You are on page 1of 7

‫• بين حاضر وماضي لم يعد‬

‫لماذا تغيرت الناس‬


‫عنوان كبير بتساؤل خطير ابتدأت كتابي هذا‬
‫ولربما هذا التساؤل يساور كل من تبقى عنده‬
‫حس من ضمير أو خوف على ذاته وأهله‬
‫ومجتمعه الذي يعيش لماذا تغيرت الناس لماذا‬
‫تبدلت القيم والمفاهيم وذلك الموروث الجميل‬
‫الذي توارثناه جيال بعد جيال واختفى في هذا‬
‫الزمن الغريب الذي نعيش؟ لماذا عشنا طفولة‬
‫وردية وتربينا على قيم نبيلة وعندما كبرنا‬
‫اصطدمنا بواقع مغاير تماما لما نشئنا عليه ‪...‬‬
‫وتشربناه في أسرنا وبين أهلنا هل هناك فرق‬
‫بين جيل اليوم وناس اليوم ومجتمع اليوم ‪....‬‬
‫وجيل وناس ومجتمع األمس ‪....‬؟ لماذا عاش‬
‫آبائنا مثال في مجتمع نبيل ال يعرف الغش وال‬
‫الخداع وال الريب بينما نحن اليوم نعيش في‬
‫مجتمع خراب ‪ ...‬الكل يأكل فيه الكل ‪ ...‬ويخدع‬
‫الكل ‪ ...‬ويغش الكل ‪ ...‬ويقسو على الكل ‪...‬‬
‫لماذا أصبحنا اليوم بعيدون عن الحب الحقيقي‬
‫الذي كان يجمعنا يوم عشنا على الفطرة التي‬
‫فطرنا هللا عليها والمنهج الذي أرساه فينا نبينا‬
‫محمد صلى هللا عليه واله وسلم ‪......‬؟ أين‬
‫حرصنا على بعضنا ‪ ....‬أين نحن من ( إنما‬
‫المؤمنون إخوة ) أين نحن من ( مثل المؤمنين‬
‫في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد‬
‫الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر‬
‫األعضاء بالسهر والحمى ) ‪......‬؟ لماذا أصبح‬
‫االبن يعق أباه ‪ ...‬والبنت تلفظ أمها ‪ ...‬واألخ‬
‫يهضم حق أخاه ‪ ...‬واألخت ترى أخيها بعين‬
‫الريب والشكوك والظنون ‪ ...‬والجار يكره‬
‫جاره ويتمنى زوال نعمه ‪ ...‬والكل يحقد على‬
‫الكل إال من رحم ربي ‪ ....‬هل هذه معاني‬
‫اإلسالم التي ندين به والي أمرنا بناء مجتمع‬
‫سوي قويم يشد في بنيانه بعضه بعضا ‪!.....‬‬
‫أم أصبحنا ال نعرف في اإلسالم إلى اسمه ‪...‬‬
‫وفي آيات قرانه إال رسمه ‪ ....‬ما الذي دهى‬
‫األمة التي كانت في يوم خير امة أخرجت‬
‫للناس ‪....‬لماذا كل هذا الغش والخداع والريب‬
‫والنفاق في مسلكياتنا اليومية ‪....‬حتى وكأننا‬
‫اصبحن لسنا بمسلمين في تعالمنا االجتماعي‬
‫‪!....‬‬
‫هل العولمة واالنفجار المعرفي وانفتاحنا الغير‬
‫ممنهج على ثقافات اآلخرين ورثتنا كل هذا‬
‫الجفاء والقسوة التي نعيش ؟ أم ألننا كما يقول‬
‫البعض نعيش آخر الزمن الذي يكثر فيه الخبث‬
‫ويندر فيه الخير والرحمة والحب والسالم‬
‫‪.....‬؟ رضينا أن تتكالب علينا اليوم كل األمم‬
‫‪ ...‬وتسقنا سم العيش وضنك الحياة ‪ ...‬لكن أن‬
‫نتكالب نحن أيضا على بعضنا في وقت نحن‬
‫بأمس الحاجة للتكاتف والتعاطف فهذا أمر‬
‫غريب ومعيب ومشين وغير مقبول ‪ !.....‬قد‬
‫يقول البعض إنني ارسم صورة سوداوية‬
‫تعكس ضنك التجربة التي أعيش ‪ ...‬وقد يقول‬
‫آخر أنت مبالغ جدا فوضعنا على ما يرام ‪...‬‬
‫وقد يدعي ثالث بأنني مريض أو معقد أتكلم‬
‫هراء وليس فيه من الواقع شيئا ‪......‬‬
‫وأنا أرد على كل هذه الخواطر التي ربما تبلغ‬
‫أحدكم وهو يقرأ كتابي هذه ‪ ...‬ادخلوا كل بيت‬
‫من بيوتنا إال من رحم ربي وستجدون فيه ظلما‬
‫وهضما للحقوق ‪ ....‬اذهبوا للشارع وترقبوا‬
‫سكنات الناس ولغاتهم ونبرات أصواتهم ‪....‬‬
‫اذهبوا إلى أماكن العمل في أي مكان تعلمون‬
‫فستجدون الغش والرواغ والنفاق والخداع ‪....‬‬
‫اذهبوا للمحاكم والقضاء وخذوا عينة مما‬
‫يوجد في ملفاتها المكدسة هناك ‪ .....‬وستجدوا‬
‫العجب العجاب ‪ !!!...‬قوموا بعمل بحث علمي‬
‫دقيق حول عالقة الجيران ببعضهم ‪ ...‬حول‬
‫تظلمات األزواج ألزواجهم ذكورآ واناث‬
‫‪....‬حول عقوق الوالدين ‪ ....‬حول ظلم األبناء‬
‫والبنات ‪ ....‬حول هضم الحقوق والمواريث‬
‫‪ ....‬حول غشنا في تجارتنا وبيعنا وشرائنا‬
‫وأيماننا المغلظة ‪ ...‬حول أداء عمالنا وموظفينا‬
‫أمانة عملهم ‪ ....‬حول وحول وحول وحول ‪....‬‬
‫رودوا على أنفسكم قبل أن تشككوا بالكارثة‬
‫التي أصفها‬
‫عالوة على كل ما ذكرت وما استبقيته في‬
‫صدري ولم اذكره ‪ .....‬أضف أننا نعيش أزمة‬
‫أخالق بامتياز ‪....‬األخالق التي اتصف بها‬
‫المسلم على مر العصور واألزمان ‪....‬وكانت‬
‫حصنه الحصين ومنبر دعوته القويم ‪...‬‬
‫نفتقدها اليوم بشكل كبير ‪....‬فال مبرر لكل ما‬
‫تقوم به وعليه مجتمعاتنا اليوم من نفاق‬
‫وغرور وكذب وخداع وتدليس وأوهام إال أزمة‬
‫األخالق التي نحياها في كل شئ ‪ ......‬رغم أن‬
‫ديننا الذي نعتقده وندين به ‪ ....‬أكثر ما ركز‬
‫بعد اإليمان وعقيدة التوحيد ‪ ...‬على ( االخالق‬
‫) التي بها سادت حضارتنا ما يربو على ‪12‬‬
‫قرنا غراسا وحبا ووفاء ورسما للمنهاج الذي‬
‫اختطه نبينا األكرم محمد صلى هللا عليه واله‬
‫وسلم والذي سار عليه كل الصحابة والتابعون‬
‫وتابعهون بإحسان حتى قبيل هذا الزمن الذي‬
‫نعيش ‪ ....‬لذا نجد شريعة الغاب سادت بيننا‬
‫كسياسة ونظم اقتصاد وحتى نظم مجتمعات‬
‫‪ .....‬ظلم في كل مكان حتى أصبح الرشيد‬
‫حائرا أمام ما يرى غير مصدقا أن تصل بنا‬
‫األمور إلى ما وصلت ‪.....‬من تيه وضياع‬
‫وضالل ‪ .....‬اعتقد أن هذا الزمن هو الذي‬
‫وصفه الرسول صلى هللا عليه واله وسلم‬
‫موصيا صحابته بان يعضوا على جذع نخلة من‬
‫كثر فتنه وسقطات أهله واندثار الخير فيه‬
‫‪.....‬زمن الغربة بكل ما تعني هذه الكلمة من‬
‫معنى ‪ .....‬غربة الدين ‪ ...‬غربة السياسة ‪....‬‬
‫غربة األمانة ‪ ...‬غربة الصدق ‪ ...‬غربة‬
‫االقتصاد ‪ ....‬غربة المجتمعات ‪ ....‬تلك األخيرة‬
‫التي كانت محور مقالتي هذه ‪ ......‬ألننا ال‬
‫نملك أن نغير في السياسة أو االقتصاد لكننا‬
‫نمتلك التغير في ذاتنا في أهلنا في مجتمعاتنا‬
‫والتي منها تبدأ مسيرة التصحيح نحو الخالص‬
‫‪. .............‬‬
‫( إن هللا ال يغير ما بقوم حتى يغيروا ما‬
‫بأنفسهم ) ‪ ....‬فمتى نبدأ بالتغير ‪ ....‬متى نبدأ‬
‫بمسيرة التصحيح ‪ ....‬متى نرفع الجور عن‬
‫أنفسنا حتى يرفع هللا الجور عنا من أعدائنا‬
‫‪ ....‬متى نعود ألخالقنا وقيمنا وموروثنا الرفيع‬
‫الذي ورثناه من ديننا وأخالقنا وقيمنا عبر‬
‫العصور ‪......‬والتي بها أنرنا طريق العزة‬
‫والكرامة وسدنا األمم والشعوب قاطبة ‪....‬‬
‫متى نغير ومتى نصلح ومتى نستفيق من‬
‫سباتنا العميق لنصحح أزمة االخالق التي‬
‫نحياها اليوم‪..‬؟‬
‫على امتداد سني العمر‪ ،‬اختبرنا اللهفة‬
‫واإلخالص والحلم‪ ..‬ثم شهدنا سقوطه‬
‫المتكرر‪ ..‬فمتي نستفيق‪ ..‬متي نكون نحن االمة‬
‫التي قال فيها زعيم الصين "امة اذا ارادت خلع‬
‫الجبال من مكانها لخلعتها‪..‬؟‬
‫ما الهدف الذي نسعي له في الحياة‪ ..‬اصبحنا‬
‫واالسالم كالشروق والغروب ال نلتقي‪ ..‬لماذا لم‬
‫تتسائلو لماذا كنا اقوي االمم من قبل‪،‬واليوم‬
‫اقلها‪..‬؟؟‬

You might also like