You are on page 1of 16

‫العقيدة الطحاوية‬

‫أليب جعفر أمحد بن حممد الطحاوي رمحه الل‬


‫املتوىف ‪321‬ـه‬
‫قال العالمة حجة اإلسالم‬
‫أبو جعفر الوراق الطحاوي‬
‫بمرص رمحه الل‬

‫هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة واجلماعة ىلع مذهب فقهاء أهل امللة‬
‫أيب حنيفة انلعمان بن ثابت الكويف‪ ،‬وأيب يوسف يعقوب بن إبراهيم‬
‫األنصاري‪ ،‬وأيب عبد اهلل حممد بن احلسن الشيباين رضوان اهلل عليهم‬
‫أمجعني‪ ،‬وما يعتقدون من أصول ادلين‪ ،‬ويدينون به رب العاملني‪:‬‬

‫نقول يف توحيد اهلل معتقدين بتوفيق اهلل‪:‬‬

‫إن اهلل واحد ال رشيك هل‪.‬‬

‫وال يشء يعجزه‪.‬‬

‫وال هلإ غريه‪.‬‬

‫قديم بال ابتداء‪.‬‬

‫دائم بال انتهاء‪.‬‬

‫ال يفىن وال يبيد‪.‬‬


‫وال يكون إال ما يريد‪.‬‬

‫ال تبلغه األوهام‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وال تدركه األفهام‪.‬‬

‫وال يشبه األنام‪.‬‬

‫يح ال يموت‪.‬‬

‫قيوم ال ينام‪.‬‬

‫خالق بال حاجة‪.‬‬

‫رازق بال مؤنة‪.‬‬

‫مميت بال خمافة‪.‬‬

‫باعث بال مشقة‪.‬‬

‫ما زال بصفاته قديما قبل خلقه‪.‬‬

‫لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته‪.‬‬

‫أزلا كذلك ال يزال عليها أبدييا‪.‬‬


‫وكما اكن بصفاته ي‬

‫ليس بعد خلق اخللق استفاد اسم اخلالق‪.‬‬

‫وال بإحداث الربية استفاد اسم ابلاري‪.‬‬

‫هل معىن الربوبية وال مربوب‪.‬‬

‫ومعىن اخلالق وال خملوق‪.‬‬

‫وكما أنه حميي املوىت بعد ما أحيا‪ ،‬استحق هذا االسم قبل إحيائهم‪،‬‬
‫كذلك استحق اسم اخلالق قبل إنشائهم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ذلك بأنه ىلع لك يشء قدير‪ ،‬ولك يشء إله فقري‪ ،‬ولك أمر عليه يسري‪.‬‬

‫ال حيتاج إىل يشء ﴿ليس كمثله يشء وـهو السميع ابلصري﴾ [الشورى‪:‬‬
‫‪.]11‬‬
‫َخَ‬
‫خلق اخللق بعلمه‪ ،‬وقدر هلم أقدارا‪ ،‬ورضب هلم آجاال‪ ،‬ولم يف عليه‬
‫يشء قبل أن يلقهم‪ ،‬وعلم ما هم اعملون قبل أن يلقهم‪.‬‬

‫أمرهم بطاعته‪ ،‬ونهاهم عن معصيته‪.‬‬

‫ولك يشء جيري بتقديره ومشيئته‪ ،‬ومشيئته تنفذ‪ ،‬ال مشيئة للعباد إال‬
‫ما شاء هلم‪ ،‬فما شاء اكن وما لم يشأ لم يكن‪.‬‬

‫يهدي من يشاء‪ ،‬ويعصم ويعايف فضال‪ ،‬ويضل من يشاء‪ ،‬ويذل ويبتيل‬


‫عدال‪ ،‬ولكهم متقلبون يف مشيئته‪ ،‬بني فضله وعدهل‪.‬‬

‫وهو متعال عن األضداد واألنداد‪.‬‬

‫ال راد لقضائه وال معقب حلكمه وال اغلب ألمره‪.‬‬


‫ي‬ ‫ل‬
‫آمنا بذلك كه وأيقنا أن ّلك من عنده‪.‬‬

‫وإن حممدا عبده املصطف‪ ،‬ونبيه املجتىب‪ ،‬ورسوهل املرتىض‪.‬‬

‫وأنه خاتم األنبياء‪ ،‬وإمام األتقياء‪ ،‬وسيد املرسلني‪ ،‬وحبيب رب‬


‫العاملني‪.‬‬
‫ولك دعوى انلبوة بعده َف َ ي‬
‫غ وهوى‪ ،‬وهو املبعوث إىل اعمة اجلن واكفة‬
‫الورى‪ ،‬باحلق واهلدى‪ ،‬وبانلور والضياء‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫وإن القرآن ّلكم اهلل‪ ،‬منه بدا‪ ،‬بال كيفية قوال‪ ،‬وأنزهل ىلع رسوهل وحيا‪،‬‬
‫ي‬
‫وصدقه املؤمنون ىلع ذلك حقا‪ ،‬وأيقنوا أنه ّلكم اهلل تعاىل باحلقيقة‪ ،‬ليس‬
‫بمخلوق كالكم الربية‪.‬‬

‫فمن سمعه فزعم أنه ّلكم البرش فقد كفر‪ ،‬وقد ذمه اهلل واعبه‬
‫وأوعده بسقر‪ ،‬حيث قال تعاىل‪﴿ :‬سأصليه سقر﴾ [املدثر‪ ،]26 :‬فلما أوعد‬
‫اهلل بسقر ملن قال‪﴿ :‬إن ـهذا إال قول البرش﴾ [املدثر‪ ،]25 :‬علمنا وأيقنا أنه‬
‫قول خالق البرش‪ ،‬وال يشبه قول البرش‪.‬‬

‫ومن وصف اهلل بمعىن من معاين البرش فقد كفر‪.‬‬


‫خ‬
‫فمن أبرص هذا اعترب‪ ،‬وعن مثل قول الكفار انزجر‪ ،‬وعلم أنه بصفاته‬
‫ليس اكلبرش‪.‬‬
‫والرؤية حق ألهل اجلنة بغري إحاطة وال كيفية كما نطق به كتاب ل‬
‫ربنا‪:‬‬
‫﴿وجوه يومئذ نارضة‪ ،‬إىل ربها ناظرة﴾ [القيامة‪ ،]23-22 :‬وتفسريه ىلع ما‬
‫أراده اهلل تعاىل وعلمه‪ ،‬ولك ما جاء يف ذلك من احلديث الصحيح عن‬
‫الرسول صىل اهلل عليه وسلم فهو كما قال‪ ،‬ومعناه ىلع ما أراد‪ ،‬ال ندخل يف‬
‫ّ‬ ‫ل‬
‫ذلك متأولني بآرائنا‪ ،‬وال متَ َوهمني بأهوائنا‪ ،‬فإنه ما سلم يف دينه إال َمن سلم‬
‫َ‬
‫علم ما اشتبه عليه إىل‬ ‫هلل عز وجل ولرسوهل صىل اهلل عليه وسلم‪َ ،‬‬
‫ورد‬
‫اعلمه‪.‬‬
‫وال تَثخب خ‬
‫ت قَ َدم اإلسالم إال ىلع َظ خهر التسليم واالستسالم‪َ ،‬‬
‫فمن رام علم‬
‫ما حظر عنه علمه‪ ،‬ولم يقنع بالتسليم فهمه‪ ،‬حجبه مرامه عن خالص‬

‫‪6‬‬
‫اتلوحيد‪ ،‬وصايف املعرفة‪ ،‬وصحيح اإليمان‪ ،‬فيتذبذب بني الكفر واإليمان‪،‬‬
‫ي‬
‫واتلصديق واتلكذيب‪ ،‬واإلقرار واإلنكار‪ ،‬موسوسا تائها شااك ال مؤمنا‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫مصدقا وال جاحدا مكذبا‪.‬‬

‫وال يصح اإليمان بالرؤية ألهل دار السالم ملن اعتربها منهم بوهم‪ ،‬أو‬
‫تأوهلا بفهم‪ ،‬إذ اكن تأويل الرؤية وتأويل لك معىن يضاف إىل الربوبية برتك‬
‫اتلأويل ولزوم التسليم‪ ،‬وعليه دين املسلمني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ومن لم يتوق انليف والتشبيه‪ ،‬زل ولم يصب اتلزنيه‪ ،‬فإن ربنا جل وعال‬
‫موصوف بصفات الوحدانية‪ ،‬منعوت بنعوت الفردانية‪ ،‬ليس يف معناه أحد‬
‫من الربية‪.‬‬

‫وتعاىل اهلل عن احلدود والغايات‪ ،‬واألراكن واألعضاء واألدوات‪ ،‬ال‬


‫حتويه اجلهات الست‬

‫كسائر املبتداعت‪.‬‬

‫واملعراج حق‪ ،‬وقد أرسي بانليب صىل اهلل عليه وسلم بشخصه يف‬
‫القظة إىل السماء‪ ،‬ثم إىل حيث شاء اهلل من العال‪ ،‬وأكرمه اهلل بما شاء‪،‬‬
‫وأوىح إله ما أوىح‪﴿ :‬ما كذب الفؤاد ما رأى﴾ [انلجم‪ ،]11 :‬فصىل اهلل‬
‫عليه وسلم يف اآلخرة واألوىل‪.‬‬

‫واحلوض اذلي أكرمه اهلل تعاىل به غياثا ألمته حق‪.‬‬

‫والشفاعة اليت ادخرها هلم حق‪ ،‬كما روي يف األخبار‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وامليثاق اذلي أخذه اهلل تعاىل من آدم وذريته حق‪.‬‬

‫وقد علم اهلل تعاىل فيما لم يزل عدد َمن يدخل اجلنة‪ ،‬وعدد َمن يدخل‬
‫انلار مجلة واحدة‪ ،‬فال يزاد يف ذلك العدد وال ينقص منه‪.‬‬

‫وكذلك أفعاهلم فيما علم منهم أن يفعلوه‪ ،‬ولك ميرس ملا خلق هل‪.‬‬

‫واألعمال باخلواتيم‪.‬‬

‫والسعيد من سعد بقضاء اهلل‪ ،‬والشيق من شيق بقضاء اهلل‪.‬‬


‫َ‬
‫وأصل القدر رس اهلل تعاىل يف خلقه‪ ،‬لم يطلع ىلع ذلك َملك مقرب وال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬
‫واتلعمق وانلظر يف ذلك ذريعة للخذالن‪ ،‬وسلم للحرمان‪،‬‬ ‫نيب مرسل‪،‬‬
‫خ‬ ‫ََ‬
‫ودرجة الطغيان‪ ،‬فاحلذر لك احلذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة‪ ،‬فإن اهلل‬
‫تعاىل طوى علم القدر عن أنامه‪ ،‬ونهاهم عن مرامه‪ ،‬كما قال تعاىل يف‬
‫كتابه‪﴿ :‬ال يُسأل عما يفعل وـهم يُسألون﴾ [األنبياء‪َ ،]23 :‬‬
‫فمن سأل‪ :‬ل َم فعل؟‬
‫فقد رد حكم الكتاب‪َ ،‬‬
‫ومن رد حكم الكتاب اكن من الاكفرين‪.‬‬

‫فهذا مجلة ما حيتاج إله من هو منور قلبه من أولاء اهلل تعاىل‪ ،‬ويه‬
‫درجة الراسخني يف العلم‪ ،‬ألن العلم علمان‪ ،‬علم يف اخللق موجود‪ ،‬وعلم يف‬
‫اخللق مفقود‪ ،‬فإنكار العلم املوجود كفر‪ ،‬واداعء العلم املفقود كفر‪ ،‬وال‬
‫يثبت اإليمان إال بقبول العلم املوجود وترك طلب العلم املفقود‪.‬‬

‫ونؤمن باللوح والقلم وجبميع ما فيه قد رقم‪ ،‬فلو اجتمع اخللق كهم‬
‫ىلع يشء لم يكتبه اهلل تعاىل فيه لجعلوه اكئنا لم يقدروا عليه‪َ ،‬جف القلم‬
‫َ‬
‫العبد لم يكن لصيبه‪ ،‬وما أصابه لم‬ ‫بما هو اكئن إىل يوم القيامة‪ ،‬وما أخطأ‬
‫‪8‬‬
‫يكن لخطئه‪.‬‬

‫وىلع العبد أن يعلم أن اهلل قد َسبَ َق يف لك اكئن من خلقه‪ ،‬فقدر ذلك‬


‫تقديرا حمكما مربما‪ ،‬ليس فيه ناقض وال معقب‪ ،‬وال مزيل وال مغري‪ ،‬وال‬
‫ناقص وال زائد من خلقه يف سماواته وأرضه‪ ،‬وذلك من عقد اإليمان‬
‫وأصول املعرفة واالعرتاف بتوحيد اهلل تعاىل وبربوبيته‪ ،‬كما قال تعاىل يف‬
‫كتابه‪﴿ :‬وخلق لك يشء فقدره تقديرا﴾ [الفرقان‪ ،]2:‬وقال تعاىل‪﴿ :‬واكن أمر‬
‫الل قدرا مقدورا﴾ [األحزاب‪.]38:‬‬

‫فويل ملن صار هلل تعاىل يف القدر خصيما‪ ،‬وأحرض للنظر فيه قلبا‬
‫سقيما‪ ،‬لقد اتلمس بوهمه يف فحص الغيب ي‬
‫رسا كتيما‪ ،‬واعد بما قال فيه‬
‫ّ‬
‫أفااك أثيما‪.‬‬

‫والعرش والكرس حق‪ ،‬وهو مستغن عن العرش وما دونه‪ ،‬حميط بكل‬
‫يشء وفوقه‪ ،‬وقد أعجز عن اإلحاطة خلقه‪.‬‬
‫ّ‬
‫ونقول إن اهلل اختذ إبراهيم خليال‪ ،‬ولكم موىس تكليما‪ ،‬إيمانا‬
‫وتصديقا وتسليما‪.‬‬

‫ونؤمن بانلبيني والكتب املزنلة ىلع املرسلني‪ ،‬ونشهد أنهم اكنوا ىلع‬
‫احلق املبني‪.‬‬
‫ّ‬
‫ونسم أهل قبلتنا مسلمني مؤمنني ما داموا بما جاء به انليب عليه‬
‫الصالة والسالم معرتفني‪ ،‬وهل بكل ما قال وأخرب مصدقني غري مكذبني‪.‬‬

‫وال خنوض يف اهلل‪ ،‬وال نماري يف دين اهلل تعاىل‪.‬‬


‫‪9‬‬
‫وال جنادل يف القرآن‪ ،‬ونعلم أنه ّلكم رب العاملني‪ ،‬نزل به الروح األمني‪،‬‬
‫فعلمه سيد املرسلني‪ ،‬حممدا صىل اهلل عليه وىلع آهل وصحبه أمجعني‪ ،‬والكم‬
‫اهلل تعاىل ال يساويه يشء من ّلكم املخلوقني‪.‬‬

‫وال نقول خبلق القرآن وال خنالف مجاعة املسلمني‪.‬‬

‫وال نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله‪ ،‬وال نقول ال يرض‬
‫مع اإلسالم ذنب ملن عمله‪.‬‬

‫ونرجو للمحسنني من املؤمنني أن يعفو عنهم ويدخلهم اجلنة برمحته‪،‬‬


‫وال نأمن عليهم‪ ،‬وال نشهد هلم باجلنة‪ ،‬ونستغفر ملسيئيهم‪ ،‬وخناف عليهم‪،‬‬
‫ّ‬
‫وال نقنطهم‪ ،‬واألمن واإلياس ينقالن عن امللة‪ ،‬وسبيل احلق بينهما ألهل‬
‫القبلة‪.‬‬

‫وال يرج العبد من اإليمان إال جبحود ما أدخله فيه‪.‬‬

‫واإليمان هو اإلقرار باللسان واتلصديق باجلنان‪ ،‬وأن مجيع ما أنزل اهلل‬


‫يف القرآن ومجيع ما صح عن انليب صىل اهلل عليه وسلم من الرشع وابليان‬
‫كه حق‪.‬‬

‫واإليمان واحد وأهله يف أصله سواء‪ ،‬واتلفاضل بينهم باتلقوى وخمالفة‬


‫اهلوى‪.‬‬

‫واملؤمنون كهم أولاء الرمحن‪ ،‬وأكرمهم وأطوعهم وأتبعهم للقرآن‪.‬‬

‫واإليمان هو اإليمان باهلل ومالئكته وكتبه ورسله والوم اآلخر‬

‫‪10‬‬
‫وابلعث بعد املوت والقدر خريه ورشه حلوه ومره من اهلل تعاىل‪.‬‬
‫وحنن مؤمنون بذلك كه‪ ،‬وال ل‬
‫نفرق بني أحد من رسله‪ ،‬ونصدقهم كهم‬
‫ىلع ما جاؤوا به‪.‬‬

‫وأهل الكبائر من أمة حممد صىل اهلل عليه وسلم يف انلار ال يدلون إذا‬
‫ماتوا وهم موحدون وإن لم يكونوا تائبني‪ ،‬بعد أن لقوا اهلل اعرفني مؤمنني‪،‬‬
‫وهم يف مشيئة اهلل وحكمه إن شاء غفر هلم وعفا عنهم بفضله كما قال اهلل‬
‫تعاىل يف كتابه العزيز‪﴿ :‬إن الل ال يغفر أن يرشك به ويغفر ما دون ذلك ملن‬
‫يشاء﴾ [النساء‪ ،]48 :‬وإن شاء عذبهم بقدر جنايتهم بعدهل‪ ،‬ثم يرجهم منها‬
‫برمحته وشفاعة الشافعني من أهل طاعته‪ ،‬ثم يبعثهم إىل جنته‪ ،‬وذلك بأن‬
‫اهلل موىل أهل معرفته ولم جيعلهم يف ادلارين كأهل نكرته‪ ،‬اذلين خابوا‬
‫من هديته ولم ينالوا من واليته‪.‬‬

‫امهلل يا ويل اإلسالم وأهله َم لسكنا باإلسالم حىت نلقاك به‪.‬‬


‫ل‬
‫ونرى الصالة خلف لك بَر وفاجر من أهل القبلة‪ ،‬ونصيل ىلع من مات‬
‫منهم‪ ،‬وال نزنل أحدا منهم جنة وال نارا‪ ،‬وال نشهد عليهم بكفر وال رشك‬
‫ََ‬
‫َ‬
‫رسائرهم إىل اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫وال نفاق ما لم يظهر منهم من ذلك يشء‪ ،‬ونذ َر‬

‫وال نرى السيف ىلع أحد من أمة حممد صىل اهلل عليه وسلم إال من‬
‫وجب عليه السيف‪.‬‬

‫وال نرى اخلروج ىلع أئمتنا ووالة أمورنا وإن جاروا‪ ،‬وال ندعو ىلع أحد‬
‫منهم‪ ،‬وال نزنع يدا من طاعتهم‪ ،‬ونرى طاعتهم من طاعة اهلل تعاىل فريضة‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫ما لم يأمروا بمعصية‪ ،‬وندعو هلم بالصالح واملعافاة‪.‬‬

‫ونتبع السنة واجلماعة‪ ،‬وجنتنب الشذوذ واخلالف والفرقة‪ ،‬وحنب أهل‬


‫العدل واألمانة ونبغض أهل اجلور واخليانة‪.‬‬

‫ونقول‪ :‬اهلل أعلم‪ ،‬فيما اشتبه علينا علمه‪.‬‬

‫ونرى املسح ىلع اخلفني يف السفر واحلرض‪ ،‬كما جاء يف األثر‪.‬‬

‫واحلج واجلهاد فرضان ماضيان مع أويل األمر من أئمة املسلمني برهم‬


‫وفاجرهم‪ ،‬ال يبطلهما يشء وال ينقضهما‪.‬‬

‫ونؤمن بالكرام الاكتبني وأن اهلل قد جعلهم حافظني‪.‬‬

‫ونؤمن بملك املوت املولك بقبض أرواح العاملني‪.‬‬

‫وبعذاب القرب ملن اكن هل أهال‪.‬‬

‫وبسؤال منكر ونكري للميت يف قربه عن ربه ودينه ونبيه‪ ،‬ىلع ما‬
‫جاءت به األخبار عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم وعن الصحابة ريض‬
‫اهلل عنهم أمجعني‪.‬‬

‫والقرب روضة من رياض اجلنة أو حفرة من حفر انلار‪.‬‬

‫ونؤمن بابلعث وجبزاء األعمال يوم القيامة‪ ،‬والعرض واحلساب وقراءة‬


‫الكتاب واثلواب والعقاب والرصاط‪.‬‬
‫ل‬
‫والرش والطاعة واملعصية‪.‬‬ ‫واملزيان يوزن به أعمال املؤمنني من اخلري‬

‫‪12‬‬
‫واجلنة وانلار خملوقتان ال يفنيان وال يبيدان‪.‬‬

‫وإن اهلل خلق اجلنة وانلار وخلق هلما أهال‪ ،‬فمن شاء إىل اجلنة أدخله‬
‫فضال منه‪ ،‬ومن شاء منهم إىل انلار أدخله عدال منه‪ ،‬ولك يعمل ملا قد فرغ‬
‫منه‪ ،‬وصائر إىل ما خلق هل‪ ،‬واخلري والرش مقدران ىلع العباد‪.‬‬

‫واالستطاعة اليت جيب بها الفعل من حنو اتلوفيق اذلي ال جيوز أن‬
‫يوصف املخلوق به فيه مع الفعل‪ ،‬وأما االستطاعة من جهة الصحة والوسع‬
‫واتلمكن وسالمة اآلالت فيه قبل الفعل‪ ،‬وبها يتعلق اخلطاب وهو كما‬
‫قال اهلل تعاىل‪﴿ :‬ال يكلف الل نفسا إال وسعها﴾ [ابلقرة‪.]286 :‬‬

‫وأفعال العباد خلق هلل وكسب من العباد‪.‬‬

‫ولم يكلفهم اهلل تعاىل إال ما يطيقون وال يطيقون إال ما كفهم‪ ،‬وهو‬
‫تفسري ﴿ال حول وال قوة إال بالل﴾‪.‬‬

‫نقول‪ :‬ال حيلة ألحد وال حركة وال حتول ألحد عن معصية اهلل إال‬
‫بمعونة اهلل‪ ،‬وال قوة ألحد ىلع إقامة طاعة اهلل واثلبات عليها إال بتوفيق‬
‫اهلل‪.‬‬

‫ولك يشء جيري بمشيئة اهلل تعاىل وعلمه وقضائه وقدره‪ ،‬غلبت‬
‫مشيئته املشيئات كها‪ ،‬وغلب قضاؤه احليل كها‪ ،‬يفعل ما يشاء وهو غري‬
‫َخ‬
‫وحني‪ ،‬وتزنه عن لك عيب وشني‪﴿ ،‬ال يسأل‬ ‫ظالم أبدا‪ ،‬تقد َس عن لك سوء‬
‫عما يفعل وـهم يسألون﴾ [األنبياء‪.]23 :‬‬

‫ويف داعء األحياء وصدقاتهم منفعة لألموات‪.‬‬


‫‪13‬‬
‫واهلل تعاىل يستجيب ادلعوات‪ ،‬ويقيض احلاجات‪ ،‬ويملك لك يشء‪ ،‬وال‬
‫يملكه يشء‪ ،‬وال غىن عن اهلل تعاىل طرفة عني‪ ،‬ومن استغىن عن اهلل طرفة‬
‫خ‬
‫عني فقد كفر وصار من أهل احلَني‪.‬‬

‫واهلل يغضب ويرىض‪ ،‬ال كأحد من الورى‪.‬‬


‫خ‬
‫وحنب أصحاب رسول اهلل صىل اهلل يلع وسلم‪ ،‬وال نفرط يف حب أحد‬
‫منهم‪ ،‬وال ّ‬
‫نتربأ من أحد منهم‪ ،‬ونبغض من يبغضهم‪ ،‬وبغري اخلري يذكرهم‪،‬‬
‫وال نذكرهم إال خبري‪ ،‬ونرى ّ‬
‫حبهم دينا وإيمانا وإحسانا‪ ،‬وبغضهم كفرا‬
‫ونفاقا وطغيانا‪.‬‬

‫ونثبت اخلالفة بعد رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم أوال أليب بكر‬
‫الصديق ريض اهلل عنه‪ ،‬تفضيال هل وتقديما ىلع مجيع األمة‪ ،‬ثم لعمر بن‬
‫اخلطاب ريض اهلل عنه‪ ،‬ثم لعثمان بن عفان ريض اهلل عنه‪ ،‬ثم لعيل بن أيب‬
‫طالب ريض اهلل عنه‪ ،‬وهم اخللفاء الراشدون واألئمة املهديون‪.‬‬

‫وأن العرشة اذلين سماهم رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم وبرشهم‬
‫باجلنة نشهد هلم باجلنة ىلع ما شهد هلم رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫ّ‬
‫ويلع وطلحة والزبري وسعد وسعيد‬ ‫وقوهل احلق‪ ،‬وهم‪ :‬أبو بكر وعمر وعثمان‬
‫وعبد الرمحن بن عوف وأبو عبيدة بن اجلراح وهو أمني هذه األمة‪ ،‬ريض اهلل‬
‫عنهم أمجعني‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ خ‬
‫وم خن أح َس َن القول يف أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم وأزواجه‬
‫خ‬ ‫ََ‬
‫الطاهرات من لك دنس‪ ،‬وذرياته املقدسني من لك رجس‪ ،‬فقد برئ من‬

‫‪14‬‬
‫انلفاق‪.‬‬

‫ومن بعدهم من اتلابعني‪ ،‬أهل اخلري‬‫وعلماء السلف من السابقني َ‬


‫خ َ َ‬
‫واألثر‪ ،‬وأهل الفقه وانلظر‪ ،‬ال يذكرون إال باجلميل ومن ذكرهم بسوء فهو‬
‫ىلع غري السبيل‪.‬‬
‫ل‬
‫وال نفضل أحدا من األولاء ىلع أحد من األنبياء عليهم السالم‪،‬‬
‫ونقول نيب واحد أفضل من مجيع األولاء‪.‬‬

‫ونؤمن بما جاء من كراماتهم وصح عن اثلقات من رواياتهم‪.‬‬

‫ونؤمن بأرشاط الساعة‪ :‬من خروج ادلجال‪ ،‬ونزول عيىس ابن مريم‬
‫عليه السالم من السماء‪ ،‬ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها‪ ،‬وخروج دابة‬
‫األرض من موضعها‪.‬‬
‫ل‬
‫وال نصدق اكهنا وال عرافا‪ ،‬وال َمن يديع شيئا يالف الكتاب والسنة‬
‫وإمجاع األمة‪.‬‬
‫ي‬
‫ونرى اجلماعة حقا وصوابا‪ ،‬والفرقة زيغا وعذابا‪.‬‬

‫ودين اهلل يف األرض والسماء واحد‪ ،‬وهو دين اإلسالم‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫﴿إن ادلين عند الل اإلسالم﴾ [آل عمران‪ ،]19 :‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ورضيت لكم‬
‫اإلسالم دينا﴾ [املائدة‪ ،]3 :‬وهو بني الغلو واتلقصري‪ ،‬وبني التشبيه واتلعطيل‪،‬‬
‫وبني اجلرب والقدر‪ ،‬وبني األمن والأس‪.‬‬

‫فهذا ديننا واعتقادنا ظاهرا وباطنا‪ ،‬وحنن برآء إىل اهلل من لك َمن‬

‫‪15‬‬
‫خالف اذلي ذكرناه وبيناه‪.‬‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ويعصمنا من‬ ‫َ‬
‫ويتم نلا به‪،‬‬ ‫ونسأل اهلل تعاىل أن يث ّبتنا ىلع اإليمان‪،‬‬
‫األهواء املختلفة‪ ،‬واآلراء املتفرقة‪ ،‬واملذاهب الردية‪ ،‬مثل املشبهة واملعزتلة‬
‫واجلهمية واجلربية والقدرية‪ ،‬وغريهم من اذلين خالفوا السنة واجلماعة‪،‬‬
‫وحالفوا الضاللة‪ ،‬وحنن منهم برآء‪ ،‬وهم عندنا ضالل وأردياء‪ ،‬وباهلل‬
‫العصمة واتلوفيق‪.‬‬

‫‪16‬‬

You might also like