You are on page 1of 86

‫متن مجع اجلوامع‬

‫التاج السبكي ت‪777‬هـ‬

‫نصه‬
‫ض َبط ّ‬
‫األستاذ املساعد الدكتور‬
‫عراك جرب شالل‬

‫~‪~0‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم عىل أرشف األنبياء واملرسلني‪ ،‬وعىل آله وصحبه‬
‫أمجعني‪ ،‬والتابعني هلم بإحسان إىل يوم الدين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فهذا متن (مجع اجلوامع) للتاج السبكي ت‪777‬هـ رمحه اهلل‪ ،‬وهو من أهم املتون يف علم‬
‫أصول الفقه‪ ،‬وملا بحثت عن نسخة مطبوعة له‪ ،‬بدون رشح‪ ،‬مل أجد نسخ ًة تروي الغليل‪ ،‬إذ‬
‫غالبها كثر فيه التصحيف والتحريف‪ ،‬اللهم اال الرشوح املطولة‪ ،‬التي ال تتناسب مع كتيب‬
‫املهم أن أق ّيد هذا املتن بطريقة خالية من املقدمات والفهارس‪،‬‬
‫صغري احلجم‪ ،‬فرأيت من ّ‬
‫ليسهل حفظه‪ ،‬ومراجعته‪ ،‬وقد توخيت فيه الضبط بالشكل‪ ،‬ووضع عالمات الفواصل‪،‬‬
‫والتنقيط‪ ،‬واحلركات اإلعرابية‪ ،‬فقد رأيت الكثري من األخطاء الطباعية‪ ،‬يف مشواري يف‬
‫إعداد هذه النسخة‪ ،‬ومل خيل رشح مطول أو خمترص منها‪ ،‬وبعض األشياء قد غريت املعنى‪،‬‬
‫وجعلت َف هم كالم املصنف غري يسري‪ ،‬وإذا كانت املتون تتسم بالصعوبة بسبب االختصار‬
‫وضغط الكالم‪ ،‬فام بالك إذا انضم مع ذلك اخلطأ يف وضع مكان الفاصلة‪ ،‬أو احلركة‬
‫اإلعرابية‪ ،‬وكثرة اجلمل االعرتاضية‪ ،‬التي جتعل الفاصل طوي ً‬
‫ال بني بداية الكالم وهنايته‪،‬‬
‫ومزج بعض اجلمل ببعض‪ ،‬وقد تم تدارك ذلك كله يف هذه النسخة‪ ،‬ومن اجلدير بالذكر‬
‫اإلشارة إىل أنه تم حذف اخلامتة الكالمية ليكون املتن خمتص ًا بعلم أصول الفقه‪.‬‬
‫ول ذلك والقادر عليه‪.‬‬
‫أسال اهللَ تعاىل القبول‪ ،‬إنه ي‬
‫صيف ‪ 7441‬هـ ‪9172 -‬م‪.‬‬

‫~‪~1‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫ِ‬
‫بازديادها‪ ،‬ونصيل عىل نبيك حممد‬ ‫نحمدك اللهم عىل نِ َعم يؤذن احلمد‬
‫لرشادها‪ ،‬وعىل آله وصحبه ما قامت ال يطروس والسطور‪،‬‬‫ِ‬ ‫هادي األمة‬
‫ِ‬
‫وسوادها‪ ،‬ونْضع إليك يف منع املوانع‪ ،‬عن‬ ‫لعيون األلفاظ مقام ِ‬
‫بياضها‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫إكامل مجع اجلوامع‪ ،‬اآليت من فني األصول بالقواعد القواطع‪ ،‬البال ِغ من‬
‫ِ‬
‫الوارد من زهاء مائة‬ ‫اإلحاطة باألصلني مبلغَ ذوي ِ‬
‫اجلد والتشمري‪،‬‬
‫ِ‬
‫املحيط بزبدة ما يف رشحي عىل املخترص‬ ‫مصنف منه ً‬
‫ال يروي و َيمري‪،‬‬
‫ِ‬
‫وسبعة كتب‪.‬‬ ‫واملنهاج مع مزيد كثري‪ ،‬وينحرص يف مقدمات‬
‫الكالم يف املقدمات‬
‫ِ‬
‫الفقه اإلمجالية‪ ،‬وقيل‪ :‬معرفتها‪.‬‬ ‫أصول الفقه‪ :‬دالئل‬
‫واألصول‪ :‬العارف هبا وبطرق استفادهتا ومستفيدها‪.‬‬
‫والفقه‪ :‬العلم باألحكام الرشعية ال َع َملية املكتسب من أدلتها التفصيلية‪.‬‬
‫واحلكم‪ :‬خطاب اهلل املتعلق بفعل املكلف من حيث إنه مكلف‪.‬‬
‫حكم اال هلل‪.‬‬
‫َ‬ ‫ومن َثم‪ :‬ال‬
‫وصفة الكامل والنقص‪،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مالئمة الطبع ومنافرته‪،‬‬ ‫واحلسن والقبح بمعنى‬
‫ِ‬
‫للمعتزلة‪.‬‬ ‫رشعي‪ ،‬خالف ًا‬ ‫ال‬ ‫ِ‬
‫والعقاب آج ً‬ ‫ِ‬
‫ترتب الذم عاج ً‬
‫ال‬ ‫عقيل‪ ،‬وبمعنى‬
‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬
‫وشكر املنع ِم واجب بالرش ِع ال العقل‪.‬‬
‫حكم قبل الرشع‪ ،‬بل األمر موقوف إىل وروده‪.‬‬
‫َ‬ ‫وال‬

‫~‪~2‬‬
‫ِ‬
‫يقض فثالثها هلم‪ :‬الوقف عن احلظر‬ ‫َ‬
‫العقل‪ ،‬فإن مل‬ ‫وحكمت املعتزلة‬
‫واإلباحة‪.‬‬
‫ِ‬
‫املكره عىل الصحيح‪ ،‬ولو‬ ‫والصواب امتناع تكليف الغافل‪ ،‬وامللجأ‪ ،‬وكذا‬
‫نفسه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إليثاره َ‬ ‫عىل القتل‪ ،‬وإثم القاتل‬
‫ويتعلق األمر باملعدوم تعلق ًا معنوي ًا‪ ،‬خالفاً للمعتزلة‪.‬‬

‫اقتضاء جازم ًا فإجياب‪ ،‬أو َ‬


‫غري جازم فندب‪ ،‬أو‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫الفعل‬ ‫فإن اقتىض اخلطاب‬
‫َ‬
‫الرتك جازماً فتحريم‪ ،‬أو َ‬
‫غري جازم بنهي خمصوص فكراهة‪ ،‬أو بغري‬
‫التخيري فإباحة‪.‬‬
‫َ‬ ‫خمصوص فخالف األوىل‪ ،‬أو‬
‫وإن ورد سبب ًا ورشط ًا ومانع ًا وصحيحاً وفاسد ًا فوضع‪ ،‬وقد عرفت‬
‫حدودها‪.‬‬
‫لفظي‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫والفرض والواجب مرتادفان‪ ،‬خالف ًا أليب حنيفة‪ ،‬وهو‬
‫واملندوب واملستحب والتطوع والسنة‪ :‬مرتادفة‪ ،‬خالف ًا لبعض أصحابنا‪،‬‬
‫لفظي‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫وهو‬
‫وال جيب بالرشوع‪ ،‬خالف ًا أليب حنيفة‪ ،‬ووجوب إمتام احلج؛ ألن نفله‬
‫وغريمها‪.‬‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫وكفار‬ ‫ً‬
‫ة‬ ‫ني‬ ‫ه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كفرض‬
‫َ‬
‫والسبب‪ :‬ما يضاف احلكم إليه للتعلق به من حيث إ ّنه ّ‬
‫معرف أو غريه‪.‬‬
‫والرشط يأيت‪.‬‬

‫~‪~3‬‬
‫َ‬
‫نقيض احلكم‪،‬‬ ‫واملانع‪ :‬الوصف الوجودي الظاهر املنضبط املعرف‬
‫كاألبوة يف القصاص‪.‬‬
‫الرشع‪ ،‬وقيل‪ :‬يف العبادة إسقاط القضاء‪،‬‬
‫َ‬ ‫والصحة‪ :‬موافقة ذي الوجهني‬
‫وبصحة العقد ترتب ِ‬
‫أثره‪ ،‬والعبادة إجزاؤها‪ ،‬أي‪ :‬كفايتها يف سقوط‬
‫التعبد‪ ،‬وقيل‪ :‬إسقاط القضاء‪.‬‬
‫وخيتص اإلجزاء باملطلوب‪ ،‬وقيل‪ :‬بالواجب‪.‬‬
‫ويقابلها البطالن وهو الفساد‪ ،‬خالف ًا أليب حنيفة‪.‬‬
‫ِ‬
‫خروجه‪ ،‬واملؤدى‪ :‬ما‬ ‫ِ‬
‫بعض ‪-‬وقيل كل‪ -‬ما دخل وقته قبل‬ ‫واألداء‪ :‬فعل‬
‫فعل‪.‬‬
‫والوقت‪ :‬الزمان املقدّ ر له رشع ًا مطلق ًا‪.‬‬
‫ِ‬
‫بعض‪ -‬ما خرج وقت أدائه استدراك ًا ملا سبق‬ ‫والقضاء‪ :‬فعل كل ‪-‬وقيل‬
‫واملقض‪ :‬املفعول‪.‬‬
‫ي‬ ‫له‪ ،‬مقتض للفعل مطلق ًا‪،‬‬
‫واإلعادة‪ :‬فعله يف وقت األداء‪ ،‬قيل‪ :‬خللل‪ ،‬وقيل‪ :‬لعذر‪ ،‬فالصالة املكررة‬
‫معادة‪.‬‬
‫واحلكم الرشعي إن تغري إىل سهولة لعذر مع قيام السبب للحكم األصيل‬
‫ِ‬
‫وفطر مسافر ال جيهده الصوم‪،‬‬ ‫فرخصة‪ ،‬كأكل امليتة والقرص والس َلم‬
‫واجب ًا ومندوب ًا ومباح ًا‪ ،‬وخالف ًا لألوىل‪ ،‬وإال فعزيمة‪.‬‬
‫والدليل‪ :‬ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إىل مطلوب خربي‪.‬‬

‫~‪~4‬‬
‫واختلف أئمتنا هل العلم عقيبه مكتسب؟‬
‫واحلد‪ :‬اجلامع املانع‪ ،‬ويقال‪ :‬املطرد املنعكس‪.‬‬
‫والكالم يف األزل قيل‪ :‬ال يسمى خطاب ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬ال يتنوع‪.‬‬
‫والنظر‪ :‬الفكر املؤدي إىل علم أو ظن‪.‬‬
‫واإلدراك بال حكم تصور‪ ،‬وبحكم تصديق‪ ،‬وجازمه الذي ال يقبل التغري‬
‫علم‪ ،‬والقابل اعتقاد‪ ،‬صحيح إن طابق‪ ،‬فاسد إن مل يطابق‪ ،‬وغري اجلازم‬
‫ٌّ‬
‫وشك‪ ،‬ألنه إما راجح‪ ،‬أو مرجوح‪ ،‬أو مساو‪.‬‬ ‫ووهم‬
‫ٌّ‬ ‫ظن‬
‫ٌّ‬
‫والعلم‪ :‬قال اإلمام‪ :‬رضوري‪ ،‬ثم قال‪ :‬هو حكم الذهن اجلازم املطابق‬
‫ملوجب‪ ،‬وقيل‪ :‬هو رضوري فال ُيد‪ ،‬وقال إمام احلرمني‪َ :‬ع ِس‪ ،‬فالرأي‬
‫ِ‬

‫اإلمساك عن تعريفه‪.‬‬
‫ثم قال املحققون‪ :‬ال يتفاوت‪ ،‬وإنام التفاوت بكثرة املتعلقات‪.‬‬
‫ِ‬
‫خالف هيئته‪.‬‬ ‫واجلهل‪ :‬انتفاء العلم باملقصود‪ ،‬وقيل‪ :‬تصور املعلوم عىل‬
‫والسهو‪ :‬الذهول عن املعلوم‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬احلسن‪ :‬املأذون واجب ًا ومندوب ًا ومباح ًا‪ ،‬قيل‪ :‬وفعل غري املكلف‪.‬‬
‫املنهي ولو بالعموم‪ ،‬فدخل خالف األَوىل‪ ،‬وقال إمام احلرمني‪:‬‬
‫ي‬ ‫والقبيح‪:‬‬
‫ليس املكروه قبيح ًا وال حسن ًا‪.‬‬

‫~‪~5‬‬
‫مسألة‪ :‬جائز الرتك ليس بواجب‪ ،‬وقال أكثر الفقهاء‪ :‬جيب الصوم عىل‬
‫احلائض واملريض واملسافر‪ ،‬وقيل‪ :‬املسافر دوهنام‪ ،‬وقال اإلمام‪ :‬عليه أحد‬
‫لفظي‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫الشهرين‪ ،‬واخللف‬
‫ويف كون املندوب مأمور ًا به خالف‪ ،‬واألصح ليس مكلفاً به‪ ،‬وكذا‬
‫املباح‪ ،‬ومن َثم كان التكليف إلزام ما فيه كلفة‪ ،‬ال طل َبه‪ ،‬خالف ًا للقايض‪.‬‬
‫أن املباح ليس بجنس للواجب‪ ،‬وأنه غري مأمور به من حيث هو‪،‬‬
‫واألصح ّ‬
‫لفظي‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫واخللف‬
‫وأن اإلباحة حكم رشعي‪ ،‬وأن الوجوب إذا نسخ بقي اجلواز‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫اإلباحة‪ ،‬وقيل‪ :‬االستحباب‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬األمر بواحد من أشياء يوجب واحد ًا ال بعينه‪ ،‬وقيل‪ :‬الكل‬

‫ويسقط بواحد‪ ،‬وقيل‪ :‬الواجب معني فإن َف َع َل َ‬


‫غريه سقط‪ ،‬وقيل‪ :‬هو ما‬
‫خيتاره املكلف‪ .‬فإن فعل الكل‪ :‬فقيل الواجب أعالها‪ ،‬وإن تركها‪ :‬فقيل‬
‫يعاقب عىل أدناها‪.‬‬
‫كاملخري‪ ،‬وقيل مل ترد‬
‫ّ‬ ‫وجيوز حتريم واحد ال بعينه‪ ،‬خالف ًا للمعتزلة‪ ،‬وهي‬
‫به اللغة‪.‬‬
‫قصد حصوله من غري نظر بالذات إىل فاعله‪،‬‬
‫مسألة‪ :‬فرض الكفاية مهم‪ ،‬ي َ‬
‫َ‬
‫أفضل من العني‪ ،‬وهو عىل البعض‬ ‫وزعمه األستاذ وإمام احلرمني وأبوه‬
‫وفاق ًا لإلمام‪ ،‬ال الكل خالف ًا للشيخ اإلمام واجلمهور‪.‬‬

‫~‪~6‬‬
‫معني عند اهلل‪ ،‬وقيل‪ :‬هو من قام به‪.‬‬
‫واملختار البعض مبهم‪ ،‬وقيل‪ّ :‬‬
‫ويتعني بالرشوع عىل األصح‪ ،‬وسنة الكفاية كفرضها‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬األكثر أن مجيع وقت الظهر جواز ًا‪ ،‬ونحوه وقت ألدائه‪ ،‬و ال جيب‬
‫املؤخر العزم عىل االمتثال‪ ،‬خالف ًا لقوم‪ ،‬وقيل‪ :‬األول فإن أ ّخر‬
‫ّ‬ ‫عىل‬
‫فقضاء‪ ،‬وقيل‪ِ :‬‬
‫اآلخر فإن قدّ م فتعجيل‪ ،‬واحلنفية‪ :‬ما اتصل به األداء من‬
‫الوقت ّ‬
‫وإال فاآلخر‪ ،‬والكرخي‪ :‬إن قدم وقع واجب ًا برشط بقائه مكلف ًا‪.‬‬
‫ظن املوت عىص‪ ،‬فإن عاش وفع َله فاجلمهور‪ :‬أداء‪،‬‬
‫ومن أ ّخر مع ّ‬
‫والقاضيان أبو بكر واحلسني‪ :‬قضاء‪ ،‬ومن أ ّخر مع ظن السالمة فالصحيح‬
‫ال يعيص‪ ،‬بخالف ما وقته العمر كاحلج‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬املقدور الذي ال يتم الواجب املطلق إال به واجب‪ ،‬وفاق ًا لألكثر‪،‬‬
‫وثالثها‪ :‬إن كان سبباً كالنار لإلحراق‪ ،‬وقال إمام احلرمني‪ :‬إن كان رشطاً‬
‫رشعي ًا ال عقلي ًا أو عادي ًا‪ ،‬فلو تعذر ترك املحرم إال برتك غريه وجب‪ ،‬أو‬
‫اختلطت منكوحة بأجنبية حرمتا‪ ،‬أو ط ّلق معينة ثم نسيها‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬مطلق األمر ال يتناول املكروه‪ ،‬خالف ًا للحنفية‪ ،‬فال تصح الصالة يف‬
‫األوقات املكروهة‪ ،‬وإن كانت كراه َة تنزيه عىل الصحيح‪.‬‬
‫أما الواحد بالشخص له جهتان كالصالة يف املغصوب‪ ،‬فاجلمهور‪ :‬تصح‬
‫وال يثاب‪ ،‬وقيل‪ :‬يثاب‪ ،‬والقايض واإلمام‪ :‬ال تصح ويسقط الطلب‬
‫َ‬
‫سقوط‪.‬‬ ‫عندمها‪ ،‬وأمحد‪ :‬ال صح َة وال‬

‫~‪~7‬‬
‫واخلارج من املغصوب تائب ًا آت بواجب‪ ،‬وقال أبو هاشم‪ :‬بحرام‪ ،‬وقال‬
‫إمام احلرمني‪ :‬هو مرتبك يف املعصية‪ ،‬مع انقطاع تكليف النهي عنه‪ ،‬وهو‬
‫دقيق‪.‬‬
‫والساقط عىل جريح يقتله إن استمر‪ ،‬وك َ‬
‫فأه ان مل يستمر‪ ،‬قيل‪ :‬يستمر‪،‬‬
‫حكم فيه‪ ،‬وتوقف الغزال‪.‬‬
‫َ‬ ‫وقيل‪ :‬يتخري‪ ،‬وقال إمام احلرمني‪ :‬ال‬
‫مسألة‪ :‬جيوز التكليف باملحال مطلق ًا‪ ،‬ومنع أكثر املعتزلة والشيخ أبو‬
‫حامد والغزال وابن دقيق العيد‪ :‬ما ليس ممتنع ًا‪ ،‬لتعلق العلم بعدم وقوعه‪،‬‬
‫َ‬
‫املحال لذاته‪ ،‬وإمام احلرمني‪ :‬كونه مطلوب ًا‪ ،‬ال‬ ‫ومعتزلة بغداد واآلمدي‪:‬‬
‫ورود صيغة الطلب‪ ،‬واحلق وقوع املمتنع بالغري ال بالذات‪.‬‬
‫أن حصول الرشط الرشعي ليس رشط ًا يف صحة التكليف‪،‬‬
‫مسألة‪ :‬األكثر ّ‬
‫وهي مفروضة يف تكليف الكافر بالفروع‪ ،‬والصحيح وقوعه‪ ،‬خالف ًا أليب‬
‫وآلخرين‬
‫َ‬ ‫حامد االسفراييني وأكثر احلنفية مطلق ًا‪ ،‬ولقوم يف األوامر فقط‪،‬‬
‫فيمن عدا املرتد‪.‬‬
‫قال الشيخ اإلمام‪ :‬واخلالف يف خطاب التكليف وما يرجع إليه من‬
‫ِ‬
‫وترتب آثار العقود‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واجلنايات‬ ‫ِ‬
‫االتالف‬ ‫الوضع‪ ،‬ال‬
‫ي‬
‫الكف‪ ،‬أي االنتهاء‪،‬‬ ‫َ‬
‫تكليف إال بفعل‪ ،‬فاملكلف به يف النهي‬ ‫مسألة‪ :‬ال‬
‫وفاق ًا للشيخ اإلمام‪ ،‬وقيل‪ :‬فعل الضد‪ ،‬وقال قوم‪ :‬االنتفاء‪ ،‬وقيل‪ :‬يشرتط‬
‫قصد الرتك‪.‬‬

‫~‪~8‬‬
‫واألمر عند اجلمهور يتعلق بالفعل قبل املبارشة بعد دخول وقته إلزام ًا‪،‬‬
‫وقبله إعالم ًا‪ ،‬و األكثر‪ :‬يستمر حال املبارشة‪ ،‬وقال إمام احلرمني والغزال‪:‬‬
‫ينقطع‪ ،‬وقال قوم‪ :‬ال يتوجه إال عند املبارشة‪ ،‬وهو التحقيق‪ ،‬فاملَالم قبلها‬
‫عىل التلبس بالكف املنهي‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬يصح التكليف ‪-‬ويوجد معلوم ًا للمأمور إث َره‪ -‬مع علم اآلمر ‪-‬‬
‫ِ‬
‫وقوعه عند وقته‪ ،‬كأمر رجل بصو ِم‬ ‫ِ‬
‫رشط‬ ‫انتفاء‬ ‫ِ‬
‫املأمور يف األظهر‪-‬‬ ‫وكذا‬
‫َ‬
‫يوم علِم موته قبله‪ ،‬خالف ًا إلمام احلرمني واملعتزلة‪ ،‬أما مع جهل اآلمر‬
‫فاتفاق‪.‬‬
‫خامتة‪ :‬احلكم قد يتعلق بأمرين عىل الرتتيب‪ ،‬فيحرم اجلمع أو يباح أو‬
‫ي َس ين‪ ،‬وعىل البدل كذلك‪.‬‬

‫~‪~9‬‬
‫الكتاب األول‪ :‬يف الكتاب ومباحث األقوال‬
‫واملعني به هنا اللفظ املنزّل عىل حممد صىل اهلل عليه وسلم‬
‫ي‬ ‫الكتاب‪ :‬القرآن‪،‬‬
‫لإلعجاز بسورة منه املتع ّبد بتالوته‪ .‬ومنه البسملة أول كل سورة‪ ،‬غري‬
‫براء َة عىل الصحيح‪ ،‬ال ما نقل آحاد ًا عىل األصح‪.‬‬
‫والسبع متواترة‪ ،‬قيل‪ :‬فيام ليس من قبيل األداء‪ ،‬كاملد واإلمالة وختفيف‬
‫اهلمزة‪ ،‬قال أبو شامة‪ :‬واأللفاظ املختلف فيها بني القراء‪.‬‬
‫وال جتوز القراءة بالشاذ‪ ،‬والصحيح أنه ما وراء العرشة‪ ،‬وفاق ًا للبغوي‬
‫والشيخ اإلمام‪ ،‬وقيل‪ :‬ما وراء السبعة‪ ،‬أما إجراؤه جمرى اآلحاد فهو‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫وال جيوز ورود ما المعنى له يف الكتاب والسنة‪ ،‬خالف ًا للحشوية‪ ،‬وال ما‬
‫يعنى به غري ظاهره إال بدليل‪ ،‬خالف ًا للمرجئة‪.‬‬
‫ويف بقاء جممل غري مبني‪ ،‬ثالثها‪ :‬األصح ال يبقى املكلف بمعرفته‪.‬‬
‫واحلق‪ :‬أن األدلة النقلية قد تفيد اليقني بانضامم تواتر‪ ،‬أو غريه‪.‬‬
‫املنطوق واملفهوم‬
‫املنطوق‪ :‬ما دل عليه اللفظ يف حمل النطق‪ .‬وهو نص إن أفاد معنى ال‬
‫ُيتمل غريه كزيد‪ ،‬ظاهر إن احتمل مرجوح ًا كاألسد‪.‬‬
‫واللفظ إن دل جزؤه عىل جزء املعنى فمركب‪ ،‬وإال فمفرد‪.‬‬

‫~ ‪~ 10‬‬
‫ِ‬
‫اللفظ عىل معناه مطابقة‪ ،‬وعىل جزئه تضمن‪ ،‬والزمه الذهني‬ ‫وداللة‬
‫التزام‪.‬‬
‫واألوىل لفظية‪ ،‬والثنتان عقليتان‪.‬‬
‫ثم املنطوق إن توقف الصدق أو الصحة عىل إضامر فداللة اقتضاء‪ ،‬وإن مل‬
‫قصد فداللة إشارة‪.‬‬
‫يتوقف ودل عىل ما مل ي َ‬
‫واملفهوم‪ :‬ما دل عليه اللفظ ال يف حمل النطق‪.‬‬
‫املنطوق فموافقة‪ ،‬فحوى اخلطاب إن كان َأوىل‪ ،‬وحلنه إن‬
‫َ‬ ‫فإن وافق حكمه‬
‫كان مساوي ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬ال يكون مساوي ًا‪.‬‬
‫ثم قال الشافعي واإلمامان‪ :‬داللته قياسية‪ ،‬وقيل‪ :‬لفظية‪ ،‬فقال الغزال‬
‫واآلمدي‪ :‬فهمت من السياق والقرائن‪ ،‬وهي جمازية من إطالق األخص‬
‫عىل األعم‪ ،‬وقيل‪ :‬نقل اللفظ هلا عرف ًا‪.‬‬
‫وإن خالف فمخالفة‪ ،‬ورشطه‪ :‬أن ال يكون املسكوت ترك خلوف ونحوه‪،‬‬
‫وال يكون املذكور خرج للغالب‪ ،‬خالف ًا إلمام احلرمني‪ ،‬أو لسؤال أو‬
‫حادثة أو للجهل بحكمه‪ ،‬أو غريه مما يقتض التخصيص بالذكر‪.‬‬
‫يعمه املعروض‪ ،‬وقيل‪ :‬ال‬
‫قياس املسكوت باملنطوق‪ ،‬بل قيل‪ :‬ي‬
‫وال يمنع َ‬
‫يعمه إمجاع ًا‪.‬‬
‫ّ‬
‫وهو صفة كالغنم السائمة أو سائمة الغنم‪ ،‬ال جمرد السائمة عىل األظهر‪،‬‬
‫ِ‬
‫مطلق السوائمِ؟ قوالن‪.‬‬ ‫وهل املنفي غري سائمتها أو غري‬

‫~ ‪~ 11‬‬
‫ومنها‪ :‬العلة‪ ،‬والظرف‪ ،‬واحلال‪ ،‬والعدد‪ ،‬ورشط‪ ،‬وغاية‪ ،‬وإنام‪ ،‬ومثل‪ :‬ال‬
‫عامل إال زيد‪ ،‬وفصل املبتدأ من اخلرب بضمري الفصل‪ ،‬وتقديم املعمول‪.‬‬
‫وأعاله ‪ :‬ال عامل إال زيد‪ ،‬ثم ما قيل أنه منطوق باإلشارة‪ ،‬ثم غريه‪.‬‬
‫معنى‪.‬‬
‫ً‬ ‫مسألة‪ :‬املفاهيم إال اللقب حجة‪ ،‬لغ ًة‪ ،‬وقيل‪ :‬رشع ًا‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫والصرييف وابن خويز َمنداد وبعض احلنابلة‪.‬‬
‫ي‬ ‫واحتج باللقب الدقاق‬
‫وأنكر أبو حنيفة‪ :‬الكل مطلق ًا‪ ،‬وقوم‪ :‬يف اخلرب‪ ،‬والشيخ اإلمام‪ :‬يف غري‬
‫الرشع‪ ،‬وامام احلرمني‪ :‬صف ًة ال تناسب احلكم‪ ،‬وقوم‪ :‬العد َد دون غريه‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬الغاية‪ ،‬قيل‪ :‬منطوق‪ ،‬واحلق‪ :‬مفهوم‪ ،‬ويتلوه الرشط‪ ،‬فالصفة‬
‫املناسبة‪ ،‬فمطلق الصفة ِ‬
‫غري العدد‪ ،‬فالعدد‪ ،‬فتقديم املعمول لدعوى‬
‫البيانيني إفادته االختصاص‪ ،‬وخالفهم ابن احلاجب وأبو ح ّيان‪.‬‬
‫واالختصاص‪ :‬احلرص‪ ،‬خالفاً للشيخ اإلمام حيث أثبته‪ ،‬وقال‪ :‬ليس هو‬
‫احلرص‪.‬‬
‫مسألة‪( :‬إنام) قال اآلمدي وأبو حيان‪ :‬ال تفيد احلرص‪ ،‬وأبو اسحق‬
‫الشريازي والغزال وإلكيا واإلمام الرازي‪ :‬تفيد َفه ًام‪ ،‬وقيل‪ :‬نطقاً‪.‬‬
‫األصح أن حرف أن فيها فرع املكسورة‪ ،‬ومن ثم ادعى الزخمرشي‬
‫ي‬ ‫وبالفتح‬
‫إفادهتا احلرص‪.‬‬

‫~ ‪~ 12‬‬
‫ليعرب عام يف الضمري‪،‬‬
‫مسألة‪ :‬من األلطاف حدوث املوضوعات اللغوية ّ‬
‫وهي األلفاظ الدالة عىل املعاين‪ ،‬وتعرف بالنقل‪ ،‬تواتر ًا أو آحاد ًا‪،‬‬
‫وباستنباط العقل من النقل‪ ،‬ال جمرد العقل‪.‬‬
‫ومدلول اللفظ إما معنى جزئي‪ ،‬أو كيل‪ ،‬أو لفظ مفرد مستعمل‪ ،‬كالكلمة‬
‫فهي قول مفرد‪ ،‬أو مهمل كأسامء حروف اهلجاء‪ ،‬أو مركب‪.‬‬
‫والوضع‪ :‬جعل اللفظ دلي ً‬
‫ال عىل املعنى‪.‬‬
‫وال يشرتط مناسبة اللفظ للمعنى‪ ،‬خالف ًا لع ّباد حيث أثبتها‪ ،‬فقيل‪ :‬بمعنى‬
‫أهنا حاملة عىل الوضع‪ ،‬وقيل‪ :‬بل كافية يف داللة اللفظ عىل املعنى‪.‬‬
‫واللفظ موضوع للمعنى اخلارجي ال الذهني‪ ،‬خالف ًا لإلمام‪ ،‬وقال الشيخ‬
‫اإلمام‪ :‬للمعنى من حيث هو‪.‬‬
‫وليس لكل معنى لفظ‪ ،‬بل كل معنى حمتاج إىل اللفظ‪.‬‬
‫واملحكم‪ :‬املتضح املعنى‪.‬‬
‫واملتشابه‪ :‬ما استأثر اهلل تعاىل بعلمه‪ ،‬وقد يطلِع عليه بعض أصفيائه‪.‬‬
‫قال اإلمام‪ :‬واللفظ الشائع ال جيوز أن يكون موضوع ًا ملعنى خفي إال عىل‬
‫اخلواص‪ ،‬كام يقول مثبتو احلال‪ :‬احلركة معنى يوجب حترك الذات‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬قال ابن فورك واجلمهور‪ :‬اللغات توفيقية‪ ،‬ع ّلمها اهلل تعاىل‬
‫بالوحي أو خلق األصوات أو العلم الْضوري‪ ،‬وعزي إىل األشعري‪.‬‬
‫وأكثر املعتزلة‪ :‬اصطالحية‪ ،‬حصل ِعرفاهنا باإلشارة والقرينة كالطفل‪،‬‬

‫~ ‪~ 13‬‬
‫واألستاذ‪ :‬القدر املحتاج يف التعريف توقيف وغريه حمتمل‪ ،‬وقيل‪ :‬عكسه‪،‬‬
‫وتوقف كثري‪ ،‬واملختار‪ :‬الوقف عن القطع‪ ،‬وأن التوقيف مظنون‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬قال القايض وإمام احلرمني والغزال واآلمدي‪ :‬ال تثبت اللغة‬
‫قياس ًا‪ ،‬وخالفهم ابن رسيج وابن أيب هريرة وأبو اسحق الشريازي‬
‫واإلمام‪ ،‬وقيل‪ :‬تثبت احلقيقة ال املجاز‪.‬‬
‫ولفظ القياس يغني عن قولك حمل اخلالف ما مل يثبت تعميمه باستقراء‪.‬‬
‫فجزئي‪ ،‬وإال‬
‫ٌّ‬ ‫مسألة‪ :‬اللفظ واملعنى إن احتدا‪ :‬فإن منع تصور معناه الرشكة‬
‫فكيل‪ ،‬متواطئ إن استوى‪ ،‬مشكك إن تفاوت‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫وإن تعددا‪ :‬فمتباين‪ .‬وإن احتد املعنى دون اللفظ فمرتادف‪ ،‬وعكسه إن‬
‫كان حقيقة فيهام فمشرتك‪ ،‬وإال فحقيقة وجماز‪.‬‬
‫التعني خارجي ًا فع َلم‬
‫ّ‬ ‫وال َع َلم‪ :‬ما وضع ملعني ال يتناول غريه‪ .‬فإن كان‬
‫الشخص‪ ،‬وإال فع َلم اجلنس‪ ،‬وإن وضع للامهية من حيث هي فاسم‬
‫اجلنس‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬االشتقاق ر ّد لفظ إىل آخر ولو جماز ًا ملناسبة بينهام يف املعنى‬
‫واحلروف األصلية‪.‬‬
‫وال بدّ من تغيري‪ .‬وقد يطرد كاسم الفاعل‪ ،‬وقد خيتص كالقارورة‪.‬‬
‫ومن مل يقم به وصف مل جيز أن يشتق له منه اسم‪ ،‬خالفاً للمعتزلة‪ ،‬ومن‬
‫بنائهم‪ :‬اتفاقهم عىل أن ابراهيم ذابح‪ ،‬واختالفهم هل اسامعيل مذبوح؟‬

‫~ ‪~ 14‬‬
‫فإن قام به ما له اسم وجب االشتقاق‪ ،‬أو ما ليس له اسم ‪-‬كأنواع‬
‫الروائح‪ -‬مل جيب‪.‬‬
‫واجلمهور عىل اشرتاط بقاء املشتق منه يف كون املشتق حقيقة إن أمكن‪،‬‬
‫وإال فآخر جزء‪ ،‬وثالثها‪ :‬الوقف‪.‬‬
‫ومن َثم كان اسم الفاعل حقيقة يف احلال‪ ،‬أي‪ :‬حال التلبس ال النطق‪،‬‬
‫َ‬
‫األول مل‬ ‫جودي يناقض‬
‫ٌّ‬ ‫خالف ًا للقرايف‪ ،‬وقيل‪ :‬إن طرأ عىل املحل وصف و‬
‫يسم باألول امجاع ًا‪.‬‬
‫وليس يف املشتق إشعار بخصوصية الذات‪.‬‬
‫ِ‬
‫وابن فارس مطلق ًا‪ ،‬ولإلمام يف‬ ‫لثعلب‬
‫َ‬ ‫مسألة‪ :‬املرتادف واقع‪ ،‬خالف ًا‬
‫األسامء الرشعية‪.‬‬
‫واحلد واملحدود‪ ،‬ونحو‪َ :‬ح َسن َب َسن‪ ،‬غري مرتادفني عىل األصح‪.‬‬
‫واحلق إفادة التابع التقوية‪ ،‬ووقوع كل من الرديفني مكان اآلخر إن مل يكن‬
‫تعبد بلفظه‪ ،‬خالف ًا لإلمام مطلق ًا‪ ،‬وللبيضاوي واهلندي إذا كانا من لغتني‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬املشرتك واقع‪ ،‬خالف ًا لثعلب واألهبري والبلخي مطلق ًا‪ ،‬ولقوم يف‬
‫واحلديث‪ ،‬وقيل‪ :‬واجب الوقوع‪ ،‬وقيل‪ :‬ممتنع‪ ،‬وقال‬ ‫ِ‬ ‫القرآن‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫اإلمام‪ :‬ممتنع بني النقيضني فقط‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬املشرتك يصح إطالقه عىل معنييه مع ًا جماز ًا‪ ،‬وعن الشافعي‬
‫والقايض واملعتزلة حقيق ًة‪ ،‬زاد الشافعي‪ :‬وظاهر فيهام عند التجرد عن‬

‫~ ‪~ 15‬‬
‫القرائن فيحمل عليهام‪ ،‬وعن القايض‪ُ :‬يمل ولكن ُيمل عليهام احتياط ًا‪،‬‬
‫وقال أبو احلسني والغزال‪ :‬يصح أن يراد ال أنه لغة‪ ،‬وقيل‪ :‬جيوز يف النفي‬
‫ال االثبات‪ .‬واألكثر عىل أن مجعه باعتبار معنييه إن ساغ ذلك مبني عليه‪.‬‬
‫ويف احلقيقة واملجاز اخلالف‪ ،‬خالف ًا للقايض‪ ،‬ومن ثم عم نحو‪( :‬وافعلوا‬
‫واملندوب‪ ،‬خالف ًا ملن خصه بالواجب‪ ،‬ومن قال‪ :‬للقدر‬
‫َ‬ ‫الواجب‬
‫َ‬ ‫اخلري)‬
‫َ‬
‫املشرتك‪ ،‬وكذا‪ :‬املجازان‪.‬‬
‫احلقيقة واملجاز‬
‫مسألة‪ :‬احلقيقة لفظ مستعمل فيام وضع له ابتداء‪.‬‬
‫وهي لغوية وعرفية ورشعية‪.‬‬
‫مكان الرشعية‪ ،‬والقايض وابن القشريي‪:‬‬
‫ووقع األوليان‪ ،‬ونفى قوم إ َ‬
‫وقو َعها‪ ،‬وقال قوم‪ :‬وقعت مطلق ًا‪ ،‬وقوم‪ :‬إال اإل َ‬
‫يامن‪ ،‬وتوقف اآلمدي‪،‬‬
‫واملختار وفاقاً أليب اسحق الشريازي واإلمامني وابن احلاجب‪ :‬وقوع‬
‫الفرعية ال الدينية‪.‬‬
‫ومعنى الرشعي‪ :‬ما مل يستفد اسمه إال من الرشع‪ ،‬وقد يطلق عىل املندوب‬
‫واملباح‪.‬‬
‫واملجاز‪ :‬اللفظ املستعمل بوضع ثان لعالقة‪.‬‬
‫ِ‬
‫االستعامل‪ ،‬وهو املختار‪ ،‬قيل‪:‬‬ ‫فعلم وجوب ِ‬
‫سبق الوضع‪ ،‬وهو اتفاق‪ ،‬ال‬
‫مطلق ًا‪ ،‬واألصح‪ :‬ملا عدا املصدر‪.‬‬

‫~ ‪~ 16‬‬
‫وهو واقع‪ ،‬خالف ًا لألستاذ والفاريس مطلق ًا‪ ،‬وللظاهرية يف الكتاب‬
‫والسنة‪.‬‬
‫وإنام يعدل إليه لثقل احلقيقة‪ ،‬أو بشاعتها‪ ،‬أو جهلها‪ ،‬أو بالغته‪ ،‬أو‬
‫شهرته‪ ،‬أو غري ذلك‪.‬‬
‫عتمد ًا حيث تستحيل‬
‫وليس غالب ًا عىل اللغات‪ ،‬خالف ًا البن جني‪ ،‬وال م َ‬
‫احلقيقة‪ ،‬خالف ًا أليب حنيفة‪.‬‬
‫خالف األصل‪ ،‬وأوىل من االشرتاك‪ ،‬قيل‪ :‬ومن اإلضامر‪،‬‬
‫َ‬ ‫وهو والنقل‬
‫والتخصيص أوىل منهام‪.‬‬
‫وقد يكون بالشكل‪ ،‬أو صفة ظاهرة‪ ،‬أو باعتبار ما يكون قطع ًا أو ظنا ال‬
‫احتامالً‪ ،‬وبالضد‪ ،‬واملجاورة‪ ،‬والزيادة‪ ،‬والنقصان‪ ،‬والسبب للمسبب‪،‬‬
‫والكل للبعض‪ ،‬واملتعلق للمتعلق‪ ،‬وبالعكوس‪ ،‬وما بالفعل عىل ما‬
‫بالقوة‪.‬‬
‫وقد يكون يف اإلسناد‪ ،‬خالف ًا لقوم‪.‬‬
‫ويف األفعال واحلروف‪ ،‬وفاق ًا البن عبد السالم والنقشواين‪ ،‬ومنع اإلمام‬
‫َ‬
‫والفعل واملشتق إال بالتبع‪.‬‬ ‫احلرف مطلق ًا‪،‬‬
‫وال يكون يف األعالم‪ ،‬خالف ًا للغزال يف متلمح الصفة‪.‬‬

‫~ ‪~ 17‬‬
‫ِ‬
‫وصحة النفي‪ ،‬وعد ِم وجوب‬ ‫ويعرف بتبادر غريه إىل الفهم لو ال القرينة‪،‬‬
‫وتوقف ِه عىل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تقييده‬ ‫ومجعه عىل خالف مجع احلقيقة‪ ،‬وبالتزام‬ ‫ِ‬ ‫االطراد‪،‬‬
‫ِ‬
‫واالطالق عىل املستحيل‪.‬‬ ‫املسمى اآلخر‪،‬‬
‫واملختار اشرتاط السمع يف نوع املجاز‪ ،‬وتوقف اآلمدي‪.‬‬
‫املعرب لفظ غري ع َلم‪ ،‬استعملته العرب يف معنى وضع له‪ ،‬يف غري‬
‫مسألة‪ّ :‬‬
‫لغتهم‪ ،‬وليس يف القرآن‪ ،‬وفاق ًا للشافعي وابن جرير واألكثر‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬اللفظ إما حقيقة أو جماز‪ ،‬أو حقيقة وجماز باعتبارين‪.‬‬
‫واألمران منتفيان قبل االستعامل‪.‬‬
‫الرشعي ألنه عرفه‪،‬‬
‫ي‬ ‫ثم هو حممول عىل عرف املخاطِب أبد ًا‪ ،‬ففي الرشع‬
‫الرشعي‪،‬‬
‫ي‬ ‫ثم العريف العام‪ ،‬ثم اللغوي‪ ،‬وقال الغزال واالمدي‪ :‬يف اإلثبات‬
‫اللغوي‪.‬‬
‫ي‬ ‫الغزال جممل‪ ،‬واالمدي‬
‫ي‬ ‫ويف النفي‪:‬‬
‫ويف تعارض املجاز الراجح واحلقيقة املرجوحة أقوال‪ ،‬ثالثها‪ :‬املختار‬
‫جممل‪.‬‬
‫وثبوت حكم يمكن كونه مراد ًا من خطاب لكن جماز ًا ال يدل عىل أنه املراد‬
‫منه‪ ،‬بل يبقى اخلطاب عىل حقيقته‪ ،‬خالف ًا للكرخي والبرصي‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬الكناية‪ :‬لفظ استعمل يف معناه مراد ًا منه الزم املعنى‪ ،‬فهي حقيقة‪،‬‬
‫فإن مل يرد املعنى وإنام عرب بامللزوم عن الالزم فهو جماز‪.‬‬
‫ليلوح بغريه‪ ،‬فهو حقيقة أبد ًا‪.‬‬
‫والتعريض‪ :‬لفظ استعمل يف معناه ّ‬

‫~ ‪~ 18‬‬
‫احلروف‬
‫أحدها (إذن)‪ :‬قال سيبوبه‪ :‬للجواب واجلزاء‪ ،‬قال الشلوبني‪ :‬دائ ًام‪ ،‬وقال‬
‫الفاريس‪ :‬غالب ًا‪.‬‬
‫الثاين (إن)‪ :‬للرشط‪ ،‬والنفي‪ ،‬والزيادة‪.‬‬
‫الثالث (أو)‪ :‬للشك‪ ،‬واإلهبام‪ ،‬والتخبري‪ ،‬ومطلق اجلمع‪ ،‬والتقسيم‪،‬‬
‫وبمعنى إىل‪ ،‬واإلرضاب ك(بل)‪ ،‬قال احلريري‪ :‬والتقريب نحو‪ :‬ما أدري‬
‫أسل َم أو و ّد َع‪.‬‬
‫الرابع (أي)‪ :‬بالفتح والسكون‪ ،‬للتفسري‪ ،‬ولنداء القريب‪ ،‬أو البعيد‪ ،‬أو‬
‫املتوسط‪ ،‬أقوال‪.‬‬
‫وبالتشديد‪ :‬للرشط‪ ،‬واالستفهام‪ ،‬وموصولة‪ ،‬ودالة عىل معنى الكامل‪،‬‬
‫ووصلة لنداء ما فيه (أل)‪.‬‬
‫اخلامس (إذ)‪ :‬اسم للاميض‪ ،‬ظرف ًا‪ ،‬ومفعوالً به‪ ،‬وبدالً من املفعول‪،‬‬
‫ومضاف ًا اليها اسم زمان‪ ،‬وللمستقبل يف األصح‪ .‬وترد للتعليل حرف ًا‪ ،‬أو‬
‫ظرف ًا‪ ،‬وللمفاجأة‪ ،‬وفاق ًا لسيبويه‪.‬‬
‫السادس (إذا)‪ :‬للمفاجأة حرف ًا‪ ،‬وفاق ًا لألخفش وابن مالك‪ ،‬وقال املربد‬
‫والزجاج والزخمرشي‪ :‬ظرف زمان‪ِ .‬‬
‫وترد‬ ‫ّ‬ ‫وابن عصفور‪ :‬ظرف مكان‪،‬‬
‫ظرف ًا للمستقبل مضمنة معنى الرشط غالب ًا‪ ،‬وندر جميئها للاميض واحلال‪.‬‬

‫~ ‪~ 19‬‬
‫السابع (الباء)‪ :‬لإللصاق حقيقة وجماز ًا‪ ،‬والتعدية‪ ،‬واالستعانة‪ ،‬والسببية‪،‬‬
‫واملصاحبة‪ ،‬والظرفية‪ ،‬والبدلية‪ ،‬واملقابلة‪ ،‬واملجاوزة‪ ،‬واالستعالء‪،‬‬
‫والقسم‪ ،‬والغاية‪ ،‬والتوكيد‪ ،‬وكذا التبعيض‪ ،‬وفاق ًا لألصمعي والفاريس‬
‫وابن مالك‪.‬‬
‫الثامن (بل)‪ :‬للعطف واإلرضاب‪ ،‬إما لإلبطال أو لالنتقال من غرض إىل‬
‫آخر‪.‬‬
‫التاسع ( َبيدَ )‪ :‬بمعنى غري‪ ،‬وبمعنى من أجل‪ ،‬وعليه "بيد أين من‬
‫قريش"‪.‬‬
‫العارش (ثم)‪ :‬حرف عطف للترشيك‪ ،‬واملهلة عىل الصحيح‪ ،‬وللرتتيب‬
‫خالف ًا للع ّبادي‪.‬‬
‫احلادي عرش (حتى)‪ :‬النتهاء الغاية غالب ًا‪ ،‬وللتعليل‪ ،‬وندر لالستثناء‪.‬‬
‫الثاين عرش (رب)‪ :‬للتكثري وللتقليل‪ ،‬وال ختتص بأحدمها‪ ،‬خالف ًا لزاعمي‬
‫ذلك‪.‬‬
‫الثالث عرش (عىل)‪ :‬األصح أهنا قد تكون اس ًام بمعنى فوق‪ ،‬وتكون حرفاً‬
‫لالستعالء‪ ،‬واملصاحبة‪ ،‬واملجاورة‪ ،‬ك َعن‪ ،‬والتعليل‪ ،‬والظرفية‪،‬‬
‫واالستدراك‪ ،‬والزيادة‪ .‬أما‪ :‬عال يعلو َف ِفعل‪.‬‬
‫الرابع عرش (الفاء العاطفة)‪ :‬للرتتيب املعنوي والذكري‪ ،‬وللتعقيب يف‬
‫كل يشء بحسبه‪ ،‬والسبيبة‪.‬‬

‫~ ‪~ 20‬‬
‫اخلامس عرش (يف)‪ :‬للظرفني‪ ،‬واملصاحبة‪ ،‬والتعليل‪ ،‬واالستعالء‪،‬‬
‫والتوكيد‪ ،‬والتعويض‪ ،‬وبمعنى الباء‪ ،‬وإىل‪ِ ،‬‬
‫ومن‪.‬‬
‫السادس عرش (كي)‪ :‬للتعليل‪ ،‬وبمعنى أن املصدرية‪.‬‬
‫واملعرف املجموع‪،‬‬
‫ّ‬ ‫السابع عرش (كل)‪ :‬اسم الستغراق أفراد املن ّكر‪،‬‬
‫املعرف املفرد‪.‬‬
‫وأجزاء ّ‬
‫الثامن عرش (الالم)‪ :‬للتعليل‪ ،‬واالستحقاق‪ ،‬واالختصاص‪ ،‬وامل ِلك‪،‬‬
‫وشبهه‪ ،‬وتوكيد النفي‪ ،‬والتعدية‪،‬‬‫ِ‬ ‫والصريورة أي العاقبة‪ ،‬والتمليك‪،‬‬
‫والتأكيد‪ ،‬وبمعنى إىل‪ ،‬وعىل‪ ،‬ويف‪ ،‬وعند‪ ،‬وبعدَ ‪ِ ،‬‬
‫ومن‪ ،‬و َعن‪.‬‬ ‫َ‬
‫التاسع عرش (لوال)‪ :‬حرف معناه يف اجلملة االسمية امتناع جوابه لوجود‬
‫ِ‬
‫واملاضية التوبيخ‪ ،‬وقيل‪ِ :‬ترد للنفي‪.‬‬ ‫املضارعة التحضيض‪،‬‬ ‫رشطه‪ ،‬ويف‬
‫َ‬
‫ي‬
‫ويقل للمستقبل‪ ،‬قال سيبويه‪:‬‬ ‫العرشون (لو)‪ :‬حرف رشط للاميض‪،‬‬
‫حرف ملا كان سيقع لوقوع غريه‪ ،‬وقال غريه‪ :‬حرف امتناع المتناع‪ ،‬وقال‬
‫الشلوبني‪ :‬ملجرد الربط‪ ،‬والصحيح وفاق ًا للشيخ اإلمام امتناع ما يليه‬
‫واستلزامه لتاليه‪ ،‬ثم ينتفي التال إن ناسب ومل َخيلف املقد َم غريه‪ ،‬ك(لو‬
‫كان فيهام اهلة إال اهلل لفسدتا) ال إن خ َل َفه كقولك‪ :‬لو كان إنسان ًا لكان‬
‫ِ‬
‫يعص‪،‬‬ ‫وناسب‪ -‬باألَوىل‪ ،‬كلو مل خيف مل‬
‫َ‬ ‫حيوان ًا‪ ،‬ويثبت التال ‪-‬إن مل يناف‬
‫أو املساواة‪ ،‬كلو مل تكن ربيبة ملا ح ّلت للرضاع‪ ،‬أو األدون كقولك‪ :‬لو‬
‫انتفت أخوة النسب ملا ح ّلت للرضاع‪.‬‬

‫~ ‪~ 21‬‬
‫وترد للتمني‪ ،‬والعرض‪ ،‬والتحضيض‪ ،‬والتقليل‪ ،‬نحو‪" :‬ولو بظلف‬
‫حمرق"‪.‬‬
‫ّ‬
‫احلادي والعرشون (لن)‪ :‬حرف نفي ونصب واستقبال‪ ،‬وال تفيد توكيد‬
‫النفي وال تأبيده‪ ،‬خالف ًا ملن زعمه‪ ،‬وترد للدعاء وفاق ًا البن عصفور‪.‬‬
‫الثاين والعرشون (ما)‪ :‬ترد اسمية‪ ،‬وحرفية موصولة‪ ،‬ونكرة موصوفة‪،‬‬
‫وللتعجب‪ ،‬واستفهامية‪ ،‬ورشطية زمانية‪ ،‬وغري زمانية‪ ،‬ومصدرية كذلك‪،‬‬
‫ونافية‪ ،‬وزائدة كافة‪ ،‬وغري كافة‪.‬‬
‫الثالث والعرشون ( ِمن)‪ :‬البتداء الغاية غالب ًا‪ ،‬وللتبعيض‪ ،‬والتبيني‪،‬‬
‫والتعليل‪ ،‬والبدل‪ ،‬والغاية‪ ،‬وتنصيص العموم‪ ،‬والفصل‪ ،‬ومرادفة الباء‪،‬‬
‫وعن‪ ،‬ويف‪ ،‬وعند‪ ،‬وعىل‪.‬‬
‫الرابع والعرشون ( َمن)‪ :‬رشطية‪ ،‬واستفهامية‪ ،‬وموصولة‪ ،‬ونكرة‬
‫موصوفة‪ ،‬قال أبو عيل‪ :‬ونكرة تامة‪.‬‬
‫اخلامس والعرشون (هل)‪ :‬لطلب التصديق اإلجيايب‪ ،‬ال التصور‪ ،‬وال‬
‫للتصديق السلبي‪.‬‬
‫السادس والعرشون (الواو)‪ :‬ملط َلق اجلمع‪ ،‬وقيل‪ :‬للرتتيب‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫للمع ّية‪.‬‬

‫~ ‪~ 22‬‬
‫األمر‬
‫أ م ر‪ :‬حقيقة يف القول املخصوص‪ ،‬جماز يف الفعل‪ ،‬وقيل‪ :‬للقدر املشرتك‪،‬‬
‫ِ‬
‫والصفة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والشأن‬ ‫ِ‬
‫اليشء‬ ‫وقيل‪ :‬مشرتك بينهام‪ ،‬وقيل‪ :‬بني‬
‫غري كف مدلول عليه ِ‬
‫بغري كف‪.‬‬ ‫وحدي ه‪ :‬اقتضاء فعل ِ‬

‫علو وال استعالء‪ ،‬وقيل‪ :‬يعتربان‪ ،‬واعتربت املعتزلة وأبو‬


‫وال يعترب فيه ٌّ‬
‫والسمعاين العلو‪ ،‬وأبو احلسني واإلمام‬
‫ي‬ ‫الشريازي وابن الصباغ‬
‫ي‬ ‫اسحق‬
‫االستعالء‪.‬‬
‫َ‬ ‫واآلمدي وابن احلا ِ‬
‫جب‬
‫بدهيي‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫واعترب أبو عيل وابنه إراد َة الداللة باللفظ عىل الطلب‪ ،‬والطلب‬
‫واألمر غري اإلرادة‪ ،‬خالف ًا للمعتزلة‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬القائلون بالنفيس اختلفوا هل لألمر صيغة ختصه؟ والنفي عن‬
‫الشيخ‪ ،‬فقيل‪ :‬للوقف‪ ،‬وقيل‪ :‬لالشرتاك‪ ،‬واخلالف يف صيغة إفعل‪.‬‬
‫وترد للوجوب‪ ،‬والندب‪ ،‬واإلباحة‪ ،‬والتهديد‪ ،‬واإلرشاد‪ ،‬وإرادة‬
‫االمتثال‪ ،‬واإلذن‪ ،‬والتأديب‪ ،‬واإلنذار‪ ،‬واالمتنان‪ ،‬واإلكرام‪ ،‬والتسخري‪،‬‬
‫والتكوين‪ ،‬والتعجيز‪ ،‬واإلهانة‪ ،‬والتسوية‪ ،‬والدعاء‪ ،‬والتمني‪ ،‬واالحتقار‪،‬‬
‫واخلرب‪ ،‬واإلنعام‪ ،‬والتفويض‪ ،‬والتعجب‪ ،‬والتكذيب‪ ،‬واملشورة‪،‬‬
‫واالعتبار‪.‬‬
‫واجلمهور حقيقة يف الوجوب‪ ،‬لغ ًة‪ ،‬أو رشع ًا‪ ،‬أو عق ً‬
‫ال‪ ،‬مذاهب‪ .‬وقيل‪ :‬يف‬
‫الندب‪ ،‬وقال املاتريدي‪ :‬للقدر املشرتك بينهام‪ ،‬وقيل‪ :‬مشرتكة بينهام‪،‬‬

‫~ ‪~ 23‬‬
‫وتوقف القايض والغزال واالمدي فيهام‪ ،‬وقيل‪ :‬مشرتكة فيهام ويف‬
‫اإلباحة‪ ،‬وقيل‪ :‬يف الثالثة والتهديد‪ ،‬وقال عبد اجلبار‪ :‬إلرادة االمتثال‪،‬‬
‫وقال أبو بكر األهبري‪ :‬أمر اهللِ تعاىل للوجوب‪ ،‬وأمر النبي (صىل اهلل عليه‬
‫وسلم ) املبتدأ للندب‪ ،‬وقيل‪ :‬مشرتكة بني اخلمسة األ َول‪ ،‬وقيل‪ :‬بني‬
‫األحكام اخلمسة‪ ،‬واملختار وفاق ًا للشيخ أيب حامد وإمام احلرمني‪ :‬حقيقة‬
‫يف الطلب اجلازم‪ ،‬فإن صدر من الشارع أوجب الفعل‪.‬‬
‫ويف وجوب اعتقاد الوجوب قبل البحث خالف العام‪.‬‬
‫فإن ورد األمر بعد احلظر ‪-‬قال اإلمام‪ :‬أو استئذان‪ -‬فلإلباحة‪ ،‬وقال أبو‬
‫الطيب والشريازي والسمعاين واإلمام‪ :‬للوجوب‪ ،‬وتوقف إمام احلرمني‪.‬‬
‫أما النهي بعد الوجوب فاجلمهور للتحريم‪ ،‬وقيل‪ :‬للكراهة‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫لإلباحة‪ ،‬وقيل‪ :‬إلسقاط الوجوب‪ ،‬وإمام احلرمني عىل َوق ِف ِه‪.‬‬
‫واملرة رضورية‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫مسألة‪ :‬األمر لطلب املاهية‪ ،‬ال لتكرار‪ ،‬وال مرة‪ّ ،‬‬
‫املرة مدلوله‪ ،‬وقال األستاذ وال َقزويني‪ :‬للتكرار مطلق ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬بالوقف‪.‬‬
‫ّ‬
‫وال لفور ‪،‬خالفاً لقوم‪ ،‬وقيل‪ :‬للفور أو العزم‪ ،‬وقيل‪ :‬مشرتك‪.‬‬

‫واملبادر ممتثل‪ ،‬خالف ًا ملَن منع‪َ ،‬‬


‫ومن وقف‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬الرازي والشريازي وعبد اجلبار األمر يستلزم القضاء‪ ،‬وقال‬
‫األكثر‪ :‬القضاء بأمر جديد‪.‬‬
‫أن اإلتيان باملأمور به يستلزم اإلجزاء‪.‬‬
‫واألصح ّ‬

‫~ ‪~ 24‬‬
‫وأ ّن األمر باألمر باليشء ليس أمر ًا به‪.‬‬
‫وأ ّن اآلمر بلفظ يتناوله داخل فيه‪.‬‬
‫وأن النيابة تدخل املأمور اال ملانع‪.‬‬
‫ّ‬
‫مسألة‪ :‬قال الشيخ والقايض‪ :‬األمر النفيس بيشء معني هني عن ضده‬
‫الوجودي‪ ،‬وعن القايض يتضمنه‪ ،‬وعليه عبد اجلبار وأبو احلسني واإلمام‬
‫واالمدي‪ ،‬وقال إمام احلرمني والغزال‪ :‬ال عينه وال يتضمنه‪ ،‬وقيل‪ :‬أمر‬
‫الوجوب يتضمن فقط‪.‬‬
‫أما اللفظي فليس عني النهي قطع ًا‪ ،‬وال يتضمنه عىل األصح‪.‬‬
‫وأما النهي فقيل‪ :‬أمر بالضد‪ ،‬وقيل‪ :‬عىل اخلالف‪.‬‬
‫ِ‬
‫غريان‪ ،‬واملتعاقبان‬ ‫مسألة‪ :‬األمران غري متعاقبني ‪-‬أو بغري متامثلني‪-‬‬
‫بمتامثلني وال مانع من التكرار‪ ،‬والثاين غري معطوف‪ ،‬قيل معمول هبام‪،‬‬
‫وقيل تأكيد‪ ،‬وقيل بالوقف‪.‬‬
‫ويف املعطوف التأسيس أرجح‪ ،‬وقيل‪ :‬التأكيد‪ ،‬فإن رجح التأكيد بعادي‬
‫قدم‪ ،‬وإال فالوقف‪.‬‬
‫النهي‬
‫النهي‪ :‬اقتضاء كف عن فعل‪ ،‬ال بقول كف‪.‬‬
‫وقضيته الدوام ما مل يقيد باملرة‪ ،‬وقيل‪ :‬مطلق ًا‪.‬‬

‫~ ‪~ 25‬‬
‫وترد صيغته للتحريم‪ ،‬والكراهة‪ ،‬واإلرشاد‪ ،‬والدعاء‪ ،‬وبيان العاقبة‪،‬‬
‫والتقليل‪ ،‬واالحتقار‪ ،‬واليأس‪.‬‬
‫ويف اإلرادة والتحريم ما يف األمر‪.‬‬
‫املخري‪ ،‬وفرقاً كالنعلني‬
‫ّ‬ ‫وقد يكون عن واحد ومتعدد‪ ،‬مجع ًا كاحلرام‬
‫يفرق‪ ،‬ومجيعاً كالزنى والسقة‪.‬‬
‫يلبسان أو ينزعان وال ّ‬
‫ِ‬
‫التنزيه يف األظهر‪ -‬للفساد رشع ًا‪ ،‬وقيل لغ ًة‪،‬‬ ‫هني التحري ِم ‪-‬وكذا‬
‫ومطلق ِ‬
‫معنى‪ ،‬فيام عدا املعامالت مطلق ًا‪ ،‬وفيها إن َر َج َع ‪ -‬قال ابن عبد‬
‫ً‬ ‫وقيل‬
‫السالم أو احتمل رجوعه‪ -‬إىل أمر داخل أو الزم‪ ،‬وفاق ًا لألكثر‪ ،‬وقال‬
‫الغزال واإلمام‪ :‬يف العبادات فقط‪.‬‬
‫فإن كان خلارج كالوضوء بمغصوب مل ي ِفد عند األكثر‪ ،‬وقال أمحد‪ :‬يفيد‬
‫مطلق ًا‪ ،‬ولفظه حقيقة‪ ،‬وإن انتفى الفساد لدليل‪ ،‬وأبو حنيفة‪ :‬ال يفيد‬
‫املنهي لعينه غري مرشوع ففساده عريض‪ ،‬ثم قال‪ :‬واملنهي‬
‫ي‬ ‫مطلق ًا‪ ،‬نعم‬
‫لوصفه يفيد الصحة له‪ .‬وقيل‪ :‬إن نفي عنه ال َقبول‪ ،‬وقيل‪ :‬بل النفي دليل‬
‫الفساد‪.‬‬
‫ونفي اإلجزاء كنفي القبول‪ ،‬وقيل أوىل بالفساد‪.‬‬
‫العام‬
‫الصالح له من غري حرص‪.‬‬
‫َ‬ ‫العام‪ :‬لفظ يستغرق‬
‫والصحيح دخول النادرة‪ ،‬وغري املقصودة حتته‪.‬‬

‫~ ‪~ 26‬‬
‫وأنه قد يكون جماز ًا‪.‬‬
‫وأنه من عوارض األلفاظ‪ ،‬قيل‪ :‬واملعاين‪ ،‬وقيل به يف الذهني‪.‬‬
‫ويقال للمعنى أعم‪ ،‬وللفظ عام‪.‬‬
‫ومدلوله كلية ‪-‬أي حمكوم فيه عىل كل فرد‪ -‬مطابقة إثبات ًا أو سلب ًا‪ ،‬ال ٌّ‬
‫كل‬
‫كيل‪.‬‬
‫وال ٌّ‬
‫وداللته عىل أصل املعنى قطعية‪ ،‬وهو عن الشافعي‪ ،‬وعىل كل فرد‬
‫بخصوصه ظنية‪ ،‬وهو عن الشافعية‪ ،‬وعن احلنفية قطعية‪.‬‬
‫وعموم األشخاص يستلزم عموم األحوال واألزمنة والبقاع‪ ،‬وعليه‬
‫الشيخ اإلمام‪.‬‬
‫وأي ومتى وأين وحيثام ونحوها‪ ،‬للعموم‬
‫ي‬ ‫مسألة‪ :‬ي‬
‫كل والذي والتي‬
‫حقيق ًة‪ ،‬وقيل‪ :‬للخصوص‪ ،‬وقيل‪ :‬مشرتكة‪ ،‬وقيل‪ :‬بالوقف‪.‬‬
‫واجلمع املعرف بالالم أو اإلضافة للعموم‪ ،‬ما مل يتحقق عهد‪ ،‬خالف ًا أليب‬
‫هاشم مطلق ًا‪ ،‬وإلمام احلرمني إذا احتمل معهود ًا‪.‬‬
‫واملفرد املحىل مثله‪ ،‬خالف ًا لإلمام مطلق ًا‪ ،‬وإلمام احلرمني والغزال إذا مل‬
‫يكن واحده بالتاء‪ ،‬زاد الغزال‪ :‬أو متيز بالوحدة‪.‬‬
‫والنكرة يف سياق النهي للعموم وضع ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬لزوم ًا‪ ،‬وعليه الشيخ اإلمام‪،‬‬
‫نص ًا إن بنيت عىل الفتح‪ ،‬وظاهر ًا إن مل تب َن‪.‬‬

‫~ ‪~ 27‬‬
‫عم اللفظ عرف ًا‪ ،‬كالفحوى‪ ،‬و (حرمت عليكم امهاتكم)‬
‫وقد َي ي‬
‫[النساء‪ ،]92‬أو عق ً‬
‫ال‪ ،‬كرتتيب احلكم عىل الوصف‪ ،‬وكمفهوم املخالفة‪،‬‬
‫لفظي‪ ،‬ويف أن الفحوى بالعرف واملخالفة‬
‫ٌّ‬ ‫واخلالف يف أنه ال عموم له‬
‫بالعقل تقدم‪.‬‬
‫ومعيار العموم االستثناء‪.‬‬
‫واألصح أن اجلمع املن ّكر ليس بعام‪.‬‬
‫وأن أقل مسمى اجلمع ثالثة ال اثنان‪ ،‬وأنه يصدق عىل الواحد جماز ًا‪.‬‬
‫يعم‬
‫وتعميم العام بمعنى املدح والذم إذا مل يعارضه عام آخر‪ ،‬وثالثها‪ :‬ي‬
‫مطلق ًا‪.‬‬
‫وتعميم نحو‪ :‬ال يستوون‪ ،‬وال أكلت‪ ،‬قيل‪ :‬وإن أكلت‪.‬‬
‫ال املقتض‪ ،‬والعطف عىل العام‪ ،‬والفعل املثبت‪ ،‬ونحو‪ :‬كان جيمع يف‬
‫السفر‪ ،‬وال املع ّلق بعلة لفظ ًا لكن قياس ًا‪ ،‬خالف ًا لزاعمي ذلك‪.‬‬
‫وأن ترك االستفصال ينزل منزلة العموم‪.‬‬
‫وأن نحو (يا أهيا النبي) ال يتناول األمة‪.‬‬
‫وأن نحو (يا أهيا الناس) يشمل الرسول عليه الصالة والسالم‪ ،‬وإن اقرتن‬
‫ّ‬
‫بقل‪ ،‬وثالثها‪ :‬التفصيل‪ ،‬وأنه يعم العبد والكافر‪ ،‬ويتناول املوجودين دون‬
‫من بعدهم‪.‬‬
‫وأ ّن َمن الرشطية تتناول اإلناث‪.‬‬

‫~ ‪~ 28‬‬
‫وأ ّن مجع املذكر السامل ال يدخل فيه النساء ظاهر ًا‪.‬‬
‫وأن خطاب الواحد ال يتعداه‪ ،‬وقيل‪ :‬يعم عادة‪.‬‬
‫ّ‬
‫أن خطاب القرآن واحلديث ب (يا أهل الكتاب) ال يشمل األمة‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫و ّ‬
‫يشملهم فيام يتشاركون فيه‪.‬‬
‫وأن املخاطِب داخل يف عموم خطابه إن كان خرب ًا ال أمر ًا‪.‬‬
‫ّ‬
‫وأ ّن نحو (خذ من أمواهلم) يقتض األخذ من كل نوع‪ ،‬وتوقف اآلمدي‪.‬‬
‫التخصيص‬
‫التخصيص‪ :‬قرص العام عىل بعض أفراده‪ .‬والقابل له حكم ثبت ملتعدد‪.‬‬
‫واحلق جوازه إىل واحد إن مل يكن لفظ العام مجع ًا‪ ،‬وإىل أ ّ‬
‫قل اجلمع إن كان‪،‬‬ ‫ي‬
‫وقيل‪ :‬مطلق ًا‪ ،‬وشذ املنع مطلق ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬باملنع إال أن يبقى غري حمصور‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إال أن يبقى قريب من مدلوله‪.‬‬
‫والعام املخصوص مراد عمومه تناوالً‪ ،‬ال حك ًام‪ ،‬واملراد به اخلصوص ليس‬
‫مراد ًا بل كيل استعمل يف جزئي‪ ،‬ومن ثم كان جماز ًا قطع ًا‪ ،‬واألول حقيقة‪،‬‬
‫وفاق ًا للشيخ اإلمام والفقهاء‪ ،‬وقال الرازي‪ :‬إن كان الباقي غري منحرص‪،‬‬
‫وقوم‪ :‬إن خص بام ال يستقل‪ ،‬وإمام احلرمني‪ :‬حقيقة وجماز باعتبارين‪:‬‬
‫تناوله واالقتصار عليه‪ ،‬واألكثر‪ :‬جماز ًا مطلق ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬إن استثني منه‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إن خص بغري لفظ‪.‬‬

‫~ ‪~ 29‬‬
‫واملخصص قال األكثر‪ :‬حجة‪ ،‬وقيل‪ :‬إن خص بمعني‪ ،‬وقيل‪ :‬بمنفصل‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إن أنبأ عنه العموم‪ ،‬وقيل‪ :‬يف أقل اجلمع‪ ،‬وقيل‪ :‬غري حجة مطلق ًا‪.‬‬
‫ويتمسك بالعام يف حياة النبي (صىل اهلل عليه وسلم) قبل البحث عن‬
‫املخصص‪ ،‬وكذا بعد الوفاة‪ ،‬خالف ًا البن رسيج‪ ،‬وثالثها‪ :‬إن ضاق‬
‫الظن‪ ،‬خالف ًا للقايض‪.‬‬
‫الوقت‪ ،‬ثم يكفي يف البحث ي‬
‫املخصص‪ :‬قسامن‪ :‬األول‪ :‬املتصل وهو مخسة‪:‬‬
‫االستثناء‪ :‬وهو اإلخراج بإال أو إحدى أخواهتا من متكلم واحد‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫مطلق ًا‪.‬‬
‫وجيب اتصاله عادة‪ ،‬وعن ابن عباس‪ :‬إىل شهر‪ ،‬وقيل‪ :‬أبد ًا‪ ،‬وعن سعيد‬
‫بن جبري‪ :‬إىل أربعة أشهر‪ ،‬وعن عطاء واحلسن‪ :‬يف املجلس‪ ،‬وجماهد‪ :‬إىل‬
‫سنتني‪ .‬قيل‪ :‬ما مل يأخذ يف كالم آخر‪ ،‬وقيل‪ :‬برشط أن ينوي الكالم‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬جيوز يف كالم اهلل‪.‬‬
‫أما املنقطع‪ ،‬فثالثها‪ :‬متواطئ‪ ،‬والرابع‪ :‬مشرتك‪ ،‬واخلامس‪ :‬الوقف‪.‬‬
‫واألصح وفاق ًا البن احلاجب أ ّن املرا َد بعرشة يف قولك (عرشة إال ثالثة)‬
‫العرشة باعتبار األفراد‪ ،‬ثم أخرجت ثالثة‪ ،‬ثم أسند إىل الباقي تقدير ًا‪ ،‬وإن‬
‫كان قبله ِذكر ًا‪ ،‬وقال األكثر‪ :‬املراد سبعة‪ ،‬وإالّ قرينة‪ ،‬وقال القايض‪ :‬عرشة‬
‫إال ثالثة بإزاء اسمني مفرد ومركب‪.‬‬

‫~ ‪~ 30‬‬
‫وال جيوز املستغرق‪ ،‬خالف ًا لشذوذ‪ ،‬قيل‪ :‬وال األكثر‪ ،‬وقيل‪ :‬وال املساوي‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إن كان العدد رصُي ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬ال يستثنى من العدد عقد صحيح‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬ال مطلق ًا‪.‬‬
‫واالستثناء من النفي اثبات وبالعكس‪ ،‬خالف ًا أليب حنيفة‪.‬‬
‫واملتعددة إن تعاطفت فلألول‪ ،‬وإال ٌّ‬
‫فكل ملا يليه‪ ،‬ما مل يستغرقه‪.‬‬
‫والوارد بعد مجل متعاطفة للكل تفريق ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬مجع ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬إن سيق الكل‬
‫لغرض‪ ،‬وقيل‪ :‬إن عطف بالواو‪ ،‬وقال أبو حنيفة واإلمام‪ :‬لألخرية‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬مشرتك‪ ،‬وقيل‪ :‬بالوقف‪.‬‬
‫والوارد بعد مفردات َأوىل بالكل‪.‬‬
‫أما ِ‬
‫القران بني اجلملتني لفظاً فال يقتض التسوية يف غري املذكور حك ًام‪،‬‬
‫خالف ًا أليب يوسف واملزين‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬الرشط وهو ما يلزم من عدمه العدم وال يلزم من وجوده الوجود‬
‫وال عدم لذاته‪ .‬وهو كاالستثناء اتصاالً‪ ،‬وأوىل بالعود إىل الكل عىل‬
‫األصح‪ ،‬وجيوز إخراج األكثر به وفاق ًا‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الصفة‪ ،‬كاالستثناء يف ال َعود‪ ،‬ولو تقدمت‪ ،‬أما املتوسطة فاملختار‬
‫اختصاصها بام وليته‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬الغاية‪ ،‬كاالستثناء يف ال َعود‪ ،‬واملراد غاية تقدّ َمها عموم يشملها‪ ،‬لو‬
‫مل تأت‪ ،‬مثل (حتى يعطوا اجلزية) [التوبة ‪ ،]92:‬وأما مثل‪( :‬حتى مطلع‬

‫~ ‪~ 31‬‬
‫الفجر) [القدر‪ ]5:‬فلتحقيق العموم‪ ،‬وكذا‪ :‬قطعت أصابعه من اخلنرص‬
‫إىل البنرص‪.‬‬
‫اخلامس‪ :‬بدل البعض من الكل‪ ،‬ومل يذكره األكثرون‪ ،‬وصوهبم الشيخ‬
‫اإلمام‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬املنفصل‪ ،‬جيوز التخصيص باحلس والعقل‪ ،‬خالف ًا لشذوذ‪،‬‬
‫لفظي‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫ومنع الشافعي تسميته ختصيص ًا‪ ،‬وهو‬
‫ِ‬
‫والكتاب‬ ‫ِ‬
‫وبالكتاب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والسنة هبا‪،‬‬ ‫واألصح جواز ختصيص الكتاب به‪،‬‬
‫باملتواتر ِة‪ ،‬وكذا بخرب الواحد عند اجلمهور‪ ،‬وثالثها‪ :‬إن خص بقاطع‪،‬‬
‫وعندي‪ :‬عكسه‪ ،‬وقال الكرخي‪ :‬بمنفصل‪ ،‬وتوقف القايض‪.‬‬
‫وبالقيا ِ‬
‫س‪ ،‬خالف ًا لإلمام مطلق ًا‪ ،‬وللجبائي إن كان خفي ًا‪ ،‬والبن أبان إن مل‬
‫خيص مطلق ًا‪ ،‬ولقوم إن مل يكن أصله خمصص ًا من العموم‪ ،‬وللكرخي إن مل‬
‫خيص بمنفصل‪ ،‬وتوقف إمام احلرمني‪.‬‬
‫وبالفحوى‪ ،‬وكذا دليل اخلطاب‪ ،‬يف األرجح‪.‬‬
‫وبفعله عليه الصالة والسالم‪ ،‬وتقريره‪ ،‬يف األصح‪.‬‬
‫واألصح أن عطف العام عىل اخلاص‪ ،‬ورجوع الضمري إىل البعض‪،‬‬
‫ومذهب الراوي‪ ،‬ولو صحابي ًا‪ ،‬وذكر بعض أفراد العام‪ ،‬ال خيصص‪.‬‬
‫وأن العادة برتك بعض املأمور ختصص إن أقرها النبي (صىل اهلل عليه‬
‫وسلم)‪ ،‬أو اإلمجاع‪.‬‬

‫~ ‪~ 32‬‬
‫قرص عىل املعتاد‪ ،‬وال عىل ما وراءه‪ ،‬بل تطرح له العادة‬
‫وأن العام ال ي َ‬
‫السابقة‪.‬‬
‫يعم‪ ،‬وفاق ًا لألكثر‪.‬‬
‫وأن نحو‪( :‬قىض بالشفعة للجار) ال ي‬
‫ي‬
‫املستقل‬‫مسألة‪ :‬جواب السائل غري املستقل دونه تابع للسؤال يف عمومه‪ ،‬و‬
‫األخص جائز إذا أمكنت معرفة املسكوت‪ ،‬واملساوي واضح‪.‬‬
‫ّ‬
‫والعا يم عىل سبب خاص معترب عمومه عند األكثر‪ ،‬فإن كانت قرينة‬
‫التعميم فأجدر‪.‬‬
‫وصورة السبب قطعية الدخول عند األكثر‪ ،‬فال ختص باالجتهاد‪ ،‬وقال‬
‫خاص يف القرآن تاله يف الرسم عا ٌّم‬
‫الشيخ اإلمام‪ :‬ظنية‪ ،‬قال‪ :‬ويقرب منها ٌّ‬
‫ِ‬
‫للمناسبة‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬إن تأخر اخلاص عن العمل َن َ‬
‫سخ العام‪ ،‬وإال َخ ّصص‪ ،‬وقيل‪ :‬إن‬
‫تقارنا تعارضا يف قدر اخلاص‪ ،‬كالنصني‪ ،‬وقالت احلنفية وإمام احلرمني‪:‬‬
‫العام املتأخر ناسخ‪ ،‬فإن جهل فالوقف أو التساقط‪.‬‬
‫وإن كان ٌّ‬
‫كل عام ًا من وجه فالرتجيح‪ ،‬وقالت احلنيفة‪ :‬املتأخر ناسخ‪.‬‬
‫املطلق واملقيد‬
‫املطلق‪ :‬الدال عىل املاهية بال قيد‪ .‬وزعم اآلمدي وابن احلاجب داللته عىل‬
‫الوحدة الشائعة‪ّ ،‬‬
‫تومهاه النكرة‪ ،‬ومن ثم قاال‪ :‬األمر بمطلق املاهية أمر‬
‫بجزئي‪ ،‬وليس بيشء‪ ،‬وقيل‪ :‬بكل جزئي‪ ،‬وقيل‪ :‬إذن فيه‪.‬‬

‫~ ‪~ 33‬‬
‫مسألة‪ :‬املطلق واملقيد كالعام واخلاص‪ ،‬وأهنام إن احتد حكمهام وموجبهام‬
‫وكانا مثبتني وتأخر املقيد عن وقت العمل باملطلق فهو ناسخ‪ ،‬وإال محل‬
‫املطلق عليه‪ ،‬وقيل‪ :‬املقيد ناسخ إن تأخر‪ .‬وقيل‪ُ :‬يمل املقيد عىل املطلق‪.‬‬
‫وإن كانا منفيني‪ ،‬فقائل املفهوم يقيده به‪ ،‬وهي خاص وعام‪.‬‬
‫وإن كان أحدمها أمر ًا واآلخر هني ًا فاملطلق مقيد بضد الصفة‪.‬‬
‫وإن اختلف السبب فقال أبو حنيفة‪ :‬ال ُيمل‪ ،‬وقيل‪ُ :‬يمل لفظ ًا‪ ،‬وقال‬
‫الشافعي‪ :‬قياس ًا‪.‬‬
‫وإن احتد املوجب واختلف حكمهام فعىل اخلالف‪.‬‬
‫واملقيد بمتنافيني يستغني عنهام إن مل يكن أوىل بأحدمها قياس ًا‪.‬‬
‫الظاهر واملؤول‬
‫الظاهر‪ :‬ما دل داللة ظنية‪.‬‬
‫والتأويل‪ :‬محل الظاهر عىل املحتمل املرجوح‪.‬‬
‫ظن دلي ً‬
‫ال ففاسد‪ ،‬أو ال ليش فلعب‪ ،‬ال‬ ‫فإن محل لدليل فصحيح‪ ،‬أو ملا ي ي‬
‫تأويل‪.‬‬
‫ومن البعيد‪ :‬تأويل أمسك عىل ابتدئ‪ ،‬وستني مسكيناً عىل ستني مدّ ًا‪ ،‬وأيام‬
‫امرأة نكحت نفسها عىل الصغرية واألمة واملكاتبة‪ ،‬وال صيام ملن مل يبيت‬
‫عىل القضاء والنذر‪ ،‬وذكاة اجلنني ذكاة أمه عىل التشبيه‪ ،‬وإنام الصدقات‬
‫عىل بيان املرصف‪ ،‬ومن ملك ذا رحم عىل األصول والفروع‪ ،‬والسارق‬

‫~ ‪~ 34‬‬
‫يسق البيضة عىل احلديد‪ ،‬وبالل يشفع األذان عىل أن جيعله شفعاً ألذان‬
‫ابن أم مكتوم‪.‬‬
‫املجمل واملبني‬
‫املجمل‪ :‬ما مل تتضح داللته‪.‬‬
‫فال إمجال يف آية السقة‪ ،‬ونحو (حرمت عليكم امهاتكم)‪( ،‬وامسحوا‬
‫برؤوسكم)‪" ،‬ال نكاح إال بول"‪" ،‬رفع عن امتي اخلطأ"‪" ،‬ال صالة إال‬
‫بفاحتة الكتاب"‪ ،‬لوضوح داللة الكل‪ ،‬وخالف قوم‪.‬‬
‫وإنام اإلمجال يف مثل‪ :‬القرء‪ ،‬والنور‪ ،‬واجلسم‪ ،‬ومثل‪ :‬املختار‪ ،‬لرتدده بني‬
‫الفاعل واملفعول‪ ،‬وقوله تعاىل (أو يعفو الذي بيده عقده النكاح) ‪( ،‬اال ما‬
‫يتىل عليكم) ‪( ،‬وما يعلم تأويله اال اهلل والراسخون ) ‪ ،‬وقوله عليه الصالة‬
‫جاره أن يضع خشبة يف جداره"‪ ،‬وقولك‪:‬‬
‫والسالم‪" :‬ال يمنع أحدكم َ‬
‫زيد طبيب ماهر‪ ،‬الثالثة زوج وفرد‪.‬‬
‫واألصح وقوعه يف الكتاب والسنة‪.‬‬
‫املسمى الرشعي أوضح من اللغوي‪ ،‬وقد تقدم‪ ،‬فإن تعذر حقيقة فري يد‬
‫ّ‬ ‫وأن‬
‫بتجوز‪ ،‬أو جممل‪ ،‬أو ُيمل عىل اللغوي‪ ،‬أقوال‪.‬‬
‫إليه ّ‬
‫واملختار أن اللفظ املستعمل ملعنى تار ًة‪ ،‬وملعنيني‪ ،‬ليس ذلك املعنى‬
‫أحدمها‪ ،‬جممل‪ ،‬فإن كان أحدَ مها فيعمل به‪ ،‬ويوقف اآلخر‪.‬‬
‫البيان‪ :‬إخراج اليشء من حيز اإلشكال إىل حيز التجيل‪.‬‬

‫~ ‪~ 35‬‬
‫وإنام جيب ملن أريد َفهمه اتفاق ًا‪ ،‬واألصح أنه قد يكون بالفعل‪ّ ،‬‬
‫وأن‬
‫املظنون يبني املعلوم‪ ،‬وأ ّن املتقدم ‪-‬وإن جهلنا عينه من القول والفعل‪ -‬هو‬
‫البيان‪ ،‬وإن مل يتفق البيانان‪ -‬كام لو طاف بعد احلج طوافني َ‬
‫وأ َم َر بواحد‪-‬‬
‫فالقول‪ ،‬وفعله ندب أو واجب‪ ،‬متقدم ًا أو متأخر ًا‪ ،‬وقال أبو احلسني‪:‬‬
‫املتقدّ م‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬تأخري البيان عن وقت الفعل غري واقع‪ ،‬وإن جاز‪.‬‬
‫وإىل وقته واقع عند اجلمهور‪ ،‬سواء كان للمبني ظاهر أم ال‪ ،‬وثالثها‪:‬‬
‫يمتنع يف غري املجمل‪ ،‬وهو ما له ظاهر‪ ،‬ورابعها‪ :‬يمتنع تأخري البيان‬
‫اإلمجال فيام له ظاهر‪ ،‬بخالف املشرتك واملتواطئ‪ ،‬وخامسها‪ :‬يمتنع يف غري‬
‫النسخ‪ ،‬وقيل‪ :‬جيوز تأخري النسخ اتفاق ًا‪ ،‬وسادسها‪ :‬ال جيوز تأخري بعض‬
‫دون بعض‪.‬‬
‫وعىل املنع املختار أنه جيوز للرسول صىل اهلل عليه وسلم تأخري التبليغ إىل‬
‫احلاجة‪ ،‬وأنه جيوز أن ال يعلم املوجود باملخصص وال بأنه خمصص‪.‬‬
‫النسخ‬
‫النسخ ‪ :‬اختلف يف أنه رفع أو بيان‪ ،‬واملختار‪ :‬رفع احلكم الرشعي‬
‫بخطاب‪.‬‬
‫فال نسخ بالعقل‪ ،‬وقول اإلمام‪ :‬من سقط رجاله نسخ غسلهام مدخول‪.‬‬
‫وال باإلمجاع‪ ،‬وخمالفتهم تتضمن ناسخ ًا‪.‬‬

‫~ ‪~ 36‬‬
‫وجيوز عىل الصحيح نسخ بعض القرآن تالو ًة وحك ًام‪ ،‬أو أحدمها فقط‪،‬‬
‫ونسخ الفعل قبل التمكن‪.‬‬
‫والنسخ بقرآن لقرآن وسنة‪ ،‬وبالسنة للقرآن‪ ،‬وقيل‪ :‬يمتنع باآلحاد‪ ،‬واحلق‬
‫مل يقع إال باملتواترة‪ ،‬وقال الشافعي‪ :‬وحيث وقع بالسنة فمعها قرآن أو‬
‫بالقرآن فمعه سنة عاضدة تبني توافق الكتاب والسنة‪.‬‬
‫وبالقياس‪ ،‬وثالثها‪ :‬إن كان جلي ًا‪ ،‬والرابع‪ :‬إن كان يف زمنه عليه الصالة‬
‫والسالم والعلة منصوصة‪.‬‬
‫ونسخ القياس يف زمنه عليه الصالة والسالم‪ ،‬ورشط ناسخه إن كان قياساً‬
‫أن يكون أجىل‪ ،‬وفاق ًا لإلمام‪ ،‬وخالف ًا لالمدي‪.‬‬
‫وجيوز نسخ الفحوى دون أصله‪ ،‬كعكسه عىل الصحيح‪ ،‬والنسخ به‪،‬‬
‫واألكثر أن نس َخ أحدمها يستلزم اآلخر‪.‬‬
‫ونسخ املخالفة وإن جتردت عن أصلِها‪ ،‬ال األصل دوهنا يف األظهر‪ ،‬وال‬
‫النسخ هبا‪.‬‬
‫ونسخ اإلنشاء‪ ،‬ولو بلفظ القضاء أو اخلرب أو ق ّيد بالتأبيد وغريه‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫صوموا أبد ًا‪ ،‬صوموا حت ًام‪ ،‬وكذا الصوم واجب مستمر أبد ًا‪ ،‬إذا قاله‬
‫نشاء‪ ،‬خالف ًا البن احلاجب‪.‬‬
‫إ ً‬
‫ونسخ اإلخبار بإجياب اإلخبار بنقيضه ال اخلرب‪ ،‬وقيل جيوز إن كان عن‬
‫مستقبل‪.‬‬

‫~ ‪~ 37‬‬
‫وجيوز النسخ ببدل أ َ‬
‫ثقل‪ ،‬وبال بدل‪ ،‬لكن مل يقع‪ ،‬وفاق ًا للشافعي‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬النسخ واقع عند كل املسلمني‪ ،‬وسامه أبو مسلم ختصيص ًا‪ ،‬فقيل‪:‬‬
‫لفظي‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫خالف‪ ،‬فاخللف‬
‫واملختار أ ّن نسخ حكم األصل ال يبقى معه حكم الفرع‪.‬‬
‫نسخ مجيع التكاليف‪،‬‬
‫وأن كل حكم رشعي يقبل النسخ‪ ،‬ومنع الغزال َ‬
‫نسخ وجوب املعرفة‪ ،‬واإلمجاع عىل عدم الوقوع‪.‬‬
‫واملعتزلة َ‬
‫واملختار أن الناسخ قبل تبليغه (صىل اهلل عليه وسلم) األمة ال يثبت يف‬
‫حقهم‪ ،‬وقيل يثبت بمعنى االستقرار يف الذمة ال االمتثال‪.‬‬
‫أما الزيادة عىل النص فليست بنسخ خالف ًا للحنفية‪ ،‬ومثاره‪ :‬هل رفعت؟‬
‫وإىل املأخذ َعود األقوال املفصلة والفروع املعينة‪.‬‬
‫وكذا اخلالف يف جزء العبادة أو رشطها‪.‬‬
‫خامتة‬
‫يتعني الناسخ بتأخره‪ ،‬وطريق العلم بتأخره‪ :‬اإلمجاع‪ ،‬أو قوله (صىل اهلل‬
‫عليه وسلم) هذا ناسخ‪ ،‬أو بعد ذلك‪ ،‬أو كنت هنيت عن كذا فافعلوه‪ ،‬أو‬
‫النص عىل خالف األول‪ ،‬أو قول الراوي هذا سابق‪.‬‬
‫ملوافقة أحد النصني لألصل‪ ،‬وث ِ‬
‫بوت إحدى اآليتني بعد األخرى‬ ‫ِ‬ ‫وال أ َثر‬
‫وتأخر اسالم الراوي‪ ،‬وقولِ ِه هذا ناسخ ال الناسخ‪ ،‬خالفاً‬
‫ِ‬ ‫يف املصحف‪،‬‬
‫لزاعميها‪.‬‬

‫~ ‪~ 38‬‬
‫الكتاب الثاين‪ :‬يف السنة‬
‫وهي أقوال حممد (صىل اهلل عليه وسلم) وأفعاله‪.‬‬
‫األنبياء عليهم الصالة والسالم معصومون ال يصدر عنهم ذنب‪ ،‬ولو‬
‫صغري ًة‪ ،‬سهو ًا‪ ،‬وفاق ًا لألستاذ والشهرستاين وعياض والشيخ اإلمام‪.‬‬
‫قر حممد (صىل اهلل عليه وسلم) أحد ًا عىل باطل‪ ،‬وسكوته ولو‬‫فإذن ال ي ي‬
‫فعل من يغريه اإلنكار‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫مستبرش عىل الفعل مطلق ًا –وقيل‪ :‬إال َ‬ ‫غري‬
‫الكافر غري املنافق ‪ -‬دليل اجلواز للفاعل‪،‬‬
‫َ‬ ‫الكافر ولو منافق ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬إال‬
‫َ‬ ‫إال‬
‫وكذا لغريه‪ ،‬خالف ًا للقايض‪.‬‬
‫وغري مكروه للنيدرة‪.‬‬
‫حمرم للعصمة‪َ ،‬‬
‫وفعله صىل اهلل عليه وسلم غري ّ‬
‫وما كان جبلي ًا أو بيان ًا أو خمصص ًا به فواضح‪.‬‬
‫وفيام تردد بني اجلبيل والرشعي‪ ،‬كاحلج راكب ًا‪ ،‬ترد ٌّد‪.‬‬
‫وما سواه إن علمت صفته فأمته مثله يف األصح‪ ،‬وتعلم بنص‪ ،‬وتسوية‬
‫ِ‬
‫ووقوعه بيان ًا‪ ،‬أو امتثاالً‪ ،‬لدال عىل وجوب أو ندب أو‬ ‫بمعلوم اجلهة‪،‬‬
‫اباحة‪.‬‬
‫الوجوب أماراته‪ :‬كالصالة باألذان‪ ،‬وكونه ممنوع ًا لو مل جيب‬
‫َ‬ ‫وخيص‬
‫ي‬
‫كاخلتان واحلد‪.‬‬
‫والندب جمرد ِ‬
‫قصد القربة‪ ،‬وهو كثري‪.‬‬ ‫َ‬

‫~ ‪~ 39‬‬
‫وإن جهلت فللوجوب‪ ،‬وقيل‪ :‬للندب‪ ،‬وقيل‪ :‬لإلباحة‪ ،‬وقيل‪ :‬بالوقف‬
‫األولني مطلق ًا‪ ،‬وفيهام إن ظهر قصد القربة‪.‬‬
‫يف الكل‪ ،‬ويف ّ‬
‫واذا تعارض القول والفعل‪ ،‬ودل دليل عىل تكرر مقتىض القول‪:‬‬
‫فإن كان خاص ًا به فاملتأخر ناسخ‪ .‬فإن جهل فثالثها‪ :‬األصح الوقف‪.‬‬
‫وإن كان خاص ًا بنا فال معارضة فيه‪ ،‬ويف األمة املتأخر ناسخ إن دل دليل‬
‫عىل التأيس‪ ،‬فإن جهل التاريخ فثالثها‪ :‬األصح أنه يعمل بالقول‪.‬‬
‫مر‪ ،‬إال أن يكون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإن كان عام ًا لنا وله فتقدّ م‬
‫الفعل أو القول له ولألمة كام ّ‬
‫العام ظاهر ًا فيه صىل اهلل عليه وسلم فالفعل ختصيص‪.‬‬
‫الكالم يف األخبار‬
‫املركب إما مهمل‪ ،‬وهو موجود خالف ًا لإلمام‪ ،‬وليس موضوع ًا‪ ،‬وإما‬
‫مستعمل‪ ،‬واملختار أنه موضوع‪.‬‬
‫والكالم‪ :‬ما تضمن من ال َكلِم اسناد ًا مفيد ًا مقصود ًا لذاته‪.‬‬
‫وقالت املعتزلة‪ :‬إنه حقيقة يف اللساين‪ ،‬وقال األشعري مر ًة‪ :‬يف النفساين‪،‬‬
‫وهو املختار‪ ،‬ومر ًة‪ :‬مشرتك‪ .‬وإنام يتكلم األصول يف اللساين‪.‬‬
‫فإن أفاد يف الوضع طلب ًا فطلب ذكر املاهية استفهام‪ ،‬وحتصيلها أو حتصيل‬
‫ّ‬
‫الكف عنها أمر وهني‪ ،‬ولو من ملتمس وسائل‪.‬‬
‫والكذب تنبيه وانشاء‪ ،‬وحمتملهام اخلرب‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الصدق‬ ‫وإال فام ال ُيتمل‬
‫وأبى قوم تعريفه كالعلم واجلود والعدم‪.‬‬

‫~ ‪~ 40‬‬
‫وقد يقال‪ :‬اإلنشاء ما ُيصل مدلوله يف اخلارج بالكالم‪ .‬واخلرب خالفه‪،‬‬
‫أي‪ :‬ما له خارج صدق أو كذب‪ .‬وال خمرج له عنهام‪ ،‬ألنه إما مطابق‬
‫للخارج أو ال ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ونفيه‪ ،‬أو ال مطابق مع‬ ‫وقيل بالواسطة‪ ،‬فاجلاحظ‪ :‬إما مطابق مع االعتقاد‬
‫ِ‬
‫ونفيه‪ ،‬فالثاين فيهام واسطة‪.‬‬ ‫االعتقاد‬
‫وغريه‪ :‬الصدق املطابقة العتقاد املخ ِرب‪ ،‬طابق اخلارج أو ال‪ ،‬وكذبه‬
‫عدمها‪ ،‬فالسا َذج واسطة‪.‬‬
‫والراغب‪ :‬الصدق املطابقة اخلارجية مع االعتقاد‪ ،‬فإن فقدا‪ ،‬فمنه كذب‪،‬‬
‫وموصوف هبام بجهتني‪.‬‬
‫ِ‬
‫بالنسبة‪ ،‬ال ثبوهتا‪ ،‬وفاق ًا لإلمام وخالف ًا للقرايف‪ ،‬وإال‬ ‫ومدلول اخلرب احلكم‬
‫مل يكن يشء من اخلرب كذب ًا‪.‬‬
‫ومورد الصدق والكذب النسبة التي تضمنّها‪ ،‬ليس غري‪ ،‬كقائم يف‪ :‬زيد‬
‫َ‬
‫بن عمرو قائم‪ ،‬ال ب ّنوة زيد‪ ،‬ومن ثم قال مالك وبعض أصحابنا‪ :‬الشهادة‬
‫بتوكيل فالن بن فالن شهادة بالوكالة فقط‪ ،‬واملذهب بالن ِ‬
‫سب ضمن ًا‪،‬‬
‫ِ‬
‫والوكالة أص ً‬
‫ال‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬اخلرب إما مقطوع بكذبه كاملعلو ِم خالفه رضورة أو استدالالً‪ ،‬وكل‬
‫خرب أوهم باط ً‬
‫ال ومل يقبل التأويل فمكذوب‪ ،‬أو نقص منه ما يزيل الوهم‪.‬‬
‫وسبب الوضع‪ :‬نسيان‪ ،‬أو افرتاء‪ ،‬أو غلط‪ ،‬أو غريها‪.‬‬

‫~ ‪~ 41‬‬
‫ومن املقطوع بكذبه عىل الصحيح‪ :‬خرب مدّ عي الرسالة بال معجزة‪ ،‬أو‬
‫تصديق الصادق‪ ،‬وما ن ّقب عنه ومل يوجد عند أهله‪ ،‬وبعض املنسوب إىل‬
‫النبي (صىل اهلل عليه وسلم)‪ ،‬واملنقول آحاد ًا فيام تتوفر الدواعي عىل نقله‪،‬‬
‫خالف ًا للرافضة‪.‬‬
‫وإما بصدقه‪ :‬كخرب الصادق‪ ،‬وبعض املنسوب إىل النبي (صىل اهلل عليه‬
‫وسلم)‪.‬‬
‫واملتواتر معنى أو لفظ ًا‪ ،‬وهو خرب مجع يمتنع تواطؤهم عىل الكذب عن‬
‫حمسوس‪.‬‬
‫وحصول العلم آية اجتامع رشائطه‪.‬‬
‫وال تكفي األربعة‪ ،‬وفاق ًا للقايض والشافعية‪ ،‬وما زاد عليها صالح من غري‬
‫ضبط‪ ،‬وتوقف القايض يف اخلمسة‪ ،‬وقال األص َطخري‪ :‬أقله عرشة‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫اثنا عرش‪ ،‬وعرشون‪ ،‬وأربعون‪ ،‬وسبعون‪ ،‬وثالثمئة وبضعة عرش‪.‬‬
‫واألصح ال يشرتط فيه إسالم‪ ،‬وال عدم احتواء بلد‪.‬‬
‫نظري‪ ،‬وفسه إمام‬
‫ٌّ‬ ‫وأن العلم فيه رضوري‪ ،‬وقال الكعبي واالمامان‪:‬‬
‫احلرمني بتوقفه عىل مقدمات حاصلة ال االحتياج إىل النظر عقيبه‪ ،‬وتوقف‬
‫اآلمدي‪.‬‬

‫~ ‪~ 42‬‬
‫ثم إن أخربوا عن عيان فذاك‪ ،‬وإال فيشرتط ذلك يف كل الطبقات‪،‬‬
‫والصحيح ثالثها‪ :‬أن ِعلمه لكثرة العدد يتفق‪ ،‬وللقرائن قد خيتلف‪،‬‬
‫فيحصل لزيد دون عمرو‪.‬‬
‫وأن اإلمجاع عىل وفق خرب ال يدل عىل صدقه‪ ،‬وثالثها‪ :‬ي‬
‫يدل إن تلقوه‬
‫بالقبول‪.‬‬
‫وكذلك بقاء خرب تتوفر الدواعي عىل إبطاله‪ ،‬خالف ًا للزيدية‪.‬‬
‫وافرتاق العلامء يف اخلرب بني مؤول وحمتج‪ ،‬خالف ًا لقوم‪.‬‬
‫َ‬
‫حامل عىل سكوهتم صادق‪ ،‬وكذا‬ ‫َِ‬
‫املخرب بحْضة قوم مل يكذبوه وال‬ ‫وأ ّن‬
‫ِ‬
‫املخرب بمسمع من النبي (صىل اهلل عليه وسلم) وال حامل عىل التقرير‬
‫والكذب‪ ،‬خالفاً للمتأخرين‪ ،‬وقيل‪ :‬إن كان عن دنيوي‪.‬‬
‫وأما مظنون الصدق فخرب الواحد‪ ،‬وهو ما مل ِ‬
‫ينته إىل التواتر‪.‬‬
‫ومنه املستفيض‪ ،‬وهو الشائع عن أصل‪.‬‬
‫سمى مشهور ًا‪ ،‬وأق يله اثنان‪ ،‬وقيل‪ :‬ثالثة‪.‬‬
‫وقد ي ّ‬
‫مسألة‪ :‬خرب الواحد ال يفيد العلم إال بقرينة‪ ،‬وقال األكثر‪ :‬ال مطلق ًا‪،‬‬
‫وأمحد‪ :‬يفيد مطلق ًا‪ ،‬واألستاذ وابن فورك‪ :‬يفيد املستفيض عل ًام نظري ًا‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬جيب العمل به يف الفتوى والشهادة إمجاع ًا‪ ،‬وكذا سائر األمور‬
‫ال‪ ،‬وقالت الظاهرية‪ :‬ال جيب مطلق ًا‪،‬‬
‫الدينية‪ ،‬قيل‪ :‬سمع ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬عق ً‬
‫والكرخي‪ :‬يف احلدود‪ ،‬وقوم‪ :‬يف ابتداء النيصب‪ ،‬وقوم‪ :‬فيام عمل األكثر‬

‫~ ‪~ 43‬‬
‫بخالفه‪ ،‬واملالكية‪ :‬فيام عمل أهل املدينة‪ ،‬واحلنفية‪ :‬فيام تعم به البلوى‪ ،‬أو‬
‫خالفه راويه‪ ،‬أو عارض القياس‪ ،‬وثالثها يف معارض القياس‪ :‬إن عرفت‬
‫العلة بنص راجح عىل اخلرب ووجدت قطعاً يف الفرع مل يقبل‪ ،‬أو ظناً‬
‫فالوقف‪ ،‬وإال قبِ َل‪ .‬واجلبائي‪ :‬ال بد من اثنني‪ ،‬أو اعتضاد‪ ،‬وعبد اجلبار‪ :‬ال‬
‫بد من أربعة يف الزنى‪.‬‬
‫ِ‬
‫األصل‬ ‫مسألة‪ :‬املختار ‪-‬وفاق ًا للسمعاين وخالف ًا للمتأخرين‪ -‬أن تكذيب‬
‫الفرع ال يسقط املروي‪ ،‬ومن ثم لو اجتمعا يف شهادة مل تر ّد‪ ،‬وإن شك أو‬
‫َ‬
‫ظن والفرع جازم فأوىل بالقبول‪ ،‬وعليه األكثر‪.‬‬
‫وزيادة العدل مقبولة إن مل يعلم احتاد املجلس‪ ،‬وإال فثالثها‪ :‬الوقف‪،‬‬
‫والرابع‪ :‬إن كان غريه ال يغفل مثلهم عن مثلها عادة مل تقبل‪ ،‬واملختار‬
‫وفاق ًا للسمعاين املنع إن كان غريه ال يغفل‪ ،‬أو كانت تتوفر الدواعي عىل‬
‫نقلها‪.‬‬
‫فإن كان الساكت أضبط أو رصح بنفي الزيادة عىل وجه يقبل‪ ،‬تعارضا‪.‬‬
‫ولو رواها مرة وترك أخرى‪ ،‬فكراو َيني‪.‬‬
‫عراب الباقي تعارضا‪ ،‬خالفاً للبرصي‪.‬‬
‫غريت إ َ‬
‫ولو ّ‬
‫ولو انفرد واحد عن واحد قبل عند األكثر‪.‬‬
‫ولو أسند وأرسلوا‪ ،‬أو وقف ورفعوا‪ ،‬فكالزيادة‪.‬‬
‫وحذف بعض اخلرب جائز عند األكثر‪ ،‬إال أن يتعلق به‪.‬‬

‫~ ‪~ 44‬‬
‫حمم َليه املتنافيني‪،‬‬
‫التابعي‪ -‬مرويه عىل أحد َ‬
‫ي‬ ‫الصحايب –قيل‪ :‬أو‬
‫ي‬ ‫وإذا َ‬
‫محل‬
‫فالظاهر محله‪ ،‬وتوقف أبو إسحق الشريازي‪ ،‬وإن مل يتنافيا فكاملشرتك يف‬
‫محله عىل معنييه‪.‬‬
‫فإن محل عىل غري ظاهره‪ ،‬فاألكثر عىل الظهور‪ ،‬وقيل‪ :‬عىل تأويله مطلق ًا‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إن صار إليه لعلمه بقصد النبي ( صىل اهلل عليه وسلم ) إليه‪.‬‬
‫صبي يف األصح‪ ،‬فإن حتمل فبلغ فأ ّدى‬
‫ٌّ‬ ‫مسألة‪ :‬ال يقبل جمنون وكافر‪ ،‬وكذا‬
‫الكذب‪ ،‬وثالثها‪ :‬قال مالك إال‬
‫َ‬ ‫قبل عند اجلمهور‪ ،‬ويقبل مبتدع ُيرم‬
‫ومن ليس فقيه ًا‪ ،‬خالف ًا للحنفية فيام خيالف القياس‪ ،‬واملتساهل يف‬
‫الداعية‪َ ،‬‬
‫غري احلديث‪ ،‬وقيل‪ :‬ير يد مطلق ًا‪.‬‬
‫واملكثر وإن ندرت خمالطته للمحدثني إذا أمكن حتصيل ذلك القدر يف‬
‫ذلك الزمان‪.‬‬
‫ورشط الراوي العدالة‪ ،‬وهي‪ :‬م َل َكة متنع عن اقرتاف الكبائر وصغائر‬
‫اخلسة كسقة لقمة‪ ،‬والرذائل املباحة كالبول يف الطريق‪.‬‬
‫ّ‬
‫فال يقبل املجهول باطن ًا وهو املستور‪ ،‬خالف ًا أليب حنيفة وابن فورك‬
‫وسليم‪ ،‬وقال إمام احلرمني‪ :‬يو َقف وجيب االنكفاف إذا روى التحريم إىل‬
‫الظهور‪.‬‬
‫أما املجهول ظاهر ًا وباطن ًا فمردود امجاع ًا‪ ،‬وكذا جمهول العني‪.‬‬

‫~ ‪~ 45‬‬
‫فإن وصفه نحو الشافعي بالثقة فالوجه قبوله‪ ،‬وعليه إمام احلرمني‪ ،‬خالف ًا‬
‫للصرييف واخلطيب‪.‬‬
‫وإن قال‪ :‬ال أهتمه‪ ،‬فكذلك‪ ،‬وقال الذهبي‪ :‬ليس توثيق ًا‪.‬‬
‫ويقبل من أقدم جاه ً‬
‫ال عىل مفسق مظنون أو مقطوع‪ ،‬يف األصح‪.‬‬
‫وقد اضطرب يف الكبرية‪ ،‬فقيل‪ :‬ما تو ّعد عليه بخصوصه‪ ،‬وقيل‪ :‬ما فيه‬
‫حدٌّ ‪ ،‬وقيل‪ :‬ما نص الكتاب عىل حتريمه أو وجب يف جنسه حدٌّ ‪ ،‬وقال‬
‫األستاذ والشيخ اإلمام‪ :‬ي‬
‫كل ذنب‪ ،‬ونفيا الصغائر‪.‬‬
‫واملختار وفاق ًا إلمام احلرمني‪ :‬كل جريمة تؤذن بقلة اكرتاث مرتكبها‬
‫بالدين ور ّقة الديانة‪ ،‬كالقتل والزنى واللواط ورشب اخلمر ومطلق‬
‫املسكر والسقة والغضب والقذف والنميمة وشهادة الزور واليمني‬
‫الفاجرة وقطيعة الرحم والعقوق والفرار ومال اليتيم وخيانة الكيل‬
‫والوزن وتقديم الصالة وتأخريها والكذب عىل رسول اهلل (صىل اهلل عليه‬
‫وسلم) ورضب املسلم وسب الصحابة وكتامن الشهادة والرشوة والدياثة‬
‫والقيادة والسعاية ومنع الزكاة ويأس الرمحة وأمن املكر والظهار وحلم‬
‫اخلنزير وامليتة وفطر رمضان والغلول واملحاربة والسحر والربا وإدمان‬
‫الصغرية‪.‬‬
‫ترافع فيه الرواية‪ ،‬وخالفه الشهادة‪.‬‬
‫َ‬ ‫مسألة‪ :‬اإلخبار عن عام ال‬
‫وأشهد إنشاء تضمن اإلخبار‪ ،‬ال حمض إخبار أو إنشاء عىل املختار‪.‬‬

‫~ ‪~ 46‬‬
‫وصيغ العقود كبعت إنشاء‪ ،‬خالف ًا أليب حنيفة‪.‬‬
‫قال القايض‪ :‬يثبت اجلرح والتعديل بواحد‪ ،‬وقيل‪ :‬يف الرواية فقط‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫ال فيهام‪.‬‬
‫وقال القايض‪ :‬يكفي االطالق فيهام‪ ،‬وقيل‪ :‬يذكر سببهام‪ ،‬وقيل‪ :‬سبب‬
‫التعديل فقط‪ ،‬وعكس الشافعي‪ ،‬وهو املختار يف الشهادة‪ ،‬وأما الرواية‬
‫فاملختار يكفي االطالق إذا عرف مذهب اجلارح‪ ،‬وقول اإلمامني‪ :‬يكفي‬
‫وجرح إال من العامل‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تعديل‬ ‫إطالقهام للعامل بسببهام هو رأي القايض‪ ،‬إذ ال‬
‫َ‬
‫واجلرح مقدم إن كان عدد اجلارح أكثر من املعدل إمجاع ًا‪ ،‬وكذا إن‬
‫تساويا‪ ،‬أو كان اجلارح أقل‪ ،‬وقال ابن شعبان‪ :‬يطلب الرتجيح‪.‬‬
‫ومن التعديل‪ :‬حكم مشرتط العدالة بالشهادة‪ ،‬وكذا عمل العامل يف‬
‫األصح‪ ،‬ورواية من ال يروي إال للعدل‪.‬‬
‫ِ‬
‫بمشهوده‪ ،‬وال احلدي يف‬ ‫ِ‬
‫العمل بمرويه‪ ،‬واحلك ِم‬ ‫وليس من اجلرح‪ :‬ترك‬
‫يذ‪ ،‬وال التدليس بتسمية غري مشهورة‪ ،‬قال ابن‬‫ونحو النب ِ‬
‫ِ‬ ‫شهادة الزنى‪،‬‬
‫اسم‬
‫السمعاين‪ :‬إال أن يكون بحيث لو سئل مل يبينه‪ ،‬وال بإعطاء شخص َ‬
‫آخر تشبيهاً كقولنا‪ :‬أبو عبد اهلل احلافظ‪ ،‬يعني الذهبي‪ ،‬تشبيهاً بالبيهقي‬ ‫َ‬
‫يعني احلاكم‪ ،‬وال بإهيام ال يل ِق ّي والرحلة‪.‬‬
‫أما مدلس املتون فمجروح‪.‬‬

‫~ ‪~ 47‬‬
‫مسألة‪ :‬الصحايب من اجتمع مؤمن ًا بمحمد (صىل اهلل عليه وسلم) وإن مل‬
‫يرو‪ ،‬ومل يطِل‪ ،‬بخالف التابعي مع الصحايب‪ ،‬وقيل‪ :‬يشرتطان‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫ِ‬

‫أحدمها‪ ،‬وقيل‪ :‬الغزو‪ ،‬أو سنة‪.‬‬


‫ولو ادعى املعارص العدل الصحب َة قبِل‪ ،‬وفاق ًا للقايض‪.‬‬
‫واألكثر عىل عدالة الصحابة‪ ،‬وقيل‪ :‬هم كغريهم‪ ،‬وقيل‪ :‬إىل قتل عثامن‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إال َمن قاتل علي ًا‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬املرسل قول غري الصحايب قال النبي (صىل اهلل عليه وسلم)‪.‬‬
‫واحتج به أبو حنيفة ومالك واآلمدي مطلق ًا‪ ،‬وقوم‪ :‬إن كان ِ‬
‫املرسل من‬
‫أئمة النقل‪.‬‬
‫ثم هو أضعف من املسنَد‪ ،‬خالف ًا لقوم‪ ،‬والصحيح ر يده‪ ،‬وعليه األكثر‪،‬‬
‫منهم‪ :‬الشافعي والقايض‪.‬‬
‫قال مسلم وأهل العلم باألخبار‪ :‬فإن كان ال يروي إال عن عدل كابن‬
‫املسيب قبل وهو مسند‪.‬‬
‫كقول صحايب‪ ،‬أو فعلِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫يرجح‪،‬‬ ‫عضد م َ‬
‫رسل كبار التابعني ضعيف ّ‬ ‫وإن ّ‬
‫ِ‬
‫العرص‪ ،‬كان‬ ‫أو األكثر‪ ،‬أو اسناد‪ ،‬أو ارسال‪ ،‬أو قياس‪ ،‬أو انتشار‪ ،‬أو ِ‬
‫عمل‬
‫ِ‬
‫املرسل‪ ،‬وال املنضم‪ ،‬فإن جترد وال‬ ‫املجموع حج ًة‪ ،‬وفاقاً للشافعي‪ ،‬ال جمرد‬
‫دليل سواه فاألظهر االنكفاف ألجله‪.‬‬

‫~ ‪~ 48‬‬
‫مسألة‪ :‬األكثر عىل جواز نقل احلديث باملعنى للعارف‪ ،‬وقال املاوردي‪ :‬إن‬
‫نيس اللفظ‪ ،‬وقيل‪ :‬إن كان موجبه عل ًام‪ ،‬وقيل‪ :‬بلفظ مرادف‪ ،‬وعليه‬
‫اخلطيب‪ ،‬ومنعه ابن سريين وثعلب والرازي وروي عن ابن عمر‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬الصحيح ُيتج بقول الصحايب قال (صىل اهلل عليه وسلم)‪ ،‬وكذا‬
‫عن‪ ،‬عىل األصح‪ ،‬وكذا سمعته أمر وهنى‪ ،‬أو أ ِمرنا‪ ،‬أو حرم‪ ،‬وكذا رخص‬
‫يف األظهر‪ ،‬واألكثر ُيتج بقوله من السنة‪ ،‬فكنّا معارش الناس‪ ،‬أو كان‬
‫الناس يفعلون يف عهده (صىل اهلل عليه وسلم)‪ ،‬فكنا نفعل يف عهده‪ ،‬فكان‬
‫الناس يفعلون‪ ،‬فكانوا ال يقطعون يف اليشء التافه‪.‬‬
‫خامتة‪ :‬مستند غري الصحايب‬
‫مالء وحتديث ًا‪ ،‬فقراءته عليه‪ ،‬فسامعه‪ ،‬فاملناولة مع اإلجازة‪،‬‬
‫قراءة الشيخ إ ً‬
‫فخاص يف عام‪ ،‬فعام يف خاص‪ ،‬فعام يف عام‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫فاإلجازة خلاص يف خاص‪،‬‬
‫ومن يوجد ِمن نسله‪ ،‬فاملناولة‪ ،‬فاإلعالم‪ ،‬فالوصية‪ ،‬فالوجادة‪.‬‬
‫فلفالن َ‬
‫ومنع احلريب وأبو الشيخ والقايض احلسني واملاوردي‪ :‬اإلجاز َة‪ ،‬وقوم‪:‬‬
‫العام َة منها‪ ،‬والقايض أبو الطيب‪َ :‬من يوجد من نسل زيد‪ ،‬وهو الصحيح‪.‬‬
‫واإلمجاع عىل منع من يوجد مطلق ًا‪ ،‬وألفاظ الرواية من صناعة املحدثني‪.‬‬
‫الكتاب الثالث‪ :‬يف اإلمجاع‬
‫وهو اتفاق جمتهدي األمة بعد وفاة حممد (صىل اهلل عليه وسلم) يف عرص‬
‫عىل أي أمر كان‪ .‬فعلم اختصاصه باملجتهدين وهو اتفاق‪.‬‬

‫~ ‪~ 49‬‬
‫واعترب قوم وفاق العوام مطلق ًا‪ ،‬وقوم يف املشهور بمعنى إطالق أن األمة‬
‫أمجعت‪ ،‬ال اف ِ‬
‫تقار احلجة اليهم‪ ،‬خالف ًا لآلمدي‪.‬‬
‫وآخرون‪ :‬االصول يف الفروع‪ ،‬وباملسلمني‪ ،‬فخرج من نكفره‪ ،‬وبالعدول‬
‫إن كانت العدالة ركن ًا‪ ،‬وعدمه إن مل تكن‪ ،‬وثالثها يف الفاسق‪ :‬يعترب يف حق‬
‫نفسه‪ ،‬ورابعها‪ :‬أن ي ّبني مأخذه‪.‬‬
‫وأنه ال بد من الكل‪ ،‬وعليه اجلمهور‪ ،‬وثانيها‪ :‬يْض االثنان‪ ،‬وثالثها‪:‬‬
‫الثالثة‪ ،‬ورابعها‪ :‬بالغ عدد التواتر‪ ،‬وخامسها‪ :‬إن ساغ االجتهاد يف مذهبه‪،‬‬
‫وسادسها‪ :‬يف أصول الدين‪ ،‬وسابعها‪ :‬ال يكون إمجاع ًا بل حجة‪.‬‬
‫وأنه ال خيتص بالصحابة‪ ،‬وخالف الظاهرية‪ ،‬وعدم انعقاده يف حياة النبي‬
‫(صىل اهلل عليه وسلم)‪ ،‬وأ ّن التابعي املجتهد معترب معهم‪ ،‬فإن نشأ بعد‬
‫فعىل اخلالف يف انقراض العرص‪.‬‬
‫وأن إمجاع كل من‪ :‬أهل املدينة‪ ،‬وأهل البيت‪ ،‬واخللفاء األربعة‪،‬‬
‫والشيخني‪ ،‬وأهل احلرمني‪ ،‬وأهل املرصين‪ :‬الكوفة والبرصة‪ ،‬غري حجة‪.‬‬
‫وأن املنقول باآلحاد حجة‪ ،‬وهو الصحيح يف الكل‪.‬‬
‫وأ ّنه ال يشرتط عدد التواتر‪ ،‬وخالف إمام احلرمني‪.‬‬
‫وأ ّنه لو مل يكن إال واحد مل ُيتج به‪ ،‬وهو املختار‪.‬‬
‫وأ ّن انقراض العرص ال يشرتط‪ ،‬وخالف أمحد وابن فورك وسليم فرشطوا‬
‫ِ‬
‫والنادر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اعتبار العامي‬ ‫انقراض كلهم‪ ،‬أو غالبهم‪ ،‬أو علامئهم‪ ،‬أقوال‬

‫~ ‪~ 50‬‬
‫وقيل‪ :‬يشرتط يف السكويت‪ ،‬وقيل‪ :‬إن كان فيه مهلة‪ ،‬وقيل‪ :‬إن بقي منهم‬
‫كثري‪.‬‬
‫وأ ّنه ال يشرتط متادي الزمن‪ ،‬ورشطه إمام احلرمني يف الظني‪.‬‬
‫وأن إمجاع السابقني غري حجة‪ ،‬وهو األصح‪.‬‬
‫ّ‬
‫وأنه قد يكون عن قياس‪ ،‬خالف ًا ملانع جواز ذلك‪ ،‬أو وقوعه مطلق ًا‪ ،‬أو يف‬
‫اخلفي‪.‬‬
‫وأن اتفاقهم عىل أحد القولني قبل استقرار اخلالف جائز‪ ،‬ولو ِمن احلادث‬
‫ّ‬
‫بعدهم‪ ،‬وأما بعدَ ه منهم فمنعه اإلمام‪ ،‬وجوزه اآلمدي مطلق ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬إال‬
‫أن يكون مستندهم قاطع ًا‪.‬‬
‫وموت املخالف قيل‪ :‬كاالتفاق‪ ،‬وقيل‪ :‬ال‪.‬‬
‫وأما من غريهم فاألصح ممتنع إن طال الزمان‪.‬‬
‫وأن التمسك بأقل ما قيل حق‪.‬‬
‫ّ‬
‫أما السكويت فثالثها‪ :‬حجة ال إمجاع‪ ،‬ورابعها‪ :‬برشط االنقراض‪ ،‬وقال ابن‬
‫أيب هريرة‪ :‬إن كان فتيا‪ ،‬وأبو اسحق املروزي‪ :‬عكسه‪ ،‬وقوم‪ :‬إن وقع فيام‬
‫يفوت استدراكه‪ ،‬وقوم‪ :‬يف عرص الصحابة‪ ،‬وقوم‪ :‬إن كان الساكتون أقل‪.‬‬
‫لفظي‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫والصحيح‪ :‬حجة‪ ،‬ويف تسميته إمجاعاً خلف‬

‫~ ‪~ 51‬‬
‫السكوت املجر َد عن أمارة رىض وسخط‬
‫َ‬ ‫ويف كونه إمجاعاً ترد ٌّد‪ ،‬مثاره‪ :‬أن‬
‫ِ‬
‫مهلة النظر عاد ًة عن مسألة اجتهادية تكليفية هل‬ ‫مع بلوغ الكل ومض‬
‫يغلب ظن املوافقة؟‬
‫وكذا اخلالف فيام مل ينترش‪.‬‬
‫وأنه قد يكون يف دنيوي‪ ،‬وديني‪ ،‬وعقيل ال تتوقف صحته عليه‪.‬‬
‫وال يشرتط فيه إمام معصوم‪.‬‬
‫وال بد له من مستند‪ ،‬واال مل يكن لقيد االجتهاد معنى‪ ،‬وهو الصحيح يف‬
‫الكل‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬الصحيح إمكانه‪ ،‬وأنه حجة يف الرشع‪ ،‬وأنه قطعي حيث اتفق‬
‫املعتربون ال حيث اختلفوا كالسكويت‪ ،‬وما ندر خمالفه‪ ،‬وقال اإلمام‬
‫واآلمدي‪ :‬ظني مطلق ًا‪ ،‬وخرقه حرام‪ ،‬فعلم حتريم إحداث ثالث‪،‬‬
‫والتفصيل‪ :‬إن خرقاه‪ ،‬وقيل‪ :‬خارقان مطلق ًا‪.‬‬
‫وأنه جيوز إحداث دليل أو تأويل أو علة إن مل َخي ِرق‪ ،‬وقيل‪ :‬ال‪.‬‬
‫وأنه يمتنع ارتداد األمة سمع ًا وهو الصحيح‪ ،‬ال اتفاقها عىل جهل ما مل‬
‫تكلف به عىل األصح‪ ،‬لعدم اخلطأ‪.‬‬
‫ويف انقسامها فرقتني كل خمطئ يف مسألة تردد‪ ،‬مثاره هل أخطأت؟‬
‫وأنه ال إمجاع يضاد إمجاع ًا سابق ًا‪ ،‬خالف ًا للبرصي‪.‬‬
‫وأنه ال يعارضه دليل إذ ال تعارض بني قاطعني‪ ،‬وال قاطع ومظنون‪.‬‬

‫~ ‪~ 52‬‬
‫وأن موافقته خرب ًا ال تدل عىل أنه عنه‪ ،‬بل ذلك الظاهر إن مل يوجد غريه‪.‬‬
‫خامتة‬
‫املجمع عليه املعلوم من الدين بالْضورة كافر قطع ًا‪ ،‬وكذا املشهور‬
‫َ‬ ‫جاحد‬
‫املنصوص يف األصح‪ ،‬ويف غري املنصوص ترد ٌّد‪ ،‬وال يكفر جاحد اخلفي‬
‫ولو منصوص ًا‪.‬‬
‫الكتاب الرابع‪ :‬يف القياس‬
‫وهو محل معلوم عىل معلوم ملساواته يف علة حكمه عند احلامل‪.‬‬
‫وإن خص بالصحيح حذف األخري‪.‬‬
‫وهو حجة يف األمور الدنيوية‪ ،‬قال اإلمام‪ :‬اتفاق ًا‪.‬‬
‫ال‪ ،‬وابن حزم‪ :‬رشع ًا‪ ،‬وداوود‪ :‬غري اجليل‪ ،‬وأبو‬
‫وأما غريها‪ :‬فمنعه قوم عق ً‬
‫حنيفة‪ :‬يف احلدود والكفارات والرخص والتقديرات‪ ،‬وابن عبدان‪ :‬ما مل‬
‫يضطر إليه‪ ،‬وقوم‪ :‬يف األسباب والرشوط واملوانع‪ ،‬وقوم‪ :‬يف أصول‬
‫العبادات‪ ،‬وقوم‪ :‬يف اجلزئي احلاجي إذا مل يرد نص عىل وفقه كضامن‬
‫الد َرك‪ ،‬وآخرون‪ :‬يف العقليات‪ ،‬وآخرون‪ :‬يف النفي األصيل‪ ،‬وتقدم قياس‬
‫اللغة‪.‬‬
‫والصحيح‪ :‬حجة إال يف العادية ِ‬
‫واخللقية‪ ،‬وإال يف كل األحكام‪ ،‬وإال‬
‫للمعممني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القياس عىل منسوخ‪ ،‬خالف ًا‬
‫َ‬

‫~ ‪~ 53‬‬
‫وليس النص عىل العلة ‪-‬ولو يف الرتك‪ -‬أمر ًا بالقياس‪ ،‬خالف ًا للبرصي‪،‬‬
‫وثالثها‪ :‬التفصيل‪.‬‬
‫وأركانه أربعة‪:‬‬
‫األصل‪ :‬وهو حمل احلكم املشبه به‪ ،‬وقيل‪ :‬دليله‪ ،‬وقيل‪ :‬حكمه‪.‬‬
‫وال يشرتط ٌّ‬
‫دال عىل جواز القياس عليه بنوعه أو شخصه‪ ،‬وال االتفاق عىل‬
‫وجود العلة فيه‪ ،‬خالف ًا لزاعميها‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬حكم األصل‪ ،‬ومن رشطه ثبوته بغري القياس‪ ،‬قيل‪ :‬واالمجاع‪،‬‬
‫وغري فرع إذا مل‬
‫َ‬ ‫غري متع ّبد فيه بالقطع‪ ،‬ورشعي ًا إن استلحق رشعي ًا‪،‬‬
‫وكونه َ‬
‫يظهر للوسط فائدة‪ ،‬وقيل‪ :‬مطلق ًا‪ ،‬وأن ال َيعدل عن َسنَن القياس‪ ،‬وال‬
‫ال حلكم الفرع‪ ،‬وكون احلكم متفق ًا عليه‪ ،‬قيل‪ :‬بني‬
‫يكون دليل حكمه شام ً‬
‫األمة‪ ،‬واألصح بني اخلصمني‪ ،‬وأنه ال يشرتط اختالف األمة‪.‬‬
‫فإن كان احلكم متفقاً بينهام ولكن لعلتني خمتلفتني فهو مركب األصل‪ ،‬أو‬
‫لعلة يمنع اخلصم وجو َدها يف األصل فمركب الوصف‪ ،‬وال يقبالن‬
‫خالف ًا للخالفيني‪.‬‬
‫ي‬
‫املستدل وجودها ‪-‬أو سل َمه املناظر‪ -‬انتهض‬ ‫ولو س ّلم العل َة فأثبت‬
‫اثبات حكمه ثم اثبات‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫املستدل‬ ‫الدليل‪ ،‬فإن مل يتفقا عىل األصل ولكن رام‬
‫العلة فاألصح قبوله‪.‬‬

‫~ ‪~ 54‬‬
‫والصحيح‪ :‬ال يشرتط االتفاق عىل تعليل حكم األصل‪ ،‬أو النص عىل‬
‫العلة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الفرع‪ ،‬وهو املحل املشبه‪ ،‬وقيل‪ :‬حكمه‪.‬‬
‫ومن رشطه وجود متام العلة فيه‪ ،‬فإن كانت قطعية فقطعي‪ ،‬أو ظنية‬
‫فقياس األدون كالتفاح عىل الرب بجامع الطعم‪.‬‬
‫َ‬
‫نقيض أو ضد ‪-‬ال خالفَ ‪ -‬احلك ِم عىل‬ ‫وتقبل املعارضة فيه بمقتض‬
‫املختار‪.‬‬
‫واملختار قبول الرتجيح‪ ،‬وأنه ال جيب اإليامء إليه يف الدليل‪ ،‬وال يقوم‬
‫َ‬
‫األصل‪،‬‬ ‫القاطع عىل خالفه وفاق ًا‪ ،‬وال خرب الواحد عند األكثر‪ ،‬وليساو‬
‫ِ‬
‫األصل فيام يقصد من عني أو جنس‪ ،‬فإن خالف فسد‬ ‫حكم‬
‫َ‬ ‫وحكمه‬
‫القياس‪.‬‬
‫وجواب املعرتض باملخالفة بيان االحتاد‪.‬‬
‫وال يكون منصوصاً بموافق ‪-‬خالف ًا ملجوز دليلني‪ -‬وال بمخالف اال‬
‫ِ‬
‫النظر‪ ،‬وال متقدم ًا عىل حكم األصل‪ ،‬وجوزه اإلمام عند دليل‬ ‫ِ‬
‫تجربة‬‫ل‬
‫آخر‪.‬‬
‫وال يشرتط ثبوت حكمه بالنص مجل ًة‪ ،‬خالف ًا لقوم‪ ،‬وال انتفاء نص أو‬
‫إمجاع يوافقه‪ ،‬خالف ًا للغزال واآلمدي‪.‬‬

‫~ ‪~ 55‬‬
‫الرابع‪ :‬العلة‪ :‬قال أهل احلق‪ :‬املعرف‪ ،‬وحكم األصل ثابت هبا ال بالنص‪،‬‬
‫خالف ًا للحنفية‪ ،‬وقيل‪ :‬املؤثر بذاته‪ ،‬وقال الغزال‪ :‬بإذن اهلل‪ ،‬وقال اآلمدي‪:‬‬
‫الباعث عليه‪.‬‬
‫وقد تكون دافع ًة‪ ،‬أو رافع ًة‪ ،‬أو فاعل ًة األمرين‪ ،‬ووصف ًا حقيقي ًا ظاهر ًا‬
‫منضبط ًا‪ ،‬أو عرفي ًا مطرد ًا‪ ،‬وكذا يف األصح لغوي ًا‪ ،‬أو حك ًام رشعي ًا‪،‬‬
‫وثالثها‪ :‬إن كان املعلول حقيقي ًا أو مركب ًا‪ ،‬وثالثها‪ :‬ال يزيد عىل مخسة‪.‬‬
‫ومن رشوط اإلحلاق هبا‪ :‬اشتامهلا عىل حكمة تبعث عىل االمتثال‪ ،‬وتصلح‬
‫شاهد ًا إلناطة احلكم‪ ،‬ومن ثم كان مانعها وصف ًا وجودي ًا خي يل بحكمتها‪.‬‬
‫وأن تكون ضابط ًا حلكمة‪ ،‬وقيل‪ :‬جيوز كوهنا نفس احلكمة‪ ،‬وقيل‪ :‬إن‬
‫انضبطت‪.‬‬
‫وأن ال تكون عدم ًا يف الثبويت‪ ،‬وفاق ًا لإلمام وخالفاً لآلمدي‪ ،‬واإلضايف‬
‫عدمي‪.‬‬
‫ّ‬
‫وجيوز التعليل بام ال يطلع عىل حكمته‪.‬‬
‫فإن قطِ َع بانتفائها يف صورة‪ ،‬فقال الغزال وابن ُييى‪ :‬يثبت احلكم فيها‬
‫للمظنة‪ ،‬وقال اجلدليون‪ :‬ال‪.‬‬
‫والقارصة منعها قوم مطلق ًا‪ ،‬واحلنفية‪ :‬إن مل تكن بنص أو إمجاع‪،‬‬
‫والصحيح جوازها‪ ،‬وفائدهتا معرفة املناسبة‪ ،‬ومنع اإلحلاق‪ ،‬وتقوية‬

‫~ ‪~ 56‬‬
‫النص‪ ،‬قال الشيخ اإلمام‪ :‬وزيادة األجر عند قصد االمتثال ألجلها‪ .‬وال‬
‫تعدّ ي هلا عند كوهنا حمل احلكم أو جزؤه اخلاص أو وص َفه الالزم‪.‬‬
‫ويصح التعليل بمجرد االسم اللقب‪ ،‬وفاق ًا أليب اسحق الشريازي وخالفاً‬
‫لإلمام‪.‬‬
‫أما املشتق فوفاق‪ ،‬وأما نحو األبيض فشبه صوري‪.‬‬
‫وجوز اجلمهور التعليل بعلتني‪ ،‬وادعوا وقوعه‪ ،‬وابن فورك واإلمام يف‬
‫ّ‬
‫املنصوصة دون املستنبطة‪ ،‬ومنعه إمام احلرمني رشعاً مطلق ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬جيوز‬
‫يف التعاقب‪ ،‬والصحيح القطع بامتناعه عق ً‬
‫ال‪ ،‬للزوم املحال من وقوعه‪،‬‬
‫كجمع النقيضني‪.‬‬
‫واملختار وقوع حكمني بعلة اثبات ًا‪ ،‬كالسقة للقطع والغرم‪ ،‬ونفي ًا‬
‫كاحليض للصوم والصالة وغريمها‪ ،‬وثالثها‪ :‬إن مل يتضادا‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن ال يكون ثبوهتا متأخر ًا عن ثبوت حكم األصل‪ ،‬خالف ًا لقوم‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن ال تعود عىل األصل باإلبطال‪ ،‬ويف عودها بالتخصيص ال‬
‫التعميم قوالن‪.‬‬
‫ِ‬
‫بمعارض مناف موجود يف األصل‪ ،‬قيل‪:‬‬ ‫معارضة‬
‫وأن ال تكون املستن َبطة َ‬
‫وال يف الفرع‪.‬‬
‫وأن ال ختالف نص ًا أو إمجاع ًا‪.‬‬
‫وأن ال تتضمن زيادة عليه إن نفت الزيادة مقتضاه‪ ،‬وفاق ًا لالمدي‪.‬‬

‫~ ‪~ 57‬‬
‫مشرتك‪.‬‬
‫َ‬ ‫وأن تتعني‪ ،‬خالف ًا ملن اكتفى بعل ّية َ‬
‫مبهم‬
‫وأن ال تكون وصف ًا مقدر ًا‪ ،‬وفاق ًا لإلمام‪.‬‬
‫حكم الفرع بعمومه أو خصوصه عىل املختار‪.‬‬
‫َ‬ ‫وأن ال يتناول دليلها‬
‫والصحيح ال يشرتط القطع بحكم األصل‪ ،‬وال انتفاء خمالفة مذهب‬
‫الصحايب‪ ،‬وال القطع بوجودها يف الفرع‪.‬‬
‫ِ‬
‫واملعارض هنا‪ :‬وصف‬ ‫ِ‬
‫املعارض فمبني عىل التعليل بعلتني‪.‬‬ ‫أما انتفاء‬
‫املعارض غري مناف‪ ،‬ولكن يؤول إىل االختالف‪،‬‬
‫َ‬ ‫صالح للعلية كصالحية‬
‫كالطعم مع الكيل يف الرب ال ينايف‪ ،‬ويؤول إىل االختالف يف التفاح‪.‬‬
‫َ‬
‫املعرتض نفي الوصف عن الفرع‪ ،‬وثالثها‪ :‬إن رصح بالفرق‪ ،‬وال‬ ‫وال يلزم‬
‫إبداء أصل عىل املختار‪.‬‬
‫وللمستدل الدفع باملنع والقدح‪ ،‬وباملطالبة بالتأثري‪ ،‬أو الشبه إن مل يكن‬
‫ِ‬
‫بظاهر عام إذا مل يتعرض‬ ‫سرب ًا‪ ،‬وبيان استقالل ما عداه يف صورة‪ ،‬ولو‬
‫للتعميم‪.‬‬
‫ِ‬
‫يكف إن مل يكن معه وصف‬ ‫ولو قال‪ :‬ثبت احلكم مع انتفاء وصفك‪ ،‬مل‬
‫املستدل‪ ،‬وقيل‪ :‬مطلق ًا‪ ،‬وعندي أنه ينقطع العرتافه ولعدم االنعكاس‪.‬‬
‫ولو أبدى املعرتض ما َخيلف امللغى س ّمي تعدد الوضع‪ ،‬وزالت فائدة‬
‫االلغاء‪ ،‬ما مل يل ِغ املستدل َ‬
‫اخل َل َ‬
‫ف بغري دعوى قصوره‪ ،‬أو دعوى من سلم‬
‫ضعف املعنى‪ ،‬خالف ًا ملن زعمهام إلغاء‪.‬‬
‫َ‬ ‫وجو َد املظنة‬

‫~ ‪~ 58‬‬
‫بناء عىل منع التعدد‪.‬‬
‫ويكفي رجحان وصف املستدل ً‬
‫وقد يعرتض باختالف جنس املصلحة‪ ،‬وإن احتد ضابط األصل والفرع‪،‬‬
‫فيجاب بحذف خصوص األصل عن االعتبار‪.‬‬
‫انتفاء رشط فال يلزم وجود املقت ِض‪،‬‬
‫َ‬ ‫وأما العلة إذا كانت وجو َد مانع أو‬
‫وفاق ًا لإلمام وخالفاً للجمهور‪.‬‬
‫مسالك العلة‬
‫األول‪ :‬اإلمجاع‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬النص الرصيح‪ ،‬مثل‪ :‬لعلة كذا‪ ،‬فلسبب‪ ،‬فمن أجل‪ ،‬فنحو‪ :‬كي‪،‬‬
‫وإذن‪ ،‬والظاهر كالالم ظاهر ًة‪ ،‬فمقدر ًة نحو‪ :‬أن كان كذا‪ ،‬فالباء‪ ،‬فالفاء‬
‫يف كالم الشارع‪ ،‬فالراوي الفقيه‪ ،‬فغريه‪ ،‬ومنه‪ :‬إن‪ ،‬وإذ‪ ،‬وما مىض يف‬
‫احلروف‪.‬‬
‫ِ‬
‫امللفوظ ‪-‬قيل‪ :‬أو املستنبط‪ -‬بحكم‬ ‫ِ‬
‫الوصف‬ ‫الثالث‪ :‬اإليامء‪ ،‬وهو‪ :‬اقرتان‬
‫‪-‬ولو مستنبطاً‪ -‬لو مل يكن للتعليل هو ‪-‬أو نظريه‪ -‬كان بعيد ًا‪.‬‬
‫ِ‬
‫وكذكره يف احلكم وصفاً لو مل يكن علة مل يفد‪،‬‬ ‫كحكمه بعد سامع وصف‪،‬‬ ‫ِ‬

‫حدمها‪ ،‬أو برشط‪ ،‬أو‬ ‫وكتفريقه ببن حكمني بصفة مع ذكرمها أو ذكر أ ِ‬

‫غاية‪ ،‬أو استثناء‪ ،‬أو استدراك‪ ،‬وكرتتيب احلكم عىل الوصف‪ ،‬وكمنعه مما‬
‫املطلوب‪ .‬وال يشرتط مناسبة املومى إليه عند األكثر‪.‬‬
‫َ‬ ‫يفوت‬
‫قد ّ‬

‫~ ‪~ 59‬‬
‫الرابع‪ :‬السرب والتقسيم‪ :‬وهو حرص األوصاف يف األصل‪ ،‬وإبطال ما ال‬
‫يصلح فيتعني الباقي‪.‬‬
‫ويكفي قول املستدل‪ :‬بحثت فلم أجد‪ ،‬أو‪ :‬األصل عدم ما سواها‪.‬‬
‫واملجتهد يرجع إىل ظنه‪ ،‬فإن كان احلرص واإلبطال قطعي ًا فقطعي‪ ،‬وإال‬
‫فظني‪.‬‬
‫وهو حجة للناظر واملناظر عند األكثر‪ ،‬وثالثها‪ :‬إن أمجع عىل تعليل ذلك‬
‫احلكم‪ ،‬وعليه إمام احلرمني‪ ،‬ورابعها‪ :‬للناظر دون املناظر‪.‬‬
‫فإن أبدى املعرتض وصف ًا زائد ًا مل يك ّلف بيان صالحيته للتعليل‪ ،‬وال‬
‫ينقطع املستدل حتى يعجز عن إبطاله‪.‬‬
‫وقد يتفقان عىل إبطال ما عدى وصفني فيكفي املستدل الرتديد بينهام‪.‬‬
‫ومن طرق اإلبطال‪ :‬بيان أن الوصف طرد‪ ،‬ولو يف ذلك احلكم‪ ،‬كالذكورة‬
‫واألنوثة يف العتق‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن ال تظهر مناسبة املحذوف‪ ،‬ويكفي قول املستدل‪ :‬بحثت فلم‬
‫أجد م ِ‬
‫وه َم مناسبته‪ ،‬فان ادعى املعرتض أ ّن املستبقى كذلك‪ ،‬فليس‬
‫سربه بموافقته التعدية‪.‬‬
‫للمستدل بيان مناسبته؛ ألنه انتقال‪ ،‬ولكن يرجح َ‬
‫اخلامس‪ :‬املناسبة واإلخالة‪ ،‬ويسمى استخراجها‪ :‬ختريج املناط‪ ،‬وهو‬
‫تعيني العلة بإبداء مناسبة مع االقرتان والسالمة عن القوادح كاإلسكار‪.‬‬
‫ويتحقق االستقالل بعدم ما سواه بالسرب‪.‬‬

‫~ ‪~ 60‬‬
‫واملناسب‪ :‬املالئم ألفعال العقالء عادة‪ ،‬وقيل‪ :‬ما جيلب نفعاً أو يدفع‬
‫رضر ًا‪ ،‬وقال أبو زيد‪ :‬ما لو عرض عىل العقول لتلقته بالقبول‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫وصف ظاهر منضبط ُيصل عق ً‬
‫ال من ترتيب احلكم عليه ما يصلح كونه‬
‫مقصود ًا للشارع من حصول مصلحة أو دفع مفسدة‪.‬‬
‫فإن كان خفي ًا أو غري منضبط اعترب مالزمه وهو املظنة‪.‬‬
‫وقد ُيصل املقصود من رشع احلكم يقين ًا أو ظن ًا‪ ،‬كالبيع والقصاص‪ ،‬وقد‬
‫سواء كحدّ اخلمر‪ ،‬أو نفيه أرجح كنكاح اآليسة للتوالد‪.‬‬
‫ً‬ ‫يكون حمتمالً‬
‫واألصح جواز التعليل بالثالث والرابع كجواز القرص للمرت ّفه‪ ،‬فإن كان‬
‫فائت ًا قطعاً فقالت احلنفية‪ :‬يعترب‪ ،‬واألصح ال يعترب‪ ،‬سواء ما ال َتع يبدَ فيه‪،‬‬
‫كلحوق نسب املرشقي باملغربية‪ ،‬وما فيه تع يبد‪ ،‬كاسترباء جارية اشرتاها‬
‫بائعها يف املجلس‪.‬‬
‫واملناسب‪ :‬رضوري‪ ،‬فحاجي‪ ،‬فتحسيني‪.‬‬
‫والْضوري‪ :‬كحفظ الدين‪ ،‬فالنفس‪ ،‬فالعقل‪ ،‬فالنسب‪ ،‬فاملال والعرض‪.‬‬
‫ويلحق به مكم ّله كحد قليل املسكر‪.‬‬
‫واحلاجي‪ :‬كالبيع‪ ،‬فاإلجارة لرتبية الطفل‪ ،‬ومكم ّله كخيار البيع‪.‬‬
‫ِ‬
‫معارض القواعد‪ ،‬كسلب العبد اهلية الشهادة‪،‬‬ ‫والتحسيني‪ :‬غري‬
‫ِ‬
‫واملعارض كالكتابة‪.‬‬
‫عني احلكم فاملؤثر‪.‬‬
‫عني الوصف يف َ‬
‫ثم املناسب إن اعترب بنص أو إمجاع َ‬

‫~ ‪~ 61‬‬
‫فإن مل يعترب هبام‪ ،‬بل برتتيب احلكم عىل وفقه ‪-‬ولو باعتبار جنسه يف‬
‫جنسه‪ -‬فاملالئم‪.‬‬
‫عترب‪ ،‬فإن دل الدليل عىل إلغائه فال يعلل به‪.‬‬
‫وإن مل ي َ‬
‫وإال فهو املرسل‪ ،‬وقد قبله مالك مطلق ًا‪ ،‬وكاد إمام احلرمني يوافقه مع‬
‫مناداته عليه بالنكري‪ ،‬ورده األكثر مطلق ًا‪ ،‬وقوم يف العبادات‪ ،‬وليس منه‬
‫مصلحة رضورية كلية قطعية؛ ألهنا مما دل الدليل عىل اعتبارها فهي حق‬
‫قطع ًا‪ ،‬واشرتطها الغزال للقطع بالقول به ال ألصل القول به‪ ،‬قال‪ :‬والظن‬
‫القريب من القطع كالقطع‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬املناسبة تنخرم بمفسدة تلزم‪ ،‬راجح ًة أو مساوي ًة‪ ،‬خالف ًا لإلمام‪.‬‬
‫السادس‪ :‬الش َبه منزلة بني املناسب والطرد‪ ،‬وقال القايض‪ :‬هو املناسب‬
‫بالتبع‪ .‬وال يصار إليه مع إمكان قياس العلة إمجاع ًا‪ ،‬فإن تعذرت فقال‬
‫الشافعي‪ :‬حجة‪ ،‬وقال الصرييف والشريازي‪ :‬مردود‪.‬‬
‫وأعاله قياس غلبة األشباه يف احلكم والصفة‪ ،‬ثم الصوري‪ ،‬وقال اإلمام‪:‬‬
‫املعترب حصول املشاهبة لعلة احلكم أو مستلزمها‪.‬‬
‫السابع‪ :‬الدوران‪ ،‬وهو‪ :‬أن يوجد احلكم عند وجود وصف وينعدم عند‬
‫عدمه‪.‬‬
‫قيل‪ :‬ال يفيد‪ ،‬وقيل‪ :‬قطعي‪ ،‬واملختار وفاق ًا لألكثر‪ :‬ظني‪.‬‬
‫وال يلزم املستدل بيان نفي ما هو أوىل منه‪.‬‬

‫~ ‪~ 62‬‬
‫فإن أبدى املعرتض وصف ًا آخر‪ ،‬ترجح جانب املستدل بالتعدية‪ ،‬وإن كان‬
‫متعدي ًا إىل الفرع رض عند مانع العلتني‪ ،‬أو إىل فرع آخر‪ ،‬طلب الرتجيح‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬الطرد‪ ،‬وهو‪ :‬مقارنة احلكم للوصف‪.‬‬
‫واألكثر عىل ر ّده‪ ،‬قال علامؤنا‪ :‬قياس املعنى مناسب‪ ،‬والشبه تقريب‪،‬‬
‫والطرد حتكم‪ ،‬وقيل‪ :‬إن قارنه فيام عدا صورة النزاع أفاد‪ ،‬وعليه اإلمام‬
‫وكثري‪ ،‬وقيل‪ :‬تكفي املقارنة يف صورة‪ ،‬وقال الكرخي‪ :‬يفيد املناظر دون‬
‫الناظر‪.‬‬
‫التاسع‪ :‬تنقيح املناط‪ ،‬وهو‪ :‬أن يدل ظاهر عىل التعليل بوصف فيحذف‬
‫خصوصه عن االعتبار ويناط باألعم‪ ،‬أو تكون أوصاف فيحذف بعضها‬
‫ويناط بالباقي‪.‬‬
‫أما حتقيق املناط‪ :‬فإثبات العلة يف آحاد صورها‪ .‬كتحقيق أن النباش‬
‫سارق‪ ،‬وخترجيه مر‪.‬‬
‫الساية‪ ،‬وهو والدوران‬
‫العارش‪ :‬إلغاء الفارق‪ ،‬كإحلاق األمة بالعبد يف ّ‬
‫والطرد‪ ،‬ترجع إىل رضب َش َبه‪ ،‬اذ حتصل الظن يف اجلملة‪ ،‬وال تعني جهة‬
‫املصلحة‪.‬‬
‫خامتة‬
‫ليس تأيت القياس بعلية وصف‪ ،‬وال العجز عن إفساده دليل عليته‪ ،‬عىل‬
‫األصح فيهام‪.‬‬

‫~ ‪~ 63‬‬
‫القوادح‬
‫َ‬
‫النقض‪ ،‬وقالت‪:‬‬ ‫منها‪ :‬ختلف احلكم عن العلة‪ ،‬وفاق ًا للشافعي‪ ،‬وسامه‬
‫ختصيص العلة‪ ،‬وقيل‪ :‬ال يف املستنبطة‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫َ‬ ‫احلنفية ال يقدح‪ ،‬وسموه‬
‫عكسه‪ ،‬وقيل‪ :‬يقدح إال أن يكون ملانع أو فقد رشط‪ ،‬وعليه أكثر فقهائنا‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬يقدح إال أن يرد عىل مجيع املذاهب‪ ،‬كالعرايا‪ ،‬وعليه اإلمام‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫يقدح يف احلاظرة‪ ،‬وقيل‪ :‬يف املنصوصة إال بظاهر عام‪ ،‬واملستنبطة إال ملانع‬
‫أو فقد رشط‪ ،‬وقال اآلمدي‪ :‬إن كان التخلف ملانع أو فقد رشط أو يف‬
‫معرض االستثناء أو كانت منصوصة بام ال يقبل التأويل مل يقدح‪.‬‬
‫لفظي‪ ،‬خالف ًا البن احلاجب‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫واخلالف معنوي ال‬
‫ومن فروعه‪ :‬التعليل بعلتني‪ ،‬واالنقطاع‪ ،‬وانخرام املناسبة بمفسدة‪،‬‬
‫وغريها‪.‬‬
‫وجوابه‪ :‬منع وجود العلة‪ ،‬أو منع انتفاء احلكم إن مل يكن انتفاؤه مذهب‬
‫املستدل‪ ،‬وعند من يرى املوانع‪ :‬بياهنا‪.‬‬
‫وليس للمعرتض االستدالل عىل وجود العلة عند األكثر‪ ،‬لالنتقال‪ ،‬وقال‬
‫اآلمدي‪ :‬ما مل يكن دليل أوىل بالقدح‪.‬‬
‫ولو دل عىل وجودها بموجود يف حمل النقض‪ ،‬ثم َمنَع وجودها فقال‪:‬‬
‫ينتقض دليلك‪ ،‬فالصواب‪ :‬أنه ال يسمع‪ ،‬النتقاله من نقض العلة إىل نقض‬
‫دليلها‪.‬‬

‫~ ‪~ 64‬‬
‫وليس له االستدالل عىل ختلف احلكم‪ ،‬وثالثها‪ :‬إن مل يكن طريق َأوىل‪.‬‬
‫وجيب االحرتاز منه عىل املناظر مطلق ًا‪ ،‬وعىل الناظر اال فيام اشتهر من‬
‫املستثنيات وصار كاملذكور‪ ،‬وقيل‪ :‬جيب مطلق ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬إال يف املستثنيات‬
‫مطلق ًا‪.‬‬
‫ودعوى صورة معينة‪ ،‬أو مبهمة‪ ،‬أو نفيها‪ ،‬ينتقض باإلثبات أو النفي‪،‬‬
‫العامني‪ ،‬وبالعكس‪.‬‬
‫ومنها الكس‪ :‬قادح عىل الصحيح‪ ،‬ألنه نقض املعنى‪ ،‬وهو‪ :‬إسقاط وصف‬
‫من العلة‪ .‬إما مع إبداله‪ ،‬كام يقال يف اخلوف‪( :‬صالة جيب قضاؤها فيجب‬
‫أداؤها كاألمن)‪ ،‬فيعرتض بأن خصوص الصالة ملغى‪ ،‬فليبدل‬
‫ب(العبادة)‪ ،‬ثم ينقض بصوم احلائض‪ .‬أو ال يبدل فال يبقى إال (جيب‬
‫قضاؤها)‪ ،‬وليس كل ما جيب قضاؤه يؤ ّدى‪ ،‬دليله احلائض‪.‬‬
‫ومنها العكس‪ :‬وهو انتفاء احلكم النتفاء العلة‪ .‬فإن ثبت مقابله فأبلغ‪،‬‬
‫وشاهده قوله (صىل اهلل عليه وسلم)‪( :‬أرأيتم لو وضعها يف حرام أكان‬
‫عليه وزر‪ ،‬فكذلك إذا وضعها يف احلالل كان له أجر) يف جواب‪ :‬أيأيت‬
‫أحدنا شهوته وله فيها أجر؟‬
‫وختلفه قادح عند مانع علتني‪.‬‬
‫انتفاء العلم أو الظن‪ ،‬اذ ال يلزم من عدم الدليل عدم‬
‫َ‬ ‫ونعني بانتفائه‪:‬‬
‫املدلول‪.‬‬

‫~ ‪~ 65‬‬
‫ومنها عدم التأثري‪ :‬أي أن الوصف ال مناسبة فيه‪ .‬ومن ثم اختص بقياس‬
‫املعنى‪ ،‬وباملستنبطة املختلف فيها‪.‬‬
‫وهو أربعة‪:‬‬
‫يف الوصف بكونه طردي ًا‪.‬‬
‫ويف األصل‪ ،‬مثل‪ :‬مبيع غري مرئي فال يصح كالطري يف اهلواء‪ ،‬فيقول‪ :‬ال‬
‫أثر لكونه غري مرئي فإ ّن العجز عن التسليم كاف‪ .‬وحاصله‪ :‬معارضته يف‬
‫األصل‪.‬‬
‫ويف احلكم‪ :‬وهو أرضب‪:‬‬
‫ألنه إما أن ال يكون لذكره فائدة‪ ،‬كقوهلم يف املرتدين‪ :‬مرشكون اتلفوا ماالً‬

‫يف دار احلرب فال ضامن كاحلريب‪ .‬ودار احلرب عندهم طردي‪ ،‬فال فائدة‬
‫لذكره‪ ،‬إذ من أوجب الضامن أوجبه وإن مل يكن يف دار احلرب‪ ،‬وكذا من‬
‫نفاه‪ ،‬فريجع إىل األول؛ ألنه يطالب بتأثري كونه يف دار احلرب‪.‬‬
‫أو يكون له فائدة رضورية‪ ،‬كقول معترب العدد يف االستجامر باألحجار‪:‬‬
‫عبادة متعلقة باألحجار مل يتقدمها معصية فاعترب فيها العدد كاجلامر‪.‬‬
‫فقوله (مل يتقدمها معصية) عديم التأثري يف األصل والفرع‪ ،‬لكنه مضطر إىل‬
‫ذكره لئال ينتقض بالرجم‪.‬‬
‫أو غري رضورية‪ ،‬فإن مل تغتفر الْضورية مل تغتفر‪ ،‬وإال فرتد ٌّد‪.‬‬

‫~ ‪~ 66‬‬
‫مثاله‪ :‬اجلمعة صالة مفروضة مل تفتقر إىل إذن اإلمام كالظهر‪ .‬فإ ّن‬
‫(مفروضة) حشو‪ ،‬إذا لو حذف مل ينتقض بيشء‪ ،‬لكنه ذكر لتقريب الفرع‬
‫من األصل بتقوية الشبه بينهام‪ ،‬إذ الفرض بالفرض أشبه‪.‬‬
‫الرابع يف الفرع‪ :‬مثل‪َ :‬زوجت نفسها بغري كفء فال يصح كام لو زوجت‪.‬‬
‫وهو كالثاين إذ ال أثر للتقييد بغري الكفء‪ ،‬ويرجع إىل املناقشة يف الفرض‪،‬‬
‫وهو ختصيص بعض صور النزاع با ِحلجاج‪ .‬واألصح جوازه‪ ،‬وثالثها‪:‬‬
‫برشط البِناء‪ ،‬أي بناء غري حمل الفرض عليه‪.‬‬
‫ومنها القلب‪ :‬وهو دعوى أن ما استدل به يف املسألة عىل ذلك الوجه عليه‬
‫ال له إن صح‪.‬‬
‫ومن ثم أمكن معه تسليم صحته‪ ،‬وقيل‪ :‬هو تسليم للصحة مطلق ًا‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫إفساد مطلق ًا‪.‬‬
‫وعىل املختار فهو مقبول‪ ،‬معارضة عند التسليم‪ ،‬قادح عند عدمه‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫شاهد زور لك وعليك‪ ،‬وهو قسامن‪:‬‬
‫األول‪ :‬لتصحيح مذهب املعرتض‪.‬‬
‫إما مع ابطال مذهب املستدل رصُي ًا‪ ،‬كام يقال يف بيع الفضول‪ :‬عقد يف‬
‫فيصح كالرشاء‪.‬‬
‫ي‬ ‫حق الغري بال والية فال يصح كالرشاء‪ ،‬فيقال‪ :‬عقد‬
‫أو‪ :‬ال‪ ،‬مثل‪ :‬لبث‪ ،‬فال يكون بنفسه قربة كوقوف عرفة‪ ،‬فيقال‪ :‬فال‬
‫يشرتط فيه الصوم كعرفة‪.‬‬

‫~ ‪~ 67‬‬
‫الثاين‪ :‬إلبطال مذهب املستدل بالرصاحة‪ :‬عضو وضوء فال يكفي أ ي‬
‫قل ما‬
‫ينطلق عليه االسم كالوجه‪ ،‬فيقال‪ :‬فال يقدر غسله بالربع كالوجه‪.‬‬
‫أو بااللتزام‪ :‬عقد معاوضة فيصح مع اجلهل باملعوض كالنكاح‪ ،‬فيقال‪:‬‬
‫فال يشرتط خيار الرؤية كالنكاح‪.‬‬
‫ومنه ‪-‬خالف ًا للقايض‪ -‬قلب املساواة‪ ،‬مثل‪ :‬طهارة باملائع فال جتب فيها‬
‫النية كالنجاسة‪.‬‬
‫باملوجب‪ :‬وشاهده (وهلل العزة ولرسوله) يف جواب‬
‫َ‬ ‫ومنها القول‬
‫(ليخرجن األع ّز منها األذل) ‪ ،‬وهو‪ :‬تسليم الدليل مع بقاء النزاع‪.‬‬
‫كام يقال يف املث ّقل‪ :‬قتل بام يقتل غالب ًا فال ينايف القصاص كاإلحراق‪،‬‬
‫فيقال‪ :‬س ّلمنا عدم املنافاة ولكن ِمل َ قلت يقتضيه؟ وكام يقال‪ :‬التفاوت يف‬
‫الوسيلة ال يمنع القصاص كاملتوسل إليه‪ ،‬فيقال‪ :‬مسلم‪ ،‬وال يلزم من‬
‫ِ‬
‫الرشائط واملقتض‪.‬‬ ‫إ ِ‬
‫بطال مانع انتفاء املوانع‪ ،‬ووجود‬
‫واملختار تصديق املعرتض يف قوله‪ :‬ليس هذا مأخذي‪.‬‬
‫وربام سكت املستدل عن مقدمة غري مشهورة خمافة املنع فريد القول‬
‫باملوجب‪.‬‬
‫ومنها القدح‪ :‬يف املناسبة‪ ،‬ويف صالحية إفضاء احلكم إىل املقصود‪ ،‬ويف‬
‫االنضباط‪ ،‬والظهور‪ ،‬وجواهبا بالبيان‪.‬‬
‫ومنها الفرق‪ :‬وهو راجع إىل املعارضة يف األصل أو الفرع‪ ،‬وقيل‪ :‬إليهام‪.‬‬

‫~ ‪~ 68‬‬
‫والصحيح أنه قادح‪ ،‬وإن قيل‪ :‬إنه سؤاالن‪ ،‬وأنه يمتنع تعدد األصول‬
‫ثم لو ّفرق بني الفرع وأصل‬
‫لالنتشار‪ ،‬وإن ج ّوز علتان‪ ،‬قال املجيزون‪ّ :‬‬
‫منها كفى‪ ،‬وثالثها‪ :‬إن قصد اإلحلاق بمجموعها‪.‬‬
‫ثم يف اقتصار املستدل عىل جواب أصل واحد قوالن‪.‬‬
‫ومنها فساد الوضع‪ :‬بأن ال يكون الدليل عىل اهليئة الصاحلة العتباره يف‬
‫ترتيب احلكم‪ .‬كتلقي التخفيف من التغليظ‪ ،‬والتوسيع من التضييق‪،‬‬
‫واالثبات من النفي‪ .‬مثل‪ :‬القتل جناية عظيمة فال يكفر كالردة‪.‬‬
‫ومنه‪ :‬كون اجلامع ثبت اعتباره بنص أو إمجاع يف نقيض احلكم‪.‬‬
‫وجواهبام بتقرير كونه كذلك‪.‬‬
‫ومنها فساد االعتبار‪ :‬بأن خيالف نص ًا أو إمجاع ًا‪ ،‬وهو أعم من فساد‬
‫الوضع‪ .‬وله تقديمه عىل املَنوعات وتأخريه‪.‬‬
‫وجوابه‪ :‬الطعن يف سنده‪ ،‬أو املعارضة‪ ،‬أو منع الظهور‪ ،‬أو التأويل‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬منع عل ّية الوصف‪ :‬ويسمى املطالبة بتصحيح العلة‪.‬‬
‫واألصح قبوله‪ ،‬وجوابه بإثباته‪.‬‬
‫ومنه‪ :‬منع وصف العلة‪ ،‬كقولنا يف إفساد الصوم بغري اجلامع‪ :‬الكفارة‬
‫للزجر عن اجلامع املحذور يف الصوم فوجب اختصاصها به كاحلد‪ ،‬فيقال‪:‬‬
‫وكأن‬
‫ّ‬ ‫بل عن اإلفطار املحذور فيه‪ .‬وجوابه بتبيني اعتبار اخلصوصية‪،‬‬
‫املعرتض ين ّقح املناط واملستدل ُيققه‪.‬‬

‫~ ‪~ 69‬‬
‫ومنع حكم األصل‪ ،‬ويف كونه قطع ًا للمستدل مذاهب‪ ،‬ثالثها‪ :‬قال‬
‫األستاذ‪ :‬إن كان ظاهر ًا‪ ،‬وقال الغزال‪ :‬يعترب عرف املكان‪ ،‬وقال أبو‬
‫إسحق الشريازي‪ :‬ال يسمع‪.‬‬
‫فإن دل عليه مل ينقطع املعرتض عىل املختار‪ ،‬بل له أن يعود ويعرتض‪.‬‬
‫وقد يقال‪ :‬ال نس ّلم حكم األصل‪ ،‬س ّلمنا وال نس ّلم أنه مما يقاس فيه‪،‬‬
‫س ّلمنا وال نس ّلم أنه معلل‪ ،‬س ّلمنا وال نس ّلم أن هذا الوصف علته‪ ،‬س ّلمنا‬

‫وال نسلم وجوده فيه‪ ،‬س ّلمنا وال نس ّلم أنه متعد‪ ،‬س ّلمنا وال ّ‬
‫نسلم وجوده‬
‫يف الفرع‪.‬‬
‫فيجاب بالدفع بام عرف من الطرق‪ ،‬ومن َثم عرف جواز إيراد املعارضات‬
‫من نوع‪ ،‬وكذا من أنواع‪ ،‬وإن كانت مرتبة ألن تسليمه تقديري‪ ،‬وثالثها‪:‬‬
‫التفصيل‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬اختالف الضابط يف األصل والفرع لعدم الثقة باجلامع‪.‬‬
‫ِ‬
‫التفاوت‪.‬‬ ‫بأن اإلفضاء سواء ال الغاء‬
‫وجوابه بأنه القدر املشرتك‪ ،‬أو ّ‬
‫واالعرتاضات راجعة إىل املنع‪ ،‬ومقدمها االستفسار‪ ،‬وهو‪ :‬طلب ذكر‬
‫معنى اللفظ حيث غرابة أو إمجال‪ .‬واألصح أن بياهنام عىل املعرتض‪ ،‬وال‬
‫يكلف بيان تساوي املحامل‪ ،‬ويكفيه أن األصل عدم تفاوهتا‪ ،‬فيبني‬
‫املستدل عدمها‪ ،‬أو يفس اللفظ بمحتمل‪ ،‬قيل‪ :‬وبغري حمتمل‪ ،‬ويف قبول‬
‫الظهور يف مقصده دفع ًا لإلمجال لعدم الظهور يف اآلخَ ر خالف‪.‬‬
‫َ‬ ‫دعواه‬

‫~ ‪~ 70‬‬
‫ومنها التقسيم‪ :‬وهو كون اللفظ مرتدد ًا بني أمرين أحدمها ممنوع‪.‬‬
‫واملختار وروده‪ ،‬وجوابه أن اللفظ موضوع ولو عرف ًا‪ ،‬أو ظاهر ولو بقرينة‬
‫يف املراد‪.‬‬
‫َ‬
‫الدليل‪ ،‬إما قبل متامه ملقدمة منه أو بعده‪.‬‬ ‫ثم املنع ال يعرتض احلكاي َة بل‬
‫واألول‪ :‬إما جمرد أو مع املستند‪ ،‬كـ ‪ :‬ال نسلم كذا‪ِ ،‬‬
‫ومل َ ال يكون كذا‪ ،‬أو إنام‬
‫يلزم كذا لو كان كذا‪ ،‬وهو املناقضة‪.‬‬
‫فإن احتج النتفاء املقدمة فغصب ال يسمعه املحققون‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬إما مع منع الدليل بناء عىل ختلف حكمه فالنقض اإلمجال‪ ،‬أو مع‬
‫ذكرت‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫واالستدالل بام ينايف ثبوت املدلول فاملعارضة‪ ،‬فيقول‪ :‬ما‬ ‫تسليمه‬
‫وإن دل فعندي ما ينفيه‪ ،‬وينقلب مستدالً‪.‬‬
‫وعىل املمنوع الدفع بدليل‪ ،‬فإن منع ثاني ًا فكام مر‪ ،‬وهكذا إىل إفحام املعلل‬
‫إن انقطع باملنوع‪ ،‬أو إلزام املانع إن انتهى إىل رضوري أو يقيني مشهور‪.‬‬

‫خامتة‬
‫القياس من الدين‪ ،‬وثالثها‪ :‬حيث يتعني‪ ،‬ومن أصول الفقه‪ ،‬خالف ًا إلمام‬
‫احلرمني‪.‬‬
‫وحكم املقيس قال السمعاين‪ :‬يقال إنه دين اهلل‪ ،‬وال جيوز أن يقال قاله اهلل‪.‬‬
‫ثم القياس فرض كفاية يتعني عىل جمتهد احتاج إليه‪.‬‬

‫~ ‪~ 71‬‬
‫وهو جيل وخفي‪ ،‬فاجليل‪ :‬ما قطع فيه بنفي الفارق‪ ،‬أو كان احتامالً ضعيف ًا‪،‬‬
‫واخلفي الش َبه‪ ،‬والواضح بينهام‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫ي‬ ‫واخلفي خالفه‪ .‬وقيل‪ :‬اجليل هذا‪،‬‬
‫واخلفي األدون‪.‬‬
‫ي‬ ‫اجليل األَوىل‪ ،‬والواضح املساوي‪،‬‬
‫ي‬
‫رصح فيه هبا‪ ،‬وقياس الداللة ما مجع فيه بالزمها‪ ،‬فأ ِثرها‪،‬‬
‫وقياس العلة ما ّ‬
‫ِ‬
‫فحكمها‪ .‬والقياس يف معنى األصل اجلمع بنفي الفارق‪.‬‬
‫الكتاب اخلامس‪ :‬يف االستدالل‬
‫وهو دليل ليس بنص وال إمجاع وال قياس‪.‬‬
‫االقرتاين واالستثنائي وقياس العكس‪ ،‬وقولنا‪ :‬الدليل يقتض أن‬
‫ي‬ ‫فيدخل‪:‬‬
‫ال يكون كذا‪ ،‬خولف يف كذا ملعنى مفقود يف صورة النزاع‪ ،‬فتبقى عىل‬
‫دركه‪ ،‬كقولنا‪ :‬احلكم يستدعي دليالً‬
‫األصل‪ ،‬وكذا انتفاء احلكم النتفاء م َ‬
‫بالسرب أو األصل‪ ،‬وكذا قوهلم‪ :‬وجد‬
‫وإال لزم تكليف الغافل‪ ،‬وال دليل ّ‬
‫ِ‬
‫املقتض‪ ،‬أو املانع‪ ،‬أو فقد الرشط‪ ،‬خالف ًا لألكثر‪.‬‬
‫تام ًا ‪-‬أي بالكل إال صورة‬
‫مسألة‪ :‬االستقراء باجلزئي عىل الكيل إن كان ّ‬
‫النزاع‪ -‬فقطعي عند األكثر‪ ،‬أو ناقص ًا ‪-‬أي بأكثر اجلزيئات‪ -‬فظني‪،‬‬
‫ويسمى إحلاق الفرد باألغلب‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬قال علامؤنا‪ :‬استصحاب العدم األصيل والعموم أو النص إىل‬
‫املغري وما ّ‬
‫دل الرشع عىل ثبوته لوجود سببه حجة مطلق ًا‪ .‬وقيل‪ :‬يف‬ ‫ورود ّ‬
‫الدفع دون الرفع‪ ،‬وقيل‪ :‬برشط أن ال يعارضه ظاهر مطلق ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬ظاهر‬

‫~ ‪~ 72‬‬
‫ليخرج بول وقع يف ماء كثري فوجد‬
‫َ‬ ‫غالب ًا‪ ،‬قيل‪ :‬مطلق ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬ذو سبب‪،‬‬
‫متغري ًا واحتمل كون التغري به‪.‬‬
‫واحلق سقوط األصل إن قرب العهد‪ ،‬واعتامده إن َبعد‪.‬‬
‫ي‬
‫ِ‬
‫حال اإلمجاع يف حمل اخلالف‪ ،‬خالف ًا للمزين‬ ‫ِ‬
‫باستصحاب‬ ‫وال ُيتج‬
‫والصرييف وابن رسيج واالمدي‪.‬‬
‫فعرف أن االستصحاب‪ :‬ثبوت أمر يف الثاين لثبوته يف األول‪ ،‬لفقدان ما‬
‫يصلح للتغيري‪ .‬أما ثبوته يف األول لثبوته يف الثاين فمقلوب‪.‬‬
‫وقد يقال فيه‪ :‬لو مل يكن الثابت اليوم ثابتاً أ ِ‬
‫مس لكان غري ثابت‪ ،‬فيقتض‬
‫استصحاب أمس بأنه اآلن غري ثابت‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬فدل عىل أنه ثابت‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬ال يطالب النايف بالدليل إن ادعى عل ًام رضور ًيا‪ ،‬وإال فيطالب به يف‬
‫األصح‪.‬‬
‫وجيب األخذ بأقل املقول وقد مر‪ ،‬وهل جيب باألخف أو األثقل أو ال‬
‫جيب يشء؟ أقوال‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬اختلفوا هل كان املصطفى (صىل اهلل عليه وسلم) متعبد ًا قبل‬
‫النبوة برشع؟‬
‫واختلف املثبت فقيل‪ :‬نوح‪ ،‬وإبراهيم‪ ،‬وموسى‪ ،‬وعيسى‪ ،‬وما ثبت أنه‬
‫ال وتفريع ًا‪.‬‬
‫رشع‪ ،‬أقوال‪ ،‬واملختار الوقف تأصي ً‬
‫وبعد النبوة املنع‪.‬‬

‫~ ‪~ 73‬‬
‫أن أصل‬
‫مسألة‪ :‬حكم املنافع واملضار قبل الرشع مر‪ ،‬وبعده‪ :‬الصحيح َ‬
‫املضار التحريم واملنافع احلل‪ ،‬قال الشيخ اإلمام‪ :‬اال أموالنا لقوله (صىل‬
‫إن دمائكم وأموالكم عليكم حرام"‪.‬‬
‫اهلل عليه وسلم)‪ّ " :‬‬
‫مسألة‪ :‬االستحسان قال به أبو حنيفة‪ ،‬وأنكره الباقون‪.‬‬
‫وفس بدليل ينقدح يف نفس املجتهد تقرص عنه عبارته‪.‬‬
‫ورد ‪ :‬بأ ّنه إن حتقق فمعترب‪.‬‬
‫وبعدول عن قياس أقوى‪ ،‬وال خالف فيه‪ .‬أو عن الدليل إىل العادة‪.‬‬
‫ورد ‪ :‬بأنه إن ثبت أهنا حق فقد قام دليلها وإال ر ّدت‪.‬‬
‫رشع‪.‬‬
‫فإن حتقق استحسان خمتلف فيه فمن قال به فقد ّ‬
‫أما استحسان الشافعي التح َ‬
‫ليف عىل املصحف‪ ،‬واحلط يف الكتابة‪،‬‬
‫ونحومها‪ ،‬فليس منه‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬قول الصحايب عىل صحايب غري حجة وفاق ًا‪ ،‬وكذا عىل غريه‪ ،‬قال‬
‫الشيخ اإلمام إال يف التعبدي‪.‬‬
‫ويف تقليده قوالن‪ ،‬الرتفاع الثقة بمذهبه‪ ،‬إذ مل يدون‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬حجة فوق القياس‪.‬‬
‫فإن اختلف صحابيان فكدليلني‪ ،‬وقيل‪ :‬دونه‪.‬‬
‫ويف ختصيصه العموم قوالن‪.‬‬

‫~ ‪~ 74‬‬
‫وقيل‪ :‬حجة إن انترش‪ ،‬وقيل‪ :‬إن خالف القياس‪ ،‬وقيل‪ :‬إن انضم إليه‬
‫قياس تقريب‪ ،‬وقيل‪ :‬قول الشيخني فقط‪ ،‬وقيل‪ :‬اخللفاء األربعة‪ ،‬وعن‬
‫الشافعي‪ :‬إال علي ًا‪ ،‬أما وفاق الشافعي زيد ًا يف الفرائض فلدليل ال تقليد ًا‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬اإلهلام ايقاع يشء يف القلب يثلج له الصدر‪ ،‬خيص به اهلل تعاىل‬
‫بعض أصفياءه‪ .‬وليس بحجة‪ ،‬لعدم ثقة من ليس معصوماً بخواطره‪،‬‬
‫خالف ًا لبعض الصوفية‪.‬‬
‫خامتة‬
‫قال القايض احلسني‪ :‬مبنى الفقه عىل أ ّن اليقني ال يرفع بالشك‪ ،‬والْضر‬
‫يزال‪ ،‬واملشقة جتلب التيسري‪ ،‬والعادة حم ّكمة‪ ،‬وقيل واألمور بمقاصدها‪.‬‬
‫الكتاب السادس‪ :‬يف التعادل والرتاجيح‬
‫يمتنع تعادل القاطعني‪ ،‬وكذا األمارتني يف نفس األمر عىل الصحيح‪.‬‬
‫وهم التعادل فالتخيري‪ ،‬أو التساقط‪ ،‬أو الوقف‪ ،‬أو التخيري يف‬
‫فإن ت ّ‬
‫الواجبات والتساقط يف غريها‪ ،‬أقوال‪.‬‬
‫وإن نقل عن جمتهد قوالن متعاقبان فاملتأخر قوله‪ ،‬وإال فام َذكر فيه املشعر‬
‫برتجيحه‪ ،‬وإال فهو مرتد ٌّد‪ ،‬ووقع للشافعي يف بضعة عرش مكان ًا‪ ،‬وهو‬
‫دليل عىل علو شأنه عل ًام ودين ًا‪.‬‬
‫ثم قال الشيخ أبو حامد‪ :‬خمالف أيب حنيفة منهام أرجح من موافقه‪،‬‬
‫وعكس القفال‪ ،‬واألصح الرتجيح بالنظر‪ ،‬فإن و َق َ‬
‫ف فالوقف‪.‬‬

‫~ ‪~ 75‬‬
‫وإن مل يعرف للمجتهد قول يف مسألة لكن يف نظريها فهو قوله املخرج فيها‬
‫عىل األصح‪ ،‬واألصح ال ينسب إليه مطلق ًا بل مقيد ًا‪.‬‬
‫ومن معارضة نص آخر للنقيض تنشأ الطرق‪.‬‬
‫والرتجيح‪ :‬تقوية أحد الطريقني‪.‬‬
‫والعمل بالراجح واجب‪ ،‬وقال القايض‪ :‬إال ما رجح ظن ًا‪ ،‬إذ ال ترجيح‬
‫بظن عنده‪ ،‬وقال البرصي‪ :‬إن رجح أحدمها بالظن فالتخيري‪.‬‬
‫وال ترجيح يف القطعيات‪ ،‬لعدم التعارض‪.‬‬
‫دوامه مظنون‪.‬‬
‫واملتأخر ناسخ‪ ،‬وإن نقل املتأخر باآلحاد عمل به؛ ألن َ‬
‫واألصح الرتجيح بكثرة األدلة والرواة‪.‬‬
‫وأن العمل باملتعارضني ‪-‬ولو من وجه‪ -‬أوىل من إلغاء أحدمها‪ ،‬ولو سن ًة‬
‫قابلها كتاب‪.‬‬
‫وال يقدم الكتاب عىل السنة‪ ،‬وال السنة عليه‪ ،‬خالف ًا لزاعميها‪.‬‬
‫تعذر وعلِم املتأخر فناسخ‪ ،‬وإال َر َجع إىل غريمها‪.‬‬
‫فإن ّ‬
‫وإن تقارنا فالتخيري إن تعذر اجلمع والرتجيح‪.‬‬
‫ختري إن تعذر‬
‫وإن جهل التاريخ وأمكن النسخ َر َجع إىل غريمها‪ ،‬وإال ّ‬
‫اجلمع والرتجيح‪ ،‬فإن كان أحدمها أعم فكام سبق‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬يرجح بعلو اإلسناد‪ ،‬وفقه الراوي‪ ،‬ولغته‪ ،‬ونحوه‪ ،‬وورعه‪،‬‬
‫وضبطه‪ ،‬وفطنته‪ ،‬ولو روى املرجوح باللفظ‪ ،‬ويقظته‪ ،‬وعدم بدعته‪،‬‬

‫~ ‪~ 76‬‬
‫وشهرة عدالته‪ ،‬وكونه مز ّكى باالختبار‪ ،‬أو أكثر مز ّكني‪ ،‬ومعروف‬
‫النسب‪ ،‬قيل‪ :‬ومشهوره‪ ،‬ورصيح التزكية عىل احلكم بشهادته‪ ،‬والعمل‬
‫بروايته‪ ،‬وحفظ املروي‪ ،‬وذكر السبب‪ ،‬والتعويل عىل احلفظ دون الكتابة‪،‬‬
‫وظهور طريق روايته‪ ،‬وسامعه من غري حجاب‪ ،‬وكونه من أكابر‬
‫الصحابة‪ ،‬و َذ َكر ًا‪ ،‬خالف ًا لألستاذ‪ ،‬وثالثها‪ :‬يف غري أحكام النساء‪ ،‬وحر ًا‪،‬‬
‫ومتأخر االسالم‪ ،‬وقيل‪ :‬متقدمه‪ ،‬ومتحم ً‬
‫ال بعد التكليف‪ ،‬وغري مدلس‪،‬‬
‫وغري ذي اسمني‪ ،‬ومبارش ًا‪ ،‬وصاحب الواقعة‪ ،‬وراوي ًا باللفظ‪ ،‬ومل ينكره‬
‫راوي األصل‪ ،‬وكونه يف الصحيحني‪.‬‬
‫والقول‪ ،‬فالفعل‪ ،‬فالتقرير‪ ،‬والفصيح ال زائد الفصاحة عىل األصح‪،‬‬
‫واملشتمل عىل زيادة‪ ،‬والوارد بلغة قريش‪ ،‬واملدين‪ ،‬واملشعر بعلو شأن‬
‫النبي (صىل اهلل عليه وسلم)‪ ،‬واملذكور فيه احلكم مع العلة‪ ،‬واملتقدم فيه‬
‫العلة عىل احلكم‪ ،‬وعكس النقشواين‪ ،‬وما فيه هتديد أو تأكيد‪ ،‬وما‬ ‫ِ‬ ‫ذكر‬
‫كان عموم ًا مطلق ًا عىل ذي السبب إال يف السبب‪ ،‬والعام الرشطي عىل‬
‫النكرة املنفية عىل األصح‪ ،‬وهي عىل الباقي‪ ،‬واجلمع املعرف عىل (ما)‬
‫و( َمن)‪ ،‬والكل عىل اجلنس املعرف الحتامل العهد‪ ،‬قالوا‪ :‬وما مل خيص‪،‬‬
‫وعندي عكسه‪ ،‬واألقل ختصيص ًا‪.‬‬
‫املفهومني‪ ،‬واملوافقة عىل‬
‫َ‬ ‫واالقتضاء عىل اإلشارة واإليامء‪ ،‬ويرجحان عىل‬
‫املخالفة‪ ،‬وقيل عكسه‪ ،‬والناقل عن األصل عند اجلمهور‪ ،‬واملثبت عىل‬

‫~ ‪~ 77‬‬
‫النايف‪ ،‬وثالثها‪ :‬سواء‪ ،‬ورابعها‪ :‬إال يف الطالق والعتاق‪ ،‬والنهي عىل األمر‪،‬‬
‫واألمر عىل اإلباحة‪ ،‬واخلرب عىل األمر والنهي‪ ،‬وخرب احلظر عىل اإلباحة‪،‬‬
‫وثالثها‪ :‬سواء‪ ،‬والوجوب والكراهة عىل الندب‪ ،‬والندب عىل املباح يف‬
‫األصح‪ ،‬ونايف احلد خالف ًا لقوم‪ ،‬واملعقول معناه‪ ،‬والوضعي عىل التكليفي‬
‫ال‪ ،‬أو صحابي ًا‪ ،‬أو أ َ‬
‫هل املدينة‪،‬‬ ‫ال آخر‪ ،‬وكذا مرس ً‬
‫يف األصح‪ ،‬واملوافق دلي ً‬
‫األكثر يف األصح‪ ،‬وثالثها يف موافق الصحايب‪ :‬إن كان حيث ميزه النص‬
‫َ‬ ‫أو‬
‫كزيد يف الفرائض‪ ،‬ورابعها‪ :‬إن كان أحد الشيخني مطلق ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬إال أن‬
‫خيالفهام معاذ يف احلالل واحلرام‪ ،‬أو زيد يف الفرائض‪ ،‬قال الشافعي‪:‬‬
‫وموافق زيد يف الفرائض‪ ،‬فمعاذ‪ ،‬فعيل‪ ،‬ومعاذ يف أحكام غري الفرائض‪،‬‬
‫فعيل‪.‬‬
‫واإلمجاع عىل النص‪ ،‬وإمجاع الصحابة عىل غريهم‪ ،‬وإمجاع الكل عىل ما‬
‫خالف فيه العوام‪ ،‬واملنقرض عرصه وما مل يسبق بخالف عىل غريمها‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬املسبوق أقوى‪ ،‬وقيل‪ :‬سواء‪.‬‬
‫واألصح تساوي املتواترين من كتاب وسنة‪ ،‬وثالثها‪ :‬تقدم السنة‪.‬‬
‫ويرجح القياس بقوة دليل حكم األصل‪ ،‬وكونِه عىل َس َنن القياس أي‬
‫فرعه من جنس أصله‪ ،‬والقط ِع بالعلة أو الظن األغلب‪ ،‬وكون مسلكها‬
‫أقوى‪ ،‬وذات أصلني عىل ذات أصل‪ ،‬وقيل‪ :‬ال ‪ ،‬وذاتية عىل حكمية‪،‬‬
‫وعكس السمعاين‪ ،‬وكوهنا أقل أوصاف ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬عكسه‪ ،‬واملقتضية احتياط ًا‬

‫~ ‪~ 78‬‬
‫َ‬
‫األصول‬ ‫يف الفرض‪ ،‬وعامة األصل‪ ،‬واملتفق عىل تعليل أصلها‪ ،‬واملوافقة‬
‫عىل موافقة أصل واحد‪ ،‬وقيل‪ :‬املوافقة عل ًة أخرى إن ج ّوز علتان‪ ،‬وما‬
‫ثبتت علته باإلمجاع فالنص القطعيني‪ ،‬فالظنيني‪ ،‬فاإليامء‪ ،‬فالسرب‪،‬‬
‫فاملناسبة‪ ،‬فالشبه‪ ،‬فالدوران‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬النص فاإلمجاع‪ ،‬وقيل‪ :‬الدوران فاملناسبة‪ ،‬وما قبلها وما بعدها‪.‬‬
‫وعكس األستاذ‪،‬‬
‫َ‬ ‫وقياس املعنى عىل الداللة‪ ،‬وغري املركب عليه إن قبِل‪،‬‬
‫والوصف احلقيقي‪ ،‬فالعريف‪ ،‬فالرشعي الوجودي‪ ،‬فالعدمي البسيط‪،‬‬
‫فاملركب‪ ،‬والباعثة عىل األمارة‪ ،‬واملطردة املنعكسة‪ ،‬ثم املطردة فقط عىل‬
‫املنعكسة فقط‪ ،‬ويف املتعدية والقارصة أقوال‪ ،‬ثالثها‪ :‬سواء‪ ،‬ويف األكثر‬
‫فروع ًا قوالن‪.‬‬
‫والذايت عىل العريض‪،‬‬
‫ي‬ ‫واألعرف من احلدود السمعية عىل األخفى‪،‬‬
‫نقل السمع‪ ،‬واللغة‪ ،‬ورجحان طريق‬‫والرصيح‪ ،‬واألعم‪ ،‬وموافقة ِ‬

‫اكتسابه‪.‬‬
‫ومثارها‪ :‬غلبة الظن‪ ،‬وسبق كثري‪ ،‬فلم ن ِعده‪.‬‬
‫واملرجحات ال تنحرص‪َ ،‬‬
‫الكتاب السابع‪ :‬يف االجتهاد‬
‫الوسع لتحصيل ظن بحكم‪.‬‬
‫َ‬ ‫االجتهاد‪ :‬استفراغ الفقيه‬
‫واملجتهد الفقيه‪ ،‬وهو‪ :‬البالغ العاقل ‪-‬أي ذو َم َلكة يدرك هبا املعلوم‪،‬‬
‫ِ‬
‫النفس‪ ،‬وإن انكر‬ ‫وقيل‪ :‬العقل نفس العلم‪ ،‬وقيل‪ :‬رضور ييه‪ ،-‬فقيه‬

‫~ ‪~ 79‬‬
‫القياس‪ ،‬وثالثها‪ :‬إال اجليل‪ ،‬العارف بالدليل العقيل‪ ،‬والتكليف به‪ ،‬ذو‬
‫الدرجة الوسطى لغ ًة وعربي ًة وأصوالً وبالغ ًة‪ ،‬ومتعل َق األحكام من كتاب‬
‫وسنة‪ ،‬وإن مل ُيفظ املتون‪.‬‬
‫وقال الشيخ اإلمام‪ :‬هو َمن هذه العلوم َم َلكة له‪ ،‬وأحاط بمعظم قواعد‬
‫الرشع ومارسها‪ ،‬بحيث اكتسب قوة يفهم هبا مقصود الشارع‪.‬‬
‫ويعترب ‪-‬قال الشيخ اإلمام إليقاع االجتهاد ال لكونه صفة فيه‪ -‬كونه‬
‫ِ‬
‫النزول‪،‬‬ ‫ِ‬
‫سباب‬ ‫خبري ًا بمواقع اإلمجاع‪ ،‬كيال خيرقه‪ ،‬والناسخِ واملنسوخِ ‪ ،‬وأ‬
‫ِ‬
‫وسري‬ ‫ِ‬
‫وحال الرواة‪،‬‬ ‫ورشط املتواتر واآلحاد‪ ،‬والصحيحِ والضعيف‪،‬‬ ‫ِ‬

‫الصحابة‪.‬‬
‫ويكفي يف زماننا الرجوع إىل أئمة ذلك‪.‬‬
‫وال يشرتط علم الكالم‪ ،‬وتفاريع الفقه‪ ،‬والذكورة‪ ،‬واحلرية‪ ،‬وكذا العدالة‬
‫عىل األصح‪ .‬وليبحث عن املعارض واللفظ هل معه قرينة؟‬
‫ودونه جمتهد املذهب‪ ،‬وهو‪ :‬املتمكن من ختريج الوجوه عىل نصوص‬
‫إمامه‪.‬‬
‫ودونه جمتهد الفتيا‪ ،‬وهو‪ :‬املتبحر املتمكن من ترجيح قول عىل آخر‪.‬‬
‫والصحيح‪ :‬جواز جتزؤ االجتهاد‪.‬‬

‫~ ‪~ 80‬‬
‫وجواز االجتهاد للنبي (صىل اهلل عليه وسلم) ووقوعه‪ ،‬وثالثها‪ :‬يف اآلراء‬
‫واحلروب فقط‪ ،‬والصواب أن اجتهاده عليه أفضل الصالة والسالم ال‬
‫خيطئ‪.‬‬
‫واألصح أن االجتهاد جائز يف عرصه‪ ،‬وثالثها‪ :‬بإذنه رصُي ًا‪ ،‬قيل‪ :‬أو غري‬
‫ي‬
‫رصيح‪ ،‬ورابعها‪ :‬للبعيد‪ ،‬وخامسها‪ :‬للوالة‪.‬‬
‫وأ ّنه وقع‪ ،‬وثالثها‪ :‬مل يقع للحارض‪ ،‬ورابعها‪ :‬الوقف‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬املصيب يف العقليات واحد‪ ،‬ونايف اإلسالم خمطئ آثم كافر‪.‬‬
‫وقال اجلاحظ والعنربي‪ :‬ال يأثم املجتهد‪ ،‬قيل‪ :‬مطلق ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬إن كان‬
‫مسل ًام‪ ،‬وقيل‪ :‬زاد العنربي كل مصيب‪.‬‬
‫قاطع فيها فقال الشيخ والقايض وأبو يوسف وحممد‬
‫َ‬ ‫أما املسألة التي ال‬
‫األوالن‪ :‬حكم اهلل تابع لظن‬ ‫وابن رسيج‪ :‬ي‬
‫كل جمتهد مصيب‪ ،‬ثم قال ّ‬
‫املجتهد‪ ،‬وقال الثالثة‪ :‬هناك ما لو َح َك َم لكان به‪ ،‬ومن ثم قالوا‪ :‬أصاب‬
‫انتهاء‪.‬‬
‫ً‬ ‫وابتداء ال‬
‫ً‬ ‫اجتهاد ًا ال حك ًام‪،‬‬
‫والصحيح وفاق ًا للجمهور أ ّن املصيب واحد‪ ،‬وهلل تعاىل حكم قبل‬
‫االجتهاد‪ ،‬قيل‪ :‬ال َ‬
‫دليل عليه‪ ،‬والصحيح أن عليه أمار ًة‪ ،‬وأنه مكلف‬
‫بإصابته‪ ،‬وأن خمطئه ال يأثم بل يؤجر‪.‬‬
‫أما اجلزئية التي فيها قاطع فاملصيب فيها واحد وفاق ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬عىل اخلالف‪.‬‬
‫قرص جمتهد َأثِ َم وفاق ًا‪.‬‬
‫وال يأثم املخطئ عىل األصح‪ ،‬ومتى ّ‬

‫~ ‪~ 81‬‬
‫مسألة‪ :‬ال ين َقض احلكم يف االجتهاديات وفاق ًا‪ ،‬فإن خالف نص ًا‪ ،‬أو ظاهر ًا‬
‫جلي ًا ولو قياس ًا‪ ،‬أو حكم بخالف اجتهاده‪ ،‬أو حكم بخالف نص إمامه‬
‫غريه حيث جيوز‪ ،‬نقض‪.‬‬
‫غري مقلد َ‬
‫َ‬
‫فاألصح حتريمها عليه‪ ،‬وكذا املق ّلد‬
‫ي‬ ‫ولو تزوج بغري ول‪ ،‬ثم تغري اجتهاده‬
‫يتغري اجتهاد إ ِ‬
‫مامه‪.‬‬
‫ومن تغري اجتهاده أع َل َم املستفتي ليكف‪ ،‬وال ين َقض معموله‪ ،‬وال يضمن‬
‫املت َل َ‬
‫ف إن تغري اجتهاده‪ ،‬ال لقاطع‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬جيوز أن يقال لنبي أو عامل‪ :‬احكم بام تشاء فهو صواب‪ ،‬ويكون‬
‫درك ًا رشعي ًا‪ ،‬ويسمى التفويض‪ ،‬وتردد الشافعي‪ ،‬قيل‪ :‬يف اجلواز‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫م َ‬
‫يف الوقوع‪ ،‬وقال ابن السمعاين‪ :‬جيوز للنبي دون العامل‪ ،‬ثم املختار‪ :‬مل يقع‪.‬‬
‫ويف تعليق األمر باختيار املأمور ترد ٌّد‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬التقليد أخذ القول من غري معرفة دليله‪.‬‬
‫غري املجتهد‪ ،‬وقيل‪ :‬برشط تبني صحة اجتهاده‪.‬‬
‫و َيلزم َ‬
‫ومنع األستاذ التقليدَ يف القواطع‪ ،‬وقيل‪ :‬ال يقلد عامل وإن مل يكن جمتهد ًا‪.‬‬
‫ظان احلكم باجتهاده فيحرم عليه التقليد‪ ،‬وكذلك املجتهد عند األكثر‪،‬‬
‫أما ي‬
‫وثالثها‪ :‬جيوز للقايض‪ ،‬ورابعها‪ :‬جيوز تقليد األعلم‪ ،‬وخامسها‪ :‬عند ضيق‬
‫خيصه‪.‬‬
‫الوقت‪ ،‬وسادسها‪ :‬فيام ّ‬

‫~ ‪~ 82‬‬
‫إذا تكررت الواقعة وجتدد ما يقتض الرجوع‪ ،‬ومل يكن ذاكر ًا للدليل األول‬
‫وجب عليه جتديد النظر قطع ًا‪ ،‬وكذا إن مل يتجدد‪ ،‬ال إن كان ذاكر ًا‪.‬‬
‫َ‬
‫وكذا العامي يستفتي‪ ،‬ولو مقلدَ ميت‪ ،‬ثم تقع له تلك احلادثة هل يعيد‬
‫السؤال؟‬
‫ال أو‬ ‫ِ‬
‫ملعتقده فاض ً‬ ‫مسألة‪ :‬تقليد املفضول أقوال‪ ،‬ثالثها‪ :‬املختار جيوز‬
‫مساوي ًا‪ ،‬ومن ثم مل جيب البحث عن األرجح‪ ،‬فإن اعتقد رجحان واحد‬
‫تعني‪.‬‬
‫منهم ّ‬
‫والراجح عل ًام فوق الراجح َ‬
‫ورع ًا يف األصح‪.‬‬
‫وجيوز تقليد امليت‪ ،‬خالف ًا لإلمام‪ ،‬وثالثها‪ :‬إن فقد احلي‪ ،‬ورابعها‪ :‬قال‬
‫اهلندي‪ :‬إن نقله عنه جمتهد يف مذهبه‪.‬‬
‫وجيوز استفتاء من عرف باألهلية‪ ،‬أو ظن باشتهاره بالعلم والعدالة‪،‬‬
‫وانتصابِه والناس مستفتون له‪ ،‬ولو قاضي ًا –وقيل‪ :‬ال يفتي قاض يف‬
‫ِ‬
‫املجهول‪.‬‬ ‫املعامالت‪ -‬ال‬
‫األصح وجوب البحث عن علمه‪ ،‬واالكتفاء بظاهر العدالة‪ ،‬وبخرب‬
‫ي‬ ‫و‬
‫الواحد‪.‬‬
‫ثم عليه بيانه إن مل يكن خفي ًا‪.‬‬
‫وللعامي سؤاله عن مأخذه اسرتشاد ًا‪ّ ،‬‬

‫~ ‪~ 83‬‬
‫مسألة‪ :‬جيوز للقادر عىل التفريع والرتجيح ‪-‬وإن مل يكن جمتهد ًا‪ -‬االفتاء‬
‫ِ‬
‫بمذهب جمتهد اطلع عىل مأخذه واعتقده‪ ،‬وثالثها‪ :‬عند عدم املجتهد‪،‬‬
‫ورابعها‪ :‬وإن مل يكن قادر ًا ؛ ألنه ناقل‪.‬‬
‫خلو الزمان عن جمتهد‪ ،‬خالفاً للحنابلة مطلق ًا‪ ،‬والبن دقيق العيد ما‬
‫وجيوز ي‬
‫يتداع الزمان بتزلزل القواعد‪ ،‬واملختار‪ :‬مل يثبت وقوعه‪.‬‬
‫َ‬ ‫مل‬
‫ِ‬
‫بقول جمتهد فليس له الرجوع عنه‪ ،‬وقيل‪ :‬يلزمه العمل‬ ‫وإذا عمل العامي‬
‫بمجرد االفتاء‪ ،‬وقيل‪ :‬بالرشوع يف العمل‪ ،‬وقيل‪ :‬إن التزمه‪ ،‬وقال‬
‫السمعاين‪ :‬إن وقع يف نفسه صحته‪ ،‬وقال ابن الصالح‪ :‬إن مل يوجد مفت‬
‫واألصح جوازه يف حكم آخر‪.‬‬
‫ي‬ ‫ختري بينهام‪،‬‬
‫آخر‪ ،‬فإن وجد ّ‬
‫وأنه جيب التزام مذهب معني يعتقده أرج َح‪ ،‬أو مساوي ًا‪ ،‬ثم ينبغي السعي‬
‫يف اعتقاده أرجح‪.‬‬
‫ثم يف خروجه عنه أقوال‪ ،‬ثالثها‪ :‬ال جيوز يف بعض املسائل‪.‬‬
‫ِ‬
‫الرخص‪ ،‬وخالف أبو اسحق املروزي‪.‬‬ ‫واألصح‪ :‬أ ّنه يمتنع تتبع‬

‫خامتة‬
‫كالمه آذان ًا ّ ً‬
‫صام‪ ،‬اآليت من أحاسن‬ ‫ِ‬
‫املسمع‬ ‫وقد تم مجع اجلوام ِع ِعل ًام‪،‬‬
‫َ‬
‫املحاسن بام ينظره األعمى‪َ ،‬جمموع ًا مجوع ًا‪ ،‬وموضوع ًا‪ ،‬ال مقطوع ًا فضله‬
‫وال ممنوع ًا‪ ،‬ومرفوعاً عن مهم الزمان مدفوع ًا‪ ،‬فعليك بحفظ عباراته‪ ،‬ال‬

‫~ ‪~ 84‬‬
‫غريه‪ ،‬وإياك أن تبادر بإنكار يشء قبل التأمل والفكرة‪،‬‬
‫سيام ما خالف فيها َ‬
‫مكان اختصاره ففي كل َذ ّرة منه د ّرة‪ ،‬فربام ذكرنا األدلة يف‬
‫وأن تظن إ َ‬
‫بعض األحايني‪ ،‬إما لكوهنا مقرر ًة يف مشاهري الكتب عىل وجه ال َيبني‪ ،‬أو‬
‫لغرابة‪ ،‬أو غري ذلك مما يستخرجه النظر املتني‪ ،‬وربام أفصحنا بذكر أرباب‬
‫األقوال‪ِ ،‬‬
‫فحسبه الغبي تطويالً يؤدي إىل املَالل‪ ،‬وما درى أنا إنام فعلنا ذلك‬
‫لغرض تتحرك له اهلمم ال َعوال‪ ،‬فربام مل يكن القول مشهور ًا عمن ذكرناه‪،‬‬
‫أو كان قد عزي إليه عىل الوهم سواه‪ ،‬أو غري ذلك مما يظهره التأمل ملن‬
‫اختصار هذا الكتاب متعذر‪ ،‬و َرو َم‬
‫َ‬ ‫استعمل قواه‪ ،‬بحيث إنا جازمون بأن‬
‫النقصان منه متعس‪ ،‬اللهم إال أن يأيت رجل مبذر مبرت‪.‬‬
‫فدو َنك خمترص ًا بأنواع املحامد حقيق ًا‪ ،‬وأصناف املحاسن خليق ًا‪.‬‬
‫جعلنا اهلل به مع الذين أنعم اهلل عليهم من النبيني والصديقني والشهداء‬
‫والصاحلني وحسن أولئك رفيق ًا‪ ،‬وحسبنا اهلل ونعم الوكيل‪ ،‬واحلمد هلل‬
‫وحده‪.‬‬
‫قال املصنف رمحه اهلل تعاىل‪ :‬وكان متام بياضه يف أخريات ليله حادي عرش‬
‫ذي احلجة احلرام‪ ،‬سن َة ستني وسبعامئة‪ ،‬بمنزل بالدّ هشة‪ ،‬من أرض املزة‪،‬‬
‫ِ‬
‫املحروس‪.‬‬ ‫ظاهر ِد َ‬
‫مشق‬ ‫َ‬
‫قلت‪ :‬وكان متام ضبطه يوم االثنني ‪9172/7/92‬م‪ ،‬الساعة ‪ 71‬صباح ًا‪،‬‬
‫بغداد‪.‬‬

‫~ ‪~ 85‬‬

You might also like