Professional Documents
Culture Documents
اّن بالد بابل أو البابلية تعني باللغة األّك ادية "بوابة اإلله" ،وقد عرفت منذ أقدم العصور
ببالد سومر ،وأطلق عليها الفرس "بابروش" وهي دولة تقع ما بين نهري دجلة والفرات
وقد كانت عاصمة الحضارة البابلّي ة ومركزها هي مدينة بابل ،لذا سّم يت بذلك االسم،
ويمكن تعريف الحضارة البابلية بأّنها تلك الحضارة التي قامت في أرض بابل ما بين
القرنين " 18ق.م 6 -ق.م" ،وقد ضّم ت كثيًرا من الحضارات والّت طورات في شّت ى مناحي
الحياة ،وقد أرسى دعائمها الحاكم الشهير حمورابي ،وكان أهلها يتحّد ثون لغة خاصة بهم
إلى حد ما ،ويكتبون بالخط المسماري.
الحضارة البابلية ُت مثل بابل المدينة القديمة لبالد ما بين النهرين ،وهي واحدة من أهم مدن
الشرق األوسط القديم ،واكتسبت هذه المدينة أوج ازدهارها في األلفية الثالثة قبل الميالد
عندما اتخذها حمورابي عاصمة مملكة بابل حينها ]١[،إذ هزم خصومه في المنطقة ،وأسس
مجتمعًا قام على حكم القانون ،ومهارة علماء الفلك ،والرياضيات ،وأصبحت بالد ما بين
النهرين كلها تحت سيطرته بحلول نهاية ُح كمه ألول مرة منذ إمبراطورية سرجون قبل
500عام.
مشتاق طالب شايل ،العصر البابلي القديم ،القادسية -العراق:منشورات جامعة القادسية ،صفحة .3بتصّر ف. ↑
عوامل نشأة الحضارة البابلية :
هناك العديد من العوامل التي َم ّه دت الطريق؛ لنشأة الحضارة البابلّي ة ،وازدهارها ،ومن
أهّم هذه العوامل:
.1سيطرة الملك حمورابي على معظم الُب لدان الُم حيطة ببابل ،وإخضاعها لتكون تحت
والية وُح كم الحضارة البابلّي ة.
.2استغالل ملوك الحضارة البابلّي ة ما كَّو َنه ملوك إيزن ،والرسا ،وملوك أسرة أور الثالثة
من خبرة سياسّي ة.
.3ازدهار قطاع الزراعة؛ وذلك بسبب اعتماد أنظمة رّي ،وتأسيس قنوات ُم تعِّد دة خاّص ة
به.
.4وفرة المحاصيل الزراعّي ة.
تمثال حمورابي
مدينة بابل
مشتاق طالب شايل ،العصر البابلي القديم ،القادسية -العراق:منشورات جامعة القادسية ،صفحة .3بتصّر ف.
أ ب ُم شتاق طالب شايل ،الَع صر البابلي الَق ديم ،القادسية -العراق:منشورات جامعة القادسية ،صفحة .5بتصّر ف.
المطلب الثاني :خصائص وانجازات الحضارة البابلية في عهد العموريين
-1نبذة عن العموريين:
بدأ تاريخ العموريين الواضح في العراق في أواخر األلف الثالث قبل الميالد بعد سقوط
دولة “أور” الثالثة في سنة 2006ق.م .مما مهد الطريق لقيام عدة دول عمورية في
جنوب العراق وشماله وظهور عهد جديد عرف باسم العهد البابلي القديم .وأصبحت
مدينة ماري (تل الحريري على نهر الفرات) من مراكزهم الحضارية الرئيسة على الطريق
بين سورية والعراق .وبلغ العموريون ذروة مجدهم الحضاري والسياسي في عهد الملك
البابلي حمورابي ،الذي بسط نفوذه على جميع الدول العمورية في جنوب العراق وشماله،
كما سيطر على مدينة ماري ،ووصل سلطانه إلى بعض المناطق الغربية في سورية ،وأقام
ما يمكن أن يطلق عليه اسم االمبراطورية البابلية .وكشفت الوثائق الكثيرة التي عثر
عليها في مدينة ماري عن وجود عدد من المراكز السياسية والحضارية للعموريين خالل
القرن الثامن عشر قبل الميالد في مناطق واسعة من سورية ،أهمها حلب وقطنة ،كما ورد
في هذه الوثائق اسم مملكة عمورو .وتكشف رسائل العمارنة التي اكتشفت في مصر عن
وجود عدد من الدول العمورية في سورية في القرن الرابع عشر قبل الميالد ،وكانت على
ما يبدو تتبع سياسة ذكية لالفادة من الصراع بين دولة مصر والدولة الحثية ،للحفاظ على
مصالحها واستقاللها (َر :العمارنة ،تل).
*الدولة البابلية القديمة:
اسست بابل من قبل األموريين ( 1830 -1894ق.م) بزعامة "سومو -آبوم" الذي بدأ بناء
سور حول بابل سماه "خيرات إنليل" واكمل بنائه خليفته "سومو -ال – إل".
موجز الخصائص الحضارية في العصر البابلي القديم:
-1الوضع السياسي :
اشرنا عند الحديث عن التطورات السياسية التي حدثت في العصر البابلي القديم كيف ان
العراق عاد في بداية العصر البابلي القديم الى عصر دويالت المدن المستقلة الى درجة ان
بعض الباحثين اطلقوا على هذه الفترة مصطلح (عصر دول المدن الثاني) وكانت كل دويلة
من هذه الدويالت تسيطر على جزء من البالد وتتبع نظمها وقوانينها وتقاليدها الخاصة
ولها ساللتها الحاكمة وكانت السالالت الحاكمة في جميع الدويالت التي برزت منذ سقوط
ساللة اور الثالثة وحتى توحيد البالد في عهد حمورابي من االقوام االمورية القادمة من
الغرب وقضى حمورابي في اواخر عهده على الدويالت االمورية المتنازعة الواحدة بعد
االخرى وسيطرت بابل على البالد واقامت امبراطورية واسعة االرجاء ضمت جميع
الدويالت التي كانت تحكم قبل مجيء حمورابي كما شملت بعض االقاليم المجاورة ال
سيما سوريا .
^ أحمد ارحّي م هبو" .حمورابي" .الموسوعة العربية.Retrieved 2014-03-07 .
-2السياسة الداخلية :
قد اتبعت دويالت المدن االمورية سياسة مركزية تعتمد على سلطة الملك المطلقة دون
اي تدخل من قبل الكهنة وسبق للسلطة الدينية ان انفصلت عن السلطة الدينوية منذ
اواخر عصر فجر السالالت اال ان هذه الظاهرة لم تظهر بوضوح اال في العصر البابلي
القديم .يؤيد ذلك ضخامة القصور الملكية التي شيدها بعض ملوك السالالت االمورية
مثل قصر زمري -ليم في ماري وقصر بالالما في اشنونا وقصر سن -كاشد في الوركاء
وتبدو ضخامة هذه القصور التي ضمت مئات الغرف اذا ما قورنت مع المعابد التي
شيدت في هذه الفترة واقتصرت على االجنحة والغرف الضرورية فقط .وبعد ان تمكن
حمورابي من توحيد البالد في دولة واحدة كان يعتمد في ادارة البالد على الحكام الذين
يعينهم في المدن واالقاليم المختلفة وكان كل حاكم مسؤول عن ادارة شؤون اقليمه
بصورة عامة وتتركز واجباته في حفظ االمن واالستقرار واالشراف على تنفيذ المشاريع
العامة والمحافظة على امن وسالمة طرق الموصالت اضافة الى مسؤوليته المباشرة عن
ادارة المقاطعات واالراضي الملكية وكان يساعد كل حاكم عدد من الموظفين الثانويين
الدارة الوحدات االدارية الصغيرة التابعة لالقليم وكان الملك على اتصال دائم بحكام
اقاليمه وموظفيها يوجههم ويبعث اليهم بالتعليمات التفصيلية في مختلف القضايا
كبيرها وصغيرها يستدل على ذلك من مجموعة الرسائل الملكية الكثيرة التي ارسلها
حمورابي الى حكامه وال سيما الى حاكم مدينة الرسا .
-3التركيب السكاني واللغوي :
تميزت فترة العصر البابلي القديم بسيطرة االقوام االمورية على الحكم وانتشارها في
مختلف ارجاء البالد وهي اقوام جزرية قدمت الى بالد الرافدين من شبه الجزيرة
العربية عن طريق سوريا .وطبيعي انه رافق تدفق هذه االقوام الى العراق وتسلمها
زمام السلطة فيه ان دخلت كثير من المقومات الحضارية الجديدة وامتزجت بالحضارة
العراقية القديمة وانصهرت في بوتقتها .اما بالنسبة الى اللغة التي استخدمت في
العصر البابلي القديم فقد ظلت اللغة االكدية هي السائدة كما استمر استخدام الخط
المسماري في تدوينها بينما اقتصر استخدام اللهجة االمورية وهي لهجة من اللهجات
المرتبطة من حيث االصل باللغة االكدية على التخاطب ويمكن التعرف على اللهجة
االمورية من خالل اسماء االعالم التي وردت بكثرة في النصوص االكدية
قانون حمورابي:
تطّو رت بابل تطّو ًرا عظيًم ا في ظّل حكم حّم ورابي ،الذي عرف بلقب "صانع القانون" فقد
أصبحت بابل في عهده من الدول المعروفة في بالد ما بين النهرين ،ومن أهم المراكز في
الّت عليم تاريخًّي ا ،وقد حكمها حّم ورابي بقوانين متينة اعتمدت قاعدة العين بالعين والسن
بالسن ،إذ جعل لكّل مرتكب للخطأ عقوبة حسب الجرم الذي ارتكبه ،فقرر للمهندس الذي
بنى بيًت ا وقع على أصحابه فأهلكهم عقوبة الموت ،فلم يكن حمورابي مّد عًي ا لأللوهّي ة على
خالف من سبقه من الملوك ،لكّن ه اّد عى أّنه خليل الله ،وأّن تلك األوامر مرسلٌة من اإلله،
وبالرغم من شّد ة تلك القوانين إاّل أّن حكمه استمّر خمسة عشر عاًم ا.
عْي د مرعي ،اللسان األّك ادي ،دمشق:مطبوعات الهيئة العامة السورية للكتاب، ↑
↑ ديال ُي ورت ،بالد ما بين النهرين _ الحضارتان الَب ابلّي ة واألشورّي ة ،القاهرة:الهيئة المصرية العامة للكتاب،
عانت بابل أيًض ا مشكالت وكوارث ،إذ أدت الحرب مع أشور إلى أسر ملك بابلي وإرساله
ُم كباًل بالسالسل ،وأدت حرب أخرى مع عيالم (جنوب إيران حالًي ا) إلى سرقة تمثال اإلله
مردوخ مجدًد ا.
في ظل هذه الظروف الصعبة أتى الحاكم البابلي الجديد نبوخذ نصر األول (-1105
)1126لينقذ بابل ،إذ هزم عيالم واسترجع التمثال .ونتيجة لنجاح نبوخذ نصر األول
في الحكم تزايدت أهمية مهرجان العام الجديد .تشرح ليك مهرجان العام الجديد:
«تضمن هذا الطقس اجتماع كل اآللهة البابليين وقراءة ملحمة الخلق وتوطيد اإلله
مردوخ للُح كم ،ويعطى ذلك الناس حافًز ا جديًد ا مع أنه لم يكن احتفااًل حديًث ا في ذلك
الوقت» .في القرون الالحقة استمرت بابل بالكفاح ،إذ غزا األشوريون المدينة مجدًد ا،
وخضعت لحكمهم في الفترة الممتدة من 729إلى 627قبل الميالد .وفي أثناء التمرد
الذي شهده عام 689قبل الميالد ،عانت بابل استيالء األشوريين على تماثيل اآللهة
وتدميرها .تطلب تحرير المدينة إسقاط (نينوي) عاصمة األشوريين سنة 612قبل
الميالد ،في حرب قادها ملك اسمه (نابو بوالصار) متحالًف ا مع شعب الميديين ،وبجهود
هذا الملك انبثق عصر ذهبي جديد لبابل .بحلول عام 605قبل الميالد ،استولى على
الحكم الملك نبوخذ نصر الثاني ،المذكور في الكتاب المقدس ،وعمل على بناء
اإلمبراطورية.
ديال يورت ،بالد ما بين النهرين _ الحضارتان البابلية واألشورية ،القاهرة:مطبوعات الهيئة المصرية العامة للكتاب
مارغريت روتن ،تاريخ بابل ،بيروت:منشورات عويدات،
المبحث الثاني :حضارة البابلية الحديثة
المطلب األول :االمبراطورية البابلية الحديثة أو االمبراطورية الكلدانية
كانت فترة من تاريخ بالد الرافدين بدأت عام 626ق.م وانتهت في 539ق.م]1[.
خالل القرون الثالثة السابقة ،كانت بابل تحت حكم األشوريين .في تلك األثناء
تمتعت بابل بوضع بارز .تمكن األشوريون من الحفاظ على والء البابلين خالل الفترة
األشورية الحديثة ،سواء من خالل منح االمتيازات المتزايدة ،أو عسكريًا ،لكن تغير
األمر في النهاية عام 627ق.م .بوفاة آخر الحكام األشوريين األقوياء ،أشوربانيپال،
وتمرد البابليون تحت حكم نابوپوالسار ،الكلداني في السنة التالية .وبتتويج
نبوپولصر ملكًا على بابل في 626ق.م .وترسيخ ملكه بسقوط االمبراطورية
اآلشورية الحديثة في 612ق.م ،.فإن االمبراطورية البابلية الحديثة وأسرتها
الكلدانية الحاكمة ستكون قصيرة العمر ،إذ ستنهزم بعد أقل من قرن أمام
االمبراطورية األخمينية الفارسية في 539ق.م .هزيمة اآلشوريين وانتقال
االمبراطورية إلى بابل مّي ز أول مرة ترتفع المدينة ،وجنوب الرافدين عمومًا ،للهيمنة
على الشرق األدنى القديم منذ انهيار امبراطورية حمورابي البابلية القديمة قبل نحو
ألف سنة .وهكذا شهدت فترة الحكم البابلي الجديد نموًا اقتصاديًا وسكانيًا غير
مسبوق في جميع أرجاء بالد بابل ونهضة ثقافية وأعمال فنية ،حيث نفذ الملوك
البابليون الجدد مشاريع بناء ضخمة ،ال سيما في بابل نفسها ،واستعادوا العديد من
العناصر األلفي سنة الماضية من الثقافة السومرية-األكادية.
تحتفظ االمبراطورية بمكانة في الذاكرة الثقافية للعصر الحديثة ويرجع ذلك أساسًا إلى
التصوير الُم بِغ ض لبابل وملكها العظيم ،نبوخذنصر الثاني ،في التوراة ،بسبب قيام
نبوخذنصر في 587ق.م .بتدمير القدس وما تلى ذلك من األسر البابلي .تصف المصادر
البابلية عهد نبوخذ نصر بأنه العصر الذهبي الذي حول بابل إلى أعظم إمبراطورية في
عصرها.
حكم نبوخذ نّص ر الثاني نحو 43عامًا ،وهي مدة تعادل قرابة نصف حكم األسرة الكلدانية،
إذ خلفه على العرش ابن له ،ثم توالى بعده اثنان من الملوك وخلفهما الملك نابونيد (-555
539ق.م ).الذي وصل إلى الحكم عن طريق االنقالب ،وكان خاتمة المطاف للسيادة البابلية
في تاريخ المشرق العربي القديم.
عبر الفتوحات العسكرية ،وصل نبوخذ نصر إلى السلطة ليحكم إمبراطوريًة امتدت من
الخليج الفارسي إلى حدود مصر .أسقط نبوخذ نصر القدس (أورشليم) مرتين ،األولى عام
597قبل الميالد والثانية عام 587قبل الميالد ،ما أدى إلى تدمير هيكل سليمان وإجالء
الكثير من اليهود إلى بابل واالستيالء على تابوت العهد.
عمل نبوخذ نصر الثاني على تجديد المدينة وبنائها ،وكان يحيط بها سوران أحدهما
داخلي واآلخر خارجي .يقول البروفيسور أندرو جورج في كتاب (بابل)« :كان للدين دور
مفتاحي إذ احتوى قلب المدينة على 14هيكاًل ،وتوزع 29آخرون في بقية المناطق،
إضافًة إلى مئات المعابد والمزارات» .أحد أكبر المزارات هو مزار إيزاغل الُم كرس لإلله
مردوخ ،ويقع جنوب زقورة كبيرة (الزقورات هي معابد هرمية مرتفعة ُب نيت على شكل
مدرجات) ،يبلغ طول هذا المزار 85متًرا وعرضه 80متًرا وله بوابة بطول 10أمتار .اهتم
نبوخذ نصر بغرف العبادة ،إذ احتوت الذهب والفضة والمجوهرات.
القصور:
احتوت مدينة بابل في حكم نبوخذ نصر على 3قصور رئيسية ،القصر الجنوبي وصل
طوله إلى 300متر وعرضه 200متر ،وتضمن غرفة العرش التي تحوي لوحًة قرميدية
مصقولة تصور سعفات النخيل ونقوش وردية وسوداء ،أما البالط فقد ُد هن باللونين
األصفر واألزرق ،وهو أمر شائع في األبنية المهمة في بابل في أثناء حكم نبوخذ نصر
الثاني .كان للملك أيًض ا قصر شمال المدينة (لم ُي نَق ب عنه بالكامل بعد) ،وقصر صيفي على
الجانب الشمالي للسور الخارجي .يقول جورجُ« :خ ِص َص هذا القصر للصيف عندما يكون
الطقس حاًرا».
بوابة عشتار
وفي كل ربيع يسافر الملك وحاشيته وكهنته عبر طريق المواكب إلى معبد أكيتو
لالحتفال بمهرجان السنة الجديدة .تقول جولي بيدميد ،األستاذ في جامعة شابمان في
كتابها (مهرجان أكيتو :االستمرارية الدينية والتشريع الملكي في بالد الرافدين)« :يبدأ
الموكب المذهل لآللهة وهم يلبسون أجمل مالبسهم الموسمية ،معتلين عرباتهم
المرصعة بالجواهر من كاسي كيال البوابة الرئيسية لمزار إيزاغيل (وهو معبد مكرس
لإلله مردوخ) ويواصل شمااًل على طول طريق مردوخ عبر بوابة عشتار».
أندريه-سالفيني ب( .وغيره)" ،اآلثار الشرقية ،دليل الزائر" ،اتحاد المتاحف الوطنية1998 ،
برج بابل:
في وصف برج بابل ،يقول الكاتب اليوناني هيرودوتس (عاش في القرن الخامس
قبل الميالد)« :برج راسخ بطول 200متر ،يرتفع منه برج ثان ،ومن البرج الثاني
يرتفع برج ثالث وهكذا ،حتى يصل إلى ثمانية أبراج .يوجد في البرج األخير مزار
عظيم وأريكة كبيرة ُم غطاة وطاولة ذهبية بالقرب منها ،وال يوجد أية صورة في
المزار ،وال يبقى أي إنسان فيه لياًل ،باستثناء امرأة اختارها اإلله من بين جميع
النساء ،وذلك وفًق ا للكلدانيين الذين هم كهنة هذا اإلله» .من المحتمل أن
هيرودوتس قد بالغ في حجم البرج ،إذ يعتقد بعض الباحثين أن البرج ارتفع إلى
سبعة مستويات ال ثمانية .واعتقد هيرودوتس أيًض ا أن البرج ُك ِّر َس لإلله بيل ،ال
اإلله مردوخ .مع ذلك فإن بناء البرج كان إنجاًز ا مذهاًل وُي عتَق د أنه ألهم قصة برج
بابل المذكورة في اإلنجيل.
أسباب سقوط الدولة الكلدانية :في البداية كانت الدولة الكلدانية تحت حكم نبوخذ
نصر و الذي كان له دور كبير في تطور و إعمار الدولة الكلدانية ،و من بعده توالت
االحداث التي تسببت بصورة مباشرة في إسقاط الدولة و منها:
تولى الحكم بعد نبوخذ نصر إبنه أميل مردوخ و الذي حكم فقط لمدة سنتين في
الفترة من 562و حتى الفترة ،560حيث تم قتله على يد أخيه الغير شقيق نيركال
آشور أوصر ،و الذي تم قتله هو األخر بعد أن حكم لمدة أربع سنوات ،و جاء من
بعده إبنه لباشي مردوخ الذي لم يدم في الحكم أكثر من 9شهور ،حيث تم إبعاده
عن الحكم عن طريق إنقالب عسكري على يد إبن نبونيدوس و هو األمير بلشزر،
حيث كان هو من دبر لإلنقالب ،و تم إختيار نبونيدوس ليكون ملك على بابل ،و يعد
هو آخر ملوك بابل ،و قد كان معروف عنه كونه متحيز إلى اآلشوريين.
عندما حكم نبونيدوس إتهم سابقيه من الحكام بأنهم إبتعدو عن خطى أبائهم و
هذا كان السبب في تدهور أحوال البالد في فترة حكمهم ،وإتهم أميل مردوخبأنه
لم يحافظ على نجاحات أبوه نبوخذ نصر ،وإتهم لباشي مردوخ بنفس الشئ وأن
هذا ما تسبب في موتهم في بداية فترة حكمهم ،ولكن هذا الكالم غير موثوق
فيه فكل الحكام الذين سبقوه وجدو في الدين طوق النجاة لهم ،بدليل أن أميل
مردوخ قام بإخراخ الحاخام يهوذا من السجن ودعاه لمأدبة كبيرة ،أي أن الملوك
أنفسهم لم يبتعدوا عن درب سابقيهم من الحكام.
الكثير من الدول الخارجية كانت تدبر المؤامرات والمكائد لتهديد أمن البالد وكانت
هناك الكثير من األالعيب سواء من الداخل أو الخارج ،وكان الهدف من هذه
المؤامرات إسقاط الدولة وهدمها- .توالي الحكام وعدم ثبات الحكم والمؤامرات
وإغتيال كل من يصل للحكم أثر بكل تأكيد على إستقرار الدولة- .من بعد نبوخذ
نصر لم يأتي ملك حكيم غير الملك نيركال آشور أوصر ،والذي لجأ إلعمار الدولة
وبالتالي أطال من عمر الدولة الكلدانية ،ولكن مع األسف لم يبقى في الحكم أكثر
من أربع سنوات بسبب المؤامرات التي تسببت في مقتله ،ومن بعده لم يأتي حاكم
جيد. .
^ Talley Ornan, The Triumph of the Symbol: Pictorial Representation of Deities in Mesopotamia and the Biblical Image Ban
(Göttingen: Academic Press Fribourg, 2005), 4 n. 6
-قام نبونيدوس آخر الملوك للدولة والذي كان معروف عنه تفضيله لآلشوريين ،بالقضاء
على كل تراث الدولة وقد قام بتفضيل إله القمر اآلشوري على آلهة الكلدان ،وخاصة اإلله
األكبر الخاص بهم مردوخ ،وقام بإلغاء اإلحتفاالت الخاصة بهم وخاصة إحتفال رأس
السنة البابلية أكيتو ،وقد قام كذلك بإهانة األلهة الخاصة بهم ،مما تسبب في إثارة الغضب
والكره من قبل المواطنين وكذلك رجال الدين وبالتالي قاموا بالترحيب بسايروس
اإلمبراطور الفارسي ،وكانو يعتبرونه المخلص لهم من الحاكم الذي أهانهم بإهانة ألهتهم.
-الضعف الشديد للحكومات التي كانت تالية للحاكم نبوخذ نصر ،وكذلك قلة إنتاج
المحاصيل الزراعية وإنخفاض مستوى التجارة وكذلك زيادة فرض الضرائب ،كل هذه
العوامل جعلت من دخول المحتل الفارسي للدولة الكلدانية أمر سهل ويسير
^ Talley Ornan, The Triumph of the Symbol: Pictorial Representation of Deities in Mesopotamia and the Biblical Image Ban
(Göttingen: Academic Press Fribourg, 2005), 4 n. 6