Professional Documents
Culture Documents
سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة المتلبس بها
سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة المتلبس بها
بقلم عمرخوري
أستاذ محاضرقسم «أ» كلية الحقوق
جامعة الجزائر1
مقدمة:
يتمثل االختصاص األصلي لضباط الشرطة القضائية وأعوانهم في البحث عن
الجرائم وجمع االستدالالت للكشف عن مرتكبيها في مرحلة البحث والتحري االستدالل
التي تنتهي إما بتحريك الدعوى العمومية أو حفظ األوراق من طرف النيابة العامة
وهذا في الظروف العادية ،وإجراءات االستدالل هي مجموعة اإلجراءات السابقة على
تحريك الدعوى العمومية ،الهدف منها جمع املعلومات األولية حول وقوع الجريمة،
حتى تستطيع النيابة العامة في ضوئها اتخاذ ما تراه مالئما بشأن الدعوى العمومية.
إلى جانب ذلك منح املشرع ضباط الشرطة القضائية دون األعوان سلطات استثنائية
في حالة الجريمة املتلبس بها وذلك بمباشرة بعض إجراءات التحقيق التي هي أصال من
اختصاص قا�ضي التحقيق.
لقد رأى املشرع أنه من الضروري تخويل ضباط الشرطة القضائية مهمة القيام
ببعض إجراءات التحقيق في انتظار وصول خبر وقوع الجريمة إلى علم جهة التحقيق،
وقد يكون انتقالها إليه مقتضيا وقتا ،فيخ�شى إذا تطلب املشرع قيام سلطة التحقيق
بجميع أعمال التحقيق أن تضيع املصلحة من اتخاذ بعض هذه األعمال في وقتها املالئم.1
- 1د .محمود نجيب حسني ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية ،ط ،2دار النهضة العربية ،القاهرة،
،1988ص .522د .محمد نيازي حتاة ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية الليبي ،جامعة قاريونس،
بنغازي ،1980 ،ص .165
19
املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية
كما أوجب املشرع توافر إحدى حاالت التلبس املنصوص عليها قانونا للخروج على
القواعد العامة في اإلجراءات الجنائية ،بغية اإلسراع في اتخاذ اإلجراءات للمحافظة
على أدلة الجريمة حتى ال تطمس أو يتالعب بها ،والقبض الفوري على املشتبه فيه قبل
مغادرته مسرح الجريمة.
ضبط الجريمة في حالة تلبس ينفي نسبة الخطأ في التقدير ،فالجريمة واضحة
وأدلتها ظاهرة وشاهدة على صحة وقوعها ونسبتها إلى املشتبه فيه مما يستبعد معه
احتمال الكيد أو التعسف معه من قبل مأمور الضبط القضائي .2غيرأن املشرع حصر
حاالت التلبس وأوجب توافر شروط معينة ،ثم رتب على توافر شروطه الصحيحة آثارا
تتعلق أساسا بالسلطات املخولة لضابط الشرطة القضائية وما يجب عليه أن يتخذ
من إجراءات في مواجهة املشتبه فيه.
وقد حصر املشرع في قانون اإلجراءات الجنائية حاالت التلبس في املادة 41منه
حيث تنص على ما يلي« :توصف الجناية أو الجنحة بأنها في حلة تلبس إذا كانت مرتكبة
في الحال أو عقب ارتكابها.
كما تعتبرالجناية أو الجنحة متلبسا بها إذا كان الشخص املشتبه في ارتكابه إياها
في وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة قد تبعه العامة بالصياح أو وجدت في حيازته
أشياء أو وجدت آثارأو دالئل تدعو إلى افتراض مساهمته في الجناية أو الجنحة.
وتتسم بصفة التلبس في جناية أو جنحة وقعت ولو في غيرالظروف املنصوص عليها
في الفقرتين السابقتين ،إذا قد ارتكبت في منزل وكشف صاحب املنزل عنها عقب وقوعها
وبادرفي الحال باستدعاء أحد ضباط الشرطة القضائية إلثباتها».
وعليه فالتلبس يقوم على املشاهدة الفعلية ،أي الحالة التي يفاجأ فيها املشتبه
فيه حال ارتكاب الجريمة ،فيشاهد وهو يرتكب فعله اإلجرامي ،أو عقب ارتكابها ببرهة
قصيرة ،وإما أن تكتشف عقب ارتكابها بوقت قريب وأدرك وقوعها ،بأدلتها وآثارها املادية
الظاهرة أمام الجميع .ويصف الفقه 5الحالة األولى بأنها حالة تلبس حقيقي ،أما الحالة
التي تكتشف عقب ارتكابها بوقت يسير ،خالله كان املجني عليه يتبع مرتكبها أو تبعته
العامة بالصياح أو إذا وجد الجاني حامال األدوات املستعملة لتنفيذ الجريمة أو وجدت
به آثار أو عالمات تفيد أنه فاعل أو شريك فيها أو وقوع جريمة في منزل وكشف صاحب
املنزل عنها عقب وقوعها وبادر في الحال باستدعاء أحد ضباط الشرطة القضائية
إلثباتها.
وإذا كان التلبس يقت�ضي عدم مرور فاصل زمني كبير بين وقوع الجريمة وبين
مشاهدة ضابط الشرطة القضائية لها أو آلثارها ،أنه ال ينفي قيام حالة التلبس كون
ضابط الشرطة القضائية قد انتقل إلى مكان وقوعها بعد وقوعها بزمن ،مادام أنه قد
بادرإلى االنتقال عقب علمه مباشرة ،ومادام أنه شاهد آثارالجريمة واضحة.
- 5د .محمد نيازي حتاة ،املرجع السابق ،ص .166د .محمود نجيب حسني ،املرجع السابق ،ص.540
د .أحمد فتحي سرور ،املرجع السابق ،ص.356
21
املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية
22
سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها
يجب أن يكون إدراك حالة التلبس هذه بطريقة يقينية ال تحتمل أي شكا .وعليه إذا
كان هناك شك من قبل ضابط الشرطة القضائية في وقوع الجريمة فال يمكن أن تتوافر
حالة التلبس.
ثانيا :مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها.
وهي مشاهدة اآلثارالتي خلفتها الجريمة أي اكتشاف الجريمة مباشرة بعد وقوعها،
يتحقق التلبس ولو لم تنصرف املشاهدة إلى األفعال املادية للجريمة ،يكفي أن تنصب
على ما خلفته الجريمة من آثار وأدلة تفيد أنه م�ضى على ارتكاب الجريمة وقت قصير.
مثل دخول املنزل الذي سمعت فيه االستغاثة ومشاهدة املجني عليه ينزف دما متأثرا بما
وقع عليه من ضرب وجروح.
وعليه فإن حالة التلبس هذه ال تقوم إذا لم يشاهد ضابط الشرطة القضائية آثار
الجريمة التي تكشف عن وقوعها منذ برهة يسيرة ،ومن ثم فإنه ال يكفي لقيام حالة
التلبس االدعاء بوقوع جريمة ما لم يكن هناك أثر يشاهده ضابط الشرطة القضائية
بنفسه أو يدركه بإحدى حواسه.8
لم يحدد القانون الزمن الفاصل بين ارتكاب الجريمة ومشاهدتها ،إال أن عبارة
«عقب ارتكابها» تدل على وجوب أن يكون املشاهدة في الوقت التالي لوقوع الجريمة
مباشرة .وتقدير الفترة الزمنية بين وقوع الجريمة وبين كشف آثارها أمر ال يمكن وضع
معيارزمني محدد له ،ولذلك فإن ملحكمة املوضوع هي التي تقدرهذا الزمن.
واملطاردة هنا قد ال تكون بالجري وراء املشتبه فيه وإنما باإلشارة باأليادي إليه .9ويقصد
بعامة الناس هنا أي فرد سواء كان واحدا أومجموعة من األفراد حيث ال يشترط القانون
التعدد لقيام حالة التلبس ،فقد يشاهد شخص املشتبه فيه يرتكب الجريمة ثم يتابعه
وحده بالصياح ،فهذا يكفي لجعل الجريمة متلبس بها.
ال يعتد بالتتبع واملالحقة بدون صياح ،ألن هذا الصياح هو الذي يعبر عن وجود
عالقة بين املشتبه فيه والجريمة .فال يكفي إذا التتبع مجردا من الصياح حتى ولو كان
على إثرإشاعة عامة بأن أحد األشخاص هو مرتكب الجريمة .فاإلشاعة العامة ال تقوم
بها حالة التلبس ،وإن كان من شأنها تنبيه السلطات إلى وقوع الجريمة فتدفعها إلى
االستدالل والتحري .10كما يلزم أن يكون التتبع والصياح على أثروقوع الجريمة وليس
في فترة الحقة على وقوعها ،وتقديرهذه الفورية يستقل بتقديرها محكمة املوضوع.
رابعا :ضبط أشياء مع املشتبه فيه أو وجود آثار أو عالمات تدعو إلى احتمال قيامه
بارتكاب الجريمة.
وهي الحالة التي يشاهد املشتبه فيه بعد وقوع الجريمة بوقت قريب حامال آالت
أو أسلحة أو أمتعة أو أشياء تدعو إلى افتراض ارتكابه الجريمة ،أو إذا وجدت به في نفس
الوقت آثار أو عالمات تفيد ذلك كأن يكون في حيازة املشتبه فيه السالح الذي أطلق به
النارأو قطرات دم على مالبسه أو خدوش في وجهه.11
- 9د .محمد نيازي حتاة ،املرجع السابق ،ص .168د .عبد هللا أوهايبية ،املرجع السابق ،ص .238
د .ممدوح خليل البحر ،نفس املرجع،ص 164و.165
-10د .عبد الرءوف مهدي ،شرح القواعد العامة لإلجراءات الجنائية ،دارالنهضة العربية ،القاهرة،
،2003ص.245
- Corinne Renaut-Brahinsky, Procédure pénale, Gualino éditeur, Normandie, 2006, p.
244.
- 11د .محمد نيازي حتاة ،نفس املرجع ،ص .168د .عبد هللا أوهايبية ،نفس املرجع ،ص .239د.
ممدوح خليل البحر ،املرجع السابق ،ص .166
- Jean- Claude Soyer, op. cit , p. 305.
24
سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها
-12د .محمد عيد الغريب ،االختصاص القضائي ملأمور الضبط في األحوال العادية واالستثنائية،
، 2000 1999-ص .72د .شارع بن نايف الغويري،
املرجع السابق ،ص .161
25
املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية
عقب وقوعها ألنه لم يستعمل عبارة « »qui vient de se commettreوعليه فقد يتم
كشف الجريمة بعد مرورفترة زمنية طالت أو قصرت من ارتكابها ،املهم أن يبادرصاحب
املنزل في الحال إلى تبليغ ضابط الشرطة القضائية واستدعاءه إلثبات الجريمة .13
- 13اعتبراملشرع الفرن�سي في املادة ( 53ق.إ.ج) هذه الحالة تلبس مهما كانت الفترة الزمنية التي مرت
بين ارتكاب الجريمة والكشف عنها من صاحب املنزل.
- 14د .عبد هللا أوهايبية ،املرجع السابق ،ص .242
- 15د .عبد هللا أوهايبية ،نفس املرجع ،ص .242د .محمد نيازي حتاة ،املرجع السابق ،ص .169
26
سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها
- 16د .عمر سالم ،الوجيز في شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،الجزء األول ،دار النهضة العربية،
القاهرة .2012 - 2011 ،ص .165د .محمد نيازي حتاة،
نفس املرجع ،ص .171د .ممدوح خليل البحر ،املرجع السابق ،ص .167
- 17د .عمرسالم ،نفس املرجع ،ص .166د .شارع بن نايف الغويري ،املرجع السابق ،ص .169
27
املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية
ولكن في حالة تجاوز ضابط الشرطة القضائية حدوده في تقدير حالة التلبس،
وباشر بعض إجراءات التحقيق االبتدائي ،ثم تبين بعد ذلك عدم قيام حالة التلبس
أصال ،أو قيامها ولكن كان اكتشافها بطريق غير مشروع ،فكل اإلجراءات التي قام بها
الضابط تعتبرباطلة.
28
سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها
أما إثبات حالة الجريمة فمعناه أن يقوم ضابط الشرطة القضائية بوصف مكان
الجريمة واألشياء والوسائل التي استخدمت في ارتكاب الجريمة وحالة املجني عليه ،حيا
أو ميتا ،درجة وعيه ،اإلصابات التي يكون قد تعرض لها ،أوصاف الجثة إن كان املجني
عليه ميتا...
- 3املحافظة على حالة مكان الجريمة وآثارها :على ضابط الشرطة القضائية
أن يمنع أي شخص ال عالقة له بالتحقيق من االقتراب من املكان خشية تغيير أماكن
الجريمة ونقل األشياء من املكان التي وجدت فيه ،وفي سبيل ذلك لضابط الشرطة
القضائية الحق في تعيين عون يسهر على املحافظة على آثار الجريمة ،وضع األختام
على األماكن التي بها آثار أو أشياء تفيد التحقيق في الكشف عن الحقيقة .ويستثنى من
هذا املنع التغيير أو نقل ونزع األشياء لتداعيات السالمة والصحة العمومية أو ستلزمها
معالجة املجني عليه املصاب.
- 4الضبط :على ضابط الشرطة القضائية ضبط كل ما له عالقة بالجريمة من
أشياء ومستندات وأدوات تفيد التحقيق في إظهار الحقيقة وعرضها على املشتبه فيهم
للتعرف عليها ومعرفة ما إذا كانت لها صلة بالجريمة أم ال.21
- 5تحرير محضر التحقيق ،بحيث يجب على ضابط الشرطة القضائية تحرير
محضر في الحال وفي نفس املكان الذي وقعت فيه الجريمة .يتضمن هذا املحضر كل
اإلجراءات واألعمال التي قام بها وترقم صفحاته ويؤشر على كل صفحة ويتم التوقيع
عليه ثم يرسل إلى وكيل الجمهورية.22
- 1االستيقاف :قد يتطلب األمر أحيانا من رجل السلطة العمومية استيقاف أحد
األشخاص بغرض التحقق والتأكد من هويته فقط إذا كان هناك شك في أمره .فهو
إجراء بولي�سي يقوم به رجال السلطة العمومية ومن باب أولى أعضاء الشرطة القضائية
في مواجهة عامة الناس ويتمثل في التعرض إلى الشخص في الطريق العمومي للتحقق
من الهوية عن طريق توجيه األسئلة وطلب اإلطالع على الوثائق التي تثبت هذه الهوية.
ويلجأ أعضاء الشرطة القضائية إلى هذا اإلجراء بحكم مهمتهم في التحري عن الجرائم
والبحث عن مرتكبيها.
و االستيقاف بهذا الشكل ال يعد قبضا باملعنى القانوني وإنما هو إجراء في مواجهة
شخص وضع نفسه في حالة شبهة باختياره مما استلزم التعرض له للكشف عن حقيقة
األمر.23
- 2ضبط املشتبه فيه واقتياده إلى أقرب ضابط شرطة قضائية :وهذا اإلجراء مقرر
لعامة الناس ولرجال الشرطة بصفة خاصة ويتمثل في التعرض املادي للمشتبه فيه
عن طريق تقييد حريته واقتياده إلى أقرب ضابط شرطة قضائية حيث تنص املادة 61
(ق.إ.ج) على ما يلي»:يحق لكل شخص في حاالت الجنايات أو الجنح املتلبس بها واملعاقب
عليها بالحبس ضبط الفاعل واقتياده إلى أقرب ضابط شرطة قضائية».
منح املشرع هذا الحق لألفراد ولرجال الشرطة في الجنايات أو الجنح املتلبس بها
واملعاقب عليها بالحبس فقط .ضبط املشتبه فيه واقتياده إلى أقرب ضابط شرطة
قضائية يتجاوز حد االستيقاف ،ولكنه ال يرقى إلى مرتبة القبض ،فهو ليس مجرد
إيقاف شخص وضع نفسه في حالة شبهة في سبيل التعرف على شخصيته ،وال هو تقييد
لحريته والتعرض له وحجزه ولو لفترة قصيرة تمهيدا التخاذ بعض اإلجراءات ضده ،بل
هو مجرد التحفظ على املشتبه فيه واقتياده إلى ضابط الشرطة القضائية للحصول
منه على اإليضاحات الالزمة في شأن الواقعة املنسوبة إليه .ومن ثم فهو مجرد تعرض
مادي فحسب .وعلى هذا األساس فال يجوز احتجازاملشتبه فيه لفترة أطول مما يقتضيه
التسليم ،وإال اعتبرذلك قبضا.
- 23د .محمد نيازي حتاة ،املرجع السابق ،ص .172د .عبد هللا أوهايبية ،املرجع السابق ،ص .246
30
سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها
ويختلف حق التعرض املادي املقرر لألفراد عن ذلك املقرر لرجال الشرطة من حيث
النطاق .فبالنسبة لألفراد ،يكون التعرض املادي مقصورا على حالة التلبس املذكورة في
الفقرة األولى من املادة ( 41ق.إ.ج) دون الحاالت األخرى ،كما اشترط القانون بالنسبة
للتعرض املادي من جانب األفراد أن تكون الجريمة جناية أوجنحة يعاقب عليها القانون
بالحبس .أما بالنسبة لرجال الشرطة فقد توسع القانون في السلطة املخولة لهم ،فلم
يقتصراألمرعلى األحوال التي يجوز فيها القبض على األشخاص ،وهي الجنح التي يعاقب
عليها بالحبس ،بل توسع في ذلك بحيث أجاز التعرض املادي في الجنح التي يجوز فيها
الحكم بالحبس مطلقا ،وأجازلهم ذلك في الجرائم األخرى ،سواء جنحة أم مخالفة ،ولو
لم يعاقب عليها بالحبس ،إذا لم يمكن معرفة شخصية املتهم.24
- 3منع أي شخص من مبارحة مكان وقوع الجريمة :يجوز لضابط الشرطة
القضائية منع أي شخص من مبارحة مكان الجريمة من سماع أقواله والحصول على
إيضاحات في شأن الواقعة إلى حين االنتهاء من إجراء التحريات األولية التي يتطلبها
الوضع .وال يجوز أن يتجاوز هذا املنع املدة الالزمة لتحريراملحضر.25
وعلى كل شخص يبدو له ضروريا من خالل التحريات التعرف على هويته والتحقق
من شخصيته أن يمتثل لضابط الشرطة القضائية في كل ما يطلبه من إجراءات في هذا
الخصوص .وفي امتثال الشخص فإنه بعقوبة الحبس ملدة ال تتجاوز 10أيام وبغرامة
500د.ج( .املادة 50ق.إ.ج).
– 4القبض على املشتبه فيه :لم ينظم املشرع أحكام القبض على املشبه فيه في
(ق.إ.ج) .ورغم ذلك إذا قامت ضد املشتبه فيه دالئل قوية ومتماسكة من شأنها التدليل
وإثبات التهمة ،جاز لضابط الشرطة القضائية القبض عليه ووضعه رهن التوقيف
للنظر في انتظار تقديمه إلى وكيل الجمهورية ومعنى هذا اإلجراء هو اإلمساك باملشتبه
فيه وسلب حريته ملدة حددها القانون .وهذا ما يمكن استخالصه من نص املادة /51
فقرة ( 4ق.إ.ج).26
- 24د .أحمد لطفي السيد ،الشرعية اإلجرائية وحقوق اإلنسان ،كلية الحقوق ،جامعة املنصورة،
،2004ص .122
- 25د .عمرسالم ،املرجع السابق ،ص .175
- G. Stefani, G.Levasseur, B.Bouloc, op.cit, p.284. Corinne Renaut-Brahinsky, op.cit, p.249.
- 26راجع املادة /51فقرة 4ق.إ.ج.
31
املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية
يعد القبض من أخطر اإلجراءات ألنه يمس بالحرية األفراد ،لذا حرص املشرع
على إحاطته بالضمانات الكافية لحماية حقوق اإلنسان واملحافظة على حرياته .ومن
أهم هذه الضمانات أنه ال يجوز لضابط الشرطة القضائية القيام بهذا اإلجراء إال في
الحاالت االستثنائية ،ومنها حالة التلبس ،وفيما عدا هذه حالة ال يجوز القبض على
أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته أو منعه من التنقل إال بأمر صادر من القا�ضي
املختص.27
لصحة القبض يجب توافرالشروط التالية:
أ -أن تتوافرحالة من حاالت التلبس التي نص عليها املشرع في املادة ( 41ق.إ.ج).
ب -أن تكون الجريمة املتلبس بها جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مهما كانت
املدة (من شهرين إلى خمس سنوات) .28أما املخالفات فال يجوز فيها القبض .والقبض
بطبيعته هو جائز في كل الجنايات حتى في غير أحوال التلبس في حالة قيام دالئل كافية
على اتهام املشتبه فيه .بالنسبة للجنح يشترط القانون أن تكون العقوبة هي الحبس
سواء كانت وجوبية أم جوازية مع عقوبة الغرامة29.
ج5-إن الهدف من القبض على املشتبه فيه هو توقيفه للنظر ملدة ال تتجاوز
48ساعة من أجل التحقيق معه وتقديمه لوكيل الجمهورية ،وال يكون هذا اإلجراء
صحيحا إال إذا قامت ضد املشتبه فيه دالئل قوية ومتماسكة من شأنها التدليل على
اتهامه بارتكاب الجناية أو الجنحة املتلبس بها .وتقديرقيام هذه الدالئل يرجع إلى ضابط
الشرطة القضائية من خالل الظروف واملالبسات التي كان فيها املشتبه فيه وقت
القبض عليه ،وفي حالة عدم قيامها كان القبض باطال 30.أما بالنسبة للجرائم التي
يتوقف فيها تحريك الدعوى العمومية على تقديم شكوى أو طلب أو إذن من املجني عليه
أو الهيئة العامة فال يجوز فيها لضابط الشرطة القضائية القبض على املشتبه فيه إال
إذا رفع هذا القيد.
- 27د .أحمد لطفي السيد ،نفس املرجع ،ص .118
- 28راجع املادة 05من قانون العقوبات.
- 29د .عمرسالم ،نفس املرجع ،ص .178
- 30راجع املادة / 51فقرة 3ق.إ.ج - .د .محمد نيازي حتاة ،املرجع السابق ،ص .176
32
سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها
أوال :تفتيش املساكن .يجوز تفتيش مساكن املشتبه فيهم في الحاالت التالية:33
-تفتيش مسكن أو محل كل شخص يحتمل أنه ساهم في الجريمة.
-تفتيش مسكن أو محل شخص يحتمل أنه يحوز أوراقا أو أشياء أو مستندات
تتعلق بالجريمة.
-تفتيش مسكن أو محل شخص بناء على رضا مكتوب وصريح من هذا األخير.
شروط صحة التفتيش.
للقيام به .كما يجب أن يراعى في تفتيش الشخص أال يكون فيه مساس بشرفه أو كرامته
أو منافاة لآلداب العامة.
إذا تعلق األمر بتفتيش أنثى ،فيجب أن يتم التفتيش من طرف أنثى يعينها ضابط
الشرطة القضائية لهذا الغرض .بحيث لو قام ضابط الشرطة القضائية بهذا التفتيش
بنفسه اعتبرباطال حتى ولو رضيت به األنثى رضاء صريحا.
ثالثا :بطالن التفتيش.
طبقا للمادة ( 48ق.إ.ج) في حالة قيام ضابط الشرطة القضائية بتفتيش أحد
املساكن دون مراعاة أحكام املواد 44و 45و 47ومخالفة لها وقع تحت طائلة البطالن
بحيث ال يجوز االعتداد باألدلة املتحصل عليها جراء هذا التفتيش حتى ولو كانت كافية
لتوجيه التهمة إلى املشتبه فيه وإدانته.
37
املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية
الخاتمة:
إذا قامت حالة من حاالت التلبس الخمس خول القانون ضابط الشرطة القضائية
سلطات استثنائية تتمثل في القيام ببعض إجراءات التحقيق االبتدائي لم ينظم املشرع
أحكامها في(ق.إ.ج) والتي تعد أخطر اإلجراءات كونها تمس بالحريات الفردية وأخص
بالذكرالقبض والتفتيش األشخاص.
إن جواز القبض على املشتبه فيه ملجرد قيام دالئل قوية على نسبة الجريمة إليه
يعتبر خروجا عن مجال السلطات املخولة لضابط الشرطة القضائية ألنه يفتح املجال
في التوسع في تفسيرالفقرة 4من املادة ( 51ق.إ.ج) ترتب عليه التوسع في هذه السلطات
وهذا يعتبر خرقا ملبدأ الشرعية اإلجرائية .لذا على املشرع إدراج نص في (ق.إ.ج) ينظم
فيه أحكام القبض والحاالت التي يجوز فيها وشروط صحته.
كما أن القول بجوازتفتيش الشخص في حالة القبض وتفتيش مسكن يعتبرمساسا
بالحقوق والحريات الفردية في غياب النص الذي ينظمه ويفتح املجال كذلك في التوسع
في تفسيرالفقرة 4من املادة 51واملواد 44و 45و( 47ق.إ.ج) .لذا على املشرع إدراج نص
في (ق.إ.ج) ينظم فيه أحكام تفتيش األشخاص والحاالت التي يجوز فيها وشروط صحته.
38
سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها
املراجع:
أوال :باللغة العربية.
- 1د .أحمد لطفي السيد ،الشرعية اإلجرائية وحقوق اإلنسان ،كلية الحقوق،
جامعة املنصورة.2004 ،
- 2د .أحمد فتحي سرور ،الشرعية الدستورية وحقوق اإلنسان في اإلجراءات
الجنائية ،دارالنهضة العربية ،القاهرة.1993 ،
- 3د .عبد هللا أوهايبية ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،التحقيق
والتحري ،دارهومة ،الجزائر.2008 ،
- 4د .عبد الرءوف مهدي ،شرح القواعد العامة لإلجراءات الجنائية ،دار النهضة
العربية ،القاهرة.2003 ،
- 5د .عمر سالم ،الوجيز في شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،الجزء األول ،دار
النهضة العربية ،القاهرة.2012 - 2011 ،
- 6د .شارع بن نايف الغويري ،الضبطية القضائية في اململكة العربية السعودية،
اختصاصاتها في مرحلتي االستدالل والتحقيق ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية،
القاهرة.2008 ،
- 7د .محمد عيد الغريب ،االختصاص القضائي ملأمور الضبط في األحوال العادية
واالستثنائية.2000 1999- ،
- 8د .محمد نيازي حتاة ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية الليبي ،جامعة قاريونس،
بنغازي.1980 ،
- 9د .محمود نجيب حسني ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية ،ط ،2دار النهضة
العربية ،القاهرة.1988 ،
- 10د .ممدوح خليل البحر ،اختصاصات مأمور الضبط القضائي في القانون
اإلماراتي واملقارن ،دارالنهضة العربية ،القاهرة.2011 ،
39
املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية
باللغة األجنبية:ثانيا
1 - Corinne Renaut-Brahinsky, Procédure pénale, Gualino éditeur,
Normandie, 2006.
2 - G. Stefani, G.Levasseur, B.Bouloc, Procédure pénale, 11éme
édition, Dalloz, Paris, 1980.
3 - H. Vlamynck, Droit de la police, Théorie et pratique, Librairie
Vuibert, Paris, 2007.
4 - Jean- Claude Soyer, Droit pénal et procédure pénale, 19éme
édition, L.G.D.J, Paris, 2006.
40