You are on page 1of 2

‫األعمال بالنيات ‪ :‬تفسير " إَّن َم ا اَألْع َم اُل بالِّن َّي اِت‪ ،‬وإَّن َم ا ِلُك ِّل اْم ِر ٍئ‬

‫َم ا َن َو ى"‬
‫قاَل َص َّلى ُهللا علْي ِه َو َس َّلَم ((إَّن َم ا اَألْع َم اُل بالِّن َّي اِت‪ ،‬وإَّن َم ا ِلُك ِّل اْم ِر ٍئ َم ا َن َو ى‪.‬‬
‫تعريف النية ‪:‬‬
‫لغة ‪ :‬النية مصدر نوى الشيء ينويه نية ونواه ‪ ،‬وأص لها ِنْو َي ة على وزن فعل ة ‪ ،‬اجتمعت‬
‫الواو والياء ‪ ،‬وسبقت إحداهما بالس كون ‪ ،‬فقلبت ال واو ياًء ‪ ،‬وأدغمت في الياء ‪ ،‬فص ارت‬
‫"نية" ومعناها ‪ :‬العزم على الشيء ‪ ،‬يقال ‪ :‬نويت نية أي عزمت‪.‬‬
‫اصطالحا ‪ :‬النية لها معنيان ‪ ،‬معنى عام و معنى خاص ‪.‬‬
‫‪ - 1‬النية بمعناها العام ‪ :‬ذكر السيوطي في تعريفه للنية ‪ ،‬النية ‪ :‬عبارة عن انبعاث القلب‬
‫نحو ما يراه موافقًا من جلب نفع أو دفع ضر ‪ ،‬ح اًال أو م آًال ‪ ،‬و الش رع خصص ه ب اإلرادة‬
‫المتوجهة نحو الفعل البتغاء رضا هللا تعالى و امتثال حكمه‪.‬‬
‫‪ - 2‬النية بمعناها الخاص ‪ :‬و هو قصد الطاعة و التقرب إلى هللا سبحانه و تعالى‪.‬‬
‫الِّن َّي ُة َلَه ا َمْر َت َب َت اِن ‪:‬‬
‫ِإْح َداُه َم ا‪َ :‬ت ْم ييُز الع ادِة عِن العب ادِة‪ ،‬وذل َك َأَّن الَّص ْو َم َم َثًال ه َو ت رُك الَّط ع اِم والَّش راِب‬
‫ونحِو ِهَم ا‪ ،‬ولكْن تارًة يترُك ُه اإلنساُن عادًة مْن غْي ِر نَّيِة الَّت قُّر ِب إلى ِهللا في هَذ ا الَّت ْر ِك ‪ ،‬وت ارًة‬
‫يكوُن عبادًة‪ ،‬فال ُبَّد ِمَن الَّت ْمييِز بيَن ُهَم ا‪.‬‬
‫الَّث اني‪ :‬تمييُز العب اداِت بعُض َه ا مْن بْع ٍض ‪ ،‬فبعُض َه ا ف رُض عْي ٍن ‪ ،‬وبعُض َه ا ف رُض ِكفايٍة‪،‬‬
‫وبعُضها راتبٌة َأْو وتٌر‪ ،‬وبعُض َه ا سنٌن مطلقٌة ‪ ،‬فال ُبَّد ِمَن الَّت ْمييِز ‪.‬‬
‫َو ِمْن مراِتِب الِّن َّي ِة‪:‬‬
‫اِإلخالُص ‪ :‬وهَو قْد ٌر زائٌد على مجَّر ِد نَّيِة العمِل ‪ ،‬فال ُب َّد مْن نَّي ِة َن ْف ِس العم ِل والَم ْع ُم وِل ل ُه‪،‬‬
‫وهَذ ا هَو اإلخالُص ‪ ،‬وهَو ‪َ :‬أْن َي ْق ِص َد الَع ْب ُد بعمِلِه َو ْج َه ِهللا‪َ ،‬ال ُيِر يُد غيَر ُه‪.‬‬
‫فِم ْن أمثل ِة ه ِذِه القاع دِة‪ :‬العب اداُت كُّلَه ا‪ ،‬كالَّص الِة فرِض َه ا ونفِلَه ا‪ ،‬والَّز ك اِة‪ ،‬والَّص ْو ِم‬
‫واالعتكاِف ‪ ،‬والحِّج‪ ،‬والعمرِة‪ ،‬فرِض الُك ِّل وَن ْف ِلِه‪ ،‬واَألضاحي والَه ْد ِي‪ ،‬والُّن ذوِر والكَّف اراِت‪،‬‬
‫والجهاِد‪ ،‬والعتِق ‪ ،‬والَّت دبيِر ‪.‬‬
‫وُيَقاُل‪ :‬بْل يْس ري هَذ ا إلى ساِئِر الُمباحاِت‪ :‬إَذ ا نوى بَه ا الَّت َق ِّو َي على طاع ِة ِهللا‪َ ،‬أِو الَّت َو ُّص َل‬
‫إلْي َه ا كاَألْك ِل والُّش ْر ِب‪ ،‬والَّن ْو ِم ‪ ،‬واكتساِب الماِل ‪ ،‬والِّن كاِح ‪ ،‬وال وطِء فيِه وفي اَألَم ِة‪ ،‬إَذ ا ُقِص َد‬
‫بِه اإلعفاُف ‪َ ،‬أْو تحصيُل الولِد الَّصالِح ‪ ،‬أْو تكثيُر اُألَّمِة‪.‬‬
‫َو ها ُه َن ا معنًى ينبغي التنُّبُه لُه‪ ،‬وذلَك أَّن اَّلذي ُيَخ اَط ُب ِبِه العْب ُد نوعاِن ‪:‬‬
‫‪ -‬أمٌر مقصوٌد فعُلُه‪.‬‬
‫‪ -‬وأمٌر مقصوٌد ترُك ُه‪.‬‬
‫‪ -‬فَأَّم ا‪ :‬الم ْأموُر ب ِه‪ :‬فال ُب َّد فيِه ِمَن الِّن َّي ِة‪ ،‬فهَي َش ْر ٌط في ِص َّح ِتِه‪ ،‬وحص وِل الَّث واِب ب ِه‪،‬‬
‫كالَّصالِة ونحِو َه ا‪.‬‬
‫َأ‬ ‫َّث‬
‫‪ -‬وأَّما‪َ :‬م ا ُيْق َص ُد َت ْر ُك ُه‪ :‬كإزالِة الَّن َج اَس ِة في ال ْو ِب‪ ،‬والَب َد ِن ‪ ،‬والُب َع ِة‪ ،‬وك داِء الُّد ُيوِن الواجبِة‪.‬‬
‫ْق‬
‫‪ -‬فأَّما‪ :‬براَء ُة الِّذ َّمِة مَن الَّن جاس ِة إذا أزاله ا وال ُّد يوِن إذا قض اها‪ ،‬فَال ُيْش َت َر ُط لَه ا نَّي ُة إب راِء‬
‫الِّذ َّمِة‪َ ،‬و َلْو لْم َي ْن ِو ‪.‬‬
‫‪َ -‬و َأَّما‪ُ :‬حصوُل الَّث واِب َع لْي َه ا فَال ُبَّد فيِه مْن ِنَّيِة الَّت َقُّر ِب إلى ِهللا في هَذ ا‪ ،‬وُهللا أعلُم‪.‬‬
‫الفرق بين النية والقصد والعزم واإلرادة واالختيار‬
‫وذهب فريق من العلماء إلى تعريف النية بالعزم والقصد ‪ ،‬فقيل ‪ " :‬النية القص د إلى الش يء‬
‫والعزيمة على فعله "‪.‬‬
‫و عرف العزم بأنه عقد القلب على إمضاء األمر‪.‬‬
‫يقال عزمت األمر و عزمت عليه و اعتزمت ‪ ،‬قال تعالى ‪{ :‬ف إذا ع زمت فتوك ل على هللا }‬
‫(آل عمران‪ ،)195 :‬وأيضًا ‪{ :‬و ال تعزموا عقدة النكاح } (البقرة‪ .)235 :‬أم ا القص د فه و‬
‫إتيان الشيء ‪ ،‬فتقول ‪ :‬قصدته و قصدت له و قصدت إليه بمعنى ‪ ،‬و قصدت قص ده نح وت‬
‫نحوه‪ ،‬المقصد بالفتح موضع القصد و المقصد بالكسر يقال إلى مقصدي و جه تي‪ .‬القص د ‪:‬‬
‫االعتماد و األم‪.‬‬
‫وحقيقة النية ‪:‬ربط القصد بمقص ود معين ‪ ،‬والمش هور أنه ا مطل ق القص د إلى الفع ل ‪ ،‬ق ال‬
‫الماوردي ‪ :‬هي قصد الشيء مقترنًا بفعله ‪ ،‬فإن قصده وتراخى عنه فهو عزم‪.‬‬
‫وخّص إمام الحرمين العزم بالفعل المستقبل ‪ ،‬والقصد بالفعل الحاض ر المتحق ق ‪ ،‬يق ول في‬
‫ذلك ‪ " :‬النية إن تعلقت بفع ل مس تقبل فهي ع زم ‪ ،‬وإن تعلقت بفع ل حاض ر س ميت قص دًا‬
‫تحقيقيًا "‪.‬‬
‫حكم النية ‪:‬‬
‫النية عب ادة مش روعة ‪ ،‬وق د اختل ف في كونه ا ركنًا أو ش رطًا ‪ ،‬أو هي ركن في بعض‬
‫العبادات شرط في غيرها ‪.‬‬
‫النية في العبادة المقصودة كالصالة والحج والصوم ركن من أركانها فال تصح إال بها وأم ا‬
‫م ا ك ان وس يلة كالوض وء والغس ل ‪ ،‬فق الت الحنفية ‪ :‬هي ش رط كم ال فيه ا لتحص يل‬
‫الثواب وقالت الشافعية وغيرهم ‪ :‬هي شرط صحة أيضًا ‪ ،‬فال تصح الوسائل إال بها‪.‬‬

You might also like