You are on page 1of 5

‫ُمختارات من لطائف المنن‬

‫‪ -‬سأله بعضُ العارفين عن أولياء العدد‪ ،‬هل ينقصون؟ فقال‪ :‬لو نقص منهم واحد ما أرسلت السماء قَ ْط َرهَا‪ ،‬وال أنبتت األرض نباتها‪ ،‬وفساد‬
‫الوقت ال يكون بذهاب أعدادهم‪ ،‬وال بنقص إمدادهم‪ ،‬ولكن إذا فسد الوقت كان مراد هللا وقوع اختفائهم‪ ،‬مع وجود بقائهم‪ .‬فإذا كان أهل‬
‫الزمان ُم ْعرضين عن هللا‪ ،‬مؤثرين لما سوى هللا ال تنجح فيهم الموعظة‪ ،‬وال تميلُهم التذكرة‪ ،‬لم يكونوا أهالً لظهور أولياء هللا تعالى فيهم‬
‫(هم أهل اليقين‪ ،‬يعبدون الحق على وفاء التوحيد عن كشف الغطاء وقطع األسباب غير ُملتفتين إلقبال أو إدبار الزمان فساد الوقت اليكدر‬
‫أنوارهم ألنهم مع المؤقت وليس مع الوقت)‬
‫‪ -‬ولي هللا مع هللا كولد اللبؤة في حجرها‪ ،‬أتُراها تاركته لمن أراد إغتياله؟ (من عرف هللا سد عليه باب اإلنتصار لنفسه)‬
‫‪ -‬أوقات العبد أربعة‪ ،‬هلل عليك في كل وقت منها سهم من العبودية يقتضيه الحق منك بحكم الربوبية‪:‬‬
‫من كان وقته الطاعة فسبيله شهود المنة من هللا عليه أن هداه لها ووفقه للقيام بها‬
‫من كان وقته للمعصية فمقتضى الحق منه وجود االستغفار و الندم‬
‫من كان وقته النعمة فسبيله الشكر وهو فرح القلب باهلل‬
‫من كان وقته البلية فسبيله الرضا بالقضاء و الصبر (الرضا رض النفس عن الشهوات‪ ،‬والصبر الثبات لسهام القضاء)‬
‫‪ -‬الشوق إما على الغيبة ال يسكن إال بلقاء الحبيب وهو شوق النفوس‪ ،‬وإما شوق األرواح على الحضور والمعاينة‬
‫فإذا رفعك إلى محل المحاضرة والشهود المسلوب عن العلل فذاك مقام التعريف إيمانًا حقيقيًّا‪ ،‬وميدان تَنَ ُّز ِل أسرار األزل‬
‫وإذا أنزلك إلى محل المثابرة والجهاد فذاك مقام التكليف المقيد بالعلل‪ ،‬وهو اإلسالم الحقيقي وميدان تجلي حقائق األبدية‪.‬‬
‫والمحقق من ال يبالي بأي صفة يكون ألنَّ صفتك تميل ال أنت‪ ،‬والصفة من العين للعين وهو ظهورك‪ ،‬واالسم للسان وهو نطقك‪ ،‬واالسم‬
‫حقيقة الصفة والصفة حقيقة الوجود‪ ،‬واألسرار متنزلة عن الوجودية للصديقية‪ ,‬والحقائق متجلية عن الصفات بالوالية ألهل العلوم‬
‫الظاهرة عن االسم بالدليل ألهل السعاية‬
‫‪ -‬لو عذب هللا الخلق أجمع لم ينلك من عذابهم شيء‪ ،‬ولو نَعَّ َم ُهم لم ينلك من نعيمهم شيء‪ ،‬فكأنك في الوجود وحدك‬
‫‪ -‬ليَ ُكنْ ذكرك هللا«»‪ ،‬فإن هذا االسم سلطان األسماء‪ ،‬وله بساط وثمرة‪ ،‬وبساطه العلم‪ ،‬وثمرته النور‪ ،‬ثم النور ليس مقصودًا لنفسه‪ ،‬وإنما‬
‫يقع به الكشف وال ِعيان‬
‫‪-‬ال يخلو شهود التقصير من الشرك في التقدير (أهل المعرفة باهلل علموا أنهم ُح ِّملُوا من التكليف أمرًا عظي ًما‪ ،‬وعلموا ضعفهم عن حمله‬
‫ق الرُّ جْ َعى‪ ،‬فحمل األثقال عنهم‪ ،‬فساروا إلى هللا محمولين في َم َحفَّا ِ‬
‫ت المنن‪ُ ،‬م َر َّو ٌح عليهم‬ ‫والقيام به متى ُو ِّكلُوا إلى نفوسهم فرجعوا إليه ب ِ‬
‫ص ْد ِ‬
‫بنفحات اللطف‪ ،‬واآلخرون ساروا إلى هللا‪ ،‬ألثقال التكاليف حاملين‪ ،‬تالزمهم المشتقات‪ ،‬وتطول بهم المسافات‪ ،‬فإذا شاء أدركهم بلطفه‪ ،‬فأخذ‬
‫بأيديهم من شهود معاملتهم إلى شهود سابق توفيقه لهم؛ فطابت لهم األوقات‪ ،‬وأشرقت فيهم العنايات)‬
‫‪ -‬إن َذ َّم النفس ألن هللا تعالى أمرك ب َذ ِّم َها من غير أن تشهد لها قدرة‪ ،‬أو تضيف إليها فعاًل تراها هي الفاعلة‬
‫‪ -‬لما خلق هللا النفس اضطربت فأرساها بجبال العقل‪ ،‬فأيما عبد توفر عقله وإتسع نوره ‪ ..‬نزلت عليه السكينة من ربه‪ ،‬فسكنت نفسه عن‬
‫اإلضطراب ووثقت بولي األسباب‪ ،‬فكانت مطمئنة ألقداره ممدودة بتأييده وأنواره‪ ،‬حائدة عن التدبير والمنازعة للمقادير‪ ،‬فإستحقت أن‬
‫تُخاطب بالنفس المطمئنة‬
‫َكاَّل َواَل َأ ْيضًا تَ ُكونُ ِس َواهُ‬ ‫ك لَسْتَ هُوْ‬ ‫‪ -‬ولما قُرئ عليه‪َ :‬وِإ َذا بَدَا فَا ْعلَ ْم بَِأنَّ َ‬
‫قال الشيخ‪ :‬وال نستطيع أن نبينه أبدًا‬ ‫ق نِطَاقنا َع َّما هُوْ‬‫ضي ُ‬‫ِس ٌّر يَ ِ‬ ‫شيئا ِن َما اتَّ َحدَا َولَ ِك ْن هَا هُنَا‬
‫‪ -‬اللهم إكشف لي عن حقيقة األمر كشفا الطلب بعده لعبدك‪ ،‬إلهي جذبك لي أطمعني فيك وحجابي عنك آيسني من غيرك فإقطع حجابي‬
‫وإجذبني جذبة ال أرجع بعدها لغيرك‪ ،‬إلهي كم من حسنة ممن التحب ال أجر لها وكم من سيئة ممن تحب الوزر لها‪ ،‬فإجعل سيئاتي سيئات‬
‫من أحببت وال تجعل حسناتى حسنات من أبغضت‪ ،‬فإن كرم الكريم مع السيئات أتم منه مع الحسنات‪ ،‬فأشهدني كرمك على بساط رحمتك‪،‬‬
‫يا ُم عز التذلني بتدبير مالك وال تشغلني عنك بما لك وكن لي بفضلك حتى تمحو طلبي بطلبك‪ ،‬اللهم التعذبنا بإرادتنا وحب شهواتنا فنحجب‬
‫أو نفرح بمرادنا أو نسخط أو نسلم تسليم النفاق عند الفقد‬
‫‪ -‬العناية اإللهية وإن كانت غيبا فلها شهادة تدل عليها‪ ،‬فتلمحوا عناية هللا فيكم بوقوفكم على حدوده‪ ،‬ورعايتكم لعهوده‪ s،‬أال وإن من عالمة‬
‫محبة هللا للعبد محبة العبد إياه‪ ،‬ومن عالمة محبة العبد هلل أن ال يؤثر شيئا ً سواه‪ ،‬ومن عالمة عدم اإليثار على هللا النظر إلى الدنيا بعين‬
‫االحتقار‪ ،‬وإلى األكوان ببصر االعتبار‪.‬‬
‫‪ -‬أحق ما يفتقد العباد من حقوق هللا سبحانه الشكر له ظاهرا وباطنا‪ ،‬فظاهرا الموافقة‪ ،‬وباطنا شهود النعمة‬
‫‪ -‬كيف يجدد عليك نعمة أنت طالبها وقد ضيعت شكر نعمة طلبتك حتى وصلت إليك‪ ،‬فالطالب لنعم هللا أولى ما طلب به الشكر هلل‪ ،‬والشكر‬
‫يطلب لك من المشكور وإن كنت صامتا ً ويستجدى لك ممن شكرته وإن كنت عن الطلب ساكتا ً‬
‫ويستعان على الشكر بالنظر في أيادي المحسن‪ ،‬وكثرة صنائعه‪ ،‬وسوابق مننه ولواحقها‪ ،‬وبداية نعمة وخواتمها‪ ،‬فإنك لم ترم بصر‬
‫اإليمان إال وقع على نعمة سابقة‪ ،‬ومنه منه الحقة‪ ،‬ويؤكد ذلك عندك نظرك لمعاملتك معه وشهودك لمعاملته معك‬
‫فإنك إذا نظرت ما منه إليك لم تجد إال فضالً وإحساناً‪ ،‬وإن نظرت ما منك إليه لم تجد إال غفلة وعصيانا ً‪.‬‬
‫‪ -‬عليكم بتصحيح التوبة‪ ،‬فإنه ينبني عليها ما بعدها‪ ،‬وتعود بركتها على ما قبلها وما من مقام إال وهو مفتقر إليها وما زكت األحوال وال‬
‫قبلت األعمال وال ثبتت مراتب اإلنزال إال بتصحيح التوبة‪ ،‬ويستعان على التوبة بالفكرة‪ ،‬ويستعان على الفكرة بالخلوة‪ ،‬ويستعان على‬
‫الخلوة بمعرفة آفات الخلطة‪ ،‬ومن عالمات الوصول إلى الغايات‪ ،‬وجود تصحيح البدايات‪ ،‬وألن يصحح هللا لك مقام التوبة خير لك من أن‬
‫يطلعك على سبعين ألف غيب ويفقدك إياها‪.‬‬
‫‪ -‬إذكر هللا تعالى بلسانك‪ ،‬وراقبه بقلبك‪ ،‬فما ورد عليك من هللا من خير قبلته‪ ،‬وما ورد عليك من ضده دفعته‪ ،‬رجاعا ً إلى هللا في الدفع‬
‫والجلب‪ ،‬فإن خامر سرك شيء من ذنب أو عيب أو نظر إلى عمل صالح أو حال جميل فبادر إلى التوبة واالستغفار من الجميع‪ ،‬وإعلموا‬
‫أن هللا قد أودع أنوار الملكوت في أصناف الطاعات‪ ،‬فأي من فاته من الطاعة صنف أو أعوزه من الموافقة جنس َفقَ ْد فَقَ َد من النور بمقدار‬
‫ذلك‪ ،‬فال تهملوا وال تستغنوا عن األوراد بالواردات‪ ،‬وإن الحق بحكمته جعل الطاعة مستقرعة لباب الغيب‪ ،‬فمن قام بالطاعة والمعاملة‬
‫بشرط األدب لم يحتجب الغيب عنه‪ ،‬وإنما حجاب الغيوب وجود العيوب‪ ،‬فال تكن ممن يطالب هللا لنفسه‪ ،‬وال يطالب نفسه هلل‪ ،‬وإن ملكوت‬
‫هللا ال يؤذن بالدخول فيه إال لمن طهر من آفات البشرية بالتخلق بأخالق هللا ووجود الفناء عما سوى هللا ‪ ،‬وقام بوفاء العبودية باالمتثال‬
‫ألوامر هللا‪ ،‬واالستسالم ألحكامه‪ ،‬فإن تصل إلى ذلك فلك منفسح من الغيب‪ ،‬ومستوطن في الملكوت‪ ،‬وواصلك اإلمداد‪ ،‬وقابلك من هللا‬
‫االزدياد‪.‬‬
‫وتتوصل إلى ذلك بإقالل النظر إلى الظواهر ورعايتك للسرائر‪ ،‬وإنه ال يشفي السرائر برهان الظواهر إال أن يكون معها خالص حب يباشر‬
‫القلوب وإشراق نور يذهب بظلمة الذنوب‪ ،‬وإنما طال عليهم الطريق ألنهم لم يسلكوها على منهج حق ولم يدخلوا فيها مدخل صدق ولو‬
‫أنهم فعلوا لم تحتجب عنهم المطالب وكان ما يطلبونه لهم طالب‪.‬‬
‫‪-‬ال تتفقد الوقت بظهور الواردات‪ ،‬وال بكثرة الطاعات‪ ،‬ولكن انظر إلى ثقتك باهلل وإجاللك ألوامر هللا‪ ،‬وترك االختيار مع هللا‪ ،‬فإن وجدت‬
‫ذلك عندك وال يوجد واحد منها إال وجد بقيتها‪ ،‬فاعلم أن هلل بك عناية أبداها‪ ،‬وودائع أخفاها‪ ،‬واشكره على ما أسدى‪ ،‬واحمده على ما‬
‫أهدى‪.‬‬
‫‪ -‬إعلموا رحمكم هللا أن ودكم على اختالف مراتبه عندنا مسباره‪ ،‬ولدينا اعتباره‪ ،‬فميل القلب إليك على حسب ميلك إليه‪ ،‬ولن يزاد المدد‬
‫لعبد على يد عبد‪ ،‬إال بحسب ما يزيد من الود فيه‪ ،‬كذلك رتبه اإلله الحكيم والقادر العليم‪.‬‬
‫رسالة في السلوك إلى حضرة ملك الملوك‬
‫قال رضي هللا عنه مما كتب به لبعض أخوانه أما بعد‪:‬‬
‫‪ -‬فإن البدايات مجالة النهايات‪ ،‬ومن كانت باهلل بدايته كانت إليه نهايته‬
‫(قلت البداية باهلل هي أن ال يرى لنفسه حوالً وال قوة ال في عمل وال في حال وال في مجاهدة وال مكابدة بل ما يبرز منها من األعمال أو من األحوال رآه منة من هللا وهدية إليه فإن كان‬
‫هكذا فقد صحت باهلل بدايته وإليه تكون نهايته)‬
‫والمشتغل به هو الذي أحببته وسارعت إليه والمشغول عنه هو المؤثر عليه‪ ،‬ومن أيقن أن هللا يطلبه صدق الطلب إليه‪ ،‬ومن علم أن األمر‬
‫كله بيده إنجمع بالتوكل عليه‪ ،‬وأنه ال بد لبناء هذا الوجود أن تنهدم دعائمه وأن تسلب كرائمه‬
‫‪ -‬قد أشرق نوره وظهرت تباشيره‪ ،‬فصدف عن هذه الدار مغضيا ً وأعرض عنها مولياً‪ ،‬فلم يتخذها وطنا وال جعلها سكنا‪ ،‬بل أنهض الهمة‬
‫فيها إلى هللا وصار فيها مستعينا ً به في القدوم عليه‬
‫فما زالت مطية عزم الراغب في السير إلى ربه ال يقر قرارها ‪ ،‬دائما ً تسيارها ‪ ،‬إلى أن أناخت بحضرة القدس وبساط األنس في محل‬
‫المفاتحة والمواجهة والمجالسة والمحادثة والمشاهدة والمطالعة ‪ ،‬فصارت الحضرة معشش قلوبهم إليها يأوون ‪ ،‬وعليها يسكنون ال‬
‫يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين‪ ،‬ومحلها في أعلى عليين وهو عرش قلوب العارفين فإن نزلوا إلى سماء الحقوق أو أرض‬
‫الحظوظ فبإالذن والتمكين والرسوخ في اليقين‪ ،‬فلم ينزلوا إلى الحقوق بسوء األدب والغفلة ‪ ،‬وال الحظوظ بالشهوة والمتعة ‪ ،‬بل دخلوا في‬
‫ذلك باهلل ومن هللا وإلى هللا ‪ ،‬وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق ليكون نظري إلى حولك وقوتك إذ أدخلتني ‪ ،‬وانقيادي‬
‫إليك إذ أخرجتني ‪ ،‬واجعل لي من لدنك سلطانا ً نصيرا وال تنصر على وإنصرني على شهوات نفسي وأفنيني عن دائرة حسي‬
‫( سئل الشيخ أبو محمد عبد القادر الجيالني رضي هللا عنه عن الدنيا فقال أخرجها من قلبك واجعلها في يدك فإنها ال تضرك وقال الحضرمي رضي هللا عنه ليس الرجل الذي يعرف كيفية‬
‫تفريق الدنيا فيفرقها إنما الرجل الذي يعرف كيفية إمساكها فيمسكها)‬

‫ُمختارات من المناجاة‬
‫ِإل ِهي‪َ ،‬أنا الفقير فِي غناي ‪ ,‬فَ َكيْفَ ال َأ ُكونُ فقيرا ِفي فَ ْق ِري‪َ ،‬أنا الجا ِه ُل فِي ِع ْل ِمي‪ ،‬فَ َكيْفَ ال َأ ُكونُ َج ُهوالً فِي َج ْهلِي‬
‫ون ِإلى عَطا ٍء َواليَّْأ ِ‬
‫س ِم ْنكَ فِي بَال ٍء‪.‬‬ ‫س ُك ِ‬ ‫س ْر َعةَ ُحلو ِل َمقا ِدي ِر َك َمنَعا ِعبا َد َك العا ِرفِينَ بِ َك َع ِن ال ُّ‬ ‫ِإل ِهي‪ِ ،‬إنَّ ْ‬
‫اختِالفَ تَ ْدبِي ِر َك َو ُ‬
‫ض ْعفِي‬ ‫ض ْعفِي‪َ ،‬أفَتَ ْمنَ ُعنِي ِم ْن ُهما بَ ْع َد َو ُجو ِد َ‬ ‫ف َوال َّرْأفَ ِة بِي قَ ْب َل ُو ُجو ِد َ‬ ‫س َك ِباللُّ ْط ِ‬
‫ص ْفتَ نَ ْف َ‬‫ِإل ِهي َو َ‬
‫الح َّجةُ َعلَ َّي‪.‬‬
‫ي ِمنِّي فَبِ َع ْدلِكَ‪َ ،‬ولَ َك ُ‬‫ت ال َمسا ِو ُ‬ ‫ضلِكَ‪َ ،‬ولَ َك ال ِمنَّةُ َعلَ َّي‪َ ،‬وِإنْ َ‬
‫ظ َه َر ِ‬ ‫حاسنُ ِمنِّي فَبِفَ ْ‬ ‫ت ال َم ِ‬ ‫ِإل ِهي‪ِ ،‬إنْ ظَ َه َر ِ‬
‫س ُل ِإلَيْكَ بِفَ ْق ِري ِإلَ ْيكَ‪،‬‬ ‫الحفِ ُّي بِي‪ ،‬ها َأنا َأت ََو َّ‬ ‫يب َوَأ ْنتَ َ‬‫ص ُر لِي‪َ ،‬أ ْم َكيْفَ َأ ِخ ُ‬ ‫ِإل ِهي‪َ ،‬كيْفَ تَ ِكلُنِي إلى نَ ْفسي َوقَ ْد َت َو َّك ْلتَ لِي‪َ ،‬و َكيْفَ ُأضا ُم َوَأ ْنتَ النَّا ِ‬
‫ش ُكو ِإلَ ْي َك حالِي َوه َُو ال يَ ْخفى َعلَ ْيكَ‪َ ،‬أ ْم َكيْفَ ُأت َْر ِج ُم بِ َمقالِي َوه َُو ِم ْن َك بَ َرزَ ِإلَ ْيكَ‪َ ،‬أ ْم‬ ‫ص َل ِإلَ ْيكَ‪َ ،‬أ ْم َكيْفَ َأ ْ‬
‫س ُل ِإلَ ْي َك بِما ُه َو َمحا ٌل َأنْ يَ ِ‬ ‫َو َكيْفَ َأت ََو َّ‬
‫سنُ َأ ْحوالِي َوبِ َك قا َمتْ ِإلَ ْي َك‬ ‫َكيْفَ ت َُخيِّ ْب آمالِي َو ِهي قَ ْد َوفَدَتْ ِإلَ ْيكَ‪َ ،‬أ ْم َكيْفَ ال ت ُْح ِ‬
‫ت األ ْطوا ِر َأنَّ ُمرا َد َك ِمنِّي َأنْ تَتَ َعرَّفَ ِإلَ َّي فِي ُك ِّل شَي ٍء َحتَّى ال َأ ْج َهلَ َك فِي شَي ٍء‪.‬‬ ‫الف اآلثا ِر َوتَنَقُّال ِ‬‫اختِ ِ‬ ‫ِإل ِهي‪َ ،‬علِ ْمتُ بِ ْ‬
‫س ْتنِي َأ ْوصافِي َأ ْط َم َع ْتني ِمنَنُ َك‪.‬‬ ‫سنِي لُْؤ ِمي َأ ْنطَقَنِي َك َر ُم َك‪َ .‬و ُكلَّما آيَ َ‬ ‫ِإل ِهي‪ُ ،‬كلَّما َأ ْخ َر َ‬
‫ي‪َ ،‬و َمنْ كانَتْ َحقاِئقُهُ دَعاوي فَ َكيْفَ ال تَ ُكونُ دَعاويهُ دَعاوي‬ ‫ي فَ َكيْفَ ال َت ُكونُ َمسا ِوُؤ هُ َمسا ِو َ‬ ‫سا ِو َ‬ ‫سنُهُ َم َ‬‫ِإل ِهي‪َ ،‬منْ كانَتْ َمحا ِ‬
‫شيَئتُ َك القا ِه َرةُ لَ ْم يَ ْت ُركا لِ ِذي َمقا ٍل َمقاالً‪َ ،‬وال لِ ِذي حا ٍل حاالً‪.‬‬ ‫ِإل ِهي‪ُ ،‬ح ْك ُمكَ النَّافِ ُذ َو َم ِ‬
‫وج ْزما‪ ،‬فَقَ ْد‬ ‫شيَّ ْدتُها َه َد َم ا ْعتِما ِدي َعلَ ْيها َع ْدلُكَ‪ ،‬بَ ْل َأقالَنِي ِم ْنها فَ ْ‬
‫ضلُكَ‪ ،‬فِإني َوِإنْ لَ ْم تَد ُِم الطَّا َعةُ ِمنِّي فِ ْعالً َ‬ ‫ِإل ِهي‪َ ،‬ك ْم ِمنْ طا َع ٍة بنَ ْيتُها َوحالَ ٍة َ‬
‫دا َمتْ َم َحبَّةً َوع َْزما‪ ،‬و َكيْفَ َأ ْع ِز ُم َوَأ ْنتَ القا ِه ُر‪َ ،‬و َكيْفَ ال َأ ْع ِز ُم َوَأ ْنتَ اآل ِم ُر‬
‫صلُنِي ِإلَ ْي َك‬
‫فاج َم ْعنِي َعلَ ْي َك بِ ِخ ْد َم ٍة تُو ِ‬
‫ب بُ ْع َد ال َمزا ِر‪ْ ،‬‬ ‫ِإل ِهي‪ ،‬تَ َردُّدي فِي اآلثا ِر يُ ِ‬
‫وج ُ‬
‫(قلت التردد في اآلثار هو التردد بين إثباته ونفيه وهي حالة المستشرفين فإذا أثبته مستقالً كان في حالة العبد وإذا نفاه كان في حالة الجمع فطلب الجمع على الدوام بحيث ال يبقى له تردد في‬
‫نفيه وهو مقام البقاء فإثبات األثر بالنفس‪ .‬وإثباته هللا بالنفس على الدوام هو بعد على الدوام وهو مقام أهل الحجاب من العوام ونفيه على الدوام هو مقام أهل الجمع من أهل الفناء والجذب‬
‫ونفيه ثم إثباته باهلل هو مقام أهل البقاء قياما ً بوظائف الحكمة والقدرة وجمعا ً بين الحقيقة والشريعة)‬
‫س لَكَ َحتَّى يَ ُكونَ ه َُو ال ُم ْظ ِه َر لَ َك‬ ‫ستَ َد ُّل َعلَيْكَ ِبما ُه َو فِي ُو ُجو ِد ِه ُم ْفتَقِ ٌر ِإلَ ْيكَ‪َ ،‬أيَ ُكونُ لِ َغ ْي ِر َك ِمنَ ال ُّ‬
‫ظ ُهو ِر ما لَ ْي َ‬ ‫ِإل ِهي‪َ ،‬كيْفَ يُ ْ‬
‫ُوص ُل ِإلَ ْيكَ‪َ ،‬ع ِميَتْ َعيْنٌ ال تَرا َك َعلَ ْيها َرقِيبا ً‪َ .‬و َخ ِ‬
‫س َرتْ‬ ‫تاج ِإلى َدلِي ٍل يَ ُد ُّل َعلَ ْيكَ‪َ ،‬و َمتى بَ ُعدْتَ َحتَّى تَ ُكونَ اآلثا ُر ِه َي الَّتِي ت ِ‬ ‫َمتى ِغبْتَ َحتَّى ت َْح َ‬
‫صيبا ً‪.‬‬‫ص ْفقَةُ َع ْب ٍد لَ ْم ت َْج َع َل لَهُ ِمنْ ُحبِّ َك نَ ِ‬
‫َ‬
‫س ِّر‬ ‫َأ‬
‫ستِ ْبصا ِر‪َ ،‬حتَّى ْر ِج َع ِإلَ ْي َك ِم ْنها َكما د ََخ ْلتُ ِإلَ ْي َك ِم ْنها‪َ :‬مصُونَ ال ِّ‬ ‫س َو ِة األ ْنوا ِر َو ِهدايَ ِة ا ِال ْ‬ ‫ار ِج ْعنِي ِإلَ ْيها َ ِب ِك ْ‬‫وع ِإلى اآلثا ِر فَ ْ‬‫الر ُج ِ‬ ‫َأ‬
‫ِإل ِهي‪َ ،‬م ْرتَ بِ ُّ‬
‫عَنْ النَّظَ ِر ِإلَ ْيها‪َ ،‬و َم ْرفُو َع ال ِه َّم ِة َع ِن ا ِال ْعتِما ِد َعلَ ْيها‪.‬‬
‫( كسوة األنوار هي دخوله في العبادات وفي العادات باهلل ال بنفسه وهداية االستبصار هي معرفته في تلك اآلثار التي نزل إليها ورجع لها وقوله كما دخلت إليك منها معناه أنه كان مع‬
‫األكوان وهي حاجبة له عن شهود المكون فلما عرف فيها كان دخوله على هللا منها)‬
‫أوقِ ْفنِي عَلى‬ ‫ب‪ ،‬وَأ ْغنِنِي بِتَ ْدبِي ِركَ لِي عَنْ تَ ْدبِي ِري ‪َ ،‬وبِ ْ‬
‫اختِيا ِر َك عَنْ ْ‬
‫اختِيا ِري‪َ .‬و ْ‬ ‫الج ْذ ِ‬‫سالِ َك َأ ْه ِل َ‬
‫سلُ َك بِي َم َ‬ ‫ب‪َ .‬وا ْ‬ ‫ق َأ ْه ِل القُ ْر ِ‬
‫ِإل ِهي‪َ ،‬حقِّ ْقنِي ِب َحقاِئ ِ‬
‫سي‬ ‫ش ْر ِكي قَ ْب َل ُحلُو ِل َر ْم ِ‬
‫ش ِّكي َو ِ‬ ‫سي‪َ ،‬وطَ ِّه ْرنِي ِمنْ َ‬ ‫اض ِطرا ِري‪ ،‬وَأ ْخ ِر ْجنِي ِمنْ ُذ ِّل نَ ْف ِ‬ ‫َمرا ِك ِز ْ‬
‫َّس ِرضا َك َأنْ تَ ُكونَ لَهُ ِعلَّةٌ ِم ْن َك‪ .‬فَ َكيْفَ تَ ُكونُ لَهُ ِعلَّةٌ ِمنِّي‬ ‫ِإل ِهي‪ ،‬تَقَد َ‬
‫( إذا لزمت الباب أعطاك قبل الطلب ومنحك بال سبب‪ ،‬قال أبو بكر الواسطي رضي هللا عنه‪ :‬الرضى والسخط نعتان من نعوت الحق بجريان على األبد بما جريا به في األزل يظهران‬
‫الوسمين على المقبولين والمطرودين فقد بانت شواهد المقبولين بضيائها عليهم كما بانت شواهد المطرودين بظلمها عليهم فأني تنفع من ذلك األلوان المصفرة واألكمال المقصرة واألقدام‬
‫المنتفخة اه لكن جرت عادة هللا تعالى وسنته أن من ظهرت عليه الطاعات واإلحسان كان ذلك عالمة الرضى والرضوان ومن ظهرت عليه المخالفة والعصيان كان ذلك عالمة السخط‬
‫والخسران وبهذا جاءت الشرائع والمرؤ يموت على ما عاش والنادر ال حكم له وهللا تعالى أعلم)‬
‫ص َل ِإلَيْكَ النَّ ْف ُع ِم ْنكَ ‪ .‬فَ َكيْفَ ال تَ ُكونُ َغنِيّا َعنِّي‬ ‫ِإل ِهي‪َ ،‬أ ْنتَ ال َغنِ ُّي ِبذاتِ َك عَنْ َأنْ يَ ِ‬
‫ب َأ ِحبَّاِئ َك َحتَّى لَ ْم يُ ِحبُّوا ِ‬
‫سواكَ َولَ ْم‬ ‫يار عَنْ قُلُو ِ‬ ‫ب َأ ْولِياِئكَ َحتَّى َع َرفُوكَ َو َو َّحدُوكَ‪َ ،‬وَأ ْنتَ الَّ ِذي َأ َز ْلتَ اَأل ْغ َ‬ ‫ش َر ْقتَ األ ْنوا َر فِي قُلُو ِ‬ ‫َأ ْنتَ الَّ ِذي َأ ْ‬
‫ستَبانَتْ لَ ُه ْم ال َمعالِ ُم‪.‬‬
‫ثا ْ‬‫ش ْت ُه ُم ال َعوالِ ُم‪َ .‬وَأ ْنتَ الَّ ِذي َه َد ْيتَ ُه ْم َح ْي ُ‬
‫ث َأ ْو َح َ‬ ‫يَ ْل َجَأوا ِإلى َغ ْي ِركَ‪َ ،‬أ ْنتَ ال ُم ْونِ ُ‬
‫س لَ ُه ْم َح ْي ُ‬
‫(وهذا من الشيخ رضي هللا عنه تعريض بالسؤال وهو أعظم من التصريح)‬
‫س َر َمنْ بَغى َع ْن َك ُمت ََح َّوالً‪.‬‬ ‫ض َي دُونَ َك بَ َدالً‪َ ،‬ولَقَ ْد َخ ِ‬‫خاب َمنْ َر ِ‬ ‫َ‬ ‫ماذا َو َج َد َمنْ فَقَ َد َك َوما الَّ ِذي فَقَ َد َمنْ َو َج َدكَ‪ ،‬لَقَ ْد‬
‫ب ِمنْ َغ ْي ِر َك َوَأ ْنتَ ما بَ َّد ْلتَ عا َدةَ ا ِال ْمتِنا ِن‬‫اإلحسانَ ‪َ ،‬و َكيْفَ يُ ْطلَ ُ‬ ‫ْ‬ ‫سوا َك َوَأ ْنتَ ما قَطَعْتَ‬ ‫َكيْفَ يُ ْرجى ِ‬
‫س َه ْيبَتِ ِه فَقا ُموا بِ ِع َّزتِ ِه ُم ْ‬
‫ست َِع ّزينَ‬ ‫س َأ ْولِياءهُ َمالبِ َ‬ ‫ستِ ِه فَقا ُموا بَيْنَ يَ َد ْي ِه ُمتَ َملِّقِينَ ‪َ ،‬ويا َمنْ َأ ْلبَ َ‬ ‫ق َأ ِحبّا َءهُ َحال َوةَ ُمؤانَ َ‬ ‫يا َمنْ َأذا َ‬
‫( إن الولى إذا أراد هللا أن يرده إلى خلقه لينفع به عباده ألبسه حلتين حلة البهاء والجمال ليقبل الناس عليه بالمحبة والوصال فيغنيهم هللا به وحلة الهيبة والجالل ليمتثل أمره إذا أمر إذا أمر‬
‫ويجتنب نهية إذا نهى وهاتان الحلتان يكساهما عند الرسوخ والتمكين)‬
‫َّاب‪ ،‬ثُ َّم لِما َو َهبْتَ‬ ‫ب الطَّالِبِينَ ‪َ ،‬وَأ ْنتَ َ‬
‫الوه ُ‬ ‫الجوا ُد بِال َعطا ِء قَ ْب َل طَلَ ِ‬ ‫اإلحسا ِن قَ ْب َل تَ َو ُّج ِه العابِ ِدينَ ‪َ ،‬وَأ ْنتَ َ‬
‫ي بِ ْ‬ ‫الذا ِك ِرينَ ‪َ ،‬وَأ ْنتَ البا ِد ُ‬
‫الذا ِك ُر قَ ْب َل َّ‬
‫َأ ْنتَ َّ‬
‫ضينَ ‪.‬‬ ‫ستَ ْق ِر ِ‬
‫لَنا ِمنَ ال ُم ْ‬
‫ص ْيتُ َك‪َ ،‬كما َأنَّ َخ ْوفِي ال يُزايِلُنِي َوِإنْ َأطَ ْعتُكَ‪ ،‬فَقَ ْد َدفَ َع ْتنِي ال َعوالِ ُم ِإلَ ْي َك ‪َ .‬وقَ ْد َأ ْوقَفَنِي ِع ْل ِمي بِ َك َر ِمكَ‬ ‫ِإل ِهي‪ِ ،‬إنَّ َرجاِئي ال يَ ْنقَ ِط ُع َع ْن َك َوِإنْ َع َ‬
‫علَيْكَ ‪( .‬من نظر إلى الباطن وجد العبد مجبورا ومن نظر إلى الظاهر وجده غير معذور )‬ ‫َ‬

‫الذلَّ ِة َأ ْر َك ْزتَنِي‪َ ،‬أ ْم َكيْفَ ال َأ ْ‬


‫ستَ ِع ُّز َوِإلَ ْي َك نَ َ‬
‫س ْبتَنِي‬ ‫ستَ ِع ُّز َوفِي ِّ‬
‫ِإل ِهي‪َ ،‬كيْفَ أ ْ‬
‫(قال بعضهم رأيت ذل كل ذي ذل فزاد ذلي على ذلهم‪ ،‬ونظرت في عز كل ذي عز فزاد عزي على عزهم)‬
‫ِإل ِهي‪َ ،‬كيْفَ ال َأ ْفتَقِ ُر َوَأ ْنتَ الَّ ِذي فِي الفَ ْق ِر َأقَ ْمتَنِي‪َ ،‬أ ْم َكيفَ َأ ْفتَقِ ُر َوَأ ْنتَ الَّ ِذي ِب ُجو ِد َك َأ ْغنَ ْيتَنِي‬
‫الَّ ِذي ال ِإلهَ َغ ْي ُركَ‪ ،‬تَ َع َّر ْفتَ لِ ُك ِّل شَي ٍء فَما َج ِهلَ َك شَي ٌء‪.‬‬ ‫َوَأ ْنتَ‬
‫الَّ ِذي تَ َع َّر ْفتَ ِإلَ َّي فِي ُك ِّل شَي ٍء فَ َرَأ ْيتُكَ ظا ِهراً فِي ُك ِّل شَي ٍء َوَأ ْنتَ الظَّا ِه ُر لِ ُك ِّل شَي ٍء ‪.‬‬ ‫َوَأ ْنتَ‬
‫ت ال َعوالِ ُم َغ ْيبا ً في ع َْر ِ‬
‫ش ِه‪.‬‬ ‫ش َغ ْيبا ً فِي َر ْحمانِيَّتِ ِه‪َ .‬كما صا َر ِ‬ ‫ش ِه‪َ ،‬ف َ‬
‫صار ال َع ْر ُ‬ ‫ستَوى ِب َر ْحمانِيَّتِه عَلى ع َْر ِ‬ ‫ا ْ‬ ‫يا َمنْ‬
‫(فالعرش مغمور في رحمانية الحق حتى صار غيبا ً في رحمانيته إذ ال نسبة له معها ورحمانية الحق تعالى وصف قائم بذاته والصفة الزمة للموصوف‪ ،‬فلما انطوى وجود العرش في عظمة‬
‫الحق ورحمانيته انطوى وجود العوالم كلها ألنها في جوف العرش كحلقة في األرض وهو محيط بها كما أحاطت الرحمانية بالعرش)‬
‫ت َأ ْفال ِك األ ْنوا ِر‪.‬‬
‫اآلثار بِاآلثا ِر‪َ ،‬و َم َح ْوتَ اَأل ْغيا َر بِ ُم ِحيطا ِ‬
‫َ‬ ‫َم َح ْقتَ‬
‫( فاآلثار األولى هي العوالم واآلثار الثانية هو العرش فقد امتحقت األكوان كلها في عظمة العرش حتى صارت كالعدم‪ ،‬واألغيار هو العرش وما احتوى عليه من اآلثار أو تقول هو كل ما‬
‫دخل عالم التكوين من العرش إلى الفرش أو ما فرض وجوده خارجا ً عن العرش وأفالك األنوار هي أنوار الذات والصفات فإذا امتحقت األغيار وهي اآلثار بانوار عظمة الذات بقيت‬
‫األنوار وإنفرد بالوجود الواحد القهار)‬
‫ت ِع ِّز ِه عَنْ َأنْ تُ ْد ِر َكهُ األ ْبصا ُر‪.‬‬
‫سرا ِدقا ِ‬
‫احت ََج َب فِي ُ‬
‫يا َمنْ ْ‬
‫(‪ -‬حب الدنيا الذي زرعه الحق تعالى بقهره في قلوب الناس حتى انصرفت إليها الهمم وتاهت فيها العقول وتظلمت بصور خيالها القلوب واشتبكت فيها الفكر‬
‫‪ -‬إرتباط األسباب مع مسبباتها والعوائد مع ما تعودت بها ‪ ،‬والحكيم العليم برزق من غير أسباب ويعطي بال حساب وبهذا احتجب كثير وقفوا مع األسباب‬
‫‪ -‬الوقوف مع ظاهر الشريعة ترغيبا ً "العباد"‪ ،‬وترهيبا ً "الزهاد"‪ ،‬علما ً وعمال "علماء الظاهر" فحجبوا بالعلم عن المعلوم وهي معرفة الحي القيوم‬
‫‪ -‬الوقوف مع حالوة الطاعات ولذيذ المناجاة وهي ألهل المراقبة من العباد والزهاد وقد تظهر لهم خوارق وكرامات حسية فتزيدهم حجابا ً عن هللا‬
‫‪ -‬ظهور أثر القدرة على هذه التجليات وإتصافها بأوصاف العبودية والبشرية التي سترت سر الخصوصية وبهذا احتجب بعض المستشرفين على الفناء في الذات فرجعوا من حيث جاؤا وهللا‬
‫قاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير‬
‫ً‬
‫فهذه سرادقات العز التي احتجب الحق تعالى بها فإن العزيز هو الذي ال يترقى إليه وهم طمعا في تقديره وال يسموا إلى صمدانيته فهم قصدا إلى تصويره )‬

‫يا َمنْ ت ََجلّى ِب َكما ِل َبهاِئ ِه فَت ََحقَّقَتْ َعظَ َمتَهُ األ ْ‬
‫سرا ُر‪.‬‬
‫اللهم إنا قصدنا حماك خاضعين ولجنابك منتسبين وبحبل جوارك متمسكين وبعز جاهك مستعزين وبنصرك السريع منتصرين فانصرنا وال‬
‫تنصر علينا يا خير الناصرين حاشا عهدك الوافي ونصرك الكافي أن تخذل من دخل تحت جوارك أو تطرد من وقف ببابك يا خير من سئل‬
‫ويا أكرم من أعطى أرحم عبد ال يملك لنفسه نفعا ً وال ضراً برحمتك يا أرحم الراحمين‬

‫‪ -‬قال بعضهم‪:‬‬
‫من أين للعبد ثبوت حال أو مقال وهو عين المقال في الحال ‪ ،‬ذرة جلة جالت على معناها فلم تبلغ منتهاها‬
‫( فالعبد عين قول كن في أسرع حال‪ ،‬وهو ذرة صغيرة في الحس عظيمة في المعنى جالت بفكرها في إدراك معناها فلم تبلغ منتهاها)‬
‫فو هللا ما بلغ العبد شفعية معناه فأنى به وترية معناه‬
‫(وشفعية معنى العبد هي بشريته الظاهرة ألنها محل العبودية التي هي شفع باعتبار الربوبية ووترية معناه هي روحانيتة ألنها واحدة)‬
‫جوهرة رامت فالحت وأومضت فغمضت وسكنت فتمكنت فبرزت من قعر بحر الغيب‬
‫(الجوهرة هي الروح قصدت الظهور فظهرت في هذا القالب البشرى وأشرقت أنوارها على ذلك القالب فإستترت وانحجبت فلم يعلمها إال من أوجدها ونفخها وسكنت في‬
‫قفصها فتمكنت فيه‪ ،‬ثم أشار إلى أصل بروزها من بحر الجبروت)‬
‫فغار منها القدر فأجناها في سواد عينها خيفة أن تنال أو تسم أو تعرف فال كيف لها وال أين والرحم والعين وال وصل وال بين‬
‫( فلما برزت إلى عالم التكوين عالمة بأسرار الغيب وهي أسرار الملك غار منها القدر وخاف عليها أن تفشيي أسرار الملك فحجبها عن تلك األسرار خيفة أن تنال تلك‬
‫األسرار أو تظهر أو تعرف فال كيف للروح وال مكان وال رحم لها بل هي درة يتيمة وال عين لها تعرف وال وصل لها شيء وال قطع لها عن شيء وال قطع لها عن‬
‫شيء جل ربنا أن يتصل به شيء أو يتصل هو بشيء وهللا أعلم)‬

‫‪ -‬وكان بعض الوالهين يقول في بعض مناجاته إلهي لو أردت إهانتي ما وفقتني لطاعتك ولو أردت فضيحتي ما سترتني عند مخالفتك إلهي‬
‫لوال ذنوبي ما خفت العذاب ولوال كرمك ما رجوت الثواب‬

‫‪ -‬وفي الحكمة مكتوب من استحيي من هللا وهو مطيع استحيي هللا منه وهو مذنب وسئل الجنيد عن الحياء ما هو فقال شئ يتولد بين رؤية‬
‫النعماء ورؤية التقصير‬

‫‪ -‬أقبح الورع ‪ ..‬ماأدى ل ُمحرَّم‬

‫متفرقات من أقوال الشيخ أبو الحسن رضي هللا عنه‪:‬‬


‫‪ -‬اللهم أغننا بال سبب واجعلنا سبب الغنى ألوليائك وبرزخا ً بينهم وبين أعدائك وأغنني بفضلك حتى أستغني بك عن طلبي فالسعيد حقا ً من‬
‫أغنيته عن السؤال منك‬
‫‪ -‬اللهم ال نسألك دفع ما تريد ولكن نسألك التأييد بروح من عندك فيما تزيد كما أيدت أنبيائك ورسلك وخاصة الصديقين‬
‫‪ -‬اللهم إن حسناتي من عطائك وسيئاتي من قضائك فجد اللهم بما أعطيت على ما به قضيت حتى تمحو ذلك بذلك‬
‫‪-‬ال لمن أطاعك فيما أطاعك فيه الشكر وال لمن عصاك فيما عصاك فيه العذر (ال يسئل عما يفعل وهم يسئلون)‬
‫‪ -‬اللهم لوال عطاؤك لكنت من الهالكين ولوال قضائك لكنت من الفائزين وأنت أجل واعظم وأعز وأكرم من أن تطاع إال برضاك أو أن‬
‫تعصى اال بقضائك‪ ،‬ما أطعتك حتى رضيت وال عصيتك حتى قضيت أطعتك بارادتك ولك المنة على وعصيتك بقدرتك ولك الحجة على‬
‫فبثبوت حجتك وإنقطاع حجتي إال ما رحمتني وبفقري إليك وغناك عني إال ما كفيتني‬
‫‪ -‬كيف يعرف بالمعارف من به عرفت المعارف‪ ،‬أم كيف يعرف بشئ من سبق وجوده كل شئ‬
‫‪ -‬إذا أردت التي ال لوم فيها‪ ،‬فليكن الجمع في باطنك مشهود والفرق على لسانك موجود‬
‫‪ -‬قليل العمل مع شهود المنة من هللا‪ ،‬خير من كثير العمل مع رؤية التقصير من النفس‬
‫‪ -‬وسأله شيخه عبد السالم بن مشيش رضي هللا عنه‪ :‬يا أبا الحسن بم تلقي هللا قال بفقري قال له وهللا لئن لقيت هللا بفقرك لتلقاه بالصنم‬
‫األعظم هال لقيته به وكأنه دله على الزوال عن نفسه وعن كل ما ينسب إليها من فقر وغيره‬
‫‪ -‬وحكى عن الحق تعالى‪ :‬عبدي إجعلني مكان همك‪ ،‬أكفك كل همك‪ ..‬عبدي ماكنت بك فأنت في محل البعد وماكنت بي فأنت في محل القرب‬
‫وإختر لنفسك‬
‫‪ -‬فإن أتيت بهاتين الخصلتين‪ :‬اإلعراض عن الناس والزهد في الدنيا فأقِم مع هللا بالمراقبة‪ ،‬ومالزمة التوبة بالرعاية واالستغفار واإلنابة‪،‬‬
‫والخضوع لألحكام باالستقامة‪ ،‬وتفسير هذه الوجوه األربعة‪ :‬أن تقوم عبداً هلل فيما تأتي وما ت َذر‪ ،‬وتراقب قلبك أن ال يَ َرى َق ْلبُك في المملكة‬
‫شيئا لغيره‪ ،‬فإذا أتيت بهذا نادتك هواتفُ الحق من أنوار الع َّزة‪ :‬إنك قد َع ِميتَ عن طريق الرشد! من أين لك القيام مع هللا تعالى بالمراقبة‬
‫وأنت تسمع قوله عز وجل‪َ ﴿ :‬و َكانَ هَّللا ُ َعلَى ُك ِّل ش َْي ٍء َّرقِيباً﴾‪ ،2 .1‬فهناك يدر ُكك من الحياء ما يحملك على التوبة مما ظننت أنه قريب‪،‬‬
‫فالتزم التوبة بالرعاية لقلبك وال تشهد ذلك منك بحال فتعود إلى ما خرجت منه‪ ،‬فإن صحت هذه منك نادتك الهواتف أ ْيضا من قِبَل الحق‬
‫تعالى‪ :‬التوبة منه بدأت‪ ،‬واإلنابة منه تتبعها‪ ،‬واشتغالك بما هو وصف لك حجاب عن مرادك! فهناك تنظر أوصافك [النفسية]‪ ،‬فتستعيذ باهلل‬
‫ستر من أوصافك بالرجوع إلى أوصافه‪ ،‬حينها يناديك عن قريب [بإلهام أو وحي منام‬ ‫منها‪ .‬وتأخذ في االستغفار واإلنابة‪ .‬واالستغفار طلب ال ِّ‬
‫أو قرينة حال أو غير ذلك]‪ :‬اخضع ألحكامي و َد ْع عنك منازعتي واستقم مع إرادتي برفض إرادتك‪ ،‬وإنما هي ربوبيَّة تولَّت عبوديّةً وكن‬
‫عبدا مملوكا ً ال يقدر على شيء فمتى رأيت منك قدرة وك ْلتُك إليها‪ .‬وأنا بكل شيء عليم‪.‬‬
‫‪ -‬كل شيخ لم تصل إليك به الفوائد من وراء حجاب فليس بشيخ‬
‫‪ -‬التذمن أحد إال بما ذمه هللا‪ ،‬والتمدحن احدا إال بما مدحه هللا وإال فأمسك‬
‫‪ -‬فرق األصنام عن قلبك وأزح من الدنيا بدنك‪ ،‬ثم كن كيف شئت فإن هللا لن يدعك‬
‫‪ -‬إن هللا تعالى ليعجب من عبد يجتهد في صرف ماهو مصروف عنه ودفع ما البد له منه فإعمل هلل باليقين‬
‫‪ -‬عمى البصيرة في ثالث‪ :‬إرسال الجوارح في المعاصي‪ ،‬والتصنع بالطاعة‪ ،‬والطمع في الناس‬
‫‪-‬عند المصيبة‪ :‬اللهم إغفر لي سيئها وماكان من توابعها وماإتصل بها وماهو محشو فيها وكل شىء كان قبلها ومايكون بعدها‬
‫‪ -‬إنف المنافع والمضار عنهم وإشهدها مني فيهم‪ ،‬وكل خوف يردك إلى هللا رد الرضا محمود‬
‫‪ -‬من رجى غير هللا وإستنصر بغيره يئس من هللا أن ينصره فقد ساء ظنه باهلل‬
‫‪ -‬إجعل التقوى وطنك ‪ ..‬ثم اليضرك مرح النفس‪ ،‬مالم ترض بالعيب أو تُصر على الذنب أو تسقط منك خشية هللا تعالى بالغيب‬
‫‪ -‬عن شيخه إبن مشيش رضي هللا عنه‪ :‬التتهم هللا في شىء‪ ،‬والتؤثر نفسك على هللا في شىء‪ ،‬وخف من هللا خوفا تأمن به من كل شىء‬

You might also like