You are on page 1of 24

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة محمد العربي بن مهيدي‪-‬أم البواقي‪-‬‬

‫قسم العلوم اإلنسانية‬ ‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬

‫المستوى‪ :‬سنة ثالثة تاريخ‬ ‫تخصص‪ :‬تاريخ عام‬

‫محاضرات مقياس‪ :‬تاريخ المشرق اإلسالمي ق‪15-8‬م‬


‫السداسي السادس‬
‫‪2020-2019‬‬

‫إعداد األستاذة فهيمة حناش‬

‫محتوى المادة‪:‬‬

‫محاضرة‪ :1‬انتقال الفاطميين إلى المشرق –مصر‪-‬‬


‫محاضرة‪ : 2‬المجتمع المشرقي في العصر الفاطمي‬
‫محاضرة‪ : 3‬الحياة االقتصادية بمصرفي العهد الفاطمي‬
‫محاضرة‪ : 4‬الحياة الثقافية بمصر في العهد الفاطمي‬
‫محاضرة‪ : 5‬سقوط الخالفة الفاطمية‬
‫محاضرة‪ : 6‬الدولة األيوبية‬
‫محاضرة‪ : 7‬الدولة المملوكية‪1517-1250 -‬م‪-‬‬
‫محاضرة ‪ :1‬انتقال الفاطميين إلى المشرق –مصر‪-‬‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫عندما أعلن الخليفة المعز لدين هللا الفاطمي عزمه على التوجه الى الشرق وإرسال جيشه لفتح‬
‫مصر كان قد استعد لذلك جيدا ووضع ضمانات كافية إلنجاح مشروعه خاصة بعد أن سيطر على‬
‫جميع أراضي الشمال اإل فريقي ‪ ،‬وكذلك الجزر الواقعة في البحر المتوسط مثل‪:‬سردينة‪-‬صقلية كما‬
‫حاول فتح األندلس وكل ذلك لتنظيم قاعدة واالنطالق منها الى المشرق‪.‬‬
‫وقد ساعدت األحداث في مصر خاصة في السنوات األخيرة للحكم اإلخشيدي على ذلك منها‪:‬‬
‫الفوضى السياسية واألزمات االقتصادية التي كان يتخبط فيها المشرق اإلسالمي أنذاك (تمردات على‬
‫العباسيين ثورة الزنج في اقليم البصرة ‪ 15‬سنة ‪+‬ثورة القرامطة ودخولهم الجزيرة العربية‪+‬قيام الدول‬
‫المستقلة وحركات انفصالية(الدولة ا لصفارية والسامانية والطاهرية في الشرق الدولة الطولونية‬
‫واالخشدية في الغرب‪-‬الدولة الحمدانية في نواحي الموصل وحلب ومحاولة اخذ بغداد‪-‬الدولة البويهيدية‬
‫في العاصمة بغداد) فضال على نجاح دعاة الفاطميين‪.‬‬

‫‪ -1‬فتح مصر‪:‬‬
‫حاول الفاطميون االستالء على مصر مرتين في عهد خليفتهم األول المهدي لكنهم فشلو (‪301‬ه‪-‬‬
‫‪913‬م ‪307 /‬ه‪ 919-‬م) وحاولوا مرة ثالثة في عهد الخليفة القائم بأمر هللا في ‪323‬ه‪934 /‬م وفشلو وفي‬
‫عهد رابع خلفائهم وهو المعتز لدين هللا نجحت‪.‬‬
‫بدأ الفاطميون منذ سنة ‪355‬ه‪966 /‬م باتخاذ اإلجراءات لعملية االنتقال إلى الشرق وإلى مصر‬
‫بصفة خاصة ‪ ،‬فقد أمر المعز لدين هللا بحفر اآلبار في طريق مصر وأن يُبنى له في كل منزلة قصر‬
‫ففي محرم سنة ‪358‬ه‪ 968/‬م جمع المعز لدين هللا بالقرب من رقادة نحو (مائة الف فارس) أغلبهم من‬
‫القبائل البربرية وخاصة كتامة وزويلة ومن الصقالية ‪ ،‬وقدم عليهم (جوهر الصقلبي) ليقودهم لفتح‬
‫مصر ومنحه تفويضا كامال بسلطاته السياسية والمالية والعسكرية ‪ ،‬وأعد هذا الجيش بعناية فائقة من‬
‫حيث العدة والعتاد وعندما وصل جوهر الى مصر وتسلمها يوم الثالثاء ‪ 17‬شعبان من سنة‬
‫‪358‬ه‪/‬يوليو‪ 969‬م لم يواجه الجيش الفاطمي أي مقاومة حقيقية إال بعض الوفود اإلخشيدية والطولونية‪.‬‬
‫لقد كان الفتح الفاطمي لمصر اليعني قيام حكومة مكان أخرى بل كان بمثابة إنقالب ديني ثقافي‬
‫اجتماعي بعيد المدى صحبه تحول في نظام الحكم ‪،‬فألول مرة في التاريخ االسالمي تحكم مصر بدولة‬
‫ال تدين بالوالء اإلسمي لبغداد‪.‬‬
‫كان اختيار الفاطميين لمصر وتأسيسهم خالفة مستقلة بها هو عودة الى وضع جغرافي سياسي‬
‫أنشأته الوقائع وأحداث التاريخ ‪ ،‬فالعالم اإلسالمي كان بحاجة الى مركز متوسط كانت تشغله‬
‫اإلسكندرية في العصر الروماني البيزنطي‪ ،‬وقدتنبه الفاطميون لذلك زيادة على ما كانت تزخر به‬
‫مصر من سع ة مواردها وكثرة أرزاقها ومكانتها الوسطى في قلب العالم االسالمي‪.‬‬
‫خريطة توسع الدولة الفاطمية بالمغرب والمشرق‬

‫‪ -2‬منجزات الفاطميين بمصر بعد فتحها ‪:‬‬

‫كان أول عمل قام به جوهر بعد فتح مصر هو اختطاط مدينة جديدة بناءا على توجيهات الخليفة‬
‫المعز تكون مدينة ملكية وعاصمة إلمبراطورية عالمية شاملة تظم جميع األراضي اإلسالمية وهي‬
‫مدينة القاهرة عام ‪970‬م‪ ،‬كما منح عهد األمان للمصريين بترك حرياتهم الدينية والمذهبية ‪ ،‬وجاء في‬
‫االتفاقية (إعزاز المصريين وحمايتهم –معالجة الحالة االقتصادية –تأمين طرق الحج – منح الحريات‬
‫لألقليات الدينية من المسيحيين واليهود ) وهو إجراء ماهر لكسب تأييد المصريين‪.‬‬
‫حكم جوهر مصر نيابة عن الخليفة المعز أربع سنوات من‪358‬ه الى ‪362‬ه وهي من أهم فترات‬
‫التاريخ الفاطمي لمصر فقد تمت فيها التغييرات المذهبية واإلدارية الالزمة والتي مهدت لقدوم الخليفة‬
‫المعز وانتقاله الى الشرق ليعلن مصر دار خالفة‪.‬‬
‫ومن اإلجراءات اإلدارية التي اتبعها‪ :‬أنه أقر على رأس المناصب اإلدارية والدينية نفس األشخاص‬
‫الذين كانو يشغلونها وقت الفتح (فقد أبقى مثال جعفر بن الفرات مشرفا على المالية والقاضي أبا الطاهر‬
‫الذهيلي على القضاء‪ ،‬وعبد السميع بن عمر العباسي كخطيب لجامع مصر)‪ ،‬فلم يقم بوضع أشخاص‬
‫جدد في اإلدارة المصرية قبل أن يتعرف على نظامها جيدا وذلك باالعتماد على رجال الحكم السابق‬
‫إ لى حين انتهائه من إتمام فتح الوجهين البحري والقبلي وبعد أن أنهى ذلك لم يدع عمال إال جعل فيه‬
‫مغربيا شريكا لمن فيه‪.‬‬
‫قطع جوهر خطبة العباسيين على منابر مصر‪،‬وحذف اسمهم على السكة وأحل اسم الخليفة المعز‬
‫وأزال شعار العباسيين –السواد‪-‬وألبس الخطباء في الجوامع الثياب البيض شعار الفاطميين‪ ،‬كما أمر‬
‫بفتح دار الضرب بالفسطاط والتي كانت معطلة آخر عهد اإلخشديين وضرب سكة عليها اسم المعز‬
‫لدين هللا سنة‪358‬ه‪969/‬م‬
‫بنا جوهر بالقاهرة القصر الكبير للخليفة وحريمه ورجال دولته وعساكره لكن القصر انفتح على‬
‫عامة الناس من بعد في عهد المستنصر باهلل‪ ،‬كما أسس جامع األزهر وهو أكبر جامع بمصر وكان قبله‬
‫جامعان فقط ‪ :‬جامع عمر بن العاص في الفسطاط ‪ ،‬وجامع أحمد بن طولون في القطائع ‪،‬وكان هدف‬
‫الفاطميين من بناء األزهر هو جعله مركزا لنشر المذهب الشيعي‪ ،‬ورمزا النتصارهم على الدولة‬
‫العباسية وقد ابتدأ بناءه في أفريل‪970‬م خلص في سنتين و‪3‬اشهر‪ ،‬وفُتح ألول مرة للصالة فيه يوم‬
‫الجمعة ‪21‬يونيه‪972‬م (‪7‬رمضان‪361‬ه) وكان اسمه جامع القاهرة طول العصر الفاطمي‪ ،‬واستمر‬
‫على تلك التسمية إلى عهد العزيز باهلل فتسمى باألزهر وإ لى جانب صفته الدينية كان مركزا للتعليم عن‬
‫طريق حلقات تدريس ونشر المذهب الشيعي(صورة الجامع ملحقة بمحاضرة الحياة الثقافية بمصر في‬
‫العهد الفاطمي)‪.‬‬
‫‪/3‬فترات الحكم الفاطمي بمصر‪:‬‬
‫العصر األول( االزدهار )‬
‫حكمت الدولة الفاطمية مصر أكثر من قرنين من ‪ 969‬إلى‪1171‬م‪ ،‬وكانت فترة حكمهم قد انقسمت‬
‫الى قسمين‪ :‬القسم األول مدته حوالي‪100‬سنة ينتهي في النصف األول من حكم الخليفة المستنصر وفي‬
‫هذه الفترة بذل الخلفاء الفاطميون جهودا كثيرة لتنظيم شؤون مصر الداخلية ‪ ،‬وفيها انتشر األمن‬
‫وتطور القطاع االقتصادي ونهضت التجارة الداخلية وتكون جيش قوي وأسطول بحري وذلك في عهد‬
‫الخلفاء التالين‪(:‬المعز لدين هللا حكم مصر ‪3‬سنين من ‪362‬ه‪972/‬م إلى ‪365‬ه‪975/‬م‪ //‬العزيز باهلل ابن‬
‫المعز واهتم بالتوسع الخارجي وفي عهده إمتدت الدولة المصرية من المحيط األطلسي في الغرب‬
‫للخليج الفارسي في الشرق ومن أقصى الشام في الشمال الى اليمن وبالد النوبة في الجنوب واغتنت‬
‫مصر في عهد العزيز الحاكم بأمر هللا وقد حكم ‪21‬سنة وكانت غنية في عهده وأكبر دولة في الشرق‬
‫األوسط‪ //‬بعده حكم الظاهر إلعزاز دين هللا تحت وصاية عمته ست الملوك‪//‬وفي سنة ‪427‬ه‪1035/‬م‬
‫تولى الخالفة المستنصر باهلل وانتقلت اليه وهو صغير عنده ‪7‬سنوات لكن حكم مصر ‪ 60‬سنة وهي‬
‫أطول مدة حكمها خليفة مسلم في التاريخ وفي عهده وصلت الخالفة عصرا عظيما‪.‬‬
‫العصر الثاني عصر الوزراء (الضعف واإلنهيار)‬
‫وفي هذه المرحلة بدأ الضعف يدب في جسم الخالفة بسبب صراعات أدت في النهاية إلى سقوط‬
‫الخالفة الفاطمية فضال على تدهور أحوال مصر االقتصادية مدة ‪7‬سنوات منذ‪457‬ه‪1065/‬م بسبب‬
‫شح فيضان النيل وماترتب عنه من قلة الزرع والغالء إضافة الى تكالب القوى النصرانية على أمالك‬
‫المسلمين من دخول النورمان الى صقلية سنة ‪1091‬م واستيالئهم عليها وطرد المسلمين منها وبذلك‬
‫خرجت من يد الفاطميين (تفاصيل ذلك يتم التطرق لها في محاضرة سقوط الخالفة الفاطمية‬
‫المراجع‪:‬‬
‫‪-‬أيمن فؤاد سيد‪ ،‬الدولة الفاطمية في مصر"تفسير جديد"‪،‬ط‪ ،1‬الدار المصرية اللبنانية‪.1992،‬‬
‫‪-‬محمد عبد هللا عنان‪ ،‬الحاكم بأمر هللا وأسرار الدعوة الفاطمية‪،‬ط‪ ،3‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار‬
‫الرفاعي‪ ،‬الرياض‪.1983،‬‬
‫‪-‬محمد جمال الدين سرور‪ ،‬تاريخ الدولة الفاطمية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.1995،‬‬
‫‪-‬محمد شعبان أيوب‪ ،‬لماذا اختار الفاطميون مصر رغم استقرار دولتهم بالمغرب‪ ،‬مقال منشور بموقع‪:‬‬
‫‪http://midan.alajazeeza.net‬‬
‫‪-‬أحمد تمام‪ ،‬القاهرة عاصمة الخالفة الفاطمية‪ ،‬مقال منشور بموقع‪:‬‬
‫‪http://archive.islamonline.net‬‬
‫‪ -‬الدولة الفاطمية منشور بموقع‪http//:ar.m.wikipedia.org:‬‬

‫محاضرة‪ :2‬المجتمع المشرقي في العصر الفاطمي‬

‫‪-1‬طبقات المجتمع‪:‬‬
‫تعددت عناصر السكان واختلفت أجناسهم وطوائفهم في العصر الفاطمي‪ ،‬فسكان مصر في ذلك‬
‫الوقت كانوا أخالطا من أجناس مختلفة من الناس ‪ :‬القبط –الروم ‪-‬العرب –األحباش‪-‬األكراد –األرمن‬
‫‪-‬األتراك وأضيف لهم‪ :‬البربر‪-‬السودان –الصقالية‪ ،‬حيث أن معظم تلك العناصر كانت منخرطة بسلك‬
‫الجندية في الجيش الفاطمي‪.‬‬
‫لقد انصهرت هذه العناصر المتعددة مع الوقت في الحياة المصرية وتأثرت بتقاليد المجتمع‬
‫المصري العريق ة حتى أن الخلفاء الفاطميين أنفسهم صار يغلب عليهم تسميتهم بالمصريين كما أطلق‬
‫بعض المؤرخين على دولتهم اسم ‪ :‬الدولة المصرية‪ ،‬وعلى الجيش بكل طوائفه العساكر المصرية أو‬
‫الجند المصريين ‪.‬‬
‫‪-2‬التقسيمات الطبقية ‪:‬‬
‫كان المجتمع مقسما إلى طبقتين ‪:‬طبقة الخاصة والعامة وهذا التقسيم للطبقات يقدمه صاحب كتاب‬
‫‪ :‬مختصر كتاب البلدان ألبو بكر الهمداني يوضح فيه النظرة السائدة في ذلك الوقت من الطبقات‬
‫االجتماعية حيث يقسم الناس إلى «ملوك قدمهم االستحقاق ووزراء فضلهم الفطنة والرأي وعلية‬
‫أنهضهم اليسار وأوساط ألحقهم بهم التأدب ‪،‬والناس بعدهم زيد جفاء وسبيل عناء»‪.‬‬
‫بالنسبة للمقريزي في كتابه ‪:‬إغاثة األمة وضع ‪ 7‬تقسيمات للناس بالمجتمع المصري وهي‪:‬‬
‫القسم ‪:1‬أهل الدولة‪ -‬القسم الثاني‪:2‬أهل اليسارمن التجار وأولي النعمة ذوي الرفاهية ‪-‬القسم‪:3‬الباعة‬
‫وهم متوسطو الحال من التجار ‪/‬القسم ‪:4‬أهل الفلح ‪/-‬القسم‪:5‬الفقراء وهم جل الفقهاء وطالب العلم‬
‫والكثير من الجند ‪-‬القسم‪:6‬أرباب الصنائع واألجراء وأصحاب المهن ‪ -‬القسم‪:7‬ذوو الحاجة والمسكنة‬
‫الذين يتكففون الناس ويعيشون منهم ‪.‬‬
‫يورد القاضي النعمان مؤرخ الدولة اإلسماعلية تقسيما آخر للطبقات االجتماعية فيقسم المجتمع‬
‫إلى خمس طبقات ويقرر أن صالح المجتمع يتوقف على التعاون بين هذه الطبقات فيذكر‪:‬‬
‫أوال‪:‬الجند والخليفة ‪/‬ثانيا‪:‬أعوان الوالي من القضاة والعمال والكتاب ونحوهم‪ /‬ثالثا‪:‬أهل الخراج من‬
‫مالك األراضي‪ /‬رابعا‪:‬التجار وذوي الصناعات‪ /‬خامسا‪:‬الطبقة السفلى وأهل الحاجة والمسكنة؛‬
‫ويالحظ في تقسيمه أنه أغفل فئة الوزراء كما أنه أغفل طبقة العلماء ورجال الدين ولعله كان يقصد‬
‫بهذا التقسيم الواليات التابعة للدولة الفاطمية‪ ،‬ويبدو ذلك من خالل عبارته‪ :‬أعوان الوالي‪.‬‬
‫وبناءا على كل ماذُكر يمكننا تقسيم الطبقات االجتماعية في مصر الفاطمية على النحو التالي‪:‬‬
‫أ‪/‬الطبقة الخاصة‪ :‬وتشمل األسرة الحاكمة – األشراف‪-‬أرباب الوظائف‪ -‬أصحاب السيوف واألقالم –‬
‫أصحاب الدواوين والوظائف الدينية وغيرهم ‪.‬‬
‫ب‪/‬الطبقة العامة‪ :‬وتشمل التجار –الباعة‪ -‬أصحاب الصناعة والحرف – الفقهاء‪-‬أهل الذمة –العبيد‪.‬‬
‫‪ /3‬مظاهر الحياة االجتماعية بمصر في العهد الفاطمي‪:‬‬
‫ا‪/‬اختطاط المدينة‪:‬‬
‫كانت القاهرة الفاطمية تضم عددا من الخطط والحارات التي ينسب بعضها الى القبائل أو طوائف‬
‫الجند التي صحبت جوهر الصقلبي من المغرب كما ينسب بعضها الى أشخاص كانت لهم مكانة‬
‫مرموقة في الدولة ‪ ،‬ومن أهم تلك الخطط والحارات‪ :‬حارة زويلة (نسبة لقبيلة زويلة)‪ ،‬حارة الباطلية (‬
‫تنسب لقوم جاءوا من المغرب بصحبته المعز عند تقسيم العطاء لم يصبهم شيء فقالو‪ :‬رحنا نحن في‬
‫الباطل فسموا بالباطلية)‪ ،‬حارة كتامة‪ -‬حارة البرقية(نسبة الى طائفة البرقية من طوائف عسكر الدولة‬
‫الفاطمية )‪،‬إضافة الى بعض أخطاط القاهرة التي كانت تسكنها طائفة من طوائف المجتمع مثل ‪:‬حارة‬
‫األمراء يقال أنها كانت مخصصة لسكن األمراء األشراف من األسرة الفاطمية؛ إضافة إلى حارات‬
‫بأسماء شخصيات في الدولة مثل حارة برجوان وهي تنسب ألبي الفتوح برجوان الذي تولى أمر‬
‫القصور في عهد الخليفة العزيز ‪/‬حارة قائد القواد وكان يسكنها حسين بن جوهر الملقب بقائد القواد‬
‫في عهد الخليفة الحاكم‪،‬ومن مظاهر العمران بالمدينة القصور كالقصر الشرقي الكبير الذي اصبح مقر‬
‫الخالفة ومسكن الخلفاء الفاطميين الى نهاية دولتهم‪.‬‬
‫ب‪-‬االحتفاالت واألعياد ‪:‬‬
‫اهتم الف اطميون بمظاهر االحتفاالت والترف وإحياء األعياد والمواسم وأبدعوا في تنظيمها وإنفاق‬
‫األموال عليها خاصة المناسبات الدينية والمذهبية‪ ،‬وكان الشعب المصري بمختلف طبقاته يشارك فيها‬
‫حيث تتخللها أجواء المسرح واللهو وتناول أصناف من األطعمة وشراء المالبس الزاهية ومرور‬
‫الموكب الخالفي‪ ،‬كما أنها مناسبات للصدقات واإلحسان بالهبات على الفقراء‪.‬‬
‫ومن هذه األعياد االحتفال بشهر رمضان عيدي الفطر واألضحى االحتفال بالمولد النبوي الشريف‪،‬‬
‫رأس السنة الهجرية ومنها أيضا االحتفاالت الشعبية الخاصة وهي المرتبطة بأحداث هامة في تاريخ‬
‫الحركة الفاطمية والمذهب الشيعي منها على سبيل المثال‪:‬االحتفال بذكرى مقتل الحسين وهي مرتبطة‬
‫بذكرى مذبحة كربالء منذ‪10‬محرم‪61‬ه واحدث أول احتفال بتلك الذكرى في مصر سنة ‪363‬ه‪973/‬م‬
‫بخروج جماعات من الشيعة الى الطرقات بحراسة جنود مغاربة وهم يصيحون بالنياحة والبكاء على‬
‫الحس ين وبعد اقامة المشهد ينحر عند قبر الحسين في هذا اليوم عدد من اإلبل والبقر والغنم وتوزع على‬
‫الفقراء والمحتاجين ‪/‬عيد الغدير ويمثل ذكرى دعامة الرسول صل هللا عليه وسلم التي يؤكد أحقية علي‬
‫بن أبي طالب للخالفة بعده وأحقية الخلفاء الفاطميين بها النتسابهم إلى علي وزوجته فاطمة‪ ،‬ويجرى‬
‫في ‪ 18‬من ذي الحجة ففي هذا اليوم أوصى النبي البن عمه علي رضي هللا عنه باإلمامة على‬
‫المسلمين من بعده بعد عودته من حجة الوداع في السنة ‪10‬ه‪632/‬م‪ ،‬حين نزل بمكان بين مكة والمدينة‬
‫يدعى بغديرخم (عين ماء وحوله شجر ) ‪،‬وقوله صل هللا عليه وسلم بعد أن صلى الظهر بأصحابه‬
‫وأخذ بيد علي « من كنت مواله فعلي مواله ‪،‬اللهم وال من وااله وعاد من عاداه وانصر من نصره‬
‫واخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار» ‪ ،‬ويقدر الشيعة هذا الحديث بوصية الرسول لعلي بالخالفة‪.‬‬
‫‪/-‬االحتفال بمولد األجداد‪ :‬وهي من األعياد التي انقرضت بزوال الدولة الفاطمية وتتمثل في االحتفال‬
‫بمولد علي بن أبي طالب وزوجته فاطمة والحسن والحسين والخليفة الفاطمي الحاضر وكان لهذه‬
‫األعياد تواريخ محددة يعرفها الشيعة ويحتفلون بها وال نعرف تفاصيل رسمية عن تلك التواريخ‬
‫باستثناء أخبار عن االحتفال بمولد الخليفة اآلمر بأحكام هللا سنة ‪ 1122‬م‪،‬حيث شمل االحتفال توزيع‬
‫كميات من الطعام على الطلبة والفقراء بالجوامع إضافة للمحتاجين ‪.‬‬
‫‪/-‬االحتفال بتنصيب ولي العهد‪:‬عند صدور أمر بتعيين الخليفة لمن يخلفه من أوالده بعد موته ذلك أن‬
‫الوصية بوالية العهد هي من الشروط الهامة لصحة اإلمامة عند الفاطميين‪.‬‬
‫‪/4‬النساء في العصر الفاطمي‪:‬‬
‫كانت القصور الفاطمية تضم عددا كبيرا من النساء ال يمكن تقديره ‪،‬وتنوعت مكانتهن االجتماعية‬
‫وما يقمن به من مهام ووظائف داخل القصر‪ ،‬فكان على رأسهن زوجات الخليفة وحظاياه وجواريه‬
‫باالضافة الى الخادمات الالتي تسند إليهن أعمال مختلفة في القصر مثل‪ :‬اإلشراف على المائدة‬
‫الخاصة بالخليفة ‪ ،‬وكان يقوم بهذا العمل امراة تحمل لقب«مقدمة المائدة» وأخرى تتولى خزانة‬
‫المالبس الخاصة بالخليفة وتعرف ب «خزانة الكسوة» والمرأة المكلفة بها تسمى«زين الخزان»‬
‫يساعدها ‪30‬جارية ‪ ،‬وال يغير الخليفة ثيابه إال عندها إضافة الى خزانة الشراب وغيرهن‪.‬‬
‫كما كان يقوم على خدمة زوجات الخليفة وحظاياه عدد من النساء ويطلق عليهن المستخدمات‬
‫عند الجهات العالية‪ ،‬إضافة الى جواري أخريات يتقن فن الغناء والطرب والعزف على األالت‬
‫الموسيقية والرقص وإدخال السرور على مجلس الخليفة وحاشيته وكان اللقب المنتشر بين نساء القصر‬
‫والذي يطلق على األميرات بنات الخلفاء ‪(:‬السيدة الشريفة)‬
‫وكان للنساء في القصر نفوذ وتأثير في دواليب الحكم والسياسة وتدخل في شؤون الدولة مثل‪:‬ست‬
‫الملك (والدتها مسيحية)كان لها تأثير كبير على العزيز (‪ 975-996‬م)ومحاباته ألهل الذمة ‪،‬وكانت‬
‫الرأس المدبر وراء اغتيال أخيها الحاكم بأمر هللا (‪996-1069‬م) كما كان ألم الخليفة المستنصر باهلل‬
‫(‪ 1094-1035‬م)نفوذ كبير في الدولة الفاطمية وكان للخليفة اآلمر بأحكام هللا (‪ )1101-1113‬جارية‬
‫على درجة كبيرة من العلم والثقافة (تجيد العلوم كالطب والنجوم والموسيقى)‪ ،‬وكانت تحب اآلمر‬
‫وتحافظ عليه من المؤامرات التي دبرها ضده وزيره األفضل بدس السم لقتله ‪ ،‬وكان لها دور كبير في‬
‫تدبير مؤامرة اغتيال األفضل وزوال خطره على الخليفة‪.‬‬
‫أما نساء العامة فال نعرف عنهن الكثير سوى أن المرأة لدى العامة كانت تقوم باألعمال العادية‬
‫في نطاق األسرة كربة بيت ترعى شؤون عائلتها وأبنائها مع احتراف بعض األعمال كغسل الموتى –‬
‫صناعة النسيج ‪-‬المزينات‪ -‬القوابل‪ -‬وبعض الفضليات يعملن بالوعظ وإلقاء الدروس الدينية‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬
‫‪-‬الهمذاني(أبو عبد هللا أحمد بن محمد بن إسحاق)‪ ،‬كتاب البلدان‪ ،‬تحقيق يوسف الهادي‪،‬ط‪ ،1‬دار عالم‬
‫الكتب للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.1996،‬‬
‫‪ -‬المقريزي(تقي الدين أبي العباس أحمد بن علي)‪ ،‬إغاثة األمة بكشف الغمة‪ ،‬دراسة وتحقيق كرم حلمي‬
‫فرحات‪،‬ط‪، 1‬نشر مركز عين للدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية‪ /2007،‬المواعظ واالعتبار‬
‫بذكر الخطط واآلثار‪ ،‬المعروف ب"الخطط المقريزية"‪ ،‬شركة األمل للطباعة والنشر بإشراف الهيئة‬
‫العامة لقصور الثقافة‪،‬مصر‪،‬ج‪.2002 ،2‬‬
‫‪ -‬عبد المنعم عبد الحميد سلطان‪ ،‬الحياة االجتماعية في العصر الفاطمي"دراسة تاريخية وثائقية"‪ ،‬دار‬
‫الثقافة العلمية‪.1999،‬‬
‫‪-‬سامي العبيد محمد‪ ،‬الحياة االجتماعية والثقافية في الدولة الفاطمية في المغرب ومصر(‪-297‬‬
‫‪567‬ه‪ 1171-909/‬م)‪ ،‬ماجستير تاريخ‪،‬إشراف حسن عوض الكريم‪ ،‬جامعة شندي‪ ،‬كلية الدراسات‬
‫العليا‪ ،‬آداب‪ ،‬قسم التاريخ‪.2019،‬‬
‫‪-‬نهلة أحمد عبد الباقي وعليان عبد الفتاح الجالودي‪ ،‬سيدات القصور ودورهن في الحياة العامة في‬
‫مصر خالل العصر الفاطمي(‪567-362‬ه‪1171-972/‬م‪ ،‬المجلة األردنية للتاريخ واآلثار‪ ،‬المجلد‪،7‬‬
‫العددان‪ ،3-2‬سنة‪.2013‬‬
‫‪-‬عبادلية هيفاء‪ ،‬األوضاع االجتماعية في مصر الفاطمية خالل العصر األول‪567-362‬ه‪-972/‬‬
‫‪1171‬م‪ ،‬مذكرة ماجستير في تاريخ المشرق اإلسالمي‪ ،‬إشراف قريان عبد الجليل‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة‪8‬ماي‪ ،1945‬قالمة‪.2019،‬‬
‫‪ -‬الدولة الفاطمية منشور بموقع‪http//:ar.m.wikipedia.org:‬‬

‫محاضرة‪ :3‬الحياة االقتصادية بمصرفي العهد الفاطمي‬

‫‪/1‬الزراعة‪:‬‬
‫اهتم الفاطميون بالزراعة على اعتبار أنها من أهم مصادر الثروة في مصر وكانت زراعة القمح‬
‫تمثل الجزء األكبر من األراضي المصرية الخصبة ‪ ،‬على األخص أنحاء الدلتا و الوجه القبلي ألنه‬
‫الغذاء الرئيسي ألهل البالد؛ أما الذرة فلم تكن معروفة بمصر في ذلك العهد ‪.‬‬
‫كان الكتان يزرع في األراضي المنخفضة التي ت ضل مغمورة بالمياه لمدة طويلة لذلك اشتهرت‬
‫زراعته في الدلتا و الفيوم‪ ،‬أما قصب السكر فقد توسع المصريون في زراعته على العصر الفاطمي‬
‫ونستدل على ذلك بقول( نصر خسرو)‪ ،‬الذي زار مصر حوالي ‪ 440‬ه« وتنتج مصر عسال و سكر»‪.‬‬
‫اشتهرت مصر أيضا على عهد الفاطميين بإنتاج أنواع مختلفة من الفواكه ومن أهمها الكروم‬
‫وتزرع في نواحي الجيزة الفيوم‪ ،‬وبعض الوجهين القبلي و البحري وكذلك شجر النخيل مغروسا في‬
‫مختلف أنحاء مصر وكانت أسوان أكثر نخيال من غيرها من جهة الصعيد وبلغ مجموع محصولهما‬
‫من التمر في السنة الواحدة ‪ 36‬ألف إردب (عرجون)‪.‬‬
‫اهتمت الحكومة الفاطمية أيضا بغرس أشجار الغابات حتى يتسنى لها الحصول على األخشاب‬
‫الالزمة لبناء أسطولها الحربي ومراكبها التجارية ومن أشهر مناطق الغابات في مصرالفاطمية‪:‬‬
‫البهنسا– االشمونين– أسيوط؛ وقد كان الفاطميون يعاملون الفالحين معاملة قائمة على التسامح و‬
‫الرعاية كما حرسوا على عدم انتزاع األراضي من أيدي أصحابها‪.‬‬

‫‪ /2‬الصناعة ‪:‬‬
‫استُعملت أساليب جديدة في الصناعة في العصر الفاطمي وساعد على تقدمها استقرار البالد فضال‬
‫على حياة الترف التي سادت المجتمع في بعض المدن المصرية خاصة القاهرة والفسطاط‪ ،‬وكان لذلك‬
‫تأث ير كبير على اإلنتاج الصناعي ومن أهم الصناعات التي ازدهرت‪ :‬صناعة النسيج خاصة األقمشة‬
‫الصوفية الرفيعة‪ ،‬وكان معظمها يُصدر لبالد فارس والمنتوجات الحريرية حيث أنشأ المعز دار‬
‫الكسوة أين كانت تُفصل الثياب لموظفي الدولة وأيضا ألبسة األمراء والوزراء واألشراف‪.‬‬
‫كما تتوفر البالد على صناعة الكتان‪،‬حيث عرفت شأنا كبيرا في مصر لوفرة الكتان في دمياط وشرق‬
‫الدلتا؛ وقد أنشأت مصانع إلنتاج أنواع فاخرة من منتجات الكتان منها‪ :‬دار الديباج وخزانة البنود التي‬
‫بناها الخليفة الظاهر الفاطمي؛ وكان بها ثالثة آالف صانع لصنع أفخر أنواع الثياب‪ ،‬هذا فضال على‬
‫صناعة الزجاج والخزف؛ حيث كانت الفسطاط أكبر مراكز هذه الصناعة إلى جانب اإلسكندرية‪.‬‬
‫صورة‪ :‬قطعة زجاجية مكسورة من وعاء مرسوم عليها فارس على صهوة جواده تعود إلى العصر‬
‫الفاطمي‬
‫‪-‬الصناعة الزجاجية‪-‬‬

‫صورة‪ :‬قطعة خشبية بمصر تعود للعهد الفاطمي منقوش عليها آية الكرسي‬
‫‪-‬الصناعة الخشبية‪-‬‬

‫‪/3‬التجارة‪:‬‬
‫ازدهر النشاط التجاري في مصر الفاطمية‪ ،‬وكانت الفسطاط والقاهرة أهم مراكزها التجارية ومن‬
‫مراكز التجارة الداخلية نجد مدينة دمياط – قوص‪ -‬أسوان بسبب ورود تجارة النوبة والسودان إليها‪،‬‬
‫أما التجارة الخارجية فقد اتسع نطاقها مع البالد اآلسيوية واألوروبية فكانت مصر تستورد الكثيرمن‬
‫غالت الهند والصين ‪ ،‬كما أن حاجاتها إلى المواد الخام كالخشب والحديد حملتها على استيرادها من‬
‫بعض الدول األروبية‪ ،‬وصارت اإلسكندرية من المراكز الرئيسية للتجارة فتنتقل منها البضائع‬
‫اآلسيوية إلى أوربا وترد إليها السفن األروبية محملة بالسلع الالزمة للصناعة المصرية‪.‬‬
‫كما قامت بين مصر والمدن اإليطالية خاصة جنوة والبندقية عالقات تجارية فأخذت سفن البندقية تنقل‬
‫الخشب والحديد إ لى الموانئ المصرية؛ كما ارتبطت مصر بعالقات تجارية مع الدولة البيزنطية حيث‬
‫كان البزنطيون يستوردون المنتوجات المصرية من مصانع تنس ودمياط‪.‬‬
‫وكانت هناك منشآت أ عدت للتجارة مثل القيسارية وهي عبارة عن مجموعة أبنية عامة بها حوانيت‬
‫ومصانع ومخازن ومساكن‪ ،‬أما المعامالت التجارية فإن جوهر بعد فتح مصر بادر الى سبك دنانير‬
‫جديدة أ طلق عليها بالمعزية؛ وأصبحت مصر تتعامل بالدنانير الذهبية والفضية في عهد الحاكم بأمر‬
‫هللا‪.‬‬

‫المراجع ولتفصيل أكثر انظر‪:‬‬


‫‪ -‬أيمن فؤاد سيد‪ ،‬الدولة الفاطمية في مصر تفسير جديد‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية‪،‬ط‪.1992 ،1‬‬
‫‪ -‬الدولة الفاطمية منشور بموقع‪http//:ar.m.wikipedia.org:‬‬
‫‪ -‬سلمان حمود فالح‪ ،‬المنهج االقتصادي في عهد الحاكم بأمر هللا‪ ،‬منشور بمجلة العمامة على الموقع‪:‬‬
‫‪http// :www.al-amama.com/index/ph‬‬

‫محاضرة‪: 4‬الحياة الثقافية بمصر في العهد الفاطمي‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫اهتم الفاطميون منذ استقر سلطانهم في مصر بالعمل على نشر الثقافة العلمية واألدبية والمذهبية‬
‫التي تتصل بالدعوة االسماعيلية كالفقه والتفسير وغيرهما‪.‬‬

‫‪/1‬التدريس باألزهر‪:‬‬
‫ظهرت فكرة الدراسة به أواخر عهد المعز لدين هللا حين قام قاضي القضاة أبو الحسن علي بن‬
‫النعمان بشرح كتاب االقتصار الذي وضعه أبوه ويشتمل على مسائل فقهية استمدها من أئمة أهل البيت‬
‫على أن أخاه أبا عبد هللا محمد بن النعمان جلس في ربيع االول من سنة ‪385‬ه بقصر الخليفة لقراءة‬
‫علوم أهل البيت‪ ،‬وفي أوائل عهد العزيز باهلل جلس الوزير يعقوب بن كلس بالجامع األزهر وقرأ على‬
‫الناس رسالة ألفها في الفقه الشيعي على المذهب االسماعيلي تسمى (الرسالة الوزيرية) تضمنت‬
‫ماسمعه في ذلك من المعز لدين هللا وولده وكان يفد إلى سماعه الفقهاء والقضاة وأكابر رجال الدولة‪.‬‬
‫وقد زادت أهمية جامع األزهر في مصر منذ أن أشار الوزير يعقوب بن كلس سنة ‪378‬ه على‬
‫الخليفة العزيز بتحويله إلى معهد للدراسة بعد أن كان مقصورا على إقامة الدعوة الفاطمية‪ ،‬و أستأذنه‬
‫في أن يعين باألزهر بعض الفقهاء للقراءة و التدريس على أن يعقدوا مجالسهم بهذا الجامع في كل‬
‫جمعة من بعد الصالة حتى العصر وقبل العزيز بذلك ‪ ،‬وظل األزهر بذلك مركز الفقه الفاطمي ‪.‬‬
‫صورة الجامع األزهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر بالقاهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة‬
‫أبرز مراكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــز نشر الدعوة الدينية‬
‫‪ /2‬االهتمام بالمكتبات‪:‬‬
‫اهتم الفاطميون بإنشاء المكتبات ‪ ،‬فألحقوا بالقصر الشرقي الكبير مكتبة زودوها بأندر المؤلفات‬
‫في مختلف العلوم والفنون وكان تجار الكتب يعرضون على موظفي مكتبة القصر أندر الكتب التي‬
‫يعثرون عليها ‪ ،‬وكانت مكتبة العزيز على سبيل المثال تتوفر على مايزيد عن ‪ 20‬نسخة من كتاب‬
‫التاريخ " الطبري " و ‪ 30‬نسخة من كتاب "العين" للخليل بن أحمد الفراهدي و ‪ 10‬نسخ من كتاب "‬
‫الجمهرة " البن دريد وكان بمكتبة القصر ‪ 40‬خزانة بها كتب في سائر العلوم ‪ ،‬الفقه ‪ ،‬النحو ‪ ،‬اللغة‬
‫الحديث ‪ ،‬التفسير ‪ ،‬التاريخ ‪ ،‬سير الملوك ‪ ،‬الفلك و الكمياء ‪..‬إلخ‪.‬‬
‫ومن أهم المراكز الثقافية بمصر دار الحكمة التي أسسها الحاكم بأمر هللا سنة ‪ 395‬ه ‪ ،‬وأطلق‬
‫عليها هذه التسمية رمزا للدعوة الشعبية‪ ،‬وقد زود الحاكم هذه الدار بمكتبة عرفت باسم دار العلم حوت‬
‫الكثير من الكتب ‪ ،‬وقد جذبت دار الحكمة العديد من أعالم المشرق أمثال‪:‬الرحالة الفارسي ناصر‬
‫خسرو‪ ،‬والداعي الحسين بن الصباح اللذان وفدا على مصر في عهد المستنصر باهلل الفاطمي ‪.‬‬
‫‪ /3‬نشاط الحركة العلمية ‪:‬‬
‫فتح الفاطميون حاضرة خالفتهم للعلم والعلماء والطالب منذ عهد المعز وحذا الخلفاء من بعد‬
‫حذوه فصارت تعقد المجالس العلمية واألدبية بقصورهم ويدعون اليها الفقهاء والعلماء واألدباء‬
‫فيتناظرون بحضرتهم واتسع نشاط علماء الدعوة في تأليف الكتب منهم ‪:‬القاضي النعمان من كبار‬
‫رجال القضاء واألدب وصاحب الفضل في نشر الثقافة الفاطمية التي تتصل بالدعوة االسماعلية ومن‬
‫مؤلفاته في ذلك ‪ «:‬دعائم االسالم في ذكر الحالل والحرام والقضايا واألحكام»‪ ،‬وقد نهج الوزير ابن‬
‫كلس يعقوب في كتابه «مصنف الوزير» على منهج كتاب الدعائم‪ ،‬ومن مؤلفات القاضي النعمان أيضا‬
‫كتاب«المجالس والمسايرات»‪« ،‬افتتاح الدعوة»‪.‬‬
‫كما كان لتشجيع الفاطميين للعلماء والكتاب أثره في ظهور طائفة كبيرة منهم في مصر فاشتهر‬
‫من المؤرخين أبو الحسن علي بن محمد الشابشتي ‪388‬ه‪ ،‬والذي اتصل بخدمة الخليفة العزيز فواله‬
‫خزانة كتبه واتخذه من جلسائه وندمائه ومن مصنفاته‪ :‬كتاب« الديارات» أورد فيه أخبارا عن أديرة‬
‫العراق و الجزيرة و مصر وما قيل في كل منها من األشعار؛ ومن المؤرخين أيضا األمير المختار عز‬
‫الملك المعروف بالمسبحي ت ‪ 420‬ه ‪ ،‬وكان من جلساء الخليفة الحاكم بأمر هللا ‪ ،‬وتولى في أيامه‬
‫بعض المناصب و اهتم بكتابة التاريخ و ألف فيه عدة كتب منها ‪ :‬تاريخه الكبير المسمى«بتاريخ‬
‫مصر»؛ ومن أعالم المؤرخين أيضا أبو عبد هللا القضاعي ت‪454‬ه وكان من أقطاب الحديث و الفقه‬
‫الشافعي وله كتاب في خطط مصر سماه «المختار في ذكر الخطط و األثار»؛ كما برز في العلوم‬
‫الرياضية و الطبيعية و الفلسفية عدة أعالم منهم ‪ :‬أبو علي محمد بن الحسن بن الهيثم ت ‪430‬ه‪ ،‬و‬
‫الفيلسوف الطبيب أبو الحسن علي بن رضوان ت ‪ 460‬ه ‪.‬‬
‫المراجع‪:‬‬
‫‪-‬القاضي النعمان بن محمد‪ ،‬كتاب المجالس والمسايرات‪ ،‬تحقيق الحبيب الفقي وإبراهيم شبوح ومحمد‬
‫اليعالوي‪،‬ط‪ ،1‬دار المنتظر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ /1996 ،‬افتتاح الدعوة‪ ،‬تحقيق فرحات الدشراوي‪،‬ط‪،2‬‬
‫نشر ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬والشركة التونسية للتوزيع‪ ،‬تونس‪.1986،‬‬
‫‪-‬محمد كامل حسين‪ ،‬الحياة الفكرية واألدبية بمصر من الفتح العربي حتى آخر الدولة الفاطمية‪،‬دط‪،‬‬
‫مؤسسة هنداوي للنشر‪.2017 ،‬‬
‫‪-‬سامي العبيد محمد‪ ،‬الحياة االجتماعية والثقافية في الدولة الفاطمية في المغرب ومصر(‪-297‬‬
‫‪567‬ه‪ 1171-909/‬م)‪ ،‬ماجستير تاريخ‪،‬إشراف حسن عوض الكريم‪ ،‬جامعة شندي‪ ،‬كلية الدراسات‬
‫العليا‪ ،‬آداب‪ ،‬قسم التاريخ‪.2019،‬‬
‫‪-‬مروة عبد الرزاق ناجي‪،‬وغزوة شهاب أحمد‪ ،‬العوامل المؤثرة في تأسيس دار الحكمة في العصر‬
‫الفاطمي‪ ،‬مجلة الملوية للدراسات األثرية والتاريخية‪ ،‬المجلد‪ ،4‬العدد‪ ،10‬السنة الرابعة‪.2017،‬‬
‫‪-‬محمد عبد هللا عنان‪ ،‬األزهر والحياة الفكرية في العصر الفاطمي‪ ،‬مجلة الرسالة‪ ،‬العدد‪ ،146‬منشور‬
‫بموقع‪:‬‬
‫‪http//:ar.wikisource.org‬‬

‫محاضرة ‪:5‬سقوط الدولة الفاطمية‬

‫‪1‬ضعف الدولة الفاطمية‪:‬‬


‫هنالك العديد من األسباب التي أدت إلى ضعف الدولة الفاطمية ولعل أهمها مايلي‪:‬‬
‫ا‪/‬اعتماد الفاطميين على اليهود والنصارى ‪:‬‬
‫حيث اعتمد الفاطميون في دولتهم على اليهود والنصارى بشكل واضح وأصبح هذا األمر من‬
‫سمات الحكم في ذلك الوقت ‪،‬فدخل هؤالء في الوزارات وعملوا كمستشارين في الشؤون االقتصادية‬
‫والسياسية والعلمية ‪،‬كما كانوا من جباة الضرائب والزكاة وأصبحت الكثير من األعمال الهامة تحال‬
‫إليهم وظهرت أسماء عدة منهم لها نفوذمثل ‪:‬الطيب النصراني منصور بن مقشر‪ ،‬والمنجم بن علي‬
‫عيسى ‪ ،‬وكذلك اليهودي يعقوب بن كلس الذي كان مقربا من العزيز الفاطمي وعمل على نشر الدعوة‬
‫الفاطمية‪ ،‬ومع أن الحاكم بأمر هللا أمر أثناء حكمه بهدم كافة الكنائس في مصر إال أنه أعاد وأمر ببنائها‬
‫كما استمر اليهود في عهده ممارسة أعمالهم حتى جاءهم الظاهر عام‪427‬ه حيث كانت الدولة في‬
‫تدهور كبير وتحكم اليهود على إثر ذلك في مرافق البالد وأصبح القصر الفاطمي مليئا بالدسائس‪.‬‬
‫ب‪/‬األوضاع السيئة للدولة الفاطمية‪:‬‬
‫إذ تعرضت لحالة من الفوضى الشديدة تمثلت في ظهور الجوع والبؤس بين الناس وغالء السلع‪،‬‬
‫والنزاع على السلطة وبسبب هذه األوضاع كان زعيم األتراك ابن حمدان يفكر في جعل الخالفة‬
‫العباسية بدل الفاطمية وقد ساءت أحوال البالد حتى وصل الناس إلى أكل لحوم الكالب والحمير ولم‬
‫تزل هذه الحالة حتى ترك الفاطميون الحكم‪ ،‬على إثر ذلك تولى إدارة الدولة الوزراء وكان الوزير بدر‬
‫الجمالي أولهم حيث كانوا يتحكمون في تعيين الخلفاء وعزلهم‪.‬‬
‫ج‪/‬تهديد الحمالت الصليبية ‪:‬‬
‫خاصة في مصر والشام وبرزت الحاجة إلى إعادة الوحدة بين أقطار الخالفة العباسية ضد العدوان‬
‫الصليبي وقد تمكن من تحقيق ذلك القائد صالح الدين األيوبي الذي حكم مصر وأسس دولة الوحدة‬
‫بينها وبين الشام وأنهى الخالفة الفاطمية‪.‬‬

‫‪/2‬سقوط الدولة الفاطمية ودور صالح الدين األيوبي في ذلك‪:‬‬


‫بعد أن نجح الفاطميون في حكم مصر مايقارب ‪ 262‬سنة إال أن الضعف الذي ساد البالد أواخر فترة‬
‫حكم الخلفاء الضعاف وسيطرة الوزراء على دواليب السلطة قاد إلى سقوطها ومحو آثار التشيع بها‬
‫والذي حصل على يد القائد األيوبي صالح الدين هذا األخير الذي ولد في مدينة تكريت في العراق‬
‫سنة‪532‬ه وكان والده واليا عليها قبل أن ينتقل إلى والية بعلبك التي استمر فيها ‪7‬سنوات ثم انتقل إلى‬
‫دمشق حيث تربى صالح الدين في بالط أميرها نور الدين زنكي‪ ،‬وكانت أول مشاركات صالح الدين‬
‫العسكرية حينما كلف نور الدين زنكي عمه نور الدين شيركوه لقيادة حملة عسكرية باتجاه مصر‬
‫وشارك صالح الدين فيها حيث كان لبسالته وشجاعته أن أهلته ليكون الرجل الثاني في قيادة الحملة‪،‬‬
‫ذلك أن أسد الدين شيركوه كان أحد وزراء الدولة الفاطمية عينه الخليفة الفاطمي العاضد لدين هللا‬
‫وكان هذا الوزير يملك معظم السلطات والصالحيات بعد وفاة أسد الدين ضغط نور الدين زنكي أمير‬
‫دمشق من أجل تعيين صالح الدين األيوبي الذي أصبح الوزير األول في مصر منذعام ‪564‬ه‪1169/‬م‪،‬‬
‫وكان عمره أنذاك حوالي ‪ 32‬سنة حيث بسط سلطته على مصر وصار له نفوذ كبير فيها وبعد وفاة‬
‫الخليفة العاضد لدين هللا ألغى صالح الدين الخالفة الفاطمية؛ واتخذ إجراءات عدة تتضمن عودة مصر‬
‫إلى المذهب السني منها إنشاء مدرستين في الفسطاط وهما المدرسة الناصرية والمدرسة الكاملية التي‬
‫اتخذت على عاتقها نشر المذهب المالكي في البالد وتعليمه للناس بدل المذهب الشيعي اإلسماعيلي كما‬
‫أعاد الخطبة للخليفة ا لعباسي على المنابر‪ ،‬ووحد بالد مصر والشام والحجاز تحت راية الدولة العباسية‬
‫وكان ذلك بداية سنة‪567‬ه‪1171/‬م‪.‬‬
‫المراجع‪:‬‬
‫‪ -‬المقريزي (تقي الدين أبي العباس أحمد بن علي)‪ ،‬إغاثة األمة بكشف الغمة‪ ،‬دراسة وتحقيق كرم‬
‫حلمي فرحات‪،‬ط‪، 1‬نشر مركز عين للدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية‪.2007،‬‬
‫‪-‬أيمن فؤاد سيد‪ :‬الدولة الفاطمية في مصر تفسير جديد‪،‬ط‪ ،1‬الدار المصرية اللبنانية‪.1992،‬‬
‫‪-‬محمد جمال الدين سرور‪ :‬تاريخ الدولة الفاطمية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.1995،‬‬
‫‪ -‬علي محمد الصالبي‪ ،‬صفحات من التاريخ اإلسالمي في الشمال اإلفريقي«الدولة الفاطمية»‪،‬ط‪،1‬‬
‫مؤسسة إقرأ للنشر والتوزيع والترجمة‪.2006 ،‬‬
‫‪-‬عبد الحليم عويس‪ :‬سقوط دولة الفاطميين‪ ،‬مقال منشور بموقع‪www.islamstory.com :‬‬
‫‪ -‬هيثم الكسواني‪ :‬صالح الدين وسقوط الدولة الفاطمية‪ ،‬منشور بموقع ‪www.alrased.net‬‬

‫محاضرة‪ : 6‬الدولة األيوبية‬

‫‪-1‬أصول األيوبيين‪:‬‬
‫تحدث المؤرخون عن النسب األيوبي واختلفوا حول هذا النسب ولكنهم اتفقوا على أن جد‬
‫األيوبيين هو الملك األفضل نجم الدين أيوب بن شادي بن مروان ‪ ،‬ولم يجمعوا على رأي واحد في‬
‫نسبهم فمنهم من قال أنهم اكراد ومنهم من قال أنهم عرب أمويون وقد ذكر الحسن بن داود األيوبي في‬
‫كتابه « الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية » ماقيل عن نسب أجداده وقطع أنهم ليسوا أكرادا بل نزلوا‬
‫عندهم فنسبوا إليهم و قال( ولم أرى أحدا ممن أدركته من مشايخ بيتنا يعترف بهذا النسب)‬

‫‪/2‬الدولة األيوبية ‪:‬‬


‫هي دولة إسالمية نشأت في مصر تأسست سنة ‪1174‬م الى‪1250‬م‪ ،‬وامتدت لتشمل الشام‬
‫والحجاز واليمن والنوبة وبعض أ جزاء المغرب العربي‪ ،‬ويعتبر صالح الدين يوسف بن أيوب مؤسس‬
‫الدولة ا أليوبية؛ كان ذلك بعد أن عين وزيرا للخليفة الفاطمي العاضد لدين هللا ونائبا عن السلطان نور‬
‫الدين محمود في مصر حيث عمل أن تكون السلطات تحت يده وأصبح هو المتصرف في األمور‬
‫وأعاد لمصر التبعية للدولة العباسية ومنع الدعاء للخليفة الفاطمي وأغلق مراكز الشيعة الفاطمية ونشر‬
‫المذهب السني‪.‬‬
‫‪ /3‬توسعات الدولة ‪:‬‬
‫بعد وفاة نور الدين زنكي توجه صالح الدين إلى بالد الشام فدخل دمشق ثم ضم حمص ثم‬
‫حلب؛ وبذلك أصبح صالح الدين سلطانا على مصر والشام‪ ،‬إذ كانت دولة األيوبيين قد امتدت الى بالد‬
‫الحجاز حيث قام بتحصين جنوب فلسطين واالستعداد ألي أمر يقوم به أرناط صاحب قلعة الكرك‬
‫والذي كان يدبر الهجوم على األماكن المقدسة في مكة والمدينة؛ وكان صالح الدين قد اعتنى بميناء‬
‫جدة وميناء القلزم وكان أرناط قد سيطر بأسطول على ميناء أيلة(العقبة) لكن صالح الدين نجح بقوة‬
‫جيشه في االستالء على أيلة واسترد صالح الدين بيت المقدس في ‪ 27‬رجب ‪ 583‬ه ‪ 2/‬أكتوبر ‪1187‬م‬
‫بعد ‪ 3‬أشهر من انتصاره في معركة حطين فعقب ذلك سقطت في يده كل موانيء الشام ماعدا مينائي‬
‫إمارة طرابلس وأنطاكية وانتهت الحرب الصليبية الثالثة بسقوط عكا بيد الصليبين وتوقيع صلح الرملة‬
‫بين صالح الدين وريتشارد قلب األسد‪.‬‬

‫خريطة الدولة الزنكية في أقصى اتساعها قبل السيطرة على مصر‬

‫‪ /4‬أشهر الحكام األيوبيين ‪:‬‬


‫‪9‬ملوك من أهمهم ‪:‬‬
‫الملك الناصر ‪ :‬صالح الدين يوسف بن نجم الدين أيوب ‪588-569‬ه‪1193-1174/‬م‬
‫الملك العزيز‪ :‬عثمان بن صالح الدين يوسف ‪1198-1193/594-588‬م‬
‫الملك المنصور ‪ :‬ناصر الدين محمد بن عماد الدين ‪596-594‬ه‪1200-1198/‬‬
‫الملك العادل ‪ :‬أحمد بن نجم الدين أيوب ‪614-596‬ه‪1218-1200/‬م‬
‫إضافة للملك الكامل –الملك العادل الثاني‪-‬الملك الصالح –الملك المعظم وآخر حكامها الملك األشرف‬
‫مظفر الدين موسى بن المسعود ‪649-647‬ه‪1252-1250/‬م‬
‫‪/5‬أنظمة الدولة‪:‬‬
‫‪-‬النظام السياسي‪ :‬كان السلطان األيوبي يطلب من الخليفة العباسي بصفته الرئيس األعلى لبالد‬
‫المسلمين تفويضا يجعل حكمه في مصر حكما شرعيا؛ ومع ذلك فإن سلطان األيوبيين على البالد التي‬
‫كانت تحت أيديهم كان سلطانا مطلقا ولم تكن للخالفة العباسية أي نفوذ عليه ويعد صالح الدين أول من‬
‫اتخذ لقب السلطة من حكام مصر وحصل على لقب سلطان ولقب محيي دولة أمير المؤمنين‪.‬‬
‫‪-‬النظام القضائي‪ :‬في سنة ‪564‬ه افتتح صالح الدين مدرستين لتدريس الفقه إحداهما على المذهب‬
‫الشافعي والثانية للفقه المالكي‪ ،‬وفصل قضاة الشيعة وعلى إثر ذلك انتشر المذهب الشافعي في مصر‬
‫ومايتبعها من أقاليم وكان يتولى منصب القضاء في القاهرة وسائر الديار المصرية قاضي واحد هو‬
‫بمثابة قاضي القضاة وله نواب في باقي األقاليم‪.‬‬
‫‪-‬النظام االقتصادي‪ :‬نظمت الدولة األيوبية الخراج والجزية في مصر ووضعت إصالحات داخلية في‬
‫البال د أدت الى تشكيل اقتصاد قوي أولى عناية بقطاعات الزراعة والصناعة والتجارة الخارجية ولم‬
‫يطرأ تغيير كبير على النظام المالي الذي كان سائدا في مصر منذ العصر العباسي‬
‫‪-‬الجيش‪ :‬شكل صالح الدين جيشه من المماليك األسدية القدماء وسائره من األحرار األكراد الذين‬
‫دخلوا م صر في حملة شيركوه الثالثة فضال عن المماليك األتراك وكانت تشكيالت الجيش األيوبي‬
‫تنقسم إلى ‪ 3‬فئات‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬تتألف من الترك واألكراد‪ /‬والثانية‪ :‬من الكنانية والعساقة الذين هاجروا من جنوب فلسطين‪/‬‬
‫والفئة الثالثة‪ :‬من الجند الذين يخدمون األسطول البحري يضاف إلى هذه الفئات فرقة المتطوعين من‬
‫التركمان والعرب‪.‬‬

‫‪ /6‬سقوط الدولة األيوبية ‪:‬‬


‫بعد وفاة صالح الدين عام‪589‬ه انقسمت دولته بين أوالده وأخيه العادل فتناحروا فيما بينهم في‬
‫ظروف كانت تحتاج فيها إلى تجميع القوى ضد الصلبيين الذين انهالوا على الشام ومصر خصوصا في‬
‫ث الث حمالت صليبية متتابعة جعلت الكامل محمد يتنازل طواعية عن بيت المقدس للملك فريديريك‬
‫الثاني سنة ‪625‬ه‪1228/‬م‪ ،‬وتواصل الضعف ينخر في جسم الدولة إلى مقتل آخر حكامها على يد‬
‫المماليك ثوران شاه في ‪ 28‬محرم ‪648‬ه‪2/‬ماي ‪1250‬م وبذلك انتهت الدولة‪.‬‬

‫صورة عن حصار دمياط من قبل األسطول الصليبي والبيزنطي‬

‫المراجع‪:‬‬
‫‪-‬وفاء محمد علي‪ :‬قيام الدولة األيوبية في مصر والشام‪ ،‬منشورات دار الفكر العربي للطباعة والنشر‪،‬‬
‫مصر‪،‬دت‬
‫‪-‬محمد سهيل طقوش‪ ،‬تاريخ األيوبيين في مصر وبالد الشام وإقليم الجزيرة(‪569-661‬ه)‪ ،‬دار‬
‫النفائس‪ ،‬بيروت‪.1999 ،‬‬
‫‪-‬أحمد مخت ار العبادي‪ ،‬في التاريخ األيوبي والمملوكي‪ ،‬نشر مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.1992‬‬
‫‪ -‬علي محمد الصالبي‪ ،‬صالح الدين األيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت‬
‫المقدس‪،‬ط‪ ،2‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2008،‬‬
‫‪-‬الدولة األيوبية منشور بموقع‪http:/ar.m.wikipedia.org:‬‬

‫محاضرة ‪:7‬الدولة المملوكية‪1517-1250 -‬م‪-‬‬


‫‪-1‬أصول المماليك‪:‬‬
‫المملوك جمع ممالك هو العبد الذي سُبي ولم يملك أبواه؛ و العبد القن هو الذي ُملك هو وأبواه‬
‫والمملوك عبد يباع ويشترى‪ ،‬وقد أخذت التسمية مدلوال اصطالحيا خاصة في التاريخ اإلسالمي اذ‬
‫اقتصرت منذ عهد الخليفة العباسي أبو العباس عبد هللا المأمون ‪ 833-813/218-198‬ثم أبو إسحاق‬
‫محمد المعتصم باهلل ‪227-218‬ه‪ 842-833/‬م على فئة الرقيق األبيض الذي كان الخلف أو كبار القادة‬
‫والوالة العباسيون يشترونهم من أسواق النخاسة الستخدامهم كفرق عسكرية لتدعيم نفوذهم ومع الوقت‬
‫أضحى المملوك األداة العسكرية الوحيدة في بعض جيوش الدولة اإلسالمية‪ ،‬وكان من هؤالء العنصر‬
‫التركي‪ ،‬حيث يُعد الخليفة المعتصم أول من اعتمد عليه في الجيش وبلغت عدتهم ‪8‬آالف مملوك ت َّم‬
‫شرائهم لذلك ومع الوقت تقوت شوكتهم وأصبحوا يتدخلون في شؤون الخالفة منذ العصر العباسي‬
‫الثاني ‪334-232‬ه‪ 946-847/‬م وقامت على إثرهم الدويالت المستقلة ذات األصول التركية والفارسية‪.‬‬
‫‪-2‬تشكيل دولتهم ‪:‬‬
‫هي إحدى الدول اإلسالمية التي قامت في مصر خالل أواخر العصر العباسي الثالث وامتدت‬
‫حدودها فيما بعد إلى الشام والحجاز ودام ملكها منذ سقوط الدولة األيوبية سنة ‪648‬ه‪1250/‬م حتى‬
‫بلغت الدولة العثمانية ذروة قوتها وضم السلطان سليم األول الديار الشامية والمصرية بعد هزيمة‬
‫المماليك في معركة ‪ :‬الريدانية سنة ‪923‬ه‪1517/‬م‪.‬‬
‫يُقسم المؤرخون الدولة المملوكية إلى فرعين هما دولة المماليك البحرية ودولة المماليك البرجية‪،‬‬
‫حكم المماليك البحرية من سنة ‪648‬ه‪1250/‬م الى سنة ‪748‬ه‪1382/‬م وكان أكثرهم من الترك المغول‬
‫وحكم المماليك البرجية من‪784‬ه‪1382/‬م الى سنة ‪923‬ه‪1517/‬م وكانوا من الشركس خاصة أن‬
‫المماليك كما ذكرنا أصولهم رقيق محاربين استقدمهم الخلفاء العباسيون األوائل من تركستان والقوقاز‬
‫وقد استخدمهم السالطين األيوبيون وظهر تدخلهم في شؤون الدولة حين مات آخر السالطين األيوبيين‬
‫وهو الملك الصالح نجم الدين أيوب سنة‪647‬ه‪1249/‬م وكتمت زوجته شجرة الذر النبأ إلى أن حضر‬
‫ابنه توران شاه من الجزيرة الفراتية الى القاهرة قدم توران مماليكه الذين اصطحبهم معه فعينهم في‬
‫مناصب الدولة فقام الممالك القدماء في مصر وقتلوه ونصبو «شجر الدُّر» سلطانة عليهم سنة ‪1250‬م‬
‫وليت شؤون الدولة‪.‬‬
‫وهي أول امرأة ِّ‬
‫خريطة تظهر انقسام المشرق اإلسالمي بين األيوبيين في الشام والحجاز واليمن(باللون األحمر)‬
‫و المماليك البحرية في مصر(باللون األخضر)‬

‫‪-3‬أهم المنجزات التاريخية للدولة‪:‬‬


‫ظهر المماليك بمظهر المنقذين للعالم اإلسالمي من الضياع فبعد سقوط بغداد في يد المغول‬
‫بقيادة هوالكو خان ومقتل آخر خلفاء بني العباس« أبو أحمد عبد هللا المستعصم باهلل» سار المغول‬
‫لغزو الشام وهددوا مصر‪ ،‬فأرسل سلطان المماليك سيف الدين قطز جيشا إلى فلسطين لصد التقدم‬
‫المغولي وهزم المغول في معركة عين جالوت شمال فلسطين ‪1260‬م‪.‬‬
‫كما اهتم المماليك بمحاربة الصليبين وكان ملكهم الظاهر بيبرس أول من تابع مسيرة الجهاد ضد‬
‫الصليبيين حيث استعاد الكرك وقيسارية ويافا وغيرها من المدن بين سنتي ‪1266-1263‬م كما استعاد‬
‫المسلمون أنطاكية سنة ‪1268‬م من يد الفرنجة‪.‬‬
‫ومثل ذلك قام به السلطان «سيف الدين قالوون» فاسترجع طرابلس الشام سنة ‪1289‬م وتوفي وهو‬
‫يهيء حملة السترجاع عكا سنة ‪1290‬م وقد أكمل المهمة بعده ابنه الملك األشرف صالح الدين خليل‬
‫سنة ‪1291‬م وكانت المرفأ الرئيسي للصليبين‪.‬‬
‫‪ -4‬سقوط دولة المماليك‪:‬‬
‫فقدت دولة المماليك قوتها االقتصادية في مصر والشام مع اكتشاف واستخدام طريق رأس الرجاء‬
‫الصالح في عام‪ 1488‬م على يد البرتغاليين‪ ،‬فاكتشاف هذا الطريق البحري إلى الهند جعل أوربا‬
‫تستغني عن عبور سفنها المحملة ببضائع الشرق عبر البحر األحمر حتى ميناء"القزم" السويس اآلن‬
‫ومنه برا حتى ميناء اإلسكندرية ومنه ألوربا‪ ،‬وضياع ماكان يفرضه المماليك من رسوم وضرائب‬
‫على تلك البضائع‪.‬‬
‫تفاقم األزمة االقتصادية للدولة المملوكية في عهد"قنصوه الغوري"(‪ ،)1501-1517‬خاصة بعد‬
‫هزيمة المماليك أمام البرتغاليين في موقعة"ديو البحرية"‪ ،‬عام‪1509‬م‪ ،‬حيث تسببت األزمة في‬
‫إضعاف الجيش المملوكي‪.‬‬
‫كما دب الضعف بسبب انقسام المماليك السياسي(المماليك البحرية والبرجية) وتنازعها فيما بينها‬
‫ما أدى إلى إضعاف ا لدولة مع تنامي نفوذ وقوة الدولة العثمانية التي تمكنت على عهد سلطانها سليم‬
‫األول من التوسع وضم البالد الشامية والمصرية على إثر هزيمتهم للماليك في معركة الريدانية ما أدى‬
‫إلى انهيار دولتهم وسقوطها سنة‪923‬ه‪1517/‬م‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬
‫‪-‬إيناس حسني البهجي‪ :‬دولة المماليك"البداية والنهاية"‪،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العربية‪2015 ،‬‬
‫‪ -‬السير وليم موير‪ :‬تاريخ دولة المماليك في مصر‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪1995،‬‬
‫‪ -‬السيد الباز العريني‪ ،‬الممليك‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪،‬بيروت‪،‬دت‪.‬‬
‫‪-‬أحمد مختار العبادي‪ ،‬في التاريخ األيوبي والمملوكي‪ ،‬نشر مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.1992‬‬
‫‪-‬الدولة المملوكية منشور بموقع‪http:/ar.m.wikipedia.org :‬‬
‫‪ -‬عمروصابح‪ ،‬قراءة مختصرة في أسباب سقوط دولة المماليك‪ ،‬مقال منشور بالموقع‬
‫التالي‪www.diwanalarab.com:‬‬

You might also like