You are on page 1of 26

‫المحاضرة السادسة‬

‫عصر الخلفاء الراشدين‬


‫‪ ‬الخليفة بالمعنى اللغوي هو الشخص الذي يخلف شخصا آخر‪ ،‬أي يأتي بعده ليحل‬
‫هامه‪ .‬وقد أطلق العرب لقب الخليفة على حكام الدولة اإلسالمية بدال‬ ‫محله ويقوم بمَ ِّ‬
‫من لقب المل ك باعتب ارهم خلف اء الرس ول في إدارة ش ؤون األم ة‪ .‬وق د ُدعي الخلف اء‬
‫األربعة األوائل بالخلفاء الراشدين نسبة إلى الُرشد وهو االستقامة في الفكر والعمل‪.‬‬
‫وهم أربعة‪:‬‬
‫‪ -١ ‬أبو بكر الصديق‬
‫‪ -٢ ‬عمر بن الخطاب‬
‫‪ -٣ ‬عثمان بن عفان‬
‫‪ -٤ ‬على بن أبي طالب‬

‫‪ ‬وق د تش ّبه ه ؤالء بالرس ول في أس لوب الحُكم وفي طريق ة حي اتهم‪ ،‬وك انت المدين ة‬
‫المنورة في الحجاز عاصمة لهم قبل أن تحل محلها دمشق بعد أن آلت الخِالفة إلى‬ ‫ّ‬
‫بني أمية‪.‬‬
‫* أبو بكر الصديق *‬

‫‪‬عن دما س مع الن اس بوف اة الرس ول أح دث النب أ اض طرابا كب يرا بين الن اس وك انوا بين‬
‫مصدق ومكذب‪ ،‬حتى أن الصحابي الكبير عمر بن الخطاب أستل سيفه وصاح‪(( :‬لم‬
‫يمت رسول اهلل‪ ،‬وكل من قال ذلك طعنته بسيفي هذا))‪ .‬فقام أبو بكر يُهَدِّئ من روعه‬
‫وخاطب الناس قائال‪(( :‬من كان يَعبُد محمدا فإن محمدا قد مات‪ ،‬ومن كان يعبد اهلل‬
‫فإن اهلل حي ال يموت))‪.‬‬
‫‪‬وبينما كان الصَّحابة مشغولين بإجراءات دفن الرسول‪ ،‬جاء من يخبرهم بأن فريقا من‬
‫األنص ار مجتمع ون الختي ار خليف ة منهم في س قيفة ب ني س اعدة‪ ،‬فتوج ه إلى هن اك أب و‬
‫بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح وآخرون من الصحابة المهاجرين‪ ،‬ودخل الطرفان في‬
‫جدال طويل انتهى باالتفاق على مبايعة أبو بكر ألنه كان أحب الجميع إلى الرسول‬
‫وص ديقه المخلص‪ ،‬وألن الرس ول ق د عه د إلي ه ب أن يق ود الص الة خالل مرض ه‪ ،‬وه ذا‬
‫يعني أنه أوكل إليه أمر المسلمين‪.‬‬
‫‪ ‬كان أبو بكر مقاربا بالسن للرسول وأصغر منه بثالث سنوات‪ ،‬وك ان من بين العشرة الذين‬
‫ُع دوا أش رف رج ال مك ة وأنبلهم‪ ،‬ومنهم العب اس بن عب د المطلب عم الن بي من ب ني هاش م‪،‬‬
‫وأبو سفيان بن حرب من بني أمية وخالد بن الوليد من بني مخزوم وعمر بن الخطاب من بني‬
‫ع دي‪ .‬وه و وزي ر الرس ول وص حابه وأول من آمن ب ه وبرس الته من الرج ال‪ .‬لقب ه الرس ول‬
‫بالِص ّد يق ألنه كان يقول له صدقت في كل ما يسمع منه‪ .‬وقد عمل في التجارة قبل اإلسالم‬
‫وصار من أثرياء مكة المعروفين بالكرم‪.‬‬
‫‪ ‬بعد أن تلقى أبو بكر البيعة األولى من المجتمعين في سقيفة بني ساعدة‪ ،‬اجتمع المسلمون‬
‫في المسجد في اليوم التالي إلعطائه البيعة العامة فخطب فيهم قائال‪:‬‬
‫‪(( ‬أيه ا الن اس‪ ،‬إني ُوّليت عليكم ولس ت بخ يركم‪ .‬ف إن أحس نت ف أعينوني‪ ،‬وإن أس أت‬
‫فقوموني‪ .‬الصدق أمانة والكذب خيانة‪ ،‬والضعيف فيكم قوي عندي حتى ُأرجع عليه حقه إن‬
‫شاء اهلل‪ ،‬والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء اهلل‪ .‬أطيعوني ما أطعت‬
‫اهلل ورسوله‪ ،‬فإذا عصيت اهلل ورسوله فال طاعة لي عليكم‪)).‬‬
‫‪ ‬بعد ذلك بايعه الجميع إال علي بن أبي طالب والزبير بن العوام اللذان كان مترددين في البيعة‬
‫ولم يعطياها ألبي بكر إال في اليوم التالي بعد ضغط بقية الصحابة‪.‬‬
‫‪‬بع د وف اة الرس ول ارت َّد ت بعض القبائ ل العربي ة عن دين اإلس الم‪ ،‬وك ان‬
‫هؤالء المرتدون على ثالثة أقسام؛ فقسم عاد إلى ما كان عليه من عبادة‬
‫األصنام‪ ،‬وقسم ثان تبعوا بعض من اّدعى النبوة كما دعاه المسلمون‪،‬‬
‫وقسم ثالث استمروا على اإلسالم ولكنهم رفضوا دفع الزكاة‪ .‬فجهز أبو‬
‫بكر أحد عشر جيشا ووضع على رأس كل جيش قائدا‪ ،‬وجعل خالد بن‬
‫الولي د قائ دا عام ا له ذه الجي وش ال تي وجهه ا إلى من اطق تل ك القبائ ل‪،‬‬
‫فقاتلهم حتى عادوا للخضوع إلى سلطة الدولة اإلسالمية‪ .‬وقد ُع رفت‬
‫هذه الحروب في التاريخ اإلسالمي بحروب الِرَّدِة‪.‬‬
‫حروب الرّدة‬
‫‪ ‬بعد االنتهاء من حروب الردة وإعادة توحيد الجزيرة تفرغ أبو بكر لتحقيق مشروع محمد الكبير‬
‫وهو غزو بالد الشام‪ .‬وكان الرسول قبل وفاته قد جهز جيشا لمهاجمة المناطق الجنوبية من بالد‬
‫الشام‪ ،‬ولكنه مرض بعد البدء بتجهيز هذا الجيش بيومين فلم يخرج الجيش ألداء هذه المهمة‪.‬‬
‫فأرسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد‪ ،‬وكان قد انتهى من قتال مسيلمة الكذاب بأرض اليمامة‪،‬‬
‫يأمره بالتوجه إلى جنوب العراق لمهاجمة الحدود الفارسية‪ ،‬فسار خالد إلى العراق ومعه ‪8000‬‬
‫مقاتل‪ ،‬وفي الطريق انض مت إليه جيوش عربية أخرى حتى بلغ تعداد جيشه ‪ 18000‬مقاتل‪،‬‬
‫فه زم الجي وش الفارس ية في أك ثر من معرك ة‪ ،‬ثم ه اجم مملك ة الح يرة وأنهاه ا كمملك ة مس تقلة‬
‫وتابع سيره شماال على ضفاف الفرات حتى أواسطه‪.‬‬
‫‪ ‬في ه ذه األثن اء ك ان أب و بك ر ق د أرس ل أربع ة جي وش إلى بالد الش ام‪ ،‬حققت انتص ارات على‬
‫جي وش ال روم‪ .‬ثم إن أب ا بك ر ق رر مواجه ة ال روم في معرك ة واح دة فاص لة وأم ر الجي وش األربع ة‬
‫باالنض مام إلى بعض ها عن د نه ر ال يرموك في فلس طين‪ ،‬وأرس ل إلى خال د بن الولي د ي أمره ب ترك‬
‫الع راق واالنضمام إلى الجيوش األربعة وعينه قائدا عاما عليها‪ .‬ولكن أبو بكر توفي وخلفه عمر‬
‫بن الخطاب الذي عزل خالد عن القيادة وولى أمر الجيوش إلى عمرو بن العاص‪ .‬وعندما وصل‬
‫الجيش البيزنطي إلى منطقة اليرموك حارب خالد إلى جانب عمرو بن العاص في معركة شهيرة‬
‫في التاريخ اإلسالمي دامت ستة أيام ُدعيت بمعركة اليرموك وانجلت عن نصر ساحق للعرب‪.‬‬
‫‪‬لم تدم خالفة أبي بكر سوى عامين‪ ،‬فقد مرض بالحمى مدة ‪ 15‬يوما‪ ،‬ثم‬
‫ت وفي ع ام ‪13‬هـ‪635/‬م‪ .‬وخالل مرض ه أم ر عم ر ب أن يق ود الص الة في‬
‫المس جد‪ .‬وق د ع اش أب و بك ر حي اة بس يطة ك أي م واطن ع ادي آخ ر‪ .‬ولم‬
‫يتقاض راتبا من خزينة الدولة‪ ،‬ولم يكن له مقر إداري يدير منه شؤون البالد‬
‫والح روب‪ ،‬وإنم ا ك ان يم ارس نش اطه اإلداري والسياس ي في باح ة مس جد‬
‫الرسول في المدينة‪ ،‬ولم يكن له أحد يخدمه إال عبد كان لديه قبل الخالفة‪.‬‬
‫* عمر بن الخطاب*‬

‫‪‬كان عم ر بن الخط اب الس اعد األيمن ألبي بك ر خالل خالفت ه ومستش اره األول في ك ل‬
‫األمور‪ .‬وقد واله القضاء فقضى بين الناس بالحق وُلِق ب بالفاروق أي العادل الذي يفرق‬
‫بين الحق والباطل‪ .‬وعندما اشتد المرض على أبي بكر أوصى بالخالفة من بعده لعمر بعد‬
‫أن استش ار الص حابة في ذل ك‪ ،‬وتلقى عم ر البيع ة من الص حابة ومن الن اس قب ل وف اة أبي‬
‫بكر بعدة أيام‪.‬‬
‫* عمر بن الخطاب*‬
‫‪‬تابع عم ر بن الخط اب فتح بالد الش ام وأع اد تقس يم‬
‫الجيش ال ذي تجم ع في ال يرموك إلى أربع ة‪ ،‬فق ام ك ل‬
‫جيش بفتح منطقة في سوريا ولم يبق سوى مدينة القدس‬
‫ال تي ق اومت الحص ار لق وة تحص يناتها ع دة أش هر‪ ،‬ثم‬
‫واف ق أهله ا على االستس الم ش ريطة أن ي أتي الخليف ة‬
‫بنفس ه ليس تلم مف اتيح الق دس ويعطي ألهله ا األم ان‪.‬‬
‫فجاء عمر من المدينة فأعطى سكانها المسيحيين األمان‬
‫على حي اتهم وممتلك اتهم وعلى دينهم وكنائس هم‪ .‬وبع د‬
‫ذلك صلى عمر في الموضع الذي كان المعبد اليهودي‬
‫قائما فيه منذ نحو ‪ 600‬سنة والذي دمره الرومان عام‬
‫‪70‬م وط ردوا اليه ود من الق دس ال تي ك انت ت دعى‬
‫أورشليم‪ .‬وفي المكان الذي صلى به عمر ُبني بعد ذلك‬
‫مسجد ما زال قائما إلى اليوم ويدعى بمسجد عمر‪.‬‬
‫‪ ‬في هذه األثناء كان المثنى بن حارثة الذي ولي بعد خالد قيادة الجيش الع ربي في‬
‫العراق يقاتل الفرس‪ ،‬ولكنه ُه زم في إحدى المعارك وُقتل‪ ،‬فأرسل عمر جيشا جرارا‬
‫جمعه من شتى أنحاء الجزيرة قوامه ‪ 32000‬مقاتل وولى عليه القائد سعد بن أبي‬
‫وقاص ووجهه إلى الع راق‪ ،‬وهناك عند موضع في الجنوب يدعى القادسية‪ ،‬وواجه‬
‫سعد جيشا فارسيا قوامه ‪ ،120000‬ودامت المعركة أربعة أيام وانجلت عن مقتل‬
‫القائد الفارسي ونصر ساحق للجيش العربي‪.‬‬
‫‪ ‬بع د معرك ة القادس ية توج ه س عد بن أبي وق اص إلى طيس فون عاص مة المملك ة‬
‫الفارس ية (وي دعوها الع رب الم دائن)‪ ،‬ولم تكن تبع د عن القادس ية أك ثر من ثالثين‬
‫كم‪ ،‬فحاصرها شهرين ثم فتحها وغنم منها العرب غنائم كثيرة‪ .‬بعد ذلك أمر عمر‬
‫بـأن ينقسم الجيش المتجمع في طيسفون إلى ثالثة جيوش تابعت فتح بقية العراق‬
‫ثم توجهت نحو أراضى فارس‪ .‬وبعد معركة فاصلة مع جيش يقوده الملك الفارسي‬
‫يزدجرد في نهاوند‪ ،‬كان العرب قد أكملوا فتح إي ران وأنهوا االمبراطورية الفارسية‬
‫التي عاشت قرابة ألف عام وُألحقت بالدولة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ ‬في عام ‪17‬هـ قام عمرو بن العاص بالهجوم على مصر واكتسب بعض مناطق دلتا نهر النيل‬
‫في الشمال من حاكم مصر المعين عليها من ِقبل بيزنطة‪ ،‬ولكنه لم يستطع التقدم أكثر من‬
‫ذلك إلى أن جاءته نجدة من جيوش بالد الشام‪ ،‬فتابع حتى استولى على االسكندرية ثم سار‬
‫جنوبا حتى منطقة القاهرة الحالية (لم تكن القاهرة قائمة في ذلك الوقت) حيث يتفرع نهر‬
‫الني ل إلى ف رعين‪ ،‬وهن اك توق ف عن د حص ن ق ديم ي دعى بحص ن ب ابليون وعس كر في موقع‬
‫الفسطاط الذي ما لبث أن تحول إلى مدينة صارت عاصمة لمصر لمدة زادت عن القرنين‪.‬‬
‫‪ ‬ثم وج ه عم رو بن الع اص لفتح ليبي ا‪ ،‬فأكم ل فتحه ا بمعون ة قائ دين عس كرين هم ا عقب ة بن‬
‫نافع وعبد اهلل بن الزبير‪ ،‬ولكن الخليفة لم يأذن له بمتابعة عمليته العسكرية في بقية أقطار‬
‫شمال أفريقيا فعاد إلى مصر التي عينه عمر واليا عليها‪.‬‬
‫‪ ‬توفي عم ر بن الخط اب مقت وال على ي د ش اب فارس ي ي دعى ف يروز وُيلقب ب أبي لؤل ؤة‪ .‬أثن اء‬
‫ذهابه لتأدية صالة الفجر في المسجد‪ ،‬فقد طعنه الشاب بخنجره ست طعنات ثم حاول‬
‫الهرب وعندما لم يفلح طعن نفسه ومات‪ .‬وهنالك عدة روايات عن دوافع هذا الشاب لقتل‬
‫عم ر‪ ،‬ولكن أكثره ا قرب ا إلى الواق ع ه و أن ه ك ان ينتمي إلى حلق ة من الف رس يض مر أفراده ا‬
‫الحقد على اإلسالم والمسلمين وعلى الخليفة الذي دحر جيوشهم وقضى على دولتهم‪.‬‬
‫‪‬دامت خالف ة عم ر عش ر س نوات‪ ،‬وخالل ه ذه الف ترة القص يرة عم ل على تنظيم‬
‫الدولة التي صارت تضم اآلن مناطق واسعة وشعوبا متعددة‪ ،‬فقسمها إلى واليات‬
‫ووضع على كل والية رجال ُك فئا إلدارتها‪ ،‬وكان ي راقب أداء هؤالء الوالة عن طريق‬
‫مراق بين يبعث بهم لي أتوه بأخب ارهم‪ .‬كم ا نظم الجيش ال ذي ص ار في عه ده جيش ا‬
‫محترفا يتقاضى أفراده رواتب دائمة بعد أن كان يتألف من المتطوعين‪ ،‬ونظم البريد‬
‫بين الوالي ات لكي تأتي ه أخباره ا بسرعة‪ ،‬وأنش أ الدواوين التي منه ا دي وان الخ راج‬
‫الذي يحصى واردات الدولة‪ ،‬وهو أشبه بوزارة المالية اليوم‪ ،‬وغيرهما تساعده في‬
‫اإلدارة مثل ديوان الُج ند وهو أشبه بوزارة الدفاع في النظم الحديثة‪.‬‬
‫‪‬أما في حياته الخاصة فقد عاش عيشة بسيطة‪ ،‬فهو لم يغير بيته المتواضع الذي‬
‫كان يسكنه قبل الخالفة‪ ،‬ولم يبن قصرا لإلمارة‪ ،‬ولم يشتر ثوبا جديدا خالل عشر‬
‫سنوات وإنما كان ُيرقع أثوابه القديمة‪ ،‬وقد شوهد وهو ُيرقع ثوبه بنفسه أحيانا‪.‬‬
‫وعندما أتاه رسول من عند االمبراطور البيزنطي‪ ،‬أو قيصر الروم كما يدعوه العرب‪،‬‬
‫وس أل الن اس عن أم يرهم وكي ف يج ده‪ ،‬أرش دوه إلى مكان ه وك ان في ذل ك ال وقت‬
‫مستلقيا في ظل نخلة من حر النهار‪ ،‬وقد أسند رأسه إلى حجر‪.‬‬
‫* عثمان بن عفان *‬

‫‪‬بعد أن طعن أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب ُنقل إلى بيته حيث لبث ثالثة أيام تحت‬
‫العالج قب ل أن ُيس لِم ال روحَ‪ ،‬وخالل ذل ك دع ا س تة من الص حابة وهم عثم ان بن‬
‫عفان‪ ،‬وعلى بن أبي طالب‪ ،‬وعبد الرحمن بن عون‪ ،‬وسعد بن أبي وقاص‪ ،‬والزبير‬
‫بن العوام‪ ،‬وطلحة بن عبيد اهلل‪ ،‬وأوصاهم أن يختاروا خليفة بينهم بعد وفاته‪ .‬وقد‬
‫تشاور هؤالء بعد وفاة عمر واتفقوا على عثمان بن عفان وأخذوا البيعة له من أهل‬
‫المدينة‪ ،‬وكان في سن الثامنة والستين‪.‬‬
‫‪‬كان عثم ان قريش يا من وج وه ب ني أمي ة في مك ة‪ ،‬ومن أوائ ل المس لمين وبين من‬
‫هاجر إلى الحبشة هربا من االضطهاد‪ .‬وكان غنيا وكريما أنفق من ماله الكثير على‬
‫حروب الرسول‪ .‬زّوجه الرسول من ابنته ُرِقية وعندما توفيت زوجت ه من ابنته الثانية‬
‫أم كلثوم‪ ،‬ولذلك حمل لقب ((ذو النورين))‪ .‬كان مسلما مثاليا ومؤمنا تقيا و من‬
‫أصحاب الرسول المقربين‪.‬‬
‫‪‬تابع عثم ان الفتوح ات اإلس المية‪ ،‬ففتحت جي وش المس لمين أرميني ا والقوق از وجزي رة‬
‫قبرص‪ ،‬وشرعت في فتح ما تبقى من شمال أفريقيا‪ .‬وقد بنى أول أسطول بحري ع ربي‬
‫لحماية شواطئ الدولة من األساطيل البيزنطية القوية‪.‬‬
‫‪‬ولكن عثم ان ارتكب خط أ فادح ا عن دما ب دأ بتغي ير حك ام الوالي ات اإلس المية ممن‬
‫عينهم عمر بن الخطاب لكفاءتهم وقدرتهم ونزاهتهم‪ ،‬فاستبدلهم عثمان بأقارب له من‬
‫ب ني أمي ة‪ .‬وق د اس تاء أه ل تل ك الوالي ات من ذل ك الس يما أه ل الكوف ة‪ ،‬وأه ل مص ر‬
‫حيث ع زل عثم ان واليه ا عم رو بن الع اص ص احب الفض ل الكب ير في الفتوح ات‬
‫واستبدله بآخر لم يرض عنه مسلمو مصر‪ ،‬وكذلك أهل البصرة التي عزل عثمان واليها‬
‫أبو موسى األشعري الذي كان من الصحابة المقربين إلى الرسول‪ .‬يضاف إلى ذلك فإنه‬
‫راح يوزع األموال دون حساب من بيت مال المسلمين‪.‬‬
‫‪‬وهك ذا ب دأ التملم ل والت ذمر من حكم عثم ان في المدين ة وفي الوالي ات وتح ول‬
‫التملم ل إلى تم رد وث ورة على حكم عثم ان‪ ،‬وانتهى أم ر عثم ان عن دما حاص ر بيت ه‬
‫خمس مئة من الث ائرين بعض هم من الوالي ات الث ائرة وبعض هم من المدين ة‪ ،‬وطلب وا من ه‬
‫التنازل عن الخالفة ولكنه رفض‪ ،‬فاقتحموا بيته وقتلوه‪ ،‬وكان ذلك عام ‪35‬هـ‪.‬‬
‫* علي بن أبي طالب*‬

‫‪‬على بن أبي ط الب ه و ابن عم الرس ول‪ ،‬وق د كفل ه الرس ول بع د وف اة أبي ه وض مه إلى بيت ه‪،‬‬
‫وكان أول من آمن باإلسالم بعد خديجة‪ .‬زّوجه الرسول من ابنته فاطمة بعد الهجرة فانجبت‬
‫له ولدين هما الحسن والحسين‪ .‬شارك في كل حروب الرسول‪ ،‬وكان فارسا مغوارا ومحاربا‬
‫قويا شجاعا‪ ،‬كما كان من مثقفي قريش أجاد القراءة والكتابة وكان من مدوني الوحي‪.‬‬
‫‪‬في الي وم الت الي لمقت ل عثم ان بوي ع علي للخالف ة‪ ،‬ولكن بعض الص حابة رفض وا البيع ة‬
‫وانسحبوا إلى مكة‪ ،‬كما قام بعض الذين أعطوه البيعة بمطالبته باالقتصاص من قتلة عثمان‪،‬‬
‫ولكنه تلكأ وتردد في هذا األمر حفاظا على وحدة المسلمين‪.‬‬
‫‪‬وقد بادر علي بعد استالمه الحكم إلى عزل الوالة الذين عينهم عثمان وتعيين آخ رين بدال‬
‫عنهم ممن يثق بهم‪ .‬ولكن والي الشام معاوية بن أبي سفيان الذي لم يعط البيعة لعلي رفض‬
‫التنحي عن منص به وأعلن اس تقالله بحكم الش ام‪ ،‬وراح يط الب علي ب دم عثم ان والث أر من‬
‫قاتليه‪( .‬قميص عثمان‪ ،‬تحكيم القرآن‪ ،‬الخوارج‪ ،‬جزب علي‪ -‬السّنة)‬
‫‪‬بعد مرور أكثر من ثالثة أشهر دون أن ُيظهر علي أنه جاد فعال في االقتصاص من قتلة‬
‫عثم ان‪ ،‬تجم ع معارض وه وش كلوا جيش ا ك ان على رأس ه ك ل من طلح ة بن عبي د اهلل‬
‫والزبير بن العوام‪ ،‬وانضمت إليهم السيدة عائشة زوجة الرسول التي كانت على خالف‬
‫قديم مع علي‪ .‬وقد توجه المعارضون إلى مدينة البصرة في العراق‪ ،‬وعندما حاول والي‬
‫البصرة منعهم من الدخول أمسكو به وض ربوه وشدوا وثاقه ونتفوا شعر رأسه ولحيته‬
‫وقتلوا من أعوانه أربعين‪.‬‬
‫‪‬فس ار إليهم علي بجيش قوام ه ‪ 12000‬مقات ل‪ ،‬والتقى الطرف ان خ ارج البص رة في‬
‫معرك ة ش هيرة في الت اريخ اإلس المي ُع رفت بمعرك ة الجم ل ألن الس يدة عائش ة ك انت‬
‫تقف على الجمل الذي حمل هَوْدََجها من المدينة وتشجع المقاتلين على الصمود‪.‬‬
‫وق د انجلت المعرك ة عن هزيم ة عائش ة ومقت ل قائ ديها الزب ير وطلح ة‪ ،‬ولكن علي لم‬
‫ينتقم من كل من ألقى السالح‪ ،‬أما عائشة فقد عاملها بكل احترام وأنزلها في أعظم‬
‫دار في البصرة ثم أعادها إلى المدينة معززة ُمكّرمة‪.‬‬
‫‪ ‬وبع د ذل ك اس تقر علي في الكوف ة وجعله ا عاص مة ل ه ب دال عن المدين ة‪ ،‬وأرس ل إلى معاوي ة في‬
‫دمشق يدعوه لمبايعته‪ ،‬ولكن معاوية رفض واشترط لقاء ذلك االقتصاص ِمن قتلة عثمان‪ ،‬فتوجه‬
‫علي بجيشه إلى الشام حيث التقى بجيش معاوية في ِص ّف ين على نهر الف رات ودارت الحرب بين‬
‫جماعة إلى‬
‫ً‬ ‫الفريقين أياما عديدة‪ .‬وعندما يئس معاوية من تحقيق نصر على خصمه‪ ،‬أرسل َمْن عنده‬
‫صاحف على الرماح في إشارة إلى أنهم يطلب ون تحكيم كت اب اهلل بينهم ب دل‬‫علي وهم يرفع ون المَ ِ‬
‫الس يف‪ .‬وك ان علي ق د أش فق على جماعت ه لك ثرة م ا س قط بينهم من القتلى‪ ،‬ف اتفق الطرف ان على‬
‫التفاوض والتحكيم في دومة الجندل بين الشام والعراق وعين كل منهما مندوبه الذي ينوب عنه‬
‫في ه ذه المفاوض ات‪ ،‬ثم انس حب علي إلى الكوف ة وع اد معاوي ة إلى دمش ق‪( .‬معاوي ة بن أبي‬
‫سفيان‪ ،‬غزوة بدر)‬
‫‪ ‬وخالل عودته إلى الكوفة انشق عن جيش علي عَِدد من مقاتليه ألنه قبل بالتحكيم والخضوع لقرار‬
‫هيئ ة محّك م ة ب دل التص ميم على حق ه الش رعي في الخالف ة وع دم المس اومة عليه‪ .‬وق د انتخب‬
‫هؤالء لهم أميرا وعسكروا قرب البصرة‪ ،‬وصاروا ُيدعَ ْون بالخوارج لخروجهم على طاعة علي‪.‬‬
‫‪ ‬بعد ذلك اجتمع المندوبان في المكان المحدد من أجل التحكيم ومع كل منهما بضع مئات من‬
‫الرج ال‪ ،‬ولكن المفاوض ات دارت في حلق ة مفرغ ة‪ ،‬فق د ك ان معاوي ة يطلب من علي تس ليم قتل ة‬
‫عثمان أما علي فقد كان يسعى إلى اعتراف أهل الشام به خليفة‪ .‬ولقد قيل الكثير عما جرى خالل‬
‫هذه المفاوضات‪ ،‬وكل ما يمكن أن يقال بشأنها هو أنها فشلت‪ ،‬وهنا أعلن المفاوضون من أهل‬
‫الشام مبايعتهم لمعاوية خليفة بدال عن علي‪.‬‬
‫‪‬بعد ظهور نتائج التحكيم انضم إلى الخوارج عدد آخر من أتباع علي وتجمعوا في‬
‫موق ع ي دعى النه روان‪ ،‬فحم ل عليهم علي بجيش ك ان ُيع ده للتوج ه إلى الش ام‬
‫وه زمهم وش تت جيش هم‪ ،‬ولكنهم ع ادوا إلى التجم ع من جدي د وراح وا يث يرون‬
‫الش غب على علي في ك ل مك ان‪ ،‬وأخ يرا ق ام واح د منهم وي دعى عب د ال رحمن بن‬
‫ملجم بقتل علي وهو يصلى في المسجد سنة ‪39‬هـ‪.‬‬
‫‪‬وقد كانت هذه األحداث سببا في ظهور ح زبين سياسيين وهما الخوارج والشيعة‬
‫لعبا دورا كبيرا في الحياة السياسية والدينية للدولة اإلسالمية‪.‬‬
奥斯曼遇刺 : 伊斯兰教动荡、分裂的开端; “奥斯曼
的血衣”成为煽动反阿里战争的工具
骆驼战役:伊斯兰史上的第一场内战;
随芬战役: “奥斯曼的血衣”、古兰经仲裁、哈瓦里
及派
阿里遇刺:什叶派作为宗教、政治派别正式走上历史
舞台;“还权于先知家族”(阿里及先知后裔是合法
哈里发);开始倭玛亚王朝的世袭制度
‫* الشيعة *‬
‫‪‬أدى مقتل علي إلى ظهور حزب سياسي آخر هم الشيعة‪ ،‬والكلمة في أصلها تعني شيعة‬
‫علي أي جماعته ومناصروه الذين وقفوا إلى جانبه إلى آخر أيامه‪ .‬وقد تركزت عقيدة هذا‬
‫الحزب في البداية على أن الخالفة يجب أن تبقى في آل البيت أي عائلة محمد‪ ،‬وخير‬
‫من يمث ل بيت الرس ول هم أوالد فاطم ة بنت الرس ول من علي بن أبي ط الب‪ ،‬وهم‬
‫الحسن االبن األكبر والحسين االبن األصغر‪ ،‬وبعد ذلك أوالدهم من بعدهم‪.‬‬
‫‪‬ولكن عقائد الشيعة تتنوعت بعد ذلك وتفرعت‪ ،‬وتحولوا إلى مذهب رئيسي في اإلسالم‬
‫يقاب ل الم ذهب الرئيس ي الث اني وه و الُس َّنة‪ .‬وق د تف رع عن الش يعة م ذهب آخ ر ه و‬
‫اإلسماعيلية ساد في مصر وفي بعض أجزاء إيران مدة ثالث قرون‪ ،‬ثم تراجع ولم يبق من‬
‫اإلسماعيلية اليوم سوى أقلية صغيرة في سورية وأقلية أخرى في الباكستان وبعض أج زاء‬
‫الهند‪.‬‬
‫* الخوارج *‬
‫‪ ‬قبل الخوارج هذه التسمية التي ُأطلقت عليهم ولكنهم فسروها على طريقتهم‪ ،‬فهم ليسوا‬
‫خ وارج على طاع ة علي بن أبي ط الب فق ط وإنم ا على طاع ة ك ل ح اكم ظ الم وج ائر‪،‬‬
‫واعتبروا خروجهم جهادا في سبيل اهلل‪.‬‬
‫‪ ‬وقد تلخصت أفكارهم في البداية في أن الخالفة ليست حقا لق ريش وحدها وال للعرب‪،‬‬
‫وإنما هي حق هلل ويجب أن يتوالها أكَْف ُأ المسلمين ولو كان عبدا حبشيا‪ ،‬وهذا الخليفة‬
‫يجب أن يخت اره الن اس ومن اغتص بها وجبت علي ه الث وة‪ ،‬ول ذلك فق د ق اتلوا بع د علي‬
‫معاوية بن أبي سفيان وخلفاءه من بني أمية‪ ،‬كما قاتلوا الخلفاء العباسيين من بعدهم‪.‬‬
‫‪ ‬ولكن أفك ارهم تش عبت بع د ذل ك وص اروا أق رب إلى الطائف ة الديني ة منهم إلى الح زب‬
‫السياسي‪ ،‬واعتبروا أنفسهم وحدهم مسلمين أما البقية فُك فاّر يجب قتالهم‪ .‬فكانوا بذلك‬
‫أول فرقة تكفيرية في اإلسالم‪ .‬وقد اشتهروا بالشجاعة واإلقدام والزهد في الدنيا‪ ،‬ولجأوا‬
‫إلى العن ف في نش ر أفك ارهم وارعب وا الع الم اإلس المي ألك ثر من ق رنين‪ ،‬وانقس موا فيم ا‬
‫بعد إلى ثالث فرق رئسية هم‪ :‬األزارقة‪ ،‬والصفرية‪ ،‬والنجدات‪.‬‬
延伸阅读:
奥斯曼的血衣
骆驼战役、古兰经仲裁、哈瓦利吉
派(出走派、军事民主派)
什叶派的产生
下次课内容
正统哈里发时代的尾声
倭玛亚王朝:建立与成就
‫شكرا جزيال!‬ ‫‪‬‬
‫هيكل أورشليم‬
) Jerusalem Temple(

You might also like