You are on page 1of 5

‫لفظة العرب أول ما أطلقت ‪ ،‬أطلقها الشوريون و البابليون و اليهود و أهل مصر الفرعونية على القبائل المترحلة التي‬

‫تجوب و تقطن الصحاري الممتدة ما بين بادية السماوة و صحراء العربية السعيدة بالشام شمال ‪ ،‬و صعيد مصر و سيناء‬
‫غربا و خليج فارس و بلد عمان و البحرين شرقا ‪،‬و اليمن جنوبا‪.‬و كانوا ـ هم وغيرهم من فرس و يونانيين و بيزنطيين ـ‬
‫يسمون العرب المستقرين القاريين ممن لهم ممالك على حدود بلدهم ‪،‬بأسماء ممالكهم ‪.‬فيقولون أهل الحيرة و النبط و‬
‫الغساسنة و حمير و مملكة سبأ و حضر موت إلخ‪..‬على أن تفيئ العرب إلى بائدة و عاربة و مستعربة و عدنانية و قحطانية‬
‫تفيئ فج ل علمية له‪ .‬إنما المراد منه تغليب قريش على سائر الجناس و تغليب بني هاشم عن سائر البطون و القبائل‪.‬أما‬
‫الواقع و التاريخ فيجعلن العرب فئتين ‪ .‬فئة اختلطت بالشعوب و تفتحت على الحضارات فهذبت من عنجهيتها البدوية و‬
‫لينت سلوكها و طباعها‪ ،‬و غيرت من نمط حياتها ‪.‬فكان لها حظها من الحضارة و البنيان و الثار الشاهدة عليها من مدن و‬
‫قصور و منشآت‪ ،‬و من كتابات و أقلم و لهجات‪.‬و فئة تمسكت بحبل البداوة و الشظف و الفقر و استمرأت حياة الكسب‬
‫السهل السريع الرخيص من وراء الرعي و التجار و الفروسية و حماية القوافل و قطع الطرق و اللصوصية‪ .‬و كانت‬
‫تنتظم هذه الفئة الطويلة العريضة ضمن قبائل تنتشر على طول الجزيرة و عرضها ‪،‬وازعها المشترك وحدة النساب و‬
‫لهجة القرآن و تبادل المصالح مع قريش أهل مكة‪.‬و هذا التقسيم يوافق تقسيم أهل الخبار حينما يقسمون العرب إلى أهل‬
‫وبر و مدر‪.‬فيقولون أن عرب الوبر هم من كانوا يأوون الخيام المصنوعة من شعر الماعز و هم البدو الرحل ‪،‬أما عرب‬
‫المدر فهم من كانوا يتخذوا البيوت من الطين و الطوب الحمر ‪،‬و المدر هو الطين الجاف‪.‬وأمثال هؤلء عرب الحيرة و‬
‫الغساسنة و حمير و بنو كهلن و كندة الذين أتى عليهم و على ديارهم و معيشتهم الولى الزحف السلمي و البربرية‬
‫البدوية العربية‪.‬هؤلء العرب الذين طغوا في البلد و استعلوا على العباد و اكتسحوا البلدان و خربوا الديار ‪ ،‬الذين يسميهم‬
‫القرآن و أهل الخبار بالعراب البدو هم من سنتناول بالدرس في هذا المقال لنقف على خصائصهم التي تميزهم عن سائر‬
‫الناس و لو أن هذا يعتبر مستحيل‪ ،‬و لنقف على معالم شخصيتهم و تفكيرهم و نظرتهم للمور و للكون و العالم و النسان‪.‬‬
‫فالحديث عن العرب و عقليتهم‪ ،‬حديث قديم‪،‬حيث نجد الثوراة قد وصفتهم بأنهم ‪ :‬متنابذون يغزون بعضهم بعضًا‪ ،‬مقاتلون‬
‫يقاتلون غيرهم كما يقاتلون بعضهم بعضًا "يده على الكل‪ ،‬ويد الكل عليه"‪).‬التكوين ‪ ،‬الصحاح ‪ 16‬الية ‪ (12‬يغيرون على‬
‫القوافل فيسلبونها ويأخذون أصحابها أسرى‪ ،‬يبيعونهم في أسواق النخاسة‪ ،‬أو يسترقونهم فيتخذونهم خدمًا ورقيقًا يقومون بما‬
‫يؤمرون به من أعمال‪ ،‬إلى غير ذلك من نعوت وصفات‪.‬‬
‫وقد وصفهم "ديودورس الصقلي" بأنهم يعشقون الحرية‪ ،‬فيلتحفون السماء‪ .‬وقد اختاروا القامة في أرضين ل أنهار فيها ول‬
‫عيون ماء‪ ،‬فل يستطيع العدّو المغامر الذي يريد اليقاع بهم أن يجد له فيها مأوى‪.‬و أنهم ل يزرعون حبًا‪ ،‬ول يغرسون‬
‫شجرًا‪ ،‬ول يشربون خمرًا‪ ،‬ول يبنون بيوتًا‪ .‬ومن يخالف العرف عندهم فإنه يقتل‪ .‬وهو يشارك في وصفه هذا رأي‬
‫"هيرودوتس" الذي أشاد بحب العرب للحرية وحفاظهم عليها ومقاومتهم لية قوة تحاول استرقاقهم واستذلهم‪ .‬فالحرية عند‬
‫العرب هي من أهم الصفات التي يتصف بها العرب في نظر الكتبة اليونان واللتين‪.‬‬
‫المفصل في تاريخ العرب قبل السلم الجزء ‪ 1‬ـ ‪(262‬‬
‫أما كسرى فيقول‪ :‬أنه نظر فوجد أن لكل أمة من المم ميزة وصفة‪ ،‬فوجد للروم حظًا في اجتماع اللفة وعظم السلطان‬
‫وكثرة المدائن ووثيق البنيان‪ ،‬وأن لهم دينًا يبين حللهم وحرامهم ويرد سفيههم ويقيم جاهلهم‪ ،‬ورأى للهند‪ ،‬نحوًا من ذلك في‬
‫حكمتها وطّبها مع كثرة أنهار بلدها وثمارها‪ ،‬وعجيب صناعاتها ودقيق حسابها وكثرة عددها‪ .‬ووجد للصين كثرة‬
‫صناعات أيديها وفروسيتها وهمتها في آلة الحرب وصناعة الحديد‪ ،‬وان لها ملكًا يجمعها‪ ،‬وأن للترك والخزر‪ ،‬على ما بهم‬
‫من سوء الحال في المعاش وقلة الريف والثمار والحصون ملوك تضم قواصيهم وتدّبر أمرهم‪ .‬ولم يَر للعرب دينا ول حزمًا‬
‫ول قوة‪ .‬همتهم ضعيفة بدليل سكنهم في بوادي قفراء‪ ،‬ورضاؤهم بالعيش البسيط‪ ،‬والقوت الشحيح‪ ،‬يقتلون أولدهم من الفاقة‬
‫ويأكل بعضهم بعضًا من الحاجة‪ .‬أفصل طعامهم لحوم البل التي يعافها كثير من السباع لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها‪".‬‬
‫ثم يضيف "وإن قَرى أحدهم ضيفًا عّدها مكرمة‪ .‬وإن أطعم أكلة عدها غنيمة تنطق بذلك أشعارهم‪ ،‬وتفتخر بذلك رجالهم"‪.‬‬
‫" ثم إنهم مع قلتهم وفاقتهم وبؤس حالهم‪ ،‬يفتخرون بأنفسهم‪ ،‬ويتطاولون على غيرهم وينزلون أنفسهم فوق مراتب الناس‪".‬‬
‫"حتى لقد حاولوا أن يكونوا ملوكّا أجمعين"‪"،‬‬
‫" وأبوا النقياد لرجل واحد منهم يسوسهم ويجمعهم‪ .‬إذا عاهدوا فغير وافين‪ .‬سلحهم كلمهم‪ ،‬به يتفننون‪ ،‬وبكلمهم‬
‫ن‪ .‬ل صبر لهم‪ ،‬إذا حاربوا ووجدوا قوة أمامهم‪ ،‬حاولوا جهدهم التغلب‬ ‫يتلعبون‪ .‬ليس لهم ميل إلى صنعة أو عمل ول ف ّ‬
‫عليها‪ ،‬أما إذا وجدوها قوة منظمة هربوا مشتتين متبعثرين شراذم‪ .‬يخضعون للغريب ويهابونه ويأخذون برأيه فيهم‪ ،‬ما دام‬
‫قويًا‪ ،‬ويقبلون بمن ينصبه عليهم‪ ،‬ول يقبلون بحكم واحد منهم‪ ،‬إذا أراد أن يفرض سلطانه عليهم‪).‬بلوغ الرب ص ‪ 147‬و‬
‫ما بعدها(‬
‫وقد ُذكر أن أحد ملوك الهند كتب كتابًا إلى "عمر ين عبد العزيز"‪ ،‬جاء فيه‪:‬‬
‫ل شق من الرض لها ملوك تجمعها ومدائن تضمها وأحكام تدين بها وفلسفة تنتجها‬ ‫"لم تزل المم كلها من العاجم في ك ّ‬
‫وبدائع تفتقها في الدوات والصناعات‪ ،‬مثل صنعة الديباج وهي أبدع صنعة‪ ،‬ولعب الشطرنج وهي أشرف لعبة‪ ،‬ورّمانة‬
‫القبّان التي يوزن بها رطل واحد ومائة رطل‪ ،‬ومثل فلسفة الروم في ذات الخلق والقانون‪ ،‬والصطرلب الذي يعدل به‬
‫النجوم ويدرك به البعاد ودوران الفلك وعلم الكسوف وغير ذلك من الثار المتقنة‪ ،‬ولم يكن للعرب ملك يجمع سوادها‬
‫ويضم قواصيها‪ ،‬ويقمع ظلمها وينهى سفيهها‪ ،‬ول كان لها قط نتيجة في صناعة و ل أثر في فلسفة إل ما كان من الشعر‪ .‬و‬
‫قد شاركتها فيه العجم‪ ،‬وذلك إن للروم أشعارا عجيبة قائمة الوزن و العروض‪ ،‬فما الذي تفتخر به العرب على العجم ؟فإنما‬
‫حَلق السر‪.‬‬ ‫هي كالذئاب العادية‪ ،‬و الوحوش النافرة‪ ،‬يأكل بعضها بعضا و يغير بعضها على بعض‪ .‬فرجالها موثوقون في َ‬
‫و نساؤها سبايا مردفات على حقائب البل‪ ،‬فإذا أدركهن الصريخ استنقذن بالعشي‪ ،‬و قد وطئن كما توطأ الطريق المهيع"‪.‬‬
‫)السيد محمود شكري اللوسي بلوغ الرب ج ‪ 1‬ص ‪.(156‬‬
‫أما ابن خلدون فرأيه معروف في العرب‪ ،‬خلصته أن‪:‬‬
‫لب إذا أخضع مملكة أسرع إليها الخراب‪ ،‬يصعب انقياده لرئيس‪ ،‬ل يجيد صناعة ول يحسن‬ ‫" العربي متوحش نّهاب س ّ‬
‫علمًا ول عنده استعداد للجادة فيهما‪ ،‬سليم الطباع‪ ،‬مستعد للخير شجاع"‪ ).‬أحمد أمين في تلخيصه لرأي ابن خلدون في‬
‫كتابه فجر السلم ‪ (1/41‬وتجد آراء ابن خلدون هذه مدّونة في مقدمته الشهيرة لكتابه العام في التًاريخ‪.‬‬
‫ي‪ ،‬ينظر إلى الشياء نظرة مادية وضيعة‪ ،‬ول‬ ‫ل أو نموذجًا‪ ،‬ماد ّ‬
‫و يرى المستشرق "أوليري" أن‪ " :‬العربي الذي يعد مث ً‬
‫يقومها إل بحسب ما تنتج من نفع‪ .‬يتملك الطمع مشاعره‪ ،‬وليس لديه مجال للخيال ول للعواطف‪ .‬ل يميل كثيرًا إلى دين‪ ،‬ول‬
‫يكترث بشيء إل بقدر ما ينتجه من فائدة عملية‪ .‬يمله الشعور بكرامته الشخصية حتى ليثور على كل شكل من أشكال‬
‫السلطة‪ ،‬وحتى ليتوقع منه سيد قبيلته و قائده في الحروب الحسد والبغض والخيانة من أول يوم اختير للسيادة عليه ولو كان‬
‫صديقًا حميما له من قبل‪ .‬من أحسن أليه كان موضع نقمته‪ ،‬لن الحسان يثير فيه شعورًا بالخضوع وضعف المنزلة وأن‬
‫عليه واجبًا لمن أحسن إليه‪.‬‬
‫و يقول لمانس‪" :‬إن العربي نموذج الديمقراطية"‪ ،‬ولكنها ديمقراطية مبالغ فيها إلى حد بعيد‪ ،‬وإن ثورته على كل سلطة‬
‫تحاول أن تحدد من حريته ولو كانت في مصلحته هي السر الذي يفسر لنا سلسلة الجرائم والخيانات التي شغلت أكبر جزء‬
‫في تأريخ العرب‪ ،‬وجهل هذا السر هو الذي قاد الوروبيين في أيامنا هذه إلى كثير من الخطاء‪ ،‬وحملهم كثيرًا من الضحايا‬
‫كان يمكنهم الستغناء عنها‪ ،‬وصعوبة قيادة العرب وعدم خضوعهم للسلطة هي التي تحول بينهم وبين سيرهم في سبيل‬
‫الحضارة الغربية‪ ،‬ويبلغ حب العربي لحريته مبلغًا كبيرًا‪ ،‬حتى إذا حاولت ان تحدها أو تنقص من أطرافها هاج كأنه وحش‬
‫في قفص‪ ،‬وثار ثورة جنونية لتحطيم أغلله والعودة إلى حريته‪ .‬ولكن العربي من ناحية أخرى مخلص‪ ،‬مطيع لتقاليد قبيلته‪،‬‬
‫كريم يؤدي واجبات الضيافة والمحالفة في الحروب كما يؤدي واجبات الصداقة مخلصًا في أدائها بحسب ما رسمه العرف‪.‬‬
‫) المفصل ‪.(1/265‬‬
‫وقد تعرض "أحمد أمين" في الجزء الول من "فجر السلم" للعقلية العربية‪ ،‬وأورد رأي الشعوبيين في العرب‪ ،‬ثم رأي‬
‫"ابن خلدون" فيهم‪ ،‬وتكلم على وصف المستشرق "أوليري" لتلك العقلية‪ ،‬ثم ناقش تلك الراء‪ ،‬وأبان رأيه فيها وذلك في‬
‫الفصل الثالث من هذا الجزء‪ "..،‬ثم استمر يناقش تلك الراء إلى أن قال‪ :‬فلنقتصر الن على وصف العربي الجاهلي‪) ،‬فجر‬
‫السلم ‪ (1/43‬فوصفه بهذا الوصف‪:‬‬
‫"العربي عصبي المزاج‪ ،‬سريع الغضب‪ ،‬يهيج للشيء التافه‪ ،‬ثم ل يقف في هياجه عند حد‪ ،‬وهو أشد هياجًا إذا جرحت‬
‫كرامته‪ ،‬أو انتهكت حرمة قبيلته‪ .‬وإذا اهتاج‪ ،‬أسرع إلى السيف‪ ،‬وأحكم إليه‪ ،‬حتى أفنتهم الحروب‪ ،‬وحتى صارت الحرب‬
‫نظامهم المألوف وحياتهم اليومية المعتادة‪.‬‬
‫ثم يضيف‬
‫"خياله محدود وغير متنوع‪ ،‬فقلما يرسم له خياله عيشة خيرًا من عيشته‪ ،‬وحياة خيرًا من حياته يسعى وراءها‪ ،‬لذلك لم‬
‫يعرف "المثل العلى"‪ ،‬لنه وليد الخيال‪ ،‬ولم يضع له في لغته لفظة واحدة دالة عليه‪ ،‬ولم يشر إليه فيما نعرف من‬
‫ع أن يذهب كل‬ ‫قوله‪،‬وقلما يسبح خياله الشعري في عالم جديد يستقي منه معنى جديدًا ولكنه في دائرته الضيقة استطا َ‬
‫مذهب‪".‬‬
‫ل أن يحّدها حّد‪ ،‬ولكن الذي فهموه من الحرية هي الحرية الشخصية ل الجتماعية‪،‬‬ ‫"أما ناحيتهم الخلقية‪ ،‬فميل إلى حرية ق ّ‬
‫فهم ل يدينون بالطاعة لرئيس ول حاكم‪ ،‬تأريخهم في الجاهلية ‪ -‬حتى وفي السلم ‪ -‬سلسلة حروب داخلية" وعهد عمر بن‬
‫الخطاب كان عصرهم الذهبي‪ ،‬لنه شغلهم عن حروبهم الداخلية بحروب خارجية‪.‬‬
‫"والعربي يحب المساواة‪ ،‬ولكنها مساواة في حدود القبيلة‪ ،‬وهو مع حبه للمساواة كبير العتداد بقبيلته ثم بجنسه‪ ،‬يشعر في‬
‫أعماق نفسه بأنه من دم ممتاز‪ ،‬لم يؤمن بعظمة الفرس والروم مع ما له ولهم من جدب وخصب وفقر وغنى وبداوة‬
‫وحضارة‪ ،‬حتى إذا فتح بلدهم نظر إليهم نظرة السيد إلى المسود"‪).‬نفس المصدر ‪(44/‬‬
‫ثم تحدث عن مظهر آخر من مظاهر العقلية العربية‪ ،‬لحظه بعض المستشرقين و وافقهم هو عليه‪ ،‬و هوأن ‪:‬‬
‫طبيعة العقل العربي ل تنظر إلى الشياء نظرة عامة شاملة‪ ،‬وليس في استطاعتها ذلك‪ .‬فالعربي لم ينظر إلى العالم نظرة‬
‫عامة شاملة كما فعل اليوناني‪،‬بل كان يطوف فيما حوله؛ فإذا رأى منظرا خاصا أعجبه تحرك له‪ ،‬و جاس صدره بالبيت أو‬
‫البيات من الشعر أو الحكمة أو المثل‪" .‬فأما نظرة شاملة وتحليل دقيق لسسه وعوارضه فذلك ما ل يتفق والعقل العربي‪.‬‬
‫وفوق هذا هو إذا نظر إلى الشيء الواحد ل يستغرقه بفكره‪ ،‬بل يقف فيه على مواطن خاصة تستثير عجبه‪ ،‬فهو إذا وقف‬
‫أمام شجرة‪ ،‬ل ينظر إليها ككل‪ ،‬إنما يستوقف نظره شيء خاص فيها‪ ،‬كاستواء ساقها أو جمال أغصانها‪ ،‬و إذا كان أمام‬
‫بستان‪ ،‬ل يحيطه بنظره‪ ،‬ول يلتقطه ذهنه كما تلتقطه "الفوتوغرافيا"‪ ،‬إنما يكون كالنحلة‪ ،‬يطير من زهرة إلى زهرة‪،‬‬
‫فيرتشف من كل رشفة"‪ .‬إلى أن قال‪:‬‬
‫"هذه الخاصة في العقل العربي هي السر الذي يكشف ما ترى في أدب العرب ‪ -‬حتى في العصور السلمية ‪ -‬من نقص‬
‫وما ترى فيه من جمال"‪.‬‬
‫وقد خلص من بحثه‪ ،‬إلى أن هذا النوع من النظر الذي نجده عند العربي‪ ،‬هو طور طبيعي تمر به المم جميعًا في أثناء‬
‫سيرها إلى الكمال‪ .‬فهو؛ و هو يريد الدفاع عن العرب يحكم عليهم بعدم الكمال‪ .‬فكيف لهم يهدون الناس و يخرجونهم من‬
‫الظلمات إلى النور؟‬
‫وتقوم نظرية أحمد أمين في العقلية العربية على أساس أنها حاصل شيئين وخلصة عاملين‪ ،‬أثرا مجتمعين في العرب وكّونا‬
‫فيهما هذه العقلية التي حددها ورسم معالمها في النعوت المذكورة‪ .‬والعاملن في رأيه هما‪ :‬البيئة الطبيعية والبيئة‬
‫الجتماعية‪ .‬وعنى بالبيئة الطبيعية ما يحيط بالشعب طبيعيًا من جبال وأنهار وصحراء ونحو ذلك‪ .‬وبالبيئة الجتماعية ما‬
‫يحيط بالمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك‪ .‬وهما معًا مجتمعين غير منفصلين‪ ،‬أّثرا في تلك‬
‫طا من أنكر‬ ‫العقلية‪ .‬ولهذا رفض أن تكون تلك العقلية حاصل البيئة الطبيعية وحدها‪ ،‬أو حاصل البيئة الجتماعية وحدها‪ .‬وخ ّ‬
‫أثر البيئة الطبيعية في تكوين العقلية ومن هنا انتقد "هيكل" "‪ ،"Heagel‬لنه أنكر ما للبيئة الطبيعية من أثر في تكوين‬
‫العقلي اليوناني‪ .‬وحجة "هيكل" أنه لو كان للبيئة الطبيعية أثر في تكوين العقليات‪ ،‬لبان ذلك في عقلية التراك الذين احتلوا‬
‫أرض اليونان وعاشوا في بلدهم‪ .‬ولكنهم لم يكتسبوا مع ذلك عقلهم ولم تكن لهم قابلياتهم ول ثقافتهم‪ .‬و رّد "أحمد أمين"‬
‫عليه هو أن "ذلك يكون صحيحًا لو كانت البيئة الطبيعية هي المؤثر الوحيد‪ ،‬إذن لكان مثل العقل اليوناني يوجد حيث يوجد‬
‫إقليمه‪ ،‬و ينعدم حيث ينعدم‪ ،‬أما والعقل اليوناني نتيجة عاملين‪ ،‬فوجود جزء العلة ل يستلزم وجود المعلول"‪) .‬المفصل‬
‫‪(1/270‬‬
‫و عليه فأحمد أمين يأخذ بمقولة النسان ابن بيئته ترصيعا للكلم و تهوينا لوقعه على نفوس من يهمهم المر‪.‬إذ‪ ،‬في حين‬
‫نجده يعرض أكثر الصور قثامة للعقلية العربية‪،‬فإننا نجده يحاول تبريرها بخضوع النسان العربي و غيره للظروف البيئية‬
‫خر الطبيعة و البيئة في صالحه ‪،‬و ليس النسان هو من‬ ‫الطبيعية و الجتماعية المحيطة به‪ .‬فتناسى أن النسان هو من س ّ‬
‫كونته الطبيعة و صقلته و فرغته حسب شهوتها و قوالبها‪ .‬و تناسى أن النسان هو من صنع المجتمع و وضع له قوانينه و‬
‫آلياته ‪،‬و هو الذي بالتالي يملك بيده و حده أمر تعطيل تلك الليات و هدمها أو تغييرها أو البقاء عليها ‪ ،‬حسب ما تتطلبه‬
‫ظروفه و رغباته و أهواؤه‪.‬‬
‫كما تناسى أحمد أمين كذلك أنه كما تخاف الطبيعة الفراغ فكذلك التاريخ ل يقبل الصدف ‪.‬فإذا كانت العقلية العربية هذه هي‬
‫حالهأ‪ ،‬فإن لذلك علُله و أسباُبه و التي ل تنحصر بالضرورة في العوامل البيئية الطبيعية و الجتماعية‪ ،‬دون الخذ بعين‬
‫العتبار العوامل النفسية التكوينية والعوامل التربوية و الثقافية‪ ،‬ناهيك عن العوامل القتصادية و الجيو سياسية العامة‪ .‬و‬
‫بالطبع بقدر ما تضيق في أي دراسة‪ ،‬خانة السباب و العلل المنطقية المؤدية إلى معلول ما‪ ،‬بقدر ما تكثر بؤر الشك و نقط‬
‫الفراغ فيها‪،‬فل يجد المؤرخ العربي في مثل هذه الحال ‪،‬غير الصدفة ملجأ تنقذه من ورطته ‪.‬هذا مع العلم أن العالم العربي‬
‫يرفض مقدما مبدأ الصدفة و ينبذه‪.‬‬
‫و لحافظ وهبة في كتاب " جزيرة العرب في القرن العشرين" ملحظات قيمة عن عقلية البدو العرب المعاصرين في‬
‫الجزيرة العربية‪ ،‬جاء فيه‬
‫"أما البدو‪ ،‬فهم القبائل الرحل المتنقلون من جهة إلى أخرى طلبًا للمرعى أو للماء‪ ،‬والطبيعة هي التي تجبر البدوي على‬
‫ي حياة‬‫المحافظة على هذه الحياة‪ ،‬وحياة البدوي حياة شاقة مضنية‪ ،‬ولكنه وهو متمتع بأكبر قسط من الحرية يفضلها على أ َ‬
‫مدنية أخرى‪ .‬هذه الحياة الخشنة هي التي جعلت القبائل يتقاتلون في سبيل المرعى والماء‪ ،‬وهي التي جعلت سوء الظن يغلب‬
‫على طباعهم‪ ،‬فالبدوي ينظر إلى غيره نظرة العدو الذي يحاول أخذ ما بيده أو حرمانه من المرعى‪".‬‬
‫"إن البدوي في الصحراء ل يهمه إل المطر والمرعى‪ ،‬فأزمته الحقيقية انحباس المطر وقلة المرعى ول يبالي بما يصيب‬
‫العالم في الخارج ما دامت أرضه مخضرة‪ ،‬وبعيره سمينا وغنمه قد اكتنزت لحمًا وقد طبقت شحمًا‪".‬‬
‫"أما إذا نما السكان وضاقت بهم الرض أو لم تجد أراضيهم بالمرعى‪ ،‬فليس هناك سبيل إل الزحف والقتال‪ ،‬أو الهجرة إن‬
‫كان هناك سبيل إليها‪ ،‬وكذلك القبيلة التي غلبت على أمرها وحرمت من مراعيها وأراضيها ليس أمامها سبيل آخر سوى‬
‫الهجرة‪.‬‬
‫"لقد كان البدو قبل ثلثين سنة في غارات وحروب مستمرة‪ ،‬كل قبيلة تنتهز الفرص للغارة على جارتها لنهب مالها‪،‬‬
‫وتعدد المارات وتشاحن المراء وتخاصمهم مما يشجع البدوي‪.‬‬
‫وقد جرى العرف أن القبائل تعتبر الرض التي اعتادت رعيها‪ ،‬و المياه التي اعتادت أن تردها ملكًا لها‪ ،‬ل تسمح لغيرها"‬
‫من القبائل الخرى بالدنّو منها إل بإذنها ورضاها‪ ،‬وكثيرا ما تأنس إحدى القبائل من نفسها القوة فتهجم بل سابق إنذار على‬
‫"‪.‬قبيلة أخرى و تنتزع منها مراعيها و مياهها‬
‫إن قبائل العرب ليسوا كلهم سواء في الشر و التعدي على السابلة و القوافل‪ ،‬فبعضها قد اشتهر أمره بالكرم و السماحة و"‬
‫"‪.‬الترفع عن الدنايا‪ ،‬كما اشتهر بعضها بالتعدي و سفك الدماء بل سبب سوى الطمع فيما في ايدي الناس‬
‫ليس للبدوي قيمة حربية تذكر‪ ،‬و لذا كان اعتماد المراء على الحضر‪ ،‬فهم الذين يصمدون للقتال و يصبرون على بلئه و‬
‫بلوائه‪ .‬و كثيرا ما كان البدو شرا على المير المصاحبين له‪ ،‬فإن ذلك المير إذا ما بدت الهزيمة كانوا هم البادئين بالنهب و‬
‫)السلب و يحتجون بأنهم هم أولى من العداء المحاربين")وهبة ص ‪ 11‬و ما بعدها‬
‫"و البدوي إذا لم يجد سلطة تردعه أو تضرب على يده يرى من حقه نهب الغادي و الرائح‪ ،‬فالحق عنده القوة التي يخضع‬
‫لها‪ ،‬و يخضع غيره بها‪ .‬على أن لهؤلء قواعد للبادية معتبرة عندهم كقوانين يجب احترامها‪ ،‬فالقوافل التي تمر بأرض قبيلة‬
‫و ليس معها من يحميها من أفراد هذه القبيلة معرضة للنهب‪ ،‬ولذا فقد اعتادت القوافل قديما أن يصحبها عدد غير قليل من‬
‫القبائل التي ستمر بأرضها و يسمون هذا رفيقا‪.‬‬
‫ويضيف"و البدوي يحتقر الحضري مهما أكرمه‪ ،‬كما أن الحضري يحتقر البدوي‪ ،‬فإذا و صف البدوي الحضري‪ ،‬فإنه في‬
‫حضيري تصغيرا لشأنه‪.‬‬ ‫الغالب يقول ُ‬
‫و من عادة البدوي الستفهام عن كل شيء‪ ،‬و انتقاد ما يراه مخالفا لذوقه أو لعادته بكل صراحة‪ ،‬فإذا مررت بالبدوي في‬
‫الصحراء استوقفك و سألك من أين أنت قادم؟ و عمن وراءك من المشايخ و الحكام؟ و عن المياه التي مررت بها ؟ وعن‬
‫أسعار الغذية و القهوة؟ وعمن في البلد من القبائل؟ و عن العلقات السياسية بين الحكام بعضهم و بعض‪.‬‬
‫و مع أن البدوي قد اعتاد النهب و السلب‪ ،‬فإنهم كثيرا ما يعفون عن أهل العلم خوفا من غضب ال عليهم‪ ،‬و بعض البدو ل‬
‫يحلف كاذبا مهما كانت النتيجة‪ .‬و البدوي ينكر إذا وجد مجال للنكار‪ ،‬و يفلت بمهارة من الجابة عما يسأل‪ ،‬و لكن إذا وجه‬
‫له اليمين و كان ل مفر له اعترف بجرمه إذا كان مذنبا‪ ،‬و ل يحلف كذبا"‬
‫"وليس أعدل من البدوي في تقسيم الغنيمة حتى قد يتلفون الشيء تحريا للعدل‪ ،‬و يقسمون السجادة بينهم كما يقسمون‬
‫القميص لو السروال‪ ،‬كل هذا إرضاء لضمائرهم دفعا للضلم‪ ،‬إنهم يعرفون الخيام حق المعرفة لنها بيوتهم التي يعيشون‬
‫فيها‪ ،‬و مع ذلك فهم يقسمونها مراعاة للعدل‪ ،‬أما البل و الغنم فأنهم يقسمونها إذا أمكن القسمة أو يقومونها بثمن إذا لم يكن‬
‫هناك سبيل للقسمة"‪.‬‬
‫"و البدو ل يفهمون الحياة حق الفهم كما يفهمها الحضري‪ ،‬ل يفهمون البيوت و هندستها‪ ،‬ول يفهمون فائدة البواب والنوافذ‬
‫الخشبية‪ ،‬حتى أن البدو الذين كانوا في جيش الملك حسين في الثورة العربية كان عملهم بعد الستيلء على الطائف نزع‬
‫خشب النوافذ والبواب‪ ،‬ل لبيعها والنتفاع بثمنها بل لستعمالها وقودَا إما للقهوة أو الطبخ أو التدفئة‪ .‬وبدو نجد قد فعلوا مثل‬
‫ل‪ ،‬اكتشفت الحكومة أن النوافذ الخشبية والبواب تنقص‬ ‫جْرَو ْ‬
‫ذلك تمامأ‪ ،‬فعندما أسكنت الحكومة بعض القبائل في ثكنة َ‬
‫بالتدريج‪ ،‬وأنها استعملت للطبخ وتحضير القهوة‪ ،‬فأخرجهم جللة الملك توًا من الثكنة‪ ،‬وأسكن الحضر فيها‪ ،‬والحضر‬
‫بطبيعتهم يصفمون ما ل يفهمه جهلة البدو عن النوافذ والبواب‪.‬‬
‫"وللبدو مهارة فائقة في اقتفاء الثر‪ ،‬وكثيرًا ما كانت هذه المعرفة سببا في اكتشاف كثير من الجرائم ول تكاد تخلو قبيلة من‬
‫طائفة منهم‪.‬‬
‫"والقبائل العريقة المشهورة من حضر وبادية تحافظ على أنسابها تمام المحافظة وتحرص عليها كل الحرص‪ ،‬فل تصاهر‬
‫إل من يساويها في النسسب‪ ،‬والقبائل المشكوك في نسبها ل يصاهرها أحد من القبائل المعروفة‪.‬‬
‫"أما حكام العرب‪ ،‬فيترفعون عن سائر الناس حضرهم وبدوهم‪،‬ل يزوجون بناتهم إل لقرباهم‪ .‬أما هم فيتزوجون من‬
‫يشاءون‪ .‬وطبقات الحكام يترفع بعضها على بعض‪ :‬الشراف يرون أنفسهم أرفع الخلق بنسبهم‪ ،‬وآل سعود يرون أنفسهم‬
‫أرفع من الشراف‪ ،‬وأرفع من سواهم من حكام العرب الخرين"‪ ).‬وهبة ص ‪ 13‬و ما بعدها(‬

‫أما القرآن فقد وصف العرب بالغلظة والجفاء وبعدم الدراك وبالنفاق وبالتظاهر في اللسان بما يخالف ما في الجنان‪:‬‬
‫ن في قلوبكم‪ ،‬وإن تطيعوا ال ورسوله‪ ،‬ل يلتكم‬ ‫قالت العراب‪ :‬آمنا‪ ،‬قل‪ ،‬لم تؤمنوا‪ ،‬ولكن قولوا‪ :‬أسلمنا‪ ،‬ولما يدخل اليما ُ‬
‫من أعمالكم شيئًا‪ ،‬إن ال غفور رحيم)الحجرات ‪(14‬‬
‫وممن حولكم من العراب منافقون ومن أهل المدينة َمَرُدوا على النفاق‪ ،‬ل تعلمهم‪ ،‬نحن نعلمهم‪ ،‬سنعذبهم مرتين‪ ،‬ثم يرّدون‬
‫إلى عذاب عظيم) التوبة ‪.(101‬‬
‫فالعرابي "البدوي"حسب القرآن إنسان ل يعتمد عليه‪ ،‬مسلم ومع ذلك يتربص بالمسلمين الدوائر‪ ،‬فإذا خذل المسلمون في‬
‫معركة‪ ،‬أو شعر بضعف موقفهم خذلهم وانقلب عليهم‪ ،‬أو اشترط شروطًا ثقيلة عليهم‪ ،‬بحيث يجد فيها مخرجًا له ليخلص‬
‫نفسه من الوضع الحرج الذي أصاب المسلمين‪.‬‬
‫فل يكلف نفسه‪ ،‬ول يخشى من مصير سيئ ينتظره إن غلب المسلمون‪.‬‬
‫ل يعلموا حدود ما أنزل ال على رسوله‪ ،‬و ال عليم حكيم‪ .‬ومن العراب من يتخذ ما ينفق‬ ‫العراب أشد كفرًا ونفاقًا وأجدر أ ّ‬
‫سلْم في الغالب عن عقيدة وعن‬‫مغرمًا ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء وال سميع عليم)التوبة ‪ (98‬والعرابي لم ُي ِ‬
‫فهم‪ ،‬إنما أسلم لن رئيسه قد أسلم ‪.‬فسّيد القبيلة إذا آمن وأسلم‪ ،‬أسلمت قبيلته معه‪ .‬وقد دخلت قبائل برمتها في اِلنصرانية‬
‫لدخول سّيدها فيها‪ .‬وقد وردت في سورة الحجرات هذه اليات في وصف بعض العراب‪:‬‬
‫(قالت العراب آمنا‪ ،‬قل‪ :‬لم تؤمنوا‪ ،‬ولكن قولوا‪ :‬أسلمنا‪ ،‬ولما يدخل اليمان في قلوبكم‪ .‬وإن تطيعوا ال ورسوله ل يلتكم من‬
‫أعمالكم في شيئًا‪ .‬إن ال غفور رحيم‪ .‬إنما المؤمنون‪ ،‬الذين آمنوا بال ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في‬
‫سبيل ال‪ ،‬أولئك هم الصادقون‪ .‬قل أتعّلمون ال بدينكم ؛ وال يعلم ما في السموات وما في الرض‪ .‬وال بكل شيء عليم‪.‬‬
‫ن هداكم لليمان إن كنتم صادقين)الحجرات ‪ 14‬و ما‬ ‫ي إسلمكم‪ ،‬بل ال يمن عليكم‪ ،‬أ ْ‬ ‫يمّنون عليك أن أسلموا‪ .‬قل ل تمّنوا عل ّ‬
‫بعدها(‬
‫وقد استثنى القرآن بعض العراب مما وصمهم به من الكفر والنفاق والتربص وانتهاز الفرص فنزل الوحي فيهم‪:‬‬
‫)ومن العراب من يؤمن بال واليوم الخر‪ ،‬ويتخذ ما ينفق قربات عند ال وصلوات الرسول‪ ،‬أل إنها قربة لهم‪ ،‬سيدخلهم‬
‫ال في رحمته‪ ،‬إن ال غفور رحيم)‪.‬التوبة ‪ 99‬ـ المصتف ‪ 1/280‬و ما بعدها(‬
‫وذكر أن الرسول وصفه "سراقة" وهو من أعراب "بني مدلج" بقوله‪:‬‬
‫"وان كان أعرابيا بّوال على عقبيه"‪).‬الغاخر‪ ، 64/‬بلوف الرب ‪(3/425‬‬
‫عَيْيَنة بن حصن" قائد "غطفان" يوم الحزاب ب "الحمق المطاع"‪.‬‬ ‫وأنه نعت " ُ‬
‫"وكان دخل على النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬بغير إذن‪ ،‬فلما قال له أين الذن؟ قال ما استأذنت على مضربي قبلك‪ .‬وقال‪:‬‬
‫ما هذه الحميراء معك يا محمد؟ فقال‪ :‬هي عائشة بنت أبي يكر‪ .‬فقال‪ :‬طلقها وأنزل لك عن أم البنين‪.‬و هناك أمور كثيرة‬
‫ن عليه ولم يزل‬
‫تذكر في جفائه‪ .‬أسلم ثم ارتد وآمن بطليحة حين تنبأ وأخذ أسيرًا فأتي به أبا بكر‪ ،‬رضي ال عنه‪ ،‬أسيرا فم ّ‬
‫مظهرًا للسلم على جفوته وعنجهيته ولوثة أعرابيته حتى مات"‪.‬‬
‫والبدوي الذي تمكن "ابن سعود" أو غيره من الحكام من ضبطه بعض الضبط ومن الحد من غاراته على الحضر أو على‬
‫البدو ألخرين‪ ،‬هو البدوي نفسه الذي عاش قبل الميلد وفي عهد إسماعيل‪ ،‬والذي قالت في حقه التوراة‪" :‬يده على الكل و‬
‫يد الكل عليه"‪ .‬و هو سيبقى كذلك ما دام بدويا ترتبط حياته بالصحراء‪ ،‬ينتهز الفرص كلما وجد وهنا في الحكومات وقوة في‬
‫نفسه على أخذ ما يجده عند الخرين‪ ،‬وهو إن هدأ و سكن‪ ،‬فلنه يجد نفسه ضعيفا تجاه سلطة الحكومة‪ ،‬ليس في استطاعته‬
‫مقاومتها لضعف سلحه‪ ،‬فإذا شعر بقوته لم يخش عندئذ أحدا ‪.‬المصنف ‪1/283‬‬
‫‪.‬‬
‫يتبع‬
‫أبو نبي الصغاليك‬

You might also like