You are on page 1of 11

‫‪2019‬‬

‫عمل الطالبة‪:‬‬
‫إشراف الدكتورة‬

‫‪1440‬‬
‫الدولة العباسية وضعف الخالفة وأسباب سقوطها‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫على مدار التاريخ االسالمي كله‪ ،‬قامت العديد من الخالفات بعد وفاة رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم فجاء من بعده حكم الخلفاء الراشدين وهما أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان‬
‫ثم على بن أبى طالب ‪ .‬وجاء بعد حكم الخلفاء الراشدين حكم الخلفاء األمويين وظل لسنوات كثيرة ثم جاء‬
‫حكم الخلفاء العباسيين وزال حكم الدولة العباسية نظ اَر ألسباب واعتبارات عديدة والتي انتهت بزحف المغول‬
‫على عاصمة الخالفة العباسية بغداد ليقضوا فيها ويدمروا الثابت والمتحرك ‪ ,‬ومن هناك ركزت دراستنا على‬
‫عوامل ضعف الخالفة العباسية وأسباب سقوطها‪.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تنشأ القوة العظمى التي تحكم العالم من عوامل عديدة سياسية ‪ ,‬واقتصادية ‪ ,‬واجتماعية ‪ ,‬وثقافية‬
‫وتحكم العالم لسنوات كثيرة ويمكن أن تستمر لقرون عدة لتفرض سيطرتها على دول الجوار و تنشأ عاصمة‬
‫لتحكم منها سياسياَ وتكون جيش موحد واقتصاد موحد ويصبح لها لغة واحدة وثقافة واحدة ‪ ,‬ولكن التحمية‬
‫التاريخية والتى تؤكد على وجود القاعدة التى تشير إلى أن كل االمبرطوريات في العالم مصيرها إلى زوال‬
‫وإنهيار مهما طال عمرها وزاد أمدها ‪ ,‬فتلك هي النظرية التاريخية التى تذكرنا بالمأثور المشهور القديم " ما‬
‫طار طائر و إرتفع ‪ ,‬إال وكما طار وقع"‪ .‬يجب أن نعلم تمام العلم بل يجب أن نسلم بحقيقة هامة وكبرى‬
‫وهي أنه ال يمكن لقوة واحدة أن تتحمل إدارة شؤون العالم لوحدها وهذا المبدأ يشير إلى حتمية إنهيار‬
‫االمبراطورية االمريكية في يوما ما من األيام‪ .‬ونفس هذا القياس انطبق على حكم الخالفة العباسية والذي‬
‫ظل ألكثر من خمس قرون من الزمان اي ما يعادل ‪ 524‬عام‪ .‬فإنه من المعلوم أن الحق والباطل ال زاال‬
‫في صراع منذ قيام الدنيا وحتى يرث هللا األرض ومن عليها‪ ،‬وإن في قصص الزمان عبرة للمعتبر وعظة‬
‫للمتعظ‪ ،‬ويجب على المرء أن يطلع على قصص التاريخ فإن فيها دروسا وعب ار وعظات لمن يعتبر‪ .‬ولقد‬

‫‪1‬‬
‫جاء الزحف المغولى على عاصمة الخالفة العباسية بغداد عندما خرج هوالكو على رأس جيش كبير يبلغ‬
‫‪ 120‬ألف جندي من خيرة جنود المغول المدربين تدريبا عاليا في فنون القتال والنزال ومزودين بأسلحة‬
‫الحرب وأدوات الحصار‪ ،‬وتحرك من “قراقورم” عاصمة المغول سنة (‪651‬هـ = ‪1253‬م) متجها نحو الغرب‬
‫تسبقه سمعة جنوده في التوغل واالقتحام‪ ،‬وبأسهم الشديد في القتال‪ ،‬وفظائعهم في الحرب التي تزرع الهلع‬
‫والخوف في النفوس‪ ،‬ووحشيتهم في إنزال الخراب والدمار في أي مكان يحلون به‪ .‬بعد عدد من الرسائل‬
‫بين هؤالء والخليفة المعتصم والتي انتهت برفض تسليم بغداد إلى المغول بدأ الصحار وشرع هوالكو في‬
‫الزحف نحو بغداد وضرب حولها حصا ار شديدا‪ ،‬واشتبك الجيش العباسي الذي جهزه الخليفة العباسي بقيادة‬
‫مجاهد الدين أيبك مع القوات المغولية فكانت الهزيمة من نصيبه‪ ،‬وقتل عدد كبير من جنوده لقلة خبرتهم‬
‫بالحروب وعدم انضباطهم‪ ،‬وفر قائد الجيش مع من نجا بنفسه إلى بغداد‪ .‬ودخل المغول بغداد وارتكبوا‬
‫العديد من المذابح والجرائم والسلب والنهب مما يندى له الجبين وانطوت صفحة الحكم العباسي من عهد‬
‫التاريخ االسالمي‪.‬‬

‫إشكالية الدراسة‪:‬‬

‫تمثلت إشكالية الدراسة في اختالف المؤرخون حول عوامل وأسباب سقوط الخالفة العباسية ومنهم‬
‫من يرى أن اتساع مساحة الدولة العباسية؛ بسبب انقسامها إلى دويالت صغيرة مستقلة‪ ،‬أو منفصلة عن‬
‫الخالفة أدى إلى استبداد حكام الواليات بخيراتها‪ ،‬وامتناعهم عن تقديم الجباية للخالفة‪ ،‬وبذلك فقدت الخالفة‬
‫العباسية نفوذها‪ ،‬مما أثار طمع الدول المسيحية‪ ،‬والمغول في ممتلكات الدولة‪ ،‬وخيراتها‪ .‬ومنهم من يؤكد‬
‫على أن اعتماد الخالفة العباسية على فرق أجنبية في خدمة الخالفة؛ حيث تمادت هذه الفرق‪ ،‬وأصبحت‬
‫تتحكم بق اررات الخليفة‪ ،‬وشؤون الخالفة‪ ،‬مثل‪ :‬الفرس‪ ،‬والترك‪ ،‬والسالجقة‪ ،‬والبويهيين‪ .‬وهناك فريق آخر من‬
‫الباحثين والمؤرخون يعتقدون أن عامل تضارب السلطات في الدولة العباسية‪ ،‬وضعف التنظيم اإلداري فيها؛‬
‫حيث اعتمدت الخالفة على النظام المركزي الذي كان يعيق الخليفة عن إدارة البقعة الفسيحة التابعة للدولة‬
‫كل ذلك كان لها أثر فعال في تقويض دعائم الخالفة العباسية إلى أن زالت في النهاية على يد المغول‪.‬‬
‫ومن هنا يركز البحث على أسباب سقوط الخالفة العباسية والعوامل التي أدت إلى إنهيار العاصمة بغداد‬
‫وسقوطها تحت سطوة هوالكو‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫ألول‬
‫تبرز أهمية الدراسة في حساسية وأهمية الحكم العباسي في التاريخ اإلسالمي نشأت الدولة العباسية ‪-‬و ّ‬
‫ثورة مسلحة على الحكم القائم آنذاك؛ حيث أطاحت الدعوة العبَّاسية‬
‫اإلسالمي‪ -‬عن طريق َ‬ ‫مرة في التاريخ‬
‫ّ‬
‫وتهاوت في آخر عهدها بعد أن وقعت معركة الزاب في عام‬ ‫َ‬ ‫ضعفت‪،‬‬‫األموية التي كانت قد َ‬
‫ّ‬ ‫بالخالفة‬
‫‪132‬هـ‪ ،‬والتي انتهت لصالح العباسيين‪ ،‬فاستولى عبد هللا بن علي العبَّاسي على الجزيرة‪ ،‬والشام‪ ،‬بينما فر‬
‫حمد إلى مصر‪ ،‬وقتل فيها بعد أن تَبعه الجيش العبَّاسي‪ ،‬وانتهت بذلك الدولة‬ ‫األموي مروان بن م َّ‬
‫ّ‬ ‫الخليفة‬
‫حمد الم َّلقب ( َّ‬
‫بالسفاح) على الخالفة في الكوفة؛ حيث كانت مرك از‬ ‫األموية في المشرق‪ ،‬وبويع عبد هللا بن م َّ‬
‫للدعوة العبَّاسية بسرية‪ ،‬ومن الجدير بالذكر َّأنه‬
‫للدعوة العباسية إلى جانب خراسان التي بدأ التخطيط فيها َّ‬
‫َ‬
‫الثورة‪ ،‬وتحقيق‬ ‫ُّ‬
‫تم التخلص منه بعد أن أراد اختطاف َ‬ ‫برز من قادة هذه الدعوة (أبو مسلم الخراساني)‪ ،‬والذي ّ‬
‫أطماعه‪ .‬تتمثل أهمية الدراسة أيضاَ في التعرف على أسباب سقوط الخالفة العباسية‪.‬‬
‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫تتلخص مساعي الدراسة في األهداف التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬التعرف على بداية تاريخ حكم الدولة العباسية للدول االسالمية ‪.‬‬
‫‪ -2‬محاولة استكشاف عوامل وأسباب سقوط الخالفة العباسية بشكل عام‪.‬‬

‫تساؤالت البحث‪:‬‬

‫‪ -1‬ما هي أسباب سقوط الدولة العباسية ؟‬


‫‪ -2‬ما هو دور الزحف المغولي في اسقاط الدولة العباسية ؟‬
‫عصور الحكم العباسي للدول االسالمية‪:‬‬
‫لقد تضمن الحكم العباسي عصرين وهما كالتالي‪:‬‬
‫لقد شهد العصر العباسي األول حكم الخلفاء التاليين‪:‬‬
‫‪ -1‬الخليفة أبو العباس السفاح‪.‬‬
‫‪ -2‬الخليفة أبو جعفر المنصور‪.‬‬
‫‪ -3‬الخليفة المهدي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -4‬الخليفة الهادي‪.‬‬
‫‪ -5‬الخليفة هارون الرشيد‪.‬‬
‫‪ -6‬الخليفة األمين‪.‬‬
‫‪ -7‬الخليفة المأمون‪.‬‬
‫‪ -8‬الخليفة المعتصم باهلل‪.‬‬
‫‪ -9‬الخليفة الواثق باهلل‪.‬‬

‫أما العصر العباسي الثاني شهد حكم لخلفاء التاليين‪:‬‬

‫‪ -1‬الخليفة المتوكل على هللا جعفر بن المعتصم‪.‬‬


‫‪ -2‬الخليفة المنتصر باهلل محمد بن المتوّكل‪.‬‬
‫‪ -3‬الخليفة المستعين باهلل أحمد بن المعتصم‪.‬‬
‫‪ -4‬الخليفة المعتز باهلل محمد أبو عبد هللا بن المتوّكل‪.‬‬
‫‪ -5‬الخليفة المهتدي باهلل محمد بن الواثق بن المعتصم‪.‬‬
‫‪ -6‬الخليفة المعتمد على هللا أحمد بن المتوّكل بن المعتصم‪.‬‬
‫‪ -7‬الخليفة المعتضد باهلل أحمد بن الموفق طلحة بن المتوّكل‪.‬‬
‫‪ -8‬الخليفة المكتفي باهلل أبو محمد على بن المعتضد‪.‬‬
‫‪ -9‬الخليفة المقتدر باهلل أبو الفضل جعفر بن محمد‪.‬‬
‫‪ -10‬الخليفة القاهر باهلل أبو منصور محمد بن المعتضد‪.‬‬
‫‪ -11‬الخليفة الراضي باهلل أبو العباس محمد بن المقتدر بن المعتضد‪.‬‬
‫‪ -12‬المتقي هلل أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر‪.‬‬
‫‪ -13‬المستكفي باهلل أبو القاسم عبد هللا بن المكتفي‪.‬‬

‫منهجية الدراسة‪:‬‬

‫اعتمد الباحثة في دراستها لعوامل سقوط الخالفة العباسية على المنهج التاريخي الوصفي وذلك من أجل‬
‫الوقوف على أسباب سقوط الخالفة العباسية والتعرف على العوامل التي أدت إلى زوال حكم العباسيين‬
‫من دول العالم اإلسالمي‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫حدود الدراسة‪:‬‬
‫الحدود المكانية‪:‬‬
‫‪ -‬الحد المكاني ‪ :‬العاصمة العراقية "بغداد" بما أنها كانت عاصمة الخالفة العباسية‪.‬‬
‫‪ -‬الحد الزماني‪ :‬عام ‪.2019 : 2018‬‬
‫‪ -‬الحد الموضوعي‪ :‬الدولة العباسية وضعف الخالفة وأسباب سقوطها‪.‬‬

‫مصطلحات الدراسة‪:‬‬
‫‪ -‬العباسيين‪:‬‬
‫يرجع أصل العباسيين إلى العباس بن عبد المطلب عم الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬الذي اشتهر بأسم أبي‬
‫العباس السفاح‪ ،‬حيث أسس مدينة بغداد عام ‪762‬م وجعلها مرك از لهم‪ ،‬وتعد الخالفة العباسية هي الثالثة‬
‫من حيث ترتيب الخالفات اإلسالمية‪ ،‬وهي من ثاني السالالت التي حكمت في اإلسالم‪ ،‬بعد أن تم القضاء‬
‫على بني أمية ومطاردتهم وهزيمتهم‪ ،‬حيث لم يتبق منهم إال فئة قليلة هربت إلى األندلس‪ ،‬كما اعتمد‬
‫العباسيون في البداية على قتال األمويين بأنفسهم‪ ،‬واستخدموا الشيعة للعمل على زعزعة استقرار وأمن الحكم‬
‫األموي‪ ،‬األمر الذي أدى إلى نجاح العباسيين وإعالن قيام الخالفة العباسية (سهيل‪.)2015 ،‬‬

‫‪ -‬الدولة العباسية‪:‬‬

‫لقد تم تأسيس الدولة العباسية في سنة ‪132‬هـ بعد نجاح رجال الدعوة العباسية في حشد التأييد لها‪ ،‬حيث‬
‫خرجت جحافل جيوش المناصرين للعباسيين من خراسان بقيادة أبي مسلم الخراساني لتلتقي مع أنصار‬
‫الدعوة العباسية في العراق‪ ،‬وليتمكن جيش العباسيين من هزيمة األمويين هزيمة نكراء في معركة الزاب‬
‫الشهيرة‪ ،‬ولتبايع الجماهير إمام الدعوة العباسية عبد هللا بن محمد بن علي بن عبد هللا بن العباس كأول‬
‫خليفة عباسي يحكم المسلمين‪ .‬لقد مرت الخالفة العباسية منذ تأسيسها سنة ‪754‬م إلى سقوطها سنة ‪1258‬م‬
‫بعدة مراحل‪ ،‬ومثل القرن األول للخالفة العباسية أزهى قرون الدولة‪ ،‬بينما انتهت المرحلة األسوأ من مراحل‬
‫الخالفة العباسية حينما دخل التتار إلى بغداد‪ ،‬وقتلوا الخليفة المستعصم‪ ،‬وقضوا على دولة الخالفة العباسية‬
‫إلى األبد (مدرسي‪.)2011 ،‬‬

‫‪5‬‬
‫• مؤسس الدولة العباسية‪:‬‬

‫إن مؤسس الدولة العباسية هو أبو العباس عبد هللا (السفاح) بن محمد بن علي العباسي‪ ،‬ويقال له المرتضى‬
‫والقاسم حيث ولد سنة ‪105‬هـ في منطقة الحميمة الواقعة في أرض الشراة في البلقاء في بالد الشام وقد نشأ‬
‫وتربى فيها‪ ،‬وتمت مبايعته على الخالفة في مدينة الكوفة يوم الجمعة في الثاني عشر من شهر ربيع اآلخر‬
‫عام ‪132‬هـ وقام بالقضاء على أتباع الدولة األموية باستثناء عبد هللا الداخل مؤسس الدولة األموية في‬
‫األندلس‪ ،‬وقد كان أبو العباس محبا لألدب‪ ،‬وفي عهده بنيت القصور في منطقة األنبار‪ ،‬كما أنه ّثبت أركان‬
‫الدولة العباسية‪ ،‬ولقد عرف أبو العباس بالكرم‪ ،‬والوقار‪ ،‬والحياء‪ ،‬وحسن الخلق‪ ،‬كما أنه كان يجب مجالسة‬
‫ومسامرة الرجال والعلماء‪ ،‬وكان يكافئ المغنين والشعراء‪.‬‬

‫لقد كان الخليفة أبي العباس يقطن في مدينة الكوفة‪ ،‬وبسبب عدم تأييد غالبية سكانها للثورة العباسية؛ انتقل‬
‫إلى هاشمية الكوفة وهو مكان قريب منها‪ ،‬ولكن بعد فترة قصيرة من إقامته فيها انتقل إلى األنبار الواقعة‬
‫شمال الكوفة على نهر الفرات في عام ‪134‬هـ‪ ،‬وبنى مدينة بجوارها عرفت بهاشمية األنبار‪ ،‬وأقام فيها لحين‬
‫وفاته‪ ،‬واجه أبو العباس عدة محاوالت للقضاء عليه‪ ،‬ولكنه استطاع التصدي لها والقضاء عليها‪ ،‬حيث إنه‬
‫استعان بأبي مسلم الخراساني وبأهله وعشيرته لمواجهتها‪ ،‬وكان شديد القسوة والصرامة على أعدائه ‪ ،‬فكان‬
‫كل اعتماده على أبي مسلم الخراساني بالمشرق‪ ،‬وأخوه أبي جعفر المنصور بالجزيرة وأرمينية والعراق‪ ،‬وعمه‬
‫عبد هللا بن على بالشام ومصر‪ ،‬وكان معظم والته من أعمامه وأبناء أعمامه‪ ،‬وقد عهد من بعده ألخيه أبي‬
‫جعفر المنصور‪ ،‬ثم إلى ابن أخيه عيسى بن موسى بن محمد بن علي‪.‬‬

‫وفي النهاية أصيب أبو العباس بمرض الجدري خالل إقامته باألنبار‪ ،‬وتوفي في اليوم الثالث عشر من‬
‫شهر ذي الحجة عام ‪136‬هـ‪ ،‬ودفن في قصره‪ ،‬وكان يبلغ من العمر عند وفاته ثالثة وثالثين سنة‪ ،‬وقد‬
‫دامت خالفته أربع سنين وتسعة أشهر‪ ،‬وصلى عليه عمه عيسى بن علي‪ ،‬وتم دفنه في قصر اإلمارة في‬
‫األنبار (المصري‪.)1976 ،‬‬

‫‪6‬‬
‫لقد سار العباسيون على طريق معين واتبعوا نهجا مغاي ار لسابقيهم األمويون‪ ،‬حيث تركوا التركيز على‬
‫الفتوحات غربا في شمال إفريقيا وشرق البحر المتوسط وجنوب قارة أوروبا واألراضي البيزنطية بصفة عامة‪،‬‬
‫إلى التركيز على جهة الغرب‪ ،‬حيث انتقلت الخالفة من دمشق إلى العاصمة الجديدة التي أسسها أبو جعفر‬
‫المنصور وهي مدينة بغداد‪ ،‬والتي أصبحت من أهم الحواضر في العالم في تاريخها‪ ،‬وركزت الخالفة على‬
‫األحداث في بالد فارس والشرق بصفة عامة‪ ،‬وقد صاحب ذلك تغيرات جذرية في النظرة إلى الخالفة‬
‫والقومية في التاريخ اإلسالمي‪ ،‬فقد أعلنت خالفة أموية في األندلس‪ ،‬وخالفة فاطمية في شمال إفريقيا في‬
‫عهد العباسيين‪ ،‬إلى جانب تخلي العباسيين عن العصبية العربية في قوام الدولة‪ ،‬واعتبار اإلسالم هو‬
‫المكون لها‪ ،‬وذلك بسبب الدعم الفارسي في فترة نشأة الدولة‪ ،‬األمر الذي أضفى طابعا‬
‫ّ‬ ‫العنصر األساسي‬
‫فارسيا على الخالفة من مظاهر األبهة والترف‪ ،‬ومع ذلك فقد اهتم العباسيون بالتأكيد على تحكيم اإلسالم‬
‫السني كقاعدة عامة للحكم (وجيد‪.)2015 ،‬‬

‫• أسباب سقوط الخالفة العباسية‪:‬‬


‫تتمثل عوامل انهيار الخالفة العباسية فيما يلي‪:‬‬
‫السنة‪ ،‬والشيعة‪.‬‬
‫الطائفية‪ ،‬والنزاع المستمّر بين ُّ‬
‫ّ‬ ‫الداخلية لبغداد للفتنة‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬تعرض الجبهة‬
‫‪ -2‬توسع وزيادة رقعة ومساحة الدولة العبَّاسية؛ بسبب انقسامها إلى دويالت صغيرة مستقّلة‪ ،‬أو منفصلة‬
‫مما َّأدى إلى استبداد ح َّكام الواليات بخيراتها‪ ،‬وامتناعهم عن تقديم الجباية للخالفة‪ ،‬وبذلك‬
‫عن الخالفة‪َّ ،‬‬
‫المسيحية‪ ،‬والمغول في ممتلكات َّ‬
‫الدولة‪ ،‬وخيراتها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ط َمع ُّ‬
‫الدول‬ ‫مما أثار َ‬
‫فقدت الخالفة العبَّاسية نفوذها‪َّ ،‬‬
‫أجنبية من أجل خدمة الخالفة؛ حيث قويت شوكة هذه الفرق‪ ،‬وأصبحت‬‫ّ‬ ‫‪ -3‬إتكال الخالفة العبَّاسية على فرق‬
‫البويهيين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫تتحكم بق اررات الخليفة‪ ،‬وشؤون الخالفة‪ ،‬مثل‪ :‬الفرس‪ ،‬والتُّرك‪ ،‬والسالجقة‪ ،‬و‬
‫تكلمين‪ ،‬والمعتزلة‪ ،‬فانقسم المسلمون إلى طوائف‪،‬‬
‫كالخرمية‪ ،‬وطوائف الم ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -4‬نشوء المالحدة‪ ،‬والزنادقة‪،‬‬
‫وش َيع حاولت القضاء على َّ‬
‫الدولة‬
‫المسيحية‬
‫ّ‬ ‫‪ -5‬إستنزاف خزينة الدولة‪ ،‬وإنهاك وتبديد طاقات األ َّمة؛ بسبب الحروب المستمَّرة مع ُّ‬
‫الدول‬
‫المعتدية على حدود َّ‬
‫الدولة العبَّاسية‪.‬‬
‫وضعف التنظيم اإلدار ّي فيها؛ حيث اعتمدت الخالفة‬ ‫السلطات في َّ‬
‫الدولة العبَّاسية‪َ ،‬‬ ‫‪ -6‬تعدد وتنوع ونزاع ُّ‬
‫على النظام المركز ّي الذي كان يعيق الخليفة عن إدارة البقعة الفسيحة التابعة َّ‬
‫للدولة‬

‫‪7‬‬
‫ترددا‪،‬‬
‫المسؤولية؛ فقد كان م ّ‬
‫ّ‬ ‫لتحمل‬
‫صالحيته ُّ‬
‫ّ‬ ‫همة الخليفة العبَّاسي األخير (المستعصم)‪ ،‬وعدم‬‫‪ -7‬ضعف َّ‬
‫بالم َّلذات‪ ،‬والطرب‪ ،‬واللعب بالحيوانات‪ ،‬كما انشغل أبناؤه‬
‫وغير مدرك لعواقب األمور‪ ،‬كما ّأنه كان يلهو َ‬
‫بالم َّلذات أيضا؛ فأهملوا أمور َّ‬
‫الدولة‪ ،‬وشؤونها‪.‬‬ ‫َ‬
‫‪ -8‬انتهاج تعيين القادة غير العرب لتولي مناصب رفيعة في الدولة ساهم بشكل كبير في وهن و ضعف‬
‫في الدولة العباسية‪ ،‬وقد بدأ ذلك واضحا بعد وفاة الخليفة العباسي المأمون‪.‬‬
‫‪ -9‬تولى المعتصم قيادة الدولة بعد أن توفى الخليفة المأمون وقام بتعيين الكثير من القادة األدراك في‬
‫مناصب رفيعة في الجيش‪.‬‬
‫‪ -10‬ظهور العديد من الحركات الجديدة والعديد من الفرق والمذاهب المختلفة‪.‬‬
‫‪ -11‬ضعف الخليفة وعدم إهتمامه بالجيش والذي أصابه التفتت واإلنقسام مما جعل الطريق ممهد للمغول‬
‫من أجل هزيمة الجيش العباسي ودخول عاصمة الخالفة بغداد‪.‬‬
‫‪ -12‬إنشغال قادة الجيش العباسيين باألمور الشخصية وترك الزمام لألترك والذين باعوا قضية حماية‬
‫الدولة العباسية وتحالفوا مع هوالكو وخانوا العهد مما سهل الطريق والمهمة على المغول (سويدان ‪,‬‬
‫‪.)2011‬‬
‫• الزحف المغولي على الدولة العباسية‪:‬‬
‫‪ -‬انطلق القائد المغولي هوالكو على بداية جبهة جيش كبير يبلغ ‪ 120‬تعداده ألف جندي من خيرة جنود‬
‫المغول المدربين تدريبا عاليا في فنون القتال والنزال ومزودين بأسلحة الحرب وأدوات الحصار‪ ،‬وتوجه‬
‫من “قراقورم” عاصمة المغول سنة (‪651‬هـ = ‪1253‬م) متجها نحو الغرب تسبقه سمعة جنوده في‬
‫التوغل واالقتحام‪ ،‬وبأسهم الشديد في القتال‪ ،‬وفظائعهم في الحرب التي تزرع الهلع والخوف في النفوس‪،‬‬
‫ووحشيتهم في إنزال الخراب والدمار في أي مكان يحلون به‪.‬‬
‫‪ -‬بعد سجال كبير من الصراعات على تولي السلطة بين أمراء البيت الحاكم تم تنصيب “منكوقآن بن‬
‫تولوي بن جنكيز خان” على عرش المغول في (ذي الحجة ‪648‬هـ = إبريل ‪1250‬م)‪ .‬وبعد أن نجح‬
‫في إقرار األمن وإعادة االستقرار في بالده اتجه إلى غزو البالد التي لم يتيسر فتحها من قبل‪ ،‬فأرسل‬
‫أخاه األوسط “قوبيالي” على رأس حملة كبيرة للسيطرة على جنوب الصين ومنطقة جنوب شرق آسيا‪،‬‬
‫وأرسل أخاه األصغر هوالكو لغزو إيران وبقية بالد العالم اإلسالمي‪ ،‬وعهد إليه بالقضاء على طائفة‬
‫اإلسماعيلية وإخضاع الخالفة العباسية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬يئس هوالكو من إقناع الخليفة العباسي بالتسليم؛ فشرع في الزحف نحو بغداد وضرب حولها حصا ار‬
‫شديدا‪ ،‬واشتبك الجيش العباسي الذي جهزه الخليفة العباسي بقيادة مجاهد الدين أيبك بالقوات المغولية‬
‫فكانت الهزيمة من نصيبه‪ ،‬وقتل عدد كبير من جنوده لقلة خبرتهم بالحروب وعدم انضباطهم‪ ،‬وفر قائد‬
‫الجيش مع من نجا بنفسه إلى بغداد‪.‬‬
‫‪ -‬كان الجيش المغولي هائال يبلغ حوالي ‪ 200‬ألف مقاتل مزودين بآالت الحصار‪ ،‬ولم تكن عاصمة‬
‫الخالفة العباسية تملك من القوات ما يمكنها من دفع الحصار ودفع المغول إلى الوراء‪ ،‬في الوقت الذي‬
‫كان يظن فيه هوالكو أن ببغداد جيشا كبيرا‪ ،‬ثم تكشفت له الحقيقة حين اشتد الحصار‪ ،‬ونجحت قواته‬
‫في اختراق سور بغداد من الجانب الشرقي‪ ،‬وأصبحت العاصمة تحت رحمتهم(سويدان‪.)2011 ،‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫‪ -‬في دراسة (عويس‪ : )2005 ،‬جاءت الدراسة بعنوان " سقوط ثالثين دولة إسالمية " ‪ ,‬ولقد هدفت الدراسة‬
‫إلى البحث في عوامل إنهيار الدولة العباسية وخلصت الدراسة إلى أن إنقسام الدولة العباسية إلى‬
‫دويالت عديدة ومنفصلة كان العامل األكبر في نهاية تلك الخالفة التاريخية‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة (حجو‪ : )2012 ،‬جاءت تلك الدراسة بعنوان " والية العهد في العصر العباسي الثاني " وكانت‬
‫تهدف إلى دراسة مراحل تطور الحكم والعهد في العصر العباسي الثاني والذي شهد انتكاسات كثيرة في‬
‫شؤون الدولة العباسية ونهايتها‪ ،‬ولقد خلصت الدراسة إلى أن والية العهد وإنقسام السلطات والخالفة‬
‫وتضاربها إلى بالد منفصلة ومستقلة كانت لها الدور الرئيسي في سقوط الخالفة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المراجع‪:‬‬

‫حمد سهيل (‪1436‬هـ ‪2015 -‬م)‪ .‬تاريخ المماليك في مصر وبالد َّ‬
‫الشام (الطبعة الرابعة)‪.‬‬ ‫‪ُّ -‬‬
‫طقوش‪ ،‬م َّ‬
‫بيروت ‪ -‬لبنان‪ :‬دار النفائس‪ .‬صفحة ‪93‬‬
‫‪ -‬عوامل سقوط الدولة العباسية‪ ،‬موقع الدكتور طارق سويدان‪ 9 ،‬آذار ‪.2011‬‬
‫‪ -‬أسباب سقوط الدولة األموية‪ ،‬موقع المرجع محمد مدرسي‪ 22 ،‬شباط ‪.2011‬‬
‫‪ -‬ابن عبد الظاهر‪ ،‬محيي الدين أبو الفضل عبد هللا بن رشيد الدين السعدي المصري؛ تحقيق ونشر‪ :‬عبد‬
‫العزيز الخويطر (‪ .)1976‬الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر‪.‬‬
‫‪ -‬محمد وجيد‪" .‬عشرة أشياء ال تعرفها عن الكعبة"‪ .MuslimMatters.org .‬شؤون المسلمين‪ .‬اطلع‬
‫عليه بتاريخ ‪ 1‬أغسطس ‪.2015‬‬
‫‪ -‬عوامل سقوط الدولة العباسية‪ ،‬موقع الدكتور طارق سويدان‪ 9 ،‬آذار ‪2011‬‬
‫‪ -‬عبد الحليم عويس‪ ،‬سقوط ثالثين دولة ‪ ، 2005 ،‬مكتبة مشكاة االسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬مسامح يوسف محمد حجو‪ ،‬والية العهد في العصر العباسي الثاني‪ ،2012 ،‬الجامعة االسالمية‪ ،‬غزة‪.‬‬

‫‪10‬‬

You might also like