You are on page 1of 8

‫ويكي شيعة‬

‫نص‪:‬عهد اإلمام علي‬


‫لمالك األشتر‬
‫‪:‬‬ ‫‪.‬‬
‫هذا النص الكامل لـعهد اإلمام علي لمالك األشتر وللمزيد من المعلومات اقرأ عهد اإلمام‬
‫علي (ع) إىل مالك األشتر · نهج البالغة‪.‬‬
‫عهد اإلمام علي لمالك األشتر‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫هذا ما أمر به عبد هللا علٌي أميُر المؤمنيَن مالَك بن الحارث األشتر في عهده إليه حين واله مصر‪:‬‬
‫جباية خراجها‪ ،‬وجهاد عدوها‪ ،‬واستصالح أهلها‪ ،‬وعمارة بالدها‪ .‬أمره بتقوى هللا وإيثار طاعته‪،‬‬
‫واتباع ما أمر به في كتابه‪ :‬من فرائضه وسننه التي ال يسعد أحد إال باتباعها‪ ،‬وال يشقى إال مع‬
‫جحودها وإضاعتها‪ ،‬وأن ينصر هللا سبحانه بقلبه ويده ولسانه‪ ،‬فإنه جل اسمه قد تكفل بنصر من‬
‫نصره وإعزاز من أعزه‪ .‬وأمره أن يكسر نفسه من الشهوات ويزعها عند الجمحات‪ ،‬فإن النفس‬
‫أمارة بالسوء إال ما رحم هللا‪.‬‬
‫ثم اعلم يا مالك أني قد وجهتك إىل بالد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور‪ ،‬وأن الناس‬
‫ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الوالة قبلك‪ ،‬ويقولون فيك ما كنت تقول‬
‫‪.‬‬
‫فيهم وإنما يستدل عىل الصالحين بما يجري هللا لهم عىل ألسن عباده فليكن أحب الذخائر إليك‬ ‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫ذخيرة العمل الصالح فاملك هواك‪ ،‬وشح بنفسك عما ال يحل لك‪ ،‬فإن الشح بالنفس االنصاف‬
‫‪.‬‬
‫منها فيما أحبت أو كرهت‬

‫وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم‪ ،‬وال تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم‪،‬‬
‫فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق يفرط منهم الزلل‪ ،‬وتعرض لهم العلل‪،‬‬
‫ويؤتى عىل أيديهم في العمد والخطأ فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك‬
‫‪.‬‬
‫هللا من عفوه وصفحه‪ ،‬فإنك فوقهم‪ ،‬ووالي األمر عليك فوقك‪ ،‬وهللا فوق من والك وقد‬
‫‪.‬‬
‫استكفاك أمرهم وابتالك بهم وال تنصبن نفسك لحرب هللا فإنه ال يدي لك بنقمته‪ ،‬وال غنى بك‬
‫‪.‬‬
‫عن عفوه ورحمته‬

‫وال تندمن عىل عفو‪ ،‬وال تبجحن بعقوبة‪ ،‬وال تسرعن إىل بادرة وجدت منها مندوحة‪ ،‬وال تقولن إني‬
‫‪.‬‬
‫مؤمر آمر فأطاع فإن ذلك إدغال في القلب ومنهكة للدين‪ ،‬وتقرب من الغير‬

‫وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبهة أو مخيلة فانظر إىل عظم ملك هللا فوقك وقدرته‬
‫منك عىل ما ال تقدر عليه من نفسك‪ ،‬فإن ذلك يطامن إليك من طماحك‪ ،‬ويكف عنك من‬
‫غربك‪ ،‬ويفئ إليك بما عزب عنك من عقلك إياك ومساماة هللا في عظمته والتشبه به في‬
‫جبروته‪ ،‬فإن هللا يذل كل جبار ويهين كل مختال أنصف هللا وأنصف الناس من نفسك ومن‬
‫خاصة أهلك ومن لك فيه هوى من رعيتك‪ ،‬فإنك إال تفعل تظلم‪ ،‬ومن ظلم عباد هللا كان هللا‬
‫‪.‬‬
‫خصمه دون عباده‪ ،‬ومن خاصمه هللا أدحض حجته وكان لله حربًا حتى ينزع ويتوب وليس شئ‬
‫أدعى إىل تغيير نعمة هللا وتعجيل نقمته من إقامة عىل ظلم‪ ،‬فإن هللا سميع دعوة المضطهدين‬
‫‪.‬‬
‫وهو للظالمين بالمرصاد‬

‫وليكن أحب األمور إليك أوسطها في الحق‪ ،‬وأعمها في العدل وأجمعها لرضى الرعية‪ ،‬فإن سخط‬
‫‪.‬‬
‫العامة يجحف برضى الخاصة‪ ،‬وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة وليس أحد من الرعية‬
‫أثقل عىل الوالي مؤونة في الرخاء‪ ،‬وأقل معونة له في البالء‪ ،‬وأكره لإلنصاف‪ ،‬وأسأل باإللحاف‪،‬‬
‫وأقل شكرا عند االعطاء‪ ،‬وأبطأ عذرا عند المنع‪ ،‬وأضعف صبرا عند ملمات الدهر‪ ،‬من أهل‬
‫الخاصة وإنما عماد الدين وجماع المسلمين والعدة لألعداء العامة من األمة‪ ،‬فليكن صغوك لهم‬ ‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫وميلك معهم‬

‫وليكن أبعد رعيتك منك وأشنؤهم عندك أطلبهم لمعائب الناس‪ ،‬فإن في الناس عيوبا الوالي أحق‬
‫هللا‬
‫من سترها فال تكشفن عما غاب عنك منها فإنما عليك تطهير ما ظهر لك‪ ،‬وهللا يحكم عىل ما‬ ‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫غاب عنك فاستر العورة ما استطعت يستر هللا منك ما تحب ستره من رعيتك أطلق عن الناس‬ ‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫عقدة كل حقد واقطع عنك سبب كل وتر وتغاب عن كل ما ال يضح لك‪ ،‬وال تعجلن إىل تصديق‬ ‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫ساع فإن الساعي غاش وإن تشبه بالناصحين وال تدخلن في مشورتك بخيًال يعدل بك عن الفضل‬
‫ويعدك الفقر وال جبانًا يضعفك عن األمور‪ ،‬وال حريصًا يزين لك الشره بالجور‪ ،‬فإن البخل والجبن‬
‫‪.‬‬
‫والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله‬

‫‪! ‬‬
‫إن شر وزرائك من كان لألشرار قبلك وزيرًا‪ ،‬ومن شركهم في اآلثام فال يكونن لك بطانة‪ ،‬فإنهم‬
‫أعوان األثمة وإخوان الظلمة‪ ،‬وأنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل آرائهم ونفاذهم‪ ،‬وليس‬
‫‪.‬‬
‫عليه مثل آصارهم وأوزارهم‪ ،‬ممن لم يعاون ظالمًا عىل ظلمه وال آثما عىل إثمه أولئك أخف‬
‫عليك مؤونة‪ ،‬وأحسن لك معونة‪ ،‬وأحنى عليك عطفا‪ ،‬وأقل لغيرك إلفًا‪ ،‬فاتخذ أولئك خاصة‬
‫‪.‬‬
‫لخلواتك وحفالتك‬

‫ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بمر الحق لك‪ ،‬وأقلهم مساعدة فيما يكون منك مما كره هللا ألوليائه‪،‬‬
‫واقعًا ذلك من هواك حيث وقع‪ ،‬والصْق بأهل الورع والصدق‪ ،‬ثم ُر ْض ُه م عىل أن اليطروك‪ ،‬وال‬
‫‪.‬‬
‫َيْبَج ُح وك بباطل لم تفعله‪ ،‬فإن كثرة اإلطراء ُتحدث الزهوة‪ ،‬وتدني من الِغ َّر ة وال يكون المحسن‬
‫والمسئ عندك بمنزلة سواء‪ ،‬فإن في ذلك تزهيدًا ألهل اإلحسان في اإلحسان‪ ،‬وتدريبًا ألهل‬
‫‪.‬‬
‫اإلساءة عىل اإلساءة‪ ،‬وألزم كًال منهم ما ألزم نفسه‬

‫واعلم أنه ليس شئ بأدعى إىل حسن ظن راع برعيته من إحسانه إليهم‪ ،‬وتخفيفه المؤونات عليهم‪،‬‬
‫وترك استكراهه إياهم عىل ما ليس قبلهم‪ ،‬فليكن منك في ذلك أمر يجتمع لك به حسن الظن‬
‫برعيتك‪ ،‬فإن حسن الظن يقطع عنك نصبًا طويًال‪ ،‬وإن أحق من حسن ظنك به لمن حسن بالؤك‬
‫‪.‬‬
‫عنده‪ ،‬وإن أحق من ساء ظنك به لمن ساء بالؤك عنده وال تنقض سنة صالحة عمل بها صدور‬
‫‪.‬‬
‫هذه األمة‪ ،‬واجتمعت بها األلفة‪ ،‬وصلحت عليها الرعية وال تحدثن سنة تضر بشئ من ماضي تلك‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫السنن فيكون األجر لمن سنها والوزر عليك بما نقضت منها‬

‫وأكثر مدارسة العلماء ومنافثة الحكماء‪ ،‬في تثبيت ما صلح عليه أمر بالدك‪ ،‬وإقامة ما استقام به‬
‫‪.‬‬
‫الناس قبلك واعلم أن الرعية طبقات ال يصلح بعضها إال ببعض‪ ،‬وال غنى ببعضها عن بعض فمنها‬ ‫‪.‬‬
‫جنود هللا‪ ،‬ومنها كتاب العامة والخاصة‪ ،‬ومنها قضاة العدل‪ ،‬ومنها عمال االنصاف والرفق‪ ،‬ومنها‬
‫أهل الجزية والخراج من أهل الذمة ومسلمة الناس‪ ،‬ومنها التجار وأهل الصناعات‪ ،‬ومنها الطبقة‬
‫السفىل من ذوي الحاجة والمسكنة وكال قد سمى هللا سهمه‪ ،‬ووضع عىل حده فريضته في كتابه‬
‫‪! ‬‬ ‫’‬
‫أو سنة نبيه ‪ ،‬عهدًا منه عندنا محفوظًا‬

‫فالجنود بإذن هللا حصون الرعية‪ ،‬وزين الوالة‪ ،‬وعز الدين‪ ،‬وسبل األمن‪ ،‬وليس تقوم الرعية إال‬
‫بهم ثم ال قوام للجنود إال بما يخرج هللا لهم من الخراج الذي يقوون به في جهاد عدوهم‪،‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫ويعتمدون عليه فيما يصلحهم‪ ،‬ويكون من وراء حاجتهم ثم ال قوام لهذين الصنفين إال بالصنف‬
‫الثالث من القضاة والعمال والكتاب لما يحكمون من المعاقد‪ ،‬ويجمعون من المنافع‪ ،‬ويؤتمنون‬
‫‪.‬‬
‫عليه من خواص األمور وعوامها وال قوام لهم جميعًا إال بالتجار وذوي الصناعات فيما يجتمعون‬
‫‪.‬‬
‫عليه من مرافقهم‪ ،‬ويقيمونه من أسواقهم‪ ،‬ويكفونهم من الترفق بأيديهم ما ال يبلغه رفق غيرهم‬

‫ثم الطبقة السفىل من أهل الحاجة والمسكنة الذين يحق رفدهم ومعونتهم‪ ،‬وفي هللا لكل سعة‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫ولكل عىل الوالي حق بقدر ما يصلحه وليس يخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه هللا من ذلك إال‬
‫باالهتمام واالستعانة بالله‪ ،‬وتوطين نفسه عىل لزوم الحق‪ ،‬والصبر عليه فيما خف عليه أو ثقل‪.‬‬
‫فوّل من جنودك أنصحهم في نفسك لله ولرسوله وإلمامك‪ ،‬وأنقاهم جيبًا‪ ،‬وأفضلهم حلمًا‪ ،‬ممن‬
‫يبطئ عن الغضب‪ ،‬ويستريح إىل العذر‪ ،‬ويرأف بالضعفاء وينبو عىل األقوياء‪ .‬وممن ال يثيره العنف‬
‫وال يقعد به الضعف‪ .‬ثم الصق بذوي األحساب وأهل البيوتات الصالحة والسوابق الحسنة‪ ،‬ثم أهل‬
‫النجدة والشجاعة والسخاء والسماحة‪ ،‬فإنهم جماع من الكرم‪ ،‬وشعب من العرف‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫ثم تفقد من أمورهم ما يتفقده الوالدان من ولدهما‪ ،‬وال يتفاقمن في نفسك شئ قويتهم به وال‬
‫‪.‬‬
‫تحقرن لطفا تعاهدتهم به وإن قل فإنه داعية لهم إىل بذل النصيحة لك وحسن الظن بك وال تدع‬
‫تفقد لطيف أمورهم اتكاًال عىل جسيمها فإن لليسير من لطفك موضعًا ينتفعون به‪ ،‬وللجسيم‬
‫موقعًا ال يستغنون عنه وليكن آثر رؤوس جندك عندك من واساهم في معونته‪ ،‬وأفضل عليهم‬ ‫‪.‬‬
‫من جدته بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف أهليهم‪ ،‬حتى يكون همهم همًا واحدًا في جهاد‬
‫‪.‬‬
‫العدو فإن عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك‬ ‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫وإن أفضل قرة عين الوالة استقامة العدل في البالد‪ ،‬وظهور مودة الرعية وإنه ال تظهر مودتهم إال‬
‫بسالمة صدورهم‪ ،‬وال تصح نصيحتهم إال بحيطتهم عىل والة أمورهم‪ ،‬وقلة استثقال دولهم‪ ،‬وترك‬
‫استبطاء انقطاع مدتهم فافسح في آمالهم‪ ،‬وواصل في حسن الثناء عليهم‪ ،‬وتعديد ما أبىل ذوو‬ ‫‪.‬‬
‫‪
.‬‬
‫البالء منهم فإن كثرة الذكر لحسن أفعالهم تهز الشجاع وتحرض الناكل إن شاء هللا ثم أعرف لكل‬ ‫‪.‬‬
‫امرئ منهم ما أبىل‪ ،‬وال تضيفن بالء امرئ إىل غيره‪ ،‬وال تقصرن به دون غاية بالئه‪ ،‬وال يدعونك‬
‫شرف امرئ إىل أن تعظم من بالئه ما كان صغيرًا‪ ،‬وال ضعة امرئ إىل أن تستصغر من بالئه ما كان‬
‫عظيمًا‬ ‫‪.‬‬
‫واردد إىل هللا ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من األمور فقد قال هللا تعاىل لقوم‬
‫ُأ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫‪{:‬‬ ‫َأ‬
‫أحب إرشادهم َيا ُّيَه ا اَّلِذ يَن آَم ُنوا ِط يُع وا الَّلَه َو ِط يُع وا الَّرُس وَل َو وِلي اَألْم ِر ِم ْنُك ْم َف ِإْن َتَناَز ْع ُتْم‬
‫‪}..‬‬
‫ِف ي َش ْي ٍء َف ُر ُّد وُه ِإىَل الَّلِه َو الَّرُس وِل فالرد إىل هللا األخذ بمحكم كتابه‪ ،‬والرد إىل الرسول األخذ‬
‫‪.‬‬ ‫بسنته الجامعة غير المفرقة‬

‫ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن ال تضيق به األمور‪ ،‬وال تمحكه الخصوم‪،‬‬
‫وال يتمادى في الزلة‪ ،‬وال يحصر من الفئ إىل الحق إذا عرفه‪ ،‬وال تشرف نفسه عىل طمع‪ ،‬وال‬
‫يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه‪ ،‬وأوقفهم في الشبهات‪ ،‬وآخذهم بالحجج‪ ،‬وأقلهم تبرما بمراجعة‬
‫‪.‬‬
‫الخصم‪ ،‬وأصبرهم عىل تكشف األمور‪ ،‬وأصرمهم عند اتضاح الحكم ممن ال يزدهيه إطراء وال‬
‫يستميله إغراء وأولئك قليل‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫ثم أكثر تعاهد قضائه‪ ،‬وافسح له في البذل ما يزيل علته وتقل معه حاجته إىل الناس‪ ،‬وأعطه من‬
‫‪.‬‬
‫المنزلة لديك ما ال يطمع فيه غيره من خاصتك ليأمن بذلك اغتيال الرجال له عندك فانظر في‬
‫ذلك نظرًا بليغًا‪ ،‬فإن هذا الدين قد كان أسيرًا في أيدي األشرار ُيعمل فيه بالهوى‪ ،‬وُتطلب به‬
‫الدنيا‬ ‫‪! ‬‬
‫ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختبارًا‪ ،‬وال تولهم محاباة وأثرة‪ ،‬فإنهما جماع من شعب الجور‬
‫والخيانة‪ ،‬وتوخ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في اإلسالم‬
‫المتقدمة‪ ،‬فإنهم أكرم أخالقا‪ ،‬وأصح أعراضا‪ ،‬وأقل في المطامع إشرافا‪ ،‬وأبلغ في عواقب األمور‬
‫نظرا ثم أسبغ عليهم األرزاق فإن ذلك قوة لهم عىل استصالح أنفسهم‪ ،‬وغنى لهم عن تناول ما‬ ‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫تحت أيديهم‪ ،‬وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك‬
‫ثم تفقد أعمالهم‪ ،‬وابعث العيون من أهل الصدق والوفاء عليهم‪ ،‬فإن تعاهدك في السر ألمورهم‬
‫‪.‬‬
‫حدوة لهم عىل استعمال األمانة والرفق بالرعية وتحفظ من األعوان‪ ،‬فإن أحد منهم بسط يده إىل‬
‫خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك اكتفيت بذلك شاهدا‪ ،‬فبسطت عليه العقوبة في‬
‫بدنه وأخذته بما أصاب من عمله‪ ،‬ثم نصبته بمقام المذلة ووسمته بالخيانة‪ ،‬وقلدته عار التهمة‬

‫وتفقد أمر الخراج بما يصلح أهله فإن في صالحه وصالحهم صالحًا لمن سواهم‪ ،‬وال صالح لمن‬
‫‪.‬‬
‫سواهم إال بهم‪ ،‬ألن الناس كلهم عيال عىل الخراج وأهله وليكن نظرك في عمارة األرض أبلغ من‬
‫نظرك في استجالب الخراج‪ ،‬ألن ذلك ال يدرك إال بالعمارة‪ ،‬ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب‬
‫البالد وأهلك العباد‪ ،‬ولم يستقم أمره إال قليًال‪ ،‬فإن شكوا ثقًال أو علة أو انقطاع شرب أو بالة أو‬
‫إحالة أرض اغتمرها غرق أو أجحف بها عطش‪ ،‬خففت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم‪ ،‬وال‬
‫يثقلن عليك شئ خففت به المؤونة عنهم‪ ،‬فإنه ذخر يعودون به عليك في عمارة بالدك وتزيين‬
‫واليتك‪ ،‬مع استجالبك حسن ثنائهم وتبجحك باستفاضة العدل فيهم معتمدًا فضل قوتهم بما‬
‫ذخرت عندهم من إجمامك لهم والثقة منهم بما عودتهم من عدلك عليهم في رفقك بهم‪ ،‬فربما‬
‫حدث من األمور ما إذا عولت فيه عليهم من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به‪ ،‬فإن العمران محتمل‬
‫ما حملته‪ ،‬وإنما يؤتى خراب األرض من إعواز أهلها‪ ،‬وإنما يعوز أهلها إلشراف أنفس الوالة عىل‬
‫‪.‬‬
‫الجمع‪ ،‬وسوء ظنهم بالبقاء‪ ،‬وقلة انتفاعهم بالعبر‬

‫ثم انظر في حال كتابك فول عىل أمورك خيرهم‪ ،‬واخصص رسائلك التي تدخل فيها مكائدك‬
‫وأسرارك بأجمعهم لوجود صالح األخالق‪ ،‬ممن ال تبطره الكرامة فيجترئ بها عليك في خالف لك‬
‫بحضرة مأل‪ ،‬وال تقصر به الغفلة عن إيراد مكاتبات عمالك عليك‪ ،‬وإصدار جواباتها عىل الصواب‬
‫‪.‬‬
‫عنك وفيما يأخذ لك ويعطي منك وال ُيضعف عقدًا اعتقده لك‪ ،‬وال َيعجز عن إطالق ما عقد‬
‫‪.‬‬
‫عليك‪ ،‬وال يجهل مبلغ قدر نفسه في األمور‪ ،‬فإن الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل ثم ال‬
‫يكن اختيارك إياهم عىل فراستك واستنامتك وحسن الظن منك‪ ،‬فإن الرجال يتعرفون لفراسات‬
‫‪.‬‬
‫الوالة بتصنعهم وحسن خدمتهم‪ ،‬وليس وراء ذلك من النصيحة واألمانة شئ ولكن اختبرهم بما‬
‫ولوا للصالحين قبلك‪ ،‬فاعمد ألحسنهم كان في العامة أثرًا‪ ،‬وأعرفهم باألمانة وجهًا‪ ،‬فإن ذلك دليل‬
‫‪.‬‬
‫عىل نصيحتك لله ولمن وليت أمره واجعل لرأس كل أمر من أمورك رأسًا منهم ال يقهره كبيرها‪،‬‬
‫‪.‬‬‫وال يتشتت عليه كثيرها‪ ،‬ومهما كان في كتابك من عيب فتغابيت عنه ألزمته‬

‫ثم استوص بالتجار وذوي الصناعات وأوص بهم خيرًا‪ ،‬المقيم منهم والمضطرب بماله والمترفق‬
‫ببدنه‪ ،‬فإنهم مواد المنافع وأسباب المرافق‪ ،‬وجالبها من المباعد والمطارح‪ ،‬في برك وبحرك‪،‬‬
‫وسهلك وجبلك‪ ،‬وحيث ال يلتئم الناس لمواضعها‪ ،‬وال يجترئون عليها‪ ،‬فإنهم سلم ال تخاف بائقته‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫وصلح ال تخشى غائلته‪ ،‬وتفقد أمورهم بحضرتك وفي حواشي بالدك اعلم مع ذلك أن في كثير‬
‫منهم ضيقًا فاحشًا وشحًا قبيحًا‪ ،‬واحتكارًا للمنافع‪ ،‬وتحكمًا في البياعات‪ ،‬وذلك باب مضرة للعامة‬
‫’‬ ‫‪.‬‬
‫وعيب عىل الوالة فامنع من اإلحتكار فإن رسول هللا منع منه‪ ،‬وليكن البيع بيعًا سمحًا‪ ،‬بموازين‬
‫‪.‬‬
‫عدل وأسعار ال تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع فمن قارف حكرة بعد نهيك إياه فنكل به‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫وعاقب في غير إسراف‬

‫ثم هللا هللا في الطبقة السفىل من الذين ال حيلة لهم‪ ،‬والمساكين والمحتاجين‪ ،‬وأهل البؤسى‬
‫‪.‬‬
‫والزمنى‪ ،‬فإن في هذه الطبقة قانعًا ومعترًا واحفظ لله ما استحفظك من حقه فيهم‪ ،‬واجعل لهم‬
‫قسمًا من بيت مالك‪ ،‬وقسمًا من غالت صوافي اإلسالم في كل بلد‪ ،‬فإن لألقصى منهم مثل الذي‬
‫لألدنى‪ ،‬وكٌّل قد استرعيت حقه‪ ،‬فال يشغلنك عنهم بطر‪ ،‬فإنك ال تعذر بتضييعك التافه إلحكامك‬
‫الكثير المهم‪ ،‬فال تشخص همك عنهم‪ ،‬وال تصعر خدك لهم‪ ،‬وتفقد أمور من ال يصل إليك منهم‬
‫ممن تقتحمه العيون وتحقره الرجال‪ ،‬ففرغ ألولئك ثقتك من أهل الخشية والتواضع‪ ،‬فليرفع إليك‬
‫أمورهم‪ ،‬ثم اعمل فيهم باإلعذار إىل هللا يوم تلقاه‪ ،‬فإن هؤالء من بين الرعية أحوج إىل اإلنصاف‬
‫‪.‬‬
‫من غيرهم‪ ،‬وكل فأعذر إىل هللا في تأدية حقه إليه وتعهد أهل اليتم وذوي الرقة في السن‪ ،‬ممن‬
‫‪.‬‬
‫ال حيلة له وال ينصب للمسألة نفسه‪ ،‬وذلك عىل الوالة ثقيل والحق كله ثقيل وقد يخففه هللا عىل‬
‫‪.‬‬
‫أقوام طلبوا العاقبة فصبروا أنفسهم‪ ،‬ووثقوا بصدق موعود هللا لهم‬

‫واجعل لذوي الحاجات منك قسمًاتفرغ لهم فيه شخصك‪ ،‬وتجلس لهم مجلسًا عامًا فتتواضع فيه‬
‫لله الذي خلقك‪ ،‬وتقعد عنهم جندك وأعوانك من أحراسك وشرطك حتى يكلمك متكلمهم غير‬
‫‪":‬‬
‫متتعتع‪ ،‬فإني سمعت رسول هللا يقول في غير موطن لن تقدس أمة ال يؤخذ للضعيف فيها‬
‫"‪.‬‬
‫حقه من القوي غير متتعتع ثم احتمل الخرق منهم والعّي ‪ ،‬ونِّح عنك الضيق واألَنَف يبسط هللا‬
‫‪.‬‬
‫عليك بذلك أكناف رحمته‪ ،‬ويوجب لك ثواب طاعته وأعط ما أعطيت هنيئًا‪ ،‬وامنع في إجمال‬
‫وإعذار‬ ‫‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪:‬‬
‫ثم أمور من أمورك ال بد لك من مباشرتها منها إجابة عمالك بما يعيى عنه كتابك ومنها إصدار‬
‫‪.‬‬
‫حاجات الناس يوم ورودها عليك مما تحرج به صدور أعوانك وأمض لكل يوم عمله فإن لكل يوم‬
‫ما فيه‪ ،‬واجعل لنفسك فيما بينك وبين هللا أفضل تلك المواقيت‪ ،‬وأجزل تلك األقسام‪ ،‬وإن‬
‫‪.‬‬
‫كانت كلها لله إذا صلحت فيها النية وسلمت منها الرعية وليكن في خاصة ما تخلص به لله دينك‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫إقامة فرائضه التي هي له خاصة فأعط هللا من بدنك في ليلك ونهارك‪ ،‬ووِّف ما تقربت به إىل‬
‫‪.‬‬
‫هللا من ذلك كامًال غير مثلوم وال منقوص‪ ،‬بالغًا من بدنك ما بلغ وإذا أقمت في صالتك للناس‬
‫’‬ ‫‪.‬‬
‫فال تكونن منفرًا وال مضيعًا‪ ،‬فإن في الناس من به العلة وله الحاجة وقد سألت رسول هللا حين‬
‫‪.‬‬ ‫‪:‬‬
‫وجهني إىل اليمن كيف أصلي بهم؟ فقال صل بهم كصالة أضعفهم‪ ،‬وكن بالمؤمنين رحيما‬‫‪:‬‬
‫وأما بعد فال تطولن احتجابك عن رعيتك‪ ،‬فإن احتجاب الوالة عن الرعية شعبة من الضيق‪ ،‬وقلة‬
‫علم باألمور واإلحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه‪ ،‬فيصغر عندهم الكبير‪ ،‬ويعظم‬ ‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫الصغير‪ ،‬ويقبح الحسن ويحسن القبيح‪ ،‬ويشاب الحق بالباطل وإنما الوالي بشر ال يعرف ما توارى‬
‫عنه الناس به من األمور‪ ،‬وليست عىل الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب‪ ،‬وإنما‬
‫أنت أحد رجلين إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق ففيم احتجابك من واجب حق تعطية‪،‬‬ ‫‪:‬‬


‫أو فعل كريم تسديه ؟ أو مبتىل بالمنع‪ ،‬فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك‪ ،‬مع‬
‫أن أكثر حاجات الناس إليك مما ال مؤونة فيه عليك‪ ،‬من شكاة مظلمة‪ ،‬أو طلب إنصاف في‬
‫معاملة‬ ‫‪.‬‬
‫ثم إن للوالي خاصة وبطانة فيهم استئثار وتطاول‪ ،‬وقلة إنصاف في معاملة‪ ،‬فاحسم مادة أولئك‬
‫‪.‬‬
‫بقطع أسباب تلك األحوال وال تقطعن ألحد من حاشيتك وحامتك قطيعة‪ ،‬وال يطمعن منك في‬
‫اعتقاد عقدة تضر بمن يليها من الناس‪ ،‬في شرب أو عمل مشترك يحملون مؤونته عىل غيرهم‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫فيكون مهنأ ذلك لهم دونك‪ ،‬وعيبه عليك في الدنيا واآلخرة وألزم الحق من لزمه من القريب‬
‫والبعيد‪ ،‬وكن في ذلك صابرًا محتسبًا‪ ،‬واقعًا ذلك من قرابتك وخاصتك حيث وقع‪ ،‬وابتغ عاقبته‬
‫‪.‬‬
‫بما يثقل عليك منه‪ ،‬فإن مغبة ذلك محمودة‬

‫وإن ظنت الرعية بك حيفًا فأصحر لهم بعذرك‪ ،‬واعدل عنك ظنونهم بإصحارك‪ ،‬فإن في ذلك‬
‫‪.‬‬
‫رياضة منك لنفسك‪ ،‬ورفقًا برعيتك‪ ،‬وإعذارًا تبلغ به حاجتك من تقويمهم عىل الحق وال تدفعن‬
‫صلحًا دعاك إليه عدوك ولله فيه رضى‪ ،‬فإن في الصلح دعة لجنودك‪ ،‬وراحة من همومك‪ ،‬وأمنًا‬
‫لبالدك ولكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد صلحه‪ ،‬فإن العدو ربما قارب ليتغفل‪ ،‬فخذ‬ ‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫بالحزم واتهم في ذلك حسن الظن‬

‫وإن عقدت بينك وبين عدوك عقدة أو ألبسته منك ذمة فُح ْط عهدك بالوفاء‪ ،‬وارع ذمتك‬
‫باألمانة‪ ،‬واجعل نفسك جنة دون ما أعطيت‪ ،‬فإنه ليس من فرائض هللا شئ الناس أشد عليه‬
‫‪.‬‬
‫اجتماعًا مع تفرق أهوائهم وتشتت آرائهم‪ ،‬من تعظيم الوفاء بالعهود وقد لزم ذلك المشركون فيما‬
‫‪! ‬‬
‫بينهم دون المسلمين‪ ،‬لما استوبلوا من عواقب الغدر فال تغدرن بذمتك‪ ،‬وال تخيسن بعهدك‪ ،‬وال‬
‫‪.‬‬
‫تختلن عدوك‪ ،‬فإنه ال يجترئ عىل هللا إال جاهل شقي وقد جعل هللا عهده وذمته أمنًا أفضاه بين‬
‫‪.‬‬
‫العباد برحمته‪ ،‬وحريما يسكنون إىل منعته ويستفيضون إىل جواره فال إدغال وال مدالسة وال‬
‫خداع فيه‬ ‫‪.‬‬
‫وال تعقد عقدًا تجوز فيه العلل‪ ،‬وال تعولن عىل لحن قول بعد التأكيد والتوثقة‪ ،‬وال يدعونك ضيق‬
‫أمر لزمك فيه عهد هللا إىل طلب انفساخه بغير الحق‪ ،‬فإن صبرك عىل ضيق أمر ترجو انفراجه‬
‫وفضل عاقبته خير من غدر تخاف تبعته‪ ،‬وأن تحيط بك من هللا فيه طلبة‪ ،‬فال تستقيل فيها‬
‫دنياك وال آخرتك‬ ‫‪.‬‬
‫إياك والدماء وسفكها بغير حلها‪ ،‬فإنه ليس شئ أدعى لنقمة وال أعظم لتبعة وال أحرى بزوال نعمة‬
‫‪! ‬‬
‫وانقطاع مدة‪ ،‬من سفك الدماء بغير حقها وهللا سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا‬
‫من الدماء يوم القيامة‪ ،‬فال تقوين سلطانك بسفك دم حرام‪ ،‬فإن ذلك مما يضعفه ويوهنه بل يزيله‬
‫‪.‬‬
‫وينقله وال عذر لك عند هللا وال عندي في قتل العمد‪ ،‬ألن فيه قود البدن وإن ابتليت بخطأ‬ ‫‪.‬‬
‫وأفرط عليك سوطك أو سيفك أو يدك بعقوبة‪ ،‬فإن في الوكزة فما فوقها مقتلة فال تطمحن بك‬
‫‪.‬‬
‫نخوة سلطانك عن أن تؤدي إىل أولياء المقتول حقهم وإياك واإلعجاب بنفسك والثقة بما يعجبك‬
‫منها وحب االطراء‪ ،‬فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يكون من إحسان‬
‫المحسنين‬ ‫‪.‬‬
‫وإياك والمن عىل رعيتك بإحسانك‪ ،‬أو التزيد فيما كان من فعلك أو أن تعدهم فتتبع موعدك‬
‫بخلفك‪ ،‬فإن المن يبطل اإلحسان والتزيد يذهب بنور الحق‪ ،‬والخلف يوجب المقت عند هللا‬
‫‪.‬‬ ‫‪:‬‬
‫والناس‪ ،‬قال هللا تعاىل َك ُبَر َم ْق تًا ِع ْنَد ِهللا َأْن َتُق وُلوا َم ا ال َتْف َع ُلوَن وإياك والعجلة باألمور قبل‬
‫‪.‬‬‫أوانها‪ ،‬أو التسقط فيها عند إمكانها‪ ،‬أو اللجاجة فيها إذا تنكرت‪ ،‬أو الوهن عنها إذا استوضحت‬
‫‪.‬‬
‫فضع كل أمر موضعه وأوقع كل عمل موقعه وإياك واإلستئثار بما الناس فيه أسوة‪ ،‬والتغابي عما‬
‫‪.‬‬
‫يعنى به مما قد وضح للعيون‪ ،‬فإنه مأخوذ منك لغيرك وعما قليل تنكشف عنك أغطية األمور‬
‫‪.‬‬ ‫وينتصف منك للمظلوم‬

‫‪.‬‬
‫املك حمية أنفك‪ ،‬وسورة حدك‪ ،‬وسطوة يدك وغرب لسانك واحترس من كل ذلك بكف البادرة‬
‫‪.‬‬
‫وتأخير السطوة‪ ،‬حتى يسكن غضبك فتملك اإلختيار ولن تحكم ذلك من نفسك حتى تكثر‬
‫همومك بذكر المعاد إىل ربك والواجب عليك أن تتذكر ما مضى لمن تقدمك من حكومة عادلة‪،‬‬ ‫‪.‬‬
‫’‬
‫أو سنة فاضلة‪ ،‬أو أثر عن نبينا ‪ ،‬أو فريضة في كتاب هللا‪ ،‬فتقتدي بما شاهدته مما عملنا به فيها‪،‬‬
‫وتجتهد لنفسك في اتباع ما عهدت إليك في عهدي هذا واستوثقت به من الحجة لنفسي عليك‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫لكيال تكون لك علة عند تسرع نفسك إىل هواها‬

‫وأنا أسأل هللا بسعة رحمته وعظيم قدرته عىل إعطاء كل رغبة‪ ،‬أن يوفقني وإياك لما فيه رضاه‪،‬‬
‫من اإلقامة عىل العذر الواضح إليه وإىل خلقه‪ ،‬مع حسن الثناء في العباد‪ ،‬وجميل األثر في البالد‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫وتمام النعمة وتضعيف الكرامة‪ ،‬وأن يختم لي ولك بالسعادة والشهادة‪ ،‬وإنا إليه راغبون والسالم‬
‫‪.‬‬
‫عىل رسول هللا وآله الطيبين الطاهرين‪ ،‬وسلم تسليمًا كثيرا [‪]١‬‬

‫الشريف الرضي‪ ،‬محمد بن الحسين‪،‬‏ نهج البالغة‪ ،‬تحقيق وتصحيح‪ :‬صبحي الصالح‪ ،‬قم‪ ،‬الناشر‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫هجرت‪ ،‬ط ‪ 1414 ،1‬هـ‪ ،‬صص ‪.445 – 426‬‬

‫مجلوبة من‬
‫«?‪https://ar.wikishia.net/index.php‬‬
‫=‪&oldid‬نص‪:‬عهد_اإلمام_علي_لمالك_األشتر=‪title‬‬
‫‪»261011‬‬
‫منذ ‪ ٣‬سنة‬ ‫آخر تعديل لهذه الصفحة قام به ‪Rezvani‬‬
‫ويكي شيعة‬

You might also like