You are on page 1of 108

‫أقدمت على ترجمة هذا الكـتاب المسمى بإنجيل برنابا وأنا شاعـر بخطورة‬

‫المسئولية التي ألقيتها على عاتقي‪ ،‬وأني لم اقدم عليها إلا خدمة للتاريخ‪ ،‬وغيرة‬

‫على لغة هي أحق بنقله إليها من سواها وهي المرة الأولى التي برز فيها هذا‬

‫الإنجيل في ثوب عـربي‪،‬وهو إنجيل تضاربت فيه أراء الباحثين وتشعبت‬

‫بخصوصه مذاهب المؤرخين‪.‬والنسخة الوحيدة المعروفة الآن في العالم التي‬

‫أنقل عنها هذا الإنجيل إنما هي نسخة إيطالية في مكتبة بلاط ” فيينا ” وهي‬

‫تعد من أنفس الذخائر والآثار التاريخية فيها‪ ،‬تقع في مائتين وخمس وعشرين‬

‫صحيفة سميكة‪ ،‬مجلدة بصفحتين رقيقتين متينتين من الورق المقوى‪ ،‬يغطيهما‬

‫جلدان لونهما داكن ضارب إلى الصفرة النحاسية‪ ،‬ويحيط بهما على‬

‫الحواف الأربع خطان مذهبان‪ ،‬وفي مـركـز الجلد نقش بارز عط ُل من‬

‫التذهيب‪ ،‬تحيط به حافة مزدوجة من نقوش ذهبية متباينة الأشكال‪،‬‬

‫يسميها الغربيون بالطراز العربي‪ ،‬ويستدلون من مجمل التجليد المنوه عنه انه‬

‫طراز شرقي‪ .‬إلا أن البعض يذهب إلى أن التجليد المذكور برمته قد يكون‬

‫من صنع المُجلّدين الباريسيين اللذين استقدمها الدوق ” دي سافوى ” لتجليد‬

‫النسخة المذكورة التي كانت ملكا له على ما سيجيء بيانه‪ ،‬فقد يكونان‬

‫جلّداها تقليدا للطراز العربي‪ ،‬ومما حملهم على هذا الظن هو أن المحفظة‬

‫الخارجية للنسخة المذكورة هي صنع المجلدين الباريسيين بلا مـراء‪ .‬إلا أن‬

‫هناك نسخة صك في ” البندقية ” مجلدة بجلد يضارع جلد النسخة الإيطالية‬

‫لإنجيل برنابا من كل وجه‪ ،‬وخصوصا من حيث النقوش المشار إليها‪.‬‬


‫والصك المذكور إنما هو نسخة دولية باللغة الإيطالية لمعاهدة عقدت بين‬

‫الدولة العثمانية والبندقية ورد ذكرها في مـراسلات يرجع عهدها إلى أصيل‬

‫القرن السادس عشر‪ ،‬وجلد الصك المذكور من القسطنطينية بلا مشاحة‬

‫كما يستدل على ذلك من آثار كـتابه باللغة التركية الشائعة في ذلك الزمن‬

‫تبدت من خلال مـزق في الجلد وزعم بعضهم أن صحائف النسخة الإيطالية‬

‫هي من الورق المسمي بالتركي‪ ،‬إلا انه ليس فيها شيء يؤيد هذا الزعم فان‬

‫جميعها من الورق المعروف بالورق القطني‪ .‬وهي متينة النسيج خشنته ‪،‬‬

‫خلا صحيفتين منها مصقولتين‪ ،‬تختلفان في قوامهما ولونهما عن البقية‪.‬‬

‫وهنالك حجة قوية تفند مـزاعم القائلين بالأصل التركي‪ ،‬وهي أن الآثار المائية‬

‫في الورق‪ ،‬وهي التي تبدو لك متى استشففته‪ ،‬لم تشاهد في نوع من أنواع‬

‫الورق الشرقي قط‪ ،‬وهي في الصحائف المنوه عنها علي شكل مـرساة سفينة‬

‫تحيط بها دائرة‪ ،‬وهي علامة مميزة لنوع الورق الإيطالي علي ما قال به بعض‬

‫مشاهير الأخصائيين‪ .‬وأول من عثر على النسخة الإيطالية ‪ ،‬هو ” يوهان‬

‫كريمر” –مستشار ملك بروسيا في امستردام – وذلك سنة ‪ 1709‬في مكتبة‬

‫أحد الوجهاء ‪ ،‬دون الإفصاح عن هويته ‪.‬فأعارها لـجون تولند ثم أهداها‬

‫بعد ذلك بأربع سنين إلى الأمير يويجين دو سافوا الذي كان على كثرة‬

‫حروبه ومعاركه ووفرة مشاغله السياسية‪ ،‬شديد الولع بالعلوم والآثار‬

‫التاريخية‪ ،‬وبعد وفاة الأمير المذكور سنة ‪1738‬م انتقلت هذه النسخة مع‬

‫سائر مكتبتة إلى مكتبة البلاط الملكي في ” فيينا ” حيث لا تزال هناك إلى‬
‫الآن‪.‬‬

‫وقد وجد في أوائل القرن الثامن عشر نسخة أخرى أسبانية تقع في مائتين‬

‫واثنين وعشرين فصلا وأربع مائة وعشرين صفحة‪ ،‬وكان الدكتور ” هلم ”‬

‫من ” هدلي ”(بلدة من منطقة همبشير) قد أعارها للمستشرق جورج‬

‫سايل ‪ ،‬ثم آلت بعد ذلك إلى الدكتور ” منكهوس ” أحد أعضاء كلية‬

‫الملكة في ”اكسفورد ” فنقلها إلى الإنجليزية‪ ،‬ثم دفع الترجمة مع الأصل‬

‫سنة ‪1784‬م إلى الدكتور ” هوايت ”‪ .‬الذي أشار إليها في إحدى محاضراته‬

‫‪ ،‬حيث استشهد ببعض الشذرات منها‪ ،‬ولما طالعت هذه الشذرات وقابلتها‬

‫بالترجمة الإنجليزية المنقولة عن النسخة الإيطالية وجدت أنها ترجمة حرفية‬

‫عن تلك ولم أر بينهما فرقا يستحق الذكـر إلا في أمـرين‪ :‬فالنسخة الإيطالية‬

‫تقول‪( :‬أنه لما جاء ” يهوذا ” الخائن مع الجنود الرومان ليسلمهم ” يسوع ”‬

‫كان ” يسوع ” يصلي في البستان بجانب الغرفة التي كان تلاميذه نياما‬

‫فيها ‪،‬فلما أحس بالجنود خاف فلما رأى الله الخطر المحدق به أرسل‬

‫ملائكته الأربعة فأخذوه من النافذة إلى السماء الثالثة‪ ،‬فلما دخل يهوذا‬

‫الخائن الغرفة غير الله منظره وصوته ‪ ،‬فصار شبيه ” يسوع ” تماما‪ ،‬فلما‬

‫استيقظ التلاميذ ورأوه لم يشكوا في انه هو ” يسوع “)‪ .‬فالرواية الأسبانية‬

‫تنطبق حرفيا على الإيطالية‪ ،‬إلا أن الأولى تزيد ” إلا بطرس ” أي أنها‬

‫استثنت ” بطرس ” من عداد التلاميذ الذين لم يشكوا في أن ”يهوذا ” هو‬

‫” يسوع ” كما ذكـر فيها أن اسم أحد هؤلاءالملائكة “عـزرائيل “‪ ،‬بينما ذكر‬
‫في الإيطالية ” أنه أوريل “‪ .‬وهناك بعض اختلافات أخرى طفيفة اضربنا‬

‫عن ذكـرها‪ .‬وقد ذكـر ” سايل ” في تعليقه على النسخة الأسبانية انه‬

‫مكتوب في صدرها أنها مترجمة عن الإيطالية بقلم مسلم من أمبيل بمقاطعة‬

‫أراكون بإسبانيا يسمى ” مصطفى دي أرندا “‪ ،‬وصدرها بمقدمة يقص‬

‫فيها مكتشف النسخة الإيطالية – وهو راهب يسمي ” فرا مارينو ” – كيفية‬

‫عثوره عليها‪ ،‬ومن جملة ما قال بهذا الصدد أنه عثر على رسائل ”لإرينايوس‬

‫” وفي عدادها رسالة يندد فيها بالقديس ” بولس ” الرسول‪ ،‬وأن ”‬

‫ارينايوس ” اسند تنديده هذا إلى إنجيل القديس ” برنابا “‪ ،‬فاصبح من‬

‫ذلك الحين الراهب مارينو شديد الشغف بالعثور على هذا الإنجيل‪ .‬واتفق‬
‫أنه اصبح حينا من الدهر مقربا من البابا ” اسكتس‬
‫الخامس “‪ ،‬فحدث يوما‬
‫انهما دخال معا مكتبة البابا‪ ،‬فران السكرى علي أجفان‬
‫قداسته‪ ،‬فاحب ” مرينو‬
‫” أن يقتل الوقت بالمطالعة إلى أن يفيق البابا‪ ،‬فكان‬
‫الكتاب األول الذي وضع‬
‫يده عليه هو هذا اإلنجيل نفسه‪ ،‬فكاد أن يطير فرحاً من‬
‫هذا االكتشاف‪ ،‬فخبأ هذه‬
‫الذخيرة الثمينة في أحد ردنيه‪ ،‬ولبث إلى أن استفاق البابا‬
‫فاستأذنه باالنصراف‬
‫حامال ذلك الكنز معه‪ ،‬فلما خال بنفسه‪ ،‬طالعه بشوق‬
‫عظيم‪ ،‬فاعتنق على أثر ذلك الدين‬
‫اإلسالمي‪.‬‬

‫هذه‬
‫هي رواية الراهب ” فرامرينو ” علي ما هو مدون في‬
‫مقدمة النسخة‬
‫األسبانية‪ ،‬كما رواها المستشرق ” سايل “‪ ،‬في مقدمة له‬
‫لترجمة القرآن‪،‬‬
‫وهي مع ما تقدم اإللماع إليه من خطب األستاذ ” هوايت‬
‫“‪ ،‬المصدر الوحيد‬
‫الذي لنا اآلن بخصوص النسخة األسبانية التي لم اعثر‬
‫علي كيفية فقدانها‪ ،‬سوي انه‬
‫عهد بترجمتها إلى الدكتور ” منكهوش ” فدفعها إلى‬
‫الدكتور ” هوايت‬
‫” ثم طمس بعد ذلك خبرها وامحي أثرها(‪.)4‬‬

‫وهنا‬
‫يعرض للبيب سؤال وهو‪:‬‬

‫هل‬
‫النسخة اإليطالية الحاضرة هي التي اختلسها الراهب‬
‫مرينو من مكتبة البابا اسكتس‬
‫الخامس؟ أم هي نسخة أخرى سواها؟‬

‫‪ ‬‬

‫‪ – 8‬متي ُكتبت النسخة األصلية؟‬

‫وال‬
‫يمكن ترجيح ذلك إال بعد تعيين الزمن الذي كتبت فيه‪،‬‬
‫وإ ذا تحريت التاريخ وجدت أن‬
‫زمن البابا اسكتس الخامس – المذكور – نحو مغيب‬
‫القرن السادس عشر‪ ،‬وقد علمت مما مر‬
‫بك بيانه أن نوع الورق التي سطرت علية النسخة‬
‫اإليطالية إنما هو ورق إيطالي يمكن‬
‫تعيين اصله من اآلثار المائية فيه‪ ،‬والتي يمكن اتخاذها‬
‫دليال صادقا على تاريخ‬
‫النسخة اإليطالية‪ ،‬والتاريخ الذي يخمنه العلماء من كل‬
‫ما تقدم بيانه يتراوح بين‬
‫منتصف القرن الخامس عشر والسادس عشر‪ ،‬وعليه‬
‫فمن الممكن أن تكون النسخة اإليطالية‬
‫هي عينها التي اختلسها ” فرامرينو ” من مكتبة البابا‬
‫علي ما مرت اإلشارة‬
‫إليه‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -9‬جدال حول هذا اإلنجيل المزيف‪:‬‬

‫ولما‬
‫شاع خبر إنجيل برنابا في فجر القرن الثامن عشر‬
‫احدث دوياً عظيماً في أندية الدين‬
‫والعلم وال سيما في إنجلترا‪ ،‬فكثر بشأنه الجدل‪،‬‬
‫واحتدمت بين العلماء مناقشات كان‬
‫بعضها اقرب إلى التخرصات واألوهام منه إلى المباحث‬
‫العلمية‪ ،‬وأول أمر توجهت إليه‬
‫همم الباحثين الخوض في أمر النسخة اإليطالية وفيما إذا‬
‫كانت منقولة عن نسخة أخرى‬
‫أو هي النسخة األصلية التي كانت عند الراهب ”‬
‫فرامرينو ” وادعي اختالسها‬
‫من مكتبة البابا ” اسكتس الخامس “‪ ،‬ومن الغريب إن‬
‫العلماء لم ينتبهوا في‬
‫حل هذه القضية إلى ما رأوه مسطوراً علي هوامش‬
‫النسخة من األلفاظ والجمل العربية‬
‫التي أثبتناها في هذه الترجمة أمانة في النقل‪ ،‬ولكي‬
‫تكون مطابقة لألصل برمته من كل‬
‫وجه‪ ،‬والحق يقال أن اللبيب يحار في أمر هذه الشروح‬
‫والهوامش العربية في نسخة‬
‫عن لي بشأنها‬
‫إيطالية‪ ،‬والبد في هذا الموقف من ذكر ما ّ‬
‫بشيء من األسباب ألن كل‬
‫الثقات الذين تؤخذ أقوالهم حجة في الكالم علي النسخة‬
‫اإليطالية لم يوفوا هذا‬
‫الموضوع حقه بل لم يلموا به اقل إلمام حتى أن‬
‫مستشرقا كبيرا كاألستاذ ”‬
‫مرجليوث ” لم يذكرها إال علي سبيل العرض‪ ،‬ولم يقل‬
‫بشأنها إال قوال واحدا وهو‬
‫أن ” الموتي ظنها صحيحة العبارة محكمة الوضع‪ ،‬لكن‬
‫لم يخف أمرها علي العالم‬
‫” دنس ” الذي قال بسقم تركيبها ووفرة أغالطها “‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -10‬هوامش الكتاب العربية‪:‬‬

‫وأنت‬
‫إذا تفقدت هذه الهوامش وأعملت فيها الروية وجدت‬
‫بعضها صحيح العبارة محكم الوضع‪،‬‬
‫لعب فيه قلم الناسخ كل ملعب‪ ،‬من مسخ وتصحيف‪،‬‬
‫والبعض اآلخر سقيم التركيب من أصله ال‬
‫تكاد تفقه لبعضه معني إال بكد الذهن‪ ،‬وال تفقه لبعضه‬
‫اآلخر معني بالمرة‪ ،‬وتجد أيضا‬
‫أن ما كان ركيك العبارة سقيم التركيب قد جري فيه‬
‫الكاتب علي الترجمة الحرفية في‬
‫أضيق معانيها وأسخفها‪ ،‬فوضع المضاف إليه قبل‬
‫المضاف‪ .‬وهو ما ال يفعله كاتب عربي‬
‫تحت الشمس‪ ،‬وليس ذلك فقط في الهوامش التي هي‬
‫ترجمة بعض فقرات اإلنجيل إلى العربية‪،‬‬
‫بل أيضا في الهوامش التي هي من أوضاعه والتي ال‬
‫مقابل لها باإليطالية‪.‬‬

‫‪000‬‬
‫من ذلك قوله سورة ” عيسي ألم ” أي سورة آالم ”‬
‫عيسي “‪ ،‬وقوله‬
‫” ذكر اديرس قصص ” أي ذكر قصة ” إدريس ” وقوله‬
‫” متكبر‬
‫كاميل بيان ” أي بيان شر أنواع الكبرياء‪ ،‬وقوله ” من‬
‫أي دين عنده ينبغي‬
‫أن يصدق من الخبائس ” إلى أخر ما هنالك من‬
‫الطمطمانيات التي هي أقرب إلى‬
‫العجمة منها إلى العربية‪ ،‬فمن كان يحسن إجادة سبك‬
‫العبارات علي ما تقدم إيضاحه من‬
‫أمثله النوع األول ال يرتكب مثل هذه األغالط الفاضحة‬
‫التي يستحيل علي عربي أو‬
‫مستشرق ارتكابها‪.‬‬

‫فإذا‬
‫تدبرت ما تقدم هان عليك أن تفقه أن كاتب الهوامش‬
‫العربية اكثر من واحد‪ ،‬فكان‬
‫واضعها األصلي صحيح العبارة فصيحها‪ ،‬فجاء بعده من‬
‫نسخها ومسخها وبدل فيها ما شاء‬
‫قصور مداركه في اللغة العربية‪ ،‬فافسد بنسخه كثيرا مما‬
‫وضعه الكاتب األول وزاد عليه‬
‫من عنده ما تري من التعابير السخيفة واألساليب‬
‫الركيكة‪ ،‬والطمطمانيات التي ال‬
‫يستخرج منها معني بالمرة‪ .‬والذي ارمي إلى االستدالل‬
‫عليه من هذا البيان أن النسخة‬
‫اإليطالية التي هي اآلن في مكتبة البالط الملكي في ”‬
‫فيينا ” إنما هي‬
‫مأخوذة بال مراء عن نسخة أخري وبالتالي ال يصح‬
‫اعتبارها النسخة األولي األصلية‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -11‬هل هناك اصل للنسخة اإليطالية؟‬

‫إذا‬
‫كان األمر كذلك‪ ،‬فما هو األصل الذي أخذت منه النسخة‬
‫إليطالية؟ وهو سؤال صعب‪ ،‬ولكن‬
‫ال يستحيل اإلجابة عليه‪ ،‬فقد مر بك من الكالم علي‬
‫هوامش النسخة المشار إليها ما‬
‫يصح االستدالل به علي أن النسخة التي نقلت عنها‬
‫ليست بعربية الن من يجيد العربية‬
‫إلى حد يتمكن معها من ترجمة هذا اإلنجيل منها إلى لغة‬
‫أخري ال يرتكب مثل هذه‬
‫األغالط السخيفة التي تراها في الهوامش‪ ،‬وال يقلب‬
‫الكالم إلى حد تقديم المضاف إليه‬
‫علي المضاف‪ ،‬إلى غير ذلك من التعابير التي هي أدل‬
‫علي أصل التيني أو إيطالي قديم‪،‬‬
‫وهو استنتاج ينطبق علي ما قال به الثقات بعد التدقيق‬
‫وأمعان النظر في نوع خط‬
‫النسخة اإليطالية الموجودة اآلن في مكتبة بالط ” فيينا “‪،‬‬
‫فقد توصلوا‬
‫إلى الجزم بان ناسخها إنما هو من أهالي ” البندقية ”‬
‫نسخها في القرن‬
‫السادس عشر‪ ،‬أو أوائل السابع عشر‪ ،‬وأنه يرجح أنه‬
‫أخذها عن نسخة ” توسكانية‬
‫“‪ ،‬أو عن نسخة بلغة ” البندقية ” تطرقت إليها‬
‫اصطالحات ”‬
‫توسكانية “‪ ،‬وهي أقوال ” لونسدال ولورا راغ ” بعد أن‬
‫أخذا في ذلك أراء‬
‫أعظم الثقات اإليطاليين الذين يؤخذ قولهم حجة في هذه‬
‫المباحث األخصائية‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -12‬الكاتب األصلي وعالقته باللغة الالتينية واللغة‬


‫اإليطالية‪:‬‬

‫ويذهب‬
‫الكاتبان المذكوران إلى أن النسخ حدث نحو سنة (‬
‫‪1575‬م) وأن من المحتمل أن يكون ناسخ‬
‫هذا اإلنجيل الراهب ” فرامرينو ” الذي ورد ذكره في‬
‫مقدمة النسخة‬
‫اإليطالية علي ما جاءت اإلشارة إليه ثم يقولون بعد ذلك‬
‫ما ترجمته ” وكيف كان‬
‫الحال‪ ،‬فيمكننا الجزم بأن كتاب ” برنابا ” اإليطالي إنما‬
‫هو كتاب‬
‫إنشائي‪ ،‬وسواء قام به كاهن أو علماني أو راهب أو أحد‬
‫العامة‪ ،‬فهو بقلم رجل له‬
‫إلمام عجيب بالتوراة الالتينية يقرب من إلمام ” دانت “‪،‬‬
‫وأنه نظير‬
‫” دانت ” متضلع علي نوع خاص من ” الزبور “‪ ،‬وهو‬
‫صنع رجل‬
‫معرفته لألسفار المسيحية تفوق كثيرا اطالعه علي‬
‫الكتب الدينية اإلسالمية‪ ،‬فيرجح‬
‫إذا أنة مرتد عن النصرانية “‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -13‬بين الشاعر اإليطالي دانتي والكاتب المزيف‬


‫لإلنجيل المزعوم‪:‬‬

‫والباعث‬
‫علي المقارنة بين كاتب هذا اإلنجيل والشاعر الشهير ”‬
‫دانت ” ما في‬
‫كالمهما من المالبسات وما في تعابير النسخة اإليطالية‬
‫من الشبه بمؤلفات ”‬
‫دانت ” الشعرية التي يصف فيها الجحيم والجنة (في‬
‫ملهاته الشعرية المسماة‬
‫بالكوميديا اإللهية)‪ ،‬ففي هذا اإلنجيل أن هناك سبع‬
‫دركات للجحيم‪ ،‬تختلف مراتبها‬
‫باختالف الخطايا الكبيرة السبع التي يعذب البشر ألجلها‪،‬‬
‫وأنه يوجد تسع سموات تأتي‬
‫في قمتها الجنة‪ ،‬فتكون العاشرة‪ .‬فيستنتج بعضهم من‬
‫ذلك أن كاتب هذا اإلنجيل إنما‬
‫جاء بعد ” دانت ” واخذ عنه هذه الشروح‪ ،‬أو أنه كان‬
‫معاصرا له‪ .‬فذكر نظير‬
‫” دانت ” ما كان شائعا من اآلراء في عصرهما‪ ،‬فيكون‬
‫إذ ذاك ” برنابا‬
‫” هذا قد ظهر في القرن الرابع عشر‪ ،‬إال أن وصف‬
‫الجحيم علي ما حاء به ”‬
‫برنابا ” هذا ال ينطبق علي وصف ” دانت ” أو غيره إال‬
‫من حيث العدد‪،‬‬
‫والرأي األصيل أن يكون كالهما قد اخذ عن مصدر‬
‫أخر قديم ال يترتب معه أن يكون‬
‫الكاتبان متعاصرين‪ ،‬وذلك المصدر إنما هو ” ميثولوجيا‬
‫إلىونان “‪ ،‬وقد يعد‬
‫ما بين الكاتبان من الشبه والتصورات الشعرية واأللفاظ‬
‫الوضعية من قبيل توارد‬
‫الخواطر‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -14‬هل للكتاب اصل عربي؟‬

‫ولقد‬
‫تبادر إلى ذهن العلماء بادئ ذي بدء أن النسخة اإليطالية‬
‫مأخوذة من اصل عربي‪ ،‬وكان‬
‫أول من أشار إلى ذلك ” كريمر ” الذي مر بك ذكره‬
‫صدر النسخة‬
‫حيث ّ‬‫ُ‬
‫اإليطالية التي أهداها إلى ” الدوق سافوي ” ببضعة‬
‫اسطر من عنده‪ ،‬يذكر أن‬
‫هذا اإلنجيل ” المحمدي ” مترجم عن العربية أو سواها‪،‬‬
‫ثم تابعه في ذلك‬
‫” الموتي ” حيث يقول ” أراني البارون هو هندرف‬
‫الذي يجمع بين شرف‬
‫المحتد وسمو اآلداب وسعه االطالع كتاباً يزعم األتراك‬
‫أنه للقديس “برنابا‬
‫“‪ ،‬والظاهر أنة منقول إلى اإليطالية من العربية “‪،‬‬
‫ويريد بلفظ األتراك‬
‫جمهور المسلمين والعرب‪ ،‬علي ما يزال شائعا من‬
‫استعمال غير المدقق من كتاب اإلفرنج‬
‫لهذه اللفظة في عصرنا الحاضر‪.‬‬

‫ثم‬
‫أن الدكتور ” هوايت ” الذي مر اإللماع إليه يقول في‬
‫سنة ‪1784‬م ” أن‬
‫األصل العربي ال يزال موجوداً في الشرق “‪ ،‬ولكنك إذا‬
‫أعملت البصيرة وجدت أن‬
‫كالم الدكتور” هوايت ” مبنى على كتابات المستشرق ”‬
‫سايل ”‬
‫التي نشرها قبل ذلك بنحو نصف قرن من الزمن‬
‫وسماها بالمباحث التمهيدية وفيها يقول‬
‫في عرض الكالم عن القرآن ” أن عند المسلمين إنجيالً‬
‫عربيا ينسبونه إلى القديس‬
‫” برنابا ” وفيه يروي تاريخ ” يسوع المسيح ” علي‬
‫أسلوب يباين‬
‫كل المباينة األناجيل الصحيحة ‪ 000‬ولكنه يعترف بعد‬
‫ذلك في عرض المقدمة التي له علي‬
‫القرآن ” أني لم أر إنجيل برنابا عندما ألمعت إليه في‬
‫المباحث التمهيدية‬
‫“‪ .‬فقوله السابق إذا مبنى على السماع وهو إنما تابع في‬
‫ذلك ” الموتى‬
‫” على ما جاءت اإلشارة إليه وقوله هذا أيضا مبنى على‬
‫السماع ألنه لم يعثر على‬
‫نسخة عربية لإلنجيل المذكور قط‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -15‬الكتاب والمؤرخون العرب‪:‬‬


‫ثم‬
‫انه لم يرد ذكر لهذا اإلنجيل في كتابات مشاهير الكتاب‬
‫المسلمين سواء في األعصر‬
‫القديمة أو الحديثة حتى وال مؤلفات من انقطع منهم إلى‬
‫األبحاث والمحاوالت الدينية‬
‫مع أن إنجيل برنابا أمضى سالح لهم في مثل تلك‬
‫المناقشات وليس ذلك فقط ‪ 000‬بل لم‬
‫يرد ذكر لهذا اإلنجيل في فهارس الكتب العربية القديمة‬
‫عند االعارب أو األعاجم أو‬
‫المستشرقين الذين وضعوا فهرساً ألندر الكتب العربية‬
‫القديمة والحديثة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -16‬ميل المترجم لوجود أصل عربي لهذا الكتاب‬


‫المزيف‪:‬‬

‫بيد‬
‫أنه البد لي من التصريح بعد كل ما تقدم بيانه أنى أشد‬
‫ميال لالعتقاد باألصل العربي‬
‫منى بسواه إذ ال يجوز اتخاذ عدم العثور علي ذلك‬
‫األصل حجة دامغة علي عدم وجوده‪،‬‬
‫وإ ال لوجب االعتقاد بأن النسخة اإليطالية هي النسخة‬
‫األصلية لهذا اإلنجيل‪ ،‬فانه لم‬
‫يعثر أحد قط علي نسخة أخري سوي النسخة األسبانية‬
‫التي مر بيانها‪ ،‬والتي ورد في‬
‫مقدمتها أنها مترجمة عن نسخة إيطالية‪ ،‬والمطالع‬
‫الشرقي يري ألول وهلة أن لكاتب‬
‫إنجيل برنابا إلماما بالقرآن حتى أن كثيرا من فقراته يكاد‬
‫أن يكون ترجمة حرفية أو‬
‫معنوية آليات قرآنية‪ .‬أقول هذا وأنا عالم أنى في ذلك‬
‫مخالف لجل كتاب الغرب الذين‬
‫خاضوا عباب هذا الموضوع‪ ،‬وفي جملتهم ” لونسدال ”‬
‫و ” لورا راغ‬
‫” اللذان يزعمان أن إلمام كاتب هذا اإلنجيل باإلسالم‬
‫قليل‪ ،‬فكان هذا من جملة‬
‫األسباب التي حملتهما علي نفي القول بأصل عربي‪،‬‬
‫ومن ذلك حديث ” إبراهيم‬
‫” مع أبيه‪ ،‬ومنه ما ينطبق علي سورة ‪21‬و ‪ ،37‬وكقوله‬
‫عن سبب سقوط ” إبليس ”‬
‫انه أبى أن يسجد آلدم علي حد ما جاء في سورة ”‬
‫البقرة “‪ ،‬وكذلك ما ورد‬
‫في سورة الحجر‪ ،‬ولوال ضيق المقام ألوردت كثيراً من‬
‫تلك الفقرات مع ما يقابلها من‬
‫آيات القرآن‪ ،‬وليس ذلك فقط‪ ،‬بل أن في إنجيل برنابا‬
‫كثيرا من األقوال التي تنطبق‬
‫على األحاديث النبوية واألساطير العلمية التي لم يكن‬
‫يعرفها حينئذ غير العرب‪ ،‬حتى‬
‫انك ال تكاد تجد في هذه األيام – علي كثرة المستشرقين‬
‫والمشتغلين باللغة العربية‬
‫وتاريخ اإلسالم من الغربين – من يعد عالما بالحديث‪.‬‬

‫ومن‬
‫جملة األسباب التي تحدو بي إلى هذا الزعم أن طراز‬
‫تجليد النسخة اإليطالية إنما هو‬
‫طراز عربي بال مراء‪ ،‬علي ما تقدم اإللمام إليه‪ ،‬والقول‬
‫بأنه من صنع الباريسيين‬
‫اللذين استقدمها ” الدوق دي سافوي ” تقليدا للطراز‬
‫العربي‪ ،‬ال يتعدى‬
‫الحدس والتخمين‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -17‬الكاتب من وجهه نظر المترجم‪:‬‬

‫غير‬
‫أن القول بأن هذا اإلنجيل عربي األصل ال يترتب عليه‬
‫أن يكون كاتبه عربي األصل‪ ،‬بل‬
‫الذي أذهب إليه أن الكاتب يهودي أندلسي اعتنق الدين‬
‫اإلسالمي بعد تنصره واطالعه‬
‫على أناجيل النصارى‪ ،‬وعندي أن هذا الحل هو اقرب‬
‫إلى الصواب من غيره‪،‬ألنك إذا أعملت‬
‫النظر في هذا اإلنجيل وجدت لكاتبه إلماما عجيباً بأسفار‬
‫العهد القديم ”‬
‫التوارة ” ال تكاد تجد له مثيال بين طوائف النصارى إال‬
‫في أفراد قليلين من‬
‫األخصائيين الذين جعلوا حياتهم وقفاً على الدين‬
‫كالمفسرين‪ ،‬حتى انه ليندر أن يكون‬
‫بين هؤالء أيضا من له إلمام بالتوراة يقرب من إلمام‬
‫كاتب إنجيل برنابا‪ ،‬والمعروف‬
‫أن كثيرين من يهود األندلس كانوا يتضلعون في‬
‫العربية‪ ،‬ولقد نبغ بينهم من كان له في‬
‫األدب والشعر القدح المعلى‪ ،‬فيكون مثلهم في االطالع‬
‫على القرآن واألحاديث النبوية‬
‫مثل العرب أنفسهم‪.‬‬

‫ومما‬
‫يؤيد هذا المذهب ما ورد في هذا اإلنجيل عن وجوب‬
‫الختان‪ ،‬والكالم الجارح الذي جاء‬
‫فيه من أن الكالب أفضل من الغلف‪ ،‬فان مثل هذا القول‬
‫ال يصدر عن نصراني أصيل‪ ،‬وأنت‬
‫إذا تفقدت تاريخ العرب بعد فتح األندلس وجدت انهم لم‬
‫يتعرضوا بادئ ذي بدء ألديان‬
‫اآلخرين في شيء عي اإلطالق‪ ،‬فكان ذلك من جملة‬
‫البواعث التي حدت بأهل األندلس إلى‬
‫الرضوخ لسطوة المسلمين وسيطرتهم‪ ،‬وثابروا على هذه‬
‫الخطة في جميع األمور الدينية إال‬
‫في شئ واحد وهو الختان إذ جاء زمن أكرهوا فيه‬
‫األهالي عليه وأصدروا أمرا يقضى على‬
‫النصارى باتباع سنة الختان على حد ما كان يجرى عليه‬
‫المسلمون واليهود‪ ،‬فكان هذا من‬
‫جملة البواعث التي دعت النصارى إلى االنتقاض‬
‫عليهم‪ .‬أما يهود األندلس فانهم كانوا‬
‫يدخلون في اإلسالم أفواجا وليس ذلك فقط بل كانت لهم‬
‫يد كبيرة في إدخال المسلمين‬
‫أسبانيا ورسوخ قدمهم فيها في ذلك العهد الطويل‪.‬‬

‫ومما‬
‫يعزز هذا الرأي أيضا أن هذا اإلنجيل يتضمن كثيراً من‬
‫التقاليد التلمودية التي‬
‫يتعذر على غير يهودي معرفتها‪ ،‬وفيه أيضا شئ من‬
‫معاني األحاديث واألقاصيص اإلسالمية‬
‫الشائعة على ألسنة العامة‪ ،‬وال سند لها من كتب الدين‪،‬‬
‫وال يتأتى ألحد االطالع على‬
‫مثل هذه الروايات إال إذا كان في بيئة عربية‪ ،‬فالرأي‬
‫الذي اذهب إليه من أن الكاتب‬
‫األصلي هو يهودي أندلسي اعتنق اإلسالم يعلل جميع ما‬
‫تقدم تعليال واضحا‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -18‬الكاتب والوسط اإليطالي‪:‬‬

‫إال‬
‫أن البعض يذهب إلى أن الوسط الذي ظهر فيه اإلنجيل‬
‫إنما هو إيطالي نحو أوائل القرون‬
‫الوسطى‪ ،‬وأن كاتب هذا اإلنجيل إيطالي من ذلك الزمن‬
‫بدليل أن مجمل روح اإلنجيل‬
‫وعباراته تدل على هذا الوسط‪ ،‬فقد ذكر في عرض‬
‫الكالم عن الحصاد وأناشيد المغنيين ما‬
‫يصح أن يكون وصفا حرفيا لما يحدث اآلن في ”‬
‫توسكانيا ” و” تينو‬
‫” من إيطاليا‪ ،‬وأن اإلشارة إلى استخراج الحجارة من‬
‫المقاطع ونحتها وبناء‬
‫البيوت بالحجارة الصلدة اصح على كاتب من أمة خبيرة‬
‫بالبناء منه على كاتب من العرب‬
‫الذين يقيمون في الخيام‪ ،‬وقس عليه ما جاء عن حمل‬
‫العبد خبزاً لفعلة سيده في الكروم‬
‫عن دوس العنب باألقدام في المعاصر إلى آخر ما هناك‬
‫من مثل هذه اإلشارات‪.‬‬

‫والحق‬
‫يقال أنى لم أجد في كل ذلك ما هو أدل على وسط‬
‫غربي منه على شرقي‪ ،‬إال ذا كان مراد‬
‫الكاتب أن يكون ذلك الوسط الشرقي بالد العرب نفسها‪،‬‬
‫فإن ما ورد فيه ينطبق انطباقا‬
‫تاماً على ما كان جارياً في فلسطين وسوريا فيعهد‬
‫المسيح‪ ،‬وال يزال كذلك لهذا العهد‬
‫الحاضر‪ ،‬فالحصادون والحصادات ينشدون أناشيد يرن‬
‫صداها في جوانب السهول وبطون‬
‫األودية‪ ،‬والبناءون يقطعون الحجارة وينحتونها على نحو‬
‫ما ذكر ” برنابا‬
‫“‪ ،‬وال يسكن الخيام إال البدو الرحل الذين ليسوا من أهل‬
‫البالد‪ ،‬ويحمل‬
‫الغلمان والقوم الزاد لمن في الكروم أثناء القطاف كما‬
‫يحملونه للفعلة أثناء‬
‫الحراثة‪ ،‬ويدوسون العنب بأقدامهم على ما هو معهود‬
‫من أمره في فلسطين وسوريا وبالد‬
‫الشرق كله‪ ،‬إال أنه البد لي من اإلقرار بأن هنالك بعضاً‬
‫من األدلة يتعذر تطبيقها‬
‫على ما كان شائعا في ذلك الزمن في فلسطين‪ ،‬منها‬
‫اإلشارة إلى كيفية تنظيف براميل‬
‫النبيذ وجدلها لهذا الغرض‪ ،‬والمعروف في فلسطين قديما‬
‫– وفي يومنا الحاضر – أن‬
‫الخمور توضع في جرار كبيرة أو في زقاق‪ ،‬ومنها‬
‫اإلشارة إلى الفرق بين إعدام السارق‬
‫شنقا أو إعدام القاتل بقطع الرأس‪ ،‬وهو مما لم أقف له‬
‫على أثر من التاريخ القويم‬
‫لفلسطين‪ ،‬ومهما يكن من األمر فإن األوصاف التي‬
‫تنطبق على إيطاليا تنطبق أيضا على‬
‫بالد األندلس من كل وجه‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -19‬مصطفي العرندي ودوره‪:‬‬

‫وسواء‬
‫كان كاتب اإلنجيل يهودي األصل‪ ،‬أو نصرانيه‪ ،‬فمما ال‬
‫شبهه فيه أنه كان مسلما‪ ،‬ومما‬
‫يبعث على األسى فقدان النسخة األسبانية التي مر بيانها‪،‬‬
‫وخصوصا ألن العلماء الذين‬
‫وصلت تلك النسخة إلى أيديهم لم يبحثوا فيها بحثا علميا‬
‫كما فعلوا في النسخة‬
‫اإليطالية‪ ،‬وخصوصا ألننا ال نعرف شيئا عن مترجمها‬
‫“مصطفي العرندي ” الن‬
‫ترجمة حياة مسلم نظيره أتقن اللغتين اإليطالية‬
‫واألسبانية‪ ،‬وهما اللغتان اللتان‬
‫ظهر بهما إنجيل برنابا إلى الوجود‪ ،‬ال تخلو من أهمية‬
‫وتبصرة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -20‬الجزم بكتابة الكتاب في العصور الوسطى‪:‬‬

‫ولقد‬
‫علمت مما مر بك إن الثقات مجمعون على أن إنجيل‬
‫برنابا كتب في القرون الوسطى غير أن‬
‫هنالك دليال أكيدا يتمكن معه من الجزم بشأن الزمن الذي‬
‫كتب فيه‪ ،‬فقد ورد فيه ما‬
‫نصه ” إن سنة ” اليوبيل ” التي تجئ اآلن مرة كل مائة‬
‫سنة‪ ،‬والمعروف‬
‫أن ” اليوبيل ” اليهودي لم يحدث إال مرة كل خمسين‬
‫سنة‪ ،‬وليس من ذكر في‬
‫التاريخ ل ” يوبيل ” يقع كل مائة سنة إال في الكنيسة‬
‫الرومانية وكان أول‬
‫من احتفل به البابا بونيفاسيوس الثامن سنة ‪1300‬م‪،‬‬
‫وقال بلزوم تكراره في كل فجر قرن‬
‫جديد‪ ،‬ولكن ” اليوبيل ” األول في السنة المذكورة كان‬
‫باهراً جداً‪ ،‬ودر‬
‫على الخزينة البابوية خيرا كثيرا‪ ،‬فلهذا وإ جابة لرغائب‬
‫الشعب رأى أكليمنضوس السادس‬
‫تقصير المدة فجعله مرة كل خمسين سنة فوقع اليوبيل‬
‫الثاني سنة ‪ 1350‬ثم أمر البابا‬
‫” اربانوس السادس ” في سنة ‪ 1398‬أن يحتفل به مرة‬
‫كل ثالث وثالثين سنه‬
‫تذكارا لعمر ” المسيح ” ثم جعله البابا ” بولس الثاني ”‬
‫كل‬
‫خمس وعشرين سنة مرة‪ ،‬فترى مما تقدم أن الزمن‬
‫الوحيد الذي يمكن فيه لكاتب أن يتكلم‬
‫عن ” يوبيل ” يقع مرة كل مائة سنة هو النصف األول‬
‫في القرن الربع عشر‪،‬‬
‫ويترتب على هذا أن يكون الكاتب معاصرا للشاعر ”‬
‫دانت ” الشهير على ما مر‬
‫اإللماع إليه في محله‪ ،‬غير أنك إذا أعملت النظر فيما‬
‫كان عليه الكاتب من سعة االطالع‬
‫على أسفار العهد القديم ” التوراة ” تعذر عليك أن تفقه‬
‫كيف يقع مثله في‬
‫غلط ال يخفي على البسطاء‪ ،‬ولعل الصواب أن هنالك‬
‫خطأ في النسخ أسقط الناسخ فيه بعض‬
‫حروف من كلمة خمسين اإليطالية فصارت تقرأ مائة‪،‬‬
‫الن في رسم الكلمتين ما يسهل‬
‫الوقوع في مثل هذا الخطأ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -21‬مرسوم البابا جالسيوس الخامس ” ‪469‬م “‪:‬‬


‫على‬
‫أن القول بانتحال أحد كتاب القرون الوسطي لهذا‬
‫اإلنجيل برمته ال يخلو من نظر‪ ،‬ألن‬
‫نحوه أو ثلثه علي األقل يتفق مع مصادر أخري غير‬
‫التوراة واإلنجيل والتلمود والقرآن‬
‫إذ فيه تفاصيل ضافية الذيول لم يرد لها ذكر في‬
‫األناجيل إال على طريق االقتضاب‪،‬‬
‫وليس لبعضها ذكر بالمرة‪ ،‬وأن على كثير من هذه‬
‫المزايدات صبغه القدمية‪ ،‬ويذكر‬
‫التاريخ أمراً أصدره البابا ” جالسيوس األول ” الذي‬
‫جلس على األريكة‬
‫البابوية سنة ‪492‬م يعدد فيه أسماء الكتب المنهي عن‬
‫مطالعتها وفي عدادها كتاب يسمى‬
‫إنجيل برنابا‪ ،‬فإذا صح ذلك كان هذا اإلنجيل موجودا‬
‫قبل ظهور نبي المسلمين بزمن‬
‫طويل‪ ،‬وهو دليل على أن هذا اإلنجيل لم يكن البسا‬
‫حينئذ هذا الثوب القشيب الذي يرفل‬
‫فيه اآلن‪ ،‬ألن مجرد إصدار البابا المشار إليه نهيا عن‬
‫مطالعته دليل على شيوعه أو‬
‫على اشتهار أمره بين خاصة العلماء أن لم يكن بين‬
‫العامة‪ ،‬فمن المستبعد أن ال يتصل‬
‫خبره ولو سماعا بنبي المسلمين وفيه العبارات الصريحة‬
‫المتكررة بل الفصول الضافية‬
‫الذيول التي يذكر أسمه في عرضها ذكرا صريحا ال‬
‫يقبل شكا أو تأويال ال سيما بعد أن‬
‫نهض تلك النهضة التي مادت لها الجبال الراسيات‪،‬‬
‫ونفخ في قومه تلك الروح التي وقف‬
‫لها العالم متهيبا ذاهال‪ ،‬وجرى ذكره على كل شفة‬
‫ولسان‪ ،‬وأتى من عظائم األمور ما‬
‫كان سمر القوم وحديث الركبان‪ ،‬وليس ذلك فقط بل لم‬
‫يتصل أيضا شئ من ذلك بخلفائه‬
‫الذين أتوا بعده‪ ،‬حتى وال بالعرب الذين دخلوا األندلس‪،‬‬
‫وبسطوا ظل مجدهم عليه‪،‬‬
‫ويذهب بعض العلماء المدققين إلى أن أمر البابا‬
‫“جالسيوس ” المنوه عنه‬
‫إنما هو برمته تزوير وهو قول موسوعات العلوم‬
‫البريطانية أيضا‪.‬‬

‫بيد‬
‫أن هناك إنجيالً يسمي اإلنجيل ” االغنسطي ” طمست‬
‫رسومه وعفت آثاره‪،‬‬
‫يبتدئ بمقدمة تندد بالقديس ” بولس ” وينتهي بخاتمة فيها‬
‫مثل ذلك‬
‫التنديد‪ ،‬ويذكر أن والدة ” المسيح ” أتت بدون ألم‪ ،‬ولما‬
‫كان كل ذلك في‬
‫إنجيل برنابا فمن المحتمل أن يكون ذلك اإلنجيل ”‬
‫االغنسطي ” أباً إلنجيل‬
‫برنابا هذا‪ ،‬وأن أحد معتنقي اإلسالم من اليهود أو‬
‫النصارى عثر علي نسخة منه في‬
‫اليونانية أو الالتينية في القرن الرابع عشر أو الخامس‬
‫عشر فصاغه في القالب الذي‬
‫تراه فيه اآلن فخفي بذلك أصله‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ -22‬مصادر إنجيل برنابا‪:‬‬

‫ويعتمد‬
‫هذا اإلنجيل في إيراد هذه الشواهد علي األسفار‬
‫المعهودة للعهد القديم‪ ،‬فقد استشهد‬
‫منها باثنين وعشرين سفرا أخصها الزبور وسفر أشعياء‬
‫وأسفار موسى‪ ،‬وأكثر رواياته‬
‫منطبق علي األناجيل األربعة‪ ،‬وبعضها موافق لها‬
‫بالنص خال بعض اختالفات ال يعبأ‬
‫بها‪ ،‬كمحادثة ” المسيح ” المرأة السامرية‪ ،‬ويتضمن‬
‫أيضا جمال واردة في‬
‫الرسائل إال أنها قليلة جدا‪ ،‬وذكر في قصة ” حجي‬
‫وهوشع ” أن الناس ال‬
‫يصدقونها مع أنها مسطورة في سفر ” دانيال “‪ ،‬وال‬
‫وجود لها في السفر‬
‫المذكور – كما هو في العهد القديم – وجاء في عرض‬
‫رواياته له‪ ،‬كان يوجد كتاب في‬
‫مكتبه رئيس الكهنة عن ” إسماعيل ” يذكر فيه أنه هو‬
‫ابن الموعد‪ ،‬ولم أقف‬
‫علي ذكر لهذا الكتاب في غير هذا الموضع‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -23‬الكتاب واألناجيل األربعة‪:‬‬

‫ويباين‬
‫هذا اإلنجيل األناجيل األربعة المشهورة في عدة أمور‬
‫جوهرية‪( ،‬أولها) قوله أن‬
‫” يسوع ” أنكر ألوهيته وكونه ابن اهلل‪ ،‬وذلك علي مرأى‬
‫ومسمع من ستمائة‬
‫ألف جندي وسكان اليهودية من رجال ونساء وأطفال‪.‬‬
‫(والثاني) أن االبن الذي عزم‬
‫” إبراهيم ” علي تقديمه ذبيحة هلل إنما هو ” إسماعيل ”‬
‫ال‬
‫” إسحاق “‪ ،‬وأن الموعد إنما كان بإسماعيل‪( .‬والثالث)‬
‫أن ” مسيا‬
‫” أو ” المسيح ” المنتظر ليس هو ” يسوع ” بل محمد‬
‫باللفظ‬
‫الصريح المتكرر في فصول ضافية الذيول وقال أنه‬
‫رسول اهلل ‪(000‬والرابع) أن ”‬
‫يسوع ” لم يصلب‪ ،‬بل حمل إلى السماء‪ ،‬وأن الذي‬
‫صلب إنما كان ” يهوذا‬
‫” الخائن الذي شبة به ‪00‬‬

‫ويباين‬
‫األناجيل األصلية أيضا في بعض أساليبه ألنه كثيرا ما‬
‫يخوض في المسائل الفلسفية‬
‫والمباحث العلمية مما لم يرو قط عن ” المسيح ” الذي‬
‫كانت تعاليمه‬
‫الباهرة ومباحثه الدينية علي ما هي من التفرد في السمو‬
‫عنوان البساطة حتى كان‬
‫يفهمها ألول وهله الزارع والصانع والسيد والخادم‬
‫والشيخ والفتي دون أدني إجهاد‬
‫للذهن‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -24‬الكتاب وفلسفة العصور الوسطى‪:‬‬

‫والفلسفة‬
‫التي تتخلل مباحث هذا اإلنجيل إنما هي ضرب من‬
‫فلسفة ” أرسطوطاليس ” التي‬
‫كانت شائعة في أوائل القرون الوسطي في أوربا‪ ،‬فكان‬
‫ذلك من جملة أدلة بعضهم علي أن‬
‫كاتب هذا اإلنجيل رجل نبغ هناك في تلك العصور‪ ،‬فهو‬
‫غربي المحتد ال عربيه‪ ،‬ولكن‬
‫فلسفة ” أرسطوطاليس ” لم تصل إلى الغربيين إال من‬
‫العرب‪ ،‬وخصوصا عرب‬
‫األندلس الذين دوخوا أسبانيا وأضاءوا بمشكاة علومهم‬
‫تلك األعصر األوروبية التي كان‬
‫الجهل مخيما فيها‪ ،‬ظلمات بعضها فوق بعض‪ ،‬فإذا صح‬
‫اعتبار تلك الفلسفة دليال علي‬
‫الكاتب كانت أدل علي أصل عربي منها علي أصل‬
‫غربي‪.‬‬

‫وكيف‬
‫كان الحال فيه فالحقيقة التي ال مراء فيها أن كاتب إنجيل‬
‫برنابا كان علي جانب كبير‬
‫من الفلسفة وسمو المدارك وقوة الحجة‪ ،‬وشدة العارضة‪،‬‬
‫وجالء البيان‪ ،‬وأن مباحثه‬
‫الفلسفية في الجسد والحس والنفس من الوجهة الدينية‬
‫لمن أسمى ما كتب الباحثون‬
‫الدينيون في هذا الموضوع ‪000‬‬

‫والبد‬
‫قبل الختام من اإللماع إلى أنني أليت علي نفسي ترجمة‬
‫هذا اإلنجيل بالحرف الواحد‪،‬‬
‫متوخيا أبسط األلفاظ وأسهل األساليب‪ ،‬معرضا في ذلك‬
‫عن تنميق العبارات وتوشية‬
‫الكالم‪ ،‬مفضال األمانة في الترجمة‪ ،‬والبساطة في التعبير‬
‫علي الفصاحة والبالغة متي‬
‫كان فيهما أقل عدول عن األصل فهو مطابق من كل‬
‫وجه للترجمة اإلنجليزية المأخوذة من‬
‫األصل اإليطالي خال األعداد الموجودة فيه فأني وضعتها‬
‫من عندي تسهيال لإلشارة إلى‬
‫الكالم عند الحاجة‪.‬‬

‫وإ ني‬
‫أسدي في هذا الموقف أجمل الشكر وأطيب الثناء إلى‬
‫حضرة العالم المحقق ”‬
‫لونسدال راغ ” نائب مطران الكنيسة اإلنجليزية في ”‬
‫فنيس ” وعلي‬
‫حضرة العالمة المدققة ” لورا راغ ” عقيلته اللذين أذنا‬
‫لي بترجمة هذا‬
‫اإلنجيل إلى العربية عن ترجمتها اإلنجليزية التي‬
‫إصدارها حديثا مع األصل اإليطالي‬
‫فخدما بذلك التاريخ خدمه يذكرها لهما العلم معطرة‬
‫الثناء لما عانيا في دقة الترجمة‬
‫والمحافظة علي األصل وهو عمل شاق ال يقدره قدره‬
‫إال من يقوم بمثله‪ ،‬وأهدي مثل هذا‬
‫الشكر إلى حضرة الفاضل أمين مطبعة ” كالرندن ” في‬
‫” أكسفورد ”‬
‫التي التزمت طبع هذا اإلنجيل ووضعت بين أيدي القراء‬
‫كتاباً نادراً فكان ذلك من أجل‬
‫الخدمات العلمية المتعددة التي قامت بها هذه المطبعة‬
‫الشهيرة‪.‬‬

‫وال‬
‫أري مندوحة في الختام من التنبيه إلى أني قد التزمت‬
‫في هذه المقدمة البحث في هذا‬
‫اإلنجيل من الوجهتين التاريخية والعلمية فقط ألني‬
‫ترجمته كما جاء في صدر هذه‬
‫المقدمة خدمة للتاريخ دون سواه‪ ،‬ولذلك قد أعرضت كل‬
‫األعراض عن المناقشات الدينية‬
‫المحضة التي أتركها لمن هم أكثر مني كفاءة‪.‬‬
‫القاهرة‬
‫في ‪ 15‬مارس سنة ‪1908‬م‪.‬‬

‫خليل‬
‫سعادة‬

‫‪ ‬‬

‫الفصل الأول‬

‫(( بشرى جبريل للعذراء مريم بوالدة المسيح ((‬


‫لقد بعث هللا في هذه األيام األخيرة بالمالك جبريل إلى عذراء تدعى مريم من‬
‫نسل داود من سبط يهوذا ‪ ،‬بينما كانت هذه العذراء العائشة بك))ل طه))ر ب))دون‬
‫أدنى ذنب المنزهة عن اللوم المثابرة على الصالة مع الصوم يوما ما وح))دها‬
‫وإذا بالمالك جبريل قد دخ))ل مخ))دعها وس))لم عليه))ا ق))ائال ‪ :‬ليكن هللا مع))ك ي))ا‬
‫مريم ‪ .‬فارتاعت العذراء من ظهور المالك ‪ ،‬ولكن المالك سكن روعها قائال‬
‫‪ :‬ال تخافي يا مريم ألنك ق))د نلت نعم)ة من ل)دن هللا ال)ذي اخت))ارك لتك)وني أم‬
‫ن))بي يبعث))ه إلى ش))عب إس))رائيل ليس))لكوا في ش))رائعه ب))إخالص ‪ .‬فأج))ابت‬
‫العذراء ‪ :‬وكيف ألد ب)نين وأن))ا ال أع))رف رجال ‪ .‬فأج))اب المالك ‪ :‬ي))ا‬
‫مريم إن هللا الذي صنع اإلنسان من غ))ير إنس))ان لق))ادر أن يخل))ق في))ه‬
‫إنسانا من غير إنسان ألنه ال محال عنده ‪ .‬فأجابت مريم ‪ :‬إني لعالم))ة‬
‫أن هللا قدير فلتكن مشيئته ‪ .‬فق))ال المالك ‪ :‬ك))وني ح))امالً ب))النبي ال))ذي‬
‫ستدعينه يسوع ‪ ،‬فامنعيه الخمر والمسكر وك))ل لحم نجس ألن الطف))ل‬
‫ض َعة قائلة ‪ :‬ها أنا ذا أمة هللا فليكن بحسب‬
‫قدوس هللا ‪ .‬فانحنت مريم ِب َ‬
‫كلمتك ‪ .‬فانصرف المالك ‪ ،‬أما العذراء فمجدت هللا قائلة ‪ :‬اع))رفي ي))ا‬
‫نفس عظمة هللا ‪ ،‬وافخري يا روحي باهلل مخلصي ‪ ،‬ألنه رم))ق ض))عة‬
‫أمته ‪ ،‬وستدعوني سائر األمم مباركة ‪ ،‬ألن القدير صيّرني عظيم))ة ‪،‬‬
‫فليتب))ارك اس))مه الق))دوس ألن رحمت))ه تمت))د من جي))ل إلى جي))ل لل))ذين‬
‫يتقونه ‪ ،‬ولقد جعل يده قوية فبدد المتكبر المعجب بنفسه ‪ ،‬ولق))د أن))زل‬
‫األعِ زاء من عن كراسيهم ورفع المتض))عين ‪ ،‬أش))بع الج))ائع بالطيب))ات‬
‫وصرف الغني صفر اليدين) ‪ ،‬ألنه يذكر الوعود التي وعد بها إبراهيم‬
‫وابنه إلى األبد ‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫)) إنباء المالك جبريل يوسف بحبل العذراء مريم ((‬
‫أما مريم فإذ كانت عالمة مشيئة هللا وموجسة خيفة أن يغضب الشعب‬
‫عليها ألنها حبلى ليرجمها كأنها ارتكبت الزنا اتخذت له))ا عش))يرا من‬
‫عشيرتها قويم السيرة يدعى يوسف ‪ ،‬ألنه ك))ان ب))ارا متقي))ا هلل يتق))رب‬
‫إليه بالصيام والصلوات ويرتزق بعمل يديه ألنه كان نجارا ‪ ،‬هذا ه))و‬
‫الرجل الذي كانت تعرفه الع))ذراء واتخذت))ه عش))يرا وكاش))فته باإلله))ام‬
‫اإللهي ‪ ،‬ولما كان يوسف بارا عزم إذ رأى م))ريم حبلى على إبعاده))ا‬
‫ألنه كان يتقي هللا ‪ ،‬وبينا ه))و ن))ائم إذا بمالك هللا يوبخ))ه ق))ائال ‪ :‬لم))اذا‬
‫عزمت على إبعاد امرأتك ‪ ،‬فاعلم أن ما كون فيه))ا إنم))ا ك))وّ ن بمش))يئة‬
‫هللا فس))تلد الع))ذراء ابن))ا ‪ ،‬وس))تدعونه) يس))وع ‪ ،‬وتمن))ع عن))ه الخم))ر‬
‫والمسكر وكل لحم نجس ‪ ،‬ألنه قدوس هللا من رحم أمه فإن))ه ن))بي من‬
‫هللا أرسل إلى شعب إسرائيل ليحول يهوذا إلى قلبه ‪ ،‬ويسلك) إس))رائيل‬
‫في شريعة الرب كما هو مكتوب في ناموس موسى ‪ ،‬وس))يجيء بق))وة‬
‫عظيم))ة يمنحه))ا ل))ه هللا ‪ ،‬وس))يأتي بآي))ات عظيم))ة تفض))ي إلى خالص‬
‫كثيرين ‪ .‬فلما استيقظ يوسف من النوم ش))كر هللا وأق))ام م))ع م))ريم ك))ل‬
‫حياته خادما هلل بكل إخالص ‪.‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫(( والدة المسيح العجيبة وظهور المالئكة ممجدين هلل))‬
‫ك))ان ه))يرودس في ذل))ك) ال))وقت ملك))ا على اليهودي))ة ب))أمر قيص))ر‬
‫أوغسطس) ‪ ،‬وكان بيالطس حاكما في زمن الرياسة الكهنوتي))ة لحن))ان‬
‫وقيافا ‪ ،‬فعمال بأمر قيصر اكتتب جميع العالم ‪ ،‬فذهب إذ ذاك ك))ل إلى‬
‫وطنه وقدموا نفوسهم بحس))ب أس))باطهم لكي يكتتب))وا ‪ ،‬فس))افر يوس))ف‬
‫من الناصرة إحدى مدن الجليل مع امرأت))ه وهي حبلى ذاهب))ا إلى بيت‬
‫لحم (ألنه))ا ك))انت مدينت))ه وه))و من عش))يرة داود) ليكتتب عمال ب))أمر‬
‫قيصر ‪ ،‬ولما بلغ بيت لحم لم يجد فيها مأوى إذ كانت المدينة ص))غيرة‬
‫وحشد جماهير الغرب))اء كث))يرا ‪ ،‬ف))نزل خ))ارج المدين))ة في ن))زل جع))ل‬
‫مأوى للرعاة ‪ ،‬وبينما كان يوسف مقيما هن))اك تمت أي))ام م))ريم لتل))د ‪،‬‬
‫فأحاط بالعذراء نور شديد الت))ألق) ‪ ،‬وول))دت) ابنه))ا ب))دون ألم ‪ ،‬وأخذت))ه‬
‫على ذراعيه))ا ‪ ،‬وبع))د أن ربطت))ه بأقمط))ة وض))عته في الم))ذود ‪ ،‬إذ لم‬
‫يوجد موضع في ال))نزل ‪ ،‬فج))اء ج))وق غف))ير من المالئك))ة إلى ال))نزل‬
‫بط))رب يس))بحون هللا وي))ذيعون بش))رى الس))الم لخ))ائفي هللا ‪ ،‬وحم))دت‬
‫مريم ويوسف هللا على والدة يسوع وقاما على تربيته بأعظم سرور ‪.‬‬

‫الفصل الرابع‬
‫(( المالئك))ة تبش))ر الرع))اة ب))والدة يس))وع‪،‬وه))ؤالء يبش))رون ب))ه بع))د‬
‫رؤيتهم إياه ))‬
‫كان الرعاة في ذلك الوقت يحرسون قطيعهم على عادتهم ‪ ،‬وإذا بنور‬
‫متألق قد أحاط بهم وخرج من خالله مالك س))بح هللا ‪ ،‬فارت))اع الرع))اة‬
‫بس))بب الن))ور الفج))ائي وظه))ور المالك ‪ ،‬فس))كن روعهم مالك ال))رب‬
‫قائال ‪ :‬ها آنذا) أبشركم بفرح عظيم ‪ ،‬ألنه قد ولد في مدين))ة داود طف))ل‬
‫نبي لل)رب ال))ذي س))يحرز ل)بيت إس))رائيل خالص))ا عظيم))ا ‪ ،‬وتج)دون)‬
‫الطفل في المذود مع أمه التي تس))بح هللا ‪ ،‬وإذ) ق))ال ه))ذا حض))ر ج))وق‬
‫عظيم من المالئك))ة يس))بحون هللا ‪ ،‬ويبش))رون األخي))ار بس))الم ‪ ،‬ولم))ا‬
‫انصرفت المالئكة تكلم الرعاة فيما بينهم قائلين ‪ :‬لنذهب إلى بيت لحم‬
‫وننظر الكلمة التي كلمنا بها هللا بواسطة مالكه ‪ ،‬وجاء رعاة كث))يرون‬
‫إلى بيت لحم يطلبون الطفل المولود) ح))ديثا ‪ ،‬فوج))دوا الطف))ل المول))ود)‬
‫مضطجعا في المذود خارج المدينة حسب كلم))ة المالك ‪ ،‬فس))جدوا ل))ه‬
‫وقدموا لألم ما كان معهم وأخبروها بم)ا س)معوا وأبص))روا ‪ ،‬فأس)رّ ت‬
‫مريم هذه األمور في قلبها ويوس))ف أيض))ا ش)اكرين هلل ‪ ،‬فع)اد الرع))اة‬
‫إلى قطيعهم يقول))ون لك))ل أح))د م))ا أعظم م))ا رأوا ‪ ،‬فارت))اعت جب))ال‬
‫اليهودية كلها ‪ ،‬ووضع كل رجل الكلمة في قلبه قائال ‪ :‬ما سيكون هذا‬
‫الطفل يا ترى ‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬
‫(( ختان يسوع ))‬
‫فلما تمت األيام الثمانية حسب شريعة الرب كما هو مكتوب في كت))اب‬
‫موسى أخذا) الطفل واحتماله إلى الهيكل ليختناه ‪ ،‬فختنا الطفل وس))مياه‬
‫يس))وع كم))ا ق))ال المالك قب))ل أن حب))ل ب))ه في ال))رحم ‪ ،‬فعلمت م))ريم‬
‫ويوسف أن الطف))ل س))يكون لخالص وهالك كث))يرين ‪ ،‬ل))ذلك اتقي))ا هللا‬
‫وحفظا الطفل وربياه على خوف هللا ‪.‬‬

‫الفصل السادس)‬
‫)) نجم في المشرق يهدي ثالث))ة من المج))وس إلى اليهودي)ة) ‪ ،‬ف))يرون‬
‫يسوع ويسجدون ويقدمون له هدايا ))‬
‫لم))ا ول))د يس))وع في زمن ه))يرودس مل))ك اليهودي))ة ك))ان ثالث))ة من‬
‫المجوس في أنح))اء المش))رق يرقب))ون نج))وم الس))ماء ‪ ،‬فتب))دى لهم نجم‬
‫شديد التألق) فتشاوروا من ثم فيم))ا بينهم وج))اءوا إلى اليهودي)ة) يه))ديهم‬
‫النجم الذي يتقدمهم ‪ ،‬فلما بلغوا أورشليم سألوا ‪ :‬أين ولد ملك اليهود ‪.‬‬
‫فلما سمع هيرودس ذلك ارتاع واضطربت المدينة كله))ا فجم))ع من ثم‬
‫هيرودس) الكهنة والكتبة قائال ‪ :‬أين يولد) المسيح ‪ .‬فأج))ابوا ‪ :‬إن))ه يول))د‬
‫في بيت لحم ألن))ه مكت))وب في الن))بي هك))ذا ( وأنت ي))ا بيت لحم س))ت‬
‫ص))غيرة بين رؤس))اء يه))وذا) ألن))ه س))يخرج من))ك م))دبر ي))رعى ش))عبي‬
‫إسرائيل )‪ ،‬فاستحضر هيرودس) إذ ذاك المجوس) وسألهم عن مج))يئهم‬
‫‪ ،‬فأج))ابوا ‪ :‬أنهم رأوا نجم))ا في المش))رق ه))داهم إلى هن))اك ‪ ،‬فل))ذلك‬
‫أحبوا أن يق))دموا ه))دايا ويس))جدوا له))ذا المل)ك) الجدي))د ال))ذي تب))دى لهم‬
‫نجمه‪ .‬فقال حينئذ هيرودس ‪ :‬اذهبوا إلى بيت لحم وابحثوا) بتدقيق عن‬
‫الصبي ‪ ،‬ومتى وج))دتموه تع))الوا وأخ))بروني ألني أن))ا أيض))ا أري))د أن‬
‫أسجد له ‪ ،‬وهو إنما قال ذلك مكرا ‪.‬‬

‫الفصل السابع‬
‫)) زيارة المجوس ليسوع وعودتهم إلى وطنهم ‪ ،‬عمال بإن))ذار يس))وع‬
‫إياهم في حلم ))‬
‫وانص))رف المج))وس من أورش))ليم ‪ ،‬وإذا) ب))النجم ال))ذي ظه))ر لهم في‬
‫المشرق يتقدمهم ‪ ،‬فلم))ا رأوا النجم امتألوا س))رورا ‪ ،‬ولم))ا بلغ))وا بيت‬
‫لحم وهم خارج المدينة وجدوا) النجم واقفا فوق النزل حيث ولد) يسوع‬
‫‪ ،‬فذهب المجوس) إلى هناك ‪ ،‬ولما دخل))وا) الم))نزل وج))دوا) الطف))ل م))ع‬
‫أم))ه ‪ ،‬ف))انحنوا وس))جدوا) ل))ه ‪ ،‬وق))دموا ل))ه المج))وس) طيوب))ا م))ع فض))ة‬
‫وذهب ‪ ،‬وقصوا على العذراء كل ما رأوا ‪ ،‬وبينما كانوا نياما حذرهم‬
‫الطف))ل من ال))ذهاب إلى ه))يرودس ‪ ،‬فانص))رفوا في طري))ق أخ))رى‬
‫وعادوا) إلى وطنهم وأخبروا بما رأوا في اليهودية ‪.‬‬

‫الفصل الثامن‬
‫((الهرب بالمسيح إلى مصر وقتل هيرودس األطفال ))‬
‫فلما رأى هيرودس أن المجوس لم يعودوا) إليه ظن أنهم سخروا منه ‪،‬‬
‫فعقد النية على قتل الطفل ال))ذي ول))د ‪ ،‬ولكن بينم))ا ك))ان يوس))ف نائم))ا‬
‫ظهر له مالك الرب قائال ‪ :‬انهض ع))اجال وخ))ذ الطف))ل وأم))ه واذهب‬
‫إلى مصر ألن هيرودس) يريد أن يقتله ‪ .‬فنهض يوسف بخ))وف عظيم‬
‫وأخ))ذ م))ريم والطف)ل) وذهب))وا) إلى مص))ر ‪ ،‬ولبث))وا هن))اك ح))تى م))وت‬
‫هيرودس) الذي حسب أن المج))وس ق))د س))خروا من))ه ‪ ،‬فأرس))ل جن))وده)‬
‫ليقتلوا) كل األطفال المولودين حديثا في بيت لحم ‪ ،‬فجاء الجنود) وقتلوا‬
‫ك)ل األطف)ال ال)ذين) ك)انوا هن)اك كم)ا أم)رهم ه)يرودس ‪ ،‬حينئ)ذ تمَّت‬
‫كلمات النبي القائل ( نواح وبك))اء في الرام))ة ‪ ،‬راحي))ل تن))دب أبناءه))ا‬
‫وليس لها تعزية ألنهم ليسوا) بموجودين) ‪.‬‬
‫الفص))ل التاس))ع(( يس))وع يح))اج العلم))اء بع))د رجوع))ه إلى اليهودي))ة ‪،‬‬
‫وبلوغه اثني عشر عاما من العمر ))‬

‫ولما مات هيرودس ظهر مالك الرب في حلم ليوسف قائال ‪ :‬ع))د إلى‬
‫اليهودية ألنه قد مات الذين) كانوا يريدون موت الصبي ‪ ،‬فأخذ يوسف‬
‫الطفل ومريم ( وكان الطفل بالغ))ا س))بع س))نين من العم))ر ) وج))اء إلى‬
‫اليهودي)))ة حيث س)))مع أن أرخيالوس بن ه)))يرودس ك)))ان حاكم)))ا في‬
‫اليهودية ‪ ،‬فذهب إلى الجليل) ألنه خاف أن يبقى في اليهودية ‪ ،‬ف))ذهبوا‬
‫ليس))كنوا في الناص))رة ‪ ،‬فنم))ا الص))بي في النعم))ة والحكم))ة أم))ام هللا‬
‫والناس ‪ ،‬ولما بلغ يسوع اثنتي عشرة سنة من العمر ص))عد م))ع م))ريم‬
‫ويوسف إلى أورشليم ليسجد هناك حس)ب ش)ريعة ال)رب المكتوب))ة في‬
‫كتاب موسى ‪ ،‬ولما تمت ص))لواتهم انص))رفوا بع))د أن فق))دوا يس))وع ‪،‬‬
‫ألنهم ظنوا أنه عاد إلى الوطن) مع أقربائهم ‪ ،‬ولذلك ع))ادت م))ريم م))ع‬
‫يوسف إلى أورشليم ينشدان) يسوع بين األقرباء والجيران ‪ ،‬وفي اليوم‬
‫الث))الث وج))دوا) الص))بي في الهيك))ل وس))ط العلم))اء يح))اجهم في أم))ر‬
‫الناموس ‪ ،‬وأعجب كل أحد بأسئلته وأجوبت))ه ق))ائال ‪ :‬كي))ف أوتي مث))ل‬
‫هذا العلم وهو حدث ولم يتعلم القراءة ‪.‬‬
‫فعنفته مريم قائلة ‪ :‬يا نبي ماذا فعلت بنا فقد نشدتك وأب))وك) ثالث))ة أي))ام‬
‫ونحن حزينان ‪ .‬فأجاب يسوع ‪ :‬أال تعلمين أن خدمة هللا يجب أن تقدم‬
‫على األب وأالم ‪ .‬ثم ن))زل يس))وع م))ع أم))ه ويوس))ف إلى الناص))رة ‪،‬‬
‫وكان مطيعا لهما بتواضع واحترام ‪.‬‬

‫الفصل العاشر‬
‫((يسوع وهو ابن ثالثين سنة ‪ ،‬يتلقى على جبل الزيت))ون اإلنجي))ل من‬
‫المالك جبريل ))‬
‫ولما بلغ يسوع ثالثين سنة من العمر كم))ا أخ))برني ب))ذلك نفس))ه ص))عد‬
‫إلى جب))ل الزيت))ون م))ع أم))ه ليج))ني زيتون))ا ‪ ،‬وبينم))ا ك))ان يص))لي في‬
‫الظهيرة وبلغ هذه الكلم))ات ( ي))ارب برحم))ه ‪ ) ..‬وإذا) بن))ور ب))اهر ق))د‬
‫أحاط به وجوق ال يحصى من المالئكة كانوا يقولون ( ليتمجد هللا ) ‪،‬‬
‫فقدم له المالك جبريل كتابا كأنه م))رآة براق))ة ‪ ،‬ف))نزل إلى قلب يس))وع‬
‫الذي عرف به ما فعل هللا وما قال هللا وما يريد هللا حتى أن كل ش))يء‬
‫كان عريانا ومكشوفا له ‪ ،‬ولقد قال لي ‪ ( :‬صدق يا برنابا أني أعرف‬
‫كل نبي وكل نبوة وكل ما أقوله إنما قد جاء من ذلك الكت))اب ) ‪ .‬ولم))ا‬
‫تجلت ه))ذه الرؤي))ا ليس))وع وعلم أن))ه ن))بي مرس))ل إلى بيت إس))رائيل‬
‫كاشف مريم أمه بكل ذلك قائال لها ‪ :‬أنه يترتب عليه احتمال اضطهاد‬
‫عظيم لمجد هللا وأنه ال يق))در فيم))ا بع))د أن يقيم معه))ا ويخ))دمها ‪ .‬فلم))ا‬
‫سمعت مريم هذا أجابت ‪( :‬يا ب))ني إني ن))بئت بك))ل ذل))ك قب))ل أن تول))د‬
‫فليتمجد اسم هللا القدوس) ) ‪ .‬ومن ذلك اليوم انص))رف يس))وع عن أم))ه‬
‫ليمارس وظيفته النبوية ‪.‬‬

‫الفصل الحادي عشر‬


‫(( يسوع يشفي األبرص ويذهب إلى أورشليم ))‬
‫ولما ن))زل يس))وع من الجب))ل لي))ذهب إلى أورش))ليم التقى ب))أبرص علم‬
‫بإلهام إلهي أن يسوع ن)بي ‪ ،‬فتض)رع إلي)ه باكي)ا ق)ائال ‪ :‬ي))ا يس))وع بن‬
‫داود) ارحمني ‪ ،‬فأج))اب يس))وع ‪ :‬م))اذا تري))د أيه))ا األخ أن أفع))ل ل))ك ‪،‬‬
‫فأجاب األبرص ‪ :‬يا سيدي أعطني صحة ‪ ،‬فوبخه يسوع ق))ائال ‪ :‬إن))ك‬
‫لغ))بي اض))رع إلى هللا ال))ذي خلق))ك وه))و يعطي))ك ص))حة ألن))ني رج))ل‬
‫نظيرك ‪ ،‬فأجاب األب))رص أعلم ي))ا س))يدي أن))ك إنس))ان ولكن))ك ق))دوس‬
‫الرب فاضرع إذا) إلى هللا وهو يعطيني ص))حة ‪ ،‬فتنه))د يس))وع وق))ال ‪:‬‬
‫أيها الرب اإلله القدير ألجل محبة أنبيائك األطهار أبرئ هذا العلي))ل ‪،‬‬
‫ولما قال ذلك لمس العليل بيديه وقال ‪ :‬باسم هللا أيها األخ اب))رأ ‪ ،‬ولم))ا‬
‫ق))ال ذل))ك ب))رئ من برص))ه ح))تى أن جس))ده األب))رص أص))بح كجس))د‬
‫طف))ل ‪ ،‬فلم))ا رأى األب))رص ذل)ك) وعلم أن))ه ق))د ب))رئ ص))رخ بص))وت‬
‫عال ‪ :‬تعال إلى هن))ا ي))ا إس))رائيل وتقب))ل الن))بي ال))ذي بعث))ه هللا إلي))ك ‪،‬‬
‫فرجاه يسوع قائال ‪ :‬أيها أالخ أصمت وال تقل شيئا ‪ ،‬فلم يزده الرج))اء‬
‫إال صراخا قائال ‪ :‬هاهو ذا النبي هاهو ذا قدوس هللا ‪ ،‬فلما س))مع ه))ذه‬
‫الكلمات كثيرون من الذين كانوا ذاهبين إلى أورشليم رجعوا مسرعين‬
‫‪ ،‬ودخلوا أورشليم مع يسوع وقصوا م))ا ص))نع هللا لألب))رص بواس))طة‬
‫يسوع ‪.‬‬

‫الفصل الثاني عشر‬


‫)) الموعظ))ة األولى ال))تي ألقاه))ا يس))وع على الش))عب وغرائبه))ا ‪ ،‬من‬
‫حيث ما يتعلق منها باسم هللا ((‬
‫فاضطربت المدينة كلها له))ذه الكلم))ات ‪ ،‬وأس))رع الجمي))ع إلى الهيك))ل‬
‫ليروا يسوع الذي دخل إلي))ه ليص))لي ح))تى ض))اق بهم المك))ان ‪ ،‬فتق))دم‬
‫الكهن))ة إلى يس))وع ق))ائلين ‪ :‬أن ه))ذا الش))عب يحب أن ي))راك ويس))معك‬
‫فارتقي إذا الدكة) وإذا) أعطاك هللا كلمة فتكلم بها باسم ال))رب ‪ ،‬ف))ارتقى‬
‫يسوع الموضع الذي إعت))اد الكتب))ة التكلم في))ه ‪ ،‬وإذ) أش))ار بي))ده إيم))اءا‬
‫للص))مت فتح ف))اه ق))ائال ‪ :‬تب))ارك اس))م هللا الق))دوس ال))ذي من بس))رّ ه‬
‫ورحمته أراد فخلق خالئقه ليمج))دوه) ‪ ،‬تب))ارك اس))م هللا الق))دوس ال))ذي‬
‫خلق نور جميع القديسين واألنبي))اء قب))ل ك))ل األش))ياء ليرس))له لخالص‬
‫العالم كما تكلم بواس))طة) عب))ده داود ق))ائال ‪ ( :‬قب))ل ك))وكب الص))بح في‬
‫ضياء القديسين خلقتك ) ‪ ،‬تبارك اسم هللا القدوس) الذي خل))ق المالئك))ة‬
‫ليخدموه ‪ ،‬وتبارك هللا الذي ق))اص وخ))ذل الش))يطان وأتباع))ه ال))ذين) لم‬
‫يسجدوا لمن أحب هللا يسجد له ‪ ،‬تب))ارك اس))م هللا الق))دوس ال))ذي خل))ق‬
‫اإلنسان من طين األرض وجعل))ه قيم))ا على أعمال))ه ‪ ،‬تب))ارك اس))م هللا‬
‫القدوس الذي طرد اإلنسان من الفردوس ألنه عصا أوامره الطاهرة) ‪،‬‬
‫تب))ارك اس))م هللا الق))دوس) ال))ذي برحمت))ه نظ))ر بإش))فاق إلى دم))وع آدم‬
‫وحواء أب))وي ال*** البش))ري ‪ ،‬تب))ارك اس))م هللا الق))دوس) ال))ذي ق))اص‬
‫بعدل قايين قات))ل أخي))ه وأرس))ل الطوف))ان على األرض وأح))رق ثالث‬
‫مدن شريرة وضرب مصر وأغرق) فرع))ون في البح))ر األحم))ر وب))دد‬
‫شمل أعداء شعبه وأدب الكفرة وقاص غير الت))ائبين ‪ ،‬تب))ارك اس))م هللا‬
‫القدوس الذي برحمته أشفق على خالئقه فأرسل إليهم أنبياءه ليس))يروا‬
‫في الحق والبر أمامه ‪ ،‬الذي أنق))ذ عبي))ده من ك))ل ش))ر وأعط))اهم ه))ذه‬
‫األرض كما وعد أبان))ا إب))راهيم وابن))ه إلى األب))د ‪ ،‬ثم أعطان))ا ناموس))ه‬
‫الطاهر على يد عبده موسى لكي ال يغشنا الشيطان ورفعنا فوق جميع‬
‫الش))عوب ‪ ،‬ولكن أيه))ا اإلخ))وة م))اذا نفع))ل الي))وم لكي ال نج))ازى على‬
‫خطايانا ؟ وحينئذ وبخ يسوع الشعب بأشد عن)ف ألنهم نس))وا كلم))ة هللا‬
‫وأس))لموا) أنفس))هم للغ))رور فق))ط ‪ ،‬ووبخ الكهن))ة إلهم))الهم خدم))ة هللا‬
‫ولجشعهم ‪ ،‬ووبخ الكتبه ألنهم علَّموا‬
‫تعاليم فاسدة وتركوا ش)ريعة هللا ‪ ،‬ووبخ العلم)اء ألنهم ابطل)وا) ش)ريعة‬
‫هللا بواسطة تقالي))دهم ‪ ،‬وأث))ر كالم يس))وع في الش))عب ح))تى أنهم بك))وا‬
‫جميعهم من صغيرهم إلى كب))يرهم يستص))رخون رحمت))ه ويض))رعون‬
‫إلى يس))وع لكي يص))لي ألجلهم ‪ ،‬م))ا خال كهنتهم ورؤس))اءهم ال))ذين‬
‫أض))مروا في ذل))ك الي))وم الع))داء ليس))وع ألن))ه تكلم هك))ذا ض))د الكهن))ة‬
‫والكتبة والعلماء فص))مموا على قتل))ه ‪ ،‬ولكنهم لم ينبس))وا بكلم))ة خوف))ا‬
‫من الشعب الذي قبله نبيا من هللا ‪ ،‬ورفع يسوع يدي))ه إلى ال))رب اإلل))ه‬
‫وصلى ‪ ،‬فبكى الشعب وقالوا ( ليكن كذلك يارب ليكن كذلك ) ‪ ،‬ولم))ا‬
‫انتهت الصالة) نزل يسوع من الهيكل وس))افر ذل)ك) الي))وم من أورش))ليم‬
‫م))ع كث))يرين من ال))ذين تبع))وه ‪ ،‬وتكلم الكهن))ة فيم))ا بينهم بالس))وء في‬
‫يسوع ‪.‬‬

‫الفصل الثالث عشر‬


‫((خوف يسوع وصالته وتعزية المالك جبريل العجيبة))‬
‫ولما مضت بعض أيام وكان يسوع عالما بالروح رغبة الكهن))ة ص))عد‬
‫إلى جب)ل الزيت)ون ليص)لي ‪ ،‬وبع)د أن ص)رف اللي)ل كل)ه في الص)الة‬
‫ص)))لى يس)))وع في الص)))باح ق)))ائال ‪ :‬ي)))ارب إني ع)))الم أن الكتب)))ة‬
‫يبغضونني ‪ ،‬والكهنة مصممون على قتلي أنا عبدك ‪ ،‬لذلك أيها الرب‬
‫اإلله القدير الرحيم اسمع برحمه صلوات عبدك ‪ ،‬وأنقذني من حبائلهم‬
‫ألنك أنت خالصي ‪ ،‬وأنت تعلم يارب أني أنا عبدك إياك أطلب يارب‬
‫وكلمتك أتكلم ‪ ،‬ألن كلمتك حق هي ت))دوم إلى األب))د ‪ ،‬ولم))ا أتم يس))وع‬
‫هذه الكلمات إذا) بالمالك جبريل قد جاء إليه قائال ‪ :‬ال تخف ي))ا يس))وع‬
‫ألن ألف ألف من الذين) يس))كنون ف))وق الس))ماء يحرس))ون ثياب))ك ‪ ،‬وال‬
‫تموت حتى يكمل كل شيء ويمس)ي الع)الم على وش)ك النهاي)ة ‪ ،‬فخ)ر‬
‫يس))وع على وجه))ه إلى األرض ق))ائال ‪ :‬أيه))ا اإلل))ه ال))رب العظيم م))ا‬
‫أعظم رحمتك لي ‪ ،‬وماذا أعطيك ي))ارب مقاب))ل م))ا أحس))نت ب))ه إليّ ‪،‬‬
‫فأجاب المالك جبريل أنهض يا يسوع واذكر إبراهيم الذي ك))ان يري))د‬
‫أن يقدم ابنه الوحيد اس))ماعيل ذبيح))ة هلل ليتم كلم))ات هللا ‪ ،‬فلم))ا لم تق))و‬
‫المدية على ذبح ابنه قدم عمال بكلمتي كبشا ‪ ،‬فعليك أن تفع))ل ذل))ك ي))ا‬
‫يسوع خادم هللا ‪ ،‬فأجابه يسوع سمعا وطاع))ة ‪ ،‬ولكن أين أج))د الحم))ل‬
‫وليس معي نقود وال تجوز سرقته ‪ ،‬فدل))ه إذ ذاك) المالك جبري))ل على‬
‫كبش فقدمه يسوع ذبيحة حامدا ومسبحا هلل الممجد إلى األبد ‪.‬‬

‫الفصل الرابع عشر‬


‫((المسيح ينتخب اثني عشر تلميذا بعد صيام أربعين يوما ))‬
‫ونزل يسوع من الجبل وعبر وحده ليال إلى الجانب األقصى من عبر‬
‫األردن ‪ ،‬وصام أربعين يوما وأربعين ليلة لم يأكل شيئا ليال وال نهارا‬
‫ضارعا دوم))ا إلى ال))رب لخالص ش))عبه ال))ذي أرس))له هللا إلي))ه ‪ ،‬فلم))ا‬
‫انقض))ت األربع))ون يوم))ا ج))اع ‪ ،‬فظه))ر ل))ه حينئ))ذ الش))يطان) وجرب))ه‬
‫بكلمات كث))يرة ‪،‬ولكن يس))وع ط))رده بق))وة كلم))ات هللا ‪ ،‬فلم))ا انص))رف‬
‫الشيطان جاءت المالئكة وقدمت ليس))وع ك))ل م))ا يحت))اج ‪ ،‬أم))ا يس))وع‬
‫فعاد إلى نواحي أورش))ليم ووج)ده) الش))عب م)رة أخ))رى بف))رح عظيم ‪،‬‬
‫ورج))اه أن يمكث معهم ألن كلمات))ه لم تكن ككلم))ات الكتب))ة ب))ل ك))انت‬
‫قويه ألنها أثرت في القلب ‪ ،‬فلما رأى يس)وع أن الجمه)ور ال)ذي ع)اد‬
‫إلى نفسه ليسلك في شريعة هللا جمهور غفير صعد الجب))ل ومكث ك))ل‬
‫الليل بالصالة) ‪ ،‬فلما طلع النه))ار ن)زل من الجب))ل وأنتخب اث))ني عش))ر‬
‫سماهم رسال منهم يهوذا الذي صلب ‪ ،‬أما أس))ماؤهم فهي ‪ ،‬ان))دراوس)‬
‫واخوه بطرس الصياد ‪ ،‬وبرنابا الذي كتب هذا مع متى العش))ار ال))ذي‬
‫كان يجلس للجباي))ة ‪ ،‬يوحن)ا ويعق))وب ابن))ا زب))دى ‪ ،‬ت))داوس ويه))وذا ‪،‬‬
‫برتولوماوس) وفيلبس ‪ ،‬يعقوب ويهوذا) االسخريوطي الخائن ‪ ،‬فهؤالء‬
‫كاشفهم على الدوام باالسرار اإللهية ‪ ،‬أما يهوذا االسخريوطي فأقام))ه‬
‫وكيال على م))ا ك))ان يعطى للص))دقات فك))ان يختلس العش))ر من ك))ل‬
‫شيء ‪.‬‬
‫الفصل الخامس عشر‬
‫)) اآلية التي فعلها المسيح في العرس حيث حول الماء خمرا ((‬
‫ولم))ا اق))ترب عي))د المظ))ال دع))ا غ))ني يس))وع وتالمي))ذه وأم))ه إلى‬
‫الع))روس ‪ ،‬ف))ذهب يس))وع ‪ ،‬وبينم))ا هم في الوليم )ة) ف))رغت الخم))ر ‪،‬‬
‫فكلمت أم يسوع إياه قائلة ‪ :‬ليس لهم خمر ‪ ،‬فأجاب يسوع ‪ :‬م))ا ش))أني‬
‫في ذلك يا أماه ؟ فأوصت امه الخدم))ة أن يطيع))وا يس))وع المس))يح في‬
‫ك))ل م))ا ي))أمرهم ب))ه ‪ ،‬وك))انت هن))اك س))تة أج))ران للم))اء حس))ب ع))ادة‬
‫إسرائيل ليطهروا أنفسهم للصالة ‪ ،‬فقال يسوع ‪ :‬امألوا ه))ذه االج))ران‬
‫ماءا ‪ ،‬ففعل الخدمة هكذا ‪ ،‬فقال لهم يسوع ‪ :‬باسم هللا اسقوا المدعوين‬
‫‪ ،‬فقدم الخدمة إلى مدبر الحفلة الذي وبخ االتب))اع ق))ائال ‪ :‬أيه))ا الخدم))ة‬
‫االخساء لماذا ابقيتم الخمر الجيدة) حتى اآلن ؟ ألنه لم يعرف شيئا مما‬
‫فعل يسوع ‪ ،‬فأجاب الخدمة ‪ :‬يوجد هنا رجل قدوس هللا النه جعل من‬
‫الماء خمرا ‪ ،‬غير ان مدبر الحفلة ظن ان الخدمة سكارى ‪ ،‬أما ال))ذين‬
‫ك))انوا جالس))ين بج))انب يس))وع فلم))ا رأوا الحقيق))ة نهض))وا) عن المائ))دة‬
‫واحتفوا به قائلين ‪ :‬حقا انك قدوس هللا ون))بي ص))ادق مرس))ل الين))ا من‬
‫هللا ‪ ،‬حينئذ آمن به تالميذه ‪ ،‬وعاد كثيرون إلى أنفسهم قائلين ‪ :‬الحم))د‬
‫هلل الذي أظهر رحمة إلسرائيل وافتقد بيت يهوذا بمحبته تب))ارك اس))مه‬
‫االقدس ‪.‬‬

‫الفص))ل الس))ادس) عش))ر))التع))اليم العجيب))ة ال))تي علمه))ا لتالمي))ذه ‪،‬‬


‫بخصوص االرتداد) عن الحياة الشريرة ((‬
‫وجمع يسوع ذات يوم تالميذه وصعد إلى الجبل ‪ ،‬فلما جلس هناك دنا‬
‫منه التالميذ ففتح فاه وعلمهم ق))ائال ‪ :‬عظيم))ة هي النعم ال))تي أنعم به))ا‬
‫هللا علينا فترتب علينا من ثم أن نعبده بإخالص قلب ‪ ،‬وكما ان الخمر‬
‫الجديدة) توضع في أوعية جديدة هكذا يترتب عليكم أن تكون))وا) رج))اال‬
‫جددا إذا أردتم أن تعوا التعاليم الجديدة التي س)تخرج من فمي ‪ ،‬الح)ق‬
‫أقول لكم كما أنه ال يت))أتى لإلنس))ان أن ينظ))ر بعين))ه الس))ماء واألرض‬
‫معا في وقت واحد فكذلك يستحيل عليه أن يحب هللا والعالم ‪ .‬ال يق))در‬
‫رجل أبدا أن يخدم سيدين أحدهما عدو لآلخرين ألنه إذا أحبك أحدهما‬
‫أبغضك اآلخر ‪ ،‬فكذلك أقول لكم حق))ا أنكم ال تق))درون أن تخ))دموا هللا‬
‫والعالم ‪ ،‬ألن الع))الم موض))وع في النف))اق والجش)ع) والخبث ‪ ،‬ل))ذلك ال‬
‫تجدون راحة في العالم بل تجدون بدال منها اضطهادا أو خسارة ‪ ،‬إذا)‬
‫فاعب))دوا هللا واحتق))روا الع))الم ‪ ،‬إذ م))ني تج))دون راح))ة لنفوس))كم ‪،‬‬
‫أصيخوا السمع لكالمي ألني أكلمكم بالحق ‪ ،‬طوبى للذين ينوحون في‬
‫هذه الحياة ألنهم يتعزون ‪ ،‬طوبى للمساكين الذين يعرض))ون حق))ا عن‬
‫مالذ العالم ألنهم سيتنعمون بمالذ ملك))وت هللا ‪ ،‬ط))وبى لل))ذين) ي))أكلون‬
‫على مائ))دة هللا ألن المالئك))ة س))تقوم على خ))دمتهم ‪ ،‬أنتم مس))افرون‬
‫كسياح ‪ ،‬أيتخذ السائح لنفسه على الطري )ق) قص))ورا وحق))وال وغيره))ا‬
‫من حط))ام الع))الم ‪ ،‬كال ثم كال ولكن))ه يحم))ل أش))ياء خفيف))ة ذات فائ))دة‬
‫وج))دوى في الطري))ق ‪ ،‬فليكن ه))ذا مثال لكم ‪ ،‬وإذا أحببتم مثال آخ))ر‬
‫ف))اني أض))ربه لكم لكي تفعل))وا ك))ل م))ا أقول))ه لكم ‪ ،‬ال تثقل))وا قل))وبكم‬
‫بالرغ))ائب العالمي))ة ق))ائلين من يكس))ونا او من يطعمن))ا ‪ ،‬ب))ل انظ))روا‬
‫الزه)ور واألش)جار م)ع الطي)ور) ال)تي كس)اها وغ)ذاها هللا ربن)ا بمج)د‬
‫أعظم من كل مجد سليمان ‪ ،‬وهللا الذي خلقكم ودعاكم إلى خدمت))ه ه))و‬
‫قادر أن يغذيكم ‪ ،‬الذي أنزل المن من السماء على ش))عبه إس))رائيل في‬
‫البرية أربعين سنة وحفظ أثوابهم من أن تعتق أو تبلى ‪ ،‬أولئ))ك ال))ذين)‬
‫كانوا ستمائة وأربعين ألف رجل خال النساء واألطفال ‪ ،‬الحق‬
‫أقول لكم أن السماء واألرض تهنان بيد أن رحمته التهن للذين يتقون))ه‬
‫‪ ،‬أغنياء العالم هم على رخائهم جياع وسيهلكون ‪ ،‬كان غ))ني ازدادت‬
‫ثروته فقال ‪ :‬ماذا أفع))ل ي))ا نفس))ي ‪ ،‬اني أه))دم اه))رائي ألنه))ا ص))غيرة‬
‫وابني أخرى جديدة أكبر منها فتظفرين بمناك ي))ا نفس)ي ‪ ،‬ان))ه لخاس))ر‬
‫ألنه في تلك الليلة توفى ‪ ،‬ولقد كان يجب عليه العط))ف على المس))كين‬
‫وأن يجعل لنفسه أصدقاء من صدقات أموال الظلم) في هذا العالم ألنها‬
‫ت))أتي بكن))وز في ع))الم الس))ماء ‪ ،‬وقول))وا) لي من فض))لكم إذا وض))عتم‬
‫دراهمكم في مصرف عشار فأعطاكم عشرة أضعاف وعشرين ضعفا‬
‫أفال تعطون رجال كهذا كل م))الكم ‪ ،‬ولكن الح))ق أق))ول لكم أنكم مهم))ا‬
‫أعطيتم وتركتم الجل محب))ة هللا فستس))تردونه مئ))ة ض))عف م))ع الحي))اة‬
‫األبدية ‪ ،‬فانظروا إذا كم يجب عليكم ان تكون)وا) مس)رورين في خدم)ة‬
‫هللا ‪.‬‬

‫الفصل السابع عشر((عدم إيمان التالميذ ودين ( مامن ) الصحيح ((‬


‫ولما قال يسوع ذلك أجاب فيلبس ‪ :‬إننا لراغبون) في خدم))ة هللا ولكنن))ا‬
‫نرغب أيض))ا أن نع))رف هللا ‪ ،‬ألن أش))عيا الن))بي ق))ال ( حق))ا إن))ك إلل))ه‬
‫محتجب ) ‪ ،‬وقال هللا لموسى عبده ( أنا الذي هو أنا ) أجاب يس))وع ‪:‬‬
‫ي))ا فيلبس إن هللا ص))الح بدون))ه ال ص))الح ‪ ،‬إن هللا موج))ود بدون))ه‬
‫الوج))ود ‪ ،‬إن هللا حي))اة ب))دونها ال أحي))اء ‪ ،‬ه))و عظيم ح))تى أن))ه يمأل‬
‫الجميع وهو في كل مكان ‪ ،‬هو وحده) ال ند له ‪ ،‬ال بداية وال نهاي))ة ل))ه‬
‫ولكنه جعل لكل شيء بداية وسيجعل لكل شيء نهاي))ة ‪ ،‬ال أب و ال أم‬
‫له ‪ ،‬ال أبناء وال أخوة وال عشراء له ‪ ،‬ولما كان ليس هلل جسم فه))و ال‬
‫يأكل وال ينام وال يموت وال يمشي وال يتحرك ‪ ،‬ولكنه يدوم إلى األبد‬
‫بدون شبيه بشري ‪ ،‬إلنه غ))ير ذي جس))د وغ))ير م))ركب وغ))ير م))ادي‬
‫وأبسط البسائط ‪ ،‬وهو جواد ال يحب إال الجود ‪ ،‬وهو مقسط ح))تى إذا‬
‫هو قاص أو صفح فال مرد له ‪ ،‬وباالختصار أقول لك يا فيلبس أنه ال‬
‫يمكنك أن تراه وتعرفه على االرض تمام المعرفة ‪ ،‬ولكنك س))تراه في‬
‫مملكته إلى األبد حيث يك))ون ق))وام س))عادتنا ومج))دنا ‪ ،‬أج))اب فيلبس ‪:‬‬
‫ماذا تقول يا سيد حقا لقد كتب في أشعيا أن هللا أبونا فكيف ال يكون له‬
‫بنون ؟ ‪ ،‬أجاب يسوع‪ :‬إنه في األنبي))اء مكت))وب أمث))ال كث))يرة ال يجب‬
‫أن تأخذها بالحرف بل بالمعنى ‪ ،‬ألن كل األنبياء البالغين مئة وأربعة‬
‫وأربعين ألفا الذين) أرسلهم هللا إلى العالم قد تكلموا بالمعميات بظالم ‪،‬‬
‫ولكن سيأتي بعد بهاء كل األنبياء األطهار فيشرق ن))ورا على ظلم))ات‬
‫سائر ما قال األنبياء ‪ ،‬ألنه رسول هللا ولما قال هذا تنهد يسوع وقال ‪:‬‬
‫أرأف بإس))رائيل أيه))ا ال))رب اإلل))ه وانظ))ر بش))فقة على إب))راهيم وعلى‬
‫ذريته لكي يخدموك بإخالص قلب فأج))اب تالمي))ذه ‪ :‬ليكن ك))ذلك أيه))ا‬
‫ال))رب اإلل))ه ‪ ،‬وق))ال يس))وع ‪ :‬الح))ق أق))ول لكم أن الكتب))ة والعلم))اء ق))د‬
‫أبطلوا) شريعة هللا بنبواتهم الكاذبة المخالفة لنبوات أنبياء هللا الصادقين‬
‫‪ ،‬ل)))ذلك) غض)))ب هللا على بيت إس)))رائيل وعلى ه)))ذا الجي)))ل القلي)))ل‬
‫اإليمان ‪ ،‬فبكى تالميذه لهذه الكلمات‬
‫وقالوا ‪ :‬ارحمنا يا هللا ترأف على الهيكل والمدينة المقدسة وال ت))دفعها‬
‫إلى احتق))ار األمم لكي ال يحتق))روا عه))دك ‪ ،‬فأج))اب يس))وع ‪ :‬وليكن‬
‫كذلك أيها الرب إله آبائنا ‪.‬‬

‫الفص))ل الث))امن عش))ر)) يوض))ح هن))ا اض))طهاد الع))الم بخدم))ة هللا وأن‬
‫حماية هللا تقيهم ((‬
‫وبع))د أن ق))ال يس))وع ه))ذا ق))ال ‪ :‬لس))تم أنتم ال))ذين) اخ))ترتموني ب))ل أن))ا‬
‫اخترتكم لتكونوا تالميذي ‪ ،‬فإذا أبغضكم العالم تكونون حقا تالميذي ‪،‬‬
‫ألن العالم كان دائما عدو عبيد خدمة هللا ‪ ،‬تذكروا األنبي))اء واألطه))ار‬
‫الذين قتلهم العالم‪ ،‬كما حدث في أيام ايليا إذ قتلت إيزابل عش))رة آالف‬
‫نبي ح)تى بالجه)د نج))ا ايلي))ا المس)كين وس)بعة آالف من أبن))اء األنبي))اء‬
‫ال))ذين) خب))أهم رئيس جيش أخ))اب ‪ ،‬أواه من الع))الم الف))اجر ال))ذي ال‬
‫يع))رف هللا ‪ ،‬إذا ال تخ))افوا أنتم الن ش))عور رؤوس))كم محص))اة كي ال‬
‫تهلك ‪ ،‬انظروا العصفور الدوري الطيور األخرى التي ال تسقط منه))ا‬
‫ريشة بدون إرادة هللا ‪ ،‬أيعتني هللا بالطيور أكثر من اعتنائ))ه باإلنس))ان‬
‫الذي ألجله خلق كل شيء ؟ أيتفق وج))ود انس))ان اش))د اعتن))اءا بحذائ))ه‬
‫منه بابنه ‪ ،‬كال ثم كال ‪ ،‬أفال يجب عليكم ب))األولى أن تظن))وا أن هللا ال‬
‫يهملكم وهو المعتني ب))الطيور ‪ ،‬وليكن لم))اذا أتكلم عن الطي))ور) ب))ل ال‬
‫تس))قط ورق))ة من ش))جرة ب))دون إرادة) هللا ‪ ،‬ص))دقوني الني أق))ول لكم‬
‫الحق أن العالم يرهبكم إذا) حفظتم كالمي ‪ ،‬ألنه لو لم يخش))ى فض))يحة‬
‫فجوره لما أبغضكم ولكنه يخشى فضيحته ولذلك) يبغضكم ويضطهدكم‬
‫‪ ،‬فإذا رأيتم العالم يستهين بكالمكم فال تحزنوا بل ت))أملوا كي))ف أن هللا‬
‫وه))و أعظم منكم ق))د اس))تهان ب))ه أيض))ا الع))الم ح))تى حس))بت حكمت))ه‬
‫جهالة ‪ ،‬فإذا كان هللا يحتمل العالم بصبر فلماذا تحزنون أنتم يا ت))راب‬
‫وطين األرض ‪ ،‬فصبركم تملكون أنفسكم ‪ ،‬فإذا لطمكم أح))د على خ))د‬
‫فحولوا) له اآلخر ليلطمه ‪ ،‬ال تجازوا شرا بشر ألن ذلك ما تفعل))ه ش))ر‬
‫الحيوانات كلها ‪ ،‬ولكن ج))ازوا الش))ر ب))الخير وص))لوا هلل ألج))ل ال))ذين‬
‫يبغضونكم ‪ ،‬النار ال تطفأ بالن))ار ب))ل بالم))اء ل)ذلك أق)ول لكم ال تغلب)وا‬
‫الشر بالش))ر ب))ل ب))الخير ‪ ،‬انظ))روا هللا ال))ذي جع))ل شمس))ه تطل))ع على‬
‫الصالحين والط))الحين) وك))ذلك) المط))ر ‪ ،‬فك))ذلك يجب عليكم أن تفعل))وا‬
‫خيرا مع الجمي))ع ألن))ه مكت))وب في الن))اموس كون))وا قديس))ين ألني أن))ا‬
‫إلهكم قدوس كونوا أنقياء ألني أنا نقي وكونوا كاملين‬
‫ألني أن))ا كام))ل ‪ ،‬الح))ق أق))ول لكم أن الخ))ادم يح))اول إرض))اء س))يده ‪،‬‬
‫وأثوابكم هي إرادتكم ومحبتكم ‪ ،‬اح))ذروا إذا من أن تري))دوا أو تحب))وا‬
‫شيئا غير مرضي من هللا ربنا ‪ ،‬أيقنوا أن هللا يبغض بهرجة وشهوات‬
‫العالم لذلك) أبغضوا أنتم العالم ‪.‬‬
‫الفصل التاسع عشر‬
‫((لمسيح ينذر بتسليمه ويشفي عشرة برص ‪ ،‬عند نزوله من الجبل))‬
‫ولما ق))ال يس))وع ذل)ك) أج))اب بط))رس ‪ :‬ي))ا معلم لق))د تركن))ا ك))ل ش))يء‬
‫لنتبع))ك فم))ا مص))يرنا ؟ أج))اب يس))وع ‪ :‬أنكم لتجلس))ون ي))وم الدينون))ة‬
‫بجانبي لتشهدوا) على أسباط إسرائيل االثني عش))ر ‪ ،‬ولم))ا ق))ال يس))وع‬
‫ذلك تنهد قائال ‪ :‬يارب ما هذا ؟ إني قد اخترت اثني عشر فكان واح))د‬
‫منهم شيطانا ‪ ،‬فحزن التالميذ جدا لهذه الكلمة ‪ ،‬فعند ذل))ك س))أل ال))ذي‬
‫يكتب يسوع سرا بدموع قائال ‪ :‬يا سيد أيخدعني الشيطان وه))ل أك))ون‬
‫منبوذا) ‪ ،‬فأجاب يسوع ‪ :‬ال تأسف يا برنابا ألن الذين أختارهم هللا قبل‬
‫خل))ق الع))الم ال يهلك))ون تهل))ل الن اس))مك مكت))وب في س))فر الحي))اة ‪،‬‬
‫وعزى يسوع تالميذه قائال ‪ :‬ال تخافوا الن الذي سيبغض)ني ال يح)زن‬
‫لكالمي النه ليس فيه الش))عور اإللهي ‪ ،‬فتع))زى المخت))ارون بكالم))ه ‪،‬‬
‫وأدى يس))وع ص))لواته ‪ ،‬وق))ال التالمي))ذ ‪ :‬آمين ليكن هك))ذا أيه))ا ال))رب‬
‫اإلله القدير الرحيم ‪ ،‬ولما انتهى يسوع من العبادة) نزل من الجبل م))ع‬
‫تالميذه ‪ ،‬والتقى بعشرة برص صرخوا من بعيد ‪ :‬ي))ا يس))وع ابن داود‬
‫ارحمنا ‪ ،‬فدعاهم يسوع إلى قربه وقال لهم ‪ :‬م))اذا تري))دون م))ني أيه))ا‬
‫األخ))وة ؟ فص))رخوا جميعهم ‪ :‬أعطن))ا ص))حة ‪ ،‬أج))اب يس))وع ‪ :‬أيه))ا‬
‫األغبي))اء أفق))دتم عقلكم ح))تى تقول))وا) ‪ :‬أعطن))ا ص))حة ‪ ،‬أال ت))رون أني‬
‫إنسان نظيركم ؟ ادعوا إلهنا الذي خلقكم وهو الق))دير ال))رحيم يش))فكم ‪،‬‬
‫فأجاب البرص بدموع ‪ :‬إننا نعلم أنك إنس))ان نظيرن))ا ‪ ،‬ولكن))ك ق))دوس‬
‫هللا ونبي الرب فصلي هلل ليشفينا‪ ،‬فتضرع الرسل إلى يسوع قائلين ي))ا‬
‫معلم أرحمهم ‪ ،‬حينئذ أنّ يسوع وصلى قائال ‪ :‬أيها الرب اإلل))ه الق))دير‬
‫الرحيم ‪ ،‬أرحم واصخ الس))مع إلى كلم))ات عب))دك أرحم رج))اء ه))ؤالء‬
‫الرجال ‪ ،‬وامنحهم صحة ألجل محبة إبراهيم أبينا وعه))دك المق))دس ‪،‬‬
‫وإذ قال يسوع ذل))ك تح))ول إلى ال))برص وق))ال‪ :‬اذهب))وا وأروا أنفس))كم‬
‫للكهنة بحسب شريعة هللا ‪ ،‬فانصرف البرص وبرئ))وا على الطري))ق ‪،‬‬
‫فلما رأى أحدهم أنه برئ عاد ينشد يسوع ‪ ،‬وكان إسماعيليا‪ ،‬وإذ وجد‬
‫يسوع انحنى احتراما له ق))ائال ‪ :‬أن))ك حق))ا ق))دوس هللا ‪ ،‬وتض))رع إلي))ه‬
‫بشكر لكي يقبله خادما ‪،‬‬
‫أجاب يسوع ‪ :‬قد برئ عشرة فأين التسعة ؟ وقال للذي برئ ‪ :‬إني م))ا‬
‫أتيت ُألخدَ م بل ألخ ِد م ‪ ،‬فاذهب إذا إلى بيتك ‪ ،‬واذكر ما أعظم ما فعل‬
‫هللا بك لكي يعلموا أن الوعود) الموعود) بها إبراهيم وابن))ه م))ع ملك))وت‬
‫هللا آخذة في االقتراب ‪ ،‬فانصرف األبرص المبرأ ولما بلغ جيرة حي))ة‬
‫قص ما صنع هللا به بواسطة يسوع ‪.‬‬

‫الفصل العشرون((اآلية التي فعلها يسوع في البحر وإعالنه أين يقب))ل‬


‫النبي))‬

‫وذهب يسوع إلى بحر الجليل ونزل في المركب مسافرا إلى الناصرة‬
‫مدينته ‪ ،‬فحدث نوء عظيم في البحر حتى اشرف المركب على الغرق‬
‫‪ ،‬وكان يس))وع نائم))ا في مق))دم الم))ركب ‪ ،‬ف))دنا من))ه تالمي))ذه وأيقظ))وه‬
‫قائلين ‪ :‬يا سيد خلص نفسك فإننا ه))الكون ‪ ،‬وأح))اط بهم خ))وف عظيم‬
‫بسبب الريح الشديدة التي كانت مضادة وعجيج البحر ‪ ،‬فنهض يسوع‬
‫ورفع عينيه نحو الس))ماء وق))ال‪ :‬ي))ا أل))وهيم الص))باؤت ارحم عبي))دك ‪،‬‬
‫ولما قال يسوع هذا سكنت ال)ريح ح)اال وه)دأ البح)ر ‪ ،‬فج)زع النوتي)ة‬
‫قائلين ‪ :‬ومن هو هذا حتى أن البحر والريح يطيعانه ‪ ،‬ولما بلغ مدين))ة‬
‫الناصرة أذاع النوتية في المدينة كل ما فعل))ه يس))وع ‪ ،‬فمث))ل بين يدي))ه‬
‫الكتبة والعلماء وقالوا ‪ :‬لقد سمعنا كم فعلت في البحر واليهودي))ة فأتن))ا‬
‫إذا بآية من اآليات هنا في وطنك ‪ ،‬فأجاب يس))وع ‪ :‬يطلب ه))ذا الجي))ل‬
‫العديم اإليم)ان آي)ة ولكن لن تعطى ألن)ه ال يقب))ل ن)بي في وطن)ه ولق))د‬
‫كانت في زمن ايليا أرامل كثيرات في اليهودية ولكنه لم يرسل ليق))ات‬
‫إال إلى أرمل))ة ص))يدا ‪ ،‬وك))ان ال))برص في زمن اليش))ع في اليهودي))ة)‬
‫كث))يرين ولكن لم ي))برأ إال نعم))ان الس))رياني ‪ ،‬فحن))ق أه))ل المدين))ة‬
‫وأمس))كوه واحتمل))وه) إلى ش))فا ج))رف ل))يرموه ولكن يس))وع مش))ى في‬
‫وسطهم وانصرف عنهم ‪.‬‬

‫الفصل الحادي والعشرون)) يسوع يشفي مجنونا وطرح الخنازير في‬


‫البحر ‪ ،‬وابراؤه) ابنة الكنعانية ((‬
‫صعد يسوع إلى كفر ناحوم ودنا من المدينة ‪ ،‬وإذا بشخص خرج من‬
‫بين القبور كان به شيطان تم َّكن منه حتى لم تقو سلس))لة على امس))اكه‬
‫فألحق بالناس ضررا كثيرا ‪ ،‬فص))رخت الش))ياطين من في))ه قائل))ة ‪ :‬ي))ا‬
‫ق))دوس هللا لم))اذا جئت قب))ل ال))وقت لتزعجن))ا ‪ ،‬وتض))رعوا إلي))ه أال‬
‫يخرجهم ‪ ،‬فسألهم يس))وع كم ع))ددهم ‪ ،‬فأج))ابوا ‪ :‬س))تة آالف وس))تمائة‬
‫وستة وستون ‪ ،‬فلما سمع التالميذ هذا ارتاعوا وتض))رعوا إلى يس))وع‬
‫أن ينصرف ‪ ،‬حينئذ أجاب يسوع ‪ ،‬أين إيمانكم ؟ يجب على الش))يطان‬
‫أن ينصرف ال أنا ‪ ،‬فحينئذ صرخت الشياطين قائلة ‪ :‬إننا نخرج ولكن‬
‫اسمح لن))ا أن ن))دخل في تل))ك الخن))ازير ‪ ،‬وك))ان ي))رعى هن))اك بج))انب‬
‫البحر نحو عش))رة آالف خ))نزير للكنع))انيين ‪ ،‬فق))ال يس))وع ‪ :‬أخرج))وا‬
‫وادخلوا في الخنازير ‪ ،‬فدخلت الشياطين الخنازير بجئير وق))ذفت به))ا‬
‫إلى البحر ‪ ،‬حينئذ هرب إلى المدينة رع))اة الخن))ازير وقص))وا ك))ل م))ا‬
‫جرى على ي))د يس))وع ‪ ،‬فخ))رج من ثم رج))ال المدين))ة فوج))دوا يس))وع‬
‫والرج))ل ال))ذي ش))في ‪ ،‬فارت))اع الرج))ال وض))رعوا إلى يس))وع أن‬
‫ينص))رف عن تخ))ومهم ‪ ،‬فانص))رف من ثم عنهم وص))عد إلى ن))واحي‬
‫صور وصيدا ‪ ،‬وإذا) بامرأة من كنعان مع ابنيها قد ج))اءت من بالده))ا‬
‫لترى يسوع ‪ ،‬فلما رأته آتيا مع تالميذه صرخت ‪ :‬ي))ا يس))وع ابن داود‬
‫ارحم ابنتي التي يعذبها الشيطان) ‪ ،‬فلم يجب يسوع بكلمة واح))دة) ألنهم‬
‫ك))انوا من غ))ير أه))ل الخت))ان ‪ ،‬فتحنن التالمي))ذ وق))الوا ‪ :‬ي)ا معلم تحنن‬
‫عليهم انظر ما أشد صراخهم وعويلهم ‪ ،‬فأجاب يسوع ‪ :‬إني لم أرسل‬
‫إال إلى شعب إسرائيل ‪ ،‬فتقدمت المرأة وابناها إلى يسوع معولة قائل))ة‬
‫‪ :‬يا يسوع بن داود ارحمني ‪ ،‬أجاب يس))وع ال يحس))ن أن يأخ))ذ الخ))بز‬
‫من أيدي األطفال ويطرح للكالب ‪ ،‬وإنم))ا ق))ال يس))وع ه))ذا لنجاس))تهم‬
‫ألنهم كانوا من غير أهل الختان ‪ ،‬فأجابت المرأة) ‪ :‬ي))ا رب إن الكالب‬
‫تأكل الفتات الذي يسقط من مائدة أصحابها ‪ ،‬حينئ))ذ ان))ذهل يس))وع من‬
‫كالم المرأة وقال ‪ :‬أيته))ا الم))رأة إن إيمان))ك لعظيم ‪ ،‬ثم رف))ع يدي))ه إلى‬
‫السماء وصلى هلل ثم قال ‪ :‬أيتها المرأة قد حررت‬
‫ابنتك فاذهبي في طريقك بسالم ‪ ،‬فانص))رفت الم))رأة ولم))ا ع))ادت إلى‬
‫بيتها وجدت ابنتها التي تسبح هللا ‪ ،‬لذلك) قالت الم))رأة ‪ :‬حق))ا ال إل))ه إال‬
‫إل))ه إس))رائيل ‪ ،‬فانض))م من ثم أقرباؤه))ا إلى الش))ريعة عمال بالش))ريعة‬
‫المسطورة) في كتاب موسى ‪.‬‬

‫الفصل الثاني والعشرون)) شقاء غير المخت))ونين يك))ون الكلب أفض))ل‬


‫منهم ((‬

‫فسأل التالميذ يسوع في ذلك النهار قائلين ‪ :‬يا معلم لماذا أجبت المرأة‬
‫به))ذا الج))واب ق))ائال أنهم كالب ‪ ،‬أج))اب يس))وع ‪ :‬الح))ق أق))ول لكم أن‬
‫الكلب أفضل من رجل غير مختون ‪ ،‬فحزن التالميذ ق))ائلين ‪ :‬إن ه))ذا‬
‫الكالم لثقيل ومن يقوى على قبول))ه ‪ ،‬أج))اب يس))وع ‪ :‬إذا الحظتم أيه))ا‬
‫الجه))ال م))ا يفع))ل الكلب ال))ذي ال عق))ل ل))ه لخدم))ة ص))احبه علمتم أن‬
‫كالمي صادق ‪ ،‬قولوا لي أيحرس الكلب بيت صاحبه ويع))رض نفس))ه‬
‫للص ؟ نعم ولكن ما جزاؤه ؟ ضرب كثير وأذى م))ع قلي))ل من الخ))بز‬
‫وهو يظهر لصاحبه وجها مسرورا أص)حيح ه)ذا ؟ فأج)اب التالمي)ذ ‪:‬‬
‫إنه لصحيح يا معلم ‪ ،‬حينئذ قال يسوع ‪ :‬تأملوا إذا م))ا أعظم م))ا وهب‬
‫هللا اإلنسان فتروا إذا) ما أكفره لعدم وفائه بعهد هللا مع عبده إب))راهيم ‪،‬‬
‫اذكروا ما قاله داود لشاول ملك إسرائيل ضد جليات الفلسطيني ‪ ،‬قال‬
‫داود) ( يا سيدي بينما كان يرعى عبدك قطيع))ه ج))اء ذئب ودب وأس))د‬
‫وانقضت على غنم عبدك ‪ ،‬فجاء عبدك وقتلها وأنق))ذ الغنم ‪ ،‬وم))ا ه))ذا‬
‫األغلف إال كواحد منها ‪ ،‬لذلك يذهب عبدك باس)م ال)رب إل)ه إس)رائيل‬
‫ويقتل هذا النجس الذي يجدف على ش))عب هللا الط))اهر ) ‪ ،‬حينئ))ذ ق))ال‬
‫التالميذ‪ :‬قل لنا يا معلم ألي سبب يجب على اإلنسان الختان ؟ فأج))اب‬
‫يسوع‪ :‬يكفيكم أن هللا أمر به إبراهيم قائال ‪ ( :‬يا إبراهيم اقطع غرلت))ك‬
‫وغرلة كل بيتك ألن هذا عهد بيني وبينك إلى األبد) ‪.‬‬

‫الفصل الثالث والعشرون((صل الختان وعه))د هللا م))ع إب))راهيم ولعن))ة‬


‫الغلف ((‬
‫ولما قال ذلك يسوع جلس قريبا من الجبل الذي كانوا يشرفون عليه ‪،‬‬
‫فجاء تالميذه إلى جانبه ليصغوا) إلى كالمه ‪ ،‬حينئ))ذ ق))ال يس))وع ‪ :‬ان))ه‬
‫لما أك))ل آدم اإلنس))ان األول الطع))ام ال))ذي نه))اه هللا عن))ه في الف))ردوس‬
‫مخ))دوعا من الش))يطان عص))ى جس))ده ال))روح ‪ ،‬فأقس))م ق))ائال ‪ ( :‬تاهلل‬
‫ألقطعن))ك )‪ ،‬فكس))ر ش))ظية من ص))خر وأمس))ك جس))ده ليقطع))ه بح))د‬
‫الشظية ‪ ،‬فوبخه المالك جبريل على ذل))ك ‪ ،‬فأج))اب (لق))د أقس))مت باهلل‬
‫أن أقطعه فال أكون حانثا ) ‪ ،‬حينئذ أراه المالك زائدة جسده فقطعها ‪،‬‬
‫فكما أن جسد كل إنسان من جسد آدم وجب عليه أن يراعى ك))ل عه))د‬
‫اقسم آدم ليقومن به ‪ ،‬وحافظ آدم على فعل ذلك) في أوالده ‪ ،‬فتسلس))لت‬
‫سنة الختان من جيل إلى جيل ‪ ،‬إال انه لم يكن في زمن إبراهيم س))وى‬
‫النزر القليل من المختونين على األرض ‪ ،‬ألن عبادة األوثان تك)اثرت‬
‫على األرض ‪ ،‬وعليه فق))د اخ))بر هللا إب))راهيم بحقيق))ة الخت))ان ‪ ،‬وأثبت‬
‫ه))ذا العه))د ق))ائال ‪ ( :‬النفس ال))تي ال تختن جس))دها إياه))ا اب))دد) من بين‬
‫شعبي إلى األبد ) ‪ ،‬فارتجف التالميذ خوفا من كلمات يسوع ألنه تكلم‬
‫باحتدام الروح ‪ ،‬ثم قال يسوع ‪ :‬دع))وا الخ))وف لل))ذي لم يقط))ع غرلت))ه‬
‫ألنه محروم من الفردوس ‪ ،‬وإذ قال هذا تكلم يس)وع أيض)ا ق)ائال ‪ :‬ان‬
‫الروح في كث))يرين نش)يط في خدم))ة هللا أم))ا الجس))د فض)عيف ‪ ،‬فيجب‬
‫على من يخ))اف هللا أن يتأم))ل م))ا ه))و الجس )د) وأين ك))ان أص))له وأين‬
‫مصيره ‪ ،‬من طين األرض خلق هللا الجس )د) ‪ ،‬وفي))ه نفخ نس))مة الحي))اة‬
‫بنفخة فيه ‪ ،‬فم))تى اع))ترض الجس))د خدم))ة هللا يجب أن يمتهن وي))داس‬
‫ك)))الطين ‪ ،‬ألن من يبغض نفس)))ه في ه)))ذا الع)))الم يج)))دها في الحي)))اة‬
‫االبدية ‪ ،‬أما ماهية الجسد اآلن فواضح من رغائبه أنه العدو األلد لكل‬
‫صالح فانه وحده يتوق إلى الخطيئة ‪ ،‬أيجب إذا على اإلنسان مرضاة‬
‫ألحد أعدائه أن يترك مرضاة هللا خالقه ‪ ،‬تأملوا هذا ان ك))ل القديس))ين‬
‫واألنبياء كانوا أعداء جس))دهم لخدم))ة هللا ‪ ،‬ل))ذلك ج))روا بطيب خ))اطر‬
‫إلى حتفهم ‪ ،‬لكي ال يتعدوا شريعة هللا المعطاة لموسى عبده ويخ))دموا‬
‫اآللهة الباطلة‬
‫الكاذبة ‪ ،‬اذكروا ايليا ال)ذي ه)رب جائب)ا قف)ار الجب))ال مقتات))ا بالعش)ب‬
‫ومرتديا جلد المع)ز ‪ ،‬واواه) كم من ي)وم لم يأك)ل ‪ ،‬اواه م)ا أش)د ال)برد‬
‫الذي احتمله ‪ ،‬اواه كم من شؤبوب بلله ‪ ،‬ولقد ع))انى م))دة س))بع س))نين‬
‫شظف اضطهاد تلك المرآة النجسة إيزابيل ‪ ،‬اذكروا اليشع ال))ذي أك))ل‬
‫خبز الشعير ولبس أخشن األثواب ‪ ،‬الحق أق))ول لكم إنهم اذ لم يخش))وا‬
‫أن يمتهنوا الجسد روعوا الملك) والرؤس))اء وكفى به))ذا امتهان))ا للجس)د)‬
‫أيها القوم ‪ ،‬وإذا نظرتم إلى القبور تعلمون ما هو الجسد) ‪.‬‬
‫الفص))ل الراب))ع والعش))رون((مث))ل جلي كي))ف يجب على اإلنس))ان أن‬
‫يهرب من الوالئم والتنعم))‬
‫لما قال يسوع ذلك بكى قائال ‪ :‬الويل للذين) هم خدمة أجسادهم ‪ ،‬ألنهم‬
‫حقا ال ينالون خيرا في الحياة األخرى بل عذابا لخطاياهم ‪ ،‬أق))ول لكم‬
‫انه كان نهم غني لم يهمه سوى النهم ‪ ،‬وكان يولم وليم))ة عظيم))ة ك))ل‬
‫يوم ‪ ،‬وك))ان واقف))ا على باب))ه فق))ير ي))دعى لع))ازر وه))و ممتلئ قروح))ا‬
‫ويشتهي أن يشبع من الفتات الس))اقط من مائ))دة النهم ‪ ،‬ولكن لم يعط))ه‬
‫أحد إياه بل سخر به الجميع‪ ،‬ولم يتحنن علي))ه إال الكالب ألنه))ا ك))انت‬
‫تلحس قروحه ‪ ،‬وحدث أن مات الفقير واحتملت)ه المالئك))ة إلى ذراعي‬
‫إب))راهيم أبين))ا ‪ ،‬وم))ات الغ))ني أيض))ا واحتملت))ه الش))ياطين إلى ذراعي‬
‫إبليس حيث عانى أش)د الع)ذاب ‪ ،‬فرف)ع عيني)ه ورأى لع)ازر من بعي)د‬
‫على ذراعي إب))راهيم ‪ ،‬فص))رخ حينئ))ذ الغ))ني ‪ ( :‬ي))ا أبت))اه إب))راهيم‬
‫ارحمني وابعث لعازر ليحمل لي على أطراف بنانه قط))رة م))اء ت))برد‬
‫لساني الذي يعذب في هذا اللهيب ) ‪ ،‬فأجاب إب))راهيم ‪ ( :‬ي))ابني اذك))ر‬
‫انك استوفيت طيباتك في حيات)ك ولع)ازر البالي)ا ‪ ،‬ل)ذلك) أنت اآلن في‬
‫الشقاء وهو في العزاء ) ‪ ،‬فصرخ الغني أيضا ‪ ( :‬يا أبتاه إب))راهيم ان‬
‫لي في بيت أبي ثالثة اخوة فأرسل إذا لعازر ليخبرهم بما اعاني))ه لكي‬
‫يتوب))وا وال ي))أتوا إلى هن))ا ) ‪ ،‬فأج))اب إب))راهيم ‪ ( :‬عن))دهم موس))ى‬
‫واألنبياء فليسمعوا منهم ) ‪ ،‬أجاب الغني ‪ ( :‬كال ي))ا أبت))اه إب))راهيم ب))ل‬
‫إذا قام واحد) من األم))وات يص))دقون )‪ ،‬فأج))اب إب))راهيم ‪ ( :‬ان من ال‬
‫يصدق موسى واألنبياء ال يصدق األموات ولو قاموا )‪ ،‬وقال يسوع ‪:‬‬
‫( انظ))روا) أليس الفق))راء الص))ابرون مب))اركين ال))ذين) يش))تهون م))ا ه))و‬
‫ضروري فق))ط ك))ارهين الجس))د ‪ ،‬م))ا أش))قى ال))ذين) يحمل))ون اآلخ))رين‬
‫لل))دفن ليعط))وا) أجس))ادهم طعام))ا لل))دود) وال يتعلم))ون الح))ق ‪ ،‬ب))ل هم‬
‫بعيدون عن ذلك بعدا عظيما ح)تى إنهم يعيش)ون هن)ا ك)أنهم خال)دون‪)،‬‬
‫ألنهم يبن))ون بيوت))ا كب))يرة ويش))ترون أمالك))ا كث))يرة ويعيش))ون في‬
‫الكبرياء)‪.‬‬

‫الفصل الخامس والعشرين((كيف يجب على اإلنسان أن يحتقر الجسد‬


‫ويعيش في العالم ((‬
‫حينئذ قال الكاتب ‪ :‬يا معلم ان كالمك لحق ولذلك) قد تركنا ك))ل ش))يء‬
‫لنتبعك‪ ،‬فقل لنا إذا كيف يجب علينا أن نبغض جسدنا ‪ ،‬االنتحار غ))ير‬
‫ج))ائز ولم))ا كن))ا أحي))اء وجب علين))ا أن نقيت))ه ‪ ،‬أج))اب يس))وع ‪ :‬احف))ظ‬
‫جس))دك كف))رس تعش في أمن ‪ ،‬ألن الق))وت يعطى للف))رس بالمكي))ال‬
‫والش)))غل) بال قي)))اس ‪ ،‬ويوض)))ع اللج)))ام في في)))ه ليس)))ير بحس)))ب‬
‫إرادتك ‪،‬ويربط لكي ال يزعج أحدا) ويحبس في مكان حق))ير ويض))رب‬
‫إذا عصى ‪ ،‬فهك))ذا افع))ل إذا أنت ي))ا برناب))ا تعيش دوم))ا م))ع هللا ‪ ،‬وال‬
‫يغيضنك كالمي ألن داود) الن))بي فع)ل ه))ذا الش))يء نفس)ه كم)ا يع))ترف‬
‫قائال ‪ ( :‬اني كفرس عندك واني دائما معك )‪ ،‬أال قل لي أيهم))ا أفق))ر؟‬
‫الذي يقنع بالقليل أم الذي يشتهي الكث))ير ؟ ‪ ،‬الح))ق أق))ول لكم ل))و ك))ان‬
‫للعالم عقل سليم لم يجمع أحد شيئا لنفسه ‪ ،‬بل كان كل ش))يء ش)ركة ‪،‬‬
‫ولكن بهذا يعلم جنونه أنه كلما جمع زاد رغبة ‪ ،‬وأن ما يجمع))ه فإنم))ا‬
‫يجمع))ه لراح))ة اآلخ))رين الجس))دية) ‪ ،‬فليكفكم إذا ث))وب واح))د ‪ ،‬أرم))وا‬
‫كيسكم ‪ ،‬ال تحملوا مزودا) وال حذاء في أرجلكم ‪ ،‬وال تف ِّكروا ق))ائلين ‪:‬‬
‫( م))اذا يح))دث لن))ا ) ب))ل فك))روا أن تفعل))وا ارادة هللا ‪ ،‬وه))و يق))دم لكم‬
‫ح))اجتكم ح))تى ال تكون))وا في حاج))ة إلى ش))يء ‪ ،‬الح )ق) أق))ول لكم ان‬
‫الجمع كثيرا في هذه الحياة يكون شهادة أكيدة على ع))دم وج))ود) ش))يء‬
‫يؤخذ في الحياة األخ))رى ‪ ،‬ألن من ك))انت أورش)ليم وطن))ا ل)ه ال يب))نى‬
‫بيوتا في السامرة ‪ ،‬ألنه يوجد عداوة بين المدينتين‪ ،‬أتفقهون ؟ فأج))اب‬
‫التالميذ ( بلى ‪(.‬‬
‫الفصل السادس) والعش))رون((كي))ف يجب على اإلنس))ان أن يحب هللا ‪،‬‬
‫ويتضمن هذا الفصل النزاع العجيب بين إبراهيم وأبيه))‬
‫ثم قال يسوع ‪ :‬كان رجل على سفر وبينما كان س))ائرا وج))د ك))نزا في‬
‫حقل مع))روض للم))بيع بخمس قط))ع من النق))ود) هم ‪ ،‬فلم))ا علم الرج))ل‬
‫ذلك ذهب ت))وا وب))اع رداءه ليش))تري ذل)ك) الحق))ل فه))ل يص))دق ذل))ك ؟‬
‫فأج))اب التالمي))ذ ‪ :‬أن من ال يص))دق ه))ذا فه))و مجن))ون ‪ ،‬فق))ال عندئ))ذ‬
‫يسوع ‪ :‬أنكم تكونون مجانين إذا كنتم ال تعطون حواس))كم هلل لتش))تروا‬
‫نفسكم حيث يستقر كنز المحب))ة ‪ ،‬ألن المحب))ة ك))نز ال نظ))ير ل))ه ‪ ،‬ألن‬
‫من يحب هللا كان هللا له ‪ ،‬ومن كان هللا له كان ل)ه ك))ل ش))يء ‪ ،‬أج))اب‬
‫بطرس ‪ :‬قل لنا ي))ا معلم كي))ف يجب على اإلنس))ان أن يحب هللا محب))ة‬
‫خالصة ‪،‬فأجاب يس))وع ‪ :‬الح))ق أق))ول لكم أن من ال يبغض أب))اه وأم))ه‬
‫وحياته وأوالده وامرأته الجل محبة هللا فمث))ل ه))ذا ليس أهال أن يحب))ه‬
‫هللا ‪ ،‬أجاب بطرس ‪ :‬يا معلم لقد كتب في ناموس هللا في كتاب موسى‬
‫( اك))رم اب))اك لتعيش ط))ويال على األرض ) ‪ ،‬ثم يق))ول أيض))ا ( ليكن‬
‫ملعونا االبن الذي ال يطيع أب))اه و ام))ه ) ‪ ،‬ول))ذلك) أم))ر هللا ب))أن ي))رجم‬
‫مثل هذا االبن العقوق أمام باب المدينة وجوبا بغضب الشعب ‪ ،‬فكيف‬
‫تأمرنا أن نبغض أبانا وامنا؟ ‪ ،‬أج))اب يس))وع ‪ :‬ك))ل كلم))ة من كلم))اتي‬
‫ص)))ادقة ‪ ،‬ألنه)))ا ليس)))ت م)))ني ب)))ل من هللا ال)))ذي أرس)))لني الى بيت‬
‫إسرائيل ‪ ،‬لذلك) أقول لكم ان كل ما عندكم قد أنعم هللا به عليكم ‪ ،‬ف))أي‬
‫االمرين أعظم قيمة ؟ العطية أم المعطي؟‪ ،‬فمتى كان أبوك أو أمك أو‬
‫غيرهم))ا ع))ثرة ل))ك في خدم))ة هللا فانب))ذهم ك))أنهم أع))داء ‪ ،‬ألم يق))ل هللا‬
‫إلب))راهيم ‪ ( :‬اخ))رج من بيت أبي))ك وأهل))ك وتع))ال اس))كن في األرض‬
‫ال))تي اعطيه))ا ل))ك ولنس))لك)‪ ،‬ولم))اذا ق))ال هللا ذل )ك) ؟ ‪ ،‬أليس ألن أب))ا‬
‫إبراهيم كان صانع تماثيل يصنع ويعبد آلهة كاذبة ؟ ل))ذلك) بل))غ الع))داء‬
‫بينهما حداً أراد معه األب أن يحرق ابنه ‪ ،‬أجاب بطرس ‪ :‬ان كلماتك‬
‫صادقة ‪ ،‬واني أض)رع الي))ك أن تقص علين)ا كي)ف س)خر إب))راهيم من‬
‫أبيه ؟ ‪ ،‬أجاب يسوع ‪ :‬كان إبراهيم ابن سبع سنين لما ابت))دأ أن يطلب‬
‫هللا ‪ ،‬فقال يوما ألبيه ‪( :‬يا أبتاه من صنع اإلنسان)؟ أجاب الوالد) الغبي‬
‫‪ ( :‬اإلنسان‪،‬‬
‫الني أنا صنعتك وأبي صنعني)‪ ،‬فأجاب إب))راهيم ‪ :‬ي))ا أبي ليس االم))ر‬
‫كذلك ‪ ،‬ألني سمعت شيخا ينتحب ويقول ‪ (( :‬يا إلهي لماذا لم تعط))ني‬
‫أوالدا )) ‪ .‬أجاب أبوه ‪ ( :‬حقا يابني هللا يساعد اإلنسان ليص))نع إنس))انا‬
‫ولكنه ال يضع يده في))ه ‪ ،‬فال يل))زم اإلنس))ان اال أن يتق))دم ويض))رع إلى‬
‫إلهه ويقدم له حمالنا وغنما يساعده إلهه ‪ ،‬أج))اب إب))راهيم ‪ ( :‬كم إله))ا‬
‫هنال))ك ي))ا أبي ؟ ) ‪ ،‬أج))اب الش))يخ ‪ ( :‬ال ع))دد لهم ي))ابني ) ‪ ،‬فحينئ))ذ‬
‫أجاب إبراهيم ‪ ( :‬ماذا أفع))ل ي))ا أبي إذا خ))دمت إله))ا وأراد) بي االخ))ر‬
‫ش))را ألني ال أخدم))ه ؟ ‪ ،‬ومهم))ا يكن من االم))ر فان))ه يحص))ل بينهم))ا‬
‫شقاق ويقع الخصام بين اآللهة ولكن إذا قتل اإلله ال))ذي يري))د بي ش))ر‬
‫إلهي فم))اذا افع))ل ؟ ‪ ،‬من المؤك)د) ان))ه يقتل))ني أن))ا أيض))ا ؟ ) ‪ ،‬فأج))اب‬
‫الشيخ ضاحكا ‪ ( :‬ال تخف يابني ألنه ال يخاصم إله إلها ‪ ،‬كال فإن في‬
‫الهيكل الكبير الوفا من اآللهة مع اإلل))ه الكب))ير بع))ل ‪ ،‬وق))د بلغت اآلن‬
‫سبعين سنة من العمر ومع ذلك فاني لم أر قط إله))ا ض))رب إله))ا آخ))ر‬
‫ومن المؤكد إن الناس كلهم ال يعبدون) إلها واحدا) ‪ ،‬بل يعبد واحد إله))ا‬
‫وآخر آخر )‪ ،‬أجاب إب))راهيم ‪ ( :‬ف))إذا يوج))د وف))اق بينهم ؟ ) ‪ ،‬أج))اب‬
‫أبوه ‪ ( :‬نعم يوجد ) ‪ ،‬فقال حينئ)ذ إب)راهيم ‪ ( :‬ي)ا أبي أي ش)يء تش)به‬
‫اآللهة ؟ ) و أجاب الشيخ ‪ ( :‬يا غ))بي إني ك))ل ي))وم اص))نع إله))ا ابيع))ه‬
‫آلخرين ألشتري خبزا وأنت التعلم كيف تكون اآللهة ! ) ‪ ،‬وك))ان في‬
‫تلك الدقيق))ة يص))نع تمث))اال ‪ ،‬فق))ال ( ه))ذا من اخش))ب النخ))ل وذاك من‬
‫الزيتون وذلك) التمثال الصغير من العاج ‪ ،‬انظر م))ا أجمل))ه أال يظه))ر‬
‫كأن)ه حي ‪ ،‬حق)ا ال يع)وزه اال النفس )‪ ،‬أج)اب إب)راهيم ‪ ( :‬إذا) ي)ا أبي‬
‫ليس لآلله))ة نفس فكي))ف يهب))ون األنف))اس ؟ ‪ ،‬ولم))ا لم تكن لهم حي))اة‬
‫فكيف يعطون إذا) الحياة ‪ ،‬فمن المؤكد) يا أبي أن هؤالء ليسوا هم هللا ؟‬
‫)‪ ،‬فحنق الشيخ لهذا) الكالم قائال ‪ ( :‬لو كنت بالغا من العمر م))ا تتمكن‬
‫معه من اإلدراك لشججت رأسك به))ذه الف))أس ‪ ،‬ولكن اص))مت إذ ليس‬
‫لك إدراك ) ‪ ،‬أجاب إبراهيم ‪ ( :‬يا‬
‫أبي إن كانت اآللهة تساعد على صنع اإلنس))ان فكي))ف يت))أتى لإلنس))ان‬
‫أن يصنع آلهة ؟ ‪ ،‬وإذا) كانت اآللهة مصنوعة من خش)ب ف)ان اح)راق‬
‫الخشب خطيئة كبرى ‪ ،‬ولكن ق))ل لي ي))ا أبت كي))ف وأنت ق))د ص))نعت‬
‫آلهة هذا عديدها لم تساعدك االلهة لتصنع أوالدا) كثيرين فتصير أقوى‬
‫رجل في العالم ؟ ) ‪ ،‬فحنق األب لم))ا س))مع ابن))ه يتكلم هك))ذا ‪ ،‬فأكم))ل‬
‫االبن قائال ‪ ( :‬يا أبت هل وجد العالم حين))ا من ال))دهر ب))دون بش))ر ؟ )‬
‫أج))اب الش))يخ ‪ ( :‬نعم ولم))اذا) ؟ ) ‪ ،‬ق))ال إب))راهيم ‪ ( :‬ألني أحب أن‬
‫أعرف من صنع اإلله األول ) فقال الشيخ ‪( :‬انص))رف اآلن من بي))تي‬
‫ودعني أصنع هذه اإلله سريعا وال تكلمني كالم))ا ‪ ،‬فم))تى كنت جائع))ا‬
‫فانك تشتهي خبزا ال كالما ) ‪ ،‬فقال إبراهيم ‪ ( :‬إن))ه إلل))ه عظيم فإن))ك‬
‫تقطعه كما تريد وهو ال يدافع عن نفسه ) فغضب الش)يخ وق)ال ‪ ( :‬إن‬
‫العالم بأسره يقول انه إله وأنت أيها الغالم الغبي تقول كال ؟ فو آلهتي‬
‫لو كنت رجال لقتلتك)‪ ،‬ولما قال هذا ض))رب إب))راهيم ورفس))ه وط))رده‬
‫من البيت ‪.‬‬

‫الفصل الس)ابع والعش)رون((يوض)ح ه)ذا الفص)ل ع)دم لياق)ة الض)حك‬


‫بالناس ‪ ،‬وفطنة إبراهيم ((‬
‫فضحك التالميذ من حمق الشيخ ووقفوا من))ذهلين من فطن))ة إب))راهيم ‪،‬‬
‫ولكن يسوع وبخهم ق))ائال ‪ :‬لق))د نس))يتم كالم الن))بي القائ))ل ‪ ( :‬الض))حك‬
‫العاجل نذير البكاء اآلجل ) ‪ ،‬وأيضا ( ال تذهب إلى حيث الضحك بل‬
‫اجلس حيث ينوحون‪ ،‬ألن ه))ذه الحي))اة تنقض))ي في الش))قاء ) ‪ ،‬ثم ق))ال‬
‫يس))وع ‪ :‬أال تعلم))ون أن هللا في زمن موس))ى مس))خ ناس))ا كث))يرين في‬
‫مصر حيوانات مخوفة ‪ ،‬ألنهم ضحكوا واستهزؤا) باآلخرين ‪ ،‬احذروا‬
‫من أن تضحكوا من أحد ما ألنكم بكاءا تبكون بسببه ‪ ،‬فأجاب التالميذ‬
‫‪ :‬أننا ضحكنا من حماقة الشيخ ‪ ،‬فأجاب حينئذ يسوع ‪ :‬الحق أقول لكم‬
‫ك))ل نظ))ير يحب نظ))يره فيج))د في ذل))ك مس))رة ‪ ،‬ول))ذلك) ل))و لم تكون))وا‬
‫أغبياء لما ض))حكتم من الغب))اوة) ‪ ،‬أج))ابوا ‪ :‬ليرحمن))ا هللا ‪ ،‬ق))ال يس))وع‬
‫ليكن كذلك ‪ ،‬حينئ)ذ ق)ال فيلبس ‪ :‬ي)ا معلم كي)ف ح))دث أن أب)ا إب))راهيم‬
‫أحب أن يحرق ابنه ؟ ‪ ،‬أجاب يسوع ‪ :‬لما بل))غ إب))راهيم اثن))تي عش))رة‬
‫سنة من العمر قال أبوه يوما ما ( غدا عيد كل اآللهة ‪ ،‬فلذلك) س))نذهب‬
‫إلى الهيك))ل الكب))ير ونحم))ل هدي))ة إللهي بع))ل العظيم ‪ ،‬وأنت تنتخب‬
‫لنفس))ك إله))ا ‪ ،‬ألن))ك بلغت س))نا يح))ق ل))ك مع))ه اتخ))اذ إل))ه ) ‪ ،‬فأج))اب‬
‫إبراهيم بمكر ( سمعا وطاعة يا أبي )‪ ،‬فبك))ر في الص))باح إلى الهيك))ل‬
‫قبل كل أحد ‪ ،‬ولكن إبراهيم كان يحمل تحت صدرته فأس))ا مس))تورة ‪،‬‬
‫فلم))ا دخال الهيك))ل وازداد الجم))ع خب))أ إب))راهيم نفس))ه وراء ص))نم في‬
‫ناحية مظلمة في الهيكل ‪ ،‬فلما انصرف أبوه) ظن أن إبراهيم سبقه إلى‬
‫البيت ولذلك) لم يمكث ليفتش عليه ‪.‬‬

‫الفصل الثامن والعشرون)‬


‫ولما انصرف ك)ل أح)د من الهيك)ل اقف)ل الكهن)ة الهيك)ل وانص)رفوا ‪،‬‬
‫فأخذ إبراهيم إذ ذاك الفأس وقطع قوائم جميع األصنام إال اإلله الكب))ير‬
‫بعال ‪ ،‬فوضع الفأس عند قوائمه بين جذاذ) التماثيل التي تساقطت قطعا‬
‫ألنها كانت قديمة العهد ومؤلفة من أجزاء ‪ ،‬ولما كان إبراهيم خارج))ا‬
‫من الهيكل رآه جماع))ة من الن))اس فظن))وا ان))ه دخ))ل ليس))رق ش))يئا من‬
‫الهيكل فأمسكوه ‪ ،‬ولما بلغ))وا ب))ه الهيك))ل ورأوا آلهتهم محطم))ة قطع))ا‬
‫صرخوا منتخبين‪ ( :‬اسرعوا يا قوم ولنقتل الذي قتل آلهتن)ا ) ‪ ،‬فه)رع‬
‫إلى هن))اك نح))و عش))رة آالف رج))ل م))ع الكهن))ة وس))ألوا) إب))راهيم عن‬
‫الس))بب ال))ذي ألجل))ه حطم آلهتهم ‪ ،‬أج))اب إب))راهيم ‪ ( :‬إنكم ألغبي))اء ‪،‬‬
‫أيقتل اإلنسان هللا ‪ ،‬إن ال))ذي قتله))ا إنم))ا ه))و اإلل))ه الكب))ير ‪ ،‬أال ت))رون‬
‫الفأس التي له عند قدميه ‪ ،‬إنه ال يبتغي له اندادا ) فوص))ل حينئ))ذ أب))و‬
‫إبراهيم الذي ذكر أح))اديث إب))راهيم في آلهتهم ‪ ،‬وع))رف الف))أس ال))تي‬
‫حطم بها إبراهيم األصنام ‪ ،‬فصرخ ‪ :‬إنما قتل آلهتنا ابني الخ))ائن ه))ذا‬
‫ألن هذه الفأس فأس))ي ‪ ،‬وقص عليهم ك))ل م))ا ج))رى بين))ه وبين ابن))ه ‪،‬‬
‫فجم)))ع الق)))وم مق)))دارا كب)))يرا من الحطب ‪ ،‬وربط)))وا ي)))دي إب)))راهيم‬
‫ورجليه ‪،‬ووضعوه على الحطب ووضعوا) نارا تحته ‪ ،‬فإذا هللا قد أمر‬
‫النار بواسطة مالك))ه جبري))ل اال تح))رق عب))ده إب))راهيم ‪ ،‬فاض))طرمت‬
‫النار باحتدام وحرقت نحو ألفي رجل من ال))ذين حكم))وا على إب))راهيم‬
‫بالموت ‪ ،‬أما إبراهيم فقد وجد نفسه مطلق الس))راح إذ حمل))ه مالك هللا‬
‫إلى مقربة من بيت أبيه دون أن يرى من حمله ‪ ،‬وهك))ذا نج))ا إب))راهيم‬
‫من الموت ‪.‬‬

‫الفصل التاسع والعشرون‬


‫حينئذ قال فيلبس ‪ :‬ما أعظم هي رحمة هللا لل))ذين يحبون))ه ‪ ،‬ق))ل لن))ا ي))ا‬
‫معلم كي))ف وص))ل إلى معرف))ة هللا ‪ ،‬أج))اب يس))وع ‪ :‬لم))ا بل))غ إب))راهيم‬
‫جوار بيت أبيه خاف أن يدخل ال))بيت ‪ ،‬فانتق))ل إلى بع))د ال))بيت وجلس‬
‫تحت شجرة نخل حيث لبث منفردا ‪ ،‬وقال ‪ ( :‬ال بد من وجود) إله ذي‬
‫حياة وقوة أكثر من اإلنسان ألنه يصنع اإلنسان ‪ ،‬واإلنس))ان ب))دون هللا‬
‫ال يق))در أن يص))نع اإلنس))ان )‪ ،‬حينئ))ذ التفت حول))ه وأج))ال نظ))ره في‬
‫النج))وم والقم))ر والش))مس فظن أنه))ا هي هللا ‪ ،‬ولكن بع))د التبص))ر في‬
‫تغيراتها وحركاتها قال‪ ( :‬يجب اال تطرأ على هللا الحركة وال تحجب))ه‬
‫الغيوم واال فني الناس ) ‪ ،‬وبينما هو متحير سمع اس))مه ين))ادي ‪ ( :‬ي))ا‬
‫إبراهيم ) ‪ ،‬فلما التفت ولم ير أحد في جهة قال ‪ ( :‬اني ق))د س))معت ي))ا‬
‫إبراهيم ) ‪ ،‬ثم سمع كذلك اسمه ينادى مرتين اخ))ريين ( ي))ا إب))راهيم)‪،‬‬
‫فأجاب ‪ ( :‬من يناديني ؟ ) ‪ ،‬حينئذ سمع قائال يقول ‪( :‬انه أنا مالك هللا‬
‫جبري))ل ) ‪ ،‬فارت)اع إب)راهيم ‪ ،‬ولكن المالك س)كن روع))ه ق)ائال ‪ ( :‬ال‬
‫تخف يا إبراهيم ألنك خليل هللا ‪ ،‬فانك لما حطمت آلهة الناس تحطيم))ا‬
‫اصطفاك إله المالئك))ة واألنبي))اء ح))تى إن))ك كتبت في س))فر الحي))اة ) ‪،‬‬
‫حينئ))ذ ق))ال إب))راهيم ( م))اذا يجب علي أن أفع))ل ألعب))د إل))ه المالئك))ة‬
‫واألنبي))اء االطه))ار ؟ ) ‪ ،‬فأج))اب المالك ‪ ( :‬اذهب إلى ذل )ك) الينب))وع‬
‫واغتسل ‪ ،‬ألن هللا يريد أن يكلمك)‪ ،‬أجاب إبراهيم ‪ ( :‬كي))ف ينبغي أن‬
‫اغتسل ؟ ) ‪ ،‬فتبدى له حينئذ المالك يافعا جميال واغتس))ل من الينب))وع‬
‫قائال ‪( :‬افعل ك))ذلك بنفس))ك ي))ا إب))راهيم ) ‪ ،‬فلم))ا اغتس))ل إب))راهيم ق))ال‬
‫المالك ( ارتق ذلك) الجب))ل ألن هللا يري))د أن يكلم)ك هن)اك ) ‪ ،‬ف)ارتقى‬
‫إبراهيم الجبل كما قال له المالك ‪ ،‬ولم)ا جث)ا على ركبتي)ه ق)ال لنفس)ه‬
‫( متى يا ترى يكلمني إله المالئكة ؟ ) ‪ ،‬فسمع صوتا لطيفا يناديه ( يا‬
‫إب))راهيم ) ‪،‬فأجاب))ه إب))راهيم ‪ ( :‬من ين))اديني ؟ ) ‪ ،‬فأج))اب الص))وت ‪:‬‬
‫( أنا إلهك يا إب))راهيم ) ‪ ،‬أم))ا إب))راهيم فارت))اع وعف))ر بوجه))ه األرض‬
‫قائال ‪ ( :‬كيف يصغي عبدك اليك وهو‬
‫ت))راب ورم))اد ؟ ) ‪ ،‬حينئ))ذ ق))ال هللا ( ال تخ))ف ب))ل انهض الني ق))د‬
‫اص))طفيتك عب))دا لي واني أري))د أن أبارك))ك وأجعل))ك ش))عبا عظيم))ا ‪،‬‬
‫ف))اخرج إذا من بيت أبي))ك وأهل))ك وتع))الى اس))كن في األرض ال))تي‬
‫اعطيكها أنت ونسلك)‪ ،‬فأجاب إبراهيم ‪ ( :‬إني لفاعل كل ذلك) ي))ا رب‬
‫ولكن احرسني لكي ال يضرني إله آخر ) ‪ ،‬فتكلم هللا ق))ائال ‪ ( :‬أن))ا هللا‬
‫أحد ‪ ،‬وال إله غيري ‪ ،‬أض))رب وأش))فى ‪ ،‬أميت وأحي ‪ ،‬أن))زل الجحيم‬
‫وأخرج منه‪ ،‬وال يق))در أح))د أن ينق))ذ نفس))ه من ي))دي ) ‪ ،‬ثم أعط))اه هللا‬
‫عهد الختان وهكذا عرف هللا أبونا إبراهيم ‪ ،‬ولما قال يسوع هذا رف))ع‬
‫يديه قائال ‪ :‬الكرامة والمجد لك يا هللا ‪ ،‬ليكن كذلك ‪.‬‬

‫الفصل الثالثون‬
‫وذهب يسوع إلى أورشليم قرب المظال) وهو أح))د أعي))اد امتن))ا ‪ ،‬فلم))ا‬
‫علم هذا الكتبة والفريسيون تش))اوروا ليتس))قطوه بكالم))ه ‪ ،‬فل))ذلك ج))اء‬
‫اليه فقيه قائال‪ :‬يا معلم ماذا يجب أن أفعل ألحصل على الحياة األبدي))ة‬
‫؟ ‪ ،‬أجاب يسوع ‪ :‬كيف كتب في الناموس ؟ أجاب قائال ‪ :‬أحب الرب‬
‫إلهك وقريبك ‪ ،‬أحب إلهك فوق كل شيء بكل قلبك وعقلك ‪ ،‬وقريب))ك‬
‫كنفس))ك ‪ ،‬أج))اب يس))وع‪ :‬أجبت حس))نا ‪ ،‬واني أق))ول ل))ك اذهب وافع))ل‬
‫هك))ذا تكن ل))ك الحي))اة االبدي))ة ‪ ،‬فق))ال ل))ه ‪ :‬من ه))و قري))بي ؟ ‪ ،‬أج))اب‬
‫يسوع رافعا طرفه ‪ :‬كان رجل نازال من أورش))ليم لي))ذهب إلى أريح))ا‬
‫مدينة اعيد بناؤها تحت اللعن))ة ‪ ،‬فأمس))ك اللص))وص ه))ذا الرج))ل على‬
‫الطريق وجرحوه وعرّ وه ‪ ،‬ثم انصرفوا وتركوه مشرفا على الموت ‪،‬‬
‫فاتفق أن مر كاهن ب))ذلك الموض))ع ‪ ،‬فلم))ا رأى الج))ريح س))ار دون أن‬
‫يحييه ‪ ،‬ومر مثله الوى دون أن يقول كلمة ‪ ،‬واتف))ق ان م))ر ( أيض))ا)‬
‫س))امري ‪ ،‬فلم))ا رأى الج))ريح عط))ف علي))ه وترج))ل عن فرس))ه وأخ)ذ)‬
‫الجريح وغسل جراحه بخمر ودهنها بدهن ‪ ،‬وبع))د ان ض))مد جراح))ه‬
‫وعزاه اركبه على فرسه ‪،‬ولما بلغ في المساء النزل س))لمه الى عناي))ة‬
‫صاحبه ‪ ،‬ولما نهض صباحا قال ‪ :‬اعتن بهذا الرجل وأنا أدفع لك كل‬
‫شيء ‪ ،‬وبعد ان قدم اربع قطع من الذهب للعليل ألجل صاحب ال))نزل‬
‫قال ‪ :‬تعز ألني أعود) سريعا واذهب بك الى بي))تي ‪ ،‬ق))ال يس))وع ‪ :‬ق))ل‬
‫لي أيهما كان القريب؟‪ ،‬أجاب الفقيه ‪ :‬الذي أظهر الرحمة ‪ ،‬حينئذ قال‬
‫يسوع ‪ :‬قد أجبت بالصواب) ‪ ،‬فاذهب وافعل ك))ذلك ‪ ،‬فانص))رف الفقي))ه‬
‫بالخيبة ‪.‬‬

‫الفصل الحادي والثالثون‬


‫فاقترب الكهنة حينئذ الى يسوع وقالوا يا معلم أيجوز أن تعطي جزي))ة‬
‫لقيصر ؟ ‪ ،‬فالتفت يسوع ليهوذا) وقال ‪ :‬هل معك نقود ؟ ثم أخذ يسوع‬
‫بي))ده فلس))ا والتفت الى الكهن))ة وق))ال لهم ‪ :‬ان على ه))ذا الفلس ص))ورة‬
‫فقولوا لي صورة من هي ؟ فأجابوا ‪ :‬ص))ورة قيص))ر ‪ ،‬فق))ال يس))وع ‪:‬‬
‫اعط))وا إذا م))ا لقيص))ر لقيص))ر واعط))وا) م))ا هلل هلل ‪ ،‬حينئ))ذ انص))رفوا‬
‫بالخيبة ‪ ،‬واق))ترب قائ))د مئ))ة ق))ائال ‪ :‬ي))ا س))يد ان اب))ني م))ريض ف)ارحم‬
‫شيخوختي ‪ ،‬أج))اب يس))وع ليرحم))ك ال))رب إل))ه إس))رائيل ‪ ،‬ولم))ا ك))ان‬
‫الرجل منصرف قال يس))وع ‪ :‬انتظ))رني ‪ ،‬ألني آت الى بيت))ك ألص))لي‬
‫على ابنك ‪ ،‬أجاب قائ))د المئ))ة ‪ :‬ي))ا س))يد اني لس))ت أهال وأنت ن))بي هللا‬
‫تأتي إلى بيتي ‪ ،‬تكفيني كلمتك التي تكلمت بها لشفاء ابني ‪ ،‬ألن إلهك‬
‫قد جعلك سيدا على كل مرض كما قال لي مالكه في المن))ام ‪ ،‬فتعجب‬
‫حينئذ يسوع كثيرا ‪ ،‬وقال ملتفتا الى الجمع ‪ :‬انظروا هذا االجنبي ألن‬
‫فيه ايمان أكثر من وجد في إسرائيل ‪ ،‬ثم التفت إلى قائد المئة وق))ال ‪:‬‬
‫اذهب بس))الم ألن هللا منح ابن))ك ص))حة الج))ل االيم))ان العظيم ال))ذي‬
‫اعطاكه ‪ ،‬فمضى قائد المئة في طريق))ه ‪ ،‬والتقى في الطري))ق بخدمت))ه‬
‫الذين أخبروه أن ابنه قد برىء ‪ ،‬أجاب الرجل ‪ :‬في أي س))اعة تركت))ه‬
‫الحمى؟ فقالوا ‪ :‬أمس في الساعة السادسة) انصرفت عنه الحمى ‪ ،‬فعلم‬
‫الرجل انه لما قال يسوع ( ليرحمك الرب إل))ه إس))رائيل ) اس))ترد ابن))ه‬
‫ص))حته‪ ،‬ل))ذلك) آمن الرج))ل بإلهن))ا ‪ ،‬ولم))ا دخ))ل بيت))ه حطم ك))ل آلهت))ه‬
‫تحطيما قائال ‪ :‬ليس اإلله الحقيقي الحي سوى إله إسرائيل ‪ ،‬لذلك) ق))ال‬
‫‪ ( :‬ال يأكل خبزي أحد لم يعبد إله إسرائيل) ‪.‬‬
‫الفصل الثاني والثالثون‬
‫ودعا أحد المتضلعين من الشريعة يسوع للعشاء ليجربه‪ ،‬فجاء يس))وع‬
‫إلى هن))اك م))ع تالمي))ذه ‪ ،‬وكث))يرون من الكتب))ة انتظ))روه في ال))بيت‬
‫ليجربوه ‪ ،‬فجلس التالمي))ذ إلى المائ))دة دون) أن يغس))لوا) أي))ديهم ‪ ،‬ف))دعا‬
‫الكتبة يسوع قائلين ‪ :‬لماذا ال يحفظ تالميذك تقاليد شيوخنا بعدم غس))ل‬
‫أيديهم قبل أن يأكلوا) خ))بزا ؟ ‪ ،‬أج))اب يس))وع ‪ :‬أن))ا أس))ألكم ألي س))بب‬
‫أبطلتم شريعة هللا لتحفظ))وا تقالي))دكم ؟‪ ،‬تقول))ون ألوالد األب))اء الفق))راء‬
‫قدموا وأنذروا) نذورا للهيكل (وهم إنما يجعلون نذورا من الن))ذر ال))ذي‬
‫يجب أن يعولوا به آباءهم ‪ ،‬إذا) أحب آباؤهم أن يأخ))ذوا نق))ودا يص))رخ‬
‫األبناء أن هذه النقود نذر هللا ) ‪ ،‬فيص)يب اآلب))اء بس)بب ذل)ك ض)يق ‪،‬‬
‫أيها الكتبة الكذابون المراؤون) أيستعمل هللا ه))ذه النق))ود؟‪ ،‬كال ثم كال ‪،‬‬
‫ألن هللا ال يأكل كم))ا يق))ول بواس))طة عب))ده داود الن))بي ( ه))ل آك))ل لحم‬
‫الثيران وأش))رب دم الغنم ؟ أعط)ني ذبيح))ة الحم)د وق)دم لي ن))ذورك ‪،‬‬
‫ألني ان جعت ال أطلب منك ش))يئا ألن ك))ل األش))ياء في ي))دي وعن))دي‬
‫وفرة الجن))ة (‪ ،‬أيه))ا الم))راؤون) إنكم إنم))ا تفعل))ون ذل))ك لتمألوا كيس))كم‬
‫ولذلك) تعشرون السذاب والنعنع ‪ ،‬ما أشقاكم ألنكم تظهرون لآلخ))رين‬
‫أش))د الط))رق) وض))وحا وال تس))يرون فيه))ا ‪ ،‬أيه))ا الكتب))ة والفقه))اء إنكم‬
‫تضعون على عواتق اآلخرين أحماال ال يطاق حملها ‪ ،‬ولكنكم أنفسكم‬
‫ال تحركونها بإحدى أصابعكم ‪ ،‬الحق أقول لكم ان كل شر إنم))ا دخ))ل‬
‫العالم بوسيلة الشيوخ ‪ ،‬قولوا لي من أدخ))ل عب))ادة األص))نام في الع))الم‬
‫اال طريقة الشيوخ ‪ ،‬انه كان ملك أحب أباه كث))يرا وك))ان اس))مه بعال ‪،‬‬
‫فلما مات األب أمر ابنه بصنع تمثال شبه أبيه تعزية لنفس))ه ‪ ،‬ونص))به‬
‫في سوق المدينة ‪ ،‬وأمر بأن يكون كل من اقترب من ذلك التمثال إلى‬
‫مس))افة خمس))ة عش))ر ذراع))ا في م))أمن ال يلح))ق أح))د ب))ه أذى على‬
‫االطالق ‪ ،‬وعليه أخذ األشرار بسبب الفوائد) ال))تي جنوه))ا من التمث))ال‬
‫يقدمون له وردا وزهورا ‪ ،‬ثم تحولت هذه الهدايا) في زمن قص))ير إلى‬
‫نقود وطعام حتى سموه إلها تكريما له ‪ ،‬وهذا الشيء تحول من‬
‫عادة إلى شريعة حتى ان الصنم بعال انتشر في العالم كله ‪ ،‬وقد ن))دب‬
‫هللا على ه))ذا بواس))طة أش))عيا ق))ائال ‪ ( :‬حق))ا إن ه))ذا الش))عب يعب))دني‬
‫ب))اطال‪ ،‬ألنهم أبطل))وا) ش))ريعتي ال))تي أعط))اهم إياه))ا عب))دي موس))ى‬
‫ويتبعون تقاليد شيوخهم ) ‪ ،‬الحق أق))ول لكم ان أك))ل الخ))بز بأي))د غ))ير‬
‫نظيف))ة ال ينجس انس))انا ألن م))ا ي))دخل االنس))ان ال ينجس االنس))ان ب))ل‬
‫الذي يخرج من االنسان ينجس االنسان ‪ ،‬فقال حينئذ أح))د الكتب))ة ‪ :‬ان‬
‫أكلت لحم الخ))))نزير أو لحموم))))ا أخ))))رى نجس))))ه أفال تنجس ه))))ذه‬
‫ضميري ؟ ‪ ،‬أجاب يسوع‪ :‬ان العصيان ال ي))دخل االنس))ان ب))ل يخ))رج‬
‫من االنسان من قلبه ‪ ،‬ولذلك يكون نجس))ا م))تى أك))ل طعام))ا محرم))ا ‪،‬‬
‫حينئذ قال أحد الفقهاء ‪ :‬ي))ا معلم لق))د تكلمت كث))يرا في عب))ادة األص))نام‬
‫كأن عند شعب إسرائيل أصناما ‪ ،‬وعليه فقد أسأت الينا ‪ ،‬أجاب يسوع‬
‫‪ :‬أعلم جيدا ان))ه ال يوج))د الي))وم تماثي))ل من خش))ب في إس))رائيل ولكن‬
‫توجد تماثيل من جسد ‪ ،‬فأجاب حينئ))ذ جمي))ع الكتب))ة بحن))ق ‪ :‬أنحن إذا‬
‫عبدة أصنام ؟ ‪ ،‬أجاب يسوع ‪ :‬الحق) أقول لكم ال تقول الش))ريعة أعب))د‬
‫بل أحب الرب إلهك بكل نفسك وبكل قلبك وبكل عقلك ‪ ،‬ثم قال يسوع‬
‫‪ :‬أصحيح هذا ؟ فأجاب كل واحد‪ :‬انه لصحيح ‪.‬‬

‫الفصل الثالث والثالثون‬


‫ثم قال يسوع حقا ان ك)ل م)ا يحب)ه االنس)ان وي)ترك ألجل)ه ك)ل ش)يء‬
‫سواه فه))و إله))ه ‪ ،‬وهك))ذا ف))إن ص))نم ال))زاني ه))و الزاني))ة وص))نم النهم‬
‫والس))كير جس))ده ‪ ،‬وص))نم الطم))اع الفض))ة وال))ذهب) ‪ ،‬وقس علي))ه ك))ل‬
‫خ)))اطىء آخ)))ر ‪ ،‬فق)))ال حينئ)))ذ ال)))ذي دع)))اه ‪ :‬ي)))ا معلم م)))اهي أعظم‬
‫خطيئة ؟ ‪ ،‬أجاب يسوع ‪ :‬أي الخراب أعظم في البيت ؟ ‪ ،‬فسكت ك))ل‬
‫احد ‪ ،‬ثم أشار يسوع بإصبعه إلى األساس وق))ال ‪ :‬إذا تزع))زع أس))اس‬
‫سقط البيت خرابا ‪ ،‬فيلزم إذ ذاك أن يبني جديدا ‪ ،‬ولكن إذا) تداعى أي‬
‫ج)زء س))واه يمكن ترميم))ه ‪ ،‬ول))ذلك) أق))ول لكم أن عب))ادة األص))نام هي‬
‫أعظم خطيئة ‪ ،‬ألنها تجرد االنسان ب))المرة من اإليم))ان ‪ ،‬فتج))رده من‬
‫هللا بحيث ال تكون له محبة روحية ‪ ،‬ولكن ك))ل خطيئ))ة اخ))رى ت))ترك‬
‫لإلنس))ان أم))ل ني))ل الرحم))ة ‪ ،‬ول))ذلك) أق))ول ان عب))ادة األص))نام أعظم‬
‫خطيئة ‪ ،‬فوقف الجمي))ع مبه))وتين من ح))ديث يس))وع ألنهم علم))وا ان))ه‬
‫اليمكن الرد عليه مطلق))ا ‪ ،‬ثم أتم يس))وع‪ :‬ت))ذكروا م))ا تكلم هللا ب))ه وم))ا‬
‫كتبه موسى ويشوع في الناموس) فتعلموا ما أعظم هذه الخطيئة ‪ ،‬ق))ال‬
‫هللا مخاطب))ا إس))رائيل ‪ :‬ال تص))نع ل))ك تمث))اال مم))ا في الس))ماء وال مم))ا‬
‫تحت السماء ‪ ،‬وال تصنعه مما فوق األرض وال مم))ا تحت األرض ‪،‬‬
‫وال مما فوق الماء وال مما تحت الم))اء ‪ ،‬إني أن))ا إله))ك ق))وي وغي))ور‬
‫ينتقم لهذه الخطيئة من اآلباء وأبن))ائهم ح))تى الجي))ل الراب))ع ‪ ،‬ف))اذكروا‬
‫كيف لما صنع آباؤنا العجل وعبدوه أخ))ذ يش))وع وس))بط الوى الس))يف‬
‫ب))أمر هللا وقتل))وا مئ))ة أل))ف وعش))رين ألف))ا من أولئ)ك) ال))ذين) لم يطلب))وا‬
‫رحمة من هللا ‪ ،‬ما أشد دينونة هللا على عبدة األوثان ‪.‬‬

‫الفصل الرابع والثالثون‬


‫وكان أمام الباب واحد كانت يده اليمنى متيبسة إلى ح))د لم يتمكن مع))ه‬
‫من استعمالها‪ ،‬فوجه يسوع قلبه هلل وصلى ثم قال ‪ :‬لتعلموا أن كلماتي‬
‫حق أقول باسم هللا امدد يا رجل يدك المريضة‪ ،‬فم))دها ص))حيحة ك))أن‬
‫لم تصبها علة‪ ،‬حينئذ ابتدأوا) ي))أكلون بخ))وف هللا‪ ،‬وبع))د ان أكل))وا) قليال‬
‫قال يس)وع أيض)ا ‪ :‬الح)ق أق)ول لكم ان اح)راق مدين)ة ألفض)ل من أن‬
‫يترك فيها عادة رديئة ‪ ،‬ألن ألجل مثل ه))ذا يغض))ب هللا على رؤس))اء‬
‫وملوك األرض الذين أعطاهم هللا سيفا ليفنوا اآلثام ‪ ،‬ثم قال بع))د ذل )ك)‬
‫يسوع ‪ .‬متى دعيت فاذكر اال تضع نفسك في الموض))ع األعلى‪ ،‬ح))تى‬
‫إذا جاء صديق لصاحب البيت أعظم منك ال يقول لك ص))احب ال))بيت‬
‫( قم واجلس أسفل ) فيكون باعثا ل))ك على الخج))ل‪ ،‬ب))ل اذهب وأجلس‬
‫في أحقر موضع ليجيء الذي دعاك ويقول ( قم يا صديق واجلس) هنا‬
‫في األعلى) فيكون لك حينئذ فخ)ر عظيم‪ ،‬ألن من يرف))ع نفس))ه ي ًّتض))ع‬
‫ومن يض))ع نفس))ه يرتف))ع‪ ،‬الح))ق أق))ول لكم ان الش))يطان لم يخ))ذل اال‬
‫بخطيئة الكبرياء‪ ،‬كم)ا يق))ول الن)بي اش)عيا موبخ))ا إي))اه به)ذه الكلم)ات‪:‬‬
‫كيف سقطت من السماء يا كوكب الصبح ي)ا من كنت جم)ال المالئك))ة‬
‫وأشرقت كالفجر ‪ ،‬حقا ان كبرياءك قد سقطت لألرض ‪ ،‬الح))ق أق))ول‬
‫لكم إذا) ع))رف انس))ان ش))قاءه فإن))ه يبكي هن))ا على األرض دائم))ا ‪،‬‬
‫ويحسب نفسه أحق))ر من ك))ل ش))يء آخ))ر‪ ،‬وال س))بب وراء ه))ذا لبك))اء‬
‫االنسان األول وامرأته مئة سنة بدون انقطاع طالبين رحم))ة من هللا ‪،‬‬
‫النهما علما يقينا أين س)قطا بكبريائهم)ا‪ ،‬ولم)ا ق)ال يس)وع ه)ذا ش)كر‪،‬‬
‫وذاع ذلك) اليوم في أورشليم األشياء العظيمة التي قالها يس))وع واآلي))ة‬
‫التي صنعها‪ ،‬فش))كر الش))عب هللا مب))اركين اس))مه الق))دوس‪ ،‬أم))ا الكتب))ة‬
‫والكهنة فلما أدركوا) أنه ندد بتقاليد الش)يوخ اض)طرموا) ببغض)اء أش)د‪،‬‬
‫وقسوا قلوبهم نظير فرع))ون‪ ،‬ول))ذلك طلب))وا فرص))ة ليقتل))وه) ولكنهم لم‬
‫يجدوها ‪.‬‬

‫الفصل الخامس والثالثون‬


‫وانص))رف يس))وع من أورش))ليم ‪ ،‬وذهب إلى البري))ة وراء األردن ‪،‬‬
‫فقال تالميذه الذين كانوا جالس))ين حول))ه ‪ :‬ي))ا معلم ق)ل لن))ا كي))ف س)قط‬
‫الشيطان بكبريائه‪ ،‬ألننا كنا نعلم انه سقط بسبب العصيان ‪ ،‬وألنه كان‬
‫دائما يفتن االنسان ليفعل شرا ‪ ،‬أجاب يس)وع ‪ :‬لم))ا خل))ق هللا كتل))ة من‬
‫التراب ‪ ،‬وتركها خمسا وعشرين ألف سنة بدون أن يفعل شيئا آخ)ر ‪،‬‬
‫علم الشيطان الذي كان بمثابة ك))اهن ورئيس للمالئك))ة لم))ا ك))ان علي))ه‬
‫من اإلدراك العظيم أن هللا سيأخذ من تلك الكتلة مئة وأربع))ة وأربعين‬
‫ألفا موسومين بسمة النبوة) ورسول هللا الذي خل))ق هللا روح))ه قب))ل ك))ل‬
‫شيء آخر بستين ألف سنة ‪ ،‬ولذلك) غضب الشيطان فأغرى المالئك))ة‬
‫قائال ‪ ( :‬انظروا سيريد هللا يوم))ا م))ا أن نس))جد له))ذا ال))تراب ‪ ،‬وعلي))ه‬
‫فتبصروا في أننا روح وأنه ال يليق أن نفع))ل ذل))ك ) ‪ ،‬ل))ذلك) ت))رك هللا‬
‫كثيرون ‪ ،‬من ثم قال هللا يوما لما الت))أمت المالئك))ة كلهم ( ليس))جد ت))وا‬
‫كل من اتخ))ذني رب))ا له))ذا) ال))تراب ‪ ،‬فس))جد ل))ه ال))ذين) أحب))وا هللا ‪ ،‬أم))ا‬
‫الشيطان والذين كانوا على شاكلته فقالوا ‪ ( :‬ي))ا رب أنن))ا روح ول))ذلك‬
‫ليس من العدل) أن نسجد لهذه الطينة ‪ ،‬ولما قال الش))يطان ذل)ك) أص))بح‬
‫هائال ومخوف النظر ‪ ،‬وأصبح اتباعه مقبوحين ‪ ،‬الن هللا أزال بسبب‬
‫عص))يانهم الجم))ال ال))ذي ج ًّملهم ب))ه لم))ا خلقهم ‪ ،‬فلم))ا رف))ع المالئك))ة‬
‫األطهار رؤوسهم رأوا شدة قبح الهول))ة ال))تي تح))ول الش))يطان) إليه))ا ‪،‬‬
‫وخر أتباعه على وجوههم إلى األرض خائفين ‪ ،‬حينئذ قال الشيطان ‪:‬‬
‫( يا رب انك جعلتني قبيح))ا ظلم))ا ولكن))ني راض ب))ذلك الني اروم أن‬
‫أبطل كل ما فعلت ) ‪ ،‬وقالت الش))ياطين األخ))رى ‪ ( :‬ال تدع))ه رب))ا ي))ا‬
‫ك))وكب الص))بح ألن))ك أنت ال))رب )حينئ))ذ ق))ال هللا التب))اع الش))يطان ‪:‬‬
‫( توب))وا واع))ترفوا ب))أنني أن))ا هللا خ))القكم ) أج))ابوا (إنن))ا نت))وب عن‬
‫س))جودنا ل))ك ألن))ك غ))ير ع))ادل ‪ ،‬ولكن الش))يطان) ع))ادل وب))ريئ وه))و‬
‫ربنا )حينئذ قال هللا ‪ :‬انص))رفوا ع))ني أيه))ا المالعين ألن))ه ليس عن))دي‬
‫رحمة لكم وبصق الشيطان أثناء انص))رافه على كتل))ة ال))تراب ‪ ،‬فرف))ع‬
‫جبريل‬
‫ذلك البصاق مع شيء من التراب فكان لإلنسان بس))بب ذل))ك س))رة في‬
‫بطنه ‪.‬‬
‫الفصل السادس) والثالثون‬
‫فدهش التالمي))ذ دهش))ا عظيم))ا لعص))يان المالئك))ة‪ ،‬حينئ))ذ ق))ال يس))وع‪:‬‬
‫الحق أقول لكم إن من ال يصلي فه))و ش))ر من الش))يطان) ‪ ،‬وس))يحل ب)ه‬
‫عذاب أعظم ‪ ،‬ألنه لم يكن للشيطان قبل س))قوطه ع))برة في الخ))وف ‪،‬‬
‫ولم يرسل هللا له رسوال يدعوه) إلى التوب))ه ‪ ،‬ولكن اإلنس))ان وق))د ج))اء‬
‫األنبياء كلهم إال رسول هللا الذي سيأتي بعدي ألن هللا يريد ذل )ك) ح))تى‬
‫أهيىء طريقه ‪ ،‬يعيش بإهمال بدون أدنى خوف كأنه ال يوجد إل))ه م))ع‬
‫إن ل)ه أمثل))ة ال ع))داد له))ا على ع))دل هللا ‪ ،‬فعن مث))ل ه)ؤالء ق)ال داود‬
‫النبي ‪ ( :‬قال الجاه))ل في قلب))ه ليس إل))ه ل))ذلك) ك))انوا فاس))دين وأمس))وا)‬
‫رجسا ً دون أن يكون فيهم واحد يفعل صالحا ً ) صلوا) بدون انقطاع يا‬
‫تالمي))ذي لتعط))وا ‪ ،‬ألن من يطلب يج))د ‪ ،‬ومن يق))رع يفتح ل))ه ‪ ،‬ومن‬
‫يسأل يعط ‪ ،‬وال تنظروا في ص))لواتكم إلى ك))ثرة الكالم ألن هللا ينظ))ر‬
‫إلى القلب كما قال سليمان ( يا عبدي اعطني قلب))ك ) الح))ق أق))ول لكم‬
‫لعمر هللا إن المرائين يص))لون كث))يرا في ك))ل أنح))اء المدين))ة لينظ))رهم‬
‫الجمهور ويعدهم قديس))ين ولكن قل))وبهم ممتلئ))ة ش))را‪ ،‬فهم ليس))وا) على‬
‫جد في ما يطلبون ‪ ،‬فمن الضروري أن تكون مخلصا في صالتك إذا‬
‫أحببت أن يقبلها هللا‪ ،‬فقول))وا لي من ي))ذهب ليكلم الح))اكم الروم))اني أو‬
‫هيرودس) وال يكون قصده موجها إلى من هو ذاهب إليه وإلى م))ا ه))و‬
‫عازم أن يطلبه منه ؟ ‪ ،‬ال أحد مطلقا ‪ ،‬فإذا كان اإلنس))ان يفع))ل ك))ذلك‬
‫ليكلم رجال فماذا على اإلنسان أن يفعل ليكلم هللا ‪ ،‬ويطلب منه رحم))ة‬
‫لخطاياه ش))اكرا إي))اه على ك))ل م))ا أعط))اه) ‪ ،‬الح))ق أق))ول لكم إن ال))ذين)‬
‫يقيمون الصالة) قليلون‪ ،‬ولذلك كان للشيطان) تس))لط عليهم ‪ ،‬ألن هللا ال‬
‫يحب أولئك) الذين يكرمونه بشفاههم ‪ ،‬الذين) يطلبون في الهيكل رحمة‬
‫بشفاههم‪ ،‬ولكن قلوبهم تستصرخ العدل‪ ،‬كما تكلم اشعيا النبي ق))ائال‪( :‬‬
‫ابعد ه))ذا الش))عب الثقي))ل على ‪ ،‬ألنهم يحترمون))ني بش))فاههم أم))ا قلبهم‬
‫فمبتعد عني ) ‪ ،‬الح)ق) أق)ول لكم إن ال)ذي ي)ذهب ليص)لي ب)دون ت)دبر‬
‫يس))تهزىء باهلل ‪ ،‬من ي))ذهب ليكلم ه))يرودس ويولي))ه ظه))ره ؟ ويم))دح‬
‫أمامه‬
‫بيالطس الحاكم الذي يكره))ه ح))تى الم))وت ؟ ‪ ،‬ال أح))د مطلق))ا ‪ ،‬ولكن‬
‫اإلنسان الذي يذهب ليصلي وال يعد نفسه ال يكون فعله دون هذا‪ ،‬فإنه‬
‫يولي هللا ظهره والشيطان وجهه‪ ،‬الن في قلبه محبة اإلثم التي لم يتب‬
‫عنه))ا‪ ،‬ف))إذا أس))اء إلي))ك أح))د وق))ال ل))ك بش))فتيه‪( :‬اغف))ر لي) وض))ربك‬
‫ضربة بيديه فكيف تغفر له ؟ هك)ذا ي)رحم هللا ال)ذين يقول)ون بش)فاههم‬
‫( يا رب ارحمنا ) ويحبون بقلوبهم اإلثم ويهمّون بخطايا جديدة) ‪.‬‬

‫الفصل السابع والثالثون‬


‫فبكى التالميذ لكالم يس))وع ‪ ،‬وتض))رعوا) إلي))ه ق))ائلين ‪ :‬ي))ا س))يد علمن))ا‬
‫لنص))لي ‪ ،‬أج))اب يس))وع‪ :‬ت))أملوا م))اذا تفعل))ون إذا ألقي القبض عليكم‬
‫الحاكم الروماني ليعدمكم‪ ،‬ف))افعلوا نظ))ير ذل))ك حينم))ا تص))لون‪ ،‬وليكن‬
‫كالمكم هذا‪ ،‬أيها الرب إلهنا ‪ ،‬ليتقدس اسمك الق))دوس‪ ،‬لي))أت ملكوت))ك‬
‫فينا ‪ ،‬لتنفذ مشيئتك دائما ‪ ،‬وكما هي نافذة في السماء لتكن نافذة ك)ذلك‬
‫على األرض ‪ ،‬أعطنا الخبز لكل يوم‪ ،‬واغفر لنا خطايان))ا‪ ،‬كم))ا نغف))ر‬
‫نحن لمن يخطئون إلينا‪ ،‬وال تسمح ب))دخولنا في التج))ارب‪ ،‬ولكن نجن))ا‬
‫من الشرير‪ ،‬النك أنت وحدك إلهنا الذي يجب له المج))د واإلك))رام إلى‬
‫األبد ‪.‬‬

‫الفصل الثامن والثالثون)‬


‫حينئذ أجاب يوحنا ‪ :‬يا معلم لنغتسل كما أمر هللا على لس))ان موس))ى ‪،‬‬
‫قال يسوع ‪ :‬أتظنون إني جئت ألجل الشريعة واألنبياء ؟ ‪ ،‬الحق أقول‬
‫لكم لعمر هللا اني لم آت البطلها ولكن الحفظه))ا ‪ ،‬الن ك))ل ن))بي حف))ظ‬
‫شريعة هللا وكل ما تكلم هللا به على لسان األنبياء اآلخ))رين‪ ،‬لعم))ر هللا‬
‫الذي تقف نفسي في حضرته ال يمكن أن يكون مرضيا هلل من يخ))الف‬
‫أقل وصاياه‪ ،‬ولكن)ه يك)ون األص)غر في ملك)وت هللا‪ ،‬ب)ل ال يك)ون ل)ه‬
‫نصيب هناك‪ ،‬وأقول لكم أيضا ان))ه ال يمكن مخالف))ة ح))رف واح))د من‬
‫ش))ريعة هللا اال ب))اجتراح أك))بر االث))ام ‪ ،‬ولك))ني أحب أن تفقه))وا ان))ه‬
‫ض))روري أن تح))افظوا على ه))ذه الكلم))ات ال))تي قاله))ا هللا على لس))ان‬
‫اشعيا النبي ( اغتسلوا وكونوا أنقياء أبعدوا) أفكاركم عن عيني ) الحق‬
‫أقول لكم إن ماء البحر كله ال يغسل من يحب اآلثام بقلبه‪ ،‬وأق))ول لكم‬
‫أيضا انه ال يقدم أحد ص))الة مرض))ية هلل إن لم يغتس))ل ‪ ،‬ولكن))ه يحم))ل‬
‫نفسه خطيئ))ة ش))بيهة بعب))ادة األوث))ان‪ ،‬ص))دقوني ب))الحق ان))ه إذا ص))لى‬
‫إنسان هلل كما يجب ينال كل م))ا يطلب‪ ،‬اذك))روا موس))ى عب))د هللا ال))ذي‬
‫ضرب بص))الته مص)ر وش))ق البح))ر األحم))ر وأغ))رق هن))اك فرع)ون‬
‫وجيشه ‪ ،‬اذكروا يشوع الذي أوقف الش))مس) ‪ ،‬وص))موئيل ال))ذي أوق))ع‬
‫الرعب في جيش الفلس))طينيين ال))ذي ال يحص))ى ‪ ،‬وإيلي))ا ال))ذي أمط))ر‬
‫نارا من الس))ماء ‪ ،‬وأق))ام اليش))ع ميت))ا ‪ ،‬وكث))يرون غ))يرهم من األنبي))اء‬
‫األطه)ار ال)ذين) بواس))طة الص)الة) ن)الوا) ك))ل م))ا طلب))وا ‪ ،‬ولكن ه)ؤالء‬
‫الن))اس لم يطلب))وا في الحقيق))ة ش))يئا لهم أنفس))هم ‪ ،‬ب))ل إنم))ا طلب))وا هللا‬
‫ومجده ‪.‬‬

‫الفصل التاسع والثالثون‬


‫حينئ))ذ ق))ال يوحن))ا ‪ :‬حس))نا تكلمت ي))ا معلم ‪ ،‬ولكن ينقص))نا أن نع))رف‬
‫كي))ف أخط))أ اإلنس))ان بس))بب الكبري))اء ‪ ،‬أج))اب يس))وع‪ :‬لم))ا ط))رد هللا‬
‫الشيطان‪ ،‬وطه))ر المالك جبري))ل تل))ك الكتل))ة من ال))تراب ال))تي بص))ق‬
‫عليها الشيطان‪ ،‬خلق هللا كل شيء حي من الحيوانات التي تطير ومن‬
‫التي تدب وتسبح‪ ،‬وزين العالم بكل ما فيه‪ ،‬فاقترب الشيطان يوم))ا م))ا‬
‫من أبواب الجنة‪ ،‬فلما رأى الخيل تأك))ل العش))ب اخبره))ا ان))ه اذا) ت))أتى‬
‫لتلك الكتلة من التراب أن يصير لها نفس أصابها ض)نك‪ ،‬ول)ذلك ك)ان‬
‫من مصلحتها أن تدوس تلك القطعة من التراب‪ .‬على طريقة ال تك))ون‬
‫بع))دها ص))الحة لش))يء‪ ،‬فث))ارت الخي))ل وأخ))ذت تع))دو بش))دة على تل))ك‬
‫القطعة من التراب التي كانت بين الزن))ابق وال))ورود‪ ،‬ف))أعطى هللا من‬
‫ثم روح))ا ل))ذلك) الج))زء النجس من ال))تراب ال))ذي وق))ع علي))ه بص))اق‬
‫الشيطان الذي ك))ان أخ))ذه جبري))ل من الكتل))ة‪ ،‬وأنش))أ الكلب فأخ))ذ ينبح‬
‫فروّ ع الخيل فهربت‪ ،‬ثم اعطى هللا نفسه لإلنسان وكانت المالئكة كلها‬
‫ت))رنم ‪ ( :‬اللهم ربن))ا تب))ارك اس))مك الق))دوس ) فلم))ا انتص))ب آدم على‬
‫قدمي))ه رأى في اله))واء كتاب))ة تت))ألق كالش))مس نص))ها (( ال إل))ه إال هللا‬
‫ومحمد رسول هللا )) ‪ ،‬ففتح حينئذ آدم فاه وقال ‪ :‬أش))كرك أيه))ا ال))رب‬
‫إلهي النك تفضلت فخلقتني ‪ ،‬ولكن أضرع إلي))ك أن تنب))أني م))ا مع))نى‬
‫هذه الكلمات (( محم))د رس))ول هللا )) ‪ ،‬فأج))اب هللا ‪ ( :‬مرحب))ا ب))ك ي))ا‬
‫عبدي آدم ‪ ،‬واني أقول لك أنك أول إنسان خلقت ‪ ،‬وه))ذا ال))ذي رأيت))ه‬
‫إنما هو ابنك الذي سيأتي إلى العالم بعد اآلن بسنين عديدة) ‪ ،‬وس))يكون‬
‫رسولي الذي ألجله خلقت كل األشياء ‪ ،‬الذي متى جاء س)يعطى ن)ورا‬
‫للعالم ‪ ،‬الذي كانت نفسه موضوعة في بهاء سماوى س))تين أل))ف س))نة‬
‫قبل أن أخلق ش))يئا ) فض))رع آدم إلى هللا ق))ائال ‪ ( :‬ي))ا رب هب))ني ه))ذه‬
‫الكتابة على أظفار أصابع يدي ) فمنح هللا اإلنس))ان األول تل))ك الكتاب))ة‬
‫على إبهاميه‪ ،‬على ظفر إبهام اليد اليمنى ما نصه (( ال إله إال هللا ))‪،‬‬
‫وعلى ظفر إبهام اليد) اليسرى ما نصه (( محمد رس))ول هللا )) ‪ ،‬فق ّب))ل‬
‫اإلنسان األول‬
‫بحنو أبوي هذه الكلمات‪ ،‬ومسح عينيه وقال ‪ ( :‬بورك ذلك اليوم الذي‬
‫سيأتي فيه إلى العالم ) فلما رأى هللا اإلنسان وحده قال ‪ ( :‬ليس حس))نا‬
‫أن يكون وح))ده ) فل))ذلك نوّ م))ه ‪ ،‬وأخ)ذ) ض))لعا من جه))ة القلب ‪ ،‬ومأل‬
‫الموضع لحما ‪ ،‬فخلق من تل))ك الض))لع) ح))واء ‪ ،‬وجعله))ا ام))رأة آلدم ‪،‬‬
‫وأقام الزوجين سيدي الجنة ‪ ،‬وقال لهما ‪ ( :‬أنظروا إني أعطيكما ك))ل‬
‫ثمر لتأكال منه خال التفاح والحنطة ) ثم قال ‪ ( :‬احذروا أن تأكال شيئا‬
‫من هذه األثمار ‪ ،‬ألنكما تصيران نجسين ‪ ،‬فال اسمح لكما بالبقاء هن))ا‬
‫بل أطردكما ويحل بكما شقاء عظيم) ‪.‬‬

‫الفصل األربعون‬
‫فلما علم الشيطان بذلك تميز غيظا ‪ ،‬فاقترب إلى باب الجنة حيث كان‬
‫الحارس حية مخوفة لها قوائم كجمل وأظ))افر أق))دامها مح))ددة) من ك))ل‬
‫جانب كموسى ‪ ،‬فق))ال له))ا الع))دو ‪ ( :‬اس))محي لي ب))أن ادخ))ل الجن))ة )‬
‫أجابت الحية ‪ ( :‬وكيف أسمح لك بالدخول وقد أمرني هللا بأن أطردك‬
‫؟ ) أجاب الشيطان) ‪ ( :‬أال ترين كم يحب))ك هللا إذ أقام))ك خ))ارج الجن))ة‬
‫لتحرسي كتلة من الطين) وهي اإلنسان ؟ ‪ ،‬فإذا أدخلتني الجن))ة أجعل))ك‬
‫رهيب))ة ح))تى ان ك))ل اح))د يه))رب من))ك‪ ،‬فت))ذهبين وتقيمين حس))ب‬
‫ارادتك )فقالت الحية ( وكيف أدخلك) ) أجاب الشيطان ‪ ( :‬ان))ك كب))يرة‬
‫فافتحي فاك فأدخل بطنك‪ ،‬فمتى دخلت الجن))ة ض))عيني بج))انب ه))اتين‬
‫الكتلتين من الطين اللتين) تمش))يان ح))ديثا على األرض ) ففعلت عندئ))ذ‬
‫الحية ذل)ك) ‪ ،‬ووض))عت الش))يطان بج))انب ح))واء ألن آدم زوجه))ا ك))ان‬
‫نائما‪،‬فتمثل الشيطان للمرأة مالكا جميال وقال لها ‪ ( :‬لم))اذا ال ت))أكالن‬
‫من هذا التفاح وهذه الحنطة ؟ ) أجابت حواء ‪ ( :‬قال لن))ا إلهن))ا إن))ا إذا‬
‫أكلنا منها صرنا نجسين ولذلك) يطردنا من الجنة ) فأجاب الش))يطان ‪:‬‬
‫( انه لم يقل الصدق ‪ ،‬فيجب أن تعرفي ان هللا شرير وحسود ‪ ،‬ولذلك)‬
‫ال يحتمل اندادا ‪ ،‬ولكنه يستعبد كل أحد ‪ ،‬وهو إنما قال لكما ذلك لكيال‬
‫تص)يرا ن)دين ل)ه‪ ،‬ولكن إذا كنت وعش)يرك تعمالن بنص)يحتي فإنكم)ا‬
‫تأكالن من هذه األثمار كما تأكالن من غيرها ‪ ،‬وال تلبثا خاض))عين ال‬
‫خرين ‪ ،‬بل تعرف))ان الخ))ير والش))ر كاهلل وتفعالن م))ا تري))دان ‪ ،‬ألنكم))ا‬
‫تصيران ندين هلل ) فأخذت حينئذ حواء وأكلت من هذه األثمار ‪ ،‬ولم))ا‬
‫استيقظ زوجها أخبرته بكل ما قال الشيطان) ‪ ،‬فتناول منها ما قدمته له‬
‫وأكل ‪ ،‬وبينما كان الطعام نازال ذكر كالم هللا ‪ ،‬فل))ذلك) أراد أن يوق))ف‬
‫الطعام فوضع يده في حلقه حيث كل إنسان له عالمة ‪.‬‬

‫الفصل الحادي واألربعون‬


‫حينئذ علم كالهما انهما كان))ا عري))انين ‪ ،‬فل))ذلك اس))تحيا وأخ))ذا أوراق‬
‫التين وصنعا ثوبا لسوأتهما ‪ ،‬فلما مالت الظهيرة إذا) باهلل قد ظهر لهما‬
‫ون)))ادى آدم ق)))ائال‪ ( :‬آدم أين أنت ) فأج)))اب ‪ ( :‬ي)))ا رب تخب)))أت من‬
‫حضرتك ألني وامرأتي عريانان فلذلك نستحي أن نتقدم أمامك ) فقال‬
‫هللا ‪ ( :‬ومن اغتص)))ب منكم))ا براءتكم)))ا إال أن تكون)))ا أكلتم)))ا التم)))ر‬
‫فصرتما بسببه نجسين ‪ ،‬وال يمكنكما أن تمكثا بعد في الجن))ة)‪ ،‬أج))اب‬
‫آدم ‪ ( :‬يا رب ان الزوجة ال))تي أعطيت))ني طلبت م))ني أن آك))ل ف))أكلت‬
‫منه ) حينئذ قال هللا للمرأة ‪ ( :‬لم))اذا أعطيت طعام))ا كه))ذا لزوج))ك؟ )‬
‫أجابت حواء ‪ ( :‬ان الشيطان) خدعني فأكلت ) قال هللا ‪ ( :‬كي))ف دخ))ل‬
‫ذلك الرجيم إلى هن))ا ؟ ) أج))ابت ح))واء ‪ ( :‬ان الحي))ة ال))تي تق))ف على‬
‫الباب الشمالي من الجنة أحضرته إلى جانبي ) فقال هللا آلدم ‪ ( :‬لتكن‬
‫األرض ملعونة بعملك ألنك أصغيت لص))وت امرأت))ك وأكلت الثم))ر ‪،‬‬
‫لتنبت لك حسكا وشوكا ‪ ،‬ولتأك)ل الخ)بز بع)رق وجه)ك ‪ ،‬واذك)ر ان)ك‬
‫ت))راب والى ال))تراب تع))ود ) وكلم ح))واء ق))ائال ‪ :‬وأنت ال))تي أص))غيت‬
‫للشيطان ‪ ،‬وأعطيت زوجك الطع))ام تلب))ثين تحت تس))لط الرج))ل ال))ذي‬
‫يعاملك كأمة ‪ ،‬وتحملين األوالد باأللم ‪ ،‬ولم))ا دع))ا الحي))ة دع))ا المالك‬
‫ميخائي))ل ال))ذي يحم))ل س))يف هللا وق))ال ‪ ( :‬اط))رد أوال من الجن))ة ه))ذه‬
‫الحية الخبيثة ‪ ،‬ومتى صارت خارجا فاقطع قوائمه))ا ‪ ،‬ف))إذا أرادت أن‬
‫تمشي يجب أن تزحف ) ثم نادى هللا بعد ذلك) الش))يطان ف))أتى ض))احكا‬
‫فقال له ‪ ( :‬ألنك أيها الرجيم خدعت هذين وصيرتهما نجسين أريد أن‬
‫تدخل في فمك كل نجاس))ة فيهم))ا وفي ك))ل أوالدهم))ا م)تى ت)ابوا عنه))ا‬
‫وعبدوني حقا فخرجت منهم فتصير مكتظا بالنجاسة )فج))أر الش))يطان‬
‫حينئذ جأرا مخوفا وقال ‪ ( :‬لما كنت تري))د أن تص))يرني أردأ مم))ا أن))ا‬
‫علي))ه ف))إني س))أجعل نفس))ي كم))ا أق))در أن أك))ون ) حينئ))ذ ق))ال هللا‪:‬‬
‫( انصرف أيها اللعين من حضرتي ) فانصرف الش))يطان‪ ،‬ثم ق))ال هللا‬
‫آلدم وحواء اللذين كانا ينتحبان‪ :‬اخرجا من الجن))ة ‪ ،‬وجاه))دا أب))دانكما‬
‫وال يضعف رجاؤكما ‪ ،‬ألني‬
‫ارسل ابنكما على كيفية يمكن بها ل))ذريتكما أن ترف))ع س))لطة الش))يطان‬
‫عن ال*** البشري ‪ ،‬ألني سأعطي رسولي الذي س))يأتي ك))ل ش))يء ‪،‬‬
‫فاحتجب هللا وطردهما المالك ميخائيل من الفردوس ‪ ،‬فلم))ا التفت آدم‬
‫رأى مكتوبا فوق الب))اب ‪ (( :‬ال إل))ه إال هللا محم))د رس))ول هللا )) فبكى‬
‫عن))د ذل))ك وق))ال ‪ ( :‬أيه))ا االبن عس))ى هللا أن يري))د أن ت))أتي س))ريعا‬
‫وتخلص)نا من ه))ذا الش))قاء ) ق)ال يس)وع ‪ :‬هك))ذا أخط))أ الش)يطان) وآدم‬
‫بسبب الكبرياء ‪ ،‬أما احدهما فألنه احتقر اإلنسان ‪ ،‬وأما اآلخ))ر فألن))ه‬
‫أراد أن يجعل نفسه ندا هلل ‪.‬‬

‫الفصل الثاني واألربعون‬


‫فبكى التالميذ بعد هذا الخطاب‪ ،‬وك))ان يس))وع باكي))ا لم))ا رأوا كث))يرين‬
‫من الذين جاءوا يفتشون عليه ‪ ،‬فإن رؤساء الكهنة تشاوروا فيما بينهم‬
‫ليتس))قطوه بكالم))ه‪ ،‬ل))ذلك) أرس))لوا) الالويين وبعض الكتب))ة يس))ألونه‬
‫ق))ائلين ‪ :‬من أنت ؟ ف))اعترف يس))وع وق))ال ‪ :‬الح))ق إني لس))ت مس))يا ‪،‬‬
‫فقالوا ‪ :‬أأنت ايليا أو أرميا أو أح))د األنبي))اء الق))دماء ؟ أج))اب يس))وع ‪:‬‬
‫كال‪ ،‬حينئذ قالوا ‪ :‬من أنت ‪ ،‬قل لنشهد للذين أرس))لونا ؟ ‪ ،‬فق))ال حينئ))ذ‬
‫يسوع ‪ :‬أنا صوت صارخ في اليهودية كلها ‪ ،‬يصرخ ‪ :‬أعدوا طري))ق‬
‫رسول الرب كما هو مكتوب في اشعيا‪ ،‬ق))الوا‪ :‬إذا) لم تكن المس))يح وال‬
‫ايليا أو نبيا ما فلماذا تبشر بتعليم جدي))د وتجع))ل نفس))ك أعظم ش))أنا من‬
‫مسيا؟ ‪ ،‬أجاب يسوع ‪ :‬إن اآليات التي يفعلها هللا على يدي تظه))ر إني‬
‫اتكلم بما يريد هللا ‪ ،‬ولست احس))ب نفس))ي نظ))ير ال))ذي تقول))ون) عن))ه ‪،‬‬
‫ألني لست أهال أن أحل رباطات جرموق أو س))يور ح))ذاء رس))ول هللا‬
‫الذي تسمونه مسيا الذي خلق قبلي وسيأتي بعدي وسيأتي بكالم الح))ق‬
‫وال يكون لدينه نهاية فانصرف الالويون) والكتبة بالخيب)ة وقص)وا ك)ل‬
‫شيء على رؤساء الكهنة ال)ذين ق)الوا‪ :‬ان الش)يطان على ظه)ره وه)و‬
‫يتلو كل شيء عليه‪ ،‬ثم قال يسوع لتالميذه‪ :‬الحق أقول لكم ان رؤساء‬
‫وشيوخ شعبنا يتربصون بي الدوائر‪ ،‬فقال بطرس‪ :‬ال تذهب فيما بع))د‬
‫إلى أورشليم ‪ ،‬فقال له يسوع ‪ :‬انك لغبي وال تدري ما تقول ف))إن علي‬
‫أن أحتمل اضطهادات كثيرة ألنه هكذا احتمل جميع األنبي))اء وأطه))ار‬
‫هللا ولكن ال تخف ألنه يوجد قوم معنا وقوم علينا‪ ،‬ولما قال يسوع هذا‬
‫انصرف وذهب إلى جبل طابور وصعد معه بطرس ويعقوب ويوحنا‬
‫اخوه مع الذي يكتب هذا‪ ،‬فأشرق هناك فوقهم ن))ور عظيم ‪ ،‬وص))ارت‬
‫ثيابه بيضاء ك))الثلج‪ ،‬ولم))ع وجه))ه كالش))مس ‪ ،‬وإذا) بموس))ى وايلي))ا ق))د‬
‫جاءا يكلمان يسوع بشأن م))ا يس))حل بش))عبنا وبالمدين))ة المقدس))ة‪ ،‬فتكلم‬
‫بطرس قائال ‪ :‬يا رب حسن أن نك))ون ههن))ا ‪ ،‬ف))إذا أردت نض))ع ثالث‬
‫مظال لك واحدة) ولموسى واحدة واألخ))رى اليلي))ا ‪ ،‬وبينم))ا ك))ان يتكلم‬
‫غشيته سحابة‬
‫بيضاء‪ ،‬وس))معوا ص))وتا ق))ائال ‪ :‬انظ))روا خ))ادمي ال))ذي ب))ه س))ررت ‪،‬‬
‫اس))معوا ل))ه ‪ ،‬فارت))اع التالمي))ذ وس))قطوا على وج))وههم إلى األرض‬
‫كأنهم أموات ‪ ،‬فنزل يسوع وأنهض تالميذه ق))ائال ‪ :‬ال تخ))افوا ألن هللا‬
‫يحبكم وقد فعل هذا لكي تؤمنوا بكالمي ‪.‬‬

‫الفصل الثالث واألربعون‬


‫ونزل يسوع إلى التالميذ الثمانية الذين كانوا ينتظرون))ه أس))فل‪ ،‬وقص‬
‫األربع))ة على الثماني))ة ك))ل م))ا رأوا‪ ،‬وهك))ذا زال في ذل))ك الي))وم من‬
‫قل))وبهم ك))ل ش))ك في يس))وع إال يه))وذا االس))خريوطي ال))ذي لم ي))ؤمن‬
‫بشيء‪ ،‬وجلس يسوع على سفح الجبل وأكلوا من األثمار البري))ة ألن))ه‬
‫لم يكن عندهم خبز‪ ،‬حينئذ قال اندراوس‪ :‬لقد حدثتنا بأشياء كث))يرة عن‬
‫مسيا فتكرم بالتصريح لنا بك))ل ش))يء‪ ،‬فأج))اب يس))وع‪ :‬ك))ل من يعم))ل‬
‫فإنم))ا يعم))ل لغاي))ة يج))د فيه))ا غن))اء‪ ،‬ل))ذلك) أق))ول لكم أن هللا لم))ا ك))ان‬
‫بالحقيقة ك))امال لم يكن ل))ه حاج))ة إلى غن))اء‪ ،‬ألن))ه الغن))اء عن))ده نفس)ه‪،‬‬
‫وهكذا لما أراد أن يعمل خلق قبل كل شيء نفس رس))وله ال))ذي ألجل))ه‬
‫قصد إلى خلق الك))ل ‪ ،‬لكي تج))د الخالئ))ق فرح))ا وبرك))ة باهلل ‪ ،‬ويس))ر‬
‫رسوله بكل خالئقه التي قدر أن تكون عبيدا ‪ ،‬ولم))اذا وه))ل ك))ان ه))ذا‬
‫هكذا إال ألن هللا أراد ذلك ؟ ‪ ،‬الحق أق))ول لكم إن ك))ل ن))بي م))تى ج))اء‬
‫فإنه إنما يحمل ألمة واحدة فقط عالمة رحم))ة هللا ‪ ،‬ول))ذلك لم يتج))اوز‬
‫كالمهم الشعب الذي أرسلوا) إلي))ه‪ ،‬ولكن رس))ول هللا م))تى ج))اء يعطي))ه‬
‫هللا ما هو بمثابة خاتم يده‪ ،‬فيحمل خالصا ورحمة ألمم األرض ال))ذين‬
‫يقبلون تعليم))ه‪ ،‬وس))يأتي بق))وة على الظ))المين ‪ ،‬ويبي))د عب))ادة األص))نام‬
‫بحيث يخزي الش))يطان‪ ،‬ألن))ه هك))ذا وع)د) هللا إب))راهيم ق))ائال ‪ ( :‬انظ))ر‬
‫فاني بنسلك ابارك كل قبائل األرض وكما حطمت يا إبراهيم األصنام‬
‫تحطيما هكذا سيفعل نسلك) أجاب يعقوب‪ :‬ي))ا معلم ق))ل لن))ا بمن ص))نع‬
‫هذا العهد؟) ‪ ،‬فان اليهود يقولون (( باسحق )) واالسماعيليون) يقول))ون‬
‫(( باسماعيل )) ‪ ،‬أجاب يسوع ‪ :‬ابن من كان داود ومن أي ذري))ة ؟ ‪،‬‬
‫أجاب يعقوب ‪ :‬من اسحق ألن اسحق كان أبا يعقوب ويعقوب كان أبا‬
‫يهوذا) الذي من ذريته داود‪ )،‬فحينئذ قال يسوع ‪ :‬ومتى جاء رس))ول هللا‬
‫فمن نسل من يكون ‪ ،‬أج))اب التالمي))ذ ‪ :‬من داود ‪ ،‬فأج))اب يس))وع ‪ :‬ال‬
‫تغشوا أنفسكم ‪ ،‬ألن داود) يدعوه) في الروح رب))ا ق))ائال هك))ذا‪( :‬ق))ال هللا‬
‫لربي اجلس عن يميني حتى اجع))ل اع))داءك موطئ))ا لق))دميك ‪ ،‬يرس))ل‬
‫الرب قضيبك الذي‬
‫سيكون ذا سلطان في وسط أعدائك) فإذا كان رسول هللا الذي تسمونه‬
‫مسيا بن داود) فكيف يسميه داود) ربا ‪ ،‬صدقوني ألني أق))ول لكم الح))ق‬
‫ان العهد صنع باسماعيل ال باسحق ‪.‬‬

‫الفصل الرابع واألربعون‬


‫حينئ))ذ ق))ال التالمي))ذ ‪ :‬ي))ا معلم هك))ذا كتب في كت))اب موس))ى أن العه))د‬
‫صنع باسحق ‪ ،‬أجاب يسوع متأوها‪ :‬هذا ه))و المكت))وب‪ ،‬ولكن موس))ى‬
‫لم يكتبه وال يشوع‪ ،‬بل أحبارنا الذين) ال يخافون هللا ‪ ،‬الح))ق أق))ول لكم‬
‫إنكم إذا اعملتم النظ))ر في كالم المالك جبري))ل تعلم))ون خبث كتبتن))ا‬
‫وفقهائنا ‪ ،‬ألن المالك قال ‪ ( :‬يا إبراهيم سيعلم العالم كله كي))ف يحب))ك‬
‫هللا‪ ،‬ولكن كيف يعلم العالم محبتك هلل‪ ،‬حقا يجب علي))ك أن تفع))ل ش))يئا‬
‫ألجل محبة هللا)‪ ،‬أجاب إبراهيم‪( :‬ها ه))و ذا عب))د هللا مس))تعد أن يفع))ل‬
‫ك))ل م))ا يري))د هللا ) فكلم هللا حينئ))ذ إب))راهيم ق))ائال ‪ :‬خ))ذ ابن))ك بك))رك‬
‫اسماعيل واصعد الجبل لتقدمه ذبيحة ) فكيف يكون اسحق البكر وهو‬
‫لما ولد ك))ان اس))ماعيل ابن س))بع س))نين ؟ ‪ ،‬فق))ال حينئ))ذ التالمي))ذ ‪ :‬ان‬
‫خداع الفقهاء لجلى ‪ ،‬لذلك) قل لنا أنت الحق ألننا نعلم ان))ك مرس))ل من‬
‫هللا‪ ،‬فأجاب حينئذ يسوع ‪ :‬الح))ق أق))ول لكم ان الش))يطان يح))اول دائم))ا‬
‫ابطال شريعة هللا ‪ ،‬فلذلك قد نجس هو واتباعه والم))راؤون وص))انعوا‬
‫الشر كل شيء الي))وم ‪ ،‬األول))ون) ب))التعليم الك))اذب واآلخ))رون بمعيش))ة‬
‫الخالعة ‪ ،‬حتى ال يكاد يوجد الحق تقريب))ا ‪ ،‬وي))ل للم))رائين ألن م))دح‬
‫هذا العالم سينقلب عليهم اهانة وع))ذابا في الجحيم‪ ،‬ل))ذلك أق))ول لكم ان‬
‫رسول هللا بهاء يسر كل ما صنع هللا تقريبا ‪ ،‬ألنه مزدان ب))روح الفهم‬
‫والمش))ورة ‪ ،‬روح الحكم))ة والق))وة) ‪ ،‬روح الخ))وف والمحب))ة ‪ ،‬روح‬
‫التبص))ر واالعت))دال) ‪ ،‬م))زدان ب))روح المحب))ة والرحم))ة ‪ ،‬روح الع))دل‬
‫والتقوى ‪ ،‬روح اللطف والصبر التي أخذ منها من هللا ثالث))ة اض))عاف‬
‫ما أعطى لسائر خلقه ‪ ،‬ما أسعد الزمن ال))ذي س))يأتي في))ه إلى الع))الم ‪،‬‬
‫صدقوني إني رأيت))ه وق))دمت ل))ه االح))ترام كم))ا رآه ك))ل ن))بي‪ ،‬ألن هللا‬
‫يعطيهم روحه نبوة ‪ ،‬ولما رأيته امتألت عزاءا قائال ‪ :‬ي))ا محم))د ليكن‬
‫هللا مع))ك وليجعل))ني أهال أن أح))ل س))ير ح))ذائك ‪ ،‬ألني إذا نلت ه))ذا‬
‫صرت نبيا عظيما وقدوس هللا ‪ ،‬ولما قال يسوع هذا شكرهللا‪.‬‬

‫الفصل الخامس واألربعون‬


‫ثم جاء المالك جبري)ل يس)وع وكلم))ه بص)راحة ح)تى إنن)ا نحن أيض))ا‬
‫س))معنا ص))وته يق))ول ‪ ( :‬قم واذهب إلى أورش))ليم ) فانص))رف يس))وع‬
‫وصعد إلى أورشليم ‪ ،‬ودخل يوم السبت الهيك))ل وابت))دأ) يعلم الش))عب ‪،‬‬
‫فاسرع الشعب إلى الهيكل مع رئيس الكهنة والكهنة الذين اق))تربوا من‬
‫يسوع قائلين ‪ :‬يا معلم قيل لنا انك تقول سوءا فينا لذلك احذر أن يح))ل‬
‫بك سوء ‪ ،‬أجاب يسوع ‪ :‬الحق أقول لكم أني أقول سوءا عن المرائين‬
‫ف)إذا كنتم م)رائين ف)إني اتكلم عنكم ‪ ،‬فق)الوا‪ :‬من ه)و الم)رائي ق)ل لن)ا‬
‫صريحا‪ ،‬قال يسوع ‪ :‬الحق أقول لكم إن كل من يفعل حسنا لكي ي))راه‬
‫الناس فه)و م)راء ‪ ،‬ألن عمل))ه ال ينف))ذ إلى القلب ال))ذي ال ي)راه الن))اس‬
‫في))ترك في))ه ك))ل فك))ر نجس وك))ل ش))هوة ق))ذرة ‪ ،‬أتعلم))ون من ه))و‬
‫المرائي ‪ ،‬هو الذي يعبد بلسانه هللا ويعبد بقلبه الن))اس ‪ ،‬ان))ه بغي الن))ه‬
‫متى مات يخسر كل جزاء ‪ ،‬ألن في هذا الموضوع يقول النبي داود ‪:‬‬
‫( ال تثقوا بالرؤساء وال بأبناء الناس الذين ليس بهم خالص ألن))ه عن))د‬
‫الموت تهلك أفكارهم ) بل قب))ل الم))وت ي))رون أنفس))هم مح))رومين من‬
‫الجزاء ‪ ،‬ألن (( اإلنسان )) كما ق))ال أي))وب ن))بي هللا ‪ :‬غ))ير ث))ابت فال‬
‫يستقر على حال ‪ ،‬فإذا مدحك اليوم ذم))ك غ))دا ‪ ،‬وإذا أراد أن يجزي))ك‬
‫اليوم س))لبك غ))دا ‪ ،‬وي))ل إذا للم))رائين ألن ج))زاءهم باط))ل ‪ ،‬لعم))ر هللا‬
‫ال))ذي أق))ف في حض))رته ان الم))رائي لص ‪ ،‬وي))رتكب التج))ديف ألن))ه‬
‫يت)ذرع بالش)ريعة ليظه)ر ص)الحا ‪ ،‬ويختلس مج)د هللا ال)ذي ل)ه وح)ده)‬
‫الحمد والمجد) إلى األبد ‪ ،‬ثم أقول لكم أيضا انه ليس للم))رائي إيم))ان ‪،‬‬
‫ألنه لو آمن بأن هللا يرى كل شيء وان))ه يق))اص اإلثم بدينون))ة مخوف))ة‬
‫لكان ينقي قلبه الذي يبقيه ممتلئا باإلثم ألنه ال إيمان ل))ه ‪ ،‬الح))ق أق))ول‬
‫لكم ان الم)))رائي كق)))بر أبيض من الخ)))ارج ‪ ،‬ولكن)))ه ممل)))وء فس)))ادا‬
‫وديدانا ‪ ،‬فإذا كنتم أيها الكهن))ة تعب))دون هللا الن هللا خلقكم ويطلب ذل))ك‬
‫منكم فال أن))دد بكم ألنكم خدم))ة هللا ‪ ،‬ولكن إذا كنتم تفعل))ون ك))ل ش))يء‬
‫ألجل الربح ‪ ،‬وتبيعون وتش))ترون في الهيك))ل كم))ا في الس))وق ‪ ،‬غ))ير‬
‫حاسبين‬
‫أن هيكل هللا بيت للصالة ال للتجارة وأنتم تحولونه مغ))ارة لص))وص ‪،‬‬
‫وإذا) كنتم تفعلون كل شيء لترضوا الناس ‪ ،‬وأخرجتم هللا من عقلكم ‪،‬‬
‫فإني أصيح بكم أنكم أبناء الشيطان ‪ ،‬ال أبناء إبراهيم ال))ذي ت))رك بيت‬
‫أبيه حبا في هللا ‪ ،‬وكان راض))يا أن ي))ذبح ابن))ه ‪ ،‬وي))ل لكم أيه))ا الكهن))ة‬
‫والفقهاء إذا كنتم هكذا ألن هللا يأخذ منكم الكهنوت‪.‬‬

‫الفصل السادس) واألربعون‬


‫وتكلم يسوع أيضا ق))ائال ‪ :‬أض))رب لكم مثال ‪ ،‬غ))رس رب بيت كرم))ا‬
‫وجعل له سياجا لكي ال تدوسه الحيوانات ‪ ،‬وبنى في وس))طه معص))رة‬
‫للخمر ‪ ،‬وأج))ره للك))رامين ‪ ،‬ولم))ا ح))ان ال))وقت ليجم))ع الخم))ر أرس))ل‬
‫عبيده ‪ ،‬فلما رآهم الكرام))ون رجم))وا بعض))ا وأحرق))وا بعض))ا وبق))روا‬
‫اآلخ))رين بمدي))ة‪ ،‬وفعل))وا ه))ذا م))رارا عدي))دة‪ )،‬فقول))وا لي م))اذا يفع))ل‬
‫صاحب الكرم بالكرامين ؟ ‪ ،‬فأجاب كل واحد ‪ :‬انه ليهلكهم شر هلك))ة‬
‫ويسلم الكرم لكرامين آخرين‪ ،‬لذلك قال يس))وع‪ :‬أال تعلم))ون إن الك))رم‬
‫هو بيت إسرائيل والكرامين شعب يه))وذا وأورش))ليم ؟ ‪ ،‬وي))ل لكم الن‬
‫هللا غاض))ب عليكم ‪ ،‬ألنكم بق))رتم كث))يرين من أنبي))اء هللا ح))تى أن))ه لم‬
‫يوج))د في زمن أخ))اب واح))د ي))دفن قديس))ي هللا ‪ ،‬ولم))ا ق))ال ه))ذا أراد‬
‫رؤس))اء الكهن))ة أن يمس))كوه ولكنهم خ))افوا العام))ة ال))ذين عظم))وه) ‪ ،‬ثم‬
‫رأى يس))وع ام))رأة ك))ان رأس))ها منحني))ا نح))و األرض من))ذ والدته))ا ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬ارفعي رأسك أيتها المرأة باسم إلهن))ا ليع))رف ه))ؤالء أني أق))ول‬
‫الحق وانه يريد ان أذيعه ‪ ،‬فاستقامت حينئ))ذ الم))رأة) ص))حيحة معظم))ة‬
‫هلل‪ ،‬فصرخ رؤساء الكهنة قائلين ‪ :‬ليس ه))ذا اإلنس))ان مرس))ال من هللا‪،‬‬
‫ألنه ال يحف))ظ الس))بت إذ ق))د أب))رأ الي))وم مريض))ا ‪ ،‬أج))اب يس))وع ‪ :‬أال‬
‫فقول))وا لي أال يح))ل التكلم في ي))وم الس))بت وتق))ديم الص))الة لخالص‬
‫اآلخرين ؟ ‪ ،‬ومن منكم إذا سقط حماره يوم السبت في حفرة ال ينتاشه‬
‫يوم السبت ؟ ‪ ،‬ال أحد مطلقا‪ ،‬فهل أكون قد كسرت يوم السبت ب))إبراء‬
‫ابنة من بني إسرائيل ؟ ‪ ،‬حقا انه قد علم هن))ا رؤي))اكم‪ ،‬كم من حاض))ر‬
‫هنا ممن يحذرون أن يصيب عين غيرهم قذى والجذع يوشك أن يشج‬
‫رؤوسهم ‪ ،‬ما أكثر الذين يخش))ون النمل))ة ولكنهم ال يب))الون بالفي))ل ؟ ‪،‬‬
‫ولم))ا ق))ال ه))ذا خ))رج من الهيك))ل‪ ،‬ولكن الكهن))ة احت))دموا غيظ))ا فيم))ا‬
‫بينهم ‪ ،‬النهم لم يقدروا أن يمسكوه وينالوا منه مأربا كما فع))ل آب))اؤهم‬
‫في قدوسي هللا ‪.‬‬
‫الفصل السابع واألربعون‬
‫ونزل يسوع في السنة الثانية من وظيفته النبوية من أورش))ليم‪ ،‬وذهب‬
‫إلى نايين‪ ،‬فلما اقترب من باب المدينة كان أه))ل المدين))ة يحمل))ون إلى‬
‫القبر ابنا وحيدا إلمه األرملة ‪ ،‬وكان كل أحد ينوح عليه ‪ ،‬فلما وص))ل‬
‫يسوع علم الن)اس إن ال)ذي ج)اء إنم)ا ه)و يس)وع ن)بي الجلي)ل‪ ،‬فل)ذلك‬
‫تقدموا وتضرعوا إليه ألجل الميت طالبين أن يقيمه ألنه ن))بي ‪ ،‬وفع))ل‬
‫تالميذه كذلك‪ ،‬فخاف يسوع كثيرا ‪ ،‬ووجه نفسه هلل وق))ال ‪ :‬خ))ذني من‬
‫العالم يارب ‪ ،‬ألن العالم مجنون وكادوا) يدعونني إلها ‪ ،‬ولما قال ذل))ك‬
‫بكى ‪ ،‬حينئذ جاء المالك جبريل ‪ ،‬وق))ال ‪ :‬ال تخ))ف ي))ا يس))وع ألن هللا‬
‫أعطاك ق))وة على ك))ل م))رض ‪ ،‬ح))تى إن ك))ل م))ا تمنح))ه باس))م هللا يتم‬
‫برمته ‪ ،‬فعند ذلك تنهد يسوع ق))ائال ‪ :‬لتنف))ذ مش))يئتك أيه))ا اإلل))ه الق))دير‬
‫الرحيم ‪ ،‬ولما قال هذا اقترب من أم الميت وقال له))ا بش))فقة ‪ :‬ال تبكي‬
‫أيتها المرأة ‪ ،‬ثم أخذ يد الميت وقال ‪ :‬أقول لك أيها الشاب باسم هللا قم‬
‫صحيحا ؟ ‪ ،‬فانتعش الغالم ‪ ،‬وامتأل الجميع خوفا قائلين ‪ :‬لق))د أق))ام هللا‬
‫لنا (( نبيا )) عظيما بيننا وافتقد شعبه ‪.‬‬

‫الفصل الثامن و األربعون‬


‫كان جيش الروم))ان في ذل))ك ال))وقت في اليهودي))ة ‪ ،‬الن بالدن))ا ك))انت‬
‫خاضعة لهم بسبب خطايا أسالفنا ‪ ،‬وك))انت ع))ادة الروم))ان أن ي))دعوا‬
‫كل من فعل شيئا جديدا فيه نفع للشعب إلها ويعبدوه‪ ،‬فلم))ا ك))ان بعض‬
‫هؤالء الجنود) في نايين وبخوا واحدا بعد آخر ق)ائلين‪ :‬لق)د زاركم أح)د‬
‫آلهتكم وأنتم ال تكترثون له؟ ‪ ،‬حق)ا ل))و زارتن))ا آلهتن))ا ال عطين))اهم ك))ل‬
‫مالنا ‪ ،‬وانتم تنظرون كم نخشى آلهتنا ألننا نعطى تم))اثيلهم أفض))ل م))ا‬
‫عندنا‪ ،‬فوسوس الشيطان بهذا األسلوب من الكالم حتى أنه أث))ار ش))غبا‬
‫بين شعب نايين ‪ ،‬لكن يسوع لم يمكث في نايين بل تحول لي))ذهب إلى‬
‫كفرناحوم‪ ،‬وبلغ الشقاق في نايين مبلغا قال معه ق))وم‪ :‬إن ال))ذي زارن))ا‬
‫إنما هو إلهنا‪ ،‬وق))ال آخ))رون ‪ :‬أن هللا ال ي))رى فلم ي))ره أح))د ح))تى وال‬
‫موسى عبده فليس هو هللا بل ه))و ب))الحرى ابن))ه ‪ ،‬وق))ال آخ))رون‪ :‬ان))ه‬
‫ليس هللا وال ابن هللا ألنه ليس هلل جسد فيلد بل هو نبي عظيم من هللا ‪،‬‬
‫وبل))غ من وسوس))ة الش))يطان إن ك))اد يج))ر ذل))ك على ش))عبنا في الس))نة‬
‫الثالث))ة من وظيف))ة يس))وع النبوي))ة خراب))ا عظيم))ا ‪ ،‬وذهب يس))وع إلى‬
‫كفرناحوم ‪ ،‬فلما عرفه أهل المدينة جمعوا ك))ل مرض))اهم ووض))عوهم‬
‫في مق))دم ال))رواق حيث ك))ان يس))وع وتالمي))ذه ن))ازلين‪ ،‬ف))دعوا يس))وع‬
‫وتضرعوا إليه ألجل صحتهم‪ ،‬فألقى يسوع يده على ك))ل منهم ق))ائال ‪:‬‬
‫يا إله إسرائيل باسمك القدوس) أعط صحة لهذا العليل‪ ،‬فبرئوا جميعهم‬
‫‪ ،‬ودخ))ل يس))وع ي))وم الس))بت المجم))ع فأس))رع ك))ل الش))عب إلى هن))اك‬
‫ليسمعوه يتكلم ‪.‬‬

‫الفصل التاسع و األربعون‬


‫قرأ الكتبة في ذلك اليوم مزم))ور داود حيث يق))ول داود‪ :‬م))تى وج))دت‬
‫وقتا أقضي بالعدل ‪ ،‬وبعد قراءة األنبياء انتص))ب يس))وع وأوم))أ ايم))اء‬
‫السكوت بيديه‪ ،‬وفتح فاه وتكلم هكذا ‪ :‬أيه))ا االخ))وة لق))د س))معتم الكالم‬
‫الذي تكلم به النبي داود) أبونا انه متى وج))د وقت))ا قض))ى بالع))دل ‪ ،‬اني‬
‫أقول لكم حقا ان كثيرين يقضون فيخطئ))ون ‪ ،‬وإنم))ا يخطئ))ون فيم))ا ال‬
‫يوافق أهواءهم‪ ،‬وأما ما يوافقها فيقضون به قبل وقت))ه ‪ ،‬ك))ذلك ينادين))ا‬
‫إله آبائنا على لسان نبيه داود) قائال‪ :‬اقضوا بالعدل يا أبناء الناس‪ ،‬فم))ا‬
‫أشقى أولئك الذين يجلسون على منعطفات الش))وارع وال عم))ل لهم إال‬
‫الحكم على المارة ‪ ،‬قائلين ‪ :‬ذلك) جميل وه))ذا ق))بيح ذل )ك) حس))ن وه))ذا‬
‫ردىء ‪ ،‬وي))ل لهم ألنهم يرفع))ون قض))يب الدينون))ة من ي))د هللا ال))ذي‬
‫يقول ‪ :‬اني شاهد وقاض وال أعطي مجدي الحد ‪ ،‬الحق أق))ول لكم ان‬
‫ه))ؤالء يش))هدون بم))ا لم ي))روا ولم يس))معوا ق))ط ‪ ،‬ويقض))ون دون أن‬
‫ينصبوا قضاة‪ ،‬وانهم لذلك) مكرهون على األرض أمام عيني هللا الذي‬
‫سيدينهم دينونة رهيبة في اليوم اآلخ))ر ‪ ،‬وي))ل لكم وي))ل لكم أنتم ال))ذين‬
‫تمدحون الشر وتدعون) الشر خيرا ‪ ،‬ألنكم تحكم)ون على هللا بأن)ه أثيم‬
‫وهو منشىء الصالح‪ ،‬وتبررون الشيطان كأنه صالح وهو منش))أ ك))ل‬
‫شر ‪ ،‬فتأملوا أي قصاص يحل بكم وان الوقوع في دينونة هللا مخ))وف‬
‫وس))تحل حينئ))ذ على أولئ)ك) ال))ذين) ي))بررون األثيم ألج))ل النق))ود ‪ ،‬وال‬
‫يقضون في دعوى اليتامى واالرام))ل ‪ ،‬الح))ق أق))ول لكم ان الش))ياطين‬
‫سيقشعرون من دينونة هؤالء ‪ ،‬ألنها ستكون رهيبة جدا‪ ،‬أيها اإلنسان‬
‫المنصوب قاض))يا ال تنظ))ر إلى ش))يء آخ))ر ‪ ،‬ال إلى األقرب))اء وال إلى‬
‫األصدقاء وال إلى الشرف وال إلى الربح ‪ ،‬ب))ل أنظ))ر فق)ط بخ))وف هللا‬
‫إلى الحق الذي يجب عليك أن تطلبه باجتهاد أعظم ‪ ،‬ألنه يقيك دينونة‬
‫هللا ‪ ،‬ولكني أنذرك أن من يدين بدون رحمة يدان بدون رحمة ‪.‬‬

‫الفصل الخمسون)‬
‫قل لي أيها اإلنسان الذي تدين غيرك‪ ،‬أال تعلم ان منشأ كل البش))ر من‬
‫طينة واحدة ‪ ،‬أال تعلم أن))ه ال يوج))د أح))د ص))الح إال هللا وح))ده ‪ ،‬ل))ذلك)‬
‫كان كل إنسان كاذبا وخاطئا ‪ ،‬صدقني أيها اإلنسان انك إذا كنت تدين‬
‫غيرك على ذنب فإن في قلبك من))ه م))ا ت))دان علي))ه ‪ ،‬م))ا أش))د القض))اء‬
‫خطرا‪ ،‬ما أك))ثر ال))ذين) هلك))وا بقض))ائهم الج))ائر‪ ،‬فالش))يطان حكم على‬
‫اإلنسان بأنه أنجس منه‪ ،‬لذلك عصى هللا خالقه‪ ،‬تلك المعصية ال))تي لم‬
‫يتب عنه))ا ف))ان لي علم))ا ب))ذلك من مح))ادثتي اي))اه‪ ،‬وق))د حكم ابوان))ا‬
‫االوالن بحسن حديث الشيطان‪ ،‬فطردا ل))ذلك من الجن))ة‪ ،‬وقض))يا على‬
‫كل نسلهما‪ ،‬الحق أقول لكم لعمر هللا الذي أقف في حض))رته ان الحكم‬
‫الباطل هو أبو كل الخطايا‪ ،‬ألن ال أح))د يخطىء ب))دون ارادة) وال أح))د‬
‫يري))د م))ا ال يع))رف ‪ ،‬وي))ل إذا للخ))اطئ ال))ذي يحكم في قض))ائه ب))أن‬
‫الخطيئة صالحة والصالح فساد‪ ،‬الذي ي))رفض ل))ذلك) الس))بب الص))الح‬
‫ويختار الخطيئة ‪ ،‬أنه سيحل به قصاص ال يطاق متى ج))اء هللا لي))دين‬
‫العالم ‪ ،‬ما أكثر الذين هلكوا بسبب القضاء الج))ائر ‪ ،‬وم))ا أك))ثر ال))ذين‬
‫أوش))كوا) أن يهلك))وا ‪ ،‬قض))ى فرع))ون على موس))ى وش))عب إس))رائيل‬
‫بالكفر ‪ ،‬وقضى شاول على داود بأنه مستحق للموت ‪ ،‬وقضى اخ))اب‬
‫على ايليا‪ ،‬ونبوخذ نص))رعلى الثالث))ة الغلم))ان ال))ذين) لم يعب))دوا آلهتهم‬
‫الكاذبة‪ ،‬وقضى الش))يخان على سوس))نة ‪ ،‬وقض))ى ك))ل الرؤس))اء عب))دة‬
‫االصنام على االنبي))اء ‪ ،‬م))ا أرهب قض))اء هللا‪ ،‬يهل))ك القاض))ي وينج))و‬
‫المقض))ي علي))ه ‪ ،‬ولم))اذا) ه))ذا أيه))ا االنس))ان ان لم يكن ألنهم يحكم))ون‬
‫على البرئ ظلما بالطيش ؟ ما كان أشد قرب الص))الحين) من الهالك ‪،‬‬
‫ألنهم حكموا باطال‪ ،‬يتبين ذلك من ( قصه ) أخوة) يوسف الذين باعوه‬
‫(( للمصريين )) ومن هرون وم))ريم اخت موس))ى الل))ذين حكم))ا على‬
‫أخيهما‪ ،‬وثالثة من أصدقاء أيوب حكموا على خليل هللا البرئ أيوب ‪،‬‬
‫وداود قضى على مفيبوشت وأوريا ‪ ،‬وقضى كورش بأن يكون دانيال‬
‫طعاما لالسود) ‪ ،‬وكثيرون آخ))رون أش))رفوا على الهالك بس))بب ه))ذا ‪،‬‬
‫لذلك أقول لكم ال تدينوا فال تدانوا) ‪ ،‬فلما‬
‫أنج))ز يس))وع كالم))ه ت))اب كث))يرون ن))ائحين على خطاي))اهم وودوا ل))و‬
‫يتركون كل ش))يء ويتبعون))ه ‪ ،‬ولكن يس))وع ق))ال ‪ :‬ابق))وا في بي))وتكم ‪،‬‬
‫واتركوا الخطيئة ‪ ،‬واعبدوا هللا بخ)وف فبه))ذا تخلص)ون) ‪ ،‬ألني لم آت‬
‫ألخدَ م بل ألخدِم ‪ ،‬ولما قال هذا خرج من المجم))ع والمدين))ة ‪ ،‬وانف))رد‬
‫في الصحراء ليصلي ألنه كان يحب العزلة كثيرا‪.‬‬

‫الفصل الحادي والخمسون‬


‫بعد أن صلى للرب جاء تالميذه إليه وقالوا ‪ :‬ي))ا معلم نحب أن نع))رف‬
‫شيئين ‪ ،‬أحدهما كيف كلمت الش))يطان وأنت تق))ول عن))ه م))ع ذل)ك) أن))ه‬
‫غير تائب ؟ ‪ ،‬واآلخر كيف يأتي هللا ليدين في يوم الدينونة) ؟ ‪ ،‬أج))اب‬
‫يس)))وع ‪ :‬الح)))ق أق)))ول لكم أني عطفت على الش)))يطان لم)))ا علمت‬
‫بس))قوطه ‪ ،‬وعطفت على ال*** البش))ري ال))ذي يفتن))ه ليخطئ ‪ ،‬ل))ذلك)‬
‫صليت وص))مت إللهن))ا ال))ذي كلم))ني بواس))طة مالك))ه جبري))ل‪ ( :‬م))اذا‬
‫تطلب يا يسوع وما ه))و س))ؤلك) ؟ ) أجبت ‪ :‬ي))ا رب أنت تعلم أي ش))ر‬
‫كان الشيطان) سببه وأنه بواسطة فتنته يهلك كثيرون ‪ ،‬وهو خليقتك ي))ا‬
‫رب التي خلقت ‪ ،‬فارحمه يا رب ‪ ،‬أجاب هللا ‪ :‬ي))ا يس))وع أنظ))ر ف))إني‬
‫أصفح عنه ‪ ،‬فحمله على أن يقول فقط (أيه))ا ال))رب إلهي لق))د أخط))أت‬
‫فارحمني ‪ ،‬فأصفح عنه وأعيده إلى حال)ه األولى ) ‪ ،‬ق)ال يس)وع‪ :‬لم)ا‬
‫سمعت هذا سررت جدا موقنا إني قد فعلت هذا الصلح‪ ،‬ل))ذلك دع))وت‬
‫الشيطان فأتى قائال ‪ ( :‬ماذا يجب أن أفع))ل ل))ك ي))ا يس))وع ؟ ) أجبت ‪:‬‬
‫إنك تفعل لنفسك أيها الشيطان ‪ ،‬ألني ال أحب خ))دمتك‪ ،‬وإنم))ا دعوت))ك‬
‫لما فيه صالحك ‪ ،‬أجاب الشيطان) ‪ ( :‬إذا كنت ال تود خ))دمتي ف)إني ال‬
‫أود خدمتك ألني أشرف من))ك‪ ،‬ف))أنت لس))ت أهال ألن تخ))دمني أنت ي))ا‬
‫من هو طين أما أنا فروح ) فقلت ‪ :‬لنترك هذا وقل لي اليس حسنا أن‬
‫تعود إلى جمالك األول وحالك األولى‪ ،‬وأنت تعلم أن المالك ميخائي))ل‬
‫سيضربك في يوم الدينونه بسيف هللا مئة أل))ف ض))ربة ‪ ،‬وس))ينالك من‬
‫كل ضربة عذاب عشر جحيمات ‪ ،‬أجاب الشيطان ‪ ( :‬سنرى في ذلك‬
‫اليوم أينا أكثر فعال ‪ ،‬فإنه سيكون لي ( أنصار ) كثيرون من المالئكة‬
‫ومن أشد عبدة األوث))ان ق))وة ال))ذين يزعج))ون هللا ‪ ،‬وس))يعلم إى غلط))ة‬
‫عظيم))ة أرتكب بط))ردي من أج))ل طين))ة نجس))ه )حينئ))ذ قلت ‪ :‬أيه))ا‬
‫الشيطان أنك سخيف العقل فال تعلم ما أنت قائل ‪ ،‬فهز حينئذ الشيطان‬
‫رأسه ساخرا وقال ‪ ( :‬تعال اآلن ولنتم هذه المصالحة) بيني وبين هللا ‪،‬‬
‫وقل أنت يا يسوع ما يجب فعله ألنك أنت صحيح العقل ) أجبت يجب‬
‫التكلم بكلمتين فقط ‪ ،‬أجاب الشيطان ‪ ( :‬وما هما؟‬
‫) أجبت ‪ :‬هما (( أخطأت ف))ارحمني )) فق))ال الش))يطان‪ ( :‬اني بمس))رة‬
‫أقبل هذه المصالحة إذا ق))ال هللا ه))اتين الكلم))تين لي ) فقلت‪ :‬انص))رف‬
‫عني اآلن أيها اللعين ‪ ،‬ألنك األثيم المنشيء لكل ظلم وخطيئة ‪ ،‬ولكن‬
‫هللا عادل منزه عن الخطايا ‪ ،‬فانصرف الشيطان مول))وال وق))ال ‪ ( :‬ان‬
‫األم))ر ليس ك))ذلك ي))ا يس))وع ولكن))ك تك))ذب لترض))ي هللا )ق))ال يس))وع‬
‫لتالميذه ‪ :‬أنظ))روا) اآلن أنى يج))د رحم))ة ‪ ،‬أج))ابوا ‪ :‬أب))دا ي))ا رب ألن))ه‬
‫غير تائب ‪ ،‬أما اآلن فأخبرنا عن دينونة هللا ‪.‬‬

‫الفصل الثاني والخمسون)‬


‫الحق أقول لكم أن يوم دينون))ة هللا س))يكون رهيب))ا بحيث أن المنب))وذين‬
‫يفضلون عشر جحيم)ات على أن ي)ذهبوا ليس)معوا هللا يكلمهم بغض)ب‬
‫ش))ديد‪ ،‬ال))ذين ستش))هد عليهم ك))ل المخلوق))ات‪ ،‬الح))ق أق))ول لكم ليس‬
‫المنب)))وذين) هم ال)))ذين يخش)))ون فق)))ط ب)))ل القديس)))ون) وأص)))فياء هللا‬
‫(( كذلك )) ‪ ،‬حتى أن إبراهيم ال يثق ببره‪ ،‬وال يكون ألي))وب ثق))ة في‬
‫براءت))ه‪ ،‬وم))اذا) أق))ول؟ ‪ ،‬ب))ل أن رس))ول هللا س))يخاف‪ ،‬ألن هللا اظه))ارا‬
‫لجالله سيجرد رسوله من الذاكرة‪ ،‬حتى ال ي))ذكر كي))ف أن هللا أعط))اه‬
‫ك)ل ش)يء ‪ ،‬الح)ق أق)ول لكم متكلم)ا من القلب أني أقش)عر ألن الع)الم‬
‫سيدعوني إلها‪ ،‬وعلي أن أقدم ألجل هذا حسابا‪ ،‬لعمر هللا ال))ذي نفس))ي‬
‫واقفة في حضرته أني رجل فان كسائر الن))اس‪ ،‬على أني وان أق))امني‬
‫هللا نبي))ا على بيت إس))رائيل ألج))ل ص))حة الض))عفاء وإص))الح الخط))اة‬
‫خادم هللا‪ ،‬وأنتم شهدا على ه))ذا كي))ف أني أنك))ر على ه))ؤالء األش))رار‬
‫الذين بعد انصرافي من العالم سيبطلون) ح))ق إنجيلي بعم))ل الش))يطان‪،‬‬
‫ولكني سأعود قبيل النهاية‪ ،‬وسيأتي معي أخن))وخ وايلي))ا‪ ،‬ونش))هد على‬
‫األش))رار ال))ذين س))تكون آخ))رتهم ملعون))ة‪ ،‬وبع))د أن تكلم يس))وع هك))ذا‬
‫أذرف الدموع ‪ ،‬فبكى تالميذه بصوت عال ورفع)وا أص)واتهم ق)ائلين‪:‬‬
‫اصفح أيها ال))رب اإلل))ه وارحم خادم))ك ال))بريء‪ ،‬فأج))اب يس))وع آمين‬
‫آمين‪.‬‬

‫الفصل الثالث والخمسون‬


‫ق))ال يس))وع ‪ :‬قب))ل أن ي))أتي ذل))ك الي))وم س))يحل بالع))الم خ))راب عظيم‪،‬‬
‫وستنشب حرب فتاكة طاحنة‪ ،‬فيقتل األب ابنه‪ ،‬ويقتل االبن أباه بسبب‬
‫أحزاب الش))عوب‪ ،‬ول))ذلك) تنق))رض الم))دن وتص))ير البالد قف))را‪ ،‬وتق))ع‬
‫أوبئة فتاكة حتى ال يعود يوج))د من يحم))ل الم))وتى للمق))ابر ب))ل ت))ترك‬
‫طعام)))ا للحيوان)))ات‪ ،‬وسيرس)))ل هللا مجاع)))ة على ال)))ذين يبق)))ون على‬
‫األرض فيص))ير الخ))بز أعظم قيم))ة من ال))ذهب‪ ،‬في))أكلون ك))ل أن))واع‬
‫األشياء النجسة‪ ،‬يالشقاء ((ذلك)) الجيل الذي ال يك))اد يس))مع في))ه أح))د‬
‫يقول‪ (( :‬أخطأت ف))ارحمني ي))ا هللا)) يج))دفون بأص))وات مخوف))ة على‬
‫المجيد المبارك إلى األبد‪ ،‬وبعد هذا متى أخذ ذلك الي))وم في االق))تراب‬
‫تأتي ك))ل ي))وم عالم))ة مخوف))ة على س))كان األرض م))دة خمس))ة عش))ر‬
‫يوم))ا‪ ،‬ففي الي))وم األول تس))ير الش))مس في م))دارها في الس))ماء ب))دون‬
‫نور‪ ،‬بل تك))ون س))وداء كص))بغ الث))وب‪ ،‬وس))تئن كم))ا يئن أب على ابن‬
‫مشرف على الموت‪ ،‬وفي اليوم الثاني يتحول القم))ر إلى دم‪ ،‬وس))يأتي‬
‫دم على األرض كالن))دى‪ ،‬وفي الي))وم الث))الث تش))اهد النج))وم آخ))ذة في‬
‫االقتت))ال كجيش من األع))داء‪ ،‬وفي الي))وم الراب))ع تتص))ادم الحج))ارة‬
‫والصخور كأعداء ألداء‪ ،‬وفي اليوم الخامس يبكي ك))ل نب))ات وعش))ب‬
‫دما‪ ،‬وفي اليوم السادس يطغى البحر دون أن يتج)اوز محل)ه إلى عل))و‬
‫مئة وخمس))ين ذراع))ا‪ ،‬ويق))ف النه))ار كل))ه كج))دار‪ ،‬وفي الي))وم الس))ابع‬
‫ينعكس األم))ر فيغ))ور ح))تى ال يك))اد ي))رى‪ ،‬وفي الي))وم الث))امن تت))ألب‬
‫الطيور وحيوانات البر والماء ولها جوار وصراخ‪ ،‬وفي اليوم التاس))ع‬
‫ينزل صيب من البرد مخوف بحيث أنه يفتك فتك))ا ال يك))اد ينج))و من))ه‬
‫عشر األحياء‪ ،‬وفي اليوم العاش))ر ي))أتي ب))رق ورع))د مخوف))ان فينش))ق‬
‫ويحترق ثلث الجبال‪ ،‬وفي الي))وم الح))ادي عش))ر يج))ري ك))ل نه))ر إلى‬
‫الوراء ويجري دما ال ماء‪ ،‬وفي اليوم الثاني عش))ر يئن ويص))رخ ك))ل‬
‫مخلوق‪ ،‬وفي اليوم الثالث عشر تطوى الس))ماء كطي ال)درج‪ ،‬وتمط))ر‬
‫ن))ارا ح))تى يم))وت ك))ل حي‪ ،‬وفي الي))وم الراب))ع عش))ر يح))دث زل))زال‬
‫مخوف حتى أن قنن الجبال تتطاير منه في الهواء ك))الطيور‪ ،‬وتص))ير‬
‫األرض كلها سهال‪ ،‬وفي اليوم‬
‫الخامس عش)ر تم)وت المالئك)ة األطه)ار‪ ،‬وال يبقى حي)ا إال هللا وح)ده‬
‫الذي له االكرام والمجد‪ ،‬ولما قال يسوع هذا صفع وجهه بكلت))ا يدي))ه‪،‬‬
‫ثم ضرب األرض برأسه ولما رف)ع رأس))ه ق)ال‪ :‬ليكن ملعون))ا ك))ل من‬
‫ي))درج في أق))والي أني ابن هللا‪ ،‬فس))قط التالمي))ذ عن))د ه))ذه الكلم))ات‬
‫كأموات‪ ،‬فأنهضهم يسوع قائال‪ :‬لنخ))ف هللا اآلن إذا) أردن))ا أن ال ن))راع‬
‫في ذلك اليوم‪.‬‬

‫الفصل الرابع والخمسون‬


‫فمتى مرت هذه العالمات تغش))ى الع))الم ظلم))ة أربعين س))نة ليس فيه))ا‬
‫من حي إال هللا وحده) الذي له االكرام والمجد) إلى األب))د‪ ،‬وم))تى م))رت‬
‫األربعون سنة يحيي هللا رسوله الذي سيطلع أيض))ا كالش))مس بي))د أن))ه‬
‫متألق كألف شمس‪ ،‬فيجلس وال يتكلم ألنه سيكون ك))المخبول‪ ،‬وس))يقيم‬
‫هللا أيض)ا المالئك))ة األربع)ة المق)ربين‪ ،‬هلل ال))ذين ينش))دون رس))ول هللا‪،‬‬
‫فمتى وجدوه) قاموا على الجوانب األربعة للمحل حراسا ل))ه‪ ،‬ثم يح))يي‬
‫هللا بعد ذلك سائر المالئكة الذين) يأتون كالنحل ويحيطون برسول هللا‪،‬‬
‫ثم يحيي هللا بعد ذلك سائر أنبيائه الذين س))يأتون جميعهم ت))ابعين آلدم‪،‬‬
‫فيقبلون يد رسول هللا واضعين أنفس))هم في كن))ف حمايت))ه ثم يح))يي هللا‬
‫بع))د ذل))ك س))ائر األص))فياء ال))ذين) يص))رخون ‪ ( :‬أذكرن))ا ي))ا محم))د)‪،‬‬
‫فتتح))رك الرحم))ة في رس))ول هللا لص))راخهم‪ ،‬وينظ))ر فيم))ا يجب فعل))ه‬
‫خائفا ألجل خالصهم‪ ،‬ثم يح))يي هللا بع))د ذل))ك ك))ل مخل))وق فتع))ود إلى‬
‫وجودها األول‪ ،‬وسيكون لكل منها قوة النطق عالوة‪ ،‬ثم يحيي هللا بعد‬
‫ذلك المنبوذين كلهم الذين عند قيامتهم يخاف سائر خلق هللا بسبب قبح‬
‫منظرهم‪ ،‬ويصرخون ‪ ( :‬أيها الرب إلهنا ال تدعنا من رحمتك) وبع))د‬
‫هذا يقيم هللا الشيطان الذي سيصير كل مخلوق عند النظ))ر إلي))ه كميت‬
‫خوفا من هيئة منظره المريع‪ ،‬ثم قال يسوع‪ :‬أرجو هللا أن ال أرى هذه‬
‫الهولة في ذلك اليوم‪ .‬ان رسول هللا وحده ال يتهيب هذه المن))اظر ألن))ه‬
‫ال يخاف إال هللا وحده‪ ،‬عندئذ يبوق المالك مرة أخ))رى فيق))وم الجمي))ع‬
‫لصوت بوقه قائال‪ :‬تعالوا للدينونه) أيتها الخالئ))ق ألن خالق))ك يري))د أن‬
‫يدينك ‪ ،‬فينظر حينئذ في وسط السماء ف))وق وادي يه))و ش))افاط ع))رش‬
‫متألق تظلله غمامة بيض))اء‪ ،‬فحينئ)ذ تص))رخ المالئك)ة‪ ( :‬تب)ارك إلهن)ا‬
‫أنت الذي خلقتنا وأنقذتنا من سقوط الشيطان) (عند ذلك يخ))اف رس))ول‬
‫هللا ألنه يدرك أن ال أحد أحب هللا كما يجب‪ ،‬ألن من يأخ))ذ بالص))رافة‬
‫قطعة ذهب يجب أن يكون معه ستون فلسا‪ ،‬فإذا كان عنده فلس واح))د‬
‫فال يقدر أن يصرفه‪ ،‬ولكن إذا) خاف رسول هللا فماذا يفعل‬
‫الفجار المملوؤون) شرا؟ ‪.‬‬

‫الفصل الخامس والخمسون‬


‫وي))ذهب رس))ول هللا ليجم))ع ك))ل األنبي))اء ال))ذين يكلمهم راغب))ا إليهم أن‬
‫يذهبوا معه ليضرعوا إلى هللا ألجل المؤمنين‪ ،‬فيعتذر كل أح))د خوف))ا‪،‬‬
‫ولعمر هللا اني أنا أيضا ال أذهب إلى هن))اك ألني أع))رف م))ا أع))رف‪،‬‬
‫وعندما يرى هللا ذلك يذكر رسوله كيف أن))ه خل))ق ك))ل األش))ياء محب))ة‬
‫له‪ ،‬فيذهب خوفه ويتقدم إلى العرش بمحبة واحترام والمالئك)ة ت)رنم ‪:‬‬
‫( تب))ارك اس))مك الق))دوس) ي))ا هللا إلهن))ا) وم))تى ص))ار على مقرب))ة من‬
‫العرش يفتح هللا لرسوله كخلي))ل لخليل))ه بع))د ط))ول األم))د على اللق))اء‪،‬‬
‫ويبدأ رس))ول هللا ب))الكالم أوال فيق))ول‪ ( :‬اني أعب))دك) وأحب))ك ي))ا إلهي‪،‬‬
‫وأشكرك من كل قل))بي ونفس))ي‪ ،‬ألن))ك أردت فخلقت))ني ألك))ون عب))دك‪،‬‬
‫وخلقت كل شيء حبا في ألحبك ألجل كل شيء وفي كل شيء وف))وق‬
‫كل شيء‪ ،‬فليحمدك كل خالئقك يا إلهي) حينئذ تقول كل مخلوقات هللا‬
‫)نشكرك يا رب وتبارك اسمك القدوس) الحق أقول لكم أن الش))ياطين‬
‫والمنبوذين مع الشيطان) يبكون حينئذ ح))تى أن))ه ليج))ري من الم))اء من‬
‫عين الواح))د منهم أك))ثر مم))ا في األردن‪ ،‬وم))ع ه))ذا فال ي))رون هللا ‪،‬‬
‫ويكلم هللا رسوله قائال‪ ( :‬مرحبا بك يا عبدي األمين‪ ،‬فاطلب م))ا تري))د‬
‫تنل كل شيء ) فيجيب رس))ول هللا ‪ ( :‬ي))ا رب أذك))ر أن))ك لم))ا خلقت))ني‬
‫قلت أن))ك أردت أن تخل))ق الع))الم والجن))ة والمالئك))ة والن))اس) حب))ا في‬
‫ليمجدوك بي أنا عبدك‪ ،‬ل))ذلك) أض))رع إلي))ك أيه))ا ال))رب اإلل))ه ال))رحيم‬
‫العادل أن تذكر وعدك لعبدك) فيجيب هللا كخليل يمازح خليله ويقول‪:‬‬
‫( أعندك شهود على هذا ي))ا خليلي محم))د؟ ) فيق))ول ب))احترام‪( :‬نعم ي))ا‬
‫رب ) فيقول هللا‪( :‬اذهب وادعهم يا جبريل) فيأتي جبريل إلى رس))ول‬
‫هللا ويقول‪ ( :‬من هم شهودك) أيه))ا الس))يد ؟ ) فيجيب رس))ول هللا‪ ( :‬هم‬
‫آدم و إب)))راهيم و اس)))ماعيل و موس)))ى و داود و يس)))وع ابن م)))ريم)‬
‫فينص))رف المالك وين))ادي الش))هود الم))ذكورين ال))ذين يحض))رون إلى‬
‫هن))اك خ))ائفين‪ ،‬فم))تى حض))روا يق))ول لهم هللا‪ ( :‬أت))ذكرون م))ا أثبت))ه‬
‫رسولي ؟ ) فيجيبون‪ ( :‬أي شيء يا رب (فيقول هللا‪ ( :‬إني خلقت ك))ل‬
‫شيء حبا فيه ليحمدني كل الخالئق به) فيجيب‬
‫كل منهم‪) :‬عندنا ثالثة ش))هود أفض))ل من))ا ي))ا رب‪ ،‬فيجيب هللا‪ ( :‬ومن‬
‫هم هؤالء الثالثة؟ ) فيقول موسى‪ ( :‬األول الكت))اب ال))ذي أعطيتني))ه )‬
‫ويق)ول داود‪ ( :‬الث)اني الكت)اب ال)ذي أعطيتني)ه )ويق)ول ال)ذي يكلمكم‪:‬‬
‫يارب ان الع))الم كل))ه أغ))ره الش))يطان فق))ال إني كنت ابن))ك وش))ريكك‪،‬‬
‫ولكن الكتاب الذي أعطيتني))ه ق)ال حق)ا اني أن))ا عب)دك‪ ،‬ويع))ترف ذل)ك‬
‫الكتاب بما أثبته رسولك‪ ،‬فيتكلم حينئذ رسول هللا ويقول‪ ( :‬هكذا يقول‬
‫الكتاب الذي أعطيتنيه يا رب)‪ ،‬فعندما يق))ول رس))ول هللا ه))ذا يتكلم هللا‬
‫قائال‪ ( :‬إن ما فعلت اآلن إنم))ا فعلت))ه ليعلم ك))ل أح))د مبل))غ ح))بي ل))ك )‬
‫وبعد أن يتكلم هك))ذا يعطي هللا رس))وله كتاب))ا مكت))وب في))ه أس))ماء ك))ل‬
‫مختاري هللا‪ ،‬لذلك) يسجد كل مخلوق هلل قائال ‪( :‬لك وحدك اللهم المجد‬
‫واإلكرام ألنك وهبتنا لرسولك) ‪.‬‬
‫الفصل السادس) و الخمسون)‬
‫ويفتح هللا الكتاب الذي في يد رسوله‪ ،‬فيق))رأ رس))وله في))ه وين))ادي ك))ل‬
‫المالئك))ة واألنبي))اء وك))ل المخت))ارين‪ ،‬ويك))ون مكتوب))ا على جبه))ة ك))ل‬
‫عالمة رسول هللا ويكتب في الكتاب مجد الجنة‪ ،‬فيمر حينئ))ذ ك))ل أح))د‬
‫الى يمين هللا ال))ذي يك))ون ب))القرب من))ه رس))ول هللا‪ ،‬ويجلس األنبي))اء‬
‫بجانب)))ه‪ ،‬ويجلس القديس)))ون بج)))انب األنبي)))اء‪ ،‬والمب)))اركون بج)))انب‬
‫القديسين‪ ،‬فينفخ حينئذ المالك في البوق) ويدعو) الشيطان للدينونة‪.‬‬

‫الفصل السابع و الخمسون‬


‫فيأتي حينئذ ذل))ك الش))قي ويش))كوه ك))ل مخل))وق بامته))ان ش))ديد‪ ،‬حينئ))ذ‬
‫ينادي هللا المالك ميخائيل فيضربه بسيف هللا مئة ألف ضربة‪ ،‬وتكون‬
‫كل ضربة يضرب بها الشيطان بثق))ل عش))ر جحيم))ات‪ ،‬ويك))ون األول‬
‫الذي يقذف به في الهاوية‪ ،‬ثم ينادي المالك أتباع))ه فيه))انون ويُش))كون‬
‫مثله‪ ،‬وعند ذلك يضرب المالك ميخائيل ب)أمر هللا بعض))ا مئ))ة ض))ربة‬
‫وبعض))ا خمس))ين وبعض))ا عش))رين وبعض))ا عش))را وبعض))ا خمس))ا‪ ،‬ثم‬
‫يهبط))))ون الهاوي))))ة ألن هللا يق))))ول لهم‪ ( :‬ان الجحيم مث))))واكم أيه))))ا‬
‫المالعين ) ثم يدعى بعد ذلك الى الدينونة ك))ل الك))افرين والمنب))وذين‪)،‬‬
‫فيقوم عليهم أوال كل الخالئق التي هي أدنى من االنس))ان ش))اهدة أم))ام‬
‫هللا كي))ف خ))دمت ه))ؤالء الن))اس‪ ،‬وكي))ف أن ه))ؤالء أجرم))وا م))ع هللا‬
‫وخلقه‪ ،‬ويقوم كل من األنبياء شاهدا عليهم‪ ،‬فيقضي هللا عليهم ب))اللهب‬
‫الجحيمية‪ ،‬الحق أقول لكم أنه ال كلمة أو ال فكر من الباطل ال يجازى‬
‫علي))ه في الي))وم ال))رهيب‪ ،‬الح))ق أق))ول لكم أن قميص الش))عر سيش))رق‬
‫كالش))مس وك))ل قمل))ة ك))انت على انس))ان حب))ا في هللا تتح))ول لؤل))ؤة‪،‬‬
‫المس)))اكين ال)))ذين ك)))انوا ق)))د خ)))دموا) هللا بمس)))كنة حقيقي)))ة من القلب‬
‫لمباركون ثالثة أضعاف وأربع))ة أض))عاف‪ ،‬ألنهم يكون))ون خ))الين في‬
‫هذا العالم من المشاغل العالمية فتمحى عنهم لذلك) خطاي))ا كث))يرة‪ ،‬وال‬
‫يض))طرون في ذل))ك الي))وم أن يق))دموا حس))ابا كي))ف ص))رفوا الغ))نى‬
‫العالمي‪ ،‬بل يجزون لصبرهم ومسكنتهم‪ ،‬الحق أق))ول لكم أن))ه ل))و علم‬
‫العالم هذا لفض))ل قميص الش))عر على االرج))وان والقم))ل على ال))ذهب‬
‫والصوم على الوالئم‪ ،‬ومتى انتهى حساب الجميع يقول هللا لرسوله‪( :‬‬
‫أنظر ي)ا خليلي م)ا ك)ان أعظم ش)رهم‪ ،‬ف)أني أن)ا خ)القهم س)خرت ك)ل‬
‫المخلوقات لخدمتهم فامتهنوني في كل شيء‪ ،‬فالعدل كل الع))دل إذا أن‬
‫ال أرحمهم ) فيجيب رسول هللا‪( :‬حقا أيه))ا ال))رب إلهن))ا المجي))د ان))ه ال‬
‫يقدر أحد من أخالئك وعبيدك أن يس))ألك رحم))ة بهم‪ ،‬واني أن))ا عب))دك‬
‫أطلب قب))ل الجمي))ع الع))دل فيهم) وبع))د أن يق))ول ه))ذا الكالم تص))رخ‬
‫ضدهم المالئكة واألنبياء بجملتها مع مختاري هللا كلهم بل‬
‫لماذا أقول المختارين‪ ،‬ألني الح))ق أق))ول لكم أن ال))رتيالوات وال))ذباب‬
‫والحجارة والرمل لتصرخ من الفجار وتطلب اقامة العدل‪ ،‬حينئذ يعيد‬
‫هللا الى التراب ك))ل نفس حي))ة أدنى من االنس))ان‪ ،‬ويرس))ل الى الجحيم‬
‫الفجار الذين) يرون م))رة أخ))رى في أثن))اء س))يرهم ذل))ك ال))تراب ال))ذي‬
‫يع))ود الي))ه الكالب والخي))ل وغيره))ا من الحيوان))ات النجس))ة‪ ،‬فحينئ))ذ‬
‫يقولون‪ ( :‬أيها الرب اإلله أعدنا نحن أيض))ا الى ه))ذا ال))تراب ولكن ال‬
‫يعطون سؤلهم) ‪.‬‬

‫الفصل الثامن و الخمسون)‬


‫وبينما كان يتكلم يسوع بكى التالميذ بم))رارة‪ ،‬وأذرف يس))وع ع))برات‬
‫كثيرة‪ ،‬وبع))د أن بكى يوحن))ا ق))ال‪ ( :‬ي))ا معلم نحب أن نع))رف أم))رين‪،‬‬
‫أحدهما كي)ف يمكن رس))ول هللا وه))و ممل))وء رحم))ة أن ال يش))فق على‬
‫هؤالء المنب))وذين في ذل))ك الي))وم وهم من نفس الطين) ال))ذى ه))و من))ه‪،‬‬
‫واآلخر ما المراد من كون ثقل سيف ميخائي))ل كعش))ر جحيم))ات؟ ه))ل‬
‫هناك إذاً) أكثر من جحيم؟ ) أج))اب يس))وع‪ :‬أم))ا س))معتم م))ا يق))ول داود)‬
‫النبي كيف يضحك الب))ار من هالك الخط))اة فيس))تهزئ بالخ))اطئ به))ذه‬
‫الكلمات قائال‪ ( :‬رأيت االنسان الذي اتكل على قوته وغناه ونسي هللا)‬
‫ف))الحق أق))ول لكم أن اب))راهيم سيس))تهزئ بأبي))ه وادم ب))المنبوذين كلهم‪،‬‬
‫وإنما يكون هذا ألن المختارين سيقومون كاملين ومتحدين باهلل‪ ،‬ح))تى‬
‫أنه ال يخالج عقولهم أدنى فك)ر ض)د عدل)ه‪ ،‬ول)ذلك) س)يطلب ك)ل منهم‬
‫اقامة العدل وال سيما رسول هللا‪ ،‬لعمر هللا الذي أقف في حضرته م))ع‬
‫أني اآلن أبكي شفقة على ال*** البشري ألطلبن في ذل))ك الي))وم ع))دال‬
‫بدون رحمة له))ؤالء ال))ذين يحتق))رون كالمي‪ ،‬وال س))يما أولئ))ك ال))ذين‬
‫ينجسون انجيلي‪.‬‬
‫الفصل التاسع و الخمسون‬
‫يا تالميذي ان الجحيم واحد) وفيها يع))ذب الملعون))ون الى األب))د‪ ،‬اال أن‬
‫لها س))بع طبق))ات أو درك))ات الواح))دة منه))ا أعم))ق من االخ))رى‪ ،‬ومن‬
‫يذهب الى أبعدها عمقا يناله عقاب أشد‪ ،‬ومع ذلك ف))ان كالمي ص))ادق‬
‫في سيف المالك ميخائيل آلن من ال يرتكب اال خطيئة واحدة يس))تحق‬
‫جحيم)))ا ومن ي)))رتكب خطيئ)))تين يس)))تحق جحيمين‪ ،‬فل)))ذلك يش)))عر‬
‫المنبوذون) وهم في جحيم واحد) بقصاص كأنهم به في عشر جحيم))ات‬
‫أوفي مئة أوفي ألف‪ ،‬وهللا القادر على كل شيء سيجعل بقوته وبعدل))ه‬
‫الشيطان يكابد عذابا كأنه في ألف ألف جحيم‪ ،‬والب))اقين كال على ق))در‬
‫اثمه‪ ،‬أجاب حينئذ بطرس‪ :‬يا معلم حقا ان عدل هللا عظيم ولق))د جعل))ك‬
‫اليوم هذا الخطاب حزينا‪ ،‬لذلك) نضرع اليك أن تستريح وغ))دا أخبرن))ا‬
‫أي ش))يء يش))به الجحيم‪ ،‬أج))اب يس))وع‪ :‬ي))ا بط))رس ان))ك تق))ول لي أن‬
‫أستريح وأنت ال تدري يا بطرس ما أنت قائ))ل واال لم)ا تكلمت هك))ذا‪،‬‬
‫الحق أقول لكم أن الراحة في هذا الع))الم إنم))ا هي س))م التق))وى والن))ار‬
‫ال))تي تأك))ل ك))ل ص))الح‪ ،‬أنس))يتم إذا كي))ف أن س))ليمان ن))بي هللا وس))ائر‬
‫األنبياء قد نددوا) بالكسل‪ ،‬حق ما يقول‪ ( :‬الكسالن ال يحرث خوفا من‬
‫البرد فهو لذلك يتسول في الصيف) لذلك قال‪ ( :‬كل ما تقدر يدك على‬
‫فعله فأفعله بدون راح))ة) وم))اذا يق))ول أي))وب أب))ر اخالء هللا‪( :‬كم))ا أن‬
‫الطير مول))ود) للط))يران) االنس))ان مول))ود) للعم))ل ) الح))ق أق))ول لكم أني‬
‫أعاف الراحة أكثر من كل شيء‪.‬‬

‫الفصل الستون)‬
‫الجحيم واحد) وهي ضد الجنة كما أن الشتاء هو ض))د الص))يف وال))برد‬
‫ضد الحر‪ ،‬فلذلك يجب على من يصف شقاء الجحيم أن يكون قد رأى‬
‫جنة نعيم هللا‪ ،‬يا ل)ه من مك)ان ملع)ون بع)دل هللا ألج)ل لعن)ة الك)افرين‬
‫والمنبوذين‪ ،‬الذين قال عنهم أيوب خليل هللا‪ ( :‬ليس من نظام هناك بل‬
‫خوف أبدي ) ويقول أشعيا النبي في المنب))وذين‪ ( :‬أن لهيبهم ال ينطفئ‬
‫ودودهم ال يموت) وق))ال داود) أبون))ا باكي))ا‪( :‬حينئ))ذ يمط))ر عليهم برق))ا‬
‫وصواعق) وكبريتا وعاصفة شديدة) تب))ا لهم من خط))اة تعس))اء م))ا أش))د‬
‫كراهتهم حينئذ للحوم الطيبة والثياب الثمينة واألرائك الوثيرة والح))ان‬
‫الغن))اء الرخيم))ة‪ ،‬م))ا أش))د م))ا يس))قهم الج))وع واللهب اللذاع))ة والجم))ر‬
‫المحرق والعذاب األليم مع البكاء المر الشديد) ) ثم أن يسوع أ َّنه أسف‬
‫ق))ائال‪ :‬حق))ا خ))ير لهم ل))و لم يكون))وا من أن يع))انوا ه))ذا الع))ذاب األليم‪،‬‬
‫تصوروا رجال يعاني العذاب في كل جارح))ة من جس))ده وليس ثم من‬
‫ي))رثي ل))ه ب))ل الجمي))ع يس))تهزئون ب))ه‪ ،‬أخ))بروني أال يك))ون ه))ذا ألم))ا‬
‫مبرح))ا؟ فأج))اب التالمي))ذ‪ :‬أش))د) ت))بريح‪ ،‬فق))ال يس))وع‪ :‬ان ه))ذا لنعيم‬
‫الجحيم‪ ،‬الني أقول لكم بالحق أنه لو وضع هللا في كفة كل اآلالم ال)تي‬
‫عاناها الناس في هذا العالم والتي سيعانونها حتى يوم الدين وفي الكفة‬
‫األخ)رى س)اعة واح)دة من ألم الجحيم الخت)ار المنب)وذون) ب)دون ريب‬
‫المحن العالمية‪ ،‬ألن العالمية تأتي على يد االنس))ان أم))ا األخ))رى فعلى‬
‫يد الشياطين الذين) ال شفقة لهم على االطالق‪ ،‬فما أشد الذي سيصلونه‬
‫الخطاة األشقياء‪ ،‬ما أشد البرد القارس الذي ال يخف))ف لهبهم‪ ،‬م))ا أش))د‬
‫صرير األس))نان والبك))اء والعوي))ل‪ ،‬ألن م))اء األردن أق))ل من ال))دموع‬
‫ال))تي س))تجري ك))ل دقيق))ة من عي))ونهم‪ ،‬وس))تلعن هن))ا ألس))نتهم ك))ل‬
‫المخلوقات مع أبيهم وأمهم وخالقهم المبارك الى االبد‪.‬‬

You might also like