You are on page 1of 32

‫كتاب‬

‫سر النور املتمكن في معنى قوله‬

‫املؤمن مرآة املؤمن‬

‫وهو الجزء الحادي‬


‫عشر من كتاب الناموس األعظم‬
‫والقاموس األقدم في معرفة‬
‫قدر النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم وبه نستعي‬

‫الول الحميد‬
‫الحمد هلل نور الوجود الباطن الذي ال يدرك عىل ظهوره يف كل ي‬
‫القريب البعيد المتفضل بمقتضيات الحقائق عىل اهل النعيم وأصحاب‬

‫شق‬
‫العذاب الشديد اآلخذ بناصية الكل اليه من كلت يديه فهذا ي‬
‫وهذا سعيد جعل محمدا صىل هللا عليه وسلم مقدم اهل الهداية اخذا‬

‫بيد الخلق ال الحق المجيد عىل طريق التق بالعلم النافع والعمل الصالح‬

‫والراي السديد واقفا بباب الوصل يدعوا اليه كل مؤمن رشيد‬

‫وجعل ابليس اللعي مقدم اهل الغواية صارفا للخلق عن الحق ال‬

‫الباطل العتيد عىل طريق الهوى بالجهل المهلك والعمل الفاسد‬

‫والراي العنيد واقفا بباب القطع كالحاجب لمنع كل منكر وشيطان‬

‫مريد قسم الخلق عىل قسمي واتبعهم هذين الشخصي فهذا‬

‫شق طريد وصفاته الداعية لوجود هذين‬


‫ول مقبول وهذا ي‬
‫ي‬
‫يقتض النقمة‬
‫ي‬ ‫يقتض النعمة والجالل‬
‫ي‬ ‫الجنسي يف العبيد فالجمال‬

‫والبسط يوجب التقريب والقبض يوجب التبعيد وبعد قطع مفاوز‬

‫الشق والسعيد أحمده عي حمده‬


‫ي‬ ‫الطريقي نهاية الكل اليه من‬

‫لنفسه بالجمال واعظمه تعظيمه لذاته بالجالل واقر له بما هو نعته‬

‫من الكمال وأشهد أن ال إله إال هو الواحد بالذات المنه عن األصول‬

‫والفروع والعنة واآلل وأشهد أن محمدا صىل هللا عليه وسلم‬

‫قطب رىح الكماالت ومنصة حقائق األسماء والصفات الغوث‬

‫الجامع لما قرصت عنه سائر الموجودات فهو مفتاح خزائن الجود‬
‫والفضل يف الوجود وختم سائر المقامات صىل هللا عليه وعىل آله‬

‫للنيات ما تواترت اآلنات وتعاقبت األوقات‬


‫وصحبه المبعوث رحمة ر‬
‫فإن سألت وارد‬ ‫ر‬
‫وشف وعظم ومجد وكرم ثم صىل وسلم اما بعد ي‬
‫التحقيق المؤيد بالعصمة والتوفيق عن ش األلوهية وحقيقة الربوبية‬

‫والعبودية فقال إفشاؤه كفر وكتمانه رشك وجهله خرسان‬

‫وعلمه هلك ثم انشاء وقد رصح لك ما أفشاء شعر‬

‫العىل المفرد ‪ .‬يبدو بحكمهما وذا ال يجحد‬


‫وجهان ذاتهما ي‬
‫ومحاسن الوجهي هذا ضد ذا ‪ .‬فتعبد وجه ووجه سودد‬

‫تقض له وتعبد‬
‫ي‬ ‫فناه بالوجهي يظهر شأنه ‪ .‬فسيادة‬

‫للمعال جامع ‪ .‬فعال ووصفا بالبصائر يشهد‬


‫ي‬ ‫الوجه األول‬
‫ر‬
‫كىل الوجود تعينا ‪ .‬لكنه بالحكم ي‬
‫شء مفرد‬ ‫فناه ي‬
‫والوجه اآلخر للتسفل مركز ‪ .‬خلقا وخلقا للمنقضية مشهد‬

‫ينحض لتعدد ‪ .‬يف ذاته كال وال يتحدد‬


‫ي‬ ‫لكنه ال‬

‫فإذا بدا تعداده بوجوهه ‪ .‬قلت الوجود بأشه متعدد‬

‫لكن يف التعداد رصبة الزب ‪ .‬لبقاء رتبة كلما ال يفقد‬

‫لوال ظهور ظالمه يف جنحه ‪ .‬لم يدر ما نور الصباح المسعد‬

‫الثان جميعا حكمه ‪ .‬متعلق هذا بهذا يحمد‬


‫فالوجه ذا ي‬
‫سيان يف حكم الكمال كالهما ‪ .‬إن كنت ذا علم وعقلك متجد‬

‫وكذاك هذا الوجه مع أطواره ‪ .‬سيان مع وجه له متوحد‬

‫فإعرف فدتك النفس يف طوري هما ‪ .‬وجهي كل منهما متفرد‬


‫وإعرف حقيقة ذات ذا الوجهي ‪ .‬يف توحيدها إذ ال هناك موحد‬

‫والنت انت جميع ما قد قلته ‪ .‬واألمر حقا كله لك شمد‬

‫رمز عجيب غاب دركا يف الورى ‪ .‬ش عجيب شأنه ال يجحد‬

‫معان هذه اآليات‬


‫ي‬ ‫قلت‬
‫فلما تمثل بهذه األبيات وتىل عىل ر ي‬
‫أمرن أن انزلها يف قوالب العبارات برصوب التلويحات واالشارات‬
‫ي‬
‫فأمرن‬ ‫يفش الرس فقلت سمعا وطاعة‬ ‫لك يعلم األمر وال ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫بالقوى واإلستطاعة ثم سماها بعد ان أسماها كتاب ش النور‬

‫المتمكن يف معت قوله المؤمن مرآة المؤمن وهو الجزء الحادي‬


‫ر‬
‫عرس من كتاب الناموس األعظم والقاموس األقدم يف معرفة‬

‫النت صىل هللا عليه وسلم جمعته عىل مقدمة وبابي وجعلت‬
‫قدر ر ي‬
‫يف كل باب فصلي وختمت الكتاب بخاتمة حست وهللا الموفق‬

‫لألمر األست وهذه فهرستها أما المقدمة ففيها مسائل تصون‬

‫إعتقاد الناظر يف هذا الكتاب من الزي غ واالرتياب ان شاء هللا تعال‬

‫الت لها العلو المطلق‬


‫فق ذكر الحقيقة المحمدية ي‬
‫وأما الباب األول ي‬
‫من الوجود يف اإلهتداء بها رصورة علما وعمال ظاهرا وباطنا‬

‫صورة ولهذا كان هذا الباب عىل فصلي الفصل األول‬

‫المعان‬
‫ي‬ ‫منه يف ذكر اتباعه بمكارم األخالق واالهتداء به يف سائر‬

‫الثان منه يف ذكر االقتداء به يف األعمال‬


‫إل معرفة الخالق الفصل ي‬
‫وإقتفاء آثاره يف سائر األفعال للبلوغ إل اعىل رتبة الكمال وأما الباب‬

‫الت لها األسفل المطلق من‬


‫الثان يف ذكر الحقيقة العزازيلية ي‬
‫ي‬
‫الوجود يف االغتواء بها صورة ومعت علما وعمال ظاهرا وباطنا ولهذا‬

‫كان الباب مفتوحا عىل فصلي الفصل األول منه يف ذكر‬

‫الرس الموجب لدخول النار عىل اهل الشقاوة وبينا ان دخولهم النار‬

‫من عي الفضل والجود ألن هللا تبارك وتعال ما عذب األشقياء‬

‫تأن من الرجوع اليه عىل طريق أهل السعادة فأرجعها‬


‫إال النهم قوابلهم ر‬
‫الثان منه يف ذكر اإلغتواء بالحقيقة العزازيلية‬
‫ي‬ ‫من غنه الفصل‬

‫االبليسية واالتباع بمساوئ االخالق المعنوية وقبائح االعمال الصورية‬

‫واألقوال الحسية لتبلغ الروح الشقية يف غاية الحضيض من‬

‫النقصان ال نهاية ما لها من الدائرة الوجودية السفلية ثم يعود‬

‫األصىل‬
‫ي‬ ‫المرف‬
‫ي‬ ‫من الجانب األخر ليحصل يف مقام التحقيق بحقائق الحق من‬

‫بإرادة هللا تعال وأما الخاتمة الحست فنذكر فيها رشح قوله صىل هللا‬

‫عليه وسلم المؤمن مرآة المؤمن وهللا الموفق ال رب غنه المقدمة‬

‫اىح وفقنا هللا تعال وإياك أن هللا سبحانه وتعال ذو جمال‬


‫إعلم يا ي‬
‫تقتض التقريب والتنعيم وصفات الجالل‬
‫ي‬ ‫وجالل فصفات الجمال‬

‫الكون بأجمعه عىل‬


‫ي‬ ‫تقتض التبعيد والتعذيب ومدار الوجود‬
‫ي‬
‫هذين الحكمي فما ثم إال علو وسفل أو لطيف وكثيف‬

‫شق وسعيد فأهل العلو هم أهل القرب وهم‬


‫أو قريب وبعيد أو ي‬
‫السعداء الذين لطفت هياكلهم بلطف أرواحهم فصاروا من‬

‫من أهل اليمي ومستقرهم الجنة وأهل السفل هم أهل البعد‬

‫وهم األشقياء الذين كثفت أرواحهم بكثافة هياكلهم فصاروا من‬


‫أهل الشمال ومستقرهم النار فكل من هذين الصنفي يف يد‬

‫من أيادي القدرة اإللهية كما قال سبحانه وتعال ‪ :‬وأصحاب الشمال‬

‫اإلله الصادق لكل واحد من هذين‬


‫ي‬ ‫ما أصحاب الشمال والحكم‬

‫برجىل‬
‫ي‬ ‫والنه وهما المكت عنهما‬
‫ي‬ ‫المعن عنه باألمر‬
‫ر‬ ‫القسمي إل محله هو‬

‫تمش‬ ‫الحق المتدليتي عىل الكرش فكل رجل وهلل المثل األعىل ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫بأهلها إل محل مخصوص وهللا منه عن الجارحة وإنما كت عن ذلك‬

‫بالرجل ألنه سبحانه وتعال هو اآلخذ بناصية الجميع والذاهب بكل‬


‫طائفة ال مستقرها من الدارين فهذا معت الرجل ألن ر‬
‫المش يف العادة‬
‫ي‬
‫إنما يكون باألرجل فهم ذهبوا إل مقرهم باهلل ألن هللا اآلخذ بنواصيهم‬

‫وكل من أخذ هللا بناصيته فالبد ان يؤول أمره إل السعادة ألن هللا‬

‫إنما يفعل بعباده ما فيه مصلحتهم فسعادة السعيد موصلة له إل‬

‫هللا تعال من طريق القرب عىل اليد اليمت مع راحة ينالها صاحبها‬

‫الشق موصلة له‬


‫ي‬ ‫يف ذلك الطريق المختص بأهل السعادة وشقاوة‬

‫وه الشمال‬
‫أيضا إل هللا تعال من طريق البعد عىل اليد اليرسى ي‬
‫مع تعب ينال صاحبها يف ذلك الطريق المختص بأهل الشقاوة‬

‫فكل واحد من هذين الصنفي يؤول امره إل هللا تعال وعند‬

‫هللا سعادته فمثل من أخذ هللا بناصيته إلبه من طريق اليمي‬

‫كمثل الثوب الناعم الحرير الذي يصفو بغسله بالماء القراح‬

‫وحده وال يحتاج إل زيادة تعب ومثل من أخذ هللا بناصيته‬

‫إليه من طريق الشمال مثل الثوب القطن الخشن فإنه ال يصفو وال‬
‫ينقرص إال بالنورة والطبخ يف النار إل غن ذلك من التعب‬

‫والرصب فإذا صق وانقرص صلح للبس كما صلح الحرير فطريق سعادة‬

‫القطن إنما هو يف شقاوته بالطبخ والرصب كما أنه طريق سعادة الحرير‬

‫يف غسله ومن ثم قلنا أن هللا إنما يأخذ بناصية عبده إال لسعادة‬

‫ذلك العبد وما ثم إال من اخذ هللا بناصيته فكل الخلق سعيد بأخذ هللا‬

‫بناصيتهم قال هللا تعال‪ :‬وما من دابة إال هو آخذ بناصيتها وأشار‬

‫إل ان سعادتهم يف ذلك عقيبه بقوله‪ :‬إن ي‬


‫رب عىل رصاط مستقيم‬

‫فكل عىل رصاط مستقيم يف حقه بأخذ هللا ناصيته يف ذلك الطريق الذي‬

‫سلك هللا به فيه إليه فإفهم‪ .‬إن لكل طائفة من أهل السعادة‬

‫والشقاوة مقدما هو اعظمهم إتصافا فمحمد صىل هللا‬

‫عليه وسلم مقدم السعداء وأعظم الخلق إتصافا بالسعادة وهو صىل هللا‬

‫وف كل موطن دنيا وآخرة ولهذا‬


‫عليه وسلم قائدهم إل كل خن يف كل زمان ي‬
‫كان مدار األمر عليه فختم هللا به النبوة كما بدأ بخلقه صىل هللا عليه وسلم وضده‬

‫يف المعت إبليس اللعي مقدم االشقياء وأعظم الخلق إتصافا بالشقاوة‬

‫وف كل موطن دنيا وآخره وش‬ ‫ر‬


‫وقائد األشقياء إل كل ش يف كل زمان ي‬
‫ذلك أن إبليس أول من عض هللا حيث أمره الحق ولم يسجد‬

‫فهو أول مقدم العصاة وقائدهم كما أن محمدا صىل هللا عليه وسلم‬

‫هو أول من أطاع هللا يف الوجود لقوله صىل هللا عليه وسلم أول ما خلق هللا‬

‫العقل األول فقال أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر الحديث فالعقل‬

‫األول هو أول مخلوق هلل وهو أول طائع له وهو حقيقة الروح‬
‫وف‬
‫روىح ي‬
‫ي‬ ‫المحمدية لقوله صىل هللا عليه وسلم أول ما خلق هللا‬

‫وف رواية أول ما خلق هللا روح نبيك يا جابر‬


‫رواية نوري ي‬
‫فهو حقيقة العقل األول الذي هو أول مطيع ولهذا كان أول المطيعي‬

‫إل هللا ومقدمهم يف كل موطن صىل هللا عليه وسلم فمثال محمد‬

‫صىل هللا عليه وسلم مثل الدوادار المقرب للخلق إل حىم الملك وهلل المثل‬

‫األعىل وهو المنه أن يكون له يف الوجود حاجب او دوادار إذ حقيقة‬

‫لمتجىل يف الصورة‬
‫ي‬ ‫األمر أنه تعال عي الهادي والمضل فهو ا‬

‫المتجىل يف صورة‬
‫ي‬ ‫المحمدية بالهداية لحصول السعادة ألهل اليمي وهو‬

‫المتجىل يف الهداية والغواية‬


‫ي‬ ‫اهل السعادة وصور أهل الشقاوة كما أنه‬

‫شء فال وجود‬‫ر‬ ‫ر‬


‫شء ألنه حقيقة كل ي‬
‫نفسها ولهذا وسعت رحمته كل ي‬
‫لشء إال بوجوده سبحانه وتعال فهو حقيقة كل موجود ومن ثم‬‫ر‬
‫ي‬
‫قال أهل الحق أن هللا موجود يف كل مكان وكل مكان منه مآلن‬

‫فال يختص بمكان دون مكان والرس يف ذلك أنه عي المكان وعي‬

‫الكائن يف المكان شعر‬


‫ما ثم إال واحد بالذات ‪ .‬هو ظاهر ف ر‬
‫كنة األشتات‬ ‫ي‬
‫هو عي ذات الكائنات جميعها ‪ .‬بجميع أحكام لها وصفات‬

‫وهو المنه يف مكانة ذاته ‪ .‬عن ي‬


‫نق حكم الكون واإلثبات‬

‫نزهه يف رتب الكمال ألنه ‪ .‬رب الجميع مقدس بالذات‬


‫وإعرفه ف الحكمي ف أوصافه ‪ .‬فاهلل حقا واحد ر‬
‫الكنات‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫سيدنا وشيخنا وإمامنا قطب األقطاب ومجىل‬
‫الملك الوهاب شمس الشموس وروح األرواح ونفس النفوس‬

‫ذو القدر الجليل أبو الغيث بن جميل عن قولهم أن هللا موجود‬

‫بدع ينكر ذلك فأجاب‬


‫ي‬ ‫يف كل مكان فأين هو من جهنم وكان السائل‬

‫رض هللا عنه بقوله هو أقرب منها إليها وأقدر منها عليها‬
‫ي‬
‫أن ما أفردت لك هذه الكلمات يف هذه المقدمة‬
‫إعلم ي‬
‫ه المختصتان بالخلق لسلوك‬
‫إال لتعلم أن السعادة والشقاوة ي‬
‫الخلق إل الحق عليهما وبعد الوصول إل هللا تعال إن شئت قلت‬

‫سعادة محضة وإن شئت قلت ال سعادة وال شقاوة ألن حكم‬

‫الخليقة قد زال إذ ذاك والسعادة والشقاوة إنما هو من أحكام‬

‫الخلق وهللا منه عنهما فال تظن أن من سلك هللا به يف الجانب‬

‫الشمال كمن سلك به يف الجانب‬


‫ي‬
‫اليمي وال تقل أنهما سعيدان نظرا لما يؤول إليه أمرهما فإن ما‬

‫يؤول إليه امرهما ال يطلق عليه بالسعادة وال الشقاوة ألنه ذهاب‬

‫مطلق يف هللا تعال فال يبق ثم لكون أثر وإنما قولنا وقول غننا‬

‫الكنى بحكم التوسع والتجوز‬


‫من أهل هللا أن يرجع الجميع عىل السعادة ر‬
‫وإال فالسعادة والشقاوة من أحكام الطريق المطلق‬

‫بل أسعد السعداء عىل اإلطالق محمد صىل هللا عليه وسلم‬

‫المطلق بل أشق األشقياء هو إبليس عليه اللعنة وسعادة‬

‫السعداء متفاوتة عىل حسب زيادة إتباعهم لمحمد صىل هللا عليه وسلم‬

‫ونقص ذلك بحسبه فما من إتبعه يف قوله له كمن إتبعه يف قوله وفعله وحاله‬
‫فكما ان هذه الطائفة السعيدة متفاوتون يف السعادة باإلتباع‬

‫المحمدي كذلك تلك الطائفة الشقية مفاوتة يف الشقاوة‬

‫االبليش وقد آن آوان تفصيل أهل السعادة أتباع محمد‬


‫ي‬ ‫باإلتباع‬

‫صىل هللا عليه وسلم و هللا الموفق الباب األول يف ذكر الحقيقة‬

‫الت لها العلو المطلق من الوجود يف اإلهتداء بها رصورة علما وعمال‬
‫المحمدية ي‬
‫ظاهرا وباطنا صورة ومعت إعلم وفقنا هللا وإياك وال أخالنا‬

‫عنه وال أخالك أن هللا تعال خلق محمدا صىل هللا عليه وسلم‬

‫الكنى وانموذجا للطائف صورة ومعت‬


‫إكسنا للسعادة ر‬
‫الت ليس فوقها مرتبة لموجود‬
‫فجعل مرتبته يف الوجود المرتبة العليا ي‬
‫كما قال صىل هللا عليه وسلم أن الوسيلة أعىل درجة يف الجنة وأنها ال تكون‬

‫إال لرجل واحد وقال صىل هللا عليه وسلم وأرجوا أن أكون ذلك‬

‫الرجل ورجاؤه محقق ألن هللا قد وعده بها فجميع أحواله وأقواله‬

‫وأعماله نعما توقف له لتلك المرتبة العليا والمكانة الزلق ولهذا‬

‫كان صىل هللا عليه وسلم هداية محضة يهدي إل السعادة المطلقة‬

‫قوال وفعال وحاال ظاهرا وباطنا ألن ذاته تقبل بقية خالف‬

‫ذلك فرصورة من آمن به أو سلك طريقه أو حذى حذوه أو‬

‫أحبه أن يسعد ألنه إكسن السعادة المطلقة فكل من تبعه‬

‫أو خالطه أو مازجه أو قاربه بوجه من الوجوه سعد سعادة‬

‫أبدية عىل قدر ذلك االتباع والمخالطة اال ترى إل من آمن به‬

‫صىل هللا عليه وسلم ثم مات من وقته كيف يحكم له بدخول الجنة عىل‬
‫شء من‬‫ر‬
‫أنه لم يفعل شيئا من األفعال الصالحة ولم يتبعه يف ي‬
‫األقوال انه صىل هللا عليه وسلم نور محض والنور‬

‫يهدي إل الجنة والقليل من النور كاف أال ترى إل نور الشمعة‬

‫كيف يهديك يف الليل المظلم إل مكانك كما يهديك ضوء الشمس‬

‫يف النهار ولهذا كانت أنوار أهل السعادة تابعة له سواء تقدم‬

‫نت من األنبياء المتقدمي‬


‫نورهم عىل زمان ظهوره أم تأخر وكل ر ي‬
‫صلوات هللا وسالمه عليهم تابع له يف باطنه وظاهره ومن‬

‫ومن ثم كانوا به وكانت األولياء خلفاؤه فهم أسعد الخلق ألنهم‬

‫فازوا باألكملية ظاهر وباطنا فسايروه باطنا يف الكماالت اإللهية‬

‫والمعارف اللدنية وسايروه ظاهرا يف النبوة والرسالة والهداية‬


‫وه الدعوة ر‬
‫المرسوعة الخاصة بطريق كل منهم وكذلك الكمل من‬ ‫ي‬
‫األولياء المحمديي رضوان هللا عليهم تبع له يف الكماالت اإللهية‬

‫وف األحوال واألقوال واألفعال ظاهرا فهم أكمل اتباع محمد صىل هللا‬
‫باطنا ي‬
‫عليه وسلم وعليهم وإنما انحطوا عن درجة األنبياء ألنهم يدعون‬
‫إل هللا تعال عىل ر‬
‫الرسع المحمدي وكل من األنبياء والرسل إنما يدعوا‬

‫عىل رشعه المختص به فمزية األنبياء صلوات هللا عليهم عىل األولياء‬

‫امت كأنبياء‬ ‫ر‬


‫بالترسي ع فقط ولهذا قال صىل هللا عليه وسلم علماء ي‬
‫بت إشائيل يريد العلماء باهلل الذين هم العارفون بجمال هللا وجالله‬
‫ي‬
‫فمن كان له من األولياء اتباع كان خليفة عن الرسل ومن لم‬

‫يكن له منهم اتباع كان خليفة عن األنبياء الذين لم يرسلوا فاألنبياء‬


‫والرسل صلوات هللا وسالمه عليهم كانوا لمحمد صىل هللا عليه وسلم‬

‫كالحجاب لمرورهم قبله يف العالم الدنياوي كما يمر الحاجب قبل الملك‬

‫واألولياء المحمديون رضوان هللا عليهم هم لمحمد صىل هللا عليه وسلم‬

‫كالخدم والخواص الذين يكونون حول الملك عىل خزائنه ومراتبه ومن ثم‬

‫رض هللا عنه خضنا بحرا وقف األنبياء‬


‫قال الشيخ أبو الغيث بن جميل ي‬
‫عىل ساحله يريد بحر القرب المحمدي واإلختصاص ر‬
‫برسعه يف الحقائق الباطنة‬

‫والدقائق الظاهرة وليس لألنبياء صلوات هللا عليهم من رشعه‬

‫إال حكم كونهم أتباعا له يف الحقيقة فاألولياء المحمديون مطلعون‬

‫عىل أشار المحمدية خائضون يف بحر الكمال المحمدي الذي وقف األنبياء عىل‬
‫ساحله ألنهم كانوا م ررسعي ألنفسهم كما خاضوا بحر ر‬
‫الترسي ع المحمدي‬

‫الذي خاضه األولياء عن الكمل من امته ومن ثم قال سيد األولياء‬


‫ر‬
‫معاش األنبياء أوتيتم اللقب‬ ‫الكيالن‬ ‫مح الدين الشيخ عبد القادر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫يعت أن األنبياء صلوات هللا عليهم أوتوا لقب التبعية‬
‫وأوتينا ما لم تؤتوه ي‬
‫للنت صىل هللا عليه وسلم فسموا أتباعا له بالحكم وإنما تبعه حقيقة التبعية‬
‫ري‬
‫ترسعوا ر‬
‫برسعه وتحلوا بكماالته المختصة به‬ ‫اال األولياء من أمته ألنهم ر‬

‫فهم تبع محمد حقيقة ومجازا صورة ومعت ظاهرا وباطنا وكل‬

‫للنت صىل هللا عليه وسلم إال بوجه واحد و‬


‫من دونهم فال يسىم تبعا ر ي‬
‫بوجوه متعددة ال بكل الوجوه فما شمول الوجوه كلها بالتبعية إال‬

‫للكمل من أولياء محمد صىل هللا عليه وسلم فهم أسعد الخلق بعد الرسل‬

‫واألنبياء صلوات هللا عىل الجميع ألنهم إتبعوه من كل الوجوه فسعادتهم‬


‫تامة من كل وجه كاملة من كل نسبة دون غنهم من كافة الخلق‬

‫وإعلم أن أتباع محمد صىل هللا عليه وسلم مقسومون عىل ثالثة اقسام‬

‫النت صىل هللا‬


‫فالقسم األول هم السابقون المفردون اللذين ذكرهم ر ي‬
‫عليه وسلم بقوله سنوا سبق المفردون وهم الذين صحت لهم التبعية‬

‫وف الحقائق‬
‫المحمدية يف الحقائق اإللهية فتخلقوا بأخالق هللا تعال ي‬
‫الكونية فتطهرت نفوسهم وتخلصوا من دنس الصفات المذمومة‬

‫بالصفات المحمودة الخلقية وصحت لهم التبعية يف األفعال الظاهرة‬


‫المرسوعة ف الطريقة المحمدية فسلكوا عىل ر‬
‫الرسيعة المحمدية وإتصفوا‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫باألوصاف المحمدية وتحققوا بالكماالت اإللهية عىل حكم التبعية له‬

‫الثان هم العارفون الزاهدون‬


‫فاستوفوا جميع الوجوه والقسم ي‬
‫فيما سوى هللا تعال المتحققون بالعبودية التابعون له صىل هللا‬

‫عليه وسلم يف العالم المعنوي بمكارم االخالق ومحاسن الشيم فيما‬

‫فيما يتعلق بأمر الحق وأمر الخلق والقسم الثالث هم المؤمنون‬

‫العاملون بأقواله التابعون له يف فعاله حققوا أخباره ثم اقتفوا‬

‫آثاره فهم أتباعه يف العالم الصوري وتقسيم هذه األقسام الثالثة‬

‫عىل ما ورد يف كالم هللا حيث قال سبحانه وتعال‪ :‬ثم اورثنا‬

‫الكتاب اللذين إصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه‬

‫بالخيات بإذن هللا ذلك‬


‫ر‬ ‫ومنهم مقتصد ومنهم سابق‬

‫الكبي ولألئمة يف هذه اآلية إختالفات كثنة فمنهم‬


‫ر‬ ‫هو الفضل‬

‫من جعل الظالم لنفسه اقدم يف المعت تأويال عىل انه ظلمها بعد إعطاء‬
‫نفسه شهواتها فأفناها عن الطبائع والعوائد والشهوات‬

‫وعن ما سوى هللا تعال حت فنيت يف هللا وابقاها هللا فيه به‬

‫الصديق وجعل المقتصد من توسط يف ذلك‬


‫ي‬ ‫فهو القسم‬

‫فأقام ما يجب عليه من الحقوق اإللهية وأعىط نفسه حظا ما‬


‫ر‬
‫لشء من‬
‫من الحظوظ الكونية فعبد هللا تعال إخالصا ال طلبا ي‬
‫الدنيا واآلخرة فهو القسم الشهيدي وجعل السابق بالخنات‬

‫النت صىل هللا عليه وسلم باألعمال طلبا للدار اآلخرة فهو‬
‫عبارة عن من تبع ر ي‬
‫الصالح والذي ذهب إل نحو هذه‬
‫ي‬ ‫يعبد هللا تعال للجزاء فهو القسم‬

‫عرن‬
‫مح الدين بن ر ي‬
‫المعان يف هذه اآلية هم المحققون كالشيخ االمام ي‬
‫ي‬
‫وأمثاله من األئمة من عكس هذا القول فجعل السابق يف اللفظ الموجود‬

‫يف اآلية سابقا مقدما يف األفضلية وجعل المقتصد متوسطا‬

‫أي طائعا محضا لكنه دون من سبق بالخنات بعد كونه طائعا‬

‫وجعل الظالم لنفسه عبارة عن من خلط فجاب الطاعة والمعصية‬

‫كمن ذكره هللا تعال بقوله وآخرون إعنفوا بذنوب هم خلطوا عمال‬

‫صالحا وآخر سيئا عش هللا أن يتوب عليهم وعش يف كالم هللا‬

‫محققة الوقوع فجعل هذه الثالثة أصناف عبارة عن من‬

‫أرادهم هللا بقوله اللذين إصطفينا من عبادنا وعىل كلن تقديري‬

‫اآلية فالمصطفون من عباده مقسومون عىل ثالثة اقسام كما سبق‬

‫بيانه وقد ذكرنا ان القسم األول هم األولياء الكمل المحققون‬

‫وبق تفصيل القسمي‬


‫اللذين صحت لهم التبعية المحمدية من كل الوجوه ي‬
‫اآلخرين وهذا موضع بيان ذلك الفصل األول يف ذكر‬

‫اتباع محمد صىل هللا عليه وسلم بمكارم األخالق واالهتداء‬

‫النت صىل هللا عليه وسلم‬


‫المعان إل معرفة الخالق إعلم ان ر ي‬
‫ي‬ ‫به يف سائر‬

‫ال‬
‫ه انز ي‬
‫كانت له طريقة باطنة وطريقة ظاهرة فالطريقة الباطنة ي‬
‫حال وجملة تفصيلية وعماد أمره هو التخلق باألخالق اإللهية‬
‫ي‬
‫والسلوك يف الحقائق عىل النهج الموصل إل إعطاء كل ذي حق حقه وإعلم‬

‫أن األخالق تتفرع إل نوعي أحدهما أخالق الهية ليس‬

‫للكسب فيها مدخل بل حصول ذلك ال يكون إال بمحض العناية اإللهية‬

‫المعن عنه‬
‫ر‬ ‫لمن سبقت السعادة عند هللا تعال له ثانيها كونية وهو‬

‫بمكارم األخالق وهذا النوع للكسب فيه مدخل ويحصل بالكسب‬

‫لمن وهبه هللا تعال ذلك يف األزل فإن األمور الحاصلة بالمكاسب‬

‫الثان عىل رصبي الرصب األول هو‬


‫ترجع إل المواهب وهذا النوع ي‬
‫ما يختص باإلنسان كالتقوى وعلو الهمة ر‬
‫وشف النفس وااليمان‬

‫وف أنبياءه وأولياءه‬


‫واليقي والعقيدة الحسنة يف هللا تعال ي‬
‫والصن والعفة والحياء وأمثال ذلك من الفضائل الخاصة باإلنسان‬
‫ر‬
‫الثان هو ما يعم غنه كالحلم والكرم وحسن الخلق‬
‫والرصب ي‬
‫ووسع الصدر والهداية والخدمة إل غن ذلك من األوصاف‬

‫اعت قسم التبعية المعنوية‬


‫المتعدية من الموصوف إل غنه وهذا القسم ي‬
‫رأشف وأفضل من قسم التبعية الصورية ألن الروح يوم القيامة‬
‫تحرس عىل حسن صورة األخالق والجسم ر‬
‫يحرس عىل حسن صورة األعمال‬ ‫ر‬
‫وال خالف أن األهم طلب حسن صورة الروح ألن حسن صورة الجسد‬

‫تابع للروح أال ترى إل الطاووس هل نفعه حسن صورة جسمه مع اإلنسان‬

‫وهل يرص اإلنسان ولو خلق أشوه الخلق عىل أن روحه عاقلة حسنة‬

‫الصورة يف الباطن ولهذا كان اإلنسان رأشف من سائر الحيوانات‬

‫ألن المع رتن يف ذلك صورة الروح فأهل االتباع المعنوي بمكارم األخالق‬
‫أفضل ر‬
‫وأشف من جميع أهل اإلتباع الصوري وسوف نفصل ذلك‬

‫الثان يف ذكر االقتداء به صىل هللا عليه وسلم‬


‫ي‬ ‫أيضا إن شاء هللا الفصل‬

‫يف األعمال وإقتفاء آثاره يف سائر األفعال والوقوف مع ما ورد عنه‬

‫من األقوال للبلوغ إل أعىل رتب الكمال إعلم أيدنا هللا وإياك وال أخالنا‬

‫كىل وممر الكل عليه وأهل‬


‫عنه وال أخالك أن اإلقتداء الصوري أمر ي‬
‫هذا اإلقتداء عىل ثالثة أنواع النوع األول هم المقتدون به يف‬

‫أقواله وهم العلماء ورثة األقوال كالقراء والمحدثي والمفرسين وأصحاب‬

‫الفقه وأصول الدين وجميع صنوف علماء اإلسالم فكلهم حفاظ ألقوال‬

‫الثان هم المقتدون به يف أفعاله القلبية‬


‫النت صىل هللا عليه وسلم والنوع ي‬
‫ري‬
‫كالزهد واإلخالص والمراقبة والتوكل والتفويض والتسليم وأمثال ذلك‬

‫والنوع الثالث هم المقتدون به يف أفعاله الظاهرة كالصيام‬

‫الن جميعها وكل هذه األنواع‬


‫والصالة واألدعية وصنوف أعمال ر‬
‫الثالثة تباع له وأفعالهم وأحوالهم وأقوالهم مستعدة لهم‬

‫بحكم تبعيته فلم يشق منهم أحد ألنهم أتباع محمد صىل هللا عليه وسلم‬
‫وهذه التبعية الصورية الت ر‬
‫يحرس الجسم عىل صورتها‬ ‫ي‬
‫يوم القيامة فمن كانت أعماله وأقواله الصورية حسنة كانت‬

‫صورة جسمه يف اآلخرة من أحسن الصور وأجملها‬

‫الت يكون الروح عىل صورتها‬


‫ه ي‬ ‫وكذلك التبعية المعنوية ي‬
‫يوم القيامة فمن كانت تبعيته المعنوية حسنة كانت روحه‬

‫يف اآلخرة أكمل عىل قدر الزيادة والنقصان من كمال التبعية‬

‫ونقصانها فإفهم فالفقهاء ورثة أقواله والعباد‬

‫ورثة أفعاله الظاهرة والمريدون ورثة أفعاله القلبية‬

‫الباطنة والعارفون ورثة أقواله الروحانية‬

‫وأوصافه الرحمانية والكمل المحققون‬

‫ورثة شؤونه اإللهية وأشاره الصمدية‬

‫قد جمعوا بي وراثة األحوال واألفعال واألقوال‬

‫فحازوا مرتبة الكمال وها أنا قد أنزلت ذلك‬

‫صورة يف عالم التمثيل كالبيت الذي سبعة‬

‫أبواب والملك يف داخل تلك األبواب كلها فمن‬


‫قطع ف الدخول من تلك األبواب مسافة ر‬
‫أكن من غنه‬ ‫ي‬
‫فهو األقرب إل الملك كما تراه وهذه األبواب نظائر‬

‫أبواب الجنة والباب الثامن المذكور للجنة‬

‫هو باب الوجود المحض الذي يدخل هللا به عباده‬

‫الجنة من غن عمل وال خلق وال حال بل بمطلق الجود‬

‫فكل من دخل الجنة من األولي واآلخرين‬


‫وقد كتبت عىل كل باب من الوراثة المحمدية‬

‫ليعلم كل مقامه من الكمال المحمدي ان شاء هللا تعال وهذه صورتها‬


‫فالمقام المحمدي نفسه مختص بمحمد صىل هللا عليه وسلم وما ألحد من األنبياء‬

‫واألولياء إليه سبيل ونهاية الكمل أن يصلوا إل مشاهدة ذلك المقام‬

‫من بعد ال الولوج فيه ألنه من الخصائص المحمدية وهو مسدود الباب‬

‫المعن عنه بالوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة والحرصة المحمدية‬


‫ر‬ ‫فهو‬

‫وهو مسدود الباب ولكل من اتباعه من السعادة بقدر قرب هم من جنابه‬

‫العىل صىل هللا عليه وسلم فإفهم وهللا الموفق ال رب غنه‬


‫ي‬ ‫الزك ومقام‬
‫ي‬
‫الت لها‬
‫الثان يف ذكر الحقيقة العزازيلية اإلبليسية ي‬
‫الباب ي‬
‫السفل المطلق من الوجود يف ذكر اإلغتواء بها صورة ومعت ظاهرا وباطنا‬

‫علما وعمال حاال ومقاال إعلم أن هللا تعال خلق الحقيقة اإلبليسية‬

‫من الغضب المحض وجعله صورة النفس األمارة بالسوء يف اإلنسان‬

‫اإلنسان ألن النفس‬


‫ي‬ ‫ولهذا كان للشيطان الرسيان يف جميع النوع‬

‫المتجىل فيها وإل هذا المعت أشار صىل هللا عليه وسلم‬
‫ي‬ ‫األمارة صورته وهو‬

‫شيطان يريد‬
‫ي‬ ‫بقوله ان لكل شيطانا وأنه ما أسلم من الشياطي إال‬

‫بذلك النفس األمارة من كل احد مشنا إل أنه صىل هللا عليه وسلم لم‬

‫لم تأمره نفسه بالسوء فليس له نفس أمارة بل نفسه نورانية ولهذا‬

‫كان صىل هللا عليه وسلم حقيقة األرواح الجزئية ألنه عي الرس‬

‫المعن عنه بروح هللا المنفوخ يف آدم ولهذا جعله هللا إكسنا‬
‫ر‬ ‫اإلله‬
‫ي‬
‫للسعادة وجعل إبليس إكسنا للشقاوة المحضة وأنموذجا للكثائف‬

‫الت ليس أنزل منها‬


‫صورة ومعت فجعل مرتبته يف الوجود المرتبة السفىل ي‬
‫مرتبة فكان إبليس ضاللة محضة وشقاوة مطلقة يهدي الضالل‬
‫والظلمة والسفل بالطبع والخاصية والقول والعمل والحال فرصورة‬

‫من تبعه أو مازجه أو خالطه أو قاربه بوجه من الوجوه أن يشق شقاوة‬

‫أبدية عىل قدر قربه وممازجته له وهذه الشقاوة عبارة عن حصول المشاق‬

‫واألآلم يف الطريق للسالك عليها إل محتده من هللا تعال واألصل يف ذلك‬

‫ان هللا تعال له علو الوجود وسفله وكمال الوجود ونقصه ولطائف الوجود‬

‫وكثائفه فسلك بطائفة طريق اللطف وذهب بهم عىل الراحة إليه وجعل‬

‫معال الوجود وسماهم السعداء المصطفون من عباده وقد‬


‫ي‬ ‫مقامهم‬

‫تقدم رشحهم يف الباب األول وسلك بطائفة أخرى طريق القهر وذهب بهم‬

‫عىل األآلم والعذاب إليه وجعل مقامهم أسفل الوجود وسماهم األشقياء‬

‫أبال وهؤالء‬
‫المبعدون عن حرصته وذك ش قوله هؤالء إل النار وال ي‬
‫أبال ومرجع كىل الطائفتي إليه كما بدأكم تعودون وأن‬
‫إل الجنة وال ي‬
‫إىل ربك المنتىه ولطائفة أخرى من األشقياء لذات يف شقاوتهم وتنعم‬

‫مختص يف عذابهم يشبه ذلك لذة األجرب عندما يحك جسمه فيتنعم‬

‫الروحان الذي هو عبارة‬


‫ي‬ ‫ويلتذ بما هو عي األلم وش هذا األمر أن العالم‬

‫عن الدار اآلخرة هو عالم واحد وهو عي جميع األرواح الجزئية‬

‫فكل إنما يصل عىل الدار اآلخرة من حيث روح نفسه وعالمها وفيها‬

‫اجتماع جميع المخلوقات وهذه الروح الجزئية لغاية لطفها وسعتها‬

‫يف الرسيان واإلحاطة مشتملة عىل حقائق الجنة والنار عىل تفاصيل‬

‫وف قابلية النفس المتعلقة بكل روح‬


‫ما فيهما من العجائب والغرائب ي‬
‫جزن أن تبق يف أي دار تختاره من داري الجنة والنار يف اآلخرة كما أنها‬
‫ي‬
‫يف الدنيا لها أن تتخيل أي صورة شاءت من المليح والقبيح فمن أراد هللا‬

‫الت أراد ان يعذبه فيها فيشتغل‬


‫شقاوته يوجده لذة ما يف الجهة ي‬
‫المعن عنهم‬
‫ر‬ ‫بتلك الجهة شهودا أو وجودا وال تزال الصور الروحانية‬

‫ينته‬
‫ي‬ ‫بمالئكة العذاب تتجدد عنده يف كل وقت ونفس شيئا فشيئا حت‬

‫إل محتده والمرء يف الدار اآلخرة غن مختار عىل أنه يف قابليته ذلك فمثله‬

‫كمثل النائم الذي بحال الصور الروحانية ال عن اإلختيار بل عىل حسب‬

‫ما يقتضيه الحال وحقيقته أنه مختار يف تلك الصور ألنها صور خياالته‬

‫تض أن ال يرى إال ما يناسب أمره فمن كان من أهل الخن يف الدنيا‬
‫والحال يق ي‬
‫شاهد الصور الحسان الموصلة له إل محتده من الجنة ومن كان من اهل‬
‫ر‬
‫الرس شاهد الصور‬

‫إال فيما يعتاده يف الظاهر والتاجر ترصب له األمثال بأحواله والحراث‬

‫ترصب له األمثال بالحراثة وكل من الطوائف عىل هذه الحالة ال يرى يف نومه‬
‫إال ما يقتضيه أمره فلهذا يحثنا هللا تعال عىل فعل الخن وترك ر‬
‫الرس‬

‫ألن الشخص ليس له إختيار فيما يرد عليه من صور الدار اآلخرة فاإلختيار‬

‫الكىل هلل سبحانه وتعال أو لمن يتحقق باأللوهية ولهذا كان اإلختيار‬
‫ي‬
‫يف الصور المشهودة دنيا وآخرة للمتمكني ولقد رأيت مرة رؤيا يف‬

‫النوم فوقع عندي وأنا نائم أن تأويلها يف اليقظة غن محمود فأجبت‬

‫يف المنام رؤيا نقيضها فرأيته يف الحال ورأيت مرة شخصا من أهل النار‬

‫يف النوم قد إسود وجهه من العذاب فشفعت له يف النوم فأخرج به إل‬

‫الثان فقلت له أنظر‬


‫ي‬ ‫الجنة ورأيت مرة شخصا يعذب بشهوده‬
‫منام فنظر إليها وتخلص من العذاب بقدرة هللا‬
‫ي‬ ‫إل الجنة واستحرصتها له يف‬

‫تعال وإنما أوردت لك هذه المقدمات لتعلم أن الشخص يف الدار اآلخرة‬

‫الت يشهدها‬
‫إنما ينقاد إل العذاب أو النعيم بوجود لذة ما يف الصور ي‬
‫الت كتبها هللا له وشهوده‬
‫أول األمر حت ينقاد بتلك اللذة إل المحال ي‬
‫لتلك الصور عىل قدر أفعاله وأحواله وأقواله فما كان عليه دار الدنيا‬

‫كما سبق بيانه فكما أن أهل السعادة ترجع بها إل الجنة كذلك أهل‬

‫الشقاوة برجعون بها إل النار وكما أن أهل الجنة يدخلون الجنة‬

‫من سبعة أبواب بأعمالهم وأقوالهم وأحوالهم والباب الثامن‬

‫هو باب الجود المحض كذلك أهل النار يدخلون النار من سبعة‬

‫أبواب بأعمالهم وأقوالهم وأحوالهم وال يدخل احد النار ظلما فلهذا‬

‫كان أبواب النار أقل بواحد من أبواب الجنة ألن الباب الثامن ليس هو‬

‫مما يتعلق بأفعال العباد فإفهم وهذا موضع تفصيل أهل النار وسبب‬

‫دخولهم فيها عىل ما أعطاه الكشف الفصل األول يف ذكر الرس الموجب‬

‫لدخول النار عىل أهل الشقاوة وبيان أن دخولهم النار من عي‬

‫الفضل والجود فتبارك هللا أرحم الراحمي إعلم وفقنا هللا وإياك‬

‫أن هللا سبحانه وتعال إنما خلق الخلق لمقتض أسماءه وصفاته فهم عىل‬

‫الحقيقة شؤونه الذاتية وهو المتعي بصور جميع الموجودات‬

‫ولما كان األمر كذلك وإقتضت صفاته العلو والسفل خلق العلو‬

‫من ذاته الطائفة السعيدة المسماة بأتباع محمد صىل هللا عليه وسلم سواء‬

‫تقدمت يف الظهور إل الدنيا عليه أم تأخرت وخلق السفل من ذاته‬


‫الطائفة السفلية المسماة بأتباع إبليس فذهب بالسعيدة عىل الطريقة‬

‫الت يقتضيه حقائقها فأدخلهم دار الراحة وسار بهم يف‬


‫العلوية ي‬
‫جميع دوراتها حت أوصلهم إليه وذهب بالشقية عىل الطريقة السفلية‬

‫الت تقتضيه حقائقها فأدخلهم دار العذاب وسار بهم يف جميع دركاتها‬
‫ي‬
‫حت أوصلهم إليه فلوال إدخاله لهم فيها لما وصلوا إليه وذلك ان العظمة‬

‫اإللهية لم تتكيف لقلوب هم إال بعد شهود آثارها وذوق تأثناتها‬

‫وال يوجد ذلك إال يف الدار المسماة بالنار فأدخلهم فيها ليتحققوا‬

‫بصفات الجالل أنهم يخلقون عذابهم ألنفسهم كما أن أهل الجنة‬

‫يخلقون لذاتهم ونعيمهم لقوله تعال‪ :‬ولهم فيها ما يشتهون‬


‫ر‬
‫الشء وأهل النار كلما‬
‫فأهل الجنة كلما أرادوا شيئا تكون لهم ذلك ي‬
‫شء من العذاب تصور عندهم ذلك العذاب وتكون وإنما‬‫ر‬
‫خافوا من ي‬
‫تكونه لهم أنفسهم المصورة لها قبل وقوعهم يف حقائقها‬

‫الهائلة الوحشة يف نفوسهم خوفا منهم ونفس ذلك التصوير والمكون‬

‫لتلك المالئكة والفرق بي أهل الجنة وأهل النار أن أهل الجنة يكونون‬

‫األشياء بإرادتهم ويعرفون أنهم كونوها ألنهم يف دار القرار والتكوين‬

‫صفة هللا فتحققوا به وأهل النار يكونون األشياء المعذبة وال‬

‫بعلمون أنهم كونوها لكونهم يف دار البعد فال يمكن أن يتحققوا بصفة‬

‫السفىل بهم‬
‫ي‬ ‫التكوين وهم يف دار البعد فإذا إنتهت درجات مراتب الوجود‬

‫وقضوا ما عليهم من مقاساة أنواع العذاب إنكشف لهم آخر األمر‬

‫بالجنوتية عىل النار ويضعون‬


‫ر‬ ‫أنهم المكونون لما يعذبوا به فيظهرون‬
‫والنه فال يبق للنار عليهم سلطان ولهذا ورد أن‬
‫ي‬ ‫عليها قدم األمر‬

‫حست‬
‫ري‬ ‫حست‬
‫ري‬ ‫الجبار يضع قدمه يف النار فنول وتقول قط قط أي‬

‫الجنوتية اإللهية وضع أوضعهم‬


‫ومعت هذا أنهم إذا إتصفوا بصفة ر‬
‫قدمه عىل النار بالجبارية وكان الحق هو الواضع سبحانه وتعال‬

‫ألنه حقيقتهم فلوال سلوك تلك الطريقة المهلكة العظيمة لما علموا‬
‫ر‬
‫بشء‬
‫معت الجبارية اإللهية ولما فهموا ما هو الجالل وال تحققوا ي‬
‫من تلك الصفات العظيمة فدخولهم النار سبب لهم يف إدراك‬

‫هذه السعادة األبدية فهم ولو كان أمرهم يف الظاهر مبنيا عىل العدل‬

‫والقهر فإنما هو يف الباطن مؤسس عىل الفضل واللطف فطريقهم‬

‫باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ولما كان أمر أهل الدارين‬

‫يف الدنيا يرجع إل يمي وشمال كذلك أمرهما يف اآلخرة يرجع إل الجمال‬

‫والجالل فأهل الجنة يتحققون إذا وصلوا بجمال هللا وأهل النار‬

‫اإلله إال‬
‫ي‬ ‫يتحققون إذا وصلوا بجالل هللا تعال وال يتحقق بالكمال‬

‫الكمل وهم اللذين خرجوا من دار الدنيا وقد إتصفوا بصفات هللا‬

‫سبحانه وتعال وتحققوا بها فهم أهل األعراف اللذين يعرفون كال‬

‫بسيماهم وهم أهل الذات فلهذا لم يكونوا من أهل اليمي وال من أهل الشمال‬

‫وقد نبه هللا تعال عليهم يف قوله‪ :‬والسابقون السابقون بعد قوله‬
‫ر ن‬
‫اليمي وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال وها أنا‬ ‫ر ن‬
‫اليمي ما أصحاب‬ ‫وأصحاب‬

‫أصور لك دائرة وأقسمها عىل النصف بخط فأجعل يمي الدائرة‬

‫طريق أهل اليمي ويسارها طريق أهل اليسار وأجعل الخط المستقيم طريق‬
‫أهل هللا إل هللا عىل رصاط هللا ليكون لك مثاال تعرف به صورة الوجود‬

‫عىل اإلطالق وطريق كل إل هللا تعال ثم أجعل يف الدائرة الكبنة‬

‫سبع دوائر من كل جهة من جهتيها وأكتب عىل كل دائرة من الدوائر‬

‫الصغار وطريق أهلها وسنهم فيها غما بالوراثة المحمدية عىل طريق‬

‫الشيطان عىل طريق الشمال وأكتب لك يف أول الدائرة‬


‫ي‬ ‫اليمي وإما باإلتباع‬

‫وف آخرها إسمه هللا ألنه األول واآلخر منه بدأ األمر وإليه‬
‫إسمه هللا ي‬
‫إعلم وفقنا هللا وإياك طريق الكل عىل هللا تعال دوري وقد نصبنا‬

‫لذلك دائرة يف كتابنا الموسوم بقطب العجائب وفلك الغرائب فمن أراد معرفة‬

‫ألن جعلت هذه الدائرة‬


‫ذلك فليطالع هنالك وما نبهتك عىل هذه النكتة إال ي‬
‫مقسومة بالنصف ألجل تعيي أهل الشمال من أهل اليمي وتحقق أهل‬

‫الجمال والجالل بالتمن من أهل الكمال اللذين تنهوا عن الخروج من الحرصة اإللهية‬
‫فخشيت أن تتوهم أن طريق الخلق إل هللا تعال ال يدور فنبهتك‬

‫الثان يف ذكر اإلغتواء بالحقيقة‬


‫ي‬ ‫عىل ذلك وهللا الموفق والهادي الفصل‬

‫العزازيلية واإلتباع له بمساويء األخالق المعنوية وقبائح األعمال الصورية‬

‫من األفعال واألقوال الحسية لتبلغ الروح الشقية ما لها من الدائرة‬

‫الوجودية السفلية ثم تعود من الجانب اآلخر إل حقيقة العلو ليحصل يف‬

‫األصىل بإرادة هللا تعال إعلم أيدك هللا‬


‫ي‬ ‫مقام التحقق بحقائق الحق من المركز‬

‫بمعرفته وجعلك من أهل قربته أن الطائفة الشقية لما غلبت عليهم‬

‫الكثائف األرضية وحكمت عليهم المقتضيات السفلية إنقسموا إل‬

‫أربعة أقسام فقسم رسبوا صورة ومعت ظاهرا وباطنا حقيقة‬

‫ومجازا فأتوا بمساويء األقوال واألفعال واألخالق واألحوال فجمعوا‬

‫جميع المساويء من سائر وجوهاتها ليخلدون يف النار ابد اآلبدين وسبب‬

‫إخالدهم أنهم إستعدوا لقبول القهر األعظم فال لهم راحة طرفة عي‬

‫قض الدور الكبن الوجودي‬


‫فهم نظن الكروبيي من المالئكة األعىل فإذا ي‬
‫وصلوا بمرور اآليات عىل ممر األحقاب الكثنة إل معرفة ش القهار األعظم‬

‫الكنى والسعادة العظىم يومئذ‬


‫واتصفوا به إذ ذاك فحصلت لهم اللذة ر‬
‫الت لم يستحقها غنهم فذلك بعد زال النار يف‬
‫ببلوغ تلك الدرجة ي‬
‫الثان هم اللذين رسبوا معت ولم يرسبوا‬
‫ي‬ ‫ثبتها أبد اآلبدين والقسم‬

‫صورة وهؤالء أهل مساويء األخالق والعقائد القلبية كبعض‬

‫الكفار والمالحدة والزنادقة اللذين لم يأتوا بمساويء األفعال‬

‫بل كانت ظواهرهم حسنة مزينة باألعمال الصالحة وبواطنهم بخالف‬


‫ذلك كما قال هللا تعال‪ :‬هل أتاك حديث الغاشية وجوه يومئذ عاملة خاشعة‬

‫ناصبة تصىل نارا حامية وهذا القسم موجود يف كل طائفة من طوائف‬

‫الملل المختلفة فهم دون تلك الطائفة األول وهم أيضا مخلدون‬

‫يف النار يف انقضاء دورهم الكبن الوجودي وال راحة لهم طرفة عي‬

‫وهم نظن المالئكة المهيمة يف الجالل وإذا وصلوا بعد ممر األحقاب‬

‫والت قبلها‬
‫تحققوا بمعرفة ش القاهر والفرق بي هذه الطائفة ي‬
‫أن تلك وصلت عىل معرفة ش القهار وهو أوسع قهرا من القاهر‬

‫الذي وصلوا إليه هؤالء فإفهم والقسم الثالث هم الذين رسبوا‬

‫صورة باألعمال فكانت أعمالهم قبيحة وعقائدهم سليمة كأهل الكبائر‬

‫من المؤمني وغنهم وهؤالء غن مخلدين يف النار بل هم فيها حت‬

‫ض دورتهم الصغنة الوجودية فيخرجون إما باإلستحقاق‬


‫تنق ي‬
‫وإما بالشفاعة فيتحققون بمعرفة ش إسمه ذي البطش الشديد‬

‫األصىل والقسم الرابع‬


‫ي‬ ‫يكونون موصوفون بهذه الصفة يف المركز‬

‫هم اللذين رسبوا صورة باألقوال فقط فكانت أقوالهم قبيحة وسائر‬

‫أعمالهم وعقائدهم حسنة وهم اللذين يكبون يف النار عىل وجوههم‬

‫أو عىل مناخرهم كما ورد يف الحديث لقوله وهل يكب الناس عىل وجوههم‬
‫ن‬
‫أو عىل مناخرهم يف النار إال حصائد ألسنتهم وهذه الطائفة أخف‬

‫الت قبلها ودورتهم أصغر فإذا إنته أمرهم من العذاب‬


‫عذابا من ي‬
‫إل قطع دائرتهم الصغرى الوجودية تحققوا ش إسمه شديد العقاب‬

‫األصىل ورجعوا إل هللا تعال من‬


‫ي‬ ‫فإتصفوا بهذه الصفة يف المركز‬
‫حيثها وجميع أهل النار عىل طبقاتهم ودركاتهم يرجع إل هذه األربعة‬

‫أقسام غن أنهم يف العذاب متفاوتون لتفاوت ما كانوا عليه يف الدارين‬

‫وذلك لتفاوت محادتهم من صفات القهر والجالل فما المتصف بالقهارية‬


‫كالمتصف بالقاهرية وعىل ذلك فقس ولوال قصد اإلختصار ر‬
‫لرسحنا لك‬

‫ما يتعلق بكل قسم من هذه األقسام األربعة من أسماء الجالل وألوردنا‬

‫لك ما مواقعها طرا من أسماء الكمال ولكن نقبض العنان من‬

‫دون ذلك وهللا الموفق لمعرفة ما هنالك الخاتمة الحست‬

‫يف رشع قوله صىل هللا عليه وسلم المؤمن مرآة المؤمن إعلم أيدنا هللا‬

‫وإياك وال أخالنا عن روح قدسه وال أخالك أن هذا الحديث محمول‬

‫عىل أربعة أوجه وكلها صحيحة الوقوع ظاهرة المساغ الوجه األول هو ظاهر‬

‫تقتض أن ينصح المؤمن أخاه المؤمن فيعرفه بما فيه من‬


‫ي‬ ‫المفهوم ومعناه‬

‫المساويء ليجتنبها وبما فيه من المحاسن ليعتمدها فالمؤمن هنا يف‬

‫أعت المؤمن باهلل وبرسوله محمد صىل هللا عليه وسلم‬


‫الموضعي هو المؤمن المقيد ي‬
‫الثان‬
‫ي‬ ‫باف األديان والملل الوجه‬
‫مؤمت ي‬
‫ي‬ ‫ال يندرج تحته غنه من‬

‫وبالثان‬
‫ي‬ ‫هو أن يكون المراد بأحدهما هذا المؤمن المقيد المذكور أوال‬

‫ؤمت أهل األديان والملل المختلفة فإن اليهود والنصارى‬


‫سائر م ي‬
‫مؤمنون بنبيهم والكفار والمجوس يؤمنون بأقوال آبائهم كقولهم انا‬

‫وجدنا آباءنا عىل أمة وانا عىل آثارهم مقتدون فكلهم بهذا‬

‫يعت ينظرون المؤمنون‬


‫ان للمؤمن ي‬
‫اإلعتبار مؤمنون إيمانا ما فهم مر ي‬
‫الموحدون صور المحاسن والمساويء فيهم فينكون المساويء ويعملون‬
‫أعت‬
‫المحاسن كما انهم ينظرون ذلك فينا فكل من الطائفتي ي‬
‫للثان وهم كهو يف االجتناب عن‬
‫ي‬ ‫المؤمني المحمديي ومن سواهم مرآة‬

‫المساويء واإلعتماد عىل المحاسن وهذا من حيث الظاهر وكل من الطائفتي‬

‫للثان يف قبوله لفيض تجليات الحق فالمؤمنون‬


‫ي‬ ‫يف الباطن أيضا مرآة‬

‫المحمديون قابلون لفيض تجليات الجمال والمؤمنون الباقون قابلون‬

‫وف الجمال جالل فكل منهما مرآة‬


‫وف الجالل جمال ي‬
‫لفيض تجليات الجالل ي‬
‫للثان فالكل سواء يف الحق ومرجع الكل إل الحق وبالحق وللحق شعر‬
‫ي‬
‫الخلق للخلق يف التحقيق أكفاء ‪ .‬إذ نشأت الجسد الصلصال والماء‬

‫والروح مركزها يا صاح متحد ‪ .‬فالكل للكل أمثال وأكفاء‬

‫وهم عىل مقتض األسماء مرتبة ‪ .‬للسفل والعلو أسفال وأعالء‬

‫فمن ترى فيه وجه الحسن منبلجا ‪ .‬ففيه من ضدها قبح واسواء‬

‫ومن يرى فيه وصف القبح مكمال ‪ .‬فقيده وصف حسن وهو إخفاء‬

‫لم يخل شخص من الوصفي جمعهما ‪ .‬حتم عىل كل نفس وهو إنشاء‬

‫أما ترى خن خلق هللا كلهم ‪ .‬فيه ر‬


‫النية إضالل واهداء‬

‫أهدى به هللا قوما إذا ضل به ‪ .‬قوما وقرآنه رشد واغواء‬

‫وهو المقدس بالتقديس من أزل ‪ .‬وكله حسن ما فيه الواء‬

‫يعت‬
‫فعىل هذا الوجه الناس كلهم مستوون يرى كل منهم وجهه ي‬
‫شء‬‫ر‬
‫صفاته يف كل فالكل كالكل وما ثم إال خن يظهر يف الناس فيكتم منهم ي‬
‫الرس أو رش‬ ‫بمقدار ذلك الخن ر‬
‫وش يبدوا من قوم فيظهر منهم خن بمقدار ذلك ر‬

‫وخن يبدوا جملة من آخرين فتظهر الوصفان فيهم جملة وهللا اعلم الوجه الثالث‬
‫هو أن يكون المراد بأحدهما األنبياء صىل هللا عليهم وسلم واألولياء وكافة‬

‫بالثان المؤمنون‬
‫ي‬ ‫المقربي فهم مؤمنون إيمانا خاصا وأن يكون المراد‬

‫يعت ان‬
‫عىل االطالق ايمانا عاما فيكون معت قوله المؤمن مرآة المؤمن ي‬
‫األنبياء واألولياء صلوات هللا عليهم أجمعي الذين ظهرت فيهم صفات‬
‫الكماالت اإللهية مران لنا وأمثال لقبول كل منهم انما انا ر‬
‫بش مثلكم‬ ‫ي‬
‫فالمثلية واقعة بالنشأة والفطرة وهذا تحريض منهم لنا عىل طلب نيل‬

‫الت لم ينسد بابها‬


‫الكنى والوالية العظىم ي‬
‫ما يمكن نيله من تلك السعادة ر‬
‫فينبغ للعبد ان يطلب نيل كل سعادة ما خال‬
‫ي‬ ‫إل يوم القيامة‬
‫النبوة ر‬
‫الترسيعية والرسالة فإنه إذا طلب شيئا وجد وعمل فيما يصلح‬
‫ن‬
‫رض هللا عنه‬
‫اب طالب ي‬
‫عىل ابن ي‬
‫لذلك البد أن ينال مطلوبه كما قد ورد عن ي‬
‫أنه قال من طلب شيئا وجد وجد وما أحسن قول من قال شعر‬

‫اطلب من هللا وال تضجرن ‪ .‬فآفة الطالب ان يضجرا‬

‫أما ترى الحبل بتكراره ‪ .‬يف الحجرة الصماء قد أثرا‬

‫اطلب وال تقنع بمطلب دون مطلب فقد قال بعض المشايخ ال تقنع‬

‫من هللا ولو أعطاك مكالمة موش ونبوة عيش وخلة إبراهيم صلوات هللا‬

‫عليهم اجمعي يريد ان عند هللا ما وراء ذلك كله فاطلب منه ما هو أهله‬

‫ولو أعطاك مكالمة موش عىل ان ذلك محال ألن مراتب األنبياء صىل‬

‫هللا عليهم ال يصل إليها أحد غنهم فلو هنا إلمتناع حصولها ولكنها‬

‫عىل سبيل الفرض كما يفرض المحال وهللا الموفق ال رب غنه الوجه الرابع‬

‫هو أن يكون المراد بالمؤمن األول الحق تعال ألن المؤمن من أسمائه‬
‫الثان العبد فالحق تعال مرآة عبده وأن يكون‬
‫ي‬ ‫والمراد بالمؤمن‬

‫ثان الحق فيكون العبد مرآة‬


‫المراد بالمؤمن األول العبد وبالمؤمن ال ي‬
‫الحق تعال إذ يف الحقيقة هو مرآتك وأنت مرآته من حيث كونك‬

‫مرآته يرى هو صورته فيك فتكون أنت عنده عي ذاته وصفاتك‬

‫وأسماؤك عي أسمائه وصفاته وجميع ما صدر منك عي ما صدر‬

‫منه وب هذا االعتبار قال سبحانه وتعال‪ :‬من يطع الرسول فقد أطاع‬

‫هللا وقال‪ :‬وما رميت إذ رميت ولكن هللا رىم ومن ثم قال‬

‫عليه السالم خلق هللا آدم عىل صورته ومن حيث كون الحق‬

‫مرآة لك ترى أنت ذاتك مجلية بأسمائه وصفاته بل تتحقق أن ذاتك‬

‫المعن عنه بذاته فأنت هو وهو أنت وال تزال تحقق صورتك‬
‫ر‬ ‫ه عي‬
‫ي‬
‫يف مرآة كماله حت تتجىل ذاتك بجميع ما لها من تلك المحاسن الظاهرة يف تلك‬
‫المرآة المشهودة عىل التمام والكمال‪.‬‬

‫فهذه آخر الرسالة وهللا الموفق والهادي ال رب غنه‬

You might also like