You are on page 1of 22

‫سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها‬

‫سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها‬

‫بقلم عمرخوري‬
‫أستاذ محاضرقسم «أ» كلية الحقوق‬
‫جامعة الجزائر‪1‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يتمثل االختصاص األصلي لضباط الشرطة القضائية وأعوانهم في البحث عن‬
‫الجرائم وجمع االستدالالت للكشف عن مرتكبيها في مرحلة البحث والتحري االستدالل‬
‫التي تنتهي إما بتحريك الدعوى العمومية أو حفظ األوراق من طرف النيابة العامة‬
‫وهذا في الظروف العادية‪ ،‬وإجراءات االستدالل هي مجموعة اإلجراءات السابقة على‬
‫تحريك الدعوى العمومية‪ ،‬الهدف منها جمع املعلومات األولية حول وقوع الجريمة‪،‬‬
‫حتى تستطيع النيابة العامة في ضوئها اتخاذ ما تراه مالئما بشأن الدعوى العمومية‪.‬‬
‫إلى جانب ذلك منح املشرع ضباط الشرطة القضائية دون األعوان سلطات استثنائية‬
‫في حالة الجريمة املتلبس بها وذلك بمباشرة بعض إجراءات التحقيق التي هي أصال من‬
‫اختصاص قا�ضي التحقيق‪.‬‬
‫لقد رأى املشرع أنه من الضروري تخويل ضباط الشرطة القضائية مهمة القيام‬
‫ببعض إجراءات التحقيق في انتظار وصول خبر وقوع الجريمة إلى علم جهة التحقيق‪،‬‬
‫وقد يكون انتقالها إليه مقتضيا وقتا‪ ،‬فيخ�شى إذا تطلب املشرع قيام سلطة التحقيق‬
‫بجميع أعمال التحقيق أن تضيع املصلحة من اتخاذ بعض هذه األعمال في وقتها املالئم‪.1‬‬

‫‪ - 1‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1988‬ص‪ .522‬د‪ .‬محمد نيازي حتاة‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الليبي‪ ،‬جامعة قاريونس‪،‬‬
‫بنغازي‪ ،1980 ،‬ص ‪.165‬‬
‫‪19‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‬

‫كما أوجب املشرع توافر إحدى حاالت التلبس املنصوص عليها قانونا للخروج على‬
‫القواعد العامة في اإلجراءات الجنائية‪ ،‬بغية اإلسراع في اتخاذ اإلجراءات للمحافظة‬
‫على أدلة الجريمة حتى ال تطمس أو يتالعب بها‪ ،‬والقبض الفوري على املشتبه فيه قبل‬
‫مغادرته مسرح الجريمة‪.‬‬
‫ضبط الجريمة في حالة تلبس ينفي نسبة الخطأ في التقدير‪ ،‬فالجريمة واضحة‬
‫وأدلتها ظاهرة وشاهدة على صحة وقوعها ونسبتها إلى املشتبه فيه مما يستبعد معه‬
‫احتمال الكيد أو التعسف معه من قبل مأمور الضبط القضائي‪ .2‬غيرأن املشرع حصر‬
‫حاالت التلبس وأوجب توافر شروط معينة‪ ،‬ثم رتب على توافر شروطه الصحيحة آثارا‬
‫تتعلق أساسا بالسلطات املخولة لضابط الشرطة القضائية وما يجب عليه أن يتخذ‬
‫من إجراءات في مواجهة املشتبه فيه‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬تعريف التلبس وحاالته‬


‫املطلب األول‪ :‬تعريف التلبس‬
‫التلبس هو املعاصرة أو املقاربة بين لحظتي ارتكاب الجريمة واكتشافها‪ ،‬أي تقارب‬
‫لحظة اقتراف الجريمة ولحظة اكتشافها‪ .3‬وهو حالة تالزم الجريمة نفسها ال شخص‬
‫مرتكبها‪ ،‬فالجريمة يكون متلبسا بها ولو لم يضبط املشتبه فيه متلبسا بها‪ ،‬فالتلبس إذن‬
‫حالة عينية ال شخصية‪ .‬فال يشترط لتوافر التلبس مشاهدة املشتبه فيه وهو يرتكب‬
‫الجريمة‪ ،‬وإنما يكفي املشاهدة الفعلية للجريمة حال ارتكابها من طرف ضابط الشرطة‬
‫القضائية أو بعد ارتكابها ببرهة يسيرة‪ ، 4‬فالتلبس وصف يفيد تقاربا زمنيا بين لحظة‬
‫ارتكاب الجريمة ولحظة كشفها‪ ،‬بحيث يتم ضبطها في وقت تكون فيه أدلتها ظاهرة‬
‫واحتمال الخطأ في التقديرضعيفا‪.‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الشرعية الدستورية وحقوق اإلنسان في اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1993 ،‬ص‪.353‬‬
‫‪ - 3‬د‪ .‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬التحقيق والتحري‪ ،‬دار هومة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2008 ،‬ص ‪.236‬‬
‫‪ - 4‬د‪ .‬ممدوح خليل البحر‪ ،‬اختصاصات مأمور الضبط القضائي في القانون اإلماراتي واملقارن‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2011 ،‬ص ‪.157‬‬
‫‪20‬‬
‫سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها‬

‫وقد حصر املشرع في قانون اإلجراءات الجنائية حاالت التلبس في املادة ‪ 41‬منه‬
‫حيث تنص على ما يلي‪« :‬توصف الجناية أو الجنحة بأنها في حلة تلبس إذا كانت مرتكبة‬
‫في الحال أو عقب ارتكابها‪.‬‬
‫كما تعتبرالجناية أو الجنحة متلبسا بها إذا كان الشخص املشتبه في ارتكابه إياها‬
‫في وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة قد تبعه العامة بالصياح أو وجدت في حيازته‬
‫أشياء أو وجدت آثارأو دالئل تدعو إلى افتراض مساهمته في الجناية أو الجنحة‪.‬‬
‫وتتسم بصفة التلبس في جناية أو جنحة وقعت ولو في غيرالظروف املنصوص عليها‬
‫في الفقرتين السابقتين‪ ،‬إذا قد ارتكبت في منزل وكشف صاحب املنزل عنها عقب وقوعها‬
‫وبادرفي الحال باستدعاء أحد ضباط الشرطة القضائية إلثباتها»‪.‬‬
‫وعليه فالتلبس يقوم على املشاهدة الفعلية‪ ،‬أي الحالة التي يفاجأ فيها املشتبه‬
‫فيه حال ارتكاب الجريمة‪ ،‬فيشاهد وهو يرتكب فعله اإلجرامي‪ ،‬أو عقب ارتكابها ببرهة‬
‫قصيرة‪ ،‬وإما أن تكتشف عقب ارتكابها بوقت قريب وأدرك وقوعها‪ ،‬بأدلتها وآثارها املادية‬
‫الظاهرة أمام الجميع‪ .‬ويصف الفقه‪ 5‬الحالة األولى بأنها حالة تلبس حقيقي‪ ،‬أما الحالة‬
‫التي تكتشف عقب ارتكابها بوقت يسير‪ ،‬خالله كان املجني عليه يتبع مرتكبها أو تبعته‬
‫العامة بالصياح أو إذا وجد الجاني حامال األدوات املستعملة لتنفيذ الجريمة أو وجدت‬
‫به آثار أو عالمات تفيد أنه فاعل أو شريك فيها أو وقوع جريمة في منزل وكشف صاحب‬
‫املنزل عنها عقب وقوعها وبادر في الحال باستدعاء أحد ضباط الشرطة القضائية‬
‫إلثباتها‪.‬‬
‫وإذا كان التلبس يقت�ضي عدم مرور فاصل زمني كبير بين وقوع الجريمة وبين‬
‫مشاهدة ضابط الشرطة القضائية لها أو آلثارها‪ ،‬أنه ال ينفي قيام حالة التلبس كون‬
‫ضابط الشرطة القضائية قد انتقل إلى مكان وقوعها بعد وقوعها بزمن‪ ،‬مادام أنه قد‬
‫بادرإلى االنتقال عقب علمه مباشرة‪ ،‬ومادام أنه شاهد آثارالجريمة واضحة‪.‬‬

‫‪ - 5‬د‪ .‬محمد نيازي حتاة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .166‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.540‬‬
‫د‪ .‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.356‬‬
‫‪21‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‬

‫املطلب الثاني‪ :‬حاالت التلبس‬


‫نصت املادة ‪( 41‬ق‪.‬إ‪.‬ج) على خمس حاالت للتلبس بالجريمة‪ :‬إما مشاهدة الجريمة‬
‫حال ارتكابها‪ ،‬وإما مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة‪ ،‬وإما تتبع الجاني مع‬
‫الصياح في أثر وقوعها ‪ ،‬وإما مشاهدة الجاني بعد وقوع الجريمة بوقت قريب حامال‬
‫أشياء أو به آثار أو عالمات يستدل منهما على أنه فاعل أو شريك في الجريمة أو وقوع‬
‫جريمة في منزل وكشف صاحب املنزل عنها عقب وقوعها وبادر في الحال باستدعاء أحد‬
‫ضباط الشرطة القضائية إلثباتها‪.6‬‬

‫أوال‪ :‬مشاهدة الجريمة حال ارتكابها‪.‬‬


‫مشاهدة الجريمة حال ارتكابها تعد تلبسا حقيقيا‪ ،‬أي في الوقت الذي يرتكب الفعل‬
‫أو األفعال التي يتكون منها الركن املادي للجريمة‪ .‬وتتميز هذه الحالة باملعاصرة الزمنية‬
‫بين ارتكاب الفعل ومشاهدة املشتبه فيه أثناء ارتكابه لهذا الفعل‪ ،‬حيث يفاجأ باملجني‬
‫عليه أو بالشهود أو برجال السلطة العامة أثناء ارتكابه الجريمة‪.‬‬
‫ومعنى املشاهدة هو إدراك األفعال املادية املكونة للركن املادي للجريمة‪ .‬غير أن‬
‫املشاهدة وإن كانت أغلب ما تكون عن طريق حاسة الرؤية‪ ،‬إال أنها ليست الوسيلة‬
‫الوحيدة لكشف الجريمة املتلبس بها‪ ،‬بل يكفي أن يدرك وقوعها بإحدى الحواس كالشم‬
‫والسمع واللمس أو أية حاسة أخرى‪ .7‬ومن ثم فإنه يجوز االستدالل بحالة التلبس من‬
‫أقوال الشهود من شم رائحة املخدرمنبعثة من السيارة التي في حوزة املتهمين‪.‬‬
‫‪ - 6‬نص املشرع الجزائري واملشرع الفرن�سي على خمس (‪ )05‬حاالت للتلبس (املادة ‪ 41‬ق‪.‬إ‪.‬ج الجزائري واملادة‬
‫‪ 53‬ق‪.‬إ‪.‬ج الفرن�سي)‪ ،‬بينما نص املشرع املصري واملشرع الليبي واملشرع اإلماراتي واملشرع السعودي على األربع‬
‫(‪ )04‬حاالت األولى فقط (املادة ‪ 30‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬املصري واملادة ‪ 20‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬الليبي واملادة ‪ 42‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬االتحادي واملادة‬
‫‪ 30‬ن‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬السعودي)‪.‬‬
‫‪7- G. Stefani, G.Levasseur, B.Bouloc, Procédure pénale, 11éme édition, Dalloz, Paris, 1980, p. 283.‬‬
‫‪- Jean- Claude Soyer, Droit pénal et procédure pénale, 19éme édition, L.G.D.J, Paris, 2006, p. 305.‬‬
‫‪- H. Vlamynck, Droit de la police, Théorie et pratique, Librairie Vuibert, Paris, 2007, p. 65.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬شارع بن نايف الغويري‪ ،‬الضبطية القضائية في اململكة العربية السعودية‪ ،‬اختصاصاتها في مرحلتي‬
‫االستدالل والتحقيق‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ .2008 ،‬ص ‪ 154‬و‪ .155‬د‪ .‬محمد‬
‫نيازي حتاة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .166‬د‪ .‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .237‬د‪ .‬ممدوح خليل‬
‫البحر‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.163‬‬

‫‪22‬‬
‫سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها‬

‫يجب أن يكون إدراك حالة التلبس هذه بطريقة يقينية ال تحتمل أي شكا‪ .‬وعليه إذا‬
‫كان هناك شك من قبل ضابط الشرطة القضائية في وقوع الجريمة فال يمكن أن تتوافر‬
‫حالة التلبس‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها‪.‬‬
‫وهي مشاهدة اآلثارالتي خلفتها الجريمة أي اكتشاف الجريمة مباشرة بعد وقوعها‪،‬‬
‫يتحقق التلبس ولو لم تنصرف املشاهدة إلى األفعال املادية للجريمة‪ ،‬يكفي أن تنصب‬
‫على ما خلفته الجريمة من آثار وأدلة تفيد أنه م�ضى على ارتكاب الجريمة وقت قصير‪.‬‬
‫مثل دخول املنزل الذي سمعت فيه االستغاثة ومشاهدة املجني عليه ينزف دما متأثرا بما‬
‫وقع عليه من ضرب وجروح‪.‬‬
‫وعليه فإن حالة التلبس هذه ال تقوم إذا لم يشاهد ضابط الشرطة القضائية آثار‬
‫الجريمة التي تكشف عن وقوعها منذ برهة يسيرة‪ ،‬ومن ثم فإنه ال يكفي لقيام حالة‬
‫التلبس االدعاء بوقوع جريمة ما لم يكن هناك أثر يشاهده ضابط الشرطة القضائية‬
‫بنفسه أو يدركه بإحدى حواسه‪.8‬‬
‫لم يحدد القانون الزمن الفاصل بين ارتكاب الجريمة ومشاهدتها‪ ،‬إال أن عبارة‬
‫«عقب ارتكابها» تدل على وجوب أن يكون املشاهدة في الوقت التالي لوقوع الجريمة‬
‫مباشرة‪ .‬وتقدير الفترة الزمنية بين وقوع الجريمة وبين كشف آثارها أمر ال يمكن وضع‬
‫معيارزمني محدد له‪ ،‬ولذلك فإن ملحكمة املوضوع هي التي تقدرهذا الزمن‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تتبع املشتبه فيه عقب وقوع الجريمة‪.‬‬


‫وهي الحالة التي يتبع ويالحق العامة املشتبه فيه بالصياح إثروقوع الجريمة‪ .‬والتتبع‬
‫‪ 88-‬د‪ .‬محمد نيازي حتاة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .167‬د‪ .‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪ .238‬د‪ .‬ممدوح‬
‫خليل البحر‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪ .163‬د‪ .‬شارع بن نايف الغويري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫‪- G. Stefani, G.Levasseur, B.Bouloc, op. cit.p. 283.‬‬
‫‪- Jean- Claude Soyer, op. cit, p. 305.‬‬
‫‪- H. Vlamynck, , op. cit, p. 65.‬‬
‫‪23‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‬

‫واملطاردة هنا قد ال تكون بالجري وراء املشتبه فيه وإنما باإلشارة باأليادي إليه‪ .9‬ويقصد‬
‫بعامة الناس هنا أي فرد سواء كان واحدا أومجموعة من األفراد حيث ال يشترط القانون‬
‫التعدد لقيام حالة التلبس‪ ،‬فقد يشاهد شخص املشتبه فيه يرتكب الجريمة ثم يتابعه‬
‫وحده بالصياح‪ ،‬فهذا يكفي لجعل الجريمة متلبس بها‪.‬‬
‫ال يعتد بالتتبع واملالحقة بدون صياح‪ ،‬ألن هذا الصياح هو الذي يعبر عن وجود‬
‫عالقة بين املشتبه فيه والجريمة‪ .‬فال يكفي إذا التتبع مجردا من الصياح حتى ولو كان‬
‫على إثرإشاعة عامة بأن أحد األشخاص هو مرتكب الجريمة‪ .‬فاإلشاعة العامة ال تقوم‬
‫بها حالة التلبس‪ ،‬وإن كان من شأنها تنبيه السلطات إلى وقوع الجريمة فتدفعها إلى‬
‫االستدالل والتحري‪ .10‬كما يلزم أن يكون التتبع والصياح على أثروقوع الجريمة وليس‬
‫في فترة الحقة على وقوعها‪ ،‬وتقديرهذه الفورية يستقل بتقديرها محكمة املوضوع‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ضبط أشياء مع املشتبه فيه أو وجود آثار أو عالمات تدعو إلى احتمال قيامه‬
‫بارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫وهي الحالة التي يشاهد املشتبه فيه بعد وقوع الجريمة بوقت قريب حامال آالت‬
‫أو أسلحة أو أمتعة أو أشياء تدعو إلى افتراض ارتكابه الجريمة‪ ،‬أو إذا وجدت به في نفس‬
‫الوقت آثار أو عالمات تفيد ذلك كأن يكون في حيازة املشتبه فيه السالح الذي أطلق به‬
‫النارأو قطرات دم على مالبسه أو خدوش في وجهه‪.11‬‬

‫‪ - 9‬د‪ .‬محمد نيازي حتاة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .168‬د‪ .‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.238‬‬
‫د‪ .‬ممدوح خليل البحر‪ ،‬نفس املرجع‪،‬ص ‪ 164‬و‪.165‬‬
‫‪ -10‬د‪ .‬عبد الرءوف مهدي‪ ،‬شرح القواعد العامة لإلجراءات الجنائية‪ ،‬دارالنهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،2003‬ص‪.245‬‬
‫‪- Corinne Renaut-Brahinsky, Procédure pénale, Gualino éditeur, Normandie, 2006, p.‬‬
‫‪244.‬‬
‫‪ - 11‬د‪ .‬محمد نيازي حتاة‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪ .168‬د‪ .‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬نفس املرجع ‪ ،‬ص ‪ .239‬د‪.‬‬
‫ممدوح خليل البحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.166‬‬
‫‪- Jean- Claude Soyer, op. cit , p. 305.‬‬
‫‪24‬‬
‫سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها‬

‫األشياء التي استعملت في ارتكاب الجريمة كالسالح‬‫وأدلة الجريمة إما أن تكون ِ‬


‫املستخدم في القتل‪ ،‬وإما أن تكون أشياء تحصلت من الجريمة كاملسروقات أو وثائق‬
‫أو مستندات‪ .‬وقد تكون هذه األدلة في صورة آثار أو عالمات توجد على جسم املتهم أو‬
‫مالبسه‪ ،‬كالخدوش والجروح والدماء على مالبس الجاني‪ ،‬والتي قد تنشأ من مقاومة‬
‫املجني عليه أو تلتصق بمالبسه من دماء املجني عليه ذاته‪ .‬وقد يوجد به آثار مقذوف‬
‫ناري‪.‬‬
‫أما بالنسبة للفترة الزمنية الفاصلة بين وقوع الجريمة وضبط املشتبه فيه ومعه‬
‫األدوات أو عليه اآلثار والعالمات فقد نص عليها القانون بأنها «الوقت القريب»‪ ،‬دون‬
‫أن يحدد نهاية هذا الوقت القريب‪ .‬ويرى الفقه أنه يكفي أال يكون قد م�ضى على وقوع‬
‫الجريمة مدة من الزمن ينتفي معها القول أن هناك صلة بين وجود هذه األشياء معه‬
‫وبين وقوع الجريمة‪.12‬‬

‫خامسا‪ :‬اكتشاف جريمة داخل منزل والتبليغ عنها‪.‬‬


‫طبقا للمادة ‪/41‬فقرة أخيرة (ق‪.‬إ‪.‬ج) تقوم حالة التلبس كذلك إذا ارتكبت جناية‬
‫أو جنحة داخل منزل وكشف صاحب املنزل عنها عقب وقوعها وبادرفي الحال باستدعاء‬
‫أحد ضباط الشرطة القضائية إلثباتها‪ .‬واملالحظ أن حالة التلبس هذه تختلف على‬
‫حاالت التلبس الحقيقي السالفة الذكر ورغم ذلك اشترط املشرع في كل الحاالت‬
‫املعاصرة واملقاربة بين لحظتي ارتكاب الجريمة واكتشافها عندما استعمل عبارات «في‬
‫وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة» و»عقب وقوع الجريمة» التي تفيد نفس املعنى‪.‬‬
‫وعليه إذا مرت فترة زمنية بين ارتكاب الجريمة داخل املنزل والكشف عنها من صاحب‬
‫املنزل والتبليغ عنها فال تقوم حالة التلبس التي تمنح ضابط الشرطة القضائية السلطات‬
‫االستثنائية هذا إذا طبقنا النص العربي للمادة ‪/41‬فقرة أخيرة‪ .‬ولكن بالرجوع إلى النص‬
‫الفرن�سي لنفس املادة نالحظ بأن املشرع لم يشترط كشف الجريمة من صاحب املنزل‬

‫‪ -12‬د‪ .‬محمد عيد الغريب‪ ،‬االختصاص القضائي ملأمور الضبط في األحوال العادية واالستثنائية‪،‬‬
‫‪ ، 2000 1999-‬ص‪ .72‬د‪ .‬شارع بن نايف الغويري‪،‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪25‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‬

‫عقب وقوعها ألنه لم يستعمل عبارة «‪ »qui vient de se commettre‬وعليه فقد يتم‬
‫كشف الجريمة بعد مرورفترة زمنية طالت أو قصرت من ارتكابها‪ ،‬املهم أن يبادرصاحب‬
‫املنزل في الحال إلى تبليغ ضابط الشرطة القضائية واستدعاءه إلثبات الجريمة ‪.13‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬شروط صحة التلبس‬


‫حتى يكون التلبس صحيحا ومنتجا آثاره القانونية واملتمثلة في منح ضابط الشرطة‬
‫القضائية سلطة القيام ببعض إجراءات التحقيق‪ ،‬البد من توافرالشروط التالية‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬توافرحالة من حاالت التلبس املنصوص عليها في املادة ‪41‬‬


‫يجب أن تتوافر حالة من حاالت التلبس الخمس التي جاءت على سبيل الحصر‬
‫بحيث ال يجوز لضابط الشرطة القضائية االستناد إلى حالة يعتقد هو أنها تلبس ال‬
‫تنطبق على صور التلبس املذكورة في املادة ‪ 41‬ملباشرة االختصاصات االستثنائية‪،14‬‬
‫كم ال يجوز للقا�ضي الجنائي التوسع في حاالت التلبس أو القياس عليها مما قد يترتب‬
‫عليه التوسع في صالحيات ضابط الشرطة القضائية‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أن يكون اكتشاف التلبس سابقا على اإلجراء‪.‬‬


‫يجب أن يكون اكتشاف التلبس سابقا على اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق‬
‫املخولة لضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس ألن هذه األخيرة هي التي تمكن‬
‫الضابط من ممارسة هذه اإلجراءات‪ ،‬فال بد أوال من ثبوت حالة التلبس‪ .‬وفي حالة‬
‫اتخاذ أي إجراء سابق على قيام وثبوت حالة التلبس يعتبر إجراء غير مشروع وباطل وال‬
‫يرتب أي أثرقانوني‪.15‬‬

‫‪ - 13‬اعتبراملشرع الفرن�سي في املادة ‪( 53‬ق‪.‬إ‪.‬ج) هذه الحالة تلبس مهما كانت الفترة الزمنية التي مرت‬
‫بين ارتكاب الجريمة والكشف عنها من صاحب املنزل‪.‬‬
‫‪ - 14‬د‪ .‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.242‬‬
‫‪ - 15‬د‪ .‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬نفس املرجع ‪ ،‬ص ‪ .242‬د‪ .‬محمد نيازي حتاة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.169‬‬
‫‪26‬‬
‫سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها‬

‫املطلب الثالث‪ :‬اكتشاف التلبس من قبل ضابط الشرطة القضائية‪.‬‬


‫يجب أن يكشف ضابط الشرطة القضائية الجريمة بنفسه ال أن يتلقى خبروقوعها‬
‫من الغير‪ .‬وعليه فحالة التلبس تستوجب أن يتحقق ضابط الشرطة القضائية من قيام‬
‫الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بإحدى حواسه للكشف عنها‪.‬‬
‫وإذا شاهد أحد األفراد الجريمة حال ارتكابها يجب عليه تبليغ ضابط الشرطة‬
‫القضائية بوقوع الجريمة فورا‪ ،‬حتى يتسنى للضابط االنتقال ملكان الجريمة في الحال‬
‫إلثبات حالة التلبس بنفسه واتخاذ اإلجراءات الالزمة ألنه ليس من الضروري في هذه‬
‫الحالة مشاهدة املشتبه فيه وقت ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫وبالتالي ال يجوز إثبات حالة التلبس بشهادة الشهود بل بمشاهدة ضابط الشرطة‬
‫القضائية إما مباشرة أو عقب انتقاله إلى مكان الجريمة فيكتشف آثارها أو يشاهد‬
‫مطاردة املشتبه فيه من طرف العامة بالصياح أو يضبط املشتبه فيه وفي حوزته أشياء‬
‫أو آثار أو عالمات تدل على احتمال ارتكابه الجريمة‪.16‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬اكتشاف حالة التلبس بطريق مشروع‪.‬‬


‫لقيام حالة التلبس‪ ،‬فاإلضافة إلى اكتشافها من قبل ضابط الشرطة القضائية‬
‫نفسه‪ ،‬يجب أن يكون هذا االكتشاف قد تم بطريق مشروع‪ .‬ويكون طريق االكتشاف‬
‫مشروعا عندما يصادف ضابط الشرطة القضائية الجريمة عرضا أثناء قيامه بواجباته‬
‫العادية كتفتيشه ألحد املساكن في األحوال التي تقررها القانون يفاجئ بحالة التلبس‬
‫بجريمة أخرى كحيازة مادة مخدرة أو سالح غيرمرخص به‪.‬‬
‫ال يجوز لضابط الشرطة القضائية إثبات قيام حالة التلبس بطريق التجسس من‬
‫خالل ثقوب األبواب الخاصة للمساكن‪ ،‬أو اقتحام املسكن في غير األحوال التي يسمح‬
‫بها القانون‪.17‬‬

‫‪ - 16‬د‪ .‬عمر سالم‪ ،‬الوجيز في شرح قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪ .2012 - 2011 ،‬ص ‪ .165‬د‪ .‬محمد نيازي حتاة‪،‬‬
‫نفس املرجع‪ ،‬ص ‪ .171‬د‪ .‬ممدوح خليل البحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.167‬‬
‫‪ - 17‬د‪ .‬عمرسالم‪ ،‬نفس املرجع ‪ ،‬ص ‪ .166‬د‪ .‬شارع بن نايف الغويري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.169‬‬
‫‪27‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‬

‫ولكن في حالة تجاوز ضابط الشرطة القضائية حدوده في تقدير حالة التلبس‪،‬‬
‫وباشر بعض إجراءات التحقيق االبتدائي‪ ،‬ثم تبين بعد ذلك عدم قيام حالة التلبس‬
‫أصال‪ ،‬أو قيامها ولكن كان اكتشافها بطريق غير مشروع‪ ،‬فكل اإلجراءات التي قام بها‬
‫الضابط تعتبرباطلة‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬السلطات املخولة لضابط الشرطة القضائية‬


‫إذا قامت حالة من حاالت التلبس وبشروط صحيحة جاز لضابط الشرطة‬
‫القضائية اتخاذ إجراءات البحث والتحري واالستدالل‪ ،‬إلى جانب بعض إجراءات‬
‫التحقيق االبتدائي التي قد تمس بحقوق وحرية املشتبه فيه منحت لضابط الشرطة‬
‫القضائية بصفة استثنائية‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬إجراءات االستدالل في حالة التلبس‬


‫يقع على عاتق ضباط الشرطة القضائية القيام بمجموعة من إجراءات االستدالل‬
‫واملتمثلة فيما يلي‪:18‬‬
‫‪ - 1‬إخطار وكيل الجمهورية بوقوع الجريمة‪ :‬على ضابط الشرطة القضائية بمجرد‬
‫بتبليغه بوقوع جناية متلبس بها إخطاروكلي الجمهورية التابع له إقليميا فورا مع تبيان‬
‫زمان ومكان وقوعها وكل التفاصيل األولية املتعلقة بها‪.19‬‬
‫‪ - 2‬االنتقال فورا إلى مكان وقوع الجريمة للقيام باملعاينات‪ :‬وأول إجراء يقوم به‬
‫الضابط عند وصوله إلى املكان هو إثبات حالة الجريمة‪ .‬واملقصود بانتقال ضابط‬
‫الشرطة القضائية املبادرة إلى التوجه فورا وبدون تردد إلى مسرح الجريمة بمجرد تلقيه‬
‫بالغ بارتكابها دون اعتداد بالوقت الذي م�ضى بين وصوله وبين وقت ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫وهذا االنتقال واجب مفروض على ضابط الشرطة القضائية في كل األحوال عادية كانت‬
‫أم استثنائية‪.20‬‬
‫‪ - 18‬راجع املادتين ‪ 42‬و‪ 43‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‬
‫‪19- Corinne Renaut-Brahinsky, op.cit, p.248. - H. Vlamynck, , op. cit, p. 71.‬‬
‫‪20 - Corinne Renaut-Brahinsky, ibid, p.247. G. Stefani, G.Levasseur, B.Bouloc, op.cit, p.284. Jean- Claude Soyer,‬‬
‫‪op. cit, p. 305 et 306.‬‬

‫‪28‬‬
‫سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها‬

‫أما إثبات حالة الجريمة فمعناه أن يقوم ضابط الشرطة القضائية بوصف مكان‬
‫الجريمة واألشياء والوسائل التي استخدمت في ارتكاب الجريمة وحالة املجني عليه‪ ،‬حيا‬
‫أو ميتا‪ ،‬درجة وعيه‪ ،‬اإلصابات التي يكون قد تعرض لها‪ ،‬أوصاف الجثة إن كان املجني‬
‫عليه ميتا‪...‬‬
‫‪ - 3‬املحافظة على حالة مكان الجريمة وآثارها‪ :‬على ضابط الشرطة القضائية‬
‫أن يمنع أي شخص ال عالقة له بالتحقيق من االقتراب من املكان خشية تغيير أماكن‬
‫الجريمة ونقل األشياء من املكان التي وجدت فيه‪ ،‬وفي سبيل ذلك لضابط الشرطة‬
‫القضائية الحق في تعيين عون يسهر على املحافظة على آثار الجريمة‪ ،‬وضع األختام‬
‫على األماكن التي بها آثار أو أشياء تفيد التحقيق في الكشف عن الحقيقة‪ .‬ويستثنى من‬
‫هذا املنع التغيير أو نقل ونزع األشياء لتداعيات السالمة والصحة العمومية أو ستلزمها‬
‫معالجة املجني عليه املصاب‪.‬‬
‫‪ - 4‬الضبط‪ :‬على ضابط الشرطة القضائية ضبط كل ما له عالقة بالجريمة من‬
‫أشياء ومستندات وأدوات تفيد التحقيق في إظهار الحقيقة وعرضها على املشتبه فيهم‬
‫للتعرف عليها ومعرفة ما إذا كانت لها صلة بالجريمة أم ال‪.21‬‬
‫‪ - 5‬تحرير محضر التحقيق‪ ،‬بحيث يجب على ضابط الشرطة القضائية تحرير‬
‫محضر في الحال وفي نفس املكان الذي وقعت فيه الجريمة‪ .‬يتضمن هذا املحضر كل‬
‫اإلجراءات واألعمال التي قام بها وترقم صفحاته ويؤشر على كل صفحة ويتم التوقيع‬
‫عليه ثم يرسل إلى وكيل الجمهورية‪.22‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬إجراءات التحقيق في حالة التلبس‬


‫منح املشرع ضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس سلطة مباشرة بعض‬
‫إجراءات التحقيق ال تتم في الظروف العادية إال بمعرفة قا�ضي التحقيق أو بناء على‬
‫إذن مكتوب منه ألنها تمس بحقوق وحرية املشبه فيه‪ .‬وتتمثل هذه اإلجراءات فيما يلي‪:‬‬

‫‪21- Jean- Claude Soyer, op. cit, p 306.‬‬


‫‪ - 22‬راجع املادة ‪ 18‬واملادة ‪ 54‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‬

‫‪ - 1‬االستيقاف‪ :‬قد يتطلب األمر أحيانا من رجل السلطة العمومية استيقاف أحد‬
‫األشخاص بغرض التحقق والتأكد من هويته فقط إذا كان هناك شك في أمره‪ .‬فهو‬
‫إجراء بولي�سي يقوم به رجال السلطة العمومية ومن باب أولى أعضاء الشرطة القضائية‬
‫في مواجهة عامة الناس ويتمثل في التعرض إلى الشخص في الطريق العمومي للتحقق‬
‫من الهوية عن طريق توجيه األسئلة وطلب اإلطالع على الوثائق التي تثبت هذه الهوية‪.‬‬
‫ويلجأ أعضاء الشرطة القضائية إلى هذا اإلجراء بحكم مهمتهم في التحري عن الجرائم‬
‫والبحث عن مرتكبيها‪.‬‬
‫و االستيقاف بهذا الشكل ال يعد قبضا باملعنى القانوني وإنما هو إجراء في مواجهة‬
‫شخص وضع نفسه في حالة شبهة باختياره مما استلزم التعرض له للكشف عن حقيقة‬
‫األمر‪.23‬‬
‫‪ - 2‬ضبط املشتبه فيه واقتياده إلى أقرب ضابط شرطة قضائية‪ :‬وهذا اإلجراء مقرر‬
‫لعامة الناس ولرجال الشرطة بصفة خاصة ويتمثل في التعرض املادي للمشتبه فيه‬
‫عن طريق تقييد حريته واقتياده إلى أقرب ضابط شرطة قضائية حيث تنص املادة ‪61‬‬
‫(ق‪.‬إ‪.‬ج) على ما يلي‪»:‬يحق لكل شخص في حاالت الجنايات أو الجنح املتلبس بها واملعاقب‬
‫عليها بالحبس ضبط الفاعل واقتياده إلى أقرب ضابط شرطة قضائية»‪.‬‬
‫منح املشرع هذا الحق لألفراد ولرجال الشرطة في الجنايات أو الجنح املتلبس بها‬
‫واملعاقب عليها بالحبس فقط‪ .‬ضبط املشتبه فيه واقتياده إلى أقرب ضابط شرطة‬
‫قضائية يتجاوز حد االستيقاف‪ ،‬ولكنه ال يرقى إلى مرتبة القبض‪ ،‬فهو ليس مجرد‬
‫إيقاف شخص وضع نفسه في حالة شبهة في سبيل التعرف على شخصيته‪ ،‬وال هو تقييد‬
‫لحريته والتعرض له وحجزه ولو لفترة قصيرة تمهيدا التخاذ بعض اإلجراءات ضده‪ ،‬بل‬
‫هو مجرد التحفظ على املشتبه فيه واقتياده إلى ضابط الشرطة القضائية للحصول‬
‫منه على اإليضاحات الالزمة في شأن الواقعة املنسوبة إليه‪ .‬ومن ثم فهو مجرد تعرض‬
‫مادي فحسب‪ .‬وعلى هذا األساس فال يجوز احتجازاملشتبه فيه لفترة أطول مما يقتضيه‬
‫التسليم‪ ،‬وإال اعتبرذلك قبضا‪.‬‬

‫‪ - 23‬د‪ .‬محمد نيازي حتاة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .172‬د‪ .‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.246‬‬
‫‪30‬‬
‫سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها‬

‫ويختلف حق التعرض املادي املقرر لألفراد عن ذلك املقرر لرجال الشرطة من حيث‬
‫النطاق‪ .‬فبالنسبة لألفراد‪ ،‬يكون التعرض املادي مقصورا على حالة التلبس املذكورة في‬
‫الفقرة األولى من املادة ‪( 41‬ق‪.‬إ‪.‬ج) دون الحاالت األخرى‪ ،‬كما اشترط القانون بالنسبة‬
‫للتعرض املادي من جانب األفراد أن تكون الجريمة جناية أوجنحة يعاقب عليها القانون‬
‫بالحبس‪ .‬أما بالنسبة لرجال الشرطة فقد توسع القانون في السلطة املخولة لهم‪ ،‬فلم‬
‫يقتصراألمرعلى األحوال التي يجوز فيها القبض على األشخاص‪ ،‬وهي الجنح التي يعاقب‬
‫عليها بالحبس‪ ،‬بل توسع في ذلك بحيث أجاز التعرض املادي في الجنح التي يجوز فيها‬
‫الحكم بالحبس مطلقا‪ ،‬وأجازلهم ذلك في الجرائم األخرى‪ ،‬سواء جنحة أم مخالفة‪ ،‬ولو‬
‫لم يعاقب عليها بالحبس‪ ،‬إذا لم يمكن معرفة شخصية املتهم‪.24‬‬
‫‪ - 3‬منع أي شخص من مبارحة مكان وقوع الجريمة‪ :‬يجوز لضابط الشرطة‬
‫القضائية منع أي شخص من مبارحة مكان الجريمة من سماع أقواله والحصول على‬
‫إيضاحات في شأن الواقعة إلى حين االنتهاء من إجراء التحريات األولية التي يتطلبها‬
‫الوضع‪ .‬وال يجوز أن يتجاوز هذا املنع املدة الالزمة لتحريراملحضر‪.25‬‬
‫وعلى كل شخص يبدو له ضروريا من خالل التحريات التعرف على هويته والتحقق‬
‫من شخصيته أن يمتثل لضابط الشرطة القضائية في كل ما يطلبه من إجراءات في هذا‬
‫الخصوص‪ .‬وفي امتثال الشخص فإنه بعقوبة الحبس ملدة ال تتجاوز ‪ 10‬أيام وبغرامة‬
‫‪500‬د‪.‬ج‪( .‬املادة ‪ 50‬ق‪.‬إ‪.‬ج)‪.‬‬
‫‪ – 4‬القبض على املشتبه فيه‪ :‬لم ينظم املشرع أحكام القبض على املشبه فيه في‬
‫(ق‪.‬إ‪.‬ج)‪ .‬ورغم ذلك إذا قامت ضد املشتبه فيه دالئل قوية ومتماسكة من شأنها التدليل‬
‫وإثبات التهمة‪ ،‬جاز لضابط الشرطة القضائية القبض عليه ووضعه رهن التوقيف‬
‫للنظر في انتظار تقديمه إلى وكيل الجمهورية ومعنى هذا اإلجراء هو اإلمساك باملشتبه‬
‫فيه وسلب حريته ملدة حددها القانون‪ .‬وهذا ما يمكن استخالصه من نص املادة ‪/51‬‬
‫فقرة ‪( 4‬ق‪.‬إ‪.‬ج)‪.26‬‬
‫‪ - 24‬د‪ .‬أحمد لطفي السيد‪ ،‬الشرعية اإلجرائية وحقوق اإلنسان‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة املنصورة‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ص ‪.122‬‬
‫‪ - 25‬د‪ .‬عمرسالم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.175‬‬
‫‪- G. Stefani, G.Levasseur, B.Bouloc, op.cit, p.284. Corinne Renaut-Brahinsky, op.cit, p.249.‬‬
‫‪ - 26‬راجع املادة ‪/51‬فقرة ‪ 4‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‬

‫يعد القبض من أخطر اإلجراءات ألنه يمس بالحرية األفراد‪ ،‬لذا حرص املشرع‬
‫على إحاطته بالضمانات الكافية لحماية حقوق اإلنسان واملحافظة على حرياته‪ .‬ومن‬
‫أهم هذه الضمانات أنه ال يجوز لضابط الشرطة القضائية القيام بهذا اإلجراء إال في‬
‫الحاالت االستثنائية‪ ،‬ومنها حالة التلبس‪ ،‬وفيما عدا هذه حالة ال يجوز القبض على‬
‫أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته أو منعه من التنقل إال بأمر صادر من القا�ضي‬
‫املختص‪.27‬‬
‫لصحة القبض يجب توافرالشروط التالية‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أن تتوافرحالة من حاالت التلبس التي نص عليها املشرع في املادة ‪( 41‬ق‪.‬إ‪.‬ج)‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أن تكون الجريمة املتلبس بها جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مهما كانت‬
‫املدة (من شهرين إلى خمس سنوات)‪ .28‬أما املخالفات فال يجوز فيها القبض‪ .‬والقبض‬
‫بطبيعته هو جائز في كل الجنايات حتى في غير أحوال التلبس في حالة قيام دالئل كافية‬
‫على اتهام املشتبه فيه‪ .‬بالنسبة للجنح يشترط القانون أن تكون العقوبة هي الحبس‬
‫سواء كانت وجوبية أم جوازية مع عقوبة الغرامة‪29.‬‬
‫ج‪5-‬إن الهدف من القبض على املشتبه فيه هو توقيفه للنظر ملدة ال تتجاوز‬
‫‪ 48‬ساعة من أجل التحقيق معه وتقديمه لوكيل الجمهورية‪ ،‬وال يكون هذا اإلجراء‬
‫صحيحا إال إذا قامت ضد املشتبه فيه دالئل قوية ومتماسكة من شأنها التدليل على‬
‫اتهامه بارتكاب الجناية أو الجنحة املتلبس بها‪ .‬وتقديرقيام هذه الدالئل يرجع إلى ضابط‬
‫الشرطة القضائية من خالل الظروف واملالبسات التي كان فيها املشتبه فيه وقت‬
‫القبض عليه‪ ،‬وفي حالة عدم قيامها كان القبض باطال‪ 30.‬أما بالنسبة للجرائم التي‬
‫يتوقف فيها تحريك الدعوى العمومية على تقديم شكوى أو طلب أو إذن من املجني عليه‬
‫أو الهيئة العامة فال يجوز فيها لضابط الشرطة القضائية القبض على املشتبه فيه إال‬
‫إذا رفع هذا القيد‪.‬‬
‫‪ - 27‬د‪ .‬أحمد لطفي السيد‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪ - 28‬راجع املادة ‪ 05‬من قانون العقوبات‪.‬‬
‫‪ - 29‬د‪ .‬عمرسالم‪ ،‬نفس املرجع ‪ ،‬ص ‪.178‬‬
‫‪ - 30‬راجع املادة ‪ / 51‬فقرة ‪ 3‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪ - .‬د‪ .‬محمد نيازي حتاة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.176‬‬

‫‪32‬‬
‫سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها‬

‫لكن السؤال املطروح هو هل القبض جائز في كل حاالت التلبس املنصوص عليها‬


‫في املادة ‪( 41‬ق‪.‬إ‪.‬ج) ومتى تقوم الدالئل القوية على نسبة الجريمة إلى املشتبه فيه؟ أرى‬
‫أن الحالة الوحيدة التي يجوز فيها القبض هي حالة مشاهدة ضابط الشرطة القضائية‬
‫للجريمة حال ارتكابها من طرف املشتبه فيه حيث تكون واضحة لألعيان وال يكون‬
‫هناك أي مجال للشك ال في وقوع الجريمة وال في نسبتها إليه وهنا تقوم ضد املشتبه‬
‫فيه الدالئل القوية واملتماسكة التي من شأنها التدليل على اتهامه بارتكاب الجريمة‪ .‬أما‬
‫حاالت التلبس األخرى فإنها تدل على اكتشاف وقوع الجريمة وما خلفته من آثار دون‬
‫مرتكبها وعليه فالقبض فيها غير جائز‪ .‬وأن جواز القبض ملجرد قيام دالئل قوية على‬
‫نسبة الجريمة إلى املشتبه فيه يفتح املجال في التوسع في تفسير الفقرة ‪ 4‬من املادة ‪51‬‬
‫(ق‪.‬إ‪.‬ج) يترتب عليه حتما التوسع في السلطات املخولة لضابط الشرطة القضائية وهذا‬
‫يعتبر خرقا ملبدأ الشرعية اإلجرائية‪ .‬لذا على املشرع إدراج نص في (ق‪.‬إ‪.‬ج) ينظم أحكام‬
‫القبض يذكرفيه الحاالت التي يجوز فيها وشروط صحته‪.‬‬
‫‪ - 5‬التوقيف للنظر‪ :‬يعتبر التوقيف للنظر أخطر هذه اإلجراءات ألنه يقيد حرية‬
‫املشتبه فيه‪ ،‬فال يجوز لضابط الشرطة القضائية اللجوء إليه إال بعد قيام قرائن قوية‬
‫وأدلة تثبت اتهام هذا الشخص بارتكابه الجريمة وعليه أن يطلع وكيل الجمهورية بذلك‬
‫وأن يقدم له تقريرا عن دواعي التوقيف للنظر‪.31‬‬
‫أ‪ -‬مبررات التوقيف للنظر‪ :‬تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬منع املشتبه فيه من إتالف أدلة اإلثبات أو محاولة خلق أدلة مضللة للتحقيق‪.‬‬
‫‪ -‬منع املشتبه فيه من التأثيرعلى الشهود‪.‬‬
‫‪ -‬حماية املشتبه فيه من محاولة االنتقام أهل املجني عليه‪.‬‬
‫ب‪ -‬مدة التوقيف للنظر‪ :‬نظرا لخطورة هذا اإلجراء فإن املدة القانونية هي ‪48‬‬
‫ساعة‪.‬‬
‫يمكن تمديد مدة التوقيف للنظربإذن مكتوب من وكيل الجمهورية املختص‪:‬‬
‫‪ -‬مرة واحدة (‪ )01‬في جرائم االعتداء على أنظمة املعالجة اآللية للمعطيات‪.‬‬
‫‪ - 31‬راجع املادة ‪ 51‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬
‫‪- Jean- Claude Soyer, op. cit, p 308.‬‬
‫‪33‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‬

‫‪ -‬مرتين (‪ )02‬في الجرائم ضد أمن الدولة‪.‬‬


‫‪ -‬ثالث (‪ )03‬مرات في جرائم املخدرات والجريمة عبرالحدود الوطنية وجرائم تبييض‬
‫األموال والجرائم املتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف‪.‬‬
‫‪ -‬خمس (‪ )05‬مرات في الجرائم املوصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية‪.‬‬
‫في حالة انتهاك آجال التوقيف للنظر املبينة أعاله‪ ،‬يتعرض ضابط الشرطة‬
‫القضائية لكل أنواع املسؤولية بسبب الحبس التعسفي‪ .‬املادة ‪ 51‬فقرة ‪ 5‬و‪.6‬‬
‫ج‪ -‬حقوق املوقوف للنظر‪ :‬تتمثل حقوق املوقوف للنظرفيما يلي‪:32‬‬
‫‪ -‬الوضع تحت تصرف املوقوف للنظركل وسيلة تمكنه من االتصال بعائلته‪.‬‬
‫‪ -‬حق املوقوف للنظر في الزيارة‪.‬‬
‫‪ -‬عند انتهاء مدة التوقيف للنظر‪ ،‬إجراء فحص طبي للتأكد ما إذا كان هذا األخير‬
‫قد تعرض إلى أساليب اإلكراه والتعذيب أم ال بحيث تضم الشهادة الطبية إلى ملف‬
‫اإلجراءات‪.‬‬
‫‪ - 6‬التفتيش‪ :‬تسهيال ملهمة ضابط الشرطة القضائية في ممارسة اختصاصاته‬
‫والوصول إلى الحقيقة‪ ،‬جاز لهذا األخير تفتيش مساكن املشتبه فيهم وإلى جانب تفتيش‬
‫األشخاص‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تفتيش املساكن‪ .‬يجوز تفتيش مساكن املشتبه فيهم في الحاالت التالية‪:33‬‬
‫‪ -‬تفتيش مسكن أو محل كل شخص يحتمل أنه ساهم في الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬تفتيش مسكن أو محل شخص يحتمل أنه يحوز أوراقا أو أشياء أو مستندات‬
‫تتعلق بالجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬تفتيش مسكن أو محل شخص بناء على رضا مكتوب وصريح من هذا األخير‪.‬‬
‫شروط صحة التفتيش‪.‬‬

‫‪ - 32‬راجع املادة ‪ 51‬مكرر ‪ 1‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬


‫‪ - 33‬راجع املادة ‪/ 44‬فقرة ‪ 1‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها‬

‫لصحة التفتيش ال بد من توافرالشروط التالية‪:‬‬


‫أ‪ -‬الحصول على إذن بالتفتيش صادر من وكيل الجمهورية ويجب استظهار هذا‬
‫اإلذن قبل الشروع في عملية التفتيش‪ .‬كما يشترط اإلذن بالتفتيش في حالة البحث‬
‫والتحري عن الجنحة املتلبس بها أو التحقيق في إحدى الجرائم املذكورة في املادة ‪37‬‬
‫(ق‪.‬إ‪.‬ج)‪.‬‬
‫حتى ينتج اإلذن بالتفتيش آثاره‪ ،‬يجب أن يتضمن ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬وصف الجريمة موضوع البحث عن الدليل‪.‬‬
‫‪ -‬عنوان األماكن التي ستتم زيارتها وتفتيشها وإجراء حجزالدليل فيها‪.‬‬
‫وفي حالة عدم ذكر أحد هذه البيانات في اإلذن بالتفتيش فإنه يقع تحت طائلة‬
‫البطالن‪.‬‬
‫تنجز عمليات التفتيش تحت اإلشراف املباشر للقا�ضي الذي أذن به‪ .‬بحيث يجوز‬
‫له عند االقتضاء االنتقال إلى عين املكان للسهرعلى احترام أحكام القانون‪.34‬‬
‫ب‪ -‬أن يجرى التفتيش بحضور صاحب املسكن‪ ،‬وإذا تعذرعلى هذا األخيرالحضور‬
‫وجب تعيين ممثل له‪ ،‬وإذا تعذرتعيين ممثال له يقوم ضابط الشرطة القضائية بتعيين‬
‫شاهدين ال عالقة له بهما ثم يجري التفتيش ‪.35‬‬
‫ال يطبق هذا الشرط إذا تعلق األمربجرائم املخدرات والجريمة املنظمة عبرالحدود‬
‫الوطنية والجرائم املاسة بأنظمة املعالجة اآللية للمعطيات وجرائم تبييض األموال‬
‫واإلرهاب والجرائم املتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف‪ ،‬باستثناء األحكام املتعلقة‬
‫بالحفاظ على السراملنهي وكذا جرد األشياء وحجزاملستندات‪.36‬‬
‫ج‪ -‬امليقات القانوني‪ :‬ال يجوز البدء في التفتيش قبل الساعة الخامسة صباحا وال‬
‫بعد الساعة الثامنة مساء‪ .‬إال أن هناك حاالت يجوز إجراء التفتيش في أي وقت من‬
‫أوقات النهارأو الليل وهذه الحاالت هي‪:37‬‬

‫‪ - 34‬راجع املادة ‪/ 44‬فقرة ‪ 2‬و‪ 3‬و‪ 4‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬


‫‪ - 35‬راجع املادة ‪/ 45‬فقرة ‪ 1‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬
‫‪ - 36‬راجع املادة ‪/ 45‬فقرة أخيرة ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬
‫‪ - 37‬راجع املادة ‪ 47‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‬

‫‪ - 1‬إذا طلب ذلك صاحب املنزل‪.‬‬


‫‪ - 2‬إذا سمعت نداءات ووجهت من داخل املسكن‪.‬‬
‫‪ - 3‬داخل فندق أو منزل مفروش أو فندق عائلي أو محل لبيع املشروبات أو ناد أو‬
‫مرقص أو أماكن املشاهدة العامة و ملحقاتها‪ ،‬وفي أي مكان مفتوح للجمهور‪ ،‬إذا ثبت أن‬
‫أشخاصا يستقبلون فيه عادة للقيام بأعمال ال أخالقية‪.‬‬
‫وعندما يتعلق األمر بجرائم املخدرات والجريمة املنظمة عبر الحدود الوطنية‬
‫والجرائم املاسة بأنظمة املعالجة اآللية للمعطيات وجرائم تبييض األموال واإلرهاب‬
‫والجرائم املتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف‪ ،‬فإنه يجوز التفتيش واملعاينة و الحجز‬
‫في كل محل سكني أو غير سكني في كل ساعة من ساعات النهار أو الليل بناء على إذن‬
‫بالتفتيش مسبق من وكيل الجمهورية املختص‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تفتيش األشخاص‪ :‬يقصد بتفتيش الشخص البحث والتنقيب بجسمه‬
‫ومالبسه للعثور وضبط كل ما يفيد في إظهارالحقيقة‪ .38‬فعلى الرغم من أن املشرع لم‬
‫ينظم أحكام تفتيش األشخاص في (ق‪.‬إ‪.‬ج) كما فعله بالنسبة لتفتيش املساكن‪ ،‬إال أنه‬
‫جائز في حالة القبض على املشتبه فيه وفي حالة تفتيش مسكن إذا ما توافرت شروط‬
‫صحة هذا األخير إذا قامت ضد الشخص أثناء تفتيش املسكن قرائن قوية تدل على‬
‫أنه يخفي معه أشياء تفيد في كشف الحقيقة‪ .‬وعليه فكلما كان القبض صحيحا كان‬
‫التفتيش الشخص صحيحا فالتفتيش تابع للقبض‪.39‬‬
‫إن لجوء ضابط الشرطة القضائية لهذا اإلجراء االستثنائي ال يجب التوسع فيه‪.‬‬
‫فال يجوز لضابط الشرطة القضائية تفتيش شخص خارج املسكن ولو وجدت قرائن‬
‫قوية على أنه يخفي شيئا يفيد في كشف الحقيقة‪ ،‬إال إذا قامت حالة من حاالت التلبس‬
‫التي يجوز فيها القبض‪.‬‬
‫ويجب أن يخضع تفتيش األشخاص للضمانات القانونية املقررة‪ .‬فيشترط أن‬
‫يجريه ضابط الشرطة القضائية دون سواه‪ ،‬بحيث ال يجوز له أن يكلف أحد األعوان‬
‫‪ - 38‬د‪ .‬عمرسالم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫‪ - 39‬د‪ .‬أحمد لطفي السيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪36‬‬
‫سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها‬

‫للقيام به‪ .‬كما يجب أن يراعى في تفتيش الشخص أال يكون فيه مساس بشرفه أو كرامته‬
‫أو منافاة لآلداب العامة‪.‬‬
‫إذا تعلق األمر بتفتيش أنثى‪ ،‬فيجب أن يتم التفتيش من طرف أنثى يعينها ضابط‬
‫الشرطة القضائية لهذا الغرض‪ .‬بحيث لو قام ضابط الشرطة القضائية بهذا التفتيش‬
‫بنفسه اعتبرباطال حتى ولو رضيت به األنثى رضاء صريحا‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬بطالن التفتيش‪.‬‬
‫طبقا للمادة ‪( 48‬ق‪.‬إ‪.‬ج) في حالة قيام ضابط الشرطة القضائية بتفتيش أحد‬
‫املساكن دون مراعاة أحكام املواد ‪ 44‬و ‪ 45‬و‪ 47‬ومخالفة لها وقع تحت طائلة البطالن‬
‫بحيث ال يجوز االعتداد باألدلة املتحصل عليها جراء هذا التفتيش حتى ولو كانت كافية‬
‫لتوجيه التهمة إلى املشتبه فيه وإدانته‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫إذا قامت حالة من حاالت التلبس الخمس خول القانون ضابط الشرطة القضائية‬
‫سلطات استثنائية تتمثل في القيام ببعض إجراءات التحقيق االبتدائي لم ينظم املشرع‬
‫أحكامها في(ق‪.‬إ‪.‬ج) والتي تعد أخطر اإلجراءات كونها تمس بالحريات الفردية وأخص‬
‫بالذكرالقبض والتفتيش األشخاص‪.‬‬
‫إن جواز القبض على املشتبه فيه ملجرد قيام دالئل قوية على نسبة الجريمة إليه‬
‫يعتبر خروجا عن مجال السلطات املخولة لضابط الشرطة القضائية ألنه يفتح املجال‬
‫في التوسع في تفسيرالفقرة ‪ 4‬من املادة ‪( 51‬ق‪.‬إ‪.‬ج) ترتب عليه التوسع في هذه السلطات‬
‫وهذا يعتبر خرقا ملبدأ الشرعية اإلجرائية‪ .‬لذا على املشرع إدراج نص في (ق‪.‬إ‪.‬ج) ينظم‬
‫فيه أحكام القبض والحاالت التي يجوز فيها وشروط صحته‪.‬‬
‫كما أن القول بجوازتفتيش الشخص في حالة القبض وتفتيش مسكن يعتبرمساسا‬
‫بالحقوق والحريات الفردية في غياب النص الذي ينظمه ويفتح املجال كذلك في التوسع‬
‫في تفسيرالفقرة ‪ 4‬من املادة ‪ 51‬واملواد ‪ 44‬و‪ 45‬و‪( 47‬ق‪.‬إ‪.‬ج)‪ .‬لذا على املشرع إدراج نص‬
‫في (ق‪.‬إ‪.‬ج) ينظم فيه أحكام تفتيش األشخاص والحاالت التي يجوز فيها وشروط صحته‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫سلطات الشرطة القضائية في مواجهة الجريمة املتلبس بها‬

‫املراجع‪:‬‬
‫أوال‪ :‬باللغة العربية‪.‬‬
‫‪ - 1‬د‪ .‬أحمد لطفي السيد‪ ،‬الشرعية اإلجرائية وحقوق اإلنسان‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة املنصورة‪.2004 ،‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الشرعية الدستورية وحقوق اإلنسان في اإلجراءات‬
‫الجنائية‪ ،‬دارالنهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1993 ،‬‬
‫‪ - 3‬د‪ .‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬التحقيق‬
‫والتحري‪ ،‬دارهومة‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ - 4‬د‪ .‬عبد الرءوف مهدي‪ ،‬شرح القواعد العامة لإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.2003 ،‬‬
‫‪ - 5‬د‪ .‬عمر سالم‪ ،‬الوجيز في شرح قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2012 - 2011 ،‬‬
‫‪ - 6‬د‪ .‬شارع بن نايف الغويري‪ ،‬الضبطية القضائية في اململكة العربية السعودية‪،‬‬
‫اختصاصاتها في مرحلتي االستدالل والتحقيق‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.2008 ،‬‬
‫‪ - 7‬د‪ .‬محمد عيد الغريب‪ ،‬االختصاص القضائي ملأمور الضبط في األحوال العادية‬
‫واالستثنائية‪.2000 1999- ،‬‬
‫‪ - 8‬د‪ .‬محمد نيازي حتاة‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الليبي‪ ،‬جامعة قاريونس‪،‬‬
‫بنغازي‪.1980 ،‬‬
‫‪ - 9‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.1988 ،‬‬
‫‪ - 10‬د‪ .‬ممدوح خليل البحر‪ ،‬اختصاصات مأمور الضبط القضائي في القانون‬
‫اإلماراتي واملقارن‪ ،‬دارالنهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2011 ،‬‬

‫‪39‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‬

‫ باللغة األجنبية‬:‫ثانيا‬
1 - Corinne Renaut-Brahinsky, Procédure pénale, Gualino éditeur,
Normandie, 2006.
2 - G. Stefani, G.Levasseur, B.Bouloc, Procédure pénale, 11éme
édition, Dalloz, Paris, 1980.
3 - H. Vlamynck, Droit de la police, Théorie et pratique, Librairie
Vuibert, Paris, 2007.
4 - Jean- Claude Soyer, Droit pénal et procédure pénale, 19éme
édition, L.G.D.J, Paris, 2006.

40

You might also like