Professional Documents
Culture Documents
عقد سيف الدين قطز اجتماعا مع وجهاء الدولة وعلمائها كان من بينهم
العز بن عبد السالم وتم االتفاق على التوجه لقتال التتر إذ ال مجال
لمداهنتهم ،وكان العز بن عبد السالم قد أمر أمراء ووجهاء الدولة أن
يتقدموا بنفائس أمالكهم لدعم مسيرة الجيش اإلسالمي فطلب قطز األمراء
وتكلم معهم في الرحيل فأبوا كلهم عليه وامتنعوا من الرحيل ،ولما وجد
منهم هذا التخاذل والتهاون ألقى كلمته المأثورة «يا أمراء المسلمين ،لكم
زمان تأكلون أموال بيت المال ،وأنتم للغزاة كارهون ،وأنا متوجه ،فمن
أختار الجهاد يصحبني ،ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته ،فإن هللا مطلع
عليه ،وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين» .وقد اختلى قطز
ببيرس البندقداري الذي كان أمير األمراء واستشاره في الموضوع .فأشار
عليه بقتل الرسل ،والذهاب إلى كتبغا متضامنين .فإن انتصرنا أو هزمنا،
فسوف نكون في كلتا الحالتين معذورين .فاستصوب قطز هذا الكالم ،وقام
بقتل رسل المغول إليصال رغبته في قتالهم وأنه جاد بذلك .وقد زاد من
عزيمة المسلمين وصول رسالة من صارم الدين أزبك بن عبد هللا
األشرفي -وقد وقع أسيرا في يد المغول إثناء غزوهم الشام ثم قبل الخدمة
في صفوفهم -أوضح لهم فيها قلة عددهم وشجعهم على قتالهم وأن
اليخافوا منهم .فال شك أن قطز قد أفاد من رحيل هوالكو إلى فارس على
رأس معظم جيشه بعد سماعه بوفاة أخيه الخان األعظم ،فمن تبقى بالشام
من عساكر المغول تحت قيادة كتبغا يتراوح ما بين 10آالف إلى 20ألف
رجل
موقف الصليبيين
حاول المغول عبر كتبغا النسطوري التحالف مع مملكة بيت المقدس
الصليبية ولكن بابا الفاتيكان منع وحرم التحالف مع المغول .ثم أتت حادثة
قتل ابن أخي كتبغا بواسطة الفرسان الصليبين بصيدا فاكتسح صيدا عقابا
على ذلك .أما الصليبيون في عكا فقد اتجه قطز إلى مسالمتهم ومهادنتهم,
واستأذنهم بعبور جيشه األراضي التي يحتلونها وطلب منهم الوقوف على
الحياد من الحرب ما بين المماليك والمغول .وأقسم لهم انه متى تبعه
فارس منهم أو رجل يريد أذى عسكر المسلمين إال رجع وقاتلهم قبل أن
يلقى التتار إال إن الصليبيين سلموا بأن المسألة هي مسألة وقت ثم
يكتسحهم المغول ويدمرونهم كما دمروا غيرهم ,فلذلك غضوا الطرف على
عبور المماليك أراضيهم ولم يتصدوا لهم .وقد بر على مابدى أولئك
الصليبيين بوعدهم فلم يغدروا بالمعسكر اإلسالمي من الخلف .في 15
شعبان 658هـ/أغسطس 1260م خرج قطز يسبقه بيبرس البندقداري
ليكشف أخبار المغول .واجهت سرية بيبرس طالئع جنود المغول في
منطقة قرب غزة ،كان قائد المغول في غزة هو بايدر أخو كتبغا الذي
أرسل له كتابا يعلمه فيه بتحرك المسلمين ،أخذ بيبرس في مناوشة وقتال
المغول حتى انتصر عليهم .اتجه بعدها قطز إلى غزة ومنها عن طريق
الساحل إلى شمال فلسطين .في تلك األثناء اجتمع كتبغا الذي كان في
بعلبك بالبقاع مع وجهاء جيشه ،فأستشار األشرف صاحب حمص
والمجير بن الزكي ،فأشاروا عليه بأنه ال قبل له بالمظفر حتى يعود سيده
هوالكو خان .ومنهم من أشار إليه -اعتمادا على قوة المغول التي ال
تقهر -أن ينطلق لقتالهم .اختار كتبغا أن يتجه لقتالهم فجمع جيشه وانطلق
باتجاه جيش المسلمين حتى القاهم في المكان الذي يعرف باسم عين
جالوت.