You are on page 1of 158

‫ٌ‬

‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫إش ٌ‬
‫كال يف اإلمامة‬ ‫ْ‬
‫َّع ْت عنده ثوابت التشيع اإلمامي‬
‫َت َصد َ‬ ‫‪1‬‬
‫َم َع ُ‬
‫ال‬
‫مِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫التشيع الذي غادَرته‬
‫ُّ‬
‫عبد امللك الشافعي‬
‫(‪)9‬‬

‫� ْإ�ش ٌ‬
‫كال يف الإمامة‬
‫َّع ْت عنده ثوابت التشيع اإلمامي‬
‫َت َصد َ‬

‫بقلم‬
‫املغا ِدر من التشيع‬
‫عبد امللك بن عبد الرمحن الشافيع‬
v
‫ا ِإل�ه َداء‬
‫جسد صورة النجاشي يف عصرنا الحاضر بعد‬
‫* إلى َم ْن َّ‬
‫هتجيرنا القسري من أوطاننا ‪..‬‬
‫* إلى َم ْن بذل جهده وماله وشفاعاته لنعيش مع أسرنا‬
‫بأمان ‪..‬‬
‫* إلى َم ْن وقف بجانبنا يف كل صغيرة وكبيرة وآزرنا وأكرمنا‬
‫وواسانا ‪..‬‬
‫علي بقليل أو كثير ألمضي ُقدُ مًا‬
‫* إلى َم ْن لم يبخل َّ‬
‫بمشروعي يف هداية أبناء قومي ‪..‬‬
‫ٍ‬
‫حرف كتبته وسأكتبه ‪..‬‬ ‫* إلى َم ْن فاز بأجر الشراكة بكل‬
‫ٍ‬
‫هداية للشيعة كمشروع‬ ‫مشروع‬ ‫* إلى َم ْن سيقدم لألمة‬
‫َ‬
‫إحسان إلهي ظهير رحمه اهلل تعالى ‪..‬‬

‫وعزائي بعدم ذكر اسمه هنا هو كتابته يف صحيفة األعمال‬


‫عند أرحم الراحمين ‪..‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪J‬‬
‫الحمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين وبعد‪ ،‬فال تزال أطروحات أعمدة التشيع اإلمامي وكبار‬
‫ُمنَ ِّظريه حول اإلمامة تعاين من الضعف والتفتت إذا ما ُو ِض َعت‬
‫تحت مجهر البحث العلمي والنقد الموضوعي‪.‬‬
‫ٍ‬
‫إشكال تم طرحه عليها جاء جواهبم عنه إما ضعيفًا‬ ‫فكم من‬
‫ال ُيقنع عقالء اإلمامية فضالً عن مخالفيهم‪ ،‬أو تجده يتناقض‬
‫ويتصادم مع مقررات المذهب وأصوله وثوابته‪ ،‬والمعلوم أن‬
‫ٍ‬
‫بجواب ينقض‬ ‫االعرتاف بالعجز عن الجواب أهون من اإلتيان‬
‫أصالً وينسف ثابتًا من ثوابتهم‪ ،‬فحالهم كحال َم ْن أراد أن يبني‬
‫قصر ًا فهدم مِ ْصر ًا!‬
‫وهناك شواهد عديدة على هذه اإلشكاالت يحتاج جمعها‬
‫إلى كتاب ضخم مستقل(‪ ،)1‬ولذا سأقتصر يف هذه الدراسة على‬
‫ٍ‬
‫واحد قوي أصاب نظرية اإلمامة يف نحرها‪ ،‬مما حدا‬ ‫ٍ‬
‫إشكال‬
‫بأعمدة التشيع اإلمامي إلى إعالن حالة الطوارئ واالستنفار يف‬
‫الرد عليه‪ ،‬لعلهم ينقذوا تلك اإلمامة التي بدت عليها عالمات‬

‫((( وقد جمعت العديد من هذه اإلشكاالت التي أوقعت مراجع التشيع اإلمامي‬
‫وأعالمه يف تناقضات مع أصول المذهب وثوابته‪ ،‬وذلك يف كتابي (مصارع‬
‫عقول التشيع اإلمامي) أسأل اهلل تعالى أن يوفقني إلتمامه وإخراجه‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫جراء ذلك اإلشكال القاتل‪ ،‬ولإلبقاء على شيعتهم‬


‫االحتضار من ّ‬
‫بمنأى من سريان الشك يف قلوهبم تجاهها‪.‬‬
‫وبالرغم من هذا االستنفار إال أهنم لم يفلحوا تجاه هذا‬
‫اإلشكال‪ ،‬بل سيجد القارئ مدى التخبط والتع ُّثر الذي وقعوا فيه‬
‫جراء ردهم عليه‪.‬‬
‫من ّ‬
‫وختامًا أسأل اهلل تعالى أن يجعل هذه الدراسة الشرارة التي‬
‫َست َُح ِّرك عقالء اإلمامية بإعادة النظر يف تبنيهم لنظرية اإلمامة‪،‬‬
‫ومن َث َّم يصلوا إلى الحق الذي يرضي ربنا سبحانه‪ ،‬وكما وأسأله‬
‫سبحانه أن يجعلها يف ميزان حسنايت يوم ال ينفع ٌ‬
‫مال وال بنون إال‬
‫بقلب سليم‪ ،‬وصلى اهلل وسلم وبارك على نبينا محمد‬‫ٍ‬ ‫من أتى اهلل‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪a‬‬
‫َّ‬
‫إن من أخطر اإلشكاالت والتحديات التي تعرضت لها نظرية‬
‫اإلمامة هي غيبة اإلمام الثاين عشر؛ إذ وصلت هبم إلى طريق مسدود‬
‫المرج َّوة منها ألتباعها‪ ،‬فلم ينتفع بغيبته أحدٌ‬
‫ُ‬ ‫تع َّطلت فيها المنافع‬
‫من الشيعة ال يف دينهم وال دنياهم‪ ،‬وهذا ما أشار إليه شيخ اإلسالم‬
‫ابن تيمية – ‪ $‬تعالى – يف أكثر من موضع من كتابه (منهاج‬
‫السنة النبوية)‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬قال يف (‪« :)121-120/2‬فإهنم ُي ِق ُّرون بأن اإلمام الذي هو‬
‫صاحب الزمان مفقود ال ينتفع به أحدٌ ‪ ،‬وأنه دخل السرداب‬
‫سنة ستين ومائتين أو قريبًا من ذلك‪ ،‬وهو اآلن غائب أكثر من‬
‫أربعمائة وخمسين سنة فهم يف هذه المدة لم ينتفعوا بإمامته ال‬
‫يف دين وال يف دنيا»‪.‬‬
‫‪ -2‬وقال أيضًا يف (‪« :)90-89/4‬ثم َّ‬
‫إن هذا باتفاق منهم سواء‬
‫ُقدِّ ر وجوده أو عدمه ال ينتفعون به ال يف دين وال يف دنيا»‪.‬‬
‫وبالرغم من قوة اإلشكال وموضوعيته وشهادة الواقع‬
‫بصحته‪ ،‬إال أننا نجد من بعض معمميهم الجرأة على المغالطة‬
‫وإنكار الواقع المحسوس‪ ،‬فيقول عالمهم علي الميالين يف َم ْعرض‬
‫ر ِّده على كالم شيخ اإلسالم ابن تيمية‪« :‬أقول‪ :‬هذا كذب‪ ،‬بل‬

‫‪11‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫المتفق عليهم بينهم هو االنتفاع منه يف الدين والدنيا‪ ،‬بل االنتفاع‬


‫واقع مستمر‪ ،‬ولكن المنافقين ال يعلمون»(‪.)1‬‬
‫ولك َّن اهلل تعالى شاء أن يظهر زيف دعوى الميالين تلك –‬
‫باتفاق اإلمامية على حصول االنتفاع باإلمام الغائب يف الدين‬
‫والدنيا – على يد مرج ٍع كبير من مراجعهم المعاصرين وهو محمد‬
‫آصف المحسني الذي نطق بعدة تصريحات تؤيد ما قاله شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬وذلك يف كتابه (مشرعة بحار األنوار)‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬قال يف (‪« :)223/2‬وال يمكن القول بانتفاعنا منه ڠ يف زمن‬
‫الغيبة يف األمور الدينية إال مِ َّمن سلب اهلل عقله»‪.‬‬
‫‪ -2‬قال يف (‪« :)408/1‬الغيبة التي امتدت أكثر من ألف سنة وربما‬
‫تمتد إلى آالف أو ماليين السنين‪ .‬فإن المؤمنين لم ينتفعوا وال‬
‫ينتفعون من إمامهم الغائب ‪ -‬عجل اهلل تعالى فرجه ‪ -‬يف‬
‫األصول والفروع‪ ،‬وما يقال بخالف ذلك فهو تخيل وتوهم‬
‫ولعب بالعقول»‪.‬‬
‫‪ -3‬قال يف (‪ )82/1‬هامش رقم (‪« :)1‬وعمدة اإلشكال على‬
‫هذا الوجه أن األحكام الشرعية الفقهية لم تصل إلينا معشر‬
‫الموجودين يف عصر غيبة اإلمام ڠ وال نقدر على تحصيلها‬
‫بوجه‪ .‬وتقصير الموجودين يف حياة األئمة ال يتعلق بنا‪ ،‬وأي‬

‫((( كتاب (شرح منهاج الكرامة)‪ ،‬لعالمهم علي الميالين‪.)264/1( ،‬‬


‫‪12‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫فائدة لهذه األحكام المخزونة عند األئمة‪ :‬والمكلفون‬


‫يحرمون منها يف أكثر من ألف سنة ولعله يف ألف مليون سنة»‪.‬‬
‫ولما وجد علماء اإلمامية أن غيبة اإلمام الثاين عشر تجعلهم‬
‫َّ‬
‫ٍ‬
‫ضعف كبير أمام مخالفيهم – لعدم انتفاع الشيعة بإمامته‬ ‫يف موطن‬
‫ال يف دينهم وال دنياهم – حاولوا التعليل والتربير بإيراد ٍ‬
‫علة لغيبته‬
‫ُيقنعوا هبا شيعتَهم وهي خوفه على النفس من بطش الظالمين‬
‫وسعيهم الجاد الحثيث لقتله واستئصاله‪ ،‬فمما أوردوه يف ذلك ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬روى ثقتهم محمد بن يعقوب الكليني‪« :‬عن زرارة قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد اهلل ڠ يقول‪ :‬إن للقائم ڠ غيبة قبل أن‬
‫يقوم‪ ،‬قلت‪ :‬ول ِ َم؟ قال‪ :‬إنه يخاف ‪ -‬وأومأ بيده إلى بطنه ‪-‬‬
‫يعني القتل»(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬روى ثقتهم الكليني أيضًا‪« :‬عن زرارة قال‪ :‬سمعت أبا عبد اهلل‬
‫ڠ يقول‪ :‬إن للقائم غيبة قبل أن يقوم‪ ،‬إنه يخاف ‪ -‬وأومأ‬
‫بيده إلى بطنه ‪ -‬يعني القتل»(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬يقول الشريف المرتضى الملقب عندهم بعلم الهدى‪« :‬فنقول‪:‬‬
‫السبب يف الغيبة هو إخافة الظالمين له‪ ..‬وإذا خاف على نفسه‬

‫((( كتاب (الكايف)‪ ،‬لثقتهم محمد بن يعقوب الكليني‪.)338/1( ،‬‬


‫((( المصدر السابق‪.)340/1( ،‬‬
‫‪13‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫وجبت غيبته»(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬يقول شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪« :‬قلنا‪ :‬مما‬
‫نقطع على أنه سبب لغيبة اإلمام هو خوفه على نفسه بالقتل‬
‫بإخافة الظالمين إياه‪ ..‬وإذا خاف على نفسه وجبت غيبته»(‪،)2‬‬
‫وقال أيضًا‪« :‬ال علة تمنع من ظهوره إال خوفه على نفسه من‬
‫القتل»(‪.)3‬‬
‫‪ -5‬يقول عالمتهم أبو علي الطربسي‪« :‬فنقول‪ :‬الوجه يف غيبته‬
‫ڠ هو خوفه على نفسه‪ ،‬ومن خاف على نفسه احتاج إلى‬
‫االستتار»(‪.)4‬‬
‫‪ -6‬يقول مرجعهم الكبير جعفر كاشف الغطاء‪« :‬حيث كان الباعث‬
‫لغيبته ما يخشاه على نفسه من أهل الجور والطغيان»(‪.)5‬‬
‫‪ -7‬يقول عالمتهم محسن األمين‪« :‬مع أن السبب يف الغيبة ظاهر‬
‫وهو الخوف على النفس ولو كان على ما دون النفس لوجب‬

‫((( كتاب (رسائل المرتضى)‪ ،‬للشريف المرتضى‪.)295/2( ،‬‬


‫((( كتاب (الغيبة)‪ ،‬لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪( ،‬ص ‪.)90‬‬
‫((( المصدر السابق‪( ،‬ص ‪.)329‬‬
‫((( كتاب (إعالم الورى بأعالم الهدى)‪ ،‬لعلمهم أبي علي الفضل بن الحسن‬
‫الطربسي‪.)299/2( ،‬‬
‫((( كتاب (كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء)‪ ،‬لمرجعهم الكبير جعفر‬
‫كاشف الغطاء‪.)64/1( ،‬‬
‫‪14‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الظهور والتحمل»(‪.)1‬‬
‫‪ -8‬يقول آيتهم العظمى ومحققهم جعفر السبحاين‪« :‬فإن أسباب‬
‫غيبته‪ ،‬واضحة لمن أمعن فيما ورد حولها من الروايات‪ ،‬فلو‬
‫كان ظاهر ًا‪ ،‬ألقدموا على قتله‪ ،‬إطفا ًء لنوره‪ ،‬فألجل ذلك‬
‫اقتضت المصلحة ان يكون مستورا عن أعين الناس‪ ..‬وقد‬
‫ورد يف بعض الروايات إشارة إلى هذه النكتة‪ ،‬روى زرارة قال‪:‬‬
‫سمعت أبا جعفر ‪ -‬الباقر ڠ ‪ -‬يقول‪ :‬إن للقائم غيبة قبل أن‬
‫يقوم‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪َ :‬ول ِ َم؟ قال‪ :‬يخاف‪ .‬قال زارة‪ :‬يعني القتل‪.‬‬
‫ويف رواية أخرى‪ :‬يخاف على نفسه الذبح»‬
‫(‪)2‬‬

‫((( كتاب (أعيان الشيعة)‪ ،‬لمرجعهم وعالمتهم محسن األمين‪.)62/2( ،‬‬


‫((( كتاب (األئمة االثني عشر)‪ ،‬آليتهم العظمى ومحققهم جعفر السبحاين‪( ،‬ص‬
‫‪ ،)222‬وكذلك كتاب (محاضرات يف اإللهيات)(ص ‪ ،)396-395‬وكذلك‬
‫كتابه (أضواء على عقائد الشيعة اإلمامية)(ص ‪.)231‬‬
‫‪15‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الفصل األول‪:‬‬
‫استعراض عام لإلشكال وأجوبتهم عليه‬
‫سنتعرض يف هذا الفصل لمادة اإلشكال ومضمونه ومواطن‬
‫وروده وذلك يف عدة مطالب وكما يلي‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬عرض مادة اإلشكال‬


‫بعد أن استعرضنا يف التمهيد إشكالية غيبة اإلمام الثاين عشر‬
‫وحرمان الشيعة من االنتفاع منه يف دينهم ودنياهم‪ ،‬ثم بينا تعليلهم‬
‫غيبته بخوفه على نفسه من القتل‪ ،‬أورد عليهم أهل السنة إشكا ً‬
‫ال‬
‫قويًا مفاده‪:‬‬
‫َّ‬
‫أن هذه العلة ‪ -‬الخوف من القتل ‪ -‬كانت موجودة يف آبائه من‬
‫األئمة المعصومين السابقين له‪ ،‬ومع ذلك كانوا ظاهرين فلم يسترت‬
‫منهم أحد‪ ،‬فلماذا لم يظهر كما ظهر آباؤه؟!‬

‫املطلب الثاني‪ :‬مواطن ورود اإلشكال يف مصادر أهل السنة‬


‫لقد أثار هذا اإلشكال بعض علماء أهل السنة يف مواطن الرد‬
‫على الشيعة‪ ،‬وذلك يف عدة مصادر‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬ينقل الشريف المرتضى هذا اإلشكال على لسان القاضي‬
‫عبد الجبار المعتزلي من كتابه المغني‪ ،‬بقوله‪« :‬وقد سألهم‬

‫‪16‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫أصحابنا يف الغيبة‪ ،‬وأن سببها إن كان الخوف من الظهور فقد‬


‫كان يجب أن تحصل غيبة األئمة يف أيام بني أمية ألن خوفهم‬
‫كان أكثر‪ ،‬وكذلك يف كثير من أيام بني العباس‪ ،‬ثم لم يمنع ذلك‬
‫من ظهورهم‪ ،‬فكيف وجبت الغيبة يف هذه األيام والخوف ال‬
‫يزيد فيها على ما قد كان من قبل»(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬أثار هذا اإلشكال شيخ اإلسالم ابن تيمية قائالً‪« :‬وإذا قالوا‬
‫إن الناس بسبب ظلمهم احتجب عنهم‪ ،‬قيل أو ً‬
‫ال كان الظلم‬
‫موجود ًا يف زمن آبائه ولم يحتجبوا»(‪.)2‬‬
‫«و َما‬‫‪ -3‬أثاره أيضًا شيخ اإلسالم ابن تيمية يف كتاب آخر قائالً‪َ :‬‬
‫ون آبائِ ِه ا َّل ِذين كَانُوا موج ِ‬
‫ودي َن َق ْب َل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ا َّلذي َس َّو َغ َل ُه َهذه ا ْل َغ ْي َب َة ُد َ َ‬
‫ف َع َلى آ َبائِ ِه ك َ‬
‫َان َأ َشدَّ‬ ‫ف‪ .‬قِ َيل‪ :‬ا ْل َخ ْو ُ‬‫َم ْوتِ ِه ْم؟ َفإِ ْن َقا ُلوا‪ :‬ا ْل َخ ْو ُ‬
‫اء‪َ .‬و َقدْ ُحبِ َس َب ْع ُض ُه ْم َو ُقتِ َل َب ْع ُض ُه ْم»(‪.)3‬‬ ‫بِلاَ نِ َزا ٍع بين ا ْلع َلم ِ‬
‫َْ َ ُ َ‬

‫املطلب الثالث‪ :‬مواطن ورود اإلشكال يف مصادر الشيعة‬


‫اإلمامية‬
‫لقد أورد هذا اإلشكال علماء الشيعة اإلمامية يف مصادرهم‬
‫لغرض الرد عليه‪ ،‬فمنهم‪:‬‬

‫((( كتاب (الشايف يف اإلمامة)‪ ،‬للشريف المرتضى‪.)143/3( ،‬‬


‫((( كتاب (منهاج السنة النبوية)‪ ،‬لشيخ اإلسالم ابن تيمية‪.)90/4( ،‬‬
‫((( كتاب (مجموع الفتاوى)‪ ،‬لشيخ اإلسالم ابن تيمية‪.)454/27( ،‬‬
‫‪17‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ -1‬ينقله شيخهم األعظم المفيد قائالً‪« :‬سأل بعض المخالفين‬


‫فقال‪ :‬ما السبب الموجب الستتار إمام الزمان ڠ وغيبته‬
‫التي قد طالت مدهتا وامتدت هبا األيام‪ ،‬ثم قال‪ :‬فإن قلتم‪ :‬إن‬
‫سبب ذلك صعوبة الزمان عليه بكثرة أعدائه وخوفه منهم على‬
‫نفسه‪ ،‬قيل لكم‪ :‬فقد كان الزمان األول على آبائه عليهم السالم‬
‫أصعب‪ ،‬وأعداؤهم فيما مضى أكثر‪ ،‬وخوفهم على نفسهم‬
‫أشد وأكثر‪ ،‬ولم يسترتوا مع ذلك وال غابوا عن أشياعهم‪ ،‬بل‬
‫كانوا ظاهرين حتى أتاهم اليقين‪ ،‬وهذا يبطل اعتاللكم يف غيبة‬
‫صاحب الزمان عنكم واستتاره فيما ذكرتموه»(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬نقله أيضًا شيخهم المفيد قائالً‪« :‬فأما الكالم يف الفصل الرابع‪،‬‬
‫وهو‪ :‬االستبعاد الداع (كذا) للحسن ڠ إلى سرت ولده‪،‬‬
‫وتدبير األمر يف إخفاء شخصه‪ ،‬والنهي لشيعته عن البينونة‬
‫بتسميته وذكره‪ ،‬مع كثرة الشيعة يف زمانه وانتشارهم يف البالد‬
‫وثروهتم باألموال وحسن األحوال‪ ،‬وصعوبة الزمان فيما‬
‫سلف على آبائه عليهم السالم واعتقاد ملوكه فيهم‪ ،‬وشدّ‬
‫غلظهم على الدائنين بإمامتهم‪ ،‬واستحاللهم الدماء واألموال‪،‬‬
‫ولم يدعهم ذلك إلى سرت ولدهم وال مؤهل األمر من بعدهم‪.‬‬
‫وقول الخصوم‪ :‬إن هذا متناقض يف أحوال العقالء»(‪.)2‬‬

‫((( كتاب (رسائل يف الغيبة)‪ ،‬لشيخهم المفيد‪.)11/4( ،‬‬


‫((( كتاب (المسائل العشر يف الغيبة)‪ ،‬لشيخهم المفيد‪( ،‬ص ‪.)73‬‬
‫‪18‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ -3‬أورده الشريف المرتضى قائالً‪« :‬فأما قوله‪« :‬إن الغيبة إن كان‬


‫الخوف سببها فقد كان يجب أن يحصل غيبة األئمة يف أيام بني‬
‫أمية‪ ،‬وكثير من أيام بني العباس ألن الخوف كان هناك أظهر‬
‫وأكثر»(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬أورده أيضًا الشريف المرتضى تحت عنوان‪( :‬ل ِ َم َل ْم يسترت‬
‫األئمة السابقون عليهم السالم) قائالً‪« :‬فإن قيل‪ :‬إن كان‬
‫الخوف أحوجه إلى االستتار‪ ،‬فقد كان آباؤه عندكم يف تقية‬
‫وخوف من أعدائهم‪ ،‬فكيف لم يسترتوا؟!»(‪.)2‬‬
‫‪ -5‬نقل اإلشكال شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي قائالً‪:‬‬
‫«فإن قيل‪ :‬إذا كان الخوف أحوجه إلى االستتار فقد كان آباؤه‬
‫عليهم السالم عندكم على تقية وخوف من أعدائهم‪ ،‬فكيف‬
‫لم يسترتوا؟!»(‪.)3‬‬
‫‪ -6‬كرر نقله شيخ الطائفة الطوسي أيضًا تحت عنوان (فصل يف‬
‫ذكر العلة المانعة لصاحب األمر ڠ من الظهور) قائالً‪« :‬إن‬
‫قيل‪ :‬أليس آباؤه عليهم السالم كانوا ظاهرين ولم يخافوا وال‬

‫((( كتاب (الشايف يف اإلمامة)‪ ،‬للشريف المرتضى‪.)149-148/3( ،‬‬


‫((( كتاب (المقنع يف الغيبة)‪ ،‬للشريف المرتضى‪( ،‬ص ‪.)55-54‬‬
‫((( كتاب (الغيبة)‪ ،‬لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪( ،‬ص ‪.)92‬‬
‫‪19‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫صاروا بحيث ال يصل إليهم أحد؟!»(‪.)1‬‬


‫‪ -7‬ينقله عالمتهم أبو الفتح الكراجكي بقوله‪« :‬فإن قال السائل‬
‫إن آباءه عليهم السالم قد كانوا أيضا يف زمان مخافة وأوقات‬ ‫َّ‬
‫صعبة َفلِ َم لم يسترتوا كما استرتوا وما الفرق بينهم وبينه يف‬
‫هذا األمر؟»(‪.)2‬‬
‫‪ -8‬يقول عالمتهم علي اليزدي الحائري‪« :‬فإن قيل‪ :‬أليس آباؤه‬
‫كانوا ظاهرين ولم يخافوا وال صاروا بحيث ال يصل إليهم‬
‫أحد؟»(‪.)3‬‬
‫‪ -9‬ينقله عالمتهم محسن األمين قائال‪« :‬فإن قيل األئمة قبله كانوا‬
‫يخافون على أنفسهم وبعضهم قتل غيلة بالسم وبعضهم‬
‫بالسيف وقد أظهروا أنفسهم وكثير من األنبياء أظهروا دعوهتم‬
‫وإن أ َّدت إلى قتلهم»(‪.)4‬‬
‫‪ -10‬وأخير ًا ينقله كبير محدثيهم ابن بابويه القمي المل َّقب بالصدوق‬
‫قائالً‪« :‬وقد يعرتض معرتض جاهل بآثار الحكمة‪ ،‬غافل عن‬

‫((( المصدر السابق‪( ،‬ص ‪.)330‬‬


‫((( كتاب (كنز الفوائد)‪ ،‬لعالمتهم أبي الفتح الكراجكي‪( ،‬ص ‪.)175-174‬‬
‫((( كتاب (إلزام الناصب يف إثبات الحجة الغائب)‪ ،‬لعالمتهم علي اليزدي‬
‫الحائري‪.)380/1( ،‬‬
‫((( كتاب (أعيان الشيعة)‪ ،‬لعالمتهم محسن األمين العاملي‪.)62/1( ،‬‬
‫‪20‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫مستقيم التدبير ألهل الملة بأن يقول‪ :‬ما بال الغيبة وقعت‬
‫بصاحب زمانكم هذا دون من تقدَّ م من آبائه األئمة بزعمكم‬
‫وقد نجد شيعة آل محمد عليهم السالم يف زماننا هذا أحسن‬
‫حا ً‬
‫ال وأرغد عيشًا منهم يف زمن بني أمية إذ كانوا يف ذلك الزمان‬
‫مطالبين بالرباءة من أمير المؤمنين ڠ إلى غير ذلك من‬
‫أحوال القتل والتشريد‪ .‬وهم يف هذا الحال وادعون سالمون‪،‬‬
‫قد كثرت شيعتهم وتوافرت أنصارهم وظهرت كلمتهم بمواالة‬
‫كرباء أهل الدولة لهم وذوي السلطان والنجدة منهم»(‪.)1‬‬

‫املطلب ال��راب��ع‪ :‬بيان ع��ام ألج��وب��ة علماء اإلم��ام��ي��ة عن‬


‫اإلشكال‬
‫لقد تصدّ ى للرد على هذا اإلشكال كبار أعالم الشيعة اإلمامية‬
‫ليثبتوا صحة معتقدهم من جهة‪ ،‬وليبقوا أتباعهم بمنأى عن تطرق‬
‫الشك إليهم‪ ،‬نظر ًا لقوة اإلشكال وموضوعيته‪ ،‬وبالفعل وجدهتم‬
‫أجابوا عن اإلشكال بجوابين وكما يلي‪:‬‬

‫الجواب األول‪:‬‬
‫أثبتوا فيه انتفاء خطر القتل بحق األئمة المتقدمين ما داموا‬
‫ملتزمين بالتقية وعدم الخروج بالسيف‪.‬‬

‫((( كتاب (كمال الدين وتمام النعمة)‪ ،‬لكبير محدثيهم ابن بابويه القمي‪( ،‬ص‬
‫‪.)48-45‬‬
‫‪21‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الجواب الثاين‪:‬‬
‫حتى لو س َّل ْمنا بأن خطر القتل كان يتهدد الجميع‪ ،‬فهناك ٌ‬
‫فرق‬
‫جوهري بين الحالين‪ ،‬وهو أن يف حال قتل أحد األئمة (األحد‬
‫عشر) المتقدمين فهناك بديل يقوم مقامه ويكمل مسيرة اإلمامة‪،‬‬
‫وأما اإلمام الثاين عشر فهو األخير وال بديل يقوم مقامه حال قتله‪،‬‬
‫فتحتم عليه الغيبة واالختباء بخالف آبائه‪.‬‬
‫وأما مناقشة هذين الجوابين بوضعها تحت مجهر النقد‬
‫فن ُْر ِج ُئه للفصول القادمة فرتقب؛ إذ سرتى فيه تخبطًا ونسفًا‬
‫ألصولهم وثوابتهم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫استعراض تفصيلي جلوابهم األول عن اإلشكال‬
‫بعد أن استعرضنا مادة اإلشكال والذي مفاده‪:‬‬
‫إن كانت ِع َّل ُة غيبة اإلمام الثاين عشر هي الخوف من القتل‪،‬‬
‫ْ‬
‫فقد كانت هذه العلة موجودة يف زمن آبائه – األئمة المعصومين‬
‫السابقين له ‪ -‬ومع ذلك كانوا ظاهرين فلم يستتر منهم أحد‪ ،‬فلماذا‬
‫لم يظهر كما ظهر آباؤه؟!‬
‫ثم عرضنا ُمجمل جواهبم األول عن اإلشكال والذي مفاده‪:‬‬
‫انتفاء خطر القتل بحق آبائه من األئمة من قبل الحكام‪ ،‬ما‬
‫داموا ُم َك َّلفين بالتزام التقية وعدم الخروج بالسيف‪ ،‬بخالف الثاين‬
‫عشر المك َّلف بالقيام بالسيف‪ ،‬وبالتالي فال يتهدد األئمة خطر القتل‬
‫كما يتهدد اإلمام الثاين عشر‪.‬‬
‫وهذا الجواب قد صرح به أبرز أعمدة التشيع اإلمامية فمنهم‪:‬‬
‫‪ -1‬يقول شيخهم األعظم المفيد‪« :‬فليس األمر كما ظنوه‪ ،‬وال كان‬
‫على ما استبعدوه‪ .‬والذي دعا الحسن إلى سرت ولده‪ ،‬وكتمان‬
‫والدته‪ ،‬وإخفاء شخصه‪ ،‬واالجتهاد يف إهمال ذكره بما خرج‬
‫إلى شيعته من النهي عن اإلشارة إليه‪ ،‬وحظر تسميته‪ ،‬ونشر‬
‫الخرب بالنص عليه شئ ظاهر‪ ،‬لم يكن يف أوقات آبائه عليهم‬

‫‪23‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫السالم‪ ،‬فيدعونه من سرت أوالدهم إلى ما دعاه إليه‪ ،‬وهو‪ :‬أن‬


‫ملوك الزمان إذ ذاك كانوا يعرفون من رأي األئمة عليهم السالم‬
‫التقية‪ ،‬وتحريم الخروج بالسيف على الوالة‪ ،‬وعيب من فعل‬
‫ذلك من بني عمهم ولومهم عليه‪ ،‬وأنه ال يجوز عندهم تجريد‬
‫السيف حتى تركد الشمس عند زوالها‪ ،‬ويسمع نداء من‬
‫السماء باسم رجل بعينه‪ ،‬ويخسف بالبيداء‪ ،‬ويقوم آخر أئمة‬
‫الحق بالسيف ليزيل دولة الباطل‪ .‬وكانوا ال َي ْك ُبرون بوجود‬
‫من يوجد منهم‪ ،‬وال بظهور شخصه‪ ،‬وال بدعوة من يدعو إلى‬
‫إمام‪ ،‬ألماهنم مع ذلك من فتق يكون عليهم به‪ ،‬والعتقادهم‬
‫قلة عدد من يصغي إليهم يف دعوى اإلمامة لهم‪ ،‬أو يصدقهم‬
‫فيما يخربون به من منتظر يكون لهم‪ .‬فلما جاز وقت وجود‬
‫المرتقب لذلك‪ ،‬المخوف منه القيام بالسيف‪ ،‬ووجدنا الشيعة‬
‫اإلمامية مطبقة على تحقيق أمره وتعيينه واإلشارة إليه دون‬
‫غيره‪ ،‬بعثهم ذلك على طلبه وسفك دمه‪َّ ..‬‬
‫أن من سلف من‬
‫آبائه عليهم السالم يأمن مع ظهوره‪ ،‬وأنه هو لو ظهر لم يأمن‬
‫على دمه»(‪.)1‬‬

‫‪ -2‬قال الشيخ المفيد أيضًا‪« :‬الجواب وباهلل التوفيق‪ :‬إن اختالف‬


‫حالتي صاحب الزمان وآبائه عليه وعليهم السالم فيما يقتضيه‬
‫استتاره اليوم وظهوره‪ ،‬إذ ذاك يقضي بطالن ما توهمه الخصم‬

‫((( كتاب (المسائل العشر يف الغيبة)‪ ،‬للشيخ المفيد‪( ،‬ص ‪.)75-73‬‬


‫‪24‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫وادعاه من سهولة هذا الزمان على صاحب األمر ڠ‬


‫وصعوبته على آبائه عليهم السالم فيما سلف‪ ،‬وقلة خوفه‬
‫اليوم وكثرة خوف آبائه فيما سلف‪ ،‬وذلك أنه لم يكن أحد‬
‫ف القيام بالسيف مع ظهوره‪ ،‬وال‬ ‫من آبائه عليهم السالم ُك ِّل َ‬
‫ُأ ْل ِز َم برتك التقية‪ ،‬وال ألزم الدعاء إلى نفسه حسبما َك َّلفه إمام‬
‫زماننا‪ ،‬هذا بشرط ظهوره ڠ‪ ،‬وكان من مضى من آبائه‬
‫صلوات اهلل عليهم قد أبيحوا التقية من أعدائهم‪ ،‬والمخالطة‬
‫لهم‪ ،‬والحضور يف مجالسهم وأذاعوا تحريم إشهار السيوف‬
‫على أنفسهم‪ ،‬وخطر الدعوة إليها‪ .‬وأشاروا إلى منتظر يكون‬
‫يف آخر الزمان منهم يكشف اهلل به الغمة‪ ،‬ويحيي ويهدي به‬
‫األمة‪ ،‬ال تسعه التقية‪ ،‬عند ظهوره ينادي باسمه يف السماء‬
‫المالئكة الكرام‪ ،‬ويدعو إلى بيعته جربئيل وميكائيل يف األنام‪،‬‬
‫أمارات القيامة يف األرض والسماء‪ ،‬ويحيا عند‬
‫ُ‬ ‫وتظهر قبله‬
‫ظهوره أموات‪ ،‬و ُت َر ِّو ُع آيات قيامه وهنوضه باألمر األبصار‪.‬‬
‫فلما ظهر ذلك عن السلف الصالح من آبائه عليهم السالم‪،‬‬
‫وتحقق ذلك عند سلطان كل زمان وملك كل أوان‪ ،‬وعلموا‬
‫أهنم ال يتدينون بالقيام بالسيف‪ ،‬وال يرون الدعاء إلى مثله‬
‫على أحد من أهل الخالف‪ ،‬وأن دينهم الذي يتقربون به إلى‬
‫اهلل عز وجل التقية‪ ،‬وكف اليد‪ ،‬وحفظ اللسان‪ ،‬والتوفر على‬
‫العبادات‪ ،‬واالنقطاع إلى اهلل عز وجل باألعمال الصالحات‪،‬‬

‫‪25‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫أمنوهم على أنفسهم مطمئنين بذلك إلى ما يدبرونه من شأهنم‪،‬‬


‫ويحققونه من دياناهتم‪ ،‬وكفوا بذلك عن الظهور واالنتشار‪،‬‬
‫واستغنوا به عن التغيب واالستتار‪ .‬ولما كان إمام هذا الزمان‬
‫ڠ هو المشار إليه بسل السيف من أول الدهر يف تقادم‬
‫األيام المذكورة‪ ،‬والجهاد ألعداء اهلل عند ظهوره‪ ،‬ورفع التقية‬
‫عن أوليائه‪ ،‬والزامه لهم بالجهاد‪ ،‬وأنه المهدي الذي يظهر‬
‫اهلل به الحق‪ ،‬ويبيد بسيفه الضالل‪ ،‬وكان المعلوم أنه ال يقوم‬
‫بالسيف إال مع وجود األنصار واجتماع الحفدة واألعوان‪،‬‬
‫ولم يكن أنصاره ڠ عند وجوده متهيئين إلى هذا الوقت‬
‫موجودين‪ ،‬وال على نصرته مجمعين‪ ،‬وال كان يف األرض من‬
‫شيعته طرا من يصلح للجهاد وإن كانوا يصلحون لنقل اآلثار‬
‫وحفظ األحكام والدعاء له بحصول التمكن من ذلك إلى اهلل‬
‫عز وجل‪ ،‬لزمته التقية‪ ،‬ووجب فرضها عليه كما فرضت على‬
‫آبائه عليهم السالم‪ ،‬ألنه لو ظهر بغير أعوان أللقى بيده إلى‬
‫التهلكة‪ ،‬ولو أبدى شخصه لألعداء لم يألوا جهدا يف إيقاع‬
‫الضرر به‪ ،‬واستئصال شيعته‪ ،‬وإراقة دمائهم على االستحالل‪،‬‬
‫فيكون يف ذلك أعظم الفساد يف الدين والدنيا‪ ،‬ويخرج به ڠ‬
‫عن أحكام الدين وتدبير الحكماء»(‪.)1‬‬
‫‪ -3‬يقول الشريف المرتضى الملقب عندهم بعلم الهدى‪« :‬فإن‬

‫((( كتاب (رسائل يف الغيبة)‪ ،‬للشيخ المفيد‪.)13-11/4( ،‬‬


‫‪26‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫قيل‪ :‬إن كان الخوف أحوجه إلى االستتار‪ ،‬فقد كان آباؤه‬
‫عندكم يف تقية وخوف من أعدائهم‪ ،‬فكيف لم يسترتوا؟!‬
‫قلنا‪ :‬ما كان على آبائهم عليهم السالم خوف من أعدائهم‪،‬‬
‫مع لزومهم التقية‪ ،‬والعدول عن التظاهر باإلمامة‪ ،‬ونفيها عن‬
‫نفوسهم‪ .‬وإمام الزمان كل الخوف عليه‪ ،‬ألنه يظهر بالسيف‬
‫ويدعو إلى نفسه ويجاهد من خالف عليه‪ .‬فأي نسبة بين‬
‫خوفه من األعداء‪ ،‬وخوف آبائه عليهم السالم منهم‪ ،‬لوال قلة‬
‫التأمل؟!»(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬يقول الشريف المرتضى أيضًا‪« :‬وأما الفرق بينه وبين آبائه‬
‫عليهم السالم فواضح‪ ،‬ألن خوف من يشار إليه بأنه القائم‬
‫المهدي الذي يظهر بالسيف ويقهر األعداء ويزيل الدول‬
‫والممالك‪ ،‬ال يكون كخوف غيره ممن يجوز له مع الظهور‬
‫التقية ومالزمة منزله‪ ،‬وليس من تكليفه وال مما سبق أنه‬
‫يجري على يده الجهاد واستيصال الظالمين»(‪.)2‬‬
‫‪ -5‬وقال الشريف المرتضى أيضًا‪« :‬والفرق بينه وبين آبائه عليهم‬
‫السالم أنه ظاهر بالسيف‪ ،‬ويدعو إلى نفسه‪ ،‬ويجاهد من‬
‫خالفه‪ ،‬ويزيل الدول‪ .‬فأي نسبة بين خوفه من األعداء وخوف‬

‫((( كتاب (المقنع يف الغيبة)‪ ،‬للشريف المرتضى‪ ،‬تحت عنوان (ل ِ َم َل ْم يسترت األئمة‬
‫السابقون عليهم السالم)‪( ،‬ص ‪.)55-54‬‬
‫((( كتاب (تنزيه األنبياء)‪ ،‬للشريف المرتضى‪( ،‬ص ‪.)234‬‬
‫‪27‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫آبائه عليهم السالم لوال قلة التأمل»(‪.)1‬‬


‫‪ -6‬قال الشريف المرتضى أيضًا‪« :‬فأول ما نقوله يف ذلك‪ :‬إن األمر‬
‫بخالف ما ظنه من زيادة الخوف يف تلك األيام على غيرها‪،‬‬
‫ألنا نعلم َّ‬
‫أن من عدا إمام زماننا ڠ من آبائه عليهم السالم لم‬
‫يكن أحد منهم يدعى له‪ ،‬ويحكم فيه‪ ،‬وينتظر منه إظهار العدل‬
‫يف مشارق األرض ومغارهبا وابتزاز األمر من أيدي الجائرين‬
‫والمتغلبين‪ ،‬وال أنه صاحب الزمان‪ ،‬والمهدي المنتظر‬
‫إلصالح ما فسد من األمور‪ ،‬وارتجاع ما غصب من الحقوق‪،‬‬
‫وهذا كله موجود يف إمامة صاحب الزمان مفقود يف إمامة‬
‫من تقدمه من آبائه سالم اهلل عليهم أجمعين‪ ..‬فكيف يجمع‬
‫منصف بين أحوال صاحب الزمان مع ما ذكرناه وأحوال‬
‫من تقدم من آبائه عليهم السالم فيما يقتضي الخوف والغيبة‬
‫واالستتار واألمن‪ ،‬وكيف يضم يف باب الخوف والتقية من‬
‫المتملكين لألمور‪ ،‬والمستبدين بالدول بين من ال يخافونه‬
‫على ما يف أيديهم وال ينازعهم شيئا من أمورهم‪ ،‬وال يقضى‬
‫له وال يدعى فيه أنه المنصور عليهم‪ ،‬والسالب لنعمتهم‪ ،‬وبين‬
‫من تجتمع فيه هذه الصفات‪ ،‬والفرق بين هذين األمرين فيما‬
‫يدعو إلى الخوف والتقية أوضح من أن يطنب فيه»(‪.)2‬‬

‫((( كتاب (رسائل الشريف المرتضى)‪ ،‬للشريف المرتضى‪.)297-296/2( ،‬‬


‫((( كتاب (الشايف يف اإلمامة)‪ ،‬للشريف المرتضى‪.)149-148/3( ،‬‬
‫‪28‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ -7‬قال شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪« :‬فإن قيل‪ :‬إذا‬


‫كان الخوف أحوجه إلى االستتار فقد كان آباؤه عليهم السالم‬
‫عندكم على تقية وخوف من أعدائهم‪ ،‬فكيف لم يسترتوا؟‬
‫قلنا‪ :‬ما كان على آبائه عليهم السالم خوف من أعدائهم‪ ،‬مع‬
‫لزوم التقية والعدول عن التظاهر باإلمامة ونفيها عن نفوسهم‪،‬‬
‫وإمام الزمان ڠ كل الخوف عليه‪ ،‬ألنه يظهر بالسيف‪،‬‬
‫ويدعو إلى نفسه‪ ،‬ويجاهد من خالفه عليه‪ ،‬فأي نسبة بين خوفه‬
‫من األعداء وخوف آبائه عليهم السالم لوال قلة التأمل»(‪.)1‬‬
‫‪ -8‬قال شيخ الطائفة الطوسي أيضًا‪« :‬قلنا‪ :‬آباؤه عليهم السالم‬
‫حالهم بخالف حاله‪ ،‬ألنه كان المعلوم من حال آبائه لسالطين‬
‫الوقت وغيرهم أهنم ال يرون الخروج عليهم‪ ،‬وال يعتقدون أهنم‬
‫يقومون بالسيف ويزيلون الدول‪ ،‬بل كان المعلوم من حالهم‬
‫َ‬
‫السلطان اعتقا ُد من‬ ‫يضر‬
‫أهنم ينتظرون مهد ّيًا لهم‪ ،‬وليس ُّ‬
‫يعتقد إمامتهم إذا أمنوهم على مملكتهم (ولم يخافوا جانبهم)‪.‬‬
‫وليس كذلك صاحب الزمان ڠ‪ ،‬ألن المعلوم منه أنه يقوم‬
‫بالسيف ويزيل الممالك ويقهر كل سلطان ويبسط العدل‬
‫ويميت الجور‪ ،‬فمن هذه صفته يخاف جانبه ويتقى فورته‪،‬‬
‫رصد‪ ،‬و ُيوضع العيون عليه‪ ،‬و ُيعنى به خوفًا من َو ْث َبتَه‪،‬‬
‫ف ُيتت َّبع و ُي َ‬
‫وريب ًة من َت َم ُّكنه فيخاف حينئذ و ُيحوج إلى التحرز واالستظهار‪،‬‬

‫((( كتاب (الغيبة)‪ ،‬لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪( ،‬ص ‪.)93-92‬‬
‫‪29‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫بأن يخفي شخصه عن كل من ال يأمنه من ولي وعدو إلى وقت‬


‫خروجه»(‪.)1‬‬
‫‪ -9‬وقال شيخ الطائفة الطوسي أيضًا‪« :‬والفرق بين االستتار‬
‫وظهور آبائه عليهم السالم لم يكن المعلوم من حالهم أهنم‬
‫يقومون باألمر ويزيلون الدول و َي ْظ َهرون بالسيف ويقومون‬
‫بالعدل و ُيميتون الجور‪ ،‬وصاحب الزمان بالعكس من ذلك‪،‬‬
‫ولهذا يكون مطلوبا مرموقا‪ ،‬واألولون ليسوا كذلك»(‪.)2‬‬
‫‪ -10‬يقول رئيس محدثي الشيعة اإلمامية أبو جعفر محمد بن‬
‫علي بن الحسين بن بابويه القمي الملقب عندهم بالصدوق‪:‬‬
‫«جواب عن اعرتاض‪ :‬وقد يعرتض معرتض جاهل بآثار‬
‫الحكمة‪ ،‬غافل عن مستقيم التدبير ألهل الملة بأن يقول‪ :‬ما‬
‫بال الغيبة وقعت بصاحب زمانكم هذا دون من تقدم من آبائه‬
‫األئمة بزعمكم وقد نجد شيعة آل محمد عليهم السالم يف‬
‫زماننا هذا أحسن حا ً‬
‫ال وأرغد عيشًا منهم يف زمن بني أمية إذ‬
‫كانوا يف ذلك الزمان مطالبين بالرباءة من أمير المؤمنين ڠ‬
‫إلى غير ذلك من أحوال القتل والتشريد‪ .‬وهم يف هذا الحال‬
‫وادعون سالمون‪ ،‬قد َك ُثرت شيعتُهم وتوافرت أنصارهم‬

‫((( المصدر السابق‪( ،‬ص ‪.)330‬‬


‫((( كتاب (االقتصاد)‪ ،‬لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪( ،‬ص ‪.)234‬‬
‫‪30‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫وظهرت كلمتهم بمواالة كرباء أهل الدولة لهم وذوي‬


‫السلطان والنجدة منهم‪ .‬فأقول ‪ -‬وباهلل التوفيق ‪ :-‬إن الجهل‬
‫غير معدوم من ذوي الغفلة وأهل التكذيب والحيرة‪ ،‬وقد تقدم‬
‫من قولنا أن ظهور حجج اهلل عليهم السالم واستتارهم جرى يف‬
‫وزن الحكمة حسب اإلمكان والتدبير ألهل اإليمان‪ ،‬وإذا كان‬
‫ذلك كذلك فليقل ذو والنظر والتمييز‪ :‬إن األمر اآلن ‪ -‬وإن كان‬
‫أصعب والمحنة أشدُّ مما تقدم من أزمنة‬
‫ُ‬ ‫الحال كما وصفت ‪-‬‬
‫األئمة السالفة عليهم السالم وذلك أن األئمة الماضية أسروا‬
‫يف جميع مقاماهتم إلى شيعتهم والقائلين بواليتهم والمائلين‬
‫من الناس إليهم حتى تظاهر ذلك بين أعدائهم أن صاحب‬
‫السيف هو الثاين عشر من األئمة عليهم السالم وأنه ڠ ال‬
‫يقوم حتى تجيئ صيحة من السماء باسمه واسم أبيه واألنفس‬
‫أحست‪ ،‬فكان ذلك‬ ‫مبن ّية على نشر ما سمعت وإذاعة ما َّ‬
‫منتشرا بين شيعة آل محمد صلى اهلل عليه وآله وعند مخالفيهم‬
‫من الطواغيت وغيرهم وعرفوا منزلة أئمتهم من الصدق‬
‫ومحلهم من العلم والفضل‪ ،‬وكانوا يتوقفون عن التسرع إلى‬
‫إتالفهم ويتحامون القصد إلنزال المكروه هبم مع ما يلزم‬
‫من حال التدبير يف إيجاب ظهورهم كذلك ليصل كل امرئ‬
‫منهم إلى ما يستحقه من هداية أو ضاللة كما قال اهلل تعالى‪:‬‬
‫﴿ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ‬

‫‪31‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫ﱹ ﱺ﴾ وقال اهلل عزوجل‪﴿ :‬ﲖ ﲗ ﲘ‬


‫ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ‬
‫ﲥ﴾(‪.)1‬‬
‫‪ -11‬يقول عالمتهم أبو علي الفضل بن الحسن الطربسي‪:‬‬
‫«وإنما كان آباؤه عليهم السالم ظاهرين بين الناس يفتوهنم‬
‫ويعاشروهنم‪ ،‬ولم يظهر هو ألن خوفه ڠ أكثر‪ ،‬فإن األئمة‬
‫أسروا إلى شيعتهم أن‬
‫الماضين من آبائه عليهم السالم َّ‬
‫صاحب السيف هو الثاين عشر منهم‪ ،‬وأنه الذي يمأل األرض‬
‫عد ً‬
‫ال‪ ،‬وشاع ذلك القول من مذهبهم حتى ظهر ذلك القول‬
‫بين أعدائهم‪ ،‬فكانت السالطين ال َظ َل َمة يتوقفون عن إتالف‬
‫آبائه لعلمهم بأهنم ال يخرجون بالسيف‪ ،‬ويتشوقون إلى‬
‫حصول الثاين عشر ليقتلوه ويبيدوه»(‪.)2‬‬
‫‪ -12‬يقول عالمة الشيعة وكبير محققيهم نجم الدين أبو القاسم‬
‫جعفر بن الحسن بن سعيد الحلي‪« :‬وحاله ڠ يف ذلك‬
‫يخالف حال آبائه إما ألهنم أمنوا على أنفسهم وخاف هو‪ ،‬أو‬
‫ألنه ڠ يلزمه من الفروض مع ظهوره ما ال يلزمهم‪ ،‬فيكون‬

‫((( كتاب (كمال الدين وتمام النعمة)‪ ،‬لرئيس محدثيهم وصدوقهم ابن بابويه‬
‫القمي‪( ،‬ص ‪.)48-45‬‬
‫((( كتاب (إعالم الورى بأعالم الهدى)‪ ،‬لعالمتهم أبي علي الفضل بن الحسن‬
‫الطربسي‪.)300-299/2( ،‬‬
‫‪32‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الحذر يف جانبه أتم من غيره»(‪.)1‬‬


‫‪ -13‬يقول عالمة الشيعة أبو الفتح الكراجكي‪« :‬فإن قال السائل‬
‫إن آباءه عليهم السالم قد كانوا أيضا يف زمان مخافة وأوقات‬ ‫َّ‬
‫صعبة َفلِ َم َل ْم يسترتوا كما استرتوا؟ وما الفرق بينهم وبينه يف‬
‫إن خوف إمامنا ڠ أعظم من خوف آبائه‬ ‫هذا األمر؟ قيل له َّ‬
‫وأكثر والسبب يف ذلك أنه لم يرو عن ٍ‬
‫أحد من آبائه عليهم‬ ‫ُ َ‬
‫السالم أنه يقوم بالسيف ويكسر تيجان الملوك وال ُيبقي‬
‫ألحد دول ًة سواه ويجعل الدين كله هلل فكان الخوف المتوجه‬ ‫ٍ‬

‫إليه بحسب ما يعتقد من ذلك فيه وتطلعت نفوس األعداء‬


‫إليه وتتبعت الملوك أخباره الدالة عليه ولم ينسب إلى آبائه‬
‫عليهم السالم شئ من هذه األحوال فهذا فرق واضح بين‬
‫المخافتين»(‪.)2‬‬
‫‪ -14‬يقول عالمتهم علي اليزدي الحائري‪« :‬فإن قيل‪ :‬أليس آباؤه‬
‫كانوا ظاهرين ولم يخافوا وال صاروا بحيث ال يصل إليهم‬
‫أحد؟ قلنا‪ :‬آباؤه ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬حالهم بخالف حاله ألنه‬
‫كان المعلوم من حال آبائه لسالطين الوقت وغيرهم ال يرون‬
‫الخروج عليهم‪ ،‬وال يعتقدون أهنم يقومون بالسيف ويزيلون‬

‫((( كتاب (المسلك يف أصول الدين)‪ ،‬لكبير محققيهم نجم الدين أبي القاسم‬
‫جعفر بن الحسن بن سعيد الحلي‪( ،‬ص ‪.)282‬‬
‫((( كتاب (كنز الفوائد)‪ ،‬لعالمتهم أبي الفتح الكراجكي‪( ،‬ص ‪.)175-174‬‬
‫‪33‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫األول‪ ،‬بل كان المعلوم من حالهم أهنم ينتظرون مهد ّيًا وليس‬
‫يضر السلطان اعتقاد من يعتقد إمامتهم إذا أمنوهم على‬
‫مملكتهم»(‪.)1‬‬
‫‪ -15‬يقول عالمتهم الميرزا حسين النوري الطربسي‪« :‬والفرق بينه‬
‫ڠ وبين آبائه الطاهرين عليهم السالم فقد كانوا ظاهرين‬
‫بين الناس وكان سالطين الجور يف كل عصر وأكثر الناس‬
‫يخالفوهنم ويعادوهم‪ ،‬بخالفه ڠ فإنّه صار مستور ًا ڠ‪.‬‬
‫وأما سبب سرته دوهنم عليهم السالم ّ‬
‫ألن السالطين والوالة‬
‫كانوا مطمئنين أهنم عليهم السالم ال يرون الخروج عليهم‪ ،‬وال‬
‫يعتقدون أنّهم يقومون بالسيف‪ .‬وليس كذلك صاحب الزمان‬
‫ڠ ّ‬
‫ألن المعلوم منه أنّه يقوم بالسيف ويزيل الممالك ويقهر‬
‫كل سلطان ويبسط العدل على جميع وجه األرض‪ ،‬فمن‬
‫كانت هذه صفته فهو يعارض ويضاد الملك فبالطبع يكون‬
‫خائفًا‪ ،‬ويسعون جاهدين يف قلع جذوره وقمعه»(‪.)2‬‬
‫‪ -16‬يقول عالمة الشيعة علي بن أبي الفتح اإلربلي‪« :‬وإنما كان‬
‫آباؤه عليهم السالم ظاهرين بين الناس بعيوهنم يعاشروهنم‬

‫((( كتاب (إلزام الناصب يف إثبات الحجة الغائب)‪ ،‬لعالمتهم علي اليزدي‬
‫الحائري‪.)380/1( ،‬‬
‫((( كتاب (النجم الثاقب)‪ ،‬لمحدثهم الميرزا حسين النوري الطربسي‪-440/1( ،‬‬
‫‪.)442‬‬
‫‪34‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫ولم يظهر هو ألن خوفه ڠ أكثر ألن األئمة الماضين من‬


‫آبائه عليهم السالم أسندوا إلى شيعتهم أن صاحب السيف هو‬
‫الثاين عشر منهم وأنه الذي يمأل األرض عد ً‬
‫ال وشاع ذلك يف‬
‫مذهبهم حتى ظهر ذلك القول بين أعدائهم فكان السالطين‬
‫الظلمة يتوقفون عن إتالف آبائه لعلمهم بأهنم ال يخرجون‬
‫ويتشوقون إلى حصول الثاين عشر ليقتلوه ويبيدوه»(‪.)1‬‬
‫‪ -17‬يقول عالمة الشيعة محسن األمين‪« :‬وإن خوفه كان أكثر‬
‫إلخبار آبائه عليهم السالم بأن صاحب السيف من األئمة‬
‫الذي يمأل األرض عد ً‬
‫ال هو الثاين عشر وشاع ذلك عنهم‬
‫حتى بين أعدائهم فكان الملوك يتوقفون عن قتل آبائه لعلمهم‬
‫أهنم ال يخرجون بالسيف ويتشوفون إلى حصول الثاين عشر‬
‫ليقتلوه»(‪.)2‬‬
‫‪ -18‬يقول محقق اإلمامية محمد رضا الجاللي يف تقديمه لكتاب‬
‫الشيخ المفيد‪« :‬إن الذي يظهر من أحوال األئمة الماضين‬
‫عليهم السالم أهنم أبيحت لهم التقية من األعداء‪ ،‬ولم ُي َك َّلفوا‬
‫بالقيام بالسيف مع الظهور‪ ،‬لعدم مصلحة يف ذلك‪ ،‬ولم‬
‫يكونوا ملزمين بالدعوة‪ ،‬بل كانت المصلحة تقتضي الحضور‬

‫((( كتاب (كشف الغمة يف معرفة األئمة)‪ ،‬لعالمتهم علي بن أبي الفتح اإلربلي‪،‬‬
‫(‪.)345/3‬‬
‫((( كتاب (أعيان الشيعة)‪ ،‬لعالمتهم محسن األمين‪.)62/2( ،‬‬
‫‪35‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫يف مجالس األعداء‪ ،‬والمخالطة لهم‪ ،‬ولهذا أذاعوا تحريم‬


‫إشهار السيوف عنهم‪ ،‬وحظر الدعوة إليها‪ ،‬لئال يزاحم األعداء‬
‫ظهورهم وتواجدهم بين الناس»(‪.)1‬‬

‫الدعاوى الخطيرة التي تضمنها جوابهم األول‪:‬‬


‫من يتأمل يف الجواب األول ألعمدة التشيع اإلمامي وكبار‬
‫ُمنَ ِّظريه سيجده قد َت َّضم َن عدة دعاوى‪ ،‬منها‪:‬‬

‫الدعوى األولى‪:‬‬
‫َّ‬
‫إن الحكام كانوا آمنين مطمئنين من األئمة اللتزامهم بالتقية‪،‬‬
‫فال يرون فيهم الخطر على عروشهم وبالتالي انتفاء الداعي لقتلهم‬
‫والمبادرة للتضييق عليهم(‪.)2‬‬

‫((( كتاب (رسائل يف الغيبة)‪ ،‬للشيخ المفيد‪.)4/3( ،‬‬


‫((( من أقوالهم على سبيل المثال ال الحصر‪:‬‬
‫أ‪ -‬قال شيخهم األعظم المفيد يف كتابه (رسائل يف الغيبة)(‪« :)12-11/4‬فلما ظهر‬
‫ذلك عن السلف الصالح من آبائه عليهم السالم‪ ،‬وتحقق ذلك عند سلطان‬
‫كل زمان وملك كل أوان‪ ،‬وعلموا أهنم ال يتدينون بالقيام بالسيف‪ ،‬وال يرون‬
‫الدعاء إلى مثله على أحد من أهل الخالف‪ ،‬وأن دينهم الذي يتقربون به إلى اهلل‬
‫عز وجل التقية‪ ،‬وكف اليد‪ ،‬وحفظ اللسان‪ ،‬والتوفر على العبادات‪ ،‬واالنقطاع‬
‫إلى اهلل عز وجل باألعمال الصالحات‪ ،‬أمنوهم على أنفسهم مطمئنين بذلك‬
‫إلى ما يدبرونه من شأهنم‪ ،‬ويحققونه من دياناهتم»‪.‬‬
‫ب‪ -‬قال محققهم محمد رضا الجاللي يف تقديمه لكتاب الشيخ المفيد (رسائل يف الغيبة)‬
‫(‪« :)4/3‬فلما ظهر ذلك من السلف من آباء صاحب الزمان عليهم السالم‪= ،‬‬
‫‪36‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الدعوى الثانية‪:‬‬
‫َّ‬
‫إن التكليف اإللهي لألئمة األحد عشر المتقدمين هو التزام‬
‫التقية وعدم الخروج بالسيف(‪.)1‬‬

‫= وتحقق عند سلطان كل زمان وملك كل أوان‪ ،‬علموا من األئمة الماضين‬


‫عليهم السالم أهنم ال يتدينون بالقيام بالسيف‪ ،‬وال يرون الدعاء إلى أنفسهم‪،‬‬
‫وأهنم ملتزمون بالتقية‪ ،‬وكف اليد‪ ،‬وحفظ اللسان‪ ،‬والتوفر على العبادات‪،‬‬
‫واالنقطاع إلى اهلل باألعمال الصالحات‪ .‬لما عرف الظالمون من األئمة هذه‬
‫الحاالت‪ :‬أمنوهم على أنفسهم‪ ،‬مطمئنين بذلك إلى ما يدبرونه من شؤون‬
‫أنفسهم‪ ،‬ويحققوه من دياناهتم‪ ،‬وكفهم ذلك عن الظهور واالنتشار»‪.‬‬
‫((( فمن أقوالهم على سبيل المثال ال الحصر‪:‬‬
‫أ‪ -‬يقول شيخهم األعظم المفيد كتاب (المسائل العشر يف الغيبة) (ص ‪َّ :)74‬‬
‫«إن‬
‫ملوك الزمان إذ ذاك كانوا يعرفون من رأي األئمة عليهم السالم التقية‪ ،‬وتحريم‬
‫الخروج بالسيف على الوالة‪ ،‬وعيب من فعل ذلك من بني عمهم ولومهم‬
‫عليه‪ ،‬وأنه ال يجوز عندهم تجريد السيف حتى تركد الشمس عند زوالها‪،‬‬
‫ويسمع نداء من السماء باسم رجل بعينه‪ ،‬ويخسف بالبيداء‪ ،‬ويقوم آخر أئمة‬
‫الحق بالسيف ليزيل دولة الباطل»‪.‬‬
‫ب‪ -‬قال الشيخ المفيد أيضًا يف كتابه (رسائل يف الغيبة) (‪ )12-11/4‬أيضًا‪:‬‬
‫«وذلك أنه لم يكن أحد من آبائه عليهم السالم ُك ِّلف القيام بالسيف مع ظهوره‪،‬‬
‫وال ُأ ْل ِز َم برتك التقية‪ ،‬وال ألزم الدعاء إلى نفسه حسبما كلفه إمام زماننا‪ ..‬وكان‬
‫من مضى من آبائه صلوات اهلل عليهم قد أبيحوا التقية من أعدائهم‪ ،‬والمخالطة‬
‫لهم‪ ،‬والحضور يف مجالسهم وأذاعوا تحريم إشهار السيوف على أنفسهم‪،‬‬
‫وخطر الدعوة إليها»‪.‬‬
‫ج‪ -‬يقول محقق اإلمامية محمد رضا الجاللي يف تقديمه لكتاب الشيخ المفيد (رسائل‬
‫يف الغيبة) (‪« :)4/3‬إن الذي يظهر من أحوال األئمة الماضين عليهم السالم‬
‫أهنم أبيحت لهم التقية من األعداء‪ ،‬ولم يكلفوا بالقيام بالسيف مع الظهور‪= ،‬‬
‫‪37‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الدعوى الثالثة‪:‬‬
‫ِ‬
‫يكتف األئمة بالتزام التقية بل ونفوا عن أنفسهم اإلمامة‬ ‫لم‬
‫يف موارد عديدة‪ ،‬مما يجعلهم بمنأى عن بطش الحكام وخطر‬
‫القتل(‪.)1‬‬

‫الدعوى الرابعة‪:‬‬
‫تفريقهم بين تكليف اإلمام الثاين عشر وتكليف باقي األئمة‬
‫المتقدمين‪ ،‬بأن تكليفه هو الخروج بالسيف عند وجود األعوان‬
‫وتكليفهم التزام التقية وعدم الخروج(‪.)2‬‬

‫= لعدم مصلحة يف ذلك‪ ،‬ولم يكونوا ملزمين بالدعوة‪ ،‬بل كانت المصلحة‬
‫تقتضي الحضور يف مجالس األعداء‪ ،‬والمخالطة لهم‪ ،‬ولهذا أذاعوا تحريم‬
‫إشهار السيوف عنهم‪ ،‬وحظر الدعوة إليها‪ ،‬لئال يزاحم األعداء ظهورهم‬
‫وتواجدهم بين الناس»‪.‬‬
‫((( فيقول علم هداهم الشريف المرتضى يف كتابه (المقنع يف الغيبة)(ص ‪:)54‬‬
‫«قلنا‪ :‬ما كان على آبائهم عليهم السالم خوف من أعدائهم‪ ،‬مع لزومهم التقية‪،‬‬
‫والعدول عن التظاهر باإلمامة‪ ،‬ونفيها عن نفوسهم»‪ ،‬وكرره بعينه شيخ طائفتهم‬
‫محمد بن الحسن الطوسي يف كتابه (الغيبة)(ص ‪.)93-92‬‬
‫((( يقول شيخهم المفيد يف كتابه (رسائل يف الغيبة)(‪« :)12/4‬وذلك أنه لم يكن أحد من‬
‫آبائه عليهم السالم ُك ِّلف القيام بالسيف مع ظهوره‪ ،‬وال ُأ ْل ِز َم برتك التقية‪ ،‬وال ألزم الدعاء‬
‫إلى نفسه حسبما َك َّلفه إمام زماننا‪ ..‬وكان المعلوم أنه ال يقوم بالسيف إال مع وجود‬
‫األنصار واجتماع الحفدة واألعوان‪ ،‬ولم يكن أنصاره ڠ عند وجوده متهيئين إلى‬
‫هذا الوقت موجودين‪ ،‬وال على نصرته مجمعين‪ ..‬لزمته التقية‪ ،‬ووجب فرضها عليه‬
‫كما فرضت على آبائه عليهم السالم‪ ،‬ألنه لو ظهر بغير أعوان أللقى بيده إلى التهلكة»‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫فهذا البيان التفصيلي لجواهبم األول وما تضمنه من الدعاوى‬


‫األربع‪ ،‬التي تتصادم مع ثوابت المذهب ومقرراته‪ ،‬وهذا سأبينه يف‬
‫الفصل القادم فرتقب‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫الطامات املرتتبة على جوابهم األول‬
‫تضمن جواهبم األول أربع دعاوى كارثية تتصادم مع‬ ‫َّ‬ ‫لقد‬
‫ثوابت المذهب ومقرراته؛ إذ فيها من الطامات ما يتنزه عن تبنّيها‬
‫الشيعي العامي‪ ،‬فضالً عن كونه من أعمدة المذهب وكبار مراجعه‪،‬‬
‫فمن هذه الطامات ما يلي‪:‬‬

‫الطامة األوىل‪:‬‬
‫َّ‬
‫إن دعواهم بانتفاء خطر القتل بحق األئمة من قبل الحكام‬
‫اللتزامهم التقية وعدم الخروج بالسيف‪ ،‬تتصادم مع ما تقرر يف‬
‫المذهب من موت األئمة – جميعهم أو بعضهم ‪ -‬بالسم أو السيف‬
‫على أيدي الحكام‪ ،‬فمن هذه التقريرات ما يلي‪:‬‬

‫بالسم أو‬
‫ّ‬ ‫أوالً‪ :‬مروياتهم حول بطش الحكام باألئمة وقتلهم‬
‫السيف‬
‫‪ -1‬يروي رئيس محدثيهم وصدوقهم ابن بابويه القمي‪« :‬وروي‬
‫عن أبي الصلت عبد السالم بن صالح الهروي قال‪« :‬سمعت‬
‫الرضا ڠ يقول‪ :‬واهلل ما منا إال مقتول شهيد»(‪.)1‬‬

‫((( كتاب (من ال يحضره الفقيه)‪ ،‬لرئيسهم ابن بابويه القمي‪ ،)585/2( ،‬وكذلك‬
‫يف كتابه (عيون أخبار الرضا)(‪.)287/2‬‬
‫‪40‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ -2‬ينقل عالمتهم محمد باقر المجلسي رواية عن ابن بابويه‬


‫القمي‪« :‬عيون أخبار الرضا (ع)‪ ..‬عن الرضا ڠ أنه قال يف‬
‫حديث طويل يف وصف األئمة عليهم السالم‪ :‬وإهنم يقتلون‬
‫بالسيف أو بالسم ‪ -‬وساق الحديث»(‪.)1‬‬

‫‪ -3‬يروي شيخ طائفتهم محمد بن الحسن الطوسي‪« :‬أن يحيى بن‬


‫خالد َس َّم موسى اب َن جعفر عليهما السالم يف إحدى وعشرين‬
‫رطبة وهبا مات‪ ،‬وأن النبي واألئمة عليهم السالم ما ماتوا إال‬
‫الس ّم‪ ،‬وقد ذكر عن الرضا ڠ أنه ُس َّم‪ ،‬وكذلك‬
‫بالسيف أو ُ‬
‫ولده وولد ولده»(‪.)2‬‬

‫‪ -4‬ينقل عالمتهم علي النمازي الشاهرودي عدة روايات قائالً‪:‬‬


‫«عيون أخبار الرضا ڠ‪ :‬عن الهروي عن الرضا ڠ قال‪:‬‬
‫ما منا إال مقتول ‪ -‬الخرب‪ .‬وعن الصادق ڠ‪ :‬واهلل ما منا إال‬
‫مقتول شهيد والرضوي ڠ مثله‪ .‬الكفاية‪ :‬يف روايتين عن‬
‫الحسن المجتبى ڠ قال‪ :‬ما منا إال مقتول أو مسموم‪ ،‬كما‬
‫يف البحار»(‪.)3‬‬

‫((( كتاب (بحار األنوار)‪ ،‬لعالمتهم محمد باقر المجلسي‪.)338/214( ،‬‬


‫((( كتاب (الغيبة)‪ ،‬لشيخ طائفتهم محمد بن الحسن الطوسي‪( ،‬ص ‪.)388-387‬‬
‫((( كتاب (مستدرك سفينة البحار)‪ ،‬لعالمتهم على النمازي الشاهرودي‪.)414/8( ،‬‬

‫‪41‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ -5‬وأخير ًا قام عالمتهم ومحققهم جعفر مرتضى العاملي(‪ )1‬بجمع‬


‫هذه الروايات وسردها‪ ،‬كما يلي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬عن تميم القرشي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أحمد بن علي األنصاري‪ ،‬عن‬
‫أبي الصلت الهروي‪ ،‬عن اإلمام الرضا «ڠ» يف نفي قول‬
‫من قال‪ :‬إن اإلمام الحسين «ڠ» لم يقتل‪ ،‬ولكن ش ِّبه لهم‪،‬‬
‫قال «ڠ»‪ :‬واهلل‪ ،‬لقد ُقتِ َل الحسين «ڠ»‪ ،‬وقتل من كان‬
‫خير ًا من الحسين‪ ،‬أمير المؤمنين‪ ،‬والحسن بن علي‪ ،‬وما منا‬
‫إال مقتول‪ ،‬وإين ‪ -‬واهلل ‪ -‬لمقتول بالسم الخ‪..‬‬
‫ب ‪ -‬محمد بن موسى بن المتوكل‪ ،‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن أبي الصلت الهروي‪ ،‬قال‪ :‬سمعت اإلمام الرضا «ڠ»‬
‫يقول‪« :‬واهلل‪ ،‬ما منا إال مقتول شهيد»‪ .‬وليس يف سند هذه‬
‫الرواية إشكال‪.‬‬
‫ج ‪ -‬روى محمد بن الحسن الصفار‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن الحسين‬
‫بن سعيد‪ ،‬عن القاسم بن محمد‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد اهلل «ڠ»‪ ،‬قال‪« :‬سم رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وآله‬
‫‪ -‬يوم خيرب‪ ،‬فتكلم اللحم‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه‬
‫وآله ‪ ،-‬إين مسموم‪ .‬قال‪ :‬فقال النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وآله ‪-‬‬

‫((( كتاب (مختصر مفيد)‪ ،‬لعالمتهم ومحققهم جعفر مرتضى العالمي‪-173/4( ،‬‬
‫‪.)176‬‬
‫‪42‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫عند موته‪ :‬اليوم قطعت مطاياي األكلة التي أكلت بخيرب‪ ،‬وما من‬
‫نبي‪ ،‬وال وصي إال شهيد»‪.‬‬
‫د ‪ -‬قال الصدوق ‪ :$‬ويف حديث آخر‪ ..» :‬وجميع األئمة األحد‬
‫عشر بعد النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وآله ‪ -‬قتلوا‪ ،‬منهم بالسيف‪،‬‬
‫وهو أمير المؤمنين‪ ،‬والحسين «عليهما السالم»‪ .‬والباقون‬
‫قتلوا بالسم‪ ،‬قتل كل واحد منهم طاغية زمانه‪ ،‬وجرى ذلك‬
‫عليهم على الحقيقة والصحة الخ‪.» ..‬‬
‫هـ ‪ -‬روى الخزاز القمي‪ :‬عن محمد بن وهبان البصري‪ ،‬عن داود‬
‫بن الهيثم‪ ،‬عن إسحاق بن البهلول‪ ،‬عن طلحة بن زيد‪ ،‬عن‬
‫الزبير بن باطا‪ ،‬عن عمير بن هاين‪ ،‬عن جنادة بن أميد‪ :‬أن‬
‫اإلمام الحسن بن علي «عليهما السالم» قال يف مرضه الذي‬
‫تويف فيه‪« :‬واهلل‪ ،‬إنه لعهد عهده إلينا رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل‬
‫عليه وآله ‪ :-‬أن هذا األمر يملكه اثنا عشر إمامًا من ولد علي‬
‫«ڠ» وفاطمة «عليها السالم»‪ ،‬ما منا إال مسموم‪ ،‬أو مقتول‬
‫إلخ‪.» ..‬‬
‫و ‪ -‬قال الطربسي ‪ ،$‬وكذلك اإلربلي ‪ ،$‬وهما يتحدثان عن‬
‫اإلمام العسكري «ڠ»‪« :‬ذهب كثير من أصحابنا إلى أنه‬
‫«ڠ» مضى مسمومًا‪ ،‬وكذلك أبوه وجده‪ ،‬وجميع األئمة‬
‫‪ -‬عليهم السالم ‪ ،-‬خرجوا من الدنيا بالشهادة »‪ .‬واستدل‬

‫‪43‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫القائلون بذلك بما روي عن اإلمام الصادق «ڠ»‪ :‬واهلل‪ ،‬ما‬


‫منا إال مقتول أو شهيد‪.‬‬
‫ز ‪ -‬وروى الحسين بن محمد بن سعيد الخزاعي‪ ،‬عن عبد العزيز‬
‫بن يحيى الجلودي‪ ،‬عن الجوهري‪ ،‬عن عتبة بن الضحاك‪ ،‬عن‬
‫هشام بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬خطب اإلمام الحسن بن علي‬
‫«عليهما السالم» بعد قتل أبيه‪ ،‬فقال يف خطبته‪« :‬لقد حدثني‬
‫حبيبي جدي رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وآله ‪ :-‬أن األمر‬
‫يملكه اثنا عشر إمامًا من أهل بيته وصفوته‪ ،‬ما منا إال مقتول‬
‫أو مسموم »‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬تقريرات علمائهم حول بطش الحكام باألئمة وقتلهم‬


‫بالسم أو السيف‬
‫ّ‬
‫‪ -1‬يقول رئيس محدثيهم ابن بابويه القمي المل َّقب بالصدوق‪:‬‬
‫«وجميع األئمة األحد عشر بعد النبي (ص) قتلوا منهم‬
‫بالسيف وهو أمير المؤمنين والحسين عليهما السالم والباقون‬
‫قتلوا بالسم قتل كل واحد منهم طاغية زمانه وجرى ذلك‬
‫عليهم على الحقيقة والصحة»(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬يقول ابن بابويه القمي أيضًا‪« :‬واعتقادنا يف النبي صلى اهلل‬
‫عليه وآله وسلم أنه ُس َّم يف غزوة خيرب‪ ،‬فما زالت هذه األكلة‬

‫((( كتاب (عيون أخبار الرضا)‪ ،‬لرئيس محدثيهم ابن بابويه القمي‪.)193/2( ،‬‬
‫‪44‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫تعاده حتى قطعت أهبره فمات منها‪ .‬وأمير المؤمنين ڠ قتله‬


‫عبد الرحمن بن ملجم لعنه اهلل‪ ،‬ودفن بالغري‪ .‬والحسن بن‬
‫علي ‪ -‬عليهما السالم ‪ -‬سمته امرأته جعدة بنت األشعث‬
‫الكندي‪ ،‬مات يف ذلك‪ .‬والحسين بن علي ‪ -‬عليهما السالم‬
‫‪ -‬قتل بكربالء‪ ،‬وقاتله سنان بن أنس لعنه اهلل‪ .‬وعلي بن‬
‫الحسين سيد العابدين ڠ َس َّمه الوليد بن عبد الملك فقتله‪.‬‬
‫والباقر محمد بن علي ‪ -‬عليهما السالم ‪َ -‬س َّمه إبراهيم بن‬
‫وليد فقتله‪ .‬والصادق ڠ َس َّمه المنصور فقتله‪ .‬وموسى بن‬
‫جعفر ‪ -‬عليهما السالم ‪َ -‬س َّمه هارون الرشيد فقتله‪ .‬والرضا‬
‫علي بن موسى ‪ -‬عليهما السالم ‪ -‬قتله المأمون بالسم‪ .‬وأبو‬
‫جعفر محمد بن علي ‪ -‬عليهما السالم ‪ -‬قتله المعتصم بالسم‪.‬‬
‫وعلي بن محمد ڠ قتله المعتضد بالسم‪ .‬والحسن بن علي‬
‫العسكري ڠ قتله المعتمد بالسم‪ ..‬وقد أخرب النبي صلى اهلل‬
‫عليه وآله وسلم واألئمة ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬أهنم مقتولون»(‪.)1‬‬
‫‪ -3‬يؤكد هذه الحقيقة شيخهم األعظم المفيد يف عدة أقوال منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬قال‪« :‬وال خالف أن الملوك من ولد العباس لم يزالوا على‬
‫اإلخافة آلباء اإلمام وخاصة ما جرى من أبي جعفر المنصور‬
‫مع الصادق ڠ‪ ،‬وما صنعه هارون بأبي الحسن موسى‬

‫((( كتاب (االعتقادات يف دين اإلمامية)‪ ،‬لرئيس محدثيهم ابن بابويه القمي‪( ،‬ص‬
‫‪.)99-97‬‬
‫‪45‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫بن جعفر الكاظم ڠ حتى هلك يف حبسه ببغداد‪ ،‬وما‬


‫قصد المتوكل بأبي الحسن العسكري ڠ جد اإلمام حتى‬
‫بس َّر َم ْن رأى‪ ،‬وكذلك جرى‬
‫أشخصه من الحجاز فحبسه عنده ُ‬
‫أمر أبي محمد الحسن ڠ بعد أبيه إلى أن قبضه اهلل تعالى‪.‬‬
‫ثم كان من أمر المعتمد بعد وفاة أبي محمد ڠ ما لم َي ْخ َ‬
‫ف‬
‫على أحد من حبسه لجواريه والمساءلة عن حالهن يف الحمل‪،‬‬
‫واسترباء أمرهن عندما اتفقت كلمة اإلمامية على أن القائم هو‬
‫ابن الحسن ڠ»(‪.)1‬‬

‫ب‪ -‬قال‪« :‬بل المعلوم من حال جميع ملوك زمان مولده ومولد‬
‫آبائه‪ ،‬خالف ذلك من اعتقادهم فيمن ظهر منهم يدعو إلى‬
‫إمامة نفسه أو يدعو إليه داع‪ ،‬سفك دمه واستئصال أهله‬
‫وعشيرته‪ ..‬ونحن نعلم علمًا يقينًا ال يتخالجنا فيه الشك بأنه‬
‫لو ظن أحد من ملوك هذه األزمان ببعض آل أبي طالب أنه‬
‫يحدث نفسه بادعاء اإلمامة بعد مدة طويلة‪ ،‬لسفك دمه دون‬
‫أن يعلم ذلك ويتحققه فضالً عن أن يراه ويجده‪ .‬وقد علم أهل‬
‫العلم كافة أن أكثر من ُحبِ َس يف السجون من ولد رسول اهلل‬
‫(ص) وقتل بالغيلة إنما فعل به ذلك على الظنة والتهمة دون‬

‫((( كتاب (الفصول المختارة)‪ ،‬لشيخهم األعظم محمد بن محمد بن النعمان‬


‫المفيد‪( ،‬ص ‪.)329-328‬‬
‫‪46‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫اليقين والحقيقة‪ ،‬ولو لم يكن أحد منهم حل به ذلك إال موسى‬


‫بن جعفر ڠ لكان كافيا»(‪.)1‬‬
‫ج‪ -‬قال‪« :‬على أنّض عذر أئمتنا عليهم السالم يف ترك إقامة‬
‫أن كثير ًا‬
‫األحكام أوضح وأظهر‪ ..‬ألنا نعلم يقينًا بال ارتياب َّ‬
‫من أهل بيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله قد ُش ِّردوا عن‬
‫وس ِفكت دماؤهم‪ ،‬وألزم الباقون منهم الخوف على‬ ‫أوطاهنم‪ُ ،‬‬
‫التوهم عليهم أهنم يرون الخروج بالسيف وأهنم ممن إليهم‬
‫األحكام»(‪.)2‬‬
‫‪ -4‬وقد نقل كالم المفيد األخير بالمعنى محقق الكتاب محمد‬
‫رضا الحسيني الجاللي‪ ،‬فقال‪« :‬على أن ألئمتنا عليهم السالم‬
‫عذر أوضح يف ترك إقامة الحدود واألحكام وأظهر‪ ..‬وهو‪:‬‬
‫أن األئمة من أهل البيت عليهم السالم كانوا دائما مطاردين‬
‫من قبل السلطان‪ ،‬يعيشون الخوف والفزع الحتمال الظالمين‬
‫أهنم يرون الخروج بالسيف‪ ،‬وأهنم ممن يعتقد جماعة فيهم‬
‫اإلمامة‪ ،‬وأهنم مراجع إلقامة األحكام وتنفيذ الحدود‪ .‬وهذا‬
‫أمر واضح ال يشك فيه أحد»(‪.)3‬‬

‫((( المصدر السابق‪( ،‬ص ‪.)330-329‬‬


‫((( كتاب (رسائل يف الغيبة)‪ ،‬لشيخهم األعظم محمد بن محمد بن النعمان المفيد‪،‬‬
‫(‪.)16-15/3‬‬
‫((( المصدر السابق‪.)8-7/4( ،‬‬
‫‪47‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ -5‬يقول عالمتهم محمد تقي المجلسي (األول)‪«« :‬وروي عن أبي‬


‫الصلت عبد السالم بن صالح الهروي» الثقة رواه المصنف يف‬
‫الحسن كالصحيح عنه «قال‪ :‬سمعت الرضا ڠ يقول‪ :‬واهلل‬
‫ما منا» أي من األئمة المعصومين عليهم السالم «إال مقتول»‬
‫بالسيف أو السم «شهيد»»(‪.)1‬‬

‫‪ -6‬يقول عالمتهم محمد باقر المجلسي‪« :‬واعتقادنا يف النبي‬


‫أن بعضهم ُقتلوا بالسيف وبعضهم‬
‫واألئمة عليهم السالم َّ‬
‫بالس ّم‪ ،‬وإن ذلك جرى عليهم على الحقيقة وإنه ما شبه أمرهم‪،‬‬
‫ُ‬
‫ال كما يزعمه من يتجاوز الحد فيهم من الناس بل شاهدوا‬
‫قتلهم على الحقيقة والصحة ال على الخيال والحيلولة وال‬
‫على الشك والشبهة‪ ،‬فمن زعم أهنم شبهوا أو أحد منهم فليس‬
‫من ديننا يف شئ ونحن منه براء وقد أخرب النبي صلى اهلل عليه‬
‫وآله وسلم واألئمة عليهم السالم أهنم يقتلون فمن قال‪ :‬إهنم‬
‫لم يقتلوا فقد كذهبم‪ ،‬ومن كذهبم فقد َّ‬
‫كذب اهلل عز وجل وكفر‬
‫به وخرج به عن اإلسالم ومن يبتغ غير اإلسالم دينًا فلن يقبل‬
‫منه وهو يف اآلخرة من الخاسرين»(‪.)2‬‬

‫((( كتاب (روضة المتقين يف شرح من ال يحضره الفقيه)‪ ،‬لعالمتهم محمد تقي‬
‫المجلسي األول‪.)399/5( ،‬‬
‫((( كتاب (بحار األنوار)‪ ،‬لعالمتهم محمد باقر المجلسي‪.)343-342/25( ،‬‬
‫‪48‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ -7‬يقول عالمتهم محمد صالح المازندراين‪« :‬هذا ما تقرر من‬


‫األئمة ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬ك ّلهم مقتولين بعضهم بالسيف‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫بالسم»(‪.)1‬‬
‫ّ‬ ‫وبعضهم‬
‫‪ -8‬ينقل عالمتهم محمد باقر المجلسي عن الطربسي‪« :‬إعالم‬
‫الورى‪ ..‬وذهب كثير من أصحابنا إلى أنه ڠ قبض مسموما‬
‫وكذلك أبوه وجده و جميع األئمة عليهم السالم خرجوا من‬
‫الدنيا على الشهادة واستدلوا يف ذلك بما روي عن الصادق‬
‫ڠ من قوله «واهلل ما منا إال مقتول شهيد «واهلل أعلم بحقيقة‬
‫ذلك »(‪.)2‬‬
‫‪ -9‬يقول عالمتهم ابن شهر آشوب المازندراين‪« :‬وذهب كثير‬
‫من أصحابنا إلى أن األئمة خرجوا من الدنيا على الشهادة‬
‫واستدلوا بقول الصادق ڠ‪ :‬واهلل ما منا إال مقتول شهيد»(‪.)3‬‬
‫‪ -10‬يقول عالمتهم ومحققهم يوسف البحراين‪« :‬قد كثر السؤال‬
‫من جملة من األخلاَّ ء األعالم واألجلاَّ ء الكرام عن الوجه يف‬
‫األئمة ‪ -‬عليهم الصالة والسالم ‪ -‬وإعطائهم بأيديهم‬
‫َّ‬ ‫رضا‬

‫((( كتاب (شرح أصول الكايف)‪ ،‬لعالمتهم المولى محمد صالح المازندراين‪،‬‬
‫(‪.)269/6‬‬
‫((( كتاب (بحار األنوار)‪ ،‬لعالمتهم محمد باقر المجلسي‪.)238-237/50( ،‬‬
‫((( كتاب (مناقب آل أبي طالب)‪ ،‬لعالمتهم ابن شهر آشوب المازندراين‪،‬‬
‫(‪.)51/2‬‬
‫‪49‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫لما أوقعه هبم مخالفوهم من القتل بالسيف أو السم‪..‬‬


‫فنقول‪ :‬إن رضاهم ‪ -‬صلوات اهَّلل عليهم ‪ -‬بما ينزل هبم من‬
‫القتل بالسيف والسم‪ ،‬وكذا ما يقع هبم من الهوان على أيدي‬
‫أعدائهم والظلم‪.)1(»..‬‬
‫‪ -11‬يقول عالمتهم محسن األمين‪« :‬قال الشيخ الطوسي يف كتاب‬
‫الغيبة‪ :‬كان أبو القاسم رحمة اهلل من أعقل الناس عند المخالف‬
‫والموافق ويستعمل التقية‪ ،‬ثم روى عن أبي عبد اهلل بن غالب‬
‫حمو أبي الحسن بن أبي الطيب قال ما رأيت من هو أعقل‬
‫من الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قال وأخربين جماعة‬
‫عن أبي عبد اهلل محمد بن أحمد الصفواين حدثني الحسين بن‬
‫روح (رض) َّ‬
‫أن يحيى بن خالد سم موسى بن جعفر (ع) يف‬
‫إحدى وعشرين رطبة وهبا مات وان النبي (ص) األئمة (ع)‬
‫جميعا ما ماتوا إال بالسيف أو السم‪ .‬وقد ذكر الرضا (ع) أنه‬
‫ُس ّم وكذلك ولده وولد ولده»(‪.)2‬‬
‫‪ -12‬يقول عالمهم أحمد بن الشيخ صالح آل طوق القطيفي‪:‬‬
‫«وذهب كثير من أصحابنا إلى أنه ڠ مضى مسمومًا‪ ،‬وكذا‬
‫األئمة عليهم السالم خرجوا من الدنيا‬
‫ّ‬ ‫أبوه وجدّ ه‪ ،‬وجميع‬

‫((( كتاب (الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية)‪ ،‬لمحققهم يوسف البحراين‪،‬‬


‫(‪.)410-409/1‬‬
‫((( كتاب (أعيان الشيعة)‪ ،‬لعالمتهم محسن األمين‪.)21/6( ،‬‬
‫‪50‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫على الشهادة‪ .‬واستد ُّلوا على ذلك بما روي عن الصادق ڠ‬


‫من قوله «واهلل ما منّا إلاَّ مقتول شهيد»»(‪.)1‬‬
‫سر قول المجتبى‬
‫‪ -13‬يقول عالمتهم حسن زاده اآلملي‪« :‬وبه يبين ّ‬
‫السالم ما منّا إلاَّ مقتول أو مسموم»(‪.)2‬‬
‫والصادق عليهما ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -14‬قال عالمتهم محمد حسن المظفر‪« :‬وبذلك الحذر وقف‬
‫السالم‬
‫السالم‪ ،‬فشاهد عليه ّ‬
‫المنصور بمرصد للصادق عليه ّ‬
‫عف عنه حتّى أذاقه‬
‫كف وال ّ‬
‫منه ضروب اآلالم والمكاره‪ ،‬وما ّ‬
‫السالم‬
‫السم‪ ..‬كان بين والية المنصور ووفاة الصادق عليه ّ‬
‫ّ‬
‫الصادق فيها راح ًة وال هدوء ًا على‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اثنتا عشرة سنة لم يجد‬
‫ما بينهما من ال ُبعد الشاسع‪ ،‬الصادق يف الحجاز‪ ،‬والمنصور‬
‫المحب حبيبه‬
‫ّ‬ ‫يف العراق‪ ،‬وكان يتعاهده باألذى‪ ،‬كما يتعاهد‬
‫بال ُّط َرف والت َُّحف‪ .‬يقول ابن طاووس أبو القاسم علي طاب‬
‫ثراه يف كتاب «مهج الدعوات «يف باب دعوات الصادق عليه‬
‫السالم‪ :‬إِن المنصور دعا الصادق سبع ّ‬
‫مرات كان بعضها يف‬ ‫ّ‬
‫حج المنصور‪ ،‬وبعضها يرسل إليه إِلى‬ ‫المدينة والربذة حين ّ‬
‫مرة إِال ويريد‬
‫الكوفة وبعضها إِلى بغداد‪ ،‬وما كان يرسل عليه ّ‬

‫((( كتاب (رسائل آل طوق القطيفي)‪ ،‬لعالمهم أحمد بن الشيخ صالح آل طوق‬
‫القطيفي‪.)130/4( ،‬‬
‫((( كتاب (منهاج الرباعة يف شرح هنج البالغة)‪ ،‬لعالمتهم حسن زاده اآلملي‪،‬‬
‫(‪.)50/15‬‬
‫‪51‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫فيها قتله‪ ،‬هذا فوق ما يالقيه فيها من الهوان وسوء القول‪ ..‬هذه‬
‫السالم من المنصور‬ ‫ِ‬
‫بعض الم َحن التي شاهدها الصادق عليه ّ‬
‫مما أراده فيه بدعائه‪ ،‬وقد ذكر ابن طاووس‬ ‫وتخ ّلص فيها ّ‬
‫يهم هبما المنصور يف قتل الصادق‬
‫طاب ثراه دفعتين أخريين ّ‬
‫فيدفع ال ّله عنه فيهما سوئه‪ .‬وذكر بعض هذه ِ‬
‫الم َحن وسالمة‬
‫الصادق من القتل فيها بدعائه جملة من أرباب التأليف عند‬
‫السالم»(‪.)1‬‬
‫استطرادهم ألحوال الصادق عليه ّ‬
‫‪ -15‬يقول عالمتهم محمد رضا المظفر‪« :‬ومن المعلوم أن‬
‫اإلمامية وأئمتهم القوا من ضروب المحن وصنوف الضيق‬
‫على حرياهتم يف جميع العهود ما لم تالقه أية طائفة أو أمة‬
‫أخرى»(‪.)2‬‬
‫‪ -16‬ينقل شيخهم عباس القمي قول شيخهم الطربسي‪« :‬قال‬
‫شيخنا الطربسي‪ :‬ذهب كثير من أصحابنا إلى أنه ڠ مضى‬
‫مسموما‪ ،‬وكذلك أبوه وجده وجميع األئمة عليهم السالم‪،‬‬
‫خرجوا من الدنيا بالشهادة‪ ،‬وإسناده يف ذلك‪ ،‬بما روي عن‬
‫الصادق ڠ‪ :‬مامنا إال مقتول أو شهيد‪ ،‬واهلل أعلم بحقيقة‬
‫ذلك‪ .‬أقول‪ :‬وروي عن أبي محمد الحسن بن أمير المؤمنين‬

‫((( كتاب (اإلمام الصادق (ع))‪ ،‬لعالمتهم محمد حسن المظفر (‪،)96-95/1‬‬
‫وكذلك (‪.)115-114/1‬‬
‫((( كتاب (عقائد اإلمامية)‪ ،‬لعالمتهم محمد رضا المظفر‪( ،‬ص ‪.)85-84‬‬
‫‪52‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫عليهما السالم أنه قال عند وفاته لجنادة بن أبي أمية‪ :‬ما منا إال‬
‫مسموم أو مقتول»(‪.)1‬‬
‫‪ -17‬يقول آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي‪« :‬بل يف بعض‬
‫األخبار‪ :‬ما منا إال مسموم أو مقتول»(‪.)2‬‬
‫‪ -18‬يقول آيتهم العظمى الميرزا جواد التربيزي تحت عنوان‬
‫السالم‬
‫(اإلمام مقتول أو مسموم)‪« :‬هل اإلمام الرضا ‪ -‬عليه ّ‬
‫‪ -‬مات مقتولاً أو مسمومًا؟ باسمه تعالى قد روي بطريق‬
‫السالم ‪ -‬أنّه قال ما منّا إلاَّ‬
‫معترب عن اإلمام الرضا ‪ -‬عليه ّ‬
‫مقتول شهيد‪ ،‬واهلل العالم»(‪ ،)3‬وقال أيضًا‪« :‬ما هي عقيدتنا‬
‫يف ّ‬
‫أن اإلمام إ ّما مقتول أو مسموم؟ باسمه تعالى‪ ::‬قد روي‬
‫السالم ‪ -‬أنّه قال ما منّا‬
‫بطريق معترب عن اإلمام الرضا ‪ -‬عليه ّ‬
‫إلاَّ مقتول شهيد‪ ،‬واهلل العالم»(‪.)4‬‬
‫‪ -19‬يقول عالمهم على أكرب السيفي المازندراين‪« :‬أنّهم ‪ -‬عليهم‬
‫السالم ‪ -‬كانوا يف حال التقية؛ حيث كانت الحكومة بيد‬
‫ّ‬

‫((( كتاب (األنوار البهية يف تواريخ الحجج اإللهية) لشيخهم عباس القمي‪( ،‬ص‬
‫‪.)322‬‬
‫((( كتاب (مصباح الفقاهة)‪ ،‬آليتهم العظمى أبي القاسم الخوئي‪.)343/3( ،‬‬
‫((( كتاب (األنوار اإللهية يف المسائل العقائدية)‪ ،‬آليتهم العظمى الميرزا جواد‬
‫التربيزي‪( ،‬ص ‪ ،)165‬وكذلك كتاب (صراط النجاة)(‪.)281/5‬‬
‫((( كتاب (صراط النجاة)‪ ،‬آليتهم العظمى الميرزا جواد التربيزي‪.)281/5( ،‬‬
‫‪53‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫عمال بني ُأم ّية وبني العباس الذين‬


‫مخالفيهم ومعانديهم من ّ‬
‫كانوا من أولع الناس بدمائهم ودماء شيعتهم وكانوا بصدد‬
‫السالم ‪ -‬مع ما كانوا‬
‫مستمسك ليقتلوهم‪ .‬وأنّهم ‪ -‬عليهم ّ‬
‫تعرضهم لمسألة‬
‫عليه من التقية وتكليف شيعتهم بذلك وعدم ّ‬
‫السالم ‪ -‬تحت مراقبة‬
‫الحكومة‪ ،‬فمع ذلك كانوا ‪ -‬عليهم ّ‬
‫جواسيس الخلفاء ومحبوسين يف سجوهنم أو ينالون درجة‬
‫الشهادة بأيديهم»(‪.)1‬‬
‫‪ -20‬يقول عالمهم علي الكوراين تحت عنوان (هل يقتل اإلمام‬
‫«ڠ» أم يموت طبيعيًا؟)‪« :‬كنت أشك يف عموم حديث‪( :‬ما‬
‫ٌ‬
‫مقتول أو مسموم) لكني وصلت أخير ًا إلى االطمئنان‬ ‫منَّا إال‬
‫بصحته وشموله لجميع األئمة االثني عشر ‪ -‬عليهم السالم‬
‫‪ .-‬وعليه يمكن القول بأن اإلمام المهدي «ڠ» يموت‬
‫شهيد ًا بالسم‪ ..‬أقول‪ :‬هبذا يتضح أن قاعدة شهادة المعصومين‬
‫‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬بالقتل أو بالسم صحيحة»(‪.)2‬‬
‫‪ -21‬وقال شيخهم علي الكوراين أيضًا‪« :‬المسألة الثالثة‪ :‬معنى‬
‫قولهم ‪ -‬عليهم السالم ‪ :-‬ما منا إال مسموم أو مقتول! وقد‬

‫((( كتاب (دليل تحرير الوسيلة (والية الفقيه))‪ ،‬لعالمهم علي أكرب السيفي‬
‫المازندراين‪( ،‬ص ‪.)99‬‬
‫((( كتاب (المعجم الموضوعي ألحاديث اإلمام المهدي (عج))‪ ،‬لعالمهم علي‬
‫الكوراين العاملي‪( ،‬ص ‪.)297-295‬‬
‫‪54‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫نص أهل البيت ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬على ذلك يف أربع روايات‪،‬‬


‫اثنتان منها عن اإلمام الحسن ڠ واثنتان عن اإلمام الرضا‬
‫ڠ‪ ...‬أقول‪ :‬هبذا يتضح أن قاعدة شهادة المعصومين ‪-‬‬
‫عليهم السالم ‪ -‬بالقتل أو بالسم صحيحة»(‪.)1‬‬
‫‪ -22‬قرر هذه الحقيقة عالمتهم ومحققهم جعفر مرتضى العاملي‬
‫بعدة أقوال‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬قال‪« :‬مع أن الروايات المعتربة تصرح بأنه ما من نبي أو وصي‬
‫إال شهيد‪ ،‬أو ما منا إال مقتول أو مسموم‪ ،‬أو نحو ذلك‪ .‬يضاف‬
‫إلى ذلك‪ :‬أن الروايات التي وصلتنا تؤكد على أن كل واحد‬
‫منهم ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬قد مات شهيد ًا»(‪.)2‬‬
‫ب‪ -‬قال‪« :‬ومن المعلوم‪ :‬أن هذا مخالف لما ورد مضمونه يف عدد‬
‫من الروايات‪ ،‬وبعضها معترب أو صحيح من حيث السند‪ :‬من‬
‫أنه «ما منا إال مقتول أو مسموم» أو نحو ذلك‪ ..‬وقد تحدثنا‬
‫عن هذا الموضوع يف كتابنا‪ :‬الصحيح من سيرة النبي األعظم‬
‫‪ -‬صلى اهلل عليه وآله ‪( -‬الطبعة الخامسة) ج ‪ 33‬ص ‪.)3(»181‬‬

‫((( كتاب (جواهر التاريخ)‪ ،‬لشيخهم علي الكوراين‪.)219-217/3( ،‬‬


‫((( كتاب (البنات ربائب «قل هاتوا برهانكم»)‪ ،‬لعالمتهم ومحققهم جعفر مرتضى‬
‫العاملي‪( ،‬ص ‪.)449-448‬‬
‫((( المصدر السابق‪( ،‬ص ‪.)119-118‬‬
‫‪55‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫ج‪ -‬قال تحت عنوان (ما منا إال مقتول أو مسموم)‪« :‬بسمه تعالى‬
‫ما مدى صحة الحديث الذي يقول ما معناه‪ :‬إنه ليس أحد من‬
‫أهل البيت ‪ -‬عليهم السالم ‪ ،-‬إال وقد مات شهيد ًا‪ ،‬إما بالسم‬
‫أو بالسيف؟! الجواب‪ :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم الحمد هلل‪،‬‬
‫والصالة والسالم على محمد وآله الطاهرين‪ ..‬السالم عليكم‬
‫ورحمة اهلل وبركاته‪ ..‬وبعد‪ ..‬فقد وردت عدة روايات تفيد هذا‬
‫المعنى‪ ،‬وبعض هذه الروايات معترب من حيث السند‪ ..‬يضاف‬
‫إلى ما تقدم‪ :‬وجود نصوص روائية‪ ،‬وتاريخية‪ ،‬تتحدث عن‬
‫كل إمام‪ ،‬وأنه قد مات بالسم أو القتل على يد طاغية زمانه»(‪.)1‬‬

‫د‪ -‬قال تحت عنوان (ما من نبي أو وصي إال شهيد)‪« :‬وربما‬
‫يمكن تأكيد استشهاد رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وآله ‪ -‬بالسم‬
‫بالروايات التي تقول‪ :‬ما من نبي أو وصي إال شهيد‪ ..‬يضاف‬
‫إلى ما تقدم‪ :‬وجود نصوص روائية‪ ،‬وتاريخية‪ ،‬تتحدث عن‬
‫كل إمام‪ ،‬وتروي أنه قد مات بالسم أو القتل على يد طاغية‬
‫زمانه»(‪.)2‬‬

‫((( كتاب (مختصر مفيد)‪ ،‬لعالمتهم ومحققهم جعفر مرتضى العاملي (‪-173/4‬‬
‫‪ ،)176‬سؤال رقم (‪.)217‬‬
‫((( كتاب (الصحيح من سيرة النبي األعظم ‪ ،)r‬لعالمتهم ومحققهم جعفر مرتضى‬
‫العاملي (‪.)189-181/33‬‬
‫‪56‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ -23‬أكد هذه الحقيقة آيتهم العظمى ومحققهم جعفر السبحاين‬


‫بعدة أقوال‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬قال‪« :‬فإن اإلمام المهدي ڠ هو آخر األئمة االثني عشر الذين‬
‫وعد هبم الرسول‪ ،‬وأناط عزة اإلسالم هبم‪ ،‬ومن المعلوم أن‬
‫الحكومات اإلسالمية لم تقدرهم‪ ،‬بل كانت لهم بالمرصاد‪،‬‬
‫تلقيهم يف السجون‪ ،‬وتريق دماءهم الطاهرة‪ ،‬بالسيف أو‬
‫السم»(‪.)1‬‬
‫ب‪ -‬قال‪« :‬لهذا فإن من الطبيعي أن هذا اإلمام لو ظهر بين الناس‪،‬‬
‫وعاش بين ظهرانيهم قبل نضوج األمر‪ ،‬وحصول المقدمات‬
‫الالزمة‪ ،‬واألرضية المناسبة‪ ،‬كان مصيره ومآله‪ ،‬مصير من‬
‫سبقه من آبائه من األئمة الكرام الربرة (أي الشهادة)»(‪.)2‬‬
‫ج‪ -‬قال‪« :‬ومما ال شك فيه أن أئمة الشيعة استشهدوا بالسيف أو‬
‫السم على أيدي األعداء»(‪.)3‬‬
‫د‪ -‬قال‪ُ « :‬قتِ َل أكثر األئمة ْ‬
‫إن لم يكن جميعهم إما بالسيف وإما‬

‫((( كتاب (األئمة اإلثني عشر)‪ ،‬آليتهم العظمى ومحققهم جعفر السبحاين‪( ،‬ص‬
‫‪ ،)222‬وكذلك كتاب (محاضرات يف اإللهيات)(ص ‪ ،)396-395‬وكذلك‬
‫كتابه (أضواء على عقائد الشيعة اإلمامية)(ص ‪.)231‬‬
‫((( كتاب (العقيدة اإلسالمية على ضوء مدرسة أهل البيت (ع))‪ ،‬آليتهم العظمى‬
‫ومحققهم جعفر السبحاين‪( ،‬ص ‪.)218‬‬
‫((( المصدر السابق‪( ،‬ص ‪.)276‬‬
‫‪57‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫بالسم بأيدي الخلفاء الظلمة»(‪.)1‬‬


‫هـ‪ -‬قال‪« :‬وتولى الحكم بعده المأمون‪ ،‬وكان من أقوى الحكام‬
‫العباسيين بعد أبيه الرشيد‪ .‬فلما رأى المأمون إقبال الناس‬
‫على العلويين وعلى رأسهم اإلمام الرضا‪ ،‬ألقى عليه القبض‬
‫بحيلة الدعوة إلى بالطه‪ ،‬ثم دس إليه السم فقتله‪ ..‬ثم تولى‬
‫الحكم بعده الواثق الذي قام بسجن اإلمام محمد بن علي‬
‫الجواد ڠ ودس له السم بيد زوجته األثيمة أم الفضل بنت‬
‫المأمون»(‪.)2‬‬
‫‪ -24‬يقول عالمتهم محمد حسين الطباطبائي‪« :‬ومن صور قمعهم‬
‫أن أكثر الشيعة تعتقد أن السلطة األموية كانت وراء موت‬
‫اإلمامين الرابع والخامس (السجاد والباقر عليهما السالم)‬
‫حيث دست لهما السم‪ ،‬وكذا كانت وفاة اإلمام الثاين والثالث‬
‫(الحسن والحسين عليهما السالم) على أيديها أيضًا»(‪.)3‬‬
‫‪ -25‬يقول عالمتهم الوحيد الخراساين‪« :‬ويظهر هذا لمن تأمل‬

‫((( كتاب (األجوبة الهادية إلى سواء السبيل‪/‬نقد وتحليل لكتاب (أسئلة قادت‬
‫شباب الشيعة إلى الحق))‪ ،‬آليتهم العظمى جعفر السبحاين‪( ،‬ص ‪.)335‬‬
‫((( كتاب (أضواء على عقائد الشيعة اإلمامية)‪ ،‬آليتهم العظمى جعفر السبحاين‪،‬‬
‫(ص ‪.)49‬‬
‫((( كتاب (مقاالت تأسيسية يف الفكر االسالمي)‪ ،‬لعالمتهم محمد حسين الطباطبائي‪،‬‬
‫(ص ‪.)230‬‬
‫‪58‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫يف حياة األئمة المعصومين ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬وابتالئهم‬


‫بطواغيت الزمان‪ ،‬والمصائب التي جرت عليهم وعلى‬
‫اختص هبم»(‪.)1‬‬
‫َّ‬ ‫أوالدهم ومن‬
‫‪ -26‬يقول محققهم محمد رضا الجاللي‪« :‬فأين الحب الذي‬
‫أمر به الرسول‪ ،‬ألهل بيته؟ وكيف ال نجد يف التاريخ من آل‬
‫محمد إال من هو مقتول بالسيف‪ ،‬أو بالسم‪ ،‬أو معذب يف قعر‬
‫السجون وظلم المطامير‪ ،‬أو مشرد مطارد‪ ،‬أو مهان مبعد؟‬
‫فكيف يكون البغض الذي هنى عنه الرسول ألهل بيته‪ ،‬إن لم‬
‫يكن هكذا؟»(‪.)2‬‬
‫‪ -27‬يقول عالمهم محمد باقر الحكيم‪« :‬فإن المتحدثين والقراء‬
‫يستندون فيه إلى رواية معتربة عن اإلمام الرضا ڠ يقول‬
‫فيها‪« :‬ما منا إ ّ‬
‫ال مقتول أو مسموم» »(‪.)3‬‬
‫‪ -28‬يقول مفكرهم عبد الجبار الرفاعي‪« :‬لم يتعرض أحد من‬
‫أصحاب المبادئ يف تاريخ اإلنسانية لظلم وأذى كالظلم الذي‬
‫تعرض له آل بيت الرسول عليهم السالم‪ ،‬فقد عاشوا حياهتم‬

‫((( كتاب (مقدمة يف أصول الدين)‪ ،‬لعالمتهم الوحيد الخراساين‪( ،‬ص ‪.)337‬‬
‫((( كتاب (اإلمام الحسين (ع) سماته وسيرته)‪ ،‬لمحققهم محمد رضا الجاللي‪،‬‬
‫(ص ‪.)52‬‬
‫((( كتاب (دور أهل البيت (ع) يف بناء الجماعة الصالحة)‪ ،‬لعالمهم محمد باقر‬
‫الحكيم‪.)182-181/2( ،‬‬
‫‪59‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫بين الحبس والمالحقة وحملوا إلى مضاجعهم ضحايا‬


‫للعقيدة‪ ،‬إذ لم يمت واحد منهم حتف أنفه‪ ،‬فمن لم يقتل‬
‫بالسيف قتلوه بالسم»(‪.)1‬‬
‫‪ -29‬يقول شيخهم باقر شريف القرشي‪« :‬وهذا الرأي ليس بوثيق‬
‫ألن السلطة العباسية لو ظفرت به لقتلته كما قتلت آباءه األئمة‬
‫الطاهرين عليهم السالم»(‪.)2‬‬

‫‪ -30‬يقول شيخهم حسين الشاكري‪« :‬وكانت أيام الس ّفاح ّ‬


‫(أول‬
‫الخلفاء العباسيين) أربع سنين‪ ،‬وهي مدّ ة غير كافية للقضاء‬
‫على بني ُأمية قضا ًء مربمًا‪ ،‬وال لبناء ُأسس الملك وترسيخ‬
‫دعائمه‪ .‬ولكنّه مع ذلك لم يدع الصادق ڠ وشأنه‪ ،‬بل‬
‫المنورة إلى الحيرة ليفتك به‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بعث إليه َمن يتع ّقبه من المدينة‬
‫وكان دافعه يف اإلقدام على هذا العمل الشائن‪ ..‬خوفه من أن‬
‫يتّجه القوم إلى الصادق ڠ ويعرفوا منزلته‪ ..‬وبسبب هذه‬
‫ترصد المنصور للصادق ڠ‪ ،‬فرأى اإلمام ڠ منه‬
‫الخشية ّ‬
‫ضروبًا من اآلالم والمكاره‪ .‬قال ابن طاووس‪ّ :‬‬
‫إن المنصور‬
‫دعا الصادق ڠ سبع مرات كان بعضها يف المدينة والربذة‬
‫حج المنصور‪ ،‬وبعضها يرسل إليه إلى الكوفة‪ ،‬وبعضها‬
‫حين ّ‬

‫((( كتاب (معجم ما كتب عن فاطمة الزهراء (ع))‪ ،‬لمفكرهم عبد الجبار الرفاعي‪،‬‬
‫نشرته مجلة تراثنا التابعة لمؤسسة آل البيت‪.)57/14( ،‬‬
‫((( كتاب (حياة اإلمام المهدي (ع))‪ ،‬لشيخهم باقر شريف القرشي‪( ،‬ص ‪.)165‬‬
‫‪60‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫مرة إ ّ‬
‫ال ويريد فيها قتله»(‪.)1‬‬ ‫إلى بغداد‪ ،‬وما كان يرسل عليه ّ‬
‫بعد سردنا لهذا الكم الهائل من التقريرات ‪ -‬بأن األئمة لم‬
‫بالسم أو السيف‬
‫ِّ‬ ‫يكونوا بمأمن من بطش الحكام حتى قتلوهم‬
‫– ُح َّق لنا التساؤل عن السبب الذي قاد أعالم اإلمامية إلنكار‬
‫هذه التقريرات‪ ،‬حتى قال شيخهم األعظم المفيد عن األئمة‪:‬‬
‫«ولو لم يكن ما ذكرناه شيئا ظاهرا وعلة صحيحة وجهة ثابتة‪،‬‬
‫لكان غير منكر أن يكون يف معلوم اهلل جل اسمه أن من سلف‬
‫من آبائه عليهم السالم يأمن مع ظهوره»(‪.)2‬‬
‫فهل كانوا فعالً آمنين بظهورهم أم أذاقهم أعداؤهم مرارة‬
‫القتل بالسم أو السيف؟!‬
‫وهل مخالفة أولئك األعالم لتلك الحقيقة الثابتة يف المذهب‬
‫نابعة من جهلهم بها‪ ،‬أم أوقعهم فيها ذلك اإلشكال القاتل الذي‬
‫أعياهم الجواب عنه؟!‬

‫((( كتاب (موسوعة المصطفى والعرتة (ع))‪ ،‬لشيخهم الحاج حسين الشاكري‪،‬‬
‫(‪.)196/10‬‬
‫((( كتاب (المسائل العشر يف الغيبة)‪ ،‬للشيخ المفيد‪( ،‬ص ‪.)75-73‬‬
‫‪61‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الطامة الثانية‪:‬‬
‫إن دعواهم بكون التكليف اإللهي لألئمة هو التزام التقية‬
‫نصت عليه مروياهتم‬ ‫مخالف لما َّ‬
‫ٌ‬ ‫وعدم الخروج بالسيف‬
‫وتقريرات علمائهم وكما يلي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الروايات‬
‫‪ -1‬روى ثقة اإلمامية محمد ين يعقوب الكليني‪« :‬عن سدير‬
‫الصيريف(‪ )1‬قال‪ :‬دخلت على أبي عبد اهلل ڠ فقلت له‪ :‬واهلل‬
‫ما يسعك القعود‪ ،‬فقال‪َ :‬ول ِ َم يا سدير؟ قلت‪ :‬لكثرة مواليك‬
‫وشيعتك وأنصارك‪ ،‬واهلل لو كان ألمير المؤمنين ڠ ما لك‬
‫من الشيعة واألنصار والموالي ما طمع فيه تيم وال عدي‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫يا سدير وكم عسى أن يكونوا؟ قلت‪ :‬مائة ألف‪ ،‬قال‪ :‬مائة‬
‫ألف؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬ومائتي ألف قال‪ :‬مائتي ألف؟ قلت‪ :‬نعم‬
‫ونصف الدنيا قال‪ :‬فسكت عني ثم قال‪ :‬يخف عليك أن تبلغ‬
‫معنا إلى ينبع قلت‪ :‬نعم فأمر بحمار وبغل أن يسرجا‪ ،‬فبادرت‬
‫فركبت الحمار‪ ،‬فقال‪ :‬يا سدير أترى أن تؤثرين بالحمار؟‬
‫قلت‪ :‬البغل أزين وأنبل قال‪ :‬الحمار أرفق بي فنزلت فركب‬

‫((( ُي َع ِّبر عنها شيخهم على أكرب السيفي المازندراين بـ «المعتربة «وذلك يف كتابه‬
‫(مباين الفقه الفعال يف القواعد الفقهية األساسية)(‪ ،)62/2‬وكذلك يف كتابه‬
‫(دليل تحرير الوسيلة (والية الفقيه))(ص ‪.)100‬‬
‫‪62‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الحمار وركبت البغل فمضينا فحانت الصالة‪ ،‬فقال‪ :‬يا سدير‬


‫انزل بنا نصلي‪ ،‬ثم قال‪ :‬هذه أرض سبخة ال تجوز الصالة‬
‫فيها فسرنا حتى صرنا إلى أرض حمراء ونظر إلى غالم يرعى‬
‫جداء فقال‪ :‬واهلل يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما‬
‫وسعني القعود‪ ،‬ونزلنا وصلينا فلما فرغنا من الصالة عطفت‬
‫على الجداء فعددهتا فإذا هي سبعة عشر»(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬روى الكليني أيضًا فيما يسموهنا (الخطبة الطالوتية)‪« :‬عن أبي‬
‫الهيثم بن التيهان أن أمير المؤمنين ڠ خطب الناس بالمدينة‬
‫فقال‪ ..‬أما واهلل لو كان لي عدة أصحاب طالوت أو عدة أهل‬
‫بدر وهم أعداؤكم لضربتكم بالسيف حتى تؤولوا إلى الحق‬
‫وتنيبوا للصدق فكان أرتق للفتق وآخذ بالرفق‪ ،‬اللهم فاحكم‬
‫بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين‪ .‬قال ثم خرج من المسجد فمر‬
‫بصيرة فيها نحو من ثالثين شاة‪ ،‬فقال‪ :‬واهلل لو أن لي رجاال‬
‫ينصحون هلل عز وجل ولرسوله بعدد هذه الشياه ألزلت ابن‬
‫آكلة الذبان عن ملكه»(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬روى الكليني أيضًا‪« :‬عن عبد اهلل بن مسكان‪ ،‬عن سدير قال‪:‬‬
‫كنا عند أبي جعفر ڠ فذكرنا ما أحدث الناس بعد نبيهم ‪-‬‬

‫((( كتاب (أصول الكايف)‪ ،‬لثقة الشيعة محمد بن يعقوب الكليني‪-242/2( ،‬‬
‫‪.)243‬‬
‫((( المصدر السابق‪.)33-32/8( ،‬‬
‫‪63‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫صلى اهلل عليه وآله ‪ -‬واستذاللهم أمير المؤمنين ڠ فقال‬


‫رجل من القوم‪ :‬أصلحك اهلل فأين كان عز بني هاشم وما‬
‫كانوا فيه من العدد؟ فقال أبو جعفر ڠ‪ :‬ومن كان بقي من‬
‫بني هاشم إنما كان جعفر وحمزة فمضيا وبقي معه رجالن‬
‫ضعيفان ذليالن حديثا عهد باإلسالم‪ :‬عباس وعقيل وكانا من‬
‫الطلقاء أما واهلل لو أن حمزة وجعفرا كانا بحضرهتما ما وصال‬
‫إلى ما وصال إليه ولو كانا شاهديهما ألتلفا نفسيهما»(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬أورد الشريف الرضي عدة أقوال لعلي ﭬ يف كتابه (هنج‬
‫البالغة) منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬قال يف (‪« :)37-36/1‬أما والذي فلق الحبة‪ .‬وبرأ النسمة لوال‬
‫حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر‪ .‬وما أخذ اهلل‬
‫يقاروا على ك َّظة ظالم وال سغب مظلوم‬
‫على العلماء أن ال ُّ‬
‫أللقيت حبلها على غارهبا ولسقيت آخرها بكأس أولها»‪.‬‬
‫ب‪ -‬قال يف (‪« :)31-30/1‬أما واهلل لقد تقمصها فالن وإنه ليعلم‬
‫أن محلي منها محل القطب من الرحى‪ .‬ينحدر عني السيل‬
‫وال يرقى إل ّيض الطير‪ .‬فسدلت دوهنا ثوبًا وطويت عنها‬
‫كشحًا‪ .‬وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصرب على‬
‫طخية عمياء يهرم فيها الكبير‪ .‬ويشيب فيها الصغير‪ .‬ويكدح‬

‫((( المصدر السابق‪.)190-189/8( ،‬‬


‫‪64‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫فيها مؤمن حتى يلقى ربه فرأيت أن الصرب على هاتا أحجى‬
‫فصربت ويف العين قذى‪ .‬ويف الحلق شجا أرى تراثي هنبا»‪.‬‬
‫ج‪ -‬قال يف (‪« :)202/2‬فنظرت فإذا ليس لي رافد وال ذاب وال‬
‫مساعد إال أهل بيتي‪ ،‬فضننت هبم عن المنية فأغضيت على‬
‫القذى‪ ،‬وجرعت ريقي على الشجى‪ ،‬وصربت من كظم الغيظ‬
‫أمر من العلقم‪ ،‬وآلم للقلب من حز الشفار»‪.‬‬
‫على ّ‬
‫د‪ -‬نقل عالمتهم ابن طاووس القول السابق مع بعض الزيادات‪:‬‬
‫«فنظرت فإذا ليس لي رافد وال معي مساعد إال أهل بيتي‬
‫فضننت هبم عن الهالك ولو كان لي بعد رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وآله عمي حمزة وأخي جعفر لم أبايع كرهًا‪ ،‬ولكنني‬
‫بليت برجلين حديثي عهد باالسالم العباس وعقيل‪ ،‬فضننت‬
‫بأهل بيتي عن الهالك فأغضيت عيني على القذى‪ ،‬وتجرعت‬
‫ريقي على الشجا وصربت على أمر من العلقم وآلم للقلب‬
‫من حز الشفار»(‪.)1‬‬
‫‪ -5‬ما أورده سليم بن قيس من أقوال علي ﭬ‪ ،‬ومنها‪« :‬فقال‬
‫األشعث بن قيس ‪ -‬وغضب من قوله ‪ :-‬فما يمنعك يا بن أبي‬
‫طالب حين بويع أخو تيم بن مرة وأخو بني عدي بن كعب‬

‫((( كتاب (كشف المحجة وثمرة المهجة)‪ ،‬لعالمتهم ابن طاووس الحلي‪( ،‬ص‬
‫‪.)180‬‬
‫‪65‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫وأخو بني أمية بعدهما‪ ،‬أن تقاتل وتضرب بسيفك؟‪ ..‬فقلت‪:‬‬


‫يا رسول اهلل‪ ،‬فما تعهد إلي إذا كان ذلك؟ قال‪ :‬إن وجدت‬
‫أعوانًا فانبذ إليهم وجاهدهم‪ ،‬وإن لم تجد أعوانا فاكفف يدك‬
‫واحقن دمك حتى تجد على إقامة الدين وكتاب اهلل وسنتي‬
‫أعوانا‪ ..‬وأخربين صلى اهلل عليه وآله أين منه بمنزلة هارون من‬
‫موسى‪ ..‬وإنما يعني‪ :‬إن موسى أمر هارون ‪ -‬حين استخلفه‬
‫عليهم ‪ -‬إن ضلوا فوجد أعوانا أن يجاهدهم‪ ،‬وإن لم يجد‬
‫أعوانا أن يكف يده ويحقن دمه وال يفرق بينهم‪ .‬وإين خشيت‬
‫أن يقول لي ذلك أخي رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله‪( :‬لم فرقت‬
‫بين األمة ولم ترقب قولي وقد عهدت إليك إن لم تجد أعوانا‬
‫أن تكف يدك وتحقن دمك ودم أهل بيتك وشيعتك)؟‪ ..‬ولم‬
‫يكن معي أحد من أهل بيتي أصول به وال أقوى به‪ ،‬أما حمزة‬
‫فقتل يوم أحد‪ ،‬وأما جعفر فقتل يوم مؤتة‪ ،‬وبقيت بين جلفين‬
‫جافيين ذليلين حقيرين عاجزين‪ :‬العباس وعقيل‪ ،‬وكانا قريبي‬
‫العهد بكفر‪ ..‬ويلك يا بن قيس‪ ،‬كيف رأيتني صنعت حين قتل‬
‫عثمان إذ وجدت أعوانا؟! هل رأيت مني فشال أو تأخرا أو‬
‫جبنا أو تقصيرا يف وقعتي يوم البصرة وهم حول َج َملِهم يا بن‬
‫قيس؟! أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة‪ ،‬إين لو وجدت يوم‬
‫بويع أخو تيم ‪ -‬الذي عيرتني بدخولي يف بيعته ‪ -‬أربعين رجال‬
‫كلهم على مثل بصيرة األربعة الذين قد وجدت لما كففت‬

‫‪66‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫يدي ولناهضت القوم‪ ،‬ولكن لم أجد خامسا فأمسكت‪..‬‬


‫أتاين أربعون رجال من المهاجرين واألنصار فبايعوين وفيهم‬
‫الزبير‪ ،‬فأمرهتم أن يصبحوا عند بابي محلقين رؤوسهم عليهم‬
‫السالح‪ ،‬فما وىف لي وال صدقني منهم أحد غير أربعة‪ :‬سلمان‬
‫وأبو ذر والمقداد والزبير‪ ..‬يا بن قيس‪ ،‬والذي فلق الحبة وبرء‬
‫النسمة‪ ،‬لو أن أولئك األربعين الذين بايعوا وفوا لي وأصبحوا‬
‫ب لعتيق يف عنقي بيعته‬ ‫على بابي محلقين رؤوسهم قبل أن َت ِ‬
‫ج َ‬
‫لناهضته وحاكمته إلى اهلل عز وجل‪ .‬ولو وجدت قبل بيعة‬
‫عثمان أعوانا لناهضتهم وحاكمتهم إلى اهلل»(‪.)1‬‬
‫‪ -6‬ما ينقله عالمتهم محمد باقر المجلسي عن كتاب دعائم‬
‫اإلسالم‪« :‬وعن أبي جعفر محمد بن علي صلوات اهلل عليه أنه‬
‫قال‪ :‬إذا اجتمع لإلمام عدة أهل بدر‪ ،‬ثالث مائة وثالثة عشر‪،‬‬
‫وجب عليه القيام والتغيير»(‪.)2‬‬
‫‪ -7‬ما ينقله عالمتهم محمد حسن النجفي بقوله‪« :‬كما أومأ إليه‬
‫الصادق ڠ بقوله‪« :‬لو أن لي عدد هذه الشويهات وكانت‬
‫أربعين لخرجت «»(‪.)3‬‬

‫((( كتاب (سليم بن قيس)‪ ،‬بتحقيق محمد باقر األنصاري‪( ،‬ص ‪.)218 - 214‬‬
‫((( كتاب (بحار األنوار)‪ ،‬لعالمتهم محمد باقر المجلسي‪ ،)49/97( ،‬وانظر‬
‫كتاب (دعائم اإلسالم)‪ ،‬للقاضي النعماين المغربي‪.)342/1( ،‬‬
‫((( كتاب (جواهر الكالم)‪ ،‬لعالمتهم محمد حسن النجفي‪.)397/21( ،‬‬
‫‪67‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ -8‬ينقل عالمتهم الشيخ علي النمازي الشاهرودي‪« :‬أمالي‬


‫الطوسي‪ :‬يف أنه لما بويع عثمان قال جندب بن عبد اهلل لعلي‬
‫أمير المؤمنين ڠ‪ :‬واهلل إنك لصبور‪ .‬قال‪ :‬فأصنع ماذا؟‬
‫قال‪ :‬تقوم يف الناس وتدعوهم إلى نفسك وتسألهم النصر‪ ،‬فإن‬
‫أجابك عشرة من مائة شددت بالعشرة على المائة فقال‪ :‬أتراه‬
‫يا جندب يبايعني عشرة من مائة؟ فقلت‪ :‬أرجو ذلك‪ .‬فقال‪:‬‬
‫لكني ال أرجو وال من كل مائة اثنان»(‪.)1‬‬
‫‪ -9‬روى الشاهرودي أيضًا‪« :‬ويف حديث المفضل بن عمر‪ :‬فكأنما‬
‫ألجموا بلجام الصمت عن إجابة الدعوة إال عشرون رجال‪،‬‬
‫فقال الحسن ڠ‪ :‬فنظرت يمنة ويسرة فلم أر أحد ًا غيرهم ‪-‬‬
‫إلى أن قال ما حاصله‪ - :‬لو كان معي أربعون جاهدت يف اهلل‬
‫حق جهاده»(‪.)2‬‬
‫‪ -10‬يروى خاتمة محدثهم حسين النوري الطربسي‪« :‬الحسين بن‬
‫حمدان الحضيني يف الهداية‪ :‬عن محمد بن إسماعيل وعلي‬
‫بن عبد اهلل الحسنيين‪ ،‬عن أبي شعيب محمد بن نصير‪ ،‬عن‬
‫عمر بن فرات‪ ،‬عن محمد بن الفضل‪ ،‬عن مفضل بن عمر‪،‬‬
‫عن الصادق ڠ ‪ -‬يف حديث طويل يف سيرة القائم ڠ وما‬

‫((( كتاب (مستدرك سفينة البحار)‪ ،‬للعالمة علي النمازي الشاهرودي‪.)580/8( ،‬‬
‫((( المصدر السابق‪.)580/8( ،‬‬
‫‪68‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫يحدث يف الرجعة‪ ،‬وشكاية أهل البيت ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬عند‬


‫جدهم (صلوات اهلل عليه وآله)‪ ،‬وذكر يف جملة شكاية الحسن‬
‫ڠ‪ ،‬أنه قال ‪( -‬ودخلت جامع الصالة بالكوفة‪ ،‬فرقأت‬
‫المنرب فاجتمع الناس ‪ -‬ثم ذكر خطبته وتحريضه الناس على‬
‫معاوية إلى أن قال ‪ -‬فتكملوا رحمكم اهلل‪ ،‬فكأنما ألجموا‬
‫بلجام الصمت عن إجابة الدعوة إال عشرون رجال منهم قاموا‬
‫منهم سليمان بن صرد ‪ -‬وذكر ڠ أساميهم ‪ -‬فقالوا‪ :‬يا بن‬
‫رسول اهلل ما نملك غير سيوفنا وأنفسنا‪ ،‬فها نحن بين يديك‬
‫ألمرك طائعون‪ُ ،‬م ْرنا بما شئت‪ ،‬فنظرت يمنة ويسرة فلم َأر‬
‫أحد ًا غيرهم‪ ،‬فقلت لهم‪ :‬لي إسوة بجدي رسول اهلل ‪ -‬صلى‬
‫ٍ‬
‫تسعة وثالثين‬ ‫سر ًا‪ ،‬وهو يومئذ يف‬
‫اهلل عليه وآله ‪ ،-‬حين عبد اهلل ّ‬
‫رجالً‪ ،‬فلما أكمل اهلل له األربعين صاروا يف عدة وأظهروا أمر‬
‫اهلل‪ ،‬فلو كان معي عدهتم جاهدت يف اهلل حق جهاده) الخرب»(‪.)1‬‬
‫‪ -11‬ينقل خاتمة محدثيهم حسين النوري الطربسي أيضًا‪« :‬وعن‬
‫إسحاق بن موسى‪ ،‬عن أبيه موسى بن جعفر‪ ،‬عن أبيه جعفر‬
‫بن محمد‪ ،‬عن آبائه ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬يف حديث‪( :‬إن أمير‬
‫المؤمنين ڠ قال يف خطبة له‪ :‬ثم أخذت بيد فاطمة وابني‬
‫الحسن والحسين ‪ -‬عليهم السالم ‪ ،-‬ثم درت على أهل‬
‫بدر وأهل السابقة‪ ،‬فناشدهتم حقي ودعوهتم إلى نصريت‪،‬‬

‫((( كتاب (مستدرك الوسائل)‪ ،‬لخاتمة محدثيهم النوري الطربسي‪.)77/11( ،‬‬


‫‪69‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫فما أجابني منهم إال أربعة رهط‪ :‬سلمان وعمار والمقداد‬


‫وأبو ذر‪ ،‬وذهب من كنت أعتضد هبم على دين اهلل ‪ -‬إلى أن‬
‫قال ‪ -‬والذي بعث محمد ًا ‪ -‬صلى اهلل عليه وآله ‪ -‬بالحق‪ ،‬لو‬
‫وجدت يوم بويع أخو تيم أربعين رهطا‪ ،‬لجاهدهتم يف اهلل إلى‬
‫أن أبلي عذري)»(‪.)1‬‬
‫‪ -12‬ينقل عالمتهم محمد باقر المجلسي من كتاب الغيبة‪« :‬فوالذي‬
‫فلق الح َّبة وبرأ النسمة‪ ،‬وتردى بالعظمة‪ ،‬لئن قام إلي منكم عصبة‬
‫بقلوب صافية‪ ،‬ونيات مخلصة‪ ،‬ال يكون فيها شوب نفاق‪ ،‬وال‬
‫نية افرتاق ألجاهدن بالسيف قدما قدما وألضيقن من السيوف‬
‫جوانبها‪ ،‬ومن الرماح أطرافها‪ ،‬ومن الخيل سنابكها فتكلموا‬
‫رحمكم اهلل‪ .‬فكأنما ألجموا بلجام الصمت عن إجابة الدعوة‬
‫إال عشرون رجال فإهنم قاموا إلي فقالوا‪ :‬يا ابن رسول اهلل ما‬
‫نملك إال أنفسنا وسيوفنا‪ ،‬فها نحن بين يديك ألمرك طائعون‪،‬‬
‫وعن رأيك صادرون‪ ،‬فمرنا بما شئت‪ ،‬فنظرت يمنة ويسرة‪ ،‬فلم‬
‫أر أحدا غيرهم‪ .‬فقلت‪ :‬لي أسوة بجدي رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وآله حين عبد اهلل سرا‪ ،‬وهو يومئذ يف تسعة وثالثين رجال‪،‬‬
‫فلما أكمل اهلل له األربعين صار يف عدة وأظهر أمر اهلل فلو كان‬
‫معي عدهتم جاهدت يف اهلل حق جهاده»(‪.)2‬‬

‫((( المصدر السابق‪.)74/11( ،‬‬


‫((( كتاب (بحار األنوار)‪ ،‬لعالمتهم محمد باقر المجلسي‪.)67/44( ،‬‬
‫‪70‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫ثانيًا‪ :‬تقريرات علماء المذهب‬


‫‪ -1‬يقول شيخهم األعظم المفيد‪« :‬وأما ترك النكير عليهم باليد‬
‫فهو أنه لم يجد ناصرا وال معينا على ذلك‪ ،‬ولو تواله بنفسه‬
‫وحامته لربما أدى ذلك إلى قتله أو قتل أهله وأحبته فألجل‬
‫ذلك عدل عن النكير‪ .‬وقد بين ذلك ڠ يف قوله‪( :‬أما واهلل‬
‫لو وجدت أعوانا لقاتلتهم) وقوله أيضا بعد بيعة الناس له حين‬
‫توجه إلى البصرة‪( :‬أما واهلل لوال حضور الناصر ولزوم الحجة‬
‫وما أخذ اهلل على أوليائه أال يقروا على كظة ظالم وال سغب‬
‫مظلوم أللقيت حبلها على غارهبا ولسقيت آخرها بكأس‬
‫أولها وأللفيتم دنياكم عندي أهون من عفطة عنز)‪ .‬فبين ڠ‬
‫أنه إنما قاتل من قاتل لوجود األنصار وعدل عن قتال من عدل‬
‫عن قتالهم لعدمهم»(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬وقال شيخهم األعظم المفيد أيضًا‪« :‬فصل فأما قوله‪َ :‬فلِ َم ال‬
‫يجاهدهم أمير المؤمنين ڠ كما جاهد الناكثين والقاسطين‬
‫والمارقين؟ فقد ذكر أمير المؤمنين ڠ فيما تظاهر عنه‬
‫من األخبار‪ ،‬فكان من الجواب حيث يقول‪« :‬أما واهلل‪ ،‬لوال‬
‫حضور الحاضر‪ ،‬وقيام الحجة بوجود الناصر‪ ،‬وما أخذ اهلل‬
‫على العلماء أن ال يقاروا على كظة ظالم‪ ،‬وال سغب مظلوم‪،‬‬

‫((( كتاب (مسألتان يف النص على علي (ع))‪ ،‬لشيخهم األعظم المفيد‪.)27/2( ،‬‬
‫‪71‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫أللقيت حبلها على غارهبا‪ ،‬ولسقيت آخرها بكأس أولها »‪ .‬فدل‬


‫على أنه ڠ إنما ترك جهاد األولين لعدم األنصار‪ ،‬وجاهد‬
‫اآلخرين لوجود األعوان‪ ،‬وكان ذلك هو الصالح الشامل‬
‫على معلوم اهلل تعالى وشرائط حكمته يف التدبيرات»(‪.)1‬‬
‫‪ -3‬قال شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪« :‬فصل فأما‬
‫قوله‪ :‬فلم ال يجاهدهم أمير المؤمنين ڠ كما جاهد الناكثين‬
‫والقاسطين والمارقين؟ فقد ذكر أمير المؤمنين ڠ فيما‬
‫تظاهر عنه من األخبار‪ ،‬فكان من الجواب حيث يقول‪« :‬أما‬
‫واهلل‪ ،‬لوال حضور الحاضر‪ ،‬وقيام الحجة بوجود الناصر‪،‬‬
‫وما أخذ اهلل على العلماء أن ال يقاروا على كظة ظالم‪ ،‬وال‬
‫سغب مظلوم‪ ،‬أللقيت حبلها على غارهبا‪ ،‬ولسقيت آخرها‬
‫بكأس أولها »‪ .‬فدل على أنه ڠ إنما ترك جهاد األولين‬
‫لعدم األنصار‪ ،‬وجاهد اآلخرين لوجود األعوان‪ ،‬وكان ذلك‬
‫هو الصالح الشامل على معلوم اهلل تعالى وشرائط حكمته يف‬
‫التدبيرات»(‪.)2‬‬
‫(الم َل َّقب عندهم بعلم الهدى)‪:‬‬
‫‪ -4‬يقول علمهم الشريف المرتضى ُ‬
‫«وقوله ڠ‪( :‬لوال حضور الحاضر‪ ،‬وقيام الحجة بوجود الناصر)‬

‫((( كتاب (اإلفصاح يف إمامة أمير المؤمنين (ع))‪ ،‬لشيخهم األعظم المفيد‪( ،‬ص ‪.)46‬‬
‫((( كتاب (الرسائل العشر)‪ ،‬لشيخ الطائفة الطوسي‪( ،‬ص ‪ ،)124‬وأيضًا يف كتابه‬
‫(االقتصاد)‪( ،‬ص ‪.)210-209‬‬
‫‪72‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫إلى آخر الكالم‪ ،‬فمعناه أن الفرض تع َّين ويوجب مع وجود‬


‫من انتصر به على رفع المنكر ومنع الباطل‪ ،‬واعتذار إلى من ال‬
‫الج َمل وما‬
‫علم له من القعود يف أول األمر‪ ،‬والنهوض يف حرب َ‬
‫بعدها‪ ،‬لفقد األنصار أو ً‬
‫ال وحضورهم ثانيًا»(‪.)1‬‬
‫‪ -5‬يقول محققهم ومحدثهم يوسف البحراين‪« :‬فيا سبحان اهلل‬
‫كأنه لم يراجع األخبار الواردة يف المقام الدالة على ارتدادهم‬
‫عن اإلسالم واستحقاقهم القتل منه ڠ لوال الوحدة وعدم‬
‫المساعد من أولئك األنام»(‪.)2‬‬
‫‪ -6‬يقول عالمتهم على بن يونس البياضي‪« :‬وأجاب ڠ‬
‫إلي أن ال أجاهد إال إذا‬
‫األشعث مرة أخرى بأنه َع ْهد النبي َّ‬
‫وجدت أعوانا فلو وجدت أعوانا لجاهدت‪ ،‬وقد ُط ْف ُت على‬
‫المهاجرين واألنصار فلم أحد سوى أربعة‪ ،‬ولو وجدت‬
‫أربعين يوم بويع ألخي تيم لجاهدهتم»(‪.)3‬‬
‫‪ -7‬يقول عالمتهم محمد تقي النقوي القايني الخراساين‪« :‬إنّه‬
‫لم يكن له (ع) ناصر وال معين على استنقاذ ح ّقه ففي هذه‬
‫الصورة يجب عليه القعود عن القتال وقد ورد به روايات‬
‫ّ‬

‫((( كتاب (رسائل المرتضى)‪ ،‬لعلمهم الشريف المرتضى‪.)113/2( ،‬‬


‫((( كتاب (الحدائق الناضرة)‪ ،‬لمحققهم يوسف البحراين‪.)180/5( ،‬‬
‫((( كتاب (الصراط المستقيم)‪ ،‬لعالمتهم على بن يونس العاملي البياضي‪،‬‬
‫(‪.)12/3‬‬
‫‪73‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫وهذا القول هو المشهور بين اإلمام ّية‪ .‬وقال‪ :‬يا أبا الحسن َّ‬
‫إن‬
‫األ ّمة ستغدر بك وتنقض عهدك وإنّك منّى بمنزلة هارون من‬
‫الى إذا كان كذلك؟ فقال‬
‫موسى‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول اهَّلل فما تعهد ّ‬
‫إن وجدت أعوانًا فبادر إليهم وجاهدهم ْ‬
‫وإن لم تجد أعوانًا‬ ‫ْ‬
‫فكف يدك واحقن دمك حتّى تلحق بي مظلومًا‪ ،‬وا َّلذى بعث‬
‫ّ‬
‫بالحق لو وجدت يوم بويع أخو تيم أربعين رهطًا‬ ‫ّ‬ ‫محمد ًا‬
‫ّ‬
‫لجاهدهتم يف اهَّلل إلى أن أبلي عذري»(‪.)1‬‬
‫‪ -8‬يقول عالمهم على أكرب السيفي المازندراين‪« :‬إنّه ورد عنهم‬
‫السالم ‪ -‬روايات د َّلت على أنّه لو كان لهم ناصرين‬
‫‪ -‬عليهم ّ‬
‫يمهدون لهم مجاالت القيام بالعدل بنصرهم‪ ،‬لم‬
‫صدّ يقين ّ‬
‫يسكتوا وكانوا ينهضون ضدّ الطواغيت بمجرد َت َم ُّكنهم من‬
‫وإن ّ‬
‫أدل دليل على ذلك قيام أبي عبد اهلل الحسين ضدّ‬ ‫ذلك‪ّ .‬‬
‫طاغوت عصره يزيد بن معاوية لعنه اهلل ولم يكن له ‪ -‬عليه‬
‫غرض إلاَّ إزالة الباطل والظلم‬
‫السالم ‪ -‬من قيامه الدامي ٌ‬
‫ّ‬
‫والفساد وإحياء الحق والعدل والدين‪ ،‬كما نطق بذلك يف‬
‫خطبه الشريفة الموجودة يف المقاتل‪ ،‬فراجع»(‪.)2‬‬

‫((( كتاب (مفتاح السعادة يف شرح هنج البالغة)‪ ،‬لعالمتهم محمد تقي النقوي‬
‫القايني الخراساين‪.)16/3( ،‬‬
‫((( كتاب (دليل تحرير الوسيلة (والية الفقيه))‪ ،‬لعالمهم علي أكرب السيفي‬
‫المازندراين‪( ،‬ص ‪.)100-99‬‬
‫‪74‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ -9‬يقول عالمتهم على الكوراين‪« :‬وكأن قبوله قيادة جيش يعني‬


‫اعرتافه بأن الخليفة قائده‪ ،‬واالعرتاف االختياري عنده مخالفة‬
‫للنبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وآله ‪ -‬الذي لم يؤ ِّمر أحد ًا عليه طول‬
‫عمره‪ ،‬ولم يبعثه إال أمير ًا على الصحابة واجب الطاعة‪ .‬فبماذا‬
‫يجيب رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وآله ‪ -‬لو قال له‪ :‬لقد‬
‫حفظت مقامك الرباين فلم أؤمر عليك أحد ًا‪ ،‬وأخربتك بأن‬
‫ُ‬
‫األمة ستغدر بك بعدي‪ ،‬وأوصيتك أن تحفظ دمك إن لم تجد‬
‫أنصار ًا‪ ،‬وأن تبايعهم وتؤمرهم على نفسك مجرب ًا فقط‪ ،‬فلماذا‬
‫أ َّمرهتم على نفسك اختيار ًا؟!»(‪.)1‬‬
‫‪ -10‬يقول عالمتهم ومحققهم جعفر مرتضى العاملي‪« :‬ولوال‬
‫وصية من أخيه رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وآله ‪ -‬له بأن ال‬
‫يناهضهم إال إذا وجد أنصار ًا‪ ،‬لبادر إلى اختالس أرواحهم‪،‬‬
‫وإرواء األرض من دمائهم وطمس ذكرهم»(‪.)2‬‬
‫‪ -11‬ينقل عالمتهم محمد رضا المظفر عدة أقوال تؤكد هذه‬
‫الحقيقة منها‪« :‬الموقف الدقيق يظهر للمتتبع أن اإلمام كان‬
‫يرى ‪ -‬عطفا على رأيه السابق ‪ -‬وجوب مناهضة القوم‬

‫((( كتاب (قراءة جديدة للفتوحات اإلسالمية)‪ ،‬لعالمهم علي الكوراين‪-58/1( ،‬‬
‫‪.)59‬‬
‫((( كتاب (الصحيح من سيرة اإلمام علي (ع))‪ ،‬لعالمتهم ومحققهم جعفر‬
‫مرتضى العاملي‪.)190/9( ،‬‬
‫‪75‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫حتى يأخذ حقه منهم‪ .‬ويستشعر ذلك من سيرته معهم ومن‬


‫كثير من أقواله التي منها قوله يف الشقشقية عن حربه ألهل‬
‫الجمل ومعاوية‪« :‬أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لوال‬
‫حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر‪ ،‬وما أخذ اهلل‬
‫على العلماء أال يقاروا على كظة ظالم وال سغب مظلوم‪،‬‬
‫أللقيت حبلها على غارهبا ولسقيت آخرها بكأس أولها »‪.‬‬
‫فانظر إلى موقع كلمته‪« :‬لسقيت آخرها بكأس أولها «‪ ،‬فإنه‬
‫يريد أن يقول‪ :‬إن زهدي بالدنيا يدعو إلى أن أترك حقي يف‬
‫المرة األخيرة كما تركته يف المرة األولى‪ ،‬ولكن الفرق كبير‬
‫بين الحالين‪ :‬ففي األولى لم تقم علي الحجة يف القتال لفقدان‬
‫الناصر دون هذه المرة‪ ،‬فال يسعني أن أعرض عنها هذه المرة‬
‫وأسقيها بالكأس الذي سقيت به أولها يوم طويت عنها كشحا‬
‫وصربت على القذى‪ .‬وأصرح من ذلك ما كان يقوله‪« :‬لو‬
‫وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم «وهذا ما‬
‫عده معاوية من ذنوبه‪ ،‬وذلك فيما كتب إليه من قوله‪« :‬فمهما‬
‫نسيت فال أنسى قولك ألبي سفيان لما حركك وهيجك لو‬
‫وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم‪ ،‬فما يوم‬
‫المسلمين منك بواحد «‪ ،‬ولم ينكر أمير المؤمنين ڠ هذا‬
‫القول يف جوابه على هذا الكتاب‪ ..‬فانظر إلى موقع كلمته‪:‬‬
‫«لسقيت آخرها بكأس أولها «‪ ،‬فإنه يريد أن يقول‪ :‬إن زهدي‬

‫‪76‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫بالدنيا يدعو إلى أن أترك حقي يف المرة األخيرة كما تركته يف‬
‫المرة األولى‪ ،‬ولكن الفرق كبير بين الحالين‪ :‬ففي األولى لم‬
‫تقم علي الحجة يف القتال لفقدان الناصر دون هذه المرة‪،‬‬
‫فال يسعني أن أعرض عنها هذه المرة وأسقيها بالكأس الذي‬
‫سقيت به أولها يوم طويت عنها كشحا وصربت على القذى‪.‬‬
‫وأصرح من ذلك ما كان يقوله‪« :‬لو وجدت أربعين ذوي عزم‬
‫منهم لناهضت القوم «وهذا ما عده معاوية من ذنوبه‪ ،‬وذلك‬
‫فيما كتب إليه من قوله‪« :‬فمهما نسيت فال أنسى قولك ألبي‬
‫سفيان لما حركك وهيجك لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم‬
‫لناهضت القوم‪ ،‬فما يوم المسلمين منك بواحد «‪ ،‬ولم ينكر‬
‫أمير المؤمنين ڠ هذا القول يف جوابه على هذا الكتاب‪.‬‬
‫ويف التاريخ مقتطفات تؤيد ذلك‪ ،‬كما يف تأريخ اليعقوبي‪:‬‬
‫إن أصحابه الذين كانوا يجتمعون إليه طالبوه بمناهضة القوم‬
‫وتعهدوا بالنصرة‪ ،‬وكأهنم ظنوا أن قد بلغوا العدد المطلوب‬
‫«‪ 40‬ذوي عزم «فقال لهم‪ :‬اغدوا على هذا محلقي الرؤوس‪،‬‬
‫وهو إنما يريد أن يريهم أهنم لم يبلغوا المنزلة التي تقام هبا‬
‫الحجة‪ ،‬فلم يعد عليه إال ثالثة نفر»(‪.)1‬‬
‫‪ -12‬يقول عالمتهم محمد حسن المظفر‪« :‬ما كانت تق ّية الشيعة‬
‫السالم بل كانت من عهد أمير‬
‫مبتدأة من عصر الصادق عليه ّ‬

‫((( كتاب (السقيفة)‪ ،‬لعالمتهم محمد رضا المظفر‪( ،‬ص ‪.)152-150‬‬


‫‪77‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫السالم حتّى أنه كان قد استعمل التق ّية بنفسه يف‬


‫المؤمنين عليه ّ‬
‫أكثر أيامه‪ ،‬إِنك لتعلم أنه من بدء الخالفة كان يرى أن الخالفة‬
‫له‪ ،‬ويراها ث ّلة من الناس فيه‪ ،‬ولكنّه ّ‬
‫لما لم يجد أنصار ًا وا َد َع‬
‫وصمت هو وأصحابه‪ ،‬ولو وجد أربعين ذوي عزم منهم‬ ‫َ‬
‫لناهض القوم ‪ -‬على حدّ تعبيره نفسه –»(‪.)1‬‬
‫‪ -13‬يقول عالمتهم حبيب اهلل الهاشمي الخوئي‪« :‬وذلك ألن ترك‬
‫الغي والغفلة إنّما‬
‫الخلق على الضاللة والجهالة وإبقائهم على ّ‬
‫يقبح مع االستطاعة والقدرة ويلزم معهما ردعهم عن الباطل‬
‫الصراط المستقيم والنّهج‬
‫وهنيم عن المنكر وإرجاعهم إلى ّ‬
‫والصيال‪ ،‬وأ ّما مع عدم التمكن والقدرة من‬
‫القويم ولو بالقتال ّ‬
‫حيث عدم المعاون والنّاصر فال يلزم شيء من ذلك‪ ،‬بل يجب‬
‫والصرب حذرا من إلقاء النّفس على الهالكة وتعريضها‬
‫التّحمل ّ‬
‫محمد ص َّلى اهَّلل عليه وآله وس َّلم‬
‫ّ‬ ‫على العطب واستيصال آل‬
‫السالم من الخالفة لم يكن إلاَّ هداية‬ ‫س ّيما ّ‬
‫وأن مقصوده عليه ّ‬
‫األنام وإعالء كلمة اإلسالم»(‪.)2‬‬
‫‪ -14‬يقول عالمتهم المحقق الشيخ محمد باقر الكمره‌اى‪« :‬أقول‪:‬‬
‫الظاهر ّ‬
‫أن المراد من إمساكه يده إمساكه عن بيعة موافقيه معه‬

‫((( كتاب (اإلمام الصادق (ع))‪ ،‬لعالمتهم محمد حسن المظفر‪.)87-86/1( ،‬‬
‫((( كتاب (منهاج الرباعة يف شرح هنج البالغة)‪ ،‬لعالمتهم حبيب اهلل الهاشمي‬
‫الخوئي‪.)45/3( ،‬‬
‫‪78‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫وقيامه باإلمامة فانتظر أمر بيعة أبي بكر هل يفوز باألكثر ّية‬
‫الساحقة بحيث يسقط تكليفه بالجهاد والدفاع لق َّلة أعوانه أم‬
‫ال»(‪.)1‬‬
‫‪ -15‬لقد صرح آيتهم العظمى حسين علي المنتظري بأن تكليف‬
‫األئمة هو وجوب الجهاد بالسيف عند توفر األعوان‬
‫واألنصار‪ ،‬فمن أقواله‪:‬‬
‫أ‪ -‬قال‪« :‬فيظهر من الحديث الشريف أنه يجب القيام يف قبال‬
‫حكام الجور مع وجود القدرة‪ ،‬وأن قعود أئمتنا ‪ -‬عليهم‬
‫السالم ‪ -‬لم يكن إال لعدم القوة والعدة‪ .‬ويف هنج البالغة‪:‬‬
‫«فنظرت فإذا ليس لي معين إال أهل بيتي‪ ،‬فضننت هبم عن‬
‫الموت‪« .‬وقال الشارح المعتزلي يف شرحه‪« :‬فأما قوله‪« :‬لم‬
‫يكن لي معين إال أهل بيتي فضننت هبم عن الموت «فقول ما‬
‫زال على ڠ يقوله‪ ،‬ولقد قاله عقيب وفاة رسول اهلل (صلى‬
‫اهلل عليه وآله وسلم)‪ ،‬قال‪ :‬لو وجدت أربعين ذوي عزم‪ .‬ذكر‬
‫ذلك نصر بن مزاحم يف كتاب صفين وذكره كثير من أرباب‬
‫السيرة‪« .‬واإلمام المجتبى أيضا قام وجاهد إلى أن خان أكثر‬
‫جنده ولحقوا بمعاوية‪ ،‬فلم يتمكن من مواصلة الجهاد‪ .‬فلم‬
‫يكن أئمتنا ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬ذوي سياسات متضادة‪ ،‬كما‬

‫((( كتاب (منهاج الرباعة يف شرح هنج البالغة)‪ ،‬لعالمتهم المحقق الشيخ محمد‬
‫باقر الكمره‌اى‪.)360/20( ،‬‬
‫‪79‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫قد يتوهم‪ ،‬بل هم نور واحد وسياستهم كانت واحدة يف قبال‬


‫سالطين الجور والطواغيت‪ ،‬وإنما الشروط والظروف كانت‬
‫مختلفة‪ ،‬فتدبر»(‪.)1‬‬
‫ب‪ -‬قال‪« :‬وما يف هنج البالغة‪« :‬لوال حضور الحاضر وقيام الحجة‬
‫بوجود الناصر‪ ،‬وما أخذ اهلل على العلماء أن ال يقاروا على‬
‫كظة ظالم وال سغب مظلوم أللقيت حبلها على غارهبا‪.» ...‬‬
‫فيظهر من الحديثين الشريفين أنه يجب القيام يف قبال حكام‬
‫الجور مع وجود القدرة والعدة وأنه ال يحل لإلنسان المسلم‬
‫وال سيما العالم أن يقعد يف بيته وال يبالي بما يقع من الجور‬
‫والظلم واإلغارة على حقوق الضعفاء»(‪.)2‬‬
‫جـ‪ -‬قال‪« :‬واإلمام المجتبى أيضا قام وجاهد إلى أن خان أكثر جنده‬
‫وغدروا ولم يتمكن من مواصلة الجهاد‪ .‬وسائر األئمة ‪ -‬عليهم‬
‫السالم ‪ -‬أيضا لم تتحقق لهم شرائط القيام‪ .‬وستأيت رواية سدير‬
‫َّ‬
‫وإن اإلمام الصادق ڠ قال له‪« :‬لو كان لي شيعة بعدد هذه‬
‫الجداء ما وسعني القعود‪« .‬فهم ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬نور واحد‬

‫((( كتاب (دراسات يف والية الفقيه وفقه الدولة اإلسالمية)‪ ،‬آليتهم العظمى حسين‬
‫علي المنتظري‪.)610/1( ،‬‬
‫((( كتاب (نظام الحكم يف اإلسالم)‪ ،‬آليتهم العظمى حسين علي المنتظري‪( ،‬ص‬
‫‪.)209‬‬
‫‪80‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫وطريقهم واحد وانما تختلف األوضاع والظروف‪ ،‬فالحظ»(‪.)1‬‬


‫د‪ -‬قال‪« :‬كيف! وقد ثار السبط الشهيد على يزيد وجماعته‪ ،‬وثار‬
‫زيد على هشام وجنده‪ ،‬والقيام على الباطل والفساد واجب‬
‫مر يف فصل الجهاد‪ ،‬ويأيت يف الفصل السادس‬
‫مع القدرة كما َّ‬
‫أيضًا بالتفصيل‪ .‬وقال اإلمام الصادق ڠ لسدير الصيريف‪:‬‬
‫«واهلل يا سدير‪ ،‬لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني‬
‫القعود‪« .‬وكانت الجداء سبعة عشر»(‪.)2‬‬
‫هـ‪ -‬قال‪« :‬وأئمتنا ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬كانوا يف ضيق وشدّ ة‪ ،‬ولم‬
‫يكن لهم مساعد على القيام والثورة ضدّ الحكومات الجائرة‪.‬‬
‫ويأيت كالم اإلمام الصادق ڠ لسدير الصيريف‪« :‬يا سدير‪،‬‬
‫لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود‪« .‬وكان‬
‫مجموع الجداء سبعة عشر»(‪.)3‬‬

‫فلو كان ُم ْطلِ ُق تلك الدعوة – التي تبين لنا مصادمتها لما َّ‬
‫نصت‬
‫عليه مروياهتم وتقريرات علمائهم ‪ -‬عا ّم ٌي من عوام اإلمامية فال‬

‫((( كتاب (دراسات يف والية الفقيه وفقه الدولة اإلسالمية)‪ ،‬آليتهم العظمى‬
‫حسين علي المنتظري‪ ،)212-211/1( ،‬وكذلك يف كتابه (نظام الحكم يف‬
‫اإلسالم)(ص ‪.)86‬‬
‫((( كتاب (دراسات يف والية الفقيه وفقه الدولة اإلسالمية)‪ ،‬آليتهم العظمى حسين‬
‫علي المنتظري‪.)529/1( ،‬‬
‫((( المصدر السابق‪.)139/1( ،‬‬
‫‪81‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫تثريب عليه لجهله بما يف مصادرهم ومقرراهتم‪ ،‬ولكن العجب َّ‬


‫كل‬
‫العجب بأن يطلقها كبار أعالم المذهب وأبرز أعمدته و ُمنَ ِّظريه!‬
‫فهل كانوا جهل ًة بما قررته مروياتهم ونصوص علمائهم التي‬
‫أوردناها وهم كبار أعالم المذهب ومراجعه العظام؟!‬
‫أن الذي دفعهم إليه هو ذلك اإلشكال القاتل يف غيبة اإلمام‬
‫أم َّ‬
‫الثاين عشر؛ إذ لم يجدوا له جوابًا إال بنسف تلك الثوابت واألصول‬
‫والتقريرات؟!‬

‫الطامة الثالثة‪:‬‬
‫َّ‬
‫إن التقريرات التي نقلناها يف الطامة الثانية(‪ )1‬وإن كانت كافية‬
‫لنسف دعواهم تلك(‪ )2‬من القواعد‪ ،‬إال أننا سنذكر هنا طام ًة أخرى‬
‫تر َّتبت عليها وهي اهتام األئمة بالمعصية لما كلفهم اهلل تعالى به من‬
‫التزام التقية؛ إذ خرج بعضهم بالسيف وقاتل ومنهم‪:‬‬

‫‪-1‬علي بن أبي طالب ﭬ‪:‬‬


‫فقد قاتل يف معركتي الجمل وصفين‪ ،‬حتى قال يف تربيره لذلك‬

‫((( وهي اتفاق مروياهتم وأقوال علمائهم على أن تكليف األئمة كان هو الخروج‬
‫بالسيف عند توفر األعوان واألنصار‪.‬‬
‫((( وهي أن التكليف اإللهي لألئمة األحد عشر المتقدمين هو التزام التقية وعدم‬
‫الخروج بالسيف‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫القتال‪« :‬أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة‪ ،‬لوال حضور الحاضر‬
‫يقاروا‬
‫الح َّجة بوجود الناصر‪ ،‬وما أخذ اهلل على العلماء أن ال ّ‬
‫وقيام ُ‬
‫على ك ّظة ظالم وال سغب مظلوم‪ ،‬أللقيت حبلها على غارهبا‪،‬‬
‫ولسقيت آخرها بكأس أولها»(‪ ،)1‬أي أن تركه للقتال مع وجود‬
‫األعوان واألنصار سيعرضه للمحاسبة الشديدة من اهلل عز وجل‪،‬‬
‫وهو ما بينه علم هداهم الشريف المرتضى بشرحه لقول علي ﭬ‬
‫السابق‪ ،‬فقال‪« :‬وقوله ڠ‪( :‬لوال حضور الحاضر‪ ،‬وقيام الحجة‬
‫بوجود الناصر) إلى آخر الكالم‪ ،‬فمعناه أن الفرض تع َّين ويوجب‬
‫مع وجود من انتصر به على رفع المنكر ومنع الباطل‪ ،‬واعتذار إلى‬
‫من ال علم له من القعود يف أول األمر‪ ،‬والنهوض يف حرب الجمل‬
‫وما بعدها‪ ،‬لفقد األنصار أو ً‬
‫ال وحضورهم ثانيًا»(‪.)2‬‬

‫‪-2‬الحسن بن علي ﭬ‪:‬‬


‫فهو أيضًا قاتل عندما هتيأ له األنصار‪ ،‬فيقول آيتهم العظمى‬
‫حسين علي المنتظري‪« :‬واإلمام المجتبى أيضًا قام وجاهد إلى‬
‫أن خان أكثر جنده ولحقوا بمعاوية‪ ،‬فلم يتمكن من مواصلة‬
‫الجهاد»(‪.)3‬‬

‫((( كتاب (هنج البالغة)‪ ،‬للشريف الرضي‪.)37-36/1( ،‬‬


‫((( كتاب (رسائل الشريف المرتضى)‪ ،‬لعلم هداهم الشريف المرتضى‪،‬‬
‫(‪.)113/2‬‬
‫((( كتاب (دراسات يف والية الفقيه وفقه الدولة اإلسالمية)‪ ،‬آليتهم العظمى =‬
‫‪83‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪-3‬الحسين بن علي ﭬ‪:‬‬


‫قال آيتهم العظمى حسين علي منتظري‪« :‬كيف! وقد ثار‬
‫السبط الشهيد على يزيد وجماعته‪ ..‬والقيام على الباطل والفساد‬
‫واجب مع القدرة كما مر يف فصل الجهاد‪ ،‬ويأيت يف الفصل السادس‬
‫أيضًا بالتفصيل‪ .‬وقال اإلمام الصادق ڠ لسدير الصيريف‪ « :‬واهلل‬
‫يا سدير‪ ،‬لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود‪« .‬‬
‫وكانت الجداء سبعة عشر»(‪.)1‬‬

‫‪-4‬زيد بن علي بن الحسين رحمهم اهلل تعالى‪:‬‬


‫قال آيتهم العظمى حسين علي منتظري‪« :‬وثار زيد على هشام‬
‫مر يف‬
‫وجنده‪ ،‬والقيام على الباطل والفساد واجب مع القدرة كما َّ‬
‫فصل الجهاد‪ ،‬ويأتي يف الفصل السادس أيضًا بالتفصيل»(‪.)2‬‬
‫فكل هؤالء األئمة ‪ -‬وفقًا لتلك الدعوى ‪ -‬عصا ًة لما َك َّلفهم‬
‫اهلل تعالى به من التزام التقية وترك الخروج بالسيف‪ ،‬مذنبين يف‬
‫ذلك القتال‪ ،‬لتنتقض بذلك عصمتهم ثم إمامتهم!!!‬

‫= حسين علي المنتظري‪ ،)610/1( ،‬وكرره يف كتابه (نظام الحكم يف‬


‫اإلسالم)(ص ‪.)86‬‬
‫((( كتاب (دراسات يف والية الفقيه وفقه الدولة اإلسالمية)‪ ،‬آليتهم العظمى حسين‬
‫علي المنتظري‪.)529/1( ،‬‬
‫((( المصدر السابق‪.)529/1( ،‬‬
‫‪84‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫بل وستنتقض أيضًا عصمة اإلمام المعصوم السادس عندهم‬


‫– جعفر الصادق ﭬ – وذلك من وجهين‪:‬‬
‫‪ -1‬بثنائه على خروج زيد بن علي و َت َر ُّح ِم ِه عليه‪ ،‬فكيف يثني اإلمام‬
‫المعصوم على َم ْن عصى اهلل تعالى ولم يلتزم بما َك َّلفه به من‬
‫التقية وعدم الخروج بالسيف؟!‬
‫‪ -2‬بقوله يف الرواية التي يرويها ثقتهم محمد بن يعقوب الكليني‬
‫والتي اعتمدها الكثير من علماء اإلمامية‪« :‬فقال‪ :‬واهلل يا سدير‬
‫لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود‪ ،‬ونزلنا‬
‫وصلينا فلما فرغنا من الصالة عطفت على الجداء فعددهتا‬
‫فإذا هي سبعة عشر»(‪.)1‬‬
‫فلماذا ال يسعه القعود وهو عي ُن ما أمره اهلل تعالى به من‬
‫التزام التقية وترك الخروج بالسيف؟! وأي عصمة ستبقى ل ِ َم ْن ال‬
‫تسعه نفسه وال تطاوعه بالتزام ما َك َّلفه اهلل تعالى به؟! وكيف يكون‬
‫معصومًا وهو يرى وجوب خروجه بالسيف عند توفر األعوان‬
‫مخالفًا بذلك ما َك َّلفه اهلل تعالى به؟!‬
‫فتأملوا يف هذه الطامة المترتبة على دعواهم تلك وهي‬
‫اتهام األئمة بمعصية التكليف اإللهي لهم بالتقية وعدم الخروج‬
‫بالسيف‪.‬‬

‫((( كتاب (أصول الكايف)‪ ،‬لثقة الشيعة محمد بن يعقوب الكليني‪-242/2( ،‬‬
‫‪.)243‬‬
‫‪85‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الطامة الرابعة‪:‬‬
‫َّ‬
‫إن من الدعاوى التي انطوى عليها جواهبم األول هي‪:‬‬
‫َّ‬
‫إن حال األئمة لم يتوقف عند التزام التقية وعدم الخروج‬
‫بالسيف‪ ،‬بل تجاوزه إلى نفيهم اإلمامة عن أنفسهم يف موارد‬
‫عديدة‪ ،‬ليكونوا بمنأى عن بطش الحكام وخطر القتل‪ ،‬وبمعنى‬
‫آخر تم ُّلص األئمة من تكليف اإلمامة وهروهبم من تحمل مشا ِّقها!‬
‫شك يف َّ‬
‫أن هذه الدعوة تنطوي على مفاسد عديدة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫وال َّ‬

‫المفسدة األولى‪ :‬سقوط التكليف بوجوب طاعة اإلمام‬


‫وتمكينه واالنقياد له ونصرته‬

‫وبيان هذه المفسدة من خالل حقيقتين‪ ،‬هما‪:‬‬

‫الحقيقة األولى‪ :‬تم ُّلص األئمة من تكليف اإلمامة وعدم‬


‫تحملهم لمشا ِّقها وأعبائها‬

‫وه��ذه الحقيقة ق��د أثبتتها م��ص��ادر اإلم��ام��ي��ة ص��راح�� ًة أو‬


‫بالمضمون‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ -1‬يقول عالمتهم الشريف المرتضى – المل َّقب بعلم الهدى‪:‬‬


‫«قلنا‪ :‬ما كان على آبائهم عليهم السالم خوف من أعدائهم‪،‬‬
‫مع لزومهم التقية‪ ،‬والعدول عن التظاهر باإلمامة‪ ،‬ونفيها‬

‫‪86‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫عن نفوسهم»(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬يقول شيخ طائفتهم محمد بن الحسن الطوسي‪« :‬قلنا‪ :‬ما كان‬
‫على آبائه عليهم السالم خوف من أعدائهم‪ ،‬مع لزوم التقية‪،‬‬
‫والعدول عن التظاهر باإلمامة‪ ،‬ونفيها عن نفوسهم»(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬يقول عالمتهم زين الدين بن علي العاملي الملقب بالشهيد‬
‫الثاين‪« :‬وقد كانوا يف كل زمان مخفيين مشردين منزوين‬
‫خواصهم‬
‫ِّ‬ ‫ملتزمين للتقية يف أكثر أوقاهتم‪ ،‬ال يستطيعون إخبار‬
‫بإمامتهم فضالً عن غيرهم‪ ،‬يشهد بذلك كتب الرجال‬
‫واألحاديث أيضا»(‪.)3‬‬
‫‪ -4‬الرواية التي ينفي فيها جعفر الصادق اإلمامة عن نفسه حينما‬
‫صريح من‬
‫ٌ‬ ‫سأله رجالن من الزيدية عن ذلك‪ ،‬وهو تم ُّل ٌ‬
‫ص‬
‫تكليف اإلمامة والهروب من تحمل مشا ِّقها‪ ،‬فقد روى ثقتهم‬
‫محمد بن يعقوب الكليني‪« :‬عن سعيد السمان قال‪ :‬كنت عند‬
‫أبي عبد اهلل ڠ إذ دخل عليه رجالن من الزيدية فقاال له‪:‬‬
‫أفيكم إمام مفرتض الطاعة؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬ال»(‪.)4‬‬

‫((( كتاب (المقنع يف الغيبة)‪ ،‬لعلمهم الشريف المرتضى‪( ،‬ص ‪.)54‬‬


‫((( كتاب (الغيبة)‪ ،‬لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪( ،‬ص ‪.)93-92‬‬
‫((( كتاب (حقائق اإليمان)‪ ،‬لعالمتهم زين الدين بن علي العاملي (الشهيد الثاين)‪،‬‬
‫(ص ‪.)151‬‬
‫((( كتاب (الكايف)‪ ،‬لثقتهم محمد يعقوب الكليني‪.)233-232/1( ،‬‬
‫‪87‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫وقد صحح الرواية عالمتهم محمد تقي المجلسي –‬


‫المجلسي األول – فقال‪« :‬ورويا يف الصحيح‪ ،‬عن سعيد األعرج‬
‫السمان قال‪ :‬كنت عند أبي عبد اهلل ڠ إذ دخل عليه رجالن من‬
‫الزيدية فقاال له‪ :‬أفيكم إما ٌم ُم ْفتَرض الطاعة؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬ال»(‪.)1‬‬
‫وتحمل مشا ِّقها ألجاب‬
‫ُّ‬ ‫فلو أراد اإلمام القيام بأعباء اإلمامة‬
‫الرجلين بقوله‪ :‬نعم فينا إمام مفرتض الطاعة من اهلل تعالى وأنا هو‬
‫ّ‬
‫المشاق المرتتبة على القيام هبذا التكليف‪ ،‬إال أننا‬ ‫يتحمل‬
‫َّ‬ ‫ومن َث َّم‬
‫ّ‬
‫المشاق المرتبة على ذلك‪.‬‬ ‫نجده يف الرواية يتم َّل ُ‬
‫ص منها خوفًا من‬
‫‪ -5‬الرواية التي تصرح بنفي جعفر الصادق اإلمامة عن نفسه بكونه‬
‫صريح من‬
‫ٌ‬ ‫أحق باألمر من أبي جعفر المنصور‪ ،‬وهو تم ُّل ٌ‬
‫ص‬
‫تكاليف اإلمامة وتحمل المشاق المرتتبة عليها‪ ،‬فقد روى‬
‫ثقتهم الكليني‪« :‬عن حمران قال‪ :‬قال أبو عبد اهلل ڠ وذكر‬
‫هؤالء عنده وسوء حال الشيعة عندهم فقال‪ :‬إين سرت مع أبي‬
‫جعفر المنصور وهو يف موكبه وهو على فرس وبين يديه خيل‬
‫ومن خلفه خيل وأنا على حمار إلى جانبه فقال لي‪ :‬يا أبا عبد‬
‫اهلل قد كان فينبغي لك أن تفرح بما أعطانا اهلل من القوة وفتح‬
‫لنا من العز‪ ،‬وال تخرب الناس أنك أحق هبذا األمر منا وأهل‬
‫بيتك فتغرينا بك وهبم‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬ومن رفع هذا إليك عني‬

‫((( كتاب (روضة المتقين يف شرح من ال يحضره الفقيه)‪ ،‬لعالمتهم محمد تقي‬
‫المجلسي (األول)‪.)241/13( ،‬‬
‫‪88‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫فقد كذب‪ ،‬فقال لي‪ :‬أتحلف على ما تقول؟ فقلت‪َّ :‬‬


‫إن الناس‬
‫علي فال ُت َم ِّكنُهم من‬
‫َس َحرة يعني يحبون أن يفسدوا قلبك َّ‬
‫سمعك فإنا إليك أحوج منك إلينا»(‪.)1‬‬
‫حس َن هذه الرواية عالمتهم المجلسي يف كتابه (مرآة‬
‫وقد َّ‬
‫العقول)(‪ ،)82/25‬وكذلك حكم على سندها باالعتبار شيخهم‬
‫هادي النجفي يف كتابه (موسوعة أحاديث أهل البيت (ع))‬
‫(‪.)10/2‬‬
‫ّ‬
‫المشاق المرتتبة‬ ‫وتحمل‬
‫ُّ‬ ‫فلو أراد اإلمام القيام بأعباء اإلمامة‬
‫عليها‪ ،‬ألجاب أبا جعفر المنصور بقوله‪ :‬بنعم أنا أولى هبذا األمر‬
‫منك ألن اهلل تعالى كلفني باإلمامة وفرض طاعتي وإمامتي عليكم‪،‬‬
‫فإن أعلنها هكذا صريحة دون خوف أو وجل‪ ،‬عندها يصح القول‬
‫بتحمله فعالً لتكليف اإلمامة وصربه على مشاقها من تعريض نفسه‬
‫للقتل من الحكام الظالمين‪ ،‬إال أننا نجده يف هذه الرواية يتم َّلص‬
‫ّ‬
‫والمشاق المرتتبة على قيامه بأعبائها‪.‬‬ ‫منها خوفًا من البطش‬
‫يدع‬
‫‪ -6‬الرواية التي تصرح بأن عل ّيًا ﭬ كتم أمره باإلمامة ولم ُ‬
‫صريح من القيام بتكليف اإلمامة‬
‫ٌ‬ ‫ص‬ ‫إلى نفسه‪ ،‬وهو تم ُّل ٌ‬
‫وتحمل مشا ّقها‪ ،‬فقد روى ثقتهم الكليني‪« :‬عن زرارة‪ ،‬عن‬
‫أبي جعفر ڠ قال‪ :‬إن الناس لما صنعوا ما صنعوا إذ بايعوا‬

‫((( كتاب (الكايف)‪ ،‬لثقتهم محمد يعقوب الكليني‪.)37-36/8( ،‬‬


‫‪89‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫أبا بكر لم يمنع أمير المؤمنين ڠ من أن يدعو إلى نفسه‬


‫إال نظر ًا للناس وتخوفًا عليهم أن يرتدوا عن اإلسالم فيعبدوا‬
‫األوثان وال يشهدوا أن ال إله إال اهلل وأن محمد ًا رسول اهلل‬
‫يقرهم على ما‬
‫األحب إليه أن َّ‬
‫ُّ‬ ‫‪ -‬صلى اهلل عليه وآله ‪ -‬وكان‬
‫صنعوا من أن يرتدوا عن جميع اإلسالم وإنما هلك الذين‬
‫ركبوا ما ركبوا‪ .‬فأما من لم يصنع ذلك ودخل فيما دخل فيه‬
‫الناس على غير علم وال عداوة ألمير المؤمنين ڠ فإن ذلك‬
‫علي ڠ‬ ‫َ ِّ‬
‫ال ُيكف ُره‪ ،‬وال يخرجه من اإلسالم‪ ،‬ولذلك كتم ٌّ‬
‫أمره وبايع ُمكرهًا حيث لم يجد أعوانًا»(‪.)1‬‬
‫وقد حكم عالمتهم محمد باقر المجلسي بكونه حديثا موثقًا‪،‬‬
‫وذلك يف كتابه (مرآة العقول)(‪.)326/26‬‬
‫قط وال‬ ‫تعر ِ‬
‫ض الصادق لإلمامة ّ‬ ‫‪ -7‬ينقل الحقيقة نفسها ‪ -‬بعد ِم ُّ‬
‫نازع يف الخالفة ‪ -‬مرجعهم الكبير عبد الحسين شرف الدين‬
‫الموسوي‪ ،‬وكذلك عالمهم السيد علي الميالين نقالً عن‬
‫عبد الكريم الشهرستاين يف كتابه (الملل والنحل)‪« :‬جعفر‬
‫الصادق‪ ،‬هو ذو علم غزير يف الدّ ين‪ ،‬وأدب كامل‬
‫بن محمد ّ‬
‫يف الحكمة‪ ،‬وزهد يف الدنيا‪ ،‬وورع تا ّم عن الشهوات‪ .‬وقد‬
‫أقام بالمدينة مدّ ة يفيد الشيعة المنتمين إليه ويفيض على‬

‫((( كتاب (الكايف)‪ ،‬لثقتهم محمد يعقوب الكليني‪.)296-295/8( ،‬‬


‫‪90‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الموالين له أسرار العلوم‪ ،‬ثم دخل العراق وأقام هبا مدّ ة‪،‬‬
‫تعرض لإلمامة قط‪ ،‬وال نازع يف الخالفة أحد ًا‪ .‬ومن‬
‫ما ّ‬
‫غرق يف بحر المعرفة لم يطمع يف شط‪ ،‬ومن تع َّلى إلى‬
‫ذروة الحقيقة لم يخف من حط»(‪.)1‬‬
‫‪ -8‬يروي ثقتهم محمد بن يعقوب الكليني‪« :‬قلت‪ :‬فبلغ البلد‬
‫بعضه فوجدك مغلقًا عليك بابك‪ ،‬ومرخي عليك سرتك‪،‬‬
‫ال تدعوهم إلى نفسك‪ ،‬وال يكون من يدلهم عليك‪َ ،‬فبِ َم‬
‫يعرفون ذلك؟ قال‪ :‬بكتاب اهلل المنزل»(‪.)2‬‬
‫وقد حكم بصحتها عالمتهم محمد تقي المجلسي‬
‫(األول) يف كتابه (روضة المتقين يف شرح من ال يحضره‬
‫الفقيه)(‪)189/13‬‬
‫فاإلمام لم يستنكر يف هذه الرواية على السائل (عبد‬
‫األعلى) قوله (فوجدك مغلقًا عليك بابك‪ ،‬ومرخي عليك‬
‫سرتك‪ ،‬ال تدعوهم إلى نفسك) وهو إقرار بعدم قيامه بأعباء‬
‫وتحمله لمشا ِّقها ومسؤولياهتا‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫اإلمامة‬

‫((( كتاب (المراجعات)‪ ،‬آليتهم العظمى عبد الحسين شرف الدين الموسوي‪،‬‬
‫(ص ‪ ،)418‬وكذلك كتاب (شرح منهاج الكرامة يف معرفة اإلمامة)‪ ،‬لعالمهم‬
‫السيد علي الميالين‪.)242/1( ،‬‬
‫((( كتاب (الكايف)‪ ،‬لثقتهم محمد يعقوب الكليني‪.)379-378/1( ،‬‬
‫‪91‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ -9‬يروي ثقتهم الكليني أيضًا رواية مفادها استنكار زيد بن‬


‫علي على أخيه محمد الباقر جلوسه يف بيته مرخى عليه‬
‫سرته تاركًا ألعباء اإلمامة ُمت ََم ِّلصًا من مسؤولياهتا وتحمل‬
‫مشا ِّقها‪ ،‬فقال‪« :‬فغضب زيد عند ذلك‪ ،‬ثم قال‪ :‬ليس اإلمام منا‬
‫من جلس يف بيته وأرخى سرته وثبط عن الجهاد‪ ،‬ولكن اإلمام‬
‫منا من منع حوزته‪ ،‬وجاهد يف سبيل اهلل حق جهاده ودفع عن‬
‫رعيته وذب عن حريمه»(‪.)1‬‬
‫أقر علم هداهم الشريف المرتضى بمالزمة اإلمام لبيته‬ ‫‪َّ -10‬‬
‫تاركًا ألعباء اإلمامة ُمت ََم ِّلصًا من مسؤولياهتا ومش ِّاقها‪ ،‬فقال‬
‫يف كتاب (تنزيه األنبياء)(ص ‪« :)234‬ال يكون كخوف غيره‬
‫ممن يجوز له مع الظهور التقية ومالزمة منزله»(‪.)2‬‬
‫‪ -11‬قال عالمتهم علي اليزدي الحائري‪« :‬وقد كان موسى بن‬
‫جعفر (عليهما السالم) يف ظهوره كاتمًا ألمره وكان شيعته ال‬
‫يجرتئون على اإلشارة إليه خوفًا من طاغية زماهنم»(‪.)3‬‬
‫‪ -12‬يقول شيخهم عباس (نجل الشيخ حسن صاحب كتاب أنوار‬

‫((( المصدر السابق‪.)357/1( ،‬‬


‫((( كتاب (تنزيه األنبياء)‪ ،‬لعلمهم الشريف المرتضى‪( ،‬ص ‪.)234‬‬
‫((( كتاب (إلزام الناصب يف إثبات الحجة الغائب)‪ ،‬لعالمتهم الشيخ علي اليزدي‬
‫الحائري‪.)199/1( ،‬‬
‫‪92‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الفقاهة)‪« :‬فاألئمة ما انفكوا خائفين مرتقبين للمكاره‪ ،‬فإذا لم‬


‫ِ‬
‫ص ذلك‬ ‫يبلغوا بعض األحكام بل ك ّلها ال ضير عليهم وال ُينْق ُ‬
‫يف إمامتهم‪ ،‬فإنّهم مكثوا بين أظهر األ ّمة وصربوا على إيذائهم‬
‫وسلكوا طريق التق ّية‪ ،‬واعتزلوا األ ّمة»(‪.)1‬‬
‫وهكذا نجدُ اتفاق النقوالت السابقة على تلك الحقيقة وهي‬
‫نفيهم اإلمامة عن أنفسهم والذي يعني الهروب والتم ُّلص من القيام‬
‫والتحمل لمشا ِّقها وأعبائها‪ ،‬والذي سيرتتب عليه‬
‫ُّ‬ ‫بتكليف اإلمامة‬
‫المحذور الذي بينته يف عنوان المفسدة وهو أن التكليف بوجوب‬
‫طاعة اإلمام واالنقياد له سيسقط بحقنا‪.‬‬

‫الحقيقة الثانية‪ :‬تكليفنا بوجوب طاعة األئمة وتمكينهم‬


‫متوقف على قبولهم لتكليف اإلمامة وقيامهم بأعبائها‬
‫وهذه الحقيقة قد نطق هبا علم هداهم المرتضى ‪ -‬وتبعه شيخ‬
‫طائفتهم الطوسي ‪ -‬وذلك حين أثبت أن تكليفنا بطاعة اإلمام‬
‫واالنقياد له وتمكينه ال يكون واجبًا إال بعد تحقق أصلين مهمين‬
‫وهما‪:‬‬
‫‪ -1‬إيجاد اهلل لإلمام بخلقه وسائر صفات اإلمامة (وهو متعلق‬
‫بفعل من اهلل تعالى)‪.‬‬

‫((( كتاب (رسالة يف اإلمامة)‪ ،‬لشيخهم عباس (نجل الشيخ حسن صاحب كتاب‬
‫أنوار الفقاهة) (ص ‪.)82 – 81‬‬
‫‪93‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ -2‬قبول اإلمام لتكليف اإلمامة وقيامه بأعبائها ومشا ِّقها (وهو‬


‫متعلق بفعل من اإلمام)‪.‬‬
‫وعليه فإن انتفى أحد هذين األصلين سواء بعدم خلق اهلل‬
‫وتحمله‬
‫ُّ‬ ‫تعالى له وإيجاده‪ ،‬أو بعدم قيام اإلمام بتكليف اإلمامة‬
‫التكليف بحقنا فال يجب علينا طاعة‬
‫ُ‬ ‫ألعبائها‪ ،‬فعندها سيسقط‬
‫اإلمام واالنقياد له!!!‬
‫وإليكم إخواين تقريرات أبرز أعالمهم وأعمدة مذهبهم حول‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬ما نقله شيخ طائفتهم محمد بن الحسن الطوسي عن علم‬
‫هداهم الشريف المرتضى‪« :‬قلنا‪ :‬الذي نقوله يف هذا الباب ما‬
‫ذكره المرتضى ‪ $‬يف الذخيرة وذكرناه يف تلخيص الشايف‬
‫أن الذي هو لطفنا من تصرف اإلمام وانبساط يده ال يتم إال‬
‫بأمور ثالثة‪.‬‬
‫أحدها‪ :‬يتعلق باهلل وهو إيجاده‪.‬‬
‫تحمل أعباء اإلمامة والقيام هبا‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬يتعلق به من ُّ‬
‫والثالث‪ :‬يتعلق بنا من العزم على نصرته‪ ،‬ومعاضدته‪،‬‬
‫واالنقياد له‪.‬‬

‫تحملِه عليه ٌ‬
‫فرع على وجوده‪ ،‬ألنه ال يجوز أن يتناول‬ ‫فوجوب ُّ‬

‫‪94‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫التكليف المعدوم‪ ،‬فصار إيجاد اهلل إياه أصالً لوجوب قيامه‪ ،‬وصار‬
‫وجوب نصرته علينا فرعًا لهذين األصلين‪ ،‬ألنه إنما يجب علينا طاعته‬ ‫ُ‬
‫إذا ُو ِجدَ ‪ ،‬و َت َح َّم َل أعباء اإلمامة وقام هبا‪ ،‬فحينئذ ُ‬
‫يجب علينا طاعته»(‪.)1‬‬
‫نفس المعنى شيخ طائفتهم الطوسي أيضًا بقوله‪« :‬على أن‬
‫كر َر َ‬
‫‪ّ -2‬‬
‫وتحمل أعباء اإلمامة كيف‬
‫ُّ‬ ‫اإلمام إذا كان مك َّلفًا للقيام باألمر‬
‫يجوز أن يكون معدومًا؟! وهل يصح تكليف المعدوم عند‬
‫عاقل؟! وليس لتكليفه ذلك تعلق بتمكيننا أصالً‪ ،‬بل وجوب‬
‫تحملِه على ما مضى القول فيه‪ ،‬وهذا‬
‫فرع على ُّ‬
‫التمكين علينا ٌ‬
‫واضح»(‪.)2‬‬
‫وهبذا تبينت لنا تلك الحقيقة المهمة والخطيرة وهي َّ‬
‫أن طاعة‬
‫اإلمام واالنقياد له ال تجب علينا إال إذا قام اإلمام بتكليف اإلمامة‬
‫والتزم هبا والمتمثلة بقول شيخ الطائفة الطوسي‪« :‬ألنه إنما يجب‬
‫يجب‬
‫ُ‬ ‫وتحمل أعباء اإلمامة وقام هبا‪ ،‬فحينئذ‬
‫َّ‬ ‫علينا طاعته إذا ُو ِجدَ ‪،‬‬
‫تحملِه»‪.‬‬
‫فرع على ُّ‬
‫علينا طاعته‪ ...‬بل وجوب التمكين علينا ٌ‬
‫وهنا سنصل إلى ذاك التقرير الخطير من خالل الجمع بين‬
‫الحقيقتين‪ ،‬وكما يلي‪:‬‬

‫((( كتاب (الغيبة)‪ ،‬لشيخ طائفتهم محمد بن الحسن الطوسي‪( ،‬ص ‪،)13-12‬‬
‫نقالً عن كتاب (الذخيرة يف علم الكالم)‪ ،‬لعلم هداهم الشريف المرتضى‪.‬‬
‫((( المصدر السابق‪( ،‬ص ‪.)15‬‬
‫‪95‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫وبما أن األئمة لم يلتزموا بتكليف اإلمامة وتم َّل ُصوا من القيام‬


‫بأعبائها – كما أثبتاه يف الحقيقة األولى – فسيسقط عنا – بموجب‬
‫الحقيقة الثانية ‪ -‬التكليف المرتتب عليه وهو وجوب طاعة اإلمام‬
‫وتمكينه واالنقياد له ونصرته!!!‬
‫فتأملوا هذه المفسدة العظيمة التي هتُدُّ أركان التشيع‪ ،‬والتي ما‬
‫أوقعهم فيها إال ذلك اإلشكال القاتل حول ِع َّلة غيبة اإلمام الثاين!‬
‫فالحمد هلل الذي جعل مصرع إمامتهم ‪ -‬بإسقاط وجوهبا‬
‫‪ -‬على أيدي أكرب أعمدة المذهب وأبرز ُمنَ ِّظريه كما قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﭐﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ﴾‪.‬‬

‫المفسدة الثانية‪ :‬ال مربر لنفيهم اإلمامة عن أنفسهم ما دام‬


‫الحكام غير مكرتثين لدعواهم باإلمامة‬
‫وهذه المفسدة مرتتبة على ما صرح به مجدد مذهب اإلمامية‬
‫ٍ‬
‫مأمن من خطر‬ ‫وزعيمه الشيخ المفيد بأن ملوك الزمان كانوا يف‬
‫األئمة‪ ،‬فلم يكونوا يكربون (يكرتثون) بدعوة من يدعو إلى‬
‫إمامتهم العتقادهم قلة َم ْن ُيصغي إليهم يف دعوة إمامتهم‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫َّ‬
‫«إن ملوك الزمان إذ ذاك كانوا يعرفون من رأي األئمة عليهم السالم‬
‫التقية‪ ،‬وتحريم الخروج بالسيف على الوالة‪ ،‬وعيب من فعل ذلك‬
‫من بني عمهم ولومهم عليه‪ ،‬وأنه ال يجوز عندهم تجريدُ السيف‪..‬‬
‫وكانوا ال يكبرون بوجود من يوجد منهم‪ ،‬وال بظهور شخصه‪ ،‬وال‬

‫‪96‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫بدعوة من يدعو إلى إمام‪ ،‬ألمانهم مع ذلك من فتق يكون عليهم به‪،‬‬
‫والعتقادهم قلة عدد من يصغي إليهم يف دعوى اإلمامة لهم»(‪.)1‬‬
‫فما دام الحكام غير مكرتثين وال وجلين من دعوة اإلمامة‬
‫لألئمة(‪ ،)2‬فلماذا يخاف األئمة كل هذا الخوف حتى نفوا عن‬
‫أنفسهم اإلمامة‪ ،‬وتم َّلصوا من القيام بأعبائها والنهوض بمسؤولياهتا‬
‫ومشا ِّقها؟!‬
‫فتأملوا يف جواب المفيد عن اإلشكال كيف قادهم إلى مفسدة‬
‫اتهام األئمة بمخاوف وهمية من الحكام ال مبرر لها حتى قادتهم‬
‫إلى التملص من القيام بتكليف اإلمامة!‬

‫الطامة اخلامسة‪:‬‬
‫من الدعاوى التي تضمنها جواهبم األول عن اإلشكال هي‪:‬‬
‫تفريقهم يف التكليف بين اإلمام الثاين عشر وسائر األئمة‬
‫المتقدمين‪ ،‬بأن تكليفه هو الخروج بالسيف‪ ،‬وأما تكليفهم فهو التزام‬
‫التقية وعدم الخروج(‪.)3‬‬

‫((( كتاب (المسائل العشر يف الغيبة)‪ ،‬للشيخ المفيد‪( ،‬ص ‪.)75-73‬‬


‫((( العتقادهم قلة عدد من يصغي إليهم يف دعوى اإلمامة لهم كما قاله المفيد‪.‬‬
‫((( أ‪ -‬يقول شيخهم األعظم المفيد يف كتابه (رسائل يف الغيبة)(‪« :)12/4‬وذلك‬
‫أنه لم يكن أحد من آبائه عليهم السالم ُك ِّلف القيام بالسيف مع ظهوره‪ ،‬وال =‬
‫‪97‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫ولكن يبقى هناك سؤال مهم مفصلي وهو‪:‬‬


‫هل أن اإلمام الثاين عشر مك َّلف بالخروج بالسيف مطلقًا‬
‫تحت جميع الظروف؟ أم أن خروجه مشروط بتوفر األنصار‬
‫واألعوان؟‬
‫والجواب الشايف عن هذا السؤال نجده يف كالم شيخهم األعظم‬
‫المفيد الذي َّقرر بأن خروجه مشروط بتوفر األعوان واألنصار‪ ،‬فلو‬
‫خرج بدونهم سيكون كمن ألقى بنفسه يف التهلكة‪ ،‬فيقول‪« :‬وكان‬
‫المعلوم أنه ال يقوم بالسيف إال مع وجود األنصار واجتماع الحفدة‬
‫واألعوان‪ ..‬ألنه لو ظهر بغير أعوان أللقى بيده إلى التهلكة»(‪.)1‬‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫إن محاولة تفريقهم بين التكليفين ثم َج ْعلِهم خروجه بالسيف‬
‫َّ‬
‫مشروط بتوفر األعوان واألنصار ٌ‬
‫باطل من عدة وجوه‪ ،‬منها‪:‬‬

‫= ألزم برتك التقية‪ ،‬وال ألزم الدعاء إلى نفسه حسبما كلفه إمام زماننا»‪.‬‬
‫ب‪ -‬يقول عالمة الشيعة وكبير محققيهم نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن‬
‫بن سعيد الحلي يف كتابه (المسلك يف أصول الدين)(ص ‪« :)282‬وحاله ڠ‬
‫يف ذلك يخالف حال آبائه إما ألهنم أمنوا على أنفسهم وخاف هو‪ ،‬أو ألنه‬
‫ڠ يلزمه من الفروض مع ظهوره ما ال يلزمهم‪ ،‬فيكون الحذر يف جانبه أتم‬
‫من غيره»‪.‬‬
‫((( كتاب (رسائل يف الغيبة)‪ ،‬لشيخهم األعظم المفيد‪.)13/4( ،‬‬

‫‪98‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الوجه األول‪:‬‬
‫إن كان تكليف اإلمام الثاين عشر هو الخروج بالسيف عند‬
‫ْ‬
‫توفر األعوان واألنصار‪ ،‬فهو بعينه تكليف األئمة المتقدمين كما‬
‫نقلنا يف ذلك نصوصًا مستفيضة(‪ )1‬إليكم بعضًا منها‪:‬‬

‫‪ -1‬ما نقله ثقتهم محمد بن يعقوب الكليني عن الصادق ‪$‬‬


‫قوله‪« :‬واهلل يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما‬
‫وسعني القعود‪ ،‬ونزلنا وصلينا فلما فرغنا من الصالة عطفت‬
‫على الجداء فعددهتا فإذا هي سبعة عشر»(‪.)2‬‬
‫‪ -2‬روى الكليني أيضًا فيما يسموهنا (الخطبة الطالوتية)‪« :‬عن أبي‬
‫الهيثم بن التيهان أن أمير المؤمنين ڠ خطب الناس بالمدينة‬
‫فقال‪ ..‬أما واهلل لو كان لي عدة أصحاب طالوت أو عدة أهل‬
‫بدر وهم أعداؤكم لضربتكم بالسيف حتى تؤولوا إلى الحق‬
‫وتنيبوا للصدق فكان أرتق للفتق وآخذ بالرفق‪ ،‬اللهم فاحكم‬
‫بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين‪ .‬قال ثم خرج من المسجد فمر‬
‫بصيرة فيها نحو من ثالثين شاة‪ ،‬فقال‪ :‬واهلل لو أن لي رجا ً‬
‫ال‬
‫ينصحون هلل عز وجل ولرسوله بعدد هذه الشياه ألزلت ابن‬

‫((( وذلك يف الطامة األولى عن جواهبم األول؛ إذ أوردنا فيها ‪ 17‬رواية‪ ،‬وما يقرب‬
‫من ‪ 20‬قو ً‬
‫ال لعلمائهم فراجعه‪.‬‬
‫((( كتاب (أصول الكايف)‪ ،‬لثقة الشيعة محمد بن يعقوب الكليني‪.)243/2( ،‬‬
‫‪99‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫آكلة الذبان عن ملكه»(‪.)1‬‬


‫‪ -3‬ما ينقله عالمتهم محمد باقر المجلسي عن كتاب دعائم‬
‫اإلسالم‪« :‬وعن أبي جعفر محمد بن علي صلوات اهلل عليه أنه‬
‫قال‪ :‬إذا اجتمع لإلمام عدة أهل بدر‪ ،‬ثالث مائة وثالثة عشر‪،‬‬
‫وجب عليه القيام والتغيير»(‪.)2‬‬
‫فموجب هذه النصوص ‪ -‬وغيرها الكثير ‪ -‬يكون تكليف‬
‫اإلمام الثاين عشر هو بعينه تكليف األئمة وهو وجوب الخروج‬
‫بالسيف عند توفر األعوان واألنصار‪ ،‬والتزام التقية عند فقداهنم‪،‬‬
‫لتبطل دعواهم بالتفريق بين تكليفه وتكليفهم‪.‬‬
‫الوجه الثاين‪:‬‬
‫لقد صرح كبار علمائهم بأن تكليف اإلمام الثاين عشر هو‬
‫بعينه تكليف سائر األئمة المتقدمين‪ ،‬ومنهم‪:‬‬
‫‪ -1‬يقول عالمتهم محمد صالح المازندراين؛ إذ يقول‪(« :‬فقال واهلل‬
‫يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود)‬
‫يظهر منه أن الصاحب ڠ مع كثرة المنتسبين إليه من الشيعة‬
‫ال يكون له شيعة يف الواقع هبذا العدد وإال لما وسعه القعود‬

‫((( المصدر السابق‪.)33-32/8( ،‬‬


‫((( كتاب (بحار األنوار)‪ ،‬لعالمتهم محمد باقر المجلسي‪ ،)49/97( ،‬وانظر‬
‫كتاب (دعائم اإلسالم)‪ ،‬للقاضي النعماين المغربي‪.)342/1( ،‬‬
‫‪100‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫لعدم الفرق بينه وبينه (عليهما السالم)»(‪.)1‬‬


‫‪ -2‬يقول آيتهم العظمى حسين علي منتظري‪« :‬فلم يكن أئمتنا‬
‫‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬ذوي سياسات متضادة‪ ،‬كما قد يتوهم‪،‬‬
‫بل هم نور واحد وسياستهم كانت واحدة يف قبال سالطين‬
‫الجور والطواغيت‪ ،‬وإنما الشروط والظروف كانت مختلفة‪،‬‬
‫فتدبر»(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬بل حتى شيخهم األعظم المفيد يف تصدِّ يه للجواب عن‬
‫أقر بذلك‪ ،‬يف َم ْع ِر ِ‬
‫ض حديثه عن حال فقدان اإلمام‬ ‫اإلشكال َّ‬
‫الثاين عشر لألنصار واألعوان‪ ،‬فقال يتوجب عليه االلتزام‬
‫إقرار صريح بأن تكليفهم‬
‫ٌ‬ ‫بالتقية كما وجبت على آبائه‪ ،‬وهو‬
‫واحد‪ ،‬فقال‪« :‬ولم يكن أنصاره ‪-‬ڠ‪ -‬عند وجوده متهيئين‬
‫إلى هذا الوقت موجودين‪ ،‬وال على نصرته مجمعين‪ ..‬لزمته‬
‫التقية‪ ،‬ووجب فرضها عليه كما ُف ِرضت على آبائه عليهم‬
‫السالم»(‪.)3‬‬
‫فهو أيضًا يبطل دعواهم بالتفريق بين التكليفين‪ ،‬والحمد هلل‬
‫رب العالمين‪.‬‬

‫((( كتاب (شرح أصول الكايف)‪ ،‬لعالمتهم محمد صالح المازندراين‪.)186/9( ،‬‬
‫((( كتاب (دراسات يف والية الفقيه وفقه الدولة اإلسالمية)‪ ،‬آليتهم العظمى حسين‬
‫علي المنتظري‪.)610/1( ،‬‬
‫((( كتاب (رسائل يف الغيبة)‪ ،‬لشيخهم األعظم المفيد‪.)13/4( ،‬‬
‫‪101‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫فليتأمل العقالء والمنصفون كيف انطوى جوابهم األول على‬


‫هذه الطوام الخمس التي جاءت على أصولهم وثوابتهم من القواعد‬
‫السقف من فوقهم‪ ،‬وألختم بسردها هذا الفصل وهي‪:‬‬
‫عليهم َّ‬
‫ُ‬ ‫فخر‬
‫َّ‬
‫الطامة األولى‪:‬‬
‫َّ‬
‫إن دعواهم بانتفاء خطر القتل بحق األئمة من قبل الحكام‬
‫اللتزامهم التقية وعدم الخروج بالسيف‪ ،‬تتصادم مع ما تقرر يف‬
‫المذهب من موت األئمة – جميعهم أو بعضهم ‪ -‬بالسم أو السيف‬
‫على أيدي الحكام‪ ،‬فمن هذه التقريرات ما يلي‪:‬‬

‫الطامة الثانية‪:‬‬
‫إن دعواهم بكون التكليف اإللهي لألئمة هو التزام التقية‬
‫مخالف لما تقرر يف المذهب من وجوب‬
‫ٌ‬ ‫وعدم الخروج بالسيف‪،‬‬
‫خروج األئمة بالسيف عند توفر األعوان واألنصار‪.‬‬

‫الطامة الثالثة‪:‬‬
‫إن دعواهم بكون التكليف اإللهي لألئمة هو التزام التقية وعدم‬
‫الخروج بالسيف‪ ،‬تفضي إلى اهتام األئمة بالمعصية لخروج العديد‬
‫منهم بالسيف‪.‬‬

‫الطامة الرابعة‪:‬‬

‫لو صحت دعواهم بالتزام األئمة للتقية ونفي اإلمامة عن‬


‫‪102‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫أنفسهم‪ ،‬فمعناه تملصهم من القيام بتكليف اإلمامة وتحمل‬


‫تبعاهتا ومشاقها ومخاطرها‪ ،‬وهذا يرتتب عليه سقوط التكليف‬
‫عنا بوجوب طاعتهم واالنقياد لهم‪ ،‬ألن انتفاء اللطف صار‬
‫من جهتهم وتقصيرهم‪ ،‬كما قرره علماء اإلمامية كالمفيد‬
‫والمرتضى والطوسي والنصير الطوسي والحلي‪.‬‬

‫الطامة الخامسة‪:‬‬
‫بطالن محاولتهم للتفريق يف التكليف بين اإلمام الثاين‬
‫عشر وسائر األئمة المتقدمين؛ إذ جعلوا تكليفه هو الخروج‬
‫بالسيف‪ ،‬وأما تكليفهم فهو التزام التقية وعدم الخروج‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫استعراض جوابهم الثاني عن اإلشكال‬
‫وخالصة هذا الجواب هو‪:‬‬
‫حتى لو س َّلمنا بأن خطر القتل كان يتهدَّ د جميع األئمة‪ ،‬فهناك‬
‫فرق جوهري بين الحالين‪ ،‬وهو َّ‬
‫أن يف حال قتل أحد األئمة (األحد‬ ‫ٌ‬
‫عشر) المتقدمين فهناك بديل يقوم مقامه ويكمل مسيرة اإلمامة‪،‬‬
‫وأما اإلمام الثاين عشر فهو األخير وال بديل يقوم مقامه حال قتله‪،‬‬
‫فتحتم عليه الغيبة واالختباء بخالف آبائه‪.‬‬

‫وهذا الجواب قد أورده العديد من مراجعهم وعلمائهم‪،‬‬


‫ومنهم‪:‬‬

‫‪ -1‬يقول شيخهم األعظم المفيد‪« :‬ولو لم يكن ما ذكرناه شيئًا‬


‫ظاهر ًا وعل ًة صحيح ًة وجه ًة ثابتة‪ ،‬لكان غير منكر أن يكون يف‬
‫معلوم اهلل جل اسمه أن من سلف من آبائه عليهم السالم يأمن‬
‫مع ظهوره‪ ،‬وأنه هو لو ظهر لم يأمن على دمه‪ ،‬وأنه متى ُقتِ َل‬
‫أحدٌ من آبائه عليهم السالم عند ظهوره لم تمنع الحكمة من‬
‫إقامة خليفة يقوم مقامه»(‪.)1‬‬

‫((( كتاب (الفصول العشرة)‪ ،‬لشيخهم األعظم المفيد‪( ،‬ص ‪.)75‬‬


‫‪104‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الجواب ُ‬
‫شيخ طائفتهم محمد بن الحسن الطوسي‬ ‫َ‬ ‫‪ -2‬يقرر هذا‬
‫بعدة أقوال منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬قال‪« :‬على أن آباءه ظهروا ألنه كان المعلوم أهنم لو قتلوا لكان‬
‫صاحب‬
‫ُ‬ ‫هناك من يقوم مقامهم ويسدُّ مسدَّ هم‪ ،‬وليس كذلك‬
‫الزمان‪ ،‬ألن المعلوم أنه لو هلك لم يكن هناك من يقوم مقامه‬
‫وال يسدُّ مسدَّ ه‪ .‬فبان الفرق بينهما»(‪.)1‬‬
‫ب‪ -‬قال‪« :‬على أن آباءه عليهم السالم متى ُقتلوا أو ماتوا كان هناك‬
‫من يقوم مقامهم ويسدُّ مسدَّ هم يصلح لإلمامة من أوالده‪،‬‬
‫وصاحب األمر ڠ بالعكس من ذلك ألن من المعلوم أنه ال‬
‫يقوم أحد مقامه‪ ،‬وال يسد مسده‪ ،‬فبان الفرق بين األمرين»(‪.)2‬‬
‫ج‪ -‬قال‪« :‬وأيضًا فآباؤه عليهم السالم إنما ظهروا ألنه كان المعلوم‬
‫أنه لو حدث هبم حادث لكان هناك من يقوم مقامه ويسدُّ مسدَّ ه‬
‫من أوالدهم‪ ،‬وليس كذلك صاحب الزمان ڠ‪ ،‬ألن المعلوم‬
‫أنه ليس بعده من يقوم مقامه قبل حضور وقت قيامه بالسيف‪،‬‬
‫فلذلك وجب استتاره وغيبته‪ ،‬وفارق حاله حال آبائه عليهم‬
‫السالم‪ ،‬وهذا واضح بحمد اهلل»(‪.)3‬‬

‫((( كتاب (االقتصاد)‪ ،‬لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪( ،‬ص ‪.)234‬‬
‫((( كتاب (الغيبة)‪ ،‬لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪( ،‬ص ‪.)93‬‬
‫((( المصدر السابق‪( ،‬ص ‪.)331-330‬‬
‫‪105‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ -3‬يقول عالمتهم أبو المجد الحلبي‪« :‬وإمام الزمان ڠ لما لم‬


‫يكن له بدل يقوم مقامه فيما وجوده لطف فيه تع َّين عليه من‬
‫فرض االحرتاز‪ ،‬دفعًا للضرر عن النفس ما ال يتع َّين على آبائه‬
‫‪ -‬عليهم السالم ‪.)1(»-‬‬
‫‪ -4‬يقول علمهم أبو علي الطربسي‪« :‬وهذا كما نقوله يف النبي‬
‫(ﷺ) يف أنه يجب عليه أن يتحمل كل أذى يف نفسه حتى‬
‫يصح منه األداء إلى الخلق ما هو لطف لهم‪ ،‬وإنما يجب عليه‬
‫الظهور وإن أدى إلى قتله كما ظهر كثير من األنبياء وإن قتلوا‪،‬‬
‫ألن هناك كان يف المعلوم أن غير ذلك النبي يقوم مقامه يف‬
‫تحمل أعباء النبوة‪ ،‬أو أن المصالح التي كان يؤديها ذلك النبي‬
‫قد تغيرت‪ ،‬وليس كذلك حال إمام الزمان ڠ‪ ،‬فإن اهلل تعالى‬
‫قد علم أنه ليس بعده من يقوم مقامه يف باب اإلمامة والشريعة‬
‫على ما كانت عليه‪ ،‬واللطف بمكانه لم يتغير‪ ،‬وال يصح تغيره‪،‬‬
‫فال يجوز ظهوره إذا أدى إلى القتل»(‪.)2‬‬
‫‪ -5‬يقول شيخهم علي اليزدي الحائري‪« :‬فآباؤه إنما ظهروا ألنه‬
‫كان المعلوم أنه لو حدث هبم حادث لكان هناك من يقوم‬

‫((( كتاب (إشارة السبق)‪ ،‬لعالمتهم أبي الحسن علي بن الحسن بن أبي المجد‬
‫الحلبي‪( ،‬ص ‪.)63‬‬
‫((( كتاب (إعالم الورى بأعالم الهدى)‪ ،‬لعلمهم أبي علي الفضل بن الحسن‬
‫الطربسي‪.)300-299/2( ،‬‬
‫‪106‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫مقامه ويسدُّ مسدَّ ه من أوالدهم وليس كذلك صاحب الزمان‬


‫(عج) ألن المعلوم أنه ليس بعده من يقوم مقامه قبل حضور‬
‫وقت قيامه بالسيف‪ ،‬فلذلك وجب استتاره وغيبته‪ ،‬وفارق‬
‫حاله حال آبائه‪ ،‬وهذا واضح بحمد اهلل»(‪.)1‬‬
‫‪ -6‬يقول عالمتهم علي بن أبي الفتح اإلربلي‪« :‬وإنما يجب عليه‬
‫الظهور وإن أدى إلى قتله كما ظهر كثير من األنبياء وإن قتلوا‬
‫ألن هناك كان يف المعلوم أن غير ذلك النبي يقوم مقامه يف‬
‫تحمل أعباء النبوة‪ ،‬وليس كذلك حال إمام الزمان ڠ فإن‬
‫اهلل تعالى علم أنه ليس بعده من يقوم مقامه يف باب اإلمامة‬
‫والشريعة على ما كانت عليه»(‪.)2‬‬
‫‪ -7‬يقول عالمتهم محسن األمين‪« :‬فإن قيل األئمة قبله كانوا يخافون‬
‫على أنفسهم وبعضهم قتل غيلة بالسم وبعضهم بالسيف وقد‬
‫أظهروا أنفسهم وكثير من األنبياء أظهروا دعوهتم وإن أدت إلى‬
‫قتلهم قلنا يمكن أن يكون الفارق أن غيره من األئمة (ع) لهم‬
‫من يقوم مقامهم وهو ليس بعده إمام يقوم مقامه»(‪.)3‬‬

‫((( كتاب (إلزام الناصب يف إثبات الحجة الغائب)‪ ،‬لشيخهم علي اليزدي‬
‫الحائري‪.)381/1( ،‬‬
‫((( كتاب (كشف الغمة يف معرفة األئمة)‪ ،‬لعالمتهم علي بن أبي الفتح اإلربلي‪،‬‬
‫(‪.)345/3‬‬
‫((( كتاب (أعيان الشيعة)‪ ،‬لعالمتهم محسن األمين‪.)62/2( ،‬‬
‫‪107‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫ِ‬
‫يخف‬ ‫‪ -8‬يقول عالمتهم ومحققهم جعفر السبحاين‪« :‬ثم لماذا لم‬
‫اهلل سبحانه آباء اإلمام صاحب الزمان؟ للجواب عن هذا‬
‫السؤال نقول‪ :‬إن آباء اإلمام كانوا بين الناس فلو قتل أحدهم‬
‫لكان هناك آخر‪ ،‬ولكن جميع المسلمين يقولون (اقتضت‬
‫المشيئة اإللهية أن يكون المهدي الموعود هو آخر مبعوثي اهلل‬
‫سبحانه وتعالى)»(‪.)1‬‬

‫‪ -9‬يقول عالمتهم علي الموسوي القزويني‪« :‬كما ا ّتفق ذلك إلمام‬


‫عجل اهلل فرجه‪ ،‬حيث إنّه لما انتهت نوبة اإلمامة إليه‬
‫عصرنا ّ‬
‫ڠ ولم يكن له بدل يقوم مقامه فيما وجوده لطف فيه على‬
‫تقدير إصابة األعداء إ ّياه بقتل أو إهالك ‪ -‬كما كان آلبائه‬
‫السالفين ‪ -‬عليهم السالم ‪ - -‬تع ّين عليه التو ّقي عن ضررهم‬
‫بما لم يتع ّين على آبائه ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬وهو الغيبة»(‪.)2‬‬

‫‪ -10‬يقول عالمتهم محمد جميل حمود‪« :‬ألن يف هالكه يندثر‬


‫بسبب عدم وجود بديل عنه بخالف خوف آبائه الطيبين‬
‫الطاهرين عليهم السالم حيث لم يسترتوا عن الظالمين بل‬

‫((( كتاب (عقائدنا الفلسفية والقرآنية)‪ ،‬آليتهم العظمى جعفر السبحاين‪( ،‬ص‬
‫‪.)178‬‬
‫((( كتاب (تعليقة على معالم األصول)‪ ،‬لعالمتهم علي الموسوي القزويني‪،‬‬
‫(‪.)491/5‬‬
‫‪108‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫عرضوا أنفسهم الشريفة للقتل لوجود البديل عن اإلمام‬ ‫ّ‬


‫السابق بالالحق»(‪.)1‬‬
‫فهذه تصريحات كبار أعالمهم ومراجعهم يف جواهبم الثاين‬
‫عن اإلشكال‪.‬‬

‫مناقشة جوابهم الثاين‪:‬‬


‫من يتأمل يف جواهبم الثاين سيجده ينسف أبرز ثوابت المذهب‬
‫ويزلزل أخطر أركانه أال وهو ممارسة األئمة للتقية ‪ -‬بكتماهنم‬
‫الحق وإظهارهم خالفه ‪ -‬خوفًا من بطش الحكام‪ ،‬وبيانه بما يلي‪:‬‬

‫ال‪ :‬جعلوا من التقية صنمًا وسيفًا ُم َس َّلطًا على رقاب‬


‫أو ً‬
‫المرويات‬
‫وهذه الحقيقة ثابتة ال تخفى على المتتبع؛ إذ جعلوا من أصل‬
‫شماع ًة يعلقون عليها كل تناقض أو تخبط يف مروياهتم وكالم‬
‫التقية ّ‬
‫علمائهم‪ ،‬بل ص َّيروه صنمًا ُتن َْح ُر قربانًا له الروايات و ُت َح َّر ُ‬
‫ف عند‬
‫أعتابه المعتقدات!!!‬
‫وهكذا استطاعوا التخلص ‪ -‬بربكة هذا الوثن ‪ -‬من كل قول‬
‫يخالف مشارهبم ويتناقض مع ما س َّطروه من معتقدات‪ ،‬بحملهم‬

‫((( من مقال له بعنوان (طاعة أئمتنا الطاهرين عليهم السالم ليست مرتبطة بالخالفة‬
‫الظاهر ّية)‪ ،‬نشره يف موقعه (مركز العرتة الطاهرة للدراسات والبحوث)‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫صدروه عن األئمة على التقية والخوف من بطش الحكام‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬معنى التقية وأهميتها يف مذهب اإلمامية‬


‫‪ -1‬يقول رئيس محدثيهم ابن بابويه القمي الملقب بالصدوق‪:‬‬
‫«اعتقادنا يف التقية أهنا واجبة‪ ،‬من تركها كان بمنزلة من ترك‬
‫الصالة‪ ..‬والتقية واجبة ال يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم‬
‫ڠ‪ ،‬فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين اهلل ودين‬
‫اإلمامية وخالف اهلل ورسوله واألئمة»(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬يقول عالمتهم محمد رضا المظفر تحت عنوان (عقيدتنا يف‬
‫التقية)‪« :‬روي عن صادق آل البيت ڠ يف األثر الصحيح‪:‬‬
‫«التقية ديني ودين آبائي «و «من ال تقية له ال دين له »‪ .‬وكذلك‬
‫هي‪ ،‬لقد كانت شعارا آلل البيت عليهم السالم‪ ،‬دفعا للضرر‬
‫عنهم وعن أتباعهم وحقنا لدمائهم‪ ..‬وما زالت سمة تعرف هبا‬
‫اإلمامية دون غيرها من الطوائف‪ ..‬ومن المعلوم أن اإلمامية‬
‫وأئمتهم القوا من ضروب المحن وصنوف الضيق على‬
‫حرياهتم يف جميع العهود ما لم تالقه أية طائفة أو أمة أخرى‪،‬‬
‫فاضطروا يف أكثر عهودهم إلى استعمال التقية بمكاتمة‬
‫المخالفين لهم وترك مظاهرهتم وسرت اعتقاداهتم وأعمالهم‬

‫((( كتاب (االعتقادات يف دين اإلمامية)‪ ،‬لصدوقهم علي بن الحسين بن موسى بن‬
‫بابويه القمي‪( ،‬ص ‪.)108-107‬‬
‫‪110‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫المختصة هبم عنهم‪ ،‬لما كان يعقب ذلك من الضرر يف الدين‬


‫والدنيا»(‪.)1‬‬
‫‪ -3‬يقول محدثهم ومحققهم يوسف البحراين‪« :‬غير خفي ‪ -‬على‬
‫ذوي العقول من أهل االيمان وطالبي الحق من ذوي األذهان‬
‫‪ -‬ما ُبلِ َي به هذا الدين من أولئك المردة المعاندين بعد موت‬
‫سيد المرسلين‪ ،‬وغصب الخالفة من وصيه أمير المؤمنين‪،‬‬
‫وتواثب أولئك الكفرة عليه‪ ،‬وقصدهم بأنواع األذى والضرر‬
‫إليه‪ ،‬وتزايد األمر شدة بعد موته صلوات اهلل عليه‪ ،‬وما بلغ إليه‬
‫حال األئمة صلوات اهلل عليهم من الجلوس يف زاوية التقية‪،‬‬
‫واإلغضاء على كل محنة وبلية‪ .‬وحث الشيعة على استشعار‬
‫شعار التقية‪ ،‬والتدين بما عليه تلك الفرقة الغوية‪ ،‬حتى كورت‬
‫شمس الدين النيرة‪ ،‬وخسفت كواكبه المقمرة‪ ،‬فلم يعلم من‬
‫أحكام الدين على اليقين إال القليل‪ ،‬المتزاج أخباره بأخبار‬
‫التقية‪ ،‬كما قد اعرتف بذلك ثقة االسالم وعلم األعالم‬
‫(محمد بن يعقوب الكليني َّنو َر اهلل تعالى مرقده) يف جامعه‬
‫الكايف‪ ..‬فصاروا صلوات اهلل عليهم ‪ -‬محافظة على أنفسهم‬
‫وشيعتهم ‪ -‬يخالفون بين األحكام وإن لم يحضرهم أحد‬
‫من أولئك األنام‪ ،‬فرتاهم يجيبون يف المسألة الواحدة بأجوبة‬
‫متعددة وإن لم يكن هبا قائل من المخالفين‪ ،‬كما هو ظاهر لمن‬

‫((( كتاب (عقائد اإلمامية)‪ ،‬لعالمتهم محمد رضا المظفر‪( ،‬ص ‪.)85-84‬‬
‫‪111‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫تتبع قصصهم وأخبارهم وتحدى سيرهم وآثارهم»(‪.)1‬‬


‫‪ -4‬يقول عالمتهم زين الدين بن علي العاملي الملقب بالشهيد‬
‫لقوة‬
‫األئمة «يف زمن تق ّية واستتار؛ ّ‬
‫ّ‬ ‫الثاين‪« :‬وقد كانت‬
‫مخالفيهم‪ ،‬فكثير ًا ما يجيبون السائل على وفق معتقده‪ ،‬أو‬
‫معتقد بعض الحاضرين‪ ،‬أو بعض َمن عساه يصل إليه من‬
‫المعاندين» (‪.)2‬‬
‫‪ -5‬يقول مجدد مذهبهم محمد باقر الوحيد البهبهاين‪« :‬الظاهر من‬
‫أن بعضها ورد تق ّية‪ ،‬ويشهد له األخبار واالعتبار‪ّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫األخبار ّ‬
‫السالم من المتعارض منشؤه‬
‫األئمة عليهم ّ‬
‫غالب ما صدر من ّ‬
‫الخوف من األعداء»(‪.)3‬‬

‫ثالثًا‪ :‬ممارسة األئمة للتقية يف قضايا خطيرة باالعتقادات‬


‫والعبادات‬
‫فمن صور ممارسة األئمة للتقية على مستوى العقائد‬
‫والعبادات ما يلي‪:‬‬

‫((( كتاب (الحدائق الناضرة)‪ ،‬لمحققهم يوسف البحراين‪.)5-4/1( ،‬‬


‫((( كتاب (رسائل الشهيد الثاين)‪ ،‬لعالمتهم زين الدين العاملي (الشهيد الثاين)‪،‬‬
‫(‪ ،)777/2‬وكذلك كتاب (ذكرى الشيعة يف أحكام الشريعة) (‪،)60/1‬‬
‫لنفس المؤلف‪.‬‬
‫((( كتاب (مصابيح الظالم يف شرح مفاتيح الشرائع)‪ ،‬لمجددهم محمد باقر‬
‫الوحيد البهبهاين‪.)116/10( ،‬‬
‫‪112‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الصورة األولى‪ :‬كتمان األئمة إلمامتهم خوفًا من البطش‬


‫‪ -1‬يقول عالمتهم الشريف المرتضى المل َّقب بـ»علم الهدى»‪:‬‬
‫«قلنا‪ :‬ما كان على آبائهم عليهم السالم خوف من أعدائهم‪،‬‬
‫مع لزومهم التقية‪ ،‬والعدول عن التظاهر باإلمامة‪ ،‬ونفيها عن‬
‫نفوسهم»(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬يقول شيخ طائفتهم محمد بن الحسن الطوسي‪« :‬قلنا‪ :‬ما كان‬
‫على آبائه عليهم السالم خوف من أعدائهم‪ ،‬مع لزوم التقية‪،‬‬
‫والعدول عن التظاهر باإلمامة‪ ،‬ونفيها عن نفوسهم»(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬يقول عالمتهم زين الدين بن علي العاملي الملقب بالشهيد‬
‫الثاين‪« :‬وقد كانوا يف كل زمان مخفيين مشردين منزوين‬
‫ملتزمين للتقية يف أكثر أوقاهتم‪ ،‬ال يستطيعون إخبار خواصهم‬
‫بإمامتهم فضال عن غيرهم‪ ،‬يشهد بذلك كتب الرجال‬
‫واألحاديث أيضًا»(‪.)3‬‬
‫‪ -4‬الرواية التي ينفي فيها جعفر الصادق اإلمامة عن نفسه حينما‬
‫سأله رجالن من الزيدية عن ذلك‪ ،‬فقد روى ثقتهم محمد بن‬

‫((( كتاب (المقنع يف الغيبة)‪ ،‬لعلمهم الشريف المرتضى‪( ،‬ص ‪.)54‬‬


‫((( كتاب (الغيبة)‪ ،‬لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪( ،‬ص ‪.)93-92‬‬
‫((( كتاب (حقائق اإليمان)‪ ،‬لعالمتهم زين الدين بن علي العاملي (الشهيد الثاين)‪،‬‬
‫(ص ‪.)151‬‬
‫‪113‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫يعقوب الكليني‪« :‬عن سعيد السمان قال‪ :‬كنت عند أبي عبد‬
‫اهلل ڠ إذ دخل عليه رجالن من الزيدية فقاال له‪ :‬أفيكم إمام‬
‫مفرتض الطاعة؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬ال»(‪.)1‬‬
‫‪ -5‬الرواية التي تصرح بنفي جعفر الصادق اإلمامة عن نفسه‬
‫بكونه أحق باألمر من أبي جعفر المنصور‪ ،‬فقد روى ثقتهم‬
‫الكليني‪« :‬عن حمران قال‪ :‬قال أبو عبد اهلل ڠ وذكر هؤالء‬
‫عنده وسوء حال الشيعة عندهم فقال‪ :‬إين سرت مع أبي جعفر‬
‫المنصور وهو يف موكبه وهو على فرس وبين يديه خيل ومن‬
‫خلفه خيل وأنا على حمار إلى جانبه فقال لي‪ :‬يا أبا عبد اهلل‬
‫قد كان فينبغي لك أن تفرح بما أعطانا اهلل من القوة وفتح لنا‬
‫من العز‪ ،‬وال تخرب الناس أنك أحق هبذا األمر منا وأهل بيتك‬
‫فتغرينا بك وهبم‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬ومن رفع هذا إليك عني فقد‬
‫كذب‪ ،‬فقال لي‪ :‬أتحلف على ما تقول؟ فقلت‪ :‬إن الناس‬
‫علي فال تمكنهم من‬
‫سحرة يعني يحبون أن يفسدوا قلبك َّ‬
‫سمعك فإنا إليك أحوج منك إلينا»(‪.)2‬‬

‫((( كتاب (الكايف)‪ ،‬لثقتهم محمد بن يعقوب الكليني‪.)233-232/1( ،‬‬


‫((( المصدر السابق‪.)37-36/8( ،‬‬
‫‪114‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الصورة الثانية‪ :‬إقرار اإلمام بتحريف القرآن من خالل إثباته‬


‫نسخ التالوة‬
‫لقد أثبت أهل السنة ثالثة أقسام للنسخ يف كتاب اهلل تعالى‪،‬‬
‫ومنها نسخ التالوة(‪ ،)1‬إال َّ‬
‫أن هذا النوع من النسخ رفضه علماء‬
‫اإلمامية وعدُّ وه من صور تحريف القرآن(‪ ،)2‬ثم يأيت اإلمام المعصوم‬
‫يف مروياهتم ليثبت هذا النوع من النسخ بروايات صحيحة‪ ،‬أي تبني‬
‫اإلمام لعقيدة تحريف القرآن خوفًا وتقية‪ ،‬فمن هذه الروايات‪:‬‬
‫‪ -1‬يروي ثقتهم محمد بن يعقوب الكليني‪« :‬وبإسناده‪ ،‬عن يونس‪،‬‬

‫((( والذي معناه أن بعض آيات القرآن الكريم كانت ُتقرأ بين المسلمين ثم نسخ‬
‫اهلل تعالى تالوهتا وعندها أعرض المسلمون عن تالوهتا ولم يثبتوها يف القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬وشاهد هذا النسخ من القرآن قوله تعالى‪ ﴿ :‬ما نَنس ْخ مِن آي ٍة َأو ن ِ‬
‫ُنس َها‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ‬
‫ت بِ َخ ْي ٍر ِّمن َْها َأ ْو مِ ْثلِ َها َألَمْ َتعْ َلمْ َأنَّ اللّهَ عَ َلىَ ُكل شَيْءٍ َقدِيرٌ﴾ (البقرة‪.)١٠٦ :‬‬
‫ن َْأ ِ‬

‫((( فمن علمائهم الذين قرروا ذلك‪:‬‬


‫أ‪-‬يقول آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي يف كتابه (البيان يف تفسير القرآن)‬
‫(ص ‪« :)205-201‬أقول‪ :‬سيظهر لك أن القول بنسخ التالوة هو بعينه‬
‫القول بالتحريف‪ ..‬وغير خفي أن القول بنسخ التالوة بعينه القول بالتحريف‬
‫واإلسقاط»‪.‬‬
‫ب‪-‬يقول عالمتهم محمد حسين الطباطبائي يف تفسيره (الميزان يف تفسير القرآن)‬
‫(‪« :)125/12‬وأما حملهم الرواية‪ ..‬على منسوخ التالوة فقد عرفت فساده‬
‫وتحققت أن إثبات منسوخ التالوة أشنع من إثبات أصل التحريف»‪.‬‬
‫ج‪-‬يقول عالمتهم ومحققهم جعفر السبحاين يف كتابه (مفاهيم القرآن) (‪/10‬‬
‫‪« :)364‬والقول به أيضًا يالزم القول بالتحريف المصون عنه كتاب اهلل‬
‫العزيز»‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫عن عبد اهلل سنان قال‪ :‬قال أبو عبد اهلل ڠ‪ :‬الرجم يف القرآن‬
‫قول اهلل عز وجل‪ :‬إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة‬
‫فإهنما قضيا الشهوة»(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬يروي رئيس محدثيهم ابن بابويه القمي الملقب بالصدوق‪:‬‬
‫«وروى هشام بن سالم‪ ،‬عن سليمان بن خالد قال‪« :‬قلت ألبي‬
‫عبد اهلل ڠ‪ :‬يف القرآن رجم؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قلت‪ :‬كيف؟ قال‪:‬‬
‫«الشيخ والشيخة فارجموهما البتة فإهنما قضيا الشهوة «»(‪.)2‬‬
‫وقد اعرتف زعيم مذهبهم أبو القاسم الخوئي بصدوره تقي ًة‬
‫من اإلمام‪ ،‬فقال‪« :‬وال شك يف أهنما وردتا مورد التقية‪ ، ‬فإن األصل‬
‫يف هذا الكالم هو عمر بن الخطاب‪ ،‬فإنه ادعى أن الرجم مذكور يف‬
‫القرآن»(‪.)3‬‬
‫فاإلمام يف هذه الصورة يمارس التقية يف قضية عقائدية خطيرة‬
‫وهي القول بتحريف القرآن وفق مبانيهم وتقريراهتم‪.‬‬

‫((( كتاب (الفروع من الكايف)‪ ،‬لثقتهم محمد بن يعقوب الكليني‪.)177/7( ،‬‬


‫((( كتاب (من ال يحضره الفقيه)‪ ،‬لصدوقهم ابن بابويه القمي‪.)26/74( ،‬‬
‫((( كتاب (مباين تكملة المنهاج)‪ ،‬آليتهم العظمى أبي القاسم الخوئي‪.)196/1( ،‬‬
‫‪116‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الصورة الثالثة‪ :‬إثباته ما ينايف عقائد اإلمامية بنزول الرب‬


‫سبحانه إلى السماء الدنيا‬
‫‪ -1‬ينقل عالمتهم محمد باقر المجلسي عن تفسير القمي‪« :‬تفسير‬
‫علي بن إبراهيم‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن حريز‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫اهلل ڠ قال‪ :‬إن الرب تبارك وتعالى ينزل يف كل ليلة جمعة‬
‫إلى السماء الدنيا من أول الليل‪ ،‬ويف كل ليلة يف الثلث األخير‪،‬‬
‫ملكا «ينادي‪ :‬هل من تائب يتاب عليه؟ هل من مستغفر فيغفر‬
‫له؟ هل من سائل فيعطى سؤله؟ اللهم أعط كل منفق خلفا»‪،‬‬
‫وكل ممسك تلفا «‪ ،‬فإذا طلع الفجر عاد الرب إلى عرشه‬
‫فقسم األرزاق بين العباد»(‪.)1‬‬
‫وع َّلق عليها المجلسي بقوله‪« :‬وهو محمول على التقية كما‬
‫مر أو على المجاز كما سبق»‪.‬‬
‫‪ -2‬يروي عالمتهم محمد باقر المجلسي عن كتاب التوحيد‬
‫لصدوقهم ابن بابويه القمي‪« :‬التوحيد‪ :‬الد ّقاق‪ ،‬عن أبي القاسم‬
‫العلوي‪ ،‬عن الربمكي‪ ،‬عن الحسين بن الحسن عن إبراهيم بن‬
‫هاشم القمي‪ ،‬عن العباس بن عمرو الفقيمي‪ ،‬عن هشام بن‬
‫الحكم ‪ -‬يف حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد اهلل ڠ ‪ -‬قال‪:‬‬
‫سأله عن‪ ..‬قال السائل‪ :‬فتقول‪ :‬إنه ينزل إلى السماء الدنيا؟‬

‫((( كتاب (بحار األنوار)‪ ،‬لعالمتهم محمد باقر المجلسي‪.)165-164/84( ،‬‬


‫‪117‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫صحت‬
‫قال أبو عبد اهلل ڠ‪ :‬نقول ذلك‪ ،‬ألن الروايات قد َّ‬
‫به واألخبار»(‪.)1‬‬

‫الصورة الرابعة‪ :‬اإلمام ينادي يف بيته بعبارة «الصالة خير من‬


‫النوم» مع اعتقاده بطالهنا‬
‫روى شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪« :‬عن محمد‬
‫بن مسلم عن أبي جعفر ڠ قال‪ :‬كان أبي ينادي يف بيته بالصالة‬
‫خير من النوم ولو رددت ذلك لم يكن به بأس»(‪.)2‬‬
‫وع َّلق عليها بقوله‪« :‬وما أشبه هذين الخربين مما يتضمن ذكر‬
‫هذه األلفاظ فإهنا محمولة على التقية إلجماع الطائفة على ترك‬
‫العمل هبا»‪.‬‬

‫الصورة الخامسة‪ :‬تبنيه لحديث «لعن اهلل َم ْن اتخذ القبور‬


‫مساجد» مع مخالفته لتعظيمهم لقبور األئمة وصالهتم فيها‬
‫يروى عالمتهم محمد باقر المجلسي عن كتاب (علل‬
‫الشرائع) البن بابويه القمي‪« :‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر ڠ قال‪:‬‬
‫قلت له‪ :‬الصالة بين القبور‪ ،‬قال‪ِّ :‬‬
‫صل بين خاللها وال تتخذ شيئا‬
‫منها قبلة‪ ،‬فإن رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله هنى عن ذلك‪ ،‬وقال‪ :‬ال‬

‫((( المصدر السابق‪.)331-330/3( ،‬‬


‫((( كتاب (االستبصار)‪ ،‬لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪.)308/1( ،‬‬
‫‪118‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫تتخذوا قربي قبلة وال مسجدا‪ ،‬فإن اهلل عز وجل لعن الذين اتخذوا‬
‫قبور أنبيائهم مساجد»(‪.)1‬‬
‫وع َّلق عليه المجلسي بقوله‪« :‬وال يبعد القول بذلك يف قرب‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وآله أيضًا بحمل أخبار المنع على التقية‪،‬‬
‫لشهرة تلك الروايات عند المخالفين‪ ،‬وقول بعضهم بالحرمة»‪.‬‬

‫الصورة السادسة‪ :‬إفطار اإلمام يومًا من رمضان مع علمه‬


‫بذلك‬
‫ينقل عالمتهم محمد تقي (المجلسي األول)‪« :‬وروى الشيخ‬
‫يف الحسن كالصحيح‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن أبي نصر‪ ،‬عن خالد‬
‫بن عمارة قال‪ :‬قال أبو عبد اهلل ڠ دخلت على أبي العباس يف‬
‫شك وأنا أعلم أنه من شهر رمضان وهو يتغدى فقال‪ :‬يا أبا عبد‬‫يوم ّ‬
‫اهلل ليس هذا من أيامك‪ ،‬قلت‪ :‬ل ِ َم يا أمير المؤمنين؟ ما صومي إال‬
‫بصومك وال إفطاري إال بإفطارك‪ ،‬قال‪ :‬فقال ُأ ْد ُن‪ ،‬قال‪ :‬فدنوت‬
‫وأكلت وأنا أعلم واهلل إنه من رمضان»(‪ ،)2‬وروى أيضًا‪« :‬وعن‬
‫رفاعة‪ ،‬عن رجل عن أبي عبد اهلل ڠ قال‪ :‬دخلت على أبي‬
‫العباس بالحيرة فقال‪ :‬يا أبا عبد اهلل ما تقول يف الصيام اليوم؟ فقلت‬

‫((( كتاب (بحار األنوار)‪ ،‬لعالمتهم محمد باقر المجلسي‪.)314-313/80( ،‬‬


‫((( كتاب (روضة المتقين يف شرح من ال يحضره الفقيه)‪ ،‬لعالمتهم محمد تقي‬
‫المجلسي (األول)‪.)354/3( ،‬‬
‫‪119‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫إن ُص ْم َت ُص ْمنا ْ‬
‫وإن أفطرت أفطرنا فقال‪ :‬يا غالم‬ ‫ذاك إلى اإلمام ْ‬
‫علي بالمائدة فأكلت معه وأنا أعلم واهلل إنه يوم من شهر رمضان‬
‫َّ‬
‫فكان إفطاري يومًا وقضاؤه أيسر علي من أن يضرب عنقي وال‬
‫يعبد اهلل»‪.‬‬

‫الصورة السابعة‪ :‬غسل اإلمام ألرجله يف الوضوء مع اعتقاده‬


‫بطالن ذلك‬
‫يروي شيخ طائفتهم محمد بن الحسن الطوسي‪« :‬عن عمار‬
‫بن موسى عن أبي عبد اهلل ڠ يف الرجل يتوضأ الوضوء كله إال‬
‫رجليه ثم يخوض الماء هبما خوضًا؟ قال‪ :‬أجزأه ذلك»(‪.)1‬‬
‫ٌ‬
‫محمول على حال‬ ‫وع َّلق عليه الطوسي بقوله‪« :‬فهذا الخرب‬
‫التقية‪ ،‬فأما مع االختيار فال يجوز إال المسح عليهما على ما بيناه»‪.‬‬

‫ويف ضوء هذه الصور الخطيرة لتقية اإلمام المعصوم بتحريفه‬


‫للدين وكتمانه للحق وإظهاره للباطل خوفًا من بطش الحكام‪،‬‬
‫أتوجه لعقالء اإلمامية هبذا السؤال‪:‬‬
‫إن كان هناك َم ْن ُيك ِْم ُل مسيرة اإلمامة ويبين الحق للناس يف‬
‫ْ‬

‫((( كتاب (االستبصار)‪ ،‬لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪.)65/1( ،‬‬


‫‪120‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫حال قتل أحد األئمة(‪ ،)1‬فهل بقي هناك عذر مقبول لممارسة اإلمام‬
‫التقية بإخفائه للحق وعدم الجهر به؟! وهل بعد إيجاد اهلل تعالى‬
‫لهذه الضمانة(‪ )2‬ينكص اإلمام المعصوم عن بيان الدين وينزوي إلى‬
‫ممارسة التقية؟!‬
‫بعد أن اعرتفوا بوجود الضمانة من اهلل تعالى ‪ -‬يف حال‬
‫تعرضهم ألقصى حاالت األذى وذلك بقتلهم من قبل الظالمين ‪-‬‬
‫والمتمثلة بإيجاد إما ٍم آخر يأيت من بعده يكمل المسيرة ويبين الدين‬
‫الحق للناس ‪-‬؟!!!‬

‫((( كما نقلت أقوالهم عند استعراضي لجواهبم الثاين عن اإلشكال‪.‬‬


‫((( والمتمثلة بإيجاد إما ٍم آخر يأيت من بعده يكمل المسيرة ويبين الدين الحق‬
‫للناس فيما لو قتله حاكم زمانه‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الفصل اخلامس‪:‬‬
‫ٌ‬
‫معاول أخرى لتحطيم صنم التقية‬
‫بعد أن تبين لنا يف الفصل الماضي كيف هدم أعالم اإلمامية‬
‫‪ -‬بجواهبم الثاين عن اإلشكال – أهم وأبرز ثوابت مذهبهم وهو‬
‫أصل التقية(‪ ،)1‬تعا َلوا معي نستكمل تحطيمهم لذلك األصل‬
‫بمعاول أخرى جاء هبا أولئك المراجع واألعالم‪:‬‬

‫املِ ْع َول األول‪ :‬عدم جتويز األئمة للخروج بالسيف سيحول‬


‫دون سعي احلكام لقتلهم‬
‫إن هذا التقرير – بكون التكليف اإللهي لألئمة هو التزام‬
‫التقية وتحريم الخروج بالسيف مما يجعلهم يف مأمن من بطش‬
‫الحكام – قد جاء به علماء اإلمامية يف َم ْع ِر ِ‬
‫ض جواهبم األول عن‬
‫اإلشكال‪ ،‬فإليكم بعضًا منها‪:‬‬
‫‪ -1‬يقول شيخهم ابن بابويه القمي الملقب بالصدوق‪« :‬أن األئمة‬
‫أسروا يف جميع مقاماهتم إلى شيعتهم‪ ..‬أن صاحب‬
‫الماضية ُّ‬
‫السيف هو الثاين عشر من األئمة عليهم السالم‪ ..‬فكان ذلك‬

‫((( بعدم وجود مربر لألئمة لممارسة التقية ‪ -‬بتحريف الدين وكتم الحق والنطق‬
‫بالباطل خوفًا من بطش الحكام ‪ -‬ما دامت هناك ضمانة من اهلل تعالى بإيجاد‬
‫أئمة آخرين يكملوا مسيرة اإلمامة يف بيان الدين حال قتلهم‪.‬‬
‫‪122‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫منتشر ًا بين شيعة آل محمد صلى اهلل عليه وآله وعند مخالفيهم‬
‫الصدق‬
‫من الطواغيت وغيرهم‪ ،‬وعرفوا منزلة أئمتهم من ِّ‬
‫ومحلهم من العلم والفضل‪ ،‬وكانوا يتوقفون عن التسرع إلى‬
‫إتالفهم ويتحامون القصد إلنزال المكروه هبم»(‪.)1‬‬
‫كل زمان وملِ ِ‬
‫ك‬ ‫‪ -2‬يقول شيخهم المفيد‪« :‬وتحقق عند سلطان ِّ‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫كل أوان‪ ،‬علموا من األئمة الماضين عليهم السالم أهنم ال‬
‫يتدينون بالقيام بالسيف‪ ،‬وال َير ْون الدعاء إلى أنفسهم‪ ،‬وأهنم‬
‫ملتزمون بالتقية‪ ،‬وكف اليد‪ ،‬وحفظ اللسان‪ ،‬والتوفر على‬
‫لما عرف‬
‫العبادات‪ ،‬واالنقطاع إلى اهلل باألعمال الصالحات‪َّ .‬‬
‫الظالمون من األئمة هذه الحاالت‪ :‬أ َّمنُوهم على أنفسهم‪،‬‬
‫مطمئنين بذلك إلى ما يدبرونه من شؤون أنفسهم‪ ،‬ويحققوه‬
‫من دياناهتم‪ ،‬وك َّفهم ذلك عن الظهور واالنتشار‪ ،‬واستغنوا به‬
‫عن الغيبة واالستتار»(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬يقول شيخهم المفيد أيضًا‪« :‬أن ملوك الزمان إذ ذاك كانوا‬
‫يعرفون من رأي األئمة عليهم السالم التقية‪ ،‬وتحريم الخروج‬
‫بالسيف على الوالة‪ ،‬وعيب من فعل ذلك من بني عمهم‬
‫ولومهم عليه‪ ،‬وأنه ال يجوز عندهم تجريدُ السيف‪ ..‬وكانوا‬

‫((( كتاب (كمال الدين وتمام النعمة)‪ ،‬لصدوقهم ابن بابويه القمي‪( ،‬ص ‪.)46‬‬
‫((( كتاب (رسائل يف الغيبة)‪ ،‬لشيخهم األعظم المفيد‪.)4/3( ،‬‬
‫‪123‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫ال يكربون بوجود من يوجد منهم‪ ،‬وال بظهور شخصه‪ ،‬وال‬


‫بدعوة من يدعو إلى إمام‪ ،‬ألماهنم مع ذلك من فتق يكون‬
‫عليهم به‪ ،‬والعتقادهم قلة عدد من ُيصغي إليهم يف دعوى‬
‫اإلمامة لهم»(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬يقول علم هداهم الشريف المرتضى‪« :‬وكيف يضم يف باب‬
‫الخوف والتقية من المتملكين لألمور‪ ،‬والمستبدين بالدول‬
‫بين من ال يخافونه على ما يف أيديهم وال ينازعهم شيئا من‬
‫أمورهم»(‪.)2‬‬
‫‪ -5‬يقول الشريف المرتضى أيضًا‪« :‬والفرق بينه وبين آبائه عليهم‬
‫السالم أنه ظاهر بالسيف‪ ،‬ويدعو إلى نفسه‪ ،‬ويجاهد من‬
‫خالفه‪ ،‬ويزيل الدول‪ .‬فأي نسبة بين خوفه من األعداء وخوف‬
‫آبائه عليهم السالم لوال قلة التأمل»(‪.)3‬‬
‫‪ -6‬يقول شيخ طائفتهم الطوسي‪« :‬والفرق بين االستتار وظهور‬
‫آبائه عليهم السالم لم يكن المعلوم من حالهم أهنم يقومون‬
‫باألمر ويزيلون الدول ويظهرون بالسيف ويقومون بالعدل‬
‫ويميتون الجور‪ ،‬وصاحب الزمان بالعكس من ذلك‪ ،‬ولهذا‬

‫((( كتاب (الفصول العشرة)‪ ،‬لشيخهم األعظم المفيد‪( ،‬ص ‪.)74‬‬


‫((( كتاب (الشايف يف اإلمامة)‪ ،‬للشريف المرتضى‪.)149/3( ،‬‬
‫((( كتاب (رسائل المرتضى)‪ ،‬لعلم هداهم الشريف المرتضى‪.)197-196/2( ،‬‬
‫‪124‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫يكون مطلوبًا مرموقًا‪ ،‬واألولون ليسوا كذلك»(‪.)1‬‬

‫‪ -7‬يقول شيخ طائفتهم الطوسي أيضًا‪« :‬ألنه كان المعلوم من حال‬


‫آبائه لسالطين الوقت وغيرهم أهنم ال َي ْرون الخروج عليهم‪،‬‬
‫وال يعتقدون أهنم يقومون بالسيف ويزيلون الدول‪ ،‬بل كان‬
‫يضر‬
‫المعلوم من حالهم أهنم ينتظرون مهديا لهم‪ ،‬وليس ُّ‬
‫السلطان اعتقا ُد من يعتقد إمامتهم إذا أمنوهم على مملكتهم‬
‫(ولم يخافوا جانبهم)»(‪.)2‬‬

‫‪ -8‬يقول علمهم أبو علي الطربسي‪« :‬وإنما كان آباؤه عليهم السالم‬
‫ظاهرين بين الناس يفتوهنم ويعاشروهنم‪ ،‬ولم يظهر هو ألن‬
‫خوفه ڠ أكثر‪ ،‬فإن األئمة الماضين من آبائه عليهم السالم‬
‫أسروا إلى شيعتهم أن صاحب السيف هو الثاين عشر منهم‪،‬‬
‫وأنه الذي يمأل األرض عد ً‬
‫ال‪ ،‬وشاع ذلك القول من مذهبهم‬
‫حتى ظهر ذلك القول بين أعدائهم‪ ،‬فكانت السالطين الظلمة‬
‫يتوقفون عن إتالف آبائه لعلمهم بأهنم ال يخرجون بالسيف‪،‬‬
‫ويتشوقون إلى حصول الثاين عشر ليقتلوه ويبيدوه»(‪.)3‬‬

‫((( كتاب (االقتصاد)‪ ،‬لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪( ،‬ص ‪.)234‬‬
‫((( كتاب (الغيبة)‪ ،‬لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي‪( ،‬ص ‪.)330‬‬
‫((( كتاب (إعالم الورى بأعالم الهدى)‪ ،‬لعالمتهم أبي علي الطربسي‪( ،‬ص‬
‫‪.)299‬‬
‫‪125‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ -9‬يقول شيخهم علي اليزدي الحائري‪« :‬ألنه كان المعلوم من‬


‫حال آبائه لسالطين الوقت وغيرهم ال يرون الخروج عليهم‪،‬‬
‫وال يعتقدون أهنم يقومون بالسيف ويزيلون األول‪ ..‬وليس‬
‫يضر السلطان اعتقاد من يعتقد إمامتهم إذا أ َّمنوهم على‬
‫مملكتهم»(‪.)1‬‬
‫‪ -10‬يقول عالمتهم ومحدثهم النوري الطربسي‪ّ :‬‬
‫«ألن السالطين‬
‫والوالة كانوا مطمئنين أهنم عليهم السالم ال يرون الخروج‬
‫عليهم‪ ،‬وال يعتقدون أنّهم يقومون بالسيف»(‪.)2‬‬
‫‪ -11‬يقول عالمتهم علي بن أبي الفتح اإلربلي‪« :‬فكان السالطين‬
‫الظلمة يتوقفون عن إتالف آبائه لعلمهم بأهنم ال يخرجون‬
‫ويتشوقون إلى حصول الثاين عشر ليقتلوه ويبيدوه»(‪.)3‬‬
‫‪ -12‬يقول عالمتهم محسن األمين‪« :‬وإن خوفه كان أكثر إلخبار‬
‫آبائه (ع) بأن صاحب السيف من األئمة الذي يمأل األرض‬
‫عد ً‬
‫ال هو الثاين عشر وشاع ذلك عنهم حتى بين أعدائهم‬
‫فكان الملوك يتوقفون عن قتل آبائه لعلمهم أهنم ال يخرجون‬

‫((( كتاب (إلزام الناصب يف إثبات الحجة الغائب)‪ ،‬لعالمتهم علي اليزدي‬
‫الحائري‪.)380/1( ،‬‬
‫((( كتاب (النجم الثاقب)‪ ،‬لمحدثهم الميرزا حسين النوري الطربسي‪.)440/1( ،‬‬
‫((( كتاب (كشف الغمة يف معرفة األئمة)‪ ،‬لعالمتهم علي بن أبي الفتح اإلربلي‪،‬‬
‫(‪.)345/3‬‬
‫‪126‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫بالسيف ويتشوفون إلى حصول الثاين عشر ليقتلوه»(‪.)1‬‬


‫وبعد هذه التصريحات لكبار أعالم اإلمامية أتوجه لكل‬
‫العقالء والمنصفين هبذا السؤال‪:‬‬
‫عذر مقبول يف ممارسة األئمة للتقية ‪ -‬بكتمانهم‬
‫هل بقي هناك ٌ‬
‫للحق وعدم الجهر به ‪ -‬بعد أن انتفت بحقهم علة خوف القتل على‬
‫أيدي حكام زمانهم؛ إذ اطمأنوا لعدم خروجهم عليهم بالسيف‬
‫وأ ِمنوا من تهديدهم لعروشهم؟! فأين الخوف المزعوم من بطش‬
‫َ‬
‫الحكام وعلماء اإلمامية يصرحون بانتفاء الداعي عند الحكام يف‬
‫السعي لقتلهم والبطش بهم؟!‬
‫فاألئمة – وفق النقول السابقة ‪ -‬يف أتم عافية؛ إذ ال خطر‬
‫يتهددهم من قبل الحكام‪.‬‬

‫املِ ْع َول الثاني‪ :‬ال ُم َس ِّوغ يف ممارسة التقية ملن يعلم أنه‬
‫س ُيق َتل يف كل األحوال من قبل احلكام‬
‫وهذه الحقيقة قد نطق هبا كبار مراجع اإلمامية يف معرض‬
‫التمار ‪ -‬من أصحاب علي ﭬ ‪ -‬الذي اختار‬
‫كالمهم عن ميثم َّ‬
‫جراء صدعه بعقيدته ضاربًا للتقية ُع ْر َض الجدار؛ إذ‬
‫القتل من ّ‬
‫راحوا يربرون لفعله برتك التقية مع ورود الشرع هبا عند الخوف من‬

‫((( كتاب (أعيان الشيعة)‪ ،‬لعالمتهم محسن األمين‪.)62/2( ،‬‬


‫‪127‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫القتل‪ ،‬فكان من توجيهاهتم لفعله هو معرفته بمقتله على يد الحاكم‬


‫سواء صدع بالحق أو كتمه وعمل بالتقية‪ ،‬فما دام قتله متحققًا يف‬
‫كل األحوال فما هو الداعي للعمل بالتقية؟!‬
‫فمن تقريرات مراجع اإلمامية لذلك ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬يقول آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي‪« :‬و ُي ْحتَمل أن يكون‬
‫الوجه يف اختيار ميثم القتل على التقية هو علمه بانتفاء موضوع‬
‫التقية يف حقه ألنه كان يقتل على كل حال لمعروفيته بالوالء‬
‫واشتهاره بالتشيع واإلخالص ألمير المؤمنين صلوات اهلل‬
‫عليه»(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬يقول آيتهم العظمى الخميني‪« :‬وأما قضية ميثم وإن كانت‬
‫ال ولكنها قضية يف واقعة ولعله‬ ‫معروفة وال يبعد ثبوهتا إجما ً‬
‫كان عالما بأن الدعي عبيد اهلل بن زياد يقتله‪َ ،‬ب ِر َء من علي ڠ‬
‫أو ال‪ ،‬وكانت براءته منه غير مفيدة بحاله بل مضرة وموجبة‬
‫لفضاحته مضافًا إلى قتله فال يجوز معه الرباءة وال السب وال‬
‫غيرهما»(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬يقول آيتهم العظمى حسين علي منتظري‪« :‬وأقول‪ :‬كأن هؤالء‬
‫األجالء من خواص أصحاب األئمة ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬كانوا‬

‫((( كتاب (الطهارة)‪ ،‬آليتهم العظمى أبي القاسم الخوئي‪.)265/4( ،‬‬


‫((( كتاب (الرسائل)‪ ،‬آليتهم العظمى الخميني‪.)184/2( ،‬‬
‫‪128‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫مأذونين من قبل األئمة ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬برتك التقية لمصلحة‬


‫خاصة خفية‪ ،‬أو إهنم كانوا يعلمون أنه ال ينفعهم التقية وأهنم‬
‫يقتلون على كل حال بإخبار المعصوم أو غيره‪ ،‬والتقية إنما‬
‫تجب إذا نفعت»(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬يقول عالمتهم محمد باقر المجلسي‪« :‬وقد ُي ْح َمل الخرب على‬
‫أن المعنى أن التقية لحفظ الدم‪ ،‬فإذا َعلِ َم أنه ُي ْقتَل على كل‬
‫حال فال تقية»(‪ ،)2‬وقال أيضًا‪« :‬أو المعنى أنه إنما تركها لعلمه‬
‫بعدم االنتفاع هبا وعدم تحقق شرط التقية فيه»(‪.)3‬‬
‫أي َّ ِ‬
‫أن ع ْل َم ميثم َّ‬
‫التمار بقتله من قبل الحاكم يف الحالين –‬
‫حال صدعه بمعتقده أو حال كتمانه ‪ -‬جعله يضرب بالتقية ُع ْر َض‬
‫الجدار ويصدع بالحق ليموت ميتة ُم َش ِّرفة؛ إذ فيها الثبات على‬
‫المعتقد وإعالنه بشجاعة‪.‬‬
‫وعندها أتوجه لكل العقالء والمنصفين هبذا السؤال‪:‬‬
‫لماذا لم يسلك األئمة نفس المسلك وهم يعلمون يقينًا‬

‫((( كتاب (دراسات يف والية الفقيه وفقه الدولة اإلسالمية)‪ ،‬آليتهم العظمى حسين‬
‫علي منتظري‪.)255/2( ،‬‬
‫((( كتاب (بحار األنوار)‪ ،‬لعالمتهم محمد باقر المجلسي‪ ،)434/72( ،‬وكذلك‬
‫كتابه (مرآة العقول)(‪.)182/9‬‬
‫((( كتاب (بحار األنوار)‪ ،‬لعالمتهم محمد باقر المجلسي‪.)127/42( ،‬‬
‫‪129‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫على يد الحكام سواء صدعوا بالحق أو كتموه؟!‬ ‫(‪)1‬‬


‫بقتلهم‬
‫الم َش ِّرفة من ميثم التمار يف ثباته‬
‫ألم يكونوا أولى بتلك الميتة ُ‬
‫ومواجهته؟! وما هي الفائدة التي جناها األئمة من عملهم بالتقية‪،‬‬
‫ّ‬
‫للحق بينوا وال لدمائهم حقنوا؟!‬ ‫فال‬
‫التركي‬
‫ُّ‬ ‫وال أجد يف هذا المقام تعليقًا أبلغ مما قاله الشاعر‬
‫ت»‪.‬‬ ‫وم ْ‬
‫ت‪ ،‬قلها ُ‬‫َت ت َُم ْ‬
‫وإن َسك َّ‬
‫ت‪ْ ،‬‬‫«إن قلتها ت َُم ْ‬
‫ناظم حكمت‪ْ :‬‬

‫َك َن ُ‬
‫اهلل األع��دا َء من قتلهم إال بعد‬ ‫املِ� ْ�ع� َول الثالث‪ :‬لن مُي ِّ‬
‫أدائهم التبليغ والبيان‬
‫لقد قرر كبار علماء اإلمامية – يف معرض كالمهم عن وظيفة‬
‫األنبياء – بعدم تمكين اهلل تعالى لألعداء من قتلهم إال بعد قيامهم‬
‫بوظيفتهم بشك ٍل كام ٍل وهي تبليغ الدين للناس‪ ،‬فإن أ َّد ْوا ما عليهم‬
‫من التبليغ عندها تزول عصمة اهلل تعالى لهم من القتل‪ ،‬وصار‬
‫بإمكان األعداء قتلهم‪ ،‬وإليكم بعضًا من تصريحات علمائهم‬
‫بذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬يقول علم هداهم الشريف المرتضى‪« :‬ووجه آخر‪ :‬وهو َّ‬
‫أن‬
‫قومًا قالوا أنه خاف القتل‪ ،‬فكتم أمر نبوته وصرب على العبودية‪.‬‬
‫وهذا جواب فاسد ألن النبي (ع) ال يجوز أن يكتم ما ُأ ْر ِس َل‬

‫((( راجع الروايات التي سردناها يف إخبار األئمة عن قتلهم بالسم أو السيف‪،‬‬
‫وذلك يف الطامة األولى من الفصل الثالث‪.‬‬
‫‪130‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫به خوفًا من القتل‪ ،‬ألنه يعلم أن اهلل تعالى لم يبعثه لألداء إال‬
‫عاصم له من القتل حتى يقع األداء و ُت ْس َمع الدعوة‪ ،‬وإال‬
‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫لكان ذلك نقضًا للغرض»(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬يقول شيخ طائفتهم الطوسي‪« :‬مسألة‪ :‬عن موسى ڠ‪ ،‬حيث‬
‫علي‬
‫أمره اهلل تعالى بالذهاب إلى فرعون ومأله فقال‪« :‬ولهم َّ‬
‫ذنب فأخاف أن يقتلون «كيف وهو يعلم أن اهلل تعالى ما بعثه‬ ‫ٌ‬
‫عاصم له من القتل‪ ،‬وإال كان نقضًا للغرض‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫إليهم إال وهو‬
‫الجواب‪ :‬موسى ڠ وإن كان عالمًا بأن اهلل يمنع مِ ْن قتله‬
‫فإنما يعلم أنه يمنع منه حتى يؤدي الرسالة‪ ،‬فإذا أ َّدى جاز أن‬
‫يمكنهم اهلل من ذلك ويخلي بينهم وبين قتله‪ ،‬فموسى خاف أن‬
‫يقتل بعد أداء الرسالة ودعائهم إلى اهلل ال قبل األداء‪ ،‬ويجوز‬
‫أن يكون أراد بذلك تعذيبه وإيالمه الذي يشبه القتل فسماه‬
‫قتالً مجاز ًا‪ ،‬كما يقال يف من ضرب غيره ضربًا وجيعًا أنه‬
‫قتله»(‪.)2‬‬
‫ولو أضفنا لما تقدم ما قرره علماء اإلمامية من مطابقة‬
‫وظيفة األئمة لوظيفة األنبياء يف تبليغ الدين للناس وصيانته من‬
‫التحريف‪ ،‬كما قال عالمتهم محمد رضا المظفر‪« :‬كما نعتقد‬

‫((( كتاب (تنزيه األنبياء)‪ ،‬لعلم هداهم الشريف المرتضى‪( ،‬ص ‪.)73‬‬
‫((( كتاب (الرسائل العشر)‪ ،‬لشيخ طائفتهم محمد بن الحسن الطوسي‪( ،‬ص‬
‫‪.)306-305‬‬
‫‪131‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫أهنا كالنبوة لطف من اهلل تعالى‪ ،‬فال بد أن يكون يف كل عصر‬


‫النبي يف وظائفه من هداية البشر وإرشادهم إلى‬ ‫إمام ٍ‬
‫هاد َي ْخ ُل ُ‬
‫ف َّ‬ ‫ٌ‬
‫ما فيه الصالح والسعادة يف النشأتين‪ ،‬وله ما للنبي من الوالية‬
‫العامة على الناس لتدبير شؤوهنم ومصالحهم وإقامة العدل‬
‫بينهم ورفع الظلم والعدوان من بينهم‪ .‬وعلى هذا‪ ،‬فاإلمامة‬
‫استمرار للنبوة‪ .‬والدليل الذي يوجب إرسال الرسل وبعث‬
‫األنبياء هو نفسه يوجب أيضًا نصب اإلمام بعد الرسول»(‪.)1‬‬
‫فمن خالل ما قرره المرتضى والطوسي‪ ،‬ثم من خالل‬
‫مطابقة وظيفة األئمة لوظيفة األنبياء‪ ،‬نستطيع أن نحكم بعصمة‬
‫اهلل تعالى لألئمة من القتل حتى يؤدوا وظيفتهم بتبليغ الدين‬
‫والصدع بالحق لهداية الناس‪.‬‬
‫وعندها سأطرح على كل العقالء والمنصفين هذا السؤال‪:‬‬
‫مبرر مقبول يف ممارسة األئمة للتقية ‪-‬‬
‫ٌ‬ ‫هل بقي هناك‬
‫بإخفائهم الحق وعدم الجهر به – مع وجود الضمانة لهم من‬
‫اهلل تعالى بالعصمة من القتل على يد الحكام حتى ينتهوا من‬
‫أداء وظيفتهم يف تبليغ الدين؟!‬

‫((( كتاب (عقائد اإلمامية)‪ ،‬لعالمتهم محمد رضا المظفر‪( ،‬ص ‪.)66-65‬‬
‫‪132‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫ويف ختام هذا الفصل أحمد اهلل تعالى؛ إذ جعل مصرع أصل‬
‫التقية – أهم وأبرز أصول مذهبهم – وتحطيمه بمعاول صنعها‬
‫أعالم التشيع اإلمامي وأساطينه‪ ،‬فما أحراهم بقوله سبحانه» ﭐ‬
‫يه ْم َو َأ ْي ِدي ا ْل ُم ْؤمِنِي َن َفا ْع َتبِ ُروا َيا ُأولِي الأْ َ ْب َص ِ‬
‫ار‬ ‫ون ُب ُيو َت ُهم بِ َأ ْي ِد ِ‬
‫ُي ْخ ِر ُب َ‬
‫«(الحشر‪)2 :‬‬

‫‪133‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪134‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪A‬‬
‫ستهز‬
‫ُّ‬ ‫أن الحقيقة التي َت َم َخ َّضت عنها هذه الدراسة‬
‫ال شك َّ‬
‫كيانكم أيها العقالء من الشيعة اإلمامية؛ إذ تجلى من خاللها هشاشة‬
‫ٍ‬
‫إشكال ُو ِّجه إليها حول غيبة‬ ‫بنيانكم لنظرية اإلمامة واهنياره أمام أول‬
‫اإلمام الثاين عشر‪ ،‬حتى أنه أرغم أعالم المذهب وأساطينه – يف‬
‫معرض جواهبم عنه – على اإلتيان بكوارث تنسف ثوابت المذهب‬
‫ومقرراته‪ ،‬فمن هذه الكوارث‪:‬‬

‫الكارثة األوىل‪:‬‬
‫بعد أن طفحت مروياتكم ومؤلفاتكم عن استشهاد األئمة‬
‫على أيدي حكام زماهنم؟! وبعد أن أحييتم الكثير من الذكريات‬
‫بالسم أو السيف – بحشدكم لها‬
‫ِّ‬ ‫السنوية الستشهاد األئمة –‬
‫المسيرات المليونية لزيارة مراقدهم(‪)1‬؟!‬
‫ثم بعد ِّ‬
‫كل هذا وذاك يخرج عليكم كبار أعالم المذهب‬
‫وأساطينه كالشيخ المفيد (معلم األمة) والشريف المرتضى (علم‬
‫الهدى) والشيخ الطوسي (شيخ الطائفة) بتقريرات نحروا هبا ثوابتكم‬
‫مفادها انتفاء خطر القتل على أيدي الحكام بحق جميع األئمة باستثناء‬

‫((( حتى جعلوا من تلك المناسبات إجازات حكومية رسمية تتعطل ألجلها‬
‫األعمال والوظائف وتتوقف فيها مصالح الناس‪ ،‬وربما صار العراق بسببها‬
‫من أكثر بلدان العالم يف اإلجازات الرسمية‪.‬‬
‫‪135‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫اإلمام الثاين عشر فهو الوحيد الذي كان يتهدده ذلك!!!‬


‫فما أشبه تلك التقريرات – يف تدميرها لثوابتكم – بريح قوم‬
‫عاد‪﴿ :‬تُدَ ِّم ُر ك َُّل َش ْي ٍء بِ َأ ْمرِ َر ِّب َها﴾ (األحقاف‪.)25 :‬‬
‫ٍ‬

‫الكارثة الثانية‪:‬‬
‫مع حلول شهر محرم من كل عام يستنفر الشيعة اإلمامية‬
‫إلحياء ذكرى استشهاد الحسين ﭬ بوصفها ثورة إصالحية خرج‬
‫هبا على الظلم‪ ،‬فتجد الكالم عن الثورة الحسينية يمأل الخافقين؛‬
‫وإن َّ‬
‫قل‬ ‫إذ استنبطوا منها البطولة والشجاعة للوقوف أمام الباطل ْ‬
‫األنصار واألعوان‪.‬‬
‫ثم بعد كل هذا وذاك يخرج عليكم كبار أعالم المذهب‬
‫وأساطينه كالشيخ المفيد (معلم األمة) والشريف المرتضى (علم‬
‫الهدى) والشيخ الطوسي (شيخ الطائفة) بكارثة» لَ ُت ْب ِقي َولَ ت ََذر‬
‫«مفادها أن التكليف اإللهي لجميع األئمة هو التزام التقية وعدم‬
‫الخروج بالسيف‪ ،‬باستثناء اإلمام الثاين عشر فهو الوحيد الذي‬
‫كلفه اهلل تعالى بالخروج بالسيف!!!‬
‫فحولوا الحسين ﭬ – بتلك التقريرات – من بطل ثائر‬
‫ٍ‬
‫عاص هلل تعالى بذلك‬ ‫ٍ‬
‫مذنب‬ ‫على الظلم خارجٍ لنصرة الحق‪ ،‬إلى‬
‫الخروج‪ ،‬مخالف لما كلفه خالقه سبحانه بالسكوت والتقية وترك‬
‫الخروج بالسيف!‬

‫‪136‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫َف ُح َّق لكم أيها الشيعة أن تلطموا الوجوه وتشقوا الجيوب على‬
‫الثورة الحسينية التي ن ِ‬
‫ُح َرت بأيدي كبار أعالم المذهب وأساطينه!‬

‫وختامًا أتوجه ألبناء جلدتي وبني قومي من الشيعة اإلمامية‬


‫بهذه النصيحة‪:‬‬
‫أما آن لكم أن تعيدوا النظر يف تبنيكم لنظرية اإلمامة‪ ،‬وأنتم‬
‫تشاهدون ُبأ ِّم أعينكم تلك الحقائق والثوابت ‪ -‬التي نشأ عليها‬
‫الصغير وشاب عليها الكبير ‪ -‬تتهاوى وتتحطم على أيدي كبار‬
‫أعالم المذهب؟!‬
‫واحد أوردته يف هذه الدراسة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫إشكال‬ ‫فإن كان ت ََصدُّ عها بسبب‬
‫ْ‬
‫الم َز ْل ِزلة؟!‬
‫فكيف سيكون حالها مع باقي اإلشكاالت ُ‬
‫اللهم ِ‬
‫اهد قومي فإنهم ال يعلمون‪ ،‬ووفقهم لمرضاتك والفوز‬
‫ناصح أمين‪ ،‬وصلى اهلل وسلم وبارك على نبينا‬
‫ٌ‬ ‫بجنانك‪ ،‬فإين لهم‬
‫محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب‬
‫العالمين‪.‬‬
‫وكتبه الفقير إلى رحمة ر ِّبه‬ ‫ ‬
‫عبد الملك بن عبد الرحمن الشافعي‬ ‫ ‬

‫‪137‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪138‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪J‬‬
‫‪1.1‬تعليقة على معالم األصول‪ ،‬تأليف الفقيه المحقق واألصولي‬
‫المدقق العالمة السيد علي الموسوي القزويني قدس سره‪ ،‬تحقيق‬
‫حفيده السيد علي العلوي القزويني‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪:‬‬
‫‪ ،1422‬المطبعة‪ :‬مؤسسة النشر اإلسالمي‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة النشر‬
‫اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة‬
‫‪2.2‬رسائل الشهيد الثاين‪ ،‬زين الدين بن علي العاملي (الشهيد الثاين)‬
‫(ت ‪ 965‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬التحقيق‪ :‬مركز األبحاث والدراسات‬
‫اإلسالمية ‪ -‬قسم احياء الرتاث االسالمي ‪ -‬المشرف على‬
‫التحقيق‪ :‬رضا المختاري‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪1421 :‬‬
‫– ‪ ،1379‬المطبعة‪ :‬مطبعة مكتب اإلعالم اإلسالمي‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫مركز انتشارات دفرت تبليغات اسالمي (مركز النشر التابع لمكتب‬
‫اإلعالم اإلسالمي)‬
‫‪3.3‬مباين تكملة المنهاج‪ ،‬أبو القاسم الخوئي (ت ‪ 1413‬هـ)‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫الثانية‪ ،‬سنة الطبع‪ ،1396 :‬المطبعة‪ :‬العلمية ‪ -‬قم المقدسة‬
‫‪4.4‬الرسائل‪ ،‬روح اهلل الخميني (ت ‪ 1410‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬مع تذييالت‬
‫لمجتبى الطهراين‪ ،‬سنة الطبع‪ :‬ربيع األول ‪ ،1385‬المطبعة‪:‬‬
‫مؤسسة اسماعيليان‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة اسماعيليان ‪ -‬للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‬
‫‪5.5‬إعالم الورى بأعالم الهدى‪ ،‬تأليف أمين اإلسالم الشيخ أبي علي‬
‫الفضل بن الحسن الطربسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مؤسسة آل البيت (ع) إلحياء‬

‫‪139‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الرتاث‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪ :‬ربيع األول ‪ ،1417‬المطبعة‪:‬‬


‫ستارة – قم‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة آل البيت (ع) إلحياء الرتاث ‪ -‬قم‬
‫المشرفة‬
‫‪6.6‬أضواء على عقائد الشيعة اإلمامية‪ ،‬آية اهلل العظمى جعفر السبحاين‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪ ،1421 :‬الناشر‪ :‬مؤسسة اإلمام الصادق‬
‫((ع))‪ .‬قم‬
‫‪7.7‬رسائل يف الغيبة‪ ،‬الفقيه المتكلم أبي عبد اهلل محمد بن محمد بن‬
‫النعمان الحارثي المعروف ب‍ الشيخ المفيد (ت ‪ 413‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫عالء آل جعفر‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ ،‬سنة الطبع‪ 1993 - 1414 :‬م‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع ‪ -‬بيروت ‪ -‬لبنان‬
‫‪8.8‬المسائل العشر يف الغيبة‪ ،‬الفقيه المتكلم أبي عبد اهلل محمد بن‬
‫محمد بن النعمان الحارثي المعروف ‍ب الشيخ المفيد (ت ‪413‬‬
‫هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬فارس تربيزيان الحسون‪ ،‬الناشر‪ :‬مركز األبحاث‬
‫العقائدية‪ .‬قم‬
‫‪9.9‬المقنع يف الغيبة‪ ،‬السيد الشريف المرتضى أبي القاسم علي بن‬
‫الحسين الموسوي (ت ‪ 436‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬السيد محمد علي‬
‫الحكيم‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪ :‬جمادي اآلخرة ‪،1416‬‬
‫المطبعة‪ :‬ستارة – قم‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة آل البيت (ع) إلحياء الرتاث‬
‫‪ -‬بيروت ‪ -‬لبنان‬
‫‪1010‬إلزام الناصب يف إثبات الحجة الغائب‪ ،‬المؤلف‪ :‬الشيخ علي‬
‫اليزدي الحائري (ت ‪ 1333‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬السيد علي عاشور‬
‫‪140‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪1111‬النجم الثاقب‪ ،‬ميرزا حسين النوري الطربسي (ت ‪ 1320‬هـ)‪،‬‬


‫تحقيق‪ :‬تقديم وترجمة وتحقيق وتعليق‪ :‬السيد ياسين الموسوي‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪ ،1415 :‬المطبعة‪ :‬مهر ‪ -‬قم المقدسة‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬أنوار الهدى‬
‫‪1212‬كشف الغمة يف معرفة األئمة‪ ،‬علي بن أبي الفتح اإلربلي (ت ‪693‬‬
‫هـ)‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ ،‬سنة الطبع‪ 1985 - 1405 :‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬
‫األضواء ‪ -‬بيروت ‪ -‬لبنان‬
‫‪1313‬الفصول المختارة‪ ،‬الفقيه المتكلم أبي عبد اهلل محمد بن محمد بن‬
‫النعمان الحارثي المعروف ب‍ الشيخ المفيد (ت ‪ 413‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫السيد نور الدين جعفريان االصبهاين‪ ،‬الشيخ يعقوب الجعفري‪،‬‬
‫الشيخ محسن األحمدي‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ ،‬سنة الطبع‪- 1414 :‬‬
‫‪ 1993‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع ‪ -‬بيروت‬
‫‪ -‬لبنان‬
‫‪1414‬الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية‪ ،‬العالمة المحقق المحدث‬
‫الشيخ يوسف بن أحمد البحراين (ت ‪ 1186‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬شركة‬
‫دار المصطفى صلى اهلل عليه وآله إلحياء الرتاث‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪،‬‬
‫سنة الطبع‪ 2002 - 1423 :‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬شركة دار المصطفى صلى‬
‫اهلل عليه وآله إلحياء الرتاث‬
‫‪1515‬رسائل آل طوق القطيفي‪ ،‬أحمد بن الشيخ صالح آل طوق القطيفي‬
‫(ت ‪ 1245‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬تحقيق ونشر شركة دار المصطفى صلى‬
‫اهلل عليه وآله إلحياء الرتاث‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪- 1422 :‬‬

‫‪141‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ 2001‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬شركة دار المصطفى صلى اهلل عليه وآله إلحياء‬
‫الرتاث‬
‫‪1616‬اإلمام الصادق (ع)‪ ،‬الشيخ محمد حسن المظفر (ت ‪ 1375‬هـ)‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬الثالثة‪ ،‬سنة الطبع‪ 1978 - 1397 :‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الزهراء‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع ‪ -‬بيروت ‪ -‬لبنان‬
‫‪1717‬األنوار البهية يف تواريخ الحجج اإللهية‪ ،‬الشيخ عباس القمي (ت‬
‫‪ 1359‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬مؤسسة النشر اإلسالمي‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة‬
‫الطبع‪ ،1417 :‬الناشر‪ :‬مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة‬
‫المدرسين بقم المشرفة‬
‫‪1818‬دليل تحرير الوسيلة (والية الفقيه)‪ ،‬علي أكرب السيفي المازندراين‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪ 1375 - 1417 :‬ش‪ ،‬المطبعة‪ :‬مطبعة‬
‫مؤسسة العروج‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة تنظيم ونشر آثار اإلمام الخميني‬
‫‪1919‬المعجم الموضوعي ألحاديث اإلمام المهدي (عج)‪ ،‬الشيخ علي‬
‫الكوراين العاملي‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪ 2006 - 1426 :‬م‬
‫‪2020‬جواهر التاريخ (السيرة النبوية)‪ ،‬الشيخ علي الكوراين العاملي‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪ 1430 :‬هـ‪ ،‬المطبعة‪ :‬وفا‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫باقيات‬
‫‪2121‬البنات ربائب « قل هاتوا برهانكم »‪ ،‬السيد جعفر مرتضى العاملي‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪ 1386 - 1428 :‬ش‪ ،‬المطبعة‪ :‬نگارش‬
‫‪2222‬العقيدة اإلسالمية على ضوء مدرسة أهل البيت (ع)‪ ،‬آية اهلل‬

‫‪142‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫العظمى المحقق جعفر السبحاين‪ ،‬تحقيق‪ :‬نقل إلى العربية‪ :‬جعفر‬


‫الهادي‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪ 1998 - 1419 :‬م‪ ،‬المطبعة‪:‬‬
‫اعتماد – قم‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة اإلمام الصادق (ع)‬
‫‪2323‬اإلمام الحسين (ع) سماته وسيرته‪ ،‬محققهم محمد رضا الجاللي‪،‬‬
‫دار المعروف – قم‬
‫‪2424‬دور أهل البيت (ع) يف بناء الجماعة الصالحة‪ ،‬السيد محمد‬
‫باقر الحكيم (ت ‪ 1425‬هـ)‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية سنة الطبع‪،1425 :‬‬
‫المطبعة‪ :‬ليلى‪ ،‬الناشر‪ :‬مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي‬
‫ألهل البيت (ع)‬
‫‪2525‬حياة اإلمام المهدي (ع)‪ ،‬الشيخ باقر شريف القرشي‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫األولى‪ ،‬سنة الطبع‪ 1996 - 1417 :‬م المطبعة‪ :‬امير‬
‫‪2626‬موسوعة المصطفى والعرتة (ع)‪ ،‬الحاج حسين الشاكري‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫األولى‪ ،‬سنة الطبع‪ ،1417 :‬المطبعة‪ :‬ستارة‪ ،‬الناشر‪ :‬نشر الهادي‬
‫‪ -‬قم ‪ -‬ايران‬
‫‪2727‬مباين الفقه الفعال يف القواعد الفقهية األساسية‪ ،‬علي أكرب السيفي‬
‫المازندراين‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪ ،1425 :‬المطبعة‪ :‬مؤسسة‬
‫النشر اإلسالمي‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة‬
‫المدرسين بقم المشرفة‬
‫‪2828‬كشف المحجة لثمرة المهجة‪ ،‬رضي الدين أبي القاسم علي‬
‫بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني الحسيني‬

‫‪143‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫(ت ‪ 664‬هـ)‪ ،‬سنة الطبع‪ 1950 - 1370 :‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬المطبعة‬


‫الحيدرية ‪ -‬النجف األشرف‬
‫‪2929‬دعائم اإلسالم‪ ،‬القاضي النعمان المغربي (ت ‪ 363‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫آصف بن علي أصغر فيضي‪ ،‬سنة الطبع‪ 1963 - 1383 :‬م‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار المعارف ‪ -‬القاهرة‬
‫‪3030‬مسألتان يف النص على علي (ع)‪ ،‬الفقيه المتكلم أبي عبد اهلل محمد‬
‫بن محمد بن النعمان الحارثي المعروف ب‍ الشيخ المفيد (ت ‪413‬‬
‫هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ مهدي نجف‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ ،‬سنة الطبع‪:‬‬
‫‪ 1993 - 1414‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع‬
‫‪ -‬بيروت ‪ -‬لبنان‬
‫‪3131‬قراءة جديدة للفتوحات اإلسالمية‪ ،‬الشيخ علي الكوراين العاملي‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪ 2011 - 1432 :‬م‬
‫‪3232‬الصحيح من سيرة اإلمام علي (ع)‪ ،‬السيد جعفر مرتضى العاملي‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪ 1388 - 1430 :‬ه‪ ،‬المطبعة‪ :‬دفرت‬
‫تبليغات اسالمي‪ ،‬الناشر‪ :‬والء المنتظر (عج)‬
‫‪3333‬السقيفة‪ ،‬الشيخ محمد رضا المظفر (ت ‪ 1383‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫تقديم‪ :‬الدكتور محمود المظفر‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ ،‬سنة الطبع‪ :‬جمادي‬
‫الثاين ‪ ،1415‬المطبعة‪ :‬هبمن – قم‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة أنصاريان‬
‫‪3434‬نظام الحكم يف اإلسالم‪ ،‬حسين علي المنتظري‪ ،‬تحقيق‪ :‬قام‬
‫بالتلخيص والتعليق لجنة األبحاث اإلسالمية يف مكتب سماحته‪،‬‬

‫‪144‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪1380 :‬ش‪ ،‬المطبعة‪ :‬هاشميون‬


‫‪3535‬شرح منهاج الكرامة يف معرفة اإلمامة‪ /‬السيد علي الحسيني‬
‫الميالين‪ /‬الطبعة‪ :‬األولى‪ /‬سنة الطبع‪ /1428 :‬المطبعة‪ :‬وفا –‬
‫قم‪ /‬الناشر‪ :‬مركز الحقائق اإلسالمية‬
‫‪3636‬الغيبة ‪ -‬شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي‪ .‬تحقيق‪:‬‬
‫الشيخ عباد اهلل الطهراين والشيخ على أحمد ناصح‪ .‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫المعارف االسالمية‪ ،‬قم المقدسة‪ .‬الطبعة المحققة‪ :‬االولى‪ .‬تاريخ‬
‫الطبع‪ :‬شعبان ‪ 1411‬ه‍‪ .‬ق‪.‬‬
‫‪3737‬كتاب كشف الغطاء عن مبهمات شريعة الغراء لمؤلفه النحرير‬
‫المحقق والفقيه االصولي العالم الكامل الشيخ جعفر المدعو‬
‫بكاشف الغطاء انتشارات مهدوي اصفهان بازار ‪ -‬باغ قلندرها ‪-‬‬
‫پاساژ علوي‪.‬‬
‫‪ 3838‬كتاب أعيان الشيعة‪ ،‬لعالمتهم محسن األمين العاملي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫تحقيق وتخريج‪ :‬حسن األمين الناشر‪ :‬دار التعارف للمطبوعات‬
‫‪ -‬بيروت ‪ -‬لبنان‬
‫‪3939‬الشايف يف اإلمامة ‪ -‬الشريف المرتضى قدس سره ‪ -‬الناشر‪:‬‬
‫مؤسسة الصادق ‪ -‬طهران * الطبعة‪ :‬الثانية تاريخ النشر‪1410 :‬‬
‫ه‍‪ .‬ق‬
‫‪4040‬كنز الفوائد‪ /‬أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي (ت ‪ 449‬هـ)‪/‬‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪ /‬سنة الطبع‪ 1369 :‬ش‪ /‬المطبعة‪ :‬غدير‪ /‬الناشر‪:‬‬

‫‪145‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫مكتبة المصطفوي ‪ -‬قم ‪.‬‬


‫‪4141‬كمال الدين وتمام النعمة المؤلف‪ :‬الشيخ الجليل االقدم الصدوق‬
‫الناشر‪ :‬مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم‬
‫المشرفة ‪ -‬ايران التاريخ‪ :‬محرم الحرام ‪1405‬‬
‫‪4242‬تنزيه االنبياء تصنيف ابى القاسم على بن الحسين الموسوي‬
‫المعروف بالشريف المرتضى « المتوىف سنة ‪ 436‬ه‍ « دار االضواء‬
‫الطبعة الثانية ‪ 1409‬ه‍‪ 1989 - .‬م‪.‬‬
‫‪4343‬رسائل الشريف المرتضى * تأليف‪ :‬الشريف المرتضى * تقديم‪:‬‬
‫السيد أحمد الحسيني * إعداد‪ :‬السيد مهدي الرجائي * نشر‪ :‬دار‬
‫القرآن الكريم ‪ -‬قم * طبع‪ :‬مطبعة سيد الشهداء ‪ -‬قم * التاريخ‪:‬‬
‫‪ 1405‬ه‍‪.‬‬
‫‪4444‬االقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد شيخ الطائفة الفقيه االكرب أبو‬
‫جعفر محمد بن الحسن الطوسي ‪ 460 - 385‬منشورات مكتبة‬
‫جامع چهلستون ‪ -‬طهران‬
‫‪4545‬المسلك يف أصول الدين وتليه الرسالة الماتعية كالهما تأليف نجم‬
‫الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد المحقق الحلي (ره)‬
‫‪ 676 - 602‬ه‍ تحقيق رضا األستادي الناشر‪ :‬مجمع البحوث‬
‫اإلسالمية‪ ،‬إيران ‪ -‬مشهد الطبعة‪ :‬األولى ‪ 1414‬ق ‪ 1373 -‬ش‬
‫‪ 4646‬من ال يحضره الفقيه‪ ،‬لكبير محدثيهم ابن بابويه القمي الملقب‬
‫عندهم بالصدوق‪ ،‬تحقيق‪ :‬تصحيح وتعليق‪ :‬علي أكرب الغفاري‬

‫‪146‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الطبعة‪ :‬الثانية الناشر‪ :‬مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة‬


‫المدرسين بقم المشرفة‬
‫‪4747‬بحار االنوار الجامعة لدرر أخبار االئمة االطهار‪ /‬العلم العالمة‬
‫الحجة فخر االمة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي (ت ‪1111‬‬
‫هـ)‪ /‬مؤسسة الوفاء بيروت ‪ -‬لبنان ‪ -‬الطبعة الثانية المصححة‬
‫‪ 1403‬ه‍ ‪ 1983 -‬م‪.‬‬
‫‪4848‬الغيبة ‪ -‬شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي‪ .‬تحقيق‪:‬‬
‫الشيخ عباد اهلل الطهراين والشيخ على أحمد ناصح‪ .‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫المعارف االسالمية‪ ،‬قم المقدسة‪ .‬الطبعة المحققة‪ :‬االولى‪ .‬تاريخ‬
‫الطبع‪ :‬شعبان ‪ 1411‬ه‍‪ .‬ق‪.‬‬
‫‪ 4949‬مستدرك سفينة البحار‪ /‬الشيخ علي النمازي الشاهرودي (ت‬
‫‪ 1405‬هـ)‪ /‬تحقيق وتصحيح‪ :‬الشيخ حسن بن علي النمازي‪/‬‬
‫سنة الطبع‪ /1418 :‬الناشر‪ :‬مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة‬
‫لجماعة المدرسين بقم المشرفة‬
‫‪5050‬مختصر مفيد أسئلة وأجوبة يف الدين والعقيدة‪ /‬السيد جعفر‬
‫مرتضى العاملي‪ /‬الطبعة‪ :‬األولى‪ /‬سنة الطبع‪2002 - 1423 :‬‬
‫م‪ /‬المطبعة‪ :‬المركز اإلسالمي للدراسات‬
‫‪5151‬عيون أخبار الرضا للشيخ االقدم والمحدث االكرب أبي جعفر‬
‫الصدوق محمد بن على بن الحسين بن بابويه القمى قده المتوىف‬
‫سنه ‪ 381‬صححه وقدم له وعلق عليه العالمة الشيخ حسين‬
‫االعلمي الجزء االول منشورات مؤسسة االعلمي للمطبوعات‬
‫‪147‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫بيروت ‪ -‬لبنان ‪ -‬الطبعة االولى ‪1404‬هـ‪.‬‬


‫‪5252‬كتاب االعتقادات يف دين اإلمامية‪ ،‬لشيخهم ابن بابويه القمي‬
‫الملقب بالصدوق‪ ،‬تحقيق‪ :‬عصام عبد السيد‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية سنة‬
‫الطبع‪ 1993 - 1414 :‬م‪ /‬الناشر‪ :‬دار المفيد للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع ‪ -‬بيروت – لبنان‬
‫‪ 5353‬روضة المتّقين يف شرح من ال يحضر الفقيه‪ /‬وحيد عصره وفريد‬
‫دهره وأروع أهل زمانه وأزهدهم المولى محمد تقي المجلسي‬
‫(ت ‪ 1070‬هـ)‪ /‬تحقيق‪ :‬نمقه وع ّلق عليه وأشرف على طبعه «‬
‫السيد حسين الموسوي الكرماين والشيخ علي پناه اإلشتهاردي »‬
‫‪5454‬شرح أصول الكايف‪ 1 :‬كتاب الكايف األصول والروضة لثقة‬
‫اإلسالم أبى جعفر محمد بن يعقوب الكليني مع شرح الكايف‬
‫الجامع للمولى محمد صالح المازندراين المتوىف ‪ 1081‬ه‍ مع‬
‫تعاليق الميرزا أبو الحسن الشعراين‪.‬‬
‫‪5555‬مناقب آل أبي طالب‪ /‬البن شهر آشوب المازندراين (ت ‪588‬‬
‫هـ)‪ /‬تحقيق‪ :‬تصحيح وشرح ومقابلة‪ :‬لجنة من أساتذة النجف‬
‫األشرف‪ /‬سنة الطبع‪ 1956 - 1376 :‬م‪ /‬المطبعة‪ :‬الحيدرية ‪-‬‬
‫النجف األشرف‪ /‬الناشر‪ :‬المكتبة الحيدرية ‪ -‬النجف األشرف‬
‫‪5656‬منهاج الرباعة يف شرح هنج البالغة ـ العالمة المحقق الحاج‬
‫الميرزا حبيب اهلل الهاشمي الخوئي ـ المطبعة االسالمية يف طهران‬
‫ـ ‪1383‬هـ‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪5757‬عقائد االمامية – محمد رضا المظفر (‪ 1383‬هـ)‪ /‬دار الزهراء‬


‫للطباعة والنشر – بيروت لبنان – الطبعة الثالثة‪.‬‬
‫‪5858‬مصباح الفقاهة‪ /‬من تقرير بحث آلية اهلل العظمى السيد أبي‬
‫القاسم الموسوي الخوئي (ت ‪ 1413‬هـ)‪ /‬للميرزا محمد علي‬
‫التوحيدي التربيزي‪ ،‬المطبعة الحيدرية‪ ،‬النجف‪ ،‬طبع عام ‪1374‬‬
‫هـ ‪1954 -‬م‪.‬‬
‫‪5959‬األنوار اإللهية يف المسائل العقائدية‪ -‬آية اهلل العظمى الميرزا جواد‬
‫التربيزي‪ -‬دار الصديقة الشهيدة‪ -‬الطبعة الثانية ‪1382‬هـ‪-‬إيران –‬
‫قم‪.‬‬
‫‪6060‬صراط النجاة استفتاءات آلية اهلل العظمى الخوئي (قدس سره) مع‬
‫تعليقة وملحق الية اهلل العظمى التربيزي (دام ظله الوارف) الطبعة‪:‬‬
‫االولى يف الجمهورية اإلسالمية االيرانية جمادي االول ‪ 1416‬ه‍‪.‬‬
‫‪6161‬الصحيح من سيرة النبي األعظم (ص)‪ /‬المؤلف‪ :‬السيد جعفر‬
‫مرتضى العاملي‪ /‬الطبعة‪ :‬األولى‪ /‬سنة الطبع‪1385 - 1426 :‬‬
‫ش‪ /‬المطبعة‪ :‬دار الحديث‪ /‬الناشر‪ :‬دار الحديث للطباعة والنشر‬
‫‪ -‬قم ‪ -‬ايران‬
‫‪6262‬مقاالت تأسيسة يف الفكر االسالمي‪ ،‬تأليف العالمة السيد محمد‬
‫حسين الطباطبائي‪ ،‬ترجمة جواد علي كسار‪ ،‬مؤسسة ام القرى‬
‫للتحقيق والنشر‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1418‬هـ‬
‫‪6363‬األصول من الكايف تأليف ثقة اإلسالم أبى جعفر محمد بن يعقوب‬

‫‪149‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫بن اسحاق الكليني الرازي (ت ‪ 329‬هـ)‪ /‬صححه وعلق عليه‬


‫على اكرب الغفاري ‪ -‬الناشر دار الكتب اإلسالمية مرتضى آخوندى‬
‫هتران‪ -‬بازار سلطاين‪ -‬الطبعة الثالثة (‪.)1388‬‬
‫‪6464‬كتاب سليم بن قيس الهاللي تأليف التابعي الكبير سليم بن قيس‬
‫الهاللي (ت ‪ 76‬هـ)‪ /‬تحقيق محمد باقر األنصاري الزنجاين‪/‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ /‬سنة الطبع‪ 1380 - 1422 :‬ش‬
‫‪6565‬جواهر الكالم « يف شرح شرائع االسالم « تأليف شيخ الفقهاء‬
‫وامام المحققين الشيخ محمد حسن النجفي حققه وعلق عليه‬
‫الشيخ عباس القوچاين تاريخ انتشار‪ :‬پائيز ‪ 1367‬دار الكتب‬
‫االسالمية‪ :‬هتران‪ ،‬بازار سلطاين‪.‬‬
‫‪6666‬مستدرك الوسائل‪ ،‬للميرزا النوري‪ ،‬مؤسسة آل البيت ‪- ‡ -‬‬
‫إلحياء الرتاث‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان‪ ،‬طبع عام ‪ 1408‬هـ ‪ 1987 -‬م‪.‬‬
‫‪6767‬اإلفصاح يف إمامة أمير المؤمنين عليه السالم‪ /‬الفقيه المتكلم أبي‬
‫عبد اهلل محمد بن محمد بن النعمان الحارثي المعروف ب‍ الشيخ‬
‫المفيد (ت ‪ 413‬هـ)‪ /‬تحقيق‪ :‬مؤسسة البعثة‪ /‬الطبعة‪ :‬الثانية‪/‬‬
‫سنة الطبع‪ 1993 - 1414 :‬م‪ /‬الناشر‪ :‬دار المفيد للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع ‪ -‬بيروت ‪ -‬لبنان‬
‫‪6868‬الرسائل العشر‪ /‬شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت‬
‫‪ 460‬هـ)‪ /‬تحقيق واعظ زاده الخراساين ‪ -‬الناشر جامعة المدرسين‬
‫‪ -‬قم ‪1404‬هـ‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪ 6969‬الحدائق الناضرة يف أحكام العرتة الطاهرة‪ /‬العالم البارع الفقيه‬


‫المحدث الشيخ يوسف البحراين (ت ‪ 1186‬هـ)‪ /‬قام بنشره‬
‫الشيخ على االخوندى مؤسسة النشر االسالمي (التابعة) لجماعة‬
‫المدرسين‪ .‬بقم المشرفة (ايران)‪.‬‬
‫‪7070‬الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم تأليف العالمة المتكلم‬
‫الشيخ زين الدين أبي محمد على بن يونس العاملي النباطي‬
‫البياضي المتوىف ‪ 877‬صححه وحققه وعلق عليه محمد الباقر‬
‫البهبودي الجزء األول عنيت نبشره ‪ -‬المكتبة المرتضوية إلحياء‬
‫اآلثار الجعفرية حقوق الطبع هبذه الصورة محفوظة الطبعة األولى‬
‫– ‪.1384‬‬
‫السعادة يف شرح هنج البالغة‪ /‬محمد تقي النّقوي القايني‬
‫‪7171‬مفتاح ّ‬
‫الخراساين‪ /‬مكتبة المصطفوي بطهران‬
‫‪7272‬كتاب دراسات يف والية الفقيه وفقه الدولة اإلسالمية‪ ،‬آليتهم‬
‫العظمى المنتظري‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى سنة الطبع‪ :‬جمادي الثانية‬
‫‪ 1408‬المطبعة‪ :‬مكتب اإلعالم اإلسالمي الناشر‪ :‬المركز‬
‫العالمي للدراسات اإلسالمية‬
‫‪7373‬هنج البالغة‪ /‬خطب اإلمام علي (ع)‪ /‬تحقيق‪ :‬شرح‪ :‬الشيخ‬
‫محمد عبده‪ /‬الطبعة‪ :‬األولى‪ /‬سنة الطبع‪ 1370 - 1412 :‬ش‪/‬‬
‫المطبعة‪ :‬النهضة – قم‪ /‬الناشر‪ :‬دار الذخائر ‪ -‬قم – ايران‬
‫‪7474‬حقائق اإليمان ‪ -‬عالمتهم زين الدين بن علي العاملي (الشهيد‬
‫الثاين) (ت ‪ 965‬هـ) ‪ ،‬الناشر مكتبة آية اهلل العظمى المرعشي‬
‫‪151‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫النجفي العامة ‪ -‬قم‪ ،‬الطبعة األولى ‪ -‬سنة ‪ 1409‬هـ‪.‬‬


‫‪7575‬المراجعات ‪ -‬عبدالحسين شرف الدين ‪ -‬تحقيق حسين الراضي‬
‫‪ -‬الطبعة الثانية ‪1402‬هـ ‪ -‬الجمعية االسالمية‪.‬‬
‫‪ 7676‬المسلك يف أصول الدين وتليه الرسالة الماتعية كالهما تأليف‬
‫نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد المحقق الحلي‬
‫(ره) ‪ 676 - 602‬ه‍ تحقيق رضا األستادي الناشر‪ :‬مجمع البحوث‬
‫اإلسالمية‪ ،‬إيران ‪ -‬مشهد الطبعة‪ :‬األولى ‪ 1414‬ق ‪ 1373 -‬ش‬
‫‪7777‬كتاب (إشارة السبق إلى معرفة الحق)‪ ،‬تأليف‪ :‬الفقيه الجليل أبو‬
‫الحسن علي بن الحسن الحلبي‪ ،‬الشيخ إبراهيم هبادري الطبعة‪:‬‬
‫االولى التاريخ ‪‍ 1414‬ه مؤسسة النشر االسالمي التابعة لجماعة‬
‫المدرسين بقم المشرفة‪.‬‬
‫‪7878‬عقائدنا الفلسفية والقرآنية ـ الطبعة االولى ‪1993‬م‪1413 ،‬هـ دار‬
‫الروضة للطباعة والنشر والتوزيع جعفر سبحاين‪.‬‬
‫‪7979‬كتاب ذكرى الشيعة يف أحكام الشريعة‪ ،‬لعالمتهم محمد بن مكي‬
‫العاملي‪،‬‬
‫‪8080‬تحقيق‪ :‬مؤسسة آل البيت عليهم السالم إلحياء الرتاث الطبعة‪:‬‬
‫األولى سنة الطبع‪ :‬محرم ‪ 1419‬المطبعة‪ :‬ستاره – قم الناشر‪:‬‬
‫مؤسسة آل البيت عليهم السالم إلحياء الرتاث ‪ -‬قم‬
‫‪8181‬كتاب (مصابيح الظالم يف شرح مفاتيح الشرائع)‪ ،‬لعالمتهم‬
‫مؤسسة العالمة‬
‫ّ‬ ‫ومجدد مذهبهم الوحيد البهبهاين‪ ،‬تحقيق‪:‬‬

‫‪152‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫المجدّ د الوحيد البهبهاين رحمه اهلل‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬سنة الطبع‪:‬‬


‫مؤسسة العالمة المجدّ د الوحيد‬
‫محرم الحرام ‪ ،1424‬الناشر‪ّ :‬‬
‫البهبهاين رحمه اهلل‬
‫‪8282‬كتاب البيان يف تفسير القرآن‪ ،‬آليتهم العظمى أبو القاسم الخوئي‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬الرابعة سنة الطبع‪ 1975 - 1395 :‬م الناشر‪ :‬دار الزهراء‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع ‪ -‬بيروت ‪ -‬لبنان‬
‫‪8383‬الميزان يف تفسير القرآن‪ /‬العالمة محمد حسين الطباطبائي (ت‬
‫‪ 1402‬هـ)‪ /‬الناشر‪ :‬مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة‬
‫المدرسين بقم المشرفة‬
‫‪8484‬مفاهيم القرآن‪-‬جعفر سبحاين‪-‬مؤسسة اإلمام الصادق‪-‬الطبعة‬
‫الرابعة ‪1413‬هـ‬
‫‪ 8585‬كتاب االستبصار‪ ،‬لشيخ طائفتهم محمد بن الحسن الطوسي‪،‬‬
‫‪8686‬تحقيق‪ :‬تحقيق وتعليق‪ :‬السيد حسن الموسوي الخرسان الطبعة‪:‬‬
‫الرابعة سنة الطبع‪ 1363 :‬ش الناشر‪ :‬دار الكتب اإلسالمية ‪-‬‬
‫طهران كتاب الطهارة‪ ،‬التنقيح يف شرح العروة الوثقى‪ ،‬تقرير ًا‬
‫لبحث آية اهلل السيد أبي القاسم الموسوي الخوئي‪ ،‬للعالمة الميرزا‬
‫علي الغروي التربيزي‪ ،‬نشر دار الهادي للمطبوعات‪ ،‬مطبعة صدر‪،‬‬
‫قم ‪ -‬إيران‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬طبع عام ‪ 1410‬هـ‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪154‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫‪P‬‬
‫ِ‬
‫اإلهدَ اء‪7........................................................‬‬
‫المقدمة ‪9.......................................................‬‬
‫التمهيد‪11.......................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬استعراض عام لإلشكال وأجوبتهم عليه‪16........‬‬


‫المطلب األول‪ :‬عرض مادة اإلشكال‪16........................‬‬
‫المطلب الثاين‪ :‬مواطن ورود اإلشكال يف مصادر أهل السنة ‪16..‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مواطن ورود اإلشكال يف مصادر الشيعة اإلمامية‪17...‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬بيان عام ألجوبة علماء اإلمامية عن اإلشكال‪21.‬‬
‫الجواب األول‪21............................................. :‬‬
‫الجواب الثاين‪22.............................................. :‬‬

‫الفصل الثاين‪ :‬استعراض تفصيلي لجوابهم األول عن اإلشكال ‪23......‬‬


‫الدعاوى الخطيرة التي تضمنها جواهبم األول‪36.............. :‬‬
‫الدعوى األولى‪ :‬انتفاء مخاوف الحكام من األئمة اللتزامهم‬
‫التقية‪36........................................................‬‬
‫الدعوى الثانية‪ :‬التكليف اإللهي بحق األئمة هو التزام التقية وعدم‬
‫الخروج بالسيف ‪37............................................‬‬

‫‪155‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫الدعوى الثالثة‪ :‬قيام األئمة بنفي اإلمامة عن أنفسهم ليأمنوا من‬


‫بطش الحكام‪38................................................‬‬
‫الدعوى الرابعة‪ :‬تكليف اإلمام الثاين عشر هو الخروج بالسيف‬
‫بخالف آبائه الذين ُك ِّلفوا بالتقية‪38..............................‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬الطامات المترتبة على جوابهم األول ‪40..........‬‬


‫الطامة األولى‪ :‬دعواهم بانتفاء خطر القتل بحق األئمة تخالف‬
‫مروياهتم وتقريرات علمائهم ‪40................................‬‬
‫الطامة الثانية‪ :‬دعواهم أن التكليف اإللهي لألئمة هو التزام التقية وعدم‬
‫الخروج بالسيف مخالف لمروياهتم وتقريرات علمائهم‪62.........‬‬
‫الطامة الثالثة‪ :‬دعواهم أن التكليف اإللهي لألئمة هو التزام التقية‬
‫فيه اهتام لهم بالمعصية من خالل خروجهم بالسيف ‪82.........‬‬
‫الطامة الرابعة‪ :‬دعواهم بنفي األئمة لإلمامة عن أنفسهم فيه مفسدة‬
‫سقوط التكليف بوجوب طاعتهم واالنقياد لهم ‪86..............‬‬
‫الطامة الخامسة‪ :‬بطالن تفريقهم بين تكليف اإلمام الثاين عشر‬
‫وآبائه المتقدمين ‪103...........................................‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬جوابهم الثاين عن اإلشكال ‪104..................‬‬


‫مناقشة جواهبم الثاين ‪109.......................................‬‬
‫ال‪ :‬جعلوا من التقية صنمًا وسيفًا ُم َس َّلطًا على رقاب‬
‫أو ً‬

‫‪156‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫المرويات ‪109..................................................‬‬
‫ثانيًا‪ :‬معنى التقية وأهميتها يف مذهب اإلمامية‪110...............‬‬
‫ثالثًا‪ :‬ممارسة األئمة للتقية يف قضايا خطيرة باالعتقادات‬
‫والعبادات‪112..................................................‬‬
‫الصورة األولى‪ :‬كتمان األئمة إلمامتهم خوفًا من بطش الحكام ‪113...‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬إقرار اإلمام بتحريف القرآن من خالل إثباته نسخ‬
‫التالوة ‪115.....................................................‬‬
‫الصورة الثالثة‪ :‬إثباته ما ينايف عقائد اإلمامية بنزول الرب سبحانه‬
‫إلى السماء الدنيا ‪117...........................................‬‬
‫الصورة الرابعة‪ :‬اإلمام ينادي يف بيته بعبارة (الصالة خير من النوم)‬
‫مع اعتقاده بطالهنا‪118..........................................‬‬
‫الصورة الخامسة‪ :‬تبنيه لحديث (لعن اهلل من اتخذ القبور مساجد )‬
‫مع مخالفته لتعظيمهم قبور األئمة وصالهتم فيها ‪118............‬‬
‫الصورة السادسة‪ :‬إفطار اإلمام يومًا من رمضان مع علمه بذلك ‪119...‬‬
‫الصورة السابعة‪ :‬غسل اإلمام ألرجله يف الوضوء مع اعتقاده بطالن‬
‫ذلك‪120........................................................‬‬

‫معاول أخرى لتحطيم صنم التقية ‪122.........‬‬‫ٌ‬ ‫الفصل الخامس‪:‬‬


‫الم ْع َول األول‪ :‬عدم تجويز األئمة للخروج بالسيف سيحول دون‬‫ِ‬

‫سعي الحكام لقتلهم‪122........................................‬‬


‫‪157‬‬
‫ٌ‬
‫إشاكل يف اإلمامة‬

‫ِ‬
‫الم ْع َول الثاين‪ :‬ال ُم َس ِّوغ يف ممارسة التقية لمن يعلم أنه س ُيقتَل يف‬
‫كل األحوال من قبل الحكام‪127................................‬‬
‫ِ‬
‫الم ْع َول الثالث‪ :‬لن ُي َم ِّك َن ُ‬
‫اهلل األعدا َء من قتلهم إال بعد أدائهم‬
‫التبليغ والبيان ‪130..............................................‬‬
‫الخاتمة ‪135....................................................‬‬
‫المصادر ‪139...................................................‬‬

‫‪158‬‬

You might also like