ﯾﺑﺻرﻩ ﺗﻌﺟب ﻣن ﺣﺎل ﻧﻔﺳﻪ وﻋدم رؤﯾﺗﻪ ﻟﻠﻬدﻫد .واﻟﻣﺗﻌﺟب ﻣﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻫو ﻏﯾﺑﺔ اﻟﻬدﻫد ﻣن
-154ﺣﺳﺎم اﺣﻣد )ﻗﺎﺳم( :ﺗﺣوﯾﻼت اﻟطﻠب وﻣﺣددات اﻟدﻻﻟﺔ :ﻣدﺧل إﻟﻰ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺧطﺎب اﻟﻧﺑوي اﻟﺷرﯾف ،دار اﻵﻓﺎق اﻟﻌرﺑﯾﺔ
)اﻟﻘﺎﻫرة ،ﻣﺻر( ،ط ،2007 ،1ص.117
-155اﻹﺗﻘﺎن ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﻘرآن ،ص.102
-156اﻟﻧﻣل .20/
77
اﻟﺳﺑب ،واﻟﺟﻬل ﺑﺳﺑب ﻋدم اﻟرؤﯾﺔ ﯾﺳﺗﻠزم اﻟﺗﻌﺟب .157وﻣن أﻣﺛﻠﺗﻪ أﯾﺿﺎ ﻗول " اﻟﻣﺗﻧﺑﻲ " ﻓﻲ ﺳﯾف اﻟدوﻟﺔ وﻗد
158
أﺻﺎﺑﺗﻪ ﻋﻠﺔ:
159
ﻜ ْﻢ﴾.
ِﻦ ﺑَ ْﻌﺪِي أَﻋَِﺠﻠْﺘُ ْﻢ أﻣﺮ َرﺑﱢ ُ
ﺧَﻠَﻔْﺘُﻤُﻮﻧِﻲ ﻣ ْ
160
ﻦ﴾. اﻟوﻋﯾد :ﻓﻲ ﻣﺛل ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ﴿ :أَﻟَ ْﻢ ﻧُ ْﻬﻠ ِ
ِﻚ اﻷَْوﱠﻟِﻴ َ
ن
ِﻦ ﻓِ ْﺮﻋَ ْﻮ َ
ِﻴﻦ ﻣ ْ
َاب اﻟْ ُﻤﻬ ِ اﻟﺗﺣﻘﯾر :ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﺟل ﺛﻧﺎؤﻩَ ﴿ :وﻟَﻘَ ْﺪ ﻧَﺠﱠﻴْﻨـَﺎ ﺑَﻨِﻲ إِ ْﺳﺮَاﺋِﻴﻞَ ِﻣ َ
ﻦ ا ْﻟﻌَﺬ ِ
" ﻓرﻋون "، وﻗ أر " اﺑن ﻋﺑﺎس " )ﻣن( ﺑﻠﻔظ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ورﻓﻊ 161
ﻦ﴾.
ﻦ اﻟْ ُﻤ ْﺴﺮِﻓِﻴ َ
ن ﻋَﺎﻟِﻴـًﺎ ﻣِ َ
إِﻧﱠﻪُ ﻛَﺎ َ
" ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﯾﻼزﻣﻬﺎ ،ﻷن " ﺷﻌﯾب " ﻛﺎن ﻛﺛﯾر اﻟﺻﻼة ،وﻛﺎن ﻗوﻣﻪ إذا رأوﻩ ﯾﺻﻠﻲ ﺗﺿﺎﺣﻛوا ﻓﻘﺻدوا
ﺑﻔﻌل ﻗد ﻛﺎن و
أن " ﻋﺑد اﻟﻘﺎﻫر اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ " ذﻛر ﻓﻲ ﺷرﺣﻪ ﻟﻬذﻩ اﻵﯾﺔ أن اﻟﻬﻣزة ﺗﻛون ﻟﺗﻘرﯾر ٍ
أﺣﻣد ﻗﺎﺳم " إﻟﻰ ّ
164
،وﻫو ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ " اﻟﺳﯾوطﻲ " ﺣﯾث أﺷﺎر ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﻪ " اﻹﺗﻘﺎن ﻓﻲ إﻧﻛﺎر ﻟﻪ ﻟم ﻛﺎن؟ وﺗوﺑﯾﺦ ﻟﻔﺎﻋﻠﻪ ﻋﻠﯾﻪ
ﻋﻠوم اﻟﻘرآن " إﻟﻰ أن " اﻟزﻣﺧﺷري " اﻋﺗﺑر اﻟﻬﻣزة " ﻟﻠﺗﻘرﯾر ﻣﻊ اﻟﺗوﺑﯾﺦ واﻟﺗﻌﺟب ﻣن ﺣﺎﻟﻬم "165وﻫذا ﯾدل ﻋﻠﻰ
أﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﺿﺑط ﻏرض ﻣﺣدد ﯾﺧرج إﻟﯾﻪ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﺣﯾث إّﻧﻧﺎ ﻧﺟد ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن
اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﺗداﺧﻠﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻓﻼ ﻧﺳﺗطﯾﻊ ﺑذﻟك أن ﻧﺣدد أو ﻧﻣﯾز ﻣﻌﻧﻰ واﺣد ﻟذﻟك اﻟﻣﻠﻔوظ ،وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ
ن﴾ ،166ﻓﺎﻟﻣﻌﺎﻧﻲ
َﺎب أَﻓـََﻼ ﺗَ ْﻌﻘِـﻠُﻮ َ
ن اﻟْ ِﻜﺘـ َ
ن أَﻧْﻔُﺴَﻜُ ْﻢ وَأَﻧْﺘُ ْﻢ ﺗَ ْﺘـﻠُﻮ َ
ﱠﺎس ﺑِﺎﻟْﺒِﱢﺮ َوﺗَ ْﻨﺴَ ْﻮ َ ﻋز وﺟل﴿ :أَﺗـَﺄﻣﺮو َ
ن اﻟﻨـ َ
اﻟﻣﺣﺗﻣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺧرج إﻟﯾﻬﺎ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ ﺗﺗراوح ﺑﯾن اﻟﺗوﺑﯾﺦ واﻹﻟﺟﺎء واﻻﻋﺗراف واﻟﺗﻌﺟب.
أَﻻ
ﺼ ُﺮ اﻟﻠﱠﻪِ َ اﻻﺳﺗﺑطﺎء :ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ﴿ :ﺣَﺘﱠﻰ ﻳَﻘُﻮلَ اﻟ ﱠﺮﺳُﻮلُ وَاﻟﱠﺬِﻳ َ
ﻦ آَﻣَﻨُﻮا ﻣَﻌَﻪُ ﻣَﺘَﻰ ﻧَ ْ
167
ِﻳﺐ﴾.
ﺼ َﺮ اﻟﻠﱠِﻪ ﻗَﺮ ٌ
ن ﻧَ ْ
إِ ﱠ
168
ﻛﺮٍ﴾.
ِﻦ ُﻣﺪﱠ ِ
ﻜ ْﻢ ﻓَ َﻬﻞْ ﻣ ْ اﻷﻣر :ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ ﴿ :وﻟَﻘَ ْﺪ أَ ْﻫﻠَ ْ
ﻜﻨـَﺎ أَ ْﺷﻴـَﺎﻋَ ُ
ِﻴﻦ﴾169أي؛ أﻓﺄﻧت أّﯾﻬﺎ اﻟﻣﺧﻠوق اﻟﺿﻌﯾف اﻟذي ﻻ ﺣول ﻟﻪ وﻻ ﻗوة ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺳﻣﻊ اﻟﺻ ّم وﺗﻘود اﻷﻋﻣﻰ إﻟﻰ
ُﻣﺒ ٍ
ﺳواء اﻟﺳﺑﯾل؟ ﻻ ﺗﻘدر إو ﻧﻣﺎ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ذﻟك ﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ.
-163اﻷﻧﺑﯾﺎء .62/
-164ﺗﺣوﯾﻼت اﻟطﻠب وﻣﺣددات اﻟدﻻﻟﺔ .ﻣدﺧل ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺧطﺎب اﻟﻧﺑوي اﻟﺷرﯾف ،ص.121
-165اﻹﺗﻘﺎن ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﻘرآن ،اﻟﺟزء ،2ص.103
-166اﻟﺑﻘرة .44/
-167ااﻟﺑﻘرة .214 /
-168اﻟﻘﻣر .51/
-169اﻟزﺧرف .40 /
79
ﻦ ﺛُﻢﱠ ﺗَ َﻮﻟﱠﻮْا ﻋَ ْﻨﻪُ اﻻﺳﺗﺑﻌﺎد :ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟل﴿ :أَﻧﱠﻰ ﻟَ ُﻬﻢُ اﻟﺬﱢ ْ
ﻛﺮَى َوﻗَ ْﺪ ﺟَﺎءَ ُﻫ ْﻢ َرﺳُﻮلٌ ُﻣﺒِﻴ ٌ
170
ن﴾.
َوﻗـَﺎﻟُﻮا ُﻣﻌَﻠﱠﻢٌ ﻣَ ْﺠﻨُﻮ ٌ
171
ِﻦ ﺷُﻔَﻌَﺎءَ ﻓَﻴَ ْﺸﻔَﻌُﻮا ﻟَﻨـَﺎ﴾.
اﻟﺗﻣﻧﻲ :ﻓﻲ ﻣﺛل ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ﴿ :ﻓَ َﻬﻞْ ﻟَﻨـَﺎ ﻣ ْ
172
ﻦ﴾.
ْﺖ ﺧَﻴْ ُﺮ اﻟْﻐَﺎﻓِﺮِﻳ َ
ِﺮ ﻟَﻨـَﺎ وَا ْرﺣَ ْﻤﻨـَﺎ وَأَﻧ َ
ْﺖ َوﻟِﻴﱡﻨـَﺎ ﻓـَﺎ ْﻏﻔ ْ
َﻦ ﺗَﺸَﺎءُ أَﻧ َ
َﻦ ﺗَﺸَﺎءُ َوﺗَ ْﻬﺪِي ﻣ ْ
ﻣْ
اﻷﻣر:
ﻫو طﻠب اﻟﻔﻌل ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻻﺳﺗﻌﻼء؛ ﻣن اﻷﻋﻠﻰ ﻣﻧزﻟﺔ إﻟﻰ اﻷدﻧﻰ ﻣﻧزﻟﺔ ،واﻷﻣر ﻋﻧد اﻟﻌرب إذا ﻟم
ﯾﻔﻌﻠﻪ اﻟﻣﺄﻣور ﺑﻪ )ُﯾ ِط ْﻌﻪُ( ُﯾﻌﺗﺑر ﻋﺎﺻﯾﺎ وﯾﻛون ﻋﺎﻣل ﺑﻠﻔظ " اﻓﻌل " أو ﺑﻠﻔظ " ﻟﯾﻔﻌل "173ﯾﻘول " اﺑن ﻓﺎرس "" :
ﻓﺈن ﻗﺎل ﻗﺎﺋل :ﻓﻣﺎ ﺣﺎل اﻷﻣر ﻓﻲ وﺟوﺑﻪ وﻏﯾر وﺟوﺑﻪ؟ ﻗﯾل ﻟﻪ :أﻣّﺎ اﻟﻌرب ﻓﻠﯾس ﯾُﺣﻔظُ ﻋﻧﻬم ﻓﻲ ذﻟك ﺷﻲء،
واﻟﻧﻬﻲ " ،174وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟل﴿ : ﻧﻬﻰ ﺧﺎدَﻣﻪ ﻋن اﻟﻛﻼم ﻓﺗﻛﻠّم ،ﻻ ﻓرق ﻋﻧدﻫم ﻓﻲ ذﻟك ﺑﯾن اﻷﻣر
وﯾذﻫب اﻟﻌﻠﻣﺎء إﻟﻰ أن اﻷﻣر ﯾﻔﺗرض أن ﯾﺗﺣﻘق ﻋﻠﻰ اﻟﻔور ﻓﻼ ﯾﺣق ﻟﻠﻣﺄﻣور أن ﯾﺳﺗرﺧﻲ وﯾﻣﺎطل ﻓﻲ
ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺎ أﻣر ﺑﻪ ﻷن ﺣﻣوﻟﺗﻪ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﺗﺳﺗوﺟب ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣطﻠوب ﻋﻠﻰ ﻋﺟل ،وذﻟك أن اﻟﻣوﻟﻰ ﻋز وﺟل ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺄﻣر
-170اﻟدﺧﺎن 13/و.14
-171اﻷﻋراف .53 /
-172اﻷﻋراف .155/
-173اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ ﻓﻲ ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ وﺳﻧن اﻟﻌرب ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻬﺎ ،ص ص .155 ،154
-174اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.157
-175اﻷﻋراف .199 /
80
ﻋﺑدﻩ ﺑﺎﻟﻘﯾﺎم ﺑﺷﻲء ﻣﺎ ،ﯾﺗﺣﺗم ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺧﯾر اﻻﻣﺗﺛﺎل ﻷﻣر اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وطﺎﻋﺗﻪ دون ﺗردد إوﻻ ﻧﺎل اﻟﻌﻘﺎب ،176ﻛﻣﺎ
اﻋﺗﺑر اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻗدﯾﻣﺎ أن ﻟﻸﻣر ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺗﺗﺣﻘق ﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻪ وﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،ﻓﻣﺛﻼ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘول ﺳﯾد ﻟﺧﺎدﻣﻪ" :
ﻓﺈن ﺧﺎدﻣﻪ ﺳﯾطﯾﻌﻪ ﺣﺗﻣﺎ وﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻔور ﺑﻔﺗﺢ اﻟﺑﺎب ،وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺗﺣول اﻷﻣر إﻟﻰ ﻣﺟرد ﻣﻠﻔوظ )ﺳﻠﺳﻠﺔ
اﻓﺗﺢ اﻟﺑﺎب " ّ
ﻣن اﻷﺻوات( إﻟﻰ ﻋﻣل ﯾﺗﺣﻘق وﯾﻧﺟز ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،وﻫذا ﻣﺎ أﻛد ﻋﻠﯾﻪ " أوﺳﺗﯾن " ﻣن ﺧﻼل ﻣﺣﺎﺿراﺗﻪ اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ
ﺑـ" " " things with words How to doﻛﯾف ﺗﻔﻌل اﻷﺷﯾﺎء ﺑﺎﻟﻛﻠﻣﺎت " واﻟذي ﻣﯾّز ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﯾن ﻣﺎ ﺳﻣﺎﻩ
ﺑﺎﻟﺟﻣل اﻟوﺻﻔﯾﺔ؛ وﻫﻲ اﻟﺟﻣل اﻟﺗﻲ ﺗﺻف ﺣدﺛﺎ ﻣﺎ دون أن ﺗﺣﻘق ﻓﻌﻼ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،وﺑﯾن اﻟﺟﻣل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺣددﻫﺎ
177
أن اﻟﺟﻣﻠﺔ ﯾﺟب أن ﺗﺷﺗﻣل ﻋﻠﻰ ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي ﻣﺛل اﻟﺟﻣل
ّ ﻣن ﺧﻼل ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﻣﻘﺎﻟﯾﺔ ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ:
اﻷﻣرﯾﺔ واﻻﺳﺗﻔﻬﺎﻣﯾﺔ وﺟﻣل اﻟﻧﻬﻲ واﻟوﻋد وﻏﯾرﻫﺎ ،ﺑﺣﯾث وﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﺎﻟﺟﻣﻠﺔ ﯾﻘﻊ اﻟﻔﻌل.
178
ﻓﻌل اﻷﻣر ،اﻟﻣﺿﺎرع اﻟﻣﺟزوم ﺑﻼم اﻷﻣر ،اﺳم ﻓﻌل اﻷﻣر ،اﻟﻣﺻدر اﻟﻧﺎﺋب ﻋن ﻟﻸﻣر أرﺑﻊ ﺻﯾﻎ ،وﻫﻲ:
ﻓﻌل اﻷﻣر.
ﻓﻌل اﻷﻣر :ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺧﺎطﺑﺎ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن﴿ :ﻳﺎ أَﻳﱡﻬَﺎ اﻟﱠﺬِﻳ َ
ﻦ آَﻣَﻨُﻮا إِذَا ﻗُ ْﻤﺘُ ْﻢ إِﻟَﻰ اﻟﺼَﱠﻼةِ
179
ْﻦ﴾.
ﻜ ْﻢ وَأَ ْر ُﺟﻠَﻜُ ْﻢ إِﻟَﻰ اﻟْﻜَ ْﻌﺒَﻴ ِ
ُوﺳ ُ
ِﻖ َوا ْﻣﺴَﺤُﻮا ﺑُِﺮء ِ
ﻜ ْﻢ وَأَْﻳ ِﺪﻳَﻜُ ْﻢ إِﻟَﻰ اﻟْﻤَﺮَاﻓ ِ
ْﺴﻠُﻮا ُوﺟُﻮ َﻫ ُ
ﻓـَﺎﻏ ِ
ِﻦ ﺳَﻌَﺘِِﻪ َوﻣَ ْﻦ اﻟﻣﺿﺎرع اﻟﻣﺟزوم ﺑﻼم اﻷﻣر :ﻓﻲ ﻣﺛل ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟل ﴿ :ﻟِﻴُ ْﻨﻔ ْ
ِﻖ ذُو ﺳَﻌَ ٍﺔ ﻣ ْ
180
ِﻻ ﻣَﺎ آَﺗـَﺎﻫَﺎ ﺳَﻴَ ْﺠﻌَﻞُ اﻟﻠﱠﻪُ ﺑَ ْﻌﺪَ ﻋُ ْﺴ ٍﺮ ﻳُ ْﺴﺮًا﴾.
ﱢﻒ اﻟﻠﱠﻪُ ﻧَﻔْﺴًﺎ إﱠ
ِﻖ ﻣِﻤﱠﺎ آَﺗـَﺎﻩُ اﻟﻠﱠﻪُ َﻻ ﻳُﻜَﻠ ُ
ﻗُ ِﺪ َر ﻋَﻠَ ْﻴﻪِ رِْزﻗُﻪُ ﻓـَﻠْﻴُ ْﻨﻔ ْ
اﻟزﻫري( :اﻷﻣر واﻟﻧﻬﻲ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ﻣﻧﺷورات ﻛﻠﯾﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺣﺳن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣطﺑﻌﺔ
-176ﻧﻌﯾﻣﺔ ) ّ
اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﺟﯾدة )اﻟرﺑﺎط( ،1997 ،ص ص.75 ،71
177
- J.L(Austin) : quand dire c’est faire, introduction, traduction Gilles Lane, postface de Françoise
Récaniti, édition du seuil (Paris) ,1970 ,p p87 ,88.
-178ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﺑﯾن اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ واﻟﺗطور ،ص.120
-179اﻟﻣﺎﺋدة .6/
-180اﻟطﻼق .7/
81
ﻛ ْﻢ ﻣَ ْﻦ
ﻀ ﱡﺮ ُ
ﻜ ْﻢ َﻻ ﻳَ ُ
ﻜ ْﻢ أَﻧْﻔُﺴَ ُ اﺳم ﻓﻌل اﻷﻣر :ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﺟل ﺛﻧﺎؤﻩ﴿ :ﻳـَﺎ أَﻳﱡﻬَﺎ اﻟﱠﺬِﻳ َ
ﻦ آَﻣَﻨُﻮا ﻋَﻠَﻴْ ُ
181
ن﴾.
ﻛﻨْﺘُ ْﻢ ﺗَ ْﻌﻤَﻠُﻮ َ
ﻜ ْﻢ ﺑِﻤَﺎ ُ
ﻜ ْﻢ ﺟَﻤِﻴﻌًﺎ ﻓَﻴُﻨَﺒﱢﺌُ ُ
ﺿَﻞﱠ إِذَا ا ْﻫﺘَﺪَ ْﻳﺘُ ْﻢ إِﻟَﻰ اﻟﻠﱠِﻪ ﻣَ ْﺮِﺟ ُﻌ ُ
ْب اﻟﻣﺻدر اﻟﻧﺎﺋب ﻋن ﻓﻌل اﻷﻣر :ﻓﻲ ﻣﺛل ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ﴿ :ﻓـَﺈِذَا ﻟَﻘِﻴﺘُﻢُ اﻟﱠﺬِﻳ َ
ﻦ ﻛَﻔَﺮُوا ﻓَﻀَﺮ َ
و" اﻷﻣر " ﺷﺄﻧﻪ ﺷﺄن " اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم " ﻗد ﺗﺧرج ﺻﯾﻐﻪ ﻋن ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟظﺎﻫر ﻓﺗ ّدل ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻓرﻋﯾﺔ 182
َﺎب﴾.
اﻟ ﱢﺮﻗـ ِ
ﻏﯾر ﻣﻌﺎﻧﯾﻬﺎ اﻷﺻﻠﯾﺔ ﺗﻔﻬم ﻣن ﺳﯾﺎق اﻟﻛﻼم وﻗراﺋن اﻷﺣوال وﻫﻲ ﻛﺛﯾرة وﻣﺗﻧوﻋﺔ.
اﻟﺗﻣﻧﻲ :إذا ﻛﺎن اﻟﻣطﻠوب أﻣ ار ﻣﺣﺑوﺑﺎ ﻻ أﻫل ﻓﻲ ﺣﺻوﻟﻪ ،أو ﯾﺑدو ﺗﺣﻘﻘﻪ أﻣر ﺑﻌﯾد اﻟﻣﻧﺎل،
183
وﻋﻣِﻲ ﺻﺑﺎﺣ ًﺎ دار ﻋﺑﻠﺔ واﺳﻠﻣِﻲ. ﻳﺎ دارَ ﻋـﺑﻠـﺔ ﺑﺎﻟـﺟـِوا ِء ﺗﻛـ ـﻣـﻲ
184
ﻣَن ﻟو ﻋﻠﻰ اﻟﺑُﻌ ِد ﺣﺑﺎ ﻛﺎنَ ﻳُﺣﻴﻴﻧﺎ. وﻳﺎ ﻧﺳـﻴم اﻟـ ـﺑﺎ ﺑـﻠـﻎْ ﺗﺣـﻴـﺘـﻧـﺎ
ﻓﺎﻟﺷﺎﻋر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺑﯾت ﯾﺧﺎطب اﻟﻧﺳﯾم طﺎﻟﺑﺎ ﻣﻧﻪ ﻣﺗﻣﻧ ًﯾﺎ أن ﯾﺑﻠﻎ ﺗﺣﯾﺗﻪ.
اﻟدﻋﺎء :ﻫو اﻟطﻠب ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻻﺳﺗﻐﺎﺛﺔ واﻟﻌون واﻟﺗﺿرع ،ﻧﺣو ﻗوﻟﻧﺎ :رﺑﻧﺎ اﻏﻔر ﻟﻧﺎ وارﺣﻣﻧﺎ
185
واﻧﺻرﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘوم اﻟظﺎﻟﻣﯾن ،وﻧﺣو ﻗول " اﻟﻣﺗﻧﺑﻲ " ﻣﺧﺎطﺑﺎ ﺳﯾف اﻟدوﻟﺔ:
-181اﻟﻣﺎﺋدة .105/
-182ﻣﺣﻣد .04/
-183ﻋﻠم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،ص.65
-184ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﺑﯾن اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ واﻟﺗطور ،ص.121
-185ﻋﻠم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،ص.64
82
اﻻﻟﺗﻣﺎس :ﯾﻛون ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺧرج دﻻﻟﺔ اﻷﻣر اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ إﻟﻰ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻠطف ﺑﯾن اﻟﻧد وﻧدﻩ وﻣﺛﺎﻟﻪ ﻗوﻟك
186
ﻟﺷﺧص ﻣﺎ ﯾﺳﺎوﯾك ﻣﻧزﻟﺔ " :اﻓﻌل ﻛذا " ...وﻣﺛﺎﻟﻪ أﯾﺿﺎ ﻗول أﺣد اﻟﺷﻌراء ﯾﺧﺎطب ﺧﻠﯾﻠﺗﻪ:
اﻟﺗﻬدﯾد :ﯾﻛون اﻷﻣر ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻬدﯾد إذا ﺧرﺟت ﺻﯾﻐﺗﻪ اﻷﺻﻠﯾﺔ ﻋن ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ إﻟﻰ ﻣﻌﻧﻰ
اﻟﺗﻬدﯾد ﺑﺎﻟﻌﻘﺎب ﻗﺻد اﻟﺗﺄﻧﯾب و اﻟﺗﺄدﯾب؟ وﻣﺛﺎﻟﻪ ﻗول ﺷﺧص ﻟﻌﺑد ﺷﺗم ﻣوﻻﻩ " :اﺷﺗم ﻣوﻻك" ﻓﺎﻟﻣﻘﺻود ﺑﻔﻌل
اﻷﻣر " اﺷﺗم " ﺗﺄدﯾب اﻟﻌﺑد وﺗﺄﻧﯾﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺳوء ﺻﻧﯾﻌﻪ " ﻓﻔﻲ ﻣﻘﺎم ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺑﯾل ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون اﻟﻐرض اﻟذي
187
وﻣﺛﺎﻟﻪ أﯾﺿﺎ ﯾؤﻣﻪ اﻟﻣﺗﻛﻠم اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺷﺗم ،ﺑل ﻫو اﻷﻣر ﺑﻣﻌرﻓﺔ ﻻزم اﻟﺷﺗم أي ﻣﺎ ﯾﺳﺗﺗﺑﻊ اﻟﺷﺗم وﻫو اﻟﺗﻬدﯾد "
َﻦ ﻳَـﺄْﺗِﻲ
َﻦ ﻳُـﻠْﻘَﻰ ﻓِﻲ اﻟﻨـﱠﺎرِ ﺧَ ْﻴ ٌﺮ أَ ْم ﻣ ْ
ن ﻋَﻠَ ْﻴﻨـَﺎ أَﻓَﻤ ْ
ن ﻓِﻲ آَﻳـَﺎﺗِﻨـَﺎ َﻻ ﻳَ ْﺨﻔَ ْﻮ َ
ﻦ ﻳُـﻠِْﺤﺪُو َ ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟل﴿ :إِ ﱠ
ن اﻟﱠﺬِﻳ َ
اﻟﺗﻌﺟﯾز :ﯾﻛون ﻟﻣن ﯾ ّدﻋﻲ أﻧﻪ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻪ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄﻣر ﻣﺎ ﻟﯾس ﻓﻲ وﺳﻊ اﻵﺧرﯾن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻪ ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ
دﻋُﻮا
ِﻦ ﻣِ ْﺜـﻠِِﻪ َوا ْ
ْﺐ ﻣِﻤﱠﺎ ﻧَﱠﺰْﻟﻨـَﺎ ﻋَﻠَﻰ ﻋَﺒْ ِﺪﻧـَﺎ ﻓـَﺄْﺗُﻮا ﺑِﺴُﻮ َرٍة ﻣ ْ
ﻛﻨْﺘُ ْﻢ ﻓِﻲ َرﻳ ٍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺧﺎطﺑﺎ اﻟﻣﺷرﻛﯾنَ ﴿ :وإ ْ
ِن ُ
-ﻋز وﺟل -ﺑﺎن ﯾﺄﺗوا وﻟو رﺳوﻟﻪ اﻟذي اﺗﻬﻣوﻩ ﺑﺎﻟﻛذب واﻻﻓﺗراء ،وﺑﺄن اﻟﻘرآن ﻛﻼم ﻣن ﺻﻧﻌﻪ ،طﺎﻟﺑﺎ ﻣﻧﻬم
( ﻛﻣﺎ زﻋﻣوا ،إو ن ﻟم ﺑﺳورة ﻣن ﻣﺛﻠﻪ وﻫم أﻫل اﻟﻔﺻﺎﺣﺔ واﻟﺧطﺎﺑﺔ ﻓﺈن ﺟﺎؤوا ﺑﺳورة ﻣن ﻣﺛﻠﻪ ﻓﺎﻟﻧﺑﻲ)
ْﺖ ﻓَﻘـُﻠْﻨـَﺎ
ﻜ ْﻢ ﻓِﻲ اﻟﺴﱠﺒ ِ اﻟﺗﺳﺧﯾر :ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰَ ﴿ :وﻟَﻘَ ْﺪ ﻋَﻠِ ْﻤﺘُﻢُ اﻟﱠﺬِﻳ َ
ﻦ ا ْﻋﺘَﺪَوْا ﻣِﻨْ ُ
191
ﻦ﴾.
َﺎﺳﺌِﻴ َ
ﻟَ ُﻬ ْﻢ ﻛُﻮﻧُﻮا ﻗِ َﺮدَةً ﺧ ِ
192
ﺻﻄَﺎدُوا﴾.
اﻹﺑﺎﺣﺔ :ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟلَ ﴿ :وإِذَا ﺣَﻠَـﻠْﺘُ ْﻢ ﻓـَﺎ ْ
ن ﻣَﺎ
ﻜ ْﻢ إِﻧﱠﻤَﺎ ﺗُ ْﺠ َﺰ ْو َ
ﺼﺒِﺮُوا ﺳَﻮَاءٌ ﻋَﻠَﻴْ ُ
ﺻﺒِﺮُوا أَ ْو َﻻ ﺗَ ْ اﻟﺗﺳوﯾﺔ :ﻓﻲ ﻣﺛل ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ :ا ْ
ﺻﻠَ ْﻮ َﻫﺎ ﻓـَﺎ ْ
193
ن﴾.
ﻛﻨْﺘُ ْﻢ ﺗَ ْﻌﻤَﻠُﻮ َ
ُ
194
ﻛُﻮﻧُﻮا ِﺣﺠَﺎ َرةً أَ ْو ﺣَﺪِﻳﺪًا﴾.
195
ﻠﻴﺷْﺮَ ﺑوا ﻓﻴﮫﺎ اﻟ ُﻣـﺜـ ﺣَ ﺘّﻰ ﺳـَﻘﻴـﻧﺎھم ﺑﻛﺄسٍ ﻣـُ
اﻟﺗﻠﻬﯾف واﻟﺗﺣﺳﯾر :ﻣﺛل ﻗوﻟك ﻟﺷﺧص ﻣﺎ) :ﻣن ﯾﻐﯾظك( وﻣﺛﺎل ذﻟك أﯾﺿﺎ ﻗول ﺟرﯾر:
196
ﻟ ْم ﻳﻘـطـﻌوا ﺑـطـنَ واد دوﻧـﻪُ ﻣـﺿ ُﺮ ﻣوﺗوا ﻣنَ اﻟﻐﻴظِ ﻏﻣ ًﺎ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮﺗﻛ ْم
اﻟﻛف ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌل ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻻﺳﺗﻌﻼء ﻣن اﻷﻋﻠﻰ إﻟﻰ اﻷدﻧﻰ ﻣﻧزﻟﺔ .وﻟﻪ ﺣرف واﺣد وﻫو "
ّ وﻫو طﻠب
ﻻ " وﺻﯾﻐﺗﻪ " ﻻ ﺗﻔﻌل " وﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻣن اﻋﺗﺑرﻫﺎ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣرﯾم ،197وﻗد اِﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻓﻲ أﺻل ﺻﯾﻐﺔ
اﻟﻧﻬﻲ أﻫﻲ ﻟﻠﻛف أم ﻟﻠﺗرك ﻓﻘط ،ﻓﺎﻷﺷﺎﻋرة ﯾﻌﺗﺑرون أن " ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻧﻬﻲ ﻛف اﻟﻧﻔس ﻋن اﻟﻔﻌل ﺑﺎﻻﺷﺗﻐﺎل ﺑﺄﺣد
198
ﻓﻔﻲ ﺻﯾﻐﺔ اﻟﻧﻬﻲ اِﺧﺗﻼف ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺻﯾﻐﺔ اﻷﻣر ﻣن ﺣﯾث أﺿدادﻩ ،واﻟﻣﻌﺗزﻟﺔ ﯾﻘوﻟون :إن اﻟﻧﻬﻲ ﺗرك اﻟﻔﻌل "
ﻛوﻧﻬﺎ ﻣوﺿوﻋﺔ ﻟطﻠب اﻟﺗرك اﻟﺟﺎزم وﻫو اﻟﺣرﻣﺔ أو ﻏﯾر اﻟﺟﺎزم وﻫو اﻟﻛراﻫﺔ أو اﻟﻘدر اﻟﻣﺷﺗرك ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ وﻫو طﻠب
اﻟﺗرك اﺳﺗﻌﻼء199.ﻓﺎﻟﻧﻬﻲ ﻛﺎﻷﻣر ﯾﻔﺗرض ﻓﻲ اﻟﻣﺗﻛﻠم أن ﯾﻛون ﻣﺳﺗﻌﻠﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎطﺑﻪ ﻓﺈذا ﺗﺣﻘق ﺷرط اﻻﺳﺗﻌﻼء
ﺗرﺗب ﻋن ذﻟك وﺟوب ﺗرك اﻟﻔﻌل أﻣﺎ إذا أﺧ ّل ﺑﻬذا اﻟﺷرط ﯾﻧﺟم ﻋن ذﻟك ﻣﺟرد طﻠب اﻟﺗرك200.وﻫذا ﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ
ﺧروج ﺻﯾﻐﺔ اﻟﻧﻬﻲ ﻋن ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻷﺻﻠﻲ إﻟﻰ ﻣﻌﺎن أﺧرى ﺗﻔﻬم ﻣن ﺳﯾﺎق اﻟﻛﻼم وﻗراﺋن اﻷﺣوال ،ﺣﯾث ﯾﻘول "
اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ " ﻓﻲ ذﻟك " :ﺛم إن اِﺳﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺗﺿرع ﻛﻘول اﻟﻣﺑﺗﻬل إﻟﻰ اﷲ :ﻻ ﺗﻛﻠﻧﻲ إﻟﻰ ﻧﻔﺳﻲ ،ﺳﻣﻲ
دﻋﺎء إو ن اِﺳﺗﻌﻣل ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣﺳﺎوي اﻟرﺗﺑﺔ ﻻ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻻﺳﺗﻌﻼء ﺳﻣﻲ ِاﻟﺗﻣﺎﺳﺎ ،إو ن اِﺳﺗﻌﻣل ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣﺳﺗﺄذن
201
ﺳﻣﻲ إﺑﺎﺣﺔ ،إو ن اِﺳﺗﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﻘﺎم ﺗﺳﺧط اﻟﺗرك ﺳﻣﻲ ﺗﻬدﯾدا ".
اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗﻣﻠﻬﺎ ﻟﻔظ اﻟﻧﻬﻲ :ﯾﻌﺗﺑر ﺑﻌض اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن أن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﺗﻔرﻋﺔ ﻋن اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ
ﻟﻠﻧﻬﻲ ﻗﻠﯾﻠﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻔرع ﻋن اﻷﻣر ،وﻣرّد ذﻟك ﻧﺳﺑﺔ ﺷﯾوع اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﺑﯾن اﻟﺻﯾﻐﺗﯾن وﻫذا ﺑﺳﺑب
طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻷﻣر واﻟﻧﻬﻲ وﻫﻲ " طﺑﯾﻌﺔ أدت إﻟﻰ أن ﺗﻛون ﺻﯾﻐﺔ اﻷﻣر ﻣﻐﻧﯾﺔ ﻋن اﻟﻧﻬﻲ ﻓﻲ أﺣﯾﺎن
ﻛﺛﯾرة ،ﻓﺎﻷﻣر ﺑﺎﻟﺷﻲء ﻧﻬﻲ ﻋن ﻣﻘﺎﺑﻠﻪ "202.وﻗد ﺗوﺳﻊ اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻘداﻣﻰ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﺗﻔرﻋﺔ ﻋن ﺻﯾﻐﺔ
اﻟﻧﻬﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ وﻣﯾزوا ﺑﯾﻧﻬﺎ ﺗﻣﯾﯾ از دﻗﯾﻘﺎ ﻋن طرﯾق اِﺳﺗﻘﺻﺎء اﻟﻣﻘﺎﻣﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرد ﻓﯾﻬﺎ ﺻﯾﻐﺔ اﻟﻧﻬﻲ،
ذﻟك أﺛﻧﺎء ﺗﻛﻠﻣﻪ ،واﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﺳﺎﻣﻊ وطرﯾﻘﺔ ﺗﻠﻘﯾﻪ ﻟﻠﺧطﺎب وﻓﻬﻣﻪ ﻟﻪ وﻣﻘﺻد ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻣن وراء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ
اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ ،وﻗد ﺗوﺻّل ﺑﻌﺿﻬم إﻟﻰ ﺗﺣدﯾد ﺗﻠك اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻟدﻻﻻت ﺑﺣﺳب اﻟﻣﻘﺎم اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ وﺑﺣﺳب ﻣﻘﺻد
اﻟﻣﺗﻛﻠم وﯾذﻛر اﻟﺑﺎﺣث " أﺣﻣد ﻗﺎﺳم " أن " اﻵﻣدي " ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺳﺑﻊ دﻻﻻت وﻫﻲ " :اﻟﺗﺣرﯾم واﻟﻛراﻫﺔ ،واﻟﺗﺣﻘﯾر
ﻴﻚ﴾ وﺑﯾﺎن اﻟﻌﺎﻗﺑﺔ ﻛﻘوﻟﻪ﴿ :ﻻ ﺗﻜﻠﻨﺎ إﻟﻰ أﻧﻔﺴﻨﺎ﴾ واﻟﯾﺄس ﻛﻘوﻟﻪ﴿ :ﻻ ﻛﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ﴿ :وﻻ ﺗَ ُﻤﺪﱠ ﱠ
ن ﻋَﻴْﻨَ َ
ﺗﻌﺘﺬروا اﻟﻴﻮم﴾ واﻹرﺷﺎد ﻛﻘوﻟﻪ﴿ :ﻻ ﺗﺴﺄﻟﻮا ﻋﻦ أﺷﻴﺎء﴾ .ﻓﻬﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ طﻠب اﻟﺗرك واﻗﺗﺿﺎﺋﻪ وﻣﺟﺎز ﻓﯾﻣﺎ
ﻋداﻩ203".وﻗد زاد " اﻟﺳﯾوطﻲ " ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟدﻻﻻت دﻻﻟﺗﯾن وﻫﻣﺎ :اﻟﺗﺳوﯾﺔ واﻹﻫﺎﻧﺔ ﻓﺻﺎرت ﻋﻧدﻩ ﺗﺳﻊ دﻻﻻت وﻗد
ﺟﻣﻊ " اﻟﺳﺑﻛﻲ " ﻛل ﻣﺎ ذُﻛر ﻗﺑﻠﻪ ﻣن دﻻﻻت وﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﻧﻬﻲ ﻓوﺻل ﺑﻬﺎ إﻟﻰ أرﺑﻌﺔ ﻋﺷرة
دﻻﻟﺔ .204وﻣن ﺑﯾن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺧرج إﻟﯾﻬﺎ ﺻﯾﻐﺔ اﻟﻧﻬﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ:
ْﻚ إِﻟَﻰ ﻣَﺎ ﻣَﺘﱠ ْﻌﻨـَﺎ ﺑِﻪِ أَ ْزوَاﺟًﺎ ِﻣﻨْ ُﻬ ْﻢ َز ْﻫ َﺮةَ اﻟﺗﺣﻘﯾر :ﻓﻲ ﻣﺛل ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ :وََﻻ ﺗَ ُﻤﺪﱠ ﱠ
ن ﻋَﻴْﻨَﻴ َ
205
ﱢﻚ ﺧَﻴْ ٌﺮ وَأَﺑْﻘَﻰ﴾.
اﻟْﺤَﻴـَﺎ ِة اﻟﺪﱡﻧْﻴـَﺎ ﻟِﻨَﻔْﺘِﻨَ ُﻬ ْﻢ ﻓِﻴﻪِ َورِْز ُق َرﺑ َ
ﻛﻨْﺘُ ْﻢ
ن ﻣَﺎ ُ اﻟﺗﯾﺋﯾس :ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ :ﻳـَﺎ أَﻳﱡﻬَﺎ اﻟﱠﺬِﻳ َ
ﻦ ﻛَﻔَﺮُوا َﻻ ﺗَ ْﻌﺘَ ِﺬرُوا اﻟْﻴَ ْﻮمَ إِﻧﱠﻤَﺎ ﺗُ ْﺠ َﺰ ْو َ
206
ن﴾.
ﺗَ ْﻌﻤَﻠُﻮ َ
اﻟﺗﻬدﯾد :ﻧﺣو ﻗول ﺳﯾد ﯾؤدب ﺧﺎدﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻋدم طﺎﻋﺗﻪ ﻟﻪ ﻣﻬددا إﯾﺎﻩ ﺑﺎﻟﻌﻘﺎب :ﻻ ﺗﻣﺗﺛل أﻣري.
َﺴﻴﻨـَﺎ أَ ْو أَﺧْﻄـَﺄْﻧـَﺎ َرﺑﱠﻨـَﺎ وََﻻ ﺗَ ْﺤﻤِﻞْ ﻋَﻠَﻴْﻨـَﺎ اﻟدﻋﺎء :ﻓﻲ ﻣﺛل ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ ﴿ :رﺑﱠﻨـَﺎ َﻻ ﺗُﺆَا ِﺧﺬْﻧـَﺎ إ ْ
ِن ﻧ ِ
207
َﻻ ﺗُﺤَﻤﱢﻠْﻨـَﺎ ﻣَﺎ َﻻ ﻃَﺎﻗَﺔَ ﻟَﻨـَﺎ ﺑِِﻪ﴾.
ِﻦ ﻗَْﺒـﻠِﻨـَﺎ َرﺑﱠﻨـَﺎ وَ
ﻦﻣ ْ
ﺻﺮًا ﻛَﻤَﺎ ﺣَﻤَﻠْﺘَﻪُ ﻋَﻠَﻰ اﻟﱠﺬِﻳ َ
إِ ْ
208
ُﻮﻻ﴾.
ن ﻋَﻨْﻪُ ﻣَ ْﺴﺌ ً
ِﻚ ﻛَﺎ َ
ﻛﻞﱡ أُوﻟَﺌ َ
وَاﻟْﻔُﺆَادَ ُ
اﻟﺗﻣﻧﻲ:
ﻫو طﻠب ﺣﺻول أﻣر ﻣﺣﺑوب ﻣﺳﺗﺣﯾل اﻟوﻗوع أو ﺑﻌﯾدﻩ ،أو اﻣﺗﻧﺎع أﻣر ﻣﻛروﻩ ﻛذﻟك209،ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟل:
َاب ﻳَ ْﻮﻣِﺌِ ٍﺬ ﺑِﺒَﻨِﻴ ِﻪ َوﺻَﺎ ِﺣﺒَﺘِِﻪ وَأَﺧِﻴ ِﻪ َوﻓَﺼِﻴﻠَﺘِِﻪ اﻟﱠﺘِﻲ ﺗُ ْﺆوِﻳ ِﻪ ﴿ ﻳُﺒَﺼﱠﺮُوﻧَ ُﻬ ْﻢ ﻳَ َﻮدﱡ اﻟْ ُﻤ ْﺠﺮِمُ ﻟَ ْﻮ ﻳَﻔْﺘَﺪِي ﻣ ْ
ِﻦ ﻋَﺬ ِ
210
ض ﺟَﻤِﻴﻌًﺎ ﺛُﻢﱠ ﻳُﻨْﺠِﻴ ِﻪ﴾.
َْر ِ
َﻦ ﻓِﻲ اﻷ ْ
َوﻣ ْ
واﻟﺗﻣﻧﻲ ﻗد ﯾﻛون ﻗرﯾﺑﺎ ﻣﺛل :ﻟﯾت ﻋﻼء ﯾﻘدم ،وﻫو ﻣﺷرف ﻋﻠﻰ اﻟﻘدوم ،وﻗد ﯾﻛون ﺑﻌﯾدا ﻣﻣﻛﻧﺎ ،وﻗد ﯾﻛون
ﻏﯾر ﻣﻣﻛن .واﻟﻠﻔظ اﻟﻣوﺿوع ﻟﻠﺗﻣﻧﻲ " ﻟﯾت " واﻟﻣوﺿوع ﻟﻠﺗرﺟﻲ " ﻟﻌل "؛ ﻓـ" ﻟﯾت " ﺗﻔﯾد ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻣﻧﻲ ،وﻓﻲ " ﻟﻌل
" ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗرﺟﻲ وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻫذا ﻓﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﺗﻣﻧﻲ ﻏﯾر ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﺗرﺟﻲ " ﻓﺎﻟﺗﻣﻧﻲ :اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﻣﻣﻛن واﻟﻣﺣﺎل،
واِﺧﺗﺻﺎص اﻟﺗرﺟﻲ ﺑﺎﻟﻣﻣﻛن ،وذﻟك ﻷن ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﺗﻣﻧﻲ :ﻣﺣﺑﺔ ﺣﺻول اﻟﺷﻲء ،ﺳواء ﻛﻧت ﺗﻧﺗظرﻩ وﺗرﺗﻘب ﺣﺻوﻟﻪ
أو ﻻ ،وﻟﻠﺗرﺟﻲِ :ارﺗﻘﺎب ﺷﻲء ﻻ وﺛوق ﺑﻣﺣﺻوﻟﻪ ﻓﻣن ﺛم ﻻ ﯾﻘﺎل :ﻟﻌل اﻟﺷﻣس ﺗﻐرب ﻓﯾدﺧل ﻓﻲ اﻻرﺗﻘﺎب
ﻟﻠطﻣﻊ واﻻﺷﺗﻘﺎق ،ﻓﺎﻟطﻣﻊ :ارﺗﻘﺎب ﺷﻲء ﻣﺣﺑوب ﻧﺣو :ﻟﻌﻠك ﺗﻌطﯾﻧﺎ ،واﻻﺷﺗﻘﺎق :ارﺗﻘﺎب اﻟﻣﻛروﻩ ،ﻧﺣو :ﻟﻌﻠك
ﺗﻣوت اﻟﺳﺎﻋﺔ211" .وﻗد ﯾﺄﺗﻲ اﻟﺗﻣﻧﻲ ﺑﺄﻟﻔﺎظ أﺧرى ﻏﯾر " ﻟﯾت " وﻫﻲ " :ﻟوﻣﺎ " و " ﻟوﻻ " و" ّأﻻ " و " ّ
ﻫﻼ " و "
ﺑﻘﻠب اﻟﻬﺎء ﻫﻣزة – و" ﻟوﻻ " و" ﻟوﻣﺎ " -ﻣﺄﺧوذة ﻣن " ﻫل " و " ﻟو " ﻣرﻛﺑﺗﯾن ﻣﻊ " ﻻ " و " ﻣﺎ " اﻟﻣزﯾدﺗﯾن
-208اﻹﺳراء .36/
-209اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺣو اﻟﻌرﺑﻲ ،ص.17
-210اﻟﻣﻌﺎرج .14 -12/
-211اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻼﻏﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ص.12
87
ﻟﺗﺿﻣﯾﻧﻬﺎ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻣﻧﻲ ﻓﯾﺗوﻟد ﻣن ﻫذا اﻟﺗرﻛﯾب ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻟﻠﺗﻧدﯾم ﻧﺣو :ﻫل أﻛرﻣت زﯾدا ،وﻓﻲ اﻟﻣﺿﺎرع
212
أزورك ﻟﺑﻌد اﻟﻣرﺟو ﻋن اﻟﺣﺻول".
ﻟﻠﺗﺣﺿﯾض ﻧﺣو :ﻟﻌﻠﻲ أ ُﺣ ّﺞ ﻓﺄزورك ،ﺑﻧﺻب َ
213
ﻓﺄﺧﺑﺮه ﺑﻣﺎ ﺻﻧﻊ اﻟﻣﺷﻴب أﻻ ﻟﻴت اﻟﺷﺑﺎب ﻳﻌود ﻳوﻣﺎ
ْت ﻣَ َﻊ وﻣﺛﺎل ذﻟك أﯾﺿﺎ ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟلَ ﴿ :وﻳَ ْﻮمَ ﻳَﻌَ ﱡ
ﺾ اﻟﻈﱠﺎﻟِﻢُ ﻋَﻠَﻰ ﻳَﺪَﻳْ ِﻪ ﻳَﻘُﻮلُ ﻳـَﺎ ﻟَﻴْﺘَﻨِﻲ اﺗﱠﺨَﺬ ُ
214
ِﻴﻼ﴾.
اﻟ ﱠﺮﺳُﻮ ِل ﺳَﺒ ً
َﺎب
ْﻦ ﻟِﻲ ﺻَ ْﺮﺣًﺎ ﻟَﻌَﻠﱢﻲ أَْﺑـﻠُ ُﻎ اﻷَْ ْﺳﺒـ َ
ن اﺑ ِ ﻟﻌل :ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ ﴿ :وﻗـَﺎلَ ﻓِ ْﺮﻋَ ْﻮ ُ
ن ﻳـَﺎ ﻫَﺎﻣَﺎ ُ
215
َات﴾.
َﺎب اﻟﺴﱠﻤَﺎو ِ
أَ ْﺳﺒـ َ
216
ﻟﻌﻠﻰ إﻟﻰ ﻣن ﻗد ھوﻳت أطﻴﺮ أﺳﺮب اﻟﻘطﺎ ھل ﻣن ﻳﻌﻴﺮ ﺟﻧﺎﺣﻪ؟
217
ن﴾.
َﺴﺮُوا أَْﻧﻔُﺴَ ُﻬ ْﻢ َوﺿَﻞﱠ ﻋَﻨْ ُﻬ ْﻢ ﻣَﺎ ﻛَﺎﻧُﻮا ﻳَﻔْﺘَﺮُو َ
ﻗَ ْﺪ ﺧ ِ
218
ﻦ﴾.
ﻦ اﻟْ ُﻤ ْﺆﻣِﻨِﻴ َ
ن ﻣِ َ ﻟو :ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ :ﻓـَﻠَ ْﻮ أَ ﱠ
ن ﻟَﻨـَﺎ ﻛَ ﱠﺮةً ﻓَﻨَﻜُﻮ َ
ﻫو طﻠب أﻣر ﻣﺣﺑوب ﻗرﯾب اﻟوﻗوع )ﻣﺗوﻗﻊ( ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻷﻣر ﻣﻛروﻫﺎ ﺣﻣل اﻟﺗرﺟﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻹﺷﻔﺎق219.واﻷﺻل
َض ﻓﻲ اﻟﺗرﺟﻲ أن ﯾﻛون ﺑـ" ﻟﻌ ّل " و "ﻋﺳﻰ" وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟل ﴿ :ﻓَﺘَﺮَى اﻟﱠﺬِﻳ َ
ﻦ ﻓِﻲ ﻗـُﻠُﻮﺑِ ِﻬ ْﻢ ﻣَﺮ ٌ
ﺼﺒِﺤُﻮا
ِﻦ ﻋِ ْﻨ ِﺪ ِﻩ ﻓَﻴُ ْ
ﻲ ﺑِﺎ ْﻟﻔَﺘْ ِﺢ أَ ْو أﻣﺮ ﻣ ْ
أَن ﻳَـﺄْﺗِ َ
أَن ﺗُ ِﺼﻴﺒَﻨـَﺎ دَاﺋِ َﺮةٌ ﻓَﻌَﺴَﻰ اﻟﻠﱠﻪُ ْ
ن ﻧَﺨْﺸَﻰ ْ
ن ﻓِﻴ ِﻬ ْﻢ ﻳَﻘُﻮﻟُﻮ َ
ﻳُﺴَﺎرِﻋُﻮ َ
ﻦ﴾220.وﻣﺛﺎﻟﻪ أﯾﺿﺎ :ﻟﻌل ﻋﻼء اﻟدﯾن ﺗﺻﻠﺢ ﺣﺎﻟﻪ وﯾطﻣﺋن ﻗﻠﺑﻪ .وﻟﻺﺷﺎرة
دﻣِﻴ َ
ُﺴ ِﻬ ْﻢ ﻧـَﺎ ِ
ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ أَﺳَﺮﱡوا ﻓِﻲ أَﻧْﻔ ِ
ﻓﺈن اﻟﺗﻣﻧﻲ واﻟﺗرﺟﻲ ﺑﺣﺳب ﻣﻌﺎﯾﯾر " ﺳورل " ﻣﺗﻌﻠﻘﺎت ﺑﻣﺑدأ اﻟﻣﺣﺗوى اﻟﻘﺿوي ،ﻓﺎﻟﻣﺣﺗوى اﻟﻘﺿوي ﻓﻲ اﻟﺗﻣﻧﻲ
ّ
اﻟﻧداء:
ﻫو طﻠب اﻹﻗﺑﺎل ﺑﺣرف ﻧﺎﺋب ﻣﻧﺎب " أدﻋو " أو " أﻧﺎدي " وأﺣرف اﻟﻧداء ﺛﻣﺎﻧﯾﺔ أﺣرف وﻫﻲ " :اﻟﻬﻣزة "
و " أي " و " ﯾﺎ " و " أﯾﺎ " و " ﻫﯾﺎ " و" آ " و " آي " و " وا " .أﻣﺎ " اﻟﻬﻣزة " و " أي " ﻓﯾﻛوﻧﺎن ﻟﻧداء اﻟﻘرﯾب،
221
ﻟم أﺟد ﻓﻲ اﻟﺣﻴﺎة ﻏﻴﺮك ﺷﮫﻣﺎ. أي ﺻدﻳﻘﻲ أﻧﻲ ﻗﺻدﺗك ﻟﻣﺎ
وﻣﺛﺎﻟﻪ أﯾﺿﺎ:
224
طﺎل ﻣﻧﻔﺎي ﻋن ﺛﺮاك اﻟﺣﺑﻴب. أي ﺑﻼدي ﻓﻲ اﻟﻘﻠب ﻣﺜواك ﻣﮫﻣﺎ
وﻗد ﯾﻧزل اﻟﻘرﯾب ﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺑﻌﯾد ﻓﯾﻧﺎدى ﺑﻐﯾر" اﻟﻬﻣزة " و " أي " إﺷﺎرة إﻟﻰ ﻋﻠو ﺷﺄﻧﻪ أو اﻧﺣطﺎط ﻣﻧزﻟﺗﻪ ،أو
225
أﻧﻰ ھﺟﺮت وﻛل اﻟﻧﺎس ﻋﺎداﻧﻲ. ﻳﺎ رﺑﺔ اﻟﺣﺳن :ھل ﻟﻲ ﻓﻴك ﻣن أﻣل؟
226
وﻣﺎ ﻳﺣظﻰ ﺑﮫﺎ إﻻ اﻟﺮﺟﺎل؟ أﻳﺎ ھذا أﺗطﻣﻊ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻟﻲ
وﻣن أﻣﺛﻠﺔ ﺗﻧزﯾل اﻟﻘرﯾب ﻟﻐﻔﻠﺗﻪ وﺷرود ذﻫﻧﻪ ﻗول " أﺑو اﻟﻌﺗﺎﻫﯾﺔ " :
وﻗد ﺗُﺳﺗﻌﻣل ﺻﯾﻐﺔ اﻟﻧداء ﻓﻲ ﻏﯾر ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻷﺻﻠﻲ ﻓﺗﺧرج ﺑذﻟك إﻟﻰ ﻣﻌﺎن أﺧرى ﻣﺗﻔرﻋﺔ ﻋﻧﻬﺎ ﺗُﻔﻬم ﻣن
اﻹﻏراء :ﻓﻲ ﻣﺛل ﻗوﻟك :ﯾﺎ أﯾﻬﺎ اﻟﻣؤﻣﻧون أﻗﯾﻣوا اﻟﺻﻼة وآﺗوا اﻟزﻛﺎة ﻟﺗﻧﺎﻟوا رﺿﻰ اﷲ ﻋز وﺟل.
228
ﻦ﴾.
ﻦ اﻟﺴﱠﺎ ِﺧﺮِﻳ َ
ﻟَﻤِ َ
اﻻﺳﺗﻐﺎﺛﺔ :ﻣﺛل :ﯾﺎ رب أﻏﺛﻧﻲ ﻣن ظﻠم اﻷﻋداء .وﯾﺻﺣب اﻟﻧداء ،اﻷﻣر واﻟﻧﻬﻲ أو اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم.
اﻟدﻋﺎء:
ﻫو طﻠب اﻟﻔﻌل ﻣن اﻷدﻧﻰ ﻣﻧزﻟﺔ إﻟﻰ اﻷﻋﻠﻰ ﻣﻧزﻟﺔ ،ﻧﺣو :رﺑﻧﺎ اﻏﻔر ﻟﻧﺎ ذﻧوﺑﻧﺎ وارﺣﻣﻧﺎ واﻧﺻرﻧﺎ ﻋﻠﻰ
ِﻦ
ﻦﻣْ اﻷﻋداء واﻟظﺎﻟﻣﯾن .أو ﻫو طﻠب اﻟﻛف ﻋن اﻟﻔﻌل ﻧﺣو﴿ :وََﻻ ﺗَ ْﺤﻤِﻞْ ﻋَﻠَﻴْﻨـَﺎ إِ ْ
ﺻﺮًا ﻛَﻤَﺎ ﺣَﻤَﻠْﺘَﻪُ ﻋَﻠَﻰ اﻟﱠﺬِﻳ َ
230
ﻗَْﺒـﻠِﻨـَﺎ﴾229.وﻟﻠدﻋﺎء ﺛﻼث ﺻﯾﻎ وﻫﻲ :ﺻﯾﻐﺔ اﻟﺧﺑر وﺻﯾﻐﺔ اﻷﻣر وﺻﯾﻐﺔ اﻟﻧﻬﻲ:
ﺻﯾﻐﺔ اﻟﺧﺑر :ﻧﺣو ﻗوﻟك :رﺣﻣﻪ اﷲ واﺳﻛﻧﻪ .ﻓﺳﯾﺢ ﺟﻧﺎﻧﻪ ﻗﺎﺻدا اﻟدﻋﺎء ﻟﺷﺧص ﻣﺎ ﺑﺎﻟرﺣﻣﺔ وأن
231
غ ﻗـُﻠُﻮﺑَﻨـَﺎ ﺑَ ْﻌﺪَ إِذْ َﻫﺪَﻳْﺘَﻨـَﺎ﴾.
ﺻﯾﻐﺔ اﻟﻧﻬﻲ :ﻣﺛل ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ ﴿ :رﺑﱠﻨـَﺎ َﻻ ﺗُﺰِ ْ
اﻟﻌرض:
ﺑﻠﯾن ورﻓق ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل " أﻻ " ﻧﺣو ﻗوﻟك :أﻻ ﺗراﺟﻊ دروﺳك ﯾﺎ ﻋﻼء اﻟدﯾن .وﻗد ﻻﺣظ
ﻫو طﻠب أﻣر ﻣﺎ ٍ
وﻫذا ﻫو اﻟﺷﺄن ﻣﻊ ﺑﻘﯾﺔ اﻟدﻻﻻت اﻟﻣﺗﻔرﻋﺔ ﻋن اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﺣﯾث ﯾﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻷﺳﻠوب ﺷﻲء ﻣن ﻣﻌﻧﺎﻩ ،ﻓوﺟود
ﻣﻌﻧﻰ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ دﻟﯾل ﻋﻠﻰ ﻛون اﻟﻌرض ﻋﺑﺎرة ﻋن طﻠب ﺑﻠﯾن ورﻓق ذﻟك أن ﻣﺻدر اﻟﻠﯾن "
-228اﻟزﻣر .56/
-229اﻟﺑﻘرة .286/
-230اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺣو اﻟﻌرﺑﻲ ،ص.16
-231آل ﻋﻣران.08 /
91
ﻫو ﻣﺎ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻣن ﺗﻔوﯾض اﻟﻔﻌل ﻟﻠﻣﺧﺎطب وﺗﺧﯾﯾرﻩ ﻓﯾﻪ و ﻧﻔﻲ اِﺣﺗﻣﺎل اﻹﺟﺑﺎر اﻟذي ﻗد ﯾوﺣﻰ ﺑﻪ ﻓﻲ
232
اﻷﻣر".
أن " أﻻ " ﻗد وردت ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﺑﻣﻌﺎن ودﻻﻻت ﻛﺛﯾرة ﻣﻧﻬﺎ:
وﯾذﻫب اﻟﺑﺎﺣث " أﺣﻣد ﻗﺎﺳم " إﻟﻰ ّ
ﻦ﴾.
ن أَﻧﱢﻲ أُوﻓِﻲ اﻟْﻜَ ْﻴـﻞَ وَأَﻧـَﺎ ﺧَ ْﻴ ُﺮ اﻟْ ُﻤﻨْﺰِﻟِﻴ َ اﻟﺗﻘرﯾر ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺟل ﺷﺄﻧﻪَ ﴿ :
أَﻻ ﺗَ َﺮ ْو َ
و وردت ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻌﺟب واﻻﺳﺗﻬزاء ﻧﺣو ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻟﺳﺎن إﺑراﻫﯾم ﻣﺧﺎطﺑﺎ اﻷﺻﻧﺎم ﴿ :ﻓَﻘـَﺎلَ َ
أَﻻ
ن﴾ إذ أﻧﻪ -دون ﺷك -ﻻ ﯾطﻠب ﻣﻧﻬم أن ﯾﺄﻛﻠوا وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟدﻻﻻت اﻷﺧرى واﻟﺗﻲ
ﻜ ْﻢ َﻻ ﺗَﻨْ ِﻄﻘُﻮ َ
ن ﻣَﺎ ﻟَ ُ
ﻛﻠُﻮ َ
ﺗَـﺄْ ُ
233
ﺗﻔﻬم ﻣن ﺳﯾﺎق اﻟﻛﻼم.
اﻟﺗﺣﺿﯾض:
ﻫﻼ "
ﺣث إو زﻋﺎج و ﯾﻛون طﻠب اﻟﻔﻌل ﻓﯾﻪ أﻗوى ﻣن طﻠﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻌرض وأدواﺗﻪ ﻫﻲّ " :
ﻫو طﻠب أﻣر ﻓﻲ ّ
و " ّأﻻ " و " أﻻ " و " ﻟوﻣﺎ " .وﻣﺎ ﻗﯾل ﻓﻲ اﻟﻌرض ﯾﻘﺎل ﻓﻲ اﻟﺗﺣﺿﯾض ،إذ ﻧﺗﺞ ﺧﻼف ﺑﯾن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن واﻟدارﺳﯾن
ﺣول ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﺣﺿﯾض ،ﻓﻣﻧﻬم ﻣن ﯾرى أﻧﻪ ﻗﺳم ﻣﺳﺗﻘل ﺑذاﺗﻪ وﻣﻧﻬم ﻣن ﯾرى أﻧﻪ ﻣﻌﻧﻰ ﻣﺗﻔرع ﻣن اﻷﻣر أو ﻣن
ﻫﻼ ﺳﺄﻟت
اﻟﻣﺣﺿوض ﺑذﻟك اﻟﻔﻌل...ﻛﻣﺎ ﯾرى أن " ﻫل " ﻣﻧﻘوﻟﺔ ﻣن اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم إﻟﻰ اﻟﺗﺣﺿﯾض ﻓﻲ ﻗول ﻋﻧﺗرة ّ :
234
اﻟﺧﯾل ﯾﺎ اﺑﻧﺔ ﻣﺎﻟك" .
-232ﺗﺣوﯾﻼت اﻟطﻠب وﻣﺣددات اﻟدﻻﻟﺔ :ﻣدﺧل إﻟﻰ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺧطﺎب اﻟﻧﺑوي اﻟﺷرﯾف ،ص.171
-233ﺗﺣوﯾﻼت اﻟطﻠب وﻣﺣددات اﻟدﻻﻟﺔ :ﻣدﺧل إﻟﻰ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺧطﺎب اﻟﻧﺑوي اﻟﺷرﯾف ،ص.171
-234اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.180
92
-2.2.1.1.1اﻹﻧﺷﺎء ﻏﯾر اﻟطﻠﺑﻲ:
ﻫو ﻣﺎ ﻻ ﯾﺳﺗﻠزم ﻣطﻠوﺑﺎ ﻏﯾر ﺣﺎﺻل وﻗت اﻟطﻠب أي؛ ﻻ طﻠب ﻓﯾﻪ وﻣن أﻧواﻋﻪ :أﻓﻌﺎل اﻟﺗﻌﺟب وأﻓﻌﺎل
وﻫذا اﻟﺿرب ﻣن اﻹﻧﺷﺎء ﻻ ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺑﺎب ﻋﻠم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،ﻟذﻟك ُﯾﺟﻣﻊ اﻟﺑﻼﻏﯾون ﻋﻠﻰ ﻋدم دراﺳﺔ
اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ﻏﯾر اﻟطﻠﺑﯾﺔ ﺑﺣﺟﺔ أﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﺻل أﺧﺑﺎر ﻧُﻘﻠت إﻟﻰ ﻣﻌﻧﻰ اﻹﻧﺷﺎء ،ﻟذﻟك ُﯾﺳﺗﻐﻧﻰ ﺑﺄﺑﺣﺎﺛﻬﺎ
اﻟﺧﺑرﯾﺔ ﻋن اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ،وﻫذا ﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻟﻧﺣوﯾﯾن اﻟذﯾن أوﻟو اِﻫﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﺑﯾ ار ﺑﻬذا اﻟﺿرب ﻣن اﻹﻧﺷﺎء ،ﺣﯾث
235
اﺟﺗﻬدوا ﻓﻲ دراﺳﺗﻪ وﺗوﺳﻌوا ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ أﺳﺎﻟﯾﺑﻪ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟدرﺟﺔ أﻧﻬم ﻋﻘدوا ﻟﺑﻌﺿﻬﺎ أﺑواﺑﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻟدراﺳﺗﻬﺎ.
وﻓﯾﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ ﺳﺄﻗوم ﺑﻌرض أﻫم ﺗﻠك اﻟظواﻫر اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﺑﺷﻲء ﻣن اﻟدراﺳﺔ واﻟﺗﺣﻠﯾل -ﻋﻠﻰ ﻗدر ﻣﺎ ﯾﻘﺗﺿﯾﻪ
ﻫذا اﻟﻣﻘﺎم -وﻫذا ﺑﻐرض إظﻬﺎر أﻫﻣﯾﺗﻬﺎ -واﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻘل ﻋن أﻫﻣﯾﺔ اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ اﻟطﻠﺑﯾﺔ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﺑﻌض
أﻓﻌﺎل اﻟﺗﻌﺟب:
َل ﻫﻲ ﻣﺎ وﺿﻌت ﻹﻧﺷﺎء اﻟﺗﻌﺟب وﻟﻬﺎ ﺻﯾﻐﺗﺎن ":ﻣﺎ أَ ْﻓ َﻌﻠَﻪُ ! " و " أَ ْﻓ ِﻌ ْل ﺑِ ِﻪ ! " ،236ﻧﺣو ﻗوﻟك " :ﻣﺎ أ ْ
َﺟﻣ َ
237
ﻣﺟﻬول اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﺧﻔﻲ اﻟﺳﺑب ﻟذﻟك ﻗﯾل :إذا ﻋرف اﻟﺳﺑب ﺑطل اﻟﻌﺟب.
وﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻌﺟب ﺻﯾﻐﺔ إﯾﻘﺎﻋﯾﺔ ﻟﻔظﯾﺔ ﻻ ﯾُﻧظر ﻓﯾﻬﺎ إﻟﻰ ﻋﻧﺻر اﻟزﻣن ،ﻟذﻟك إذا أرﯾد ﻣراﻋﺎة اﻟزﻣن ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺔ
اﻟﺗﻌﺟب أﺷﯾر إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﻘراﺋن اﻟداﻟﺔ ﻋﻠﯾﻪ ،238وﯾﺷﺗرط ﻓﻲ اﻟﻣﺗﻌﺟب ﻣﻧﻪ أن ﯾﻛون ﻧﻛرة أو ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺧﺻوﺻﺔ ،ﻓﻔﻲ
ﻗوﻟك ﻣﺛﻼ :ﻣﺎ أﺣﺳن زﯾدا ورﺟﻼ ﻣﻌﻪ ! ،ﻓﻠوﻻ أن ذﻛرﻧﺎ " ﻣﻌﻪ " ﻟم ﯾﻛن ﻟﻠﻛﻼم ﻣﻌﻧﻰ " وذﻟك أﻧك إذا ﻗﻠت " :ﻣﺎ
ﯾﻌد ﻣن أﻫم ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ ﺣﯾث ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ ﻟﻔظ اﻟﺗﻌﺟب أن ﯾﻛون ﻟﻪ ﻣﻌﻧﻰ ﯾﻔﯾد ﺑﻪ اﻟﺳﺎﻣﻊ.
ﻫﻲ ﻣﺎ وﺿﻌت ﻹﻧﺷﺎء ﻣدح أو ذم وﺻﯾﻎ اﻟﻣدح واﻟذم ﻫﻲ :ﻧﻌم و ﺑﺋس و ﺣﺑذا وﻻ ﺣﺑذا ،ﻧﺣو ﻗوﻟك:
ﺑﺋس اﻟﺧﻠق ﺧﻠﻘك )ﻟﻠذم( .وﻣﺛﺎﻟﻪ أﯾﺿﺎ ﻗول" ﺟرﯾر " :
وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻋر:
241
وﻻ ﺣﺑذا اﻟﻌﺎذل اﻟﺟﺎھل. أﻻ ﺣﺑذا ﻋﺎذري ﻓﻲ اﻟﮫوى
واﻟﻣدح واﻟذم ﻻ ﯾﻘﻌﺎن ﻓﻲ أي ﻣن اﻷزﻣﻧﺔ اﻟﺛﻼﺛﺔ ،إذا ﻟم ﯾﻘﺻد ﻣﻧﻬﻣﺎ اﻹﺧﺑﺎر ﻋن ﺷﻲء ،إو ﻧﻣﺎ ﯾﻧﺷﺊ
اﻟﻣدح ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﺟودة اﻟﺷﻲء اﻟﺣﺎﺻﻠﺔ ﺧﺎرﺟﺎ)إﻧﺷﺎء ﻣﻘﺎﺑل ﻟﻺﺧﺑﺎر ﺑﺎﻟﺟودة( وﯾﻘﺎس ﻋﻠﯾﻪ ذم اﻟﺷﻲء ﻟرداءة
242
ﺣﺎﺻﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج.
أﻓﻌﺎل اﻟرﺟﺎء:
ﻫﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﻔﯾد اﻟﺗرﺟﻲ ﻣن ﻣﺛل ":ﻋﺳﻰ " و " ﺣرى " و " اﺧﻠوﻟق " و ﻫﻲ أﻓﻌﺎل ﺟﺎﻣدة ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ
إﻟﻰ ﺣرف واﺣد وﻫو " ﻟﻌ ّل " وﻣن أﻣﺛﻠﺔ ذﻟك ﻗول أﺣد اﻟﺷﻌراء:
-239اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋن اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب :دراﺳﺔ ﺗد اوﻟﯾﺔ ﻟظﺎﻫرة اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،ص.120
-240ﻋﻠم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،ص.59
-241اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،اﻟﺻﻔﺣﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ.
-242اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋن اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب :دراﺳﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ﻟظﺎﻫرة اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،ص.121
94
243
ﻳﻛون وراءه ﻓﺮج ﻗﺮﻳب ﻋﺳﻰ اﻟﻛﺮب اﻟذي أﻣﺳﻴت ﻓﻴﻪ
244
وﻣﺛﺎﻟﻪ أﯾﺿﺎ ﻗول" ذي اﻟرﻣﺔ " :
245
ﻣن اﻟوﺟد أو ﻳﺷﻔﻲ ﺷﺟﻲ اﻟﺑﻼﺑل ﻟﻌل اﻧﺣدار اﻟدﻣﻊ ﻳﻌﻘب راﺣﺔ
اﻟﻘﺳم:
ﻫو اﻟﺣﻠف أو اﻟﯾﻣﯾن ،وأدواﺗﻪ ﻫﻲ " :اﻟﺑﺎء " و " اﻟواو " و " اﻟﺗﺎء " و " اﻟﻼم ".
246
ﻛﻴف اﻟﺳﺧﺎء وﻛﻴف ﺿﺮب اﻟﮫﺎمِ . ﻣـﺎ ﻋـﻠم اﻣﺮؤ ﻟـوﻻﻛـم ﺗـ
وﻗد اِﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻗدﯾﻣﺎ ﺣول ﺗﺻﻧﯾف اﻟﻘﺳم ،ﻓﻣﻧﻬم ﻣن ﻗﺎل أﻧﻪ ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ اﻹﻧﺷﺎء اﻟطﻠﺑﻲ وﻣﻧﻬم ﻣن
ﻋ ّدﻩ ﻣن اﻹﻧﺷﺎء ﻏﯾر اﻟطﻠﺑﻲ وﻫو اﻷﺻﺢ ﺑرأي ،إذ ﻻ ﯾﻘﺻد ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘﺳم طﻠب ﺷﻲء ﻣﺎ ﻛﻣﺎ ﻫو اﻷﻣر
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻧﻬﻲ واﻷﻣر إو ﻧﻣﺎ ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﻛﻼم ﺑﻐرض اﻟﺗﺄﻛﯾد ،واﻟﻘﺳم ﻧﺎﺑﻊ ﻣن ﺷﻌور ﻧﻔﺳﻲ داﺧﻠﻲ ﻟﯾس ﻟﻪ وﺟود
ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج.
رب " ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻛﺛﯾر أو اﻟﺗﻘﻠﯾل ،وﯾﺷﯾر" أﺑو ﺳرﯾﻊ ﯾﺎﺳﯾن " إﻟﻰ أﻧﻪ :ﻟﻛل ﻣن اﻟﺗﻛﺛﯾر أو
ﺗﺳﺗﻌﻣل " ّ
ﻷن ﻛﻼ ﻣﻧﻬﻣﺎ ﯾﻛون ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻣﺗﻛﻠم وﻟﯾس ﻟﻪ وﺟود ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﺣﺗﻰ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﺻدق أو
اﻟﺗﻘﻠﯾل ﻣﻌﻧﻰ إﻧﺷﺎﺋﻲ ّ
247
اﻟﻛذب.
ﻛم اﻟﺧﺑرﯾﺔ:
ﺗﻔﯾد ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻛﺛﯾر ﻧﺣو ﻗوﻟك ﻣﺛﻼ :ﻛم ﻛﺗﺎﺑﺎ ﻣﻔﯾدا ﻗرأت.
ﻫﻲ اﻟﺻﯾﻎ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺄ ﻋﻘود اﻟﺑﯾﻊ واﻟﺷراء ﻣﺛل " :ﺑﻌت " و " اﺷﺗرﯾت " وﻋﻘود اﻟزواج واﻟطﻼق ﻣﺛل "
ﻧﻛﺣت " و " طﻠّﻘت " وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻌﻘود اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﺗﺗم أﺛﻧﺎء اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﻌﺎﻣﺔ.
وﺗﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺻﯾﻎ ﻣظﻬر ﻣن ﻣظﺎﻫر ﺗﺿﻣّن اﻟﻔﻌل ﻓﻲ اﻟﻘول ،ﺣﯾث ﺗﻌد ﻧﻣوذﺟﺎ ﻓﻌﻠﯾﺎ ﻟﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل
اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﺣوﺛﻧﺎ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻛن اﻟﺑﺣث ﻓﯾﻬﺎ ﻛﺎن ﻗﻠﯾل ،ﻓﺎﻟﻧﺣوﯾون واﻟﺑﻼﻏﯾون أﻫﻣﻠوا دراﺳﺔ ﻫذﻩ اﻟﺻﯾﻎ ﺑﺣﺟﺔ
اﻟﻔﻘﻬﺎء أظﻬروا اِﻫﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﺑﯾ ار ﺑﻬذﻩ اﻟﺻﯾﻎ ،وذﻟك ﻋن طرﯾق ﻣﻧﺎﻗﺷﺗﻬم ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺛﻧﺎﯾﺎ ﻣﺑﺎﺣﺛﻬم اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ درﺳوا
ﺑﻌﻧﺎﯾﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن اﻟﺻﯾﻎ اﻷﺻﻠﯾﺔ .وﻫو ﻣﺎ ﺻرح ﺑﻪ ﻋدد ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻟﻣﻌﺎﺻرﯾن أﻣﺛﺎل
اﻟﺑﺎﺣث اﻟﺟزاﺋري " ﻣﺳﻌود ﺻﺣراوي " اﻟذي ﯾﺷﯾر إﻟﻰ أن ﻫذﻩ اﻟﺻﯾﻎ وﻣﺛﯾﻼﺗﻬﺎ ﻟم ﺗول ﺣﻘﻬﺎ ﻣن اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ
واﻻﻫﺗﻣﺎم ﻷﺳﺑﺎب ﻗد ﯾﺧﺗﻠف اﻟدارﺳون ﻓﻲ ﺗﺣدﯾدﻫﺎ .وﻣن ﻣظﺎﻫر ﻧﺳﯾﺎن ﺗﻠك اﻟﺻﯾﻎ أﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﺄت ﻣﻔﺻﻠﺔ إﻻ ﻓﻲ
اﻟﻛﺗب اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﻟظواﻫر اﻟﺧﺑر واﻹﻧﺷﺎء ﻧﺣو :ﻛﺗب اﻟﻔﻘﻪ وأﺻوﻟﻪ ذﻟك أﻧﻬﺎ ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﺑرام اﻟﻌﻘود وﻓﺳﺧﻬﺎ .وﯾؤﻛد
248
اﻟﻧﺣﺎة ﻓﻠم ﯾﻌﯾروا ﻫذﻩ اﻟﺻﯾﻎ اِﻫﺗﻣﺎﻣﺎ ﯾذﻛر ﻟﺳﺑب اِﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺧﺑر ﻛﺎِﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻹﻧﺷﺎء "
ﻓﻘد اﺳﺗﻔﺎﺿت ﻛﺗب اﻟﻔﻘﻬﺎء واﻷﺻوﻟﯾﯾن ﺑدراﺳﺔ ﺗﻠك اﻟﺻﯾﻎ وﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗﺿﻲ ﺑﺈﺑرام ﻋﻘود أو ﻓﺳﺧﻬﺎ
وذﻟك ﻋن طرﯾق إﻧﺷﺎء أﻓﻌﺎل ﻛﻼﻣﯾﺔ ُﯾﻧﺟز ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻌﻘد ،ﻓﻣﺛﻼ ﻓﻲ اﻟزواج اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟذي ﯾﺷﺗرط ﺻﯾﻐﺗﻲ
ﻓﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﺻﯾﻐﺗﻲ اﻷﺧذ و اﻟرد )اﻟﻘﺑول( ﯾﻘﻊ اﻟزواج اﻟﺷرﻋﻲ ،وﺗﺑدأ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗدوم إﻟﻰ
اﻷﺑد ،وﻻ ﯾﻣﻛن إﻧﻬﺎؤﻫﺎ ّإﻻ ﺑﻔﻌل ﻛﻼﻣﻲ واﺣد ،وﻫو أن ﯾﻘول اﻟزوج ﻟزوﺟﺗﻪ :أﻧت طﺎﻟق ﻓﺑﻣﺟرد ﺗﻠﻔظ اﻟزوج ﺑﻬذﻩ
اﻟﻌﺑﺎرة ﯾﻘﻊ اﻟطﻼق ،وﺗﻧﺗﻬﻲ ﻋﻼﻗﺗﻬﻣﺎ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣﻌﺎ ،ﻓﺻﯾﻐﺔ " أﻧت طﺎﻟق " ﻫﻲ ﻓﻌل ﻛﻼﻣﻲ أﻧﺷﺄ ﻓﻌل اﻟطﻼق
ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،اﻟذي ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ اﻻﻧﻔﺻﺎل ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻪ إو ﯾﻘﺎﻋﻪ ،وﻣﺎ ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ أن
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ " اﻟطﻼق " ﻛﺎن ﯾﺗم ﺑطرق إو ﺟراءات ﺗداوﻟﯾﺔ ،وﻫذا ﺑﺎﻋﺗﻣﺎدﻩ ﻋدة
اﻟﺑﺣث اﻟﻔﻘﻬﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟظﺎﻫرة ِ
249
ﻣﻧطﻠﻘﺎت أﺳﺎﺳﯾﺔ ،ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ أن اﻟطﻼق ﻓﻲ ﻋرف اﻟﻔﻘﻬﺎء واﻷﺻوﻟﯾﯾن ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن ﻫﻣﺎ:
ﻣﺑدأ اﻟﻘﺻد واﻟﻧﯾﺔ :ﺗﻌد ﻧﯾﺔ اﻟزوج وﻗﺻدﻩ إﻟﻰ إﯾﻘﺎع " ﻓﻌل اﻟطﻼق " ﺷرطﺎ أﺳﺎﺳﯾﺎ ورﻛﻧﺎ ﻣن
أرﻛﺎن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟطﻼق اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ وﻏﯾر اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ،ﻓﻣن ﻗﺎل ﻟزوﺟﺗﻪ :أﻧت طﺎﻟق وﻛﺎن ﯾﻘﺻد ﺗﺣرﯾرﻫﺎ ﻣن وﺛﺎق
آﺧر ﻫﻲ ﻓﯾﻪ وادّﻋﻰ ذﻟك ﻓﻌﻼ ﻻ ﯾﻠزﻣﻪ اﻟطﻼق ،وذﻫب ﻧﻔر ﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎر ﻟﻔظ اﻟطﻼق اﻟﺻرﯾﺢ " :أﻧت
-248اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋن اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب :دراﺳﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ﻟظﺎﻫرة اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،ص.123
ُ -249ﯾﻧظر اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋن اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب :دراﺳﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ﻟظﺎﻫرة اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،ص ص .168 ،167
97
اﻟﻧظر ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن " ﻓﻌل اﻟطﻼق " ﻗد وﻗﻊ ﺑﻠﻔظ ﺻرﯾﺢ ﻣﺛل " أﻧت طﺎﻟق " ،أو ﺑﻛﻧﺎﯾﺔ ظﺎﻫرة
ﻣﺛل " :ﺣﺑﻠك ﻋﻠﻰ ﻏﺎرﺑك " ،أو ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﻧﺣو " :اﻋﺗدّي ".
" ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑق ﻧﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘول أﻧﻪ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﺗﺻﻧﯾف ﺻﯾﻎ اﻟﻌﻘود واﻟﻣﻌﺎﻫدات ﺿﻣن
اﻹﯾﻘﺎﻋﯾﺎت " ﺑﺣﺳب اِﺻطﻼح اﻟﺗداوﻟﯾﯾن اﻟﻣﻌﺎﺻرﯾن ،ﻷﻧﻪ وﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻬﺎ ﯾﺗم إﯾﻘﺎع ﻓﻌل ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ وﻫو ﻣﺎ
" ﺳورل " ﺗﺣدث ﻋﻧﻪ " أوﺳﺗﯾن " ﻓﻲ ﻣﺣﺎﺿراﺗﻪ اﻟﻣﻌﻧوﻧﺔ ب" " quand dire , c’ est faireوﺗﻠﻣﯾذﻩ
وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾص أﻫم أﻗﺳﺎم اﻹﻧﺷﺎء ﻏﯾر اﻟطﻠﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺧطط اﻵﺗﻲ:
ﺗﻌ ّد ﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ أﺣد أﻫم اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﺑﺣث
اﻟﻠﻐوي اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر ،وذﻟك ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ اﻟﻣﺟﺳد اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻼﺳﺗﻌﻣﺎﻻت اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،ﺣﯾث ﺗﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ ﻣﺎ
ﯾﻔﻌﻠﻪ اﻟﻣﺗﻛﻠﻣون ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ؛ ﻣن ﺗﺑﻠﯾﻎ إو ﻧﺟﺎز أﻓﻌﺎل وﺗﺄﺛﯾر ،وﻛل ذﻟك ﺑﻐرض إﻧﺟﺎح اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ ﺑﯾن
اﻟﻣﺗﺣدﺛﯾن.
98
وﺗﺄﺗﻲ أﻫﻣﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ ﻛوﻧﻬﺎ ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ ﺗﻐﯾﯾر ﺗﻠك اﻟﻧظرة اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟظﺎﻫرة اﻟﻠﻐوﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻧﺣﺎز ﺑﺷدة ﻟﻼﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻣﻌرﻓﻲ واﻟوﺻﻔﻲ ﻟﻠﻐﺔ؛ ﺣﯾث ﻧظرت إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻗوة ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ
" " Bakhtienأن وﻣؤﺛرة ﻓﯾﻪ ،وﻫﻲ ﺑﻬذا أﻟﻐت اﻟﺣدود اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﻛﻼم واﻟﻔﻌل ﻟذﻟك ﯾﻌﺗﺑر " ﺑﺎﺧﺗﯾن "
اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﺑﯾن طرﻓﻲ اﻟﺣدﯾث )اﻟﻣﺗﻛﻠم /اﻟﺳﺎﻣﻊ( ﺗﻛون ﺿرورة ﻣﺛﺎرة ﺑواﺳطﺔ ﺷﻲء ﻣﺎ وﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ
ﺗﺣﻘﯾق ﻫدف ﻣﺎ ،ﻓﻬﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺣﻠﻘﺔ ﺿﻣن ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﻛﻼﻣﻲ اﻟذي ﯾدور ﻓﻲ ﻓﻠك اﻟﺣﯾﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
250
اﻟواﻗﻌﯾﺔ.
وﺗﺑﻧّﻰ ﻣﺑﺎدئ ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن ﻓﻼﺳﻔﺔ " أﻛﺳﻔورد " وﻋﻣﻠوا ﻋﻠﻰ ﺗطوﯾرﻫﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﻻﺳﯾﻣﺎ
" اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻻﻧﺟﻠﯾزي " ج.ل.أوﺳﺗﯾن " " " J.L Austinاﻟذي ﺗﺄﺛر ﺑﺷدة ﺑﻣﺎ ﻧﺑﻪ إﻟﯾﻪ
ﻓﯾﺗﻐﻧﺷﺗﺎﯾن " وﺑدا ﻫذا اﻟﺗﺄﺛر واﺿﺣﺎ ﻓﻲ ﻣﺣﺎﺿراﺗﻪ اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ ﺑـ " :ﻛﯾف ﺗﻧﺟز اﻷﺷﯾﺎء ﺑﺎﻟﻛﻠﻣﺎت " ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
ﺑﻌض ﻣن ﺟﻬود ﻫؤﻻء اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬم ﺳﺎﺑﻘﺎ ،وﻋن أﻫم اﻷﻓﻛﺎر
ٍ وﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ ﺳﺄﺗﺣدث ﻋن
واﻻﻗﺗراﺣﺎت واﻹﺿﺎﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﻗدﻣوﻫﺎ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل إﺛراء ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ وﺗطوﯾرﻫﺎ وﺗﻘوﯾم ﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻬﺎ:
" ﺟون ﻟوﻧﻐﺷﺎو أوﺳﺗﯾن " " " John Langshaw Austinﻫو أﺣد ﻓﻼﺳﻔﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ " أﻛﺳﻔورد" ﻓﻲ
اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ) (20وأﺣد أﻫم اﻟﻧﻘﺎد اﻟﻣﻌروﻓﯾن؛ ﺣﯾث ﻛﺎﻧت آراؤﻩ ﻣﺣطّ اِﻫﺗﻣﺎم اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ وﻋﻠﻣﺎء اﻟﻧﻔس واﻟﻠﻐﺔ
251
وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى ذات اﻟﺻﻠﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ. واﻻﺟﺗﻣﺎع
-250ﻧﺻﯾرة )ﻏ ّﻣﺎري( :ﻧظرﯾﺔ أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم ﻋﻧد أوﺳﺗﯾن ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻠﻐﺔ واﻷدب) ،اﻟﺟزاﺋر اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ( ،اﻟﻌدد ،17ﺟﺎﻧﻔﻲ،2006
ص.80
-251ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر )ﻋﺑد اﻟﺟﻠﯾل( :اﻟﻣﻌﺟم اﻟوظﯾﻔﻲ ﻟﻣﻘﺎﯾﯾس اﻷدوات اﻟﻧﺣوﯾﺔ اﻟﺻرﻓﯾﺔ ،دار ﺻﻔﺎء ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ) ،ﻋﻣﺎن ،اﻷردن(،
ط ،2006 ،1ص.193
99
أﻟّف ﻛﺗﺎﺑﺎ -ﺳﺎﻫم ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻓﻲ وﺿﻊ أﻫم اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻧظرﯾﺔ أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم -
ﺑﻌﻧوان " How to do things with words " :وﻫو ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺣﺎﺿرات )ِاﺛﻧﺗﺎ
252
ﻋﺷرة ﻣﺣﺎﺿرة( أﻟﻘﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ " ﻫﺎرﻓرد " " " Harvardﺳﻧﺔ ) (1955وﻧﺷرت ﺳﻧﺔ ).(1962
وﻗد ﺟﺎءت أﺑﺣﺎﺛﻪ رّدا ﻋﻠﻰ ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟوﺿﻌﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ اﻟذﯾن ﺣﺻروا ﻣﻬﻣﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ إﻧﺗﺎج ﺗراﻛﯾب
ﺧﺑرﯾﺔ ﺗَﻘﺑل اﻟﺣﻛم ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺻدق إذا طﺎﺑﻘت اﻟواﻗﻊ اﻟﺧﺎرﺟﻲ وﺑﺎﻟﻛذب إذا ﻟم ﺗطﺎﺑﻘﻪ ،وأﻫﻣﻠت اﻟﺟﻣل ﻏﯾر
اﻟوﺻﻔﯾﺔ وأﺧرﺟﺗﻬﺎ ﻣن ﻣﻧﻬﺞ دراﺳﺗﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺣﻣل ﻣﻌﻧﻰ .ﻓﻛﺎﻧت ﻣﺣﺎﺿرات " أوﺳﺗﯾن " ﺗرﻣﻲ إﻟﻰ ﺗﻔﻛﯾك
وﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾص أﻫم ﻣﺎ ﻗ ّدﻣﻪ " أوﺳﺗﯾن " ﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺛﻼث أﻓﻛﺎر أﺳﺎﺳﯾﺔ ،ﺗﺷ ّﻛل ﺛﻼث
ﻣﻌﺎرﺿﺔ " أوﺳﺗﯾن " ﻷطروﺣﺔ ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟوﺿﻌﺎﻧﯾﯾن وذﻟك ﻋن طرﯾق ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﻣﯾﯾزﻩ ﺑﯾن اﻟﻣﻠﻔوظﺎت
ﺗﻘﯾﯾﻣﻪ ﻟﻠﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺗﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻧﺟﺎح اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ أو ﻛﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ أﯾﺿﺎ )اﻟﻔﻌل اﻟﻠﻐوي (Acte
de langage
اِﻋﺗﺑر " أوﺳﺗﯾن " ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن ﻣراﺣل ﺑﺣﺛﻪ أن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺟﻣل اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻫﻲ ﻗول وﻋﻣل ﻓﻲ اﻟوﻗت
اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ(.
ﺑدأ " أوﺳﺗﯾن " أﺑﺣﺎﺛﻪ ِاﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻣﻌﺎرﺿﺗﻪ ﻵراء ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟوﺿﻌﺎﻧﯾﯾن اﻟذﯾن ﯾﻌﺗﺑرون أن
" اﻟﻣﻠﻔوظﺎت ﻏﯾر اﻟوﺻﻔﯾﺔ ﻫﻲ ﻣﻠﻔوظﺎت ﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻬﺎ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾوﺟد داع ﻟدراﺳﺗﻬﺎ ،ﺣﯾث أطﻠق
اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟواﺳﻌﺔ ﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻐﺔ ﻋن طرﯾق ﺳﺟﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺟﻣل اﻟوﺻﻔﯾﺔ ﻓﻘط 253.وﻫذا ﻣﺎ دﻓﻌﻪ إﻟﻰ ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺗﻣﯾﯾز ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ ﺑﯾن " اﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻟوﺻﻔﯾﺔ " " " Les énoncés constatifsوﺗﺳﻣﻰ أﯾﺿﺎ )اﻟﻣﻠﻔوظﺎت
اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ،اﻹﺧﺑﺎرﯾﺔ( و" اﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ " " " Les énoncés performatifsأو ﻛﻣﺎ ﺗﺳﻣﻰ أﯾﺿﺎ
)اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ،اﻷداﺋﯾﺔ ،اﻟذاﺗﯾﺔ( اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺗﻠف ﻋن اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻛوﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺻف واﻗﻌﺎ ﺧﺎرﺟﯾﺎ وﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻣﻌﯾﺎر
اﻟﺻدق واﻟﻛذب ،وﻣﻊ ذﻟك ﻟﻬﺎ ﻣﻌﻧﻰ ودور ﻣﻌﯾن ﺗﻘوم ﺑﻪ254،وﺗﺗﺿﺢ أﻫﻣﯾﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻛوﻧﻬﺎ ﻣﻠﻔوظﺎت ذات طﺎﺑﻊ
إﻧﺟﺎزي؛ أي إﻧﻬﺎ ﺗُﻧﺟز ﻓﻌﻼ ﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻬﺎ وﯾﻣﻛن ﺗوﺿﯾﺢ اﻟﻔرق ﺑﯾن ﻫذﯾن اﻟﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟﻣﻠﻔوظﺎت ﻋن طرﯾق
اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻵﺗﯾﺔ:
. /1أ-
اﻟﺣﻛم ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺻدق إذا ﻛﺎن اﻟﺟو ﺣﺎ ار ﺑﺎﻟﻔﻌل ،وﺑﺎﻟﻛذب إذا ﻛﺎن اﻟﺟو ﻣﻌﺗدﻻ أو ﺑﺎردا واﻷﻣر ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﻠﺟﻣﻠﺔ ) - 1ب ( ﻓﻬﻲ ﺟﻣﻠﺔ ﺧﺑرﯾﺔ ﯾﺻف ﺷﺧص –ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ -ﺣدﯾﻘﺔ ﺑﯾﺗﻪ ،ﻓوﺻﻔﻪ ﯾُﺣﺗﻣل أن ﯾﻛون ﺻﺎدﻗﺎ
ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟﺟﻣل ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻻ ﺗﺻف واﻗﻌﺎ ﺧﺎرﺟﯾﺎ وﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻘﺑل اﻟﺣﻛم ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻻ
ﺑﺎﻟﺻدق وﻻ ﺑﺎﻟﻛذب ،وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ذﻟك ﻓﻬﻲ ﻟﯾﺳت ﺧﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻷﻧﻬﺎ ﺟﻣل ﺗﻧﺟز ﻓﻌل ﻣﺎ ﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ
ﺑﻬﺎ .ﻓﻔﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) – 2أ ( ﻣﺛﻼ ﻻ ﯾﺻف اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻗﻌﺎ ﺧﺎرﺟﯾﺎ ﺑل إﻧﻪ وﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻛﻠﻣﺔ " أﻋدك " ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻘوم
ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﻪ ﺑﺈﻧﺟﺎز ﻓﻌل ﻣﺎ وﻫو " ﻓﻌل اﻟوﻋد " وﻛذﻟك ﯾﺗﺣﻘق " ﻓﻌل اﻟطﻼق " ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) -2ب ( ﺑﻣﺟرد
ﺗﻠﻔظ اﻟزوج ﺑﻛﻠﻣﺔ " طﺎﻟق " وﯾﺗﺣﻘق " ﻓﻌل اﻻﻓﺗﺗﺎح " ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) – 2ج ( و" ﻓﻌل اﻟﻬﺑﺔ " ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) – 2
د( ﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﺎﻟﻔﻌل اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟﻛﻠﺗﺎ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن ) أﻋﻠن ،أﻫب ( ﻋﻠﻰ اﻟﺗواﻟﻲ.
وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺑدو اﻟﻔرق ﺟﻠﯾﺎ ﺑﯾن اﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻟوﺻﻔﯾﺔ و اﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ " ﺣﯾث ﺗﺻف اﻷوﻟﻰ ﺣدﺛﺎ أو
ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ دون ﻓﻌل؛ أي ﻻ ﺗﺗﺟﺎوز اﻟﻘول إﻟﻰ اﻟﻔﻌل ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗﻧﺟز اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻗوﻻ وﻓﻌﻼ ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﻪ " ،255ﻛﻣﺎ
أن اﻟﺟﻣل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ إو ﺣداث أﻓﻌﺎل ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣﺛل :اﻟوﻋد إو ﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ،واﻟﻬﺑﺔ واﻟﺑﯾﻊ
واﻟﺷراء ،واﻷﻣر وﻏﯾرﻫﺎ ،ﻟذا ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗُﻧﻌت ﺑﺎﻟﺻدق أو اﻟﻛذب إو ﻧﻣﺎ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻧﺟﺎح أو اﻟﻔﺷل ،وﻟﻧﺟﺎح
ﺗَ َﺣﻘﱡق اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﻻ ﺑد ﻣن ﺗوﻓر ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر ،ﻓﺈذا ﺗوﻓرت ﯾﻛون اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﻣوﻓﻘﺎ و ﻧﺎﺟﺣﺎ و ﻻ
ﻧﺻﻔﻪ أﺑدا ﺑﺎﻟﺻدق ،ﺑﯾﻧﻣﺎ إذا ﻟم ﺗﺗوﻓر ﺗﻠك اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر أو ﺗّم ﺧرق أﺣدﻫﺎ ﻓﺈن اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﯾﻛون ﻓﺎﺷﻼ وﻻ ﻧﺻﻔﻪ
ﺑﺎﻟﻛذب ،وﻟﺿﺑط ﻣﻌﯾﺎر ﻧﺟﺎح أو ﻓﺷل اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ وﺿﻊ " أوﺳﺗﯾن " ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر ﯾﻣﻛن ﺗﻘﺳﯾﻣﻬﺎ إﻟﻰ
" أوﺳﺗﯾن " ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﻧﻣﺎط أﺳﺎﺳﯾﺔ ،ﻛل ﻧﻣط ﻣﻧﻬﺎ ﯾﺣﺗوي ﻋﻠﻰ ﺷرطﯾن ،ﻓﻬﻲ إذن ﺳﺗﺔ ﺷروط ،ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو
اﻵﺗﻲ:
– 1أ -ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻫﻧﺎك إﺟراء ﻋرﻓﻲ أو ﻣؤﺳﺳﺎﺗﻲ ﻣﻘﺑول وﻣﺣدد وﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻪ ﻟدى اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن
ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻣﻛﻧوا ﻣن إﻧﺟﺎز وﺗﺣﻘﯾق ﻓﻌل ﻛﻼﻣﻲ ﻣﺎ ﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﺟﻣﻠﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،وﺑﻌدم ﺗوﻓر ﻫذا
اﻹﺟراء أو إذا ﻟم ﺗُﻧطق اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺻﺣﯾﺢ اﻟﻣﻔﻬوم اﻟذي ﯾﻧﻌﻘد ﺑﻪ اﻹﺟراء أو إذا ﻛﺎن اﻟﺷﺧص اﻟذي
257
ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻣﻊ ﯾﺗوﻟﻰ اﻹﺟراء ﻓﺎﻗد اﻷﻫﻠﯾﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻪ أو إذا ﻛﺎﻧت اﻟظروف ﻏﯾر ﻣﻼﺋﻣﺔ ﻓﺈن اﻟﻔﻌل ﻻ ﯾُؤدى
ﺟﻣﻠﺔ ) – 2ج ( اﻟﺗﻲ ﯾﺗطﻠّب ﻧﺟﺎﺣﻬﺎ ﺧﺿوﻋﻬﺎ ﻟﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﺷروط اﻟﻣؤﺳﺳﺎﺗﯾﺔ ﻛﺄن ﯾﻛون ﻣﻔﺗﺗﺢ اﻟﺟﻠﺳﺔ رﺋﯾﺳﺎ
أو ﻣﺳؤوﻻ أو ﺷﺧﺻﺎ ﻣؤﻫﻼ ﻻﻓﺗﺗﺎﺣﻬﺎ أو أن ﯾﺧﺿﻊ اﻟﻣﻠﻔوظ إﻟﻰ ﺷروط ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﺻﺎرﻣﺔ ﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﯾن
اﻟﻣﺗﺣدﺛﯾن ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻣﻊ ﺟﻣﻠﺔ ) – 2ب ( ﻓﻠﻛﻲ ﺗﻛون ﻧﺎﺟﺣﺔ ﯾﺟب أن ﯾﻛون اﻟﻣﺗﻠﻔظ " ﺑﻔﻌل اﻟطﻼق "
اﻟزوج دون ﺳواﻩ ،ﻷ ّن اﻟطﻼق ﻻ ﯾﻘﻊ إذا ﺗﻠﻔظ ﺑﻪ أب اﻟزوج أو أﺧوﻩ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ وأن ﯾﺗم ذﻟك أﻣﺎم
ﻋدﻟﯾن ،أو أن ﯾﺧﺎطب ﻋﻠﻰ رﺳم اﻟطﻼق ﻗﺎﺿﻲ اﻟﺗوﺛﯾق ،واﻷﻣر ﻧﻔﺳﻪ ﻣﻊ ﺟﻣﻠﺔ ) – 2د ( ﻓﻠﻛﻲ ﯾﻬب اﻟﺷﺧص
اﻟﻣﺗﺣدث ﺛروﺗﻪ ،وﯾﺗﺣﻘق إﻧﺟﺎز اﻟﻔﻌل وﻧﺟﺎﺣﻪ ﯾﺷﺗرط ﺗوﻓر ﺑﻌض اﻟﺷروط اﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻬﺎ داﺧل اﻟﻌﺷﯾرة اﻟﻠﻐوﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻣﺗﺣدث اﻟواﻫب ،و ﻫﻲ ﺷروط ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﯾراث وأﺣﻘﯾﺗﻪ ،ﻛﺄن ﯾرﻓق ﻛﻼﻣﻪ ﺑوﺛﺎﺋق إدارﯾﺔ
اﻟﺟﻠﺳﺔ ﻋﺎﻣل ﻧظﺎﻓﺔ أو ﺣﺎرس ،ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻬب ﺷﺧص ﻣﺎ ﻣﻧزﻻ وﻫو ﻟﯾس ﻟﻪ أو ﻻ ﯾﻣﻠك واﺣدا ﻓﻲ
اﻷﺻل.
ﺑس أو
– 2أ -ﯾﺟب إﻧﺟﺎز اﻟﻔﻌل ﻣن طرف ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن وأن ﯾؤدى أداءا ﺻﺣﯾﺣﺎ ﺑﻌﯾدا ﻋن أي ﻟُ ٍ
أب " ﻟﺷﺧص ﻣﺎ ﻗﺻدﻩ ﻟﺧطﺑﺔ ﻓﺗﺎة ﻣﻌﯾﻧﺔ :أزوﺟك أﺣدى ﺑﻧﺎﺗﻲ.
ﻏﻣوض ،ﻛﺄن ﯾﻘول " ٌ
- 2ب -ﯾﺟب أن ُﯾؤدى اﻻﺗﻔﺎق أداءا ﻛﺎﻣﻼ ،ﻓﺈذا ﻗﺎل ﺷﺧص ﻵﺧر أزوﺟك اﺑﻧﺗﻲ وﻟم ﯾﻘل اﻟزوج ﻗﺑﻠت
– 3أ -ﯾﺟب أن ﺗﺗوﻓر أﻓﻛﺎر وﻣﺷﺎﻋر وﻧﯾﺔ ﯾﺗطﻠﺑﻬﺎ ذﻟك اﻻﺗﻔﺎق ﻹﻧﺟﺎز اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ،ﻓﺈذا ﻗﺎل
ﺷﺧص ﻵﺧر " :أﻋدك ﺑﺄﻧﻧﻲ ﺳﺄزورك ﻏدا " وﻫو ﻻ ﯾﻘﺻد اﻻﻟﺗزام ﺑوﻋدﻩ ،أو إذا ﻫّﻧﺄ ﺷﺧص ﻣﺎ ﺻدﯾﻘﻪ ﻋﻠﻰ
ﻧﺟﺎﺣﻪ وأظﻬر ﻟﻪ ﺳﻌﺎدﺗﻪ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﺷﻌر ﻓﻲ ﻗ اررة ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺎﻟﺣزن واﻷﺳﻰ ،ﯾﻛون أداء اﻟﻔﻌل ﺷﯾﺋﺎ ﻏﯾر ﻣرض.
-3ب -ﯾﺟب أن ﯾظّل اﻟﻣوﻗف اﻟذي ِاﺗﺧذﻩ اﻟﻣﺷﺎرﻛون ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻪ إﻟﻰ آﺧر ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻣراﺣل إﻧﺟﺎز
اﻟﻔﻌل ،ﻛﺄن ﯾﻘول ﺷﺧص ﻣﺎ ﻵﺧر " أدﻋوك ﻟﺗﻧﺎول اﻟﻌﺷﺎء ﻣﻌﻲ وﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎﺑﻲ " ﺛم ﯾﺗراﺟﻊ ﻋن ﻗوﻟﻪ وﯾرﻓض
أﺧذﻩ إﻟﻰ اﻟﻌﺷﺎء أو ﯾرﻓض دﻓﻊ اﻟﻔﺎﺗورة ،ﯾﻛون ﺣﯾﻧﺋذ ﻗد أﺳﺎء أداء اﻟﻔﻌل.
وﻗد وﺿّﺢ " أوﺳﺗﯾن " أن ﺧرق أﺣد اﻟﺷروط اﻷرﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ) – 1أ ،ب ( و ) – 2أ ،ب ( ﯾؤدي
) – 3أ ،ب ( ﺿرورة إﻟﻰ إﺧﻔﺎق اﻟﻔﻌل وﻓﺷﻠﻪ واﻟﺣول دون أداﺋﻪ ،أ ّﻣﺎ إذا ﺗم ﺣذف اﻟﺷرطﯾن اﻷﺧﯾرﯾن
ﻓﺎﻟﻔﻌل ﯾؤدى ﻟﻛن ﺑطرﯾﻘﺔ ﺳﯾﺋﺔ ،وﻗد أطﻠق " أوﺳﺗﯾن " ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﺧﺎﻟﻔت اﻟﺷروط اﻷرﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ
104
ﻣﺻطﻠﺢ " اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت " " " misfiresوأطﻠق ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺧﺎﻟف ﺷرطﺎ ﻣن اﻟﺷرطﯾن اﻷﺧﯾرﯾن ﻣﺻطﻠﺢ " اﻹﺳﺎءات
258
" " ." Abuses
اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﻣﻘﺎﻟﯾﺔ:
259
ﻟ ّﺧﺻﻬﺎ اﻟدارﺳون ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣن ﻧﺟﺎح اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻪ وﻫﻲ:
ﯾﺟب أن ﯾﻧﺗﻣﻲ اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي إﻟﻰ ﻓﺋﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻧﺣو :أﻣر ،ﺣ ّذر ،وﻋد ،راﻫن وﻏﯾرﻫﺎ. -1
ﯾﺟب أن ﯾﻛون زﻣن اﻟﻔﻌل ﻫو زﻣن اﻟﻣﺗﻛﻠم؛ أي أن ﯾﻛون اﻟﻔﻌل ﻣﺗﺻرﻓﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﺿر. -4
أن ﺧرق أﺣد ﻫذﻩ اﻟﺷروط ﻛﻔﯾل ﺑﺗﺣوﯾل اﻟﺟﻣﻠﺔ إﻟﻰ ﻋﺑﺎرة وﺻﻔﯾﺔ ،وﯾﻣﻛن ﺗوﺿﯾﺢ
وﯾوﺿﺢ " أوﺳﺗﯾن " ّ
258
- Quand dire, c’est faire, P 50.
- IBid, P P 49, 50.
259
105
-2.1.2اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :ﺗﻘﯾﯾم ﻣﻌﺎﯾﯾر ﻧﺟﺎح اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ:
ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﻟﺟﻬود اﻟﻛﺑﯾرة اﻟﺗﻲ ﺑذﻟﻬﺎ " أوﺳﺗﯾن " ﺧﻼل ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﻣﯾﯾزﻩ ﺑﯾن اﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻟوﺻﻔﯾﺔ
واﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ّإﻻ أﻧﻪ ﻻﺣظ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻣطﺎف أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﻔﺻل ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﺑدﻗﺔ ﻷن اﻟﺣدود ﺑﯾن ﻫذﯾن
اﻟﻧوﻋﯾن ﻣن اﻷﻓﻌﺎل ﻻ ﺗزال ﻏﯾر واﺿﺣﺔ ،و ﺗﻠك اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر ﻏﯾر ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ؛ ﺣﯾث ﻻﺣظ أن ﺑﻌض
ﺷروط اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺗﻧطﺑق ﻋﻠﻰ أﻓﻌﺎل ﻏﯾر اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ واﻟﻌﻛس ﺻﺣﯾﺢ ،ﻓراح ﯾﺗﺳﺎءل ﻋن إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﺷﺎﺑﻪ
ﺑﯾن اﻟﺟﻣل اﻟوﺻﻔﯾﺔ واﻟﺟﻣل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ،وﻫل ﯾﻣﻛن أن ﺗؤدى اﻟﺟﻣل اﻟوﺻﻔﯾﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺟﻣل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ؟ وأن
ﺗؤدى اﻟﺟﻣل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺟﻣل اﻟوﺻﻔﯾﺔ؟ و إذا ﺻﺢ اﻷﻣر ﻓﻬل ﺗﺧﺿﻊ اﻟﺟﻣل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻟﻣﻌﯾﺎر
وﺑﻌد دراﺳﺔ وﺗدﻗﯾق ﻟﺑﻌض ﻣن اﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﺗوﺻل إﻟﻰ إﺟﺎﺑﺔ وﻫﻲ :ﻧﻌم ﯾﻣﻛن ذﻟك وﻟﺗوﺿﯾﺢ ﻣﺎ
ﺗوﺻل إﻟﯾﻪ ﯾﻘدم " أوﺳﺗﯾن " اﻟﻣﺛﺎل اﻵﺗﻲ :ﯾﺧﺑرك ﺷﺧص ﻣﺎ ﺑﺄن:
ﻏﯾر أن ﻣﺗﻠﻔظ ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻻ ﯾﻌﺗﻘد أﺻﻼ أن " اﻟﻘطﺔ " ﻣوﺟودة ،ﻓﻬذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﺗﻘرﯾرﯾﺔ ﺗﺷﺑﻪ ﺟﻣﻠﺔ ) 2
– أ ( إذ أن اﻟﻣﺗﻛﻠم ﯾﻌد ﺷﺧﺻﺎ ﻣﺎ ﺑزﯾﺎرﺗﻪ دون أن ﺗﻛون ﻟﻪ أﯾﺔ ﻧﯾﺔ ﻟزﯾﺎرﺗﻪ ﻻ ﻏدا وﻻ ﺑﻌد ﻏد ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻛون
اﻟﻣﻠﻔوظ اﻟﺗﻘرﯾري ﻛﺎذﺑﺎ ،أﻣّﺎ اﻟﻣﻠﻔوظ اﻹﻧﺟﺎزي ﻓﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻘﺎﻋدة ) ج ( 2 -وﺑذﻟك ﯾﻛون ﻫذا اﻟﻣﻠﻔوظ ﻛﺎذﺑﺎ ﻣن
ﺟﻬﺔ وﻫو ﻏﯾر ﻣﻼﺋم ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ،ﻷﻧﻪ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﺷرط ﻋدم اﻹﺧﻼص ﻋﻠﻰ ﻏرار اﻟﻣﻠﻔوظ اﻹﻧﺟﺎزي .ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ
إﻟﻰ أن اﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺻدق أو اﻟﻛذب ،وﻣﺛﺎل ذﻟك:
106
اﻟﻣﺧﺎطَب ﺑﺄن ﺗﻠك ﻣﺟرد دﻋﺎﺑﺔ أو ﻫو ﺧﺑر ﻛﺎذب ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻛون اﻟﻣﻠﻔوظ
وﺑﻌدﻫﺎ ﯾﺗﺑﯾن ﻟﻠﺷﺧص َ
اﻹﻧﺟﺎزي ﻋرﺿﺔ ﻟﻠﺣﻛم ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﺻدق أو ﺑﺎﻟﻛذب ذﻟك ﻷن " اﻟﺗﺣذﯾر " ﻫﻧﺎ ﻟﯾس ﻋﻘﯾﻣﺎ وﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﺷروط اﻟﻣﻠﻔوظ
260
وﻣن ﻫﻧﺎ ﺧﻠص " أوﺳﺗﯾن " إﻟﻰ أن ﻣﻌﯾﺎر " اﻟﺻدق /اﻟﻛذب " ﻣرﺗﺑط اﻹﻧﺟﺎزي ﺑﻘدر ﻣﺎ ﻫو ﺗﺣذﯾر ﻛﺎذب ،
ﺑﻣﻌﯾﺎر " اﻟﻧﺟﺎح/اﻟﻔﺷل " واﻟﻌﻛس ﺻﺣﯾﺢ261ﻫذا ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻻﺣظ " أوﺳﺗﯾن " أن اﻟﺟﻣل اﻟﻠﻐوﯾﺔ
ﻛﻠﻬﺎ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻘوم ﺑﺣﺳب اﻟﻣﻌﯾﺎرﯾن ﻣﻌﺎ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺳﺗﺣﯾل اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻟوﺻﻔﯾﺔ واﻟﻣﻠﻔوظﺎت
ﺻل إﻟﻰ أ ّن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺟﻣل اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻫﻲ ﻗول وﻓﻌل ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﻪ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻣﻛن ِاﺧﺗزاﻟﻬﺎ وﺗﺻﻧﯾﻔﻬﺎ
اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ،وﺗو ّ
ﺗﺣت ﻧوع واﺣد وﻫو اﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ،إﻻ أﻧﻧﺎ ﻧﺟد ﻧوﻋﯾن ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﻠﻔوظﺎت :ﻣﻠﻔوظﺎت إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺻرﯾﺣﺔ
ﻧﻼﺣظ أن ﻛﻠﺗﺎ اﻟﺟﻣﻠﺗﯾن ﺗﺣﻣﻼن ﻣﻌﻧﻰ واﺣد وﻫو اﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ " ﺑرودة اﻟﺟو ﻫذا اﻟﯾوم " إﻻ أن اﻟﻔرق
ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﯾﻛﻣن ﻓﻲ أن اﻟﺟﻣﻠﺔ ) ( 1 - 6ﻻ ﺗﺣﻣل ﻓﻲ ﺑﻧﯾﺗﻬﺎ اﻟﺳطﺣﯾﺔ " ﻗرﯾﻧﺔ اﻟﺗﻛﻠم و اﻟﺧطﺎب و ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي
) – 6أ ( ﻻ ﯾظﻬر أن اﻟﺟﻣﻠﺔ ) – 6ب ( ﺗﺗواﻓر ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ ﺗﻠك اﻟﻘراﺋن ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﺟﻣﻠﺔ
ظﺎﻫر" ،ﻓﻲ ﺣﯾن ّ
ﻓﯾﻬﺎ ﻗﺻد اﻟﻣﺧﺎطب ﺑوﺿوح )ﻫل ﻫو ﯾﻧﻬﻰ ﻋن اﻟﺧروج أو ﯾﺣذر أو ﯾﻌﻠن( وﻣن ﻫﻧﺎ ﻓﻬذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ ﺗﻣﺛل ﻟﻧﺎ
ﻣﻠﻔوظﺎ إﻧﺟﺎزﯾﺎ أوﻟﯾﺎ " " énoncé performatif primaireﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﺣﻣل ﻓﻲ ﺳطﺣﻪ أﯾﺔ ﻗرﯾﻧﺔ داﻟﺔ )ﻗرﯾﻧﺔ
اﻟﺗﻛﻠم واﻟﺧطﺎب وﻗرﯾﻧﺔ اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ اﻟﻣﻧﺟز ﻣﺛل :أﺣذر – أؤﻛد -أراﻫن(262ﺑﺧﻼف وﺟودﻩ ﻓﻲ ﺳطﺢ اﻟﺟﻣﻠﺔ )
– 6ب ( اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ )أﻗو ُل( واﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛل ﻟﻧﺎ ﻣﻠﻔوظﺎ إﻧﺟﺎزﯾﺎ ﺻرﯾﺣﺎ" ." énoncé performatif explicite
اﻟﻬﺎم أﯾﺿﺎ ﺗﻔﺣص ﺣﺎﻟﺔ اﻷﻣر ،ﻓﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻔﻌل اﻟﻘواﻋدي ﻓﺈن اﻟﻣﻠﻔوظ اﻟذي ﯾﺗﺿﻣن اﻷﻣر ﯾﺳﺗﺧدم ﻹﻧﺟﺎز
" آﻣرك ﺑﺎﻟذﻫﺎب "؟ ..ﻧﻼﺣظ ﻋﻣل ﻣﺎ ،ﻟﻛن ﻫل ﻧﻣﻠك ﻧﻣطﯾن ﻣن اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻠﻔوظﯾن ﻣﺛلِ " :اذﻫب " و
أن ﻣن ﺗﺗﺟﻪ إﻟﯾﻪ أي ﻣن ﻫﺎﺗﯾن اﻟﻣﻠﻔوظﺗﯾن ﯾﻛون ﻗﺎد ار ﻋﻠﻰ وﺻﻔﻬﻣﺎ ﺳواء ﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﻬذﻩ أو ﺑﺗﻠك ،ﺣﯾﻧﻣﺎ
ّ
ﺗﻘول إﻧﻧﺎ ﻧﺄﻣر ﺑﺎﻟذﻫﺎب -وﻣﻊ ذﻟك ﻓﻬﻧﺎك ﻓرق :ﻓـ" آﻣرك ﺑﺎﻟذﻫﺎب ﻣﻠﻔوظ ﯾﺗﺿﻣن إﺷﺎرة ﻣﺣددة ﺣول اﻟﻔﻌل
أﻣر
اﻟذي ﺗﻧﺟزﻩ ﻣﻠﻔوظﺗﯾﻪ :إﻧﻪ أﻣر وﻻ ﺷﻲء ﻏﯾر ذﻟك أﻣﺎ " إذﻫب " ﻓﻬو ﻣﻠﻔوظ ﻏﺎﻣض أو ﻓﯾﻪ ﻟﺑس :ﻓﻘد ﯾﻛون ا
263
أو ﻧﺻﯾﺣﺔ أو رﺟﺎء"...
وﻟم ﯾﻛﺗف " أوﺳﺗﯾن " ﺑﺎﻟﺗدﻗﯾق ﻓﻲ اﻟﺷروط اﻟﻣﻘﺎﻣﯾﺔ ﻓﻘط ﺑل أﻋﺎد اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﺷروط اﻟﻣﻘﺎﻟﯾﺔ أﯾﺿﺎ ،وﺑﻌد
أن اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣﻌﺟﻣﻲ اﻟذي ﯾﺷﺗرط ِاﻧﺗﻣﺎء اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ إﻟﻰ ﻓﺋﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﯾﺎر "
ّ -1
ﻧﺳﺑﻲ " وﻏﯾر دﻗﯾق ،وذﻟك ﻷﻧﻧﺎ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺟد ﻓﻌﻼ إﻧﺟﺎزﯾﺎ ﻣﺎ ﺿﻣن ﺳﯾﺎﻗﺎت ﺟﻣل ﻏﯾر إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل
ﻧﻼﺣظ ﻫﻧﺎ أن اﻟﺟﻣﻠﺗﯾن إﻧﺟﺎزﯾﺗﯾن ،ﻏﯾر أن ﺻﯾﻐﺔ " ﺳﺄﻓﻌل " اﻟﺗﻲ واﻛﺑت ﻓﻌﻼ إﻧﺟﺎزﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ )ب(
أن ﻣﻌﯾﺎر اﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻔرد اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻏﯾر دﻗﯾق ﻫو اﻵﺧر واﻟدﻟﯾل ﻋﻠﻰ ذﻟك وﺟود ﺑﻌض اﻟﺟﻣل -2
اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻬذا اﻟﻣﻌﯾﺎر ﻧﺣو اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟرؤﺳﺎء واﻟﺷﺧﺻﯾﺎت ﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺟﻣﻊ ﻓﻲ ﺧطﺎﺑﺎﺗﻬم ﻣﺛل :ﻟﻘد
-263ﺟﺎن )ﺳﯾرﻓوﻧﻲ( :اﻟﻣﻠﻔوظﯾﺔ ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﻗﺎﺳم اﻟﻣﻘداد ،ﻣﻧﺷورات ِاﺗﺣﺎد اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرب ،دط ،1998 ،ص.98
108
أن ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺑﻧﺎء ﻟﻠﻣﻌﻠوم ﻏﯾر دﻗﯾق ،ﻷﻧﻪ ﺗوﺟد ﺟﻣل إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺑﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﻬول ،ﻧﺣوُ :ﺣرم اﻟﻘﺗل -3
وﺷرب اﻟﺧﻣر.
أن ﻣﻌﯾﺎر دﻻﻟﺔ زﻣن اﻟﻔﻌل ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﺿر ﻣﻌﯾﺎر ﻏﯾر دﻗﯾق ﻷن اﻟواﻗﻊ أﺛﺑت وﺟود ﺟﻣل إﻧﺟﺎزﯾﺔ -4
دﻻﻟﺔ اﻟﻔﻌل ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺻﯾﻐﺔ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻣﺛل ":ﺑﻌﺗك ﻣﻧزﻟﻲ " " ،ﺗزوﺟت اﺑﻧﺗك ".
وﻧﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣن اﻟﺗﻣﺣﯾﺻﺎت اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر أن " اﻟﻔﯾﺻل ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻷﯾﺔ ﺟﻣﻠﺔ؛ أي ﻏرﺿﻬﺎ
أو ﻣﻘﺻدﻫﺎ ﻫو اﻟﺳﯾﺎق ﺑﻣﻔﻬوﻣﻪ اﻟواﺳﻊ ،ﻛﺄن ﯾﻛون ﺳﯾﺎﻗﺎ ﻟﻐوﯾﺎ ﺗﻌﻛﺳﻪ ﻋﺑﺎرات ﻣﺳﻛوﻛﺔ ﻣﺗداوﻟﺔ أو ﺻﯾﻎ وأدوات
داﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻣر واﻻﺳﺗﻔﻬﺎم واﻟﺗﻌﺟب أو ﻗراﺋن ﺻوﺗﯾﺔ ﺗﻧﻐﯾﻣﯾﺔ "264ﻛﻣﺎ ﻫو ﻣوﺿﺢ ﻓﻲ اﻟﺟﻣل اﻵﺗﯾﺔ:
ب -ﺷﻛ ار.
265
ب -أﻧت رﺟل !
ﻓﺎﻟﺟﻣﻠﺔ ) – 7أ ،ب ( ﺗﺗﺿﻣن " ﻓﻌل اﻟﺗﺄﺳف " و" ﻓﻌل اﻟﺷﻛر" ﻋﻠﻰ اﻟﺗواﻟﻲ وﻫﻲ أﻓﻌﺎل اِﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗﻛﺛر
ﻣداوﻟﺗﻬﺎ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﻋﻠﻰ اِﺧﺗﻼف ﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺗﻬم وﻟﻐﺎﺗﻬم ،ﺑﯾد أن ﻣﻠﻔوظ " أﻧﺎ آﺳف " ﻗد ﯾﺑدو وﺻﻔﯾﺎ ﯾﺧﺑر ﺑﻪ ﻗﺎﺋﻠﻪ
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ إﻧﺟﺎزي ﻧﺣو " je m’excuse " :وﺑﻣﻌﻧﻰ وﺻﻔﻲ ﻣﺛل اﻟﻌﺑﺎرة اﻟﻣﺗداوﻟﺔ " je suis désolé
266
أﻣﺎ اﻟﺟﻣل ) ( 10 - 9 - 8ﻓﺗﻣﺛل أﻓﻌﺎﻻ ﻛﻼﻣﯾﺔ أﻧﺟزﻧﺎ ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ :اﻷﻣر) آﻣرك ( ،اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ) ﺑواﺳطﺔ ".
أداة اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻣﺗﻰ ،وﻋﻼﻣﺔ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺟﻣﻠﺔ ( ،اﻟﺗﻌﺟب ) ﺑﺻﯾﻐﺔ ﻣﺎ أَ ْﻓ َﻌ َل وﻋﻼﻣﺔ اﻟﺗﻌﺟب ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ
اﻟﺟﻣﻠﺔ (.و أﻣﺎ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) – 11أ ،ب ( ﻓﻘد أﻧﺟزﻧﺎ ﺑﻬﺎ " ﻓﻌل اﻻﺳﺗﻬزاء ﺑﻘرﯾﻧﺔ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم اﻟﻣﻌﺑر ﻋﻧﻬﺎ ﺑﺗﻧﻐﯾم
اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم)؟( و" ﻓﻌل اﻟﻣدح " ﺑﻘرﯾﻧﺔ اﻟﺗﻌﺟب اﻟﻣﻌﺑر ﻋﻧﻬﺎ ﺑﺗﻧﻐﯾم اﻟﺗﻌﺟب ) ! ( .وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺗﻠك اﻟﺷروط و
اﻟﻣﻘﺎﯾﯾس اﻟﺗﻲ وﺿﻌﻬﺎ وﻣﺣﺻﻬﺎ " أوﺳﺗﯾن " ﻓﻲ ﺳﺑﯾل اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻟوﺻﻔﯾﺔ و اﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ،
إﻻ أﻧﻪ ﻋﺟز ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻣطﺎف ﻋﻠﻰ إﻗﺎﻣﺔ ﺣد ﻓﺎﺻل ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﻓﺎﻗﺗرح ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻷﻣر أن ﯾﺗم اﺧﺗزاﻟﻬﻣﺎ ﺿﻣن
267
ﻟﺗﻛن ﺑذﻟك اﻟﺑداﯾﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻣرﺣﻠﺔ ﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن ﻣراﺣل اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻧظرﯾﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺗﻌرف ﺑﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ
اﻷوﺳﺗﯾﻧﻲ.
ﯾﻧطﻠق " أوﺳﺗﯾن " ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻓﻛرة أن اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﻠﻔظ ﺑﻛﻼم ﻣﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻧﺟز ﻓﻌﻼ ﻣﻌﯾﻧﺎ ﻓﻲ
اﻟوﻗت ذاﺗﻪ ﺣﯾث ﯾﺷﻛل اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﺄﯾﺔ ﻋﺑﺎرة ﻟﻐوﯾﺔ إﻧﺟﺎز ﺛﻼﺛﺔ أﻓﻌﺎل ﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﻪ وﻫﻲ268:ﻓﻌل اﻟﻘول،
اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي ،اﻟﻔﻌل اﻟﺗﺄﺛﯾري ،وﯾﺣﺎول " أوﺳﺗﯾن " ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ أن ﯾﻣﯾز ﻛل ﻓﻌل ﻋن اﻵﺧر ﺑﻐض اﻟﻧظر
-269ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي )اﺑن ظﺎﻓر اﻟﺷﻬري( :اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت اﻟﺧطﺎب :ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻟﻐوﯾﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ،دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺟدﯾد اﻟﻣﺗﺣدة) ،ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن(،
ط ،2004 ،1ص.155
110
ﻓﻌل اﻟﻘول" :" Acte locutoireﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﺄﺻوات ﻣﺎ ،وﯾﻧدرج ﺗﺣت ﻫذا اﻟﻘﺳم ﺛﻼﺛﺔ
270
أﻓﻌﺎل ﻟﻐوﯾﺔ ﻓرﻋﯾﺔ ﺑﺣﺳب ﺗﻘﺳﯾم " أوﺳﺗﯾن " وﻫﻲ:
اﻟﻔﻌل اﻟﺻوﺗﻲ" :" Acte phonétiqueﻫو اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻷﺻوات اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ ﻟﻐﺔ ﻣﺎ.
اﻟﻔﻌل اﻟﺗرﻛﯾﺑﻲ /اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﻲ " : " Acte phatiqueﻫو إﻧﺗﺎج ﻛﻠﻣﺎت ﯾﻛون ﻟﻬﺎ رﺻﯾد ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺟم وﺗﻛون
اﻟﻔﻌل اﻟدﻻﻟﻲ /اﻹﺣﺎﻟﻲ " : " Acte rhétiqueﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟرﺑط ﺑﯾن اﻟﻛﻠﻣﺎت ودﻻﻻﺗﻬﺎ ﺣﺳب ﻣﺎ ﺗﺣﯾل
إﻟﯾﻪ.
وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﻘﺎم إﻟﻰ أن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻔرﻋﯾﺔ اﻟﺛﻼﺛﺔ ﻣﺗداﺧﻠﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ،ﺑﺣﯾث أﻧﻬﺎ ﺗُﻧﺟز ﻓﻲ
وﻗت واﺣد ،ﻓﻧﺣن ﺣﯾن ﻧﻧﺗﺞ ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻷﺻوات اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ ﻟﻐﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺿﻣن ﺷﻛل ﻋرﻓﻲ ﯾﻣﻛن ﻣﻌرﻓﺗﻪ
وﻧﻧﺟز ﻫذا اﻟﻌﻣل ﺑﻘﺻد ﻣﺳﺎوق أﯾﺿﺎ ﻷﻧﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة ﻻ ﻧﺗﻛﻠم ﺿد إرادﺗﻧﺎ ،ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺗﺣﻛم ﻓﻲ ﻟﻐﺗﻧﺎ وﻣﻊ
ذﻟك ﻓﻠﻠﻣﻠﻔوظﺎت اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﺳﻣﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺗﺂﻟف ﻋﻠﻰ ﺷﻛل ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻷﺻوات اﻟﺗﻲ
ﺗﻧﺗظم ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺎت ﺻوﺗﯾﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻘواﻋد ﻧﺣوﯾﺔ وﺗرﻛﯾﺑﯾﺔ ذات دﻻﻟﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،وﻣن ﺧﻼل إﻧﺗﺎج اﻷﺻوات ﻧﻘوم ﻓﻲ
اﻟوﻗت ذاﺗﻪ ﺑﺄﺣداث ﻓوﻧوﻟوﺟﯾﺔ وﻣورﻓوﻟوﺟﯾﺔ وﻧﺣوﯾﺔ وﺗرﻛﯾﺑﯾﺔ ،271وﻫذا ﻣﺎ أﺷﺎر إﻟﯾﻪ " ﻓﺎن داﯾك " ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ" :
إﻧﺟﺎز اﻟﻔﻌل ،وأﻋﻧﻲ ﻣﺳﺗوى اﻟﻧطق )اﻟﻔوﻧﯾطﯾﻘﻲ( واﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻔوﻧوﻟوﺟﻲ )وظﯾﻔﺔ اﻟﺻوت( واﻟﺻرﻓﻲ وﻣﺳﺗوى
272
وﯾﻣﻛن ﺗوﺿﯾﺢ ﻫذا اﻟﺗداﺧل ﺑﯾن اﻷﻓﻌﺎل ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺧطط اﻵﺗﻲ: اﻟﺗرﻛﯾب اﻟﻧﺣوي"
إﻧﺗﺎج ﻓﻌل ﺗرﻛﯾﺑﻲ ﯾﺗطﻠب ﻣﻌﻪ -ﺿرورة -إﻧﺗﺎج ﻓﻌل ﺻوﺗﻲ ﻗﺑﻠﻪ ،وﻓﻌل دﻻﻟﻲ ﺑﻌدﻩ؛ أي أن ﯾﻛﺗﺳب ﻣﻌﻧﻰ
ﻣﺣدد.أﻣﺎ اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻔﻌل اﻟﻘول ﯾﻘودﻧﺎ ﻣﺑﺎﺷرة إﻟﻰ اﻟﺻﻧف اﻟﺛﺎﻧﻲ؛ أي ﻣﺎ اﺻطﻠﺢ" أوﺳﺗﯾن " ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻣﯾﺗﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌل
273
اﻹﻧﺟﺎزي اﻟذي ﯾﻌد ﻣﺣور ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ.
ﻫو ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻓﻌل ﯾﻧﺟز ﺑواﺳطﺔ اﻟﻘول ،وﻟﺗوﺿﯾﺢ ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم ﻧورد اﻟﻣﺛﺎل اﻵﺗﻲ:
إذا ﻛﺎن اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻫﻧﺎ ﺑﻼﻏﯾﺎ ﺑوﺻﻔﻪ ﺟزء ﻣن ﻧص ﻣﺎ )ﻣﻘﺎل أو ﺧطﺑﺔ( ﻓﻼ دور ﻟﻪ ﺳوى اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻗﻠق ﺣول
ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺟو.
أﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻣوﺟﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺳﺗﻣﻊ ﻣﻌﯾن ﻓﺈﻧﻪ ﺳﯾﺄﺧذ ﻗﯾﻣﺔ أﺧرى وﺳﯾﺻﺑﺢ ﻣﺳﺗﻌﻣل ﻫذا اﻟﺳؤال ﻣﻠزم
ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﯾﻪ ،وﻫذﻩ اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﻲ ﯾﺄﺧذﻫﺎ اﻟﺗﻠﻔظ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻧﻣوﺿﻌﻪ داﺧل ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺧطﺎب ﯾﺳﻣﯾﻬﺎ " أوﺳﺗﯾن "
أﻓﻌﺎﻻ ﺧطﺎﺑﯾﺔ " إﻻ أن ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف ﯾﺑﻘﻰ ﻋﺎﻣﺎ ،وﻏﯾر ﻣﺣدد ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺧطﺎﺑﯾﺔ ﻫﻲ ﻛل
اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﯾﺿﻌﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺎم اﻟﻣﻧﺗظر ﻹﺟﺎﺑﺔ ﻣﺎ ﻣن اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ ﻷﻧﻪ اﻟﻣﺧﺻوص ﺑﻔﻌل اﻟﺧطﺎب داﺧل ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺿطرﻩ
إﻟﻰ إﻋطﺎء ﺟواﺑﻪ ،وﻟﻛﻲ ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻌل اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﯾﺷﺗرط " أوﺳﺗﯾن " ﻓﻬم اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ " ﻟﻠﻘوة اﻟﺧطﺎﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌطﯾﻬﺎ
275
اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻟﻣﻠﻔوظﻪ ،وﻗوة اﻟﺧطﺎب ﻫﻲ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺈﻧﺟﺎزﻩ وﯾﻛﺳﺑﻪ ﻧوﻋﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ :ﻛﺄﻣر -وﻋد -اﺳﺗﻔﻬﺎم"...
وﻋﻠﯾﻪ ﻓﻌﻣﻠﯾﺔ إﻧﺟﺎز اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ وﺗﺣﻘﻘﻪ ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻘﺻد اﻟﻣﺗﻛﻠم و ﻓﻬم اﻟﺳﺎﻣﻊ ﻟﻬذا اﻟﻘﺻد ﻓﻬﻣﺎ ﺟﯾدا وﻣن ﺛم
اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻪ )اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ وذﻟك ﻷن اﻟﻠﻐﺔ ﺣﺳب " أوﺳﺗﯾن " "
ﻧﺷﺎط وﻋﻣل ﯾﻧﺟز ،أي أن اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻻ ﯾﺧﺑر وﯾﺑﻠﻎ ﻓﺣﺳب ﺑل إﻧﻪ ﯾﻔﻌل أي ﯾﻌﻣل ،ﯾﻘوم ﺑﻧﺷﺎط ﻣدﻋم ﺑﻧﯾﺔ وﻗﺻد
ﯾرﯾد اﻟﻣﺗﻛﻠم ﺗﺣﻘﯾﻘﻪ ﻣن ﺟراء ﺗﻠﻔظﻪ ﺑﻘول ﻣن اﻷﻗوال276".وﺗﺷﯾر اﻟﺑﺎﺣﺛﺔ " طﺎﻟب اﻹﺑراﻫﯾﻣﻲ " إﻟﻰ أﻫﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﻛﻠم
ودورﻩ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻗﺻدﻩ ودرﺟﺔ ﻗوة ﻣﻠﻔوظﻪ اﻹﻧﺟﺎزي وﻓﻬم اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ ﻟﻠﺧطﺎب وردة ﻓﻌﻠﻪ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد ﻣدى ﻓﻬﻣﻪ
ﻟﻘﺻد اﻟﻣﺗﻛﻠم ودرﺟﺔ ﺗﺄﺛرﻩ ﺑﺎﻟﺧطﺎب ،ﻛﻣﺎ ﺗﺷﯾر إﻟﻰ دور ﻛل ﻫذﻩ اﻟﻌﻧﺎﺻر ﻓﻲ إﻧﺟﺎح اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ ﺑﯾن
اﻟﻣﺗﺧﺎطﺑﯾن ،277ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) (12ﻣﺛﻼ ﻫﻲ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻓﺈن ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻫذا اﻟﺧطﺎب ﺗﺗﻣﺛل
ﻓﻲ:
اﻟرﻓض ،وﻫﻧﺎ ﻻ ﺑد ﻣن إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ درﺟﺔ ﻓﻬم اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ ﻟﻠﺳؤال اﻟذي ﻫو ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻓﻌل
أﻣر ﻣﺎ.
إﻧﺟﺎزي أراد اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻣن ﺧﻼﻟﻪ أن ﯾﺑﻠﻎ ﻣﺗﻠﻘﯾﻪ ا
278
وﯾﺿﻊ " أوﺳﺗﯾن " ﺑﻌض اﻟﻣﻘﺎﯾﯾس اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣدد وﻓﻘﻬﺎ اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي وﯾﻣﻛن ﺣﺻرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻘﺎط اﻵﺗﯾﺔ:
إن اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي ﯾﻧﺟز ﻓﻲ اﻟﻛﻼم ذاﺗﻪ ،ﻓﻬو إذن ﻟﯾس ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﻧﺗظر ﻣن اﻟﻛﻼم.
وﯾﺷﯾر " أوﺳﺗﯾن " إﻟﻰ أن اﻟﻔﻌل اﻟﻘوﻟﻲ واﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي ﻣﺗداﺧﻼن ﻟدرﺟﺔ ﯾﺻﻌب ﻣﻌﻬﺎ اﻟﻔﺻل ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ وﯾﻣﻛن
اﻟﻔﻌل اﻟﺗﺄﺛﯾري" :" Acte perlocutoireﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻷﺛر اﻟذي ﯾﺗرﻛﻪ اﻟﻔﻌل اﻟﻘوﻟﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﯾﺔ
اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﻓﯾظﻬر ﺟﻠﯾﺎ ﻓﻲ ردة ﻓﻌﻠﻪ ،ﻓﻘد ﯾﻐﺿب ﻣﻣﺎ ﺳﻣﻌﻪ وﻓﻬﻣﻪ ،وﻗد ﯾﻔرح أو ﯾﺷﻌر ﺑﺎﻹﺣراج أو ﺑﺎﻟﺣزن أو
ﺑﺎﻹﻫﺎﻧﺔ ،..ﻓﺎﻟﻣﺗﻛﻠم ﯾﺳﻌﻰ ﻣن وراء ﻣﻠﻔوظﻪ إﻟﻰ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ أﻓﻛﺎر وﻣﺷﺎﻋر اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ وﯾﺣﺎول اﺳﺗﻣﺎﻟﺗﻪ إﻟﯾﻪ،
ﻓﯾﺳﺗﺟﯾب ﻟﻪ ،وﺗﺳﻣﻰ ﻫذﻩ اﻹﺳﺗﺟﺎﺑﺔ " ﻓﻌﻼ إﺳﺗﺟﺎﺑﯾﺎ " أو ﻓﻌل اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب وﻻ ﯾﺣدث ذﻟك إﻻ إذا ﺗﻣرﻛز
وﺗﺗداﺧل ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺛﻼﺛﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ،وﻻ ﺳﯾﻣﺎ اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي واﻟﻔﻌل اﻟﺗﺄﺛﯾري ،وﯾﺗﺿﺢ ﻫذا اﻟﺗداﺧل ﻓﻲ اﻟﻣﺛﺎل
اﻟﺟو ﺑﺎرٌد.
ُ /13
ﻓﻘد ﯾﻘﺻد ﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ إﻧﺟﺎز " ﻓﻌل اﻹﺧﺑﺎر" ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾﻘﺻد ﻣﻧﻬﺎ ﺣث اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ إو ﺛﺎرة اﻧﺗﺑﺎﻫﻪ إﻟﻰ " ﻏﻠق
اﻟﻧﺎﻓذة " ﻣﺛﻼ أو " اﻟﺑﺎب " أو " إﺷﻌﺎل اﻟﻣدﻓﺄة " ،ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﯾﻘوم اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ ﺑﻐﻠق اﻟﻧﺎﻓذة أو إﺷﻌﺎل اﻟﻣدﻓﺄة ﯾﻛون ﻗد
اﻟﺗﺄﺛﯾري( ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ .إﻻ أن ﺗﻘﺳﯾم " أوﺳﺗﯾن " ﻟﻠﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﺑﻬذﻩ اﻟطرﯾﻘﺔ ﻟم ﯾرق ﻟﺑﻌض أﻋﺿﺎء ﻣدرﺳﺔ "
أﻛﺳﻔورد " ووﺻﻔوﻩ ﺑﺎﻟﺗﻘﺳﯾم ﻏﯾر اﻟﺣﺎﺳم اﻟذي ﯾﺷوﺑﻪ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻐﻣوض واﻟﻠﺑس ،وﻣن ﺑﯾﻧﻬم " ﺳورل " اﻟذي
ﯾرى أن اﻟﻔﻌل اﻟﺗﻌﺑﯾري ﻛﺛﯾ ار ﻣﺎ ﯾﺣﻣل ﻓﻲ داﺧﻠﻪ ﻏرﺿﺎ ﻣﻌﯾﻧﺎ .280وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن اﻻﻧﺗﻘﺎد اﻟذي وﺟﻬﻪ ﺑﻌض
اﻟدارﺳﯾن ﻟﺗﻘﺳﯾﻣﺎت " أوﺳﺗﯾن " اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ،إﻻ أن ﻫذا ﻟم ﯾﻣﻧﻌﻪ ﻣن ﺗﺻﻧﯾف اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﺿﻣن
281
ﺧﻣﺳﺔ أﺻﻧﺎف ﻛﺑﯾرة ﻣﻘﺳﻣﺔ ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻣﻔﻬوم ﻗوﺗﻬﺎ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ،وﻫﻲ:
اﻟﺣﻛﻣﯾﺎت " : " les verdictativesﻫدﻓﻬﺎ ﻫو إﺻدار اﻷﺣﻛﺎم ﻣﺛل :ﺑرأ ،ﺣﻛم ،ﻗدر.
اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت /اﻟﻣراﺳﯾﺎت " :" les exécutivesﻫﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻟداﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻛﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺳﻠطﺔ
اﻟوﻋدﯾﺎت " :" les commissivesﻫﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌﻬد ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻣﺗﻛﻠم ﺑﺈﻧﺟﺎز ﻓﻌل ﻣﻌﯾن ﻣﺛل:
اﻟﺳﻠوﻛﯾﺎت /اﻟﺳﯾرة " :" les conductivesﻫﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﻬدف إﻟﻰ إﺑداء ﺳﻠوك ﻣﻌﯾن ﻣﺛل ﻫﯾﺄ،
ﺷﻛر ،اﻋﺗذر.
اﻟﻌرﺿﯾﺎت " :" les expositivesﻫﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﻬدف إﻟﻰ اﻟﺣﺟﺎج واﻟﻧﻘﺎش ﻣﺛل :اﻓﺗرض،
282
وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﯾﻣﻛن ﺗوﺿﯾﺢ أﺷﻛﺎل اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي ﻋﻧد " أوﺳﺗﯾن " ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗرﺳﯾﻣﺔ اﻵﺗﯾﺔ:
ﻋﺎﻣﺔ وﺷﺎﻣﻠﺔ إﻻ أﻧﻪ ﻟم ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺎ ﺳﻌﻰ إﻟﯾﻪ ،ﻷن ﺗﺻورﻩ ﻟﻠﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﻟم ﯾﻛن ﻗﺎﺋﻣﺎ ﻋﻠﻰ أﺳس
283
ﻣﻧﻬﺟﯾﺔ واﺿﺣﺔ اﻟﻣﻌﺎﻟم ،ﻓﺎﻧﺗُﻘد ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣواﺿﻊ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن إﺟﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻘﺎط اﻵﺗﯾﺔ:
" أوﺳﺗﯾن " ﻟم ﯾُﻘم ﺗﺻﻧﯾﻔﻪ ﻟﻸﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ وﻓق ﻣﻌﺎﯾﯾر واﺿﺣﺔ ،اﻷﻣر اﻟذي أدى إﻟﻰ وﺟود
ﻧوع ﻣن اﻟﺧﻠط اﻟذي ﯾﻣﻛن أن ﯾﻘﻊ ﺑﯾن " أﻓﻌﺎل اﻟﺣﻛﻣﯾﺎت " و" أﻓﻌﺎل اﻟﻣراﺳﯾﺎت " ﻓﺎﻟﺣدود ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺑدو واﺿﺣﺔ
ﺗﻣﺎﻣﺎ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ إدراج ﺑﻌض أﻓﻌﺎل اﻟﻣراﺳﯾﺎت ﺿﻣن أﻓﻌﺎل اﻟﺣﻛﻣﯾﺎت واﻟﻌﻛس ﺻﺣﯾﺢ.
ﻣﺎ ﯾؤﺧذ ﻋﻠﻰ " أوﺳﺗﯾن " أﯾﺿﺎ أﻧﻪ ﻟم ُﯾﺻﻧف اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ إو ﻧﻣﺎ ﻗﺎم ﯾﺗﺻﻧﯾف أﺳﻣﺎء ﻫذﻩ
اﻷﻓﻌﺎل ،وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺗﺿﺢ ﻟﻧﺎ أن " أوﺳﺗﯾن " ﯾﻌﺗﻘد أن ﺗﺻﻧﯾف أﺳﻣﺎء ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل اﻟداﺧﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻘول ﻫو ﺗﺻﻧﯾف
ﻋﻠﻰ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗُﻧﺟز ﺑﻬﺎ ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل ،ﻓﺎﻟﺗﺻرﯾﺢ ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﺑﺧﺑر أو وﻋد أو أﻣر أﻣﺎ " اﻟﺗﺻرﯾﺢ " ﻓﻲ ﺣد
" أوﺳﺗﯾن " ﻻ ﯾﺗﻘﯾد ﺑﺷروط اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت ذاﺗﻪ ﻓﻼ ﯾدﺧل ﺿﻣن ﻗﺎﺋﻣﺔ " :أﺧﺑر ،وﻋد ،أﻣر" ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن
واﻟﺗﺻﻧﯾﻔﺎت اﻟﺗﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﻫو ﻓﻲ اﻷﺻل ،ﻓﻧﺟدﻩ أﺣﯾﺎﻧﺎ ﯾﺧﺎﻟف ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻣﺎ أو ﯾﺗﺟﺎﻫل ﺑﻌض اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ وﺿﻌﻬﺎ.
وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن اﻟﺛﻐرات واﻟﻌﯾوب اﻟﺗﻲ اﺗﺳم ﺑﻬﺎ ﻣﻧﻬﺞ " أوﺳﺗﯾن " ﻓﻲ دراﺳﺗﻪ وﺗﺻﻧﯾﻔﻪ ﻟﻸﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ إﻻ أﻧﻧﺎ
ﻻ ﯾﻣﻛن إﻧﻛﺎر ﺣﻘﯾﻘﺔ أن " أوﺳﺗﯾن " ﻫو أول ﻣن وﺿﻊ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ واﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ
ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ.
إﻻ أن اﻟﺗطور اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﺟﺎء ﻋﻠﻰ ﯾد " ج .ﺳورل " ﻛﻣﺎ ﺳﺄوﺿﺢ ذﻟك ﻓﻲ اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻣواﻟﻲ اﻟذي ُﯾﻌد
ﺑﻧﻰ" ﺟون .ر .ﺳورل " ﻧظرﯾﺗﻪ اﻟﺟدﯾدة اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑوﺿﻌﻬﺎ أﺳﺗﺎذﻩ" أوﺳﺗﯾن " ﺣﯾث
" ج.ﺳورل " أﻋﺎد ﺻﯾﺎﻏﺔ أﻓﻛﺎرﻩ وﺗﺟدﯾدﻫﺎ ،وذﻟك ﻋن طرﯾق ﺑﻌض اﻟﺗﻌدﯾﻼت واﻹﺿﺎﻓﺎت اﻟﺗﻲ اﻗﺗرﺣﻬﺎ
اﻟﺗﻲ ﻣﺳت ﺷروط إﻧﺟﺎز اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ وﺗﺻﻧﯾف اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ ظﻬور ﻧظرﯾﺔ ﻣﻧﺗظﻣﺔ
" " Systématiqueﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻻت اﻟﻠﻐﺔ ﺑﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ،وﺗﻘوم ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻘﺻدﯾﺔ
" " intentionnalitéﻓﺎﻟﻛﻼم ﻣن وﺟﻬﺔ ﻧظر " ج.ﺳورل " ﻣﺣﻛوم ﺑﻘواﻋد ﻣﻘﺻدﯾﺔ وﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﺗﺣدﯾد ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد
284
وﻓق أﺳس ﻣﻧﻬﺟﯾﺔ واﺿﺣﺔ وﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ.
" ﻟﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﺗﺗﺑﻌﻬﺎ ﻋﺑر ﻣرﺣﻠﺗﯾن أﺳﺎﺳﯾﺗﯾن ﻣن ﻣراﺣل اﻟﺑﺣث واﻟﺗﻧﻘﯾب ﻟدﯾﻪ ،وﻫﻣﺎ:
أﻋﺎد " ﺳورل " ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﺗﻌدﯾل اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟذي وﺿﻌﻪ " أوﺳﺗﯾن " ﻟﻠﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس
اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن أرﺑﻌﺔ أﻓﻌﺎل ﺗﻧﺟز ﻣﻌﺎ ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ،285وﻫﻲ " :ﻓﻌل اﻟﻘول ،اﻟﻔﻌل اﻟﻘﺿوي ،اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي
ﻓﻌل اﻟﻘول" :" Acte d|énonciationﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻌﺑﺎرة ﻟﻐوﯾﺔ ﻣﺎ طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﺻوﺗﯾﺔ
واﻟﺗرﻛﯾﺑﯾﺔ ﻟﺗﻠك اﻟﻠﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﺻﺣﯾﺢ ) وﻫو ﯾﺿم ﻛل ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺻوﺗﻲ واﻟﺗرﻛﯾﺑﻲ ﻋﻧد " أوﺳﺗﯾن " (.
اﻟﻔﻌل اﻟﻘﺿوي" :" Acte propositionnelﯾﻘﺎﺑل اﻟﻔﻌل اﻟدﻻﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻧﻣوذج " اﻷوﺳﺗﯾﻧﻲ " اﻟذي
ﻛﺎن ﺟزءا ﻣن " ﻓﻌل اﻟﻘول " ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﻌل اﻟﺻوﺗﻲ واﻟﺗرﻛﯾﺑﻲ ،إﻻ أن " ﺳورل " ﺟﻌﻠﻪ ﻗﺳﻣﺎ ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋن
ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل ،وﯾﻧﻘﺳم اﻟﻔﻌل " اﻟﻘﺿوي " ﺣﺳﺑﻪ إﻟﻰ ﻓرﻋﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن وﻫﻣﺎ :اﻟﻔﻌل اﻹﺣﺎﻟﻲ واﻟﻔﻌل اﻟﺣﻣﻠﻲ.
اﻟﻔﻌل اﻹﺣﺎﻟﻲ " :" Acte de référenceﯾﺳﻬم ﻓﻲ رﺑط اﻟﺻﻠﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﻛﻠﻣﯾن )اﻟﻣﺗﻛﻠم
285
- John.R (searle) : les actes de langage : essai de philosophie de langage, Hermann( Paris) 1972,p
p60-72.
118
ﻓﺎﻟﺟﻣﻠﺔ ) (14أﺣﺎﻟت ﻋﻠﻰ " اﻷﻧﺎ " ﻓﻲ " أﺧﺑرﻛم " ﺑﺻﯾﻐﺔ اﻟﻔﻌل اﻟﻣﺿﺎرع " أَ ْﻓ َﻌ ُل " وﻋﻠﻰ " اﻷﻧﺗم "
ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر " ﻛم " اﻟذي ﯾﺣﯾل إﻟﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺷﺧﺎص ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ.
أﻣﺎ " اﻣرؤ اﻟﻘﯾس " ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) (15ﻓﯾﺣﯾل إﻟﻰ اﺳم ﺷﺧص ﻣﻌﯾن ﻣﻌروف ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻟﺷﻌر .ﻛﻣﺎ ﺗﺣﯾل
ﻛﻠﻣﺔ " ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ " ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) (16إﻟﻰ اﺳم ﻋﻠم ﻟﻣﻛﺎن ﻣﻌﯾن .وﻣﺎ ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﻫو أن " ﺳورل " ﻗد ﻣﯾز
ﺑﯾن اﻹﺣﺎﻟﺔ " ﻛﻔﻌل " واﻹﺣﺎﻟﺔ " ﻛﻧﺗﯾﺟﺔ " ذﻟك أن اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗُﻛون ﺟﻣﻠﺔ ﻣﺎ إذا ﻋزﻟت ﻋن ﺳﯾﺎق اﻟﻣﺗﺣدﺛﯾن
ﺑﻬﺎ ﺗﻛون ﻛﻠﻣﺎت ﻣﻌﺟﻣﯾﺔ ذات ﻣﻌﻧﻰ ﻋﺎم وﺗﻔﻘد دﻻﻻﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺧﺻﯾص أو اﻟﺗﻌرﯾف أو اﻟﺗﺣدﯾد ،286وﻟﺗوﺿﯾﺢ
ﻓﺎﺳم اﻟﻌﻠم " ﻋﻼء اﻟدﯾن " ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) – 17أ ( ﯾدل ﻋﻠﻰ أي ﺷﺧص ﯾدرس ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ وﯾﺣﻣل ﻫذا اﻻﺳم وﻻ
ﯾﺣﯾل ﻋﻠﻰ ﺷﺧص ﻣﺣدد ﺑﻣﺎ ﯾﺣﻣﻠﻪ ﻣن ﺻﻔﺎت " ﺟﺳﻣﯾﺔ وﻓﻛرﯾﺔ " ﻣﺎ ﻟم ﯾرﺗﺑط ﺗﻠﻔظﻪ ﺑﻣﺗﻛﻠم ﻣﺎ ﺑﺻدد ﻧﻘل ﺧﺑر
أﻣﺎ ﻛﻠﻣﺔ " اﻟﺣﺎﺋط " ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) – 17ب ( ﻓﻼ إﺣﺎﻟﺔ ﻟﻬﺎ ﻫﻲ اﻷﺧرى ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗدل ﻋﻠﻰ" ﺣﺎﺋط "ﻣﻌﯾن ﺑﺎﻟرﻏم
ﻣن " أﻟف " و " ﻻم " اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﻣﻘﺗرﻧﺎن ﺑﺎﻟﻛﻠﻣﺔ ،ﻓﻌﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ذﻟك ﻧﺣن ﻻ ﻧﻌﻠم ﻋن أي ﺣﺎﺋط ﯾﻘﺻدﻩ
اﻟﻣﺗﻛﻠم.
اﻟﻔﻌل اﻟﺣﻣﻠﻲ" :" Acte de prédicationﻫو اﻹﺳﻧﺎد؛ أي أن ﻧﺳﻧد ﻧﺳﺑﺔ اﻟﻣﺣﻣول أو اﻟﺣﻣل
إﻟﻰ اﻟﻣوﺿوع اﻟﻣﺣﺎل ﻋﻠﯾﻪ ﻛﺄن ﻧﺣﻣل ﻋﻠﻰ ﺷﺧص أﺣﻠﻧﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻌل ﺷﻲء ﻣﺎ؛ أي أن ﻧﻧﺳب إﻟﯾﻪ ﻓﻌل ذﻟك
ﻣﻌﯾن وﺣﻣﻠﻧﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻌل ﺷﻲء ﻣﻌﯾن ﻓﻧﺳﺑﻧﺎ ﻟﻪ اﻟﺷﻌر أو اﺷﺗﻐﺎﻟﻪ ﺑﺎﻟﺷﻌر.
ﻛﻣﺎ ﻣﯾز " ﺳورل " ﺑﯾن اﻟﺣﻣل ﻛﻔﻌل واﻟﺣﻣل ﻛﻧﺗﯾﺟﺔ ،ذﻟك أن اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻫو اﻟذي ﯾﺳﻧد إﻟﻰ اﻟﻣوﺿوع
ﺗﻬدﯾدا.
" " proposition وﻣﺎ ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﻫو أن اﻟﻔﻌل اﻹﺣﺎﻟﻲ واﻟﻔﻌل اﻟﺣﻣﻠﻲ ﯾﺷﻛﻼن ﻣﻌﺎ ﻗﺿﯾﺔ واﺣدة
اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي " :" Acte illocutionnaireﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻣﺎ اﻗﺗرﺣﻪ " ﺳورل " ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻘﺳم ﻣن
اﻷﻓﻌﺎل ﻋﻣﺎ اﻗﺗرﺣﻪ أﺳﺗﺎذﻩ " أوﺳﺗﯾن " ،ﻓﺎﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي داﺋﻣﺎ ﻫو اﻟﻔﻌل اﻟذي ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻪ؛
أﻣر ﻣﺛﻼ أو ﺗﻬدﯾدا أو ﻧﺻﺣﺎ أو ﺗﻣﻧﯾﺎ ﻣﺛل " آﻣرك ،أﻧﺻﺣك ،أﻋدك ".
ﻓﻘد ﯾﻛون ا
وﯾﺗداﺧل اﻟﻔﻌﻼن " اﻟﻘﺿوي " و " اﻹﻧﺟﺎزي " ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﺗداﺧﻼ ﺷدﯾدا ﯾﺟﻌل ﻛل ﻓﻌل ﻣن ﻫذﯾن اﻟﻔﻌﻠﯾن
ﻣﻛﻣﻼ ﻟﻶﺧر ،واﻟﻔﻌل اﻟﻘﺿوي ﻻ ﯾﻘﻊ وﺣدﻩ ﺑل ﯾﺳﺗﺧدم داﺋﻣﺎ ﻣﻊ ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي ﻓﻲ إطﺎر ﻛﻼﻣﻲ ﻣرﻛب ،ﺑﺣﯾث ﻻ
" ﺳورل " اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻔﻌل ﻗﺿوي دون أن ﯾﻛون ﻟﻧﺎ ﻣﻘﺻد ﻣﻌﯾن ﻣن ﻧطﻘﻪ ،وﯾﻌﺗﺑر
287
اﻟوﺣدة اﻟﺻﻐرى" " Unité minimaleﻟﻼﺗﺻﺎل اﻟﻠﻐوي ﻛﻛل.
ﻓﻌﻼ ﻗوﻟﯾﺎ ﻋن طرﯾق ﺗﻠﻔظﻧﺎ ﺑﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻷﺻوات اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻣرﺗﺑﺔ ﺿﻣن
ﻓﻌﻼ ﻗﺿوﯾﺎ ،وﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ " اﻟﻣرﺟﻊ " أو " اﻹﺣﺎﻟﺔ " إﻟﻰ ﺷﺧص ﻣﻌﯾن ،إﻣﺎ ﻋن طرﯾق ذﻛر اﺳﻣﻪ
)ﻋﻼء اﻟدﯾن( أو ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺿﻣﺎﺋر ﺻرﯾﺣﺔ )اﻟﻛﺎف ﻓﻲ أﻧﺻﺣك( أو ﺑﺿﻣﺎﺋر ﻣﺿﻣرة ﺗﺷﯾر إﻟﻰ
اﻟﻣﺗﻛﻠم أو اﻟﻣﺧﺎطب أو اﻟﻐﺎﺋب )أﻧﺻﺣك /أﻧت( ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺣﻣل اﻟذي ﯾﻌﺑر ﻋن ﻗﺿﯾﺔ واﺣدة ﻓﻲ اﻟﺟﻣل
اﻷرﺑﻌﺔ وﻫﻲ " إﻧﺟﺎز اﻟواﺟﺑﺎت " ﻓﺎﻟﻔﻌل اﻹﺣﺎﻟﻲ واﻟﻔﻌل اﻟﺣﻣﻠﻲ ﺷﻛﻼ ﻣﻌﺎ ﻗﺿﯾﺔ واﺣدة وﻫﻲ اﻟﻣﺣﺗوى اﻟﻣﺷﺗرك
ﺑﯾن اﻟﺟﻣل اﻷرﺑﻌﺔ وﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ﺗم إﻧﺟﺎز ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻷﻓﻌﺎل وﻫﻲ :اﻟﻧﺻﺢ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) – 18أ ( ،اﻷﻣر
ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) – 18ب ( ،اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) - 18ج ( واﻟﺗﻣﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) -18د (.
ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﻣﻛن أن ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ أن ﻫذﻩ اﻟﺟﻣل اﻷرﺑﻌﺔ ﺗﺗﺿﻣن ﻧﻔس اﻹﺣﺎﻟﺔ وﻧﻔس اﻟﺣﻣل إو ن ﻛﺎﻧت ﺗﻔﯾد
أﻓﻌﺎﻻ إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻫذا ﯾدل ﻋﻠﻰ أن ﻓﻌﻠﻲ اﻟﺣﻣل واﻹﺣﺎﻟﺔ ﻟﻬﻣﺎ ﻛﯾﺎن ﻣﺳﺗﻘل ﻋن اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ
أن ﻧﻧﺟز ﻓﻌل ﺗﻠﻔظﻲ ﻣﺎ دون أن ﻧﻧﺟز ﻓﻌﻼ ﻗﺿوﯾﺎ أو ﻓﻌﻼ إﻧﺟﺎزﯾﺎ ،ذﻟك أن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻠﻔظﯾﺔ ﻻ ﺗﺗطﻠب ﺳوى
إﻧﺗﺎج ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻟﻛﻠﻣﺎت ،أﻣﺎ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻘﺿوﯾﺔ واﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻓﺗﺳﺗوﺟب وﺿﻊ ﺗﻠك اﻟﻛﻠﻣﺎت داﺧل ﺟﻣل ذات
288
ﺳﯾﺎﻗﺎت ﻣﻘﺎﻣﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ وﺑﺷروط ﻣﻌﯾﻧﺔ وﺗﺣت ﺗﺄﺛﯾر ﻧﯾﺎت ﺧﺎﺻﺔ.
وﯾﺷﯾر " ﺳورل " إﻟﻰ أﻧﻪ ﺗوﺟد دﻻﺋل ﻣﺗﻧوﻋﺔ ﺗدل ﻋﻠﻰ اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺗﺳﻣﻰ ﺑدﻟﯾل اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ
" " indicateur de la force illocutionnaireﺗﺳﻬم ﻓﻲ إﯾﺿﺎح ﻧوع اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي اﻟذي ﯾؤدﯾﻪ اﻟﻣﺗﻛﻠم
" ،" accent ﺑﻧطﻘﻪ ﻟﺟﻣﻠﺔ ﻣﺎ ،وﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻻﻧﺟﻠﯾزﯾﺔ -ﻋﻠﻰ ﻏرار ﺑﺎﻗﻲ ﻟﻐﺎت اﻟﻌﺎﻟم -ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ :اﻟﻧﺑر
289
،" modeوأﯾﺿﺎ ﻓﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻷداﺋﯾﺔ " ." performative
290
واﻧطﻼﻗﺎ ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ،ﯾﻣﯾز " ﺳورل " ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺣﻣﻠﯾﺔ :اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺣﻣل.
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺣﻣل :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌﺎم اﻟﻣﺳﺗﻔﺎد ﻣن ﺿم اﻟﻣﺣﻣول إﻟﻰ اﻟﻣوﺿوع
وﻣﺗﻌﻠﻘﺎﺗﻬﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺔ ﻣﺎ ،ﻓﻬو ﻣﻌﻧﻰ ﺳﺎﻛن ﻻ ﯾﺗﺟﺎوز اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺣرﻓﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻠﺔ وﻻ ﯾﺗﻐﯾر ﺑﺗﻐﯾر ﻣﻘﺎﻣﺎت اﻟﻘول.
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺣﻣل :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺿﻔﯾﻪ اﻟﻣﺗﻛﻠﻣون ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻔوظﺎﺗﻬم أﺛﻧﺎء اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻬﺎ ﺑﺣﯾث
" ﺳورل " إﻟﻰ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻣﺗﻐﯾ ار ﺑﺗﻐﯾر ﻣواﻗف اﻟﻣﺗﺣدﺛﯾن وﺷﺧﺻﯾﺎﺗﻬم أﺛﻧﺎء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ .وﻫذا ﻣﺎ ﻗﺎد
291
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﻘﺎﻣﯾﺔ واﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﻘﺎﻟﯾﺔ )اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺣرﻓﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻠﺔ(.
أﻣﺎ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﻘﺎﻣﯾﺔ :ﻓﻬﻲ دﻻﻟﺔ ﻣﺗﻐﯾرة ﺣﺳب ﺗﻐﯾر ﻣﻘﺎﻣﺎت اﻟﻘول.
وﯾرﻛز " ﺳورل " ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺑﯾن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟدﻻﻟﺔ و ﻫﻣﺎ :ﻣؤﺷر ﯾواﻛب اﻟﻔﻌل اﻟﻘﺿوي وﻣؤﺷر ﯾواﻛب اﻟﻘوة
292
اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ
أﻣﺎ اﻟﻣؤﺷر اﻟذي ﯾواﻛب اﻟﻔﻌل اﻟﻘﺿوي ﻓﯾﺿم ﻛل ﻣن اﻟﻔﻌل اﻹﺣﺎﻟﻲ و اﻟﻔﻌل اﻟﺣﻣﻠﻲ وﯾﺗﻌﻠق
ﯾﻛون ﻓﻌﻼ إﻧﺟﺎزﯾﺎ ﻧﺄﻣر ﺑﻪ أو ﻧﺳﺄل أو ﻧﻌد أو ﻧﻧﺻﺢ " أﻣر ،ﺳﺄل ،وﻋد ،ﻧﺻﺢ " ،ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﺗﻧﻐﯾﻣﺎ
أو أداة ﻣﺎ ،واﻟﺳﯾﺎق وﺣدﻩ ﻫو اﻟﻛﻔﯾل ﺑﺗﺣدﯾد اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻟﺟﻣﻠﺔ ﻣﺎ أو ﻟﻠﺧطﺎب ﻛﻛل.293
وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﻪ ﻗد ﺗرد ﺑﻌض اﻟﺟﻣل دون ﻓﻌل ﻗﺿوي؛ أي دون ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ وﻻ ﻓﻌل ﺣﻣﻠﻲ ﻣﺛل:
/ 19أ – ﻣرﺣﻰ.
ب – آﻩ.
ﻓﻧﻘول " ﻣرﺣﻰ " ﻋﻧد اﻟﻔرح أو ﻋﻧد اﻹﻋﺟﺎب ﺑﺷﻲء ﻣﺎ و" آﻩ " ﻟﻠﺗﺄﺳف وﻟﻠﺗوﺑﯾﺦ و" ﯾﺎ ﺳﻼم " ﻋﻧد اﺳﺗﻧﻛﺎر
ﺷﻲء ﻣﺎ أو ﻋﻧد اﻻﺳﺗﻬزاء ﺑﺣﺳب اﻟﻣوﻗف اﻟذي ﺗرد ﻓﯾﻪ ،وﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺎت دون ﻣﺿﻣون أو إﺣﺎﻟﺔ ﻗﺿوﯾﺔ.
وﯾﻘدم " ﺳورل " ﺗﺻورﻩ ﻟﻠﺟﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺎدﻟﺔ ﻗﺎم ﺑﺻﯾﺎﻏﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻵﺗﻲ:
294
/20ج = ] ﻗو ) ﻗض ( [.
ﻓﺎﻟرﻣز " ﻗو " ﯾﺷﯾر إﻟﻰ " اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ " ﻟﻠﺟﻣﻠﺔ وﯾﺷﯾر اﻟرﻣز " ﻗض " إﻟﻰ " ﻣﺣﺗواﻫﺎ اﻟﻘﺿوي "
295
وﻧﻣﺛل وﺗﺷﯾر اﻷﻗواس إﻟﻰ أن اﻟﻘﺿﯾﺔ " " propositionﻣﺣﺗواة ﻓﻲ اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ؛ أي اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي
ﺣﯾث ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﺗﻣﯾﯾز داﺧل ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ ﺑﯾن اﻟﻘﺿﯾﺔ واﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ،ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻓﺗﺗﺷﻛل ﻣن إﺣﺎﻟﺔ
وﺣﻣل )اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﺷﺧص ﻣﺎ ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺿﻣﺎﺋر ﻣﺿﻣرة " أﻧت " واﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل) " ك " اﻟدال
/22ﻗض = إ +ح ) " ﻗض " ﻗﺿﯾﺔ = " إ " إﺣﺎﻟﺔ و " ح " ﺣﻣل(.
أﻣﺎ اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻓﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻧﻬﻲ ،وﻗد ُدﻟل ﻋﻠﯾﻪ ﺑـ " ﻻ " اﻟﻧﺎﻫﯾﺔ واﻟﻔﻌل اﻟﻣﺿﺎرع.
296
ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘﻼل اﻟﻔﻌل اﻟﻘﺿوي ﻋن اﻟﻔﻌل ﻛﻣﺎ ﻣﯾز " ﺳورل " ﺑﯾن اﻟﻧﻔﻲ اﻹﻧﺟﺎزي واﻟﻧﻔﻲ اﻟﻘﺿوي
ﻓﻔﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) -25أ ( ﻗﻣﻧﺎ ﺑﻧﻔﻲ ﻗوﺗﻬﺎ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ )ﻻ أﻋدك( أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) -25ب( ﻓﻘﻣﻧﺎ ﺑﻧﻔﻲ
ﻗﺿﯾﺗﻬﺎ ،ﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺗﺿﺢ ﻟﻧﺎ أن اﻟﻧﻔﻲ اﻟﻘﺿوي ﯾُﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي ﻟﻛن ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﺳﻧﺗﺣﺻل ﻋﻠﻰ
ﻗﺿﯾﺔ أﺧرى )ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻧﻔﻲ ﻗﺿﯾﺔ ﺟدﯾدة( )أﻋدك..ﻟن أزورك (..واﻷﻣر اﻟﻣﻬم أن ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة ﺗواﻛﺑﻬﺎ
ﻧﻔس اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ )ﻓﻬﻲ ﻟم ﺗﺗﻐﯾر( أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﻲ اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي ﻓﻬذا ﺣﺗﻣﺎ ﺳﯾﻘودﻧﺎ إﻟﻰ ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي آﺧر
296
- Les Actes de langage : essai de philosophie de langage, p p 71,72.
124
297
ﻓﺎﻟﻘوﺗﺎن ﻣﺧﺗﻠﻔﺗﺎن ﻷﻧﻧﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺔ ) -25أ ( ﻟم ﻧﻘم ﺑﻔﻌل اﻟوﻋد ﺑل رﻓﺿﻧﺎ إﻋطﺎء وﻋد.
وﻣﻣﺎ ﯾﺟدر ذﻛرﻩ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﻘﺎم أﯾﺿﺎ أن اﻟﻧﻬﻲ ﻫو ﻧﻔﻲ ﻟﻸﻣر واﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ ﻗﺎم "
ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﻧﻘوم ﺑﻧﻔﻲ اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ " اﻷﻣر" ﻓﺈن ﻫذا ﯾﻘودﻧﺎ إﻟﻰ إﺣداث ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي آﺧر وﻫو
ﻛﻣﺎ طور " ﺳورل " ﺗﺻور " أوﺳﺗﯾن " ﻟﺷروط اﻻﺳﺗﺧدام )اﻟﻣﻼءﻣﺔ( اﻟﺗﻲ إذا ﺗﺣﻘﻘت ﻓﻲ اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﺗﺣﻘق
إﻧﺟﺎزﻩ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ 299وﻟﺧﺻﻬﺎ ﺿﻣن أرﺑﻌﺔ ﺷروط ﻗد ﺗزﯾد وﻗد ﺗﻧﻘص ﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻔﻌل ،وﻗﺎم ﺑﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﺗطﺑﯾﻘﺎ
ﻣﺣﻛﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌض أﻧﻣﺎط اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺛل :أﻓﻌﺎل اﻟرﺟﺎء واﻹﺧﺑﺎر واﻻﺳﺗﻔﻬﺎم واﻟﺷﻛر واﻟوﻋد واﻟﻧﺻﺢ
وﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ ﺳﺄذﻛر ﺑﻌض اﻟﺷروط اﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﻓﻌل اﻟوﻋد la promesse300اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﺗﻌﻣﯾﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌض
ﻟﻧرﻣز ﻟﻠﻣﺗﻛﻠم واﻟﺳﺎﻣﻊ و اﻟﻔﻌل اﻟﻣراد إﻧﺟﺎزﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﺗواﻟﻲ ﺑـ) :س() ،ص() ،ج( ﺣﯾث:
)ص( ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻔﻌل )ج( و)س( ﻋﻠﻰ ﯾﻘﯾن ﻣن ﻗدرة )ص( ﻋﻠﻰ إﻧﺟﺎز اﻟﻔﻌل )ج(.
ﯾﺷﺗرط أﻻ ﯾﻛون ﻛل ﻣن )س( و)ص( ﻋﻠﻰ ﻋﻠم ﺑﺄن )ص( ﺳﯾﻘدم ﻋﻠﻰ إﻧﺟﺎز اﻟﻔﻌل)ج( ﻓﻲ
301
ﯾﺷﺗرط أن ﯾﻛون )س( ﻓﻲ ﻣﻘﺎم ﻣن ﻟﻪ ﺳﻠطﺔ ﻋﻠﻰ )ص(.
ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ )س( اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ )ص( ﻗﺻد إﻧﺟﺎز اﻟﻔﻌل )ج(.
وﯾﻣﻛن أن ﻧﺿﯾف ﺑﻌض اﻟﺷروط اﻷﺧرى اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻔﻌل " اﻟوﻋد " ﻣﺛل:
ﺷرط " اﻟﻧﯾﺔ " وﯾﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن ﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﻛﻠم وﻣﻘﺻدﻩ وﺑﯾن اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣرﻓﻲ
ﻟﻠﺟﻣﻠﺔ .ﻓﺎﺳﺗﺟﺎﺑﺔ اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻣﻌﺑر داﺧﻠﻬﺎ ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﯾﺣﻣﻠﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺻﻧﯾﻔﻬﺎ ﺿﻣن ﻧوع ﻣﻌﯾن
302
ﻣن اﻟﺟﻣل اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻬﺎ ،ﻛﺄن ﻧﺻﻧﻔﻬﺎ ﺿﻣن اﻟﺟﻣل اﻟوﻋدﯾﺔ وﻟﯾس اﻻﺳﺗﻔﻬﺎﻣﯾﺔ ﻣﺛﻼ.
ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣدﺛﻪ اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي اﻟﻔﻌل اﻟﺗﺄﺛﯾري " :" Acte perlocutionnaire
ﻓﻲ ﻣﺗﻠﻘﯾﻪ ﻣن ﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ ﻗﻧﺎﻋﺎﺗﻪ وأﻓﻛﺎرﻩ وﻣﺷﺎﻋرﻩ وﻋواطﻔﻪ :ﻓﻘد ﯾﺧﯾﻔﻪ وﻗد ﯾﺣﻔزﻩ وﻗد ﯾﺣزﻧﻪ وﻗد ﯾﺷﻌرﻩ ﺑﺎﻟﺳﻌﺎدة
أواﻻﻣﺗﻧﺎن أو ﺑﺎﻟﺣﻣﺎس ﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي وﻗوﺗﻪ أﯾﺿﺎ ،وﯾظﻬر أﺛرﻩ ﻓﻲ ﺳﻠوك اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ.
وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻣﻔﻬوم اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي واﻟﻔﻌل اﻟﺗﺄﺛﯾري ﻋﻧد " ﺳورل " ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻋن ﻣﻔﻬوم اﻟﻔﻌل
اﻹﻧﺟﺎزي واﻟﻔﻌل اﻟﺗﺄﺛﯾري ﻓﻲ اﻟﻧﻣوذج " اﻷوﺳﺗﯾﻧﻲ " ﻟﻛن اﻻﺧﺗﻼف اﻟﺟوﻫري ﯾﻛﻣن ﻓﻲ اﻟﻔﻌل اﻟﻘﺿوي اﻟذي ﺟﺎء
ﻛﻘﺳم ﻣﺳﺗﻘل ﻋن ﻓﻌل اﻟﻘول ﻋﻧد " ﺳورل " اﻟذي وﻗف ﻓﯾﻪ وﻗﻔﺔ ﻣﺗﺄﻧﯾﺔ ﻣﺣﺎوﻻ ﻣن ﺧﻼل ذﻟك أن ﯾدﻗق ﻓﻲ
وﻓﺣﺻﻬﺎ وﺗﻣﺣﯾﺻﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺣﯾن اﻛﺗﻔﻰ " أوﺳﺗﯾن " ﺑﻌ ّدﻩ ﻓرﻋﺎ ﻣن ﻓروع اﻟﻔﻌل اﻟﻘوﻟﻲ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻓرﻋﯾن آﺧرﯾن
" ﺳورل " ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣﻛم ﻓﻲ إﻧﺟﺎز وﻫﻣﺎ اﻟﻔﻌل اﻟﺻوﺗﻲ واﻟﻔﻌل اﻟﺗرﻛﯾﺑﻲ .وﻗد وﺿﻊ
ﺗﺗﻣﯾز ﺑﻛوﻧﻬﺎ ﻗواﻋد ذات طﺎﺑﻊ ﺗواﺻﻠﻲ ﺗﺑﻠﯾﻐﻲ .303وﯾﻬدف " ﺳورل " ﻣن ﺧﻼل وﺿﻌﻪ
ﻟﻬذﻩ اﻟﻘواﻋد إﻟﻰ ﻓﺻل ﻧﻔﺳﻪ ﻋن اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻠم ﺑﺎﻟﻘواﻋد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ )اﻟﻣﺛﯾر واﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ( ،ذﻟك أن
" ﺳورل " ﯾﺳﻠم ﺑوﺟود اﻟﻘواﻋد اﻟﻠﻐوﯾﺔ وﺑﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ )وﻫﻲ ﻗواﻋد ذات طﺎﺑﻊ ﺗﺑﻠﯾﻐﻲ
ﺗواﺻﻠﻲ( ،وﻫذا ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﯾﺧﺗﻠف ﻋن أﺻﺣﺎب اﻻﺗّﺟﺎﻩ اﻟﺻوري)ﻏﯾر اﻟﺗواﺻﻠﻲ( ،ﺣﯾث ﯾﻠﺗﻘﻲ ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻓﻲ ﻓﻛرة
أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻠﻐوي ﻻ ﺗﺗم ّإﻻ ﺑوﺟود ﻗواﻋد ﻣﻌﯾﻧﺔ ،ﻟﻛﻧﻬﻣﺎ ﯾﺧﺗﻠﻔﺎن ﺣول أﺻل ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد
وطﺑﯾﻌﺗﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﻗواﻋد ﻟﻐوﯾﺔ ﺑﺣﺗﺔ ﻋﻧد أﺻﺣﺎب اﻻﺗّﺟﺎﻩ اﻟﺻوري ،وﻫﻲ ﻗواﻋد ﻟﻐوﯾﺔ واِﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﺗواﺻﻠﯾﺔ
305
ﺣﺳب اﻻﺗّﺟﺎﻩ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﻲ304.ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﯾﻣﯾز " ﺳورل " ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟﻘواﻋد:
أ -اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﺄﺳﯾﺳﯾﺔ " :" Règles constitutivesﻫﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد ﻣﻌﺎﯾﯾر إﻧﺟﺎز اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ
إو ﻧﺟﺎﺣﻪ ،وأي ﺧﻠل ﻓﯾﻬﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻓﺷل اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ.
ب -اﻟﻘواﻋد اﻟﺿﺎﺑطﺔ " :" Règles normativesﻫﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم وﺗﺳﯾر أﺷﻛﺎل اﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﻣوﺟودة
ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻣﺛل ﻗواﻋد اﻟﺗﻬذﯾب اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻷﺷﺧﺎص اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺧﺗل دون أن ﯾﻔﺷل اﻟﻔﻌل
ذﻟك ﻋﻠﻰ ﺳﯾر اﻟﻠﻌﺑﺔ ،ﻓﺧرق أﺣد ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻻ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻓﺷل اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ.
وﻟم ﯾﻛﺗف " ﺳورل " ﺑﻬذﻩ اﻟﻘواﻋد ﺑل أﺿﺎف إﻟﯾﻬﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر -ﺑﻠﻐت ﺣواﻟﻲ اﺛﻧﺎ ﻋﺷر ﻣﻌﯾﺎ ار -ﯾرى
أﻧﻬﺎ ﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ وﻣن ﺛم ﺗﺳﻬل ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﺻﻧﯾﻔﻬﺎ ﺑﺣﺳب اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت اﻟﻣوﺟودة
306
ﺑﯾن ﻛل ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي وآﺧر.
307
وﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ ﺳﺄذﻛر ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر ﺑﺗﻔﺎﺻﯾﻠﻬﺎ ﻛﻣﺎ وردت ﻋﻧد " ﺳورل ".
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻷول :اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﻬدف أو اﻟﻐرض اﻹﻧﺟﺎزي ﻟﻠﻔﻌل :إن اﻟﻐرض اﻹﻧﺟﺎزي ﻟﻸﻣر ﻫو
اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺎﻣﻊ وﺣﻣﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻔﻌل ﻣﺎ ،أﻣﺎ اﻟﻐرض اﻹﻧﺟﺎزي ﻣن اﻟوﻋد ﻓﻬو إﻟزام اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺎﻟﻘﯾﺎم
ﺑﻔﻌل ﻣﺎ ﻟﻠﻣﺳﺗﻣﻊ وأن ﯾﺄﺧذ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ واﺟب اﻹﯾﻔﺎء ﺑوﻋدﻩ ،وﯾﻌﺗﺑر اﻟﻐرض اﻹﻧﺟﺎزي ﺟزء ﻣن اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ
وﻟﻛﻧﻪ ﻟﯾس اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ذاﺗﻬﺎ ،ﻓﻣﺛﻼ اﻟﻐرض اﻹﻧﺟﺎزي ﻣن " اﻟرﺟﺎء " ﻫو ﻧﻔﺳﻪ اﻟﻐرض اﻹﻧﺟﺎزي ﻣن " اﻷﻣر"؛
ﺣﯾث إن ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﯾﺳﻌﻰ إﻟﻰ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ ﻟﯾﻘوم ﺑﻔﻌل ﻣﺎ ﻟﻛن ﻗوﺗﻬﻣﺎ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﺻورة واﺿﺣﺔ
ﻓﻬﻲ أﺷد وأﻗوى ﻓﻲ اﻷﻣر ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﻛون ﺿﻌﯾﻔﺔ ﻓﻲ اﻟرﺟﺎء ،وﻣن ﻫﻧﺎ ﻧﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘول أن اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻫﻲ ﻣﺣﺻﻠﺔ
ﻋﻧﺎﺻر ﻋدﯾدة وﻣﺎ اﻟﻐرض اﻹﻧﺟﺎزي إﻻ واﺣد ﻣﻧﻬﺎ وﻫو أﻫﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق.
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻻِﺧﺗﻼف ﻓﻲ ِاﺗّﺟﺎﻩ اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﺑﯾن اﻟﻛﻠﻣﺎت واﻟﻌﺎﻟم :ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﯾﻛون
ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻵﺧر ﯾﻛون ِاﺗّﺟﺎﻩ اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻓﯾﻬﺎ ﻣن اﻟﻛﻠﻣﺎت إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم ،وﻧرﻣز ﻟﻬذا ا ِﻻﺗّﺟﺎﻩ ﺑﺎﻟﺳﻬم اﻟﻧﺎزل)↓( ﻣﺛل:
اﻟوﻋد واﻟرﺟﺎء واﻷﻣر .وﻟﻠﺗوﺿﯾﺢ أﻛﺛر ﯾﻘدم " ﺳورل " اﻟﻣﺛﺎل اﻵﺗﻲ " :ﻟﻧﻔﺗرض أن رﺟﻼ ذﻫب إﻟﻰ اﻟﻣﺗﺟر وﻣﻌﻪ
وﻫﻧﺎك ﺑﻌرﺑﺗﻪ اﻟﺻﻐﯾرة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣﺗﺟر ﻟﯾﻧﺗﻘﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﻔردات وﯾﺗﺑﻌﻪ اﻟﻛﺷﺎف اﻟذي ﯾﻛﺗب ﻛل ﺷﻲء ﯾﺄﺧذﻩ،
وﻋﻧدﻣﺎ ﯾظﻬران ﻣن اﻟﻣﺗﺟر ﺳﯾﻛون ﻣﻊ ﻛل ﻣن اﻟﻣﺷﺗري واﻟﻛﺷﺎف ﻗﺎﺋﻣﺗﯾن ﻣﺗطﺎﺑﻘﺗﯾن ﻏﯾر أن وظﯾﻔﺔ ﻛل ﻗﺎﺋﻣﺔ
ﻣﻧﻬﻣﺎ ﺳﺗﺧﺗﻠف ﻏﺎﯾﺔ اﻻﺧﺗﻼف ﻋن وظﯾﻔﺔ اﻷﺧرى .ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺷﺗري ﺗﻛون ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ أن ﺗﺟﻌل اﻟﻌﺎﻟم
ﻣﺗﻣﺎﺛﻼ ﻣﻊ اﻟﻛﻠﻣﺎت )↑( ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻣﻛﻠف ﺑﺄن ﯾﺟﻌل أﻓﻌﺎﻟﻪ ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻘﺎﺋﻣﺔ .أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻛﺷﺎف ﻓﺈن ﻏﺎﯾﺔ
اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻫﻲ أن ﺗﺟﻌل اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻣﺗﻣﺎﺛﻠﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻟم)↓( ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﯾﻛون ﻣﻛﻠﻔﺎ ﺑﺄن ﯾﺟﻌل اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻷﻓﻌﺎل
اﻟﻣﺷﺗري و ﯾﻣﻛن ﺗوﺿﯾﺢ ﻫذا إﻟﻰ أﺑﻌد اﻟﺣدود ﻋن طرﯾق ﻣﻼﺣظﺔ دور " اﻟﺧطﺄ " ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن ،ﻓﺈذا ﺑﻠﻎ اﻟﻛﺷﺎف
اﻟﻣﻧزل وأدرك ﻋﻠﻰ ﺣﯾن ﻏرة أن اﻟرﺟل ِاﺷﺗرى ﺳﻣﻛﺎ ﺑدﻻ ﻣن اﻟﻠﺣم ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺑﺑﺳﺎطﺔ أن ﯾﻣﺣو ﻛﻠﻣﺔ " اﻟﻠﺣم "
وﯾﻛﺗب ﻛﻠﻣﺔ" ﺳﻣك " ،وﻟﻛن إذا ﺑﻠﻎ اﻟﻣﺷﺗري اﻟﻣﻧزل وﻟﻔﺗت زوﺟﻪ ﻧظرﻩ إﻟﻰ أﻧﻪ اﺷﺗرى ﺳﻣﻛﺎ ﻓﻲ ﺣﯾن ﻛﺎن ﯾﺟب
308
وﯾﻣﻛن أن ﯾﺷﺗري ﻟﺣﻣﺎ ﻓﻼ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺻﺣﺢ اﻟﺧطﺄ ﺑﻣﺣو ﻛﻠﻣﺔ " ﻟﺣم " ﻣن اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ وﻛﺗﺎﺑﺔ ﻛﻠﻣﺔ " ﺳﻣك ".
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺛﺎﻟث :اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺑر ﻋﻧﻬﺎ اﻟﻣﺗﻛﻠم :اﻟذي ﯾﺄﻣر أو ﯾﻧﻬﻰ أو ﯾرﺟو
أو ﯾطﻠب ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻛون ﺑﺻدد اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن رﻏﺑﺗﻪ ﻓﻲ أن ﯾﻧﺟز اﻟﺳﺎﻣﻊ ذﻟك اﻟﻔﻌل واﻟذي " َﯾ ِﻌ ُد " ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺻدد اﻟﺗﻌﺑﯾر
ﻋن ﻗﺻد ﻩ ﺑﺎﻻﻟﺗزام ﺑوﻋدﻩ إو ﻧﺟﺎز ﻣﺎ وﻋد ﺑﻪ وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘوم ﺑﻔﻌل إﻧﺟﺎزي ﻓﺈﻧﻪ ﻓﻲ
اﻹﺧﻼص ﺣﯾث ﯾﺗوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﻛﻠم أﺛﻧﺎء ﺗﻠﻔظﻪ ﻟﻠﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي أن ﺗﻛون ﻟدﯾﻪ ﻧﯾﺔ ﺻﺎدﻗﺔ ﻓﻲ اﻻﻟﺗزام ﺑﻪ ،ﻓﻼ
ﯾﺟوز ﻣﺛﻼ أن ﯾﻌد ﺑﺷﻲء ﻣﺎ ﺑﯾد أﻧﻪ ﻟﯾﺳت ﻟدﯾﻪ أﯾﺔ ﻧﯾﺔ ﺻﺎدﻗﺔ ﻓﻲ اﻹﯾﻔﺎء ﺑﻣﺎ وﻋد ،وﺷرط اﻹﺧﻼص ﻫو أﺣد
اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﯾﺳﺗوﻓﯾﻬﺎ اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي ﻟﺿﻣﺎن ﻧﺟﺎﺣﻪ ﻛﻣﺎ أﺷرت إﻟﻰ ذﻟك ﺳﺎﺑﻘﺎ.
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟراﺑﻊ :اﻻِﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﻘوة اﻟﺗﻲ ﯾﺗم ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز اﻟﻔﻌل :ﺣﯾث ﺗﺧﺗﻠف اﻟﻘوة اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻌل
اﻟﻛﻼﻣﻲ ﻣن ﻓﻌل ﻵﺧر ،ﻓﻘد ﻧﺟد ﻓﻌﻼ ﻛﻼﻣﯾﺎ أﺷد ﻗوة ﻣن ﻓﻌل ﻛﻼﻣﻲ آﺧر ﻧﺣو اﻟﻣﺛﺎﻟﻲ اﻵﺗﯾﯾن:
ﻓﺎﻟﻐرض اﻹﻧﺟﺎزي ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) – 28أ ،ب ( واﺣد وﻫو اﻟذﻫﺎب ﻓﻲ رﺣﻠﺔ إﻻّ أن درﺟﺔ اﻟﻘوة اﻟﺗﻲ ﺗم
) – 28أ (. ﺑﻬﺎ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻫذا اﻟﻐرض ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﻓﻬﻲ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) - 28ب(أﻗوى وأﺷد ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺧﺎﻣس :اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﻣﻧزﻟﺔ ﻛل ﻣن اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻟﺳﺎﻣﻊ :ﻫذا ﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻘوة
اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻟﻔﻌل ﻛﻼﻣﻲ واﺣد ،ﻓﻣﺛﻼ :إذا طﻠب ﺿﺎﺑط ﻣن ﺟﻧدي ﻋﺎدي أن ﯾﻐﻠق اﻟﺑﺎب ﻓﺳﯾﻛون طﻠﺑﻪ ﻫذا ﻋﺑﺎرة
ﻋن أﻣر ﻣوﺟﻪ ﻟﻠﺟﻧدي ،وﻻ ﺑد ﻟﻪ ﻣن طﺎﻋﺗﻪ ،ﻟﻛن إذا طﻠب اﻟﺟﻧدي ﻣن اﻟﺿﺎﺑط إﻏﻼق اﻟﺑﺎب ﻓﺳﯾﻛون طﻠﺑﻪ ﻫذا
إﻣﺎ اﻗﺗراﺣﺎ إو ﻣﺎ رﺟﺎء ﻟﻠﺿﺎﺑط ﺣرﯾﺔ ﻓﻌﻠﻪ أو ﺗرﻛﻪ ﻓﻣﻧزﻟﺔ ﻛل ﻣن " اﻟﺿﺎﺑط " و " اﻟﺟﻧدي " ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ ﺗﻐﯾﯾر ﻗوة
اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ واﻧﺗﻘﺎﻟﻬﺎ ﻣن اﻷﻣر )ﻋﻧد اﻟﺿﺎﺑط( إﻟﻰ اﻟرﺟﺎء )ﻋﻧد اﻟﺟﻧدي(.
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺳﺎدس :اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ طرﯾﻘﺔ ارﺗﺑﺎط اﻟﻘول ﺑﺎﻫﺗﻣﺎم اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻟﺳﺎﻣﻊ :ﻧﺣو اﻻﺧﺗﻼف
اﻟﻣوﺟود ﺑﯾن اﻟﻣدح واﻟرﺛﺎء واﻟﺗﻬﻧﺋﺔ واﻟﺗﻌزﯾﺔ ،وﯾﻌﺗﺑر ﻫذا اﻟﻣﻌﯾﺎر ﺷﻛﻼ آﺧر ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﺷرط اﻟﺗﻣﻬﯾدي "
130
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺳﺎﺑﻊ :اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ طرﯾﻘﺔ ارﺗﺑﺎط اﻟﻣﻠﻔوظﺎت ﺑﺳﺎﺋر اﻟﻛﻼم :وﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎرﺗﺑﺎط
اﻟﻣﻠﻔوظ ﺑﺑﺎﻗﻲ اﻟﻛﻼم و ﺑﺎﻟﺳﯾﺎق ،ﻓﺑﻌض اﻟﺗﻌﺑﯾرات اﻷداﺋﯾﺔ ﺗﺻﻠﺢ ﻟرﺑط اﻟﺟﻣل اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ﺑﺑﻘﯾﺔ اﻟﻛﻼم وأﯾﺿﺎ
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺛﺎﻣن :اﻻِﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺗوى اﻟﻘﺿوي اﻟذي ﯾﺗم ﺗﺣدﯾدﻩ ﻋن طرﯾق اﻟﻘوة اﻹﺧﺑﺎرﯾﺔ
واﻟوﺳﺎﺋل اﻟداﻟﺔ :ﻧﺣو اﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾن اﻟوﺻف واﻟﺗوﻗﻊ ،ﻓﺎﻟوﺻف ﯾﻛون ﻟﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ أو
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺗﺎﺳﻊ :اﻻِﺧﺗﻼف ﺑﯾن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻛون إﻻ أﻓﻌﺎل ﻛﻼﻣﯾﺔ واﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ أن
ﺗﻛون ﻛﻼﻣﯾﺔ:
اﻷﻣر أو اﻟوﻋد ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛوﻧﺎن إﻻ ﻓﻌﻠﯾن ﻛﻼﻣﯾﯾن ،ﻓﻧﺣن ﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﺄﻣر ﻣﺛﻼ إﻻ ﻋن طرﯾق
اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ" آﻣر" أﻣﺎ إذا أردﻧﺎ ﺗﺻﻧﯾف ﺷﻲء ﻣﺎ ﻓﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ذﻟك دون أن ﻧﺗﻠﻔظ ﺑﺄي ﻗول ،ﻓﻣﺎ ﻋﻠﯾﻧﺎ ﺳوى أن
ﻧﺿﻊ اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻧﻬﺎ اﻟﻣﻧﺎﺳب ،ﻛذﻟك إذا أردﻧﺎ أن ﻧﺧﯾف ﺷﺧﺻﺎ ﻓﻣﺎ ﻋﻠﯾﻧﺎ إﻻ إﺧﺎﻓﺗﻪ دون اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﺄي ﻗول
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻌﺎﺷر :اﻻِﺧﺗﻼف ﺑﯾن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب أﻋراﻓﺎ ﻟﻐوﯾﺔ ﻹﻧﺟﺎزﻫﺎ واﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺗطﻠب
ذﻟك:
ﺑﻌض اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺗﺗطﻠب أﻋراﻓﺎ ﻏﯾر ﻟﻐوﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﻛﻔﻲ ﻟﻠﻣﺗﻛﻠم أن ﯾﻘول " :أﻋﻠن ﻋن اﻓﺗﺗﺎح
اﻟﺟﻠﺳﺔ " وﻫو ﻓﻲ اﻟﺳوق أو ﻓﻲ ﻣﻛﺎن آﺧر ﺧﺎرج اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻻﻓﺗﺗﺎح ﺗﻠك اﻟﺟﻠﺳﺔ ،ﻓﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻟﻠﻣرء
وﺿﻊ داﺧل اﻟﻌرف ﻏﯾر اﻟﻠﻐوي ﻋﻠﻰ ﻋﻛس أﻓﻌﺎل ﻛﻼﻣﯾﺔ أﺧرى ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻧﺟﺎزﻫﺎ إﻻ إﻟﻰ اﻟﻌرف اﻟﻠﻐوي ﻓﻠﻛﻲ
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺣﺎدي ﻋﺷر :اﻻِﺧﺗﻼف ﺑﯾن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻛون أداﺋﯾﺔ واﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﻟﯾﺳت ﻛذﻟك:
131
ﺑﻌض اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻟﯾﺳت أداﺋﯾﺔ ﻷﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﻧﺟزﻫﺎ ﺑواﺳطﺔ اﻟﻘول ﻓﻘط ،ﻓﻠﻛﻲ ﺗﻘﻧﻊ ﺷﺧﺻﺎ
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻋﺷر :اﻻِﺧﺗﻼف ﻓﻲ أﺳﻠوب أداء اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي :ﺑﻌض اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺗﺣﺗﺎج
" اﻹﺳرار إﻟﻰ أﺳﻠوب ﺧﺎص ﻷداﺋﻬﺎ ﺑﺣﯾث ﻻ ﺗؤدى ﺟﻣﯾﻊ اﻷﻓﻌﺎل ﺑﺄﺳﻠوب واﺣد ،ﻧﺣو اﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾن
واﻹﻋﻼن " وﻫذﻩ اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت ﻓﻲ اﻷﺳﻠوب ﻻ ﺗؤدي إﻟﻰ أي اِﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﻐرض اﻹﻧﺟﺎزي أو ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺗوى
اﻟﻘﺿوي.
وﺑﻬذﻩ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺗﻲ ﺻﺎﻏﻬﺎ " ﺳورل " ﺑﻬدف اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ،أﻛون ﻗد أﺷرت إﻟﻰ أﻫم اﻹﻧﺟﺎزات
-2.2.2ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷر وﻣﺳﺎﻫﻣﺎت " ﺑول ﺟراﯾس ":
ﻣﯾز " ﺳورل " ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﺑﯾن ﻣﺎ أﺳﻣﺎﻩ ﺑﺎﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة " les Actes illocutionnaires
" directsوﻫﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﺗطﺎﺑق ﻗوﺗﻬﺎ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣرﻓﻲ اﻟذي ﯾﻘﺻدﻩ اﻟﻣﺗﻛﻠم ،واﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ
ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة " " les Actes illocutionnaires indirectsوﻫﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺎﻟف ﻓﯾﻬﺎ ﻗوﺗﻬﺎ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ
ﻗﺻد اﻟﻣﺗﻛﻠم ،ﻓﺎﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي ﯾؤدى ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ﻣن ﺧﻼل ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي آﺧر ،وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺧﻠص "
ﺳورل " إﻟﻰ أن ﺑﻌض اﻟﺟﻣل ﯾﻣﻛن أن ﺗﺗﻌدد ﻗوﺗﻬﺎ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻛﺄن ﺗواﻛب ﻧﻔس اﻟﻘﺿﯾﺔ أﻛﺛر ﻣن ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ
/29أﺗﺳرق أﺑﺎك؟
ﻗوﺗﯾن إﻧﺟﺎزﯾﺗﯾن ﺗواﻛﺑﺎن ﻧﻔس اﻟﻣﺣﺗوى اﻟﻘﺿوي ﺣﯾث ﺗﻧﺟز ﻓﻌل اﻟﺳؤال اﻟﻣدﻟول ﻋﻠﯾﻪ
ﻓﺎﻟﺟﻣﻠﺔ ) (29ﻟﻬﺎ ّ
ﺣرﻓﯾﺎ ﺑﻘراﺋن ﺑﻧﯾوﯾﺔ وﻫﻲ أداة اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم " اﻟﻬﻣزة " وﻋﻼﻣﺔ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم " ؟ " ﻏﯾر أن اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎم اﻟﺳﯾﺎﻗﻲ
132
اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل اﻟﺳؤال ،إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﺑﻬﺎ ﻓﻌل اﻻﺳﺗﻧﻛﺎر واﻟذي ﯾﻣﺛل ﻟﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﻛﻼﻣﯾﺎ ﻏﯾر
ﻣﺑﺎﺷر ،ﻷن اﻟﻔﻌل اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻫو ﻓﻌل اﻟﺳؤال ﻛﻣﺎ أﺷرﻧﺎ إﻟﻰ ذﻟك ﺳﺎﺑﻘﺎ.
وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾرى " ﺳورل " أن ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ ﺗﻧﺟز ﻓﻌﻠﯾن ﻛﻼﻣﯾﯾن ،أﺣدﻫﻣﺎ ﻣﺑﺎﺷر ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻪ ﻣن
اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣرﻓﻲ ﻟﻠﻣﻠﻔوظ ،وآﺧر ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ُﯾﻔﻬم ﻣن ﺳﯾﺎق اﻟﻛﻼم وﻧﻧﺗﻘل ﻣن أوﻟﻬﻣﺎ إﻟﻰ ﺛﺎﻧﯾﻬﻣﺎ ﻋﺑر ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن
309
اﻻﺳﺗدﻻﻻت.
وﻗد أﺷﺎر " ﺑول ﺟراﯾس " إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟظﺎﻫرة ﻓﻲ ﺑﻌض ﻣﺣﺎﺿراﺗﻪ ،واﺻطﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻣﯾﺗﻬﺎ ﺑظﺎﻫرة "
اﻻﺳﺗﻠزام اﻟﺣواري " " " implication conversationnelleاﻟﺗﻲ ﯾﻣﯾز ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﯾن اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ
اﻟﺣرﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻟﻠﻣﻘﺎل ﻛﺻﯾﻐﺔ اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ واﻟﺗﻧﻐﯾم وﺑﻌض اﻷدوات
ﻛﺄدوات اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم واﻟﻧﻬﻲ ، ...و ﺑﯾن اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗُدرك ﻣن ﺧﻼل اﻟطﺑﻘﺎت اﻟﻣﻘﺎﻣﯾﺔ أو
ﺣﯾث ﻻﺣظ ﻫذا اﻟﻔﯾﻠﺳوف أن اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻗد ﺗﺣﻣل ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣﻌﺎﻧﻲ أﺧرى ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة ﻓﺎﻟﻧﺎس
أﺛﻧﺎء ﺣواراﺗﻬم ﻗد ﯾﻘوﻟون ﻣﺎ ﯾﻘﺻدون وﻗد ﯾﻘﺻدون أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﯾﻘوﻟون وﻗد ﯾﻘﺻدون ﻏﯾر ﻣﺎ ﯾﻘوﻟون ،وﻣن ﺛم راح
ﯾﺗﺳﺎءل ،ﻛﯾف ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻣﺗﻛﻠم أن ﯾﻘول ﺷﯾﺋﺎ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻫو ﻓﻲ اﻷﺻل ﯾﻘﺻد ﺷﯾﺋﺎ آﺧر؟ وﻛﯾف ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻣﺗﻠﻘﻲ أن ﯾﺳﻣﻊ
311
ﺷﻲء وﯾﻔﻬم ﺷﯾﺋﺎ آﺧر؟
وﺗﻘوم ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﺳﻣﺎﻩ " ﺟراﯾس " ﺑـ " ﻣﺑدأ اﻟﺗﻌﺎون " " " le principe de coopérativeوﻗد ذﻛر
ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻷول ﻣرة ﻓﻲ دروﺳﻪ ﺗﺣت ﻋﻧوان " ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ اﻟﺗﺧﺎطب " و " اﻟﻣﻧطق واﻟﺗﺧﺎطب " .312وﺻﯾﻐﺔ
."313واﻟﻬدف ﻣﻧﻪ ﺣث اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻟﺳﺎﻣﻊ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗواﺻل وﺑﻠوغ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣرﺟو أﺛﻧﺎء ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺧﺎطب.
وﯾﻘوم ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻋﻠﻰ أرﺑﻊ ﻣﺳﻠﻣﺎت " " maximesأﺳﺎﺳﯾﺔ ﺗﺿم ﻛل ﻣﺳﻠﻣﺔ ﻋددا ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻔرﻋﯾﺔ وﻫﻲ
ﻛﺎﻵﺗﻲ:
" ﻣﺳﻠﻣﺔ اﻟﻛم " " :" maxime de quantitéﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ " :اﺟﻌل إﻓﺎدﺗك أﺛﻧﺎء اﻟﺧطﺎب ﺑﺎﻟﻘدر
ﻟﯾﻛن ﻛﻼﻣك ﻣﻧﺎﺳب ﻟﻣوﺿوع اﻟﺣدﯾث وﻣﻼﺋم ﻟﻪ؛ أي :ﻟُﯾﻧﺎﺳب ﻣﻘﺎﻟك ﻣﻘﺎﻣك.
واﺳﺗطﺎع " ﺟراﯾس " أن ﯾﺑرﻫن ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻼؤم اﻟﺣﺎﺻل ﺑﯾن ﻣﺑدأ اﻟﺗﻌﺎون وﻗواﻋدﻩ اﻟﻣﺗﻔرﻋﺔ ﻋﻧﻪ ﻣﺷﯾ ار ﻓﻲ اﻟوﻗت
ذاﺗﻪ إﻟﻰ أن ظﺎﻫرة اﻻﺳﺗﻠزام اﻟﺣواري ﻻ ﺗﻧﺟم إﻻ إذا ﺗم ﺧرق أﺣد ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد اﻷرﺑﻌﺔ ﻣﻊ اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﻣﺑدأ اﻟﺗﻌﺎون
313
-اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟوظﯾﻔﯾﺔ :ﻣدﺧل ﻧظري ،ص .23
134
وﻣن ﺛم ﯾﻘدم ﺑﻌض اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﺗﺗوﻓر ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺔ ﻣﺎ ﺣﺗﻰ ﺗﺳﺗﻠزم ﻣﻌﻧﻰ ﻣﻘﺎﻣﻲ ﻣﻐﺎﯾر ﻟﻣﻌﻧﺎﻫﺎ
314
وﻫﻲ: اﻟﺣرﻓﻲ
ﯾﺟب أن ﯾﻛون اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ ﻗﺎد ار ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻧﺗﺎج اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻻﻓﺗراض اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ ﻣﺳﻠﻣﺔ اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ.
ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﻛﻠم أن ﯾﺣﺗرم اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌرﻓﻲ وأن ﯾﻌرف اﻟﻌﺑﺎرات اﻹﺣﺎﻟﯾﺔ.
ب -ﻓوق ﻣﻛﺗﺑك.
ﻧﻼﺣظ ﻫﻧﺎ أن إﺟﺎﺑﺔ اﻟﺷﺧص )ب( ﻛﺎﻧت واﺿﺣﺔ )ﻣﺑدأ اﻟﺟﻬﺔ( ،ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻠﺳؤال اﻟﻣطروح )ﻣﺑدأ
اﻟﻣﻼءﻣﺔ( ،ﻣﺣددة وﻋﻠﻰ ﻗدر اﻟﻣطﻠوب ،ﻓﻠم ﺗزد ﻋﻧﻪ وﻟم ﺗﻧﻘص )ﻣﺑدأ اﻟﻛم( ،ﻛﻣﺎ أﻧﻬﺎ إﺟﺎﺑﺔ ﺻﺎدﻗﺔ )ﻣﺑدأ
اﻟﻛﯾف( ﻓﻠم ﯾﺧرق اﻟﺷﺧص)ب( أﯾﺔ ﻗﺎﻋدة ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟم ﯾﻧﺗﺞ ﻋن ذﻟك اﺳﺗﻠزام ﺣواري ﻷن اﻟﺷﺧص )ب( ﻗﺎل ﻣﺎ
ﯾﻘﺻدﻩ ﺑﺎﻟﺗﺣدﯾد.
أﻣﺎ اﻟﻣﺛﺎل اﻟﻣواﻟﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺣوار ﺑﯾن ﺻدﯾﻘﯾن و ﻟﻧرﻣز ﻟﻬﻣﺎ ﺑـ) :س( و)ص( :ﯾﺳﺄل )س( ﻋن ﺻدﯾق
) /31ص( " :إﻧﻪ ﻣﺎ زال ﯾﻌﻣل ﺑﺎﻟﺑﻧك اﻟﻣذﻛور ،وﻟﻛﻧﻪ ﻟم ﯾدﺧل اﻟﺳﺟن "
ﯾﻣﻛن ﻟﻠﺳﺎﺋل )س( أن ﯾﻔﻬم ﻣن إﺟﺎﺑﺔ )ص( ﻣﻌﻧﯾﯾن ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ :ﻣﻌﻧﻰ ﺣرﻓﻲ وﻫو " أن اﻟﺻدﯾق اﻟﻣﺷﺗرك
ﻣﺎزال ﯾﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﺑﻧك وﻟم ﯾدﺧل اﻟﺳﺟن " وﻣﻌﻧﻰ ﻣﺳﺗﻠزم ﯾﻔﻬﻣﻪ ﻣن اﻟﻣﻘﺎم وﻫو أن ﻫذا اﻟﺻدﯾق ﻣﺎ ﻫو إﻻ ﻟص
اﻟﺷﺧص)ص( ﻗﺎم ﺑﺧرق ﻗﺎﻋدة اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﺧرق ﻗﺎﻋدة اﻟﻛﯾﻔﯾﺔ ﻷﻧﻪ ﻟم ﯾﻛن واﺿﺣﺎ
ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻪ ،وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ذﻟك ﻓﺈن )ص( ﺑﻘﻲ ﻣﺣﺎﻓظﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻌﺎون.
ﺑﺎﺳﺗﺣﺿﺎر اﻟﻣوﻗف اﻟﺗواﺻﻠﻲ ﯾﻣﻛن ﻟـ ) :س( أن ﯾﺳﺗﻧﺗﺞ أن )ص( ﯾﻘﺻد )م (1ﺧﺎﺻﺔ إذا
)ص( ﯾﻌﻠم ﺑﺄن )س( ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻧﺗﺎج ﺑﺄﻧﻪ ﻟم ﯾﻛن ﯾﻘﺻد )م (1ﺑل )م (2اﻟﻣﺳﺗﻠزم ﻣن
وﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘول ﻫﻲ أن )س( اﺳﺗطﺎع أن ﯾدرك ﻣن ﺧﻼل )م (1و)م (2أن )ص( أﺛﻧﺎء إﻧﺟﺎزﻩ ﻟـ )م (1ﻛﺎن ﯾﺣﺗرم
وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﻌﺗﺑر " ﺟراﯾس " أن اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻟﻠﻌﺑﺎرة ﺗﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻣﻌﻧﯾﯾن :ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺻرﯾﺣﺔ وﻣﻌﺎﻧﻲ
ﺿﻣﻧﯾﺔ:315
اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺻرﯾﺣﺔ :ﻫﻲ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﺳﺗﺧﻠﺻﺔ ﻣن اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺣرﻓﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻠﺔ ذاﺗﻬﺎ )ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﺑﺎﺷرة( وﯾﻧدرج
اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﺣرﻓﯾﺔ :اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ واﻟﻣؤﺷر ﻟﻬﺎ ﺑﺻﯾﻐﺔ
ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻋرﻓﯾﺔ :ﻫﻲ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﺟﻣﻠﺔ واﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺗﻐﯾر ﺣﺗﻰ وﻟو ﺗﻐﯾر ﺳﯾﺎق اﻟﺟﻣﻠﺔ وﯾواﻛﺑﻬﺎ
ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺣوارﯾﺔ أو ﺳﯾﺎﻗﯾﺔ :ﻫﻲ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺗوﻟد طﺑﻘﺎ ﻟﻠﺳﯾﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺟز ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺟﻣﻠﺔ وﯾواﻛﺑﻬﺎ
ﻧوﻋﺎن ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﻗﺎم " ﺟراﯾس " ﺑﺗﺳﻣﯾﺗﻬﺎ ﺑﺎﻻﺳﺗﻠزام اﻟﺣواري اﻟﺧﺎص وﻫو ﻋﺑﺎرة ﻋن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﺳﯾﺎق
ﺧﺎص ،واﻻﺳﺗﻠزام اﻟﺣواري اﻟﻌﺎم وﺗﻧدرج ﺗﺣﺗﻪ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻌد ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑطﺑﻘﺔ ﻣﻘﺎﻣﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،وﯾﺳﻣﻰ " ﺟراﯾس
316
" اﻻﻧﺗﻘﺎل ﻣن اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷول )اﻟﺧﺎص( إﻟﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ )اﻟﻌﺎم( ﺑـ :ﺗﺣﺟر اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ.
317
وﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﺗﻠﺧﯾص ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺿﻣن اﻟﻣﺧطط اﻟﻣواﻟﻲ:
ﺣﯾث ﺗﺗﺷﻛل اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻرﯾﺣﺔ ﻟﻠﺟﻣﻠﺔ ) (32ﻣن ﻣﺣﺗواﻫﺎ اﻟﻘﺿوي وﻗوﺗﻬﺎ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﺣرﻓﯾﺔ ،وﯾﻧﺗﺞ اﻟﻣﺣﺗوى
اﻟﻘﺿوي ﻋن ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺿم ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﻛوﻧﺎت اﻟﺟﻣﻠﺔ " ﺗﺳﺎﻋد " " -ﻧﻲ" " ﺣل " "-اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ " ﺑﻌﺿﻬﺎ إﻟﻰ ﺑﻌض إو ﻟﻰ
ﻗوﺗﻬﺎ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﺣرﻓﯾﺔ اﻟﻣواﻛﺑﺔ ﻟﻠﻌﺑﺎرة ﻛﻛل " اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم " اﻟﻣؤﺷر ﻟﻪ ﺑﺎﻷداة " ﻫل " واﻟﺗﻧﻐﯾم وﻋﻼﻣﺔ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم "
؟ ".
وﺗﺗﺄﻟف اﻟﺣﻣوﻟﺔ اﻟدﻻﻟﯾﺔ اﻟﺿﻣﻧﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻠﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻵﺗﯾﺔ :ﻣﻌﻧﯾﯾن ﻋرﻓﯾﯾن وﻫﻣﺎ :اﻻﻗﺗﺿﺎء
)اﻗﺗﺿﺎء وﺟود ﻣﺳﺄﻟﺔ( واﻻﺳﺗﻠزام اﻟﻣﻧطﻘﻲ )أن ﻟﻠﻣﺳﺄﻟﺔ ﺣل( وﻣن ﻣﻌﻧﻰ اﺳﺗﻠزاﻣﻲ ﺧﺎص واﻟﺗﻣﺎس اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻣن
ﻓﺈن ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﺻرﯾﺢ ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم اﻟﻣﻧﻔﻲ ،وﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﺿﻣﻧﻲ ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻹﺛﺑﺎت أو اﻟﺗﻘرﯾر ﺣﯾث
ﺗﺻﺑﺢ اﻵﯾﺔ ﻣرادﻓﺔ ﻟﺟﻣﻠﺔ " ﻟﻘد آوﯾﻧﺎك ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻛﻧت ﯾﺗﯾﻣﺎ " و ﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى ﻓﺈن ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺟﻣل ﯾﻧزع إﻟﻰ
اﻟدﻻﻟﺔ -ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺳﯾﺎﻗﺎت -ﻋﻠﻰ اﻹﻗرار ﺑﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻌﻼ ،ﻓﺎﷲ ﻋز وﺟل ﻗد وﻓّر ﻣﺄوى ﯾﺣﻣﻲ ﺑﻪ ﺳﯾدﻧﺎ ﻣﺣﻣد)
(ﻋﻧدﻣﺎ ﺻﺎر ﯾﺗﯾﻣﺎ ،وﻣﺎ ﺗوﺟﯾﻪ اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫذا اﻟﻛﻼم ﺑﺻﯾﻐﺔ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم اﻟﻣﻧﻔﻲ إﻻ ﻟﯾﻘﯾم ﻋﻠﯾﻪ )
( ﺑـ " :ﺑﻠﻰ " ) ( اﻟﺣﺟﺔ وﯾﻠزﻣﻪ ﺑﺎﻹﻗرار ﺑﻬﺎ ،وﺳﯾﻛون ردﻩ
وﺗﺳﻣﻰ ﻫذﻩ اﻟظﺎﻫرة ﺑظﺎﻫرة اﻟﺗﺣﺟروﺗﺣدث ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻧﺗﻘل اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻋﺑر ﻣرﺣﻠﺗﯾن:
اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ :وﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ دﻻﻟﺗﯾن :دﻻﻟﺔ ﺣرﻓﯾﺔ )اﻟﺳؤال اﻟﻣﻧﻔﻲ( ودﻻﻟﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ ﻣﻘﺎﻣﯾﺎ
)اﻹﺛﺑﺎت أو اﻟﺗﻘدﯾر(.
ﻣرﺣﻠﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ :ﺗﻧﻣﺣﻲ ﻓﯾﻬﺎ دﻻﻻﺗﻬﺎ اﻟﺣرﻓﯾﺔ ،ﻓﺗﺻﺑﺢ دﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟوﺣﯾدة ﻫﻲ دﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ،
ﺑﺣﯾث ﺗﺻﺑﺢ ﻫذﻩ اﻟدﻻﻟﺔ دﻻﻟﺔ ﺣرﻓﯾﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﺑدأ ﺧرق ﻗواﻋد اﻟﺣوار ﻟرﺻد دﻻﻟﺗﻬﺎ
319
اﻟﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ.
وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﻧﺷﯾر إﻟﻰ أن ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎديء اﻟﺗﻲ وﺿﻌﻬﺎ " ﺟراﯾس " ﻏﯾر ﻛﺎﻓﯾﺔ وﻏﯾر ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺳﯾر ﻛل
320
اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﺻرح ﺑذﻟك ﺑﻌض اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﯾن
وﻫذا ﻣﺎ ﺷﺟﻊ " ﺳورل " ﻋﻠﻰ ﻣواﺻﻠﺔ ﺑﺣﺛﻪ ﺣول ظﺎﻫرة اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ،ﺣﯾث اﻗﺗرح أن
321
ﯾﺻﻧف اﻹﻧﺟﺎزات اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻷﻓﻌﺎل إﻟﻰ ﺻﻧﻔﯾن وﻫﻣﺎ:
-318اﻟﺿﺣﻰ .6/
-319اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟوظﯾﻔﯾﺔ :ﻣدﺧل ﻧظري ،ص.26
-320ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،ص.34
-321اﻷﻣر واﻟﻧﻬﻲ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ص.166
139
اﻹﻧﺟﺎزات اﻟﺑﺳﯾطﺔ
اﻹﻧﺟﺎزات اﻟﻣﻌﻘدة
أﻣﺎ اﻹﻧﺟﺎزات اﻟﺑﺳﯾطﺔ ﻓﻬﻲ اﻹﻧﺟﺎزات اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺻد ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺗﻛﻠم إﻟﻰ ﻣﻌﻧﻰ واﺣد وﻫو اﻟﻣﻌﻧﻰ
وأﻣﺎ اﻹﻧﺟﺎزات اﻟﻣﻌﻘدة ﻓﻬﻲ اﻹﻧﺟﺎزات اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺻد ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺗﻛﻠم إﻧﺟﺎز ﺟﻣﻠﺔ ﺗواﻛﺑﻬﺎ ﻗوﺗﺎن
إﻧﺟﺎزﯾﺗﺎن :ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ وﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ ﻣﻘﺎﻣﯾﺎ ﻟﻣﻧطوق ﺣﻣﻠﻲ واﺣد.
322
وﯾﻘدم " ﺳورل " اﻟﻣﺛﺎل اﻵﺗﻲ ﻟﯾوﺿﺢ ظﺎﻫرة اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷر:
ﻧﻼﺣظ أن اﻟﺟﻣﻠﺔ ) - 34س( ﺗﻣﺛل ﻓﻌﻼ ﻛﻼﻣﯾﺎ ﻣﺑﺎﺷ ار ﺗطﺎﺑق ﻓﯾﻪ ﻗوﺗﻪ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﺣرﻓﻲ وﻫﻲ
دﻋوة اﻟﺷﺧص )س( ﻟﺻدﯾﻘﻪ )ص( ﻟﻣراﻓﻘﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﺳﯾﻧﻣﺎ .أﻣﺎ اﻟﺟﻣﻠﺔ ) -34ص( ﯾﻧﺟز ﺑﻬﺎ اﻟﺷﺧص )ص(
ﻓﻌﻠﯾﯾن ﻛﻼﻣﯾﯾن :ﻓﻌل ﻛﻼﻣﻲ ﻣﺑﺎﺷر وﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ إﺧﺑﺎر )س( ﺑﺄن ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﺣﺿر ﻻﻣﺗﺣﺎن ﺳﯾﺟرﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻐد،
وﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﯾطرح " ﺳورل " اﻟﺳؤال اﻟﺗﺎﻟﻲ :ﻛﯾف ﯾﺗم اﻻﻧﺗﻘﺎل ﻣن اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي اﻟﺣرﻓﻲ
)اﻟﻣﺑﺎﺷر( إﻟﻰ اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي اﻷوﻟﻲ )ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷر(؟ وﻟﺗﻔﺳﯾر اﻻﻧﺗﻘﺎل ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﯾﻘﺗرح " ﺳورل " ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن
323
اﻟﻣراﺣل ﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾﺻﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻘﺎط اﻵﺗﯾﺔ:
)س( ﯾﻘﺗرح ﻋﻠﻰ )ص( ﻣراﻓﻘﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﺳﯾﻧﻣﺎ ،ﯾرد )ص( ﺑﺄﻧﻪ ﯾﺟب أن ﯾﺣﺿر ﻻﻣﺗﺣﺎن اﻟﻐد.
)س( ﯾﻔﺗرض أن )ص( ﯾﺣﺗرم ﻣﺑدأ اﻟﺗﻌﺎون ﻓﻲ اﻟﺣوار وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻﺑد ﻣن أن ﯾﻛون ﺟواﺑﻪ واردا.
ﯾﻼﺣظ )س( أن إﺟﺎﺑﺔ )ص( ﻣن ﺣﯾث ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﺣرﻓﻲ ﻟﯾﺳت ﻗﺑوﻻ وﻻ اﻗﺗراﺣﺎ ﻓﻬﻲ ﻟﯾﺳت واردة.
ﯾﺳﺗﻧﺗﺞ )س( أن )ص( ﯾﻌﻧﻲ أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﯾﻘول ﻓﺎﻧطﻼﻗﺎ ﻣن أن إﺟﺎﺑﺗﻪ ﯾﻔﺗرض ﻓﯾﻬﺎ أن ﺗﻛون واردة ﻓﺈن
)س( ﯾﻌﻠم أن اﻟﺗﺣﺿﯾر ﻟﻼﻣﺗﺣﺎن ﯾﺳﺗﻐرق وﻗﺗﺎ طوﯾﻼ ﺧﺎﺻﺔ وأن ﻣوﻋدﻩ ﻏدا ،ﻓﻠﯾﻠﺔ واﺣدة ﻻ ﺗﻛﻔﻲ ،ﻛﻣﺎ
أن )ص( إذا ذﻫب ﻟرؤﯾﺔ اﻟﻔﯾﻠم ﺳﯾﺳﺗﻐرق ﻣﻧﻪ وﻗﺗﺎ طوﯾﻼ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟن ﯾﺑﻘﻰ ﻟﻪ ﻣﺗﺳﻊ ﻣن اﻟوﻗت
ﻟﻠﺗﺣﺿﯾر ﻻﻣﺗﺣﺎن اﻟﻐد )ﺗﻧدرج ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﺿﻣن ﺧﻠﻔﯾﺔ ﻣﻌرﻓﯾﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن(.
ﯾﺻل )س( إﻟﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن )ص( ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟذﻫﺎب إﻟﻰ اﻟﺳﯾﻧﻣﺎ واﻟﺗﺣﺿﯾر ﻻﻣﺗﺣﺎﻧﻪ ﻓﻲ اﻟوﻗت
ﻧﻔﺳﻪ.
ﻣن اﻟﺷروط اﻟﺗﻣﻬﯾدﯾﺔ ﻟﻘﺑول اﻗﺗراح ﻣﺎ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻧﻔﯾذ ﻓﻌل اﻟﺣﻣل اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ داﺧل اﻟﻣﺣﺗوى
اﻟﻘﺿوي وﻫو ﻣﺎ ﯾﺷﻛل ﻓﻲ إطﺎر ﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻣﺎ اﺳﻣﺎﻩ " ﺳورل " ﺑﺷرط اﻟﻣﺣﺗوى اﻟﻘﺿوي.
ﯾﺳﺗﻧﺗﺞ )س( أن ﺟواب )ص( ﻧﺗﯾﺟﺔ أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻪ اﻟذﻫﺎب إﻟﻰ اﻟﺳﯾﻧﻣﺎ.
وﯾﻌﺗﺑر " ﺳورل " ﻫذﻩ اﻟﻣراﺣل ﻧﻣوذﺟﺎ ﻧظرﯾﺎ ﯾﻔﺳر ﺑﻪ ظﺎﻫرة اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ،وﯾؤﻛد ﻓﻲ اﻟوﻗت
ﻧﻔﺳﻪ ﻋﻠﻰ أﻫﻣﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻣﻧطﻠق اﻷول واﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺳﻠﺳﻠﺔ اﻻﺳﺗدﻻﻟﯾﺔ ﻛﻛل،
ﻟدى ﻻﺑد ﻣن اﻟوﻗوف ﻋﻧدﻫﺎ وﻗﻔﺔ ﻣﺗﺄﻧﯾﺔ ﻋن طرﯾق ﺗﺣﻠﯾﻠﻬﺎ وﻓﻬﻣﻬﺎ ﻓﻬﻣﺎ ﺟﯾدا ذﻟك أن ﺳﻠوﻛﺎﺗﻧﺎ اﻟﻠﻐوﯾﺔ -ﺣﺳﺑﻪ
-ﺗزﺧر ﺑﺎﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ورﺑﻣﺎ ﻫﻲ أﻛﺛر اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻣن ﺑﺎﻗﻲ أﻧواع اﻷﻓﻌﺎل ﻟذﻟك ﯾﺗوﺟب ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺗﺧﺎطﺑﯾن اﻛﺗﺳﺎب اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾﻧﻬﺎ وﺑﯾن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻣﺑﺎﺷرة وذﻟك ﻋن طرﯾق اﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟطﺑﻘﺎت
141
اﻟﻣﻘﺎﻣﯾﺔ ﻟﻠﻛﻼم وﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻓﻬﻣﻬﺎ إو دراﻛﻬﺎ إدراﻛﺎ ﺟﯾدا ،وﯾﻧﺑﻪ " ﺳورل " إﻟﻰ أن اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗﺄوﯾﻠﻬﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗﺳﺑب
وﻧظ ار ﻷﻫﻣﯾﺔ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻷﻓﻌﺎل ﻓﻘد ﻛﺎﻧت ﻣﺣط أﻧظﺎر اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻠﻐوﯾﯾن اﻟذﯾن ﺗﻧﺎوﻟوﻫﺎ ﺑﺎﻟدراﺳﺔ واﻟﺗﺣﻠﯾل
ﻣن ﺑﯾﻧﻬم " د .ﻓراﻧك " " " D.Frankاﻟذي ﺣﺎول ﺗﺣدﯾد اﻟوظﺎﺋف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻷﻓﻌﺎل ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ " :ﯾﻣﻛن أن
ﺗﺗوﻓر اﻷﻓﻌﺎل ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ،ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻋﻠﻰ اﻟوظﺎﺋف اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ :ﺗﺣﺎﺷﻲ اﻟﻣﺣﺿورات ،اﻟﺗﺣﺎﯾل ﻋﻠﻰ ﺣواﺟز
ﻏﯾر ﻣرﻏوب ﻓﯾﻬﺎ وﺗﻔﺎدي ﻣطﻠب ﻏﯾر ﻣﺑرر )أو ﺗﺧف ﻣﺎ( ﻟﻣﻧزﻟﺔ ﻣﺎ أو ﺣق ﻣﺎ ،وﺧﻠق إﻣﻛﺎﻧﺎت واﺳﻌﺔ ﻟﻠذات
وﻟﻠطرف اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ﺗﻣﻛن ﻣن اﻻﻫﺗداء إﻟﻰ ﻣﺧرج وﻫذﻩ اﻟﻣﻌطﯾﺎت ﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب أﺷﻛﺎل ﻟﺑروز ﻣﺑدأ اﻟﻛﯾﺎﺳﺔ ﺑﻣﻌﻧﺎﻩ
324
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ".
اﻟواﺳﻊ أي ﻟﺑروز ﺗﻛﺗﯾﻛﺎت tactiquesﺗﺣﻣﻲ اﻟﺗﻔﺎﻋل ِ
ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﻘول ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ أن ﻟﻸﻓﻌﺎل ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟوظﺎﺋف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻬل ﻋﻣﻠﯾﺔ
اﻟﺗواﺻل ﺑﯾن اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث ،ﻟذﻟك ﻧﺟد أن أﻏﻠﺑﻬم ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻷﻓﻌﺎل ﻟﻸﺳﺑﺎب اﻵﺗﻲ ذﻛرﻫﺎ:
إن اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻷﻓﻌﺎل أﺛﻧﺎء اﻟﺣدﯾث ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻠﻣﺗﻛﻠم ﺑﺄن ﯾﺗﺣﺎﺷﻰ اﻟﻣﺣظورات ﻓﻲ
إن ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل ﺗﺳﻣﺢ -ﻟﻠﻣﺷﺎرك ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث -ﺑرﻓض أﻣر ﻣﺎ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة وﻣﻬذﺑﺔ.
إن ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺄن ﯾﻛون اﻷﻣر ﺑﺻﯾﻎ ﻣﺧﻔﻔﺔ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟوﺿﻌﯾﺎت.
ﺗﺗﯾﺢ ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺳؤال ﻋن أﻣر ﻣﺎ أو طﻠب ﺷﻲء ﺑطرﯾﻘﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة ﺗﻔﺎدﯾﺎ ﻻِﺣﺗﻣﺎل اﻟرﻓض
ﺗﺳﺗﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﻘﺎم اﻹﻗرار واﻟﺣﻘﺎﺋق )أﻧظر اﻟﻣﺛﺎل (33أو ﻓﻲ ﻣﻘﺎم اﻟﺗﺄدب واﻟﺗودد ﻹﻓﺎدة اﻟطﻠب ﻓﻌﺎل وﻣﻔﯾد ﻷن
ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺣوار وأدﺑﯾﺎﺗﻪ ﺗﺻرﻓﻧﺎ ﻋن اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﺟﻣل أﻣرﯾﺔ ﯾطﻐﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ طﺎﺑﻊ اﻟﻌﻧف أو اﻹﻛراﻩ ﻣﺛل:
ب -آﻣرك ﺑﺎﻟﻣﺟﻲء.
ﺣﯾث ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺗﺧﻠﻰ ﻋن ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻌﺑﺎرات اﻟﻘﺎﺳﯾﺔ وﻧﻌوﺿﻬﺎ ﺑﻌﺑﺎرات أﺧرى ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة وﺗﻧم ﻋن ﺣﺳن
اﻷﺧﻼق واﻟﺳﻠوك ،ﻛﻣﺎ ﺗظﻬر ﺗﺄدﺑﻧﺎ أﺛﻧﺎء ﺗﻌﺎﻣﻠﻧﺎ ﻣﻊ اﻟﻐﯾر ،ﻧﺣو ﻗوﻟك ﻣﺛﻼ:
وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻔﺳر ﻗول " د .ﻓراﻧك " ﺣﯾث أﻧﻧﺎ ﻧﻣﯾل إﻟﻰ ﺗوﺧﻲ اﻷدب أﺛﻧﺎء ﺗﻌﺎﻣﻠﻧﺎ ﻣﻊ اﻟﻐﯾر وﻫذا ﻣﺎ ﯾدﻓﻌﻧﺎ إﻟﻰ
اﺧﺗﯾﺎر اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة وﺗﻔﺿﯾﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة.
وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﻧﺧﺗم ﺣدﯾﺛﻧﺎ ﻋن ﺟﻬود " ﺳورل " وﻣﺳﺎﻫﻣﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺗطوﯾر ﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﺑﺗﺻﻧﯾﻔﻪ ﻟﻬذﻩ
325
اﻧﺗﻘد ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﺻﻧﯾف أﺳﺗﺎذﻩ " أوﺳﺗﯾن " وﻫﻲ ﻛﺎﻵﺗﻲ: اﻷﻓﻌﺎل إﻟﻰ ﺧﻣﺳﺔ أﺻﻧﺎف
إن اﻟﻐرض اﻹﻧﺟﺎزي ﻓﯾﻬﺎ ﻫو ﻧﻘل وﺗﺻوﯾر اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻟواﻗﻌﺔ ﻣﺎ ﺣﯾث ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻ )ﺑدرﺟﺎت ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ( ﻋن ﺗﺣﻘق
ﻫذﻩ اﻟواﻗﻌﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺗﻌﻬدﻩ ﺑﺻدق اﻟﻘﺿﯾﺔ propositionاﻟﻣﻌﺑر ﻋﻧﻬﺎ ،وﺟﻣﯾﻊ أﻓﻌﺎل ﻫذا اﻟﺻﻧف ﻗﺎﺑﻠﺔ
325
.238- -اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻠﻐوي ﻋﻧد ﻣدرﺳﺔ أﻛﺳﻔورد ،ص ص 232
143
( وﯾرﻣز " ) ﻟﻠﺗﻘﯾﯾم ﻋن طرﯾق اﻟﺣﻛم ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺻدق أو ﺑﺎﻟﻛذب وذﻟك ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل رﻣز اﻟﺗﻘدﯾر اﻟﺗﺎﻟﻲ
( ،ﻓﺎﻟﺳﻬم اﻟﻧﺎزل ﯾﺷﯾر ﺑﻪ " ﺳورل " إﻟﻰ ِاﺗّﺟﺎﻩ اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ وﻫﻲ ↓ع ) م ﺳورل " ﻟﻬذﻩ اﻟﻔﺋﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
ﻫﻧﺎ ﻣن اﻟﻛﻠﻣﺎت إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم -ﻛﻣﺎ أﺷرﻧﺎ إﻟﻰ ذﻟك ﺳﺎﺑﻘﺎ -واﻟرﻣز ) ع( إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ )اﻻِﻋﺗﻘﺎد(
وﯾﺗﺿﻣن ﻫذا اﻟﺻﻧف ﻣﻌظم أﻓﻌﺎل اﻷﺣﻛﺎم )اﻟﺗﻲ ﯾﺻدر ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺗﻛﻠم ﺣﻛﻣﺎ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛﺛﯾر ﻣن أﻓﻌﺎل
اﻹﯾﺿﺎح ﻟذﻟك ﻓﻣن اﻟﺳﻬل ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﻣﯾز ﺻدق أو ﻛذب ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل.
ﯾﺗﻣﺛل اﻟﻐرض اﻹﻧﺟﺎزي ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻﻧف ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻟﻠﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺎﻣﻊ ﻟﯾﻧﺟز ﻟﻪ
ﻓﻌﻼ ﻣﺎ وﻗد ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎوﻻت ﻟﯾﻧﺔ ﻛﻘوﻟﻪ ﻣﺛﻼ) :أﻋزﯾك...أﻧﺎﺷدك (..وﻗد ﺗﻛون ﻋﻧﯾﻔﺔ ﻛﺄن ﯾﻘول )أﺻر ﻋﻠﻰ
أن ﺗﻔﻌل (...وﺗﺳﺗﻌﻣل ﻋﻼﻣﺔ اﻟﺗﻌﺟب ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺣﺎوﻻت ﻋﻠﻰ اِﺧﺗﻼﻓﻬﺎ ﻛﻌﻼﻣﺔ ﻹظﻬﺎر اﻟﻐرض اﻹﻧﺟﺎزي
( ﺗﻣﺛل اﻟﻐرض )! ﯾﻧﺟز ف( ﺣﯾث اﻟﺻﻧف↑! :غ )ص ﻷﻋﺿﺎء ﻫذﻩ اﻟﻔﺋﺔ ﺑﺻورة ﻋﺎﻣﺔ ،ورﻣز ﻫذا
( ﺗﻣﺛل اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ )رﻏﺑﺔ أو أﻣﻧﯾﺔ(، اﻹﻧﺟﺎزي (↑) ،ﻫو ِاﺗّﺟﺎﻩ اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ أي ﻣطﺎﺑﻘﺔ اﻟﻌﺎﻟم ﻟﻠﻛﻠﻣﺎت ) ،غ
( ﯾﺷﯾر إﻟﻰ اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ اﻟذي ﺳﯾﻧﺟزﻩ اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ،واﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ) ص( ﯾﻣﺛل اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ و ) ف
ﺗﻧدرج ﺗﺣت ﻫذا اﻟﺻﻧف ﻫﻲ ) :أﺳﺄل ،أرﺟو ،أﺗﺿرع ،أﻟﺗﻣس ،أﺳﺗﻌطف ،أﻧﺻﺢ ،آﻣر ،أﺳﻣﺢ (...ﻛﻣﺎ ﯾﻧدرج
ﺗﺣﺗﻬﺎ ﻛﺛﯾر ﻣن أﻓﻌﺎل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت ) ﻓﻲ اﻟﻧﻣوذج اﻷوﺳﺗﯾﻧﻲ( و ﺑﻌض أﻓﻌﺎل اﻟﺳﻠوك ﻣﺛل :أﻋﺗرض.
144
اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻟزاﻣﯾﺔ " :" Actes Commissifs
ﻫدف ﻫذا اﻟﺻﻧف ﻣن اﻷﻓﻌﺎل ﻫو إﻟزام اﻟﻣﺗﻛﻠم )وﺑدرﺟﺎت ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ( اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻔﻌل ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل واﻟﺻورة
( أﻋﺿﺎء ﻫذﻩ اﻟﻔﺋﺔ وﯾﺷﯾر )↑( أ ( .ﯾﻣﺛل اﻟرﻣز ) اﻟرﻣزﯾﺔ ﻟﻬذا اﻟﺻﻧف ﻫﻲ ﻛﺎﻵﺗﻲ :أ↑م ) س ﯾﻧﺟز ف
( س ( ﺗرﻣز إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺻد اﻟذي ﯾﻣﺛل ﻟﻧﺎ ﺷرط اﻹﺧﻼص) ، إﻟﻰ اﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ )ﻣطﺎﺑﻘﺔ اﻟﻌﺎﻟم ﻟﻠﻛﻠﻣﺎت( ) ،م
( ﯾﺷﯾر إﻟﻰ اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ اﻟذي ﺳﯾﻧﺟزﻩ اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ. ﯾرﻣز إﻟﻰ اﻟﻣﺗﻛﻠم و ) ف
وﯾﺷﯾر " ﺳورل " إﻟﻰ اﻟﺗﺷﺎﺑﻪ اﻟﻣوﺟود ﺑﯾن أﻓﻌﺎل ﻫذﻩ اﻟﻔﺋﺔ واﻷﻓﻌﺎل اﻟﻣﻧدرﺟﺔ ﺗﺣت ﺻﻧف اﻟﺗوﺟﯾﻬﺎت ﻓﻠﻛل ﻣﻧﻬﺎ
ِاﺗّﺟﺎﻩ ﻣطﺎﺑﻘﺔ واﺣد وﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺳﻬم اﻟﺻﺎﻋد )↑( اﻟذي ﯾرﻣز إﻟﻰ ﻣطﺎﺑﻘﺔ اﻟﻌﺎﻟم ﻟﻠﻛﻠﻣﺎت .وﻣن ﻫﻧﺎ ﺗﺳﺎءل "
ﺳورل " ﻋن إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ دﻣﺞ اﻟﺻﻧﻔﯾن ﻣﻌﺎ ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻓﺋﺔ واﺣدة وﺳرﻋﺎن ﻣﺎ وﺟد اﻟﺟواب وﻫو :ﻻ ﺑﺎﻟطﺑﻊ ،ذﻟك
ﻷن ﻛل ﻣن اﻟﺻﻧﻔﯾن ﯾﺧﺗﻠﻔﺎن ﻣن ﺣﯾث ﻣﻧﻔذ اﻟﻔﻌل ،ﻓﻬو اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ ﻓﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗوﺟﯾﻬﯾﺔ ،واﻟﻣﺗﻛﻠم ﻓﻲ اﻷﻓﻌﺎل
اﻹﻟزاﻣﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻓﻲ اﻟﻔﺋﺔ اﻷوﻟﻰ ﯾﺣﺎول اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺎﻣﻊ ﻹﻧﺟﺎز ﻓﻌل ﻣﺎ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﺎرس أي ﺗﺄﺛﯾر
ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺎﻣﻊ ﻓﻲ اﻟﻔﺋﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ )اﻹﻟزاﻣﯾﺎت( ﺑل ﯾﺣﺎول إﻟزام ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺈﻧﺟﺎز ﻓﻌل ﻣﺎ.
ﯾﺗﻣﺛل ﻏرﺿﻬﺎ اﻹﻧﺟﺎزي ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﺣﺎﻟﺔ ﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ )ﻧﻔﺳﯾﺔ( ﺗﻌﺑﯾ ار ﯾﺗﻣﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﺷرط اﻹﺧﻼص وﻟﯾس
ﻟﻬذﻩ اﻟﻔﺋﺔ ِاﺗّﺟﺎﻩ ﻣطﺎﺑﻘﺔ إذ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ ﻣطﺎﺑﻘﺔ اﻟﻌﺎﻟم ﻟﻠﻛﻠﻣﺎت أو ﻣطﺎﺑﻘﺔ اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻟﻠﻌﺎﻟم ﺑل اﻟﻣﻘﺻود ﻓﯾﻬﺎ ﺻدق
145
( ﺗرﻣز إﻟﻰ إﻓراغ ع øك ) س /ص +ﺧﺎﺻﯾﺔ ( .ﺣﯾث ﯾﺷﯾر ) ع ( إﻟﻰ اﻟﻐرض ﻣن اﻟﺗﻌﺑﯾر و ) ø
( ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ )اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ( اﻟﻣﻌﺑر ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ أداء اﻷﻓﻌﺎل )رﻣز ﻓﺎرغ ِﻻﺗّﺟﺎﻩ اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ( ) ،ك
اﻟﻐرﺿﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻔﺋﺔ وﻫﻲ ﺗﻣﺛل اﻟﻣدى اﻟﻣﺗﻐﯾر ﻟﻬذﻩ اﻷﻓﻌﺎل ،ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣﺣﺗوى اﻟﻘﺿوي ﺧﺎﺻﯾﺔ وﻟﯾس ﻓﻌﻼ
وﯾﻛون ﻣوﺟﻬﺎ إﻣﺎ ﻟـ ) :س( اﻟﻣﺗﻛﻠم إو ﻣﺎ ﻟـ) :ص( اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ ،وﯾدﺧل ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻﻧف اﻷﻓﻌﺎل ﻣن ﻣﺛل :ﺷﻛر،
ﺗﺗﻣﯾز ﻫذﻩ اﻟﻔﺋﺔ ﻣن اﻷﻓﻌﺎل ﺑﺂداﺋﻬﺎ اﻟﻧﺎﺟﺢ وﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻣﺣﺗواﻫﺎ اﻟﻘﺿوي ﻟﻠواﻗﻊ ﺧﺎﺻﺔ إذا ﺗوﻓرت
ﺷروط إﻧﺟﺎﺣﻬﺎ ﻣﺛل :ﺣﺿور اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣؤطرة ﻟﻠﻔﻌل اﻹﻧﺟﺎزي) :ﻣﺳﺟد ،ﻗﺎﻋﺔ ﻣﺣﺎﺿرات ،ﻣﺣﻛﻣﺔ (...ﻓﻣﺛﻼ:
إذا أدﯾت ﻓﻌل ﺗﻌﯾﯾن ﺷﺧص ﻣﺎ رﺋﯾﺳﺎ ﻟﻘﺳم ﻣﻌﯾن داﺧل اﻟﺷرﻛﺔ وﻛﺎن أداﺋﻲ ﺻﺣﯾﺢ ﻓﺳﯾﻛون رﺋﯾﺳﺎ ﻟذﻟك اﻟﻘﺳم
ﻋﻠﻰ اﻟﻔور ،أو إذا أﻋﻠن ﺷﺧص اﻟﺣرب وﻛﺎن ﻣﺧوﻻ ﻟذﻟك وﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻹﻋﻼن اﻟﺣرب ﻓﺈن اﻟﺣرب ﻗد
أﻋﻠﻧت ﻓﻌﻼ وﻣن أﻣﺛﻠﺔ ﻫذﻩ اﻟﻔﺋﺔ )أﻋﻠن ،أﺳﻣﻲ ،أورد أراﻫن .(...وﯾرﻣز " ﺳورل " ﻷﻓﻌﺎل ﻫذا اﻟﺻﻧف ﺑﺎﻟﺻورة
( ﯾﺷﯾر إﻟﻰ أن ِاﺗّﺟﺎﻩ اﻟرﻣزﯾﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ :إ↕ ) øم ( .ﺣﯾث ﯾﻣﺛل اﻟرﻣز ) إ ( إﻧﺟﺎز أﻓﻌﺎل ﻫذﻩ اﻟﻔﺋﺔ واﻟﺳﻬم ) ↕
( ﺗدل ﻋﻠﻰ ﻋدم وﺟود ﺷرط اﻹﺧﻼص اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﯾﻛون ﻣن اﻟﻌﺎﻟم إﻟﻰ اﻟﻛﻠﻣﺎت وﻣن اﻟﻛﻠﻣﺎت إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم ،أﻣﺎ ) ø
اﻻﺗّﺟﺎﻩ ﻫو أن اﻟﺗﺻرﯾﺣﺎت
( ﺗرﻣز إﻟﻰ اﻟﻣﺗﻐﯾر اﻟﻘﺿوي ،وﯾﻌود اﻟﺳﺑب ﻓﻲ وﺟود ﺳﻬم اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻣزدوج ِ و) م
ﺗﺣﺎول اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻐﺔ ﻟﺗﺗﻣﺎﺛل ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻟم وﻟﻛن ﻻﺗﺻف اﻟواﻗﻊ ﻋﻠﻰ طرﯾﻘﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﺻوﯾرﯾﺔ وﻻ ﺗﺣﺎول
اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ أﺣد طرﻓﻲ اﻟﺣدﯾث ﻟﯾﻧﺟز ﻓﻌﻼ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻛﻣﺎ ﺗﻔﻌل اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗوﺟﯾﻬﯾﺔ واﻹﻟزاﻣﯾﺔ.
146
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻜﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ
ﺳﻮرة اﻟﻜﻬﻒ.
147
ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ:
ﻫدف اﻟﺳورة.
148
ﻣدﺧل:
إن اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﻫو اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟذي ﯾرﺳم ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ،ﻟذﻟك أﻧزﻟﻪ اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ
رﺳوﻟﻪ اﻟﻛرﯾم ﺑﻠﻐﺔ ﯾﻔﻬﻣوﻧﻬﺎ ﻗﺻد إدراك اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻟﻣﻘﺎﺻد اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟﻘرآﻧﻲ واﻟﺑﺣث ﻓﻲ أﺳﺎﻟﯾﺑﻪ
واﺧﺗﻼف أﻏراﺿﻪ وﺗﻧوع ﺧطﺎﺑﺎﺗﻪ وﺗﻔﺳﯾرﻩ وﺗﺄوﯾﻠﻪ ،ﻓﻛﺎن ﻣوﻗف اﻟﻌرب ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺟزة اﻹﻟﻬﯾﺔ " ﻣوﻗف اﻟﻣﺑﻬور
326
ﻟﻬذا اﻫﺗم ﻋدد ﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء - اﻟﻣﺗﺣﯾر اﻟذي ﻻ ﯾدري إﻻ أﻧﻪ أﻣﺎم ﻗوة ﻓوق ﻗواﻩ ،وذﻟك ﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻘرآن ﻓﻲ اﻟﻧﻔوس"
ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼف اﺗﺟﺎﻫﺎﺗﻬم اﻟﻔﻛرﯾﺔ -ﺑدراﺳﺔ اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ ﻗﺻد اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﻗدﺳﯾﺗﻪ ﻣن أي ﺗﺣرﯾف أو ﺗﺄوﯾل
ﺧﺎطﺊ ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻌﻣق ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻟﻐﺗﻪ واﻟﻛﺷف ﻋن ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ وﻣﻣﯾزاﺗﻬﺎ ذﻟك أن " اﺳﺗﺟﻼء اﻟظﺎﻫرة
اﻟﻘرآﻧﯾﺔ واﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﺿﺎﻣﯾﻧﻬﺎ اﻹﻋﺟﺎزﯾﺔ ﯾﻌد ﻣن أﻫم اﻟﻣﺳﺎرات اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺧطﺎﻫﺎ ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻠﻐﺔ واﻟﺑﻼﻏﯾون ﻣﻧذ
ﻗرون ﺧﻠت ،وﻻ ﺗزال ﺗﺳﺗﻘطب اﻷﻧظﺎر إﻟﻰ ﯾوﻣﻧﺎ ﻫذا ﻟﻛن ﻣﺳﺎرﻫﺎ ﻫذﻩ اﻟﻣرة ﺗﺧطﻰ اﻟﺑﺣث اﻟﻘرآﻧﻲ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺑﻪ
اﻟﻛﻼﻣﻲ -ﻓﻲ إطﺎر ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻟﻐﺔ اﻟﻘرآن ﺑﻠﻐﺔ اﻟﺑﺷر -ﻟﯾﺗﺟﻪ اﺗﺟﺎﻫﺎ ﻟﻐوي ﺑﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﺟﻬﺎﺑذة اﻟﻠﻐﺔ أﻣﺛﺎل اﻟرﻣﺎﻧﻲ
327
واﻟﺟﺎﺣظ ".
وأﻫم ﻣﺎ ﺗﺗﻣﯾز ﺑﻪ ﻟﻐﺔ ﺑﻌض ﺳور اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم أﻧﻬﺎ ﻟﻐﺔ ﺣوارﯾﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺑراﻫﯾن واﻟﺣﺟﺞ
اﻟﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺈﺣداث ﺗﻔﺎﻋل " " interactionإﯾﺟﺎﺑﻲ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﺣﺎورﯾن وﻫذا ﻣﺎ ﯾﺳﻬم ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗﺳﻬﯾل ﻋﻣﻠﯾﺔ
اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ واﻟﺗواﺻل ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬم ،وﻫذا ﺑدورﻩ ﯾؤدي إﻟﻰ اﻹﻗﻧﺎع اﻟذي ﯾﻔرض اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن اﻟﻣﺗﺣﺎورﯾن دون
إﻛراﻩ؛ ﺣﯾث إن اﻹﻗﻧﺎع ﻫو ﻓﻌل اﻟﺻورة اﻟﺣﺟﺎﺟﯾﺔ وﻟﻘد ﺗﺣﻘق ﻫذا اﻟﻔﻌل ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ " ﺑواﺳطﺔ ﻗوى
أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم اﻟﻣﻧﺟزة ﻣن ﺧﻼل اﻟﻌﺑﺎرات وﻣﺎ ﺗﺣ ﻘﻘﻪ ﺑدورﻫﺎ ﻣن آﺛﺎر وﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺻﻔﺗﻬﺎ ،ﻓﺈن إﯾﻘﺎﻋﻬﺎ ﯾﺑﻘﻰ
-326ﻋﺑد اﻟﻌﺎطﻲ ﻣﺣﻣد ) ﺷﻠﺑﻲ ( :اﻟﺧطّﺎﺑﻲ واﻹﻋﺟﺎز اﻟﻘرآﻧﻲ ،اﻟﻣﻛﺗب اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻟﺣدﯾث ) اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ( ،ط،2006 ،1
ص.145
-327ﺷﻬرزاد ) اﺑن ﯾوﻧس ( :اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ﻓﻲ ﺳورة اﻟﻛﻬف :دراﺳﺔ دﻻﻟﯾﺔ ،ﺑﺣث ﻣﻘدم ﻟﻧﯾل درﺟﺔ اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻠﻐوﯾﺎت،إﺷراف:
ﯾﻣﯾﻧﺔ ﺑن ﻣﺎﻟك ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻧﺗوري ) ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ ( ، 2002،ص.3
149
إﻗﻧﺎع اﻵﺧر..ﻣن أﺟل اﻟﺣوار واﻟﺗواﺻل" .328إو ذا ﻛﺎﻧت ﻟﻐﺔ اﻟﺣوار ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺟﺔ -ﺑﺣﺳب
ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ دارﺳو اﻹﻋﺟﺎز اﻟﻘرآﻧﻲ -ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ﺗﻬدف إﻟﻰ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ ﺳﻠوك اﻟﻣﺗﺧﺎطﺑﯾن ،وﺑﻣﺎ أن
اﻟﻧص اﻟﻘرآﻧﻲ ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﺣوار اﻟﻣوﺟﻪ ﻟﻣﺧﺗﻠف أﺻﻧﺎف اﻟﻣﺗﺣﺎورﯾن ﻓﺈن ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻫذا اﻟﺣوار ﺗﺑدو ﺟﻠﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل
ردود أﻓﻌﺎﻟﻬم اﻟواﻗﻌﺔ أو اﻟﻣﻔﺗرﺿﺔ ،أو ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﯾﻧﺗﺞ ﻋن أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم ذاﺗﻬﺎ ،وﺗﻛﻣن ﻗوة ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل
اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺛر اﻟذي ﯾﻧﺗﺞ ﻋن اﻟﻘول واﻟذي ﻻ ﯾﺗﺣﻘق إﻻ ﺑﺄﻣرﯾن ﻣﻬﻣﯾن ﻫﻣﺎ:
اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺿﻣﻧﯾﺔ ﻟﻠﻛﻼم اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﺗم ﻓﻬﻣﻬﺎ إﻟﻰ ﺑﺎﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺳﯾﺎﻗﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرد ﻓﯾﻬﺎ
وﻗراﺋن اﻷﺣوال؛ ﺣﯾث ﺗﻣﺎرس اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ " وظﯾﻔﺔ اﻹﻗﻧﺎع ﻣن ﺧﻼل ﻗوﺗﻬﺎ اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺟﻠﻰ ﺑدورﻫﺎ ﻣن
329
ﺧﻼل طراﺋق ﻣﻧطﻘﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻧﺎء واﻟرﺑط واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺳﺗدﻻﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺛل اﻟﺣﺟﺎج أﺑرز ﻣظﺎﻫرﻫﺎ ".
ﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﺳﺄﺣﺎول ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻔﺻل اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ ﺑﻌض آﻟﯾﺎت اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺗداوﻟﻲ وﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ
اﻟﻧص اﻟﻘرآﻧﻲ وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺳورة " اﻟﻛﻬف " ،وﻣﺎ ﺗﺣﻣﻠﻪ ﻣن ﻣﻌﺎﻧﻲ
ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺣﺳب اﺧﺗﻼف اﻟﻣﻘﺎﻣﺎت و درﺟﺔ ﺗﺄﺛﯾرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ .و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﻟﻐﺔ اﻟﻧص
و ﻗﺑل اﻟﺧوض ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻫذﻩ اﻟظﺎﻫرة اﻟﻠﻐوﯾﺔ )اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ( ﻻﺑد ﻣن أن ﻧﻘف وﻗﻔﺔ ﻣوﺟزة ﻟﻠﺗﻌرﯾف
-328آﻣﻧﺔ ) ﺑﻠﻌﻠﻰ ( :اﻹﻗﻧﺎع :اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻷﻣﺛل ﻟﻠﺗواﺻل و اﻟﺣوار ،ﻧﻣﺎذج ﻣن اﻟﻘرآن واﻟﺣدﯾث ،ﻣﺗﺎح ﻋﻠﻰ ﺷﺑﻛﺔ
اﻹﻧﺗرﻧت ،http :www.alwihdah.com :ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،2009/02/15اﻟﺳﺎﻋﺔ 12ﺳﺎ 25د ،ص.1
-329اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.4
150
ﻓﻲ رﺣﺎب ﺳورة " اﻟﻛﻬف ":
ﺳورة " اﻟﻛﻬف " ﻫﻲ اﻟﺳورة اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ ﻋﺷر ) (18ﻓﻲ ﺗرﺗﯾب اﻟﻣﺻﺣف اﻟﺷرﯾف واﻟﺛﺎﻣﻧﺔ واﻟﺳﺗون
) (68ﻓﻲ ﺗرﺗﯾب ﻧزول اﻟﺳور ﻋن " ﺟﺎﺑر ﺑن زﯾد " ،330ﺗﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺟزء اﻟﺧﺎﻣس ﻋﺷر ) (15واﻟﺳﺎدس ﻋﺷر
) (16ﻣن اﻟﻣﺻﺣف اﻟﺷرﯾف ،وﻫﻲ ﻣن اﻟﺳور اﻟﻣﻛﯾﺔ ﺑﺎﺗﻔﺎق ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻔﺳرﯾن ،ﻧزﻟت ﺑﻌد ﺳورة " اﻟﻐﺎﺷﯾﺔ " وﻗﺑل
ﺳورة " اﻟﺷورى " ،وﺳورة اﻟﻛﻬف ﻫﻲ ﻣن اﻟﺳور اﻟﺗﻲ ﻧزﻟت ﺟﻣﻠﺔ واﺣدة ،ﺟﺎء ﻓﻲ" ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺗﺣرﯾر واﻟﺗﻧوﯾر" " روى
اﻟدﯾﻠﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﺳﻧد اﻟﻔردوس ﻋن أﻧس ﻗﺎل :ﻧزﻟت ﺳورة اﻟﻛﻬف ﺟﻣﻠﺔ ﻣﻌﻬﺎ ﺳﺑﻌون أﻟﻔﺎ ﻣن اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ " .331وﻓﻲ
( ﻗﺎل ":أﻻ أدﻟﻛم ﻋﻠﻰ ﺳورة ﺷﯾﻌﻬﺎ ﺳﺑﻌون أﻟف ﻣﻠك ﺣﯾن ﻧزﻟت؟ ﻫﻲ ﺳورة رواﯾﺔ أﺧرى ﻋن رﺳول اﷲ )
اﻟﻛﻬف" ،332وﻫﻲ إﺣدى ﺳور ﺧﻣس ﺑدﺋت ﺑﺎﻟﺣﻣد ﷲ333ﺣﺗﻰ ﯾﻛون اﻓﺗﺗﺎح اﻟﻧﺻف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرآن ﺑـ" اﻟﺣﻣد ﷲ
" ﻣﺛﻠﻣﺎ اﻓﺗﺗﺢ اﻟﻧﺻف اﻷول وأول اﻟرﺑﻊ اﻟراﺑﻊ ﺑـ" اﻟﺣﻣد ﷲ " أﯾﺿﺎ وﻫذﻩ اﻟﺳور ﻫﻲ :ﺳورة اﻟﻔﺎﺗﺣﺔ ،ﺳورة اﻷﻧﻌﺎم،
ﺳورة اﻟﻛﻬف ،ﺳورة ﺳﺑﺄ و ﺳورة ﻓﺎطر .وﯾﺑﻠﻎ ﻋدد آﯾﺎت اﻟﺳورة ﻣﺎﺋﺔ وﻋﺷر ) (110آﯾﺔ ﻋﻧد ﻗراء اﻟﻛوﻓﺔ ﻟﻛن ﻗد
ﯾﺧﺗﻠف ﻫذا اﻟﻌدد ﻋﻧد ﺑﻌﺿﻬم ﺑﺣﺳب اﺧﺗﻼف ﺗﻘﺳﯾﻣﻬم ﻟﺑﻌض آﯾﺎت اﻟﺳورة ،ﺣﯾث ﺗﺑﻠﻎ آﯾﺗﻬﺎ ﻣﺎﺋﺔ إو ﺣدى
ﻋﺷر) (111ﻋﻧد ﻗراء أﻫل اﻟﺑﺻرة ،وﻓﻲ ﻋدد ﻗراء اﻟﻣدﯾﻧﺔ وﻣﻛﺔ اﻟﻣﻛرﻣﺔ ﻣﺎﺋﺔ وﺧﻣﺳﺎ) (105أﻣﺎ ﻓﻲ ﻋدد ﻗراء
334
اﻟﺷﺎم ﻓﺗﺑﻠﻎ ﻣﺎﺋﺔ وﺳﺗﺎ ).(106
-330ﻣﺣﻣد اﻟطﺎﻫر) ﺑن ﻋﺎﺷور ( :ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺗﺣرﯾر واﻟﺗﻧوﯾر ،دار ﺳﺣﻧون ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ) ﺗوﻧس ( ،1997 ،اﻟﻣﺟﻠد ،7اﻟﺟزء ،15
ص.242
-331اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،اﻟﺻﻔﺣﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ.
-332اﻟﻔﺧر) اﻟرازي ( :اﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﻛﺑﯾر ،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ) طﻬران ( ،ط ،2دت ،اﻟﺟزء ،21ص.73
-333ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺗﺣرﯾر واﻟﺗﻧوﯾر ،اﻟﺟزء ،15ص.245
-334اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.242
151
ﺳﺑب ﻧزول اﻟﺳورة:
ﯾذﻛر اﻟﺷﯾﺦ " ﻣﺣﻣد اﻟطﺎﻫر ﺑن ﻋﺎﺷور" رواﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾرﻩ ﺣول ﺳﺑب ﻧزول ﺳورة " اﻟﻛﻬف "
( ودﻋوﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﺑﻠﻐت ﻣﺷﺎرق اﻷرض ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن :335طﺎﺋﻔﺔ ﻣن اﻟﻣﺷرﻛﯾن اﺣﺗﺎروا ﻓﻲ أﻣر اﻟرﺳول )
وﻣﻐﺎرﺑﻬﺎ ،وازدﯾﺎد ﻋدد اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻟذﯾن وﻗﻔوا إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺑﻪ وداﻓﻌوا ﻋﻧﻪ ،ﻓﺑﻌﺛوا َﺑرُﺟﻠﯾن إﻟﻰ أﺣﺑﺎر اﻟﯾﻬود ﺑﺎﻟﻣدﯾﻧﺔ،
( وﻫﻣﺎ " اﻟﻧﺿر ﺑن اﻟﺣﺎرث " و " ﻋﻘﺑﺔ ﺑن أﺑﻲ ﻣﻌﯾط " ﯾﺳﺗﻔﺳروﻧﻬم ﻋن ﻣوﻗﻔﻬم ﻣن دﻋوة اﻟرﺳول )
( وﺗﻛذﯾﺑﻪ ﻓﺎﻗﺗرح اﻟﯾﻬود ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺋﻠﺔ، وﻫم ﺑذﻟك ﯾﺑﺣﺛون ﻋن ﺷﻲء ﯾﺳﺗطﯾﻌون ﺑﻪ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﻧﺑﻲ )
ﻗﺎﻟوا :ﺳﻠوﻩ ﻋن ﺛﻼث ،ﺳﻠوﻩ ﻋن ﻓﺗﯾﺔ ذﻫﺑوا ﻓﻲ اﻟدﻫر اﻷول ﻣﺎ ﻛﺎن أﻣرﻫم؟ و ﺳﻠوﻩ ﻋن رﺟل طواف ﻗد ﺑﻠﻎ
ﻣﺷﺎرق اﻷرض وﻣﻐﺎرﺑﻬﺎ؟ و ﺳﻠوﻩ ﻋن اﻟروح وﻣﺎ ﻫﻲ؟ ﻓرﺟﻊ اﻟرﺟﻼن إﻟﻰ ﻗرﯾش وأﺧﺑ ار أﻫﻠﻬﺎ ،وﺑﻌﺛوا ﺑﻧﻔر ﻣن
( ﻟﯾﺳﺄﻟوﻩ ﻋن ﻫذﻩ اﻟﺛﻼث ،ﻓوﻋدﻫم اﻟرﺳول ﺑﺎﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن أﺳﺋﻠﺗﻬم ﻓﻲ اﻟﯾوم اﻟﻣﺷرﻛﯾن إﻟﻰ اﻟرﺳول )
( ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻻ اﻟﻣواﻟﻲ ﻣﻧﺗظ ار وﻗت ﻧزول اﻟوﺣﻲ ﻋﻠﯾﻪ دون أن ﯾﻘول " إن ﺷﺎء اﷲ " .ﻓﻣﻛث اﻟرﺳول )
ﯾوﺣﻰ إﻟﯾﻪ ،وﻗﺎل " اﺑن إﺳﺣﺎق " :ﺧﻣﺳﺔ ﻋﺷر ﯾوﻣﺎ ) ،(15وﻟﻣﺎ طﺎل اﻷﻣر ﻏﺿب أﻫل ﻣﻛﺔ وظﻧوا أن ﻣﺣﻣدا
( ﻟذﻟك وﺷق ﻋﻠﯾﻪ ،ﺛم ﺟﺎءﻩ " ﺟﺑرﯾل " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﺑﺳورة " اﻟﻛﻬف " ﻗد اﺧﻠف ﺑوﻋدﻩ ،ﻓﺣزن اﻟرﺳول )
ﺑﻣﺎ ﺗﺣﻣﻠﻪ ﻣن أﺟوﺑﺔ ﻋن أﺳﺋﻠﺔ اﻟﻣﺷرﻛﯾن ،ﻓﺎﻟﻔﺗﯾﺔ ﻫم " أﺻﺣﺎب اﻟﻛﻬف " واﻟرﺟل اﻟطواف ﻫو " ذو اﻟﻘرﻧﯾن " أﻣﺎ
اﻟروح ﻓﻼ ﯾﻌﻠم أﻣرﻫﺎ إﻻ اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،واﻟذي ﯾﻣﻛن اﺳﺗﺧﻼﺻﻪ ﻫو أن اﻟﺳورة اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﺟﺎءت ردا ﻋﻠﻰ
( ﻗﺻد ﺗﻌﺟﯾزﻩ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﻛذﯾﺑﻪ وﻧﻔﻲ ﺻﻔﺔ أﺳﺋﻠﺔ اﻗﺗرﺣﻬﺎ أﺣﺑﺎر اﻟﯾﻬود ،ووﺟﻬﻬﺎ اﻟﻣﺷرﻛون ﻟﻠرﺳول )
اﻟﻧﺑوة ﻋﻧﻪ ،ﻓﻧزﻟت اﻟﺳورة ﻟﺗﻛون ﺟواﺑﺎ ﺷﺎﻓﯾﺎ وﻛﺎﻓﯾﺎ ،وﻟم ﯾﺗرك اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻬم ﻣن ﻣﻧﻔذ ﻗد ُﯾﻠﻘون ﻣﻧﻪ
إن اﻟﻘﺻص ﻫو اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻐﺎﻟب ﻓﻲ ﺳورة " اﻟﻛﻬف "؛ ﺣﯾث ﺗﻌرض اﻟﺳورة أرﺑﻊ ﻗﺻص ﺗﻌد ﻣن أﻓﺿل
وأروع ﻗﺻص اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﻟﻣﺎ ﺗﺣﻣﻠﻪ ﻣن ﻗﯾم أﺧﻼﻗﯾﺔ وﻋﻘﺎﺋدﯾﺔ ،وﻟﻛل ﻗﺻﺔ ﻏرض وﻫﻲ:
ﻗﺻﺔ " أﺻﺣﺎب اﻟﻛﻬف " :ﻫﻲ ﻗﺻﺔ اﻟﺗﺿﺣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس ﻓﻲ ﺳﺑﯾل اﻟﻌﻘﯾدة ،وﻏرض ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ
ﻗﺻﺔ " ﺻﺎﺣب اﻟﺟﻧﺗﯾن " :اﻟﺗﻲ ﺗروي ﻟﻧﺎ ﺣﻛﺎﯾﺔ اﻟﻐﻧﻲ اﻟﻛﺎﻓر اﻟﻣﻔﺗﺧر ﺑﻣﺎﻟﻪ اﻟذي ﯾظن أﻧﻪ ﻟن
ﯾﺑﯾد أﺑدا ،واﻟﻔﻘﯾر اﻟﻣؤﻣن اﻟﻣﻌﺗز ﺑدﯾن اﷲ وﻗدرﺗﻪ وﻋظﻣﺗﻪ ،وﻏرض ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ﻫو اﻟﻌﺻﻣﺔ ﻣن ﻓﺗﻧﺔ اﻟﻣﺎل.
وﻓﻲ وﺳط اﻟﺳورة إﺷﺎرة إﻟﻰ ﻗﺻﺔ " آدم " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم إو ﺑﻠﯾس ﺣﯾث أراد اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﯾﺿرب
ﺻ ﱠوًار ﻓﻲ ﺣﺎدﺛﺔ اﻣﺗﻧﺎع إﺑﻠﯾس ﻋن اﻟﺳﺟود ﻵدم ﺗﺣﯾﺔ ﻟﻪ ﻋﻧدﻣﺎ طﻠب ﻣﻧﻪ
ﻟﻧﺎ ﻣﺛﻼ ﻋن ﻋﺎﻗﺑﺔ اﻟﺗﻛﺑر واﻟﻐرور ُﻣ َ
ذﻟك اﷲ ﻋز وﺟل ،ﻓﻌﺎﻗﺑﻪ ﺑﺎﻟطرد واﻟﺣرﻣﺎن ﻣن اﻟﺟﻧﺔ وﻧﻌﯾﻣﻬﺎ ،وﺑﺈﺧراﺟﻪ ﻣن رﺣﻣﺗﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ.
ﻗﺻﺔ " ﺳﯾدﻧﺎ ﻣوﺳﻰ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻣﻊ اﻟﻌﺑد اﻟﺻﺎﻟﺢ " :اﻟذي آﺗﺎﻩ اﷲ ﻣن اﻟﻌﻠم اﻟﻛﺛﯾر وأطﻠﻌﻪ
ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻷﺧﺑﺎر اﻟﻐﯾﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟﻬﻠﻬﺎ ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " -اﻟذي ﻛﺎن ﯾظن أﻧﻪ ﯾﻌﻠم ﻣﺎﻻ ﯾﻌﻠﻣﻪ ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻟﻧﺎس
-ﺣﺗﻰ أﺧﺑرﻩ اﻟﻌﺑد اﻟﺻﺎﻟﺢ ﺑﺑﻌض اﻷﻣور اﻟﻣﺟﻬوﻟﺔ ﻋﻧدﻩ ﻣﺛل " :ﻗﺻﺔ اﻟﺳﻔﯾﻧﺔ "
" ﺣﺎدﺛﺔ ﻗﺗل اﻟﻐﻼم " و " ﺑﻧﺎء اﻟﺟدار" ﻓﻬﻲ ﻗﺻﺔ ﺗﺧﺑرﻧﺎ ﻋن أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺗواﺿﻊ ﻓﻲ طﻠب اﻟﻌﻠم ،واﻟﻬدف ﻣﻧﻬﺎ
ﻗﺻﺔ " ذو اﻟﻘرﻧﯾن " :اﻟﺗﻲ وردت ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺳورة ،وﺗدور أﺣداﺛﻬﺎ ﺣول ﻣﻠك ﻋظﯾم ﻋﺎدل وﺗﻘﻲ
وﻫﺑﻪ اﷲ اﻟﻘوة واﻟﺳﻠطﺔ ،ﯾﻣﻠك ﻣﺷﺎرق اﻷرض وﻣﻐﺎرﺑﻬﺎ ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻣن أﻣرﻩ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﺳد اﻟﻌظﯾم ﻟﻠﻘوم اﻟﺧﺎﺋﻔﯾن
و " ﯾﺳﺗﻐرق ﻫذا اﻟﻘﺻص ﻣن ﯾﺄﺟوج وﻣﺄﺟوج ،واﻟﻬدف ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ﻫو اﻟﻌﺻﻣﺔ ﻣن ﻓﺗﻧﺔ اﻟﺳﻠطﺔ.
336
ﻣﻌظم آﯾﺎت اﻟﺳورة ،ﻓﻬو وارد ﻓﻲ إﺣدى وﺳﺑﻌﯾن آﯾﺔ ﻣن ﻋﺷر وﻣﺎﺋﺔ آﯾﺔ "
-336ﺳﯾد ) ﻗطب ( :ﻓﻲ ظﻼل اﻟﻘرآن ،دار اﻟﺷروق ) ﺑﯾروت ( ،دط ،دت ،اﻟﻣﺟﻠد ،4اﻟﺟزء ،15ص.2206
153
أﻣﺎ ﻣﺎ ﺗﺑﻘﻰ ﻣن آﯾﺎت اﻟﺳورة ﻓﻬو ﺗﻌﻘﯾب أو ﺗﻌﻠﯾق ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺻص اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ أو وﺻف ﻟﺑﻌض ﻣﺷﺎﻫد اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ
وﺑﻌض ﻣن ﻣﺷﺎﻫد اﻟﺣﯾﺎة اﻟدﻧﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺎول ﺗﺻوﯾر ﻓﻛرة ﻣﺎ ﻋﻠﻰ طرﯾﻘﺔ اﻟﻘرآن ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﺑﺎﻟﺗﺻوﯾر.
ﺗﺗﺿﻣن ﺳورة " اﻟﻛﻬف " ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻫداف واﻟﻌﺑر وذﻟك ﻧظ ار ﻟطﺑﯾﻌﺗﻬﺎ اﻟﻘﺻﺻﯾﺔ ،ﻓﻛل ﻗﺻﺔ أوردﻫﺎ
( وأﻣﺗﻪ ﻛﺎﻓﺔ ،وﻣﺎ اﷲ ﻋز وﺟل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺳورة ﻛﺎﻧت ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻋﺑرة ﻣوﺟﻬﺔ إﻟﻰ ﺳﯾد اﻟﺧﻠق ﻣﺣﻣد )
ﻧﻼﺣظﻪ أن اﻟﻘﺻص اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺳورة ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﻔﺗن اﻷرﺑﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة :ﻓﺗﻧﺔ اﻟدﯾن ،ﻓﺗﻧﺔ اﻟﻣﺎل،
ﻓﺗﻧﺔ اﻟﻌﻠم وﻓﺗﻧﺔ اﻟﺳﻠطﺔ ،ﻓﻛل ﻫذﻩ اﻟﻔﺗن ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﯾر ﻛﺑﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎس ﻟذﻟك أراد اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ذﻛرﻫﺎ واﻟﺗﺣذﯾر ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ
ﺷﻛل ﻗﺻﺻﻲ ﻟﯾﺳﻬل ﻓﻬم اﻟﻬدف واﺳﺗوﻋﺎب اﻟﻌﺑرة ﻣن ﻛل ﻗﺻﺔ ،ﻣﻊ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن إﺑﻠﯾس ﻫو اﻟﻣﺣرك
اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟﻔﺗن ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﺗزﯾﯾﻧﻬﺎ ﻟﻠﻧﺎس ،وﻗد أﺷﺎر اﷲ ﻋز وﺟل إﻟﻰ ﻏرور اﻟﺷﯾطﺎن وﺗﻛﺑرﻩ
﴿ َوإِذْ ﻗـُﻠْﻨـَﺎ ﻟِﻠْﻤََﻼﺋِﻜَ ِﺔ ا ْﺳ ُﺠﺪُوا ﻵَِدَمَ ﻓَﺴَﺠَﺪُوا إِﱠﻻ وﻋﺻﯾﺎﻧﻪ ﻷﻣر اﻟﺳﺟود ﻟﺳﯾدﻧﺎ " آدم " ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ:
ْﺲ
ﻜ ْﻢ ﻋَﺪُوﱞ ﺑِﺌ َ
ِﻦ دُوﻧِﻲ َو ُﻫ ْﻢ ﻟَ ُ
َﻦ أَ ْﻣﺮِ َرﺑﱢِﻪ أَﻓَﺘَﺘﱠِﺨﺬُوﻧَﻪُ َوذُ ﱢرﻳﱠﺘَﻪُ أَ ْوﻟِﻴـَﺎءَ ﻣ ْ
ﻦ ﻓَﻔَﺴَ َﻖ ﻋ ْ
ﻦ اﻟِْﺠ ﱢ
ن ِﻣ َ
ِﻴﺲ ﻛَﺎ َ
إِ ْﺑـﻠ َ
َﻻ ﴾ .337وﻗد وردت ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ وﺳط اﻟﺳورة وﻓﻲ ذﻟك إﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟﺷﯾطﺎن ﻫو ﺳﺑب ﻛل ﻫذﻩ
ﻦ ﺑَﺪً
ﻟِﻠﻈﱠﺎﻟِﻤِﻴ َ
اﻟﻔﺗن وﻫو اﻟﻣﺣرك اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻬﺎ ﻟﻛن اﷲ رؤوف ﺑﺧﻠﻘﻪ؛ ﺣﯾث إﻧﻪ ﻛﺎن ﯾورد ﺑﻌد ﻛل ﻓﺗﻧﺔ آﯾﺔ ﺗوﺿﺢ ﻟﻧﺎ ﻛﯾﻔﯾﺔ
اﻟﻌﺻﻣﺔ ﻣﻧﻬﺎ ،وﻫذا ﻫو أﻫم ﻫدف -ﺣﺳب رأﯾﻲ -ﻟﺳورة اﻟﻛﻬف ،وذﻟك ﻟﻛﻲ ﯾﺟﻧﺑﻧﺎ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟوﻗوع ﻓﻲ ﻣﻛﺎﺋد
اﻟﺷﯾطﺎن ﻓﺎﻟﻌﺻﻣﺔ ﻣن ﻓﺗﻧﺔ اﻟدﯾن ﺗﻛون ﺑﺎﻟﺻﺣﺑﺔ اﻟﺻﺎﻟﺣﺔ وﺗذﻛر اﻵﺧرة وﯾظﻬر ذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
ﻖ ﻣِ ْﻦ
ن أَ ْﻣ ُﺮﻩُ ﻓُ ُﺮﻃًﺎَ ،وﻗـُ ِﻞ اﻟْﺤَ ﱡ
ﻛﺮِﻧـَﺎ وَاﺗﱠﺒَ َﻊ َﻫﻮَاﻩُ َوﻛَﺎ َ
ذ ْ
َﻦ ِ
َﻦ أَ ْﻏﻔـَﻠْﻨـَﺎ ﻗـَﻠْﺒَﻪُ ﻋ ْ
زِﻳﻨَﺔَ اﻟْﺤَﻴـَﺎ ِة اﻟﺪﱡﻧْﻴـَﺎ وََﻻ ﺗُ ِﻄ ْﻊ ﻣ ْ
ِن ﻳَ ْﺴﺘَﻐِﻴﺜُﻮا
دﻗُﻬَﺎ َوإ ْ
ﻦ ﻧـَﺎرًا أَﺣَﺎطَ ﺑِ ِﻬ ْﻢ ُﺳﺮَا ِ
ﻜﻔُ ْﺮ إِﻧـﱠﺎ أَ ْﻋﺘَ ْﺪﻧـَﺎ ﻟِﻠﻈﱠﺎﻟِﻤِﻴ َ
َﻦ ﺷَﺎءَ ﻓـَﻠْﻴَ ْ
ِﻦ َوﻣ ْ
َﻦ ﺷَﺎءَ ﻓـَﻠْﻴُ ْﺆﻣ ْ
ﻜ ْﻢ ﻓَﻤ ْ
َرﺑﱢ ُ
-337اﻟﻛﻬف .50/
154
.واﻟﻌﺻﻣﺔ ﻣن ﻓﺗﻧﺔ اﻟﻣﺎل ﺗﻛون 338
ُﻣ ْﺮﺗَﻔَﻘـًﺎ ﴾ َت
َاب َوﺳَﺎء ْ
ْﺲ اﻟﺸﱠﺮ ُ
ﻳُﻐَﺎﺛُﻮا ﺑِﻤَﺎٍء ﻛَﺎﻟْ ُﻤ ْﻬ ِﻞ ﻳَ ْﺸﻮِي اﻟْ ُﻮﺟُﻮﻩَ ﺑِﺌ َ
ﻋن طرﯾق اﻟﺗﻔﻛر واﻟﺗدﺑر ﻓﯾﻣﺎ ﺧﻠﻘﻪ اﷲ ﻟﻧﺎ؛ اﻟﺗدﺑر ﻓﻲ ﺧﻠق اﻟﺳﻣﺎوات واﻷرض واﻟﺑﺣﺎر واﻟﻛواﻛب ﻟﻛﻲ ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻟﻧﺎ
ِب ﻟَ ُﻬ ْﻢ ﻣَﺜَـﻞَ اﻟْﺤَﻴـَﺎةِ اﻟﺪﱡ ْﻧﻴـَﺎ ﻛَﻤَﺎءٍ ﻗدرة اﻟﺧﺎﻟق وﻋظﻣﺗﻪ وﺗذﻛر ﯾوم اﻟﻌﻘﺎب واﻟﺣﺳﺎب .ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ :و ا ْ
ﺿﺮ ْ
ﻲٍء
ﻛﻞﱢ ﺷَ ْ
ن اﻟﻠﱠﻪُ ﻋَﻠَﻰ ُ
َﺸﻴﻤًﺎ ﺗَﺬْرُوﻩُ اﻟ ﱢﺮﻳـَﺎ ُح َوﻛَﺎ َ
ﺻﺒَﺢَ ﻫ ِ
ض ﻓـَﺄَ ْ
َﺎت اﻷَْ ْر ِ
ﻦ اﻟﺴﱠﻤَﺎءِ ﻓـَﺎﺧْﺘَـﻠَﻂَ ﺑِﻪِ ﻧَﺒـ ُ
أَﻧَْﺰﻟْﻨـَﺎﻩُ ﻣِ َ
أﻣﺎ اﻟﻌﺻﻣﺔ ﻣن ﻓﺗﻧﺔ اﻟﻌﻠم ﻓﺗﺄﺗﻲ ﺑﺎﻟﺗواﺿﻊ وﺗﺟﻧب اﻟﻐرور؛ ﻓﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﻌرﻓﺗﻧﺎ ﻛﺑﯾرة ﻓﻬﻧﺎك داﺋﻣﺎ ﻣن ﻫم أﻋﻠم
اﻟﻌﺻﻣﺔ ﻣن ﻓﺗﻧﺔ اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﺗﻛون ﺑﺎﻹﺧﻼص ﻓﻲ اﻟﻌﻣل واﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﻌدل واﻟﺧﺿوع ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺧﺷﯾﺗﻪ وﺗذﻛر اﻵﺧرة،
ن
ْﺴﺒُﻮ َ
ﻦ ﺿَﻞﱠ ﺳَ ْﻌﻴُ ُﻬ ْﻢ ﻓِﻲ اﻟْﺤَﻴـَﺎ ِة اﻟﺪﱡﻧْﻴـَﺎ َو ُﻫ ْﻢ ﻳَﺤ ِ
َﺎﻻ ،اﻟﱠﺬِﻳ َ
ﻦ أَ ْﻋﻤ ً ﻗﺎل ﻋز وﺟل ﴿ :ﻗـُﻞْ َﻫﻞْ ﻧُﻨَﺒﱢﺌُ ُ
ﻜ ْﻢ ﺑِﺎﻷَْ ْﺧﺴَﺮِﻳ َ
ﺻﻨْﻌًﺎ ﴾.341
ن ُ
ْﺴﻨُﻮ َ
أَﻧﱠ ُﻬ ْﻢ ﻳُﺤ ِ
ﻫذا ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص أﻫداف اﻟﺳورة ﺑﺣﺳب اﻟﻘﺻص اﻟواردة ﻓﯾﻬﺎ ،أﻣﺎ ﻋن اﻟﻬدف اﻟرﺋﯾس اﻟذي ﺗرﺗﺑط ﺑﻪ
ﻣوﺿوﻋﺎﺗﻬﺎ وﯾدور ﺣوﻟﻪ ﺳﯾﺎﻗﻬﺎ ﻓﻬو" ﺗﺻﺣﯾﺢ اﻟﻌﻘﯾدة وﺗﺻﺣﯾﺢ ﻣﻧﻬﺞ اﻟﻧظر واﻟﻔﻛر وﺗﺻﺣﯾﺢ اﻟﻘﯾم ﺑﻣﯾزان ﻫذﻩ
اﻟﻌﻘﯾدة ".342
-338اﻟﻛﻬف 28/و.29
-339اﻟﻛﻬف 45 /و .46
-340اﻟﻛﻬف .69 /
-341اﻟﻛﻬف 103/و .104
-342ﺳﯾد ) ﻗطب ( :اﻟﺗﺻوﯾر اﻟﻔﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻘرآن ،دار اﻟﻣﻌﺎرف ) اﻟﻘﺎﻫرة ( ،ط ،9دت ،ص ص.120 ،119
155
اﻟﻣﻣﯾزات اﻟﻔﻧﯾﺔ واﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻓﻲ ﺳورة اﻟﻛﻬف:
ﺗﻌد اﻟﻘﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم وﺳﯾﻠﺔ ﻣن وﺳﺎﺋل إﺑﻼغ اﻟدﻋوة وﺗﺛﺑﯾت اﻟﻌﻘﯾدة ﻓﻲ ﻗﺎﻟب ﺟﻣﺎﻟﻲ ﻓﻧﻲ ﻣﻠﻲء
ﺑﺎﻟﻣﺗﻌﺔ واﻟﺗﺷوﯾق ،ﻓﻬﻲ ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﻐرض اﻟدﯾﻧﻲ واﻟﻐرض اﻟﻔﻧﻲ ﻋن طرﯾق ﺗﺻوﯾر ﺑﻌض ﻣن ﻣﺷﺎﻫد ﯾوم
اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ واﻟﺑﻌث واﻟﻌﻘﺎب وﺻور اﻟﻧﻌﯾم وﻏﯾرﻫﺎ ،وﻛل ذﻟك ﺑﻬدف اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧب اﻟوﺟداﻧﻲ ﻟﻺﻧﺳﺎن ،ﻓﺎﻟﺗﻌﺑﯾر
اﻟﻘرآﻧﻲ " ﯾﺧﺎطب ﺣﺎﺳﺔ اﻟوﺟدان اﻟدﯾﻧﯾﺔ ﺑﻠﻐﺔ اﻟﺟﻣﺎل اﻟﻔﻧﯾﺔ ،إو دراك اﻟﺟﻣﺎل اﻟﻔﻧﻲ اﻟرﻓﯾﻊ ﯾﺷﻲ ﺑﺣﺳن اﻻﺳﺗﻌداد
ﻟﺗﻠﻘﻲ اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟدﯾﻧﻲ" .343وﻣن ﺑﯾن اﻟﻣﻣﯾزات اﻟﻔﻧﯾﺔ اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟﻘﺻص اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﺳورة اﻟﻛرﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ أﺳﻬﻣت
ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر -ﻋن طرﯾق ﻟﻐﺔ اﻟﺟﻣﺎل اﻟﻔﻧﻲ -ﻓﻲ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺣﺳﻲ اﻟوﺟداﻧﻲ ﻟﻠﻘﺎرئ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ:
اﻟﺗﺻوﯾر اﻟﻔﻧﻲ.
ﺗﻧوع طرﯾﻘﺔ اﻟﻌرض :اﻋﺗﻣد ت ﺳورة " اﻟﻛﻬف " طرﯾﻘﺔ ﻋرض ﻣﻠﺧص اﻟﻘﺻﺔ ﻗﺑل اﻟﺑدء ﻓﻲ
ﻋرض أﺣداﺛﻬﺎ ﻋرﺿﺎ ﻣﻔﺻﻼ ،وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺿﻊ ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻠﻘﺻﺔ ﺗذﻛر ﻓﯾﻬﺎ أﻫم اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﺟرت ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﺧﺗﺻرة
َﺎب
ﺻﺤ َن أَ ْ
ْﺖ أَ ﱠ ﻣﻠﯾﺋﺔ ﺑﺎﻟﻐﻣوض واﻟﺗﺷوﯾق ،ﻓﻣﺛﻼ " ﻗﺻﺔ أﺻﺣﺎب اﻟﻛﻬف " ﺗﺑدأ ﺑﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ :أَ ْم ﺣ ِ
َﺴﺒ َ
ﻟﻠﻘﺻﺔ ،ﺛم ﺑﻌد ذﻟك ﺗﺄﺗﻲ اﻵﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣل ﺗﻔﺎﺻﯾﻠﻬﺎ ﻣن أوﻟﻬﺎ إﻟﻰ آﺧرﻫﺎ ﺑﺄﺳﻠوب ﻟﻐوي وﻓﻧﻲ راﺋﻊ ،وﺿﻣن
ﺣﺑﻛﺔ ﻗﺻﺻﯾﺔ ﻣﺣﻛﻣﺔ ﻻ ﻧﺷﻌر ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑوﺟود أي ﺧﻠل ﺳواء ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ ﺗﺳﻠﺳل اﻷﺣداث وطرﯾﻘﺔ ﻋرﺿﻬﺎ
وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﺗﻘﺎﻟﻬﺎ ﻣن ﺣدث إﻟﻰ آﺧر دون أن ﯾﺷﻌر اﻟﻘﺎرئ ﺑذﻟك أو ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ وطرﯾﻘﺔ ﺗوظﯾﻔﻬﺎ ﻟﻬﺎ وﻗدرﺗﻬﺎ
"؛ ﺣﯾث ﻧﺟد ﺑﻌض اﻟﻐﻣوض اﻟذي ﯾﻛﺗﺳﻲ ﺑداﯾﺔ اﻷﺣداث وﺳﯾرورﺗﻬﺎ؛ وﺣﯾث ﺗُ َﺧﺑﱠﺊُ ﺑﻌض اﻟﺣﻘﺎﺋق ﻋن اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
اﻟرﺋﯾﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺻﺔ ﺗﺷوﯾﻘﺎ ﻟﻬﺎ وﻟﻠﻣﺗﻠﻘﻲ ﻣﻌﺎ ،ﻛﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ ﻗﺻﺔ ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻣﻊ اﻟﻌﺑد اﻟﺻﺎﻟﺢ
ﺣﯾن وﻗف " ﻣوﺳﻰ " ﻣذﻫوﻻ أﻣﺎم ﺗﺻرﻓﺎت " اﻟﺧﺿر" اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﻔﻬم اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن وراﺋﻬﺎ ،وﯾزداد ﻋﻧﺻر اﻹﺛﺎرة
واﻟﺗﺷوﯾق أﻛﺛر ﻋﻧدﻣﺎ ﯾطﻠب " اﻟﺧﺿر" ﻣن " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم اﻟﺻﺑر وﻋدم اﻻﺳﺗﻔﺳﺎر ﻋن ﺳﺑب اﻷﻓﻌﺎل
اﻟﺗﻲ ﺳﯾﻘوم ﺑﻬﺎ ،ﺛم ﺗﻧﻛﺷف اﻟﺣﻘﺎﺋق ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻷﺣداث ،وﺗظﻬر اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن وراء ﺗﻠك اﻟﺗﺻرﻓﺎت.
اﻟﺗﺻوﯾر اﻟﻔﻧﻲ ﻓﻲ ﺳورة " اﻟﻛﻬف " :ﺗﻌرض اﻟﺳورة اﻟﻘﺻص اﻟواردة ﻓﯾﻬﺎ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﺑدﻋﺔ؛
ﺻور اﻷﺣداث ﻟﺣظﺔ ﺑﻠﺣظﺔ ﺗﺻوﯾ ار ﻓﻧﯾﺎ ﻣﺣﻛﻣﺎ ﻟدرﺟﺔ ﺗﺟﻌل اﻟﻘﺎرئ ﻓﯾﻬﺎ وﻛﺄﻧﻪ ﯾرى ﺻو ار ﺗﺗﺟﺳد أﻣﺎﻣﻪ
ﺑﺣﯾث ﺗُ ﱠ
" ﻓﺗﺳﺗﺣﯾل اﻟﻘﺻﺔ ﺣﺎدﺛﺔ ﺗﻘﻊ وﻣﺷﻬدا ﯾﺟري ،ﻻ ﻗﺻﺔ ﺗروى وﻻ ﺣﺎدث ﻗد ﻣﺿﻰ" ،345وﻛل ذﻟك ﺑﻔﺿل ﻗوة
اﻷﻟﻔﺎظ اﻹﯾﺣﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﺣﻲ ﺑﻣروﻧﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ وﻣﺗﺎﻧﺗﻬﺎ وأﺳﻠوﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺗوﺻﯾل اﻟﻣﻌﻧﻰ واﻷﺛر اﻟﻌﻣﯾق
َات اﻟﺸﱢﻤَﺎ ِل ﴾346؛ ﺣﯾث ﺗُﺟﺳد ﻫذﻩ اﻟﻠﻔظﺔ ﺻورة اﻟﻔﺗﯾﺔ وﻫم ﻧﯾﺎم ﻓﻲ
ﺿ ُﻬ ْﻢ ذ َ
َﺖ ﺗَﻘْﺮِ ُ
ِﻴﻦ َوإِذَا ﻏَ َﺮﺑ ْ
َات ا ْﻟﻴَﻤ ِ
ذ َ
اﻟﻛﻬف واﻟﺷﻣس ﺗﻣﯾل ﻋن ﻛﻬﻔﻬم وﺗﺗﺟﺎوز ﻋﻧﻬم ،ﻓﻼ ﺗﺻﯾﺑﻬم اﻟﺑﺗﺔ ﻋﻧد ﺷروﻗﻬﺎ وﻻ ﻋﻧد ﻏروﺑﻬﺎ ،ﺑل وأﻛﺛر ﻣن
ذﻟك ﻓﻧﺣن ﻧرى ﺣرﻛﺔ اﻟﺷﻣس اﻟﺑطﯾﺋﺔ ﻓﻲ ﺷروﻗﻬﺎ وﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﻏروﺑﻬﺎ ،وﻫﻲ ﺗﺑﺗﻌد ﺑﻧورﻫﺎ ﻋن اﻟﻛﻬف ﺣﺗﻰ ﻻ
وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾص أﻫم ﻣﺎ ورد ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﻓﻲ اﻟﺟدول اﻵﺗﻲ:
ﯾﻬﺗم ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺳورة " اﻟﻛﻬف " وﻋﻼﻗﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﻘﺎم وﻣﺎ ﯾﺗﺻل ﺑﻪ ﻣن
ﻗراﺋن اﻷﺣوال ،وﺑﺧﺻﺎﺋص ﻣﻛوﻧﺎت ﺗﻠك اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ورﺑطﻬﺎ ﺑﻣﻌﺎﻧﯾﻬﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﺣﺳب اﻟﺳﯾﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرد
ﻓﯾﻬﺎ ،ﻣﻬﺗﻣﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ﺑﻣﻛوﻧﺎت أو طﺑﻘﺎت اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﻣﺛل :اﻟﺣﻣل واﻹﺳﻧﺎد واﻹﺣﺎﻟﺔ واﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن
ﺟﻬﺔ ،وﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻟﺳﺎﻣﻊ وﻋﻼﻗﺔ ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﺑﺎﻵﺧر وﺣﺎﻟﺗﻬﻣﺎ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻟذﻫﻧﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى،
وﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻟذﻟك ﻗﻣت ﺑﺗﻘﺳﯾم اﻟﺳورة اﻟﻛرﯾﻣﺔ إﻟﻰ ﻋﺷرة أﻗﺳﺎم ﻣﺗراﺑطﺔ وﻣﺗﻼﺣﻣﺔ وﻣﺗﺳﻘﺔ وﻣﻧﺳﺟﻣﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﺑﺣﺳب
اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎوﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳورة ودراﺳﺔ ﻛل ﻣوﺿوع ﻋﻠﻰ ﺣدا ،وﻫذﻩ اﻟﻣوﺿوﻋﺎت ﻫﻲ:
ﻣﺛل اﻟﺣﯾﺎة اﻟدﻧﯾﺎ و ﻋظﻣﺔ اﻟﺧﺎﻟق وﺗﺻوﯾر ﺑﻌض ﻣﺷﺎﻫد ﯾوم اﻟﺣﺳﺎب.
ﻗﺻﺔ إﺑﻠﯾس ﻣﻊ ﺳﯾدﻧﺎ " آدم " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ،وﻋﺎﻗﺑﺔ اﻟﻛﻔﺎر اﻟﻣﺳﺗﻬزﺋﯾن ﺑدﯾن اﷲ ورﺳﻠﻪ.
ﻗﺻﺔ ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻣﻊ اﻟﻌﺑد اﻟﺻﺎﻟﺢ.
158
ﻋﺎﻗﺑﺔ اﻟﻛﻔﺎر واﻟﻣﺷرﻛﯾن.
ﺑﻌد ذﻟك ﻗﻣت ﺑﺈﻋطﺎء ﻣﻠﺧص ﻋﺎم ﻟﻛل ﻣوﺿوع ،ﺛم ﺗﺣدﯾد اﻟﺳﯾﺎق اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﻲ اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ ﻟﻠﺳورة ﻋن طرﯾق
ﺗﺣدﯾد اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﯾﻬﺎ وﻣﻛﺎﻧﻬﺎ وزﻣﺎﻧﻬﺎ ،ﻟﯾﺄﺗﻲ ﺑﻌدﻫﺎ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺗﻔﺻﯾﻠﻲ ﻟﻸﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ وردت ﻓﻲ
ﺳورة " اﻟﻛﻬف " ،ﻟﻛن ﻗﺑل ذﻟك ﺳﺄﺣﺎول ﺗﺣدﯾد وﺗوﺿﯾﺢ ﻣﻛوﻧﺎت اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟﻌﺎم ﻟﺳورة اﻟﻛﻬف وﻓﻘﺎ
( أو اﻟﻣﺷرﻛﯾن وأﻫل اﻟﻛﺗﺎب اﻟذﯾن ﺳﺄﻟوا اﻟﻣﺑﻠﱠﻎ ﻟﻪ ) ﻣزدوج ( :ﻗد ﯾﻛون اﻟرﺳول ) -2
اﻟﻣرﺟﻊ :ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷﻣﺎﻛن واﻷزﻣﻧﺔ واﻟﺷﺧﺻﯾﺎت اﻟﺗﻲ أﺣﺎﻟت إﻟﯾﻬﺎ اﻟﺳورة ﻣﺛل :اﻟﻛﻬف -3
وأﺻﺣﺎﺑﻪ واﻟﺷﺧﺻﺎن اﻟﻣﺗﺣﺎوران داﺧل اﻟﺟﻧﺗﯾن و" ﻣوﺳﻰ " و" اﻟﺧﺿر " و" ذو اﻟﻘرﻧﯾن " وﯾﺄﺟوج وﻣﺄﺟوج.
( اﻟذي ﻗﻧﺎة اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ :اﻟﻣﺻﺣف )اﻟﺟزء 15و (16وﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون أﯾﺿﺎ اﻟرﺳول ) -4
اﺗﺧذﻩ اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ أداة أو وﺳﯾﻠﺔ ﻹﺑﻼغ اﻟﻛﻔﺎر وأﻫل اﻟﻛﺗﺎب ﺟواﺑﻪ اﻟﺷﺎﻓﻲ ﻟﻣﺎ ﺳﺄﻟوﻩ ﻋﻧﻪ.
اﻟﺑﻼغ أو اﻟرﺳﺎﻟﺔ :ﻫﻲ اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣﻧﺗﻬﺎ ﺳورة " اﻟﻛﻬف ". -5
اﻟﺳﻧن :ﻫﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺻﻧﻔت وﻓﻘﻬﺎ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ -6
159
-1.1اﻟﻣوﺿوع اﻷول :ﺣﻣد اﷲ واﻟﺛﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ) اﻵﯾﺎت:( 8- 1
اﻓﺗُﺗﺣت ﺳورة " اﻟﻛﻬف " ﺑﺣﻣد اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ واﻟﺛﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ ﻹﻧزاﻟﻪ اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻣﻘدس ﻋﻠﻰ ﺳﯾد اﻟﺧﻠق
( ﻓﻬو أﻋظم ﻧﻌﻣﺔ أﻧﻌﻣﻬﺎ اﷲ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻪ ،ﻷن ﻓﯾﻪ ﻫداﯾﺔ ﻟﻬم ،وﻣن اﺗﺑﻌﻪ ﺧرج ﻣن ظﻠﻣﺎت ﻣﺣﻣد )
اﻟﺟﻬل واﻟﻛﻔر ﻋﻠﻰ ﻧور اﻹﺳﻼم واﻹﯾﻣﺎن ،ﻓﻬو ﻛﺗﺎب ﻣﺳﺗﻘﯾم ﻻ اﻋوﺟﺎج ﻓﯾﻪ ،ﯾﻬدي اﻟﻧﺎس إﻟﻰ اﻟطرﯾق اﻟﻣﺳﺗﻘﯾم،
ﻓﯾﻧذر اﻟذي ﯾﺣﯾد ﻋﻧﻪ ﺑﻌذاب أﻟﯾم ،وﯾﺑﺷر اﻟﻣﺗﻣﺳك ﺑﺗﻌﺎﻟﯾﻣﻪ ﺑﺎﻟﻔوز اﻟﻌظﯾم ،وﻟﯾﻧذر اﻟﻛﺎﻓرﯾن اﻟذﯾن ﻧﺳﺑوا إﻟﻰ اﷲ
ﻋز و ﺟل وﻟدا ﺑﻌذاب أﻟﯾم ،وﯾﻘول" اﺑن إﺳﺣﺎق " أﻧﻬم ﻣﺷرﻛو اﻟﻌرب ﻓﻲ ﻗوﻟﻬم " ﻧﺣن ﻧﻌﺑد اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ وﻫم ﺑﻧﺎت
347
ﻓﻘوﻟﻬم ﻫذا ﻛذب واﻓﺗراء ﻟذﻟك طﻠب اﷲ ﻋز وﺟل ﻣن رﺳوﻟﻪ اﻟﻛرﯾم أن ﻻ ُﯾﻬﻠك ﻧﻔﺳﻪ أﺳﻔﺎ وﺣزﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﷲ "
ﻓراق ﻫؤﻻء اﻟﻛﻔﺎر ،ﻓﻠﻘد زﯾن اﻟﺣﯾﺎة وﺟﻌﻠﻬﺎ اﺧﺗﺑﺎ ار ﻷﻫﻠﻬﺎ ،ﻓﻣﻧﻬم ﻣن ﯾﺗدﺑر وﯾؤﻣن وﻣﻧﻬم ﻣن ﯾﺟﺣد وﯾﻛﻔر وﻛ ٌل
-347أﺑو ﺟﻌﻔر ﻣﺣﻣد ﺑن ﺟرﯾر ) اﻟطﺑري ( :ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺑﯾﺎن ﻋن ﺗﺄوﯾل آي اﻟﻘرآن ،ﺷرﻛﺔ ﻣﻛﺗﺑﺔ وﻣطﺑﻌﺔ ﻣﺻطﻔﻰ اﻟﺑﺎﺑﻲ اﻟﺣﻠﺑﻲ
وأوﻻدﻩ ) ﻣﺻر ( ،ط ،1968 ،3اﻟﺟزء ،15ص.193
160
-2.1.1اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﻲ ﻟﻶﯾﺎت:
( ﺑوﺻﻔﻪ أداة أو وﺳﯾﻠﺔ ﯾﻧﻘل ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﻬدﯾدﻩ ﯾوﺟﻪ اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻼﻣﻪ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
( ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺄن ﻣﺎ طﻠﺑﻪ ﻣﻧﻪ وﺗوﺑﯾﺧﻪ ﻟﻠﻣﺷرﻛﯾن وأﻫل اﻟﻛﺗﺎب ﻣن اﻟﯾﻬود ،ﻣطﻣﺋﻧﺎ ﻟﻪ )اﻟرﺳول
ﻫؤﻻء اﻟﻛﻔﺎر ﻫﯾﻧﺎ وﻟﯾس ﻋﺟﯾﺑﺎ وﺑﺄﻧﻪ ﻋز وﺟل ﺳﯾﺟﯾﺑﻬم ﻋن أﺳﺋﻠﺗﻬم ﺑﺄﺟوﺑﺔ ﺻﺎدﻗﺔ وﺻﺣﯾﺣﺔ وﻣﻔﺣﻣﺔ ﻟﻬم،
وﯾﻣﻛن ﺗوﺿﯾﺢ ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﻲ ﻟﻬذﻩ اﻵﯾﺎت ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ:
اﻟﻣرﺟﻊ :ﻗرﯾش.
اﻟﺑﻼغ :ﻧﻔﻲ اﻻﻋوﺟﺎج ﻋن اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻣﻧزّل ،ﺗﻬدﯾد اﻟﻣﺷرﻛﯾن اﻟذﯾن ﻧﺳﺑوا إﻟﻰ اﷲ اﻟوﻟد.
اﻟﺳﻧن :ﻫﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع اﻷول ﻣن ﺳورة
اﻵﯾﺔ 1و ﴿ :2اﻟْﺤَ ْﻤﺪُ ﻟِﻠﱠِﻪ اﻟﱠﺬِي أَﻧْ َﺰلَ ﻋَﻠَﻰ ﻋَﺒْ ِﺪ ِﻩ اﻟْ ِﻜﺘـ َ
َﺎب َوﻟَ ْﻢ ﻳَ ْﺠﻌَﻞْ ﻟَﻪُ ِﻋ َﻮﺟًﺎ ،ﻗَﻴﱢﻤًﺎ ﻟِﻴُﻨْ ِﺬ َر ﺑَـﺄْﺳًﺎ
اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ " :ﻟِ ُﯾﻧ ِْذ َر " ،وﯾﺗﺷﻛل ﻫذا اﻟﻔﻌل ﻣن:
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي /ﻧﺣوي :ﺟﻣﻠﺔ ﻓﻌﻠﯾﺔ ﻣﻛوﻧﺔ ﻣن اﻟﻣﺣﻣول اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻔﻌل ) أﻧذر( وﻣوﺿوﻋﻪ
) ﺟﺎر وﻣﺟرور ( اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻫو اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر ) اﷲ ( وﻣن ﻣوﺿوع ﺛﺎﻧﻲ ﻫو ) ﺑﺄﺳﺎ ﺷدﯾدا ( وﻣن ﻻﺣق
161
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻹﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺳﺗﺗر ﻓﻲ اﻟﻔﻌل ) أﻧذر ( واﻟﻬﺎء
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن :اﻟﻘﺿﯾﺔ وﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ إﻧذار اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﺑﻌذاب أﻟﯾم ،وﺗﺷﻣل ﻋﻠﻰ:
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ إﻧذار اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﺑﻌذاب ﺷدﯾد ﻟﺟﺣودﻫم وﻛﻔرﻫم ﺑﻣﺎ أﻧزﻟﻪ اﷲ. -2
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﺟﺳد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺧﺑرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟﺧﺑرﯾﺔ ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ ﻫﻲ :إﻧذار اﻟﻣﺷرﻛﯾن وأﻫل اﻟﻛﺗﺎب ﻣن اﻟﯾﻬود اﻟﻣﻧﻛرﯾن ﻹﻧزال اﻟﻘرآن ﻣن اﷲ -1
ﺗﻌﺎﻟﻰ.
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻬدﯾد اﻟﻣﺷرﻛﯾن ووﻋﯾدﻫم ﺑﺎﻟﻌذاب اﻟﺷدﯾد وﺳوء ﺧﺎﺗﻣﺗﻬم. -2
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﺟﻣﻠﺔ ﻓﻌﻠﯾﺔ ﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول ) اﻟﻔﻌل ﯾﺑﺷر ( وﻣوﺿوﻋﻪ ) ﻓﺎﻋل ﻣﺳﺗﺗر وﻫو اﷲ
ﻋز وﺟل ( وﻣن ﻣوﺿوع ﺛﺎﻧﻲ وﻫو) اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ( وﻣن ﻟواﺣق ﻣن ﻣﺛل اﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور ) ﻓﯾﻪ( واﻟﻣﻔﻌول ﺑﻪ )
اﻟﻣؤﻣﻧﯾن (.
ﺎت (.
ِﺣ ِ
ُون اﻟﺻﱠﺎﻟ َ
ِﯾن َﯾ ْﻌ َﻣﻠ َ
ِﯾن اﻟﱠذ َ
ُؤ ِﻣﻧ َ
اﻹﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ) اْﻟﻣ ْ
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ وﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺑﺷﯾر اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﺑﺎﻷﺟر اﻟﺣﺳن وﺑﺎﻟﺧﻠود ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ،
وﺗﺷﺗﻣل ﻋﻠﻰ:
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء اﻹﯾﻣﺎن ﺑﺎﷲ ﻋز وﺟل واﻻﻟﺗزام ﺑﻣﺎ أﻣر ﺑﻪ. -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﺗﺑﺷﯾر ﻣن ﯾﺗﺑﻊ ﺗﻌﺎﻟﯾم اﷲ ورﺳوﻟﻪ ﺑﺎﻟﻔوز ﺑﺎﻟﺟﻧﺔ واﻟﺧﻠود ﻓﯾﻬﺎ. -2
162
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :وﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺧﺑرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) ﯾﻧذر ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ :إﻧذار اﻟﻣﺷرﻛﯾن اﻟذﯾن ﻧﺳﺑوا إﻟﻰ اﷲ اﻟوﻟد وﺗﺷﺗﻣل ﻋﻠﻰ:
اﻟوﻟد.
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :إﻧذار اﻟﻣﺷرﻛﯾن اﻟﻣﺗﻘوﻟﯾن ﻋﻠﻰ اﷲ ﻋز وﺟل ﺑﺎﻟﻌذاب اﻷﻟﯾم. -2
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺧﺑرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﻫﻲ إﻧذار اﻟﻣﺷرﻛﯾن اﻟذي ﻗﺎﻟوا اﺗﺧذ اﷲ وﻟدا. -1
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﻫﻲ ﺗﻬدﯾد وﺗﺣذﯾر اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﻣن ﺳوء اﻟﻌﺎﻗﺑﺔ. -2
ن إِﱠﻻ
ِن ﻳَﻘُﻮﻟُﻮ َ
ِﻦ أَﻓْﻮَا ِﻫ ِﻬ ْﻢ إ ْ
َت ﻛَﻠِﻤَﺔً ﺗَﺨْ ُﺮ ُج ﻣ ْ اﻵﯾﺔ ﴿ :5ﻣَﺎ ﻟَ ُﻬ ْﻢ ﺑِِﻪ ﻣ ْ
ِﻦ ﻋِﻠٍْﻢ وََﻻ ﻵَِﺑـَﺎﺋِ ِﻬ ْﻢ ﻛَﺒُﺮ ْ
ﺬﺑـًﺎ ﴾.
ﻛَ ِ
اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ " :ﻛﺑرت ،ﺗﺧرج ،ﯾﻘوﻟون " ،وﯾﺗﻛون ﻣن:
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) ﺗﺧرج ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ وﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻌظﯾم ﻫذا اﻟﻛﻼم اﻟذي ﺗﻔوّﻩ ﺑﻪ اﻟﻣﺷرﻛون وﺗﺷﻣل ﻋﻠﻰ:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻌظﯾم ﺗﻠك اﻷﻗﺎوﯾل اﻟﺑﺎطﻠﺔ واﻻﻓﺗراءات اﻟﻛﺎذﺑﺔ واﻟﺗﻌﺟب ﻣﻧﻬﺎ. -1
اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ " :ﻟﻌﻠك ﺑﺎﺧﻊ ،إن ﻟم ﯾؤﻣﻧوا " ،وﯾﺗﻛون ﻣن:
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻻﺳﻣﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻻﺳم ) ﻟﻌﻠك ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل
( وﻣن ﻟواﺣق ﻣن ﻣﺛل اﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور ) ﻋﻠﻰ آﺛﺎرﻫم (. اﻟﻣﺳﺗﺗر وﺗﻘدﯾرﻩ ) أﻧت (؛ أي اﻟرﺳول )
( ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺳﺗﺗر ) أﻧت ( ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟرﺳول )
( ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻔﺎر ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺣزن وأﺳف اﻟرﺳول )
(. ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻹﺷﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﺣﺎل اﻟرﺳول ) -1
164
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ إﻧﻛﺎر اﷲ ﻋز وﺟل ﻫذا اﻟﺣزن وﻫذا اﻟﻐﺿب اﻟذي ﺷﻌر ﺑﻪ -2
رﺳوﻟﻪ اﻟﻛرﯾم وﺗﺣذﯾرﻩ ﻣن اﻟﻐم اﻟذي أﺻﺎﺑﻪ ﻧظ ار ﻟﻌدم اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ اﻟﻛﻔﺎر ﻟدﻋوﺗﻪ.
ن ﻣَﺎ
ﻦ ﻋَﻤًَﻼَ ،وإِﻧـﱠﺎ ﻟَﺠَﺎﻋِﻠُﻮ َ
ض زِﻳﻨَﺔً ﻟَﻬَﺎ ﻟِﻨَ ْﺒـﻠُ َﻮ ُﻫ ْﻢ أَﻳﱡ ُﻬ ْﻢ أَ ْﺣﺴَ ُ اﻵﯾﺔ 7و ﴿ : 8إِﻧـﱠﺎ ﺟَﻌَﻠْﻨـَﺎ ﻣَﺎ ﻋَﻠَﻰ اﻷ ْ
َْر ِ
ﺟ ُﺮزًا ﴾.
ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﺻَﻌِﻴﺪًا ُ
اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ " :إﻧﺎ ﺟﻌﻠﻧﺎ ،ﻟﻧﺑﻠوﻫم ،إﻧﺎ ﻟﺟﺎﻋﻠون " ،وﯾﺗﻛون ﻣن:
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) ﺟﻌﻠﻧﺎ ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﷲ ﻋز وﺟل ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل ) ﻧﺎ ( واﻟﺿﻣﯾر
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﺧﺗﺑﺎر اﻟﺧﻠق ﺑﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻣن ﺧﯾرات وﻧﻌم
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﺗﺳﺧﯾر ﻫذﻩ اﻟﻧﻌم ﻟﻼﺑﺗﻼء واﻻﺧﺗﺑﺎر ﻋن طرﯾق ﺳﻠﺑﻬﺎ وﺗﺧرﯾﺑﻬﺎ إو ﻫﻼك ﻛل ﻣﺎ -2
ﻋﻠﻰ اﻷرض.
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺧﺑرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻬدﯾد اﻟﻣﺷرﻛﯾن وﺗوﻋدﻫم ﺑﺎﻟﻬﻼك إو ظﻬﺎر ﻗدرﺗﻪ ﻋز وﺟل ﻋﻠﻰ -2
165
-2.1اﻟﻣوﺿوع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻗﺻﺔ أﺻﺣﺎب اﻟﻛﻬف ) اﻵﯾﺎت :( 26-9
ﺗدور أﺣداث اﻟﻘﺻﺔ -ﻛﻣﺎ أﺷﺎر ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻣﻔﺳرون -ﺣول ﻣﻠك ﺟﺑﺎر ﯾدﻋﻰ " دﻗﯾﺎﻧوس"348ﻛﺎن ﯾﺣﻛم
ﺑﻠدة ﻣن ﺑﻼد اﻟروم ﺗﺳﻣﻰ" طرطوس"349وﻛﺎن ﯾدﻋو أﻫﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﻋﺑﺎدة اﻷﺻﻧﺎم ،وﯾﻘﺗل ﻛل ﻣن ﯾﺗﺟ أر ﻋﻠﻰ ﻋﺻﯾﺎﻧﻪ
وﻋﺻﯾﺎن آﻟﻬﺗﻪ ،وﻟﻣﺎ ﻋظم اﻷﻣر ﻋﻠﻰ أﻫل اﻹﯾﻣﺎن واﻟﺗﻘوى ) اﻟﻔﺗﯾﺔ ( ﺣزﻧوا ﺣزﻧﺎ ﺷدﯾدا وﻛﺑر إﯾﻣﺎﻧﻬم ﺑﺎﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﯾوﻣﺎ ﺑﻌد ﯾوم ﺣﺗﻰ ﺑﻠﻎ ﺧﺑرﻫم اﻟﻣﻠك اﻟظﺎﻟم ،ﻓﺑﻌث ﻓﻲ طﻠﺑﻬم وﺗوﻋدﻫم ﺑﺎﻟﻘﺗل إن ﻟم ﯾﺗراﺟﻌوا ﻋن إﯾﻣﺎﻧﻬم وﯾﻌﺑدوا
اﻟﺗراﺟﻊ ﻋن دﯾﻧﻬم وأﺧرﻫم إﻟﻰ اﻟﻐد ﻟﯾرى ﻣﺎ ﻫم ﻓﺎﻋﻠون؟ ﻟﻛن اﻟﻔﺗﯾﺔ اﺳﺗﻐﻠوا اﻟﻔرﺻﺔ ﺟﯾدا وﻫرﺑوا ﻟﯾﻼ وﻣروا ﻓﻲ
طرﯾﻘﻬم ﺑراع ﻣﻌﻪ ﻛﻠﺑﻪ ﻓﺗﺑﻌﻬم ) اﻟﻛﻠب ( ﺣﺗﻰ وﺻﻠوا إﻟﻰ " ﻛﻬف " دﺧﻠوا إﻟﯾﻪ ﻟﯾﺣﺗﻣوا ﻓﯾﻪ ﻣن ﺑطش ﻣﻠﻛﻬم
ﻓﺄﻟﻘﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻬم اﻟﻧوم ﻟﻣدة ﺛﻼﺛﻣﺎﺋﺔ وﺗﺳﻊ ﺳﻧﯾن وﻫم ﻻ ﯾدرون ،ﺣﺗﻰ أﯾﻘظﻬم اﷲ وﻫم ﯾﻌﺗﻘدون أﻧﻬم ﻧﺎﻣوا ﻟﯾوم أو
ﺑﻌض ﯾوم ،ﺛم أﺣﺳوا ﺑﺎﻟﺟوع ﻓﺑﻌﺛوا ﺑﺄﺣدﻫم ﻟﯾﺑﺗﺎع ﻟﻬم ﻣﺎ ﯾﺄﻛﻠوﻩ ،وطﻠﺑوا ﻣﻧﻪ اﻟﺣذر واﻟﺗﺧﻔﻲ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾراﻩ ﺟﻧود
اﻟﻣﻠك " دﻗﯾﺎﻧوس" ،ﻓﻠﻣﺎ وﺻل إﻟﻰ اﻟﺑﻠدة ﻻﺣظ أن ﻣﻌﺎﻟﻣﻬﺎ ﻗد ﺗﻐﯾرت وﻟم ﯾﻌرف أﺣدا ﻣن أﻫﻠﻬﺎ ،ﻓظن أﻧﻪ أﺧطﺄ
اﻟﻣﻛﺎن ،وﻟ ّﻣﺎ أﺧرج اﻟﻧﻘود ﻟﯾﺷﺗري طﻌﺎﻣﺎ اﻧدﻫش اﻟﺑﺎﺋﻊ وﺳﺄﻟﻪ ﻋن ﻣﻛﺎن ﺣﺻوﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻧﻘود ﻓﻠرﺑﻣﺎ وﺟد ﻛﻧ از
ﻓﺎﻟﺗف اﻟﻧﺎس ﺣوﻟﻪ وأﺧﺑروﻩ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻧﻘود ﻣن ﻋﻬد ﻗدﯾم ﻋﻬد اﻟﻣﻠك " دﻗﯾﺎﻧوس" اﻟذي ﻣﺎت ﻣﻧذ زﻣن ﺑﻌﯾد ﻓﺄﺧﺑرﻫم
ﺑﻘﺻﺗﻪ وﻛﯾف أﻧﻪ ﻫرب ﻣﻊ أﺻﺣﺎﺑﻪ ﺑﻌﻘﯾدﺗﻬم ودﯾﻧﻬم ﻣن ﺑطش ﻫذا اﻟﻣﻠك ﻋﺷﯾﺔ أﻣس وآووا إﻟﻰ ﻛﻬف ﻟﯾﺣﺗﻣوا
ﺑداﺧﻠﻪ ،ودﻋﺎﻫم ﻟﯾذﻫﺑوا ﻣﻌﻪ إﻟﻰ اﻟﻛﻬف ﻟﯾرﯾﻬم ﺑﻘﯾﺔ أﺻﺣﺎﺑﻪ ،ﻓﺗﻌﺟﺑوا ﻣن ﻛﻼﻣﻪ ورﻓﻌوا أﻣرﻩ إﻟﻰ ﻣﻠﻛﻬم وﻛﺎن
رﺟﻼ ﻣؤﻣﻧﺎ وﺻﺎﻟﺣﺎ ،ﻓﺧرج اﻟﻣﻠك ﻣﻊ ﺟﻧدﻩ وأﻫل ﺑﻠدﺗﻪ ﺣﺗﻰ وﺻﻠوا إﻟﻰ اﻟﻐﺎر ،ﻓﻠﻣﺎ ﺳﻣﻊ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﺟﻠﺑﺔ اﻟﺧﯾل ظﻧوا
أﻧﻬم ﺟﻧود " دﻗﯾﺎﻧوس" ﺟﺎؤوا ﻟﻠﺑﺣث ﻋﻧﻬم ،ﻓﻘﺎﻣوا إﻟﻰ اﻟﺻﻼة وﻋﻧد اﻧﺗﻬﺎﺋﻬم ﻣﻧﻬﺎ ﻋﺎﻧﻘﻬم اﻟﻣﻠك اﻟﺻﺎﻟﺢ وأﺧﺑرﻫم
أﻟﻘﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻬم اﻟﻧوم وﻗﺑض أرواﺣﻬم ،ﺛ ّم اﺗﺧذ أﻫل اﻟﺑﻠدة ﻋﻠﯾﻬم ﻣﺳﺟدا .وﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ﻫﻲ ﻧﻣوذج ﻹﯾﺛﺎر اﻹﯾﻣﺎن
ﻋﻠﻰ ﻣﻐرﯾﺎت اﻟدﻧﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗدوم ﻷﺣد ،وﻫروﺑﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘﯾدة ﻋن طرﯾق اﻻﻟﺗﺟﺎء إﻟﻰ رﺣﻣﺔ اﷲ ﻓﻲ اﻟﻛﻬف.
( ﺑوﺻﻔﻪ وﺳﯾﻠﺔ ﺗﺑﻠﯾﻎ ﯾوﺟﻪ اﷲ ﻋز وﺟل ﺧطﺎﺑﻪ -ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت -إﻟﻰ رﺳوﻟﻪ اﻟﻛرﯾم ﻣﺣﻣد )
(، ﯾﻧﻘل ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﺗﻔﺎﺻﯾل ﻗﺻﺔ أﺻﺣﺎب اﻟﻛﻬف ﺟواﺑﺎ ﻋن اﻟﺳؤال اﻟذي طرﺣﻪ اﻟﻛﻔﺎر ﻋﻠﻰ اﻟرﺳول )
( /ﻣﺷرﻛو اﻟﻌرب اﻟذﯾن اﺳﺗﻔﺳروا ﻋن أﺻﺣﺎب اﻟﻛﻬف. اﻟ ُﻣﺑﻠﱠﻎ ﻟﻪ :اﻟرﺳول )
اﻟﺳﻧن :ﻫﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ﺳورة
اﻟﻛﻬف.
167
-3.2.1ﺗﺣﻠﯾل اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع اﻟﺛﺎﻧﻲ:
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺔ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) ﺣﺳﺑت ( وﻣوﺿوﻋﻪ
) اﻟﻛﻬف (. ( وﻣن اﻟﻠواﺣق ﻣﺛل اﻟﻣﺿﺎف إﻟﯾﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر) أﻧت ( اﻟدال ﻋﻠﻰ اﻟرﺳول )
( ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل ) اﻟﺗﺎء ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟرﺳول )
( ﺑﺄن أﺻﺣﺎب اﻟﻛﻬف ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻋﺗﻘﺎد اﻟرﺳول )
ﻫﻲ اﻟﻘﺻﺔ اﻟﻌﺟﯾﺑﺔ واﻟوﺣﯾدة اﻟﺗﻲ ﺳﻣﻊ ﺑﻬﺎ ﻫو واﻟذﯾن اﺳﺗﻔﺳروا ﻋﻧﻬﺎ ،وﺗﺗﻛون ﻣن:
( وﻣن ﻗﺎم ﺑﺳؤاﻟﻪ أن ﻗﺻﺔ أﺻﺣﺎب اﻟﻛﻬف ﻫﻲ اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء اﻋﺗﻘﺎد اﻟرﺳول ) -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﯾوﺟﻪ اﷲ ﻋز وﺟل اﺳﺗﻔﺳﺎ ار ﻟﻠذﯾن ﯾﻌﺗﻘدون أن ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ﻫﻲ أﻋﺟب -2
اﻟﻘﺻص.
168
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺔ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
ﺣﯾث ﺗﻣﺛل اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻣﺑﺎﺷ ار ﺗطﺎﺑق ﻓﯾﻪ ﻗوﺗﻪ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﺣرﻓﻲ ،واﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻓﻌل
اﻟﺳؤال اﻟذي ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺣرف اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم " أ " وﻋﻼﻣﺔ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم" ؟ " ﻏﯾر أن اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟذي
وردت ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز " ﻓﻌل اﻟﺳؤال" إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﺑﻬﺎ ﻓﻌل اﻟﺗﻌﺟب واﻹﻧﻛﺎر اﻟذي ﯾﻣﺛل ﻟﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻏﯾر
ﻣﺑﺎﺷر .وﺗﻘدﯾر اﻵﯾﺔ :أﺣﺳﺑت ﯾﺎ ﻣﺣﻣد أن ﻗﺻﺔ أﺻﺣﺎب اﻟﻛﻬف ﻫﻲ ﻣن أﻋﺟب آﯾﺎﺗﻧﺎ؟ ﻻ ﺗﺣﺳﺑن ذﻟك ،ﻵن
آﯾﺎﺗﻧﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﺟب ﻓﻬﻲ ﻟﯾﺳت أﻋﺟب وﻻ أﻋظم ﻣن ﺧﻠق اﻟﺳﻣﺎوات واﻷرض واﺧﺗﻼف اﻟﻠﯾل واﻟﻧﻬﺎر إو ﺣﯾﺎء اﻟﻣوﺗﻰ
وﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻵﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗدل ﻓﻲ ظﺎﻫرﻫﺎ وﺑﺎطﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗدرة اﷲ وﻋظﻣﺗﻪ ،وﻓﻲ اﻵﯾﺔ ﺗﻌرﯾض ﺑﻐﻔﻠﺔ اﻟذﯾن طﻠﺑوا
( ﺑﯾﺎن ﻗﺻﺔ أﻫل اﻟﻛﻬف ﻹظﻬﺎر ﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﻣن ﻋﺟب ،وﺗﺗﻌﺟب ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﻪ ﻣن ﺳؤاﻟﻬم ﻣن اﻟرﺳول )
351
ﻋن ﻋﺟﯾب وﻛﻔرﻫم ﺑﻣﺎ ﻫو أﻋﺟب ﻣﻧﻪ.
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺔ اﻷﻣر اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) آﺗﻧﺎ ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل
اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻧﺣن ( اﻟدال ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺗﯾﺔ ،وﻣن اﻟﻠواﺣق ﻣﺛل اﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور) ﻣن ﻟدﻧك (.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل ) اﻟﻧون ( واﻟﺿﻣﯾر
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻟﺟوء اﻟﻔﺗﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻛﻬف واﻟﺗﺿرع إﻟﻰ اﷲ ﻋز
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺔ اﻷﻣر اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
ﺊ ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺔ اﻷﻣر اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) َﻫﱢﯾ ْ
اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻧﺣن ( اﻟدال ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺗﯾﺔ ،وﻣن اﻟﻠواﺣق ﻣن ﻣﺛل اﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور) ﻣن أﻣرﻧﺎ (.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل ) اﻟﻧون ( واﻟﺿﻣﯾر
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻟﺟوء اﻟﻔﺗﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻛﻬف ﻟطﻠب اﻟرﺣﻣﺔ واﻟﻬداﯾﺔ
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺔ اﻷﻣر اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑق ﻧﻼﺣظ أن اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﺗﻣﺛل ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻣﺑﺎﺷ ار ﺗطﺎﺑق ﻓﯾﻪ ﻗوﺗﻪ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻩ
اﻟﺣرﻓﻲ ،ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﺧﻼل ﺑﻌض اﻟﻘراﺋن اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻣﺛل ﻓﻌل اﻷﻣر) آﺗﻧﺎ ،ﻫﯾﺊ ( ﻏﯾر أن اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ
170
اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ اﻵﯾﺔ ﻗُﺻد ﻣن ﺧﻼﻟﻪ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل ﻟﻐوي ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﺳﯾﺎق اﻟﺣﺎل ،وﻗراﺋن
وﺗظﻬر اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ أن " اﻟﻔﺗﯾﺔ " ﺗوﺟﻬوا إﻟﻰ اﷲ ﻋز وﺟل ﻟﻣّﺎ ﺿﺎق ﺑﻬم اﻷﻣر -ﻓﻲ ﻛﻬﻔﻬم -ﺑﺎﻟدﻋﺎء
واﻟﺗﺿرع طﻠﺑﺎ ﻟرﺣﻣﺗﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺟﻼﺋل ﻓﺿﻠﻪ إو ﺣﺳﺎﻧﻪ وﻫداﯾﺗﻬم إﻟﻰ طرﯾق اﻟﺻواب ،وﺣﻣﺎﯾﺗﻬم ﻣن ﺑطش اﻷﻋداء،
352
وأن ﯾرﺷدﻫم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﺻﻼح ﻟﻬم وﻟﻌﻘﯾدﺗﻬم.
) ﻓﻲ اﻟﻛﻬف (. اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻧﺣن ( اﻟدال ﻋﻠﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ،وﻣن اﻟﻠواﺣق ﻣﺛل اﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور) ﻋﻠﻰ آذاﻧﻬم (
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﷲ ﻋز وﺟل ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل ) اﻟﻧون( اﻟدال
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻧوﯾم اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻓﻲ ﻛﻬﻔﻬم ﻟﻣدة طوﯾﻠﺔ ،وﺗﺗﺷﻛل
اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن:
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء ﻟﺟوء اﻟﻔﺗﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻛﻬف واﻟﺗﺿرع إﻟﻰ اﷲ ﻣن أﺟل ﺣﻣﺎﯾﺗﻬم ﻣن ﺑطش ﻣﻠﻛﻬم. -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ إﻟﻰ دﻋﺎء اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻋن طرﯾق ﺗﻧوﯾﻣﻬم داﺧل اﻟﻛﻬف ﻟﺳﻧﯾن ﻋددا. -2
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺧﺑرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
وﻧﺳﺗدل ﻣن اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ أن اﷲ ﻗد اﺳﺗﺟﺎب ﻟدﻋﺎء اﻟﻔﺗﯾﺔ ،وﺟﻌل ﻋﻠﻰ آذاﻧﻬم ﺣﺟﺎﺑﺎ أو ﺣﺎﺋل ﻋن اﻟﺳﻣﻊ
-وﻫو ﻓﺟوة ﻓﻲ ﺟﺑل ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗطﯾﻌوا اﻟﻧوم دون أن ﯾزﻋﺟﻬم ﺷﻲء ،ﻓﻬؤﻻء اﻟﻔﺗﯾﺔ دﺧﻠوا اﻟﻛﻬف واﺣﺗﻣوا ﺑﻪ
ﻫو اﻟرﺣﻣﺔ اﻟﺗﻲ دﻋوا اﷲ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻣن رﺣﻣﺗﻪ ﺑﻬم أﻧﻪ أراد ﻟﻬم أﻗﺻﻰ درﺟﺎت اﻟراﺣﺔ واﻟﻧوم اﻟﻬﺎدئ اﻟذي ﻻ ﯾﻌﻛر
353
ﺻﻔوﻩ ﺷﻲء طﯾﻠﺔ ﻫذﻩ اﻟﺳﻧﯾن.
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) َﺑ َﻌﺛْﻧَﺎ ُﻫ ْم ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﷲ ﻋز وﺟل ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻧﺣن ( اﻟدال
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ إﻋﺎدة ﺑﻌث اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻣن ﻧوﻣﻬم اﻟطوﯾل واﻻﺳﺗﻔﺳﺎر
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء ﻧوم اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻟﻣدة طوﯾﻠﺔ ،وﺟﻬﻠﻬم ﻟﻣدة ﺑﻘﺎﺋﻬم ﻓﻲ اﻟﻛﻬف. -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :إﻋﺎدة ﺑﻌث اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻣن اﻟﻧوم واﻟﺑﺣث ﻋن ﻣدة ﻧوﻣﻬم وﺑﻘﺎﺋﻬم ﻓﻲ اﻟﻛﻬف. -2
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺔ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ) أي اﻟﺣزﺑﯾن ( اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺳؤال ﻋن ﻣدة ﺑﻘﺎء اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻧﯾﺎم ﻓﻲ ﻛﻬﻔﻬم ،ﻓـ " أي" ﻫﻧﺎ اﺳم -1
اﺳﺗﻔﻬﺎم ﻣﺑﺗدأ وﻫو ﻣﻌﻠق ﻟﻔﻌل " ﻟﻧﻌﻠم " ﺧﺑرﻩ أﺣﺻﻰ.
وﻣﻌﻧﻰ اﻵﯾﺔ :أن اﷲ ﻋز وﺟل ﻗد أﻋﺎد ﺑﻌث ﻫؤﻻء اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻣن ﻧوﻣﻬم اﻟطوﯾل ﻟﻧرى أي اﻟﻔرﯾﻘﯾن ﺳﯾُﻘدﱢر ﻣدة
ﺑﻘﺎﺋﻬم وﻧوﻣﻬم ﻓﻲ اﻟﻛﻬف ﺗﻘدﯾ ار ﺻﺎﺋﺑﺎ ،واﻵﯾﺔ ﺗﺗﺿﻣن اﺳﺗﻔﺳﺎ ار وﺳؤاﻻ ﺻرﯾﺣﺎ ) ﻣﺑﺎﺷر ( ﻋن اﻷﻣد أو اﻟﻣدة
" ﻋطﺎء ﺑن ﻋﺑﺎس" اﻟﺗﻲ ﺑﻘﯾﻬﺎ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﻬف ،وﯾﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠﻣﺎء ﺣول ﻟﻔظﺔ ) اﻟﺣزﺑﯾن ( ﺣﯾث ﯾﻘول
ﺣزب ،وﯾرى " ﻣﺟﺎﻫد " أن اﻟﺣزﺑﯾن ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻔﺗﯾﺔ ،ﻷن أﺻﺣﺎب اﻟﻛﻬف ﻟﻣﺎ اﻧﺗﺑﻬوا اﺧﺗﻠﻔوا ﻓﻲ ﻣدة ﻧوﻣﻬم
واﻟدﻟﯾل ﻋﻠﯾﻪ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ):ﻗﺎل ﻗﺎﺋل...ﺑﻣﺎ ﻟﺑﺛﺗم ( ،وﯾذﻫب " اﻟﻔراء " إﻟﻰ أن اﻟﺣزﺑﯾن ﻫﻣﺎ طﺎﺋﻔﺗﯾن ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن
354
ﻓﻲ زﻣﺎن أﺻﺣﺎب اﻟﻛﻬف اﺧﺗﻠﻔوا ﻓﻲ ﻣدة ﻟﺑﺛﻬم.
واﻵﯾﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﻠﺧص ﻣﺷوق ﻟﻠﻘﺻﺔ ،وﻣوﺟز ﻣﺧﺗﺻر ﻷﺣداﺛﻬﺎ ،ﺛم ﯾﺑدأ اﻟﺳﯾﺎق ﻓﻲ ذﻛر ﺗﻔﺎﺻﯾل
ْﻚ ﻧَﺒـَﺄَ ُﻫ ْﻢ ﺑِﺎﻟْﺤَ ﱢﻖ إِﻧﱠ ُﻬ ْﻢ ﻓِ ْﺘﻴَﺔٌ آَﻣَﻨُﻮا ﺑَِﺮﺑﱢ ِﻬ ْﻢ َوزِ ْدﻧـَﺎ ُﻫ ْﻢ ُﻫﺪًى﴾.
ﺺ ﻋَﻠَﻴ َ اﻵﯾﺔ ﴿ : 13ﻧَ ْﺤ ُ
ﻦ ﻧَﻘُ ﱡ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻻﺳﻣﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻻﺳم ) ﻧﺣن ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل
اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻧﺣن ( اﻟدال ﻋﻠﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ﻟﻠﻔﻌل ) ﻧﻘص ( وﻣن اﻟﻠواﺣق ﻣﺛل اﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور ) ﻋﻠﯾك (.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﷲ ﻋز وﺟل ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺿﻣﺎﺋر ﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ) ﻧﺣن (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺳرد اﷲ ﻋز وﺟل ﻟﺗﻔﺎﺻﯾل ﻗﺻﺔ أﺻﺣﺎب
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻻﺳﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺷﻛل ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﻫﻲ ﺗﻘرﯾر اﻟﺣﻘﺎﺋق وﺳرد أﺣداث اﻟﻘﺻﺔ. -1
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﻫﻲ اﺧﺗﺻﺎص اﷲ ﻋز وﺟل وﺣدﻩ ﻻ ﺷرﯾك ﻟﻪ ﺑﺳرد اﻷﺣداث ﺑﺗﻔﺎﺻﯾﻠﻬﺎ -2
ﻛﻣﺎ وﻗﻌت ،دون زﯾﺎدة وﻻ ﻧﻘﺻﺎن؛ وﻣﻌﻧﻰ اﻵﯾﺔ :أن اﷲ ﻋز وﺟل ﻫو ﻣن ﯾﻘص أﺣداث اﻟﻘﺻﺔ ﺑﻛل ﺗﻔﺎﺻﯾﻠﻬﺎ
اﻟﺷﺑﺎن آﻣﻧوا ﺑﺎﷲ ﻓﺛﺑﺗﻧﺎﻫم ﻋﻠﻰ دﯾن اﻟﺣق وزدﻧﺎﻫم ﯾﻘﯾﻧﺎ ﺣﺗﻰ ﺻﺑروا ﻋﻠﻰ ﻫﺟران ﻗوﻣﻬم ،وﻓ ار ق ﻣﺎ ﻛﺎﻧوا ﻓﯾﻪ ﻣن
ﺧﻔض اﻟﻌﯾش وﻟﯾﻧﻪ إﻟﻰ ﺧﺷوﻧﺔ اﻟﺑﻘﺎء ﻓﻲ اﻟﻛﻬف.355وﯾﺷﯾر " اﺑن ﻋﺎﺷور" إﻟﻰ أن اﻓﺗﺗﺎح ﺟﻣﻠﺔ ) إﻧﻬم ﻓﺗﯾﺔ (
356
ﺣرف اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻫو ﻟﻣﺟرد اﻻﻫﺗﻣﺎم ﻻ ﻟرد اﻹﻧﻛﺎر.
ِﻦ
َﻦ ﻧَ ْﺪﻋُ َﻮ ﻣ ْ
ضﻟَْات وَاﻷَْ ْر ِ اﻵﯾﺔ َ ﴿ : 14و َرﺑَﻄْﻨـَﺎ ﻋَﻠَﻰ ﻗـُﻠُﻮﺑِ ِﻬ ْﻢ إِذْ ﻗـَﺎﻣُﻮا ﻓَﻘـَﺎﻟُﻮا َرﺑﱡﻨـَﺎ َر ﱡ
ب اﻟﺴﱠﻤَﺎو ِ
ُو " ،وﯾﺗﺷﻛل ﻣن: اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲَ " :رَﺑ ْطﻧَﺎ ،ﻗَﺎ ُﻣوا ،ﻟ ْ
َن َﻧ ْدﻋ َ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) رﺑطﻧﺎ ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل
اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻧﺣن ( اﻟدال ﻋﻠﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ،وﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) ﻗﺎﻣوا ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر ) ﻫم ( اﻟدال
ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺗﯾﺔ ،وﻣن اﻟﻠواﺣق ﻣﺛل اﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور) ﻋﻠﻰ ﻗﻠوﺑﻬم (.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﷲ ﻋز وﺟل ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻧﺣن ( اﻟدال
) ﻫم ( ﻋﻠﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗوﺣﯾد اﷲ ﻋز وﺟل واﻹﯾﻣﺎن ﺑﻘدرﺗﻪ وﻋظﻣﺗﻪ،
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﺗوﺣﯾد اﷲ ﻋز وﺟل وﻋدم اﻹﺷراك ﺑﻪ وﺑﻘﺎﺋﻬم ﻋﻠﻰ دﯾن اﻟﺣق. -2
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻻﺧﺗﺻﺎص؛ أي إﻓراد اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﻌﺑﺎدة وﻋدم اﻟﺷرك -2
ﺑﻪ.
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻻﺳﻣﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻻﺳم ) ﻗوﻣﻧﺎ ( وﻣوﺿوﻋﻪ
اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻧﺣن ( اﻟدال ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺗﯾﺔ وﻣن ﻣﺣﻣول ) دوﻧﻪ ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻣﺳﺗﺗر ) ﻫو ( اﻟدال ﻋﻠﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑـ ) ﻧﺣن ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺷرك ﻗوم اﻟﻔﺗﯾﺔ وﻛﻔرﻫم ﺑﺧﺎﻟﻘﻬم وﺗﺗﺷﻛل اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن:
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :إﻧﻛﺎر اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻟﻛﻔر ﻗوﻣﻬم وﺗوﺑﯾﺧﻬم ﻋﻠﻰ ﺷرﻛﻬم ﺑﺧﺎﻟﻘﻬم اﻟواﺣد اﻷﺣد. -2
ﱢﻦ ﴾
َﺎن ﺑَﻴ ٍ ﴿ ﻟَﻮَْﻻ ﻳَـﺄْﺗُﻮ َ
ن ﻋَﻠَﻴْ ِﻬ ْﻢ ﺑِ ُﺴﻠْﻄ ٍ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻘوم اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر)ﻫم(.
175
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺣدي اﻟﻛﻔﺎر ﺑﺈﺗﯾﺎن دﻟﯾل ﻋﻠﻰ أن ﻫذﻩ اﻵﻟﻬﺔ
اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺑدوﻧﻬﺎ دون اﷲ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﻘوة واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻣطﺎﻟﺑﻬم اﻟدﻧﯾوﯾﺔ ،وﺗﺗﻛون اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن:
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :إﺣﺿﺎر دﻟﯾل أو ﺑرﻫﺎن ﯾﺑﯾن ﻗدرة ﻫﺎﺗﻪ اﻵﻟﻬﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺑدوﻧﻬﺎ دون ﺧﺎﻟﻘﻬم. -2
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﻌﺟﯾز اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﺑﺗﻘدﯾم ﺣﺟﺔ ﻣﻘﻧﻌﺔ ودﻟﯾل ظﺎﻫر ﯾﺛﺑت ﻗدرة اﻵﻟﻬﺔ اﻟﺗﻲ -2
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذﯾن أﺷرﻛوا ﺑﺎﷲ آﻟﻬﺔ أﺧرى إو ﻟﻰ اﻟذﯾن ﻧﺳﺑوا إﻟﻰ ﺧﺎﻟﻘﻬم وﻟدا.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ظﻠم اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﻷﻧﻔﺳﻬم ﻋن طرﯾق اﻓﺗراﺋﻬم ﻋﻠﻰ
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :إﺣﺿﺎر دﻟﯾل ﻗﺎطﻊ ﯾﺛﺑت ﻫذﻩ اﻷﻛﺎذﯾب وﯾﺛﺑت ﻗدرة اﻵﻟﻬﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺑدﻫﺎ ﻫؤﻻء -2
اﻟﻣﺷرﻛﯾن.
176
-2ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻹﻧﻛﺎر واﻟﺗوﺑﯾﺦ؛ ﺣﯾث ﯾﺳﺗﻧﻛر اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﻗﺎم
ﺑﻬﺎ ﻗوﻣﻬم ﺣﯾن ﻋﺑدوا اﻷوﺛﺎن وﻛﻔروا ﺑﺧﺎﻟﻘﻬم ،وﻫو ﻣﺎ ﻧﻔﻬﻣﻪ ﻣن اﻟﺳﯾﺎق ،ﻓظﺎﻫر اﻵﯾﺎت إﺧﺑﺎر ﺑﺷرك
اﻟﻘوم وﻛﻔرﻫم ) ﻓﻌل ﻛﻼﻣﻲ ﻣﺑﺎﺷر ( ﻟﻛن اﻟﻐرض ﻣن ﻫذا اﻟﺧﺑر اﻟذي ﺟﺎؤوا ﺑﻪ ﻫو إﻧﻛﺎر ذﻟك ﻋﻠﻰ
َﺎن
ُون َﻋﻠَْﯾ ِﻬ ْم ﺑِ ُﺳْﻠط ٍ
) ﻓﻌل ﻛﻼﻣﻲ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ( .وﺟﻣﻠﺔ ) ﻟَوَْﻻ َﯾ ْﺄﺗ َ ﻗوﻣﻬم ،وأﺳﻔﻬم اﻟﺷدﯾد ﻋﻠﻰ ﻛﻔرﻫم
ﱢن ( ﻣؤﻛدة ﻟﻠﺟﻣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺑﻠﻬﺎ ﺑوﺻﻔﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻟﻠﺗﻌﺟﯾز واﻹﻧﻛﺎر ﻣﻌﺎ ،ﻓﻛﺄن اﻟﻔﺗﯾﺔ ﯾﺗﺣدون ﻫؤﻻء
َﺑﯾ ٍ
اﻟﻘوم ﺑﺄن ﯾﺄﺗوا ﺑﺑرﻫﺎن ظﺎﻫر ﯾدل ﻋﻠﻰ ﺻدق ﻫذا اﻟدﯾن اﻟذي ﯾﺗﺑﻌوﻧﻪ ،وﻓﻲ ذﻟك ﺗﻌﺟﯾز ﻟﻬم ﻷن آﻟﻬﺗﻬم
ﻟن ﺗﻔﯾدﻫم ﻓﻲ ﺷﻲء ،ﻟﻛﻧﻬم ﻟن ﯾﻘدروا ﻋﻠﻰ اﻹﺗﯾﺎن ﺑﺎﻟﺣﺟﺔ واﻟﺑﯾﺎن ،ﻓﻬم إذن ﻣﺟرد ُﻣﺗَﻘوّﻟﯾن ﻋﻠﻰ دﯾن
ﻓﻬذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﻗوﺗﯾن ﱠﻦ اﻓْﺘَﺮَى ﻋَﻠَﻰ اﻟﻠﱠﻪِ ﻛَ ِﺬﺑـًﺎ ﴾ اﻟﺣق ﺣﯾث ﯾﻘول اﷲ ﻋز وﺟل ﴿ :ﻓَﻤ ْ
َﻦ أَﻇْـﻠَﻢُ ﻣِﻤ ِ
إﻧﺟﺎزﯾﺗﯾن ﺗواﻛﺑﺎن ﻧﻔس اﻟﻣﺣﺗوى اﻟﻘﺿوي ﺣﯾث ﺗﻧﺟز ﻓﻌل اﻟﺳؤال اﻟﻣدﻟول ﻋﻠﯾﻪ ﺣرﻓﯾﺎ ﺑﻘراﺋن ﺑﻧﯾوﯾﺔ وﻫﻲ
أداة اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم " ﻣن " واﻟﺗﻧﻐﯾم وﻋﻼﻣﺔ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم " ؟ " ﻏﯾر أن اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟذي وردت
ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل اﻟﺳؤال إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻓﻌل اﻹﻧﻛﺎر واﻟﺗوﺑﯾﺦ اﻟذي ﯾﻣﺛل ﻟﻧﺎ ﻓﻌﻼ
ِﻦ
ﻜ ْﻢ ﻣ ْ
ﻜ ْﻢ َرﺑﱡ ُ
ُﺮ ﻟَ ُ
ﻒ ﻳَ ْﻨﺸ ْ
ن إِﱠﻻ اﻟﻠﱠﻪَ ﻓـَﺂوُوا إِﻟَﻰ اﻟْﻜَ ْﻬ ِ
َﺰﻟْﺘُﻤُﻮ ُﻫ ْﻢ َوﻣَﺎ ﻳَ ْﻌﺒُﺪُو َ اﻵﯾﺔ َ ﴿ : 16وإِ ِ
ذا ا ْﻋﺘَ
ﻛ ْﻢ ﻣَﺮﻓِﻘـًﺎ ﴾.
ِﻦ أَ ْﻣﺮِ ُ
ﻜ ْﻢ ﻣ ْ
َر ْﺣﻤَﺘِِﻪ َوﻳُ َﻬﻴﱢﺊْ ﻟَ ُ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﺟﻣﻠﺔ ﻓﻌﻠﯾﺔ ﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) آووا ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر ) اﻟﻔﺗﯾﺔ(.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺿﻣﺎﺋر ﻣﺿﻣرة ) أﻧﺗم ( واﻟﺿﻣﯾر
اﻟﻣﺗﺻل ) ﻛم (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ أﻣر اﻟﻔﺗﯾﺔ ﺑﺎﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻛﻬف ﻟﯾﺣﺗﻣوا ﻓﯾﻪ ﻣن
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :وﯾﺗﺟﺳد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻷﻣرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻧﺻﺢ اﻟﻔﺗﯾﺔ إو رﺷﺎدﻫم إﻟﻰ اﻟﻛﻬف ﻟﯾﺣﺗﻣوا ﻓﯾﻪ ،ﺣﻔﺎظﺎ ﻋﻠﻰ -2
وﻣﺎ ﻧﺧﻠص إﻟﯾﻪ ﻫو أن اﻟﻐرض اﻹﻧﺟﺎزي اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ ﻫو أﻣر اﻟﻔﺗﯾﺔ ﺑﺎﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻛﻬف واﻻﺣﺗﻣﺎء
ﻓﯾﻪ ﻣن ظﻠم اﻷﻋداء ﺑﻌد أن ﻫﺟروا دﯾﺎرﻫم ﺑﺳﺑب ﺷرك ﻗوﻣﻬم ،ﻓﺳﯾﺟدون رﻋﺎﯾﺔ اﷲ وﺣﻣﺎﯾﺗﻪ ،وﺳﯾﯾﺳر ﻋﻠﯾﻬم
أﻣرﻫم وﯾﻔرج ﻋﻧﻬم اﻟﻐم واﻟﻛرب واﻟﺧوف ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺳﻬم وﻋﻠﻰ دﯾﻧﻬم وﻫﻧﺎك ﺳﯾوﻓر اﷲ ﻟﻬم ﻛل ﻣﻘوﻣﺎت اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗﻲ
357
ﻻ ﯾﺳﺗﻐﻧﻲ ﻋﻧﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن.
أﻣﺎ اﻵﯾﺔ ﻛﻛل وﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ أُﻧﺟز ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ
ﻓﻌل اﻟﻧﺻﺢ واﻹرﺷﺎد ،ﻓﺎﻟﻣﻘﺎم ﻫﻧﺎ ﻣﻘﺎم ﻧﺻﺢ وﺗوﺟﯾﻪ اﻟﻔﺗﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﻛﺎن ﯾﻧﺎﺳﺑﻬم ،وﻟﯾس أﻣرﻫم ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻷﻣر
اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ .وﯾﻧﺗﻬﻲ ﻫذا اﻟﻣﺷﻬد اﻟذي ﺻورﺗﻪ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت ﺑدﻗﺔ ،ﺑﺎﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ ﻣﺷﻬد آﺧر ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺻوﯾر اﻟﻔﺗﯾﺔ
وﻫم ﻧﯾﺎم داﺧل ﻛﻬﻔﻬم ﺑطرﯾﻘﺔ ﻟﻐوﯾﺔ راﺋﻌﺔ ،وﺑﺄﺳﻠوب ﻣذﻫل؛ ﺑﺣﯾث ﻻ ُﯾﺣس اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ -وﻫو ﯾﺳﺗﻣﻊ إﻟﻰ ﻫذﻩ
َﺖ
ِﻴﻦ َوإِذَا ﻏَ َﺮﺑ ْ
َات ا ْﻟﻴَﻤ ِ
َﻦ ﻛَ ْﻬﻔِ ِﻬ ْﻢ ذ َ
َﺖ ﺗَﺰَا َو ُر ﻋ ْ اﻵﯾﺔ َ ﴿ : 17وﺗَﺮَى اﻟﺸﱠﻤ َ
ْﺲ إِذَا ﻃـَﻠَﻌ ْ
َﻦ
َﻦ ﻳَ ْﻬ ِﺪ اﻟﻠﱠﻪُ ﻓَ ُﻬ َﻮ اﻟْ ُﻤ ْﻬﺘَ ِﺪ َوﻣ ْ
َﺎت اﻟﻠﱠِﻪ ﻣ ْ
ِﻦ آَﻳـ ِ
ِﻚ ﻣ ْ
َات اﻟﺸﱢﻤَﺎ ِل َو ُﻫ ْﻢ ﻓِﻲ ﻓَ ْﺠ َﻮٍة ِﻣﻨْﻪُ ذَﻟ َ
ﺿ ُﻬ ْﻢ ذ َ
ﺗَﻘْﺮِ ُ
-357ﻣﺣﻣد ﻣﺗوﻟﻲ ) اﻟﺷﻌرواي ( :ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺷﻌراوي :ﺧواطر ﻓﺿﯾﻠﺔ اﻟﺷﯾﺦ ﻣﺣﻣد ﻣﺗوﻟﻲ اﻟﺷﻌراوي ﺣول اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ،دم ،دط،
،1991اﻟﺟزء ،14ص.8857
178
اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ " :ﺗزاور ،ﺗﻘرﺿﻬم " ،وﯾﺗﻛون ﻣن:
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﺟﻣﻠﺔ ﻓﻌﻠﯾﺔ ﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) ﺗﻘرﺿﻬم ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل ) اﻟﺷﻣس (.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة ﻟﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) ﻫم ( واﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل
ﺿﻬُ ْم (.
) ﻫم ( ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ) ﺗَﻘ ِْر ُ
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﺻف ﺣﺎل اﻟﻔﺗﯾﺔ وﻫم ﻧﯾﺎم داﺧل اﻟﻛﻬف وﺗﺗﺷﻛل
اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن:
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :وﺻف ﺣﺎل اﻟﻔﺗﯾﺔ وﻫم ﻧﯾﺎم طوال ﺛﻼﺛﻣﺎﺋﺔ وﺗﺳﻊ ﺳﻧﯾن. -2
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :وﯾﺗﺟﺳد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺧﺑرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن ﻗوة
إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ وﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﺻف ﺣﺎل اﻟﻔﺗﯾﺔ وﻫم ﻧﯾﺎم .وﯾﺗﺿﺢ ﻣن ﺳﯾﺎق اﻵﯾﺔ اﻟﺻرﯾﺢ ) اﻟﻣﺑﺎﺷر( أﻧﻬﺎ ﺟﺎءت
ﻟﺗﻘرﯾر واﻗﻊ اﻟﻔﺗﯾﺔ وﻫم ﻧﯾﺎم ﻓﻲ ﻛﻬﻔﻬم ،ﻓﺑﻌد أن ﺿرب اﷲ ﻋﻠﻰ آذاﻧﻬم وﺣﺟب ﻋﻠﻰ ﺳﻣﻌﻬم اﻷﺻوات اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن
أن ﺗزﻋﺟﻬم ،ﺣﺟب ﻋﻧﻬم ﺣر اﻟﺷﻣس وﺣرﻗﺗﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﺷﻣس ﺗﻣﯾل ﺑﻘدرﺗﻪ ﻋز وﺟل ﻋن ﻛﻬﻔﻬم ﻋﻧد طﻠوﻋﻬﺎ ﺟﻬﺔ
اﻟﯾﻣﯾن ،وﺗﺑﺗﻌد ﺟﻬﺔ اﻟﺷﻣﺎل ﻋﻧد ﻏروﺑﻬﺎ ،ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﺻﯾﺑﻬم ﺑﺄذى ﻛراﻣﺔ ﻟﻬم ﻣن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﺷﺳﺎﻋﺔ
اﻟﻛﻬف ،وﻣﺎ ﻫذا إﻻ دﻟﯾل آﺧر ﻋﻠﻰ ﻗدرة اﷲ وﻋظﻣﺗﻪ ،ﺛم ﯾﺧﺑرﻧﺎ اﷲ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻵﯾﺔ أن ﻣن ﯾوﻓﻘﻪ ﻟﻺﯾﻣﺎن ﻓﻬو
اﻟﻣﻬﺗدي وﻣن ﯾﺿﻠﻠﻪ وﯾﺑﻌدﻩ ﻋن ﺳواء اﻟﺳﺑﯾل ﻟﺳوء ﻋﻣﻠﻪ ﻓﻠن ﯾﺟد ﻟﻪ ﻣن ﯾﻬدﻩ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﺻﻼح ﻟﻪ وﻟدﯾﻧﻪ.
َﺎﺳﻂٌ
َات اﻟﺸﱢﻤَﺎ ِل َوﻛَﻠْﺒُ ُﻬ ْﻢ ﺑـ ِ
ِﻴﻦ َوذ َ
َات اﻟْﻴَﻤ ِ اﻵﯾﺔ َ ﴿ : 18وﺗَﺤ ِ
ْﺴﺒُ ُﻬ ْﻢ أَْﻳﻘـَﺎﻇًﺎ َو ُﻫ ْﻢ ُرﻗُﻮدٌ َوﻧُﻘـَﻠﱢﺒُ ُﻬ ْﻢ ذ َ
179
( ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺳﺗﺗر ﻓﻲ ) ﺗﺣﺳﺑﻬم ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟرﺳول )
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﺻف ﻫﯾﺋﺔ اﻟﻔﺗﯾﺔ وﻫم ﻧﯾﺎم ﻓﻲ اﻟﻛﻬف وﺗﺗﺷﻛل ﻣن:
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﺗﺻوﯾر ﻣﺷﻬد اﻟﻔﺗﯾﺔ وﻫم ﻧﯾﺎم ﻟﻣدة طوﯾﻠﺔ دون أن ﯾﺻﺎب أﺣدﻫم ﺑﺄذى. -2
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺧﺑرﯾﺔ ) ﺗﺣﺳﺑﻬم ،ﻧﻘﻠﺑﻬم ( اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺟب ﻣن ﺣﺎل اﻟﻔﺗﯾﺔ وﻫم ﻛﺎﻟﻣوﺗﻰ ﻓﻲ ﻧوﻣﻬم ﯾﺗﺣرﻛون -2
ﺑﺻورة طﺑﯾﻌﯾﺔ ﺑﻘدرة رﺑﻬم ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﻓﺎﻟذي ﯾﺷﺎﻫد اﻟﻔﺗﯾﺔ وﻫم ﻓﻲ ﻛﻬﻔﻬم ﻧﯾﺎم ﯾظن أﻧﻬم
أﯾﻘﺎظ وذﻟك ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻷﻋﯾﻧﻬم اﻟﻣﻧﻔﺗﺣﺔ وﺗﻘﻠﺑﻬم اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻣن ﺟﺎﻧب إﻟﻰ آﺧر ﻛﻲ ﻻ ﺗﺄﻛل اﻷرض
أﺟﺳﺎﻣﻬم ،وﻛﻠﺑﻬم أﻣﺎﻣﻬم ﯾﻣد ذراﻋﯾﻪ وﻛﺄﻧﻪ ﯾﺣرﺳﻬم ،ﻓﻛل ﻫذﻩ اﻟﺟﻣل ﻫﻲ ﺟﻣل ﺧﺑرﯾﺔ ﺗﺻف
ﺣﺎل اﻟﻔﺗﯾﺔ وﻫم ﻣﺣﺗﻣون ﺑﻛﻬﻔﻬم ،ﻟﻛن اﻟﺟﻣل أﻧﺟزت ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﺗﻘرﯾر
اﻟﺣﻘﺎﺋق وﻫو اﻟﺗﻌﺟب ﻣن ﺣﺎل اﻟﻔﺗﯾﺔ اﻟﻣﺧﯾف واﻟوﻗوف ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ﻋﻠﻰ ﻋظﯾم ﻗدرة اﷲ ﻓﻲ
ﺷﺄﻧﻬم.
اﻵﯾﺔ َ ﴿ :19وﻛَﺬَﻟ َ
ِﻚ ﺑَﻌَﺜْﻨـَﺎ ُﻫ ْﻢ ﻟِﻴَﺘَﺴَﺎءَﻟُﻮا ﺑَﻴْﻨَ ُﻬ ْﻢ ﻗـَﺎلَ ﻗـَﺎﺋِﻞٌ ﻣِﻨْ ُﻬ ْﻢ ﻛَ ْﻢ ﻟَﺒِﺜْﺘُ ْﻢ ﻗـَﺎﻟُﻮا ﻟَﺒِ ْﺜﻨـَﺎ ﻳَ ْﻮﻣًﺎ أَ ْو
ْﺾ ﴾.
ﺑَﻌ َ
اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲَ " :ﻛ ْم ﻟَ ِﺑﺛْﺗُ ْم..؟ " ،وﯾﺗﻛون ﻣن:
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﺟﻣﻠﺔ ﻓﻌﻠﯾﺔ ﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) ﻟﺑﺛﺗم ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر ) اﻟﻔﺗﯾﺔ(.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﺗﯾﺔ وذﻟك ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺿﻣﺎﺋر ﻣﺿﻣرة ) أﻧﺗم (.
180
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻔﺳﺎر ﻋن اﻟﻣدة اﻟزﻣﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﺑﺛﻬﺎ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻓﻲ
ﺗﺻور ﻟﻧﺎ ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ ﻣﺷﻬد اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻋﻧد اﺳﺗﯾﻘﺎظﻬم ﻣن اﻟﻧوم وﻫم ﻓﻲ ﺣﯾرة ﻣن أﻣرﻫم ﻣﺗﺳﺎﺋﻠﯾن ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬم ﻋن اﻟﻣدة
اﻟﺗﻲ ﻗﺿوﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﻬف ،وﯾذﻫب ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق " اﺑن ﻋﺎﺷور" إﻟﻰ أن اﻟﻣوﻗف ﻣوﻗف ﺗﺳﺎءل وﺗﺣﺎور ﯾطﻠب
358
ﻓﺎﻟﺷﺧص ) س ( ﯾﺳﺄل ﻋن ﻛل ﺷﺧص ﻓﯾﻪ رأي اﻵﺧر ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣدة اﻟﺗﻲ ﻟﺑﺛوﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﻬف.
اﻟﻣدة اﻟﺗﻲ ﻟﺑﺛوا ﻓﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﻬف ﻣﻧﺗظ ار إﺟﺎﺑﺔ ﻣن ) ص( وﻟﻧﺿﻊ اﻟﺣوار اﻟذي دار ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻵﺗﻲ:
) س ( :ﻛم ﻟﺑﺛﺗم؟
ﻓﺎﻟﺟﻣﻠﺔ ) س ( ﺗﻣﺛل ﻟﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻣﺑﺎﺷ ار ﺗطﺎﺑق ﻓﯾﻪ ﻗوﺗﻪ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﺣرﻓﻲ وﻫو اﻟﺳؤال ﻋن
اﻟﻣدة اﻟزﻣﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗواﺟد ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﻬف ،وﯾﻘدم ) ص( ﺟواﺑﺎ واﺿﺣﺎ ) ﻣﺣﺗرﻣﺎ ﻣﺑدأ اﻟﺟﻬﺔ ( ﻣﻧﺎﺳﺑﺎ
ﻟﻠﺳؤال اﻟﻣطروح ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أﻧﻪ ﻏﯾر دﻗﯾق ) ﻣﺣﺗرﻣﺎ ﻣﺑدأ اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ( وﻋﻠﻰ ﻗدر اﻟﻣطﻠوب ،ﻓﻠم ﯾزد ﻋﻧﻪ وﻟم
ﯾﻧﻘص ،وﻣن ﻫﻧﺎ ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ أن اﻟﺷﺧص ) ص( ﻟم ﯾﺧرق أﯾﺔ ﻗﺎﻋدة ﻣن ﻗواﻋد اﻻﺳﺗﻠزام اﻟﺣواري ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟم ﯾﻧﺗﺞ
) ص( ﻛﺎن ﻣﺣﺗرﻣﺎ ﻟﻣﺑدأ اﻟﺗﻌﺎون. ﻋن ﻛﻼﻣﻪ أي اﺳﺗﻠزام آﺧر ﻣﻊ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻛﻼ ﻣن اﻟطرﻓﯾن ) س( و
ﻛ ْﻢ ﺑَِﻮرِﻗِ ُﻜ ْﻢ َﻫ ِﺬ ِﻩ إِﻟَﻰ اﻟْﻤَﺪِﻳﻨَِﺔ ﻓـَْﻠﻴَﻨْﻈ ُْﺮ أَﻳﱡﻬَﺎ أَ ْزﻛَﻰ ﻃَﻌَﺎﻣًﺎ ﻓـَْﻠﻴَـﺄْﺗِ ُﻜ ْﻢ ﺑِﺮِزٍْق ِﻣ ْﻨﻪُ ﴾.
﴿ ﻓـَﺎ ْﺑﻌَﺜُﻮا أَﺣَﺪَ ُ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) اﺑﻌﺛوا ( و ﻣوﺿوﻋﻪ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧﺗم ( و ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر
اﻟﻣﺗﺻل ) ﻛم (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﺷﺎور ﺣول إرﺳﺎل أﺣد اﻟﻔﺗﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻣن
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻔﺗﯾﺔ إﻟﻰ اﻟطﻌﺎم إو ﺣﺳﺎﺳﻬم ﺑﺎﻟﺟوع. -1
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﺟﺳد ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻷﻣرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
َﻄﱠﻒ ﴾.
َ ﴿ وﻟْﻴَﺘَـﻠ ْ
ﱠف (
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺷﻛل ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) َوْﻟ َﯾﺗَﻠَط ْ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﺗﻰ اﻟﻣﻛﻠف ﺑﺎﻟذﻫﺎب إﻟﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر
اﻟﻣﺿﻣر ) ﻫو (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟذﻫﺎب إﻟﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻣن أﺟل ﺷراء اﻟطﻌﺎم،
وﺗﻧﺑﯾﻪ اﻟﺷﺧص اﻟﻣﻛﻠف ﺑﺎﻟﻣﻬﻣﺔ ﻣن ﺟﻧود " دﻗﯾﺎﻧوس " ،وﺗﺗﻛون ﻣن:
182
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء ذﻫﺎب أﺣد اﻟﻔﺗﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ. -1
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺣذﯾر اﻟﺷﺧص اﻟﻣﻛﻠف ﺑﻣﻬﻣﺔ ﺷراء اﻟطﻌﺎم ﻣن أن ﯾُﻛﺗﺷف -2
أﻣرﻩ.
َن (
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) ُﯾ ْﺷﻌِرﱠ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﺗﻰ اﻟﻣﻛﻠف ﺑﺎﻟذﻫﺎب إﻟﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) ﻫو (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻧﺑﯾﻪ اﻟﺷﺧص اﻟﻣرﺳل إﻟﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻣن اﻟﻛﺷف
ﻋن أﻣرﻩ وأﻣر أﺻﺣﺎﺑﻪ ،وذﻟك ﻋن طرﯾق ﺗوﺧﯾﻪ اﻟﺣذر اﻟﻣطﻠوب ،وﺗﺗﻛون اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺣذﯾر اﻟﺷﺧص اﻟﻣﻛﻠف ﺑﺷراء اﻟطﻌﺎم ﻣن ﺧطر اﻟﻛﺷف ﻋن -2
أﻣرﻩ .ﻓﻬذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ إذن ﯾواﻛﺑﻬﺎ ﻓﻌﻠﯾن ﻟﻐوﯾﯾن :ﻓﻌل ﻟﻐوي ﻣﺑﺎﺷر ﺗطﺎﺑق ﻓﯾﻪ ﻗوﺗﻪ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻩ
اﻟﺣرﻓﻲ اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻓﻌل " اﻟﻧﻬﻲ " اﻟذي ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻪ ﻋن طرﯾق ﻗراﺋن ﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻣﺛل " ﻻ " اﻟﻧﺎﻫﯾﺔ
183
واﻟﻔﻌل اﻟﻣﺿﺎرع " ﯾﺷﻌرن " ،ﻏﯾر أن اﻟﺟﻣﻠﺔ وﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﻣﻧﻬﺎ
إﻧﺟﺎز " ﻓﻌل اﻟﻧﻬﻲ " إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ " ﻓﻌل اﻟﺗﺣذﯾر " اﻟذي ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﺳﯾﺎق اﻟﺣﺎل
ﻟﺗوﻛﯾد اﻟﻧﻬﻲ اﻟذي ﯾﻣﺛل ﻟﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ،ﻓﺎﻟﻧون ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ :وََﻻ ﻳُ ْﺸﻌِ َﺮ ﱠن ﴾
359
ﻟﻠﻧﻬﻲ ،وﺑﯾﺎﻧﺎ ﻟوﺟﻪ ﺗوﻛﯾد اﻟﻧﻬﻲ ﺑﺎﻟﻧون.
أَﺑَﺪًا ﴾.
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﺟﻣﻠﺔ ﻓﻌﻠﯾﺔ ﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) ﯾ َْرُﺟﻣُو ُﻛ ْم ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر)
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ أﻫل اﻟﺑﻠدة وﺟﻧود " دﻗﯾﺎﻧوس " ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر
اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻫم (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻌذاب اﻟذي ﯾﻧﺗظر اﻟﻔﺗﯾﺔ إن اﻛﺗﺷف أﻣرﻫم،
وﺗﺗﺷﻛل ﻣن:
ﻓﺎﻟﻣﺗﺣدث -وﻫو ﯾﺣﺎور ﺻﺎﺣﺑﻪ -ﯾطﻠب ﻣﻧﻪ أن ﯾﻧﺗﺑﻪ وﻻ ﯾﺷﻌرن ﺑﻪ أﺣدا ﻷﻧﻪ إذا ﻣﺎ اﻛﺗﺷف
أﻣرﻩ ﻓﺳﯾُﻘﺗﻠون أو ﯾُردون ﻋن دﯾﻧﻬم وﻟن ﯾﻔﻠﺣوا إذن أﺑدا وﻫو ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﻪ ﯾﺣﺎول ﺗﺣذﯾرﻩ
وﺗﺧوﯾﻔﻪ ﺣﺗﻰ ﯾﺄﺧذ اﺣﺗﯾﺎطﻪ وﻫو ﻓﻲ طرﯾﻘﻪ إﻟﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ وﻫذا ﻣﺎ ﻧﻔﻬﻣﻪ ﻣن اﺳﺗﻘﺻﺎﺋﻧﺎ ﻟﻠﻣﻘﺎم
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﺟﻣﻠﺔ ﻓﻌﻠﯾﺔ أﻣرﯾﺔ ﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) ا ْﺑُﻧوا ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر)
) ﺑﻧﯾﺎﻧﺎ (. أﻫل اﻟﻣدﯾﻧﺔ اﻟذﯾن اﻛﺗﺷﻔوا اﻟﻔﺗﯾﺔ ( وﻣن ﻻﺣق ﺟﺎر وﻣﺟرور) ﻋﻠﯾﻬم ( واﻟﻣﻔﻌول اﻟﻣطﻠق
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ أﻫل اﻟﻣدﯾﻧﺔ اﻟذﯾن اﺧﺗﻠﻔوا ﻓﻲ أﻣر اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﺧﺗﻼف أﻫل اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﺣول ﻛﯾﻔﯾﺔ دﻓن اﻟﻔﺗﯾﺔ،
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻷﻣر؛ ﺣﯾث ﺗﻣﺛل اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻣﺑﺎﺷ ار ﺗطﺎﺑق ﻓﯾﻪ ﻗوﺗﻪ -1
اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﺣرﻓﻲ وﻫﻲ اﻷﻣر ﺑﺑﻧﺎء ﻣﺳﺟد ﻋﻠﻰ ﻗﺑر اﻟﻔﺗﯾﺔ ،ﻓﻠﻣﺎ ﻛﺛر اﻟﺗﻧﺎزع ﺑﯾن اﻟﻘوم ﻓﻲ
185
أﻣر أﻫل اﻟﻛﻬف واﺧﺗﻠﻔت اﻵراء ﺣول ﻛﯾﻔﯾﺔ دﻓﻧﻬم ﻗرر ﺑﻌﺿﻬم ﺑﻧﺎء ﻣﻌﻠم ﻟﻬم ،وﻗﺎل ﻓرﯾق آﺧر
ﻟﻧﺗﺧذن ﻋﻠﯾﻬم ﻣﺳﺟدا ﻧﺻﻠﻲ وﻧﻌﺑد اﷲ ﻓﯾﻪ .وﺗﺄوﯾل اﻵﯾﺔ ﺣﺳب ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ " اﻟزﻣﺧﺷري "" :
ﻛﻣﺎ أﻧﻣﻧﺎﻫم و ﺑﻌﺛﻧﺎﻫم ﻟﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﻣن اﻟﺣﻛﻣﺔ أطﻠﻌﻧﺎ ﻋﻠﯾﻬم ،ﻟﯾﻌﻠم اﻟذﯾن أطﻠﻌﻧﺎﻫم ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬم
ق ( وﻫو اﻟﺑﻌث ،ﻷن ﺣﺎﻟﻬم ﻓﻲ ﻧوﻣﻬم واﻧﺗﺑﺎﻫﻬم ﺑﻌدﻫﺎ ﻛﺣﺎل ﻣن ﯾﻣوت ﺛم
) أ ﱠن َو ْﻋ َد اﻟﻠﱠ ِﻪ َﺣ ﱞ
360
ﯾﺑﻌث ",
ْﺐ
د ُﺳ ُﻬ ْﻢ ﻛَﻠْﺒُ ُﻬ ْﻢ َر ْﺟﻤًﺎ ﺑِﺎﻟْﻐَﻴ ِ
ن ﺧَ ْﻤﺴَﺔٌ ﺳَﺎ ِ
َﻼﺛَﺔٌ رَاﺑِ ُﻌ ُﻬ ْﻢ ﻛَﻠْﺒُ ُﻬ ْﻢ َوﻳَﻘُﻮﻟُﻮ َ اﻵﯾﺔ ﴿ :22ﺳَﻴَﻘُﻮﻟُﻮ َ
ن ﺛـَ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذﯾن ﺳﯾﺧﺗﻠﻔون ﺣول ﻋدد اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ،وذﻟك ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻻﺧﺗﻼف ﺣول ﻋدد اﻟﻔﺗﯾﺔ ،وﺗﺗﻛون اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن:
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺧﺑرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺿﻣن ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ وﻫﻲ
اﻟوﺻف واﻟﺗﻘرﯾر ﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻣوﻟﺔ اﻟﺧﺑرﯾﺔ .ﺣﯾث أﺧﺑر اﷲ ﻋز وﺟل رﺳوﻟﻪ اﻟﻛرﯾم -ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ -ﻋن
اﻻﺧﺗﻼف اﻟذي ﺳﯾﺣدث ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﺣول ﻋدد اﻟﻔﺗﯾﺔ ،ﻓﻣﻧﻬم ﻣن ﺳﯾﻘول ﺛﻼﺛﺔ ﻓﺗﯾﺔ وراﺑﻌﻬم ﻛﻠﺑﻬم ،وﻣﻧﻬم
-360أﺑو اﻟﻘﺎﺳم ﺟﺎر اﷲ ﻣﺣﻣود ﺑن ﻋﻣر) اﻟزﻣﺧﺷري اﻟﺧوارزﻣﻲ ( :اﻟﻛﺷﺎف ﻋن ﺣﻘﺎﺋق اﻟﺗﻧزﯾل وﻋﯾون اﻷﻗﺎوﯾل ﻓﻲ وﺟوﻩ اﻟﺗﺄوﯾل
وﻣﻌﻪ ﻛﺗﺎب اﻹﻧﺻﺎف ﻟﻺﻣﺎم ﻧﺎﺻر اﻟدﯾن أﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن اﻟﻣﻧﯾر اﻻﺳﻛﻧدري اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ،دار اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر )
ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،دط 538 ،م ،اﻟﺟزء ،2ص.477
186
ﻣن ﯾﻘول ﺧﻣﺳﺔ ﻓﺗﯾﺔ وﺳﺎدﺳﻬم ﻛﻠﺑﻬم رﻣﯾﺎ ﺑﺎﻟﻛﻼم ﻣن دون ﻋﻠم ،وﻣﻧﻬم ﻣن ﯾﻘول ﺳﺑﻌﺔ وﺛﺎﻣﻧﻬم ﻛﻠﺑﻬم ،ﻟﻛن ﻟم
ﯾﺣدد اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋدد اﻟﻔﺗﯾﺔ وﺟﻌﻠﻪ ﺿﻣن اﻟﻐﯾﺑﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻌﻠم أﻣرﻫﺎ إﻻ اﷲ ،وﻗﻠﯾل ﻣن اﻟﻧﺎس.
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻷﻣرﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) ﻗُل (
( ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧت(. ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻣﺣﻣد )
( ﺑﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟﻣﺷرﻛﯾن رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ أﻣر اﻟرﺳول )
ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن اﷲ وﻗﻠﺔ ﻣن اﻟﻧﺎس ﻓﻘط ﯾﻌﻠﻣون ﻋدد اﻟﻔﺗﯾﺔ ،وﺗﺗﺷﻛل اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن:
( ﺑﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﺗرك اﻟﺟدل ﺣول ﻋدد اﻟﻔﺗﯾﺔ. اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :أﻣر اﻟرﺳول ) -2
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﺟﺳد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻷﻣرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻧﺻﺢ واﻹرﺷﺎد؛ ﻓظﺎﻫر اﻵﯾﺔ ﯾدل ﻋﻠﻰ أن اﷲ ﻋز وﺟل ﯾﺄﻣر -2
ﻧﺑﯾﻪ اﻟﻛرﯾم ﺑﺗرك اﻟﺟدال -ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ -ﻣﻊ ﻣن ﺳﯾﺳﺄﻟوﻧﻪ ﻋن ﻋدد اﻟﻔﺗﯾﺔ ،وﻋدم اﺳﺗﻔﺗﺎء
أﺣد ﻣن اﻟﻣﺗﺟﺎدﻟﯾن ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻬم ،ﻷن ﻋﻠﻣﻬم ﻋﻧد اﷲ وﻋﻧد اﻟﻘﻠﯾﻠﯾن اﻟذﯾن ﺗﺛﺑﺗوا ﻣن اﻟﺣﺎدث ﻋﻧد
361
وﯾواﻛب اﻵﯾﺔ وﻗوﻋﻪ أو ﻣن رواﯾﺎت ﺻﺣﯾﺣﺔ ،ﻷن اﻟﻌﺑرة ﻓﻲ أﻣرﻫم ﺣﺎﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻘﻠﯾل وﺑﺎﻟﻛﺛﯾر.
ﻓﻌل ﻟﻐوي ﻣﺑﺎﺷر ﺗطﺎﺑق ﻓﯾﻪ ﻗوﺗﻪ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﺣرﻓﻲ اﻟﺻرﯾﺢ اﻟذي ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ أﻣر اﻟﻧﺑﻲ )
( ﺑﺗرك اﻟﺟدل ﺣول ﻋدد اﻟﻔﺗﯾﺔ اﻟذي ﻻ ﻓﺎﺋدة ﻣﻧﻪ ،وﻓﻌل ﻟﻐوي ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ﯾﻔﻬم ﻣن
إﻟﻰ ﺗرك ﻣﺎﻻ ﻓﺎﺋدة ﻣﻧﻪ واﻻﻟﺗﻔﺎت إﻟﻰ اﻟﺗﺄﻣل ﻓﻲ ﻋظﻣﺔ اﻟﺧﺎﻟق وﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﺣﯾﺎء واﻟﺑﻌث ﺑﻌد
ْت (
َﺎر َ /ﻻ ﺗَ ْﺳﺗَﻔ ِ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) َﻻ ﺗُﻣ ِ
( وﻣن اﻟﻠواﺣق ﻣﺛل اﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور) ﻓﯾﻬم (. وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻣﺣﻣد
( ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) أﻧت(. ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
( ﻋن ﻋدد اﻟﻔﺗﯾﺔ وﺟدﻟﻪ ﻣﻊ اﻟﻣﺷرﻛﯾن اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﺳﺗﻔﺳﺎر ﻣﺣﻣد ) -1
ﺣول ذﻟك.
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻧﺻﺢ واﻹرﺷﺎد؛ ﻓظﺎﻫر اﻵﯾﺔ ﯾدل ﻋﻠﻰ ﻧﻬﻲ اﻟرﺳول ) -2
ﻫو ﻧﺻﺢ اﷲ ﻋز وﺟل ﻟرﺳوﻟﻪ اﻟﻛرﯾم ﺑﺎﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋن اﻟﺧوض ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻌود
ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺑﻬﺎ ﺑﻔﺎﺋدة ﺗذﻛر ،ﻓﺳواء ﻛﺎن ﻋدد اﻟﻔﺗﯾﺔ ﺛﻼﺛﺔ أو ﺧﻣﺳﺔ أو ﺳﺑﻌﺔ ﻓﻬذا ﻟن ﯾﻐﯾر ﻣن
188
اﻟﻬدف اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﺳرد ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت وﻫو إظﻬﺎر ﻗدرة اﻟﺧﺎﻟق ﻋز وﺟل ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة ﺑﻌث اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻣن
ﻧوم طوﯾل ﻟﯾﻛوﻧوا ﻋﺑرة ﻟﻣن ﯾﺷك ﻓﻲ ﻗدرﺗﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻌث ﺑﻌد اﻟﻣﻣﺎت.
َن (
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل اﻟﻧﻬﻲ ) َﻻ ﺗَﻘُوﻟ ﱠ
( ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧت(. ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
( ﻋن ﺗﻘدﯾم ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻧﻬﻲ اﷲ ﻋز وﺟل ﻟرﺳوﻟﻪ )
( دون إرﺟﺎع ﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟوﻓﺎء ﺑﻬﺎ اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء ﺗﻘدﯾم وﻋود ﻣن طرف اﻟرﺳول ) -1
) إن ﺷﺎء ( ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﯾم وﻋود ﻟﻐﯾرﻩ دون أن ﯾﻘول اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﻧﻬﻲ اﻟرﺳول ) -2
اﷲ (.
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺷﻛل ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟوﻋظ واﻹرﺷﺎد؛ ﻓﺎﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ إذن ﺗﻧﺟز ﻓﻌﻠﯾن ﻟﻐوﯾﯾن :ﻓﻌل -2
ﻟﻐوي ﻣﺑﺎﺷر ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻧﻬﻲ اﷲ ﻋز وﺟل ﻟرﺳوﻟﻪ اﻟﻛرﯾم ﻋن ﺗﻘدﯾم وﻋود ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻹﯾﻔﺎء ﺑﻬﺎ
دون ﻣﺷﯾﺋﺔ اﷲ إو رادﺗﻪ ،وﻧﺳﺗدل ﻋﻠﻰ ﻓﻌل اﻟﻧﻬﻲ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘراﺋن اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻣﺛل " :ﻻ " اﻟﻧﺎﻫﯾﺔ
واﻟﻔﻌل اﻟﻣﺿﺎرع " ﺗﻘوﻟن " ،ﻏﯾر أن اﻵﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل
اﻟﻧﻬﻲ ،إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﻓﻌل اﻟوﻋظ واﻹرﺷﺎد اﻟذي ﯾﻣﺛل ﻟﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ،ﻓﺎﷲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ
189
ﯾرﺷد رﺳوﻟﻪ اﻟﻛرﯾم ﻋن طرﯾق ﻧﻬﯾﻪ إﻟﻰ ﻣﺷﯾﺋﺗﻪ إو رادﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻷﻣور .وﯾذﻫب ﺑﻌض
اﻟﻣﻔﺳرﯾن إﻟﻰ أن ﻗول " إﻻ أن ﯾﺷﺎء اﷲ " اﺳﺗﺛﻧﺎء ﺣﻘﯾﻘﻲ ﻣن اﻟﻛﻼم اﻟذي ﻗﺑﻠﻪ ،وﯾﺧﺎﻟﻔﻬم اﻟرأي
ﻓﻲ ذﻟك " اﻟزﻣﺧﺷري " إذ ﯾﻌﺗﺑرﻩ ﻣن ﺑﻘﯾﺔ ﺟﻣﻠﺔ اﻟﻧﻬﻲ ﻷﻧﻪ اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن ﺣﻛم اﻟﻧﻬﻲ وﺗﻘدﯾر
اﻟﻛﻼم :ﻻ ﺗﻘوﻟن إﻧﻲ ﻓﺎﻋل...إﻻ أن ﯾﺷﺎء اﷲ أن ﺗﻘوﻟﻪ ،وﻣﻌﻧﻰ ذﻟك :إﻻ أن ﯾﺄذن اﷲ ﻟك ﺑﺄن
ﺗﻘوﻟﻪ ،ﻷن اﻟﻣﺻدر ﻣن " أن ﯾﺷﺎء اﷲ " ﻣﺳﺗﺛﻧﻰ ﻣن ﻋﻣوم اﻟﻣﻧﻬﯾﺎت ) ﻷﻧﻪ ﻛﻼم اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ (
وﻣﻔﻌول " ﯾﺷﺎء اﷲ " ﻣﺣذوف دل ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺎ ﻗﺑﻠﻪ ﻛﻣﺎ ﻫو ﺷﺄن ﻓﻌل اﻟﻣﺷﯾﺋﺔ و ﺗﻘدﯾر اﻟﻛﻼم :ﻻ
362
ﺗﻘل إﻻ ﻗوﻻ ﺷﺎءﻩ اﷲ ﻓﺄﻧت ﻏﯾر ﻣﻧﻬﻲ ﻋن أن ﺗﻘوﻟﻪ.
ﻴﺖ ﴾.
َﺴ َ
ﱠﻚ إِذَا ﻧ ِ اﻵﯾﺔ ﴿ : 24وَاذْﻛ ْ
ُﺮ َرﺑ َ
اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ " :ا ْذﻛ ُْر " ،وﯾﺗﻛون ﻣن:
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﺟﻣﻠﺔ ﻓﻌﻠﯾﺔ ﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) ا ْذﻛُر( وﻣن ﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر )
(. ﻣﺣﻣد
( ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) أﻧت( ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ :أﻣر اﻟرﺳول ﺑذﻛر رﺑﻪ داﺋﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ أﻗواﻟﻪ وأﻓﻌﺎﻟﻪ وﺗﺗﺷﻛل
اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن:
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﺟﺳد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻷﻣرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن
( وﻧﺻﺣﻪ ﺑذﻛر اﷲ داﺋﻣﺎ وأﺑدا ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ أﻋﻣﺎﻟﻪ وأﻗواﻟﻪ وذﻟك ﯾواﺻل اﷲ ﻋز وﺟل وﻋظ اﻟرﺳول )
ﺑﺄن ﯾﻘول :إﻧﻲ ﻓﺎﻋل – إ ن ﺷﺎء اﷲ -ذﻟك اﻷﻣر ،و ﺣﺗﻰ إن ﻟم ﯾذﻛر رﺑّﻪ ﺛم ﺗذﻛر ﺑﻌد ذﻟك وﻟو ﺑﻌد ﻓﺗرة
طوﯾﻠﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﻗول " إن ﺷﺎء اﷲ " داﺋﻣﺎ ،ﻷن أﻗوال اﻟﺑﺷر وأﻓﻌﺎﻟﻬم ﻻ ﺗﺗم إﻻ ﺑﻣﺷﯾﺋﺔ ﺧﺎﻟﻘﻬم ،وﻧﻼﺣظ أن اﻷﻣر ﻓﻲ
( ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ ﺧرج ﻋن ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ إﻟﻰ ﻣﻌﻧﻰ آﺧر ﺿﻣﻧﻲ ﻧﻔﻬﻣﻪ ﻣن اﻟﺳﯾﺎق ،وﻫو ﺗﻧﺑﯾﻪ اﻟرﺳول )
(. ) رﺑﻲ ( و ﻣوﺿوﻋﺎن أﺳﺎﺳﯾﺎن :ﻓﺎﻋل ﯾﻬدﯾن ) اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ( وﻣﻔﻌوﻟﻪ اﻟرﺳول
) ( ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
أﻧت( ﻓﻲ ) ﻗل ( و ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧﺎ ( ﻓﻲ ) اﻷﻗرب ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ﻋن طرﯾق
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟدﻋﺎء إﻟﻰ اﷲ ﻋز وﺟل وطﻠب اﻟﻬداﯾﺔ إﻟﻰ
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء اﻹﯾﻣﺎن ﺑﺎﷲ ﻋز وﺟل وﺑﻘدرﺗﻪ وﻣﺷﯾﺋﺗﻪ ﻓﻲ إﺗﻣﺎم أﻣور ﺧﻠﻘﻪ وأﻓﻌﺎﻟﻬم. -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :اﻟدﻋﺎء ﷲ ﻋز وﺟل واﻟﺗﺿرع ﻟﻪ ﻣن أﺟل طﻠب اﻟﻬداﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﺻﻼح وﺧﯾر -2
ﻟﺧﻠﻘﻪ.
وﻟﯾرﺷدك إﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﺻﻼح ﻟدﯾﻧك ودﻧﯾﺎك ،وﻧﻼﺣظ أن اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﯾواﻛﺑﻬﺎ ﻓﻌﻠﯾن ﻟﻐوﯾﯾن :ﻓﻌل
ﻟﻐوي ﻣﺑﺎﺷر ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ طﻠب أﻣر ﻣﺣﺑوب ) اﻟﺗرﺟﻲ ( ﺗطﺎﺑق ﻓﯾﻪ ﻗوﺗﻪ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﺣرﻓﻲ،
ﻏﯾر أن اﻵﯾﺔ وﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﻲ اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل اﻟﺗرﺟﻲ
إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﺑﻬﺎ ﻓﻌل اﻟدﻋﺎء اﻟذي ﯾﻣﺛل ﻟﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ،وﺗﻘدﯾر اﻟﺟﻣﻠﺔ :رﺑﻲ اﻫدﻧﻲ
" اﺑن ﻋﺎﺷور" إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ " :أذﻛر أﻣرﻩ وﻧﻬﯾﻪ وﻗل ﻷﻗرب ﻣن ﻫذا رﺷدا ،ﯾﺷﯾر
363
ﻓﻲ ﻧﻔﺳك ﻋﺳﻰ أن ﯾﻬدﯾﻧﻲ رﺑﻲ ﻷﻗرب ﻣن ﻫذا رﺷدا ،أي أُدع اﷲ ﺑﻬذا ".
ث ﻣِﺌٍَﺔ ِﺳﻨِﻴ َﻦ وَا ْزدَادُوا ﺗِ ْﺴﻌًﺎ ﴾. اﻵﯾﺔ َ ﴿ :25وﻟَﺒِﺜُﻮا ﻓِﻲ ﻛَ ْﻬﻔِ ِﻬ ْﻢ ﺛـَ
َﻼ َ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) ﻟَﺑِﺛُوا ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) ﻫم ( و اﻟﺿﻣﯾر
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ذﻛر اﻟﻣدة اﻟزﻣﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﺑﺛﻬﺎ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﻬف،
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء ﻟﺟوء اﻟﻔﺗﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻛﻬف وﺑﻘﺎﺋﻬم ﻓﯾﻪ ﻟﻣدة طوﯾﻠﺔ. -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﺗﺣدﯾد اﻟﻣدة اﻟزﻣﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﺑﺛﻬﺎ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﻬف. -2
ُل ( وﻣوﺿوﻋﻪ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي /ﻧﺣوي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) ﻗ ْ
( ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) أﻧت( ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ﺑﻠﻔظ اﻟﺟﻼﻟﺔ ) اﷲ ( وﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل ) اﻟﻬﺎء ( ﻓﻲ ) ﻟﻪ (.
( ﻣدى ﺳﻌﺔ ﻋﻠم اﷲ ﻋز ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟرﺳول )
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء إﺧﻔﺎء اﻟﻣدة اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﺑﺛﻬﺎ اﻟﻔﺗﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﻬف. -1
( ﺑﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟﻣﺳﺗﻔﺳرﯾن ﻋن ﻫذﻩ اﻟﻣدة ﺑﺄن ﻋﻠﻣﻬﺎ ﻋﻧد اﷲ اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :أﻣر اﻟرﺳول ) -2
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎص اﷲ ﻋز وﺟل ﺑﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﺳﻣﺎوات -2
واﻷرض ﻣن أﻣور ﻻ ﯾﻌﻠﻣﻬﺎ أﺣد ﺳواﻩ ،وﯾواﻛب اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﻓﻌﻼن ﻟﻐوﯾﺎن :ﻓﻌل ﻟﻐوي ﻣﺑﺎﺷر
ﺗطﺎﺑق ﻓﯾﻪ ﻗوﺗﻪ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﺣرﻓﻲ ) اﻷﻣر( ،ﻏﯾر أن اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﻲ اﻟذي
وردت ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز " ﻓﻌل اﻷﻣر" إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﺑﻬﺎ " ﻓﻌل اﻻﺧﺗﺻﺎص " اﻟذي ﯾﻣﺛل ﻟﻧﺎ
193
ِك ﻓِﻲ ُﺣ ْﻜﻤِﻪِ أَﺣَﺪًا ﴾.
ِﻦ َوﻟِﻲﱟ وََﻻ ﻳُ ْﺸﺮ ُ ﴿ أَﺑْ ِﺼ ْﺮ ﺑِﻪِ وَأَ ْﺳﻤِﻊ ﻣَﺎ ﻟَ ُﻬ ْﻢ ﻣ ْ
ِﻦ دُوﻧِِﻪ ﻣ ْ
( ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) أﻧت ( ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) ﻫو ( واﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل ) اﻟﻬﺎء ( ﻓﻲ
) ﺣﻛﻣﻪ (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗوﺣﯾد اﷲ ﻋز وﺟل اﻟذي ﻻ ﯾﺷرك ﻣﻌﻪ أﺣد ﻓﻲ
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء ﺷرك أﻫل ﻗرﯾش وﻛﻔرﻫم ﺑﻘوة وﻋظﻣﺔ ﺧﺎﻟﻘﻬم. -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ وﺣداﻧﯾﺔ اﷲ ﻋز وﺟل اﻟذي ﻻ ﺗﺧﻔﻰ ﻋﻧﻪ ﺧﺎﻓﯾﺔ ﻻ ﻓﻲ اﻟﺳﻣﺎء وﻻ -2
ﻓﻲ اﻷرض.
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ إﻧﺷﺎء ﻓﻌل اﻟﺗﻌﺟب؛ ﻓﺎﻟﺣﻣوﻟﺔ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻟﺟﻣﻠﺔ ) أﺑﺻر ﺑﻪ /أﺳﻣﻊ -1
ﺑﻪ ( ﺗﻣﺛل ﻟﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻣﺑﺎﺷ ار ﺗطﺎﺑق ﻓﯾﻪ ﻗوﺗﻪ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﺣرﻓﻲ ،وﻫو إﻧﺷﺎء اﻟﺗﻌﺟب
" اﻟﻣﺳﻣوﻋﺎت ﺑﺻﯾﻐﺔ " أﻓﻌل ﺑﻪ " ﻓﺟﺎء ﺑﻣﺎ دل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺟب ﻣن إدراك اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ
واﻟﻣﺑﺻرات ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن أﻣرﻩ ﻓﻲ اﻹدراك ﺧﺎرج ﻋن ﺣد ﻣﺎ ﻋﻠﯾﻪ إدراك اﻟﺳﺎﻣﻌﯾن واﻟﻣﺑﺻرﯾن،
194
ﻷﻧﻪ ﯾدرك أﻟطف اﻷﺷﯾﺎء وأﺻﻐرﻫﺎ ﻛﻣﺎ ﯾدرك أﻛﺑرﻫﺎ ﺣﺟﻣﺎ وأﻛﺛﻔﻬﺎ ﺟرﻣﺎ ،وﯾدرك اﻟﺑواطن ﻛﻣﺎ
364
ﯾدرك اﻟظواﻫر".
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ) ﻻ ﯾﺷرك ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر ) اﷲ(.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) ﻫو ( اﷲ
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ ﻗدرة اﷲ وﻋظﻣﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾر
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء اﻟﻛﻔر ﺑﻌظﻣﺔ اﻟﺧﺎﻟق ﻋز وﺟل وﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺳﯾﯾر ﻣﺧﻠوﻗﺎﺗﻪ. -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :وﺻف ﻗدرة وﻋظﻣﺔ اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ واﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ وﺣداﻧﯾﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﻛم. -2
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻘرﯾر ﺣﻘﯾﻘﺔ أن اﷲ وﺣدﻩ ﻻ ﺷرﯾك ﻟﻪ ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻪ وﺗﺳﯾﯾر ﻣﺧﻠوﻗﺎﺗﻪ. -1
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﻫﻲ اﺧﺗﺻﺎص اﷲ ﻋز وﺟل ﺑﺎﻟﺣﻛم وﺣدﻩ دون ﺳواﻩ؛ ﺣﯾث ﯾﺧﺑرﻧﺎ اﷲ ﻋز -2
وﺟل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ ﺑﺄﻧﻪ اﻟﺣﺎﻛم اﻟﻣﺳﯾر ﻟﻛل ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﻣﺎوات واﻷرض وﻻ ﯾﺳﺗﻌﯾن ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻪ
ﺑﺄﺣد ،ﻓﻬو اﻟﻣدﺑر اﻷول واﻷﺧر ،ﻟﯾس ﻗﺑﻠﻪ ﺷﻲء وﻟﯾس ﺑﻌدﻩ ﺷﻲء ،ﻏﯾر أن اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺿﻣﻧﻲ
ﻟﻶﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻋز وﺟل ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ أﻣور اﻟدﻧﯾﺎ وأﺣواﻟﻬﺎ
وﻧﺻرة ﻋﺑﺎدﻫﺎ .وﺑﻬذﻩ اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﯾﺳدل اﻟﺳﺗﺎر ﻋﻠﻰ ﻗﺻﺔ أﺻﺣﺎب اﻟﻛﻬف ،وﯾﻔﺗﺢ ﻋﻠﻰ
ﯾﺄﻣر اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺳﯾد اﻟﺧﻠق ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﺑﺗﻼوة ﻣﺎ أوﺣﺎﻩ إﻟﯾﻪ رﺑﻪ ﻣن آﯾﺎت اﻟذﻛر
اﻟﺣﻛﯾم ،ﻷن ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت ﻟن ﯾﻘدر أﺣد ﻋﻠﻰ ﺗﻐﯾﯾرﻫﺎ أو ﺗﺑدﯾﻠﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﻣﺣﻔوظﺔ ﻣن ﻛل ﺳوء ،ﺛم ﯾﺧﺑرﻩ ﺑﺄﻧﻪ )
( ﻟن ﯾﺟد ﻏﯾر ﺧﺎﻟﻘﻪ ﯾﻧﺟﯾﻪ ﻣن ﻋذاب ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ ،ﻟذﻟك ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺗﻼوة آﯾﺎت رﺑﻪ وأن ﯾﻌﻣل ﺑﺄﺣﻛﺎﻣﻬﺎ،
ﻛﻣﺎ ﯾﺄﻣرﻩ ﺑﻣﺟﺎﻟﺳﺔ اﻟﻔﻘراء واﻟﺿﻌﻔﺎء ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻟذﯾن ﯾدﻋون رﺑﻬم ﺻﺑﺎﺣﺎ وﻣﺳﺎء وﯾﻧﻬﺎﻩ ﻋن ﺻرف ﻧظرﻩ
ﻋﻧﻬم إﻟﻰ ﻏﯾرﻫم ﻣن اﻷﺷراف واﻷﻏﻧﯾﺎء ﻛﻣﺎ ﯾﺗﺿﺢ ذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ) ﻻ ﺗﻌد ﻋﯾﻧﺎك /وﻻ ﺗطﻊ ﻣن أﻏﻔﻠﻧﺎ ﻗﻠﺑﻪ (
(: وﺳﺑب ﻧزول ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت ﻓﯾﻣﺎ رواﻩ " اﻟزﻣﺧﺷري " :أن أﻛﺎﺑر ﻛﻔﺎر ﻗرﯾش اﺣﺗﺟوا وﻗﺎﻟوا ﻟرﺳول اﷲ )
إن أردت أن ﻧؤﻣن ﺑك ﻓﯾﺟب أن ﺗطرد ﻣن ﻣﺟﻠﺳك ﻫؤﻻء اﻟﻔﻘراء أو ﺗﻌﯾن ﻟﻬم وﻗﺗﺎ آﺧر ﻟﯾﺣﺿروا ﻓﯾﻪ ،ﻓﺈذا
ﺣﺿرﻧﺎ ﻟم ﯾﺣﺿروا ،ﻓﺄﻧزل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت ﻟﯾﺑﯾن ﻟﻪ ﻓﯾﻬﺎ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻪ طردﻫم ﺑل ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺟﺎﻟﺳﺗﻬم وأن ﻻ
وﻓﻲ ﺧﺗﺎم ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت ﯾﺗوﻋد اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﺑﻌذاب أﻟﯾم وﯾﺑﺷر اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﺑﺟﻧﺎت ﻋدن
ﯾﺄﻣر اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ و ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﺑﯾﻪ اﻟﻛرﯾم ﺑﺗﻼوة آﯾﺎت ﻛﺗﺎﺑﻪ اﻟﻣﺣﻛم واﻟﻣﻧزﻩ ﻋن اﻟﺧطﺄ واﻟﻌﻣل ﺑﺄﺣﻛﺎﻣﻪ وﯾﻧﻘل ﻣن
ﺧﻼﻟﻪ وﻋدﻩ ووﻋﯾدﻩ ﻟﻠﻣﺷرﻛﯾن ﺑﻪ وﺑﻛﺗﺑﻪ ورﺳﻠﻪ وﺑﺎﻟﯾوم اﻵﺧر أن ﻟﻬم ﻋذاب أﻟﯾم ﯾﻧﺗظرﻫم ﯾوم ﺗﻘوم اﻟﺳﺎﻋﺔ اﻟﺗﻲ
ﻻ رﯾب ﻓﯾﻬﺎ ،وﺗﺗﻣﺛل ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ:
اﻟﺑﻼغ :اﻷﻣر ﺑﺗﻼوة آﯾﺎت اﷲ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﻧزﻫﺔ ﻋن اﻟﺧطﺄ وﺗوﻋد اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﺑﻌذاب أﻟﯾم ﺟزاء ﺑﻣﺎ ﻓﻌﻠوا.
اﻟﺳﻧن :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﺟﻣوع اﻟﻘواﻋد اﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ ﻫﺎﺗﻪ اﻵﯾﺎت اﻟﺷرﯾﻔﺔ.
ِﻦ دُوﻧِﻪِ
َﻦ ﺗَِﺠﺪَ ﻣ ْ
ﱢﻚ َﻻ ُﻣﺒَﺪﱢلَ ﻟِﻜَﻠِﻤَﺎﺗِﻪِ َوﻟ ْ
َﺎب َرﺑ َ
ﻛﺘـ ِ
ِﻦ ِ
ْﻚ ﻣ ْ اﻵﯾﺔ ﴿ : 27وَا ْﺗـﻞُ ﻣَﺎ أُو ِﺣ َ
ﻲ إِﻟَﻴ َ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي /ﻧﺣوي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) ا ْﺗ ُل ( وﻣوﺿوﻋﻪ
( ،وﻣن اﻟﻠواﺣق ﻣﺛل اﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور ﻓﻲ ) إﻟﯾك ،ﻣن ﻛﺗﺎب رﺑك (. اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر ) اﻟرﺳول
197
( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧت ( وﺑﺎﻟﺿﻣﯾر ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻷﻣر ﺑﺗﻼوة اﻟﻘرآن وﺗﺗﺷﻛل ﻣن:
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :أﻣر اﻟﻧﺑﻲ ﺑﺗﻼوة اﻟﻘرآن اﻟﻣﻧزل ﻋﻠﯾﻪ واﻟﻌﻣل ﺑﺄﺣﻛﺎﻣﻪ. -2
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﺟﺳد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
) ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻓﻌل اﻷﻣر" اﺗل "؛ ﺣﯾث ﯾﺄﻣر اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺣﻣد -1
( ﺑﺗﻼوة ﻣﺎ أﻧزﻟﻪ ﻋﻠﯾﻪ رﺑﻪ ،إو ﺗﺑﺎع ﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﻣن أﻣر وﻧﻬﻲ ،وﯾﺧﺑرﻩ أﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد ﻣن ﻟﻪ
اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻐﯾﯾر ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت اﻟﺗﻲ أﻧزﻟﻬﺎ اﷲ ،إو ن ﻫو ﻟم ﯾﺗل ﻣﺎ أوﺣﻲ إﻟﯾﻪ ،ﺣﯾﻧﻬﺎ ﻟن ﯾﺟد ﻟﻪ
366
ﻣوﺋﻼ ﯾﺋل إﻟﯾﻪ وﯾﻧﺟﯾﻪ ﻣن اﻟﻌﻘﺎب اﻟﺷدﯾد.
اﺻﺑِر ( و ﻣوﺿوﻋﻪ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺷﻛل ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) ْ
( ،وﻣن اﻟﻠواﺣق ﻣﺛل اﻟﻣﻔﻌول ﺑﻪ ) ﻧﻔﺳك (. اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر ﻫو ) اﻟرﺳول
( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧت ( واﻟﺿﻣﯾر ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
اﻟﻣﺗﺻل ) اﻟﻛﺎف ( ﻓﻲ ) ﻧﻔﺳك ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) ﻫم (
( ﺑﻣﺟﺎﻟﺳﺔ اﻟﻔﻘراء ﻣن ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ أﻣر اﻟرﺳول )
( إو رﺷﺎدﻩ .وﻣﻌﻧﻰ اﻵﯾﺔ :ﻻزم ﯾﺎ ﻣﺣﻣد ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻧﺻﺢ اﻟرﺳول ) -2
أﺻﺣﺎﺑك اﻟذﯾن ﯾذﻛرون رﺑﻬم ﺻﺑﺎﺣﺎ وﻣﺳﺎء وﻻ ﯾرﯾدون ﺑذﻟك إﻻ رﺿﺎﻩ ﻋﻧﻬم.
ُط ْﻊ ( وﻣوﺿوﻋﻪ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) َﻻ ﺗَ ْﻌ ُدَ ،ﻻ ﺗ ِ
( ،وﻣن اﻟﻠواﺣق ﻣﺛل اﻟﻣﻔﻌول ﺑﻪ ) ﻋﯾﻧﺎك ( واﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور) ﻋﻧﻬم (. اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻣﺣﻣد
( ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) أﻧت ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
( واﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل ) اﻟﻛﺎف ( ﻓﻲ ) ﻋﯾﻧﺎك ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ
( ﻋن إﺗﺑﺎع اﻟﻛﻔﺎر ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻧﻬﻲ اﻟرﺳول )
( ﻋن إﺗﺑﺎع ﻣن ﯾرﯾد زﯾﻧﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟدﻧﯾﺎ وﯾﺷرك ﺑرﺑﻪ. اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﻧﻬﻲ اﻟرﺳول ) -2
199
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﻫﻲ اﻟﻧﻬﻲ. -1
( ﻋن اﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋن اﻟﻔﻘراء واﻟﺿﻌﻔﺎء ﻣن اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﻣن أﺟل ﻣﺟﺎﻟﺳﺔ ﯾﻧﻬﻰ اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺣﻣد )
اﻷﺷراف ﻟﺣﺳن ﺻورﺗﻬم وﻣﻛﺎﻧﺗﻬم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﺋﻼ ﯾﻌﺗﻘد اﻟﻧﺎس ﺑﺄﻧﻪ ﯾﺟﺎﻟﺳﻬم ﻣن أﺟل زﯾﻧﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟدﻧﯾﺎ ،ﻛﻣﺎ
ﻦ ﻧـَﺎرًا
ُﺮ إِﻧـﱠﺎ أَ ْﻋﺘَ ْﺪﻧـَﺎ ﻟِﻠﻈﱠﺎﻟِﻤِﻴ َ
ﻜﻔ ْ
َﻦ ﺷَﺎءَ ﻓـَﻠْﻴَ ْ
ِﻦ َوﻣ ْ
َﻦ ﺷَﺎءَ ﻓـَ ْﻠﻴُ ْﺆﻣ ْ
ﻜ ْﻢ ﻓَﻤ ْ
ِﻦ َرﺑﱢ ُ اﻵﯾﺔ َ ﴿ :29وﻗـُ ِﻞ اﻟْﺤَ ﱡ
ﻖﻣ ْ
َت
َاب َوﺳَﺎء ْ
ْﺲ اﻟﺸﱠﺮ ُ
ِن ﻳَ ْﺴﺘَﻐِﻴﺜُﻮا ﻳُﻐَﺎﺛُﻮا ﺑِﻤَﺎٍء ﻛَﺎﻟْ ُﻤ ْﻬ ِﻞ ﻳَ ْﺸﻮِي اﻟْ ُﻮﺟُﻮﻩَ ﺑِﺌ َ
دﻗُﻬَﺎ َوإ ْ
أَﺣَﺎطَ ﺑِ ِﻬ ْﻢ ُﺳﺮَا ِ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻹﻧﺳﺎن ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) ﻫو ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) ﻧﺣن ( واﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل ) اﻟﻧون ( ﻓﻲ )
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺻوﯾر اﻟﻌذاب اﻟذي أﻋدﻩ اﷲ ﻟﻠﻣﺷرﻛﯾن وﺗﺗﺷﻛل
ﻣن:
200
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﻫﻲ اﻷﻣر. -1
ﯾواﻛب اﻵﯾﺔ اﻟﺷرﯾﻔﺔ ﻗوﺗﺎن إﻧﺟﺎزﯾﺗﺎن ﻟﻬﻣﺎ ﻧﻔس اﻟﻣﺣﺗوى اﻟﻘﺿوي ﺣﯾث ﺗﻧﺟز ﻓﻌل اﻷﻣر اﻟذي ﻧﺳﺗدل
ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘراﺋن اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻣﺿﺎرع اﻟﻣﻘرون ﺑﻼم اﻷﻣر ،ﻏﯾر أن اﻵﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ
اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل اﻷﻣر إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﺑﻬﺎ ﻓﻌل اﻟوﻋﯾد واﻟﺗﻬدﯾد اﻟذي ﯾﻣﺛل ﻟﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻏﯾر
ﻣﺑﺎﺷر ،ﻓﺎﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﺗوﻋد ﻫؤﻻء اﻟﻛﻔﺎر واﻟﻣﺷرﻛﯾن اﻟﻐﺎﻓﻠﯾن ﻋن ذﻛرﻩ ﺑﻣﺎ ﻫﯾﺄﻩ ﻟﻬم ﻣن ﻋذاب أﻟﯾم ﻓﻲ
ﻧﺎر ﺟﻬﻧم ﺗﺣﯾط ﺑﻬم ﺳورﻫﺎ ﻛﺈﺣﺎطﺔ اﻟﺳوار ﺑﺎﻟﻣﻌﺻم ﻻ ﻣﻧﺟﻲ ﻟﻬم ،وﻻ ﻣﻐﯾث إو ن اﺳﺗﻐﺎﺛوا ﻣن ﺷدة اﻟﻌطش
ﯾﻐﺎﺛوا ﺑﻣﺎء ﺷدﯾد اﻟﺣ اررة ﯾﺷوي وﺟوﻫﻬم ،ﻓﺑﺋس ذﻟك اﻟﺷراب اﻟذي ﺳﯾﺷرﺑوﻧﻪ.
ِﻚ
ﻦ ﻋَﻤًَﻼ ،أُوﻟَﺌ َ
َﻦ أَ ْﺣﺴَ َ
ُﻀﻴ ُﻊ أَ ْﺟ َﺮ ﻣ ْ
َﺎت إِﻧـﱠﺎ َﻻ ﻧ ِ
ﻦ آَﻣَﻨُﻮا َوﻋَﻤِﻠُﻮا اﻟﺼﱠﺎﻟِﺤ ِ اﻵﯾﺔ ﴿ :31 ،30إِ ﱠ
ن اﻟﱠﺬِﻳ َ
ن ﺛِﻴـَﺎﺑـًﺎ
َﺐ َوﻳَـﻠْﺒَﺴُﻮ َ
ِﻦ ذَﻫ ٍ
ِﻦ أَﺳَﺎوِ َر ﻣ ْ
ن ﻓِﻴﻬَﺎ ﻣ ْ
ِﻦ ﺗَ ْﺤﺘِ ِﻬﻢُ اﻷَْﻧْﻬَﺎ ُر ﻳُﺤَﻠﱠ ْﻮ َ
ْن ﺗَ ْﺠﺮِي ﻣ ْ
ﱠﺎت ﻋَﺪ ٍ
ﻟَ ُﻬ ْﻢ ﺟَﻨـ ُ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﺑﻠﻔظﺔ ) آﻣﻧوا ( ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر)
ﻫم (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﺻف اﻟﻧﻌم واﻟﺧﯾرات اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗظر اﻟﻣؤﻣﻧﯾن،
201
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﺗﺑﺷﯾرﻫم ﺑﺎﻟﺧﻠود ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ. -2
-2ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻓﻌل اﻟوﻋد؛ ﺣﯾث ﯾﻌد اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﺑﺣﺳن اﻟﺛواب
وﯾﺑﺷرﻫم ﺑﺟﻧﺎت ﻋدن ﺗﺟري ﻣن ﺗﺣﺗﻬﺎ اﻟﻧﻬﺎر ﺧﺎﻟدﯾن ﻓﯾﻬﺎ ،ﯾﺟدون ﺑﻬﺎ ﻛل ﻣﺎ ﺗﺗﻣﻧﺎﻩ ﻗﻠوﺑﻬم ﻣن
ذﻫب وﻓﺿﺔ وﺣرﯾر ،ﻓﻧﻌم ذﻟك اﻟﺟزاء اﻟذي ﯾﻧﺗظرﻫم ،واﻟﻐرض اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻣن وﺻف ﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣﻘﻪ
اﻟﻣؤﻣﻧون ﻣن ﻧﻌم وﺧﯾرات ﻫو وﻋدﻫم ﺑﺎﻟﺧﻠود ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ واﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل أداة اﻟﺗوﻛﯾد )
إﻧﺎ ( .وﺳﯾﺎق اﻟﺳورة ﻣرﺗﺑط ﺑﻣﺎ ﻗﺑﻠﻪ وﻣﺎ ﺑﻌدﻩ ﻓﻲ ﻧﺳق ﻣﺗﺟﺎﻧس وﻣﺗﻧﺎﺳق :ﻓﻣن ﺷﺎء ﻓﻠﯾﻛﻔر وﻣن
ﺷﺎء ﻓﻠﯾؤﻣن ،وﻣن ﺷﺎء ﻓﻠﯾﺟﺎﻟس اﻟﻔﻘراء واﻟﺿﻌﻔﺎء اﻟﻣؤﻣﻧﯾن اﻟذﯾن ﯾﺑﻐون ﻣرﺿﺎة اﷲ وﺟﻧﺎﺗﻪ ،وﻣن
ﺷﺎء ﻓﻠﯾﺑﺗﻌد ﻋﻧﻬم وﯾﺣﺗﻘرﻫم ﻟﻛن ﺳﯾﻛون ﻋﻘﺎﺑﻪ ﺷدﯾد وأﻟﯾم ،وﻣﺛل ﻫؤﻻء ﻛﻣﺛل رﺟﻠﯾن :أﺣدﻫﻣﺎ ﻏﻧﻲ
واﻵﺧر ﻓﻘﯾر وﺳﻧﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﺛل اﻟذي ﺳﺎﻗﻪ اﷲ ﻋز وﺟل ﻓﻲ اﻵﯾﺎت اﻟﻣﻘﺑﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﻧﻣوذﺟﺎ
ﻟﻠﻘﯾم اﻟزاﺋﻠﺔ وﻟﻠﻘﯾم اﻟﺑﺎﻗﯾﺔ أﯾﺿﺎ ،وﯾرﺳم ﻟﻧﺎ اﷲ ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﺻورﺗﯾن واﺿﺣﺗﯾن ﻟﻠﻧﻔس اﻟﻣﻌﺗزة ﺑزﯾﻧﺔ
367
اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻧﻔس اﻟﻣﻌﺗزة ﺑدﯾﻧﻬﺎ وﺑﺧﺎﻟﻘﻬﺎ.
ﺑﻌد أن ﺑﯾن اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺎ أﻋدﻩ ﻟﻠﻣﺷرﻛﯾن ﻣن ﻋذاب أﻟﯾم وذﻛر ﻣﺎ ﯾﻘﺎﺑﻠﻪ ﻣﻣﺎ أﻋدﻩ ﻟﻠﻣؤﻣﻧﯾن ﻣن
ﺟﻧﺎت اﻟﻧﻌﯾم ﻓﯾﻬﺎ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺷﺗﻬﯾﻪ اﻟﻘﻠب واﻟﻧﻔس ،ﯾﺿرب ﻟﻧﺎ ﻣﺛﻼ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ﻋن ﻫﺎﺗﯾن اﻟطﺎﺋﻔﺗﯾن :ﻣﺛل ﻋن
اﻟﻐﻧﻲ اﻟﻣﻔﺗﺧر ﺑﻣﺎ ﻟدﯾﻪ ،وﻣﺛل ﻋن اﻟﻔﻘﯾر اﻟﻣﻔﺗﺧر ﺑدﯾﻧﻪ وﻋﻘﯾدﺗﻪ ،وﻛﻼﻫﻣﺎ ﻧﻣوذج إﻧﺳﺎﻧﻲ ﻟطﺎﺋﻔﺔ ﻣن اﻟﻧﺎس؛
ﻓﺻﺎﺣب اﻟﺟﻧﺗﯾن ﻧﻣوذج ﻟﻠرﺟل اﻟﺛري اﻟذي ﯾﻠﻬث وراء ﻣﻠذات اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻔﺎﻧﯾﺔ ﻣﺗﻧﺎﺳﯾﺎ ﻣﺻدر ﻫذﻩ اﻟﻧﻌم " اﻟﺧﺎﻟد "
اﻟرﻏم ﻣن ﻓﻘرﻩ .وﯾروى ﻋن " اﺑن ﻋﺑﺎس " أن اﻟرﺟﻠﯾن أﺧوﯾن ﻣن ﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل ،أﺣدﻫﻣﺎ ﻛﺎﻓر واﺳﻣﻪ " ﺑراطوس
" واﻵﺧر ﻣؤﻣن واﺳﻣﻪ " ﯾﻬوذا " ،وﻗد اﺧﺗﻠف اﻟﻣﻔﺳرون ﺣول أﺻل اﻟرﺟﻠﯾن وﺗﺳﻣﯾﺗﻬﻣﺎ ،وﻗﯾل ﻫﻣﺎ اﻟﻣذﻛوران ﻓﻲ
ورﺛﺎ ﻋن أﺑﯾﻬﻣﺎ ﻣﺑﻠﻐﺎ ﻣن اﻟﻣﺎل، ﺳورة " اﻟﺻﺎﻓﺎت " ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ :ﻗـَﺎلَ ﻗـَﺎﺋِﻞٌ أﻧﱢﻰ ﻛَﺎ َن ﻟِﻲ ﻗَﺮِﻳ ٌﻦ ﴾،
وﺗﻘﺎﺳﻣﺎﻩ ،ﻓﺎﺷﺗرى اﻟﻛﺎﻓر أرﺿﺎ وﺟﻌل ﻓﯾﻬﺎ ﺟﻧﺗﯾن وﺑﻧﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻗﺻر وﺗزوج وأﻧﺟب أوﻻدا ،وﺗﺻدق اﻵﺧر
ﺑﻣﺎﻟﻪ368ﻓﻌﯾرﻩ اﻟﻛﺎﻓر ﺑﻔﻘرﻩ ﺣﺗﻰ أﻫﻠك اﷲ ﻣﺎﻟﻪ وﺟﻧﺗﯾﻪ وﻟم ﯾﺗﺑﻘﻰ ﻟدﯾﻪ ﺷﻲء ،وﺿُرب ﻫذا اﻟﻣﺛل ﻟﻠﻛﻔﺎر اﻟذﯾن طﻠﺑوا
ﯾﺿرب اﷲ ﻋز وﺟل -ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت اﻟﻛرﯾﻣﺔ -ﻣﺛﻼ ﻋن رﺟﻠﯾن ﻣن ﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل أﺣدﻫﻣﺎ ﻣؤﻣن
واﻷﺧر ﻛﺎﻓر وﻋن ﺟزاء ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻟﯾﻛوﻧﺎ ﻋﺑرة ﻟﻠذﯾن ﯾﺷﻛون ﻓﻲ ﻗدرة وﻋظﻣﺔ ﺧﺎﻟﻘﻬم ،وﯾﻧﻛرون ﯾوم اﻟﺑﻌث
( /اﻟﻣﺷرﻛون اﻟذﯾن ﯾﻛذﺑون ﺑﯾوم اﻟﺑﻌث وﺑﻘدرة رﺑﻬم. اﻟﻣﺑﻠَﻎ ﻟﻪ :اﻟرﺳول )
اﻟﻣرﺟﻊ :ﯾﺗﻛون ﻣن ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت واﻷزﻣﻧﺔ واﻷﻣﺎﻛن اﻟﺗﻲ أﺣﺎﻟت إﻟﯾﻬﺎ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت ﻣﺛل:
اﻟﺟﻧﺗﯾن ،ﻗرﯾش ،اﻟﻣﺷرﻛون وأﻫل اﻟﻛﺗﺎب ،اﻟرﺟل اﻟﻛﺎﻓر " ﺑراطوس " اﻟرﺟل اﻟﻣؤﻣن " ﯾﻬوذا " اﻟرﺳول
(. )
اﻟﺳﻧن :ﻫﻲ ﻣﺟﻣوع اﻟﻘواﻋد اﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ وظﻔت ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت.
( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺳﺗﺗر) أﻧت ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل ) اﻟﻧون ( ﻓﻲ ) ﺟﻌﻠﻧﺎ ( وﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺳﺗﺗر ) ﻧﺣن (.
( ﺑﺳرد أﺣداث ﻗﺻﺔ ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ أﻣر اﻟرﺳول )
ﺻﺎﺣب اﻟﺟﻧﺗﯾن ﻟﺗﻛون ﻋﺑرة ﻟﻠﻣﺷرﻛﯾن واﻟﻣﻧﻛرﯾن ﻟﯾوم اﻟﺑﻌث ،وﺗﺗﺷﻛل اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن:
204
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء اﻟﺷرك ﺑﺎﷲ واﻟﺷك ﻓﻲ ﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة اﻟﺑﻌث ﻣن اﻟﻣوت واﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻷﻣور -1
( ﺑﺳرد ﻗﺻﺔ ﺻﺎﺣب اﻟﺟﻧﺗﯾن ﻟﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﻣن ﻋﺑر ﻋن ﻗﯾم اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :أﻣر اﻟرﺳول ) -2
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﺟﺳد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺣﻣوﻟﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻷﻣر؛ ﺣﯾث ﯾﺄﻣر اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ورﺳوﻟﻪ اﻟﻛرﯾم ﺑﺳرد ﻗﺻﺔ ﺻﺎﺣب -1
اﻟﺟﻧﺗﯾن ﻟﻬؤﻻء اﻟﻛﻔﺎر اﻟذﯾن طﻠﺑوا ﻣﻧﻪ اﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋن اﻟﻔﻘراء ﻟﺗﻛون ﻋﺑرة ﻟﻬم.
ن ﻟَﻪُ
ِﻼﻟَ ُﻬﻤَﺎ ﻧَ َﻬﺮًاَ ،وﻛَﺎ َ
ﻛﻠَﻬَﺎ َوﻟَ ْﻢ ﺗَﻈْﻠِ ْﻢ ﻣِﻨْﻪُ ﺷَﻴْﺌـًﺎ َوﻓَﺠﱠ ْﺮﻧـَﺎ ﺧَ
َﺖ أُ ُ
ْﻦ آَﺗ ْ اﻵﯾﺔ ِ ﴿ :36 -33
ﻛ ْﻠﺘـَﺎ اﻟْﺠَﻨﱠﺘَﻴ ِ
اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ " :أَﻧَﺎ أَ ْﻛﺛ َُر " ،وﯾﺗﻛون ﻣن:
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻻﺳﻣﯾﺔ ) أَﻧَﺎ أَ ْﻛﺛ َُر ( ﻣﺑﺗدأ وﺧﺑر.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺟل اﻟﻛﺎﻓر " ﺑراطوس " ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﻧﻔﺻل ) أﻧﺎ /ﻫو( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﺻف اﻟﺟﻧﺗﯾن و ﺗﺑﯾﺎن ﻏرور ﺻﺎﺣﺑﻬﻣﺎ وﺗﺗﺷﻛل
اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن:
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء اﻣﺗﻼك " ﺑراطوس " ﺟﻧﺗﯾن وﺧﯾرات ﻛﺛﯾرة ،وﻓﻘرﺻﺎﺣﺑﻪ. -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﻏرور ﺻﺎﺣب اﻟﺟﻧﺗﯾن واﻓﺗﺧﺎرﻩ ﺑﻣﺎ ﻟدﯾﻪ وﻛﻔرﻩ ﺑﺧﺎﻟﻘﻪ وﺑﯾوم اﻟﻔﻧﺎء. -2
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :اﻓﺗﺧﺎر ﺻﺎﺣب اﻟﺟﻧﺗﯾن ﺑﻛﺛرة ﺧﯾراﺗﻪ وﻧﻌﻣﻪ وﺗﻛﺑرﻩ ﻋﻠﻰ ﺧﺎﻟﻘﻪ وﺻﺎﺣﺑﻪ. -2
ﻓﻌل ﻟﻐوي ﻣﺑﺎﺷر ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻪ ﻣن اﻟﺣﻣوﻟﺔ اﻟدﻻﻟﯾﺔ اﻟﺳطﺣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻠﺔ وﻫو وﺻف اﻟواﻗﻊ اﻟﺧﺎرﺟﻲ؛ ﺣﯾث ﯾﺧﺑر
ﺻﺎﺣب اﻟﺟﻧﺗﯾن ﺻﺎﺣﺑﻪ ﺑﺄﻧﻪ أﻛﺛر ﻣﻧﻪ ﻣﺎﻻ وأﻋز ﻧﻔرا ،وﯾﺻف ﻟﻪ ﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﻪ ﻣن ﺧﯾرات وﻧﻌم ﻟﻛن اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻓﻲ
اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ اﻹﺧﺑﺎر إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﺑﻬﺎ ﻓﻌل ﻟﻐوي ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻓﻌل
اﻻﻓﺗﺧﺎر ،اﻓﺗﺧﺎر اﻟﻛﺎﻓر ﺑﻣﺎﻟﻪ وﺟﻧﺗﯾﻪ ،وﺗﻛﺑرﻩ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺑﻪ اﻟﻣؤﻣن اﻟﻔﻘﯾر ،وﻋﻠﻰ ﺧﺎﻟﻘﻪ وذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ اﻋﺗﻘد ﺑﺄن
) ﺑراطوس (.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ) ﺑراطوس ( ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧت (
وﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل ) اﻟﻛﺎف ( ﻓﻲ ) ﺧﻠﻘك ،ﺳواك ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ " ﯾﻬوذا " وﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر
) أﻧﺎ (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻛﻔر " ﺑراطوس" وﺟﺣودﻩ ﺑﻧﻌﻣﺔ رﺑﻪ وﺗﺗﻛون
اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن:
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء ﻛﻔر " ﺑراطوس " ﺑرﺑﻪ إو ﻧﻛﺎرﻩ ﻟﯾوم اﻟﺑﻌث. -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﻟوم وﺗوﺑﯾﺦ " ﺑراطوس " ﻋﻠﻰ ﺟﺣودﻩ وﻛﻔرﻩ. -2
206
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن:
ﺗﺻور ﻟﻧﺎ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت اﻟﻛﺎﻓر وﻫو ﯾﺟﺎدل ﺻﺎﺣﺑﻪ ﻣﺗﻛﺑ ار وﻣﺗﻌﺎﻟﯾﺎ ،ﺛم ﯾﺄﺧذ ﺑﯾدﻩ وﯾطوف ﺑﻪ ﻓﻲ وﺳط ﺣداﺋﻘﻪ
وﺑﺳﺎﺗﯾﻧﻪ وﯾرﯾﻪ ﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﻣن أﺷﺟﺎر وﺛﻣﺎر وﻫو ﺑذﻟك ظﺎﻟم ﻟﻧﻔﺳﻪ ﺑﻛﻔرﻩ ﺑﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ ،وﺑﻛﻔرﻩ ﺑﻘدرة اﷲ وﻋظﻣﺗﻪ ﻓﻲ
ُن اﻟﺳﱠﺎ َﻋﺔَ ﻗَﺎﺋِ َﻣﺔً ( ﻓﯾﺗﻌﺟب ﺻﺎﺣﺑﻪ ﻣن ﻫذا اﻟﺟﺣود وﻫذا اﻟﻛﻔر ﺑﻣن
َن ﺗَﺑِﯾ َد ﻫ َِذ ِﻩ أََﺑدًا َ ...وﻣَﺎ أَظ ﱡ
ُن أ ْ
ﻗوﻟﻪ ) ﻣَﺎ أَظ ﱡ
ﺧﻠﻘﻪ ﻣن ﺗراب ﺛم ﻣن ﻧطﻔﺔ ﺛم ﺳواﻩ إﻧﺳﺎﻧﺎ ﺳوﯾﺎ ،ﻣوﺑﺧﺎ ﻟﻪ ﻋن طرﯾق ﺳؤاﻟﻪ اﻟذي وﺟﻬﻪ ﻟﻪ ) أﻛﻔرت ﺑﺎﻟذي ﺧﻠﻘك
ﻣن ﺗراب ﺛم ﻣن ﻧطﻔﺔ ﺛم ﺳواك رﺟﻼ (؛ ﺣﯾث ﯾﻣﺛل اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻫﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻣﺑﺎﺷ ار ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻪ ﺣرﻓﯾﺎ ﺑﻘراﺋن
ﺑﻧﯾوﯾﺔ وﻫﻲ أداة اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم " أ " ،ﻏﯾر أن اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل اﻟﺳؤال
َﺎﻻ
ْﻚ ﻣ ً
َن أَﻧـَﺎ أَﻗـَﻞﱠ ﻣِﻨ َ
ِن ﺗَﺮ ِ
ِﻻ ﺑِﺎﻟﻠﱠِﻪ إ ْ
ْﺖ ﻣَﺎ ﺷَﺎءَ اﻟﻠﱠﻪُ َﻻ ﻗُﻮﱠةَ إﱠ
َﻚ ﻗـُﻠ َ اﻵﯾﺔ َ ﴿ :39وﻟَﻮَْﻻ إِذْ دَﺧَﻠ َ
ْﺖ ﺟَﻨﱠﺘ َ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ) ﺑراطوس ( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧت ( واﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل
) اﻟﻛﺎف ( ﻓﻲ ) ﺟﻧﺗك ( ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ) ﯾﻬوذا ( ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﻧﻔﺻل) أﻧﺎ (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻌظﯾم ﻗدرة اﷲ ﻋز وﺟل وﺣﻣدﻩ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻣﻪ،
وﺗﺗﺷﻛل ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗوﺑﯾﺦ ) ﺑراطوس ( ﻋﻠﻰ ﻛﻔرﻩ وﺗﻛﺑرﻩ. -2
ﯾوﺑﺦ اﻟرﺟل اﻟﻣؤﻣن ﺻﺎﺣﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻔرﻩ وﺟﺣودﻩ طﺎﻟﺑﺎ ﻣﻧﻪ أن ﯾﻘول " ﻣﺎ ﺷﺎء اﷲ ﻛﺎن وﻣﺎ ﻟم ﯾﺷﺄ ﻟم ﯾﻛن " وأن
ﯾﺷﻛر رﺑﻪ اﻟذي أﻧﻌم ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻛل ﻣﺎ ﺗﺷﺗﻬﯾﻪ اﻟﻧﻔس .وﯾواﻛب اﻵﯾﺔ اﻟﺷرﯾﻔﺔ ﻗوﺗﺎن إﻧﺟﺎزﯾﺗﺎن :ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ
ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺑﻌض اﻟﻘراﺋن اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻣﺛل ﺣرف اﻟﺗﺣﺿﯾض " ﻟوﻻ " وﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛل ﻟﻧﺎ اﻟﻐرض
ﻦ اﻟﺴﱠﻤَﺎءِ
ِﻚ َوﻳُﺮِْﺳﻞَ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ُﺣ ْﺴﺒـَﺎﻧـًﺎ ﻣِ َ
ِﻦ ﺟَﻨﱠﺘ َ
َﻦ ﺧَﻴْﺮًا ﻣ ْ اﻵﯾﺔ ﴿ :41 ،40ﻓَﻌَﺴَﻰ َرﺑﱢﻲ ْ
أَن ﻳُ ْﺆﺗِﻴ ِ
ﻛﺧﺑر ﻟﻠﻣﺑﺗدأ ) ﻋﺳﻰ رﺑﻲ ( وﻣن اﻟﻠواﺣق ﻣﺛل اﻟﻣﻔﻌول ﺑﻪ ) ﺧﯾ ار ( واﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور ) ﻣن ﺟﻧﺗك ( وﻣن
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ) ﯾﻬوذا ( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧﺎ ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻹﯾﻣﺎن ﺑﻘدرة اﷲ ﻋز وﺟل ﻋﻠﻰ إﻋطﺎء اﻟﻧﻌم
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﺗﺄﻛﯾد ) ﯾﻬوذا ( ﻋﻠﻰ ﻗدرة اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ إو ﯾﻣﺎﻧﻪ ﺑﻪ . -2
208
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :وﯾﺗﻛون ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟدﻋﺎء ﷲ ﻋز وﺟل واﻟﺗﺿرع ﻟﻪ وطﻠب اﻟﺧﯾرات ،و اﻟدﻋﺎء ﻋﻠﻰ -2
وﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑق ﻧﺧﻠص إﻟﻰ أن اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﯾواﻛﺑﻬﺎ :ﻓﻌل ﻟﻐوي ﻣﺑﺎﺷر ﺗطﺎﺑق ﻓﯾﻪ ﻗوﺗﻪ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻩ
اﻟﺣرﻓﻲ وﻫو ﺗرﺟﻲ اﻟﻣؤﻣن اﻟﻔﻘﯾر ﻟرﺑﻪ اﻟﻛرﯾم ﺑﺄن ﯾرزﻗﻪ ﺟﻧﺔ أﻓﺿل ﻣن ﺟﻧﺔ اﻟﻛﺎﻓر وأن ﯾﺳﻠب اﻟﻛﺎﻓر ﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﻪ
ﻣن ﻧﻌم ﻟﻐرورﻩ وﺟﺣودﻩ ،ﻏﯾر أن اﻵﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل " اﻟﺗرﺟﻲ "
ﻲ ﺧَﺎوِﻳَﺔٌ ﻋَﻠَﻰ
ﱢﺐ ﻛَﻔﱠْﻴﻪِ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ أَْﻧﻔَ َﻖ ﻓِﻴﻬَﺎ َو ِﻫ َ اﻵﯾﺔ ﴿ :44 -42وَأُﺣِﻴﻂَ ﺑِﺜَﻤَﺮِِﻩ ﻓـَﺄَ ْ
ﺻﺒَﺢَ ﻳُﻘـَﻠ ُ
ِك ( اﻟﺗﺎﺑﻊ ﻟـ ) ﻟﯾﺗﻧﻲ ( ﻛﺧﺑر ،وﻣن اﻟﻠواﺣق ﻣﺛل اﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور ) ﺑرﺑﻲ (.
أُﺷْر ْ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ) ﺑراطوس ( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧﺎ ،ﻫو ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻧدم ﻋﻠﻰ اﻟﺷرك ﺑﺎﷲ ﻋز وﺟل واﻟﻛﻔر ﺑﻘدرﺗﻪ
209
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﻧدم ) ﺑراطوس ( ﻋﻠﻰ ﺗﻛﺑرﻩ وﻏرورﻩ وﻋدم إﯾﻣﺎﻧﻪ ﺑﻘوة ﺧﺎﻟﻘﻪ. -2
ﺑﻌد اﻟﻌﻘﺎب اﻟذي أﻧزﻟﻪ اﷲ ﻋز وﺟل ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣب اﻟﺟﻧﺗﯾن وﺗﺧرﯾﺑﻬﻣﺎ ﺧراﺑﺎ ﯾﺑﺎﺑﺎ أﺻﺑﺢ اﻟﻛﺎﻓر -اﻟذي ﻛﺎن ﯾﻔﺗﺧر
ﺑﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﻪ ﻧﺎﻛ ار ﻟﻘدرة اﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻌث -ﯾﻘﻠب ﻛﻔﯾﻪ ظﻬ ار ﻟﺑطن أﺳﻔﺎ وﺣزﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻟﻪ اﻟﺿﺎﺋﻊ وﻋﻠﻰ ﺷرﻛﻪ ﺑﺧﺎﻟﻘﻪ.
وﻟﻶﯾﺔ ﻗوﺗﺎن إﻧﺟﺎزﯾﺗﺎن ﺗواﻛﺑﺎن ﻧﻔس اﻟﻣﺣﺗوى اﻟﻘﺿوي؛ ﺣﯾث ﺗﻧﺟز ﻓﻌل " اﻟﺗﻣﻧﻲ" اﻟﻣدﻟول ﻋﻠﯾﻪ ﺣرﻓﯾﺎ ﺑﻘراﺋن
ﺑﻧﯾوﯾﺔ وﻫﻲ ﻟﻔظ اﻟﺗﻣﻧﻲ " ﻟﯾت " ﻏﯾر أن اﻵﯾﺔ وﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ﺗﻧﺟز ﻓﻌل اﻟﺗﺣﺳر واﻟﻧدم
ﺑﻌدﻣﺎ أﺳدل اﻟﺳﺗﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﺷﻬد اﻟﺟﻧﺔ وﻫﻲ ﺧﺎوﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻋروﺷﻬﺎ ،و ﻋﻠﻰ ﻣﻧظر اﻟرﺟل اﻟﻛﺎﻓر وﻫو ﯾﻘﻠب
ﻛﻔﯾﻪ ﻧدﻣﺎ وﺗﺣﺳ ار ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻌل ،ﻧﻘف أﻣﺎم ﻣﺷﻬد آﺧر ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺛﻼ ﻟﻠﺣﯾﺎة اﻟدﻧﯾﺎ ﻛﻠﻬﺎ؛ ﺣﯾث ﯾﺄﻣر اﻟﺣق ﺗﺑﺎرك
وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﺑﯾﻪ اﻟﻛرﯾم ﺑﺄن ﯾﺿرب ﻣﺛﻼ ﻟﻬؤﻻء اﻟﻣﺷرﻛﯾن ،ﯾدل ﻋﻠﻰ ﺣﻘﺎرة اﻟدﻧﯾﺎ وﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ،ﻓﻬو ﻣﺛل آﺧر ﻟﻠدﻧﯾﺎ
وﺑﻬرﺟﻬﺎ اﻟﺧﺎدع واﻟﻔﺎﻧﻲ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺑدو ﺟﻣﯾﻠﺔ وﻣﺛﻣرة ﻣزﻫوة وﻧﺿرة ،وﻓﺟﺄة ﯾﻧﻘﻠب ﺣﺎﻟﻬﺎ وﻻ ﯾﺿل ﺷﻲء ﻓوﻗﻬﺎ وﻛل
210
ﻓﻛل ﻫذﻩ اﻟﻧﺑﺎﺗﺎت واﻟﺛﻣﺎر ﺳرﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺟف وﺗﻧﻛﺳر وﺗﺻﯾر ﻫﺷﯾﻣﺎ ﺗذروﻩ اﻟرﯾﺎح ،واﻷﻣر ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﻠﻣﺎل واﻟﺑﻧون ،ﻓﻛل ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣن زﯾﻧﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟدﻧﯾﺎ ﻓﻬو ﺳرﯾﻊ اﻻﻧﻘﺿﺎء واﻻﻧﻘراض369وﻻ ﺗﺑﻘﻰ إﻻ ﺛﻣرة اﻷﻋﻣﺎل
وﺑﻌد ذﻛر اﻟدﻧﯾﺎ وﻣﺂﻟﻬﺎ ،ﯾﺄﻣر اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣرة أﺧرى رﺳوﻟﻪ اﻟﻛرﯾم ﺑذﻛر ﺑﻌض ﻣن ﺻور وﻣﺷﺎﻫد
ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ وأﻫواﻟﻬﺎ :ﯾوم ﯾزﯾﺢ اﷲ اﻟﺟﺑﺎل ﻣن ﻣﻛﺎﻧﻬﺎ وﯾظﻬر اﻷرض ﻟﻠﻌﯾﺎن ﻟﯾس ﻓوﻗﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﺳﺗرﻫﺎ ﻣن ﺟﺑﺎل أو
ﺷﺟر أو ﺑﻧﯾﺎن ،ﺛم ﯾﺟﻣﻊ اﻷوﻟﯾن واﻵﺧرﯾن ﻟﯾوم ﻻ ﻣﻔر ﻣﻧﻪ ،اﻟﯾوم اﻟﻣوﻋود ﯾوم اﻟﺣﺳﺎب واﻟﻌﻘﺎب ﯾوم ﯾﻌرض
اﻟﻧﺎس ﻋﻠﻰ رﺑﻬم ﺻﻔﺎ ﺻﻔﺎ ،ﻛﻣﺎ ﺧﻠﻘﻬم أول ﻣرة ﻻ ﯾﻣﻠﻛون ﺷﻲء إﻻ أﻋﻣﺎﻟﻬم وﻣﺎ ﺟﻧت أﯾدﯾﻬم ﺣﯾﻧﻬﺎ ﺳﯾﻌﻠم
اﻟﻣﻛذﺑون ﺑﯾوم اﻟﺑﻌث واﻟﺣﺳﺎب أن وﻋد اﷲ ﻛﺎن ﺣﻘﺎ وأن ﻛل ﻣﺎ ﻓﻌﻠوﻩ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟدﻧﯾﺎ ﺳﯾﻌرض ﺑﯾن أﯾدﯾﻬم ﻓﻲ
ﻛﺗﺎب ﻻ ﯾﻐﺎدر ﺻﻐﯾرة وﻻ ﻛﺑﯾرة إﻻ وﺳﺟﻠﻬﺎ ،ﺣﯾﻧﺋذ ﺳﯾﺗﺣﺻرون وﯾﻧدﻣون ﻋﻠﻰ أﻓﻌﺎﻟﻬم وﻋﻠﻰ ﻛﻔرﻫم ﺑﻌظﻣﺔ
ﯾﺄﻣر اﷲ ﻋز وﺟل ﻧﺑﯾﻪ ﻣرة أﺧرى ﺑﺿرب ﻣﺛل آﺧر ﻟﻬؤﻻء اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﻋن زﯾﻧﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟدﻧﯾﺎ اﻟﻔﺎﻧﯾﺔ ،وﻧﻘل
ﺑﻌض ﻣن ﻣﺷﺎﻫد ﻣن ﯾوم اﻟﺑﻌث واﻟﺣﺳﺎب ،وﺗﺗﻣﺛل ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت ﻓﻲ:
اﻟﺳﻧن /اﻟﺷﻔرة :ﻫﻲ ﻣﺟﻣوع اﻟﻘواﻋد اﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻟﻸﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ
ض
َْر ِ
َﺎت اﻷ ْ
ﻦ اﻟﺴﱠﻤَﺎءِ ﻓـَﺎﺧْﺘَـﻠَﻂَ ﺑِِﻪ ﻧَﺒـ ُ
ِب ﻟَ ُﻬ ْﻢ ﻣَﺜَـﻞَ اﻟْﺤَﻴـَﺎةِ اﻟﺪﱡ ْﻧﻴـَﺎ ﻛَﻤَﺎٍء أَﻧَْﺰْﻟﻨـَﺎﻩُ ﻣِ َ اﻵﯾﺔ ﴿ :45وَا ْ
ﺿﺮ ْ
( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧت ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ) اﷲ ( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) ﻧﺣن (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻣﺛﯾل ﻟزوال ﻣﻠذات اﻟدﻧﯾﺎ وﻓﻧﺎﺋﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﺑﺎت اﻟذي
أﻫﻠﻛﻪ اﷲ وﺟﻌﻠﻪ ﻫﺷﯾﻣﺎ ﺗذروﻩ اﻟرﯾﺎح وﺗطﯾﺢ ﺑﻪ ،وﺗﺗﺷﻛل اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن:
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء اﻟﺟري وراء ﻣﻠذات اﻟدﻧﯾﺎ وﺗرك اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺻﺎﻟﺣﺔ. -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﺗﺻوﯾر اﻟﻌذاب اﻟذي ﯾﻧﺗظر اﻟﻣﺷرﻛﯾن اﻟﻣﻬﺗﻣﯾن ﺑزﯾﻧﺔ اﻟدﻧﯾﺎ وﺑﻬرﺟﻬﺎ اﻟﻔﺎﻧﻲ. -2
212
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﺣرﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻓﻌل اﻷﻣر .ﻓﺎﻵﯾﺔ إذن ﯾواﻛﺑﻬﺎ
ﻓﻌل ﻟﻐوي ﻣﺑﺎﺷر ﺗطﺎﺑق ﻓﯾﻪ ﻗوﺗﻪ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﺣرﻓﻲ؛ ﺣﯾث ﯾﺄﻣراﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ رﺳوﻟﻪ اﻟﻛرﯾم ﺑذﻛر ﻣﺛل
آﺧر ﻟﻬؤﻻء اﻟﻣﺗﻛﺑرﯾن اﻟذﯾن طﻠﺑوا ﻣﻧﻪ طرد اﻟﻣؤﻣﻧﯾن اﻟﻔﻘراء ﻣن ﻣﺟﻠﺳﻪ ،وﻟﻠذﯾن ﯾﺟﻬﻠون ﻋظﻣﺔ اﷲ وﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ
إزاﻟﺔ ﻛل ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻓﻲ رﻣﺷﺔ ﻋﯾن ،وﻟﻠﻣﻛذﺑﯾن ﺑﯾوم اﻟﺑﻌث ،ﻣﺛﻼ ﯾﻛون ﻣن اﻟﺣﯾﺎة ﻧﻔﺳﻬﺎ ﯾرﯾد اﷲ ﻣن ﺧﻼﻟﻪ
ﻣﺧﺎطﺑﺔ اﻟذﯾن ﯾﻠﻬﺛون وراء زﯾﻧﺔ اﻟﺣﯾﺎة وﻻ ﯾدرون أن اﷲ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺳﻠﺑﻬﺎ ﻣﻧﻬم ﻓﻲ أي وﻗت ﺷﺎء ،ﻟذا ﻋﻠﯾﻬم أن
ﻻ ﯾﻐﺗروا ﺑدﻧﯾﺎﻫم ،ﻓﺈﻧﻣﺎ ﻣﺛﻠﻬﺎ ﻣﺛل اﻟﻧﺑﺎت اﻟذي ﺣﺳن اﺳﺗواؤﻩ ﺑﻣطر أﻧزﻟﻪ اﷲ ﻣن اﻟﺳﻣﺎء ﺛم أﺻﺑﺢ ﻣﺗﻛﺳ ار ﯾﺎﺑﺳﺎ
ﻣﺗﻔﺗﺗﺎ ﺗﻧﺳﻔﻪ اﻟرﯾﺎح ذات اﻟﯾﻣﯾن وذات اﻟﺷﻣﺎل ﺑﺄﻣر ﻣن اﻟﺣق اﻟﻘﯾوم ،وﺑﻌد أن ﯾﻠﻘﻲ ﻣﺷﻬد اﻟﺣﯾﺎة اﻟزاﺋﻠﺔ ظﻠﻪ ﻓﻲ
ﻧﻔس اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ،ﯾﻘرر اﻟﺳﯾﺎق -ﺑﻣﯾزان اﻟﻌﻘﯾدة -ﻗﯾم اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗﻲ ﯾﻠﻬث وراءﻫﺎ اﻟﻧﺎس وﯾﺗﻌﺑدوﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻷرض
370
وذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: واﻟﻘﯾم اﻟﺑﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺣق اﻻﻫﺗﻣﺎم
ﱢﻚ ﺛَﻮَاﺑـًﺎ
َﺎت ﺧَﻴْ ٌﺮ ِﻋﻨْﺪَ َرﺑ َ
َﺎت اﻟﺼﱠﺎﻟِﺤ ُ اﻵﯾﺔ ﴿ :48 -46اﻟْﻤَﺎلُ وَاﻟْﺒَﻨُﻮ َ
ن زِﻳﻨَﺔُ اﻟْﺤَﻴـَﺎ ِة اﻟﺪﱡﻧْﻴـَﺎ وَا ْﻟﺒـَﺎﻗِﻴـ ُ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) ُﻧ َﺳﯾ ُﱢرُ ،ﻧﻐَﺎدِر (
وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر ) اﷲ ﻋز وﺟل ( وﻣن اﻟﻠواﺣق ﻣﺛل اﻟﻣﻔﻌول ﺑﻪ ) اﻟﺟﺑﺎل (.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ) اﷲ ( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) ﻧﺣن ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ
( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧت ( ) ﺗرى ( ،و اﻹﺣﺎﻟﺔ أﯾﺿﺎ إﻟﻰ ﺧﻠق إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
) ﺟﺋﺗﻣوﻧﺎ (. اﷲ ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) ﻫم ( ﻓﻲ )ﻋرﺿوا ( و ) أﻧﺗم ( ﻓﻲ
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﺻف اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﺳﺗﻘﻊ ﯾوم اﻟﺑﻌث واﻟﺣﺳﺎب. -1
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗراوح ﺑﯾن اﻟﺗﻬوﯾل واﻟﺗﻬدﯾد واﻟوﻋد واﻟوﻋﯾد؛ ﺣﯾث ﯾذﻛر اﷲ ﻋز وﺟل ﻓﻲ -2
ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت اﻟﻌزﯾزة ﺑﻌض ﻣن ﻣﺷﺎﻫد ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ .ﺗﻘرﯾ ار ﻟﻸﺣداث اﻟﺗﻲ ﺳﯾﺷﻬدﻫﺎ ﻋﺑﺎدﻩ ﯾوم
اﻟﺑﻌث :ﯾوم ﯾزﯾﺢ اﷲ اﻟﺟﺑﺎل ﻣن ﻣﻛﺎﻧﻬﺎ ﻓﺗﺑﻘﻰ اﻷرض ﻋﺎرﯾﺔ ﻻ ﯾﻐطﯾﻬﺎ ﺷﻲء ،وﻻ ﺗﺧﺑﺊ ﺷﯾﺋﺎ وﻻ
ﺗﺧﻔﻲ أﺣدا ﻟُﯾﺣﺷر اﻟﺧﻠق ﻓوﻗﻬﺎ وﯾﻌرﺿوا ﻋﻠﻰ رﺑﻬم ﺻﻔﺎ ﺻﻔﺎ ﻟﯾﺑدأ اﻟﺣﺳﺎب واﻟﻌﻘﺎب ،وﺗﺟﺳد
ﻟﻧﺎ اﻵﯾﺎت ﻫذا اﻟﻣﻧظر وﻛﺄﻧﻧﺎ ﻧراﻩ ﺑﺄم أﻋﯾﻧﻧﺎ وﯾﻘول " ﺳﯾد ﻗطب " ﻓﻲ ذﻟك " :وﻫﻧﺎ ﯾﺗﺣول اﻟﺳﯾﺎق
ﻣن اﻟوﺻف إﻟﻰ اﻟﺧطﺎب .ﻓﻛﺄﻧﻣﺎ اﻟﻣﺷﻬد ﺣﺎﺿر ﻟﻠﺣظﺔ ،ﺷﺎﺧص ﻧراﻩ وﻧﺳﻣﻊ ﻣﺎ ﯾدور ﻓﯾﻪ،
وﻧرى اﻟﺧزي ﻋﻠﻰ وﺟوﻩ اﻟﻘوم اﻟذﯾن ﻛ ّذﺑوا ﺑذﻟك اﻟﻣوﻗف وأﻧﻛروﻩ " ﻟﻘد ﺟﺋﺗﻣوﻧﺎ ﻛﻣﺎ ﺧﻠﻘﻧﺎﻛم أول
ﻣرة ،ﺑل زﻋﻣﺗم أن ﻟن ﻧﺟﻌل ﻟﻛم ﻣوﻋداً " ..إو ﻧﻧﺎ ﻟﻧﻛﺎد ﻧﻠﻣﺢ اﻟﺧزي ﻋﻠﻰ اﻟوﺟوﻩ ،واﻟذل ﻓﻲ
اﻟﻣﻼﻣﺢ وﺻوت اﻟﺟﻼﻟﺔ اﻟرﻫﯾب ﯾﺟب ﻫؤﻻء اﻟﻣﺟرﻣﯾن ﺑﺎﻟﺗﺄﻧﯾب " وﻟﻘد ﺟﺋﺗﻣوﻧﺎ ﻛﻣﺎ ﺧﻠﻘﻧﺎﻛم أول
ﻣرة " وﻛﻧﺗم ﺗزﻋﻣون أن ذﻟك ﻟن ﯾﻛون "371.واﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﯾواﻛﺑﻬﺎ ﻓﻌﻼن ﻟﻐوﯾﺎن :ﻓﻌل ﻟﻐوي
ﻣﺑﺎﺷر ﺗطﺎﺑق ﻓﯾﻪ ﻗوﺗﻪ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﺣرﻓﻲ اﻟذي ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﺻف ﺑﻌض ﻣن ﻣﺷﺎﻫد ﯾوم
ﯾر ﻟﻣﺎ ﺳﯾﺣدث ﯾوم اﻟﺑﻌث ،ﻟﻛن اﻵﯾﺔ وﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ أﻧﺟز ﻣن
اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ ﺗﻘر ا
ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ﯾﺗراوح ﺑﯾن اﻟﺗﻬوﯾل ﻟﻣﺎ ﺳﯾﺣدث وﺗوﻋد اﷲ اﻟﻣﺷرﻛﯾن اﻟﻣﻛذﺑﯾن
ﺗﻘدﯾرﻩ :أذﻛر ،وﺑﻌﺿﻬم ﯾرى أﻧﻪ " ﯾﺟوز أن ﯾﻛون اﻟظرف ﻣﺗﻌﻠﻘﺎ ﺑﻣﺣذوف ﻏﯾر ﻓﻌل ) أذﻛر( ﯾدل ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻘﺎم
اﻟوﻋﯾد ﻣﺛل :ﯾرون أﻣ ار ﻣﻔظﻌﺎ أو ﻋظﯾﻣﺎ أو ﻧﺣو ذﻟك ﻣﻣﺎ ﺗذﻫب إﻟﻰ ﺗﻘدﯾرﻩ ﻧﻔس اﻟﺳﺎﻣﻊ وﯾﻘدر اﻟﻣﺣذوف ﻣﺗﺄﺧ ار
372
ﻋن اﻟظرف وﻣﺎ اﺗﺻل ﺑﻪ ﻟﻘﺻد ﺗﻬوﯾل اﻟﯾوم وﻣﺎ ﻓﯾﻪ ".
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺟرﻣﯾن ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) ﻧﺣن ( ﻓﻲ ) ﯾﺎ وﯾﻠﺗﻧﺎ (
واﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) ﻫم ( ﻓﻲ ) و وﺟدوا ﻣﺎ ﻋﻣﻠوا ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ) اﷲ (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻋرض أﻋﻣﺎل اﻟﻛﻔﺎر وﻧدﻣﻬم وﺣﺳرﺗﻬم ﻋﻠﻰ
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﻣﻌﺎﻗﺑﺔ اﻟﻣﺟرﻣﯾن ﻟﺳوء ﻋﻣﻠﻬم ،وﻧدﻣﻬم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﻗﺗرﻓوﻩ ﻣن ﻣﻌﺎﺻﻲ. -2
اﻟﻧداء اﻟﻣدﻟول ﻋﻠﯾﻪ ﺣرﻓﯾﺎ ﺑﻘراﺋن ﺑﻧﯾوﯾﺔ وﻫﻲ ﺣرف اﻟﻧداء " ﯾﺎ " وﺻﯾﻐﺔ اﻟﻧداء ،ﻏﯾر أن اﻵﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي
373
ﻣن اﻟﻧدم واﻟﺣﺳرة ﻋﻠﻰ ﺷرﻛﻬم ﺟﺎءت ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل اﻟﻧداء إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﺑﻬﺎ ﻓﻌل اﻟﻧدﺑﺔ ﻟﻠﺗوﺟﻊ
ﺑﺧﺎﻟﻘﻬم.
َﺎد ُر ( اﻟﻛﺗﺎب.
وﻣن ﻣوﺿوع أﺳﺎﺳﻲ ﻓﺎﻋل ) َﻻ ُﯾﻐ ِ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻛﺗﺎب اﻷﻋﻣﺎل إو ﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﺧﻠق ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) ﻫم
َﺟ ُدوا ﻣَﺎ َﻋ ِﻣﻠُوا ( إو ﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ) اﷲ ﻋز وﺟل (.
( ﻓﻲ ) و َ
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺟب ﻣن ﻛﺗﺎب اﻷﻋﻣﺎل اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟذي ﻻ
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﺗﺳﺟﯾل ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎل ﻓﻲ ﻛﺗﺎب ﻻ ﯾﺗرك ﺻﻐﯾرة وﻻ ﻛﺑﯾرة إﻻ أﺣﺻﺎﻫﺎ ﻟﺗﻌرض -2
ﻗوﺗﻪ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﺣرﻓﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻓﻌل اﻟﺳؤال اﻟذي ﯾﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻪ ﺣرﻓﯾﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺑﻌض
اﻟﻘراﺋن اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻣﺛل ﺣرف اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم " ﻣﺎ " واﻟﺗﻧﻐﯾم ،ﻏﯾر أن اﻵﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ﻻ
ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل اﻟﺳؤال إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﺑﻬﺎ ﻓﻌل اﻟﺗﻌﺟب اﻟذي ﯾﻣﺛل ﻟﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر.
وﻣﻌﻧﻰ اﻵﯾﺔ :أن اﷲ ﻋز وﺟل -ﯾوم اﻟﺣﺳﺎب -ﯾﺿﻊ ﺑﯾن ﯾدي ﻛل واﺣد ﺳﺟل أﻋﻣﺎﻟﻪ ،ﺷﺎﻣل
ودﻗﯾق ،ﻻ ﯾﻐﺎدر ﺻﻐﯾرة وﻻ ﻛﺑﯾرة إﻻ أﺣﺻﺎﻫﺎ ،ﯾوﻣﻬﺎ ﯾرى اﻟﻣﺟرﻣون أﻋﻣﺎﻟﻬم وﻫم ﺧﺎﺋﻔون ﻣن
اﻟذﻧوب وﻋﺎﻗﺑﺗﻬﺎ ﻣﺗﺣﺳرﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻌﻠوﻩ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻬم اﻟﻔﺎﻧﯾﺔ وﻋﻠﻰ ﺷرﻛﻬم ﺑرﺑﻬم وﻛﻔرﻫم ﺑﯾوم
اﻟﺑﻌث ﻣﺗﻌﺟﺑﯾن ﻣن ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب اﻟذي ﻻ ﯾﺗرك ﺷﺎردة وﻻ واردة إﻻ وﺳﺟﻠﻬﺎ ﺑدﻗﺔ ﻷن اﷲ ﻻ ﯾظﻠم
أﺣدا ،ﻓﻼ ﯾﻌﺎﻗب اﻟﻛﺎﻓرﯾن ﺑﻐﯾر ﺟرم ،وﻻ ﯾﻧﻘص ﻣن ﺛواب اﻟﻣﺣﺳﻧﯾن.
-6.1اﻟﻣوﺿوع اﻟﺳﺎدس :ﻗﺻﺔ إﺑﻠﯾس ﻣﻊ ﺳﯾدﻧﺎ آدم ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ،وﻋﺎﻗﺑﺔ اﻟﻛﻔﺎر اﻟﻣﺳﺗﻬزﺋﯾن
ﯾﻌرض اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت اﻟﺷرﯾﻔﺔ ﻗﺻﺔ رﻓض إﺑﻠﯾس اﻟﺳﺟود ﻟﺳﯾدﻧﺎ " آدم " ﻋﻠﯾﻪ
اﻟﺳﻼم ﻋﻧدﻣﺎ أﻣرﻩ رﺑﻪ ﺑذﻟك ،وﻗد ﺳﯾﻘت ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ﻟﻐرض اﻟﻣوﻋظﺔ واﻟﺗذﻛﯾر ﺑﺎﻟﻌواﻗب اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺞ ﻋن أﺗﺑﺎع
اﻟﺷﯾطﺎن واﻻﻧﺳﯾﺎق وراء ﻣﻐرﯾﺎت اﻟﺣﯾﺎة ،وﻫﻲ ﻣﺛل آﺧر أراد اﷲ ﻣن رﺳوﻟﻪ أن ﯾﺿرﺑﻪ ﻟﻠﻣﺷرﻛﯾن اﻟذﯾن ﺗﻛﺑروا
ﻋن ﻋﺑﺎدﻩ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن اﻟﻔﻘراء ،ﻛﻣﺎ ﺗﻛﺑر إﺑﻠﯾس ورﻓض اﻟﺳﺟود ﻵدم ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﺗﺣﯾﺔ ﻟﻪ ،وﻟﻠذﯾن ﯾﺗﺑﻌون اﻟﺷﯾﺎطﯾن
وﯾﺗﺧذوﻧﻬم أوﻟﯾﺎء ﻣن دون اﷲ وﻫم ﻟﻬم أﻋداء ،وﯾﺷﯾر اﷲ ﻋز وﺟل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت إﻟﻰ أن إﺑﻠﯾس ﻫو أﺻل
374
ﻛﻣﺎ ﯾﺷﯾر اﷲ ﻋز وﺟل ﻓﻲ اﻟﺿﻼل وأن ﺧﺳران اﻟﺧﺎﺳرﯾن ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ ﯾؤول إﻟﻰ أﺗﺑﺎﻋﻬم ﺧطوات اﻟﺷﯾﺎطﯾن.
ﺳﯾﺎق آﺧر إﻟﻰ ﺑﻌض ﻣن ﻣظﺎﻫر ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ :ﯾوم ﯾﻧﺎدي اﷲ اﻟﻣﺷرﻛﯾن أن آﺗوا ﺑﺷرﻛﺎﺋﻛم ﻟﯾﺣﻣوﻛم ﻣن ﻋذاﺑﻲ
إﻟﻰ طرﯾق اﻟﺣق ،ﻟﻛﻧﻛم ﻛذﺑﺗﻣوﻫم واﺗﺑﻌﺗم أﻫواءﻛم ﻓﺟزاؤﻛم ﺟﻬﻧم ﺧﺎﻟدﯾن ﻓﯾﻬﺎ أﺑدا.
ﯾﺄﻣر اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ و ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﺑﯾﻪ اﻟﻛرﯾم ﺑﺗﺑﻠﯾﻎ أﻣﺗﻪ ﻗﺻﺔ ﻋﺻﯾﺎن إﺑﻠﯾس ﻷﻣرﻩ ﻋﻧدﻣﺎ طﻠب ﻣﻧﻪ اﻟﺳﺟود
ﻵدم ﺗﺣﯾﺔ ﻟﻪ ،وﺗﺗﺷﻛل ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻵﯾﺎت ﻣن:
( /اﻟﻣﺻﺣف. ﻗﻧﺎة اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘﺻﺔ اﻟﺳﺟود /اﻟرﺳول )
اﻟﺑﻼغ :أﻣر اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ ﺑﺎﻟﺳﺟود ﻵدم ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم /ﻧﻘل ﻗﺻﺔ ﺗﻛﺑر إﺑﻠﯾس وﻋﺻﯾﺎﻧﻪ ﻷﻣر رﺑﻪ.
اﻟﺳﻧن :ﻣﺟﻣوع اﻟﻘواﻋد اﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺟزء ﻣن اﻟﺳورة.
218
-3.6.1ﺗﺣﻠﯾل اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع اﻟﺳﺎدس:
َﻦ
ﻖﻋ ْ
ﻦ ﻓَﻔَﺴَ َ
ﻦ اﻟِْﺠ ﱢ
ن ﻣِ َ
ِﻴﺲ ﻛَﺎ َ اﻵﯾﺔ َ ﴿ : 50وإِذْ ﻗـُﻠْﻨـَﺎ ﻟِﻠْﻤََﻼﺋِﻜَﺔِ ا ْﺳ ُﺠﺪُوا ﻵَِدَمَ ﻓَﺴَﺠَﺪُوا إﱠ
ِﻻ إِ ْﺑـﻠ َ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) ا ْﺳ ُﺟ ُدوا ( وﻣن ﻣوﺿوﻋﻪ
) ﻧﺣن ( ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ) اﷲ ( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺿﻣﺎﺋر ﻣﺿﻣرة ﻣﺛل
ﻓﻲ ) ﻗﻠﻧﺎ ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ إو ﻟﻰ " آدم " إو ﻟﻰ إﺑﻠﯾس.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ أﻣر اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ ﺑﺎﻟﺳﺟود ﻟـ " آدم " وﻋﺻﯾﺎن إﺑﻠﯾس
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﺗﺗﺷﻛل ﺣﻣوﻟﺗﻪ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﻪ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻓﻌل اﻷﻣر " اﺳﺟدوا".
ﱠﺧذُوَﻧﻪُ ( وﻣوﺿوﻋﻪ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) ﺗَﺗ ِ
) ﻣن دوﻧﻲ (. اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر ) اﻟﻣﺷرﻛون ( وﻣن اﻟﻠواﺣق ﻣن ﺟﻣﻠﺔ اﻟﻌطف واﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور ﻓﻲ
219
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) أﻧﺗم ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ
إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ) اﷲ ( ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) أﻧﺎ ( واﻹﺣﺎﻟﺔ أﯾﺿﺎ إﻟﻰ اﻟﺷﯾطﺎن
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻋﺎﻗﺑﺔ إﺗﺑﺎع اﻟﺷﯾﺎطﯾن واﺗﺧﺎذﻫم أوﻟﯾﺎء دون اﷲ،
ﻧﻼﺣظ أن اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﯾواﻛﺑﻬﺎ ﻗوﺗﺎن إﻧﺟﺎزﯾﺗﺎن؛ ﺣﯾث ﺗﻧﺟز ﻓﻌل اﻟﺳؤال اﻟﻣدﻟول ﻋﻠﯾﻪ ﺣرﻓﯾﺎ ﺑﻘراﺋن ﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻣﺛل
اﻟﻬﻣزة ،ﻏﯾر أن اﻵﯾﺔ وﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل اﻟﺳؤال إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﺑﻬﺎ ﻓﻌل )
" اﻟزﻣﺧﺷري " إﻟﻰ أن اﻟﻬﻣزة اﻹﻧﻛﺎر /اﻟﺗﻌﺟب /اﻟﺗوﺑﯾﺦ ( وﻫو ﻣﺎ ﯾﻣﺛل ﻟﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ،وﯾﺷﯾر
اﺳﺗﻌﻣﻠت ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ ﻟﻺﻧﻛﺎر واﻟﺗﻌﺟب ﻛﺄﻧﻪ ﻗﯾل ":أﻋﻘﯾب ﻣﺎ وﺟد ﻣﻧﻪ ﺗﺗﺧذوﻧﻪ ) وذرﯾﺗﻪ أوﻟﯾﺎء ﻣن دوﻧﻲ (
375
وﺗﺳﺗﺑدﻟوﻧﻬم ﺑﻲ ﺑﺋس اﻟﺑدل ﻣن اﷲ إﺑﻠﯾس ﻟﻣن اﺳﺗﺑدﻟﻪ ﻓﺄطﺎﻋﻪ ﺑدل طﺎﻋﺗﻪ ".
ﻦ
ْﺖ ُﻣﺘﱠِﺨﺬَ اﻟْ ُﻤ ِﻀﻠﱢﻴ َ
ﻛﻨ ُ
ُﺴ ِﻬ ْﻢ َوﻣَﺎ ُ
ﻖ أَْﻧﻔ ِ
ض وََﻻ ﺧَﻠْ َ
َات وَاﻷَْ ْر ِ اﻵﯾﺔ ﴿ :51ﻣَﺎ أَ ْﺷ َﻬ ْﺪﺗُ ُﻬ ْﻢ ﺧَﻠْ َ
ﻖ اﻟﺴﱠﻤَﺎو ِ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ) اﷲ ( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧﺎ ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻧﻔﻲ اﷲ ﻋز وﺟل ﻹﺷراﻛﻪ ﻟﻬؤﻻء اﻟﺷﯾﺎطﯾن ﻓﻲ
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﻘدرة وﻋظﻣﺔ اﻟﺷﯾﺎطﯾن واﺗﺧﺎذﻫم أوﻟﯾﺎء دون اﷲ. -1
ﻦ َزﻋَ ْﻤﺘُ ْﻢ ﻓَﺪَﻋَ ْﻮ ُﻫ ْﻢ ﻓـَﻠَ ْﻢ ﻳَ ْﺴﺘَﺠِﻴﺒُﻮا ﻟَ ُﻬ ْﻢ اﻵﯾﺔ 52و َ ﴿ :53وﻳَ ْﻮمَ ﻳَﻘُﻮلُ ﻧـَﺎدُوا ﺷُ َﺮﻛَﺎﺋِ َ
ﻲ اﻟﱠﺬِﻳ َ
َوﺟَﻌَﻠْﻨـَﺎ ﺑَﻴْﻨَ ُﻬ ْﻢ ﻣَ ْﻮﺑِﻘـًﺎَ ،ورَأَى اﻟْ ُﻤ ْﺠﺮِﻣُﻮ َن اﻟﻨـﱠﺎ َر ﻓَﻈَﻨﱡﻮا أَﻧﱠ ُﻬ ْﻢ ُﻣﻮَاﻗِﻌُﻮﻫَﺎ َوﻟَ ْﻢ ﻳَِﺠﺪُوا ﻋَ ْﻨﻬَﺎ ﻣَ ْﺼﺮِﻓـًﺎ ﴾.
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﻛون ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) َﯾﻘُو ُل ( و ﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر ) اﷲ (.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﷲ ﻋز وﺟل ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) ﻫو /أﻧﺎ ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧﺗم ( إو ﻟﻰ اﻟﺷﯾﺎطﯾن ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) ﻫم (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗوﺑﯾﺦ اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﻋﻠﻰ اﺗﺧﺎذﻫم أوﻟﯾﺎء دون اﷲ
221
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﻫﻲ ﺗﻘرﯾر اﻟﺣﻘﺎﺋق. -1
وﻣﻌﻧﻰ اﻵﯾﺔ :ﯾوم ﯾﻘول اﷲ ﻟﻠﻣﺷرﻛﯾن :أدﻋوا ﺷرﻛﺎﺋﻲ ﻟﯾﻣﻧﻌوا ﻋﻧﻛم ﻋذاﺑﻲ وﯾﻧﻘذوﻛم ﻣن ﻟﻬﯾب ﺟﻬﻧم
وﻟﯾﺷﻔﻌوا ﻟﻛم ﻛﻣﺎ ﻛﻧﺗم ﺗزﻋﻣون ،ﻟﻛن ﻟم وﻟن ﯾﺳﺗﺟﯾﺑوا ﻟﻛم ،ﻓﺟﻌل ﻟﻛم اﷲ ﻧﺎر ﺟﻬﻧم ﻣﺄواﻛم وﻟن ﺗﺟدوا ﻣﻛﺎن آﺧر
ﻛﺜَ َﺮ
ن أَ ْ
ن اﻹِْ ْﻧﺴَﺎ ُ
َﻞ َوﻛَﺎ َ
ﻛﻞﱢ ﻣَﺜـ ٍ
ِﻦ ُ
سﻣْ اﻵﯾﺔ 54و َ ﴿ :55وﻟَﻘَ ْﺪ ﺻَ ﱠﺮﻓْﻨـَﺎ ﻓِﻲ َﻫﺬَا اﻟْﻘُﺮ ِ
ْآَن ﻟِﻠﻨـﱠﺎ ِ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﷲ ﻋز وﺟل ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر ) ﻧﺣن ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ
اﻟﻛﻔﺎر واﻟﻣﺷرﻛﯾن.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻔﺳﺎر ﻋن ﻗﻠﺔ إﯾﻣﺎن اﻟﻧﺎس ﺑﺧﺎﻟﻘﻬم إو ﻧﻛﺎر
222
ﻣن ﻫﻧﺎ ﻧﻼﺣظ أن اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﯾواﻛﺑﻬﺎ ﻓﻌﻼن ﻟﻐوﯾﺎن؛ ﺣﯾث ﺗﻧﺟز اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻓﻌل اﻟﺳؤال اﻟذي ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻪ
ﻣن ﺧﻼل ﺑﻌض اﻟﻘراﺋن اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻣﺛل ﻟﻔظ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم " ﻣﺎ " ﻏﯾر أن ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ أﻧﺟزت ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر
ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻪ ﻣن اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ وﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻓﻌل اﻟﺗﺣذﯾر واﻟﺗﻬدﯾد .وﯾؤﻛد اﷲ ﻋز وﺟل ﻓﻲ ﻫذﻩ
اﻵﯾﺎت اﻟﺷرﯾﻔﺔ أﻧﻪ ﺑﯾّن ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﻛل اﻷﻣور اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟدﯾن واﻟدﻧﯾﺎ ووﺿﺣﻬﺎ وﻓﺻل ﻓﯾﻬﺎ ﺗﻔﺻﯾﻼ دﻗﯾﻘﺎ
ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺿل ﻋﺑﺎدﻩ ﻋن ﺳواء اﻟﺳﺑﯾل ،وﻣﻊ ﻫذا ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻛﺛﯾر اﻟﻣﺟﺎدﻟﺔ واﻟﻣﺧﺎﺻﻣﺔ ﻓﻲ أﻣور اﻟﺣق واﻟﺑﺎطل إﻻ
ﻣن ﻫداﻩ رﺑﻪ ،ﻓﻣﺎ ﯾﻣﻧﻊ ﻫؤﻻء ﻣن اﻹﯾﻣﺎن ﺑﻣﺎ أﻧزل اﷲ؟ وﻣﺎ ﯾﻣﻧﻌﻬم ﻣن اﻻﺳﺗﻐﻔﺎر ﻣن اﻟذﻧوب واﻵﺛﺎم؟ إﻻ
ﻃ ِﻞ
ﻦ ﻛَﻔَﺮُوا ﺑِﺎ ْﻟﺒـَﺎ ِ
دلُ اﻟﱠﺬِﻳ َ
ﻦ َوﻳُﺠَﺎ ِ
ﻦ َو ُﻣ ْﻨ ِﺬرِﻳ َ اﻵﯾﺔ 56و َ ﴿ :57وﻣَﺎ ﻧُﺮِْﺳﻞُ اﻟْ ُﻤ ْﺮﺳَﻠِﻴ َ
ﻦ إِﱠﻻ ُﻣﺒَﺸﱢﺮِﻳ َ
َض
َﺎت َرﺑﱢِﻪ ﻓـَﺄَ ْﻋﺮ َ
ﱠﻦ ذُﻛﱢ َﺮ ﺑِﺂَﻳـ ِ
َﻦ أَﻇْـﻠَﻢُ ﻣِﻤ ْ
ﻖ وَاﺗﱠﺨَﺬُوا آَﻳـَﺎﺗِﻲ َوﻣَﺎ أُﻧْ ِﺬرُوا ُﻫ ُﺰوًاَ ،وﻣ ْ
ﻟِﻴُ ْﺪِﺣﻀُﻮا ﺑِِﻪ اﻟْﺤَ ﱠ
ِن
أَن ﻳَﻔْﻘَﻬُﻮﻩُ َوﻓِﻲ آَذَاﻧِ ِﻬ ْﻢ َوﻗْﺮًا َوإ ْ
ﻛﻨﱠﺔً ْ
َﺖ ﻳَﺪَاﻩُ إِﻧـﱠﺎ ﺟَﻌَﻠْﻨـَﺎ ﻋَﻠَﻰ ﻗـُﻠُﻮﺑِ ِﻬ ْﻢ أَ ِ
ﻲ ﻣَﺎ ﻗَﺪﱠﻣ ْ
َﺴ َ
ﻋَﻨْﻬَﺎ َوﻧ ِ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) ﻧ ُْرِﺳ ُل ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر ) اﷲ ﻋز وﺟل (.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) ﻧﺣن ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ
اﻟﻛﻔﺎر واﻟﻣﺷرﻛﯾن.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ظﻠم اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﻷﻧﻔﺳﻬم ﺑﺈﻋراﺿﻬم ﻋن دﯾن
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء ظﻠم اﻟﻛﻔﺎر ﻷﻧﻔﺳﻬم وذﻟك ﺑﺎﺗﺧﺎذﻫم أوﻟﯾﺎء دون اﷲ ﺑﺈﻋراﺿﻬم ﻋن دﯾن -1
اﻟﺣق.
223
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﺻف ﺣﺎل اﻟﻣﺷرﻛﯾن واﻟﻣﻌرﺿﯾن ﻋن دﯾن اﻟﺣق. -1
ﻣﻌﻧﻰ اﻵﯾﺔ :أرﺳل اﷲ ﻋز وﺟل أﻧﺑﯾﺎءﻩ اﻟﻛرام ﻟﻠﺗﺑﻠﯾﻎ واﻟﺗﺑﺷﯾر واﻹﻧذار ﻻ ﻟﻺﻫﻼك واﻟﺗﺧرﯾب ،ﻓﻬم ﯾﺑﺷرون أﻫل
اﻹﯾﻣﺎن وﯾﻧذرون أﻫل اﻟﻌﺻﯾﺎن ،ﻟﻛن وﻣﻊ أن طرق اﻟﻬداﯾﺔ واﺿﺣﺔ ،وطرق اﻟﻬﻼك واﺿﺣﺔ ﺗﺟد ﻣن ﯾﺟﺎدل
ﺑﺎﻟﺑﺎطل ﻹﺑطﺎل اﻟﺣق ،وﻣﻧﻬم ﻣن ﯾﺳﺗﻬزﺋون ﺑﻛﺗﺎب اﷲ اﻟﻌزﯾز وﯾﺳﺧرون ﻣن آﯾﺎﺗﻪ وﻫم ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ﯾﺗﻧﺎﺳون
ﺑﺎﻻ؟
أﻓﻌﺎﻟﻬم وﺳﯾﺋﺎﺗﻬم ،وﻣن أظﻠم ﻣﻣن ذ ّﻛر ﺑﺂﯾﺎت اﷲ ﻓﺗﻧﺎﺳﺎﻫﺎ وأﻋرض ﻋﻧﻬﺎ وﻟم ﯾﺻﻎ ﻟﻬﺎ وﻟم ﯾﻠﻘﻲ إﻟﯾﻬﺎ ً
ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﻻ أﺣد أظﻠم ﻣﻣن ﻓﻌل ذﻟك ،ﻓﺟﻌل اﷲ ﻋﻠﻰ ﻗﻠوﺑﻬم ﻏﺷﺎوة ﻟﺋﻼ ﯾﻔﻬﻣوا ﻫذا اﻟﻘرآن وﺟﻌل ﺻﻣﻣﺎ ﻋﻠﻰ
آذاﻧﻬم ﻟﺋﻼ ﯾﻬﺗدوا إﻟﻰ طرﯾق اﻟرﺷﺎد أﺑدا .واﻟﻣﻼﺣظ أن اﻟﺳؤال ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ ﻗد ﺧرج ﻋن ﻏرﺿﻪ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ إﻟﻰ
ﻏرض آﺧر ﻧﻔﻬﻣﻪ ﻣن ﺳﯾﺎق اﻟﺣﺎل وﻗراﺋن اﻷﺣوال ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻓﻌل اﻹﻧﻛﺎر واﻟﺗوﺑﯾﺦ.
ﻣَ ْﻮ ِﻋﺪًا﴾.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ) اﷲ ( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺿﻣﺎﺋر ﻣﺿﻣرة ) ﻫو /ﻧﺣن(
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﺻف ﺳﻌﺔ رﺣﻣﺔ اﷲ ﻋز وﺟل ﺑﻌﺑﺎدﻩ وﺗﺄﺧﯾر
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :وﺻف رﺣﻣﺔ اﷲ ﻋز وﺟل ﺑﻌﺑﺎدﻩ وﺗﻘرﯾر ﻣﺎ ﺣدث ﻷﻣم ﺳﺎﻟﻔﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺷرﻛﻬم -1
وﻛﻔرﻫم.
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻬدﯾد واﻟوﻋﯾد؛ ﺣﯾث ﯾﺧﺑرﻧﺎ اﷲ ﻋز وﺟل ﺑﺳﻌﺔ رﺣﻣﺗﻪ -2
وﻣﻐﻔرﺗﻪ ،ﻓﻣن رﺣﻣﺗﻪ ﺑﺧﻠﻘﻪ أﻧﻪ ﻟم ﯾﻌﺟل ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻗﺑﺗﻬم وﻣﺣﺎﺳﺑﺗﻬم ،ﺑل أﻣﻬﻠﻬم وأﺟﻠﻬم ﻟﻣوﻋد
ﻣﺣﺗوم ﯾرون ﻓﯾﻪ اﻷﻫوال اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗظرﻫم ،ﻣوﻋد ﻟن ﯾﻔرون ﻣﻧﻪ أﺑدا ،وﻟن ﯾﻛون ﻟﻬم ﻣﻠﺟﺄ ﯾﺣﺗﻣون
ﻓﯾﻪ ،ﻛذﻟك ﻓﻌل اﷲ ﻣﻊ اﻷﻣم اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ ﺣﯾن ظﻠﻣوا أﻧﻔﺳﻬم وﻛﻔروا ﺑﺧﺎﻟﻘﻬم ﺑﺄن أرﺳل ﻋﻠﯾﻬم ﻋﻘﺎﺑﺎ
أﻫﻠﻛﻬم ﺑﻪ ﺟﻣﯾﻌﺎ ،ﻟﻛن اﷲ ﻋز وﺟل ﯾﻘﺻد ﻣن ﺧﻼل ذﻛرﻩ ﻟﻬذﻩ اﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﺗﻲ ﻻ ﻣﻔر ﻣﻧﻬﺎ ﺗﻬدﯾد
-7.1اﻟﻣوﺿوع اﻟﺳﺎﺑﻊ :ﻗﺻـﺔ ﺳﯾـدﻧﺎ ﻣـوﺳﻰ ﻋـﻠﯾﻪ اﻟـﺳﻼم ﻣﻊ اﻟـﻌﺑد اﻟﺻـﺎﻟﺢ ) :اﻵﯾﺎت -60
:(82
ﻗﺻﺔ ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻣﻊ اﻟﻌﺑد اﻟﺻﺎﻟﺢ ﻫﻲ اﻟﻘﺻﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻓﻲ ﺳورة " اﻟﻛﻬف " ،وﻗد ذﻛرت
ﺗﻔﺎﺻﯾﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض ﻛﺗب اﻟﺗﻔﺎﺳﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻵﺗﻲ :ﻗﺎم " ﻣوﺳﻰ " ﯾﺧطب ﻓﻲ ﻗوﻣﻪ إو ذا ﺑرﺟل ﯾﺳﺄﻟﻪ ﻗﺎﺋﻼ :أي
اﻟﻧﺎس أﻋﻠم ؟ ﻓﻘﺎل " :ﻻ أﻋﻠم أن أﺣدا أﻋﻠم ﻣﻧﻲ " ،وﻛﺎن " ﻣوﺳﻰ " إذا ﺳﺋل ﻋن ﺷﻲء ﻣن ﻗﺑل وﻟم ﯾﻌﻠﻣﻪ ﻗﺎل:
ﺿٌر " ﻫو أﻋﻠم ﻣﻧﻪ ﻓﺗﻌﺟب " ﻣوﺳﻰ " وﺳﺄل رﺑﻪ ﻋن
" اﷲ أﻋﻠم " .ﻓﻌﺗَب اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وأوﺣﻰ ﻟﻪ ﺑﺄن ﻋﺑد اﷲ " َﺧ ِ
ﻣﻛﺎن " ﺧﺿر " ﻓﺑﯾن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻛﻠﯾﻣﻪ ﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻫذا اﻟﻌﺑد اﻟﺻﺎﻟﺢ ﻗﺎﺋﻼ " :ﺧذ ﻣﻌك ﺣوﺗﺎ واﺟﻌﻠﻪ ﻓﻲ
ﻣﻛﺗل وﺣﯾﺛﻣﺎ ﻓﻘدت اﻟﺣوت ﻓﺛم ﻣﻛﺎﻧﻪ " ﻓﻧﺎدى " ﻣوﺳﻰ " ﻓﺗﺎﻩ واﺳﻣﻪ " ﯾوﺷﻊ ﺑن ﻧون " وﻗﺎل ﻟﻪ " :ﻻ أﻛﻠﻔك إﻻ
أن ﺗﺧﺑرﻧﻲ ﺑﺷﻲء واﺣد ،إذا رأﯾت اﻟﺣوت ﻗد ﻓﺎرﻗﻧﺎ ﻓﺄﺧﺑرﻧﻲ ﺑذﻟك " ،ﺛم اﻧطﻠﻘﺎ ﺣﺗﻰ ﺑﻠﻐﺎ ﺻﺧرة ﺗوﺟد ﺑﻬﺎ ﻋﯾن
225
ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺎء ﻋذب ،ﻓﻘر ار أن ﯾﺳﺗرﯾﺣﺎ ﺗﺣت ظل ﻫذﻩ اﻟﺻﺧرة ﺣﺗﻰ ﻧﺎﻣﺎ ،واﺿطرب اﻟﺣوت ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺗل وﺧرج ﻣﻧﻪ
واﺗﺧذ ﺳﺑﯾﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺑﺣر – ﺑﻘدرة اﷲ اﻟﻌظﯾﻣﺔ -إذ ﻫو أﺣﯾﺎﻩ ﺑﻌدﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﯾﺗﺎ ،ورأى " ﯾوﺷﻊ " ﻣﺎ ﺣدث وﻟم ﯾوﻗظ "
ﻣوﺳﻰ " ﻟﯾﺧﺑرﻩ ﺑﻣﺎ ﺟرى ﺑل ﺗرﻛﻪ ﯾﺳﺗرﯾﺢ ﻓﻲ ﻧوﻣﻪ ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗﯾﻘظ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ ،وﻟﻣﺎ اﺳﺗﯾﻘظ ﻧﺳﻲ ﺻﺎﺣﺑﻪ أن
واﻧطﻠﻘﺎ ﻓﻲ رﺣﻠﺗﻬﻣﺎ ﺣﺗﻰ أﺣس ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﺑﺎﻟﺗﻌب واﻟﺟوع ﻓطﻠب ﻣن ﻓﺗﺎﻩ أن ﯾﺣﺿر
ﻟﻪ طﻌﺎﻣﺎ ﯾﺄﻛﻠﻪ ،ﻓﺗذﻛر اﻟﻔﺗﻰ ﻣﺎ ﺣدث ﻟﻠﺣوت وأﺧﺑرﻩ ﺑﺄﻧﻪ اﺗﺧذ ﺳﺑﯾﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺑﺣر ﻋﺟﺑﺎ ! وﻧﺳﻲ أن ﯾﺧﺑرﻩ ﺑذﻟك
وﻣﺎ أﻧﺳﺎﻩ إﻻ اﻟﺷﯾطﺎن ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم " :ذﻟك ﻣﺎ ﻛﻧﺎ ﻧﺑﻐﻲ " ،ﻓرﺟﻌﺎ ﯾﺗﺑﻌﺎن آﺛﺎر ﺳﯾرﻫﻣﺎ ﺣﺗﻰ
" ﻣوﺳﻰ " أﻧﻪ " اﻟﺧﺿر" اﻟذي وﺻﻼ إﻟﻰ اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﻓﻘدا ﻓﯾﻪ اﻟﺣوت وﻫﻧﺎك وﺟدا رﺟﻼ ﻣﺳﺗﻠﻘﯾﺎ ،ﻓﻌﻠم
أﺧﺑرﻩ اﷲ ﻋﻧﻪ ﻓﺣﯾﺎﻩ ﺑﺗﺣﯾﺔ اﻹﺳﻼم ،ﻗﺎم " اﻟﺧﺿر" ﻣن ﻣﻛﺎﻧﻪ ورد اﻟﺗﺣﯾﺔ وﺳﺄﻟﻪ ﻋن ﺳﺑب ﻗدوﻣﻪ ،ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺳﯾدﻧﺎ "
ﻣوﺳﻰ " ﺑﺄﻧﻪ ﺟﺎء ﻟﯾﻌﻠﻣﻪ ﻣﻣﺎ ﻋﻠﻣﻪ اﷲ ،ﻗﺑل " اﻟﺧﺿر" ذﻟك ﺑﺷرط أن ﻻ ﯾﺳﺄﻟﻪ ﻋﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﻪ ﺣﺗﻰ ﯾﺣدﺛﻪ ﻫو ﺑذﻟك.
ﻗﺑل ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " اﻟﺷرط وﻣﺿﯾﺎ ﻓﻲ طرﯾﻘﻬﻣﺎ ﺣﺗﻰ وﺻﻼ إﻟﻰ ﺷﺎطﺊ اﻟﺑﺣر ورﻛﺑﺎ ﺳﻔﯾﻧﺔ ﺻﻐﯾرة ،إو ذا "
اﻟﺧﺿر" ﯾﻘﻠﻊ ﺑﻌض أﻟواح اﻟﺳﻔﯾﻧﺔ ،ﻓﺗﻌﺟب " ﻣوﺳﻰ " وﺳﺄﻟﻪ ﻟﻣﺎذا ﻓﻌل ذﻟك؟ ﻓﻘﺎل ﻟﻪ " اﻟﺧﺿر" ﴿:ﻗـَﺎلَ أَﻟَ ْﻢ
ﻓﺎﻋﺗذر ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " وأﻛﻣﻼ طرﯾﻘﻬﻣﺎ وﺑﻌد ﻧزوﻟﻬﻣﺎ ﻣن اﻟﺳﻔﯾﻧﺔ 376
ﻲ ﺻَﺒْﺮًا﴾
َﻦ ﺗَ ْﺴﺘَﻄِﻴ َﻊ ﻣَﻌِ َ
ﱠﻚ ﻟ ْ
أَﻗـُﻞْ إِﻧ َ
أﻣﺳك " اﻟﺧﺿر" ﻏﻼﻣﺎ ﺻﻐﯾر وﻗﺗﻠﻪ ،ﻓﺎزداد ﺗﻌﺟب " ﻣوﺳﻰ " ﻣن أﻓﻌﺎل " اﻟﺧﺿر" وﺳﺄﻟﻪ ﻣرة أﺧرى ﻋن ﺳﺑب
ُﻚ ذﻟك ﻟﻛن " اﻟﺧﺿر" أﺟﺎﺑﻪ ﺑﻧﻔس ﺟواﺑﻪ ﺑﺎﻟﻣرة اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ،ﻓﺎﻋﺗذر " ﻣوﺳﻰ " ﻣرة أﺧرى وﻗﺎل ﻟﻪ ﴿ :ﻗـَﺎلَ إ ْ
ِن ﺳَﺄَْﻟﺘ َ
ﺛم واﺻﻼ ﻣﺷﯾﻬﻣﺎ ﺣﺗﻰ وﺻﻼ إﻟﻰ ﻗرﯾﺔ ﺳﺄﻻ أﻫﻠﻬﺎ ﺑﺄن ﯾﺿﯾﻔوﻫﻣﺎ 377
َﻦ ﺷَ ْﻲٍء ﺑَ ْﻌﺪَﻫَﺎ ﻓـََﻼ ﺗُﺼَﺎ ِﺣ ْﺒﻨِﻲ ﴾
ﻋْ
ﻷﻧﻬﻣﺎ ﺟﺎﺋﻌﺎن وﻻ ﯾﻣﻠﻛﺎن ﺷﯾﺋﺎ ،ﻟﻛن أﻫل اﻟﻘرﯾﺔ ﻟم ﯾﻛوﻧوا ﻣن اﻟﻛرﻣﺎء وأﺑو اﺳﺗﺿﺎﻓﺗﻬﻣﺎ ،وﻫﻧﺎك وﺟد " اﻟﺧﺿر"
ﺟدا ار ﻣﺎﺋﻼ ﯾﻛﺎد ﯾﺳﻘط ﻓﺑﻧﺎﻩ وأﻗﺎﻣﻪ ﺑﺄﺣﺳن ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﻗﺑل ،ﻓﺗﻌﺟب " ﻣوﺳﻰ" وﻗﺎل ﻟﻪ " :ﻟو طﻠﺑت ﻣن
-376اﻟﻛﻬف . 72 /
-377اﻟﻛﻬف .76 /
226
" اﻟﺧﺿر" ﴿:ﻗـَﺎلَ َﻫﺬَا أﺻﺣﺎب اﻟﺟدار أن ﯾﻌطوك أﺟرة ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠك ﻫذا ﻟﻧﺷﺗري ﺑﻪ طﻌﺎﻣﺎ ﻧﺄﻛﻠﻪ " ،ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ
ﯾﺳرد اﷲ ﻋز وﺟل ﻗﺻﺔ " ﻣوﺳﻰ" ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻣﻊ اﻟﻌﺑد اﻟﺻﺎﻟﺢ ﻟﻧﺑﯾﻪ اﻟﻛرﯾم ﻟﯾﺑﻠﻐﻬﺎ ﻷﻣﺗﻪ وﻟﺗﻛون ﻋﺑرة
ﻟﻠﻣﺷرﻛﯾن واﻟﻣﺗﻛﺑرﯾن وذﻟك ﻟﻣﺎ ﺗﺣﻣﻠﻪ ﻣن ﻗﯾم أﺧﻼﻗﯾﺔ ودﯾﻧﯾﺔ ،وﺗﺗﺟﻠﻰ ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ ﻟﻬذا اﻟﺟزء ﻣن
اﻟﻣرﺟﻊ :إﺳراﺋﯾل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘﺻﺔ " ﻣوﺳﻰ" /ﻗرﯾش " /ﻣوﺳﻰ" " ،ﯾوﺷﻊ " " ،اﻟﺧﺿر ".
( /اﻟﻣﺻﺣف اﻟﺷرﯾف. ﻗﻧﺎة اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ " :اﻟﺧﺿر" ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘﺻﺔ " ﻣوﺳﻰ " /اﻟرﺳول )
اﻟﺑﻼغ :ﯾوﺟد ﻣن ﻫو أﻋﻠم ﻣن ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " /ﻧﻘل أﺣداث ﻗﺻﺔ ﺳﯾدﻧﺎ "ﻣوﺳﻰ" ورﺣﻠﺗﻪ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل
اﻟﺳﻧن :ﻣﺟﻣوع اﻟﻘواﻋد اﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻟﻸﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺟزء ﻣن
ﻲ ُﺣﻘُﺒـًﺎ ،ﻓـَﻠَﻤﱠﺎ اﻵﯾﺔ َ ﴿ :63 -60وإِذْ ﻗـَﺎلَ ﻣُﻮﺳَﻰ ﻟِﻔَﺘـَﺎﻩُ َﻻ أَﺑْ َﺮ ُح ﺣَﺘﱠﻰ أَْﺑـﻠُ َﻎ ﻣَ ْﺠﻤَ َﻊ ا ْﻟﺒَ ْﺤ َﺮﻳ ِ
ْﻦ أَ ْو أَ ْﻣ ِﻀ َ
َﺴﻴـَﺎ ﺣُﻮﺗَ ُﻬﻤَﺎ ﻓـَﺎﺗﱠﺨَﺬَ ﺳَﺒِﻴﻠَﻪُ ﻓِﻲ ا ْﻟﺒَ ْﺤﺮِ ﺳَ َﺮﺑـًﺎ ،ﻓـَﻠَﻤﱠﺎ ﺟَﺎ َوزَا ﻗـَﺎلَ ﻟِﻔَﺘـَﺎﻩُ آَﺗِﻨـَﺎ ﻏَﺪَاءَﻧـَﺎ
ﺑَـﻠَﻐَﺎ ﻣَ ْﺠﻤَ َﻊ ﺑَ ْﻴﻨِ ِﻬﻤَﺎ ﻧ ِ
ُﻮت َوﻣَﺎ
ﻴﺖ اﻟْﺤ َ
َﺴ ُ
ْﺖ إِذْ أََوﻳْﻨـَﺎ إِﻟَﻰ اﻟﺼﱠﺨْ َﺮِة ﻓـَﺈِﻧﱢﻲ ﻧ ِ
ِﻦ ﺳَﻔَﺮِﻧـَﺎ َﻫﺬَا ﻧَﺼَﺒـًﺎ ،ﻗـَﺎلَ أَرَأَﻳ َ
ﻟَﻘَ ْﺪ ﻟَﻘِﻴﻨـَﺎ ﻣ ْ
اﻟﺳﻼم (.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻧﺑﻲ ) ﻣوﺳﻰ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﺎﺋر اﻟﻣﺿﻣرة ) ﻫو /
أﻧت ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ " ﯾوﺷﻊ " ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧﺎ (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻧﺳﯾﺎن اﻟﻔﺗﻰ إﺧﺑﺎر ﺳﯾدﻩ ﺑﻘﺻﺔ اﻟﺣوت وﺗﺗﺷﻛل ﻣن:
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء اﺗﺧﺎذ اﻟﺣوت ﺳﺑﯾﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺑﺣر وﻋدم إﺧﺑﺎر " ﯾوﺷﻊ " ﺳﯾدﻩ ﺑﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ ذﻟك -1
اﻟوﻗت.
228
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﻧﺳﯾﺎن اﻟﻔﺗﻰ إﺧﺑﺎر ﺳﯾدﻩ ﺑﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺣوت. -2
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺟب؛ ﻓﺑﻌد أن اﺳﺗراح ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻣن اﻟﺗﻌب اﻟذي -2
ﺗﻣﻠﻛﻪ ﻣن اﻟرﺣﻠﺔ ،طﻠب ﻣن ﻓﺗﺎﻩ أن ﯾﺣﺿر ﻟﻪ طﻌﺎﻣﺎ ﻟﯾﺄﻛﻠﻪ ،ﻓﺗذﻛر اﻟﻔﺗﻰ ﺑﺄﻧﻪ ﻟم ﯾﺧﺑرﻩ ﺑﻘﺻﺔ
اﻟﺣوت اﻟذي ﻋﺎد إﻟﻰ اﻟﺣﯾﺎة واﺗﺧذ ﺳﺑﯾﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺑﺣر ،وﻗد أﻧﺳﺎﻩ اﻟﺷﯾطﺎن ذﻟك ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن
اﻷﻣر ﻓﯾﻪ ﻣﻌﺟزة ﻛﺑﯾرة ،وﻗد ﺗﻌﺟب اﻟﻔﺗﻰ ﻣن ذﻟك اﻟﻣﺷﻬد اﻟذي ﻟم ﯾر ﻣﺛﻠﻪ ﻣن ﻗﺑل.
دﻧـَﺎ
ِﻦ ِﻋﺒـَﺎ ِ
ﻛﻨـﱠﺎ ﻧَ ْﺒ ِﻎ ﻓـَﺎ ْرﺗَﺪﱠا ﻋَﻠَﻰ آَﺛـَﺎرِِﻫﻤَﺎ ﻗَﺼَﺼًﺎ ،ﻓََﻮﺟَﺪَا ﻋَﺒْﺪًا ﻣ ْ اﻵﯾﺔ ﴿ :66 -64ﻗـَﺎلَ ذَﻟ َ
ِﻚ ﻣَﺎ ُ
َﻦ ﻣِﻤﱠﺎ
أَن ﺗُﻌَﻠﱢﻤ ِ
ُﻚ ﻋَﻠَﻰ ْ
ِﻦ ﻟَﺪُﻧـﱠﺎ ﻋِﻠْﻤًﺎ ،ﻗـَﺎلَ ﻟَﻪُ ﻣُﻮﺳَﻰ َﻫﻞْ أَﺗﱠﺒِﻌ َ
ِﻦ ﻋِ ْﻨ ِﺪﻧـَﺎ َوﻋَﻠﱠ ْﻤﻨـَﺎﻩُ ﻣ ْ
آَﺗَ ْﻴﻨـَﺎﻩُ َر ْﺣﻤَﺔً ﻣ ْ
) اﷲ ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ) ﻣوﺳﻰ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ،ﻓﺗﺎﻩ ﯾوﺷﻊ ( ،و إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ
ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) ﻧﺣن ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ) اﻟﺧﺿر( ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ رﺣﻠﺔ ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻓﻲ ﺳﺑﯾل طﻠب اﻟﻌﻠم
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء وﺟود ﻣن ﻫو أﻋﻠم ﻣن ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم. -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﺳﻔر ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻣن أﺟل اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﻌﻠم واﻟﻣﻌرﻓﺔ. -2
229
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﺗﺗﺷﻛل ﺣﻣوﻟﺗﻪ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣن:
ﻲ ﺻَﺒْﺮًا ﴾.
َﻦ ﺗَ ْﺴﺘَﻄِﻴ َﻊ ﻣَ ِﻌ َ اﻵﯾﺔ ﴿ :67ﻗـَﺎلَ إِﻧ َ
ﱠﻚ ﻟ ْ
اﻟﺳﻼم (.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ" اﻟﺧﺿر" ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻫو /أﻧﺎ ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ) ﻣوﺳﻰ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ( ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺳﺗﺗر) أﻧت ( واﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل ) اﻟﻛﺎف ( ﻓﻲ ) إﻧك (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻗﻠﺔ ﺻﺑر ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﻰ اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﻟﯾس
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء وﺟود اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻌﻠﻣﻬﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم. -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﺗﺄﻛﯾد " اﻟﺧﺿر " ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺔ ﺻﺑر " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻷﻣور -2
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﺗﻘرﯾر ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻗﻠﺔ ﺻﺑر ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺟﻬﻠﻪ ﻣن اﻷﻣور. -1
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺣذﯾر " اﻟﺧﺿر" ﻟﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻣن طرح اﻟﻛﺛﯾر -2
ﻣﻌﻧﻰ اﻵﯾﺔ :ﯾﺟﯾب اﻟﻌﺑد اﻟﺻﺎﻟﺢ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ رﺳول اﷲ " ﻣوﺳﻰ" ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم وﯾﻘر ﻟﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻟن ﯾﺻﺑر ﻋﻠﻰ
ﻣﺎ ﺳﯾﺷﺎﻫدﻩ ،وأﻛد ﻫذا اﻟﺧﺑر ﺑﺣرف ) إن ( و) ﻟن ( ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻟﻣﺿﻣوﻧﻬﻣﺎ ﻣن ﺗوﻗﻊ ﻋدم ﺻﺑر " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﻰ
230
أﻓﻌﺎﻟﻪ ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﻌرف أن ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل ﺗدل ﻓﻲ ظﺎﻫرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻛر وﻓﻲ ﺑﺎطﻧﻬﺎ ﺗدل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌروف ،وﻟ ّﻣﺎ ﻛﺎن
ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ" ﻣن اﻷﻧﺑﯾﺎء اﻟذﯾن أﻗﺎﻣﻬم اﷲ ﻹﺟراء اﻷﺣﻛﺎم ﻋﻠﻰ اﻟظﺎﻫر ﻋﻠم " اﻟﺧﺿر" ﺑﺄﻧﻪ ﯾﺳﺗﻧﻛر ﻛل ﻣﺎ
ﺳﯾﺷﺎﻫدﻩ ﻣن ﺗﺻرﻓﺎت ،واﻟﻐرض ﻣن إﺟﺎﺑﺔ " اﻟﺧﺿر" ﻫو ﺗﺣذﯾرﻩ وﺗﻧﺑﯾﻬﻪ ﻟﺻﺎﺣﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﯾﺳﺗﻘﺑﻠﻪ ﻣﻧﻪ ﺣﺗﻰ
379
ﯾﻘدم ﻋﻠﻰ ﻣﺗﺎﺑﻌﺗﻪ إو ن ﺷﺎء ﻋﻠﻰ ﺑﺻﯾرة وﻋﻠﻰ ﻏﯾر اﻏﺗرار.
اﻟﺳﻼم (.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) أﻧت (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻗﻠﺔ ﺻﺑر ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﻰ اﻷﻣور اﻟﺗﻲ
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء ﺣدوث ﺑﻌض اﻷﻣور اﻟﻣﺟﻬوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم اﻟﺗﻲ -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﺗﺄﻛد " اﻟﺧﺿر " ﻣن ﻋدم ﺻﺑر " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﻣور -2
اﻟﺳؤال اﻟﻣدﻟول ﻋﻠﯾﻪ ﺣرﻓﯾﺎ ﺑواﺳطﺔ ﻗراﺋن ﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻣﺛل ﻟﻔظ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم " ﻛﯾف " واﻟﺗﻧﻐﯾم ،إﻻ أن اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﻓﻲ
اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل اﻟﺳؤال إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﺑﻬﺎ ﻓﻌل اﻹﻧﻛﺎر واﻟﺗﻌﺟب اﻟذي ﯾﻣﺛل
ﻟﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر .وﻫذا ﻣﺎ أﺷﺎر إﻟﯾﻪ " ﺳورل " ﻓﻲ ﻣﺣﺎﺿراﺗﻪ ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر أن ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ ﺗﻧﺟز
ﻓﻌﻠﯾن ﻟﻐوﯾﯾن أﺣدﻫﻣﺎ ﻣﺑﺎﺷر ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻪ ﻣن اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣرﻓﻲ ﻟﻠﻣﻠﻔوظ ،واﻵﺧر ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ﯾﻔﻬم ﻣن ﺳﯾﺎق اﻟﻛﻼم
وﻧﻧﺗﻘل ﻣن أوﻟﻬﻣﺎ إﻟﻰ ﺛﺎﻧﯾﻬﻣﺎ ﻋﺑر ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻻﺳﺗدﻻﻻت .وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﻘﺎم إﻟﻰ " اﻷدب ﻓﻲ
اﻟﺣوار" ﺑﯾن اﻟﻣﻌﻠم واﻟﻣﺗﻌﻠم أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺂداب اﻟﻣﺣﺎورة ،ﻓﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﯾطﻠب ﻣن " اﻟﺧﺿر "
ﺑﻛل أدب وﻟطف اﻟﺳﻣﺎح ﺑﻣراﻓﻘﺗﻪ ﻓﻲ رﺣﻠﺗﻪ ﻟﯾﺗﻌﻠم ﻣﻧﻪ ﻣﺎ ﻻ ﯾﻌرﻓﻪ وﻣﺎ ﻻ ﯾﻌﻠﻣﻪ ،وﯾﺟﯾﺑﻪ " اﻟﺧﺿر " ﺑﻛل أدب
وﺗواﺿﻊ ﺑﺄﻧﻪ ﻟن ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺻﺑر ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺻﺎدرة ﻣﻧﻪ اﻟﺗﻲ ﺗﺑدو ﺳﯾﺋﺔ ﻓﻲ ظﺎﻫرﻫﺎ ﻟﻛﻧﻬﺎ ﻓﻲ
ﺑﺎطﻧﻬﺎ ﻫﻲ أﻓﻌﺎل ﻣﻔﯾدة وﻻ ﺗﺳﻲء ﻷﺣد ،ﻓﺎﻟﻌﺑد اﻟﺻﺎﻟﺢ ﯾﺳﺗﻔﺳر ﻣن " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻋن درﺟﺔ ﺗﺣﻣﻠﻪ
وﺻﺑرﻩ ،ﻓﻛﯾف ﺳﯾﺻﺑر ﻋﻠﻰ أﻓﻌﺎل ﻻ ﯾﻌﻠم ﻓﺎﺋدﺗﻬﺎ إﻻ اﷲ وﻫو ،وﯾؤﻛد ﻟﻪ ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﺑﺄﻧﻪ ﺳﯾﺻﺑر وﯾﺗﺣﻣل
ﻓﻲ ﺳﺑﯾل طﻠب اﻟﻌﻠم واﻟﻣﻌرﻓﺔ وﺑﺄﻧﻪ ﺳﯾﻠﺗزم ﺑﺷروطﻪ وﻟن ﯾﻌﺻﻲ أواﻣرﻩ ،وﯾظﻬر ذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
اﻟﺳﻼم (.
) أﻧﺎ ( ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ" ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﺑد اﻟﺻﺎﻟﺢ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧت ( وﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل ) اﻟﻛﺎف ( ﻓﻲ ) ﻟك (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺄﻛﯾد ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﻰ ﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﺑر
232
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء ﺷك " اﻟﺧﺿر " ﻓﻲ ﻗدرة " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻣل واﻟﺻﺑر. -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﺗﺄﻛﯾد " ﻣوﺳﻰ" ﻟـ " اﻟﺧﺿر" ﻋﻠﻰ ﻣﻘدرﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻣل واﻟﺻﺑر. -2
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ اﻟﺻﺑر واﻟﺗﺣﻣل ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﻌﻠم. -1
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﻋد ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ" ﻟـ " اﻟﺧﺿر" ) ﺑﺎﻟﺻﺑر واﻟﺗﺣﻣل وﻋدم -2
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﻣﻛون ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) َﻻ ﺗَ ْﺳﺄَْﻟﻧِﻲ ( وﻣن ﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر ) ﻣوﺳﻰ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻧﺑﻲ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) أﻧت (
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ " اﻟﺧﺿر" ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧﺎ (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻧﻬﻲ " ﻣوﺳﻰ " ﻋن طرح اﻷﺳﺋﻠﺔ واﻻﺳﺗﻔﺳﺎرات،
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء ﻣﻌرﻓﺔ " اﻟﺧﺿر" ﺑﺄن " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻟن ﯾﺻﺑر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﯾﺷﺎﻫدﻩ -1
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﻧﻬﻲ اﻟﻧﺑﻲ " ﻣوﺳﻰ " ﻋن طرح اﻷﺳﺋﻠﺔ أو اﻻﺳﺗﻔﺳﺎر ﻋﻣﺎ ﺳﯾراﻩ. -2
233
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻧﺻﺢ " اﻟﺧﺿر " ﻟﺗﻠﻣﯾذﻩ ﺑﻌدم طرح اﻷﺳﺋﻠﺔ ،ﺣﺗﻰ ﯾوﺿﺢ ﻟﻪ -2
اﻷﻣور ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ،إو رﺷﺎدﻩ ﺑذﻟك إﻟﻰ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﻣﺛﻠﻰ ﻟﻛﺳب اﻟﻌﻠم واﻟﻣﻌرﻓﺔ.
ﻣﻌﻧﻰ اﻵﯾﺔ :ﯾﺷﺗرط اﻟﻣﻌﻠم ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻣﯾذﻩ أن ﻻ ﯾﺳﺄﻟﻪ ﻋن ﺷﻲء ﺣﺗﻰ ﯾﺧﺑرﻩ ﻫو ﺑﻧﻔﺳﻪ ﺑﺗﺄوﯾل اﻷﻣور اﻟﺗﻲ
ﺳﯾﺷﻬدﻫﺎ ،وﯾﻧﻬﺎﻩ ﻋن اﻻﺳﺗﻔﺳﺎر ﻋن أي أﻣر ،واﻟﻐرض اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻣن ﻧﻬﯾﻪ ﻋن اﻟﺳؤال ﻫو ﻧﺻﺣﻪ إو رﺷﺎدﻩ إﻟﻰ
اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﻣﺛﻠﻰ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﻣﻛﻧﻪ ﻣن ﺗﻌﻠم ﻣﺎ ﯾرﯾد ،وﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎ ﯾﺟﻬﻠﻪ وﻛﺄﻧﻪ اﺷﺗرط ﻋﻠﯾﻪ ﺗﺗﺑﻊ طرﯾﻘﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﻠﯾم ﺣﺗﻰ
ﯾﺻل إﻟﻰ ﻫدﻓﻪ وﯾﺣﻘق ﻏﺎﯾﺎﺗﻪ .وﯾﺷﯾر إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ " اﺑن ﻋﺎﺷور" ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ " :وأﻛد اﻟﻧﻬﻲ ﺑﺣرف اﻟﺗوﻛﯾد
ﺗﺣﻘﯾﻘﺎً ﻟﺣﺻول أﻛﻣل أﺣوال اﻟﻣﺗﻌﻠم ﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠم ،ﻷن اﻟﺳؤال ﻗد ﯾﺻﺎدف وﻗت اﺷﺗﻐﺎل اﻟﻣﺳؤول ﺑﺈﻛﻣﺎﻟﻪ ﻓﺗﺿﯾق ﻟﻪ
اﻟﺧﺿر" أن ﯾﺗوﻟﻰ ﻫو ﺑﯾﺎن أﻋﻣﺎﻟﻪ ﻓﻲ اﻹﺑﺎن اﻟذي ﯾراﻩ ﻣﻧﺎﺳﺑﺎً ﻟﯾﻛون اﻟﺑﯾﺎن أﺑﺳط واﻹﻗﺑﺎل أﺑﻬﺞ ﻓﯾزﯾد اﻻﺗﺻﺎل
380
ﺑﯾن اﻟﻘرﯾﻧﯾن".
ْﺖ
ق أَ ْﻫﻠَﻬَﺎ ﻟَﻘَ ْﺪ ِﺟﺌ َ اﻵﯾﺔ ﴿ :71ﻓـَﺎﻧْﻄـَﻠَﻘـَﺎ ﺣَﺘﱠﻰ إِذَا َر ِ
ﻛﺒـَﺎ ﻓِﻲ اﻟﺴﱠﻔِﻴﻨَﺔِ ﺧَﺮَﻗَﻬَﺎ ﻗـَﺎلَ أَﺧَ َﺮﻗْﺘَﻬَﺎ ﻟِﺘُ ْﻐﺮِ َ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ " اﻟﺧﺿر" ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻫو /أﻧت ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ" ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) ﻫو (.
" ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺧرق " اﻟﺧﺿر" ﻟﻠﺳﻔﯾﻧﺔ وﺗﻌﺟب ﺳﯾدﻧﺎ
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﻟوم " اﻟﺧﺿر" وﻋﺗﺎﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺧرﻗﻪ اﻟﺳﻔﯾﻧﺔ. -2
ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣﻣﺎ ﺳﺑق أن اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﺗواﻛﺑﻬﺎ ﻗوﺗﺎن إﻧﺟﺎزﯾﺗﺎن ﻟﻧﻔس اﻟﻣﺣﺗوى اﻟﻘﺿوي؛ ﺣﯾث ﺗﻧﺟز ﻓﻌل
اﻟﺳؤال اﻟﻣدﻟول ﻋﻠﯾﻪ ﺣرﻓﯾﺎ ﺑﻘراﺋن ﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻣﺛل أداة اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم " أ " واﻟﺗﻧﻐﯾم ،إﻻ أن اﻵﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟذي
وردت ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل اﻟﺳؤال إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﺑﻬﺎ ﻓﻌل " اﻹﻧﻛﺎر واﻟﺗﻌﺟب واﻟﻠوم ﻣﻌﺎ " اﻟذي ﯾﻣﺛل ﻟﻧﺎ
ﻓﻌﻼ ﻟﻐوﯾﺎ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر؛ ﺣﯾث ﯾﺳﺗﻧﻛر ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﺧرق " اﻟﺧﺿر" ﻟﻠﺳﻔﯾﻧﺔ ،وﯾؤﻛد إﻧﻛﺎرﻩ ﺑﻘوﻟﻪ:
وﯾﻣﻛن أن ﻧﺷﯾر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق إﻟﻰ أن ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻗد ﺧرق 381
﴿ ﻟﻘﺪ ﺟﺌﺖ ﺷﻴﺌﺎ إﻣﺮا ﴾.
ﺷرطﺎ ﻣن ﺷروط اﻻﺳﺗﺧدام ) اﻟﻣﻼءﻣﺔ ( أﺛﻧﺎء اﻟﺣوار ،اﻟﺗﻲ إذا ﺗﺣﻘﻘت ﻓﻲ اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﺗﺣﻘق إﻧﺟﺎزﻩ ﻓﻲ
اﻟواﻗﻊ ،وﻫذا اﻟﺷرط ﻫو ﺷرط اﻹﺧﻼص ،ﻷن رﺳول اﷲ " ﻣوﺳﻰ " ﻗدم وﻋدا ﻟـ " اﻟﺧﺿر" ﻟﻛﻧﻪ ﻟم ﯾﻠﺗزم ﺑﺎﻟوﻓﺎء
ﺑﻪ ،ﻓﻌﻧد أول ﻓﻌل ﻗﺎم ﺑﻪ اﻟﻌﺑد اﻟﺻﺎﻟﺢ ،ﻟم ﯾﺗﻣﺎﻟك ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ" ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻧﻔﺳﻪ وظن أن " اﻟﺧﺿر" ﻗد أﺗﻰ
ﺷﯾﺋﺎ ﻧﻛ ار وﻫو ﻻ ﯾﻌﻠم اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﻫذا اﻟﺗﺻرف ﻣﻊ أﻧﻪ ﻧُﺑﱢﻪ ﻣن ﻗﺑل إﻟﻰ ﻋدم اﻻﺳﺗﻔﺳﺎر وطرح اﻷﺳﺋﻠﺔ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
ﻲ ﺻَﺒْﺮًا ﴾.
َﻦ ﺗَ ْﺴﺘَﻄِﻴ َﻊ ﻣَ ِﻌ َ اﻵﯾﺔ ﴿ :72ﻗـَﺎلَ أَﻟَ ْﻢ أَﻗـُﻞْ إِﻧ َ
ﱠﻚ ﻟ ْ
) ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ" ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧت ( واﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻋدم ﻗدرة ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻣل واﻟﺻﺑر
أﻣﺎم ﻣﺷﻬد ﺧرق اﻟﺳﻔﯾﻧﺔ ،وﻟوﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑوﻋدﻩ ،وﺗﺗﻛون اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن:
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء ﻋدم اﻟﺗزام " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﺑوﻋدﻩ. -1
وﻣﺎ ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﻫو أن ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺟﻣل ﯾﻧزع إﻟﻰ اﻟدﻻﻟﺔ – ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺳﯾﺎﻗﺎت -ﻋﻠﻰ اﻹﻗرار
ﺑﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻌﻼ؛ ﻓـ " اﻟﺧﺿر" ﻗد ﺣذر ﺗﻠﻣﯾذﻩ ﻣن ﻋدم ﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﺑر واﻟﺗﺣﻣل ﻋﻠﻰ رؤﯾﺔ ﺑﻌض اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ
ﺳﺗﺑدو ﻟﻪ ﻏرﯾﺑﺔ وﻏﯾر ﻣﻌﻠﻠﺔ ،وﻣﺎ ﺗوﺟﯾﻪ " اﻟﺧﺿر" ﻫذا اﻟﻛﻼم ﺑﺻﯾﻐﺔ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم اﻟﻣﻧﻔﻲ إﻻ ﻟﯾﻘﯾم ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣﺟﺔ
وﯾﻠزﻣﻪ ﺑﺎﻹﻗرار ﺑﻬﺎ ،وﺳﯾﻛون رد " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﺑـ " ﺑﻠﻰ" وﺗﺳﻣﻰ ﻫذﻩ اﻟظﺎﻫرة ﺑظﺎﻫرة " اﻟﺗﺣﺟر" وﺗﺣدث
اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ :ﯾﻛون ﻟﻬﺎ ﻓﯾﻬﺎ دﻻﻟﺗﺎن :دﻻﻟﺔ ﺣرﻓﯾﺔ ) اﻟﺳؤال اﻟﻣﻧﻔﻲ ( ودﻻﻟﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ ﻣﻘﺎﻣﯾﺎ ) اﻟﻠوم
اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :ﺗﻧﻣﺣﻲ ﻓﯾﻬﺎ دﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺣرﻓﯾﺔ ﻓﺗﺻﺑﺢ دﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟوﺣﯾدة ﻫﻲ دﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ ﺑﺣﯾث ﺗﺻﺑﺢ
382
ﻫذﻩ اﻟدﻻﻟﺔ دﻻﻟﺔ ﺣرﻓﯾﺔ.
اﻟﺧﺿر (.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ " اﻟﺧﺿر" ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺳﺗﺗر) أﻧت ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ
إﻟﻰ ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ" ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻫو ( ﻓﻲ ) ﻗﺎل ( و) أﻧﺎ ( ﻓﻲ ) ﻧﺳﯾت /
" ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺷﻛل ﻣن اﻟﺗﻣﺎس ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ" اﻟﻌﻔو ﻣن
اﻟﺧﺿر" ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻻﻟﺗزام ﺑوﻋدﻩ ،وﺗﺗﻛون اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ ﻣن:
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء ﻋدم وﻓﺎء " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﺑوﻋدﻩ وﻟوﻣﻪ ﻋﻠﻰ ذﻟك. -1
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻌطف واﻻﻟﺗﻣﺎس ،ﻓﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻟم ﯾﻘﺻد -2
إﻧﺟﺎز ﻓﻌل اﻟﻧﻬﻲ إو ﻧﻣﺎ ﻓﻌل اﻟﺗﻌطف واﻟﺗﻣﺎس اﻟﻌﻔو ﻟﻣﺎ ﺑدر ﻣﻧﻪ ﻣن ﻧﺳﯾﺎن وﻋدم اﻻﻟﺗزام ﺑوﻋدﻩ.
واﻷﻣر ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺣﺎدﺛﺔ ) ﻗﺗل اﻟﻐﻼم وﺑﻧﺎء اﻟﺟدار اﻟﻣﺎﺋل ( ﺣﯾث ﺗﺳﺗرﺳل اﻵﯾﺎت اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﻋرض ﻫذﻩ
اﻟﻣﺷﺎﻫد واﻷﺣداث اﻟواﺣدة ﺗﻠو اﻷﺧرى ،وﻓﻲ ﻛل ﻣرة ﯾﺗدﺧل ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﺑﺳؤال واﺳﺗﻔﺳﺎر ﻟـ "
اﻟﺧﺿر" إو ظﻬﺎر ﺗﻌﺟﺑﻪ و ﻋدم رﺿﺎﻩ ﻟﻪ ،ﺣﺗﻰ ﯾﻘرر " اﻟﺧﺿر" ﺗوﻗﯾف ﻣﺷوارﻩ ﻣﻊ ﺗﻠﻣﯾذﻩ ،وﯾﻘدم ﻟﻪ أﺟوﺑﺔ ﻋن
أﺳﺋﻠﺗﻪ ﺣﺗﻰ ﯾﺑﯾن ﻟﻪ ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﺗﻠك اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﺑﺄﻣر ﻣن رﺑﻪ ﻋز وﺟل.
237
-8.1اﻟﻣوﺿوع اﻟﺛﺎﻣن :ﻗﺻﺔ اﻟرﺟل اﻟطواف ) ذو اﻟﻘرﻧﯾن( ) :اﻵﯾﺎت :(98 -83
ﻟﻣﺎ ذﻛر اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺻﺔ ﺳﯾدﻧﺎ " ﻣوﺳﻰ " ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻣﻊ اﻟﻌﺑد اﻟﺻﺎﻟﺢ أﻋﻘﺑﻬﺎ ﺑﻘﺻﺔ " ذو
اﻟﻘرﻧﯾن " ورﺣﻼﺗﻪ إﻟﻰ ﻣﺷﺎرق اﻷرض وﻣﻐﺎرﺑﻬﺎ ،وﻫﻲ اﻟﻘﺻﺔ اﻟراﺑﻌﺔ واﻷﺧﯾرة ﻣن اﻟﻘﺻص اﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ ﻫذﻩ
اﻟﺳورة ،واﻟﻬدف ﻣﻧﻬﺎ " اﻟﻌﺻﻣﺔ ﻣن ﻓﺗﻧﺔ اﻟﺳﻠطﺔ " وﻫﻲ إﺣدى اﻟﻔﺗن اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ.
وﻗد اﺧﺗﻠف اﻟﻣﻔﺳرون ﺣول أﺻل ﺗﺳﻣﯾﺔ " ذو اﻟﻘرﻧﯾن " وﻧﺳﺑﻪ ،ﻓﻣﻧﻬم ﻣن ﯾﻘول إﻧﻪ " اﻹﺳﻛﻧدر" اﻟذي
ﻣﻠك اﻟدﻧﯾﺎ؛ ﻓﻘﯾل :ﻣﻠﻛﻬﺎ ﻣؤﻣﻧﺎن " :ذو اﻟﻘرﻧﯾن " و" ﺳﻠﯾﻣﺎن " ،وﻛﺎﻓران " :ﻧﻣرود " و" ﺑﺧﺗﻧﺻر " وﻗﯾل ﻫو ﻣﻠك
ﻣن اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ ،وﻋن " ﻋﻠﻲ " رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻪ ﻗﺎل :ﺳﺧر ﻟﻪ اﻟﺳﺣﺎب ،وﻣدّت ﻟﻪ اﻷﺳﺑﺎب وﺑﺳط ﻟﻪ اﻟﻧور .وﺳﺋل
ﻋﻧﻪ ﻓﻘﺎل :أﺣب اﷲ ﻓﺄﺣﺑﻪ .وﺳﺄﻟﻪ " اﺑن اﻟﻛوّاء " :ﻣﺎ ذو اﻟﻘرﻧﯾن ﻣﻠك أم ﻧﺑ ّﻲ ؟ ﻓﻘﺎل :ﻟﯾس ﺑﻣﻠك وﻻ ﻧﺑ ّﻲ ،
383
وﻟﻣﺎ ﺳﺄل اﻟﻣﺷرﻛون ﻓﻣﺎت ،ﻓﺑﻌﺛﻪ اﷲ ،ﻓﺳﻣﻲ ذا اﻟﻘرﻧﯾن ﻷﻧﻪ طﺎف ﻗرﻧﺎ اﻟدﻧﯾﺎ :ﯾﻌﻧﻲ ﺟﺎﻧﺑﯾﻬﺎ ﺷرﻗﻬﺎ وﻏرﺑﻬﺎ.
( ﻋن اﻟرﺟل اﻟطواف أﻣرﻩ اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺗﻼوة ﻗﺻﺗﻪ ﻟﺗﻛون ﻋﺑرة ﻟﻠﺳﺎﺋﻠﯾن ﻋﻧﻬﺎ، اﻟرﺳول )
ﻓﺄﺧﺑرﻫم ﺑﺄﻧﻪ رﺟل ﻣﻠّﻛﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻣﻛﻧﻪ ﻣن اﻟﻧﻔوذ ﻓﻲ أﻗطﺎر اﻷرض ،وأﻋطﺎﻩ ﻣن اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣوﺻﻠﺔ ﻟﻪ ﻟﻣﺎ
وﺻل إﻟﯾﻪ ﻣﺎ ﺑﻪ ﯾﺳﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ ﻗﻬر اﻟﺑﻠدان وﺳﻬوﻟﺔ اﻟوﺻول إﻟﻰ أﻗﺎﺻﻲ اﻟﻌﻣران ،وﻣن ﺗﺳﻬﯾل اﻟوﺻول إﻟﻰ
ﻣﺷﺎرق اﻷرض وﻣﻐﺎرﺑﻬﺎ ﻓﺳﻠك طرﯾﻘﻪ اﻟذي ﯾ ّﺳ َرﻩ اﷲ ﻟﻪ ،وﺳﺎر ﺟﻬﺔ اﻟﻣﻐرب ﺣﺗﻰ وﺻل إﻟﻰ ﻣﻛﺎن وﺟد ﻓﯾﻪ
اﻟﺷﻣس ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﻐرب ﻓﻲ ﻋﯾن وﻫدة ﻣظﻠﻣﺔ ،ووﺟد ﺑﻬﺎ ﻗوﻣﺎ ﻛﺎﻓرﯾن ﻓﺧﯾرﻩ اﷲ ﺑﯾن ﻗﺗﻠﻬم وﺗﻌذﯾﺑﻬم وﺑﯾن دﻋوﺗﻬم
إﻟﻰ اﻹﺳﻼم ﻓﻘرر " ذو اﻟﻘرﻧﯾن " أن ﯾﻌذب ﻣن ظﻠم ﻧﻔﺳﻪ وﻛﻔر ،وﯾﺣﺳن إﻟﻰ ﻣن آﻣن ﺑرﺑﻪ ﻋز وﺟل .و واﺻل
ﺳﯾرﻩ ﺟﻬﺔ اﻟﻣﺷرق ﺣﺗﻰ وﺻل إﻟﻰ ﻗوم ﺗﺷرق ﻋﻠﯾﻬم اﻟﺷﻣس وﻟﯾس ﻟﻬم ﻣﺎ ﯾﺳﺗرﻫم ﻣن ﺣرﻫﺎ ﻓدﻋﺎﻫم إﻟﻰ
اﻹﺳﻼم ،ﻓﻣن آﻣن أﺣﺳن إﻟﯾﻪ وﻣن ﻛﻔر ﻗﺗﻠﻪ ﻛﻣﺎ ﻓﻌل ﺑﺄﻫل اﻟﻣﻐرب ،ﺛم ﺳﻠك طرﯾﻘﺎ ﺛﺎﻟﺛﺎ ﺑﯾن اﻟﻣﺷرق واﻟﻣﻐرب
-383اﻟﻛﺷﺎف ﻋن ﺣﻘﺎﺋق اﻟﺗﻧزﯾل وﻋﯾون اﻷﻗﺎوﯾل ﻓﻲ وﺟوﻩ اﻟﺗﺄوﯾل ،ص ص.497 ،496
238
ﺣﺗﻰ وﺻل إﻟﻰ ﻣﻧطﻘﺔ ﺑﯾن ﺣﺎﺟزﯾن ﻋظﯾﻣﯾن ﯾﻔﺻﻼن ﺑﯾن ﻗوم " ﯾﺄﺟوج و ﻣﺄﺟوج " وﺑﯾن ﻗوم ﻻ ﯾﻛﺎدون ﯾﻔﻘﻬون
إﻻ ﻟﻐﺗﻬم ،ﻓﻘﺎﻟوا ﻟﻪ :إن ﻗوم ﯾﺄﺟوج وﻣﺄﺟوج ﻣﻔﺳدون ﻓﻲ اﻷرض ﺑﺎﻟﻘﺗل واﻟﺳﻠب واﻟﻧﻬب ،ﻓﻬل ﻧﺟﻌل ﻟك أﺟ ار ﻋﻠﻰ
أن ﺗﺟﻌل ﺑﯾﻧﻧﺎ وﺑﯾﻧﻬم ﺳدا ﯾﺣﻣﯾﻧﺎ ﻣن ﺷرﻫم؟ ﻓﻘﺑل " ذو اﻟﻘرﻧﯾن " ﻣﺳﺎﻋدﺗﻬم دون ﻣﻘﺎﺑل ،ﻋﻠﻰ أن ﯾﺳﺎﻋدوﻩ ﻓﻲ
إﺗﻣﺎم ﻫذا اﻟﻣﺷروع .وﻛﺎن ﻫذا اﻟﺳد ﻧﻌﻣﺔ ﻣن اﷲ ورﺣﻣﺔ ﺑﻌﺑﺎدﻩ ،ﻓﺈذا ﺟﺎء وﻋد اﷲ ﺑﺧروج " ﯾﺄﺟوج و ﻣﺄﺟوج "
وذﻟك ﻗرب ﻗﯾﺎم اﻟﺳﺎﻋﺔ ﺟﻌﻠﻪ اﷲ ﻣﺳﺗوﯾﺎ ﺑﺎﻷرض وﻋﺎد ﻣﺗﻬدﻣﺎ ﻛﺄﻧﻪ ﻟم ﯾﻛن ﻣوﺟودا ﻣن ﻗﺑل.
ﯾﺄﻣر اﷲ ﻋز وﺟل رﺳوﻟﻪ اﻟﻛرﯾم ﺑﺳرد أﺣداث ﻗﺻﺔ " ذو اﻟﻘرﻧﯾن " ﻟﺗﻛون ﺟواﺑﺎ ﻟﻣن اﺳﺗﻔﺳر ﻋﻧﻬﺎ،
اﻟﻣرﺟﻊ :ﻗرﯾش /ﻣﺷﺎرق اﻷرض وﻣﻐﺎرﺑﻬﺎ /ذو اﻟﻘرﻧﯾن /ﻗرﯾش /ﻗوم ﯾﺄﺟوج وﻣﺄﺟوج /اﻟرﺳول )
(.
اﻟﺳﻧن :ﻫﻲ ﻣﺟﻣوع اﻟﻘواﻋد اﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧظﻣت ﺑﻬﺎ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ
239
-3.8.1ﺗﺣﻠﯾل اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع اﻟﺛﺎﻣن:
اﻵﯾﺔ ﴿ : 83و ﻳﺴﺄﻟﻮﻧﻚ ﻋﻦ ذي اﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﻗـﻞ ﺳﺄﺗﻠﻮ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﻨﻪ ذﻛﺮا ﴾.
(.
( ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) أﻧت ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
إﻟﻰ اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) ﻫم /أﻧﺗم ( و ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﺻل ) اﻟﻛﺎف ( ﻓﻲ ) ﯾﺳﺄﻟوﻧك (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺳرد أﺣداث ﻗﺻﺔ " ذو اﻟﻘرﻧﯾن " و ﺗﺗﺷﻛل
اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن:
( ﺑﺗﻼوة أﺣداث ﻗﺻﺔ " ذو اﻟﻘرﻧﯾن ". اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :أﻣر اﻟرﺳول ) -2
اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﻻ ﯾﻘﺻد ﻓﯾﻪ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل اﻷﻣر و إﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﻓﯾﻪ ﻓﻌل اﻟوﺻف و اﻟﺗﻘرﯾر و ذﻛر اﻟﺣﻘﺎﺋق
ﺣول ﻗﺻﺔ اﻟرﺟل اﻟطواف ﻟﻠﻣﺷرﻛﯾن اﻟذﯾن ﺳﺄﻟوا ﻋن ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ﻟﺗﻛون ذﻛ ار ﻓﯾﻪ ﻧﺑﺄ ﻣﻔﯾد و
ﺧطﺎب ﻋﺟﯾب ﻟﻬم ﻟﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﻣن ﺑﯾﺎن ﻋﻠﻰ ﻗدرة اﷲ و ﻋظﻣﺗﻪ ،و اﻷﻣر ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻶﯾﺎت ) 4
– ،( 93ﺣﯾث ﯾﺗواﺻل ﻓﯾﻬﺎ ﺳرد أﺣداث اﻟﻘﺻﺔ ﺑﺟﻣل ﺧﺑرﯾﺔ ﺗﺻف ﻟﻧﺎ ﺷﺧﺻﯾﺔ " ذو اﻟﻘرﻧﯾن
َﻚ ﺧَ ْﺮﺟًﺎ
ض ﻓَ َﻬﻞْ ﻧَ ْﺠﻌَﻞُ ﻟ َ
َْر ِ
ن ﻓِﻲ اﻷ ْ
ن ﻳَـﺄْﺟُﻮجَ َوﻣَﺄْﺟُﻮجَ ُﻣﻔ ِْﺴﺪُو َ اﻵﯾﺔ ﴿ :94ﻗـَﺎﻟُﻮا ﻳـَﺎ ذَا اﻟْﻘَ ْﺮﻧَﻴ ِ
ْﻦ إِ ﱠ
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ذي اﻟﻘرﻧﯾن " ،ﯾﺄﺟوج وﻣﺄﺟوج " ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻘوم اﻟذﯾن
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ طﻠب اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻣن ذي اﻟﻘرﻧﯾن ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﺳد،
اﻻﻗﺗﺿﺎء :اﻗﺗﺿﺎء اﻟﺗﻣﺎس اﻟﻘدرة واﻟﻘوة ﻟدى " ذو اﻟﻘرﻧﯾن " ﻋﻠﻰ ﺑﻧﺎء اﻟﺳد. -1
241
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻌرض؛ ﻓﺎﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ اﻵﯾﺔ ﻟم ﯾﻘﺻد ﻓﯾﻪ -2
إﻧﺟﺎز ﻓﻌل اﻟﺳؤال إو ﻧﻣﺎ أﻧﺟز ﻓﯾﻪ ﻓﻌل اﻟﻌرض ،واﻟﻌرض ﻫو طﻠب أﻣر ﻣﺎ ﺑﻠﯾن ورﻓق ،وﻗد
ﻻﺣظ اﻟدارﺳون اﻟﻘداﻣﻰ أن ﻣﻌﻧﻰ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻗﺎﺋم ﻓﻲ وﺟود دﻻﻟﺔ اﻟﻌرض ،وﻫذا ﻫو اﻟﺷﺄن ﻣﻊ
ﺑﻘﯾﺔ اﻟدﻻﻻت اﻟﻣﺗﻔرﻋﺔ ﻋن اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم؛ ﺣﯾث ﯾﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻷﺳﻠوب ﺑﺷﻲء ﻣن ﻣﻌﻧﺎﻩ ﻛﻣﺎ أﺷﺎر إﻟﻰ
384
اﺣﺗﻣﺎل اﻹﺟﺑﺎر اﻟذي ﻗد ﯾوﺣﻲ ﺑﻪ ﻓﻲ اﻷﻣر".
دﻣًﺎ، اﻵﯾﺔ ﴿ : 98 - 95ﻗـَﺎلَ ﻣَﺎ ﻣَﻜﱠﻨﱢﻲ ﻓِﻴﻪِ َرﺑﱢﻲ ﺧَﻴْ ٌﺮ ﻓـَﺄَﻋِﻴﻨُﻮﻧِﻲ ﺑِﻘُﻮﱠٍة أَ ْﺟﻌَﻞْ ﺑَ ْﻴﻨَ ُ
ﻜ ْﻢ َوﺑَ ْﻴﻨَ ُﻬ ْﻢ َر ْ
اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ " :أ ِﻋﯾﻧُوﻧِﻲ َ ،آﺗُوﻧِﻲ ،ا ْﻧﻔُ ُﺧوا " ،وﯾﺗﺷﻛل ﻣن:
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﻣﻛون ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) َآﺗُوﻧِﻲ ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر" ذو اﻟﻘرﻧﯾن " وﻣن
ﻟواﺣق اﻟﺟﻣﻠﺔ.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﷲ ﻋز وﺟل ،اﻟﻘوم اﻟذﯾن طﻠﺑوا ﺑﻧﺎء اﻟﺳد ،و اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ " ذو اﻟﻘرﻧﯾن "
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻗﺑول " ذو اﻟﻘرﻧﯾن " ﺑﻧﺎء اﻟﺳد وطﻠب اﻟﻌون ﻣن
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﻗﺑول " ذو اﻟﻘرﻧﯾن " ﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻘوم ﻋﻠﻰ ﺑﻧﺎء اﻟﺳد. -2
-384ﺗﺣوﯾﻼت اﻟطﻠب وﻣﺣددات اﻟدﻻﻟﺔ :ﻣدﺧل إﻟﻰ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺧطﺎب اﻟﻧﺑوي اﻟﺷرﯾف ،ص.171
242
ﻓﻌل إﻧﺟﺎزي :ﯾﺗﺷﻛل ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻻﻟﺗﻣﺎس؛ ﻓﺎﻟﺳﯾﺎق اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ اﻵﯾﺔ ﻟم ﯾﻘﺻد ﻓﯾﻪ إﻧﺟﺎز -2
ﻓﻌل اﻷﻣر إو ﻧﻣﺎ إﻧﺟﺎز ﻓﻌل اﻻﻟﺗﻣﺎس؛ ﺣﯾث ﺗﺻور ﻟﻧﺎ اﻵﯾﺎت ﻣﺷﻬد " ذو اﻟﻘرﻧﯾن" وﻫو ﯾﻘﺑل
ﻣﺳﺎﻋدة ﻫؤﻻء اﻟﻘوم دون ﻣﻘﺎﺑل ،ﺑل وﯾﻠﺗﻣس ﻣﻧﻬم ﻣﺳﺎﻋدﺗﻪ ﻓﻲ إﻧﺟﺎز ﻫذا اﻟﻣﺷروع.
وﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﻣﻼﺣظﺔ ذﻟك اﻟﺗواﺿﻊ اﻟﻛﺑﯾر اﻟذي ﯾﺗﺻف ﺑﻪ " ذو اﻟﻘرﻧﯾن " ﻓﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﻟﻘوة
واﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ ،إﻻ أن ذﻟك ﻟم ﯾﺧرﺟﻪ ﻣن رﺣﻣﺔ رﺑﻪ ،وﻟم ﯾﺟﻌل ﻣﻧﻪ رﺟﻼ ﻛﺎﻓرا ،ﺟﺑﺎ ار ﻣﺗﻛﺑ ار وظﺎﻟﻣﺎ،
ﻓﻬﺎﻫو ذا ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﻧﺷر اﻹﺳﻼم وﯾﺣﺎرب اﻟﻛﻔﺎر واﻟظﺎﻟﻣﯾن ،وﻫﺎ ﻫو ذا ﯾﻘﺑل ﺗﻘدﯾم ﻣﺳﺎﻋداﺗﻪ وﺧدﻣﺎﺗﻪ ﻟﻘوم
ﺧﺎﺋﻔﯾن ﺿﻌﺎف ﺑﻛل ﺗواﺿﻊ ودون ﻣﻘﺎﺑل ،ﺑل وﯾﺗﻌﺎون ﻣﻌﻬم وﻛﺄﻧﻪ ﻓرد ﻣﻧﻬم وﻫﻧﺎ ﯾﻧﺗﻬﻲ اﻟﺣدﯾث ﻋن ﻗﺻﺔ " ذو
اﻟﻘرﻧﯾن " وﯾﺄﺗﻲ ﺑﻌدﻫﺎ اﻟﺣدﯾث ﻋن ﺑﻌض ﻣن ﻣﺷﺎﻫد ﯾوم اﻟﺑﻌث وأﻫواﻟﻪ.
ﯾﻌرض اﷲ ﻋز وﺟل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت ﺑﻌض ﻣن ﻣﺷﺎﻫد ﯾوم اﻟﺑﻌث واﻟﺣﺳﺎب وﻣﺎ أﻋدﻩ ﻟﻠذﯾن اﻋرﺿوا ﻋن
243
( /اﻵﯾﺎت ) (106 -99ﻣن ﺳورة اﻟﻛﻬف. ﻗﻧﺎة اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ :اﻟرﺳول )
اﻟﺑﻼغ أو اﻟرﺳﺎﻟﺔ :ﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟذﯾن أﺷرﻛوا ﺑرﺑﻬم ﻣﺎ ﯾﻧﺗظرﻫم ﻣن ﻋﻘﺎب ﺟزاء ﺑﻣﺎ ﻓﻌﻠوا.
اﻟﺳﻧن :ﻫﻲ ﻣﺟﻣوع اﻟﻘواﻋد اﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧظﻣت ﺑﻬﺎ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ
ْﺾ َوﻧُﻔِﺦَ ﻓِﻲ اﻟﺼﱡﻮرِ ﻓَﺠَﻤَ ْﻌﻨـَﺎ ُﻫ ْﻢ ﺟَ ْﻤﻌًﺎ، اﻵﯾﺔ َ ﴿ :101 -99وﺗَ َﺮ ْ
ﻛﻨـَﺎ ﺑَ ْﻌﻀَ ُﻬ ْﻢ ﻳَ ْﻮﻣَﺌِ ٍﺬ ﻳَﻤُﻮ ُج ﻓِﻲ ﺑَﻌ ٍ
244
َﺿﻧَﺎ " ،وﯾﺗﺷﻛل ﻣن:
اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ◌َ " :ﺗ ََرْﻛﻧَﺎ َ ،ﺟ َﻣ ْﻌﻧَﺎ ُﻫ ْم ،ﻋَر ْ
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﻣﻛون ﻣن ﻣﺣﻣول ﻓﻌل ) ﺗ ََرْﻛﻧَﺎ ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر اﷲ ﻋز وﺟل.
) ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ) اﷲ ( ﻋز وﺟل ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر
ﻧﺣن /أﻧﺎ ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر ) ﻫم (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻋرض ﺻور وﻣﺷﺎﻫد ﻣن ﯾوم اﻟﺑﻌث واﻟﺣﺳﺎب،
وﺗﺗﺷﻛل ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﺻف ﺑﻌض ﻣن ﻣﺷﺎﻫد ﯾوم اﻟﺣﺳﺎب. -1
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﻋن طرﯾق اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺳﺗﺗر) ﻫم ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ
إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ )اﷲ( ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺿﻣﺎﺋر اﻟﻣﺿﻣرة ) أﻧﺎ /ﻧﺣن (.
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﯾﻣﺎ أﻋدﻩ اﷲ ﻋز وﺟل ﻟﻠﻣﺷرﻛﯾن ﻣن ﻋذاب أﻟﯾم،
وﺗﺗﺷﻛل ﻣن:
245
اﺳﺗﻠزام ﻣﻧطﻘﻲ :ﺗوﻋد اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﺑﻧﺎر ﺟﻬﻧم ﺧﺎﻟدﯾن ﻓﯾﻬﺎ أﺑدا. -2
ﻓﻌل إﺳﻧﺎدي :ﻣﻛون ﻣن ﻣﺣﻣول اﻟﻔﻌل ) ﻧُ َﻧﱢﺑ ُﺋﻛُم ( وﻣوﺿوﻋﻪ اﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر )اﷲ ﻋز وﺟل(.
ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬم ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) ﻫم ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ
( ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) أﻧت ( ﻓﻲ ) ﻗل ( ،و اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ )اﷲ( ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر إﻟﻰ اﻟرﺳول )
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻹﺧﺑﺎر ﻋن اﻟذﯾن اﺗﺧذوا أوﻟﯾﺎء دون اﷲ آﻟﻬﺔ
وظﻧوا أﻧﻬم ﻣؤﻣﻧﯾن ،ﻓﺄوﻟﺋك ﻻ ﯾﻧظر اﷲ إﻟﯾﻬم ﻟﺷرﻛﻬم ﺑﻪ ،وﺗﺗﺷﻛل ﻣن:
246
وﯾﺷﯾر اﻟﺷﯾﺦ " اﺑن ﻋﺎﺷور" إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ " :وﻛذﻟك اﻓﺗﺗﺎﺣﻪ ﺑﺎﺳﺗﻔﻬﺎﻣﻬم ﻋن إﻧﺑﺎﺋﻬم
اﺳﺗﻔﻬﺎﻣﺎً ﻣﺳﺗﻌﻣﻼً ﻓﻲ اﻟﻐرض ﻷﻧّﻪ ﺑﻣﻌﻧﻰ :أﺗﺣﺑون أن ﻧُﻧﺑﺋﻛم ﺑﺎﻷﺧﺳرﯾن أﻋﻣﺎﻻً ،وﻫو ﻏرض ﺗﻬﻛم ﻷﻧﻪ ﻣﻧﺑﺋﻬم
385
ﺑذﻟك دون ﺗوﻗف ﻋﻠﻰ رﺿﺎﻫم ".
ﯾطرح اﷲ ﻋز وﺟل ﺳؤاﻻ وﯾﺟﯾب ﻋﻠﯾﻪ ﻟﯾﺑﯾن أن اﻟذﯾن ﻻ ﺗﻧﻔﻌﻬم أﻋﻣﺎﻟﻬم ﻫم اﻟذﯾن أﺷرﻛوا ﺑﻌﺑﺎدة اﷲ
آﻟﻬﺔ أﺧرى ﺳواﻩ ،ﻧﺣو اﻟﻘﺳﯾﺳﯾن واﻟرﻫﺑﺎن اﻟذﯾن ﯾﺗﻌﺑدون وﯾظﻧون أن ﻋﺑﺎدﺗﻬم ﺗﻧﻔﻌﻬم ،وﻫﻲ ﻻ ﺗﻘﺑل ﻣﻧﻬم ،ﻓﻬؤﻻء
-10.1اﻟﻣوﺿوع اﻟﻌﺎﺷر :ﺗﺑﺷﯾر اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﺑﺎﻟﺧﻠود ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ ،وﺳﻌﺔ ﻋﻠم اﷲ ﻋز وﺟل :اﻵﯾﺎت
):(110-107
ﺑﻌد أن ﻋرض اﷲ ﺑﻌﺿﺎ ﻣن ﻣﺷﺎﻫد ﯾوم اﻟﺣﺳﺎب و اﻟﻌﻘﺎب وذﻛر ﺟزاء اﻟﻛﺎﻓرﯾن ﺑدﯾن اﷲ واﻟﻣﺷرﻛﯾن ﺑﻪ،
ﯾﻌرض ﻓﻲ ﺳﯾﺎق ﻣﻐﺎﯾر ﻟﻣﺎ ﻗﺑﻠﻪ ﺣﺳن اﻟﺛواب ،واﻷﺟر اﻟﺣﺳن اﻟذي ﯾﻧﺗظر اﻟذﯾن ﯾؤﻣﻧون ﺑﺎﷲ وﯾﻌﻣﻠون ﺻﺎﻟﺣﺎ،
ﺣﯾث ﯾﺑﺷرﻫم ﺑﺟﻧﺎت ﻋدن ﺗﺟري ﻣن ﺗﺣﺗﻬﺎ اﻷﻧﻬﺎر ﺧﺎﻟدﯾن ﻓﯾﻬﺎ أﺑدا ،ﺛم ﯾﺧﺗم اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺳورة ﺑﺗذﻛﯾر
ﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾص أﻫم ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ ﻟﻬذا اﻟﺟزء ﻣن اﻟﺳورة ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ:
اﻟﺑﻼغ أو اﻟرﺳﺎﻟﺔ :ﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟذﯾن آﻣﻧوا ﺑرﺑﻬم وأﺣﺳﻧوا ﻋﻣﻼ ﺑﺎﻷﺟر اﻟﺣﺳن اﻟذي ﯾﻧﺗظرﻫم ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
اﻟﺳﻧن :ﻫﻲ ﻣﺟﻣوع اﻟﻘواﻋد اﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧظﻣت ﺑﻬﺎ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ
س ﻧُﺰًُﻻ،
ﱠﺎت ا ْﻟﻔِ ْﺮدَ ْو ِ
َﺖ ﻟَ ُﻬ ْﻢ ﺟَﻨـ ُ
َﺎت ﻛَﺎﻧ ْ
ﻦ آَﻣَﻨُﻮا َوﻋَﻤِﻠُﻮا اﻟﺼﱠﺎﻟِﺤ ِ اﻵﯾﺔ 107و ﴿ :108إِ ﱠ
ن اﻟﱠﺬِﻳ َ
اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲَ " :آ َﻣﻧُوا َ ،ﻋ ِﻣﻠُوا " ،وﯾﺗﻛون ﻣن:
248
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﻋد اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﺑﺎﻟﺛواب اﻟﺣﺳن ﻟﺣﺳن أﻋﻣﺎﻟﻬم،
وﺗﺗﺷﻛل ﻣن:
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﺻف ﻣﺎ ﯾﻧﺗظر اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﻣن ﺛواب ﺣﺳن. -1
َﺎت َرﺑﱢﻲ
أَن ﺗَ ْﻨﻔَﺪَ ﻛَﻠِﻤ ُ
َﺎت َرﺑﱢﻲ ﻟَﻨَﻔِﺪَ ا ْﻟﺒَ ْﺤ ُﺮ ﻗَْﺒـﻞَ ْ اﻵﯾﺔ ﴿ : 109ﻗـُﻞْ ﻟَ ْﻮ ﻛَﺎ َ
ن اﻟْﺒَ ْﺤ ُﺮ ِﻣﺪَادًا ﻟِﻜَﻠِﻤ ِ
(.
( ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر) أﻧت ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﺻف ﺳﻌﺔ ﻋﻠم اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ وﻗوﺗﻪ
249
ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ :اﻟﺗﺄﻛﯾد واﻟﺗﺑﻠﯾﻎ؛ ﺣﯾث ﯾﺑﻠﻎ اﷲ ﻋز وﺟل رﺳوﻟﻪ اﻟﻛرﯾم وﻛل ﻣن ﯾﺷﻛك ﻓﻲ -2
ﻋظﻣﺗﻪ وﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﺣﯾﺎء واﻟﺑﻌث وﺳﻌﺔ ﻋﻠﻣﻪ وﻣﻌرﻓﺗﻪ ﺑﻛل ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﻣﺎوات واﻷرض ،وﯾﺷﯾر
" اﺑن ﻋﺎﺷور " إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾرﻩ ﻓﯾﻘول " :ﻓﻬذا اﺳﺗﺋﻧﺎف اﺑﺗداﺋﻲ وﻫو اﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ
اﻟﺗﻧوﯾﻪ ﺑﻌﻠم اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻔﯾض اﻟﻌﻠم ﻋﻠﻰ رﺳوﻟﻪ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ و ﺳﻠم -ﻷن اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﻟﻣﺎ
ﺳﺄﻟوﻩ ﻋن أﺷﯾﺎء ﯾظﻧوﻧﻬﺎ ﻣﻔﺣﻣﺔ ﻟﻠرﺳول وأن ﻻ ﻗﺑل ﻟﻪ ﯾﻌﻠﻣﻬﺎ ﻋﻠﻣﻪ اﷲ إﯾﺎﻫﺎ ،وأﺧﺑر ﻋﻧﻬﺎ
أﺻدق ﺧﺑر ،وﺑﯾّﻧﻬﺎ ﺑﺄﻗﺻﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﺑﻠﻪ أﻓﻬﺎﻣﻬم وﺑﻣﺎ ﯾﻘﺻر ﻋﻧﻪ ﻋﻠم اﻟذﯾن أﻏروا اﻟﻣﺷرﻛﯾن
ﺑﺎﻟﺳؤال ﻋﻧﻬﺎ ،وﻛﺎن آﺧرﻫﺎ ﺧﺑر ذي اﻟﻘرﻧﯾن ،أﺗﺑﻊ ذﻟك ﺑﻣﺎ ﯾﻌﻠم ﻣﻧﻪ ﺳﻌﺔ ﻋﻠم اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺳﻌﺔ
ﻣﺎ ﯾﺟري ﻋﻠﻰ وﻓق ﻋﻠﻣﻪ ﻣن اﻟوﺣﻲ إذا أراد إﺑﻼغ ﺑﻌض ﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻠﻣﻪ إﻟﻰ أﺣد ﻣن رﺳﻠﻪ وﻓﻲ
386
ﻫذا رد ﻋﺟز اﻟﺳورة ﻋﻠﻰ ﺻدرﻫﺎ ".
ن ﻳَ ْﺮﺟُﻮ ﻟِﻘـَﺎءَ
َﻦ ﻛَﺎ َ
ﻜ ْﻢ إِﻟَﻪٌ وَا ِﺣﺪٌ ﻓَﻤ ْ اﻵﯾﺔ ﴿ :110ﻗـُﻞْ إِﻧﱠﻤَﺎ أَﻧـَﺎ ﺑَﺸَ ٌﺮ ﻣِ ْﺜـﻠُ ُ
ﻜ ْﻢ ﻳُﻮﺣَﻰ إِﻟَﻲﱠ أَﻧﱠﻤَﺎ إِﻟَ ُﻬ ُ
( ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﺿﻣر ) أﻧت ( ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻟﺔ ﻓﻌل إﺣﺎﻟﻲ :إﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳول )
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺣذﯾر ﺧﻠق اﷲ ﻣن اﻟﺷرك ﺑﺎﷲ واﻟﻛﻔر ﺑﻪ،
وﺗﺗﺷﻛل ﻣن:
ﻓﻌل دﻻﻟﻲ :ﻣﻛون ﻣن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺣذﯾر ﺧﻠق اﷲ ﻣن اﻟﺷرك ﺑﺎﷲ واﻟﻛﻔر ﺑﻪ،
وﺗﺗﺷﻛل ﻣن:
ﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾص أﻫم ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺳورة اﻟﻛﻬف ﻓﻲ اﻟﻧﻘﺎط اﻵﺗﯾﺔ:
( ﺑﻐرض ﺗﻌﺟﯾزﻩ وﻧﻔﻲ اﻟﻧﺑوة أﻧﻬﺎ ﺟﺎءت ردا ﻋﻠﻰ أﺳﺋﻠﺔ طرﺣﻬﺎ اﻟﻣﺷرﻛون ﻋﻠﻰ اﻟرﺳول )
ﻋﻧﻪ.
أﻧﻬﺎ ﺟﻣﻌت ﺑﯾن اﻟﻔﺗن اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻐﺗر ﺑﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﺗؤدي إﻟﻰ ﻫﻼﻛﻪ ،ﻛﻣﺎ ﺑﯾﻧت ﻓﻲ
251
أراد اﷲ ﻋز وﺟل ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ أن ﯾﺑﯾن ﺟزاء ﻣن ﻛﻔر وأﺷرك ﺑرﺑﻪ وﺟزاء ﻣن آﻣن وﻋﻣل ﺻﺎﻟﺣﺎ.
أراد اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﯾﺑﯾن ﻟﻠﻣﺷرﻛﯾن واﻟﻣﺷﻛﻛﯾن ﻓﻲ ﻋظﻣﺗﻪ و ﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻌث واﻹﺣﯾﺎء ﺑﻌد
اﻟﻣﻣﺎت.
أراد اﷲ أن ﯾﺑﻠﻎ اﻟﻛﻔﺎر واﻟﻣﺷرﻛﯾن واﻟﻣﺗﻛﺑرﯾن ﺑﻘﯾﻣﺔ دﯾﻧﯾﺔ وأﺧﻼﻗﯾﺔ ﻣﻬﻣﺔ وﻫﻲ " اﻟﺗواﺿﻊ" اﻟذي
" ﻣوﺳﻰ " ﯾﻌﺗﺑر أﺳﺎس اﻹﯾﻣﺎن ،وﺿرب أﻣﺛﻠﺔ ﻛﺛﯾرة ﻋن أﻫﻣﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻣﺛل ﺗواﺿﻊ ﺳﯾدﻧﺎ
ﻓﻲ طﻠب اﻟﻌﻠم وﺗواﺿﻊ " ذو اﻟﻘرﻧﯾن " وﻣﺳﺎﻋدﺗﻪ ﻟﻠﺿﻌﻔﺎء ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻗوﺗﻪ وﺳﻠطﺗﻪ وﻋظﻣﺗﻪ ،وﺑﯾن
ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك ﺟزاء اﻟﻣﺗﻛﺑرﯾن ﻓﻲ ﻗﺻﺔ إﺑﻠﯾس ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛﺑر ﻋﻠﻰ ﺳﯾدﻧﺎ " آدم " وﻋﺻﻰ ﺑذﻟك أﻣر
رﺑﻪ ،ﻓﺄﺧرﺟﻪ ﻣن رﺣﻣﺗﻪ وأ ّﺧر ﻋذاﺑﻪ إﻟﻰ أﺟل ﻣﺳﻣﻰ ﻟﯾﻛون ﻋﺑرة ﻟﻠذﯾن ﺗﻛﺑروا ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘراء ﻣن
( اﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋﻧﻬم ،ﻟﻧﺧﻠص ﻓﻲ آﺧر اﻟﺳورة إﻟﻰ أن اﻟﺷﯾطﺎن ﻫو اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وطﻠﺑوا ﻣن ﻣﺣﻣد )
اﻟﻣﺣرك اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻛل اﻟﻣﻌﺎﺻﻲ واﻵﺛﺎم اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﻛﺑﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻟذﻟك ﺣذرﻧﺎ اﷲ ﻣن إﺗﺑﺎﻋﻪ واﻟوﻗوع ﻓﻲ
ﺷرﻛﻪ.
ﯾﺗراوح أﺳﻠوب اﻟﺳورة ﺑﯾن اﻷﺳﻠوب اﻟﺧﺑري واﻷﺳﻠوب اﻹﻧﺷﺎﺋﻲ ،وﻣﺎ ﻧﻼﺣظﻪ أن ﻣﻌظم اﻟﺟﻣل ﻓﻲ
ﻫذﻩ اﻟﺳورة واﻛﺑﺗﻬﺎ ﻗوﺗﺎن إﻧﺟﺎزﯾﺗﺎن :إﺣداﻫﻣﺎ ﺣرﻓﯾﺔ ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن اﻟﻘراﺋن اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ،واﻷﺧرى
ﯾﺳﺗﻌﻣل اﷲ ﻋز وﺟل أﺳﻠوب اﻟﺗرﻏﯾب ﺗﺎرة وأﺳﻠوب اﻟﺗرﻫﯾب ﺗﺎرة أﺧرى وﻫو ﻣﺎ ﻧﺳﺗﺧﻠﺻﻪ ﻣن أﻓﻌﺎل
اﻟوﻋد واﻟوﻋﯾد وأﻓﻌﺎل اﻟﺗﺑﺷﯾر ﺑﺎﻷﺟر اﻟﺣﺳن اﻟﺗﻲ ﺗﺳﯾر وﻓﻘﺎ ﻟﻧظﺎم اﻟﺳورة ﻛﻛل ﻣن ﺑداﯾﺗﻬﺎ إﻟﻰ
ﻧﻬﺎﯾﺗﻬﺎ.
252
-2اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﺳﯾﺎق اﻟﺗداوﻟﻲ ودورﻩ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻل:
ﯾﻌد ﻣﻔﻬوم " اﻟﺳﯾﺎق " " " Contexteو" اﻟﻣﻘﺎم " " " situationﻣن اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ اﻟدراﺳﺔ
اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻧظ ار ﻟﻣﺎ ﻟﻬﻣﺎ ﻣن دور ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻔﻬم واﻹﻓﻬﺎم ،ذﻟك ﻷن ﻏﯾر اﻟﻌﺎرف ﺑﻣﻘﺎﺻد اﻟﻣﺗﻛﻠم وأﻏراﺿﻪ
وﺑﺄﺣوال اﻟﺳﺎﻣﻊ أﺛﻧﺎء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ وﺑﻛل ﻣﺎ ﯾﺣﯾط ﺑﻬﺎ ﻣن ﻋﻧﺎﺻر أﺧرى ﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻌﻧﺻري " اﻟﺳﯾﺎق " و" اﻟﻣﻘﺎم
" ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺻل إﻟﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ اﻟذي ﯾﻘﺻدﻩ اﻟﻣﺗﻛﻠم أﺛﻧﺎء ﺣدﯾﺛﻪ ،وﻧظ ار ﻷﻫﻣﯾﺔ ﻫذﯾن اﻟﻣﻔﻬوﻣﯾن ﻓﻲ
387
اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗداوﻟﻲ ﻫﻧﺎك ﻣن اﻟﻠﻐوﯾﯾن ﻣن ﯾﺳﻣﻲ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﻣﯾﺔ.
وﻓﯾﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ ﺳﺄﺣﺎول ﺗوﺿﯾﺢ أﻫﻣﯾﺔ ﻛل ﻣن ﻫذﯾن اﻟﻌﻧﺻرﯾن ودورﻫﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻌﻧﻰ ﺿﻣن اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل
أ -ﻟﻐﺔ:
َﻬر ِﺳﯾﺎﻗﺎً و أَﺳﺎﻗَﻪ ،إو ن ﻛﺎن دراﻫ َم أَو دﻧﺎﻧﯾر ،ﻷن أَﺻل اﻟﺻﱠداق ﻋﻧد اﻟﻌرب اﻹﺑ ُل،
ق إﻟﯾﻬﺎ اﻟﺻﱠداق واﻟﻣ َ
و َﺳﺎ َ
ق ﻓﻘﻠﺑت
َن اﻟروح ﺗُﺳﺎق ﻟﺗﺧرج ﻣن اﻟﺑدَن ..وأَﺻﻠﻪ ِﺳ َوا ً
و أَﺳﺎﻗﻪ إﺑﻼً :أَﻋطﺎﻩ إﯾﺎﻫﺎ ﯾﺳُوﻗﻬﺎ .واﻟﺳﱢﯾﺎق ﻧزع اﻟروح ،ﻛﺄ ّ
388
اﻟﻣَﺑﯾﻌﺎت ﻧﺣوَﻫﺎ ".
ﻣن ﻫﻧﺎ ﻧﺧﻠص إﻟﻰ أن ﻟﻔظ " اﻟﺳﯾﺎق " ﻋﻧد " اﺑن ﻣﻧظور " ﺟﺎء ﺑﻣﻌﻧﻰ :ﻗﺎد ،أﻋطﻰ ،ﻧزع ،ﺟﻠب.
ق
و ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم ﻋن اﻟﻣﻔﻬوم اﻟذي أوردﻩ " اﻟزﻣﺧﺷري " ﻓﻲ أﺳﺎس اﻟﺑﻼﻏﺔ ،ﺣﯾث ﯾﻘول " :وﻫو َﯾﺳُو ُ
389
ﺳردﻩ ".
وﻓﻲ ﺿوء ﻣﺎ ﺳﺑق ﻧﺧﻠص إﻟﻰ أن اﻟﺳﯾﺎق ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺗﺎﺑﻊ ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ ﺑﺎﻧﺗظﺎم ودون
ق
َو ُ
اﻧﻘطﺎع أو اﻧﻔﺻﺎل ﻟﺑﻠوغ ﻏﺎﯾﺔ ﻣﻘﺻودة ،ﻓﺎﻟﺗﺗﺎﺑﻊ ﻫو اﻟﺗَﺳﺎوُق ،وﻣﺎ ﺳﯾق اﻟﺻداق إﻻ ﺑﻬدف إﯾﺻﺎﻟﻪ ﻟﻠﻣرأة وﺗُﺳ ﱠ
390
اﻟﻣﺑﯾﻌﺎت ﻧﺣو اﻟﺳوق ﻟﻐرض ﺑﯾﻌﻬﺎ.
ب -اﺻطﻼﺣﺎ:
ﯾرﺗﺑط اﻟﺳﯾﺎق ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ ارﺗﺑﺎطﺎ وﺛﯾﻘﺎ ،ﻓﻛﺛﯾ ار ﻣﺎ ﻧﺿطر ﻹرﺟﺎع ﻟﻔظﺔ ﻣﺎ ﻣﺗﻌددة اﻟدﻻﻻت إﻟﻰ ﺳﯾﺎﻗﻬﺎ اﻟذي
وردت ﻓﯾﻪ ﻟﻧﺗﻣﻛن ﻣن ﻓﻬم وﺿﺑط ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ،ﻟذﻟك ﯾﻌرﱢف اﻟﺑﺎﺣث" اﻟﻣﺛﻧﻰ ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح" اﻟﺳﯾﺎق ﺑﺄﻧﻪ :ﻋﺑﺎرة
ﻋن اﻧﺗظﺎم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺳﻠك اﻷﻟﻔﺎظ وﺗﺗﺎﺑﻌﻬﺎ ،ﻟﺗﺑﻠﻎ ﻏﺎﯾﺗﻬﺎ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﯾﺎن اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻘﺻود دون اﻧﻘطﺎع
391
أو اﻧﻔﺻﺎل.
-388أﺑو اﻟﻔﺿل ﺟﻣﺎل اﻟدﯾن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﻛرم ) اﺑن ﻣﻧظور ( :ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ،دار اﻟﻔﻛر ) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،دط ،دت اﻟﺟزء،10
ص.170 -166
) ﺑﯾروت، -389أﺑو اﻟﻘﺎﺳم ﺟﺎر اﷲ ﻣﺣﻣود ﺑن ﻋﻣر ) اﻟزﻣﺧﺷري ( :أﺳﺎس اﻟﺑﻼﻏﺔ ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم ﻣﺣﻣود ،دار اﻟﻣﻌرﻓﺔ
ﻟﺑﻧﺎن ( ،دط ،دت ،ص.225
) ﻋﻣﺎن، -390ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ﻣﺣﻣود) اﻟﻣﺛﻧﻰ ( :ﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻘرآﻧﻲ :دراﺳﺔ ﺗﺄﺻﯾﻠﯾﺔ دﻻﻟﯾﺔ ﻧﻘدﯾﺔ ،دار واﺋل ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ
اﻷردن ( ،ط ،2008 ،1ص.14
-391ﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻘرآﻧﻲ :دراﺳﺔ ﺗﺄﺻﯾﻠﯾﺔ دﻻﻟﯾﺔ ﻧﻘدﯾﺔ ،ص.15
254
وﯾﻌرﻓﻪ " ﻓﺎن داﯾك " ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺗواﻟﯾﺔ ﻣن أﺣوال اﻟﻠﻔظ ،وﻟﯾس ﻣﺟرد ﺣﺎﻟﺔ ﻓﻘط ﻟذﻟك ﺗﺗﻐﯾر اﻟﻣواﻗف ﻓﻲ اﻟزﻣﺎن
،وﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﻛل ﺳﯾﺎق ﻫو ﻋﺑﺎرة ﻋن اﺗﺟﺎﻩ ﻣﺟرى اﻷﺣداث وﻗد ﯾﻛون اﺗﺟﺎﻩ اﻷﺣداث داﻻ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﺑﺗداﺋﯾﺔ
392
ﻓﺎﻟﺳﯾﺎق إذن ﻋﻧﺻر ﻣﻬم وﺿروري ﻓﻲ اﻟدرس اﻟﻠﻐوي ﺣﯾث ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻧﺎ ﺑﺗﺣدﯾد وأﺣوال وﺳطﻰ وﺣﺎﻟﺔ ﻧﻬﺎﺋﯾﺔ.
ودراﺳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻣوﺟودة ﺑﯾن اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﻛﻼﻣﻲ ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻐﺔ وذﻟك ﻧظ ار ﻷﻫﻣﯾﺗﻪ اﻟﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ
ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻻﺗﺻﺎل واﻟﺗواﺻل " ﻓﻐﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﺧﺎدع اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣرﻓﻲ ﻟﻠﻣﻠﻔوظﺎت ﻓﻲ ﻏﯾﺎب اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﻠﻔظﯾﺔ ،ﺣﯾث اﻟﻛﻠﻣﺎت
وﻣﻌﺎﻧﯾﻬﺎ اﻟﺣرﻓﯾﺔ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ إﻻ ﻗﺎﻟب ﺗﻧﺻﻬر ﻓﻲ إطﺎرﻩ اﻟﻣﻼﻣﺢ اﻟﻧطﻘﯾﺔ ) اﻟﺗﻧﻐﯾم ،اﻟﻧﺑر ( واﻟﺧﺎرج ﻟﻐوﯾﺔ
) ﺣرﻛﺎت اﻟرأس واﻟﯾد واﻟﺗﻌﺑﯾر ﺑﺎﻟوﺟﻪ ( ،وﻫذا ﻣﺎ ﺳﺗﻌﺎﻟﺟﻪ ﻧظرﯾﺔ أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم ) ( Les Actes de langage
393
ﻛﻧظرﯾﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ﺗﻬﺗم ﺑﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣﻼﺑﺳﺎت اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﺎﻟﻣﻠﻔوظ ﺳواء ﻣﺎ ﻋﻠق ﻣﻧﻬﺎ ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ إﻧﺗﺎﺟﻪ أو ﺗﻠﻘﯾﻪ ".
وﻣﺎ ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﻫو أن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟدارﺳﯾن واﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﯾﺧﻠطون ﺑﯾن ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﻘﺎم واﻟﺳﯾﺎق ،ﺣﯾث
ﯾرد ﻛل ﻣن اﻟﻣﻔﻬوﻣﯾن ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺑﺣﺎث و اﻟدراﺳﺎت ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻣﺎ ﺑﻣدﻟول واﺣد ،ﻟذﻟك ﻧﺟد ﺑﻌض اﻟﻠﻐوﯾﯾن أﻣﺛﺎل
" ﻗﺎﻟﯾﺳون " " " Glissonو" ﻛوﺳت " " " Costeﯾﺿﻌون ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻟﻌﻧﺻر " اﻟﻣﻘﺎم " وذﻟك ﺑﻐرض ﺗﻣﯾﯾزﻩ ﻋن
" اﻟﺳﯾﺎق "؛ ﻓﺎﻟﻣﻘﺎم -ﺣﺳﺑﻬﻣﺎ -ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﺟﻣوع ﺷروط إﻧﺗﺎج اﻟﻘول ،وﻫذﻩ اﻟﺷروط ﺧﺎرﺟﺔ ﻋن اﻟﻘول ذاﺗﻪ،
ﻓﺎﻟﻘول ﻫو وﻟﯾد ﻗﺻد ﻣﻌﯾن ﯾﺳﺗﻣد وﺟودﻩ ﻣن ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﺗﻛﻠم وﻣﺳﺗﻣﻌﻪ أو ﻣﺳﺗﻣﻌﯾﻪ ،وﯾﺣﺻل ذﻟك ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن
394
وﯾﺣﺻر " واﻟزﻣﺎن اﻟﻠذﯾْن ﯾﺣﺻل ﻓﯾﻬﻣﺎ ،ﻓﻛل ﻫذﻩ اﻟﻌواﻣل ﻣؤﺛرة ﻋﻠﻰ إﻧﺟﺎز اﻟﻘول وﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛل اﻟﻣﻘﺎم.
395
ﻟﻔﻧدرﯾﺗش " " " wunderlichاﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻠﻣﻘﺎم ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ:
ﻣﻛﺎن اﻟﺗﻔﺎﻋل.
اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
ﻓﺎﻟﺳﯾﺎق إذن ذو ﻣﻔﻬوم ﻟﺳﺎﻧﻲ ،أﻣﺎ اﻟﻣﻘﺎم ﻓوﺿﻌﻲ ﻏﯾر ﻟﺳﺎﻧﻲ ،وﯾﻣﻛن ﺗوﺿﯾﺢ ذﻟك ﻋن طرﯾق اﻟﻣﺛﺎل
اﻟﺗﺎﻟﻲ :أﺷﯾر إﻟﻰ اﻟﻛﺗﺎب اﻟذي ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﺗب ﺑﻘوﻟﻲ :أﻋطﻧﻲ إﯾﺎﻩ ،وأﻛﺗب ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك :أﻋطﻧﻲ اﻟﻛﺗﺎب اﻟذي ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﻛﺗب ،ﻓﻌﺑﺎرة " اﻟذي ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﺗب " ﺗﻐﻧﯾﻧﺎ ﻋن اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﻘﺎم ،وﺑذﻟك ﻧرُد اﻟﻣﻘﺎم اﻟﻐﺎﺋب إﻟﻰ اﻟﺳﯾﺎق
اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ ،ﻟذﻟك إذا ﻗﻠﻧﺎ " :ﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎم ( Contexte de situation ) /أو ﺳﯾﺎق اﻟﻣوﻗف اﻻﺗﺻﺎﻟﻲ ،ﻓﺈن
ﻣدﻟوﻟﻪ ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻋن ﻣدﻟول اﻟﺳﯾﺎق ﻟﺳﺎﻧﯾﺎ ﻷن ﻓﻲ ذﻟك دﻣﺟﺎ ﻟﻣﺎ ﻫو ﻟﺳﺎﻧﻲ ﺑﻣﺎ ﻫو ﻏﯾر ﻟﺳﺎﻧﻲ " .396ﻣن ﻫذا
اﻟﻣﻧطﻠق ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﻘﺎم ﯾﺣﯾل ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوع اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣﻛم ﻓﻲ إﺻدار اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﺣﯾث
ﺗﺳﻬم ﻫذﻩ اﻟﺷروط ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ ﻣرﺟﻊ أو إﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿﻣﺎﺋر وﺑﻌض اﻟظروف ﻣﺛل ) أﻧﺎ ،أﻧت ،ﻫذا ،ﻫﻧﺎ ،أﻣس (،397
ﻛﻣﺎ ﯾﺳﻬم ﻓﻲ إزاﻟﺔ اﻟﻠﺑس اﻟذي ﻗد ﯾﺻﺣب ﻗوﻻ ﻣﺗﻌدد اﻟدﻻﻻت ،ﻛﻘوﻟك ﻣﺛﻼ :أﻏﻠق اﻟﺑﺎب ،ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻟﻌﺑﺎرة ﻗد
ﺗﺣﻣل ﻣﻌﻧﻰ اﻷﻣر أو اﻟﺗوﺑﯾﺦ وﯾﺗوﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎم اﻟﻛﺷف ﻋن اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺿﻣﻧﻲ أو اﻟﺧﻔﻲ اﻟذي ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﻓﻌﺎل
اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺳﻬم ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻘﺻد ﻣن اﻟﻘول اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻟوﺿﻌﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أو اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ أو اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟﻘﺎﺋﻠﻪ،
وﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘول ﻫﻲ أن ﺗﺄوﯾل اﻟﻛﻼم ﻛﺛﯾ ار ﻣﺎ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻟﻣﻌطﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑدور اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﺎت اﻟﻣﻘﺎﻣﯾﺔ ﻗد
ﯾﻛون اﻟﻧص ﻋرﺿﺔ ﻟﺳوء اﻟﻔﻬم ﻓﻲ ﻏﯾﺎﺑﻬﺎ ،وﺑﻬذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﯾﺗﻘﺎطﻊ اﻟﻣﻘﺎم ﺑﺎﻟﺳﯾﺎق ﻻﺷﺗراﻛﻬﻣﺎ ﻓﻲ أﻏﻠب اﻟﻌﻧﺎﺻر
اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻬﻣﺎ ،ﻧﺣو :اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث ﻣن ﻣﺗﻛﻠم وﻣﺳﺗﻣﻊ و أوﺿﺎﻋﻬم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و ﻋﻼﻗﺎﺗﻬم اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﯾﻣﺎ
398
ﺑﻬم.
ﻏﯾر أن اﻟﺳﯾﺎق ﯾﺗﺻف ﺑﺎﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ واﻟﻛﻠﯾﺔ أﻣﺎ اﻟﻣﻘﺎم ﻓﯾﺗﺻف ﺑﺎﻟﺧﺻوﺻﯾﺔ واﻟﺟزﺋﯾﺔ ،ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟﺳﯾﺎق
ذو طﺎﺑﻊ ﻧظري ﻣوﺿوﻋﻲ ،أﻣﺎ اﻟﻣﻘﺎم ﻓﻬو ذو طﺎﺑﻊ ﻋﻣﻠﻲ ﺗطﺑﯾﻘﻲ ﯾﻌزل اﻟﻣﻼﻣﺢ أو اﻟﻘﯾود اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ أو اﻟﻌﻧﺻر
399
اﻟﻼزم اﻟذي ﯾوﺿﺢ وﻣن ﺛم ﯾﺣدد اﻟﻣﻌﻧﻰ واﻟﻐرض أو اﻟﻣﻘﺻد ﻣن اﻟﺣدﯾث ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ.
-2.2أﻧواﻋﻪ :
ﺗﻌﺗﻣد اﻟﻠﻐﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﯾﺎق ﻓﻲ ﺿﺑط ﻣﻌﺎﻧﯾﻬﺎ إو زاﻟﺔ اﻟﻐﻣوض ﻋﻧﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﺳﯾﺎق ﻫو اﻟذي ﯾﺣدد ﻣﺎ إذا ﻛﺎن
اﻟﻣﻘﺻود ﻫو اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷﺻﻠﻲ أو اﻟﻣﺟﺎزي ،وذﻟك ﻋن طرﯾق اﻋﺗﻣﺎدﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟظروف اﻟﺣﺳﯾﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾﺔ
اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﺎﻟﻧص وﻛذا اﻟﻣﺣﯾط اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻷن اﻟﺳﯾﺎق ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻣﻌرﻓﺗﻪ ﺑﺎﻟﻌﺎدات واﻟﺗﻘﺎﻟﯾد و اﻟﺣﯾﺎة اﻟروﺣﯾﺔ
واﻟدﯾﻧﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻌﻧﻰ ،وﻛذﻟك ﻋﻠﻰ ﻣﻌرﻓﺔ أﺳﺑﺎب اﻟﻧزول وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟظروف
اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻷﺧرى ،وﻣن ﻫﻧﺎ ﻧﻼﺣظ أن ﻗرﯾﻧﺔ اﻟﺳﯾﺎق ﺗﻣﺗد ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎﺣﺔ واﺳﻌﺔ ﻣن اﻟرﻛﺎﺋز ﺗﺑدأ
400
ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ وﺗﻧﺗﻬﻲ ﺑﻬذﻩ اﻟﻘراﺋن اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.
وﺗﺗﻧوع اﻟﺳﯾﺎﻗﺎت ﺑﺗﻧوع اﻟظروف اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﺈﻧﺗﺎج ﻧص ﻣﺎ ﺳواء أﻛﺎﻧت ظروف داﺧﻠﯾﺔ أم ﺧﺎرﺟﯾﺔ ،وﻋﻠﻰ
ﺳﯾﺎق ﻟﻐوي.
ﻫو ﻛل ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻧص ،وﻣﻬﻣﺗﻪ ﺗوﺿﯾﺢ أﺑﻌﺎد اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻐﺎﻣﺿﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻔظ ،وﻻ ﯾﺗم ﻫذا
إﻻ ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ ﻧظم اﻟﻠﻐﺔ " اﻟﺻوﺗﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ واﻟﺗرﻛﯾﺑﯾﺔ واﻟﻣﻌﺟﻣﯾﺔ واﻟدﻻﻟﯾﺔ " ،وﯾﺷﺗﻣل ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺳﯾﺎق
401
ﻋﻠﻰ ﻣﻛوﻧﺎت أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻫﻲ:
أ -اﻟﺳﯾﺎق اﻟﺻوﺗﻲ :ﯾﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﺻوت داﺧل ﺳﯾﺎﻗﻪ ،إذ ﻟﯾس ﻟﻠﺻوت درﺟﺔ ﻗﯾﻣﯾﺔ داﺧل ﻧﻔﺳﻪ إو ﻧﻣﺎ ﻣﻬﻣﺗﻪ
اﻟوظﯾﻔﯾﺔ ﺗظﻬر ﻓﻲ ﺗﺄﺛﯾرﻩ اﻟدﻻﻟﻲ داﺧل ﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﺳﯾﺎق ،وﻫو اﻟﻣﻛﺎن اﻟﻣﻧﺎﺳب اﻟذي ﺗؤدي اﻟﻔوﻧﯾﻣﺎت " Les
"phonèmesأدوارﻫﺎ اﻟوظﯾﻔﯾﺔ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻟﻠﻛﻠﻣﺎت ،أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘراﺋن اﻟﺻوت ذات اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ ﻓﺗﻛﻣن ﻓﻲ
ب -اﻟﺳﯾﺎق اﻟﺻرﻓﻲ :ﻻ ﺗﻛﺗﺳب اﻟﻣورﻓﯾﻣﺎت " " Les morphèmesدﻻﻟﺔ أو ﻗﯾﻣﺔ إﻻ إذا ﻛﺎﻧت ﺿﻣن ﺳﯾﺎق
ﺗرﻛﯾﺑﻲ ﻣﻌﯾن ﻣﺛل أﺣرف اﻟﻣﺿﺎرﻋﺔ " أ ،ن ،ي ،ت " ﻓﻣﺛﻼ اﻟﻣورﻓﯾم " ي " ﻻ ﻗﯾﻣﺔ ﻟﻪ ﺧﺎرج إطﺎرﻩ اﻟﺻرﻓﻲ ،وﻻ
ﯾﻛﺗﺳب ﻣﻌﻧﻰ ﻣﺣدد إﻻ إذا ارﺗﺑط ﺑﺻﯾﻐﺔ ﻣﺎ ،ﻣﺛل :ي +ﺧرج = ﯾﺧرج ﻣن ﻫﻧﺎ ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ أن:
ج -اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻧﺣوي :ﯾﺗﻛون ﻣن ﺷﺑﻛﺔ ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘواﻋدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣﻛم ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟوﺣدات اﻟﻠﻐوﯾﺔ داﺧل ﻧص
ﻣﺎ ،وﻛل ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻘوم ﺑﻣﻬﻣﺔ وظﯾﻔﯾﺔ ﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺗﺑﯾﺎن اﻟدﻻﻟﺔ إو زاﻟﺔ اﻟﻐﻣوض ﻋﻧﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺑﻌض اﻟﻘراﺋن
اﻟﻧﺣوﯾﺔ ﻣﺛل اﻹﻋراب اﻟذي ﯾﻣﺛل ﻟﻧﺎ أﻛﺑر ﻗرﯾﻧﺔ ﺳﯾﺎﻗﯾﺔ ،ﻓﺑﺎﻹﻋراب ﺗﺗﺿﺢ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ.
-401ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ) ﻋﺑد اﻟﺟﻠﯾل ( :ﻋﻠم اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ :ﻧظم اﻟﺗﺣﻛم وﻗواﻋد اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت ،دار ﺻﻔﺎء ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ) ﻋﻣﺎن( ط،1
،2002ص ص.543 ،542
258
د -اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻌﺟﻣﻲ :ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟوﺣدات اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣل ﻣﻌﻧﻰ ﻣﺎ ،وﺗﺷﺗرك ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت أﻓﻘﯾﺔ
ﻣﻊ وﺣدات أﺧرى ﻓﻲ ﺗرﻛﯾب ﻧﺣوي ﺻﺣﯾﺢ ﻹﻧﺗﺎج اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺳﯾﺎﻗﻲ اﻟﻌﺎم ﻟﻬذا اﻟﺗرﻛﯾب.
ﻫـ -اﻟﺳﯾﺎق اﻷﺳﻠوﺑﻲ :ﯾظﻬر ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺳﯾﺎق ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻧﺻوص اﻟﺷﻌرﯾﺔ واﻟﻧﺛرﯾﺔ،
وذﻟك ﻷن ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺔ ﻫﻲ ﻣﻠك ﻟﻠﻔرد ذاﺗﻪ اﻟذي ﯾﺳﺗﻌﻣﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻔﺟﯾر طﺎﻗﺎﺗﻪ اﻹﺑداﻋﯾﺔ ﻟﺗوﻟﯾد أﻛﺑر ﻋدد ﻣﻣﻛن ﻣن
اﻟدﻻﻻت اﻟﺟدﯾدة ذات طﺎﺑﻊ ﺟﻣﺎﻟﻲ وﻓﻧﻲ ﻻ ﯾظﻬر ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻌﺎدي ﻟﻠﻐﺔ.
ﯾﺳﻣﻰ أﯾﺿﺎ ﺑﺳﯾﺎق اﻟﺣﺎل " " Contexte de situationوﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟظروف اﻟﺗﻲ
ﺗﺣﯾط ﺑﺎﻟﺣدث اﻟﻛﻼﻣﻲ ﺑﺟﻣﯾﻊ ﻋﻧﺎﺻرﻩ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ) اﻟﻣرﺳل -اﻟوﺳط وﺻوﻻ إﻟﻰ اﻟﻣرﺳل إﻟﯾﻪ( ﺑﺟﻣﯾﻊ
ﻣواﺻﻔﺎﺗﻬﺎ وﺗﻔﺻﯾﻼﺗﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﻛﻼم " ﻻ ﯾﻧطق ﺑﻣﻌزل ﻋن إطﺎرﻩ اﻟﺧﺎرﺟﻲ ،ﻟذا ﻗﺎﻟوا :ﻟﻛل ﻣﻘﺎم ﻣﻘﺎل ،وﻛﺎن
اﻟﺑﻼﻏﯾون أﻛﺛر اﻟﻘوم اﺣﺗﻔﺎء ﺑﻬذا اﻟﻣﻧظور ..ﻟذا ﻻ ﺑد ﻣن ﻓﻬم ﻛل اﻟﻘراﺋن اﻟﺗﻲ ﺗﺣﯾط ﺑداﺋرة اﻟﻧص ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد
ﺗؤﺛر اﻟﻛﻠﻣﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﯾﺔ ﻣﺗﻠﻘﯾﻬﺎ؛ ﺣﯾث ﺗوﻗظ ﻓﯾﻪ ﺷﺣﻧﺔ ﻣن اﻷﺣﺎﺳﯾس واﻟﻣﺷﺎﻋر ﯾﻘوم اﻟﺳﯾﺎق
ﺑﺗﺣدﯾدﻫﺎ ،وﻫو ﻓردي ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ ﻣﺛل " اﻟﻌﺷق واﻟﻬﯾﺎم واﻟوﻟﻪ واﻟوﺟد
واﻟﺣب " وﺳواﻫﺎ ،ذات دﻻﻟﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﻛﺷف اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻌﺎطﻔﻲ ﻋن ﻣﻛﻧوﻧﺎﺗﻬﺎ ﺑواﺳطﺔ اﻟﻘراﺋن ﻋن طرﯾق
اﻟﺟرﯾﺎن واﻟﺗﺣول اﻟﻣﺻﺎﺣب ،403ﻓوظﯾﻔﺗﻪ إذن ﻫﻲ ﺗﺣدﯾد درﺟﺔ اﻟﻘوة واﻟﺿﻌف ﻓﻲ اﻻﻧﻔﻌﺎل ﻣﻣﺎ ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺗﺄﻛﯾدا أو
ﻣﺑﺎﻟﻐﺔ أو اﻋﺗداﻻ.
ﯾﺳﻬم اﻟﺳﯾﺎق اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺣﯾط اﻟذي ﺗﺗواﺟد ﻓﯾﻪ اﻟوﺣدات اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﻣﺣﯾط ذو
طﺑﯾﻌﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻓﻣﺛﻼ :ﯾﺧﺗﻠف اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻐﺔ واﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣﻔردات ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸﺷﺧﺎص ﺑﺎﺧﺗﻼف طﺑﻘﺎﺗﻬم
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻓﺄﺻﺣﺎب اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﯾﺳﺗﺧدﻣون ﻟﻔظﺔ " اﻟﻌﻘﯾﻠﺔ " ﺑدﻻ ﻣن " اﻟزوﺟﺔ " ﺑﯾﻧﻣﺎ أﻫل اﻟرﯾف ﯾﺳﺗﻌﻣﻠون
ﻟﻔظﺔ " اﻟﺣرﻣﺔ " ،وﻓﻲ ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ﺗﺳﺗﺧدم اﻟطﺑﻘﺔ اﻟراﻗﯾﺔ ﻛﻠﻣﺔ " " Looking glassﺑدﯾﻼ ﺗﻣﯾﯾزﯾﺎ ﻋن "
404 " Mirrorوﻫﻛذا .ﻓﻛل ﺷﺧص ﯾﺧﺗﺎر ﻣﺎ ﯾﻧﺎﺳﺑﻪ ﻣن اﻟﻣﻔردات اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﺑﺣﺳب طﺑﻘﺗﻪ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ودرﺟﺗﻪ
اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ.
ﯾﻌد ﻣوﺿوع اﻟﺗﻔﺎﻋل " " interactionﻣن أﻫم اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ اﻟﺗﻲ ﻣﻬدت ﻟﻧﺷﺄة
اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻣن ﻣﻧطﻠق أن اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻐوي ﻻ ﯾﻬدف إﻟﻰ إﺑراز ﻣﻧطوق ﻟﻐوي ﻓﺣﺳب ،إو ﻧﻣﺎ ﯾﻬدف إﻟﻰ
إﻧﺟﺎز ﺣدث اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣﻌﯾن ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ،405ﻓﻣﺛﻼ ﺣﯾن أﻧطق ﺑﺎﻟﺟﻣﻠﺔ اﻵﺗﯾﺔ :ﺳﺄزورك ﻏدا .ﻓﺈﻧﻧﻲ ﻟم أﻧطق
ﻓﻘط ﺑﺟﻣﻠﺔ ﺳﻠﯾﻣﺔ وذات ﻣﻌﻧﻰ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻣﻌﺟﻣﯾﺔ واﻟﺗرﻛﯾﺑﯾﺔ إو ﻧﻣﺎ ﻗﻣت ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﻪ ﺑﺈﻧﺟﺎز " ﻓﻌل اﻟوﻋد "
اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ،ﺣﯾث ﯾﻣﻛن ﻓﻬﻣﻪ واﺳﺗﻧﺗﺎﺟﻪ ﻣن اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ اﻟﺟﻣﻠﺔ ،ﻓﻣﻔﻬوم "
اﻟﺗﻔﺎﻋل" إذن ﻣرﺗﺑط ﺑﻔﻛرة اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ؛ ﺣﯾث ﻣﯾز ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﺑﯾن ﻣﺻطﻠﺣﻲ ) اﻟﺣدث واﻟﻌﻣل (؛ ﻓـ "
اﻟﺣدث " ﯾﺣﻣل ﻣﻌﻧﻰ ﺗﻐﯾر اﻟﺷﻲء ﻣن ﺣﺎل إﻟﻰ أﺧرى ،وﯾﺗم ذﻟك ﻓﻲ زﻣن ﻣﻌﯾن ،أﻣﺎ " اﻟﻌﻣل " ﻓﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ
اﻟﺗﻐﯾﯾرات اﻟﺟﺳﻣﯾﺔ اﻟظﺎﻫرة واﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﻣدرﻛﺔ ﺑﺣﯾث ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﺗﺣﻛم ﺑﻬﺎ ،وﯾرﺗﺑط " اﻟﻔﻌل " " " Acteﺑﻬذﯾن
اﻟﻣﺻطﻠﺣﯾن ارﺗﺑﺎطﺎ وﺛﯾﻘﺎ وﻣﺟﺎﻟﻪ ﻟﻐوي ﻣﺣض ﻓﺣﯾن ﻧﻔﻌل أﻣ ار ﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ إدراك ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗﻐﯾﯾرات اﻟﺗﻲ
ﺗط أر ﻋﻠﻰ أﺟﺳﺎﻣﻧﺎ ،ﻓﺈن اﻗﺗرن ﻫذا اﻟﻔﻌل ﺑِﻧِﯾﺔ ﻹﻧﺟﺎزﻩ ﻛﺎن ﺣدﺛﺎ ﻣﺛل " اﻟﺣدث اﻟﻛﻼﻣﻲ ،ﻓﺗﺢ أو إﻏﻼق اﻟﺑﺎب "،
406
وﻏﻠق اﻟﻌﯾن إن ﻟم ﺗﻛن ﺑﻘﺻد ﺗﻘدﯾم ﻋﻼﻣﺔ ﻟﺷﺧص ﻣﺎ ".
ﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﻌﺗﻘد " ﻓﺎن داﯾك " ﺑﺄن اﻟﺣدث اﻟذي ﯾﻣﺛل ﺳﻠوك اﻹﻧﺳﺎن ﻋن ﻏﯾرﻩ واﻟﺣدث اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﺷﻛل
ﺧﺎص ﻫو " اﻟﺗﻔﺎﻋل " ﺣﯾث ﯾﻌرﻓﻪ ﺑﺄﻧﻪ " ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻷﺣداث ﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ ﻋدة أﺷﺧﺎص ﻫم اﻟﻣﻌﻧﯾون ﺑوﺻﻔﻬم
407
إذن ﻓﺎﻟﻐرض ﻣن اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻐﺔ ﻫو إﻧﺟﺎز ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺣداث اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗواﺻل ﻓﺎﻋﻠﯾن ".
ﺑﯾن " اﻟﻣرﺳل " و " اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ " ﺑﻣﺎ ﯾﺣﻘﻘﻪ ﻫذا اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﻣن ﺗﺄﺛﯾر ﻣﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﺿﻣن اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻌﺎم
ﻟﻠﺗﻔﺎﻋل " أﺳﺎﺳﻪ أن ﯾﻘدر اﻟﺳﺎﻣﻊ ﻋﻠﻰ ﺗﺄوﯾل اﻟﻣﻠﻔوظﺎت ﺑﻣﺣﺎوﻟﺗﻪ إدراك اﻷﺑﻌﺎد اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾرورة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
408
".
وﻻ ﯾﺗم ذﻟك إﻻ ﺿﻣن ﺷروط ﺳﯾﺎﻗﯾﺔ و ﻣﻘﺎﻣﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،ﻓﺎﻟﺳﯾﺎق ﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﻋﻧﺻر ﺿروري ﻟﺗﺣﻘﯾق
409
ﻧظ ار ﻟﻘدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﻟﻣﺎم ﺑﻛل اﻷطراف اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻل وﻗدرﺗﻪ اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻬم اﻟﻧﺻوص اﻟﺗﻔﺎﻋل
اﻷدﺑﯾﺔ وﺗﺄوﯾﻠﻬﺎ.
ﺗﻬﺗم اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﻣﻬﺗﻣﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎق اﻟذي ﺗﻣﺎرس ﻓﯾﻪ ﻫذﻩ
اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻻت اﻟﻠﻐوﯾﺔ وﻣدى ﺗﺄﺛﯾرﻩ ﻓﯾﻬﺎ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ و اﻟﻣﺿﻣوﻧﯾﺔ ،إذ ﻻ ﯾﻛﻔﻲ ﻟﺗﺣدﯾد ﻣﻌﻧﻰ ﻋﺑﺎرة ﻣﺎ أن
ﻧﻘف ﻋﻧد ﺣدود ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﻣﻌﺟﻣﻲ واﻟﻧﺣوي واﻟﺻرﻓﻲ ،ﺑل ﯾﺟب أن ﻧﺣﯾط إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻛل ذﻟك ﺑظروف إﻧﺗﺎج ﻧص
ﻣﺎ " اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﻌﻘﺎﺋدﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ " اﻟﺗﻲ ﺑدوﻧﻬﺎ ﯾﻛون اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻏﺎﻣﺿﺎ وﻓﺎرﻏﺎ ﻣن ﻣﺣﺗواﻩ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ؛ ﺣﯾث "
ﯾﺄﺧذ ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺳﯾﺎق ﻣﺳﺎ ار أﻛﺛر ﺑﻌدا ﻣﻊ اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ) ( pragmatiqueواﻟﺗﻲ ﻋﻣّق أﺻﺣﺎﺑﻬﺎ ﻣﺳﺄﻟﺔ
اﻟﺳﯾﺎق اﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ ﺗﺟﺎوز اﻹطﺎر اﻟﻠﻐوي اﻟﻣﺣض إﻟﻰ اﻟﺳﯾﺎق اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﻧﻔﺳﻲ واﻟﺛﻘﺎﻓﻲ " .410ﻣن ﻫذا
اﻟﻣﻧطﻠق ﺛﺎرت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺿد اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻬﯾﻣن ﻋﻠﻰ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ
ﻋﺷر ) (19وﺑداﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ) (20اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻧظر إﻟﻰ اﻟﻧص :إﻣﺎ أﻧﻪ ﺑﻧﯾﺔ ﻣﻐﻠﻘﺔ وﻻ ﺗﺗم دراﺳﺗﻪ إﻻ
ﻣﻧﻌزﻻ ﻋﻣﺎ ﯾﺣﯾط ﺑﻪ ﻣن ظروف ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ وﻫذا ﻣﺎ ﻋرف ﺑـ ) ﺳﻠطﺔ اﻟﻧص ( ،إو ﻣﺎ ﯾدرس اﻟﻧص
ﺑوﺻﻔﻪ ﻣﺟرد وﺳﯾﻠﺔ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻛﺎﺗب ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر اﻟذاﺗﻲ ﻋن ﻣﻛﻧوﻧﺎت ﻧﻔﺳﻪ ﻣن ﻋواطف وأﻫواء ورﻏﺑﺎت ،ﻓﻠم ﺗﻛن
" اﻟﻧﺻوص اﻷدﺑﯾﺔ ﺗدرس ﻟذاﺗﻬﺎ ﻟﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ وﻣﻣﯾزاﺗﻬﺎ ،إو ﻧﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﻌﺗﻣد ﻛوﺛﺎﺋق ﻟدراﺳﺔ ﺣﯾﺎة اﻟﻛﺎﺗب
واﻟﻣﺑدﻋﯾن ﻟﻣﻌرﻓﺔ ﺳر ﻋﺑﻘرﯾﺎﺗﻬم ،ﻓﻛﺎن اﻻﻫﺗﻣﺎم ﻣﻧﺻﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻠﯾل ﻧﻔﺳﯾﺎﺗﻬم وﻋﻠﻰ ظروﻓﻬم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
411
وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑـ ) ﺳﻠطﺔ اﻟﻣؤﻟف ( وﻗد أﺑدى أﺻﺣﺎب اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗداوﻟﻲ رﻓﺿﻬم ﻟﻣﺛل ﻫذﻩ واﻻﻗﺗﺻﺎد وﻏﯾرﻫﺎ "
اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﻣﻌﺗﻣدة ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﻧﺻوص اﻟذي ﯾﺗم ﺑﻣﻌزل ﻋن ﺳﯾﺎﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ودﻋوا إﻟﻰ ﺿرورة اﻟﻧظر إﻟﻰ
اﻟﻧص ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻧﻣطﺎ ﻣن أﻧﻣﺎط اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻐوي ﯾﻬدف إﻟﻰ ﻋﻘد ﺗواﺻل ﺑﯾن طرﻓﯾن أو أﻛﺛر؛ وﺗﻌﻧﻲ ﻛﻠﻣﺔ "
" ﺑﺎث " و " ﻣﺳﺗﻘﺑل " و " رﺳﺎﻟﺔ " و " ﻗﻧﺎة إرﺳﺎل "؛ ﺣﯾث ﺗواﺻل " – ﺑﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ اﻟﺣدﯾث -ﺿرورة وﺟود
اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻠرﺳﺎﻟﺔ إﻻ إذا ردت إﻟﻰ ﺳﯾﺎﻗﻬﺎ ،وﯾﻣﻛن ﺗوﺿﯾﺢ ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺧطط اﻵﺗﻲ:
اﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎ ﻟﻣﺎ ﺳﺑق ﻧﺧﻠص إﻟﻰ أن اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺗداوﻟﻲ ﯾﺳﺗﺣﺿر ﺑﻌﻣق اﻟﺳﯾﺎق أﺛﻧﺎء دراﺳﺗﻪ وﺗﻌﺎﻣﻠﻪ ﻣﻊ
اﻟﻧﺻوص اﻷدﺑﯾﺔ ،ﺑﻌدﻩ أداة إﺟراﺋﯾﺔ ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ أن ﺗوﺳﻊ ﻣن داﺋرة ﻓﻬﻣﻬﺎ ) أي اﻟﻧﺻوص ( إو زاﻟﺔ اﻟﻠﺑس ﻋﻧﻬﺎ
وﺗﺄوﯾﻠﻬﺎ إو ﺧراﺟﻬﺎ إﻟﻰ أﻓق أوﺳﻊ ﺣﺗﻰ ﻻ ﻧﺑﻘﻰ ﻓﻲ ﺣدود ﺧﻠق ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺣددة ﻣﻊ اﻟﻣوﺿوع؛ أي ﻻ ﺑد ﻟﻧﺎ ﻣن أن
413
ﻧﺗﺟﺎوز ﻛل ذﻟك ﻟﻧﺻل إﻟﻰ " اﻟرﻏﺑﺔ اﻟﻌﻣﯾﻘﺔ ﻓﻲ اﺳﺗﻛﻧﺎﻩ ﻛل اﻷطراف اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﺑداع واﻟﺗﻠﻘﻲ ".
ﻓﻲ ﺗداوﻟﯾﺔ أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم ﯾرﺗﺑط ﻣﻘﺻد اﻟﻣﺗﻛﻠم ﺑﺎﻟﺳﯾﺎق ،ﺣﯾث ﯾوﺿﺢ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻐرض اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻣن اﻟﻛﻼم
اﻟﺗﻬدﯾد أو اﻟﺗوﺑﯾﺦ أو ﻏﯾرﻫﺎ ،وﯾﺷﺗرط أن ﯾﻛون اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻓﻲ ﻣوﻗﻊ اﻟﺳﻠطﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺻﺑﺢ ﻣﻧطوﻗﻪ طﻠﺑﺎ ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ،ﻛﻣﺎ
-412ﺣﻣﯾد ) ﻟﺣﻣﯾداﻧﻲ ( :اﻟﻘراءة وﺗوﻟﯾد اﻟدﻻﻟﺔ :ﺗﻐﯾﯾر ﻋﺎداﺗﻧﺎ ﻓﻲ ﻗراءة اﻟﻧص اﻷدﺑﻲ ،اﻟﻣرﻛز اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ )اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء،
اﻟﻣﻐرب ( ) ،ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط ،2003 ،1ص.47
-413اﻟﺳﯾﺎق واﻟﻧص اﻟﺷﻌري :ﻣن اﻟﺑﻧﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻘراءة ،ص.18
263
ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻟﻪ أن ﯾﻣﺗﻠك ﻣوﻗﻊ اﻟﻣﻼﺣظﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺻﺑﺢ ﻣﻧطوﻗﻪ ﺗﺑﻠﯾﻐﺎ ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ،414إو ن دل ذﻟك ﻋﻠﻰ ﺷﻲء إﻧﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ
اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن ﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠم ودﻻﻟﺔ ﻣﻧطوﻗﻪ ،أو ﺑﺗﻌﺑﯾر آﺧر ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﻘول ﺑﺄن ﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﻣﺗﻛﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
ﺗﺳﻬم ﺑﻘدر ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻐرض اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻣﻧطوﻗﻪ وﻫذا ﻣﺎ ﯾدﻓﻌﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن " ﺗﻔﺳﯾر ﻛل ﻣن اﻟﻐرض
واﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺗﯾن ﺗﻔﺳﯾ ار ﺻﺣﯾﺣﺎ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﺻﯾﻐﺔ اﻟﻣﻧطوق وﻋﻠﻰ ﻓﻬم اﻟﺷﺑﻛﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ آن ﻣﻌﺎ ".415
وﯾرﺗﺑط اﻟﺳﯾﺎق ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﻔﻬم واﻹﻓﻬﺎم ارﺗﺑﺎطﺎ ﻣﺑﺎﺷرا ،إذ ﯾﻌد اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻣﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗﻣﻠﻬﺎ اﻟﻣﻧطوق
أﺛﻧﺎء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ؛ ﺣﯾث ﯾؤدي دو ار ﻫﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺿﺑط ﻓﻬم اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﻋن طرﯾق ﺗﺣدﯾدﻩ ﻟدﻻﻟﺔ ﻫذا اﻟﻣﻧطوق.
وﺗﺗﺿﺢ أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎق ودورﻩ ﻓﻲ ﺿﺑط ﻓﻬم اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ أﺛﻧﺎء دراﺳﺔ اﻟﻧﺻوص -ﺧﺎﺻﺔ -ﺣﯾث ﺗﻘوم ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ
ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾد اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي ﯾﻘوم ﺑدورﻩ ﺑرﺑط اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺑﺄﻟﻔﺎظﻬﺎ ﻋﺑر ﺳﻠك واﺣد ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺗﺳﻧﻰ ﻟﻠﻣﺗﻠﻘﻲ ﻗراءة أﻟﻔﺎظ
اﻟﺳﯾﺎق وﺗﺄوﯾﻠﻬﺎ ﻛﻣﺎ ﯾﺷﺎء وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﺳﺗﻧﺑﺎط وﺟوﻩ ﻣن اﻟدﻻﻟﺔ ﺗﺗﻔق ﻣﻊ ﻣﻌﺎﯾﯾرﻩ اﻟذاﺗﯾﺔ ،416وﺗظﻬر ﻫذﻩ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ
ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة وذﻟك ﻟﻣﺎ ﺗﺣوﯾﻪ ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل ﻣن طﺑﻘﺎت ﻣﺗﻌددة ﻟﻠﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻲ ﺗُﻛَون ﺑذﻟك
ﻣﺳﺎﻓﺔ ﻓﺎﺻﻠﺔ ﺑﯾن " اﻟﻘول " و " اﻟﻣﻘﺻد " وﻣﺎ ﯾﺣﺗﻣﻠﻪ ﻣن ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﯾن اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﺣرﻓﯾﺔ ﻟﻠﻔﻌل وﻗوﺗﻪ
417
وﯾﺷﯾر اﻟﺑﺎﺣث" اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺳﺗدل ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي أﻧﺟز ﻓﯾﻪ اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻓﻌﻠﻪ اﻟﻛﻼﻣﻲ
اﻟﻣﺛﻧﻰ ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح " إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ " :ﯾﺄﺧذ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻘرآﻧﻲ أﻫﻣﯾﺗﻪ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﺻﺎﺣب اﻟﺣﺎﻛﻣﯾﺔ واﻟﺳﻠطﺔ
ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣدﻟوﻻت اﻷﻟﻔﺎظ وﻣﻌﺎﻧﯾﻬﺎ اﻟﻣرادة ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ،ﻓﻬو ﺿﺎﺑط ﻟﻔﻬم اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ،إذ أن اﻷﻟﻔﺎظ إن ﺗرﻛت ﻋﻠﻰ
ﻋواﻫﻧﻬﺎ دون ﺗﻘﯾﯾد وﺗﺣدﯾد ﺣﻣﻠت ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣرادة وﻏﯾر ﻣرادة ﻓﻛﺎﻧت ﻣﻬﻣﺔ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻘرآﻧﻲ ﺗﻘﯾﯾد وﺗﺣدﯾد ﻫذﻩ
اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،ﺣﯾث إﻧﻪ ﯾﻌد ﺿﺎﺑطﺎ ﻻﻧﻔﻼﺗﻬﺎ ﻋن ﻗﺻد اﻟﻣﺗﻛﻠم وﻣن ﻫﺎ ﻫﻧﺎ ﻧﺑﻌت ﺣﺎﻛﻣﯾﺗﻪ وﺳﻠطﺗﻪ ﻋﻠﻰ
418
وﻧظ ار ﻷﻫﻣﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻘرآﻧﻲ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﻐﺔ ودورﻩ ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﻗدﺳﯾﺗﻪ ﻣن اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ " .
-414ﻣﺣﻣد ) اﻟﻌﺑد ( :اﻟﻧص واﻟﺧطﺎب واﻻﺗﺻﺎل ،اﻷﻛﺎدﯾﻣﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ ) اﻟﻘﺎﻫرة ( ،ط 2005 ،1ص.288
-415اﻟﻧص واﻟﺧطﺎب واﻻﺗﺻﺎل ،ص ص.289 ،288
-416ﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻘرآﻧﻲ :دراﺳﺔ ﺗﺄﺻﯾﻠﯾﺔ دﻻﻟﯾﺔ ﻧﻘدﯾﺔ ،ص.54
-417اﻟﻧص واﻟﺧطﺎب واﻻﺗﺻﺎل ،ص .289
-418ﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻘرآﻧﻲ :دراﺳﺔ ﺗﺄﺻﯾﻠﯾﺔ دﻻﻟﯾﺔ ﻧﻘدﯾﺔ ،ص.54
264
اﻟﺗﺄوﯾﻼت اﻟﺧﺎطﺋﺔ وﺗﺣدﯾد ﻣﻌﺎﻧﯾﺔ ﺑدﻗﺔ ﯾﺷﯾر" اﻟﻣﺛﻧﻰ " إﻟﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻬم ﻓﻲ ﺿﺑط اﻟﺳﯾﺎق
419
اﻟﻘرآﻧﻲ ﻟﻔﻬم اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ،ﯾﻣﻛن أن ﻧﺷﯾر إﻟﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻘﺎط اﻵﺗﯾﺔ:
أن اﻟﻠﻔظ اﻟواﺣد ﻗد ﯾﺣﺗﻣل ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﺗﻌددة ،وﺷرطﻪ ﻓﻲ إرادة ﻣﻌﺎﻧﯾﻪ اﻟﻣﺗﻌددة ﻓﻲ ﺳﯾﺎق ﻣﺎ ﻫو أن
ﯾواﻓق اﻟظﺎﻫر ﻣن ﻣﻘﺻدﻩ اﻟذي ﺳﯾق ﻷﺟﻠﻪ؛ ﺣﯾث ﯾﺷﯾر " اﻟﻣﺛﻧﻰ " إﻟﻰ أن اﻟﻘﺻد -ﺳواء أﻛﺎن
ﻣﻘﺻد اﻟﺳورة ﻛﻛل أم ﻣﻘﺻد اﻟﻣﻘطﻊ أم ﻣﻘﺻد اﻵﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ -ﻫو اﻟذي ُﯾﺧﺿﻊ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ إﻟﻰ اﻟﺳﯾﺎق،
ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺟﺎوزﻩ إﻟﻰ ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻟﻣﻘﺎﺻد اﻷﺧرى ،ﺣﯾث ﯾﺳﻬم ﻣﻘﺻد اﻟﺳﯾﺎق ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻓﻲ
أن اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻘرآﻧﻲ وﺣدﻩ اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾد ﺳﻼﻣﺔ اﻟﻣﻌﻧﻰ و ﺳﻘﺎﻣﺗﻪ إذ إن اﻟﻠﻔظ اﻟﻣﻌﺟﻣﻲ ﻗﺎﺑل ﻷن
ﯾﺣﻣل اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺻﺢ وﺻف ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺳﻼﻣﺔ أو اﻟﺳﻘﺎﻣﺔ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎل
ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ ﺳﯾﺎق ﻣﻌﯾن ﯾﺗﺿﻣن ﻗﺻدا ﻣﻌﯾﻧﺎ؛ إذ ﻻ ﯾﺟوز ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ظﺎﻫر اﻟﺳﯾﺎق واﻷﺧذ
ﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﻧﺧﻠص إﻟﻰ أن ﺣﺎﻛﻣﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻘرآﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣن ﻛون اﻟﺳﯾﺎق ﻛﻼم اﷲ ﻋز وﺟل وﻫو
ﺻﺎﺣب اﻟﻛﻣﺎل اﻟﻣطﻠق ﻓﻲ أﻗواﻟﻪ وأﻓﻌﺎﻟﻪ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻼ ﺑد أن ﯾﻛون اﻟﻘرآن ﻣوﺻوﻓﺎ ﺑﺎﻟﻛﻣﺎل اﻟﻣطﻠق أﯾﺿﺎ ،وﻣن
420
ﻛﻣﺎﻟﻪ أن ﻻ ﯾﻘﺻر ﻋن ﺑﯾﺎن ﻣرادﻩ وﻣﻘﺻدﻩ وﻣﻘﺻد ﻗﺎﺋﻠﻪ وﻓﻬﻣﻪ ﺿﻣن ﺳﯾﺎﻗﻪ اﻟذي ﺟﺎء ﻓﯾﻪ.
اﻫﺗم اﻟﺑﻼﻏﯾون ﻣﻧذ اﻟﻘدﯾم ﺑظﺎﻫرة اﻟﻣﻘﺎم اﻫﺗﻣﺎﻣﺎ ﺷدﯾدا ،واﻋﺗﻣدوا ﻓﻲ ﺑﺣوﺛﻬم ودراﺳﺎﺗﻬم ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة رﺑط
اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ ﺑﻣﻘﺎﻣﻬﺎ وأﺻﺑﺢ ﻣﻘﯾﺎس اﻟﻛﻼم ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺣﺳن واﻟﻘﺑول ﺑﺣﺳب ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟﻛﻼم ﻟﻣﺎ ﯾﻠﯾق ﺑﻪ ،وﻫذا ﻣﺎ
ﯾﻌرف ﻋﻧدﻫم ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺣﺎل ،ﻓﺎﻟﻣﻘﺎم " ﻫو ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺣﺎل اﻟذي ﯾﺟﻌل اﻟﻣﺗﻛﻠم ﯾﺧﺎطب ﺳﺎﻣﻌﻪ ﺑﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎﺟﻪ
اﻟﻛﻼم ،وﻗد ﯾﺧﺗﻠف ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺣﺎل أﯾﺿﺎ " ﻓﻣﻘﺎم اﻟﺗﺷﻛر ﯾﺑﺎﯾن ﻣﻘﺎم اﻟﺷﻛﺎﯾﺔ وﻣﻘﺎم اﻟﺗﻬﻧﺋﺔ ﯾﺑﺎﯾن ﻣﻘﺎم اﻟﺗﻌزﯾﺔ،
وﻣﻘﺎم اﻟﻣدح ﯾﺑﺎﯾن ﻣﻘﺎم اﻟذم ،وﻣﻘﺎم اﻟﺗرﻏﯾب ﯾﺑﺎﯾن ﻣﻘﺎم اﻟﺗرﻫﯾب ..وﻛذا ﻣﻘﺎم اﻟﻛﻼم ﻣﻊ اﻟذﻛﻲ ﯾﻐﺎﯾر ﻣﻘﺎم اﻟﻛﻼم
422
إن " اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ " ﻣن ﺧﻼل ﻧﺻﻪ اﻟﺳﺎﺑق ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ ﻣﻊ اﻟﻐﺑﻲ ،وﻟﻛل ﻣن ذﻟك ﻣﻘﺗﺿﻰ ﻏﯾر ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻵﺧر"
اﺧﺗﻼف اﻟﻣﻘﺎﻣﺎت وﺗﻔﺎوﺗﻬﺎ وذﻟك ﻋن طرﯾق ذﻛرﻩ ﻟﺑﻌض ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻷﺣوال اﻟﺗﻲ ﺗرد ﻓﯾﻬﺎ أﻧواع اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ ﺑﻣﺎ
ﺗﺣوﯾﻪ ﻣن ﺧواص ﺗرﻛﯾﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻛﻣﺎ ﯾوﺿﺢ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻧص ﺑﺎﻟﻣﻘﺎم اﻟذي ورد ﻓﯾﻪ ،وارﺗﺑﺎطﻪ ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻷﺣداث
اﻟﻣراﻓﻘﺔ ﻟﻠﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ،وﻛذﻟك ﯾﻛﺷف ﻟﻧﺎ ﻋن ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻣﻘﺎم ﺑطرق اﻟﻛﻼم وأﺳﻠوب اﻟﺣدﯾث ،ﻛﻣﺎ ﯾﻛﺷف ﻋن
ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻠﻣﺗﻛﻠم ﺑطﺑﯾﻌﺔ ﺧطﺎﺑﻪ اﻟﻣوﺟﻪ ﻟﻠﻣﺗﻠﻘﻲ ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ﻣﺳﺗواﻩ اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻫو ﻛذﻟك .وﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء
اﻟذﯾن أﺷﺎروا إﻟﻰ ﻓﻛرة اﻟﻣﻘﺎم أﯾﺿﺎ " ﻋﺑد اﻟﻘﺎﻫر اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ " ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ " دﻻﺋل اﻹﻋﺟﺎز " ﺣﯾث ﯾﺷﯾر إﻟﻰ أن
اﻟﻧظم ﻣﺎ ﻫو إﻻ ﻣراﻋﺎة ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺣﺎل ،ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﻛﺷف ﻋن اﻟﻔﺻﯾﺢ ﻣن اﻟﻛﻼم و ﺑﻠﯾﻐﻪ إﻻ ﻋن طرﯾق
ﻣراﻋﺎة اﻟﻣﻘﺎم ،و ﺗﻣﺗد ﻓﻛرة اﻟﻣﻘﺎم – ﺣﺳﺑﻪ -إﻟﻰ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻣﺟﺎورة اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﺑﯾن ﻛﻠﻣﺗﯾن ﻣﺗﺗﺎﺑﻌﺗﯾن ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ" :
423
وﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻣﻼﺣظﺗﻪ ﻫو ذﻟك ﻋن أن ﯾﺗﺻور أن ﯾﻘﺎل ﻓﻲ ﻛﻠﻣﺔ ﻣﻧﻬﺎ إﻧﻬﺎ ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺻﺎﺣﺑﺔ ﻟﻬﺎ ،وﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻬﺎ "
اﻟﺗﻘﺎرب ﺑﯾن ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﻘﺎم ﻋﻧد ﻋﻠﻣﺎﺋﻧﺎ وﻣﻔﻬوم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ ﻋﻧد " دوﺳوﺳﯾر " اﻟذي ﯾرى أﻧﻪ ﻫﻧﺎك ﻋﻼﻗﺎت
ﺗﻘوم ﺑﯾن اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻓﻲ ﺗﺳﻠﺳﻠﻬﺎ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﺧﺎﺻﯾﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟزﻣﺎﻧﯾﺔ ،إذ إﻧﻬﺎ ﺗﻧﺗظم ﻓﻲ ﺧط ﻣﺳﺗﻘﯾم ،ﺑﺣﯾث ﺗﺳﺗﺣﯾل
ﻓﯾﻪ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻧطق ﺑﻛﻠﻣﺗﯾن ﻓﻲ وﻗت واﺣد ﺣﯾث ﺗﺗﺂﻟف ﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻓﻲ ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﻛﻼم ،وﻫذا اﻟﺗﺂﻟف ﻫو ﻣﺎ ﯾطﻠق
ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ ،ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﺗدﺧل ﻛﻠﻣﺔ ﻓﻲ ﺗرﻛﯾﺑﻬﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻛﺗﺳب ﻗﯾﻣﺗﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻣﻘﺎﺑﻠﺗﻬﺎ ﻟﻣﺎ ﯾﺳﺑﻘﻬﺎ أو
ﯾﻠﺣﻘﻬﺎ ﻣن ﻛﻠﻣﺎت ،وﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧرى ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻟو أﺧذﻧﺎ أي ﻛﻠﻣﺔ ﻣن اﻟﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ ﻟوﺟدﻧﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺛﯾر ﻣﻌﻬﺎ ﻛﻠﻣﺎت
أﺧرى ﺑﺎﻟﺗداﻋﻲ واﻹﯾﺣﺎء ،ﻓﻛﻠﻣﺔ " ﺗﻌﻠﯾم " ﻣﺛﻼ ﺗﺛﯾر ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟذﻫن ﻛﻠﻣﺎت أﺧرى ﻣﺛل :ﻣﻌﻠم وﻋﻠم وﺗرﺑﯾﺔ،
-421ﻋﻣﺎر ) ﺳﺎﺳﻲ ( :اﻟﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﻧﺣو واﻟﺑﻼﻏﺔ ﻓﻲ إﻋﺟﺎز اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ،ﻋﺎﻟم اﻟﻛﺗب اﻟﺣدﯾث ) إرﺑد ،اﻷردن ( ،دط،2007 ،
ص.179
-422ﻣﻔﺗﺎح اﻟﻌﻠوم ،ص.256
-423ﻋﺑد اﻟﻘﺎﻫر ) اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ ( :دﻻﺋل اﻹﻋﺟﺎز ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻌﺻرﯾﺔ ) ﺻﯾدا ،ﺑﯾروت ( ،دط ،2003 ،ص.40
266
424
وﯾﻌد " اﻟﻣﻘﺎم " ﻋﻧﺻ ار وﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻋﻼﻗﺎت ﺗﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﯾﺣﺎﺋﯾﺔ ،وﻫﻲ ﺗﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ.
أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻟدﻻﻟﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،ﺣﯾث إن ﻓﻬم أي ﺧطﺎب أو ﺗﺄوﯾﻠﻪ ﺗﺄوﯾﻼ دﻗﯾﻘﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗم إﻻ ﺑرد ﻫذا
اﻟﺧطﺎب إﻟﻰ ﺳﯾﺎﻗﻪ ،وﻫذا ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ " ﺗﻣﺎم ﺣﺳﺎن "؛ ﺣﯾث ﯾؤﻛد ﺑدورﻩ أن ﻋﻠم اﻟدﻻﻟﺔ اﻟوﺻﻔﯾﺔ ﺗرﻛز ﻛﺛﯾ ار
ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬوم " اﻟﻣﻘﺎم " ﺣﯾث ﺗﻌدﻩ أﺣد أﻫم ﺟواﻧب اﻟﻣﻌﻧﻰ ،وﻫو اﻟﺟﺎﻧب اﻟذي ﺗﺗﻣﺛل ﻓﯾﻪ اﻟﻌﻼﻗﺎت واﻷﺣداث
واﻟظروف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳود ﺳﺎﻋﺔ أداء اﻟﻣﻘﺎل ،وﯾﺷﯾر اﻟﺑﺎﺣث ﻧﻔﺳﻪ إﻟﻰ أن " إﺟﻼء اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى
اﻟوظﯾﻔﻲ ) اﻟﺻوﺗﻲ واﻟﺻرﻓﻲ واﻟﻧﺣوي ( وﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻌﺟﻣﻲ ﻓوق ذﻟك ﻻ ﯾﻌطﯾﻧﺎ إﻻ " ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻘﺎل " أو "
اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣرﻓﻲ" ﻛﻣﺎ ﯾﺳﻣﯾﻪ اﻟﻧﻘﺎد ،أو ﻣﻌﻧﻰ " ظﺎﻫر اﻟﻧص " ﻛﻣﺎ ﯾﺳﻣﯾﻪ اﻷﺻوﻟﯾون وﻫو – ﻣﻊ اﻻﻋﺗذار اﻟﺷدﯾد
ﻟﻠظﺎﻫرﯾﺔ -ﻣﻌﻧﻰ ﻓﺎرغ ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻣن ﻣﺣﺗواﻩ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻣﻧﻌزل ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻋن ﻛل ﻣﺎ ﯾﺣﯾط ﺑﺎﻟﻧص ﻣن اﻟﻘراﺋن
425
وﺧﻼﺻﺔ ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ ﻫذا اﻟﺑﺎﺣث :أﻧﻪ ﻻ ﯾﻛﻔﻲ ﻟﺗﺣدﯾد ﻣﻌﻧﻰ ﻋﺑﺎرة ﻣﺎ ،أن ﻧﻘف ﻋﻧد ﺣدود ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ".
اﻟوظﯾﻔﻲ أو اﻟﻣﻌﺟﻣﻲ ،ﺑل ﯾﺟب أن ﺗﺣﯾط إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ذﻟك ﺑظروف اﻟﻛﻼم وﻣﻼﺑﺳﺎﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﺑدوﻧﻬﺎ ﯾﻛون اﻟﻣﻌﻧﻰ
ﻧﺎﻗﺻﺎ وﻓﺎرﻏﺎ ﻣن ﻣﺣﺗواﻩ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص .وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﻋﻠﻰ ﻣﺣﻠل اﻟﺧطﺎب أن ﯾﺄﺧذ
ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣﻘﺎم اﻟذي ﯾظﻬر ﻓﯾﻪ ﻫذا اﻟﺧطﺎب ،ﻷن ذﻟك ﯾؤدي دو ار ﻓﻌﺎﻻ ﻓﻲ ﺗﺄوﯾل اﻟﻧص ،وﯾﻘﺗرح اﻟﺑﺎﺣث "
ﺣﺎﻣد أﺑو زﯾد " ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺳﯾﺎق اﻟﺗﻲ ﯾﺟدر اﻟوﻗوف ﻋﻧدﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺄوﯾل ،وﻫﻲ :اﻟﺳﯾﺎق
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟﺳﯾﺎق اﻟداﺧﻠﻲ ) ﻋﻼﻗﺎت اﻷﺟزاء ( واﻟﺳﯾﺎق اﻟﺧﺎرﺟﻲ ) ﺳﯾﺎق اﻟﺗﺧﺎطب ( واﻟﺳﯾﺎق اﻟﻠﻐوي
) ﺗرﻛﯾب اﻟﺟﻣﻠﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟﺟﻣل ( وﺳﯾﺎق اﻟﻘراءة أو ﺳﯾﺎق اﻟﺗﺄوﯾل ،وﯾذﻫب ﻫذا اﻟﺑﺎﺣث إﻟﻰ أن ﺗﺄوﯾل
اﻟﻧﺻوص اﻟدﯾﻧﯾﺔ ﯾﺗطﻠب اﻛﺗﺷﺎف اﻟدﻻﻟﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣﻠﯾل ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺳﯾﺎق ﺟﻣﯾﻌﺎ وﯾﻌﯾب ﻋﻠﻰ اﻟﺗﯾﺎرات اﻟدﯾﻧﯾﺔ
ﺗﺟﺎﻫﻠﻬﺎ إو ﻫدارﻫﺎ ﻟﻌﻧﺻري اﻟﺳﯾﺎق واﻟﻣﻘﺎم أﺛﻧﺎء ﺗﺄوﯾل اﻟﺧطﺎب اﻟدﯾﻧﻲ وﯾﺷﯾر إﻟﻰ ذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ " :و اﻟﺗﺄوﯾل
اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ،اﻟﻣﻧﺗﺞ ﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻧﺻوص ،ﯾﺗطﻠب اﻛﺗﺷﺎف اﻟدﻻﻟﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣﻠﯾل ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺳﯾﺎق ﻟﻛن اﻟﺧطﺎب
-424ﺧﻠود ) اﻟﻌﻣوش ( :اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ :دراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻧص واﻟﺳﯾﺎق " ﻣﺛل ﻣن ﺳورة اﻟﺑﻘرة " ﻋﺎﻟم اﻟﻛﺗب اﻟﺣدﯾث
ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ) ارﺑد ،اﻷردن ( ،ط ،2005 ،1ص.55
-425ﺗﻣﺎم ) ﺣﺳﺎن ( :اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ وﻣﺑﻧﺎﻫﺎ ،ﻋﺎﻟم اﻟﻛﺗب ) اﻟﻘﺎﻫرة ( ،ط ،1998 ،3ص ص.338 ،337
267
اﻟدﯾﻧﻲ ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﺗﺟﺎﻫل ﺑﻌض ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت ..وﯾرﺗد ﻫذا اﻟﺗﺟﺎﻫل ﻓﻲ ﺟﺎﻧب ﻣﻧﻪ إﻟﻰ ﻋدم اﻟوﻋﻲ ﺑﻘواﻧﯾن ﺗﺷﻛل
اﻟﻧﺻوص اﻟﻠﻐوﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾرﺗد ﻓﻲ ﺟﺎﻧب آﺧر إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﻧﺻوص اﻟدﯾﻧﯾﺔ ﻧﺻوﺻﺎ ﻣﻔﺎرﻗﺔ ﻟﺳواﻫﺎ ﻣن اﻟﻧﺻوص
اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻣﻔﺎرﻗﺔ ﺗﺎﻣﺔ أو ﺷﺑﻪ ﺗﺎﻣﺔ وﺳواء ﻛﺎن ﺗﺟﺎﻫل اﻟﺳﯾﺎق راﺟﻌﺎ إﻟﻰ ﺗﻠك اﻷﺳﺑﺎب أم ﻛﺎن راﺟﻌﺎ إﻟﻰ ﺳواﻫﺎ،
ﻓﺎﻟذي ﻻﺷك ﻓﯾﻪ أن اﻟﻛﺷف ﻋن ظﺎﻫرة إﻫدار اﻟﺳﯾﺎق ﻓﻲ ﺗﺄوﯾﻼت اﻟﺧطﺎب اﻟدﯾﻧﻲ ﯾﻌد ﺧطوة ﺿرورﯾﺔ ﻟﺗﺄﺳﯾس
426
وﯾرى اﻟﺑﺎﺣث ﻧﻔﺳﻪ أن إﻋﺟﺎز اﻟﻘرآن ﻻ ﯾﻛﻣن ﻓﻲ وﻋﻲ ﻋﻠﻣﻲ ﺑﺎﻟﻧﺻوص اﻟدﯾﻧﯾﺔ وﺑﻘواﻧﯾن إﻧﺗﺎﺟﻬﺎ ﻟﻠدﻻﻟﺔ ".
ﺗﺄﻟﯾﻔﻪ ﻓﻘط إو ﻧﻣﺎ إﻋﺟﺎزﻩ ﯾظﻬر ﺧﺎرج اﻟﻧص أﯾﺿﺎ وذﻟك ﻣن ﺣﯾث ﺗﻌﺎﻣﻠﻪ ﻣﻊ اﻟواﻗﻊ وﻣﻌﺎﻟﺟﺗﻪ ﻟﻪ ،وأﻣﺎ إﻋﺟﺎزﻩ ﻓﻲ
داﺧﻠﻪ ﻓﻧراﻩ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ واﻟﺗﺄﻟﯾف واﻟﻧظم وآﻟﯾﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻣﺑﺎﺣث اﻟﻌﻣوم واﻟﺧﺻوص
427
واﻟﻐﻣوض واﻟوﺿوح ،وﻫذﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﻫﻲ ﻣن آﻟﯾﺎت اﻟﻧص ﻓﻲ إﻧﺗﺎج اﻟدﻻﻟﺔ.
ﻋﻠﻰ ﺿوء ﻣﺎ ﺳﺑق ﺳﺄﺣﺎول ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻣن اﻟﺑﺣث رﺑط ﺳورة اﻟﻛﻬف ﺑﺎﻟﻣﻘﺎم اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ،وذﻟك
" " cohésionو اﻻﻧﺳﺟﺎم " " Cohérenceواﻟﻣﻌطﯾﺎت ﺧﺎرج اﻟﻧﺻﯾﺔ ) اﻟﻣرﺳل واﻟﻣﺗﻠﻘﻲ واﻟظروف اﻟزﻣﺎﻧﯾﺔ
( ﻟﻧﺻل واﻟﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ( ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﺳورة اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﺟﺎءت ﺟواﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺳﺋﻠﺔ وﺟﻬت ﻟﻠرﺳول )
" Adamاﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺗداوﻟﻲ اﻟﺗﻣﺛﯾﻠﻲ ﻓﻲ اﻷﺧﯾر إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺳﻣﯾﻪ " ﻣﯾﺷﺎل آدم " " Jean Michel
428
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎﻟﺳورة ﺗﺗﺷﻛل وﻓﻘﺎ ﻟﺑﻌدﯾن ﯾﻛﻣل أﺣدﻫﻣﺎ ."niveau pragmatico - configurationnel
اﻵﺧر ،وﻫﻣﺎ:
أ -ﺑﻌد داﺧﻠﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻻﺗﺳﺎق واﻻﻧﺳﺟﺎم؛ ﺣﯾث ﺗﻣﺛل اﻟﺳورة ﻧﺳﯾﺟﺎ ﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺎ ﻣﺗﺟﺎﻧﺳﺎ ﻣرﺗب وﻣﻧﺗظم ،وﯾﺗﺿﺢ
ﻫذا اﻟﺗﺟﺎﻧس واﻻﻧﺗظﺎم واﻟﺗﻣﺎﺳك ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻧﺗﺞ ﻣن ﻋﻼﻗﺎت ﺑﯾن آﯾﺎت اﻟﺳورة وﻗد اﻫﺗم اﻟﻣﻔﺳرون ﺑﺄﻧواع
-426ﻧﺻر ﺣﺎﻣد ) أﺑو زﯾد ( :اﻟﻧص واﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ :إرادة اﻟﻣﻌرﻓﺔ إو رادة اﻟﻬﯾﻣﻧﺔ ،اﻟﻣرﻛز اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ) اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء،
اﻟﻣﻐرب ( ) ،ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط ،2006 ،5ص.91
-427اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ :دراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻧص واﻟﺳﯾﺎق ،ص.139
-428ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻧص ﺑﺎﻟﻣﻘﺎم :ﺳورة اﻟﻛﻬف ﻧﻣوذﺟﺎ ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻠﻐﺔ واﻷدب ) ﻣﻠﺗﻘﻰ ﻋﻠم اﻟﻧص ( ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﻌدد ، 14
دﯾﺳﻣﺑر ،1999ص.292
268
اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﯾرون أﻧﻬﺎ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن آﯾﺎت ﻣﺗﺟﺎورة أو ﻣﺗﺑﺎﻋدة ،وﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻻ ﺗﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻻرﺗﺑﺎط اﻟﺷﻛﻠﻲ
ﻓﻘط ،إو ﻧﻣﺎ ﺗﻬﺗم ﺑﻣﺎ ﻫو أﻋﻣق ﻣن ذﻟك ،وﻣن ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت أو اﻟرواﺑط اﻟﺗﻲ ﻧﺟدﻫﺎ ﻓﻲ ﺳورة اﻟﻛﻬف:
اﻟﻌطف :إن اﻟﻘﺎرئ ﻟﺳورة " اﻟﻛﻬف " ﯾﺣس وﻣن اﻟوﻫﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑذﻟك اﻟﺗراﺑط واﻟﺗﻣﺎﺳك اﻟذي
ﻧﻠﻣﺳﻪ ﻣن ﺑداﯾﺔ اﻟﺳورة إﻟﻰ ﻧﻬﺎﯾﺗﻬﺎ ،ﻓﻘد ذﻛر ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ أن اﻟﺳﺑب ﻓﻲ إﻧزال اﻟﻛﺗﺎب ﻓﻲ ﻗوﻟﻪَ ﴿ :وﻳُ ْﻨ ِﺬ َر
وﻫذا ﻫو اﻟﺳﺑب اﻟذي دﻓﻊ ﺑﺎﻟﻔﺗﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻬروب ﺑﻌﻘﯾدﺗﻬم إﻟﻰ اﻟﻛﻬف 429
اﻟﱠﺬِﻳ َﻦ ﻗـَﺎﻟُﻮا اﺗﱠﺨَﺬَ اﻟﻠﱠﻪُ َوﻟَﺪًا ﴾.
ِك ﻓِﻲ
ِﻦ َوﻟِﻲﱟ وََﻻ ﻳُ ْﺸﺮ ُ ﺑﻌﯾدا ﻋن ﻗوﻣﻬم اﻟﻣﺷرﻛﯾن ،وﻛذﻟك آﺧر آﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ﴿ ﻣَﺎ ﻟَ ُﻬ ْﻢ ﻣ ْ
ِﻦ دُوﻧِﻪِ ﻣ ْ
ﻓﻌﻘﯾدة اﻟﺗوﺣﯾد رﺑطت ﺑﯾن أول اﻟﻘﺻﺔ ووﺳطﻬﺎ وآﺧرﻫﺎ وﻫذا ﺗﻣﺎﺳك ﻣﻌﻧوي أو دﻻﻟﻲ ﺑﯾن 430
ُﺣ ْﻜﻤِﻪِ أَﺣَﺪًا ﴾
أرﻛﺎن اﻟﻘﺻﺔ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ وﺟود راﺑط دﻻﻟﻲ آﺧر ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﺣدة ﻣوﺿوع ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ،ﻗﺻﺔ أﺻﺣﺎب
431
وﻣن أﻣﺛﻠﺔ اﻟرواﺑط اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ،اﻟﻌطف ﺑﺎﻟﻔﺎء واﻟواو ﻓﻲ اﻵﯾﺔ اﻟﻌﺎﺷرة ،و ﻫو رﺑط ﺑﯾن اﻟﻛﻬف.
أرﺑﻊ ﺟﻣل :أوى اﻟﻔﺗﯾﺔ ،ﻓﻘﺎﻟوا ،رﺑﻧﺎ آﺗﻧﺎ ﻣن ﻟدﻧك رﺣﻣﺔ ،وﻫﯾﺊ ﻣن أﻣرﻧﺎ رﺷدا ،ﻓﺎﻟﺟﻣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺧﺑرﯾﺗﺎن
واﻟﺛﺎﻟﺛﺔ واﻟراﺑﻌﺔ إﻧﺷﺎﺋﯾﺗﺎن ،ﺛم ﯾﺣدث اﻟﺗﻣﺎﺳك ﺑﯾن اﻵﯾﺔ اﻟﻌﺎﺷرة واﻟﺣﺎدﯾﺔ ﻋﺷرة ﺑﺎﻟﻔﺎء اﻟﺗﻲ وﻗﻌت ﻓﻲ ﺟواب
اﻟطﻠب أو اﻟدﻋﺎء ،ﺛم ﯾﺣدث رﺑط آﺧر ﺑﯾن اﻵﯾﺔ اﻟﺣﺎدﯾﺔ ﻋﺷرة واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻋﺷر ﺑﺎﻟﻌطف ﺑـ " ﺛم " .وﻣﺎ ﻧﻼﺣظﻪ أن
ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺳورة ﺗؤﻛد ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺳورة اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ وﻫﻲ " اﻟﺗوﺣﯾد " ،وﻫﻛذا ﻓﺈن اﻟﻘﺻص اﻷرﺑﻊ ﻓﻲ اﻟﺳورة ﺗﻠﺗﻘﻲ ﻣﻊ
ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺑﻌض ﻓﻲ ﻧﻘطﺔ واﺣدة وﻫﻲ اﻹﯾﻣﺎن ﺑﺎﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺗوﺣﯾدﻩ؛ ﺣﯾث ﺗؤﻛد ﻫذﻩ اﻟﻘﺻص طﺑﯾﻌﺔ اﻟطرﻓﯾن
اﻟﻣﺗﺿﺎدﯾن ﻓﻲ اﻟﺳورة ﻛﻛل ،طرف اﻟﻣؤﻣﻧﯾن وطرف اﻟﻌﺎﺻﯾن أو اﻟﻛﺎﻓرﯾن ،ﻟﺗؤﻛد أن اﻟﻔوز داﺋﻣﺎ ﻣﻊ اﻟطرف
-429اﻟﻛﻬف . 4 /
-430اﻟﻛﻬف .26 /
-431ﺻﺑﺣﻲ إﺑراﻫﯾم ) اﻟﻔﻘﻲ ( :ﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻧﺻﻲ ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗطﺑﯾق :دراﺳﺔ ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳور اﻟﻣﻛﯾﺔ ،دار ﻗﺑﺎء ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ
واﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ) اﻟﻘﺎﻫرة ( ،ط ،2000 ،1اﻟﺟزء اﻷول ،ص.294
269
اﻷول ،وﻫذا وﺟﻪ ﻣن وﺟوﻩ اﻟﺗﻣﺎﺳك اﻟدﻻﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺳورة ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟدور اﻟﻛﺑﯾر ﻟﻠرواﺑط ﻓﻲ إﺣداث اﻟﺗﻣﺎﺳك
432
اﻟﻧﺻﻲ داﺧﻠﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﻛل ﻗﺻﺔ ،وﺧﺎرﺟﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﻘﺻص.
اﻹﺣﺎﻟﺔ :ﯾﺗﻣﯾز اﻟﺳﯾﺎق ﻓﻲ ﺳورة " اﻟﻛﻬف " ﺑﺧﺎﺻﯾﺔ اﻹﺣﺎﻟﺔ ،إﻣﺎ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ " référence
" exhophoriqueإو ﻣﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ " " référence Endophoriqueﻓﻲ اﻻﺗﺟﺎﻫﯾن اﻟوراﺋﻲ واﻷﻣﺎﻣﻲ،433
وﯾﻌد " اﻟطﺎﻫر ﺑن ﻋﺎﺷور" أﻛﺛر وﺿوﺣﺎ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻹﺣﺎﻟﯾﺔ ﻟﺳﯾﺎق اﻵﯾﺎت ﻓﻲ ﺳورة " اﻟﻛﻬف " ،ﻓﻘد ورد
أي :ﻟﯾس ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾرﻩ ﻟﻘوﻟﻪ ﻋز وﺟل ﴿ أﺣﺴﺒﺖ أن أﺻﺤﺎب اﻟﻜﻬﻒ واﻟﺮﻗﻴﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ آﻳﺎﺗﻨﺎ ﻋﺠﺒﺎ ﴾؛
أﺻﺣﺎب اﻟﻛﻬف ﻣن أﻋﺟب آﯾﺎﺗﻧﺎ ﺑل ﻫﻧﺎك ﻣﺎ ﻫو أﻋﺟب ﻣﻧﻬﺎ ﻓﺄي أﻋﺟب ﻣن إﻣﺎﺗﺔ اﻷﺣﯾﺎء إو ﻋﺎدة ﺑﻌﺛﻬم ،ﻓﻔﻲ
إﻧﺎﻣﺔ أﻫل اﻟﻛﻬف إﺑﻘﺎء ﻟﻠﺣﯾﺎة ﻓﻲ أﺟﺳﺎﻣﻬم ،وﻟﯾس ﻓﻲ إﻣﺎﺗﺔ اﻷﺣﯾﺎء إﺑﻘﺎء ﻟﺷﻲء ﻣن اﻟﺣﯾﺎة ﻓﯾﻬم ،وﻫذا ﺗﻌرﯾض
( ﺑﯾﺎن ﻗﺻﺔ أﻫل اﻟﻛﻬف ﻻﺳﺗﻌﻼم ﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﻣن اﻟﻌﺟب ﺑﺄﻧﻬم ﺳﺄﻟوا ﻋن ﺑﻐﻔﻠﺔ اﻟذﯾن طﻠﺑوا ﻣن اﻟﻧﺑﻲ )
434
وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺻﺑﺢ اﻟﺿﻣﯾر ﻓﻲ " ﺣﺳﺑت " ﻣﺣﯾﻼ ﻋﻠﻰ اﻟذﯾن طﻠﺑوا ﻣن اﻟرﺳول ) ﻋﺟﯾب وﻛﻔروا ﺑﻣﺎ ﻫو أﻋﺟب.
435
( ﺑﯾﺎن ﻗﺻﺔ أﻫل اﻟﻛﻬف ﻻﺳﺗﻌﻼم ﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﻣن اﻟﻌﺟب.
436
اﻟﺗﻛ ارر:ﯾﺣﻘق اﻟﺗﻛرار اﻟﺗﻣﺎﺳك ﻓﻲ اﻟﺳورة ﻣن ﺑداﯾﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻧﻬﺎﯾﺗﻬﺎ و ﻣن أﻣﺛﻠﺗﻪ ﻓﻲ ﺳورة اﻟﻛﻬف:
ﻓﺎﻵﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻛرر ﻓﯾﻬﺎ ﻟﻔظ اﻟﺟﻼﻟﺔ " اﷲ " ﻫﻲ اﻵﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗوﺿﺢ إﺳﻧﺎد أﻣور ﻛﺛﯾرة إﻟﯾﻪ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺛل:
اﻟﺣﻣد ﻟﻪ ﻋﻠﻰ إﻧزاﻟﻪ اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻣﻘدس ،وأن ﻋﻠم اﻟﻐﯾب ﺧﺎص ﺑﻪ وأﻧﻪ اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻟﻸﻟوﻫﯾﺔ واﻟوﺣداﻧﯾﺔ دون ﺳواﻩ ،وأﻧﻪ
ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﻛل ﺷﻲء وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺳﻧد إﻻ إﻟﯾﻪ ﻋز وﺟل ﻓوظﯾﻔﺔ ﻋﻼﻗﺔ اﻹﺳﻧﺎد ﻫﻲ ﺗﺣﻘﯾق
ﺗﺣﯾل إﻟﻰ اﻟذات اﻹﻟﻬﯾﺔ ) اﷲ ( ﻗد ﺗﻛررت ﻓﻲ ﺗﺳﻌﺔ وﺛﻣﺎﻧﯾن) (89ﻣوﺿﻌﺎ ،437وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول إن ﻟﻔظ
اﻟﺟﻼﻟﺔ ﻗد ﺗﻛرر ﻓﻲ ﻣﺎﺋﺔ وأرﺑﻌﺔ وأرﺑﻌﯾن ) (144ﻣوﺿﻌﺎ ﺑطول ﻣﺎﺋﺔ وﻋﺷر آﯾﺎت.
أﻣﺎ ﺗﻛرار ﻟﻔظ " اﻟﻘول" ﻓﻧﺟدﻩ ﻓﻲ اﻵﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣدث ﻋن اﻟﻘﺻص أﻛﺛر ﻣن اﻵﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻘب ﻋﻠﯾﻬﺎ وذﻟك
ﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺻص اﻟﺣوارﯾﺔ ،ﻓﻔﻲ ﻗﺻﺔ أﻫل اﻟﻛﻬف ورد ﻓﻲ ﺛﻣﺎﻧﻲ ) (8آﯾﺎت و ورد ﻓﻲ ﻗﺻﺔ ﺻﺎﺣب اﻟﺟﻧﺗﯾن ﻓﻲ
ﺧﻣس) (5آﯾﺎت و ورد ﻓﻲ ﻗﺻﺔ اﻟﺳﺟود ﻵدم ﻓﻲ آﯾﺔ واﺣدة و ورد ﻓﻲ ﻗﺻﺔ " ﻣوﺳﻰ " ﻓﻲ ﺧﻣس ﻋﺷر )(15
438
ﻓوظﯾﻔﺔ اﻟﺗﻛرار ﻓﻲ ﺳورة " اﻟﻛﻬف " ﺣﻘﻘت ﺗﻣﺎﺳﻛﺎ دﻻﻟﯾﺎ آﯾﺔ وﻓﻲ ﻗﺻﺔ " ذو اﻟﻘرﻧﯾن " ﻓﻲ ﺛﻣﺎﻧﻲ ) (8آﯾﺎت.
وﺷﻛﻠﯾﺎ ﻋﺑر ﺗﻛرار اﻟﻛﻠﻣﺎت واﻟﻌﺑﺎرات واﻟﺟﻣل واﻵﯾﺎت ،وﻋﺑر رد اﻟﻌﺟز ﻋﻠﻰ اﻟﺻدر.
ب -ﺑﻌد ﺧﺎرﺟﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎر ﺳورة " اﻟﻛﻬف " ﺟواﺑﺎ ﺷﺎﻓﯾﺎ وﻣﻔﺣﻣﺎ ﻟﻠﻛﻔﺎر اﻟذﯾن أرادوا ﻧﻔﻲ ﺻﻔﺔ اﻟﻧﺑوة ﻋن
( ( ﻓﻬﻲ ﺑﻼغ أراد اﷲ ﻋز وﺟل ﻧﻘﻠﻪ إﻟﻰ اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﻋن طرﯾق اﻟرﺳول ﻣﺣﻣد ) اﻟرﺳول )
( إﻻ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ وﻻﺑد ﻣن اﻹﺷﺎرة ﻫﻧﺎ إﻟﻰ أن " ﻓﺎﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺳﺄﻟﺔ وﺣﻲ ،وﻣﺎ وظﯾﻔﺔ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ اﻷول ﻣﺣﻣد )
اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﯾرﺗﺑط ﺑﺎﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﺗدﻋو إﻟﻰ اﻻﻣﺗﺛﺎل أﻣ ار وﻧﻬﯾﺎ وﺑﺎﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﺗدﻋو إﻟﻰ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ وﻣﺎ دام اﻷﻣر ﯾﺗﻌﻠق
439
ﺑﺎﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻓﺈن اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺧطﺎﺑﯾﺔ ﺗﻛون ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
272
ﺗﻬﺗم اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ أﺛﻧﺎء اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل و ﺑطرق اﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﺑﻧﺟﺎح ،و ﺑﺎﻟﺳﯾﺎق واﻟطﺑﻘﺎت
اﻟﻣﻘﺎﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺟز ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺧطﺎب ،ﻛﻣﺎ ﺗﻬﺗم ﺑﻌﻧﺎﺻر اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ؛ و ﯾﻘوم ﻫذا اﻟﻣذﻫب اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ
ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ واﻟﻧظرﯾﺎت ﻟﻌل أﻫﻣﻬﺎ ﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌد اﻟﻧواة اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺑﺣوث
اﻟﺗداوﻟﯾﺔ؛ ﺣﯾث ﺗﻬﺗم ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﻪ اﻟﻣﺗﻛﻠﻣون ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﻣن إﻧﺟﺎز و ﺗﺄﺛﯾر وﺗﺑﻠﯾﻎ ،و ﺑﻣراﻋﺎة ﺳﯾﺎق اﻟﺣﺎل و
. اﻟﺧطﺎب ﻣن اﻟﻣﺧﺎطَب ﯾﺟﻧﯾﻬﺎ اﻟﺗﻲ اﻟﻔﺎﺋدة و ﻛﻼﻣﻪ ﻣن اﻟﻣﺗﻛﻠم ﯾرﯾدﻩ اﻟذي اﻟﻐرض
و ﻓﻲ ﺿوء ﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﻣﻛن أن أﺷﯾر إﻟﻰ أﻫم اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺧض ﻋﻧﻬﺎ ﻫذا اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻧﻘﺎط
اﻵﺗﯾﺔ:
-2ﺗﻬﺗم اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ أﺛﻧﺎء اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ دون أن ﺗﻬﻣل اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟذي ﯾﺣددﻩ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ ﻣرﻛزة ﻓﻲ
-4إن اﻫﺗﻣﺎم اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﻠﺗﻘﻲ ﻣﻊ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌﻠوم واﻟﺗﺧﺻﺻﺎت اﻷﺧرى ذات اﻟﺻﻠﺔ
اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﻧﺣو ﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ و ﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻧﻔﺳﻲ و اﻟﺑﻼﻏﺔ و اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ.
-5إن اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب " ﺑﻼﻏﯾون و ﻧﺣوﯾون وأﺻوﻟﯾون و ﻓﻘﻬﺎء " وﺑﺣﻛم طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻧﺻوص اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧوا ﯾدرﺳوﻧﻬﺎ
-وﻫﻲ ﻧﺻوص دﯾﻧﯾﺔ ﻓﻲ أﻏﻠﺑﻬﺎ -اﻫﺗﻣوا اﻫﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﺑﯾ ار ﺑدراﺳﺔ ﺻﯾﻎ اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ و اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ
اﻟﻣﺗﻔرﻋﺔ ﻋﻧﻬﺎ ،و ﺣﺎوﻟوا ﺗﻣﯾﯾزﻫﺎ ﻋن ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻟﺑﻌض وﻓﻘﺎ ﻟﻣﻌﺎﯾﯾر أﻗل ﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻋﻧﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﻣﻌﺎﯾﯾر ﺗداوﻟﯾﺔ
ﺑﺣﺗﺔ ،ﻓﻛﺎﻧت دراﺳﺎﺗﻬم و ﺗﺣﻠﯾﻼﺗﻬم اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ أﻫم اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺳس ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺗداوﻟﯾون
273
-6إن أﻫم ﻣﺎ ﻻﺣظﻧﺎﻩ ﻣن ﺧﻼل ﺗﻘﺳﯾﻣﺎت اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﺻﯾﻎ اﻟﻛﻼم وأﻏراﺿﻪ ﻫو ذﻟك اﻟﺗدﻗﯾق ﻓﻲ
اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﺻﯾﻐﺔ و أﺧرى ﻣراﻋﯾن ﻓﻲ ذﻟك ﻗﺻد اﻟﻣﺗﻛﻠم و ظروﻓﻪ و وﺿﻌﯾﺔ اﻟﺳﺎﻣﻊ ﺑوﺻﻔﻪ طرﻓﺎ ﻓﻲ
اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ .و طرﯾﻘﺔ ﺗﻠﻘﯾﻪ اﻟﺧطﺎب ،و ﻓﻬﻣﻪ ﻟﻪ ﺣﺳب ﻣﺎ ﯾﻘﺗﺿﯾﻪ اﻟﻣﻘﺎم اﻟذي ﯾرد ﻓﯾﻪ
-7ﻋدت ﺻﯾﻎ اﻟﻛﻼم اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﺳواء أﻛﺎﻧت أﻣ ار أم ﻧﻬﯾﺎ أم اﺳﺗﻔﻬﺎﻣﺎ ﺻﯾﻐﺎ أﺻﻠﯾﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ أو ﻛﻣﺎ ﯾﺳﻣﯾﻬﺎ
ﻣﻌﺎن
ٍ اﻟﺗداوﻟﯾون اﻟﻣﻌﺎﺻرون أﻓﻌﺎﻻ ﻛﻼﻣﯾﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ؛ أﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﺗﻔرع ﻋن ﺗﻠك اﻟﺻﯾﻎ اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻣن دﻻﻻت و
ﺗﺧرج ﻋن ﻣﻘﺗﺿﻰ دﻻﻻﺗﻬﺎ اﻟظﺎﻫرة إﻟﻰ أﻏراض و دﻻﻻت و إﻓﺎدات ﺗواﺻﻠﯾﺔ ﺑﺣﺳب ﻣﺎ ﯾﻘﺗﺿﯾﻪ اﻟﻣﻘﺎم
ﻫﻲ أﻓﻌﺎل ﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻘول ﻣﺗﻔرﻋﺔ ﻋن اﻟﻘﺻد اﻟذي ﯾرﯾدﻩ اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻣن ﺧﻼل ﺧطﺎﺑﻪ .و ﺗﺧﺗﻠف ﻣﻘﺎﺻدﻩ
-8ﺗﻣﯾز اﻟدرس اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻘدﯾم ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣﻠﯾﻠﻪ ﻟﻠﻧﺻوص و دراﺳﺗﻪ ﻟﻬﺎ ﺑﻣﻧﻬﺞ ﺗﺣﻠﯾﻠﻲ ﺗداوﻟﻲ ،و إن دل ﻫذا
ﻋﻠﻰ ﺷﻲء إﻧﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ أﺳﺑﻘﯾﺔ اﻟﻌرب ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺗداوﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﺻوﺻﻬم اﻟدﯾﻧﯾﺔ واﻟﺷﻌرﯾﺔ و إن
ﻟم ﯾﺻطﻠﺣوا ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻣﯾﺔ" ﺗﺣﻠﯾل ﺗداوﻟﻲ " أو " دراﺳﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ " و ﯾﺑدو ذﻟك ﺟﻠﯾﺎ ﻣن ﺧﻼل دراﺳﺎﺗﻬم ،و
ﻛل ﻗول ﻓﻲ اﻷﺻل ﻫو ﻓﻌل ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،و ﺗﻛون ﻧﺳﺑﺔ ﺗﺣﻘﻘﻪ ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑدرﺟﺔ ﺷدة اﻟﻣﻠﻔوظ ودرﺟﺔ
ﺿﻌﻔﻪ ،ﻓﻛﻠﻣﺎ ﻛﺎﻧت درﺟﺔ ﺷدة اﻟﻣﻠﻔوظ أﻛﺑر ﻛﺎﻧت ﻧﺳﺑﺔ ﻧﺟﺎﺣﻪ و ﺗﺣﻘﻘﻪ أﻛﺑر أو اﻟﻌﻛس.
ﻛل ﻗول ﯾﻣﻛن إﻧﺟﺎزﻩ و ﺗﺣﻘﯾﻘﻪ ﺑواﺳطﺔ ﻓﻌل ،ﻓﻠﻛل " ﻗول " " ﻓﻌل " ،و ﻣﺛﺎل ذﻟك ﺻﯾﻐﺔ اﻷﻣر ﻓﺑﻣﺟرد
اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﺎﻷﻣر و ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﯾﻛون ذﻟك ﻋﺑﺎرة ﻋن إﻧﺟﺎز ﻗول و ﺗﺣوﯾﻠﻪ إﻟﻰ ﻓﻌل.
ﻛل ﻓﻌل ﻣﺗﺿﻣن ﻓﻲ ﻗول ،و ﻣﺛﺎل ذﻟك ﺻﯾﻎ اﻟﻌﻘود و اﻟﻣﻌﺎﻫدات ،ﻓﺎﻟﻔﻌل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺻﯾﻎ ﻻ ﯾﻘﻊ إﻻ ﻋن
274
وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋن ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺛﻼﺛﺔ ﻫو :إﻧﺗﺎج ﻓﻌل ﻋن طرﯾق اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻘول ،و ﻛل ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ ﺗﺣ ّدث ﻋﻧﻬﺎ
ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻬم ،ﺑل ﻋدوﻫﺎ اﻷﺳﺎس اﻟذي ﻗﺎﻣت اﻟﺗداوﻟﯾون اﻟﻣﻌﺎﺻرون ﻧﺣو " أوﺳﺗﯾن " و " ﺳورل " و ﻏﯾرﻫﻣﺎ ﻓﻲ
-9ﺗوﺻل " أوﺳﺗﯾن " إﻟﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أﻧﻪ ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺧﺑر و اﻹﻧﺷﺎء ﻣﺎ دام ﻛﻼﻫﻣﺎ
-10ﺗﻌد اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻘول اﻟﻧواة اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻟﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ.
-11إن اﻟﺗﻌدﯾﻼت اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ " ﺳورل " ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ طرﺣﻬﺎ أﺳﺗﺎذﻩ " أوﺳﺗﯾن " ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻔﻌل
اﻟﻛﻼﻣﻲ ﺗرﻛز ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷر) اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻓﻲ اﻟﻘول ( وﻫو اﻟﻔﻌل اﻟذي
ﺷﻛل ﻣرﺣﻠﺔ ﻣﻬﻣﺔ ﻣن ﻣراﺣل ﺑﺣث ﻫذا اﻟﻔﯾﻠﺳوف ،ﺣﯾث ﯾوﺿﺢ ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﺗﻘﺎل اﻟدﻻﻟﺔ ﻣن
ﻣﺟرد ﻛوﻧﻬﺎ دﻻﻟﺔ ﺣرﻓﯾﺔ ) ﻣﺑﺎﺷرة ( إﻟﻰ دﻻﻟﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ ) ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة ( ﺗﻔﻬم ﻋن طرﯾق اﺳﺗﻘﺻﺎء اﻟﻣﻘﺎم
( ﺑﻐرض ﺗﻌﺟﯾزﻩ و -12إن ﺳورة اﻟﻛﻬف ﺟﺎءت ردا ﻋﻠﻰ أﺳﺋﻠﺔ طرﺣﻬﺎ اﻟﻣﺷرﻛون ﻋﻠﻰ اﻟرﺳول )
ﻧﻔﻲ اﻟﻧﺑوة ﻋﻧﻪ ،ﻛﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﺟﻣﻌت ﺑﯾن اﻟﻔﺗن اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻐﺗر ﺑﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ،إﻻ أن اﷲ ﻋز وﺟل
-13ﻧظﻣت ﺳورة اﻟﻛﻬف وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ) اﻟﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ ( ﻓﻲ أﻏﻠﺑﻬﺎ.
-15إن ﻣﻔﻬوم اﻟﺳﯾﺎق و اﻟﻣﻘﺎم ﻣن اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ اﻟدراﺳﺔ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻧظ ار ﻟدورﻫﻣﺎ اﻟﻔﻌﺎل ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ
اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ.
-16اﻟﻣﻘﺻد ﻣن اﻟﻛﻼم ﻫو اﻟذي ﯾﺧﺿﻊ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ إﻟﻰ اﻟﺳﯾﺎق ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺟﺎوزﻩ إﻟﻰ ﻏﯾرﻩ ﻣن
اﻟﻣﻘﺎﺻد اﻷﺧرى ،ﻻن ﻣﻘﺻد اﻟﺳﯾﺎق ﯾﺳﻬم ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﺳﻠطﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺗﻠﻘﯾﻪ.
275
-17إن اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻘرآﻧﻲ وﺣدﻩ اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻌﻧﻰ و ﺿﺑطﻪ و ذﻟك ﻟﻛﻲ ﻻ ﯾﺗرك ﻣﺟﺎﻻ ﻟﺗﺄوﯾﻼت
-18إن ﺣﺎﻛﻣﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻘرآﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣن ﻛون اﻟﺳﯾﺎق ﻛﻼم اﷲ ﻋز وﺟل و ﻫو اﻟﻣﺗﺻف
ﺑﺎﻟﻛﻣﺎل اﻟﻣطﻠق وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣن ﻛﻣﺎﻟﻪ أن ﻻ ﯾﻘﺻر ﻋن ﺗﺑﯾﺎن ﻣرادﻩ و ﻣﻘﺻدﻩ و ﻣﻘﺻد ﻗﺎﺋﻠﻪ و ﻓﻬﻣﻪ ﺿﻣن
ﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﻻ أدﻋﻲ اﻹﻟﻣﺎم واﻹﺣﺎطﺔ ﺑﻛل اﻟﺟواﻧب اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻬذا اﻟﻣوﺿوع وﯾﺑﻘﻰ اﻟﻣﺟﺎل ﻣﻔﺗوﺣﺎ داﺋﻣﺎ
واﻷﻓق ﻓﯾﻪ أوﺳﻊ ﻟﻣن أراد اﻟﺗﻐﻠﻐل ﻓﻲ ﺣﯾﺛﯾﺎت ﻫذا اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﻣﺗﺷﻌﺑﺔ و اﻟﻣﺗداﺧﻠﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ .
276
. ﻣﻠﺨﺺ
277
ﯾﻌود ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﺑﻣﻔﻬوﻣﻪ اﻟﺣدﯾث إﻟﻰ اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻷﻣرﯾﻛﻲ " ﺗﺷﺎرﻟز ﻣورﯾس " اﻟذي اﺳﺗﺧدﻣﻪ ﺳﻧﺔ
) ( 1938داﻻ ﻋﻠﻰ ﻓرع ﻣن ﻓروع ﺛﻼﺛﺔ ﯾﺷﺗﻣل ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻋﻠم اﻟﻌﻼﻣﺎت ﻫﻲ ) :ﻋﻠم اﻟﺗراﻛﯾب و ﻋﻠم اﻟدﻻﻟﺔ
واﻟﺗداوﻟﯾﺔ ( ﺣﯾث ﺗﻬﺗم ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﺑدراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ أﺛﻧﺎء اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ .إﻻ أن اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻟم ﺗﺻﺑﺢ ﻣﺟﺎﻻ ﯾﻌﺗد ﺑﻪ ﻓﻲ
اﻟدرس اﻟﻠﻐوي اﻟﻣﻌﺎﺻر إﻻ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد اﻟﺳﺎﺑﻊ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﺑﻌد أن ﻗﺎم ﺑوﺿﻊ أﺳﺳﻬﺎ و ﻣﺑﺎدﺋﻬﺎ و آﻟﯾﺎﺗﻬﺎ
" أوﺳﺗﯾن و ﺳورل و ﺟراﯾس ". اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﻣن أﺑرز ﻓﻼﺳﻔﺔ " أﻛﺳﻔورد " ﻫم :
و ﻣﻣﺎ ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ أن ﻫذا اﻟﺗﯾﺎر اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻧﺑﺛق ﻣن رﺣم اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌد اﻟﺣﺿن اﻷول
اﻟذي ﺑرزت ﻓﯾﻪ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن أﺑرز و أﻫم اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم و اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،ﻧﺣو :ﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ؛ ﺣﯾث
ﺗﻌد ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻧواة اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻟﻠﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗداوﻟﻲ -و ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺗﯾﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﯾﺗﯾن" :ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺄﺳﯾس ﻋﻧد "
أوﺳﺗﯾن " و ﻣرﺣﻠﺔ " اﻟﻧﺿﺞ واﻟﺿﺑط اﻟﻣﻧﻬﺟﻲ" ﻋﻧد ﺗﻠﻣﯾذﻩ " ﺳورل " -و ﻓﺣواﻫﺎ أن ﻛل ﻗول ﻫو ﻓﻌل ﯾﺗﺣﻘق
وﯾﻧﺟز ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻪ ،و ﺗﻘوم ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻘﺻدﯾﺔ؛ وﯾﺗﺟﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ اﻟرﺑط ﺑﯾن
اﻟﺗراﻛﯾب اﻟﻠﻐوﯾﺔ و ﺿرورة ﻣراﻋﺎة ﻏرض اﻟﻣﺗﻛﻠم وﻣﻘﺻدﻩ ﻣن اﻟﺧطﺎب أﺛﻧﺎء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ.
و ﻗد ﺑدت ﻣﻼﻣﺢ اﻟدرس اﻟﺗداوﻟﻲ وﻣﺑﺎدﺋﻪ واﺿﺣﺔ اﻟﻣﻌﺎﻟم ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺣﯾث اﻫﺗم
ﻋﻠﻣﺎؤﻧﺎ اﻷﺟﻼء ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼف اﺗﺟﺎﻫﺎﺗﻬم اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻧﺻوص -ﺳواء أﻛﺎﻧت ﻧﺻوﺻﺎ ﺷﻌرﯾﺔ أم ﻧﺛرﯾﺔ -
ﺑﻌد ﻫذا اﻟﺑﺳط اﻟﻣﺑدﺋﻲ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول إن ﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﺗﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﻣﻌﻧﻰ و رﺑطﻪ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎق اﻟذي
) ﻣﺗﻛﻠم /ﺳﺎﻣﻊ ( ورد ﻓﯾﻪ ،ﻛﻣﺎ ﺗﻬﺗم ﺑﻌﻧﺎﺻر اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ أﺛﻧﺎء اﻟﻛﻼم ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة طرﻓﻲ اﻟﺣدﯾث
وﻣﻧزﻟﺔ ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ و اﻟظروف اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﺎﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ ﻛﻛل ﺳواء أﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟظروف ﻧﻔﺳﯾﺔ أم اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أم
وﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟرؤﯾﺔ ﯾﺄﺗﻲ ﻫذا اﻟﺑﺣث اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻓﻌﻠﯾﺔ ﻟﻣﻧﺟزات ﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ و آﻟﯾﺎﺗﻬﺎ اﻹﺟراﺋﯾﺔ
و ذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻣرﺗﻛزاﺗﻬﺎ اﻟﻣﻧﻬﺟﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺻور ﻓﻠﺳﻔﻲ ﯾﻌﯾد اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻟﻠﻧظرﯾﺎت اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ و
دورﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗواﺻل واﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث أﺛﻧﺎء اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ.
278
ﺛم إن ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول ﺑﯾﻧت أن اﻷﻗوال ﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أﻓﻌﺎل ﺗﻧﺟز ﺑﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻣﻠﻔوظ ﻣﺎ،
وﺗﺧﺗﻠف ﻫذﻩ اﻷﻗوال ﻣن ﺣﯾث ﺷدة ﻗوﺗﻬﺎ اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ أو ﺿﻌﻔﻬﺎ؛ ﻓﺎﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﻣر ﻣﺛﻼ أﺷد و أﻗوى
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻌرض .وﺗﺧﺗﻠف اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﺑﺣﺳب
اﺧﺗﻼف اﻟﺳﯾﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﯾرد ﻓﯾﻬﺎ ،و ﻫذا ﻣﺎ رﻛز ﻋﻠﯾﻪ " ﺳورل " أﺛﻧﺎء ﺗطوﯾرﻩ ﻟﻣﺑﺎدئ و أﻓﻛﺎر أﺳﺗﺎذﻩ " أوﺳﺗﯾن
"؛ ﺣﯾث ﯾرى أن ﺑﻌض اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻗد ﺗﺗﺿﻣن ﻗوﺗﯾن إﻧﺟﺎزﯾﺗﯾن ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﺣرﻓﯾﺔ ﯾﻣﻛن
اﺳﺗﺧﻼﺻﻬﺎ ﻣن ﺑﻌض اﻟﻘراﺋن اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ،و ﻗوة إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻠزﻣﺔ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﻘراؤﻫﺎ ﻣن ﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎم.
أﻣﺎ ﻣﺎ ﻧﺳﺗﻧﺗﺟﻪ ﻣن اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ أن ﺳورة اﻟﻛﻬف ﺟﺎءت ﺟواﺑﺎ ﻋن أﺳﺋﻠﺔ ﺛﻼﺛﺔ طرﺣﻬﺎ ﺑﻌض اﻟﻣﺷرﻛﯾن
( ﺑﻐرض إﻓﺣﺎﻣﻪ و ﻧﻔﻲ اﻟﻧﺑوة ﻋﻧﻪ و ﺗﻛذﯾب رﺳﺎﻟﺗﻪ ،و ﺗراوﺣت اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟرﺳول )
اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺳورة اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﺑﯾن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟوﺻﻔﯾﺔ ) اﻟﺧﺑرﯾﺔ ( واﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻷداﺋﯾﺔ )
و اﻟﺳورة ﺑﻣﺟﻣﻠﻬﺎ ﺗﻣﺛل ﻟﻧﺎ ﺑﻧﯾﺔ ﺧطﺎﺑﯾﺔ ﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ ﻣﺗﺳﻘﺔ و ﻣﻧﺳﺟﻣﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺣدﺛت
ﻋﻧﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ ﺗﺑﯾن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻔﺻل أﻫﻣﯾﺔ ﻛل ﻣن اﻟﺳﯾﺎق و اﻟﻣﻘﺎم و دورﻫﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ و اﻟﺗواﺻل ،و ﻣواطن
و ﻗد ﺟﺳد اﻟﺑﺣث ﺑﻔﺻﻠﯾﻪ أﻫﻣﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ وآﻟﯾﺗﻬﺎ اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﺳﺗﻘراء اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻧطﻼﻗﺎ
ﻣن اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي ﯾرد ﻓﯾﻪ و اﻟظروف اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﻪ ) ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،دﯾﻧﯾﺔ ،ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،ﻧﻔﺳﯾﺔ ( وأظﻬر أﻫﻣﯾﺔ
اﻟﺳﯾﺎق اﻟﺗداوﻟﻲ و دورﻩ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ و اﻟﺗواﺻل ،ﻓﺎﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻪ ﯾﻬﺗم ﺑﺎﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ
ﺳورة اﻟﻛﻬف و اﺳﺗﻘراء اﻟﺳﯾﺎﻗﺎت اﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﻓﯾﻬﺎ ﺑﻐرض إﺑراز ﺑﻌض ﻣن اﻟﺟواﻧب اﻹﻋﺟﺎزﯾﺔ واﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ
279
La pragmatique, dans son contexte moderne, revient au philosophe (CHARLE
MORRIS) qui a utilisé ce terme en (1938) désignant un des trois axes que comporte
la sémiotique et qui sont : la syntaxe, la sémantique et bien sûr la pragmatique qui va
traiter la langue dans son usage.
Ce n’est que dans les années 70 que les recherches linguistiques contemporaines
se sont basées sur la pragmatique, édifiée à ce moment là par trois des plus brillants
philosophes d’oxford : (AUSTIN, SEARL et GRICE).
La philosophie analytique est le couvent des plus importantes théories de la
pragmatique telle la théorie des actes de parole, qui fut d’ailleurs le noyau principale
de ce courant et ceci tout au long de son élaboration : pendant la période d’institution
avec (AUSTIN) jusqu’à sa venu à maturité sous la responsabilité de son élève
(SEARL) .Cette théorie avance que toute parole prononcée constitue un acte à part
entière, et repose sur le principe d’intentionnalité, un principe qui relate la jonction
entre différents contextes et oblige la détermination du vouloir dire de l’orateur lors
de son discours.
On trouve clairement les traces du courant pragmatique dans les études
linguistiques classiques arabes, car nos grands penseurs, quelque soit leurs idéologies
ont traité différents écrits (poème ou autres...) d’une manière clairement
pragmatique.
Après cette brève définition, on peut dire que la théorie des actes de parole étudie
toute signification en relation avec son contexte. Elle s’intéresse aussi aux éléments
de communication dans les propos, tenant compte des deux interlocuteurs (émetteur
récepteur) ainsi que leurs rangs sociaux respectifs sans oublier les conditions
psychiques, sociologiques, culturelles et autres cernant cette communication.
Ce travail tente de venir à bout d’une étude pragmatique en respectant les
mécanismes de la théorie des actes de parole et insistant sur les principes du contexte
et leur rôle dans l’interaction entre les interlocuteurs.
Il résulte du premier chapitre que les paroles sont en réalité des actes déjà
accomplis dès la prononciation. Toutes les paroles diffèrent de part l’intensité de
leurs forces illocutoires. Il parait clair que la force illocutoire du mode impératif, par
280
exemple, est bien plus intense que celle du mode déclaratif. Dans l’acte de parole, la
force illocutoire peut différer aussi selon le contexte de ce dernier et c’est le point que
(SEARL) a éclairé lors du développement des idées de son professeur (AUSTIN), il
avance aussi qu’un acte de parole peut contenir deux forces illocutoires en même
temps, une force illocutoire directe qu’on peut déduire de la ponctuation et une autre
indirecte qu’on peut comprendre du contexte de situation.
Quand au deuxième chapitre, il nous montre que le versé du coran (sourate el kahf)
est une réponse aux trois questions qu’ont posées les païens au prophète
(Mohammed) dans le but de le déstabiliser et le décrédibiliser au tant que messager
de Dieu. Les actes de paroles énoncés dans ce versé sont partagés entre constructifs et
déclaratifs, ainsi que la plupart d’entre eux trouve des significations autres que
directes déductibles des contextes de situation.
En somme, le versé nous dévoile une structure harmonieuse et eurythmique de part
les objets invoqués. Il est montré dans ce chapitre aussi l’importance du contexte et
de la situation et le rôle qu’ils jouent dans l’intercommunication.
Finalement, ce travail a démontré l’importance des actes de parole, leur mécanisme
actes de parole dans le versé (sourate el kahf) et les contextes y appartenant afin
281
The pragmatic, in its modern context, is allocated to the philosopher (CHARLE
MORRIS) who used this term in (1938) indicating one of the three axes that
semiotics comprises and which is: syntax, the semantics and of course the
pragmatic which will treat the language in its use.
It is only in the Seventies that contemporary linguistic research was based on the
pragmatic, built at this time there by three of the most brilliant philosophers of
Oxford: (AUSTIN, SEARL and GRICE).
Analytical philosophy is the convent of the most significant theories of pragmatic
like theory of the acts of speech, which were besides the core principal of this
current and this throughout its development: for the period of institution with
(AUSTIN) until it’s come to maturity under the responsibility of its pupil (SEARL).
This theory advances that any marked word constitutes an act and rests on the
principle of intentionality, a principle which reports the junction between various
contexts and obliges the determination of meaning of the speaker at the time of his
speech.
One clearly finds the traces of the pragmatic current in the Arab traditional
linguistic studies, because our large thinkers, some is their ideologies treated various
writings (poem or others...) in a clearly pragmatic way.
After this short definition, we can say that the theory of the acts of speech studies
any significance in relation to its context. It is also interested in the elements of
communication in the remarks, taking account of the two interlocutors (receiving
transmitter) like their respective social statuses without forgetting the conditions
psychic, sociological, cultural and different determining this communication.
This work tries to lead to a pragmatic study by respecting the mechanisms from
the theory from the acts of speech and insistent on the principles from the context
and their role in the interaction between the interlocutors.
It results from the first chapter that the words are actually already accomplished
acts as of the pronunciation. All the words differ from share the intensity of their
282
forces illocutoires. It appears clear that the force illocutoire imperative mode, for
example, is much more intense than that of the declaratory mode. In the act of
speech, the force illocutoire can also differ according to the context from the latter
and it is the point which (SEARL) clarified during the development of the ideas of its
professor (AUSTIN), it also advances that an act of speech can contain two forces
illocutoires at the same time, a direct force illocutoire which we can deduce from
the punctuation and another indirect that we can understand of the context of
situation.
In the second chapter, it shows us that versed Koran (sourate el kahf) is an answer
to the three questions which the pagan ones with the (Mohammed) prophet raised
in the goal to destabilize it and to contradict it’s prophesy. The acts of speech stated
in this versed are divided between constructive and declaratory, as well as the
majority of them find significances other than direct deductible from the contexts of
situation
All things considered, the versed we reveals us a harmonious and eurhythmic
structure of share the called upon objects. It is shown in this chapter also the
importance of the context and the situation and the role which they play in
intercommunication.
Finally, this work showed the importance of the acts of speech, their mechanism
but also the deduction of the direction following the context and its conditions
(cultural, social, religious, historical, psychic...). It highlighted the importance of the
pragmatic context and its role in intercommunication. It emphasizes the acts of
speech in the versed one (sourate el kahf) and the contexts pertaining in order to
lead there to the beauty and the mystery of this versed saint.
283
ﻓﻬﺎرس:
ﻓﻬرس اﻷﻋﻼم.
ﻓﻬرس اﻟﻣوﺿوﻋﺎت.
284
:ﻓﻬرس أﻫم اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث
()أ
:اﻟﺻﻔﺣﺔ
279...............................................Cohésion اﺗﺳﺎق
43...............................................Rèfèrence إﺣﺎﻟﺔ
281..............Référence exhophorique/exophora إﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ
281...........Référence endophorique /endophora إﺣﺎﻟﺔ داﺧﻠﯾﺔ
100.................................................Misfires إﺧﻔﺎﻗﺎت
100...................................................Abuses إﺳﺎءات
40..................... L’implication conversationnelle اﺳﺗﻠزام ﺣواري
32................................................Stylistique أﺳﻠوﺑﯾﺔ
24...........................................Quantificateurs أﺳوار اﻟﻛﻠﯾﺔ
40...........................................Presupposition اﻓﺗراض ﻣﺳﺑق
143 ......................................Actes commissifs أﻓﻌﺎل إﻟزاﻣﯾﺔ
130..............Actes illocutionnaires indirects أﻓﻌﺎل إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة
130........................Actes illocutionnaires directs أﻓﻌﺎل إﻧﺟﺎزﯾﺔ ﻣﺑﺎﺷرة
145.......................................Actes déclaratifs أﻓﻌﺎل ﺗﺻرﯾﺣﯾﺔ
142.................... Actes représentatifs/ Assertifs إﺧﺑﺎرﯾﺎت/ أﻓﻌﺎل ﺗﺻوﯾرﯾﺔ
144........................................Actes expressifs أﻓﻌﺎل ﺗﻌﺑﯾرﯾﺔ
143..........................................Actes directifs أﻓﻌﺎل ﺗوﺟﯾﻬﯾﺔ
45.........................................Actes de paroles أﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼم
44...............................................présupposé اﻗﺗﺿﺎء
42............................................ sous entendu أﻗوال ﻣﺿﻣرة
279..............................................cohérence اﻧﺳﺟﺎم
()ب
33............................................. Rhétorique ﺑﻼﻏﺔ
31.............................................Structuralisme ﺑﻧﯾوﯾﺔ
285
()ت
()ح
111...............................................Verdicatifs ﺣﻛﻣﯾﺎت
()د
43..................................................Signifiant دال
118................Indicateur de la force illocutionnaire دﻟﯾل اﻟﻘوة اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ
()س
()ش
286
28.......................................paradigmatiques ﺷروط اﺳﺗﺑداﻟﯾﺔ
()ص
()ظ
()ع
111..............................................Expositifs ﻋرﺿﯾﺎت
118...........................................Ponctuation ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺗرﻗﯾم
31.............................................Sémantique ﻋﻠم اﻟدﻻﻟﺔ
35......................................Sociolinguistique ﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ
35....................................Psycholinguistique ﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻧﻔﺳﻲ
()ف
()ق
()ك
()م
288
131......................Principe de co-opérative ﻣﺑدأ اﻟﺗﻌﺎون
39....................................Intentionnalité ﻣﺑدأ اﻟﻘﺻدﯾﺔ
40...........................................implicites ﻣﺗظﻣﻧﺎت اﻟﻘول
43.............................................Signifié ﻣدﻟول
279...Niveau pragramtico-configurationnel اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺗداوﻟﻲ اﻟﺗﻣﺛﯾﻠﻲ
132...........................Maxime de modalité ﻣﺳﻠﻣﺔ اﻟﺟﻬﺔ
132..........................................Maximes ﻣﺳﻠﻣﺎت اﻟﻘول
132............................maximes de puantité ﻣﺳﻠﻣﺔ اﻟﻛم
132............................. Maxime de qualité ﻣﺳﻠﻣﺔ اﻟﻛﯾف
39..............................Maxime pertinence ﻣﺳﻠﻣﺔ اﻟﻣﻼءﻣﺔ
27.............................................. Sens اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺣﺻل
27...................................... Signification اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻘدر
96................................descriptive fallacy اﻟﻣﻐﺎﻟطﺔ اﻟوﺻﻔﯾﺔ
51..............................................forme ﻣﻘﺎل
262..........................................Situation ﻣﻘﺎم
103................. Enoncè performatif primaire ﻣﻠﻔوظ اﻧﺟﺎزي أوﻟﻲ
103.................Enoncè performatif explicite ﻣﻠﻔوظ اﻧﺟﺎزي ﺻرﯾﺢ
96...........................Enoncès performatifs اﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ
96............................... Enoncès constatifs اﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻟوﺻﻔﯾﺔ
111.......................................Exercitives اﻟﻣراﺳﯾﺎت/ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت
113...................................Systématique ﻣﻧﺗظﻣﺔ
268.....................................Morphèmes ﻣورﻓﯾﻣﺎت
()ن
118........................................Accent اﻟﻧﺑر
36..................... Grammaire fonctionnelle . اﻟﻧﺣو اﻟوظﯾﻔﻲ
271.........................................Texte اﻟﻧص
أ.............. Théorie des actes de paroles ﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ
39...................Théorie de la pertinence ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﻼءﻣﺔ
289
()و
290
ﻓﻬرس اﻷﻋﻼم
اﻟﺻﻔﺣﺔ: أ -أﻋﻼم ﻋرب:
أﻧس151 ...........................................................................
291
اﻟدﯾﻠﻣﻲ151 ....................................................................... .
اﻟزﻣﺧﺷري19 ......................................................................
اﻟﺳﺑﻛﻲ80 ..........................................................................
292
طﻪ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن12 ................................................................
ﻓرﻋون72 .........................................................................
293
(152 .............................................................. ﻣﺣﻣد )
ﻧﻣرود246 ........................................................................
294
8 ..............DOMINIQUE MAINGUENEAU دوﻣﯾﻧﯾك ﻣﺎﻧﻐﯾﻧو
39 ............D.SPERBER ﺳﺑرﺑر
40 ...................................................................... ﺳﺗراوﺳن
10 .............GREIMAS ﻏرﯾﻣﺎس
34 ..............LEITCH ﻟﯾﺗش
15 ...............LEVINSON ﻟﯾﻔﻧﺳون
8 .................MORRIS ﻣورﯾس
295
ﻓﻬرس اﻵﯾﺎت اﻟﻘرآﻧﯾــﺔ
اﻟﺑﻘرة:
آل ِﻋﻣران:
86 )(08 ﴿ َرﺑَﻨـَﺎ ﻻَ ﺗُﺰِ ْغ ﻗـُﻠُﻮﺑَﻨﺎَ ﺑَ ْﻌﺪَ إذْ َﻫﺪَﻳْﺘَﻨﺎَ﴾.
س
ﻦ اﻟﻨـﱠﺎ ِ
ْﻚ اﻷَﻳـﱠﺎمُ ﻧُﺪَاوِﻟُﻬﺎَ ﺑَﻴْ َ
َﺲ اﻟﻘَ ْﻮمَ ﻗ َْﺮ ُح ﻣِ ْﺜـﻠُﻪُ َوﺗِﻠ َ
ﺪﻣ ﱠ
ﻜ ْﻢ ﻗ َْﺮحٌ ﻓَﻘَ ْ ﴿إْ
ِن ﻳَ ْﻤﺴَ ْﺴ ُ
7 )(140 ﺐ اﻟﻈَﺎﻟِﻤِﻴ َﻦ﴾.
ﻜ ْﻢ ﺷُ َﻬﺪَاءَ وَاﻟﻠّﻪُ ﻻَ ﻳُِﺤ ﱡ
ﻦ آَﻣَﻨُﻮا َوﻳَﺘﱠِﺨﺬَ ﻣِﻨْ ُ
َوﻟِﻴَ ْﻌﻠَﻢَ اﻟﻠﱠﻪُ اﻟﱠﺬِﻳ َ
296
ﻛﻠﱠﻤَﺎ دَﺧَﻞَ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﴿ ﻓَﺘَﻘَﺒـﱠﻠَﻬﺎَ َرﺑﱡﻬﺎَ ﺑِﻘَﺒُﻮِل ﺣَﺴ ٍ
َﻦ وَأَﻧْﺒَﺘَﻬَﺎ ﻧَﺒـَﺎﺗﺎًﺣَﺴَﻨـًﺎ َوﻛَﻔـَﻠَﻬﺎَ َزﻛَﺮِﻳﺎَُء ُ
69 )(37 ِﻦ ﻋِﻨْ ِﺪ
َﺖ ُﻫ َﻮ ﻣ ْ
َﻚ َﻫﺬَا ﻗـَﺎﻟ ْ
َﺮﻳَﻢُ أَﻧﱠﻰ ﻟ ِ
َاب َوﺟَﺪَ ﻋِﻨْﺪَﻫﺎَ رِْزﻗـﺎً ﻗـَﺎلَ ﻳـَﺎ ﻣ ْ
َزﻛَﺮِﻳـﱠﺎ ُء اﻟﻤِ ْﺤﺮ َ
َﺎب﴾.
َﻦ ﻳَﺸَﺎ ُء ﺑِﻐَﻴْﺮِ ِﺣﺴ ٍ
َﺮُز ُق ﻣ ْ
ن اﻟﻠﱠﻪَ ﻳ ْ
اﻟﻠﱠِﻪ إِ ﱠ
اﻟﻧﺳﺎء:
ﻛﻨـﱠﺎ
ﻛﻨْﺘُﻢ ﻗـَﺎﻟُﻮا ُ
ُﺴ ُﻬ ْﻢ ﻗـَﺎﻟُﻮا ﻓِﻴﻢَ ُ
ﻦ ﺗَ َﻮﻓـَﺎ ُﻫﻢُ اﻟﻤَﻼَﺋِﻜَﺔُ ﻇَﺎﻟِﻤﻲ أَﻧْﻔ ِ ﴿ إِ ﱠ
ن اﻟﺬِﻳ َ
65 )(97 ِﻚ
َاﺳﻌَﺔً ﻓَﺘُﻬَﺎ ِﺟﺮُوا ﻓِﻴﻬﺎَ ﻓـﺄوﻟﺌ َ
ْض اﻟﻠﱠِﻪ و ِ
ُﻦ أَر ُ
ض ﻗـَﺎﻟُﻮا أَﻟَ ْﻢ ﺗَﻜ ْ
َر ِ
ﻦ ﻓﻲ اﻷ ْ
ﻀﻌَﻔِﻴ َِ
ُﻣ ْﺴﺘَ ْ
َت ﻣَﺼﻴﺮًا﴾.
ﻣَﺄْوَاﻫُﻢ ﺟَ َﻬﻨﱠﻢُ َوﺳَﺎء ْ
اﻟﻣﺎﺋدة:
اﻷَﻋْرَاف:
73 )(53 ِﻦ ﺷُﻔَﻌَﺎءَ ﻓَﻴَ ْﺸﻔَﻌُﻮا ﻟَﻨـَﺎ﴾.
﴿ ﻓَ َﻬﻞْ ﻟَﻨﺎَ ﻣ ْ
َﺴﺮُوا
ﻛﻨـَﺎ ﻧَ ْﻌﻤَﻞُ ﻗَ ْﺪ ﺧ ِ ﴿ ﻓَ َﻬﻞْ ﻟَﻨﺎَ ﻣ ْ
ِﻦ ﺷُﻔَﻌَﺎءَ ﻓَﻴَ ْﺸﻔَﻌُﻮا ﻟَﻨـَﺎ أَو ﻧُﺮِدﱡ ﻓَﻨَ ْﻌﻤَﻞَ ﻏَﻴْ َﺮ اﻟﱠﺬِي ُ
83 )(53 أَﻧْﻔُﺴَﻬُﻢ َوﺿَﻞﱠ ﻋَﻨْﻬُﻢ ﻣَﺎ ﻛَﺎﻧُﻮا ﻳﻔْﺘَﺮُو َن﴾.
297
71 )(150 ِﻦ ﺑَ ْﻌﺪِي
أَﺳﻔـًﺎ ﻗـَﺎلَ ﺑِﻴْﺴَﻤَﺎ ﺧَﻠَﻔْﺘُﻤُﻮﻧِﻲ ﻣ ْ
ن ِ ﻀﺒـَﺎ َ ﴿ َوﻟَﻤَﺎ َرﺟَ َﻊ ﻣُﻮﺳَﻰ إِﻟ َ
ﻰ ﻗَ ْﻮﻣِ ِﻪ ﻏَ ْ
أَﻋَِﺠﻠْﺘُﻢُ أَ ْﻣ َﺮ َرﺑﱠﻜُﻢ﴾.
َﻦ
َﻦ ﺗَﺸَﺎ ُء َوﺗَ ْﻬﺪِي ﻣ ْ
ُﻚ ﺗُ ِﻀﻞُ ﺑِﻬﺎَ ﻣ ْ
ﻲ إِﻻﱠ ﻓِﺘْﻨَﺘ َ ﴿ أَﺗُ ْﻬﻠِ ُ
ﻜﻨـَﺎ ﺑِﻤَﺎ ﻓَﻌَﻞَ اﻟ ُﺴﻔَﻬَﺎ ُء ﻣِﻨـﱠﺎ إذْ ِﻫ َ
73 )(155 ﻦ﴾.
ْﺖ ﺧَﻴْ ُﺮ اﻟﻐَﺎﻓِﺮﻳ َ
َارﺣَ ْﻤﻨـَﺎ وَأَﻧ َ
ِﺮ ﻟَﻨـَﺎ و ْ
ْﺖ وَﻟﻴـًﺎ ﻓـﺄَ ْﻏﻔ ْ
ﺗَﺸَﺎ ُء أَﻧ َ
ﻫود:
اﻹﺳراء:
اﻟﻛﻬف:
طﻪ:
298
80 )(131 ْﻚ إِﻟَﻰ ﻣَﺎ ﻣَﺘﱠ ْﻌﻨـَﺎ ﺑِﻪ أَ ْزوَاﺟًﺎ ﻣِﻨْﻬُﻢ َزﻫْﺮةَ اﻟﺤَﻴـَﺎ ِة اﻟﺪﱡﻧْﻴـَﺎ ﻟِﻨَﻔْﺘِﻨَﻬُﻢ ﴿ وﻻَ ﺗَ ُﻤﺪﱠ ﱠ
ن ﻋَﻴْﻨَﻴ َ
ﱢﻚ ﺧَﻴْ ٌﺮ وَأﺑﻘَﻰ﴾.
ﻓِﻴ ِﻪ َورِْز ُق َرﺑ َ
اﻷﻧﺑﯾﺎء:
72 )(62 ْﺖ َﻫﺬَا ﺑﺂَﻟِ َﻬﺘِﻨـَﺎ ﻳـَﺎ إِﺑْﺮَاﻫِﻴﻢُ﴾. ﴿ ﻗـَﺎﻟُﻮا أَأَﻧ َ
ْﺖ ﻓَﻌَﻠ َ
67 )(80 ﴿ ﻓَ َﻬﻞْ أَﻧْﺘُﻢُ ﺷَﺎ ِﻛﺮُو َن﴾.
اﻟﻔُرﻗَﺎن:
اﻟﺷُﻌراء:
اﻟﻧﱠﻣل:
71 )(20 ﴿ َوﺗَﻔَﻘﱠﺪَ اﻟﻄﱠﻴ ُﺮ ﻓَﻘـَﺎلَ ﻣَﺎﻟِﻲ ﻻَأَرَى اﻟ ُﻬ ْﺪ ُﻫﺪَ أَ ْم ﻛَﺎ َن ﻣِ َﻦ اﻟﻐَﺎﺋِﺒِﻴ َﻦ﴾.
اﻟزﻣَر:
ﱡ
299
َﺎوات﴾.
اﻟﺴﱠﻤ ِ
ُﺻﻠَت:
ﻓ ﱢ
اﻟزﱡﺧرف:
اﻟدﱡﺧﺎن:
ﻣﺣﻣد:
اﻟطُور:
اﻟﻘﻣر:
300
73 )(51 ِﻦ ُﻣﺪﱠ ِﻛ ﱟﺮ﴾. ﴿ َوﻟَﻘَ ْﺪ أَ ْﻫﻠَ ْ
ﻜﻨـَﺎ أَﺷْﻴﺎَﻋَﻜُﻢ ﻓَ َﻬﻞْ ﻣ ْ
اﻟﺣَﺷر:
اﻟﻣﻧﺎﻓﻘون:
اﻟطﻼق:
ﱢﻒ
ِﻖ ﻣﻤﱠﺎ آَﺗـَﺎﻩُ اﻟﻠﱠﻪُ ﻻَ ﻳُﻜَﻠ ُ
ِﻦ ﻗُ ِﺪ َر ﻋَﻠَﻴ ِﻪ رِْزﻗُﻪُ ﻓـَﻠْﻴُﻨْﻔ ْ ﴿ ﻟِﻴُﻨْﻔِ َﻖ ذُو ﺳَﻌَ ٍﺔ ﻣ ْ
ِﻦ ِﺳﻌَﺘ ِﻪ َوﻣ ْ
75 )(07 اﻟﻠﱠﻪُ ﻧَﻔْﺴًﺎ إِﻻﱠ ﻣَﺎ آَﺗـَﺎﻫﺎَ ﺳَﻴَ ْﺠﻌَﻞُ اﻟﻠﱠﻪُ ﺑَ ْﻌﺪَ ﻋُ ْﺴﺮٍ ﻳُ ْﺴﺮَا﴾.
اﻟﺗﺣرﯾم:
اﻟﻣﻌَﺎرِج:
َاب ﻳَﻮْﻣﺌِ ٍﺬ ﺑِﺒَﻨِﻴﻪَِ ،وﺻَﺎ ِﺣﺒَﺘِِﻪ ﴿ ﻳُﺒَﺼﱠﺮُوﻧَﻬُﻢ ﻳَ َﻮدﱡ اﻟﻤَ ْﺠﺮِمُ ﻟَ ْﻮ ﻳَﻔْﺘﺪِي ﻣ ْ
ِﻦ ﻋَﺬ ِ
81 )(14-12 ض ﺟَﻤﻴﻌًﺎ ﺛُﻢَ ﻳُﻨْﺠِﻴ ِﻪ﴾.
َﻦ ﻓﻲ اﻷَر ِ
وَأَﺧﻴﻪَِ ،وﻓَﺼِﻴﻠَﺘِﻪ اﻟﺘِﻲ ﺗُﺆوﻳﻪَِ ،وﻣ ْ
301
اﻟ ِﻘﯾَﺎﻣَﺔ:
ﺳﻼَت:
اﻟﻣ ُْر َ
اﻟﺿﺣﻰ:
َﺎرﻋَﺔ:
اﻟﻘ ِ
302
ﻓﻬرس اﻟﺷواﻫد اﻟﺷﻌرﯾﺔ
اﻟﺻﻔﺣﺔ: اﻟﺑﯾت اﻟﺷﻌري:
)أ(
ﻓـﺼـﺎدف ﻗـﻠﺒﻲ ﺧﺎﻟـﻴﺎ ﻓــﺘﻤـــﻜﻨـﺎ59...... أﺗﺎﻧﻲ ﻫـﻮاﻫﺎ ﻗﺒﻞ أن أﻋﺮف اﻟﻬــﻮى
و ﻻ ﺗﻌــﻄﻴــﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﺎ أﻧﺎ ﻗـﺎﺋــﻞ76...... أﺧﺎ اﻟﺠﻮد أﻋﻂ اﻟﻨﺎس ﻣﺎ أﻧـﺖ ﻣﺎﻟﻚ
وأﻓــﻨـﻰ اﻟـﻌـﻤـﺮ ﻓـﻲ ﻗـﻴــﻞ وﻗـﺎل أﻳـﺎ ﻣـﻦ ﻋﺎش ﻓﻲ اﻟﺪﻧـﻴــﺎ ﻃـﻮﻳـﻼ
وﻣــﺎ ﻳـﺤــﻈـﻰ ﺑـﻬـﺎ إﻻّ اﻟـــﺮﺟــﺎل؟84.... أﻳـــﺎ ﻫـﺬا أﺗـﻄــﻤﻊ ﻓـﻲ اﻟﻤـﻌﺎﻟﻲ
ﻃـﺎل ﻣﻨﻔــﺎي ﻋـﻦ ﺛـﺮاك اﻟﺤـﺒﻴــﺐ84..... أي ﺑـﻼدي ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﺜﻮاك ﻣﻬــﻤﺎ
ﻟــﻢ أﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺤـﻴﺎة ﻏﻴـﺮك ﺷﻬـﻤﺎ84..... أي ﺻـﺪﻳﻘﻲ أﻧـﻲ ﻗـــﺼـﺪﺗـﻚ ﻟـﻤﺎ
)ت(
ﻛﻴﻒ اﻟﺴــﺨـﺎء و ﻛﻴﻒ ﺿﺮب اﻟﻬـﺎم90..... ﺗﺎ ﷲ ﻣــﺎ ﻋـﻠـﻢ اِﻣـﺮؤ ﻟــﻮ ﻻﻛـــﻢ
)ح(
303
)ع(
)ل(
ﻣﻦ اﻟﻮﺟﺪ أو ﻳﺸﻔﻲ ﺷﺠﻲ اﻟﺒﻼﺑـﻞ90.... ﻟﻌﻞّ اِﻧﺤـــﺪار اﻟﺪﻣــﻊ ﻳﻌﻘﺐ راﺣـــﺔ
)م(
ﻣﺎ اﻟــﺬي إن أ ُﻗـﺼـﻪ ﻋــــﻨّﻲ ﻋــﺎد65.... ﻣﺎ اﻟــﺬي ﺻـﺒــّﻚ ﺻـﺒّــﺎ ﻓـﻲ اﻟـﻔﺆاد
ﻟﻦ ﺗﻘﻄﻌﻮا ﺑﻄـﻦ واد دوﻧﻪ ﻣُﻀَـــﺮُ79.... ﻣﻮﺗﻮا ﻣﻦ اﻟﻐﻴﻆ ﻏﻤّﺎ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮﺗــﻜﻢ
)و(
ﻣﻦ ﻟـﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﺒـﻌﺪ ﺣﺒّﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﻴّﻴﻨـﺎ76.... و ﻳــﺎ ﻧﺴﻴـﻢ اﻟﺼـــﺒﺎ ﺑـﻠــّﻎ ﺗـﺤـﻴّـﺘـﻨــﺎ
)ي(
وﺣﺒّﺬا ﺳــﺎﻛﻦ اﻟﺮﻳّــﺎن ﻣـﻦ ﻛــﺎن. ﻳﺎ ﺣــﺒّـﺬا ﺟــﺒﻞ اﻟﺮﻳّــﺎن ﻣــﻦ ﺟــﺒـﻞ
وﻋِﻤـﻲ ﺻﺒﺎﺣﺎ دار ﻋﺒﻠﺔ و اِﺳـﻠﻤﻲ76.... ﻳــﺎ دار ﻋــﺒـﻠـﺔ ﺑـﺎﻟﺠــﻮاء ﺗــﻜـﻠﻤــﻲ
304
أﻧّـﻰ ﻫﺠﺮت و ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﻋﺎداﻧﻲ !84.... ﻳﺎ رﺑﺔ اﻟﺤﺴﻦ :ﻫﻞ ﻟﻲ ﻓﻴﻚ ﻣﻦ أﻣﻞ؟
وأﻓـــﻨﻰ اﻟﻌـﻤﺮ ﻓﻲ ﻗـﻴــﻞ وﻗــﺎل. ﻳـﺎ ﻣــﻦ ﻋﺎش ﻓــﻲ اﻟﺪﻧــﻴﺎ ﻃﻮﻳـــﻼ
305
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ:
اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم :ﺑرواﯾﺔ ورش ﻋن ﻧﺎﻓﻊ.
أ -اﻟﻌرﺑﯾﺔ:
-1أﺣﻣد ) اﺑن ﻓﺎرس ( )،ت395ﻫـ( :اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ ﻓﻲ ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ و ﺳﻧن اﻟﻌرب ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻬﺎ ،اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺳﻠﻔﯾﺔ
308
-41ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر) ﻋﺑد اﻟﺟﻠﯾل ( :ﻋﻠم اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ :ﻧظم اﻟﺗﺣﻛم وﻗواﻋد اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت ،دار ﺻﻔﺎء ﻟﻠﻧﺷر
واﻟﺗوزﯾﻊ ) ﻋﻣﺎن ،اﻷردن ( ،ط.2002 ،1
-42ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ) ﻋﺑد اﻟﺟﻠﯾل ( :اﻟﻣﻌﺟم اﻟوظﯾﻔﻲ ﻟﻣﻘﺎﯾﯾس اﻷدوات اﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ ،دار ﺻﻔﺎء ﻟﻠﻧﺷر
واﻟﺗوزﯾﻊ ) ﻋﻣﺎن ،اﻷردن ( ،ط.2006 ، 1
-43ﻋﺑد اﻟﻘﺎﻫر) اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ ()،ت 471ﻫـ( :دﻻﺋل اﻹﻋﺟﺎز ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻌﺻرﯾﺔ
) ﺻﯾدا ،ﺑﯾروت ( ،دط .2003 ،
-44أﺑو ﻋﺑد اﷲ ﻣﺣﻣد اﻷﻧﺻﺎري) اﻟﻘرطﺑﻲ ()،ت 595ﻫـ( :اﻟﺟﺎﻣﻊ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘرآن ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﺑد اﻟﻌﻠﯾم
اﻟﺑردوﻧﻲ ،دم ،دط ،1963 ،اﻟﺟزء .18
-45ﻋﺑد اﻟﻣﺟﯾد ) ﺟﺣﻔﺔ ( :ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،دار ﺗوﺑﻘﺎل ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ ) اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء ،
اﻟﻣﻐرب ( ،دط .1999 ،
-46ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي ) اﺑن ظﺎﻓر اﻟﺷﻬري ( :اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت اﻟﺧطﺎب :ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻟﻐوﯾﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ،دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺟدﯾد
اﻟﻣﺗﺣدة ) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط.2004 ، 1
-47أﺑو ﻋﺛﻣﺎن ﻋﻣر ﺑن ﺑﺣر) اﻟﺟﺎﺣظ ()،ت 255ﻫـ( :اﻟﺑﯾﺎن واﻟﺗﺑﯾﯾن ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ﻫﺎرون
،ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﺧﺎﻧﺟﻲ ) ﻣﺻر( ،دط ، 1975 ،اﻟﺟزء .1
-48ﻋﻠﻲ ) آﯾت أوﺷﺎن ( :اﻟﺳﯾﺎق واﻟﻧص اﻟﺷﻌري :ﻣن اﻟﺑﻧﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻘراءة ،دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ
) اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء ( ،ط.2000 ، 1
-49ﻋﻠﻲ ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﻠﻲ ) اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ ( :اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت ،ﺗﺣﻘﯾق :إﺑراﻫﯾم اﻷﻧﺑﺎري ،دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرﺑﻲ
) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن( ،ط. 1992 ، 2
-50ﻋﻣﺎر ) ﺳﺎﺳﻲ ( :اﻟﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﻧﺣو و اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻓﻲ إﻋﺟﺎز اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ،ﻋﺎﻟم اﻟﻛﺗب اﻟﺣدﯾث) إرﺑد
،اﻷردن ( ،دط .2007 ،
-51ﻓﺎن ) داﯾك ( :ﻋﻠم اﻟﻧص :ﻣدﺧل ﻣﺗداﺧل اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﺳﻌﯾد ﺣﺳن ﺑﺣﯾري ،دار اﻟﻘﺎﻫرة
ﻟﻠﻛﺗﺎب ) ﻣﺻر ( ،ط. 2001 ، 1
-52ﻓﺎن ) داﯾك ( :اﻟﻧص واﻟﺳﯾﺎق :اﺳﺗﻘﺻﺎء اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب اﻟدﻻﻟﻲ و اﻟﺗداوﻟﻲ ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر
ﻗﯾﻧﯾﻧﻲ ،أﻓرﯾﻘﯾﺎ اﻟﺷرق ) اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء ،اﻟﻣﻐرب ( ) ،ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،دط .2000 ،
-53اﻟﻔﺧر ) اﻟرازي ()،ت 606ﻫـ( :اﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﻛﺑﯾر ،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ) طﻬران ( ،ط ، 2دت ،اﻟﺟزء
.21
309
-54ﻓراﻧﺳواز ) أرﻣﯾﻧﻛو ( :اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﺳﻌﯾد ﻋﻠوش ،ﻣرﻛز اﻹﻧﻣﺎء اﻟﻘوﻣﻲ ) اﻟرﺑﺎط (،
دط ،دت.
-55ﻓردﯾﻧﺎن ) دوﺳوﺳﯾر ( :ﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎم ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﯾوﺋﯾل ﯾوﺳف ﻋزﯾز ،دار اﻟﻛﺗب ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ و اﻟﻧﺷر
) اﻟﻣوﺻل ،ﺑﻐداد ،اﻟﻌراق ( ،دط .1988 ،
-56أﺑو اﻟﻔﺿل ﺟﻣﺎل اﻟدﯾن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﻛرم ) اﺑن ﻣﻧظور ( :ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﺎﻣر أﺣﻣد ﺣﯾدر،
راﺟﻌﻪ :ﻋﺑد اﻟﻣﻧﻌم ﺧﻠﯾل إﺑراﻫﯾم ،ﻣﻧﺷورات ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﯾﺿون ،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن
( ،ط ، 2005 ،1اﻟﻣﺟﻠد .6
310
-65ﻣﺣﻣد ﻣﺗوﻟﻲ ) اﻟﺷﻌراوي ( :ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺷﻌراوي :ﺧواطر ﻓﺿﯾﻠﺔ اﻟﺷﯾﺦ ﻣﺣﻣد ﻣﺗوﻟﻲ اﻟﺷﻌراوي ﺣول اﻟﻘرآن
اﻟﻛرﯾم ،دم ،دط ، 1991 ،اﻟﺟزء .14
-66ﻣﺣﻣود ﻓﻬﻣﻲ ) زﯾدان ( :ﻓﻲ ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،دط.1984 ،
-67ﻣﺳﻌود ) ﺻﺣراوي ( :اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرب :دراﺳﺔ ﺗداوﻟﯾﺔ ﻟظﺎﻫرة اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث
اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،دار اﻟطﻠﯾﻌﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ و اﻟﻧﺷر) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط.2005 ،1
-68ﻣﯾﻠود ) ﺣﺑﯾﺑﻲ ( :اﻻﺗﺻﺎل اﻟﺗرﺑوي و ﺗدرﯾس اﻷدب :دراﺳﺔ وﺻﻔﯾﺔ ﺗﺻﻧﯾﻔﯾﺔ ﻟﻠﻧﻣﺎذج واﻷﻧﺳﺎق ،اﻟﻣرﻛز
اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ) اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء ،اﻟﻣﻐرب ( ) ،ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط. 1993 ،1
-69ﻧﺻر ﺣﺎﻣد ) أﺑو زﯾد (:اﻟﻧص واﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ :إرادة اﻟﻣﻌرﻓﺔ إو رادة اﻟﻬﯾﻣﻧﺔ ،اﻟﻣرﻛز اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ
) اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء ،اﻟﻣﻐرب ( ) ،ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط.2006 ، 5
-70ﻧﻌﯾﻣﺔ ) اﻟزﻫري ( :اﻷﻣر واﻟﻧﻬﻲ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ﻣﻧﺷورات ﻛﻠﯾﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ
اﻟﺣﺳن اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﺟﯾدة ) اﻟرﺑﺎط ( ،دط .1997 ،
-71أﺑو اﻟﻬﻼل ) اﻟﻌﺳﻛري ( :ﻛﺗﺎب اﻟﺻﻧﺎﻋﺗﯾن" اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ واﻟﺷﻌر" ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﻠﻲ ﻣﺣﻣد اﻟﺑﺟﺎوي و ﻣﺣﻣد أﺑﻲ
اﻟﻔﺿل إﺑراﻫﯾم ،ﻣﻧﺷورات اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻌﺻرﯾﺔ ) ﺻﯾدا ،ﺑﯾروت ( ،دط .1986 ،
-72أﺑو ﯾﻌﻘوب ﯾوﺳف ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﻠﻲ) اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ ()،ت 626ﻫـ( :ﻣﻔﺗﺎح اﻟﻌﻠوم ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد
ﻫﻧداوي ،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ) ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط.2000 ،1
-73ﯾوﻧس ﻋﻠﻲ) ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣد ( :ﻣﻘدﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻣﻲ اﻟدﻻﻟﺔ واﻟﺗﺧﺎطب ،دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺟدﯾد اﻟﻣﺗﺣدة
) -74ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ( ،ط ، 1دت.
ب -اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ:
ﺟـ-اﻟرﺳﺎﺋل اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ:
-83ﺑوزﯾد ) ﻣوﻣﻧﻲ ( :ﻣﻌﻠﻘﺔ اﻣرئ اﻟﻘﯾس :دراﺳﺔ أﺳﻠوﺑﯾﺔ ،ﻣذﻛرة ﺗﺧرج ﻟﻧﯾل درﺟﺔ اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ ﻋﻠم
اﻟدﻻﻟﺔ ،إﺷراف :ﺑﻠﻘﺎﺳم ﻟﯾﺑﺎرﯾر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻧﺗوري ) ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ ( .2006 -2005 ،
-84ﺷﻬرزاد ) ﺑن ﯾوﻧس ( :اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ﻓﻲ ﺳورة اﻟﻛﻬف :دراﺳﺔ دﻻﻟﯾﺔ ،ﺑﺣث ﻣﻘدم ﻟﻧﯾل درﺟﺔ اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر
ﻓﻲ اﻟﻠﻐوﯾﺎت ،إﺷراف :ﯾﻣﯾﻧﺔ ﺑن ﻣﺎﻟك ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻧﺗوري ) ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ ( .2002 ،
-85ﻣﺣﻣد اﻷﺧﺿر ) اﻟﺻﺑﯾﺣﻲ (:اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ و أﺛرﻫﺎ ﻓﻲ ﺗدرﯾس اﻟﻧﺻوص ﺑﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻌﻠﯾم
اﻟﺛﺎﻧوي) ﺷﻌﺑﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ( ،ﺑﺣث ﻣﻘدم ﻟﻧﯾل درﺟﺔ دﻛﺗوراﻩ دوﻟﺔ ،إﺷراف :ﯾﻣﯾﻧﺔ ﺑن ﻣﺎﻟك ،
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻧﺗوري ) ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ ( .2005 -2004 ،
-86ﯾﺣﻲ ) ﺑﻌﯾطﯾش ( :ﻧﺣو ﻧظرﯾﺔ وظﯾﻔﯾﺔ ﻟﻠﻧﺣو اﻟﻌرﺑﻲ ،أطروﺣﺔ دﻛﺗوراﻩ دوﻟﺔ ،إﺷراف :ﻋﺑد اﷲ
ﺑوﺧﻠﺧﺎل ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻧﺗوري ) ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ ( .2006 -2005 ،
د -اﻟدورﯾﺎت:
-87ﻣﺟﻠﺔ ﻋﺎﻟم اﻟﻔﻛر ،اﻟﻣﺟﻠس اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ و اﻟﻔﻧون و اﻵداب ) اﻟﻛوﯾت ( ،اﻟﻣﺟﻠد ، 28اﻟﻌدد ، 3
ﻣﺎرس .2000
-88ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻠﻐﺔ واﻷدب ) ﻣﻠﺗﻘﻰ ﻋﻠم اﻟﻧص ( ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ) اﻟﺟزاﺋر ( ،اﻟﻌدد ، 14دﯾﺳﻣﺑر .1999
-89ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻠﻐﺔ واﻷدب ) ﻣﻠﺗﻘﻰ ﻋﻠم اﻟﻧص ( ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ) اﻟﺟزاﺋر( ،اﻟﻌدد ،17ﺟﺎﻧﻔﻲ .2006
ﻫـ-اﻟوﯾﺑوﻏراﻓﯾﺎ:
اﻟﻘرن و اﻟﺣدﯾث،
-90آﻣﻧﺔ ) ﺑﻠﻌﻠﻰ ( :اﻹﻗﻧﺎع :اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻷﻣﺛل ﻟﻠﺗواﺻل و اﻟﺣوار :ﻧﻣﺎذج ﻣن آ
، http//www.alwihdah.com/view, PHP ?cat1&d=986ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2009 -02 -15 :ﻋﻠﻰ
اﻟﺳﺎﻋﺔ 12ﺳﺎ 25د.
312
ﻓﻬرس اﻟﻣوﺿوﻋﺎت :
اﻟﺼﻔﺤﺔ:
ﻣﻘدﻣﺔ......................................................... .............أ – ز
ﻣدﺧل ﺗﻣﻬﯾدي :اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗداوﻟﯾﺔ :ﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ ﻧﺷﺄﺗﻬﺎ و ﺗطورﻫﺎ45 - 3..........
-1ﻣﻔﻬوم اﻟﺗداوﻟﯾﺔ ﻟﻐﺔ و اﺻطﻼﺣﺎ18 - 3....................................
313
-1 -4ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﻼءﻣﺔ39......................................................
-2 -4ﻣﺑدأ اﻟﻘﺻدﯾﺔ40 - 39.............................................. ....
-3 -4اﻻﺳﺗﻠزام اﻟﺣواري40....................................................
-4 -4ﻣﺗﺿﻣﻧﺎت اﻟﻘول43 - 40...............................................
-5 -4اﻹﺣﺎﻟﺔ44 - 43.......................................................
-6 -4اﻹﻗﺗﺿﺎء 45 - 44......................................................
-7 -4اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ45......................................................
- Iاﻟﻔﺻل اﻷول :ﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ 146- 48 ..............................
ﻣدﺧل 48......................................... .................................
-1اﻟﻣﺑﺣث اﻷول :اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌرﺑﻲ93 - 49............
-1 -1اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻷﺳﻠوب اﻟﺧﺑري و اﻷﺳﻠوب اﻹﻧﺷﺎﺋﻲ و آراء ﺑﻌض اﻟﻌﻠﻣﺎء
اﻟﻌرب ﻓﻲ ذﻟك93 - 51......................................................
-1-1 -1اﻟﺧﺑر58 – 54......................................................
-1-1-1-1أﻗﺳﺎﻣﻪ61 - 58...............................................
-2-1-1-1اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗﻣﻠﻬﺎ ﻟﻔظ اﻟﺧﺑر61.................................
-2-1 -1اﻹﻧﺷﺎء62...........................................................
-1-2-1-1اﻹﻧﺷﺎء اﻟطﻠﺑﻲ87 - 63........................................
-2-2-1-1اﻹﻧﺷﺎء ﻏﯾر اﻟطﻠﺑﻲ93 – 87....................................
-2اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﺑﺣث اﻟﻠﻐوي اﻟﻐرﺑﻲ
اﻟﻣﻌﺎﺻر146 -93................................................................ .
-1-2ﻓﻛرة اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﺣﺳب اﻟﻧﻣوذج اﻷوﺳﺗﯾﻧﻲ113-94.......................
-1-1 -2اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ :ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﻣﻠﻔوظﺎت اﻟوﺻﻔﯾﺔ واﻟﻣﻠﻔوظﺎت
اﻹﻧﺟﺎزﯾﺔ101 -95.......................................................... ..
-2-1 -2اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :ﺗﻘﯾﯾم ﻣﻌﺎﯾﯾر ﻧﺟﺎح اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ 106 - 101..........
-3-1 -2اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ :ﻧظرﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ113 -106.......................
-2-2ﻓﻛرة اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ أﺑﺣﺎث ج .ﺳورل146-113..........................
-1-2 -2ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ اﻟﻣﺑﺎﺷر130 -114...............................
314
-2-2 -2ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻔﻌل اﻟﻛﻼﻣﻲ ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷر و ﺟﻬود ﺑول ﻏراﯾس146 -130.........
- IIاﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺳورة اﻟﻛﻬف283 - 149..................
ﻣدﺧل :ﻓﻲ رﺣﺎب ﺳورة اﻟﻛﻬف158 -149.................................... ...
اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﺳورة اﻟﻛﻬف151...................................................
ﺳﺑب ﻧزول اﻟﺳورة152 -151............................................. ...
اﻟﻘﺻص اﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ ﺳورة اﻟﻛﻬف154 -152..................................
ﻫدف اﻟﺳورة156-154............................................ .........
اﻟﻣﻣﯾزات اﻟﻔﻧﯾﺔ واﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻓﻲ ﺳورة اﻟﻛﻬف158 -156.............................
-1اﻟﻣﺑﺣث اﻷول:اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺳورة اﻟﻛﻬف262 -158.....................
315
-5-1اﻟﻣوﺿوع اﻟﺧﺎﻣس :ﻣﺛل اﻟﺣﯾﺎة اﻟدﻧﯾﺎ و ﻋظﻣﺔ اﻟﺧﺎﻟق وﺗﺻوﯾر ﺑﻌض ﻣﺷﺎﻫد ﯾوم
اﻟﺣﺳﺎب224-216..............................................................
-1-5 -1اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻌﺎم ﻟﻶﯾﺎت217-216.........................................
-2-5 -1اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﻲ ﻟﻶﯾﺎت218-217................................
-3-5 -1ﺗﺣﻠﯾل اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع اﻟﺧﺎﻣس224 -218..........
-6-1اﻟﻣوﺿوع اﻟﺳﺎدس :ﻗﺻﺔ إﺑﻠﯾس ﻣﻊ ﺳﯾدﻧﺎ آدم ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم و ﻋﺎﻗﺑﺔ اﻟﻛﻔﺎر اﻟﻣﺳﺗﻬزﺋﯾن ﺑدﯾن اﷲ و
رﺳﻠﻪ232-224............................................. ..........
-1-6 -1اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻌﺎم ﻟﻶﯾﺎت224................................................
-2-6 -1اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﻲ ﻟﻶﯾﺎت225-224................................
-3-6 -1ﺗﺣﻠﯾل اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع اﻟﺳﺎدس232-225..........
-7-1اﻟﻣوﺿوع اﻟﺳﺎﺑﻊ :ﻗﺻﺔ ﺳﯾدﻧﺎ ﻣوﺳﻰ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﻣﻊ اﻟﻌﺑد اﻟﺻﺎﻟﺢ246 -232...
-1-7 -1اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻌﺎم ﻟﻶﯾﺎت234-232.........................................
-2-7 -1اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﻲ ﻟﻶﯾﺎت235-234...............................
-3-7 -1ﺗﺣﻠﯾل اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع اﻟﺳﺎﺑﻊ246-235...........
-8-1اﻟﻣوﺿوع اﻟﺛﺎﻣن :ﻗﺻﺔ اﻟرﺟل اﻟطواف )ذو اﻟﻘرﻧﯾن(252-246................
-1-8 -1اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻌﺎم ﻟﻶﯾﺎت247-246.........................................
-2-8 -1اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﻲ ﻟﻶﯾﺎت248-247...............................
-3-8 -1ﺗﺣﻠﯾل اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع اﻟﺛﺎﻣن252 -248...........
-9-1اﻟﻣوﺿوع اﻟﺗﺎﺳﻊ :ﻋﺎﻗﺑﺔ اﻟﻛﻔﺎر واﻟﻣﺷرﻛﯾن256 -252........................
-1-9 -1اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻌﺎم ﻟﻶﯾﺎت252...............................................
-2-9 -1اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﻲ ﻟﻶﯾﺎت253-252...............................
-3-9 -1ﺗﺣﻠﯾل اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع اﻟﺗﺎﺳﻊ256 -253..........
ﻋز و ﺟل -10-1اﻟﻣوﺿوع اﻟﻌﺎﺷر :ﺗﺑﺷﯾر اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﺑﺎﻟﺧﻠود ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ و ﺳﻌﺔ ﻣﻌرﻓﺔ اﷲ
262 - 256....................................................... ..
-1-10 -1اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻌﺎم ﻟﻶﯾﺎت256..............................................
-2-10 -1اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﻲ257 -256...................................
-3-10 -1ﺗﺣﻠﯾل اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻛﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع اﻟﻌﺎﺷر262 -257.........
316
-2اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﺳﯾﺎق اﻟﺗداوﻟﻲ و دورﻩ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗواﺻل283-262......
-1-2ﺗﻌرﯾف اﻟﺳﯾﺎق 266 -262.................................................
-1-1 -2ﻟﻐﺔ263-262......................................................
-2-1 -2اﺻطﻼﺣﺎ266 -264...............................................
-2-2أﻧواﻋﻪ270 -266........................................................
-1-2 -2اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻠﻐوي267...................................................
أ-اﻟﺻوﺗﻲ268-267................................................. ....
ب-اﻟﺻرﻓﻲ268..........................................................
ﺟـ-اﻟﻧﺣوي268..........................................................
د -اﻟﻣﻌﺟﻣﻲ268...........................................................
ﻫـ-اﻷﺳﻠوﺑﻲ268........................................................ .
-2-2 -2اﻟﺳﯾﺎق ﻏﯾر اﻟﻠﻐوي270-268.........................................
1-2-2-2اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻌﺎطﻔﻲ270 -269.......................................
-2-2-2-2اﻟﺳﯾﺎق اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ270-269........................................
-3-2اﻟﺳﯾﺎق واﻟﺗﻔﺎﻋل271-270.................................................
-4-2اﻟﻧص واﻟﺳﯾﺎق273-271..................................................
-5-2ﺿﺑط اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻘرآﻧﻲ ﻟﻔﻬم اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ275-273.................................
-6-2ﺑﯾﺎن اﻹﻋﺟﺎز ﻣن ﺧﻼل رﺑط اﻟﻣﻘﺎل ﺑﺎﻟﻣﻘﺎم283 -276.............................
ﺧﺎﺗﻣﺔ 288-285..................................................................
ﻣﻠﺧص298 -290 ........................................................................ .
ﻓﻬﺎرس299................................................................................ :
ﻓﻬرس أﻫم اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث305 -300..............................
ﻓﻬرس اﻷﻋﻼم310 -306...........................................................
ﻓﻬرس اﻵﯾﺎت اﻟﻘرآﻧﯾﺔ317 -311....................................................
ﻓﻬرس اﻟﺷواﻫد اﻟﺷﻌرﯾﺔ320 -318..................................................
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎدر و اﻟﻣراﺟﻊ328 -321................................................
ﻓﻬرس اﻟﻣوﺿوﻋﺎت336 -329......................................................
317