You are on page 1of 118

‫كيمياء المحبة‬

‫لمحات من حياة العارف الشيخ رجب علي الخياط الطهراني‬

‫تأليف‬
‫محمدي الريشهري‬

‫‪1‬‬
‫الباب الول ‪ :‬الخصائص‬

‫الفصل الول‬

‫‪ ‬حياته‬
‫ول د العب د الص الح رج ب عل ى نكوكوي ان المع روف بـ )جن اب الش يخ()س ماحة‬
‫الش يخ(‪ ،‬أو )س ماحة الش يخ( أو الش يخ رج ب عل ي الخي اط ‪ ،‬ع ام ‪1300‬هـ‪.‬ق )‬
‫‪1262‬للهجرة الشمسية ( في طهران‪ ،‬وك ان وال ده )مش هدي ب اقر( ع امل بس يط‬
‫وحينما بلغ رجب علي الثانية عشر من عمره توفي والده وتركه وحيدا‪ C‬بل ش يق‬
‫ول شقيقة‪.‬‬
‫هذا ما حصلنا عليه من المعلومات حول فتره طفولة الش يخ إل أن ه شخص يا ق ال‬
‫نقل عن لسان والدته ‪:‬‬
‫)حينما كنت في بطني ج اء وال دك – ال ذي ك ان يعم ل ف ي مطع م ل بيع الكب اب –‬
‫ذات ليل ة بكب اب إل ى من زل ف أردت أن آك ل من ه إل إن ك أخ ذت تتح رك بش دة‬
‫وترفس برجليك في بطني فراودني شعور بوجوب المتناع عن تن اول ش ئ م ن‬
‫ذلك الطعام وامتنعت عن الك ل وس ألت وال داك ‪ .......‬فق ال ‪ :‬الحقيق ة ه ي أنن ي‬
‫جلب ت ه ذا الطع ام ب دون عل م وإذن ص احب المطع م‪ .‬فل م آك ل ش يئا من ه( وه ذه‬
‫الحكاية تدل على أن والد الشيخ لم تك ن ل ه ص فات ج ديرة بال ذكر‪ .‬وق د نق ل ع ن‬
‫سماحة الشيخ أن )إحسان أبيه وإطع امه لح د أولي اء ا أدى إل ى أن يخ رج ه و‬
‫من صلب هذا الب( وهكذا من ا عليه ا به ذا المول ود‪ .‬ك ان للش يخ م ن الولد‬
‫خمسة أبناء وأربع بنات توفيت إحداهن في سن مبكرة‪.‬‬

‫‪ ‬داره‬
‫كانت للشيخ دار بسيطة مبنية باللبن ورثها من أبيه تقع في مدينة طه ران ش ارع‬
‫مول وي زق اق س ياه ه ا ) زق اق الش هيد منتظ ري حالي ا(‪ .‬وع اش فيه ا إل ى آخ ر‬
‫حياته‪.‬‬
‫يقول ابنه‪ :‬عندما كانت تمط ر الس ماء ك ان المط ر ين زل م ن ش قوق الس قف إل ى‬
‫داخ ل الغرف ة وجاءن ا ذات ي وم أح د ض باط الجي ش برفق ة بع ض الشخص يات‬
‫ورأى وض عنا بع ض الوان ي تح ت قط رات المط ر المتس اقطة ف ذهب واش ترى‬
‫قطعتي أرض ووصف مكانهما لوالدي وقال‪ :‬لقد اش تريت قطع تي أرض واح دة‬
‫لكم وواحدة لي فقال أبي‪) :‬إن ما لدينا يكفينا(‬

‫‪2‬‬
‫ونقل ابنه الخر‪ :‬حينما تحسنت أموري المعاشية قلت لبي‪ :‬لدي أرب ع تومان ات‬
‫وهذه الدار المبنية باللبن تباع بستة عشر تومان ا ‪ C‬ائذن ل ي أن اش تري دارا‪ C‬جدي دة‬
‫في حي )شهباز( فرد علي قائل‪:C‬‬
‫‪C‬‬
‫) متى ما شئيت اذهب واشتر دارا لك أما بالنسبة لي فهذا المكان يناسبني(‬
‫وبعد زواجي بنيت غرف تين ف ي الط ابق العل ى وقل ت لب ي‪ :‬ي ا وال دي العزي ز‪،‬‬
‫هناك شخصيات رفيعة المس توى ت أتي للق ائك فاجع ل م ن ه اتين الغرف تين مكان ا‬
‫لهذه اللقاءات فقال‪ ) :‬كل ل حاجة لذلك وكل من يريدني علي ه أن ي أتي إل ى ه ذه‬
‫الغرفة ويجلس على هذا البساط المتواض ع( ك انت الغرف ة ال تي يس كنها ص غيره‬
‫وفيها بساط قديم ومنضدة قديمة للخياطة‪.‬‬

‫والمثير للعجب هنا هو أن الشيخ أجر بعد عدة س نوات واح دة م ن غ رف منزل ه‬
‫لسائق يدعى )مشهدي يد ا( بمبلغ عشرين تومان ا ‪ C‬ش هريا ‪ C‬إل ى أن ول دت زوج ة‬
‫المستأجر طفلة سماها الشيخ )معص ومة( وعن دما ك ان س ماحته ي ؤذن ويقي م ف ي‬
‫أذنيها وضع تومانين في قماطها وقال ‪:‬‬
‫)ياسيد يد ا لقد ازدادت نفقاتك حاليا ‪ C‬يمكنك أن تدفع لي م ن الن فص اعدا مبل غ‬
‫‪C‬‬
‫ثمانية عشر تومانا ‪ C‬بدل العشرين تومانا‪.(C‬‬

‫‪ ‬ثيابه‬
‫‪C‬‬
‫ك ان س ماحة الش يخ يرت دي عل ى ال دوام ثياب ا بس يطة ونظيف ة وك ان ال زي ال ذي‬
‫يرتدي شبيها بزي علماء الدين فهو كان يرتدي باللبادة ويضع على رأسه طاقي ة‬
‫وعلى كتفيه عباءة‪.‬‬
‫كان الشيخ يقصد التقرب إلى ا حتى في ارتداء الثياب وقد ارت دى العب اءة ذات‬
‫مرة من أجل إعجاب الخرين فعوتب على أثر ذل ك ف ي ع الم المعن ى وق د روى‬
‫بنفسه ذلك الموقف قائل‪: C‬‬
‫) إن النفس أعجوبة فقد رأيت في إحدى الليالي أنني محجوب عن الحض ور ف ي‬
‫ع الم المعن ى فتقص يت أس باب ذل ك وفهم ت بع د اللح اح أنن ي ف ي عص ر الي وم‬
‫الف ائت حينم ا ج اء اح د أعي ان طه ران لزي ارتي ق ال ل ي أن ه يح ب أن يص لي‬
‫المغ رب والعش اء جماع ة مع ي فارت ديت أثن اء الص لة عب اءتي لغ رض ني ل‬
‫إعجابه(‪.‬‬

‫‪ ‬طعامه‬
‫لم يكن الشيخ يعتن ي بالطع ام اللذي ذ وإنم ا ك ان يتن اول ف ي أك ثر الحي ان أطعم ة‬

‫‪3‬‬
‫بس يطة كالبطاط ا والمحل بي وي برك عن د الجل وس عل ى الم ائدة ويت وجه ص وب‬
‫القبل ة ويتن اول الطع ام منحني ا ‪ C‬وك ان أك ثر أحيان ا ‪ C‬يحم ل الم اعون بي ده ويتن اول‬
‫الطعام بشهية كاملة وكان في بعض الحالت يضع بعضا من طعامه في م اعون‬
‫القريب منه ولم يكن يتكلم أثناء الطعام وكان الخرون ل يتكلمون احتراما ‪ C‬له ‪.‬‬
‫كان إذا دعاه أح د إل ى تن اول الطع ام ف ي منزل ه يل بي ال دعوة أو يرفض ها حس ب‬
‫الحالة ‪.‬‬
‫ومع ذلك فإنه كان في أكثر الحيان ل يرد دعوة الصدقاء ورغم معرفته بت أثير‬
‫الطعام عل ى روح النس ان والتغي رات ال تي يص يبها م ن ج راء الطع ام لكن ه م ع‬
‫ذلك لم يكن يمتنع عن تناول أطعمة السوق‪.‬‬
‫كان ذات ي وم متوجه ا ‪ C‬إل ى مدين ة مش هد وه و ف ي القط ار إذ ش عر بعم ى ب اطني‬
‫وبعد التوسل بينوا له أن ذلك العمى الباطني جاء نتيجة لشرب شاي القطار‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬عمله‬
‫الخياطة واحدة من العمال المحببة في السلم ‪ .‬وكان لقمان الحكيم يمارس هذه‬
‫الحرفة وجاء في الحديث عن رسول ا )ص( أنه قال ‪:‬‬
‫) عمل البرار من الرجال الخياطة وعمل البرار من النساء الغزل(‬
‫كان الشيخ يحترف الخياطة كعمل يرتزق منه للكد على عياله ولهذا عرف باس م‬
‫الشيخ رجب علي الخياط ول بأس بالشارة إلى أن داره التي سبق الحديث عنها‬
‫كانت بمثابة محل لعمله أيضا‪.‬‬
‫يقول أحد أبناء الشيخ في هذا الصدد‪ :‬في بداية المر كانت لبي غرف ة ف ي خ ان‬
‫لستراحة القوافل يمارس فيها عمل ه كخي اط وج اء مال ك الغرف ة ذات ي وم وق ال‬
‫لوالدي ل أقبل على بقائك في هذه الغرفة فما كان منه إل أن أخلى له الغرفة ف ي‬
‫اليوم التالي بل نقاش ول مطالبة تعويض وسلمه إياها ونقل منضدة الخياطة إلى‬
‫الدار ووضعها في غرفة قريبه من الباب متخذا‪ C‬إياها كمحل لعمله‪.‬‬

‫‪ ‬المواظبة على العمل‬


‫كان سماحة الشيخ مواظبا ‪ C‬في عمله إلى أبعد الحدود وكان يعمل إل ى آخ ر حي اته‬
‫ليأك ل م ن ك د ي ده وم ع أن مح بيه ك انوا عل ى اس تعداد لتغطي ة نفق ات حي اته‬
‫المتواضعة غير أنه كان يرفض ذل ك وق د ج اء ف ي الح ديث النب وي الش ريف أن‬

‫‪4‬‬
‫رسول )ص( قال‪:‬‬
‫) من أكل من كد يده كان يوم القيامة في عداد النبياء ويأخد ثواب النبياء(‬
‫وقال في حديث آخر ‪:‬‬
‫) العبادة عشرة أجزاء تسعة أجزاء في طلب الحلل(‬
‫ينقل أحد أصدقاء الشيخ قائل‪ :C‬ل أنسى أنني رأيت الشيخ في السوق ف ي ي وم م ن‬
‫أيام الصيف وك ان ل ونه يمي ل إل ى الص فرة م ن ش دة الض عف‪ .‬وبع د أن أش ترى‬
‫بعض لوازم الخياطة هم بالذهاب إلى المن زل فقل ت ل ه حب ذا ل و تأخ ذ قس طا م ن‬
‫الراحة إذ يبدو أن حالتك الصحية ليست على ما يرام فقال لي‪:‬‬
‫) وكيف أدبر شؤون عائلتي(‬

‫وقد جاء في الحديث عن رسول )ص( أنه قال‪:‬‬


‫)إن ا تعالى يحب أن يرى عبده تعبا ‪ C‬في طلب الحلل(‬
‫وقال في موضع آخر ‪ ) :‬ملعون ملعون من ضيع من يعول (‬

‫‪ ‬إنصافه في أخذ الجرة‬


‫ك ان الش يخ منص فا ‪ C‬ج دا‪ C‬ف ي أخ ذ الج رة عل ى عم ل الخياط ة‪ ،‬إذ ك ان يتقاض ى‬
‫أجرته على قدر العمل الذي يبذله ول م يك ن يستس يغ أخ ذ مبل غ م ن الزب ائن أك ثر‬
‫من جهده ولهذا السبب ك ان يرف ض أخ ذ أي مبل غ إض افي فيم ا إذا ع رض علي ه‬
‫الزبون دفع أجرة أكثر‪.‬‬
‫كان سماحته يأخذ أجر عمله طبق ضوابط وقوانين المعاملة في السلم‪.‬‬
‫وبما أنه كان يرفض استلم أي مبلغ أكثر من أجرة عمله من المشتري كان يعيد‬
‫المبلغ الضافي إلى الزبون فيما إذا لحظ أنه بذل جه دا‪ C‬أق ل مم ا اتف ق علي ه م ع‬
‫المشتري‪.‬‬
‫ق ال لن ا أح د علم اء ال دين‪ :‬أخ ذت قم اش عب اءة وقب اء ولب ادة وأعطيت ه لس ماحة‬
‫الش يخ ليخيط ه وس ألته ع ن مبل غ الج ر فق ال‪ :‬ه ذا يس تغرق ي ومين م ن العم ل‬
‫وأجرته أربعون تومانا وعن دما ذهب ت لس تلم الثي اب ق ال ل ي‪ :‬الج ر عش رون‬
‫تومانا فقلت له‪ :‬ألم تقل لي أربعون تومانا‪C‬؟ قال‪ :‬بل ى لن ي أن خياطته ا تس تغرق‬
‫يومين من العمل لكنها استغرقت يوما ‪ C‬واحدا‪.C‬‬
‫وقال شخص آخر أعطيته قماشا ليخط لي منه سروال‪ C‬وس ألته ع ن الج رة فق ال‬
‫عشرة تومانات فدفعت له أجرته في الحال وعندما ذهب ت لس تلمه وض ع علي ه‬
‫تومانين وقال صارت الجرة ثمانية تومانات‪.‬‬
‫وقال لن ا نج ل الش يخ‪ :‬اتف ق أب ي ذات ي وم م ع أح د الزب ائن عل ى خياط ة عب اءته‬

‫‪5‬‬
‫بمبلغ خمسه وثلثين ريال‪ C‬فجاء الزبون واخذ العب اءة وذه ب وبع دما ابتع د قليل‪C‬‬
‫رأيت والدي قد ركض وراءه واستوقفه وأعطاه خمسه ريالت وق ال‪ :‬ظنن ت أن‬
‫هذه العباءة تأخذ منى وقتا ‪ C‬أكثر ولكنها استغرقت وقتا ‪ C‬أقل مما توقعت‪.‬‬

‫‪ ‬جزاء النصاف‬
‫النصاف في كل شئ وخاصة في التعامل مع الزبائن م ن جمل ة الم ور المهم ة‬
‫ال تي أك دها الس لم ك ثيرا‪ C‬ورد ف ي ح ديث ع ن الم ام عل ي )ع( ان ه ق ال‬
‫) النص اف أفض ل الفض ائل ( ‪ ) ....‬إن أعظ م المثوب ة مثوب ة النص اف( ولك ي‬
‫نع رف م دى ت أثير النص اف ف ي التعام ل ف ي بن اء ال ذات النس انية وأن العناي ة‬
‫التي لقيها س ماحة الش يخ م ن قب ل ا تع الى ل م ت أته م ن غي ر اس تحقاق فل ب أس‬
‫بالتأمل في الحكاية التالية‪:‬‬

‫‪ ‬إنصاف الناس والتشرف بلقاء صاحب الزمان )ع(‬

‫كان أحد العلماء يتمنى رؤي ة الم ام المنتظ ر )ع( وك ان يت ألم ك ثيرا‪ C‬لع دم تحق ق‬
‫ه ذه المني ة ف دأب م دة طويل ة عل ى ممارس ة الرياض ة الروحي ة وك ان م ن‬
‫المع روف بي ن طلب العل وم الديني ة وفض لء الروض ة العلوي ة ف ي النج ف‬
‫الش رف أن ك ل م ن ي زور مس جد الس هلة أربعي ن ليل ة أربع اء متواص لة بل‬
‫انقط اع ويص لي المغ رب والعش اء هن اك يحظ ى برؤي ة الم ام المنتظ ر )ع(‬
‫فاستمر هذا العالم به ذه العم ال م دة مدي دة لكن ه ل م ين ل غ ايته ث م إن ه التج أ إل ى‬
‫العلوم الغريبة وأسرار الحروف والعداد وانكب على تروي ض نفس ه إل أن ه ل م‬
‫يحصل على أية نتيجة ولكن بما أنه كان يسهر اللي الي ويتهج د ف ي الس حار فق د‬
‫صقلت نفسه وصفا ضميره وأصبح يتمتع بش ئ م ن النوراني ة وك ان ينق دح أم ام‬
‫بصره في بعض المواقف بريق يض ئ ل ه طريق ه فك انت ت أتيه جذب ة ي رى عل ى‬
‫أثرها حقائق ويسمع أصواتا ‪ C‬متناهية في البعد‪.‬وفي إح دى ه ذه الح الت قب ل ل ه‪:‬‬
‫ل ن يتس نى ل ك رؤي ة إم ام الزم ان )ع( بالس فر إل ى تل ك المدين ة ك ان محفوف ا‬
‫بالمصاعب ولكن خونتها الرغبة في بلوغ المقصود‬

‫‪ ‬المام صاحب الزمان )ع( في سوق الحدادين‬


‫ينقل هذا الشخص قائل‪ :C‬وص لت بع د ع دة أي ام إل ى تل ك المدين ة واس تغرقت ف ي‬
‫الرياضة مدة أربعين يوما ‪ C‬وف ي الي وم الس ابع والثلثي ن أو الث امن والثلثي ن قي ل‬
‫لي‪ :‬إن صاحب الزمان عليه السلم جالس الن ف ي دك ان ش يخ ي بيع القف ال ف ي‬

‫‪6‬‬
‫سوق الحدادين فقم واذهب لرؤيته الن‪ ،‬نهضت مسرعا نحو دكان الحداد فرأيته‬
‫بالشكل الذي رأيته في عالم الخلسة ووقفت على بابه فإذا المام ص احب الزم ان‬
‫عليه السلم جالسا هناك يتحدث مع الشيخ بانشراح وود‪.‬‬
‫فلما سلمت عليه أجابني وأشار إلي بلزوم الصمت والنظر فقط إذ إنه م ف ي حال ة‬
‫سير معنوي‬

‫‪ ‬إنصاف الشيخ بائع القفال‬


‫وفي تلك الحالة شاهدت عجوزا‪ C‬ضعيفة منحنية الظه ر وه ي تتوك أ عل ى عص ا‬
‫بيد مرتعشة واقتربت من الحداد وأرته قفل‪ C‬وقالت‪ :‬هل لك أن تشتري ه ذا القف ل‬
‫مني بمبلغ ثلثة شاهيات فأنا بحاجة إلى هذا المبلغ‪.‬‬
‫نظر الشيخ إلى القفل فرآه قفل‪ C‬سالما ل عيب فيه‪.‬‬
‫فقال له ا ي ا أخ تي ه ذا القف ل قيمت ه ثماني ة ش اهيات لن ه ل يحت اج إل إل ى مفت اح‬
‫وقيمة مفتاحه أق ل م ن رب ع ش اهي ول و أن ك دفع ت ل ي رب ع ش اهي فسأص نع ل ه‬
‫مفتاحا ‪ C‬ويكون ثمن ه حينئذ عش رة ش اهيات فق الت ل ه العج وز ل داع ي ل ذلك فأن ا‬
‫بحاجة إلى مبل غ ثلث ة ش اهيات ول و أن ك اش تريته من ي به ذا المبل غ فس أكون ل ك‬
‫شاكرة وأدعو لك بالتوفيق‪.‬‬
‫ت مس لمة وأن ا مس لم فلم اذا أش تري بض اعة المس لم‬ ‫فقال لها الح داد‪ :‬ي ا أخ تي ان ‹‬
‫بضاعة المس لم بثم ن بخ س وأغبن ه حق ه؟ فه ذا القف ل قيمت ه ثماني ة ش اهيات ول و‬
‫أنني أردت الحص ول عل ى نف ع ف إني أش تريه من ك بمبل غ س بعه ش اهيات ويك ون‬
‫نفعي شاهيا واحدا وهو نفع معق ول بالنس بة ل ي ظن ت العج وز أن ه ذا الرج ل ل‬
‫يصدقها القول لنها عرضت هذا القفل على حدادين قبله فلم يدفعوا لها أكثر م ن‬
‫ربع شاهي لكنها لم تبعه لنها كانت بحاجة إلى مبلغ ثلثة شاهيات فدفع له ا ه ذا‬
‫الشيخ الحداد مبلغ سبعة شاهيات واشترى القفل منها‪.‬‬

‫‪ ‬المام عليه السلم يتفقد الحداد‬


‫وبعدما ذهب ت العج وز ق ال ل ي م ولي ص احب الزم ان علي ه الس لم أيه ا الس يد‬
‫العزيز هل رأيت ه ذه الحال ة م ن الس لوك المعن وي؟ إذا كن ت عل ى ه ذه الش اكلة‬
‫ف أنني س وف أزورك بنفس ي ول داع ي ل ترويض النف س ك ن مث ل ه ذا ولم دة‬
‫أربعين يوما ل أكثر وما جدوى اللجوء إلى الجفر أو السفر إلى هنا وهناك وإنما‬
‫يكفي أن تثبت تدينك وإخلصك بالعمل لكي أكون في عونك‪.‬‬
‫وقد وقع اختياري على هذا الشيخ م ن بي ن أه الي ه ذه المدين ة لن ه رج ل مت دين‬
‫وع ارف برب ه وق د رأي ت الختب ار ال ذي م ر ب ه فالح دادون حينم ا ش اهدوا ه ذه‬

‫‪7‬‬
‫العجوز في وضع اضطراري لم يشتروا منها القفل حتى بثلثة شاهيات أما ه ذا‬
‫الرجل فقد دفع لها سبعة شاهيات فل يمر أسبوع وأنا آتيه واتفقده‪.‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫‪ ‬اليثار‬
‫من أب رز الخص ال ال تي تتمي ز به ا حي اة الش يخ رج ب عل ي الخي اط ه ي اليث ار‬
‫وإعانة المساكين في الوقت الذي كان يعاني فيه هو شخصيا م ن ض نك المعيش ة‬
‫والحاديث الشريفة تصف اليثار والتواضع بأنهم ا م ن أفض ل العم ال وأعل ى‬
‫مراتب اليمان ومكارم الخلق‪.‬‬
‫ومع أن الشيخ كان يحصل على أجور كسب قليلة من عمل ه ف ي الخياط ة إل أن ه‬
‫كان يتمتع بنصب وافر من فضيلة اليث ار ف ي نف س ال وقت ال ذي ك ان يكاب د في ه‬
‫الع وز والفاق ة والحقيق ة أن حكاي ات ه ذا الرج ل الله ي ف ي اليث ار والتض حية‬
‫مثيرة للدهشة وتنطوي على مضامين تربوية سامية‪.‬‬

‫‪ ‬إيثار للناس على نفسه‬


‫يقول أحد أبناء الشيخ حكت لنا والدتي أنه مر بن ا زم ان قح ط وق د رأي ت )حس ن‬
‫وعلي‪ ،‬هما أكبر أولد الش يخ( أش عل ن ارا‪ C‬ف وق س طح ال دار ف ذهبت لرى م اذا‬
‫يفعلن فرأيتهما يشويان جلد سقاء ليأكل من ه فبكي ت لحالهم ا ونزل ت م ن س طح‬
‫الدار وأخذت كميه من النحاس والبرونز وبعته في السوق واشتريت مق دارا‪ C‬م ن‬
‫الطعام وجاء أخي قاسم خان – وكان شخصيا ثريا‪ -‬ورآني على تل ك الحال ة م ن‬
‫الستياء والحزن فس ألني عم ا ب ي فقصص ت علي ه القص ة فق ال ل ي كي ف يك ون‬
‫ذلك وأنا شاهدته في السوق يوزع على الناس بطاقات )جلوكباب( فكي ف يعط ي‬
‫الطعام للناس ويح رم عي اله من ه؟ إل ى م تى ه ذا الرج ل أن ‪ ...‬ص حيح أن ه عاب د‬
‫وزاهد إل أن عمله هذا ليس صحيحا!‬
‫‪C‬‬
‫وعلى أث ر س ماعي له ذا الكلم ازددت غيظ ا عل ى غيظ ي وبع دما وص ل الش يخ‬
‫إلى الدار ليل‪ C‬توجهت إليه باللوم ونمت وأنا على تل ك الح ال م ن الس تياء وعن د‬
‫منتصف الليل انتبهت على صوت يدعوني إلى اليقظة فاستيقظت ورأي ت الم ام‬
‫المؤمنين )ع( وبع د أن عرفن ي نفس ه ق ال‪ :‬لق د حف ظ زوج ك أولد الن اس ونح ن‬
‫حفظنا لك أولدك ومتى ما مات أولدك جوعا ‪ C‬جاز لك عند ذلك أن تلوميه!‬

‫‪8‬‬
‫‪ ‬إيثار للجار المفلس‬
‫نقل لنا أحد أبناء الشيخ يقول‪ :‬أيقظني أبي ذات ليلة من النوم وحملن ا كيس ين م ن‬
‫الرز حملت أنا واحد وحمل هو الخر وأخذناهما إلى دار أغنى رجل في حارتنا‬
‫وأعط اه إياهم ا ق ائل‪ : C‬ي ا أخ ي لب د وإن ك تت ذكر أن النجلي ز دع وا الن اس إل ى‬
‫سفارتهم ووزعوا عليهم الرز ولكنهم أخ ذوا ف ي مقاب ل ك ل حب ة حفن ة ول زال وا‬
‫جاثمين على صدور الناس‪.‬‬
‫وبهذا المزاح أعطيناه الرز ورجعنا إلى الدار وفي صاح اليوم التالي ناداني أب ي‬
‫وقال‪:‬‬
‫)يا محمود اذهب واشتر لنا مقدارا‪ C‬من الرز مع زيت اللية بقيمة ريالين وأعطه‬
‫لوالدتك لكي تطبخ لنا دم بختك للغذاء(‬
‫كانت أعمال أبي غير واضحة بالنسبة لي في حينها ولماذا حمل كل ما ل دينا م ن‬
‫ال رز إل ى أغن ى رج ل ف ي الح ارة ف ي حي ن كن ا نش تري أرخ ص أن واع ال رز‬
‫المجروش لغداء ذلك اليوم؟‬
‫وعملت بعد حين أن ذلك الرجل قد أص ابته انتكاس ة مالي ة وأفل س وك ان ق د دع ا‬
‫جماعة من أصدقائه لوليمة يقيمها يوم الجمعة وبعدما أعطيناه الرز أقام ف ي ي وم‬
‫الجمعة وليمة فاخرة لهم‪.‬‬

‫‪ ‬إيثاره في ليلة العيد‬


‫حكى لنا المرحوم الشيخ عبدالكريم حامد قائل‪ C‬كنت أعم ل كتلمي ذ لتعل م الخياط ة‬
‫على يد الشيخ وكان ثمن أجرتي تومانا ‪ C‬واحدا‪ C‬يوميا ‪ C‬وفي ليلة عي د الن وروز ك ان‬
‫ل دى الش يخ مبل غ ق دره خمس ة عش ر تومان ا ‪ C‬فأعط اني قس ما ‪ C‬من ه لش راء ال رز‬
‫وإرساله إلى بعض الدور وفقا للعناوين التي أعطاني إياها وفي نهاية المر بق ي‬
‫من المبلغ خمسة تومانا أعطاها لي‪.‬‬
‫فقلت في نفسي‪ :‬كي ف ي ذهب الش يخ إل ى داره ولي س مع ه ش ئ ف ي ليل ة لعي د م ع‬
‫العلم أن ثوب ابنه كان رثا ممزقا ولهذا السبب وضعت النقود في درج المنض دة‬
‫وهربت وأخذ الشيخ يناديني لكنني لم أرجع وبعد أن وصلت إلى ال بيت لحظ ت‬
‫أن ه لزال ين اديني وف ي الي وم الث اني ق ال ل ي بت ذمر ‪) :‬لم اذا ل م تأخ ذ النق ود(؟‬
‫وأعطانيها بكل اصرار‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫‪ ‬عبادته‬
‫‪C‬‬
‫كانت الطريقة ال تي يتبعه ا الش يخ ف ي س لوكه تختل ف اختلف ا ج ذريا ع ن مس لك‬
‫م دعي الطريق ة فه و ل م يكم ن يتع رف بأي ة فرق ة م ن ف رق التص وف وك انت‬
‫طريقته تقوم على التعبد التام بتعاليم أهل البيت عليهم السلم ‪.‬‬
‫وهكذا فإنه كان يهتم اهتماما ‪ C‬كبيرا‪ C‬بالمستحبات فضل‪ C‬عن الواجبات‪.‬‬
‫كان يستيقظ عادة في السحار وبعد بزوغ الش مس يأخ ذ قس طا ‪ C‬م ن الراح ة لم دة‬
‫س اعة أو نص ف س اعة وك ان ف ي بع ض الحي ان يأخ ذ قس طا ‪ C‬م ن الراح ة بع د‬
‫الظهر‪.‬‬
‫وم ع أن الش يخ ك ان ص احب كش ف وش هود غي ر أن ه ك ان يق ول )ل توقن وا‬
‫بالمكاش فات ول تعتم دوا عليه ا إطلق ا ‪ C‬وإنم ا يج ب أن تتخ ذوا م ن أق وال الئم ة‬
‫وأفعالهم قدوة لكم على الدوام(‪.‬‬
‫كان في المجالس العامة يؤكد أهمية التعبد والعمل بالحكام اللي ة مس تدل‪ C‬بالي ة‬
‫الكريم ة ﴿إن تنص روا ا ينص ركم ويثب ت أق داكم﴾‪ .‬ويق ول ) إن ا غن ي ع ن‬
‫العباد واذكروا ا واعملوا بأحكامه وتمسكوا بسنة رسوله(‬
‫ويقول أيضا ‪ ) C‬العمل بالحكام اللهية يؤدي إلى سمو البشرية ورقيها(‪.‬‬
‫وكان يكرر هذا القول مرات عديدة‪ ) :‬الدين الحق هو هذا الدين ال ذي يق ال ف وق‬
‫المن ابر ولك ن ينقص ه ش يئان‪ :‬الخلص وح ب ا وه ذان الش يئان لب د م ن‬
‫إضافتهما إلى الخطب والكلمات(‪.‬‬

‫ويقول‪) :‬المقدسون كل أعمالهم حسنة ولكن يجب عليهم تبديل ح ب النف س بح ب‬


‫ا(‪.‬‬
‫‪C‬‬
‫ويقول‪ ) :‬لو ترك المؤمنون أنانيتهم جانبا لبلغوا أسمى الغايات(‪.‬‬
‫ويق ول أيض ا ‪ ) C‬م ن س لم أم ره ل ح ق التس ليم وتخل ى ع ن رأي ه ومزاج ه تكف ل‬
‫الباري تعالى بأمر تربيته(‪.‬‬

‫‪ ‬تقليده‬
‫ك ان الش يخ بحك م مس لكه التعب دي ملق دا‪ C‬ف ي الحك ام حي ث ك ان يقل د آي ة ا‬
‫حجت)رضي ا عنه( – أحد مراجع التقليد ف ي عص ره‪ -‬وق ال ف ي س بب تقلي ده‬
‫لهذا المرجع دون سواه‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫)ذهبت إلى قم وشاهدت مراجع التقليد ووجدت أن أبعدهم ع ن اله وى ه و الس يد‬
‫حجت(‬
‫وجاء عنه في قول آخر‪) :‬وجدت قلبه خاليا ‪ C‬من الحب والرئاسة(‪.‬‬
‫كان الشيخ يحذر أصدقائه من الف رق ال تي انحرف ت ع ن ه ذا الطري ق يق ول أح د‬
‫أصدقائه أنه سأل الشيخ عن إحدى تلك الفرق فقال ‪:‬‬
‫)كن ت ف ي ك ربلء فرأي ت أعض اء فرق ة يس يرون والش يطان ممس ك بزم ام‬
‫الشخص الذي يتقدمهم فسألت من هؤلء؟ فقيل لي‪ :‬إنهم ‪(...‬‬
‫كان سماحة الشيخ يعتقد أن الذين يبتعدون ع ن طريق ة أه ل ال بيت عليه م الس لم‬
‫ف ي الس لوك – ح تى وإن بلغ وا مقام ات عالي ة عل ى الص عيد الروح ي بس بب‬
‫ممارستهم للرياضة الروحية – تغلق أبواب معرفة الحقيقة في وجوههم‪.‬‬
‫نقل لنا أحد أبناء الشيخ‪ :‬ذهبت ذات مره برفقة أبي إلى جبل )بي بي ش هر ب انو(‬
‫وف ي الطري ق التقين ا شخص ا ‪ C‬م ن أه ل الرياض ة الروحي ة وك ان ي دعي بع ض‬
‫الدعاءات فس أله أب ي‪ ) :‬م ا ه ي حص يلة رياض تك( انحن ى ذل ك الرج ل والتق ط‬
‫حجرا‪ C‬من الرض وحوله إلى كمثرى وقال لبي تفضل ”كل!‬
‫فقال أبي ‪ ) :‬حسنا ‪ C‬لقد فعلت ه ذا العم ل ل ي ولك ن ق ل ل ي م اذا عمل ت ل؟ وم اذا‬
‫قدمت له(؟‬
‫وعندما سمع المرتاض هذه الكلمات من أبي بكى!‬

‫‪ ‬أهمية العمل ل‬
‫نقل لنا أحد أصدقائه الشيخ أنه قال ‪:‬‬
‫) كنت أقضي في الليالي في مس جد )الجمع ة( بطه ران أص حح ق راءة الم ؤمنين‬
‫لس ورتي الحم د والخلص وف ي إح دى اللي الي تش اجر طفلن وج اء المغل وب‬
‫منهما وجلس إلى جانبي ك ي يحتم ي ب ي م ن خص مه ف انتهزت الفرص ة وس ألته‬
‫هل تجي د ق راءة س ورتي الحم د والخلص واس تغرق ه ذا العم ل ك ل وق تي ف ي‬
‫تلك الليلة‪.‬‬
‫وف ي الليل ة التالي ة ج اءني دروي ش وق ال ل ي‪ :‬إنن ي أتق ن عل م الكيمي اء والس يميا‬
‫والهيمي ا والليمي ا وأن ا عل ى اس تعداد أن أهبه ا ل ك ولك ن بش رط أن تهبن ي ث واب‬
‫عملك في الليلة الماضية!‬
‫فقلت له‪) :‬ل لو كانت هذه العلوم ذات فائدة لما وهبتها لي(‬

‫‪ ‬مخالفته للرياضات غير الشرعية‬


‫كان سماحة الشيخ يعتقد أن المرء إذا عمل بإحك ام الس لم حق ا ‪ C‬يمكن ه الوص ول‬

‫‪11‬‬
‫إل ى جمي ع الكم الت والمقام ات المعنوي ة وك ان يع ارض إل ى أبع د الح دود ك ل‬
‫رياضة ل تتماشى مع السنة ومع طريقة المذهب‪.‬‬
‫وق د نق ل أح د محبي ة‪ :‬دأب ت م دة م ن الزم ن عل ى ممارس ة الرياض ة الروحي ة‬
‫وأفردت لنفسي غرفة للذكر والتهجد والنوم أيضا ‪ C‬مع تزل‪ C‬زوج تي العلوي ة وبع د‬
‫أربع ة أو خمس ة أش هر ج اءني أح د الص دقاء ودع اني لرؤي ة س ماحة الش يخ‬
‫وذهبنا إلى داره وبعد أن طرقنا الباب خرج الشيخ وبمجرد أن رآني قال‪:‬‬
‫) أتريد أن أتكلم(؟!‬
‫فأطرقت رأسي إلى الرض وإذا بالشيخ يقول‪:‬‬
‫) ما ه ذا التص رف ال ذي تتبع ه م ع زوجت ك وتهجره ا به ذه الص ورة؟ دع عن ك‬
‫الرياضة والذكار‪ ،‬اذه ب واش تر علب ة حل وى وخ ذها إل ى عائلت ك وأد ص لتك‬
‫في وقتها مع التعقيبات المتع ارفه( ث م أش ار الش يخ إل ى الح اديث ال تي تؤك د أن‬
‫من يعمل أربعين يوما ‪ C‬بإخلص تنفجر ينابيع الحكمة من قلبه قائل‪ ) C‬استنادا” إل ى‬
‫هذه الحاديث إذا عمل المرء بواجباته الدينية أربعين يوما ‪ C‬يحصل له قطع ا ‪ C‬ن ور‬
‫خاص(‪.‬‬
‫وبناء على توصية الشيخ ترك ذلك الرجل الروحية وعاد إلى حياته الطبيعية‪.‬‬

‫‪ ‬اهتمامه بأداء الخمس‬


‫وصف لنا الدكتور حميد فرزام – أحد تلميذ الشيخ – تعبد الشيخ قائل‪:‬‬
‫لقد جمع الشيخ بين الش ريعة والطريق ة والحقيق ة ول م ينه ج منه ج المتص وفة ف ي‬
‫العراض عن الشريعة وكان أول كلم له معي هو‪:‬‬
‫) اذهب وأ ‹د ما عليك من الخمس( وأرسلني إلى المرحوم آية ا أحمد الشتياني‬
‫في )كذر قلي( قائل‪ :C‬لبد أن تذهب إليه فذهبت وقد وجدته رجل ورعا ” وآية م ن‬
‫آيات الحق وكس بت الك ثير م ن فيوض اته ورأي ت من ه م ا رأي ت!‪ ...‬ودفع ت إلي ه‬
‫حق الخمس المترتب علي‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬

‫‪ ‬أخلقه‬
‫كان الشيخ في غاية الرأفة وطلقة المحيا وحسن الخلق والوقار والدب‪.‬‬
‫وكان إذا جلس في مجلس ثنى ركبتيه ول يتكى على متكأ وإنما يجلس بعيدا‪ C‬ع ن‬
‫المتكأ إلى حد ما ولم يكن يصافح أح د ويس حب ي ده قبل ه ك ان عل ى درج ة عالي ة‬

‫‪12‬‬
‫من السكينة وكان بشوشا ‪ C‬في أثناء الكلم ونادرا‪ C‬ما يغضب ولك ن إذا اع تراه ف ي‬
‫مثل هذه الحالة يخرج من الدار ول يقر له قرار حتى يتغلب على نفسه وغض به‬
‫ثم يرجع إلى داره‬
‫المسألة المهمة التي كانت موضع اهتم ام الش يخ ف ي حس ن الخلق وك ان ك ثيرا‪C‬‬
‫ما يوصي الخرين بها هي أن الم رء يج ب أن يتص ف بحس ن الخلق وبحس ن‬
‫السلوك مع الناس وقال في هذا الصدد‪:‬‬
‫) إن التواضع وحسن الخلق يجب أن يكون ل ولي س ري اء ول لغ رض كس ب‬
‫الناس(‬
‫كان الشيخ قليل الكلم وكان يستدل من حركاته وسكناته على أنه ف ي حال ة ذك ر‬
‫وتفكر وتوجه إلى ا كان أول وآخ ر كلم ه ف ي ا ول وك انت نظرات ه تع رف‬
‫ب المرء ب ال وك ل م ن ينظ ر إلي ه يت ذكر رب ه وحينم ا ك انوا يس ألونه ف ي بع ض‬
‫الحيان‪ :‬أين كنت؟ كان يقول ) عند مليك مقتدر(!‬

‫كان كثير البكاء في مجالس الدعاء ويبكي كلما قرئت قصائد من أشعار )ح افظ(‬
‫أو )طاقديس( وكان قادرا‪ C‬في أثناء البكاء على التبسم أو الضحك أو التح دث بم ا‬
‫يبعد الضجر عن الخرين وكان شديد الح ب لمي ر الم ؤمنين )ع( إذ ك ان يح وم‬
‫حول نوره كما تحوم الفراشة حول ضوء الشمعة وكان حينم ا يجل س يك رر بي ن‬
‫فتره وأخرى ذكر )يا علي أدركني(‬

‫‪ ‬تواضعه‬
‫يقول الدكتور فرزام في هذا المجال‪ :‬ك ان الش يخ ش ديد التواض ع ف ي س لوكه م ع‬
‫الخري ن وك ان إذا طرق ت ب اب ال دار يب ادر ه و إل ى فتحه ا وي أذن للق ادمين‬
‫بالدخول وحينما كنا نزوره كان يستقبلنا ف ي غرف ة عمل ه ال تي ك ان فيه ا بس اطة‬
‫الخياطة‪.‬‬
‫زرته في إحدى المرات في فصل الشتاء فجاء برمانتين وقدم لي واحدة وقال‬
‫بل تكلف ول تكبر ) ﹸكل يا عزيزي حم يد( لم‬
‫تكن هناك أية نزعة استكبارية في نفسه ويبدو وكأنه ل يفرق بين ذاته وغيره‬
‫إذا قدم لحد نصيحة فإنما كان يقدمها له من باب الرشاد والهداية وأداء‬
‫الواجب كان على الدوام يجلس عند الباب ويرحب بالقادمين‪.‬‬
‫نق ل ل ي أح د تلمي ذه ‪ :‬عن دما ك ان ي أتي برفق ة أص حابه ل م يك ن يتق دمهم ف ي‬
‫الدخول‪.‬‬
‫وينقل آخر‪ :‬ذهبنا برفق ة الش يخ إل ى مش هد وتوجهن ا نح و ض ريح الم ام الرض ا‬

‫‪13‬‬
‫) ع( فلقينا الشاعر حيد على المعروف )معج زة( – وه و نج ل المرح وم مي رزا‬
‫أحمد مرشد جلوئي – فرمى بنفسه كالمجنون عند ق دمي الش يخ! وأراد أن يض ع‬
‫قدم الشيخ على عينه فقال له‪:‬‬
‫تعص ربك بهذا العمل واخجل من هذا التصرف فمن أك ون‬ ‫‹‬ ‫) يا عديم الغيرة! ل‬
‫أنا حتى تفعل معي هذا الفعل (‬

‫‪ ‬إصلحه ذات البين‬


‫من جمله المور الخلقية الخرى التي ك ان الش يخ يهت م به ا ه ي إص لح ذات‬
‫البين ومصالحة المتخاصمين فقد كان ي دعو الش خاص ال ذين يق ع بينه م خص ام‬
‫أو خلف ويصالحهم استنادا” إلى ما ورد في القرآن الكري م والح اديث الش ريف‬
‫من دعوة لشاعة الخاء والمودة بين الناس‪.‬‬

‫‪ ‬احترامه الخاص لذرية رسول )ص(‬


‫كان سماحته شديد الحترام للسادات م ن ذري ة عل ي وفاطم ة عليه م الس لم وق د‬
‫ش وهد م رات عدي دة وه و يقب ل أي ديهم وأرجله م ويوص ي الخري ن أيض ا ‪C‬‬
‫باحترامهم‪.‬‬
‫كان هناك سيد جلي ل ي أتي للق اء الش يخ بي ن الفني ة والخ رى وك ان متع ودا‪ C‬عل ى‬
‫تدخين النارجيلة ومع أن سماحة الشيخ لم يكن من المدخنين ولكن حينم ا يع دون‬
‫النارجيل ة ل ذلك الس يد ك ان الس يد ك ان الش يخ يق رب قص بتها إل ى فم ه متظ اهرا‪C‬‬
‫وكأنه يدخن النارجيلة لكي ي دفع الح رج ع ن ذل ك الس يد ث م يق دمها ل ه ينق ل أح د‬
‫أصدقاء الشيخ ‪ :‬كنت ذات يوم جالسا ‪ C‬عند الشيخ في فصل الشتاء فقال لي‪ ) :‬هيا‬
‫بنا نذهب إلى إحدى حارات طهران القديمة( ذهبنا سوية إلى أن وصلنا إلى أح د‬
‫الزقة القديمة وكان في ذلك الزقاق دكان قديم لبيع الفحم يتخ ذه رج ل مس ن م ن‬
‫السادات الجلء – وكان أعزب‪ -‬كمحل للعمل والسكن‪.‬‬
‫علمنا أن حريقا شب الليل ة الماض ية ف ي ه ذا ال دكان واح ترقت بس ببه ثي ابه ذل ك‬
‫الرج ل وأدوات ه وأص بحت حي اته ص عبه لك ن الش يخ ذه ب إلي ه بك ل تواض ع‬
‫وعط ف وحي اه ث م جم ع ثي ابه الوس خة وأخ ذها لغس لها وترميمه ا فق ال الرج ل‬
‫الشيخ‪ :‬ي ا س يدي لق د ذهب ت ك ل أم والي ول م أع د ق ادرا‪ C‬عل ى العم ل ب دون رأس‬
‫مال‪.‬‬
‫فقال لي الشيخ )أعطه مبلغا ‪ C‬من المال ليساعده على العمل(‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ ‬احترامه لجميع الناس‬
‫كان الشيخ يحترم السادات بل ويحترم جمي ع الن اس ف إذا م ا أخط أ أح د أم امه ل م‬
‫يك ن ي ؤنبه أم ام الخري ن ول يعت بره بس وء فعل ه وإنم ا ك ان يتظ اهر مع ه‬
‫بالممازحة والملطفة‪.‬‬

‫‪ ‬عدم اعتنائه بأصحاب المناصب‬


‫تعرفت بالشيخ في أواخ ر حي اته شخص يات ك ثيرة م ن أبن اء الطبق ة الب ارزة ف ي‬
‫البلد وتكونت لبعض الشخصيات الحوزوي ة والجامعي ة علق ات مع ه لي س ه ذا‬
‫فحسب بل كانت تف د علي ه شخص يات سياس ية وعس كرية ك بيرة لغ راض ش تى‬
‫وعلى العكس من تواضع الشيخ للمساكين والمستضعفين وخاصة السادات منه م‬
‫كان ل يهتم بأصحاب المناصب والشخصيات الدنيوية وحينما كانوا يفدون علي ه‬
‫كان يقول‪:‬‬
‫)لق د ج اؤوا وراء العج وز يطلبونه ا من ي ول أراه م إل ف ي وض ع معس ر أو‬
‫اض طربت أم ورهم أو ل ديهم مري ض وج اؤوني لك ي أدع و له م( حك ى لن ا أح د‬
‫أبناء الشيخ يقول‪ :‬قال لي أحد ضباط الجيش – وكان م ن مح بي س ماحة الش يخ‪-‬‬
‫هل تدري لماذا أحب والداك؟ أحبه لنني عندما جئته للمرة الولى وجدته جالسا ‪C‬‬
‫عند الباب فسلمت عليه فقال لي‪ :‬أجلس هناك وفي الثناء جاء رج ل أعم ى فق ام‬
‫له واحتضنه بكل واحترام وقبله وأجلسه إلى جانبه‪.‬‬
‫وبقيت أرتقب ما يجري في الدار إلى أن نهض ذلك العمى وأراد الذهاب فبادر‬
‫الشيخ إلى وضع حذائه أمام قدميه وأعطاه عشر تومانات وذهب الرج ل ولكنن ي‬
‫حينما أردت الذهاب لم ينهض وقال وهو جالس في مكانه وقال وه و ج الس ف ي‬
‫مكانه‪) :‬في أمان ا(‪.‬‬

‫‪ ‬أخلقه في السفر‬
‫س افر الش يخ ط وال عم ره المب ارك إل ى مش هد وكاش ان واص فهان ومازن دان‬
‫وكرمانشاه وس فره الوحي د إل ى خ ارج البلد ه و س فره إل ى الع راق فق ط لزي ارة‬
‫العتبات المقدس ة وق د ت رك ف ي تل ك ال رحلت – ال تي ك انت تج ري ع ادة برفق ة‬
‫الصدقاء‪ -‬ذكريات ومواقف ذات انعكاسات منها بأخلق السفر فحسب‪.‬‬
‫وصفه مرافقوه ف ي أس فاره ب أنه ك ان حس ن الخلق ف ي الس فر ويتص ف بالنق اء‬
‫وطي ب المعش ر فل م يك ن يف رق بي ن ذات ه وبي ن تلمي ذ ومحبب ة ف إذا ك انت هن اك‬
‫حقائب يجب أتحمل مكان يش ارك ف ي حمله ا أيض ا ‪ C‬ويعط ي م ا علي ه م ن نفق ات‬
‫السفر‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل السادس‬

‫‪ ‬انتظار الفرج‬
‫من جملة الخص ائص الب ارزة ف ي شخص ية س ماحة الش يخ حب ه وولؤه الخ اص‬
‫لمام زمائنا‪ -‬أرواحنا فداه‪ -‬وانتظار فرجه وظهوره وكان يقول في هذا المعنى‪:‬‬
‫)يدعي معظم الناس أنهم يحبون إمام الزمان )صلوات ا عليه( أك ثر م ن حبه م‬
‫لنفسهم والحقيقة هي أنهم ليسوا كذلك لنن ا ل و كن ا نحب ه أك ثر م ن حبن ا لنفس نا‬
‫لعملن ا ل ه ل لنفس نا علين ا أن ن دعو ا جمعي ا ‪ C‬أن يزي ل موان ع ظه وره ويوح د‬
‫قلوبنا مع قلبه المبارك(‪.‬‬

‫‪ ‬مطلبه المهم‬
‫ينقل أحد أصدقاء الشيخ‪ :‬ل م أش عر ط وال ص حبتي للش يخ ب أنه ك ان ل ديه مطل ب‬
‫مهم سوى تعجيل فرج صاحب الزمان )ع( وكان كثيرا‪ C‬م ا يح ث الص دقاء ب أن‬
‫ل يطلب وا م ن ا ش يئا ‪ C‬س وى التعجي ل ب أمر إم ام الزم ان وك انت حال ة النتظ ار‬
‫ل ديه عل ى درج ة م ن الق وة بحي ث إن ه إذا س مع شخص ا ‪ C‬يتح دث ع ن ف رج ول ي‬
‫العصر)ع( نراه يتغير حاله ويجهش بالبكاء‪.‬‬

‫‪ ‬النملة تسعى للوصول إلى الحبيب‬


‫المسألة المهمة ال تي ك ان الش يخ يؤك دها ه ي اس تعداد وأهلي ة الش خص المنتظ ر‬
‫وإن كان عمره غير كاف لدراك زمن ظهور المام المنتظر وكان ينقل في هذا‬
‫المجال قصة عن النبي داود )ع( وهي ‪:‬‬
‫)إن داود )ع( مر ذات يوم‬
‫بالصحراء فرأى نملة تحمل التراب‬
‫من مكان وتنقله إلى مكان آخر‬
‫فدعا داود ربه أن يطلعه على سر‬
‫عمل النملة فتكلمت النملة وقالت له‪:‬‬
‫لي ح بيب شرط علي إذ ا أرد تﹺ‬
‫لقائي فعليك معي أن تنقليجميع تراب هذا التل إلى ذلك الموضع‪.‬‬
‫فقال لها‪ :‬هل تستطيعين بجسمك الصغير هذا نقل تراب هذا التل الكبير إل ى ذاك‬
‫الموضع؟ وهل يكفي عمرك لنجاز هذا العمل؟ قالت له‪ :‬أنا علم ك ل ذل ك ولك ن‬
‫ما أحلى أن أموت وأنا في عملي هذا ليكون موتي في سبيل المحبوب‪ .‬وهنا تنبه‬

‫‪16‬‬
‫النبي داود)ع( إلى أن في القصة درسا ‪ C‬له(‪.‬‬
‫كان سماحته الشيخ يؤكد ويقول‪) :‬كن في انتظار ول ي العص ر)ع( بك ل وج ودك‬
‫واقرن حالة النتظار بمشيئة ا(‪.‬‬

‫‪ ‬بلغوا سلمي لمام الزمان )ع(‬


‫ينقل أحد تلمي ذ ك ان الش يخ مواظب ا ‪ C‬عل ى ذك ر الم ام ص احب الزم ان )ع( ول م‬
‫يكن يقل‪) :‬اللهم على محمد وآل محمد( إل ويقرنه ا بكلم ة )وعج ل فرجه م( ول م‬
‫تكن مجالسه تخلو من ذكر صاحب الزمان )ع( والدعاء بتعجيل فرج ه وبع د أن‬
‫شعر في أواخر عم ره الش ريف ب أنه س يفارق ال دنيا قب ل ظه ور إم امه )ع( ك ان‬
‫يقول لصدقائه )إذا وفقتم لدراك ظهوره )ع( فبلغوه سلمي(‪.‬‬

‫‪ ‬شاب في عالم البرزخ‬


‫قال سماحة الشيخ أثناء دفن شاب من المنتظرين لظهور إمام الزمان )ع(‪.‬‬
‫)رأيت المام موس ى ب ن جعف ر علي ه الس لم ق د نش ر ذراعي ه عل ى ذل ك الش اب‬
‫فسألت ما آخر كلم تلفظ به هذا الشاب؟ فقالوا كان آخر كلمه بيت ش عر معن اه‪:‬‬
‫لقد أوشكت قلوب المنتظرين على اليأس فيا خير الصالحين أغثهم(‪.‬‬

‫‪ ‬رجعة جماعة من المنتظرين‬


‫كان سماحة الشيخ يعتقد أن المنتظرين الحقيقيين لمام الزمان )ع( إذا ماتوا قب ل‬
‫ظهوره سيعودن إلى الحي اة عن د ظه وره ويكون ون م ن أنص اره وم ن جمل ة م ن‬
‫كان يذكر أسماءهم في عداد م ن يرج ع إل ى ال دنيا بع د ظه ور إم ام الزم ان)ع(‪:‬‬
‫عل ي ب ن جعف ر )ع( الم دفون ف ي مق برة "در بهش ت" ف ي ق م والمي رزا القم ي‬
‫المدفون في مقبرة "شيخان" في قم‪.‬‬

‫‪ ‬إسكافي في مدينة ري‬


‫يروي أحد تلميذ الشيخ ‪ :‬كن ت ذات ي وم عن د الش يخ وك ان الح ديث ي دور ح ول‬
‫ظهور إمام الزمان )ع( وخصائص النتظار فقال سماحته‪:‬‬
‫)كان في مدينة ري إس كافي اس مه عل ى م ا أت ذكر ه و "إم ام عل ي" وك ان يتكل م‬
‫اللغة التركية ولم يكن زوجة ول أطفال وكان يسكن على الظاهر في محل عمل ه‬
‫ونقل ت عن ه ح الت عجيب ة إذ ل م يك ن ف ي نفس ه مطم ح أو رغب ة س وى ظه ور‬
‫المام صاحب الزمان )ع( وأوصى أن يدفن بعد م وته عن د جب ل )ب ي ب ي ش هر‬

‫‪17‬‬
‫بانو( قرب مدينة ري ومتى ما توجهت إلى قبره رأيت إمام الزمان علي ه الس لم‬
‫هناك(‪.‬‬

‫الفصل السابع‬

‫‪ ‬الشعر‬
‫ك ان الش يخ يمي ل إل ى الش عار العرفاني ة والخلقي ة إل ى أبع د الح دود وك انت‬
‫مواعظه في معظم الوقات تتخللها أشعار تربوية وكان يعير اهتما ‪ C‬فائقا ‪ C‬لش عار‬
‫) حافظ( وثنائيات )طاقديس( وكان يبكي عند سماع شئ من تلك الشعار‪.‬‬
‫كانت لع علقة كبيرة بكتاب ثنائي ات طاق ديس وك ان يق ول )ل و ك ان ف ي المدين ة‬
‫كتاب "طاقديس" للمل أحمد النراقي لشتريته بكل ما أملك(‪.‬‬
‫ذك ر ال دكتور " أب و الحس ن الش يخ " ال ذي ك ان عل ى معرف ة وثيق ة بالش يخ من ذ‬
‫سنوات طويلة‪ :‬كان الشيخ على معرفة عميقة بحافظ ويجيد تفسير أشعاره‪.‬‬
‫وق ال ال دكتور حم دي ف رزام ح ول رأي الش يخ ف ي الش عر والش عراء وخاص ة‬
‫حافظ‪:‬‬
‫تعرف ت بالش يخ بواس طة ال دكتور كوي ا من ذ ع ام ‪1373‬هـ ‪ .‬ق )‪1333‬هـ ‪ .‬ش(‬
‫وم ا كن ا نجل س مع ه مجلس ا ‪ C‬إل وأس مع من ه أش عارا‪ C‬جميل ة وذات مغ زى عمي ق‬
‫وك ان الش يخ مغرم ا ‪ C‬بح افظ أيم ا غ رام وق د س ألته ذات م رة ع ن س بب غرام ه‬
‫بحافظ فقال‪:‬‬
‫‪C‬‬
‫)إن لح افظ باع ا ط ويل‪ C‬ف ي الج انب المعن وي وأج د ف ي ش عره بي ان الحق ائق‬
‫المعنوية وبعد الذوق العرفاني(‬
‫كان الشيخ يميل إلى حافظ أكثر من ميله لبقية الشعراء ويكثر م ن ذك ره أش عاره‬
‫وإذا كان يريد تنبيه أو تحذير أحد فإنه كان يستشهد بشعر حافظ‪.‬‬
‫كان الشيخ يشبه الدنيا بالعجوز وكان في بعض المواق ف يلتف ت ف ي مجلس ه إل ى‬
‫أحد محببة ويقول له‪:‬‬
‫)أراك قد ابتليت بهذه العجوز مرة أخرى(‬
‫ثم يقرأ بعد ذلك بيت شعر لحافظ يقول فيه ما معناه‪:‬‬

‫ليس هناك من أحد إل يقع في حب ضفيرتيها‪.‬‬


‫ما من أحد إل ويجد في طريقه مصائد فتنتها‪.‬‬

‫)غالبا ‪ C‬ما يقع الناس كفرائس في مصيدة ه ذه العج وز وقلم ا تج د أح د يفل ت م ن‬

‫‪18‬‬
‫مصائدها(‪.‬‬
‫وكان يفصح عن هذه القوال بأسلوب الض حك والم زاح وف ي مج ال النه ي ع ن‬
‫العجب كان يقرأ البيت التالي‪:‬‬

‫العجب والستبداد بالرأي في منهج الدراويش كفر‬


‫وإنما الحكم حكمك والمر ما تراه‬

‫‪ ‬قراءته للشعار بصوت جميل‬


‫يق ول ال دكتور ف رزام ف ي ه ذا المج ال‪ :‬ك ان س ماحة الش يخ يلق ي الش عار بلح ن‬
‫وصوت جميل فكان أحيانا يقرأ من أشعار المرحوم الفيض الكاشاني مثل قوله‪:‬‬
‫وأستغفر ا من كل وجود مستعار‬ ‫أستغفر ا من كل شئ سواه‬

‫وإذا مرت علي لحظة من دون ذكره‬


‫أستغفر بما ل يحصى من تلك اللحظة‬

‫وك ان م ن خلل قراءت ه له ذه الش عار يح دث تغي را‪ C‬عميق ا ‪ C‬ك بيرا‪ C‬ف ي قل وب‬
‫أصحابه كنا في عص ر أح د الي ام برفق ة الش يخ ف ي دار أح د محبي ة وك انت ف ي‬
‫ال دار ص الة واس عة فجل س ه و ق رب الب اب وأنش د قص يدة معروف ة لح افظ تب دأ‬
‫بالبيت التالي‪:‬‬

‫من ذا الذي يفي لنا تكرما‬


‫ويحسن لحظة واحدة إلى مسئ مثلي‬

‫ق رأ ع دة أبي ات م ن ه ذا الغ زل بص وت ع ذب فبك ى وأبك ى الحاض رين فقل ت‬


‫للدكتور كويا‪ :‬ما أجمل صوت الشيخ وما أقوى تأثيره!‬
‫فق ال ل ي ‪ :‬م ن المؤس ف أن ك تعرف ت ب ه مت أخرا‪ C‬فقل د ك ان من ذ زم ن ذا ص وت‬
‫جميل وكان إذا قرأ البيات العرفانية كأن الجدران والبواب تهتز طربا ‪ C‬له!‬

‫‪ ‬رأيه في مولوي‬
‫كان سماحة الشيخ يعت بر الش اعر ح افظ الش يرازي م ن أولي اء ا ويتح دث ع ن‬
‫مكانته الرفيعة في البرزخ أما بالنس بة لمول وي فق د ك ان ل ه في ه رأي آخ ر حي ث‬
‫ك ان يق ول عن ه‪ ) :‬إن ه يع اني ف ي ال برزخ( وينق ل عن ه اح د تلمي ذه أن ه ق ال‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫) أردت أن أقر كتاب "المثنوي" فرأي ت ف ي ع الم المعن ى شخص ا ‪ C‬أم امي وآخ ر‬
‫ورائي ويق ول أح دهما للخ ر‪ :‬ل ت دعه ين ام ففك رت ف ي نفس ي وقل ت‪ :‬لم اذا ل‬
‫يقولن‪ :‬ل تدعه ينام عند قراءتي للقرآن؟ لهذا وضعت الكتاب جانبا‪(C‬‬

‫‪ ‬آية ا البروجردي والمولوي‬


‫حصلت لسماحة آية ا حسين الطباطبائي البروجردي رحمه ا مكاشفة ش بيهة‬
‫بهذه‪.‬‬
‫فعن د زي ارة آي ة ا لط ف ا الص افي الكلبايك اني – أح د مراج ع التقلي د‬
‫المعاصرين – لمركز البحوث في مؤسسة دار الحديث الثقافية في قم ف ي الث الث‬
‫عشر من شهر شوال سنه ‪ 1419‬هـ‪ .‬ق ) بهمن عام ‪ 1377‬هـ ‪.‬ش( س أله ك اتب‬
‫هذه السطور عن حقيقة هذا الموضوع فقال‪ :‬سمعت آية ا البروجردي يقول‪:‬‬
‫) عندما كنت في بروجرد كانت تعرض لي إلهامات غيبي ة وف ي إح دى الم رات‬
‫كنت أقرأ كتاب "المثنوي" لمولوي فسمعت فجأة صوتا يق ول‪ :‬إن ه ذا الش خص‬
‫قد ضل السبيل وما أن سمعت هذا الكلم حتى أغلقت الكتاب ووضعته جانبا ‪ C‬ولم‬
‫أقرأ بعد ذلك وفي حينها كان إلى جانبي كتاب عدة ال داعي فتن اولته وب دأت أق رأ‬
‫فيه( سأل مؤلف الكتاب آية ا الص افي ي روي البع ض أن ه ق ال بع د س ماع ذل ك‬
‫الصوت خرجت إل ى الش ارع لتأك د ه ل ك ان الموض وع إلهام ا ‪ C‬غيب ا ‪ C‬أو ص وت‬
‫ش خص ج اء م ن الش ارع ونظ رت فل م أج د أح د ف ي الش ارع( فأج اب آي ة ا‬
‫الصافي بالقول‪ :‬لم يكن لديه شك في أن ما سمعه كان إلهاما غيبيا‪.C‬‬

‫‪ ‬المل أحمد النراقي مولوي‬


‫تعرض المول وي لنق د آخ ر م ن الفقي ه والش اعر المع روف المرح وم المل احم د‬
‫النراق ي حي ث أورد ف ي كت ابه مثن وي )طاق ديس( قص يدة يس ائل فيه ا مول وي‬
‫ويعاتبه فمن شاء فليراجع‪:‬‬

‫هذا هو معنى العقل أيها الصديق المعنوي‬


‫قل هذا لحضرة المولوي‬
‫لو افترضنا أنه ميز بين الحسن والقبيح‬
‫فهل يعرف طريق الجنة من طريق النار‬
‫ماذا يفعل؟ فنفسه البائسة عاصية‬
‫ستلقى نفسها ولو في النار‬
‫فهو قد يعرف ما ينبغي ومال ينبغي بالضبط‬

‫‪20‬‬
‫لكن قدمه أعرج وضعيف‬
‫لقد درس الفقه والحكمة لكن جهلة‬
‫لم ينقص وصار عالما ‪ C‬لكنه لم يصبح إنسانا ‪C‬‬
‫ما هو العلم؟ معرفة الخير من الشر‬
‫وما هو العقل؟ أن يملك المرء زمام نفسه‬
‫فإذا لم تملك زمـــــــام نفسك‬
‫فما فائدة معرفة الخير والشر‬
‫ومتى كانت معرفة السكنجبين وحده‬
‫كافية لدفع الصفراء أيها الحبيب اللطيف‬
‫وإذا كنت تعرف حلوة السكر‬
‫حسنا ‪ C‬متى يصير فمــك حلوا‪C‬‬

‫رأينا ضرورة تأجيل الحكم على الشاعر مولوي إلى فرص ة أخ رى والمؤل ف ل‬
‫يريد في هذا الموضع الدلء نظره فيه نفيا ‪ C‬أو إثبات ا ‪ C‬وإنم ا ك انت الغاي ة م ن نق ل‬
‫مكاشفة آية ا ال بروجرودي وأش عار المرح وم النراق ي ه ي تأكي د أن الش يخ ل م‬
‫ينف رد ف ي رأي ه ه ذا ف ي م ا يخ ص مول وي وغنم ا تش اركه ف ي ه ذا العتق اد‬
‫شخصيات علمية بارزة‪.‬‬

‫‪ ‬شعر للشيخ وذكرى‬


‫يب دو أن س ماحة الش يخ نفس ه ك ان ف ي بع ض الحي ان يق ول ش عرا‪ C‬وق د س ألها‬
‫المؤلف أحد مراجع التقليد المعاصرين وهو من تلميذ الفقيه والعارف المرح وم‬
‫آية ا القاضي أستاذ العلمة الطباطبائي ص احب "تفس ير المي زان" ع ن الش يخ‬
‫رج ب عل ي الخي اط فأج اب ب القول ) رأيت ه ف ي النج ف الش رف ف ي مجل س‬
‫المرحوم القاضي يلقي قص يدة ف ي م دح أمي ر الم ؤمنين علي ه الس لم يب دأ مطل ع‬
‫أبياتها بالحروف البجدية وقال ضمن كلمه‪ :‬نظمت شعرا” وهو ‪:‬‬

‫كل ما أنعمت به على الكائنات‬


‫أنعمت به علي دفعة واحدة‪.‬‬

‫وكنت اعتقد أن هذا الكلم يمثل قمة البلغة ف ي وص ف تت ابع النع م اللهي ة إل ى‬
‫أن رأيت في الصحيفة السجادية العبارة التالية )شكري إياك من نعمك(‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل الثامن‬

‫‪ ‬السياسة‬
‫لم يتدخل سماحة الشيخ ف ي ع الم السياس ة بي د أن ه ك ان يع ارض النظ ام البهل وي‬
‫المقيت والمتسلط على الش ؤون السياس ة معارض ة ش ديدة كم ا أن ه ك ان يع ارض‬
‫مصدق أيضا بينما كان يكثر من الثناء على آية ا الكاش اني ويق ول ) إن ب اطنه‬
‫بمثابة ماء السبيل(‪.‬‬

‫‪ ‬تنبؤاته‬
‫ق ال أح د أبن اء الش يخ ف ي ي وم ‪ 17‬ش وال ‪1370‬هـ‪.‬ق )‪30‬تي ر م ن ع ام‬
‫‪1330‬هـ ‪.‬ش( حينما جاء أبي إلى المنزل أجهش بالبكاء وقال‪:‬‬
‫) لقد أطفأ سيد الشهيد عليه السلم هذه النار بعباءته وحال دون وقوع هذا البلء‬
‫لقد كانوا عازمين على قتل الكثير من الناس وأن آي ة ا الكاش اني ل ن ينج ح ف ي‬
‫علمه ولكن سيأتي من بعده سيد آخر ويكون النصر حليفه(‪ .‬وقد اتضح بعد حي ن‬
‫أن المقصود من السيد الثاني هو سماحة المام السيد الخميني رحمة ا عليه‬

‫‪ ‬مستقبل الثورة السلمية‬


‫ما زلنا قد أوصلنا الح ديث ل ذكر الم ام الخمين ي )ق دس( فل ب أس بالتح دث ع ن‬
‫توقعاته إزاء مستقبل الثورة السلمية‪.‬‬
‫نق ل عل ي محم د بش ارتي – وزي ر الداخلي ة الس ابق – أن ه حينم ا ك ان ف ي ع ام‬
‫‪ 1400‬هـ ‪.‬ق )‪ 1358‬هـ ‪.‬ش( مس ؤول‪ C‬لجه از الس تخبارات ف ي ح رس الث ورة‬
‫السلمية وصلنا تقرير يفي د أن الس يد ش ريعتمداري ق ال ف ي مدين ة مش هد ) ف ي‬
‫نهاي ة المط اف س أعلن الح رب ض د الم ام( ف ذهبت لمقابل ة الم ام وق دمت ل ه‬
‫تقريرا‪ C‬وأعلمته الخبر المذكور وحينما كان يستمع لحديثي مطرقا ‪ C‬رأسه وبعد أن‬
‫أعلمته هذا الخبر رفع رأسه وقال ‪:‬‬
‫)م اذا يق ول ه ؤلء؟! إن ا ه و ال ذي تكف ل بنص رنا وس يكون النج اح حليفن ا‬
‫وسنقيم حكومة إسلمية هنا ونسلم الراية إلى صاحب الزمان عليه السلم(‬
‫فسألته ‪ :‬ستسلمها له أنت بنفسك؟‬
‫فسكت ولم يجب‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ ‬ناصر الدين شاه في البرزخ‬
‫أما ما يتعلق بحالة ناصر الدين شاه القاجاري في ع الم ال برزخ فق د نق ل لن ا أح د‬
‫تلميذ الشيخ أنه قال‪:‬‬
‫)أطلقوا روحه في احد أيام الجمعة وفي ليلة السبت أخذوه دفع ا ‪ C‬إل ى مق ره وك ان‬
‫يتوسل إلى الموكلين به قائل‪ :C‬ل تأخذوني وحينما رآن ي ق ال ل ي ‪ :‬ل و كن ت أعل م‬
‫بهذا المصير لما رغبت في ملذات الدنيا(‬

‫‪ ‬تحذيره من مدح السلطان الجائر‬


‫ك ان س ماحة الش يخ يح ذر أص دقائه وتلمي ذه م ن التع اون م ع النظ ام البهل وي‬
‫الحاكم يومذاك ويطلب منهم المتناع عن مدحهم والثناء عليهم وقد نقل عنه أح د‬
‫تلميذ أنه قال‪:‬‬
‫)رأيت روح أحد العرفاء تحاسب في البرزخ وقد دونوا في س جل أعم اله جمي ع‬
‫المظالم والمنكرات التي ارتكبها السلطان الجائر الحاكم في زمانه ونس بوها إلي ه‬
‫وكان يقول أثناء المحاكمة‪ :‬إنني لم أقترف كل هذه الجرائم!‬
‫فقيل له ‪ :‬ألم تقل في مدحك له‪ :‬يا له من سلطان أقر المن في البلد؟‬
‫قال نعم!‬
‫فقيل له‪ :‬إذا كنت راضيا بفعله وهو إنما أقر المن حفاظا ‪ C‬على سلطانه‬
‫وق د ج اء ف ي نه ج البلغ ة أن أمي ر الم ؤمنين )ع( ق ال ) الراض ي بفع ل ق وم‬
‫كالداخل فيه معهم وعلى ك ل داخ ل ف ي باط ل إثم ان‪ :‬إث م العم ل ب ه وإث م الرض ا‬
‫به(‪.‬‬

‫الباب الثاني ‪ :‬القفزة‬

‫الفصل الول‬

‫التربية اللهية‬
‫ل حاجة لبيان ما بلغه الش يخ م ن كم ال المعن وي لم ن عرف ه ع ن ق رب أو س مع‬
‫عمن عرفوه‪.‬‬
‫أم ا الس ؤال الساس ي ال ذي يتب ادر إل ى الذه ان ح ول ه ذه الشخص ية المعنوي ة‬
‫الك برى فه و‪ :‬كي ف تس نى له ذا الرج ل البل وغ ه ذه المرتب ة النس انية الس امية؟‬
‫وكيف وصل شخص لم يكتسب شيئا ‪ C‬من العل وم المتداول ة ف ي الح وزة والجامع ة‬

‫‪23‬‬
‫إلى هذه المنزلة بحيث استفادت من برك ات ه دايته النخب ة المتعلم ة م ن منتس بي‬
‫الحوزة والجامع ة فض ل‪ C‬ع ن ع وام الن اس؟! وبعب ارة أخ رى م ا ه و س ر القف زة‬
‫التي أتاحت للشيخ إحراز هذا النجاح الب اهر؟ وم ن ه و الس تاذ ال ذي ترب ى ه ذا‬
‫الرجل في مدرسته ومن هو معلمه المعنوي؟‬

‫معلموه‬
‫مع ان سماحة الشيخ لم يكتسب شيئا ‪ C‬م ن العل وم المتداول ة ف ي الح وزة والجامع ة‬
‫إل أنه أدرك بعض أكابر العلم والمعرفة والمعنويات ممن يمكن اعتبارهم بمثابة‬
‫الساتذة بالنسبة له من أمث ال المرح وم آي ة ا محم د عل ي الش اه آب ادي – أس تاذ‬
‫المام الخميني )قدس( – والمرحوم آية ا الميرزا محمد تقي البافقي والمرحوم‬
‫آية ا الميرزا جمال الصفهاني‪.‬‬
‫وحض ر س ماحة الش يخ دروس ع المين ك بيرين آخري ن هم ا الس يد عل ى المفس ر‬
‫والس يد عل ي الغ روي وه و مفس ر وإم ام جماع ة مس جد ف ي محل ة سلس بيل ف ي‬
‫طهران‪.‬‬
‫تك ون ل دى الش يخ إلم ام ت ام ب القرآن الكري م والح اديث الش ريفة م ن خلل ه ذه‬
‫المعلوم ات واخ ذ ي ترجم ويفس ر الق رآن والح اديث والدعي ة ف ي المج الس ال تي‬
‫كان يقيمها ويبين لها معاني بديعة قلما يلتفت إليها الخرون‪.‬‬
‫ومعنى هذا فإن ما عند سماحة الشيخ من اطلع ف ي المع ارف الس لمية يع زى‬
‫إلى أخذه عن هؤلء العلماء الك ابر وأمث الهم بي د أن التح ول المعن وي أو القف زة‬
‫المعنوية التي حصلت عنده يجب البحث عن أسباب أخرى لها فذلك التحول كان‬
‫يشير إليه س ماحته بق وله‪ ) :‬م ا ك ان ل ي أس تاذ( ينق ل أح د مح بي الش يخ أن ه ك ان‬
‫يقول‪ ) :‬ما كان لي أستاذ إل أنني كنت احض ر مج الس ال وعظ ال تي ك ان يقيمه ا‬
‫المرحوم الشيخ محمد تقي البافقي في ضريح الس يد عب د العظي م الحس ني رحم ه‬
‫ا ليل‪ C‬فقد كان رجل‪ C‬م ن أه ل الب اطن وق د نظ ر ذات ليل ة إل ى المجل س وت وجه‬
‫إلى بالقول ) إنك ستبلغ مرتبة رفيعة(‬

‫بداية التحول‬
‫يتعقد المؤلف أن سر القفزة الب ارزة والتح ول المص يري ف ي حي اة الش يخ يع زى‬
‫إل ى حادث ة م ثيرة وقع ت للش يخ وه ي حادث ة تحت وي عل ى ك ثير م ن ال دروس‬
‫والعبر‪.‬‬
‫فق د وقع ت للش يخ ف ي مطل ع ش بابه حادث ة مش ابهة لحادث ة الن بي يوس ف )ع(‬
‫وكانت الحادثة وما استتبعها بمثابة نموذج للتوحيد الفعلي إذ يستدل منها على أن‬

‫‪24‬‬
‫م ا ورد ف ي آخ ر قص ة )ع( م ن قول ة تع الى‪﴿ :‬إن ه م ن يت ق ويص بر ف إن ا ل‬
‫يضيع أجر المحسنين﴾ تعتبر قاع دة عام ة ول تخت ص ب النبي يوس ف )ع( وح ده‬
‫وت بين ه ذه القص ة أيض ا ‪ C‬أن م ا ورد ف ي خت ام القص ة الن بي يوس ف م ن ق وله‬
‫تعالى ﴿ولما بلغ أشده ءآتينه حكما وعلما وك ذلك نج زي المحس نين﴾ يعت بر أيض ا‬
‫قاعدة عامة وان كل أهل الخير والحسان سيؤتون نور الحكمة والعلم اللهي‪.‬‬

‫قصة شبيهة بقصة يوسف‬


‫نادرا‪ C‬ما كان الشيخ يشرح ه ذه القص ة لح د م ن الن اس ولكن ه ك ان يش ير غليه ا‬
‫بمناسبة أو أخرى ويقول‪:‬‬
‫)لم يكن لي أستاذ ولكني قلت‪ :‬اللهم إني أع رض ع ن ه ذا العم ل وأتجنب ه طاع ة‬
‫لك وأدعوك يا إلهي أن تصطنعني لنفسك(‬
‫‪C‬‬
‫وقد أشار آية ا السيد محمد هادي الميلني رحمة ا إلى ه ذه القص ة ق ائل لق د‬
‫لقي هذا الشيخ عناية ربانية بسبب ارتداعه في أيام شبابه عن فعل القبيح‪.‬‬
‫وشرح سماحة الشيخ تلك القصة في لقاء له مع الس يد الميلن ي حي ث ك ان الس يد‬
‫محمد علي الميلني‪ -‬نجل آية ا محمد هادي الميلني – حاضرا‪ C‬في ذلك اللق اء‬
‫ونقل تلك القصة عن لسان الشيخ على النحو التالي‪:‬‬
‫) في أيام شبابي أعجبت بي فتاة جميل ة م ن أقاربن ا وبس بب هيامه ا ب ي ومكره ا‬
‫أياي استطاعت أن تلتقيني في يوم من اليام بعيدا‪ C‬عن النظار فقلت في نفسي يا‬
‫رجب علي إن ا قادر أن يختبرك في مواقف كثيرة فلو تختبر ربك مرة واح دة‬
‫وتمتنع عن ارتكاب الحرام المهيأ لك عل ى م ا في ه م ن ل ذة‪ .‬ث م دع وت ا وقل ت‬
‫اللهم إني أمتنع عن اقتراف هذا الثم امتثال‪ C‬لمرك فربن ي ي ا رب كم ا تح ب‪.‬ث م‬
‫إنه قاوم تل ك المعص ية بك ل ش جاعة مثلم ا فع ل الن بي يوس ف )ع( وأب ى ت دنيس‬
‫بتلك المعصية وفر على وجه السرعة من ذلك الفخ الخطير الذي كان ق د نص ب‬
‫ل ه‪.‬فك انت نتيج ة اجتن ابه المعص ية س ببا ‪ C‬لبص يرته وحص وله عل ى رؤي ة بع ض‬
‫مواقف البرزخ فصار ي رى ويس مع م ا ل ي راه ول يس معه الخ رون بحي ث إن ه‬
‫حينما كان يخرج من البيت كان يرى الشخاص على صورهم الحقيقة وتنكشف‬
‫له بعض السرار‪.‬‬
‫نقل عن الشيخ أنه قال‪ ) :‬خرجت ذات مرة من مفرق شارع مولوي عبر ش ارع‬
‫س يروس إل ى مف رق ش ارع كلوبن ك ورجع ت ف ي الطري ق نفس ه فل م أش اهد إل‬
‫صورة إنسان واحد(‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫كيفية التربية اللهية‬
‫وهكذا استجاب ا دعا شاب استدرج إلى المصيدة حينما طلب من ربه ف ي ذل ك‬
‫الجو المغري قائل‪ ) C‬اللهم اصطنعني لنفسك( وأح دث ذل ك منعطف ا ‪ C‬مص يريا ‪ C‬ف ي‬
‫حياته وهو منعطف ل يستطيع إدراكه الناس الماديون ال ذين ل ي رون إل ظ اهر‬
‫المور وطوى رجب علي بهذه القفزة مسيرة مئة عام بين ليلة وضحاها وتحول‬
‫إلى الشيخ رجب علي الخياط أو كمال قال الشاعر ‪:‬‬

‫محبوبي لم يدخل المدرسة ولم يكتب حرفا ‪ C‬واحدا‪C‬‬


‫وإنما بلحظة واحدة أصبح معلما ‪ C‬لمئة مدرس‪.‬‬

‫كانت الخطوة الولى من تلك التربية اللهي ة ه ي أن ه ذا الش اب أص بح ذا س مع‬


‫وبص ر ناف ذين إل ى ب اطن الع الم فه و ي رى م ا ل ي راه الخ رون ويس مع م ا ل‬
‫يسمعه الخ رون وق د خلق ت ه ذه الموهب ة الباطني ة ل دى الش يخ اعتق ادا‪ C‬من ه ب أن‬
‫الخلص يؤدي إلى انفتاح سمع وبصيرة القل ب وله ذا فه و ك ثيرا‪ C‬م ا ك ان يؤك د‬
‫لتلميذه‪:‬‬
‫‪C‬‬
‫)أن المرء إذا عمل ل يفتح ا قلبه سمعا وبصيرة(‬

‫للقلب عين وأذن‬


‫وهن ا يق ول ق ائل‪ :‬وه ل للقل ب عي ن وأذن وه ل يس تطيع النس ان رؤي ة ش ئ أو‬
‫سماع صوت بغير عينية وأذنيه الظاهريتين؟‬
‫والجواب نعم يستطيع ذلك وهناك أحاديث نقلتها المصادر الشيعية والس نية تؤي د‬
‫صحة هذا الرأي وإليك بعض النماذج منها‪:‬‬
‫ورد عن الرسول )ص( أنه ق ال )م ا م ن عب د إل وف ي وج ه عين ان يبص ر بهم ا‬
‫أمر الدنيا وعينان في قلبه يبصر بهم ا أم ر الخ رة ف إذا أراد ا بعب د خي را‪ C‬فت ح‬
‫عينية اللتين في قلبه فأبصر بهما ما وعده بالغيب فآمن بالغيب على الغيب(‬
‫وج اء ف ي ح ديث آخ ر عن ه )ص( ) ل ول تم زع قل وبكم وتزي دكم ف ي الح ديث‬
‫لسمعتم ما اسمع(‪.‬‬
‫وجاء عن المام الص ادق )ع( أن ه ق ال‪ ) :‬إن القل ب أذني ن‪ :‬روح اليم ان يس اره‬
‫بالخير والشيطان يساره بالشر فأيهما ظهر على صاحبه غلبه(‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬المداد الغيبي‬
‫جاء في نهج البلغة أن المام عليا ‪) C‬ع( قال‪ ) :‬وما برح ل – عزت آلؤه – في‬
‫البرهة بعد البرهة وفي أزمان الفترات عباد ناجاهم في فكره م وكلمه م ف ي ذات‬
‫عقولهم فاستصبحوا بنور يقظة في البصار والسماع ولفئدة‪(...‬‬

‫وعباد ا الصالحون ه م ال ذين ج اء وص فهم ف ي المناج اة الش عبانية عل ى النح و‬


‫التالي‪:‬‬
‫) إله ي واجعلن ي مم ن ن اديته فأجاب ك ولحظت ه فص عق لجلل ك فن اجيته س را‪C‬‬
‫وعمل لك جهرا‪(C‬‬
‫بع د أن أفل ت ه ذا الش اب الخي اط م ن مص يدة النف س الم رأة فت ح ا قلب ه ون وره‬
‫وأصبح في عداد عباد ا الذين حظوا بإلهام الغيب تارة ف ي اليقظ ة وأخ رى ف ي‬
‫المنام وهذه هداية ل يحظى بها إل الخاصة من المجاهدين المخلصين‪.‬‬
‫وقد بي ن الح ديث النب وي ه ذه الهداي ة ب القول‪ ) :‬إذا أراد ا بعب د خي را‪ C‬فقه ه ف ي‬
‫الدين وألهمه رشده(‪.‬‬

‫‪ ‬جزاء التفكير بالمكروه‬


‫أحد النعكاسات القيمة للهداية اللهية بالنس بة للش خاص ال ذين يخض عون لتل ك‬
‫العناية اللهية هي تنبيههم إلى عيوب أنفسهم فقد جاء ف ي ح ديث ع ن رس ول ا‬
‫)ص( أنه قال ) إذا أراد ا عزوجل بعبد خيرا‪ C‬فقهه في ال دين وزه ده ف ي ال دنيا‬
‫وبصره في الدنيا وبصره بعيوب نفسه(‪.‬‬
‫وبعد أن خض ع ه ذا الش اب الخي اط للعناي ة اللهي ة الخاص ة ن ال نص يبا ‪ C‬م ن ه ذا‬
‫اللهام‪.‬‬
‫نقل آية ا أحمد الفهري أن الشيخ حكى له ذات يوم‪:‬‬
‫) كنت ذاهبا ‪ C‬في أحد اليام إلى الس وق لعم ل م ا وبينم ا أن ا أس ير ف ي الطري ق إذ‬
‫خطر بذهني تفكي ر مك روه فاس تغفرت ا من ه وحينم ا كن ت أس ير إذ م رت م ن‬
‫ج انبي إب ل تحم ل الحط ب إل ى المدين ة وفج أة رفس ني أح د الجم ال ول ول أنن ي‬
‫ابتعدت عنه سريعا ‪ C‬لوجعتني رفسته ف ذهبت إل ى المس جد وبقي ت أفك ر ف ي عل ة‬
‫هذا المر ودعوت ا أن يطلعني على حقيقة المر فقيل لي في عالم المعنى‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫هذا نتيجة تفكيرك بالمكروه الذي خطر ببالك!‬
‫فقلت‪ :‬ولكنني لم أقترف ذنبا ‪C‬‬
‫فقيل لي‪ :‬ولذلك رفسة الجمل لم تصبك‪.‬‬

‫‪ ‬العبرة من مصير بلعم بن باعوراء‬


‫م ن جمل ة الش خاص ال ذين أعجب وا بالش يخ ه و آي ة ا المي رزا محم ود‪ -‬إم ام‬
‫جمع ة زنج ان‪ -‬وه و رج ل غزي ر العل م وك ان م ن تلمي ذ المي رزا الن ائيني فق د‬
‫أعجب هذا الرجل‪ -‬مع لديه من علم‪ -‬بما يتصف ب ه الش يخ م ن ص فاء ونوراني ة‬
‫وورع عل ى الرغ م م ن ع دم اكتس ابه لش ئ م ن العل وم المتداول ة ف ي الوس اط‬
‫العلمية الدينية‪.‬‬

‫قال الشيخ يوما ‪:C‬‬


‫)جاءني ذات مره إمام جمعة زنجان وبرفقته جماعة من وجه اء طه ران فع رف‬
‫ل ي الش خاص المرافقي ن‪ ...‬ونتيج ة لك ثرة الش خاص الواف دين عل ي أخ ذت‬
‫تراودني وساوس بأنني قد صرت شخصا ‪ C‬مرموقا ‪ C‬بحيث أصبحت تفد علي كب ار‬
‫الشخصيات‪ ...‬وفي الليل عرضت لي حال ة غريب ة ش عرت عل ى أثره ا بالض يق‬
‫والك رب ف دعوت ا متض رعا ‪ C‬أن يكش ف عن ي ه ذه الحال ة فع اد إل ى الص فاء‬
‫الباطني وسرحت في تفكي ر عمي ق وقل ت ف ي نفس ي ل و أن ه ذه الحال ة ك انت ق د‬
‫استمرت فماذا سيكون مصيري؟ ولم حصل لي ما حصل ؟ وبينم ا أن ا عل ى ه ذا‬
‫الحال من التفكير وإذا بهم يعرض ون عل ي بلع م ب ن ب اعورا وق الوا ل و اس تمرت‬
‫بك تلك الحالة لل مصيرك إلى م ا آل إلي ه مص ير ه ذا الش خص ولك انت نتيج ة‬
‫جه ودك وأتعاب ك أن تك ون ل ك وج اهه ف ي ال دنيا وي وم القيام ة تحش ر م ع‬
‫الشخصيات الدنيوية وليس لك في الخرة من نصيب‪.‬‬

‫وانتهت هذه القضية وكنا في أيام الجمعة نقيم مجلسا ‪ C‬وامت د بن ا المجل س ف ي أح د‬
‫اليام إلى قريب الظهر فقال صاحب الدار وبقية الصدقاء تتناولون الغ ذاء هن ا؟‬
‫فقلن ا نع م وتغ ذينا مع ا ‪ C‬وف ي الس بوع الت الي امت د بن ا المجل س إل ى الظه ر أيض ا ‪C‬‬
‫ومدوا الخوان المائدة أكثر تنوعا ‪ C‬مما كانت عليه في السبوع الماضي وتكررت‬
‫ه ذه الحال ة ع دة أس ابيع وف ي إح دى الم رات امتلت الم ائدة ب أنواع مختلف ة م ن‬
‫الطعام وفي وسطها قالب زبد ق د جل ب النظ ار فخط ر بب الي ‪ ...‬أن ه ذه الم ائدة‬
‫أقيم ت م ن أجل ي وإنن ي أن ا أس اس المجل س وإنم ا دع ي بقي ة الص دقاء بس ببي‬
‫وعلى هذا المبنى فإنني أولى من غيري بأكل هذا الزبد‪ .‬وانطلقا ‪ C‬من هذه الفكرة‬

‫‪28‬‬
‫تن اولت خ بزا‪ C‬وبينم ا أم د ي دي لخ ذ الزب د وإذا أرى بلع م ب ن ب اعورا واقف ا ف ي‬
‫زاوية الغرفة ينظر إلي ضاحكا ” فسحبت يدي‪.‬‬

‫‪ ‬تبيت شبعانا ‪ j‬وجارك جائع؟‬


‫يقول أحد تلميذ الشيخ إنه سمعه يقول رأيت ف ي إح دى اللي الي ف ي ع الم الرؤي ا‬
‫وكأني مجرم أقاد إلى السجن وفي صبيحة اليوم التالي ش عرت بالس تياء وبقي ت‬
‫أسائل نفس ي ع ن س بب تل ك الرؤي ا وعلم ت بفض ل ا أن موض وع تل ك الرؤي ا‬
‫يتعلق بجاري فطلبت من زوجتي تقصى المر وإعلمي بالخبر‪.‬‬
‫كان جاري يعمل بنا ‪C‬ء وعلمنا أن ه م رت علي ه ع دة أي ام ك ان خلله ا ع اطل‪ C‬ع ن‬
‫العمل وقد بات الليلة الماضية وه و وزوجت ه ج ائعين وق الوا ل ي الوي ل ل ك أتن ام‬
‫شبعانا ‪ C‬وجارك جائع؟!‬
‫كنت أدخر ف ي حينه ا م ن النق ود ثلث ة عباس يات فأخ ذتها وأض فت إليه ا عباس يا ‪C‬‬
‫آخر اقترضته من بقال المحلة وقدمتها إلى جاري مع العتذار إلي ه وطلب ت من ه‬
‫أن يخبرني متى ما كان عاطل‪ C‬عن العمل أو لم يكن لديه نقود‪.‬‬

‫‪ ‬محبة الولد في ا‬
‫قال سماحة الشيخ في إحدى المرات ) رأيت في إحدى اللي الي حجاب ا ‪ C‬ل أس تطيع‬
‫اختراقه والوصول إلى محبوبي فاستطلعت حقيق ة الم ر ووج دت بع د التض رع‬
‫إلى ا أن ذلك الحجاب جاء نتيجة لمشاعر الحب التي خطرت في ذهني عص ر‬
‫أمس حينما كن ت أمع ن النظ ر لقام ة ول دي الجميل ة وقي ل ل ي أن يج ب أن يك ون‬
‫حبك إياه ل فاستغفرت ربي‪(...‬‬

‫‪ ‬كثرة الكل تولد الحجب )حجاب الطعام(‬


‫نقل أحد محبي الشيخ‪ :‬أحس الشيخ بض عف ف ي ب دنه وه و ف ي مجل س ك ان يقع د‬
‫ف ي دار أح د أص دقائه قب ل أن يب دأ بالح ديث فطل ب رغيف ا ‪ C‬فج اءه ص احب ال دار‬
‫بنصف رغيف فتناوله وبدأ بعد ذلك بالحديث في ذلك المجلس وف ي الليل ة التالي ة‬
‫قال‪:‬‬
‫)سلمت الليلة الماضية على الئمة لكني لم أراهم فتوس لت إل ى ا لمعرف ة س بب‬
‫عدم رؤيتي لهم فقيل لي في عالم المعن ى‪ :‬لق د أكل ت نص ف ذل ك الرغي ف ف زال‬
‫ضعفك فلماذا أكلت النصف الثاني؟!‬
‫ل بأس أن يأكل المرء من الطعام ما يسد رمقه ولكن كل ما زاد عن ذل ك يح دث‬
‫في القلب حجابا ‪ C‬وظلمة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫‪ ‬الكمال المعنوي‬
‫هناك حديث مشهور يعرف عند أه ل المعرف ة بح ديث ) التق رب بالنواف ل( وه و‬
‫حديث نقله مح دثو الش يعة والس نة – بش ئ م ن التف اوت – ع ن رس ول ا )ص(‬
‫أنه قال‪) :‬قال ا عزوجل ‪ ...‬م ا تق رب إل ي عب د بش ئ أح ب إل ى مم ا افترض ت‬
‫عليه وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه ف إذا أحببت ه كن ت س معه ال ذي يس مع ب ه‬
‫وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينط ق ب ه وي ده ال تي يبط ش به ا‪ :‬إن دع اني‬
‫أجبته وإن سألني أعطيته(‬
‫والمقصود بالنافلة في أحاديث )التقرب بالنوافل( ه ي جمي ع العم ال ال تي يؤديه ا‬
‫النس ان دون الواجب ات وتك ون س ببا ‪ C‬ف ي س مو حركت ه باتج اه الكم ال المطل ق‬
‫والمقصود السمى للنسانية‪.‬‬
‫يس تطيع النس ان‪ -‬اس تنادا‪ C‬إل ى ه ذه الح اديث – أن يتق رب م ن خلل العم ال‬
‫الصالحة إلى ا خطوة خطوة إلى أن يبلغ الغاي ة القص وى للعبودي ة بحي ث تك اد‬
‫عينه ل ترى شيئا ‪ C‬إل ل ول تسمع أذنه شيئا ‪ C‬إل ل ول يتلف ظ لس انه بش ئ إل ف ي‬
‫سبيل ا ول يطلب قلبه شيئا ‪ C‬إل ا‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى إذا ذابت إرادة المرء ف ي إرادة ا يص ير ا – كم ا يفي د التع بير‬
‫الوارد في أحاديث التقرب بالنوافل – عينه وأذنه ولس انه وقلب ه إل ى أن ين ال ف ي‬
‫ختام المط اف ج وهر العبودي ة وه و الربوبي ة وه ذا م ا ع بر عن ه س ماحة الش يخ‬
‫بقوله‪:‬‬
‫إذا كانت العين تبصر في سبيل ا تصبح )عين ا( وإذا كانت الذن تس مع ف ي‬
‫سبيل ا تصبح )أذن ا( وإذا كانت اليد تعمل في سبيل ا تص بح )ي د ا( إل ى‬
‫ان يصل المر إلى القلب فيكون عرش ا حيث قيل‪:‬‬
‫)قلب المؤمن عرش الرحمان(‬
‫‪C‬‬
‫وقال المام الحسين )ع( )جعلت قلوب أولئك مسكنا لمشيئك(‬
‫يستدل من خلل الدراسة الدقيق ة والمنص فة لح وال الش يخ أن التح ول المعن وي‬
‫الذي حصل في حياته بسبب إعراض ه ع ن الش هوات ف ي س بيل ا‪ -‬فض ل عم ا‬
‫لقيه من التربية اللهية واللهام والمداد الغيبي‪ -‬هو الذي رفعه إلى هذه الدرج ة‬
‫م ن الكم ال المعن وي ولع ل ه ذا ه و الس ر الك امن م ن وراء ولع ه بتردي د ه ذه‬
‫البيات‪:‬‬
‫جمالك هو الذي أرشدني في مدرسة الزل‬

‫‪30‬‬
‫وكرم لطفك أوقعني في محبتك‬
‫ونفسي المارة مالية ل رتكاب الباطل‬
‫لكن فيضك أنقذني من مخالبها‬

‫‪ ‬تفكره في التوحيد‬
‫نقل أحد تلميذ الشيخ‪ -‬ممن كان على صلة به مدة تناهز ثلثي ن س نة‪ -‬أن ه ذه ب‬
‫ذات مره بأمر من سماحة الشيخ لزيارة آية ا الكوهس تاني فق ال ض من كلم ه‪:‬‬
‫كل ما كان لدى المرح وم الش يخ رج ب عل ي الخي اط إنم ا ه و التوحي د لن ه ك ان‬
‫كثير التفكر في التوحيد‪.‬‬

‫‪ ‬فناؤه في ا‬
‫وص ف ال دكتور حمي د ف رزام‪ -‬ال ي اس تفاد م ن مج الس الش يخ لس نوات طويل ة‪-‬‬
‫الشيخ على النحو التالي‪ :‬كان الشيخ علي نكوكويان رحمه ا عارف ا ‪ C‬ورع ا ‪ C‬وق د‬
‫وصل على أثر تهذيب نفس ه وص فاء ب اطنه إل ى مق ام الفن اء ف ي ا والبق اء ب ال‬
‫وبل غ بفض ل عمل ه بأحك ام الش ريعة والس لوك ف ي مقام ات وأح وال الطريق ة‬
‫وبفضل ا ورعايته حب•ه ا عزوجل منزل الحقيقة‪.‬‬
‫‪ ‬حبه ل عزوجل‬
‫وقال أحد تلميذ الش يخ ف ي وص فه‪ :‬ك ان المرح وم الش يخ مم ن س خر وج وده ل‬
‫حيث لم ير في الوجود إل ا وكان يرى ا في كل شئ وكل ما يق وله فه و ع ن‬
‫ا وكان ا هو أول كلمه وآخره فقد كان عبدا‪ C‬محبا ‪ C‬لرب ه وله ل ال بيت عليه م‬
‫الس لم وم ن الط بيعي أن التق ديس يختل ف ع ن الح ب والش يخ رج ب عل ي ك ان‬
‫محب ا ‪ C‬وك ان أب رز ص فة في ه ه ي ح ب ا والعم ل ل وم ن يحب ون ف ي الم ور‬
‫المعنوية تظهر آثار تلك المحبة في أعينهم ول م تك ن عين ا الش يخ عيني ن ع اديتين‬
‫وإنما كان يبدو وكأنه ل يرى غير ا‪.‬‬
‫ك ان يعت بر ك ل ل ذة بغي ر ا ذنب ا ‪ C‬فك ان ف ي أي ام الص يف الش ديدة الح ر يت برد‬
‫بمروحة يدوية وما إن شعر بالبرد قال‪:‬‬
‫) أستغفرك من كل لذة بغير ذكرك ومن كل راح ة بغي ر أنس ك وم ن ك ل س رور‬
‫بغير قربك ومن كل شغل بغير طاعتك(‬
‫ووصف واحد آخر من تلميذ مدى حبه ل عل ى النح و الت الي‪ :‬ك ان الش يخ عل ى‬
‫درجة من الحب ل بحيث إنه لم يكن على اس تعداد للتح دث ع ن غي ر ا إل بم ا‬
‫ه و ض روري م ن الكلم وك ان ف ي بع ض الحي ان يض رب مثل‪ C‬قص ة مجن ون‬
‫ليل ى حي ث ل م يك ن قي س ب ن المل وح الع امري يطي ق س ماع كلم آخ ر س وى م ا‬

‫‪31‬‬
‫يخص ليلى‪ :‬ويقال‪ :‬إن قيس سئل ذات مره‪ :‬هل الحق مع علي )ع( أم مع عمر؟‬
‫فقال الحق مع ليلى وكان الشيخ يقول‪ ) :‬حتى لو كانت ه ذه القص ة ل علق ة له ا‬
‫بالحقيقة فهي تقرب الحقيقة إلى الذهان(‪.‬‬

‫‪ ‬منزلته الرفيعة‬
‫لقد بلغ هذا الفتى الخياط من خلل حبه ل وكمال إخلصه أسمى منزل ة ووص ل‬
‫إلى الغاية العليا وهذا يعنى‪ -‬كما ورد في الحديث‪ -‬أنه سلك طريقا غي ر الطري ق‬
‫المتعارفة لبلوغ كمالت ومقامات أهل المعرفة‪.‬‬
‫جاء في حديث عن المام الصادق )ع( انه قال‪:‬‬
‫)إن أولي اللباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب ا‪ -‬إلى أن قال‪ -‬فإذا‬
‫بل غ ه ذه المنزل ة جع ل ش هوته ومحبت ه ف ي خ القه ف إذا فع ل ذل ك ن زل المنزل ة‬
‫الكبرى فعاين ربه في قلبه وورث الحكم ة بغي ر م ا ورث ه الحكم اء وورث العل م‬
‫بغي ر م ا ورث ه العلم اء وورث الص دق بغي ر م ا ورث ه الص ديقون إن الحكم اء‬
‫ورثوا الصدق بالخشوع وطول العبادة‬

‫‪ ‬اختراقه لجميع العوالم‬


‫ذكر أحد محبي الشيخ‪ -‬ممن رافقه سنوات طويلة‪ -‬ما ل ه م ن الكم الت المعنوي ة‬
‫بقوله‪ :‬لم يكن هناك حجاب بينه وبين ا لشدة حبه له ولهل البيت عليهم السلم‬
‫وكان قادرا”ً‪ C‬على الوصول إلى جمي ع الع والم والتح دث م ع الرواح الموج ودة‬
‫في البرزخ منذ بداية الخليفة وإلى يومنا هذا إضافة إلى ذلك ك ان إذا مش اهدة م ا‬
‫مر به كل إنسان طوال حياته فبإمكانه ذلك وباستطاعته أن يحكي بعض علئم ه‬
‫ويكشف عما يريد كشفه وفي حدود ما يؤذن له به‬

‫‪ ‬رؤيته للمكلوت‬
‫إن رؤية ملكوت السماوات والرض ببص رة القل ب تعت بر مقدم ة لمرتب ة رفيع ة‬
‫من عين اليقين وهو ما يحصل عن مشاهدة العيان كمن مشى ووقف على ساحل‬
‫البحر وعاينه‪.‬‬
‫‪Ÿ‬‬ ‫”‬
‫ض ول‹ي•كون• ‹من• ال ”موق‹ن‹ين• ﴾‬
‫‹‬ ‫ر‪Ÿ‬‬‫•‬ ‫ت •وال‬ ‫”‬
‫﴿ •و •ك •ذل‹ك ن” ‹رى إ‹ب •ر ‹هي •م •ملكوت الس •م •و ‹‬
‫•‬ ‫‪Ÿ‬‬
‫ج اء ف ي ح ديث ع ن رس ول )ص( أن ه ق ال‪) :‬ل ول أن الش ياطين يحوم ون عل ى‬
‫قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت(‬
‫وك ل ال ذين اس تنفذوا أنفس هم م ن مك ائد النف س والش يطان تنكش ف الحج ب ع ن‬
‫قلوبهم فيستطيعون مشاهدة ملك وت الس ماوات والرض ف ي ص ف )أول و العل م(‬

‫‪32‬‬
‫وإلى جانب الملئكة‪.‬‬
‫‪Ÿ‬‬ ‫”‬ ‫”‬
‫﴿ ش ‹ه •د ا” أ•نه” ل إ‹ل•ه• إ‹ل ه” •و •و ال •مل•ئ •كة •و أولوا ال ‹عل ‹م﴾‬
‫‪Ÿ‬‬ ‫”‬ ‫‪Ÿ‬‬
‫ينق ل أح د تلمي ذ الش يخ ق ائل‪ :C‬س ألت المرح وم الح اج المق دس ه ل ص حيح أن‬
‫رسول )ص( قال‪:‬‬
‫)لول أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت(؟‬
‫فقال‪ :‬نعم‬
‫قلت‪ :‬وهل ترى أن ملكوت السماء والرض؟‬
‫فقال‪ :‬ل ولكن الشيخ رجب علي الخياط كان يرى ذلك‬

‫‪ ‬الشيخ في سن الستين‬
‫نقل عن المرحوم الشيخ عبد الكريم حامد ‪ :‬أن الشيخ في سن الستين كان حالة إذا‬
‫أمعن النظر فيما يريد عرف كل ما يريد‪.‬‬

‫‪ ‬أين علمي من علمه؟!‬


‫يقول الدكتور حميد فرزام‪ :‬كنت أذهب إلى الشيخ في ليالي الجمعة وأش ارك ف ي‬
‫صلة الجماعة والدعاء فتبادرت إلى ذهني أسئلة ل ب د م ن طرحه ا عل ى الش يخ‬
‫في لقاء خاص‪ .‬ولهذا فكرت في زيارته في منتصف السبوع‪.‬‬
‫وجئت ه عص ر ي وم الثني ن بخص وص ه ذه الس ئلة فوج دت ف ي مجل س الش يخ‬
‫المرحوم حجة السلم الدكتور محمد محققي وهو أستاذ جامع ة ووكي ل لي ة ا‬
‫البروجردي وكان رجل‪ C‬نورانيا ‪ C‬ولم تكن لي معرفة سابقة به ولم أك ن رأيت ه م ن‬
‫قب ل وعل ى ك ل ح ال فق د اس تأذنت منهم ا وجلس ت واس تقيت ف ائدة ك برى م ن‬
‫محاورتهما‪.‬‬
‫وانتهى اللقاء قبيل الغروب واس تن ال دكتور محقق ي للنص راف وبع ده بلحظ ات‬
‫ودعت الشيخ وأسرعت باللتحاق بالدكتور فاستوقفته وقلت له‪:‬‬
‫أريد إن تعرفني بنفسك أكثر؟ فق ال‪ :‬اس مي محقق ي وعمل ي معل م فقل ت ل ه‪ :‬إنن ي‬
‫أحضر مجلس الشيخ لجل الستفادة أما أنت ففي غن ى ع ن ه ذا وك ان غرض ي‬
‫أن أرى بماذا يجيبني فقال ل يا سيدي إن معلوماتن ا م ا ه ي إل مج رد معلوم ات‬
‫تعلمناها من الكتب الدراسية ولكن تعال وانظر ماذا عند الشيخ من معلومات فقد‬
‫بلغ مرحلة يرى فيها الكثير من الشياء فأين عملي من علمه؟!‬
‫قلت‪ :‬وكيف ذلك؟‬
‫قال‪ :‬في المرة الولى التي زرته بها سألني‪ -‬بعد التحية والسلم‪ -‬عن عملي‬
‫فقلت ‪ :‬معلم‬

‫‪33‬‬
‫فقال‪ :‬وماذا غير التعليم؟‬
‫قلت‪ :‬أستاذ في الجامعة وأدرس‪.‬‬
‫قال‪ :‬ل ولكن أرى انك تشتغل أشياء كروية الشكل!‬
‫فتفاجأت من كلم الشيخ وقل ت‪:‬نع م من ذ س نوات طويل ة وأن ا أش تغل ف ي ص ناعة‬
‫)كرات جغرافية( وأبيعها لتمشية أموري المعاشية ول أحد يعلم بهذا!‬
‫ثم بدأ ال دكتور ف رزام يتح دث ع ن ذكري اته ف ي ه ذا المج ال تأي دا‪ C‬لكلم ال دكتور‬
‫محققي قائل‪ :C‬نعم مواقف كثيرة من ه ذا الن وع ول و أردت التح دث عنه ا كله ا ل‬
‫ستلزم ذلك أطنانا ‪ C‬من الورق فنتيجة لجهود الشيخ في تهذيب نفسه وصفاء باطنه‬
‫يرى بكل بساطة أش ياء ك ثيرة ويبينه ا ب دون )الس تغراق ف ي بح ر المكاش فة( –‬
‫كما يقول العرفاء المتصوفة‪ -‬حيث صرح م رات عدي دة أم ام مح بيه‪ ،‬ق ائل‪) :C‬ي ا‬
‫أصدقائي لقد من ا علي بكرامة فأنا أشاهد الشخاص وهم في عالم البرزخ(‬
‫وبهذه المناسبة سأذكر في ما يلي عدة مواقف من هذا النوع‪:‬‬

‫الول‪ :‬مساعدته للعامل‪:‬‬


‫ك ان ف ي محلتن ا عام ل اس مه )عل ي قض اتي( وه و رج ل ص الح م ن أه الي‬
‫آذربايجان يعمل أحيانا في الدور المجاورة أو في دارنا مقابل أج ور قليل ة وك ان‬
‫يرتدي في فصلي الصيف والشتاء ثيابا ‪ C‬عسكرية طويلة ول م ي ره الش يخ م ن قب ل‬
‫وفي يوم من اليام وبدون أي مقدمة قال لي الشيخ‪:‬‬
‫)الرجل الطويل الذي يرتدي ثيابا ‪ C‬عسكرية ويأتي للعم ل ف ي دارك م أحيان ا رج ل‬
‫‪C‬‬
‫مسكين ويعيل اسرة كبيرة ويجب أن تقدموا له مزيدا‪ C‬من العون(‬

‫الثاني‪ :‬تنهزم من الميدان سريعا‪!C‬‬


‫خرجت في صبيحة يوم من أيام الخميس من البيت في حالة غضب وفي الس ماء‬
‫حينما جئت إل ى الش يخ ك ان س ائر الص دقاء يتهي أون لص لة المغ رب وس ماحة‬
‫الشيخ ج الس ف ي أح د أرك ان الغرف ة وعن دما وق ع بص ره عل ي ق ال )تنه زم م ن‬
‫المي دان س ريعا( وه ز رأس ه متعجب ا ‪ C‬ث م ق رأ ه ذا ال بيت وه و م ن أش عار ح افظ‬
‫الشيرازي‪:‬‬

‫يجب السير رقصا ‪ C‬تحت سيف أحزان‬


‫فمن يقتل بذلك السيف يكون قد انتهى على خير العاقبة‬

‫فانتبهت إلى خطئي فورا‪.C‬‬

‫‪34‬‬
‫الثالث‪ :‬أراه يشيب رأسه ولحيته‪:‬‬
‫قبل حوالي أربعين سنة شعرت بضعف في القلب وأحسست بأن حالتي الص حية‬
‫خطيرة فخبرت الدكتور كويا بأن وض عي لي س عل ى م ا ي رام وم ن المحتم ل أن‬
‫‪ ...‬ويبدو أن الدكتور كويا أخبر الشيخ أثناء غيابي بحالتي الصحية فقال له‪:‬‬
‫)ليكن مطئمن البال فإنني أرى شعر رأسه ولحيته سيبيض شيبا‪(C‬‬
‫والظاهر انه قال أيضا ‪) C‬سيبلغ من العمر سبعين أو ثمانين سنة(‬
‫والحمد ل فقد تجاوزت الن السبعين من عمري‬
‫وسأعرض عن ذكر أمثال هذه المطالب تجنب ا ‪ C‬للطال ة وانتق ل إل ى ذك ر مط الب‬
‫أسمى من مرتبة رؤية المور والشياء‪:‬‬

‫الرابع‪ :‬التصال بروح والدي الدكتور فرزام‬


‫في حوالي ع ام ‪1377‬هـ‪.‬ق )‪1337‬هـ‪.‬ش( أي ف ي أواخ ر عم ر الش يخ تق رر أن‬
‫أسافر إلى مدينة لهور الباكستانية لتدريس اللغة ولدب الفارسي في جامعتها‪.‬‬
‫وفي عصر أحد اليام جئت لستشارة سماحة الشيخ ف ي موض وع ذه ابي وقل ت‬
‫له‪ :‬لقد جئتكم للتشاور في أمر ذهابي إلى الباكس تان فه ل م ن الممك ن أن تش اور‬
‫م ع وال دي ووال دتي ح ول ه ذا الموض وع؟ فق ال‪) :‬ص ل عل ى الن بي وآل ه ثلث‬
‫مرات( وشرع بالتحدث معهما ثم بكى فتألمت وقلت له‪ :‬لو كن ت أعل م أن ك تت ألم‬
‫وتبكي لما طلبت منك التشاور معهما‪.‬‬
‫فق ال‪) :‬ل س يدي ولك ن س ألتهما ع ن ظه ور ص احب الزم ان )عج ل ا فرج ه(‬
‫فبكيت لهذا السبب(‪.‬‬
‫وبعد أن وص ف ل ي ش كل وملم ح وال دي ق ال‪) :‬ك انت وال دتك ترت دي الحج اب‬
‫)جادر( وتغطي وجهها وتتحدث بلهجة كرمانية ولم أفهم بعض كلماتها(‬
‫قلت‪ :‬أجل يا سماحة الشيخ إذا تحدثوا باللهجة الكرمانية يصعب عليكم معرفة ما‬
‫يتحدثون به ثم قال الش يخ‪ :‬وخلص ة كلمهم ا ه ي أن ك ل ت ذهب إل ى الباكس تان‬
‫ولي شئ ت ذهب؟! ول م يتيس ر ل ي ال ذهاب إل ى الباكس تان واتض حت ل ي ص حة‬
‫كلمهما وكلم الشيخ‪.‬‬

‫‪ ‬سبب العلقة بين الدكتور )أبو الحسن شيخ( والشيخ الخياط‬


‫نق ل لن ا نج ل الش يخ رج ب عل ي أن المرح وم ال دكتور )أب و الحس ن ش يخ( ك ان‬
‫يتحدث عن بداية معرفت ه بالش يخ بق وله‪ :‬ك ان س بب معرف تي بالش يخ ه و اختف اء‬
‫زوج تي حي ث ل م نع ثر عليه ا رغ م بحثن ا المتواص ل عنه ا لع دة أش هر وراجعن ا‬

‫‪35‬‬
‫الكثير من أهل الباطن لهذا الغرض ولكن دون جدوى‪.‬‬
‫وف ي ي وم م ن الي ام اع ترتني حال ة ش ديدة م ن القل ق فأعط اني أح د الش خاص‬
‫عنوان سماحة الش يخ فقص دته وق ابلته وحينم ا رآن ي تأم ل قليل‪ C‬وق ال‪) :‬زوجت ك‬
‫في أمريكا وستعود بعد أسبوعين فل تقلق عليها(‬
‫وهذا ه و م ا حص ل تمام ا ‪ C‬؛ إذ ك انت زوج تي ف ي أمريك ا ث م ع ادت ‪0‬وبع د ه ذه‬
‫الحادثة كنت في أغلب اليام أمر عل ى الش يخ بع د انته اء عمل ي ف ي الجامع ة ث م‬
‫أذهب بعد ذلك إلى البيت‪.‬‬
‫وقال الدكتور أبو الحسن شيخ في اللقاء الذي أجري معه بتاريخ ‪ 15‬ربي ع الول‬
‫‪1415‬هـ‪.‬ق )‪11/5/1375‬هـ‪.‬ش( حول تدوين هذا الكتاب‪:‬ذهبنا معه في يوم من‬
‫الي ام إل ى المنطق ة )ب س قلع ة( واس تأجرنا ل ه حم ارا‪ C‬هن اك فركب ه وأخ ذت أن ا‬
‫بزمام الحمار أقوده وقلت في نفسي ماذا ينفعني عملي كأس تاذ ف ي الجامع ة؟! إذا‬
‫أردت أن أصبح أستاذا‪ C‬يجب علي أن أسلك هذا الطري ق وأقتف ي أث ر ه ذا الرج ل‬
‫خطوة خطوة لكون مثل ه‪ .‬وف ي إح دى الم رات ذهب ت مع ه إل ى ك ربلء ودخلن ا‬
‫الحمام هناك ودلكت له ظهره ففي صحبتي للشيخ كنت أشعر بالبهجة‪.‬‬

‫‪ ‬السيارة جاهزة للحركة!‬


‫يقول ال دكتور ثب اتي‪ :‬ف ي أح د الي ام اتف ق س ماحة الش يخ م ع المي رزا س يد عل ي‬
‫والس يد أكرم ي عل ى ال ذهاب إل ى )ب ي ب ي ش هربانو( وك ان موق ف الس يارات‬
‫مزدحما ‪ C‬بالمسافرين وعندما جاءت الحافلة الولى قال الشيخ‪:‬‬
‫)ليس من نصيبنا الركوب في هذه الحافلة(‬
‫ف امتلت بالرك اب وانطلق ت وج اءت حافل ة ثاني ة فق ال‪) :‬ل نص يب لن ا ف ي ه ذه‬
‫الحافلة أيض ا‪ (C‬ف ازدحم عليه ا الن اس وركب وا وبق ي الش يخ وق ال الش يخ )س يكون‬
‫نصيبنا الركوب في الحافلة الثالثة(‬
‫وعن دما ج اءت الحافل ة الثالث ة ازدح م عل ى أبوابه ا المس افرون ح تى امتلت‬
‫بالركاب وركب السائق فشغلها فلم تشتغل فاضطر أخيرا‪ C‬أن يطل ب م ن الرك اب‬
‫أن ينزلوا من السيارة فنزلوا فقال الشيخ لرفاقه‪ :‬هيا اركبوا فركبوا فقال الس ائق‪:‬‬
‫أيها السادة هذه الحافلة عاطلة! فقال له الشيخ‪) :‬كل! إنها جاهزة تعال شغل(!‬
‫رك ب الس ائق وش غلها فاش تغلت الحافل ة وص عد بقي ة الرك اب وانطلق ت وعن دما‬
‫جمع وا الج رة ح اول الس ائق أن ل يأخ ذ من ا أج رة الس يارة ولك ن بع د أن رأى‬
‫إصرارنا على دفع الجرة قال‪ :‬إذا لن آخذ الجرة من هذا الشخص‪ -‬وأشار إل ى‬
‫الشيخ‪-‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ ‬ما أردته قد تحقق‬
‫حكى لنا الس يد إبراهي م الموس وي الزنج انجي ق ائل‪ C‬ف ي ع ام ‪1373‬هـ‪.‬ق )بهم ن‬
‫عام ‪1333‬هـ‪.‬ش( سافرت مع ع ائلتي إل ى الع راق بع د تعيين ي معاون ا ‪ C‬لمحاس ب‬
‫إدارة الجوازات اليرانية في بغداد وقبل يومين من اندلع الث ورة العراقي ة ض د‬
‫النظام الملكي رجعت برفقة عائلتي إلى إي ران إل أن وال داتي وأح د أولدي بقي ا‬
‫في مدينة الكاظمية وفي اليوم الت الي أعلن ت وك الت النب اء خ بر ان دلع الث ورة‬
‫العراقية وقد أغلقت الحدود فانتابتني حالة قلق شديد عل ى وال دتي وول دي الل ذين‬
‫تركتهما هناك وراجعت السفارة العراقية بطه ران م رات عدي دة للحص ول عل ى‬
‫تأشير الدخول إلى العراق وكان هناك أشخاصا ‪ C‬آخرون في حالة مشابهة لح التي‬
‫وقد راجعوا السفارة وتلقوا منها ردا‪ C‬سلبيا‪.C‬‬
‫أدى سماع ال ردود الس لبية إل ى تف اقم قلق ي واق ترنت تل ك الي ام م ع ش هر مح رم‬
‫فتوجهت بهذه المناسبة إلى قم وذهبت لزيارة ضريح الس يدة المعص ومة ووقف ت‬
‫عن د رأس الس يدة معص ومة وأخ ذت أتوس ل إل ى ا وص ليت الص لة الخاص ة‬
‫بالم ام موس ى ب ن جعف ر)ع( متوس ل‪ C‬ب ه للحص ول عل ى تأش يرة ال دخول بع د‬
‫يومين عدت إلى طهران وكان لي زميل اسمه احم د في ض المه دوي طل ب من ي‬
‫يوم ذاك إع داد لق اء لب ن عم ه المرح وم س ماحة الحج ة ض ياء ال دين في ض‬
‫المهدوي مع سماحة الشيخ رجب علي الخياط فذهبت برفق ة الش يخ ض ياء ال دين‬
‫إلى منزل الشيخ ودخلنا إل ى غرفت ه المتواض عة ال تي ك ان نص فها مفروش ا ‪ C‬فق ط‬
‫طل ب م ن الش يخ ق راءة س ورة الخلص س بع م رات إذ ك ان س ماحته ش ديد‬
‫العتقاد بالعدد س بعة ث م ب دأ بالتح دث وبينم ا ك ان منش غل ف ي ال وعظ والرش اد‬
‫التفت إلي وقال‪:‬‬
‫)لقد زرت خير زيارة وقد استجيبت دعوتك وآثارها واضحة وأسألك الدعاء(‬
‫فسألته‪ :‬أي زيارة تقصد؟‬
‫قال‪) :‬زيارة لقم(‬
‫وواصل حديثه في الوعظ والرشاد‬

‫‪ ‬الدعاء على الغير يجلب الظلمة‬


‫وف ي تل ك الثن اء ت وجه س ماحة الش يخ بالخط اب إل ى الح اج ض ياء ال دين في ض‬
‫المهدوي قائل‪:C‬‬
‫)ل تك ثر م ن ال دعاء عل ى أح د لن ال دعاء عل ى الغي ر يجل ب الظلم ة وعلي ك‬
‫بالدعاء له(‬
‫فقال له الحاج ضياء الدين‪ :‬سمعا ‪ C‬وطاعة وقد كان هذا التنبيه خلل الحديث شيئا ‪C‬‬

‫‪37‬‬
‫مبهما ‪ C‬في نظري وفي اليوم التالي شرحت لزميلي أحم د في ض المه دوي م ا دار‬
‫في لقاء المس وسألته ما هي قضيه ال دعاء ال ذي يك ثر من ه الح اج ض ياء ال دين‬
‫على أحد الشخاص؟ فقال‪ :‬ابن عمي الحاج ضياء ال دين ل ديه اب ن يحم ل أقك ارا‪C‬‬
‫شيوعية ولهذا يدعوا عليه بعد كل الصلة!‬
‫أما م ا يخ ص اس تجابة دع وتي ال تي أش ار إليه ا أثن اء كلم ه فق د أدرك ت س رها‬
‫حينما راجعت السفارة العراقي ة بع د ي ومين فعن دما وص لت إل ى الس فارة ورآن ي‬
‫الموظف ق ال ل ي‪ :‬أعطن ي ج واز س فرك لختم ه! وخت م ج وازي ب الختم الملك ي‬
‫الس ابق وش طب عل ى كلم ة )الجمهوري ة( وك ان تص رف ه ذا الموظ ف م دعاة‬
‫لدهشة الحاضرين وبعد حصول الموافقة سافرت إلى بغداد وتبين لي أن ص حفيا ‪C‬‬
‫أمريكيا واحد فقط استطاع أن يدخل إلى بغداد قلبي‪.‬‬

‫‪ ‬أخباره عن تواضع الزهد‬


‫نقل أحد تلميذ الشيخ أن أح د أص دقائه ق ال‪ :‬عن دما لح د الش يخ مرتض ى الزاه د‬
‫في القبر قال سماحة الشيخ‪:‬‬
‫)خاطب الباري تعالى منك را‪ C‬ونكي را‪ C‬مباش رة‪ :‬ل ش أن لكم ا بعب دي ه ذا واترك اه‬
‫لي‪ ...‬فقد كان طوال عمره متواضعا ‪ C‬للناس في سبيلي ول م تل ج ف ي قلب ه ذرة م ن‬
‫الشعور بالغرور والتكبر(‪.‬‬

‫‪ ‬تكلمه مع النباتات‬
‫”‬
‫نقل أحد تلميذ الشيخ ان ه ق ال‪) :‬إن النبات ات حي ه أيض ا وأن ا أتح دث معه ا وه ي‬
‫تصرح لي بخواصها(‪.‬‬

‫‪ ‬رويته لمخترع المروحة‬


‫ونق ل اح د تلمي ذه أن الش يخ ق ال ذات م ره ) ق دموا ل ي ف ي أح د الي ام مروح ة‬
‫كهداية فرأيت في جهنم –البرزخ‪-‬مروحة أمام مخترعها(‪.‬‬
‫وه ذه مكاش فة تؤي د مفه وم الرواي ات ال تي تش ير إل ى أن الكف ار وإن ك انوا ل‬
‫يدخلون الجنة ولكنهم إذا عملوا أعمال‪ C‬صالحة فهم ينالون ثوابها‪.‬‬
‫فقد ورد في الحديث عن رسول )ص( أنه قال‪ ) :‬ما أحسن محسن م ن مس لم ول‬
‫كافر إل أثابه ا‪ .‬قيل‪ :‬ما إثابة الكافر؟ ق ال‪ :‬إن ك ان ق د وص ل رحم ا ‪ C‬أو تص دق‬
‫بصدقة أو عمل حسنة أثابه ا تع الى الم ال والول د والص حة وأش باه ذل ك؟ قي ل‪:‬‬
‫وما إثابته في الخرة؟ قال‪ :‬ع ذاب دون الع ذاب وق رأ ﴿أدخل وا ءآل فرع ون أش د‬
‫العذاب﴾‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ ‬استجابة دعاء الشيخ‬
‫‪C‬‬
‫ذكر أحمد أصدقاء الشيخ أن أحد تلميذ الشيخ كانت زوجته عاقرا وطرق جميع‬
‫البواب ولك ن دون ج دوى إل ى أن طل ب م ن الش يخ أن يرش ده إل ى س بيل للح ل‬
‫وقال‪ :‬أريد ولدا‪ C‬ليكون خلفا ‪ C‬لي بعد مماتي‪.‬‬
‫فقال له الشيخ‪) :‬س أعطيك الج واب فيم ا بع د( مض ت م دة م ن الزم ن ل م أع رف‬
‫ماذا أجاب الشيخ تلميذه إلى أن دعني ذات مره إلى وليمة فسألته‪ :‬وما سبب ه ذه‬
‫الوليمة؟‬
‫فق ال ل ي‪ :‬لق د رزقن ي ا بنت ا ‪ C‬فت ذكرت كلم الش يخ ال ذي دار ف ي مجل س الش يخ‬
‫وسألته هل أستجيب دعاء الشيخ؟ قال نعم أستجيب ولكن بشرط قلت كي ف؟ ق ال‬
‫ش رط عل ي أن أذب ح ف ي ي وم ميلد الطفل ة م ن ك ل ع ام عجل‪ C‬ف ي قري ة "م زار‬
‫السيد أبي الحس ن"‪ -‬وه ي قري ة تابع ة لمدين ة ري‪ -‬وأوزع ه له الي تل ك القري ة‬
‫واليوم هو مرور السنة الولى من ذلك الشرط‪.‬‬
‫وقد وفى بالشرط مدة سبع سنوات وفي السنة الثامنة كان في الخارج تعذر علي ه‬
‫الوف اء بعه ده فت وفيت الطفل ة ف ي تل ك الس نة فت ألم عليه ا ك ثيرا‪ C‬وف ي أح د الي ام‬
‫أردت الذهاب إلى مجلس الشيخ فقل ت ل ه‪ :‬ه ل بإمكان ك أن ت ذهب مع ي إل ى دار‬
‫الشيخ هذه الليلة؟‬
‫فقال‪ :‬نعم‬
‫‪C‬‬
‫ذهبت قبله وشرحت للشيخ أن فلنا مت ألم لوف اة طفلت ه فق ال‪) :‬وم اذا فع ل؟ ألي س‬
‫من صفات المسلم الوفاء بالعهد؟ إنه لم يف بعهده(‪.‬‬
‫وبعد أن جاء صاحبنا مازحه الش يخ قليل‪ C‬ث م ق ال ل ه‪ ) :‬ل تت ألم ف إن ا عوض ك‬
‫عنها بعدة قصور في الجنة ولكن إياك أن تهدمها(‪.‬‬

‫‪ ‬إخباره عن المال المسروق‬


‫‪C‬‬
‫بعد وفاة الشيخ حكى شخص لحد أبنائه قليل‪ :‬بعت داري وذهب ت لب داع الم ال‬
‫في المصرف فوجدته مغلق البواب فرجعت بالمال إل ى ال دار وف ي اللي ل س رق‬
‫الم ال فراجع ت مراك ز الش رطة ول م أحص ل عل ى أي ة نتيج ة فتوس لت بص احب‬
‫الزمان)ع( وفي الليلة الربعين من التوسل رأيت في المنام م ن أعط اني عن وان‬
‫دار الشيخ وفي الصباح الباكر جئت إلى دار الشيخ وقصصت علي ه أم ري فق ال‬
‫لي‪) :‬أنا ل أكتب الحراز ول أنا فوال والظاهر أنك جئت خطأ(!‬
‫قلتك أقسم بحق جدي أنني لن أترك فتأمل الشيخ قليل‪ C‬ثم أدخلني إلى الدار وقال ‪:‬‬
‫)اذهب إلى مدينة ورامي ن إل ى القري ة الفلني ة ث م اقص د ال دار الفلني ة تج د فيه ا‬

‫‪39‬‬
‫غرفتين متداخلتين وأموالك موجودة في الغرفة الثانية ملفوفة في قماش حري ري‬
‫أحمر إلى جانب التن ور فادخ ل وخ ذ الم ال وأخ رج وس وف ي دعونك إل ى تن اول‬
‫الشاي فل تضغ لهم واخرج مسرعا‪.(C‬‬
‫قصدت العنوان الذي ذكره لي الش يخ‪ -‬وإذا ه و من زل خ ادمي‪ -‬فظ ن أنن ي جئت‬
‫برفق ة رج ال الش رطة وقص دت الغرف ة الثاني ة فوج دت الم ال حي ث وص ف ل ي‬
‫الش يخ فأخ ذته ودع اني ص احب المن زل لتن اول الش اي ولكنن ي ص رخت ف ي‬
‫وجوهم وخرجت‪.‬‬
‫‪C‬‬
‫كان مجموع المبلغ مئة تومان فجئت بنصفه إلى الشيخ ردا لجميله ووضعته بين‬
‫يديه ودموعي تتساقط على خدي تع بيرا‪ C‬لش كري لكن ه رف ض أن يأخ ذ من ه ش يئا ‪C‬‬
‫وبعد التوسل اللحاح وافق الشيخ على أخذ مبل غ عش رين تومان ا ‪ C‬ولك ن ل لنفس ه‬
‫بل أعاده إلي وقال‪) :‬توجد عدة عوائل فقيرة أذكر لك أسماءها وهي بحاج ة إل ى‬
‫ش راء الث اث ل زواج بناته ا يج ب علي ك ال ذهاب وش راء م ا ه و ض روري له م‬
‫وإيص اله إل ى دوره م وتس لمه بأي ديهم ويج ب أن تق وم به ذه المهم ة بنفس ك ول‬
‫توكلها إلى شخص آخر(‪ .‬ولك يأخذ الشيخ ريال‪ C‬واحد لنفسه!‬

‫‪ ‬رائحة التفاح الحمر‬


‫نقل لنا أحد أصدقاء الشيخ قائل‪ :C‬ذهبنا برفق ة الش يخ ذات م رة إل ى مدين ة كاش ان‬
‫وك ان م ن ع ادته‪ -‬إذا دخ ل إل ى مدين ة م ا‪ -‬أن ي ذهب أول‪ C‬لزي ارة مق برة تل ك‬
‫المدينة‪.‬‬
‫وعندما دخلنا مقبرة كاشان قال الشيخ‪) :‬السلم عليك يا أعبد ا(‪.‬‬
‫وبعدما تقدمنا عدة خطوات إلى المام قال ‪) :‬أل تشمون رائحة(؟‬
‫قلنا‪ :‬ل أي رائحة؟‬
‫قال‪ ) :‬أل تشمون رائحة التفاح الحمر(؟‬
‫قلنا‪ :‬ل‬
‫وبقينا نسير إلى أن وصلنا إلى مسؤول المقبرة فسأله الشيخ‪) :‬هل دفن أحد الي وم‬
‫هنا(؟‬
‫قال ‪ :‬نعم فدلنا على قبر جديد وقال دفنوا اليوم شخصا ‪ C‬في هذا المكان‪.‬‬
‫وشممنا كلنا منه رائحة التفاح الحمر فسألنا الشيخ ما هذه الرائحة؟‬
‫فقال‪) :‬عندما دفن هذا الميت هنا جاءه سيد الش هداء علي ه الس لم فببرك ة وج وده‬
‫عليه السلم رفع العذاب عن أهل هذه المقبرة في هذا اليوم(‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ ‬ثواب من غض نظره‬
‫ونقل شخص آخر‪ :‬كانت لدي سيارة أجرة وكن ت متجه ا ‪ C‬فيه ا م ن مي دا "س باه"‪-‬‬
‫حاليا‪ -‬نحو الجنوب فرأيت سيدة طويل ة القام ة وجميل ة ترت دي "ج ادر" أش ارت‬
‫لي بالتوقف فوقفت وغضضت بصري واستغفرت رب ي فركب ت وأوص لتها إل ى‬
‫مقصدها وفي اليوم التالي جئت إلى الشيخ فقال لي وكأنه ق د ش اهد ذل ك الموق ف‬
‫عن قرب )من ك انت تل ك الس يدة الطويل ة ال تي نظ رت إليه ا ث م ص رفت وجه ك‬
‫عنها؟ فبغض بصرك عنها ادخر ل ك رب ك قص را‪ C‬ف ي الجن ة وحوري ة تش به تل ك‬
‫السيدة(‪.‬‬

‫‪ ‬النار في المال الحرام‬


‫كان هن اك مجل س في ه رج ل منهم ك يم ارس الس حر والش عوذة وك ان أح د أبن اء‬
‫الشيخ موجودا‪ C‬هناك ونقل لنا قائل‪ :C‬تعمدت عرقلة عمل ه فل م يس تطيع القي ام ب أي‬
‫عمل ثم انتبه إلى أنن ي أن ا ال ذي عرقل ت عمل ه فطل ب من ي بتض رع أن ل أقط ع‬
‫رزقه ثم قدم لي س جادة ثمين ة كهدي ة فأخ ذتها إل ى ال بيت ولم ا رآه ا وال دي ق ال‪:‬‬
‫)م ن أعط اك ه ذه الس جادة ال تي ينبع ث منه ا ن ار ودخ ان؟ أع دها إل ى ص احبها‬
‫فورا‪.(C‬‬

‫‪ ‬عطب جهاز الموسيقى‬


‫نقل لنا أحد أبن اء الش يخ ق ائل‪ :C‬ذهب ت ذات م رة برفق ة وال دي إل ى حف ل الزواج‬
‫لح د أقاربن ا ولم ا عل م المض يف بق دوم وال دي طل ب م ن الش باب ال ذين ك انوا‬
‫يستمعون إلى الموسيقى أن يطفئوا الجهاز فجاؤوا لينظ روا م ن ه ذا الق ادم ال ذي‬
‫لجل ه يطف أ الجه از ولم ا رأوا وال دي ق الوا‪ :‬وه ل نطف ئ الجه از م ن اج ل ه ذا‬
‫الشخص؟ فعادوا وشغلوا الجهاز من جديد قدموا لن ا الموط ا )الي س كري م( وم ا‬
‫أن تناولت نصفها حتى قال والدي )قم لنذهب(!‬
‫فقلت له دون أن التفت إلى حقيقة المر‪ -‬لماذا هذه العجلة؟ فأن ا ل م أكم ل الموط ا‬
‫التي بيدي؟‬
‫فقال‪) :‬أجل قم بنا لنذهب( وسمعت فيما بعد أنن ا م ا إن خرجن ا م ن المن زل ح تى‬
‫احترق الجهاز فجاؤوا بجهاز آخر ف احترق أيض ا ‪ C‬ه ذا الم ر أدى إل ى أن ي دخل‬
‫المضيف في زمرة محبي الشيخ‪.‬‬

‫‪ ‬شاب عاشق يتوسل‬

‫‪41‬‬
‫قال أح د أص دقاء الش يخ ذهبن ا ذات م رة برفق ة الش يخ إل ى مدين ة مش هد وعن دما‬
‫دخلنا إلى مرق د الم ام الرض ا )ع( رأين ا إل ى ج انب ش باك الض ريح ش ابا ‪ C‬يبك ي‬
‫ويصرخ ويقسم على المام بحق والدته‪.‬‬
‫فقال لي الشيخ‪) :‬أذهب وقل له قضيت حاجتك فاذهب(‪.‬‬
‫فتقدمت إليه وقل ت ل ه م ا ق اله الش يخ فش كرني وذه ب فس ألت الش يخ ع ن قض ية‬
‫فقال ‪ ) :‬هذا الشاب يحب فتاة ويريد الزواج منها ول يعطونها له فجاء إلى المام‬
‫الرضا )ع( يتوسل به فقال المام الرضا )ع( لقد تمت القضية فليذهب(‬

‫‪ ‬ل تغضب‬
‫يقول أحد تلميذ الشيخ جرى بيني وبين أحد المتدينين ذات يوم نقاش في السوق‬
‫حول موضوع ديني علمي وقدمت له الدل ة الك ثيرة لكن ه ل م يقتن ع به ا فغض بت‬
‫لذلك وانصرفت‪.‬‬
‫وبعد ساعة جئت إل ى الش يخ وم ا أن رآن ي ق ال ‪) :‬ه ل حص لت ح دة بين ك وبي ن‬
‫شخص آخر(؟‬
‫فقصصت عليه ما جرى بيننا فقال‪ ) :‬ل تغضب في مثل هذه الحالت ولتكن ل ك‬
‫أسوة بأسلوب الئمة الطه ار عليه م الس لم وإذا رأي ت الط رف الخ ر ل يتقب ل‬
‫فاقطع الكلم(‪.‬‬

‫‪ ‬ما شأنك بلحيته‬


‫‪C‬‬
‫ينقل أحد تلميذ الشيخ ق ائل‪ :‬جئت ف ي إح دى اللي الي إل ى مجل س الش يخ ورأي ت‬
‫س ماحته مش تغل‪ C‬بالمناج اة وعن دما أخ ذت أدي ر النظ ر ف ي وج وه الش خاص‬
‫الحاضرين في المجلس وقع بصري على رجل حلي ق اللحي ة فش عرت بالس تياء‬
‫وقلت في نفسي لماذا هذا الشخص حالق لحيته؟‬
‫كان الشيخ متوجها ‪ C‬نحو القبلة وظهره باتجاهي فتوق ف ع ن ال دعاء فج أة والتف ت‬
‫إلى وقال‪):‬ما ش أنك بلحيت ه؟ انظ ر إل ى عمل ه فلعل ه يعم ل ص فة حس نة ل تت وفر‬
‫فيك( قال هذا الكلم ثم استأنف الدعاء‪.‬‬
‫‪ ‬مواجهة وساوس الشيطان‬
‫نقل لنا أحد أبناء الشيخ قائل‪ :C‬كن ت ذات ي وم أمش ي م ع وال دي ف ي الطري ق وإذا‬
‫بسيدتين متبرجتين أخذت تس ير أح داهما عل ى يمي ن أب ي والخ رى عل ى يس اره‬
‫وف ي ي د ك ل واح دة منهم ا دوام ة وتق ولن ل ه‪ :‬انظ ر أيه ا الش يخ إل ى ه اتين‬
‫الدوامتين وقل أيهما تدور أفضل؟‬
‫كنت صغير السن ول أستطيع أن أقول ش يئا ‪ C‬أم ا أب ي ف إنه ل م يعب ا ‪ C‬بهم ا ب ل ك ان‬

‫‪42‬‬
‫مطرقا ‪ C‬ويسير وهو مبتسم وبقيتا تسيران معنا عدة خطوات ثم غابتا عن النظار‬
‫فجأة فسألت أبي عنهما فقال ‪ ) :‬كانتا شيطانتين(‪.‬‬

‫الباب الثالث ‪ :‬تهذيب النفوس‬

‫الفصل الول‬

‫‪ ‬أسلوبه في تهذيب النفوس‬


‫كان الشيخ يتمتع بمق درة عالي ة عل ى تربي ة النف وس المؤهل ة للته ذيب ونق ل أح د‬
‫تلميذه حكاية حول هذا الجانب قال فيها كانت لسماحة الشيخ علقة وطي دة بآي ة‬
‫ا محمد علي الشاه آبادي وبينما كنا نسير في أحد الي ام وس ماحة الش يخ برفق ة‬
‫آية ا الشاه آبادي ق رب )مي دان تجري ش( جاءن ا ش خص وت وجه لي ة ا الش اه‬
‫آبادي بالسؤال التالي‪ :‬هل كلمك صحيح أم كلم هذا الشيخ؟ )وأشار إل ى الش يخ‬
‫رجب علي الخياط(‪.‬‬
‫فقال له المرحوم الشاه آبادي‪ :‬عن أي شئ تسأل؟ وماذا تريد؟‬
‫قال الشخص‪ :‬كلم أيكما صحيح‬
‫ق ال ل ه المرح وم الش اه آب ادي ‪ :‬أن ا أق ول الص حيح أم ا ه ذا الش يخ فهمت ه إع داد‬
‫النسان الصالح لجل بناء المجتمع‪.‬‬
‫ومع أن هذا الكلم ينم عن غاية تواضع هذا العالم الرب اني الكام ل ف إنه ي دل م ن‬
‫ج انب آخ ر عل ى م دى ت أثير كلم الش يخ ومق درته التربوي ة وبراعت ه ف ي بن اء‬
‫النسان‬

‫‪ ‬ستون عاما في الشتباه‬


‫وص ف ال دكتور حم دي ف رزام ت أثير كلم الش يخ وج اذبيته ق ائل‪ :‬ك ان الس تاذ‬
‫جلل ال دين هم اني م ن مش اهير أس اتذة جامع ة طه ران ف ي العل وم والمع ارف‬
‫وخاص ة ف ي حق ل الدب الفارس ي والعرف ان والتص وف الس لمي وم ن أب رع‬
‫مدرسي هذه الموضوعات في عهدنا وكان بمثاب ة أس تاذ ل ي حينم ا تعرف ت عل ى‬
‫الستاذ هم ائي وأن ا ف ي س ن الس ابعة عش ر ك ان ق د حق ق ف ي ذل ك ال وقت كت اب‬
‫"التفهيم لوائل صناعة التنجيم" لبي ريح ان ال بيروني و "مص باح الهداي ة " و‬
‫"مفتاح الكفاية" لعز الدين محمود الكاشاني وآلف كتب ا ‪ C‬م ن قبي ل "غزال ي ن امه"‬
‫ف ي ش رح س يرة وآث ار محم د الغزال ي بأس لوب علم ي ب ارع وكت ب مقدم ة‬

‫‪43‬‬
‫مستفيضة على كتاب "مصباح الهداية" تعتبر بحد ذاتها دورة كاملة في العرف ان‬
‫النظري والعلمي‪.‬‬
‫التقي هذا الستاذ الكبير وهو في سن الستين سماحة الشيخ رجب علي الخياط‪.‬‬
‫وحينما ذهبت لزيارة الشيخ قال لي‪):‬لقد جاءني أستاذك جلل الدين همائي وبع د‬
‫أن تحدثت معه تغير حاله وانقلب رأسا ‪ C‬على عقب وضرب بيه على جبهت ه ن دما ‪C‬‬
‫وحسرة وحدث نفسه ق ائل‪ :C‬ي ا للعج ب لق د س لكت طريق ا ‪ C‬خط ا ‪ C‬عل ى م دى س تين‬
‫عاما‪(!C‬‬
‫أجل كان كلم الشيخ على قدر ممن الت أثير بحي ث جع ل الس تاذ هم ائي‪ -‬م ع م ا‬
‫يتصف من مرتبة علميه عرفانية رفيعة يفقد‪ -‬صوابه غفر ا لهما‪.‬‬
‫وكان الشيخ يقول في أثناء مجلس الدعاء‪):‬يا أصدقائي إن ما أح دثكم ب ه ه و ف ي‬
‫غاية دروس العرفان(‬
‫وقال تلميذ آخر من تلميذه‪ :‬كانت دروس الشيخ تبدل النحاس إلى ذهب‪.‬‬
‫وعلى هذه الساس فإن القضية الولى ال تي تس توجب الهتم ام ف ي ق درة الش يخ‬
‫على التهذيب تكمن في الكشف عن سر هيمنته على الط رف المخ اطب ومعرف ة‬
‫السلوب الذي يتبعه في التعليم والتربية والتهذيب‪.‬‬

‫‪ ‬التهذيب بالعمل‬
‫تذهب الروايات إلى أن الشرط الساس ي ف ي نح اج لتعلي م والتربي ة ه و التط بيق‬
‫العلمي لعلم الخلق بالرشادات التي يطرحها على التلمذة‪ .‬قال أمير المؤمنين‬
‫)ع( في هذا المضمار‪:‬‬
‫‪C‬‬
‫)من نصب نفسه للناس إمام ا فعلي ه أن يب دأ بتعلي م نفس ه قب ل تعلي م غي ره وليك ن‬
‫تأديبه بسيرته بلسانه(‪.‬‬
‫والسر الساسي في تأثير الشيخ وق درته عل ى الته ذيب ه و امتث اله لوص ية أمي ر‬
‫المؤمنين)ع( هذه ودعوته إلى ا بالعلمل قبل القول فهو إذا كان ي دعو الخري ن‬
‫إلى التوحيد العلمي فقد حطم بذلك ﴿ءأرباب متفرقون﴾‪ .‬وعلى رأسهم صنم نفس ه‬
‫وإذا ك انت يح ث عل ى الخري ن عل ى الخلص ف ي جمي ع العم ال فق د ك انت‬
‫جميع حركاته وسكنا ‪ C‬ل‪ .‬وإذا كان يغفل لحظة كان الباري تع الى يرف ده بالتس ديد‬
‫وبالنحو الذي كان يقول فيه‪:‬‬
‫)كل إبرة كنت أغرسها في القماش لغير ا كانت تنغرس في يدي(!‬
‫وإذا كان يحض الخرين على محب ة ا ف إنه ف ان بنفس ه ف ي محب ة ا كالفراش ة‬
‫ف ي دورانه ا ح ول الش معة وإذا ك ان يح ث الخري ن الحس ان واليث ار وخدم ة‬
‫الن اس فه و نفس ه ك ان س باقا ‪ C‬ف ي ه ذا المي دان وإذا ك ان يص ف ال دنيا "العج وز"‬

‫‪44‬‬
‫ويحذر الخرين من التعل ق به ا ف إن حي اة الزه د ال تي ك ان يعيش ها تمث ل أفض ل‬
‫دليل على إعراضه وعدم رغبته في هذه العجوز‪.‬‬
‫وأخيرا‪ C‬وليس آخرا‪ C‬فإنه إذا ك ان ي دعو الخري ن لمحارب ة أه وائهم ف ي س بيل ا‬
‫فهو شخصيا ‪ C‬كان في الخط الول لهذه الجبه ة وخ رج بنج اح م ن ذل ك المتح ان‬
‫العسير الذي تعرض له مثلما خرج منه النبي يوسف )ع( بنجاح‪.‬‬
‫‪ ‬أساليبه التربوية‬
‫يمكن تقسيم الساليب التربوية التي اتبعها الشيخ في تربية تلميذ إلى نوعين من‬
‫الساليب وهما‪:‬‬
‫‪ -1‬السلوب التربوي في المجالس العامة‬
‫‪ -2‬السلوب التربوي في المواقف الخاصة‪.‬‬

‫أول‪ :C‬في المجالس العامة‬


‫كانت المجالس العامة للشيخ تنعق د ع ادة ف ي داره أس بوعيا وك ان أيض ا يقي م ف ي‬
‫أكثر أيام العياد وأيام مواليد وش هادة المعص ومين عليه م الس لم مج الس وع ظ‬
‫في داره وكان له في أيام محرم وصفر وشهر رمض ان ف ي ك ل ليل ة مجل س ف ي‬
‫الوعظ والرشاد وك انت ه ذه المج الس تنعق د أحيان ا ‪ C‬ف ي دور الص دقاء ف ي ك ل‬
‫أسبوع على شكل دورة إلى فترة تقارب سنتين‪.‬‬
‫ك انت المج الس الس بوعية تق ام ع ادة ف ي لي الي الجمع ة بع د ص لتي المغ رب‬
‫والعشاء بإمامته وكان يفتتحها عادة بقراءة أبيات م ن ش عر المرح وم الفي ض ‪...‬‬
‫وإليك الشعار بالمعنى‬
‫أستغفر ا من كل ما سوى ا‬
‫أستغفر ا من كل وجود مستعار‬
‫كل لحظة تمر بدون ذكر‬
‫أستغفر ا منها ل يحصى من الستغفار‬
‫واللسان الذي ل يترطب بذكر الحبيب‬
‫الحذر من سره وأستغفر ا‬
‫انقضى العمر ولم أفق ساعة‬
‫من الغفلة‪ ،‬أستغفر ا‬
‫ولى الشباب وتصرمت الشيخوخة‬
‫ما عملت شيئا ‪ C‬أستغفر ا‬

‫‪45‬‬
‫يقول أحد تلميذ‪ :‬إنه كان يقرأ هذه البيات بنح و يستعص ي عل ى حب س دم وعي‬
‫وفي أعقاب ذلك يقرأ بشكل رائع واحدة من المناجاة الخمس عشر المنسوبة إل ى‬
‫المام زين العابدين )ع(‪.‬‬
‫ويقول آخر‪ :‬لم أر في مجالس دعاء الشيخ من هو أكثر بكا ‪C‬ء منه فه و ك ان يبك ي‬
‫بكا ‪C‬ء مريرا‪ C‬يفتت الكباد‪.‬‬
‫وبعد انتهاء الدعاء وتناول الشاي كان يبدأ كلمته في الوعظ والرشاد كان الشيخ‬
‫على رجة عالية من حس ن البي ان وك ان يح اول عل ى ال دوام أن ينق ل ف ي كلم اته‬
‫حصيلة ما أدركه من القرآن والحاديث وما توصل إليه من حق ائق حولهم ا إل ى‬
‫الخري ن ك ان يخ اطب الحاض رين ف ي مجلس ه بكلم ة )أيه ا الرفق اء( وت دور‬
‫المح اور الس لمية لكلم ه ح ول موض وعات التوحي د والخلص وح ب ا‬
‫وحضور القلب والنس ب ال وخدم ة الن اس والتوس ل بأه ل ال بيت عليه م الس لم‬
‫وانتظ ار الف رج والتح ذير م ن ح ب ال دنيا وم ن الناني ة وه وى النف س وه ذا م ا‬
‫سنتحدث عنه بالتفصيل في الفصول اللحقة إن شاء ل تعالى‪.‬‬
‫قال الدكتور ثباتي حول بداية معرفته بالشيخ وكيفية مجالسه ما يلي‪ :‬تعرفت ف ي‬
‫السنوات الخيرة من مرحلة الثانوية بالش يخ بواس طة ال دكتور عب د العل ي كوب ا‪-‬‬
‫الذي يحمل شهادة الدكتوراه في الفيزي اء الذري ة م ن فرنس ا‪ -‬وبقي ت أت ردد عل ى‬
‫مجالسه مدة عش ر س نوات‪ .‬ك انت ذات نط اق مح دود ويحض رها ع دد قلي ل م ن‬
‫الش خاص وتتس م مجالس ه بط ابع خصوص ي أك ثر م ن الط ابع الع ام وم تى م ا‬
‫ازداد عدد الحاضرين وش ارك ف ي المجل س أش خاص غرب اء ك ان يؤج ل ح ديثه‬
‫الخ اص إل ى وق ت آخ ر ومعن ى ه ذا أن ه ل م يك ن راغب ا ‪ C‬ف ي كس ب المزي د م ن‬
‫التلميذ والمحبين‪.‬‬
‫لم تكن مجالسه تتضمن سوى بضع كلمات ونصائح ومواعظ تعقبها ع ادة ق راءة‬
‫الدعية وكانت بعض الكلمات مكررة تقريبا ‪ C‬ولكن تتسم بطابع روحي يبع د الكل ل‬
‫والملل عن نفس النسان مهما تكررت على سمعه‪.‬‬
‫ومثل كلماته في روعة البيان كمثل كلم ات الق رآن ال تي مهم ا أك ثر النس ان م ن‬
‫تلوتها يراها غضة وكأنه لم يسمعها من قبل‪.‬‬
‫كان مجلسه يتصف بالبعد الروحي بحيث أن أحد لم يكن يتحدث فيه عن القضايا‬
‫الدنيوي ة والمادي ة وإذا تح دث فيه ا أح د ع ن ش ؤون اعتيادي ة ك ان الخ رون‬
‫يش عرون بالش مئزاز م ن ح ديثه‪ .‬ك انت أح اديث س ماحته تنص ب عل ى أب واب‬
‫القرب إلى ا وحب ا والسير إلى ا وكان يلخص موضوع السير إلى ا في‬
‫كلمتين ويقول‪:‬‬
‫)يجب أن تغير مرشدك من الن أي كل ما كن ت تفعل ه إل ى يوم ك ه ذا إنم ا ك ان‬

‫‪46‬‬
‫لنفسك ويجب عليك من الن فص اعدا‪ C‬أن تفع ل ك ل ش ئ ف ي س بيل ا وه ذا ه و‬
‫أقرب الطرق إلى ا "اسحق ذاتك واحتضن محبوبك"(‪.‬‬
‫ك ل المنطلق ات الذاتي ة ف ي وج ود النس ان مبعثه ا ح ب النف س وم ال ل م يتح ول‬
‫النسان إلى محب ا فإنه ل يبلغ المرتبة الرفيعة ومعنى ما قاله الشاعر‪:‬‬

‫إذا تحررت من قيود ذاتك اندمجت مع الحبيب‬


‫وإل يذهب كل عملك هبا ‪C‬ء إلى البد‬

‫يج ب أن تك ون أعمال ك ل وجهه وأن تك ون مق روئة بحب ه أي أن تحب ه وت ؤدي‬


‫أعمالك حبا ‪ C‬له فح ب ا والعم ل ف ي س بيله ه و الس ر الك امن وراء تق دم معن وي‬
‫يحرزه النسان وهذا ل يتم إل بمخالفة هوى النفس‪.‬‬
‫وعلي أي حال أن كل تقدم يحرزه النسان إنما يكون في ظل كب ح أه واء النف س‬
‫وما لم يصارع المرء نفسه ويتغلب عليها ل يتسنى له إحراز أي تقدم‪.‬‬
‫كان سماحته يقول عن خصلة العجب‪:‬‬
‫هنا يشترون الجسام الضعيفة والقلوب المتعبة‬
‫أما سوق العجب ففي الجانب اليسر‬

‫وكان يقول‪ ) :‬قيمة كل امرئ بمق دار م ا يري ده ف إذا ك ان يري د ا فقيمت ه مطلق ة‬
‫وإذا كان يريد الدنيا فقيمته بقدر ما يطلب(‬
‫ل تق ل قل بي يري د ك ذا وك ذا ولك ن انظ ر إل ى م ا يري ده ا ف إذا أردت أن ت دعو‬
‫الناس إلى وليمة فهل تدعو إليها كل من يريده ا أم تدعو إليها م ن تري ده أن ت؟‬
‫وما دم ت منق ادا‪ C‬له وائك النفس ية فل ن تبل غ أي ة مرتب ة القل ب بي ت ا فل تفتح ه‬
‫لحد غيره ويج ب أن يك ون الحك م في ه ل لغي ر فق د س ئل الم ام عل ي )ع( كي ف‬
‫بلغت هذه المرتبة؟‬
‫قال‪) :‬جلست عند بوابة قلبي فلم أدخل فيه غير ا(‪.‬‬
‫وكان بع د النته اء م ن كلمت ه يق دم للحاض رين ش يئا ‪ C‬م ن الم أكولت ث م تب دأ م ن‬
‫بع دها المناج اة وك انت مناج اته تستص غي الذان لس ماعها وح الته تس تميل‬
‫البصار لرؤيتها كان يقرأ الدعية على سجيته من غير تكلف وكان دعاؤه أشبه‬
‫ما يكون بمغازلة حبيب لحبيبه وكأنه أم تبحث عن ولدها المفق ود ك ان يبك ي م ن‬
‫صميم قلبه ويئن وهو يتحدث مع ا‪.‬‬
‫كان يشعر أحيان ا ‪ C‬وك أن تل ك الدعي ة تتخلله ا مكاش فات تظه ر آثاره ا وعلئمه ا‬
‫بين طيات كلماته وحالته وكان يأمل من أصدقائه أن تنكشف لهم رؤية الملئكة‬

‫‪47‬‬
‫والئمة عليهم الس لم مث ل تل ك المج الس فل ذا ك ان أحيان ا يع تريه الذى لن ه ل م‬
‫يرهم قد وصلوا إلى المستوى المطلوب الذي يأمله منهم‪.‬‬
‫حينم ا ك ان يع ود أح د م ن الزي ارة ك ان أول س ؤال ي وجهه ل ه‪) :‬ه ل ش اهدت‬
‫صاحب الضريح الذي زرته(‬
‫بع ض تلمي ذ ح الفهم النج اح وحص لت له م ح الت معنوي ة ومكاش فات أم ا‬
‫الخرون فبقوا يتعثرون في مسيرتهم وراءه وعلى ك ل ح ال ف إن مناج اته ك انت‬
‫تتسم بالشوق والح رارة فه و ك ان ي درك عم ق معن ى تل ك الدعي ة ويؤك د ك ثيرا‪C‬‬
‫أهمية ما يرد فيها من عبارات ويعمد إلى تكرارها أحيانا ‪ C‬ويوضح معانيها أحيانا ‪C‬‬
‫أخ رى‪.‬وك ان يك ثر م ن ق راءة دع اء )يستش ير( والمناج اة الخم س عش رة وك ان‬
‫يعتقد أن دعاء يستشير أشبه ما يكون بمغازلة الحبيب لحبيبه‪.‬‬
‫أما في أيام فكان يقل من الكلم ويكثر من قراءة مصيبة أهل البيت عليهم السلم‬
‫من كتاب )طاقديس( ويبكي ثم يبدأ بعدها بالمناجاة‪.‬‬

‫‪ ‬تأكيد أهمية طاعة ا ومخالفة هوى النفس‬


‫ك ان س ماحة يعتق د أن الحكم ة م ن الخل ق ه ي أن يك ون النس ان خليف ة ا ف ي‬
‫الرض ومتى م ا بل غ ه ذه الغاي ة يص بح بإمك انه أن يفع ل فع ل ا والس بيل إل ى‬
‫بل وغ ه ذه الغاي ة ه و طاع ة ا ومخالف ة ه وى النف س حي ث ك ان يق ول ف ي ه ذا‬
‫المجال‬
‫)جاء في الحديث القدسي‪ :‬يا بن آدم خلقت الشياء لجلك وخلقتك لجلي(‪.‬‬
‫وجاء أيضا ‪) C‬عبدي أطعني حتى أجعلك مثلي أو مثلي (‪.‬‬
‫وطبقا ‪ C‬لهذه الحاديث فإنكم أيه ا الرفق اء خلف اء ا ف ي أرض ه وأنت م خي ر الثم رة‬
‫فاعرفوا أنفسكم ول تنقادوا لهوى أنفس كم وعليك م بالمتث ال لم ر ا ك ي تبلغ وا‬
‫ما تأملون وبهذا تستطيعون أن تفعلوا فعل ا فه و تع الى ق د خل ق الع الم لجلك م‬
‫وخلقكم لجله فانظروا عظمة المقام والمنزلة التي منحكم إياها(‪.‬‬
‫ك ان الش يخ يعتق د أن الم رء م ا ل م يبل غ مق ام الخلف ة اللهي ة فه و لي س بإنس ان‬
‫ويق ول‪) :‬ص نعت المعلق ة لك ل الطع ام والفنج ان لش رب الش اي وكلم ة النس ان‬
‫لجل أن يكون ابن آدم إنسانا ‪ C‬كامل‪ C‬ل غير(‪.‬‬
‫وكان يكرر على الدوام )إن الباري تعالى من ﹲ‬
‫امتثلتم رامة وأنتم أيضاعلي ﹲ‬
‫‪ C‬إذ ا بك‬
‫لوام ر ا يمن ﹲ عليكم بم ثلها أيها‬
‫البناء وأيها الخياط هذه البنية التي تصنعها وهذه البرة التي تغرسها في القماش‬
‫اجعلها حبا ‪ C‬ل وفي سبيله واجعل ا نصب عينيك في عملك وهذا الثوب الذي‬

‫‪48‬‬
‫ترتديه وقد اشتريت قماشه بمبلغ مئة تومان للمتر الواحد ل تقل اشتريت المتر‬
‫منه بمئة تومان بل قل ‪ :‬أعطانيه ا قدم ا ول تقدم نفسك(‪.‬‬

‫‪ ‬تشخيص الحالت الباطنية‬


‫ك ان الش يخ ق ادرا‪ C‬م ن خلل حواس ه الباطني ة عل ى معرف ة الح الت الباطني ة‬
‫للحاضرين في المجلس إل أنه لم يطرح قط نق اط ض عف أح د أم ام الخري ن إل‬
‫إذا ك ان الش خص المقص ود يلتف ت وح ده إل ى نقط ة ض عفه ويهت م بإص لح ذات ه‬
‫ونذكر فيما يلي نماذج من تلك الحالت والمواقف‪.‬‬

‫الول‪ :‬اختبار الشيخ!‬


‫ذكر لنا أحد الخطباء البارعين‪ -‬وهو شخص يتصف بالورع والتق وى‪ -‬ق ائل‪ C‬ف ي‬
‫عام )‪1335‬هـ‪.‬ش( كنت في عصر أح د الي ام ف ي مدرس ة الش يخ عب د الحس ين‪-‬‬
‫في سوق طهران‪ -‬إلى جانب مسجد الشيخ عبد الحسين وجاءني ف ي تل ك الثن اء‬
‫الشيخ عبد الكريم حام د‪ -‬وه و م ن تلمي ذ الش يخ رج ب عل ي الخي اط الب ارزين‪-‬‬
‫وأخذ يتحدث عن أستاذه الشيخ رجب علي وما يتصف به م ن إخلص وج وانب‬
‫معنوي ة ث م طل ب من ي أن أذه ب مع ه إل ى مجل س الش يخ ف ي ليل ة الجمع ة وف ي‬
‫الوقت المحدد ذهبت برفقته ودخلنا مجلس الشيخ سوية كان الش يخ متوجه ا ‪ C‬نح و‬
‫القبلة ويقرأ مناجاة أمير المؤمنين )ع( )اللهم إني أسالك المان ي وم ل ينف ع م ال‬
‫ول بنون‪.(...‬‬
‫وخلفه جماعة من محبيه يرددون الدعاء معه وجلست أنا في آخر المجلس وقلت‬
‫في نفسي‪ :‬إلهي إن كان ه ذا الرج ل م ن أولئك ف إني أس الك أن ت وفقني أن أك ون‬
‫خطيبا ‪ C‬في أحد مس اجد طه ران لحص ل عل ى الم ال الك ثير وم ا إن خط رت ف ي‬
‫هذه الفكرة بذهني حتى قال الشيخ في وس ط ال دعاء ‪) :‬أن ا أق ول ات رك الم ال أم ا‬
‫هو جاء يمتحنني بالمال(‪.‬‬
‫لم يتحدث الشيخ خلل الدعاء بجملة واح دة باللغ ة الفارس ية ع دا ه ذه الجمل ة ث م‬
‫واصل قراءة الدعاء‪) :‬اللهم إني أسالك المان يوم ل ينفع مال ول بنون‪.(...‬‬

‫الثاني‪ :‬حضور شرطي المن‬


‫أخ ذت بع ض الشخص يات الحكومي ة والشخص يات الب ارزة الخ رى تش ارك‬
‫ت دريجيا ‪ C‬ف ي مج الس الش يخ وم ن الط بيعي أنه م ك انوا يقص دون داره بحث ا ‪ C‬ع ن‬
‫م آربهم الخاص ة وطلب ا ‪) C‬للعج وز(‪ -‬أي ال دنيا‪ -‬م ن أس يادهم وك ان م ن بينه م‬
‫أشخاص يستفيدون من مواعظ الشيخ على قدر ما لديهم من استعداد وأهلية‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫ونظ را‪ C‬لك ثرة تواف د أمث ال ه ؤلء أمث ال الش خاص أخ ذت حكوم ة الش اه تنظ ر‬
‫بعين الشك والريبة إلى مجالس الشيخ فدست له ذا الغ رض أح د جلوزته ا وه و‬
‫الرائد )حسن ايل بيكي( فحضر ف ي مج الس الش يخ باس م مس تعار ك ي ل يع رف‬
‫ومهمته إخبار السلطة بحضور تلك الشخصيات الحكومية عند الشيخ‪.‬‬
‫وعندما دخل ذلك الشرطي إلى المجلس قال الش يخ ض من م واعظه للحاض رين‪:‬‬
‫) توجه وا إل ى ربك م ول تعط وا لغي ره مج ا ‪C‬ل إل ى قل وبكم لن القل ب م رآة وإذا‬
‫تلوثت بقعة صغيرة منها تظهر بوضوح للبصار ف البعض يعم ل كش رطي أم ن‬
‫ويأتي باسم مستعار فمثل‪ C‬يكون اسمه حسن ويأتي باسم آخر‪.‬‬
‫أث ارت ه ذه الجمل ة الدهش ة ل دى ه ذا الش رطي ال ذي ل م يك ن أح د يع رف اس مه‬
‫الحقيقي وت أثر ك ثيرا‪ C‬به ذا الكلم وعل ى أث ره اس تقال‪ -‬كم ا ينق ل‪ -‬م ن العم ل ف ي‬
‫جهاز السافاك )جهاز المن(‪.‬‬

‫‪ ‬أرض أباك أول‪j‬‬


‫كان سماحة الشيخ ل يأذن لبعض الشخاص بالمشاركة ف ي مجالس ه ف ي بع ض‬
‫الحي ان أو ك ان يش ترط عليه م ش روط للمش اركة فيه ا‪ .‬ي روي لن ا أح د أص دقاء‬
‫الشيخ الذي عاشره مده تق ارب عش رين س نه واص فا ‪ C‬بداي ة اتص اله بالش يخ عل ى‬
‫النحو التالي‪ :‬على رغم المساعي الحثيثة ال تي ب ذلتها ف ي بداي ة الم ر للمش اركة‬
‫في مجالسه إل أنه لم يأذن لي بالمشاركة فيه ا‪ .‬إل ى أن رأيت ه ف ي أح د الي ام ف ي‬
‫المسجد الجامع فسلمت عليه وسألته لماذا ل تسمح لي بالمشاركة في مجالس ك؟!‬
‫فقال لي )أرض أباك أول‪ C‬ثم أتحدث معك( ذهبت في المس اء إل ى ال بيت ووقع ت‬
‫على ي دي رجل ي أب ي أقبلهم ا وأخ ذت أتوس ل ب ه للص فح عن ي فتعج ب أب ي م ن‬
‫موقفي هذا وسألني ما الخبر؟!‬
‫‪C‬‬
‫قلت له ل تسألني عن الس بب فأن ا كن ت ج اهل وأرج وا أن تس امحني وف ي خت ام‬
‫المر أقنعت أبي بالعفو عني وفي صباح اليوم التالي ذهب ت إل ى دار الش يخ وم ا‬
‫إن رآني قال‪) :‬بارك ا فيك فعلت حسنا ‪ C‬تعال واجلس إلى جنبي(‪.‬‬
‫وبقي ت ملزم ا ‪ C‬للش يخ من ذ ذاك ال وقت‪-‬أي م ن بع د الح رب العالمي ة الثاني ة‪-‬إل ى‬
‫حين وفاته‪.‬‬

‫‪ ‬التوجيهات الخاصة‬
‫من الخصائص البارزة التي يتصف بها الستاذ والمعلم الكام ل ف ي الس لوك إل ى‬
‫ا ه ي تق ديم التوجيه ات التربوي ة ف ي ض وء متطلب ات الس الك ف ي المراح ل‬
‫المختلفة للسلوك وهذا ما ل يمكن إنجازه في المجالس العامة وأمام الخرين‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫فالطيب مهما يك ن متخصص ا ‪ C‬وص احب تجرب ة طويل ة فل يمكن ه معالج ة جمي ع‬
‫المرض ى ال ذين يراجع ونه بوص فة واح دة وب دواء واح د فلك ل مري ض دواؤه‬
‫الخاص وحتى من الممكن أن يصف لشخص ين مص ابين بم رض واح د دواءي ن‬
‫مختلفين بناء على بعض السباب والموجبات وهكذا الح ال أيض ا ف ي م ا يخ ص‬
‫معالجة أمراض الروح‪.‬‬
‫‪C‬‬
‫أستاذ الخلق يعتبر في الواقع طبيا لروح النسان ول يمكنه معالجة الم راض‬
‫الخلقية طبع ا ‪ C‬إل بع د معرف ة ج ذورها وأس بابها الص لية أول‪ C‬وأن يك ون ل ديه‬
‫الدواء المناسب لها ثانيا ‪.C‬‬
‫ك ان النبي اء عليه م الس لم بص فتهم المعلمي ن الص ليين لتربي ة نف وس الن اس‬
‫يتصفون بهذه الصفة إذ كانوا يشخصون المتطلبات العامة للمجتم ع البش ري ف ي‬
‫شتى المجالت وليس هذا فحسب بل كانوا على معرفة تامة بالمتطلبات الخاصة‬
‫لكل واحد من أبناء الئمة‪.‬‬
‫وصف لنا المام علي )ع( هذه الخاصة التي ك ان يتص ف به ا رس ول ا )ص(‬
‫بقوله‪ ) :‬طبيب دوار بطبه قد احكم مراهمه وأحمى مواسمه يضع من ذلك حي ث‬
‫الحاجة إلية‪ :‬من قلوب عمى وآذان صم وألس نة بك م متب ع ب دوائه مواض ع الغفل ة‬
‫ومواطن الحيرة(‪.‬‬
‫والعلم اء الرب انيون‪-‬باعتب ارهم خلف اء النبي اء والولي اء‪ -‬يتحمل ون أيض ا به ذه‬
‫الصفة وهم كم ا ج اء ف ي كلم أمي ر الم ؤمنين )ع( )هج م به م العل م عل ى حقيق ة‬
‫البصيرة وباشروا روح اليقين ‪ ...‬أولئك وا القلون عددا‪ C‬والعظمون قدرا‪(C‬‬

‫‪ ‬أهمية المعلم الخبير‬


‫نقل عن المرحوم آية ا المي رزا عل ي القاض ي )رض وان ا تع الى علي ه ( أن ه‬
‫ق ال ‪ ) :‬إن أه م م ا يس تلزم ت وفره ف ي ه ذا الس بيل ه و الس تاذ الخ بير المخ الف‬
‫لهوى نفسه ويجدر بطالب هذا السبيل وسالك هذا الطريق أن يبحث ع ن الس تاذ‬
‫المناسب حتى وإن أتلف نصف عمره في التفح ص والطل ب لن م ن يع ثر عل ى‬
‫أستاذ هكذا يكون قد قطع نصف الطريق(‪.‬‬
‫يستشف من التأمل في التوجيهات الخاصة التي أدلى بها س ماحة الش يخ لتلمي ذه‬
‫أنه بلغ ‪ -‬نتيجة لخلصه ومحاربة أه وائه النفس ية وبفض ل الم داد الله ي ال ذي‬
‫تلقاه‪ -‬مرتبة من الكمالت المعنوية التي أعطته القدرة عل ى تش خيص الم راض‬
‫الروحية ومواضع الغفلة والحيرة التي تسبب للناس المت اعب واللم ومعالجته ا‬
‫بالدواء الشافي وهذه الحقيقة أمر ب ديهي ووض اح ل دى ك ل م ن ل ه معرف ة بحي اة‬
‫سماحة الشيخ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ ‬المعاصي ومصائب الحياة‬
‫‪C‬‬ ‫‪C‬‬
‫يرى السلم أن للمعاصي التي يقترفها النسان دورا أساسيا في ما ي واجهه م ن‬
‫مت اعب ومص ائب ف ي الحي اة فه ا ه و الق رآن الكري م يص رح‪﴿ :‬وم ا أص بكم م ن‬
‫مصيبة فبما كسبت أيديكم﴾‬
‫قال أمير المؤمنين)ع( ف ي تفس ير الي ة‪) :‬توق وا ال ذنوب فم ا م ن بلي ة ول نق ص‬
‫رزق إل بذنب حتى الخدش والكبوة والمصيبة قال ا عزوجل﴿ وما أصبكم م ن‬
‫مصيبة فبما كسبت أيديكم﴾‪.‬‬
‫لو آمن النسان حق اليمان بأن ما يقترفه من ال ذنوب والمعاص ي تنعك س علي ه‬
‫اللم والمصائب ليس في حياته الخروية فحسب ب ل وح تى ف ي حي اته الدنيوي ة‬
‫أيضا ‪ C‬لما أقدم على أية معص ية ولم ا تعم د التي ان ب أي عم ل قبي ح وكلم ا ترس خ‬
‫هذا اليمان توفرت الرضية المناسبة لبناء النسان الصالح أكثر فأكثر‪.‬‬
‫كان سماحة الشيخ يرى ببصيرته اللهية ورؤيته البرزخية الترابط الموجود بين‬
‫المعاصي ومصائب الحياة وكان من خلل بيانها للناس يحل بعضا ‪ C‬من المش اكل‬
‫والمصائب ال تي يع اني منه ا المجتم ع واتخ ذ م ن ه ذا الس لوب وس يلة لته ذيبهم‬
‫وهدايتهم نحو الكمال النساني‪.‬‬

‫‪ ‬الدين مسموح حتى لكم‬


‫يقول أح د أبن اء الش يخ‪ :‬ف ي أح د الي ام ج اء إل ى وال دي المرح وم مرش د جل وئي‬
‫وشكا له كس اد الس وق ق ائل‪ :C‬ي ا أخ ي م ا ادري م ا ه ذا الوض ع ال ذي أل م بن ا فق د‬
‫كانت ظروف عملنا أفضل بكثير مما نحن عليه الن ففي السائق كن ا ن بيع ثلث ة‬
‫أو أربعة قدور من الرز يوميا ‪ C‬وكان عدد الزبائن يتن اقص ت دريجا ‪ C‬وأص بحنا ف ي‬
‫الوقت الحاضر ل نبيع أكثر من قدر واحد من الرز‪.‬‬
‫تأمل الشيخ لحظة ثم قال له‪) :‬الذنب ذنبك لنك أنت الذي تطرد الزبائن(‪.‬‬
‫فقال مرشد‪ :‬أنا لم أط رد أح دا‪ C‬ب ل أس تقبل ح تى الطف ال وأق دم له م نص ف كمي ة‬
‫الطعام التي أقدمها للكبار‪.‬‬
‫قال الش يخ‪) :‬فم ن ك ان ذل ك العل وي ال ذي تن اول الطع ام ف ي مطعم ك ثلث ة أي ام‬
‫بالدين وفي المرة الخيرة دفعته وأخرجته من المطعم؟!‬
‫خرج مرشد مذهول‪ C‬من عند الشيخ مسرعا ‪ C‬إلى ذلك الرجل العلوي فرآه واعت ذر‬
‫منه وعلق بعد ذلك لوحة على باب مطعمه كتب فيه ا‪) :‬ال دين مس موح ح تى لك م‬
‫ويقدم لكم قرضا ‪ C‬قدر المستطاع(‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ ‬إيذاء الطفال‬
‫ق ال أح د تلمي ذ الش يخ‪ :‬ف ي أح د الي ام ب ال ابن ي ال ذي يبل غ م ن العم ر س نتين‪-‬‬
‫وعمره الن أربع ون س نة‪ -‬عل ى الف راش فض ربته ام ة ض ربا ‪ C‬مبرح ا ‪ C‬ح تى ك اد‬
‫ينقطع نفسه وبعد ذلك بساعة ارتفعت حرارة بدنها ارتفاعا ‪ C‬والدواء حوالي ستين‬
‫تومانا ” ف ي تل ك الظ روف القتص ادية الص عبة ول م تنخف ض حرارته ا ب ل أخ ذت‬
‫ترتف ع أك ثر فراجعن ا الط بيب ثاني ة ودفعن ا ه ذه الم رة أربعي ن تومان ا ‪ C‬لغ رض‬
‫معالجتها وكان هذا المبلغ بالنسبة لي مبلغا ‪ C‬ضخما ‪ C‬في وقتها‪.‬‬
‫وفي الليل ركب سماحة الشيخ في سيارتي لن ذهب إل ى المجل س وك انت زوج تي‬
‫في السيارة قلت إن زوجتي ارتفعت درجة حرارته ا وأخ ذتها إل ى الطي ب ولك ن‬
‫دون جدوى‪.‬‬
‫فنظ ر الش يخ وت وجه ب الكلم إل ى زوج تي ق ائل‪ ) :C‬الطف ال ل يض ربون بتل ك‬
‫الص ورة اس تغفري رب ك وطي بي خ اطر الطف ل واسترض يه واش تري ل ه ش يئا ‪C‬‬
‫تتحسن حالتك(‪.‬‬

‫‪ ‬إيذاء الزوجة‬
‫ونق ل التلمي ذ أيض ا ‪ C‬كن ا ذات ي وم برفق ة الش يخ ف ي دار الس يد )راد من ش(‪.‬فقل ت‬
‫للشيخ توفي والدي في عام ‪1352‬هـ‪.‬ق وأريد أن أرى حالته في البرزخ‬
‫قال الشيخ )اقرأ سورة الحمد(‬
‫ثم تأمل قليل‪ C‬وقال‪) :‬ل يسمحون له بالمجيء فهو متورط مع زوجته(‬
‫قلت‪ :‬كلم زوجته إن أمكن‪ .‬فقال‪) :‬جاءت زوجة أبيك(‬
‫كانت امرأة قروية تزوج أب ي بع د زواج ه منه ا ع دة زوج ات أخري ات فهج رت‬
‫أبي إلى آخر حياتها فكان أبي إذا دخل من باب تخرج هي من الباب الخر‪.‬‬
‫قلت للشيخ ‪ :‬اسألها ماذا يجب أن افعل لها حتى ترضى عن أبي؟‬
‫فقال‪ :‬يجب أن تطعم بطونا ‪ C‬جائعة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كم يجب أن اطعم‬
‫قال‪ :‬مئة شخص‬
‫‪C‬‬
‫قل ت‪ :‬ه ذا ع دد ك بير بالنس بة ل ي وأخي را وافق ت عل ى أربعي ن شخص ا وبع د‬
‫الموافق ة ق ال الش يخ‪ ) :‬لق د ج اء ص وت أبي ك فم ا إن وافق ت تل ك الم رأة ح تى‬
‫أفرجوا عن أبيك وه و يق ول‪ :‬ق ل لبن ي ه ذا لم اذا تزوج ت امرأتي ن؟ انظ ر إل ى‬
‫البلء الذي حل بي يجب عليك مراعاة العدالة بين زوجتيك(‪.‬‬
‫وينقل شخص آخر من أصدقاء الشيخ سألت سماحة الشيخ حالة أبي ف ي ال برزخ‬
‫فقال‪) :‬متورط مع أمك(‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫ورأي ت أن كلم ه ك ان ص حيحا ‪ C‬إذ إن أب ي ت زوج ام رأة أخ رى ول م تك ن أم ي‬
‫راضية عنه فقصدت أمي واسترضيتها وزرت سماحة الشيخ في فرص ة أخ رى‬
‫فلما رآني قال‪) :‬ما أجمل أن يصلح المرء بين شخصين لقد ارتاح أبوك(‪.‬‬

‫‪ ‬إيذاء الزوج‬
‫نقل أحد تلميذ الشيخ قائل‪ C‬كانت هن اك ام رأة زوجه ا س يد عل وي وم ن أص دقاء‬
‫الشيخ وكانت تؤذيه كثيرا‪ C‬وبعد مدة توفيت‬
‫تلك المرأة وحضر سماحة الشيخ أثناء دفنها ث م ق ال فيم ا بع د‪) :‬ك انت روح ه ذه‬
‫المرأة في جدال مع نفسها نعم أموت فما الذي يحص ل؟ وعن دما ح ل وق ت دفنه ا‬
‫تجسدت أعمالها عل ى ص ورة كل ب أس ود مف ترس وم ا إن علم ت أن ه ذا الكل ب‬
‫يدفن معها تنبه ت إل ى عظ م البلء ال ذي جننت ه عل ى نفس ها خلل حياته ا فب دأت‬
‫تصرخ وتتضرع ولما رأيته ا عل ى تل ك الح ال طلب ت م ن ذل ك العل وي أن يعف و‬
‫عنها ولجلي قد عفا عنها فذهب الكلب ودفنت في قبرها(‪.‬‬

‫‪ ‬سخط الخت‬
‫‪C‬‬ ‫‪C‬‬
‫نقل أحد أبناء الشيخ قائل‪ :‬كان أحد المهندس ين يعم ل مق اول ف ي بن اء ال بيوت ث م‬
‫يبيعها وفي إحدى المرات بنى مئة دار وتراكمت علي ه نتيج ة ل ذلك دي ون ك ثيرة‬
‫ومر بظروف اقتصادية عصبية وصدر حكم بإلقاء القبض عليه فجاء إلى والدي‬
‫وقال أصبحت متخفيا ‪ C‬لكيل يراني أحد ول استطيع ال ذهاب إل ى داري خوف ا ‪ C‬م ن‬
‫إلقاء القبض علي‬
‫فتوجه الشيخ لحظة ثم قال‪):‬اذهب واسترض أختك(‪.‬‬
‫فقال المهندس‪ :‬أختي راضية عني‬
‫قال الشيخ‪):‬مل أنها ساخطة عليك(‪.‬‬
‫فكر المهندس لحظة ثم قال‪ :‬نعم لقد توفي وال دي وت رك إرث ا ‪ C‬وك ان س همها أل ف‬
‫وخمسمئة تومان وقد تذكرت الن لم ادفعه لها‪.‬‬
‫ذه ب ث م بع د م دة ج اء وق ال لوال دي‪ :‬دفع ت لخ تي مبل غ خمس ة الف توم ان‬
‫واسترضيها سكت والدي قليل‪ C‬ثم قال‪:‬‬
‫)تقول‪:‬إنها ل زالت غير راضية عليك ‪...‬هل لدى أختك دار(؟‬
‫قال المهندس‪ :‬كل بل تسكن في دار مستأجرة‬
‫قال الشيخ‪):‬اذهب وملكها دارا‪ C‬من أفضل ال دور ال تي بنيته ا ث م تع ال لن رى م اذا‬
‫نستطيع أن نفعل(‪.‬‬
‫قال المهندس‪):‬يا سماحة الشيخ لي شريك في هذه الدور فكيف أعطيها دارا‪C‬؟‬

‫‪54‬‬
‫قال الشيخ‪) :‬أنا ل أدري أختك الن لزالت ساخطة عليك(‪.‬‬
‫وأخيرا‪ C‬ذهب الرجل وأعطي أخته م ن تل ك ال دور ونق ل معه ا الث اث وع اد إل ى‬
‫أبي‪.‬‬
‫فقال الشيخ‪ ) :‬الن صلحت المور(‬
‫وفي اليوم التالي توفق إلى بيع ثلثة من تلك الدور وتخلص من الض ائقة المالي ة‬
‫التي وقع فيها‪.‬‬

‫‪ ‬إهمال الخت‬
‫أفلس أحد التجار وأخذ يشكو حالته لصديقة ويحدثه عن وضعه المالي وف ي تل ك‬
‫الثناء مر سماحة الشيخ أمام دكانه فقال له ص ديقه‪ :‬أع رض مش كلتك عل ى ه ذا‬
‫الرجل فقال التاجر‪ :‬ل أعرفه‬
‫وبع د إص رار ص ديقة ذه ب الت اجر إل ى الش يخ وبع د التحي ة والس لم ق ال ل دي‬
‫مشكلة أود أن أعرضها على سماحتكم ثم شرح حالته للشيخ فقال له الش يخ وه و‬
‫مطرق رأسه‪:‬‬
‫)أنت إنسان عديم الرحمة قد مرت أربعة أشهر عل ى وف اة زوج أخت ك ول م تتفق د‬
‫وضعها ول وضع أطفالها وهذا هو سبب الفلس الذي تمر به(‪.‬‬
‫قال التاجر‪ :‬يوجد بينا خلف‬
‫فقال‪ ) :‬هذا هو أساس مشكلتك وأنت أعرف بأمرك(‪.‬‬
‫ع اد الت اجر إل ى ص ديقه وح دثه بم ا ج رى ث م اش ترى بع ض الل وازم المنزلي ة‬
‫وذهب إلى منزله أخته فاسترضاها وانحلت مشكلته‪.‬‬

‫‪ ‬سخط الم‬
‫صدر حكم بإعدام عدة أشخاص ومن بينه م ش اب فج اء أق ارب ذل ك الش اب إل ى‬
‫الشيخ وطلبوا منه مساعدتهم للعثور على ح ل لتخلي ص ه ذا الش اب م ن الع دام‬
‫فقال لهم الشيخ‪ ) :‬مشكلته هي سخط والدته عليه(‪.‬‬
‫فذهبوا إل ى وال دته وس ألوها ع ن الس بب فق الت إنن ي دع وت ل ه ولك ن بل نتيج ة‬
‫فقالوا لها إن سماحة الشيخ يقول إنك ساخطة عليه‪.‬‬
‫قالت‪ :‬صحيح كما يقول فهو حديث عهد بالزواج وفي أحد اليام جمع ت الخ وان‬
‫ووضعت الوان ي ف ي الص ينية وأعطيته ا لزوجت ه لتأخ ذها إل ى المطب خ فأخ ذها‬
‫من يدها وقال لي‪ :‬ما جئت بها لتكون خادمة لك‪.‬‬
‫وعل ى كل ح ال فف ي النهاي ة رض يت الم ع ن ابنه ا دع ت ل ه وف ي الي وم الت الي‬
‫أعلن انه حكم عليه خطأ وأطلق سراحه‬

‫‪55‬‬
‫‪ ‬كسر قلب الخت‬
‫نقل أحد أصدقاء الشيخ‪ :‬أنه أصيب بم رض عض ال ول م تنفع ه الدوي ة ف أخبرت‬
‫الشيخ أن والدي مريض وقد مرت عليه سنه كاملة وه و طري ح الف راش فس ألني‬
‫الشيخ‪ ) :‬هل لك عمة(‪.‬‬
‫قلت‪ :‬نعم‬
‫فقال‪) :‬مشكلتك مع عمتك وإذا دعت له يشفى من مرضه(‬
‫فطلبت من عمتي الدعاء لوالدي ففعلت ولكن والدي لم تتحسن حالته الصحية‬
‫ع دت إل ى الش يخ وأخ برته أن عم تي ق د رض يت ع ن وال دي ولك ن ل م يحص ل‬
‫تحسن في صحته‬
‫فقدم لي الشيخ توجيهات للحسان إلى أولدها اليتام الربع ة وق ال‪) :‬ث ن تطل ب‬
‫منهم بعد ذلك الدعاء لبيك(‪.‬‬
‫ففعلت ما أمرني به الشيخ وسألت عم تي بع د ذل ك ع ن س بب س خطها عل ى أب ي‬
‫فقالت بعد وفاة زوجي أخ ذني أب وك أن ا وأولدي الربع ة للعي ش مع ه ف ي دارك م‬
‫وفي أحد اليام حصل شجار بين ي وبي ن أم ك ولم ا دخ ل أب وك ووج دنا نتش اجر‬
‫طردني أنا وأولدي من الدار! فشعرت في ذلك الموقف بانكسار شديد‪.‬‬
‫وبعد أن تمكنت من استرضاء عمتي تحسنت الحالة الصحية لوالدي غير أن ه ل م‬
‫يش ف ش فا ‪C‬ء تام ا ‪ C‬فع دت إل ى الش يخ وش رحت ل ه الحال ة ف أمرني ه ذه الم رة‬
‫بالحسان إلى أحد السادات فتحسنت حالة والدي الصحية تماما ‪.C‬‬

‫‪ ‬إيذاء ابن صاحب العمل‬


‫نقل أحد تلميذ الشيخ إن سماحته كان يقول‪) :‬ل تأتيكم مصيبة من غير سبب(‪.‬‬
‫وفي إحدى المرات شج رأسي فذهبت برفقة أح د الص دقاء إل ى الش يخ وق ال ل ه‬
‫ص ديقي أنظ ر العم ل ال ذي فعل ه وأدى إل ى ش ج رأس ه فت وجه الش يخ ث م ق ال‪:‬‬
‫)تشاجر مع صبي في المصنع(‪.‬‬
‫عرفت أن كلم الشيخ ك ان ص حيحا ‪ C‬فأن ا كن ت اعم ل ف ي ثن ي الحدي د وك ان ه ذا‬
‫الختصاص نادرا‪ C‬والمتخصصون بهذه المهنة يتدللون على صاحب العمل وف ي‬
‫أحد الي ام اع ترض اب ن ص احب العم ل عل ى عمل ي اعتراض ا ‪ C‬ص حيحا ‪ C‬لكن ه ل‬
‫يتعل ق ب ه ف وقفت ب وجهه وأغلظ ت ل ه ف ي الكلم ح تى بك ى فق ال الش يخ )إذا ل م‬
‫تسترضه فسيطول بلؤك(‪ .‬فذهبت إليه واعتذرت منه‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪ ‬إيذاء العلوية‬
‫كان سماحة الشيخ ذات يوم في دار أح د مح بيه إذ ج اءه ع دد م ن م وظفي دائرة‬
‫الض رائب لزي ارته فق ال أح دهم للش يخ إن ه أص يب ب دنه بحك ة وق د عج ز ع ن‬
‫معالجتها‪.‬‬
‫‪C‬‬
‫فتأمل الشيخ قليل وقال‪) :‬آذيت علوية(؟!‬
‫فقال الشخص‪ :‬هن يأتين ويجلسن وراء طاول ة العم ل ويش غلن أنفس هن بالحياك ة‬
‫وإذا تكلمنا معهن يجهشن بالبكاء!‬
‫واتضح أن تلك العلوية تعمل موظفة في الدائرة المالية وقد آذاها بكلمه‬
‫وقال الشيخ‪) :‬لن تذهب عنك الحكة ما لم تعتذر منها(‪.‬‬
‫‪C‬‬
‫ونقل شخص آخر ع ن تلمي ذ الش يخ قص ة مش ابهة له ذه ق ائل‪ :‬كن ا جالس ين م ع‬
‫الشيخ في باحة دار أحد الصدقاء وكان من بي ن الحاض رين ش خص ذا منص ب‬
‫حك ومي رفي ع ك ان يش ارك ف ي مج الس الش يخ وك انت رجل ة مص ابة بم رض‬
‫يفرض عليه مدها أثناء الجلوس فالتفت إلى الشيخ وهو في تلك الحالة وقال له‪:‬‬
‫يا سماحة الشيخ إنني مصاب بألم ف ي رجل ي ومس تمر عل ى معالجته ا من ذ ثلث‬
‫سنوات ولكن دون جدوى‬
‫‪C‬‬
‫طل ب الش يخ م ن الحاض رين كالع ادة ق راءة س ورة الفاتح ة ث م تأم ل قليل وق ال‪:‬‬
‫) لقد حصل هذا اللم في رجلك منذ اليوم الذي صرخت فيه بوجه كاتبة الطابع ة‬
‫ووبختها بسبب سوء طباعتها وكانت امرأة علوية فآذيتها وأبكيته ا ويج ب علي ك‬
‫حاليا ‪ C‬أن تبحث عنها وتعتذر منها وتسترضيها حتى يزول اللم من رجلك(‪.‬‬
‫فقال الرجل‪ :‬كلمك صحيح لقد كانت المرأة تعمل كاتب ة طابع ة ف ي ال دائرة وق د‬
‫صرخت بوجهها وبكت‪.‬‬

‫‪ ‬غصب حق عجوز‬
‫فقد أحد تلميذ الشيخ حالته المعنوية بعد تناول وجبة من الطعام فاستنجد بالش يخ‬
‫لتقص ي العل ة فق ال ل ه‪) :‬س بب ذل ك ه و الكب اب ال ذي أكلت ه ودف ع ثمن ه الت اجر‬
‫الفلني لن هذا التاجر كان قد غصب حق عجوز(‪.‬‬

‫‪ ‬إهانة الخرين‬
‫قال أحد تلميذ الشيخ كنا نسير ذات يوم برفقة الشيخ في زقاق )إمام زاده يح ي(‬
‫وفجأة اصطدم شخص يركب دراجة هوائي ة بأح د الم ارة فأه ان الش خص الم ار‬
‫راكب الدراجة الهوائية قائل‪ C‬له يا حمار‪.‬‬
‫قال الشيخ‪) :‬تحول باطنه راكب الدراجة إلى حمار رأسا‪.(C‬‬

‫‪57‬‬
‫وينقل عنه تلميذ آخر من تلميذه أنه قال‪) :‬كنت مارا‪ C‬في أحد الي ام أم ام الس وق‬
‫ورأيت عربة تسير وزمام الحصان بيد الح وذي وفج أة م ر ش خص أم ام العرب ة‬
‫فص اح ب ه الح وذي ي ا حص ان فرأي ت الح وذي تح ول فج أة إل ى حص ان وانقس م‬
‫الزمام إلى زمامين(‪.‬‬

‫‪ ‬القسوة مع الحيوانات‬
‫دين السلم يذم القس وة ح تى م ع الحيوان ات ول يجي ز للمس لم إي ذاء الحي وان أو‬
‫ح تى س به وله ذا ق ال رس ول )ص( ف ي ح ديث ل ه‪) :‬ل و غف ر لك م م ا ت أتون إل ى‬
‫البهائم لغفر لكم كثيرا‪.(C‬‬
‫وم ع أن الس لم يجي ز ذب ح الحيوان ات المحلل ة لك ل لحومه ا إل أن له ذا الذب ح‬
‫آدابا ‪ C‬يجب مراعاتها بحيث تؤدي إلى تقليل ألم الحيوان إلى أدنى حد ممك ن وم ن‬
‫جملة ذلك هو أل يذبح الحيوان أمام الحيوان آخر فق د ج اء ف ي ح ديث ع ن أمي ر‬
‫المؤمنين )ع( أنه قال‪ ) :‬ل تذبح الشاة عند الشاة ول الجزور عن د الج زور وه و‬
‫ينظر إليه(‪.‬‬
‫وقد نهى السلم بش دة ع ن ذب ح ص غار الحيوان ات أم ام أنظ ار أمهاته ا لن ه ذا‬
‫العمل ينم عن غاية القسوة وتنعكس آثاره السلبية المدمرة على حياة من يفعله‪.‬‬
‫ينقل احد تلميذ الشيخ أن قصابا ‪ C‬جاء ذات يوم إلى الشيخ وقال طفلي على وش ك‬
‫أن يموت فما أصنع؟‬
‫”‬
‫فقال له الشيخ )قد ذبحت عجلً‪ C‬أمام أمه(‪.‬‬
‫فأخذ القصاب يترجى الشيخ لعله يساعده على إنقاذ طفله من الموت‪.‬‬
‫فقال له الشيخ‪):‬ل يمكن فهي تقول قد ذبح ابني ويجب أن يموت ابنه(‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫‪ ‬أساس بناء الذات‬
‫)الفلح( هو المعنى الجامع لك ل الكم الت النس انية وس بيل الوص ول إلي ه‪ -‬كم ا‬
‫يرى القرآن الكريم‪ -‬يتخلص في بناء الذات وتزكية النفس فقد أكد الب اري تع الى‬
‫بعد أن أقسم بأشياء كثيرة‪﴿ :‬قد أفلح من زكاها﴾‪.‬‬
‫جميع ما جاء به النبياء من قبل ا تعالى لهداية النس ان إنم ا ه و مقدم ة للفلح‬
‫ولزهادر الطاقات النسانية وأهم المسائل الساسية في مجال تزكية النفس ه ي‬
‫أن يفكر المرء من أين يبدأ وما هو أساس بناء الذات؟‬
‫ك ان النبي اء يؤك دون أن العم ل الساس ي لبن اء ال ذات والخط وة الول ى عل ى‬

‫‪58‬‬
‫طريق ة تزكي ة النف س ه و )التوحي د( وانطلق ا ‪ C‬م ن ه ذه الرؤي ة فق د ك ان الش عار‬
‫الول لجميع النبياء هو كلمة )ل إله إل ا(‪.‬‬
‫﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول إل نوحى إليه أنه لإله إل أنا فاعبدون﴾‪.‬‬
‫وكان أول خطاب للرسول)ص( إلى الن اس‪ ) :‬ي ا أيه ا الن اس قول وا ل إل ه إل ا‬
‫تفلحوا(‪.‬‬
‫ولكن التلفظ بكلمة التوحيد وحده ل يكفي بل إن أساس بناء هو الذات وما يوجب‬
‫الفلح والنجاح وازدهار الكمالت النسانية هو حقيقة التوحيد والتوحيد الحقيقي‬
‫وأبرز دليل على بلوغ النسان لحقيقة التوحيد بمفهومه الواقعي والكامل ه و ان ه‬
‫يستطيع الشهادة على وحدانية ا هو والملئكة والذات اللهية‪:‬‬
‫﴿ش ‹ه •د ا” أ•نه” ل إ‹ل•ه• إ‹ل ه” •و •و ‪Ÿ‬ال •مل•ئ •كة” •و أ”ول”وا ‪Ÿ‬ال ‹ع ‪Ÿ‬ل ‹م ﴾‬
‫وقد وصف الشيخ أحد تلميذه بالقول‪ :‬كان رحمه ا يبذل قصارى جهده لني ل )‬
‫ل إله إل ا( وتحمل في سبيل بلوغ حقيقة هذه الكلمة الطيبة‪.‬‬
‫وقال آخر‪ :‬كان سماحته متخصص ا ‪ C‬ف ي ه ذا المج ال وك ان يس عى بك ل جه ده أن‬
‫يوص ل الخري ن إل ى م ا وص ل إلي ه م ن أج ل أن يبل غ بتلمي ذ مرحل ة التوحي د‬
‫الحضوري‪.‬‬
‫ك ان الش يخ رج ب عل ي الخي اط يق ول ف ي ه ذا المعن ى )أس اس بن اء ال ذات ه و‬
‫التوحي د فك ان يري د تش يد بن اء لب د وأن يك ون الس اس ال ذي يبن ي علي ه أساس ا ‪C‬‬
‫سليما ‪ C‬ورص ينا ‪ C‬وإذا ل م يك ن القاع دة رص ينة ومتين ة ل يك ون البن اء موض ع ثق ة‬
‫واطمئنان إذ يجب على السالك أن يبدأ مسيرته بالتوحيد فقد كانت الكلم ة الول ى‬
‫لجمي ع النبي اء ه ي كلم ة )ل إل ه إل ا( وم ا ل م ي درك النس ان حقيق ة التوحي د‬
‫ويؤمن بعدم وجود مؤثر آخر في الكون غي ر ا وأن ك ل ش ئ ف ان إل وج ه ول‬
‫يتسنى له بلوغ مرتبة الكمال النساني فالنسان يس تطيع م ن خلل إدراك حقيق ة‬
‫التوحيد التوجه إلى ا بكل وجوده(‪.‬‬
‫وكان يقول أيضا ‪ ) :C‬إذ أردت يناديك رب ك فعلي ك أن تن ال قس طا م ن المعرف ة ث م‬
‫‪C‬‬
‫تتعامل معه(‪.‬‬
‫)حينما نقول "ل إله إل ا" يجب أن نقوله ا ع ن ص دق وإخلص وم ا ل م يتخ ل‬
‫المرء عن ص نم نفس ه وه واه ل يمك ن أن يك ون موح دا‪ C‬أو أن يك ون ص ادقا ‪ C‬ف ي‬
‫قول ل إله إل ا فمعنى "الله" هو ما يستهوي قلب النسان وكل ما يهواه قل ب‬
‫النسان هو إلهه‪ .‬وعندما نق ول‪" :‬ل إل ه إل ا" ل ب د وأن نقوله ا بش وق الق رآن‬
‫كله يعود إلى كلمة ل إله إل ا والنسان يج ب أن يبل غ مرحل ة ل يبق ى فيه ا أي‬
‫أثر في قلبه سوى هذه الكلمة ويفرغ عن قلبه كل ما سواها‪﴿ :‬ق” ‹ل ا” ث”م •ذر‪ Ÿ‬ه” ‪Ÿ‬م ف ى‬
‫ض ‹ه ‪Ÿ‬م ي• ‪Ÿ‬ل •عب”ون• ﴾‪.‬‬
‫•خو‪‹ Ÿ‬‬

‫‪59‬‬
‫فالنسان شجرة التوحيد وثمارها ظه ور الص فات اللهي ة وه و م ا ل م يثم ر فه و‬
‫غي ر كام ل لن ح د كم ا النس ان ه و أن يص ل إل ى ا أي أن يك ون مظه را‪C‬‬
‫لصفات الحق عليكم بالسعي لحياء صفات ا فيكم ا تع الى كري م فكون وا أنت م‬
‫كرم اء أيض ا ‪ C‬وه و رحي م فكون وا أنت م رحم اء وه و س تار فكون وا أنت م س تارين‬
‫أيضا ‪.(...C‬‬
‫)إن م ا ينف ع النس ان ه و التحل ي بالص فات اللهي ة ولي س هن اك م ن ش ئ‪ -‬ح تى‬
‫السم العظم‪ -‬يؤثر في النسان كتأثيرها(‪.‬‬
‫)إذا استغرق النسان في التوحيد تشمله عناية ربه في كل لحظة برعاي ة خاص ة‬
‫لم يكن يحظى بها من قبل وتبقى هذه الرعاية تتجدد له في كل لحظة(‪.‬‬

‫تطهير القلب من الشرك‬ ‫‪‬‬


‫تطهير القلب من الشرك هو الخطوة الولى على طريق بلوغ حقيقة التوحيد‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق جاء في الشعار الصلي للتوحيد ه و )ل إل ه إل ا( تق دم نف ي‬
‫اللهة الكاذبة المزيفة على إثبات الله الحق(‪.‬‬
‫ولك ن يج ب أن نع رف أول‪ C‬م ا ه و الش رك؟ وم ن ه و المش رك؟ وه ل ينحص ر‬
‫الشرك ف ي العتق اد بأوث ان جام دة ل حي اة فيه ا؟ أم أن قض ية الش رك ش ئ آخ ر‬
‫أوسع من ذلك؟‬
‫الشرك المقابل للتوحيد معناه العتقاد بقوى وهمية واليمان بتأثيرها في الوجود‬
‫وعبادتها من دون المؤثر الحقيقي في الوجود وهو ا الواح د الح د أم ا الموح د‬
‫فهو ال ذي ل ي رى م ؤثرا‪ C‬ف ي نظ ام الوج ود غي ر ا ول يعب د ش يئا ‪ C‬س واه ل م ن‬
‫الوثان الجامدة ول من الوثان الحية والمشرك هو من يعتقد بوجود م ؤثر آخ ر‬
‫في الوجود مع ا فهو يطيعه ويعبد االجمادات تارة ويطي ع أص حاب الق وة ت ارة‬
‫أخرى ويص بح عب دا‪ C‬له وائه النفس ية ثالث ة وأخي را‪ C‬ينص اع لعبودي ة ه ذه الن واع‬
‫الثلثة‪.‬‬
‫النواع الثلثة من الشرك المذكور أعله مستهجنة في نظر السلم وليس هناك‬
‫من سبيل لبلوغ حقيقة التوحيد إل بتطهير القلب من الشرك بمفهومه المطلق‪.‬‬
‫القضية المهم ة ال تي تس ترعي الهتم ام ه ي أن أخط ر أن واع الش رك ه و الن وع‬
‫الث الث‪ :‬أي النقي اد له وى النف س لن ه ذا الن وع م ن الش رك تنج م عن ه موان ع‬
‫تحول دون اكتساب المعرفة العقلية والقلبية ويكون بمثابة مقدمة للش رك بمعنيي ه‬
‫الول والثاني‪﴿ .‬أ• ف• •ر •ءي‪Ÿ‬ت •م ‹ن ات •خ •ذ إ‹ل•ه•ه” ه• •واه” •و أ•ض له” ا” ع•ل ى ‹ع ‪Ÿ‬ل ‪¥‬م •و •خت• •م ع•ل ى‬
‫صر ‹ه ‹غش •وة‪ C‬ف• •من ي ‪Ÿ‬ه ‹دي ‹ه ‹من ب• ‪Ÿ‬ع ‹د ا‹ أ• ف•ل ت• •ذكر”ون• ﴾‪.‬‬
‫س ‪Ÿ‬م ‹ع ‹ه •و ق• ‪Ÿ‬لب‹ ‹ه •و •ج •ع •ل ع•لى ب• ‹‬
‫وانطلقا ‪ C‬م ن ه ذه الرؤي ة ك ان س ماحة الش يخ ي رى أن ص نم النف س أخط ر ته دد‬

‫‪60‬‬
‫سلمة التوحيد ويقول في هذا المعنى‪:‬‬
‫)كل الكلم يدور حول هذا الصنم الكبير الموجود بين جنبيك(‪.‬‬
‫وقال سماحة الم ام الخمين ي‪-‬رحم ه ا‪ -‬ذل ك الرج ل المحن ك والحكي م والخ بير‬
‫أيضا ‪ C‬في هذا المعنى‪:‬‬
‫)أم الصنام هو صنم النفس وما لم يحط م ه ذا الص نم الق وي الك بير فلي س هن اك‬
‫من سبيل للسير نحو ا جل وعل ومن العسير ج دا‪ C‬أن يحط م ه ذا الص نم أو أن‬
‫يروض هذا الشيطان(‪.‬‬
‫وإذا تغلب النسان في هذا الصرع على هذا الصنم يكون قد أحرز نصرا‪ C‬س احقا ‪C‬‬
‫في حياته‪.‬‬

‫صارع نفسك‬ ‫‪‬‬


‫نقل أحد المصارعين المعروفين في ذلك ال وقت واس مه )أص غر آق ا بهل وان( أن‬
‫بعض الصدقاء اصطحبوه ذات يوم إلى سماحة الشيخ فربت على ساعده وقال‪:‬‬
‫)إن كنت بطل‪ C‬حقا ‪ C‬فصارع نفسك(‪!.‬‬
‫والحقيق ة ه ي أن تحطي م ص نم النف س ه و أول وآخ ر خط وة لزال ة الش رك‬
‫والوصول إلى الحقيقة التوحيد أي كما قال الشاعر‪:‬‬
‫فإن مسافتك إلى كعبة وصالة خطوة واحدة‬ ‫إسحق نفسك وعانق الحبيب‬

‫و إل فستبقى‬ ‫فأنت إذا تحررت من ذاتك تكون قد وصلت إلى الحبيب‬


‫تحترق إلى البد وتبقى هبا ‪C‬ء في هباء‬

‫ولعل هذا المعنى هو أقرب الطرق إلى ا كما نقل أبو حمزة الثمالي ع ن لس ان‬
‫الم ام س يد الم ام س يد الس اجدين)ع( ف ي ق وله‪) :‬وأن الراح ل إلي ك قري ب‬
‫المسافة(‪.‬‬

‫وكما قال حافظ الشيرازي‪:‬‬


‫ل أقول إل نكتة‬ ‫ما دمت تنظر إلى عقلك وفضلك فستبقى بل معرفة‬
‫واحدة تحرر من ذاتك حتى يتسنى لك النطلق‪.‬‬

‫السفر لجل هذه النكتة‬ ‫‪‬‬


‫نقل آية ا الفهري عن المرحوم غلم القدسي‪ :‬أن سماحة الش يخ ق دم ف ي إح دى‬
‫الس نوات إل ى كرمانش اه وق ال ل ي ف ي أح د الي ام تع ال ن ذهب إل ى من زل الش يخ‬

‫‪61‬‬
‫حيدر قلي سردار الكابلي فذهبنا إليه ودخلنا إلى داره وجلسنا ثم بعد أن قدمت له‬
‫سماحة الشيخ مرت فترة من الصمت ثم قال المرحوم الكابلي‪ :‬ي ا س ماحة الش يخ‬
‫قولوا لنا شيئا ‪ C‬نستفيد منه ؟ فقال الشيخ‬
‫)وماذا أقول لمن يعتمد على معلوم اته ومكتس باته أك ثر م ن اعتم اده عل ى فض ل‬
‫ا(!‬
‫‪C‬‬
‫بق ي المرح وم الك ابلي ص امتا ع دة لحظ ات ث م رف ع عم امته م ن ف وق رأس ه‬
‫ووضعها على الكرسي وأخذ يضرب رأسه بالحائط إلى درجة أني رقق ت لح اله‬
‫وأردت السراع لمنعه إل أن الشيخ أجلسني وقال‪ ....) :‬لقد جئت لق ول ل ه ه ذا‬
‫الكلم وأرجع(‪.‬‬

‫‪ ‬استغفر ربك ألف مرة‬


‫نقل أحد أبناء الشيخ أن شخصا ‪ C‬من بلد الهند اس مه الح اج محم د ك ان ي أتي إل ى‬
‫إيران في كل سنة ويقيم فيها مدة شهر وفي إح دى الم رات ن زل م ن القط ار ف ي‬
‫طريق مشهد للصلة وعن دما أراد القط ار الحرك ة أخ ذ ص ديقه ين ادي علي ه )إن‬
‫القطار على وشك الحركة فأسرع‪ .‬إل أنه لم يهتم لنداءات ص ديقه واس تطاع بم ا‬
‫ل ديه م ن ق درة روحي ة أن يوق ف القط ار نص ف س اعة وبع دما ع اد م ن مش هد‬
‫وذهب لزيارة الشيخ قال له الشيخ‪):‬استغفر ربك ألف مرة(‪.‬‬
‫قال الرجل‪ :‬ولم؟‬
‫فقال له الشيخ‪ :‬لقد ارتكبت خطأ‬
‫قال‪ :‬وما هو؟ فقد ذهبت إلى مشهد وزرت ودعوت لك‪.‬‬
‫فقال له الشيخ‪):‬لقد أوقفت القط ار هن اك م ن أج ل أن تظه ر ق درتك أرأي ت كي ف‬
‫غرك الشيطان؟ ول يحق لك أن تفعل ذلك(‪.‬‬

‫‪ ‬الشرك وعبادة الشخصية‬


‫‪C‬‬
‫الحد الفاصل بين التوحيد والشرك دقيق جدا ول يمكن أن تراه كل عين فق د ج اء‬
‫في الحديث عن رسول ا )ص(‬
‫)إن الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ليلة ظلماء(‪.‬‬
‫فالتقي اء وأص حاب البص يرة ه م الق ادرون فق ط عل ى رؤي ة الش رك الخف ي‬
‫والتحذير منه وعبادة الشخصية هي واحدة من أنواع الشرك الخفي الذي يقع فيه‬
‫الكثير م ن الن اس فالشخص ية الرباني ة العظيم ة المنزل ة إذا ل م يك ن الهتم ام به ا‬
‫وإطاعتها لوجه ا فهو شرك وهذا ما جعل الشيخ يقول )إذا كنتم تأتون إل ي م ن‬
‫أجلي فهذا في ضرركم(‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫ل يكن أبوك صنما ‪ j‬لك‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫نقل حج ة الس لم والمس لمين الس يد محم د عل ي الميلن ي نج ل الفقي ه والمرج ع‬
‫الجليل المرحوم آي ة ا الس يد محم د ه ادي الميلن ي‪ -‬رض وان ا تع الى علي ه‪-‬‬
‫لقا ‪C‬ء لسماحة الشيخ مع والده الكريم على النحو التالي‪:‬‬
‫لقد من الباري تعال على سماحة الشيخ رجب علي الخي اط ببص يرة ناف ذة بس بب‬
‫إع راض نفس ه ع ن المح ارم وع دم معص يته ل وق د نج ح ف ي ته ذيب ثل ة م ن‬
‫أصدقائه على حب ا والخلص له‪.‬‬
‫كان شديد الحب لوالدي ونظرا‪ C‬لسابق معرف تي ب ه ف إنني كن ت أزوره ف ي بع ض‬
‫المرات وأحض ر مجالس ه ال تي ك انت تب دأ ع ادة بتلوة آي ات م ن الق رآن الكري م‬
‫وذكر مجموعة الحاديث الشريفة وأستفيد أحيان ا ‪ C‬م ن الم واعظ ال تي ك ان يع دها‬
‫للسالكين‪.‬‬
‫وفي إحدى السنوات قدم إلى مدينة مشهد لغرض الزيارة ونزل في فن دق ط وس‬
‫الواقع في شارع )بست بال(‪ .‬فدعاه والدي فدعاه في يوم من اليام لتن اول طع ام‬
‫الغداء في دارنا وكان حضور سماحة الش يخ ف ي دارن ا م دعاة للبهج ة والس رور‬
‫لدى والدي ‪ ...‬بقيا يتحدثان إل ى قبي ل الغ رب التف ت س ماحة الش يخ إل ى ف ي ذل ك‬
‫المجلس وقال‪) :‬احذر ل يكن أبوك صنما ” لك(‪.‬‬
‫وقال لبي‪ ) :‬انتبه لكي ل يكون ولدك سببا ‪ C‬ليجاد المتاعب والمصائب لك(‪.‬‬
‫وفي أثناء حضور الش يخ خط رت ف ي ذهن ي فك رة وه ي ه ل م ن أن الممك ن أن‬
‫يحظى النسان بالدنيا والخرة معا‪C‬؟‬
‫فالتفت إلى الشيخ قائل‪ ) :C‬أكثر من قراءة الي ة ف ي ال دعاء ﴿ •ربن• ا •ءات‹ن• ا ف ى ال دني•ا‪Ÿ‬‬
‫•حسن•ة‪• C‬و فى ال• ‹خ •ر ‹ة •حسن•ة‪﴾C‬‬
‫عدت برفقة الشيخ إلى الفندق ووجدنا أن الشاعر حيدر معج زة )ص احب دي وان‬
‫الشعر( كان موجودا‪ C‬في الفندق في انتظار س ماحة الش يخ ودع اه إل ى الغ ذاء ف ي‬
‫ظهر يوم غد‪ .‬ل م يواف ق الش يخ ف ي بداي ة الم ر عل ى تلبي ة ال دعوة إل أن ه أص ر‬
‫على تلبية الشيخ الدعوة فقبل منه ثم جاء حيدر معج زة إل ى وال دي ودع اه أيض ا ‪C‬‬
‫إلى طعام الغذاء وذهبت أنا ووالدي إلى دار حي در معج زة وج اء س ماحة الش يخ‬
‫رجب علي مع شخصين من رفاقه في السفر ‪.‬‬
‫واستمرت الجلسة في ذلك اليوم إلى قريب المغرب‪.‬‬

‫‪ ‬سبل الوصول إلى حقيقة التوحيد‬


‫والسؤال الساسي حاليا ‪ C‬هو كيف يتسنى للمرء إنقاذ ذاته من ربقة الشرك وبل وغ‬

‫‪63‬‬
‫زلل التوحي د الخ الص كتحطي م ص نم النف س واجتث اث ج ذور الش رك الخف ي‬
‫والظاهر في وجودة؟‬
‫وجواب سماحة الش يخ ع ن ه ذا الس ؤال ه و‪) :‬ف ي رأي ه ذا العب د أن م ن يطل ب‬
‫طريق الخلص والوصول إلى مرتبة الكم ال الحقيق ي واس تلهام مع اني التوحي د‬
‫يجب عليه التمسك بأربعة أشياء هي‪:‬‬

‫أول‪ :C‬حضور القلب والتوجه الدائم‪.‬‬


‫ثانيا‪ :‬التوسل بأهل البيت عليهم السلم‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :C‬التوسل إلى ا في الليالي‪.‬‬
‫رابعا ‪ :C‬الحسان إلى الناس‪.‬‬
‫وسيأتي شرح هذه المور من وجهة نظر الشيخ في الفصول‬

‫الفصل الرابع‬

‫‪ ‬إخلص أولياء ا‬
‫من جملة المسائل الساسية التي كان سماحة الشيخ يؤكد أهميتها كثيرا‪ C‬في تعلي م‬
‫وتربية تلميذه ه ي مس ألة الخلص ولي س الخلص ف ي العقي دة والعب ادة فق ط‬
‫وإنما في جميع المور والعمال‪.‬‬
‫كان يؤكد دائما ‪ C‬أن‪) :‬الدين الح ق ه و ه ذا ال ذي يق ال ف وق المن ابر ولكن ه ينقص ه‬
‫شيئان‪ :‬أحدهما الخلص والخر هو محب ة ا فه ذان العنص ر يج ب إض افتهما‬
‫إلى مواد الخطب والكلمات(‪.‬‬

‫‪ ‬كل العمال ل‬
‫من الكلمات القيمة والتربوية لسماحة الشيخ هو قوله‪):‬كل ش ئ جمي ل وحس ن إذا‬
‫كان ل(‪.‬‬
‫‪C‬‬
‫وكان أحيانا يشير إلى ماكن ة خي اطته ويق ول‪) :‬انظ روا إل ى ماكن ة الخياط ة ه ذه‬
‫ك ل واح دة م ن قطعه ا الص غيرة والك بيرة تحم ل العلم ة الخاص ة بمص نعها ‪...‬‬
‫يري دون أن يقول وا إن أص غر قطع ة ف ي ه ذه الماكن ة يج ب أن تحم ل علم ة‬
‫مصنعنا ‪ C‬والنسان المؤمن أيضا ‪ C‬يجب أن تكون كل أعماله ذات صبغة إلهية(‪.‬‬
‫ففي مدرسة الشيخ التربوية يج ب عل ى الس الك أن يتأم ل قب ل التي ان ب أي عم ل‬
‫فإن لم يكن العمل مشروعا ‪ C‬فليتركه امتثال‪ C‬لنهي ا وإن كان مشروعا ‪ C‬وليس ف ي‬

‫‪64‬‬
‫أدائه أثر للهواء والميول النفسية فليؤده ف ي س بيل ا وإن ك ان مش روعا ‪ C‬ولك ن‬
‫تشوبه أهواء نفسية فيجب عليه الستغفار من ميوله النفسية أول‪ C‬ثم يؤدي العم ل‬
‫بعد ذلك في سبيل ا(‪.‬‬

‫‪ ‬كل ونم ل‬
‫استنادا‪ C‬إلى وصية الرسول )ص( لبي ذر رضي ا عنه‪.‬‬
‫)يا أباذر ليكن لك في كل شئ نية صالحة حتى النوم والكل(‪ ،‬كان الشيخ يؤك د‬
‫على لتلميذه أنه‪:‬‬
‫)يجب أن تكون العمال كلها ل حتى الكل والنوم(‪.‬‬
‫ويضيف قائل‪) C‬متى ما شربت فنجان الشاي هذا بقصد القربة إلى ا يتنور قلبك‬
‫بنور ا ولكن إذا شربته من أجل نفسك فيكون كما أردت(‪.‬‬
‫قال آية ا محمد رضا مه دوي كن ي‪ :‬ف ي بداي ة ش روعي بدراس ة العل وم الديني ة‬
‫أردت ف ي أح د الي ام ش راء ث وب جدي د‪ -‬لعي د للمرح وم بره ان الث وب ال ذي‬
‫استعرته منه‪ -‬فذهبت إلى رج ل ي دعى الش يخ رج ب عل ي الخي اط وك ان عم ري‬
‫آن ذاك ح والي أرب ع عش رة أو خم س عش رة س نة فأخ ذت ل ه قماش ا ‪ C‬وك ان مح ل‬
‫عمله في داره ف ي غرف ة قريب ه م ن الب اب جلس ت بع ض ال وقت فج اء وق ال ل ي‬
‫)حسنا ‪ C‬ماذا تريد أن تصبح(؟‬
‫قلت‪ :‬أريد أن أكون طالب علوم دينية‪.‬‬
‫‪C‬‬
‫قال‪ :‬أتريد أن تكون طالب علوم دينية أم تريد أن تكون إنسانا(؟‬
‫تعجبت من كلمه فقلت في نفسي كيف يخاطبني هذا الرجل بمثل هذه اللهجة إل‬
‫أنه استدرك قائل‪:C‬‬
‫)ل تستاء فدراسة العلوم الدينية أمر جيد ولك ن يج ب أن يك ون ه دفك أن تص بح‬
‫شابا•ً‪ C‬ولم تتدنس بالمعاصي أن ل تنسى الهدف اللهي كل عمل تؤديه يج ب أن‬
‫يكون ل وحتى إذا تناولت الـ)جلوكباب( تناوله بقصد تقوية بدنك على عب ادة ا‬
‫ول تنس هذه النصيحة طوال عمرك(‪.‬‬

‫‪ ‬خي‪w‬ط ل‬
‫كان الشيخ يقول للسكافي ‪) :‬حينما تخيط حذاء أغ رس الب رة في ه ف ي س بيل ا‬
‫هذا أول‪ C‬ثم أتقن عملك وخيطه خياطة متينة بحيث ل يتمزق بسرعة(‪.‬‬
‫وكان يقول للخياط‪) :‬أتقن مل غرزه إبرة واجعلها في سبيل ا(‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ ‬تعال ل‬
‫وصف أحد تلمي ذ الش يخ وص اياه ف ي الخلص عل ى النح و الت الي ك ان الش يخ‬
‫يقول ) عن دما ت أتي إل ى هن ا –أي دار الش يخ‪ -‬تع ال ف ي س بيل ا وإذا جئت م ن‬
‫أجلي فأنت خسران(‪.‬‬
‫كانت حالته عجيبة فهو كان يدعو الناس ل ل إلى نفسه‪.‬‬

‫‪ ‬انفخ في سبيل ا‬
‫يق ول نج ل الش يخ‪ :‬ك ان الش يخ عب د الكري م حام د تلمي ذا‪ C‬جي دا‪ C‬لوال دي وف ي اح د‬
‫اليام كان ينفخ المكواة‪-‬حيث كانت المكواة تس خن يوم ذاك بح رارة الفح م‪ -‬فق ال‬
‫أبي‪) :‬يا عبد الكريم أتعرف كيف تنفخ في المكواة(‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ل يا سيدي العزيز وكيف انفخ فيها؟‬
‫قال أبي‪ :‬دور شفتيك كالزهرة وانفخ في سبيل ا(‪.‬‬

‫‪ ‬أحبب ل‬
‫يق ول أح د تلمي ذ الش يخ ق ال ل ي الش يخ ف ي مجلس ي خ اص‪) :‬فك رك مش غول‬
‫بالمكان الفلني وهذا أمر جيد ولكن يجب أن يكون ل(‪.‬‬
‫وفي أحد اليام كن ت عن ده وأن ا وأح د أص دقائي فأش ار إل ى قل ب ص ديقي وق ال ‪:‬‬
‫)أرى هنا ابنين أو بنتين وهذا أمر جيد ولكن القلب مكان ا ويجب أتكون محب ة‬
‫الولد ل(‪.‬‬
‫‪C‬‬
‫وكان يقول أيضا )أعمال النساك كله ا جي دة ولك ن يج ب عليه م فق ط تب ديل )أن ا(‬
‫بال(‪.‬‬

‫‪ ‬قبل ل‬
‫وص ف آي ة ا الفه ري وص ايا الش يخ ف ي الخلص عل ى النح و الت الي‪ :‬ك ان‬
‫محور كلمه هو )أن العمل يجب أن يكون ل وكان يكرر على الدوام في كلم ه‬
‫"اعملوا ل اعملوا ل" إلى أن أصبح العمل ل ملكة عند تلمي ذه ومثل ه ف ي ذل ك‬
‫مث ل م روض الفي ل ال ذي يض رب رأس الفي ل عل ى ال دوام بالمطرق ة فه و ك ان‬
‫يضرب على فكر تلميذه أن العمل يجب أن يكون ل‪.‬‬
‫كان يورد أمثلة عن نفسه وعن الخرين في هذا المجال لتتولد حال ة الملك ة ل دى‬
‫المخاطبين وكان يؤكد للجميع في كل الحوال‪ ) :‬أن العمل يجب أن يكون ل(‪.‬‬
‫فهو كان يقول‪) :‬حينما تذهب مسا ‪C‬ء إلى دارك وتريد تقبيل زوجتك قبلها ل!‬

‫‪66‬‬
‫وكان يقول أيضا ‪) C‬يجب أن يكون ا ماثل‪ C‬في جميع زوايا حياة النسان(‬
‫وقد جاءت مقامات ومكاشفات الشخاص ال ذين ترب وا ف ي مدرس ة الش يخ نتيج ة‬
‫للعمل بهذه الوصايا والتعليمات‪.‬‬

‫‪ ‬ماذا فعلت ل؟!‬


‫ينقل أحد أبناء الشيخ‪ :‬كنت ذاهبا ‪ C‬برفقة أبي إلى )بي بي شهر بانو( وفي الطريق‬
‫صادفنا أحد المرتاضين فسأله أبي‬
‫)ما النتيجة التي حصلت عليها من‬
‫وراء رياضتك(‪ .‬انحنى المرتاض‬
‫وتناول حجرا‪ C‬من الرض فتحول‬
‫الحجر بيده إلى كمثرى فقدمه إلى‬
‫أبي ق ائل‪ :C‬تف ضل ﹸكل !‬
‫فنظر إليه أبي وقال ‪) :‬لقد فعلت هذا لي ولكن قل لي ‪ :‬ماذا فعلت ل(‬
‫ولما سمع المرتاض هذا الكلم بكى!‬

‫‪ ‬الويل لي! الويل لي!‬


‫نقل أحد تلميذ الشيخ وكان قد رافقه مدة ثلثين س نة أن الش يخ ق ال ل ه ‪) :‬رأي ت‬
‫روح أح د العلم اء م ن ذوي المعن ى‪-‬ك ان يس كن ف ي إح دى الم دن الك بيرة ف ي‬
‫إيران‪ -‬في البرزخ وكان يتأس ف ويض رب عل ى فخ ذه ويق ول‪ :‬الوي ل ل ي! جئت‬
‫وليس لدي عمل خالص لوجه ا (!‬
‫ولما سألته عن سبب تأس فه ق ال‪ :‬ص ادفت ف ي أي ام حي اتي رجل‪ C‬كاس با ‪ C‬م ن أه ل‬
‫المعن ى وق د ذك ر ل ي بعض ا ‪ C‬م ن ص فاته الباطني ة وبع د م ا ف ارقته عزم ت عل ى‬
‫ممارس ة الرياض ة الروحي ة لك ي تك ون ل دي رؤي ة برزخي ة كرؤيت ه ولج ل أن‬
‫أحصل عل ى المكاش فات والمش اهدات الغيبي ة‪ -‬كم ا يمتل ك‪ -‬دأب ت عل ى ممارس ة‬
‫الرياضة مدة ثلثين سنة إلى أن نجحت في بل وغ مقص دي وق د ح ان الن أجل ي‬
‫وهم يقولون حاليا‪ :C‬لقد بقيت أسيرا‪ C‬لهوائك النفسية إل ى أن ص ادفك ذل ك الرج ل‬
‫من أه ل المعن ى ونص حك وبع د ذل ك أنفق ت م ا ين اهز الثلثي ن س نة م ن عم رك‬
‫لبل وغ المكاش فات ورؤي ة الح الت البرزخي ة ولن ق ل‪ :‬م ا ه و العم ل الخ الص‬
‫الذي قدمته لنا؟!‬

‫‪ ‬الصلح ل‬
‫ذك ر أح د العلم اء المعاص رين وه و م ن أس اتذة الخلق والعرف ان ق ائل‪ :C‬س ألت‬

‫‪67‬‬
‫سماحة الشيخ رجب علي عن نفسي وكيف يرآني؟‬
‫فقال‪ :‬يا سيدي أيه ا الش يخ الح اج قلب ك يمي ل إل ى الص لح ولك ن م ن أج ل ذات ك‬
‫فعليك أن تسعى ليكون صلحك ا‪.‬‬
‫انظر أيها القارئ العزيز كيف كان سماحة الشيخ يميز ببص يرته اللهي ة الح دود‬
‫الدقيق ة بي ن التوحي د والش رك وينب ه عليه ا ول يوج د طري ق آخ ر للوص ول إل ى‬
‫الحقيقة وجنة اللقاء سوى هذا الطريق‪.‬‬

‫‪ ‬زر ل‬
‫نقل احد تلمي ذ الش يخ ق ائل‪ :C‬ف ي ي وم م ن الي ام قل ت للش يخ م ا رأي ك أن ن ذهب‬
‫سوية لزيارة المام الرضا )ع(‬
‫فقال لي ‪ :‬المر ليس بيدي‪.‬‬
‫في البداي ة اس تغربت ه ذا الج واب‪ :‬إذ كي ف يق ول إن أم ره لي س بي ده ولك ن بع د‬
‫برهة م ن الزم ن فهم ت أن العب د لي س ل ه إرادة الح ق وأعم اله منوط ة ب إذن ا‬
‫ورض اه وبع د م دة ج رى الح ديث ع ن الخلص وزي ارة الم ام الرض ا )ع(‬
‫فقال ‪:‬‬
‫)من يذهب لزيارة الم ام الرض ا )ع( ل وجه ا تع الى م ن غي ر أن يك ون هن اك‬
‫غرض آخر فإن المام الرضا )ع( يستقبله‪.‬‬
‫ففي إحدى المرات التي زرت فيها المام الرضا )ع( ولم أضع نص ب عين ي إل‬
‫رضا ا حظيت بعناية منه صلوات ا عليه جعلني أهيم بحبه‪.‬‬
‫ولو كانت هذه المحبة عيانا ‪ C‬توصف لو ص فتها ل ك ولك ن إذا أردت مش اهدة ه ذه‬
‫المحبة عيانا ‪ C‬عليك بتزكية نفسك لترى ما رأيته(‪.‬‬

‫‪ ‬آثار الخلص‬
‫ك ان الش يخ يؤك د ف ي كلم ه أن )م ن ك ان ل ك ان ا ل ه( وك ان يق ول ‪) :‬ك ن ل‬
‫ليكون ا وملئكته لك(‪.‬‬
‫وك ان يق ول أحيان ا ‪) C‬ح تى إذا ل م يوف ق النس ان إل ى أداء العم ل ف إن الكلم عن ه‬
‫يترك تأثيرا‪ C‬إيجابيا ‪ C‬في روح الشخص(‬

‫‪ ‬الهداية اللهية‬
‫ك ان الش يخ ي رى أن م ن البرك ات المهم ة للخلص ه و ني ل الهداي ة اللهي ة‬
‫الخاص ة وك ان يس تند ف ي رأي ه الي ة الكريم ة ﴿ •وال ‹ذين• •جه• د”وا ف‹ين• ا ل•ن ‪Ÿ‬ه ‹دي•نه” ‪Ÿ‬م‬
‫سب”ل•ن•ا﴾ وكان يقول في بيان هذا المطلب‪:‬‬

‫‪68‬‬
‫)إذا قمت ل تصبح جميع عوالم الخلقة دليل‪ C‬لسبيك لن كمالها منوط بالفناء في ك‬
‫فهي تريد أن تقدم ما في قدرتها لكي تصل إلى كماله ا الحقيق ي وإذا ق ام النس ان‬
‫ل تصطف على طريقه كل عوالم الوجود لكي تقدم له كل ما لديها ولتكون دليل‪C‬‬
‫له إلى سواء السبيل(‪.‬‬
‫كان الشيخ يرى ضرورة التصاف بأعلى مراتب الخلص من أج ل الحص ول‬
‫على الهداية اللهية الخاصة ‪ :‬بمعنى أن ل يك ون للنس ان ه دف آخ ر م ن وراء‬
‫مساعيه إل ا تع الى ويج ب علي ه أن ل يض ع نص ب عيني ه ح تى قض ية كم اله‬
‫الذاتي فكان يقول في هذا المجال‪:‬‬
‫)مادام النسان يضع كماله الذاتي نصب عيني ه فه و ل يص ل إل ى الحقيق ة وله ذا‬
‫يجب عليه استفراغ م ا ف ي وس عه للوص ول إل ى ا فحينئذ يستخلص ه ا تع الى‬
‫لنفسه(‪.‬‬

‫‪ ‬رائحة ا في العمل‬
‫كان الشيخ يؤكد ‪ ) :‬إنك عندما تعرف ا يجب أن تكون كل أفعالك صادرة ع ن‬
‫إخلص وح ب وح تى كمال ك ال ذاتي ل تأخ ذه بنظ ر العتب ار ف النفس النس انية‬
‫حاذقة ومعقدة ول تترك صاحبها وشأنه وتري د إقح ام ذاته ا ف ي ك ل أعم اله ب أي‬
‫نحو كان‪.‬‬
‫ما دام النسان يجب ذاته ويهتم بها تبقى أعم اله ذات ص بغة نفس انية ولي س فيه ا‬
‫رائح ة إلهي ة ولكن ه إذا أبع د عن ه الناني ة وص ار طلب ا ‪ C‬ل تص بح أعم اله إلهي ة‬
‫وتنبع ث منه ا رائح ة ا‪ .‬وه ذا ال رأي يوج د علي ه دلي ل ورد ف ي كلم الم ام‬
‫السجاد )ع( حيث قال‪) :‬ما أطيب طعم حبك(‪.‬‬

‫‪ ‬التغلب على الشيطان‬


‫م ن جمل ة البرك ات الناجم ة ع ن العم ل الخ الص ل ه و التغل ب عل ى الش يطان‬
‫وكان سماحة الشيخ يقول في هذا الصدد‪:‬‬
‫)من قام ل تقوم نفسه مع خمسة‬
‫وسبعين جيشا ” إلى جانب الشيطان‬
‫وجنوده للقضاء عليه ولكن جند‬
‫ا ﴿له• ”ً ”م ‪Ÿ‬ال •غل‹ب”ون• ﴾ فالعقل أيضا ‪C‬‬
‫لديه خمسة وسبعون جيشا ‪ C‬ل تترك‬
‫اد‬ ‫‹ ى‬
‫طن﴾ فإذا لم يكن لديك رغبة إلى غير ا ل يمكن للنفس‬ ‫سل ¦‬ ‫ل•ي‪Ÿ‬س ل•ك •عل•ي ‹ه ‪Ÿ‬م ‪Ÿ‬‬

‫‪69‬‬
‫والشيطان مجاراتك في القوة وإنما يندحران أمامك(‪.‬‬
‫وك ان يق ول ‪) :‬ف ي ك ل نف س يستنش قه النس ان امتح ان ف انظر ه ل يب دأ ب دوافع‬
‫رحمانية أم تشوبه حوافز شيطانية(!‬

‫‪ ‬انفتاح عين القلب‬


‫ك ان الش يخ يعتق د أن النس ان م ا دام متجه ا ‪ C‬لغي ر ا ويطل ب م ا س واه فه و ف ي‬
‫الحقيق ة مش رك وقلب ه م دنس بص دأ الش رك وك ان يس تدل بالي ة الكريم ة ﴿إ‹ن •م ا‬
‫‪Ÿ‬ال ”م ‹‬
‫شر ”كون• ن •جس¦ ﴾ وما دام غبار الشرك جاثي ا ‪ C‬عل ى م رآة القل ب ل يتس نى للم رء‬
‫إدراك حق ائق الوج ود وانطلق ا ” م ن ه ذه الرؤي ة ك ان س ماحته يق ول‪ ):‬م ا دام‬
‫النس ان يص بو إل ى غي ر ا يبق ى غريب ا ‪ C‬ع ن حق ائق الوج ود ول يفه م ب اطن‬
‫الخلقة(‪.‬‬

‫وقد قال الشاعر حافظ الشيرازي في هذا المعنى‬


‫أنت حجاب الطريق يا حافظ فقم من وسطه‬
‫طوبى لمن سار في هذا الطريق بل حجاب‬

‫أم ا إذا أخل ص أح د ل تنفت ح عي ن قلب ه وإذا حرص تم عل ى ص يانة قل وبكم ول م‬


‫تفس حوا المج ال لح د ي دخلها س وى ا تس تطيعون عن دئذ رؤي ة م ا ل ي راه‬
‫الخرون وسمع ما ل يسمعون(‪.‬‬

‫‪ ‬البركات المادية والمعنوية‬


‫يصرح القرآن الكريم أن المرء حتى إذا كان م ن أه ل ال دنيا فليعل م أن طاع ة ا‬
‫ل تنق ص ش يئا ‪ C‬م ن دني اه ب ل إنه ا تع ود علي ه‪ -‬فض ل ع ن ال دنيا‪ -‬بالحي اة الطيب ة‬
‫الخال دة ﴿م ن ك ان• ي ‹”ري ”د ث• •واب ال د ‪Ÿ‬ني•ا ف• ‹عن •د ا‹ ث• •واب ال د ‪Ÿ‬ني•ا •و ال• ‹خ •ر ‹ة •و ك ان• ا”‬
‫صيرا‪.﴾C‬‬
‫س ‹مي •عا ب• ‹‬
‫وبعبارة أخرى إن ا هو كل شئ ومن عنده ا عنده كل شئ‪.‬‬
‫يقول أحد محبي الشيخ سألني الشيخ مرة )ما عملك(؟‬
‫قلت‪ :‬نجار‬
‫قال‪) :‬عندما تضرب المسمار بالمطرقة تطرق في ذكر ا أم في ذكر النقود؟!‬
‫إذا كنت في ذكر النقود يعطونك إياها وإذا كنت في ذكر ا تحص ل عل ى النق ود‬
‫وتحصل على قرب ا(‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫‪ ‬كنت أدرس ل‬
‫ينقل أحد تلميذ الشيخ عنه أنه قال‪:‬‬
‫)ش اركت جم اهير غفي رة ف ي تش ييع جن ازة آي ة ا العظم ى الس يد ال بروجردي‬
‫)رحمة ا عليه( وكان تشييعا ‪ C‬فخما ‪ C‬ورأيت في عالم المعنى وكأنني سألته‪ :‬كيف‬
‫حظيتم بكل هذا التكريم؟ فقال‪ :‬كنت أدرس طلبة العلو الدينية ل(‪.‬‬

‫‪ ‬ا هو الذي أصلح لنا عملنا‬


‫نقل أحد محبي الشيخ أنه حدثهم ذات يوم قائل‪:C‬‬
‫)استدعي ابني إلى الخدمة العس كرية وأردت ال ذهاب لمتابع ة قض يته‪ .‬وف ي تل ك‬
‫الثن اء ج اءني رج ل وام رأة فطلب ا من ي أن أح ل م ا وق ع بينهم ا م ن الختلف‬
‫وتأخرت عن الذهاب وجاء ابني بعد الظهر وقال‪ :‬لقد أصبت قب ل الوص ول إل ى‬
‫المعس كر ب ألم ش ديد ف ي رأس ي ح تى ت ورم رأس ي ولم ا فحص ني الط بيب ق رر‬
‫إعفائي من الخدمة العسكرية وما إن خرجت من المعسكر حتى زال اللم وال ورم‬
‫من رأسي وكأنهما لم يكن لهما أثرا(!‬
‫وأضاف الشيخ في ختام حديثه‪) :‬ذهبنا لقضاء عمل الناس فقضى ا لنا عملنا(‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬

‫‪ ‬ذكر أولياء ا‬
‫ك ان لس ماحة الش يخ ت وجيه رئيس ي ف ي م ا يخ ص ذك ر ا وك ان ف ي مختل ف‬
‫المناسبات يكرره ويؤكده‪.‬‬
‫والمهم في هذا التوجيه الذي سنشرحه فيما يأتي‪ -‬وإن كان مقتبسا ” م ن الح اديث‬
‫السلمية‪-‬هو التجربة الذاتية للشيخ بشأنه‪.‬‬
‫مبدئيا ‪ C‬تكتسب أقوال واستنتاجات هذا الرجل الله ي والعب د الص الح أهميته ا م ن‬
‫تجربة الباطنية‬

‫‪ ‬الحضور الدائم‬
‫ك ان الش يخ يح رص عل ى تربي ة تلمي ذه بالش كل ال ذي يجعله م يستش عرون‬
‫وحضور ا في كل حال وهذا في الحقيقة هو ما أشار إليه الحديث المهم والبناء‬
‫المنق ول ع ن رس ول ا )ص( ف ي ق وله‪) :‬أذك روا ا ذك را‪ C‬خ امل‪ :C‬وم ا ال ذكر‬
‫الخامل؟ قال‪ :‬الذكر الخفي(‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫وجاء عنه أنه قال في حديث آخر ‪):‬يفضل الذكر الخف ي ال ذي ل تس معه الحفظ ة‬
‫على الذي تسمعه سبعين ضعفا‪.(C‬‬
‫تكمن أهمية وأفضلية الذكر الخف ي عل ى ال ذكر العلن ي والجل ي ف ي دوره الفاع ل‬
‫والمصيري في بناء النس ان أن ال ذكر اللس اني س هل يس ير‪ .‬وأم ا ال ذكر القل بي‪-‬‬
‫وخاصة ديمومته‪ -‬فهو عسيرا‪ C‬وعلى هذا الساس وصفه المام محمد الب اقر)ع(‬
‫بأنه من أصعب العمال‪:‬‬
‫)ثلث من أشد ما عمل العب اد‪ :‬إنص اف الم ؤمن م ن نفس ه ومواس اة الم رء أخ اه‬
‫وذك ر ا عل ى ك ل ح ال‪ :‬وه و أن ي ذكر ا ع ز وج ل عن د المعص ية يه م به ا‬
‫فيحول ذكر ا بينه وبين تلك المعصية وهو قول ا عزوج ل ‪﴿ :‬إ‹ن ال ‹ذين• اتق• و‪ Ÿ‬ا‬
‫طئف §من• الشي‪Ÿ‬ط ‹ن ت• •ذكر”وا ف•إ‹ •ذا ه”م م ‪Ÿ‬ب ‹‬
‫صر”ون• ﴾‪.‬‬ ‫¦‬ ‫إ‹ •ذا •مسه” ‪Ÿ‬م‬
‫وورد في حديث آخر عن الم ام الص ادق )ع( وص ف في ه النص اف والمواس اة‬
‫والذكر الدائم بأنها من أصعب الواجبات اللهية وصرح بأن المراد م ن ذك ر ا‬
‫ليس هو الذكر اللساني وإن ك ان ال ذكر اللس اني يعت بر ه و الخ ر ذك را‪ C‬ذك را‪ C‬ل‬
‫قائل‪) :C‬عن الحسن البزاز قال ‪ :‬ق ال ل ي الم ام الص ادق )ع(‪ ) :‬ال أح دثك بأش د‬
‫ما فرض ا عزوجل على خلقه؟‪ ...‬إنص اف الن اس م ن نفس ك مواس اتك لخي ك‬
‫وذكر ا في كل م واطن أم ا إن ي ل أق ول‪ :‬س بحان ا والحم د ل ول إل ه إل ا‬
‫وا أكبر وإن كان هذا م ن ذاك ولك ن ذك ر ا ف ي ك ل م وطن إذا هجم ت عل ى‬
‫طاعته أو معصيته(‪.‬‬

‫يبدوا من العسير جدا‪ C‬أن يرى المرء نفسه بين يدي ا في كل حال وإذا حص لت‬
‫له مثل هذه الحالة ل يمكن أن يتغلب عليه هوى نفسه والشيطان ويرغم انه عل ى‬
‫معصية ربه‪.‬‬

‫‪ ‬سبيل التخلص من النفس الشيطان‬


‫كان سماحة الشيخ يقول‪) :‬ل س بيل للتخل ص م ن ش ر النف س إل ب التوجه إل ى ا‬
‫والحض ور ال دائم وم ادمت م اثل‪ C‬بي ن ي ديه ودون انقط اع ل يمك ن للنف س أن‬
‫تخدعك وتغرك(‪.‬‬
‫وكان سماحته يشير في ك ثير م ن الوق ات إل ى الي ة الكريم ة ﴿ •و •م ن ي• ‪Ÿ‬ع ش •ع ن‬
‫‹ذ ‪Ÿ‬ك ‹ر الرح‪• Ÿ‬م ‹ن ن”ق•ي§ض ل•ه” شي‪Ÿ‬طنا ‪ C‬ف•ه” •و ل•ه” ق• ‹ر ¦‬
‫ين﴾‪ .‬ويقول ‪:‬‬
‫) م تى م ا قط ع النس ان ت وجه إل ى ا يس تحوذ علي ه نفس ه والش يطان‪ -‬الل ذان‬
‫يتربصان به‪ -‬فيتصرفان بقلبه ويبدآن بتسييره كيف يشاءان(‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ ‬كفي عني‬
‫ونقل عنه أح د تلمي ذ أن ه ق ال ‪) :‬رأي ت نفس ي ف ي ع الم المعن ى فقل ت له ا كف ي‬
‫عني فقالت أل تعلم أنني ل أكف عنك حتى أوقعك في المهالك(‪.‬‬
‫ولعل هذه المكاشفة هي التي جعلت الشيخ مولعا ‪ C‬بهذه البيات‪:‬‬

‫جمالك أرشدني في مدرسة الزل‬


‫ولطف كرمك هداني إلى محبتك‬
‫فنفسي ميالة إلى كل باطل‬
‫وفيضك هو الذي أنقذني من قبضتها‬

‫الفيض اللهي ينزل على القلب من خلل المداومة على ذكر ا وذكر ا حينما‬
‫يدخل إلى القلب أول ما يزيل عنه الوساوس الشيطانية والدران النفسية ويجعل ه‬
‫مستعدا‪ C‬لستقبال الفيض من الفياض المطلق‪.‬‬
‫يقول المام أمي ر الم ؤمنين )ع( ف ي ه ذا المج ال‪) :‬أض ل ص لح القل ب اش تغاله‬
‫بذكر ا (‪.‬‬
‫ومن خلل شعور النسان بالحضور الدائم عن د الب اري تع الى يتح رر م ن قي ود‬
‫النفس الشيطان وهذا التحرر هو علج له من كل الم راض النفس ية‪ :‬حي ث ق ال‬
‫المام علي )ع( في هذا المعنى ‪:‬‬
‫)ذكر ا مطردة الشيطان(‪.‬‬
‫)ذكر ا دواء أعلل النفوس(‬
‫)يا من اسمه دواء وذكره شفاء(‪.‬‬
‫المداومة على ذكر ا تفيض على القلب الحي اة النس انية وتني ره وتق وي ال روح‬
‫وتجعل الذاكر مأنوسا ‪ C‬بذكر ا وتفيض تدريجا ‪ C‬كيمياء المحبة على النسان‪.‬‬
‫قال المام علي )ع( ذاك العارف بال والمطلع على أمراض النفس البشرية في‬
‫هذا المجال‪) :‬من ذكر ا سبحانه أحيا ا قلبه ونور عقله ولبه(‪.‬‬
‫)مداومة الذكر قوت الرواح(‪.‬‬
‫)الذكر مفتاح النس(‪.‬‬
‫)من أكثر ذكر ا أحبه(‬
‫إن ما جاء في هذه الحاديث يمثل جانبا ‪ C‬قليل‪ C‬م ن انعكاس ات ذك ر ا ال تي تع ود‬
‫بالخير والبركة على حياة النسان وبناء ذاته ولك ن يتض ح م ن خلل التأم ل ف ي‬
‫ما مر ذكره مدى أهمية اللحظة التي نقضيها ف ي ذك ر ا وم دى ض رر اللحظ ة‬
‫التي تمر علينا بدون ذكره‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ ‬ذكر ا عند النوم!‬
‫يقول الدكتور ثب اتي‪ :‬دعان ا أح د الش خاص ذات ي وم لتن اول طع ام الغ داء وبع د‬
‫النتهاء أخذنا جمعيا ‪ C‬قسطا ‪ C‬من الراحة فتمددت وغمض ت عين ي واس تغرقت ف ي‬
‫ذكر ا وكان سماحة الشيخ في مقابلي ولما رآني على تلك الحالة أوص ى س ائر‬
‫الصدقاء قائل‪) :‬حتى في النوم يجب أن تذكروا ا(‪.‬‬

‫‪ ‬نداء من البرزخ!‬
‫يقول أحد أصدقاء الشيخ‪ :‬كنت ذات يوم عبد الشيخ وسمعته يق ول ‪) :‬رأي ت ش ابا ‪C‬‬
‫ف ي ال برزخ يق ول ‪ :‬ل تعلم ون م اذا هن ا ف ي ال برزخ عن دما ت أتون إل ى هن ا‬
‫ستعلمون أن كل نفس تنفستموه في غير ذكر ا فهو في ضركم(‪.‬‬

‫‪ ‬خاصية بعض الذكار‬


‫عندما نتحدث عن خاصية بعض الذكار في مدرسة الشيخ يجب أن ل ننس ى أن‬
‫مدرسته مدرسة المحبة ل مدرسة النتيجة ول يحصل فيها على النتيج ة إل ال ذي‬
‫ل يطلب غير ا ول يريد أن يحقق من وراءه السلوك حتى كماله الذاتي ‪ .‬وعلى‬
‫هذا المبدأ يجب أن ل يكون الهدف من الذكر‪ -‬مهما كان أثره‪ -‬إل ا تعالى‪.‬‬

‫‪ ‬الهتمام بذكرين‬
‫يق ول أح د مح بي س ماحة الش يخ‪ :‬ك ان الش يخ يع بر أهمي ة ك بيرة "الس تغفار"‬
‫و"الصلة عل ى محم د وآل محم د علي ه وعليه م أفض ل الص لة والس لم" وك ان‬
‫يرى أن هذين الذكرين بمثابة الجناحين لتحليق السالك‪.‬‬
‫وكان سماحته يقول في هذا المجال‪) :‬ك ل م ن يك ثر ف ي حي اته م ن الص لة عل ى‬
‫النبي وآله يقبل رسول ا )ص( شفتيه عند الحتضار(‪.‬‬

‫‪ ‬التغلب على الهواء النفسية‬


‫‪ -1‬المداومة على ذكر‪ ) :‬ل حول ول قوة إل بال العلي العظيم (‪.‬‬
‫‪ -2‬الكثار من ذكر‪ ) :‬يا دائم يا قائم (‪.‬‬
‫‪ -3‬لقمع النفس المتمردة قل في الصباح والمساء ثلث عشرة م رة أو مئة م رة ‪:‬‬
‫)اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان(‪.‬‬
‫‪ -4‬قل في كل ليلة مئة مرة‪) :‬يا زكي الطاهر من كل آفة بقدسه(‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫كان سماحة الشيخ يوصي بالكثار من الذكر الخير للتغلب على النفس ويقول‪:‬‬
‫)أنا شخصيا ‪ C‬كنت أكثر من هذا الذكر ودخلت عن ذل ك الطري ق وح تى إن ي ذات‬
‫يوم دأبت على قراءته إلى أن ماتت نفسي وقلت ‪ :‬يجب على مواصلة قراءته أن‬
‫يصبح وجودي عدما ‪ C‬وقد غفلت فترة‪ -‬بسبب متقضيات طبع البش ر‪ -‬ع ن قراءت ه‬
‫وإذا بي أجد نفسي حية فمن الواضح إذا أن كل من تك ثر رغبت ه ف ي ال دنيا نفس ه‬
‫قوية وقراءة هذا الدعاء تفيد في التغلب على النفس(‪.‬‬

‫‪ ‬التغلب على وسوسة الشيطان في النظر إلى امرأة أجنبية‬


‫نق ل ال دكتور ف رزام‪ :‬أن س ماحة الش يخ رج ب عل ي ك ان يعت بر ذك ر‪) :‬ي ا خي ر‬
‫حبيب و محبوب صل على محمد وآله ( يفي د إذا وق ع بص ره عل ى ام رأة أجنبي ة‬
‫وقد أوصاني مرات كثيرة بقراءته لكون في مأمن م ن وسوس ة الش يطان وك ان‬
‫يقول‪:‬‬
‫) حين يق ع بص رك عل ى أجنبي ة ف إن ل م تعجب ك ف أنت مري ض وأم ا إذا أعجبت ك‬
‫فأغمض عينيك واخفض رأسك وقل ‪ :‬يا خير ح بيب‪ ....‬أي ي ا إله ي إنن ي أحب ك‬
‫أنت فما هي هذه الشياء التافهة التي ل تستحق المحبة‪ :‬لن كل ما ل دوام ل ه ل‬
‫يستحق الحب(‪.‬‬

‫‪ ‬من أجل محبة ا‬


‫تكرر الصلة على محمد وآل محمد في كل ليلة ألف م رة لم دة أربعي ن ليل ة م ن‬
‫أجل غرس محبة ا في القلب‪.‬‬

‫‪ ‬من أجل صفاء الباطن‬


‫ك ان س ماحة الش يخ يعتق د أن ق راءة س ورة )الص افات( ف ي الص باح وس ورة‬
‫)الحشر( في المساء تفيد على صفاء الباطن‪ .‬يقول أحد تلمي ذه ان ه ك ان يوص يه‬
‫بقراءة سورة الحشر في كل ليلة وكان يعتقد أن السم العظم موجود في اليات‬
‫الخيرة من هذه السورة المباركة‪.‬‬

‫‪ ‬من أجل رؤية صاحب الزمان)ع( أرواحنا فداه‪.‬‬


‫”‬
‫م ن أج ل رؤي ة الم ام ص احب الزم ان )ع( تق رأ الي ة الكريم ة ‪• ﴿ :‬و ق ل رب‬
‫ق •و اج‪• Ÿ‬ع ل ل ى ‹م ن ل د”نك س ‪Ÿ‬لطنا ‪C‬‬
‫ص ‪Ÿ‬د ‪¥‬‬ ‫ق •و أ• ‪Ÿ‬خ ‹رج‪ Ÿ‬ن ى ‪Ÿ‬‬
‫مخ •ر •ج ‹‬ ‫أ• ‪Ÿ‬د ‹خ ‪Ÿ‬لن ى ”م ‪Ÿ‬د •خ •ل ‹‬
‫ص ‪Ÿ‬د ‪¥‬‬

‫‪75‬‬
‫صيرا‪﴾C‬‬
‫ن ‹‬

‫‪ ‬أربعين ليلة في كل ليلة مئة مره‪.‬‬


‫وينق ل أن ع ددا‪ C‬ل يس تهان ب ه م ن تلمي ذ الش يخ خط و خط وة لرؤي ة ص احب‬
‫الزم ان )ع( م ن خلل المداوم ة عل ى ه ذا ال ذكر وإن ل م يعرف وه أثن اء رؤيت ه‬
‫ونشير إلى مثالين من ذلك‬

‫‪ ‬رؤية آية ا زيارتي لمام الزمان)ع(‬


‫ينق ل أح د تلمي ذ الش يخ أن س ماحة الش يخ عل م المرح وم آي ة ا زي ارتي‪ -‬ف ي‬
‫منطقة مهدي ش هر‪ -‬والظ اهر أن ه ال ذكر المتق دم م ن أج ل رؤي ة الم ام ص احب‬
‫الزمان‪ -‬عجل ا فرجه‪ -‬وبعد أن واظب على قراءته رجع إلى الشيخ وق ال ل ه‪:‬‬
‫لقد عملت بما علمتنيه ولكن لم أحصل على نتيجة فتأمل الشيخ لحظة ثم قال له‪:‬‬
‫)عن دما كن ت تص لي ف ي المس جد ج اء رج ل عل وي وق ال ل ك يك ره التخت م بالي د‬
‫اليسرى فقلت له كل مكروه جائز كان ذلك هو المام صاحب الزمان )ع(‬

‫‪ ‬رؤية البقال لمام الزمان)ع(‬


‫تكفل بقالن بنفقة أسرة علوية وشرع أحدهما بقراءة الذكر الذي قدمه إليه الش يخ‬
‫لرؤية الم ام ص احب الزم ان )ع( وقب ل حل ول الليل ة الربعي ن ج اءه أح د أبن اء‬
‫السرة العلوية وأرد منه صابونه فقال له‪‘ :‬ن أمك ل تعرف غيرنا فلن موجود‬
‫أيضا‪ -C‬وأشار إلى البقال الخر‪ -‬يمكنك أن تأخذ منه!‬
‫يقول هذا البقال‪ :‬وبعدما نمت تل ك الليل ة س معت ص وتا ‪ C‬ين اديني م ن س احة ال دار‬
‫فخرج ت ولكن ي ل م أج د أح دا‪ C‬فرجع ت ونم ت وس معت الص وت م رة أخ رى‬
‫يناديني باسمي وتكررت هذه الحالة الثلثة مرات وفي الم رة الثالث ة فتح ت ب اب‬
‫ال دار فرأي ت علوي ا ‪ C‬ملثم ا ‪ C‬فق ال ل ي‪) :‬نح ن نس تطيع أن ن دير الش ؤون المعاش ية‬
‫لولدنا ولكن غايتنا هي أن تصلوا أنتم إلى مكانة رفيعة(‬
‫‪ ‬من أجل حل المشاكل وعلج المراض‬
‫يقول الدكتور فرزام كان سماحة الشيخ يوصي بقراءة بعض اليات وفقرات من‬
‫الدعية مقرونة بالصلوات من أجل حل المشاكل ومعالجة المراض مثل‪) :‬رب‬
‫إني مغلوب فانتصر وأنت خير الناصرين(‪.‬‬
‫وفي إحدى المرات كانت لدي مشكلة فأوصاني بق راءة ه ذا ال ذكر‪) :‬ي ا رب إن ي‬
‫مسني الضر وأنت أرحم الراحمين(‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫وكان يقول )هذه الذكار اقرأها مشفوعة بالصلة على محمد وآل محمد(‪.‬‬
‫وإذا مرض أطفالنا ك ان يق ول ‪) :‬ق ل ي ا م ن اس مه دواء وذك ره ش فاء ص ل عل ى‬
‫محمد وآل محمد(‪.‬‬

‫‪ ‬من أجل إزالة الحراة والبرودة‬


‫يقول أحد تلميذ الشيخ‪ :‬سألت سماحة الشيخ عند أول سفر لي إلى مكة المكرم ة‬
‫م ا ال ذي يج ب عمل ه للتخل ص م ن خط ر ش دة الح رارة؟ فعلمن ي ق راءة الي ة‬
‫الشريفة للتخلص من خطر الحرارة والبرودة‪:‬‬
‫﴿سل• ¦م ع•لى إ‹ ‪Ÿ‬ب •ر ‹هي •م** •ك •ذل‹ك نج‪‹ Ÿ‬زى ‪Ÿ‬ال ”مح‪‹ Ÿ‬سن‹ين• ﴾ ‪﴿ ،‬ق” ‪Ÿ‬لن•ا ي•ن•ا ”ر ”كونى ب•ر‪ Ÿ‬دا‪• C‬و سل•ما ‪ C‬ع•لى‬
‫إ‹ ‪Ÿ‬ب •ر ‹هي •م﴾‪.‬‬

‫الفصل السادس‬

‫‪ ‬دعاء أولياء ا‬
‫من جملة التوجيهات التربوية التي كان س ماحة الش يخ يؤك دها ه و تنظي م أوق ات‬
‫الخلوة مع ا وللدعاء والمناجاة وهو كان يعبر عنه بـ )الستعطاء عند باب ا(‬
‫ويؤكد قائل‪:C‬‬
‫)أدع ربك ساعة في كل ليلة وح تى إذا ل م يك ن ل ديك رغب ة ف ي ال دعاء ل ت ترك‬
‫الخلوة مع ا(‪.‬‬
‫وكان يقول أيضا ‪:C‬‬
‫)ف ي يقظ ة الس حر والثل ث الخي ر م ن اللي ل آث ار عجيب ة فك ل م ا تطلب ه م ن ا‬
‫يمكنك الحصول عليه من خلل الدعاء في الس حار ل تقص روا ف ي ال دعاء ف ي‬
‫السحار لن كل ما هو موجود إنما هو موجود فيها والعاش ق ل ين ام ول يطل ب‬
‫سوى وصال المحبوب ووقت اللقاء وبلوغ الوصال يكون أثناء السحر(‪.‬‬
‫وهذا المعنى جاء في قول الشاعر‪:‬‬

‫كل كنز من السعادة حباه ا لحافظ‬


‫كان بفضل دعاء الليل وورد السحر‬

‫‪ ‬أدعية سماحة الشيخ‬


‫كان الشيخ كثيرا‪ C‬ما يق رأ دع اء يستش ير ودع اء العديل ة ودع اء التوس ل ومناج اة‬

‫‪77‬‬
‫أمير المؤمنين )ع( في مسجد الكوفة التي تبدأ بـ )اللهم إني أسالك الم ان ي وم ل‬
‫ينفع مال ول بنون( والمناجاة الخمس عشرة للمام السجاد)ع( ويوصي تلمي ذه‬
‫بقراءتها‪.‬‬
‫وكان يؤكد أهمية قراءة )مناج اة المفتقري ن( خاص ة و )مناج اة المري دين( وك ان‬
‫يقول‪ ) :‬لكل واحد من هذه المناجاة الخمس عشرة فائدة خاصة(‪.‬‬

‫‪ ‬اقرأ دعاء يستشير‬


‫نقل آية ا السيد أحمد الفهري الزنجاني أن سماحة الشيخ كان يقول ‪:‬‬
‫)سألت ا قائل‪ : C‬إلهي كل شخص له لذة المناجاة مع محبوبه ونح ن أيض ا ‪ C‬نري د‬
‫أن نتلذذ بهذه النعمة فماذا نفعل؟‬
‫فقيل لي في عالم المعنى ‪ :‬اقرأ دعاء يستشير‪.‬‬
‫ومن هنا فهو كان يقرأ دعاء يستشير بنشاط وتوجه خاص‪.‬‬

‫‪ ‬تحجج على ا تعالى!‬


‫كان سماحة الشيخ يرى أن النسان إذا طلب ا حقا ‪ C‬ول م يطل ب غي ره لب د وأن ه‬
‫تعالى سيأخذ بيده ويبلغه مناه وكان يضرب مثل‪ C‬طريفا ‪ C‬في هذا المعنى وهو ‪:‬‬
‫)عندما يميل الطفل إل ى المشاكس ة ل يق ر ل ه ق رار وح تى إذا ق دموا ل ه اللع اب‬
‫والحلوى يرميها جانبا ‪ C‬ول يكف عن العناد ويبقى إلى أن يجلسه أبوه ف ي حض نه‬
‫ويداعبه ويسترضيه وعندها يكف عن عناده‪.‬‬
‫وهكذا أن ت أيض ا ‪ C‬إذا أعرض ت ع ن زب رج ال دنيا وزخرفه ا وتحجج ت عل ى ا‬
‫فهو تعالى سيأخذ بيدك في نهاية المر ويرفعك وعندها تستشعر اللذة‪.‬‬

‫‪ ‬قيمة البكاء والمناجاة‬


‫‪C‬‬
‫كان سماحة الشيخ يعتق د أن النس ان يك ون أهل لمناج اة ا تع الى حينم ا يتمك ن‬
‫من إخراج حب ك ل ش ئ م ن قلب ه م ا ع دا ح ب ا أم ا م ن يك ون إله ه ه واه فل‬
‫يستطيع أن يقول )يا ا( من كل قلبه وكان يقول في هذا المعنى‪:‬‬
‫)إنما يكون للبكاء والمناجاة قيمة حقيقة عندما يخلو القلب من محبة غير ا(‪.‬‬
‫وقد نقلت في هذا مكاشفة تربوية وقعت لسماحة الشيخ تثبت صحة هذا الدعاء‬

‫‪ ‬ريالن إجابة لـ )يا ا(‬


‫نقل آية ا الفهري عن سماحة الشيخ أنه قال‪:‬‬

‫‪78‬‬
‫)كنت أسير ذات يوم في السوق فلقيني شخص فقير وسألني أن أعطيه شيئا ‪ C‬فلم ا‬
‫م ددت ي دي ف ي جي بي لخ رج ل ه بع ض النق ود لمس ت قطع ة نقدي ة ري الين }دو‬
‫ريالي{ فتركتها وأخرجت )ده شاهي( وقدمته له‪ .‬كان الوقت ظه را‪ C‬ف دخلت إل ى‬
‫أحد المساجد لصلي وبعد النتهاء من الصلة رفعت يدي للدعاء قائل‪) :C‬ي ا ا(‬
‫وإذا بي أرى قطعة الريالين التي تركتها في جيبي قد عرضت أمامي(‪.‬‬
‫تظهر لنا خلل هذه المكاشفة عدة نقاط جديرة بالتأمل وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬تجسد الهوى على ص ورة الل ه كم ا ص رح الق رآن الكري م به ذا المعن ى ﴿أ•‬
‫ف• •ر •ءي‪Ÿ‬ت •م ‹ن ات •خ •ذ إ‹ل•ه•ه” ه• •واه”﴾‪.‬‬
‫‪ .2‬يبتعد النسان عن عبودية ا على قدر انقياده لهوى نفس ه ب ل ويص بح عب دا‪C‬‬
‫لما يهوى ومن هنا تحول الله في عالم المكاشفة إلى )ريالين(‬
‫‪ .3‬تكون للنفاق قيم ة إذا أنف ق النس ان ش يئا ‪ C‬يحب ه والم ؤمن يج ب أن يق دم ف ي‬
‫سبيل محبوبه مما له قيمة لديه وليس مما ل أهمية له عنده‪﴿ :‬ل•ن ت•ن•ال”وا ‪Ÿ‬ال بر •ح تى‬
‫تحبون• ﴾‬ ‫ت”نف‹ق”وا ‹مما ‹‬

‫‪ ‬سبيل النس بال‬


‫كان سماحة الشيخ ي رى أن س بيل الن س ب ال يتخل ص ف ي الحس ان إل ى العب اد‪.‬‬
‫ومن أراد أن يتلذذ بالذكر والمناجاة مع ا تعالى يجب أن يسخر نفسه في خدم ة‬
‫العباد في سبيل مرضاة ا وكان يقول في هذا المجال‪:‬‬
‫)إذا أردت أن يك ون ل ك عن د ا ح ظ واف ر م ن مناج اته والن س ب ه علي ك‬
‫بالحسان إلى الناس وإذا أردت أن تصل إلى حقيقة التوحيد عليك بالحسان إلى‬
‫”طع ”مون•‬
‫الناس وتعلم طريقة الحسان إلى الناس من أهل البيت عليهم السلم ﴿ •و ي ‹‬
‫الط •عا •م ع•لى ”حب§ ‹ه ‹مس ‹كينا ‪• C‬و ي•ت‹يما ‪• C‬و أ• ‹سيرا‪ ** C‬إ‹ن •ما ن”ط ‹ع ”مك ‪Ÿ‬م ل‹ •وج‪‹ Ÿ‬ه ا‹ ل ن” ‹ري ”د ‹منك ‪Ÿ‬م‬
‫•جز•ا ‪C‬ء •و ل ش ”كورا‪﴾ C‬‬
‫وكان يقول أيضا ‪) C‬الشئ الذي يبعث في النسان الرغبة ف ي عبودي ة ا بع د أداء‬
‫الفرائض هو الحسان إلى الناس(‪.‬‬

‫‪ ‬ماذا نريد من ا؟‬


‫م ن الم ور المهم ة ف ي ال دعاء ه و أن يع رف ال داعي م اذا يق ول ف ي البته ال‬
‫والتض رع إل ى ا وم اذا يطل ب م ن رب ه ك ان س ماحة الش يخ يتمث ل م ن خلل‬
‫شرحه للدعية بهذه المقاطع من الدعية‪:‬‬
‫)ي ا غاي ة آم ال الع ارفين ( و )ي ا منته ى أم ل الملي ن( و )ي ا نعيم ي وجن تي‪،‬ويا‬
‫دنياي وآخرتي(‪ .‬وما شابه ذلك ويقول‪:‬‬

‫‪79‬‬
‫)يا رفاق تعملوا التوسل إلي ه فه و يق ول م ن إم امكم انظ روا كي ف يتوس ل الم ام‬
‫إلى ا ويتضرع إليه فهو يقول ‪ :‬اللهم إنني إليك التجأت وبك ل ذت جئت لك ون‬
‫بجانبك جئت لعانقك فأنا أريدك(‪.‬‬
‫وكان سماحته يقول في دعائه ومناجاته‪:‬‬
‫)اللهم اجعل هذا مقدمة للوصول إليك(‪.‬‬

‫‪ ‬ماذا يريد العاشق من معشوقه؟‬


‫بع د أن نق ل ال دكتور حمي د ف رزام المطل ب أعله ع ن س ماحة الش يخ ق ال‪ :‬ك ان‬
‫الش يخ يس تعين أحيان ا ‪ C‬بأمث ال بس يطة ولطيف ة أحيان ا ‪ C‬م ن أج ل إيض اح مط الب‬
‫عرفانية رفيعة ويقول مثل‪.C‬‬
‫)طرق عاشق باب معشوقته فسألته‪ :‬أتريد خبزا‪C‬؟‬
‫قال‪ :‬ل‬
‫قالت‪ :‬أتريد ماء؟‬
‫قال‪:‬ل‬
‫قالت‪ :‬فماذا تريد إذا؟‬
‫قال‪ :‬أريدك أنت‬
‫أيها الرف اق الم رء يج ب أن يح ب ص احب ال دار م اءه ورزه وكم ا ق ال الش اعر‬
‫سعدي الشيرازي‬

‫فأنت متعلق بذاتك ل بالحبيب‬ ‫إذا كنت تنظر لحسان حبيبك‬

‫كان يقرأ هذا الشعر لنا ويقول‪:‬‬


‫)يجب أن تطلبوا ا وحده وك ل عم ل تعمل ونه يج ب أن يك ون ف ي س بيله كون وا‬
‫عشاقا ‪ C‬له ول يكن هدفكم الثواب في عبادتكم له(‪.‬‬
‫وكان يقول لي أحيانا ‪ C‬بصوت جميل‪) :‬اعمل كي تظفر بالزلفى هناك(‪.‬‬
‫وك ثيرا‪ C‬م ا ك ان يستش هد بأش عار تناس ب المق ام وخاص ة م ن أش عار ح افظ‬
‫الشيرازي وكان وقعها مؤثرا‪ C‬في نفوس السامعين ن ذكر منه ا ال بيت الت الي عل ى‬
‫سبيل المثال‪:‬‬
‫إن أردت أن ل يقطع المعشوق وصالك‬
‫فتمسك بطرف حبله كي تحفظ‬

‫‪80‬‬
‫‪ ‬استغث بنداء من ل ناصر له!‬
‫كان سماحة الشيخ يقول‪:‬‬
‫)إذا وقفت للتضرع إلى ا في الليالي فاستغث بنداء من ل ناصر له وقل ‪ :‬إلهي‬
‫ل ق درة عل ى محارب ة نفس ي الم ارة وإنه ا ق د اث اقلت إل ى الرض ف أغثني‬
‫وخلصني من شر نفسي المارة واجعل واسطتك أهل البيت عليهم السلم(‪.‬‬
‫وك ان يق رأ ه ذه الي ة ‪• ﴿ :‬م ا أ”ب• §ر ”‬
‫ئ ن• ‪Ÿ‬فس ى إ‹ن الن ‪Ÿ‬ف س ل•م ا •رة” ب‹الس و ‹ء إ‹ل •م ا •ر ‹ح •م‬
‫•ربى﴾‬

‫‪ ‬فلسفة التوسل بأهل البيت عليهم السلم‬


‫كان سماحة الشيخ يقول‪:‬‬
‫)أغل ب الن اس ل يعرف ون س بب التوس ل بأه ل ال بيت عليه م الس لم ول ذلك فه م‬
‫يتوسلون بهم من اجل مشاكلهم المعاشية بينما يج ب علين ا أن نقص د من ازل أه ل‬
‫البيت عليهم السلم في سبيل ط ي مراح ل التوحي د ومعرف ة ا فطري ق التوحي د‬
‫طريق وعر والنسان غير قادر على السير فيه بل مصباح ول دليل(‪.‬‬

‫‪ ‬زيارة عاشوراء‬
‫إحدى النقاط التي كان سماحة الشيخ يؤكد أهميتها في التوسل بأهل ال بيت عليه م‬
‫الس لم ه ي زي ارة عاش وراء وك ان يق ول ف ي ه ذا المعن ى )أوص وني ف ي ع الم‬
‫المعنى بقراءة زيارة عاشوراء(‪.‬‬
‫وكان هو يوصي الخرين ) ل تتركوا زيارة عاشوراء ما دمتم أحياء(‪.‬‬
‫وقد واصل أحد تلميذ الشيخ قراءة زيارة عاش وراء أربعي ن س نة امتث ال” ¦ً له ذه‬
‫الوصية‪.‬‬

‫‪ ‬شروط استجابة الدعاء‬


‫أحد الشروط المهمة في استجابة الدعاء هو الطعام الحلل فق د ج اء ش خص إل ى‬
‫رس ول ا )ص( ‪ :‬وس أله‪ :‬م اذا أفع ل ح تى يك ون دع ائي مس تجابا‪C‬؟ فق ال ل ه ‪:‬‬
‫)طهر مأكلك ول تدخل بطنك حرام(‪.‬‬

‫‪ ‬ادفعوا ثمن الملح‬


‫قال أحد محبي الشيخ ذهبنا ذات يوم جماعة برفقة س ماحة الش يخ إل ى جب ل "ب ي‬
‫بي شهربانو" لغرض الدعاء والمناجاة واشترينا خبزا‪ C‬وخيارا‪ C‬وأخذنا مقدارا‪ C‬من‬

‫‪81‬‬
‫الملح م ن ج انب بس اط ب ائه الخي ار وص عدنا الجب ل ولم ا وص لنا إل ى هن اك إل ى‬
‫هناك قال الشيخ‪:‬‬
‫)قوم وا لتن زل فق د أرجعون ا وه م يقول ون‪ :‬ادفع وا ثم ن المل ح أول‪ C‬ث م تع الوا‬
‫للمناجاة(‪.‬‬

‫‪ ‬استعداد المتضرع‬
‫من جملة النقاط الدقيقة التي يجب أن يلتف ت إليه ا المتض رع ه و أن يك ون هن اك‬
‫تناسب بين ما يطلبه من ا وبين ما لديه من استعداد نفسي فهو إذا ل م يك ن ل ديه‬
‫الستعداد النفسي اللزم قد يخلق لنفسه من خلل الدعاء مشكلة‪.‬‬
‫نق ل أح د أص دقاء الش يخ ق ائل‪ :C‬م رت عل ى أي ام عس يرة جعلتن ي ف ي حال ة م ن‬
‫الض جر والس تياء وف ي أح د الي ام س ألني الش يخ‪ :‬م ا س بب ض جرك؟ فح دثته‬
‫بأمري‪.‬‬
‫فقال لي‪ ) :‬أل تقرأ التعقيبات(؟‬
‫قلت‪ :‬بلى‬
‫قال‪):‬وماذا تقرأ(‬
‫قلت‪ :‬أقرأ دعاء الصباح لمير المؤمنين )ع(‬
‫قال ‪):‬أقرأ بدل دعاء الصباح سورة الحشر ودعاء العديلة في التعقيبات ك ي تح ل‬
‫مشكلتك(‬
‫فقلت له‪ :‬ولماذا ل أقرأ دعاء الصباح؟‬
‫ق ال‪ ) :‬ف ي ه ذا ال دعاء فق رات ونق اط يج ب أن يك ون للم رء مق درة واس تعداد‬
‫لتحملها‪ :‬فأمير المؤمنين)ع( يطلب من ربه في هذا الدعاء الله م ه ب ل ي ألم ا ‪ C‬ل‬
‫أغفل معه عن ذكرك حتى تلك اللحظات‪.‬‬
‫ومعنى هذا أن دعاء الصباح يستلزم توفر الستعداد الخاص ب ه وأن ت بمس تواك‬
‫هذا لم يكن لديك الستعداد الكافي ل ه وله ذا ح دثت ل ك بع ض المش اكل فلب د أن‬
‫تقرأ بدل دعاء الصباح سورة الحشر ودعاء العديلة وستنحل مشاكلك بإذن ا(‪.‬‬
‫بدأت بعد ذلك بقراءة سورة الحشر ودعاء العديلة وبعد مدة استقرض ت م ن أح د‬
‫الصدقاء مبلغا ‪ C‬فأقرضني عش رة آلف توم ان فاس تثمرتها بش راء دار وتحس نت‬
‫أموري تدريجا ”‬

‫‪ ‬أدب المتضرع‬
‫إحدى النقاط التي كان يوصي بها الشيخ تتعلق ب الدب ال ذي يج ب أن يتحل ى ب ه‬
‫المتضرع وقد نقل عن الدكتور حمدي فرزام في هذا الصدد أنه قال‪:‬‬

‫‪82‬‬
‫)يجب أن يكون المرء أثناء الدعاء خاضعا ‪ C‬خاش عا ‪ C‬يجل س جلس ة العب د ومتوجه ا ‪C‬‬
‫إلى القبلة(‪.‬‬
‫وف ي إح دى الم رات ك انت رجل ي ت ؤلمني ف أردت أن أترب ع إل أن ه ق ال ل ي م ن‬
‫ورائي حيث كان يجلس في آخر الغرفة ‪...‬‬
‫)اجلس جلسة صحيحة أثناء الدعاء اجث على ركبتيك والتزم بالدب(‪.‬‬
‫الفصل السابع‬

‫‪ ‬إحسان أولياء ا‬
‫خدمة الناس من المسائل التربوية التي أكدتها الحاديث الشريفة غاية التأكيد فق د‬
‫ورد عن رسول ا )ص( أنه قال‪:‬‬
‫)خير الناس من انتفع به الناس(‪.‬‬

‫‪ ‬سر الخلقة‬
‫كان سماحة الشيخ يعير أهمية بالغة لهذا الصل التربوي ونق ل عن ه أح د تلمي ذ‬
‫أنه قال‪:‬‬
‫)كنت أنس مع ربي فتوسلت إليه أن يطلعني عل ى س ر الخلق ة ف أفهموني أن س ر‬
‫الخلقة هو الحسان إلى الناس(‪.‬‬
‫)بتقوى ا أمرتم وللحسان والطاعة خلقتم(‪.‬‬
‫قال أحد أصدقاء الشيخ‪ :‬قلت في أحد اليام يا سيدي علمني شيئا ‪ C‬ينفعني شخصيا ‪C‬‬
‫فلوى أذني وقال‪) :‬خدمة الناس خدمة الناس(!!‬
‫وكان سماحته يقول )إذا شئت الهتداء إل ى حقيق ة التوحي د علي ك بالحس ان إل ى‬
‫الناس فعبء التوحيد ثقيل وخطي ر ول م يق در أح د حمل ه إل الحس ان إل ى الن اس‬
‫يجعل قادرا‪ C‬على حمله(‪.‬‬
‫‪C‬‬
‫ومكان يقول في بع ض الحي ان يق ول مازح ا‪) :‬ف ي النه ار أحس ن خل ق ا وف ي‬
‫الليل اذهب إلى بابه للستجداء(‪.‬‬
‫قال المرحوم الفيض الكاشاني‪-‬رضوان ا عليه‪ -‬في هذا المعنى‪:‬‬

‫وفي النهار كن عونا ‪ C‬لذوي الهموم والعناء‬ ‫اقض الليل باك عند باب الله‬

‫‪ ‬النفاق عند القتار‬


‫م ن الم ور المهم ة ال تي أوص ت به ا الح اديث الش ريفة فيم ا يخ ص النف اق‬

‫‪83‬‬
‫والحس ان إل ى الن اس ه و النف اق عن د القت ار ق ال رس ول ا )ص( ف ي ه ذا‬
‫المضمار ) ثلث ة م ن حق ائق اليم ان‪ :‬النف اق م ن القت ار وإنص افك الن اس م ن‬
‫نفسك وبذل العلم للمتعلم(‪.‬‬
‫‪C‬‬
‫وأشار حافظ الشيرازي إلى دور النفاق عند القتار في بناء النسان قائل ‪:‬‬

‫عند الفقر أوسع في العيش والسكر‬


‫فكيمياء الوجود وهذه تجعل المتسول قارون‬

‫‪ ‬صم وتصدق‬
‫قال أحد أصحاب المام الكاظم )ع( شكوت إلى المام الكاظم )ع( قلة ذات ي دي‬
‫وقل ت وا لق د عري ت ح تى بل غ م ن عري تي أن أب ا فلن ن زع ث وبين كان ا علي ه‬
‫وكسانيهما!‬
‫فقال لي صم وتصدق‪.‬‬
‫قلت أتصدق مما وصلني به إخواني وإن كان قليل‪C‬؟‬
‫قال )ع(‪) :‬تصدق بما رزقك ا! ولو آثرت على نفسك(‪.‬‬

‫‪ ‬الحسان إلى معيل عاطل‬


‫‪C‬‬
‫ق ال أح د أص دقاء الش يخ كن ت م دة ع اطل ع ن العم ل وأص ابتني فاق ة ش ديدة‬
‫فقصدت دار الشيخ لعلي أجد سبيل‪ C‬لحل مش كلتي والتخل ص م ن ه ذا العن اء وم ا‬
‫إن دخلت غرفته ووقع بصره علي حتى قال لي‪:‬‬
‫)أرى علي ك حجاب ا ‪ C‬قلم ا رأيت ه لم اذا فق دت توكل ك عل ى ا؟ لق د لب س علي ك‬
‫الشيطان غطاء ل يتيح لك إدراك ما في العلى(‪.‬‬
‫ونتيجة لرشادات الشيخ طرأ على تحول غيرني كثيرا‪ C‬فقال لي الشيخ‪:‬‬
‫)لقد زال عنك ذلك الحجاب ولكن عليك بالسعي لئل يعود (‪.‬‬
‫ثم قال ‪):‬يوجد شخص مريض عاطل ويعيل أسرتين إن استطعت فأذهب واش تر‬
‫لطفاله وعياله كمية من القماش واجلبها إلى هنا(‪.‬‬
‫ومع أنني كنت عاطل‪ C‬عن العمل عاجزا‪ C‬من الناحية المالية فقد ذهب ت إل ى دك ان‬
‫صديق قديم يبيع القماش واشتريت منه كمية من القماش دينا ‪ C‬وجئت بالقماش إلى‬
‫الشيخ وما إن وضعت صرة القماش بين يديه حتى نظر إلى الستاذ وقال‪:‬‬
‫)من المؤسف بصيرتك البرزخية غير مفتوح ة لك ي ت رى الكعب ة تط وف حول ك‬
‫وليس أنت الذي تطوف حولها(‪.‬‬
‫وقال الدكتور ثباتي كانت إحدى إرشاداته المؤكدة هي الحسان إلى الناس وكان‬

‫‪84‬‬
‫يعير أهمية فائقة للحسان ويعتبر هذا العمل واحدا‪ C‬من الطرق القريب ة والم ؤثرة‬
‫ف ي الس ير إل ى ا بحي ث أن ه إذا رأى أح د ع اجزا‪ C‬ف ي ال¦حس ان وأحس ن جه د‬
‫استطاعتك(‬

‫اخدم المحتاجين في العالم ما استطعت‬


‫بكلم أو درهم أو قلم أو قدم‬

‫وكان هو نفسه سباقا ‪ C‬في الحس ان إل ى الن اس وق د م ر ش خص بض ائقة فقص دوا‬


‫سماحة الشيخ فقال لهم‪:‬‬
‫)هذا الشخص يقدم العون لقاربه من الخمس فقط ول يقدم أي إحسان آخر(‬
‫أي‪ :‬إن عطاء الخمس وحده ل يكفي‪.‬‬

‫‪ ‬الحسان إلى الخت‬


‫نق ل أح د تلمي ذ الش يخ ق ائل‪ C‬طلب ت م ن الش يخ ف ي أح د الي ام أن يتص ل ب روح‬
‫والدي ويسأله إن كان بحاجة إلى خدمة أقدمها له فقال الشيخ‪:‬‬
‫)اقرأ سورة الفاتحة مرة واحدة(‪.‬‬
‫وبعدما قرأت الفاتحة أخذ يصف لي فورا‪ C‬معالم والدي الذي انتقل إلى رحم ة ا‬
‫قبل حوالي أربعين سنة ثم قال‪:‬‬
‫)ل أحت اج ش يئا ‪ C‬ولك ن ق ل لبن ي أن يحس ن لخت ه الص غيرة م ن حي ث أث اث‬
‫المنزل(‪.‬‬

‫‪ ‬الشيخ وخدمة الناس‬


‫يتض ح لن ا م ن خلل مطالع ة حي اة الش يخ المبارك ة بك ل مجالته ا نج د أن ه ذا‬
‫الرجل اللهي كان حقا ‪ C‬نموذجا ‪ C‬في خدمة الناس البائسين وحل مشاكلهم‪.‬‬
‫وقد وردت أمثلة كثيرة لخدماته بين طيات هذا الكتاب وخاصة في فصل اليث ار‬
‫من الباب الول ونأتي فيما يلي على ذكر أمثلة أخرى لهتمامه بهذا المر‪:‬‬

‫‪ ‬حوالة المام صاحب الزمان )ع( لمام الجماعة‬


‫قال أحد تلميذ الشيخ كان المرحوم سهيلي‪ -‬رضوان ا تعالى عليه‪ -‬يقول‪ :‬كان‬
‫دكاني في تقاطع )عباسي( في طهران وفي أحد أيام الصيف الح ارة ج اء الش يخ‬
‫إلى دكاني متعبا ‪ C‬وأعطاني مبلغ من المال وقال ‪:‬‬
‫)أوصل هذا المبلغ إلى السيد بهشتي فورا‪ C‬ول تتأخر(‬

‫‪85‬‬
‫وكان السيد هو إمام جماعة في مسجد الحاج أمجد ف ي ش ارع آريان ا ف ذهبت ف ي‬
‫الحال إلى داره وقدمت له ذلك المبلغ‪.‬‬
‫وقد سألت السيد فيما بعد عما جرى في ذلك الي وم فق ال ق دم عل ى ف ي ذل ك الي وم‬
‫ضيوف ولم يكن عندي شئ في البيت أق دمه له م ف دخلت غرف ة أخ رى وتوس لت‬
‫بصاحب الزمان‪-‬عجل ا فرجه‪ -‬فوصلتني هذه الحوالة‬
‫وقال سماحة الشيخ )أمرني صاحب الزمان‪ -‬صلوات ا عليه‪ -‬قائل‪ C‬أرسل م ال‪C‬‬
‫إلى السيد بهشتي بسرعة(‪.‬‬

‫‪ ‬الوصية بالطعام‬
‫بالضافة إلى الجهود التي كان سماحة الشيخ يبذلها بشكل مباشر أو غير مباش ر‬
‫للحسان إلى الناس وحل مشاكلهم فإنه ك ان يس تقبل الن اس ف ي داره المتواض عة‬
‫ف ي المناس بات المختلف ة وخاص ة ف ي العي اد الديني ة وك ان ي ولي أهمي ة خاص ة‬
‫له ل اليم ان م ن الحس ان وإطع ام الطع ام وك ان يوص ي عل ى ال دوام بالس عي‬
‫لبس ط م ائدة الطع ام ف ي ال دار وك ان ي رى أن تق ديم ثم ن ذل ك الطع ام إل ى‬
‫المحتاجين ليشتروا به طعاما ‪ C‬لنفسهم ل يحمل خاصية الطعام نفسه‪.‬‬
‫قال الدكتور فرزام كان إطعام المساكين والفقراء من جملة الم ور ال تي يوص ي‬
‫بها الشيخ على الدوام وفي إحدى المرات قل ت ل ه ولم اذا ل نق دم الم ال ب دل‪ C‬م ن‬
‫الطعام؟‬
‫فقال‪) :‬ل تقديم الطعام شئ آخر وأثره أكبر(‪.‬‬
‫كان الجميع يعلمون أن سماحة الش يخ يق دم ف ي النص ف م ن ش بعان وجب ة طع ام‬
‫مكون ة م ن ال رز وال دجاج وك ان الخ اص والع ام ي أتون ويجلس ون عل ى البس ط‬
‫المهلل ة المفروش ة ف ي داره ويتن اولون م ن م ائدة إحس انه وك ان يح ترم الض يف‬
‫كثيرا‪ C‬ول يتوانى عن إطعامه‪.‬‬
‫ك ان تأكي د الش يخ لهمي ة إطع ام أه ل اليم ان وبس ط م ائدة الحس ان ف ي ال دار‬
‫والتقيد بآداب الضيافة في وقت كان هو يعاني فيه من ضائقة مالية‪.‬‬

‫‪ ‬سيكفي إن شاء ل‬
‫في أحد المجالس حضر حشد غفير من الناس لتناول طعام الغذاء ف ي دار الش يخ‬
‫ح تى امتلت ال دار بالض يوف وم ع أنه م طبخ وا ‪ 24‬كيل و غرام ا ‪ C‬م ن ال رز فق د‬
‫خش ي أه ل ال دار أن ل يكف ي الطع ام للحاض رين ولم ا اطل ع الش يخ عل ى س بب‬
‫قلقهم قال للطباخ ) وهو طالب علوم دينية قدم من قم(‪.‬‬
‫)يا سيدنا يا أبا الحسين ما هذا الذي يقولونه؟ ارفع غطاء القدر لرى(‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫وأخذ بيده كمية من الرز وقال ‪ ) :‬سيكفي إن شاء ا(‪.‬‬
‫وقد كفى الطعام في ذلك المجلس لجميع الحاضرين بل وحتى الذين وقفوا خارج‬
‫البيت وقد اصطحبوا معهم ظروفهم فلم يرجع منهم أحد خالي اليدين‪.‬‬

‫‪ ‬البركة في خدمة الناس‬


‫للحسان برك ات جم ة تع ود ب الخير عل ى النس ان ف ي حي اته المادي ة والمعنوي ة‬
‫وم ن أه م آث ار الحس ان ف ي رأي الش يخ ه و نوراني ة القل ب وزي ادة الرغب ة ف ي‬
‫الدعاء والمناجاة والنس بال وهذا ما يشير إليه سابقا ‪.C‬‬
‫نلفت انتباهكم في ما يل ي إل ى بض ع ذكري ات م ثيرة وتربوي ة م ن برك ات خدم ة‬
‫الناس‪.‬‬

‫‪ ‬مقام حضرة عبد العظيم الحسني‬


‫ق ال أح د أص دقاء الش يخ ذهبن ا برفق ة الش يخ لزي ارة ض ريح الس يد عب د العظي م‬
‫الحسني )ع( وهناك سأل الشيخ السيد عبدالعظيم )كيف بلغت هذا المقام(‪.‬؟‬
‫فقال السيد عبد العظيم‪ :‬عن طريق الحسان إلى الناس فأنا كنت استنس خ الق رآن‬
‫بيدي وأبيعه بمشقة وانفق ثمنه في الحسان إلى الناس‪.‬‬

‫‪ ‬بركة خدمة سائق وسيارة الجرة‬


‫قال أحد تلمي ذ الش يخ ف ي ع ام ‪1380‬هـ‪.‬ق أو ع ام ‪1381‬هـ‪.‬ق كن ت أعم ل ف ي‬
‫سيارة للجرة وفي أحد اليام دخلت في شارع )بوذرجمهري غربي(‪.‬‬
‫ووجدت الناس واقفين في صف النتظار ول توجد هناك أي حافلة لنقل الرك اب‬
‫فتقدمت إل ى امرأت ان إح داهما طويل ة والخ رى قص يرة وعرض تا عل ى إيص ال‬
‫أحدهما إلى تقاطع )لشكر( والخ رى إل ى ش ارع )آريان ا( مقاب ل خمس ة ري الت‬
‫لكل واحدة منهما فوافقت على ذلك‪.‬‬
‫فنزلت المرأة الطويلة في المك ان المق رر ودفع ت أجرته ا وت وجهت نح و ش ارع‬
‫آريانا لوصل المرأة القصيرة إلى مقصدها كانت تتكلم اللغة التركية ول تع رف‬
‫الفارسية وسمعتها تقول إلهي أنا تركية ول أعرف اللغة الفارسية ول أدري أي ن‬
‫داري فأنا في ك ل ي وم راك ب الحافل ة بثمي ن )ري الين( وأن زل أم ام داري والي وم‬
‫خرجت منذ الصباح وغس لت ثياب ا ‪ C‬وحص لت عل ى توم انين وعل ي أن أدف ع الن‬
‫خمسة ريالت منها لجرة السيارة‪.‬‬
‫فقلت ل تهتمي فأنا أيض ا ‪ C‬ترك ي س أذهب إل ى ش ارع آريان ا وأوص لك إل ى حي ث‬
‫تكون دارك ففرحت كثيرا‪.C‬‬

‫‪87‬‬
‫وبعدما عثرت على العنوان وتوقفت أخرجت كيسا ‪ C‬من صرتها واستخرجت من ه‬
‫تومانين لتعطيني إياها فقلت لها‪ :‬ل أري د من ك أج رة اذه بي ف ي أم ان ا فنزل ت‬
‫واستدرت عائدا” إلى عملي‪.‬‬
‫وفي اليوم التالي أو بعده بيومين ذهبت برفق ة أح د الص دقاء إل ى س ماحة الش يخ‬
‫فوجدناه جالسا ‪ C‬في غرفته المتواضعة تلك وكان عنده عدة أشخاص آخرين وبع د‬
‫التحية والسلم نظر إل ى الش يخ وق رأ م ا ف ي قل بي وق ال‪) :‬إن ك تنتظ ر ف ي لي الي‬
‫الجمعة أنت موجود(‪.‬‬
‫كان لدي برنامج في ما يتعلق بانتظار إمام الزمان‪-‬عجل ا تعالى فرجه‪ -‬وك ان‬
‫مراده من جملة )أنت موجود( هو أنك ستكون موجودا‪ C‬عند ظهور ف رج ق ائم آل‬
‫محمد‪-‬عجل ا تع الى فرج ه‪ -‬ونظ را‪ C‬لس ابق الفض ل والرحم ة ال تي م ن ا به ا‬
‫عل ى فق د أث ار كلم الش يخ ه ذا مش اعر جياش ة فين ا فبكي ت وبك ى الش يخ وبك ى‬
‫الخرون كثيرا‪.C‬‬
‫ثم قال لي الش يخ‪) :‬أتعل م م ا ج اء ب ك إل ى هن ا؟ القص يرة القام ة ال تي ركب ت ف ي‬
‫س يارتك ول م تأخ ذه منه ا أج رة ه ي ال تي دع ت ل ك وق د اس تجاب الب اري تع الى‬
‫دعاءها فيك وأرسلك إلى(‪.‬‬

‫‪ ‬مساعدة العمى ونورانية القلب‬


‫ويقول هذا الرجل السائق أيضا ‪ :C‬كنت ذات أقوم سيارة الج رة نفس ها ف ي ش ارع‬
‫)سلسبيل( فرأيت رجل‪ C‬أعمى واقفا ‪ C‬ف ي ج انب الش ارع ف ي انتظ ار مس اعدة أح د‬
‫الناس له فترجلت من السيارة على الفور وسألته‪ :‬إلى أين تريد الذهاب؟‬
‫قال‪ :‬إلى الجهة الخرى من الشارع‬
‫قلت‪ :‬ومن ثم إلى أين؟‬
‫قال‪ :‬ل أريد إزعاجك أكثر من ذلك‬
‫ولكنه بعدما رأى إصراري قال‪ :‬أريد الذهاب إلى ش ارع )هاش مي( ف أركبته ف ي‬
‫السيارة وأوصلته إلى مقصده‪.‬‬
‫وف ي ص باح الي وم الت الي ذهب ت إل ى الش يخ فق ال ل ي بل أي ة مقدم ة )م ا مقدم ة‬
‫الرجل العمى الذي أركبته في سيارتك وأوصلته إلى داره؟‬
‫فشرحت له القصة فقال‪) :‬منذ أن عمل ت ه ذا العم ل ب المس جع ل ا في ك ن ورا‪C‬‬
‫سيبقى إلى وقت البرزخ(‪.‬‬

‫‪ ‬إطعام أربعين شخصا ‪ j‬وشفاء مريض‬


‫قال أحد أصدقاء الشيخ ‪ :‬دهس ابني وأدخل على أثر ذلك إلى المستش فى ف ذهبت‬

‫‪88‬‬
‫إلى سماحة الشيخ وسألته ماذا أفعل؟ قال‪) :‬ل تغتم اش تر خروف ا ‪ C‬واجم ع أربعي ن‬
‫عامل‪ C‬من عمال الميدان واطبخ له م مرق ا ‪ C‬واطل ب خطيب ا ‪ C‬ليق رأ تعزي ة لي دعو ل ه‬
‫وعندما يقول الربعون شخصا ‪" C‬آمي ن" سيش فى ول دك وف ي الي وم الت الي س يأتي‬
‫إلى البيت(‪.‬‬
‫وعلمت أشخاصا ‪ C‬عديدين بهذه المسألة وحصلوا على مرادهم عن هذا الطريق‪.‬‬

‫‪ ‬مطر في الجفاف‬
‫نقل أحد أبناء الشيخ قائل‪ :C‬جاء عدد من فلحي مدينة س اري إل ى وال دي وق الوا‪:‬‬
‫لقد حصل جفاف ف ي س اري ويب س ك ل ش ئ والن اس يعيش ون ف ي ض يق وعن اء‬
‫فقال لهم‪) :‬اذبحوا بقرة وأطعموا الناس(‪.‬‬
‫فأرس لوا برقي ة م ن طه ران بذب ح بق رة وإطع ام أل ف ش خص وف ي أثن اء توزي ع‬
‫الطعام هطل مطر غزير إلى درجة أن المدعوين صعب عليهم الذهاب وه ذا م ا‬
‫أدى إل ى إيج اد علق ة بي ن أه الي تل ك المنطق ة م ع س ماحة الش يخ ودع ي ع دة‬
‫مرات إلى مجالس أقيمت في ساري‪.‬‬

‫‪ ‬إطعام الب من أجل طلب البن‬


‫وق ال الب ن أيض ا ‪ C‬ك ان هن اك ش خص ل يول د ل ه أطف ال وب الرغم م ن مراجع ة‬
‫الطباء في الداخل والخارج ولم يحصل على نتيجة فجاء به أحد أص دقاء الش يخ‬
‫إلى سماحته وحدثه بقضيته فقال الشيخ‪:‬‬
‫)سيرزقهما ا ذكرين ولكن عندما يولد لهما ولد عليهما أن يذبحا بقرة ويق دماها‬
‫إلى عباد ا(‬
‫فسأله الرجل‪ :‬ولماذا أذبح بقرة؟‬
‫قال الشيخ‪) :‬طلبت ذلك من المام الرضا )ع( ووافق على تلبية طلبي(‪.‬‬
‫ولم ا ول د الطف ل الول عم ل الب بكلم الش يخ وذب ح بق رة وأطع م الن اس ولك ن‬
‫عن د ولدة الطف ل الث اني ح ال أق ارب الب بين ه وبي ن ذب ح البق رة وق الوا ‪ :‬وه ل‬
‫الشيخ رجب علي الخياط من أبناء الئم ة؟ أم إن ه ج اء بمعج زة؟ وم ن ه و ح تى‬
‫يقول سيحدث كذا كذا؟ وعندما أكد ل ه الرج ل ال ذي عرف ه بالش يخ ب أنه ل ب د ل ك‬
‫من فعل لك قال‪ :‬هذه العمال خرافات‪.‬وبعد مدة توفي الطفل الثاني!‬

‫‪ ‬بركات إشباع حيوان جائع‬


‫‪C‬‬
‫نق ل أح د أص دقاء الش يخ أن س ماحة الش يخ ح دثه ذات ي وم ق ائل‪) :‬ك ان ش خص‬
‫عابرا‪ C‬في أحد أزقة طهران القديم ة ف رأى كلب ة ف ي س اقية وص غارها ق د هجم وا‬

‫‪89‬‬
‫على محالبها ولكنها كانت عاجزة عن إرضاعهم من فرط الجوع وك انت متألم ة‬
‫من تلك الحالة فأس رع الرج ل إل ى دك ان ي بيع الكب اب ف ي ذل ك الزق اق واش ترى‬
‫عدة سفافيد كباب ووضعها أمام الكلبة ‪ ...‬وفي سحر تلك من ا تعالى على ذلك‬
‫الشخص بشئ ل يقال(‪.‬‬
‫وأض اف راوي ه ذه الحكاي ة وم ع أن الش يخ ل م ي ذكر اس م ذل ك الش خص إل أن‬
‫القرائن تشير إلى أنه نفسه‪.‬‬
‫قال الدكتور فرزام‪ :‬كانت نصيحة الش يخ ل ي عن د مفارق ة س ماحته وحمين ا كن ت‬
‫أقول له ‪ :‬هل من أمر؟ أو هل من وصية؟ أنه كان يقول‪) :‬ل تن س الحس ان إل ى‬
‫الخلق وحتى إلى الحيوانات(‪.‬‬

‫‪ ‬الحسان لوجه ا‬
‫المسألة الساسية في خدمة الناس م ن وجه ة نظ ر الش يخ ه ي داف ع تل ك الخدم ة‬
‫وكيفيتها فهو كان أنن ا يج ب أن نك ون ف ي خدم ة الن اس بالش كل ال ذي ك ان علي ه‬
‫أئمتنا والولياء اللهيون الذين لم يكن لهم هدف من خدمة الن اس إل مرض اة ا‬
‫وكانت خدمتهم للناس قربة ل وت أتي انطلق ا ‪ C‬م ن حبه م ل ه وك ان س ماحته يق ول‬
‫في هذا المجال‪:‬‬
‫)الحسان إلى الخلق يجب أن يكون لوجه ا ﴿إ‹ن •ما ن” ‹‬
‫طع ”مك ‪Ÿ‬م ل‹ •وج‪‹ Ÿ‬ه ا‹﴾ كيف تدفع‬
‫نفق ات ول دك وتف ديه بنفس ك؟ وه ل بإمك ان الطف ل أن ي ؤدي لبي ه وأم ه عمل‪C‬؟‬
‫الوالدان يحبان طفلهما وينفقان عليه من أجله ذاتيا ‪ C‬فلم اذا ل تتعام ل م ع ا عل ى‬
‫هذا النحو؟! ولماذا تبقى تنتظر منه جزاء إحسانك إليه(؟!‬

‫‪ ‬كلم المام الخميني )قدس( في باب خدمة الناس‬


‫في ختام ه ذا الفص ل رأين ا م ن المناس ب أن ن أتي عل ى ذك ر ش ئ م ن توجيه ات‬
‫الم ام الخمين ي‪ -‬رض وان ا تعل ى علي ه‪ -‬ف ي ب اب خدم ة الن اس فق د ج اء ف ي‬
‫وصيته لولده الحاج أحمد رحمه ا ما يلي‪:‬‬
‫)ولدي‪ ،‬ل تت وان ع ن أداء مس ؤوليتك النس انية ف ي خدم ة الح ق تب ارك وتع الى‬
‫عن طريق خدمة الناس فإن صولت الش يطان وج ولته ف ي ه ذا المج ال ل تق ل‬
‫ع ن الص ولت والج ولت ال تي تح دث بي ن المس ؤولين وال ذين يعلم ون تح ت‬
‫أمرهم ول تتش بث بي ديك ورجلي ك لح راز أي مق ام مادي ا ‪ C‬ك ان أو معنوي ا ‪ C‬تح ت‬
‫ذريعة التقرب بالمعارف اللهية أو الرغبة في خدمة عباد ا لن الهتمام بمث ل‬
‫ه ذه الم ور م ن الش يطان فم ا بال ك بالس عي م ن أج ل الحص ول عليه ا علي ك‬
‫بالستماع للموعظ ة اللهي ة الوحي دة بقلب ك وقبوله ا جه د المس تطاع والس ير ف ي‬

‫‪90‬‬
‫ض وئها وه ي ق وله تعالى﴿ق” ل‪ Ÿ‬إ‹ن •م ا أ• ‹عظ ”ك م ب‹ •و ‹ح •د ‪¥‬ة أ•ن ت•ق”و ”م وا ل‹ •م ‪Ÿ‬ثن ى •و‬
‫ف” •رد•ى﴾ المعي ار ف ي الس ير وف ق ه ذه الي ة ه و القي ام ل س واء ف ي العم ال‬
‫الجتماعية الخاصة أو العامة حاول أن يكون النجاح حليفك ف ي الخط وة الول ى‬
‫وذلك لن هذا العمل في سن الشباب أسهل وأنجح واستغل شبابك فب ل أن تش يب‬
‫كأبيك ففي مثل ه ذه الحال ة إم ا تبق ى ت راوح ف ي مكان ك وأم ا ترج ع إل ى ال وراء‬
‫وهذا يحتاج إلى المراقبة والمحاسبة‪.‬‬
‫فلو ملك أحد الجن والن س أو حص ل عليهم ا ب دافع إله ي ع ارف ب ال زاه د ف ي‬
‫الدنيا وإذا كانت دوافعه شيطانية فك ل م ا يحص ل علي ه يزي ده بع دا‪ C‬ع ن ا ح تى‬
‫وإن كان بقدر مسبحة(‪.‬‬

‫الفصل الثامن‬

‫‪ ‬صلة أولياء ا‬
‫إحدى خصائص البارزة لدي من تربوا في مدرسة الشيخ هي حضور القلب ف ي‬
‫الصلة ولم يكن هذا إل لن الشيخ كان ل يأبه بالصلة الخالية من ال روح وك ان‬
‫يسعى لكي يكون أتباعه مصلين بمعنى الكلمة‪.‬‬
‫توجد ضمن توجيهات سماحة الشيخ بشأن الصلة أربع نقاط أساسية مستقاة م ن‬
‫النصوص القرآنية والحاديث الشريفة هي‪:‬‬
‫العشق‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫كان س ماحة الش يخ يعتق د مثلم ا أن العاش ق يلت ذ م ن الح ديث م ع معش وقه ك ذلك‬
‫المصلي يجب أ يستشعر اللذة بالمناجاة مع ربه فهو نفسه كان عل ى ه ذه الش اكلة‬
‫وكذلك الحال بالنسبة لسائر الولياء‪.‬‬
‫وص ف رس ول ا )ص( ل ذته ف ي الص لة عل ى النح و الت الي‪) :‬جع ل ا‪ -‬ج ل‬
‫ثناؤه‪ -‬قرة عين ي ف ي الص لة وحب ب إل ي الص لة كم ا حب ب إل ى الج ائع الطع ام‬
‫وإلى الظمآن الماء وأن الجائع إذا أكل ش بع وأن الظم آن إذا ش رب روى وأن ا ل‬
‫أشبع من الصلة(‪.‬‬
‫قال أحد تلميذ الشيخ‪ -‬وكان قد رافق ه ح والي ثلثي ن س نة‪ -‬يش هد ا أنن ي كن ت‬
‫أراه في الصلة وكأنه عاشق يكلم معشوقه وهو ذائب ف ي الص لة وض ع خ اص‬
‫يسترعي النتباه وهم‪ :‬المرحوم الشيخ رج ب عل ي الخي اط وآي ة ا الكوهس تاني‬
‫والشيخ حبيب الكلبايكاني في مشهد فه ؤلء الثلث ة ك انوا أعجوب ة فحينم ا يقف ون‬
‫للصلة كن ت أش اهد بالبص يرة اللهي ة أن الج و أص بح عل ى نح و آخ ر وأنه م ل‬
‫يلتفتون في أثناء الصلة إلى ما سوى ا‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫الدب‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الت أدب بي ن ي دي ا ف ي أثن اء الص لة م ن الم ور ال تي يعيره ا الس لم أهمي ة‬
‫كبرى فقد قال المام السجاد )ع( في هذا المضمار‪:‬‬
‫)وحق الصلة أن تعلم أنها وفادة إلى ا ع ز وج ل وأن ك فيه ا ق ائم بي ن ي دي ا‬
‫عز وجل فإذا علمت ذل ك مق ام ال ذليل الحقي ر الراغ ب الراه ب الراج ي الخ ائف‬
‫المستكين المتضرع والمعظم لما كان يديه بالس كون والوق ار وتقب ل عليه ا بقلب ك‬
‫وتقيمها بحدود وحقوقها(‪.‬‬
‫وقال س ماحة الش يخ ع ن أدب المث ول بي ن ي دي ا ع ز وج ل‪) :‬الش يطان ي راود‬
‫النسان على الدوام يجب عليك أن تلتفت إلى عدم قطع التوجه إل ى ا وك ن ف ي‬
‫الصلة مؤدبا ‪ C‬ويجب أن تقف في حالة اس تعداد أم ام شخص ية ك بيرة فل تتح رك‬
‫حتى وإن وخزوك بإبرة(‪.‬‬
‫هذا الكلم قاله سماحة الشيخ لولده في جوابه ع ن س ؤال طرح ه عل ى أبي ه وه و‬
‫لم اذا تبتس م أحيان ا ‪ C‬أثن اء الص لة؟ وق ال اب ن الش يخ أظ ن أن ه ك ان يتبج ح عل ى‬
‫الشيطان ويقول له‪ :‬لن تقوى علي!‬
‫كان الش يخ يعتق د أن أي ة حرك ة مخالف ة للدب بي ن ي دي ا تع زى إل ى وسوس ة‬
‫الشيطان وكان يقول في ذلك‪:‬‬
‫)رأيت الشيطان يقبل الموضع الذي يحكه المصلي أثناء صلته(!‬

‫حضور القلب‬ ‫‪-2‬‬


‫ب اطن الص لة ه و ذك ر ا وحض ور قل ب المص لي ع ن ص دق بي ن ي دي الح ق‬
‫تعالي ومن هنا فقد قال رسول ا )ص( )ل يقب ل ا ص لة عب د ل يحض ر قلب ه‬
‫مع بدنه(‪.‬‬
‫وانطلق ا ‪ C‬م ن ه ذا الح ديث ك ان س ماحته يس عى إل ى تهيئة المص لين أن يص لوا‬
‫بحضور القلب وكانت صلته نموذجا ‪ C‬لحضور القلب‪.‬‬
‫ق ال ال دكتور حمي د ف رزام ف ي ه ذا المج ال‪ :‬ك ان ي ؤدي ص لته بطمأنين ة وأدب‬
‫وكنت أحيان ا ‪ C‬عن دما أص ل مت أخرا‪ C‬وأرى أثن اء الص لة‪ -‬عن دما أم ر م ن أم امه‪-‬‬
‫أراه يرتج ف ك أنه س عفة تهزه ا الري اح وك ان يعتل ي وج ه الن ور أثن اء الص لة‬
‫فمشاعره وحواسه متركزة كلها على الصلة وهو مهطع رأسه‬
‫واستنباطي من ذلك هو أن سماحة الشيخ ل يوجد ف ي قلب ه ش ك ل و بمق دار رأس‬
‫إبرة‪.‬‬
‫وقال واحد آخر من تلميذه ‪ :‬كان يقول لي أحيانا‪) :C‬يا فلن أت دري م ا تق ول ف ي‬

‫‪92‬‬
‫الركوع والسجود(؟‬
‫وحينما تقول ف ي التش هد‪) :‬أش هد أن ل إل ه إل ا وح ده ل ش ريك ل ه( ه ل تق ول‬
‫ذلك عن صدق؟‬
‫”‬ ‫•‬
‫أل توجد لديك أهواء نفسية؟! أل تهتم بغير ا؟! أل تعنى ﴿ •ء أر‪ Ÿ‬ب•اب¦ مت•ف•ر§ قون• ﴾‪.‬‬

‫المحافظة على الصلة في أول الوقت‬ ‫‪-3‬‬


‫أكدت الحاديث كثيرا‪ C‬أهمية أداء الصلة في أول وقته ا فق د ق ال الم ام الص ادق‬
‫)ع(‪:‬‬
‫)فضل الوقت الول على الخر كفضل الخرة على الدنيا(‪.‬‬
‫كان سماحة الشيخ ملتزما ‪ C‬ب أداء الف روض الخمس ة ف ي أول وقته ا وك ان يوص ي‬
‫الخرين بذلك أيضا ‪C‬‬

‫‪ ‬خادم المام الحسين )ع( لم تتأخر صلته حتى الن‬


‫ل دى الخطي ب الب ارع حج ة الس لم والمس لمين س ماحة الس يد قاس م الش جاعي‬
‫ذكرى لطيفة عن سماحة الشيخ في هذا المضمار فقد قال عنه كنت ارتقي المنبر‬
‫الحسيني منذ أن كنت في المدرسة البتدائية وبما أن ا تعالى من عل ي بص وت‬
‫جميل فقد كنت أقرأ في الكثير من مجالس العزاء وكنت أذه ب ف ي الي وم الس ابع‬
‫من كل ش هر إل ى دار س ماحة الش يخ المرح وم رج ب عل ي نكوكوي ان )الخي اط(‬
‫الواقع قبل )بازارجه( وبعد زقاق )سياهها(‪.‬‬
‫وحينما كنت أصعد إلى الطابق الث اني حي ث النس اء يجتمع ن ف ي الغرف ة الواقع ة‬
‫على اليسار وكنت أقرأ لهن مجلس العزاء في كل ش هر ك انت غرف ة الش يخ تق ع‬
‫تحت تلك الغرفة في الطابق السفل وكان سني آنذاك ثلث عشرة س نة حي ث ل م‬
‫أصل إلى سن التكليف‪.‬‬
‫وفي أحد اليام نزلت من بعد قراءة العزاء إلى الطابق السفل وواجه ت س ماحة‬
‫الشيخ لول مرة رأيت ف ي ي ده مجموع ة م ن الطاقي ات وك ان يري د ال ذهاب إل ى‬
‫السوق فسلمت عليه وألقى نظرة على وجه ي وق ال‪) :‬اب ن الرس ول)ص( وخ ادم‬
‫المام الحسين )ع( لم تتأخر صلته حتى الن(‪.‬‬
‫فقلت له‪ :‬سمعا ‪ C‬وطاعة هذا وقد بقي ساعتان لحلول المغرب وكنت في ذلك اليوم‬
‫ضيفا ‪ C‬ولم أصل حتى ذلك الوقت وما إن نظر الش يخ إل ى وجه ي ح تى رأى تل ك‬
‫الحالة ونبهن ي إليه ا ذل ك المطل ب خل ق عن دي ش عورا‪ C‬وأن ا ل م أبل غ الحل م وبع ده‬
‫حينما كنت احضر في مجالسه‪ -‬التي كانت تقام مثل‪ C‬ف ي دار الس يد حكيم ي ب ائع‬
‫الحدي د‪ -‬ب أن ه ذا الرج ل يتح دث ع ن إله ام‪ ،‬وذل ك لن ه ك ان يفتق ر للمعلوم ات‬

‫‪93‬‬
‫العلمي ة بينم ا ك ان كلم ه يأخ ذ بمس امع الحاض رين بحي ث إنن ي لزل ت أحتف ظ‬
‫بذكريات وكلمات الش يخ وم ن جمل ة الكلم ات ال تي بقي ت ف ي ب الي ه ي أن ه ك ان‬
‫يقول‪:‬‬
‫)أترك وا كلم ة "نح ن" ف المواطن ال تي تس ود فيه ا كلم ات "أن ا" و"نح ن" ش رك‬
‫هن اك ض مير واح د ح اكم وه و ض مير "ه و" وإذا تج اوزتم ه ذا الض مير‬
‫فالضمائر الخرى كلها شرك(‪.‬‬
‫حينما كان الشيخ يتفوه بهذه الكلمات كانت تأخذ مأخذها في قلب النسان وفكره‪.‬‬

‫‪ ‬الغضب آفة الصلة‬


‫نقل عن سماحة الشيخ أنه قال‪:‬‬
‫)كنت في إحدى الليالي قبيل الغروب مارا‪ C‬قرب مسجد في بداية شارع س يروس‬
‫في طهران ولغرض إدراك فضيلة الصلة في أول الوقت دخل ت رواق المس جد‬
‫فرأيت شخصا ‪ C‬يصلي وتحيط برأسه هالة من نور فقلت في نفسي إنني سآنس ب ه‬
‫بعد الصلة لرى ما لديه من الخصائص بحيث ظهرت لديه هذه الحالة‪.‬‬
‫وبعد انته اء الص لة خرج ت برفقت ه م ن المس جد وعن د الب اب تش اجر م ع خ ادم‬
‫المسجد وصرخ بوجهه وواصل طريقه وبعد ذلك الغضب رأي ت هال ة الن ور ق د‬
‫زالت من فوق رأسه‪.‬‬

‫الفصل التاسع‬

‫‪ ‬حج أولياء ا‬
‫ل م تت وفر للش يخ الس تطاعة المالي ة لداء فريض ة الح ج أب دا‪ C‬فه و ل م ي ذهب إل ى‬
‫زي ارة بي ت ا الح رام إل أن توجيه اته لبع ض الحج اج تظه ر أن ه ك ان عل ى‬
‫اطلع دقي ق بأس رار ح ج أولي اء ا فه و ك ان يعتق د أن الح ج الحقيق ي والكام ل‬
‫يتحق ق عن دما يك ون الح اج عاش قا ‪ C‬لص احب ال بيت ليس تطيع إدراك المقاص د‬
‫الحقيقة لمناسك الحج ومن هنا فقد رد على اقتراح عرضه علي ه اح د الش خاص‬
‫بالذهاب إلى الحج سوية قائل‪) :C‬اذهب وتعلم العشق ثم تعال لنذهب إلى مكة(‪.‬‬

‫‪ ‬توجيهات الشيخ للحجاج‬


‫‪ .1‬السعي لزيارة المام صاحب الزمان عجل ا تعالى فرجه‬
‫نق ل اح د المح بين الق دماء لس ماحة الش يخ ق ائل‪ :C‬قص دت س ماحة الش يخ قب ل أن‬

‫‪94‬‬
‫أسافر مكة المكرمة‪ -‬وهو أول سفر لي‪ -‬وطلبت منه بعض التوجيهات فقال‪:‬‬
‫)اقرأ ابتداء من أول يوم سفرك إلى مدة أربعين يوما ‪ C‬الية الشريفة‪:‬‬
‫ص ‪Ÿ‬د ‪¥‬‬
‫ق •و اج‪• Ÿ‬عل ل ى ‹م ن ل د”نك‬ ‫ق •و أ• ‪Ÿ‬خ ‹رج‪ Ÿ‬نى ‪Ÿ‬‬
‫مخ •ر •ج ‹‬ ‫﴿ •و ق”ل رب أ• ‪Ÿ‬د ‹خ ‪Ÿ‬لنى ”م ‪Ÿ‬د •خ •ل ‹‬
‫ص ‪Ÿ‬د ‪¥‬‬
‫صيرا‪﴾C‬‬ ‫‪Ÿ‬‬
‫سلطنا ‪ C‬ن ‹‬
‫لعلك تستطيع رؤية صاحب الزمان‪ -‬عجل ا تعالى فرج ه‪ -‬ث م أض اف‪ ) :‬كي ف‬
‫يمكن أن يدعى أحد لزي ارة بي ت ول ي رى ص احب ال بيت لينص ب ك ل اهتمام ك‬
‫وتفكيرك على أنك ستزور إن ش اء ا ذل ك الوج ود المب ارك ف ي إح دى مراح ل‬
‫الحج(‪.‬‬

‫‪ .2‬تحريم محبة غير ا في الحرام‬


‫)الشخص الذي يحرم في الميقات يجب عليه أن يعلم أنه إنما جاء إلى هنا ليح رم‬
‫على نفسه ما سوى ا وأنه ق د قب ل دع وة ا من ذ اللحظ ة ال تي ل بى فيه ا وح رم‬
‫عل ى نفس ه ك ل م ا س واه ومحب ة غي ر ا محرم ة علي ه ويج ب علي ه أن ل يفك ر‬
‫بغير ا حتى آخر لحظة من حياته(‪.‬‬

‫‪ .3‬محورية البارئ عزوجل في الطواف‬


‫)الط واف ح ول الكعب ة يب دو ف ي ظ اهرة أن ه ط واف ح ول ال بيت ولك ن اعل م أن‬
‫المراد من هذا الطواف اتخاذ ا محورا‪ C‬للحياة والفناء فيه‪.‬‬
‫اش عر وكأن ك تط وف ح وله واجع ل نفس ك ف داء ل ه وافع ل م ا يجع ل ال بيت ف ي‬
‫الحقيقة يطوف حولك‪!.‬‬

‫‪ .4‬الدعاء تحت ميزاب الذهب‬


‫)قل في حجر إسماعيل وتحت مي زاب ال ذهب حي ث يطل ب الحج اج م ن ا ح ل‬
‫مشاكلهم ‪ :‬اللهم ربني لعبادتك ولنصرة وليك الحجة ابن الحسن‪ -‬عجل ا تعالى‬
‫فرجه‪.(-‬‬

‫‪ .5‬قتل النفس المارة في منى‬


‫)عندما ت ذهب إل ى من ى م اذا تفع ل عن د المنح ر؟ ه ل تعل م م ا ه ي فلس فة النح ر‬
‫ارئ ”ك ‪Ÿ‬م‬
‫والتضحية؟ إنك في الواقع يجب أن تضحي بنفسك المارة‪ ﴿ :‬ف•ت”وب”وا إ‹ل ى ب• ‹‬
‫ف•ا ‪Ÿ‬قت”ل”وا أ•نف”س ”ك ‪Ÿ‬م﴾ اذبح نفسك هناك وعد وحرر ذاتك من مخالبها يجب أن ل يك ون‬
‫نفسك عندما تعود أقوى مما كانت عليه من قبل(‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ ‬الموضع الوحيد الذي حظيت فيه بالمحبة‬
‫وبعد رجوعي من الح ج ذهب ت إل ى الش يخ وس ألته‪ :‬أود أن أع رف ه ل حص لت‬
‫من حجي هذا نتيجة أم ل؟‬
‫)طأطئ رأسك واقرأ سورة الحمد مرة واحدة(‪.‬‬
‫ثم إنه تأمل لحظة وأخ ذ يص ف ل ي مع ال المس جد الح رام والموض ع ال ذي كن ت‬
‫أق ف في ه إل ى أن ق ال‪ ) :‬الموض ع الوحي د ال ذي حظي ت في ه بالمحب ة ه و مق برة‬
‫البقيع التي كانت لك فيها مثل هذه المشاعر ودعوت بمثل هذه الدعية(‪.‬‬
‫لقد كان ما طلبته من ا مكشوفا ‪ C‬لدى الشيخ‪.‬‬

‫‪ ‬وليمة الحج‬
‫وعند عودتي من الح ج دع وت الش يخ وجماع ة آخري ن لوليم ة طع ام أقمته ا ف ي‬
‫داري بمناسبة عودتي من الحج وأعددنا مائدة خاص ة تحت وي عل ى "جلوكب اب"‬
‫لسماحة الشيخ وع دد آخ ر م ن خ واص الص دقاء ف ي الط ابق العل ى‪ -‬الش رفة‪-‬‬
‫ولما عرف الشيخ ذلك ناداني وقال‪:‬‬
‫)لماذا هذا التفاخر؟ ل تتكبر! ول تف رق بي ن الن اس إن ك ان عمل ك ه ذا ل انظ ر‬
‫للجميع بعين المساواة ولماذا تميز جماعة أخرى؟! أما بالنسبة لي فأنا اختلط م ع‬
‫الخرين وأنت يجب أن ل يميز بين الناس(‪.‬‬
‫‪ ‬أسرار الحج في كلم المام الخميني )رضوان ا تعالى عليه(‬
‫ومما يسترعي الهتمام ف ي ه ذا المج ال ه و أن أق وال س ماحة الش يخ ال تي بينه ا‬
‫استنادا‪ C‬إلى فهمه لفلسفة الح ج قريب ة ج دا‪ C‬مم ا ق ال الم ام الخمين ي‪ -‬رض وان ا‬
‫تعالى عليه‪ -‬في بيان البعاد العرفانية للحج ول ب أس هن ا بالش ارة إليه ا لتكمي ل‬
‫هذا الفصل‪:‬‬

‫‪ ‬سر التلبية المكررة‬


‫)التلبيات المكررة تكون حقيقة من أولئك الذين سمعوا ن داء ا بمس مع أرواحه م‬
‫فأجابوا دعوته سبحانه باسمه الجامع المس ألة ه ي مس ألة الحض ور بي ن ي دي ا‬
‫ع ز وج ل ومش اهدة جم ال المحب وب‪ :‬وك أن المل بي ق د أذاب ذات ه فيك رر تلبي ة‬
‫ال دعوة)لبي ك الله م لبي ك( ويتب ع ذل ك س لب الش رك ب المعنى المطل ق وأه ل ا‬
‫يعلمون أن هذا السلب للشريك ل يقتصر عل ى اللوهي ة وإن ك ان س لب الش ريك‬
‫ب المعنى المطل ق وأه ل ا يعلم ون أن ه ذا الس لب للش ريك ل يقتص ر عل ى‬
‫اللوهية وإن كان سلب الشريك في اللوهية يشمل في نظر أه ل المعرف ة جمي ع‬

‫‪96‬‬
‫المرات ب ح تى فن اء الع الم وتتض من التلبي ة جمي ع الفق رات الحتياطي ة‬
‫والس تحبابية ففيه ا تخص يص الحم د ب ال والنعم ة ب ه وتنف ي عن ه م رة أخ رى‬
‫الش ريك "إن الحم د والنعم ة ل ك والمل ك ل ش ريك ل ك لبي ك" وه ذه عن د أه ل‬
‫المعرفة غاية التوحيد وتعنى أن كل حمد ونعم ة ف ي ع الم الوج ود إنم ا ه و حم د‬
‫ا ونعمت ه بل ش ريك ويرتج ى ه ذا الموض ع واله دف العل ى ف ي ك ل موق ف‬
‫ومشعر وعمل وحركة وسكون وخلفه الشرك بالمعنى العم وه و م ا ابتلين ا ب ه‬
‫نحن الغافلون(‪.‬‬

‫‪ ‬سر الطواف‬
‫)الطواف حول بيت ا يدل على أنك ل تطوف حول شئ آخر غير ا(‪.‬‬
‫)وعند الطواف حول بيت ا الذي يعكس الحب للحق تعالى أفرغوا قل وبكم مم ا‬
‫سواه ونزهوا أنفوسكم أن تخشى أحدا‪ C‬غيره وإلى ج انب الح ب ل تع الى ت برؤوا‬
‫من الص نام الك بيرة والص غيرة وم ن الط واغيت وأتب اعهم ف ال تع الى وأولي اؤه‬
‫منهم وكل أحراز العالم منهم براء(‪.‬‬

‫‪ ‬مبايعة ا‬
‫)وعن د اس تلم الحج ر الس ود ب ايعوا ا عل ى أن تكون وا أع داء لع دائه وأع داء‬
‫رس وله والص الحين والح رار وارفض وا ط اعتهم وعب وديتهم أي ا ك انوا وأينم ا‬
‫كانوا واقتلعوا الخوف والض عف م ن قل وبكم اف إن كي د أع داء ا وعل ى رأس هم‬
‫الش يطان الك بر "أمريك ا" ض عيف مهم ا تفوق وا ف ي وس ائل القت ل وال دمار‬
‫والجرام(‪.‬‬

‫‪ ‬السعي للحصول على المحبوب‬


‫)وفي السعي بين الصفا والمروة اسعوا بصدق وخلص للحصول على‬
‫المحبوب فإن وجدتموه تتقطع‬
‫عندئذ جميع الواصر الدنيوية‬
‫ويتلشى كل شك وترديد ويزول كل‬
‫خوف ورجاء حيواني وتنقصم كل‬
‫القيود المادية فتتفتح عندئذ براعم‬
‫الح رية وتتحطم الق يود التي ﹸكبل بها‬
‫الطواغيت عباد ا وأسروهم واستعبدوهم(‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫‪ ‬الشعور والعرفان في المشعر وعرفات‬
‫)واتجهوا إلى المشعر الحرام وعرفات بشعور وعرفان ولتطمئن قلوبكم ف ي ك ل‬
‫موق ف بوع د ا وحكوم ة المستض عفين وتفك روا بآي ات ا ف ي ص مت وس كنية‬
‫وفك روا ف ي إنق اذ المحرومي ن والمستض عفين م ن مخ الب الس تكبار الع المي‬
‫واطلبوا من ا تعالى انفتاح سبل النجاة في تلك المواقف الكريمة(‪.‬‬

‫‪ ‬سر التضحية في منى‬


‫)ثم اذهبوا بعد ذلك إلى منى واطلبوا فيها الم اني الحق ة المتمثل ة ف ي تق ديم أع ز‬
‫ما عندكم فداء في سبيل المحبوب المطلق واعلموا أنكم ل تصلون إلى المحب وب‬
‫المطلق ما لم تتخلوا عن كل ما تحب ون وعل ى رأس ذل ك ح ب النف س وم ا يتبع ه‬
‫من حب الدنيا(‪.‬‬

‫‪ ‬رمي الجمرات‬
‫)أنتم تذهبون في هذا السفر لرجم الشيطان فإن كنت من جنود الش يطان‪ -‬أع اذكم‬
‫ا‪ -‬فأنتم ترجمون أنفسكم أيضا ‪ C‬فيج ب أن تكون وا رحم انيين ك ي يك ون رجمك م‬
‫رجم جنود الرحم للشيطان(‪.‬‬

‫الفصل العاشر‬

‫‪ ‬خوف أولياء ا‬
‫أول سؤال يتبادر إلى الذهان بعد ط رح مس ألة محب ة ا بص فتها كيمي اء الحي اة‬
‫هو‪ :‬إذا كان ا رحيما ‪ C‬ومحبوبا ‪ C‬وبعد عشقه من المؤثرات في التكامل فلماذا ك ل‬
‫ه ذا التأكي د ف ي النص وص الس لمية لهمي ة خ وف ا والخش ية من ه؟ ولم اذا‬
‫اعت بر الق رآن أب رز ص فات العلم اء والخش ية م ن ا؟ وه ل تجتم ع المحب ة م ع‬
‫الخوف؟ والجواب على ذلك هو‪ :‬نعم وسماحة الش يخ يض رب مثل‪ C‬طريف ا ‪ C‬بش أن‬
‫اجتماع الخوف والحب ال ذي يتض ح لن ا م ن خلل ه ذا الفص ل ولك ن يج ب قب ل‬
‫ذلك معرفة ما هو المراد بالخوف من ا؟‬

‫‪ ‬معنى الخوف ا‬
‫النكتة الولى في تفسير الخوف من ا هي أن الخوف من ا معناه الخ وف م ن‬
‫الذنوب والمعاصي قال المام علي )ع(‬

‫‪98‬‬
‫)ل تخف إل ذنبك ل ترج إل ربك(‪.‬‬

‫‪ ‬ل تخف ا‬
‫نظر المام علي )ع( إلى رجل أثر الخوف عليه فقال له‪ :‬ما بالك؟‬
‫فأجاب الرجل‪ :‬إني أخاف ا‬
‫فقال له أمير الم ؤمنين )ع( ) ي ا عب د ا خ ف ذنوب ك وخ ف ع دل ا علي ك ف ي‬
‫مظالم عباده وأطعه في ما كلفك ول تعص ه ف ي م ا يص لحك ث م ل تخ ف ا بع د‬
‫ذلك فإنه ل يظلم أحدا‪ C‬ول يعذبه فوق استحقاقه أبدا‪(C‬‬

‫‪ ‬خوف الفراق‬
‫وعلى ه ذا الس اس ل ينبغ ي لح د أن يخ اف م ن ا وإنم ا يج ب أن نخ اف م ن‬
‫أنفسنا حتى ل نقع ضحية‪-‬نتيجة سوء أعمالنا‪ -‬بيد أن خوف أولياء ا م ن ج زاء‬
‫العمل السيئ يختلف عن خوف غيرهم لن الذين أخرجوا من قلوبهم محب ة غي ر‬
‫ا ل يطيعونه طمعا ‪ C‬في جنته ول خوفا ‪ C‬من ن اره وإنم ا يخش ون ن ار الف راق لن‬
‫ع ذاب ف راق ا عن دهم أش د م ن ع ذاب الن ار وله ذا ق ال إم ام أولي اء ا أمي ر‬
‫المؤمنين )ع( في المناجاة‪) :‬فلئن صيرتني للعقوب ات م ع أع دائك وجمع ت بين ي‬
‫وبي ن أه ل بلئك وفرق ت بين ي وبي ن أحب ائك وأولي ائك فهبن ي ي ا إله ي وس يدي‬
‫ومولي وربي صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك(‪.‬‬
‫قال سماحة الشيخ في تفسير الية الكريمة‪) :‬يدعون ربهم خوفا ‪ C‬وطمعا‪ (C‬ما يلي‪:‬‬
‫)ما هذا الخوف والطمع؟ إنه خوف من فراقه وطمع ف ي وص اله والقرين ة الدال ة‬
‫على هذا المعنى هي ق ول أمي ر الم ؤمنين )ع( ف ي دع اء كمي ل‪":‬فهبن ي ي ا إله ي‬
‫صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك" وكذلك دع اء الم ام الس جاد )ع(‬
‫ووصلك مني نفسي وإليك شوقي‪.(...‬‬
‫وقال الفقيه العارف الشهير المرحوم المل أحمد النراقي في هذا المعنى ما يلي‪:‬‬

‫قال إمام الولياء روحي فداه‬


‫في الدعاء‪ :‬يا سيدي ويا مولي‬
‫هبني صبرت على عذابك‬
‫فكيف أصبر على فراقك يا حبيبي‬
‫المربية تخوف الطفال من النار‬
‫فتقول ل تلعب وإل يا فلن‬
‫أكوي يدك ورجلك بالنار‬

‫‪99‬‬
‫وأكوي بها وجهك وظهرك‬
‫لكن الرجال القوياء يخوفون الناس‬
‫بألم الفراق بألف طريقة‬

‫‪ ‬الخوف من عدم رضا المحبوب‬


‫وم ع أن أولي اء ا يعلم ون بم ا أمره م ا إل أنه م يخ افون وخ وفهم ن اجم ع ن‬
‫احتمال عدم الرضا والقبول لدى المحبوب‪:‬‬
‫﴿ •و ال ‹ذين• ي ‪”Ÿ‬ؤت”ون• •ما •ءات•وا و ق”ل”وبه” ‪Ÿ‬م •و ‹جل•ة¦ أ•نه” ‪Ÿ‬م إ‹لى •رب ‹ه ‪Ÿ‬م •ر ‹جع”ون• ﴾‪.‬‬
‫وكما أن ألم الفراق شديد ول يطاق عند أولياء ا ك ذلك يحظ ى رض ا المحب وب‬
‫الذي هو الكمال المطلق بتلك الدرج ة م ن الهمي ة وه ذا الموض وع عل ى درج ة‬
‫كبيرة من الهمية بحيث جع ل الم ام الخمين ي‪-‬رض وان ا تع الى علي ه‪ -‬يطل ب‬
‫م ن الن اس ف ي آخ ر لحظ ات حي اته المبارك ة‪ -‬كم ا ص رح ب ذلك خطي ب ص لة‬
‫الجمعة في طهران‪ -‬ليدعوا له ا عز وجل أن يقبله‪.‬‬
‫ولحظ وا بدق ة كي ف س ماحة الش يخ ه ذه المس ألة العرفاني ة الدقيق ة بمث ال بس يط‬
‫وهو ‪:‬‬
‫ق ال أح د تلمي ذ الش يخ‪ :‬ق ال ل ي س ماحة الش يخ ذات ي وم‪ ) :‬ي ا فلن لم ن تزي ن‬
‫العروس نفسها(؟‬
‫قلت‪ :‬للعريس‬
‫قال‪) :‬أفهمت(؟‬
‫سكت‬
‫قال‪:‬‬
‫)ف ي ليل ة الزف اف يح اول أق ارب الع روس تزينه ا عل ى أفض ل م ا يك ون لتك ون‬
‫مقبولة عند العري س إل أن الع روس يعتريه ا قل ق ل ينتب ه إلي ه الخ رون وقلقه ا‬
‫هو أنها إذا فشلت في ليلة الزف اف م ن ني ل إعج اب العري س أو إذا نف ر العري س‬
‫منها ماذا تفعل؟‬
‫العب د ال ذي ل ي دري ه ل قبل ت أعم اله عن د ا أم ل كي ف ل يخ اف ول يقل ق؟!‬
‫فهل أنت تزين نفسك له؟ أم لذاتك؟ كي تكون لك وجاهة بين الناس(!‬
‫”ون ** ل• •على أ• ‪Ÿ‬ع •م ”ل صل‹حا‪﴾C‬‬ ‫حينما يموت النسان يقول‪• ﴿ :‬رب ار‪‹ Ÿ‬جع ‹‬
‫والعمل الصالح هو ما يرضاه ا ل الذي ترتضيه نفسك‪.‬‬
‫ولهذا السبب كان سماحة الشيخ على وجل دائم من لقاء الحق تعالى وكان يقول‪:‬‬
‫ا نفسه ل خوف منه ﴿ •و أ•ما •م ‪Ÿ‬ن خ•اف •مق•ا •م •رب§ ‹ه﴾ ولك ن كي ف بن ا إذا ل م يقب ل ا‬
‫عز وجل أعمالنا؟‬

‫‪100‬‬
‫قال نجل الشيخ كان الشيخ يقول )اللهم اجعلنا سقط المتاع يأتي المش تري ويق ول‬
‫اشتري ما هو عاطل واشتري سقط المتاع! اللهم فاشترنا واقبلنا أيضا‪.(C‬‬

‫الباب الرابع ‪ :‬الوفاة‬

‫الفصل الول‬

‫‪ ‬وفاة الشيخ رجب علي الخياط‬


‫وأخيرا‪ C‬ارتحل ذل ك الوج ود المل ئ بالبرك ة م ن آف اق ه ذا الع الم ف ي ‪1381‬هـ‪.‬ق‬
‫) المصادف للثاني والعش رين م ن ش هريور ع ام ‪1340‬هـ‪.‬ش( بع د عم ر قض اه‬
‫في بناء ذاته وتهذيب النف وس وقص ة ع روج روح ه النوراني ة إل ى المل العل ى‬
‫حرية بالسماع أيضا‪.C‬‬
‫نستعرض في الفصل الول من هذا الباب قصة وفاة س ماحة الش يخ رج ب عل ي‬
‫الخياط ثم نشير في الفصلين الثاني والثالث إلى قصة وف اة شخص ين آخري ن م ن‬
‫أولياء ا لشباهة قصة وفاتهما بقصة وفاة الشيخ‪.‬‬

‫‪ ‬يوم قبل وفاته‬


‫وصف ابن الشيخ حال والده قبل ي وم م ن وف اته عل ى النح و الت الي‪ :‬ك ان وال دي‬
‫قبل يوم من وفاته سالما ‪ C‬ولم تكن والدتي في البيت وكنت وحدي في ال بيت وعن د‬
‫العصر جاء أبي وتوضأ فناداني وقال لي‪:‬‬
‫)أش عر بنح ول ف ي جس دي إذا ج اء ه ذا الش خص ليأخ ذ ث وبه ف إن القصاص ات‬
‫موج ودة ف ي جيب ه ويعطي ك ثلثي ن تومان ا ‪ C‬أج رة الخياط ة ول م يك ن أب ي س ابقا ‪C‬‬
‫يخبرني أن شخصا ‪ C‬إذا جاء كم تكون أجرة العمل ولم أعرف لماذا‪.‬‬

‫‪ ‬رؤيا أحد تلميذ الشيخ‬


‫تنبأ أحد تلميذ الشيخ بوفاة الشيخ في رؤيا صادقة ش اهدها ف ي الليل ة ال ي س بقت‬
‫وفاته وهي على النحو التالي‪:‬‬
‫رأيت في عالم الرؤيا في الليلة التي توفي الشيخ في غدها وكان أبواب ال دكاكين‬
‫الواقعة في الجانب الغربي لمسجد قزوين تغلق فسألت‪ :‬ما الخبر؟ فقيل لي رح ل‬
‫الشيخ رجب عل ى الخي اط م ن ال دنيا فاس تيقظت م ن الن وم فزع ا ‪ C‬وك انت الس اعة‬
‫الثالثة من منتصف الليل فعلمت أن م ا رأيت ه ف ي المن ام رؤي ا ص ادقة وبع د أذان‬

‫‪101‬‬
‫الصبح صليت وتوجهت إل ى دار الس يد )راد من ش( عل ى وج ه الس رعة فس ألني‬
‫باستغراب عن سبب مجيئي في هذا الوقت المبكر فحدثته برؤياي‪.‬‬
‫كانت الساعة الخامسة صباحا ‪ C‬وكان الجو ل يزال معتما ‪ C‬فتوجهنا إل ى دار الش يخ‬
‫وفتح الشيخ الباب فدخلنا وجلسنا وجل س الش يخ أيض ا ‪ C‬وق ال‪) :‬أي ن كنت م ف ي ه ذا‬
‫الصباح الباكر(‪.‬‬
‫لم أحدثه برؤي اي فاض طجع الش يخ عل ى ج انبه ووض ع ي ده تح ت رأس ه وق ال ‪:‬‬
‫)تكلموا ‪...‬اقرؤوا شعرا‪!..C‬‬

‫فقرأ أحدنا‪:‬‬
‫ل يوم أجمل من أيام العشق‬
‫فصباح العشاق ل ليل له‬
‫الوقات الجميلة ما قضي مع الحبيب‬
‫والباقي كله عبث ل طائل فيه‬

‫‪ ‬الشيخ على فراش الوفاة‬


‫لم تمض إل ساعة حتى رأيت حالة الشيخ قد تغيرت فاس تأذنت من ه لتي ه بطي ب‬
‫كنت موقنا ‪ C‬بأنه سيرحل عن الدنيا في هذا اليوم فقال لي‪) :‬المر لك(‪.‬‬
‫كتب الدكتور ‪ ...‬وصفة فذهبت وجئت بالدواء وعندما رجع ت وج دتهم ق د نقل وا‬
‫الش يخ إل ى غرف ة أخ رى وك ان جالس ا ‪ C‬باتج اه القبل ة وعل ى رجلي ه ملءة بيض اء‬
‫ك ان يلمس ها بالس بابة والبه ام‪ .‬أخ ذت أدق ق النظ ر لرى كي ف يف ارق الرج ل‬
‫اللهي الدنيا وفجأة حصلت له حالة وكأن أح دا‪ C‬يهم س ف ي أذن ه فق ال ‪) :‬إن ش اء‬
‫ا(‪.‬‬
‫ثم قال‪) :‬أي يوم من أيام السبوع اليوم؟ هاتوا لي دعاء اليوم(‪.‬‬
‫قرأت دعاء ذلك اليوم فقال الشيخ‪) :‬ناوله للسيد أحمد ليقرأه أيضا‪.(C‬‬
‫فقرأ ثم ق ال الش يخ )ارفع وا أي ديكم إل ى الس ماء وقول وا‪ :‬ي ا كري م العف و ي ا عظي م‬
‫العفو اللهم أعف عنى(‪.‬‬
‫نظرت إلى صديقي وكأن رؤياي صادقة وأنه على وشك الرحيل فذهبت‪.‬‬

‫‪ ‬مرحبا ‪ j‬يا سيدي العزيز‬


‫اسمعوا تكملة هذه القصة من لسان نجل الش يخ ‪ ...‬رأي ت غرف ة وال دي مزدحم ة‬
‫فقالوا‪ :‬إن حالة الشيخ ق د اض طربت ف دخلت إل ى الغرف ة مباش رة ورأي ت وال دي‬
‫جالسا ‪ C‬باتجاه‪ -‬بع د أن ك ان ق د توض أ قب ل لحظ ات ودخ ل الغرف ة‪ -‬وفج أة نه ض‬

‫‪102‬‬
‫وجلس وقال مبتسما ‪) C‬مرحبا يا سيدي العزيز(‪.‬‬
‫ومد يده وقضى نحبه والبسمة على شفتيه!‬

‫‪ ‬الليلة الولى في القبر‬


‫قال شخص آخر من أصدقائه‪ :‬رأيت ف ي ع الم الرؤي ا وك أنني ذهب ت إل ى الش يخ‬
‫في ليلة القبر الولى ورأيته في منزلة عظيمة م ن به ا علي ه أمي ر الم ؤمنين )ع(‬
‫فدنوت منه ولما رآني ألقى علي نظرة لطيفة‪ -‬وكأنه أب يعظ ولده وهو ل يلتف ت‬
‫إليه‪ -‬وتذكرت من خلل نظراته أنه كان يقول على الدوام‪:‬‬
‫)ل تطلبوا غير ا ولكننا نبقى مبكلين في أغلل أهوائنا النفسية(‪.‬‬
‫اقتربت منه فقال جملتين‪:‬‬
‫الولى‪) :‬نهج الحياة هو النس بال وبأولياء ا(‪.‬‬
‫الثانية‪) :‬لقد خلد من آثرت زوجته بثوبها في ليلة الزفاف في سبيل ا(‪.‬‬

‫والسلم عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا ‪.C‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬وفاة آية ا حجت‬


‫كما سبقت الشارة في بداية هذا الباب رأيت م ن المناس ب ف ي خت ام ه ذا الكت اب‬
‫التربوي أن أتناول قصة وفاة شخصين آخرين من أولي اء ا للش به الك بير ال ذي‬
‫بين وفاتهما ووفاة الشيخ وللفوائد التربوية التي تحتوي عليها وفاتهما‪.‬‬
‫وإحدى ه اتين الشخص يتين الك بيرتين ه و س ماحة آي ة ا حج ت – رض وان ا‬
‫تعالى علي ه‪ -‬ال ذي ك ان مرج ع تقلي د الش يخ وك ان الش يخ يثن ي علي ه ب الخلص‬
‫ويرى قلبه خاليا ‪ C‬من ح ب الج اه والرئاس ة‪ .‬نس تمع فيم ا يل ي إل ى قص ة وف اة ه ذا‬
‫الرج ل الجلي ل م ن لس ان ص هره النبي ل س ماحة آي ة ا الح اج الش يخ مرتض ى‬
‫الحائري‪ -‬رضوان ا تعالى عليه‪ -‬الذي هو أستاذ له في عهدتي حق التعليم‪.‬‬

‫‪ ‬ترميم الدار‬
‫أشير ابتداء إلى أن المرحوم حجت مع أنه كان أستاذي وحم اي إل أنن ي ل م أك ن‬
‫أتردد كثيرا‪ C‬على داره ول أتدخل في شؤون مرجعيت ه وك ان ه و ف ي عه د الس يد‬
‫البروجردي‪ -‬رحمه ا تعالى‪ -‬مرجعا ‪ C‬وكان أك ثر مقل ديه م ن منطق ة آذربايج ان‬

‫‪103‬‬
‫وفي طه ران أيض ا ‪ C‬ك ان يرج ع إلي ه الذربايج انيون وغيره م وك ان ب دوره يق دم‬
‫لطبلة العلوم الدينية مرتبات شهرية وك انت ي ده مبس وطة إل ى ح د م ا ف ي وس عه‬
‫المالي‪ .‬وتبرع أحد محبي الشيخ بإعادة بناء منزل الشيخ ول أتذكر اس م المت برع‬
‫عل ى وج ه الدق ة ولع ل اس مه )ج انجي( وف ي أوائل فص ل الش تاء ب دؤوا ب ترميم‬
‫المنزل فأزاحوا التراب من القسم الذي تقرر إعادة بن ائه وف ي القس م الخ ر ك ان‬
‫العمال يواصلون العمل في الترميم كحف ر البالوع ة ورص فها ب الحجر وم ا ش ابه‬
‫ذلك من العمال‪.‬‬

‫‪ ‬تقرر أن أموت‬
‫‪C‬‬
‫ذهبت في صباح أحد اليام لزيارته ووجدته ف ي داخ ل ال دار جالس ا عل ى س رير‬
‫ول م تك ن ح الته الص حية بالش كل الط بيعي فه و ك ان مص ابا ‪ C‬بالته اب مزم ن ف ي‬
‫الرئة وهذا ما كان يسبب له ضيقا ‪ C‬شديدا” في التنف س ف ي الج واء الب اردة‪ .‬عن دما‬
‫بدأ الجو يميل إلى البرد آنذاك لم تكن ح الته س يئة أك ثر م ن المتع ارف كم ا يب دو‬
‫وعلمت أن ه ص رف العم ال والبن ائين وحينم ا س ألته لم اذا ص رفتهم؟ ق ال بلس ان‬
‫صريح وقاطع )لقد تقرر أم أموت فلم البناء بعدئذ(‪.‬‬
‫فلم أقل شيئا ‪ C‬ول أتذكر أني استغربت ذلك الجواب كثيرا ثم قال لي‪) :‬ي اعزيزي!‬
‫‪C‬‬
‫في هذه اليام القلئل تعال إلى هنا(‪.‬‬
‫وكان مراده أن ل أبتعد عنه كما كنت عليه في السابق‪.‬‬

‫‪ ‬إلهي أديت ما علي من التكاليف‬


‫كنت أذهب إليه صباح كل يوم بعد النتهاء من درس المكاس ب ال ذي كن ت ألقي ه‬
‫في صالة )البراني( وكنت أذهب إليه أيضا ‪ C‬في أول الليل أحيانا ‪ C‬وفي أحد الي ام‪-‬‬
‫وكان يوم أربعاء على ما أظ ن أرس ل خلف ي لعم ل ل ه خ اص مع ي فعن دما جئت ه‬
‫أخرج صندوقا ‪ C‬حديديا‪ -C‬ول أدري إن كان هو الصندوق الذي ك ان لوال ده وانتق ل‬
‫إليه أم هو صندوق آخ ر‪ -‬وك ان يجل س أم امه الح اج أحم د زنج اني ف أخرج م ن‬
‫الصندوق أوراقا ‪ C‬ومستندات أملك وغيرها وأعطاها للسيد الزنجاني أعطاني ما‬
‫ك ان في ه م ن أم وال لنفاقه ا ف ي م وارد عينه ا ل ي وجع ل قس ما ‪ C‬م ن ذل ك المبل غ‬
‫كحصة لي‪.‬‬
‫‪C‬‬
‫ك ان ق د كت ب وص يته س ابقا بع دة نس خ وأرس ل ل ي إح دى تل ك النس خ ولزال ت‬
‫موجودة عندي وكانت لديه أموال أخ رى ف ي النج ف وف ي ت بريز وف ي ق م وعن د‬
‫المرحوم الح اج محم د حس ين الي زدي ال ذي ك ان أح د أوص ياء المرح وم الوال د‪-‬‬
‫رحمه ا تعالى‪ -‬وأوصى بأن الموال الموجودة لدى وكلئه تحتسب كلها سهما ‪C‬‬

‫‪104‬‬
‫للم ام أم ا الرض ال تي بن ي عليه ا فيم ا بع د قس م ك بير م ن مس جد الس يد‬
‫البروجردي فكان قد اشتراها لبناء مدرسة وكانت باس مه وق د كت ب ف ي الوص ية‬
‫أنها أيضا ‪ C‬من سهم المام ول تورث وإذا أرادها الس يد ال بروجردي لبن اء مس جد‬
‫تعطى له‪.‬‬
‫عل ى الظ اهر ك ان المبل غ الموج ود ف ي الص ندوق ه و ك ل الم ال ال ذي ل ديه وق د‬
‫امتنع منذ عدة أيام عن استلم الموال التي كانت تقدم ل ه كحق وق ش رعية ولك ن‬
‫يبدو أن السيد الزنجاني كان يستلم الحقوق الشعرية في تلك الفترة ودفع ف ي أول‬
‫الشهر الذي توفي فيه رواتب الش هرية ال تي ك ان يخرجه ا آي ة ا حج ت وبقي ت‬
‫هن اك ف ي جيب ه بض عة ري الت أخرجته ا ابنت ه ‪ -‬زوج تي‪ -‬م ن جيب ه ووض عتها‬
‫تحت الوسادة كي تدفعها كصدقة عندما يشفى‪-‬وهذا العمل ك انت تق وم ب ه النس اء‬
‫في القديم‪ -‬وكنت أنا على معرفة بهذه العادة‪.‬‬
‫ويبدو أن الصدقة ال تي ك انت ت دفع تحتج ز ك الرهن ول م يب ق النق ود إل تل ك ول م‬
‫يك ن ه و عل ى معرف ة بوجوده ا وحينم ا س لمني المبل غ ال ذي ك ان ف ي الص ندوق‬
‫ليصاله إلى موارده رفع يديه إلى السماء وقال‪:‬‬
‫‪C‬‬
‫)إلهي! أديت ما علي من التكاليف‪ ،‬فكن لي عونا حين وفاتي(‪.‬‬

‫‪ ‬أموت ظهرا‪j‬‬
‫كنت أتكلم معه بصراحة وأقوله يا سيدي ل م برر لك ل ه ذا الخ وف فه ذه الحال ة‬
‫المرض ية تعتري ك ف ي فص ل الش تاء ك ل ع ام ث م تش فى بع د ذل ك فق ال‪) :‬كل إن‬
‫موتي يكون ظهرا‪،(C‬‬
‫‪C‬‬
‫لم أتحدث معه بشئ وذهبت فورا لنفذ م ا أمرن ي ب ه وكن ت أخش ى أن ه إذا م ات‬
‫في ظهر هذا اليوم سيبقى مصير هذا المال مجهول‪ C‬فهل يجب إعطاؤه للورث ة أم‬
‫يجب إيصاله إلى موارده ولهذا السبب استأجرت عربة وأديت ما أمرني ب ه ول م‬
‫يتوف في ظهر ذلك اليوم‬

‫‪ ‬التفاؤل بالقرآن‬
‫‪C‬‬
‫وفي أح دي اللي الي طل ب مص حفا وفتح ه بتأم ل وذك ر فظه رت ل ه ف ي الص فحة‬
‫الولى الية الشريفة ﴿ل•ه” •د ‪Ÿ‬ع •وة” الح‪ •ً Ÿ‬ق§﴾ فبك ى وت وجه إل ى رب ه بكلم ل أت ذكره‬
‫وفي تلك الليلة أو الليلة التالية كسر ختمه‪.‬‬

‫‪ ‬تفضل يا سيدي علي‬


‫وفي أحد تلك اليام التي قاربت فيها وفاته نظر إلى الباب فجأة وب دا وك أنه ش يئا ‪C‬‬

‫‪105‬‬
‫معينا وقال‪) :‬تفضل يا سيد علي(‪.‬‬
‫وبعد فترة قصيرة عاد إلى حالته الطبيعية وكان ف ي الي ام الثلث ة الخي رة يك ثر‬
‫من الذكر والدعاء والتضرع وقرى له دعاء العديلة من قبلي أو شخص آخر‪ -‬ل‬
‫أتذكر على وجه الدقة‪ -‬وفي يوم وفاته ألقيت درس المكاسب باطمئنان ف ي ال دار‬
‫لن حالته كانت اعتيادية ول تدعو إلى القلق ثم ذهبت إلى الغرفة الصغيرة ال تي‬
‫كان راقدا‪ C‬فيها وكانت هناك ابنته‪-‬زوجتي‪ -‬فقط وكان وجهة ص وب الج ار وه و‬
‫مشغول بالذكر والدعاء فق الت ل ي زوج تي‪ :‬إن وال دي الي وم مض طرب ش يئا ‪ C‬م ا‬
‫ويبدو أن سبب اضطرابه هو كثرة الذكر والدعاء‪.‬‬
‫سلمت عليه فرد علي السلم وقال‪) :‬أي أيام السبوع اليوم(؟‬
‫قلت‪ :‬اليوم هو يوم السبت‬
‫قال‪):‬وهل ذهب السيد البروجردي إلى الدرس(؟‬
‫قلت نعم‬
‫فكرر القول عدة مرات من صميم قلبه‪) :‬الحمد ل(‪.‬‬
‫وتكلم أيضا ‪ C‬بكلمات أخر لم نذكرها مراعاة للختصار‪.‬‬

‫‪ ‬تربة المام الحسين )ع(‬


‫‪C‬‬
‫قالت ابنته‪ :‬إن والدي مضطرب اليوم إلى حد ما فما رأيك لو نعطي ه مق دارا م ن‬
‫تربة المام الحسين )ع( قلت حسنا ‪ C‬فذهبت وحلت مقدارا‪ C‬من تربة المام الحس ن‬
‫علي ه الس لم ف ي ك أس فتن اولته منه ا وق دمتها ل ه وقل ت تفض ل اش رب فظ ن أن ه‬
‫طعام أو دواء فقال متذمرا‪) C‬ما هذا(؟‬
‫قلت له‪ :‬هذه تربة المام الحسين عليه السلم‬
‫فانشرحت أساريره فورا‪ C‬وتناول القدح وشرب ماء التربة عن آخره‬
‫ثم سمعته يقول‪) :‬آخر زادي من الدنيا تربة الحسين عليه السلم(‪.‬‬
‫أو ربما قال كلمة التربة فقط أغلب الظن أنه ق ال ترب ة الحس ين ث م إن ه اض طجع‬
‫مرة أخرى وعاد إلى حالته الولى من الدعاء والذكر وبقيت ف ي المن زل وطل ب‬
‫من الحاضرين أن يقرؤوا له دعاء العديلة مرة ثانية حيث جلس ابنه الث اني وه و‬
‫السيد حسن متوجها ‪ C‬نحو القبلة وكان هو أيضا ‪ C‬يقرأ م ن حال ة الجل وس وق د أس ند‬
‫صدره إلى متكأ وكان يذكر معتقداته بحماس ومن صميم قلبه أمام الباري تع الى‬
‫باللغة الفارسية واللغة التركية‪.‬‬
‫كيمين فصلي وار؟‬
‫ل زلت أتذكر أنه قال بشأن أمير المؤمنين )ع( بعد القرار بالخلفة‪:‬‬
‫)بل فص ل هي ج فص لي يوخ دي لب بل فص لي لب بل فص لي كيمي ن فص لي‬

‫‪106‬‬
‫وار( } باللغة التركية { و معناه )بل واسطة لم تكن هناك واسطة طبع ا ل م تك ن‬
‫هناك واسطة طبعا ‪ C‬لم تكن هناك واسطة من يكون الواسطة(‬
‫وكان يقرأ بشأن الئمة من ولد الرسول )ص( وعلي )ع( الية الشريفة ﴿ض •رب‬
‫ا” •مث•ل‪ C‬كل‹ •مة‪ C‬طي§ب•ة‪• C‬كش •ج •ر ‪¥‬ة طي§ب• ‪¥‬ة أ•صل”ه•ا ث•اب‹ ¦‬
‫ت •و ف•ر‪” Ÿ‬عه•ا فى الس •ما ‹ء﴾‪.‬‬
‫وكنت أقف جانبا ‪ C‬أنظر إلى ه ذا المش هد المعن وي الم ثير بك ل إعج اب وف ي تل ك‬
‫اللحظة خطر ببالي أن أقول له‪ :‬يا سيدي ادع لنا ولكن الخجل منعني لسباب‪:‬‬

‫أول‪ :C‬لن الرجل كان مشغول‪ C‬بنفسه ول يلتف ت إل ى ش ئ آخ ر أي أن ه ك ان ي رى‬


‫نفسه وحيدا‪ C‬أمام ا تعالى وأداء الواجبات المعنوية قبل الوفاة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :C‬لن هذا الطلب يوحي بأننا أصبحنا على بينة من وفاته وسلمنا لذلك‪.‬‬

‫بقيت أنظر إلى هذا الموقف وإلى الحاضرين في الغرفة وهم السيد حس ن وابنت ه‬
‫وربما زوجته وسمعته يقول‪:‬‬
‫)إلهي كل معتقداتي قد أحضرتها وقد أودعتها عندك فأعدها إلي(‪.‬‬
‫كنت واقفا ‪ C‬في مكاني وهو عل ى تل ك الحال ة م ن الجل وس والتك اء متوجه ا ‪ C‬نح و‬
‫القبلة وفي تلك الحالة انقطع نفسه فظنوا أن قلب ه ق د تش نج فقط روا ف ي فم ه ع دة‬
‫قط رات م ن م ادة الكرامي ن ورأي ت ال دواء س ال م ن ش دقيه فق د ت وفي ف ي تل ك‬
‫اللحظة‬
‫ول م يص ل بع د م اء الترب ة ول ح تى ع دة قط رات م ن الكرامي ن إل ى جه ازه‬
‫الهضمي‪.‬‬
‫فعلمت أن قد توفي فجئت إلى غرفة الستقبال وإذا ب ي أس مع ص وت الذان م ن‬
‫المدرسة الحجتية وك ذا وقع ت وف اته ف ي أول الظه ر وق د ق ال ف ي ي وم الربع اء‬
‫الماضي‪) :‬وفاتي‪ -‬أو أمري‪ -‬يكون ظهرا‪.(C‬‬
‫وفي الخت ام أض اف آي ة ا الح ائري ق ائل‪ :C‬فض ل عم ا تحت ويه ه ذه القص ة م ن‬
‫صورة واضحة عن إيمان راسخ فه ي تتض من أيض ا ‪ C‬آي ات عجيب ة عدي دة يمك ن‬
‫الشارة إلى بعضها كالتي‪:‬‬

‫‪ .1‬إنه أخبر بأن موته يقع ظهرا‪ C‬وقد حدث ما قاله‪.‬‬


‫‪ .2‬المكاشفة التي شاهد فيها أمير المؤمنين )ع(‬
‫‪ .3‬أخبر بأن زاده من الدنيا التربة وهكذا كان قد تناول تل ك الترب ة م ن غي ر أن‬
‫يطلبه ا أو يحتم ل أن ذل ك الق دح في ه م اء الترب ة لن ه س أل بح دة‪ :‬م ا ه ذا وك أنه‬
‫عازما ‪ C‬على عدم تناوله‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫‪ ‬وفاة الحاج الخوند تربتي‬


‫هن اك ش خص آخ ر م ن أولي اء ا ل ه قص ة وف اة ذات ط ابع ترب وي ج ديرة‬
‫بالستماع وهو المرحوم الحاج الخوند تربتي والد الخطيب المعروف المرحوم‬
‫حسين علي راشد‪-‬رحمة ا عليه‪.-‬‬
‫وصف المرحوم حسين علي راشد ف ي كت اب )فض يلت ه اى فرام وش ش ده( أي‬
‫"الفضائل المنسية" الذي ألفه في سيرة حياة والده قصة وفاته على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬أسبوع قبل الوفاة‬


‫م ن جمل ة الش ياء ال تي لحظناه ا‪ -‬نح ن أعض اء الس رة‪ -‬من ه وبق ي معناه ا‬
‫غامضا ‪ C‬علينا هي‪:‬‬
‫إن أبي توفي يوم الحد ‪ 17‬شوال عام ‪1362‬هـ‪.‬ق المصادف من شهر مهر عام‬
‫‪1322‬هـ‪.‬ش بع د س اعتين م ن ش روق الش مس وق د اس تلقى عل ى ظه ره بع د أن‬
‫صلى صلة الصبح وأخذ يحتضر فمددوا رجليه باتجاه القبلة وبقي بكامل وعي ه‬
‫حتى اللحظة الخيرة ويردد بعض الكلمات به دوء ويب دو أن ه ك ان يعل م ب أنه ف ي‬
‫حالة احتضار فآخر كلمة نطقت به شفتاه )ل إله إل ا(‪.‬‬

‫‪ ‬السلم عليكم يا رسول ا‬


‫وفي يوم الحد من السبوع ال ذي س بق وف اته اس تقلى بع د ص لة الص بح باتج اه‬
‫القبلة وغطى وجهه بعب اءته ولكن ه تح رك فج أة وأض اء جمي ع جس ده م ن رأس ه‬
‫إلى قدميه كأنه الش مس الس اطعة م ن ناق ذة الغرف ة أو كض وء كاش ف س لط عل ى‬
‫مكان معين وتلل لون وجهه‪ -‬الذي أصفر بس بب الم رض‪ -‬ح تى ب دا ش فافا ‪ C‬م ن‬
‫تحت العباءة الخفيف ة ال تي غط ى به ا وجه ه وق ال‪) :‬الس لم عليك م ي ا رس ول ا‬
‫جئتم لزيارة هذا العبد البسيط(‪.‬‬
‫ثم أخذ يسلم على الئمة واحدا‪ C‬واحدا ابتداء من أمير المؤمنين )ع( وحتى الم ام‬
‫‪C‬‬
‫الثاني عشر وكأنه يسلم على أش خاص ق دموا لزي ارته الواح د تل و الخ ر ويب دي‬
‫شكره لقدومهم ثم سلم على السيدة فاطمة الزهراء )ع( ثم سلم على السيدة زينب‬
‫وهنا بكى كثيرا‪ C‬وقال‪:‬‬
‫)يا سيدتي لقد بكيت عليك كثيرا‪.(C‬‬

‫‪108‬‬
‫‪ ‬السلم على الم‬
‫ث م س لم عل ى وال دته وق ال‪) :‬أن ا أش كرك ي ا أم ي عل ى م ا أرض عتنيه م ن حلي ب‬
‫طاهر(‪.‬‬
‫واستمرت هذه الحال ة لم دة س اعتين م ن بع د طل وع الش مس ث م زال الن ور ال ذي‬
‫كان يسطع من جسمه ورجع إلى حالته الطبيعية ورجع وجهه إل ى م ا ك ان علي ه‬
‫م ن الص فرار بس بب الم رض وف ي ي وم الح د الت الي أخ ذ يحتض ر ف ي تلكم ا‬
‫الساعتين وفاضت روحه بسكينة‪.‬‬

‫‪ ‬ل تؤذني يا حسين‬


‫وفي أحد أيام ذلك السبوع أي بين هذين اليومين قلت له‪ :‬إننا نس مع ع ن طري ق‬
‫الروايات بأشياء غريبة عن النبي اء والك ابر تجعلن ا نتمن ى ل و أنن ا نعيش ها ك ي‬
‫نفهم تلك المور‪ .‬والن قد شاهدت هذه الحالة عليك وأنت أقرب الناس إل ي وأن ا‬
‫أريد أن أعرف ما ال ذي ك ان؟ فس كت ول م يجبن ي وك ررت س ؤالي علي ه مرتي ن‬
‫وثلث بعبارات أخرى إل أنه لم يجبني‪.‬‬
‫وفي المرة الرابعة أو الخامسة قال لي‪) :‬ل تؤدني يا حسين علي(‪.‬‬
‫قلت‪ :‬قصدي هو أن تفهمني شيئا ‪ C‬عن تلك الحالة‪.‬‬
‫قال‪ ) :‬أنا ل أستطيع إفهامك اذهب بنفسك وافهم(‪.‬‬
‫وبقيت هذه الحالة غامضة عل ي وعل ى وال دتي وأخ ي وأخ تي وعم تي ول زل ت‬
‫إلى حين كتابة هذه السطور في الساعة ‪ 30/9‬من ص باح ي وم الثلث اء الخ امس‬
‫م ن ش هر رج ب ع ام ‪1395‬هـ‪.‬ق )‪ 24‬تي ر ع ام ‪ 1354‬هـ‪.‬ش( ل أع رف ش يئا ‪C‬‬
‫عن هذا الموضوع وأقول فقط ‪ :‬إني شاهدت هذه الحالة‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫الفهرس‬
‫الباب الول ‪ :‬الخصائص‪2................................................................‬‬
‫الفصل الول‪2..........................................................................‬‬
‫حياته ‪2..............................................................................‬‬
‫داره‪2................................................................................‬‬
‫ثيابه‪3................................................................................‬‬
‫طعامه‪3.............................................................................‬‬
‫الفصل الثاني ‪4.........................................................................‬‬
‫عمله‪4...............................................................................‬‬
‫المواظبة على العمل‪4............................................................‬‬
‫إنصافه في أخذ الجرة ‪5.........................................................‬‬
‫جزاء النصاف‪6..................................................................‬‬
‫إنصاف الناس والتشرف بلقاء صاحب الزمان )ع(‪6.......................‬‬
‫المام صاحب الزمان )ع( في سوق الحدادين‪6..............................‬‬
‫إنصاف الشيخ بائع القفال‪7.....................................................‬‬
‫المام عليه السلم يتفقد الحداد ‪7................................................‬‬
‫الفصل الثالث ‪8.........................................................................‬‬
‫اليثار‪8.............................................................................‬‬
‫إيثار للناس على نفسه ‪8.........................................................‬‬
‫إيثار للجار المفلس‪9..............................................................‬‬
‫إيثاره في ليلة العيد‪9..............................................................‬‬
‫الفصل الرابع ‪10.......................................................................‬‬
‫عبادته‪10...........................................................................‬‬
‫تقليده‪10.............................................................................‬‬
‫أهمية العمل ل‪11.................................................................‬‬
‫مخالفته للرياضات غير الشرعية ‪11...........................................‬‬
‫اهتمامه بأداء الخمس ‪12.........................................................‬‬
‫الفصل الخامس‪12.....................................................................‬‬
‫أخلقه‪12...........................................................................‬‬
‫تواضعه‪13.........................................................................‬‬

‫‪110‬‬
‫إصلحه ذات البين‪14............................................................‬‬
‫احترامه الخاص لذرية رسول )ص(‪14.......................................‬‬
‫احترامه لجميع الناس‪15.........................................................‬‬
‫عدم اعتنائه بأصحاب المناصب ‪15............................................‬‬
‫أخلقه في السفر‪15...............................................................‬‬
‫الفصل السادس ‪16....................................................................‬‬
‫انتظار الفرج‪16...................................................................‬‬
‫مطلبه المهم‪16.....................................................................‬‬
‫النملة تسعى للوصول إلى الحبيب‪16..........................................‬‬
‫بلغوا سلمي لمام الزمان )ع( ‪17.............................................‬‬
‫شاب في عالم البرزخ‪17.........................................................‬‬
‫رجعة جماعة من المنتظرين ‪17................................................‬‬
‫إسكافي في مدينة ري‪17.........................................................‬‬
‫الفصل السابع ‪18......................................................................‬‬
‫الشعر‪18............................................................................‬‬
‫قراءته للشعار بصوت جميل ‪19..............................................‬‬
‫رأيه في مولوي‪19................................................................‬‬
‫آية ا البروجردي والمولوي ‪20...............................................‬‬
‫المل أحمد النراقي مولوي‪20...................................................‬‬
‫شعر للشيخ وذكرى‪21...........................................................‬‬
‫الفصل الثامن‪22.......................................................................‬‬
‫السياسة‪22..........................................................................‬‬
‫تنبؤاته‪22...........................................................................‬‬
‫مستقبل الثورة السلمية ‪22.....................................................‬‬
‫ناصر الدين شاه في البرزخ‪23.................................................‬‬
‫تحذيره من مدح السلطان الجائر‪23............................................‬‬
‫الباب الثاني ‪ :‬القفزة‪23...................................................................‬‬
‫الفصل الول‪23........................................................................‬‬
‫التربية اللهية‪23..................................................................‬‬
‫معلموه ‪24..........................................................................‬‬
‫بداية التحول‪24....................................................................‬‬
‫قصة شبيهة بقصة يوسف‪25....................................................‬‬

‫‪111‬‬
‫كيفية التربية اللهية‪26...........................................................‬‬
‫للقلب عين وأذن ‪26...............................................................‬‬
‫الفصل الثاني ‪27.......................................................................‬‬
‫المداد الغيبي ‪27..................................................................‬‬
‫جزاء التفكير بالمكروه ‪27.......................................................‬‬
‫العبرة من مصير بلعم بن باعوراء‪28.........................................‬‬
‫تبيت شبعانا ‪ C‬وجارك جائع؟ ‪29..................................................‬‬
‫محبة الولد في ا‪29...........................................................‬‬
‫كثرة الكل تولد الحجب )حجاب الطعام(‪29..................................‬‬
‫الفصل الثالث ‪30.......................................................................‬‬
‫الكمال المعنوي‪30................................................................‬‬
‫تفكره في التوحيد‪31..............................................................‬‬
‫فناؤه في ا ‪31....................................................................‬‬
‫حبه ل عزوجل‪31................................................................‬‬
‫منزلته الرفيعة ‪32.................................................................‬‬
‫اختراقه لجميع العوالم ‪32........................................................‬‬
‫رؤيته للمكلوت‪32.................................................................‬‬
‫الشيخ في سن الستين‪33..........................................................‬‬
‫أين علمي من علمه؟!‪33.........................................................‬‬
‫سبب العلقة بين الدكتور )أبو الحسن شيخ( والشيخ الخياط‪35...........‬‬
‫السيارة جاهزة للحركة! ‪36......................................................‬‬
‫ما أردته قد تحقق‪37..............................................................‬‬
‫الدعاء على الغير يجلب الظلمة‪37.............................................‬‬
‫أخباره عن تواضع الزهد ‪38....................................................‬‬
‫تكلمه مع النباتات‪38..............................................................‬‬
‫رويته لمخترع المروحة‪38......................................................‬‬
‫استجابة دعاء الشيخ‪39...........................................................‬‬
‫إخباره عن المال المسروق‪39..................................................‬‬
‫رائحة التفاح الحمر‪40..........................................................‬‬
‫ثواب من غض نظره‪41.........................................................‬‬
‫النار في المال الحرام‪41.........................................................‬‬
‫عطب جهاز الموسيقى‪41........................................................‬‬

‫‪112‬‬
‫شاب عاشق يتوسل‪41............................................................‬‬
‫ل تغضب‪42.......................................................................‬‬
‫ما شأنك بلحيته‪42.................................................................‬‬
‫مواجهة وساوس الشيطان‪42....................................................‬‬
‫الباب الثالث ‪ :‬تهذيب النفوس‪43........................................................‬‬
‫الفصل الول‪43........................................................................‬‬
‫أسلوبه في تهذيب النفوس‪43....................................................‬‬
‫ستون عاما في الشتباه‪43.......................................................‬‬
‫التهذيب بالعمل‪44.................................................................‬‬
‫أساليبه التربوية‪45................................................................‬‬
‫تأكيد أهمية طاعة ا ومخالفة هوى النفس‪48................................‬‬
‫تشخيص الحالت الباطنية ‪49...................................................‬‬
‫أرض أباك أول‪50................................................................C‬‬
‫التوجيهات الخاصة‪50............................................................‬‬
‫أهمية المعلم الخبير‪51............................................................‬‬
‫المعاصي ومصائب الحياة‪52...................................................‬‬
‫الدين مسموح حتى لكم ‪52.......................................................‬‬
‫إيذاء الطفال‪53...................................................................‬‬
‫إيذاء الزوجة ‪53...................................................................‬‬
‫إيذاء الزوج‪54.....................................................................‬‬
‫سخط الخت ‪54...................................................................‬‬
‫إهمال الخت‪55...................................................................‬‬
‫سخط الم‪55.......................................................................‬‬
‫كسر قلب الخت‪56...............................................................‬‬
‫إيذاء ابن صاحب العمل ‪56......................................................‬‬
‫إيذاء العلوية‪57....................................................................‬‬
‫غصب حق عجوز‪57............................................................‬‬
‫إهانة الخرين‪57..................................................................‬‬
‫القسوة مع الحيوانات‪58..........................................................‬‬
‫الفصل الثاني ‪58.......................................................................‬‬
‫أساس بناء الذات‪58...............................................................‬‬
‫تطهير القلب من الشرك‪60......................................................‬‬

‫‪113‬‬
‫صارع نفسك‪61...................................................................‬‬
‫السفر لجل هذه النكتة‪61........................................................‬‬
‫استغفر ربك ألف مرة‪62.........................................................‬‬
‫الشرك وعبادة الشخصية‪62.....................................................‬‬
‫ل يكن أبوك صنما ‪ C‬لك‪63........................................................‬‬
‫سبل الوصول إلى حقيقة التوحيد‪63...........................................‬‬
‫الفصل الرابع ‪64.......................................................................‬‬
‫إخلص أولياء ا ‪64.............................................................‬‬
‫كل العمال ل‪64.................................................................‬‬
‫كل ونم ل‪65.......................................................................‬‬
‫خيط ل‪65.........................................................................‬‬
‫تعال ل‪66..........................................................................‬‬
‫انفخ في سبيل ا ‪66..............................................................‬‬
‫أحبب ل‪66.........................................................................‬‬
‫قبل ل ‪66...........................................................................‬‬
‫ماذا فعلت ل؟!‪67.................................................................‬‬
‫الويل لي! الويل لي!‪67..........................................................‬‬
‫الصلح ل ‪67....................................................................‬‬
‫زر ل‪68............................................................................‬‬
‫آثار الخلص ‪68.................................................................‬‬
‫الهداية اللهية‪68..................................................................‬‬
‫رائحة ا في العمل‪69...........................................................‬‬
‫التغلب على الشيطان‪69..........................................................‬‬
‫انفتاح عين القلب ‪70..............................................................‬‬
‫البركات المادية والمعنوية ‪70...................................................‬‬
‫كنت أدرس ل‪71..................................................................‬‬
‫ا هو الذي أصلح لنا عملنا ‪71.................................................‬‬
‫الفصل الخامس‪71.....................................................................‬‬
‫ذكر أولياء ا‪71..................................................................‬‬
‫الحضور الدائم‪71.................................................................‬‬
‫سبيل التخلص من النفس الشيطان‪72..........................................‬‬
‫كفي عني ‪73.......................................................................‬‬

‫‪114‬‬
‫ذكر ا عند النوم! ‪74............................................................‬‬
‫نداء من البرزخ! ‪74..............................................................‬‬
‫خاصية بعض الذكار ‪74........................................................‬‬
‫الهتمام بذكرين ‪74...............................................................‬‬
‫التغلب على الهواء النفسية ‪74.................................................‬‬
‫التغلب على وسوسة الشيطان في النظر إلى امرأة أجنبية‪75..............‬‬
‫من أجل محبة ا‪75..............................................................‬‬
‫من أجل صفاء الباطن ‪75........................................................‬‬
‫من أجل رؤية صاحب الزمان)ع( أرواحنا فداه‪75..........................‬‬
‫أربعين ليلة في كل ليلة مئة مره‪76........................................... .‬‬
‫رؤية آية ا زيارتي لمام الزمان)ع( ‪76.....................................‬‬
‫رؤية البقال لمام الزمان)ع(‪76................................................‬‬
‫من أجل حل المشاكل وعلج المراض‪76...................................‬‬
‫من أجل إزالة الحراة والبرودة‪77.............................................‬‬
‫الفصل السادس ‪77....................................................................‬‬
‫دعاء أولياء ا‪77.................................................................‬‬
‫أدعية سماحة الشيخ ‪77...........................................................‬‬
‫اقرأ دعاء يستشير‪78.............................................................‬‬
‫تحجج على ا تعالى!‪78........................................................‬‬
‫قيمة البكاء والمناجاة‪78..........................................................‬‬
‫ريالن إجابة لـ )يا ا(‪78.......................................................‬‬
‫سبيل النس بال‪79...............................................................‬‬
‫ماذا نريد من ا؟‪79..............................................................‬‬
‫ماذا يريد العاشق من معشوقه؟‪80..............................................‬‬
‫استغث بنداء من ل ناصر له!‪81...............................................‬‬
‫فلسفة التوسل بأهل البيت عليهم السلم ‪81....................................‬‬
‫زيارة عاشوراء‪81................................................................‬‬
‫شروط استجابة الدعاء‪81........................................................‬‬
‫ادفعوا ثمن الملح‪81...............................................................‬‬
‫استعداد المتضرع‪82.............................................................‬‬
‫أدب المتضرع‪82.................................................................‬‬
‫الفصل السابع ‪83......................................................................‬‬

‫‪115‬‬
‫إحسان أولياء ا‪83...............................................................‬‬
‫سر الخلقة‪83.......................................................................‬‬
‫النفاق عند القتار ‪83............................................................‬‬
‫صم وتصدق ‪84...................................................................‬‬
‫الحسان إلى معيل عاطل‪84....................................................‬‬
‫الحسان إلى الخت‪85...........................................................‬‬
‫الشيخ وخدمة الناس‪85...........................................................‬‬
‫حوالة المام صاحب الزمان )ع( لمام الجماعة‪85.........................‬‬
‫الوصية بالطعام ‪86..............................................................‬‬
‫سيكفي إن شاء ل‪86..............................................................‬‬
‫البركة في خدمة الناس ‪87.......................................................‬‬
‫مقام حضرة عبد العظيم الحسني‪87............................................‬‬
‫بركة خدمة سائق وسيارة الجرة‪87...........................................‬‬
‫مساعدة العمى ونورانية القلب‪88.............................................‬‬
‫إطعام أربعين شخصا ‪ C‬وشفاء مريض‪88.......................................‬‬
‫مطر في الجفاف‪89...............................................................‬‬
‫إطعام الب من أجل طلب البن ‪89............................................‬‬
‫بركات إشباع حيوان جائع‪89...................................................‬‬
‫الحسان لوجه ا ‪90.............................................................‬‬
‫كلم المام الخميني )قدس( في باب خدمة الناس‪90........................‬‬
‫الفصل الثامن‪91.......................................................................‬‬
‫صلة أولياء ا‪91................................................................‬‬
‫خادم المام الحسين )ع( لم تتأخر صلته حتى الن‪93.....................‬‬
‫الغضب آفة الصلة ‪94...........................................................‬‬
‫الفصل التاسع ‪94......................................................................‬‬
‫حج أولياء ا‪94...................................................................‬‬
‫توجيهات الشيخ للحجاج‪94......................................................‬‬
‫الموضع الوحيد الذي حظيت فيه بالمحبة‪96..................................‬‬
‫وليمة الحج ‪96.....................................................................‬‬
‫أسرار الحج في كلم المام الخميني )رضوان ا تعالى عليه(‪96.......‬‬
‫سر التلبية المكررة‪96............................................................‬‬
‫سر الطواف‪97....................................................................‬‬

‫‪116‬‬
‫مبايعة ا‪97.......................................................................‬‬
‫السعي للحصول على المحبوب‪97.............................................‬‬
‫الشعور والعرفان في المشعر وعرفات‪98....................................‬‬
‫سر التضحية في منى‪98.........................................................‬‬
‫رمي الجمرات‪98.................................................................‬‬
‫الفصل العاشر ‪98......................................................................‬‬
‫خوف أولياء ا‪98................................................................‬‬
‫معنى الخوف ا‪98...............................................................‬‬
‫ل تخف ا ‪99.....................................................................‬‬
‫خوف الفراق‪99...................................................................‬‬
‫الخوف من عدم رضا المحبوب‪100...........................................‬‬
‫الباب الرابع ‪ :‬الوفاة‪101.................................................................‬‬
‫الفصل الول‪101......................................................................‬‬
‫وفاة الشيخ رجب علي الخياط‪101.............................................‬‬
‫يوم قبل وفاته‪101.................................................................‬‬
‫رؤيا أحد تلميذ الشيخ‪101......................................................‬‬
‫الشيخ على فراش الوفاة‪102....................................................‬‬
‫مرحبا ‪ C‬يا سيدي العزيز ‪102.....................................................‬‬
‫الليلة الولى في القبر‪103.......................................................‬‬
‫الفصل الثاني ‪103.....................................................................‬‬
‫وفاة آية ا حجت ‪103...........................................................‬‬
‫ترميم الدار ‪103...................................................................‬‬
‫تقرر أن أموت‪104...............................................................‬‬
‫إلهي أديت ما علي من التكاليف‪104...........................................‬‬
‫أموت ظهرا‪105..................................................................C‬‬
‫التفاؤل بالقرآن‪105...............................................................‬‬
‫تفضل يا سيدي علي ‪105........................................................‬‬
‫تربة المام الحسين )ع(‪106....................................................‬‬
‫وفاة الحاج الخوند تربتي‪108..................................................‬‬
‫أسبوع قبل الوفاة‪108.............................................................‬‬
‫السلم عليكم يا رسول ا‪108..................................................‬‬
‫السلم على الم‪109..............................................................‬‬

‫‪117‬‬
‫ل تؤذني يا حسين ‪109...........................................................‬‬

‫‪118‬‬

You might also like