You are on page 1of 19

‫السورة األنعام اآلية ‪51-48‬‬

‫مادة‪:‬‬
‫الستيفاء بعض املتطلّبات يف ّ‬
‫دراسة تفسير التحليلى‬

‫احملاضر‪:‬‬
‫‪Al Ustadz Dr. Asif Trisnani, L.c, M.Ag‬‬

‫قدمتها الطالبات ‪:‬‬


‫شهال عالمي مزايا‬
‫هنيئة أنهارل‬

‫قسم علوم القرآن والتفسير‬


‫كلية أصول الدين‬
‫جامعة دار السالم كونتور‬
‫مانتجان‪ ،‬نجاوى‪ ،‬جاوى الشرقية‪ ،‬إندونيسيا‬
‫ه‪1444/2022‬م‬
‫المقدمة‬

‫أ ّن سورة األنعام هي سورة السادسة يف الق!رآن الك!رمي‪ ,‬وتس!مى س!ورة األنع!ام‪،‬‬

‫الت ْف ِس! ِري‪ ،‬ل!!ورود ذك!!ر األنع!!ام فيه!!ا‪ :‬يف قول!!ه‬


‫ب َّ‬ ‫َ‬
‫ت تَس! ِميُتها يِف الْمص! ِ‬
‫اح ِ‬
‫ف و ُكتُ ِ‬ ‫َ َ‬ ‫كم!!ا ثَبَتَ ْ! ْ َ َ‬
‫تع!!اىل (وجعلُ!!وا لِلَّ ِه مِم َّا ذَرَأ ِمن احْل !!ر ِث واَأْلنْع! ِ!ام نَ ِ‬
‫ص !يباً) ‪ .‬وس!!ورة األنع!!ام هي من س!!ورة‬ ‫َ َ َْ َ‬ ‫َ ََ‬

‫ت مِب َ َّكةَ لَْياًل مُجْلَ ! !ةً‬ ‫َم ِّكيَّةٌ بِااِل ِّت َ!ف ! ! ِ‬
‫!اق ق! ! !!ول ابن عبّ! ! !!اس‪َ ,‬ف َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫اس ق! ! !!ال‪َ :‬أن َ!‬
‫َّه ! !!ا َن! ! ! َ!زلَ ْ‬ ‫َ‬
‫ني يِف َع! ِّ!د نُ!!ز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َو ِ!‬
‫ول ال ُّس! َو ِر‪َ .‬ن! َ!زلَ ْ‬
‫ت َب ْع! َ!د‬ ‫ُ‬ ‫ورةُ اخْلَام َس!ةَ َواخْلَ ْمس! َ‬
‫َّت َ!ه!ذه ال ُّس! َ‬
‫اح َد ًة‪َ ،‬ف َق! ْد عُ!!د ْ‬
‫الصافَّ ِ‬
‫ور ِة َّ‬ ‫س ِ ِ‬
‫ات‪.‬‬ ‫ورة احْل ْج ِر َو َقْب َل ُس َ‬
‫ُ َ‬

‫السو ِر الطُّو ِال سورةٌ مُج لَةً و ِ‬


‫اح َد ًة َغْي ُر َها‬ ‫قَال العلماء‪ :‬مَلْ َتْن ِز ْل ِم َن ُّ‬
‫َ ُ َ ْ َ‬

‫ت‬ ‫ولكن قي!!ل العلم!!اء األخ!!رى ك!!الثَّعلَيِب ‪ :‬ب!!أ ّن س !ورةُ اَأْلْنع! ِ!ام م ِّكيَّةٌ ِإاَّل ِس ! َّ ٍ‬
‫ت آيَ!!ات َن! َ!زلَ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ ُّ‬ ‫ّ‬
‫بِالْ َم ِدينَ ! ِ!ة َو ِه َي‪َ :‬وم !!ا قَ ! َ!د ُروا اللَّهَ َح! َّ!ق قَ! ! ْد ِر ِه‪ِ }91 { ...‬إىَل َ!‬
‫آخ ! ِر ثالث آي !!ات‪ ،‬وقُ ! ْ!ل‬

‫تَعالَ ْوا َأتْ ُل َما َحَّر َم َربُّ ُك ْم َعلَْي ُك ْم‪ِ }151{ ...‬إىَل آخر ثالث آيات‪.‬‬

‫ع! َ!دد آي ! ِ‬
‫!ات الس !!ورة األنع !!ام‪ !:‬روي عن ابن عب !!اس‪ :‬أهنا مكي !!ة غ !!ري س !!ت آي !!ات‪ ،‬وع !!دد‬ ‫َ ُ َ‬
‫آياهتا ‪ 165‬آية‪.‬‬

‫مناس!!بة الس !!ورة األنع!!ام ملا قبله!!ا‪ :‬تض!!منت! ك ! ّ!ل من س!!وريت املائ!!دة واألنع !!ام ‪ ,‬وس !!تأيت‬

‫البيان ما يلي‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ .1‬أ ّن سورة املائدة فيها حماج!!ة أه!ل الكت!!اب يف م!!واقفهم وعقائ!دهم‪ .‬و ّأم!!ا س!ورة‬

‫األنعام فيها حماجة املشركني يف عقائدهم وضالالهتم‪.‬‬

‫احملرمة والذبائح‪ ،‬وال!رد على أه!ل‬


‫كما ذكر يف السورتني أحكام امل‪ss‬طعومات ّ‬ ‫‪.2‬‬

‫تقربا إىل األوثان‪!.‬‬


‫اجلاهلية بتحرمي بعض األنعام! ّ‬
‫سورة األنعام المقاصد الكثيرة فستأتي البيان كما يلي ‪:‬‬

‫‪ ‬ش! ! !!أهنا كش! ! !!أن ال ّس ! ! !ور املكيّ ! ! !ة! ع! ! !!نيت بأص! ! !!ول العقي! ! !!دة واإلميان‪ :‬وهي إثب ! !!ات‬

‫والرسالة‪ ،‬والبعث واجلزاء واجلنة والنار‪.‬‬


‫األلوهية‪ ،‬والوحي ّ‬

‫ترسيخ العقيدة يف قلوب املؤمنني وإبطال عقائد املش!!ركني وبي!!ان احلكم!!ة من‬ ‫‪‬‬

‫اب ِإىَل ِدي ِن اللَّ ِه‪.‬‬


‫الت ْق َوى َوااِل نْتِ َس ِ!‬
‫َّاس بِ َّ‬
‫اضل الن ِ‬ ‫إرسال الرسل َو َّ‬
‫َأن َت َف ُ َ‬

‫حماج!!ة املش !!ركني‪ ،‬وغ !!ريهم من املبت !!دعني‪ ،‬ومن ك !!ذب‬


‫‪ ‬ه !!ذه الس !!ورة أص !!ل يف ّ‬
‫!ل‬‫ب!!البعث! والنّش!!ور‪ ،‬وه!!ذا يقتض!!ي إنزاهلا مجل!!ة واح!!دة ألن ِإبْطَ! ِ!ال َم!!ا َش !َر َعهُ ْ!‬
‫َأه ُ‬
‫الش ِّْر ِك ِم ْن حترمي بعض األنعام على أنفسهم‪.‬‬

‫آن اِإْل ْساَل ِ!م ختلل ذلك قوارع للمش!!ركني وبي!!ان نعم اهلل‬ ‫ان فَ ِ‬
‫ضل اإلميان بالْ ُقر ِ‬ ‫بي ِ‬ ‫‪‬‬
‫ْ‬ ‫ََ‬
‫اهلِيَّ ِة‬
‫آن َأِلحو ِال الْعر ِب يِف اجْل ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ ََ‬
‫على املؤمنني‪ .‬و ِهي َأمْج ع سو ِر الْ ُقر ِ‬
‫َ َ َ ُ َُ ْ‬

‫‪3‬‬
‫ومن فضائل سورة األنعام ‪:‬‬

‫والرس! !!الة‪،‬‬
‫‪ ‬ع ! !!نيت بأص ! !!ول العقي ! !!دة واإلميان‪ :‬وهي إثب ! !!ات األلوهي ! !!ة‪ !،‬وال ! !!وحي ّ‬
‫والبعث واجلزاء واجلنة والنار‪.‬‬

‫‪ ‬ترس!!يخ العقي!!دة يف قل!!وب املؤم!!نني وإبط!!ال عقائ!!د املش!!ركني وبي!!ان احلكم!!ة من‬

‫اب ِإىَل ِدي ِن اللَّ ِه‪.‬‬


‫الت ْق َوى َوااِل نْتِ َس ِ!‬
‫َّاس بِ َّ‬
‫اضل الن ِ‬ ‫إرسال الرسل َو َّ‬
‫َأن َت َف ُ َ‬

‫حماج!!ة املش !!ركني‪ ،‬وغ !!ريهم من املبت !!دعني‪ ،‬ومن ك !!ذب‬


‫‪ ‬ه !!ذه الس !!ورة أص !!ل يف ّ‬
‫ب !!البعث والنّش !!ور‪ ،‬وه !!ذا يقتض !!ي إنزاهلا مجل !!ة واح !!دة ألهنا يف مع !!ىن واح !!د من‬

‫احلجة‪.‬‬
‫ّ‬

‫ِإبْطَ ِال َما َشَر َعهُ َْأه ُل الش ِّْر ِك ِم ْن حترمي بعض األنعام! على أنفسهم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫آن اِإْل ْساَل ِ!م ختلل ذلك قوارع للمش!!ركني وبي!!ان نعم اهلل‬ ‫ان فَ ِ‬
‫ضل اإلميان بالْ ُقر ِ‬ ‫بي ِ‬ ‫‪‬‬
‫ْ‬ ‫ََ‬
‫اهلِيَّة‬
‫آن َأِلحو ِال الْعر ِب يِف اجْل ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ ََ‬
‫على املؤمنني‪ .‬و ِهي َأمْج ع سو ِر الْ ُقر ِ‬
‫َ َ َ ُ َُ ْ‬

‫‪4‬‬
‫البحث‬

‫فاآلن سنبحث عن السورة األنعام الآلية ‪51-48‬‬

‫ف َعلَْي ِه ْم َوالَ‬ ‫ِ‬ ‫ين ِإاّل ُمبَ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َأص لَ َح فَالَ َخ ْو ٌ‬
‫آم َن َو ْ‬ ‫ين َو ُمنذ ِر َ‬
‫ين فَ َم ْن َ‬ ‫ش ِر َ‬ ‫َو َما ُن ْرس ُل ال ُْم ْر َسل َ‬
‫ُه ْم يَ ْح َزنُو َن‪))48‬‬

‫اهداً َو ُمبَشراً َونَ ِذيراً‬


‫اك ش ِ‬ ‫ِ‬
‫األول‪َ :‬شاهداً َو ُمبَشراً ‪,‬وقال تعاىل ‪ِ :‬إنا َْأر َس ْلنَ َ َ‬
‫ّ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اك إالّ َرمحَةً ل ْل َعالَم َ‬
‫ثانياً ‪ :‬رمحة للناس ‪.‬قال تعاىل ‪َ :‬و َما َْأر َس ْلنَ َ‬

‫ثالثاً ‪ :‬البالغ! املبني ‪.‬‬

‫وقال تعاىل ‪ :‬ما َعلَى الرس ِ‬


‫ول ِإالّ الْبَالَغُ! َواللّهُ َي ْعلَ ُم َما تبُ ُدو َن َو َما تَكْتُ ُمو َ!ن‬ ‫ُ‬

‫وقال تعاىل ‪ :‬فَِإن َت َو ْلواْ فَِإمنَّا َعلَْي َ‬


‫ك البَالَغُ الْ ُمبِ ُ‬
‫ني ‪.‬‬

‫رابعاً ‪ :‬الدعوة إىل اهلل ‪.‬‬

‫وت‪.‬‬ ‫َأن ْاعب ُدواْ اللّه و ِ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ولََق ْد بع ْثنَا يِف ُكل ٍ‬
‫ُأمة رسوالً ِ‬
‫اجتَنبُواْ! الطاغُ َ‬
‫ََ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ك ِمن ٍ‬ ‫ِ‬
‫اعب ُ!د ِ‬
‫ون‬ ‫رسول ِإال نُوحي ِإلَْيه َأنهُ اَل إ لَهَ ِإال َأنَ!ا فَ ْ ُ‬
‫ُ‬ ‫وقال تعاىل ‪َ :‬و َما َْأر َس ْلنَا ِمن َقْبل َ‬

‫‪.‬‬

‫خامساً ‪ :‬إقامة احلجة ‪.‬‬

‫الرس ِل ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ين لَِئال يَ ُكو َ!ن لِ ِ‬


‫لناس َعلَى اللّه ُحجةٌ َب ْع َد ُ‬ ‫ِِ‬
‫رسالً مبَش ِر َ‬
‫ين َو ُمنذر َ‬ ‫وقال تعاىل ‪ُ :‬‬

‫‪5‬‬
‫ت ِإلَْينَ!!ا َر ُس !والً‬ ‫ِِ‬ ‫!اهم بِع! َذ ٍ‬
‫اب من َقْبل!!ه لََق!!الُوا َربّنَ!!ا لَ! ْ!واَل َْأر َس ! ْل َ‬ ‫وق!!ال تع!!اىل‪َ :‬ولَ! ْ!و َأن!!ا َْأهلَكْنَ! ُ َ‬
‫َفنتبِع آياتِك ِمن َقب ِل َأن ِ‬
‫نذل َوخَن َْزى ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ‬

‫وعن !!دما يص !!يحون! بالن !!ار بع !!د أن حييطم الع !!ذاب من ك !!ل ج !!انب وين !!ادون ويص !!رخون‬

‫تقول هلم خزنة جهنم ‪:‬‬


‫!ك تَ !ْأتِي ُكم رس !لُ ُكم بِالْبينَ! ِ‬
‫!ات قَ!!الُوا بلَى قَ!!الُوا فَ! ْ!ادعُوا َو َم!!ا‬ ‫كم!!ا ق!!ال تع!!اىل ‪ :‬قَ!!الُوا ََأوملْ تَ! ُ‬
‫َ‬ ‫ُُْ‬
‫ضاَل ٍل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ين ِإال يِف َ‬
‫ُد َعاء الْ َكاف ِر َ‬

‫‪.‬وَأ ْ‬
‫ص! ! ! ! !لَ َح ‪ :‬عم! ! ! !!ل اجلوارح ‪ ،‬وإص! ! ! !!الح العم! ! ! !!ل يك! ! ! !!ون ب! ! !!أمرين ‪:‬‬ ‫فَ َم ْن َآم َن بقلب! ! ! !!ه َ‬
‫اإلخالص ‪ ،‬ومتابعة الشريعة‬

‫والقاعدة املقررة عند العلماء ‪ :‬أن اإلميان إذا جاء مطلقاً ومل يُعطف عليه العم!!ل الص!!احل‬

‫فهو يشمل اإلميان من اجلهات الثالث ‪:‬‬

‫إميان القلب باالعتقاد‬ ‫‪-‬‬

‫وإميان اللسان باإلقرار‬ ‫‪-‬‬

‫وإميان اجلوارح بالعم!!ل الص!!احل ( وإذا عُط!!ف علي!!ه العم!!ل الص!!احل كقول!!ه ( إن‬ ‫‪-‬‬

‫(آم َن َوَأ ْ‬
‫ص!لَ َح ) انص!!رف اإلميان إىل‬ ‫ال!!ذين آمن!!وا وعمل!!وا الص!!احلات ) قول!!ه هن!!ا َ‬
‫ركنه األكرب وهو االعتقاد القليب ‪ ،‬وصار اإلصالح بعده يُراد به األعمال ‪.‬‬

‫ف َعلَْي ِه ْم فيما يستقبلونه! من أهوال ‪ ،‬فهم آمنون ‪.‬‬


‫فَال َخ ْو ٌ‬

‫‪6‬‬
‫َوال ُه ْم حَيَْزنُ!و َن أي ‪ :‬بالنس!بة إىل ترك!وه وراء ظه!ورهم من أم!ر ال!دنيا وص!نيعتها ‪ ،‬فاهلل‬

‫وليهم فيما خلفوه ‪ ،‬وحافظهم فيما تركوه ‪.‬‬

‫فاخلالص! ! !!ة من البي! ! !!ان اآلي! ! !!ة ‪ 48‬م! ! !!ا يلي ‪ :‬فمن آمن هبم وأص! ! !!لح عمل ! !!ه ‪ ،‬فال‬

‫خ ! !!وف عليهم يف اآلخ ! !!رة ‪ ،‬وال هم حيزن ! !!ون على م ! !!ا ف ! !!اهتم يف ال ! !!دنيا ‪ ،‬واملراد أهنم ال‬

‫خيافون مما س !!يأيت يف املس !!تقبل وال حيزن !!ون على م !!ا ترك !!وا يف ال !!دنيا ‪ ،‬ألن اآلخ !!رة دار‬

‫السرور واحلبور‪.‬‬

‫في نفسير الطبري‬

‫يق!!ول تع!!اىل ذك!!ره‪ :‬وم!!ا نرس!!ل رس!!لنا إال ببش!!اره أه!!ل الطاع!!ة لن!!ا باجلن!!ة والف!!وز‬

‫املبني يوم القيامة‪ ،‬ج!زاء من!ا هلم على طاعتن!ا! وبإن!ذار من عص!انا وخ!الف أمرن!ا‪ ،‬عقوبتن!ا‬

‫إياه على معصيتنا! يوم القيامة‪ !،‬جزاء على معصيتنا لنع!!ذر إلي!!ه فيهل!!ك إ ّن هل!!ك عن بين!!ة‪.‬‬

‫(فمن آمن وأص!!لح) يق!!ول‪ :‬فمن ص!!دق من أرس!!لنا إلي!!ه من رس!!لنا إن!!ذارهم إي!!اه‪ ،‬وقب!!ل‬

‫منهم م! !!ا ج! !!اؤوه ب! !!ه من عن! !!د اهلل‪ ،‬وعم! !!ل ص! !!احلا يف ال! !!دنيا‪( .‬فال خ !!وف عليهم) عن !!د‬

‫قدومهم على رهبم‪ ،‬من عقاب!!ه وعذاب!!ه ال!!ذي أع!!ده اهلل ألعدائ!!ه وأه!!ل معاص!!يه‪( .‬وال هم‬
‫‪1‬‬
‫حيزنون) عند ذلك على ما خلّفوا وراءهم يف الدنيا‬

‫‪ .11‬الدكتور بثارعوا ومعروف‪ !,‬تفسري الطربي من كتابة جامع البيان عن تأويل القرآن‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫اجللد الثالث‪ ،‬ص‪259 .‬‬

‫‪7‬‬
‫س ُقو َن (‪)49‬‬ ‫سهم ال َْع َذ ُ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اب ب َما َكانُواْ َي ْف ُ‬ ‫ين َكذبُواْ بآيَاتنَا يَ َم ُ ُ‬
‫َوالذ َ‬
‫ين َك! ّذبُوا بِآيَاتِنَ!!ا ه!!ذا القس!!م الث!!اين من ال!!ذين أرس!!ل إليهم الرس!!ل ‪ ،‬وهم‬ ‫ِ‬
‫َوال!!ذ َ‬
‫من كذب بآيات اهلل‪.‬‬

‫وآي !!ات اهلل كوني !!ة وش !!رعية ‪ :‬اآلي !!ة الكوني! !ة! القدري !!ة ‪ .‬فهي مما نش !!اهده مما ال يس !!تطيع‬

‫البش!!ر أن خيلق!!وا مثله!!ا وهي م!!ا نص!!به اهلل ع! ّ!ز وج! ّ!ل‪ ,‬لي!!دل ب!!ه خلق!!ه على أن!!ه الواح!!د‬

‫األحد املستحق للعبادة ‪ ،‬كالشمس والسماء واألرض وحنوها ‪ ،‬وكل م!!ا يف الك!!ون من‬

‫خملوقات اهلل شاهد بكمال اهلل وقدرته وعزته وأنه املستحق للعبادة‬
‫ض واختِ ِ‬
‫الف اللي! ِ!ل والنه!!ا ِر والْ ُف ْل! ِ‬ ‫ِ‬
‫!ك‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫ق !!ال تع !!اىل ‪ :‬إن يِف َخ ْل! ِ!ق الس ! َ!م َاوات َو ْ‬
‫اَأْلر ِ َ ْ‬
‫!اء فَ ِ ِ‬‫ح ِر مِب !!ا يْن َف!!ع الن!!اس وم!!ا َأْن!!ز َل اهلل ِمن الس!!م ِاء ِمن م! ٍ‬
‫ض‬
‫اَأْلر َ‬
‫َأحيَ!!ا ب !!ه ْ‬
‫ْ‬ ‫اليِت جَتْ! ِري يِف الْبَ ْ! َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ َ ْ َ‬
‫اب الْ ُم َس !خ ِر َبنْي َ الس! َ!م ِاء‬
‫!اح والس!!ح ِ‬ ‫!ل َداب! ٍ!ة وتَ ْ ِ‬
‫ص ! ِريف الريَ! ِ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ث فِ َ!‬
‫يه!ا ِم ْن ُك! ِّ‬ ‫بَع! َ!د َم! ْ!و ِت َوبَ ّ‬

‫!ات لَِق! ْ!وٍم َي ْع ِقلُ!!و َن ‪ ,‬أي ‪ :‬لعالم!!ات واض!!حة جازم!!ة قاطع!!ة ب!!أن من خلقه!!ا‬
‫ض آَل ي! ٍ‬
‫اَأْلر ِ‬
‫َو ْ‬
‫هو رب هذا الكون! ‪ ،‬وهو املعبود وحده‪:‬‬

‫ف!!الكفر باآلي!!ات الكوني!ة! يك!!ون! ب!!أمور ‪ :‬أن جيح!!د أن اخلالق س!!بحانه خلقه!!ا في!!دعي أن‬

‫الذي خلقها ‪ ،‬أو أن يعتقد أن له شريكاً يف خلقه ‪ ،‬أو أن له معيناً يف خلقه ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ف!!الكفر باآلي!!ات الش!!رعية الديني!!ة ‪ ،‬كآي!!ات ه!!ذا الق!!رآن العظيم ‪ .‬ال يس!!تطيع البش!!ر أن‬

‫(ه َ!و ال! ِ!ذي‬ ‫!ات ِ‬


‫اهلل ) وقول!!ه تع!!اىل ُ!‬ ‫ي!!أتوا مبثل!!ه‪ .‬ومن!!ه قول!!ه تع!!اىل ‪:‬ىرس!والً يْتلُ!!وا علَي ُكم آي ! ِ‬
‫َ ُ َ َْ ْ َ‬
‫!يني َر ُس! !وال ِمْن ُه ْم َيْتلُ !!وا َعلَْي ِه ْم آيَاتِ ! ِ!ه ‪.‬ومسيت آي !!ات ‪ ،‬مجع آي !!ة ‪ ،‬عالم !!ة‬
‫ث يِف اُأْلم ! َ‬
‫َب َع َ‬

‫على صدق من جاءا ‪.‬‬

‫والكفر باآليات الشرعية إما جبحودها‪ ،‬أوبتكذيبها‪ !،‬أو باالس!!تكبار والعن!!اد ‪ ،‬كم!!ا ق!!الوا‬

‫عن القرآن‪ :‬إنه سحر‪ ،‬وأساطري األولني ‪.‬‬

‫اب أي ‪ :‬يص!!يبهم الع!!ذاب إص!!ابة مباش!!رة ‪.‬واملس!!يس ‪ :‬وق!!وع الش!!يء على‬


‫مَيَس! ُ!ه ُم الْ َع! َذ ُ‬
‫الش! !!يء مباش! !!رة من غ! !!ري أن حيول بينهم! !!ا حائ! !!ل ‪ ،‬وعرّب باملس! !!يس لي! !!بني أن ح ! ّ!ر ذل !!ك‬

‫الع !!ذاب وأمله يباش !!رهم مباش !!رة عظيم !!ة ش !!ديدة من غ !!ري حائ !!ل ‪ ،‬وع !!ذاب اهلل ال مياثل !!ه‬

‫املس" َح ِقي َقتُهُ!‬


‫َأح ٌد‪ .‬واملعين من " ّ‬
‫ِ‬
‫َأح ٌد ‪َ .‬وال يُوث ُق َوثَاقَهُ َ‬
‫يعذب َع َذابَهُ َ‬
‫ِئ ٍ‬
‫عذاب َفَي ْو َم ذ ال ُ‬
‫ِ‬ ‫س واجْل س‪ ،‬ويس!تعار ِإِل ِ ِ‬ ‫ُمبَا َش!َرةُ اجْلِ ْس! ِم بِالْيَ! ِ!د َو ُ!ه َ!و ُم! َ!ر ِاد ُ‬
‫ص!ابَة ج ْس! ٍم ج ْس! ًما َ‬
‫آخ َ!ر‬ ‫ف اللَّ ْم ِ َ َ ِّ َ ُ ْ َ َ ُ َ‬
‫َك َما يِف َه ِذ ِه اآْل يَِة‪.‬‬

‫مِب َ!!ا َ!ك!انُوا َي ْف ُس! ُقو َن ) بس!!بب فس!!قهم ‪ ( ،‬والب!!اء ) س!!ببية ‪ ،‬أي ‪ :‬ميس!!هم الع!!ذاب بس!!بب‬

‫كانوا فاسقني يف دار الدنيا ‪ ،‬والفسق‪ ,‬املراد به هنا الكفر ‪.‬‬


‫ِ‬
‫ين فَ َس! ُقوا فَ َ!م ْأ َو ُاه ُم الن ُ‬
‫!ار ‪,‬‬ ‫الفسق يطلق وي!راد ب!ه الكف!ر كقول!ه تع!اىل ‪َ :‬و َّأم!ا ال!ذ َ‬
‫صيَا َن‬ ‫ويطلق ويراد به ما دون الكفر‪ .‬كقوله تعاىل ‪ :‬و َكره ِإلَي ُكم الْ ُك ْفر والْ ُفس َ ِ‬
‫وق َوالْع ْ‬ ‫َ َ ْ ُ ََ ُ‬

‫‪9‬‬
‫فمن هذه البيان نستطيع أن نعرف بأ ّن الفوائد اآلية اآلتية مايلي‪:‬‬

‫‪ .1‬منّة اهلل بإرسال الرسل‬

‫أن إرسال الرسل يتضمن هذين الشيئني ‪ :‬البشارة ‪ ،‬واإلنذار ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫أن الناس ينقسمون يف دعوة الرسل إىل قسمني ‪ :‬مصدق ‪ ،‬ومكذب ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫حكمة اهلل يف انقسام الناس إىل ذلك ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫وجوب اإلميان وإصالح العمل ‪.‬‬ ‫‪.5‬‬

‫أن التكذيب بآيات اهلل سبب للعقوبة‬ ‫‪.6‬‬

‫في نفسير الطبري‬

‫يق !!ول تع !!اىل ذك !!ره‪ :‬وأم !!ا ال !!ذين ك !!ذبوا مبن أرس !!لنا إلي !!ه من رس !!لنا‪ ،‬وخ !!الفوا أمرن !!ا‬

‫وهنينا‪ ،‬ودافعوا حجتنا‪ ،‬فإهنم يباشرهم عذابنا وعقابنا‪ ،‬على تك!!ذيبهم م!!ا ك!!ذبوا من‬

‫حججنا‪( .‬مبا كانوا يفسقون) كنوا يكذبون!‪.2‬‬

‫ك ِإ ْن‬
‫ول لَ ُك ْم ِإني َملَ ٌ‬
‫ب َوال َأقُ ُ‬ ‫ِئ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قُل َألقُ ُ‬
‫ول لَ ُك ْم عندي َخ َزآ ُن اهلل َوال َأ ْعلَ ُم الْغَْي َ‬
‫كرو َن (‪)50‬‬ ‫َأتبِع ما يوحى ي قُل َهل يستَ ِوي اَأل ْعمى والْب ِ‬
‫ص ُير َأفَالَ َتتَ َ‬
‫ف ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ َْْ‬ ‫َُ ُ َ‬
‫قُ ْل يقول تعاىل لرسوله اآليات ويقرتحوا! ‪ 4 .‬فاآلية رد على الذين يطلبون من النيب‪:‬‬
‫ول لَ ُكم ِعْن ِدي خزاِئن ِ‬
‫اهلل أي ‪ :‬لست أملكها وال أتصرف فيها ‪.‬‬ ‫ََ ُ‬ ‫ال َأقُ ُ ْ‬
‫‪2‬الدكتور بثارعوا ومعروف ص‪260 .‬‬

‫‪10‬‬
‫ب أي ‪ :‬وال أق! ! ! ! ! ! !!ول لكم ‪ :‬إين أعلم الغيب! ‪ ،‬إمنا ذاك من علم اهلل ‪ ،‬وال‬
‫َأعلَ ُم الْغَْي َ‬
‫َوال ْ‬

‫أطلع منه إال على ما أطلعين عليه ‪.‬‬

‫ول لَ ُك ْم ِإين َملَ ٌ‬


‫ك أي ‪ :‬وال أدعي أين ملَك ‪ ،‬إمنا أنا بشر من البشر ‪.‬‬ ‫َوال َأقُ ُ‬

‫ِإ‬ ‫ِإ‬
‫إيل ‪،‬‬ ‫ْن َأتبِ! ُ!ع ال َم!!ا يُ! َ‬
‫!وحى أي ‪ :‬م!!ا أتب!!ع فيم!!ا أدع!!وكم إلي!!ه إال وحي اهلل ال!!ذي يوحي!!ه ّ‬
‫!وحى ِإيَل ‪ ,‬وال ! ! !!وحي ‪ :‬لغ ! ! !!ة اإلعالم! ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِإ‬
‫كم ! ! !!ا ق ! ! !!ال تع ! ! !!اىل قُ ! ! ! ْ!ل منَ ! ! !!ا َأنَ ! ! !!ا بَ َش! ! ! !ٌر م ْثلُ ُك ْم يُ ! ! ! َ‬
‫واصطالحاً ‪ :‬هو إعالم اهلل تبارك وتعاىل ألحد أنبيائه! بالشرع‬

‫ِإ‬
‫قول!!ه تع!!اىل ِإ ْن َأتبِ! ُ!ع ال َم!!ا يُ! َ‬
‫!وحى َإيل ) يف ه!!ذا أن من خص!!ائص الرس!!ل عن بقي!!ة البش!!ر‬

‫بالوحي ‪ ،‬وهناك خصائص اختص األنبياء دون بقية البشر ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬الوحي ‪:‬‬

‫وحى ِإيل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِإ‬


‫قال تعاىل ( قُ ْل منَا َأنَا بَ َشٌر م ْثلُ ُك ْم يُ َ‬
‫ثانياً ‪ :‬تنام أعينهم دون قلوم ‪.‬‬

‫ففي ح ! ! !!ديث اإلس ! ! !!راء ق ! ! !!ال ‪ :‬وك ! ! !!ذلك األنبي ! ! !!اء تن ! ! !!ام أعينهم وال تن ! ! !!ام قل ! ! !!وم ) رواه‬

‫البخاري )‬

‫ثالثاً ‪ :‬التخيري عند املوت ‪.‬‬

‫قال ما من نيب ميرض إال خرّي بني الدنيا واآلخرة ) متفق عليه)‬

‫رابعاً ‪ :‬أحياء يف قبورهم ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫قال األنبياء! أحياء يف قبورهم( رواه أبو يعلى )‬

‫قال رأيت موسى يصلي يف قربه ) رواه مسلم)‬

‫خامساً ‪ :‬ال تأكل األرض أجسادهم ‪.‬‬

‫قال إن اهلل حرم على األرض أن تأكل أجساد األنبياء ) رواه أبو داود )‬

‫سادساً ‪ :‬يقربون! حيث ميوتون! ‪.‬‬

‫قال مل يقرب نيب إال حيث ميوت ) رواه أمحد )‬

‫يف حج!!رة عائش!!ة ‪ ،‬حيث قبض!!ت روح!!ه فيه!!ا ‪ .‬وهلذا ف!!إن الص!!حابة رض!!وان اهلل عليهم‬

‫دفنوا الرسول‬

‫سابعاً ‪ :‬العصمة مما ال يليق ‪.‬كالكذب والغش واخليانة ‪.‬‬


‫اَأْلعمى والْب ِ‬
‫ص!ريُ ) أي ‪ :‬ه!ل يس!!توي من‬ ‫قُ ْل ) يا حممد بعد أن تبنّي هذا )‪َ .‬ه ْل يَ ْستَ ِوي ْ َ َ‬
‫دي إليه ‪ ،‬ومن ضل عنه ومل يَن َقد له ؟‬
‫وه َ‬
‫اتبع احلق ُ‬
‫كر‬ ‫!ك احل !!ق َكمن ُه!!و ْ ِإ‬ ‫(كم!!ا ق!!ال تع!!اىل (َأفَمن يعلَم أمنَ!!ا ُأنْ! ِز َل ِإلَي! َ ِ‬
‫َأع َمى منَ!!ا يتَ! َذ ُ‬ ‫!ك م ْن َرب! َ َ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َْ ُ‬
‫ُأولُو اَأْللْبَاب‪.‬‬

‫َأفَال َتَت َف ُ‬
‫كرون االستفهام! للتوبيخ والتقريع ‪ ،‬يعين أبعد هذا تعرضون فال تتفكرون!‬

‫الفوائد ‪:‬‬

‫أن النيب ال يعلم الغيب‬ ‫‪-‬‬

‫‪12‬‬
‫أن مهمة الرسول التبليغ واإلنذار ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫أن النيب متبع للوحي وما جاء عن اهلل ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫فضل اإلميان واهلدى ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ذم عمى البصرية!‬ ‫‪-‬‬

‫في نفسير الطبري‬

‫يقول تعاىل ذكره‪ :‬قل هلؤالء املنكرين نبوتك‪ :‬لست أقول لكم إين الرب ال!!ذي‬

‫ل!!ه خ!!زائن الس!!ماوات واألرض‪ ،‬ف!!أعلم غي!!وب األش!!ياء اخلفي!!ة ال!!يت ال يعلمه!!ا إال ال!!رب‬

‫الذي ال خيفى عليه شيئ‪ ،‬فتك!ذبوين فيم!ا أق!ول من ذل!ك‪ ،‬ألن!ه ال ينبغي! ملل!ك أن يك!ون!‬

‫ربا إال من ملك كل ش!يئ‪ ،‬وبي!ده ك!!ل ش!يئ‪ ،‬ومن ال خيفى علي!ه خافي!!ة‪ .‬وذل!ك ه!!و اهلل‬

‫الذي ال إله غريه‪.3‬‬

‫(وال أقول لكم إين ملك) ألن!!ه ال ينبغي! ملل!!ك أن يك!!ون! ظ!!اهرا بص!!ورته ألبص!!ار‬

‫البش!!ر يف ال!!دنيا‪ ،‬فتجح!!دوا م!!ا أق!!ول لكم من ذل!!ك‪( .‬إن أتب!!ع إال م!!ا يوحي!!ه إيل) م!!ا أتب!!ع‬

‫فيما أقول لكم وأدعوكم إليه‪ ،‬إال وحي اهلل الذي يوحيه إيل‪ ،‬وتنزي!ل ال!ذي ينزل!ه علي‪،‬‬

‫فأمض!!ي لوحي!!ه وأثتم!!ر ألم!!ره‪ ،‬وق!!د أتيتكم ب!!احلجج القاطع!!ة من اهلل ع!!ذركم على ص!!حة‬

‫ق!!ويل يف ذل!!ك‪ ،‬وليس ال!!ذي أق!!ول من ذل!!ك مبنك!!ر يف عق!!ولكم وال مس!!تحيل كون!!ه‪ ،‬ب!!ل‬

‫ذلك مع وجود بره!ان على حقيقت!ه ه!و احلكم!ة البالغ!ة‪ ،‬فيم!ا وج!ه إنك!ار ذل!ك؟ وذل!ك‬
‫‪3‬الدكتور بثارعوا ومعروف ص‪260 .‬‬

‫‪13‬‬
‫تنبي ! !ه! من اهلل تع! !!اىل ذك! !!ره نبي! !!ه حمم! !!د ص! !!لى اهلل علي! !!ه وس! !!لم على موض! !!ع حجت !!ه على‬

‫منكري نبوته من مشرطي قومه‪.‬‬

‫(ق !!ل ه !!ل يس !!توي األعمى والبص !!ري)! ق !!ل ياحمم !!د هلم‪ :‬ه !!ل يس !!توي األعمى! عن‬

‫احلق والبص ! !!ري ب ! !!ه‪( .‬واألعمى)! ه ! !!و الك ! !!افر ال! !!ذي ق ! !!د عمي عن حجج اهلل فال يتبينه! !!ا‬

‫فيتبعه!!ا‪( !.‬و البص!!ري) املؤمن ال!!ذي ق!!د أبص!!ر آي!!ات اهلل وحجج!!ه‪ ،‬فاقت!!دى هبا واستض!!اء‬

‫بض !!يائها‪( !.‬أفال تتفك !!رون)! هلؤالء ال !!ذين ك !!ذبوا بآي !!آت اهلل‪ :‬أفال تتفك !!رون فيم !!ا أحتج‬

‫عليكم به‪ ،‬أيها القوم‪ ،‬من هذه احلجج‪ ،‬فتعلموا صحة ما أقول لكم وأدعوكم إليه‪ ،‬من‬

‫فس!!اد م!!ا أنتم علي!!ه مقيم!!ون من إش!!راك األوث!!ان واألن!!داد بااهلل ربكم‪ ،‬وتك!!ذيبكم إي!!اي‬

‫م !!ع ظه !!ور حجج ص !!دقي ألعينكم‪ ،‬فت !!دعوا م !!ا أنتم علي !!ه من الكف !!ر مقيم !!ون‪ ،‬إىل م !!ا‬

‫أدعوكم إليه من اإلميان الذي به تفوزون؟‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫س لَ ُهم من ُدونِ ه َولي َوالَ َش ف ٌ‬
‫يع‬ ‫ِ‬ ‫ين يَ َخ افُو َن َأن يُ ْح َ ِإ‬
‫ش ُرواْ لَى َربه ْم لَْي َ‬ ‫َوَأن ذ ْر ب ه ال ذ َ‬
‫له ْم يَت ُقو َن (‪)51‬‬
‫َلع ُ‬

‫مناسبة اآلية ملا سبقها ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪14‬‬
‫!وحى ِإلَْي ِ!ه ََأم َ!رهُ اللَّهُ َت َع!اىَل َأ ْن يُْن ِ!ذ َر بِ ِ!ه َف َق َ‬
‫!ال‪:‬‬ ‫ِإ‬
‫َأخَب َ!ر الن!يب َأنَّهُ اَل َيتَّبِ ُ!ع اَّل َم!ا يُ َ‬
‫لَ َّما ْ‬ ‫‪‬‬
‫ُأوحي ِإلَيك‪ .‬وقِيل‪ :‬يعود علَى اللَّ ِه َأي بِع َذ ِ ِ ِ‬
‫ََأنْ ِذر بِِه مِب ِ‬
‫اب اللَّه‪َ .‬وقي! َ!ل‪َ :‬يعُ! ُ‬
‫!ود‬ ‫ْ َ‬ ‫َأي َا َ ْ َ َ َ َ ُ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ور بِِإنْ َذا ِر اخْلَاَل ِئ ِق ُكلِّ ِه ْم ‪.‬‬
‫َعلَى احْلَ ْش ِر َو ُه َو َمْأ ُم ٌ‬
‫!ان‪َ ،‬و َكَأنَّهُ قِي! ! َ!ل‪:‬‬
‫!اف احْل ْش ! !ر ‪َ :‬أِلنَّه م ِظنَّةُ اِإْل ميَ! ! ِ‬
‫َُ‬ ‫‪ ‬وِإمَّنَ! !!ا َخ َّ ِ ِإْل ِ‬
‫ص با نْ ! ! َذار ُهنَ! !!ا َم ْن َ!خ ! َ َ َ‬ ‫َ‬

‫الْ َك َفَرةُ الْ ُم ْع ِر ُ‬


‫ضو َن َد ْع ُه ْم ورأيهم وأنذر‬
‫‪ ‬بِالْ ُقر ِ‬
‫آن َم ْن يُْر َجى ِإميَانُهُ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫‪َ ‬وَأنْ ! ِ!ذ ْر بِ ! ِ!ه أي ‪ :‬وأن !!ذر ذا الق !!رآن ي !!ا حمم !!د ‪ ،‬وأعلمهم مبا عن !!د اهلل من األوام !!ر‬

‫والنواهي ‪.‬‬

‫واإلن!!ذار ‪ :‬اإلعالم! بالش!!يء على وج!!ه التخوي!!ف ‪ .‬قول!!ه تع!!اىل ‪ :‬ب!!القرآن وه!!ذا‬

‫هو الصحيح ورجحه ابن جرير ‪.‬‬

‫وق!!د رجح ه!!ذا الق!!ول ‪ :‬ابن جري!!ر ‪ ،‬والقرط!!يب ‪ ،‬والبغ!!وي ‪ ،‬وابن عطي!!ة ‪ ،‬وابن‬

‫اجلوزي‬

‫أ‪ .‬لداللة السياق ‪ ،‬قال أبو حيان ‪ :‬ملا أخرب أن!!ه ال يتب!!ع إال م!!ا ي!!وحى إلي!!ه ‪ ،‬أم!!ره أن‬

‫ينذر به ‪.‬‬

‫إيل ‪ ،‬ول!!ذلك‬
‫ب‪ .‬أن األوىل ع!!ود الض!!مري إىل أق!!رب م!ذكور وه!!و قول!!ه ( م!!ا ي!!وحى ّ‬
‫قال الشنقيطي! وأصح‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫األقوال يف مرجع الضمري ‪:‬‬

‫إيل ) ‪ .‬وقي!ل ‪ :‬إىل‬


‫أنه راج!ع إىل الق!رآن املع!رب عن!ه بقول!ه( إن أتب!ع إال م!ا ي!وحى ّ‬ ‫‪‬‬

‫اهلل ‪ ،‬وقيل ‪ :‬إىل اليوم! اآلخر ‪.‬‬

‫ين خَيَ!!افُو َن َأ ْن حُيْ َش!ُروا ِإىَل َرب‪ِ ‬ه ْم ) أي ‪ :‬ال!!ذين يؤمن!!ون ب!!البعث والقيام!ة!‬ ‫ِ‬
‫( ال!!ذ َ‬ ‫‪‬‬

‫واحلشر ‪ ،‬وخيافون ذلك اليوم حينما جيمعهم يف ذلك‪.‬‬

‫(الي!!وم كم!!ا ق!!ال تع!!اىل ( َوخَيَ!!افُو َن َي ْوم!اً َ!ك!ا َن َش!ّرهُ ُم ْس!تَ ِطرياً ) ‪.‬اختل!!ف يف املراد‬ ‫‪‬‬

‫ب( الذين خيافون‬

‫فقي! ! !!ل ‪ :‬ك! ! !!ل من خ! ! !!اف من البعث ‪ ،‬س! ! !!واء ك! ! !!ان مس! ! !!لماً فإن! ! !!ه ين! ! !!ذر لي ! !!رتك‬ ‫‪‬‬

‫املعاصي ‪ ،‬أو كان من أهل الكتاب فينذر ليتبع احلق ‪ ،‬ورجحه‬

‫القرطيب ‪ ،‬وابن عطية ‪ ،‬وابن اجلوزي ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ين خَيَ!افُو َن َأ ْن حُيْ َش!ُروا ِإىَل رهّب م‬ ‫ِ‬


‫لعموم اللفظ ‪ ،‬قال أبو حيان ‪ :‬وظاهر قوله (ال!ذ َ‬ ‫‪‬‬

‫) عم !!وم من خ !!اف احلش !!ر ‪ ،‬وآمن ب !!البعث! من مس !!لم ويه !!ودي ونص !!راين ك !!ان‬

‫مبعوث ! ! !اً! للك! ! ! !!ل ‪ ،‬فكلهم من! ! ! !!ذرين وأن! ! !!ه وقي! ! ! !!ل ‪ :‬املراد باالس! ! !!م املوص! ! !!ول هم‬

‫املؤمنون ‪ .‬وبه قال ابن كثري ‪ ،‬والقامسي ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ق!الوا ‪ :‬ألن ل!!ه ش!اهداً من الق!رآن كقول!!ه ( إمنا تن!ذر ال!!ذين خيش!ون رهّب م ب!الغيب!‬

‫وأقاموا الصالة (وقوله ( إمنا تنذر من اتبع الذكر وخشي الرمحن بالغيب! ‪.‬‬

‫فإن قيل ‪ :‬ملا خض اإلنذار على الذين خيافون أن حيشروا ‪ ،‬م!!ع أن الق!!رآن إن!!ذار‬ ‫‪‬‬

‫ني نَ! ِ!ذير‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫لألس!!ود واألبيض (َتبَ! َ!ار َك ا ل! ِ!ذي نَ! َ‬
‫!زل الْ ُف ْرقَ!!ا َن َعلَى َعْب!!ده ليَ ُ!ك!و َن ل ْل َع!!الَم َ‬
‫اً )‬

‫ِِ‬
‫وق ! !!ال تع ! !!اىل (َأ ْن َأنْ ! !!ذر الن ! ! َ‬
‫!اس ‪,‬ألن اإلن ! !!ذار ي ! !!ؤثر فيهم ملا حلّم من اخلوف ‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫!اف َو ِعي ! ِ!د‬ ‫خبالف من ال خياف احلش !!ر (كقول !!ه تع !!اىل) ‪ :‬فَ! ! َذكر بِ !!الْ ُقر ِ‬
‫آن َم ْن خَيَ ! ُ‬ ‫ْ ْ‬
‫م !!ع أهنت !!ذكري لألس !!ود واألبيض! ‪ (،‬وكقول !!ه)‪ِ :‬إمنَ !!ا تنُ ! ِ!ذ ُر َم ِن اتبَ ! َ!ع ال !!ذ ْكَر‪ ,‬وه !!و‬

‫منذر لألسود واألبيض! ‪ .‬يف اآلية وجوب اإلنذار بالقرآن ‪ ،‬لكن ال ينتفع به إال‬

‫من آمن بالقيامة ولقاء اهلل ‪¨ .‬‬

‫ني َو ُتْن! ِ!ذ َر بِ ! ِ!ه َق ْوم !اً لُ ! ّداً ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫(كم !!ا ق !!ال تع !!اىل)‪ :‬فَِإمنَّا يس !!رنَاه بِلِس !انِ ِ‬
‫ك لتُبَ ّش !َر بِ !!ه الْ ُمتّق َ‬
‫َ ْ ُ َ َ‬
‫اف و ِع ِ‬
‫يد ‪.‬‬ ‫(وقال تعاىل ( فَ َذ ِ ِ‬
‫كر بالْ ُق ْرآن َم ْن خَيَ ُ َ‬
‫ْ‬
‫س هَلُ ْم ِم ْن ُدونِِه َويِل أي ‪ :‬ال يتوالهم أحد دون اهلل ‪.‬‬
‫لَْي َ‬
‫ض! !ى!‬ ‫ِ‬
‫يع أي ‪ :‬وال يش !!فع هلم أح !!د من دون اهلل ‪ .‬أله !!ل املوق !!ف أن يق َ‬
‫َوال َش! !ف ٌ‬
‫بينهم من ن!!وع دف!!ع الض!!ر ‪ e ،‬والش!!فاعة! ‪ :‬التوس!!ط للغ!!ري جبلب منفع!!ة أو دف!!ع‬

‫مضرة ‪ ،‬فشفاعة النيب ألهل اجلنة بدخوهلا من نوع جلب منفعة وشفاعته‬

‫‪17‬‬
‫له ْم يَت ُق! ! !!و َ!ن الالم للتعلي ! ! !!ل ‪ ،‬أي ‪ :‬ألج ! ! !!ل أن يتق ! ! !!وا اهلل ‪ ،‬فيفعل ! ! !!ون أوام ! !!ره‬
‫لَ َع ُ‬
‫وجيتنبون! نواهيه ‪.‬‬

‫الفوائد‬ ‫‪‬‬

‫وجوب اإلنذار بالقرآن ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫أنه ليس كل أحد يقبل النذارة ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫‪ .3‬إثبات احلشر ‪.‬‬

‫أن اإلميان باليوم اآلخر سبب لقبول اهلدى واحلق‬ ‫‪.4‬‬

‫في نفسير الطبري‬

‫يقول تعاىل ذكره لنبيه حممد‪ :‬وأن!ذر ياحمم!د‪ ،‬ب!ا الق!رآن ال!ذي أنزلن!اه إلي!ك‪ ،‬الق!وم ال!ذي‬

‫خيافون أن حيش! !!روا أىل رهبم‪ ،‬علم! !!ا منهم ب! !!أن ذل! !!ك ك! !!ائن‪ ،‬فهم مص! !!دقون بوع! !!د اهلل‬

‫ووعيده‪ ،‬عاملون مبا يرضي اهلل‪ ،‬دائبون يف الس!عي‪ !،‬فيم!ا ينق!ذهم يف مع!ادهم من ع!ذاب‬

‫اهلل‪( .‬ليس هلم من دون! !!ه ويل) أي ليس هلم من ع! !!ذاب اهلل أن ع! !!ذهبم‪( ،‬ويل) ينص! !!رهم‬

‫فيستنقذ هم منه‪( .‬وال شفيع) يشفع هلم عند اهلل تعاىل ذكره فيخلصهم من عقابه‪.‬‬

‫(لعلهم يتق! ! !!ون)! أن! ! !!ذرهم كي يتق! ! !!وا اهلل يف أنفس! ! !!هم‪ ،‬فيطيع! ! !!وا رهبم‪ ،‬ويعلم ! !!وا‬

‫ملع! !!ادهم‪ ،‬وحيذروا س! !!خطه باجتن! !!اب معاص! !!يه‪( .‬وأن! !!ذر ب! !!ه ال! !!ذين خيافون أن حيش! !!روا)‬

‫‪18‬‬
‫يعلم!!ون أهنم حيش!!رون‪ ،‬فوض!!عت (املخاف!!ة) موض!!ع (العلم) ألن خ!!وفهم ك!!ان من أج!!ل‬

‫علمهم بوقوع ذلك ووجود كم غري شك منهم يف ذلك‪.‬‬

‫وه!!ذا أم!!ر من اهلل تع!!اىل ذك!!ره لنبي!!ه حمم!!د بتعليم أص!!حاب م!!ا أن!!زل اهلل إلي!!ه من‬

‫وحي !!ه‪ ،‬وت !!ذكريهم‪ ،‬واإلقب !!ال عليهم ب !!ا إلن !!ذار وص !!د عن !!ه املش !!ركون ب !!ه‪ ،‬بع !!د اإلع !!ذار‬

‫إليهم‪ ،‬وبع !!د إقام !!ة احلج !!ة عليهم‪ ،‬ح !!يت يك !!ون اهلل ه !!و احلاكم يف أم !!رهم مبا يش !!اء من‬

‫احلكم فيهم‪.4‬‬

‫‪ 4‬الدكتور بثارعوا ومعروف ص‪261 .‬‬

‫‪19‬‬

You might also like