‫تعزية ا ألس تاذ الش يخ عادل املغريب‬

‫يف وفاة العالمة املع ّمر عبد الرمحن بن محمد عبد احلي الكتّاين‬
‫رمحه هللا تعال‬

‫‪1‬‬
 ‫بسم هللا الرمحن الرحي‬
‫والصالة والسالم عىل س يدان محمد وعىل آهل وحصبه وسمل‪.‬‬
‫أآما بعد‪:‬‬
‫علامء ا أل ّمة جنوم الهداية يف أآفق ادلين‪ ،‬ومنارات الرشاد يف سبيل املتقني‪ ،‬وسفن النجاة يف حبار الفنت‪ ،‬وواحة‬
‫ا ألمن عند تاكلب ا ألعداء وتواتر البالء‪ ،‬ومه عصام ا أل ّمة ومعامل احلمكة‪ ،‬حياهتم نعمة‪ ،‬وموهتم ثلمة‪ ،‬الس امي أآهل‬
‫الس ناء‪ ،‬فهم حراس ا ألرض كام أآ ّن املالئكة حراس السامء‪ّ ،‬وراث س ّيد‬ ‫احلديث اذلين اختصوا مبزيد الثناء ومجيل ّ‬
‫الس نّة املطهّرة كام حيمل الراايت أآفاضل اجلنود‪ ،‬يتلون عىل ا ألانم الكم س يد املرسلني‪ ،‬وينشون‬ ‫الوجود ومحةل ّ‬
‫تنسم عبريمه اس تنشق روح السكينة‪،‬‬ ‫العمل به بني قوم غافلني‪ ،‬وجوههم منورة نرضة‪ ،‬ومرابعهم مباركة خرضة‪ ،‬من ّ‬
‫ومن اس متع الهيم فكأنّام مسع من منور املدينة ا ألمينة‪ ،‬دعا هلم رسول الربية فنالوا قصب الس بق من دون البقيّة‪،‬‬
‫وجودمه اكلغيث ل ألرض اجلذبة‪ ،‬وفقدمه اكلعيث بعد حرب متلهبة‪ ،‬ال أآخىل هللا الوجود من آاثرمه‪ ،‬وال حرمنا‬
‫من منارات أآنوارمه‪.‬‬
‫من هللا علينا يف هذا العرص خبامتة املس ندين‪ ،‬اذلي أآحلق ا ألحفاد اب ألجداد‪ ،‬وعال بروايته منار االس ناد‪،‬‬ ‫ولقد ّ‬
‫يض‪ ،‬تذكرة جده ا ألعظم صىل هللا عليه وسمل‪ ،‬العارف الغارف الوراث احلارث‪،‬‬ ‫التقي النّقي‪ّ ،‬الز ّيك ّالر ّ‬
‫احملدّ ث ّ‬
‫الرحةل الفقيه املبارك املشارك‪ ،‬س يدي عبد الرمحن بن احلافظ عبد احلي الكتاين‪ ،‬اذلي ذكره أآشهر من الشمس يف‬
‫رابعة الهنار‪ ،‬وصيته أآسري من قفا نبك بني ا ألشعار‪.‬‬
‫ولقد طال معره املبارك حىت جاوز املائة بست ابملزيان الويف‪ ،‬وبذا وافق معر احلافظ ِّ ّ‬
‫السلفي‪.‬‬
‫ولقد روى عن أآش ياخ أآجةل و أآمئة يف عمل احلديث فاقوا ا ألهةل‪ ،‬وعال االس ناد بوجود مثهل‪ ،‬واحتفل بسامع احلديث‬
‫واسامعه‪ ،‬وحت ّمهل و أآداه لصفوة أآتباعه‪ ،‬حىت اس توى سوق الرواية وبورك يف غرسه‪ ،‬وبز يف ذكل الفحول من أآبناء‬
‫جنسه‪ ،‬فمك من كتاب واسع وديوان جامع صابر النفس يف اقرائه‪ ،‬وبذل النفيس من أآجل روايته وابدائه‪.‬‬
‫وملا اكن هبذه املزنةل الرفيعة واملاكنة الوس يعة تقاطر طالب احلديث عليه من أآحناء املعمورة‪ ،‬مبا هو يف ا ألسفار‬
‫أآخباره مشهورة مأأثورة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ولقد فُجع العامل االساليم معوما والقطر املغريب خصوصا خبرب وفاته‪ ،‬اذلي نغّص ا ألسامع و أآورث ا ألوجاع‪ ،‬و أآحدث‬
‫يف الربيّة زلزلا ويف النفوس بلباال‪ ،‬وترك القلوب مولهة والعقول مدلهة‪ ،‬وذوى بس تان الرواية ابنقطاع ماء اس ناده‪،‬‬
‫وخال دست احلديث من اعتالء جنم ارشاده‪.‬‬
‫وال شاة متوت وال بعري‬ ‫لعمرك ما الرزية فقد مال‬
‫ميوت مبوته خلق كثري‬ ‫ولكن الرزية فقد خشص‬

‫ورمحته ما شاء أآن يرتحام‬ ‫عليك سالم هللا قيس بن عامص‬

‫ولكنه بنيان قوم هتدما‬ ‫مفا اكن قيس هلكه هكل واحد‬

‫ومل يتفق حىت مىض لسبيهل ومك حرسات يف بطون املقابر‬

‫ولقد روى جماهد‪ :‬أآ ّن العامل اذا مات بكت عليه الساموات وا ألرض أآربعني يوما‪ ،‬كام توسع يف خترجيه الس يوطي يف‬
‫ادلر املنثور عند قول الرب الغفور‪(( :‬مفا بكت علهيم السامء وا ألرض))‪.‬‬
‫وعن االمام عيل موقوفا وروي مرفوعا‪ (:‬اذا مات العامل ثمل يف االسالم ثلمة ال يسدها يشء)‪ ،‬ويف أآثر آخر عن‬
‫أآيب ادلرداء‪( :‬موت العامل مصيبة ال جترب وثلمة ال تسد‪ ،‬وموت قبيةل أآيرس من موت عامل وهو جنم ُطمس)‪.‬‬
‫وصدق س يدي عبد العزيز ادليريين‪:‬‬
‫فقد ثلمت من االسالم ثلمة‬ ‫اذا ما مات ذو عمل وتقوى‬
‫مىض ش يخي وموالي وجمزيي الشيف احلسيب النسيب فرع ادلوحة النبوية وسليل البضعة احملمدية عبد الرمحن‬
‫الكتاين‪ ،‬ولسان حاهل يقول‪:‬‬
‫وان كرثت أآوصافه ونعوته‬ ‫غنينا بنا عن لك من ال يريدان‬
‫ومن فاتنا يكفيه أآان نفوته‬ ‫مفن جاءان اي مرحبا مبجيئه‬

‫‪3‬‬
‫غصة‪ ،‬ويف القلب حرقة‪ ،‬ولو اكن الباكء جيدي ألنفذان هل ماء العيون‪ ،‬ولكنه قدر هللا‬ ‫قُبض فأأروث يف احللق ّ‬
‫احلكي وتقدير العزيز العلي‪ ،‬وال نقول اال ما يريض ربنا‪ ،‬واان عىل فراقك اي س يدي حملزونون‪ ،‬ومن فقده مللكمون‪،‬‬
‫عوض هللا أآهكل وطالبك وا ألمة منك خريا‪ ،‬و أآخرج لنا يف سامء العمل مشسا عوض الشمس اليت كسفت والروح‬
‫اليت قطفت‪ ،‬فقد قال يف اذلكر احلكي‪(( :‬ما ننسخ من آية أآو ننسها نأأت خبري مهنا أآو مثلها))‪.‬‬
‫ونرفع ألههل وحمبيه وطالبه وبدله وا ألمة أآصواتنا ابلتعزية‪ ،‬و أآيدينا ال هللا ابدلعاء هل والرتضية‪:‬‬
‫اللهم اجعل من الس ندس ا ألخرض جلبابه‪ ،‬ومن الرحيق املتوم رشابه‪ ،‬وال اجلنة مس تقره ومأبه‪.‬‬
‫اللهم أآبدهل دارا خريا من داره‪ ،‬و أآهال خريا من أآههل‪ ،‬واجعل رضحيه واسعا ال ضيقا‪ ،‬منريا ال مظلام‪ ،‬وآنس وحش ته‪،‬‬
‫واحفظ حرمته‪ ،‬وشفّع فيه س يد الوجود‪ ،‬واجعهل معه يف جمالس الشهود ومقاعد اجلود‪.‬‬
‫واان هلل واان اليه راجعون‪ ،‬وال حول وال قوة اال ابهلل العيل العظي‪.‬‬
‫وصىل هللا عىل س يدان محمد وعىل آهل وحصبه وسمل‬

‫‪4‬‬