You are on page 1of 28

‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.

0202‬‬

‫القسم الثاني ‪:‬‬


‫المعاجم العربية العامة والمختصة حديثا‬

‫المعاجم اللغوية العامة الحديثة‪:‬‬


‫لم يكد يمضي على صدور آخر معجم تراثي وهو معجم "تاج العروس من جواهر‬
‫القاموس" للزبيدي (ت ‪ 5021‬هـ‪5972 ،‬م) نحو مائة عام‪ ،‬حتى استعاد المعجم العربي أو‬
‫بصيغة أدق واصل المعجم العربي مسيرته وصدوره وعرف نشاطا وحيوية كبيرين‪ ،‬وذلك في‬
‫المائة التاسعة عشر الميالدية‪ ،‬فظهرت معاجم جديدة سار أكثرها على نهج الزمخشري في أساس‬
‫األول فالثاني‬
‫قمته معه‪ ،‬وهو الترتيب األلفبائي على الحرف ّ‬
‫البالغة بنفس ترتيبه الذي عرف ّ‬
‫فالثالث فالرابع‪.‬‬
‫فظهر ّأول معجم لغوي يعتبره العلماء تكملة التأليف المعجمي القديم وفاتحة التأليف المعجمي‬
‫الحديث‪ .‬هو معجم‪" :‬محيط المحيط" لبطرس البستاني‪ .‬المعجم المخضرم على حد وصف‬
‫الحمزاوي في كتابه " النظريات المعجمية وسلبها إلى استيعاب الخطاب الغربي "‪.‬‬
‫‪ - 1‬محيط المحيط للبستاني‪:‬‬
‫يجدر بنا قبل الحديث عن البستاني ومعجمه‪ ،‬اإلشارة إلى ّأول محاولة للتطوير المعجمي‬
‫في العصر الحديث‪ ،‬و ترجع "على األغلب إلى المطران جرمانوس فرحات (‪)5970 ،5792‬‬
‫المسمى "بأحكام باب اإلعراب" مخطوطا حتى طبع في‬
‫ّ‬ ‫المولود في حلب (‪ )...‬و بقي معجمه‬
‫وسمعان دحداح‪ 1،‬و لعلّه نفسه الذي ذكره‬ ‫شهر نيسان سنة ‪ 5487‬بنفقة ومناظرة رشيد‬
‫الحمزاوي باسم "األسقف جبريل فرحات للبناني الماروني (‪ )5970 - 5702‬في معجمه‬
‫المعروف "بأحكام باب اإلعراب عن لغة األعراب"‪ ،2‬وان اختلف في تاريخ الميالد‪ ،‬وفي ضبط‬
‫عنوان المعجم بدقّة وفي االسم أيضا لكن ما يالحظ أنه قد وجد قبل الزبيدي‪ ،‬وبالضبط فإن‬
‫تاريخ وفاته هو تاريخ ميالد الزبيدي وهو (‪ 5581 / 5970‬هـ)‪.‬‬

‫‪. – 1‬المعاجم الحديثة مرتبة حسب تاريخ صدورها‪.‬‬


‫التقدم‪ ،‬دمشق الشام‪ ،2791 ،‬ص ‪.10 ،12‬‬
‫‪-‬نشأة ظبيان‪ ،‬حركة األحياء اللّغوي في بالد الشام‪ ،‬دار ّ‬
‫‪ – 2‬الحمزاوي‪ ،‬النظريات المعجمية العربية‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫ويرى الحمزاوي أن البستاني قد انطلق في مقاربته المعجمية من مقاربة األسقف جبريل‬


‫فرحات اللبناني الماروني انطالقا من تجربة القاموس المحيط للفيروز أبادي كما رأينا‪ ،‬لكن على‬
‫غرار النموذج اليسوعي والغربي‪. 3‬‬
‫األول يتمثل في المعطيات المعجمية الموجودة الموروثة‪،‬‬
‫وجاء البستاني ليعتمد أمرين‪ّ :‬‬
‫المستجدات اللّغوية في هذا العصر الجديد بداية مع القرن‬
‫ّ‬ ‫والثاني لصيق به وهو المعطيات و‬
‫التاسع عشر‪ ،‬وما يحمله من صور وأشكال لغوية وغير لغوية تفرض نفسها على واقع العربية‬
‫فغيرت وجهة اإلنتاج‬
‫غيرت من عالمهم اللّغوي‪ّ ،‬‬
‫كما فرضت كثير من األمور على أهل العربية ّ‬
‫والتأليف المعجمي القديم‪ ،‬وأخذ بزمامه المعلمين واآلباء المسحيين واليسوعيين بمختلف مشاربهم‬
‫وأفكارهم التي انطبعت على سلسلة المعاجم التي ظهرت في لبنان بداية مع البستاني وصوال إلى‬
‫متفرقة مع معاجم أخرى قام بها أفراد وأخرى قامت بها هيئات جماعية أشهرها‬
‫المنجد‪ ،‬ثم سلسلة ّ‬
‫"الوسيط " للمجمع القاهري‪.‬‬
‫يعتبر معجم محيط المحيط ّأول معجم أنتجه اليسوعيين (‪ )...‬في مفتتح النصف الثاني من‬
‫القرن التاسع عشر‪ ،4‬وبه بدأت ّأول محاولة في التأليف المعجمي في العصر الحديث‪ ،‬بترتيب‬
‫المعجم بحسب أوائل األصول كما في أساس البالغة‪.‬‬
‫سماه بهذا اإلسم "محيط المحيط" ألنه احتوى ما في محيط الفيروزأبادي‪ ،‬يقول‪ ":‬أما بعد‪،‬‬
‫فهذا المؤلف يحتوي على ما في محيط الفيروزأبادي (‪ )...‬من مفردات اللغة وعلى زيادات‬
‫وضم إليه زيادات كثيرة عثر عليها في كتب القوم‪ ،‬فضال عن اصطالحات العلوم‬
‫ّ‬ ‫كثيرة‪)...( 5،‬‬
‫‪6‬‬
‫يتبن نفس‬
‫لكنه لم ّ‬
‫وكثير من الفوائد والقواعد والشوارد ‪ّ ،‬‬
‫ًا‬ ‫والفنون التي عرفت في عصره (‪)...‬‬
‫ترتيب الفيروزأبادي‪ ،‬فقد قطع خط الرجعة على ترتيب القافية مساهما بذلك في تثبيت النظام‬
‫األلفبائي حسب األوائل مع التجريد‪ ،‬وذلك الذي اتبعه أغلب المعجمات التي جاءت بعده‪.7‬‬

‫‪ – 3‬الحمزاوي‪ ،‬النظريات المعجمية‪ ،‬ص ‪.211 ،211‬‬


‫‪ – 4‬حسين نصار المعجم العربي‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.815‬‬
‫‪ -‬بطرس البستاني‪ ،‬محيط المحيط‪ ،‬قاموس مطول اللغة العربية‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،2775‬فاتحة‬ ‫‪5‬‬

‫الكتاب المؤلف‪.‬‬
‫‪ – 6‬نشأة ظبيان‪ ،‬حركة اإلحياء اللغوي‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ – 7‬حسين نصار‪،‬المعجم العربي ‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.817‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫وأضاف إلى هذه الخطوة الرائعة في تنسيق األلفاظ بحسب أوائل األصول ترتيب المواد‬
‫المجرد والمزيد من الفريقين‪ ،‬وجعل كال‬
‫ّ‬ ‫ممي ًاز بين األفعال واألسماء‪ ،‬وبين‬
‫بحسب عدد الحروف‪ّ ،‬‬
‫مبتدئا بالفعل الثالثي فالمزيد بحرف فبحرفين وهكذا‪ ،‬فجاء‬
‫ً‬ ‫منهما مندرجا مع نظيره من األبنية‪،‬‬
‫محافظا من حيث طريقة الترتيب الخارجي و محاوالً التجديد و التطوير بالتنظيم من حيث‬
‫قسم المؤلّف كل‬
‫الترتيب الداخلي للمواد‪ .‬وهذا مما يسهّل طلب المفردات ويوفّر الجهد والوقت‪".‬و ّ‬
‫صفحة من كتابه نهرين‪ ،‬وكتب في أعالها كلمتين‪ ،‬إحداهما في يمين الصفحة تشير إلى الكلمة‬
‫األخيرة في النهر األيمن‪ ،‬والثانية في يسار الصفحة تشير إلى الكلمة األخيرة في النهر األيسر"‪.8‬‬
‫الجدة و االختالف الشكلي وفي‬
‫ولعل هذه النقطة األخيرة هي التي كانت ظاهرة من حيث ّ‬
‫اإلخراج عن المعاجم القديمة وهذا تأث ار بالمعاجم الغربية‪.‬‬
‫‪ - 5‬يقول حسن نصار‪ " :‬أما األمور التي زادها فنجملها في جمع بعض األلفاظ المفردة‬
‫وخاصة‬
‫ّ‬ ‫الخاصة المولّدة والعامية والمسيحية‪ ،‬والصيغ واالستعماالت‬
‫ّ‬ ‫(‪ )...‬أو بعض المعاني‬
‫العلمية والفلسفية‪ ،‬واالصطالحية‪ ،‬وقليل من الشواهد النثرية والشعرية واألدبية‪ ،‬وكثير منها ألدباء‬
‫ال يحتج بهم كالجريري‪ ،‬وأسماء الكتب‪ ،‬واالستعماالت النحوية والصرفية وكلمات في‬
‫‪9‬‬
‫التفسير(‪ )...‬وأكثر زياداته مأخوذة من التاج"‪.‬‬
‫‪ - 2‬أقرب الموارد في فصح العربية و الشوارد ‪:‬‬
‫لقد تأثر الكثيرون بالبستاني ـ سواء في المنهج أم في شرح الموادـ " وفي سنة ‪ 5472‬أخرجت‬
‫المطبعة العربية معجما آخر في جزئين وضعه العالمة سعيد الخوري الشرتوني سماه "أقرب‬
‫األمهات يقول‪ ":‬وأقبلت على كتب األئمة الثقات‬
‫الموارد في فصح العربية والشوارد" آخ ًذا ّإياه من ّ‬
‫واللّغويين األثبات مثل ابن منظور صاحب لسان العرب والزمخشري مصباح البالغة واألدب‪،‬‬
‫مصنف المصباح‪ ،‬والراغب األصفهاني صاحب المفردات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والجوهري مؤلّف الصحاح‪ ،‬والفيومي‬
‫والمطرزي منشئ المغرب البديع اآليات والزيبدي صاحب التاج‪ ،‬والمجد صاحب القاموس البديع‬
‫المنهاج‪ ،‬وابن فارس مؤلّف المجمل والرازي منتقي المختار األفضل‪ ،‬ألفت كتابا آخذا من تلك‬

‫‪ – 8‬حسين نصار‪ ،‬المعجم العربي ‪،‬ج‪ ،0‬ص ‪.892‬‬


‫‪ – 9‬حسين نصار‪ ،‬المعجم العربي‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.817‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫‪10‬‬
‫وان كانت عبارة القاموس فيه أغلب‪،‬‬ ‫المصنفات بالباب‪ ،‬وكافال بإدناء القصي ألنفس الطالب"‬
‫ّ‬
‫يتحرى‬
‫مع دقة في التهذيب وسالمة في الترتيب بحسب أوائل الكلمات‪ ،‬ومازال الشرتوني نفسه ّ‬
‫أوهامه وأخطاءه وسهوه ويجمع ذلك ويضم إليه ما فاته في معجمه‪ ،‬حتى تجمع لديه قدر كبير‬
‫القيم بحسن ترتيبه و سهولة مأخذه ‪ ،11‬وقد"جمع‬
‫أخرجه سنة ‪ ،5478‬فكان جزًءا ثالثا لمعجمه ّ‬
‫الشرتوني في ذيل أقرب الموارد [الجزء الثالث] ج ّل األخطاء التي وردت في معاجم اللّغة فأتت‬
‫تطوريه بارعة‪ ،‬فجاوز فيها األخطاء اللّفظية التي شاع معظمها‬
‫خطوته هذه تحقيقا جريئا‪ ،‬ودفعة ّ‬
‫‪12‬‬
‫في معجماتنا القديمة‪ ،‬وغدا هذا المستدرك من أهم المراجع المخصصة للتحقيق اللّغوي‬
‫اتبع في رسم هيكلية الصفحة شكل ثالثة جداول أو أعمدة‪ ،‬ووضع فوق كل عمود‬
‫كلمة(‪ )...‬أما الكلمة األولى التي على النهر [العمود] األيمن فهي التي يبدأ بها ذلك النهر وأما‬
‫‪13‬‬
‫المادة التي يريد‬
‫كما وضع ّ‬ ‫اللّتان على األوسط و األيسر فهما لما ينتهي بهما هذان النهران‬
‫المادة بين قوسين‪ )...( .‬ورمز إلى الصيغ‬
‫ّ‬ ‫شرحها بين نجمتين صغيرتين ثم يحصر صيغ‬
‫ليتجنب إعادة اللّفظ مع معانيه الكثيرة ‪.14‬‬
‫ّ‬ ‫المكررة بشرطة هكذا (ـ)‬
‫ّ‬
‫‪15‬‬
‫وهو‬ ‫والشك أن هذا التنظيم مفيد وأنه ثمرة اتصال الشرتوني ودرايته بالمعاجم اإلفرنجية‬
‫تطوير واضح على مستوى الشكل واإلخراج في المعاجم العربية‪.‬‬
‫وضمها إلى المعجم حين أشار إلى‬
‫ّ‬ ‫لفت األنظار إلى أهمية جمع المصطلحات العلمية‬
‫‪16‬‬
‫يقول في‬ ‫عزمه على إنجاز جزء مخصص للمصطلحات العلمية و الكلم المولّد و األعالم‪.‬‬
‫األول في مفردات اللّغة الصرفة وهو الذي انتشر إعالنه‪ ،‬و‬
‫مقدمته‪":‬وقد قسمته إلى قسمين‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫الثاني في المصطلحات العلمية و الكلم المولد و األعالم"‪.17‬‬

‫‪ – 10‬سعيد الخوري الشرتوني اللبناني‪ ،‬أقرب الموارد فـي فصـح العربيـة والشـوارد‪ ،‬طبعـة جديـدة بلـونين فـي جـزأين‬
‫تشتمل الجزء األول والثاني والذيل‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬دب‪ ،2770 ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،0‬المقدمة ص ‪. 21‬‬
‫‪ – 11‬عدنان الخطيب‪ ،‬المعجم العربي بين الماضي و الحاضر‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ – 12‬نشأة ظبيان‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ – 13‬حسين نصارـ ج‪ ،0‬ص ‪.89‬‬
‫المادة و المنهج و التطبيق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ – 14‬زكي رياض قاسم‪ ،‬المعجم العربي‪ ،‬بحوث في ّ‬
‫األول‪ ،‬ص ‪.292‬‬
‫‪ – 15‬عبد السميع محمد أحمد ـ المعاجم العربية‪ ،‬دراسة تحليلية‪ ،‬الكتاب ّ‬
‫‪ – 16‬نشأة ظبيان‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫مقدمة المعجم‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ – 17‬حسين نصار‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪ .898‬نقال عن ّ‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫العامية في معجمه لشرح مواد خاصة في تعريف الحيوان‬


‫ّ‬ ‫‪-‬مما يمكن مالحظته هو اعتماده‬
‫ثير من أسماء الحيوانات والنباتات تختلف من قطر عربي آلخر‪ ،‬فتجاوز‬
‫والنبات باعتبار أن ك ًا‬
‫العامية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الفصحى إلى درجة أدنى وهي‬
‫‪-‬اعتماده لغة أجنبية أيضا في الشرح‪ ،‬و رّبما هذا يعود إلى سيطرة الفكر المعجمي الغربي عليه‪،‬‬
‫واللّغة الفرنسية بالذات ليعتمدها في الشرح فيوسع من رصيد المطّلع على معجمه من ناحية‬
‫مرة أخرى الفصحى إلى لغة أخرى مجانبا المعاجم ثنائية اللّغة‪.‬‬
‫اللّغات‪ .‬فتجاوز ّ‬
‫تنبه إليها الشرتوني وتميز‬
‫‪ -‬وهو األهم اهتمامه"بالتعريف العلمي‪ ،‬وهذه مبادرة طريفة وجريئة‪ّ ،‬‬
‫بها عن سواه‪.‬‬
‫وبمقارنة سريعة بين محيط المحيط البستاني وأقرب الموارد للشرتوني نجدهما "يشتركان في‬
‫المحافظة على عبارة القاموس في أكثر المواضع وفي حذف البقاع واألعالم وفي توهيمات‬
‫كثير من األلفاظ العامية‬
‫الجوهري والضبط بالوزن و المصطلحات ويختلفان في حذف الشرتوني ًا‬
‫والمسيحية وأسماء الكتب وفي الرموز الجديدة التي استخدمها‪ ،‬وفي التدقيق في التعريفات خاصة‬
‫انتظاما من محيط‬
‫ً‬ ‫المادة‪ ،‬فمعجم الشرتوني أكثر‬
‫ّ‬ ‫الحيوان والنبات‪ ،‬كل هذا إلى جانب اتساع‬
‫‪18‬‬
‫تيسير للبحث‪ ،‬وقد كان التيسير عرضا هاما لدى المؤلّف فأقام عنوان المعجم عليه‪.‬‬
‫البستاني و ًا‬
‫‪ – 3‬المنجد للويس معلوف ‪:‬‬
‫ظهر معجم "المنجد" للويس معلوف سنة ‪ 5724‬في نسخه أقرب ما تكون إلى المعاجم الغربية‬
‫وبالتحديد معجم الروس الصغير الفرنسي‪.‬‬
‫الموجهة إليها يقول‪ " :‬أما بعد فإن أدباء‬
‫ّ‬ ‫يوضح في مق ّدمة الطبعة األولى نوع المعجم والفئة‬
‫كثير‬
‫اللّغة العربية وأئمتها العاملين في إعالء شأنها وادناء قطوفها والسيما أرباب المدارس منهم‪ً ،‬ا‬
‫ما لهجوا في هذه األزمنة بمسيس الحاجة إلى معجم مدرسي ليس بالمخل والمعوز وال بالطويل‬
‫الممل المعجز‪ ،‬يكون قريب المأخذ ممتا از بما عرفت به المعجمات المدرسية في اللغات األجنبية‬
‫‪19‬‬
‫من إحكام الوضع ووضوح الداللة‪.‬‬

‫بتصرف)‪.‬‬
‫‪ – 18‬حسين نصار‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪ 891‬و ما بعدها ( ّ‬
‫مقدمة الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ – 19‬لويس معلوف‪ ،‬المنجد في اللّغة و األدب و العلوم‪ّ ،‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫فهو معجم مدرسي موجه إلى طلبة المدارس بالدرجة األولى ويكون على منوال المعاجم‬
‫محددة غايتها خدمة المستفيد منه (‪ )...‬المهم ّأنه‬
‫المدرسية األجنبية‪ ،‬وهو معجم ذو وظيفة ّ‬
‫‪20‬‬
‫طالب وأديب وبالتالي يستوجب معجما ذا وظائف تربوية وثقافية‪.‬‬
‫سار هذا المعجم على نهج الزمخشري في كتابه "أساس البالغة"‪ ،‬فينظر للمواد حسب الحرف‬
‫األول فالثاني فالثالث من حروفها األصلية‪ ،21 .‬و قد انحصرت رؤيته في وضع معجم مزدوج‬
‫ّ‬
‫عام وأنوماستيكي على غرار محيط المحيط‪ ،‬لكن حسب طراز عصري يشبه معجم الروس‬
‫الفرنسي‪ ،‬مما يجعل المعجم يؤدي وظيفتين‪ :‬إحداهما لغوية أدبية‪ ،‬والثانية ثقافية حضارية‪ ،‬ال‬
‫ألنه " تراث المطبعة الكاثوليكية النفيس"‪ ،‬ولقد كانت تلك الرؤية العقدية‬
‫تخلو من عقدية مقصودة ّ‬
‫معتمدة عند المعجميين العرب [المحدثين]‪ ،‬سواء في مستوى المحتوى أو في مستوى المنهج حتى‬
‫الستّينات من القرن العشرين‪.22‬‬
‫مقدمة الطبعة األولى‪:‬‬
‫المصور المكثّف‪ :‬يقول لويس معلوف في ّ‬
‫ّ‬ ‫استعان بالتعريف بالشاهد‬
‫"ورغبة في إصابة الغرض من أن يكون هذا المؤلّف بقدر االستطاعة على صغر حجمه غزير‬
‫المادة وافرها ‪ ،‬قد أظهرناه بأدق ما لدينا من األحرف وأجالها ورتبنا صفحاته على ثالثة أعمدة‪،‬‬
‫ّ‬
‫يتيسر معها االقتصاد‬
‫وعولنا في سرد المعاني و تنسيقها على بعض اإلصطالحات والطرق التي ّ‬
‫في المكان‪ ،‬وعمال بإشارة بعضهم قد زّيناه بصور عديدة تمثل للعين بعض األوصاف وتقوم مقام‬
‫‪23‬‬
‫الشروح الطويلة وتخفف عن الفكرة بعض العناء في تفهم األشياء واثباتها‪.‬‬
‫يتفرع اإلستشهاد بالصورة في المنجد إلى قسمين‪:‬‬
‫و ّ‬
‫أ – قسم اللوحات التي تخصص لها صفحات كاملة من دون أن يكون لها صلة بالحرف‬
‫المدروس ومداخله ومفرداته و معانيه‪ ،24‬كلوحة فيها مجموعة مختلف من صور طائرات مخترعة‬
‫في سنوات مختلفة في حرف التاء تتوسط مواد هذا الحرف‪ ،‬و هي في صفحة ووجهها اآلخر‬

‫‪ – 20‬الحمزاوي‪ ،‬النظريات‪ ،‬ص ‪.298‬‬


‫‪ – 21‬عبد السميع محمد أحمد‪ ،‬المعاجم العربية‪ ،‬ص ‪.252‬‬
‫‪ – 22‬و يستثنى من ذلك معجم الروس العربي ‪ ،‬الحمزاوي النظريات‪ ،‬هامش ص ‪.298‬‬
‫مقدمة الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ – 23‬المنجد في اللغة و األدب و العلوم‪ّ ،‬‬
‫‪ – 24‬الحمزاوي‪ ،‬النظريات ‪ ،‬ص ‪.295‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫‪25‬‬
‫ولوحة لجسم اإلنسان وأهم أعضائه في حرف النون‪ ،‬وأخرى ألنواع‬ ‫لوحة ألنواع من المناطيد‬
‫اآلالت الموسيقية من معازف و كمان و قيتار و دربكة و غيرها في باب الهاء‪ 26‬وغيرها كثيرة‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫وأيضا للخرائط و المعالم التاريخية وأغلبها‬ ‫ب – قسم لألعالم و البلدان و به صور متصلة‬
‫في القسم الثاني من المنجد الذي وضعه فردينان توتل "المنجد في األدب والعلوم" معجم ألعالم‬
‫ملونة‪،‬‬
‫الشرق و الغرب‪ ،‬تزّين متنه ‪ 5022‬صورة‪ ،‬و ‪ 522‬خريطة‪ ،‬و ‪ 98‬لوحة و‪ 10‬خريطة ّ‬
‫بيروت ‪.5717‬‬
‫ما‬ ‫وقد أضاف األب لويس إتماما للفائدة ذيال في آخر المعجم [سماه فرائد األدب] ضمنه‬
‫منسقة كلها على‬
‫مختار أفضلـها لغـة وداللـة‪ّ ،‬‬
‫ًا‬ ‫جرى من العبارات عند العرب مجرى األقوال المثلية‬
‫‪28‬‬
‫ترتيب سهل التناول‪.‬‬
‫يعتبر إلى اليوم [‪ ]5779‬خير معجم مدرسي للعربية في ترتيبه واخراجه‪ ،‬إذ هو يحاكي في‬
‫ذلك أحدث المعاجم األوربية ًّ‬
‫فنا‪ ،‬خاصة بعد أن أضاف إليه األب فردينان توتل سنة ‪5717‬‬
‫‪29‬‬
‫ملحقا باسم "المنجد في األدب و العلوم" و هو معجم ألعالم الشرق و الغرب‬
‫والتساع نطاق شهرته بين متعلّمي اللّغة العربية غطّى اسمه على بقية المعاجم األخرى إلى‬
‫‪30‬‬
‫حد اختلط األمر على الطالب فأصبحوا يستعملون لفظ "منجد" للداللة على معنى القاموس‪.‬‬
‫يستمر طويالً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ولكن هذا لم‬
‫لكن ميزات المنجد ال تعدو كونها شكلية و هي في مجمل األحوال ال تمس جوهر العمل‬
‫المعجمي‪ ،‬وهذه الميزات ال تحجب عنا بالتالي كون هذا المعجم اختصار لمحيط المحيط‪ ،‬األمر‬
‫الذي يجعل المنجد كسالفه المحيط دون مرتبة الركون إليهما‪.‬‬

‫‪ – 25‬المنجد في اللغة و األدب و العلوم ‪،‬بعد ص ‪ ،11‬و هي غير مرقمة على الوجهين‪.‬‬
‫‪ – 26‬غير مرقمة تتوسط الصفحة ‪ ،511‬و‪.518‬‬
‫‪ – 27‬الحمزاوي‪ ،‬النظريات‪.295 ،‬‬
‫‪ – 28‬نشأة ظبيان‪ ،‬حركة اإلحياء اللغوي ‪ ،‬ص ‪.15 ،19‬‬
‫‪ – 29‬عدنان الخطيب‪ ،‬المعجم العربي‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ – 30‬اللســان العربــي‪( .‬مجلــد)‪ ،‬مكتــب تنس ـيق التعريــب‪ ،‬الربــاط‪،2775 ،‬ع‪ /18‬عبــاس الصــوري‪ ،‬فــي الممارســة‬
‫اللغوي‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫المعجمية للمتن ّ‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫‪-4‬المعجم الوسيط‪:‬‬
‫يطلق عليه الحمزاوي اسم‪ :‬معجم التواصل‪ ،‬ليعبر به عن امتداد القديم في الحديث واستم ارره‬
‫أيضا‬
‫جدات ومعطيات وواقع لغوي مختلف إلى حد كبير‪ ،‬وليعبر به ً‬
‫فيه‪ ،‬لكن بما يفرض من مست ّ‬
‫تطور اللّغة واستمرارها‪.‬‬
‫عن تواصل ّ‬
‫هذا المعجم يمثل أحسن تمثيل ثمرة العمل الجماعي‪ ،‬فهو ليس من عمل فرد واحد على غرار‬
‫المعاجم السابقة‪ ،‬بل أنجزته هيئة علمية تضم مجموعة من الباحثين والعلماء والمتخصصين في‬
‫شتى العلوم؛ هي مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪.‬‬
‫صادر عن هذه المؤسسة العلمية العتيدة التي لها ثقلها في الدراسات اللّغوية‬
‫ًا‬ ‫وباعتباره‬
‫الحديثة‪" ،‬فهذا من شأنه تخليص هذا المعجم من هفوات الجهد الفردي و مساوئ األهواء‬
‫‪31‬‬
‫الذاتية‪.‬‬
‫يقول إبراهيم مدكور األمين العام للمجمع اللّغوي بالقاهرة "يشتمل المعجم الوسيط على نحو‬
‫‪ 72‬ألف كلمة‪ ،‬وستمائة صورة‪ ،‬ويقع في جزأين كبيرين يحتويان على نحو ‪ 5022‬صفحة من‬
‫ال سبيل إلى مقارنته بأي‬ ‫ثالثة أعمدة‪ ،‬و يكاد يزيد في حجمه على أقرب الموارد‪ .‬و لكن‬
‫منهجا‪،‬‬
‫ً‬ ‫معجم من معاجم القرن العشرين العربية‪ .‬فهو دون نزاع أوضح‪ ،‬وأدق‪ ،‬وأضبط‪ ،‬وأحكم‬
‫مجدد ومعاصر‪ ،‬يضع ألفاظ القرن‪.‬‬
‫وأحدث طريقة‪ ،‬وهو فوق كل هذا ّ‬
‫يمكن تحديد األسس النظرية و التطبيقية اإلصالحية التي وضعها المجمع باسم سلطته‬
‫اللّغوية الجماعية لتجديد المعجم العربي‪ ،‬وتتمثل في أربعة عناصر تقلب رأسا على عقب األسس‬
‫النظرية التقليدية وهي‪:‬‬
‫تجوزوا اإلرتجال‪.‬‬
‫‪-‬فتح باب الوضع للمحدثين بوسائله المعروفة من اشتقاق‪ ،‬و ّ‬
‫‪-‬إطالق القياس ليشمل ما قيس وما لم يقس من كالم العرب‪.‬‬
‫كالحدادين‬
‫ّ‬ ‫‪-‬تحرير السماع من قيود الزمان والمكان‪ ،‬ليشمل ما يسمع اليوم من طوائف المجتمع‬
‫البنائين‪ ،‬و غيرهم من أرباب الحرف والصناعات‪.‬‬
‫النجارين و ّ‬
‫و ّ‬
‫‪32‬‬
‫‪-‬االعتداد باأللفاظ المولدة‪ ،‬و تسويتها باأللفاظ المأثورة عن القدماء‪.‬‬

‫‪ – 31‬إب ـراهيم بــن م ـراد‪ ،‬مســائل فــي المعجــم‪ ،‬ص ‪ ،008‬وأنظــر نفــس المقــال فــي مجلــة المعجميــة‪ ،‬ع‪،2759 ،1‬‬
‫ص ‪.28‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫والشك أن الق اررات التي أصدرها المجمع أسهمت إلى حد بعيد في تغيير النظرة إلى اللّغة‬
‫وألفاظها‪ ،‬فلم تعد اللّغة تلك المحصورة في القرآن الكريم‪ ،‬والحديث الشريف (لمن يستشهد به)‬
‫ومعرب ودخيل‬
‫ّ‬ ‫ودواوين الشعر‪ ،‬بل أصبح يدخل في دائرة اللّغة كل ما يستعمل من مولد ومحدث‬
‫مما رآه المجمع ضروريا‪ ،‬باإلضافة إلى قلبها رأسها على عقب ما كان من المسلّمات في جمع‬
‫اللّغة وتأليف المعاجم قديما وهو " تحديد الزمان والمكان الذي تأخذ منه اللّغة"‪ .‬فالمجمع قد عمل‬
‫على "فك الفصاحة من قيودها القديمة وذلك "بتحرير السماع من قيود الزمان والمكان ليشمل ما‬
‫‪33‬‬
‫على اختالف حرفهم وصناعاتهم وأعمالهم أو ما يتداولونه من‬ ‫يسمع اليوم من طوائف المجتمع‬
‫سلع وعروض‪ ،‬أو ما يتخذونه من أثاث وفراش‪ ،‬أو ما يلبسونه من حلي و ثياب‪ ،‬أو ما يركبون‬
‫‪34‬‬
‫من بواخر وطائرات‪.‬‬
‫يقر مبدأين‪:‬‬
‫فتتنوع تبعا لذلك مداخل المعجم‪ ،‬و هذا ّ‬
‫ّ‬
‫أولهما‪ :‬اعتماد لغة مشاهير الكتاب المحدثين و فصاحتهم‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬مبدأ التداخل اللّغوي القائم على سد ثغرات العربية باقتراض ما ينقصها بطرق شتى‬
‫‪35‬‬
‫المعرب و الدخيل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫منها‬
‫فألفاظ القرن العشرين تحظى بإثبات نسبتها إلى العربية األم على لسان المجمع اللّغوي وتأخذ‬
‫مكانها في معجمه و الحدود الزمانية(‪ )...‬قد أزيلت‪ ،‬و الحدود المكانية (‪ )...‬قد هدمت‪.36‬‬
‫فالمادة اللّغوية الموجودة فيه تضم ما يصطلح عليه بثنائية (اللّغة‪ ،‬الكالم) في اللسانيات الحديثة‪،‬‬
‫ّ‬
‫أي المخزون الذهني للجماعة اللّغوية و يضاف له تقر ًيبا بنفس المرتبة الكالم أو األداء الفردي‬
‫لمختلف شرائح المجتمع في جميع المجاالت‪.‬‬
‫تتفجر كل العراقيل الشكلية التي كانت تضع شروطًا مجحفة‬
‫وبإطالق المجمع "القياس" ّ‬
‫‪37‬‬
‫السماع‪ ،‬فأطلق‬
‫مفرقة بين القياس والسماع ‪ ،‬فخالف العرب في تقييد القياس واالعتماد على ّ‬
‫ّ‬

‫مقدمة الطبعة األولى‪ ،‬إبراهيم مدكور‪ ،‬ص ‪.20‬‬


‫‪ – 32‬المعجم الوسيط‪ ،‬الجزء ‪ ،2‬ط‪ّ ،0‬‬
‫‪ – 33‬الحمزاوي‪ ،‬النظريات‪ ،‬ص ‪.250‬‬
‫مقدمة الطبعة األولى‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ – 34‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ّ ،0‬‬
‫‪ – 35‬الحمزاوي‪ ،‬النظريات‪ ،‬ص ‪.258‬‬
‫‪ – 36‬عبد العزيز مطر‪ ،‬في نقد المعاجم و الموسوعات‪ .‬القاهرة‪ ،2770 ،‬ص‪...‬‬
‫‪ – 37‬النظريات‪ ،‬ص ‪.251‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫‪38‬‬
‫وهذا كلّه راجع كما سبق أن ذكرنا لما‬ ‫استعماله ليزيد الثروة اللّغوية ويفي بحاجات العصر‪.‬‬
‫مستجدات (أفكار‪ ،‬مخترعات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يجب أن تواكبه و تسايره اللّغة مما حمل معه العصر الجديد من‬
‫اكتشافات) ليس لعرب اليوم سبق وال عهد بها على العموم‪ ،‬لكنه الزم عليه معرفتها و مسايرة‬
‫الركب الحضاري‪.‬‬
‫يتهيأ لغيره من وسائل التجديد‪ ،‬واجتمع فيه ما لم يجتمع في‬
‫هيأ المجمع "لهذا المعجم ما لم ّ‬
‫كثير من األلفاظ الحوشية الجافّة‪ ،‬أو التي هجرها‬
‫غيره من خصائص ومزايا‪ ،‬فقد أهملت اللجنة ًا‬
‫االستعمال لعدم الحاجة إليها‪ ،‬أو قلة الفائدة منها‪ ،‬كبعض أسماء اإلبل وصفاتها وأدواتها وطرق‬
‫عالجها‪ ،‬وأهملت كذلك األلفاظ التي أجمعت المعاجم على شرحها بعبارات تكاد تكون واحدة‬
‫يبين حقائقها و ال يقرب معانيها‪ ،‬كذلك أغفلت بعض المترادفات التي‬
‫شرحا غامضا مقتضبا ال ّ‬
‫‪39‬‬
‫تنشأ عن اختالف اللهجات‪."...‬‬
‫عددا من األلفاظ التي رأى أن ال حاجة إليها "وذلك ما تعمل به المعاجم‬
‫فأسقط المعجم ً‬
‫قدر يتراوح‬
‫الحديثة السيما معجم الروس الفرنسي الذي يراجع كل ‪ 52‬سنوات فيسقط من متنه ًا‬
‫‪40‬‬
‫يعوضه بمداخل حديثة‪.‬‬
‫بين ‪ 8‬إلى ‪ 52‬في المائة و ّ‬
‫متطور‪ ،‬من حيث اشتماله على ما يق ّره‬
‫ّ‬ ‫وبذلك يمكن القول إن المعجم الوسيط "معجم لغوي‬
‫مجلس المجمع ومؤتمر من ألفاظ حضارية مستحدثة‪ ،‬أو مصطلحات جديدة موضوعة أو منقولة‬
‫‪41‬‬
‫في مختلف العلوم و الفنون أو تعريفات علمية دقيقة واضحة لألشياء‪.‬‬
‫وضعا‪ ،‬أما من جانب الترتيب فقد اتبع المعجم الوسيط‬
‫ً‬ ‫المادة اللّغوية جمعا و‬
‫هذا من جانب ّ‬
‫مبر ار ذلك في تصدير الطبعة الثانية بقلم‬
‫معتمدا مبدأ الجذرية ّ‬
‫ً‬ ‫الترتيب األلفبائي لمواد معجمه‪،‬‬
‫نقرر أنه استقام لمجمعنا منهج في التأليف المعجمي‬
‫إبراهيم مدكور الذي يقول‪" :‬و في وسعنا أن ّ‬
‫يتمشى مع طبيعة اللّغة العربية‪ ،‬و يحقق ما تنشد في يسر و وضوح‪ ،‬فهي لغة اشتقاقية تقوم‬
‫نفرق بين هذه األسر‪ ،‬وأن نوزع أفرادها بين‬
‫على أسر من الكلمات‪ ،‬و ليس من المالئم أن ّ‬

‫‪ – 38‬سعيد حسن بحيري‪ ،‬المدخل إلى مصادر اللّغة‪ ،‬ص ‪.107‬‬

‫‪ – 39‬مقدمة المعجم‪ ،‬ط‪ ،2‬ص ‪.20‬‬


‫‪ – 40‬الحمزاوي‪ ،‬النظريات‪ ،‬ص ‪.251‬‬
‫المادة و المنهج و التطبيق‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ – 41‬زكي رياض قاسم‪ ،‬المعجم العربي بحوث في ّ‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫جنبات المعجم‪ ،‬ال لشيء اللّهم إال محاكاة لترتيب أبجدي صرف(‪ )...‬في بعض اللغات األخرى‪،‬‬
‫المادة‪ ،‬و ما يقضي على أصول الدالالت وفقه اللغة و ما يحول‬
‫و في هذا التوزيع ما يهدم وحدة ّ‬
‫نبوب‬
‫المادة يجب أن ّ‬
‫دون الفهم الدقيق‪ ،‬و ما ال يسمح بتكوين ملكة لغوية سليمة و في حدود ّ‬
‫‪42‬‬
‫نجدد في غير شطط"‪.‬‬
‫فنيسر في غير بلبلة و ّ‬
‫بعناية‪ ،‬وأن نلتزم الترتيب األبجدي في دقة‪ّ .‬‬
‫ومع أن السبق في الترتيب األلفبائي ال يعود إلى المعجم الوسيط كما عرفنا سابقا‪ ،‬إالّ أنه‬
‫تجنب نقائصه في المعاجم السابقة‪،‬‬
‫الداخلي لمواده‪ ،‬محاوال ّ‬
‫يتميز فيه بالترتيب الدقيق الخارجي و ّ‬
‫ّ‬
‫هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن هذا الترتيب مواجهة ألصحاب المعاجم التي اتبعته لكن دون‬
‫ألنها تغفل أهم خصائص‬
‫مراعاة لمبدأ الجذرية‪ ،‬وقد وصفها عبد العزيز مطر بالمعاجم المتطّرفة " ّ‬
‫اللّغة العربية‪ ،‬وهي ّأنها لغة اشتقاقية‪ ،‬تنتظم فيها الكلمات في أُسر‪ ،‬وألن هذا الترتيب إذا شاع‬
‫يقطع صلة الناشئة بالمعجم العربي القديم‪ ،‬ألن الترتيب حسب األصول االشتقاقية ييسر على‬
‫الطالب إدراك العالقات بين الكلمات التي يجمعها أصل واحد‪ ،‬وهذه غاية يتضاءل أمامها‬
‫‪43‬‬
‫‪،‬وهو "الترتيب األلفبائي للكلمات ال الجذور‪ ،‬هو‬ ‫التيسير على الطالب في الكشف عن طلبته‪.‬‬
‫الترتيب المتبع في المعاجم األوربية واألمريكية الحديثة‪ ،‬و كان الشريف الجرجاني (‪،5782‬‬
‫‪44‬‬
‫‪ّ )5877‬أول من استعمل هذا الترتيب في كتابه (التعريفات)‪.‬‬
‫العامة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وعليه فإن "المعجم العربي مع المعجم الوسيط استعاد حركيتهُ‪ ،‬سواء بتجديد مبادئه‬
‫أو بإحياء مفهوم المعجم العربي اإلسالمي المبني نظريا على األقل على فصاحة مفتوحة مع‬
‫تحديث مداخله بالمفاهيم العصرية المتعلقة بالعلوم والفنون والتكنولوجية ‪" 45.‬‬
‫ولقد عنى إبراهيم بن مراد بنقد الترتيب المتبع في المعجم الوسيط‪ ،‬وأشار إلى كثير من‬
‫التقيد الصارم من لجنة المعجم بتطبيق‬
‫المشاكل المنهجية على هذا المستوى يغلب عليها عدم ّ‬
‫الرباعي وملحقاته ويعلّق على مؤلّفي‬
‫الترتيب األلفبائي للمداخل الفرعية بصرامة‪ ،‬وكذلك ترتيب ّ‬

‫‪ – 42‬إبراهيم مدكور‪ ،‬تصدير الطبعة الثانية‪ ،‬ص ‪.21‬‬


‫‪ – 43‬عبد العزيز مطر‪ ،‬في نقد المعاجم و الموسوعات‪ ،‬دار النشر‪ ،‬القاهرة‪ ،2770 ،‬ص ‪.12‬‬
‫المميزة الرئيسة للمعجميـة العربيـة"‪ ،‬علـي القاسـمي‪ ،‬ص‬
‫ّ‬ ‫‪ – 44‬اللسان العربي‪ ،‬الرباط‪ ،‬ع‪" ،2777 ،19‬الخصائص‬
‫‪.12‬‬

‫مقدمة ط‪ ،2‬ص ‪.21‬‬


‫‪ – 45‬الحمزاوي‪ ،‬النظريات‪ ،‬ص ‪ .259 ،251‬و القول مأخوذ من ّ‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫المقدمة إالّ أن " النهج الذي نهجوه في تطبيقها كان‬


‫ّ‬ ‫بأنهم رغم وضوح الطريقة في‬
‫المعجم ّ‬
‫‪46‬‬
‫قدم أمثلة كثيرة لكل حالة‪.‬‬
‫مضطربا‪ ،‬و قد ّ‬
‫ومما يطرحه أيضا في مسألة الترتيب ما يسميه‪ :‬مشكلة ترتيب األلفاظ األعجمية يقول‪ ":‬وهذه‬
‫عامة‪ ،‬قديمه و حديثه‪ ،‬وهي ذات صلة‬
‫المشكلة من المشاكل الجوهرية‪ ،‬في المعجم العربي ّ‬
‫بقضية أخرى أعم هي قضية اشتقاق العربي من األعجمي‪ ،‬و لقد أثار القدماء هذه القضية في‬
‫المستوى النظري وانتهوا فيها إلى موقف لخصه جالل الدين السيوطي (ت ‪ )5121 / 755‬في‬
‫أو العربي منه ألن اللّغات ال تشتق‬ ‫المزهر بقوله‪ " :‬ومحال أن يشتق العجمي من العربي‬
‫الواحدة منها من األخرى مواضعة كانت في األصل أو إلهاما‪ ،‬واّنما يشتق في اللّغة الواحدة‬
‫المعرب من العربي‬
‫ّ‬ ‫بعضها من بعض ألن اإلشتقاق نتاج و توليد (‪ ،)...‬ومن اشتق األعجمي‬
‫‪47‬‬
‫كان كمن ّادعى أن الطير من الحوت"‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المعجم الوسيط عرف ثالث طبعات كل تالية تحاول تدارك النقص‬
‫الموجود في سابقتها‪ ،‬كانت أوالها سنة ‪ ،5772‬و ثالثتها ‪ 5741‬و هو قد فتح باب التصحيحات‬
‫يقدم‪ ،‬فهو إن صح التعبير‬
‫اسعا وللحنة المعجم الكلمة الفصل فيما ّ‬
‫و االستدراكات و االقتراحات و ً‬
‫معجم مفتوح على العالم و اللّغة‪،‬و مستمر في الحاضر و المستقبل‪.‬‬
‫‪-5‬المعجم الكبير‪:‬‬
‫يقول أحمد مدكور بعد حديثة عن تجربة معجم تاريخي للّغة العربية باقتراح ومحاولة‬
‫المستشرق األلماني "فيشر" والتي لم تكتمل "و لم يقف المجمع اللّغوي من جهود أربعين سنة‬
‫تصرف الباحثين‬
‫ّ‬ ‫كاملة إال على جذاذات غير مستوفاة‪ ،‬حرص على أن يرتبها و يضعها تحت‬
‫للمؤلف أن‬
‫صغيرا‪ ،‬سبق ّ‬
‫ً‬ ‫نموذجا‬
‫ً‬ ‫مقدمة و‬
‫و الدارسين و لم يستطيع أن ينشر من معجم فيشر إالّ ّ‬
‫تبني المجمع لمعجم فيشر‪ ،‬ورغبته في نشره‪ ،‬لم يصرفه ذلك عن أن‬
‫أعدهما‪ ،‬و بالرغم من ّ‬
‫ّ‬
‫يسميه ‪:‬المعجم‬
‫يضطلع بوضع معجم شامل يستوعب اللّغة في مختلف عصورها‪ ،‬واكتفى بأن ّ‬

‫‪ – 46‬ينظر إبراهيم بن مراد‪ ،‬مسائل في المعجم‪ ،‬ص ‪ 005‬و ما بعدها‪.‬‬


‫‪ – 47‬مسائل في المعجم‪ ،‬ص ‪ ،011‬نقال عن السـيوطي‪ ،‬المزهـر‪ ،‬تحقيـق حـاد المـولى‪ ،‬القـاهرة‪ ،‬ط‪ ،0‬دت‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫ص ‪.059‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫تفاديا لما يقتضيه المعجم التاريخي من أعمال تمهيدية لم يؤخذ فيها بعد‪ ،‬وقام على أمره‬
‫الكبير" ً‬
‫منذ سنة ‪.48"5787‬‬
‫فالمجمع أراد أن يحل المعجم الكبير محل معجم فيشر التاريخي‪ .‬فهذا المعجم "لون جديد في‬
‫المادة النظائر السامية‪ ،‬و ما‬
‫ّ‬ ‫عالم المعجمات العربية‪ ،‬فيه تأصيل و تحقيق‪ ،‬فذكر في صدر‬
‫متدرجة من الحسي إلى‬
‫المادة الكلية‪ّ ،‬‬
‫يفتح بابا لدراسة مقارنة‪ ،‬وأشير بعد هذه النظائر إلى معاني ّ‬
‫‪49‬‬
‫‪.‬ويضيف على هذا شوقي ضيف‪" :‬ومن المألوف إلى‬ ‫المعنوي ومن الحقيقي إلى المجازي‪"...‬‬
‫‪50‬‬
‫الغريب‪ ،‬وقدمت األفعال على األسماء‪ ،‬والثالثي منها على الرباعي‪"...‬‬
‫وغيرها من الخصائص التي تتفق تماما مع خصائص منهج "المعجم الوسيط" ‪.‬‬
‫وحاضرا‪ ،‬فلها قديمها‬
‫ً‬ ‫يقول أحمد مدكور‪" :‬وأهم ما قرر في مق ّدمة هذا الجزء أن للّغة ماضيا‬
‫الموروث وحاضرها الحي الناطق‪ ،‬والبد أن يالحظ ذلك في وضع معجم جديد للّغة العربية‪،‬‬
‫‪51‬‬
‫"فيستشهد فيه بالشعر و النثر مهما يكن العصر الذي أنشئ فيه"‪.‬‬
‫وعموما نجد في المعجم ثالثة جوانب‪:‬‬
‫األول دقّة الترتيب ووضوح التبويب [نجد تفاصيله مع المعجم الوسيط]‪.‬‬
‫جانب منهجي هدفه ّ‬
‫تصوير كامال‪ ،‬فيجد فيه طالب القديم حاجتهم و يقف‬
‫ًا‬ ‫تصور اللغة‬
‫جانب لغوي‪ :‬عني فيه بأن ّ‬
‫يقدم ألوانا من العلوم و المعارف تحت‬
‫أخير جانب موسوعي ّ‬
‫عشاق الحديث على ضالتهم‪ ،‬و فيه ًا‬
‫أسماء المصطلحات و األعالم‪ ،‬وروعي في هذا الجانب الجمع بين القديم و الحديث ما أمكن‬
‫فظهرت معطيات العلم العربي‪ ،‬وأضيف إليها ما جاء به العلم الحديث و في هذا كله عمق و‬
‫‪52‬‬
‫دقة‪ ،‬وأصالة و تجديد‪ ،‬و يسر و تيسير‪.‬‬
‫‪-6‬المعجم الوجيز‪:‬هو أقرب ما يكون إلى معجم مدرسي موجه إلى طالب المدارس والثانويات‪.‬‬
‫فنية ) لعبد اهلل العاليلي ‪ ،‬ط ‪5718‬‬
‫‪-7‬المعجم ( موسوعة لغوية علمية ّ‬

‫‪ – 48‬المعجم الوسيط‪ ،‬تصدير الطبعة األولى‪ ،‬إبراهيم مدكور‪ ،‬ص ‪.25‬‬


‫األول‪ ،‬ص ‪.025 ،029‬‬‫‪ – 49‬ابراهيم مدكور‪ ،‬بحوث و باحثون‪ ،‬الكتاب ّ‬
‫‪ – 50‬مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬ع‪" 75‬المعجمات العامة و الخاصة‪ ،‬شوقي ضيف‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ – 51‬المعجم الوسيط‪ ،‬تصدير الطبعة األولى‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫األول‪ ،‬ص ‪.025‬‬
‫‪ – 52‬إبراهيم مدكور‪ ،‬بحوث باحثون‪ ،‬الكتاب ّ‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫يقول في مقدمته‪ " :‬ليس محافظة التقليد مع الخطأ ‪ ،‬وليس خروجا التصحيح الذي يحقق‬
‫‪53‬‬
‫‪ ،‬ثم فصل الحديث فيما رآه في رسالة " اللمع النواجم في اللّغة والمعاجم " لظاهر‬ ‫المعرفة‬
‫وعدد ما يراه مناسبا وموافقا‬
‫الشويري التي كتبها كمقدمة لمعجم الطالب لجرجس همام الشويري ‪ّ ،‬‬
‫لمنهجه في التفكير والتأليف المعجمي وهو كاآلتي ‪:‬‬
‫‪-‬يجب أن يجعل متن اللّغة قياسيا ‪.‬‬
‫‪-‬يجب أن نأخذ برأي ( ابن السيد البطليوسي في االقتضاب ) وهو أن ال يقال بالشذوذ ما وجد‬
‫له وجه قياس ‪.‬‬
‫‪-‬أن نأخذ بقول ( المازني في االقتراح ) وهو أن ما قيس من كالم العرب فهو من كالمهم [ و‬
‫قاله النحاة قبله ] ‪.‬‬
‫‪-‬أن نأخذ بقول ( الفيومي في المصباح ) وهو أن عدم السماع ال يقضي عدم االطّراد مع وجود‬
‫‪54‬‬
‫‪.‬‬ ‫قياس‬
‫مقدمة لدرس لغة‬
‫ثم يقول ‪ :‬و اآلن ال يسعني أن أعرض لشيء من نتائجي في كتاب " ّ‬
‫العرب"‪ ،‬إال فيما يتصل بالعمل المعجمي الخالص وهي ‪:‬‬
‫قاعدة الموازين ‪ ،‬و قاعدة تأصيل الفرع ‪ ،‬و قاعدة األفعال ‪ ،‬و قاعدة التعدية و اللّزوم ‪.55‬‬
‫وأخذ يفصل الحديث في هذه القواعد مبينا ومبر ار خصائص ودقائق اللّغة العربية مقارنا‬
‫معا ‪.‬‬
‫ّإياها بلغات أخرى جامعا بين نتائج الدراسات الحديثة و القديمة ً‬
‫‪ -5‬قاعدة الموازين ‪ :‬يقول ‪ " :‬استرعى انتباهي أمران ‪ ،‬أولهما ‪ :‬ما قرره علم اللغة المقارن من‬
‫أن التزايد المستمر في اللّغات السامية يخضع لقانون االشتقاق أي " الموازين " أو قل التحرك من‬
‫داخل ‪ ،‬بينما هو في اللّغات اآلرية يخضع لقانون التركيب أي " السوابق و اللواحق " ‪ ،‬أو قل‬
‫التحرك من داخل ‪.‬‬
‫ثانيهما ‪:‬إحصاء بالموازين أثبته سبويه في كتابه النحوي الضخم وتناوله قدماء المدرسة اللّغوية‬
‫بالبحث وهو يقع في عدد الثالثمائة للثالثي الواحد ‪ ،‬فهالتني هذه الكثرة التي ال يقصد بها قطعا‬
‫إلى التالعب ‪ ..‬فلم أتردد إزاء هذا عن القطع بأن هذه الموازين ذات دالالت ثابتة تقوم في‬

‫فنية ‪ ،‬دار بيروت ‪ ،‬بيروت ‪ ، 2781 ،‬ص ‪. 21‬‬


‫‪ -‬المعجم ‪ ،‬عبد اهلل العاليلي‪ ،‬موسوعة لغوية علمية ّ‬
‫‪53‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل العاليلي المعجم ‪ ،‬المقدمة ‪ ،‬ص ‪. 29‬‬ ‫‪54‬‬

‫‪ -‬المعجم ‪ ،‬المقدمة ‪ ،‬ص ‪. 25‬‬ ‫‪55‬‬


‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫الساميات مقام السوابق و اللّواحق في اآلريات (‪ )...‬ثم مضيت أستقصي وأتعرف وأستشف‬
‫دالالت الموازين الثالثمائة للجذر الثالثي الواحد‪ ،‬وكانت عملية شاقة حقا ‪ ،56‬و في هذا إشارة‬
‫وداللة واضحة على ما تحمله الموازين ( الصيغ ) من دالالت ثابتة يمكن استغاللها استغالال‬
‫‪57‬‬
‫زهاء عشرين وزنا وداللته‬ ‫قدم في مقدمة المعجم‬
‫هاما في وضع ونقل وتوليد المصطلح ‪ ،‬وقد ّ‬
‫التي يحملها في حد ذاته ‪ ،‬مما يؤ ّكد ضرورة استغالل داللة الصيغ في مواد المعاجم ‪ .‬وخاصة‬
‫معاجم المصطلحات منها ‪.‬‬
‫‪ – 0‬قاعدة تأصيل الفرع ‪ :‬يقول ‪ " :‬و نعني به أن نشتق من جذر كلمة بمعنى خاص‪ ،‬ثم تعود‬
‫‪58‬‬
‫‪ ،‬وهذا القانون اللّغوي يقطع بأنه عام في‬ ‫فتجعلها بهذا المعنى الخاص أصال اشتقاقيا "‬
‫التطور ‪ ،‬وقد اعتمده اعتمادا مطلقا في منهجه االشتقاقي‬
‫ّ‬ ‫اللّغات الستكمال سعيها بين دواعي‬
‫ودعاه بالوحدة االشتقاقية الصغرى حسب ما يصرح به ‪. 59‬‬
‫‪ – 7‬قاعدة األفعال ‪ :‬ويستمر في عرض فكرته حول الداللة الناتجة عن صيغة وبناء لغوي‬
‫المرة على مستوى األفعال و تصريفاتها المختلفة بتنوع حركاتها ‪ ،‬التي‬
‫خاص ويتناولها هذه ّ‬
‫ستؤثر في الداللة تأثي ار خاصا و دقيقا ‪.‬‬
‫التلبس بحركة الفعل في الزمن الخاص يخضع دائما لباب واحد هو‬
‫يقول ‪ " :‬إن التصرف بمعنى ّ‬
‫ِ‬
‫يضرب ‪ ،‬بينما األبواب الخمسة األخرى فإلفادة معنى زائد ‪ ..‬فإذا‬ ‫ضرب‬
‫الباب الثاني أي باب َ‬
‫التفوقية أو التركيب فوق الداللة على التلبس بالحال الفعلية تنقل الفعل إلى‬
‫أردت الداللة على ّ‬
‫ينصر (‪ )...‬و عليه فكل ما يصاغ تصريفا من الباب األول يراد به‬‫الباب األول أي باب نصر ُ‬
‫تفوق فيها ‪ ...‬و إذ أردت الداللة على‬
‫التلبس ّ‬
‫تلبس بالحال الفعلية و زيادة على ّ‬ ‫أن الشخص ّ‬
‫التفلت و االنسراح تنقل الفعل إلى الباب الثالث أي باب فتح يفتح(‪ )...‬واذا أردت الداللة على‬
‫عدما ‪ ،‬تنقل الفعل إلى الباب الرابع أي باب علِم يعلَم وج ِهل يجهَل‬
‫وجودا و ً‬
‫ً‬ ‫امتالء ‪،‬‬
‫خلوا و ً‬
‫غير ً‬
‫الت ّ‬
‫واذا أردت الداللة على الرسوخ والطبع تنقل الفعل إلى الباب الخامس أي باب حسن يحسن وكرم‬

‫‪ -‬المعجم ‪ ،‬المقدمة ‪ ،‬ص ‪. 25‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪ -‬المعجم‪ ،‬ص ‪ 7‬إلى ص ‪. 22‬‬ ‫‪57‬‬

‫‪ -‬المعجم ‪ ،‬المقدمة ‪ ،‬ص ‪. 22‬‬ ‫‪58‬‬

‫‪ -‬المعجم ‪ ،‬المقدمة ‪ ،‬ص ‪. 22‬‬ ‫‪59‬‬


‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫التجزؤ والتقسم تنقل الفعل إلى الباب السادس أي باب ورث يرث‪..‬‬
‫ّ‬ ‫يكرم‪ ،‬واذا أردت الداللة على‬
‫البد من التمييز بين المصادر ‪.60‬‬
‫وتبعا لهذا التمييز بين األبواب كان ّ‬
‫وعلى فرض اطراد وقياسية هذه القواعد المختلفة فإنها تعتبر فتحا كبي ار إذا استغلت في تأليف‬
‫المعاجم المختلفة ‪ ،‬بما تحمل من رؤية دقيقة عميقة وجوهرية للداللة في صيغ وأوزان ألفاظ‬
‫اللّغة العربية وأصواتها ‪.‬‬
‫‪ – 8‬قاعدة التعدية و اللّزوم‪ :‬يقول ‪ " :‬قد وضح لي أن ال تعدية وال لزوم ثابتان ‪ ،‬ووجهة النظر‬
‫نعتدها و نعتمدها ‪:‬‬
‫التي ّ‬
‫األصل في األفعال القصور واللّزوم ‪ ،‬وهذا طبيعي مادام الفعل يعني تلّبس الفاعل بالحركة‬
‫وحيزه الشخصي تنشأ‬
‫في الزمن‪ ،‬وبتدخل اإلرادة بنقل الحركة إلى ما هو خارج نطاق الفاعل ّ‬
‫يسمى بالتعدية‬
‫إما أن يكون بقصد نقل الحركة كليذة إلى آخر‪ ،‬وهذا ما ّ‬
‫التعدية ‪ ..‬والنقل المذكور ّ‬
‫بالنفس ‪ ،‬فقولنا نصره يعني أن حركة االنتصار انتقلت من حيز الفاعل الشخصي إلى آخر على‬
‫ملونة بلونها الخاص ‪ ،‬وتعبي ار عن هذه‬
‫وجه القصد ‪ ،‬واما أن يكون قصد نقل الحركة بوسيلة ما ّ‬
‫يسمى بالتعدية باألداة ‪ ،‬فإن كان انتقال‬
‫الوسيلة ذات اللّون تستخدم حروف المعاني وهذا ما ّ‬
‫تعدى بحرف ( عن )‪ ،‬وهكذا‬
‫الحركة داخل ظرف تع ّدى بحرف ( في ) أو يشكل تجاوز وتخط ّ‬
‫تذهب دائ ار مع حروف المعاني وفق دالالتها الثابتة لتعيين القصد و توضيح اإلرادة (‪ )...‬توحد‬
‫توحدا يجعل من كل منهما فعال جديدا مستقال عن الفعل األصلي الساذج‬
‫ً‬ ‫معنى الفعل والحرف‬
‫(‪ )...‬وعليه فهذه هي النتيجة المستوحاة – أن كل فعل‪ ،‬هو قابل للتعدية بكل حرف دون استثناء‬
‫‪61‬‬
‫‪.‬‬ ‫المعبر بدقة‬
‫ّ‬ ‫تبعا للقصد‬
‫هذه المجموعة من القواعد حاول العاليلي اعتمادها في تأليف معجمه الموسوعي الذي مادته‬
‫وجوهره هو اللّغة ‪ ،‬وعليه أن يراعي خصائصها الصوتية والصرفية والنحوية فيه ‪.‬‬
‫فصل في مخطط ومنهج معجمه والذي جعله بعنوان " حسنات هذا المعجم "‪ ،‬رّكز فيه‬
‫ثم ّ‬
‫على الوحدة المعنوية للجذور‪ ،‬والتفرقة بين الحقيقة والمجاز‪ ،‬والفروق والمالمح الدقيقة بين‬

‫‪ -‬المعجم‪ ،‬المقدمة ‪ ،‬ص ‪. 21 ، 20‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪ -‬المعجم ‪ ،‬المقدمة ‪ ،‬ص ‪. 21 ، 21‬‬ ‫‪61‬‬


‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫المفردات والشواهد وبيان المولّد والدخيل قديما وحديثا وتتبع ما وضعه العلماء والمجامع‬
‫وغيرهما‪. 62‬‬
‫باإلضافة إلى إثبات المصطلح األجنبي المقابل بحرفه‪ ،‬وفهرسا ألفبائيا له ‪ ،‬فهو بذلك جمع بين‬
‫ثالثة أنواع من المعاجم وهي ‪:‬‬
‫‪-1‬معجم عربي في أصله ‪.‬‬
‫‪-2‬معجم عربي أجنبي بإثبات المقابل ‪.‬‬
‫‪-3‬معجم أجنبي عربي بالدليل المرفق به ‪.‬‬
‫‪ -4‬معجم المرجع لعبد اهلل العاليلي ‪ ) 1116 . 1114 ( :‬ط ‪1163 = 1‬‬

‫‪-1‬معجم متن اللغة ألحمد رضا العالمي ‪ ، ) 5717 / 5490 ( :‬ط‪ 5714 = 5‬وضعه‬
‫باقتراح المجمع العلمي بدمشق ‪.‬‬
‫‪-11‬الشدياق و القاموس و المعاجم العربية ‪:‬‬
‫كان أحمد فارس الشدياق من أشهر الدارسين الناقدين للقاموس المحيط في العصر‬
‫الحديث حتى أضحى عالمة بارزة في تاريخ دراسة المعاجم العربية‪ ،‬وقد " عكف على هذا‬
‫القاموس(القاموس المحيط للفيروزآبادي) قراءة وفحصا حتى كاد يستظهره ‪ ،‬ومن ثم درسه دراسة‬
‫دقيقة جمع فيها كثي ار من الكتب التي دارت حوله شارحة ومحشية وناقدة ‪ ،‬وكان ثمرة هذه‬
‫" الجاسوس على القاموس " وفي ثنايا هذا النقد تعرض الشدياق للمعاجم العربية‬ ‫الدراسة كتابه‬
‫بعامة ‪ ،‬مما جعل كتابه يتجاوز حدود نقد القاموس إلى دراسة المعاجم العربية األخرى ونقدها‪،‬‬
‫حيث نالحظ أن مقدمة كتاب " الجاسوس على القاموس " خليط متنوع من نقد المعاجم عامة‬
‫والقاموس خاصة ‪ ،‬وتاريخ المعاجم اللغوية ومعاجم المصطلحات فنجد قد اعتمد في رؤيته‬
‫المعجمية النقدية على أكثرها وعلى أئمة النحو واللغة‪.‬‬
‫إن تصور الشدياق لعلم المعاجم بشقية النظري والتطبيقي نجده موزعا بين كتابيه‬
‫"الجاسوس على القاموس" و" سر الليال في القلب واإلبدال " الذي أعاد فيه تلخيص نقده‬

‫‪ -‬ينظر العاليلي ‪ :‬المقدمة ص ‪. 01 – 02‬‬ ‫‪62‬‬


‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ .‬والشدياق في سبيل تحقيق الفكرة‬ ‫للقاموس كما شرح فيه نظريته في المعنى المعجمي "‬
‫المعجمية الجديدة يقوم بعملين ‪:‬‬
‫األول منهما ‪ :‬الحديث عن األخطاء اللغوية التي وقع فيها اللغويون وتناولها في ( الجاسوس ) ‪.‬‬
‫الثاني منهما ‪ :‬تأليف كتاب يحقق فكرته اللغوية من عمل المعاجم و تناولها في ( سر الليال )‬
‫‪64‬‬
‫‪.‬‬
‫الجاسوس على القاموس ‪ :‬كتاب نقدي معجمي‬
‫يمكن القول إن كتاب ( الجاسوس على القاموس ) كان من أسبق المؤلفات اللغوية الداعية إلى‬
‫اإلصالح المعجمي في القرن التاسع عشر بعد كتابات أبي الطيب الشرقي‪ ،‬ألن مقدمة هذا‬
‫الكتاب أتت تحمل دعوة صريحة إلى تأليف معجمات جديدة تتناسب والعصر‪ ،‬منطلقة من مواد (‬
‫القاموس المحيط ) متجاوزة األخطاء والعيوب فيه‪ ،‬مستدركة ما فات صاحبه من ألفاظ وشروح ‪،‬‬
‫فبدأ الشدياق بذكر األسباب الداعية إلى تأليف كتابه هذا فقال ‪ " :‬و( بعد ) فإني لما رأيت في‬
‫تعاريف القاموس لإلمام القاضي مجد الدين الفيروزأبادي قصو ار وايهاما وايجا از وابهاما ‪ ،‬وترتيب‬
‫األفعال ومشتقاتها فيه محوج إلى تعب في المراجعة‪ ،‬ونصب في المطالعة والناس راوون منه‬
‫وراضون عنه‪ ،‬أحببت أن أبين في هذا الكتاب من األسباب ما يخص أهل العربية في عصرنا‬
‫هذا على تأليف كتاب في اللغة ‪ ،‬يكون سهل الترتيب ‪ ،‬واضح التعاريف شامال لأللفاظ التي‬
‫استعملها األدباء و الكتاب و كل من اشتهر بالتأليف ‪ ،‬سهل المجتنى ‪ ،‬دافي الفوائد ‪ ،‬بين‬
‫‪65‬‬
‫وهو رغم انتقاداته الكثيرة للمعجميين القدماء إال أنه يصرح قائال ‪" :‬‬ ‫العبارة ‪ ،‬وافي المقاصد ‪.‬‬
‫فإن المؤلفين األولين رحمهم اهلل ألفوا و برعوا وأجادوا وصنفوا ونفعوا وأفادوا ‪ ،‬غير أنهم ألفوا‬
‫‪66‬‬
‫كتبهم على حسب أفهامهم وأذهانهم‪ ،‬وأفهام أهل زمانهم‪ ،‬فاختصروا وأوجزوا وأشاروا ورمزوا"‬
‫وعليه يمكن القول إن أهم ميزات المعجم المنشود عند الشدياق أن يكون ‪:‬‬
‫‪ – 5‬سهل الترتيب ( خارجيا و داخليا ) ‪.‬‬

‫‪ -‬حلمي خليل ‪ ،‬دراسات في اللغة و المعاجم ‪ .‬دار النهضة العربية ‪ ،‬بيروت ‪ ، 2775‬ط ‪ ، 2‬ص ‪. 199‬‬ ‫‪63‬‬

‫‪. 195‬‬
‫‪ -‬محمد علي الزركان ‪ ،‬الجوانب اللغوية عند أحمد فارس الشدياق ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سورية ‪،2755 ،‬ط‬ ‫‪64‬‬

‫‪ ، 2‬ص ‪. 225‬‬
‫‪ -‬أحمد فارس الشدياق الجاسوس على القاموس ‪ ،‬المقدمة ‪ ،‬ص ‪. 1 . 0‬‬ ‫‪65‬‬

‫‪ -‬أحمد فارس الشدياق ‪ ،‬الجاسوس على القاموس ‪ ،‬المقدمة ‪ ،‬ص ‪. 21‬‬ ‫‪66‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫‪ – 0‬واضح التعاريف ‪.‬‬


‫‪ – 7‬شامال لكل األلفاظ التي استعملها األدباء والكتاب وكل من اشتهر بالتأليف ‪،‬وبالتالي سيكون‬
‫سهل المجتنى داني الفوائد بين العبارة وافي المقاصد ‪.‬‬
‫خالصة القول ‪:‬‬
‫‪-‬ينتهج مؤلفو المعاجم اللغوية العامة الحديثة تقريبا منهجا واحدا في تأليف معاجمهم وفي‬
‫تصورهم للبناء المعجمي‪ ،‬ونجدهم يشتركون في مجموعة من الظواهر في المعاجم منها ‪:‬‬
‫الترتيب األلفبائي ( حسب األوائل والثواني والثوالث ) ‪ ،‬والترتيب الداخلي ( فعل ‪ ،‬اسم‪ ،‬مجرد‪،‬‬
‫مزيد ‪ )...‬ووضع المداخل على رأس الصفحات واالختصار بحذف كثير من المواد غير اللغوية‬
‫كاألعالم والبقاع وحتى بعض األلفاظ اللغوية كاأللفاظ البذيئة وأسماء العورات وغيرها لعدم‬
‫الحاجة إليها بالنسبة لهم ‪ ،‬واستخدام الرموز والتوسع فيها ‪ ،‬وكذا ضبط الكلمات ضبطا دقيقا‪،‬‬
‫باإلضافة إلى عنايتها بما استجد من ألفاظ اصطالحية مولدة وعامية‪ ،‬ومسيحية خاصة باعتبار‬
‫أن مؤلفيها مسيحيون‪.‬‬
‫وما يالحظ أيضا أنها مؤلفة لجمهور خاص يختلف تمام االختالف عن جمهور أصحاب‬
‫المعاجم القديمة‪ ،‬أال و هو جمهور طلبة المدارس والثانويات والجامعات أيضا مما شكل ما‬
‫يسمى بالمعجم المدرسي بعدما كانت تؤلف قديما للعلماء والمتبحرين في اللغة والمختصين ‪،‬‬
‫فبالضرورة ستكون مادتها أقل تعمقا في اللغة وأقل توسعا فيها مما أدى إلى إهمال بعض‬
‫الجوانب والتفسيرات التي تدعم المفردة اللغوية على رأسها الشواهد التي كادت أن تهمل ويلغى‬
‫وجودها في هذه المعاجم مع ما لها من قيمة دقيقة في فهم داللة المفردات و تاريخها و تطورها‬
‫اللغوي إذ هي أدلة ظهورها و وجودها وتحولها و تطورها‪.‬‬
‫‪ -‬ويمكن أن نخلص إلى أن المعاجم العربية الحديثة قد عرفت اتجاهين اثنين ‪:‬‬
‫‪ -5‬اتجاه التجديد مع المحافظة على المتن المعجمي على غرار ما فعل صاحب المحيط ‪،‬‬
‫وأقرب الموارد و غيرها‪.‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫‪ -0‬اتجاه التجديد مع إدخال تغييرات شكلية الحتذاء المعاجم الحديثة في اللغات الحية على‬
‫غرار ما فعل صاحب المنجد والمعجم الوسيط و ذلك عن طريق إدخال المصطلحات العلمية‬
‫‪67‬‬
‫التي ظهرت في عصرها مع الحرص على سالمة اللغة‪.‬‬
‫ويجدر القول أيضا أنها ربما لم تزد على المعاجم القديمة إال في بعض الجوانب الشكلية‬
‫كاستخدام الصور التوضيحية واللوحات وادخالها للمصطلحات الحديثة التي ظهرت في مختلف‬
‫العلوم والفنون في هذا العصر‪.‬‬
‫‪ -7‬و يتفق معهما أيضا عبد الرحمان الحاج صالح إذ يرى أن ‪ ":‬أكثر المعاجم العربية التي‬
‫ألفت منذ عصر النهضة إلى غاية منتصف القرن العشرين تتصف غالبا بصفتين اثنتين ‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬اعتماد أصحابها على المعاجم القديمة‪ ،‬واستخراجهم منها ما يبدو لهم أنه من األلفاظ‬
‫التي يحتاج إليها المثقف العربي في عصرنا هذا ‪ ،‬أو مما قد يرد بكثرة في النصوص القديمة أو‬
‫الحديثة ‪ ،‬و ذلك بدون اللجوء إلى أي مقياس علمي إال التخمين أو الهاجس‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬هي عدم لجوئهم إلى تدوين واسع لما يستعمل بالفعل اآلن باللغة الفصحى ‪،‬‬
‫أو استعمل قديما إلى مدونة كبيرة من النصوص يعتمد عليها الباحث كمرجع موثق شاهد على‬
‫االستعمال الحقيقي للغة الفصحى‪ .68‬ويضيف قائال أيضا ‪ :‬إن المعجم العربي في وقتنا الحاضر‬
‫جيد إال أن المعجم‬
‫هو في طور النمو وقد وضعت المعاجم الكثيرة في شتى ميادين العلم‪ ،‬وهذا ّ‬
‫العام والمعجم المدرسي ال يزاالن في نظرنا دون المستوى المطلوب كيفا وكما وكل ما ظهر ال‬
‫يزال عالة على المعاجم القديمة في الغالب من حيث المنهج و طريقة االستقاء ‪ ،‬فما رأينا من‬
‫يهتم باالستعمال الحقيقي للغة العربية إال القليل (‪ )...‬و بقي اختيار الكلمات على مقياس ذاتي و‬
‫دون الرجوع إلى واقع االستعمال الحقيقي للعربية الفصحى "‪ .69‬و هو يدعو إلى ضرورة تدوين‬
‫االستعمال كما فعل أجدادنا‪ ،‬فالتطور الحاصل فيها هو تطور و تجديد في شكل المعجم ‪ ،‬أما‬
‫المادة فتحتاج بصيغة بسيطة دقيقة إلى إعادة نظر‪.‬‬

‫‪ -‬اللسان العربي‪ ،‬المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬مكتب تنسيق التعريب‪ .‬الرباط‪ 2755 .‬ع ‪" ،18‬‬ ‫‪67‬‬

‫في الممارسة المعجمية للمتن اللغوي " عباس الصوري‪ ،‬ص ‪ 21‬و ما بعدها‪( ،‬بتصرف)‪.‬‬
‫‪ -‬مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة دار الجمهور للصحافة‪ ،‬دب ‪ ،0221‬ع ‪ ،75‬عبد الرحمان الحاج صالح‪،‬‬ ‫‪68‬‬

‫المعجم العربي واالستعمال الحقيقي للغة‪ ،‬ص‪.72‬‬


‫‪ -‬عبد الرحمان الحاج صالح‪ ،‬المعجم العربي واالستعمال الحقيقي للغة‪ ،‬ص ‪.228 – 221‬‬ ‫‪69‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫المعاجم المختصة الحديثة‬


‫المعجم العربي المختص الحديث ‪:‬‬
‫إن الحديث عن المعجم العربي المختص الحديث يختلف اختالفا كبي ار عن الحديث عن المعجم‬
‫العربي المختص القديم ‪ ،‬وشتان بينهما من حيث الجمع والوضع ‪.‬‬
‫وقد نشط هذا النوع من التأليف المعجمي من جديد‪ ،‬في عصر محمد علي بعد عودة‬
‫البعثات من أوربا‪ ،‬فظهرت أعمال معجمية نقلت ما وجده المبعوثون هناك من تقدم علمي‬
‫وتقني‪ ،‬وكان لقلم الترجمة التابع لمدرسة األلسن التي أسسها رفاعة الطهراوي دور بارز في هذا‬
‫النشاط ‪ ،‬فقد حرص العاملون به على أن يلحقوا بترجماتهم قوائم بالمصطلحات التي حوتها هذه‬
‫األعمال مع مقابالتها األجنبية ‪.‬‬
‫وفي أوائل القرن العشرين‪ ،‬كان إنشاء الجامعة المصرية فاتحة لنهضة علمية وثقافية حديثة‬
‫في مصر‪ ،‬استعادت فيها اللغة العربية مكانتها مرة ثانية بعد احتالل بريطاني ( ‪ ) 5440‬باعد‬
‫بين اللغة العربية والعلوم الحديثة‪ ،‬وقد واكب هذه النهضة نشاط في حركة التعريب وجمع‬
‫‪70‬‬
‫‪.‬‬ ‫المصطلحات وتحقيقها ‪ ،‬واصدار بعض المعاجم العلمية المختصة‬
‫إن المعاجم العلمية المطروحة في السوق حاليا نوعان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬نوع عام أو شامل ‪ :‬يضم بين دفتيه كثي ار من المصطلحات المعبرة عن حقائق علوم‬
‫كثيرة ‪ ،‬هذا النوع من المعاجم(الشاملة)ال يعتبر(علميا) بالمفهوم المنهجي ‪ ،‬بل باعتبار اشتماله‬
‫على مصطلحات علمية ‪ ،‬إنه معجم(متفرقات) يساعد المبتدئين‪،‬وهوال يسهم في تقدم العربية إال‬
‫بقدر ما يؤثر في لغة هؤالء الشادين(‪ )...‬وال يتصل بالتخصص الدقيق المتطور دائما ‪.‬‬
‫و األحرى بمؤلفي هذا النوع من المعاجم أن يضيفوا إلى أوصافه وصف ( اللغوي ) ليزيدوا القراء‬
‫وعيا بقدر ما بين أيديهم من المادة اللغوية ‪ ،‬العربية ‪ ،‬و االنجليزية أو الفرنسية ‪.‬‬
‫و الثاني ‪ :‬نوع متخصص يقتصر على مصطلحات علم واحد ‪ ،‬يوردها و يعالجها على وجه‬
‫االستقصاء ‪ ،‬بقدر اإلمكان ‪ ،‬و هو يتابع دائما ما يجد في مجاله ‪ ،‬و يحاول ترجمته أو تعريبه‬

‫‪ -‬أشرف محمد علي عبده ‪ ،‬معاجم المجمع المتخصصة ‪ .‬ص ‪ 25‬و ما بعدها ‪.‬‬ ‫‪70‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫إذاعسرت الترجمة ‪ ،‬أو تدخيله إذا استحال التعريب و هو من مجامع اللغة العربية بسبب ال‬
‫‪71‬‬
‫‪.‬‬ ‫ينقطع ‪ ،‬يستفتيها و يأخذ عنها ‪ ،‬فهذا هو المعجم العلمي الحق مادة و منهجا‬
‫لكننا عندما ننظر في أغلب هذه المعاجم ال نجد اسما أصلح لها من ‪ :‬كتب قوائم‬
‫المصطلحات للمصطلحات العلمية المتخصصة على غرار ما يقدمه مكتب تنسيق التعريب‬
‫بالرباط كما سنرى الحقا‪.‬‬
‫تنوعت المعاجم المختصة الحديثة وهي تصنف غالبا حسب الزوايا اآلتية ‪:‬‬
‫‪ – 5‬المعاجم المختصة حسب درجة التوسع في شرح و تعريف المصطلحات ‪ ،‬وتضم األنواع‬
‫اآلتية ‪:‬‬
‫أ – المسارد ‪ :‬و هي مؤلفات أو معجمات تضم قائمة من المصطلحات مع مقابالتها بلغة واحدة‬
‫أو أكثر ‪ ،‬على ترتيب ألفبائي في الغالب ‪ ،‬كما هو الحال مع المعاجم الموحدة الصادرة عن‬
‫مكتب تنسيق التعريب و التي بلغت لحد الساعة ( فيفري ‪ ) 0252‬واحد و ثالثون معجما في‬
‫اختصاص ات لسانية و غير لسانية كالفيزياء والرياضيات ‪،‬والموسيقى و الفلك ‪ ،‬و الموسيقى و‬
‫الفلك و غيرها و هي في الغالب تتشكل مما تأتي ‪:‬‬
‫‪ – 5‬مقدمة ‪.‬‬
‫‪ – 0‬مسرد ألفبائي عربي المصطلحات ‪.‬‬
‫‪ - 7‬مسرد ألفبائي فرنسي المصطلحات ‪.‬‬
‫‪ – 8‬المدخل باللغة االنجليزية ‪ .‬مع مقابالته بالفرنسية و العربية ‪.‬‬
‫و فيما يأتي عرض ألسماء لهذه المعاجم ‪.‬‬
‫قائمة المعاجم الموحدة الصادرة‬
‫عن مكتب تنسيق التعريب‬
‫مكان و تاريخ عدد‬ ‫رقم المعجم اسم المعجم‬
‫المصطلحات‬ ‫الطبع‬
‫– ‪5988‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات اللسانيات ( المغرب‬ ‫‪5‬‬
‫‪0220‬‬ ‫الطبعة الثانية )‬

‫‪ -‬عبد الصبور شاهين ‪ ،‬اللغة العربية ‪ :‬لغة العلوم و التقنية ‪ ،‬دار االعتصام ‪ ،‬د ب ‪ ،‬د ت ‪ ،‬د ط ‪ ،‬ص‬ ‫‪71‬‬

‫‪. 07‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫‪7751‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات الفيزياء العامة تونس – ‪5747‬‬ ‫‪0‬‬


‫و النووية‬
‫‪8277‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات الرياضيات و تونس – ‪5772‬‬ ‫‪7‬‬
‫الفلك‬
‫‪487‬‬ ‫تونس – ‪5770‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات الموسيقى‬ ‫‪8‬‬
‫‪8170‬‬ ‫تونس – ‪5770‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات الكيمياء‬ ‫‪1‬‬
‫‪0587‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات الصحة و جسم تونس – ‪5777‬‬ ‫‪7‬‬
‫اإلنسان‬
‫‪7208‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات اآلثار و التاريخ تونس – ‪5777‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪7177‬‬ ‫تونس ‪5777 -‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات علم األحياء‬ ‫‪4‬‬
‫‪0922‬‬ ‫تونس – ‪5778‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات الجغرافيا‬ ‫‪7‬‬
‫‪4487‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات التجارة و تونس – ‪5771‬‬ ‫‪52‬‬
‫المحاسبة‬
‫‪5542‬‬ ‫الطاقات تونس – ‪5777‬‬ ‫لمصطلحات‬ ‫الموحد‬ ‫المعجم‬ ‫‪55‬‬
‫المتجددة‬
‫‪0474‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات المهنية و تونس – ‪5777‬‬ ‫‪50‬‬
‫التقنية ‪:‬‬
‫‪ -‬الجزء األول ‪ :‬طباعة – كهرباء‬
‫‪7978‬‬ ‫تونس – ‪5777‬‬ ‫‪ -‬الجزء الثاني ‪ :‬بناء – نجارة‬
‫‪8788‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات العلوم اإلنسانية تونس – ‪5779‬‬ ‫‪57‬‬
‫‪7505‬‬ ‫تونس – ‪5777‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات السياحة‬ ‫‪51‬‬
‫‪5770‬‬ ‫تونس – ‪5777‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات الزلزال‬ ‫‪57‬‬
‫– ‪8707‬‬ ‫المغرب‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات الجيولوجيا‬ ‫‪59‬‬
‫‪0222‬‬
‫– ‪0277‬‬ ‫المغرب‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات االقتصاد‬ ‫‪54‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫‪0222‬‬
‫– ‪7247‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات النفط ( البترول المغرب‬ ‫‪57‬‬
‫‪5777‬‬ ‫)‬
‫– ‪5989‬‬ ‫المغرب‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات البيئة‬ ‫‪02‬‬
‫‪5777‬‬
‫– ‪0404‬‬ ‫الهندسة المغرب‬ ‫لمصطلحات‬ ‫الموحد‬ ‫المعجم‬ ‫‪05‬‬
‫‪5777‬‬ ‫الميكانيكية‬
‫– ‪5758‬‬ ‫التقنيات المغرب‬ ‫لمصطلحات‬ ‫الموحد‬ ‫المعجم‬ ‫‪00‬‬
‫‪5777‬‬ ‫التربوية‬
‫– ‪7804‬‬ ‫المغرب‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات اإلعالم‬ ‫‪07‬‬
‫‪5777‬‬
‫– ‪5108‬‬ ‫الفنون المغرب‬ ‫لمصطلحات‬ ‫الموحد‬ ‫المعجم‬ ‫‪08‬‬
‫‪5777‬‬ ‫التشكيلية‬
‫– ‪0275‬‬ ‫المغرب‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات األرصاد الجوية‬ ‫‪01‬‬
‫‪5777‬‬
‫– ‪0028‬‬ ‫المغرب‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات المياه‬ ‫‪07‬‬
‫‪0222‬‬
‫– ‪7052‬‬ ‫المغرب‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات المعلوماتية‬ ‫‪09‬‬
‫‪0222‬‬
‫– ‪5577‬‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات االستشعار عن المغرب‬ ‫‪04‬‬
‫‪0222‬‬ ‫بعد‬
‫– ‪7757‬‬ ‫المغرب‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات علوم البحار‬ ‫‪07‬‬
‫‪0222‬‬
‫– ‪5205‬‬ ‫الحرب المغرب‬ ‫لمصطلحات‬ ‫الموحد‬ ‫المعجم‬ ‫‪72‬‬
‫‪0228‬‬ ‫اإللكترونية‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫‪0747 -‬‬ ‫المغرب‬ ‫المعجم الموحد لمصطلحات تقانات األغذية‬ ‫‪75‬‬


‫‪0228‬‬
‫‪ – 2‬المعاجم المختصة ‪:‬‬
‫وهي على درجة أعلى من الفائدة مقارنة بالمسارد التي تفتقر إلى التعريف والتوثيق وهي نوعان ‪:‬‬
‫أ – المعاجم المختصة الموسوعية ‪:‬‬
‫ب – المعاجم المختصة في علم أو فن معين أو مجال معين ‪:‬‬
‫والمالحظ أن مجاالتها أوسع بكثير من مجاالت المعاجم المختصة القديمة‪ ،‬وقد كان فيها للعلوم‬
‫التقنية و التكنولوجية نصيبا كبي ار من االهتمام ‪.‬‬
‫‪ -‬و تجدر اإلشارة أيضا أن أغلب هذه المعاجم المختصة هي إما ثنائية أو متعددة اللغات تحل‬
‫فيها اللغات العربية و الفرنسية و اإلنجليزية المرتبة األولى و تصل في بعض األحيان حتى‬
‫‪72‬‬
‫‪.‬‬ ‫خمسة عشر لغة و أكثر‬
‫و تنقسم المعاجم المختصة الثنائية و المتعددة اللغات من حيث عرضها و طريقة استعمالها و‬
‫نوعية المعلومات المتوفرة فيها و كميتها إلى أنواع ثالثة هي ‪:‬‬
‫‪ – 5‬المعاجم المنشورة في شكل كتاب ( كما هي مدونة في الكشافات المعجمية ) ‪.‬‬
‫‪ – 0‬المعاجم المعدة للخزن في بنوك المصطلحات ( االيزو ‪ ،‬االنفوتيرم ‪. ) ...‬‬
‫‪73‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ – 7‬المعاجم المعدة للترجمة اآللية بالحاسوب‬
‫المعاجم المختصة الحديثة ‪:‬‬
‫لم تحظ المعاجم المختصة الحديثة بالدراسة والبحث كما حظيت المعاجم اللغوية‬
‫العامة والجدير بالمالحظة أن النصيب األوفر من االهتمام بالمعاجم المختصة الحديثة كان كما‬
‫كان الحال قديما بالمعاجم النباتية والحيوانية والطبية والتي يمكن إيراد أهمها مرتبة حسب تواريخ‬
‫صورها ‪ ،‬و هي ‪:‬‬
‫‪ " – 5‬معجم انجليزي عربي في العلوم الطبية و الطبيعية " لمحمد شرف الصادر في القاهرة‬
‫‪ 5707‬م ‪.‬‬

‫‪ -‬ينظر ‪ :‬وجد رزق غالي ‪ ،‬و حسين نصار ‪ ،‬المعجمات العربية بيلوغرافيا شاملة و مشروحة ‪ ،‬الهيئة‬ ‫‪72‬‬

‫المصرية العامة للتأليف و النشر ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 2792 ،‬د ط ‪ ،‬ص ‪. 201 ، 88‬‬
‫‪ -‬علي القاسي ‪ ،‬المصطلحية ‪ ،‬مقدمة في علم المصطلح ‪ ،‬دار الحرية ‪ ،‬بغداد ‪ ، 2758 ،‬ص ؟ ‪.‬‬ ‫‪73‬‬
‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫‪ " – 0‬معجم أسماء النبات " ألحمد عيسى الصادر في القاهرة ‪. 5772‬‬
‫‪ " – 7‬معجم الحيوان " ألمين المعلوف الصادر في القاهرة ‪. 5770‬‬
‫‪ " – 8‬معجم األلفاظ الزراعية " لألمير مصطفى الثهاني الصادر في دمشق ‪. 5787‬‬
‫‪ " – 1‬معجم المصطلحات الطبية الكثير اللغات " الذي أصدر في دمشق ‪ 5717‬ثالثة من‬
‫أساتذة الجامعة السورية بدمشق هم مرشد خاطر ‪ ،‬و أحمد حمدي الخياط و محمد صالح الدين‬
‫الكواكبي ترجمة لمعجم فرنسي انغليزي ألماني ال تيني و ضعه الطبيب الفرنسي ألكس كليريفيل‬
‫‪ " – 7‬مجموعة المصطلحات العلمية و الفنية " الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة في ستة‬
‫أجزاء بين ‪. 5778 – 5719‬‬
‫‪ " – 9‬المعجم الطبي الموحد " الصادر في بغداد سنة ‪ 5797‬عن إتحاد األطباء العرب ‪.‬‬
‫‪ " – 4‬المعجم الموحد للمصطلحات العلمية في مراحل التعليم العام " الصادر عن المنظمة‬
‫العربية للتربية والثقافة والعلوم – ممثلة في مكتب تنسيق التعريب بالرباط – في بغداد‬
‫ودمشق بين ‪ 5794 ، 5797‬في ستة أجزاء هي ‪ :‬الرياضيات ‪ ،‬و الفيزياء و الكيمياء‬
‫‪74‬‬
‫‪.‬‬ ‫و الحيوان و النبات و الجيولوجيا‬
‫‪ – 7‬المعجم الفلسفي – لمجمع اللغة العربية الصادر ‪ 5747‬بالقاهرة كأنموذج ‪.‬‬
‫يقول إبراهيم بن مراد عن هذه المعاجم "والسمة األساسية في هذه المعاجم كلها هي‬
‫الترجمة‪ ،‬فهي جميعها معاجم ثنائية اللغة أو متعددة اللغات‪ ،‬بل إنها‪-‬باستثناء–‬
‫"الموسوعة في علوم الطبيعة " ال دوار غالب‪ ،‬قد رتبت مداخلها المعجمية على حروف المعجم‬
‫األعجمية حسب تتابع المصطلحات األعجمية التي اتخذت فيها مداخل رئيسية مرجعية‪ ،‬بينما‬
‫‪75‬‬
‫‪.‬‬ ‫نزلت المصطلحات العربية فيها منزلة ثانوية‬
‫فالمالحظ على هذه المعاجم أنها على هيئة المسارد المصطلحية حيث تعطي مقابالت‬
‫بلغات مختلفة اعتمادا على الترجمة ‪ ،‬فهي تفتقر إلى أهم ركن في المعاجم العلمية المختصة‬
‫وهو التعريف وهي سمة غالبة على معظم المعاجم العلمية العربية المختصة في العصر الحديث‪.‬‬

‫مراد ‪ ،‬المشاكل المنهجية في نقل المصطلح العلمي‬


‫‪ -‬مجلة الجمعية ‪ ،‬تونس ‪ ،‬ع ‪ ، 2751 ، 0‬إبراهيم بن ّ‬
‫‪74‬‬

‫األعجمي إلى العربية ‪ ،‬تطبيق على معجم " مصطلحات علم النبات " ‪ ،‬ص ‪. 10 ، 12‬‬
‫‪ -‬إبراهيم بن مراد المشاكل المنهجية في نقل المصطلح العلمي األعجمي إلى العربية ‪ ،‬تطبيق على معجم‬ ‫‪75‬‬

‫" مصطلحات علم النبات " ‪ ،‬ص ‪. 10‬‬


‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫أضف إلى هذا أنه يمكننا القول إنها مؤلفة لغير العرب رغم أن مؤلفيها عربا في بالد العرب‪،‬‬
‫وذلك العتمادها المداخل الرئيسية بلغات غير العربية‪ ،‬وتنزلة العربية فيها منزلة دنيا ‪.‬‬
‫هذا فيما يخص المعاجم العلمية المختصة‪ ،‬أما المعاجم الفنية المختصة– والتي تنوعت‬
‫وتعددت مجاالتها‪ ،‬وسنصب اهتمامنا على المجال اللساني دون بقية المجاالت الفنية‪ ،‬فالحديث‬
‫عنها شبيه إلى حد كبير بالحديث عن المعاجم العلمية‪ ،‬حيث تأخر ظهور مثل هذا النوع من‬
‫التأليف المعجمي على الرغم من أهميته إلى أواخر العقد الثامن من القرن العشرين حين ظهر‬
‫كتاب " المصطلحات اللغوية الحديثة في اللغة العربية " لمحمد رشاد الحمزاوي سنة ‪. 5799‬‬
‫وجاء بعده معجم علم اللغة النظري لمحمد علي الخولي سنة ‪. 5740‬‬
‫ومعجم مصطلحات علم اللغة الحديث لمحمد حسن باكال و رفاقه سنة ‪. 5747‬‬
‫ومعجم المصطلحات اللغوية و األدبية لعلية عياد ‪. 5747‬‬
‫وقاموس اللسانيات لعبد السالم المسدي سنة ‪. 5748‬‬
‫ومعجم اللسانية لبسام بركة سنة ‪. 5741‬‬
‫ومعجم علم اللغة التطبيقي لمحمد علي الخولي سنة ‪. 5747‬‬
‫و‬ ‫والمعجم الموحد لمصطلحات اللسانيات الصادر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة‬
‫العلوم في تونس سنة ‪. 5747‬‬
‫ومعجم المصطلحات اللغوية لرمزي بلعيكي الذي صدرت الطبعة األولى منه سنة ‪ 5772‬عبد‬
‫دار العلم للماليين ‪.‬‬
‫ومعجم المصطلحات اللغوية في كتابات المستشرقين إلسماعيل اعمايرة سنة ‪ 5770‬م ‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫‪ .‬وغيرها ‪.‬‬ ‫ومعجم المصطلحات اللغوية لخليل أحمد خليل سنة ‪ 5771‬م‬
‫يقول مصطفى طاهر الحيادرة عن هذه المعاجم‪":‬والناظر في هذه المعاجم يجد أنها ثنائية‬
‫المدخل‪ ،‬باستثناء المعجم الصادر عن المنظمة العربية للتربية والثقافية والعلوم‪ )...(،‬فهي ثالثية‬
‫اللغة‪ ،‬ولم تلتزم بإيراد تعريف للمصطلحات التي يقدمها سوى الحمزاوي والخولى (‪ )...‬بل إن‬
‫بعض التعريفات التي قدمت – وبخاصة في كتاب الحمزاوي– ال يمكن أن تسمى تعريفات بما‬
‫‪77‬‬
‫‪.‬‬ ‫تعنيه الكلمات‪ ،‬ويمكن أن تدخل في باب االقتباسات لنصوص تتضمن المصطلح‬

‫‪ -‬مصطفى طاهر الحيادرة ‪ ،‬من قضايا المصطلح اللغوي العربي ‪ ،‬الكتاب األول ‪ ،‬ص ‪. 251 ، 251‬‬ ‫‪76‬‬

‫‪ -‬مصطفى طاهر الحيادرة ‪ ،‬الكتاب األول ‪ ،‬ص ‪. 251‬‬ ‫‪77‬‬


‫د مصطفاي محاضرات في المعجمية القسم الثاني السنة الثالثة لسانيات عامة ‪0202.0202‬‬

‫فهو بدوره قد ركز على غياب أهم ركن في المعاجم المختصة الفنية [ اللسانية ] أال وهو‬
‫التعريف الذي بغيابه يفقد المعجم حتما الدقة والعلمية والموضوعية الالزمة‪ ،‬وحتى تلك المعاجم‬
‫التي توفرت عليه لم يكن فيها تعريفا بل سياقات نصية وردت فيها المصطلحات المداخل‪ ،‬وهذا‬
‫ال يدخل في باب التعريف بل في فرع صغير من خصائص التعريف وهو االستشهاد بالنصوص‬
‫العلمية الذي ال يمكن بأي حال من األحوال أن يمثل التعريف بقدر ما يبين استعمال المصطلح‬
‫والدليل على داللته الخاصة في النص والمجال المعين ‪.‬و نجده يقول عنها أيضا ‪ " :‬فإذا انتظرنا‬
‫من هذه المعاجم أن تمدنا بمصطلحات واضحة محددة المعالم موحدة فإنها ال توفر ذلك ‪ ،‬ذلك‬
‫أنها تشترك في تقديم المصطلحات المتعددة في مقابل المصطلح األجنبي ‪ ،‬وان قامت بذلك على‬
‫‪78‬‬
‫‪.‬‬ ‫نحو ما حاول المسدي ‪ ،‬فإنها تغفل جانبا آخر هو تقديم تعريف لهذه المصطلحات‬
‫ليقول في إطار نفس السياق‪ ":‬هذه الصفة ال يكاد يخلو منها واحد من معاجم‬
‫المصطلحات اللغوية‪ ،‬وال يستثنى من ذلك المعجم الصادر عن مكتب تنسيق القريب باسم‬
‫(المعجم الموحد )‪ ،‬إذ إن مصطلحات هذا المعجم ال تتسم بالتوحيد‪ ،‬فنجد ظاهرة التعدد في‬
‫المصطلحات الواردة فيه بصورة تلغي تسميته بالموحد ‪ ،‬و هو مع ذلك ال يقدم تعريفا واضحا‬
‫‪79‬‬
‫و لو قدم التعريف لتمكن من تقليص حجم التعدد سعيا إلى التوحيد‬ ‫بالمصطلحات التي يوردها‬
‫ويقول مصطفى غلفان ‪ " :‬إن جل مصطلحاتنا اللسانية توجد في شكل لوائح مصطلحات غربية‬
‫تقابلها مصطلحات عربية ‪ ،‬والحقيقة أن الشكل الذي قدمت به بعض المعاجم أو القواميس تجعلنا‬
‫نقول بأنه من السهل أن نقدم الئحة متفاوتة الطول بالمصطلحات الغربية مع مقابلها العربي ‪،‬‬
‫الحقيقة أننا في حاجة إلى معاجم فعلية تقوم على تحديد المصطلحات و تعريفها تعريفا دقيقا كما‬
‫‪80‬‬
‫‪.‬‬ ‫هو متداول في األدبيات اللسانية المتخصصة‬

‫‪ -‬الحيادرة ‪ ،‬من قضايا المصطلح اللغوي العربي ‪ ،‬الكتاب ‪ ، 0‬ص ‪. 25‬‬ ‫‪78‬‬

‫‪ -‬الحيادرة ‪ ،‬الكتاب ‪ ، 0‬ص ‪. 25‬‬ ‫‪79‬‬

‫‪ -‬الدراسات المعجمية ( مجلة ) ‪ ،‬الجمعية المغربية للدراسات المعجمية ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬ع ‪، 0229 : 1‬‬ ‫‪80‬‬

‫مصطفى غلفان ‪ ،‬المعاجم اللسانية في الثقافة العربية الحديثة ‪ ،‬واقع تجربة ‪ ،‬ص ‪. 70‬‬

You might also like