Professional Documents
Culture Documents
تقرير نهاية الدراسة إنجاز بشرى الفلاح (Récupération Automatique)
تقرير نهاية الدراسة إنجاز بشرى الفلاح (Récupération Automatique)
بعنوان
ملخص 12................................................................................
تمهيد 20.................................................................................
3
خاتمة 37.................................................................................
المالحق 38...............................................................................
تمهيد 60.................................................................................
4
المبحث األول :التنشئة األسرية :النظريات ،الخصائص واألهداف 61......................
5
خالصة 78..............................................................................
تمهيد 80.................................................................................
6
المبحث الثاني :المراهقة :خصائصها والعوامل المؤثرة بها 88.............................
-5.1األسرة 99.........................................................................
-5.2المدرسة 100......................................................................
-5.3جماعة الرفاق100...........................................................................
7
المبحث الثالث :المراهق والسلوك العدواني 102...........................................
خالصة 109.............................................................................
8
تمهيد 117................................................................................
-3.2التوصيات 140....................................................................
خاتمة 142...............................................................................
المراجع 143.............................................................................
المالحق 147.............................................................................
9
إهداء
إلى أمي الحنونة ،ال أجد كلمات يمكن أن تمنحها حقها ،فهي ملحمة الحب وفرحة العمر،
10
شكر وعرفان
يسرني Qتقديم هذا الشكر لوالدي ووالدتي اللذان سهرا على تربيتي وتعليمي منذ أن بدأت
حياتي
وال يسعني إال أن أتقدم بوفير الشكر والتقدير إلى أستاذي الكريم الدكتور محمد مومن الذي
شرفني بقبوله اإلشراف على هذا البحث وقدم لي النصح واإلرشاد فجزاه اهلل عني خير
الجزاء
ومن جانب العرفان أتقدم بالشكر إلى جميع أساتذتي في الدراسات العليا بالمعهد الملكي
لتكوين األطر
كما وأشكر اللجنة المناقشة الذي قبلت بحثي هذا وأثرته بالنقد البناء
بشرى الفالح
11
ملخص:
تلعب األس ZZ Z Zرة دورا كب ZZ Z Zيرا في تكوينه ZZ Z Zا وص ZZ Z Zقلها ،باعتب ZZ Z Zار أن األس ZZ Z Zرة هي المؤسس ZZ Z Zة
االجتماعية األولى التي ينموا فيها الطفل ،وألصل أن األسرة السوية ،تشZكل مجZاال خصZبا لتربيZة
أف ZZ Zراد أس ZZ Zوياء ،وعالق ZZ Zة الطف ZZ Zل بوالدي ZZ Zه أساس ZZ Zها الحب والعط ZZ Zف والطمأنين ZZ Zة ،ال ZZ Zتي تمكن ZZ Zه من
للحصZZول على اإلشZZباع الZZذي ينشZZده هZZذا الطفZZل ،وظZZروف األسZZرة وعالقZZة الطفZZل بوالديZZه حسZZب
العديد من الدراسات هي من أهم أسباب قيام المراهقين بسلوكيات منافية لمعايير مجتمعZZاتهم ،من
عدوان وسرقة وإ دمان وتعاطي مخZدرات وغيرهZا .والمعاملZة الوالديZة الZتي تختلZف من أسZرة إلى
أخرى قد تكون إيجابية لدى البعض ،وغير مستقرة ومتذبذبة لدى البعض اآلخر ،فطبيعة التنشZZئة
األسرية وسلوك الوالدين قد يتضمن إعادة سيناريو تاريخ الحياة الخاص بمحاسنه وعيوبZZه والZZذي
ينعكس على المدى القريب أو البعيد على نمط شخصية األبناء وسلوكياتهم.
وقZZد هZZدفت بحثنZZا هZZذا إلى التعZZرف على طبيعZZة عالقZZة التنشZZئة األسZZرية وأثرهZZا على السZZلوك
العدواني لدى المراهق بطرحنا اإلشكالية التالية :هل توجد عالقة بين التنشئة Qاألسرية Qوالسلوك
العدواني لدى المراهق؟ ،في محاولZZة تأكيZZد أو دحض الفرضZZية العامZZة للبحث والZZتي هي :تلعب
التنشئة QاألسQرية Qدورا هامQا في نمQو السQلوك العQدواني لQدى المراهق ،معتمZZدين في ذلZZك المنهج
التحليلي الوصZZفي من أجZZل اإلحاطZZة بالظZZاهرة ،وللوقZZوف على أسZZاليب التنشZZئة األسZZرية في حي
دار الدخان بمدينة القصر الكبZZير ،قمنZZا بمالحظZZة أوليZة قمنZZا من خاللهZZا باختيZZار عينZة بلZZغ حجمهZZا
12مراه ZZق ت ZZتراوح أعم ZZارهم بين 15و 18س ZZنة ،معتم ZZدين في مس ZZائلتهم على االس ZZتمارة ال ZZتي
تضم أسئلة تالؤم سنهم ومستواهم الدراسي والفكري.
بع ZZد جم ZZع نتZZائج الشZZق الميZZداني مZZع مZZا جZZاء في الشZZق النظ ZZري ،ومناقش ZZة النت ZZائج على ض ZZوء
الفرضيات ،توصل البحث إلى النتائج التالية:
12
تلعب التنشئة األسرية دورا مهما في السلوك العدواني لدى المراهق -
وجود عالقة ارتباطيه بين أساليب التنشئة السيئة والسلوك العدواني لدى المراهق -
وج ZZ Zود عالق ZZ Zة ارتباطي ZZ Zه بين المس ZZ Zتوى االجتم ZZ Zاعي والتعليمي لألس ZZ Zرة وارتف ZZ Zاع الس ZZ Zلوك -
العدواني لدى المراهق
وجZZود عالقZZة ارتباطيZZه بين المسZZتوى االقتصZZادي لألسZZرة وارتفZZاع السZZلوك العZZدواني لZZدى -
المراهق
13
Abstract:
Since the family is the first social institution which pushes where
Child and normal family originating, constitute a fertile ground for the
reproduction of the individuals are heterosexuals, and the relation of the
child with her parents this base of the love and the kindness and the
peace of the spirit, which enables him to obtain the satisfaction searched
by this child and of the family and the relation with parents circumstances
of the child according to several studies, is main reasons for the young
people make contrary to the standards of their communities, flight of the
aggression, drug-addiction and the abs drugs and others. And the
parental treatment, which vary from the family to the other can be positive
for certain people, and unstable and fluctuating inter alia, the behavior of
parents one or both can include re-scenario, the history of the private life
with the spoors and disadvantages, and that reflects in the court and long
run on the children, personal style and behaviors.
14
parental treatment plays an important role in the growth of aggressive
behavior among adolescents, adopting in this descriptive analytical
approach in order to capture the phenomenon, and to find out the
parental treatment in the neighborhood of Dar Al-Dukhan in KSAR EL
KEBIR, we took a sample It reached a size of 12 adolescents between
the ages of 15 and 19 years, relying on their questionnaire on the form
that includes questions appropriate to their age, level of study and
intellectual.
After collecting the results of the field fissure with what was mentioned
in the theoretical part, and discussing the results in light of the
hypotheses, the research reached the following results:
- There is a correlation between the economic level of the family and the
high aggressive behavior of the teenager
15
تقديم عام
تتحدد سالمة المجتمع بسالمة الصحة النفسية واالجتماعية ألفراده ،ومن أجل تحقيق ذلك
البد من االهتمام بعملية التنشئة االجتماعية ،التي تشكل موضع اهتمام العديد من الدراسات
االجتماعية والنفسية أيضا ،ذلك ألهميتها البالغة في تشكيل شخصية الفرد الصالح و اإليجابي.
التنشئة إذن من أدق العمليات وأخبرها شئنا في حياة الفرد كونها الدعامة األولى التي تنبني
عليها مقومات شخصيته.
وعملية التنشئة تمتد من مرحلة الطفولة والمراهقة والرشد و الشيخوخة ،فهي عملية حساسة
لكون كل مرحلة تنشئة خاصة تختلف في خصوصياته و مضمونها.
وتعتبر األسرة من أهم وأبرز مؤسسات التنشئة لكونها البيئة االجتماعية األولى التي ينشأ
فيها الفرد تبنى فيها الشخصية االجتماعية ،حيث أن األسرة هي القاعدة األساسية في إشباع
حاجيات الفرد المادية منها والمعنوية خصوصا في مرحلة المراهقة باعتبارها أهم و أخطر
المراحل التي وجب على األسرة االهتمام بها.
تذهب كثير من الدراسات إلى أن المراهقة هي منعطف خطير في حياة الفرد كونها تؤثر
على حياته وتبني سلوكه االجتماعي .وترى " "Elisabeth Hurlockأ( )1973أن المراهقة
مرحلة 'الشقاء' نتيجة لكثير من العوامل النفسية واألسرية واالجتماعية واالقتصادية التي تؤثر
على حياة المراهق و على تكوين سلوكه سواء .ويظهر هذا األثر في اضطراب سلوك المراهق
وميله إلى االندفاعية والعدوانية.
16
يأتي السلوك العدواني كنتيجة للنمو البيولوجي الطبيعي ،إال أنه ال يمكن إغفال دور المرأة
في تحديد سلوك المراهق .وتعتبر األسرة أهم وأكثر بيئة محيطة بالمراهق كونه نشأ داخلها و
كون اتجاهاتهم وسلوكياته االجتماعية منذ مرحلة الطفولة ،إال أنه وفي مرحلة المراهقة تبدأ
عالقاته بأفراد أسرته يسودها التوتر والتمرد.
إن المراهق في هذه المرحلة يرغب في الحصول على حريته واستقالليته من تبعية الوالدين
واألسر ككل والحصول على االمتحانات التي حرم منها وهو طفل وسط واقع يعيشه بكل
ضغوطات ومشاكل و ضوابط يتلقاها المراهق بالرفض و االنفعال .بالخصائص االنتقالية
للمراهقة تجعله أكثر عدوانية .كما أنه ال يمكن إغفال المشاكل االجتماعية و االقتصادية في
سلك المراهق طريق العدوانية.
إذا كانت تعيش األسرة أوضاعا اجتماعية واقتصادية سيئة فإن ذلك من الممكن أن يكونا
سببا مباشرا في اتصاف المراهق بصفات و سلوكيات عدوانية كرد فعل سلبي.
وبناءا على ما سبق ذكره ،يتناول البحث موضوع " التنشئة األسرية وعالقتها بالسلوك
العدواني لدى المراهق ".
17
الباب األول:
التدريب الميداني بمركز حماية الطفولةQ
تمارة
18
الفصل األولQ:
تمهيد
خامسا :الصعوبات
19
تمهيد
تتجلى أهمية التدريب الميداني الذي يعد مرحلة ضرورية في إتمام بحثنا هذا في كونه
آلية لربط التكوين النظري الذي يسهر عليه خيرة من أساتذة مؤسسة المعهد الملكي لتكوين
األطر بالمجال العملي الميداني في محاولة لتنزيل تلك المقررات Zالعلمية على أرض الواقع وكذا
اختبارها ومقارنتها ،وهو ما حاولنا تطبيقه إبان فترة التدريب من خالل االحتكاك المباشر
بمراكز حماية الطفولة وكافة أطرها واالطالع على طرق العمل مع النزالء الذين يشكلون فئة
الطفولة في وضعية صعبة والتي تتطلب االستعانة بمربيين كوفئ من الناحية العلمية ومن
الناحية العملية .من خالل هذه العملية التدريبية نتمكن من تحقيق التكامل الجزئي بين المواد
النظرية وبين واقع عمل مؤسسات حماية الطفولة ،إذ تتاح لنا فرصة اكتساب مهارات العمل
التربوي من معارف وخبايا واقع العمل التي تؤسس شخصية المربي القادر على أداء الفعل
التربوي بشكل إيجابي.
وفي عالقة مع التخصص الدراسي حماية الطفولة ومساندة األسرة وموضوع البحث
التنشئة األسرية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى المراهق ،اخترنا القيام بهذا التدريب في مركز
حماية الطفولة ومساندة األسرة تمارة .ومن خالل هذا التقرير حاولنا تطرق لمعظم الجوانب
المتعلقة بتدبير هذه المؤسسة ومجاالت تدخلها وكذا الخدمات واألنشطة التي تقدمها للمستفيدين
منها ،ذلك عبر ثالث مراحل مر منها التدريب وهي:
20
أوال :بطاقة تقنية للتدريب:
21
وليصل التدريب إلى غايته في تحقيق هذه األهداف المرجوة ،وكذلك تيسيرا لالنخراط
التدريجي في مجال المؤسسة ،عمدت إلى تقسيم مرحلة التدريب إلى أربعة مراحل هي:
تعتبر مرحلة المالحظة بمثابة الخطوة األولى التي يقوم بها المتدرب خالل فترة التدريب
الميداني ،وتمثل نقطة انطالق المتدرب في جمع المعلومات واستكشاف المكان الذي سيجري فيه
ذلك التدريب بحيث تمثل هذه المرحلة ثلث المدة اإلجمالية لفترة التدريب .وتم تسجيل مجموعة
بعد مالحظة المركز والنزالء وكيفية سير العمل داخل المركز ،يتعين على المتدرب
القيام ببعض المشاركات التي تعطي له فرصة االندماج وتوظيف مكتسباته من خالل:
22
الحضور وتتبع بعض العمليات والمهام واألنشطة المنظمة داخل المركز. -
عند انتهاء مرحلتي المالحظة والمشاركة ،تمت مطالبتنا بتكوين مجموعتي عمل تنقسم إلى
فترة صباحية وفترة مسائية ،وكل مجموعة مطالبة بإعداد برنامج يتضمن أنشطة مختلفة موجهة
لفائدة نزالء المركز ،إال أنه لم نتمكن من إنهاء جميع أنشطة البرنامج ذلك بسبب حالة الطوارئ
الصحية وانقطاع فترة التدريب الميداني في النصف األول منها ،إذ كان من المقرر انتهاء فترة
التدريب الميداني في 12أبريل ،2020إال أنه بسبب الوضع الوبائي والظروف Zاالستثنائية التي
كانت تعيشها البالد في ظل تفشي وباء كورونا ( ،)COVID 19تعين إنهاء جميع األنشطة
داخل البالد وانقطعنا عن التدريب في 13مارس .2020
23
الفريق العاب داخلية 2020-03-20 الجمعة
إن المرحلة التدريبية التي مررت بها في مركز حماية الطفولة تمارة رغم عدم اكتمالها إلى
جانب المعارف النظرية التي تلقيناها على يد األساتذة في المعهد الملكي لتكوين أطر الشبيبة
والرياضة ،ومن خالل االحتكاك المباشر باألحداث النزالء داخل المركز ،شكلت قيمة مضافة
في الجانب المعرفي والمهني مستقبالـ ومن ضمن الخبرات والمعارف التي اكتسبتها خالل فترة
التدريب ما يلي:
تطوير مهارات التواصل والتعامل مع األطفال خاصة الجانحين منهم ومن هم في -
وضعية صعبةـ والتحدث معهم في موضوعات خاصة رغم الصعوبات التي يعانون
منها.
اكتساب القدرة على مالحظة سلوكيات األطفال والمشاكل التي يعانون منها. -
تعلم تقنيات تدبير األنشطة وطرق اإلعداد لها وكيفية ترغيب األطفال وتحفيزهم -
على المشاركة.
الوقوف على عملية التسيير اإلداري والتربوي Zداخل المركز. -
االلتزام وتحمل المسؤولية التربوية تجاه األطفال النزالء. -
24
خامسا :الصعوبات:
من بين الصعوبات التي واجهتني خالل فترة التدريب الميداني ما يلي:
-فرار األحداث بشكل مستمر مما يعيق كل االستعدادات السابقة النجاز نشاط معين.
-قلة اإلمكانيات مما حال دون تطبيق بعض أنشطة التدريب التي وردت في المشروع.
-كثرة المتدربين المتوافدين على المركز ،حيث وصل عدد المتدربين إلى 15فردا.
الفصل الثاني:
يعتبر مركز حماية الطفولة تمارة من بين أولى المراكز بالمغرب حيث تحول سنة
1954من إسطبل لتربية الخيول إلى مركز الحتجاز الفتيات أيام الحماية الفرنسية بسعة
محدودة في 50سرير ،وهكذا فللمركز تاريخ عريق يمتد إلى أزيد من خمسين سنة مضت،
راكم خاللها تجربة ميدانية وتوارث تقاليد وممارسات جديرة بالبحث والدراسة ،إال أنه ال توجد
26
حتى اآلن كتابات تؤرخ للتحوالت التي عرفها المركز عبر مسيرته في استقبال وإ يواء وتنشئة
األحداث .وهو اليوم يعتبر مؤسسة إقليمية تستقبل األحداث الجانحين الذين اتخذت في حقهم
تدابير قضائية تقضي بإيداعهم مؤقتا أو لقضاء مدة محددة ،وفقا للمواد 471و 481من
المسطرة الجنائية ،والذين تتراوح أعمارهم ما بين 12و 18سنة وفقا للمادة ،458وذلك قصد
دراسة سلوكهم واستفادتهم من خدمات الرعاية والتربية والتكوين الدراسي والمهني تؤهلهم
لالندماج مستقبال.
في البداي ZZة ك ZZان المرك ZZز على ه ZZامش المدين ZZة إلى ح ZZدود الثمانين ZZات من الق ZZرن ،20أم ZZا
اليوم وأمZZام مZا تشZهده مدينZZة تمZارة من توسZZع عمZراني متسZارع ،فZإن المركZZز أصZZبح يقZZع في قلب
مدينZة تمZارة وسZط حي سZكني ومجZاور لمنطقZة صZناعية ،وعلى جZانب من شZارع الحسZن الثZاني،
على مسZZاحة تقZZدر ب 1400كلم ،2وقZZد عZZرف خالل مسZZيرته عZZدة تطZZورات على مسZZتوى طZZرق
العمZZ Zل ونظم التسZZ Zيير ،وعZZ Zرف عZZ Zدة إصZZ Zالحات كZZ Zان أهمهZZ Zا في مZZ Zاي 2001بمناسZZ Zبة الزيZZ Zارة
الملكية .حيث أصبح يتوفر على فضاءات جديدة سنعرض لها الحقا.
وإ ذا كان وجود مؤسسة حماية الطفولة تمارة قد ارتبط كباقي المؤسسات التي أنشئت
في المرحلة األولى بفترة االستعمار الفرنسي ،فإنه خالل فترة الحماية لم تكن تدابير رعاية
األحداث المنحرفين بمعناها الصرف تطبق إال على أبناء الجالية األجنبية والمقيمين الفرنسيين
بالمغرب .أما األحداث المغاربة فكان يتم تجميعهم في أماكن خاصة أشبه بثكنات عسكرية ال
تتوفر على أية تجهيزات وال يخضعون لتدابير تربوية حقيقية تستهدف تأهيلهم وإ عادة إدماجهم
في المجتمع ،وكانت هذه المؤسسات أقرب إلى السجون منها إلى أي شيء آخر.
وغداة االستقالل ألحقها المشرع المغربي بإدارة الشبيبة والرياضة ،بدال من وزارة
العدل على غرار نظيراتها الفرنسية ،ولعله كان يأمل أن تنحوا هذه المؤسسة منحى مختلفا عن
إدارة السجون تماشيا مع المواثيق الدولية .وإ ذا كانت سنة 1953هي أول سنة عرفت االهتمام
باألحداث بعيدا عن السجون بالمغرب ،تبعا للدورية األولى الصادرة في نفس السنة عن محكمة
االستئناف ،فإن الفترة مابين 1953و 1955قد عرفت تأسيس أربع مؤسسات :األولى بمدينة
27
تمارة خاصة بالفتيات ،وأخرى بمدينة برشيد وتستقبل األحداث اليهود ،ومؤسستين للمسلمين
بفاس والدار البيضاء .ثم بعد ذلك ومنذ الستينات حتى اآلن أنشئت مؤسسات أخرى بكل من :
بنسليمان ،الفقيه بن صالح ،مراكش ،أكادير ،وجدة ،الناظور ،طنجة ،العرائش باإلضافة إلى
ظهور أندية العمل االجتماعي شبه المفتوحة بفاس ومراكش والبيضاء ومكناس.
إال أن مركز حماية الطفولة تمارة وإ ن ظل مخصصا للفتيات إلى حدود سنة ،1961
حيث سيتحول إلى مؤسسة للذكور فقط ،فإن إضافة فرع إعادة التربية لم تكن إال في سنة
1972إثر صدور الدورية الوزارية 520في 29ماي ،1971وهكذا أصبحت سعته 110
سرير .كما أن القرار الوزاري الصادرة في 19غشت ،1981سيعيد تنظيم المؤسسة من جديد
وتأخذ االسم الذي تعرف به حتى اآلن وهو مركز حماية الطفولة تمارة.
ولقد اعتبرت سنة 1981محطة مهمة بحيث عرفت مؤسسات حماية الطفولة عدة
إصالحات ،وصنفت إلى مؤسسات وطنية متخصصة في إعادة التربية ومؤسسات إقليمية
للمالحظة منها مركز تمارة ،وأندية العمل االجتماعي ،إضافة إلى الحرية المحروسة والرعاية
الالحقة ومكاتب االستشارة والتوجيه .كما سبق ذلك صدور عدة دوريات تنظيمية ،غالبا ما
كانت إثر حلقات دراسية وطنية منذ سنة ،1970كدورية 29ماي 1971المذكورة سابقا
والمتعلقة بالنظام الداخلي ،والدورية التوجيهية 14716المتعلقة بنظام ومنهجية العمل التقني
بمراكز وفروع المالحظة بتاريخ 13دجنبر ،1978والدورية التوجيهية 14703المتعلقة
بنظام ومنهجية العمل التقني بمراكز وفروع إعادة التربية وأندية العمل االجتماعي بتاريخ 13
دجنبر ،1978وذلك من أجل «توحيد المناهج التقنية والتربوية وتطوير طرق العمل التقني
بالمؤسسات والرفع من مستواه وتوجيهه توجيها سليما ليصبح منسجما مع وسطنا المغربي».
وتشير بعض األدبيات الرسمية كذلك إلى أن التجربة المغربية تنطلق في معالجة
األحداث من مبدأ ضرورة اعتماد النهج التربوي واإلصالحي الذي يقوم على حماية الحدث
الجانح وضمان شروط تأهيله وتقويم سلوكه وإ دماجه من جديد في المجتمع ،بعيدا عن أي تدبير
عقابي .وخالفا للعديد من البلدان التي سنت قوانين تقضي بتجريم الحدث وضرورة إيداعه
28
بمؤسسات سجنيه مغلقة ،من أجل عزله وحرمانه من الحرية ،معتبرة الحدث الجانح يتوفر على
ما يكفي من األهلية والمسؤولية التخاذ هذه اإلجراءات الزجرية في حقه ،فقد أقر المشرع
المغربي نظاما خاصا بالحدث الجانح يقضي بإيداعه بمؤسسة تربوية خاصة ،توفر له جوا من
االطمئنان وسط ظروف من الحماية والرعاية التربوية الكفيلة بإصالحه وتأهيله مهنيا لالندماج
االجتماعي .هذا النظام هدفه اإلسهام ،إلى جانب المؤسسات المجتمعية األخرى ،في معالجة
مشكلة الجنوح لدى األحداث عن طريق احتضانهم وتوفير األجواء النفسية والتربوية
واالجتماعية التي من شأنها أن تجعلهم أفرادا إيجابيين في المجتمع ،ولتحقيق ذلك أناط المشرع
المغربي بكتابة الدولة في الشباب اإلشراف على قطاع رعاية األحداث الجانحين وتوفير الوسائل
والخدمات الكفيلة بمساعدتهم على تنمية قدراتهم الذاتية وتكوينهم وتأهيلهم لالندماج.
مركز حماية الطفولة تمارة هو مؤسسة إقليمية تستقبل األطفال ذوي التصرفات الجانحة
الذين اتخذت في حقهم تدابير قضائية تقضي بإيداعهم مؤقتا أو لقضاء مدة محدد ،وفقا للمواد
471و 481من المسطرة الجنائية ،والذي تتراوح أعمارهم مابين 12و 18سنة وفقا للمادة
،458وذلك قصد دراسة سلوكهم واستفادتهم من خدمات الرعاية والتربية والتكوين الدراسي
والمهني تؤهلهم لالندماج مستقبال.
ويالحظ أن التعديالت التي أدخلت على المسطرة الجنائية والتي بدأ العمل بها منذ أكتوبر
،2003قد أحدثت تحوال في نسبة المستفيدين من خدمات المركز وخاصة من فئة 18 – 17
سنة ،والذين تتم إحالتهم مباشرة أو بعد قضاء مدة بالسجن أو بأحد المراكز .ويالحظ داخل هذه
المؤسسات بعض األطفال صغار السن التي تقل أعمارهم عن 12سنة وكذلك بعض مما تفوق
أعمارهم 18سنة ،كما نجد بعض األطفال الذين هم في وضعية صعبة .وبعض ذوي
االحتياجات الخاصة ،ويعتبر المركز غير مؤهل الستقبال مثل هذه الفئات وغير قادر على تلبية
حاجياتها في الرعاية والعالج وعن حمايتها من االعتداءات التي يمكن أن تتعرض لها داخل
المؤسسة.
29
ثالثا :برامح مركز حماية الطفولة تمارة:
إعداد اقتراحات ومشاريع تربوية تستعين بها السلطات القضائية في اتخاذ التدبير
القضائي المناسب للحدث.
تقديم الخدمات االجتماعية والتربوية Zوالصحية الكفيلة بتأمين إصالح الحدث وتقويم
سلوكه واندماجه في المجتمع.
ضمان تكوين دراسي أو مهني للحدث يساعده على االندماج االجتماعي واالقتصادي
بعد انتهاء مدة إقامته بالمؤسسة.
العمل على ترسيخ الروابط بين الحدث ووسطه العائلي.
تقتصر هذه الفئة فقط على األحداث الذكور الذين تتخذ المحكمة في حقهم تدبيرا قضائيا
طبقا للفصلين 471 Zو 481من المسطرة الجنائية ،والذين تتراوح أعمارهم ما بين 18-12سنة
وفقا للمادة ،458ممن ارتكبوا فعال مخالفا للقانون (جنحة أو جناية) وال يمكن إيواء غيرهم،
وذلك قصد دراسة سلوكهم وإ عادة تربيتهم واستفادتهم من خدمات الرعاية والتربية والتكوين
الدراسي والمهني تؤهلهم لالندماج مستقبال .ويالحظ أن التعديالت التي أدخلت على المسطرة
الجنائية والتي بدأ العمل بها منذ أكتوبر ،2003قد أحدثت تحوال في نسبة المستفيدين من
30
خدمات المركز ،وخاصة من فئة 18-17سنة ،والذين تتم إحالتهم مباشرة أو بعد قضاء مدة
بالسجن أو بأحد المراكز األخرى .لكن وأحيانا يالحظ داخل هذه المؤسسات بعض الصغار
الذين تقل أعمارهم عن 12سنة وكذلك بعض ممن تفوق أعمارهم 18سنة .كما نجد بعض
األطفال الذين هم في وضعية صعبة ،وكذلك بعض المعاقين وذوي العاهات ،حيث صادفت فترة
التدريب حالتين األول طفل متخلف ذهنيا ،والثاني عبارة عن طفل من ذوي التثلث الصبغي،
ويعتبر المركز غير مؤهل الستقبال مثل هذه الفئات وغير قادر على تلبية حاجياتها في الرعاية
والعالج ،فضال عن حمايته من االعتداءات التي يمكن أن يتعرض لها داخل المؤسسة.
-6.1فضاءات إدارية:
-المركب اإلداري :ويتكون من مكتب المدير ،ويستعمل أيضا كقاعة لالجتماعات ،والكتابة،
ومكتب المساعد التربوي بمكتبين حالتهما سيئة ،ومكتب المقتصد ،ومرافق صحية ،وفناء به
صبورة نشر داخلية.
-ملحقات المركب اإلداري :يتوفر المركز على 5مستودعات لألدوات متفرقة في مساحة
المؤسسة 2 ،للمالبس و 3لألدوات والتجهيزات.
-6.2فضاء اإلقامة:
-مرافق جماعية للنوم :ويتوفر المركز على ثالث أجنحة للنوم كل واحد يشمل 40
سريرا ومرافق صحية ودوش بالرشاشات ،إضافة إلى بيت للمربي يستعمل للحراسة الليلية.
كما يتوفر كل جناح على خزائن خاصة باألحداث ،ويلحق بكل جناح نادي خاص
باألنشطة.
31
-مرافق التغذية :يتوفر المركز على قاعتين متجاورتين لألكل ،وتستعمالن أيضا لألنشطة
التربوية والحفالت ،إضافة إلى مطبخ ،وقاعة للتبريد وقاعة للتموين.
-6.3فضاء التكوين:
-المعامل المهنية :يتوفر المركز على 4معامل 2 ،للحدادة و 2للنجارة ،مجهزة حسب
التخصصات (السنة األولى أو السنة الثانية) ،إال أن معمل النجارة السنة الثانية ،تعرض
لإلغالق مما يعكس مشكل التأطير المهني الذي تعاني منه مراكز حماية الطفولة ،وتحتاج
المعامل المتوفرة حاليا لتجهيزات متطورة وأدوات الوقاية وكذا ترميم وإ صالح وتزيين.
-األقسام الدراسية :يتوفر المركز على 3أقسام دراسية لمحو األمية والتربية غير
النظامية ،ومرفق صحي ،حالتها جيدة على العموم.
-المكتبة وقاعة اإلعالميات :يتوفر المركز أيضا على مكتبة .ويتوفر المركز كذلك على
5حواسيب تستثمر في أنشطة تعليمية وتربوية وترفيهية لألطفال ،ويؤطرها معلم.
-6.4فضاء صحي:
-يحتوي المركز على مصحة صغيرة الحجم تسع مكتبا وسريرا وخزانة تحوي بعض األدوية.
-6.5فضاء تربوي:
-أندية للتنشيط والترفيه Q:إضافة إلى توفر كل جناح للنوم على نادي للتنشيط التربوي
والثقافي ،هناك نادي أكبر حجما كان يستغل إلى عهد قريب كمستودع لألفرشة والطاوالت،
وتستعمل قاعة األكل أحيانا كفضاء للتنشيط والسهرات والحفالت .ويتوفر المركز على
تجهيزات لكل نادي ملحق بالمراقد مثل تلفاز وجهاز فيديو أحيانا أو ،DVDإضافة إلى
32
وجود بعض األلعاب العائلية ،وطاولتين لكرة الطاولة ،إال أنها ال تستثمر بما فيه الكفاية،
حيث يقبل األطفال على أنشطة الشاشة والفرجة أو الرياضة.
-قاعة للزيارة العائلية :يتوفر المركز على قاعة الستقبال عائالت النزالء ،إال أن أغلب
العائالت يفضلون الجلوس في المساحة الخضراء بدل االكتظاظ داخل القاعة الصغيرة.
-6.7فضاء خارجي:
-مالعب رياضية :في المركز مساحة مخصصة للرياضة بها ملعب لكرة القدم مصغرة وفي
نفس الوقت ملعب لكرة اليد وملعبين لكرة السلة ،ومستودع للمالبس والتجهيزات الرياضية.
-مساحات خضراء وأشجار :تحتاج لعناية أكثر ،ومنها ما يصلح لمزاولة أنشطة وألعاب
الهواء الطلق.
-6.8السكن الوظيفي:
-محالت للسكن متفرقة :يستفيد من السكن داخل المركز كل من المدير والمقتصد والمساعد
التربوي والحارس الليلي.
يتكون مركز حماية الطفولة كونه مركز إقليمي على ثالثة فروع وهي:
-7.1فرع المالحظة:
ويستقبل األحداث الجانحين بصفة مؤقتة لمدة تتراوح بين ثالثة أسابيع وثالثة أشهر حسب
الحالة وقابلة للتمديد ،وذلك قصد دراسة سلوكهم وأوضاعهم االجتماعية وتعمل على توجيهم
33
باقتراح التدابير المناسبة على المحكمة ،والتي تهدف إلى تحقيق مصلحة األحداث الفضلى Zفي
الرعاية والتربية واإلدماج ،وذلك إما بالرجوع إلى العائلة ،أو إحالتهم على إحدى مراكز وفروع
إعادة التربية اإلقليمية أو الوطنية أو إخضاعهم لنظام الحرية المحروسة أو نادي العمل
االجتماعي.
-7.2فرع إعادة التربيةQ:
ويستقبل األحداث الجانحين الذين تبين خالل المدة التي قضوها في فرع المالحظة أنهم في
حاجة إلى الحماية بسبب ظروفهم االجتماعية ،أو بحاجة إلى تقويم سلوكهم بسبب وجود
اضطرابات مزاجية وتدهور الشخصية وصعوبات تستدعي التدخل التربوي ،والذين ال يمكن
إرجاعهم لوسطهم العائلي ،لعدم صالحية البيئة العائلية أو غيابها ،أو لخطورة الجنحة
والجريمة ،أي حماية لهم من االنتقام .كما تتم إحالتهم بموجب تدبير قضائي ،مدة اإلقامة بها من
سنة إلى ثالث سنوات ،وتقوم بالدور األساسي في توجيه األحداث وتأهيلهم دراسيا ومهنيا
إلعادة االندماج.
أنشأ هذا الفرع ليقوم مقام نادي العمل االجتماعي داخل المؤسسات الموجودة في المدن
التي ال تتوفر على نادي للعمل االجتماعي كمركز تمارة وكان يتواجد كملحق بجناح إعادة
التربية وهو مغلق منذ سنين ،وتستغل فضاءاته كسكن ألحدى الموظفات باإلدارة المركزية.
وهو من الفروع المهمة والمحفزة على االستقرار واالندماج التي يجب إحياؤها.
34
يعهد إليه بتتبع نشاطات المربيين وتوجيهها، 1 المساعد التربوي
والنيابة عن المدير وعن المربيين...
3 الطباخ
1 بستاني
2 األعوان
35
1 الحارس الليلي
خاتمة
إن متعة التدريب الميداني تكمن في محاولته خلق أدوات لمقاربة تحقيق اندماج األحداث
داخل المركز ،وبنائه بشكل يجعله في خدمة االستقرار والعالج واالنخراط في مشاريع التأهيل
36
لالندماج المستقبلي .وإ ذا كان مركز حماية الطفولة بتمارة يملك إمكانيات هائلة لتحقيق ،ذلك فإن
وجود صعوبات بنيوية يمكن أن تحيد به عن هذه الغاية ،هذا وقد ساعد التدريب على االستئناس
بالعمل في بعض المجاالت كاإلدارة واألقسام واكتساب بعض مهارات التدخل والتواصل Zمع
األحداث ،يساعد على االستثمار التطبيقي لبعض التكوينات الجامعية سواء كمرجعية وكمنهجية
للتحليل ،أو كأدوات وتقنيات توظف ربما ألول مرة في المغرب لتفعيل دينامكية االندماج داخل
المركز ،ويتعلق األمر بتحليل المهن ،وتقنيات إعداد المشروع الفردي ،ومجموعات التعبير
حول المشروع ،وكذلك اعتماد الرسوم وتحليلها في مقاربة ظاهرة االندماج في عالقتها بدليل
اإلجراءات باعتباره آلية محدثة لتجويد الخدمات بمراكز حماية الطفولة بالمغرب وتبيان مدى
استجابتها للمعايير الدولية ومطابقتها للواقع المغربي .آمل أن تجد هذه المبادرة من يحتضنها
لتنمو وتتطور حتى تسهم في خدمة المؤسسات واألحداث وذلك بوضع دليل يحقق المصلحة
الفضلى للمستهدفين ويراعي اإلمكانات المادية والبشرية والمالية لهذه المراكز في تناغم تام مع
المواثيق والمعايير الدولية ،وأن يتواصل البحث العلمي حول تجديد أدوات التدخل لتنمية
المشاريع االندماجية لدى األحداث وتمكينهم من آليات اإلدماج واالندماج االجتماعي
واالقتصادي والذاتي ،في إطار اعتماد ثقافة المشروع الشخصي والمجتمعي طريق اإلندماج
الحقيقي.
37
المالحق
38
صور لبعض األنشطة التي أشرفنا على إعدادها وإ نجازها داخل مركز حماية الطفولة تمار
39
40
الباب الثاني:
الجانب النظري
41
الفصل األولQ:
42
أوال :إشكالية البحث
يعرف السلوك العدواني حسب" باندوار" هو « أي سلوك يهدف إلى إحداث نتائج تجريبية
أو مكروهة أو إلى السيطرة من خالل القوة الجسدية أو اللفظية على اآلخرين».
يظهر العدوان أو السلوك العدواني في الحياة اليومية بأشكال متعددة ،بين جميع األفراد
والفئات ،إال أنه أكثر انتشارا ،حيث أصبحنا نالحظه في الشوارع ،المالعب ،داخل األسرة
والمؤسسات التعليمية ،وفي مظاهر متعددة مثل الشم والسب والضرب ...والتسبب في أدية
الذات.
وللسلوك العدواني أسباب متعددة ومتنوعة تشمل العوامل االجتماعية واالقتصادية واألسرية.
ومن هذا المنطلق سنحاول تسليط الضوء على التنشئة األسرية وعلى مدى تأثيرها على انتشار
السلوك العدواني لدى المراهق الذي هو ابن البيئة التي ينشأ فها ،فاألسرة هي أهم النظم
االجتماعية على وجه األرض باعتبارها القاعدة األساسية إلشباع مختلف حاجات الفرد المادية
والمعنوية بطريقة تساير فيها المعايير االجتماعية ،وهي التي تساعد األبناء على تنمية قدراتهم
وسلوكياتهم في كافة المراحل العمرية.
ومن المعروف أن مرحلة المراهقة هي مرحلة حرجة في حياة المراهق كونها تشكل فترة
غامضة تنشئ لدية حالة انفعالية تتعدد أسبابها وعواملها.
وانطالقا من هذا المبدأ وجب االهتمام بالتنشئة األسرية ولجوانب النفسية والمظاهر االجتماعية
التي تؤثر في سلوك المراهق .ولقد تمثلت إشكالية البحث في :
43
اإلشكاالت الجزئيةQ: -
ما دور التنشئة األسرية في السلوك العدواني للمراهق ؟
هل ظهور السلوك العدواني لدى المراهق هو انعكاس للتنشئة األسرية الخاطئة
والمفرط فيها ؟
ما دور الوضع االجتماعي لألسرة في السلوك العدواني للمراهق ؟
ما دور الوضع االقتصادي لألسرة في السلوك العدواني للمراهق ؟
أ -تعريف التنشئة Q:هي مشتقة من مادة نشأ نشوءا ،ونشأت في بني فالن مشي مشوار فيهم،
والناشئة فوق المحتلم ،وقيل هو الحدث الذي حاول جد الفقر وكذلك األنثى الناشئ ،والنشء
أحداث الناس ويقال غالم ناشئ أجرته ناشئة ،وقيل الناشر حيث نشأ أي بلغ قامة الرجل.1
ويستعرض األصفهاني معنى التنشئة لغويا نشأ النشء ،والنشأة إحداث الشيء وتربيته ،وقال
تعالى " :ولقد علمتم النشأة األولى ".2
-لغة :تعرف األسرة من الناحية اللغوية وكما ورد في لسان العرب " أسرة الرجل بمعنى
عشيرته ورهطه األدنون ،3وسموا بذلك لقوة الرباط الذي يربطهم ويوفر لهم الحماية والمنع.
-اصطالحا :األسرة هي التي تتكون من األب واألبناء وهذا هو الذي تتبناه على غرار
المفهوم الشائع والمعلوم بين الناس ،واألسرة من أهم الجماعات االجتماعية ،فهي نظام اجتماعي
يمليه عقل المجتمع ،وهي من أهم النظم والمؤسسات التي أقامها اإلنسان وأوسعها انتشارا في
كل مجتمع إنساني.4
وتشير كلمة األسرة في المنظور السوسيولوجي إلى معيشة الرجل والمرأة على أساس الدخول
في عالقات جنسية يقرها المجتمع ،وما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات كرعاية األطفال
1معان جبر سعيد ،سيكولوجية التنشئة األسرية للفتيان ،علم المكتب الحديث للنشر والتوزيع ،ط ،1عمان ،2008 ،ص 24
2سورة الواقعة ،اآلية 62
3أبو الفضل محمد إبن منظور ،لسان العرب معجم ،1 1دار المعرفة ،القاهرة ،مصر ،1979،ص 12
4د .مومن محمد ،ظاهرة أطفال الشوارع بالمغرب دراسة ميدانية ،طوب بريس ،22الرباط ،المغرب ،2010 ،ص 57
46
وتربيتهم ، 5فأساس قيام األسرة هو الزواج ،فيشكل بذلك الرجل والمرأة جزءان متكامالن أساس
العالقة بينهما المودة والرحمة والسكينة ،وهذا لقوله تعالى" :يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم
من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجاال كثيرا ونساء".6
واألسرة هي "المدرسة االجتماعية األولى للطفل ،وهي العامل األول الذي يصنع سلطاته بصيغة
اجتماعية ،ومن ثم هي المسئولة األولى عن التنشئة ،فهي تمثل النموذج األمثل للجماعة األولية
التي يتفاعل الطفل مع أعضائها ،ويوجد معهم ويعتبر سلوكهم سلوكا نموذجية يحتذى به
ويقلده".7
ت -التعريف اإلجرائي للتنشئة Qاألسرية Q:هي اإلجراءات األساليب التي يتبعها الوالدان في
التطبع أو تنشئة أبنائهم اجتماعيا ،أي تحويلهم من مجرد كائنات بيولوجية إلى كائنات اجتماعية
وما يعتنقاه من اتجاهات توجه سلوكهما في هذا المجال .8وعليه فإن التنشئة األسرية هي عبارة
عن سلوك مادي أو لفظي يصدر من أحد الوالدين أو كالهما اتجاه أبنائهما في مواقف مختلفة
والتي تحدث خالل الحياة اليومية بقصد إكسابهم مجموعة من أنماط السلوك أو القيم أو المعايير.
أ -تعريف السلوك :هو الظاهرة التي يهتم علم السلوك اإلنساني بدراستها ..،والسلوك مصطلح
يتصف بالعمومية والشمولية ،فهو عادة يشير إلى مجموعة من األفعال التي تتصف ببعض
الخصائص المحددة (كالسلوك االجتماعي مثال).
ويعرف جونستون وبنيبينكر ( )1980السلوك بأنه 'ذلك الجزء من تفاعل الكائن الحي مع
بيئته...والذي ينتج عنه تغيير للقياس في جانب واحد على األقل من جوانب البيئة.9
5سيد رمضان ،إسهامات 1الخدمة االجتماعية في مجال األسرة والسكان ،دار المعرفة الجامعية 1،اإلسكندرية ،مصر ،1999 ،ص 25
6سورة النساء ،اآلية 01
7زهران حامد عبد السالم ،علم النفس االجتماعي ،عالم الكتب ،القاهرة ،مصر ،1984 ،ص 153
8سهير كامل أحمد ،أسليمان شحاثة أحمد ،تنشئة الطفل وحاجاته بين النظرية والتطبيق ،مركز اإلسكندرية للكتاب للطباعة والنشر والتوزيع،
اإلسكندرية ،مصر ،2002ص 8
9مصطفى فاروق أسامة ،مدخل إلى االضطرابات السلوكية واالنفعالية (األسباب-التشخيص-العالج) ،دار المسيرة للنشر والتوزيع ،ط ،1
عمان ، ،األردن ،2011 ،ص 36
47
ب -تعريف العدوان :يشير العدوان إلى أنواع السلوك الذي يستهدف إيذاء اآلخرين أو يسبب
القلق عندهم ...والذي يتضمن الهجوم أو الضرب وما يعادله من اعتداء معنوي كاإلهانة
واالزدراء كما أنه محاولة لتخريب ممتلكات اآلخرين ،وهو أيضا سلوك يحمل عواقب وخيمة
10
مخربة تتضمن تدمير الذات أو إيذائها.
ت -التعريف اإلجرائي للسلوك العدواني :هو سلوك متعلم يحدث نتيجة ما يتعرض له الفرد،
سواء في البيئة األسرية أو غيرها ويظهر على شكل إيذاء الذات وإ لحاق الضرر باآلخرين
وبالممتلكات.
المراهقة: -3
أ-تعريف المراهقة:
-لغة :قال ابن منظور في لسان العرب في مادة رهق " :ومنه قولهم :غالم مراهق .أي:
مقارب للحلم ،وراهق الحلم :قاربه.11
-اصطالحا :تعتبر المراهقة فترة مرور وعبور وانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد
والرجولة .وبالتالي ،فهي مرحلة االهتمام بالذات والمرآة والجسد على حد سواء ،ومرحلة
اكتشاف الذات والغير والعالم .ومن ثم ،تتخذ المراهقة أبعادا ثالثة :بعدا بيولوجيا (البلوغ)،
وبعدا اجتماعيا (الشباب) ،وبعدا نفسيا(المراهقة) .ومن ثم ،تبدأ المراهقة " بمظاهر البلوغ،
وبداية المراهقة ليست دائما واضحة ،ونهاية المراهقة تأتي مع تمام النضج االجتماعي ،دون
تحديد ما قد وصل إليه الفرد من هذا النضج االجتماعي".12
10مصطفى فاروق أسامة ،مدخل إلى االضطرابات السلوكية واالنفعالية (األسباب-التشخيص-العالج) ،مرجع سابق ،ص 121
11أبو الفضل محمد ابن منظور ،لسان العرب ،مادة رهق ،حرف الراء ،دار صادر ،بيروت ،لبنان2003 ،
12معوض ميخائيل خليل ،مشكالت 1المراهقين في المدن والريف ،دار المعارف ،القاهرة ،مصر ،1971 ،ص 21
48
ب -التعريف اإلجرائي لمفهوم المراهقة :إن مفهوم المراهقة الذي نتبناه في هذه الدراسة فهو
المراهقة كمرحلة انتقالية ،تبدأ بالبلوغ وتنتهي بالرشد ،تحددها مجموعة من التغيرات الجسمية
والنفسية واالنفعالية واالجتماعية والخلقية ،وتختلف شدة تأثيرها من فرد آلخر تبعا لمجموعة
من العوامل األسرية بالدرجة األولى ،والتي قد تؤدي إلى بروز السلوكيات عدوانية عند
المراهق ،باعتبار خصوصيته العمرية.
الفصل الثاني:
49
الدراسات السابقة
50
أوال :الدراسات العربية:
دراسة مريم بن سكيريفة : )2013( Qجامعة قصدي مرباح ورقلة ،كلية العلوم -1
اإلنسانية Qواالجتماعية
عالقة المعاملة الوالدية بالسلوك العدواني لدى المراهقين (دراسة ميدانية على عينة من
تالميذ المتوسط بورقلة )
هدفت الدراسة إلى معرفة أساليب المعاملة الوالدية ومدى تأثيرها على المراهق وبروز
السلوك العدواني لدية.
هل تؤدي فعال أساليب المعاملة الوالدية إلى السلوك العدواني لدى المراهق ؟
يؤدي أسلوب التمركز حول الطفل إلى ظهور السلوك العدواني لدى المراهق.
51
تكونت من 40تلميذ تتراوح أعمارهم ما بين 17.15سنة.
تمثلت أدوات البحث في استمارة معلومات على التالميذ ،واالعتماد على استبيان شافير.
األساليب اإلحصائية :المتوسط الحسابي ،اختبارات للفروق.
يؤدي أسلوب التمركز إلى ظهور السلوك العدواني لدى المراهق حيث كانت قيمة ت
المحسوبة تقدر ب 0.56وهي قيمة غير دالة إحصائيا عند مستوى الداللة 0.05ودرجة
حرية 38وبالتالي قبول الفرضية الصفرية التي تقول ال يؤدي أسلوب التمركز الوالدي إلى
ظهور العدوانية ورفض الفرضية المقترحة .
ـ كما يمكن أن يؤدي أسلوب الرفض الوالدي إلى ظهور العدوانية عند المراهق وهو عدم تقبل
الوالدين له ،وبتطبيق اختبارات تبين أن ت المحسوبة قدر ب 2.67أكبر من ت المجدولة
المقدرة ب 2.02عند درجة حرية 38ومستوى الداللة اإلحصائية 0.05وهي قيمة دالة
إحصائيا وهذا ما يجعلنا نحتفظ بهذه الفرضية فعدم تقبل الوالدين للمراهق تجعله يشعر بأنه
مرفوض وبالتالي يجد صعوبة في إثبات نفسه.
ـ وكما يمكن أن يؤدي أسلوب التساهل وهو أن يدرك المراهق أن والده ال يرغمه على االلتزام
بقواعد أو نظم محددة حيث توصلنا أن القيمة ت المحسوبة تقدر ب 1.09وقيمة ت المجدولة
2.02وهي قيمة غير دالة إحصائيا عند مستوى داللة 0.05ودرجة حرية 38وبالتالي قبول
الفرضية الصفرية التي تقول ال يؤدي أسلوب التساهل الشديد الوالدي حول المراهق إلى ظهور
العدوانية.
دراسة قرمية سحنون (:)2002رسالة ماجستير Qفي علن النفس االجتماعي ،جامعة -2
قسنطينة
52
موضوع الدراسة:
استهدفت الدراسة معرفة مدى اهتمام األسرة الجزائرية بمرحلة المراهقة والكشف عن
أسلوب المعاملة الذي تستعمله في تنشئة المراهق ،ودورها في النمو النفسي واالجتماعي له.
ما نوع المعاملة الذي تستعمله األسرة الجزائرية في تنشئة ابنها المراهق؟ وما هي آثار هذه
المعاملة على النمو النفسي واالجتماعي للمراهق؟
أجريت الدراسة على 300تلميذ تراوحت أعمارهم بين 19-12سنة وهي تمثل مرحلة
المراهقة المبكرة والمراهقة الوسطى التي هي من أصعب مراحل النمو
53
لجأت الباحثة إلى استخدام االستمارة كأداة أساسية لجمع البيانات ،وقد احتوت االستمارة 53
سؤاال.
بعد 3أشهر من الدراسة ،توصلت الباحثة إلى صحة الفرضية العامة .ولكن لم تستطع
الجزم على سوء معاملة األسرة للمراهق ،رغم ما توصلت إليه من نتائج ميدانية تؤكد ذلك ،ألنه
كانت هناك بيانات أخرى تؤكد العكس .وهذا ما جعل الباحثة تقر في نهاية البحث بأنه يمكن
القول أن المعاملة قد تكون مرة تمتاز بالشدة ومرة أخرى بالحب والحوار .لكن إذا أخدنا
الخصائص الغالبة يمكن القول أنها تميل إلى الشدة.
شرقي رحيمة ( :)2005جامعة الحاج الخضر -باتنة ،كلية العلوم االجتماعية والعلوم -3
اإلسالمية
موضوع الدراسة:
تهدف الدراسة إلى التعرف على أساليب التنشئة األسرية وعالقتها بظهور بعض الممارسات
السلبية لدى المراهقين .ثم الكشف عن هذه المظاهر .وأيضا تحسيس اآلباء والعاملين في المجال
التربوي بخصائص مرحلة المراهقة ومدى أهميتها في التكوين النفسي واإلجتماعي.
54
هل ظهور الممارسات السلبية لدى المراهقين هي انعكاس ألساليب التنشئة األسرية الخاطئة
والمفرط فيها؟
استعمل الباحث في الدراسة المنهج الوصفي التحليلي بحكم طبيعة الموضوع Zوالمشكلة
المطروحة.
المراهق (ذكر أو أنثى) الذي يتراوح عمره بين 19-16سنة ويمثل المرحلة المتوسكة
لفترة المراهقة وتقابلها مرحلة التعليم الثانوي.
استعمل الباحث المالحظة البسيطة كوسيلة أولى لجمع الحقائق ،ثم تم إجراء مقابالت
مفتوحة مع مستشاري التوجيه في كلتا المؤسستين من أجل معرفة المظاهر والممارسات السلبية
التي يقدم عليها التالميذ المراهقين .باإلضافة إلى اعتماد استمارة االستبيان .
إهمال الوالدين ألبنائهم المراهقين ،ذلك على بعم تولي األسرة أدنى اهتمام بأداء األبناء -
الفريضة المهمة التي تعتبر الركيزة األساسية للدين وأكبر مؤثر على سلوك المراهق،
حيث تلعب دورا بارزا في التزام المراهق أكثر بالقوانين الوضعية وإ بعادهم عن ما هو
سلبي خصوصا عند غياب الرقابة األسرية.
والدي المبحوثين يعتمدون على أسلوب التدليل المفرط ألبنائهم المراهقين ،هذا التدليل -
الزائد قد ينعكس سلبا على المراهقين فيطيل مدت طفولتهم واتكالهم على اآلخرين .
55
من خالل النسب يتبين أن أسلوب القسوة المفرط يكاد ينعدم كأسلوب للتنشئة ،وأن -
القسوة الموجودة هي قسوة معقولة وألسباب منطقية.
أسلوب التذبذب كأسلوب القسوة يكاد ينعدم لدى الوالدين في تنشئة المراهق ،مما يدل -
على أن الوالدين يسلكون نفس األسلوب في التعامل مع أبنائهم المراهقين سواء في
معالجة مشاكلهم أو حلها.
من خلال هذه النتائج يتبين أن األسرة قد تساهم بشكل أو بآخر في ظهور بعض الممارسات
السلبية لدى أبنائهم المراهقين وذلك من خالل إتباعهم لبعض األساليب الخاطئة في تنشئتهم.
أن الذكور أكثر عدوانا لفظيا وبدنيا من اإلناث ،وذلك ألن اإلناث المراهقات يملن أكثر -
إلى استعمال العدوان غير المباشر من التجاهل والرفض والنبذ والتجنب بينما يميل
الذكور أكثر إلى استعمال العدوان المباشر مثل العدوان اللفظي والبدني.
أساليب المعاملة الوالدية المختلفة لكل من الذكور واإلناث تؤثر في تعبيرهم عن -
العدوان ،حيث اتضح أن الوالدين يستخدمون العقاب البدني مع الذكور أكثر منه مع
اإلناث بينما يستعملون أسلوب االستغالل والمناقشة مع البنات أكثر من الذكور.
دراسة ونتزل وأشير( ),asher wintzel 1995 -2
موضوع الدراسة :العالقة االجتماعية بين الطفل ووالديه وعالقة ذلك بسلوكه
العدواني وتحصيله الدراسي
أهداف الدراسة:
إبراز أهمية العالقة الوالدية وأثرها على سلوك األبناء وتحصيلهم الدراسي
ما مدى أثر العالقة الوالدية مع الطفل وأثرها على سلوكه وتحصيله الدراسي؟
57
منهجية الدراسة:
تكونت عينة الدراسة من عدد من طالب الصفين السادس والسابع ممن تتراوح أعمارهم
بين 14-12سنة .
توصلت الدراسة إلى أن شعور األبناء بالرفض الوالدي يرتبط بالسلوك العدواني لديهم
بعالقة موجبة ،كما أتبث الدراسة أن الرفض الوالدي وسلوك الطفل العدواني يرتبط
بانخفاض التحصيل الدراسي لدى األبناء.
وهنا يمكن القول إن هذه الدراسات تؤكد جميعها على أهمية التنشئة األسرية وأثرها على
سلوك المراهق وإ تباعه العدوانية ،وبعضها يتفق مع دراستنا في جزء منها واآلخر يختلف من
58
الفصل الثالث:
تمهيد
خالصة
59
تمهيد
تعد التنشئة األسرية باعتبارها من مؤسسات التنشئة االجتماعية ،والمجال الحيوي لها التي
تتشكل فيها شخصية الفرد مند طفولته ،ويتلقى فيها اإلرثين البيولوجي والثقافي ،وحجر الزاوية
في إعداد النشء وأساس أخالقه وقيمه وخبراته ،بل وحتى مؤهالته العلمية والمهنية وإ شباع
حاجاته المادية منها والمعنوية بطريقة تساير فيها المعايير االجتماعية والقيم الدينية والخلقية
والقواعد الموجهة والضابطة لألفعال والسلوك ،فاألسرة هي أول مؤسسة تقع على عاتقها
مسؤولية تنشئة األجيال إذ تعتبر األولى عن باقي المؤسسات التربوية األخرى ،حيث ينشأ فيها
الفرد على مختلف أنماطه العمرية ليبدأ االحتكاك بعالم األشخاص واألشياء،ففي األسرة يتلقى
الفرد أولى أصناف الرعاية والتوجيه تحضيرا له لمختلف المراحل العمرية.
إن الجو األسري يِثر في نمو األبناء وفي سلوكهم ،وهذا مرتبط باألنماط واألساليب التي
تؤدي بها األسرة أدوارها المنوطة لها في عملية التنشئة.
وسنتطرق في هذا الفصل إلى ماهية التنشئة األسرية وأساليبها وأيضا مختلف النظريات
المعبرة لها ومختلف العوامل المؤثرة فيها.
60
المبحث األول :التنشئة األسرية :النظريات ،الخصائص واألهداف
عرفت التنشئة األسرية على أنها " اإلجراءات واألساليب التي يتبعها الوالدان Zفي تطبيع أو
تنشئة أبنائها اجتماعيا ،أي تحويلها من مجرد كائنات بيولوجية إلى كائنات اجتماعية وما يعتنقاه
من اتجاهات توجه سلوكهما في هذا المجال".13
وهي كل "ما يحيط به الوالدان الطفل من الرعاية أو اإلهمال من تشجيه أو التثبيط من الدفء
أو الالمباالة أو البرود اتجاهه من أوامر ونواه ومطالب وعقوبات وتسامح مكونان جوا نفسيا
عاما يحيط بالتفاعل بين الطفل وأسرته".14
ويعرفها زهران بأنها "استجابة اآلباء لسلوك الطفل مما يؤدي إلى تغيير هذا السلوك".15
فالتنشئة األسرية هي عملية تفاعل اجتماعي التي تتم بين الوالدين واألبناء ويكتسب من خاللها
األبناء شخصيتهم االجتماعية ...وتتم تلك العملية من خالل إتباع الوالدين مجموعة من
األساليب في عملية التنشئة ،فالتنشئة األسرية هي مجموعة من األساليب واإلجراءات التي
تتبناها األسرة في معاملة األبناء في شتى المواقف التي تحدث في الحياة اليومية ،بحيث أن
األسرة هي أول مؤسسة من المؤسسات االجتماعية التي يتعلم الفرد فيها مجموعة من القيم
والعادات والقواعد والضوابط ،فهي النموذج األمثل لتكوين شخصية الفرد في طفولته ومراهقته
عن باقي مؤسسات التنشئة األسرية.
13سهير كامل أجمد ،شحاثة سليمان أحمد ،تنشئة الطفل وحاجاته بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص 8
14ممدوحة سالمة مجمد ،أساليب التنشئة وعالقتها بالمشكالت النفسية في مرحلة الطفولة الوسطى ،رسالة دكتوراه مقدمة لجامعة 1عين شمس،
القاهرة ،مصر ،1984 ،ص 7
15زهران حامد عبد السالم ،علم نفس النمو ،دار النهضة المصرية ،القاهرة ،مصر ،1986 ،ص 75
61
ثانيا :نظريات التنشئة األسرية:
اهتم علماء النفس وعلماء االجتماع بالتنشئة االجتماعية األسرية وأشاروا إلى النمو
االجتماعي يتأثر بعدة عوامل أهمها الصحة العامة والجهاز العصبي والبيئة التي يعيش فيها
المراهق وأساليب التنشئة األسرية التي تتبعها األسرة في تربية الطفل والمراهق اجتماعيا.
وسوف نعرض ماهية التنشئة األسرية بالنظريات المفسرة للتنشئة االجتماعية من خالل
منظورات العلماء لهذه العملية ،ومن النظريات نعرض:
تفترض نظرية التحليل النفسي جهازا داخل الفرد يتكون من ثالث منظمات عرفت بالهو-
واألنا -واألنا األعلى ،ويمثل الهو مصدر الغرائز ومحتواه الالشعوري ويسعى دائما لتحقيق
مبدأ اللذة وحينما يتصل الهو بالمجتمع المحيط أو البيئة المحيطة تبدأ عملية تكوين األنا وتظهر
فعالية األنا عندما يتعلم الفرد كيف يتمكن من تحقيق رغبات الهو في نطاق الظروف التي
يفرضها المجتمع والبيئة بعاداته وتقاليده ،إال أن األنا ال يستطيع كبح كل المحفزات الغريزية
الخطرة التي تتنافى مع هذه القيم وتلك التقاليد ،وبالتالي تأتي أوامر الوالدين والكبار ورقابتهم
على تصرفات الطفل وسلوكياته ،ومن ثم تشتق األنا األعلى مع مرور الوقت من تعليمات
الوالدين لتصبح األنا األعلى بمثابة المراقب للسلوك الذي يوجه لألنا األوامر ويهددها .ومن
هنا تتكون معايير السلوك التي يتمثلها الطفل وتصبح جزءا من بنائه النفسي ويطلق على األنا
مصطلح الضميرZ.
وترى نظرية التحليل النفسي أن التنشئة عملية قائمة على التفاعل ،يكتسب فيها الطفل معايير
السلوك .وتضفي مدرسة التحليل النفسي على األم أهمية في ذلك األمر خالل تفاعلها مع طفلها
في مواقف التغذية والتدريب على اإلخراج وإ ن كانت ترتكز على دور األم واألب وتعلن عن
62
توحد الطفل خالل مراحل نموه مع أحد الوالدين ومن ثم يستدمج خصائص الوالد المتوحد معه،
وهنا تكتمل تنشئته بنمو األنا األعلى .16
ويعتقد فرويد أن هذا يتم عن طريق أساليب عقلية وانفعالية واجتماعية أهمها التعزيز واالنطفاء
على الثواب والعقاب فعلية التنشئة االجتماعية تعمل على تعزيز وتدعيم بعض أنماط السلوك
المقبولة اجتماعيا وعلى انطفاء بعضها اآلخر غير المقبول اجتماعيا .كما أن التوحد القائم على
الشعور بالقيمة والحب يعتبر من أبرز أساليب التنشئة االجتماعية األسرية.17
تساهم عملية التنشئة االجتماعية في تعديل سلوكيات األفراد ،وذلك من خالل المواقف التي
يتعرض لها في حياته وبيئته المحيطة وهذا ما يؤدي إلى تعلمه سلوكيات وتصرفات جديدة،
وعلى هذا فنظرية التعلم االجتماعي هي تلك النظرية التي تتضمن تعديل أو تغيير في السلوك
نتيجة التعرض لخبرات وممارسات معينة ،كما يلعب التقليد والمحاكاة والقدوة دورا في تعلم
السلوك ،ولذلك تهتم النظرية باختبار نماذج للقدوة يحاكيها الصغار.
ويعتمد مفهوم نموذج التعلم بالمالحظة على افتراض مفاده أن اإلنسان ككائن اجتماعي يتأثر
باتجاهات اآلخرين ومشاعرهم وتصرفاتهم وسلوكهم ،أي يستطيع أن يتعلم عن طريق مالحظة
استجابتهم وتقليدها .وينطوي هذا على أهمية تربوية بالغة إذا أخذنا بعين االعتبار أن التعلم
بمفهومه األساسي عملية اجتماعية.18
وعلى الرغم من أن التنشئة االجتماعية هي عملية تعديل وتغيير في سلوك الفرد وبالتالي
فهي عملية تعلم ،إال أن هذا التعلم قد يكون مباشرا من خالل التدريب عليه أو غير مباشر من
16الشربيني زكريا ،صادق يسرية ،تنشئة الطفل وسبل الوالدين في معاملته ومواجهة مشكالته ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،مصر،2000 ،
ص 30-29
17أبو جادو صالح محمد علي ،سيكولوجية التنشئة االجتماعية ،دار المسيرة ،ط ،2عمان ،األردن،2007 ،
18أبو جادو صالح محمد على ،سيكولوجية التنشئة االجتماعية ،مرجع سابق ،ص 48
63
خالل تقليد المحيطين .وقد يتعلم الطفل أنماطا سلوكية لم يعلمها له الراشدون وربما نهوه عنها،
ألن الطفل يعمل ما يشاهده ويراه من تصرفات وسلوك وأغلب ما يحاط باألطفال.19
ﺘﺤﺎول ﻨظرﻴﺔ الدور االجتماعي ﺘﻔﻬم "السلوك اإلنساني ﺒﺎلصورة Zالمعقدة ،التي ﻜون
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎر أن السلوك االجتماعي ﻴﺸﻤل ﻋﻨﺎﺼر ﺤﻀﺎرﻴﺔ واﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺸﺨﺼﻴﺔ ،ولهذا ﻓﺈن
العناصر اإلدراكية الرئيسية للنظرية ﻫﻲ الدور وﻴﺸﻤل وﺤدة الثﻘﺎﻓﺔ ،الوﻀﻊ ويمثل وحدة
االجتماع والذات وتمثل الشخصية" .20ﻓﻨظرﻴﺔ الدور االجتماعي ﺘﺘﺎﺒﻊ ﻨﻤطﻲ ﻓﻌﺎل ﻤﺘﻌﻠﻤﺔ ﻴﻘوم
ﺒﻬﺎ ﻓرد ﻤن اﻷﻓراد ﻓﻲ ﻤوﻗف ﺘﻔﺎﻋﻠﻲ ،أي "أﻨﻪ ﻨﻤط اﻠسلوك المتوقع ﻤن الشخص الذي ﻴﺸﻐل
مركزا اﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ أﺜﻨﺎء ﺘﻔﺎﻋﻠﻪ ﻤﻊ األشخاص اآلخرين الذين ﻴﺸﻐﻠون أوﻀﺎﻋﺎ اﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أﺨرى،
وﻴرﺘﺒط المركز االجتماعي ﺒدور أو أدوار ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻴﻘوم ﺒﻬﺎ الفرد اﻝذي ﻴﻤﺜل ﻫذا المركز وﻴﺤدد
الدور االجتماعي لمركز ما والواجبات التي ترتبط بهذا المركز ،كما يساعد على تنظيم توقعات
األفراد اآلخرين من الشخص الذي يحتل المركز.21
ومن خالل هذه النظرية ،فإن الدور هو المجموع الكلي لألنماط الثقافية المرتبطة بمركز معين،
أو هو الجانب الديناميكي للمركز الذي يلتزم الفرد بتأديبه ،كي يكون عمله سليما في مركزه،
ويعني ذلك أن الدور هو دور معين للفرد داخل المجتمع ،أما المكانة أو المركز هي المكان
الذي يشغله فرد معين في وقت معين في جهاز ما.
إن التنشئة من وجهة نظر هذه النظريات هي عبارة عن تغيرات في السلوك تأتي من
الخبرة والتجربة تؤدي إلى تحقيق التعلم والتفاعل االجتماعي ،وإ ن جل هذه النظريات مهمة في
عملية التنشئة األسرية ألن كل نظرية تهتم بجانب معين وتأتي النظرية التي تليها لتكمل الجانب
اآلخر وهكذا دواليك ،إذا فهي مكملة لبعضها البعض وال يمكن االستغناء عن أي نظرية وال
نعتبر أي نظرية األفضل أو األنجع.
الشربيني زكريا ،صادق يسرية ،تنشئة الطفل وسبل الوالدين في معاملته ومواجهة مشكالته ،مرجع سابق ،ص31 19
أبو جادو صالح محمد ،سيكولوجية التنشئة االجتماعية ،مرجع سابق ،ص 52 20
سهير كامل أحمد ،شحاثة سليمان أحمد ،تنشئة الطفل وحاجاته بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص 47 21
64
ثالثا :خصائص التنشئة األسرية:
عملية تعليم وتعلم وتربية تقوم على التفاعل العائلي واالجتماعي تستهدف إكساب الفرد -
سلوكا ومعايير واتجاهات ألدوار اجتماعية في مسايرة الجماعة والتوافق معها.
عملية إيجابية بنائية متدرجة ،فهي تغرس وتدمج في أفراد األسرة المكونين للمجتمع -
المعايير والقيم.
عملية اجتماعية إنسانية تعمل على تكامل الفرد في جماعة األسرة ثم الجماعات األسرية -
األخرى.
عملية تتأثر بفلسفة وثقافة المجتمع ،ومن ثم فهي عملية متغيرة تختلف من مجتمع آلخر -
ومن جيل آلخر.
عملية تتسم بالشمول والتكامل فهي تشمل كافة أفراد المجتمع ،كما أنها تربط بين النظم -
االجتماعية والمؤسسات وتنسق بينهم.
تعليم المنشأ كيف يتعلم بطريقة إنسانية وإ كسابه شخصية في المجتمع. -
تلقين النشء قيم ومعايير وأهداف الجماعة االجتماعية التي ينتمي إليها. -
تلقين النشء النظم األساسية والتي تبدأ من التدريب على أعمال النظافة حتى االمتثال -
لثقافة المجتمع.
تعليم المنشأ األدوار االجتماعية ومواقفها المدعمة وإ شباع حاجاته البيولوجية -
واالجتماعية.
65
دمج المنشأ بالحياة االجتماعية من خالل إكسابه المعايير والنظم األساسية. -
االستقالل الذاتي واالعتماد على النفس :يتم هذا بإتاحة الفرص بالتعبير عن ذاته وتعويده -
القدرة على حل المشكالت وعلى اتخاذ القرار بنفسه واللجوء ألبويه في كل صغيرة
وكبيرة وتوجيهه حتى ال يكون عالة على أسرته ومجتمعه .واالستقالل يجب أن يكون
اجتماعيا ونفسيا يغرس المسؤولية والواجب في شتى مراحل النمو.
غرس عوامل ضبط داخلية للسلوك :وذلك إلى أن يحتويها الضمير وتصبح جزءا -
أساسيا لذا الفرد ،فإن مكونات الضمير إذا كانت من األنواع اإليجابية فإن هذا الضمير
يوصف بأنه حي ،وأفضل أسلوب إلقامة نسق الضمير في ذات المراهق أن يكون
األبوين قدرة ألبنائهم حيث ينبغي أال يأتي أحدهم أو كالهم بنمط سلوكي مخالف للقيم
الدينية واآلداب والضوابط االجتماعية.22
مما تجدر اإلشارة إليه أن هذه األهداف لها دور في المجتمع وخاصة في الحياة اليومية أي
أنها تعمل على إكساب الفرد شخصية وقيمة وتدعم على تحقيق حاجياته البيولوجية
واالجتماعية .ومن هنا يستطيع الفرد االعتماد على نفسه ألنه أتيحت له الفرصة لكي يعبر عن
رأيه وغرس مفهوم المسؤولية والواجب لديه.
باعتبار الفرد كائن اجتماعي بطبعه فهو ال يستطيع العيش بمعزل عن اآلخرين ،فالمراهق
يتأثر في سلوكه االجتماعي بخبرات طفولته الماضية وبالجو المحيط به في مراهقته ،وبمدى
خضوعه للجماعة التي نشأ فيها وفقا لمجموعة من العوامل نذكر منها :
إن العالقات الزوجية وتربية األوالد تعتبر من أهم المقومات األساسية للبيئة العائلية ،فعدم
التوافق بين الزوجين يعتبر السبب األساسي في التفكك العائلي ،هذا ما يسبب عمليات خطيرة
ضارة باألطفال وخاصة المراهقين.
23حمدان فاطمة ،والد بلقاسم بشرى ،التننشئة األسرية وعالقتها بالعنف المدرسي(دراسة ميدانية) ،مذكرة لنيل شهادة 1الماستر ،جامعة عبد
الحميد بن باديس ،مستغانم ،الجزائر ،2017 ،الفصل الثاني
67
ويحكمون بفشلهم لمواجهة الحياة.ولقد أثبتت بعض الدراسات أن نسبة %90.%70من األحداث
الجانحين قد انحدروا من بيوت كان يسودها النزاع والخصومات والخالفات العائلية ،وكانت
تتصف بعدم االنسجام بين الوالدين ،وكان يسيطر على أعضائها االضطراب والقلق .ومن جانب
آخر ثبتت دراسة شيلدون وآليانور في الواليات األمريكية أن %70.4من األحداث الجانحين قد
نشئوا في كنف أسر كان يسودها العداء المستمر بين الوالدين أو بين الوالدين واألبناء.24
إن حجم األسرة من حيث القلة أو الكثرة يؤثر بدوره في عملية التنشئة لألبناء "فكلما زاد
حجم األسرة قلت الفرصة أمام اآلباء لالحتكاك والتقارب بين كل فرد على حدة ،وكذا قلت
مساحة هذا االحتكاك ،ولكن تتسع هذه الفرصة للتفاعل بين اإلخوة.25
ولزيادة حجم األسرة مزاياه وعيوبه ،فصغر حجمها يتيح للوالدين فرصا أكثر للتعامل
والتفاعل مع األبناء ومتابعة سلوكهم ،أما زيادة الحجم فيؤدي إلى إرباك الحالة االقتصادية
والصحية لألسرة ،وهذا ما يؤثر في نمو األبناء مما يدعو الوالدين إلى العمل على تنظيم
اإلنجاب لتقليص حجم األسرة ،حيث انتشرت هذه الظاهرة في األسر الحديثة.26
ويأمل األزواج من وراء ترشيد حياتهم أن يضمنوا ألبنائهم الرفاهية الفردية ورقي
االجتماعي دون األضرار بالتوازن العام لألسرة ،وتدل األبحاث العلمية إلى أن الحجم المثالي
الذي ترجوه األسرة هو ثالثة أبناء.
حمزة قواسمي ،أهم العوامل المؤثرة على األسرة ،موقع الكتروني 24
https://sites.google.com/site/qwasmi92hamzah/home/hamzah
25الشربيني زكريا ،صادق يسرية ،تنشئة الطفل وسبل الوالدين في معاملته ومواجهة مشكالته ،مرجع سابق ،ص 100
26عزي الحسين ،األسرة ودورها في تنمية القيم االجتماعية لدى الطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة (دراسة ميدانية) ،مذكرة لنيل شهادة
الماجستير ،جامعة مولود معمري كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،الجزائر2014 ،
68
للمستوى االجتماعي والثقافي واالقتصادي أثر عميق على سلوك المراهقين وعلى نموهم
االجتماعي ،ولهذا يختلف سلوك الفرد تبعا الختالف المدارج المختلفة ألسرته ،ذلك ألن لكل
طائفة من الطوائف االجتماعية أسلوبا معينا في الحياة ،ونمطا خاصا في السلوك.
وللبيئة المباشرة المحيطة باألسرة أثر قوي على مستوياتها المختلفة .وعلى تحديد بعض نشاط
أفرادها واستخدامهم لألدوات ذات التقنية الحديثة أو المكلفة أو أجهزة الرفاهية ،ولهذا كان
لسلوك أفراد األسرة الغنية نمط يختلف عن سلوك أفراد األسرة الفقيرة .وكان لسلوك أفراد
األسر المتعلمة نمط يختلف عن سلوك أفراد األسر الجاهلة .هذا ،وترتبط هذه المستويات من
قريب بالمعايير االجتماعية والقيم المرعية ،وبمدي تفاعل الفرد معها ،وإ يمانه بها ،وخضوعه
لها ،أو عزوفه عنها .ومن الناس فريق يستقيم سلوكه في مستوى معين ،وال يستقيم في
المستويات األخرى ،ومنهم من يستطيع أن يتكيف مع عدد كبير من المستويات المختلفة.27
تقوم جماعة الرفاق أو األقران بدورها في عملية التنشئة االجتماعية ،فهي تؤثر في المعايير
االجتماعية وتحدد األدوار المتعدد ،وكما أنها تعاون في إشباع حاجات المراهق وف بتعويدهم
على تحمل المسؤولية واالستقالل واالعتماد على النفس وممارسة النشاط الرياضي وغيرها،
ويتوقف مدى تأثر الفرد بجماعة الرفاق على درجة والئه لها ومدى تقبله لمعاييرها وقيمها
واتجاهاتها .ولجماعة الرفاق أشكال مختلفة منها ( جماعة اللعب والشلة وجماعة النادي
والعصبة والجيرة والمدرسة).
ويذكر عبادة أن لجماعة الرفاق دورهم األساسي في توجيه ميول األبناء وأوقات فراغهم
ونشاطهم الترويحي ،فإذا كانت جميعا في االتجاه الصحيح ساعد ذلك على تكوين الشخصية في
صورها السوية ،ومن هنا نجد أنه من األهمية بمكان اختيار األصدقاء أو الرفاق ،وبالتالي يجب
على األسرة مراعاة هذا الجانب من حيث توجيه األبناء وإ رشادهم تفاديا النضمام االبن إلى
27منصور سيد عبد المجيد ،الشربيني أحمد زكريا ،األسرة على مشارف القرن 21األدوار -المرض النفسي -المسؤوليات ،دار الفكر
العربي ،القاهرة ،مصر ،2000 ،ص 76-75
69
جماعة رفاق السوء مما يؤثر سلبا على أخالق األبناء وبناء شخصياتهم االعتمادية أو العدوانية
أو المتمردة أو المتسلطة أو ضعيفة الثقة بالنفس.28
نظرا للتطور التكنولوجي الهائل ،الذي يشهده العالم ،أصبح األفراد يتعرضون Zللغزو الثقافي
من خالل وسائل اإلعالم المختلفة وال سيما التلفزيون واالنترنيت باعتباره شبكة أوسع ،حيث
يقومان بتشويه العديد من القيم ،التي اكتسبها األفراد والتي تؤثر على عملية التنشئة األسرية.
وهذا ما يعني أن وسائل اإلعالم بكل أنواعها ،تلعب دورا في عملية تنشئة األبناء بحيث
أصبحت األسر في العصر الحاضر تعتمد بشكل كبير على جهاز التلفزيون كونه متاح ألغلبية
األسر ،فأصبحت األمهات يتركن أبنائهن لساعات طويلة أمام شاشة التلفزيون .وباعتبار أن
الطفل صفحة بيضاء يشاهد الرسوم المتحركة التي تمارس العنف والعدوانية ويطبق الطفل ما
يشاهده في أرض الواقع .فالتلفزيون له دور في تنشئة األبناء وتنمية شخصيتهم في مراحل النمو
والتأثير فيهم ،كما له تأثيرات على التكوين النفسي واالجتماعي لهم.29
إن لكل ثقافة ولكل مجتمع من المجتمعات أساليبه الخاصة به في عملية التنشئة االجتماعية
عموما واألسرية على وجه الخصوص ،والتي لها انعكاساتها وتأثيراتها الواضحة على األفراد،
وعليه فإننا في هذه الدراسة سوف نركز على بع األساليب والتي يمكن أن نقسمها إلى أساليب
سوية وأخرى غير سوية.
وقد عرف خوج أساليب التنشئة األسرية بأنها "تلك الطرق السلبية و اإليجابية التي يمارسها
الوالدان مع أبنائهم في مواقف حياتهم المختلفة .أما خطاب فقد عرفها بالقول إنها تتمثل في
عبادة أحمد ،مقاييس الشخصية للشباب والراشدين ،مركز الكتاب للنشر ،ط 1القاهرة ،مصر ،2001 ،ص 28
علياء شكري ،التربية والثقافة األسرية ،دار المناهج ،ط ،1األردن ،2009 ،ص 57بتصرف 29
70
العمليات النفسية والتربوية التي تتم بين الوالدين واألبناء خالل مراحل العمر المختلفة ،وال سيما
30
خالل المراحل المبكرة.
ويقصد بها األساليب السوية التي يستخدمها اآلباء في تربية وتنشئة أبنائهم وعدم استخدام
األساليب المعبرة عن االتجاهات غير السوية.
كما توصلت دراسة إلى أن اآلباء األكثر ميال لإليجابية في تربيتهم يتصفون بالمرونة مع
أبنائهم ،بينما اآلباء األكثر ميال للسلبية في تربيتهم يتصفون بملكية أبنائهم والفرق كبير بين
األبوة واألمومة والملكية .31وأساليب التنشئة األسرية السوية التي يتناولها البحث هي:
إن هذا األسلوب يعتمد على الوسطية والتوازن Zفي الصرامة والجد واللين في تنشئة األبناء
والتقبل الفعلي لهم وتحاشي القسوة الزائدة أو التدليل الزائد والتوسط في ّإشباع رغبات وحاجات
الطفل الجسمية والنفسية.
و"أسلوب الديمقراطية ليس حكرا على مرحلة الطفولة بل ويمتد إلى مرحلة المراهقة كونها
مرحلة حساسة لما يكتنف المراهق من تغيرات سريعة تتم على المستوى الجسمي والنفسي
واالجتماعي ،...ومن أهم مظاهر هذا األسلوب :
30شوامرة عيسى ،أنماط التنشئة الوالدية وعالقتها بالخجل لدى طلبة الصف األول الثانوي في محافظة 1رام هللا ،رسالة ماجستير ،جامعة
القدس ،القدس ،فلسطين،2008 ،
31عبد السالم فاروق ،طاهر ميسرة ،سلسلة بحوث نفسية وتربوية ،دار الهدى للنشر والتوزيع ،الرياض ،السعودية1990 ،
71
الحرص على قيام عالقة أسرية جيدة بين اآلباء واألبناء يسودها احترام الرأي وإ بداء -
وجهة النظر من كال الطرفين (اآلباء واألبناء) وهو ما يساعد المراهق فيما بعد على
تحقيق االستقاللية.
الحوار باعتباره أحسن الوسائل الموصلة Zإلى اإلقناع وتغيير االتجاه الذي يدفع إلى -
تغيير السلوك إلى األحسن ،ومهمة الوالدين دوما اإلصغاء لما يعرضه أبنائهم برعاية
واهتمام.
العدل في معاملة األبناء".32 -
التشجيع:
يقصد به اإلثابة المعنوية والمادية لتنمية اعتماد األبناء على أنفسهم والمشاركة في حل
مشكالتهم واتحاد قرارات تصريف شؤون حياتهم وتعزيز إتباعهم ألسس ثقافة مجتمعهم
ومبادئها.
ويرتبط هذا األسلوب بمساعدة المراهق وتشجيعه على تنمية مهاراته وتحفيزه على استغالل
طاقته وفراغه في أمور مفيدة واالبتعاد عن كل مظاهر التعسف والقسوة ،وذلك من خالل
تحفيزه بالتشجيع المادي وبالمكافئات المتمثلة في نزهة أو هدية أو التشجيع المعنوي بالكلمة
المشجعة التي تحفزه على اإلكثار من بذل الجهد الصحيح.
32شرقي رحيمة ،أساليب التنشئة األسرية وانعكاساتها 1على المراهق (دراسة ميدانية) ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير ،جامعة الحاج لخضر
كلية العلوم االجتماعية والعلوم اإلسالمية ،الجزائر ،2005 ،ص 116-115
72
ذاته أسلوب عدواني قد يسلكه بعض اآلباء في معاملة أطفالهم ،وهذا األسلوب يمثل ميكانزما
يؤثر على مسار تنشئتهم االجتماعية السليمة.33
ونقصد بفرض القيود درجة إجبار اآلباء أو حثهم لألبناء على القيام بعمل معين ،مثال سواء
عن طريق العقاب أو اإلقناع .وقد اقترحت بومريند ( )2002بأنه من األفضل أن يكون اآلباء
غير متطرفين وأن يسمحوا ألبنائهم بقدر من الحرية إلى جانب فرض القيود والضوابط ولكن
في حدود معقولة ،واعتبرت أن مثل هؤالء اآلباء يعتمد عليهم ألنهم يتسمون بقدرتهم على
المرونة في الضبط.35
شوامرة عيسى ،أنماط التنشئة الوالدية وعالقتها بالخجل لدى طلبة الصف األول الثانوي في محافظة 1رام هللا ،مرجع سابق، 33
شوامرة عيسى ،أنماط التنشئة الوالدية وعالقتها بالخجل لدى طلبة الصف األول الثانوي في محافظة 1رام هللا ،مرجع سابق ،الفصل الثاني 35
73
تقديم النصح:
من مظاهر هذا األسلوب تقديم النصائح واإلرشادات والتوجيهات الصائبة والسديدة وعلى
األسرة أن تهتم بشرح أسبابها وأهميتها ،وأن ال تجعل هذه النصائح في شكل أوامر ونواهي،
وذلك في كل ما ما يقوم به داخل البيت وخارجه في المدرسة وخارجها وكل ما يتعلق بدراسته
وأن نقلل من التدخل في اختيار أصدقائه وذلك لكي نعوده على تحمل مسؤوليات اختياراته
ونعوده على أن الحرية مسؤولية عظمى بين يديه وأن يحسن استخدامها ،ومن واجب األولياء
أن يشرحوا سبب صدور هذه النصائح والمضار في حالة مخالفتها و" عند تقديم النصيحة
للمراهق يجب على الوالدين أن يكونا متفهمين لرغبته في االستقالل واإلحساس بالنضج
والرغبة في التجربة والتعلم من هذه التجارب لذلك فعليهما أن يكونا مستعدين لتقبل فكرة
االستقالل وتحميل المراهق جزءا كبيرا من المسؤولية ...ولفت نظره إلى أخطائه فمن
المستحسن أن يكون نصحنا له على انفراد كلما أمكن لنجد منه استعدادا أكثر لتقبل النصيحة.36
ويمثل العقاب حلقة ضرورية في تعديل سلوك النشء مع التدرج في مستويات الجزاء بما
يتالءم مع الموقف من ناحية والمرحلة العمرية من ناحية أخرى وذلك حتى يمكن تلقينهم األسس
والمبادئ الثقافية بلطف ومعالجة األخطاء السلوكية مع عدم اإلفراط في إيقاع العقوبة أو القسوة.
36مجدي أحمد عبد هللا ،النمو النفسي بين السواء والمرض ،دار المعرفة الجامعية للطباعة والنشر والتوزيع ،اإلسكندرية ،مصر،2003 ،
ص 238
74
و" يؤدي اإلفراط في االستخدام العقاب لتعديل أي تصرف أو سلوك دون التدرج يفقد األبناء
الفهم المناسب لثقافة المجتمع ،كما يخلق أبناء متمردين يميلون إلى التخريب والتدمير ،وقد
يضطرب بسلوكهم ويخرجون على القواعد والمعايير أو ينحرفون.37
التسامح:
يترتب على اإلفراط في التسامح وتساهل اآلباء أزاء أي سلوك عدواني أو خارج عن
المعايير االجتماعية مشكالت في توافق المراهق الشخصي واالجتماعي ،إلى جانب الميل
للعدوان والتسلط.
وبوجه عام يتصف األبناء الذين ينشئون وفقا لهذا النمط باالعتمادية وعدم القدرة على ضبط
النفس وعدم النضج.
العلجي عائشة ،بلعربي هاجر ،أساليب التنشئة األسرية وعالقتها بالتكيف لدى الطالبة في الوسط الجامعي ،مرجع سابق ،ص 38 37
75
التدليل (الحماية المفرطة):
جاء في مفهومه اللغوي ددل :أدل عليه وتدلل :انبسط وقال ابن دريد :أدل عليه وثق بمخبته
فأفرط عليه.38
ويشير هذا النمط من التنشئة إلى تلبية رغبات المراهق ومطالبه أيا كانت ومنحه المزيد من
الحنان وعدم تشجيعه على تحمل المسؤولية وهو ما يمكن أن يجلب انعكاسات خطيرة توقع
األسرة في العديد من المشاكل المستقبلية غير اآلنية .والمراهق المدلل والذي يجد في منزله
الحماية الزائدة وتساهال زائدا سوف يجد صعوبات في العالم الخارجي في نمط العالقات
الشخصية ونقص تحمل المسؤولية والوقوف على قدميه.
اإلهمال:
يعاني بعض اآلباء في مطلع حياتهم من األساليب غير التربوية التي كانوا يعاملون بها في
أسرهم من ظلم واستبداد وقسوة ،األمر الذي يؤلمهم ويجعلهم فيما بعد يتركون أبنائهم بال رابط.
وعليه فإن أسلوب اإلهمال يتمثل في ترك الطفل دون تشجيع من والديه على أي أسلوب
مرغوب فيه ،أو دون محاسبة على أي سلوك غير مرغوب فيهـ ودون توجيه وضبط .وعدم
إشباع حاجاته الضرورية Zوالفسيولوجية والنفسية وعدم تشجيعه وشكره على السلوك والعمل
الجيد ،مما يولد فيه روح العدوانية وينعكس سلبا على شخصيته وتكيفه ونموه النفسي
39
واالجتماعي.
التذبذب:
يقصد بهذا األسلوب أال توازن في السلطة بين األبوين والتقلب في طرق التعامل مع الطفل
بين اللين والشدة ،فالعمل الواحد قد يثاب عليه من أحد األبوين ويعاقب عليه في نفس الوقت من
38أبو الفضل جمال الدين ابن منظور ،مرجع سابق ،ج ،2ص 444
39عطية جميل حامد ،تأثير التنشئة االجتماعية على سلوك األطفال (دراسة تحليلية) ،وزارة العمل والشؤون االجتماعية دائرة إصالح
األحداث ،2014 ،ص 18
76
الطرف اآلخر ،مما يولد القلق وعدم االتزان عند الطفل .ويسمى أيضا هذا األسلوب بعدم
االتساق ،أي عدم انتهاج الوالدين ألسلوب واحد مستقر كان تكون معاملتهما للطفل قياسه حينا
ومسامحته حينا آخر ،مما يتبع هذا من شعور األبناء بالعجز عن تحديد ما يرضي الوالدين،
ويعد هذا األسلوب من أخطر األساليب في معاملة الطفل فالتأرجح بين الثواب والعقاب واللين
والقسوة قد يجعل له أضرارا Zعلى تنشئة الطفل 40وتكوين شخصيته االجتماعية في مراحل
عمرية متقدمة.
التفرقة:
يتمثل هذا األسلوب في تعمد عدم المساواة بين األبناء جميعا ويكثر هذا األسلوب في األسر
التي تنجب أكثر من طفلين ،حيث يفرق اآلباء بين أبنائهم ويفضلون أحد األبناء على اآلخر،
فينصب االهتمام والرعاية الزائدة عليه دون أية مساواة .وهذا يكون إما بسبب نوع الجنس أو
بسبب السن وغيرها من األساليب التي تولد في نفسية الطفل غير المهتم به والشعور بالغيرة
والكراهية والحقد.
خالصة الفصل
أبو جادو صالح محمد علي ،سيكولوجية التنشئة االجتماعية ،دار المسيرة ،ط 1عمان ،األردن ،1999 ،ص 219 40
77
مما سبق يتبن أن التنشئة األسرية تلعب دورا بارزا وأساسيا في إكساب الفرد جملة من
المعايير والقيم واالتجاهات التي تمثل ثقافة المجتمع ،ابتداء من مرحلة الطفولة مرورا بمرحلة
المراهقة فمرحلة الرشد ثم مرحلة الشيخوخة ،حيث أن كل مرحلة لها تنشئة خاصة بها تختلف
عن األخرى ذلك بتدخل من باقي مؤسسات التنشئة االجتماعية التي تعمل على تدعيم عمل
األسرة ،هذه المؤسسة التي تعد المحطة األولى ذات األهمية البالغة في تنشئة أبنائها والسيما
المراهقين ،وتتم هذه العملية عبر مجموعة من األساليب التي تتبعا األسرة في عملية التنشئة
والتي تختلف من أسرة ألخرى تبعا لمجموعة من العوامل المؤثرة فيها ،والتي من شأنها أن
تنعكس على شخصية المراهق.
78
الفصل الثالث:
تمهيد
خالصة
تمهيد
79
تطرأ على المراهق مجموعة من التغيرات الجسمية والعقلية واالنفعالية ،مما يؤدي إلى
ظهور ضغوطات واضطرابات Zعلى المستوى النفسي واالجتماعي والسلوكي ،ومن بينها لسلوك
العدواني ،هذا السلوك الذي له تأثير كبير على المراهق وعلى المجتمع ،األمر الذي دعانا إلى
التطرق لمفهومي السلوك العدواني والمراهقة والعوامل المؤثرة فيهما والنظريات المفسرة لهذين
المفهومين ،ثم خصائص النمو التي تطبع مراحل المراهقة ،باإلضافة إلى مظاهر وأشكال
السلوك العدواني ودور األسرة في تدعيم نزعة السلوك العدواني وأخيرا أنسب الطرق للتعامل
مع المراهق الذي يتميز سلوكه بالعدوانية.
يعرفه دانستون ) Danston (1984بأنه االعتداء المادي نحو اآلخرين والذي يتضمن
الهجوم أو الضرب وما يعادله من اعتداء معنوي كاإلهانة واإلزدراء ،كما أنه محاولة لتخريب
ممتلكات اآلخرين ،وهو أيضا سلوك يحمل عواقب مخربة تتضمن إيذاء الذات.
إنه سلوك ينطوي على شيء من القصد أو النية ،يأتي بها الفرد في مواقف الغضب واإلحباط
التي يعوق فيها من إشباع دوافعه أو تحقيق رغباته ،...والهدف من ذلك السلوك تخفيف األلم
الناتج عن الشعور باإلحباط.
عادة ما يوصف السلوك الذي يكون موجها ضد اآلخرين على أنه سلوك "عدائي" أو
"عدواني" ،لكن كثيرا ما تختلط على البعض المعاني المحددة لمفهومي "العداوة" و"العدوان".
ويستخدم مصطلح العداوة لوصف خلفية من اتجاهات السلوك عند فرد أو جماعة في حين أن
مصطلح عدوان يشير إلى الفعل والسلوك ذاته ضد شخص أو شيء من األشياء أو موضوع من
الموضوعات أو ضد جماعة أو ضد مجتمع .فالعدوان هو استجابة أما العداوة فهي اتجاهات
لالستجابة.41
مصطفى فاروق أسامة ،مدخل إلى اإلضطرابات السلوكية واالنفعالية (األسباب-التشخيص-العالج) ،مرجع سابق ،ص 122 -121 41
80
قد يكون السلوك العدواني راجعا إلى عدم اكتمال النضج العقلي أو االنفعالي لدى من يأتي
بهذا السلوك ،وأيضا نتيجة لظروف اجتماعية بيئية معينة.
وترجع خطورة السلوك العدواني إلى أنه سلوك يؤدي إلى الصدام مع اآلخرين ،فهو ال
يعترف برغبات اآلخرين وال بحقوقهم ،ولذلك فإنه سلوك يدل على سوء التكييف ،والسلوك
العدواني يضر بكائنات أخرى بما فيها في ذلك اإلنسان والحيوان.42
في مقام تصنيف السلوك العدواني أو التمييز بين أشكاله المختلفة ،يمكن تصنيف العدوان
إلى أشكال مختلفة أهمها:
يعتبر العدوان من القضايا النظرية الهامة في مجال البحث العلمي وسيظل أحد
الموضوعات الجديرة بالبحث والتمحيص والدراسة ،حيث يرى كثير من الباحثين أن السلوك
مصطفى فاروق أسامة ،مدخل إلى اإلضطرابات السلوكية واالنفعالية (األسباب-التشخيص-العالج) ،مرجع سابق ،ص 127-126 43
العقاد عبد اللطيف عصام ،سيكولوجية العدوانية وترويضها ،دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة ،مصر ،2001 ،ص 99 44
82
العدواني شأنه شأن أي سلوك إنساني متعدد األبعاد متشابك المتغيرات Zمتباين األسباب بحيث ال
يمكننا رده إلى تفسير واحد ،ومع تعدد أشكال العدوان ودوافعه تعددت النظريات التي فسرت
السلوك العدواني والتي نذكر منها:
ترجع هذه النظرية أن سبب العدوان بيولوجي في تكوين الشخص أساسا ،كما يرى أصحاب
هذه النظرية اختالفا في بناء المجرمين الجسماني عن غيرهم من عامة الناس .واعتمدت في
ذلك على بعض الدراسات التي تمت على المجرمين من حيث التركيب التشريحي وعدد
الكروموسومات (الصبغات) ( )xxy-47( ،)xyy-47ومن هذه الدراسات ما اتجه إلى دراسة
الهرمونات والحظت ارتباطا بين زيادة هرمون الذكورة Testosteroneوبين العدوان خاصة
في حالة االغتصاب الجنسي.
وجود خلل في وظيفة المخ يتعلق بإصابة بؤرة معينة منه يلعب دورا له مغزاه في السلوك
العنيف الذي يرتكبه مرضى تمت دراسة حالتهم وقد وجد أن األفراد الذين بين الرسم الكهربائي
لمخهم أوجه شذوذ في المنطقة الصدغية تكون فيهم نسبة أكبر من أوجه الشذوذ السلوكية مثل
االفتقار إلى التحكم في النزوات العدوانية.45
-3.2النظرية السلوكية:
يرى السلوكيون أن العدوان شأنه شأن أي سلوك يمكن اكتشافه ويمكن تعديله وفقا لقوانين
التعلم .بحيث يؤمنون أن السلوك برمته متعلم من البيئة .ومن تم فإن الخبرات المختلفة
(المثيرات) التي اكتسب منها السلوك العدواني (االستجابة العنيفة) قد يتم تدعيمها بما يعزز لدى
الشخي ظهور االستجابة العدوانية كلما تعرض لموقف محيط.
العقاد عبد اللطيف عصام ،سيكولوجية العدوانية وترويضها ،مرجع سابق ،ص 108 -107 45
83
كان أسلوب السلوكيون في التحكم في العدوان ومنعه عن الظهور هو القيام بهدم نموذج التعلم
العدواني وإ عادة بناء نموذج من التعلم الجديد.46
يرى فرويد أن العدوانية واحدة من الغرائز التي يمكن أن تتجه ضد العالم الخارجي أو ضد
الذات .وهي تخدم في كثير من األحوال ذات الفرد.
وتتلخص آراء فرويد حول نظرية الغريزة أن الحياة بين غريزة الحياة ودوافع الحب والجنس
والت تعمل من أجل الحفاظ على الفرد ،وبين غريزة الموت ودوافعها العدوان والتدمير
واالنتحار ،وهي غريزة تحارب من أجل تدمير اإلنسان وتقوم بتوجيه العدوان المباشر خارجيا
نحو اآلخرين وإ ذا لم ينفد العدوان نحو موضوع خارجي فسوف يرتد إلى الكائن نفسه ويصبح
تدميرا للذات .وعلى ضوء هذه النظرية تبدو غريزة العدوان غريزة فطرية تولد بوالدة
اإلنسان ،إذ ال يمكن الهرب منها وال بد من إشباعها أو محاولة تعديلها لغرض السيطرة
47
عليها.
-3.4نظرية Qاإلحباط:
ينصب اهتمام أصحاب هذه النظرية على الجوانب االجتماعية للسلوك اإلنساني ،وقد
عرضت أول صورة لهذه النظرية على فرض مؤداه وجود كارتباط بين اإلحباط والعدوان حيث
يوجد ارتباط بين اإلحباط كمثير والعدوان كاستجابة ،...حيث يتجه العدوان غالبا نحو مصدر
اإلحباط فعندما يحبط الفرد عدوانه إلى الموضوع الذي يدركه كمصدر إلحباطه ،ويحدث ذلك
48
بهدف إزالة المصدر أو التغلب عليه أو كرد فعل انفعالي للضيق والتوتر المصاحب لإلحباط.
46العقاد عبد اللطيف عصام ،سيكولوجية العدوانية وترويضها ،مرجع سابق ،ص 112
47جاهمي بسمة ،بن يحيى مريم ،السلوك العدواني عند المراهق الذي يعاني من التفكك األسري (دراسة ميدانية) ،مذكرة لنيل شهادة الماستر
في علم النفس االجتماعي ،كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة 8ماي ،1945الجزائر ،2017 ،ص 34
48العقاد عبد اللطيف عصام ،سيكولوجية العدوانية وترويضها ،مرجع سابق ،ص 113
84
ترجع هذه النظرية إلى عالم النفس الكندي "ألبرت باندورا ،" Albert Banduraوتنظر
هذه النظرية إلى السلوك العدواني أنه سلوك متعلم ،فاألفراد ينتهجون سلوكيات عنيفة ألنهم
تعلموا مثل هذه السلوكيات.
معظم السلوك العدواني متعلم من خالل المالحظة والتقليد لنماذج وأمثلة من السلوك -
العدواني يقدمها أفراد األسرة واألصدقاء واألفراد الراشدون في البيئة.
اكتساب السلوك العدواني من الخبرات السابقة. -
تأكيد هذا السلوك من خالل التعزيز والمكافآت. -
اإلثارة المباشرة لألفعال العدوانية. -
اإلثارة إما بالهجوم الجسمي بالتهديدات أو باإلهانة أو إعاقة سلوك موجه نحو هدف أو -
تقليل التعزيز أو إنهائه قد يؤدي إلى العدوان.
49
العقاب قد يؤدي إلى زيادة العدوان. -
-4.1عوامل وراثية:
تعد الوراثة أحد العوامل المسببة للعدوان وتؤكد ذلك الدراسات التي أجريت على التوائم
والتي وجدت أن االتفاق في السلوك العدواني بين التوائم المتماثلة أكثر من التوائم غبر
المتماثلة ،كما أن شذوذ الصبغات الوراثية قد يؤثر في ظهور السلوك العدواني.
العقاد عبد اللطيف عصام ،سيكولوجية العدوانية وترويضها ،مرجع سابق ،ص 115 49
85
وتتمثل في مجموعة من التغيرات الجسمية والفسيولوجية والجنسية التي تحدث في مرحلة
المراهقة والتي تؤثر بصفة كبيرة على مزاج المراهق وحالته االنفعالية فيكون أكثر هيجانا
وعدوانية.
إن أسباب البيولوجية ترجع العدوان إلى عوامل ترتبط بالجهاز العصبي أو الجهاز الغددي،
حيث ترى أن العدوان يكثر لدى األفراد اللذين يعانون من اضطراب أو تلف في الجهاز
العصبي ،كما أنه يرتبط بدرجة كبيرة بزيادة إفراز الهرمون الجنسي المعروف باسم
التيستوستيرون ،فكلما زادت نسبة تركيزه في الدم زادت احتمالية حدوث السلوك العدواني.50
-4.3عوامل بيئية:
األسرة :لها الدور الرئيسي في تنشئة الفرد حيث تحول الفرد من كائن بيولوجي غلى
كائن اجتماعي ،وكلما كانت األسرة تتمتع بالصحة النفسية السليمة ينشأ الطفل ولديه
صحة نفسية سليمة ،أما إذا حدثت الخالفات والتفكك األسري والطال وفقدان الترابط
األسري وعدم رعاية الوالدين لألبناء ومعاملة ال يفهم من خاللها إال القسوة والعنف مما
ينعكس على األبناء فيصبح لديهم اإلحساس بالعدوانية فيرغبون في االنتقام.
المدرسة :تعد المدرسة من إحدى مؤسسات التنشئة االجتماعية التي من خاللها تتشكل
شخصية الفرد ،فنجد المدرس يعد قدوة للطال من حيث سلوكياته ،فإذا كانت تتصف
بالعصبية والعدوان يتأثر التلميذ بها .وهناك متغيرات في البيئة المدرسية قد تحبط التلميذ
منها :صعوبة المنهج الدراسي الفشل الدراسي وصعوبات التعلم ...كل ذلك يخلق ميوال
عدوانيا.
جماعة الرفاق :غن جماعة الرفاق لها دور في تكوين شخصية الطفل ،فإذا كان يحس
بالثقة بالنفس ولديه القدرة على التعبير عن ذاته وعدم الشعور بالنقص فيصبح يتمتع
العقاد عبد اللطيف عصام ،سيكولوجية العدوانية وترويضها ،مرجع سابق ،ص 128 50
86
بالصحة النفسية السليمة ،أما إذا كان التلميذ يشعر دون ذلك من حيث عدم احترام زمالئه
له وشعوره بالنقص وسطهم مما ينعكس بدوره على شخصيته فيشعر باإلحباط والعجز
51
والعدوان.
هناك بعض العوامل االجتماعية التي تساعد على نمو السلوك العدواني منها :التغيير
االجتماعي السريع ،التغيير االقتصادي السريع وما قد ينتج عنه من فروق في المداخل
ومستويات المعيشة .وإ ن تأثير الطبقية أو المستوى االجتماعي لألسرة يكاد يكون من المتفق
عليه ،حيث أن أبناء األسر التي تنتمي إلى مستويات اقتصادية منخفضة،سلوكهم العدواني يكون
أكثر حدة من سلوك زمالئهم الذين ينحدرون من األسر التي تنتمي إلى مستويات اجتماعية
واقتصادية مرتفعة.
-4.5عوامل نفسيةQ:
مصطفى فاروق أسامة ،مدخل إلى االضطرابات السلوكية واالنفعالية (األسباب-التشخيص-العالج) ،مرجع سابق ،ص 129 51
جاهمي بسمة ،بن يحيى مريم ،السلوك العدواني عند المراهق الذي يعاني من التفكك األسري (دراسة ميدانية) ،ص 25 52
87
المبحث الثاني :المراهقة :خصائصها والعوامل Qالمؤثرة بها
تشير أدبيات النمو اإلنساني أن مرحلة المراهقة هي مرحلة التغيرات Zالجنسية والجسمية
واالنفعالية والعقلة ،والتي تنقل الفرد من الطفولة إلى الرشد ،والمالحظ أن تحديد مفهوم
المراهقة متعدد بتعدد المظاهر النمائية المرتبطة بها ،ولعل أبرز المفاهيم المرتبطة بمفهوم
المراهقة هما البلوغ والنضج Z،فالبلوغ يحدد مرحلة المراهقة والنضج يحدد نهايتها ،وهذا
االرتباط يجعل من تحديد مفهوم المراهقة بدقة مطلبا صعب التحقق نظرا للفروق واالختالفات
الفردية وتأثير العوامل الوراثية والجنس والبيئة والثقافة ،إضافة إلى البعد الزمني ،كما تلعب
المعايير االجتماعية والمقاييس الحضارية دورا حاسما في االمتداد الزمني والمرحلي للمراهقة.
وتعني مرحلة المراهقة مرحلة االنتقال من الطفولة إلى الرشد والنضج Z،فالمراهقة مرحلة
تأهب لمرحلة الرشد ،وتمتد في العقد الثاني من حياة الفرد من الثالثة عشرة إلى التاسعة عشرة
تقريبا.53
ويحدد "هول" مفهوم المراهقة بأنها مرحلة من العمر تتميز فيها تصرفات الفرد بالعواطف
واالنفعاالت الحادة والتوترات العنيفة .54والمالحظ في هذا المفهوم أن الباحث قد ركز على
المظهر االنفعالي في حياة المراهق ،فحدد مرحلة المراهقة بأكملها من المظهر االنفعالي.
فالمراهقة كمصطلح علمي تعني التدرج واالقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي
واالجتماعي والعاطفي .والمراهقة كمرحلة نمو هي فترة التغيرات المتمايزة المتدرجة من
النواحي الجسمية والعقلية واالنفعالية واالجتماعية فنجدها تعني بالالتينية ""adolescence
التدرج نحو النضج.
زهران حامد عبد السالم ،علم النفس النمو ،عالم الكتب ،ط ،1القاهرة ،1977 ،ص 289 53
محمد عماد إسماعيل ،النمو في مرحلة المراهقة ،دار القلم ،الكويت ،1982 ،ص 20 54
88
ﻤﻥ Zﺨﻼل Zﻤﺎ ﺴﺒﻕ Z،ﻴﻤﻜﻥ Zﺍﻟﻘﻭل Zﺃﻥ Zﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻤﺭﺍﻫﻘﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ Zﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺼل Zﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻁﻔﻭﻟﺔ
ﻋﻥ Zﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺭﺸﺩ Z،ﺃﻱ Zﺃﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ Zﺍﻟﺘﻲ ﻴﻌﺭﻑ Zﺨﻼﻟﻬﺎ ﺍﻟﻁﻔل Zاالنتقال Zﻤﻥ Zﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ واالعتماد
ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﺭﺍﺩ Zﺃﺴﺭﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺤﺎﻟﺔ االستقالل Zﺍﻟﻨﺴﺒﻲ ﻋﻨﻬﻡ Zﻭﺍﻟﺘﺤﺭﺭ Zﻤﻥ Zﺴﻠﻁﺘﻬﻡ Zﻭﺘﻭﺠﻴﻬﻬﻡ Zﺍﻟﺩﺍﺌﻡ
ﻟﻪ Z،كما Zﻴﻌﺭﻑ Zﺨﻼﻟﻬﺎ ﺍﻟﻁﻔل Zﻨﻤﻭﺍ Zﻤﺘﻜﺎﻤﻼ ﻓﻲ كافة Zأنحاء Zﺠﺴﻤﻪ ﻤﻥ Zﺤﻴﺙ Zﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ Z.ﻓﻜل Zﻤﻅﺎﻫﺭ Zﺍﻟﻨﻤﻭ Zﻭﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ Zﺍﻟﺘﻲ ﻴﻌﺭﻓﻬﺎ ﺍﻟﻁﻔل Zﺘﻌﺩ Zﻤﻥ Zﺍﻟﺴﻤﺎﺕ
األساسية ﻟﻠﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻪ.
يمكننا إطالق اسم مرحلة "حب الشباب" على هذه الفترة من المراهقة ،ففي هذه الفترة يشعر
المراهق بضعف الثقة فيما يتعلق بمظهره الخارجي والتغييرات التي تطرأ عليه .ويعتقد بأن
الجميع ينظر إليه ،ويصعب على األهل إقناعه بغير ذلك
وتنعكس حاجة المراهق لمزيد من الحرية في العديد من األمور ،فيبدأ برفض جميع أفكار
ومعتقدات األهل ويشعر باإلحراج إن وجد في مكان واحد مع أهله .وقد يبدو أكثر عصبية
وتوترا .كما يبدأ المراهق في هذه المرحلة باكتشاف نفسه جنسيا .وتزداد حاجته للخصوصية
واالنفراد بنفسه .وقد تبدو هذه المرحلة في غاية العشوائية بالنسبة لألهل ولكن عليهم التحلي
بالصبر ،واإلصغاء إلى احتياجات أطفالهم ،ودعمهم لتطوير وتنمية شخصيتهم المستقلة
والخاصة.
ويصبح المراهق أكثر مجازفة ومخاطرة ،ويعتمد على األصدقاء للحصول على النصيحة
والدعم ،وليس على األهل ،وعلى األهل في هذه المرحلة إظهار تفهم شديد ألطفالهم لكي ال
يخسروا ثقتهم ،وبنفس الوقت يضعوا قوانين واضحة لتصرفاتهم وتعامالتهم ،مع اآلخرين ومع
العائلة.
وبما إن معظم التغييرات الجسدية قد حدثت في مرحلة المراهقة المبكرة ،يصبح المراهق اقل
اهتماما بمظهره الخارجي وأكثر اهتماما بجاذبيته للجنس األخر.
الفكري للمراهق في هذه المرحلة ،ويصبح أكثر قدرة على التفكير بشكل
ّ مو
الن ّ
يستمر ّ
ّ
موضوعي والتخطيط للمستقبل ،كما بإمكان المراهق أن يضع نفسه مكان اآلخر ،فيصبح لديه
القدرة على أن يتعاطف مع اآلخرين في هذه المرحلة.
يستطيع معظم الشباب في هذه المرحلة ان يعملوا بطريقة مستقلة ،رغم انهماكهم بقضايا تتعلق
برسم معالم هويتهم وشخصيتهم .وألنهم يشعرون بثقة اكبر تجاه قراراتهم وشخصيتهم ،يعود
90
الكثير منهم لطلب النصيحة واإلرشاد من األهل .ويأتي هذا التغيير في التصرف مفاجأة سارة
لألهل ،إذ يعتقد الكثير منهم أن النزاع والصراع أمر محتم ،قد ال ينتهي أبدا .ويتنفس األهل
الصعداء ،فبالرغم من أن األوالد اكتسبوا شخصيات مستقلة خالل مراهقتهم ،تبقى قيم وتربية
األهل واضحة وظاهرة في هذه الشخصيات الجديدة إن أحسن األهل التصرف والتفهم لهذه
المرحلة الحرجة في حياة أوالدهم.55
-3.1االتجاه البيولوجي:
يعد عالم النفس األمريكي "ستانلي هول" ( )Stanely Hallأول من قارب المراهقة من
وجهة نظر بيولوجية عضوية في عالقتها بالمقترب السيكولوجي ،ويذهب أصحاب هذا االتجاه
إلى القول "بأن التغيرات السلوكية التي تحدث خالل المراهقة تخضع كلية لسلسلة من العوامل
الفسيولوجية التي تحدث نتيجة إفرازات الغدد ويمكن تلخيص نظرية هول على النحو التالي:
-أن هناك فروقا ملحوظة بين سلوك مراهق وسلوك طفل المرحلة السابقة وسلوك أبناء
المرحلة التالية .ومن هنا يمكن النظر إلى مرحلة المراهقة على أنها ميالد جديد يطرأ على
شخصية الفرد .فهناك التغيرات السريعة الملحوظة التي تظهر في ذلك الوقت والتي تحول
شخصية الطفل إلى شخصية جديدة كل الجدة مختلفة كل االختالف.
-هذه التغيرات تعتبر نتيجة النضج ،والتغيرات الفسيولوجية التي تطرأ على الغدد ومن حيث
هي كذلك فإن نتائجها النفسية تكون متشابهة وعامة عند جميع المراهقين.
-ولما كانت هذه الفترة بمثابة ميالد جديد للمراهق ،فإن التغيرات التي تحدث تكون غير
مستقرة وال يمكن التنبؤ بها بسلوكه ،كما تكون الفترة كلها فترة ضغط وتوتر أو فترة عاصفة
وشدة نتيجة السرعة في التغيرات ،والطبيعة الضاغطة لناحية التدفق في هذه المرحلة.56
56زيدان مصطفى محمد ،النمو النفسي للطفل والمراهق وأسس الصحة النفسية ،منشورات الجامعة الليبية ،ط ،1972 ،1ص 152 -151
91
-3.2االتجاه النفسي:
يذهب أصحاب االتجاه البيولوجي للتركيز على النمو الجسمي والجنسي في فترة المراهقة،
وما يحدث من تغيرات على المستوى العضوي Z،فإن أصحاب االتجاه النفسي ال يهملون التأكيد
على هذه المظاهر ،غبر أنهم يشددون على ما يصاحب هذه التغيرات الخارجية من صراعات
وقلق نفسي ولعل حجتهم في ذلك تكمن في أن "األثر النفسي أبعد على حياة المراهق من
التغيرات البيولوجية ،حيث أن غموض هوية المراهق وميوالته إضافة إلى مشاعره المتناقضة
وقلقه الجنسي ونموه المفاجئ والتغيرات العضوية البارزة للعيان من شأنها أن تشكل له
اضطرابا وقلقا حادا ...يزيد من صراعات المراهق".57
لقد تبنى علم النفس األلماني "سيغموند فرويد" مع كثير من أتباعه في نظرته إلى المراهقة
المنطلقات التالية:
ثانيا :أن المراهقة تعيد مشكالت الطفولة ،ويعتبر "فرويد" أن مشكالت (الكمون) تمتد من حوالي
السنة السادسة من العمر إلى أعتاب البلوغ ،حيث يسود كيان الكائن الهدوء والراحة النسبيين،
ثم تنتهي هذه المرحلة بابتداء البلوغ ،فالنضج الجنسي يؤدي في هذه المرحلة إلى مجموعة من
االضطرابات ،ليس فقط في الحياة الجنسية ،بل في مجاالت السلوك االجتماعي أيضا ،ففي
البلوغ يعاني المراهق من انبعاث جديد للصراعات Zاألوديبية.58
لذلك فإن المشكلة األوديبية تعود تطرح من جديد مع كل الوسائل المكتسبة خالل مرحلة
الكمون ،فهذا التنشيط الجديد في الشحنات الغريزية المتأتية من جهاز الهو يخلق توترا وانهيارا
57المعاليقي عبد اللطيف ،المراهقة أزمة هوية أم أزمة حضارة ،شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ،بيروت1996 ،
58الصراعات األوديبية نسبة إلى عقدة أوديب ،هي نتاج تالقي عمليتي التماهي بالولد من الجنس نفسه واالنجذاب الجنسي نحو الولد من
الجنس اآلخر.
92
في توازن الكائن ،فتعمل قوى األنا المتماسكة لتستعيد التوازن المفقود مستعملة جميع األولويات
الدفاعية التي في حوزتها.
وصراعات المراهق ال تقتصر فقط على المشكلة الجنسية وإ شباعها ،أنما تتعداها إلى
الصراع بين التخلص من سيطرة األهل والرغبة في التعلق واإلتكالية عليهم.
إن هذا التناقض في المشاعر يزيد من صراعات المراهق لذلك يعتبر التحليل النفسي أن
مرحلة المراهقة هي مرحلة االضطرابات والصراعات واألزمات.
وقد وصف "فرويد" مرحلة المراهقة بأنها المرحلة التي تسيطر فيها الكآبة على المراهق دون
أن يعرف سببها ،وحيث يشعر بأنه ال يرتبط بأحد أو شيء ،ويميل إلى االنطواء والعزلة،
وتكون لها نتيجة وهي أنها تسمح لقسم من العدوانية أن تفرغ في موضوع الحب القديم
(الوالدان) فيصبح أمام عدوانية دفاعية تتوجه نحو موضوع خارجي وعدوانية حزن وكآبة تتجه
نحو الداخل.59
ويمكن أن نجمل أراء أصحاب هذا االتجاه في أن المراهقة مرحلة نفسية داخلية راجعة إلى
التكوين البيولوجي وطبيعة النمو الخارجي للمراهق ،ثم ظهور الدوافع الملحة في هذه الفترة
والتي لم يعدها من قبل كالدافع الجنسي أمام عوائق إشباعه لما تفرضه الشريعة السماوية
وقوانين المجتمع ،وتقول الدكتورة مريم سليم في هذا الصدد "إن إشباع الشحنات الغريزية
وخصوصا الجنسية منها ليس سهال في بدئ مرحلة المراهقة ،إذ يعترض تحقيق هذا اإلشباع
موانع ومحرمات العالم الخارجي والقيم االجتماعية واألخالقية.60
-3.3االتجاه االجتماعي:
يعرف علماء االجتماع المراهقة على أنها "فترة تختلف في شكلها ومضمونها وحدتها من
مجتمع آلخر ومن حضارة إلى أخرى" ،61إن أصحاب hالتجاه االجتماعي استطاعوا ومن خالل
سليم مريم ،علم النفس النمو ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع ،بيروت ،لبنان ،2002 ،ص 383 -382 -381 59
المعاليقي عبد اللطيف ،المراهقة أزمة هوية أم أزمة حضارة ،مرجع سابق 61
93
هذا التعريف إبراز قيمة وأثر البيئة االجتماعية والحضارية على شخصية المراهق ،فالمراهق
كفرد يمر بظروف اجتماعية وحضارية معينة هي التي تؤثر على شخصيته بشكل مباشر.
وبذلك فهم ال يرجعون ما يمر به المراهق من قلق وصراع داخلي وأزمات نفسية إلى
التغيرات التي تحدث على المستوى الخارجي ،وإ نما مرد ذلك يعود إلى درجة التعقيد التي
يعيش في كنفها المراهق داخل مجتمعه .وحسب آراء المفكرين المستخ لصة من الدراسات
والبحوث االجتماعية للمجتمعات المختلفة ،فإن النظر إلى هذه المرحلة ومدتها يختلف باختالف
طبيعة المجتمع ،ففي المجتمعات البدائية مثال والتي تتميز بالبساطة وقلة التعقيد فيما يخص شبكة
عالقاتها االجتماعية ،يستطيع المراهق االندماج والتوافق بكل سهولة وببساطة مع وسطه
االجتماعي ،فهو غالبا ما يتحمل المسؤولية مبكرا من حيث العمل والزواج وتكوين األسرة
وتحمل أعباء األوالد مما يجعل مدة هذه المراهقة أقل نسبيا من المراهقة في المجتمعات الحديثة
والمتقدمة التي تتميز بالتعقيد ،الذي يتطلب من المراهق إعداد نفسه إعداد علميا وماديا للحصول
على مكانة اجتماعية مقبولة تؤهله لتحمل أعباء الحياة ،ولعل هذا ما أكده أصحاب االتجاه
62
االجتماعي في وصفهم للمراهقة بأنها ظاهرة حضارية.
يتميز النمو الجسمي في السنوات األولى من المراهقة بسرعته المذهلة ،وتقترن هذه
السرعة بعدم االنتظام أو التناظر في النمو.
ويفاجئ المراهق ارتفاع مطرد في قامته ،واتساع لمنكبيه ،واشتداد في عضالته ،واستطالة
ليديه وقدميه ،واجتراح في صوته ...إلى الطالئع األولى للحية والشارب والشعر الذي حط في
مواضع مختلفة من جسمه وإ لى بثور الشباب التي تتناثر على الوجه عالوة على اإلفرازات
المنوية التي ال عهد له بها والنشاط الجديد لغدد التناسل وغيرها ...والنمو ال يكون متساويا أو
94
متناظرا في األجزاء المختلفة للجسم ،بل تسبق أجزاء منها أجزاء أخرى إلى النمو فإذا باألنف
مثال بادية الكبر ،والوجه غير متناسق والجسم ال يتناسب طوال وعرضا ،ويترتب عليه اختالل
التوافق الحركي وفقد المراهق التزان الحركة ونعومتها والتحكم فيها.
وهناك تغيرات أخرى فسيولوجية من ذلك التغير في معدل النبض الذي ينخفض بعد البلوغ
بمعدل 8مرات في الدقيقة ،والتغيير في ضغط الدم الذي يرتفع تدريجيا ،والتغير في نسبة
استهالك الجسم لألوكسجين التي تنخفض عما قبل ،وتتسبب هذه التغيرات في شعور المراهق
بالتعب والتخاذل وعدم القدرة على بذل المجهود البدني الشاق.
وتتميز مرحلة المراهقة في جانب كبير منها باالهتمام الشديد بالجسم والقلق للتغيرات
المفاجئة في النمو الجسمي ،والحساسية الشديدة للنقد فيما يتصل بهذه التغيرات وبمحاوالت
63
المراهق للتكيف معها.
-4.2النمو العقلي:
-الذكاء :ينمو الذكاء وهو القدرة العقلية الفطرية المعرفية العامة نموا مضطردا حتى الثانية
عشر ثم يتعثر قليال في أوائل فترة المراهقة نظرا لحالة االضطراب النفسي السائدة في هذه
المرحلة ،وتظهر الفروق الفردية بشكل واضح ويقصد بها أن توزيع الذكاء يختلف من شخص
إلى آلخر .وفترة المراهقة هي فترة ظهور القدرات الخاصة وذلك ألن النمو العام يسمح لنا
بالكشف عن ميوله التي غالبا ما ترتبط بقدرة خاصة ،ويمكن الكشف بشيء من الدقة عن
قدرات المراهق الخاصة في حوالي سن الرابعة عشر وبالتالي يمكننا أن نوجهه تعليميا مهنيا
حسب ما تسمح به استعداداته الخاصة.
-انتباه المراهق :وتزداد مقدرة المراهق على االنتباه سواء في مدة االنتباه أو مداه ،فهو
يستطيع أن يستوعب مشاكل طويلة معقدة في يسر وسهولة.
95
والنتباه هو أن يبلور اإلنسان شعوره على الى ما في مجاله اإلدراكي (المقصود بالشعور العقل
الظاهر) وأما المجال اإلدراكي فهو الخير المحيط بالذات.
-تذكر المراهق :ويصاحب نمو قدرة المراهق على االنتباه نموا مقابال في القدرة على التعلم
والتذكر.
وتذكر المراهق يبنى ويؤسس على الفهم والميل ،فتعتمد عملية التذكر عنده على القدرة على
استنتاج العالقات الجديدة بين الموضوعات المتذكرة ،وال يتذكر موضوعا إال إذا فهمه تماما
وربطه بغيره مما سبق أن مر به في خبرته السابقة.
-تخيل المراهق :ينتج خيال المراهق نحو الخيال المجرد على األلفاظ ،أي الصور اللفظية،
ولعل ذلك يعود إلى أن عملية اكتسابه اللغة تكاد تدخل في طورها النهائي من حيث أنها القالب
الذي تصب فيه المعاني المجردة (أي اللغة).
وال شك أن نمو قدرة المراهق على التخيل تساعده على التفكير المجرد في مواد كالحساب
والهندسة ،ما يصعب عليه إدراكها في المرحلة السابقة من التعلم.
-االستدالل والتفكير :التفكير هو حل مشكلة قائمة ،يجب أن نهدف في عملية التربية إلى
مساعدة التالميذ على اكتساب القدرة على التفكير الصحيح في جميع مشاكلهم ،سواء ما هو
عملي أو اجتماعي أو اقتصادي ،وإ ذا استطعنا أن ننمي في المراهق القدرة على التفكير
الصحيح يسرنا له فرصة معالجة المشاكل التي يعاني منها.
-الميول :أشارت بعض األبحاث إلى أن الميل إلى أعمال النجارة ونشاط األندية يزداد عند
البنين أثناء المراهقة ،في حين يقل ميلهم نحو اللعب الميكانيكي والرسم ،...أما الفتيات فيظهرن
ميال أكثر نحو الخياطة والتطريز ...ويتضاءل لديهم الميل ألعمال المنزل .ولهذا وجب تعميم
أندية اجتماعية في هذه المرحلة من أجل إصالح الميل الطبيعي نحو الجنوح في هذه المرحلة أو
نحو االنطواء والبعد عن الجماعات وشرود الفكر الذي يشيع في هذا الوقت .مما يساعد التفتح
64
الذهني في فترة المراهقة ونمو قدرة المراهق على التفكير المعنوي المجرد.
-4.3النمو النفسي:
96
تحدث لدى المراهق بصفة عامة تنتج عنها مجموعة من التغيرات النفسية الشعورية
والالشعورية كاإلحساس بنوع من الشعور الغامض والمضطرب Zوالالمتوازن Zبسبب عدم فهم
التغيرات فهما حقيقيا ،والشعور كذلك بتغير ذاته فسيولوجيا وعضويا ،مما يؤثر ذلك في نفسيته
إيجابا أو سلبا .ناهيك عن االضطراب الذي تحدثه أثناء إدراك المراهق لذاته وجسده ،مما يولد
لديه في كثير من األحيان ،حاالت التوتر والصراع Zواالنقباض والتهيج العقلي والشعور
بالنقص...
وإ ذا توسلنا بالنظريات النفسية فإن مرحلة المراهقة –حسب فرويد -هي مرحلة الجنسية
الراشدة ،فبعد المرحلة الفمية والمرحلة الشرجية والقضيبية ومرحلة الكمون ،تبدأ الغرائز
الجنسية في تفتقها بشكل جلي مع فترة البلوغ .ويذهب "إريك إركسون" إلى أن مرحلة المراهقة
تتميز على مستوى الشعور واألنا بتنمية الهوية واالستقاللية واالعتراف بالشخصية ،وتحقيق
65
النضج الجنسي ،ومواجهة مختلف ردود األشخاص اآلخرين من أجل تحصيل الهوية الحقيقة.
-4.4النمو االنفعالي:
تتميز مرحلة المراهقة بالقلق واالضطراب Zوالتوتر الشديد بسبب التغيرات التي تنتاب
المراهق على المستوى العضوي والنفسي واالجتماعي ...اعتبرت هذه الفترة مرحلة أزمة
انفعال وثورة وعنف وال سيما إذا كان المراهق يعيش في مجتمع تقليدي ال يراعي متطلبات
المراهق وحاجياته وميوالته واتجاهاته النفسية ،وال يعنى برغباته المادية والمعنوية والعاطفية.
وتزداد انفعاالت المراهق أثناء شعوره باإلخفاق والخيبة ،أو وقوعه في صدمة ما ،أو حينما
يحتقره اآلخرون سواء في األسرة أو المدرسة ،أو حينما يكون مقصيا من قبل مجتمعه ...وهذه
االنفعاالت هي نتيجة للتغيرات Zالهرمونية والعضوية والفسيولوجية والجسديةـ أو لضمور الغدد
الصماء ونموها .ويعني هذا أن المراهق يعيش صراعا داخليا وخارجيا يسبب له انفعاالت
خطيرة قد تؤثر سلبا على صحته الجسدية والعقلية واالنفعالية ،وال سيما حين يلجأ إلى البكاء
حمداوي جميل ،بوحلوش فاطمة ،مرجع سابق ،ص 48 -47 65
97
والصراخ من لحظة إلى أخرى أو حينما يحس بالوحدة واإلقصاء أو بالنظرة الدونية أو النقص
بسبب إعاقة أو قبح في جسده .ويرى "أحمد أوزي" 66أن المراهق أكثر من غيره إظهارا
للنوبات والصراخ االنفعالي المتميز بالفجاعة .وهذا أمر طبيعي في هذه الفترة التي يكون فيها
موزع النفس بين ذاتين يبحث عنهما :الذات الحقيقية والذات المثلى .األولى تمثل نفسه ،والثانية
تمثل الذات التي يتطلع إليها .وكلما كانت الهوة كبيرة بين ،الذاتين اشتد التوتر النفسي عليه
وكان تكيفه مستعصيا وينشأ ما يتعرض له المراهق من قلق وحساسية نفسية مفرطة وكآبة
وتوتر .وعليه فالمراهقة فترة معروفة النفعاالتها الهائجة ،وتشنجها العصبي ،وتوترها المقلق
واضطرابها العنيف.67
-4.5النمو االجتماعي:
يتأثر النمو االجتماعي السوي الصحيح في المراهقة على التنشئة االجتماعية أي عملية
التطبيع االجتماعي لألفراد ،من جهة وعلى النضج من جهة أخرى ،وكلما كانت بيئة المراهق
مالئمة كلما ساعد ذلك على أن يكون عالقات اجتماعية مالئمة عندما تتسع دائرة معامالته.
ويتصف النمو االجتماعي في مرحلة المراهقة بمظاهر رئيسية وخصائص أساسية ،وتبدو
هذه المظاهر في تآلف المراهق مع األفراد اآلخرين أو في نفوره منهم ،ويتضح تآلف المراهق
فيما يلي:
يميل Qإلى الجنس اآلخر :ويؤثر هذا الميل على نمط سلوكه ونشاطه ،ويحاول أن -
يجذب انتباه الجنس اآلخر بطرق مختلفة.
الثقة وتأكيد الذات :فيتخفف من سيطرة األسرة ويؤكد شخصيته ويشعر بمكانته.ذ -
الخضوع لجماعة النظائر :حيث يخضع ألساليب أصدقائه وخالنه ومسالكهم -
ولمعاييرهم ونظمهم ،ويتحول بوالئه الجماعي من األسرة إلى النظائر.
إدراك العالقات القائمة بينه Qوبين اآلخرين :يالءم سلوكه بينه وبين الناس. -
أستاذ التعليم العالي في جامعة محمد الخامس في الرباط وباحث مهتم بقضايا الطفولة والمراهقة والسباب. 66
حمداوي جميل ،بوحلوش فاطمة ،مرجع سابق ،ص 55 -54 67
98
أتساع دائرة التفاعل االجتماعي :تتسع دائرة نشاطه االجتماعي ،ويدرك حقوقه -
وواجباته ويتخفف من أنانيته ،ويقترب بسلوكه من معايير الناس ،ويتعاون معهم في
نشاطه ومظاهر حياته االجتماعية.
التمرد :حيث يتحرر من سيطرة األسرة ليشعرها بفرديته ونضجه واستقالله ،ويتمرQ -
على كل سلطة قائمة.
السخرية :يتطور إيمان المراهق بالمثل العليا البعيدة تطورا ينحو به نحو السخرية من -
الحياة الواقعية المحيطة به لبعدها عن هذه المثل التي يؤمن بها.
التعصب :يزداد تعصب المراهق آلرائه ومعايير جماعة النظائر التي ينتسب إليها -
ألفكار رفاقه وأساليبهم ،وقد يتخد تعصب المراهق سلوكا عدوانيا.
المنافسة :يؤكد المراهق مكانته بمنافسته أحيانا لزمالئه في التحصيل أو اللعب أن -
68
األنشطة.
-5.1األسرة:
تعد األسرة أول وأهم العوامل التي تؤثر في النمو االجتماعي للمراهق ،كونه يعيش وسط
أفراد يجمع بينهم الحب والتفاهم ،ال شك أن نموه االجتماعي سيكون صحيحا وتفاعله مع أفراد
المجتمع يكون سويا ،أما إذا كان سوء التفاهم واضطراب Zالعالقات هو الجو السائد داخل
األسرة ،فإن ذلك سيؤدي وال شك إلى نمو اجتماعي مضطرب.
فكثرة الخالف وسوء التفاهم بين اآلباء والمراهق من الصور الشائعة في مرحلة المراهقة،
وذلك ألسباب عديدة منها طريقة معاملة اآلباء البنهم المراهق على أنه ال يزال طفال وثورته
99
هو على الظروف التي يعيشها ونقده لوالدية ،69مما يجعله في صراع مستمر معهم ،مما ينعكس
على سلوكه مع أفراد المجتمع الذين يتعامل معهم في المواقف المختلفة ،وهذا ما يؤدي إلى عدم
توافقه وتكوين عالقات اجتماعية سوية.
-5.2المدرسة:
وتعتبر المدرسة ثاني العوامل المؤثرة في النمو االجتماعي للمراهق ،ففيها يجد المراهق
أشكاال مختلفة من السلوك وأنواعا من القيم واالتجاهات ،تختلف عما تربى عليه أو اكتسبه من
أسرته ،فيدخل في تفاعل مع مراهقين آخرين ،تتجسد صورة في مصادقته للبعض منهم وفي
منافسته لهم على التحصيل الدراسي وفي تعاونه معهم في بعض األنشطة ،فيتأثر بهم وبفكرتهم
عنه ،وينظر لنفسه من خالل نظرتهم له ،ويتعلم كيفية احترام اآلخرين وعدم التعدي على
حقوقهم.
كما يتأثر النمو االجتماعي له بعالقته بمدرسيه ،70فقد يميل المراهق إلى حب مدرسه
واإلعجاب به ،بل وجعله مثال أعلى له ،وقد يميل إلى كرهه والنفور منه ،فهذا يتوقف على
شخصية المدرس نفسه ،فإذا كان على علم بخصائص المرحلة التي يمر بها تالمذته وعاملهم
بطريقة صحيحة ،وكان متزنا في اتصاله بهم عارفا بنوازعهم وانفعاالتهم ،كانت عالقة المراهق
به جيدة مبنية على اإلحترام والتفاهم وساعده على النمو االجتماعي السليم .أما إذا كان المدرس
خشن الطباع ،ويعاقب تالميذه وال يعاملهم بطريقة حسنة ،كانت عالقة المراهق به سيئة ،ينفر
من مدرسه بل ومن المدرسة كلها ،فيكره الذهاب إليها ويكره المادة التي يدرسها له هذا المعلم.
فكم من مراهق ترك الدراسة بسبب عالقته بمدرسه وفشله في المادة التي يدرسها وكم من
مراهق اعتدى على معلمه بسب سوء معاملة هذا األخير له.
-5.3جماعة الرفاق:
السيد البهي فؤاد ،األسس النفسية للنمو من الطفولة إلى الشيخوخة ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،مصر ،1998 ،ص 284 69
100
لجماعة الرفاق تأثير قوي على نمو المراهق االجتماعي قد يفوق تأثير األسرة والمدرسة.
ففي إطار جماعة الرفاق يحد المراهق ضالته في األفراد الذين يتفهمون ما يعانيه من مشاكل
واضطرابات ،فيتوحد معهم في قيمهم ومعاييرهم ويجمعهم فكرا واحدا ونمط سلوك واحد،
وحتى أسلوب واحد في طريقة اللباس واللهجة ولغة الحديث ،كل هذا من اجل أن يحس بانتمائه
إلى فئة معينة ويتخطى عذاباته التي لم تتفهمها أسرته ،ويستطيع إثبات وجوده وتحقيق ذاته ومن
ثم االستمتاع بحياته .فيشعر المراهق بتقبل اآلخرين له واستحسانهم لوجوده معهم ،فيتعاون
معهم ويتعلم كيفية التوافق مع أفراد المجتمع ،فيتقبل النقد منهم 71ليعدل سلوكياته وفق ما
ترتضيه الجماعة التي يختارها المراهق لالنضمام إليها ،التي ال يكون تأثيرها عليه في االتجاه
اإليجابي حيث قد تكون جماعة منحرفة في سلوكياتها فتكسبه عادات ومعايير مخالفة لمعايير
المجتمع ،وتجعل سلوكه منحرفا غير متوافق مع ما هو سائد داخله ،والعكس صحيح.
إن النمو االجتماعي خالل المراهقة ذو أهمية كبرى تتوقف عليه الحياة المستقبلية للمراهق
والدور الذي سيلعبه في رشده داخل المجتمع ،فإن كان هذا النمو سائرا في االتجاه الصحيح
استمتع المراهق بحياته في مراهقته ورشده ،وإ ن كان العكس قد ينسحب المراهق من الحياة
االجتماعية وقد يتوجه إلى الحياة المنحرفة باتخاذها أسلوبا للعيش داخل المجتمع.
ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺭﺍﻫﻕ ﺇﻟﻰ ﺘﻭﻋﻴﺔ ﺒﺎﻟﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺠﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﺭ ﺒﻬﺎ ،ﻭﻤﺎ تتركه ﻤﻥ ﺍﻨﻌﻜﺎﺴﺎﺕ
ﻨﻔﺴﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﻴﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺘﻘﺒل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﻭﺍﺴﺘﻴﻌﺎﺒﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﺄﻗﻠﻡ ﻤﻌﻬﺎ ،ﻭﻴﺘﻡ كل ﻫﺫﺍ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ
ﺍﻟﺘﻭﻋﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻔﻬﻡ ﻭﺍﻟﻭﻋﻅ واإلرشاد ﺩﻭﻥ ﻓﺭﺽ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﺘﻌﺼﺏ Zﻟﻪ ،ألنه ﺴﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ
ﺍﻟﺘﻤﺭﺩ .ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻭﻋﻴﺔ ﺘﻬﺩﻑ ﺇﻟﻰ ﺠﻌل ﺍﻟﻤﺭﺍﻫﻕ ﻴﻌﻴﺵ ﻤﺭﺍﻫﻘﺘﻪ ﺩﻭﻥ ﻤﺸﺎﻜل ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ
"ﺘﻌﺯﻴﺯ ﺍﻻﺨﺘﻼﻁ ﺍﻟﺴﻠﻴﻡ " ،ﻭﺘﻌﺯﻴﺯ ﻗﻴﻡ ﺍﻟﺸﺭﻑ ﻭﺍﻟﺤﺏ ﻭﺍﻟﺼﺩﺍﻗﺔ ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻡ األنوثة ﻭﺍﻟﺭﺠﻭﻟﺔ
ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺸﺭﻴﻙ ،ﻓﻼ ﺘﻬﺘﻙ ﻭﻻ ﻤﻴﻭﻋﺔ ﻭﻻ ﺍﻨﺤﻼل ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ،ﻭﻻ ﺘﺯﻤﺕ ﻭﻻ ﻜﺒﺕ ﻭﻻ
ﺘﺸﺩﺩ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ.
السيد البهي فؤاد ،مرجع سابق ،ص 288 71
101
المبحث الثالث :المراهق والسلوك العدواني
يتخذ سلوك المراهق أشكاال وصورا متعددة مما يؤكد أن سلوكهم يتوقف على نمط
شخصيتهم وقدراتهم وخبراتهم السابقة وعلى البيئة التي يعيش فيها المراهق بثقافتها وعاداتها
ومعاييرها ونوعية التعامل بين المراهق والمجتمع األسري والمدرسي واالجتماعي واإلعالمي
الذي يحظى به ،وتعد دراسة "مغاريوس" من الدراسات العربية الرائدة في مجال المراهقة والتي
قسم فيها أشكال وصور سلوك المراهقين إلى:
المراهقة المتكيفة :الهادئة نسبيا والتي تميل إلى االستقرار العاطفي وتكاد تخلو من
التوترات االنفعالية الحادة ،وغالبا ما تكون عالقة المراهق بالمحيطين به عالقة طيبة.
المراهقة اإلنسحابية المنطوية :وهي صورة مكتئبة تميل إلى االنطواء والعزلة
والسلبية والتردد والخجل والشعور بالنقص وعدم التوافق االجتماعي.ذ
المراهقة العدوانية المتمردة :يكون فيها المراهق ثائرا متمردا ويميل إلى تأكيد ذاته
ويكون سلوكه عدواني.
المراهقة المنحرفة :وتمثل الصور Zالمتطرفة للشكلين االنسحابي والعدواني ،وفيها نجد
االنحالل األخالقي واالنهيار النفسي.
102
النمط التقليدي الشكلي :الذي يتجه نحو المسايرة واالنصياع للمعايير االجتماعية
ومحاولة التمسك بالعادات والتقاليد وأنماط التفكير التقليدية ،ويتميز هذا النمط بمستوى
منخفض من الطموح مع اهتمامات وأنشطة محدودة.
النمط المثالي :ويتميز هذا النمط بالسخط والتمرد على ما هو قائم في المجتمع من
عادات وتقاليد وقيم ويؤمن بضرورة تغيير لك نحو األفضل.
النمط الباحث عن اللذة واإلشباع :ويتميز بأن دوافعه البدائية هي المحرك األساسي
لسلوكه وأنشطته ،ليس له اهتمامات عامة أو طموحات مستقبلية ،ال يشعر باالنتماء
الكافي لمجتمعه ،وهذا النمط أكثر عرضة لالغتراب واالنفصال عن الذات والمجتمع من
بقية األنماط.
النمط السيكوباتي الجانح :سلوكه يتصادم مع المجتمع ،قدرته على تحمل اإلحاطات
الضعيفة ،يميلون إللقاء اللوم على اآلخرين وينحرف :أصحاب هذا النمط إلى اإلدمان
بأنواعه المختلفة أو الشذوذ الجنسي أو الجرائم البسيطة.72
-2.1مشاكل جسميةQ:
مع أن اإلنسان في مرحلة المراهقة يكون في أوج صحته الجسمانية والبدنية ،إال أنه قد
يعاني من مشاكل تحول وتعزيز ردود أفعال متمردة.
-حب الشباب :مع بداية سن البلوغ يبدأ جسم اإلنسان بالنمو وتبدأ الهرمونات تحفز الغدد
الذهنية بأن تصبح شديدة النشاط مما يسبب كثرة اإلفرازات في بعض األحيان تتسبب في ظهور
حب الشباب .وهو ما يحسسه بالنقص على مستوى المظهر الخارجي.
72براهمي طارق ،العوامل االجتماعية المؤدية للسلوك العدواني وأثر النشاط البدني الرياضي في تعديلها لدى المراهق الجزائري (مقابرة
اجتماعية) ،مرجع سابق ،ص 124
103
-الشره العصبي لألكل :وينتشر أكثر بين الفتيات.
-2.2مشاكل انفعالية:
-الغضب والغيرة :تعد الغيرة والغضب من االنفعاالت الشائعة في فترة المراهقة حيث تظهر
في غيرة المراهق من زمالئه الذين حققوا قدرة على فعل شيء ما .ويعبر المراهق على غيرته
في الغالب بالهجوم الكالمي بطريقة خانقة أو عدائية ،ويعبر عن الغضب بالتبرم والهجوم
اليدوي والكالمي ،خاصة عندما ينتقد أو ينتقد أو يقدم له النصح بكثرة.
-اضطراب السلوك :ظهور لديه سلوك مضاد للمجتمع الذي يأخذ بعض األشكال كالهرب أو
التأخر خارج البيت أو السرقة والكذب واستعمال ألفاظ خارجة.
-2.3مشاكل نفسيةQ:
-اضطراب الهوية :يبدأ االضطراب في مرحلة المراهقة ويصاحبها أعراض قلق واكتئاب
وعدم الثقة بالنفس والشكوك حول مستقبله مع السلبية والعناد في محاولة إلقرار هويته المستقلة
بعيدا عن األسرة .للوصول إلى التشخيص يكون العالج بعدها فردي ويهدف إلى تشجيع النمو
ونضج األنا في مواجهة الصراع.
-القلق واالكتئاب وتأرجح الثقة بالذات والندم وتأنيب الضمير المستمر Qوالنقد الدائم للذات.
-2.4مشاكل اجتماعية:
-تدور تلك المشكالت حول قدرة المراهق على التكيف مع اآلخرين ،ومع المجال الذي يعيش
فيه ،ومدى تحقيق حاجاته إلى القبول االجتماعي واالنتماء والتقدير.
104
-أن المراهق يعاني من مشكالت تدور حول حاجاته إلى األصدقاء ،وأن يكون موضع تقدير
واحترام.
-ومن المشكالت االجتماعية ،رغبة المراهق في الجدال ،فهي مظهر عام من مظاهر النمو
االجتماعي يكون هدفه في الغالب تأكيد المراهق لذاته.
-رغبة المراهق في البروز وإ ظهار قدراته وسط الجماعة والسيطرة ورفض الخضوع لألوامر
سواء من الوالدين أو في الجماعات.
كل هده المشاكل التي يعاني منها المراهق في مرحلة المراهقة غالبا ما تكون سببا في
نهجه للسلوك العدواني باعتبارها حوافز له وذلك مع إحساسه بالنقص واإلحباط.73
اكتشفت دراسة"فريشت "1978التي أجراها على عينة من المراهقين العدوانيين Zالذين تتراوح
أعمارهم بين 17 -13سنة أن:
المراهق فرد في صراع مفتوح مع السلطة ،يظهر حقدا ضد الطريقة التي يعامل بها -
وحسب قائمة "جنسن" فالمراهق العدواني فرد يتميز بعدم الرضا الشديد والغضب ،إذ أنه أقل
نضجا ويحس في عالقاته مع اآلخرين بالضيق ،ويمتاز بقابلية قليلة للمخالطة ،كما أن احترام
المعايير االجتماعية منعدم في استجاباته .كما يتميز بمستوى عالي من التوتر واإلحباط مقارنة
بالمراهق غبر العدواني والفرد السوي ،فضوابطه تبدوا ضعيفة واستجاباته دون وعي وبصفة
73بن سكيريفة مريم :غزال نعيمة ،عالقة المعاملة الوالدية بالسلوك العدواني لدي المراهقين ،دراسة ميدانية ،جامعة 1قاصدي مرباح ورقلة،
،2013ص 11 -10
105
عدوانية ،ويتضح أنه غير قادر على كبت مشاعره ،ويتبنى بكل سهولة اتجاه التمرد ،ثم إنه أقل
حساسية لرأي اآلخرين ويرفض النقد.
أما "ليند قرين" فقد أشار إلى أن المراهقين العدوانيين سجلوا ارتفاعا في السيطرة مقارنة بغير
العدوانيين ،وهذه النتيجة تتفق مع ما توصل إليه "برودي" و"باص".74
ومنه يتضح لنا أن المراهق العدواني يتسم بالخصائص الشخصية والفردية التي تفرز
األساليب العدوانية التي يلجأ إليها كوسيلة تعامل وتفاعل مع اآلخرين ،فالمشاعر السلبية
واإلحابطات والتوترات Zالناتجة عن عدم تحقيق رغباته أو التي تعكس عدم فهم الوسط له تجعله
يعيش الوضعيات كتهديدات ومواقف محبطة أكثر من كونها تحديات أو مواقف تحتم عليه
مواجهتها .فكل هذه المشاعر تجعله أكثر استعدادا لعدم احترام المعايير االجتماعية ،ويظهر ذلك
في صور متعددة ومختلفة في أشكالها إال أن غايتها واحدة وهي إيذاء اآلخرين.
إن لألسرة أهمية كبيرة في تشكيل وتطوير السلوك عند أبنائها ،فاألسرة هي الوحدة
االجتماعية التي ينشأ فيها المراهق ويتعامل مع أعضائها ،وهو الحضن االجتماعي الذي تنمو
فيه بذور الشخصية اإلنسانية وتوضع في أصول التطبيق االجتماعي بحيث يكتسب المراهق
الميل للعدوان من األسرة بفعل العوامل التالية:
شعور المراهق منذ صغره بأنه غير مرغوب فيه من والديه ،وأنه يعيش في جو -
أسري عدائي بالنسبة لمعاملة والديه له.
الحياة المنزلية التي يسودها شجار دائم بين األبوين على مرأى ومسمع المراهق. -
ويلعب اآلباء دورا كبيرا في إكساب المراهق السلوك العدواني من خالل محاكاة أو
تقليد األبناء لالستجابات العدوانية التي تصدر عن اآلباء.
74براهمي طارق ،العوامل االجتماعية المؤدية للسلوك العدواني وأثر النشاط البدني الرياضي في تعديلها لدى المراهق الجزائري (مقاربة
اجتماعية) ،مذكرة كاملة لنيل شهادة الماجستير ،جامعة 1الجزائر ،2010 ،03ص 128
106
تعدد السلطات الضابطة لسلوك المراهق ،وهذا ما يؤدي عادة إلى ارتباك المراهق -
وتوتره وغضبه خاصة عند المراهقين الذين يعيشون في بيئة تشمل الجد واألخوال
واألم واألب ويكون لكل منه سلطة توجه المراهق أو تقيده.
السلطة الضابطة المتغيرة كأن يكون األب في صف المراهق فيجيب رغباته في حين -
تكون األم على نقيض أو العكس ،فتؤدي إلى نوبات غضب أو عدوان.
التدليل والحماية الزائدة.75 -
ويعتقد 'بندور' أن اآلباء الذين يتسمون بالغلظة والقسوة مع أبنائهم ،يتعلم أبناؤهم السلوك
العدواني ،كما توصل أيضا أن اآلباء الذين كانوا يشجعون أبنائهم على المشاجرة مع اآلخرين
وعلى االنتقام ممن يعتدي عليهم وعلى الحصول على مطالبهم بالقوة والعنف كانت درجة
العدوانية لديهم أكبر من درجة العدوانية عند اآلباء الذين لم يشجعوا أبنائهم على السلوك
العدواني بأي شكل من األشكال.
وتؤكد ليلى عبد العظيم أن أسلوب التربية لألطفال الذين يتسم سلوكهم بالعدوانية يتميز بالقسوة
والشدة المتناهية والمعارضة لرغباتهم بالمنع والقهر واإلجبار وتحميلهم من المسؤوليات أكثر
مما يحتملون ومما يطيقون .كما أكدت دراسة أخرى أن العدوانية لدى األطفال ترتبط إيجابيا
بشدة القسوة في العقاب والرفض وعدم التقبل وعدم الرضا من جانب الم عن السلوكيات التي
تصدر من األبناء.76
المراهق في حاجة ماسة إلى من يساعده على تحقيق االتزان في حياته النفسية بين القوة
الجارفة في انفعاالته وبين النقص الملموس في قدراته الضابطة التي يمكنها أن تتحكم في هذه
الدوافع .وتتمثل خدمات اإلرشاد النفسي للمراهقين في مساعدة المراهق في التعرف على تفسير
75الشهري بن عراد عبد هللا ،فعالية اإلرشاد اإلنتقائي في خفض مستوى سلوك العنف لدى المراهقين ،مذكرة لنيل شهادة الدكتوراه ،جامعة أم
القرى ،السعودية ،2008 ،ص108
76وفيق صفوت مختار ،مشكالت األطفال السلوكية (األسباب وطرق العالج) ،دار العلم والثقافة ،ط ،1القاهرة ،مصر ،1999 ،ص -69
70
107
هذه العالقات سواء كان ذلك لشدة الخجل أو نقص المهارات االجتماعية أو التمركز حول الذات
وعدم أخذ اآلخرين في االعتبار أو السلوك العدواني .ويتمثل هذا في اآلتي:
77العقاد عبد اللطيف عصام ،سيكولوجية العدوانية وترويضها ،منحى عالجي معرفي جديد ،دار غريب ،القاهرة ،مصر ،2001 ،ص
136 -135
108
خالصة الفصل
يمكن القول من خالل استعراضنا لهذا الفصل أن مرحلة المراهقة تأثير كبير على تغير
سلوكيات المراهقين والتأثير على انفعاالتهم ،وهذا نظرا الشتراك جميع وحدات البحث في نفس
المرحلة العمرية ،غير أن غياب الرعاية األسرية واهتمامها بأبنائها كان عامال مساعدا في
تشجيع المراهقين على التمادي في القيام بالسلوكيات العدوانية.
ولمواجهة هذه المشكلة يتوجب أوال فهم العوامل المؤدية إلى انتشار ظاهرة السلوك
العدواني ،ويقع العبء األكبر على األسرة ،فهي المصدر األول لبروز هذه الظاهرة .والحل
األوحد للقضاء عليها ،هو من خالل رعاية أطفالها وتنشئتهم تنشئة سليمة ،وتوفير الجو المالئم
لنمو شخصياتهم وتوافقها مع البيئة االجتماعية.
109
الباب الثالث:
الجانب التطبيقي
110
الفصل األول :
111
أوال :مجتمع البحث:
مجتمع البحث مصطلح علمي منهجي يراد به كل من يمكن أن تعمم عليه نتائج البحث
سواء أكان مجموعة أفراد أو كتب أو مباني أو أحياء...
ولقد تعذر في هذا البحث إجراء الدراسة الميدانية مع مجموعة من األحداث الجانحين وأطفال
في وضعية صعبة في مركز حماية الطفولة تمارة بسبب ما شهده العالم بعد تفشي جائزة
كورونا وتسببها في انقطاع الدراسة وكذلك البحث الميداني بعد إعالن حالة الطوارئ الصحية،
لذلك فقد اقتصرت هذه الدراسة على عينة من الذكور القاطنين في حي شعبي بالمدينة التي
أقطن فيها والذي يمثل مجتمع بحثنا هذا ،بكونه يتمتع بمجموعة من الخصائص التي لها عالقة
بموضوع بحثنا " التنشئة األسرية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى المراهق " كونه حي شعبي
يسمى دار الدخان في مدينة القصر الكبير ،تقطنه أسر في غالبيتها فقيرة و يحوي مجموعة
من المراهقين الذين ينهجون سلوكيات عدوانية والتي تستدعي منا البحث في أسباب وعوامل
هذه الظاهرة داخل الحي.
تعرف العينة على أنها جزء من مجتمع البحث وهي نموذج مصغر منه لها نفس خصائصه
وصفاته.
وكما سبقت اإلشارة أنه كان يتعين علينا اختيار عينة من نزالء مركز حماية الطفولة تمارة،
إلى أنه بسبب الظروف التي يمر بها العالم بسبب تفشي جائزة كورونا وإ عالن حالة الطوارئ
الصحية وانقطاع الدراسة والبحث الميداني ،قد تم اختيارها لمجموعة من مراهقين حي دار
الدخان بمدينة القصر الكبير كعينة عشوائية معتمدين في مسائلتهم على االستمارة التي تضم
أسئلة تالؤم وسنهم مستواهم الدراسي والفكري .كما كنا نود تدعيم هذا الجانب من البحث
بإعطاء أسر المراهقين استمارات لمألها ،إال أن ذلك لم يتسن لنا ذلك بسبب أن أغلبية األسر ال
112
يملكون مستوى دراسي يؤهلهم لإلجابة على أسئلة االستمارة .كما أننا لم نتمكن بالقيام المقابالت
سواء مع المراهقين أو أسرهم بسبب حساسية المعلومات المطلوب تحصيلها من المحبوسين
وكذا عدم تقلهم لمثل هذه الممارسات العلمية.
وعليه تتكون عينة البحث من 12عشرة مراهقين ذكور (كون الذكور هم أكثر فئة تنتشر في
صفوفها السلوكيات العدوانية) ،تتراوح أعمارهم بين 15و ،18يمثلون المرحلة المتوسطة
لفترة المراهقة ،والذي تبين من خالل القيام بعملية المالحظة أنهم يتميزون بمجموعة من
السلوكيات العدوانية التي تهم موضوع البحث.
يعرف المنهج العلمي بأنه نسق من القواعد والتقنيات التي تضمن أن البحث سيؤدي إلى
تعميمات صادقة وبالتالي إلى نظريات فالفروض ال يتم اختبارها واإلشكالية العلمية ال يتم حلها
إال بإتباع منهج للدراسة يتم التخطيط له بغاية من األخذ بعين االعتبار نوعية الموضوع وطبيعة
المشكل ونوعية البيانات المتوفرة نظرا لطبيعة بحثنا المتعلق بفعالية مراكز الرعاية االجتماعية
ودورها في تنشئة طفل الشارع اجتماعيا ،فقد اعتمدنا على المنهج الوصفي التحليلي الذي نعتمد
فيه على وصف وتحليل ظاهرة الدراسة بدقة وموضوعية ،كما يهتم بتحديد الظروف والعالقات
التي توجد بين الظواهر التي تبدو أنها في طريق التطور والنمو.
ويعرفه :أنه المنهج الذي يجب أن يكون قاصرا ومختصا بالبحث عن الظواهر والوقائع في
الوقت الراهن ،كما أنه يتضمن دراسة الحقائق الراهنة المتصلة بمجموعة من األوضاع
واألحداث والناس.
113
رابعا :أداة البحث:
-4.1المالحظة:
المالحظة أداة من أدوات البحث العلمي والتي يتم بواسطتها مراقبة ومشاهدة الظاهرة كما
كما وكيفا ،وهي أداة هامة يستخدمها الباحثون للوقوف على
هي في الواقع والتعبير عنها ً
الظاهرة في وضعها الطبيعي التلقائي دون أن يكون هناك تدخل من قبل الباحث في معادلة
الظاهرة أو مفرداتها أو طبيعة العالقات الناشئة بين أجزائها ،والبد من القول أن المالحظة
تحتاج إلى تدريب وتمرين وتركيز كبير ليستطيع المشاهد أن يوجه اهتمامه وانتباهه إلى ما يود
78
دراسته .لذلك فإن المالحظة تعتمد بشكل كبير على الحواس وخاصة حاسة النظر.
لقد كانت المالحظة البسيطة هي أول ما لفت انتباهنا لموضوع البحث ،فانتشار الكثير من
المظاهر السلبية والخاطئة من عدوانية وعنف في أوساط المراهقين الذكور خصوصا داخل
مجتمع البحث المتمثل في حي دار الدخان بالقصر الكبير ،والتي ال تمت بأي صلة لقيمنا الدينية
األصيلة وقيمنا االجتماعية ،كل هذا أدى بنا إلى االنتباه والتساؤل عن أسباب الظاهرة.
-4.2االستبيان (االستمارة):
هي األداة الثانية التي تم االستعانة بها واالستبيان عبارة عن مجموعة من األسئلة المرتبة
حول موضوع معين يتم وضعها في إستمارة ترسل ألشخاص معنيين عي طريق البريد أو
يجري تسليمها باليد تمهيدا للحصول على أجوبة األسئلة الواردة فيها وبواسطتها يمكن التوصل
إلى حقائق جديدة عن الموضوع والتأكد من معلومات متعارف عليها لكنها غير مدعمة
79
بحقائق.
ولما كانت األداة تختلف باختالف أهداف لبحث واألسئلة المطروحة والمجتمع الذي ستطبق
عليه ،فإن صحيفة االستبيان هي األداة المناسبة إلجراء هذه الدراسة لعدد من االعتبارات منها:
مومن محمد ،دليل الباحث في منهجية البحث العلمي،ط ،1شمس برينت 1،الرباط ،المغرب ،2019 ،ص 94 78
114
عدم القدرة على إجراء المقابلة. -
كثرة المعلومات المراد تحصيلها من المبحوثين ( المراهقين). -
حساسية بعض المعلومات المطلوب تحصيلها من المبحوثين فيما طلبت منهم مباشرة -
عن طريق المقابلة.
وقد طبقت االستمارة في هذا البحث عن طريق مقابلة المبحوثين لمدة تدوم ما بين 5إلى 10
دقائق ،كون معظمهم ذوي مستوى تعليمي ضعيف ال يمكنهم من فهم األسئلة جيدا أو حتى
قراءتها أحيانا.
115
الفصل الثاني :
116
تمهيد
يتناول هذا الفصل تحليل نتائج الدراسة الميدانية ،وذلك من خالل عرض نتائج تساؤالت
وفروض البحث ومعالجتها إحصائيا ،وصوال إلى النتائج وتحليلها وتفسيرها في ضوء األطر
النظرية للدراسة الميدانية المتعلقة بدراسة "العالقة بين التنشئة األسرية والسلوك العدواني لدى
المراهق" .ولقد اشتملت االستمارة على متغيرات أولية التي تتعلق بالبيانات الشخصية للمبحوثين
كالسن والمستوى الدراسي وعدد أفراد األسرة والحالة االقتصادية لألسرة. ...
كما اشتملت االستمارة على متغيرات الدراسة األساسية عن السلوك العدواني في أوساط
المراهقين ،وتضمنت محاور أربعة هي:
يتم التعرف على مجتمع البحث عن طريق معرفة خصائص أفراد العينة التي أجريت عليا
الدراسة ،لما لتلك الخصائص من أهمية في معرفة مدى تأثيرها على المتغيرات األساسية عن
العدوانية لدى المراهق .وذلك من خالل الجداول واألشكال التوضيحية وعرض النتائج المتعلقة
بهم والتي تتمثل في إجابات أفراد عينة الدراسة المتكونة من مراهقين ذكورا فقط على بنود
الجزء الخاص بالبيانات األولية من االستمارة كما يلي:
117
توزيع أفراد عينة الدراسة وفقا للعمر: .1
إن التعرف على أعمار عينة الدراسة يلقي الضوء على نتائج الدراسة حيث يكون للعمر أثر
على نوعية إجاباتهم ،كما الحال بالنسبة إلى خصائصهم الشخصية األخرى وهو ما يعرضه
الجدول والشكل البياني التالي:
%8
%33
%52
%33
يتبين من خالل الجدول والشكل البياني أعاله أن الفئة العمرية ما بين 15سنة و 16سنة تشكل
أعلى نسبة ،ثم تليها الفئة العمرية ما بين 17سنة و 18سنة.
ويستنتج من هذا الجدول أن أعمار أغلب المبحوثين تنتمي إلى بداية مرحلة المراهقة الوسطى
من مراحل المراهقة حسب ما سبق ذكره في الشق النظري ،وهذه المرحلة تعتبر من أشد
118
المراحل أهمية وخطورة لما تتميز به من تغيرات جسمية ونفسية واجتماعية قد تدفع إلى
االندفاع والتهور والعنف ،مما يتطلب الحرص في التعامل معها وفقا لألساليب الصحيحة.
%71
%24
%24
بدراسة وتحليل محتوى الجدول يتبين أن المستوى الدراسي االبتدائي يحتل أعلى نسبة %42
يليه اإلعدادي بنفس النسبة تقريبا %40.7على عكس من ذلك ،قد احتل المستوى الثانوي نسبة
%16.7فقط ،فأغلب المبحوثين مع أنهم في سن المدرسة الثانوي إال أنهم ال يزالون في
مستوى إعدادي مما يدل على نقص في المستوى التعليمي ألغلبية أفراد العينة.
119
توزيع أفراد عينة الدراسة وفقا لعدد أفراد األسرة: .3
%8
%8
%38
يتضح من بيانات الجدول أعاله أن عدد أفراد األسرة أكثر من أربعة أفراد قد احتل أعلى
تصنيف بنسبة ،%83.3ويستخلص من هذا الجدول أن فئة أكثر من أربعة أفراد تعتبر فئة
عالية بالنظر إلى ظروف معيشة عينة الدراسة ،وقد يعزى إلى الظروف االجتماعية
واالقتصادية التي تعاني منها أسر األحياء الشعبية.
120
النسبة المئوية التكرار المستوى
التعليمي
33.3% 4 أمي
50% 6 إبتدائي
8.3% 1 إعدادي
8.3% 1 ثانوي
0% 0 جامعي
100% 12 المجموع
%05
يوضح استعراض بيانات الجدول أن المستوى الدراسي لألب (ابتدائي) يحتل المرتبة األولى
بنسبة ،%50إال أن نسبة مهمة من أباء المبحوثين هم أميون بنسبة .%33.3
يالحظ من الجدول االرتفاع النسبي للمستوى الدراسي ( أمي ،ابتدائي) بنسبة ،%84وال شك
أن ذلك يؤثر على مستوى السلوك العدواني لدى المراهق ،حيث أن ثقافة الوالدين يكون له
تأثيراً هاماً على األبناء تربوياً وتعليمياً ،فاألبناء هم انعكاس لثقافة الوالدين ،لذا يعتبر مستوى
التحصيل العلمي للوالدين أمراً مؤثراً في هويتهم وتفاعلهم مع أفراد المجتمع.
121
جدول رقم 5توزيع أفراد العينة وفقا للمستوى الدراسي لألم
%71
يدل استعراض بيانات الجدول أن المستوى الدراسي لألم ( متوسط ،ابتدائي) يحتل نسبة مهمة (
)%50ومستوى الثانوي نسبة %50ومستوى الدراسات العليا واإلعدادي .%0
وال شك أن ذلك يؤثر على مستوى السلوك العدواني لدى المراهق ،حيث أن ثقافة الوالدين
يكون له تأثيراً هاماً على األبناء تربوياً وتعليمياً ،فاألبناء هم انعكاس لثقافة الوالدين ،لذا يعتبر
مستوى التحصيل العلمي للوالدين أمراً مؤثراً في هويتهم وتفاعلهم مع أفراد المجتمع.
122
توزيع أفراد عينة الدراسة وفق الحالة االجتماعية للوالدين: .6
%57
حسب بيانات الجدول فإن الحالة االجتماعية للوالدين ( يعيشان معا) احتلت التصنيف األول
بنسبة %75تليها حالة (مطلقان) بنسبة 17%مع حالة واحدة متوفية األم.
ويستخلص من هذا الجدول استقرار الحياة االجتماعية الحالية ألغلب أفراد العينة المدروسة،
حيث يعيشون في كنف العائلة ،وهذا من المفترض أن يؤثر بطبيعة الحال إيجابيا على سلوكهم
123
وتصرفاتهم ،وال شك أن ذلك يؤثر إيجابيا في تنشئتهم االجتماعية ،وبالتالي تقل درجة السلوك
العدواني.
%71
%33
%71
%8
%52
124
بالنظر إلى محتويات الجدول يتبين أن مهنة األب (عامل أجرة يومي) قد احتلت التصنيف األول
بنسبة %33.3وتليها ( ال يعمل) بنسبة %25تليها (عامل أجرة يومي) بنسبة%16.7
ومتقاعد بنفس النسبة وموظف بنسبة .%8.3
ويستنتج من الجدول أن مهن آباء أغلب المبحوثين غير مستقرة ،وهذا نتيجة األوضاع
االقتصادية التي تشهدها ساكنة األحياء الفقيرة .وهو ما ينعكس سلبا على حياة المراهق.
125
توزيع أفراد عينة الدراسة حسب مهنة األم
%12
%7 %05
%12
تبين محتويات الجدول أن نسبة %63.6من أمهات المبحوثين يعملون بأجرة يومية ،تليها نسبة
%27.3ال تعمل و نسبة %9.1تعمل كموظفة.
هذا ما يشير إلى صعوبة الوضع االقتصادي التي تعيشه أسر المبحوثين الذي اضطر األمهات
أن تخرج للعمل الشاق من أجل محاولة تحسين المعيشة ،وهذا ما يكون له انعكاس سلبي على
المراهق ،بحيث أن األم تضطر للعمل وترك المنزل.
توزيع أفراد عينة الدراسة وفقا للمستوى السوسيو اقتصادي لحي السكن: .9
126
توزيع أفراد عينة الدراسة وفقا للمستوى السوسيو اقتصادي لحي السكن
%33
%76
%8
%24
%05
بدراسة وتحليل معطيات ونتائج الجدولين رقم 9ورقم ،10يتضح أن مستوى الحي االقتصادي
المنخفض والمتوسط نوعا ما قد احتال المرتبة األولى بنسبة تفوق ،50%إال أن أغلبية أسر
127
المبحوثين تعيش في بيت ملك ،لكن هذا ال ينفي أن نوع السكن في مستوى منخفض ال يؤثر
على درجة سلوك المراهق العدواني سلبيا.
%8
%8
%24
%71
%52
0001
درهم أقل من 0051
درهم 0001
إلى من جرهم
0002 0051
إلى من
0052
درهم 0002
إلى من 0003
درهم 0052
إلى من 0003
درهم أكثر من
يتضح من الجدول أن الدخل الشهري ما بين 1000و 1500درهم يحتل التصنيف األول
بنسبة %41.7ويليه الدخل الشهري من 1500إلى 2000درهم 25%ثم الدخل أقل من
1000درهم بنسبة ،16.7%فيما لم يحتل الدخل أكثر من 3000درهم أقل من نسبة .9%
128
ويستخلص من الجدول أن الدخل الشهري ألغلب لمبحوثين دون المستوى المعيشي المطلوب،
وهذا راجع النعكاسات االقتصاد العام للدولة ،وكذلك يتفق مع الجدول الخاص بالمستوى
التعليمي لكال الوالدين و ووظائفهم.
لإلجابة على هذا التساؤل األول من تساؤالت الدراسة ،قمنا بتناول وتحليل إجابات أفراد
العينة حيال هذا التساؤل من خالل ترتيب عبارات أنماط السلوك العدواني السائدة بين
المراهقين ،مع استعراض النسب المؤوية لتكرارات الموافقة أو عدم الموافقة (دائما ،أحيانا،
نادرا) .ويتبين ذلك من خالل الجدول اآلتي:
جدول رقم 12استجابة أفراد عينة الدراسة تجاه أنماط السلوك العدواني السائد بين
المراهقين
129
ت
100 %النسبة
0% 8.3% 58.3% 33.3%
%
12 التكرارا
0 1 8 3
ت أجد رغبة قوية لضرب شخص في بعض
المجموع
100 %النسبة األحيان
0% 8.3% 66.6% 25%
%
12 التكرارا
0 3 6 3
ت أشعر أحيانا أنني قنبلة على وشك
المجموع
100 %النسبة اإلنفجار
0% 25% 50% 25%
%
12 التكرارا
0 2 6 4
ت يرى أصدقائي Zأنني شخص مثير للجدل
المجموع
100 %النسبة والخالف
0% 16.6% 50% 33.3%
%
12 التكرارا
0 1 7 4
ت
المجموع يعتقد أصدقائي أنني شخص متهورZ
100 %النسبة
0% 8.3% 58.3% 33.3%
%
12 التكرارا
0 0 6 6
ت
المجموع سبق لي أن ضربت أشخاصا
100 %النسبة
0% 0% 50% 50%
%
12 المجموع التكرارا ال أستطيع التحكم في انفعاالتي
0 1 4 7
ت
100 0% 8.3% %النسبة 33.3% 58.3%
%
12 المجموع التكرارا أأحدث شغبا عندما أجتمع مع أصدقائي
0 2 7 3
ت
100 0% 16.6% 58.3% 25% %النسبة
130
%
12 التكرارا
4 4 2 2
ت
المجموع تخريب وتكسير األشياء
100 %النسبة
33.3% 33.3% 16.6% 16.6%
%
-أظهرت نتائج الدراسة أن أحد األنماط السائدة بدرجة متوسطة في السلوك العدواني لجى
المراهق وهو السب والشتم بألفاظ نابية قد جاء في المرتبة األولى بنسبة موافقة (أحيانا) %
.75
-ومن أنماط السلوك العدواني لدى المراهق السائدة نجد في المرتبة الثانية الضرب أي
العنف البدني بنسبة موافقة (دائما) %50ونسبة موافقة (أحيانا) .،%50
-بينت إجابات المبحوثين عن نفس النسبة بالنسبة ألحد أنماط السلوك العدواني وهما:
االشتراك في العراك والرغبة القوية لدى بع المراهقين في ضرب األشخاص حيث حازت
نسب الموافقة (دائما) على %25ونسب الموافقة (أحيانا) على .%66.6
-وقد بينت نسب مهمة من إحصاء المبحوثين عن أن معظم المراهقين ال يستطيعون
التحكم في انفعاالتهم ،إذ نجد أن %58.3عبروا عن نسبة موافقة (دائما) و %58.3عبروا
على نسبة موافقة (أحيانا) على أنهم يبدون االنزعاج بسرعة وفي أي موقف ،ثم إن
%66.6بنسبة موافقة (دائما) قد يضربوا شخصا إذا غضبوا.
-إن ما يستخلص من بيانات الجدول أن معظم المراهقين المبحوثين يتمتعون بسلوكيات
عدوانية متنوعة وبدرجة مهمة ،وهذا ما يتفق ما جاء في الشق النظري حول أشكال السلوك
العدواني.
نتائج محور أساليب التنشئة داخل األسرة: .2
لإلجابة على هاذين التساؤلين :ما دور التنشئة األسرية في السلوك العدواني للمراهق؟ وهل
ظهور السلوك العدواني لدى المراهق هو انعكاس للتنشئة األسرية الخاطئة والمفرط فيها ؟ ،قمنا
بتناول وتحليل إجابات أفراد عينة الدراسة حيال هذا التساؤل من خالل ترتيب عبارات دور
131
التنشئة األسرية وأساليبها في السلوك العدواني لدى المراهق ،مع استعراض النسب المئوية
لتكرارات الموافقة وعدم الموافقة(دائما ،أحيانا ،نادرا) .ويتبين ذلك من خالل الجدول اآلتي:
جدول رقم 13استجابة أفراد عينة الدراسة حول دور التنشئة األسرية في السلوك العدواني لدى المراهق
لتحقق من هذا الفرض قمنا بتناول وتحليل استجابات أفراد العينة حيال هذا التساؤل ،ما دور
الوضع االجتماعي لألسرة في السلوك العدواني للمراهق ؟ من خالل ترتيب عبارات دور
الوضع االجتماعي لألسرة في السلوك العدواني .مع استعراض النسب المئوية لتكرارات
الموافقة وعدم الموافقة(دائما ،أحيانا ،نادرا) .ويتبين ذلك من خالل الجدول اآلتي:
جدول رقم 14استجابة أفراد عينة الدراسة تجاه دور الوضع االجتماعي في السلوك العدواني لدى
المراهق
135
الوالدين وكثرة الخصام بينهما وكثرة المشاكل العائلية وطول فترة مكوث األب خارج منزل
األسرة والسكن في حي هش اجتماعيا ،وهذا ما ينعكس سلبا على سلوك المراهق.
-في حين أن نسب الموافقة (دائما ،أحيانا) في ما يخص طول فترة مكوث األم خارج
المنزل لم تتجاوز ،%25وهو ما يؤثر باإليجاب على المراهق في أن يجد من يعوض غياب
األب في البت.
-بينت النتائج عن نسبة ( %8.3دائما) بالنسبة لوفاة أحد الوالدين ،وهو ما يؤثر في
إنجابيا السؤالين التالين في أن حالة الموافقة (داءما) كانت بنسبة %25بنسبة لتعدد زوجات
األب وتزوج األب بعد وفاة األم أو حدوث الطالق.
-ومن هنا نكون قد المسنا الدور المهم الذي تلعبه األوضاع االجتماعية في عملية التنشئة
األسرية ،وهو ما سبق ذكره في الشق النظري عند الحديث عن االتجاه التكاملي في تفسير
السلوك العدواني.
نتائج محور الوضع االقتصادي وأثره على السلوك العدواني: .4
يساهم الوضع االقتصادي في تنمية السلوك العدواني للمراهق.
لتحقق من هذا الفرض قمنا بتناول وتحليل استجابات أفراد العينة حيال هذا التساؤل ،ما دور
الوضع االقتصادي لألسرة في السلوك العدواني للمراهق ؟ من خالل ترتيب عبارات دور
الوضع االقتصادي لألسرة في السلوك العدواني .مع استعراض النسب المئوية لتكراراتZ
الموافقة وعدم الموافقة (نعم ،بصعوبة) .ويتبين ذلك من خالل الجدول اآلتي:
جدول رقم 14استجابة أفراد عينة الدراسة تجاه دور الوضع االقتصادي في السلوك العدواني لدى
المراهق
لألسرة بنسب موافقة (نعم) %100تتبعها نسبة ( %83.3نعم) فيما يخص السكن في األ؛
-ثم إن نسبة 58.3%من األسر تتفشى فيها البطالة مما يطرح صعوبة في عدم توفير
الشروط المعيشية الضرورية بنسبة %50من األسر (نعم) و %50من األسر (بصعوبة)
137
وكذا عدم تلبية األسرة لحاجيات المراهق بنسبة موافقة ( %66.6نعم) و %33.3
(بصعوبة) ،حيث أن نسبة %41.6من األسر ال تتوفر على دخل ثابت ،يفرض عليها
التقشف في تسيير الدخل.
-ومن هنا نكون قد المسنا الدور المهم الذي تلعبه األوضاع االقتصادية في عملية التنشئة
األسرية ،وهو ما سبق ذكره في الشق النظري عند الحديث عن االتجاه التكاملي في تفسير
السلوك العدواني.
تلعب التنشئة األسرية دورا هاما في نمو السلوك العدواني لدى المراهق.
من خالل المعطيات النظرية وما جاءت به نتائج الدراسة الميدانية يتضح أنه للتنشئة األسرية
دور مهم في تشكيل وتطوير السلوك عند أبنائها ،إذ أتثبت نتائج االستمارة أن المراهقين الذين
يتلقون تنشئة أسرية غير سوية من ناحية أساليب المعاملة الوالدية أو الوضع االجتماعي
واالقتصادي المنخفض وغير المستقر يتصفون بسلوكيات عدوانية بنسبة مهمة ،ذلك مع ما
يعيشه المراهق من تغيرات لم يعدها جسمية وعقلية ونفسية وجنسية تجعله معرضا ألن يخرج
سلوكه عن السيطرة إن لم يحاط بأسرة تفهم ما يمر به وتحاول توجيهه ألن يكون شخصا
إيجابيا .وعلية تكون الفرضية العامة للدراسة قد تحققت.
تنص الفرضية الفرعية األولى على أن السلوك العدواني هو انعكاس ألساليب بالتنشئة
األسرية الخاطئة والمفرط فيها ،حيث أثبتت نتائج الجدول 12على وجود دور كبير ألساليب
التنشئة األسرية في السلوك العدواني.
138
إن معظم إجابات المبحوثين تقر على أنهم يتلقون معاملة قاسية من طرف األسرة من إهمال
وانعدام للمراقبة وكبت ،فهذه كلها أساليب تربوية خاطئة يكون له انعكاس سلبي على المراهق
واضطراب سلوكه .وهذا ما يتوافق مع ما جاء في اإلطار النظري للدراسة عن أسباب
السلوكيات العدوانية التي ترجع إلى أساليب التنشئة األسرية الخاطئة والمفرط فيها.
تنص الفرضية الفرعية الثانية على أنه ال توجد عالقة ارتباطيه بين الوضع االجتماعي
والسلوك العدواني لدى المراهق ،إال نتيجة آراء المبحوثين المبينة في الجدول رقم 13تشير
إلى وجود دور كبير للعوامل االجتماعية لألسرة على السلوك العدواني للمراهق ذلك أن أغلبية
األسر تعيش في مجتمع مليء بالخالفات والمشاكل وعدم االستقرار ،ومن أهم هذه العوامل
االجتماعية والتي جاءت في الترتيب األول "انعدام التفاهم بني الوالدين ،كثرة المشاكل العائلية
وطول مكوث األب خارج البيت والسكن في حي هش ."...وتتواكب هذه النتائج ما ما جاء في
الشق النظري من البحث حول أسباب السلوك العدواني واالتجاهات النظرية المفسرة للسلوك
العدواني وهو االتجاه التكاملي الذي يشير إلى تأثر السلوك المنحرف بعوامل عدة منها العوامل
االجتماعية.
إن ما توصلت إلية الدراسة الميدانية يعبر عن وجود عالقة ارتباطيه بين السلوك العدواني
والوضع االجتماعي ،وعليه فإن الفرضية الفرعية الثانية لم تتحقق.
تنص الفرضية الفرعية الثانية على أنه ال توجد عالقة ارتباطيه بين الوضع االقتصادي
والسلوك العدواني لدى المراهق ،إال نتيجة آراء المبحوثين المبينة في الجدول رقم 14تشير
139
إلى وجود دور كبير للمستوى االقتصادي لألسرة على السلوك العدواني للمراهق ذلك أن أغلبية
األسر تعيش أوضاع اقتصادية مالية متدهورة ،ومن أهم هذه العوامل االقتصادية والتي جاءت
في الترتيب األول "الفوارق االقتصادية والمعيشية بين المراهقين ،السكن في أحياء فقيرة ،عدم
توفر الشروط المعيشية الضرورية ."...وتتواكب هذه النتائج ما ما جاء في الشق النظري من
البحث حول أسباب الشلوك العدواني واالتجاهات النظرية المفسرة للسلوك العدواني وهو االتجاه
التكاملي الذي يشير إلى تأثر السلوك المنحرف بعوامل عدة منها العوامل االقتصادية.
إن ما توصلت إلية الدراسة الميدانية يعبر عن وجود عالقة ارتباطيه بين السلوك العدواني
والوضع االجتماعي ،وعليه فإن الفرضية الفرعية الثانية لم تتحقق.
لقد توصلت الدراسة الحالية إلى مجموعة من النتائج انطالقا من المعطيات الميدانية تتعلق :
140
.%50الشيء الذي يتفق مع المستوى التعليمي لكال الوالدين و ووظائفهم ،حيث أن نسبة كبير
تفوق النصف من آباء المبحوثين يشغلون وظائف غير مستقرة ذات دخل محدود.
-ثانيا :اتضح من إجابات أفراد العينة أن متوسط إلى أغلب آراء المراهقين اتجاه أنماط
السلوك العدواني السائد لدى المراهق بأن بلغت نسبة الموافقة (دائما ،أحيانا ،نادرا) أكثر من %
60مما يعبر عن وجود أنماط سائدة نوعا ما في السلوك العدواني لدى المراهق وكان في
مقدمتها الشتم والسب والضرب.
-ثالثا :اتضح من متوسط آراء العينة حول دور التنشئة األسرية بمختلف أساليبها في السلوك
العدواني لدى المراهق ،أن نسبة الموافقة (دائما ،أحيانا ،نادرا) بلغت في مجملها نسب تتراوح
بين 40%و 60%مما يعبر عن وجود دور مهم وعالقة إرتباطية بين التنشئة األسرية غير
السوية والسلوك العدواني.
-رابعا :يتضح من إجابات العينة وفقا آلرائهم إزاء "دور المستوى االجتماعي لألسرة في
السلوك العدواني أن نسبة الموافقة (دائما ،أحيانا ،نادرا) بلغت ما بين %25و 60%وهي
نسبة مهمة .مما يشير إلى وجود عالقة ارتباطيه بين الوضع االجتماعي لألسرة و السلوك
العدواني لدى المراهق.
-خامسا :اتضح من أغلبية أفراد العينة وفقا آلرائهم إزاء دور الوضع االقتصادي لألسرة في
السلوك العدواني ،فقد بلغت نسبة الموافقة ( نعم ،بصعوبة) حوالي ،70%مما يشير إلى وجود
عالقة ارتباطيه بين المستوى االقتصادي لألسرة و السلوك العدواني لدى المراهق ،وكان في
مقدمتها ( تفشي البطالة ،الفروق االقتصادية بين المراهقين ،عدم توفير حاجيات المراهق،
السكن غير المالئم)
إنه ومن خالل هذه النتائج يمكن أن نجزم بالدور المهم التي تلعبه التنشئة األسرية في
إما تنمية السلوك العدواني عند المراهق أو تخفيفه ،خاصة أن المراهقة هي من
المراحل الحساسة في مسار الفرد ،فكل ما يتلقاه المراهق من تنشئة منذ الطفولة سواء
141
بالسلب أو اإليجاب سيؤثر في شخصيته ،ذلك أن العوامل األسرية بمجملها تساهم في
تكون السلوك العدواني عند المراهق ،وال نقصي من ذلك الدور المهم الذي تلعبه
أوضاع األسرة االقتصادية واالجتماعية.
-2.3التوصيات:
في ضوء النتائج التي أسفرت عنها المعطيات الميدانية لهذه الدراسة ،نقترح عددا من
التوصيات التي نأمل أن يكون لها مردود فعلي وتطبيقي لمعالجة السلوك العدواني في صفوف
المراهقين:
أظهرت النتائج ضعف النسيج االجتماعي في احتواء مشكالت المراهقين ،فيمكن
التوصية باالهتمام بالمراهق خاصة في المرحلة الحرجة التي تصاحبها مجموعة من
التغيرات التي سبق وأن ذكرناها في الجانب النظري.
بناءا على ما توصلت إليه الدراسة من وجود عالقة بين التنشئة األسرية والسلوك
العدواني للمراهق ،يمكن التوصية بالقيام بعمل المزيد من برامج التوعية لألسر من
خالل وسائل اإلعالم لالهتمام بالتربية والتنشئة االجتماعية السليمة لألبناء عن طريق
تقوية الوازع األخالقي والديني وغرس القيم اإليجابية في المراهق قصد تهيئته ليكون
فردا صالحا.
أشارت النتائج إلى المفعول السلبي للمشاكل العائلية والخصام وانعدام التفاهم بين
الوالدين ،وعليه يوصى باالنتباه للمشاكل العائلية ومحاولة إبعادها عن مرأى المراهق
وما تلعبه من دور سلبي في حياة المراهق.
إن وجود فروق اقتصادية ومعيشية بين أفراد عينة الدراسة يؤثر على سلوك المراهق،
لذا نوصي بالرفع من المستوى المعيشي للمواطن مما يضمن العيش الكريم.
على األسرة أن تبتعد عن أساليب المعاملة غير الصحيحة كالرفض والتفرقة والتسلط
ولالمباالة نظرا لما تلعبه األسرة من دور فعال في تنمية وتوجيه سلوك الفرد.
142
وفي األخير نوصي بضرورة إجراء المزيد من البحوث والدراسات حول السلوك
العدواني لدى المراهق المغربي بمختلف المناطق وإ جراء المقارنة بينها.
خاتمة
143
تعتبر مرحلة المراهقة من المراحل الحساسة والحرجة في حياة الفرد لما يطرأ عليه من
تغيرات في مختلف النواحي الجسدية والجنسية والعقلية واالجتماعية ،...والتي تختلف شدة
تأثيرها من فرد آلخر نتيجة التفاعل الحاصل بين هذه التغيرات والمتغيرات الثقافية واالجتماعية
واالقتصادية التي يحيا في كنفها المراهق.
وفي هذا المقام تلعب التنشئة األسرية دورا مهما وبارزا في جعل هذا المراهق ناضجا
ومتزنا وإ يجابيا في سلوكياته وممارساته إزاء مختلف المواقف االجتماعية ،كما قد تجعل منه
فردا سلبيا ،ألن أي خطأ في التنشئة يؤدي إلى انعكاسات سلبية لربما قد تصل إلى انحرافات
سلوكية خطيرة ،دون أن ننسى الدور الذي تلعبه الظروف االجتماعية واالقتصادية في حياة
المراهق ،حتى وإ ن لم تكن سببا مباشرا ،ذلك أن الظروف االجتماعية واالقتصادية الجيدة تسمح
للمراهق بالحصول على متطلباته وحاجاته األساسية وحتى تلك التي يراها الوالدين كمالية ،ألنه
بذلك سوف يشعر بالنقص أمام ما يشهده من فروق بالمقارنة مع رفقائه.
وهذا ما حولنا الكشف عنه من خالل بحثنا هذا ،بحيث قمنا بذلك من خالل التدرج بدَأ
بالجانب النظري ،وصوال إلى الجانب الميداني التطبيقي ،وانتهاء بالنتائج الميدانية المبينة سلفا،
إذ تبين أن للتنشئة األسرية دور مهم في تبني المراهق للسلوك العدواني.
المراجع
144
القرآن الكريم:
المعاجم:
أبو الفضل محمد إبن منظور ،لسان العرب معجم ،1دار المعرفة ،القاهرة ،مصر1979، -3
أبو الفضل محمد ابن منظور ،لسان العرب ،مادة رهق ،حرف الراء ،دار صادر ،بيروت، -4
لبنان2003 ،
الكتب:
أبو جادو صالح محمد علي ،سيكولوجية التنشئة االجتماعية ،دار المسيرة ،ط ،2عمان، -5
األردن2007 ،
أبو جادو صالح محمد علي ،سيكولوجية التنشئة االجتماعية ،دار المسيرة ،ط 1عمان، -6
األردن1999 ،
زهران حامد عبد السالم ،علم النفس االجتماعي ،عالم الكتب ،القاهرة ،مصر،1984 ، -7
زهران حامد عبد السالم ،علم النفس النمو ،عالم الكتب ،ط ،1القاهرة1977 ، -8
زهران حامد عبد السالم ،علم نفس النمو ،دار النهضة المصرية ،القاهرة ،مصر1986 ، -9
زيدان مصطفى محمد ،النمو النفسي للطفل والمراهق وأسس الصحة النفسية ،منشورات -10
الجامعة الليبية ،ط 1972 ،1
سليم مريم ،علم النفس النمو ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع ،بيروت ،لبنان، -11
2002
سهير كامل أحمد ،أسليمان شحاثة أحمد ،تنشئة الطفل وحاجاته بين النظرية والتطبيق، -12
مركز اإلسكندرية للكتاب للطباعة والنشر والتوزيع ،اإلسكندرية ،مصر 2002
السيد البهي فؤاد ،األسس النفسية للنمو من الطفولة إلى الشيخوخة ،دار الفكر العربي، -13
القاهرة ،مصر1998 ،
145
سيد رمضان ،إسهامات الخدمة االجتماعية في مجال األسرة والسكان ،دار المعرفة -14
الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر1999 ،
الشربيني زكريا ،صادق يسرية ،تنشئة الطفل وسبل الوالدين في معاملته ومواجهة -15
مشكالته ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،مصر2000 ،
عبادة أحمد ،مقاييس الشخصية للشباب والراشدين ،مركز الكتاب للنشر ،ط 1القاهرة، -16
مصر2001 ،
عبد السالم فاروق ،طاهر ميسرة ،سلسلة بحوث نفسية وتربوية ،دار الهدى للنشر -17
والتوزيع ،الرياض ،السعودية1990 ،
العجرش حيدر ،مراحل المراهقة ،جامعة بابل2011 ، -18
العقاد عبد اللطيف عصام ،سيكولوجية العدوانية وترويضها ،دار غريب للطباعة والنشر -19
والتوزيع ،القاهرة ،مصر2001 ،
علياء شكري ،التربية والثقافة األسرية ،دار المناهج ،ط ،1األردن2009 ، -20
مجدي أحمد عبد هللا ،النمو النفسي بين السواء والمرض ،دار المعرفة الجامعية للطباعة -21
والنشر والتوزيع ،اإلسكندرية ،مصر2003 ،
محمد عماد إسماعيل ،النمو في مرحلة المراهقة ،دار القلم ،الكويت1982 ، -22
مصطفى فاروق أسامة ،مدخل إلى االضطرابات السلوكية واالنفعالية (األسباب-التشخيص- -23
العالج) ،دار المسيرة للنشر والتوزيع ،ط ،1عمان ، ،األردن2011 ،
المعاليقي عبد اللطيف ،المراهقة أزمة هوية أم أزمة حضارة ،شركة المطبوعات للتوزيع -24
والنشر ،بيروت1996 ،
معان جبر سعيد ،سيكولوجية التنشئة األسرية للفتيان ،علم المكتب الحديث للنشر والتوزيع، -25
ط ،1عمان2008 ،
معوض ميخائيل خليل ،مشكالت المراهقين في المدن والريف ،دار المعارف ،القاهرة، -26
مصر1971 ،
ممدوحة سالمة مجمد ،أساليب التنشئة وعالقتها بالمشكالت النفسية في مرحلة الطفولة -27
الوسطى ،رسالة دكتوراه مقدمة لجامعة عين شمس ،القاهرة ،مصر1984 ،
146
منصور سيد عبد المجيد ،الشربيني أحمد زكريا ،األسرة على مشارف القرن 21األدوار- -28
المرض النفسي -المسؤوليات ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،مصر2000 ،
مومن محمد ،دليل الباحث في منهجية البحث العلمي،ط ،1شمس برينت ،الرباط ،المغرب، -29
2019
مومن محمد ،ظاهرة أطفال الشوارع بالمغرب دراسة ميدانية ،طوب بريس ،22الرباط، -30
المغرب2010 ،
الهمشري علي قطب محمد ،عبد الجواد محمد وفاء ،سلسلة المشكالت السلوكية لألطفال: -31
عدوان الطفل ،مكتبة العبيكان ،ط ،2الرساض ،السعودية2000 ،
وفيق صفوت مختار ،مشكالت األطفال السلوكية (األسباب وطرق العالج) ،دار العلم -32
والثقافة ،ط ،1القاهرة ،مصر1999 ،
الرسائل الجماعية:
جاهمي بسمة ،بن يحيى مريم ،السلوك العدواني عند المراهق الذي يعاني من التفكك -33
األسري (دراسة ميدانية)
حمدان فاطمة ،والد بلقاسم بشرى ،التنشئة األسرية وعالقتها بالعنف المدرسي(دراسة -34
ميدانية) ،مذكرة لنيل شهادة الماستر ،جامعة عبد الحميد بن باديس ،مستغانم ،الجزائر،
2017
شرقي رحيمة ،أساليب التنشئة األسرية وانعكاساتها على المراهق (دراسة ميدانية) ،مذكرة -35
لنيل شهادة الماجستير ،جامعة الحاج لخضر كلية العلوم االجتماعية والعلوم اإلسالمية،
الجزائر2005 ،
الشهري بن عراد عبد هللا ،فعالية اإلرشاد االنتقائي في خفض مستوى سلوك العنف لدى -36
المراهقين ،مذكرة لنيل شهادة الدكتوراه ،جامعة أم القرى ،السعودية2008 ،
شوامرة عيسى ،أنماط التنشئة الوالدية وعالقتها بالخجل لدى طلبة الصف األول الثانوي في -37
محافظة رام هللا ،رسالة ماجستير ،جامعة القدس ،القدس ،فلسطين2008 ،
147
عزي الحسين ،األسرة ودورها في تنمية القيم االجتماعية لدى الطفل في مرحلة الطفولة -38
المتأخرة (دراسة ميدانية) ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير ،جامعة مولود معمري كلية العلوم
اإلنسانية واالجتماعية ،الجزائر2014 ،
العلجي عائشة ،بلعربي هاجر ،أساليب التنشئة األسرية وعالقتها بالتكيف لدى الطالبة في -39
الوسط الجامعي ( دراسة ميدانية وصفية ارتباطيه)،مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر،
جامعة الشهيد حمه لخضر الوادي ،الجزائر2017 ،
قرارت وزارية:
عطية جميل حامد ،تأثير التنشئة االجتماعية على سلوك األطفال (دراسة تحليلية) ،وزارة -40
العمل والشؤون االجتماعية دائرة إصالح األحداث2014 ،
المواقع اإللكترونية:
حمزة قواسمي ،أهم العوامل المؤثرة على األسرة ،موقع الكتروني -41
https://sites.google.com/site/qwasmi92hamzah/home/hamzah
148
المالحق
149
استمارة حول موضوع
أرجو منك قراءة األسئلة والعبارات الواردة في االستمارة جيدا والتمعن فيها ثم وضع
عالمة xفي المكان الذي ترى أنه يمثل اإلجابة الصحيحة بالنسبة لك.
ال تكتب اسمك أو لقبك على االستمارة وال اسم والديك.
أجب على األسئلة بصراحة وصدق.
بيانات االستمارة سرية وال تستخدم إال ألغراض البحث العلمي.
150
المحور األول :البيانات الشخصية
152
المحور الرابع :المستوى االجتماعي وأثره على السلوك العدواني