ابن جلدون العصبية نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا. العرب إذا تغلّبوا على أوطان أسرع إليها الخراب. النوع اإلنساني ال يتم وجوده اال بالتعاون. أهل البدو أقرب إلى الشجاعة من أهل الحضر والسبب في ذلك أن أهل الحضر ألقوا جنوبهم على مهاد الراحة والدعة وأنغمسوا في النعيم والترف ووكلوا أمرهم في المدافعة عن أموالهم وأنفسهم إلى واليهم. يقلب الحاكم توجسه وغيرته من شعبه إلى خوف على ملكه، فيأخذهم بالقتل واإلهانة. ومن هذا الباب الوالء والحلف اذ نصرة كل أحد من أحد على أهل والئه وحلفه لأللفة التي تلحق النفس في اهتضام جارها أو قريبها أو نسيبها بوجه من وجوه النسب ،وذلك ألجل اللحمة الحاصلة من الوالء. ذلك أن الرئاسة ال تكون إال بالغلب والغلب إنما يكون بالعصبية كما قدمناه فال بد في الرئاسة على القوم أن تكون من عصبية غالبة باآلتي من الماء بالماء .الهرم َ لعصبياتهم واحدة واحدة .الماضي أشبه إذا نزل بالدولة ال يرتفع .فاز المتملقون. الفتن التي تتخفي وراء قناع الدين تجارة رائجة جداً في عصور التراجع الفكري للمجتمعات. قد ال يتم وجود الخير الكثير إال بوجود شر يسير .يوزن المرء بقوله ،ويقوّ م بفعله. أن الملك إذا ذهب عن بعض الشعوب من أمة فال بد من عوده إلى شعب أخر منها ما دامت لهم العصبية. عوائد كل جيل تابعة لعوائد سلطانه. الحق ال يقاوم سلطانه ،والباطل يقذف بشهاب النظر شيطانه، والناقل إنما هو يملي وينقل ،والبصيرة تنقد الصحيح إذا تمقل ،والعلم يجلو لها صفحات القلوب ويصقل. إن اختالف األجيال في أحوالهم إنما هو باختالف نحلتهم في المعاش. الظلم مؤذن بخراب العمران. ثم لما كانت العرب تضع الشيء لمعنى على العموم ،ثم تستعمل في األمور الخاصة ألفاظا أخرى خاصة بها فرق ذلك بنا بين الوضع واإلستعمال ،واحتاج إلى فقه في اللغة عزيزالمأخذ كما وضع األبيض لكل ما فسه بياض ،ثم لختص األبيض من الخيل بـاألشهب ومن اإلنسان بـاألزهر ،ومن الغنم بـاألملح حتىصار استعمال األبيض في هذه كلها لحنا وخروجا عن لسان العرب. حينما ينعم الحاكم في أي دولة بالترف والنعمة ،تلك األمور تستقطب إليه ثلة من المرتزقين والوصوليين الذين يحجبونه عن الشعب ،ويحجبون الشعب عنه ،فيصلون له من األخبار أكذبها، ويصدون عنه األخبار الصادقة التي يعاني منه الشعب. السياسة المدنية هي تدبير المنزل أو المدينة بما يجب بمقتضى األخالق والحكمة ليحمل الجمهور على منهاج يكون فيه حفظ النوع وبقاؤه .إن العرب ال يتغلبون إال على البسائط. يوزن المرء بقوله ،ويق وم بفعله. إن اإلنسان رئيس بطبعه بمقتضى االستخالف الذي خلق له، والرئيس إذا غلب على رياسته وكبح عن غاية عزه تكاسل حتى عن شبع بطنه وروي كبده ،وهذا موجود في أخالق األناسي ،ولقد يقال مثله في الحيوانات المفترسة وأنها ال تسافر إذا كانت في ملكة اآلدميين ،فال يزال هذا القبيل المملوك عليه أمره في تناقص واضمحالل إلى أن يأخذهم الفناء ..والبقاء هلل. إن اللغة أحد وجهي الفكر ،فإذا لم تكن لنا لغة تامة صحيحة ،فليس يكون لنا فكر تام صحيح .فإني ال ألومك في دخول ..ولكن ما وراءك يا عصام. الحق ال يشبه الباطل وإنما يموه بالباطل عند من ال فهم له