Professional Documents
Culture Documents
نصه
ض َبط ّ
األستاذ املساعد الدكتور
عراك جرب شالل
~~0
بسم اهلل الرمحن الرحيم
احلمد هلل رب العاملني ،والصالة والسالم عىل أرشف األنبياء واملرسلني ،وعىل آله وصحبه
أمجعني ،والتابعني هلم بإحسان إىل يوم الدين ،وبعد:
فهذا متن (مجع اجلوامع) للتاج السبكي ت777هـ رمحه اهلل ،وهو من أهم املتون يف علم
أصول الفقه ،وملا بحثت عن نسخة مطبوعة له ،بدون رشح ،مل أجد نسخ ًة تروي الغليل ،إذ
غالبها كثر فيه التصحيف والتحريف ،اللهم اال الرشوح املطولة ،التي ال تتناسب مع كتيب
املهم أن أق ّيد هذا املتن بطريقة خالية من املقدمات والفهارس،
صغري احلجم ،فرأيت من ّ
ليسهل حفظه ،ومراجعته ،وقد توخيت فيه الضبط بالشكل ،ووضع عالمات الفواصل،
والتنقيط ،واحلركات اإلعرابية ،فقد رأيت الكثري من األخطاء الطباعية ،يف مشواري يف
إعداد هذه النسخة ،ومل خيل رشح مطول أو خمترص منها ،وبعض األشياء قد غريت املعنى،
وجعلت َف هم كالم املصنف غري يسري ،وإذا كانت املتون تتسم بالصعوبة بسبب االختصار
وضغط الكالم ،فام بالك إذا انضم مع ذلك اخلطأ يف وضع مكان الفاصلة ،أو احلركة
اإلعرابية ،وكثرة اجلمل االعرتاضية ،التي جتعل الفاصل طوي ً
ال بني بداية الكالم وهنايته،
ومزج بعض اجلمل ببعض ،وقد تم تدارك ذلك كله يف هذه النسخة ،ومن اجلدير بالذكر
اإلشارة إىل أنه تم حذف اخلامتة الكالمية ليكون املتن خمتص ًا بعلم أصول الفقه.
ول ذلك والقادر عليه.
أسال اهللَ تعاىل القبول ،إنه ي
صيف 7441هـ 9172 -م.
~~1
بسم اهلل الرمحن الرحيم
ِ
بازديادها ،ونصيل عىل نبيك حممد نحمدك اللهم عىل نِ َعم يؤذن احلمد
لرشادها ،وعىل آله وصحبه ما قامت ال يطروس والسطور،ِ هادي األمة
ِ
وسوادها ،ونْضع إليك يف منع املوانع ،عن لعيون األلفاظ مقام ِ
بياضها َ
ِ
إكامل مجع اجلوامع ،اآليت من فني األصول بالقواعد القواطع ،البال ِغ من
ِ
الوارد من زهاء مائة اإلحاطة باألصلني مبلغَ ذوي ِ
اجلد والتشمري،
ِ
املحيط بزبدة ما يف رشحي عىل املخترص مصنف منه ً
ال يروي و َيمري،
ِ
وسبعة كتب. واملنهاج مع مزيد كثري ،وينحرص يف مقدمات
الكالم يف املقدمات
ِ
الفقه اإلمجالية ،وقيل :معرفتها. أصول الفقه :دالئل
واألصول :العارف هبا وبطرق استفادهتا ومستفيدها.
والفقه :العلم باألحكام الرشعية ال َع َملية املكتسب من أدلتها التفصيلية.
واحلكم :خطاب اهلل املتعلق بفعل املكلف من حيث إنه مكلف.
حكم اال هلل.
َ ومن َثم :ال
وصفة الكامل والنقص،ِ ِ
مالئمة الطبع ومنافرته، واحلسن والقبح بمعنى
ِ
للمعتزلة. رشعي ،خالف ًا ال ِ
والعقاب آج ً ِ
ترتب الذم عاج ً
ال عقيل ،وبمعنى
ٌّ ٌّ
وشكر املنع ِم واجب بالرش ِع ال العقل.
حكم قبل الرشع ،بل األمر موقوف إىل وروده.
َ وال
~~2
ِ
يقض فثالثها هلم :الوقف عن احلظر َ
العقل ،فإن مل وحكمت املعتزلة
واإلباحة.
ِ
املكره عىل الصحيح ،ولو والصواب امتناع تكليف الغافل ،وامللجأ ،وكذا
نفسه. ِ
إليثاره َ عىل القتل ،وإثم القاتل
ويتعلق األمر باملعدوم تعلق ًا معنوي ًا ،خالفاً للمعتزلة.
~~3
َ
نقيض احلكم، واملانع :الوصف الوجودي الظاهر املنضبط املعرف
كاألبوة يف القصاص.
الرشع ،وقيل :يف العبادة إسقاط القضاء،
َ والصحة :موافقة ذي الوجهني
وبصحة العقد ترتب ِ
أثره ،والعبادة إجزاؤها ،أي :كفايتها يف سقوط
التعبد ،وقيل :إسقاط القضاء.
وخيتص اإلجزاء باملطلوب ،وقيل :بالواجب.
ويقابلها البطالن وهو الفساد ،خالف ًا أليب حنيفة.
ِ
خروجه ،واملؤدى :ما ِ
بعض -وقيل كل -ما دخل وقته قبل واألداء :فعل
فعل.
والوقت :الزمان املقدّ ر له رشع ًا مطلق ًا.
ِ
بعض -ما خرج وقت أدائه استدراك ًا ملا سبق والقضاء :فعل كل -وقيل
واملقض :املفعول.
ي له ،مقتض للفعل مطلق ًا،
واإلعادة :فعله يف وقت األداء ،قيل :خللل ،وقيل :لعذر ،فالصالة املكررة
معادة.
واحلكم الرشعي إن تغري إىل سهولة لعذر مع قيام السبب للحكم األصيل
ِ
وفطر مسافر ال جيهده الصوم، فرخصة ،كأكل امليتة والقرص والس َلم
واجب ًا ومندوب ًا ومباح ًا ،وخالف ًا لألوىل ،وإال فعزيمة.
والدليل :ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إىل مطلوب خربي.
~~4
واختلف أئمتنا هل العلم عقيبه مكتسب؟
واحلد :اجلامع املانع ،ويقال :املطرد املنعكس.
والكالم يف األزل قيل :ال يسمى خطاب ًا ،وقيل :ال يتنوع.
والنظر :الفكر املؤدي إىل علم أو ظن.
واإلدراك بال حكم تصور ،وبحكم تصديق ،وجازمه الذي ال يقبل التغري
علم ،والقابل اعتقاد ،صحيح إن طابق ،فاسد إن مل يطابق ،وغري اجلازم
ٌّ
وشك ،ألنه إما راجح ،أو مرجوح ،أو مساو. ووهم
ٌّ ظن
ٌّ
والعلم :قال اإلمام :رضوري ،ثم قال :هو حكم الذهن اجلازم املطابق
ملوجب ،وقيل :هو رضوري فال ُيد ،وقال إمام احلرمنيَ :ع ِس ،فالرأي
ِ
اإلمساك عن تعريفه.
ثم قال املحققون :ال يتفاوت ،وإنام التفاوت بكثرة املتعلقات.
ِ
خالف هيئته. واجلهل :انتفاء العلم باملقصود ،وقيل :تصور املعلوم عىل
والسهو :الذهول عن املعلوم.
مسألة :احلسن :املأذون واجب ًا ومندوب ًا ومباح ًا ،قيل :وفعل غري املكلف.
املنهي ولو بالعموم ،فدخل خالف األَوىل ،وقال إمام احلرمني:
ي والقبيح:
ليس املكروه قبيح ًا وال حسن ًا.
~~5
مسألة :جائز الرتك ليس بواجب ،وقال أكثر الفقهاء :جيب الصوم عىل
احلائض واملريض واملسافر ،وقيل :املسافر دوهنام ،وقال اإلمام :عليه أحد
لفظي.
ٌّ الشهرين ،واخللف
ويف كون املندوب مأمور ًا به خالف ،واألصح ليس مكلفاً به ،وكذا
املباح ،ومن َثم كان التكليف إلزام ما فيه كلفة ،ال طل َبه ،خالف ًا للقايض.
أن املباح ليس بجنس للواجب ،وأنه غري مأمور به من حيث هو،
واألصح ّ
لفظي.
ٌّ واخللف
وأن اإلباحة حكم رشعي ،وأن الوجوب إذا نسخ بقي اجلواز ،وقيل:
اإلباحة ،وقيل :االستحباب.
مسألة :األمر بواحد من أشياء يوجب واحد ًا ال بعينه ،وقيل :الكل
~~6
معني عند اهلل ،وقيل :هو من قام به.
واملختار البعض مبهم ،وقيلّ :
ويتعني بالرشوع عىل األصح ،وسنة الكفاية كفرضها.
مسألة :األكثر أن مجيع وقت الظهر جواز ًا ،ونحوه وقت ألدائه ،و ال جيب
املؤخر العزم عىل االمتثال ،خالف ًا لقوم ،وقيل :األول فإن أ ّخر
ّ عىل
فقضاء ،وقيلِ :
اآلخر فإن قدّ م فتعجيل ،واحلنفية :ما اتصل به األداء من
الوقت ّ
وإال فاآلخر ،والكرخي :إن قدم وقع واجب ًا برشط بقائه مكلف ًا.
ظن املوت عىص ،فإن عاش وفع َله فاجلمهور :أداء،
ومن أ ّخر مع ّ
والقاضيان أبو بكر واحلسني :قضاء ،ومن أ ّخر مع ظن السالمة فالصحيح
ال يعيص ،بخالف ما وقته العمر كاحلج.
مسألة :املقدور الذي ال يتم الواجب املطلق إال به واجب ،وفاق ًا لألكثر،
وثالثها :إن كان سبباً كالنار لإلحراق ،وقال إمام احلرمني :إن كان رشطاً
رشعي ًا ال عقلي ًا أو عادي ًا ،فلو تعذر ترك املحرم إال برتك غريه وجب ،أو
اختلطت منكوحة بأجنبية حرمتا ،أو ط ّلق معينة ثم نسيها.
مسألة :مطلق األمر ال يتناول املكروه ،خالف ًا للحنفية ،فال تصح الصالة يف
األوقات املكروهة ،وإن كانت كراه َة تنزيه عىل الصحيح.
أما الواحد بالشخص له جهتان كالصالة يف املغصوب ،فاجلمهور :تصح
وال يثاب ،وقيل :يثاب ،والقايض واإلمام :ال تصح ويسقط الطلب
َ
سقوط. عندمها ،وأمحد :ال صح َة وال
~~7
واخلارج من املغصوب تائب ًا آت بواجب ،وقال أبو هاشم :بحرام ،وقال
إمام احلرمني :هو مرتبك يف املعصية ،مع انقطاع تكليف النهي عنه ،وهو
دقيق.
والساقط عىل جريح يقتله إن استمر ،وك َ
فأه ان مل يستمر ،قيل :يستمر،
حكم فيه ،وتوقف الغزال.
َ وقيل :يتخري ،وقال إمام احلرمني :ال
مسألة :جيوز التكليف باملحال مطلق ًا ،ومنع أكثر املعتزلة والشيخ أبو
حامد والغزال وابن دقيق العيد :ما ليس ممتنع ًا ،لتعلق العلم بعدم وقوعه،
َ
املحال لذاته ،وإمام احلرمني :كونه مطلوب ًا ،ال ومعتزلة بغداد واآلمدي:
ورود صيغة الطلب ،واحلق وقوع املمتنع بالغري ال بالذات.
أن حصول الرشط الرشعي ليس رشط ًا يف صحة التكليف،
مسألة :األكثر ّ
وهي مفروضة يف تكليف الكافر بالفروع ،والصحيح وقوعه ،خالف ًا أليب
وآلخرين
َ حامد االسفراييني وأكثر احلنفية مطلق ًا ،ولقوم يف األوامر فقط،
فيمن عدا املرتد.
قال الشيخ اإلمام :واخلالف يف خطاب التكليف وما يرجع إليه من
ِ
وترتب آثار العقود. ِ
واجلنايات ِ
االتالف الوضع ،ال
ي
الكف ،أي االنتهاء، َ
تكليف إال بفعل ،فاملكلف به يف النهي مسألة :ال
وفاق ًا للشيخ اإلمام ،وقيل :فعل الضد ،وقال قوم :االنتفاء ،وقيل :يشرتط
قصد الرتك.
~~8
واألمر عند اجلمهور يتعلق بالفعل قبل املبارشة بعد دخول وقته إلزام ًا،
وقبله إعالم ًا ،و األكثر :يستمر حال املبارشة ،وقال إمام احلرمني والغزال:
ينقطع ،وقال قوم :ال يتوجه إال عند املبارشة ،وهو التحقيق ،فاملَالم قبلها
عىل التلبس بالكف املنهي.
مسألة :يصح التكليف -ويوجد معلوم ًا للمأمور إث َره -مع علم اآلمر -
ِ
وقوعه عند وقته ،كأمر رجل بصو ِم ِ
رشط انتفاء ِ
املأمور يف األظهر- وكذا
َ
يوم علِم موته قبله ،خالف ًا إلمام احلرمني واملعتزلة ،أما مع جهل اآلمر
فاتفاق.
خامتة :احلكم قد يتعلق بأمرين عىل الرتتيب ،فيحرم اجلمع أو يباح أو
ي َس ين ،وعىل البدل كذلك.
~~9
الكتاب األول :يف الكتاب ومباحث األقوال
واملعني به هنا اللفظ املنزّل عىل حممد صىل اهلل عليه وسلم
ي الكتاب :القرآن،
لإلعجاز بسورة منه املتع ّبد بتالوته .ومنه البسملة أول كل سورة ،غري
براء َة عىل الصحيح ،ال ما نقل آحاد ًا عىل األصح.
والسبع متواترة ،قيل :فيام ليس من قبيل األداء ،كاملد واإلمالة وختفيف
اهلمزة ،قال أبو شامة :واأللفاظ املختلف فيها بني القراء.
وال جتوز القراءة بالشاذ ،والصحيح أنه ما وراء العرشة ،وفاق ًا للبغوي
والشيخ اإلمام ،وقيل :ما وراء السبعة ،أما إجراؤه جمرى اآلحاد فهو
الصحيح.
وال جيوز ورود ما المعنى له يف الكتاب والسنة ،خالف ًا للحشوية ،وال ما
يعنى به غري ظاهره إال بدليل ،خالف ًا للمرجئة.
ويف بقاء جممل غري مبني ،ثالثها :األصح ال يبقى املكلف بمعرفته.
واحلق :أن األدلة النقلية قد تفيد اليقني بانضامم تواتر ،أو غريه.
املنطوق واملفهوم
املنطوق :ما دل عليه اللفظ يف حمل النطق .وهو نص إن أفاد معنى ال
ُيتمل غريه كزيد ،ظاهر إن احتمل مرجوح ًا كاألسد.
واللفظ إن دل جزؤه عىل جزء املعنى فمركب ،وإال فمفرد.
~ ~ 10
ِ
اللفظ عىل معناه مطابقة ،وعىل جزئه تضمن ،والزمه الذهني وداللة
التزام.
واألوىل لفظية ،والثنتان عقليتان.
ثم املنطوق إن توقف الصدق أو الصحة عىل إضامر فداللة اقتضاء ،وإن مل
قصد فداللة إشارة.
يتوقف ودل عىل ما مل ي َ
واملفهوم :ما دل عليه اللفظ ال يف حمل النطق.
املنطوق فموافقة ،فحوى اخلطاب إن كان َأوىل ،وحلنه إن
َ فإن وافق حكمه
كان مساوي ًا ،وقيل :ال يكون مساوي ًا.
ثم قال الشافعي واإلمامان :داللته قياسية ،وقيل :لفظية ،فقال الغزال
واآلمدي :فهمت من السياق والقرائن ،وهي جمازية من إطالق األخص
عىل األعم ،وقيل :نقل اللفظ هلا عرف ًا.
وإن خالف فمخالفة ،ورشطه :أن ال يكون املسكوت ترك خلوف ونحوه،
وال يكون املذكور خرج للغالب ،خالف ًا إلمام احلرمني ،أو لسؤال أو
حادثة أو للجهل بحكمه ،أو غريه مما يقتض التخصيص بالذكر.
يعمه املعروض ،وقيل :ال
قياس املسكوت باملنطوق ،بل قيل :ي
وال يمنع َ
يعمه إمجاع ًا.
ّ
وهو صفة كالغنم السائمة أو سائمة الغنم ،ال جمرد السائمة عىل األظهر،
ِ
مطلق السوائمِ؟ قوالن. وهل املنفي غري سائمتها أو غري
~ ~ 11
ومنها :العلة ،والظرف ،واحلال ،والعدد ،ورشط ،وغاية ،وإنام ،ومثل :ال
عامل إال زيد ،وفصل املبتدأ من اخلرب بضمري الفصل ،وتقديم املعمول.
وأعاله :ال عامل إال زيد ،ثم ما قيل أنه منطوق باإلشارة ،ثم غريه.
معنى.
ً مسألة :املفاهيم إال اللقب حجة ،لغ ًة ،وقيل :رشع ًا ،وقيل:
والصرييف وابن خويز َمنداد وبعض احلنابلة.
ي واحتج باللقب الدقاق
وأنكر أبو حنيفة :الكل مطلق ًا ،وقوم :يف اخلرب ،والشيخ اإلمام :يف غري
الرشع ،وامام احلرمني :صف ًة ال تناسب احلكم ،وقوم :العد َد دون غريه.
مسألة :الغاية ،قيل :منطوق ،واحلق :مفهوم ،ويتلوه الرشط ،فالصفة
املناسبة ،فمطلق الصفة ِ
غري العدد ،فالعدد ،فتقديم املعمول لدعوى
البيانيني إفادته االختصاص ،وخالفهم ابن احلاجب وأبو ح ّيان.
واالختصاص :احلرص ،خالفاً للشيخ اإلمام حيث أثبته ،وقال :ليس هو
احلرص.
مسألة( :إنام) قال اآلمدي وأبو حيان :ال تفيد احلرص ،وأبو اسحق
الشريازي والغزال وإلكيا واإلمام الرازي :تفيد َفه ًام ،وقيل :نطقاً.
األصح أن حرف أن فيها فرع املكسورة ،ومن ثم ادعى الزخمرشي
ي وبالفتح
إفادهتا احلرص.
~ ~ 12
ليعرب عام يف الضمري،
مسألة :من األلطاف حدوث املوضوعات اللغوية ّ
وهي األلفاظ الدالة عىل املعاين ،وتعرف بالنقل ،تواتر ًا أو آحاد ًا،
وباستنباط العقل من النقل ،ال جمرد العقل.
ومدلول اللفظ إما معنى جزئي ،أو كيل ،أو لفظ مفرد مستعمل ،كالكلمة
فهي قول مفرد ،أو مهمل كأسامء حروف اهلجاء ،أو مركب.
والوضع :جعل اللفظ دلي ً
ال عىل املعنى.
وال يشرتط مناسبة اللفظ للمعنى ،خالف ًا لع ّباد حيث أثبتها ،فقيل :بمعنى
أهنا حاملة عىل الوضع ،وقيل :بل كافية يف داللة اللفظ عىل املعنى.
واللفظ موضوع للمعنى اخلارجي ال الذهني ،خالف ًا لإلمام ،وقال الشيخ
اإلمام :للمعنى من حيث هو.
وليس لكل معنى لفظ ،بل كل معنى حمتاج إىل اللفظ.
واملحكم :املتضح املعنى.
واملتشابه :ما استأثر اهلل تعاىل بعلمه ،وقد يطلِع عليه بعض أصفيائه.
قال اإلمام :واللفظ الشائع ال جيوز أن يكون موضوع ًا ملعنى خفي إال عىل
اخلواص ،كام يقول مثبتو احلال :احلركة معنى يوجب حترك الذات.
مسألة :قال ابن فورك واجلمهور :اللغات توفيقية ،ع ّلمها اهلل تعاىل
بالوحي أو خلق األصوات أو العلم الْضوري ،وعزي إىل األشعري.
وأكثر املعتزلة :اصطالحية ،حصل ِعرفاهنا باإلشارة والقرينة كالطفل،
~ ~ 13
واألستاذ :القدر املحتاج يف التعريف توقيف وغريه حمتمل ،وقيل :عكسه،
وتوقف كثري ،واملختار :الوقف عن القطع ،وأن التوقيف مظنون.
مسألة :قال القايض وإمام احلرمني والغزال واآلمدي :ال تثبت اللغة
قياس ًا ،وخالفهم ابن رسيج وابن أيب هريرة وأبو اسحق الشريازي
واإلمام ،وقيل :تثبت احلقيقة ال املجاز.
ولفظ القياس يغني عن قولك حمل اخلالف ما مل يثبت تعميمه باستقراء.
فجزئي ،وإال
ٌّ مسألة :اللفظ واملعنى إن احتدا :فإن منع تصور معناه الرشكة
فكيل ،متواطئ إن استوى ،مشكك إن تفاوت.
ٌّ
وإن تعددا :فمتباين .وإن احتد املعنى دون اللفظ فمرتادف ،وعكسه إن
كان حقيقة فيهام فمشرتك ،وإال فحقيقة وجماز.
التعني خارجي ًا فع َلم
ّ وال َع َلم :ما وضع ملعني ال يتناول غريه .فإن كان
الشخص ،وإال فع َلم اجلنس ،وإن وضع للامهية من حيث هي فاسم
اجلنس.
مسألة :االشتقاق ر ّد لفظ إىل آخر ولو جماز ًا ملناسبة بينهام يف املعنى
واحلروف األصلية.
وال بدّ من تغيري .وقد يطرد كاسم الفاعل ،وقد خيتص كالقارورة.
ومن مل يقم به وصف مل جيز أن يشتق له منه اسم ،خالفاً للمعتزلة ،ومن
بنائهم :اتفاقهم عىل أن ابراهيم ذابح ،واختالفهم هل اسامعيل مذبوح؟
~ ~ 14
فإن قام به ما له اسم وجب االشتقاق ،أو ما ليس له اسم -كأنواع
الروائح -مل جيب.
واجلمهور عىل اشرتاط بقاء املشتق منه يف كون املشتق حقيقة إن أمكن،
وإال فآخر جزء ،وثالثها :الوقف.
ومن َثم كان اسم الفاعل حقيقة يف احلال ،أي :حال التلبس ال النطق،
َ
األول مل جودي يناقض
ٌّ خالف ًا للقرايف ،وقيل :إن طرأ عىل املحل وصف و
يسم باألول امجاع ًا.
وليس يف املشتق إشعار بخصوصية الذات.
ِ
وابن فارس مطلق ًا ،ولإلمام يف لثعلب
َ مسألة :املرتادف واقع ،خالف ًا
األسامء الرشعية.
واحلد واملحدود ،ونحوَ :ح َسن َب َسن ،غري مرتادفني عىل األصح.
واحلق إفادة التابع التقوية ،ووقوع كل من الرديفني مكان اآلخر إن مل يكن
تعبد بلفظه ،خالف ًا لإلمام مطلق ًا ،وللبيضاوي واهلندي إذا كانا من لغتني.
مسألة :املشرتك واقع ،خالف ًا لثعلب واألهبري والبلخي مطلق ًا ،ولقوم يف
واحلديث ،وقيل :واجب الوقوع ،وقيل :ممتنع ،وقال ِ القرآن ،وقيل:
اإلمام :ممتنع بني النقيضني فقط.
مسألة :املشرتك يصح إطالقه عىل معنييه مع ًا جماز ًا ،وعن الشافعي
والقايض واملعتزلة حقيق ًة ،زاد الشافعي :وظاهر فيهام عند التجرد عن
~ ~ 15
القرائن فيحمل عليهام ،وعن القايضُ :يمل ولكن ُيمل عليهام احتياط ًا،
وقال أبو احلسني والغزال :يصح أن يراد ال أنه لغة ،وقيل :جيوز يف النفي
ال االثبات .واألكثر عىل أن مجعه باعتبار معنييه إن ساغ ذلك مبني عليه.
ويف احلقيقة واملجاز اخلالف ،خالف ًا للقايض ،ومن ثم عم نحو( :وافعلوا
واملندوب ،خالف ًا ملن خصه بالواجب ،ومن قال :للقدر
َ الواجب
َ اخلري)
َ
املشرتك ،وكذا :املجازان.
احلقيقة واملجاز
مسألة :احلقيقة لفظ مستعمل فيام وضع له ابتداء.
وهي لغوية وعرفية ورشعية.
مكان الرشعية ،والقايض وابن القشريي:
ووقع األوليان ،ونفى قوم إ َ
وقو َعها ،وقال قوم :وقعت مطلق ًا ،وقوم :إال اإل َ
يامن ،وتوقف اآلمدي،
واملختار وفاقاً أليب اسحق الشريازي واإلمامني وابن احلاجب :وقوع
الفرعية ال الدينية.
ومعنى الرشعي :ما مل يستفد اسمه إال من الرشع ،وقد يطلق عىل املندوب
واملباح.
واملجاز :اللفظ املستعمل بوضع ثان لعالقة.
ِ
االستعامل ،وهو املختار ،قيل: فعلم وجوب ِ
سبق الوضع ،وهو اتفاق ،ال
مطلق ًا ،واألصح :ملا عدا املصدر.
~ ~ 16
وهو واقع ،خالف ًا لألستاذ والفاريس مطلق ًا ،وللظاهرية يف الكتاب
والسنة.
وإنام يعدل إليه لثقل احلقيقة ،أو بشاعتها ،أو جهلها ،أو بالغته ،أو
شهرته ،أو غري ذلك.
عتمد ًا حيث تستحيل
وليس غالب ًا عىل اللغات ،خالف ًا البن جني ،وال م َ
احلقيقة ،خالف ًا أليب حنيفة.
خالف األصل ،وأوىل من االشرتاك ،قيل :ومن اإلضامر،
َ وهو والنقل
والتخصيص أوىل منهام.
وقد يكون بالشكل ،أو صفة ظاهرة ،أو باعتبار ما يكون قطع ًا أو ظنا ال
احتامالً ،وبالضد ،واملجاورة ،والزيادة ،والنقصان ،والسبب للمسبب،
والكل للبعض ،واملتعلق للمتعلق ،وبالعكوس ،وما بالفعل عىل ما
بالقوة.
وقد يكون يف اإلسناد ،خالف ًا لقوم.
ويف األفعال واحلروف ،وفاق ًا البن عبد السالم والنقشواين ،ومنع اإلمام
َ
والفعل واملشتق إال بالتبع. احلرف مطلق ًا،
وال يكون يف األعالم ،خالف ًا للغزال يف متلمح الصفة.
~ ~ 17
ِ
وصحة النفي ،وعد ِم وجوب ويعرف بتبادر غريه إىل الفهم لو ال القرينة،
وتوقف ِه عىل
ِ ِ
تقييده ومجعه عىل خالف مجع احلقيقة ،وبالتزام ِ االطراد،
ِ
واالطالق عىل املستحيل. املسمى اآلخر،
واملختار اشرتاط السمع يف نوع املجاز ،وتوقف اآلمدي.
املعرب لفظ غري ع َلم ،استعملته العرب يف معنى وضع له ،يف غري
مسألةّ :
لغتهم ،وليس يف القرآن ،وفاق ًا للشافعي وابن جرير واألكثر.
مسألة :اللفظ إما حقيقة أو جماز ،أو حقيقة وجماز باعتبارين.
واألمران منتفيان قبل االستعامل.
الرشعي ألنه عرفه،
ي ثم هو حممول عىل عرف املخاطِب أبد ًا ،ففي الرشع
الرشعي،
ي ثم العريف العام ،ثم اللغوي ،وقال الغزال واالمدي :يف اإلثبات
اللغوي.
ي الغزال جممل ،واالمدي
ي ويف النفي:
ويف تعارض املجاز الراجح واحلقيقة املرجوحة أقوال ،ثالثها :املختار
جممل.
وثبوت حكم يمكن كونه مراد ًا من خطاب لكن جماز ًا ال يدل عىل أنه املراد
منه ،بل يبقى اخلطاب عىل حقيقته ،خالف ًا للكرخي والبرصي.
مسألة :الكناية :لفظ استعمل يف معناه مراد ًا منه الزم املعنى ،فهي حقيقة،
فإن مل يرد املعنى وإنام عرب بامللزوم عن الالزم فهو جماز.
ليلوح بغريه ،فهو حقيقة أبد ًا.
والتعريض :لفظ استعمل يف معناه ّ
~ ~ 18
احلروف
أحدها (إذن) :قال سيبوبه :للجواب واجلزاء ،قال الشلوبني :دائ ًام ،وقال
الفاريس :غالب ًا.
الثاين (إن) :للرشط ،والنفي ،والزيادة.
الثالث (أو) :للشك ،واإلهبام ،والتخبري ،ومطلق اجلمع ،والتقسيم،
وبمعنى إىل ،واإلرضاب ك(بل) ،قال احلريري :والتقريب نحو :ما أدري
أسل َم أو و ّد َع.
الرابع (أي) :بالفتح والسكون ،للتفسري ،ولنداء القريب ،أو البعيد ،أو
املتوسط ،أقوال.
وبالتشديد :للرشط ،واالستفهام ،وموصولة ،ودالة عىل معنى الكامل،
ووصلة لنداء ما فيه (أل).
اخلامس (إذ) :اسم للاميض ،ظرف ًا ،ومفعوالً به ،وبدالً من املفعول،
ومضاف ًا اليها اسم زمان ،وللمستقبل يف األصح .وترد للتعليل حرف ًا ،أو
ظرف ًا ،وللمفاجأة ،وفاق ًا لسيبويه.
السادس (إذا) :للمفاجأة حرف ًا ،وفاق ًا لألخفش وابن مالك ،وقال املربد
والزجاج والزخمرشي :ظرف زمانِ .
وترد ّ وابن عصفور :ظرف مكان،
ظرف ًا للمستقبل مضمنة معنى الرشط غالب ًا ،وندر جميئها للاميض واحلال.
~ ~ 19
السابع (الباء) :لإللصاق حقيقة وجماز ًا ،والتعدية ،واالستعانة ،والسببية،
واملصاحبة ،والظرفية ،والبدلية ،واملقابلة ،واملجاوزة ،واالستعالء،
والقسم ،والغاية ،والتوكيد ،وكذا التبعيض ،وفاق ًا لألصمعي والفاريس
وابن مالك.
الثامن (بل) :للعطف واإلرضاب ،إما لإلبطال أو لالنتقال من غرض إىل
آخر.
التاسع ( َبيدَ ) :بمعنى غري ،وبمعنى من أجل ،وعليه "بيد أين من
قريش".
العارش (ثم) :حرف عطف للترشيك ،واملهلة عىل الصحيح ،وللرتتيب
خالف ًا للع ّبادي.
احلادي عرش (حتى) :النتهاء الغاية غالب ًا ،وللتعليل ،وندر لالستثناء.
الثاين عرش (رب) :للتكثري وللتقليل ،وال ختتص بأحدمها ،خالف ًا لزاعمي
ذلك.
الثالث عرش (عىل) :األصح أهنا قد تكون اس ًام بمعنى فوق ،وتكون حرفاً
لالستعالء ،واملصاحبة ،واملجاورة ،ك َعن ،والتعليل ،والظرفية،
واالستدراك ،والزيادة .أما :عال يعلو َف ِفعل.
الرابع عرش (الفاء العاطفة) :للرتتيب املعنوي والذكري ،وللتعقيب يف
كل يشء بحسبه ،والسبيبة.
~ ~ 20
اخلامس عرش (يف) :للظرفني ،واملصاحبة ،والتعليل ،واالستعالء،
والتوكيد ،والتعويض ،وبمعنى الباء ،وإىلِ ،
ومن.
السادس عرش (كي) :للتعليل ،وبمعنى أن املصدرية.
واملعرف املجموع،
ّ السابع عرش (كل) :اسم الستغراق أفراد املن ّكر،
املعرف املفرد.
وأجزاء ّ
الثامن عرش (الالم) :للتعليل ،واالستحقاق ،واالختصاص ،وامل ِلك،
وشبهه ،وتوكيد النفي ،والتعدية،ِ والصريورة أي العاقبة ،والتمليك،
والتأكيد ،وبمعنى إىل ،وعىل ،ويف ،وعند ،وبعدَ ِ ،
ومن ،و َعن. َ
التاسع عرش (لوال) :حرف معناه يف اجلملة االسمية امتناع جوابه لوجود
ِ
واملاضية التوبيخ ،وقيلِ :ترد للنفي. املضارعة التحضيض، رشطه ،ويف
َ
ي
ويقل للمستقبل ،قال سيبويه: العرشون (لو) :حرف رشط للاميض،
حرف ملا كان سيقع لوقوع غريه ،وقال غريه :حرف امتناع المتناع ،وقال
الشلوبني :ملجرد الربط ،والصحيح وفاق ًا للشيخ اإلمام امتناع ما يليه
واستلزامه لتاليه ،ثم ينتفي التال إن ناسب ومل َخيلف املقد َم غريه ،ك(لو
كان فيهام اهلة إال اهلل لفسدتا) ال إن خ َل َفه كقولك :لو كان إنسان ًا لكان
ِ
يعص، وناسب -باألَوىل ،كلو مل خيف مل
َ حيوان ًا ،ويثبت التال -إن مل يناف
أو املساواة ،كلو مل تكن ربيبة ملا ح ّلت للرضاع ،أو األدون كقولك :لو
انتفت أخوة النسب ملا ح ّلت للرضاع.
~ ~ 21
وترد للتمني ،والعرض ،والتحضيض ،والتقليل ،نحو" :ولو بظلف
حمرق".
ّ
احلادي والعرشون (لن) :حرف نفي ونصب واستقبال ،وال تفيد توكيد
النفي وال تأبيده ،خالف ًا ملن زعمه ،وترد للدعاء وفاق ًا البن عصفور.
الثاين والعرشون (ما) :ترد اسمية ،وحرفية موصولة ،ونكرة موصوفة،
وللتعجب ،واستفهامية ،ورشطية زمانية ،وغري زمانية ،ومصدرية كذلك،
ونافية ،وزائدة كافة ،وغري كافة.
الثالث والعرشون ( ِمن) :البتداء الغاية غالب ًا ،وللتبعيض ،والتبيني،
والتعليل ،والبدل ،والغاية ،وتنصيص العموم ،والفصل ،ومرادفة الباء،
وعن ،ويف ،وعند ،وعىل.
الرابع والعرشون ( َمن) :رشطية ،واستفهامية ،وموصولة ،ونكرة
موصوفة ،قال أبو عيل :ونكرة تامة.
اخلامس والعرشون (هل) :لطلب التصديق اإلجيايب ،ال التصور ،وال
للتصديق السلبي.
السادس والعرشون (الواو) :ملط َلق اجلمع ،وقيل :للرتتيب ،وقيل:
للمع ّية.
~ ~ 22
األمر
أ م ر :حقيقة يف القول املخصوص ،جماز يف الفعل ،وقيل :للقدر املشرتك،
ِ
والصفة. ِ
والشأن ِ
اليشء وقيل :مشرتك بينهام ،وقيل :بني
غري كف مدلول عليه ِ
بغري كف. وحدي ه :اقتضاء فعل ِ
~ ~ 23
وتوقف القايض والغزال واالمدي فيهام ،وقيل :مشرتكة فيهام ويف
اإلباحة ،وقيل :يف الثالثة والتهديد ،وقال عبد اجلبار :إلرادة االمتثال،
وقال أبو بكر األهبري :أمر اهللِ تعاىل للوجوب ،وأمر النبي (صىل اهلل عليه
وسلم ) املبتدأ للندب ،وقيل :مشرتكة بني اخلمسة األ َول ،وقيل :بني
األحكام اخلمسة ،واملختار وفاق ًا للشيخ أيب حامد وإمام احلرمني :حقيقة
يف الطلب اجلازم ،فإن صدر من الشارع أوجب الفعل.
ويف وجوب اعتقاد الوجوب قبل البحث خالف العام.
فإن ورد األمر بعد احلظر -قال اإلمام :أو استئذان -فلإلباحة ،وقال أبو
الطيب والشريازي والسمعاين واإلمام :للوجوب ،وتوقف إمام احلرمني.
أما النهي بعد الوجوب فاجلمهور للتحريم ،وقيل :للكراهة ،وقيل:
لإلباحة ،وقيل :إلسقاط الوجوب ،وإمام احلرمني عىل َوق ِف ِه.
واملرة رضورية ،وقيل:
مسألة :األمر لطلب املاهية ،ال لتكرار ،وال مرةّ ،
املرة مدلوله ،وقال األستاذ وال َقزويني :للتكرار مطلق ًا ،وقيل :بالوقف.
ّ
وال لفور ،خالفاً لقوم ،وقيل :للفور أو العزم ،وقيل :مشرتك.
~ ~ 24
وأ ّن األمر باألمر باليشء ليس أمر ًا به.
وأ ّن اآلمر بلفظ يتناوله داخل فيه.
وأن النيابة تدخل املأمور اال ملانع.
ّ
مسألة :قال الشيخ والقايض :األمر النفيس بيشء معني هني عن ضده
الوجودي ،وعن القايض يتضمنه ،وعليه عبد اجلبار وأبو احلسني واإلمام
واالمدي ،وقال إمام احلرمني والغزال :ال عينه وال يتضمنه ،وقيل :أمر
الوجوب يتضمن فقط.
أما اللفظي فليس عني النهي قطع ًا ،وال يتضمنه عىل األصح.
وأما النهي فقيل :أمر بالضد ،وقيل :عىل اخلالف.
ِ
غريان ،واملتعاقبان مسألة :األمران غري متعاقبني -أو بغري متامثلني-
بمتامثلني وال مانع من التكرار ،والثاين غري معطوف ،قيل معمول هبام،
وقيل تأكيد ،وقيل بالوقف.
ويف املعطوف التأسيس أرجح ،وقيل :التأكيد ،فإن رجح التأكيد بعادي
قدم ،وإال فالوقف.
النهي
النهي :اقتضاء كف عن فعل ،ال بقول كف.
وقضيته الدوام ما مل يقيد باملرة ،وقيل :مطلق ًا.
~ ~ 25
وترد صيغته للتحريم ،والكراهة ،واإلرشاد ،والدعاء ،وبيان العاقبة،
والتقليل ،واالحتقار ،واليأس.
ويف اإلرادة والتحريم ما يف األمر.
املخري ،وفرقاً كالنعلني
ّ وقد يكون عن واحد ومتعدد ،مجع ًا كاحلرام
يفرق ،ومجيعاً كالزنى والسقة.
يلبسان أو ينزعان وال ّ
ِ
التنزيه يف األظهر -للفساد رشع ًا ،وقيل لغ ًة، هني التحري ِم -وكذا
ومطلق ِ
معنى ،فيام عدا املعامالت مطلق ًا ،وفيها إن َر َج َع -قال ابن عبد
ً وقيل
السالم أو احتمل رجوعه -إىل أمر داخل أو الزم ،وفاق ًا لألكثر ،وقال
الغزال واإلمام :يف العبادات فقط.
فإن كان خلارج كالوضوء بمغصوب مل ي ِفد عند األكثر ،وقال أمحد :يفيد
مطلق ًا ،ولفظه حقيقة ،وإن انتفى الفساد لدليل ،وأبو حنيفة :ال يفيد
املنهي لعينه غري مرشوع ففساده عريض ،ثم قال :واملنهي
ي مطلق ًا ،نعم
لوصفه يفيد الصحة له .وقيل :إن نفي عنه ال َقبول ،وقيل :بل النفي دليل
الفساد.
ونفي اإلجزاء كنفي القبول ،وقيل أوىل بالفساد.
العام
الصالح له من غري حرص.
َ العام :لفظ يستغرق
والصحيح دخول النادرة ،وغري املقصودة حتته.
~ ~ 26
وأنه قد يكون جماز ًا.
وأنه من عوارض األلفاظ ،قيل :واملعاين ،وقيل به يف الذهني.
ويقال للمعنى أعم ،وللفظ عام.
ومدلوله كلية -أي حمكوم فيه عىل كل فرد -مطابقة إثبات ًا أو سلب ًا ،ال ٌّ
كل
كيل.
وال ٌّ
وداللته عىل أصل املعنى قطعية ،وهو عن الشافعي ،وعىل كل فرد
بخصوصه ظنية ،وهو عن الشافعية ،وعن احلنفية قطعية.
وعموم األشخاص يستلزم عموم األحوال واألزمنة والبقاع ،وعليه
الشيخ اإلمام.
وأي ومتى وأين وحيثام ونحوها ،للعموم
ي مسألة :ي
كل والذي والتي
حقيق ًة ،وقيل :للخصوص ،وقيل :مشرتكة ،وقيل :بالوقف.
واجلمع املعرف بالالم أو اإلضافة للعموم ،ما مل يتحقق عهد ،خالف ًا أليب
هاشم مطلق ًا ،وإلمام احلرمني إذا احتمل معهود ًا.
واملفرد املحىل مثله ،خالف ًا لإلمام مطلق ًا ،وإلمام احلرمني والغزال إذا مل
يكن واحده بالتاء ،زاد الغزال :أو متيز بالوحدة.
والنكرة يف سياق النهي للعموم وضع ًا ،وقيل :لزوم ًا ،وعليه الشيخ اإلمام،
نص ًا إن بنيت عىل الفتح ،وظاهر ًا إن مل تب َن.
~ ~ 27
عم اللفظ عرف ًا ،كالفحوى ،و (حرمت عليكم امهاتكم)
وقد َي ي
[النساء ،]92أو عق ً
ال ،كرتتيب احلكم عىل الوصف ،وكمفهوم املخالفة،
لفظي ،ويف أن الفحوى بالعرف واملخالفة
ٌّ واخلالف يف أنه ال عموم له
بالعقل تقدم.
ومعيار العموم االستثناء.
واألصح أن اجلمع املن ّكر ليس بعام.
وأن أقل مسمى اجلمع ثالثة ال اثنان ،وأنه يصدق عىل الواحد جماز ًا.
يعم
وتعميم العام بمعنى املدح والذم إذا مل يعارضه عام آخر ،وثالثها :ي
مطلق ًا.
وتعميم نحو :ال يستوون ،وال أكلت ،قيل :وإن أكلت.
ال املقتض ،والعطف عىل العام ،والفعل املثبت ،ونحو :كان جيمع يف
السفر ،وال املع ّلق بعلة لفظ ًا لكن قياس ًا ،خالف ًا لزاعمي ذلك.
وأن ترك االستفصال ينزل منزلة العموم.
وأن نحو (يا أهيا النبي) ال يتناول األمة.
وأن نحو (يا أهيا الناس) يشمل الرسول عليه الصالة والسالم ،وإن اقرتن
ّ
بقل ،وثالثها :التفصيل ،وأنه يعم العبد والكافر ،ويتناول املوجودين دون
من بعدهم.
وأ ّن َمن الرشطية تتناول اإلناث.
~ ~ 28
وأ ّن مجع املذكر السامل ال يدخل فيه النساء ظاهر ًا.
وأن خطاب الواحد ال يتعداه ،وقيل :يعم عادة.
ّ
أن خطاب القرآن واحلديث ب (يا أهل الكتاب) ال يشمل األمة ،وقيل:
و ّ
يشملهم فيام يتشاركون فيه.
وأن املخاطِب داخل يف عموم خطابه إن كان خرب ًا ال أمر ًا.
ّ
وأ ّن نحو (خذ من أمواهلم) يقتض األخذ من كل نوع ،وتوقف اآلمدي.
التخصيص
التخصيص :قرص العام عىل بعض أفراده .والقابل له حكم ثبت ملتعدد.
واحلق جوازه إىل واحد إن مل يكن لفظ العام مجع ًا ،وإىل أ ّ
قل اجلمع إن كان، ي
وقيل :مطلق ًا ،وشذ املنع مطلق ًا ،وقيل :باملنع إال أن يبقى غري حمصور،
وقيل :إال أن يبقى قريب من مدلوله.
والعام املخصوص مراد عمومه تناوالً ،ال حك ًام ،واملراد به اخلصوص ليس
مراد ًا بل كيل استعمل يف جزئي ،ومن ثم كان جماز ًا قطع ًا ،واألول حقيقة،
وفاق ًا للشيخ اإلمام والفقهاء ،وقال الرازي :إن كان الباقي غري منحرص،
وقوم :إن خص بام ال يستقل ،وإمام احلرمني :حقيقة وجماز باعتبارين:
تناوله واالقتصار عليه ،واألكثر :جماز ًا مطلق ًا ،وقيل :إن استثني منه،
وقيل :إن خص بغري لفظ.
~ ~ 29
واملخصص قال األكثر :حجة ،وقيل :إن خص بمعني ،وقيل :بمنفصل،
وقيل :إن أنبأ عنه العموم ،وقيل :يف أقل اجلمع ،وقيل :غري حجة مطلق ًا.
ويتمسك بالعام يف حياة النبي (صىل اهلل عليه وسلم) قبل البحث عن
املخصص ،وكذا بعد الوفاة ،خالف ًا البن رسيج ،وثالثها :إن ضاق
الظن ،خالف ًا للقايض.
الوقت ،ثم يكفي يف البحث ي
املخصص :قسامن :األول :املتصل وهو مخسة:
االستثناء :وهو اإلخراج بإال أو إحدى أخواهتا من متكلم واحد .وقيل:
مطلق ًا.
وجيب اتصاله عادة ،وعن ابن عباس :إىل شهر ،وقيل :أبد ًا ،وعن سعيد
بن جبري :إىل أربعة أشهر ،وعن عطاء واحلسن :يف املجلس ،وجماهد :إىل
سنتني .قيل :ما مل يأخذ يف كالم آخر ،وقيل :برشط أن ينوي الكالم،
وقيل :جيوز يف كالم اهلل.
أما املنقطع ،فثالثها :متواطئ ،والرابع :مشرتك ،واخلامس :الوقف.
واألصح وفاق ًا البن احلاجب أ ّن املرا َد بعرشة يف قولك (عرشة إال ثالثة)
العرشة باعتبار األفراد ،ثم أخرجت ثالثة ،ثم أسند إىل الباقي تقدير ًا ،وإن
كان قبله ِذكر ًا ،وقال األكثر :املراد سبعة ،وإالّ قرينة ،وقال القايض :عرشة
إال ثالثة بإزاء اسمني مفرد ومركب.
~ ~ 30
وال جيوز املستغرق ،خالف ًا لشذوذ ،قيل :وال األكثر ،وقيل :وال املساوي،
وقيل :إن كان العدد رصُي ًا ،وقيل :ال يستثنى من العدد عقد صحيح،
وقيل :ال مطلق ًا.
واالستثناء من النفي اثبات وبالعكس ،خالف ًا أليب حنيفة.
واملتعددة إن تعاطفت فلألول ،وإال ٌّ
فكل ملا يليه ،ما مل يستغرقه.
والوارد بعد مجل متعاطفة للكل تفريق ًا ،وقيل :مجع ًا ،وقيل :إن سيق الكل
لغرض ،وقيل :إن عطف بالواو ،وقال أبو حنيفة واإلمام :لألخرية،
وقيل :مشرتك ،وقيل :بالوقف.
والوارد بعد مفردات َأوىل بالكل.
أما ِ
القران بني اجلملتني لفظاً فال يقتض التسوية يف غري املذكور حك ًام،
خالف ًا أليب يوسف واملزين.
الثاين :الرشط وهو ما يلزم من عدمه العدم وال يلزم من وجوده الوجود
وال عدم لذاته .وهو كاالستثناء اتصاالً ،وأوىل بالعود إىل الكل عىل
األصح ،وجيوز إخراج األكثر به وفاق ًا.
الثالث :الصفة ،كاالستثناء يف ال َعود ،ولو تقدمت ،أما املتوسطة فاملختار
اختصاصها بام وليته.
الرابع :الغاية ،كاالستثناء يف ال َعود ،واملراد غاية تقدّ َمها عموم يشملها ،لو
مل تأت ،مثل (حتى يعطوا اجلزية) [التوبة ،]92:وأما مثل( :حتى مطلع
~ ~ 31
الفجر) [القدر ]5:فلتحقيق العموم ،وكذا :قطعت أصابعه من اخلنرص
إىل البنرص.
اخلامس :بدل البعض من الكل ،ومل يذكره األكثرون ،وصوهبم الشيخ
اإلمام.
القسم الثاين :املنفصل ،جيوز التخصيص باحلس والعقل ،خالف ًا لشذوذ،
لفظي.
ٌّ ومنع الشافعي تسميته ختصيص ًا ،وهو
ِ
والكتاب ِ
وبالكتاب، ِ
والسنة هبا، واألصح جواز ختصيص الكتاب به،
باملتواتر ِة ،وكذا بخرب الواحد عند اجلمهور ،وثالثها :إن خص بقاطع،
وعندي :عكسه ،وقال الكرخي :بمنفصل ،وتوقف القايض.
وبالقيا ِ
س ،خالف ًا لإلمام مطلق ًا ،وللجبائي إن كان خفي ًا ،والبن أبان إن مل
خيص مطلق ًا ،ولقوم إن مل يكن أصله خمصص ًا من العموم ،وللكرخي إن مل
خيص بمنفصل ،وتوقف إمام احلرمني.
وبالفحوى ،وكذا دليل اخلطاب ،يف األرجح.
وبفعله عليه الصالة والسالم ،وتقريره ،يف األصح.
واألصح أن عطف العام عىل اخلاص ،ورجوع الضمري إىل البعض،
ومذهب الراوي ،ولو صحابي ًا ،وذكر بعض أفراد العام ،ال خيصص.
وأن العادة برتك بعض املأمور ختصص إن أقرها النبي (صىل اهلل عليه
وسلم) ،أو اإلمجاع.
~ ~ 32
قرص عىل املعتاد ،وال عىل ما وراءه ،بل تطرح له العادة
وأن العام ال ي َ
السابقة.
يعم ،وفاق ًا لألكثر.
وأن نحو( :قىض بالشفعة للجار) ال ي
ي
املستقلمسألة :جواب السائل غري املستقل دونه تابع للسؤال يف عمومه ،و
األخص جائز إذا أمكنت معرفة املسكوت ،واملساوي واضح.
ّ
والعا يم عىل سبب خاص معترب عمومه عند األكثر ،فإن كانت قرينة
التعميم فأجدر.
وصورة السبب قطعية الدخول عند األكثر ،فال ختص باالجتهاد ،وقال
خاص يف القرآن تاله يف الرسم عا ٌّم
الشيخ اإلمام :ظنية ،قال :ويقرب منها ٌّ
ِ
للمناسبة.
مسألة :إن تأخر اخلاص عن العمل َن َ
سخ العام ،وإال َخ ّصص ،وقيل :إن
تقارنا تعارضا يف قدر اخلاص ،كالنصني ،وقالت احلنفية وإمام احلرمني:
العام املتأخر ناسخ ،فإن جهل فالوقف أو التساقط.
وإن كان ٌّ
كل عام ًا من وجه فالرتجيح ،وقالت احلنيفة :املتأخر ناسخ.
املطلق واملقيد
املطلق :الدال عىل املاهية بال قيد .وزعم اآلمدي وابن احلاجب داللته عىل
الوحدة الشائعةّ ،
تومهاه النكرة ،ومن ثم قاال :األمر بمطلق املاهية أمر
بجزئي ،وليس بيشء ،وقيل :بكل جزئي ،وقيل :إذن فيه.
~ ~ 33
مسألة :املطلق واملقيد كالعام واخلاص ،وأهنام إن احتد حكمهام وموجبهام
وكانا مثبتني وتأخر املقيد عن وقت العمل باملطلق فهو ناسخ ،وإال محل
املطلق عليه ،وقيل :املقيد ناسخ إن تأخر .وقيلُ :يمل املقيد عىل املطلق.
وإن كانا منفيني ،فقائل املفهوم يقيده به ،وهي خاص وعام.
وإن كان أحدمها أمر ًا واآلخر هني ًا فاملطلق مقيد بضد الصفة.
وإن اختلف السبب فقال أبو حنيفة :ال ُيمل ،وقيلُ :يمل لفظ ًا ،وقال
الشافعي :قياس ًا.
وإن احتد املوجب واختلف حكمهام فعىل اخلالف.
واملقيد بمتنافيني يستغني عنهام إن مل يكن أوىل بأحدمها قياس ًا.
الظاهر واملؤول
الظاهر :ما دل داللة ظنية.
والتأويل :محل الظاهر عىل املحتمل املرجوح.
ظن دلي ً
ال ففاسد ،أو ال ليش فلعب ،ال فإن محل لدليل فصحيح ،أو ملا ي ي
تأويل.
ومن البعيد :تأويل أمسك عىل ابتدئ ،وستني مسكيناً عىل ستني مدّ ًا ،وأيام
امرأة نكحت نفسها عىل الصغرية واألمة واملكاتبة ،وال صيام ملن مل يبيت
عىل القضاء والنذر ،وذكاة اجلنني ذكاة أمه عىل التشبيه ،وإنام الصدقات
عىل بيان املرصف ،ومن ملك ذا رحم عىل األصول والفروع ،والسارق
~ ~ 34
يسق البيضة عىل احلديد ،وبالل يشفع األذان عىل أن جيعله شفعاً ألذان
ابن أم مكتوم.
املجمل واملبني
املجمل :ما مل تتضح داللته.
فال إمجال يف آية السقة ،ونحو (حرمت عليكم امهاتكم)( ،وامسحوا
برؤوسكم)" ،ال نكاح إال بول"" ،رفع عن امتي اخلطأ"" ،ال صالة إال
بفاحتة الكتاب" ،لوضوح داللة الكل ،وخالف قوم.
وإنام اإلمجال يف مثل :القرء ،والنور ،واجلسم ،ومثل :املختار ،لرتدده بني
الفاعل واملفعول ،وقوله تعاىل (أو يعفو الذي بيده عقده النكاح) ( ،اال ما
يتىل عليكم) ( ،وما يعلم تأويله اال اهلل والراسخون ) ،وقوله عليه الصالة
جاره أن يضع خشبة يف جداره" ،وقولك:
والسالم" :ال يمنع أحدكم َ
زيد طبيب ماهر ،الثالثة زوج وفرد.
واألصح وقوعه يف الكتاب والسنة.
املسمى الرشعي أوضح من اللغوي ،وقد تقدم ،فإن تعذر حقيقة فري يد
ّ وأن
بتجوز ،أو جممل ،أو ُيمل عىل اللغوي ،أقوال.
إليه ّ
واملختار أن اللفظ املستعمل ملعنى تار ًة ،وملعنيني ،ليس ذلك املعنى
أحدمها ،جممل ،فإن كان أحدَ مها فيعمل به ،ويوقف اآلخر.
البيان :إخراج اليشء من حيز اإلشكال إىل حيز التجيل.
~ ~ 35
وإنام جيب ملن أريد َفهمه اتفاق ًا ،واألصح أنه قد يكون بالفعلّ ،
وأن
املظنون يبني املعلوم ،وأ ّن املتقدم -وإن جهلنا عينه من القول والفعل -هو
البيان ،وإن مل يتفق البيانان -كام لو طاف بعد احلج طوافني َ
وأ َم َر بواحد-
فالقول ،وفعله ندب أو واجب ،متقدم ًا أو متأخر ًا ،وقال أبو احلسني:
املتقدّ م.
مسألة :تأخري البيان عن وقت الفعل غري واقع ،وإن جاز.
وإىل وقته واقع عند اجلمهور ،سواء كان للمبني ظاهر أم ال ،وثالثها:
يمتنع يف غري املجمل ،وهو ما له ظاهر ،ورابعها :يمتنع تأخري البيان
اإلمجال فيام له ظاهر ،بخالف املشرتك واملتواطئ ،وخامسها :يمتنع يف غري
النسخ ،وقيل :جيوز تأخري النسخ اتفاق ًا ،وسادسها :ال جيوز تأخري بعض
دون بعض.
وعىل املنع املختار أنه جيوز للرسول صىل اهلل عليه وسلم تأخري التبليغ إىل
احلاجة ،وأنه جيوز أن ال يعلم املوجود باملخصص وال بأنه خمصص.
النسخ
النسخ :اختلف يف أنه رفع أو بيان ،واملختار :رفع احلكم الرشعي
بخطاب.
فال نسخ بالعقل ،وقول اإلمام :من سقط رجاله نسخ غسلهام مدخول.
وال باإلمجاع ،وخمالفتهم تتضمن ناسخ ًا.
~ ~ 36
وجيوز عىل الصحيح نسخ بعض القرآن تالو ًة وحك ًام ،أو أحدمها فقط،
ونسخ الفعل قبل التمكن.
والنسخ بقرآن لقرآن وسنة ،وبالسنة للقرآن ،وقيل :يمتنع باآلحاد ،واحلق
مل يقع إال باملتواترة ،وقال الشافعي :وحيث وقع بالسنة فمعها قرآن أو
بالقرآن فمعه سنة عاضدة تبني توافق الكتاب والسنة.
وبالقياس ،وثالثها :إن كان جلي ًا ،والرابع :إن كان يف زمنه عليه الصالة
والسالم والعلة منصوصة.
ونسخ القياس يف زمنه عليه الصالة والسالم ،ورشط ناسخه إن كان قياساً
أن يكون أجىل ،وفاق ًا لإلمام ،وخالف ًا لالمدي.
وجيوز نسخ الفحوى دون أصله ،كعكسه عىل الصحيح ،والنسخ به،
واألكثر أن نس َخ أحدمها يستلزم اآلخر.
ونسخ املخالفة وإن جتردت عن أصلِها ،ال األصل دوهنا يف األظهر ،وال
النسخ هبا.
ونسخ اإلنشاء ،ولو بلفظ القضاء أو اخلرب أو ق ّيد بالتأبيد وغريه ،مثل:
صوموا أبد ًا ،صوموا حت ًام ،وكذا الصوم واجب مستمر أبد ًا ،إذا قاله
نشاء ،خالف ًا البن احلاجب.
إ ً
ونسخ اإلخبار بإجياب اإلخبار بنقيضه ال اخلرب ،وقيل جيوز إن كان عن
مستقبل.
~ ~ 37
وجيوز النسخ ببدل أ َ
ثقل ،وبال بدل ،لكن مل يقع ،وفاق ًا للشافعي.
مسألة :النسخ واقع عند كل املسلمني ،وسامه أبو مسلم ختصيص ًا ،فقيل:
لفظي.
ٌّ خالف ،فاخللف
واملختار أ ّن نسخ حكم األصل ال يبقى معه حكم الفرع.
نسخ مجيع التكاليف،
وأن كل حكم رشعي يقبل النسخ ،ومنع الغزال َ
نسخ وجوب املعرفة ،واإلمجاع عىل عدم الوقوع.
واملعتزلة َ
واملختار أن الناسخ قبل تبليغه (صىل اهلل عليه وسلم) األمة ال يثبت يف
حقهم ،وقيل يثبت بمعنى االستقرار يف الذمة ال االمتثال.
أما الزيادة عىل النص فليست بنسخ خالف ًا للحنفية ،ومثاره :هل رفعت؟
وإىل املأخذ َعود األقوال املفصلة والفروع املعينة.
وكذا اخلالف يف جزء العبادة أو رشطها.
خامتة
يتعني الناسخ بتأخره ،وطريق العلم بتأخره :اإلمجاع ،أو قوله (صىل اهلل
عليه وسلم) هذا ناسخ ،أو بعد ذلك ،أو كنت هنيت عن كذا فافعلوه ،أو
النص عىل خالف األول ،أو قول الراوي هذا سابق.
ملوافقة أحد النصني لألصل ،وث ِ
بوت إحدى اآليتني بعد األخرى ِ وال أ َثر
وتأخر اسالم الراوي ،وقولِ ِه هذا ناسخ ال الناسخ ،خالفاً
ِ يف املصحف،
لزاعميها.
~ ~ 38
الكتاب الثاين :يف السنة
وهي أقوال حممد (صىل اهلل عليه وسلم) وأفعاله.
األنبياء عليهم الصالة والسالم معصومون ال يصدر عنهم ذنب ،ولو
صغري ًة ،سهو ًا ،وفاق ًا لألستاذ والشهرستاين وعياض والشيخ اإلمام.
قر حممد (صىل اهلل عليه وسلم) أحد ًا عىل باطل ،وسكوته ولوفإذن ال ي ي
فعل من يغريه اإلنكار ،وقيل: ِ
مستبرش عىل الفعل مطلق ًا –وقيل :إال َ غري
الكافر غري املنافق -دليل اجلواز للفاعل،
َ الكافر ولو منافق ًا ،وقيل :إال
َ إال
وكذا لغريه ،خالف ًا للقايض.
وغري مكروه للنيدرة.
حمرم للعصمةَ ،
وفعله صىل اهلل عليه وسلم غري ّ
وما كان جبلي ًا أو بيان ًا أو خمصص ًا به فواضح.
وفيام تردد بني اجلبيل والرشعي ،كاحلج راكب ًا ،ترد ٌّد.
وما سواه إن علمت صفته فأمته مثله يف األصح ،وتعلم بنص ،وتسوية
ِ
ووقوعه بيان ًا ،أو امتثاالً ،لدال عىل وجوب أو ندب أو بمعلوم اجلهة،
اباحة.
الوجوب أماراته :كالصالة باألذان ،وكونه ممنوع ًا لو مل جيب
َ وخيص
ي
كاخلتان واحلد.
والندب جمرد ِ
قصد القربة ،وهو كثري. َ
~ ~ 39
وإن جهلت فللوجوب ،وقيل :للندب ،وقيل :لإلباحة ،وقيل :بالوقف
األولني مطلق ًا ،وفيهام إن ظهر قصد القربة.
يف الكل ،ويف ّ
واذا تعارض القول والفعل ،ودل دليل عىل تكرر مقتىض القول:
فإن كان خاص ًا به فاملتأخر ناسخ .فإن جهل فثالثها :األصح الوقف.
وإن كان خاص ًا بنا فال معارضة فيه ،ويف األمة املتأخر ناسخ إن دل دليل
عىل التأيس ،فإن جهل التاريخ فثالثها :األصح أنه يعمل بالقول.
مر ،إال أن يكون ِ ِ وإن كان عام ًا لنا وله فتقدّ م
الفعل أو القول له ولألمة كام ّ
العام ظاهر ًا فيه صىل اهلل عليه وسلم فالفعل ختصيص.
الكالم يف األخبار
املركب إما مهمل ،وهو موجود خالف ًا لإلمام ،وليس موضوع ًا ،وإما
مستعمل ،واملختار أنه موضوع.
والكالم :ما تضمن من ال َكلِم اسناد ًا مفيد ًا مقصود ًا لذاته.
وقالت املعتزلة :إنه حقيقة يف اللساين ،وقال األشعري مر ًة :يف النفساين،
وهو املختار ،ومر ًة :مشرتك .وإنام يتكلم األصول يف اللساين.
فإن أفاد يف الوضع طلب ًا فطلب ذكر املاهية استفهام ،وحتصيلها أو حتصيل
ّ
الكف عنها أمر وهني ،ولو من ملتمس وسائل.
والكذب تنبيه وانشاء ،وحمتملهام اخلرب.
َ َ
الصدق وإال فام ال ُيتمل
وأبى قوم تعريفه كالعلم واجلود والعدم.
~ ~ 40
وقد يقال :اإلنشاء ما ُيصل مدلوله يف اخلارج بالكالم .واخلرب خالفه،
أي :ما له خارج صدق أو كذب .وال خمرج له عنهام ،ألنه إما مطابق
للخارج أو ال .
ِ
ونفيه ،أو ال مطابق مع وقيل بالواسطة ،فاجلاحظ :إما مطابق مع االعتقاد
ِ
ونفيه ،فالثاين فيهام واسطة. االعتقاد
وغريه :الصدق املطابقة العتقاد املخ ِرب ،طابق اخلارج أو ال ،وكذبه
عدمها ،فالسا َذج واسطة.
والراغب :الصدق املطابقة اخلارجية مع االعتقاد ،فإن فقدا ،فمنه كذب،
وموصوف هبام بجهتني.
ِ
بالنسبة ،ال ثبوهتا ،وفاق ًا لإلمام وخالف ًا للقرايف ،وإال ومدلول اخلرب احلكم
مل يكن يشء من اخلرب كذب ًا.
ومورد الصدق والكذب النسبة التي تضمنّها ،ليس غري ،كقائم يف :زيد
َ
بن عمرو قائم ،ال ب ّنوة زيد ،ومن ثم قال مالك وبعض أصحابنا :الشهادة
بتوكيل فالن بن فالن شهادة بالوكالة فقط ،واملذهب بالن ِ
سب ضمن ًا،
ِ
والوكالة أص ً
ال.
مسألة :اخلرب إما مقطوع بكذبه كاملعلو ِم خالفه رضورة أو استدالالً ،وكل
خرب أوهم باط ً
ال ومل يقبل التأويل فمكذوب ،أو نقص منه ما يزيل الوهم.
وسبب الوضع :نسيان ،أو افرتاء ،أو غلط ،أو غريها.
~ ~ 41
ومن املقطوع بكذبه عىل الصحيح :خرب مدّ عي الرسالة بال معجزة ،أو
تصديق الصادق ،وما ن ّقب عنه ومل يوجد عند أهله ،وبعض املنسوب إىل
النبي (صىل اهلل عليه وسلم) ،واملنقول آحاد ًا فيام تتوفر الدواعي عىل نقله،
خالف ًا للرافضة.
وإما بصدقه :كخرب الصادق ،وبعض املنسوب إىل النبي (صىل اهلل عليه
وسلم).
واملتواتر معنى أو لفظ ًا ،وهو خرب مجع يمتنع تواطؤهم عىل الكذب عن
حمسوس.
وحصول العلم آية اجتامع رشائطه.
وال تكفي األربعة ،وفاق ًا للقايض والشافعية ،وما زاد عليها صالح من غري
ضبط ،وتوقف القايض يف اخلمسة ،وقال األص َطخري :أقله عرشة ،وقيل:
اثنا عرش ،وعرشون ،وأربعون ،وسبعون ،وثالثمئة وبضعة عرش.
واألصح ال يشرتط فيه إسالم ،وال عدم احتواء بلد.
نظري ،وفسه إمام
ٌّ وأن العلم فيه رضوري ،وقال الكعبي واالمامان:
احلرمني بتوقفه عىل مقدمات حاصلة ال االحتياج إىل النظر عقيبه ،وتوقف
اآلمدي.
~ ~ 42
ثم إن أخربوا عن عيان فذاك ،وإال فيشرتط ذلك يف كل الطبقات،
والصحيح ثالثها :أن ِعلمه لكثرة العدد يتفق ،وللقرائن قد خيتلف،
فيحصل لزيد دون عمرو.
وأن اإلمجاع عىل وفق خرب ال يدل عىل صدقه ،وثالثها :ي
يدل إن تلقوه
بالقبول.
وكذلك بقاء خرب تتوفر الدواعي عىل إبطاله ،خالف ًا للزيدية.
وافرتاق العلامء يف اخلرب بني مؤول وحمتج ،خالف ًا لقوم.
َ
حامل عىل سكوهتم صادق ،وكذا َِ
املخرب بحْضة قوم مل يكذبوه وال وأ ّن
ِ
املخرب بمسمع من النبي (صىل اهلل عليه وسلم) وال حامل عىل التقرير
والكذب ،خالفاً للمتأخرين ،وقيل :إن كان عن دنيوي.
وأما مظنون الصدق فخرب الواحد ،وهو ما مل ِ
ينته إىل التواتر.
ومنه املستفيض ،وهو الشائع عن أصل.
سمى مشهور ًا ،وأق يله اثنان ،وقيل :ثالثة.
وقد ي ّ
مسألة :خرب الواحد ال يفيد العلم إال بقرينة ،وقال األكثر :ال مطلق ًا،
وأمحد :يفيد مطلق ًا ،واألستاذ وابن فورك :يفيد املستفيض عل ًام نظري ًا.
مسألة :جيب العمل به يف الفتوى والشهادة إمجاع ًا ،وكذا سائر األمور
ال ،وقالت الظاهرية :ال جيب مطلق ًا،
الدينية ،قيل :سمع ًا ،وقيل :عق ً
والكرخي :يف احلدود ،وقوم :يف ابتداء النيصب ،وقوم :فيام عمل األكثر
~ ~ 43
بخالفه ،واملالكية :فيام عمل أهل املدينة ،واحلنفية :فيام تعم به البلوى ،أو
خالفه راويه ،أو عارض القياس ،وثالثها يف معارض القياس :إن عرفت
العلة بنص راجح عىل اخلرب ووجدت قطعاً يف الفرع مل يقبل ،أو ظناً
فالوقف ،وإال قبِ َل .واجلبائي :ال بد من اثنني ،أو اعتضاد ،وعبد اجلبار :ال
بد من أربعة يف الزنى.
ِ
األصل مسألة :املختار -وفاق ًا للسمعاين وخالف ًا للمتأخرين -أن تكذيب
الفرع ال يسقط املروي ،ومن ثم لو اجتمعا يف شهادة مل تر ّد ،وإن شك أو
َ
ظن والفرع جازم فأوىل بالقبول ،وعليه األكثر.
وزيادة العدل مقبولة إن مل يعلم احتاد املجلس ،وإال فثالثها :الوقف،
والرابع :إن كان غريه ال يغفل مثلهم عن مثلها عادة مل تقبل ،واملختار
وفاق ًا للسمعاين املنع إن كان غريه ال يغفل ،أو كانت تتوفر الدواعي عىل
نقلها.
فإن كان الساكت أضبط أو رصح بنفي الزيادة عىل وجه يقبل ،تعارضا.
ولو رواها مرة وترك أخرى ،فكراو َيني.
عراب الباقي تعارضا ،خالفاً للبرصي.
غريت إ َ
ولو ّ
ولو انفرد واحد عن واحد قبل عند األكثر.
ولو أسند وأرسلوا ،أو وقف ورفعوا ،فكالزيادة.
وحذف بعض اخلرب جائز عند األكثر ،إال أن يتعلق به.
~ ~ 44
حمم َليه املتنافيني،
التابعي -مرويه عىل أحد َ
ي الصحايب –قيل :أو
ي وإذا َ
محل
فالظاهر محله ،وتوقف أبو إسحق الشريازي ،وإن مل يتنافيا فكاملشرتك يف
محله عىل معنييه.
فإن محل عىل غري ظاهره ،فاألكثر عىل الظهور ،وقيل :عىل تأويله مطلق ًا،
وقيل :إن صار إليه لعلمه بقصد النبي ( صىل اهلل عليه وسلم ) إليه.
صبي يف األصح ،فإن حتمل فبلغ فأ ّدى
ٌّ مسألة :ال يقبل جمنون وكافر ،وكذا
الكذب ،وثالثها :قال مالك إال
َ قبل عند اجلمهور ،ويقبل مبتدع ُيرم
ومن ليس فقيه ًا ،خالف ًا للحنفية فيام خيالف القياس ،واملتساهل يف
الداعيةَ ،
غري احلديث ،وقيل :ير يد مطلق ًا.
واملكثر وإن ندرت خمالطته للمحدثني إذا أمكن حتصيل ذلك القدر يف
ذلك الزمان.
ورشط الراوي العدالة ،وهي :م َل َكة متنع عن اقرتاف الكبائر وصغائر
اخلسة كسقة لقمة ،والرذائل املباحة كالبول يف الطريق.
ّ
فال يقبل املجهول باطن ًا وهو املستور ،خالف ًا أليب حنيفة وابن فورك
وسليم ،وقال إمام احلرمني :يو َقف وجيب االنكفاف إذا روى التحريم إىل
الظهور.
أما املجهول ظاهر ًا وباطن ًا فمردود امجاع ًا ،وكذا جمهول العني.
~ ~ 45
فإن وصفه نحو الشافعي بالثقة فالوجه قبوله ،وعليه إمام احلرمني ،خالف ًا
للصرييف واخلطيب.
وإن قال :ال أهتمه ،فكذلك ،وقال الذهبي :ليس توثيق ًا.
ويقبل من أقدم جاه ً
ال عىل مفسق مظنون أو مقطوع ،يف األصح.
وقد اضطرب يف الكبرية ،فقيل :ما تو ّعد عليه بخصوصه ،وقيل :ما فيه
حدٌّ ،وقيل :ما نص الكتاب عىل حتريمه أو وجب يف جنسه حدٌّ ،وقال
األستاذ والشيخ اإلمام :ي
كل ذنب ،ونفيا الصغائر.
واملختار وفاق ًا إلمام احلرمني :كل جريمة تؤذن بقلة اكرتاث مرتكبها
بالدين ور ّقة الديانة ،كالقتل والزنى واللواط ورشب اخلمر ومطلق
املسكر والسقة والغضب والقذف والنميمة وشهادة الزور واليمني
الفاجرة وقطيعة الرحم والعقوق والفرار ومال اليتيم وخيانة الكيل
والوزن وتقديم الصالة وتأخريها والكذب عىل رسول اهلل (صىل اهلل عليه
وسلم) ورضب املسلم وسب الصحابة وكتامن الشهادة والرشوة والدياثة
والقيادة والسعاية ومنع الزكاة ويأس الرمحة وأمن املكر والظهار وحلم
اخلنزير وامليتة وفطر رمضان والغلول واملحاربة والسحر والربا وإدمان
الصغرية.
ترافع فيه الرواية ،وخالفه الشهادة.
َ مسألة :اإلخبار عن عام ال
وأشهد إنشاء تضمن اإلخبار ،ال حمض إخبار أو إنشاء عىل املختار.
~ ~ 46
وصيغ العقود كبعت إنشاء ،خالف ًا أليب حنيفة.
قال القايض :يثبت اجلرح والتعديل بواحد ،وقيل :يف الرواية فقط ،وقيل:
ال فيهام.
وقال القايض :يكفي االطالق فيهام ،وقيل :يذكر سببهام ،وقيل :سبب
التعديل فقط ،وعكس الشافعي ،وهو املختار يف الشهادة ،وأما الرواية
فاملختار يكفي االطالق إذا عرف مذهب اجلارح ،وقول اإلمامني :يكفي
وجرح إال من العامل.
َ َ
تعديل إطالقهام للعامل بسببهام هو رأي القايض ،إذ ال
َ
واجلرح مقدم إن كان عدد اجلارح أكثر من املعدل إمجاع ًا ،وكذا إن
تساويا ،أو كان اجلارح أقل ،وقال ابن شعبان :يطلب الرتجيح.
ومن التعديل :حكم مشرتط العدالة بالشهادة ،وكذا عمل العامل يف
األصح ،ورواية من ال يروي إال للعدل.
ِ
بمشهوده ،وال احلدي يف ِ
العمل بمرويه ،واحلك ِم وليس من اجلرح :ترك
يذ ،وال التدليس بتسمية غري مشهورة ،قال ابنونحو النب ِ
ِ شهادة الزنى،
اسم
السمعاين :إال أن يكون بحيث لو سئل مل يبينه ،وال بإعطاء شخص َ
آخر تشبيهاً كقولنا :أبو عبد اهلل احلافظ ،يعني الذهبي ،تشبيهاً بالبيهقي َ
يعني احلاكم ،وال بإهيام ال يل ِق ّي والرحلة.
أما مدلس املتون فمجروح.
~ ~ 47
مسألة :الصحايب من اجتمع مؤمن ًا بمحمد (صىل اهلل عليه وسلم) وإن مل
يرو ،ومل يطِل ،بخالف التابعي مع الصحايب ،وقيل :يشرتطان ،وقيل: ِ
~ ~ 48
مسألة :األكثر عىل جواز نقل احلديث باملعنى للعارف ،وقال املاوردي :إن
نيس اللفظ ،وقيل :إن كان موجبه عل ًام ،وقيل :بلفظ مرادف ،وعليه
اخلطيب ،ومنعه ابن سريين وثعلب والرازي وروي عن ابن عمر.
مسألة :الصحيح ُيتج بقول الصحايب قال (صىل اهلل عليه وسلم) ،وكذا
عن ،عىل األصح ،وكذا سمعته أمر وهنى ،أو أ ِمرنا ،أو حرم ،وكذا رخص
يف األظهر ،واألكثر ُيتج بقوله من السنة ،فكنّا معارش الناس ،أو كان
الناس يفعلون يف عهده (صىل اهلل عليه وسلم) ،فكنا نفعل يف عهده ،فكان
الناس يفعلون ،فكانوا ال يقطعون يف اليشء التافه.
خامتة :مستند غري الصحايب
مالء وحتديث ًا ،فقراءته عليه ،فسامعه ،فاملناولة مع اإلجازة،
قراءة الشيخ إ ً
فخاص يف عام ،فعام يف خاص ،فعام يف عام،
ٌّ فاإلجازة خلاص يف خاص،
ومن يوجد ِمن نسله ،فاملناولة ،فاإلعالم ،فالوصية ،فالوجادة.
فلفالن َ
ومنع احلريب وأبو الشيخ والقايض احلسني واملاوردي :اإلجاز َة ،وقوم:
العام َة منها ،والقايض أبو الطيبَ :من يوجد من نسل زيد ،وهو الصحيح.
واإلمجاع عىل منع من يوجد مطلق ًا ،وألفاظ الرواية من صناعة املحدثني.
الكتاب الثالث :يف اإلمجاع
وهو اتفاق جمتهدي األمة بعد وفاة حممد (صىل اهلل عليه وسلم) يف عرص
عىل أي أمر كان .فعلم اختصاصه باملجتهدين وهو اتفاق.
~ ~ 49
واعترب قوم وفاق العوام مطلق ًا ،وقوم يف املشهور بمعنى إطالق أن األمة
أمجعت ،ال اف ِ
تقار احلجة اليهم ،خالف ًا لآلمدي.
وآخرون :االصول يف الفروع ،وباملسلمني ،فخرج من نكفره ،وبالعدول
إن كانت العدالة ركن ًا ،وعدمه إن مل تكن ،وثالثها يف الفاسق :يعترب يف حق
نفسه ،ورابعها :أن ي ّبني مأخذه.
وأنه ال بد من الكل ،وعليه اجلمهور ،وثانيها :يْض االثنان ،وثالثها:
الثالثة ،ورابعها :بالغ عدد التواتر ،وخامسها :إن ساغ االجتهاد يف مذهبه،
وسادسها :يف أصول الدين ،وسابعها :ال يكون إمجاع ًا بل حجة.
وأنه ال خيتص بالصحابة ،وخالف الظاهرية ،وعدم انعقاده يف حياة النبي
(صىل اهلل عليه وسلم) ،وأ ّن التابعي املجتهد معترب معهم ،فإن نشأ بعد
فعىل اخلالف يف انقراض العرص.
وأن إمجاع كل من :أهل املدينة ،وأهل البيت ،واخللفاء األربعة،
والشيخني ،وأهل احلرمني ،وأهل املرصين :الكوفة والبرصة ،غري حجة.
وأن املنقول باآلحاد حجة ،وهو الصحيح يف الكل.
وأ ّنه ال يشرتط عدد التواتر ،وخالف إمام احلرمني.
وأ ّنه لو مل يكن إال واحد مل ُيتج به ،وهو املختار.
وأ ّن انقراض العرص ال يشرتط ،وخالف أمحد وابن فورك وسليم فرشطوا
ِ
والنادر، ِ
اعتبار العامي انقراض كلهم ،أو غالبهم ،أو علامئهم ،أقوال
~ ~ 50
وقيل :يشرتط يف السكويت ،وقيل :إن كان فيه مهلة ،وقيل :إن بقي منهم
كثري.
وأ ّنه ال يشرتط متادي الزمن ،ورشطه إمام احلرمني يف الظني.
وأن إمجاع السابقني غري حجة ،وهو األصح.
ّ
وأنه قد يكون عن قياس ،خالف ًا ملانع جواز ذلك ،أو وقوعه مطلق ًا ،أو يف
اخلفي.
وأن اتفاقهم عىل أحد القولني قبل استقرار اخلالف جائز ،ولو ِمن احلادث
ّ
بعدهم ،وأما بعدَ ه منهم فمنعه اإلمام ،وجوزه اآلمدي مطلق ًا ،وقيل :إال
أن يكون مستندهم قاطع ًا.
وموت املخالف قيل :كاالتفاق ،وقيل :ال.
وأما من غريهم فاألصح ممتنع إن طال الزمان.
وأن التمسك بأقل ما قيل حق.
ّ
أما السكويت فثالثها :حجة ال إمجاع ،ورابعها :برشط االنقراض ،وقال ابن
أيب هريرة :إن كان فتيا ،وأبو اسحق املروزي :عكسه ،وقوم :إن وقع فيام
يفوت استدراكه ،وقوم :يف عرص الصحابة ،وقوم :إن كان الساكتون أقل.
لفظي.
ٌّ والصحيح :حجة ،ويف تسميته إمجاعاً خلف
~ ~ 51
السكوت املجر َد عن أمارة رىض وسخط
َ ويف كونه إمجاعاً ترد ٌّد ،مثاره :أن
ِ
مهلة النظر عاد ًة عن مسألة اجتهادية تكليفية هل مع بلوغ الكل ومض
يغلب ظن املوافقة؟
وكذا اخلالف فيام مل ينترش.
وأنه قد يكون يف دنيوي ،وديني ،وعقيل ال تتوقف صحته عليه.
وال يشرتط فيه إمام معصوم.
وال بد له من مستند ،واال مل يكن لقيد االجتهاد معنى ،وهو الصحيح يف
الكل.
مسألة :الصحيح إمكانه ،وأنه حجة يف الرشع ،وأنه قطعي حيث اتفق
املعتربون ال حيث اختلفوا كالسكويت ،وما ندر خمالفه ،وقال اإلمام
واآلمدي :ظني مطلق ًا ،وخرقه حرام ،فعلم حتريم إحداث ثالث،
والتفصيل :إن خرقاه ،وقيل :خارقان مطلق ًا.
وأنه جيوز إحداث دليل أو تأويل أو علة إن مل َخي ِرق ،وقيل :ال.
وأنه يمتنع ارتداد األمة سمع ًا وهو الصحيح ،ال اتفاقها عىل جهل ما مل
تكلف به عىل األصح ،لعدم اخلطأ.
ويف انقسامها فرقتني كل خمطئ يف مسألة تردد ،مثاره هل أخطأت؟
وأنه ال إمجاع يضاد إمجاع ًا سابق ًا ،خالف ًا للبرصي.
وأنه ال يعارضه دليل إذ ال تعارض بني قاطعني ،وال قاطع ومظنون.
~ ~ 52
وأن موافقته خرب ًا ال تدل عىل أنه عنه ،بل ذلك الظاهر إن مل يوجد غريه.
خامتة
املجمع عليه املعلوم من الدين بالْضورة كافر قطع ًا ،وكذا املشهور
َ جاحد
املنصوص يف األصح ،ويف غري املنصوص ترد ٌّد ،وال يكفر جاحد اخلفي
ولو منصوص ًا.
الكتاب الرابع :يف القياس
وهو محل معلوم عىل معلوم ملساواته يف علة حكمه عند احلامل.
وإن خص بالصحيح حذف األخري.
وهو حجة يف األمور الدنيوية ،قال اإلمام :اتفاق ًا.
ال ،وابن حزم :رشع ًا ،وداوود :غري اجليل ،وأبو
وأما غريها :فمنعه قوم عق ً
حنيفة :يف احلدود والكفارات والرخص والتقديرات ،وابن عبدان :ما مل
يضطر إليه ،وقوم :يف األسباب والرشوط واملوانع ،وقوم :يف أصول
العبادات ،وقوم :يف اجلزئي احلاجي إذا مل يرد نص عىل وفقه كضامن
الد َرك ،وآخرون :يف العقليات ،وآخرون :يف النفي األصيل ،وتقدم قياس
اللغة.
والصحيح :حجة إال يف العادية ِ
واخللقية ،وإال يف كل األحكام ،وإال
للمعممني.
ّ القياس عىل منسوخ ،خالف ًا
َ
~ ~ 53
وليس النص عىل العلة -ولو يف الرتك -أمر ًا بالقياس ،خالف ًا للبرصي،
وثالثها :التفصيل.
وأركانه أربعة:
األصل :وهو حمل احلكم املشبه به ،وقيل :دليله ،وقيل :حكمه.
وال يشرتط ٌّ
دال عىل جواز القياس عليه بنوعه أو شخصه ،وال االتفاق عىل
وجود العلة فيه ،خالف ًا لزاعميها.
الثاين :حكم األصل ،ومن رشطه ثبوته بغري القياس ،قيل :واالمجاع،
وغري فرع إذا مل
َ غري متع ّبد فيه بالقطع ،ورشعي ًا إن استلحق رشعي ًا،
وكونه َ
يظهر للوسط فائدة ،وقيل :مطلق ًا ،وأن ال َيعدل عن َسنَن القياس ،وال
ال حلكم الفرع ،وكون احلكم متفق ًا عليه ،قيل :بني
يكون دليل حكمه شام ً
األمة ،واألصح بني اخلصمني ،وأنه ال يشرتط اختالف األمة.
فإن كان احلكم متفقاً بينهام ولكن لعلتني خمتلفتني فهو مركب األصل ،أو
لعلة يمنع اخلصم وجو َدها يف األصل فمركب الوصف ،وال يقبالن
خالف ًا للخالفيني.
ي
املستدل وجودها -أو سل َمه املناظر -انتهض ولو س ّلم العل َة فأثبت
اثبات حكمه ثم اثبات
َ ي
املستدل الدليل ،فإن مل يتفقا عىل األصل ولكن رام
العلة فاألصح قبوله.
~ ~ 54
والصحيح :ال يشرتط االتفاق عىل تعليل حكم األصل ،أو النص عىل
العلة.
الثالث :الفرع ،وهو املحل املشبه ،وقيل :حكمه.
ومن رشطه وجود متام العلة فيه ،فإن كانت قطعية فقطعي ،أو ظنية
فقياس األدون كالتفاح عىل الرب بجامع الطعم.
َ
نقيض أو ضد -ال خالفَ -احلك ِم عىل وتقبل املعارضة فيه بمقتض
املختار.
واملختار قبول الرتجيح ،وأنه ال جيب اإليامء إليه يف الدليل ،وال يقوم
َ
األصل، القاطع عىل خالفه وفاق ًا ،وال خرب الواحد عند األكثر ،وليساو
ِ
األصل فيام يقصد من عني أو جنس ،فإن خالف فسد حكم
َ وحكمه
القياس.
وجواب املعرتض باملخالفة بيان االحتاد.
وال يكون منصوصاً بموافق -خالف ًا ملجوز دليلني -وال بمخالف اال
ِ
النظر ،وال متقدم ًا عىل حكم األصل ،وجوزه اإلمام عند دليل ِ
تجربةل
آخر.
وال يشرتط ثبوت حكمه بالنص مجل ًة ،خالف ًا لقوم ،وال انتفاء نص أو
إمجاع يوافقه ،خالف ًا للغزال واآلمدي.
~ ~ 55
الرابع :العلة :قال أهل احلق :املعرف ،وحكم األصل ثابت هبا ال بالنص،
خالف ًا للحنفية ،وقيل :املؤثر بذاته ،وقال الغزال :بإذن اهلل ،وقال اآلمدي:
الباعث عليه.
وقد تكون دافع ًة ،أو رافع ًة ،أو فاعل ًة األمرين ،ووصف ًا حقيقي ًا ظاهر ًا
منضبط ًا ،أو عرفي ًا مطرد ًا ،وكذا يف األصح لغوي ًا ،أو حك ًام رشعي ًا،
وثالثها :إن كان املعلول حقيقي ًا أو مركب ًا ،وثالثها :ال يزيد عىل مخسة.
ومن رشوط اإلحلاق هبا :اشتامهلا عىل حكمة تبعث عىل االمتثال ،وتصلح
شاهد ًا إلناطة احلكم ،ومن ثم كان مانعها وصف ًا وجودي ًا خي يل بحكمتها.
وأن تكون ضابط ًا حلكمة ،وقيل :جيوز كوهنا نفس احلكمة ،وقيل :إن
انضبطت.
وأن ال تكون عدم ًا يف الثبويت ،وفاق ًا لإلمام وخالفاً لآلمدي ،واإلضايف
عدمي.
ّ
وجيوز التعليل بام ال يطلع عىل حكمته.
فإن قطِ َع بانتفائها يف صورة ،فقال الغزال وابن ُييى :يثبت احلكم فيها
للمظنة ،وقال اجلدليون :ال.
والقارصة منعها قوم مطلق ًا ،واحلنفية :إن مل تكن بنص أو إمجاع،
والصحيح جوازها ،وفائدهتا معرفة املناسبة ،ومنع اإلحلاق ،وتقوية
~ ~ 56
النص ،قال الشيخ اإلمام :وزيادة األجر عند قصد االمتثال ألجلها .وال
تعدّ ي هلا عند كوهنا حمل احلكم أو جزؤه اخلاص أو وص َفه الالزم.
ويصح التعليل بمجرد االسم اللقب ،وفاق ًا أليب اسحق الشريازي وخالفاً
لإلمام.
أما املشتق فوفاق ،وأما نحو األبيض فشبه صوري.
وجوز اجلمهور التعليل بعلتني ،وادعوا وقوعه ،وابن فورك واإلمام يف
ّ
املنصوصة دون املستنبطة ،ومنعه إمام احلرمني رشعاً مطلق ًا ،وقيل :جيوز
يف التعاقب ،والصحيح القطع بامتناعه عق ً
ال ،للزوم املحال من وقوعه،
كجمع النقيضني.
واملختار وقوع حكمني بعلة اثبات ًا ،كالسقة للقطع والغرم ،ونفي ًا
كاحليض للصوم والصالة وغريمها ،وثالثها :إن مل يتضادا.
ومنها :أن ال يكون ثبوهتا متأخر ًا عن ثبوت حكم األصل ،خالف ًا لقوم.
ومنها :أن ال تعود عىل األصل باإلبطال ،ويف عودها بالتخصيص ال
التعميم قوالن.
ِ
بمعارض مناف موجود يف األصل ،قيل: معارضة
وأن ال تكون املستن َبطة َ
وال يف الفرع.
وأن ال ختالف نص ًا أو إمجاع ًا.
وأن ال تتضمن زيادة عليه إن نفت الزيادة مقتضاه ،وفاق ًا لالمدي.
~ ~ 57
مشرتك.
َ وأن تتعني ،خالف ًا ملن اكتفى بعل ّية َ
مبهم
وأن ال تكون وصف ًا مقدر ًا ،وفاق ًا لإلمام.
حكم الفرع بعمومه أو خصوصه عىل املختار.
َ وأن ال يتناول دليلها
والصحيح ال يشرتط القطع بحكم األصل ،وال انتفاء خمالفة مذهب
الصحايب ،وال القطع بوجودها يف الفرع.
ِ
واملعارض هنا :وصف ِ
املعارض فمبني عىل التعليل بعلتني. أما انتفاء
املعارض غري مناف ،ولكن يؤول إىل االختالف،
َ صالح للعلية كصالحية
كالطعم مع الكيل يف الرب ال ينايف ،ويؤول إىل االختالف يف التفاح.
َ
املعرتض نفي الوصف عن الفرع ،وثالثها :إن رصح بالفرق ،وال وال يلزم
إبداء أصل عىل املختار.
وللمستدل الدفع باملنع والقدح ،وباملطالبة بالتأثري ،أو الشبه إن مل يكن
ِ
بظاهر عام إذا مل يتعرض سرب ًا ،وبيان استقالل ما عداه يف صورة ،ولو
للتعميم.
ِ
يكف إن مل يكن معه وصف ولو قال :ثبت احلكم مع انتفاء وصفك ،مل
املستدل ،وقيل :مطلق ًا ،وعندي أنه ينقطع العرتافه ولعدم االنعكاس.
ولو أبدى املعرتض ما َخيلف امللغى س ّمي تعدد الوضع ،وزالت فائدة
االلغاء ،ما مل يل ِغ املستدل َ
اخل َل َ
ف بغري دعوى قصوره ،أو دعوى من سلم
ضعف املعنى ،خالف ًا ملن زعمهام إلغاء.
َ وجو َد املظنة
~ ~ 58
بناء عىل منع التعدد.
ويكفي رجحان وصف املستدل ً
وقد يعرتض باختالف جنس املصلحة ،وإن احتد ضابط األصل والفرع،
فيجاب بحذف خصوص األصل عن االعتبار.
انتفاء رشط فال يلزم وجود املقت ِض،
َ وأما العلة إذا كانت وجو َد مانع أو
وفاق ًا لإلمام وخالفاً للجمهور.
مسالك العلة
األول :اإلمجاع.
الثاين :النص الرصيح ،مثل :لعلة كذا ،فلسبب ،فمن أجل ،فنحو :كي،
وإذن ،والظاهر كالالم ظاهر ًة ،فمقدر ًة نحو :أن كان كذا ،فالباء ،فالفاء
يف كالم الشارع ،فالراوي الفقيه ،فغريه ،ومنه :إن ،وإذ ،وما مىض يف
احلروف.
ِ
امللفوظ -قيل :أو املستنبط -بحكم ِ
الوصف الثالث :اإليامء ،وهو :اقرتان
-ولو مستنبطاً -لو مل يكن للتعليل هو -أو نظريه -كان بعيد ًا.
ِ
وكذكره يف احلكم وصفاً لو مل يكن علة مل يفد، كحكمه بعد سامع وصف، ِ
حدمها ،أو برشط ،أو وكتفريقه ببن حكمني بصفة مع ذكرمها أو ذكر أ ِ
غاية ،أو استثناء ،أو استدراك ،وكرتتيب احلكم عىل الوصف ،وكمنعه مما
املطلوب .وال يشرتط مناسبة املومى إليه عند األكثر.
َ يفوت
قد ّ
~ ~ 59
الرابع :السرب والتقسيم :وهو حرص األوصاف يف األصل ،وإبطال ما ال
يصلح فيتعني الباقي.
ويكفي قول املستدل :بحثت فلم أجد ،أو :األصل عدم ما سواها.
واملجتهد يرجع إىل ظنه ،فإن كان احلرص واإلبطال قطعي ًا فقطعي ،وإال
فظني.
وهو حجة للناظر واملناظر عند األكثر ،وثالثها :إن أمجع عىل تعليل ذلك
احلكم ،وعليه إمام احلرمني ،ورابعها :للناظر دون املناظر.
فإن أبدى املعرتض وصف ًا زائد ًا مل يك ّلف بيان صالحيته للتعليل ،وال
ينقطع املستدل حتى يعجز عن إبطاله.
وقد يتفقان عىل إبطال ما عدى وصفني فيكفي املستدل الرتديد بينهام.
ومن طرق اإلبطال :بيان أن الوصف طرد ،ولو يف ذلك احلكم ،كالذكورة
واألنوثة يف العتق.
ومنها :أن ال تظهر مناسبة املحذوف ،ويكفي قول املستدل :بحثت فلم
أجد م ِ
وه َم مناسبته ،فان ادعى املعرتض أ ّن املستبقى كذلك ،فليس
سربه بموافقته التعدية.
للمستدل بيان مناسبته؛ ألنه انتقال ،ولكن يرجح َ
اخلامس :املناسبة واإلخالة ،ويسمى استخراجها :ختريج املناط ،وهو
تعيني العلة بإبداء مناسبة مع االقرتان والسالمة عن القوادح كاإلسكار.
ويتحقق االستقالل بعدم ما سواه بالسرب.
~ ~ 60
واملناسب :املالئم ألفعال العقالء عادة ،وقيل :ما جيلب نفعاً أو يدفع
رضر ًا ،وقال أبو زيد :ما لو عرض عىل العقول لتلقته بالقبول ،وقيل:
وصف ظاهر منضبط ُيصل عق ً
ال من ترتيب احلكم عليه ما يصلح كونه
مقصود ًا للشارع من حصول مصلحة أو دفع مفسدة.
فإن كان خفي ًا أو غري منضبط اعترب مالزمه وهو املظنة.
وقد ُيصل املقصود من رشع احلكم يقين ًا أو ظن ًا ،كالبيع والقصاص ،وقد
سواء كحدّ اخلمر ،أو نفيه أرجح كنكاح اآليسة للتوالد.
ً يكون حمتمالً
واألصح جواز التعليل بالثالث والرابع كجواز القرص للمرت ّفه ،فإن كان
فائت ًا قطعاً فقالت احلنفية :يعترب ،واألصح ال يعترب ،سواء ما ال َتع يبدَ فيه،
كلحوق نسب املرشقي باملغربية ،وما فيه تع يبد ،كاسترباء جارية اشرتاها
بائعها يف املجلس.
واملناسب :رضوري ،فحاجي ،فتحسيني.
والْضوري :كحفظ الدين ،فالنفس ،فالعقل ،فالنسب ،فاملال والعرض.
ويلحق به مكم ّله كحد قليل املسكر.
واحلاجي :كالبيع ،فاإلجارة لرتبية الطفل ،ومكم ّله كخيار البيع.
ِ
معارض القواعد ،كسلب العبد اهلية الشهادة، والتحسيني :غري
ِ
واملعارض كالكتابة.
عني احلكم فاملؤثر.
عني الوصف يف َ
ثم املناسب إن اعترب بنص أو إمجاع َ
~ ~ 61
فإن مل يعترب هبام ،بل برتتيب احلكم عىل وفقه -ولو باعتبار جنسه يف
جنسه -فاملالئم.
عترب ،فإن دل الدليل عىل إلغائه فال يعلل به.
وإن مل ي َ
وإال فهو املرسل ،وقد قبله مالك مطلق ًا ،وكاد إمام احلرمني يوافقه مع
مناداته عليه بالنكري ،ورده األكثر مطلق ًا ،وقوم يف العبادات ،وليس منه
مصلحة رضورية كلية قطعية؛ ألهنا مما دل الدليل عىل اعتبارها فهي حق
قطع ًا ،واشرتطها الغزال للقطع بالقول به ال ألصل القول به ،قال :والظن
القريب من القطع كالقطع.
مسألة :املناسبة تنخرم بمفسدة تلزم ،راجح ًة أو مساوي ًة ،خالف ًا لإلمام.
السادس :الش َبه منزلة بني املناسب والطرد ،وقال القايض :هو املناسب
بالتبع .وال يصار إليه مع إمكان قياس العلة إمجاع ًا ،فإن تعذرت فقال
الشافعي :حجة ،وقال الصرييف والشريازي :مردود.
وأعاله قياس غلبة األشباه يف احلكم والصفة ،ثم الصوري ،وقال اإلمام:
املعترب حصول املشاهبة لعلة احلكم أو مستلزمها.
السابع :الدوران ،وهو :أن يوجد احلكم عند وجود وصف وينعدم عند
عدمه.
قيل :ال يفيد ،وقيل :قطعي ،واملختار وفاق ًا لألكثر :ظني.
وال يلزم املستدل بيان نفي ما هو أوىل منه.
~ ~ 62
فإن أبدى املعرتض وصف ًا آخر ،ترجح جانب املستدل بالتعدية ،وإن كان
متعدي ًا إىل الفرع رض عند مانع العلتني ،أو إىل فرع آخر ،طلب الرتجيح.
الثامن :الطرد ،وهو :مقارنة احلكم للوصف.
واألكثر عىل ر ّده ،قال علامؤنا :قياس املعنى مناسب ،والشبه تقريب،
والطرد حتكم ،وقيل :إن قارنه فيام عدا صورة النزاع أفاد ،وعليه اإلمام
وكثري ،وقيل :تكفي املقارنة يف صورة ،وقال الكرخي :يفيد املناظر دون
الناظر.
التاسع :تنقيح املناط ،وهو :أن يدل ظاهر عىل التعليل بوصف فيحذف
خصوصه عن االعتبار ويناط باألعم ،أو تكون أوصاف فيحذف بعضها
ويناط بالباقي.
أما حتقيق املناط :فإثبات العلة يف آحاد صورها .كتحقيق أن النباش
سارق ،وخترجيه مر.
الساية ،وهو والدوران
العارش :إلغاء الفارق ،كإحلاق األمة بالعبد يف ّ
والطرد ،ترجع إىل رضب َش َبه ،اذ حتصل الظن يف اجلملة ،وال تعني جهة
املصلحة.
خامتة
ليس تأيت القياس بعلية وصف ،وال العجز عن إفساده دليل عليته ،عىل
األصح فيهام.
~ ~ 63
القوادح
َ
النقض ،وقالت: منها :ختلف احلكم عن العلة ،وفاق ًا للشافعي ،وسامه
ختصيص العلة ،وقيل :ال يف املستنبطة ،وقيل:
َ احلنفية ال يقدح ،وسموه
عكسه ،وقيل :يقدح إال أن يكون ملانع أو فقد رشط ،وعليه أكثر فقهائنا،
وقيل :يقدح إال أن يرد عىل مجيع املذاهب ،كالعرايا ،وعليه اإلمام ،وقيل:
يقدح يف احلاظرة ،وقيل :يف املنصوصة إال بظاهر عام ،واملستنبطة إال ملانع
أو فقد رشط ،وقال اآلمدي :إن كان التخلف ملانع أو فقد رشط أو يف
معرض االستثناء أو كانت منصوصة بام ال يقبل التأويل مل يقدح.
لفظي ،خالف ًا البن احلاجب.
ٌّ واخلالف معنوي ال
ومن فروعه :التعليل بعلتني ،واالنقطاع ،وانخرام املناسبة بمفسدة،
وغريها.
وجوابه :منع وجود العلة ،أو منع انتفاء احلكم إن مل يكن انتفاؤه مذهب
املستدل ،وعند من يرى املوانع :بياهنا.
وليس للمعرتض االستدالل عىل وجود العلة عند األكثر ،لالنتقال ،وقال
اآلمدي :ما مل يكن دليل أوىل بالقدح.
ولو دل عىل وجودها بموجود يف حمل النقض ،ثم َمنَع وجودها فقال:
ينتقض دليلك ،فالصواب :أنه ال يسمع ،النتقاله من نقض العلة إىل نقض
دليلها.
~ ~ 64
وليس له االستدالل عىل ختلف احلكم ،وثالثها :إن مل يكن طريق َأوىل.
وجيب االحرتاز منه عىل املناظر مطلق ًا ،وعىل الناظر اال فيام اشتهر من
املستثنيات وصار كاملذكور ،وقيل :جيب مطلق ًا ،وقيل :إال يف املستثنيات
مطلق ًا.
ودعوى صورة معينة ،أو مبهمة ،أو نفيها ،ينتقض باإلثبات أو النفي،
العامني ،وبالعكس.
ومنها الكس :قادح عىل الصحيح ،ألنه نقض املعنى ،وهو :إسقاط وصف
من العلة .إما مع إبداله ،كام يقال يف اخلوف( :صالة جيب قضاؤها فيجب
أداؤها كاألمن) ،فيعرتض بأن خصوص الصالة ملغى ،فليبدل
ب(العبادة) ،ثم ينقض بصوم احلائض .أو ال يبدل فال يبقى إال (جيب
قضاؤها) ،وليس كل ما جيب قضاؤه يؤ ّدى ،دليله احلائض.
ومنها العكس :وهو انتفاء احلكم النتفاء العلة .فإن ثبت مقابله فأبلغ،
وشاهده قوله (صىل اهلل عليه وسلم)( :أرأيتم لو وضعها يف حرام أكان
عليه وزر ،فكذلك إذا وضعها يف احلالل كان له أجر) يف جواب :أيأيت
أحدنا شهوته وله فيها أجر؟
وختلفه قادح عند مانع علتني.
انتفاء العلم أو الظن ،اذ ال يلزم من عدم الدليل عدم
َ ونعني بانتفائه:
املدلول.
~ ~ 65
ومنها عدم التأثري :أي أن الوصف ال مناسبة فيه .ومن ثم اختص بقياس
املعنى ،وباملستنبطة املختلف فيها.
وهو أربعة:
يف الوصف بكونه طردي ًا.
ويف األصل ،مثل :مبيع غري مرئي فال يصح كالطري يف اهلواء ،فيقول :ال
أثر لكونه غري مرئي فإ ّن العجز عن التسليم كاف .وحاصله :معارضته يف
األصل.
ويف احلكم :وهو أرضب:
ألنه إما أن ال يكون لذكره فائدة ،كقوهلم يف املرتدين :مرشكون اتلفوا ماالً
يف دار احلرب فال ضامن كاحلريب .ودار احلرب عندهم طردي ،فال فائدة
لذكره ،إذ من أوجب الضامن أوجبه وإن مل يكن يف دار احلرب ،وكذا من
نفاه ،فريجع إىل األول؛ ألنه يطالب بتأثري كونه يف دار احلرب.
أو يكون له فائدة رضورية ،كقول معترب العدد يف االستجامر باألحجار:
عبادة متعلقة باألحجار مل يتقدمها معصية فاعترب فيها العدد كاجلامر.
فقوله (مل يتقدمها معصية) عديم التأثري يف األصل والفرع ،لكنه مضطر إىل
ذكره لئال ينتقض بالرجم.
أو غري رضورية ،فإن مل تغتفر الْضورية مل تغتفر ،وإال فرتد ٌّد.
~ ~ 66
مثاله :اجلمعة صالة مفروضة مل تفتقر إىل إذن اإلمام كالظهر .فإ ّن
(مفروضة) حشو ،إذا لو حذف مل ينتقض بيشء ،لكنه ذكر لتقريب الفرع
من األصل بتقوية الشبه بينهام ،إذ الفرض بالفرض أشبه.
الرابع يف الفرع :مثلَ :زوجت نفسها بغري كفء فال يصح كام لو زوجت.
وهو كالثاين إذ ال أثر للتقييد بغري الكفء ،ويرجع إىل املناقشة يف الفرض،
وهو ختصيص بعض صور النزاع با ِحلجاج .واألصح جوازه ،وثالثها:
برشط البِناء ،أي بناء غري حمل الفرض عليه.
ومنها القلب :وهو دعوى أن ما استدل به يف املسألة عىل ذلك الوجه عليه
ال له إن صح.
ومن ثم أمكن معه تسليم صحته ،وقيل :هو تسليم للصحة مطلق ًا ،وقيل:
إفساد مطلق ًا.
وعىل املختار فهو مقبول ،معارضة عند التسليم ،قادح عند عدمه .وقيل:
شاهد زور لك وعليك ،وهو قسامن:
األول :لتصحيح مذهب املعرتض.
إما مع ابطال مذهب املستدل رصُي ًا ،كام يقال يف بيع الفضول :عقد يف
فيصح كالرشاء.
ي حق الغري بال والية فال يصح كالرشاء ،فيقال :عقد
أو :ال ،مثل :لبث ،فال يكون بنفسه قربة كوقوف عرفة ،فيقال :فال
يشرتط فيه الصوم كعرفة.
~ ~ 67
الثاين :إلبطال مذهب املستدل بالرصاحة :عضو وضوء فال يكفي أ ي
قل ما
ينطلق عليه االسم كالوجه ،فيقال :فال يقدر غسله بالربع كالوجه.
أو بااللتزام :عقد معاوضة فيصح مع اجلهل باملعوض كالنكاح ،فيقال:
فال يشرتط خيار الرؤية كالنكاح.
ومنه -خالف ًا للقايض -قلب املساواة ،مثل :طهارة باملائع فال جتب فيها
النية كالنجاسة.
باملوجب :وشاهده (وهلل العزة ولرسوله) يف جواب
َ ومنها القول
(ليخرجن األع ّز منها األذل) ،وهو :تسليم الدليل مع بقاء النزاع.
كام يقال يف املث ّقل :قتل بام يقتل غالب ًا فال ينايف القصاص كاإلحراق،
فيقال :س ّلمنا عدم املنافاة ولكن ِمل َ قلت يقتضيه؟ وكام يقال :التفاوت يف
الوسيلة ال يمنع القصاص كاملتوسل إليه ،فيقال :مسلم ،وال يلزم من
ِ
الرشائط واملقتض. إ ِ
بطال مانع انتفاء املوانع ،ووجود
واملختار تصديق املعرتض يف قوله :ليس هذا مأخذي.
وربام سكت املستدل عن مقدمة غري مشهورة خمافة املنع فريد القول
باملوجب.
ومنها القدح :يف املناسبة ،ويف صالحية إفضاء احلكم إىل املقصود ،ويف
االنضباط ،والظهور ،وجواهبا بالبيان.
ومنها الفرق :وهو راجع إىل املعارضة يف األصل أو الفرع ،وقيل :إليهام.
~ ~ 68
والصحيح أنه قادح ،وإن قيل :إنه سؤاالن ،وأنه يمتنع تعدد األصول
ثم لو ّفرق بني الفرع وأصل
لالنتشار ،وإن ج ّوز علتان ،قال املجيزونّ :
منها كفى ،وثالثها :إن قصد اإلحلاق بمجموعها.
ثم يف اقتصار املستدل عىل جواب أصل واحد قوالن.
ومنها فساد الوضع :بأن ال يكون الدليل عىل اهليئة الصاحلة العتباره يف
ترتيب احلكم .كتلقي التخفيف من التغليظ ،والتوسيع من التضييق،
واالثبات من النفي .مثل :القتل جناية عظيمة فال يكفر كالردة.
ومنه :كون اجلامع ثبت اعتباره بنص أو إمجاع يف نقيض احلكم.
وجواهبام بتقرير كونه كذلك.
ومنها فساد االعتبار :بأن خيالف نص ًا أو إمجاع ًا ،وهو أعم من فساد
الوضع .وله تقديمه عىل املَنوعات وتأخريه.
وجوابه :الطعن يف سنده ،أو املعارضة ،أو منع الظهور ،أو التأويل.
ومنها :منع عل ّية الوصف :ويسمى املطالبة بتصحيح العلة.
واألصح قبوله ،وجوابه بإثباته.
ومنه :منع وصف العلة ،كقولنا يف إفساد الصوم بغري اجلامع :الكفارة
للزجر عن اجلامع املحذور يف الصوم فوجب اختصاصها به كاحلد ،فيقال:
وكأن
ّ بل عن اإلفطار املحذور فيه .وجوابه بتبيني اعتبار اخلصوصية،
املعرتض ين ّقح املناط واملستدل ُيققه.
~ ~ 69
ومنع حكم األصل ،ويف كونه قطع ًا للمستدل مذاهب ،ثالثها :قال
األستاذ :إن كان ظاهر ًا ،وقال الغزال :يعترب عرف املكان ،وقال أبو
إسحق الشريازي :ال يسمع.
فإن دل عليه مل ينقطع املعرتض عىل املختار ،بل له أن يعود ويعرتض.
وقد يقال :ال نس ّلم حكم األصل ،س ّلمنا وال نس ّلم أنه مما يقاس فيه،
س ّلمنا وال نس ّلم أنه معلل ،س ّلمنا وال نس ّلم أن هذا الوصف علته ،س ّلمنا
وال نسلم وجوده فيه ،س ّلمنا وال نس ّلم أنه متعد ،س ّلمنا وال ّ
نسلم وجوده
يف الفرع.
فيجاب بالدفع بام عرف من الطرق ،ومن َثم عرف جواز إيراد املعارضات
من نوع ،وكذا من أنواع ،وإن كانت مرتبة ألن تسليمه تقديري ،وثالثها:
التفصيل.
ومنها :اختالف الضابط يف األصل والفرع لعدم الثقة باجلامع.
ِ
التفاوت. بأن اإلفضاء سواء ال الغاء
وجوابه بأنه القدر املشرتك ،أو ّ
واالعرتاضات راجعة إىل املنع ،ومقدمها االستفسار ،وهو :طلب ذكر
معنى اللفظ حيث غرابة أو إمجال .واألصح أن بياهنام عىل املعرتض ،وال
يكلف بيان تساوي املحامل ،ويكفيه أن األصل عدم تفاوهتا ،فيبني
املستدل عدمها ،أو يفس اللفظ بمحتمل ،قيل :وبغري حمتمل ،ويف قبول
الظهور يف مقصده دفع ًا لإلمجال لعدم الظهور يف اآلخَ ر خالف.
َ دعواه
~ ~ 70
ومنها التقسيم :وهو كون اللفظ مرتدد ًا بني أمرين أحدمها ممنوع.
واملختار وروده ،وجوابه أن اللفظ موضوع ولو عرف ًا ،أو ظاهر ولو بقرينة
يف املراد.
َ
الدليل ،إما قبل متامه ملقدمة منه أو بعده. ثم املنع ال يعرتض احلكاي َة بل
واألول :إما جمرد أو مع املستند ،كـ :ال نسلم كذاِ ،
ومل َ ال يكون كذا ،أو إنام
يلزم كذا لو كان كذا ،وهو املناقضة.
فإن احتج النتفاء املقدمة فغصب ال يسمعه املحققون.
والثاين :إما مع منع الدليل بناء عىل ختلف حكمه فالنقض اإلمجال ،أو مع
ذكرت
َ ِ
واالستدالل بام ينايف ثبوت املدلول فاملعارضة ،فيقول :ما تسليمه
وإن دل فعندي ما ينفيه ،وينقلب مستدالً.
وعىل املمنوع الدفع بدليل ،فإن منع ثاني ًا فكام مر ،وهكذا إىل إفحام املعلل
إن انقطع باملنوع ،أو إلزام املانع إن انتهى إىل رضوري أو يقيني مشهور.
خامتة
القياس من الدين ،وثالثها :حيث يتعني ،ومن أصول الفقه ،خالف ًا إلمام
احلرمني.
وحكم املقيس قال السمعاين :يقال إنه دين اهلل ،وال جيوز أن يقال قاله اهلل.
ثم القياس فرض كفاية يتعني عىل جمتهد احتاج إليه.
~ ~ 71
وهو جيل وخفي ،فاجليل :ما قطع فيه بنفي الفارق ،أو كان احتامالً ضعيف ًا،
واخلفي الش َبه ،والواضح بينهام .وقيل:
ي واخلفي خالفه .وقيل :اجليل هذا،
واخلفي األدون.
ي اجليل األَوىل ،والواضح املساوي،
ي
رصح فيه هبا ،وقياس الداللة ما مجع فيه بالزمها ،فأ ِثرها،
وقياس العلة ما ّ
ِ
فحكمها .والقياس يف معنى األصل اجلمع بنفي الفارق.
الكتاب اخلامس :يف االستدالل
وهو دليل ليس بنص وال إمجاع وال قياس.
االقرتاين واالستثنائي وقياس العكس ،وقولنا :الدليل يقتض أن
ي فيدخل:
ال يكون كذا ،خولف يف كذا ملعنى مفقود يف صورة النزاع ،فتبقى عىل
دركه ،كقولنا :احلكم يستدعي دليالً
األصل ،وكذا انتفاء احلكم النتفاء م َ
بالسرب أو األصل ،وكذا قوهلم :وجد
وإال لزم تكليف الغافل ،وال دليل ّ
ِ
املقتض ،أو املانع ،أو فقد الرشط ،خالف ًا لألكثر.
تام ًا -أي بالكل إال صورة
مسألة :االستقراء باجلزئي عىل الكيل إن كان ّ
النزاع -فقطعي عند األكثر ،أو ناقص ًا -أي بأكثر اجلزيئات -فظني،
ويسمى إحلاق الفرد باألغلب.
مسألة :قال علامؤنا :استصحاب العدم األصيل والعموم أو النص إىل
املغري وما ّ
دل الرشع عىل ثبوته لوجود سببه حجة مطلق ًا .وقيل :يف ورود ّ
الدفع دون الرفع ،وقيل :برشط أن ال يعارضه ظاهر مطلق ًا ،وقيل :ظاهر
~ ~ 72
ليخرج بول وقع يف ماء كثري فوجد
َ غالب ًا ،قيل :مطلق ًا ،وقيل :ذو سبب،
متغري ًا واحتمل كون التغري به.
واحلق سقوط األصل إن قرب العهد ،واعتامده إن َبعد.
ي
ِ
حال اإلمجاع يف حمل اخلالف ،خالف ًا للمزين ِ
باستصحاب وال ُيتج
والصرييف وابن رسيج واالمدي.
فعرف أن االستصحاب :ثبوت أمر يف الثاين لثبوته يف األول ،لفقدان ما
يصلح للتغيري .أما ثبوته يف األول لثبوته يف الثاين فمقلوب.
وقد يقال فيه :لو مل يكن الثابت اليوم ثابتاً أ ِ
مس لكان غري ثابت ،فيقتض
استصحاب أمس بأنه اآلن غري ثابت ،وليس كذلك ،فدل عىل أنه ثابت.
مسألة :ال يطالب النايف بالدليل إن ادعى عل ًام رضور ًيا ،وإال فيطالب به يف
األصح.
وجيب األخذ بأقل املقول وقد مر ،وهل جيب باألخف أو األثقل أو ال
جيب يشء؟ أقوال.
مسألة :اختلفوا هل كان املصطفى (صىل اهلل عليه وسلم) متعبد ًا قبل
النبوة برشع؟
واختلف املثبت فقيل :نوح ،وإبراهيم ،وموسى ،وعيسى ،وما ثبت أنه
ال وتفريع ًا.
رشع ،أقوال ،واملختار الوقف تأصي ً
وبعد النبوة املنع.
~ ~ 73
أن أصل
مسألة :حكم املنافع واملضار قبل الرشع مر ،وبعده :الصحيح َ
املضار التحريم واملنافع احلل ،قال الشيخ اإلمام :اال أموالنا لقوله (صىل
إن دمائكم وأموالكم عليكم حرام".
اهلل عليه وسلم)ّ " :
مسألة :االستحسان قال به أبو حنيفة ،وأنكره الباقون.
وفس بدليل ينقدح يف نفس املجتهد تقرص عنه عبارته.
ورد :بأ ّنه إن حتقق فمعترب.
وبعدول عن قياس أقوى ،وال خالف فيه .أو عن الدليل إىل العادة.
ورد :بأنه إن ثبت أهنا حق فقد قام دليلها وإال ر ّدت.
رشع.
فإن حتقق استحسان خمتلف فيه فمن قال به فقد ّ
أما استحسان الشافعي التح َ
ليف عىل املصحف ،واحلط يف الكتابة،
ونحومها ،فليس منه.
مسألة :قول الصحايب عىل صحايب غري حجة وفاق ًا ،وكذا عىل غريه ،قال
الشيخ اإلمام إال يف التعبدي.
ويف تقليده قوالن ،الرتفاع الثقة بمذهبه ،إذ مل يدون.
وقيل :حجة فوق القياس.
فإن اختلف صحابيان فكدليلني ،وقيل :دونه.
ويف ختصيصه العموم قوالن.
~ ~ 74
وقيل :حجة إن انترش ،وقيل :إن خالف القياس ،وقيل :إن انضم إليه
قياس تقريب ،وقيل :قول الشيخني فقط ،وقيل :اخللفاء األربعة ،وعن
الشافعي :إال علي ًا ،أما وفاق الشافعي زيد ًا يف الفرائض فلدليل ال تقليد ًا.
مسألة :اإلهلام ايقاع يشء يف القلب يثلج له الصدر ،خيص به اهلل تعاىل
بعض أصفياءه .وليس بحجة ،لعدم ثقة من ليس معصوماً بخواطره،
خالف ًا لبعض الصوفية.
خامتة
قال القايض احلسني :مبنى الفقه عىل أ ّن اليقني ال يرفع بالشك ،والْضر
يزال ،واملشقة جتلب التيسري ،والعادة حم ّكمة ،وقيل واألمور بمقاصدها.
الكتاب السادس :يف التعادل والرتاجيح
يمتنع تعادل القاطعني ،وكذا األمارتني يف نفس األمر عىل الصحيح.
وهم التعادل فالتخيري ،أو التساقط ،أو الوقف ،أو التخيري يف
فإن ت ّ
الواجبات والتساقط يف غريها ،أقوال.
وإن نقل عن جمتهد قوالن متعاقبان فاملتأخر قوله ،وإال فام َذكر فيه املشعر
برتجيحه ،وإال فهو مرتد ٌّد ،ووقع للشافعي يف بضعة عرش مكان ًا ،وهو
دليل عىل علو شأنه عل ًام ودين ًا.
ثم قال الشيخ أبو حامد :خمالف أيب حنيفة منهام أرجح من موافقه،
وعكس القفال ،واألصح الرتجيح بالنظر ،فإن و َق َ
ف فالوقف.
~ ~ 75
وإن مل يعرف للمجتهد قول يف مسألة لكن يف نظريها فهو قوله املخرج فيها
عىل األصح ،واألصح ال ينسب إليه مطلق ًا بل مقيد ًا.
ومن معارضة نص آخر للنقيض تنشأ الطرق.
والرتجيح :تقوية أحد الطريقني.
والعمل بالراجح واجب ،وقال القايض :إال ما رجح ظن ًا ،إذ ال ترجيح
بظن عنده ،وقال البرصي :إن رجح أحدمها بالظن فالتخيري.
وال ترجيح يف القطعيات ،لعدم التعارض.
دوامه مظنون.
واملتأخر ناسخ ،وإن نقل املتأخر باآلحاد عمل به؛ ألن َ
واألصح الرتجيح بكثرة األدلة والرواة.
وأن العمل باملتعارضني -ولو من وجه -أوىل من إلغاء أحدمها ،ولو سن ًة
قابلها كتاب.
وال يقدم الكتاب عىل السنة ،وال السنة عليه ،خالف ًا لزاعميها.
تعذر وعلِم املتأخر فناسخ ،وإال َر َجع إىل غريمها.
فإن ّ
وإن تقارنا فالتخيري إن تعذر اجلمع والرتجيح.
ختري إن تعذر
وإن جهل التاريخ وأمكن النسخ َر َجع إىل غريمها ،وإال ّ
اجلمع والرتجيح ،فإن كان أحدمها أعم فكام سبق.
مسألة :يرجح بعلو اإلسناد ،وفقه الراوي ،ولغته ،ونحوه ،وورعه،
وضبطه ،وفطنته ،ولو روى املرجوح باللفظ ،ويقظته ،وعدم بدعته،
~ ~ 76
وشهرة عدالته ،وكونه مز ّكى باالختبار ،أو أكثر مز ّكني ،ومعروف
النسب ،قيل :ومشهوره ،ورصيح التزكية عىل احلكم بشهادته ،والعمل
بروايته ،وحفظ املروي ،وذكر السبب ،والتعويل عىل احلفظ دون الكتابة،
وظهور طريق روايته ،وسامعه من غري حجاب ،وكونه من أكابر
الصحابة ،و َذ َكر ًا ،خالف ًا لألستاذ ،وثالثها :يف غري أحكام النساء ،وحر ًا،
ومتأخر االسالم ،وقيل :متقدمه ،ومتحم ً
ال بعد التكليف ،وغري مدلس،
وغري ذي اسمني ،ومبارش ًا ،وصاحب الواقعة ،وراوي ًا باللفظ ،ومل ينكره
راوي األصل ،وكونه يف الصحيحني.
والقول ،فالفعل ،فالتقرير ،والفصيح ال زائد الفصاحة عىل األصح،
واملشتمل عىل زيادة ،والوارد بلغة قريش ،واملدين ،واملشعر بعلو شأن
النبي (صىل اهلل عليه وسلم) ،واملذكور فيه احلكم مع العلة ،واملتقدم فيه
العلة عىل احلكم ،وعكس النقشواين ،وما فيه هتديد أو تأكيد ،وما ِ ذكر
كان عموم ًا مطلق ًا عىل ذي السبب إال يف السبب ،والعام الرشطي عىل
النكرة املنفية عىل األصح ،وهي عىل الباقي ،واجلمع املعرف عىل (ما)
و( َمن) ،والكل عىل اجلنس املعرف الحتامل العهد ،قالوا :وما مل خيص،
وعندي عكسه ،واألقل ختصيص ًا.
املفهومني ،واملوافقة عىل
َ واالقتضاء عىل اإلشارة واإليامء ،ويرجحان عىل
املخالفة ،وقيل عكسه ،والناقل عن األصل عند اجلمهور ،واملثبت عىل
~ ~ 77
النايف ،وثالثها :سواء ،ورابعها :إال يف الطالق والعتاق ،والنهي عىل األمر،
واألمر عىل اإلباحة ،واخلرب عىل األمر والنهي ،وخرب احلظر عىل اإلباحة،
وثالثها :سواء ،والوجوب والكراهة عىل الندب ،والندب عىل املباح يف
األصح ،ونايف احلد خالف ًا لقوم ،واملعقول معناه ،والوضعي عىل التكليفي
ال ،أو صحابي ًا ،أو أ َ
هل املدينة، ال آخر ،وكذا مرس ً
يف األصح ،واملوافق دلي ً
األكثر يف األصح ،وثالثها يف موافق الصحايب :إن كان حيث ميزه النص
َ أو
كزيد يف الفرائض ،ورابعها :إن كان أحد الشيخني مطلق ًا ،وقيل :إال أن
خيالفهام معاذ يف احلالل واحلرام ،أو زيد يف الفرائض ،قال الشافعي:
وموافق زيد يف الفرائض ،فمعاذ ،فعيل ،ومعاذ يف أحكام غري الفرائض،
فعيل.
واإلمجاع عىل النص ،وإمجاع الصحابة عىل غريهم ،وإمجاع الكل عىل ما
خالف فيه العوام ،واملنقرض عرصه وما مل يسبق بخالف عىل غريمها،
وقيل :املسبوق أقوى ،وقيل :سواء.
واألصح تساوي املتواترين من كتاب وسنة ،وثالثها :تقدم السنة.
ويرجح القياس بقوة دليل حكم األصل ،وكونِه عىل َس َنن القياس أي
فرعه من جنس أصله ،والقط ِع بالعلة أو الظن األغلب ،وكون مسلكها
أقوى ،وذات أصلني عىل ذات أصل ،وقيل :ال ،وذاتية عىل حكمية،
وعكس السمعاين ،وكوهنا أقل أوصاف ًا ،وقيل :عكسه ،واملقتضية احتياط ًا
~ ~ 78
َ
األصول يف الفرض ،وعامة األصل ،واملتفق عىل تعليل أصلها ،واملوافقة
عىل موافقة أصل واحد ،وقيل :املوافقة عل ًة أخرى إن ج ّوز علتان ،وما
ثبتت علته باإلمجاع فالنص القطعيني ،فالظنيني ،فاإليامء ،فالسرب،
فاملناسبة ،فالشبه ،فالدوران.
وقيل :النص فاإلمجاع ،وقيل :الدوران فاملناسبة ،وما قبلها وما بعدها.
وعكس األستاذ،
َ وقياس املعنى عىل الداللة ،وغري املركب عليه إن قبِل،
والوصف احلقيقي ،فالعريف ،فالرشعي الوجودي ،فالعدمي البسيط،
فاملركب ،والباعثة عىل األمارة ،واملطردة املنعكسة ،ثم املطردة فقط عىل
املنعكسة فقط ،ويف املتعدية والقارصة أقوال ،ثالثها :سواء ،ويف األكثر
فروع ًا قوالن.
والذايت عىل العريض،
ي واألعرف من احلدود السمعية عىل األخفى،
نقل السمع ،واللغة ،ورجحان طريقوالرصيح ،واألعم ،وموافقة ِ
اكتسابه.
ومثارها :غلبة الظن ،وسبق كثري ،فلم ن ِعده.
واملرجحات ال تنحرصَ ،
الكتاب السابع :يف االجتهاد
الوسع لتحصيل ظن بحكم.
َ االجتهاد :استفراغ الفقيه
واملجتهد الفقيه ،وهو :البالغ العاقل -أي ذو َم َلكة يدرك هبا املعلوم،
ِ
النفس ،وإن انكر وقيل :العقل نفس العلم ،وقيل :رضور ييه ،-فقيه
~ ~ 79
القياس ،وثالثها :إال اجليل ،العارف بالدليل العقيل ،والتكليف به ،ذو
الدرجة الوسطى لغ ًة وعربي ًة وأصوالً وبالغ ًة ،ومتعل َق األحكام من كتاب
وسنة ،وإن مل ُيفظ املتون.
وقال الشيخ اإلمام :هو َمن هذه العلوم َم َلكة له ،وأحاط بمعظم قواعد
الرشع ومارسها ،بحيث اكتسب قوة يفهم هبا مقصود الشارع.
ويعترب -قال الشيخ اإلمام إليقاع االجتهاد ال لكونه صفة فيه -كونه
ِ
النزول، ِ
سباب خبري ًا بمواقع اإلمجاع ،كيال خيرقه ،والناسخِ واملنسوخِ ،وأ
ِ
وسري ِ
وحال الرواة، ورشط املتواتر واآلحاد ،والصحيحِ والضعيف، ِ
الصحابة.
ويكفي يف زماننا الرجوع إىل أئمة ذلك.
وال يشرتط علم الكالم ،وتفاريع الفقه ،والذكورة ،واحلرية ،وكذا العدالة
عىل األصح .وليبحث عن املعارض واللفظ هل معه قرينة؟
ودونه جمتهد املذهب ،وهو :املتمكن من ختريج الوجوه عىل نصوص
إمامه.
ودونه جمتهد الفتيا ،وهو :املتبحر املتمكن من ترجيح قول عىل آخر.
والصحيح :جواز جتزؤ االجتهاد.
~ ~ 80
وجواز االجتهاد للنبي (صىل اهلل عليه وسلم) ووقوعه ،وثالثها :يف اآلراء
واحلروب فقط ،والصواب أن اجتهاده عليه أفضل الصالة والسالم ال
خيطئ.
واألصح أن االجتهاد جائز يف عرصه ،وثالثها :بإذنه رصُي ًا ،قيل :أو غري
ي
رصيح ،ورابعها :للبعيد ،وخامسها :للوالة.
وأ ّنه وقع ،وثالثها :مل يقع للحارض ،ورابعها :الوقف.
مسألة :املصيب يف العقليات واحد ،ونايف اإلسالم خمطئ آثم كافر.
وقال اجلاحظ والعنربي :ال يأثم املجتهد ،قيل :مطلق ًا ،وقيل :إن كان
مسل ًام ،وقيل :زاد العنربي كل مصيب.
قاطع فيها فقال الشيخ والقايض وأبو يوسف وحممد
َ أما املسألة التي ال
األوالن :حكم اهلل تابع لظن وابن رسيج :ي
كل جمتهد مصيب ،ثم قال ّ
املجتهد ،وقال الثالثة :هناك ما لو َح َك َم لكان به ،ومن ثم قالوا :أصاب
انتهاء.
ً وابتداء ال
ً اجتهاد ًا ال حك ًام،
والصحيح وفاق ًا للجمهور أ ّن املصيب واحد ،وهلل تعاىل حكم قبل
االجتهاد ،قيل :ال َ
دليل عليه ،والصحيح أن عليه أمار ًة ،وأنه مكلف
بإصابته ،وأن خمطئه ال يأثم بل يؤجر.
أما اجلزئية التي فيها قاطع فاملصيب فيها واحد وفاق ًا ،وقيل :عىل اخلالف.
قرص جمتهد َأثِ َم وفاق ًا.
وال يأثم املخطئ عىل األصح ،ومتى ّ
~ ~ 81
مسألة :ال ين َقض احلكم يف االجتهاديات وفاق ًا ،فإن خالف نص ًا ،أو ظاهر ًا
جلي ًا ولو قياس ًا ،أو حكم بخالف اجتهاده ،أو حكم بخالف نص إمامه
غريه حيث جيوز ،نقض.
غري مقلد َ
َ
فاألصح حتريمها عليه ،وكذا املق ّلد
ي ولو تزوج بغري ول ،ثم تغري اجتهاده
يتغري اجتهاد إ ِ
مامه.
ومن تغري اجتهاده أع َل َم املستفتي ليكف ،وال ين َقض معموله ،وال يضمن
املت َل َ
ف إن تغري اجتهاده ،ال لقاطع.
مسألة :جيوز أن يقال لنبي أو عامل :احكم بام تشاء فهو صواب ،ويكون
درك ًا رشعي ًا ،ويسمى التفويض ،وتردد الشافعي ،قيل :يف اجلواز ،وقيل:
م َ
يف الوقوع ،وقال ابن السمعاين :جيوز للنبي دون العامل ،ثم املختار :مل يقع.
ويف تعليق األمر باختيار املأمور ترد ٌّد.
مسألة :التقليد أخذ القول من غري معرفة دليله.
غري املجتهد ،وقيل :برشط تبني صحة اجتهاده.
و َيلزم َ
ومنع األستاذ التقليدَ يف القواطع ،وقيل :ال يقلد عامل وإن مل يكن جمتهد ًا.
ظان احلكم باجتهاده فيحرم عليه التقليد ،وكذلك املجتهد عند األكثر،
أما ي
وثالثها :جيوز للقايض ،ورابعها :جيوز تقليد األعلم ،وخامسها :عند ضيق
خيصه.
الوقت ،وسادسها :فيام ّ
~ ~ 82
إذا تكررت الواقعة وجتدد ما يقتض الرجوع ،ومل يكن ذاكر ًا للدليل األول
وجب عليه جتديد النظر قطع ًا ،وكذا إن مل يتجدد ،ال إن كان ذاكر ًا.
َ
وكذا العامي يستفتي ،ولو مقلدَ ميت ،ثم تقع له تلك احلادثة هل يعيد
السؤال؟
ال أو ِ
ملعتقده فاض ً مسألة :تقليد املفضول أقوال ،ثالثها :املختار جيوز
مساوي ًا ،ومن ثم مل جيب البحث عن األرجح ،فإن اعتقد رجحان واحد
تعني.
منهم ّ
والراجح عل ًام فوق الراجح َ
ورع ًا يف األصح.
وجيوز تقليد امليت ،خالف ًا لإلمام ،وثالثها :إن فقد احلي ،ورابعها :قال
اهلندي :إن نقله عنه جمتهد يف مذهبه.
وجيوز استفتاء من عرف باألهلية ،أو ظن باشتهاره بالعلم والعدالة،
وانتصابِه والناس مستفتون له ،ولو قاضي ًا –وقيل :ال يفتي قاض يف
ِ
املجهول. املعامالت -ال
األصح وجوب البحث عن علمه ،واالكتفاء بظاهر العدالة ،وبخرب
ي و
الواحد.
ثم عليه بيانه إن مل يكن خفي ًا.
وللعامي سؤاله عن مأخذه اسرتشاد ًاّ ،
~ ~ 83
مسألة :جيوز للقادر عىل التفريع والرتجيح -وإن مل يكن جمتهد ًا -االفتاء
ِ
بمذهب جمتهد اطلع عىل مأخذه واعتقده ،وثالثها :عند عدم املجتهد،
ورابعها :وإن مل يكن قادر ًا ؛ ألنه ناقل.
خلو الزمان عن جمتهد ،خالفاً للحنابلة مطلق ًا ،والبن دقيق العيد ما
وجيوز ي
يتداع الزمان بتزلزل القواعد ،واملختار :مل يثبت وقوعه.
َ مل
ِ
بقول جمتهد فليس له الرجوع عنه ،وقيل :يلزمه العمل وإذا عمل العامي
بمجرد االفتاء ،وقيل :بالرشوع يف العمل ،وقيل :إن التزمه ،وقال
السمعاين :إن وقع يف نفسه صحته ،وقال ابن الصالح :إن مل يوجد مفت
واألصح جوازه يف حكم آخر.
ي ختري بينهام،
آخر ،فإن وجد ّ
وأنه جيب التزام مذهب معني يعتقده أرج َح ،أو مساوي ًا ،ثم ينبغي السعي
يف اعتقاده أرجح.
ثم يف خروجه عنه أقوال ،ثالثها :ال جيوز يف بعض املسائل.
ِ
الرخص ،وخالف أبو اسحق املروزي. واألصح :أ ّنه يمتنع تتبع
خامتة
كالمه آذان ًا ّ ً
صام ،اآليت من أحاسن ِ
املسمع وقد تم مجع اجلوام ِع ِعل ًام،
َ
املحاسن بام ينظره األعمىَ ،جمموع ًا مجوع ًا ،وموضوع ًا ،ال مقطوع ًا فضله
وال ممنوع ًا ،ومرفوعاً عن مهم الزمان مدفوع ًا ،فعليك بحفظ عباراته ،ال
~ ~ 84
غريه ،وإياك أن تبادر بإنكار يشء قبل التأمل والفكرة،
سيام ما خالف فيها َ
مكان اختصاره ففي كل َذ ّرة منه د ّرة ،فربام ذكرنا األدلة يف
وأن تظن إ َ
بعض األحايني ،إما لكوهنا مقرر ًة يف مشاهري الكتب عىل وجه ال َيبني ،أو
لغرابة ،أو غري ذلك مما يستخرجه النظر املتني ،وربام أفصحنا بذكر أرباب
األقوالِ ،
فحسبه الغبي تطويالً يؤدي إىل املَالل ،وما درى أنا إنام فعلنا ذلك
لغرض تتحرك له اهلمم ال َعوال ،فربام مل يكن القول مشهور ًا عمن ذكرناه،
أو كان قد عزي إليه عىل الوهم سواه ،أو غري ذلك مما يظهره التأمل ملن
اختصار هذا الكتاب متعذر ،و َرو َم
َ استعمل قواه ،بحيث إنا جازمون بأن
النقصان منه متعس ،اللهم إال أن يأيت رجل مبذر مبرت.
فدو َنك خمترص ًا بأنواع املحامد حقيق ًا ،وأصناف املحاسن خليق ًا.
جعلنا اهلل به مع الذين أنعم اهلل عليهم من النبيني والصديقني والشهداء
والصاحلني وحسن أولئك رفيق ًا ،وحسبنا اهلل ونعم الوكيل ،واحلمد هلل
وحده.
قال املصنف رمحه اهلل تعاىل :وكان متام بياضه يف أخريات ليله حادي عرش
ذي احلجة احلرام ،سن َة ستني وسبعامئة ،بمنزل بالدّ هشة ،من أرض املزة،
ِ
املحروس. ظاهر ِد َ
مشق َ
قلت :وكان متام ضبطه يوم االثنني 9172/7/92م ،الساعة 71صباح ًا،
بغداد.
~ ~ 85