You are on page 1of 210

‫نظًر ا لوفاة والدها على يد مخالب الوحش ورفض والدتها التخلي عن حبها األول ‪ ،‬تدخل قمر عالم ما بعد

السكتة الدماغية‬
‫باعتبارها غير شرعية أو لقيط باسم أفضل ‪ ،‬وصمة عار‪.‬‬

‫تم رفض قمر من قريتها أمالور منذ طفولتها ‪ ،‬وتم منعها من االرتباط بأخرى ‪ ،‬والتدريب بالسالح ‪ ،‬والكتابة ‪ ،‬والتجول‬
‫بحرية في جميع أنحاء القرية‪ .‬في الواقع ‪ ،‬األمر الوحيد المسموح لها بفعله هو إما الموت عن طريق الطفو أو قضاء‬
‫حياتها كخادمة صامتة للحكماء‪ .‬كونها خادمة للرجال التسعة الذين يريدون موتها لم يكن أمًر ا مثالًيا ‪ ،‬ولكن لم يكن هناك‬
‫أي طريقة كانت تطأ قدمها بالقرب من هذا النهر مرة أخرى‪ .‬لم يستطع حتى تنويرها تهدئة مخاوفها من اندفاع المياه‪.‬‬

‫إنها تتمرد بثبات وهي تكبر‪ .‬قمر تقيم صداقات مخلصة قريبة مثل العائلة‪ .‬معهم ‪ ،‬تتعلم كيف تتدرب وتجد الحب‪ .‬لكن‬
‫حتى عائلتها ال تستطيع حمايتها من عواقب أفعالها‪ .‬غيرتها خسارة فادحة واحدة وهي نقطة انطالق لقيادة حياتها إلى‬
‫أجزاء غير معروفة‪ .‬بالتوافق مع الحلفاء غير المرغوب فيهم ‪ ،‬يجب أن تواجه قمر أعداء يجعلونها تتساءل عن هوية‬
‫الوحوش حًقا‪.‬‬

‫كانت القرية جالسة بين تلين كبيرين ‪ ،‬وتقع في عمق الوادي األخضر الخصب حيث كانت األشجار كثيرة‪ .‬مرت مياه‬
‫النهر بسهولة على القرية من بحيرة الياقوت التي ال ُت حصى والتي كانت تقع على بعد يوم واحد فقط سيًر ا على األقدام‪.‬‬
‫بمجرد أن بدأت الشمس في الظهور فوق التل المجاور ‪ ،‬جلست امرأة شابة على العشب الندي على قمة التل‪ .‬عيناها‬
‫الفضيتان ثبتتا الضوء المتنامي بوهج ساخن يكاد ينافس ضوء الشمس نفسها‪ .‬بينما كانت أشعة الشمس تتدفق على خيوط‬
‫قرنفلها ‪ ،‬لم تكن على دراية بالرجل المبتسم الذي اقترب منها من الخلف‪.‬‬

‫قال ساخًر ا‪ " :‬ال يمكنك التحديق في الشمس طوال اليوم" ‪ " .‬إنه أمر مروع لعينيك‪.‬‬

‫طارت يدها إلى صدرها في مفاجأة وهي تدور لمواجهة الرجل‪ .‬جادلت قائلة‪ " :‬يمكنني التحديق في الشمس مهما طالت‬
‫المدة التي أحبها يا ادهم ‪ ،‬ورؤية كيف ال أريد أن يبدأ هذا اليوم‪".‬‬

‫تنهد ادهم وأغلق المسافة بينهما‪ .‬انضم إليها على العشب‪ .‬بدأ " ناهد " ويده الخشنة تمسك بيدها‪ " .‬أنا ال أريد هذا أيًض ا‪.‬‬
‫ال أريد أن أتركك لمدة ثالثة أيام‪ .‬لكن ليس لدي خيار‪" .‬‬

‫تمتمت بهدوء‪ " :‬أنت تفعل" ‪ .‬حدقت عيناها الفضيتان في عينيه الخماسيتين الداكنتين‪ " .‬كان اليوم يوم ترابطنا‪ .‬إنه ليس‬
‫اليوم الذي ستغادر فيه للقيام بدوريات على الحدود " ‪.‬‬

‫نجا تنهد آخر متجهم من شفتيه ‪ " ،‬لقد أمضيت طوال الليل أتوسل إلى كل وايزمان‪ .‬ال يمكنهم أن يجنوني‪ .‬بتنويري ‪ ،‬هم‬
‫بحاجة إلى شخص قوي مثل عشرين رجًال ليقاتل كل من المغيرين و الوحش ‪ .‬لقد أعطوا كلمتهم أنه بمجرد أن أعود ‪،‬‬
‫سنكون مستعبدين " ‪.‬‬

‫ابتسمت ناهد ‪ " .‬لذا يجب أن أقف عند قوس القرية في انتظارك ؟" تساءلت بإغاظة‪ " .‬هل سيجمعوننا مًع ا هناك ؟"‬

‫ألقى ادهم رأسه للخلف ‪ ،‬وأطلق نباًح ا من الضحك‪ " .‬ربما‪ .‬على الرغم من أنك تعلم أن الحكماء مغرمون جًد ا بالطقوس‬
‫"‪.‬‬

‫اومأت برأسها‪ .‬ووافقت " نعم ‪ ،‬الحكماء يهتمون باألوامر" ‪ .‬تصادم مع شعرها أحمر الخدود الوردي الفاتح‪ .‬أطلعت‬
‫عينيها عن ادهم وحدقت في الزهرة البيضاء وهي ترقص في الهواء البارد‪.‬‬

‫ابتسمت ادهم وقضمت وجهها برفق ‪ ،‬وهبة رت عينيها إليه‪ .‬تمتم بهدوء ‪ " ،‬كما نعلم ‪ ،‬أنا لست شخًصا يتبع أوامر‬
‫الحكماء‪".‬‬

‫مع استمرار احمرار خدي ناهد ‪ ،‬جذبها ادهم لقبلة رقيقة‪ .‬سقطت بصرهم عن بعضهم البعض بينما ترفرفت عيونهم‪.‬‬
‫بعد مرور الدهر ‪ ،‬ابتعدوا بقلق‪ .‬تقابل العيون البنية الترابية بالفضة كما تحدث ادهم ‪ " .‬إذا كان لدينا المزيد من الوقت ‪،‬‬
‫لفعلت ذلك وأكثر‪ ".‬ابتسم بتكلف عندما انتشر أحمر الخدود بسرعة على وجهها‪.‬‬

‫حذرت ناهد بغضب من " ادهم " ‪ ،‬على الرغم من أن عيناها تتوهج بالبهجة والسعادة ‪ " ،‬احتفظ بهذه األفكار لنفسك" ‪.‬‬

‫" أعتقد أنك أول من فكر في األمر‪ .‬لقد رأيته في عينيك في وقت سابق " ‪.‬‬

‫سخرت ناهد ‪ ،‬مخفية ابتسامتها خلف يدها‪ " .‬مهما رأيت ‪ ،‬تخيلت‪".‬‬
‫تساءل ادهم ‪ ،‬وهو يقوس حاجبه ‪ " ،‬إذن ‪ ،‬تخيلت أحمر الخدود الجميل على وجهك ؟" تم تتبع إبهامه بحذر شديد فوق‬
‫عظام وجنتيها اللتين تمّيزان بدّقة للتأكيد‪.‬‬

‫أومأت برأسها وهي ترفع يده بعيًد ا‪ " .‬نعم‪ .‬نعم أنت فعلت‪".‬‬

‫اندفعت بصره إلى شفتيها المفترقتين‪ " .‬اخرس ‪ ،‬ناهد ‪ ،‬وقبلني‪".‬‬

‫التقى شفاه العشاق مرة أخرى ‪ ،‬كما أزهرت الشمس بالكامل في السماء‪ .‬بمجرد انفصالهما ‪ ،‬كان صوت بوق االستدعاء‬
‫ينتقل عبر القرية وإلى قمة التل‪ .‬تنهدت التنهدات من شفاههم في انسجام تام‪ " .‬أنا آسف ‪ ،‬ناهد " ‪ ،‬همس ادهم ‪ ،‬مستخدًما‬
‫مصطلحاته المحببة لها‪ " .‬آسف حقا‪".‬‬

‫" أنا أعلم" ‪ ،‬همست على شفتي ادهم ‪ ،‬ثم قبلته برفق‪ .‬انصهر ادهم على لمسها ‪ ،‬فجمع ناهد بين ذراعيه ‪ ،‬وجذب‬
‫حبيبته إلى ركبتيها‪ .‬كانت إحدى يديها ممزوجة بشعرها المتموج ذي اللون الوردي بينما كانت األخرى تدور حول‬
‫خصرها‪ .‬كان الخنجر المتدلي من حزامه مضغوًط ا في وركه بشكل غير مريح عندما احتضنت ذراعيها حول رقبته ‪ ،‬مما‬
‫دفعهما إلى االقتراب‪ .‬تعمقت القبلة ‪ ،‬ولم يستطع ادهم أن يجد القوة لالبتعاد‪.‬‬

‫عبر الوادي ‪ ،‬تردد صدى بوق االستدعاء مرة أخرى‪ .‬كسر ادهم القبلة‪ " .‬هل تودعني عند القوس ؟" سأل وهو يرفع‬
‫ذراعي ناهد من حول رقبته‪ " .‬أم هذا وداعي ؟"‬

‫وقف كما ردت ناهد ‪ " ،‬سوف أنضم إليك عند القوس‪ .‬لكن من فضلك احصل على عدد القبالت قبل أن تصل إلى أعين‬
‫أخرى " ‪.‬‬

‫ابتسم ادهم وأومأ‪ " .‬بالطبع ‪ ،‬ناهد ‪ ".‬ثم أضاف‪ " .‬هل تحتاج إلى مساعدة في الوقوف على قدميك ؟"‬

‫وقفت ناهد وهي ترفع عينيها برشاقة ‪ ،‬وكانت كل حركة سريعة وسهلة‪ .‬قابلت عينيه ‪ ،‬مبتسمًة لحالة غموضه‪ " .‬منذ‬
‫متى احتجت إلى مساعدتك ‪ ،‬ادهم ؟"‬

‫تساقط شعره البني على كتفيه في النسيم‪ .‬لعق ادهم شفتيه ‪ ،‬معجبًا بصراحة بإطارها النحيل‪ .‬أجاب بوجهه المحمر‪" :‬‬
‫أبًد ا" ‪.‬‬

‫" هذا صحيح‪ ".‬أومأت ناهد برأسها وهي تعمل على تقويم ثوبها األبيض‪ " .‬اآلن ‪ ،‬يجب أن نوصلك إلى القوس قبل أن‬
‫يرسل الحكماء حفلة بحث‪".‬‬

‫أخذ يدها في يده ‪ ،‬ابتسم ادهم على نطاق واسع وهو يضايق ‪ " ،‬لن تكون هناك حاجة لحفلة صيد ألن منارة خيوط الورد‬
‫الخاصة بك ستمنحني‪".‬‬

‫" هذا إذا افترض فريق الصيد أنك معي‪".‬‬

‫أجاب ادهم ‪ " :‬لن يكون هناك مكان آخر أفضل أن أكون فيه" ‪ .‬ضغط على يدها برفق‪ " .‬سيكون من الغريب أن تجدني‬
‫في مكان آخر‪".‬‬

‫يدا بيد ‪ ،‬ساروا على سفح التل المعشوشب المؤدي إلى أمالور‪ " .‬متى اعتدت قول مثل هذه األشياء ؟" سأل ناهد ‪،‬‬
‫مبتسما في ادهم ‪.‬‬

‫شمها وهو يرفعها بسهولة عن األرض وفوق جذع شجرة ساقط‪ " .‬أال تعلمون أننا نحن الرجال نتقيد بمثل هذه األشياء ؟‬
‫كل ليلة ‪ ،‬هناك درس جديد حول كيفية إرضاء امرأتك " ‪.‬‬

‫تركت دقات الضحك حلقها وهي تنبعث من اللمعان‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬قدم شكري لمن علمك هذا الدرس‪".‬‬

‫قبل أن يعبر العشاق إلى آثار أملور األولى ‪ ،‬تراجع ادهم ‪ ،‬خلف شجرة بلوط ‪ ،‬وانتزع ناهد معه‪ .‬في حماية الشجرة ‪،‬‬
‫كانت ذراعيه ملفوفتين حول خصرها ‪ ،‬وانحنى لتقبيله‪ .‬شفتاه على شفتيها بلمسات خفيفة من الريش‪ " .‬أعتقد أنك قد‬
‫شكرتني بالفعل" ‪ ،‬غمغم باستخفاف‪ .‬ثم ختم أفواههم مًعا‪.‬‬
‫دفعت ناهد صدر ادهم ‪ ،‬وكسرت القبلة‪ .‬نظرت بقلق من حولهم‪ .‬ألقت محاضرة متواضعة‪ " :‬ما كان يجب عليك فعل‬
‫ذلك" ‪ " .‬ماذا لو رأى أحدهم ؟ سنمنع من السندات " ‪.‬‬

‫بإصبع واحد ‪ ،‬يميل ادهم نظرة ناهد القلقة نحوه برفق‪ " .‬لم يره أحد‪ .‬ال أحد في الجوار‪ .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬اعتقدت أننا‬
‫قررنا في وقت سابق ما الذي كنا نفكر فيه بالضبط في أوامر الحكماء " ‪ .‬نقر شفتيها بقبلة مسروقة قبل أن يواصل‪" .‬‬
‫الطلبات ‪ ،‬وجدت ‪ ،‬سخيفة إلى حد ما‪ .‬لقد انتظرت مرور أحدهم ألخذك بين ذراعي ‪ ،‬ولن أنتظر آخر " ‪.‬‬

‫" ولكن يمكنك االنتظار ثالثة أيام ؟" تمتمت بال حول وال قوة ضد هجوم ادهم ‪ .‬ثم أضافت بصوت مكتوم عندما التقت‬
‫شفاههما مرة أخرى‪ " .‬ماذا تقصد" نحن " ؟‬

‫" نحن ‪ ،‬كما فيك وأنا‪".‬‬

‫ردت بابتسامة‪ " :‬أنا ال أتحدث مع التمرد ‪ ،‬يا حبيبي" ‪ " .‬هذا النوع من األشياء للغزاة‪".‬‬

‫انطلق بوق االستدعاء من خالل امالور ‪ .‬كان الضجيج أعلى ‪ ،‬وأكثر إلحاًح ا اآلن بعد أن أصبحوا أقرب إلى القرية‪.‬‬
‫اختفى رد ادهم داخل المضرب عندما ابتعد عن ناهد على مضض‪ .‬تنهد بشدة ‪ ،‬وأمسك يديها بداخله ‪ ،‬وابتعدوا عن غطاء‬
‫شجرة البلوط‪.‬‬

‫غبار تراب أسمر على صندلهم وهم يسيرون في الصف الخارجي من بيوتهم المتناثرة ‪ ،‬التي كانت جدرانها األربعة‬
‫مصنوعة من جلود الحيوانات التي تهب في الريح الباردة‪ .‬اقترب أفراد المنزل من بعضهم البعض عندما ساروا إلى‬
‫أعماق القرية‪ .‬وسرعان ما انضم إليهم براعم الضاحكة وآباؤهم عندما غامروا بالدخول إلى القوس في مجموعة لتوديع‬
‫ركاب الحدود‪ .‬تومض عينا ناهد إلى الزوج المترابط ‪ ،‬اللذين كانا يقوال وداًع ا بأفعالهما بدًال من الكلمات‪ .‬ضغطت على‬
‫يد ادهم وأمالت رأسها نحو الزوج‪.‬‬

‫ابتسم ادهم عندما رآهم‪ .‬أعاد العاطفة بضغطة يد خاصة به ‪ ،‬جنًبا إلى جنب مع غمزة بنية ترابية‪ .‬غطت ناهد ضحكها‬
‫بالسعال وأملت أن تلوم الريح على أحمر الخدود على خديها‪ .‬في النهاية ‪ ،‬تجمع المزيد والمزيد من القرويين حولهم عندما‬
‫دخلوا أخيًر ا إلى المنتدى‪.‬‬

‫توقف الباعة في أماكن البيع وانضموا إلى المتجمعين أثناء سيرهم عبر الدائرة إلى الطريق األكبر المؤدي إلى مدخل‬
‫أملور‪ .‬عند المدخل ‪ ،‬عاليا فوق رؤوسهم ‪ ،‬التقت شجرتان أبيضتان من جانبي الطريق المتعاكسين‪ .‬عبر ممرات ال حصر‬
‫لها ‪ ،‬تشابكت الشجرة مًع ا لتشكل قوًس ا أخضر‪.‬‬

‫تحت األشجار المتشابكة ‪ ،‬وقف تسعة رجال أكبر سنًا يرتدون سترات طويلة بيضاء وبنية وأرجوانية‪ .‬توقفت ناهد‬
‫وادهم عندما تم منح كل من الحكماء مقاليد رجل أسمر وأصمت الحشد الذي يقف خلفهما‪ .‬رن بوق االستدعاء ثالث مرات‬
‫أخرى من صبي يقف تحت الممر‪ .‬ثم بدأ الحكماء في استدعاء كل متسابق على الحدود إلى األمام لحضور حفل الوداع‪.‬‬

‫واحًد ا تلو اآلخر ‪ ،‬سار متسابق على الحدود إلى األمام‪ .‬أنزل الرجال إلى ركبة واحدة ‪ ،‬ليباركهم الحكماء التسعة‪ .‬غبار‬
‫الملح على أكتافهم ‪ ،‬لذا فإن كل خطوة يخطوها حول أملور تم تطهيرها من الشر‪ .‬تصطف المياه على جباههم إلبعاد‬
‫مخاوف الموت عن أذهانهم‪.‬‬

‫وقف ركاب الحدود عندما انتهى الحكماء ‪ ،‬وتدافع أحد أفراد أسرته من كل متسابق حدودي إلى األمام ‪ ،‬وسلم لكل رجل‬
‫زنبق النهر البنفسجي ‪ ،‬لتذكيرهم بالعودة إلى ديارهم‪ .‬عندما قبلوا الفكرة األخيرة لحفل الوداع ‪ ،‬كان الحكيم يسلمهم مقاليد‬
‫بنيهم‪.‬‬

‫جفلت ناهد عندما سقطت يد ادهم من يدها عندما تم استدعاؤه إلى األمام‪ .‬راقبت الرجل الموعود به وهو يسقط على ركبة‬
‫واحدة ويتبارك من قبل كل حكيم‪ .‬كان هناك شد صغير على فستانها األبيض‪ .‬ابتعدت عن مشاهدة الحفل ‪ ،‬ومضت‬
‫نظرتها إلى الصبي الذي فجر بوق االستدعاء‪ .‬كان القرن الجلدي المتصلب مفقوًد ا من يديه ‪ ،‬وكان مكانه زنبق نهر‬
‫بنفسجي‪ .‬قدمها لها بصمت‪.‬‬

‫بيد مرتعشة ‪ ،‬قطفت الزهرة من قبضة الصبي الصغير‪ .‬ابتسمت له بامتنان لكنها لم تصل إلى عينيها‪ .‬غافًال ‪ ،‬ابتعد‬
‫الصبي واندفع بعيًد ا‪ .‬تبعت ناهد الصبي حتى الحظت أن كل العيون تتجه نحوها‪ .‬فجأة نمت زنبق النهر الخفيف في يدها‪.‬‬
‫باستجداء ‪ ،‬تقدمت إلى األمام‪ .‬افترق عنها الحشد في رهبة وهي تبث تنويرها ‪ ،‬هالة رشيقة لها منذ وقت والدتها‪ .‬وجهت‬
‫عيناها الفضيتان جبين ادهم أوًال ‪ ،‬وقد صرف انتباهه عن انعكاس الماء في الشمس الذهبية‪ .‬توهج اإلعجاب من عيون‬
‫ادهم الداكنة عندما قبل زنبق النهر من يدها‪.‬‬

‫كان يغمز بشكل هزلي عندما تالمس أطراف أصابعهما مًع ا‪ .‬ابتسمت بجدية وابتعدت‪ .‬مرة أخرى داخل القرويين‬
‫اآلخرين ‪ ،‬سلم وايزمان األخير زمام ادهم إلى رجله البني‪ .‬هبت رياح سوداء على الحفل ‪ ،‬مرسلة براعم اإلحساس‬
‫بفساتين أمهاتهم‪ .‬وقفت ناهد مجمدة في الضباب المظلم حتى همس ادهم في أذنها‪.‬‬

‫" سأعود قريبا ناهد ‪ .‬أعدك‪".‬‬

‫كل كلمة طاردت ببطء الشك المزعج في عقلها ؛ أن اليوم سيكون آخر يوم تنظر فيه إلى وجه ادهم ‪ .‬قبل أذنها برفق ‪،‬‬
‫وركض طرف إصبعها القاسي على فكها‪ .‬سرعان ما تحولت السماء الرمادية فوق رؤوسهم إلى اللون األزرق ‪ ،‬مما أجبر‬
‫ادهم على العودة مرة أخرى تحت قوس الخضرة‪ .‬سلم متسابق آخر زمام األمور إلى رجله البني‪.‬‬

‫مع الخوف في قلبها ‪ ،‬راقبت حبيبها وهو يركض على رجله البني وهو يركض بعيًد ا ‪ ،‬جنًبا إلى جنب مع الدراجين‬
‫الثمانية اآلخرين على طول الطريق الترابي‪ .‬قبل أن تعرف حتى ما كانت تفعله ‪ ،‬ركضت إليهم‪.‬‬

‫" ادهم !"‬

‫استدار جسده الرياضي على رجله البني وهي ترفع يديها على فمها ‪ ،‬وهي تصرخ ‪ " ،‬سأنتظرك تحت القوس!"‬

‫ابتسمت ناهد عندما تردد صدى لحاء ادهم عليها ‪ ،‬جنًبا إلى جنب مع غضب الفارس اآلخر‪ .‬توقفت على الطريق عندما‬
‫اختفى الدراجون حول المنعطف العشبي الضخم‪ .‬استقر الغبار الجاف مثل الرهبة في قلبها‪ .‬استدارت ناهد حولها ‪ ،‬وهي‬
‫تهمهم إلى نفسها وهي عائدة إلى القرية‪.‬‬

‫كانت القرية جالسة بين تلين كبيرين ‪ ،‬وتقع في عمق الوادي األخضر الخصب حيث كانت األشجار كثيرة‪ .‬مرت مياه‬
‫النهر بسهولة على القرية من بحيرة الياقوت التي ال ُت حصى والتي كانت تقع على بعد يوم واحد فقط سيًر ا على األقدام‪.‬‬
‫بمجرد أن بدأت الشمس في الظهور فوق التل المجاور ‪ ،‬جلست امرأة شابة على العشب الندي على قمة التل‪ .‬عيناها‬
‫الفضيتان ثبتتا الضوء المتنامي بوهج ساخن يكاد ينافس ضوء الشمس نفسها‪ .‬بينما كانت أشعة الشمس تتدفق على خيوط‬
‫قرنفلها ‪ ،‬لم تكن على دراية بالرجل المبتسم الذي اقترب منها من الخلف‪.‬‬

‫قال ساخًر ا‪ " :‬ال يمكنك التحديق في الشمس طوال اليوم" ‪ " .‬إنه أمر مروع لعينيك‪.‬‬

‫طارت يدها إلى صدرها في مفاجأة وهي تدور لمواجهة الرجل‪ .‬جادلت قائلة‪ " :‬يمكنني التحديق في الشمس مهما طالت‬
‫المدة التي أحبها يا ادهم ‪ ،‬ورؤية كيف ال أريد أن يبدأ هذا اليوم‪".‬‬

‫تنهد ادهم وأغلق المسافة بينهما‪ .‬انضم إليها على العشب‪ .‬بدأ " ناهد " ويده الخشنة تمسك بيدها‪ " .‬أنا ال أريد هذا أيًض ا‪.‬‬
‫ال أريد أن أتركك لمدة ثالثة أيام‪ .‬لكن ليس لدي خيار‪" .‬‬

‫تمتمت بهدوء‪ " :‬أنت تفعل" ‪ .‬حدقت عيناها الفضيتان في عينيه الخماسيتين الداكنتين‪ " .‬كان اليوم يوم ترابطنا‪ .‬إنه ليس‬
‫اليوم الذي ستغادر فيه للقيام بدوريات على الحدود " ‪.‬‬

‫نجا تنهد آخر متجهم من شفتيه ‪ " ،‬لقد أمضيت طوال الليل أتوسل إلى كل وايزمان‪ .‬ال يمكنهم أن يجنوني‪ .‬بتنويري ‪ ،‬هم‬
‫بحاجة إلى شخص قوي مثل عشرين رجًال ليقاتل كل من المغيرين و الوحش ‪ .‬لقد أعطوا كلمتهم أنه بمجرد أن أعود ‪،‬‬
‫سنكون مستعبدين " ‪.‬‬

‫ابتسمت ناهد ‪ " .‬لذا يجب أن أقف عند قوس القرية في انتظارك ؟" تساءلت بإغاظة‪ " .‬هل سيجمعوننا مًع ا هناك ؟"‬

‫ألقى ادهم رأسه للخلف ‪ ،‬وأطلق نباًح ا من الضحك‪ " .‬ربما‪ .‬على الرغم من أنك تعلم أن الحكماء مغرمون جًد ا بالطقوس‬
‫"‪.‬‬

‫اومأت برأسها‪ .‬ووافقت " نعم ‪ ،‬الحكماء يهتمون باألوامر" ‪ .‬تصادم مع شعرها أحمر الخدود الوردي الفاتح‪ .‬أطلعت‬
‫عينيها عن ادهم وحدقت في الزهرة البيضاء وهي ترقص في الهواء البارد‪.‬‬
‫ابتسمت ادهم وقضمت وجهها برفق ‪ ،‬وهبة رت عينيها إليه‪ .‬تمتم بهدوء ‪ " ،‬كما نعلم ‪ ،‬أنا لست شخًصا يتبع أوامر‬
‫الحكماء‪".‬‬

‫مع استمرار احمرار خدي ناهد ‪ ،‬جذبها ادهم لقبلة رقيقة‪ .‬سقطت بصرهم عن بعضهم البعض بينما ترفرفت عيونهم‪.‬‬
‫بعد مرور الدهر ‪ ،‬ابتعدوا بقلق‪ .‬تقابل العيون البنية الترابية بالفضة كما تحدث ادهم ‪ " .‬إذا كان لدينا المزيد من الوقت ‪،‬‬
‫لفعلت ذلك وأكثر‪ ".‬ابتسم بتكلف عندما انتشر أحمر الخدود بسرعة على وجهها‪.‬‬

‫حذرت ناهد بغضب من " ادهم " ‪ ،‬على الرغم من أن عيناها تتوهج بالبهجة والسعادة ‪ " ،‬احتفظ بهذه األفكار لنفسك" ‪.‬‬

‫" أعتقد أنك أول من فكر في األمر‪ .‬لقد رأيته في عينيك في وقت سابق " ‪.‬‬

‫سخرت ناهد ‪ ،‬مخفية ابتسامتها خلف يدها‪ " .‬مهما رأيت ‪ ،‬تخيلت‪".‬‬

‫تساءل ادهم ‪ ،‬وهو يقوس حاجبه ‪ " ،‬إذن ‪ ،‬تخيلت أحمر الخدود الجميل على وجهك ؟" تم تتبع إبهامه بحذر شديد فوق‬
‫عظام وجنتيها اللتين تمّيزان بدّقة للتأكيد‪.‬‬

‫أومأت برأسها وهي ترفع يده بعيًد ا‪ " .‬نعم‪ .‬نعم أنت فعلت‪".‬‬

‫اندفعت بصره إلى شفتيها المفترقتين‪ " .‬اخرس ‪ ،‬ناهد ‪ ،‬وقبلني‪".‬‬

‫التقى شفاه العشاق مرة أخرى ‪ ،‬كما أزهرت الشمس بالكامل في السماء‪ .‬بمجرد انفصالهما ‪ ،‬كان صوت بوق االستدعاء‬
‫ينتقل عبر القرية وإلى قمة التل‪ .‬تنهدت التنهدات من شفاههم في انسجام تام‪ " .‬أنا آسف ‪ ،‬ناهد " ‪ ،‬همس ادهم ‪ ،‬مستخدًما‬
‫مصطلحاته المحببة لها‪ " .‬آسف حقا‪".‬‬

‫" أنا أعلم" ‪ ،‬همست على شفتي ادهم ‪ ،‬ثم قبلته برفق‪ .‬انصهر ادهم على لمسها ‪ ،‬فجمع ناهد بين ذراعيه ‪ ،‬وجذب‬
‫حبيبته إلى ركبتيها‪ .‬كانت إحدى يديها ممزوجة بشعرها المتموج ذي اللون الوردي بينما كانت األخرى تدور حول‬
‫خصرها‪ .‬كان الخنجر المتدلي من حزامه مضغوًط ا في وركه بشكل غير مريح عندما احتضنت ذراعيها حول رقبته ‪ ،‬مما‬
‫دفعهما إلى االقتراب‪ .‬تعمقت القبلة ‪ ،‬ولم يستطع ادهم أن يجد القوة لالبتعاد‪.‬‬

‫عبر الوادي ‪ ،‬تردد صدى بوق االستدعاء مرة أخرى‪ .‬كسر ادهم القبلة‪ " .‬هل تودعني عند القوس ؟" سأل وهو يرفع‬
‫ذراعي ناهد من حول رقبته‪ " .‬أم هذا وداعي ؟"‬

‫وقف كما ردت ناهد ‪ " ،‬سوف أنضم إليك عند القوس‪ .‬لكن من فضلك احصل على عدد القبالت قبل أن تصل إلى أعين‬
‫أخرى " ‪.‬‬

‫ابتسم ادهم وأومأ‪ " .‬بالطبع ‪ ،‬ناهد ‪ ".‬ثم أضاف‪ " .‬هل تحتاج إلى مساعدة في الوقوف على قدميك ؟"‬

‫وقفت ناهد وهي ترفع عينيها برشاقة ‪ ،‬وكانت كل حركة سريعة وسهلة‪ .‬قابلت عينيه ‪ ،‬مبتسمًة لحالة غموضه‪ " .‬منذ متى‬
‫احتجت إلى مساعدتك ‪ ،‬ادهم ؟"‬

‫تساقط شعره البني على كتفيه في النسيم‪ .‬لعق ادهم شفتيه ‪ ،‬معجبًا بصراحة بإطارها النحيل‪ .‬أجاب بوجهه المحمر‪" :‬‬
‫أبًد ا" ‪.‬‬

‫" هذا صحيح‪ ".‬أومأت ناهد برأسها وهي تعمل على تقويم ثوبها األبيض‪ " .‬اآلن ‪ ،‬يجب أن نوصلك إلى القوس قبل أن‬
‫يرسل الحكماء حفلة بحث‪".‬‬

‫أخذ يدها في يده ‪ ،‬ابتسم ادهم على نطاق واسع وهو يضايق ‪ " ،‬لن تكون هناك حاجة لحفلة صيد ألن منارة خيوط الورد‬
‫الخاصة بك ستمنحني‪".‬‬

‫" هذا إذا افترض فريق الصيد أنك معي‪".‬‬

‫أجاب ادهم ‪ " :‬لن يكون هناك مكان آخر أفضل أن أكون فيه" ‪ .‬ضغط على يدها برفق‪ " .‬سيكون من الغريب أن تجدني‬
‫في مكان آخر‪".‬‬
‫يدا بيد ‪ ،‬ساروا على سفح التل المعشوشب المؤدي إلى أمالور‪ " .‬متى اعتدت قول مثل هذه األشياء ؟" سأل ناهد ‪،‬‬
‫مبتسما في ادهم ‪.‬‬

‫شمها وهو يرفعها بسهولة عن األرض وفوق جذع شجرة ساقط‪ " .‬أال تعلمون أننا نحن الرجال نتقيد بمثل هذه األشياء ؟‬
‫كل ليلة ‪ ،‬هناك درس جديد حول كيفية إرضاء امرأتك " ‪.‬‬

‫تركت دقات الضحك حلقها وهي تنبعث من اللمعان‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬قدم شكري لمن علمك هذا الدرس‪".‬‬

‫قبل أن يعبر العشاق إلى آثار أملور األولى ‪ ،‬تراجع ادهم ‪ ،‬خلف شجرة بلوط ‪ ،‬وانتزع ناهد معه‪ .‬في حماية الشجرة ‪،‬‬
‫كانت ذراعيه ملفوفتين حول خصرها ‪ ،‬وانحنى لتقبيله‪ .‬شفتاه على شفتيها بلمسات خفيفة من الريش‪ " .‬أعتقد أنك قد‬
‫شكرتني بالفعل" ‪ ،‬غمغم باستخفاف‪ .‬ثم ختم أفواههم مًعا‪.‬‬

‫دفعت ناهد صدر ادهم ‪ ،‬وكسرت القبلة‪ .‬نظرت بقلق من حولهم‪ .‬ألقت محاضرة متواضعة‪ " :‬ما كان يجب عليك فعل‬
‫ذلك" ‪ " .‬ماذا لو رأى أحدهم ؟ سنمنع من السندات " ‪.‬‬

‫بإصبع واحد ‪ ،‬يميل ادهم نظرة ناهد القلقة نحوه برفق‪ " .‬لم يره أحد‪ .‬ال أحد في الجوار‪ .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬اعتقدت أننا‬
‫قررنا في وقت سابق ما الذي كنا نفكر فيه بالضبط في أوامر الحكماء " ‪ .‬نقر شفتيها بقبلة مسروقة قبل أن يواصل‪" .‬‬
‫الطلبات ‪ ،‬وجدت ‪ ،‬سخيفة إلى حد ما‪ .‬لقد انتظرت مرور أحدهم ألخذك بين ذراعي ‪ ،‬ولن أنتظر آخر " ‪.‬‬

‫" ولكن يمكنك االنتظار ثالثة أيام ؟" تمتمت بال حول وال قوة ضد هجوم ادهم ‪ .‬ثم أضافت بصوت مكتوم عندما التقت‬
‫شفاههما مرة أخرى‪ " .‬ماذا تقصد" نحن " ؟‬

‫" نحن ‪ ،‬كما فيك وأنا‪".‬‬

‫ردت بابتسامة‪ " :‬أنا ال أتحدث مع التمرد ‪ ،‬يا حبيبي" ‪ " .‬هذا النوع من األشياء للغزاة‪".‬‬

‫انطلق بوق االستدعاء من خالل امالور ‪ .‬كان الضجيج أعلى ‪ ،‬وأكثر إلحاًح ا اآلن بعد أن أصبحوا أقرب إلى القرية‪.‬‬
‫اختفى رد ادهم داخل المضرب عندما ابتعد عن ناهد على مضض‪ .‬تنهد بشدة ‪ ،‬وأمسك يديها بداخله ‪ ،‬وابتعدوا عن غطاء‬
‫شجرة البلوط‪.‬‬

‫غبار تراب أسمر على صندلهم وهم يسيرون في الصف الخارجي من بيوتهم المتناثرة ‪ ،‬التي كانت جدرانها األربعة‬
‫مصنوعة من جلود الحيوانات التي تهب في الريح الباردة‪ .‬اقترب أفراد المنزل من بعضهم البعض عندما ساروا إلى‬
‫أعماق القرية‪ .‬وسرعان ما انضم إليهم براعم الضاحكة وآباؤهم عندما غامروا بالدخول إلى القوس في مجموعة لتوديع‬
‫ركاب الحدود‪ .‬تومض عينا ناهد إلى الزوج المترابط ‪ ،‬اللذين كانا يقوال وداًع ا بأفعالهما بدًال من الكلمات‪ .‬ضغطت على‬
‫يد ادهم وأمالت رأسها نحو الزوج‪.‬‬

‫ابتسم ادهم عندما رآهم‪ .‬أعاد العاطفة بضغطة يد خاصة به ‪ ،‬جنًبا إلى جنب مع غمزة بنية ترابية‪ .‬غطت ناهد ضحكها‬
‫بالسعال وأملت أن تلوم الريح على أحمر الخدود على خديها‪ .‬في النهاية ‪ ،‬تجمع المزيد والمزيد من القرويين حولهم عندما‬
‫دخلوا أخيًر ا إلى المنتدى‪.‬‬

‫توقف الباعة في أماكن البيع وانضموا إلى المتجمعين أثناء سيرهم عبر الدائرة إلى الطريق األكبر المؤدي إلى مدخل‬
‫أملور‪ .‬عند المدخل ‪ ،‬عاليا فوق رؤوسهم ‪ ،‬التقت شجرتان أبيضتان من جانبي الطريق المتعاكسين‪ .‬عبر ممرات ال حصر‬
‫لها ‪ ،‬تشابكت الشجرة مًع ا لتشكل قوًس ا أخضر‪.‬‬

‫تحت األشجار المتشابكة ‪ ،‬وقف تسعة رجال أكبر سنًا يرتدون سترات طويلة بيضاء وبنية وأرجوانية‪ .‬توقفت ناهد‬
‫وادهم عندما تم منح كل من الحكماء مقاليد رجل أسمر وأصمت الحشد الذي يقف خلفهما‪ .‬رن بوق االستدعاء ثالث مرات‬
‫أخرى من صبي يقف تحت الممر‪ .‬ثم بدأ الحكماء في استدعاء كل متسابق على الحدود إلى األمام لحضور حفل الوداع‪.‬‬

‫واحًد ا تلو اآلخر ‪ ،‬سار متسابق على الحدود إلى األمام‪ .‬أنزل الرجال إلى ركبة واحدة ‪ ،‬ليباركهم الحكماء التسعة‪ .‬غبار‬
‫الملح على أكتافهم ‪ ،‬لذا فإن كل خطوة يخطوها حول أملور تم تطهيرها من الشر‪ .‬تصطف المياه على جباههم إلبعاد‬
‫مخاوف الموت عن أذهانهم‪.‬‬
‫وقف ركاب الحدود عندما انتهى الحكماء ‪ ،‬وتدافع أحد أفراد أسرته من كل متسابق حدودي إلى األمام ‪ ،‬وسلم لكل رجل‬
‫زنبق النهر البنفسجي ‪ ،‬لتذكيرهم بالعودة إلى ديارهم‪ .‬عندما قبلوا الفكرة األخيرة لحفل الوداع ‪ ،‬كان الحكيم يسلمهم مقاليد‬
‫بنيهم‪.‬‬

‫جفلت ناهد عندما سقطت يد ادهم من يدها عندما تم استدعاؤه إلى األمام‪ .‬راقبت الرجل الموعود به وهو يسقط على‬
‫ركبة واحدة ويتبارك من قبل كل حكيم‪ .‬كان هناك شد صغير على فستانها األبيض‪ .‬ابتعدت عن مشاهدة الحفل ‪ ،‬ومضت‬
‫نظرتها إلى الصبي الذي فجر بوق االستدعاء‪ .‬كان القرن الجلدي المتصلب مفقوًد ا من يديه ‪ ،‬وكان مكانه زنبق نهر‬
‫بنفسجي‪ .‬قدمها لها بصمت‪.‬‬

‫بيد مرتعشة ‪ ،‬قطفت الزهرة من قبضة الصبي الصغير‪ .‬ابتسمت له بامتنان لكنها لم تصل إلى عينيها‪ .‬غافًال ‪ ،‬ابتعد‬
‫الصبي واندفع بعيًد ا‪ .‬تبعت ناهد الصبي حتى الحظت أن كل العيون تتجه نحوها‪ .‬فجأة نمت زنبق النهر الخفيف في يدها‪.‬‬

‫باستجداء ‪ ،‬تقدمت إلى األمام‪ .‬افترق عنها الحشد في رهبة وهي تبث تنويرها ‪ ،‬هالة رشيقة لها منذ وقت والدتها‪ .‬وجهت‬
‫عيناها الفضيتان جبين ادهم أوًال ‪ ،‬وقد صرف انتباهه عن انعكاس الماء في الشمس الذهبية‪ .‬توهج اإلعجاب من عيون‬
‫ادهم الداكنة عندما قبل زنبق النهر من يدها‪.‬‬

‫كان يغمز بشكل هزلي عندما تالمس أطراف أصابعهما مًع ا‪ .‬ابتسمت بجدية وابتعدت‪ .‬مرة أخرى داخل القرويين‬
‫اآلخرين ‪ ،‬سلم وايزمان األخير زمام ادهم إلى رجله البني‪ .‬هبت رياح سوداء على الحفل ‪ ،‬مرسلة براعم اإلحساس‬
‫بفساتين أمهاتهم‪ .‬وقفت ناهد مجمدة في الضباب المظلم حتى همس ادهم في أذنها‪.‬‬

‫" سأعود قريبا ناهد ‪ .‬أعدك‪".‬‬

‫كل كلمة طاردت ببطء الشك المزعج في عقلها ؛ أن اليوم سيكون آخر يوم تنظر فيه إلى وجه ادهم ‪ .‬قبل أذنها برفق ‪،‬‬
‫وركض طرف إصبعها القاسي على فكها‪ .‬سرعان ما تحولت السماء الرمادية فوق رؤوسهم إلى اللون األزرق ‪ ،‬مما أجبر‬
‫ادهم على العودة مرة أخرى تحت قوس الخضرة‪ .‬سلم متسابق آخر زمام األمور إلى رجله البني‪.‬‬

‫مع الخوف في قلبها ‪ ،‬راقبت حبيبها وهو يركض على رجله البني وهو يركض بعيًد ا ‪ ،‬جنًبا إلى جنب مع الدراجين‬
‫الثمانية اآلخرين على طول الطريق الترابي‪ .‬قبل أن تعرف حتى ما كانت تفعله ‪ ،‬ركضت إليهم‪.‬‬

‫" ادهم !"‬

‫استدار جسده الرياضي على رجله البني وهي ترفع يديها على فمها ‪ ،‬وهي تصرخ ‪ " ،‬سأنتظرك تحت القوس!"‬

‫ابتسمت ناهد عندما تردد صدى لحاء ادهم عليها ‪ ،‬جنًبا إلى جنب مع غضب الفارس اآلخر‪ .‬توقفت على الطريق عندما‬
‫اختفى الدراجون حول المنعطف العشبي الضخم‪ .‬استقر الغبار الجاف مثل الرهبة في قلبها‪ .‬استدارت ناهد حولها ‪ ،‬وهي‬
‫تهمهم إلى نفسها وهي عائدة إلى القرية‪.‬‬
‫وفجأة ‪ ،‬اخترقت أغنيتها صرخة حادة بينما انغلقت عيناها مع الصبي الصغير من الحفل‪ .‬كانت قريبة بما يكفي لرؤية‬
‫الخوف الواضح في عينيه الخضرتين الواسعتين وهو يشير من فوق كتفها‪ .‬اهتزت األرض بقوة تحت قدميها‪ .‬ألقت بنفسها‬
‫في األوساخ ‪ ،‬فاتتها بفارق ضئيل المخلب األسود الذي كان يضغط عليها من الخلف لحظات فقط حيث كان رأسها‪ .‬من‬
‫أسفل المخلوق العمالق ‪ ،‬راقبت بخوف الزأر الوحش بشراسة‪.‬‬

‫مدها إليها المخلوق األسود المتقشر مرة أخرى بمخلبه الكبير‪ .‬نزل الدم من الزوائد المهددة وهو يسحب لها‪ .‬التصق‬
‫الغبار السمراء بها وهي تتدحرج‪ .‬صرخ الوحش العمالق فوقها‪ .‬وداس عليها بعزم‪ .‬محاولة غرق قدمها المخلبية في‬
‫معدتها‪ .‬وانتقلت صرخات هريد في الهواء من القرية وهي تتدحرج مرة أخرى‪ .‬جعل خوفها ساقيها ثقيلتين كالحجر بينما‬
‫أطلق الوحش صرخة إحباط‪ .‬ثم غرقت إلى أربعة أطراف ‪ ،‬مثل السحلية‪.‬‬

‫زحفت إليها وابتسامة عريضة على وجهها‪ .‬تدافعت إلى الوراء ‪ ،‬وشقت طريقها إلى الجانب العشبي من الطريق ‪ ،‬على‬
‫أمل الوصول إلى النهر‪ .‬تحركت أطراف أصابعها على اللون األخضر قبل أن يلتصق شيء حول كاحلها ‪ ،‬مما يدفعها‬
‫للخلف‪ .‬صرخت ناهد احتجاًج ا ‪ ،‬وقفلت أظافرها في التراب‪ .‬زمجر الوحش في اإلثارة‪.‬‬

‫بدأت األوساخ التي تحتها في االهتزاز مرة أخرى حيث انطلق الصوت المألوف للرجل البني نحو القرية‪ .‬قفز األمل‬
‫عندما انطلقت صيحات المعركة في الهواء‪ .‬كان هناك إزاحة من رأسها واخترقت الوحش في رأسها‪ .‬على قدم مهتزة ‪،‬‬
‫وقفت بابتسامة مرتاحة مع اقتراب الرجل البني‪ .‬سرعان ما اختفى ارتياحها عندما تم تلوين الرجل الذي يقترب باللون‬
‫األسود في ضوء الشمس ‪ ،‬وليس البني‪ .‬أي أمل أنها ماتت‪ .‬لقد عرفت من الهجمات المختلفة كبرعم ‪ ،‬إذا لم تدمر‬
‫الوحوش المتوحشة وتذبح القرية بأكملها كما يفعل المغيرون‪ .‬لن يتبقى أي شيء‪ .‬سيتم أخذ أي امرأة أو طفل على قيد‬
‫الحياة ‪ ،‬ولن يعودوا مرة أخرى أبًد ا‪.‬‬

‫كانت ناهد تتجول في الضفة العشبية ‪ ،‬متجنبة زوًج ا من األذرع غير المألوفة التي تحاول البحث عنها بينما كان‬
‫المغيرون المتعددين يمرون بها‪ .‬خرج الهواء من رئتيها في نوبة سعال وهي تتدحرج على الضفة إلى النهر‪ .‬كان الماء‬
‫البارد يتدفق فوقها مثل الحجاب ‪ ،‬وينقع شعرها الطويل على وجهها‪ .‬سقطت قطرات من ثوبها المبلل وهي واقفة‪ .‬هذا‬
‫عندما الحظت النيران‪.‬‬

‫تعثر الرماد والحرارة والدخان في الهواء مع احتراق أملور‪ .‬من النهر ‪ ،‬حدقت عيناها الفضية في قوس الخضرة الذي‬
‫تغمره النيران‪ .‬ابتهجت صيحات القرية عندما اقتحم المغيرون رجالهم السوداء‪ .‬اظلم الدخان في السماء من االنتشار‪.‬‬
‫تعثرت قدميها إلى األمام على صخرة األساس الملساء المتناثرة على طريق النهر بينما كانت تتدفق نحو القرى‪.‬‬

‫وتصاعد الدخان المتصاعد من حرق أملور والصرخات متوسلين النجدة دخلت السماء الفارغة‪ .‬أمامها ‪ ،‬كان هناك دفقة‬
‫صغيرة ‪ ،‬تليها أخرى أكبر بكثير‪ .‬شاهدت ناهد نفس الصبي من السابق وهو ينطلق إلى السطح مع لهث االختناق‪ .‬مهاجم‬
‫فجر السطح بضع دقائق خلف الصبي‪ .‬اقترب الرجل القذر من الصبي المطمئن بينما استمر البرعم في السعال‪ .‬انعكست‬
‫الفضة القرمزية الملوثة ببراعة في الشمس عندما سدد المهاجم الضربة القاتلة‪.‬‬

‫دون ذرة من التردد أو الشك ‪ ،‬غرست يدها في الماء البارد وسحبت حفنة من الحجارة‪ .‬تماًما كما سمعت صوت النبتة‬
‫المخيفة ‪ ،‬قبل أن يتمكن المهاجم من إنهاء حياة البرعم ‪ ،‬رميت ناهد الحجارة الخادعة وصرخت‪.‬‬

‫" هنا!"‬

‫انحنى الصبي إلى أسفل بينما ارتفعت الحجر فوقه ‪ ،‬واندفع إلى المهاجم خلفه‪ .‬أقسم الرجل بشدة عندما اصطدمت عينه‬
‫بحجر محظوظ‪ .‬كان المهاجم ينزف من اإلصابة ‪ ،‬فحدق فيها من خالل عينه المثقوبة‪ .‬عرفت أنها ماتت‪ .‬بشكل مخيف ‪،‬‬
‫تناثر البرعم تجاهها‪.‬‬

‫" ال!" بكت ناهد ‪ ،‬غير راغبة في الحكم على الصبي حتى الموت‪ .‬لوحت بيديها بعيًد ا ‪ ،‬مشيرة إلى األشجار‪ " .‬اذهب‬
‫لالختباء في الغابة! أنا سوف أجدك!"‬

‫أومأ شعره األحمر ‪ ،‬مؤمًن ا بوعدها الفارغ‪ .‬تبعته بأعينها وهو يتسلق التلة العشبية ويختفي بين األشجار‪ .‬تحولت ناهد‬
‫بعد فوات األوان عندما شعرت بالبقع على جلدها‪ .‬قبل أن تدرك ذلك ‪ ،‬أغلقت يدان كبيرتان حول حلقها ‪ ،‬وألقوها تحت‬
‫األمواج‪ .‬هبط ظهرها بشكل مؤلم على القاعدة الصخرية الملساء ‪ ،‬ومن تحت المياه الزرقاء ‪ ،‬استطاعت أن ترى بريًقا‬
‫ممتًع ا في عينيه وهو يمسكها تحتها‪.‬‬

‫لقد خدشت ذراعيه الممتلئة بأصابعها النحيلة‪ .‬خدش أظافرها على جلده السميك‪ .‬المع شيء فوق الماء ‪ ،‬وعلق على‬
‫خصر المهاجم وتعرفت عليه على الفور‪ .‬تلمع خنجر حبيبها في ضوء الشمس‪ .‬بسرعة ‪ ،‬أمسكت به وقادت الجلد إلى‬
‫العمق‪ .‬تدفقت الحرارة الحمراء من أمعائه ‪ ،‬وتساقطت في الماء ‪ ،‬مما جعل بصرها قرمزي غامق‪ .‬حررت النصل‬
‫الصغير عندما اختفى اللمعان اللطيف في عيني المهاجم‪ .‬مع آخر جزء من قوتها ‪ ،‬رفعت ناهد يديها الكبيرة من رقبتها ثم‬
‫اخترقت السطح‪.‬‬

‫كان هناك حرق في صدرها من قلة الهواء‪ .‬تشبثت المفاصل البيضاء حول سماء ادهم بينما كانت تقف فوق المهاجم‬
‫الراحل‪ .‬انجرفت مالبسه الممزقة في الماء ‪ ،‬متخلفة عن األنهار األرجوانية أسفل التيار‪.‬‬

‫" من اين حصلت على هذا ؟" صرخت‪ .‬تتمايل رسالتها بشراسة وهي تهتز برقبة ادهم على وجهه الخالي‪.‬‬

‫انتزعت ناهد سترته القذرة ‪ ،‬وهزته‪ " .‬اجب!"‬

‫فقط الفراغ األبدي أجاب من عيون غائمة‪ .‬كانت عواطفها تتمايل في بطنها حيث كان الخوف والقلق يمر في عقلها‪ .‬أبقى‬
‫ثقل الجلد لها األرض‪ .‬كانت بحاجة إلى العثور على حبيبها ‪ ،‬سواء كان حيًا أو ميتًا‪ .‬تخلت ناهد عن القرية التي خلفها ‪،‬‬
‫وانطلقت عبر التيار ‪ ،‬وشّقت طريقها نحو المنعطف‪.‬‬

‫اختطفت الفرشاة بشكل ينذر بالسوء وأمسكت بالخنجر بقوة أكبر‪ " .‬يظهر!" أمر بتهديد‪ " .‬لن أتردد‪ .‬لقد قتلت مهاجًما‬
‫واحًد ا بالفعل " ‪.‬‬
‫فتوسل الصبي‪ " :‬أرجوك ال" ‪ .‬أطل الشعر النحاسي من أقرب فرشاة خضراء‪ .‬نظرت عيناه العسليتان بعصبية إلى الجلد‬
‫في يدها‪.‬‬

‫ناهد على الفور خفضت الميدالية الفضية‪ .‬قالت بهدوء‪ " :‬لن أؤذيك" ‪ " .‬تذكرنى ؟ أخبرتك أن تهرب من المهاجم‪ .‬ما هو‬
‫اسمك ؟"‬

‫اندفعت عيناه بسرعة في اتجاهات متفرقة ‪ ،‬ثم أومأ برأسه ببطء‪ " .‬لقد رحل ؟"‬

‫أجابت‪ " :‬هذا هو" ‪ .‬جلست ناهد على األرض ‪ ،‬محدقة بالصبي في عينيه‪ " .‬ولكن يمكن أن يكون هناك العديد من‬
‫اآلخرين –" شرحت بصدق‪ " .‬يجب أن نختبئ بعيدا‪ .‬أو شق طريقنا إلى أقرب قرية كيرين " ‪.‬‬

‫أومأ الولد مرة أخرى برأسه وابتعد عن الغابة ليلتصق بثوبها المبلل‪ " .‬هل سيكون إيماك وبابا هناك ؟" تساءل‪.‬‬

‫حدقت عيون خضراء في وجهها بأمل واضح‪ .‬لقد عضت على شفتها‪ .‬كان هناك الكثير من الموت ‪ ،‬الكثير من القتل‬
‫إلخبار الصبي بحقيقة مصير والدته وأبيه‪ .‬إذا لم يصلهم الوحش ‪ ،‬فإن احتمالية موتهم من قبل المغيرين كانت عالية‪.‬‬
‫وبصدفة ما ‪ ،‬فقد نجا كال من أعداء القرية ؛ كانت هناك فرصة لقتلهم في النيران‪ .‬لم تكن تريد أن تكون من يقتل أمله‪.‬‬
‫على أمل تغيير الموضوع بعيًد ا عن والديه ‪ ،‬كررت ‪ " ،‬ما اسمك ؟"‬

‫" سناء ‪".‬‬

‫ابتسمت ناهد ‪ " ،‬مرحبا سناء ‪ .‬ماذا لو نبقى في النهر ونحن نذهب إلى كيرين ؟ يبدو السفر أكثر أماًن ا " ‪.‬‬

‫أومأت سناء وهي ال تزال متمسكة بفستانها‪ " .‬حسًن ا المستنير‪".‬‬

‫عبروا بحذر شديد فوق الصخور الزلقة وهي تأوه في الخارج‪ .‬تمتمت‪ " :‬من فضلك" ‪ " .‬اتصل بي ناهد ‪ .‬أنا أكره هذا‬
‫العنوان " ‪.‬‬

‫" أخبرني بابا وإيماك دائًما أنه يجب علي مخاطبة أي شخص متنور على هذا النحو‪ .‬قال سناء ‪ " ،‬إنه أمر صادر عن‬
‫الحكماء" ‪.‬‬

‫" نعم ‪ "،‬وافقت ناهد ببطء ‪ " ،‬لكن ‪ "...‬تراجعت بينما تومض وجه ادهم في عقلها‪ .‬تجمدت خطىها ‪ ،‬وخزت شفتيها‬
‫وهي تتذكر قبالتهم المسروقة السابقة وحديثهم عن األوامر‪.‬‬

‫كان هناك شّد آخر على فستانها كما سألها سناء ‪ " ،‬المستنيرة ؟ هل انت بخير ؟"‬

‫أومأت برأسها بخفة ‪ ،‬وهزت رأسها خالية من أفكار ادهم ‪ " .‬أنا بخير ‪ "...‬بدأت ناهد بالرد ثم اقترب رعد التصفيق من‬
‫ورائها‪ .‬لفت عيناها الفضيتان نظرة غزال سناء الخفيفة‪ .‬غطت العشب الترابي ثم سحبت الصبي المجمد لالنضمام إليها‪.‬‬
‫همست " إخفاء" وحبست أنفاسها عندما تباطأ التصفيق المدوي‪.‬‬

‫" لماذا توقفت ؟" هدير خارج مهاجم مجهول إلى الثاني‪ .‬تحدث االرتباك كما رد الرجل الثاني‪ " .‬اعتقدت أنني رأيت‬
‫شيًئ ا ما‪".‬‬

‫حملت ناهد الخنجر بالقرب منها ‪ ،‬في انتظار هجوم قادم‪ " .‬تعال يا رجل ‪ ،‬لم يكن هناك شيء" ‪ ،‬اشتكى المهاجم‬
‫األول ‪ ،‬منزعًج ا بشكل واضح من الرجل اآلخر‪ " .‬اآلخرون ينتظرون منا أن نعطي اإلشارة حتى نتمكن من إعادة‬
‫العروض إلى أبهى صورها‪".‬‬

‫تنهد المهاجم ‪ " ،‬أنت على حق" ‪ .‬ومع شهيق عميق ‪ ،‬انطلق الصوت المألوف لبوق االستدعاء في الهواء‪ .‬دفعت ناهد‬
‫سناء إلى عمق األرض عندما بدأ الصبي الصغير يشم‪.‬‬

‫همست على وجه السرعة في أذنه بينما دقت ضربة أخرى من بوق االستدعاء‪ " :‬يجب أن تكون هادًئ ا يا سناء " ‪ .‬أومأ‬
‫سناء ‪ ،‬وشد شفتيه مًع ا لكتم صوت أنين آخر‪ .‬اقترب المزيد من الرعد ‪ ،‬وضغطت ناهد بالقرب من العشب‪ .‬ركض‬
‫رجال السود من أملور متجهين نحوهم‪ .‬قامت بسحب البرعم الصغير بالقرب من خنق أي أصوات قد تخرج من حلقه‪.‬‬
‫اندمج المغيران مع بقية القطيع وهم يركضون بجوارهم‪ .‬راقبت ناهد بعناية بينما كان كل رجل أسود ينقل بعض بضائع‬
‫القرية‪ .‬تم تكديس الفراء والمالبس والمواد الغذائية عاليًا على كل سرج‪ .‬انحرفت شفتيها عن خط رفيع وهي تسمع‬
‫أصوات بكاء مكتوم ‪ ،‬لكنها لم تكن من سناء بجانبها‪ .‬تم تعليق العديد من النساء فوق رجال أسود ‪ ،‬وشعر طويل يلوح في‬
‫الهواء أثناء حملهن بعيًد ا‪ .‬استحوذت على سماء أكثر إحكاًما ‪ ،‬حيث قام أحد المهاجمين بتهدئة جائزته الجديدة بصفعة‬
‫كدمات على ظهرها‪.‬‬

‫كانت عيناها تحترقان بينما كان آخر رجل أسود ينظر إلى المشهد ‪ ،‬يتحرك ببطء أكثر من البقية‪ .‬كانت عربة خشبية تجر‬
‫خلف هذا الوحش ذو األربع أرجل‪ .‬تم إخفاء المحتويات بعيًد ا عن طريق جبل الفراء الرمادي الموجود عليها‪ .‬عندما أزال‬
‫المهاجم الذي يجر العربة من قبلهم ‪ ،‬أعطاها الدم المتساقط على التراب بعض البصيرة‪ .‬لم تكن المحتويات شيًئ ا لتعرفه‬
‫بشكل أوضح‪ .‬تابعت المغيرين حتى اختفوا حول المنعطف‪ .‬دقات القلب في وقت الحق ‪ ،‬لم يكن هناك دليل على هجوم‬
‫على الرغم من قريتهم في حالة خراب‪.‬‬
‫" دعونا نذهب يا سناء ‪ " .‬كيرين تنتظرنا ‪ "،‬همست وهي تبتعد عن األرض‪ .‬أومأ الصبي فقط بهدوء ‪ ،‬مذكرا إياها‬
‫بالموت على وجه المهاجم‪ .‬هي فهمت‪ .‬أخيًر ا ‪ ،‬وضع سناء القطع مًع ا في عقل الشاب‪ .‬لقد فهمت حداد البرعم ‪ ،‬وعندما‬
‫تكون وحدها ‪ ،‬كانت ستحزن أيًض ا‪ .‬لم يكن من المفترض أن يتمكن أي رجل غير ُمنور من نزع سالح ادهم بسهولة ‪،‬‬
‫لكن لم ُيظهر المهاجم أي إصابات‪ .‬كان موت عشيقها هو التفسير الوحيد‪.‬‬

‫عن طريق السماء المظلمة ‪ ،‬كانوا يقتربون من ضواحي كيرين المخفية‪ .‬أو باألحرى كانت تأمل‪ .‬لم تكن كريسا خارج‬
‫مدينة أملور من قبل‪ .‬كانت تعرف قريتهم المجاورة فقط من خالل البضائع التي ينقلونها عن طريق ضوء النجوم ووفرة‬
‫الدخان المتصاعد من األشجار البعيدة‪ .‬نظرت فوق رأسها بالضجر‪ .‬تحدق في عينيها المتعبة من خالل األشجار الحمراء‬
‫التي تعلو فوقها مثل الحصن ‪ ،‬وتحجب الضوء الباهت من خالل القبة الخضراء‪ .‬شخير سناء في أذنها‪ .‬انهار منذ فترة‬
‫طويلة من اإلرهاق وأذاب جسده الثقيل على ظهرها‪.‬‬

‫أصبحت عيناها ثقيلتين بينما كانتا تتأرجحان بشكل إيقاعي إلى األمام أسفل الدرب الموحل‪ .‬أبقى عزمها الضبابي على‬
‫االستمرار ؛ احتاجت أن تأخذهم بأمان إلى كيرين‪ .‬استيقظت ناهد من النوم عندما اقترب منها الرعد الهادر‪ .‬لقد لوحت‬
‫على الفور بالحماية‪.‬‬

‫حملت ألسنة اللهب البرتقالية الصغيرة خالل منتصف الليل وعبر الغابة المتسعة‪ .‬توهجت الفضة على النار عندما توقف‬
‫خمسة رجال‪ .‬ترجل العديد من الدراجين ‪ ،‬ثم ساعدوا الدراجين اآلخرين على الطريق‪ .‬تراجعت للخلف ‪ ،‬وجلبت الطفل‬
‫النائم عن األنظار بينما سار خمسة أشخاص نحوها‪ .‬تم تعليق الجلد أمامها ‪ ،‬إلبالغ الناس بصمت أنها لن تعارض الدفاع‬
‫عنهم‪.‬‬

‫" هل أتيت من أملور ؟" شكك بصوت بال جسد‪ .‬كانت النغمة منخفضة لكنها أنثوية بشكل ملحوظ من الظالل التي‬
‫أمامك‪ .‬سارت إحدى الحرائق ببطء نحوهما ‪ ،‬وكشف الضوء المتوهج عن امرأة قوية البنية بشيب دائم في شعرها‪.‬‬

‫" رأينا الدخان في الهواء‪".‬‬

‫أنزلت ناهد خصلة الجلد إلى جانبها بينما أومأت برأسها‪ " .‬نحن‪ .‬تمكنت أنا وهذا الصبي من الفرار‪ .‬ال أعرف كم نجا‬
‫من اآلخرين‪ .‬هل أنت من كيرين ؟ "‬

‫أجابت المرأة وهي تشير لآلخرين من خلفها‪ " :‬نحن" ‪ .‬ابتسمت بلطف ‪ ،‬وكشفت عن أسنانها الشيخوخة وشد التجاعيد في‬
‫زوايا فمها‪ " .‬أنت محظوظ جًد ا أن مخفرنا رأيتك وأبلغتنا‪".‬‬

‫واحتجت ناهد بضعف " لم أسمع شيًئ ا" ‪.‬‬

‫أضاء وجه المرأة المسنة مستمتعا بكلماتها‪ .‬هربت ضحكات مكتومة ناعمة من جانبها‪ " .‬أفترض أنك لن تفعل ذلك‪.‬‬
‫مخفرنا كان مقتنًعا تماًما بأنك ميت على قدميك‪ .‬اإلرهاق ‪ ،‬إلى جانب يوم مرعب مررت به ‪ ،‬لم يكن مخطًئ ا حًقا‪ .‬نحن‬
‫نريد أو نحب‪"-‬‬

‫" أريد أن أرى رجلك‪".‬‬

‫أنهت المرأة المسنة " ‪ -‬لنقدم لك الطعام والمأوى حتى تستريح" ‪ .‬ثم أومأت بابتسامة‪.‬‬
‫" بالطبع‪ ".‬أشارت بيدها إلى األربعة اآلخرين خلفها‪ .‬بدون شك ‪ ،‬تم إحضار بدة للمرأة المسنة‪ .‬الشعر القصير يلمع‬
‫بالنحاس في الضوء‪ .‬بغض النظر عن اسم " الرجل البني" ‪ ،‬كان للخيول عرف أشعث كريمي بين أذنين كبيرتين وأسفل‬
‫منحدر رقبته‪.‬‬

‫أومأت ناهد برأسها‪ " .‬شكرا لك‪ .‬سنكون في دينك " ‪.‬‬

‫تقدم شخصان‪ .‬كشف ضوء النار وجوههم‪ .‬انتزع رجل الصبي النائم بلطف من ظهرها وسلمه إلى األنثى السمراء‪ .‬أثناء‬
‫نومه ‪ ،‬تعلق سناء على الفور بالمرأة المجهولة ثم مشوا إلى رجل أسمر‪ .‬عندما رفع الرجل المستنير الزوج على الرجل‬
‫البني بسهولة ‪ ،‬تحدثت المرأة المسنة‪.‬‬

‫" ستبقى معي‪ .‬إذا كان هذا على ما يرام‪" .‬‬

‫" وميب ؟"‬

‫" هل لديه أي أعضاء على قيد الحياة ؟"‬

‫أجابت ناهد " ال أصدق ذلك" وتنهدت المرأة المسنة بحزن‪ " .‬ممتاز‪ .‬هل تقولين ؟ "‬

‫أومأت ناهد برأسها‪.‬‬

‫" سيعيش مع زوجين مرتبطين لم يتمكنوا من التزاوج‪ .‬هل هذا مقبول ؟ "‬

‫صرحت ناهد ببرود إذا بدا أن أي عضو على قيد الحياة يطالب به ‪ ،‬فلن يكون مديًن ا ألي شخص‪ " .‬لن يضطر إلى‬
‫تسوية ديونه‪".‬‬

‫فوجئت الشابة عندما ضحكت السيدة األكبر سنا‪ " .‬لن أدين طفًال أبًد ا‪ .‬إنهم أبرياء للغاية من مثل هذه األعباء " ‪.‬‬

‫بينما فتحت ناهد فمها للتساؤل عن مديونيتها ‪ ،‬تابعت المرأة األكبر سًن ا ‪ " ،‬لن تكوني مدينة لي‪ .‬في الواقع ‪ ،‬أنا ال أؤمن‬
‫بهذه الفكرة السخيفة " ‪.‬‬

‫" بياجيه ‪ ،‬ال تدع الحكماء يسمعونك تقول ذلك ‪ "،‬حذر نفس الرجل الذي أخذ سناء من ظهرها‪ .‬لقد أكسبه تحذيره‬
‫شخيًر ا غير مألوف من بياجيه‪.‬‬

‫" سمعتني يا فتى‪ .‬مفاهيم سخيفة " ‪ ،‬كررت مع تلويح بيدها‪ .‬سارت إلى رجلها البني ‪ ،‬وقادت ناهد بجوار الشعلة‬
‫النارية‪ " .‬اآلن دعونا نعيد هذا البرعم والسيدة الشابة إلى كيرين‪ .‬وجور ‪" ....‬‬

‫استدار الرجل نحو بياجيه‪ .‬تلمعت عيناه البنيتان باللون الكهرماني على ألسنة اللهب بينما سلمه بياجيه الشعلة ‪ " ،‬نعم ؟"‬

‫اقترحت المرأة األكبر سًن ا ‪ " ،‬ربما يكون إضافة المزيد من البؤر االستيطانية في األشجار أمًر ا مثالًيا" ‪ .‬ضاقت فمه‬
‫الرقيق كما أومأ جور‪ " .‬سأتحدث مع الحكماء‪".‬‬

‫سرج جور سريًع ا على الرجل البني ثم نظر إلى ناهد بشكل متوقع‪ .‬قدم لها يده‪ " .‬واحدة مضيئة ثقافيا ؟"‬

‫ومضات من أذرع غير مألوفة تشحن في عقلها‪ .‬وألم رقبتها من التعب ألنها تتذكر ثقل يدي المهاجم القتلى حول رقبتها‬
‫الشاحبة‪ .‬حتى يديها ارتفعت درجة حرارتهما من الدم الذي أراق عندما دفعت خنجر ادهم بداخله‪ .‬ابتلعت ناهد ولفت‬
‫ذراعيها حول نفسها‪ .‬بجانبها ‪ ،‬ضغطت بياجيه برفق على ذراعها‪.‬‬

‫ابتسمت بياجيه وأومأ جور برأسه باقتضاب قبل أن يركضوا بعيًد ا‪ " :‬لقد ركبت معي على ذراعي السمراء" ‪ .‬أطل‬
‫األخضر المتأللئ من خالل عيون مغمورة‪ .‬حّث بياجيه على ذلك قائًال‪ " :‬تعال يا عزيزي" ‪ " .‬الرجل البني الخاص بي‬
‫هنا‪".‬‬

‫بصمت ‪ ،‬راقبت ناهد برهبة المرأة الشجاعة تتسلق فوق سطحها البني بنفس سرعة جور‪ .‬ثم رفعت بياجيه يدها النحيلة‬
‫والناضجة إلى أسفل لمساعدتها على النهوض‪ .‬لكن ناهد ترددت‪.‬‬
‫ابتسم بياجيه بصمت‪ .‬تغير الهواء المحيط بالمرأة المتمرسة إلى شيء ليس من الرهبة ‪ ،‬ولكن من الراحة والتفاهم‪ .‬هذا‬
‫الفهم أشرق من خالل عينيها ‪ ،‬من خالل الظالم‪ .‬عندها فقط أخذت ناهد اليد المعروضة‪.‬‬
‫مر شهران منذ أن وجدهما بعض فرسان كيرين وبياجيه‪ .‬كانت المرأة األكبر سًن ا وفية لكالمها ‪ ،‬ولم تكن تحمل أي ديون‬
‫لناهد أو سناء بينما أعاد رجال من كيرين بناء أملور‪ .‬عندما لم يتقدم أي عضو على قيد الحياة من أجله ‪ ،‬ذهب سناء‬
‫عن طيب خاطر مع الزوجين المستعبدين إلى قرية أخرى ‪ ،‬بعيًد ا عن كيرين ‪ ،‬تارًك ا قرية الغابة وراءه‪.‬‬

‫كانت أيامها مع بياجيه ممتعة‪ .‬كان بياجيه فضواًل مثيًر ا لالهتمام لعدم امتالك شخصية أمومية كبرعم أبًد ا‪ .‬أمضت المرأة‬
‫األكبر سًن ا وقًت ا في تعليم ناهد كيفية الطهي في منزل على الشجرة‪.‬‬

‫كانت منازل ‪ ،‬المعروفة باسم ‪ ،‬محاطة باألشجار ‪ ،‬مع العديد من الدرجات التي تقود حول الشاحنة في دوامة‪ .‬أخافتها‬
‫فكرة الطهي داخل شجرة الخشب األحمر بأكثر من طريقة‪ .‬لم تكن لديها حاجة أو رغبة في حرق منزل بياجيه ‪ ،‬وليس‬
‫بعد كرم المرأة‪ .‬لذلك تغيرت دروسهم‪ .‬كانت بياجيه تعلمها كيفية الحياكة على نول كبير عندما بدأ المرض‪.‬‬

‫كانت بياجيه بجانبها ‪ ،‬ممسكة بأمواج قرنفلها جانًبا ألنها كانت تلقي بالمرض في األشجار كل صباح ومساء‪ .‬المرأة‬
‫األكبر سًن ا ال تشكو وال تهتم عندما تنام ناهد نصف النهار ؛ كانت تبتسم فقط‪.‬‬

‫مر شهر آخر عندما شعرت ناهد بتحسن واستأنفوا دروسهم في النسيج‪ .‬دون أن تتكلم ‪ ،‬ألقت المرأة األكبر سًن ا المزيد‬
‫من البطانيات المنسوجة في فراش سريرها‪ .‬بدأوا في إضافة المزيد من اللحوم إلى وجباتهم‪ .‬في إحدى األمسيات ‪ ،‬عندما‬
‫سلمتها بياجيه طبًق ا من اللحم مع المزيد من اللحوم ‪ ،‬هل أدركت ما كان يحدث‪.‬‬

‫استنشقت نفًس ا حهبة ‪ ،‬وتحولت عيناها الفضيتان المتسعتان إلى المرأة التي أصبحت مثل والدتها في وقت قصير‪ .‬أومأت‬
‫بياجيه باقتضاب بينما ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجهها‪ .‬كانت رعشة رأس بياجيه القصيرة أقل من التأكيد الذي‬
‫اكتشفته‪ .‬تحطمت موجات الهواء داخل وخارج رئتيها حيث شعرت بيد قوية تستقر على رأسها‪.‬‬

‫همست المرأة الكبيرة بهدوء " أنت مع شتلة" ‪.‬‬

‫أومأت ناهد ثم بكت‪ .‬ال تعلم ما إذا كانت تبكي بسبب معجزة نبت شتلة في بطنها أو بسبب الحياة التي سيفوتها حبيبها‪.‬‬

‫مر أسبوع بعد أن اكتشفت أنها كانت تعيش مع نبتة‪ .‬انضمت ناهد إلى بياجيه في نول النسيج وجلست على الزابوتون‬
‫بجانب المرأة األكبر سًن ا‪ .‬راقبت األصابع الرشيقة المسنة تمزج الصوف األحمر في النقش لتتحول إلى ‪.‬‬

‫" كنت أرغب في التحدث معك أيها المستنير‪".‬‬

‫هزت ناهد رأسها مبتسمة‪ " .‬لقد تخليت عن تصحيحك‪ ".‬أجابت ‪ ،‬ثم سألت ‪ " ،‬ما الذي يدور في ذهنك بياجيه ؟ أنت‬
‫عادة فقط تفسد كل ما تفكر فيه " ‪.‬‬

‫تراجعت بياجيه وهي تنقر على لسانها‪ " .‬ال يوجد تصحيح لي‪ .‬تنوير واحد هو لقبك المناسب‪ .‬اآلن ‪ ،‬يجب أن تفهم ماذا‬
‫أقول‪ .‬أعني عدم اإلساءة ‪ ،‬ولكن فقط تقديم المشورة " ‪.‬‬

‫" تابع‪".‬‬

‫" ما هي خططك مع الشتالت ؟ أنت على علم بأوامر وايزمان ؛ كالهما في أملور وكرين " ‪.‬‬

‫ردت ناهد بمرارة‪ " :‬إنني على علم بأوامر الحكماء ألولئك الذين ولدوا من الترابط" ‪.‬‬

‫تنهد بياجيه باستخفاف وضغط إلى األمام‪ " .‬إذن سوف تطفو ؟ أو احتفظ بها ؟ "‬

‫ظهرت الفضة بينما كانت ناهد تتألق في بياجيه‪ " .‬لن أطفو شتالتي في النهر حتى وفاته‪ .‬همهمة المرأة األكبر سنا‪.‬‬
‫صرح بياجيه بشكل قاطع‪ " :‬إن الطفو ليس خيارك كما يختاره الكثيرون" ‪.‬‬

‫دفعت النبرة الحجرية في صوت بياجيه ناهد لتسأل ‪ " ،‬بياجيه ‪ ،‬هل‪"-‬‬
‫قاطعه بياجيه " هذه قصة لوقت آخر" ‪ " .‬ترك إلى خيارك األخير ‪ ،‬يجب أن ترتبط بآخر لمنع نبتتك من الحياة المحكوم‬
‫عليها‪ .‬أنت تعلم أن الحكماء ال يهتمون بالخطوط األبوية طالما أن البذرة تولد داخل زوج مرتبط " ‪.‬‬

‫ردت ناهد وهي تضع يديها سترتها البيضاء التي أخفت بطنها تحتها‪ " .‬أخبرني بياجيه ‪ ،‬ما الرجل الذي يريد هذه الشتلة‬
‫عندما أخبرته الحًقا أن هذا البرعم ليس له ‪ ،‬ولكنه رجل وضعته أمامه ؟"‬

‫" أنت ال تخبره" ‪.‬‬

‫" ماذا او ما ؟"‬

‫أجاب بياجيه " سمعتني أنا المستنير" ‪ " .‬ال تخبره‪ .‬أي رجل في امالور و سيتخلى عن يده اليمنى ليضع معك ليلة‪.‬‬
‫أتساءل ما الذي سيعطونه غير ذلك لكي يتم ربطهم بك " ‪.‬‬

‫" هذا سخيف‪".‬‬

‫توقفت بياجيه في نسجها ووقفت‪ .‬سارت المرأة األكبر سًن ا إلى الموقد الحجري وألقت بعض العصي على النيران‪.‬‬
‫طاردت البرودة المتزايدة بعيدا‪ .‬عادت بياجيه إلى عملها‪ .‬كانت أصابعها متشابكة بشدة في عمود النسيج وهي تتحدث‪.‬‬

‫" ما السخف في هذا األمر ؟" شكك بياجيه‪ " .‬أنت شاب ‪ ،‬رائع ‪ ،‬وبتنويرك ‪ ،‬أنت مرغوب للغاية‪ .‬لقد سحرت (جور)‬
‫منذ أن قطعنا طريقك‪ .‬سيقبل بسهولة االرتباط بك " ‪.‬‬

‫عند ذكر رجل آخر ‪ ،‬ألم قلبها حيث امتأل حب ادهم ذات مرة‪ .‬لقد فقدت ادهم منذ شهرين فقط ‪ ،‬ولم يكن وقًت ا كافًيا تقريًبا‬
‫للحزن عليه أو حتى التفكير في إعطاء قلبها لرجل آخر‪ .‬تمتم بياجيه ‪ " ،‬ليس عليك أن تحب هذا الرجل القادم" ‪ ،‬كما لو‬
‫أن المرأة األكبر سًن ا يمكنها قراءة أفكارها‪ " .‬إنه لحماية نبتتك‪".‬‬

‫تومض عقلها البني الداكن الخمري ‪ ،‬وكذلك ذكرياتهم مًع ا‪ .‬هزت ناهد رأسها بعنف‪ " .‬أنا‪-‬‬

‫" ال تستطيع ؟" زودت بياجيه بتنهيدة خفيفة‪ " .‬ال يهم‪ .‬اآلن اقترب أكثر حتى نتمكن من مواصلة دروسنا‪ .‬سوف تحتاج‬
‫إلى طريقة إلبقائها دافئة " ‪.‬‬

‫" لها ؟"‬

‫أجاب بياجيه " الشتلة" ‪ " .‬ستحتاج إلى البطانيات والمالبس" ‪.‬‬

‫" إنه ولد‪".‬‬

‫ناقش بياجيه " إنها فتاة" ‪.‬‬

‫أصرت ناهد على شتلي‪ " .‬مرض الشتالت هو أسوأ مع األوالد‪".‬‬

‫" من قال لك ذلك ؟"‬

‫" جدتي ‪ ،‬قبل أن تقابل النيران‪".‬‬

‫تحركت بياجيه برأسها وهي تنسج‪ " .‬أنا آسف على جدتك ‪ ،‬المستنيرة‪ .‬لكن مرض الشتالت هو لكل شتلة‪ .‬ليس األوالد‬
‫فقط‪ .‬فقط انتظر ‪ ،‬تلك الشتلة التي تحملها ستولد مع ألمع النجوم " ‪.‬‬

‫حدقت ناهد في بياجيه ‪ ،‬معجبة بالشعر المستقيم الذي يتدفق على أكتاف المرأة المسنة‪ " .‬هل أنت متأكد أنك لست‬
‫مستنيًر ا بنفسك ؟ بشعرك ‪ ،‬يمكنك أن تنعم ببركة تنوير الحكمة " ‪.‬‬

‫ابتسمت بياجيه قائلة‪ " :‬شعري ليس سوى عالمة على أنني خائفة من تقدمي في السن" ‪ " .‬لكن شكرا لك‪".‬‬

‫" هناك شائعات عن المتنبئين عبر البحر ‪ ،‬ربما أنت واحد منهم ؟"‬
‫ابتسمت ابتسامة عريضة مرحة كما لو أنها تريد أن تقول شيًئ ا يقع على طرف لسانها‪ .‬بدال من ذلك ‪ ،‬هزت بياجيه‬
‫رأسها‪ " .‬أنا لست من النوع‪ .‬أنا مجرد امرأة عجوز شهدت العديد من الممرات تأتي وتذهب‪ .‬العودة إلى الدرس الخاص‬
‫بك‪" .‬‬

‫حركت ناهد زابوتون عن قرب وهي تراقب بياجيه‪ .‬ازدهرت السماء السوداء فوقهم ‪ ،‬وبحلول ذلك الوقت ‪ ،‬كانت ناهد‬
‫تصنع كوريرها الخاص على نول النسيج القديم‪.‬‬
‫مرت األشهر الباردة فوقها ‪ ،‬تاركًة أشجاًر ا ذابلة وأراضًيا متجمدة‪ .‬مع ظهور األشهر الممطرة ‪ ،‬نمت حالة الشتالت لديها‬
‫وبإصرار بياجيه ‪ ،‬عاشت في منزل صغير على األرض لتجنب الساللم‪ .‬هزت ناهد بسعادة وهي تعمل على نمط بياجيه‬
‫على نول النسيج من أعلى الشجرة بينما كانت المرأة األكبر سنًا بعيدة‪.‬‬

‫في وقت مبكر من صباح ذلك اليوم ‪ ،‬أعلنت بياجيه أنها ستبحث عن أي ظهور مبكر للتوت بابتسامة‪ .‬سرعان ما قامت‬
‫أصابعها بلف الصوف األسود في النموذج عندما صرير الباب الخشبي في اإلطار‪ " .‬بياجيه ؟" استجوبت ناهد مبتسمة‪.‬‬
‫" هل تحتاج إلى مساعدة لفتح الباب مرة أخرى ؟"‬

‫دفع جور الباب مفتوًح ا ‪ ،‬واندفع إلى الشجرة العلوية‪ .‬عيناه البنيتان تتطابقان مع بشرته الداكنة‪ .‬وخلفه كان يسير نحوها‬
‫جديلة طويلة داكنة‪ " .‬المستنير ‪ ،‬لقد حدث شيء ما‪ .‬بياجيه مع المعالج " ‪.‬‬

‫رفعت يديها ‪ ،‬وأشارت إلى جور‪ " .‬مساعدة لي‪ ".‬أمسك الفارس على الفور بيديها وساعدها على قدميها‪ .‬لقد أمسكت‬
‫بطنها وهي تتجول خلف جور إلى منزل المعالج‪ .‬ببطء ‪ ،‬قادها جور صعود الساللم الحلزونية‪ " .‬ماذا حدث ؟" سألت‬
‫بلهفة وهي تتسلق الدرجات القليلة الماضية‪.‬‬

‫أجاب جور‪ " :‬ال أعرف" ‪ " .‬وجدها الفرسان اآلخرون‪".‬‬

‫عندما وصلت إلى الخطوة األخيرة ‪ ،‬تنفست بصعوبة‪ .‬استراحت على منصة خشبية مسطحة‪ .‬استقرت يدها على بطنها ‪،‬‬
‫وطمأنت الشتلة بركلها من الداخل إلى الخارج‪ .‬تومضت عينا جور البنيتان ‪ ،‬ثم عادت إلى عينيها‪ .‬سبح حزن واضح في‬
‫عينيه الغامضتين‪ .‬ذهبت ناهد لفتح الباب عندما أثقل ثقل لطيف على كتفها النحيف‪.‬‬

‫" المستنيرة ‪ ،‬هي‪-‬‬

‫" من فضلك ال‪".‬‬

‫" سأل عنك ‪ "،‬أنهى جور حزيًن ا‪.‬‬

‫ابتسمت ناهد وهي تنظر من فوق كتفها ‪ ،‬ولم تصل إلى عينيها تماًما‪ .‬تمتمت‪ " :‬شكرًا ألنك وجدتني" ‪ .‬أومأ جور برأسه‬
‫مرة ‪ ،‬ثم حدق بشوق لبضع دقائق‪ .‬بمجرد أن تومض عيناه على بطنها ‪ ،‬نزل السلم صامًت ا‪ .‬راقبته ناهد وهو يذهب حتى‬
‫اختفى‪ .‬ثم فتحت الباب ودخلت إلى غرفة المعالج‪.‬‬

‫كانت رائحة الزهور المهدئة تتطاير في الهواء وهي تغلق الباب خلفها‪ .‬في ‪ ،‬كان هناك ثالث أسّر ة مع ستائر بيضاء‬
‫منفصلة للخصوصية‪ .‬وجدت ناهد على الفور أن بياجيه هو الشخص الوحيد الذي يستلقي على سرير‪ .‬توافدت على‬
‫سريرها وأمسكت بيدها‪ .‬شاهدت عيناها الفضيتان أن المعالج لم يتحرك أبًد ا من معالجة الكدمات القاسية عبر جذع بياجيه‪.‬‬

‫" بياجيه ؟" تساءلت بحذر شديد‪ " .‬أيمكنك سماعي ؟"‬

‫" قد ال أكون قادًر ا على تحريك ساقي ‪ ،‬لكنني لست مستنيًر ا أصًما" ‪ ،‬هذا ما قاله بياجيه‪ .‬انبسط شعرها الرمادي على‬
‫الوسادة وهي تلتفت إللقاء نظرة على ناهد ‪ " .‬رغم ذلك ‪ ،‬أنا سعيد ألنك هنا‪".‬‬

‫" إذن أنا ماذا حدث ؟"‬

‫صاح بياجيه بغضب ‪ " ،‬لقد وقعت" ‪.‬‬

‫" انت وقعت ؟ ليس على الدرج كما آمل " ‪.‬‬
‫سخرت المرأة األكبر سًن ا ‪ " ،‬ال داعي لتكرار ذلك‪ .‬أنا غاضب من نفسي بسبب ذلك وال ‪ ،‬لم أسقط من الدرج‪ .‬المسارات‬
‫هنا – كما تعلم – ليست مستقرة خالل األشهر الممطرة‪ .‬كنت مفرط الثقة ‪ ،‬وانزلقت‪ .‬كانت األوساخ رخوة بما يكفي‬
‫إلنزال األشجار معي‪ .‬سقط أحدهم فوقي " ‪.‬‬

‫" الضرر ؟"‬

‫" نزيف من الداخل‪ .‬أوضح المعالج من الجانب اآلخر لبياجيه " ال يمكن إيقافه" ‪ .‬امتصت ناهد نفسا من الكفر‪ .‬في‬
‫الزفير المهتز سألت ‪ " ،‬وإلى متى ؟"‬

‫" ال تتحدث فوقي كما لو أنني قابلت ألسنة اللهب بالفعل" ‪ ،‬قال بياجيه في شكواه‪ .‬المرأة المسنة اللطيفة ذات العيون‬
‫الخضراء تلتقي بالفضة‪ " .‬المعالج يقول إن لدي حتى وقت الحق الليلة‪".‬‬

‫اختنقت ناهد " الليلة" ‪ .‬اشتد حلقها حيث تجمعت الدموع على الفور في زاوية عينيها‪ .‬شعرت بالرعب عندما ضحكت‬
‫بياجيه بخفة ‪ ،‬ثم بدأت في السعال‪ .‬بدأ بياجيه يضعف ‪ ،‬ولوح بمعالج االختناق بشكل مفاجئ‪ " .‬جفف تلك الدموع‬
‫المستنيرة‪ .‬سوف يجعلك الحزن مريضا " ‪.‬‬

‫" بياجيه ‪ ،‬ال يمكنك‪"-‬‬

‫طالب بياجيه بهدوء " الصمت" ‪ " .‬ال أحد يستطيع محاربة الموت‪ .‬اريدك ان تسمع االن كانت حياتي طويلة ورائعة‪.‬‬
‫ذهب أطفالي في اتجاهات مختلفة ‪ ،‬لكن لدي ندم واحد " ‪.‬‬

‫أومأت ناهد برأسها‪ " .‬أنا أستمع‪".‬‬

‫" هل تتذكر محادثتنا قبل ثمانية أشهر ؟"‬

‫" لقد أجرينا الكثير من المحادثات ‪"...‬‬

‫تنهدت المرأة األكبر سًن ا ‪ ،‬وأخذت تتأوه وهي تتحرك على السرير‪ " .‬عندما سألت عن شتلك ‪ "،‬ذّك رت بياجيه قبل‬
‫المضي قدًما‪ " .‬تذكر أن تسألني إذا كنت قد طفت شتلة من قبل ؟"‬

‫" انا اتذكر‪ .‬ما كان يجب أن أسأل أبدا " ‪.‬‬

‫هزت بياجيه رأسها‪ " .‬من حقك أن تعرف‪ .‬لإلجابة على سؤالك ‪ ،‬فعلت‪ .‬لقد طفت طفلي األول في النهر " ‪ .‬تجمعت‬
‫دموع الكريستال من عيني بياجيه ‪ ،‬وتحوم باللون األخضر مع األلم والندم‪ .‬بحذر شديد ‪ ،‬تمسح ناهد الدموع من وجه‬
‫المرأة المسنة‪ " .‬بياجيه ‪ ،‬ال بأس‪".‬‬

‫رفرفت األيدي المسنة بعنف ‪ ،‬وخطفت يدي ناهد بقبضة قوية‪ .‬سحبها بياجيه نحو وجهها‪ .‬سقطت أزهار القرنفل الطويلة‬
‫على كتفيها بينما كانت بياجيه تحدق في عينيها ‪ ،‬مما أجبر ناهد على مواجهة الرعب في عينيها‪ " .‬ليست كذلك‪ .‬لقد‬
‫أرسلت شتالتي ‪ ،‬طفلتي الصغيرة إلى أسفل النهر‪ .‬كل ليلة حلمت بها‪ .‬تأتي إلّي ‪ ،‬صغيرة ‪ ،‬كبيرة في السن ؛ ال يهم‪ .‬في‬
‫النهاية ‪ ،‬هم فقط أحالم‪ .‬يجب أن تكون قوًيا من أجل نبتتك‪ .‬سوف تحتاج منك أن تكون قوًيا " ‪.‬‬

‫" هو" ‪ ،‬احتجت ناهد بشكل ضعيف بينما خفت يدي بياجيه فجأة حول يديها‪ .‬أغمضت بياجيه عينيها مع تباطؤ تنفسها‪" .‬‬
‫قصدت ما قلته المستنير‪ .‬لها‪".‬‬

‫صاحت ناهد ‪ ،‬وبدأت الدموع تنهمر على وجهها الرقيق‪ " .‬لن أتجادل معك‪ .‬ليس االن‪".‬‬

‫همس بياجيه بتواضع مما جعل ناهد تقترب‪.‬‬

‫" ماذا او ما ؟" تساءلت بهدوء ‪ ،‬على أمل أن يتمكن بياجيه من سماعها‪.‬‬

‫" قمر ‪ .‬إنه اسم قوي‪ " .‬اسم جيد" ‪ ،‬غمغم بياجيه بغموض‪.‬‬

‫" إنه ولد‪".‬‬


‫" توقف عن الجدال معي انغمست العيون الخضراء ‪ ،‬وتوقف بياجيه عن التنفس‪.‬‬
‫تجولت في منزلها في أمالور بعد أن واجهت بياجيه النيران قبل شهر‪ .‬في كثير من األحيان ‪ ،‬يشع شد حاد من خالل‬
‫الجزء السفلي من جسدها ‪ ،‬ويأخذ أنفاسها في كل مرة‪ .‬فقط المشي يساعد في األلم‪.‬‬

‫يداها مقويتان فوق بطنها الكبير ‪ ،‬في محاوالت فاشلة للسيطرة على أي قدر من االنزعاج الجسدي الذي شعرت به‪.‬‬
‫عاطفيا ‪ ،‬ال تزال ناهد حزينة على بياجيه‪ .‬تتمنى أن تهدئ المرأة الكبيرة بحكمتها القديمة من ذعرها المتزايد من الوالدة‬
‫وحدها‪ .‬كانت جور قد غامرت في أمالور منذ عدة أيام ‪ ،‬ووعدت بأن كيرين ستقدم يدها لطفلتها لمساعدتها‪ .‬توقفت ناهد‬
‫في خطوتها عندما دمدمت بصوت منخفض خارج منزلها‪ .‬هرعت إلى رفرف الفراء‪.‬‬

‫عند سحبه جانبا ‪ ،‬ندمت على الفور‪ .‬قبل أن تتمكن من ترك رفرف الفرو يعود إلى مكانه ‪ ،‬قامت يد أخرى بفتحه‪" .‬‬
‫المستنير" ‪ ،‬استقبل الحكيم األكبر‪ " .‬لدينا مسألة ملحة لنناقشها معك‪".‬‬

‫ابتسمت ناهد بإشراق إلخفاء نفورها عندما كانت تشير إلى الحكماء التسعة في المنزل المزين بألوان زاهية‪ .‬بطانيات‬
‫منسوجة من بياجيه معلقة حول الجدران المصقولة بالجلد‪ .‬وضعت األقدم واألسوأ عبر الطابق األرضي‪ " .‬أي شيء يأكله‬
‫أو يشربه ؟" عرضت حزًن ا ‪ ،‬وقمعت وخًز ا آخر من األلم‪ .‬بطريقة غير مفاجئة ‪ ،‬رفض جميع الحكماء التسعة عرضها‪.‬‬

‫" أيها المستنير ‪ ،‬هل تعرف بالتأكيد لماذا نحن هنا ؟" استجوب أقدم وايزمان‪ .‬ثّبتت عيناه األرجوانيتان على رأسها وهي‬
‫تهز رأسها وأجابت‪.‬‬

‫" ال أستطيع أن أقول إنني أفعل ذلك‪".‬‬

‫كان الحكماء الثمانية يثرثرون بتواضع وهي تواصل‪ " .‬هل أنت مستاء من قيام رجال من كيرين ببناء هذا المنزل ؟‬
‫ألنني أستطيع أن أؤكد لكم ‪ ،‬أنها مثل جميع المنازل األخرى في امالور ‪ ،‬ناقص المسافة " ‪.‬‬

‫" موطنك ليس له عالقة بمناقشتنا!" قطع وايزمان آخر‪ .‬اشتعلت عيناه البنيتان مع فتحتي أنفه‪ " .‬هذا ‪ ، "...‬مشيًر ا إلى‬
‫بطنها المتضخم ‪ - " ،‬هذا هو سبب وجودنا هنا‪".‬‬

‫عبرت ناهد ذراعيها على صدرها ‪ ،‬وسألت ببطء ‪ " ،‬وماذا عن شتولي ؟"‬

‫" أنت ال تحمل عالمة الترابط‪ .‬أنت تحاول جلب وصمة عار بيننا! "‬

‫" شتالتي ليست وصمة عار!" جادل ناهد ‪ .‬يداها مقعرتان بشكل وقائي على بطنها‪ .‬زمجر الحكيم‪ " .‬إنها! وعندما‬
‫يتعلق األمر بهذا العالم ‪ ،‬نطلب منك أن تطفو عليه! "‬

‫" ال‪".‬‬

‫" ال ؟"‬

‫" سمعتني" ‪ ،‬هسهسة ناهد ‪ .‬تحولت عيناها الفضية الدافئة عادة إلى البرودة‪ " .‬أنا ال أطفو شتالتي‪".‬‬

‫دفع الحكيم األكبر الرجل الصاخب بعيًد ا عنها‪ .‬ارتدى سترته األرجوانية على ثوبها وهو يضع يده على كتفها ويتكلم‪" .‬‬
‫نحن جميًع ا نفتقد الشخص الذي وعدت به ‪ ،‬ادهم ‪ ،‬لكنه يريدك أن تفعل الصواب‪ .‬كان يريد المضي قدًما ‪ ،‬والترابط مع‬
‫شخص آخر ‪ ،‬وليس تلطيخ نفسك ببقعة " ‪.‬‬

‫هزت ناهد يده بشراسة وتراجع‪ .‬انتشر األلم من أسفل جسدها وهي تصدر صوت هسهسة‪ " .‬أنا أفعل ما سيفعله في‬
‫مكاني‪ .‬أنت ال تعرف ما الذي تتحدث عنه! لقد رأيت شخًصا نادًما على تعويم طفله في النهر حتى وفاته‪ .‬لن تجعلني أفعل‬
‫الشيء نفسه " ‪.‬‬

‫حدقت في وجهها تسع أزواج من العيون ‪ ،‬وحدقت في الخلف‪ .‬وأكدت بعناد‪ " :‬أنا ال أقوم بتعويمه" ‪ .‬أومأ أقدم وايزمان‬
‫الذي تجرأ على لمسها ‪ " ،‬ستبقى البقعة‪ .‬ال ُيسمح أبًد ا بالدخول إلى القرية‪ .‬إال نفسك‪".‬‬

‫" لدي شرط واحد‪".‬‬


‫" حالة ؟" هسهس وايزمان مختلف‪ .‬نظرت إليها عيناه الموحلة بازدراء‪ " .‬يجب أن تكون ممتًن ا ألننا تجنبنا البقعة‪ .‬ليس‬
‫لديك شروط لتتحدث عنها " ‪.‬‬

‫أمر الحكماء األكبر‪ " :‬يا وايزمان ‪ ،‬هل يمكنك االمتناع عن المزيد من تعذيبها" ‪ .‬أشار إلى جسدها وهي تتأرجح عندما‬
‫ارتفع األلم من ظهرها‪ .‬أال ترى أنها تتألم ؟ اسم حالتك‪" .‬‬

‫" يجب أن أحضر شتالتي إلى القرية معي بينما ال يزال صغيرا‪ .‬بعد أن يكبر ‪ ،‬لن أحضره إلى القرية مرة أخرى‪.‬‬
‫شرطي اآلخر هو أنني وحدي سأخبره عن قصة والدته الحقيقية " ‪.‬‬

‫أومأ أكبر وايزمان برأسه بسرعة قبل أن يغير الرجال الثمانية اآلخرون الكالم‪ " .‬متفق‪ ".‬نظر أحد الحكماء اآلخر بعينيه‬
‫البنيتين ‪ ،‬وفتح فمه في احتجاج صامت حيث ألقى الرجل األكبر سًن ا نظرة حادة على رفيقه ثم تابع‪.‬‬

‫" إذا دخلت البقعة قدًما في أملور ‪ ،‬وتم العثور عليها ‪ ،‬فسنقرر بعد ذلك واجب حياة البقعة‪ .‬بغض النظر عن عدد‬
‫الممرات " ‪.‬‬

‫" حسنًا" ‪ ،‬هسهسة ناهد ‪ .‬كان فكها يؤلمها بسبب تقشر أسنانها مًع ا‪ " .‬إذا كنت ال تمانع ‪ ،‬يرجى المغادرة أثناء والدتي‬
‫بسالم‪".‬‬

‫بمجرد ذكر الوالدة ‪ ،‬هرب جميع الحكماء التسعة ‪ ،‬ولم يتركوا سوى آثار ذيلهم من ستراتهم في المدخل‪ .‬انجرف غطاء‬
‫الفراء إلى مكانه كما لو أن زيارتهم لم تحدث أبًد ا‪ .‬تمنت ناهد أن يكون األمر كذلك عندما غرقت في الزابوتون الكبير‬
‫حول الطاولة الصغيرة‪ .‬حدقت عيناها الفضيتان في المدخل ‪ ،‬على أمل أن تظهر يد الطفلة قريًبا‪.‬‬

‫في وقت الحق من ذلك المساء ‪ ،‬تعثرت يد الطفل في حجرة المنزل‪ .‬كان العرق يتزين عبر صدغيها بينما تحطمت عليها‬
‫موجات من األلم‪ .‬كانت أنفاسها تبتلع بينما كانت تعمل بجد عبر سماء الشفق المنقطة‪ .‬عندما كانت الشمس تشرق عبر‬
‫السماء في بداية يوم جديد ‪ ،‬اخترقت حياة جديدة العالم بصرخة‪.‬‬

‫كانت تمسك ابنتها الجديدة بحضنها ‪ ،‬وتحدقت عيونها الصغيرة الداكنة باللون الفضي‪ .‬ومثل هذا ‪ ،‬سميت الصديق العاري‬
‫نفسها‪ .‬ابتسمت ناهد براقة في الشتالت‪.‬‬
‫كانت قدميها الصغيرتين ترفرفان بسعادة وهي تركض نحو ضوضاء القرية المرحة‪ .‬في الخامسة من عمرها ‪ ،‬كان‬
‫فضولها الستكشاف القرية قد فات‪ .‬تركتها والدتها في وسط مستنقع الزهور الواسع لتغامر بدخول القرية للتجارة‪ .‬بعد فترة‬
‫وجيزة من تركها بمفردها ‪ ،‬مزقت قمر كل زهرة تم انتزاعها من األرض بشكل أسرع ثم استغرقت النبات لتنمو‪ .‬هبطت‬
‫موجات الماهوجني على أكتاف صغيرة بينما كانت أراينا تدرس أوراق الشجر الجميلة من حولها ‪ ،‬بحًث ا عن أي آثار لشعر‬
‫وردي طويل في األوراق‪ .‬عبرت ابتسامة مؤذية على وجهها وهي تذهب‪ .‬كانت تعلم أن والدتها لن تتركها وحدها لفترة‬
‫طويلة‪.‬‬

‫سمعت قمر األطفال اآلخرين‪ .‬في نفس المكان الذي كانت تفعله دائًما كل يوم‪ .‬ابتسمت بلمعان عندما وجدتهم‪ .‬ستة‬
‫أطفال ‪ ،‬في سنها تقريًبا ‪ ،‬لعبت بواسطة بركة صغيرة من المطر الذي سقطت عليه القرية الليلة الماضية‪ .‬ركضت قمر‬
‫بشغف‪ .‬بأسرع ما يمكن ‪ ،‬جلست بال هوادة بجوار فتاتين تلعبان بالدمى‪.‬‬

‫" مرحًبا" ‪ ،‬صرخت ببراعة ثم عبس‪ .‬وقفت الفتيات بصمت وابتعدن عنها‪ .‬تتبعتهم قمر بعينيها وهم يسيرون نحو القرية‬
‫‪ ،‬وتساءلت عن سبب مغادرتهم‪ .‬صعدت واقفة على قدميها ‪ ،‬محاربة لدغة الرفض‪ .‬بداًل من مالحقة الفتيات ‪ ،‬معتقدة أنها‬
‫افتقارها إلى دمية تلعب بها ‪ ،‬تجولت على األوالد األربعة وهم يدفعون بعضهم البعض برفق نحو بنك الطين‪.‬‬

‫" هل ستقفز ؟" تساءلت‪ .‬استدار األوالد ببطء ‪ ،‬وحدقوا فيها‪ .‬كان أكبر وأطول فتى يتجول بين الخمسة اآلخرين ويصل‬
‫إليها‪ .‬حدقت عيناه الصغيرتان في وجهها وهو يحدق بها‪ " .‬لم أرك من قبل‪ .‬من أين أنت ؟"‬

‫" أملور" ‪.‬‬

‫" من الواضح أنني أعرف ذلك!" قطعت الصبي بينما أمطرت بصاقه على وجهها‪ " .‬أعني ‪ ،‬أين مسكنك ؟"‬

‫" بواسطة البحيرة‪".‬‬


‫ابتسم الصبي المجهول وهو يتحدث‪ " .‬هل تعرف الوحش الذي يعيش هناك ‪ ،‬أليس كذلك ؟" سأل؛ شهق األوالد‬
‫اآلخرون خلفه‪ .‬تومض عيناها الخربيتان على كل وجه في حيرة وهي تجيب‪ " .‬ال‪ .‬أنا أعيش هناك مع والدتي " ‪.‬‬

‫ضحك الصبي‪ " :‬أخبرني بابا قصًص ا عنك وكيف أنك وحش قذر للغاية" ‪ .‬ضحك األوالد الخمسة اآلخرون بهدوء‪.‬‬

‫واحتجت قمر وكانت يداها مثبتتين على جانبيها‪ " .‬أنا لست قذرا!" صرخت‪ .‬وداست قدمها الصغيرة في درب التراب‪" .‬‬
‫ولست وحش!"‬

‫" أنت لست قذرا بعد!"‬

‫دون سابق إنذار ‪ ،‬أمسك الصبي بثوبها ودفع قمر إلى بنك الطين‪ " .‬األم!" صرخت على وشك البكاء لم يذرف‪ .‬تفرق‬
‫األوالد الستة بعيًد ا ‪ ،‬صعدوا إلى القرية بعيًد ا عنها‪ .‬نزلت دموعها الدافئة على خديها وهي تئن بهدوء في البؤس‪.‬‬

‫" قمر ؟"‬

‫فقط من رؤية والدتها مرة أخرى ‪ ،‬انفجرت في البكاء‪ .‬شقت طريقها إلى حضن والدتها بينما كانت والدتها تحملها إلى‬
‫المنزل‪ .‬تلطخ الطين ثوبها الخاص ووالدتها وهي تضع رأسها تحت ذقن والدتها‪.‬‬

‫" قمر ‪ ،‬أريدك أن تفعل شيًئ ا من أجلي‪".‬‬

‫" ماذا او ما ؟"‬

‫ردت والدتها بهدوء‪ " :‬ال تحاول دخول القرية مرة أخرى" ‪.‬‬

‫نظرت قمر إلى والدتها في ارتباك وهي تسأل‪ " .‬لماذا ؟ هل هذا ألننا وحوش ؟ "‬

‫" الوحوش ؟" ردد والدتها‪ " .‬من هم الوحوش ؟"‬

‫تمتمت بحزن‪ " :‬نحن" ‪ " .‬الصبي الذي دفعني في الوحل‪ .‬قال أن بابا أخبره عن الوحوش‪ .‬أننا وحوش قذرة جسيمة " ‪.‬‬

‫حولت والدتها ذراعيها حولها ‪ ،‬ودفعت قمر وجًها لوجه لعيون فضية‪ .‬تلوح بيدها اللطيفة نحى الماهوجني من على‬
‫وجهها‪ .‬ردت والدتها‪ " :‬أعتقد أن كل شخص هنا هو وحش قمر " ‪ .‬دفعت قمر جبهتها إلى المرأة األكبر سنا‪ " .‬حتى‬
‫أنت ؟"‬

‫" أنا على وجه الخصوص" ‪ ،‬دمدمت والدتها مبتسمة‪ .‬سقطت قمر بينما كانت والدتها تقضم أنفها ؛ جعلها تضحك‪.‬‬
‫شعرت والدتها بالحزن فجأة وهي تتحدث‪ " .‬لكن عليك أن تترك القرية وشأنها ‪ ،‬حسنًا ؟ نحن ال نلعب هناك " ‪.‬‬

‫أومأت قمر برأسها بينما دغدغة خفيفة تتعقب جانبيها ألعلى وألسفل‪ .‬ابتسمت مشرقة‪.‬‬

‫" تمام‪".‬‬
‫جلست قمر بهدوء أثناء العشاء‪ .‬تومض عيناها الخربيتان على عكس الطاولة وعلى والدتها في كثير من األحيان في حالة‬
‫من التوتر‪ .‬في الثامنة من عمرها ‪ ،‬عرفت أنه لم ُيسمح لها بالتواجد داخل القرية‪ .‬لكن هذا ال يعني أنها لم تكن تشعر‬
‫بالفضول حيال األشياء التي يمكن أن تعرفها‪ .‬حدقت في الطاولة وهي تتمتم بتواضع ‪ " ،‬هل يمكن أن تخبرني عن‬
‫والدي ؟"‬

‫" ماذا كانت تلك قمر ؟"‬

‫ابتلعت توترها ونظرت من على الطاولة‪ .‬بدأت " أبي ‪ "...‬قمر ‪ ،‬وهي تحدق في عيني والدتها الفضيتين‪ " .‬هل يمكنك‬
‫إخباري عنه ؟"‬

‫كان هناك سكون ألمها كما طلبت المرأة األكبر سنا‪ " .‬ماذا تريد أن تعرف عنه ؟"‬
‫" كل شىء!" كانت تبتسم مشرقة وعيناها متوهجة‪ " .‬عمري ثمانية مرات وأنا بالكاد أعرف أي شيء عنه‪ .‬كيف يبدو ؟‬
‫ماالذي كان يعجبه ؟"‬

‫تنهدت والدتها بهدوء‪ .‬تمتمت بهدوء‪ " :‬كان اسمه ادهم " ‪ .‬ثم أضافت ‪ " ،‬لقد بدا مثلك‪".‬‬

‫" أنا ؟"‬

‫همست المرأة األكبر سًن ا " لديك عينيه في الغالب" ثم أضافت بنظرة واحدة‪ .‬لون شعرك أفتح من لونه ‪ ،‬ربما بسببي‪.‬‬
‫كان لديه شعر بني غامق " ‪.‬‬

‫" بني الشعر والعينين ؟ هل كان مستنيرا ؟ "‬

‫أومأت المرأة المسنة برأسها‪ " .‬نعم‪ .‬كان ينعم بقوة االستنارة " ‪.‬‬

‫سألت قمر بشكل ال يصدق ‪ " ،‬إذن ‪ ،‬لدي تنوران ؟ متى يأتي التنوير الخاص بي ؟ "‬

‫أجابت والدتها‪ " :‬عندما تكبر" ‪ .‬أومأت قمر برأسها وأخذت قطعة من الجبن‪ .‬أشارت حول الطعام المتجول في فمها‪" :‬‬
‫أنت لم تجب على سؤالي أبًد ا" ‪ .‬وقفت المرأة األكبر سنًا من على الطاولة وهي تتنهد‪.‬‬

‫تمتمت والدتها وهي تشد ذراعيها على صدرها‪ " :‬من الصعب شرح ذلك" ‪ " .‬كان هناك الكثير عنه ‪ ،‬لدرجة أنني ال‬
‫أستطيع أن أصفه بالكلمات‪ .‬كان لطيًف ا ‪ ،‬عنيًد ا ‪ ،‬قوًيا ومحًبا‪ .‬كان سيحبك كثيرا " ‪.‬‬

‫" لقد مات من قبل الوحش ‪ ،‬أليس كذلك ؟"‬

‫" نعم‪".‬‬

‫كان هناك توقف في المنطقة الرئيسية من المنزل حيث تناولت قمر لقمة أخرى من الطعام‪ " .‬لماذا تغطي عالمة الترابط‬
‫الخاصة بك ؟" سألت وهي تمضغ‪ .‬راقبت عيناها والدتها وهي تحدق في يدها اليسرى‪.‬‬

‫ردت والدتها‪ " :‬أحتفظ بها مغطاة حتى ال أتذكرها" ‪ .‬قامت قمر بإمالة رأسها في ارتباك طفولي‪ " .‬لكنك تحبه‪ .‬أال تريد‬
‫أن تتذكره ؟ "‬

‫أغمضت قمر عينيها عندما مدت والدتها إليها‪ .‬كانت األصابع اللينة تداعب خديها بالحنان‪ .‬قالت المرأة األكبر سًن ا‬
‫مبتسمة‪ " :‬لدّي تذكير هنا" ‪ .‬كان بإمكانها رؤية المشاعر الملتفة في عيني والدتها كما أضافت المرأة‪ " .‬وهذا هو كل الحب‬
‫الذي أحتاجه‪ .‬من فضلك ‪ ،‬ال مزيد من األسئلة وأكمل وجبتك " ‪.‬‬

‫في صمت ‪ ،‬تمكنت قمر من إنهاء عشاءها لكنها أبقت عينيها على والدتها بينما كانت تشعر بالراحة في مركز النسيج‪.‬‬
‫وهي تمضغ آخر قضمة لها ‪ ،‬وتوجهت إلى غرفها وتتخبط على الفراش‪ .‬في الغرفة الرئيسية ‪ ،‬كانت تسمع بكاء‬
‫منخفض ‪ ،‬يكاد يكون مخفًيا بفعل طقطقة الحطب‪ .‬حدقت قمر في الجلد البسيط والجلد لحيوان ال اسم له وهي تتساءل‪ .‬هل‬
‫كانت طبيعية أال تشعر بأي شيء سوى الغضب من الرجل الذي ترك والدتها وراءها ؟ سرعان ما سقط عليها النوم ‪،‬‬
‫وترك سؤالها دون إجابة‪.‬‬
‫دقات قدميها على التراب في حالة من الذعر بينما ركضت في الطريق إلى منزلها‪ .‬يشع ضوء الشمس من فوقها ‪،‬‬
‫ويضيء طريقها إلى المنزل‪ .‬اندفعت الرياح في أذنيها وصمت آذانها من صيحات األطفال الذين يطاردونها‪ .‬صاحت قمر‬
‫عندما أصابها شيء بارد ولزج على ظهرها ‪ ،‬مما جعلها تتعثر في خطواتها‪ .‬تلمس ظهرها ولصق الطين بأصابعها‪ .‬بشكل‬
‫انعكاسي ‪ ،‬انحرفت بينما ارتفعت كرة أخرى نحوها‪ .‬انزلقت المادة السميكة أسفل عمودها الفقري في تعذيب مخيف وهي‬
‫تتحرك‪.‬‬

‫عندما صوبت ‪ ،‬اصطدمت قطعة من الطين بمعدتها‪ .‬صرخت وهي تحمل البقعة المتسخة لفستانها البني من األلم‪ .‬سقطت‬
‫الحصى من ذراعيها على األرض‪ .‬تجمعت بدايات الدموع في عينيها‪ .‬استنشقت عندما اندلعت ضحكات منتصرة من‬
‫فتاتين ؛ بينما قام األوالد الثالثة بجمع المزيد من الصخور بسرعة عند أقدامهم‪ .‬قبل أن يتسلح الصبية مرة أخرى ؛‬
‫انسحبت قمر بعيدا‪ .‬كانت تسير في الطريق ‪ ،‬ركضت حتى أصيبت بضيق التنفس‪.‬‬

‫اقتحمت منزلها ‪ ،‬تلهثت بعنف من الرحلة‪ .‬ترنح كتفاها بارتياح عندما رفعت والدتها رأسها عن عمود النسيج ‪ ،‬وهي‬
‫تحييها بابتسامة‪ .‬تعثرت على الطاولة الصغيرة وانهارت على زابوتون ؛ إغالق عينيها في مهلة‪.‬‬
‫" قمر ؟" استجوب والدتها‪ .‬وسرعان ما تبع ذلك صوت حفيف القماش‪ .‬لم تكن قمر بحاجة إلى فتح عينيها لتعرف أن‬
‫والدتها انضمت إليها على الطاولة‪ .‬كان هناك دفء مألوف بجانبها وتدليك لمسات ريشة خفيفة من خالل موجات‬
‫الماهوجني الطويلة‪ .‬امتد شعرها على كتفيها بينما سألت والدتها‪ " :‬ماذا حدث اليوم ؟"‬

‫فتحت عينا سيت البنيتان على نظرات والدتها اللطيفة والمحبة التي تنظر إليها‪ .‬نزلت الدموع من عينيها بال حسيب وال‬
‫رقيب عندما بدأت في البكاء‪ .‬دفعتها أذرعها الدافئة إلى جسد أكثر دفًئ ا في احتضانها إلخماد نحبها‪ .‬كانت تسمع فوق‬
‫صرخاتها أزيًز ا منخفًض ا يهتز بهدوء في قلبها ؛ مطاردة كل حزنها السابق بعيدا‪ .‬بعد االستماع إلى اللحن ‪ ،‬انضمت قمر‬
‫إلى المزامنة قبل أن تنتهي األغنية المنخفضة تماًما‪.‬‬

‫كانت الغرفة الرئيسية صامتة تماًما حتى تنهدت قمر داخل ذراعي والدتها‪ " .‬ما هي البقعة ؟" سألت بهدوء‪ .‬تشددت‬
‫عناق والدتها حولها‪.‬‬

‫" اين سمعت ذلك ؟"‬

‫" في المنتدى" ‪ ،‬تمتمت قمر بالخجل‪ .‬تراجعت إلى أسفل ‪ ،‬محدقة في الحصائر المنسوجة المنتشرة على األرض لتجنب‬
‫الوهج المهيج الذي كانت تتلقاه دائًما عندما تذكر القرية‪ " .‬قال أحد األطفال إنني واحد ‪ ،‬وطردني‪".‬‬

‫ردت والدتها بحدة‪ " :‬أنت لست واحدًا" ‪.‬‬

‫اندلعت العناق عندما سار والدتها بسرعة إلى الموقد‪ .‬حدقت قمر بينما كانت والدتها تالحق اللهب بعصا‪ .‬أطلق النار‬
‫شرارات برتقالية صغيرة مع القوة المفرطة الزائدة بينما كانت قمر تقف‪.‬‬

‫" أنت ال تخبرني بشيء" ‪ ،‬اتهمتها بضعف‪ .‬الحظت قمر عندما جفلت والدتها‪ .‬أحضرت نفسها لها تتبع خطى والدتها ؛‬
‫االنضمام إليها في ألسنة اللهب الغاضبة‪ .‬تستريح خلف والدتها ‪ ،‬عيناها الخربيتان تحدقان في النار‪ " .‬ما هذا ؟" سألت‬
‫بهدوء‪ " .‬هل أنا حًق ا وصمة عار ؟"‬

‫" ال‪ .‬أخبرتك قمر ‪ .‬ردت والدتها‪ .‬تومض اللون البرتقالي حول الغرفة الرئيسية ‪ ،‬مسلًط ا الضوء على خيوط قرنفل‬
‫والدتها وعظام وجنتيها األنيقة‪ .‬عندما تتصل عيناها بعيون والدتها الفضية ؛ تحول شعور في أحشائها من النظرة المسكونة‬
‫في أعماقهم‪ .‬عرفت قمر تلك النظرة‪ .‬كانت قد شاهدت عدة مرات ‪ ،‬خاصة بعد العشاء الذي سألته عن والدها منذ كثير‪.‬‬

‫" هل هذا له عالقة باألب ؟" سألت بتردد ‪ ،‬وال تريد أن تزعج والدتها أكثر‪.‬‬

‫كان تنفسها رقيًقا وصوت فرقعة النار يتردد صداها في جميع أنحاء الغرفة الرئيسية وهي تنظر إلى والدتها‪ .‬بعد ما بدا‬
‫وكأنه دهر من الصمت ‪ ،‬أومأت المرأة المسنة أخيًر ا وتحدثت‪.‬‬

‫" نعم هو كذلك‪ .‬كنت آمل أن أكون قادًر ا على شرح كل شيء بتمريرة أو اثنتين‪ .‬قالت والدتها بينما كانت عيونها الفضية‬
‫تحدق في اللهب ‪ ،‬ثم تومض فوق فستان قمر الموحل‪ " .‬رغم أن الحياة قاسية‪".‬‬

‫وعدت قمر ‪ " :‬مهما كان األمر ‪ ،‬يمكنني التعامل معه" ‪ .‬أومأت والدتها برأسها قبل أن تبتعد عن النار لتجلس على‬
‫الطاولة مرة أخرى‪ .‬سرعان ما اتبعت قمر وأخذت الزابوتون الفارغ بجوار المرأة المسنة‪ .‬حدقت ‪ ،‬منتظرة بفارغ الصبر‬
‫استمرار والدتها‪ .‬اشتعلت النيران في الموقد مرة أخرى عندما تحدثت والدتها‪.‬‬

‫" هل تعرف ما هي" البقعة " ؟ سألت بعناية‪ .‬هزت قمر رأسها‪ " .‬أنا أعرف فقط الترتيب الخاص بهم‪".‬‬

‫" أي واحد ؟ هناك العديد‪".‬‬

‫" األمر بأن أي شخص يولد من" وصمة عار " لن يتلقى أًيا من دروس القرية أو الحقوق أو الصوت‪ .‬وجودهم هو ما‬
‫يحدده الحكماء " ‪.‬‬

‫" نعم هذا صحيح‪ .‬ولكن ما الذي يقرر أن " البقعة" هي " بقعة ؟"‬

‫هزت قمر كتفيها‪ " .‬انا ال اعرف‪ .‬لم افكر به ابدا‪".‬‬


‫شرحت والدتها وتنهدت قمر بحزن‪ " :‬أي شتلة تولد من الترابط سُتعرف باسم" وصمة عار " لوجودها حتى الموت" ‪.‬‬
‫لقد تألمت مع كل هؤالء الناس الذين يطلق عليهم ‪ .‬لم يطلبوا وجودهم وأن يعاقبوا ألن ذلك كان غير عادل‪.‬‬

‫" هذا فظيع!" صرخت بغضب‪ " .‬لم يكن ذنبهم أن والديهم خالفوا األمر" ‪.‬‬

‫أومأت والدتها برأسها‪ " .‬هذا صحيح وأنت على حق‪ .‬إنه ليس خطأ الشتالت‪ .‬لكن الحكماء يجدون أنه من األسهل معاقبة‬
‫األبرياء بدًال من أن يخالف األشخاص النظام ‪ " ،‬همست المرأة األكبر سًن ا‪.‬‬

‫استقر الفزع في أحشائها وهي تسأل بهدوء‪ " .‬ما عالقة البقع بي وبأبي ؟"‬

‫ولم تجب المسنات على الفور‪ .‬بدًال من ذلك ‪ ،‬ألقيت عيناها الفضيتان على معصمها األيسر ‪ ،‬حيث ُعلقت الفرقة‬
‫المنسوجة باللونين البني واألخضر‪ .‬شاهدت قمر أصابع شاحبة ورشيقة تعمل في عقدة الفرقة التي كانت ترتديها والدتها‬
‫منذ الطفولة‪ .‬الهثت عندما سقط الملحق ‪ ،‬وسقطت على األرض‪.‬‬

‫" أين عالمة الترابط الخاصة بك ؟!" صرخت قمر وهي تنحني على قدميها‪ .‬اهتز إصبعها ‪ ،‬مشيًر ا إلى البقعة القاحلة‬
‫من معصم أمها‪ " .‬أين هي ؟!"‬

‫" لم أتلق واحدة‪ .‬مات والدك قبل أن نرتبط " ‪.‬‬

‫تجولت قمر في الغرفة الرئيسية ‪ ،‬وداست صندلها على شعار " ال" ‪ .‬تجمعت دموعها الطويلة الجافة في زاوية عينيها‬
‫مرة أخرى‪ .‬امتنعت عن خطواتها ‪ ،‬تجمدت ؛ نظرت إلى والدتها ‪ ،‬همست‪ " .‬أنا وصمة عار‪".‬‬

‫مدت ذراعيها وابتعدت‪ .‬تنهدت والدتها‪ .‬حدقت قمر في والدتها وهي تضغط شفتها السفلية بين أسنانها‪ .‬تسربت الخيانة إلى‬
‫الجرح العاطفي وهي تحدق في عيون فضية‪ " .‬لقد كذبت علي‪".‬‬

‫احتجت والدتها وهي واقفة‪ " :‬لم أفعل" ‪ " .‬انا لم اكذب‪ .‬أنت لست وصمة عار‪" .‬‬

‫" نعم! وية والولوج!"‬

‫" قمر ‪"...‬‬

‫" أنا وصمة عار!" صرخت قمر ‪ .‬اندفعت موجاتها من خشب الماهوجني بال حسيب وال رقيب في وجهها وهي‬
‫تصرخ ‪ " ،‬لم تخبرني أبًد ا! هل يمكن أن تخبرني في أي وقت! "‬

‫" قمر !"‬

‫أذهلتها نبرة والدتها في صمت‪ .‬تمسك أصابعها الرخوة بكتفيها بينما تمشط أمها موجاتها المتعرقة من وجهها‪ .‬المست‬
‫شفتيها الدافئة جبهتها المكشوفة‪ " .‬أنا آسف قمر ‪ .‬أنا فقط أرغب في حياة مختلفة لك‪ .‬أردت أن تكون طفًال لفترة أطول‬
‫قليًال‪ .‬همست والدتها‪.‬‬

‫فهمت ‪ ،‬أومأت قمر برأسها لكنها لم تكن تريد أن تصدق حًق ا كل ما تعرفه اآلن‪ .‬رغم ذلك ‪ ،‬لم تستطع إنكار ذلك‪ .‬كانت‬
‫والدتها تقول الحقيقة‪ .‬كانت تعرف من وجوه هؤالء األطفال الذين طردوها من الدائرة اليوم‪ .‬أيًض ا بسبب ضبابية الوجوه‬
‫في القرية التي شتمها عليها وهي تمشي بجوارها‪ .‬وبنظرات الشفقة كلما غادرت والدتها منزلها لتغامر بدخول القرية‪.‬‬
‫الجميع يعرف ما هي إال هي‪.‬‬

‫عرفت سرها القذر اآلن وارتجفت‪ .‬اهتز جسدها مع تنهدات ال يمكن السيطرة عليها‪ .‬نزلت الدموع على وجهها ‪ ،‬وتمطر‬
‫فستانها‪ .‬تم لف الذراعين حولها بنجاح هذه المرة ‪ ،‬مما دفعها إلى عناق آخر مريح‪ .‬تنغمس قمر في الراحة الوحيدة التي‬
‫كانت تعرفها عندما أدركت أن طفولتها قد انتهت‪.‬‬
‫مر يومان فقط بعد أن كشفت والدتها ما كانت عليه عندما أتت‪ .‬التقت قمر بنفس الصبي منذ أيام عندما سلمها رسالة‬
‫بابتسامة على وجهه‪ .‬قامت والدتها على الفور بطرد الصبي بنظرة فوالذية‪ .‬عندما هرع الصبي المجهول بعيًد ا ‪ ،‬قرأوا‬
‫الرسالة بصمت في الزابوتون‪ .‬استنشقت قمر بحدة وهي تقرأ‪ .‬ثم شاهدت والدتها وهي تكسر االستدعاء في يدها وتتجه‬
‫نحو الموقد‪ .‬أكل اللهب الرسالة ألنهم نادرا ما يأكلون أي شيء على العشاء‪.‬‬
‫لم ينطق بكلمة واحدة عندما انتشر اللحم المجفف والجبن على المائدة‪ .‬مع مرور ساعات الشفق ‪ ،‬لم يشرع أي منهما في‬
‫التقاعد للنوم‪ .‬بداًل من ذلك ‪ ،‬حدقوا في وهج النار ‪ ،‬حتى أزهرت الشمس في األفق‪.‬‬

‫اندلعت أشعة الشمس فوق األرض المظلمة في بداية ظهور آثار الفجر‪ .‬لقد جمعوا مؤنهم لالستحمام ثم انطلقوا‪ .‬عندما‬
‫أصبحت الغابة أكثر خضرة في الضوء المتزايد ‪ ،‬تحدثت والدتها‪.‬‬

‫" ال أستطيع أن أكون معك قمر ‪".‬‬

‫" سأكون بخير‪".‬‬

‫أومأت والدتها برأسها بصمت أثناء سفرهما إلى البحيرة لالستحمام‪ .‬تتألأل المياه الزرقاء الصافية الكريستالية في شمس‬
‫الصباح ألنها تنظف الجلد القاتم‪ .‬رائحة هش الصباح المنعشة جعلت قمر همهمة تقديرية وهي تتذوق الماء‪ .‬ركضت‬
‫النشائر من أمواجها ‪ ،‬مبللة برقبة فستانها النظيف بينما كانوا يسيرون عائدين إلى منزلهم‪.‬‬

‫كانت الشمس مرتفعة في السماء عندما أذهلتها لمسة لطيفة من التحديق في الطيور باللون األزرق‪ .‬توقفت قمر عندما‬
‫أدركت أنهم كانوا أمام منزلهم مرة أخرى‪.‬‬

‫" هل تريدني أن أمشي معك ؟"‬

‫هزت قمر رأسها ‪ ،‬وانفجر التصميم في عينيها الخربيتين وهي تحدق في والدتها‪ " .‬توقفت عن كوني طفلة منذ يومين‪.‬‬
‫يمكنني الذهاب وحدي‪" .‬‬

‫قبل أن تتمكن من االبتعاد عن الطريق المؤدي إلى القرية ‪ ،‬تمشيط يديها الدافئة فوق أمواجها الرطبة‪ .‬انسكبت عيونها‬
‫الفضية على عينيها البنيتين‪ " .‬ستكونين دائًما طفلي‪ .‬بغض النظر عما يحاول زوجان من كبار السن جعلك تؤمن به " ‪.‬‬

‫تشققت شفتيها ابتسامة صغيرة على والدتها على الرغم من القلق المتزايد في معدتها‪ .‬بلطف ‪ ،‬أغلقت يدا قمر على أمها‬
‫وسحبتهما بعيًد ا‪ .‬صعدت قمر بعد تحريرها‪.‬‬

‫" منذ أن كنت في الخامسة من عمري ‪ ،‬كنت أتساءل دائًما عن سبب اعتباري مختلًف ا‪ .‬لماذا وصفني ذلك الفتى بالوحش‪.‬‬
‫اآلن أنا أعلم ‪ " ،‬قالت قمر ‪ ،‬ثم استنشقت وواصلت‪.‬‬

‫" أنا وصمة عار‪ .‬ربما ليس لك ألنك والدتي ولكن بالنسبة لآلخرين فأنا ال أستحق سوى التراب الذي أمشي عليه‪.‬‬
‫يريدون مني الخجل‪ .‬يريدون مني أن أنهار ‪ ،‬لكنني لست خائًف ا‪ .‬سأذهب بمفردي‪ .‬سأكون بخير‪".‬‬

‫دون كلمة أخرى ‪ ،‬استدارت قمر وسارت في درب التراب‪ .‬نسيم الصباح الدافئ نسيم على وجهها‪ .‬المع العرق على‬
‫جبهتها عندما دخلت إلى الحافة الخارجية للقرية‪ .‬كان هناك أزيز بعيد من أعمق داخل أمالور وعندما اقتربت من الدائرة ؛‬
‫اختفت السماء الزرقاء الفاتحة في السماء من الدخان المتخلف من كل بيت‪.‬‬

‫كان الضحك ينبعث من األطفال القريبين وهم يلعبون مع بعضهم البعض وتراقبهم أمهاتهم‪ .‬عرفت قمر عندما وجدتها‬
‫عيونهم أخيًر ا ؛ هدأت كل الضحكات وعاد األطفال إلى أمهاتهم‪ .‬أخفت خديها المكسوتان بأشعة الشمس التوهج الوردي‬
‫من اإلحراج وهي تندفع عبر درب التراب وعينيها على األرض‪ .‬قضمت قمر من شفتها السفلية مع تزايد الهمسات وهي‬
‫تغامر بالتعمق في القرية‪.‬‬

‫في الوقت الذي وقفت فيه في المنتدى مباشرة أمام أكبر منزل ‪ ،‬شعرت أن قدميها ثقيلة مثل الحجر‪ .‬كانت محاطة‬
‫بالصمت من جميع القرويين الذين كانوا في الدائرة يشترون سلًع ا متعددة‪ .‬تدفقت الحرارة على ظهرها‪ .‬لم تعرف قمر ما‬
‫إذا كان الدفء ناتًج ا عن الشمس نفسها أم من السكون وراءها‪ .‬لم يتردد صداها في الريح ألنها شعرت بالملل في ظهرها‪.‬‬

‫لمست بخفة الفراء األبيض المعلق في المدخل‪ .‬جالت أطراف أصابعها فوق الفراء األبيض الرائع ‪ ،‬وابتسمت وهي‬
‫تدغدغ على لمسها‪.‬‬

‫فجأة ارتد صوت من الداخل ‪ ،‬فاجأ قمر بعيًد ا عن المدخل‪.‬‬

‫" يدخل!"‬
‫أسرعت من خالل رفرف الفراء‪ .‬تصاعد الدخان في الهواء من موقدين ينبعثان من ألسنة اللهب من كال جانبي المدخل‪.‬‬
‫تومض اللهب بشكل أعمق داخل مع ألسنة اللهب مثل األشرار اآلخرين‪ .‬بأضواء برتقالية وعوارض صفراء من المنافذ‬
‫في حجرة المنزل ‪ ،‬تمكنت من رؤية تسعة شخصيات كبيرة على المنصة‪ .‬تم وضع جلود الحيوانات على األرض أثناء‬
‫سيرها نحو الحكماء‪.‬‬

‫قامت قمر بحذر حول كل مجموعة من الفراء بينما كانت تتساءل عن مدى نعومة كل جلد تحت يديها‪ .‬في منتصف‬
‫المنزل ‪ ،‬قبل مجموعة صغيرة من الدرجات ‪ ،‬جلس أحد الزابوتون األسود‪ .‬جلست صامتة على الوسادة المنسوجة ويداها‬
‫في حجرها‪.‬‬

‫على المنصة ‪ ،‬جلست الكائنات التسعة الثابتة في أردية ملونة مختلفة حسب وضعها‪ .‬في الواقع ‪ ،‬كانت الطريقة الوحيدة‬
‫التي عرفت بها أنهم على قيد الحياة هي الصعود والسقوط اإليقاعي لصدورهم‪.‬‬

‫" ابق حيث أنت" ‪ ،‬قال نفس الصوت المزدهر من قبل‪ .‬حتى مع الحيوية المكتشفة حديًث ا القادمة من الخارج ‪ ،‬سمعت‬
‫قمر صوتها وهي تبتلع بعصبية ثم أومأت برأسها‪ .‬دقات قلبها بينما كان صدى همهمة خافتة يتردد داخل حجرة المنزل‪.‬‬
‫لقد استغرقت كل أوقية من قوة إرادتها حتى تدرب عينيها على األرض ؛ تتذكر األدب الذي علمتها إياه والدتها‪ .‬وأدركت‬
‫كم كانت مخطئة‪.‬‬

‫لم تكن كلماتها الراحلة لوالدتها سوى سخافات وسذاجة لطفل‪ .‬ركض عرق بارد على مؤخرة رقبتها‪ .‬كافحت لتحافظ على‬
‫نفسها من التململ العصبي ‪ ،‬خائفة من أن أي حركة من شأنها أن تجعل الحكماء ينطلقون مثل الحيوانات البرية‪.‬‬

‫كان هناك هدير من أحد الحكماء ‪ ،‬وهو يرفع عيني قمر إلى أعلى نحو المنصة‪ .‬كانت تحدق في كل رأس ‪ ،‬ناظرة إلى‬
‫العديد من الكنائس المألوفة المعلقة على الجدران خلفهم‪ .‬تردد صدى صوت آخر في بيت المنزل ‪ ،‬مما جذبها إلى عيون‬
‫أرجوانية‪ .‬كراهية الحكمة المباركة وايزمان تلقت روحها من االشمئزاز الذي يحوم في عيون الرجل األكبر سنا‪ .‬وهي‬
‫تنشج بهدوء ‪ ،‬ابتعدت قمر عن الوهج وركزت على األرض بجبان‪.‬‬

‫نزل منها العار كأنها حيوان زاوية يرثى له ؛ لم تصمم على القتال‪ .‬كان أحد الوهج الجليدي من أحد الحكماء هو كل ما‬
‫يتطلبه األمر لجعلها تتحول إلى طفلة‪ .‬إذا تبع ذلك ثمانية وهج أخرى ؛ يجب أن تخرج من هذا العالم مثل الحيوان‪ .‬انحنت‬
‫رأسها ‪ ،‬وانتظرت أن يتكلم أحد ‪ ،‬وندمت على عدم انتظار والدتها لها في الخارج‪.‬‬

‫" لقد تقرر منذ زمن طويل أنك ستعرف مكانك في هذا العالم عندما علمت بميالدك" ‪ ،‬بصق أحد الحكماء‪ .‬وجدت قمر‬
‫زوًج ا مختلًف ا من العيون األرجوانية تتوهج بنيران النار من الرجل الذي كان يجلس في منتصف قوس الهالل ‪ ،‬محاًط ا‬
‫بأربعة آخرين من وايزمان على كال الجانبين‪ " .‬لقد وعدتنا تلك التي تسميها األم بأنك لن تلطخ قريتنا‪ .‬لم تحافظ على‬
‫نهايتها! "‬

‫تمتم أربعة حكماء آخرين بالموافقة‪ .‬ارتطمت أقمصتهم البنية بينما كانوا يتهامسون لآلخرين‪ .‬انعكس الشعر البني في‬
‫ضوء النار ‪ ،‬في ذلك الوقت وهناك ‪ ،‬قررت قمر أنهم ال يحملون قوة التنوير التي كان والدها يتمتع بها‪ .‬كانوا أضعف من‬
‫أن يعبروا عن آرائهم بصوت عاٍل حتى تتمكن من سماعها‪ .‬تومض عيناها الخمريتان فوق الحكيم اآلخر وهو يتحدث‪.‬‬

‫" النعمة المستنيرة لم تفعل ‪ ،‬لكن ال يمكننا تغيير ذلك‪ .‬كما أقسمت الممرات من قبل ‪ ،‬سنقرر واجب الحياة للبقعة " ‪.‬‬

‫" جالب الخشب ؟" اقترح على وايزمان األقرب إليها مما تسبب في هز الحكيم اآلخر لشعره األشقر‪ " .‬جامع المياه ؟"‬
‫تصدى‪.‬‬

‫" بيري حصادة ؟"‬

‫همس حكيم آخر‪ " :‬ال أريد يدي البغيضة على التوت" ‪.‬‬

‫وقف أقدم حكيم جالس في منتصف قوس الهالل‪ " .‬قد نتشاجر حول هذا طوال اليوم ‪ "،‬قالها‪ " .‬أنا شخصيًا أريد أن أعود‬
‫إلى المنزل قبل الشفق‪ .‬أنا مغرم جًد ا بالحصول على المياه العذبة‪ .‬ما هي آرائك عن الموضوع ؟ "‬

‫" نعم ‪ "،‬زقزق وايزمان آخر‪ .‬هز رأسه‪ " .‬جلب الماء رائع‪ .‬أقول جامع الماء " ‪.‬‬

‫" مثلنا جميًع ا ؟" استجوب وايزمان األكبر‪ " .‬واجب حياتها مع الماء ؟"‬
‫جلست قمر في صمت صامت فيما تمتم الحكماء فيما بينهم‪ .‬لم يكن أن تصبح جالبة مياه لبقية حياتها أمًر ا ممتًع ا ‪ ،‬ال سيما‬
‫اضطرارها إلى جلب الماء للحكماء الذين كانوا حريصين جًد ا على معاقبتها‪ .‬لقد جفلت كعصا طويلة وصدمت دلوان على‬
‫األرض ‪ ،‬وضربت بجلود الفراء‪.‬‬

‫التقت نظرتها بكل العيون التسعة كما تحدث وايزمان األكبر‪ .‬أشار إلى األشياء المتناثرة على األرض‪ " :‬هذه بقعة لك" ‪.‬‬
‫" أحضر ما يكفي من الماء لملء كل حوض من أحواضنا الحجرية فقط خالل فترة الغسق ‪ ،‬حتى ال تصد اآلخرين من‬
‫جانبك‪ .‬اآلن غادر‪.‬‬

‫اندفعت إلى األمام ‪ ،‬وهي تتالعب بشكل محرج بالمياه لجلب اإلمدهبة ت من األرض وهربت‪ .‬اقتحمت قمر ضوء‬
‫الشمس الساطع ‪ ،‬بعيًد ا عن الوهج البغيض داخل الدخان الضبابي‪ .‬في غضون دقائق ‪ ،‬وجع ذراعيها ضد الوزن‪ .‬تراجعت‬
‫نظرتها على الفور في خجل عندما حدقت فيها عيون كثيرة من القرويين في صمت قضائي‪ .‬عضت قمر شفتها لكبح‬
‫دموعها المتزايدة ‪ ،‬وركضت في القرية‪ .‬تبعتها أحاديث صاخبة حتى وصلت إلى مشارف األسرة‪.‬‬

‫تجمعت الدفء وتساقطت على وجهها كما انهار‪ .‬تتناثر إمدهبة ت المياه على درب األوساخ بضربة مجوفة ‪ ،‬مما يؤدي‬
‫إلى إثارة األوساخ الملونة السمراء‪ .‬نسيم عذب ينفخ الغبار في عينيها‪ .‬مما يجعلهم يلدغون مع مزيد من التهيج‪ .‬أمطرت‬
‫الدموع المتناثرة على الطريق الجاف ‪ ،‬واختفت على الفور مع الحرارة‪.‬‬

‫انقضت كمية ال حصر لها من الوقت‪ .‬انجرفت السحب البيضاء في السماء الزرقاء وحجبت الضوء الذهبي ‪ ،‬تاركة‬
‫الظالل السوداء تسقط فوقها‪ .‬في النهاية لم يعد هناك المزيد من الدموع لها لتذرف‪ .‬ركعت قمر على األرض ‪ ،‬فارغة‬
‫وخفيفة ثم وقفت‪ .‬اهتزتها ركبتيها تحت ثقلها وهي تجمع ببطء اإلمدهبة ت الساقطة‪ .‬تبخرت المسافة بين القرية وسكنها‬
‫ببطء وهي عائدة إلى المنزل‪.‬‬

‫وقفت قمر أمام رفرف الفراء ‪ ،‬وحدقت بال مباالة في الفراء وهي تلوح في النسيم‪ .‬خرجت من شفتيها تنهيدة ‪ ،‬وهي تعلم‬
‫أن والدتها كانت بالداخل وتنتظر نتيجة االستدعاء‪ .‬قامت بتحريك الدالء في ذراعيها عندما دخلت من المدخل‪.‬‬

‫التقت العيون البنية بالعيون الفضية بينما كانت والدتها ترتعش على قدميها من الزابوتون‪ .‬انبعث القلق واالرتياح في‬
‫أعماق الفضة المنصهرة بينما كانوا ينظرون إليها ‪ ،‬ثم ضاقوا أخيًر ا في الدالء بين ذراعيها‪ .‬تراجعت قمر مرة أخرى‬
‫عندما دست أمها تجاهها ‪ ،‬مزقت أدوات جلب المياه منها وألقتها‪ .‬أخطأت الدالء ألسنة اللهب في الموقد المحتضر ‪ ،‬وبدًال‬
‫من ذلك اصطدمت بجدار مصقول‪.‬‬

‫ابتعدت قمر عن ذراعيها التي تحركت لتهدئتها‪ .‬لقد بكت كل مشاعرها بعيدا‪ .‬خطوت جانبية من والدتها ‪ ،‬مشيت إلى‬
‫الموقد وأمسك بسجل صغير لتلقي به على الجمر البرتقالي‪ .‬عندما تومض التوهجات الصغيرة عائدة للحياة مرة أخرى‬
‫مهاجمة الخشب ‪ ،‬همست قمر ‪ " ،‬لماذا أعامل مثل البقعة الوحيدة في أملور ؟ لماذا ال يوجد المزيد من الناس مثلي ؟ "‬

‫أجابت والدتها‪ " :‬هناك" ‪ ،‬وانضمت إليها عند الموقد الحجري‪ " .‬في الواقع ‪ ،‬أريد أن أقول إن نصف الناس يعانون من‬
‫بقع‪".‬‬

‫" إذن لماذا ال يوجد المزيد من نوعي من حولي ؟" استجوبت قمر بغضب‪ .‬كانت يداها تتقلبان على جانبيها وهي تصرخ‬
‫‪ " ،‬لماذا أنا الوحيد الذي أعيش واجب الحياة تجاه الحكماء لكن األطفال اآلخرين يمكنهم العيش فقط ؟ لن يضطروا أبًد ا‬
‫إلى التعامل مع الصمت أو التحديق! "‬

‫تنهدت والدتها‪ " .‬منذ فترة طويلة ‪ُ ،‬عرض علي خيار يجعلك مقبولة‪ .‬لكنني لم أستطع فعل ذلك ‪ ،‬في الغالب بسبب والدك‪.‬‬
‫سألني‪ :‬كان هناك رجل يريد أن يرتبط بي‪ .‬رفضت وقلت له عنك‪ .‬آخر مرة رأيته فيها كانت في اليوم الذي ذهب فيه من‬
‫أجل يد الطفل " ‪.‬‬

‫" ماذا او ما‪"-‬‬

‫وّبخت المرأة األكبر سًن ا قبل المتابعة‪ " :‬لم أنتهي من قمر " ‪ " .‬النساء األخريات لسن بنفس الصدق الذي كنت عليه‪ .‬في‬
‫امالور ‪ ،‬العديد من النساء اللواتي يجدن أنهن مع الشتالت يذهبن فقط ويتواصلن مع الرجل التالي الذي يقوم بتضخيمهن‪.‬‬
‫ال يتساءل الحكماء عما إذا كانت الشتلة تنتمي إلى األب ولكن طالما أن األم مرتبطة بحلول الوقت الذي تولد فيه الشتلة ‪،‬‬
‫فإن كل شيء يكون عادًال " ‪.‬‬

‫" وإذا كانت تلك المرأة مثلك ؟" سأل قمر ‪ " .‬ال تربط ‪ ،‬ولكن ال يزال لديها شتلة ‪ ،‬ماذا يحدث بعد ذلك ؟"‬
‫" ال أرغب في الحديث عن ذلك‪".‬‬

‫يضخ اإلحباط في عروقها مثل الدم‪ .‬انكسر السجل داخل النيران واشتعلت النيران عندما استدارت قمر إلى والدتها‪.‬‬

‫" لما ال ؟! هل تكذب علي مرة أخرى ؟! " صرخت بغضب‪ .‬ارتفعت أمواجها من خشب الماهوجني فوق كتفها وهي‬
‫تلتف على والدتها ‪ ،‬مما أطلق العنان لموجة جديدة من العواطف‪ " .‬ألست والدي ؟ هل أنا شخص آخر ؟ "‬

‫ساد صمت مخيف بينهما حيث ترددت أصداء آخر كلماتها على الجدران المغطاة بالكورفير‪ .‬في مكان ما في أحشائها ‪،‬‬
‫علمت قمر أنها تجاوزت خطًا‪ .‬لقد تركتها في حالة من الندم واختفت كل كلماتها التي تحركها الغضب مع بريق الفضة‬
‫الفوالذي‪.‬‬

‫لم تكن عينا والدتها مثل نظرات الحكماء المشمئزة ؛ في الحياة المصهورة تحمل ألًما ‪ ،‬لم يره شيء مثل أرين من قبل‪.‬‬
‫لقد كان شيًئ ا لم تستطع فهمه حًق ا‪ .‬انفعاالت الغضب والحب والخوف والكرب العابرة عبر العيون الفضية مثل السمفونيات‬
‫الشعرية‪.‬‬

‫" أنا آسف –" تمتمت قمر ‪ ،‬مختنقة بكلماتها‪ " .‬لم أقصد‪"-‬‬

‫" لقد فشلت في حمايتك مرة واحدة من هذه القرية" ‪ ،‬قالت والدتها جوفاء وهي تشير إلى فوضى الدالء على األرض‪" .‬‬
‫ال أريد أن أفشل مرة أخرى‪ .‬من فضلك ال تسأل مرة أخرى " ‪.‬‬

‫لم تستطع قمر إال أن تومئ برأسها بينما كانت والدتها تنظف بلطف موجات الماهوجني من وجهها‪ .‬أغمضت عينيها‬
‫مستمتعة بلمسة مهدئة‪ .‬ضغطت والدتها بشفتيها على جبهتها ثم تراجعت‪ .‬عند فتح عينيها ‪ ،‬شاهدت قمر والدتها وهي‬
‫تختفي من خالل رفرف الفرو األصغر ‪ ،‬مما يؤدي إلى غرف النساء األكبر سًن ا ‪ ،‬وتركها وحيدة في المنطقة الرئيسية‪.‬‬

‫جلست مستندة ظهرها على الموقد الحجري‪ .‬لم يفعل دفء النار شيًئ ا إلذابة كلماتها المتنافرة‪ .‬ال يزال التوتر معلًقا في‬
‫الهواء حيث دفعتها الحرارة من خلفها إلى النوم‪.‬‬
‫قعقعة إيقاعية أذهلت قمر مستيقظة بصدمة ولهيث‪ .‬رددت والدتها صرخة قصيرة حادة‪ .‬التقت أعينهما المفزومة ‪،‬‬
‫ومضت النظرتان باألسف حتى تشاركا االبتسامة‪ .‬ضحك من حناجرهم‪.‬‬

‫" حاولت ‪ ...‬أن أبقى ‪ ...‬هادًئ ا" ‪ ،‬صفير والدتها بين اللهاثتين للحصول على الهواء‪ .‬ضحكت قمر أكثر‪.‬‬

‫انضمت إليها والدتها على الحصائر المنسوجة ‪ ،‬وجلست بجانبها على الموقد‪ .‬رفعت قمر رأسها بعناية إلى الوراء ‪،‬‬
‫متجنبة النيران وهي تحدق في الدخان‪ .‬اختفت كل آثار ضوء النهار مع ظالم المساء‪.‬‬

‫قالت والدتها بهدوء‪ " :‬لم تقل أبًد ا متى كان عليك إحضار الماء لهم" ‪.‬‬

‫" فقط بحلول الشفق ‪ ،‬قبل أن يستيقظوا‪".‬‬

‫" هذا هو ؟"‬

‫" نعم ولكن يجب ملء أحواض المياه الخاصة بهم إلى القمة‪".‬‬

‫تنهدت والدتها‪ " .‬هل ترغب بمساعدتي لك ؟"‬

‫هزت قمر رأسها‪ " .‬إنهم يكرهونني بما فيه الكفاية ‪ ،‬وال يمكنني جعلهم يكرهونك أيًض ا‪".‬‬

‫تردد صدى ضحك مرير في بيت البيت‪ " .‬يمكنهم أن يكرهوني كما يحلو لهم لكنهم ال يستطيعون إيذائي ألنني أنعمت‬
‫بتنوير نادر‪".‬‬

‫" هل تعتقد أنه سيكون تحتها عقابي ألنني سمحت لك بالمساعدة ؟" استجوب قمر ‪ .‬خافت من داخل المنزل المدخن ومن‬
‫النظرات‪ .‬كانت تسعة أزواج من العيون حادة مثل نصل مصمم على التخلص منها بمجرد النظر فقط‪ .‬لكنها كانت تخاف‬
‫أيًض ا من المجهول‪ .‬لم يكن لدى قمر أدنى فكرة عما يستطيع الحكماء القيام به وكطفل ؛ كانت ترغب في االستمرار في‬
‫عدم المعرفة‪.‬‬
‫ونظرة جانبية إلى والدتها ‪ ،‬راقبت المرأة األكبر سًن ا وهي تفكر في كلماتها‪ .‬ردت والدتها " ال" بعد صمت ‪ " ،‬أعتقد‬
‫أنهم سيستخدمون أي شيء لمعاقبتك‪ .‬أوعدني بأنك لن تعطيهم سبًبا لذلك أبًد ا " ‪.‬‬

‫" أعدك‪".‬‬

‫وبتنهد آخر ‪ ،‬توجهت والدتها إلى قدميها وأخذت إمدهبة ت المياه الحقيرة‪ " .‬بما أنك لم تغرق الماء من قبل ‪ ،‬على األقل‬
‫دعني أوضح لك كيف‪".‬‬

‫وبالرسم على قدميها ‪ ،‬راقبت قمر والدتها وهي تثبت كل مقبض دلو على طرفي العمود الطويل‪ .‬جلست والدتها‬
‫القرفصاء بطريقة غير مهذبة ‪ ،‬ورفعت العصا الخشبية على كتفيها‪ .‬ضحكت قمر من أنفاسها قبل أن تضع والدتها الماء‬
‫الذي يجلب على كتفيها‪.‬‬

‫" امسك المقابض بيديك لمنع انزالق الجرافات‪ .‬ابدأ بنصف كمية الماء فقط في المرات األولى والثانية ‪ ،‬فأنت ال تريد أن‬
‫تجهد نفسك قبل أن تتمكن من االنتهاء " ‪.‬‬

‫أومأت برأسها " حسًن ا" ‪ ،‬وهي تتحرك عكس الوزن الجديد لتجد توازنها‪ .‬كانت والدتها تمشط شعرها‪ " .‬تذكر ‪ ،‬لقد‬
‫وعدت أنك لن تمنحهم سبًبا إليذائك‪".‬‬

‫" أعلم" ‪ ،‬طمأنت قمر ‪ ،‬ثم انتقلت بحذر عبر المدخل‪ .‬نادت من ورائها‪ " :‬أنا ذاهبة" ‪.‬‬

‫" عجل‪".‬‬

‫أومأت قمر برأسها إلى نفسها وهي تركض في مسارها‪ .‬طاردت الضوء الساطع للنجوم وهي ترقص عليها‪.‬‬
‫هربت نفخة من شفتيها المشدودة بإحكام حيث مألت قطرات الماء األخيرة الحوض الحجري‪ .‬قمر وهي تقف وهي‬
‫تدحرج كتفيها من األوجاع‪ .‬في أعماق ظهرها ‪ ،‬انفجر شيء ما ‪ ،‬ينشر الراحة المتدفقة عبر بقية جسدها ‪ ،‬ما عدا يديها‪ .‬لم‬
‫تكن بحاجة لرؤية الزوائد التي أسيء معاملتها لتعرف أنها ستكون حمراء متوهجة في الشمس‪ .‬تشع حرارة دافئة من الجلد‬
‫الناعم‪ .‬في يوم من األيام ‪ ،‬كانت تأمل في أن يصبح جلب الماء أسهل‪.‬‬

‫مرة أخرى ‪ ،‬جمعت قمر بسرعة اإلمدهبة ت الخاصة بها وغامرت عبر متاهة المنزل الشاسعة‪ .‬داخل المنازل ‪ ،‬كانت‬
‫تسمع همهمة خفيفة من األصوات ‪ ،‬مما كسر الصمت العام ألمالور أثناء الليل‪ .‬بينما كانت تسير بجانب الصف الخارجي‬
‫من بيوتها ‪ ،‬كادت تصل إلى حيث تؤدي المنازل إلى الغابة ‪ ،‬سمعت شيًئ ا ما‪.‬‬

‫كانت مكتومة ‪ ،‬مع همسات صامتة وصرخات ناعمة من خلفها‪ .‬قمر مطوي بعيدا‪ .‬اختبأت وراء شجرة عمالقة ‪،‬‬
‫مستخدمة ظلها لتندمج مع الليل ؛ التخلي عن الدالء ‪ ،‬مع العصا الموجودة في الشجيرات حول قدميها لتحريرها من الوزن‬
‫الزائد‪ .‬اقتربت منها المراوغات وحبست أنفاسها ‪ ،‬على أمل أال يسمع أي شخص أو أيا كان صوت طبلة القلب التي تدق‬
‫على ضلوعها‪.‬‬

‫يدور الظل المتداول من أمامها ‪ ،‬حول الشجرة الضخمة ‪ ،‬ويسافر عبر درب التراب البالي المؤدي نحو النهر‪ .‬كانت‬
‫تتوق إلى أن تكون في منزلها مع والدتها‪ .‬أكلها من قبل الوحش أو أخذها من قبل لم يكن يفي بالوعد الذي قطعته على‬
‫نفسها‪ .‬عندما خفت صوت الخلط بعيًد ا ‪ ،‬ابتعدت قمر عن الشجرة في بدايات العودة إلى المنزل‪ .‬ثم طعن صرخة حادة‬
‫خارقة طوال الليل‪.‬‬

‫توقف وقع أقدامها على درب التراب حيث سرعان ما اختفى الصوت بالسرعة التي تم بها‪ .‬عرفت قمر على الفور ما هو‬
‫الصوت ‪ ،‬لكنها لم تجرب أبًد ا النظر إلى صوت من القرية‪ .‬لكنها عرفت كيف تبدو الشتلة‪ .‬كانت تتمايل وسط الظالل‬
‫الداكنة لألشجار ‪ ،‬وأطراف أصابعها المؤلمة تتأرجح فوق لحاء خشن وهي تتبع األصوات المكتومة بالقرب من النهر‪.‬‬

‫عضت شفتها لتلتزم الصمت‪ .‬أضاء ضوء القمر الشفق على ضفة النهر ‪ ،‬متأللًئ ا على الشكل الذي كان يغيرها‪ .‬تحركت‬
‫نحوها امرأة ذات شعر أشقر طويل ‪ ،‬وتجمدت قمر ‪ ،‬معتقدة أنه تم العثور عليها‪ .‬وبدًال من ذلك ‪ ،‬جثت المرأة وسحب سلة‬
‫مصنوعة بشكل فظ من الجذور المكشوفة للشجرة‪ .‬اتسعت عيناها عندما تجولت المرأة المجهولة نحو الشتالت المتمايلة‬
‫على األرض ووضعت الرضيع في السلة‪.‬‬
‫كانت أطراف أصابعها تتألم وهي تضرب اللحاء بقبضة هائلة‪ .‬نزفت مفاصل أصابعها ‪ ،‬تماًما مثل القمر أعاله ‪ ،‬بينما‬
‫كانت تراقب المرأة وهي تدفع السلة في النهر‪ .‬تحولت التموجات السوداء الصغيرة إلى تيار ‪ ،‬مما أدى بسهولة إلى انتزاع‬
‫السلة بعيًد ا‪ .‬انسحبت قمر من مكان اختبائها في حالة من الذعر قبل أن تتساقط في النهر من أجل الشتالت المنجرفة‪.‬‬

‫غرقت وخزات الدبوس في لحم ذراعها ‪ ،‬وأخرجتها من الماء‪ .‬بشكل انعكاسي ‪ ،‬تحررت قمر بسهولة من قبضة الطعن‬
‫واستدارت‪ .‬نظرت بصرها إلى المرأة الفظيعة‪.‬‬

‫" لماذا تفعل ذلك ؟" صرخت بشكل مثير لالشمئزاز‪ .‬قامت المرأة بإمساكها بأخرى ‪ ،‬ودفعتها قمر بالقوة إلى الضفة‬
‫الموحلة‪ " .‬ماذا تريد أن تطفو شتالتك في النهر ؟"‬

‫ضحكت المرأة بمرارة ورفعت قمر قبضتها تلقائًيا على جانبيها‪.‬‬

‫" هل هذا يزعجك وصمة عار ؟" سأل المرأة بشكل ضار‪ .‬سخرت عندما جفلت قمر من نبرة االشمئزاز مع استمرار‬
‫المرأة‪ " .‬ماذا او ما ؟ هل تعتقد أنني لن أتعرف عليك ؟ هل يجب أن أبقيه كما فعلت والدتك الغبية ؟ إنه بقعة ‪ ،‬ويتم غسل‬
‫البقع بالماء " ‪.‬‬

‫تجفلت قمر مرة أخرى عندما تعطلت صرخة صاخبة أخرى خالل الليل الصامت‪ .‬اتبعت عيناها تيار الماء على أمل‬
‫رؤية السلة مرة أخرى‪ .‬لقد ذهب‪ .‬ضحكت المرأة من األرض قائلة‪ " :‬اسع وراءها إذا كان عليك ذلك‪ .‬آمل أن يأخذك‬
‫النهر أيًضا " ‪.‬‬

‫ألول مرة في حياتها ‪ ،‬غضبت‪ .‬لقد كان غضًبا لم تشعر به من قبل‪ .‬كان هناك شيء من الجنون الدائر تجاه القرية ‪ ،‬في‬
‫وايزمان وأي شخص آخر يعتقد أنها وآخرين مثلها يفترض أن ينتهي مثل هذا‪ .‬حدقت قمر في المرأة ذات الغضب الجليدي‬
‫‪ ،‬وتصلبت عيناها البنيتان وهي تهمس ‪ " ،‬ارحل" ‪.‬‬

‫لم تضيع المرأة أي وقت في الهروب ؛ اختفت كل شجاعتها المزيفة بأسرع ما اختفت‪ .‬اهتزت قمر من الشفقة والغضب‪.‬‬
‫تناثر صندلها في الماء ‪ ،‬مما أرسل موجات عنيفة في الماء‪ .‬ارتدت أصوات رشها حول الغابة الفارغة حتى وصلت إلى‬
‫المياه العميقة ‪ ،‬عاقدة العزم على متابعة صرخات النمو بعيًد ا‪.‬‬

‫خالل النهار ‪ ،‬ال يمكن العثور على ظالل أو ظل‪ .‬اآلن ‪ ،‬في ظالم الشفق ‪ ،‬كان الماء البارد يقضم بشرتها العارية ‪،‬‬
‫مغمورة بالفستان البني الذي كانت ترتديه‪ .‬كانت موجاتها من خشب الماهوجني تتطاير في التيار ‪ ،‬وتلتصق على وجهها‬
‫المبلل‪ .‬قامت بتنظيف شعرها مرة أخرى حيث أصبح التيار أقوى‪ .‬زيادة التيار بسرعة ألنها تطفو أسفل النهر‪.‬‬

‫لوحت بأطرافها بطريقة خرقاء في محاولة للبقاء واقفة على قدميها‪ .‬شعرت كل عظمة في جسدها بالبرودة في‬
‫منحدراتها ‪ ،‬في الهواء ‪ ،‬وكل غريزة تحملها أرادتها أن تخرج منها‪ .‬لكنها ما زالت تسمع الصرخات ‪ ،‬حتى فوق المياه‬
‫المتدفقة‪ .‬صرخات قادتها فقط‪ .‬عملت أطرافها المتعبة بشكل أسرع ‪ ،‬وكان الماء األسود أكثر سعادة للمساعدة‪ .‬بعنف ‪،‬‬
‫انجرفت إلى منحدرات منسوجة ‪ ،‬واألسوأ من ذلك أنها ابتعدت عن المنزل‪.‬‬

‫نهب الماء وتحطم من كال الجانبين ‪ ،‬مما جعلها تسعل السائل من رئتيها‪ .‬كانت أكتافها اآلن تصرخ في وجهها بال هوادة‬
‫من التعب‪ .‬ركلت قمر بعناد على أمل مساعدة ذراعيها‪ .‬تناثر سائل جليدي على رأسها ‪ ،‬فأغمي عينيها من الظالم الغامق‬
‫في األعلى‪ .‬طردت الماء بمجرد اصطدامها بشيء ما‪ .‬نزل الدم في فمها من الصدمة الخشنة ‪ ،‬مما جعلها تشعر بالدوار‪.‬‬

‫موجة بعد موجة ‪ ،‬اصطدمت بالصخور ‪ ،‬بالكاد تمكنت من التقاط أنفاسها‪ .‬تم إجبار الرئة األخيرة على الخروج من فمها‬
‫عندما اصطدمت برأسها أوًال في الظل الذي ال مفر منه‪ .‬رأت قمر اللون األبيض خلف عينيها حيث أصيبت الصخرة‬
‫بكدمات في جسدها الذي تعرض للضرب‪ .‬تومضت عيناها ‪ ،‬ورأيت ضوء النجوم قبل أن يبتلعها التيار المنجرف‪.‬‬
‫هكذا تصف نفسها‪ .‬كان هناك دفء حولها جعلها مسترخية وغير مستعدة بعد للنهوض من المكان الذي زرعت فيه‪.‬‬
‫دمدمت قمر – بدت وكأنها قرقرة – بينما كانت تسليط الضوء على جفونها مصرة على تحريكها‪ .‬رفضت قمر الضوء ‪،‬‬
‫وضغطت على وجهها في السطح المريح الذي شوه وجهها بسحق‪ .‬لقد استنشقت بعمق وهي مسترخية عائدة إلى النوم‪.‬‬
‫غزا الطين البارد أنفها وانزلق على حلقها‪ .‬ارتجفت ‪ ،‬وسعلت بعنف المادة اللزجة من فمها‪.‬‬

‫تجمعت الدموع وحرقت عينيها المؤلمة وهي تفتحهما‪ .‬عادة ما يعمي ضوء الشمس الخام من فوق رؤيتها‪ .‬انزلق الطين‬
‫على وجهها ‪ ،‬نازًف ا إلى األرض وهي جالسة على مضض‪ .‬تأوهت مرة أخرى عندما وجدت نفسها على ضفة النهر‪.‬‬
‫كان كل شيء يؤلمها حيث احتج جسدها ضد كل حركة وهي تقف بعيًد ا عن سريرها على ضفاف النهر‪ .‬غرقت أصابع‬
‫قدمها العارية في الوحل البارد ‪ ،‬واكتشفت أن نعلها قد فقد‪ .‬توترت ركبتيها في محاولة إلبقائها منتصبة‪ .‬قمر ظلل عينيها‬
‫بذراع سوداء وزرقاء مبعثرة لحجب األشعة‪ .‬حدقت ‪ ،‬وهي تدرس ضوء الشمس وهي تتساءل كم مضى من الوقت‪.‬‬

‫بشكل ضعيف ‪ ،‬صرخت من شجرة إلى شجرة على ضفاف النهر ‪ ،‬عائدة إلى القرية بالمياه كدليل لها‪ .‬جعلها اإلرهاق‬
‫تتعثر ‪ ،‬وتعبت أنفاسها وهي تمضي‪ .‬كان هناك حرق في حلقها حيث تغيرت الشمس إلى اللون األصفر الذهبي فوق‬
‫رأسها‪ .‬تداعب الحرارة مع نسيم ترابي فوق بشرتها‪ .‬شاءت نفسها لألمام حتى غامرت في األشجار المألوفة‪.‬‬

‫ترنحت فوق اإلجازة الخضراء الباهتة ‪ ،‬وسحقتهم تحت قدمها قبل أن تسقط‪ .‬هبطت مع نخر ‪ ،‬وارتفع ألم إطالق النار‬
‫على كاحلها ‪ ،‬مما أدى إلى إصابة ساقها وهي تندفع ببطء‪ .‬تجمدت قمر عندما أدركت ما تعثرت فيه‪.‬‬

‫الحفرة التي أخفت سلة الشتالت من جذر الشجرة لم تكن تبتلع‪ .‬بدا األمر كما لو كان منزل مخلوق صغير في وقت ما ‪،‬‬
‫ولم يتم ملؤه أبًد ا‪ .‬تنكمش قمر ‪ ،‬مستاءة من حنان يديها وهي تستخدم الشجرة في االتجاه الصحيح‪.‬‬

‫مع استمرار التنقل بين األشجار ‪ ،‬وجدت قمر مياهها تجلب اإلمدهبة ت من المكان الذي تركته فيه‪ .‬منخفضة في حلقها ‪،‬‬
‫تأوهت في شكوى بسيطة وهي تناقش نفسها بتعب‪ .‬منطقيا ‪ ،‬حمل العصا الطويلة والدالء في حالتها سيكون غير وارد‪.‬‬
‫ولكن في ضبابية عقلها الباطن المترنح ‪ ،‬سمعت صوت والدتها ‪ ،‬وهي تذكرها مرة أخرى بالوعد الذي قطعته على نفسها‪.‬‬
‫أغمضت قمر عينيها وتنهدت ‪ ،‬وهي تعلم أنه ال داعي لها لسماع الباقي‪ .‬لقد وعدت بدافع الحب والخوف ‪ ،‬وعليها اآلن‬
‫الوفاء بها‪.‬‬

‫فتحت قمر عينيها واستنشقت بحدة واستنشقت نفسها بقوة من أجل المزيد من األوجاع المعلقة‪ .‬عابسة ‪ ،‬تركت الشجرة‬
‫على مضض‪ .‬تسبب السقوط على الركبتين في مزيد من األوجاع في كاحلها وأغلقت عينيها مع انتشار االلتهاب‪ .‬حفرت‬
‫أظافرها في التراب ‪ ،‬في انتظار اختفائها‪.‬‬

‫أطلقت نفًس ا مرتعًش ا من الراحة ‪ ،‬وتمكنت من تخزين بعض الطاقة اإلضافية النتزاع العصا الطويلة من المساحات‬
‫الخضراء‪ .‬طعنت أحد طرفيها في التراب ‪ ،‬وتسلقت‪ .‬باستخدام العمود كعصا للمشي ‪ ،‬تمكنت قمر من إعادة ترتيب كل‬
‫دلو على أي ذراع‪ .‬ثم ضغطت ببطء‪.‬‬

‫تطاير الطين الجاف من جلدها عندما أغلقت المسافة بين القرية وبيتها‪ .‬هب دخان رمادي في السماء الزرقاء لحظيا‬
‫حجب األشعة الذهبية‪ .‬كانت حافي القدمين تتدحرج فوق درب التراب وهي تقذف الدالء جانبًا وهي تقترب من منزلها‪ .‬في‬
‫حالة ضعف ‪ ،‬طلبت والدتها في نسيم دافئ خشن ‪ ،‬سهل الضياع‪ .‬ابتلعت حزيًن ا ‪ ،‬نادمة ألنها لم تشرب في النهر‪ .‬لكن في‬
‫الوقت الحالي ‪ ،‬لم يكن وجودها بالقرب من الماء في ذهنها‪.‬‬

‫كان الفراء الناعم يمرر أطراف أصابعها وهي تتساقط من خالل فتحة الباب‪ .‬اختفى عالمها في الظالم للمرة الثالثة في‬
‫أقل من يوم واحد‪.‬‬
‫تبكي " حريد" ‪ ،‬وتناثرت النحيب المدوي في الظالم وهي تقاوم أمواج األيدي البغيضة التي تحاول جرها تحت التيار‬
‫الجامح‪ .‬اختنق صوتها ضد الجليد وطعم الطين المر كظالل مثبتة حول حلقها‪ .‬فتحت قمر فمها وهي تصرخ في صمت‬
‫طلبا للمساعدة ‪ ،‬لكن لم ينسكب شيء من فمها‪ .‬تدفق الذعر والرهبة وشيء آخر عبر جسدها حيث تمكنت األيدي العديدة‬
‫من جرها تحت الهاوية السوداء‪ .‬انجرف العدم حولها عندما تجمدت ؛ التخلي عن كل اإلرادة للقتال ضد اليدين‪ .‬مع‬
‫الصراخ الصاخب ال يزال يرن في أذنيها ‪ ،‬كانت ترقد في الظالم‪ .‬على أمل أن يأخذها إلى موتها برحمة‪ .‬مع انتشار‬
‫أطرافها في االنجراف ‪ ،‬طافت عبر نهر األيدي المظللة‪.‬‬

‫ثم شعرت به‪.‬‬

‫خفق قلبها في وجهها‪ .‬ثم اثنان‪ .‬سرعان ما انتشرت حرارة نابضة في جسدها ‪ ،‬مما أدى إلى ارتعاش نبضات القلب التي‬
‫شعرت بها في فرط النشاط‪ .‬قصفت القفص الصدري ‪ ،‬تقريًبا لدرجة األلم ‪ ،‬كما لو أن شيًئ ا ما حثها على المضي قدًما‬
‫والقتال‪ .‬ترفرفت عيناها بشكل ضعيف و قابلت عيناها البنيتين تحدقان إلى الوراء‪ .‬دقات قلبها كانت تشجعها بشدة على‬
‫االستمرار في القتال‪ .‬كافحت إليماءة رأسها ‪ ،‬لكن عندما فعلت ذلك ‪ ،‬اختفت فيها العيون فوقها في الظالم‪.‬‬

‫انفتح فمها في صرخة صامتة على عكس سابقتها‪ .‬صرخت مع ارتفاع درجة الحرارة ‪ ،‬مما أدى إلى إصابة جسدها‬
‫بنوبات‪ .‬سرعان ما أصبح العالم األسود أكثر إشراًق ا من الغرابة التي امتدت فوقها‪ .‬شددت قمر عينيها لمنع الضوء‬
‫األبيض الساطع من االحتراق‪ .‬بسبب اإلحساس الغامر ‪ ،‬كادت تشعر بالتجدد‪ .‬يشع الضوء عبر عروقها ‪ ،‬ويجدد قوتها‬
‫بأطرافها‪.‬‬
‫انطلقت قمر ‪ ،‬وكانت يداها تتلمسان صدرها بال عقل حيث دفء عينيها ما زال قائما‪ .‬كان العرق البارد يقطر من جبهتها‬
‫وهي تلهث في محاولة لتهدئة قلبها الخفقان‪ .‬تومضت عيناها بعصبية للحظة ‪ ،‬وتوقعت أن تمسك يديها الغامضتين ‪ ،‬حتى‬
‫أدركت مكانها‪.‬‬

‫وجدت بصرها عيون فضية قلقة وابتسمت قمر بشكل ضعيف على والدتها‪ " .‬مرحبا أمي" ‪ ،‬عرضت عليها بخشونة ‪،‬‬
‫وحلقها محترق بسبب اإلهمال‪ .‬تم رسم عالمات واضحة على الضيق على وجه والدتها ؛ كما لو كانت المرأة المسنة تبكي‬
‫منذ أيام‪ .‬ثم أضافت ‪ " ،‬أنا في المنزل" ‪.‬‬

‫أغمضت عينيها واستعدت للعناق الساحق المتوقع الذي يتبع دائًما بعد الضيق العاطفي‪ .‬بعد ثواٍن ‪ ،‬لم يأِت عناق ‪ ،‬فقط‬
‫البكاء في مكان قريب‪ .‬فتحت قمر عينيها ووجدت تجعيد الشعر الوردي الطويل ألمها ملفوًف ا على ركبتيها بينما كانت تبكي‬
‫في حجرها‪ .‬مبدئيا ‪ ،‬تواصلت قمر ‪ .‬ملفوفة واحدة من المحالق الوردي حول إصبعها ؛ انها جرها بهدوء‪.‬‬

‫حدقت عيون حمراء في وجهها بينما ابتسمت قمر مرة أخرى ‪ ،‬وشدتها على الضفيرة بشكل هزلي‪ " .‬أنا بخير" ‪ ،‬قالت ‪،‬‬
‫مطمئنة والدتها ؛ الذي ارتجف فم والدتها من محاولة كبح المزيد من البكاء‪.‬‬

‫كررت قمر مرة أخرى‪ " :‬أنا بخير" ‪ ،‬ثم تلقت أخيًر ا العناق الشديد الذي توقعته‪ .‬تنهدت تنهدات في رقبتها بينما كانت‬
‫والدتها تقترب منها ‪ ،‬تداعب شعرها الالمع‪ .‬كررت قمر جوقة " أنا بخير" و " أنا هنا" لوالدتها بينما كانت المرأة األكبر‬
‫سنا تمسكها بقوة‪ .‬أغمضت عينيها بحسرة ‪ ،‬محتضنة دفء حرارة والدتها ‪ ،‬مدركة أنها لن تشعر بالبرد مرة أخرى‪.‬‬

‫دقات القلب الدافئة ال تزال باقية في صدرها‪ .‬ال يزال بإمكانها الشعور بحرارة غامضة داخل جسدها‪ .‬عرفت قمر أنها‬
‫شعرت باختالف‪ .‬لقد تغير هذا الشيء ‪ ،‬لكن دون معرفة ما كان عليه‪ .‬كانت هناك قوة جديدة تحملها‪ .‬ال شيء شعرت به‬
‫من قبل‪.‬‬
‫ًئ‬ ‫اًل‬
‫تموجت أوراق البرتقال عبر تيار النهر حيث جمعت قمر بحرص دلًو ا ثقي ملي ا بالمياه من الحافة الموحلة‪ .‬قطفت وألقت‬
‫الشجرة الساقطة في الماء قبل أن تحمل الدلو في يديها‪ .‬اتبعت قمر المسار‪ .‬أغلقت عيناها بينما كان النسيم البارد يتدفق‬
‫عبر شعرها ‪ ،‬يرمي األوراق حول قدميها‪.‬‬

‫كانت القرية هادئة حيث كانت تصب الماء بسهولة في الحوض الحجري‪ .‬منذ أن أوشكت على وفاتها ‪ ،‬كما أوضحت لها‬
‫والدتها أنها كانت تتحسن ‪ ،‬كانت مختلفة‪ .‬في غضون شهرين ‪ ،‬لم تعد أطرافها تتعب بسهولة من نقل الماء‪ .‬اكتشفت أنها‬
‫تحمل ليس فقط دالء من الماء بل أربعة ؛ بدون أي آالم مؤلمة‪ .‬في اليوم التالي بعد األربعة ‪ ،‬سرعان ما جربت ستة من‬
‫خالل تحرير دالء مكسورة من الكومة التي تم التخلص منها على الجانب اآلخر من األشجار‪ .‬نادًر ا ما حملت ستة ‪،‬‬
‫واكتشفت أنه كلما زادت كمية الماء ‪ ،‬زادت كمية المياه التي تسكبها‪.‬‬

‫عندما أسرت ألمها قوتها ؛ ذكرتها المرأة األكبر سًن ا بأنها تستطيع حمل التنوير عبر عروقها‪ .‬خاصة اآلن بعد أن كانت‬
‫تقترب من ثالثة عشر تمريرة في عدة أيام أخرى‪ .‬أومأت برأسها إلى والدتها ‪ ،‬ورأت المنطق وراء كالم والدتها‪ .‬لكنها‬
‫عرفت السبب الحقيقي أو على األقل مفترضة‪ .‬استيقظ استنارة قوتها عندما ماتت‪.‬‬

‫بمجرد أن أصبح الدلو فارًغ ا ‪ ،‬عادت بفرح إلى النهر الستعادة العمود ودلو آخر‪ .‬صفع صندلها األوساخ وهي تدور حول‬
‫شجرة الزاوية المؤدية إلى الماء‪ .‬ثم جمدت‪.‬‬

‫جلس شخص بصوت منخفض بجوار النار عبر النهر‪ .‬ابتعدت قمر بعيًد ا ‪ ،‬وسقط الدلو على األرض ‪ ،‬وتردد أصداءه‬
‫الجوفاء صدى األشجار‪ .‬ركزت على قضاء المساء في أنفاسها حيث بدأت الصرخات الصاخبة في النحيب في رأسها‪.‬‬
‫قبضت يدها على فمها لمنع نفسها من الصراخ بينما حملت ومضات من التيار األسود السلة بعيًد ا‪.‬‬

‫عضت قمر شفتها‪ .‬تصلبت عيناها‪ .‬كانت الغمغمة المنخفضة تمر عبر الريح لتصل إلى أذنيها عبر الطريق‪ .‬ساد العزم‬
‫في بطنها ‪ ،‬كما تصاعد الغضب على الظل الضخم‪ .‬لم تكن على وشك ترك شتلة أخرى تطفو على ضفاف النهر‪ .‬لم يكن‬
‫هناك خيار للفشل هذه المرة‪ .‬بعزمها ملفوف حولها مثل عباءة ‪ ،‬تبتعد عن مكان اختبائها ‪ ،‬وتدوس على الحافة الموحلة‪.‬‬
‫عندها أدركت خطأها‪ .‬كانت افتراضاتها عن الشكل خاطئة تماًما عندما سقطت عيناها على الرجل األسود المربوط داخل‬
‫خط الشجرة‪.‬‬

‫أضاء ضوء النار ظالل الشكل‪ .‬قابلت العيون المظلمة عيناها‪ .‬توقف الرجل عن أكل وجبته وحدق فيها بفضول ممتع‪.‬‬
‫ابتلعت قمر بشدة حيث عبرت عينا الرجل الخربيتان على كامل جسدها‪ .‬سقطت قشعريرة الرعب على جلدها ‪ ،‬ثم‬
‫تراجعت‪.‬‬

‫" أيمكنني مساعدتك ؟" سأل الرجل وهو يمضغ عضة أخرى‪ " .‬ألست صغيرا تتجول بمفردك في الليل ؟"‬
‫تمكنت من قمع رجفة عندما نظر إليها المهاجم مرة أخرى‪ .‬فاجأت قمر ‪ ،‬ففتحت فمها وأغلقته على أمل أن تتالشى‬
‫الكلمات قريًبا‪ .‬ضحك المهاجم ‪ ،‬كما لو أنها قالت شيًئ ا مرًح ا‪ .‬لكنها عرفت أنها لم تفعل ذلك‪.‬‬

‫" اآلن ‪ ،‬أنت تشبه السمك الذي أكلت عليه‪ .‬لقد فعلوا شيًئ ا مشابًها بأفواههم مباشرة قبل أن أشعلهم بهذا‪ " .‬قام بلف سيخ‬
‫فارغ بأطراف أصابعه قبل أن ينقله بعيًد ا إلى أجزاء غير معروفة‪.‬‬

‫" لماذا ال تأتي لتجلس ؟" سأل ‪ ،‬وربت عليه عش األرض‪.‬‬

‫هزت رأسها بعنف وأخذت خطوة أخرى للوراء‪ .‬ثارت األسئلة بسرعة في عقلها‪ .‬ما الذي كان يقوم به أحد المهاجمين‬
‫بالقرب من أملور ؟ وأين كانوا الدراجين ؟ أين انشغلوا في قتال المغيرين اآلخرين ؟ مثلما كانت القرية تتعرض للنهب‬
‫بصمت ؟ مشيت قمر بحذر إلى الوراء ‪ ،‬ومضت عينيها بعناية فوق كتفها حتى تتمكن من العودة إلى المنزل إلى والدتها‪.‬‬

‫" اآلن ‪ ،‬ال تذهبي ‪ ،‬تسمع ؟ لقد عرضت عليك سمًك ا ‪ ،‬يمكنك على األقل مراعاة األخالق الحميدة أنك من هذه القرية‪.‬‬
‫هسهس وهو يرفع جسده الضخم عن األرض " ‪ .‬قام الرجل بضرب إصبعه على األرض بجانبه ‪ " ،‬ال تجعلني أسأل مرة‬
‫ثالثة" ‪.‬‬

‫" أنا لست جزًءا من هذه القرية" ‪ ،‬صرخت قمر ‪ ،‬وتمكنت أخيًر ا من العثور على صوتها‪ " .‬وأنت لست كذلك! أنا مدين‬
‫لك شيئا!" أنهت‪ .‬استدارت قمر للركض ‪ ،‬لكنها انزلقت على العصا المهجورة لجلب إمدهبة ت المياه‪ .‬صعدت إلى‬
‫األرض الموحلة‪.‬‬

‫نظر إليها الرجل وهو يرش النهر نحوها على عجل‪ .‬سارعت قمر يائسة للوقوف ولوح بالعصا الطويلة كسالح‪ .‬كانت‬
‫هناك ابتسامة مقززة عبر وجه المهاجم عندما ضحك بعمق أمامها وهي تشير إلى الحافة نحوه‪ " .‬ماذا ستفعل مع تلك الفتاة‬
‫العصا ؟ نكزني حتى الموت ؟ "‬

‫ضحك على كلماته الخاصة ‪ ،‬حملت التسلية في الهواء‪ .‬عبس قمر وكشفت أسنانها‪ " .‬إنها فكرة‪ ، "-‬همدت وهي تسحب‬
‫العصا للخلف‪ " .‬لكن ليس الشخص الذي كان لدي!"‬

‫هي تتأرجح‪.‬‬

‫يضخ قلبها على القفص الصدري عندما اصطدمت العصا بوجه المهاجم ‪ ،‬مرسلة شظايا تتطاير من مجرد قوة الضربة‪.‬‬
‫عوى الرجل في عذاب ‪ ،‬أمسك بها بعنف ‪ ،‬وشتم وبصق تهديدات جامحة من شفتيه‪ .‬تهديدات سموم تنزف من فمه تحمل‬
‫نفس القدر من األلم الذي نزل من رأسه‪.‬‬

‫تدفقت أنهار سوداء داكنة من رأسه األصلع قبل أن يسقط في الوحل مع ضربة مقززة‪ .‬انتظرت قمر بهدوء ‪ ،‬ولم تتجرأ‬
‫حتى على التنفس‪ .‬اتسعت عيونها حدقت في المغيرين بصدمة مرعبة عندما أدركت أنها ربما قتلت رجًال للتو‪ .‬كانت يداها‬
‫ال تزاالن ترنان من الصدمة‪ .‬فزعت قمر ‪ ،‬أسقطت الخشب المتشقق الباقي على األرض بينما كان رأسها يسبح‪.‬‬

‫لم تكن تريد أن تؤذيه ‪ ،‬فقط أخافته إذا استطاعت‪ .‬عرفت قمر أنها أصبحت أقوى اآلن مما كانت عليه قبل شهرين‪ .‬ولكن‬
‫حتى مع تنويرها الجديد ‪ ،‬ال توجد طريقة أنها كانت قادرة على قتل رجل ‪ ،‬حتى في الدفاع عن نفسها‪ .‬أثبت المهاجم على‬
‫األرض عكس ذلك‪ .‬دفعته قمر بقدمها‪ .‬زفيرها ببطء عندما بقي المهاجم ساكًن ا على األرض‪ .‬بالتراجع ‪ ،‬بعيًد ا عن الجثة ‪،‬‬
‫ناقشت عقلًيا ما يجب أن تفعله به‪.‬‬

‫الذهاب إلى منزلها ‪ ،‬مع اإلغراء الواعد بفراش دافئ ينتظرها بدا سماوًيا‪ .‬ولكن إذا كان هناك غزاة آخرون في المنطقة ‪،‬‬
‫فعليها تحذير القرية‪ .‬ارتجفت وهي تتذكر عيون المهاجم المتجولة قبل أن تومض الحكمة في عقلها‪ .‬تنهدت قمر بعمق‪.‬‬

‫إخبار الحكماء سيكون أفضل‪ .‬لقد كانت فكرة رائعة حًق ا ‪ ،‬أو على األقل انقلب الحكماء ضدها ‪ ...‬أكثر‪ .‬كانت تعلم أنه‬
‫بإمكانهم ‪ ،‬وربما سيفعلون ذلك‪ .‬كانوا بطريقة ما يحولون كلماتها إلى شيء أكثر‪ .‬ثم سُتعاقب ‪ ،‬إلى جانب فرصة تورط‬
‫والدتها بطريقة ما في فوضى خاصة بها‪ .‬خفق قلبها بشكل مؤلم‪ .‬فقدان والدتها ‪ ،‬الشخص الوحيد الذي لديها في العالم ‪،‬‬
‫من شأنه أن يكسرها‪.‬‬

‫قامت قمر بتدوير شجرة الزاوية‪ .‬واشتبكت مع التراب على الطريق الرئيسي المؤدي إلى منزلها‪ .‬انجرف نسيم الليل من‬
‫ورائها ‪ ،‬وشّمت تانغ غير مألوف في الهواء‪ .‬فجأة صفق شيء على فمها‪.‬‬
‫حدث شيء كثيف حول خصرها ‪ ،‬وجرها إلى الوراء من حيث أتت‪ .‬ركلت قمر بال فائدة ‪ ،‬وضربت أطرافها بقوة‪.‬‬
‫رفعت يدها عبر فمها لمنع صراخها من تنبيه القرية‪.‬‬

‫" اآلن ‪ ،‬سمكة صغيرة" ‪ ،‬غرد المهاجم في أذنها‪ .‬كانت أنفاسه الدافئة الملوثة تنفث على وجهها وهو يتابع‪ " .‬لم يكن‬
‫ذلك لطيًفا جًد ا‪".‬‬

‫شّد ت يدها على فمها ‪ ،‬وسحقت على أنفها‪ .‬سعلت وهبة رت رأسها بعيًد ا بينما همس الرجل في أذنها مرة أخرى‪" .‬‬
‫دعونا نرى ما إذا كان يمكنك السباحة بعد ذلك!"‬

‫قبل أن تتاح لها فرصة التمسك بشيء ما ‪ ،‬أبحرت في الهواء وتحطمت في أعماق منتصف الليل‪ .‬برد الجليد عظامها‬
‫عندما كسرت السطح في صرخات مروعة‪ .‬كانت تبتلع في رئتيها وهي تضرب بال حول وال قوة ضد التيار‪ .‬نمت‬
‫صراخها أعلى فقط عندما شعرت بظالل الكابوس الذي أثيرت فيه كاحليها‪ .‬وبينما كانت المياه تتسلل على وجهها ‪ ،‬رأت‬
‫قمر ألسنة اللهب تتألأل على الطريق باتجاه النهر‪.‬‬

‫ثم كانت تحت تماما‪.‬‬


‫رقصت آثار ضوء النجوم الباهتة في رؤيتها وهي تطفو على ضفاف النهر‪ .‬تمسك قمر بصدرها الخشن ‪ ،‬ونظرت‬
‫بضعف حولها ‪ ،‬وتدفقت المياه من كل المياه‪ .‬في الظالم ‪ ،‬لم تستطع رؤية أي شيء سوى النجوم‪ .‬التواء خفيف ‪ ،‬أرسل‬
‫بطنها في دوامات‪.‬‬

‫انفجر عنها المرض عندما تحركت قدميها بالكامل عن النهر‪ .‬تناثر السائل على الوحل بجانبها حتى لم يبق لها شيء‪.‬‬
‫بغثيان وقفت وحدقت فوق المياه الجليدية‪ .‬قامت بقمع البرد المخيف الذي كان يزحف إلى أسفل عمودها الفقري‪ .‬لم ترغب‬
‫أبًد ا في أن تكون في الماء أبًد ا ‪ ،‬وال في هذا النهر أبًد ا ‪ ،‬حيث بدا أنها مصرة على قتلها‪.‬‬

‫طلعت الشمس في األفق عندما دخلت قمر منزلها‪ .‬عبرت المنطقة الرئيسية بصمت إلى غرفها ‪ ،‬متجاهلة النظرات‬
‫الغريبة من والدتها‪ .‬سحبت ثوبها الموحل فوق رأسها ‪ ،‬وسرعان ما نظفت نفسها بحوضها الحجري‪ .‬بقطعة قماش‬
‫منسوجة ‪ ،‬حك جلدها بشكل منهجي ؛ تنظيف جميع آثار المهاجم وإجبارها على السباحة‪ .‬كانت تجفل كلما المس الماء‬
‫بشرتها‪.‬‬

‫عندما كانت قمر نظيفة بدرجة كافية ‪ ،‬كانت تتنقل عبر األقمشة المنسوجة الملونة إلى سريرها‪ .‬اندفعت إلى األمام وفي‬
‫غضون ثوان كانت نائمة‪ .‬داخل رأسها ‪ ،‬ابتلعتها كوابيسها المعتادة التي بدأت قبل شهرين‪ .‬تردد صدى ضحك الرجل جنبا‬
‫إلى جنب مع صرخة اليائسة الصاخبة للشتلة‪ .‬فوق الضوضاء ‪ ،‬سخر منها النهر بتيارات مظلمة ‪ ،‬مما دعاها إلى‬
‫االقتراب من الماء مرة أخرى‪ .‬وتحمل الوعد بأنها لن تعود إلى المنزل أبًد ا‪.‬‬
‫هناك حرق في وجهها عندما فتحت قمر عينيها ‪ ،‬والتقت بنظرة والدتها القلقة من فوق‪ .‬دفعت والدتها بحرص بعيًد ا لتجلس‬
‫ثم قامت بفرك خدها بلطف‪.‬‬

‫" هل صفعتني ؟" سألت قمر مندهشا‪ .‬كان وجهها ينبض بالحرارة واأللم‪ .‬أمها أمسك رأسها ألسفل‪ .‬أجابت خجلة‪" :‬‬
‫الماء زادك سوًءا" ‪ .‬تومض عينا قمر نحو الدلو الفارغ بجوار سريرها‪ .‬أومأت برأسها ‪ ،‬ونفضت قطرات الماء من‬
‫شعرها على البطانيات‪.‬‬

‫جلسا في صمت بينما كانت قمر تقاتل من خالل آخر آثار كابوسها‪ .‬لقد جعل الماء المتساقط من شعرها كابوسها أسوأ‪ .‬في‬
‫الواقع ‪ ،‬كان ال يزال بإمكانها رؤية الشتالت الصغيرة على النهر ‪ ،‬والدم يسيل من السلة‪ .‬أذرع رمادية صغيرة ترش‬
‫السائل الدافئ ‪ ،‬لكنه كان بارًد ا عندما سقط على جلدها‪ .‬كان الجو باردا ‪ ،‬فقط عيون الشتالت‪ .‬بارد وفارغ مثل الموت‪.‬‬

‫" قمر ؟ بم تفكر ؟"‬

‫سحبها صوت والدتها بعيًد ا عن كابوسها وبعيًد ا عن أفكارها‪ .‬بالعودة إلى الواقع ‪ ،‬تراجعت ‪ ،‬مما أدى إلى اختفاء عيني‬
‫الشتلة‪ " .‬ماذا او ما ؟" نكت قمر بقسوة‪.‬‬

‫" سألتك عما كنت تفكر فيه ‪ "،‬ذّك رت والدتها‪.‬‬

‫قالت ‪ " ،‬شتلة" ‪ ،‬حتى قبل أن تتمكن من السيطرة على نفسها‪ .‬كانت قمر ال تزال متعبة للغاية بحيث ال يمكنها االهتمام‪.‬‬

‫" ماذا عن الشتالت ؟"‬


‫ارتجفت قمر وعضت شفتها‪ " .‬لقد كان الشئ‪".‬‬

‫حاولت أال تجفل عندما قامت والدتها بتدوين وجهها بحنان‪ " .‬إنه أي شيء ولكن ال شيء‪ .‬ماذا عن الشتالت ؟ "‬

‫وقفت وفصلت يد أمها بالقوة عن وجهها‪ .‬ارتطم الهواء بجلدها العاري عندما ذهبت إلى كومة المالبس التي كانت لديها‪.‬‬
‫شرحت قمر وهي تشد ثوًبا آخر فوق رأسها‪.‬‬

‫" لقد تعرضت للهجوم من قبل مهاجم الليلة الماضية ‪ "،‬صرحت برأسها خالي من فتحة الفستان‪ " .‬ألقى بي الرجل في‬
‫النهر عندما رفضت عرضه لتناول الطعام معه‪ .‬لقد غضب مني ‪ ،‬كما لو كان يعلم على الفور أنني سأركض‪ .‬كان غاضًبا‬
‫عندما ضربته وهربت‪ .‬وذلك عندما أمسك بي وألقى بي في النهر‪ .‬رأيت ألسنة اللهب قبل أن أغرق تحت السحب " ‪.‬‬

‫كان هناك تنفس حاد داخل غرفها ‪ ،‬لم يكن منها ؛ تجاهلت قمر ذلك‪ .‬وتابعت‪ " :‬ال أعرف ما إذا كان الفرسان قد سحبوني‬
‫من األعماق أم تمكنت من الخروج من الماء بمفردي ولكن ‪"...‬‬

‫" لكن ؟"‬

‫" النهر أرادني" ‪ ،‬غمغمت قمر ‪ ،‬متذّك رة الظالل في التيارات‪ .‬واأليدي التي تمزق جلد كاحليها‪ .‬التقت عيناها الخمريتان‬
‫المسكونة بعيون والدتها الفضية‪ " .‬وكأنه يعتقد أنني أنتمي إلى هناك‪ .‬أنا أفهم اآلن‪ ".‬عانقت قمر نفسها بينما كانت والدتها‬
‫تقف‪.‬‬

‫قالت والدتها‪ " :‬لكنني لست قمر " ‪ " .‬تحدث إلي رجاءا‪".‬‬

‫أجابت قمر ‪ " :‬أنا ضعيف" عندما بدأت تتجول في غرفها‪ " .‬حتى مع استنارة والدي ‪ ،‬ما زلت ضعيًفا‪".‬‬

‫" ثم كن قويا‪".‬‬

‫توقفت في هياجها‪ .‬نظرت قمر إلى والدتها بعيون متسعة‪ " .‬ماذا او ما ؟" تساءلت وكأنها لم تفهم في المرة األولى‪.‬‬

‫كررت المرأة األكبر سنًا وهي تسير نحو قمر ‪ " :‬كن قويًا" ‪ " .‬تعلم كيف تدافع عن نفسك‪".‬‬

‫سخرت قمر ‪ ،‬وهزت رأسها‪ " .‬كيف ؟ أنا وصمة عار ؟ الحكماء لديهم أوامر ‪ ،‬لذلك حتى لو أردت أيًض ا ‪ ،‬ال أستطيع‬
‫"‪.‬‬

‫تجمدت والدتها في خطواتها ‪ ،‬ثم عبرت بخفة إلى رفرف الفرو‪ .‬قامت بسحبها بأطراف أصابعها‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬لقد اختلفنا أنا‬
‫ووالدك مع األوامر مرة واحدة‪ .‬ربما حان الوقت لكي تختلف معهم أيًض ا " ‪.‬‬

‫تبعتها عيون سيت ‪ ،‬مندهشة ألن والدتها تركتها وحدها في غرفها‪ .‬استقر غطاء الفرو ببطء في الهواء عندما تفكرت‬
‫قمر في كلمات والدتها‪ .‬فقط كيف كان من المفترض أن تصبح قوية ؟ طاردت قمر والدتها على الفور‪.‬‬

‫" إذن ما الذي تقوله بالضبط يا أمي ؟" سألت عندما بدأت المرأة المسنة تستقر بجوار عمود النسيج‪ " .‬هل يجب أن‬
‫أتسلل في التدريب على األسلحة ؟"‬

‫هزت المرأة األكبر سنا رأسها‪ " .‬ال يتسلل‪ .‬يمكن للناس تعلم أشياء كثيرة بمجرد المشاهدة " ‪.‬‬

‫" وماذا عن جلب الماء للحكماء ؟"‬

‫قالت والدتها " إنك تجلب الماء فقط أثناء الغسق" ‪ .‬حدقت عيناها الفضيتان في وجهها بثبات‪ " .‬أكثر من وقت كاٍف‬
‫للمشاهدة‪".‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬تقصد الجاسوس‪ .‬لدي متسع من الوقت للتجسس " ‪.‬‬

‫بأناقة ‪ ،‬هزت والدتها كتفيها بابتسامة لطيفة تلعب على شفتيها‪ " .‬ربما‪ .‬لكن كلمة جاسوس تبدو وكأنك تفعل شيًئ ا مقيًت ا‪ .‬إن‬
‫المشاهدة ‪ ،‬وإدراك بيئتك التي تحدث لمساعدتك ‪ ،‬ليس أمًر ا مقيًت ا على اإلطالق " ‪.‬‬
‫" إذن كيف يمكنني القيام بالتجسس اللذيذ ؟ إخفاء في الفرشاة في مكان ما ؟ "‬

‫كانت والدتها تتأرجح بينما كانت قمر تشد صندلها عند المدخل‪ " .‬كلما استغرقت وقًت ا أطول لالستعداد ‪ ،‬كلما فاتتك المزيد‬
‫من التدريب" ‪ ،‬صرخت والدتها وعينيها ال تزاالن تركزان على عمود النسيج‪.‬‬

‫" سأذهب بعد ذلك‪".‬‬

‫" كن حذرا‪ .‬قم بمحاولة العودة إلى نفس الحالة التي تغادر فيها ‪ " ،‬تمتم المرأة األكبر سًن ا‪ .‬أومأت قمر برأسها وابتسمت‪.‬‬
‫" سافعل ما بوسعي‪".‬‬

‫ثم خرجت في ضوء الشمس الساطع‪.‬‬

‫سارت بسرعة عبر الدرب الترابي حتى وصلت إلى الحافة الخارجية للقرية‪ .‬توغلت قمر إلى اليسار في مجموعة كبيرة‬
‫من األشجار إلخفائها بعيًد ا عن المحادثات المزدحمة وأعين المتطفلين‪.‬‬

‫تعثرت قدميها فوق تضاريس الغابات غير المستوية ألنها كانت تتجنب الممر البالي‪ .‬عضت شفتها ‪ ،‬وشقت طريقها عبر‬
‫األشجار واألغصان المتساقطة‪ .‬كانت الشمس تنهمر في السماء في جميع أنحاء أوراق الشجر الخضراء المتدفقة وهي‬
‫تتجول لما شعرت به إلى األبد‪ .‬حتى رأت مجموعة من األوالد يسيرون على الطريق‪.‬‬

‫ضربت قمر بطنها‪ .‬انتشرت األوساخ الباردة على جلدها‪ .‬كانت راحتيها تؤلمان بينما كان قلبها ينبض بعصبية على‬
‫األرض‪ .‬أطلقت ببطء نفًس ا عصبًيا وهي تزحف داخل الفرشاة الثقيلة إللقاء نظرة فاحصة‪.‬‬

‫كانت األرض المسطحة لألسلحة كما كانت تسمى‪ .‬أحاط العشب األخضر واألشجار في كل مكان باستثناء جزء واحد‬
‫ضحل من الغابة ؛ ترك بقعة خالية ومثالية لتعليم األسلحة‪ .‬انتشر الغبار الكثيف في الهواء بينما كانت مجموعة أخرى من‬
‫الفتيان ‪ ،‬في سنها تقريًبا ‪ ،‬تهرب‪ .‬على الجانب اآلخر من األرض المسطحة ‪ ،‬استطاعت قمر أن ترى أربعة فتيان آخرين‬
‫يتدربون على األقواس واألسهم الخشبية‪.‬‬

‫ببطء ‪ ،‬زحفت في طريقها وتجسست‪ .‬أو شاهدت رجاًل قوًيا مستنيًر ا يتجول لتفقد كل شكل من أشكالهم بينما يتراجع‬
‫األوالد‪ .‬درست قمر بذكاء ‪ ،‬وشاهدت كل تصحيح يتم إجراؤه ‪ ،‬واستمعت إلى كل كلمة منطوقة‪ .‬دفنت في عمق‬
‫المساحات الخضراء عندما سار الرجل بجوار مخبأها‪ .‬عندما ابتعد عنها تكلم‪.‬‬

‫" أطلق النار!"‬

‫بدًءا من الصبي األشقر الذي يقف بعيًد ا ‪ ،‬تراقب سهمه يغرق في اللحم األبيض للشجرة التي أمامك‪ .‬لم يكن هناك شك في‬
‫أن لحاء الشجرة قد ُأطلق منذ فترة طويلة‪ .‬أطلق صبي آخر النار وضرب اللحاء بضربة مكسورة‪ .‬ضرب الطفل الثالث‬
‫هدفه بسهولة‪ .‬نظرت قمر إلى الصبي األخير ؛ كان شعره الفضي الشائك يلمع باللون األبيض في ضوء الشمس المفتوح‪.‬‬
‫سحب الصبي القوس مرتجًف ا وأمسكه ‪ ،‬محدًق ا في الهدف أمامه بعيونه األرجوانية‪.‬‬

‫" أي يوم اآلن يا فتى!" صرخ المعلم وبصق في اتجاه الصبي‪ " .‬كلما طال أمدك ‪ ،‬زاد الضغط على ذراعك‪ .‬ستفقد‬
‫هدفك بهذه الطريقة! "‬

‫قفز الصبي‪ .‬يتجه السهم إلى المرشد في مفاجأة ‪ ،‬ويتالشى عن طريق الصدفة‪ .‬كتمت قمر صراخها بالكاد عندما تجاوز‬
‫السهم رأسها في الفرشاة وغرق في عمق قاعدة الشجرة خلفها‪ .‬تذمرت عقلًيا لحالة صدمتها ‪ ،‬وكاد حظها الفاسد أن ُيقتل‬
‫مرة أخرى‪ .‬قفز ذعرها عندما خاف المرشد بحرارة‪.‬‬

‫" اذهب واحصل على ذلك ! أو ستجدين نفسك تجعلهم صبًيا! "‬

‫وجهت على ركبتيها لتزحف إلى أبعد مساحة خضراء يمكن أن تصل إليها قبل أن يأتي الصبي من أجل السهم‪ .‬أو تلك‬
‫كانت خطتها‪ .‬حتى تم سحب قمر بشكل مؤلم إلى الوراء‪ .‬ووجدت عيناها وهي ترفع رقبتها أن موجات الماهوجني‬
‫متشابكة بشكل خبيث داخل أطراف الفرشاة‪.‬‬

‫" عليك أن تمزح" ‪ ،‬تذمرت قمر ‪ .‬تشد أصابعها بشكل يائس في العقد التي بدت بطريقة سحرية أنها تزداد سوًءا أثناء‬
‫عملها عليها‪ " .‬لقد وعدت أنني لن أحاول الوقوع في المشاكل ولكن يبدو أنني مصممة على العثور علي‪".‬‬
‫كادت قمر أن تحرر نفسها عندما تحركت أوراق الشجيرة التي كانت تختبئ فيها‪ .‬التقى سيت براون بعيون نيلية عميقة‬
‫قبل أن يطير الصبي للخلف بصيحة‪.‬‬
‫اختفى الصبي عن األنظار وهو ناخر وعادت األغصان إلى مكانها‪ .‬حبست قمر أنفاسها ‪ ،‬وعملت بأصابعها عند آخر‬
‫عقدة في األغصان‪ .‬انتظرت‪ .‬انتظرت أن يعود الصبي سريًع ا إلى المرشد المستنير ليثرثر عليها للتجسس في األشجار‪ .‬لم‬
‫يأت شيء‪ .‬بدًال من ذلك ‪ ،‬تفرقت األوراق ‪ ،‬والتقت عيناها بأخرى أرجوانية مرة أخرى‪.‬‬

‫كانت تلمع بينما كان الصبي يدرسها ‪ ،‬وعيناه وجدت تشابك شعرها‪ .‬ثم وجد سهمه مستقًر ا داخل لحاء الشجرة‪ " .‬يمكنني‬
‫مساعدتك في شعرك إذا ساعدتني في السهم‪".‬‬

‫" ما الذي يجعلك تعتقد أنني بحاجة إلى المساعدة ؟"‬

‫التقت عينا الصبي بعينيها‪ " .‬ربما ال ‪ ،‬لكني أفعل‪ .‬يمكنك بسهولة سحب السهم من الشجرة ‪ ،‬أليس كذلك ؟ " سأل مشيرا‬
‫إلى شعرها البني‪ " .‬وأنا جيد جًد ا في الحصول على العقد‪ .‬لذا فهو فوز للجميع " ‪.‬‬

‫مر انعدام الثقة في جسدها في األمواج‪ .‬لقد وقعت مرات عديدة في فخ كونها شخًص ا موثوًق ا به ‪ ،‬وفي كثير من األحيان‬
‫كانت مغفلة‪ .‬ولكن كان هناك شيء في عينيه يلمع بشكل جميل مثل الشمس ‪ ،‬بغض النظر عن اللون األرجواني‪ .‬كان‬
‫هناك دفء واضح ‪ ،‬مألوف ألمها قبل إلقاء نظرة خاطفة على السهم‪ .‬لكن كوصمة عار ‪ ،‬لم تستطع أن تكون ضعيفة ‪،‬‬
‫ليس مرة أخرى‪.‬‬

‫حدقت قمر الصبي بقوة في وجهه‪ " .‬سأعطيك سهمك لكنك تبتعد عني وكأنك لم تجدني هنا‪ .‬هذه هي المساعدة الوحيدة‬
‫التي أريدها منك " ‪.‬‬

‫تومض الفضة في ضوء الشمس وهو أومأ برأسه ومد يده‪ " .‬أنا نصير لين كين‪ .‬يناديني أصدقائي نصير ‪" .‬‬

‫ردت قمر وهي تحدق في يدها‪ " .‬جيد لك ‪ ،‬على ما أعتقد‪".‬‬

‫سحبت نصير لين يده بعيًد ا ألنها سحبت السهم بسهولة من الصندوق السميك‪ .‬ثم رفعت حاجبها عندما وجدت نصير لين‬
‫تحدق بها في رهبة‪ " .‬ماذا او ما ؟" تساءلت بحرارة‪ " .‬لقد رأيت المستنيرين يفعلون أكثر من ذلك‪".‬‬

‫قبل أن تمنح نصير لين فرصة للرد ‪ ،‬اختطفت معصمه ‪ ،‬وضربت السهم في راحة يده‪ " .‬لقد أوقفت نهايتي من الصفقة ‪،‬‬
‫لقد حان الوقت للقيام بذلك أيًض ا‪".‬‬

‫" ماذا او ما ؟"‬

‫" الصفقة ؟" تذكرت بحسرة‪ " .‬أخرج سهمك السيئ التصويب من الشجرة وتتركني وشأني‪".‬‬

‫أومأ نصير لين برأسه ‪ " ،‬شكًر ا لك" ‪ ،‬ملوًح ا بيده المحتوية على السهم‪ " .‬من أجل هذا‪ .‬لم أكن ألخرجه بمفردي " ‪.‬‬

‫" على األرجح ال" ‪ ،‬وافقت قمر ‪ ،‬ثم هزت كتفيها‪ " .‬ثم مرة أخرى ‪ ،‬إذا عدت إلى الدرس ‪ ،‬فربما يعمل معلمك على‬
‫تحسين مستواك حتى ال تضطر إلى إنقاذ سهمك في المرة القادمة‪".‬‬

‫هز رأسه مرة أخرى‪ " .‬نعم ‪ ،‬يجب أن أعود‪".‬‬

‫" ال تدعني أوقفك‪".‬‬

‫عندما سقطت األوراق مرة أخرى في مكانها ‪ ،‬وغامر السقوط من القدمين بعيًد ا ‪ ،‬بدأت قمر في العمل على العقدة‪.‬‬
‫تمتمت حول سهام سيئة إطالق النار والصبية المثابرة تحت أنفاسها‪.‬‬

‫" لن أقول بالضبط لدي هدف رهيب ‪ "،‬صرح نصير لين وهو يسحب األوراق للخلف لُيعجب بعملها اليدوي في العقد‪" .‬‬
‫لقد بدأت للتو في ممارسة الرياضة منذ أسبوعين بعد أن بلغت الثالثة عشر من عمري" ‪ ،‬زودت نصير لين‪ .‬جلس بجانبها‬
‫على األرض ‪ ،‬متجنًبا الوقوع في شرك كما كانت قبل االستمرار ‪ " ،‬يبدو أن والدي يعتقد أن لدي موهبة في هذا النوع من‬
‫األشياء‪".‬‬
‫ردت قمر شائبة ‪ ،‬وركزت على شعرها‪ " .‬كما قلت ‪ ،‬لديك ثالثة عشر تمريرة فقط ‪ ،‬هناك وقت لتصبح أفضل‪ ".‬ثم‬
‫قفزت نحوه في مفاجأة ‪ ،‬وكانت عيناها البنيتان متوهجتان‪ .‬قالت‪ " :‬أنت ال تفي بالضبط بوعدك هنا" ‪ " .‬أي جزء من‬
‫تركني وشأني لم تفهمه ؟"‬

‫أجاب بقليل‪ " :‬الجزء الذي ال يمكنني تركك فيه بمفردك في الحالة التي أنت فيها" ‪ " .‬ببساطة لن تحصل على الحرية قبل‬
‫حلول الظالم‪".‬‬

‫" انا‪"-‬‬

‫" لماذا أنت هنا ؟" توقف نصير لين‪ " .‬كنت تشاهد أليس كذلك ؟"‬

‫حدقت قمر ‪ ،‬وأوقفت أصابعها عن العقد‪ " .‬كما تعلم ‪ ،‬أحببت هذه المحادثة بشكل أفضل عندما لم يكن لدينا واحدة‪".‬‬

‫" أستطيع تعليمك‪".‬‬

‫" ماذا او ما ؟" استجوب قمر ‪ ،‬مردًد ا سؤال الصبي السابق‪.‬‬

‫" أعلمك‪ .‬هذا هو السبب في أنك تتجسس هنا ‪ ،‬أليس كذلك ؟ " سأل نصير لين‪.‬‬

‫" يراقب" ‪ ،‬صحح قمر تلقائًيا‪ .‬ارتعش فمها ألنها قاومت الرغبة في االبتسام‪ " .‬أفضل كلمة مشاهدة‪ .‬يبدو أقل إهانة‬
‫بهذه الطريقة " ‪.‬‬

‫ضحك نصير لين بابتسامة متواضعة‪ " .‬حسنا أشاهد بعد ذلك‪ .‬كنت تشاهدنا نتدرب أليس كذلك ؟ "‬

‫هزت قمر كتفيها " ربما" ‪ .‬نحى األوراق الخضراء على كتفيها من الفرشاة‪ " .‬كنت أمشي للتو" ‪ ،‬قالت‪ " .‬إنه يوم جميل‬
‫جدا‪".‬‬

‫" يوم مثالي للتدريب ‪ ،‬أليس كذلك ؟"‬

‫تجاهلت قمر سؤاله وسألت أحدها‪ " .‬هل أنت مصمم دائًما على إجراء محادثة ؟"‬

‫" هل تستخدم دائًما األسئلة لتجنب مواضيع معينة ؟" ورد نصير لين ‪ ،‬مما جعل قمر ت‪.‬‬

‫عرضت بابتسامة صغيرة‪ " :‬سأجيب على سؤالي إذا أجبت على سؤالي" ‪.‬‬

‫" بتنويرتي ‪ ،‬يجعل الناس يرغبون في التحدث معي‪ .‬أجاب نصير لين‪ " :‬أنت مختلف" ‪.‬‬

‫تمسح آثار االبتسامة األولى عن وجهها‪ .‬تضاءلت شفتيها على الفور لتصبح خًط ا مسطًح ا‪ .‬بغضب شديد ‪ ،‬حدقت قمر في‬
‫الصبي الذي جعل دفاعاتها تتساقط للحظة‪ .‬حاولت االلتفاف على قدميها ‪ ،‬غير مهتمة بفقد ظرف من شعر الماهوجني‪.‬‬
‫لكنها تراجعت بشكل مؤلم لألسفل وسحبت عقدة بشراسة لتتحرر‪.‬‬

‫" انتظر!" همست نصير لين على وجه السرعة‪ .‬حمل صوته ذعًر ا وهو يلوح بيديه‪ " .‬ليست كما تعتقد‪".‬‬

‫" إذن ليست حقيقة أنني ملطخة إذن ؟" بصق قمر ‪ .‬صفعت يديها على ساقيها قبل أن تعود إلى مهمتها‪ " .‬فقط أسد لي‬
‫معروًف ا واذهب بعيًد ا‪ .‬أو األفضل من ذلك ‪ ،‬اتصل بمعلمك هنا وأظهر له البقعة في الغابة ‪ " ،‬قالت بغضب‪.‬‬

‫" هل فكرت يوًما أنك أول شخص لم يرغب أبًد ا في التحدث إلي بسبب ما أنا عليه اآلن ؟ أن يكون لديك شخص يريدني‬
‫أن أذهب بعيًد ا بدًال من أن يتبعني دائًما بهذا العنوان الغبي " المستنير" ؟ " ردت نصير لين بالغضب كما شعرت‪ .‬ثم‬
‫أضاف‪ " :‬ال يهمني أنك ولدت من رباط‪ .‬ربما كنت أكثر من كل ما أعرفه " ‪.‬‬

‫قالت قمر بتردد‪ " :‬أنا هو" ‪ .‬حدق فيها نصير لين بشعور من الحيرة على وجهه‪ .‬وأوضحت " أنا هنا للتدريب" ‪.‬‬
‫كان نصير لين يبتسم بشكل مشرق ‪ ،‬يكاد يكون شديد اللمعان مثل شعره الفضي في ضوء الشمس‪ .‬عرض مرة أخرى "‬
‫يمكنني المساعدة" ‪ " .‬أنت تشاهد الدروس وسوف أساعدك في تعليمك بعد ذلك‪".‬‬

‫عبرت حالة عدم اليقين في عقلها‪ .‬ما فائدة هذا الصبي لها في التدريب إذا لم يستطع التعامل مع القوس ؟ فتحت قمر فمها‬
‫لتجيب بينما كان صوت آخر خافت بين األشجار‪.‬‬

‫" نصير لين!" صاح المرشد‪ " .‬كم من الوقت يستغرق العثور على سهمك ! ؟"‬

‫تمتم نصير لين تحت أنفاسه‪ " .‬مهما كلف ذلك‪".‬‬

‫شممت قمر في التسلية بينما عادت نصير لين إليها‪ " .‬ابق هنا‪ " .‬سأعود بعد التدريب لمساعدتك" ‪ ،‬قال مشيًر ا إلى‬
‫شعرها‪ .‬بقيت صامتة وهي واقفة ‪ ،‬وعادت األوراق إلى مكانها‪.‬‬

‫" لقد وجدتها" ‪ ،‬دعت نصير لين ‪ ،‬ألنها سمعت خطاه بسرعة تبتعد عنها‪ .‬بعد لحظات بعد أن تحدث نصير لين ‪ ،‬حمل‬
‫صوت المرشد صوته في مهب الريح ‪ ،‬مهنًئ ا نصير لين على عودته السريعة‪ .‬سرعان ما تبعه ضحك من األوالد‬
‫اآلخرين‪.‬‬
‫تومض عيناها بين مشاهدة تدريب األسلحة وتحرير شعرها الطويل من األدغال‪ .‬في النهاية تم إطالق سراحها‪ .‬في الوقت‬
‫المناسب تماًما للتجسس على وإطالق سهم‪.‬‬

‫غرق السهم الذي تم جلبه في اللحم األبيض للشجرة بضربة‪ .‬هبة رت قمر عينيها عندما حدقت عيون أرجوانية في‬
‫اتجاهها مع ابتسامة صغيرة تلعب على فمه‪ .‬خنق ضحكها عندما صفق المرشد على ظهر نصير لين ‪ ،‬مما جعل ابتسامته‬
‫تتحول إلى كآبة من األلم‪ .‬صاح المرشد للدوران تماًما كما امتزجت الشمس باللون األصفر الذهبي‪.‬‬

‫زحفت عبر التراب وأوراق الشجر الخضراء حتى وصلت حيث يمكن أن تكتشف رأًس ا فضًيا على األرض المسطحة‬
‫التي تستخدم فيها األسلحة‪ .‬تناثرت سيوف خشبية ضد بعضها البعض بينما كان نصير لين يتشاجر ضد صبي أشقر ‪ ،‬كان‬
‫من السهل أن يمسك بنفسه ضده‪ .‬حدقت قمر بين حركات أقدامهم ووضع أيديهم على سيوف التدريب وهم يدورون حول‬
‫بعضهم البعض‪ .‬صفق معلم جديد ‪ ،‬أشقر فاتح يديه ‪ ،‬وأوقف هذه الممارسة‪.‬‬

‫الحظت قمر توازن كل من المبارز والنصل بينما كان المرشد يحاضر بصوت عاٍل حول أهمية كليهما‪ .‬أكثر من مرة ‪،‬‬
‫أثار المرشد غضب نصير لين بسبب إلقاء نظرة خاطفة على كتفه ؛ تبحث في االتجاه الذي احتلته‪.‬‬

‫اقتربت قمر من أذنيها على أمل التقاط الهمسات الصغيرة بين نصير لين والصبي األشقر الذي بدا وكأنه يعطي نصير‬
‫لين نصائح عن القتال‪ .‬قام المرشد بضرب كالهما في الكتف قبل االستمرار في األمام‪ .‬كانت يدها تتألم في الحجر الصلب‬
‫الصغير الذي تمكن من شق طريقه تحت ثقلها‪ .‬تجهمت قمر ‪ ،‬قبل إلقاء نظرة خاطفة للتأكد من أنها لم يتم رصدها ‪ ،‬فقط‬
‫لتجد نصير لين ينظر بعيًد ا عن دروسه مرة أخرى‪.‬‬

‫منزعجة على الفور ‪ ،‬التقطت قمر الحجر ورمته‪ .‬ابتسمت ابتسمت بارتياح عندما ضرب هدفها‪ .‬صرخ نصير لين عندما‬
‫تحطم الحجر بجانب رأسه‪ .‬نظرت إليه أربعة أزواج من العيون بشكل مشكوك فيه قبل أن يستدير بعيًد ا للتركيز على‬
‫الدرس‪ .‬هي أيضا ‪ ،‬وصلت إلى الدرس في متناول اليد‪.‬‬

‫استمعت قمر وعيناها مغلقتان ‪ ،‬متخيلة كل الحركات التي تحدث عنها المرشد عندما شعرت بالحرارة‪ .‬فتحت عيناها‬
‫والتقت بالنيلي العميق من مسافة قصيرة‪ .‬ابتسم لها ‪ ،‬ملوًح ا لها بالحجر الصغير في راحة يده‪ .‬شمرت قمر بهدوء وسحبت‬
‫للخلف بعمق في الفرشاة‪.‬‬

‫مختبئة وراء األشجار ‪ ،‬وقفت قمر وسارت بحذر إلى بقعة أخرى في الغابة ‪ ،‬بالقرب من معلمها الذي كان يشرح عن‬
‫الخناجر ورمي السكاكين‪ .‬في النهاية ‪ ،‬ابتعدت عن المحاضرة عندما استدار األوالد مرة أخرى‪ .‬غادرت قمر األرض‬
‫المسطحة لألسلحة ورأسها مليء بالمعرفة الجديدة‪ .‬أثناء عودتها إلى منزلها على الطريق الرئيسي ‪ ،‬تساءلت عن السالح‬
‫الذي تريد البدء في التدريب عليه‪ .‬أو كيف ستشرع في بناء األسلحة أوًال ألنه كان من المشكوك فيه للغاية أن تضع يديها‬
‫على أسلحة حقيقية‪.‬‬

‫أصاب الشعور بالذنب الجزء الخلفي من عقلها ألنها لم تنتظر نصير لين ورفضت قبوله في عرضه للمساعدة‪ .‬لكنها لم‬
‫تستطع الوثوق به‪ .‬لم تستطع تحمل الثقة في أي شخص‪ .‬في جزء مقرف من عقلها ‪ ،‬الجزء الذي يعرف نوع الشيء الذي‬
‫هي عليه ‪ ،‬يهمس لها بأشياء مظلمة عنه‪ .‬قد تحاول نصير لين كسب ثقتها قبل أن تلعب مزحة قاسية‪ .‬ربما ‪ ،‬قبل رميها‬
‫إلى المرشدين والحكماء‪ .‬تكورت يداها على جانبيها حيث انزلقت شظايا من الخوف اللزج في عمودها الفقري‪ .‬قررت غًد ا‬
‫العثور على أماكن أفضل لالختباء‪.‬‬

‫عندما أزالت غطاء الفراء ودخلت إلى منزلها ؛ ابتعدت أمها المذهولة عن أفكار االختباء واألسلحة وفنلين‪.‬‬

‫" أعلم أنني أبدو فظيعة" ‪ ،‬تمتمت قمر وهي تحدق في فستانها البني الموحل‪ " .‬و لكن لم يحدث شىء‪ .‬اضطررت إلى‬
‫الزحف واالستماع " ‪ .‬شرحت لعيون والدتها القلقة‪ .‬غمرت اإلغاثة واضحة على مالمح المرأة المسنة قبل عبور األرض‪.‬‬
‫قطعت والدتها ورقة خضراء من رأسها ‪ ،‬ورفع حاجبها الوردي بشكل مثير للجدل‪.‬‬

‫وعلقت والدتها ‪ " ،‬أنت على حق" ‪ ،‬وعيناها تنهال على مظهر قمر ‪ " .‬تبدو مريعا‪ .‬أعتقد أنك تحتاج إلى أكثر من مجرد‬
‫تطهير بسيط‪ .‬يجب أن نرتفع إلى البحيرة اآلن ‪ ،‬لذا متى يمكننا العودة قبل غروب الشمس‪ .‬لقد كنت أنوي اختيار المزيد‬
‫من التوت البري لبيعه من أجل الصوف الملون " ‪.‬‬

‫مجرد كلمة " ماء" تسببت في قشعريرة في جسدها ‪ ،‬وتركت مرضا في بطنها‪ .‬كانت أطرافها ثقيلة مثل الرصاص وهي‬
‫تمشي إلى والدتها‪ .‬كل خطوة تسحبها تحت تيار غير مرئي وهي تبتلعها بصوت عاٍل ‪.‬‬

‫" أنا بخير" ‪ ،‬صرخت أعلى مقارنة بصوتها المعتاد‪ .‬أشارت يداها إلى األوساخ الملصقة ألعلى وأسفل جلدها المكشوف‪.‬‬
‫وطمأنت بهدوء‪ " :‬كل هذا سوف يمحو" ‪.‬‬

‫غرق الجليد مباشرة في عظامها ‪ ،‬مما أدى إلى تجميدها من الداخل إلى الخارج‪ .‬هزت والدتها خيوط قرنفلها‪ " .‬ال أعذار‬
‫هذه المرة قمر ‪ .‬اذهب واحضر مالبس نظيفة‪ .‬نحن بحاجة للذهاب قبل حلول الظالم " ‪.‬‬

‫أومأت بصمت في األمر‪ .‬مشيت قمر بثقل إلى غرفها ‪ ،‬وببطء جمعت مالبس جديدة بين ذراعيها‪ .‬بعد مغامراتها‬
‫بالخروج من غرفها ‪ ،‬سارت على مضض إلى والدتها التي وقفت بجانب رفرف الفراء ومعها دلو في يدها‪ .‬في اللحظة‬
‫التي هبطت فيها عيناها على الدلو ‪ ،‬استقر الخوف مع اندفاعة من الخوف في جسدها مثل الحجر‪ .‬أمسكت والدتها بيدها‬
‫لتجرها لألسف في ضوء الشمس الذهبي‪.‬‬

‫نظرت عيناها البنيتان إلى تموجات األشجار التي تهب في الريح‪ .‬تابعت والدتها بهدوء ‪ ،‬رغم الصراخ غير المعقول في‬
‫رأسها‪ .‬يتم حفظه من خالل ظالل اللون األخضر العديدة داخل كل نبات مختلف‪ .‬كان اللون األخضر األكثر سطوًعا ‪ ،‬إلى‬
‫األخضر الداكن يحيط بهم بطريقة ما ‪ ،‬ويلمع في الشمس وهم يغامرون في طريق الممر خلف منزلهم‪.‬‬

‫اختفى الدخان المتصاعد من موقدهم منذ فترة طويلة باألشجار الشاهقة‪ .‬عش من التوت محاًط ا بفستانهم‪ .‬ركعت والدتها‬
‫على ركبتيها ‪ ،‬وحدقت في قطف التوت األصفر بخبرة من األدغال‪.‬‬

‫قالت والدتها بنبرة بدت أشبه بأمر وليس طلًبا‪ " :‬اذهبي واخذي حمامك قمر " ‪ .‬ال تريد أن تتجادل مع والدتها أو أفضل‬
‫من ذلك ‪ ،‬فقد اتبعت قمر مساًر ا مختلًف ا ؛ واحد كان أقل سافًر ا عليه‪ .‬اتبعت الدرب إلى حافة البحيرة الفسيحة‪ .‬تتألأل المياه‬
‫الزرقاء المبهرة في أشعة الشمس الذهبية‪ .‬كان السطح أملًس ا وزجاجًيا‪ .‬ال تموج في الماء يسمح ألي شخص برؤية القاعدة‬
‫الرملية‪ .‬كان حقا مشهد رائع‪.‬‬

‫حتى جمال محيطها النقي ال يمكن أن يتأرجح ضد الخوف من الماء‪ .‬على الرغم من الخوف الذي ساد في أحشائها ‪،‬‬
‫سحبت قمر الفستان الموحل فوق رأسها‪ .‬سقطت موجاتها الداكنة على كتفيها حيث حملت الرياح البرد على بشرتها‬
‫العارية‪ .‬زحفت قشعريرة فوقها وهي تنظر إلى المياه الكريستالية بريبة‪.‬‬

‫كانت تعلم أن والدتها سترفض المغادرة إذا عادت إلى جانبها ما زالت مغطاة بالتراب‪ .‬استنشقت قمر وهي تركع ‪،‬‬
‫وكسرت سطح الماء بفستانها الموحل‪ .‬بسرعة ‪ ،‬قامت بمسح األوساخ بعيًد ا ‪ ،‬جنًبا إلى جنب مع القطرات المتساقطة‪ .‬ثم‬
‫واصلت ببطء ‪ ،‬وتوقفت عندما كان الصدى في رأسها مرتفًع ا جًد ا‪ .‬قبل مضي وقت طويل ‪ ،‬وصفت قمر نفسها بأنها‬
‫نظيفة بدرجة كافية ‪ ،‬باستثناء أمواج الماهوجني التي ال تزال مغطاة بأوراق الشجر‪.‬‬

‫باستخدام الفستان ‪ ،‬كانت تتقطر الماء ببطء على رأسها حتى لم تشعر بشيء في شعرها‪ .‬ارتدت قمر مالبسها بسرعة‪.‬‬
‫عدم الرغبة في التعرض للرياح أو بالقرب من الماء بعد اآلن‪ .‬جمعت ثوبها الموحل بين ذراعيها قبل أن تعود إلى والدتها‪.‬‬
‫شممت قمر بتواضع ‪ ،‬عندما وجدت والدتها في نفس المكان الذي تركتها فيه‪.‬‬

‫تطهير حلقها لمنع فزع والدتها ‪ ،‬كما تمكنت من فعل ذلك مرات عديدة من قبل‪ .‬تنتهي تلك األوقات األخرى عادًة بطيران‬
‫الدلو وتسكع التوت حول األرض‪.‬‬
‫ارتدت قمر ابتسامة متطابقة بينما كانت والدتها تبتسم على كتفها وتتحرك لتجلس‪ .‬بصمت ‪ ،‬انضمت إلى والدتها‪ .‬اقترب‬
‫الدلو منها بينما كانت والدتها تتحدث‪.‬‬

‫" يكتمل التجميع دائًما بشكل أسرع عندما يكون هناك اثنان‪".‬‬

‫واصلت والدتها قطف التوت حيث انضمت أصابعها الصغيرة إلى هذا الجهد‪ .‬جلسا في صمت ‪ ،‬على الرغم من الجوع‬
‫الجديد في معدتها‪ .‬مقابل كل حبتين ترميهما في الدلو ؛ ألقت قمر بسرعة واحدة في فمها‪.‬‬

‫انفجرت العصائر الحامضة من لوحتها عندما عضت في التوت مع فرقعة صغيرة‪ .‬سعلت قمر ‪ ،‬ثم كتمت صوتها عندما‬
‫توقفت والدتها عن النظرة‪ .‬ابتسمت ابتسامة ضعيفة ضد الزنج المحترق في مؤخرة حلقها‪ .‬عندما تمتزج الحامض مع‬
‫الحلو ‪ ،‬أراينا همهمة بسعادة في االرتياح‬

‫كلما قطفت المزيد من التوت ‪ ،‬نما إغراء تناول المزيد من التوت‪ .‬اشتعلت بالفضة عندما نظرت قمر إلى التوت للمرة‬
‫األلف‪ " .‬حامض ؟" سألت والدتها مبتسمة‪ " .‬هناك شيء ما في هذا التوت يجعل األصباغ الزرقاء الالمعة وأفضل أنواع‬
‫الشاي العالجية‪".‬‬

‫" ربما يكون هذا هو الزينغ عندما يصل إلى مؤخرة حلقك‪".‬‬

‫هزت والدتها كتفيها‪ " .‬لم أكن ألعلم‪ .‬انا لم اجربهم ابدا لم أفهم أبًد ا تناولهم عندما يمكنك تداولهم " ‪.‬‬

‫" جربها‪".‬‬

‫انتزعت قمر حبة التوت من األدغال ووضعتها أمام والدتها‪ " .‬عليك أن تجربها‪ .‬بعد أن يختفي الحامض ‪ ،‬هناك حلو فقط‬
‫"‪.‬‬

‫حدقت المرأة األكبر سًن ا في التوت ولوح بها قمر ببطء‪ .‬تغني أغنية " جربها" ‪ " .‬عليك أن‪".‬‬

‫" على أن ؟" تساءلت والدتها‪ .‬إذا كنت تحاول خداعي ‪ ،‬فستكون هناك تداعيات‪ .‬مثل تناول هذه مع وجبتك الصباحية‬
‫لألسبوع المقبل " ‪.‬‬

‫ابتسمت قمر ‪ " :‬لن أشتكي" ‪ .‬لوحت بالتوت ببطء أكثر ‪ ،‬مما جعلها ترقص في مهب الريح‪ " .‬فلتجربه فقط‪".‬‬

‫راقبت قمر بسعادة وترقب والدتها تقطف الفاكهة من أطراف أصابعها‪ .‬نما شغفها عندما دقت والدتها حبة التوت في فمها‪.‬‬
‫سرعان ما خنق قمر ضحكها عندما سمعت البوب الصغير ثم تحول وجه والدتها إلى سمكة مجعدة‪.‬‬

‫ضحكت قمر فقط عندما عاد وجه والدتها إلى طبيعته‪ .‬سرعان ما انضمت المرأة األكبر سًن ا إليها‪ .‬ضحكت قمر بشدة‬
‫عندما الحظت التلوين غير المعتاد ألسنان والدتها البيضاء‪ .‬تمسكت بجانبيها ‪ ،‬حيث كانت أضالعها تؤلمها بسبب الهزات‪.‬‬
‫سألت قمر بينما كانت تلهث بهدوء ‪ " ،‬هل لدي أسنان زرقاء أيًض ا ؟"‬

‫من أجل حسن التدبير ‪ ،‬ابتسمت قمر بفخر ‪ ،‬مما جعل والدتها تضحك من جديد‪ .‬أجابت والدتها‪ " :‬نعم ‪ ،‬نعم" ‪ ،‬وهي‬
‫تغطي يديها ضحكاتها‪ .‬ثم عادت المرأة األكبر سًن ا إلى المهمة ‪ ،‬وسرعان ما انضمت قمر مرة أخرى‪ .‬ابتسمت بهدوء‬
‫وهي تتجسس على والدتها وهي تضع حبتين من التوت في الدلو قبل أن تضع واحدة في فمها‪ .‬اتبعت قمر المثال فقط ‪،‬‬
‫وامتنعت عن القشعريرة المسببة للحموضة‪.‬‬
‫تالشت آخر آثار الشمس الصفراء عندما دخلوا إلى المنزل مع دلو واحد ممتلئ ومعدتين ممتلئتين‪ .‬انضمت قمر إلى‬
‫والدتها في مركز النسيج بعد إطعام الموقد بحطب آخر‪ .‬جذبت حركات اليد المتكررة إلنشاء جديدها إلى حالة من‬
‫االسترخاء والنوم الخفيف‪ .‬فركت قمر عينيها المتدليتين حتى تحدثت والدتها‪.‬‬

‫" لدي مفاجأة لك‪ .‬ركضت إلى المنتدى للتجارة لهم‪ .‬يجب أن يكون في غرفتي‪ .‬على لفة سريري " ‪.‬‬

‫كانت قمر على قدميها ‪ ،‬تنفجر في غرف والدتها‪ .‬دغدغ رائحة زنابق النهر اللذيذة في أنفها وهي تنظر حولها‪ .‬عثرت‬
‫على الفور على فراش سرير والدتها ‪ ،‬وانتزعت منه رزمة غير عادية من القماش‪ .‬ثم عادت إلى المنطقة الرئيسية في‬
‫حيرة‪.‬‬
‫انضمت إلى والدتها في ‪ .‬ممسكة بالواد األبيض واألسود ‪ ،‬توسلت قمر بصمت للحصول على تفسير‪.‬‬

‫قالت والدتها بحسرة‪ " :‬إنها مالبس" ‪ " .‬افتحهم‪".‬‬

‫أفلت منها شهقة صغيرة من عدم التصديق وهي تحدق في البنطال البني الغامق والسترة البيضاء الكبيرة في يديها‪.‬‬
‫تومض عيناها الخمريتان بين كلتا قطعتي المالبس بابتسامة متنامية على وجهها‪.‬‬

‫وعلقت المرأة األكبر سنًا قائلة‪ " :‬ينبغي أن يكون التدرب بالمالبس المناسبة أسهل" دون النظر بعيًد ا عن دعامة النسيج‪.‬‬
‫" األحذية عند المدخل‪".‬‬

‫أومأت قمر بحماسة ورمت المالبس على الطاولة الصغيرة لسحب فستانها فوق رأسها‪ .‬تهاوت أمواج الماهوجني على‬
‫وجهها بينما التقطت قمر المالبس وشدتها‪.‬‬

‫كان البنطال البني الغامق فضفاضًا عند وركها‪ .‬نسيج إضافي متجمع حول كاحلها والمزيد من القماش متراكم بشكل‬
‫محرج في األمام‪ .‬وال شك أنها كانت تتصور أن هذه المالبس صنعت للصبيان‪ .‬لكن هذا لم يزعجها‪.‬‬

‫سقط القميص فوق يديها ‪ ،‬ولم يتبق سوى ظالل لوجودهما داخل األكمام‪ .‬ابتسمت قمر بشكل مشرق ‪ ،‬حتى لو كان‬
‫الجاكيت يعرق كتفيها وكان غير مناسب‪ .‬عرضت نفسها بفخر ‪ ،‬رافعت ذراعيها‪ .‬تمسكت ذراعيها حول والدتها بإحكام‪.‬‬

‫" شكرا لك‪".‬‬

‫عرضت والدتها " يمكنني تعديل حجمها أثناء إحضار الماء الليلة" ‪ .‬هزت قمر رأسها‪ " .‬ال! أريد أن أرتديهم الليلة‪ .‬إلى‬
‫جانب ذلك ‪ ،‬قد أتطور معهم " ‪.‬‬

‫" إذا قلت ذلك قمر ‪ .‬أنا سعيد ألنك أحبهم‪ .‬سأحصل على المزيد عندما يكون لدي المزيد من البطانيات ألتداولها " ‪.‬‬

‫" أنا افعل!" تدفقت ‪ ،‬وركضت يديها على مالبسها‪ " .‬سأحضر الماء بداخلهم وربما أعمل على تدريبي الليلة‪".‬‬

‫" ما هو السالح الذي ستتدرب به ؟"‬

‫ابتسم ابتسامة عريضة قمر ‪ .‬قررت أخيًر ا السالح الذي تختاره ‪ ،‬بعد مناقشة ذهاًبا وإياًبا في ذهنها‪ .‬تم اتخاذ قرارها‬
‫عندما استدعت المرشد موازنة السالح بإصبع واحد في وقت سابق اليوم‪ " .‬السيف" ‪.‬‬

‫" هل أنت متأكد ؟" استجوبت والدتها بحذر شديد‪ .‬عبوس متزايد أرسل على وجهها‪ " .‬أنت تعلم أن السيف يتطلب الكثير‬
‫من اآلفات إلتقانه‪ .‬حتى البعض يستسلم قبل أن ينجح " ‪.‬‬

‫" أستطيع أن أفعل ذلك‪ ".‬طمأنت قمر والدتها بثقة‪ " .‬بالسيف ‪ ،‬سأتمكن من الدفاع عن نفسي‪".‬‬

‫مع استمرار الخط الرفيع على شفتي والدتها ‪ ،‬أومأت المرأة المسنة برأسها‪ " .‬ال تمكث في الخارج لوقت متأخر بعد‬
‫االنتهاء‪ .‬هناك تدريب صباح الغد أيًضا " ‪.‬‬

‫قالت قمر وهي ترتدي حذائها الجلدي الجديد‪ " :‬حسًن ا" ‪ .‬بعد ذلك ‪ ،‬أمسكت بكل إمدهبة تها الخاصة بجلب المياه‬
‫وركضت عبر رفرف من الفرو‪ .‬سقط الشفق بالكامل فوق القرية بينما كانت تسير على الطريق نحو النهر‪ .‬ساد عدم‬
‫ارتياح متزايد في بطنها بينما كانت تقترب من الماء‪ .‬ولكن كلما انتهيت من إحضار الماء مبكًر ا ‪ ،‬كلما بدأت ها اهدريب‬
‫في وقت مبكر‪ .‬ساعدت فكرة تعلم الدفاع عن نفسها في التخلص من بعض مخاوفها ‪ ،‬على الرغم من أنه ال يمكن التغلب‬
‫على كل الخوف بالسيف‪.‬‬
‫تنطلق البوم عاليًا في األشجار المظلمة بينما كانت قمر تعود إلى ضفة النهر للحصول على دالءين آخرين ممتلئين‪.‬‬
‫جرجرت حذائها فوق درب التراب على عجل فقط من الرغبة في االنتهاء في أسرع وقت ممكن‪ .‬كان القلق يقودها إلى‬
‫الجنون ‪ ،‬لدرجة أن أطرافها اهتزت ونمت راحتها‪ .‬استدارت حول الزاوية ‪ ،‬أسفل المسار الذي يؤدي إلى الماء مرة‬
‫أخرى‪.‬‬

‫بسهولة ‪ ،‬مع تنويرها القوي ‪ ،‬جرفت دالءين كاملين ‪ ،‬لكنها جفلت في التيار بينما كان يتدفق على بشرتها‪ .‬انسحبت من‬
‫النهر ‪ ،‬مشى في الطريق‪ .‬ثم كانت هناك لقطة من الغابة خلفها‪ .‬وفي رد الفعل المنعكس ‪ ،‬ألقت كال الدالءين باتجاه مركز‬
‫الصوت مع خروج الظل من الغابة‪.‬‬
‫تأوه الرقم وسقط‪ .‬تئن في األوساخ في حجارة منخفضة‪ .‬قمر مغمورة في الظالم‪ .‬تنعكس الخيوط الفضية في ضوء القمر‪.‬‬

‫" نصير لين ؟" همست ‪ ،‬وجلس القرفصاء على مستواه للنظر في الضرر الذي قد تسببه للصبي‪ " .‬ما الذي تفعله هنا ؟‬
‫يجب أن تكون في منزلك " ‪.‬‬

‫" لقد رحلت" ‪ ،‬أزيز نصير لين من التراب‪ .‬تم تثبيت ذراعيه حول وسطه بينما كان الماء يسيل على وجهه‪.‬‬

‫" ماذا او ما ؟"‬

‫حدقت قمر في عيون نيلية دامعة وعميقة‪ " .‬بعد التدريب –" راسم نصير لين‪ " .‬كنت ذهبت‪".‬‬

‫" إذن أتيت لتجدني ؟" سألت قمر في مفاجأة ‪ ،‬وشعرت بأنها متأثرة‪ .‬ثم لعبت شكوكها السابقة داخل رأسها وزرمت‪" .‬‬
‫ماذا تلعب ؟ هل تحاول أن تجعلني أثق بك حتى تتمكن من الثرثرة للحكماء عني ؟ "‬

‫اندفع نصير لين إلى قدميه مع تأوه‪ .‬تناثرت قطرات من الماء عليها وهو يصدر صوت هسهسة في اتجاهها‪ " .‬أخبرتك‪.‬‬
‫لن افعل ذلك ابدا‪ .‬ليس اليك‪ .‬ليس ألحد‪" .‬‬

‫" لماذا ؟" سألت قمر عن ابتالعها ‪ ،‬وتنظيف قطرات الماء بعيًد ا‪ " .‬لماذا ال ؟"‬

‫مرر الصبي يديه من خالل شعره ‪ ،‬فجعل من شعره أشواك صغيرة مرة أخرى وتنهد‪ .‬أوضح نصير لين‪ " :‬ألنني قد ال‬
‫أكون مثلك تماًما ‪ ،‬لكني أعرف كيف تشعر بالوحدة" ‪.‬‬

‫واحتجت قمر ‪ " .‬أنا لست وحيدا‪ .‬انا جيد‪".‬‬

‫" بخير ؟ هذا ال يبدو سعادة بالنسبة لي ‪ " ،‬زعم نصير لين وقمر شمها‪.‬‬

‫" لم أسألك" ‪ ،‬تذمرت من اإلحباط وواجهت الصبي لتحدق فيه‪.‬‬

‫" سعادتي‪ .‬رغباتي‪ .‬وحدتي ال تهم‪ .‬وال ينبغي أن يهم من هم من أمثالك ‪ " ،‬هسهسة قمر ‪ " .‬توقف عن التظاهر بأنك‬
‫صديقي‪".‬‬

‫" أنا ال أريد التظاهر‪ .‬اريدك ان تكون صديقي‪ .‬فأجابت نصير لين غير منزعجة من غضبها‪ " :‬أنت أول شخص قال لي‬
‫أن أذهب بعيًد ا ‪ ،‬وال تريد أن تتبعني بسبب استنارة حكمتي" ‪ " .‬لكنك ال تجعل صداقتكما سهلة‪ .‬أنا ال أعرف حتى اسمك "‬
‫‪.‬‬

‫جالت عيناها البنيتان على وجه نصير لين ‪ ،‬بحثا عن كذبة واضحة أو أوقية من عدم الثقة‪ .‬كل ما وجدته كان أرجواني‪.‬‬
‫سلمي للغاية ‪ ،‬أرجواني متفهم‪ .‬تمتمت بتواضع‪ " :‬قمر " ‪ " .‬اسمي قمر نينون‪".‬‬

‫ابتسم نصير لين‪ .‬كرر " قمر " ‪ " .‬إنه يناسبك‪".‬‬

‫ردت قمر مستهجنة‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬شكًر ا ‪ ...‬أعتقد‪ .‬إنه االسم الوحيد الذي كنت أستخدمه في آخر ثالثة عشر تمريرة " ‪.‬‬
‫انتزعت الدالء من األرض وعادت إلى حافة النهر‪.‬‬

‫سرعان ما مألت الدالء ‪ ،‬وسارت بجانب نصير لين ‪ ،‬التي حدقت بها بنفس الرهبة عندما سحبت السهم من الشجرة‪.‬‬
‫مرت لحظات فقط عندما سمعت الطقطقة اإليقاعية للقدمين وهي تنغلق من الخلف‪.‬‬

‫" يبدو أنك بحاجة إلى الجري أكثر ‪ "،‬ساخرت قمر عندما انضمت إليها نصير لين أخيًر ا ‪ ،‬وهي تلهث اللتقاط أنفاسه‪.‬‬

‫" أبًد ا" ‪ ،‬تنّفس ظهره وضحكت قمر ‪ .‬هدأ ضحكها عندما وضعت يد أخرى على يدها التي كانت تحمل الدلو‪.‬‬

‫" ماذا تفعل ؟" تساءلت ‪ ،‬صوتها أعلى بشكل ملحوظ مما أرادته‪.‬‬
‫" مساعدة‪ .‬أجاب نصير لين وهو يأخذ الدلو منها‪.‬‬

‫" هل تدرك أن لدي قوة التنوير أليس كذلك ؟" ذّك رت بابتسامة متكلفة‪ " .‬سوف تتعب قبل أن أفعل‪".‬‬

‫" سنرى ‪ "،‬تحدت نصير لين بثقة ابتسامة عريضة لها‪ .‬تدحرجت قمر عينيها‪.‬‬

‫" أعتقد أننا سنفعل‪".‬‬

‫بمجرد دخولهم القرية ‪ ،‬تأوهت نصير لين من جانبها في شكوى‪ " .‬هل وصلنا ؟" صاح ‪ ،‬ولم تبتسم قمر إال للصبي‬
‫العنيد بينما كان يتألم‪.‬‬

‫همست قمر وهي تمسك بإصبعها على شفتيها ‪ ،‬بينما هم يتسللون حول قرية " شش" ‪ .‬يجب أن تعرف أين يعيش‬
‫الحكماء‪ .‬ال ينبغي أن يستغرق وقتا طويال " ‪.‬‬

‫" هناك تسعة منهم ‪ "،‬تذمر نصير لين‪ " .‬من الصعب تتبعها‪ .‬بدافع الفضول ‪ ...‬كم عدد الحكماء الذين يحتاجون إلى‬
‫الماء ؟ "‬

‫سحق صندلها على الصخور الفضفاضة بينما انجرفت إلى مزيد من المنازل الصامتة‪ " .‬نحن في آخر واحد‪".‬‬

‫بجانبها ‪ ،‬نصير لين ونقل الدلو إلى يده األخرى‪ " .‬حسن‪".‬‬

‫لقد صادفوا آخر خادمة من الحكماء التاسع وخنقت قمر ضحكها في يديها عندما انسحبت نصير لين من قبلها إللقاء دلو‬
‫الماء الكامل في الحوض الحجري‪ .‬ثم جلس على الحافة ‪ ،‬ووضع الدلو على األرض‪ " .‬لن يحدث ذلك مرة أخرى" ‪،‬‬
‫تمتم نصير لين بتواضع‪ " .‬كنت على حق‪".‬‬

‫" اآلن لم آخذك حتى يستسلم المرء بهذه السهولة ‪ "،‬سخرت قمر بخفة ‪ ،‬وابتسمت ابتسامة ساخرة من نصير لين‪ .‬شممت‬
‫بخفة‪ " .‬أعتقد أن قوة التنوير يفوز بالعناد‪".‬‬

‫انتزعت كلتا الدالء وتراجعت عن السرير‪ .‬ضحك نصير لين قليًال قبل الرد ‪ " ،‬لديك ميزة ؛ أن تنعم بالقوة والتنوير‬
‫والجميع‪" .‬‬

‫سخر منه قمر عندما أغلق نصير لين المسافة بسهولة‪ " .‬لن أقول مبارك‪ .‬في البداية ‪ ،‬حصلت للتو على نعمة والدتي‬
‫التنوير " ‪.‬‬

‫" هل حصلت على النعمة في البداية ؟" تساءل‪ .‬حملت مفاجأة صغيرة في صوته وهو يتابع ‪ " ،‬كيف حصلت على قوتك‬
‫التنوير بعد ذلك ؟"‬

‫عواء بعض المخلوقات في الليل‪ .‬تحت القمر الفضي ‪ ،‬ناقشت إخبار نصير لين بالحقيقة‪ .‬إخباره بأنها ماتت لن يكون‬
‫هناك خطر‪ .‬لكنها لم تستطع‪ .‬االعتراف بصوت عاٍل بأنها حاولت إنقاذ شتلة وفشلت يجعل كوابيسها أكثر واقعية ‪ ،‬إلى‬
‫جانب ترسيخ الذنب الذي تحمله‪ .‬لم تستطع إخباره بالظروف ‪ ،‬ال أنها ماتت من الغرق في النهر وبالكاد عاشت لتعود إلى‬
‫المنزل‪.‬‬

‫" ابي‪".‬‬

‫أومأت نصير لين بجانبها‪ " .‬نعم ‪ ،‬كنت أحسب الكثير‪ .‬الطريقة الوحيدة المعروفة التي يمكن للشتلة أن تحمل فيها تنويرين‬
‫مع نفس الجسد هي من خالل العالقة األبوية – بمعنى آخر ‪ ،‬ينتمي أحدهما إلى والدتك واآلخر إلى والدك " ‪.‬‬

‫" كيف تعرف كل ذلك ؟"‬

‫" أولئك الذين ينعمون بالحكمة يحصلون على قراءة الكتب القديمة‪ .‬أجاب نصير لين‪ " :‬تحمل الصفحات جميع األوامر ‪،‬‬
‫وتروي كيف نشأت تلك المستنيرة" ‪.‬‬
‫نظرت قمر من زاوية عينها وهي تمشي بهدوء بين متاهات المنزل‪ " .‬اعتقدت أن هذه الكتب ضاعت أثناء االحتراق قبل‬
‫أن نصبح شتالت‪".‬‬

‫أجاب نصير لين‪ " :‬نعم ‪ ،‬لقد كانوا كذلك" ‪ " .‬اآلن ‪ ،‬توقف عن تغيير الموضوع‪ .‬أنا أسألك كيف أصبح تنويرك " ‪.‬‬

‫فأجابت‪ " :‬لم أكن من غيرها" ‪ " .‬كنت‪".‬‬

‫" حسًن ا ‪ ،‬لقد قمت بتغييرها في ذلك الوقت ‪ "،‬قال نصير لين واستدارت عيناه األرجوانية للتحديق فيها ‪ ،‬في انتظار‬
‫إجابة‪ .‬قال كل شيء في أحشائها أن تثق به ‪ ،‬وحتى عينيه عملت ضدها‪ .‬ابتلعت قمر بشدة ‪ ،‬وسددت انعدام الثقة مرة‬
‫واحدة وإلى األبد‪.‬‬

‫" أنا مت‪".‬‬

‫صمت عابر يمر به أثناء عبور الصف األخير من المنازل‪ .‬لقد غامروا بالقرب من ضواحي القرية المتناثرة عندما تحدث‬
‫نصير لين أخيًر ا‪.‬‬

‫" ماذا تقصد ماتت ؟" سأل بعناية‪ .‬من الواضح أنها استرجعت من إجابتها‪.‬‬

‫هزت قمر كتفيها‪ " .‬تماًما كما قلت ‪ "،‬تمتمت بخفة ‪ ،‬محاواًل أال تركز على البكاء المتزايد في رأسها‪ " .‬أنا مت‪.‬‬
‫استيقظت‪ .‬وشعرت باختالف " ‪.‬‬

‫توقف نصير لين عن المشي بخطوة معها وهو ينظر إلى قدميه‪ " .‬هل نريد أن نتحدث عن ذلك ؟"‬

‫" الحديث عن ما ؟"‬

‫" كيف ماتت ‪ "...‬أوضح نصير بلطف‪ .‬التقت عيناها الجديرتان عندما توقفت بجانبه‪ " .‬يبدو أنك مستاء‪".‬‬

‫" استنارة حكمتك يخبرك بذلك ؟" سألت قمر بعد قليل‪.‬‬

‫" ال‪ .‬غمغم نصير لين " النظرة على وجهك‪.‬‬

‫اهتزت المفاجأة من خاللها‪ .‬كانت هناك شرارة من الدفء في صدرها‪ .‬مجرد وميض لهب سافر في جميع أنحاء جسدها‪.‬‬
‫كانت عيناها الخربيتان تحدقان في األرض عند قدميها ‪ ،‬وتبتلعان الرغبة في التعبير عن مشاعرها‪ .‬كل شيء لها مخبأه‬
‫بعيًد ا عن والدتها ‪ ،‬بعيًد ا عن القرية ‪ ،‬بعيًد ا عن نفسها‪ .‬كان ذلك فقط في الليل ‪ ،‬عندما كانت نائمة ‪ ،‬عندما كانت صادقة‬
‫حًق ا‪ .‬حقا ضعيف‪ .‬ابتلعت قمر الكتلة الموجودة في حلقها وهزت كتفيها بشكل فضفاض‪.‬‬

‫ردت بخفة‪ " :‬بالطبع ‪ ،‬يبدو أنني مستاءة" ‪ ،‬لكن المرارة انسكبت من شفتيها وهي تتابع‪ " .‬ليس كل يوم تموت ‪ ،‬وتستيقظ‬
‫مع استنارة جديدة‪".‬‬

‫بدأت في المشي واتبعت نصير لين وتيرتها الثابتة‪ .‬حلقت فوقهم سحابة من المرارة مع صمت الليل الثالث‪ .‬عضت قمر‬
‫شفتها‪ .‬شعرت بالذنب بسبب عضها في نصير لين وحثها عليها بشكل مزعج ‪ ،‬لكنها حاولت تجاهلها‪ .‬شعرت أن جزًءا‬
‫آخر منها له ما يبرره أيًض ا‪ .‬على الرغم من أنها كانت هي التي جعلت موتها يبدو غير مهم‪ .‬ربما تكون هذه هي الطريقة‬
‫التي أزعجها الشعور بالذنب أكثر‪.‬‬

‫تومض عيناها الخربيتان إلى نصير لين ‪ ،‬الذي يحدق في النجوم فوقهم وهو يسير بجانبها‪ .‬تنهدت قمر ‪.‬‬

‫قالت " نصير " ‪ " .‬أنا لست معتهبة على التحدث معي‪ .‬أو أي شخص يريد أن يكون صديقي‪ .‬ما زلت ال أفهم ذلك ‪،‬‬
‫لكني أريدك أن تفهم هذا ‪ ...‬إذا كانت كلمة واحدة من هذه القصة تطفو في جميع أنحاء القرية ؛ عليك أن تقلق أكثر من‬
‫مجرد دالء مني " ‪.‬‬

‫" أنت محير‪ .‬هل نحن اصدقاء االن او شيء من هذا القبيل ؟ علق نصير لين ‪ ،‬ألن هذا التهديد أبعدني‪ .‬تومضت عيناه‬
‫األرجوانية عليها ثم نمت‪ .‬كان وجهه جهبة كما وعد ‪ " ،‬أعطيك كالمي‪".‬‬
‫أومأت قمر برأسها وهي تضغط على جسر أنفها‪ .‬تالشت الصيحات مع تدفق ذكريات الفترة القصيرة إلى واجهة عقلها‪.‬‬
‫حدقت في األرض بينما كانت الكلمات الناعمة تتدحرج من شفتيها‪.‬‬

‫" صادفت امرأة أثناء إحضار الماء‪ .‬كان لديها شتلة معها ‪ ...‬في سلة‪ .‬ثم أرسلتها تطفو على النهر ولم تهتم بذلك مرة‬
‫واحدة ‪ ،‬إنها صرخات‪ .‬ذهبت بعد ذلك‪ .‬أخذني التيار وسمعته مرة قبل أن ‪" ...‬‬

‫شد حلقها وهي تصمت‪ .‬قامت قمر بتنظيف قصبتها الهوائية قبل أن تتابعها‪ " .‬ال أعرف ما إذا كنت أموت في ذلك النهر‬
‫أو مت عندما عدت إلى المنزل‪ .‬ما أعرفه هو أنني حلمت بعيني تحدق في وجهي قبل أن تغرق في جسدي‪ .‬بعد ذلك‬
‫شعرت باالختالف‪ .‬تغير‪".‬‬

‫" قوتك االستنارة ؟" تساءل نصير لين بهدوء‪.‬‬

‫" أنا أعتقد هذا‪".‬‬

‫ساروا على درب التراب المؤدي إلى حافة المياه‪ .‬توقفت قمر فجأة عندما سقط شيء دافئ وثقيل على كتفها العاري‪.‬‬
‫التقت عيناها بنصير لين ‪ ،‬الذي أطلق سراحها بسرعة‪.‬‬

‫" من المحتمل أن أبدو غير مهتم بسؤالك هذا ‪ ،‬لكن هل ما زلت ترغب في التدريب ؟" سأل نصير لين‪ .‬واجه رأسه‬
‫األرض في خجل وهو يواصل‪ " .‬حتى بعد كل هذا ؟ سوف أفهم إذا لم تفعل‪ .‬ال أريد ذلك لو كنت مكانك " ‪.‬‬

‫حدقت بصمت في الصبي الذي أمامها وهو يتنقل بال كلل من قدم إلى أخرى ‪ ،‬في انتظار ردها‪ .‬جاء عواء صامتة من‬
‫خالل صمت األشجار‪ .‬هدير الحيوان يزعج األغصان فوق الرؤوس ‪ ،‬تبعه رعد وأصوات عالية‪ .‬فقد التناغم السلمي‬
‫للمخلوقات الليلية عند االقتراب من الرش‪ .‬سحبت قمر نصير لين من ذراعه ‪ ،‬وسحبت إياه إلى الفرشاة الغامضة‪.‬‬

‫من مكان االختباء على بعد مسافة معقولة ‪ ،‬شاهد كل من قمر ونصير لين اثنين من الوحش العمالقة يتزلجان عبر الماء‬
‫على األطراف األربعة‪ .‬عكست الحراشف السوداء ضوء القمر ‪ ،‬ودارت نصير لين حولها لتنظر‪ .‬بدأ نصير لين " ‪. "-‬‬
‫صفقت قمر بيدها على فمه‪.‬‬

‫توهجت عيناها البنيتان بتحذير غريزي وهي تحدق في عينيها النيلية المتفاجئة‪ " .‬ال أعرف" ‪ ،‬قالت بصمت بينما‬
‫استمرت عائلة الوحش في التدفق ضد التيار ‪ ،‬والسباحة نحو القرية‪.‬‬

‫تراجعت نظرتها إلى النهر عندما تقدم الرعد‪ .‬تمتمت بهدوء‪ " :‬راكبو الحدود أو المغيرون" ‪ .‬ابتلعت بقوة في محاولة‬
‫للتخلص من الغثيان المتزايد في معدتها‪.‬‬

‫‪ ،‬مع الدراجين على الحدود تبعوا الوحش في أعلى النهر‪ .‬كانت تسمع همهمة خافتة من المناقشة قبل أن يلقي رجل بحربة‬
‫على الوحش البشع‪ .‬كان شيء يلمع في ضوء النار من مشاعل الدراجين على الحدود ‪ ،‬وعواء الوحش ‪.‬‬

‫تربوا على قدمين ‪ ،‬قدم الوحش التي طعنت بالرمح مخلبين كبيرين مكفونصير ‪ ،‬استعدهبة للهجوم‪ .‬ثم تحطم الوحش في‬
‫الماء ‪ ،‬مرسًال موجات سوداء تصطدم بركاب الحدود‪ .‬انطلق السلجمور الثاني إلى األمام ‪ ،‬وراح يعوي بشراسة نحو‬
‫الرجل البني‪.‬‬

‫خرجت هدير مرعب من حلق المخلوق قبل أن يقفز في الهواء‪ .‬يلتصق الوحش المتقشر بأقرب رجل بني ‪ ،‬ويغرق أسنانه‬
‫في رقبة الخيول‪ .‬تقشر متسابق الحدود بسرعة ‪ ،‬فاقًد ا صفوف األسنان بصعوبة‪ .‬أحاط راكبو الحدود اآلخرون بالمخلوق ‪،‬‬
‫وقاموا بقطع سيوفهم المرسومة على ظهره المكشوف‪.‬‬

‫األسنان الملطخة بالدماء تطلق هسهسة مخيفة‪ .‬ابتعد الوحش عن الرجل البني ‪ ،‬وترك الذبيحة تسقط وهي تقف على‬
‫رجليها الخلفيتين ؛ كشف حجمها الكامل‪ .‬سقطت السهام من مسافة بعيدة ‪ ،‬قصفت بطن الوحش األبيض المتقشر غير‬
‫المحمي‪ .‬سقطت أربعة سيوف من الفرسان الحدوديين ‪ ،‬مستغلة المخلوق المشتت لالنتباه ‪ ،‬وقطعت أوصال كل طرف‬
‫حاد‪ .‬أعطى المخلوق زئيًر ا أخيًر ا قبل أن يتالشى‪.‬‬

‫تومض عيون قمر نحو الوحش المصاب ‪ ،‬متسائلة عما إذا كان ركاب الحدود قد قتلوه أيًض ا‪ .‬لقد ذهب‪ .‬في ضوء القمر ‪،‬‬
‫مطر أسود غامق على الرجال وهم يخترقون سلوجمور المتوفى عند أقدامهم‪ .‬سحبت قمر نصير لين من مكان اختبائها‬
‫وقادتهم إلى األشجار‪ .‬لقد جرته فوق درب التراب‪ .‬جنًبا إلى جنب ‪ ،‬مع الدالء المعلقة على ذراعيها ‪ ،‬سحبت قمر نصير‬
‫لين في األرض المسطحة لألسلحة‪ .‬عندما اختفت أصوات هتافات الرجال في الليل ‪ ،‬نظرت قمر إلى نصير لين‪.‬‬
‫تلمع خيوطه الفضية باللون الرمادي في ضوء القمر ‪ ،‬لتتناسب مع أفتح وجهه‪ " .‬نصير لين ؟" تساءلت بهدوء كما تدلى‬
‫رأس نصير لين إلى صدره ‪ ،‬وعيناه تحدقان في األرض‪ " .‬نصير لين ؟" كررت‪ .‬لقد قوبلت بالصمت فقط‪.‬‬

‫" زعنفة ؟" تساءلت مرة أخرى‪ .‬دفعت كتفه بكتفها برفق‪ .‬قابلت العيون األرجواني راتبها‪ " .‬نعم ؟" تمتم أخيًر ا‪.‬‬

‫" هل انت بخير ؟"‬

‫تراجعت الزعنفة‪ .‬أجاب وهو يهز رأسه‪ " .‬انا ال اعرف‪ .‬هؤالء كانوا الوحش ‪ ...‬بجوار القرية " ‪.‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ " .‬نعم ‪ ،‬ولكن الدراجين على الحدود اعتنوا بذلك‪".‬‬

‫" ولكن لماذا كانت الوحش قريبة جًد ا من القرية ؟" سأل نصير ‪ .‬كانت عيناه تحومان بشيء مسكون‪ .‬شيء لم تستطع‬
‫وضعه‪ .‬كانت قمر على وشك أن تقدم كلمات تريحه عندما استمر نصير في حالة من الذعر الواضح‪ " .‬كان من الممكن‬
‫أن تقتلنا هذه األشياء ‪ ،‬إذا اقتربنا منها لكانوا قد اقتربوا‪ .‬لقد مزقونا إلى أشالء! ولن يعرف أحد!‬
‫أغلقت يدا الزعنفة على كتفيها ‪ ،‬وتمسكت بالجلد العاري‪ " .‬فاتهم واحدة!" بكى‪ .‬أصبح تنفسه أكثر تقلًبا ‪ ،‬مما يذكر قمر‬
‫بصراعها مع الماء‪ .‬عضت شفتها قبل إعادة قبضتها‪ .‬اشتكت مفاصل أصابعها عندما سقطت الضربة الصلبة على ذراع‬
‫نصير العظمي‪.‬‬

‫" لما فعلت هذا ؟" صاح نصير بغضب وهو يرضع ذراعه‪.‬‬

‫" كنت مذعورا!"‬

‫" أعتقد أن لدي الحق في الذعر! لم أر قط سلجمور من قبل! " صاح نصير لين‪.‬‬

‫" أنا أيًض ا"‬

‫على الفور ‪ ،‬تغير سلوك نصير بالكامل‪ .‬ساد هدوء مفاجئ على ذعره واحترق في عينيه النيليتين العميقة‪ " .‬انتظر ‪ ،‬لم‬
‫تَر أحًد ا أبًد ا ‪ ...‬كيف أنت هادئ جًد ا ؟"‬

‫أومأت قمر برأسها‪ .‬ردت وهي تهز كتفيها‪ " :‬ليس قبل هذه الليلة" ‪.‬‬

‫" السبب في هدوئي هو أنني أعرف ما سأفعله" ‪.‬‬

‫يميل نصير رأسه إلى الجانب ‪ ،‬وتقوس الحاجب‪ " .‬ما هذا ؟" سأل‪.‬‬

‫" يدرب‪ .‬ردت ببساطة‪ .‬ابتسم لها نصير ‪ ،‬مضيفة‪ .‬صحح " نحن" ‪ " .‬نحن ذاهبون إلى التدريب‪".‬‬

‫اندلعت بابتسامة مرحة ‪ ،‬ثم انطلقت بعيًد ا ‪ ،‬ركضت حول األرض المسطحة‪ .‬ركضت قمر تماًما كما يفعل األوالد‬
‫اآلخرون ‪ ،‬تماًما كما لو سمح لها بالتدريب‪.‬‬

‫" مهال!" صرخت نصير احتجاًج ا على زيادة المسافة بينهما‪ .‬ركض وراءها بشغف بينما كانت قمر تكافح لتتنفس بشكل‬
‫متساٍو ‪ .‬هدد الضحك بأن يخرج من حلقها بينما تذمر نصير شكواه‪ .‬في هدوء الصمت ‪ ،‬استأنفت المخلوقات الليلية‬
‫تناغمها إلنهاء رقص الباليه‪ .‬طوال الليل ‪ ،‬عزفت األوركسترا بينما ركضت أراينا ونصير مًع ا في خطوات متطابقة‪.‬‬
‫ذهبت قمر إلى ربيتها وهي تعرج ‪ ،‬ولكن ليس قبل أن تتحقق من أن نصير قد اختفت عن أنظارها‪ .‬لقد مر شهران‪ .‬لم‬
‫تعد أوراق البرتقال تطفو أسفل النهر ‪ ،‬ولكن بدًال من ذلك ‪ ،‬تشبث برد قارس األرض والهواء‪ .‬كانت الفروع اآلن قاحلة‪.‬‬
‫ذهب التوت منذ فترة طويلة في البرد ‪ ،‬واآلن أصبح نادًر ا في أحسن األحوال‪ .‬تحطم حذائها على الجليد والثلج الذي كان‬
‫يتساقط فوق القرية منذ أيام‪.‬‬

‫أصاب الصقيع المزعج ساقيها ‪ ،‬مما جعل جلدها مخدًر ا حيث غارقة في سروالها بسبب الطقس المتجمد‪ .‬على الرغم من‬
‫ذلك ‪ ،‬كانت الليلة األولى في ثالثة أيام تمكنت فيها من غرق الدالء في النهر مباشرة‪ .‬سافرت إلى كل من بيوت ‪ ،‬أسرع‬
‫اآلن بعد أن حصل على دلوين خاص به ؛ الكثير من احتجاجها وامتنانها السري‪.‬‬
‫حتى مع مساعدة نصير لها ‪ ،‬كانت قمر بطيئة في جلب الماء من أجله‪ .‬لم تكن تريده أن يجهد نفسه بشدة على قوة‬
‫تنويرها‪ .‬ربما هذا هو سبب حصولها على المزيد من الضربات خالل جلسة التدريب األخيرة‪ .‬لم يكن هناك شك في أن‬
‫نصير تلقت ضربات أسوأ مقارنة بساقها‪ .‬كان على نصير أن يتحمل المزيد من التدريب من قبل مرشديه في الصباح‪.‬‬

‫دفعت من خالل الباب الهش المصنوع منزلًيا احتجاًج ا على عوامل الطقس في منزلهم‪ .‬احتضنت من حولها حرارة فورية‬
‫من الموقد وهي تغلق الباب خلفها‪ .‬غمر الدفء على يديها المخدرتين وهي تسحب عباءة رأسها‪ .‬ألقت قمر العباءة جانبًا‬
‫دون اكتراث لتنزع حذائها من قدميها‪ .‬فتح الباب ‪ ،‬وكشف عن والدتها وهي ممتلئة بإشعال النار‪ .‬تراجعت قمر ‪.‬‬

‫مع رأسها ألسفل ‪ ،‬التقطت الحطب من ذراعي والدتها ووضعت الحطب بجانب الموقد‪ .‬جاء صوت والدتها وهي تنتزع‬
‫عباءة من األرض‪.‬‬

‫" قمر ‪ ،‬اعتقدت أننا تحدثنا عن هذا ‪ "،‬تنهدت المرأة األكبر سًن ا بضجر‪ .‬انتزعت قمر حذاءها اآلخر عندما سألت‬
‫ببراءة‪ " .‬تحدثت عن ماذا ؟" تساءلت‪ " .‬نتحدث عن أشياء كثيرة‪".‬‬

‫" نعم ‪ ،‬نحن نتحدث عن الكثير من األشياء" ‪ ،‬ردت والدتها بينما كانت المرأة األكبر سنا ترفع عباءة رأسها‪ " .‬لكن ‪،‬‬
‫أنت تعرف بالضبط ما أتحدث عنه‪".‬‬

‫دافعت قمر بسرعة‪ " .‬لم أكن أتدرب‪ .‬أنا‪"-‬‬

‫" إذن ‪ ،‬لقد استيقظت مع هذا العرج هذا الصباح ؟" سألت والدتها ‪ ،‬مشيرة إلى ساقها التي كانت ترضع‪ .‬لم تكن هناك‬
‫حاجة لإلجابة على السؤال بالرغم من ذلك‪ .‬فقط من النظرة المدببة على وجه والدتها ‪ ،‬عرفت قمر أنه تم القبض عليها‪" .‬‬
‫لكن‪"-‬‬

‫سرعان ما انتزعت والدتها من حذائها الثلجي وألقتها من الموقد حتى تجف‪ .‬غرق شعور قمر بالذنب في معدتها عندما‬
‫أدركت مدى غضب والدتها‪ .‬كانت هناك مرات قليلة فقط تذكرت فيها قمر أن والدتها ستترك شيًئ ا في منزلها غير منظم ؛‬
‫كل تلك األوقات ‪ ،‬كانت والدتها منزعجة‪ .‬عادة عندها‪.‬‬

‫" ال‪ .‬ال اعذار‪ .‬ال أكاذيب ‪ " ،‬قالت والدتها وهي تهز قرنفلها بإحباط‪.‬‬

‫" ولكن مرت ثالثة أيام منذ أن تمكنا من التدريب‪ .‬توقف الثلج عن التساقط اليوم! " احتجت قمر ‪.‬‬

‫قامت المرأة األكبر سنًا بإطعام النار بوحشية بجذع آخر ‪ ،‬مما أدى إلى ترفرف األجواء البرتقالية في الموقد‪ " .‬انت ال‬
‫تستمع الي ابدا‪ .‬لقد كان األمر كذلك منذ أن جردت األشجار وتجمد البرد‪ .‬هل تعتقد أنني أخبرك بالتوقف عن التدريب‬
‫خالل األشهر الباردة ألنني أستمتع بكوني قاسًيا معك ؟ كونك غير عادل ؟ هل تدرك حتى أنك ال تستطيع االختباء في‬
‫الغابة بعد اآلن ؟ والعواقب التي يمكن أن تواجهها إذا تم القبض عليك ؟ " حاضر المرأة المسنة بغضب‪.‬‬

‫" أنا أعرف!" صرخت قمر على والدتها‪ .‬الفضة المنصهرة محبوسة على العيون الخمسية بغضب‪.‬‬

‫" من الواضح أنك ال تفعل ذلك! ما زلت تتدرب‪" -‬‬

‫أضاءت قمر ‪ ،‬وقاطعت‪ " .‬أملك‪"-‬‬

‫قالت والدتها‪ " :‬ليس عليك أن تفعل شيًئ ا حتى تأتي األشهر الممطرة" ‪ .‬حمل صوتها نبرة اللمسات األخيرة‪ .‬النغمة التي‬
‫عادة ما تجعل قمر تستسلم بصوت عاٍل وتدوس على غرفها‪ .‬ولكن ليس هذه المرة‪.‬‬

‫" هذا ليس عدال!" جادلت قمر ‪ ،‬أن إحباطها وغضبها يتغلبان عليها‪ " .‬ال يمكنك فعل هذا!"‬

‫تمتمت والدتها بينما كانت المرأة األكبر سًن ا تجمع اللحوم المجففة والجبن من المائدة‪ " :‬قل لي هذا إذن" ‪ " .‬ما المقدار‬
‫الذي ستخسره من أسلوبك ؟ يؤسفني أن أقول هذا ‪ ،‬لكنك ال تستخدم أسلحة حقيقية ‪ ...‬أشك في أنها ستؤثر عليك بشدة " ‪.‬‬

‫طقطقة النار خلفها‪ .‬صمتت قمر وطاردت شفتيها‪ .‬دخلت قبضتها بإحكام‪ .‬أصيبت بجرح وخيبة أمل حاربت معها وهي‬
‫تقف أمام والدتها‪ .‬عار خذالن والدتها ‪ ،‬وكذلك األلم الذي شجعته والدتها ذات مرة ‪ ،‬لكنها شككت فيها اآلن‪ .‬على نكاها ‪،‬‬
‫كانت ترغب فقط في أن يكون لها الكلمة األخيرة ‪ ،‬شيء يمنحها بعض السيطرة على ال شيء‪.‬‬
‫" إذا توقفت عن التدريب اآلن مهما كان تافًها ‪ ،‬فسوف أتباطأ ‪ ،‬وسأفقد أي تقنية لدي! ألست أنت الشخص الذي اقترح أن‬
‫أتعلم كيفية التدريب ؟ "‬

‫حصلت قمر على نظرة مدببة أخرى من والدتها عندما تحدثت المرأة األكبر سًن ا‪.‬‬

‫" ال تقلب هذا اإليحاء ضدي‪ .‬لقد قلت أن أتدرب ‪ ،‬لكنني قصدت أن أقول ذلك في حدود المعقول‪ .‬أتوقع أيًض ا أن تقوم‬
‫بمسؤولياتك هنا " ‪ .‬لوحت والدتها إلى كومة الحطب‪.‬‬

‫" أطلب منك شيئين فقط‪ .‬واحد كان الحفاظ على الموقد مشتعال عن طريق جمع الحطب واثنين ‪ ،‬حافظ على غرفتك‬
‫نظيفة‪ .‬ال يمكن حتى لزنابق النهر الموجودة في القرية بأكملها أن تهدئ الرائحة التي تنبعث من تحت رفرف الفراء " ‪.‬‬

‫هزت كتفيها من الشتائم واحتجت على ذلك‪ " .‬انها ليست بهذا السوء‪".‬‬

‫تنهدت المرأة األكبر سًن ا‪ " :‬إن األمر أسوأ مما ظننت" ‪ " .‬أنت معتاد على الرائحة‪ .‬انتم لستم مواشي‪ .‬لذلك ال تعيش مثل‬
‫واحد‪ .‬وبما أنك في المنزل ‪ ،‬فلديك متسع من الوقت لتنظيمه اآلن بينما أقوم بإعداد يخنة ذائبة لهذا المساء " ‪.‬‬

‫دخلت بخفة إلى غرفها ‪ ،‬وهي تعلم أن االتفاق قد انتهى‪ .‬سقطت قمر على الفور على سريرها‪ .‬كانت عيناها البنيتان‬
‫الذعتان وهي تحدق في الجلد الجلدي فوق رأسها‪ .‬هبة رت رأسها بعيًد ا ‪ ،‬استطاعت قمر تفهم رغبة والدتها في تنظيفها‪.‬‬
‫غمر العرق القديم الغرفة من كومة مالبس التدريب الصغيرة‪ .‬كان غطاء سريرها غير مصنوع وتناثرت البطانيات‬
‫المنسوجة على األرض‪ .‬كانت هناك حصائر منسوجة تحتاج إلى األوساخ للضرب منها ‪ ،‬لكن قمر لم تستطع االهتمام‬
‫بنفسها‪ .‬كان التنظيف غير مهم ‪ ،‬على األقل مقارنة بما تريد فعله حًقا‪.‬‬

‫كانت المهمة الوحيدة التي أرادت التركيز عليها هي التدريب‪ .‬استلقت هناك ‪ ،‬تتوق إلى المعدن الحقيقي في يدها بدًال من‬
‫العصي التي استخدمتها هي ونصير ‪ .‬جزء منها يحلم بمهاجم آخر قادم إلى قريتهم‪ .‬بطريقة ما ستدافع عنه ‪ ،‬ثم تأخذ سيفه‪.‬‬

‫جاء الهدر من بطنها‪ .‬مما جعلها تئن‪ .‬ألقت قمر ذراعها على عينها ‪ ،‬على أمل ضبط األصوات من الجزء السفلي من‬
‫جسدها‪ .‬ما زالت الذعة من الجدل ‪ ،‬رفضت تماًما الخروج إلى المنطقة الرئيسية‪ .‬لقد أرادت أن تتجنب سؤال والدتها‬
‫المتطفلة عن تقدمها وأمها بشكل عام‪ .‬كانت معدتها متضاربة وتشكو على خالف ذلك‪.‬‬

‫حدقت عيناها في الحافة‪ .‬حيث التقى األرض والجدار المصنوع من الجلد‪ .‬تتدحرج قمر من فراشها ‪ ،‬وسحبت السجادة‬
‫المنسوجة من األرض‪ .‬كانت بدايات الصباح تقطر في السماء بينما تضغط أطراف أصابعها على األوساخ تحتها‪ .‬كانت‬
‫لينة ‪ ،‬على عكس الطين اللزج من طفولتها ولكن مثل قوام الطين السميك‪ .‬تمكنت قمر من إزالة األوساخ بيدها بسهولة‬
‫حتى أحدثت حفرة كبيرة بما يكفي لها‪.‬‬

‫تسرب النسيم البارد على الرغم من الحفرة التي صنعتها وهي واقفة‪ .‬نصف مدفوعة بالغضب واإلثارة ‪ ،‬شّدت قمر‬
‫صندلها وغطت رأسها عباءة قذرة‪ .‬كانت في الحفرة وخارجها قبل أن تدرك حدوث ذلك‪ .‬عمياء ‪ ،‬مدت يدها مرة أخرى‬
‫إلى الحفرة وأمسكت السجادة المنسوجة ؛ على أمل إخفاء طريق الهروب عن والدتها‪.‬‬

‫كان دفء الصباح ينفجر فوق نظرة خاطفة على القرية وعانقت ذراعيها على صدرها‪ .‬بصراحة ‪ ،‬ابتعدت عن منزلها‪.‬‬
‫خفق قلبها في صدرها ‪ ،‬في انتظار أن تنادي والدتها اسمها‪ .‬لكن لم يأت شيء‪ .‬اندفعت على الفور بين األشجار وابتعدت‪.‬‬

‫فقدت المشاعر في أصابع قدميها منذ فترة طويلة‪ .‬احتشدت بالقرب من شجرة بعيدة عن الطريق الرئيسي ‪ ،‬لكنها ال تزال‬
‫قريبة من أرض األسلحة‪ .‬قامت بالحجامة على يديها المجمدة لوالدتها ‪ ،‬واستعارت نفًس ا دافًئ ا لتنفس الحياة في أصابعها‬
‫بينما كانت تنتظر نصير ‪.‬‬

‫كانت تقترب من عتبة البرد لديها ‪ ،‬وتناقشت حول االنتظار‪ .‬كانت تأمل أن يظهر نصير قريًبا‪ .‬وأثار حديث العشرات‬
‫من بين عشرات القرويين التوتر في الصباح‪ .‬يلتف القلق حول إطارها النحيل مثل عباءة ؛ اآلن تحب أن تبقيها دافئة‬
‫أيًض ا‪ .‬دقات قلبها إيقاًعا محموًما ألنها حاولت عدم التفكير في كلمات والدتها السابقة عن اكتشافها‪.‬‬

‫لم تكن فقط قد عصيت والدتها مرة أخرى ‪ ،‬ولكن إذا وجدت ‪ ،‬فربما يعاقبها الحكماء‪ .‬ثم يمكنها أن تفي بوعدها لوالدتها‬
‫على قائمتها المتزايدة من اإلخفاقات‪ .‬حملت األصوات في الهواء ‪ ،‬مما أدى إلى جلوس قمر في محاولة لالبتعاد‪ .‬اقترب‬
‫الضحك المتزايد ‪ ،‬واألصوات المرتفعة والصوت الواضح للثلج المنكسر ‪ ،‬كل دقيقة‪ .‬عضت شفتها‪.‬‬
‫لقد جفلت عندما التقى الثلج الجليدي من سروالها بردائها الرفيع‪ .‬ابتلعت قمر كتفيها وعانقتهما‪ .‬سارت مجموعة األوالد‬
‫الضاحكين بجانبها ‪ ،‬دون أن يالحظوها وهم يغامرون بالذهاب إلى األرض المسطحة‪.‬‬

‫بعد مرور المجموعة األولى الكبيرة المكونة من ثمانية فتيان ‪ ،‬سرعان ما تبعتهم عدة مجموعات أصغر‪ .‬يتراوح عددهم‬
‫بين أربعة وخمسة فتيان في كل مجموعة مختلفة ‪ ،‬وكان كل منهم يسير بجانبها أيًض ا ؛ لم تسقط عين واحدة على نفسها‬
‫وهي تراقبهم‪ .‬كانت قمر أكثر من جاهزة لوصول نصير في أي دقيقة‪ .‬ظهرت قشعريرة الرعب على جلدها حيث اختفت‬
‫المجموعة األخيرة من األوالد عن األنظار‪ .‬لكنها سمعت المزيد من األصوات عن بعد‪.‬‬

‫تحركت مفاصلها وأطرافها المخدرة ببطء وهي تزيل بقايا الثلج من ركبتيها‪.‬‬

‫" قمر ؟"‬

‫اندفعت قمر إلى األعلى في مفاجأة ‪ ،‬وكادت أن تصطدم برأس نصير التي وقفت‪ .‬قبل أن تتمكن من الحصول على كلمة‬
‫تشرحها ‪ ،‬انخرطت نصير ؛ قلق واضح محفور على وجهه‪ " .‬ما الذي تفعله هنا ؟"‬

‫أجابت " كنت بحاجة للتحدث إليكم" كما لو كان هذا هو المفهوم األكثر فهًما في العالم‪.‬‬

‫" ششش" همس نصير وهو يمسح بإصبعه على شفتيه‪ .‬كان شعره الشائك يتألأل بينما كان نصير يدير يده بشكل‬
‫محموم عبر الخيوط الفضية‪ .‬ألقى نظرة خاطفة على كل من كتفيه‪ " .‬ال يجب أن تكون هنا‪ .‬اعتقدت أننا اتفقنا على أن‬
‫التجسس خالل األشهر الباردة محفوف بالمخاطر " ‪.‬‬

‫" إنها‪ .‬لكن‪"-‬‬

‫زعنفة انقطع‪ " .‬ثم لماذا أنت هنا ؟ يمكن أن يتم رصدك ‪ ،‬ثم معاقبتك‪ .‬هل تعلم أن‪".‬‬

‫" نعم‪ .‬أعلم ولكن إذا سمحت لي أن أشرح – "‬

‫هز رأسه‪ .‬همست نصير ‪ " :‬ال تهتم بالشرح" ‪ " .‬أنت بحاجة إلى الخروج من هنا قبل أن يراك شخص آخر‪ .‬إذا قالوا‬
‫شيًئ ا للحكماء ‪" ...‬‬

‫في خضم إحباط متزايد ‪ ،‬صفقت قمر بيدها على فم نصير ‪ ،‬بصمت بقية كلماته‪ " .‬أنا‪"-‬‬

‫" زعنفة أنك ال تركض بهذه السرعة أبًد ا أثناء التدريب‪ .‬ما يعطي ؟" دعا صوت آخر‪ .‬قطعت األغصان والفرشاة كما‬
‫دعا الصوت مرة أخرى‪ " .‬أهال ؟"‬

‫كان هناك تأوه واضح من نصير خلف يدها عندما كان صبي أشقر يتعثر عبرها مثل نسيم ناعم‪ .‬طافت السحب البيضاء‬
‫في السماء الزرقاء‪ .‬تم تعليق آخر سؤال من أسئلة الصبي في الهواء بينما كانت عينان مختلفتان للغاية تحدقان في بعضهما‬
‫البعض‪ .‬ببطء ‪ ،‬وعيناها الخربيتان ما زالتا مقفلتين على عيون الغريب الزرقاء ؛ أزالت يدها من فم نصير ‪.‬‬

‫تالشى كل الود على وجه الصبي على الفور‪ .‬عندما تجهم وجهه في اشمئزاز ؛ قمر متوهجة‪ .‬قست عيناها على الصبي‬
‫الذي اكتشف من هي‪ .‬لقد صلبت بطنها ‪ ،‬في انتظار شخص ما للتحدث‪.‬‬

‫" وصمة عار ‪ ،‬ماذا تفعل لل هنا ؟" همسة الصبي‪ .‬شممت قمر لنفسها ‪ ،‬ويبدو أنها لم تكن مضطرة لالنتظار طويال‪.‬‬
‫لقد هزت كتفيها ببساطة ألنها ردت بالحقيقة‪ " .‬كنت أصمت نصير حتى أتمكن من إخباره بشيء‪ .‬ال يعني هذا أنك بحاجة‬
‫إلى أن تعرف على أي حال " ‪.‬‬

‫كان شعر الصبي األشقر يتخلف على كتفيه ‪ ،‬متوهًج ا بعاصفة من الهواء البارد‪ .‬أو غضبه‪ .‬لم تستطع قمر أن تقرر أيهما‪.‬‬
‫تجولت عيناها فوق سترته الفوضوية وهو يقترب منها‪ .‬صرخت‪.‬‬

‫" وصمة عار ‪ ،‬أليس كذلك ؟" كررت ‪ ،‬وهي تنظر إلى بقعة تغير اللون على سترة الصبي‪ .‬نقرت على صدرها ‪،‬‬
‫عاكسة البقعة على سترتها الخاصة بينما أضافت ‪ " ،‬ربما أنت البقعة‪".‬‬

‫" بماذا نعتني ؟" الصبي هسهس مرة أخرى‪ .‬ارتجفت قبضته على جنبيه ‪ ،‬وابتلعته قمر قبل أن ترد‪ " .‬بقعة‪ .‬اآلن ‪ ،‬هل‬
‫يمكنك المغادرة ؟ أريد التحدث إلى نصير اآلن " ‪.‬‬
‫لم تكن تعرف لماذا كانت متهورة جدا‪ .‬كان األمر كما لو أن غضبها دفعها إلى األمام ‪ ،‬مستخدمة فارق الطول النحيف‬
‫لتخويفه‪ .‬أيًض ا كما لو أنها قطعت ‪ ،‬سئمت أخيًر ا كل الكراهية ضدها بسبب والدتها‪ .‬زمجر الصبي عليها ‪ ،‬وأسنانه‬
‫مكشوفة‪ " .‬هذا هو المستنير لكم ‪ "،‬نظر الولد‪ " .‬نصير تنعم بالحكمة‪ .‬من المفترض أن تظهر له االحترام‪ .‬من األفضل‬
‫أن تفعل ذلك وإال " ‪.‬‬

‫صعدت الزعنفة بينهما‪ .‬تومض عينيه األرجواني على الصبي‪ " .‬حامد ‪ ،‬ليست بحاجة للقيام بذلك‪ ".‬تغيرت نظرته بين‬
‫قمر وحامد بينما كان يواصل‪ " .‬قمر ‪ ،‬يجب أن تذهب‪".‬‬

‫صرخ احتجاجان في وقت واحد في نصير ‪.‬‬

‫" قمر ؟! هل تعرف اسمها ؟ "‬

‫" ماذا او ما ؟! كنت هنا أوال!"‬

‫ثم انتقلوا إلى الوهج في بعضهم البعض عندما ترددت أصواتهم مًع ا من خالل األشجار القاحلة‪ .‬حدقت قمر في نصير‬
‫وهي تتحدث‪ " .‬أنا لن أغادر‪".‬‬

‫قبل أن تحول عينيها إلى حامد ‪.‬‬

‫" انظر هنا حامد ‪ .‬يمكنني استدعاء نصير أي شيء أحبه‪ .‬أرفض منهبة ته بالمستنير ألنه ‪ ،‬حسًن ا ‪ ...‬يكره ذلك‪.‬‬
‫بالطبع ‪ ،‬ستعرف أنك لو كنت صديقه‪ .‬وأيًض ا ألنه ال يختلف عني‪ .‬وال أنتم كذلك " ‪ ،‬صرحت بأنها حقيقة واقعة‪.‬‬

‫" لك الحق في استخدام اسمي‪ .‬قال حامد ‪ " :‬نحن لسنا أشياء ‪ ،‬نحن مختلفون عنك" ‪ .‬داس نحوهم ‪ ،‬وحول نصير ‪،‬‬
‫قادًما معها من صدرها إلى صدرها‪ .‬سقطت رشات من البصاق على وجهها وهو يبصق ‪ " ،‬أنت حثالة‪ .‬كان يجب أن‬
‫يطفو إيماك الخاص بك! "‬

‫غرست قمر بقبضتها في أنف حامد ‪ .‬نزل الصبي إلى األرض المغطاة بالثلوج‪ .‬تدفق نهر صغير من الدم من مالمح‬
‫وجهه عندما نظر إليها حامد من خالل عيون دامعة‪.‬‬

‫كانت مفاصل أصابعها تنبض وهي تصدر صوت هسهسة‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬لقد لكمتك هذه البقعة في وجهك‪".‬‬

‫كان هناك اضطراب داخل رأسها‪ .‬من الكبرياء والعار‪ .‬تضخم الفخر الدافئ في صدرها ‪ ،‬مع العلم أنها تدافع عن نفسها‪.‬‬
‫حقها في العيش‪ .‬لكنها عضت شفتها ‪ ،‬وهي تعلم أن غضبها دفعها إلى أن تكون متهورة ‪ ،‬وتلكم الصبي الذي بالكاد‬
‫يعرفها‪ .‬وقفت قمر بال كلمات متجذرة في نفس المكان الذي حاول فيه نصير التنقل بينهما‪ .‬لكنه انتقل بعد فوات األوان‪.‬‬

‫فجأة ‪ ،‬انفصل حامد عن األرض وطار عليها في معالجة‪ .‬على نحو عكسي ‪ ،‬ابتعدت وكأن الوقت تباطأ‪ .‬هبة رت على‬
‫أصابع قدميها ‪ ،‬وتجنبت الهجوم ‪ ،‬وأرسلت الصبي األشقر يبحر في شجرة‪ .‬ضرب رأسه بصوت عاٍل اللحاء الخشن‬
‫فسقط‪ .‬اشتكى حامد من األرض ‪ ،‬بصق الشتائم التي ال نهاية لها عندما دفعت نصير على كتفيها‪.‬‬

‫قال بصوت عاٍل ‪ " :‬عليك أن تذهب" ‪ " .‬أنت بحاجة إلى المغادرة‪ .‬سأتعامل مع حامد ‪" -‬‬

‫قاطعته قمر ‪ " ،‬لكن‪"-‬‬

‫" ال ‪ ،‬أنت بحاجة‪"-‬‬

‫" المغادرة" ‪ ،‬أنهت قمر بإيماءة‪ .‬وغرقت كعبيها األرض احتجاجا على ذلك‪ " .‬أريد فقط أن أخبرك بشيء‪".‬‬

‫" في وقت الحق‪ .‬أخبرني الحًق ا من فضلك ‪ " ،‬توسل نصير ‪ .‬دفعت يديه بإصرار إلى كتفيها مرة أخرى ‪ ،‬مما دفعها إلى‬
‫عمق الغابة القاحلة‪ " .‬اذهب قبل أن يستيقظ حامد ‪".‬‬

‫" أنت تدافع عنها ؟ مني ؟" حامد في مفاجأة‪ .‬صرخ في شاحنة الشجرة وهو يمسك رأسه‪ " .‬لقد شتمت كالنا‬
‫وضربتني‪".‬‬
‫" لقد ضربتك فقط ألنك تستحقها!" صاح نصير في الولد األشقر‪ .‬اتسعت عيون حامد عندما أضاف نصير ‪ " .‬كان‬
‫يجب أن ألكمك أوًال‪".‬‬

‫" ما بكم ؟" قطعت حامد ‪ " .‬نحن أصدقاء‪".‬‬

‫" إنها صديقي المفضل" ‪ ،‬صرحت نصير بحرارة‪ .‬وقفت قمر هناك في صمت ‪ ،‬تراقب األجواء بين الولدين ‪ ،‬بينما‬
‫كان خديها دافئان‪ .‬الغضب الذي اختفى إلى القبول ؛ أن نصير فكرت بها بنفس الطريقة التي فكرت بها به‪ .‬ازدهرت‬
‫السعادة بابتسامة على وجهها وفتح حامد فمه لالحتجاج ؛ فقط صوت آخر ارتد فوق الدرب‪.‬‬

‫" ما الذي يحدث هناك ؟! ما كل هذا الصراخ ؟! " صاح معلًما من األرض المسطحة لألسلحة‪ .‬تبادلت قمر نظرة الذعر‬
‫مع نصير ‪ .‬دون مساعدته ‪ ،‬صعدت إلى األشجار ‪ ،‬وهي تستعد للفرار‪.‬‬

‫حث نصير في همس " اذهب قمر " ‪ .‬لوحت يده بشكل محموم‪ " .‬أخبرني الحًقا الليلة‪".‬‬

‫أومأت برأسها ‪ ،‬ثم توقفت مع شيء مجرور على عباءتها‪ .‬حدقت قمر في حامد ‪ ،‬الذي كان ال يزال يمسك بالشجرة وهو‬
‫يرفع يده بعيًد ا‪.‬‬

‫" هذا لم ينته" ‪ ،‬قال بصوت خفيض وابتسمت فقط‪ .‬كانت عيناها تتفوقان على الصبي األشقر ‪ ،‬مما جعلها تشعر بقدر‬
‫معين من اللذة الجنونية في ألمه‪ .‬أجابت " جيد" قبل أن تقلع على األشجار‪.‬‬

‫انطلقت على الرغم من تجمعات الجليد والثلج ‪ ،‬فهربت من أرض األسلحة‪ .‬مع الريح الباردة تقضم من أذنيها ‪ ،‬ال يزال‬
‫بإمكانها إصدار صوت مزدهر‪ .‬ربما الصراخ في نصير وربما حامد ‪.‬‬

‫في النهاية ‪ ،‬وصلت إلى منزلها واستمتعت بالدفء عندما زحفت عائدة من خالل الحفرة التي صنعتها‪ .‬فركت يديها مًعا‬
‫إلزالة الخدر‪ .‬تجمدت قمر في مساراتها عندما تأخر صوت همهمة والدتها تحت رفرف الفراء‪ .‬ابتلعت بشدة‪.‬‬

‫على عجل ‪ ،‬مزقت قمر عباءتها القذرة من فوق رأسها ‪ ،‬واندفعت لتنضم إلى المالبس األخرى ذات الرائحة الكريهة في‬
‫الزاوية‪ .‬ثم هبة رت غرفتها بسرعة حتى ال تبدو كما لو أنها لم تنظفها أبًد ا‪ .‬تم جرف المالبس في كومة عمالقة للغسيل‪.‬‬
‫تم ترتيب فراشها وسحبها بعيًد ا عن الطريق‪ .‬تناثرت األوساخ السائبة من مغامراتها السابقة تحت الحصائر المنسوجة‬
‫الملونة حول غرفتها‪ .‬مشطت يديها مًع ا عندما بدت نظيفة إلى حد ما‪.‬‬

‫كانت قمر معجبة بصمت بغرفتها‪ .‬لقد بدت أنظف مقارنة بالحالة التي كانت عليها‪ .‬إنها منهكة مدفونة في فراشها‪ .‬في‬
‫المنطقة الرئيسية ‪ ،‬بدأت والدتها في لحن ناعم‪ .‬أغرت قمر إلى النوم الفوري‪.‬‬
‫استيقظت بشكوى متذمرة‪ .‬تخبطت يدها دون جدوى إلبعاد الشيء الذي بدس في أضالعها بعيًد ا‪ .‬عندما توقف الشيء ‪،‬‬
‫تدحرجت قمر ‪ ،‬وشد البطانية المنسوجة فوق رأسها‪ .‬دفن الدفء بشكل أعمق جعلها تنزلق بسهولة إلى النوم‪ .‬ثم بدأ شيء‬
‫ما بدسها في كتفها‪.‬‬

‫هدير ‪ ،‬قمر شق جفنيها الثقيل وفتح عبوس‪ .‬حدقت في الجاني كما ابتسمت لها المرأة األكبر سنا‪ .‬أفلت صرير من التعاسة‬
‫من حلقها الجاف عندما قامت والدتها بنزع األغطية بوقاحة‪ .‬اندفعت قمر إلى أعلى ‪ ،‬وتمسك بضعف بالبطانية التي‬
‫تشابكتها والدتها بعيًد ا عن متناول يدها‪.‬‬

‫" الحساء المذاب جاهز‪ ".‬قالت والدتها بلطف وهي ترسم لتقف‪.‬‬

‫قامت قمر بإمساك كومة البطانيات على األرض‪ .‬لقد أخطأتهم عندما ركل قدمها األغطية برفرف الفراء‪ " .‬تعال وتناول‬
‫العشاء‪ .‬قبل أن تضطر إلى المغادرة " ‪.‬‬

‫وقفت قمر بينما كانت تفرك عينيها آخر فترة من النوم ‪ ،‬بينما كانت والدتها تغادر‪ .‬بقلق ‪ ،‬سقطت عيناها الخمريتان على‬
‫الحفرة التي احترقت بها ‪ ،‬مختبئة تحت السجادة المنسوجة‪ .‬على أمل أن يكون سرها ال يزال في أمان ولم يتم العثور‬
‫عليه‪ .‬لم تستطع رؤية أي دليل على وجودها على الرغم من علمها بوجودها‪.‬‬

‫منهكة ‪ ،‬تعثرت مرهقة عبر غرفها وفي المنطقة الرئيسية‪ .‬الرائحة السماوية لطبقها المفضل جعلت معدتها ترن بحماس‪.‬‬
‫بدون تذكير آخر ‪ ،‬سرعان ما تخبطت قمر على أمام طاولة الطعام الصغيرة‪.‬‬
‫وسقط أمامها وعاء خزفي بني وتبرز منه ملعقة من المنتصف‪ .‬كانت لدغتها األولى شديدة السخونة ‪ ،‬وحرق الجزء‬
‫العلوي من فمها وأسفل حلقها‪ .‬لكنها كانت سعيدة للغاية حيث كان الطعم يتجول على لسانها‪ .‬اشتكى قمر بسعادة مثل الجبن‬
‫الطازج ‪ ،‬مع لحم الغزالن الطازج بنكهة حارة‪ .‬كانت هذه الوجبة إلهية مقارنة بأشهر اللحوم المجففة والجبن الحامض‬
‫خالل األشهر الحارة‪.‬‬

‫في غضون دقائق ‪ ،‬اختفى ما تبقى من الحساء المذاب في وعاءها‪ .‬تدبر على االختباء في أسفل بطنها‪ " .‬لقد انتهيت‪.‬‬
‫يجب أن أذهب ‪ " ،‬تمتمت قمر وهي تفرك بطنها ‪ ،‬وربت عليها بالكامل‪ .‬سارت إلى الموقد وجذبت معداتها في الخارج‪.‬‬
‫جاء صوت والدتها وهي تحرك رأسها من خالل عباءة‪.‬‬

‫قالت المرأة األكبر سًن ا‪ " :‬تذكر قمر " ‪ " .‬مباشرة نحو المنزل‪ .‬لست بحاجة إلى التدريب الليلة " ‪.‬‬

‫أومأت بشكل صامت ‪ ،‬وشد حذائها على قدميها‪ .‬ثم خرجت من الباب‪ .‬سحب الهواء البارد الحرارة على الفور من جلدها‬
‫المكشوف‪ .‬ركضت قمر في الممر إلى األرض المسطحة لألسلحة على أمل العثور على نصير مرة أخرى‪ .‬ويفضل أن‬
‫تكون بمفردها هذه المرة ‪ ،‬حتى تتمكن أخيًر ا من إخباره أنها لم تعد قادرة على التدريب خالل األشهر الباردة‪.‬‬

‫فوق ضوء النجوم ‪ ،‬نسجت بين األشجار القاحلة‪ .‬قطعت قدميها بفضول على األغصان الساقطة‪ .‬داخل األشجار ‪ ،‬ظهر‬
‫بريق فضي داخل األرض المسطحة التي تستخدم فيها األسلحة‪ .‬كان شعر نصير الشائك ينبعث من براقة مثل ابتسامتها‬
‫كما استقبلت‪ " .‬أخيًر ا ‪ ،‬أنت وحيد" ‪ ،‬قالت قمر وهي تخترق خط الشجرة ‪ ،‬متجهة نحوه‪.‬‬

‫" ماذا تحتاج قمر ؟"‬

‫توقفت قمر من برودة صوت نصير ‪ .‬ابتلعت الورم في حلقها وواصلت السير نحوه بتردد‪ .‬متجاهلة طعنة األلم الفاترة من‬
‫كلمات نصير ‪ ،‬أجابت قمر بحذر‪ " .‬حسًن ا ‪ ...‬كنت سأخبرك أنني لم أعد أستطيع التدريب‪".‬‬

‫تم التخلص من التعبير الالمبالي الملصق على وجه نصير ‪ ،‬وأعاد عينيه النيليتين إلى الحياة‪ .‬أغلق المسافة بينهما ‪،‬‬
‫واستطاعت قمر أن ترى المحنة بوضوح‪ .‬القلق على وجهه‪ .‬كانت كتفيه تصلب كأن شيًئ ا ما عليهما‪.‬‬

‫" لن يحدث مطلقا مرة اخري ؟" تساءل نصير بهدوء‪ " .‬لقد أخبرتني منذ بضعة أشهر أن والدتك شجعتك على التدريب‬
‫‪ ...‬هل هذا بسبب وقت سابق اليوم ؟ ألن لدي ما أقوله لك ‪" ...‬‬

‫" ماذا او ما ؟ ال ‪ ،‬إنها تفعل ذلك ‪ " ،‬قاطعت قمر قبل أن تتمكن نصير من االستمرار‪ .‬أجابت‪ " :‬هذا ال عالقة له بك أو‬
‫اليوم" ‪ ،‬ثم أضافت بسرعة‪ .‬تحدثت أنا ووالدتي عن التوقف عن التدريب مؤقًت ا خالل األشهر الباردة بسبب عدم وجود‬
‫غطاء‪ .‬اآلن ‪ ،‬هي تطبقه‪ .‬أردت أن أخبرك في وقت سابق حتى ال تضطر إلى التواجد هنا الليلة " ‪.‬‬

‫تنهدت الزعنفة وهي تقرع جسر أنفه‪ " .‬هذا كل شيء ؟ هل تقصد أن تقول إنك خاطرت بأن يتم اكتشافك لتوصيل تلك‬
‫الرسالة ؟ "‬

‫عقدت قمر ذراعيها واستهزأت‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬ال يمكنني أن أقدم لك رسالة كتابية اآلن ‪ ،‬هل يمكنني ذلك ؟"‬

‫تأوه الصبي في االتفاق‪ " .‬نعم ‪ ،‬حسًن ا ‪ ...‬أعلم أنك ال تستطيع ذلك‪ .‬ولكن بما أنك هنا ‪ ...‬لدي ما أقوله لك ‪" ...‬‬

‫تحولت عيناها على الفور إلى الحركة خلف نصير ‪ ،‬كان هناك شيء في مكان ما في الظل‪ .‬غسلت االبتسامة الخفيفة من‬
‫وجهها مع إشراق ضوء القمر على مصدر الحركة‪ .‬انها عبس‪.‬‬

‫" ماذا يفعل هنا ؟" طالب قمر ‪ ،‬مشيًر ا إلى حامد الخارج من األشجار‪ .‬غرقت عينا نصير على األرض ‪ ،‬ووجدت‬
‫األوساخ تحت قدميه أكثر إثارة من سؤالها‪ .‬لقد وخزت إصبعها في صدر نصير ‪ .‬قالت‪ " :‬لقد طرحت عليك سؤاًال نصير‬
‫" ‪ " .‬اإلجابة عليه‪".‬‬

‫" آه!" صرخة نصير في الشكوى‪ .‬قام بفرك دوائر رقيقة على المنطقة المصابة من عظمة الترقوة‪ " .‬لن يتركني وحدي‬
‫منذ أن سمع أننا نجتمع مرة أخرى" ‪ ،‬أوضح نصير ‪ ،‬ثم أومأ برأسه إلى حامد عندما اقترب منهم الصبي اآلخر‪ " .‬يبدو‬
‫أنه يعتقد أننا شيء ما‪".‬‬

‫" شيئا ما ؟"‬


‫" الموعودة" ‪ ،‬قال نصير بتواضع‪ .‬عبرت خدود حمراء عادلة على خديه وهو يشرح أكثر ‪ ،‬متأرجًح ا ‪ " ،‬يعتقد حامد‬
‫أنك الشخص الذي وعدت به‪".‬‬

‫" ولكن نحن أصدقاء‪".‬‬

‫أومأت الزعنفة‪ " .‬قلت ذلك أيًض ا ‪ ...‬من بين أشياء أخرى‪".‬‬

‫قمر عينت الزعنفة ‪ ،‬وقوست حاجبها في السؤال‪ " .‬مثل أي نوع من األشياء ؟"‬

‫أجاب حامد للصبي اآلخر " قلت إنك كنت تتدرب معه" ‪ .‬عندما انضم أخيًر ا إلى جانب نصير ‪ " .‬يقول أنك أفضل منه‪".‬‬

‫قامت بضرب نصير في صدره مرة أخرى ‪ ،‬مما جعل الصبي ذو الشعر الفضي يتذمر متذمرًا‪ .‬هزت قمر كتفيها‪.‬‬
‫تمتمت بتواضع‪ " :‬لن أقول أفضل من ذلك" ‪ " .‬لقد بدأنا السجال قبل شهرين فقط‪".‬‬

‫أومأ حامد برأسه ‪ " ،‬قبل شهرين فقط ‪ ،‬قال نصير إنك جيدة مثل مرشدينا‪ .‬وإذا قال أنك أفضل منه فأنت على األرجح‬
‫كذلك‪ .‬رغم ذلك ‪ ،‬ال أصدق ذلك‪ .‬ما لم ‪ " ...‬تباطأ ‪ ،‬وهو يقوس حاجًبا أشقر في اتجاهها‪.‬‬

‫" إال ماذا ؟" تحدت بشكل مشكوك فيه‪ .‬راقبت حامد وهو يتراجع عائدًا إلى خط الشجرة‪ .‬تومض الفضة في ضوء القمر‬
‫عندما عاد حامد وبيده سينصير معدنيين‪.‬‬

‫أجاب حامد ‪ " ،‬ما لم ترغب في إثبات ذلك" ‪ ،‬وألقى بها واحدة‪.‬‬

‫أمسكت بالشفرة من الجو ‪ ،‬مذهولة من الثقل الهائل الذي ثقل بيدها‪ .‬ابتسمت عندما التقطت الفضة ضوء القمر مرة أخرى‬
‫‪ ،‬أن مجرد انكسار الضوء كان دليًال أكثر على أنها حصلت في النهاية على سيف حقيقي‪ .‬نظرت عيناها إلى كال الصبيان‪.‬‬

‫ابتسم نصير لها على نطاق واسع وهو يميل رأسه إلى حامد ‪ .‬حدق الصبي األشقر فيها وفكه معلًقا‪.‬‬

‫" ماذا او ما ؟" سألت عليهم‪ .‬هز نصير رأسه وابتسامته ما زالت ملصقة على وجهه‪ .‬أجاب‪ " :‬ال شيء" ‪ .‬يدفع مرفقه‬
‫في ضلوع حامد ‪ " .‬حق ؟"‬

‫برأسه ‪ ،‬أومأ حامد ‪ .‬ما زالت عيناه الزرقاوان تحدقان بها في حالة ساحرة‪ .‬هز نصير رأسه وربت على ظهر حامد ‪" .‬‬
‫حظا موفقا يا رفيقي‪ .‬بالمناسبة ‪ ،‬هي التي كانت تسبب لي كل الكدمات‪ .‬وهذا فقط بالسيوف الخشبية " ‪.‬‬

‫قامت قمر بتوازن النصل في يدها ‪ ،‬ثم وقفت‪ " .‬مستعد ؟"‬

‫ابتلع حامد بشدة‪ " .‬شكًر ا" ‪ ،‬صاح في نصير قبل أن يتقدم في موقفه الخاص‪ " .‬هيا بنا نقوم بذلك‪".‬‬

‫ابتعد الزعنفة‪ .‬بينما يتشابك المعدن مًع ا ‪ ،‬يتردد أصداء في جميع أنحاء األرض المسطحة لألسلحة‪ .‬أدت االهتزازات‬
‫الناتجة عن االصطدام إلى زحف ذراعها ‪ ،‬مما جعلها ترتجف من الصدمة والوزن‪ .‬تجهمت قمر من عدم التمرين بشفرة‬
‫معدنية‪.‬‬

‫تحطم حذائها الجلدي فوق الثلج الصلب بينما كانا يسافران في دائرة من بعضهما البعض ‪ ،‬تماًما كما شاهدت عشرات‬
‫المرات أثناء التدريب‪ .‬استعدت قمر يدها األخرى على المقبض بينما كان حامد يتأرجح‪ .‬خردة المعدن ضد بعضها‬
‫البعض‪ .‬ثم ابتعد حامد ‪.‬‬

‫قامت بتأرجح السيف عند فتحة الجناح األيسر لحامد ‪ ،‬وقام بسدها‪.‬‬

‫" من أين لك السيوف ؟" لقد تراجعت عن طريق الخطأ وهي تسحب سيفها بعيًد ا‪ .‬تأرجحت قمر مرة أخرى ‪ ،‬ولكن هذه‬
‫المرة لم تقابل الهواء إال عندما تهرب حامد ‪.‬‬

‫" هل تسألني إن كنت قد سرقتهم ؟" ورد حامد وهو يتأرجح ويفتقد‪.‬‬

‫أوضحت قمر ‪ " :‬إذا أردت أن أعرف ما إذا كنت قد سرقتهم ‪ ،‬فسأطلب منك ذلك على الفور" ‪.‬‬
‫اصطدم سيفهم‪ .‬كشط المعدن على المعدن‪ .‬التقت عيون سيت بأخرى زرقاء أثناء دراستهما لبعضهما البعض على‬
‫األسلحة‪ .‬صرح حامد " والدي هو قرية سميث" ‪ " .‬ولقد اقترضت هذه‪".‬‬

‫دفعته قمر إلى الخلف ‪ ،‬مما جعل حامد يتعثر إلى الوراء‪ .‬انتظرت حتى تمسك بقدميه قبل أن يضرب مرة أخرى‪ .‬مرة‬
‫أخرى ‪ ،‬كانوا وجهًا لوجه وسيوفهم متصلة‪ " .‬هذه مصنوعة بشكل جيد" ‪ ،‬أثنى على قمر بينما كانت تجرد أسنانها بقوة‬
‫الصبي‪.‬‬

‫ضغطت للخلف‪ .‬استخدام تنويرها لطحن سيفها ضد حامد ‪ .‬تجهم الصبي األشقر‪.‬‬

‫" شكًر ا لك" ‪ ،‬قال حامد مدمًر ا وهو يتقدم لألمام‪ .‬حفر كعبه في األرض وابتعد‪ .‬أحاطت قمر به وهي تسأل بشكل ال‬
‫يصدق‪ " .‬هل صنعت هذه ؟"‬

‫أجاب حامد ‪ " :‬صنعتهم منذ أشهر" عندما بدأ في مضاهاة خطواتها‪ " .‬قبل أن يدفعني السكير إلى التدريب‪".‬‬

‫" إذن عليك أن تتدرب طوال الوقت ؟"‬

‫تأرجح حامد في وجهها ‪ ،‬ومنعت قمر هجومه بسهولة‪.‬‬

‫" عندما أريد" ‪ ،‬أجاب حامد ‪ ،‬وتأرجح كسول مرة أخرى‪ " .‬رغم ذلك ‪ ،‬كان لدي نصل في يدي منذ أن كنت في‬
‫السابعة من عمري‪".‬‬

‫" وهذا هو أفضل ما لديكم ؟" مازح قمر ‪ ،‬مشيرا بين سيوفهم‪.‬‬

‫هز حامد كتفيه بابتسامة ملتوية‪ " :‬لن أقول أفضل ما لدي" ‪ " .‬أنا ال أريد أن أؤذيك‪".‬‬

‫اندفع إلى األمام وسد قمر ‪ " .‬قد تكون هناك فرصة أن تكون الشخص الذي يتأذى ‪ "،‬قالت ‪ ،‬مطابقة ابتسامة حامد ‪.‬‬

‫تصاعد الضحك من حلق الصبي األشقر‪ " .‬أظل أقول نفسك أن‪".‬‬

‫تأرجحت قمر والتقت السيوف للمرة األلف في تلك الليلة‪ .‬ضغطت على نصله الفضي‪ .‬ثم يشق‪ .‬تعثرت حامد للخلف مرة‬
‫أخرى من قوتها‪ .‬بينما كان يحارب الثلج من أجل الوقوف ‪ ،‬لم تنتظره قمر ‪.‬‬

‫تأرجحت بالنعمة والقوة ‪ ،‬طرقت النصل اآلخر من يد حامد ‪ .‬ذهب الفضة يطير في الثلج في مكان ما‪ .‬سقط حامد ‪.‬‬
‫رفعت قمر رأس النصل على وجهه‪ .‬نظرت إليها عيون زرقاء مصدومة وهي تبتسم‪ " .‬اآلن ‪ ،‬من لديه فرصة أن‬
‫يتأذى ؟" تساءلت بإغاظة‪.‬‬

‫وضع حامد يديه في االستسالم‪ " .‬أنا أعطي‪".‬‬

‫أسقطت النصل على األرض ‪ ،‬مدت قمر يدها إلى حامد ‪ " .‬هل تحتاج إلى مساعدة ؟"‬

‫وانتشر الشك في الهواء حيث ظلت يدها ممدودة‪ .‬شاهدت قمر كيف يتحول تعبير حامد في نقاش شخصي صامت قبل أن‬
‫تمسك بيدها‪ .‬وجهته إلى قدميه بسهولة‪ .‬ابتعد حامد صامًت ا في نفس اتجاه النصل المفقود‪ .‬نظرت إلى نصير ‪ ،‬الذي هز‬
‫كتفيه رًد ا‪ .‬على ما يبدو ‪ ،‬كان مرتبًك ا كما كانت‪.‬‬

‫عاد حامد إليهم‪ .‬انقض ألسفل وانتقد ألسفل من أجل السيف اآلخر عند قدميها‪ .‬درس قمر الشقراء عندما وقف أمامها‪.‬‬
‫وبدوره ‪ ،‬درس حامد ظهرها‪ .‬مرت الثواني قبل أن يقدم حامد المقبض‪.‬‬

‫" مرة أخرى ؟"‬

‫نظرت عيناها الخربيتان إلى نصير ‪ ،‬الذي أومأ برأسه برفق‪ .‬تبتسم قمر ‪ ،‬لف يدها حول القبضة ‪ ،‬ونظرت فوق النصل‬
‫في ضوء القمر مرة أخرى‪ .‬ثم أومأت برأسها‪.‬‬
‫" مرة أخرى‪".‬‬
‫استمر السجال بينهما لفترة طويلة حتى الليل مع رغبة نصير في النهاية في التدريب أيًض ا‪ .‬قبل فترة طويلة ‪ ،‬كان على‬
‫قمر االبتعاد عن التدريب لجلب الماء للحكماء‪ .‬تطوع كل من نصير وحامد بسرعة للمساعدة‪ .‬رافقها األوالد إلى النهر ‪،‬‬
‫وسمحوا لها بسحب اإلمدهبة ت من الفرشاة المخفية وظلوا في الجوار حتى انتهاء المهمة‪ .‬مع استمرار الليل ‪ ،‬كان لدى‬
‫قمر شكوك جدية حول قدرة حامد على الهدوء حول القرية‪.‬‬

‫تساقطت قشور بيضاء من السماء الساطعة عندما دَّست قمر الدالء بعيًد ا داخل جذور شجرة كبيرة أخرى‪ .‬ليست هي‬
‫نفسها التي حملت سلة الشتالت‪ .‬ال ‪ ،‬لقد دفنت يداها تلك الحفرة منذ فترة طويلة عندما عادت إلى ضفة النهر ألول مرة‪.‬‬
‫لكن زنبق نهر جاف استقر فوقه‪ .‬صفقت قمر يديها مًع ا عندما وقفت‪ .‬ويدها الممدودة دخلت في نظرها‪.‬‬

‫قال حامد ‪ " :‬أراك عندما تنتهي األشهر الباردة قمر " ‪ .‬اتسعت عيناها عندما أمسكت بيدها وهزتها برفق‪.‬‬

‫وردت قمر بثقة " ربما عاجًال" في محاولة إلخفاء دهشتها‪ " .‬هذا يعتمد على متى تتالشى األشهر الباردة ‪ ،‬أليس كذلك‬
‫اآلن ؟"‬

‫ابتسم حامد بتكلف‪ " .‬من األفضل أال تصدأ كثيًر ا أثناء جلوسك في منزلك ‪ ،‬بينما يتعلم بقيتنا" ‪ ،‬سخر من يدها‪.‬‬

‫ردت قمر وحامد بابتسامة عريضة‪ " :‬شكلي ليس من شأنك ‪ ،‬مع األخذ في االعتبار عدد المرات التي ُط رقت فيها‬
‫النصل من يدك" ‪.‬‬

‫أعلن بجرأة‪ " :‬كان هذا هو اإلحماء الخاص بي" ‪ " .‬من المهذب فقط السماح لألنثى بالفوز مرة واحدة‪".‬‬

‫" الفتيات ال يتدربن" ‪ ،‬علقت قمر بضحك وأضاف نصير ‪ " .‬أنت تعلم أن قمر جعلتك حامد أكثر من مرة‪ .‬أنا متأكد من‬
‫أنك تعرف كيف تحسب " ‪.‬‬

‫تذمر حامد " باه" ‪ .‬ولوح بيديه رافضا كالمهما‪ " .‬بحلول الوقت الذي تنتهي فيه هذه األشهر الباردة ‪ ،‬سأكون أفضل‬
‫منها" ‪ ،‬زعم ‪ ،‬مشيًر ا إلى قمر ‪.‬‬

‫" شكلها سيكون فظيًعا لدرجة أنني سأتمكن من ضربها بالحافة المسطحة لنصلتي ‪ ،‬فقط انتظر وانظر‪".‬‬

‫تم دمج مالحظتين في وقت واحد‪.‬‬

‫" أظل أقول نفسك أن‪".‬‬

‫" ما زلت أراهن عليها‪".‬‬

‫أراينا ونصير تشاركا ابتسامة‪ .‬هبة ر حامد عينيه‪ .‬قال " روث ‪ "...‬مشيًر ا إلى كليهما‪ " .‬الزوج منكم‪ .‬تعال ‪ ،‬نصير‬
‫قل وداًع ا لواحدك الموعود حتى نتمكن من العودة إلى المنازل الدافئة اللطيفة قبل الفجر‪ .‬أود الحصول على قسط من‬
‫الراحة قبل التدريب " ‪.‬‬

‫" نحن لسنا"‬

‫" نحن ال‪"-‬‬

‫تم تجاهل احتجاجاتهم عندما انطلق حامد يسير على درب ترابي‪ .‬ألقى يده في الهواء في وداع ‪ ،‬وسيوف التدريب في يده‬
‫األخرى‪ .‬عندما اختفى ظهر حامد عن بعد ‪ ،‬تحدث نصير ‪.‬‬

‫" يبدو أنه يحبك ‪ ...‬يفكر في البداية المروعة‪".‬‬

‫قالت قمر باستهجان‪ " :‬ضرب شخص ما ليس أمًر ا فظيًع ا ‪ ،‬ليس عندما يستحق ذلك" ‪ .‬جرفت بقعة سميكة من الثلج ‪،‬‬
‫وكشفت عن العشب الباهت تحتها‪ .‬جمعت قمر حفنة ‪ ،‬وسارت لتذكر كوابيسها‪ .‬بحنان ‪ ،‬قامت بتبديل الزنبق الجاف‬
‫بالعشب‪ .‬صرخت الفتاة الباهتة داخل رأسها عندما سارت إلى حافة النهر ؛ يقذف الزهرة في التيار‪.‬‬
‫" ماذا كان هذا ؟" سأل نصير ‪ ،‬لينضم إليها بجانب الماء‪ " .‬كل هذا الوقت كنا نتدرب مًع ا ‪ ،‬لم أشاهدكم تفعل ذلك من‬
‫قبل‪".‬‬

‫ردت‪ " :‬هذا ألنني كنت أفعل هذا قبل أن ألتقي بك في أرض مسطحة لألسلحة" ‪ .‬اتبعت عيناها الخمريتان الزهرة الميتة‬
‫وهي تطفو على النهر‪.‬‬

‫" هل نريد أن نتحدث عن ذلك ؟"‬

‫استنكرت قمر ‪ ،‬متذّك رة محادثتهما األولى التي بدأت بنفس السبب‪ .‬سقطت خيوط الماهوجني على كتفيها عندما هزت‬
‫رأسها‪ " .‬ال شيء مهم‪ .‬ردت وهي تنظر إلى أعين نيلي قلقة‪.‬‬

‫وافق نصير ‪ " ،‬ربما ال شيء" ‪ ،‬ثم أضاف ‪ " ،‬لكن ال شيء أو ال ‪ ،‬أنا هنا‪".‬‬

‫استدارت نصير بعيًد ا ومشيت ‪ ،‬وتركتها وحدها على حافة النهر‪ .‬في الظالم ‪ ،‬فقدت رؤية الزهرة منذ زمن بعيد‪ .‬ال شك‬
‫في االنجراف تحت المياه السوداء‪ .‬عبرت الرعشات على جلدها وهربت‪ .‬انضمت قمر بهدوء إلى جانب نصير وسارت‬
‫في صمت‪.‬‬

‫قاموا بتدوير شجرة الزاوية وتوقفت عندما بدأت نصير في المشي بعيًد ا ‪ ،‬وأخذت الدرب نزوًال إلى القرية‪ .‬أمسكت يدها‪.‬‬

‫قابلت عيناها نصير وهو يستدير لمواجهة وجهها ‪ ،‬مع مجموعة من التعاسة على وجهه‪.‬‬

‫تمتمت قمر بلطف‪ " :‬سأخبرك يوًما ما" ‪ ،‬وهي تكره حقيقة أنها كانت من جعلته منزعًج ا في البداية‪ " .‬لكن ليس اآلن‪.‬‬
‫على ما يرام ؟"‬

‫أومأ زعنفة رأسه‪ .‬اختفى الخيط الرفيع من شفتيه كما رد‪ " .‬على ما يرام‪".‬‬

‫ابتسمت قمر بخفة‪ .‬كان هناك شعور بالخفة يغطيها ‪ ،‬مع العلم أن نصير قد سامحتها اآلن‪ .‬أطلقت يده ‪ ،‬مدركة أنها ال‬
‫تزال تمسك راحة يدها بيدها‪ " .‬شكرا وتصبح على خير‪".‬‬

‫بداية آثار صفراء رسمت في سماء الليل‪ .‬تفتيح األشجار من حولهم‪ " .‬صباح الخير" ‪ ،‬صحح نصير بابتسامة‪" .‬‬
‫وسأراكم الليلة‪".‬‬

‫استدار وركض على الممر ‪ ،‬ونادته قمر ‪ " .‬صباح الخير لك انت ايضا!"‬

‫ضحكت عندما تعثرت نصير في المسافة المتزايدة ‪ ،‬لكنها تمكنت من تلويح ذراعها في الهواء‪ .‬ابتسمت قمر ‪ .‬الجدل هل‬
‫لّو ح في الوداع أم بالسالم‪ .‬لم تستطع أن تقرر‪ .‬عندما اختفت نصير تماًما ‪ ،‬استدارت وأسرعت إلى منزلها‪.‬‬

‫بال أنفاسها ‪ ،‬دخلت من الباب بهدوء قدر استطاعتها‪ .‬أفضل ما لديها لم يكن هادًئ ا بما فيه الكفاية‪.‬‬

‫" آه ‪ "...‬تراجعت قمر بال فائدة ألنها التقت بعيون والدتها الساطعة‪.‬‬

‫" أستطيع أن أشرح ؟" عرضت بشكل ضعيف وكانت االبتسامة التي أعطتها للمرأة األكبر سنًا أضعف‪ " .‬ليست‬
‫كذلك…"‬

‫أسكت والدتها عذرها الضعيف بيد في الهواء من عمود النسيج‪ " .‬أريد إجابات بنعم أو ال‪ .‬تفهم ؟"‬

‫أجابت قمر " نعم" ‪.‬‬

‫" هل كنت تتدرب ؟"‬

‫" نعم‪".‬‬
‫" هل وجدك ركاب الحدود ؟"‬

‫" ال‪".‬‬

‫" هل سمعت المعدن ؟" تساءلت والدتها‪.‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ " .‬نعم ‪ ،‬كنت أنا‪".‬‬

‫" أنا فقط طلبت منك إجابة بنعم أو ال" ‪ ،‬قالت أمها ‪ ،‬وتوقفت ؛ يدرك ما قاله قمر ‪ " .‬انتظر ‪ ،‬كان هذا أنت ؟ هل سرقت‬
‫سيفا من الحداد ؟ "‬

‫هزت كتفيها ‪ ،‬تمتمت قمر ‪ " .‬نعم و ال‪".‬‬

‫" ماذا تقصد" نعم وال " ؟ إما نعم أو ال " ‪.‬‬

‫تنهدت قمر ‪ " .‬قلت لي إما بنعم أو ال‪ .‬لقد طرحت سؤالين في وقت واحد ‪ ،‬لذا أعطيتك اإلجابتين " ‪.‬‬

‫كانت والدتها تئن وكأنها تتألم ‪ ،‬وفركت يدها على وجهها‪ .‬خطوط حمراء من الجلد المتهيج مضيئة على وجه والدتها‪" .‬‬
‫أنت صعب عن قصد ‪ ،‬أليس كذلك ؟" استجوب والدتها بتهمة‪.‬‬

‫قبل أن تتمكن من االمتناع ‪ ،‬ظهرت ابتسامة على وجهها كما اعترفت‪ " .‬ربما قليال‪".‬‬

‫تنهدت المرأة األكبر سنًا من عمود النسيج قائلة‪ " :‬فكرت كثيًر ا" ‪ " .‬اجلس واشرح‪ .‬بعد ذلك ‪ ،‬ستذهب إلى غرفك‬
‫وتستريح قليًال‪ .‬ثم ستساعدني في النسيج " ‪.‬‬

‫سرعان ما امتثلت قمر ألوامر والدتها وانضمت إليها في الزابوتون الفارغ بجوار المرأة األكبر سًن ا‪ .‬بمجرد وصوله ‪،‬‬
‫تنهدت قمر ‪ .‬تمتم بأصابعها وهي تمتم بتواضع ‪ " ،‬من الصعب أن أشرح ‪"...‬‬

‫" ابدأ من البداية" شجعت المرأة األكبر سنًا عندما عادت إلى النسيج‪ " .‬سمعت أنه مكان جيد للبدء‪".‬‬

‫تنهدت قمر مرة أخرى ‪ ،‬وهي ابتلعت الكتلة في حلقها وتركتها تستقر في بطنها‪.‬‬

‫انتشرت أعصابها وهي تنفجر ‪ " ،‬لم أتدرب بمفردي خالل الشهرين الماضيين‪ .‬كنت أتدرب مع صبي متنور من القرية‪.‬‬
‫والليلة ‪ ،‬تدربت معه ومع ابن الحداد‪ .‬أحضر السيف المعدني معه ‪ ،‬وأنا لم أسأله أيًض ا‪ .‬لم أكن أعرف حتى أنه سيكون‬
‫هناك‪ .‬ثم بدأنا التدريب وكنت متحمًس ا المتالك سيف حقيقي في يدي ؛ ال يهم إذا لم ُيسمح لي بالتدريب حتى األشهر‬
‫الممطرة‪ .‬أردت فقط السيف في يدي‪ .‬والوقت ابتعد عني‪ .‬أنا آسف‪".‬‬

‫تم إرجاع قمر عندما كانت والدتها تحدق بها فقط‪.‬‬

‫" ماذا او ما ؟" استجوبت بهدوء وتنهدت والدتها‪ .‬اعترفت المرأة األكبر سنًا‪ " :‬ال أعرف من أين أبدأ" ‪ .‬ابتسمت قمر ‪.‬‬

‫" انظر هذه هي المشكلة التي لدي‪ ".‬تبددت االبتسامة على وجهها عندما أعطتها والدتها نظرة مدببة‪ " .‬ال أعتقد أن لدينا‬
‫نفس المشاكل هنا قمر ‪ .‬أوًال ‪ ،‬أنت مع ولدين في منتصف الليل ؟ ما الذي يفكرون فيه حتى ؟ "‬

‫" أم ‪ ...‬ما الخطأ في ذلك ؟"‬

‫تنهدت والدتها توقفت عند النسيج‪ " .‬ما زلت صغيًر ا حتى اآلن ‪ ،‬ولكن كنت في الخارج في منتصف الليل مع ولدين ‪"...‬‬
‫‪ ،‬تراجعت المرأة األكبر سًن ا قبل أن تواصل بثبات‪ " .‬ال أتوقع منك أن تفهم ‪ ،‬لكني ال أريدك أن تراهم مرة أخرى‪".‬‬

‫صرخت قمر وهي تندفع على قدميها ‪ " ،‬ماذا ؟! لماذا ؟"‬

‫" ألنني قلق عليك‪".‬‬


‫اندلعت موجات الماهوجني بعنف عندما بصق قمر ‪ " .‬هل تشعر بالقلق من أجلي عندما أخرج وحدي ؟ ربما لمقابلة‬
‫المغيرين و الوحش في الظل ؟ هل تقلق علي بعد ذلك ؟ نصير هو صديقي‪ .‬الوحيد لى! لن أسمح لك بأخذه مني! "‬

‫مسحت يداها بشراسة الدموع من على وجهها وهي تحدق في والدتها‪ .‬تجرأت بصمت على والدتها لتتجادل‪ .‬استنشقت‬
‫قمر ‪ " .‬نصير لن تؤذيني أبًد ا وحتى قبل ساعات قليلة ‪ ،‬وصفني ابن الحداد وصمة عار" ‪ ،‬أوضحت بهدوء‪.‬‬

‫تردد صدى الصمت في أرجاء المنزل‪ .‬عادت قمر إلى زابوتونها‪ " .‬أرجوك قولي شيًئ ا" ‪ ،‬توسلت عندما التزمت والدتها‬
‫الصمت‪.‬‬

‫" أنا قلق عليك ‪ ،‬في كل مرة تغادرين" ‪ ،‬تمتمت المرأة األكبر سًن ا ‪ ،‬وهي تتوقف عن الحياكة‪ .‬أصابع نحيلة نحى تجعيد‬
‫الماهوجني بعيًد ا عن وجه قمر ‪ " .‬هل يعني هؤالء األوالد الكثير بالنسبة لك ؟"‬

‫أومأت قمر برأسها‪ " .‬نصير هو أعز أصدقائي‪ .‬حامد ‪ ...‬يبدو أنني أستطيع الوثوق به‪ .‬وإذا لم أتمكن من ذلك ‪ ،‬فسوف‬
‫ألكمه مرة أخرى " ‪.‬‬

‫شهقت والدتها‪ " .‬لكمته ؟!"‬

‫" لقد وصفني وصمة عار ولن يتوقف‪ .‬أوضحت قمر " كان علي أن أفعل شيًئ ا‪.‬‬

‫تمتمت والدتها في حيرة‪ " :‬من الطبيعي أنك لكمته" ‪.‬‬

‫أجابت قمر برأسها برأسها‪ " .‬نعم‪".‬‬

‫فركت والدتها وجهها مرة أخرى قبل أن تدفن وجهها في يديها‪ .‬قالت المرأة المسنة‪ " :‬ال أعرف ماذا أقول في ذلك" ‪.‬‬

‫" حسًن ا ‪ ،‬العمل الجيد سيكون كافًيا ‪ "،‬اقترحت قمر بابتسامة‪ " .‬أو كيف حال يدك ؟ رغم ذلك ‪ ،‬أعتقد أننا توصلنا إلى‬
‫تفاهم عندما قاتلنا " ‪.‬‬

‫" أنت قاتل ؟!"‬

‫" نعم‪ .‬قاتلوا بالسيوف‪ .‬ردت قمر " قلت لك هذا أنا" ‪ " .‬المعدن الذي سمعته هو نحن‪".‬‬

‫أومأت والدتها بسرعة ‪ " ،‬أعتقد أنني سمعت ما يكفي‪ .‬فقط اذهب واغتسل ونم‪ .‬سوف أمشي معك الحًقا حتى نتمكن من‬
‫التحدث أكثر " ‪.‬‬

‫اعتبرت إقالتها انتصاًر ا ‪ ،‬خلعت قمر حذائها وعباءتها قبل أن تنطلق في غرفتها‪ .‬استنشقت النفس العصبي الذي كانت‬
‫تحبسه ثم واصلت نزع ثيابها‪ .‬الضغط على اإلرهاق وعدم االهتمام كثيًر ا بحالة األوساخ جعلها تنظف بشكل أسرع‪.‬‬
‫انزلقت على فستان بني عندما انتهت‪.‬‬

‫بعد دقائق من صعودها إلى لوح السرير ‪ ،‬فقدت النوم‪ .‬لمرة واحدة ‪ ،‬منذ الحادث ‪ ،‬حلمت قمر بشيء آخر‪ .‬اختفت‬
‫صيحات الشتالت على صوت اصطدام المعادن والضحك السعيد‪.‬‬
‫أسابيع منذ حديثها مع والدتها‪ .‬سارت قمر على الدرب ‪ ،‬واألوساخ تتراكم من ذوبان الجليد‪ .‬المع الشفق فوق رأسها وهي‬
‫تتجه نحو األسفل الممر المؤدي إلى حافة النهر‪ .‬ثم توقفت في خطوتها‪.‬‬

‫" ماذا تفعالن هنا ؟ صرحت قمر بينما كانت تسير نحو صديقيها ‪ " ،‬اعتقدت أننا اتفقنا على أن تنتظرني في أرض‬
‫األسلحة المسطحة" ‪ " .‬أم نسيت ؟"‬

‫قال نصير " لم أنس" وأشار إلى حامد ‪ " .‬لقد جرني إلى هنا‪".‬‬

‫هبة ر حامد عينيه‪ " .‬أنا لم أجره‪ .‬أردنا المساعدة‪ .‬إذن إلى أين نحن ذاهبون للحصول على الماء للحكماء ؟ "‬

‫أشارت قمر إلى النهر خلفهم " هناك ماء خلفك ‪ ،‬كما تعلم" ‪.‬‬
‫" هل تجلب الماء للحكماء هنا ؟" تساءل حامد بشكل مروع‪ " .‬أنا أتبول في هذا النهر‪".‬‬

‫تأوهت الزعنفة بجانب الشقراء‪ " .‬يتبول الكثير من الناس في الماء وأماكن أخرى‪".‬‬

‫تمتم حامد ‪ " :‬لكن ‪ ...‬يمكنني الذهاب إلى هنا فقط" ‪.‬‬

‫هزت قمر رأسها وأغلقت المسافة بينهما‪ .‬دفعت الدالء في ذراعي حامد ‪ " .‬شكًر ا على التحذير ‪ ،‬لكني لم أكن بحاجة إلى‬
‫معرفة ذلك‪ .‬تحصل على الماء وسأحمله " ‪.‬‬

‫" هذا ليس عدال‪".‬‬

‫" هل تبولت في النهر اليوم ؟" سأل قمر ‪ .‬تذمر حامد إجابته وأغرق أحد الدالء في الماء‪ .‬تحول نصير بعيًد ا عن‬
‫الصبي األشقر إلى قمر ‪.‬‬

‫" هل ستعطين الحكمة حًق ا مياه النهر ؟" سأل ‪ ،‬والتقت عيناه األرجوانية بعينيها‪ .‬هزت قمر كتفيها‪ " .‬ربما تكون قضايا‬
‫حامد قد ولت منذ فترة طويلة في الوقت الحاضر‪ .‬ال أرى سبًبا لعدم إحضار الماء هنا‪ .‬يمكنني دائًما البحث عن نهر‬
‫أقرب ‪ ...‬في مكان ما " ‪.‬‬

‫ابتسم نصير ‪ " :‬لن يكون ذلك ضرورًيا" ‪ " .‬سرك بأمان معى‪".‬‬

‫ابتسمت قمر بشكل مشرق في نصير تماًما كما بكى حامد ‪ " .‬القليل من المساعدة هنا!"‬

‫اهتز رأسان في الشقراء‪ .‬ردت قمر ‪ " :‬ليس هناك من طريقة للوصول إلى النهر معك بداخله" ‪.‬‬

‫احتج حامد قائًال‪ " :‬لم أفعل شيًئ ا" ‪ " .‬كنت أحضر الماء ‪ ،‬ورأيتني أحضر الماء‪".‬‬

‫هز الزعانف كتفيه‪ " .‬لم أر أي شيء‪ .‬كنت أتحدث إلى قمر " ‪.‬‬

‫" بخير!" تذمر حامد ‪ ،‬وهو يسحب دلًو ا ويسحبه على الشاطئ الموحل‪ " .‬أتوقع بعض المساعدة بعد ذلك‪".‬‬

‫أجابت قمر " بالطبع" بينما كان حامد يسحب الدلو الثاني على الحافة‪ .‬ووفًق ا لكلمتها ‪ ،‬أخذت قمر الدالء بعناية‪ .‬سار كال‬
‫الصبيان معها أثناء توصيل الماء‪ .‬تناقش نصير وحامد حول السجال خلف ظهرها حتى تنتهي من مهمتها‪ .‬ثم أمضوا‬
‫بقية الليل في التدريب‪.‬‬
‫" أوه تعال على نصير !" اشتكى حامد للمرة األلف أثناء التدريب‪ .‬وقف عند خط الشجرة ‪ ،‬منتظًر ا دوره لتجنيب الخاسر‬
‫في هذه الجلسة‪ " .‬كنت تعتقد أنه بعد تمريرين ‪ ،‬ستحصل على حركة قدم مثالية‪".‬‬

‫نصير وهو يتفادى أرجوحة قمر ‪ " .‬تعتقد ذلك‪ .‬لكن كما يعلم كالكما ‪ ...‬أنا قارئ أكثر من مقاتل‪ .‬أنا أفضل الرماية‬
‫على السيف " ‪.‬‬

‫أجاب حامد ‪ " :‬لدينا طوال الليل للعمل على ذلك" ‪ .‬الشقراء تبعوا أقدامهم بعيونه‪.‬‬

‫" القدم اليسرى!" بكى الصبي األشقر ‪ ،‬حيث اقتربت قمر من اإلضراب‪.‬‬

‫" القدم اليسرى! نصير ! ‪ ...‬أنت‪ " !-‬أطلق حامد صرخة متذمرة من اإلحباط عندما أخطأ نصير ‪ .‬انتزع حامد شعره‪.‬‬
‫" القتال الدفاعي ليس صعًبا ‪ ،‬فأنت تفكر في األمر بعقل سمين لديك! عمرك خمسة عشر تمريرا ‪ ،‬يجب أن تعرف أفضل!‬
‫"‬

‫صرخت قمر ‪ " :‬انظر إلى الجانب المشرق من حامد " ‪.‬‬

‫تذمرت الشقراء من األشجار كما طلب‪ " .‬ما هذا ؟"‬

‫ردت بابتسامة‪ " :‬على األقل ‪ ،‬إنها األشهر الممطرة ‪ ،‬وليس األشهر الباردة" ‪ .‬ثم تهربت بينما ألقى نصير هجوًما آخر‬
‫عليها‪ .‬اشتكى حامد أكثر‪.‬‬
‫" إنك تتخطى نصير " ‪ ،‬علقت ألنها منعت اندفاًع ا محرًج ا‪ " .‬أنت تترك ذراعك مكشوفة‪".‬‬

‫" أرغ!" زعنفة مدمره ‪ ،‬ورمي سيفه على األرض‪ " .‬أنا ال أفهم ذلك! كيف يفترض أن تدافع عن نفسك وتهاجمهم في‬
‫نفس الوقت على العدو ؟ إما هذا أو ذاك " ‪.‬‬

‫توقفت قمر وأمسكت بالسيف من األرض‪ " .‬هناك أكثر من مجرد اعتداءات جسدية" ‪ ،‬تمتمت بلطف إلى نصير ‪" .‬‬
‫هناك أيًض ا مهاجمة العقل ‪ ،‬وقراءة حركات خصمك والدفاع عن نفسك بفعالية منها‪".‬‬

‫حدق نصير على األرض وهو يتمتم‪ " .‬عمري خمسة عشر تمريرة‪ .‬ليس لدي أي خصوم في الوقت الحالي‪ .‬ومن‬
‫الصعب تخيل أحدكم كعدو لي ألنك تبتسم لي باستمرار " ‪.‬‬

‫تألقت عيون النيلي بغضب عندما فقاعت قمر وحامد بالضحك‪ .‬تردد صدى تسليةهم من خالل األرض المسطحة‬
‫لألسلحة‪ .‬وزاد األمر سوًءا عندما تمتم نصير بالشتائم وهو يتنفس‪.‬‬

‫فجأة ‪ ،‬انقطع ضحك حامد الصبياني‪ .‬لقد تحولت إلى صرخة حادة ومذهلة‪ .‬تحولت قمر ونصير إلى اتجاهه بصدمة‬
‫مطلقة‪ .‬حدقوا بينما كان أحد الكراتين يمسك الصبي األشقر من رقبته بمخلب متقشر‪ .‬الدم يسيل من ذراع حامد اليمنى‬
‫بينما كان يتجادل بشكل ميؤوس منه على الطرف الضخم ذو النسيج الضخم بيده اليسرى‪ .‬تغير لون وجه حامد أمام‬
‫عينيها ‪ ،‬وتباطأت أطرافه المتساقطة‪.‬‬

‫" هنا!" صرخت قمر تلقائًيا وهي تلوح بذراعيها على أمل تشتيت انتباه الوحش‪ .‬ابتلعت بشدة عندما ابتسم المخلوق‬
‫العمالق ؛ وكأنه وجد شيًئ ا أعجبه‪ .‬محالق الخوف الجليدية تتبعت داخل أطرافها عندما أدركت ما يعنيه المظهر‪ .‬كانت‬
‫مفترسة ‪ ،‬مع العديد من صفوف األسنان الحالقة وكانت الفريسة‪.‬‬

‫تخلص الوحش بال مباالة من في خط الشجرة‪ .‬راقب قمر بال حول وال قوة وهو يلتف حول شاحنة شجرة كبيرة قبل أن‬
‫يختفي تماًما في خط األشجار‪ " .‬حامد ؟!" صرخت على أمل أن يجيب‪ " .‬هل أنت كذلك"‬

‫تالشى سؤالها عندما اخترق اثنان آخران من الوحش األشجار ‪ ،‬وراحوا يزمجرون عليهم بابتسامات مدببة على وجوههم‬
‫المتقشرة‪.‬‬

‫" زعنفة ؟" استجوبت قمر بتواضع ‪ ،‬وهي تنظر بعينها إلى ثالثة سلوغمورز كبيرة تسير نحوهم على قدمين‪ .‬طافت‬
‫الوحش فوقهم وهم يتراجعون بحذر‪ .‬اصطدم كتفها بشيء صلب ‪ ،‬مما جعل الرهبة تدور داخل بطنها حتى تلمس يد دافئة‬
‫ذراعها‪.‬‬

‫" قمر ‪ ،‬أعطني سيًف ا ‪ "،‬جاء صوت نصير من بجانبها‪.‬‬

‫لم ترفع قمر عينيها عن األعداء مطلًق ا ‪ ،‬وتمكنت من تمرير الشفرة اإلضافية إلى ‪ .‬تراجعت للوراء عندما هسهسة‬
‫المخلوقات الثالثة عند وميض السيف في ضوء القمر‪ " .‬ماذا يفعل الوحش بهذا بالقرب من القرية ؟" سأل نصير في‬
‫هامس‪.‬‬

‫" أعتقد أن السؤال هنا ‪ ،‬أين راكبو الحدود ؟" ردت قمر ‪.‬‬

‫" أعرف أين لم يكونوا" ‪ ،‬همست نصير ‪ " .‬هل تعتقد أنه يمكننا قتلهم ؟"‬

‫وبينما كانت المناورة متتالية ‪ ،‬زأرت السلجمور ‪ ،‬وظهرت أسنانهم كما لو أنهم تعرفوا على ما كانوا يقولون‪ .‬ابتلعت قمر‬
‫‪ .‬ثقل السيف في يدها‪ " .‬ما نوع اإلجابة التي تريدها ؟ هل تريد الحقيقة أم الكذب ؟ "‬

‫" لم نكذب على بعضنا البعض منذ أن أصبحنا أصدقاء‪ .‬أجاب نصير ‪ " :‬ال فائدة من البدء اآلن" ‪.‬‬

‫" ال أعرف" ‪ ،‬اعترفت بسرعة‪ .‬حدقت عيناها الخمريتان في العيون البيضاء للعبة الوحش ‪ .‬فجأة ‪ ،‬اندفع الوحش الذي‬
‫هاجم حامد إلى األمام‪.‬‬

‫استدار قمر حوله ‪ ،‬متهرًبا من الهجوم السريع‪ .‬سقط الزعنفة على األرض للحظات قبل أن ينسحب مرة أخرى على‬
‫قدميه‪ .‬جهز سيفه للقتال‪ .‬وسرعان ما فعلت قمر الشيء نفسه‪.‬‬
‫دخلت الوحش لهجوم آخر وتجنب المخلب للمرة الثانية‪ .‬من زاوية عينيها ‪ ،‬وجدت السلجمور اآلخرين يراقبونهم‪.‬‬
‫االنتظار عند خط الشجرة‪ .‬وجدت قمر نصير ‪ ،‬وقامت بتدعيم ظهرها على ظهره‪ " .‬هل يمكنك تشتيت انتباه هذا الوحش‬
‫حتى أتمكن من مواجهة االثنين عند خط الشجرة ؟" سألت في همسة‪.‬‬

‫" هل يمكنك التعامل مع اثنين بمفردك ؟" همس الزعانف للخلف‪ " .‬تذكر أن األمر استغرق أربعة راكبي وسهام على‬
‫الحدود إلسقاط الوحش واحد فقط‪".‬‬

‫عضت شفتها‪ .‬دخل طعم معدني خافت إلى فمها وهي تحاول ترويض شكوكها وخوفها المتزايد‪ .‬أجابت‪ " :‬أعتقد أن‬
‫الوقت قد حان لمعرفة ما إذا كنت بحالة جيدة كما تقول أنا" ‪ ،‬ثم انطلقت في الجري‪.‬‬

‫كان هناك زئير مميز من خلفها وهي تركض إلى السالجمور على األشجار‪ .‬كان بإمكانها فقط أن تأمل أن يكون نصير‬
‫بأمان‪ .‬أو حفظ قدر المستطاع ‪ ،‬بالنظر إلى الموقف‪.‬‬

‫أمسكت قمر بالسيف بإحكام في يدها‪ .‬انزلقت تحت أول الوحش ‪ ،‬والحظ الوحش وجودها أخيًر ا‪ .‬المس الطين ظهرها ‪،‬‬
‫حيث قطعت ساقها الكبيرة بالحافة‪ .‬تدفقت أمطار دافئة من الدم األسود على وجهها عندما نجت بصعوبة من سقوط الوحش‬
‫‪ .‬باستخدام زخم انزالقها ‪ ،‬دارت حولها ‪ ،‬وأرجحت النصل‪ .‬اختفى رأس الوحش بين العشب‪.‬‬

‫تحول تنهد االرتياح الذي أفلت من شفتيها إلى صرخة عندما ضربها الوحش الثانية على األرض‪ .‬ثقل اليقين طار من‬
‫يدها‪ .‬فقدت النصل في مكان ما في العشب‪ .‬تم تثبيت ذراعها األيسر بشكل عكسي أسفل فك الوحش ‪ ،‬مما يمنع األسنان‬
‫المنقطعة من الوصول إلى رقبتها‪ .‬دفعت قمر الوحش بعيًد ا‪.‬‬

‫توترت ذراعها ضد وزن الطن ‪ ،‬لكنها أبعدت المخلوق ببطء‪ .‬مخالب مكففة مثبتة في األرض على جانبي رأسها‪.‬‬
‫ابتسمت أسنانها الالمعة لها عندما بدأت الوحش في سحقها تحت ثقلها‪ .‬سعلت قمر وكافحت إلبعاد الوحش‪.‬‬

‫" قمر !" صرخت نصير المسافة ‪ ،‬وهبة رت رأسها‪ .‬تجنًبا لرائحة الوحش الكريهة ‪ ،‬وجدت على الفور نصير ‪ ،‬وهي‬
‫تجري نحوها‪ .‬تبعه الوحش من بعده‪ .‬أكبر مخلوق كان يفتقد ذراع مخالب‪ .‬أمطرت الدماء المظلمة على العشب بينما كانت‬
‫األسنان المبتسمة تلمع براقة‪ .‬قابلت عيناها أرجوانية قلقة‪.‬‬

‫" انا اتي! تشبث!" طمأن زعنفة‪.‬‬

‫" ال تقلق علي!" صرخت بشدة ضد االحتجاج المتزايد في ضلوعها‪ " .‬سأتدبر الوضع‪ ".‬ثم رأت الفضة‪.‬‬

‫على بعد بوصات قليلة من رأسها كان السيف‪ .‬كان يتألأل في الضوء وأصبح الحرق في رئتيها ال يطاق‪ .‬عضت قمر‬
‫شفتها ‪ ،‬ودفعت كل قوتها ألعلى ‪ ،‬وحررت ذراعها المحتجز من تحت الوحش ‪ .‬ووصلها للنصل في العشب‪ .‬اندفع‬
‫المخلوق لألمام للتعويض عن الضعف الوجيز‪ .‬كان يزمجر بغضب ‪ ،‬وسقط أنفاس كريهة على وجهها بينما كادت شفرة‬
‫مثل األسنان تتساقط في مرفقها‪.‬‬

‫رقصت أطراف األصابع عشوائيًا فوق مقبض السيف‪ .‬كان هناك صيحة مؤلمة خرجت فوق أرض األسلحة‪ .‬وجدت‬
‫نظرتها نصير ‪ .‬كانت ذراعه موضوعة على صدره وهو يتدافع على األرض‪ .‬نزل نحوه أول سلجمور هاجمهم‪ .‬دم يسيل‬
‫من مخلبه المتبقي‪.‬‬

‫" ال!" صرخت‪ .‬توقف الوحش في المسافة‪ .‬استدار حول رجليه الخلفيتين المتقشرتين‪ .‬حدقت في عيني الوحش‪ " .‬أنت‬
‫تقاتلني" ‪ ،‬صرخت ‪ ،‬وأمسكت النصل من األرض‪.‬‬

‫دفعت المخلوق من حلقه ‪ ،‬متجاهلة أصوات السعال القادمة من الوحش فوقه‪ .‬كشفت قمر عن أسنانها بابتسامة خاصة بها‬
‫وهي تغرق النصل في المنزل‪ .‬تم سحق النصل الحاد من خالل الجسد ‪ ،‬عبر الدماغ وأخيرًا شوه من خالل الجمجمة‪.‬‬
‫تراجعت السلجمور ضدها على الفور‪.‬‬

‫وقفت قمر ‪ ،‬وألقت الجثة بسهولة من السيف‪ .‬نزل الدم األسود من كوعها ‪ ،‬وأسفل النصل وهي تطارد األرض المسطحة‬
‫لألسلحة‪ .‬توقفت في المنتصف‪ .‬وضع نفسها بين المخلوق و ‪ .‬ثم انتظرت ‪ ،‬محدقة في الوحش أمامها‪.‬‬

‫" قمر ‪ ،‬ال تخاطر بنفسك من أجلي‪ " .‬ستموت" ‪ ،‬ناشدت نصير من خلفها‪.‬‬
‫" اخرس نصير ‪ ،‬وانطلق‪".‬‬

‫" قمر ‪"...‬‬

‫قالت قمر ‪ " :‬لن أخبرك مرة أخرى" ‪.‬‬

‫" إنه ذكي‪ .‬أذكى من االثنين اآلخرين‪ .‬السبب الذي جعلني أتيحت لي فرصة قطع ذراعيها هو أنه كان يراقبك‪ .‬حذر‬
‫نصير ‪ :‬ما فعلته مع اآلخرين ‪ ،‬لن ينجح " ‪.‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ " .‬فهمتك ؟ أي شيء آخر ؟"‬

‫أجاب نصير ‪ " :‬لن أغادر ‪ ،‬ال يزال بإمكاني القتال" ‪.‬‬

‫" مثل الجحيم أنت" ‪ ،‬زأرت قمر ‪ .‬وجذبت الصبي من ذراعه الجيدة واقفا على قدميه‪ " .‬ستخرج من هنا‪".‬‬

‫دفعته نحوه ‪ ،‬محاواًل دفعه للذهاب إلى خط الشجرة‪ .‬ابتسم لها الوحش ‪ .‬تومضت عيناها البيضاء على نصير ثم عادت‬
‫إليها‪ .‬ضغطت قمر على فكها ‪ ،‬وقمعت غضبها‪ " .‬أكره أن أعتقد أنك تفهم ‪ "...‬بدأت قمر ‪ - " .‬لكنك لن تلمسه مرة‬
‫أخرى‪ .‬سأقتلك أوال " ‪.‬‬

‫تومض الفهم عبر العيون البيضاء قبل أن تنتهي مسابقة التحديق‪ .‬تهربت قمر بينما كان الوحش يتأرجح في ذراعه‬
‫النازفة‪ .‬صفعها الدم األسود على عينيها ‪ ،‬مما أدى إلى إصابتها بالعمى‪ .‬بحلول الوقت ‪ ،‬تراجعت‪ .‬كان الوقت قد فات‬
‫للمراوغة‪.‬‬

‫اليد المخالب اشتعلت في ظهرها ‪ ،‬وغرقت في لحمها‪ .‬طارت في الهواء ‪ ،‬وسقطت على بطنها‪ .‬تختنق في الهواء الذي‬
‫تجمد في صدرها‪ .‬شعرت قمر بالدفء يتساقط من ظهرها ‪ ،‬وهي تتجمع أسفل جانب جذعها‪ .‬كان من حسن الحظ أنها‬
‫كانت مخدرة لأللم ‪ ،‬بالنظر إلى الحالة المحتملة إلصاباتها‪.‬‬

‫" قمر !"‬

‫كان هناك وزن مألوف في يدها عندما وجدت السيف ال يزال مربوطًا بأصابعها‪ .‬لم تستطع إال أن تتساءل كيف تمكنت‬
‫من ذلك‪ .‬استمرت قمر في االستلقاء على الرغم من توسالت نصير المتكررة لها أن تنهض من األرض‪ .‬سرعان ما‬
‫انضمت التحذيرات إلى التسول‪ .‬كما صرخت نصير أن الوحش كان يالحقها‪.‬‬

‫مع رأسها على األرض ‪ ،‬كان بإمكانها أن تحصي خطوات الوحش التي تقترب‪ .‬كانت أطول على رجلين خلفيتين ‪ ،‬لكنها‬
‫كانت على ثالث رجلين‪ .‬عندما توقفت الضربة المحرجة ‪ ،‬اإلضراب والعرج ؛ أجبرت قمر جسدها على البقاء ساكنًا‪.‬‬

‫" قمر من فضلك!" توسل نصير ‪ .‬بينما كانت مستلقية هناك ‪ ،‬كانت تأمل أن تصمت نصير وتركها تركز‪ .‬نزلت‬
‫أنفاسها الكريهة الدافئة على ظهرها وركزت على مناشدات صديقتها المقربة‪ .‬قمعت رجفة عندما ألقى لسان دافئ على‬
‫ظهرها ‪ ،‬ولعق الدم من جروحها‪ .‬بحذر ‪ ،‬أمسكت قمر بيدها بإحكام حول النصل‪ .‬االستعداد لإلضراب‪.‬‬

‫عاد اللسان ليعود طعًما آخر ‪ ،‬لكنه كان بطيًئ ا هذه المرة‪ .‬مثل المخلوق عمدا تذوق الدم‪ .‬كان هناك بكاء من بعيد‪ .‬عندما‬
‫وصل الفم الدافئ إلى قاعدة رقبتها ‪ ،‬هاجمتها قمر ‪.‬‬

‫تدحرجت‪ .‬ربط ساقيها على جانبي الوحش‪ .‬لسع ظهرها وهي تتدحرج مع الوحش على ظهرها‪ .‬السيف ثابت فوق رقبة‬
‫المخلوق‪ .‬بيدها الحرة ‪ ،‬ضغطت على الحافة الفضية ألسفل ‪ ،‬قطعت رأس الوحش ببطء‪ .‬ومزقت المخالب ذراعيها بينما‬
‫اختلط الدم األحمر واألسود في إحداها‪ .‬ألول مرة الليلة ‪ ،‬شاهدت قمر الخوف يمر بعيون بيضاء ‪ ،‬ثم انقلب عندما غرق‬
‫السيف في العشب‪.‬‬

‫ارتجفت ذراعيها وهي تقف‪ .‬تخلصت من النصل في التراب ‪ ،‬ركضت إلى جانب نصير ‪ " .‬مرحًبا ‪ "،‬استقبلت‬
‫بارتجاج‪ .‬حدقت عيون النيلي في وجهها وهو يندفع إلى قدميه‪ " .‬قمر ‪ "...‬تتنفس زعنفة‪ " .‬أنت على‪"-‬‬

‫" على قيد الحياة ؟" عرضت على قمر باستخفاف رغم ما شعرت به‪ .‬ارتجفت وهي تتابع ‪ " ،‬من األفضل أن أكون بعد‬
‫ذلك‪ .‬يبدو أنه يلعب أعمال ميتة " ‪.‬‬
‫اشتكى نصير قريًبا‪ " :‬حسًن ا قليًال" ‪ " .‬اعتقدت أنك كنت أيًض ا‪".‬‬

‫أجابت " حسًن ا ‪ ،‬أنا لست كذلك" ‪ .‬سأل قمر وهو يتحرك إلى ذراعه‪ " .‬كيف هي الذراع ؟"‬

‫أجاب نصير ‪ " :‬أحتاج إلى شيء لوقف النزيف ‪ ،‬لكن يجب أن أكون بخير" ‪ " .‬هل رأيت حامد ؟"‬

‫هزت قمر رأسها ومزقت أشالء كمها الممزقة من سترتها‪ .‬قالت ‪ " ،‬هنا" ‪ ،‬وسلمت قطعة القماش إلى نصير قبل أن‬
‫تقف‪ " .‬سأذهب لالطمئنان عليه‪".‬‬

‫أمسكت سيف نصير المهمل من األرض وهي تسير من الصبي ذو الشعر الفضي‪ .‬غاص حذائها الجلدي في الوحل‬
‫الطازج عندما عبرت خط الشجرة‪ .‬وقفت قمر داخل الظل وهي تتذكر مكان هبوط حامد ‪ .‬سارت استكشافية‪ .‬تتطلع إلى‬
‫محيطها‪ .‬لحسن الحظ ‪ ،‬وجدت شعر حامد األشقر قبل أن تطأه تماًما‪.‬‬

‫كان جلده شاحًبا وشيًبا تقريًبا والدم يتدفق ببطء من جرح المخلب على كتفه‪.‬‬

‫" حامد ؟" سأل قمر ‪ ،‬جاعًال اسم الصبي األشقر سؤاًال‪ .‬بصرف النظر عما توقعت له أن يفاجئها ؛ كما فعل مرات‬
‫عديدة أخرى‪ .‬ثم يضحك ويسخر منها لقلقها‪ .‬دفعت كتفه غير المصابة برفق ‪ ،‬على أمل أن يستيقظ حامد ‪ .‬بيدها على كتفه‬
‫‪ ،‬الحظت تفصيلين‪ .‬أوًال ‪ ،‬كان برًد ا شديًد ا‪ .‬وثانًيا ‪ ،‬لم يكن حامد يتنفس‪.‬‬

‫" زعنفة!" خوار قمر ‪ .‬حمل صوتها الذعر بين األشجار‪ .‬اهتزت يداها بشدة تجاه األشقر المجعد بينما كانت تتمتم تحت‬
‫أنفاسها‪ " .‬تعال ‪ ...‬تعال ‪ ...‬استيقظ‪".‬‬

‫" ! اتصلت مرة أخرى عندما لم يرد الولد اآلخر‪ .‬قامت بتدوير السيف نحو الفروع المفاجئة وأسقطته عندما جاءت نصير‬
‫إلى جانبها‪ .‬سأل نصير وهو يلهث ‪ ،‬وال يزال يعاني من إصابته في صدره ‪ " ،‬هل يتنفس ؟"‬

‫رفعت قمر يدها على فم حامد ‪ .‬أومأت برأسها مرتاحة عندما ضربت نفخة صغيرة من الهواء جلدها‪ " .‬بالكاد‪".‬‬

‫أومأ زعنفة رأسه ‪ " ،‬نحن بحاجة إلى إعادته إلى القرية اآلن!"‬

‫دون أي شك ‪ ،‬اختطفت قمر أحد ذراعي حامد ولفت الطرف المرن على كتفيها‪ .‬استغرق نصير بعض الكفاح ‪ ،‬لكنه‬
‫تمكن من فعل الشيء نفسه مع ذراع حامد األخرى‪ .‬تم سحب األحذية الجلدية للشقراء عبر أرضية الغابة حيث تعثروا‬
‫متحررين من خط األشجار‪.‬‬

‫ساروا على الطريق المؤدي إلى القرية‪ .‬فجأة ‪ ،‬دوي الرعد من ورائهم‪ .‬في غضون دقائق ‪ ،‬حاصرهم رجال براون‬
‫وراكبو الحدود‪ .‬تبادل قمر ونصير نظرات قلقة بينما نزل الفرسان التسعة على األرض‪.‬‬

‫ترنحت براونمان عندما قام اثنان من الدراجين على الحدود بتمزيق حامد من ذراعيها‪ .‬تم التقاط يديها ‪ ،‬على غرار‬
‫الكوابيس التي تحدث لها‪ .‬تهربت‪ .‬حتى يلف شيء حول رقبتها‪ .‬سعلت قمر في ذراعها العضلي وألقت الفارس على‬
‫ظهرها‪ .‬سقط الرجل على األرض وهو يتأوه‪.‬‬

‫اندفع ركاب الحدود اآلخرون نحوها‪ .‬قاتلت بشجاعة‪ .‬تتأرجح قبضتها في تعويذة خمول‪ .‬رؤيتها غير واضحة على الرغم‬
‫من صعابها‪ .‬تدفق ركاب الحدود فوقها في عجلة من أمرها ‪ ،‬حيث كانت تسمع صراخ نصير ‪.‬‬

‫" دعني أشرح! هذا ليس خطأها! "‬

‫سقطت عيناها على نصير ‪ ،‬ممسكين بسبعة ركاب حدوديين‪ .‬قابلت بيربل سيت ‪ ،‬حتى اصطدم شيء صعب بمؤخرة‬
‫جمجمتها‪ .‬خفق رأسها ‪ ،‬ضبابية بصرها أسوأ ؛ حتى تحولت إلى اللون األسود‪ .‬شاهدت قمر ضبابية فضية على ضبابية‬
‫أخرى قاتمة‪ .‬صرخات مكتومة على رأسها‪ .‬تساءلت عما إذا كانت نصير ‪ ،‬لكنها فقدت الوعي قبل أن تتمكن من معرفة‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪ .‬كانت الخفقان في ظهرها هي اللحظة األولى التي زاد فيها وعيها وعيها تجاه األلم‪ .‬كان هناك خدر غير مريح في مكان‬
‫ما على يديها‪ .‬وحاولت أن تهز أطرافها المستعصية مستيقظة ولكنها تسببت فقط في ألم الذع ينزل على كتفيها‪.‬‬

‫تأوهت قمر ‪ .‬تتجرأ على فتح عينيها للسطوع المشمس الذي يقصف عينيها المغلقتين‪ .‬وقفت بضعف وسرعان ما تبع ذلك‬
‫ارتباك‪ .‬كانت األصفاد المعدنية تدور حول معصمها ‪ ،‬تحفز بشكل مؤلم على الجلد األحمر الرقيق تحتها‪ .‬سحب قمر‬
‫السالسل التي تتخلف عن العمود الخشبي السميك‪ .‬لكن النجاح فقط في ضرب المعدن بالخشب وصواًل إلى أعلى نقطة ‪،‬‬
‫حيث تم قفل السالسل‪.‬‬

‫هزت همسات صامتة خلفها وهي تدرس محيطها في حالة رعب‪ .‬استقر خوف مختلف كثيًر ا في أحشائها‪ .‬نفس نوع‬
‫الخوف الذي حملته منذ أن قابلت الحكماء ألول مرة‪ .‬الخوف من الجهل‪ .‬لقد عرفت أين هي‪ .‬كانت مقيدة بالسالسل ‪ ،‬في‬
‫المنتدى ‪ ،‬أمام منزل الحكماء‪ .‬كانت مئات العيون تحدق بها بينما كانت قمر تشد السالسل مرة أخرى‪.‬‬

‫" لماذا انا هنا ؟ صرخت‪ .‬تردد صدى صوتها في القرية الصامتة‪ " .‬لماذا انا هنا ؟" كرر قمر ‪ ،‬ثم أضاف‪ " .‬أين‬
‫نصير وحامد ؟ هل هم‪"-‬‬

‫تم إسكاتها عندما اصطدم شيء ما في وجهها‪ .‬كممت قمر من الرائحة الكريهة ‪ ،‬وبققت البقايا من فمها المفتوح على‬
‫األرض‪ .‬وتردد أصداء الضحك حولها حيث رفضت المادة الملوثة كل محتويات بطنها‪ .‬تناثر سائل صاٍف على حذائها‬
‫حتى تراجعت على السالسل في روافد جافة‪.‬‬

‫اغرورقت الدموع في زاوية عينيها ‪ ،‬ثم خففت من خديها عندما اصطدم شيء قوي بذراعها المصاب‪ .‬الدم الجاف يتساقط‬
‫مع نزول دم جديد‪.‬‬

‫" اتركني وحدي!" قامت قمر بالضغط على حلقها الملتهب مع ارتفاع المزيد والمزيد من األشياء في اتجاهها‪ .‬تشبثت‬
‫النفايات بجلدها ‪ ،‬حيث ألقت القرية مزيًج ا من الطعام المتعفن والفضالت الجسدية‪ .‬وبغض النظر عن مدى صعوبة هز‬
‫أطرافها ‪ ،‬فقد رفضت النفايات التخلص منها‪.‬‬

‫قام قرويون آخرون – معظمهم من الرجال – بإلقاء حجارة كبيرة من الغابة‪ .‬صخور كبيرة بما يكفي لكسر شيء ما‪.‬‬
‫تهربت قمر ببطء ‪ ،‬ومع كل صخرة كبيرة تهرب ‪ ،‬اصطدمت صخرتان أصغر‪ .‬شدت يائسة قيودها مع استمرار الهجوم‬
‫طوال اليوم‪ .‬حتى اصطدمت أكبر صخرة برأسها ‪ ،‬وأوقعتها على ركبتيها‪.‬‬

‫الجلد الخام للمعصم يحترق من دعم وزنها‪ " .‬مساعدة" ‪ ،‬همست قمر للضحك‪ " .‬شخص ما يساعد من فضلك ‪"...‬‬

‫توسلها لم يفعل شيًئ ا سوى تشجيع القرويين‪ .‬المزيد والمزيد من الناس انضموا إلى الحشد الخانق ‪ ،‬وألقوا األشياء عندما‬
‫جاءوا وذهبوا‪ .‬بعد العديد من الضربات وفترات ال حصر لها من الوقت ‪ ،‬تراجعت قمر في السالسل‪ .‬هزم‪ .‬فقط عندما‬
‫ضعفت الحشود ‪ ،‬أغمي على قمر في حالتها التي ال تتحرك‪.‬‬
‫تأوهت قمر ‪ .‬ابتعدت عن البرد الرطب الذي كان يخدش ظهرها‪ .‬تمتمت قمر بشكاويها بشكل غير متماسك ‪ ،‬واسترخيت‬
‫عندما ابتعد البرد عن جلدها المعذب‪ .‬كافحت مرة أخرى عندما عاد البرد‪.‬‬

‫" قمر ‪ ،‬يرجى االنتظار‪ .‬يحتاج ظهرك للعناية قبل أن يصاب بالعدوى " ‪.‬‬

‫" األم ؟" كانت تشد بهدوء ‪ ،‬وتومض عينيها الخاملتين‪ .‬فقط ليجدوا ال شيء في الغسق سوى صمت القرية‪ .‬دخلت‬
‫والدتها في وجهة نظرها ‪ ،‬وأجبرتها على هبة رة رأسها في اتجاه الخفقان‪.‬‬

‫" نعم أنا هنا ‪ "،‬أجابت والدتها وهي تمشط شعرها المتسخ عن وجهها‪.‬‬

‫" أين كنت ؟"‬

‫أغمضت عينيها بينما كانت والدتها تمسح وجهها خالًيا من الرائحة الكريهة‪ " .‬لقد كنت محتجًز ا في المنزل لمدة اليومين‬
‫التاليين‪".‬‬

‫" اليومين المقبلين ؟ كيف الخروج ؟"‬

‫كانت والدتها تضايقها‪ " .‬أنت لست الوحيد الذي يعرف كيف يتسلل‪ .‬ماذا حدث الليلة الماضية ؟ "‬

‫" الوحش " ‪ ،‬هسهس قمر بشكل مؤلم‪ .‬حاولت أال تبتعد ألن والدتها تميل إلى ظهرها‪ .‬اهتزت سالسل المعادن وهي‬
‫تهتز‪ " .‬خرج ثالثة من خط الشجرة وهاجمونا‪ .‬حامد جريح‪ .‬ثم ألقوه في شجرة‪ .‬أنا والزعنفة ‪ " ...‬اختنقت قمر ‪ ،‬وهي‬
‫تبتلع بشدة‪ .‬ال تعرف ما إذا كان أصدقاؤها على قيد الحياة‪ " .‬تمكنا من محاربتهم" ‪.‬‬

‫" وفًقا لنصير لين ‪ ،‬قال إنك قتلت الثالثة جميًع ا ‪ ،‬بمساعدة قليلة جًد ا‪".‬‬
‫شهقت قمر وقضمت إلى الوراء‪ .‬سألت بارتياح‪ " :‬لقد قابلت نصير " ‪ " .‬هل هو بخير ؟"‬

‫أومأت والدتها برأسها ‪ " ،‬كنت داخل منزل المعالج عندما أحضره ركاب الحدود‪ .‬استمروا في السؤال عنك وعن هذا‬
‫الفتى حامد ‪ .‬ابن الحداد ؟ "‬

‫أجابت قمر " نعم" ‪ ،‬متوترة وقلبها ينفجر في صدرها‪ " .‬هذا هو حامد ‪ .‬كيف حاله ؟ هل هو ؟‪"...‬‬

‫" إنه مصاب‪ .‬فقد الكثير من الدم ‪ ،‬لكن من المتوقع أن يتعافى تماًما‪ .‬أوضحت والدتها‪ " :‬المعالج وابنتها كانوا يقومون‬
‫بترميمه طوال اليوم" ‪ .‬أجفلت قمر عندما لمسها البرد والتهاب ظهرها مرة أخرى‪ .‬ثم دمدرت المرأة األكبر سنا‪.‬‬

‫" ال يمكنني ضمادة أي شيء حتى تنتهي عقوبتك‪".‬‬

‫" عقابي ؟"‬

‫أشارت المرأة األكبر سًن ا إلى السالسل حول معصمها‪ " .‬يبدو أن الحكماء يعتقدون أنك سرقت من الحداد وهاجمت نصير‬
‫لين وحامد ‪ .‬على الرغم من مناشدات كل من أصدقائك ‪ ،‬أخبرهما بخالف ذلك‪ .‬ال يشمل األدلة على جثث الوحش القتلى‬
‫التي تناثرت في أرض األسلحة‪ .‬لم يكن الحكماء مسرورين بتدربك معهم‪ .‬أنت وصمة عار ‪ ،‬تتعلم األسلحة من رجل‬
‫متنور وفتى تجاري ‪ ،‬لذلك عاقبوك " ‪.‬‬

‫" نصير وحامد ؟ هل يعاقبون أيضا ؟ " استفسر قمر ‪.‬‬

‫" ال ‪ ،‬لكنهم حكموا بالحبس حتى ينتهي يومك‪ .‬ثم ممنوع عليهم التحدث معك مرة أخرى " ‪.‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬هذا لن يرضيهم‪".‬‬

‫" لم تفعل‪ .‬لقد قاموا بنفس القدر من االحتجاج عندما قلت لك نفس الشيء ‪ " ،‬قالت المرأة األكبر سًن ا ‪ ،‬قبل أن تضيف‪" .‬‬
‫اقتراحي الوحيد هو نقل تدريبك إلى مكان آخر‪ .‬ربما يكون قمة التل بغطاء شجري ومنظر رائع لشروق الشمس " ‪.‬‬

‫اعترفت قمر بغزارة‪ " :‬كان يجب أن أستمع إليك" ‪ .‬هددت الدموع بالسقوط من عينيها‪ " .‬لقد طلبت مني أن أكون حذرا‬
‫لعدة تمريرات اآلن ‪ ...‬هذا خطأي‪".‬‬

‫تتأرجح من أجل والدتها بينما تعانق المرأة األكبر سًن ا حول جسدها القذر‪ " .‬أنت طفل ‪ ،‬ال أتوقع منك أن تكون أقل من‬
‫ذلك‪ .‬كنت آمل فقط أال يأتي هذا اليوم‪ .‬أنا آسف قمر ‪ .‬أنا آسف جدا‪".‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ .‬مع العلم أنها لم تكن طفلة منذ اثني عشر مرة‪ .‬ابتلعت الرغبة المتزايدة في البكاء وطلبت خشن‪" .‬‬
‫حتى يومين آخرين ؟ وهذا كل شيء ؟"‬

‫أومأت والدتها برأسها‪ .‬ورددت صدى " يومين آخرين" ‪.‬‬

‫راح الفزع يتساقط فوقها مثل سحابة ممطرة‪ .‬يومان آخران من السخرية التي يمكن أن تتعامل معها ‪ ،‬لكن الوحل المتعفن‬
‫الذي ألقي عليها كان كثيًر ا‪ .‬تألم قلبها ألسباب ال تريد االعتراف‪ .‬كانت تلك وصمة عار تتحول إلى عبء لم تكن متأكدة‬
‫من قدرتها على تحمله‪ .‬اهتزت قمر بالدموع المكبوتة‪ .‬أسكتت كلماتها‪ .‬استولت األيدي على وجهها برفق‪.‬‬

‫" يجب أن تأكل وتشرب‪ .‬أحضرت لك بقية الحساء المذاب‪ .‬أو يمكنك أن تشرب فقط إذا كنت ال تريد أن تأكل ‪ " ،‬همست‬
‫والدتها‪.‬‬

‫" سأحاول كليهما‪".‬‬

‫مع تقييد يديها ‪ ،‬سمحت قمر لوالدتها بإطعامها بالملعقة بعد ملعقة حتى زوال الحساء المذاب‪ .‬بعد ذلك ‪ ،‬ضغطت والدتها‬
‫الماء على شفتيها‪ .‬ارتشفته قمر بعناية ‪ ،‬وال تزال تشعر بالدوار من االنسكاب السابق لها‪ .‬بمجرد أن تمألها من الطعام‬
‫والماء ‪ ،‬تنهدت قمر بارتياح‪ .‬قامت والدتها بشدها وسحبها من السالسل في محاولة لتحريرها‪ .‬وال تسود‪ .‬ربت قمر على‬
‫ذراع والدتها بينما أخفت المرأة الكبيرة وجهها في يديها وبكت‪.‬‬
‫في النهاية ‪ ،‬بدأت الليالي تتالشى واستيقظت من جديد إلى اللون األصفر الفاتح‪ .‬مما يشير إلى آثار الصباح األولى‪.‬‬
‫أطلقت قمر صريًر ا مذهواًل عندما أخذت والدتها وجهها في يديها‪ .‬ضغطت شفاه دافئة على جبهتها‪ " .‬هل تريدني ان‬
‫ابقى ؟" سألت المرأة األكبر سًن ا وهي تنظف أمواج الماهوجني من عينيها‪.‬‬

‫" ال ‪ ،‬يمكنني فعل هذا‪".‬‬

‫حدقت الفضة المحترقة في خميرة بينما كانت والدتها تهمس‪ .‬لن تجلب لهم الماء مرة أخرى‪ .‬سوف تستمر في تدريبك‪ .‬لن‬
‫تسمح لهم بتحطيمك‪ .‬تفهم ؟"‬

‫أجابت قمر برأسها برأسها‪ " .‬أفهم‪".‬‬

‫" افعل كل ما تريد أن تفعله لتظهر لهم‪".‬‬

‫وأكدت قمر ‪ " :‬سأفعل" ‪.‬‬

‫طلعت الشمس فوق األفق ‪ ،‬وأضاءت القرية في ثوان معدودة‪ .‬في صمت ‪ ،‬راقبت قمر والدتها وهي تغادر ‪ ،‬تأسف على‬
‫الفور إلرسالها بعيًد ا‪ .‬لكن مجرد التفكير في أن والدتها ‪ ،‬حامد ونصير ‪ ،‬تلقت عقوبة أشد من تلك التي تسببت فيها في‬
‫تقليل فزعها‪ .‬لكن فقط قليال‪.‬‬

‫عندما بدأت الطيور في الغناء داخل تلك الشجرة الخضراء المتدفقة ‪ ،‬ازدهرت القرية على الفور‪ .‬سمعت ثرثرة فضولي‬
‫داخل أقرب أسرة‪ .‬لم يمض وقت طويل حتى بدأ القرويون في دخول المنتدى لفتح أكشاك البيع‪ .‬كانت هناك مسودة من‬
‫اللحم المتعفن جعل الطعام في معدتها مضطرًبا‪ .‬تساءلت عما إذا كان المزيد من الناس سيرمون الوحل مرة أخرى‪ .‬هبت‬
‫الريح مرة أخرى ‪ ،‬ثم أدركت أن الرائحة قادمة منها‪.‬‬

‫أبقت قمر رأسها ألسفل ‪ ،‬ناظرة إلى األرض وحاولت أال تهز السالسل‪ .‬تدفق القرويون على المكان بينما أشرقت الشمس‬
‫في السماء‪ .‬تم تثبيت الضوء الذهبي في المساء ‪ ،‬بينما كان الحكماء التسعة يمرون‪ .‬حدقت قمر ‪.‬‬

‫راقبت كل واحدة منهم ‪ ،‬متسائلة عما إذا كانوا جميًع ا وافقوا على معاقبتها بهذه السالسل‪.‬‬

‫" أظهر لهم االحترام وصمة عار!" شخص ما يصدر صوت هسهسة من ورائها‪ .‬ثم جاء األلم عندما اصطدم شيء‬
‫بظهرها المصاب‪ .‬سقطت قمر على ركبتيها من القوة‪ .‬ظهر ظهرها ينبض من جهة االتصال‪ .‬تدفقت الحارة ببطء إلى‬
‫أسفل عمودها الفقري‪ .‬لتذكيرها بفن وحامد والسبب وراء عقابها‪.‬‬

‫صرخت قمر وهي تقف على قدميها وهي تقرع بسالسلها‪ " .‬لقد هاجمنا البازالء!"‬

‫" أنا لم أهاجمهم!" خفت ‪ ،‬كما صمت المنتدى‪.‬‬

‫" لم أفعل ذلك!" همس القرويون حولها عندما اختفى الحكماء في منزلهم‪.‬‬

‫صرخت قمر طوال األيام‪ .‬واصلت الصراخ حتى أصبح حلقها خشًن ا وجشًع ا‪ .‬صرخت بينما كان القرويون يمرون‬
‫بجوارهم ‪ ،‬ولم يجرؤوا حتى على االقتراب بما يكفي لرمي أي شيء‪ .‬زحف العرق إلى أسفل ظهرها ‪ ،‬وانسكب الملح في‬
‫عينيها من جبهتها‪ .‬لقد قامت بمسح العرق على مرفقها بشكل محرج عندما خرج أحد الحكماء من حجرة المنزل‪ .‬حدقت‬
‫فيه وهو يمشي إلى األمام‪.‬‬

‫ترنمت المفاتيح من يديه المرتعشتين عندما أطلقها الحكيم‪ .‬توقف انشغال المنتدى‪ .‬اختفت الثقل على الفور عندما تحول‬
‫المفتاح إلى القفل وسقطت الكفة من معصمها‪ .‬دون أن تشكره ‪ ،‬انسحبت قمر ‪ .‬ركضت عبر بحر الخيام ‪ ،‬عبر درب‬
‫التراب وأخيرًا عادت إلى المنزل‪.‬‬

‫في جزء من الحلم والواقع جزئًيا ‪ ،‬لم تستطع قمر أن تشعر بأن والدتها تنظف وتضمد جروحها‪ .‬لم تستطع أن تشعر‬
‫بلسعة األعشاب العالجية أو البرودة الطازجة للمياه ألنها ترطب حلقها‪ .‬كانت مقتنعة أنها كانت نائمة عندما ألبستها والدتها‬
‫أخيًر ا ثوًبا بنًيا نظيًفا‪ .‬عندما ارتطم رأسها بفراشها ‪ ،‬سقطت عليها موجات من النوم‪.‬‬
‫في البداية ‪ ،‬كان عقلها مليًئ ا بالعدم السلمي‪ .‬ال أصوات لتيارات األنهار البرية‪ .‬أو بكاء الشتالت‪ .‬على الرغم من أن‬
‫الهدوء حتى وصل إلى نهايته‪ .‬في رأسها ‪ ،‬لعبت صرخات معذبة من نصير وحامد ‪ .‬سرعان ما انضم نويل الشتالت‪.‬‬
‫حتى انتهى بهم األمر بفعل األمواج السوداء‪ .‬في كل مرة تنتهي فيها كوابيسها ‪ ،‬تغرق قمر مرة أخرى‪ .‬تعود إلى نقطة‬
‫اإلرهاق عندما ال تستطيع خوض معركة‪.‬‬

‫في وقت الحق من تلك الليلة ‪ ،‬استيقظت قمر بينما كانت والدتها تغير ضمهبة تها‪ .‬جلست هناك في صمت ‪ ،‬وعيناها‬
‫البنيتان تحدقان في الخرق الملطخة بالدماء تتراكم‪ " .‬أريد أن أرى نصير وحامد الليلة‪".‬‬

‫" لماذا تخبرني بهذا ؟" استجوبت والدتها من خلفها‪ .‬استنشقت قمر بحدة حيث علقت األصابع على عالمات المخلب‪" .‬‬
‫آسف" عرضت على المرأة األكبر سنا قبل المتابعة‪ " .‬رؤيتهم هو اختيارك‪ .‬تذكر أن تختار موقًع ا جديًد ا للتدريب " ‪.‬‬

‫قمر هسهسة مرة أخرى ‪ ،‬ردت ‪ " ،‬ال أعتقد أن أًيا منا سيفعل الكثير من السجال الليلة‪ ".‬كانت عيناها تحدقان في‬
‫معصمها المغطى بالضمهبة ت‪.‬‬

‫" سيكون هذا من الحكمة‪ .‬ظهرك يحتاج إلى وقت للشفاء " ‪.‬‬

‫" ما مدى سوء ذلك ؟" سأل قمر ‪.‬‬

‫كان هناك تنهيدة من خلفها ‪ ،‬وغرمت يد كتفها برفق‪ .‬قالت والدتها بحدة قبل أن تهدر‪ " :‬ستندب ‪ ،‬تماًما مثل كل إصاباتك‬
‫األخرى" ‪ " .‬لو كنت قد وصلت إليك في وقت أقرب‪".‬‬

‫وقفت قمر من على فراشها وانتزعت بحذر ثيابها البيضاء فوق رأسها‪ " .‬لقد فعلت أفضل ما بوسعك‪".‬‬

‫" انا والدتك‪ .‬ردت والدتها بينما كانت قمر تشد سروالها البني فوق ساقيها ‪ ،‬أفترض أنني أبذل قصارى جهدي‪ .‬التقت‬
‫عيناها الخمريتان بعيون والدتها الفضية ‪ ،‬وبدأت بالفعل في الشعور بالقلق‪ " .‬كن حذرا للغاية‪".‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ .‬أجابت " حتى أكثر من أي وقت مضى" وهي تشد حذاًء جلديًا على كل قدم‪ " .‬سأعود قريبا‪".‬‬

‫وقفت والدتها من على البساط المحبوك تجمع الضمهبة ت الملطخة بالدماء في يديها‪ " .‬سيتوجب عليك‪ .‬سأحتاج إلى‬
‫تغيير الضمهبة ت الخاصة بك‪" .‬‬

‫تركت والدتها في غرفها وخرجت من منزلها‪ .‬كان الهواء البارد قليًال يقضم جسدها المكشوف وهي تمشي على درب‬
‫األوساخ ‪ ،‬تعانق ظالل خط الشجرة‪ .‬تومض عيناها فوق األشجار تبحث عن الظالل‪.‬‬

‫فضة‪ .‬كان هناك شيء ما في ضوء القمر ‪ ،‬يلمع مثل اإلغراء‪ .‬عضت شفتها ‪ ،‬وامتنعت عن المنهبة ة‪ .‬في حال كان‬
‫شخص آخر‪ .‬ولكن عندما تومض ضوء القمر فوق رأس آخر ‪ ،‬لم يعد لدى قمر شكوك حول هويته‪ .‬لمن كانوا‪ .‬ترددت‬
‫أصوات نصير وحامد عبر األشجار ‪ ،‬و قمر ‪.‬‬

‫احتج حامد قائًال‪ " :‬ال يوجد مكان على طول الطريق على طول الطريق بجوار بحيرة نصير " ‪ .‬كان يتجول على قدميه‬
‫بجوار نصير ‪ ،‬ينفث‪ " .‬ما زلت مؤلًما قليًال‪".‬‬

‫غمغم نصير ‪ " :‬توقف عن كونك شتلة حامد " ‪.‬‬

‫" قلت أنك بخير في وقت سابق‪ .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬أنا أتحمل معظم وزنك " ‪ .‬وعدل الصبي ذو الشعر الفضي قبضته‬
‫على ذراع حامد على كتفيه‪ " .‬االن اخرس‪".‬‬

‫وأضافت مبتسمة‪ " :‬إذا تحدثت بصوت أعلى ‪ ،‬فسوف توقظ القرية بأكملها" ‪ .‬خرجت قمر من الظل‪ " .‬وأنا ال أعرف‬
‫عنك ولكني ال أريد أن أكون هناك في أي وقت قريب‪".‬‬

‫توقف الصبيان في مسارهما ‪ ،‬وكالهما يحدق بها‪ .‬فجأة ترك نصير حامد ‪ ،‬تارًك ا الصبي المصاب سقط على األرض‬
‫احتجاًج ا‪ .‬لقد اصطدم بها بقوة ‪ ،‬ولف ذراعيه تلقائًيا حولها بإحكام‪ .‬عادت قمر بسعادة عناقها وهي تبتسم‪.‬‬

‫بطريقة ما ‪ ،‬تمكن حامد من التعثر في طريقه إلى قدميه‪ .‬وابتعدت نصير ‪ ،‬وهي تربت على ظهرها برفق ‪ ،‬كما لو كان‬
‫يعرف حالة إصاباتها‪.‬‬
‫اشتكى حامد " آه" ‪ " .‬أنت لست الوحيد المصاب هنا‪".‬‬

‫" آسف ‪ "،‬قال نصير واندفع إلى جانب الشقراء‪ .‬سأل الشقراء بينما كان نصير يلف ذراع حامد على كتفه‪ " .‬إذن ماذا‬
‫اآلن ؟ من المحتمل أن يقوم راكبو الحدود بدوريات في األرض المسطحة اآلن " ‪.‬‬

‫أجابت قمر ‪ " :‬نذهب إلى منحدر التل" ‪.‬‬

‫" اعذرني ؟" سأل حامد ‪ .‬يصعد أذنه تجاهها وكأنه لم يسمعها في المرة األولى‪ " .‬ماذا كان هذا ؟"‬

‫" تالل الوادي‪ .‬المتسابقون على الحدود ال يذهبون إلى هناك ويمكننا مواصلة التدريب " ‪.‬‬

‫تأوه حامد في الشكوى‪ " .‬ال تقل لي أننا نتدرب الليلة‪ .‬ال أعتقد أنني سأعيش من خالله " ‪.‬‬

‫قامت قمر بشم وإمساك ذراع حامد األخرى ‪ ،‬ولفها على كتفيها‪ .‬أجابت " ال" ‪ " .‬اعتقدت أننا سنجلس هناك لبعض‬
‫الوقت‪".‬‬

‫" تعجبني هذه الفكرة" ‪ ،‬تنفس حامد عندما بدأوا في المشي‪ .‬اشتعلت عيون سيت النيلي بينما تحدث نصير ‪.‬‬

‫" تبدو لطيفة‪".‬‬

‫ابتسم ابتسامة عريضة قمر ‪ ،‬وتنفس نفسا ممتعا الستقبال أصدقائها مرة أخرى‪ .‬تحرك الثالثة ببطء نحو قمة التل‪" .‬‬
‫حسن‪".‬‬
‫تراكم العرق على ظهرها فوق الندوب الممزقة حتى غمرها مالبسها أخيًر ا‪ .‬لقد قطفت التوت بشكل مضجر ألمها‪ .‬كان‬
‫على المرأة األكبر سنًا أن تذهب إلى المنتدى لتتاجر بالبطانيات مقابل الطعام‪ .‬كانت قمر تشمم ‪ ،‬معتقدة أنه ال أحد يريد‬
‫أبًد ا بطانيات منسوجة خالل األشهر الحارة‪ .‬واألشهر الحارة هم‪.‬‬

‫في أي مرحلة من حياتها ‪ ،‬لم تستطع قمر تذكر أي تجارب لألشهر الحارة مروعة مثل تلك التي كانت تعيشها حالًيا‪ .‬ال‬
‫يمكن حتى للعصير الحلو الحامض من التوت الطازج أن يروي الرغبة في الحصول على الماء بدًال من ذلك‪ .‬تحركت‬
‫قليًال لتفكيك ثنيات ركبتيها من ساقيها‪ .‬تلصق االلتصاق بجلدها وهي تتحرك للحصول على زاوية أفضل لمزيد من التوت‬
‫البري‪.‬‬

‫انفجر شيء ما في األشجار ‪ ،‬وجذب انتباهها إلى األشجار من حولها‪ .‬ببطء ‪ ،‬قامت بمسحهم ضوئًيا ‪ ،‬بحًث ا عن أي آثار ل‬
‫الوحش أو مهاجم على حد سواء‪ .‬ومنذ عقابها قبل ثالثة أشهر ‪ ،‬لم يكن هناك شيء مثل الحذر الشديد‪ .‬القيام برحلة أخرى‬
‫في القرية لم يكن شيًئ ا على قائمة أمنياتها‪ .‬كان هناك صمت في الهواء‪ .‬توقفت الطيور عن النقيق ألحانها‪.‬‬

‫استولت على الدلو كسالح ووقفت ثم استرخاء‪ .‬في المسافة ‪ ،‬رصدت قمر شعًر ا فضًيا شائًك ا‪ .‬مع العلم أن نصير لن‬
‫تتسلل إليها خوًف ا من فقدان جزء من جسدها ‪ ،‬افترضت قمر فقط أن حامد كان يحاول التسلل إليها ‪ ...‬مرة أخرى‪.‬‬

‫" تحذير عادل" ‪ ،‬نادت قمر األشجار‪ " .‬لقد ضربت نصير بدلو آخر مرة تسلل فيها إلي‪ .‬لن أتردد في فعل الشيء نفسه‬
‫لك حامد " ‪.‬‬

‫تال ذلك تأوه وضحك عندما خرج الصبيان من مخبئهما‪ " .‬هل كان عليك أن تخبره أن قمر ؟" سأل نصير في الشكوى‪.‬‬
‫" لن يدعني أسمع نهاية األمر اآلن‪".‬‬

‫" دلو" ‪ ،‬أزيز حامد وهو سعيد ‪ ،‬وأشار نصير إلى الشقراء ؛ كما لو أنه أوضح وجهة نظره‪ .‬ضحك حامد أكثر عندما‬
‫أصيبت باالختناق ‪ " ،‬على الرغم من أنه كان سيًئ ا بما يكفي ألنها تتفوق عليك بانتظام أثناء السجال ‪ ،‬لكن هذا شيء آخر!"‬

‫رد نصير بينما واصل حامد الثرثرة‪ " :‬على ما أذكر ‪ ،‬عادة ما تكون قمر هي األفضل لك أيًض ا" ‪ " .‬في الواقع ‪ ،‬في‬
‫اللحظة التي تقرع فيها النصل من يدك ‪ ،‬فإنك تستسلم‪".‬‬

‫" أنا ال!" احتج حامد ‪.‬‬


‫" نعم ‪ ،‬أنت كذلك" قال نصير وهو يهز كتفيه‪.‬‬

‫" انا ال!"‬

‫" أنت تفعل!"‬

‫" ال!"‬

‫" كاف!" صرخت قمر ‪ .‬تومض عيناها بين صديقيها‪ " .‬كالكما بحاجة إلى التوقف! لماذا أنت هنا ؟ وكيف وجدتني ؟"‬

‫هز حامد كتفيه ‪ ،‬وعيناه ما زالتا تلمعان في نصير ‪ " .‬نسخة قصيرة ‪ ...‬الجو حار وأريد أن أهدأ‪ .‬وجدت نصير في‬
‫سجل المنزل ‪ ،‬سحب شحوبه للخارج‪ .‬اصطدمنا بوالدتك وساعدناها كومة ضخمة من البطانيات في المنتدى‪ .‬سألت أين‬
‫كنت " ‪.‬‬

‫" وماذا قالت ؟"‬

‫أجاب حامد ‪ " :‬أنك كنت تقطف التوت لها" ‪.‬‬

‫سألت قمر في حيرة من أمرها‪ " .‬كيف وجدتني رغم ذلك ؟ هناك العديد من األماكن لجمع التوت في الغابة " ‪.‬‬

‫بدأ حامد ‪ " ،‬حسًن ا ‪ ،‬أنا" ‪ ،‬وعيناه مقلوبتان على األرض ‪ ،‬وقاطع نصير ‪ " .‬كنا نسير في هذه الحرارة ‪ ،‬نبحث عنك‪.‬‬
‫ال تدعه يكذب " ‪.‬‬

‫" إنها ليست كذبة" ‪ ،‬أجاب حامد ‪ ،‬محدًث ا في نصير ‪ " .‬لقد رأيتها ‪ ،‬لذلك وجدتها‪".‬‬

‫هبة رت قمر عينيها بغضب‪ " .‬هل حقا ؟ المشاحنات مرة أخرى ؟ ما خطبكما اليوم ؟ أنت تتصرف بأسوأ من الشتالت "‬
‫‪.‬‬

‫أجاب حامد ‪ " :‬الجو حار ‪ ،‬هذا هو األمر" ‪ " .‬اآلن ‪ ،‬تعال ‪ ...‬البحيرة ليست بعيدة جًد ا عن هنا‪ .‬تماما عند الزاوية‪".‬‬

‫" البحيرة ؟" صرخت قمر ‪ ،‬ثم سألتها بسرعة ‪ ،‬متجاهلة النظرات الغريبة من األوالد‪ " .‬لماذا نذهب إلى البحيرة ؟"‬

‫حدق نصير وحامد في قمر ‪ ،‬مما جعلها تنتقل إلى حيث تقف‪ " .‬ماذا او ما ؟" قطعت فجأة وهز الصبيان رأسيهما‬
‫بسرعة‪.‬‬

‫أجاب حامد بعناية‪ " :‬ال شيء" ‪ " .‬نحن نذهب إلى البحيرة لنبرد‪ .‬أنت تعرف ‪ ...‬تسبح‪" .‬‬

‫أفرغت حلقها‪ .‬إزاحة اإلحساس إما بالصراخ أو التقيؤ‪ .‬او كالهما‪ .‬عضت قمر شفتها وهي كذبت‪ " .‬أنا لست مثيًر ا‬
‫حتى ‪ ،‬سأمر‪".‬‬

‫شم حامد ‪ " .‬نعم ‪ ،‬هذا شيء آخر إلى جانب نقع العرق في فستانك" ‪ ،‬قال األشقر وهو يشير إلى خط العنق الذي تغير‬
‫لونه‪ " .‬ال أعتقد ذلك‪".‬‬

‫" ال ‪ ،‬أنا بخير ‪ ...‬حًق ا ‪ "،‬احتجت قمر ‪ ،‬وتنازلت عن يديها إلبعاد حامد ‪ .‬انها فشلت‪ .‬كانت يده محاطة بمرفقها لتوجيهها‬
‫إلى البحيرة‪ .‬تنفست بصعوبة محاوال الهدوء‪.‬‬

‫ساروا حول الزاوية ‪ ،‬والتقوا بصورة مثالية للمياه الزرقاء ‪ ،‬تحت سماء زرقاء‪ .‬تبث أشعة حارة عليهم‪ .‬وكل ما شعرت‬
‫به هو الثلج‪ .‬في الهدوء الذي أمامها ‪ ،‬كل ما يمكن أن تراه هو التيار األسود ‪ ،‬واليدين تحتهما تتجهان لجرها من أسفل‪.‬‬

‫تحدق من فوق كتفها بحًث ا عن مخرج لحريتها ‪ ،‬عينا قمر مغلقتين بعيون نصير ‪ .‬أضاء نيليه العميق ‪ ،‬ربما بسبب المياه‬
‫الزرقاء التي أمامهم‪ .‬حدقوا في بعضهم البعض‪ .‬تومض عيناها إلى دلو التوت في يديه الشاحبتين‪.‬‬
‫" تعال ‪ "،‬شجع حامد بسعادة‪ .‬شدتها األشقر األطول من مرفقها نحو الماء‪ " .‬ستشعر ببرودة أكبر بعد ذلك‪ .‬اعتدت أن‬
‫أفعل هذا مع بابا قبل أن يستدير إلى الزجاجة " ‪.‬‬

‫" حامد ‪ ...‬أنا ال –" احتجت بضعف ‪ ،‬وفقدت صوتها بمجرد اقترابها من الماء‪ .‬صرخات عاجزة صرخت داخل رأسها‬
‫وهي تنهمر فوق السطح األملس‪ .‬استنزف كل قتال من أطرافها بينما صرخ الخوف في أحشائها‪.‬‬

‫تمسك بقبضة حامد الحديدية ‪ ،‬وحفر أظافرها في يده في حالة من اليأس‪ .‬غرقت قمر صندلها في األرض‪ .‬أحاطت ساند‬
‫بقدميها عندما وقفت أمام حافة الماء‪ .‬فوق كتفها ‪ ،‬وجدت نصير بالقرب من خط الشجرة ‪ ،‬تسير نحوهم‪.‬‬

‫" حامد ‪ ،‬هي ال تفعل‪"-‬‬

‫وفجأة حررت الشقراء ذراعها ‪ ،‬قبل أن تمسكها من خصرها ‪ ،‬وسحبتها عن قدميها وفوق كتفه‪ .‬غارث حامد في الماء‬
‫بشكل محرج‪ .‬عضت قمر شفتها لتحافظ على صراخها تحت السيطرة مع ارتفاع المياه الباردة‪ .‬انجرفت الدوخة داخل‬
‫رأسها من البكاء أو من صعوبة التنفس‪ .‬في هذه المرحلة ‪ ،‬لم تستطع معرفة ذلك‪.‬‬

‫" حامد ! اسمح لها أن تذهب!" صاح نصير من الشاطئ‪ " .‬إنها ال تريد أن تكون هناك!‬

‫" ماذا او ما ؟" دعا حامد ببراءة‪ .‬عرفت قمر أن الصبي األشقر كان يسمع نصير ؛ كانت تسمعه‪ .‬توقف الماء عند‬
‫ارتفاع الخصر‪ .‬ارتجفت‪ .‬سحبت قمر موجاتها من خشب الماهوجني‪ .‬ظل الظالم في التيار يطفو تجاههم‪.‬‬

‫" قمر ؟" استجوب حامد ‪ .‬نظرت قمر إلى أعلى وعلى كتفها‪ " .‬نعم ؟"‬

‫" هل تشعر بالبرد ؟"‬

‫تومض عيناها مرة أخرى إلى الماء األسود لثانية قبل أن تعود إلى حامد ‪ " .‬القليل‪ .‬حان الوقت للعودة إلى الشاطئ ؟ "‬

‫تبعت نظرة حامد عندما نظر إلى الشاطئ‪ .‬وقفت الزعنفة على حافة الماء محدقة بهم‪ .‬ثم ربطت عيناها الزرقاوان‬
‫بابتسامة مؤذية على وجه حامد ‪ " .‬أعتقد أن نصير يمكن أن يكون على الشاطئ وحده لفترة أطول قليًال‪ .‬إلى جانب‬
‫الطريقة الوحيدة لالستفادة من الماء البارد هي الغطس " ‪.‬‬

‫" ماذا او ما ؟ ال!" صرخت قمر ‪ ،‬حطمت عينيها بعيًد ا عن نصير ‪ " .‬ال" احتجت مرة أخرى حتى رمى بها حامد ‪.‬‬
‫غرق آخر احتجاج لها وهي تغرق‪ .‬أحاط بها الظالم األسود القاتم على الرغم من نقاء الماء من فوق‪ .‬سعلت قمر ‪ ،‬فكانت‬
‫فقاعات من الهواء تسحب من حلقها فيما انطلقت صيحاتها‪ .‬كانت أذنيها تتألمان ‪ ،‬وتمسك يداها الوهميتان بقدمي الركل‪.‬‬
‫كسرت قمر السطح بالصراخ‪.‬‬

‫تمسكت يدي حامد لها بينما استمرت الصراخ في التمزق من حلقها‪ .‬حتى رفض صوتها االستمرار أكثر‪ .‬ألقت بشراسة‬
‫موجات خشب الماهوجني من وجهها وألمعت‪ .‬حامد يحدق فقط أثناء االنجراف في الماء‪ .‬تراجعت قمر وألقت بقبضتها‪.‬‬

‫متجاهلة قوة التنوير لديها ‪ ،‬اندفعت يدها المرفوعة في فك حامد ‪ .‬ال يزال صدى الصرخات يتردد في ذهنها عندما‬
‫خرجت من الماء بأسرع ما يمكن‪ .‬وسرعان ما تبعه حامد ‪.‬‬

‫انسحبت قمر بواسطة ودخلت في خط الشجرة‪ .‬كال الصبيان حدق بها‪.‬‬

‫" هل كانت تبكي ؟" سأل حامد بعد دقيقة صمت‪ .‬فرك فكه بحنان بينما اندفعت نصير في خط الشجرة ‪ ،‬تارًك ا حامد‬
‫وشأنه‪.‬‬

‫" ماذا حدث للتو ؟" تمتم حامد في نفسه وهو مستلقي على الشاطئ‪.‬‬

‫تبذل قصارى جهدها لتجاهل البكاء داخل رأسها والماء يسيل من جسدها‪ .‬سارت حتى اختفى اللون األزرق بمزيج من‬
‫أوراق الشجر الزمردية‪ .‬ثم انهار على األرض‪ .‬دقات قلبها ‪ ،‬قرع الطبول على التراب‪ .‬أغمضت عينيها متسائلة إذا كان‬
‫هذا الخوف سيستمر لبقية حياتها‪.‬‬

‫" قمر !" تسمى نصير من مكان ما في األشجار‪ .‬حاولت قمر أن تذوب في األرض‪ .‬لم تكن تريد التحدث‪ .‬ليس بعد ما‬
‫رأوه‪ .‬ليس بعد ما سمحت لهم برؤيته‪.‬‬
‫" قمر ؟ أين أنت ؟"‬

‫بقيت صامتة‪ .‬على أمل أن تتركها نصير وشأنها‪.‬‬

‫" قمر ؟"‬

‫جاء اسمها عدة مرات‪ .‬في بعض األحيان أقرب أو أبعد حسب المكان الذي بدا فيه الزعنفة‪ .‬سمعت تنهيدة ‪ ،‬عالمة على‬
‫االستسالم‪.‬‬

‫" من فضلك ‪ "،‬توسلت نصير بهدوء وتأوهت قمر ‪.‬‬

‫تمتمت قمر ‪ ،‬التي لم تتمكن أخيًر ا من الهدوء من الهزيمة النقية في صوت نصير ‪ " .‬أنا هنا‪".‬‬

‫" أين ؟"‬

‫تلوح بيدها من األرض وهي تعرج ‪ ،‬وهي تتدلى بشكل محرج في الهواء‪ .‬أجابت قمر ‪ " :‬ابحث عن اليد التي نبتت من‬
‫األرض" ‪.‬‬

‫" أراك‪ .‬يمكنك أن تنزل يدك " ‪.‬‬

‫تركت يدها تتخبط ‪ ،‬واستمعت إلى حركات تقترب من حفيف األوراق ‪ ،‬وفرقعة األغصان‪ .‬عندما توقفت الضوضاء ‪،‬‬
‫عرفت قمر أن نصير موجود‪ .‬نظرت إلى عينيها الخربيتين مفتوحتين ‪ ،‬فوجئت بفاين مستلقية بجانبها‪.‬‬

‫" لماذا ترقد على األرض ؟" سألت بشكل قاطع‪.‬‬

‫أجاب نصير ‪ " :‬يمكنني أن أسألك نفس الشيء" ‪ .‬عيناه األرجواني ثابتتان على نفسها‪.‬‬

‫ردت قمر وهي تهز كتفيها‪ " .‬انها مريحة‪".‬‬

‫" هكذا تعتقد" صاح نصير ‪ " .‬تحاول أن ترقد على صخرة تبدو مصممة على أن تصبح جزًءا من قفصك الصدري‪".‬‬

‫ضحكت قمر بمرارة ‪ " ،‬يمكنك دائًما النهوض‪".‬‬

‫وافق نصير ‪ " ،‬أستطيع" ‪ ،‬وهو يهز رأسه بشعره الفضي في التراب‪ " .‬لكنني أفضل ال‪ .‬أود أن أرقد على المزيد من‬
‫الصخور فقط ألجعلك تضحك أكثر " ‪.‬‬

‫صرخت‪ " .‬ليست هناك حاجة لذلك‪".‬‬

‫ابتسم نصير ‪ " :‬آمل أال يحدث ذلك" ‪ .‬تحرك على األرض ونحى الصخرة بعيًد ا‪ .‬ساد الصمت عليهم ‪ ،‬وترك قمر تغمض‬
‫عينيها مرة أخرى في استرخاء‪ .‬ثم سأل نصير بهدوء‪ " .‬هل أنت خائف من الماء ؟"‬

‫انفتحت عيناها وسألت قمر ‪ " .‬اعذرني ؟ خائف من ماذا ؟"‬

‫كررت صديقتها المقربة‪ " :‬خائفة من الماء" ‪ " .‬منذ أن عرفتك‪ .‬لم أَر ك قط بالقرب من الماء‪ .‬وإذا كنت كذلك ‪ ،‬فأنت إما‬
‫جاد أو مرعوب " ‪.‬‬

‫" جدي ؟ مذعور ؟ هذه بعض الكلمات الكبيرة لشخص ما كان عمره خمسة عشر عاًما ‪ " ،‬سخرت قمر باستخفاف‪ .‬لكن‬
‫قلبها لم يكن كذلك‪ .‬والحظت نصير ‪.‬‬

‫" عمري ستة عشر عاًما تقريًبا ولن ينجح تشتيت انتباهي عن طريق المضايقة‪ " .‬قرأت ‪ ،‬وأنا لست حامد ‪ "،‬صرح‬
‫نصير ‪.‬‬
‫" أنت لست على وشك ستة عشر تمريرة‪ .‬أبلغ من العمر ستة عشر عاًما قبل أن تفعل ذلك " ‪ .‬واحتجت قمر بشكل‬
‫ضعيف‪ .‬سقطت االبتسامة القسرية من وجهها عندما أعطاها نصير نظرة مدببة ؛ واحدة مماثلة ألمها‪ .‬فرغت من الهواء‬
‫وترهل على األرض‪ " .‬أنا" ‪ ،‬اعترفت بهدوء‪.‬‬

‫أومأ زعنفة رأسه وقال‪ " .‬شيء ما حدث لك ‪ ،‬ليجعلك على هذا النحو‪".‬‬

‫هزت قمر كتفيها‪ " .‬هل تتذكر القصة التي أخبرتك بها عندما تحدثنا ألول مرة كأصدقاء ؟"‬

‫عبر التفكير على وجه نصير كما كان يعتقد‪ .‬ثم أومأ‪ " .‬المرأة التي‪ "-‬بدأت نصير وقاطعتها قمر ‪.‬‬

‫" من فضلك ال تنتهي من هذا الفكر‪ .‬لكن نعم هذا‪" .‬‬

‫قال نصير ‪ " :‬هذا عندما أيقظ استنارة قوتك" ‪ " .‬عندما مت" ‪.‬‬

‫أشارت في اتجاه البحيرة ‪ " ،‬كان األمر ‪ ،‬وما لم أخبرك به ‪ ...‬كان متعلًق ا بالمياه" ‪ " .‬أحلم بالنهر ‪ ،‬في تلك الليلة التي‬
‫صرخت فيها الشتالت طلبًا للمساعدة‪ .‬وعندما فشلت " ‪.‬‬

‫فتح نصير فمه للرد وقطعته قمر ‪ " .‬ما فائدة امتالك قوة التنوير عندما ال يمنحك القوة للتغلب على الخوف ؟ هذا‬
‫الفشل ؟ يجعلني أتساءل عن عدد الشتالت التي لقيت نهايتها عند هذا النهر " ‪.‬‬

‫قال نصير ‪ " :‬لن ترغب حًق ا في معرفة ذلك" ‪ " .‬ليس صحيحا‪".‬‬

‫هزت رأسها‪ " .‬على االغلب ال‪ .‬لكن كان من المفترض أن أكون واحًد ا منهم‪ .‬كدت أموت في ذلك النهر مرتين " ‪.‬‬

‫" مرتين ؟!" صاح نصير ‪ ،‬اتسعت عيناه األرجوانية بصدمة‪ " .‬ماذا تقصد مرتين ؟"‬

‫أوضحت قمر بوينت بالنك‪ " :‬ألقى أحد المهاجمين بي عندما ال أكون لطيًف ا معه" ‪ " .‬جذبني التيار وأخذني لألسفل‪ .‬قام‬
‫شخص ما بإخراجي " ‪.‬‬

‫" من الذى ؟"‬

‫" أعتقد أنه كان متسابًق ا على الحدود‪".‬‬

‫تنهدت قمر في الهدوء وبدا نصير ‪ " .‬أنت ال تنتمي إلى هناك‪ .‬أمك احتفظت بك لسبب ما‪ .‬وفعلت األم ذلك ولم تفشل في‬
‫ذلك‪ .‬لقد بذلت قصارى جهدك مثل الشتالت بنفسك‪ .‬لقد عشت معجزة " ‪.‬‬

‫" أنا أسمعك‪ .‬أنا أفعل ‪ " ،‬تمتمت عندما أعطاها نصير التحديق الذي يبحث عن النفس‪ .‬اتبعت عيناها الخربيتان نمل‬
‫هرع عبر التراب وهي تمضي في طريقها‪ " .‬لكنك تحاول أن تخبر رأسي بذلك‪ .‬بالنسبة للممرات ‪ ،‬كنت أسمع الشتالت‬
‫في رأسي‪ .‬يبدو أن الكوابيس تزداد سوًءا‪ .‬هل هناك أي طريقة لمحاربة رأسي ومخاوفي ؟ "‬

‫أجاب نصير ‪ " :‬ال أعرف" ‪ .‬استقر الثقل في الهواء واتبعت عيناه الحشرة أيًض ا‪ .‬كرر‪ " :‬ال أعرف" ‪ " .‬لكنني سأساعدك‬
‫على أي حال‪ .‬كل ما عليك فعله هو أن تسألني " ‪.‬‬

‫وجدت يدها عندما ابتسمت قمر لنصير ‪ ،‬وهي تعلم أن بعض الضيق قد خف‪ .‬ومعرفة أن لديها شخص مثله بجانبها‪" .‬‬
‫أنا أعرف‪ .‬أنت صديقي المفضل نصير " ‪.‬‬

‫سافر أحمر الخدود الخافت على خدي نصير وضحك بهدوء‪ " .‬حسن‪ .‬أنت تعلم أن حامد سيكون أفضل صديق لك " ‪.‬‬

‫وافقت قمر وهي واقفة " األسوأ" ‪ .‬مدت يدها إلى نصير ‪ " .‬بعد كل شيء ‪ ،‬كان على أعز أصدقائي أن يرقد على‬
‫الصخور من أجل التحدث معي‪".‬‬

‫" لقد وضعت على واحدة‪ .‬ابتسمت نصير وأخذت يدها‪ " .‬الحق يقال ‪ ،‬لم أكن أخطط لالستلقاء بعد اآلن‪ .‬واحد كان سيئا‬
‫بما فيه الكفاية " ‪.‬‬
‫فرك البقعة المؤلمة على بطنه ‪ ،‬و قمر ‪ " .‬نبتة" ‪ .‬ثم حركت نفس البقعة بأصابعها‪.‬‬

‫" مهال!" اشتكى نصير بينما انسحبت قمر منه‪ .‬ركضت حتى خط الشجرة ‪ ،‬ثم توقفت‪ .‬تصادمت على شاحنة شجرة‬
‫عندما اصطدمت نصير بها‪ .‬انتزع ثوبها واستخدمها لتحقيق التوازن‪.‬‬

‫" لماذا فعلت‪ -‬؟"‬

‫قامت قمر بقص ذقن نصير ‪ ،‬مما جعله ينظر إلى ما كانت تحدق فيه‪.‬‬

‫زودت " األسوأ" ‪.‬‬

‫وافقت ‪ " ،‬األسوأ" ‪ ،‬وهم يشاهدون حامد تأكل التوت الذي كانت تجمعه من الدلو‪ " .‬شاهد هذا" ‪ ،‬غمغم قمر لفن‪.‬‬

‫" كما تعلم ‪ ...‬تناول الكثير من التوت سوف يزعج معدتك" ‪ ،‬قالت قمر مازحة‪ .‬لقد أذهلت الدلو من يدي حامد وهي‬
‫تمشي من خط الشجرة‪ .‬سقطت قطرات المطر الزرقاء‪.‬‬

‫" لم أكن آكلهم ‪ "،‬نفى حامد ‪ " .‬أقسم! كانت هناك هذه الطيور تحاول أكلها مع عدد قليل من حيوانات الراكون‪ .‬كنت‬
‫أحميها! "‬

‫" إذن الزرقة على فمك… ؟" استجوب نصير ‪ ،‬وهو يقوس حاجب صديقهم‪.‬‬

‫انضمت قمر ‪ " ،‬هل أنت طائر أيًضا ؟ ال أرى ريًش ا ‪ " ...‬قالت ‪ ،‬وهي تنظر بعينها إلى حامد كما لو كانت تبحث عن‬
‫ريش‪.‬‬

‫أجاب حامد مذنًبا‪ " :‬ال" ‪ " .‬أنا آسف ‪ ،‬لقد جعت‪".‬‬

‫أومأت برأسها متعاطفة‪ " .‬أنا أفهم ‪ ،‬لكني أحتاجك أكثر من مجرد اعتذار عن كل شيء‪".‬‬

‫" ماذا تحتاج ؟" سأل حامد ‪ ،‬قفز على قدميه‪.‬‬

‫ردت بابتسامة‪ " :‬التوت" ‪ " .‬وقد تطوعت لتوك للمساعدة‪".‬‬

‫تنهد حامد ‪ .‬يبدو أن طاقته المكتشفة حديًث ا تستنزف في ذلك الوقت وهناك‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬لنفعل هذا" ‪ ،‬تمتم مستسلًما‪.‬‬

‫" هذه هي الروح ‪ "،‬غردت قمر وهي تلقي ذراعيها على أكتاف مختلفة‪ .‬جمعت نصير وحامد مًع ا في عناق‪ " .‬دعونا‬
‫نبدأ في قطف التوت‪".‬‬

‫في ذلك المساء ‪ ،‬بعد ظهر يوم حار طويل من قطف التوت ‪ ،‬فاجأت قمر والدتها عندما عادت‪ .‬لم يكن هناك دلو واحد‬
‫ممتلئ فحسب ‪ ،‬بل اثنان‪ .‬كانت المرأة المسنة سعيدة لكنها محتارة‪ " .‬كيف اخترت قريبا الكثير ؟" تساءلت ‪ ،‬ألنها دّست‬
‫التوت البري بعيًد ا للتجارة غًد ا‪.‬‬

‫ابتسمت قمر ‪ .‬أجابت " طيور" قبل دخول غرفتها‪.‬‬

‫كانت والدتها ال تزال في حيرة من تناول العشاء ‪ ،‬لكنها لم تجرؤ على السؤال مرة أخرى‪.‬‬
‫ورن قمة التل مع اصطدام المعادن بالمعدن بينما تشاجر شخصان‪ .‬فجأة ‪ ،‬قام أحد المقاتلين بالهجوم وضرب اآلخر‪ .‬تلمع‬
‫شفرة معدنية في ضوء القمر كما ارتفعت في الهواء بعيًد ا عن معالجها‪ .‬الهبوط على بعد أمتار قليلة‪.‬‬

‫" أنا أعطي!"‬

‫شم قمر ‪ " .‬بالطبع أنت تفعل حامد ‪ .‬أنت تستسلم في كل مرة أطرق فيها السيف من قبضتك " ‪.‬‬

‫" أنا ال!"‬


‫أعطت الشقراء نظرة مدببة‪ .‬واحدة ذكرت بوضوح أنه كان في حالة إنكار‪ .‬هز حامد كتفيه‪ " .‬أنا أعرف معركة خاسرة‬
‫عندما أرى واحدة ‪ "،‬صرح ببساطة وخرج ليجد سيفه‪ .‬وأضاف‪ " :‬عالوة على ذلك ‪ ،‬فإن تجنيبك لسبعة عشر تمريرة‬
‫علمني الكثير‪".‬‬

‫صحح قمر " أربعة آيات" ‪.‬‬

‫" ماذا او ما ؟"‬

‫" عرفنا بعضنا البعض فقط ألربعة تمريرات‪ .‬لقد التقينا عندما كنا في الثالثة عشرة ‪ ،‬واآلن نحن في السابعة عشرة ‪" ،‬‬
‫أوضح قمر ‪.‬‬

‫تمتم حامد ‪ " :‬صوتك مثل نصير " ‪ " .‬تصحيح الناس دائما‪".‬‬

‫جلس على جذع شجرة ساقط انتقلوا إلى قمة التل قبل شهرين‪ .‬أشبه بتحريكها ‪ ،‬بينما كان نصير وحامد يشاهدان‪ .‬لم يعد‬
‫عليهم الجلوس على األرض الباردة‪ .‬قال حامد " أتساءل كيف حاله ‪. "...‬‬

‫" والدته مريضة من المرض" ‪ ،‬تنهدت قمر ‪ ،‬وانضمت إلى حامد على الشجرة الساقطة‪ " .‬ال أستطيع أن أتخيل ما يمر‬
‫به‪".‬‬

‫طمأن حامد وهو يربت على ركبتها‪ " :‬ستكون والدته بخير" ‪ .‬أومأت قمر برأسها بينما تابع حامد ‪ " .‬أفضل معالج‬
‫وابنتها معه بجانب والدته" ‪.‬‬

‫قالت قمر ‪ " ،‬أنا أعلم" ‪ ،‬وعيناها تحدقان في األرض المتجمدة‪ " .‬أتمنى أن أكون هناك من أجله‪".‬‬

‫" أنا أيضا‪".‬‬

‫كانت موجات الماهوجني تتطاير بقوة حساب‪ " .‬ال تجرؤ على التفكير في األمر! يؤثر هذا المرض أكثر من غيره‪ .‬في‬
‫الواقع ‪ ،‬يجب أن تكون في منزلك ‪ ،‬وليس هنا! "‬

‫لوح حامد يديه ببراءة‪ " .‬لم أقل إنني سأذهب لرؤيته‪ .‬أعلم أنه أمر خطير ‪ ،‬باإلضافة إلى أن شخًص ا ما كان يجب أن‬
‫يأتي إلى هنا ويطلعك على اطالع دائم " ‪.‬‬

‫" أمي أخبرتني عن والدة نصير باألمس‪".‬‬

‫" لقد فكرت كثيًر ا ‪ ،‬لكن هل أخبرتك أن والدة نصير كانت مريضة قبل يومين من أمس ؟" سأل حامد ‪ .‬هزت قمر‬
‫رأسها‪ " .‬ال ‪ ...‬كيف تعرف ذلك ؟"‬

‫" القرية كلها تعرف أساًس ا‪ .‬سمعته من سكينر الذي سمعه من المطاوع الذي سمعه من شخص آخر " ‪.‬‬

‫قمر منزعج‪ " .‬هذه مجرد كلمة شفهية‪ .‬آمل أن يسير كل شيء كما نأمل ‪ ،‬كما تعلم ؟ "‬

‫" نعم ‪ ،‬أعرف" ‪ ،‬أومأ حامد ‪ " .‬يجب أن أعود‪ .‬ال يعني ذلك أن السكير سيفتقدني ‪ ،‬لكني بحاجة للتأكد من أنه ال يحرق‬
‫الحداد " ‪ .‬أشارت يده إلى الدخان العالق فوق القرية‪.‬‬

‫" هذا ليس الحداد المشتعل" ‪ ،‬صرحت قمر رسمًيا‪.‬‬

‫" أعلم ‪ ،‬على الرغم من أنني أتمنى اآلن ‪ "،‬غمغم حامد بأجواء‪ .‬كانت عيناه ال تزاالن مثبتتان على الدخان عندما كان‬
‫واقًف ا‪ " .‬سيف ؟"‬

‫" هنا‪".‬‬

‫سلمته النصل‪ " .‬تصبحون على خير حامد ‪".‬‬


‫" و انت ايضا‪".‬‬

‫بقيت قمر على قمة التل حتى اختفى حامد في القرية‪ .‬بسرعة ‪ ،‬سافرت إلى المنزل لمنع البرد من قضم جلدها من خالل‬
‫عباءتها‪ .‬دفعت الباب الخشبي بفتحه وأغلقته على عجل خلفها إلشعال النار في الموقد‪.‬‬

‫داخل المنطقة الرئيسية ‪ ،‬لم يكن هناك سوى الصمت‪ .‬وال حتى والدتها في مركز النسيج‪ .‬منذ أن جاءت األشهر الثلجية ‪،‬‬
‫طالب سكان القرية بالمزيد من البطانيات والعباءات والحصائر المنسوجة‪ .‬كانت والدتها تحاول تلبية هذا الطلب ليل نهار‪.‬‬

‫ألقت قطعة خشبية أخرى على اللهب الخافت ثم سحبت عباءتها وحذاءها الجلدي من جسدها‪ .‬اهتزت أمواج الماهوجني‬
‫الجامحة من وجهها ‪ ،‬ودخلت قمر غرفها‪ .‬اختنقت تثاؤًبا ‪ ،‬أمسكت بجزء السفلي من سترتها البيضاء ‪ ،‬وبدأت في سحبها‬
‫فوق رأسها‪.‬‬

‫" انتظر‪".‬‬

‫على الفور تعرفت على هذا الصوت‪ .‬بجنون ‪ ،‬أعادت سترتها إلى مكانها قبل أن تستدير وتحدق في الظالم‪ " .‬زعنفة ؟"‬
‫همست ‪ " ،‬ماذا تفعلين هنا ‪ "...‬تالشى صوتها عندما رأت وجهه من الضوء المتزايد في المنطقة الرئيسية‪.‬‬

‫" زعنفة ؟" تساءلت مرة أخرى ‪ ،‬بهدوء هذه المرة‪ .‬كان هناك شيء مختلف عندما خطت نحوه‪ .‬كان موقفه اليومي‬
‫مستقيمًا وصلًبا ‪ ،‬ومناسًبا في الغالب للمستنير‪ .‬اآلن ‪ ،‬بدا األمر وكأنه ذبل داخل صدفة‪ .‬صغير‪ .‬عند رؤيته هكذا ‪ ،‬أزعج‬
‫قلبها‪ .‬مما يجعله يؤلمه‪ " .‬ما هذا ؟‬

‫األذرع الكبيرة التي شهدت عدة طفرات نمو خالل آخر مرور أو نحو ذلك ‪ ،‬محاطة حولها‪ .‬التقى وجهها بصدره‬
‫العريض بينما كان قلبه يدق على أذنيها‪ .‬عبرت أنفاس الدفء على جلدها عندما دفنت نصير وجهه في شق رقبتها‪.‬‬

‫لف ذراعيها حول جذعه بينما اهتز جسده تحت يديها‪ .‬لم تجرؤ قمر على السؤال مرة أخرى ‪ ،‬وهي تعرف اإلجابة‬
‫بالفعل‪ .‬سقط البلل على جلدها العاري ‪ ،‬ودفن في الترقوة‪ .‬شددت ذراعيها حوله ووقفت‪ .‬كسر قلبها من أجله‪ .‬انقضى‬
‫الوقت ببطء حتى توقف نصير عن االهتزاز‪ .‬لكنه كان قذيفة ألنها سحبت من قبضته الضعيفة‪.‬‬

‫طاف قمر على عينيه النيليتين الفارغتين وأمسك يديه برفق‪ .‬لقد ناورت نصير بسهولة إلى سريرها‪ .‬استلقى تلقائيا ‪،‬‬
‫متهدال من الفراغ‪ .‬استلقت معه ‪ ،‬ولف ذراعي نصير على الفور على خصرها‪ .‬تمد رقبته من رقبتها كما لو كانت الشيء‬
‫الوحيد في العالم الذي يبقيه على األرض‪.‬‬

‫لقد رتبت بشكل محرج لتكون مرتاحة ضد القبضة القوية التي كانت لدى صديقتها المفضلة عليها‪ .‬لكنها لم تستطع‪ .‬ليس‬
‫عندما خفق قلبها على ذراع نصير وكانت ذراعيها مثبتتين على جانبيها‪ .‬ولكن عندما يطلق نصير نفسا مرتعشا ؛ وجدت‬
‫أن كل شيء على ما يرام كما يمكن أن يكون‪ .‬استرخى عليها‪ .‬شعره الفضي الشائك دغدغ وجهها‪ .‬حدقت قمر في السقف‬
‫المكسو بالجلد فوقهم‪ .‬لقد فقد نصير والدته للتو‪.‬‬

‫رفرفت عيناها‪ .‬كانت تحدق في الظل فوقها عندما ضغط شيء دافئ على شفتيها‪ .‬اختفى الظل ورفرفت عيناها‪.‬‬

‫عندما حل الصباح ‪ ،‬استيقظت قمر وحدها ‪ ،‬ملتفة في عشها المعتاد من البطانيات‪ .‬تنظر حول غرفها‪ .‬النوم يتالشى‬
‫بسرعة من عينيها‪ .‬لم يكن العثور على نصير في أي مكان‪ .‬ولم تجد أي شيء يثبت أنه كان هنا‪ .‬فقط رائحة خشب‬
‫الصندل الباهتة على وسادتها حيث كان يتقاسم سريرها‪ .‬كانت تأكل بصمت ‪ ،‬وتدفع الطعام الذي ال طعم له في حلقها‬
‫بقلق‪.‬‬

‫بمجرد االنتهاء ‪ ،‬غامرت بالخارج لجمع المزيد من الحطب للموقد‪ .‬وقضت بقية اليوم تشاهد الدخان يزحف إلى سماء‬
‫القرية‪ .‬يتساءل ما إذا كان نصير موجوًد ا هناك بمفرده ‪ ،‬يراقب والدته وهي تقابل النيران‪.‬‬

‫في وقت الحق من ذلك المساء ‪ ،‬أكل أرانا بالسرعة السابقة ثم ركض إلى قمة التل على أمل العثور على نصير ‪ .‬تبددت‬
‫آمالها عندما وقف حامد من على السجل المتساقط تحت ضوء القمر الساطع‪ .‬انفصلت عن خط الشجرة القاحلة ‪،‬‬
‫وانضمت إلى حامد بتعبير مطابق على وجهها‪ .‬لم يتحرك أي منهما للتدريب في تلك الليلة‪ .‬يحدق فقط في سماء الليل ‪،‬‬
‫يشاهد سحابة الدخان المتزايدة تغزو منزلهم في وباء‪.‬‬
‫عادت إلى المنزل مبكرا‪ .‬على أمل ضئيل في أن تنتظرها نصير في غرفها مرة أخرى‪ .‬أعطتها والدتها نظرة مفاجأة‬
‫عندما أزالت عباءتها من فوق رأسها‪ .‬قدمت لوالدتها تحية قصيرة ‪ ،‬تليها عرض أقصر من ليلة سعيدة ‪ ،‬دخلت غرفتها‪.‬‬
‫كان فارغا‪.‬‬

‫فاضت خيبة األمل عليها‪ .‬في تلك الليلة ‪ ،‬ترددت صيحات الصيحات بصوت أعلى من ذي قبل ‪ ،‬ولم تجرها األيدي‬
‫الغامضة في الماء ‪ ،‬بل نصير تحتها‪.‬‬

‫استيقظت وهي تصرخ‪.‬‬


‫ثنت األلم من أصابعها وهي تجلس على جذع شجرة ساقط‪ .‬كانت المفاصل الرقيقة تتأرجح من مساعدة والدتها في مركز‬
‫النسيج طوال اليوم‪ " .‬هل كنت هنا منذ فترة طويلة ؟"‬

‫نظرت قمر إلى أعلى ‪ ،‬ووجدت حامد يمشي نحوها‪ " .‬ال‪ .‬فأجابت ووقعت عيناها على يديه الفارغتين‪ " .‬ال سيوف اليوم‬
‫؟"‬

‫أجاب حامد ‪ " :‬ال جدوى من ذلك" ‪ " .‬الشخص الذي يحتاجها ليس هنا‪".‬‬

‫" نحن جميًع ا بحاجة إلى التدريب‪".‬‬

‫سقطت عيناها على األرض ‪ ،‬محدقتين في الظل األبيض للثلج‪ .‬لقد كان يومين‪ .‬منذ يومين منذ أن رأت نصير في‬
‫منزلها‪ " .‬أنا متأكد من أنه بخير" ‪ ،‬غمغم حامد بهدوء‪ " .‬سوف يحضر‪".‬‬

‫" لقد فقد والدته حامد للتو" ‪ ،‬قالت قمر بتواضع وهي تقف‪ .‬تحطمت خطواتها فوق الجليد الجليدي وهي تطأ قدمها عبر‬
‫قمة التل‪ " .‬إذا فقدت والدتي ‪ ....‬سأكون مثله‪".‬‬

‫هز حامد كتفيه ‪ ،‬وسقط على قمة السجل الساقط‪ " .‬لن أعرف‪ .‬قابلت والدتي النيران عندما كنت براعم‪ .‬ال أستطيع‬
‫تذكرها إذا حاولت‪ .‬وبابا الخاص بي ليس هو األفضل " ‪.‬‬

‫" هل كان هناك أي شخص آخر يهتم بك وأنت بهم ؟" استجوب قمر ‪ .‬أومأ الصبي األشقر برأسه‪ " .‬جدي‪ .‬لقد جعل‬
‫والدي يتعافى قليًال من الحزن قبل وفاته‪ .‬هل هذا مشابه ؟ "‬

‫" بالطبع هو كذلك‪".‬‬

‫محادثتهم انفصلت عن الصمت‪ .‬تساقطت الثلوج الخفيفة على القرية‪ .‬سقطت أول ندفة ثلجية بيضاء على ركبتها عندما‬
‫تحدث حامد ‪ " .‬فكرت في شيء!"‬

‫قالت قمر بحسرة‪ " :‬أخشى أن أسأل" ‪ " .‬لكن ال تؤذي رأسك هناك‪".‬‬

‫قفز حامد على كتفها ‪ " ،‬أنا جاد" ‪.‬‬

‫تنهدت قمر ‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬أنا أستمع" ‪ ،‬تمتمت بهزيمة تامة وانضمت إلى حامد على جذوع األشجار الساقطة‪.‬‬

‫" أبي مفترق وأمك بال قيود‪ .‬عرض حامد ‪ ،‬ربما يمكننا أن نلعب القدر‪.‬‬

‫تراجعت عدة مرات‪ .‬عقلها يحاول فهم الكلمات التي قالها حامد للتو‪ " .‬هل تريدني أن أساعدك في إعداد والدتي مع‬
‫والدك المخمور ؟" سألت ببطء‪ .‬إلقاء نظرة خاطفة على حامد جانبية‪ " .‬هل هذا فهمي هنا ؟ فقط ما رأيك في هذه األشياء‬
‫؟"‬

‫غمغم غارث‪ " :‬اآلن وضعت األمر على هذا النحو ‪ ،‬ليس أعظم فكرتي" ‪ " .‬كان كل هذا الحديث عن األسرة ‪ ،‬والرغبة‬
‫في عائلة حقيقية‪ .‬وأنت مثل أخت لي ‪ ،‬لماذا ال تجعلها رسمية ؟ "‬

‫" الموافقة لها عالقة بجعلها رسمية كما تعرف‪ .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬كونك أختك لن يؤدي إال إلى اإلضرار بسمعتي ‪،‬‬
‫ضحكت قمر ‪.‬‬
‫" وأنا" ‪ ،‬علق حامد وهو يشارك في الضحك‪ " .‬لن تقترب مني أي من السيدات مرة أخرى‪".‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ " .‬مثلما يفعلون اآلن ؟" استجوبت بسخرية‪.‬‬

‫صاح حامد مبتسمًا‪ " :‬غير مطلوب" ‪ .‬ثم دفعها في الثلج‪ .‬كانت قمر تلمع قبل أن تجلس على جذوع األشجار المتساقطة‪.‬‬
‫قامت بمسح الثلج من ركبتيها وهي تسأل ‪ " ،‬لماذا ال تتجول السيدات فوق رجلك ؟"‬

‫توقف حامد لوقت كاٍف حتى تصلح له قمر نظرة مدببة‪ " .‬خارجا معه‪".‬‬

‫" كثيرون يغارون منك‪".‬‬

‫هربها الضحك قبل أن تتمكن من احتوائه‪ " .‬لماذا ؟ إنهم ال يعرفونني حتى " كانت تتنفس بعدم تصديق‪ " .‬هذا تماًما‪"-‬‬

‫انتهى حامد قبل أن تتاح لها الفرصة‪ " .‬لقد توصلت إلى استنتاج مفاده أن بعض النساء الالتي مررن بنا يشعرن بالغيرة‬
‫منك لواحد من ثالثة أسباب‪ ".‬ارتفع إصبع واحد من يد حامد وهو يكمل‪ " .‬واحد ‪ ،‬أنت مستنير ‪ ،‬ليس مرة واحدة بل‬
‫مرتين‪".‬‬

‫انضم إصبع آخر إلى األول‪ " .‬اثنان ‪ ،‬لديك وسيلتان محطمتان بجانبك و هو األكثر طلًبا في القرية‪ ".‬ارتفع إصبع ثالث‬
‫بينما غمغم حامد ‪ " .‬وأنت لست فظيًع ا جًد ا للنظر إليك‪".‬‬

‫إسكات الصوت في رأسها الذي سخر من كونها وصمة عار‪ .‬الذي سخر منها بسبب البحث عن نصير ؛ التواء عقدة‬
‫غير مريحة في قلبها‪ .‬دفنت الشعور الغريب بعيًد ا وضربت عينيها ساخًر ا‪ " .‬هل تجدني جميلة حامد ؟" هي هديل‪.‬‬

‫صفق األشقر بيده على صدره بشكل دراماتيكي‪ " .‬أوه ‪ ،‬أنا كذلك ‪ ،‬لكن قلبي ملك آلخر‪".‬‬

‫" هل حقا ؟" استغربت قمر بفضول ‪ " ،‬أين قابلتها ؟"‬

‫أجاب حامد بهدوء‪ " :‬إنها ابنة المعالج" ‪ .‬حدقت عيناه الزرقاوان في القرية‪ " .‬شيء جميل هي‪ .‬أشقر وغير مضاء ‪،‬‬
‫مثلي‪ .‬تغيرت عيناها دقيقة واحدة رمادية ‪ ،‬زرقاء أخرى‪ .‬انهم الكمال‪".‬‬

‫ابتسمت قمر ‪ ،‬وهي تدفع برفق حامد في ذراعه‪ " .‬هذه هي المرة األولى التي أسمع فيها تتدفق على فتاة‪ .‬خاصة عينيها‬
‫"‪.‬‬

‫أحمر خدود ناعم غير المع على خدي حامد ‪ ،‬متورد بجلد لدغة باردة‪ " .‬المرة األولى التي سمعت فيها على األقل‪".‬‬

‫" هكذا…" تراجعت قمر ‪ ،‬تقوس حاجبيها‪ " .‬هل تحدثت عنها من قبل مع آخرين ؟ ماذا قالوا ؟"‬

‫تمتم حامد وهو يهز رأسه‪ " .‬أنا أرفض اإلجابة على هذه األسئلة‪".‬‬

‫" حسًن ا ‪ ...‬ما اسمها ؟" سألت قمر مبتسمة‪.‬‬

‫" اسمها ؟" استجوب حامد ‪ ،‬اتسعت األزرق لها‪ .‬أومأت قمر برأسها ‪ " ،‬نعم ‪ "،‬أجابت ببطء ‪ " ،‬لديها اسم أليس‬
‫كذلك ؟"‬

‫تمتم حامد ‪ " :‬لم أفهمها أبًد ا" ‪ .‬يفرك مؤخرة رقبته‪ " .‬كنت فاقًد ا للوعي في ذلك الوقت بسبب إصاباتي الرجولية‪".‬‬

‫" متى كان هذا ؟ لم تصب في عدة ممرات ‪ ...‬ليس منذ ‪" ...‬‬

‫" عندما هاجمنا الوحش ‪ "،‬أوضح حامد بشكل قاطع‪ .‬استهجن الالمباالة وهو يواصل‪ " .‬لم أذهب إلى منزل المعالج منذ‬
‫ذلك الحين‪".‬‬

‫غضبت قمر من الغضب وعدم التصديق ألن صديقتها سخرت من موته المحتمل‪ .‬قالت‪ " :‬كدت تموت في تلك الليلة" ‪" .‬‬
‫ما زلت تحمل تلك الندوب على كتفك‪ .‬أنا ال أفهم كيف يمكنك أن تبدو غير مهتم بذلك " ‪.‬‬
‫هز كتفيه ثم أمسك بيديها‪ .‬دفعت حامد الكم الفضفاض من السترة ألعلى ‪ ،‬كاشفة عن الندوب الملتوية حول معصمها من‬
‫السالسل‪ .‬كلنا نحمل ندبات من تلك الليلة‪ .‬البعض منا لديه المزيد ‪ ،‬وهم يجرون أعمق " ‪.‬‬

‫سحبت يديها بعيًد ا ‪ ،‬ودفعت األكمام الفضفاضة إلى أسفل إلخفاء ندوبها‪ " .‬أنا ال أعرف ما الذي تتحدث عنه" ‪ ،‬احتجت‬
‫قمر ‪ ،‬كادت أن تكون قاتلة‪ " .‬انا جيد‪ .‬كنت بخير قبل شريرين ‪ ،‬وأنا بخير اآلن " ‪.‬‬

‫أشار حامد إلى أن " نصير كان سيتجادل معك إذا كان هنا" ‪ .‬شممت قمر ‪ ،‬ثم ردت‪.‬‬

‫" نصير يميل إلى فعل ذلك ‪ ،‬لكنك لست هو‪ .‬لذلك لن تتجادل حول هذا األمر أيًض ا‪ .‬في الواقع ‪ ،‬سيكون إلغاء هذه‬
‫المحادثة تماًما أمًر ا رائًع ا " ‪.‬‬

‫" أخبرني نصير عن كوابيسك ‪ "،‬همس حامد ‪.‬‬

‫" أسقطها" ‪.‬‬

‫" أنت ال‪"-‬‬

‫" توقف عن اإلصرار" ‪ ،‬التقطت‪ .‬تلمع عينيها الخمريتين في حامد ‪ " .‬توقف‪".‬‬

‫تنهد حامد بجانبها ‪ ،‬وكانت يداه تسقطان في حجره وهو مترهل‪ " .‬بخير‪ .‬سوف أسقطها ‪ ،‬لكن دعني أقول هذا‪" -‬‬

‫" ال‪".‬‬

‫فجأة انغمست في عناق غير متوقع‪ .‬ملفوف ذراعي حامد على كتفيها‪ .‬تمتم حامد ‪ " :‬لقد تأخرت عمري سنتين" ‪ " .‬لكن‬
‫شكرا لك على إنقاذ حياتي‪".‬‬

‫" لم أكن وحدي –" بدأت قمر ‪ ،‬وهي تربت على جانب حامد بشكل محرج مع أمهاتها المحاصرين تحت جسده‪ .‬ثم‬
‫تحطم الشعر الفضي عبر خط الشجرة‪ .‬قفز كل من قمر وحامد على أقدامهما ‪ ،‬ودفقا مع الصوت‪ .‬ولكن قبل أن يتمكن أي‬
‫شخص من الكالم ‪ ،‬تعامل نصير مع حامد ‪ .‬فتحت ذراعيه الشاحبتان حول معدة حامد ‪ ،‬مما دفع الصبي األشقر إلى‬
‫الهبوط‪ .‬تمزق حامد عباءة قبل أن يسقط‪ .‬تم إرسالهم وهم يهبطون على قمة التل‪.‬‬

‫تدحرجت ثالثة منهم‪ .‬يتناوب كل منهم على تحطيم الصخور واألشجار وبعضهم البعض أثناء ذهابهم‪ .‬شعرت قمر بشخير‬
‫عندما هبطت على األوساخ الباردة القاسية ؛ وصلت أخيًر ا إلى قاعدة التل‪ .‬استنشقت ‪ ،‬واستغرقت لحظة لتتنفس حتى‬
‫انتهى بعنف‪ .‬سقطت صرخة بنات من فمها عندما سقطت حامد على ظهرها‪.‬‬

‫لفتت الحركة من زاوية عينها انتباهها ‪ ،‬ثم تم دفعها مرة أخرى بواسطة نصير ‪ .‬هبطت قمر على ظهرها‪ .‬كانت عيناها‬
‫تحدقان في سماء الليل ‪ ،‬والزعنفة ملقاة فوقها‪ .‬نظرت إلى الجانب ووجدت حامد ‪ ،‬على بعد بضعة أقدام فقط‪.‬‬

‫كانت تناضل من أجل الحصول على ذراعيها طوال الوقت ‪ ،‬بينما كانت نصير تتذمر عليها‪ .‬حركته جانبًا مستخدمة‬
‫الجزء العلوي من جسدها وقدميها‪ .‬هبطت الزعنفة ونخر على التراب‪ .‬وقفت قمر ‪ .‬لمع الخطوط العريضة لوجه نصير‬
‫في الليل المرصع بالنجوم ‪ ،‬مما أعطاها تفاصيل العرق والدم على جبهته‪ .‬جلست في وضع القرفصاء ‪ ،‬وتدرس أشعثه‬
‫أكثر‪ .‬احترقت أطراف أصابعها عندما لمست وجهه ‪ ،‬ثم أدركت ما الذي كان يؤلمه‪ .‬كان نصير المرض‪.‬‬

‫قفزت قمر منتصبة عندما وقف حامد وهو ينطق باللعنات‪ .‬أغلق المسافة القصيرة بينهما‪.‬‬

‫" هل كنت تحاول قتلنا ؟" استجوبها بحرارة وهو يحاول التحرك حولها للوصول إلى نصير ‪ .‬حدقت عيون زرقاء‬
‫غاضبة في وجهها عندما تحركت في طريقه‪ .‬ترقق فم حامد ‪ ،‬مما أدى إلى إرسال قطرات دم خافتة إلى شفتيه‬
‫المكسورتين‪.‬‬

‫" اآلن أنت ؟" سألها حامد وأشار بغضب إلى حيث ما زال نصير ملقى على األرض‪ " .‬ما الذي حصل فيه ؟ أنا ‪،‬‬
‫على سبيل المثال ‪ ،‬أود أن أعرف ما كان يفكر فيه نصير ! "‬
‫حاول حامد أن يدوس حولها‪ .‬وضعت يدها على صدره ‪ ،‬وأوقفته في مساراته ‪ " ،‬ال تفعل" ‪.‬‬

‫" لماذا ؟" بصق حامد ‪ " .‬بفضل نصير أنني سأصاب بكدمات في كل مكان ووجهي مكسور‪".‬‬

‫قالت‪ " :‬نصير مريضة" ‪ .‬عضت قمر من داخل خدها لمنع إجابة ساخرة من توضيح المزيد عن إصابات حامد ‪.‬‬

‫بمجرد ظهور غضب حامد ؛ اختفت‪ .‬سقط القلق على مالمحه وهو يحدق حولها‪ " .‬إذا كان مريًض ا‪ .‬نحن بحاجة‬
‫لمساعدته " ‪.‬‬

‫تمتمت بلطف‪ " :‬ستساعده بالبقاء بعيًد ا عن حامد " ‪ .‬ضغطت قمر برفق على صدر حامد ‪ ،‬مما جعل الصبي األشقر‬
‫يتراجع بضع خطوات‪ " .‬إذا حدث لك أي شيء حامد ‪ ،‬فإنه سيلوم نفسه‪".‬‬

‫هز حامد رأسه‪ " .‬إذا حدث لك أي شيء قمر ؛ لن يغفر لنفسه‪ .‬يمكنك أن تحمل المرض هناك وسأقودك إلى منزله ‪" ،‬‬
‫قال ‪ ،‬وهو ال يزال يتطلع إلى نصير ‪.‬‬

‫قالت قمر ‪ " :‬من األفضل أن يكون منجمي" ‪ " .‬فرصة أقرب وأقل لنشر المرض حول القرية‪".‬‬

‫جادل حامد وهو يعقد ذراعيه‪ " :‬لكن هناك فرصة أكبر لنشره داخل منزلك" ‪.‬‬

‫هزت قمر كتفيها ‪ " ،‬أنت تعلم أن أمي وأنا متنورين‪ .‬هذا المرض لن يؤثر علينا " ‪.‬‬

‫قام حامد بوضع حاجب‪ " .‬وأفترض أن نصير مثلي اآلن ؟ غير مضاءة ؟ "‬

‫أعطت قمر نظرة حادة إلى حامد ‪ ،‬وأخبرت صديقتها بصمت أنه كان أحمق‪ " .‬لقد كان حزينا‪ .‬سوف يجعلك الحزن‬
‫مريضا " ‪.‬‬

‫" اين سمعت ذلك ؟"‬

‫أجابت قمر " أمي" ‪ ،‬مبتعدة عن حامد وذهبت إلى جانب نصير ‪ " .‬لقد أخبرتني منذ فترة طويلة أن صديقة قديمة‬
‫أعطتها هذه النصيحة بعد وفاة والدي‪".‬‬

‫أومأ الصبي األشقر برأسه‪ " .‬هل أنت على استعداد الغتنام الفرصة في التعرض للمرض ؟"‬

‫التحديق في ‪ .‬نظر إلى شكله البائس ملقى في التراب وقلبها مضطرب‪ .‬اومأت برأسها‪ " .‬سيبقى في غرفتي‪".‬‬

‫دون علم قمر ‪ ،‬أصبح حامد عاجًز ا عن الكالم عما شاهده‪ .‬كان هناك حب ‪ ،‬حب واضح بين أفضل أصدقائه ‪ ،‬لكن‬
‫كالهما إما أعمى أو خائف من االعتراف بذلك‪.‬‬

‫سعل حامد " حسًن ا" ‪ " .‬سأغطيك‪ .‬سأخبر والده أن نصير محتجز في منزل المعالج حتى ينتهي من مرضه‪ .‬وال يسمح‬
‫للزوار‪ .‬أثناء وجودي هناك ‪ ،‬سأرسل معالًج ا بهذه الطريقة بمجرد أن تكسر الشمس خط الشجرة " ‪.‬‬

‫" شكًر ا" ‪ ،‬تمتمت قمر وهي تتفقد نصير مرة أخرى‪ .‬بحلول ذلك الوقت ‪ ،‬كان الصبي األشقر قد بدأ رحلته إلى القرية‪.‬‬
‫رمت قمر ذراعها على كتفيها ‪ ،‬فجر نصير على قدميه‪ .‬تذمر على صدره وهم يتجهون عائدين إلى منزلها‪ .‬نظًر ا إلطار‬
‫نصير األطول ‪ ،‬فإن قدميه تتالشى على درب األوساخ أثناء ذهابهما ‪ ،‬مما تسبب في حدوث موجة مد تصطدم بها‪.‬‬
‫بحلول الوقت ‪ ،‬رأت دخاًن ا في الهواء ‪ ،‬أرادت أن تكون أطول ‪ ،‬في حال اضطرت إلى جر شخص آخر‪ .‬مثل حامد ‪،‬‬
‫الذي هو أطول من كالهما مجتمعين‪.‬‬

‫موازنة المالية ‪ ،‬تمكنت من دفع الباب مفتوًح ا ومرت عبره‪ .‬ركلت الباب وأغلق خلفها‪ .‬تم مسح عينيها فوق المنطقة‬
‫الرئيسية بحًث ا عن والدتها ؛ غمرت اإلغاثة عليها لتجدها فارغة‪ .‬واصلت قمر جر نصير إلى غرفها ‪ ،‬وهي تمتم بصوت‬
‫عاٍل ‪.‬‬
‫تأوهت نصير عندما أسقطته على سريرها‪ .‬ربما أقل بلطًف ا مما كان يمكن أن تديره‪ .‬رفعت قمر األلم من كتفيها‪ .‬انتقلت‬
‫األوجاع إلى أسفل ظهرها وحول جانبيها ‪ ،‬على األرجح بسبب السقوط الصغير أسفل قمة التل‪ .‬وجدت عيناها إصابات‬
‫نصير ‪.‬‬

‫دماء جافة ملطخة بجبهة نصير من جرح فوق حاجبه‪ .‬وبدا أنفه منتفًخ ا‪ .‬بخالف ذلك ‪ ،‬لم تتمكن قمر من العثور على‬
‫المزيد من اإلصابات‪ .‬انتقلت إلى األسفل‪.‬‬

‫رفعت قميصه متجاهلة اهتزاز يديها‪ .‬اندفعت الحرارة على خديها بينما كشفت عن بشرة شاحبة ‪ ،‬مع تجاهل اإلطار‬
‫النحيف والمبني من كل تمريرات التدريب‪ .‬عضت قمر شفتها‪ .‬الضغط بلطف على أضالع وجروح الزعنفة‪ .‬سافر‬
‫صرخة الرعب عبر جلده‪.‬‬

‫" قمر ‪"...‬‬

‫اندفعت عيناها الخمريتان إلى وجه نصير ‪ ،‬والتقتا باللون األرجواني الغامق‪ .‬نفضت قميصه بسهولة وابتسمت‪ " .‬نعم انه‬
‫انا‪ .‬آسف لذلك ‪ " ،‬قالت مشيرة إلى ضلوعه‪ " .‬كان علي أن أرى ما إذا كنت قد جرحت نفسك ‪ ،‬عالوة على إصابتي‬
‫بالمرض‪".‬‬

‫" أنا ال أعاني من المرض" ‪ ،‬هكذا قال‪ .‬شم قمر ‪.‬‬

‫" ثم ال تتردد في النهوض والخروج" ‪ ،‬صرحت قمر ‪ ،‬وهي تشير إلى غطاء الفراء بإمالة رأسها‪ .‬ثم هزت كتفيها‬
‫وقالت‪ " :‬لكن بالنظر إلى أنني اضطررت إلى جرك إلى هنا ‪ ،‬أعتقد أن المشي غير وارد‪ .‬حتى ذلك الحين ‪ ،‬اصمت ونم‬
‫"‪.‬‬

‫" أنت باألحرى معالج غير الئق" ‪ ،‬قالت نصير ‪ ،‬وصرخت قمر ‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬من الجيد أن يرسل حامد واحًد ا إلينا‬
‫عندما تشرق الشمس في السماء‪".‬‬

‫" هل هو اآلن ؟" رأى نصير وهو يحدق في قمر ‪ " .‬ماذا قال أيضا ؟"‬

‫لمس قمر جبينه ‪ ،‬فرك الدم والعرق من جبينه‪ " .‬ما مشكلتك ؟" سألت وعيناها مليئة بالقلق‪ " .‬هل انت منزعج ؟"‬

‫خفف وجه الزعنفة ‪ ،‬وشد موجة الماهوجني على كتفه‪ .‬أجاب‪ " :‬أنا هذيان" ‪ ،‬ثم وضع الخصلة الجامحة خلف أذنها‪.‬‬
‫كان هناك شيء آخر في عينيه بينما تابع نصير ‪ " ،‬ال تقلق علي‪ .‬انا سعيد ألجلك‪".‬‬

‫" شكًر ا لك" ‪ ،‬قالت بتردد وهي ترفع يدها بعيًد ا‪ .‬قامت قمر بتقطيع حاجبيها مًع ا ‪ ،‬وال يزال االرتباك واضًح ا حول‬
‫مالمحه‪ " .‬هل تريد بعض الماء ؟" هي سألت‪.‬‬

‫عندما أومأت نصير ‪ ،‬وقفت قمر ‪ " .‬بينما أحضر لك الماء ‪ ،‬سأعود ببعض مناديل التبريد‪ .‬أنت تحترق‪ .‬سوف اعود بعد‬
‫قليل‪".‬‬

‫تمسك يدها قبل أن تتمكن من االبتعاد‪ .‬قابلت العيون البنية اللون األرجواني كما سأل نصير ‪ " ،‬حًقا ؟"‬

‫حمل صوته براءة طفولية وهو يحدق بها‪ .‬ضحكت قمر بخفة ‪ ،‬وارتسمت ابتسامة على شفتيها ثم توقفت‪ .‬مع تركيز‬
‫عينيها على تحديق نصير الذي ال ينضب ‪ ،‬كان هناك شيء مألوف لعينيه ‪ ،‬مثلما تحدثت والدتها عن والدها‪ .‬حزن‪.‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ " .‬لن أذهب إلى أي مكان ‪ "،‬طمأنت ‪ ،‬وهي تضغط على يده‪.‬‬

‫" أمي فعلت‪ .‬لماذا ليس الشخص التالي الذي أهتم به ؟ " قشدة الزعانف قبل التثاؤب‪ .‬خفق قلبها وألم‪ .‬تحولت معدتها إلى‬
‫عقدة‪ .‬أومأت قمر برأسها باستمرار وهي تبتلع الكتلة العصبية في حلقها‪ .‬سحبت يدها بعيًد ا ‪ ،‬مشيت إلى رفرف الفراء‪.‬‬
‫زفر قمر ببطء ‪ ،‬مهروًس ا شعوًر ا ال يمكن أن يظهر على السطح أبًد ا‪ .‬تلك التي دفنتها‪ .‬عرضت بإحكام " أنت أفضل‬
‫صديق لي" ‪ " .‬لن أتركك بشكل دائم‪".‬‬

‫ثم دخلت إلى المنطقة الرئيسية ‪ ،‬حيث كانت آمنة من نصير ‪ .‬قفزت عندما خطفت خفاقة فرو أخرى ‪ ،‬وظهرت خيوط‬
‫قرنفل من غرف والدتها‪ " .‬هل كل شيء على ما يرام ؟" سألت المرأة المسنة‪ " .‬اعتقدت أنني سمعت أصوات" ‪.‬‬
‫برأسها ‪ ،‬عبرت قمر الغرفة الرئيسية إلى الدالء عند المدخل‪ " .‬نصير في غرفتي‪".‬‬

‫" قمر !" تلهث والدتها ‪ ،‬وتسعل بعينين واسعتين‪.‬‬

‫غسلت الحرارة على وجهها‪ " .‬إنه ليس كذلك!" احتجت قمر على الفور على اتساع عينيها‪ .‬لوحت بيديها في ذعر‬
‫مفاجئ‪ " .‬انه مريض! نحن لسنا ‪ ...‬ال‪ .‬فقط ال‪".‬‬

‫عقدت المرأة األكبر سًن ا ذراعيها ‪ ،‬وطويتهما على صدرها‪ " .‬إذن لماذا هو هنا ؟ وليس في منزله ؟ بالتأكيد سيهتم والده‪.‬‬

‫بمقبض دلو في كلتا يديها ‪ ،‬اندفعت عينا قمر نحو السجادة المنسوجة ذات األلوان الزاهية تحت قدميها‪ " .‬ظننت ‪"...‬‬
‫تمتمت بتواضع وهزت كتفيها‪.‬‬

‫قالت والدتها ‪ " ،‬لقد أردته هنا معك‪".‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ " .‬أحتاج أن أكون هناك من أجله‪ .‬هو يحتاجني‪".‬‬

‫" أتفهم شعور الرغبة في رعاية الشخص الذي تحبه ‪ ،‬لكن والد نصير لين ال يعرف مكانه‪ .‬سيتم إرسال الفرسان على‬
‫الحدود للبحث عنه كما يفعلون مع المتنورين ‪ " ،‬تمتم والدتها‪ .‬ألقت المرأة األكبر سنًا قطعة أخرى من الحطب على‬
‫الموقد‪.‬‬

‫بدًال من الوقوع في الحاجة إلى إنكار المشاعر ؛ هزت قمر كتفيها‪ " .‬حامد ذاهب إلى والد نصير ليخبره أن نصير في‬
‫منزل المعالج‪ .‬فأجابت قمر ‪ " :‬ثم سيرسل معالًج ا إلى هنا" ‪.‬‬

‫" معالج ؟ هنا ؟ قمر ‪ ،‬هذا أحمق! " صاح المرأة المسنة‪ " .‬ستخبر الحكماء على الفور بمجرد أن تعلم أنك أحضرته إلى‬
‫هنا‪ .‬ستتم معاقبتك ‪ ...‬مرة أخرى! "‬

‫حك المعدن الخيالي على ندوبها الرخامية‪ .‬تمتمت قمر ‪ " :‬لن يصل األمر إلى هذا الحد" ‪ .‬فركت األوجاع‪ " .‬أعدك‪".‬‬

‫" قمر ‪ ...‬ال تجعل –" احتجت والدتها ‪ ،‬وتعثرت نصير في المنطقة الرئيسية‪ .‬تشبث بالمدخل بضعف‪ .‬ركض العرق‬
‫على جبهته‪ .‬كان يلهث بشدة ‪ ،‬ينسج على قدميه‪ " .‬سوف أرحل" ‪ ،‬قالها نصير ‪ " .‬أنا ال أريدك أن تتأذى مرة أخرى‪".‬‬

‫احتجت قمر على ذلك قائلة‪ " :‬لن تذهب إلى أي مكان" ‪ ،‬وأسقطت الدالء لتندفع إلى جانب نصير ‪ .‬لقد وازنت نسجه‬
‫غير المستقر ‪ ،‬ويداها على سترة مبللة بالعرق‪ " .‬لن تذهب إلى أي مكان حتى تتمكن من المشي دون مساعدة‪".‬‬

‫هز نصير رأسه ‪ " ،‬أنا –"‬

‫" البقاء ‪ ،‬األم الحق ؟" سألت قمر ‪ ،‬ناظرة إلى والدتها‪.‬‬

‫حبست أنفاسها بينما كانت والدتها تنظر بينهما ‪ ،‬قبل أن تومئ برأسها في النهاية‪ " .‬اذهب واسترح نصير لين‪ .‬ستعيدك‬
‫قمر إلى غرفها‪ .‬بالنسبة لي ‪ ،‬سأعود إلى غرفتي قريًبا‪ .‬مساء الخير‪".‬‬

‫" ليلة سعيدة أيها المستنير ‪ "،‬زعنفة عاصفة‪.‬‬

‫تحدثت قمر ‪ " ،‬ليلة سعيدة يا أمي‪".‬‬

‫ثم أجبرت قمر نصير على العودة إلى غرفها‪ .‬هذه المرة ‪ ،‬وضعته على السرير بسهولة‪ .‬تنفست الزعنفة‪ .‬قلبت جبلها من‬
‫المالبس المنسوجة على نصير ‪ .‬اشتكى " حار"‬

‫قامت يدها بتهدئة جبهته ‪ ،‬وخلعت األغطية على عجل في محاولة لتهدئة نصير ‪ .‬رفرفت عيناه األرجوانية كما لو كان‬
‫نصير يغازل وعيه أو نومه‪ .‬طعنته قمر ‪ " .‬مرحًبا ‪ ...‬أنت تحترق‪ .‬عليك أن تهدأ " ‪.‬‬

‫تذمرت نصير عليها وتنهدت قمر ‪ " .‬اخلع الزعنفة التونيك الخاصة بك‪".‬‬
‫" ماذا او ما ؟" زعنفة مجعدة ‪ ،‬تحدق بشق من اللون األرجواني في اتجاهها‪ " .‬أنا ال أخلع قميصي‪".‬‬

‫تنهدت قمر ‪ .‬رفعت إصبع واحد‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬الخيار األول لديك هو خلع سترتك عن طيب خاطر‪ ".‬انضم إصبع ثان إلى‬
‫األول‪ " .‬أو يمكنني شقاها‪ .‬أنت بحاجة إلى التهدئة " ‪.‬‬

‫قال نصير ‪ " :‬سأترك سترتي مرتدية" ‪ " .‬جسدي سوف يبردني قليًال‪".‬‬

‫أومأت بالموافقة‪ " .‬قليال" ‪ ،‬زودت قمر ‪ " .‬على الرغم من أنك تعرف على األرجح ما يحدث بعد ذلك‪".‬‬

‫" الجفاف" ‪ ،‬ينعق الزعانف وهو جالس من السرير‪ " .‬لكنني اعتقدت أنك تصنع أقمشة ثلجية‪".‬‬

‫عبرت نظرة غاضبة على وجهها‪ .‬قالت قمر ‪ " :‬أنا هو" ‪ " .‬ولكن عليك أن تهدأ في هذه األثناء‪ .‬لذا اختر‪ .‬هل القميص‬
‫سليم أم تمزيقه ؟ "‬

‫انتزع نصير سترته البنية من فوق رأسه‪ .‬ألقى سترة أسفل على الحصائر المنسوجة قبل أن يتخبط إلى الوراء على‬
‫الفراش‪ .‬غطت ذراعه وجهه وهو يتذمر‪ " .‬هل ذكرت أنك معالج رهيب حتى اآلن ؟ أنا متأكد من أنني فعلت ذلك ‪ ،‬لكني‬
‫أشعر أنه يجب أن أذكر ذلك مرة أخرى " ‪.‬‬

‫بابتسامة على وجهها ونبرة متعاطفة خفيفة على كتف نصير ‪ ،‬تحدثت قمر ‪ " .‬لديك ولست آسف‪ .‬نم اآلن‪ .‬سأعود‪".‬‬

‫" أنا أعرف‪.‬‬


‫______‪٤‬‬

‫في الخارج ‪ ،‬أضاءت الشمس في السماء‪ .‬رمت الدالء في الثلج ‪ ،‬وجرفت المسحوق األبيض في الحقيبة بيدها‪ .‬خدرت‬
‫البرد أصابعها ‪ ،‬وتوقفت عند الصوت خلفها‪ .‬رفعت قمر رأسها ‪ ،‬وعادت إلى صوت الطحن‪ .‬وجدت فتاة‪ .‬الفتاة الشقراء‬
‫تنظف حلقها‪.‬‬

‫" من أنت ؟" سألت قمر وهي تنظر إلى الفتاة التي تجنبت النظر إليها‪ .‬انتقلت الفتاة من قدم إلى أخرى وكذلك الحقيبة في‬
‫يدها‪ .‬أمالت قمر رأسها إلى الحقيبة ‪ " ،‬ما هذا ؟"‬

‫" أنا ظل المعالج‪ .‬لقد أرسلت لي‪ .‬أين المستنير ؟ "‬

‫أجابت قمر بعد قليل‪ " :‬نصير في الداخل" ‪ .‬غادرت الدالء حيث كانت وتوجهت إلى منزلها‪ .‬وبصمت ‪ ،‬أبقت قمر الباب‬
‫الخشبي مفتوًح ا‪ .‬سرعان ما تمايلت الشقراء ‪ ،‬متجنبة بوضوح قمر بكل الطرق‪ .‬عضت قمر من داخل خدها ‪ ،‬ومرت‬
‫متجاوزة الشقراء ‪ ،‬وسحبت رفرف الفرو المؤدي إلى غرفها المفتوحة‪ " .‬هنا" عضتها وتميل رأسها‪.‬‬

‫تحركت الفتاة من خالل تجنب قمر مرة أخرى‪ .‬كانت قمر تنفجر وهي تالحق الفتاة في الداخل بينما ركع المعالج بجانب‬
‫سرير نصير ‪ .‬انضمت إلى الفتاة الراكعة ‪ ،‬وشاهدت الفتاة الشقراء تلمس جبهته ورقبته وصدره‪.‬‬

‫" يديك تتجمد قمر " ‪ ،‬تذمر نصير متذمًر ا ‪ ،‬نصف نائم وذراعه على وجهه‪.‬‬

‫ضحكت قمر ‪ ،‬وفقدت الجفلة من الفتاة بجانبها‪ " .‬ليس انا‪ .‬ظل المعالج " ‪.‬‬

‫تراجعت ذراعه بعيًد ا عن وجهه‪ .‬تشققت عيون أرجوانية مفتوحة‪ " .‬هبة ؟"‬

‫" مرحبا نصير لين‪".‬‬

‫" يجب أن أكون مريًض ا حًقا ‪ "،‬تنفس نصير وهو يكافح من أجل الجلوس‪ .‬دفعته قمر إلى األمام في البوصة األخيرة ‪،‬‬
‫وكسبت ابتسامة ممتنة من نصير ‪ .‬التفت إلى هبة وهي تتكلم‪ " .‬أنت مع المرض ‪ ،‬ولكن استنارتك تصد أسوأ اآلثار‪".‬‬

‫تنهدت الزعنفة ترهل كتفيه‪ " .‬لذلك لن ‪"...‬‬


‫" هل تواجه النيران ؟" استجوبت هبة ‪ ،‬شعرها المستقيم يتدلى على كتفيها عندما هزت رأسها‪ .‬وطمأنت " ليس هذه‬
‫المرة" ‪.‬‬

‫" شكرا لك‪".‬‬

‫حركت هبة رأسها بإيماءة قصيرة‪ " .‬شكرا لصديقك الدؤوب‪ .‬لم يغادر بيت الشفاء حتى تأتي أمي أو أنا هنا ‪ " ،‬بصقت‬
‫بقتال‪.‬‬

‫احتجت " هبة ‪ ،‬ال" على نصير ‪ ،‬متوقعة الشقراء‪.‬‬

‫" ال يجب أن تكون هنا نصير لين! ليس في هذا المكان ‪ " ،‬أعلنت الشقراء بحرارة وظلت نصير ‪ " .‬ليس ب‪ "-‬عيون‬
‫زرقاء متخلفة عن قمر ‪.‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ " .‬فقط اخرج معها!" شجعت بشدة‪ " .‬تقصد أنه ال ينبغي أن يكون معي ‪ ،‬أليس كذلك ؟ 'وصمة‬
‫عار ؟'"‬

‫حدقت هبة ‪ ،‬وهي تقذف ‪ " ،‬هذا مقرف! بالطبع ال يجب أن يكون هنا‪ .‬إنه مستنير وأنت وصمة عار‪ .‬يجب أن تعرف‬
‫مكانك وتتوقف عن التعرف عليه كثيًر ا " ‪.‬‬

‫" نصير هو ولد كبير ؛ أنا متأكد من أنه يستطيع تحمل الوقت معي ألنه يقيم هنا‪ .‬إنه ليس بالضبط أسير هنا‪ .‬لكنك ‪ ،‬من‬
‫ناحية أخرى ‪ ،‬يمكنك التعامل مع اشمئزازك‪ .‬اآلن ‪ ،‬إما أن تخبرني أو تريني كيف يمكنني االعتناء به بمفردي ‪ " ،‬قالت‬
‫قمر ‪ .‬استقرت قبضتيها في حجرها‪.‬‬

‫سخر المعالج‪ " .‬حقا ؟ سوف ترفضني ألنني أجدك منفرًد ا ‪ ،‬حتى لو لم يكن ذلك في مصلحة نصير لين ؟ " استجوب‬
‫هبة ‪.‬‬

‫سخرت قمر بسخط‪ " .‬نعم سأفعل‪ .‬انظر إلى األمر بهذه الطريقة ‪ ،‬تقل فرصة إصابتك بالمرض و‪" -‬‬

‫" إذا كنت ستستمر في أن تكون كما أنت تجاه قمر ‪ ،‬في منزلها رغم ذلك‪ .‬قاطعه نصير ‪ .‬حدقت قمر في أعز صديقاتها‬
‫ألنها أفسدت إهانتها بينما قفز المعالج على قدميها‪.‬‬

‫" نصير لين!" صرخت هبة بغضب‪ " .‬هل أنت أعمى في عواطفك لدرجة أنك ال تستطيع حتى أن تدرك أن حياتك في‬
‫خطر ؟!"‬

‫هز نصير كتفيه من السرير ‪ " ،‬قلت إنني سأعيش‪ .‬أن التنوير الخاص بي يدرء المرض " ‪.‬‬

‫شاهد كل من قمر ونصير الفتاة الشقراء تندفع تاركًة هما وشأنهما‪ .‬ساد الصمت في الغرف قبل أن يتنهد نصير ‪ .‬لقد‬
‫تخبط إلى الوراء على فراش السرير‪ " .‬كان ذلك مزعًج ا" ‪ ،‬تمتم ‪ ،‬وهو يميل رأسه نحوها‪ " .‬أنا آسف‪".‬‬

‫" لماذا أنت آسف ؟" سأل قمر ‪ " .‬أنت لم تدعوني وصمة عار‪".‬‬

‫هز الزعانف كتفيه بشكل غريب‪ " .‬قد يكون لدي كذلك‪ .‬لم تكن هبة لتأتي إلى هنا على اإلطالق لوالها " ‪.‬‬

‫صرحت قمر بشكل قاطع‪ " :‬هذا ما هو عليه" ‪ .‬هزت كتفيها قبل أن تكمل ‪ " ،‬لقد اعتدت على ذلك‪ .‬كانت مروضة‬
‫مقارنة باآلخرين في القرية‪ .‬باإلضافة إلى أنني أصررت على أنك بقيت هنا ورفضت السماح لك بالعودة إلى المنزل ‪...‬‬
‫بطريقة كنت أطلبها " ‪.‬‬

‫فركت في معصمها بذهول عندما غمرت عيونها األرجوانية تحدق بها‪ " .‬اخرس قمر ‪ "،‬زعنفة غضب‪ " .‬ال يجب أن‬
‫تستخدمه‪ .‬ال ينبغي عليك التفكير بشكل أو بآخر في أنك تستحق اإلهانة لشيء خارج عن إرادتك " ‪.‬‬

‫تم انتزاع يدها على الفور من يد نصير المتعرقة ‪ " ،‬فقط لو استطاعوا رؤية ما أرى ‪ "...‬تمتم ثم تباطأ ؛ ترك كلماته‬
‫غير منتهية‪.‬‬
‫تشمم قمر وتضغط على الدفء الذي ينتشر داخل صدرها‪ .‬ردت قائلة " أنت هذياني" ‪ ،‬مرددة كلمات نصير السابقة‪" .‬‬
‫لن يفعلوا ذلك أبًد ا‪".‬‬

‫" يوما ما سوف يفعلون" ‪ ،‬وعد نصير وابتسمت قمر بمرارة‪ .‬ضغطت على يده برفق‪ " .‬ال تقدم وعوًد ا ال يمكنك الوفاء‬
‫بها‪".‬‬

‫أصر نصير بعناد‪ " :‬سأحتفظ به" ‪ .‬صاحت قمر بصوت عاٍل ‪ ،‬ووضعت يدها على جبينه‪ .‬ردت قائلة " أنت بحاجة إلى‬
‫الراحة" ‪ " .‬ال تزال تشعر بالدفء عند اللمس‪".‬‬

‫أطلقت يده لتقف ‪ " ،‬إلى أين أنت ذاهب ؟" سأل نصير ‪.‬‬

‫أجابت قمر وهي تعبر غرفها‪ " :‬إلحضار الدالء من الخارج" ‪ .‬توقفت عندما أزال نصير هذا الحلق من السرير خلفها‪" .‬‬
‫وبعد ذلك ؟ ستحتاج إلى النوم أيًض ا وألنني اآلن أشغل الفراش الخاص بك‪ .‬كنت أتساءل أين أنت ذاهب للنوم " ‪.‬‬

‫عند النظر إلى نصير ‪ ،‬هزت قمر كتفيها‪ " .‬لم أفكر في األمر كثيًر ا‪ ".‬فكرت بصمت لبضع دقائق قبل أن تضيف ‪" ،‬‬
‫ربما في المنطقة الرئيسية ‪ ،‬ويفضل أن يكون ذلك على حصيرة ذات ألوان أقل سطوًعا‪".‬‬

‫غمغم نصير ‪ " :‬يمكننا المشاركة" ‪.‬‬

‫" يشارك ؟" كرر قمر في مفاجأة‪ .‬ثم هزت رأسها‪ " .‬هذا ليس ‪"...‬‬

‫" فكره جيده ؟" زودت ‪ ،‬وأكملت جملة قمر ‪ " .‬كانت لدي أفكار رهيبة طوال الليل‪ .‬أنا مريض ‪ ،‬دللني ؟ "‬

‫ضاقت عيناها في نصير ‪ " .‬إذا مرضت ‪ "...‬هددت بينما بدأ نصير باالبتسام ‪ ،‬وهو يعلم أنه سيفوز‪ " .‬سأعتني بك إذا‬
‫فعلت ذلك‪".‬‬

‫ابتسمت قمر ‪ " ،‬أعرف‪ ".‬ثم تنهدت ‪ " ،‬اآلن ‪ ،‬للمرة الثالثة ‪ ،‬سأذهب للخارج إلحضار الدالء‪ ".‬ثم هربت من خالل‬
‫رفرف الفراء‪.‬‬

‫" حًظ ا سعيًد ا" ‪ ،‬شد نصير من الجانب اآلخر‪ " .‬سأكون هنا منتظرا‪".‬‬

‫" نائمة" ‪ ،‬قاطعت قمر ‪ ،‬وهي تطل برأسها عبر المدخل‪ " .‬ستكون نائًما وسأدفعك عندما أعود‪".‬‬

‫" تمام‪".‬‬

‫على عجل ‪ ،‬عبرت قمر المنطقة الرئيسية وخرجت‪ .‬مر الهواء البارد على وجهها عندما وجدت الدالء بالقرب من الباب‪.‬‬
‫ليس في المكان الذي تركتهم فيه‪ .‬تومض عيناها البنيتان حول األشجار القاحلة بشكل مريب‪ .‬في وضح النهار ‪ ،‬لم يكن‬
‫هناك مكان لالختباء‪ .‬كانت الطيور تغرد على األغصان الفارغة فوقها ‪ ،‬وسحبت قمر بسرعة دالء الثلج بالداخل‪.‬‬

‫بالنار ‪ ،‬الحظت المزيد‪.‬‬

‫شيء صغير مطوي من المقبض‪ .‬سحبت مخبأ مجعدًا من المخبأ‪ .‬التعرف عليه فوًر ا بواسطة ضوء النار‪ .‬قمر فتح ببطء‬
‫الظرف المؤقت‪ .‬سعلت ‪ ،‬وابتعدت عن المحتويات العفنة‪ .‬لقد اكتشفت ‪ .‬أغلقته قمر بسرعة لمنع الرائحة من االنجراف‬
‫داخل حجرة المنزل‪ .‬قرب أسفل المخطوطة ‪ ،‬يمكن لقمر أن تبعث رسالة فوضوّية مكتوبة بخط اليد‪.‬‬

‫" عندما تأتي قشعريرة" ‪.‬‬

‫وضعت الدلو بجانب الباب مع األعشاب‪ .‬تميل قمر إلى الموقد ‪ ،‬وتدق النار بخفة بإشعالها ‪ ،‬قبل أن ترميها على سرير‬
‫النار‪ .‬عادت إلى غرفتها من خالل رفرف الفراء ‪ ،‬وتوقفت‪ .‬تشققت عين أرجوانية واحدة ‪ ،‬وهي تحدق بها من خالل‬
‫رموش داكنة‪ " .‬مرحًبا ‪ "،‬حيا نصير خشن‪.‬‬

‫خلعت قمر عباءة وجهها ونفضت موجات الماهوجني عن وجهها‪ " .‬من المفترض أن تكون نائًما‪".‬‬
‫أجاب بغرور‪ " :‬كذلك أنت" ‪ " .‬اآلن تعال إلى هنا‪".‬‬

‫قالت وهي ترفع حذائها من قدميها‪ " :‬بسبب المرض ‪ ،‬أنت متسلط للغاية" ‪.‬‬

‫" اسكت قمر وتعالي إلى هنا" ‪ ،‬تمتمت نصير ‪ ،‬لتثبت وجهة نظرها فقط‪ .‬انتقل في الفراش ‪ ،‬وربت عليها‪ .‬وبصمت‬
‫صمت ‪ ،‬صعدت إلى جواره‪ .‬دقات قلبها على القفص الصدري وانقلبت‪ .‬كان الهواء في الغرفة ثقياًل وسميًك ا وكانت تتجنب‬
‫لمس الزعنفة‪ .‬انتزعت قمر األغطية المنسوجة فوقها ‪ ،‬كما لو كانت ستحميها من كل ما يجعلها دافئة‪.‬‬

‫" ليلة سعيدة يا زعنفة" ‪ ،‬همست في الظالم ‪ ،‬وعيناها تحدقان في الجدار الجلدي للسرير‪.‬‬

‫" ليلة سعيدة يا قمر ‪".‬‬

‫لمرة واحدة ‪ ،‬لم تستيقظ قمر غارقة في العرق من كوابيسها‪ .‬بدال من ذلك ‪ ،‬كانت دافئة جدا‪ .‬تنفث أنفاسها الدافئة على‬
‫مؤخرة رقبتها وذراعها مثبتة بقوة على خصرها‪ .‬اهتزت الهزات على ظهرها‪ .‬فقدت قمر ضبابها النائم وأدركت أن‬
‫نصير كان يحتضنها‪ .‬ارتجف في جسدها‪ .‬يفرك وجهه دوائر رفع الشعر على مؤخرة رقبتها‪.‬‬

‫وصلت قشعريرة مرض نصير ‪ .‬قاتلت قمر بذراعها الضيق حول خصرها عندما حاولت تحرير نفسها‪ " .‬تعال نصير ‪،‬‬
‫دعنا نذهب‪ .‬أريد أن أحضر لك بعض الشاي " ‪.‬‬

‫" ال يوجد شاي‪ .‬دافئة بما فيه الكفاية ‪ ،‬ابق ‪ " ،‬تمتم الزعنفة على رقبتها ؛ إرسال قشعريرة أسفل عمودها الفقري‪.‬‬
‫ارتجفت‪ " .‬الشاي سيساعد في التخلص من القشعريرة‪".‬‬

‫مع تذمر منخفض من الشكوى ‪ ،‬أطلقها ذراع نصير وهو يتدحرج‪ .‬تحركت قمر من السرير مستغلة حريتها‪ .‬دخلت إلى‬
‫المنطقة الرئيسية ‪ ،‬وهي تتنقل من خالل رفرف الفراء‪.‬‬

‫" صباح الخير" ‪ ،‬استقبلت والدتها من مكان النسيج‪ " .‬كيف حال نصير لين ؟"‬

‫وضعت قمر قدًر ا معدنًيا على الموقد قبل الرد‪ .‬تنهدت ‪ ،‬متكئة على الحجارة الساخنة ‪ ،‬منتظرة الماء حتى يسخن‪ " :‬ال‬
‫يزال يعاني من المرض" ‪.‬‬

‫" هل تحتاج ألي شيء ؟"‬

‫" ال" ‪ ،‬أجابت قمر وهي تهز رأسها‪ " .‬أعتقد أن المعالج ترك له حشيشة سوداء جافة‪".‬‬

‫" غادر المعالج بالفعل ؟" سألت والدتها كافرا‪ " .‬عادة ما يسعون وراء المستنيرين من خالل المرض كله‪".‬‬

‫" حسًن ا ‪ "...‬تراجعت قمر ‪ ،‬وهي تفرك شارد الذهن مؤخرة رقبتها‪ " .‬لم يكن ‪ ...‬بالضبط المعالج الذي جاء إلى هنا‪.‬‬
‫كانت ابنتها‪ .‬وقد غادرت ‪ ...‬بعد أن تلقينا بعض الكلمات ‪ ،‬وقضايا أخرى ‪ " ،‬شرحت مشيرة إلى نفسها‪.‬‬

‫أومأت والدتها برأسها‪ " .‬ستعود بمجرد أن تعلم أنها تركت سرير شخص مستنير مريض‪".‬‬

‫سخرت قمر بخفة وهي تصب الماء الساخن في الكوب‪ .‬تراجعت عندما أضافت مظروف الحشيش األسود إلى الكوب‬
‫أيًض ا‪ " .‬لماذا ؟" هي سألت‪ " .‬لم تكن تحب التواجد هنا ‪ – "،‬مشيرة إلى مربية المنزل – " لم تعجبها حقيقة أن نصير‬
‫كان معي هنا ‪ ،‬وكان يقف معي‪".‬‬

‫" ستدرك أن المعالج ال يستطيع التفكير على هذا النحو ‪ ،‬أو أنها لن تصبح معالًج ا عندما تبلغ سن الرشد‪".‬‬

‫" بلوغ سن الرشد ليس لثالثة آيات أخرى" ‪ ،‬تذكر قمر ‪.‬‬

‫أومأت والدتها " نعم" ‪ .‬ثالث مرات هي فترة طويلة بالنسبة لها لتجاوز نفورها حينها‪ .‬على الرغم من أنني أتمنى مخلًصا‬
‫أن تقوم نصير لين بزيارة ربيته قبل ذلك الحين ‪ ،‬لذلك ال يتعين عليك التعامل معها " ‪.‬‬
‫ابتسمت قمر ‪ " .‬ال تخف‪ .‬سأركل الزعانف في الثلج بمجرد أن يكون جيًد ا بما فيه الكفاية ‪ " ،‬حدقت عيناها في فنجان‬
‫الشاي البارد على الموقد ‪ ،‬وتنهدت ؛ اختفت ابتسامتها في عبوس‪ " .‬اتمنى انها بتلك السهولة‪".‬‬

‫" بسيط ؟" ردد والدتها‪ .‬رن االرتباك في نبرة صوتها‪ " .‬هل تتمنى ما هو بسيط ؟"‬

‫" الناس ‪ ...‬والتعامل مع ما أنا عليه اآلن‪ .‬من أكون؛ ثم المضي قدًما " ‪ ،‬أوضحت قمر بهدوء‪ .‬كانت والدتها تدندن على‬
‫عمود النسيج ‪ ،‬مما لفت انتباه قمر ‪ .‬تقابل العيون البنية بالفضة ‪ ،‬حيث أومأت والدتها برأسها إلى غرفها‪ " .‬األمر بسيط‬
‫بالنسبة للبعض وال يجب أن يهمك سوى" البعض " ‪ .‬إنه فتى طيب قمر ‪ .‬هو وصديقك حامد " ‪.‬‬

‫" أنا أعلم" ‪ ،‬وافقت قمر ‪ ،‬وأخذت الشاي من الموقد ودخلت غرفها‪ .‬تنهدت بهدوء عندما سقطت عيناها على نصير ‪ .‬أو‬
‫ما يمكن أن تراه منه‪ .‬شعر فضي شائك يخرج من خالل جبل البطانيات المرتعش‪ .‬وضعت الكأس ألسفل إلجراءات‬
‫السالمة ‪ ،‬ووضعت في ‪ ،‬وحثته برفق‪ .‬الكتلة لم تحرك‪ .‬سحبت قمر األغطية للوراء شبًر ا واحًد ا في كل مرة ‪ ،‬همست‬
‫بحنان‪ " :‬مرحًبا" ‪ " .‬أحضرت لك الشاي‪".‬‬

‫أنين الزعنفة‪ .‬تمتم في وجهها بشكل غير مترابط‪ .‬لكن يبدو أنها تفهم ما قالته‪ .‬قمر بحذر شديد تساعد الكومة المرتجفة‬
‫على الجلوس مرة أخرى عندما كافح جسده للقيام بذلك بمفرده‪ .‬ارتجفت الهزات صعودا وهبوطا في جسده ‪ ،‬مما أدى إلى‬
‫إرسال أطرافه الصغيرة في جنون‪.‬‬

‫" شكًر ا لك" ‪ ،‬علق نصير وعيناه مفتوحتان بصعوبة‪ .‬أشار إلى الكأس‪ .‬درس قمر يديه غير المستقرتين بقلق‪ .‬عرضت‬
‫باستخفاف " ربما يجب أن أساعدك" ‪ " .‬ال أريدك أن تحرق نفسك فوق المرض‪".‬‬

‫أجاب نصير بينما كانت أسنانه تتمايل‪ " :‬سيكون هذا من الحكمة" ‪ .‬اندلع وجه قمر بابتسامة متدنية ثم ضحكت‪ .‬حدقت‬
‫نصير فقط في وجهها ‪ ،‬محيرة ومربكة‪ .‬وجهه جعلها تضحك أكثر‪.‬‬

‫" على ما يبدو‪ "-‬صفير قمر ‪ ،‬ال تزال تبتسم‪ - " .‬عندما تكون مريًض ا ‪ ،‬فإن كلماتك الخاصة تفوق رأسك‪ .‬شخص‬
‫حكيم‪".‬‬

‫عندما حدقت نصير في وجهها فقط ‪ ،‬تنهدت قمر ‪ .‬لقد التقطت الكأس من األرض ثم ضغطت عليه على شفتي الزعنفة‪.‬‬
‫قبضت يديه المرتعشتان على يديها وهو يشرب‪ .‬سحب الزعنفة من الكأس مع كشر‪.‬‬

‫" كان هذا مقرف‪".‬‬


‫" أنا على دراية" ‪ ،‬زعنفة ناعرة‪ " .‬الزهور البيضاء تستخدم لتلميع األسلحة‪".‬‬

‫دفع قمر الكأس إلى فمه مرة أخرى ‪ ،‬مما أجبر نصير على اإلسراف في فمه مرة أخرى‪ .‬ابتعد وهو يسعل‪ " .‬الجذور‬
‫تكون سامة عندما تقطع من النبات كله‪ .‬الجذور سوداء‪ .‬هذا هو السبب في أنها تسمى ‪ .‬يعتقد بعض الرجال القياسيين أن‬
‫جذور نبات الحبة السوداء يمكن أن تصل إلى الحضارة المدمرة تحتنا ‪ ،‬حيث تتغذى على االنحالل والسموم من ذلك‬
‫الوقت " ‪.‬‬

‫حملت الشاي في حجرها وحدقت في نصير ‪ ،‬محيرة‪ " .‬أعتقد أنني أحبك بشكل أفضل عندما تلقيت النكات بالصدفة بدًال‬
‫من أن تكون مهووًس ا بشاعرية‪".‬‬

‫" آسف ‪ "،‬تمتم نصير مباشرة قبل أن تدفع قمر سريًع ا رشفة أخرى من الشاي في فمها‪ .‬احتفظت بالكوب مدفوًعا إلى‬
‫شفتيه ‪ ،‬مما سمح له بالعضالت خالل آخر قطعة من الشاي‪ .‬رفعت يداه الكأس بعيًد ا ‪ ،‬واندفع نصير بشكل غير رشيق‬
‫للخلف على فراش السرير‪.‬‬

‫تذمر " ال أكثر" ‪ " .‬انهيته‪".‬‬

‫صرحت قمر وهي تضع الكوب بعيًد ا عن متناول يدها على الحصائر المنسوجة‪.‬‬

‫" هذا يبدو وكأنه تهديد" ‪ ،‬الحظ نصير وهو يسحب جبل األغطية فوقه‪.‬‬

‫هز كتفيها ‪ ،‬ابتسمت قمر دون اعتذار‪ " .‬المعالج الرهيب ‪ ،‬تذكر ؟"‬
‫أجاب نصير بنعاس " لن أنسى" ‪ .‬خرجت قمر من غرفها‪ .‬في المنطقة الرئيسية ‪ ،‬كانت والدتها ال تزال جالسة على‬
‫عمود النسيج الكبير ‪ ،‬تطن لنفسها‪ .‬مشيت قمر إلى الموقد ‪ ،‬أضافت السجل األخير إلى النار‪ " .‬سأجمع بعض الحطب‪ .‬هل‬
‫يمكنك الصراخ من أجلي إذا كان نصير بحاجة إلى أي شيء ؟ "‬

‫توقف الهمهمة للحظة كما ردت والدتها‪ " .‬أنا متأكد من أن نصير لين سيكون على ما يرام بدونك لبعض الوقت‪".‬‬

‫بإيماءة قصيرة ‪ ،‬جمعت قمر بهدوء حذائها وعباءتها من غرفتها‪ .‬لقد غامرت بالخارج‪ .‬انفجر ضوء النهار الساطع في‬
‫السماء تحية‪ .‬أمسكت بالفأس من مؤخرة السرير ‪ ،‬مشيت إلى أقرب شجرة صغيرة‪ .‬على الرغم من البرد ‪ ،‬خلعت قمر‬
‫عباءة بعد اختراق الشاحنة ‪ ،‬وتقطير العرق من جبينها‪.‬‬

‫مع تأرجح أخير من فأسها ‪ ،‬انقلبت الشجرة بشق خشبي‪ .‬اهتزت الشجرة األرض عندما هبطت‪ .‬وبدًال من النظر إلى‬
‫الفراغ الذي كانت عليه الشجرة ‪ ،‬كان هناك حامد ‪ .‬انه ابتسم ابتسامة عريضة‪.‬‬
‫" كيف حاله ؟"‬

‫تراجعت قمر في مفاجأة مطلقة ‪ ،‬ولم تصدق عينيها أن حامد كان يقف على الجانب اآلخر من الشجرة الساقطة‪ .‬عندما‬
‫أدركت بالفعل أن حامد كان على اآلخر ‪ ،‬غرقت بفأسها في األرض الباردة‪.‬‬

‫" ما هيك كنت تفكر ؟!" صرخت ‪ ،‬وعبرت حول الشجرة وطعنت حامد بإصبعها مراًر ا وتكراًر ا في صدرها‪ " .‬كان‬
‫من الممكن أن تسقط هذه الشجرة في طريقك وتقتلك‪ .‬يجب عليك ان تعرف هذا!"‬

‫تراجع الصبي األشقر إلى الوراء ‪ ،‬وكانت يداه تصد هجوم قمر ‪ .‬ثم سقط‪ .‬من األرض ‪ ،‬تألق حامد ‪ " .‬في المرة‬
‫القادمة ‪ ،‬أعلم أنني لن أكون في أي مكان بالقرب منك عندما تجمع الحطب‪".‬‬

‫تنهد‪ .‬رفعت قمر يديها اعتذاًر ا صامًت ا‪ " .‬قالت هبة إنه سيعيش" ‪ ،‬أجابت بينما كانت تساعد حامد على الوقوف على‬
‫قدميه بسهولة‪.‬‬

‫توقف " حامد " مؤقًت ا عن إزالة الثلج من مؤخرته‪ " .‬هبة ؟"‬

‫أجابت قمر ‪ " :‬ابنة المعالج" ‪ .‬سارت عائدة حول الشجرة إلى فأسها في األرض‪ .‬قطع المعدن الشاحنة بسهولة عندما‬
‫تتأرجح‪ " .‬اسمها ‪ – "،‬ثم تأرجحت قمر مرة أخرى – " وليس ودوًد ا جًد ا مع من يعجبني‪".‬‬

‫علق حامد بحلم‪ " :‬إذن هبة هو اسمها" ‪ .‬ابتسم ببراعة لعدة ثوان قبل أن يعبس‪ " .‬أنا آسف‪ .‬إذا كان ذلك يجعلك تشعر‬
‫بتحسن ‪ ،‬فكل شخص يكرهك في البداية‪ .‬حتى أنا لم أحبك " ‪.‬‬

‫أجابت قمر ساخرة‪ " :‬لقد نسيت" ‪ .‬واصلت تقطيع الشجرة وأضافت‪ " .‬كنت يجري سخيفة‪".‬‬

‫ابتسم حامد ‪ " .‬الغيرة ال أتفق معك‪".‬‬

‫" بغيرة ؟" استجوب قمر ‪ ،‬فجوة‪ .‬انغلق فكها‪ " .‬من فضلك قل لي ما أشعر بالغيرة من حامد ‪ "،‬سخرت في غناء‪.‬‬

‫قال حامد بشخير‪ " :‬منها" ‪ " .‬وحقيقة أنها يمكن أن تكون مفيدة إلى حد ما‪ .‬خاصة مع الزعنفة‪ .‬تذكر ‪ ،‬أنه األكثر طلًبا "‬
‫‪.‬‬

‫ربما أراجعت قمر ذلك الفأس بقوة أكبر من الالزم‪ .‬طار من الخشب وهي تحدق في حامد ‪ " .‬إنك غبي" ‪ ،‬قالت بصوت‬
‫هادئ‪ .‬لكن مفاصل أصابعها كانت بيضاء‪.‬‬

‫" لقد جرحتني" ‪ ،‬صرخ حامد بشكل كبير ‪ ،‬وابتسامته ال تزال على وجهه‪ .‬طارت يداه إلى صدره ‪ ،‬وغطت اإلصابة‬
‫غير المرئية‪ .‬شم قمر ‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬كل هذا سبب مثالي للتوقف عن مضايقتي والذهاب لمعرفة ما إذا كان المعالج يمكنه‬
‫إصالح قلبك المجروح‪".‬‬

‫قال حامد مبتسما‪ " :‬ليس األمر مزعًج ا إذا كنت تبتسم" ‪ .‬انتزعت قمر غصًن ا صغيًر ا من األرض وألقته‪ .‬ابتسمت‬
‫منتصرة عندما اصطدمت بحامد معدة ‪ ،‬مما جعل الصبي األشقر نخر‪ .‬ردت قمر ‪ " :‬إنه ليس جرًح ا إذا لم تكن تنزف" ‪.‬‬
‫ضحك حامد ‪.‬‬
‫ألقى الغصن مرة أخرى إلى قمر ‪ " .‬هل تحتاج إلى مساعدة في حمل كل ذلك ؟" سأل حامد ‪ ،‬مشيًر ا إلى جزيئات‬
‫الخشب المفرومة‪.‬‬

‫رفعت قمر حاجبها نحوه‪ " .‬هل حقا ؟"‬

‫قال حامد وهو يعقد ذراعيه‪ " :‬حسًن ا ‪ ،‬ليس اآلن ألنك تضغط علّي بصمت" ‪ " .‬هناك أوقات ال نتجادل فيها حتى أنسى‬
‫أنك المستنير القدير‪".‬‬

‫كانت ت وهي تكّدس الخشب في كومة‪ " .‬المستنير القدير ؟ ال تدع الحكماء يسمعون ذلك " ‪.‬‬

‫تحدى حامد ‪ " :‬قم بتسمية شخص آخر تعرفه من خالل تنويرين في قريتنا" ‪ " .‬يمكنهم إنكارك منذ والدتك ‪ ،‬لكنهم‬
‫يعرفون أنك تحمل تنويرين في دمك‪".‬‬

‫كان صمتها إجابة حامد عندما أومأ برأسه‪ .‬وتابع " اعتقدت ذلك" ‪ " .‬مما يجعلك المستنير القدير في كتابي‪".‬‬

‫قالت قمر ساخرة‪ " :‬من فضلك قل لي أنك تعرف ما هي الكتب أوًال ‪. "...‬‬

‫حامد تصرف بإهانة وهو يهز كتفيه‪ " .‬قطع سميكة من الورق ذات دواخل ورقية ؟" ثم أعطى قمر نظرة جامدة‪" .‬‬
‫بالطبع أعرف ما هم‪ .‬اللوم نصير ‪ ،‬لقد جعلني أقرأ بضع مرات مرة أو مرتين‪ .‬او اكثر‪".‬‬

‫كان الخشب يضرب ببعضه البعض بأجواء عندما توقفت قمر عن التكديس‪ " .‬هل تصادف أن يكون أي من هذه الكتب‬
‫عن الحضارات المفقودة ؟ أو عن النباتات ؟ " هي سألت‪ .‬أومأ حامد برأسه وهو يحدق في وجهها مصعوًق ا‪ .‬أجاب‪" :‬‬
‫نعم ‪ " ، "...‬كيف عرفت ذلك ؟"‬

‫تنهدت قمر " ‪.‬‬

‫" ماذا عنها ؟"‬

‫" كانت الزعنفة محمومة ‪ ،‬تتجول حول جذور نبات الحشيش األسود الذي كان على وشك أن يأكل على األنقاض المدمرة‬
‫أسفلنا‪".‬‬

‫" حسًن ا ‪ "،‬صاح حامد بسخرية‪ .‬أومأ برأسه‪ " .‬هذا محزن ‪ ،‬لكن يبدو مثله" ‪.‬‬

‫" أوه كان كل شيء ‪ "،‬تمتم قمر ‪ " .‬وقلت له نفس الشيء‪".‬‬

‫" هل قالت هبة متى كان من المتوقع أن يتعافى نصير تماًما ؟" سأل حامد ‪ .‬هزت قمر رأسها‪ " .‬ال ‪ ،‬لم تفعل‪ .‬لكنه لم‬
‫يشعر بالدفء كما شعر ‪ ،‬وكنت أقدم له شاي الحشيش األسود لوقف االهتزاز " ‪.‬‬

‫ابتعد حامد عن الشجرة التي كان يتكئ عليها‪ .‬قال‪ " :‬سأذهب وأجعل نفسي مفيًد ا بعد ذلك" ‪ " .‬سوف أزعج هبة حتى‬
‫تخبرني متى يفترض أن يتحسن نصير ‪".‬‬

‫استنخرت قمر ‪ ،‬وفركت يديها مًع ا في وظيفة جيدة‪ " .‬أنت فقط تريد أن تراها" ‪ ،‬اتهمتها ‪ ،‬مضايقة الصبي األشقر‪ .‬كان‬
‫لدى حامد الحشمة أن يحمر خجًال‪.‬‬

‫أجاب حامد بعد تطهير حلقه‪ " :‬ربما أريد التحدث معها" ‪ " .‬ال بد لي من إقناعها بطريقة ما أنني أفضل من نصير ‪".‬‬

‫أعطت صديقتها نظرة مدببة‪ " .‬ربما… عليك االبتعاد عن منزل المعالج‪ .‬أنت ال تريد أن تمرض من المرض " ‪.‬‬

‫شم الصبي األشقر وهو يشير ‪ " ،‬لم تقلقي بشأن إرسالي من قبل ‪ "،‬رد حامد بعبوس‪ " .‬بدأت أعتقد أن نصير هو‬
‫المفضل لديك‪".‬‬

‫قالت قمر وهي تدحرج عينيها في تعبير حامد المزيف المؤلم ‪ ،‬بابتسامة‪ " .‬من أجل لعب المفضلة ‪ ،‬يجب أن يكون لديك‬
‫المفضلة‪ .‬أليس لديك معالج أشقر لتزعجه ؟ بما أنني أعلم أنني لن أتمكن من التحدث معك عن الذهاب على أي حال " ‪.‬‬
‫" أنت على حق ‪ ،‬أنا أفعل" ‪ ،‬أومأ حامد ‪ .‬حدقت عيناه الزرقاوان في وجهها وهو يواصل‪ " .‬لكن لماذا أشعر بأنك‬
‫تحاول التخلص مني ؟"‬

‫أشارت إلى كومة الحطب الصغيرة‪ " .‬الجو بارد هنا‪ .‬يجب أن أحصل على بعض إلى الداخل قبل أن يموت موقدنا " ‪.‬‬

‫تنهد حامد بشكل كبير‪ " .‬بخير" ‪ ،‬صاح في شكوى‪ " .‬سأضايق هبة بشأن وقت تعافي نصير ؛ ثم سأعود " ‪.‬‬

‫" أنا أعد الدقائق حتى تعود" ‪ ،‬صرحت قمر بشكل قاطع ‪ ،‬وكسبت لكمات في ذراعها من حامد وهو يضحك‪ " .‬واحد‬
‫لك‪ .‬أعط اآلخر لنصير وأخبره أنه سيحصل على الباقي عندما يكون بصحة جيدة مرة أخرى‪ .‬إنه مدين لي بالتصدي لي‬
‫أسفل منحدر التل " ‪.‬‬

‫صححت قمر " نحن" ‪ " .‬أو نسيت أنك جذبتني مع كالكما ؟"‬

‫" ال أستطيع سماعك!" دعا حامد عندما بدأ في الطريق الجليدي وهزت قمر رأسها‪ " .‬إذن لماذا ردت ؟" نادت من‬
‫بعده‪.‬‬

‫العودة الوحيدة التي تلقتها كانت موجة حامد القياسية بذراعه بالكامل‪ .‬شممت قمر ‪ ،‬وأخذت حفنة من الحطب قبل أن‬
‫تندفع مرة أخرى إلى داخل المنزل‪.‬‬

‫جعلت الرياح الباردة النار المنخفضة وميض ضعيف‪ .‬وضعت قمر الكومة الخشبية وألقت القطعة األكثر جفافًا على‬
‫الموقد‪ .‬كان هناك حفيف من خلفها‪ .‬استدارت قمر ‪ .‬وجدت عيناها البنيتان والدتها‪ " .‬آسف" ‪ ،‬اعتذرت المرأة المسنة‪" .‬‬
‫جاء حامد ليرى كيف كانت نصير ‪".‬‬

‫قالت والدتها وهي تمشي فوق عمود النسيج‪ " :‬لم تحرك نصير لين منذ مغادرتك" ‪ .‬خلعت قمر حذائها وعباءتها‬
‫ووضعتها في النار‪ .‬تبطنت بسرعة عبر المنطقة الرئيسية لتنظر داخل غرفها‪ .‬عبوس ثابت على مالمحه عندما وجدت‬
‫نصير يرتجف مرة أخرى‪.‬‬

‫" ترتجف مرة أخرى ؟" سألت والدتها عندما عادت قمر إلى الموقد لتغلي الماء‪ .‬أومأت قمر برأسها عندما تحدثت المرأة‬
‫المسنة مرة أخرى‪ " .‬هل قالت ابنة المعالج متى من المفترض أن يتعافى نصير لين ؟"‬

‫هرب من شفتيها نفخة من الضحك‪ " .‬ال ‪ ،‬ولكن حامد سيسأل‪ .‬يبدو أن لديكما نفس المخاوف " ‪.‬‬

‫قالت المرأة األكبر سًن ا‪ " :‬يبدو حامد كصديق جيد لكليكما" ‪ " .‬إنه غير منار على حق ؟ للمخاطرة بنفسه للحصول على‬
‫إجابات ‪ ،‬يجب أن يهتم بنصير لين أيًض ا " ‪.‬‬

‫شممت قمر وهي تراقب القدر وهو يتصاعد من ألسنة اللهب‪ " .‬منوم من قبل هبة على ما يبدو‪".‬‬

‫" من الذى ؟"‬

‫" ابنة المعالج" ‪ ،‬زودت قمر ‪ " .‬هذا اسمها‪".‬‬

‫همهم والدتها‪ " .‬لذا حامد مهتم بهبة ‪ ،‬وتعتقد أنه يستخدم نصير لين كذريعة للتحدث معها ؟ آمل أن يدرك أنه عرضة‬
‫لإلصابة بالمرض " ‪.‬‬

‫" هو يعرف‪ .‬يبدو أن الحب مرض تماًما ‪ " ،‬تمتمت قمر ‪ .‬سحبت القدر من النار بعناية ‪ ،‬وسكبت كمية من الحشيش‬
‫المجفف في الكوب قبل ملئه‪ .‬ضحكت والدتها بهدوء‪ " .‬سترى الحب يوما ما‪".‬‬

‫" أن أكون كما أنا‪ .‬قالت قمر ‪ ،‬قبل أن تأخذ المشروب النهائي إلى غرفها ‪ ،‬تاركة والدتها بمفردها في المنطقة الرئيسية "‬
‫مستحيل" ‪ .‬مشيت قمر إلى الورم المرتعش ودفعته برفق بإصبع قدمها‪ " .‬نصير ‪ ،‬تحتاج المزيد من الشاي‪".‬‬

‫" أخبرني من فضلك أنه شيء آخر غير الحشيش األسود" ‪ ،‬جاء صوت نصير من تحت كومة األغطية‪ .‬شممت قمر‬
‫وهي تركع على ركبتيها‪.‬‬
‫قالت قمر ‪ ،‬ثم أضافت‪ " :‬إذا فعلت ذلك ‪ ،‬فسيكون ذلك كاذًبا" ‪ " .‬اآلن إذا لم تشربه ‪ ،‬فسوف تعاني من قشعريرة وربما‬
‫تزداد سوًءا‪".‬‬

‫مكتوم نصير ‪ " :‬سأستغل فرصي" ‪ .‬األصابع الشاحبة المكشوفة تقرب البطانيات‪.‬‬

‫جادلت قمر ‪ " :‬ال ‪ ،‬لن تفعل" ‪ .‬لقد وضعت الكأس في مكان آمن ‪ ،‬ثم لم ُتدفن رأس نصير الفضي‪ " .‬ستشرب هذا‪ .‬لن‬
‫تكون بارًد ا بعد اآلن " ‪.‬‬

‫" لن أكون بارًد ا إذا انضممت إلي في الفراش ‪ "...‬أشار نصير ‪ .‬اندفعت الحرارة على خديها وغطت قمر رأسها‪" .‬‬
‫أرفض السماح لك باستخدام حرارة جسدي‪ .‬عليك أن تشرب الشاي أوًال " ‪.‬‬

‫دفعت الكأس بإصبعها إلى األمام‪ .‬التقت العيون البنية باللون النيلي وهما يحدقان في بعضهما البعض ‪ ،‬في انتظار كسر‬
‫اآلخر‪ .‬تالشى بخار الشاي عندما رمش الزعنفة‪ .‬انتزع الكأس من األرض ‪ ،‬متجنًبا أي تواصل بصري معها‪.‬‬

‫انغلق جسده كله وهو يرتشف من السائل الحقير‪ .‬تجهمت قمر وهو يشرب‪ " .‬فظيع ‪ ،‬فقط مروع ‪ "،‬زعنفة ملطخة‬
‫بعبوس‪.‬‬

‫" توقف عن كونك شتلة واشربها‪".‬‬

‫حدقت نصير في وجهها بفتور‪ " .‬بدأت أعتقد أنك تستمتع ببعض البؤس ‪ "،‬تأوه نصير ‪ .‬هزت قمر رأسها مبتسمة‪" .‬‬
‫إذا فعلت ذلك ‪ ،‬فسأتركك وسأبتسم لذلك‪".‬‬

‫" لكن انت!" صاحت نصير ‪ ،‬مشيرة إلى االبتسامة المتزايدة على وجهها‪.‬‬

‫" هذا فقط ألنك تصنعني!" ردت‪.‬‬

‫" ال تلومني!" جادل نصير ‪ " .‬انا مريض‪".‬‬

‫أطلقت قمر في الكأس بين يدي نصير ‪ .‬ذّك رت قمر ‪ " :‬ال يزال لديك شاي" ‪ .‬تم مسح االبتسامة على وجه نصير‬
‫وعبس‪ " .‬كان ذلك لئيًما‪".‬‬

‫هزت كتفيها عندما بدأ نصير بالشرب مرة أخرى‪ " .‬هذا يحدث‪ .‬ويتحدث عن ‪" ...‬‬

‫كانت قبضتها متصلة بلحم ذراع نصير وهو يبتعد عن الكوب‪ .‬شرحت " هذا كان حامد " ‪ " .‬للتصدي له أسفل التل‪ .‬قال‬
‫أنك ستحصل على الباقي بمجرد أن تتعافى " ‪.‬‬

‫استقرت يداه في حضنه وسأل نصير بتردد‪ " .‬متى تحدثت مع حامد ؟"‬

‫ردت قمر ‪ " ،‬بينما كنت مستريحا‪ .‬كنت أقطع المزيد من الحطب عندما جاء األبله ليرى كيف حالك‪.‬‬

‫" وماذا قلت ؟"‬

‫نتف الكوب الفارغ حديًث ا من يدي الزعنفة‪ .‬ردت قمر ‪ " ،‬لقد أخبرته عن هبة وأنك ستعيش‪".‬‬

‫" ثم غادر ؟"‬

‫" كان حريًص ا على الوصول إلى منزل المعالج ليسأل عن شفائك‪".‬‬

‫" هل كان ؟" سأل نصير بالحيرة‪ " .‬لكن هذا خطير بالنسبة له‪".‬‬

‫هزت قمر كتفيها مرة أخرى‪ " .‬جنازته‪ .‬حاولت التحدث معه عن الخروج‪ .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬أعتقد أنه مهتم بهبة أكثر‬
‫من تعافيك " ‪.‬‬
‫تحرك نصير في األغطية وهو يسأل ‪ " ،‬ما الذي يجعلك تقول ذلك ؟ ماذا يريد حامد من هبة ؟ "‬

‫بدأت قمر " اعتقدت أنه قال لك" ‪.‬‬

‫" أخبرني ماذا ؟"‬

‫أجاب قمر ‪ " :‬أنه يحب هبة منذ أن هاجمنا الوحش قبل مشرتين" ‪.‬‬

‫" هل حقا ؟" استجوب نصير بعيًد ا‪ .‬حدق فيها ‪ ،‬وفي عينيها وهو يتلعثم ‪ " ،‬رأيت ‪ ...‬ظننت ‪"...‬‬

‫ساد االرتباك حول مالمحها‪ .‬تراجعت قمر في أعز أصدقائها‪ " .‬هل فكرت ماذا ؟" طلبت ‪ ،‬على أمل مساعدة نصير في‬
‫جمع أفكاره‪.‬‬

‫ابتسمت نصير فقط لها‪ .‬تألق شعره الشائك بشكل مدهش في الضوء الخافت‪ " .‬ال شيء" ‪ ،‬نفى‪ " .‬ال شيء على‬
‫اإلطالق‪".‬‬

‫اجتمعت العيون األرجوانية مع سيت لعدة لحظات قبل أن يسحب نصير األغطية‪ " .‬لقد انتهيت من الشاي المعذب ‪،‬‬
‫أوقف نهاية الصفقة‪".‬‬

‫" ال يبدو أنني أتذكر أن هذه الصفقة كانت زعنفة ‪ "،‬تذكر قمر ‪ .‬دّست الكأس مع الكوب األول ؛ ثم انضم إلى في فراش‬
‫السرير‪ .‬بمجرد أن ينتشر الدفء على بشرتها ‪ ،‬تدحرجت قمر لمنح نصير مساحة إضافية‪ .‬التفاف ذراع حول كتفها‪.‬‬
‫أدركت أن لدى نصير أفكار أخرى‪.‬‬

‫سقط رأسها على صدره بضربة‪ .‬ثّبتها ذراعيه في مكانهما ‪ ،‬ممسكين إياها بصدره العاري‪ .‬ارتفع االحتجاج في حلقها‬
‫حتى تنهدت نصير تحتها‪.‬‬

‫همست نصير ‪ " ،‬يجب أن يكون هذا أكثر راحة لكلينا" ‪ .‬قمر همهمة مستمتعة بصوته‪ .‬دفء بشرته‪ .‬صالبة ذراعيه‬
‫حولها‪ .‬أي احتجاج على اختفائها مع الضربات المنتظمة لقلب نصير تحت أذنها‪ .‬بعد دقائق ‪ ،‬كان الصديقان نائمين‪.‬‬

‫بعد عدة أيام ‪ ،‬تعافى نصير أخيًر ا تماًما ‪ ،‬وأصر على أنه بحاجة إلى العودة إلى المنزل‪ .‬غادر ذلك الصباح المشرق ‪،‬‬
‫بعد أن شكر والدتها على كرم ضيافتها‪ .‬اآلن ‪ ،‬جلست قمر أمام عمود النسيج ‪ ،‬وشعرت بالفراغ‪ .‬وحيدة على الرغم من‬
‫أزيز والدتها من بجانبها‪.‬‬

‫نسجت أصابعها األنماط ببطء بينما تتذكر قمر المحادثات المتأخرة مع نصير ‪ .‬كلمات مليئة بالضحك والدفء‪ .‬كانت‬
‫هناك سعادة في صدرها عندما كانت نصير موجودة‪ .‬عندما نام بجانبها ‪ ،‬لم يجرؤ أي من كوابيسها على مضايقتها‪ .‬طاقة‬
‫جسدية جديدة تغنى بداخلها ‪ ،‬لكن حاالتها العقلية األخرى ضاعت‪.‬‬

‫لعدة ساعات أخرى وحيدة ‪ ،‬وتشنج في الساق ‪ ،‬خيطت قمر مع والدتها في صمت‪ .‬حتى خفت ألسنة اللهب في الموقد‬
‫الحجري‪ .‬هربت من المنزل وجمعت المزيد من الحطب‪ .‬تتناثر المعادن فوق المعدن في المسافة ‪ ،‬وتردد صداها عبر‬
‫الخصلة القاحلة من األرض المسطحة التي تستخدم فيها األسلحة‪ .‬أدركت قمر ‪ ،‬التي تشتت انتباهها ضوضاء على يسارها‬
‫‪ ،‬أنها كانت بالخارج بدون حذائها الجلدي أو دفء عباءتها‪.‬‬

‫ساد الملل ببطء‪ .‬جعل الساعات طويلة بشكل مستحيل‪ .‬أخيًر ا عندما خفت الشمس في الظالم ‪ ،‬نفد قمر ؛ هذه المرة تذكر‬
‫حذائها وعباءة‪ .‬تساقطت أقدام متلهفة على الجليد الذائب بينما كانت قمر تسافر إلى قمة التل‪ .‬مع ضوء القمر ‪ ،‬وجدت‬
‫رأس نصير الفضي بسهولة من مسافة قريبة‪ .‬ركضت أسرع‪ .‬تباطأت خطواتها عندما رأت عيناها شقراوات مع‬
‫الزعنفة ؛ واحد مع شعر أطول بشكل واضح‪.‬‬

‫كانت نصير أول من الحظها واقتربت‪ .‬تراجع حامد مع هبة ‪ " .‬ماذا تفعل هنا نصير ؟" همست قمر بحرارة ‪،‬‬
‫وخطفت ذراع الصبي‪ .‬قامت بسحبه على بعد أمتار قليلة ‪ ،‬متجاهلة التحديق من الشقرين األخريين على قمة التل‪.‬‬

‫أجاب نصير ‪ " :‬لقد كان حامد " ‪ " .‬يجب أن تسمعها‪".‬‬
‫" ماذا او ما ؟" انها قطعت متواضعة‪ .‬تجمدت عيناها الخربيتان وتنهدت نصير ‪ " .‬حامد كان يتحدث معها‪ .‬مثلما‬
‫تحدثت معه منذ عابر‪ .‬من فضلكم ‪ ،‬امنحوا هبة فرصة " ‪.‬‬

‫" وإذا لم يعجبني ما تقول"‬

‫مرر نصير يده من خالل خيوطه الشائكة‪ " .‬هل تعتقد أن دفع حامد وأنا على قمة التل سيكون كافيا ؟"‬

‫توقفت قمر مؤقًت ا ‪ ،‬وهي تفكر في عرض نصير ‪ .‬أومأت برأسها في غضون ثوان‪ .‬أجابت‪ " :‬ينبغي" ‪ ،‬ثم تنهدت‪.‬‬
‫أشارت بخفة إلى هبة وحامد ‪ " .‬لوحهم قبل أن أغير رأيي‪".‬‬

‫أومأ زعنفة إلى حامد ‪ .‬وحاولت قمر أال تتجهم عندما كانت عيون هبة تحدق في األرض وهي تقترب‪ .‬قمر منحني‬
‫زعنفة‪ .‬كانت تهمس من خالل أسنانها المشدودة ‪ " ،‬ال أستطيع أن أصدق أنني وافقت حتى على هذا ‪ – "،‬تحركت إلى‬
‫هبة ‪ ،‬همست لنصير ‪ " .‬إنها لن تنظر إلي حتى‪".‬‬

‫" أنت وافقت على ذلك‪ .‬إن الوعد بدفع أنا وحامد إلى أسفل التل معلق في الميزان هنا ‪ " ،‬تذكر نصير ‪ .‬قمر متوهجة‪" .‬‬
‫إنه مغري اآلن‪".‬‬

‫ضحكت نصير بصوت عاٍل ‪ ،‬لكنها منخفضة بما يكفي لتسمعه فقط‪ " .‬أنا أعرف‪".‬‬

‫وقف هبة وحامد أمامهما ‪ ،‬ولم يجرؤ أي من الطرنصير على الكالم ‪ ،‬كما لو كان هذا االجتماع من أجل معاهدة غير‬
‫موقعة ضد جيشين‪ .‬كال الطرنصير يعرف أن هذا الحل الوسط سيكون من أجل الصالح العام‪ .‬مرت دقائق‪ .‬نمت رغبة‬
‫قمر في إلقاء صديقاتها على قمة التل جنًبا إلى جنب مع التوتر في الهواء‪ .‬عندما وصلت نقطة االلتقاط لقمر إلى أعلى‬
‫المستويات ‪ ،‬تحدثت هبة بهدوء‪.‬‬

‫" أنا أعتذر‪ .‬أعلم أنني عاملتك بشكل سيء ‪ ،‬لكن بعد التحدث مع حامد ‪ ،‬أدركت كم كنت قاسيًا‪ .‬أنا حكمت عليك‪.‬‬
‫بميالدك وقصصك الباطلة التي تنتشر بين القرية‪ .‬أعطاني حامد الحقيقة ‪ ،‬وتحدث فقط عن مديحك " ‪.‬‬

‫قاطعه حامد وهو يفرك مؤخرة رقبته‪ " :‬أعتقد أن هذا يكفي" ‪ .‬طقطق أحمر الخدود على خديه وهو يضحك‪ " .‬أنت ال‬
‫تريد أن تجعل غرورها أكبر ‪ ،‬أليس كذلك قمر ؟ أعني تخيل االضطرار إلى القتال بكل ما هو على أكتافك‪ .‬سيكون‬
‫مروعا " ‪.‬‬

‫هزت قمر كتفيها‪ " .‬انا ال اعرف‪ .‬أود أن أسمع نهايتها‪ .‬أال يمكنك نصير ؟ " سألت ‪ ،‬والتفت إلى الصبي ذو الشعر‬
‫الفضي‪ .‬قطع حامد قبل أن يتمكن نصير من الرد‪ .‬ابتسم حامد بابتسامة عريضة‪ " :‬آسف ‪ ،‬عليه أن يعود إليك" ‪" .‬‬
‫سوف يتشاجر معي ‪ ...‬اآلن‪".‬‬

‫انتزع الولد األشقر نصير من أعلى ذراعه وأجبر سيفًا حديديًا في يده‪ .‬بدأوا في السجال بعد ثوان‪.‬‬

‫" هل هم عادة هكذا ؟" تأملت هبة بصوت عاٍل بينما كانت الفتاتان تشاهدان األوالد يتشاجرون‪ .‬هزت قمر كتفيها ‪،‬‬
‫وردت‪ " .‬فقط انتظر حتى تأتي األشهر الحارة‪ .‬ثم يتصرفون مثل الشتالت‪ .‬إما المشاحنات أو الشكوى " ‪.‬‬

‫هبة هميد‪ " .‬من غير المعتاد رؤية نصير لين بهذه الطريقة‪ .‬عادة ما يكون شخًص ا مختلًفا تماًما داخل القرية‪ .‬من‬
‫المستحيل معرفة الواجهة التي يحملها " ‪.‬‬

‫قبل أن تسأل قمر أي شيء آخر عن نصير ‪ ،‬صرخ حامد عليهم‪ " .‬ما الذي تتحدث عنه هناك ؟" سأل أثناء صد هجوم‬
‫نصير ‪ " .‬ال شيء سيئ عني كما آمل‪".‬‬

‫" ال شيء أنت وثني!" صاح هبة ‪ .‬استدارت قمر ‪ ،‬وهي تحدق في الفتاة مذهولة‪ .‬درست الفتاة الشقراء لثواٍن قبل أن‬
‫تنفجر في ضحك ال يمكن السيطرة عليه‪ .‬سرعان ما انضمت هبة ‪.‬‬

‫توقف نصير في السجال ‪ ،‬وهو يحدق في الفتيات متفاجًئ ا عندما دوى ضحك عبر قمة التل‪ .‬ضرب األرض عندما‬
‫اصطدم حامد ‪.‬‬

‫علق حامد عندما مد نصير يده‪ " :‬كانت تلك محاولة مروعة للعرقلة" ‪ .‬قال نصير ‪ " :‬لقد كنت مشتًت ا" ‪ ،‬أومأ برأسه‬
‫إلى هبة وقمر ‪.‬‬
‫تمتم حامد بهدوء‪ " :‬لن تكون عمياء إلى األبد" ‪.‬‬

‫صفع نصير يد صديقه جانًبا ‪ ،‬وتسلق قدميه‪ .‬قال " ال أعرف ما الذي تتحدث عنه حامد " ‪ .‬ثم لوح سيفه‪ " .‬لنذهب مرة‬
‫أخرى‪".‬‬

‫مرت عدة أسابيع بعد أن اختفى المرض من القرية ‪ ،‬وأخذ معه العديد من األمهات واآلباء واألطفال‪ .‬بعض الدخان ال‬
‫يزال باقيا في الهواء البارد‪ .‬ابتسمت قمر بتكلف للثلج المكسو على قمة التل بينما كان حامد يتخبط على جذوع األشجار‬
‫المتساقطة في اإلرهاق‪ .‬رمت السيوف على األرض من قدميه‪.‬‬

‫قالت قمر ‪ " ،‬لقد أصبحت صدًئ ا من تحركاتك يا حامد " ‪ ،‬وهي تنضم إلى جانب نصير على جذوع األشجار‬
‫المتساقطة‪ " .‬هل يوافق أي شخص آخر ؟"‬

‫" لقد أصبح أبطأ ‪ "،‬قال نصير وحامد مشوهين من الجانب اآلخر من هبة ‪.‬‬

‫احتج حامد قائًال‪ " :‬لم أفعل" ‪ " .‬أنا أتضور جوعا وبرود‪ .‬إنه يزعج تركيزي " ‪.‬‬

‫" نبتة" ‪ ،‬سعلت قمر بتواضع‪.‬‬

‫هبة تطهر حلقها‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬لحسن حظك‪ .‬صرخت الفتاة الشقراء‪ .‬سحبت سلة من مخبأها خلف جذوع األشجار‬
‫المتساقطة‪.‬‬

‫ابتسم حامد وصفق يديه مًع ا بسعادة‪ .‬امتدح ‪ " ،‬أيها المخلوق اللطيف" ‪ ،‬قبل أن ينتزع السلة من يدي هبة ‪ .‬فتحها‬
‫وأخذت السلة من يديه‪ .‬وبخ هبة " إنه للجميع حامد " ‪.‬‬

‫عبس الصبي األشقر ‪ ،‬وأرسل عبوس على شفتيه‪ " .‬وهنا اعتقدت أنك تحبني ‪"...‬‬

‫وصلت قمر إلى حامد ‪ ،‬وحطمت كل من هبة ونصير مًع ا في هذه العملية ‪ ،‬وضربت الصبي األشقر رأًس ا على عقب‪.‬‬
‫" أحمقك يظهر‪ .‬على األقل هي صنعت شيًئ ا‪ .‬لذا قل شكرًا وتوقف عن العبوس لمجرد أنه ليس ملكك بالكامل " ‪.‬‬

‫ابتسم حامد " شكًر ا لك" عندما بدأت هبة في توزيع الخضر الورقية‪ .‬تأوه حامد بسعادة في اللقمة األولى‪ .‬تقضم قمر‬
‫بسعادة على لفائف الخس مع حشوة الفاصوليا بالداخل‪.‬‬

‫" لماذا ال تأكل نصير لين ؟ تساءلت هبة عند مالحظتها للفتى ذو الشعر الفضي وهو ال يتحرك لألكل‪ " .‬أال تحب‬
‫ذلك ؟"‬

‫" لست أنت أو طبخك‪ .‬أجاب نصير ‪ ،‬وهو ينحني لألسفل للتدفئة‪ .‬اقتربت قمر منه تلقائًيا‪.‬‬

‫" نبتة" ‪ ،‬تمتم حامد وفمه ممتلًئ ا‪ .‬كلتا الفتاتين تجاهله‪ " .‬يمكننا إعادة العشاء إلى القرية" ‪ ،‬عرضت عليه مشرقة‪.‬‬

‫وذَّك ر نصير قائًال‪ " :‬ال تستطيع قمر دخول القرية" ‪ .‬عبس هبة ‪ .‬أطل قمر على هبة ‪ " .‬ال تقلق علي‪ .‬ال يزال لدى‬
‫والدتي بعض الحساء المذاب من وقت سابق اليوم " ‪.‬‬

‫" لكن‪"-‬‬

‫" أنا بخير" ‪ ،‬طمأنت قمر ‪ ،‬وهي تربت على ركبة نصير ‪ " .‬بكل صراحه‪".‬‬

‫" أنا متأكد من أنه يمكنني التفكير في مكان مختلف" ‪ ،‬قالت هبة ‪ ،‬وعيناها الزرقاوان تلمعان من يد قمر على نصير ‪.‬‬
‫الصبي ذو الشعر الفضي على الرغم من عدم وجود شيء من ذلك ‪ ،‬حيث أومأ برأسه في اتفاق ‪ " ،‬يجب أن يكون هناك‬
‫مكان آخر‪".‬‬

‫" ما هو الحساء المذاب ؟ هل هو دافئ ؟" سأل حامد ألنه تمكن من حشو بقية أوراقه الخضراء في فمه‪.‬‬
‫أجاب قمر ‪ ،‬وهو يحدق في حامد وهو يمضغ بخدود محشوة‪ " :‬الجبن المذاب ولحم الغزالن في قدر" ‪ .‬قفز حامد على‬
‫قدميه وابتلع بصوت مسموع قبل أن يقول ‪ " ،‬نحن ذاهبون إلى قمر ‪ .‬أريد أن أجرب بعًض ا من هذا الحساء! "‬

‫قالت هبة ‪ " :‬لقد أكلت بالفعل ثالثة من الثماني أوراق الخضراء" ‪ " .‬سوف تصبح ممتلئ الجسم‪".‬‬

‫ربت حامد بسعادة على بطنه المسطحة باعتزاز‪ " .‬هذا ليس ممتلئ الجسم‪ .‬هذا فقط ناضج " ‪.‬‬

‫هزت قمر رأسها متجاهلة النكتة المروعة وهي تقف وتنتزع السيوف من األرض‪.‬‬

‫" هل حقا ؟ ال شيئ ؟ قلت ناضجة ‪ ...‬أنت تعرف بدًال من الحق‪ .‬لقد كانت مزحة طعام ‪ " ،‬قال حامد صاخًبا يديه بعنف‪.‬‬
‫" كان ذلك مضحًك ا ‪ ،‬أليس كذلك قمر ؟"‬

‫قالت قمر ‪ " :‬لقد فهمت ذلك" ‪ - " .‬وأنا أختار عدم التعليق على ذلك‪".‬‬

‫" زعنفة ؟" استجوب حامد نأمل‪ .‬هز نصير رأسه‪ .‬أجاب " لقد كانت أسوأ مزحة لك حتى اآلن" حيث ساعد هبة في‬
‫إعادة الطعام إلى السلة‪.‬‬

‫" مخلوق مبهج ؟"‬

‫أجابت هبة ‪ " :‬دعونا نذهب إلى مطعم قمر " ‪.‬‬

‫" كلكم‪ "!-‬أعلن حامد ‪ ،‬مشيًر ا إلى هبة وقمر ونصير ‪ " .‬تفتقر إلى الفكاهة!"‬

‫شارك األشخاص الثالثة العاديون نظرة سريعة بينما كان حامد يتحدث بتواضع‪ .‬هزوا كتفيهم‪ .‬بعد السيوف والمواد‬
‫الغذائية والشفاء التي جلبت هبة بعد حامد أنف دموي في الليلة السابقة‪ .‬بدأوا نزوًال من قمة التل ‪ ،‬إلى منزل قمر ‪.‬‬

‫طوال الطريق ‪ ،‬أزعج حامد قمر ونصير بسعادة إلى ما ال نهاية ‪ ،‬حول السباق إلى منزلها‪ .‬ذّك ره كل من قمر ونصير‬
‫بأنه كان متعًبا على قمة التل ‪ ،‬وهو ما تجاهله حامد ‪.‬‬

‫كل خطوة مؤلمة تقترب من منزلها ‪ ،‬كانت مؤلمة فقط حيث بدا أن الوقت يتحرك بشكل أبطأ‪ .‬في لحظة من الزمن ‪ ،‬رأت‬
‫قمر الدخان يتصاعد في السماء من منزلها‪ " .‬لقد أوشكت على االنتهاء" ‪ ،‬همست نصير بارتياح من خلفها‪ " .‬كيف‬
‫هربت منه ؟"‬

‫أومأ زعنفة على كتفه إلى هبة وحامد ‪ .‬كل ما رأته قمر هو االبتسامة المذهولة على وجه حامد ‪ .‬عادت إلى نصير ‪" .‬‬
‫ماذا حل به ؟"‬

‫" ايديهم‪".‬‬

‫نظرت قمر من فوق كتفها مرة أخرى‪ .‬وجدت عيناها أصابعهما المتشابكة تلقائًيا‪ .‬بالعودة إلى نصير ‪ ،‬تظاهرت بمسح‬
‫الدموع من عينيها‪ " .‬يكبرون بسرعة‪".‬‬

‫شّمت زعنفة ‪ ،‬ودفعت نحوها بخفة‪ " .‬ال شيء منقوًش ا على الحجر حتى يبلغوا سن الرشد‪ .‬من اآلن وحتى ذلك الحين ‪ ،‬ال‬
‫نعرف ماذا سيحدث " ‪.‬‬

‫" من الواضح أنهم يحبون بعضهم البعض ‪ "،‬غمغمت قمر ‪ ،‬وألقت نظرة أخرى على كتفها‪ " .‬عليك أن تكون أعمى‬
‫حتى ال تراها‪".‬‬

‫توقفت عن المشي عندما تجمدت نصير بجانبها ‪ ،‬وهي تحدق فيها وكأن شيًئ ا ما على وجهها‪ .‬بهدوء ‪ ،‬تمسح في بقعة‬
‫وهمية ودرست صديقتها المقربة بقلق‪ " .‬ما هذا ؟"‬

‫بعد صمت متردد ‪ ،‬هز نصير رأسه وأجاب‪ " .‬ال شيئ‪ .‬ال شيء بهذه األهمية‪ " .‬مبتسًما ‪ ،‬ألقى ذراعه على كتفيها‬
‫واقترب منها عندما بدأ يمشي مرة أخرى‪.‬‬
‫" لكن‪"-‬‬

‫" ال شيء" ‪ ،‬أصرت نصير وهي تهزها برفق‪ " .‬صدقني‪".‬‬

‫" أنت تعرف أنني أفعل‪".‬‬

‫كانت هناك ضحكات سعيدة من خلفهم عندما وقفوا أخيًر ا أمام مربية منزلها‪ .‬أغلقت قمر المدخل ‪ ،‬واستدارت لتشرح ‪" ،‬‬
‫اآلن ربما ال تزال أمي‪"-‬‬

‫حامد يحرث حولها‪ .‬تجريف من الداخل مثل قطار الشحن‪ .‬اجتاحته الريح الشديدة داخل بيته‪ .‬دمدرت قمر ‪ ،‬وسحبت هبة‬
‫ونصير بالداخل قبل أن تغلق الباب خلفهما‪ .‬اصطدم هبة ونصير ضد حامد ‪ ،‬الذي توقف بقوة في الغرفة ‪ ،‬وسد طريق‬
‫قمر إلى الموقد‪ .‬دفعت قمر حامد جانبا ‪ ،‬صاحت الشقراء بشكوى وركضت إلى الموقد‪.‬‬

‫كانت تذمر بصوت منخفض وهي تنقذ الشعلة المحتضرة بإلقاء المزيد من النار في الجمر البرتقالي‪.‬‬

‫" اجعل نفسك في المنزل" ‪ ،‬مشيرًة بيديها المشغولتين إلى الطاولة الصغيرة مع ‪ .‬لقد انتزعت حذائها وعباءتها بمجرد‬
‫انتهائها من االعتناء بالموقد‪.‬‬

‫تمتم حامد في رهبة‪ " :‬هذا ال يشبه الحداد" ‪ .‬استدار رأسه على كتفيه ‪ ،‬ناظًر ا من حصيرة ملونة زاهية على الحائط إلى‬
‫أخرى‪ " .‬انها مشرقة جدا‪".‬‬

‫" الوضع أسوأ في ضوء الشمس" ‪ ،‬علق قمر وربت على حامد على كتفه وهو يحدق في السجادة المنسوجة تحت‬
‫قدميه‪ .‬سارت إلى الطاولة الصغيرة حيث جلست هبة ونصير ‪.‬‬

‫تساءلت والدتها وهي تخرج من غرفتها " ما هو أسوأ في ضوء الشمس" ‪ .‬تومضت العيون الفضية على الوجوه األخرى‬
‫في منزلهم‪.‬‬

‫ردت قمر بسرعة ‪ " ،‬ال شيء‪ – ".‬أشارت بذراعها إلى نصير ‪ " ،‬أمي ‪ ،‬أنت تعرف نصير ‪ ".‬ثم أشارت إلى هبة‬
‫وحامد ‪ " .‬هذا هو هبة وحامد ‪ .‬كان حامد جائًع ا ويريد مكاًن ا دافًئ ا لتناول الطعام " ‪.‬‬

‫" لم أقل ذلك قط" ‪ ،‬احتج حامد ‪ ،‬وأخيرًا خرج من نشوته‪ " .‬نصير فعل" ‪.‬‬

‫هبة رت قمر عينيها ‪ " ،‬أتمنى أال تمانع يا أمي‪".‬‬

‫ابتسمت المرأة األكبر سنا‪ " .‬بالطبع ال‪ .‬ما دام الجميع في منازلهم قبل شروق الشمس‪ .‬من فضلك اجعل نفسك مرتاحا‪.‬‬
‫أعتقد أن لدينا بعض الحساء المذاب المتبقي‪ .‬قمر ‪ ،‬اذهبي لتدفئة الماء من أجل الشاي " ‪.‬‬

‫على الفور ‪ ،‬قفزت قمر إلى العمل‪ .‬وضعت الغالية على اللهب‪ .‬في هذه األثناء قام أصدقاؤها بإزالة عباءاتهم وأحذيتهم‪.‬‬
‫أمسكت قمر بالسلة من األرض وذهبت إلى المائدة بينما كان الماء يغلي‪ .‬ساعدت هبة ونصير والدتها في إعداد‬
‫الطاولة ‪ ،‬ودرس حامد عمود نسج والدتها‪ .‬قريب جًد ا من أجل راحتها‪.‬‬

‫" ال تلمس أي شيء حامد أو غيره ‪ "،‬هدد قمر ‪ .‬شمها حامد ‪ ،‬غمغًما ‪ " ،‬لن ألمس شيًئ ا‪".‬‬

‫عندما أصلحت قمر الصبي األشقر نظرة مدببة ‪ ،‬سرعان ما انضم إلى هبة ونصير على الطاولة‪ .‬قطعت قمر ورقة‬
‫خضراء مورقة من السلة وبدأت في تسليمها ‪ ،‬تأوه حامد ‪ .‬حدقت الفتاتان عندما ألقى حامد الطعام على صدرهما‪ " .‬أنا‬
‫رجل ‪ "،‬صاح وهو ينفخ صدره‪ " .‬أنا ال آكل الخضر الورقية‪".‬‬

‫ردت هبة بحرارة‪ " :‬لم تكن تشتكي أثناء تناولك لهم على قمة التل" ‪ .‬عيناها الزرقاوان تتحوالن إلى البرودة وهي‬
‫تواصل‪ " .‬في الحقيقة ‪ ،‬لقد بدت مسروًر ا بطهيي‪".‬‬

‫شاهدت عدة أزواج من العيون بهدوء حامد وهو ينكمش ويتحول إلى ظل قاتل من شاحب‪ .‬اختفت واجهته الجريئة في‬
‫حالة من الذعر الواضح حيث اتسعت عيون حامد ؛ يدرك ما قاله‪ " .‬مخلوق مبهج" ‪ ،‬صرخ قبل أن ينظف حلقه‪ " .‬أود‬
‫أن آكل طعامك ‪ ،‬لكن إذا بدأت ‪ ،‬أخشى أال أتوقف‪ .‬ثم سيموت أصدقاؤنا األعزاء جوعا " ‪.‬‬
‫فجأة ‪ ،‬حلقت ورقة خضراء في الهواء ‪ ،‬محطمة هبوًط ا على وجه حامد ‪ .‬وسقط مطر من الخس والفاصوليا على‬
‫الطاولة‪ .‬عبس هبة وهو يمسح ثوبها بيدها‪ .‬هز نصير رأسه وتأوه‪ .‬الصدمة الشديدة على وجه حامد جعلت قمر تفقد كل‬
‫اإلرادة لكبح ضحكها‪.‬‬

‫" نيس حاولت إنقاذ حامد " ‪ ،‬تمتم نصير ‪ ،‬معلًقا رأسه خزًيا على صديقه‪ " .‬أنا ال أعرف ما هو أسوأ‪ .‬التحبيب الرهيب‬
‫أو العذر " ‪.‬‬

‫" التحبب" ‪ ،‬قالت المرأة األكبر سًن ا وهي تميل إلى الموقد من أجل الحساء الذائب‪ .‬ضحكت قمر بشدة مع استمرار‬
‫والدتها‪ " .‬هي ثابرتك‪ .‬يجب أن تفكر في اسم آخر " ‪.‬‬

‫جادلت هبة باستخفاف‪ " :‬االسم جيد" ‪ .‬نظرت إلى حامد باعتزاز‪ " .‬لقد اتصل بي عندما التقينا ألول مرة‪".‬‬

‫" دعاك" المخلوق اللذيذ " أمام والدتك ؟ مصيح زعنفة‪ " .‬وأمك تركته يعيش ؟"‬

‫" اعتقدت أنه كان فاقًد ا للوعي" ‪ ،‬قالت قمر ‪ ،‬وهي تنهض من الزابوتون وتتجه نحو الموقد‪ .‬سكبت الماء في مجموعة‬
‫من األكواب على الحافة الحجرية‪.‬‬

‫أومأت هبة برأسها‪ " .‬كان‪".‬‬

‫قال حامد بابتسامة خجولة‪ " :‬أعشاب" ‪ " .‬اعتقدوا أنني كنت على بعد أربعة أميال وذهبت‪ .‬لكن الحقيقة ُتقال ‪ ،‬كنت‬
‫أطفو عاليًا ‪ ،‬كل ما استطعت رؤيته هو وجهها الجميل " ‪.‬‬

‫تدحرجت قمر عينيها‪ .‬صحح " موشيز" ‪ " ،‬ليس أعشاب‪ .‬ال يمكننا جعل كل فرد في منزل المعالج يطفو " ‪.‬‬

‫هبة ر حامد عينيه على الفتاة الشقراء‪ .‬راقبت قمر من الموقد بينما غرقت والدتها وهبة بسرعة في محادثة مًع ا ؛ التي‬
‫اختفت بسبب محادثة حامد المتحركة حول الحاجة إلى تصحيح األشخاص مع نصير ‪.‬‬

‫بينما كان الشاي مطهًيا ‪ ،‬انحنى قمر إلى الوراء‪ .‬أمسكت بكوب وال يزال البخار الساخن يتدلى من السطح‪ .‬إبتسمت‪ .‬حتى‬
‫لسعة الشاي على شفتيها ال يمكن أن تدمر هذا الشعور الذي شعرت به‪ .‬كانت مع العائلة‪ .‬والدتها وصديقتها المقربة‬
‫وأخوها وأختها‪ .‬بالنظر إليهم ‪ ،‬ورؤية االبتسامات على الوجوه التي تحبها ‪ ،‬كانت قمر متأكدة من أن هذه كانت السعادة‪.‬‬
‫كان يجب ان يكون‪.‬‬

‫سارت قشعريرة على جلدها المكشوف وهي تفتح عينيها وسط ضباب نائم‪ .‬تثاءبت قمر وهي جالسة ؛ فرك عينيها‪ .‬عندما‬
‫غادرت آخر آثار النوم ‪ ،‬أدركت قمر بصدمة أنها لم تكن في غرفتها‪ .‬لكنها ال تزال في المنطقة الرئيسية من منزلها‪ .‬ومن‬
‫أصوات التنفس العميق والشخير‪ .‬كانت تعلم أنها ليست وحدها‪.‬‬

‫قفزت قمر على قدميها ووجدت ثالث جثث أخرى منتشرة في أنحاء الغرفة‪ .‬لم يغادر هبة ونصير وحامد ‪ .‬تحركت ‪،‬‬
‫متعثرة على غطاء منسوج ملفوف بطريقة سحرية حول كاحليها‪ .‬سقطت قمر ‪.‬‬

‫نجا نخر منها عندما هبطت‪ .‬لم يؤلم السقوط‪ .‬هبطت على األرض المحشوة‪ .‬تومض شظايا من الضوء تحت صدع‬
‫صغير من الباب الخشبي وثقب في السقف للموقد‪ .‬تدافعت على قدميها‪ .‬فتحت يدها الباب‪.‬‬

‫اجتاح الضوء الساطع حجرة المنزل المظلمة ‪ ،‬مما أدى إلى إصابتها بالعمى وهي تقف أمام المدخل‪ .‬أغلقت قمر الباب‪" .‬‬
‫الجميع! تحتاج إلى النهوض! " بكت قمر في ذعر‪.‬‬

‫دفعت إحدى الكتل على األرض‪ .‬تأوهت في الشكوى‪.‬‬

‫" هبة ! زعنفة! حامد ! أنت بحاجة إلى النهوض اآلن! "‬

‫بداًل من تذمر واحد ‪ ،‬تذمرت عليها ثالثة أصوات ضبابية أثناء النوم احتجاًج ا‪ .‬تنهدت قمر وهي تمشط يدها عبر موجاتها‬
‫المتشابكة‪ " .‬طلعت الشمس!"‬
‫اختفت أصوات الشكوى ‪ ،‬ولم يتبق سوى صمت متزايد‪ .‬قفزت ثالث جثث مختلفة من األرض‪ .‬تحرك كل شخص في‬
‫حالة من الذعر المحموم ‪ ،‬واندفع إلى الموقد ليسحب حذائه أو عباءة‪ .‬وضعت قمر على عجل بقايا الطعام الليلة الماضية‬
‫في سلة هبة ‪ .‬لم تقدم الفتاة الشقراء أي ترحيب ألنها سحبت السلة من يدي قمر وخرجت من الباب‪ .‬سرعان ما تبعه‬
‫حامد ‪.‬‬

‫تمشيط شفتيها على خدها وحدقت قمر ‪ ،‬عاجزة عن الكالم بينما ركض نصير خارج الباب‪ُ .‬أغلق الباب الخشبي ‪ ،‬تارًك ا‬
‫قمر وحدها في المنزل المضاء باللهب‪ .‬قشعريرة محمولة في الهواء من الوحدة والبرد بالخارج‪ .‬لكن كل ما شعرت به هو‬
‫حرارة خديها ‪ ،‬التي كانت تشع من المكان الذي لمسته نصير ‪ .‬كان الحر المشتعل بجينها يذكرها بشكل غامض بحرارة‬
‫النيران المشتعلة‪.‬‬

‫نظرت بحزن إلى الموقد األسود‪ .‬خطوة بخطوة ‪ ،‬أعادت قمر بناء النار‪ .‬انتشرت موجات من الحرارة عندما بدأ الحريق‬
‫يتأجج ويشتعل‪ .‬مع تأجيجها ‪ ،‬أدركت قمر كم أصبحت متعبة‪.‬‬

‫ازداد ثقل عينيها عندما تعثرت في غرفها‪ .‬برشاقة ‪ ،‬تخبطت على سريرها بأوهات مبهجة‪ .‬تخبطت قمر في سباتها بحًث ا‬
‫عن األغطية المنسوجة‪ .‬عندما كانت مرتاحة ‪ ،‬نمت على األصوات المعدنية من بعيد‪ .‬وإذا كان لديها كابوس ‪ ،‬فلن تتذكر‬
‫قمر ‪.‬‬

‫كانت تجري في وقت متأخر عما أرادت أن تكون‪ .‬اندفعت حذائها على درب التراب وهي تغامر نحو قمة التل‪ .‬كانت قمر‬
‫تأمل في أن يكون هناك شخص ما على األقل ال يزال على قمة التل على الرغم من بقاء السماء ليال‪.‬‬

‫قعقعة المعدن على المعدن ‪ ،‬يتردد صداها عبر األشجار‪ .‬تنهدت قمر بارتياح‪ .‬حتى تالها صرخة من األلم بعد أصوات‬
‫السجال‪ " .‬رفاق ؟!" صرخت قمر بينما كان قلبها ينبض على أمل أن يجيب أحد‪ .‬لم يأت إجابة‪.‬‬

‫تسابق عقلها‪ .‬كل كابوس لديها‪ .‬تومض كل واحدة ابتليت برأسها خلف عينيها‪ .‬األرض غارقة في الدم‪ .‬أجساد بال حراك‪.‬‬
‫عيون جوفاء تحدق بها‪ .‬وقفت ابتسامات و الوحش على حد سواء فوق أجساد أصدقائها في كوابيسها‪ .‬ثم يأتي الماء‪.‬‬

‫قرع على الطبول ضد التضاريس ‪ ،‬أغلق قمر المسافة بخطوات محمومة‪ .‬تدفقت اإلغاثة من رئتيها عندما وجدتهما‪.‬‬
‫ملقى الزعنفة على األرض ممسًك ا بوسطه وحامد بجانبه‪.‬‬

‫" ماذا حدث ؟" استجوبت عندما ألقى حامد نصير على قدميه ‪ ،‬ونقله إلى جذع الشجرة الساقطة‪.‬‬

‫" ال شيء" ‪ ،‬تأوه نصير وحامد ‪ " .‬السجال ‪ ،‬تلقى نصير ضربة خفيفة على الضلوع ‪ ،‬ولكن من مظهره ‪ ،‬بدأت أعتقد‬
‫أنني ضربته بقوة أكبر مما كنت أعتقد‪".‬‬

‫" ضربة خفيفة ؟" استولت قمر ‪ .‬توجهت إلى حامد ‪ ،‬وعيناها الخربيتان محترقتان‪ " .‬أنت‪ !-‬من بين كل الناس يجب أن‬
‫يعلموا أنه ال يوجد شيء اسمه ضربة ضوئية‪ .‬خاصة بشفرة معدنية! ما مدى سوء ذلك ؟ "‬

‫هز حامد كتفيه‪ " .‬لقد رفض السماح لي بالرؤية‪ .‬يقول إنه ال ينزف وهذا ما أؤمن به‪ .‬لم يكن لدي الوقت لشحذ الشفرات‬
‫"‪.‬‬

‫" شكرا على ذلك" ‪ ،‬صاح نصير وهو واقف‪ .‬وجدت عيون أرجوانية ل قمر ‪ .‬أصر الصبي ذو الشعر الفضي‪ " :‬أنا‬
‫بخير" ‪ " .‬ليست كذلك‪"-‬‬

‫حدقت قمر وقاطعته ‪ " ،‬إذا قلت أنه ال شيء مرة أخرى ‪ ،‬فسأفعل‪"-‬‬

‫" ماذا تفعل ؟" تجرأ نصير ‪ ،‬قاطع قمر ‪ " .‬حطمت الحافة المسطحة ضلوع‪ .‬أنا فقط بحاجة إلى بضع دقائق للتعافي‪.‬‬
‫ابتعد عن ضهري‪".‬‬

‫تحركت الزعنفة من قدمها ودرسته قمر بعناية‪ .‬كان هناك قرصة حول عينيه اليسرى‪ .‬إحدى العالمات على أنه كان‬
‫يكذب عليها بسبب صداقتها لفترة طويلة‪ .‬كانت تقوس حاجبها بينما كانت نصير تغزل عنها ‪ ،‬مما يثبت حالته غير‬
‫المصابة‪ " .‬ارى ؟ انا جيد‪".‬‬

‫استمرت عيون سيت في التوهج بحرارة ‪ ،‬حيث قابلت نصير ‪ .‬وكانوا يحدقون‪ .‬حرك حامد رأسه ذهاًبا وإياًبا ‪ ،‬بعد‬
‫تصاعد العناد بين صديقيه‪.‬‬
‫" قمر ‪ ...‬هل تريد الصدام ؟" سأل حامد بتردد في انتظار حدوث شيء ما‪.‬‬

‫أجابت قمر بجمال ال تومض من نصير في المساء‪ " .‬ال‪ .‬يجب أن تنتهي أنت و نصير ‪" .‬‬

‫تطهير حامد حلقه وهمهمة‪ .‬لقد جلب الشفرات من األرض‪ " .‬حسًن ا إذن ‪ "...‬قال حامد وهو ال يزال يترنح من قمر ‪.‬‬
‫أشار إلى الصبي ذو الشعر الفضي ‪ ،‬وهو يهز إحدى الشفرات بفارغ الصبر‪ " .‬تعال على نصير ‪ ،‬ليس لدينا طوال الليل‪.‬‬
‫أريد أن أذهب إلى هبة الحًقا‪ .‬خذها‪".‬‬

‫فقط عندما أخذ نصير النصل من حامد ‪ ،‬كسر التحديق من قمر ‪ .‬أكد وهو يتجه نحو حامد ‪ " :‬حسًن ا" ‪ " .‬لنذهب مرة‬
‫أخرى‪".‬‬

‫بينما بدأ الصبيان في السجال ‪ ،‬جلست قمر على جذع الشجرة الساقطة‪ .‬شاهدت تحركاتهم كما فعلت مرات عديدة أخرى‬
‫في أرض مسطحة لألسلحة‪ .‬اصطدم المعدن بالمعدن ‪ ،‬اصطدم الطحن المهتاج من خالل األشجار الصامتة في الغالب‪.‬‬
‫كانت البوم تتطاير فوق رؤوسها ‪ ،‬في مكان ما بعيًد ا ‪ ،‬لكنها لم تشتت انتباهها عما يمكن أن تراه أمامها‪.‬‬

‫كان نصير وحامد متكافئين تقريًبا‪ .‬على الرغم من أن الصبي األشقر كان لديه ثالث بوصات على نصير ‪ ،‬إال أنه كان‬
‫يعمل بشكل جيد ‪ ،‬مع األخذ في االعتبار افتقاره إلى تمريرات السيف منذ‪ .‬ولكن كان هناك شيء ما في حركات نصير‬
‫ألقى بها‪ .‬كان ألمه مخفًيا جيًد ا ‪ ،‬وكانت قمر ترتدي المظهر كثيًر ا ‪ ،‬وكانت تعرف كيف يبدو على اآلخرين‪ .‬لكن بعد‬
‫سنوات عديدة ‪ ،‬تمكنت من رؤيته‪.‬‬

‫مهما كان ما يخفيه نصير ‪ ،‬فإنه يجعل ردود أفعاله المدربة أبطأ‪ .‬شاهدت قمر مباراة السجال في صمت‪ .‬حتى ألقى حامد‬
‫سيفه على األرض‪ " .‬لقد انتهيت" ‪ ،‬أعلن بسخط‪ .‬تحركت عيناه الزرقاوان بين االثنين بينما استمر ‪ " ،‬ال أستطيع أن‬
‫أتحمل مثل هذا ‪ ،‬ولم أفعل أي شيء!"‬

‫ثم دار حامد إلى الزعانف وتهمس‪ " .‬اجعلها سعيدة مرة أخرى‪".‬‬

‫انتزع الصبي األشقر يد زعنفة النصل واسترد السيف من األرض‪ .‬من دون كلمة أخرى ‪ ،‬انطلق تارًك ا قمر ونصير‬
‫وراءهما‪.‬‬

‫جلست قمر في صمت الليل‪ .‬أضاء القمر في السماء المحببة‪ .‬انضم إليها نصير على جذوع األشجار الساقطة ؛ وزاد‬
‫الظالم الرديء بالتوتر‪.‬‬

‫قالت قمر بالتساوي‪ " :‬كنت بطيًئ ا" ‪.‬‬

‫" اعذرني ؟"‬

‫أفرغت حلقها قبل أن تتابع ‪ " ،‬وأي شيء تخفيه عنا يؤثر على سرعتك ودفاعك‪".‬‬

‫احتجت نصير قائلة‪ " :‬أنا ال أخفي أي شيء" ‪ .‬التفت نحوها على جذوع األشجار الساقطة‪ " .‬أنالست!"‬

‫شم قمر ‪ " .‬ال تكذب علي! لقد عرفتك كم مرة ؟ هل تعتقد حًق ا أنها ستنجح ! ؟ أعرف متى تكون صادًق ا معي " ‪.‬‬

‫نبح نصير ‪ " ،‬أنت سخيف‪ .‬ما الذي يجعلك تعتقد أنني أكذب عليك ؟ "‬

‫سخرت ‪ ،‬ورمت أمواج الماهوجني على كتفيها‪ " .‬أربعة أسباب‪ .‬أربعة أسباب تجعلني أعتقد أنك تخفي شيًئ ا‪ .‬واحد‪" -‬‬
‫قالت بصوت مسموع وهي ترفع إصبعها‪ " .‬أنت ال ترمش أبًد ا عندما أضربك بالشفرة عن طريق الخطأ‪ .‬لكن مع حامد ‪،‬‬
‫أنت تقريًبا تضاعف‪" -‬‬

‫" لم أفعل‪"-‬‬

‫" احفظها" ‪ ،‬التقطت قمر ‪ " .‬لم أنتهي بعد‪".‬‬


‫رفعت قمر إصبًع ا آخر لالنضمام إلى األول‪ " .‬اثنان ‪ ،‬كانت قدميك أبطأ ألنك كنت تعانق يدك اليمنى على ضلوعك‪.‬‬
‫مما ‪ ...‬يقودني إلى ثالثة ‪ " ،‬رفعت إصبعها الثالث‪ " .‬أنت ال تمسك ضلوعك أبًد ا ‪ ،‬وال حتى مرة واحدة قبل هذه الليلة‪".‬‬

‫سحقت نفثات من الهواء الدافئ على وجهها عندما انتهت‪ .‬تشبث آخر صراخها الغاضب في الهواء لبضع دقائق قبل أن‬
‫يختفي في الليل‪ .‬جلست قمر وهي تختمر‪ .‬لم يكن عناد نصير هو ما أزعجها‪ .‬كان تصميمه على الكذب على وجهها‪.‬‬
‫ويأمل أن يظن أنه سيكون قادًر ا على فعل ذلك‪ .‬كان هناك لدغة‪ .‬شيء دفعها في ظهرها‪ .‬واشتد التوتر بينهما فيما غضبت‬
‫قمر من الخيانة‪.‬‬

‫جاء رد نصير بهدوء لكنه حازم‪ " .‬انا جيد‪".‬‬

‫قمر خرجت بصوت خنق وجلست‪ .‬كانت يداها تدفعان إلى كتف نصير ‪ ،‬مما جعله مترامي األطراف للخلف بعيًد ا عن‬
‫جذوع األشجار المتساقطة‪.‬‬

‫" هل أنت بخير اآلن ؟" نظرت ورسمت لها موقفا‪ .‬داس قمر بغضب حول جذوع األشجار ‪ ،‬وحدقت في أعز أصدقائها‬
‫الغاضبين‪ " .‬اجب!"‬

‫خاف صوتها طوال الليل ‪ ،‬مما جعل البومة في مكان ما صامتة‪ .‬استمرت قمر في التوهج ‪ ،‬وتوقعت شيًئ ا من الصبي‬
‫على األرض‪ .‬تراجعت عندما بدأ يضحك‪.‬‬

‫ضحك نصير جعل غضبها يغلي أكثر‪ .‬قبضت قبضتها على جانبيها ‪ ،‬وقامت بساقها على جذع نصير وجلست‪ .‬تحولت‬
‫بقية ضحك نصير إلى أنين مؤلم‪ " .‬النزول‪".‬‬

‫" لماذا ؟" تساءلت ببراءة‪ .‬حدقت عيناها الخمريتان في غضب عاصف‪ " .‬أنت بخير ‪ ،‬أتذكر ؟"‬

‫" قمر ‪"...‬‬

‫" أنا أستيقظ حتى تخبرني ما هو الخطأ" ‪ ،‬صرحت قمر ‪ .‬هز رأسها في شكاوى نصير ‪ ،‬واحتجاجه الشرير‪ .‬قابلت‬
‫العيون البنية اللون النيلي في تحٍد صامت للعناد‪ .‬عندما لم تغمض نصير ولم تنظر بعيًد ا ‪ ،‬دفعتها قمر بكل وزن جسدها‪.‬‬
‫لقد تراجعت من قبل ‪ ،‬متوترة من إيذاء نصير حًق ا‪ .‬ولكن اآلن ‪ ،‬مهما كانت نحيلة ‪ ،‬فإن الضغط على ضلوعه سيؤلم‪" .‬‬
‫أنا فقط أريد المساعدة‪".‬‬

‫" يساعد ؟" سعال الزعانف‪ " .‬كيف يساعد هذا ؟"‬

‫" أنا ال أفعل هذا ألكون لئيًما معك‪ .‬أجاب قمر ‪ :‬من الواضح أنك بحاجة إلى نوع من المساعدة وأنك عنيد جًد ا في‬
‫السؤال‪.‬‬

‫" لذا فإن استغالل ضعفي ال يعني أنه لئيم ؟" زعنفة خشنة‪ " .‬أخبرني قمر ‪ ،‬كيف ستساعدني بالضبط ؟ هل ستقول ألبي‬
‫أن يتوقف ؟ فقط إلعالمك ‪ ،‬لقد حاولت ذلك بالفعل " ‪.‬‬

‫دفعها نصير جانبا ‪ ،‬في الثلج‪ .‬جلس متكًئ ا على جذع الشجرة المتساقط بينما كان يمسك بضلوعه التي أسيئت معاملتها‪.‬‬
‫استنشقت قمر ‪ ،‬وهي تحدق في يده التي كانت تحمل شيًئ ا لم تستطع رؤيته‪ .‬لم تشعر بالبرد وهي تمس مالبسها‪ .‬كل ما‬
‫شعرت به هو القلق وآثار الدفء التي يحملها جسد نصير ‪ " .‬قل لي" ‪ ،‬حثت بهدوء‪.‬‬

‫اختفى آخر غضب من الزعنفة الباردة في الريح حيث كانت تتساقط بواسطة قطع الثلج األخيرة‪ .‬قبل أن تتمكن قمر من‬
‫قول المزيد ‪ ،‬سقط صدى أزمة ثلجية فوقهم‪ .‬استدارت قمر ‪ ،‬ووجدت هبة وحامد على المنحدر‪ .‬كال الشقراوات يحدق‬
‫بهم‪ .‬عادت قمر إلى نصير ‪ " .‬ماذا تقصد والدك ؟"‬

‫وضعت يدها بحذر شديد على كتف نصير ‪ .‬هز كتفيها بعيدا‪ .‬سحبت قمر يدها للخلف وهي في حالة ذهول‪ .‬اقتربت منهم‬
‫الجرش المستعجل وهي تحدق في ظهر نصير ‪ ،‬متسائلة عما حدث بينه وبين والده‪ .‬استمر الصمت في التساقط ‪ ،‬تماًما‬
‫مثل الثلج الخفيف من حولهما عندما انضم إليهما هبة وحامد عند جذوع األشجار المتساقطة‪ .‬انضم كال الشقراوات إلى‬
‫قمر ‪ .‬إعطاء نصير المساحة التي يريدها وهو يتراجع عن جذوع األشجار الساقطة‪.‬‬

‫" زعنفة ؟"‬


‫تراجعت النعومة في الهواء بينما همست الزعنفة‪ " .‬قبل أن تموت والدتي‪ .‬كنت أعرف ما حدث عندما لم أكن في المنزل‪.‬‬
‫لقد رأيتها مرات عديدة ‪ ...‬لقد ساعدتها‪ .‬الدم والكدمات‪ .‬لقد توسلت إليها عدة مرات للحصول على المساعدة ‪ ،‬ولم ترسم‬
‫لي سوى ابتسامة‪ .‬تم كسرها أيًض ا عندما قالت إنها ال شيء‪ .‬بعد أن واجهت والدتي النيران ‪ ،‬ومرضي ‪ " ...‬أطلق نصير‬
‫نفًسا مرتعًش ا‪ " .‬بدأ هذا بعد أيام قليلة من عودتي إلى منزلي" ‪.‬‬

‫علقت أشواك الفضية منخفضة حيث تجرأت قمر على لمسه‪ .‬تحرك إصبعها على كتفيه عندما انضمت إليه على جذوع‬
‫األشجار الساقطة‪ " .‬هل استطيع ؟" هي سألت‪.‬‬

‫أومأت الزعنفة بضعف ‪ ،‬واستدارت نحوها‪.‬‬

‫رفعت قمر بحذر شديد نهاية عباءة نصير وسترته‪ .‬شعرت بألم في قلبها وهو يتراجع قليًال‪ .‬ابتلعت السماكة في حلقها‪.‬‬
‫وطمأنت صديقتها المقربة قائلة‪ " :‬يمكنك أن تخبرني أن أتوقف في أي وقت" ‪.‬‬

‫" أنا أعرف‪".‬‬

‫عندما كان ظهر نصير مكشوًف ا بالكامل ‪ ،‬سقطت عيناها على الرؤية الملتوية لسماء الصباح‪ .‬حول ظهره ‪ ،‬كان التفاف‬
‫ضلوعه عبارة عن كدمات مروعة‪ .‬رأى قمر أحمر‪ .‬ارتجفت يداها‪ .‬أراد جزء منها شد مالبس نصير ؛ تتظاهر بأنها لم‬
‫تَر الجروح التي تناثرت على جلد صديقتها المقربة‪.‬‬

‫أراد جزء آخر منها تقريًبا أن يرى الباقي‪ .‬فقط لتغذية الغضب الذي يخيم في معدتها‪ .‬شهق هبة بينما سحب قمر قميص‬
‫نصير حتى لوحي كتفه وعنقه‪ .‬تم تناثر اللون األصفر الفاتح واألزرق واألرجواني ألعلى وأسفل عموده الفقري‪ .‬بدت‬
‫بعض الكدمات أفتح ‪ ،‬باهتة ‪ ،‬كما لو أنها لم تكن المرة األولى كما قال نصير ‪.‬‬

‫دارت بطنها على الفكرة‪ .‬استقر الشعور بالذنب على بطنها أيًض ا ؛ من اللحظات النادرة التي اعتقدت أنها كانت سعيدة ‪،‬‬
‫كانت أعز صديقاتها تتحمل ذلك‪ .‬أسقطت سترته والعباءة ‪ ،‬وتركت الجاذبية تسحب القماش ألسفل خوًف ا من إيذاء نصير ‪.‬‬

‫تحدث حامد ‪ ،‬وكسر الصمت الهادئ في الهواء‪ " .‬على األقل دع تتحقق من ضلوعك للتأكد من عدم كسر أي منها‪".‬‬

‫وافق الزعنفة على أنه " يفضل أن يكون مكان ما أكثر دفًئ ا" ‪ " .‬ربما يجب أن أكون في منزل المعالج قبل أن أكون في‬
‫األرض المسطحة لألسلحة‪".‬‬

‫قالت قمر باقتناع‪ " :‬إنك لن تذهب" ‪ .‬وقفت ‪ ،‬وتخطى غضبها الشرس على الثلج‪ " .‬لن تعود إلى مسكنك مرة أخرى" ‪.‬‬

‫تبعتها عيون نصير ‪ " .‬وأين أنا ذاهب ؟"‬

‫توقفت قمر في خطواتها‪ " .‬أنا‪ .‬ستعود إلى المنزل معي " ‪.‬‬

‫يهز نصير رأسه‪ " .‬ال‪".‬‬

‫" لما ال ؟"‬

‫" ألنني قد أعرضك أنت وأمك للخطر‪ .‬هذا هو سبب عدم رغبتي في ذكر أي شيء " ‪ ،‬تمتم نصير بحرارة‪.‬‬

‫" أذكر أي شيء ؟" صرخت قمر ‪ ،‬غاضبة‪ " .‬إصاباتك ال تشبه ذكر أي شيء مثل تناول العشاء‪ .‬لن تعرضنا للخطر‪.‬‬
‫أنت تترك والدك يعرضك للخطر! "‬

‫" قمر ! قف!" طالب نصير وقمر هزت رأسها‪ " .‬ال أستطيع فقط‪"-‬‬

‫انغلق نصير على قدميه ‪ ،‬ويمرر يده عبر شعره الفضي القصير‪ .‬شارك هبة وحامد نظرة عندما أمسك نصير بأراينا‬
‫من كتفيه‪ " .‬بلوغ سن الرشد هو ثالثة وفات‪ .‬يمكنني التعامل معها حتى ذلك الحين " ‪.‬‬

‫ثم ابتعدت نصير وابتعدت عنها‪ .‬تبعته قمر ‪ ،‬قريبة من كعبيه‪ " .‬لقد سألتني عما يمكنني فعله لمساعدتك وعرضته للتو!‬
‫ال يمكنك القول أنك بحاجة إلى المساعدة ولكنك ترفض أخذها! "‬
‫تدور الزعانف حولها‪ " .‬ألم أشرح هذا بالفعل ؟" سأل بشراسة‪ " .‬يمكنني أن أرفض! خاصة إذا كانت المساعدة منك! "‬

‫سقط النحيب فوق قمة التل ‪ ،‬ونظرت قمر إلى هبة بين ذراعي حامد ‪ .‬تناثرت الدموع على خديها‪ .‬أغلقت قمر المسافة‬
‫بين ‪ .‬كانت عيونهم تحدق ببعضها البعض بينما كانت قمر تصدر صوت هسهسة‪ " .‬ماذا نفترض أن يعني ذلك ؟"‬

‫جاء صوت حامد من جذوع األشجار الساقطة‪ " .‬نصير ال" ‪ ،‬حذر بلطف‪ " .‬ال تقل أي شيء تندم عليه‪".‬‬

‫تحول رأس الفضة إلى حامد ‪ " .‬لن أقول لها ذلك أبًد ا في حياتي!" بصق بحرارة‪.‬‬

‫عندما عاد نصير إلى قمر ‪ ،‬استنزفت إرادة القتال منه بشكل واضح‪ " .‬أنا ‪ "...‬تراجعت نصير قبل أن ينظف حلقه‪" .‬‬
‫لست الوحيد الذي لديه كوابيس قمر ‪ .‬قلت لك ‪ ،‬ال أستطيع ولن أطلب مساعدتك " ‪.‬‬

‫احتجت قمر على ذلك قائلة‪ " :‬وال يمكنني الوقوف متفرًج ا ومشاهدة والدك يفعل هذا بك" ‪ " .‬ال يمكنك أن تسألني أيًض ا‪".‬‬

‫" جمعت هذا القدر" ‪ ،‬غمغم نصير بحزن‪ " .‬هذا هو سبب عدم رؤيتي بعد هذه الليلة‪".‬‬

‫" عن ماذا تتحدث ؟" هي سألت‪.‬‬

‫ردد حامد ‪ " .‬نعم نصير ‪ .‬عن ماذا تتحدث ؟"‬

‫أومأت هبة برأسها من ذراعي حامد ‪ " .‬يرجى توضيح‪".‬‬

‫تنهدت زعنفة‪ .‬أوضح بصوت متقطع‪ " :‬لن أتواصل معك بعد اآلن" ‪ " .‬أي منكم‪ .‬سأقطع صداقتنا " ‪.‬‬

‫كانت قمر منتفخة ‪ ،‬وهي تعانق مرفقيها بيديها‪ .‬انضمت بسرعة إلى و على جذوع األشجار الساقطة‪ .‬ارتجفت ركبتيها‬
‫حتى جلست‪ .‬يد حامد مثبتة على كتفها‪ .‬بالكاد يمكن أن تشعر به‪ .‬كانت بالكاد تشعر بأي شيء مقابل األلم في صدرها‪.‬‬

‫قال حامد بصراحة‪ " :‬هذا غبي" ‪ " .‬قد يكون والدي في حالة سكر لكنه مخمور كسول‪ .‬لم أره مرة وهو يضرب ذبابة‪.‬‬
‫إنه يجلس هناك فقط ‪ ،‬ويخمر عصائره الخاصة ويهمهم بين الحين واآلخر " ‪.‬‬

‫" ماذا يفعل والدك‪ "-‬بدأ نصير وحامد من متوهًج ا‪ " .‬اخرس أيها األحمق ‪ ،‬أنا لم أنتهي‪ .‬أنا صديقك ‪ ،‬وأنا أعرض‬
‫مساعدتي‪ .‬وسوف تأخذه " ‪.‬‬

‫" لماذا تقول هذا ؟" حدق الزعانف‪.‬‬

‫بسخرية ‪ ،‬رد حامد بهز كتفيه‪ " .‬موقع‪".‬‬

‫حدقت كل من و قمر في ‪ ،‬في غضون ذلك قام فقط بتدوير عينيه‪ " .‬التالي‪".‬‬

‫" يبعدك عن والدك وأنت ال تزال في المدينة‪ .‬لذلك لن يضطر راكبو الحدود إلى البحث عنك " ‪.‬‬

‫" و‪ -‬؟" سأل نصير ‪.‬‬

‫" وأنت نبتة عندما تكون األشهر الباردة هنا ‪ ،‬فلن تتجمد أبًد ا في الحداد‪ .‬إلى جانب ذلك ‪ ،‬نعلم جميًع ا كم تحب أن تتعلم‬
‫شيًئ ا أو شيئين عن الضرب ‪ " ،‬صرح حامد ‪.‬‬

‫حبست قمر أنفاسها بينما كان نصير وحامد يحدقان في بعضهما البعض ‪ ،‬قبل أن تتحرك العيون نحوها‪ .‬ثم أومأت‬
‫الزعنفة‪ .‬قفز حامد على قدميه‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬لقد تم تسوية هذا األمر اآلن‪ .‬أحتاج إلى إعادة هبة إلى بيت المعالج ألن مشاهدة‬
‫نصير وهو يسلمه مؤخرته له من قبل قمر أمر غير وارد " ‪.‬‬

‫ساعد حامد هبة على قدميها ‪ ،‬وألقى بذراعه على كتفي الفتاة الشقراء‪ .‬مع موجة صغيرة من ‪ ،‬انكسر الزوجان بعيًد ا‬
‫في الثلج في نفس االتجاه الذي وصلوا فيه‪.‬‬
‫" أراك عند الحداد!" دعا حامد قبل أن يختفي عن األنظار‪.‬‬

‫عندما كانت قمر ونصير وحدهما ‪ ،‬كانت أول من تحدث‪ " .‬هل أوقفت صداقتنا هكذا ؟ بهذه السهولة ؟ "‬

‫هز نصير رأسه‪ .‬اعترف بهدوء‪ " :‬ال ‪ ،‬لن أفعل" ‪.‬‬

‫" ال تهدد صداقتنا مرة أخرى!" طلبت قمر ‪ ،‬محاربة الدفء المتجمع على حافة عينيها‪ " .‬ال تحاول أبدا أن تكذب علي‬
‫مرة أخرى!"‬

‫" أعدك ‪ "،‬أقسم نصير بينما كان يمشي إلى جذع الشجرة الساقطة‪ .‬جلس بجانبها‪ .‬قامت قمر بطعنه في ذراعه‬
‫بإصبعها‪ " .‬لن يحدث مطلقا مرة اخري!"‬

‫" أنا آسف ‪ "،‬قال نصير بلطف‪ .‬ابتسم عندما أومأت قمر ‪ .‬ولفه حولها‪ " .‬أنا آسف‪".‬‬

‫" يجب ان تكون!" صرخت قمر ‪ ،‬مكتومة قليًال من وجهها لتلتقي بصدر نصير ‪ .‬هددت الدموع بالتساقط على عباءة‬
‫الزعنفة عندما ضحك الصبي ذو الشعر الفضي‪ .‬لم تستطع قمر إحضار نفسها لكزه مرة أخرى‪ .‬بدًال من ذلك ‪ ،‬تم إغالق‬
‫ذراعيها بإحكام حول نصير ‪ ،‬لكنها حذرة من إصاباته‪ .‬كانت سعيدة لوجوده بين ذراعيها ‪ ،‬وكانت راضية عن أن تكون‬
‫بين ذراعيها‪ .‬تألم قلبها بطرق أخرى‪ .‬الطرق التي ال تريد فتحها‪ .‬ليس بعد أن وعد نصير بعدم اإلضرار بصداقتهم‪ .‬لم‬
‫تستطع أيًض ا‪.‬‬
‫مع اختفاء آخر األشهر الثلجية في األشهر الممطرة األكثر دفًئ ا ‪ ،‬ذاب الجليد الثقيل‪ .‬مع زيادة الرطوبة في األرض ‪ ،‬جلبت‬
‫النشوة األولى من العشب‪ .‬أصبح التدريب أكثر صعوبة مع حركات القدم المبتذلة المروعة‪ .‬جلست قمر على جذع شجرة‬
‫سقطت ‪ ،‬وهي تتخلص بشكل يائس من الطين السميك من حذائها بصخرة كبيرة‪ .‬شاهدت نصير وحامد يتنافسان بين‬
‫مهمتها‪.‬‬

‫ارتطم المعدن ببعضه عندما التقى السيوف‪ .‬أرجحت الزعنفة النصل وأخطأت حامد بعدة أقدام‪ " .‬ماذا كان هذا ؟" سأل‬
‫حامد كافرا ثم ضحك‪ " .‬بدا األمر وكأنه أرجوحة ‪ ...‬هل كانت أرجوحة ؟"‬

‫تذمر نصير " على األقل أفعل شيًئ ا ما" ‪ " .‬أنت فقط تقف هناك‪".‬‬

‫قامت قمر بتقوس حاجبيها قبل اإليماء‪ " .‬صحيح ‪ "...‬وافقت‪ " .‬نعم ‪ ،‬كانت تلك نهاية األمر‪".‬‬

‫" لقد استخدمتني بعد ذلك!" اتهم حامد ‪ .‬هز نصير كتفيه‪ " .‬أنت أكثر من موضع ترحيب الستئناف المعركة‪ .‬فقط أعلم‬
‫أنني ال أريد المشاركة في الحصول على المؤخر " ‪.‬‬

‫" ماذا او ما ؟ تمتم حامد ‪.‬‬

‫" هل رأيت حالة مالبسك ؟" وعلق نصير بشكل قاطع‪ .‬شم قمر ‪ ،‬وضحك هبة بينما كان حامد يتفقد سترته‪ .‬تنهد الولد‬
‫األشقر ‪ ،‬ثم استدار إلى هبة ‪ " ،‬هل تعتقد ذلك أيًض ا ؟"‬

‫أجابته هبة ‪ " :‬أنت من يغطيه الوحل ‪ ،‬ال قمر " ‪ .‬غضب حامد حزيًن ا‪ .‬يربت هبة على ذراعه في راحة تقود حامد إلى‬
‫جذوع األشجار الساقطة‪ .‬قمر وفن تبعهما خلفهما‪ " .‬لحسن الحظ للجميع الليلة ‪ ،‬أحضرت دلًو ا لجلب الماء حتى ال يضطر‬
‫أحد للعودة إلى مساكنه بوجوه موحلة‪".‬‬

‫" دلو ؟" الحظ حامد ‪ " .‬عادة ما تحضر فقط سلة مليئة بالطعام‪".‬‬

‫" أحضرت الطعام أيًض ا‪ .‬من األسهل حمل الطعام في دلو " ‪.‬‬

‫" ماذا حدث لسلة الخاص بك ؟" كرر حامد ‪ .‬تنهدت هبة ‪.‬‬

‫أجابت هبة " أسئلة كثيرة جًد ا" وهي تقرع جسر أنفها‪ " .‬الدلو يبدو كما لو أنني أحضر الماء في منتصف الليل بدًال من‬
‫التسلل بعيًد ا وإطعام أصدقائي‪".‬‬
‫" أنت ذكي جًد ا" ‪ ،‬قال حامد ‪ ،‬وهو ينفخ على كتف هبة ‪ .‬هزت الفتاة الشقراء حامد كتفها بضعف ‪ ،‬لكن حامد أراح‬
‫رأسه على كتفها بسعادة‪.‬‬

‫ضاحك هبة ‪ " :‬لن أقول ذكي" ‪ " .‬فقط يجري االستعداد‪".‬‬

‫حامد يداعب ذراع هبة ‪ ،‬مما يجعل الفتاة الشقراء تضحك أكثر‪ " .‬توقف عن ذلك‪ .‬نصير وقمر ‪ " ...‬تحول احتجاجها‬
‫إلى ضحك‪.‬‬

‫" سنذهب لجلب الماء ‪ "...‬غمغمت قمر ‪ ،‬وهي ترفع عينيها عن المشهد أمامها‪ .‬بسرعة ‪ ،‬أمسكت بالدلو وهربت‪ .‬عندما‬
‫غادرت على عجل ‪ ،‬سحبت نصير من مرفقها بينما كانت تنزل على قمة التل‪.‬‬

‫ساروا بحذر إلى أسفل قمة التل وأخذوا وقتهم للوصول إلى حافة النهر‪ .‬اختفى الهدوء في الهواء عندما تمتم نصير ‪" ،‬‬
‫شكًر ا لك على إنقاذي‪".‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬بالطبع‪ .‬ستفعل نفس الشيء من أجلي " ‪.‬‬

‫" أود‪".‬‬

‫كان بإمكان قمر ونصير رؤية تيارات النهر المتأللئة أثناء اقترابهما من الممرات المؤدية إلى الحافة‪ .‬أخذت نصير الدلو‬
‫من يدها بصمت وجلب الماء‪ .‬لم تستطع االحتجاج‪ .‬ولكن عندما عادت نصير إلى جانبها مع دلو ‪ ،‬أشارت قمر إلى نصير‬
‫لتسليمها مرة أخرى‪.‬‬

‫بدًال من ذلك ‪ ،‬توقف وجلس الدلو على الضفة‪ " .‬ماذا حدث ليدك ؟" سأل نصير ‪ " .‬يبدو وكأنه حرق‪".‬‬

‫تحت ضوء القمر ‪ ،‬وجدت قمر على الفور ما كان يتحدث عنه نصير ‪ .‬حمراء ‪ ،‬لكنها مطبات صغيرة غاضبة مزينة‬
‫على جلدها‪ " .‬انا ال اعرف‪ .‬لم أر هذا من قبل " ‪.‬‬

‫اقترح نصير بقلق " دعونا نعود إلى هبة " ‪ " .‬ربما ستعرف‪".‬‬

‫بيدها السليمة ‪ ،‬حملت قمر الجرافة الكاملة إلى قمة التل‪ " .‬هل يمكنك التوقف عن التحديق ؟" انفجرت في نصير عندما‬
‫كانت عيناه تحدقان في يدها للمرة األلف‪ .‬قطعت عيون الزعنفة األرجوانية بعيدا‪ " .‬أنا بخير ‪ "،‬أصرت مع تلميح من‬
‫االنزعاج‪ " .‬ال يؤلم‪ .‬فقط الحكة " ‪.‬‬

‫" ما مدى سوء ذلك ؟" سأل نصير بقلق‪ .‬توقفت قمر ‪ ،‬وأعطت نصير نظرة مدببة‪ " .‬مزعجة" ‪ ،‬أجابت بينما نظرت‬
‫نصير إلى يدها مرة أخرى‪ " .‬كما قلت ‪ ،‬قد تعرف هبة ما هي‪".‬‬

‫هبة رت عينيها عندما تجسست نصير وهي تنظر إلى يدها‪ .‬مرة أخرى‪ .‬تنهدت قمر ‪ .‬كانت صديقتها المقربة عنيدة كما‬
‫كانت‪ .‬صعدوا إلى قمة التل في وقت قياسي ‪ ،‬وصمت القمة‪ .‬وال حتى الضحك‪.‬‬

‫شاركت قمر نظرة مشوشة مع نصير ؛ أوقفت يدها ذراعه تلقائًيا ‪ ،‬مما منعه من المضي قدًما‪ .‬هزت رأسها ‪ ،‬ونادى‬
‫نصير ‪ " .‬أهال ؟"‬

‫قطعت الفروع في خط الشجرة‪ .‬تصلب قمر ‪ .‬تومض عيناها فوق خط الشجرة‪ .‬يبحث‪ .‬توقع أسوأ مستوى من الخطر‬
‫الذي أتى بعيون بيضاء ‪ ،‬قادم إلنهائها كليهما‪ .‬داخل الهواء الساكن ‪ ،‬تسللت سلسلة من الشكاوى فوق قمة التل‪ .‬تنهدت قمر‬
‫‪ ،‬مسترخية بصرًيا عندما انسحب هبة وحامد من أوراق الشجر الشاهقة‪.‬‬

‫شهقت قمر ‪ ،‬ورددتها نصير من جانبها عندما عبر الضوء على وجه حامد ‪ .‬رفع مالمحه ليراها الجميع‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬هذا‬
‫يجيب على سؤالك يا حامد " ‪ ،‬قالت هبة ‪ ،‬وهي تومئ برأسها إلى يد قمر الملتهبة وهي تمشي بجوار الصبي األشقر‬
‫بحفنة من األوراق‪.‬‬

‫داس حامد نحوها ‪ ،‬وأصابه مخالب في النتوءات الحمراء الملصقة على وجهه‪ " .‬ما هذا! ؟" عوى في قمر وهو يخدش‬
‫بال رحمة‪.‬‬
‫صفعت هبة يدي الصبي المذهول بعيًد ا عن وجهه بورقة غطت يديها‪ .‬استمرت في ضرب يدي حامد بعيًد ا كما شرحت‬
‫لقمر ونصير ‪.‬‬

‫" أخبرته بما كان‪ .‬وقمت بجمع األعشاب لمواجهة آثار الفقر " ‪ ،‬ثم التفت هبة إلى حامد ‪ ،‬وهو يصفع يديه مرة أخرى‬
‫بلسعة حادة‪ " .‬توقف عن حكها! أو ستنشرها أكثر! "‬

‫" سوف أنشرها ؟" ردد حامد ساخًر ا‪ .‬قلب يديه بعيًد ا وأشار إلى وجهه‪ " .‬كيف ؟ إنها بالفعل على عاتقي! ال يمكن أن‬
‫تصبح أسوأ! "‬

‫" الزيت المقشر موجود في بشرتك ‪ ،‬مضمن تحت أظافرك‪ .‬في أي وقت تشعر فيه بالحكة أو الخدش في البثور ‪ ،‬فإنك‬
‫تكسر الجلد وسوف ينتشر الزيت! " شرحت هبة لحامد بشدة ‪ ،‬الذي استاء منها‪ " .‬وبالتالي‪ .‬قف‪ .‬مثير للحكة‪ ".‬نددت‬
‫بصرامة‪.‬‬

‫" توقف عن الحكة ؟" استجوب حامد ‪ ،‬بعبوس دائم من الفزع على وجهه‪ " .‬أنا مجنون ألنني لم أتمكن من حكها‪.‬‬
‫اعتدت أن أكون قادًر ا على خدش كل ما أحبه‪ .‬في أي وقت أردت‪ .‬وال أشعر أنه يجب اتخاذ بعض اإلجراءات الصارمة‬
‫لحملتي على التوقف‪ .‬مثل نصير ‪ " ،‬نظر حامد إلى نصير بيأس‪ " .‬اربطوا يدي!"‬

‫تنهدت قمر ‪ .‬عرضت متواضعة‪ " :‬يمكنني قطع يديك" ‪ .‬سعل الزعنفة ‪ ،‬وأخفى ضحكته عندما حدق بهم حامد ‪.‬‬

‫اشتكى حامد وقاطعته هبة ‪ " ،‬أنت ال تأخذ هذا الرفيق على محمل الجد ‪ ،‬بالحديث عن نصير لين‪ .‬قالت الفتاة الشقراء‬
‫وهي تسير نحو الصبي ذو الشعر الفضي‪ " :‬اسمحوا لي أن أراك" ‪ " .‬أحتاج إلى التأكد من عدم إصابتك بالفقر أيًض ا ‪ ،‬أو‬
‫سأضطر إلى جمع المزيد من األعشاب‪".‬‬

‫صرير حامد وهو يقف في النهاية بجانب قمر ‪ " .‬ماذا او ما ؟" سأل في أوكتاف أعلى كالمعتاد‪ .‬تحولت عيون زرقاء‬
‫عريضة إلى قمر بينما تبع نصير هبة في خط الشجرة‪ " .‬ألم تسمع ما قالته ‪ "،‬اختنق وهو يشير إلى األشجار‪.‬‬

‫أدرت قمر عينيها ‪ ،‬وأعطت لكمة كانت في أمس الحاجة إليها لذراع حامد اللحمي‪ " .‬هل تصمت وتتوقف عن التصرف‬
‫كالشتلة ؟"‬

‫" لكن ‪ "...‬احتج حامد وهو يفرك ذراعه‪ " .‬أعلم أنك سمعت ذلك‪".‬‬

‫أومأت قمر برأسها " فعلت" متجاهلة االلتواء الخفيف في معدتها‪ " .‬أعلم أنها لم تقصد األمر بهذه الطريقة‪ .‬إنها ظل‬
‫معالج ‪ ،‬تفعل ما يفترض أن تفعله‪ .‬شفاء‪ .‬لم تأخذ نصير في خط الشجرة من أجل لفة في الفرشاة‪ .‬إنها تريد التأكد من عدم‬
‫إصابته‪ .‬لقد قالت ذلك للتو " ‪.‬‬

‫" لكن‪"-‬‬

‫حدقت قمر في الصبي األشقر‪ " .‬حامد ‪ ،‬هي تتحقق منه اآلن‪ .‬إذا كانت لديك شكوك ‪ ،‬فانتقل بكل الوسائل إلى األشجار‬
‫وانظر‪ .‬لكنها تتفحصه بحًث ا عن البؤس ‪ ،‬أيها اللعين " ‪ .‬تنهدت قمر عندما نظر حامد حزيًن ا إلى األشجار‪ .‬قالت بتواضع‪:‬‬
‫" لن تكون ثابتة إذا كانت ال تزال تريد نصير " ‪ " .‬اآلن هل هي ؟"‬

‫" ال‪".‬‬

‫" لذا توقف عن أن تكون نبتة وثق بها‪ .‬لقد رأيت كالكما بال قميص من أجل السجال ويبدو أن هبة ال تعاني من أي‬
‫مشاكل تتعلق بالغيرة " ‪ ،‬أضافت قمر ‪ " .‬توقف عن أنينك أو سأعطيك شيًئ ا لتتذمر منه‪".‬‬

‫" لقد فعلت بالفعل" تمتم حامد وهو يحك وجهه ؛ احمرار الجلد المتقرح تحت أظافره‪ .‬ركلت قمر الشقراء في قصبة‬
‫الساق‪ " .‬ال حكة" ‪ ،‬قالت همسة‪.‬‬

‫" آه!" صرخ حامد ‪ ،‬وهو يعرج في قدم واحدة إلرضاع ساقه المصابة‪ " .‬لماذا ركلتني ؟"‬

‫ردت قمر باستهجان‪ " :‬كنت سأضربك ‪ ،‬لكنني لم أرغب في المخاطرة بإصابة نفسي أكثر" ‪ .‬من ظل ظله على‬
‫األرض ‪ ،‬رأت يد حامد تحوم بجانب وجهه‪ " .‬حامد " ‪ ،‬زأرت في تحذير‪ " .‬توقف عن ذلك‪".‬‬
‫استدار الصبي األشقر‪ " .‬ماذا او ما ؟ لم أكن أفعل أي شيء " ‪.‬‬

‫ركل قمر ساقه األخرى‪.‬‬

‫" آه!" اشتكى حامد ‪ ،‬وهو ينهار على األرض‪ .‬توقفت هبة ونصير في خطواتهما ‪ ،‬محدقتين في قمر ‪ .‬هزت الفتاة‬
‫الشقراء رأسها متجاهلة حامد وهي تتحدث‪.‬‬

‫" نصير لين إما محصن أو أنه لم يكن مكشوًفا بدرجة كافية عندما لمسته‪ .‬اآلن ‪ ،‬لدي بعض األخبار الجيدة وأخبار‬
‫السرير‪ .‬ما الذي تود أن تسمعه أوًال ؟ " سأل هبة ‪.‬‬

‫" أخبار جيدة!"‬

‫" اخبار سيئة!"‬

‫أراينا وحامد تشاركا لمحة‪ " .‬لماذا تريد هنا األخبار السيئة أوًال ؟" سأل قمر ‪.‬‬

‫هزت كتفيها ‪ " ،‬بدًال من أن تحمل األخبار السيئة أوًال ‪ ،‬لذا فإن األخبار السارة قد تجعلها أفضل قليًال‪ .‬يزيل اللدغة ‪ ،‬كما‬
‫تعلم ؟ "‬

‫أومأ حامد بتمعن ‪ ،‬ثم أومأ برأسه‪ " .‬األخبار السيئة أوًال" ‪.‬‬

‫بدأت هبة " حسًن ا –" تنظر بعناية إلى صديقيها‪ " .‬األخبار السيئة لك حامد في الغالب‪ .‬أعلم من منزل المعالج ‪ ،‬أنك‬
‫ستعاني من العدوى لفترة أطول ألنك غير مستيقظ " ‪.‬‬

‫تأوه الصبي األشقر‪ .‬سأل حامد بأمل " هل هناك أخبار جيدة لي ؟" هزت هبة رأسها‪ " .‬الخبر السار هو أن قمر يجب‬
‫أن ُتشفى بحلول شروق الشمس أو قبله‪".‬‬

‫اشتكى حامد ‪ " .‬ليس عدًال" ‪ ،‬اشتكى وهو يتساقط على جذوع األشجار المتساقطة‪ .‬استمر في الغمغمة المتواضعة حيث‬
‫بدأت العمل في الجمع بين األعشاب لمواجهة آثار الفقر‪.‬‬

‫ساعد الزعانف ‪ .‬راقبت قمر من جذوع األشجار المتساقطة حيث كانت األعشاب مطحونة ‪ ،‬وهرسها وقّلبها لتتحول إلى‬
‫عجينة‪ .‬تم تقسيم الخليط إلى فقاعات ؛ تحريكه على ورقتين كبيرتين‪ .‬هسهسة قمر عند الحرق األولي بينما قامت نصير‬
‫بوضع المعجون بعناية على يدها‪.‬‬

‫" آسف ‪ "،‬تمتم نصير ‪.‬‬

‫كان هناك صرخة من الجانب اآلخر من جذوع األشجار المتساقطة ‪ ،‬تليها صفعة‪ .‬صرخة أخرى ردد بعد ذلك‪ .‬تنهدت‬
‫قمر ‪ " .‬ال تعتذر‪ .‬لقد بدأ يبرد " ‪.‬‬

‫" قد ترغب في لفها عند العودة إلى منزلك الليلة" ‪ ،‬اقترح نصير بينما كان ال يزال يضع المعجون في يدها‪.‬‬

‫ابتسمت قمر ‪ " .‬كنت هنا عندما أوضحت هبة أن البقرة يجب أن تختفي مع شروق الشمس‪".‬‬

‫أومأت الزعنفة‪ .‬استقر أحمر الخدود الخافت على خديه " آسف" ‪.‬‬

‫" زعنفة ؟"‬

‫" حسًن ا ؟"‬

‫تمتمت بهدوء‪ " :‬شكًر ا لك" ‪ ،‬وأخذت يدها عنه‪ .‬التقى عيون أرجوانية مع خمري‪ .‬شيء فوار تحت أعماق النيلي‪ .‬فتح‬
‫نصير فمه‪.‬‬
‫" هذه لسعات! ال أستطيع أخذها! هل من المفترض أن تلدغ بهذا القدر ؟ أشعر وكأن وجهي يحترق! " اشتكى حامد‬
‫بصوت عاٍل ‪ .‬أغلق نصير فمه ونظر بعيًد ا‪.‬‬

‫التفت قمر إلى حامد ‪ " .‬كيف ستعرف كيف تشعر عندما تحترق وجهك ؟" سألت ‪ ،‬بدءا من الصبي األشقر مع عجينة‬
‫خضراء على وجهه‪.‬‬

‫قام حامد بنفخها ولعق شفتيه ثم ارتعش من طعم األعشاب على وجهه‪ " .‬ال تسخر من ألمي ‪ ،‬أيها الجبار المستنير‪.‬‬
‫يمكنك على األقل إخباري ما إذا كان هذا يؤلمك كثيًر ا " ‪.‬‬

‫أجابت " لقد فعلت" ‪ ،‬وأضافت هبة ‪ " .‬سوف تبرد قريبا‪".‬‬

‫" هل تحاول كالكما أن تجعلني أشعر بتحسن ؟" سأل حامد متهمًا‪.‬‬

‫" ربما‪ .‬رغم ذلك ‪ ،‬كانت هبة تقول الحقيقة‪ .‬ولكن إذا واصلت الشكوى ‪ ،‬فسألقي عليك المزيد من األشياء ‪ " ،‬هددت قمر‬
‫ساخرة‪ .‬عقد حامد ذراعيه مطوًيا إياه على صدره‪.‬‬

‫" أنا أوافق على ذلك ‪ "،‬وافقت نصير ‪ ،‬من جانبها اآلخر‪ .‬صاح حامد مرة أخرى‪ " .‬أنا أعود‪ .‬ال مزيد من الفقر‪ .‬ال‬
‫مزيد من كرات الطين " ‪.‬‬

‫" و ؟" دفع و قمر و مًع ا‪.‬‬

‫تنهد حامد للهزيمة‪ " .‬ال مزيد من الشكوى‪".‬‬

‫عندما كان حامد مغطى بالمنضدة ‪ ،‬مخنوًق ا بالمعجون األخضر في كل مكان انتشر فيه الفقر ‪ ،‬قادت هبة الصبي األشقر‬
‫إلى الحداد‪ .‬جلست قمر على جذوع األشجار الساقطة ‪ ،‬بينما انفجر اللون األصفر في السماء‪.‬‬

‫" واو ‪ "،‬نطق نصير من بجانبها‪ .‬لقد ظل متأخرًا على العناد المطلق ‪ ،‬وأصر على االنتظار معها للتأكد من اختفاء‬
‫الفقر عندما قالت هبة أنها ستختفي‪.‬‬

‫نسجت مجموعات من األلوان عبر السماء المضاءة ‪ ،‬حتى انفجرت الشمس فوق قمة التل األخرى‪ " .‬قالت والدتي أن هذا‬
‫هو أفضل مكان لشروق الشمس‪".‬‬

‫" كان‪ "-‬تراجعت الزعنفة ‪ ،‬وال تزال تحدق في السماء‪.‬‬

‫" مذهل ؟" زودت قمر بابتسامة غير متوازنة‪.‬‬

‫هز نصير رأسه‪ .‬انتهى نصير ‪ " ،‬اللتقاط األنفاس" ‪ ،‬انظر إلى قمر ‪ .‬كان ي في وجهها ويحدق بعينيه‪ " .‬من قال‬
‫رائًع ا لشروق الشمس ؟"‬

‫أجابته مبتسمة‪ " :‬أنا" ‪ .‬ألقت قمر نظرة سريعة على جذوع األشجار المتساقطة‪ .‬أيديهم متقاربة للغاية تحت اللحاء‬
‫المتقشر‪ .‬هزها اإلغراء‪ .‬ما مدى سهولة التقاط نصير عن قصد‪ .‬لغرض‪ .‬لالستسالم للمشاعر التي لم ُتدفن بطريقة ما من‬
‫الجزء المظلم من عقلها وحثها على التصرف‪ .‬ابتلعت قمر بشدة‪ .‬ثم تذكرت الوعد الذي قطعته ‪ ،‬ليس لنصير ‪ ،‬ولكن‬
‫لنفسها‪ .‬ال شيء من شأنه أن يعرض صداقتهم للخطر مرة أخرى‪ .‬وال حتى هي‪ .‬وحشوها مسرع لألسفل‪ .‬لدفنهم مرة‬
‫أخرى‪ .‬بدًال من ذلك ‪ ،‬ألصقت ابتسامتها المعتادة على وجهها ونظرت مرة أخرى إلى نصير ‪.‬‬

‫" انظر ‪ ،‬يدي جيدة كأنها جديدة" ‪ ،‬قالت بمرح وهي تلوح بيدها المثالية المدبوغة‪.‬‬

‫" مما يعني أنني يجب أن أعود إلى الحداد ‪ "،‬تنهد نصير على مضض‪.‬‬

‫" حًظ ا سعيًد ا ‪ "،‬ابتسمت قمر مبتسمة ‪ " ،‬ال تصاب بالعدوى" ‪.‬‬

‫ينفخ نصير وهو واقف‪ " .‬شكرا لك‪ .‬اآلن فهمت لماذا يحتضن والده االبريق طوال الوقت " ‪.‬‬
‫وقفت قمر أيًض ا‪ .‬خرج ضحك من حلقها‪ " .‬إنه دائما مسلي على األقل‪ .‬لن تكون حياتك مملة أبًد ا " ‪.‬‬

‫شم الزعنفة‪ " .‬وال لك‪ .‬سيكون دائما مثيرا لالهتمام " ‪.‬‬

‫لعبت ابتسامة على شفتيها‪ " .‬ليلة سعيدة يا نصير " ‪ ،‬صرحت قمر وهي تبتعد ببطء‪.‬‬

‫" إنه الصباح" ‪ُ ،‬يدعى نصير ‪ " .‬صباح الخير‪".‬‬

‫قامت قمر بنفخه وهز رأسها‪ " .‬اراك الحقا آذا‪ ".‬اتصلت مرة أخرى‪ .‬راقبتها نصير وهي تغادر ‪ ،‬متتبعة موجات‬
‫الماهوجني في ضوء الشمس حتى اختفت‪ .‬ثم عاد إلى القرية‪.‬‬

‫أصيب حامد بعدوى البقعة لمدة يومين آخرين‪ .‬أمضى يوًما ونصف مقيًد ا في منزل المعالج عندما لم يتوقف عن الحكة‬
‫في البثور الحمراء التي تمكنت من تغطية جسده‪ .‬على الرغم من أنه كان مغطى بالمعجون األخضر ‪ ،‬إال أنه لم يشتكي‬
‫كثيًر ا ‪ ،‬وليس عندما كانت هبة ملتصقة بجانبه‪.‬‬
‫حلقت ثالثة أخرى من المارة في زوبعة متسارعة من التدريب ‪ ،‬ضاحكين وعاشوا بعيًد ا عن الهموم‪ .‬اقترب سن الرشد‬
‫بسرعة حيث اختفى المطر في األزهار المتفتحة‪ .‬اهتزت القرية تحسبا‪.‬‬

‫خالل الحصص التدريبية ‪ ،‬غرد كل من هبة وحامد بسعادة بشأن مساراتهما ؛ الوظائف داخل القرية التي يرغبون فيها‪.‬‬
‫بقيت قمر صامتة‪ .‬وإذا كانت هجماتها أقوى من المعتاد ‪ ،‬فلن يقل أحد شيًئ ا‪.‬‬

‫لم تشعر قط بالوحدة‪ .‬كانت الحجر غير المتحرك في قاع الخور‪ .‬بينما كان أصدقاؤها ينجرفون مع التيارات في حياتهم‪.‬‬
‫كانت عالقة في قريتها كأنها مجرد بقعة‪.‬‬

‫استلقت قمر بهدوء على سرير من الزهور الصفراء ‪ ،‬وهي تنظر إلى سماء الليل بينما كانت هبة تراقب نصير وحامد‬
‫سبار‪ .‬تتدلى عيناها فوق كل نمط في سماء الليل‪ .‬درست كل نجم على أمل أن يفعل المرء المستحيل ويتحرك‪ .‬أو على‬
‫األقل ‪ ،‬أعطها بطريقة ما إشارة إلى أنها لن تبقى عالقة إلى األبد‪.‬‬

‫مخلوقات الليل تتدحرج وتنعيق‪ .‬قعقعت أصداء رجال من بعيد بين األشجار‪ .‬أصبحت األصوات صامتة عندما طلب هبة‬
‫وحامد لياليهما السعيدة‪ .‬أعطتهم قمر إيماءة وداع قصيرة‪ .‬تشارك الشقراوات لمحة قبل أن يبتعدوا‪ .‬بعد ثوان ‪ ،‬كانت‬
‫هناك حركة بجانبها ‪ ،‬مع حرارة‪.‬‬

‫" التكلم‪".‬‬

‫صرخت‪ " .‬مباشرة إليها ‪ ،‬أليس كذلك ؟ أال توجد شكاوى من أي نوع كنت تلقي بها على شيء غير مريح ؟ "‬

‫" نعم ‪ "،‬همهمت نصير وهي بجانبها‪ " .‬وال شكاوى‪ .‬بخالف ما كنت هادًئ ا بشكل غير طبيعي " ‪ .‬ثم أضاف‪ " .‬وليس‬
‫خطئي أنك تريد االستلقاء على األرض طوال الوقت‪".‬‬

‫" نبتة" ‪.‬‬

‫ورد نصير ‪ " :‬لم يزعجك" ‪ .‬جالت عيناه األرجواني على جانبها الجانبي‪ " .‬اآلن تحدث معي‪".‬‬

‫تدحرجت قمر عينيها‪ " .‬أنت مثابر‪".‬‬

‫" وية والولوج‪ .‬قال نصير ‪ " .‬أثناء تواجدك فيه ‪ ،‬يمكنك أيًض ا أن تشكرني ألنني انتظرت حتى غادر هبة وحامد ‪".‬‬

‫ضحكة مكتومة منخفضة هربت من شفتيها‪ .‬نظرت إلى نصير وابتسامة على وجهها‪ " .‬لن تتخلى عن ذلك أبًد ا‪ .‬كنت‬
‫قلقة بشأن سالمتك " ‪.‬‬

‫" أنا على علم‪ .‬لكن وجود حامد ونفسك يعلقونني حتى تتمكن هبة من فحصي كان بعيًد ا جًد ا " ‪.‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬أقسم ‪ ،‬تحت الضوء ‪ ،‬كان وجهك يبدو وكأنه كان له لون برتقالي‪".‬‬
‫" وقلت لك يا جزر‪".‬‬

‫" وقلت لك ‪ ،‬مقرف‪".‬‬

‫لوح نصير بيده‪ " .‬هذا ال يهم‪ .‬اشرح ما الذي يزعجك " ‪.‬‬

‫تراجعت نظرة قمر إلى السماء فوقها‪ " .‬بلوغ سن الرشد في غضون أيام‪ .‬لقد سمعت هبة وحامد ‪ ،‬كالهما سعيدان‬
‫ومتحمسان ومليئون بالوعود‪ .‬أنا سعيد من أجلهم ‪ ،‬لكن ‪" ...‬‬

‫" لكن ‪ "...‬دفع نصير بلطف‪.‬‬

‫تنهدت قمر بعمق‪ " .‬ولكن بعد أن اكتشفت ما أنا عليه في اثني عشر تمريرة‪ .‬لقد أدركت أن بلوغ سن الرشد ال يهم‪ .‬أن‬
‫هناك أشياء في حياتي ال يسمح لي بفعلها‪ .‬حياتي ال تهم القرويين أو الحكماء ولن يتم االحتفال بها‪ .‬لكن ‪" ...‬‬

‫انتهى نصير ‪ " ،‬هل يهم" ‪ ،‬كما لو كان يقرأ رأيها‪ " .‬هل هذا هو االحتفال الكامل ببلوغ سن الرشد ؟ أم أنها مراسم‬
‫الدروب ؟ "‬

‫" لم أكن أهتم كثيًر ا بقدوم االحتفال بالعمر‪ .‬يمكنني أن أرقص وأشرب نعم في منزلي " ‪.‬‬

‫" إذن هو حفل المسارات إذن ؟" الحظ نصير وقمر هديًر ا‪ " .‬نعم! وسيكون من الرائع لو سمحت لي بإنهاء‪ .‬فقط‬
‫استمع‪".‬‬

‫هز الزعانف كتفيه بشكل محرج‪ " .‬لقد كنت أستمع إليك طوال الوقت‪ .‬لكنني أعرفك لدرجة أنه يجب علي إما إزعاجك‬
‫بإنهاء جملك أو إقناعك بلطف بمشاعرك‪ .‬الليلة ‪ ،‬لقد جعلتني أزعجك ‪ ،‬وهو ما ال أستمتع به بشكل خاص " ‪.‬‬

‫" حسًن ا ‪ ،‬أنت اثنان مقابل اثنين ‪ "،‬الحظت قمر ساخرة‪.‬‬

‫قال نصير بوينت بالنك " وأنت تخرج عن الموضوع" ‪ .‬مراسم الدروب ماذا عنها ؟ لماذا أنت مستاء من ذلك ؟ "‬

‫تنهدت قمر مرة أخرى‪ " .‬كل شخص لديه طريق إال أنا‪ .‬أعرف ما أنا عليه ‪ ،‬لكني أشعر أنه يجب أن يكون لدي طريق‪.‬‬
‫ستصبح هبة معالًج ا ‪ ،‬مثل والدتها التي تفكر في أنها تساعد والدتها في المرور اآلن‪ .‬حامد ‪ ...‬حسًن ا ‪ ،‬كالنا يعلم أنه يريد‬
‫أن يكون متسابًق ا على الحدود‪ .‬وأنت ‪ " ...‬توقفت قمر مؤقًت ا ‪ ،‬ونظرت إلى نصير في إدراك‪ " .‬لم تقل أبًد ا ما كنت تريده‬
‫أن يكون طريقك‪".‬‬

‫" ال فائدة من التحدث عن شيء قد يحدث أو ال يحدث" ‪ ،‬غمغم نصير بشكل قاطع‪.‬‬

‫هي تضايقه‪ .‬قالت قمر " اآلن يبدو أنك بحاجة إلى التحدث أيًض ا" ‪ .‬دفعت الصبي بمرفقها‪ " .‬خارجا معه‪ .‬هيا‪".‬‬

‫تدحرجت نصير عينيه وابتعدت عن طرفها المشجع والمزعج‪ " .‬ألتزم ببياني السابق‪ .‬ال فائدة من الحديث عن ذلك " ‪.‬‬

‫هزت قمر رأسها‪ " .‬أنا ال أصدق ذلك‪ .‬لديك إما الخياران‪ :‬اإلقناع اللطيف أو االنزعاج‪ .‬أنت أختار‪".‬‬

‫أطلق الصبي ذو الشعر الفضي صوًت ا ساخًط ا‪ .‬واحتجت نصير قائلة‪ " :‬ال يمكنك استخدام تقنياتي الخاصة ضدي" ‪ .‬قمر‬
‫همهمة‪ " .‬إذا رفضت االختيار ‪ ،‬سأقوم بإزعاجك بشكل افتراضي‪ .‬ولقد كنت أتلقى الدروس " ‪.‬‬

‫" هل حقا ؟ من من ؟"‬

‫" هل عليك حًق ا أن تسأل ذلك ؟" ضحك قمر ‪ " .‬حامد ‪".‬‬

‫" ومتى بالضبط هذه الدروس ؟"‬

‫هزت قمر كتفيها‪ " .‬ال يقول‪ .‬إنهم في الخفاء " ‪.‬‬
‫" ليس سرا اآلن" ‪ ،‬أشار نصير ‪.‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬لم أخبرك أبًد ا أين ‪ ،‬لم أفعل ذلك ؟" ابتسمت ثم أضافت‪ " .‬هل أخبرك حامد يوًما كيف تمكن من تجميد‬
‫سترة المالبس المفضلة لديك في منتصف األشهر الحارة منذ حوالي عام ؟"‬

‫" ال ‪ ...‬لم يفعل ‪ "...‬أجاب نصير بعناية‪.‬‬

‫" قال لي‪".‬‬

‫" لم يفعل" ‪.‬‬

‫" فعل" ‪ ،‬أومأ قمر ‪ ،‬مبتسًما في وجه نصير الشاحب‪.‬‬

‫تحركت عينيه عليها‪ " .‬لن تفعل" ‪.‬‬

‫" أود‪".‬‬

‫توقفت محادثتهم مؤقًت ا حتى صرح نصير أخيًر ا بحسرة‪ .‬اعترف " حارس" ‪ " .‬أريد أن أكون طريقي في منزل حارس‬
‫األرقام القياسية‪ .‬سأحتفظ بأوامر الحكماء وعائالتهم ‪ ،‬بشأن الهجمات في القرية من كل من المغيرين و الوحش ‪ ،‬محدًث ا‬
‫سجل المستنيرين الجدد وغير المستنيرين عند الوالدة والموت " ‪.‬‬

‫" هذا يبدو وكأنه طريق مثالي بالنسبة لك نصير ‪ .‬لماذا ال تعتقد أنه يستحق الذكر ؟ " هي سألت‪.‬‬

‫تنهدت نصير من بجانبها‪ " .‬لم أكن أريد أن أشعر بخيبة أمل‪ .‬محبط من حقيقة أنني قد أو ال أسير في طريق غير مناسب‬
‫لي‪ .‬لكنني سأظل عالًق ا في ذلك على أي حال ألن هذا هو واجبي " ‪.‬‬

‫دفعت قمر الزعنفة برفق‪ .‬تمتمت مشجعة‪ " :‬أنت ال تعرف أبًد ا" ‪ " .‬يمكنك الحصول على طريق الحارس‪ .‬يعلم الجميع‬
‫في القرية أنك تقضي وقًت ا كافًيا في المنزل " ‪.‬‬

‫" من المحتمل" ‪ ،‬زعنفة الزفير‪ " .‬لكن يبدو أن والدي يفكر بخالف ذلك‪".‬‬

‫" متى رآك ؟" هررت ‪ ،‬عضت خدها من الداخل‪ " .‬ولماذا أهتم بما يفكر فيه ؟"‬

‫" قمر " ‪ ،‬وبخ نصير بسخط‪ " .‬لم يفاجئني منذ أن انتقلت إلى الحداد مع حامد ‪".‬‬

‫" جيد" ‪ ،‬همس قمر بغضب‪ " .‬أبت أم ال ‪ ،‬سأفعل ‪"...‬‬

‫" ماذا تفعل ؟" تساءل نصير بتوتر مع آثار المرارة‪ " .‬في اللحظة التي تفعل فيها شيًئ ا ما ‪ ،‬سيكون والدي في منزل ‪ .‬ثم‬
‫سيحاكم الحكماء كالنا " ‪.‬‬

‫" نحن ؟" سأل قمر ‪.‬‬

‫سخر زعنفة‪ " .‬هل أتركك تواجه الحكماء وحدك ؟ ال أعتقد ذلك‪ .‬أنا أعرف رأيك في والدي ولكن هل تود أن تسمع ما‬
‫قاله ؟ "‬

‫تنهدت قمر ‪ .‬في الغالب في حالة الهزيمة وجزء من الفضول‪ .‬كان عليها أن تعرف ما قاله والد نصير ‪ ،‬فقط ألنه بدا أنه‬
‫أزعج نصير ‪ " .‬بخير" ‪ ،‬تلفظت بألم‪ " .‬سأعرف ما إذا كنت أريد ذلك على أي حال أم ال‪ .‬ماذا يبدو أن والدك يفكر ؟ "‬

‫" قمر " ‪ ،‬وبخ نصير مرة أخرى بنبرة صوته المعتادة التي أخبرتها أنها تتألم‪ " .‬إنه يريدني أن أصبح ظل وايزمان ‪،‬‬
‫لذلك في النهاية سأتبع جدي قبل والدتي‪".‬‬

‫أذهلت عيون بنية اللون األرجواني‪ .‬جالت الكلمات في دماغها لكنها رفضت الخروج من فمها‪ .‬نما كل الهواء من حولها‪.‬‬
‫لقد ذاقت الرصاص وهي تحاول أن تتنفس‪ " .‬لم تذكر أبًد ا أن جدك كان ‪ ...‬رجل حكيم" ‪ ،‬تمتمت أخيًر ا‪.‬‬
‫عقد نصير رأسه ألسفل‪ " .‬أنا أعرف‪ .‬إنه شيء أنا فخور به‪ .‬أفضل تجريف الروث لبقية مروري حتى قبل أن أخطو‬
‫من بالقرب من األبقار " ‪.‬‬

‫" أبقار ؟" كرر قمر ‪ .‬جبينها مشدود‪ " .‬ما األبقار ؟ اعتقدت أن هؤالء كانوا في قرية أخرى ‪" ...‬‬

‫ابتسم الزعنفة بجنون‪ .‬رفعت قمر كال من حاجبيها حتى استمرت صديقتها المقربة‪ .‬مجلس الحكماء‪ .‬قبل والدتك أو‬
‫والدتي بوقت طويل ‪ ،‬كان ُيطلق على الحكماء " أبقار" ‪.‬‬

‫تراجعت قمر قبل أن تنفجر قعقعة من شفتيها من بطنها‪ .‬لقد نسيت على الفور الذعر الذي كان ينتشر في معدتها‬
‫بخصوص نصير ‪ .‬نظرت إلى نصير ‪ ،‬التي ما زالت تبتسم لها قبل أن تنضم إلى ضحكتها‪ .‬تردد صدى تسليةهم في‬
‫جميع أنحاء األشجار ‪ ،‬أسفل قمة التل ‪ ،‬لكنه اختفى دون أن يترك أثرا قبل الوصول إلى المنازل في الضواحي‪.‬‬

‫تهمس الزعنفة " إذا كان بإمكانك اختيار طريقك" ‪ ،‬محطمة الصمت المرافق لها بعد استقرار فرحهم‪ " .‬ماذا سيكون ؟"‬

‫هزت قمر كتفيها‪ " .‬أنت تعلم أنه ال يمكنني الحصول على مسار‪ .‬أنت تعرف ما أنا عليه " ‪.‬‬

‫" لم أسألك إذا لم يكن بإمكانك الحصول على واحدة" ‪ ،‬قال نصير بينما كانت عيناه النيليتان تحدقان في وجهها‪ " .‬سألت‬
‫ما هو طريقك إذا كان عليك أن تختار‪".‬‬

‫بدأ " نصير ‪ "...‬قمر ‪ ،‬وهو يتنهد باسمه وسط إحباطها‪.‬‬

‫أجاب " قمر ‪ " . "...‬كالنا يعرف أنه مهما كانت هذه القرية تعتقد أنك كذلك ‪ ،‬فهذا ليس صحيًح ا‪ .‬أن ظروف والدتك ال‬
‫تحدد هويتك‪ .‬ال يمكنهم ذلك " ‪.‬‬

‫ردت قمر دون أن تفكر في األمر لمدة دقيقة‪ " :‬متسابق على الحدود" ‪ .‬ابتسمت ألن الجواب عمليا جاء من شفتيها‪ .‬جفلت‬
‫قليال عندما غطت يد دافئة يدها‪ " .‬أنا متأكد من أن حامد سيحتاج إلى مساعدتكم في حماية القرية والدفاع عن الحدود‪".‬‬

‫ابتلعت قمر ‪ .‬دقات قلبها في صدرها‪ " .‬مسار حامد قد ال يؤدي به إلى أن يصبح متسابًق ا على الحدود‪ .‬يمكن أن يصبح‬
‫الحداد الجديد للقرية بنفس السهولة‪ .‬هو عمليا على أي حال " ‪.‬‬

‫هز نصير رأسه ويده تشد على رأسها‪ " .‬لقد رأيتمونا نتشاجر في األرض المسطحة لألسلحة‪ .‬دافع نصير عن حامد‬
‫أقوى مقاتل على الرغم من كونه غير مضاء‪ " .‬يمكن أن يكون أفضل من أي شخص وهو يمنح الموجهين المستنيرين‬
‫تحدًيا‪ – ".‬عيون أرجوانية مثبتة على قمر ‪ " – .‬ربما كان كل هذا السجال معك‪".‬‬

‫وعلق قمر ‪ " :‬بالنسبة لشخص شكك في طريقه ‪ ،‬فأنت واثق جًد ا من أسلوب حامد " ‪.‬‬

‫" سيكون قراًر ا حكيًما أن يضعه الحكماء هناك" ‪ ،‬أجاب نصير ببساطة باستهجان‪ " .‬كان سيساعد القرية هناك‪".‬‬

‫" حتى أكثر من أن تصبح حدهبة ؟ إذا كان يسلك طريًقا مختلًف ا ‪ ،‬فمن سيكون حدهبة للقرية ؟ "‬

‫شم الزعنفة‪ " .‬والد حامد في الواقع يتحرك في اآلونة األخيرة‪ .‬يتمتم شيًئ ا عن كل الطعام الذي يتم تناوله أو أي شيء عن‬
‫الماء‪ .‬عادة ما يكون خارج نطاق فهمه‪ .‬على أي حال ‪ ،‬لقد كان " يحاول" تعليم فتى الظل كيفية الحداد " ‪.‬‬

‫" وأنا أعتبر أن األمور ال تسير على ما يرام ؟" ابتسمت قمر بينما هز نصير رأسه بعنف على فراش الزهرة األصفر‪.‬‬

‫أجاب‪ " :‬بالطبع ال" وهو يمرر يده عبر شعره الشائك‪ " .‬أنا وحامد عادة ما أعيد تعليمه بعد أن أصبح والد حامد كتلة‬
‫غير متحركة في الزاوية مرة أخرى بسبب ‪ .‬رغم ذلك ‪ ،‬كانت هناك هذه المرة التي حدق فيها في وجهي لما بدا وكأنه‬
‫ساعات بتعبير زجاجي‪ .‬ثم أغمى عليه الحجر البارد‪ .‬كانت مسلية‪ .‬لقد ضحكنا أنا وحامد على ذلك " ‪.‬‬

‫" ال أتذكر أنني سمعت عن ذلك ‪ "،‬تمتم قمر ساخًط ا‪ " .‬هل كان ذلك في الوقت الذي ألقى فيه والد حامد إبريق على‬
‫حامد طالًبا المزيد ‪ ،‬ومأله حامد بالماء ؟"‬
‫" وقد قال أنه كان أفضل سنة له على اإلطالق ‪ "،‬انتهى نصير معها مبتسما‪ " .‬ال ‪ ،‬لم يكن ذلك الوقت‪ ".‬توقف ‪،‬‬
‫يفكر ‪ ،‬ثم تكلم‪.‬‬

‫" أعتقد أنه كان يمر قبل أو اثنين‪ .‬ولكن في إحدى األمسيات المحددة بينما كان حامد يعّلمني عن الحداد ‪ ،‬ارتطم والده‬
‫فجأة بقدميه وبدأ في التحديق‪ .‬ثم تحدث إلي " ‪ -‬تغير صوت نصير إلى منخفض ومتذمر كما قال ‪ "،‬لم أكن أعلم أن لدي‬
‫ابًن ا آخر " ‪ -‬ثم عاد إلى نبرته المعتادة إلنهاء القصة ‪ "،‬وكان ذلك عندما سقط‪" .‬‬

‫شممت‪ " .‬لكنك أنت وحامد ال تبدوان متشابهين‪ .‬ومتى تجد الوقت لتعليم الظل المسكين ؟ "‬

‫" إما عندما نعود من السجال من األرض المسطحة أو هنا‪ .‬كما قلت من قبل ‪ ،‬ننتظر عادة حتى يخرج والد حامد بارًد ا‪.‬‬
‫أجاب نصير ‪ " :‬أحياًن ا ما يحدث ذلك الحًقا" ‪.‬‬

‫اندفعت قمر من فراش الزهرة متجاهلة تحديقها في النجوم‪ .‬حدقت في نصير ‪ " .‬متى ينام أي منكما ؟"‬

‫ابتسم لها نصير ‪ ،‬وامتدت أصابعه الطويلة ليلعب بحبل خشب الماهوجني المتدلي‪ .‬شدها كما رد‪ " .‬على حد تعبير حامد‬
‫‪ "،‬سأنام عندما أموت " ‪.‬‬

‫جادلت وأومأت نصير ‪ " ،‬إنه أمر مروع أن نقول" ‪ " .‬إنها‪ .‬لكن هذا ال يمنعه من قول ذلك لي أو ألي شخص آخر في‬
‫القرية‪ .‬أنت تعلم أنه ليس مستحياًل ‪ ،‬أليس كذلك ؟ "‬

‫دحرجة عينيها ‪ ،‬صاحت قمر ‪ " .‬أنا أفهم قول نصير ‪ .‬لست بحاجة إلى توضيح ذلك من أجلي " ‪.‬‬

‫جلست الزعنفة محدقة فيها‪ " .‬ليس هذا ما قصدته‪ .‬أصبحت متسابًق ا على الحدود ‪ ،‬فهذا ليس مستحياًل ‪.‬‬

‫قامت بتقوس حاجبها في نصير ‪ ،‬وأرسلت نظرة مدببة‪ " .‬من فضلك أخبرني كيف أنه ليس من المستحيل أن تصبح‬
‫البقعة متسابًق ا على الحدود‪ .‬كان الحكماء ينتظرون الممرات لسبب يضعوني في األغالل مرة أخرى " ‪.‬‬

‫" أتذكر عندما التقينا ألول مرة ؟" سأل نصير ‪.‬‬

‫شم قمر ‪ .‬ردت بسخرية‪ " :‬غامض" ‪ .‬بالنسبة لها ‪ ،‬كانت تعلم أنه ما دامت على قيد الحياة ‪ ،‬فلن تنسى أبًد ا نصير ‪ ،‬أو‬
‫كيف التقيا‪ .‬التقت عيناها الخمريتان بعيني نصير بينما كان يحدق بها ‪ ،‬مثلما التقيا ألول مرة‪ .‬مجرد التحديق في بعضنا‬
‫البعض‪ .‬استمر في التحديق بصمت‪ .‬انتظار‪ .‬تنهدت قمر ‪ " .‬أنا ال أفهم‪ .‬ما عالقة اجتماعنا األول بأن تصبح متسابًقا على‬
‫الحدود دون علم الحكماء ؟ "‬

‫أجاب نصير ‪ " :‬أنا ذاهب إلى هناك" ‪ " .‬اآلن ‪ ،‬ماذا فعلت عندما أردت أن تتعلم األسلحة ولكن لم يكن مسموًح ا لك ؟"‬

‫" لقد شاهدت…"‬

‫" ماذا بعد ؟ ماذا فعلت لتجنب الوقوع من قبل اآلخرين في األرض المسطحة لألسلحة ؟ " زعنفة مضغوطة‪.‬‬

‫هزت قمر رأسها وأجابت‪ " .‬خبأت‪ .‬لقد حالفني الكثير من الحظ ‪ ...‬اكتشفته في اليوم األول " ‪.‬‬

‫أومأت الزعانف برأسها عندما استقرت أفكار قمر في مكانها‪ " .‬تريد االختباء أثناء قيامك بدوريات على الحدود" ‪،‬‬
‫صرحت ‪ ،‬ثم لكمت ذراع نصير ‪ " .‬كان من الممكن أن تقول ذلك للتو بدًال من إعطائي الدوار‪".‬‬

‫ضحك نصير وفرك ذراعه في دوائر رقيقة‪ " .‬إذا فعلت ذلك ‪ ،‬كنت ستظل تشك في نفسك‪".‬‬

‫" وأنت ؟" استجوبت قمر ‪ " .‬ما زلت تشك في طريقك ؟"‬

‫أومأ برأسه‪ " .‬نعم ‪ ،‬ولن يغير رأيي أي قدر من الكالم بخالف ذلك" ‪ ،‬قال نصير ‪ .‬نفخته قمر ‪ " .‬هذا تفكير إيجابي‪".‬‬

‫" واقعية" ‪ ،‬تصحيح زعنفة‪ " .‬انها تسمى واقعية‪".‬‬


‫سرعان ما أسكتت أصوات الفروع المفاجئة محادثتهم‪ .‬تحولت عيناها إلى األشجار ‪ ،‬تدرس الظالم ألي شيء يتحرك‪" .‬‬
‫ابق أسفل" ‪ ،‬همست لنصير ‪ ،‬بينما كانت تتمنى الحصول على السيوف التي حصل عليها حامد هنا في وقت سابق من‬
‫الليل‪ .‬عندما تجاهلتها نصير ‪ ،‬تحركت قليًال إلى األمام نحو الصوت‪ .‬دفعت قمر ظهره إلى فراش الزهرة‪ .‬صرخت في‬
‫همستها‪ " :‬قلت لك أن تبقى منخفًض ا" ‪ .‬حملته بيد واحدة وهو يحاول الجلوس مرة أخرى‪.‬‬

‫" دعني أستيقظ" ‪ ،‬هسه نصير ‪.‬‬

‫" اخرس‪ .‬ليس بعد‪".‬‬

‫" لم يكن شيًئ ا ‪ "،‬همس نصير ‪ " .‬فقط حيوانات الليل‪".‬‬

‫همست‪ " :‬أو الوحش الذين هربوا من راكبي الحدود" ‪.‬‬

‫" أو غزاة" ‪ ،‬ردت نصير بحرارة‪ " .‬وما كان أي من هؤالء األعداء قد جعل نفسه يعرف اآلن ؟"‬

‫قفزت قمر فوق خط الشجرة للمرة األخيرة ‪ ،‬مدركة أن نصير كان على حق‪ .‬رفعت يدها من نصير بابتسامة وديعة‪.‬‬
‫جلس وفرك مؤخرة رأسه‪ " .‬حذرني بعد ذلك هل تريد ؟"‬

‫قالت قمر ساخرة‪ " :‬في الوقت الذي أحذرك فيه ‪ ،‬كان من الممكن أن يرى شعرك مهما كان" ‪ .‬شم الزعانف ‪ ،‬ومشطت‬
‫يدها من خالل شعره‪ " .‬شعري ليس بهذا اللمعان‪".‬‬

‫مستلقية على الزهور ‪ ،‬هبة رت قمر عينيها لفترة وجيزة‪ " .‬مهما قلت" ‪ ،‬قالت بشكل قاطع ‪ ،‬لكنها توضح رفض إنكار‬
‫نصير ‪.‬‬

‫" مهال!" احتج نصير المتواضع وانضم إليها في فراش الزهرة‪ " .‬ليست كذلك‪".‬‬

‫قمر همهمة ‪ ،‬وهزت كتفيها‪ " .‬يمكنك االستمرار في إنكارها ‪ ،‬لكنها لن تجعلها حقيقة‪ .‬أراك جيًد ا قبل أن أرى حامد ‪" ،‬‬
‫ابتسمت‪ .‬دفعت نصير كتفها ردا على ذلك‪ .‬أضافت قمر ‪ " :‬أنت على حق" ‪.‬‬

‫" شكرا" ‪ ،‬تنفس نصير ‪ " .‬كنت أعلم أنك سترى ذلك على طريقي‪ .‬لي‪"-‬‬

‫قاطعته قمر ‪ " :‬أنت لست محًقا بشأن زعنفة شعرك" ‪ .‬هزت رأسها‪ " .‬قصدت مسار حامد وأن أصبح متسابًقا على‬
‫الحدود‪ .‬يجب أن أكون هناك ‪ ،‬لمجرد حقيقة أنني أحب أن أراه يسقط من رجله البني " ‪.‬‬

‫ضحكت نصير ‪ " :‬من المرجح أن يقول حامد نفس الشيء عنك" ‪ .‬ضحكت قمر ‪ " .‬يجب أن يموت أحدنا قبل أن ُيسمح‬
‫لي حتى بركوب رجل بني‪".‬‬

‫" حسًن ا ‪ ...‬إذا لم تضحك على حامد كثيًر ا ‪ ،‬فقد يسمح لك باستعارته ‪ "،‬اقترح نصير ‪.‬‬

‫حدقت قمر في جانب وجه نصير قبل أن تعترف‪ " .‬أفضل أن أضحك‪".‬‬

‫شم الزعنفة‪ " .‬أنا أيضا‪ .‬السؤال هو هل نخبر حامد بقرارك بصفتك متسابًق ا على الحدود ؟ "‬

‫صححت قمر " امرأة حدودية" ‪ " .‬و ال‪".‬‬

‫" لما ال ؟" سأل نصير ‪ " .‬أنت تعلم أنه سيكون سعيًد ا ومن المدهش أنه سيبقي األمر هادًئ ا‪".‬‬

‫بالتركيز على النجوم في السماء المحببة ‪ ،‬أجابت قمر بهدوء‪ " .‬ألنني ال أريد أن يتشتت انتباه حامد بالبحث عني في‬
‫الشجرة بدًال من االهتمام بمحيطه‪ .‬أنت تعلم أن كال من الوحش والمغيرين لن يترددوا ‪ ،‬سيقتلونه " ‪.‬‬

‫" وأنت" ‪ ،‬ذكر نصير ‪ .‬نظرت إليه قمر ‪ " .‬لكنني قتلت اثنين من الوحش ‪ ،‬لست خائًف ا من إنزال المزيد‪".‬‬

‫" ثالثة" ‪ ،‬تمتم نصير ‪ ،‬وهو يصححها‪ " .‬لقد أسقطت ثالثة" ‪.‬‬
‫" اثنين‪ .‬لقد جرحت ذلك من قبل‪" -‬‬

‫هز نصير رأسه‪ " .‬لقد وجهت الضربة النهائية ‪ "،‬قال نصير بعناد‪ " .‬ال تعطيني الفضل‪ .‬لقد قطعت ذراعه في المقابل‬
‫وحصلت على واحدة مشوهة‪ .‬هذا لم يقتلها " ‪.‬‬

‫حدقت قمر في صديقتها العنيد‪ .‬صاحت " بخير" ‪ " .‬ثالثة سلغمورز‪ .‬ماذا عن قتالهم رغم ذلك ؟ عندما أكون في الخارج‬
‫للقيام بدوريات ‪ ،‬ال يمكن رؤيتي من قبل راكبي الحدود " ‪.‬‬

‫أعلن نصير " ليس مستحيًال" ‪.‬‬

‫التقت العيون البنية باللون األرجواني ‪ ،‬وابتسمت قمر ‪ " .‬لذلك تذكرني‪".‬‬

‫ابتسم نصير ‪ ،‬وعيناه األرجوانية تتوهج تحت الضوء قبل أن تومض في السماء‪ " .‬ما مدى معرفتك بنجومك ؟"‬

‫لوحت بيدها مشيرة إلى السماء فوقهم‪ " .‬تنورني‪".‬‬

‫كانت بقية الليل مليئة بالقصص‪ .‬تجول الزعانف حول األبراج في السماء ‪ ،‬وكيف ظهروا من المفترض‪ .‬بالكاد استمعت‬
‫قمر ‪ .‬قرع طبول في قلبها وهي تراقب نصير ‪ ،‬وعيناه تضاءان من اإلثارة‪ .‬راقبت حركة شفتيه‪ – .‬صعود وهبوط‬
‫صدره‪.‬‬

‫بين الحين واآلخر ‪ ،‬كان نصير ينظر إليها‪ .‬كادت تتحقق لمعرفة ما إذا كانت تستمع‪ .‬أومأت قمر برأسها ‪ ،‬مشجعة‬
‫نصير على المضي قدًما ‪ ،‬حتى لو لم تكن تستمع إليه وتكتفي بتزييفه‪ .‬ثم تحدق عيون أرجوانية في وجهها ‪ ،‬تكاد تعرف‬
‫خالف ذلك‪ .‬ستبتسم قمر ‪.‬‬

‫دقات قلبها بشكل متقطع عندما كانت يدها مغطاة بزعانف‪ .‬كانت تنظر إلى النجوم ‪ ،‬وتستمع إلى الحصى الناعم لصوت‬
‫نصير ‪ .‬لقد أدركت ذلك‪ .‬شيء ثقيل ثقيل في صدرها‪ .‬نفس الشيء الذي جرفته بعيًد ا كلما شعرت نصير بالقلق‪ .‬كان في‬
‫دفء يده‪ .‬في اللمسات القصيرة ألكتافهم‪ .‬كان نصير أكثر لها‪ .‬أكثر من مجرد صديقتها المفضلة‪.‬‬

‫اآلن ‪ ،‬مع العلم أنها أحبه ‪ ،‬اتبعت إدراًك ا آخر‪ .‬أن تكون ما هي عليه‪ .‬لن ُيسمح لها أبًد ا بالحصول على نصير ‪ .‬ال يسمح‬
‫له أبدا أن يكون في حبه‪ .‬كوصمة عار ‪ُ ،‬منعت من الترابط‪ .‬في الواقع ‪ ،‬كان عليها أن تشاهد نصير تقع في الحب وتربط‬
‫آخر‪ .‬قمر ربطت أصابعها بأصابع نصير ‪.‬‬

‫كان هناك أنانية اكتشفت حديثا تحترق‪ .‬إذا لم تستطع الحصول على نصير ‪ ،‬فال يمكن أن تحبه‪ .‬أنها يمكن أن يكون له‬
‫اآلن‪ .‬مع وجود يديها في يده ‪ ،‬يمكن أن تجعله لنفسها من أجل هذا القليل‪ .‬التفت الشوق في صدرها بشكل مؤلم ‪ ،‬وهي‬
‫تعلم أن مشاعرها لن تعود أبًد ا‪.‬‬

‫" قمر هل كنت تستمع ؟"‬

‫بوداعة ‪ ،‬أومأت قمر برأسها عندما حلقت نظرة نصير القاتمة عليها‪ .‬شم الزعانف وهز رأسه‪ " .‬ليست كلمة ‪ ،‬أليس‬
‫كذلك ؟"‬

‫" امسكت بي‪".‬‬

‫اختفى الزعنفة عندما تخبط عائًد ا إلى قاع الزهرة‪ " .‬انتبه‪ .‬قد تستخدم هذه المعلومات يوًما ما " ‪.‬‬

‫لقد اتبعت يد نصير وهو يتتبع نجًما وحيًد ا في السماء‪ " .‬هذا هو نجم الشمال‪ .‬الالمع هناك‪" .‬‬

‫" وما هي القصة ؟" أي شيء مثل الخطف بعيًد ا وعدم رؤيته مرة أخرى أو القتال مع حيوان بري ؟ "‬

‫أجاب نصير ‪ " :‬قصته هي قصتك" ‪ " .‬إذا ضاعت ‪ ،‬فإن هذا النجم سيرشدك إلى المنزل‪".‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬هل تم إثبات ذلك ؟ أو هل قرأت عنها ‪ ،‬يا حكيم ؟ "‬
‫رد نصير ‪ " :‬اخرس" ‪ .‬ضحكت قمر ‪ .‬ضحكت حتى تم إغالق ذراعي نصير على جانبي رأسها‪ .‬تالشت ضحكاتها‬
‫بدهشة بينما كانت عيون أرجوانية تحلق من فوق‪ .‬لمع شعره الفضي على النجوم البالتينية‪ .‬كان الدفء يشع من صدره‬
‫بينما كانت قمر تحدق في عينيه بشكل غير مؤكد‪ .‬دقات قلبها‪ .‬قصفت‪.‬‬

‫دون وعي ‪ ،‬كانت تلعق شفتيها‪ .‬تحركت النظرة األرجوانية ألسفل ‪ ،‬محدقة في فمها‪ .‬استنشق قمر بشكل حاد‪" .‬‬
‫زعنفة ؟" كانت تشتبك بتواضع ‪ ،‬وتبتلع الورم في حلقها‪.‬‬

‫ثم تراجعت نصير ‪ ،‬وابتعدت‪ .‬اختفت الحرارة في عينيه بأسرع مما بدت‪ " .‬أريد أن أعود إلى الحداد" ‪ ،‬تمتم نصير ‪،‬‬
‫وهو ينظف حلقه قبل االستمرار‪ " .‬سيكون دوري لتدريب الظل‪".‬‬

‫وقفت قمر مع نصير ‪ .‬ابتسمت ابتسامة عريضة ‪ " ،‬أعتقد أن هذه ليلة سعيدة" ‪ ،‬وداعتها المعتادة على الرغم من دقات‬
‫قلبها‪ " .‬حتى تصبح على خير يا نصير ‪".‬‬

‫" الصباح" ‪ ،‬صحح نصير بابتسامة صغيرة‪ " .‬سيكون الصباح قريبا‪".‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ " .‬صباح الخير إذن‪".‬‬

‫أومأت الزعنفة بقوة ‪ ،‬متجنبة عينيها تقريًبا‪ " .‬سأراك الحًق ا الليلة" ‪.‬‬

‫شاهدت نصير يذهب ويختفي في خط األشجار‪ .‬مع العلم أن هذا سيكون يوًما سيكون عليها مشاهدته وهو يذهب إلى‬
‫األبد‪ .‬وداعا‪.‬‬
‫لم تأِت الكوابيس المتكررة للشتالت التي تطفو على النهر‪ .‬ولم تأِت في تلك الليلة كوابيسها األخرى عن األوالد الذين‬
‫يموتون عند مخالب السالجمرز‪ .‬وبدًال من ذلك ‪ ،‬تقلبت في فراشها‪ .‬ومضات من نصير لعبت في عقلها‪ .‬تالشى الشعر‬
‫الفضي في الظالم القاتم قبل أن تتمكن من اللحاق بركبها‪.‬‬

‫كانت تشتبك في الظالم ‪ ،‬تبحث عنه‪ .‬ولكن ليس فقط ظهر‪ .‬من جانبه ‪ ،‬حمل شخًص ا آخر بين ذراعيه‪ .‬قيدتها بالسالسل‬
‫في مكانها‪ .‬القرويون محاطون بالمنتدى‪ .‬حدقت عيون مليئة بالخبث يحدق‪ .‬بما في ذلك زعنفة‪ .‬أشع الكراهية الخالصة في‬
‫عينيه‪ .‬كان صدرها يتألم بشكل مستحيل ‪ ،‬فكسر شظايا قلبها‪.‬‬

‫ترددت أصداء التهكم حولها‪ .‬تليها كلمات نصير الشريرة‪ .‬بيان ما عرفته عن نفسها وعنه‪ .‬انسكب الماء على كاحليها‪.‬‬
‫صعدت األيدي المظللة على جسدها‪ .‬استيقظت قمر ‪ .‬صراخ‪.‬‬

‫مع أنفاسها مرهقة وصدى مروع في رأسها ‪ ،‬تخلت قمر عن النوم‪ .‬حدقت في السطح وتنهدت‪ .‬انتظرت النوم لتأخذها‬
‫مرة أخرى‪ .‬لم تفعل‪ .‬صرخت قمر في المنطقة الرئيسية‪ .‬تحركت قدميها على الحصائر المنسوجة وهي تمشي إلى عمود‬
‫النسيج الفارغ‪.‬‬

‫تمسك قمر بأصابعها فوق النول ‪ ،‬وأمسكت أقرب خيوط بجانبها‪ .‬كانت أرجوانية‪ .‬وبدأت في النسج‪.‬‬
‫لقد أمطرت بدون توقف لمدة يومين بعد اللحظة تحت الليل المرصع بالنجوم مع نصير ‪ .‬سقطت األرض تحت األقدام‬
‫عندما حل الصباح الصافي‪ .‬كان الفجر األول يتساقط فوق خط الشجرة ‪ ،‬ليحيي اليوم الذي كانت تخشى فيه‪ .‬بلوغ سن‬
‫الرشد‪.‬‬

‫حتى قبل أن تسقط األشعة الذهبية على القرية المظلمة ‪ ،‬كان هوستينز ينبض بالحيوية‪ .‬تردد صدى تخمير القرية في‬
‫منزل قمر ‪ .‬حيث كانت تنام بهدوء حتى أذهلتها قعقعة أقرب من أحالمها‪ .‬انسحبت قمر ‪ .‬تمسك صدرها بداخل شرنقة‬
‫األغطية المنسوجة‪ .‬فركت عينيها بالنوم كما تمتم محبط من الغرفة األخرى‪.‬‬

‫حطمت قمر في المنطقة الرئيسية وتوقفت مؤقًت ا‪ .‬جالت عيناها على أكبر مساحة منتشرة على الطاولة قبل أن تلتقي بعيون‬
‫والدتها‪ " .‬األم ؟ ما كل هذا ؟"‬

‫رفعت والدتها القدر المذاب على ألسنة اللهب‪ " .‬فطورك عند بلوغ سن الرشد وأنا أستعد لتحميص اللحم اآلن لتناول‬
‫العشاء الليلة" ‪.‬‬

‫" لم يكن عليك أن تفعل كل هذا" ‪ ،‬غمغم قمر ‪ ،‬وهي تشير إلى الطاولة‪ " .‬أنت تعلم أن بلوغ سن الرشد ال يعني شيًئ ا‬
‫بالنسبة لي‪".‬‬
‫كانت تلك كذبة‪ .‬عرفت قمر ذلك بمجرد أن نزلت الكلمات من فمها‪ .‬كان شيًئ ا واحًد ا أن تقوله إنها لم تهتم بنصير ‪ .‬في‬
‫تلك اللحظات التي تحدثت فيها مع نصير ‪ ،‬لم تهتم حًق ا ببلوغها سن الرشد‪ .‬لكن مواجهة والدتها ‪ ،‬التي كانت تحمل ثقاًل‬
‫في عينيها الفضيتين ‪ ،‬جعلت قمر تدرك‪ .‬شّد الفراغ على أوتار قلبها ‪ ،‬وشوق لالنتماء ‪ ،‬وشوق اعتقدت أنه سحق طويًال‬
‫تحت وطأة القبول‪.‬‬

‫تنهدت والدتها وهي تمسح يديها في ثوبها البسيط‪ .‬عبرت المرأة األكبر سنًا الغرفة وأخذت وجه قمر بين يديها‪.‬‬

‫" هذا يعني لك شيًئ ا" ‪ ،‬أكدت والدتها ‪ ،‬وعيناها الفضيتان مملة‪ " .‬بلوغ سن الرشد يعني لي شيًئ ا‪ .‬يبدو األمر كما لو كان‬
‫منذ أيام ‪ ،‬عندما كنت مجرد شتلة بين ذراعي‪ .‬اآلن ‪ ،‬أنت تقف أمامي في سن العشرين " ‪.‬‬

‫شممت قمر للتخلص من كلمات والدتها‪ .‬لم تكن المشاعر شيًئ ا كانت منسجمة معها أيًض ا‪ .‬ال سيما في الصباح‪ " .‬جنبا إلى‬
‫جنب مع هبة ‪ ،‬نصير وحامد ‪ "،‬صرحت ‪ ،‬متجنبة نظرة والدتها الفوالذية‪ " .‬وأي شخص آخر نشأوا معه في القرية‪".‬‬

‫مرة أخرى ‪ ،‬تنهدت والدتها‪ .‬وأنا سعيد من أجلهم‪ .‬لكنهم ليسوا ابنتي " ‪.‬‬

‫انجرفت عيناها عندما ركضت والدتها يديها عبر موجات الماهوجني‪ .‬ثم " إلى جانب والدتك ‪ُ ،‬يسمح لي باالحتفال‬
‫بقدومك سن الرشد ألنك لم تبلغ العشرين إال مرة واحدة في وقتك" – يتم سحب يديك بعيًد ا عن وجهها‪ .‬فتحت قمر عينيها‬
‫عندما أشارت والدتها إلى الطاولة‪ " .‬دعونا نأكل‪".‬‬

‫أكلت قمر حتى بدت والدتها سعيدة ‪ ،‬رغم أن معدتها لم تكن كذلك‪ .‬تمتم قمر وهي تمضغ آخر قطعة من الطعام وهي‬
‫تربت على بطنها‪ " .‬أعتقد أنك صنعت الكثير‪".‬‬

‫أجابت المرأة األكبر سًن ا‪ " :‬ليس كثيًر ا إذا كان سيؤكل" ‪ .‬وقفت والدتها من الزابوتون‪ " .‬أثناء قيامي بالتنظيف ‪ ،‬يجب أن‬
‫تستحم‪".‬‬

‫تجمدت بعد ذلك‪ .‬اختفى الشعور الدافئ المريح من طعامها المستقر‪ .‬ابتلعت قمر ‪ " .‬لماذا علي أن أستحم ؟" سألت‬
‫بضجر وأخذت رشفة من فنجانها‪.‬‬

‫" ألن هذا هو بلوغك سن الرشد‪".‬‬

‫" أمي ‪ ...‬يمكنني التطهير بدًال من ذلك ‪ "...‬تمتمت قمر بضعف‪ .‬توقفت كلماتها عندما أصلحتها والدتها بنظرة‪ " .‬أنت‬
‫لست طفًال ‪ ،‬ال أستطيع أن أخبرك متى تعتني بنفسك ولكني أقترح أن تستمع‪ .‬ألنه إذا لم تفعل ذلك ‪ ،‬فلن تحصل على هدية‬
‫بلوغ سن الرشد " ‪.‬‬

‫لم تستطع قمر كبح االبتسامة التي تزعج شفتيها‪ " .‬أنت ترشيني ؟"‬

‫هزت المرأة األكبر كتفيها وهبة رت رأسها بعيًد ا‪ .‬عرفت قمر أن هناك ابتسامة على وجه والدتها وهي تتحدث‪ " .‬يعتمد‬
‫على تعريفك للرشوة‪ .‬أفضل مكافأة على االقتراحات " ‪.‬‬

‫في النهاية ‪ ،‬خرجت قمر من بيتها ‪ ،‬وذراعها ممتلئتان بمستلزمات االستحمام‪ .‬جنبا إلى جنب مع تخمير القلق‪.‬‬

‫استحممت بسرعة‪ .‬حتى مع وجود المياه الزرقاء الدافئة ‪ ،‬لم ترغب في البقاء بالقرب من الماء لفترة أطول من الالزم‪ .‬أو‬
‫اجعلها تلمس بشرتها‪ .‬تشبثت خصالت شعرها الداكنة على ظهرها بينما كان الماء يتدفق إلى أسفل خط العنق لفستانها‪.‬‬
‫غنت الطيور في السماء فوق األشجار الخضراء‪ .‬سارت قمر في الدرب المتضخم عائدة إلى منزلها‪.‬‬

‫كان شعرها جاًف ا عندما عادت‪ .‬بعد سحب غطاء الفراء جانبًا ‪ ،‬انطلقت أصوات بوق االستدعاء في أنحاء القرية‪ .‬قالت‬
‫والدتها بغضب‪ " :‬أنا أكره ذلك القرن" ‪ .‬قفزت المرأة األكبر سنًا على قدميها من عمود النسيج بينما كانت قمر تسير في‬
‫الداخل‪.‬‬

‫" ال أفهم لماذا ال يزالون مضطرين الستخدامه" ‪ ،‬تمتمت المرأة األكبر سًن ا‪.‬‬

‫ابتسمت قمر وانحنت في المدخل‪ " .‬أنت تقول ذلك في كل مرة‪".‬‬


‫" وسأواصل قولها‪".‬‬

‫أطلق بوق االستدعاء مرة أخرى ‪ ،‬مما تسبب في لعنة نادرة من شفتي والدتها‪ .‬سعلت قمر لتغطي ضحكها‪ .‬يختبئ‬
‫ابتسامتها خلف يدها‪.‬‬

‫تمتمت والدتها بتواضع‪ " :‬ما كان يجب أن يتم إعادة صنع هذا الشيء الذي تم تفجيره" ‪ .‬ثم التفت إلى قمر ‪ " .‬قبل أن‬
‫أغادر ‪ ،‬هدية بلوغك سن الرشد على الطاولة‪ .‬سأعود عندما ينتهي حفل المسارات وبعد أن أحصل على شيء من صانع‬
‫الجعة " ‪.‬‬

‫واحتجت قمر بأنين‪ " .‬لسنا بحاجة إلى أي أم سنة‪".‬‬

‫" أنا متمسك بمنطقي قبل تناول اإلفطار‪ .‬هل تريدني أن أذكرك مرة أخرى ؟ " سألت والدتها بحاجب وردي مقوس‬
‫نحوها‪.‬‬

‫أفلت من شفتيها تنهيدة صغيرة‪ .‬أجابت قمر بشكل قاطع " ال" ‪ " .‬بلوغ سن الرشد يتطلب نعم‪".‬‬

‫أومأت والدتها برأسها وأجابت قبل أن تختفي في غرفتها ‪ " ،‬إنها كذلك" ‪.‬‬

‫" هل تعتقد أن الحكماء سيالحظون إذا لم تحضر ؟" استجوبت قمر بصوت عاٍل من المدخل‪ .‬بعد ثواٍن ‪ ،‬عادت والدتها‬
‫إلى الغرفة الرئيسية مرتديًة فستاًن ا أخضر بدًال من ثوبها البني المعتاد‪ .‬اندلعت خيوط القرنفل بعنف بينما كانت والدتها‬
‫تسخر‪ " .‬منذ أن كنت شتلة ‪ ،‬كانوا دائًما يتأكدون من أنني حضرت‪ .‬هل تعلم أن‪ .‬أنت تعلم أيًض ا أن كل شخص مستنير‬
‫يحتاج إلى أن يكون هناك لسبب سخيف‪ .‬خاصة إذا أخذني منك " ‪.‬‬

‫ذّك رت قمر ‪ ،‬وهي تطوي ذراعيها على صدرها‪ " :‬السبب السخيف هو أن ترى ما إذا كان أي شخص في السن سيظل‬
‫معك" ‪.‬‬

‫مرة أخرى ‪ ،‬كانت والدتها األنيقة خارجة عن طابعها من خالل تحريك عينيها‪ .‬كان تعبيًر ا غريًبا على وجهها األكبر ‪،‬‬
‫فاجأ قمر كما قالت المرأة األكبر سًن ا‪ " .‬كما ذكرت ‪ ،‬سخيفة‪ .‬إنهم ال يسمحون ألي شخص بمظلتي " ‪.‬‬

‫" بسببي‪".‬‬

‫" الحمد هلل ‪ "،‬ابتسمت والدتها وهي تلبس صندلها‪.‬‬

‫وعلقت قمر ووالدتها صاخبة‪ " :‬إنهم أيًضا ال يريدون الدفء الوحيد حول مغادرة القرية ‪ ،‬وأن يكونوا مستنيرين أيًض ا" ‪.‬‬
‫" سخيف‪".‬‬

‫ضحكت قمر حتى انفجر بوق االستدعاء مرتين أخريين‪ .‬اقتحمت والدتها المنزل‪ " .‬سأعود قريبا!" نادت المرأة األكبر‬
‫سنًا وهي تدوس على التراب‪.‬‬

‫وحدها في المدخل ‪ ،‬تذكرت قمر هديتها‪ .‬تمشيت على الطاولة والتقطت كتلة أرجوانية داكنة في المنتصف‪ .‬تتمايل قطعة‬
‫القماش في الهواء على شكل فستان بسيط‪ .‬كان الفضول يداعبها حتى انتزعت ثوبها البني البسيط فوق رأسها قبل أن‬
‫ترتدي الفستان األرجواني‪.‬‬

‫كانت الهدية أقصر بكثير ‪ ،‬وأقصر بكثير من فستانها اليومي‪ .‬كان التماس يفرش فوق ركبتيها واللباس األرجواني‬
‫يحتضن خصرها‪ .‬قضم البرودة ساقيها العاريتين ‪ ،‬وفقدت الدفء السابق من فستانها الطويل‪.‬‬

‫كان هناك عدم ارتياح في بطنها‪ .‬لقد كان مغريًا‪ .‬لتلبس ثوبها البني ‪ ،‬تمسك يدها بالمادة‪ .‬ثم ردد البوق‪ .‬نظرت عيناها إلى‬
‫رفرف الفرو ‪ ،‬وهي تنجرف برفق في النسيم‪ .‬تجاهل نداءها لمالبسها األخرى ‪ ،‬ورفضت قمر على الطاولة ‪ ،‬قبل أن‬
‫تتوجه إلى ضوء الشمس‪.‬‬

‫اجتاحت بحار عوائلها وهي تهرب بحذر من رؤيتها بعيون غير ودية‪ .‬كان الخوف مترابًط ا داخل صميمها ألنها تجرأت‬
‫على االقتراب من المنتدى‪ .‬للعيون التي يمكن أن بقعة لها‪ .‬لم تعرف قمر أبًد ا عدد األشخاص الذين يعيشون في القرية‪.‬‬
‫على الرغم من المنظر من قمة التل‪ .‬ابتعدت بسرعة وقلبها ينبض بعيًد ا عن الناس الذين يمقتونها‪.‬‬
‫تلصق العرق على ظهرها وهي تبتعد في بيت منزل ساخن ومليء بالدخان‪ .‬تناثرت السيوف حول الجدران وعلى‬
‫األرض وحول أكبر موقد رأته‪ .‬نظرت قمر إلى وجه مألوف ‪ ،‬إما نصير أو حامد في المكان الذي وصفوه بالمنزل‪ .‬ثم‬
‫توقفت‪ .‬لقاء عيون أكبر سنا المعة تحمل أوجه التشابه مع ذريتهم‪ .‬في الظل ‪ ،‬جلس في الزاوية البعيدة رجل متكتل‬
‫المظهر‪ .‬كان الشعر الرمادي عالًقا من رأس الرجل األصلع ‪ ،‬وكان ينجرف في النسيم المفاجئ الذي أحدثه عندما وقف‪.‬‬

‫اندفعت عيناها نحو المدخل المغلق‪ .‬على بعد خطوات قليلة مؤلمة‪ " .‬يمكنني أن أشرح" ‪ ،‬عرضت ذلك بشكل ضعيف ‪،‬‬
‫وهي تشاهد في رعب والد حامد يتعثر ببطء نحو أعرج محرجة‪ " .‬من فضلك ‪ ...‬ال تأخذ الحكماء‪".‬‬

‫خرج صوت السكير خشًن ا ‪ " ،‬ما رأيك في الفتاة ؟ يجب أن تذهب " إلى المنتدى‪ .‬يأتي " سن الرشد واالحتفال" من‬
‫المسارات اليوم ‪ ،‬أال تعرف ؟ ابني ‪ " ...‬رمشت عيونها الزرقاء ببطء‪ .‬هز الرجل العجوز على قدميه‪ .‬ابتلعت قمر بشدة‬
‫قبل أن يواصل السكير‪ " .‬ماذا كنت أقول ؟" سأل ‪ ،‬واالرتباك ممزوج في كلماته‪.‬‬

‫ابتلعت قمر مرة أخرى‪ " .‬هل أردت أن تشرب المزيد من ؟" اقترحت عليها األمر بعصبية ‪ ،‬وقد التواء معدتها في‬
‫عقدة بينما كان والد حامد يحدق بها‪ .‬انها متوترة‪ .‬في انتظار شيء ما‪ .‬تعرف‪ .‬أو اقتحم ركاب الحدود الباب لجرها بعيًد ا‬
‫عن كابوسها التالي‪ .‬بداًل من ذلك ‪ ،‬يقوم الرجل بفواق ‪ ،‬ثم يتجشأ بصوت عاٍل ‪ " .‬هذه فكرة رائعة" ‪ ،‬غمغم وهو يبتعد‪.‬‬

‫حبست أنفاسها طعما حتى سقط الرجل على كرسي خشبي ‪ ،‬مما جعله يصرخ تحت ثقله‪ .‬استدعت يديه بطريقة ما إبريق‬
‫من مكان ما وفرقعت الفلين‪ .‬دون أن يتكلم ‪ ،‬قدمها لها‪ .‬هزت قمر رأسها ‪ ،‬ورسمت ابتسامة صغيرة على وجهها للتأدب‪.‬‬
‫هز والد حامد كتفيه قبل أن يضع اإلبريق على شفتيه عليها‪ " .‬المزيد بالنسبة لي بعد ذلك‪".‬‬

‫ترددت أصداء جولبنج في أقوال حداد عندما شاهدت بنصف رهبة ونصف اشمئزاز بينما كان والد حامد يقوم بضرب‬
‫السائل الصافي في أجسام صحية‪ .‬تتأرجح في عقلها وتتساءل لماذا لم تغادر ولم تتمزق بعد‪ .‬خرج السكير بعيًد ا عن‬
‫اإلبريق بهسهسة‪ .‬ثم انه ينعق‪ " .‬هل أخبرك أحد من قبل أنك تبدو مثل هذا القاطع المسمى ادهم ؟ رجل طيب كان ‪" ...‬‬

‫كانت رئتاها تحترقان من الهواء المفاجئ الذي تلهثته‪ .‬يحدق في والد حامد ‪ ،‬الذي يعرف والدها‪ .‬عرفت أنها تشبهه‪.‬‬
‫قالت لها والدتها نفس الشيء عندما طلبت ذلك‪ .‬لكن وجود شخص آخر يقول ذلك ‪ ،‬جعل الرجل الميت يبدو أكثر واقعية‪.‬‬
‫جعله على قيد الحياة ‪ ،‬فقط لدقيقة‪ .‬شخير موجة كبيرة مزقتها بعيًد ا عن أفكارها‪ .‬قمر زفر ببطء ‪ ،‬ورأى والد حامد يميل‬
‫إلى الجانب ‪ ،‬يسيل لعابه ينجرف من فمه المفتوح‪.‬‬

‫نخر شخير آخر في الحداد ‪ ،‬وابتلعت قمر بشدة‪ .‬ثم تركت الحداد تماًما بدون صوت‪.‬‬
‫دقات ضوضاء من الحشد‪ .‬خبطت داخل رأسها ‪ ،‬مما جعلها تنبض باالنزعاج‪ .‬كادت تفكر في العودة إلى المنزل‪ .‬يومض‬
‫شيء من زاوية عينها‪ .‬لفت أنظارها إلى الفضة ونسيت فكرة المغادرة‪.‬‬

‫من مسافة بعيدة ‪ ،‬تمكنت قمر من رؤية ما ال يقل عن خمسة رؤوس من الشعر الفضي تلتقط أشعة الشمس الذهبية‪.‬‬
‫وبإلحاح بسيط ‪ ،‬تقدمت إلى األمام ‪ ،‬وشّقت طريقها بعناية نحو الفضة‪ .‬مع العلم أن أحد تلك الرؤوس الفضية سيكون رأس‬
‫نصير ‪.‬‬

‫انقلب حظها عندما لم يعبر أي قرويين طريقها ‪ ،‬مما أتاح لها فرصة الغوص في أقرب محل بيع‪ .‬تصادف أن تكون أبعد‬
‫ما تكون عن الحكماء ؛ الذين تجمعوا أمام منزلهم ‪ ،‬أمام الحشد‪ .‬انطلق الضحك المعدي تجاهها‪ .‬لقد اصطدمت باألرض‪.‬‬
‫ظهر القرويون في موجات ‪ ،‬واصطدموا ببعضهم البعض عند دخولهم المنتدى‪ .‬خفق قلبها‪ .‬تلوثت األوساخ الباردة على‬
‫ركبتيها ‪ ،‬ونظرت بعناية فوق الحامل الخشبي‪ .‬قامت بمسح الحشد بحًث ا عن وجه مألوف‪.‬‬

‫انفجر بوق االستدعاء أعلى من أي وقت مضى ‪ ،‬مما أرسل قمر للغوص في التراب مرة أخرى‪ .‬وأصمت القرويون‪.‬‬
‫ابتلعت قمر بقلق وألقت نظرة خاطفة على منصة البيع مرة أخرى‪ .‬انطلق الخوف في صدرها بينما كان الحكيم يتشاجر‬
‫بالقرب من القرويين في أرديةهم المخصصة وفًقا لتنويرهم‪.‬‬

‫كان ثالثة رجال ذوي شعر فضي يرتدون مالبس أرجوانية يقفون في وسط اثنين من الحكماء بشعر بني يرتدون مالبس‬
‫بنية‪ .‬تلك الموجودة على كال الجانبين‪ .‬على كال الطرنصير ‪ ،‬وقف الحكماء غير المضيئين مرتدين مالبس بيضاء‪ .‬انطلق‬
‫الحكماء الثالثة المباركون إلى األمام ‪ ،‬وانضم اآلخرون بسرعة إلى جانبهم‪ .‬كان لدى الرجال التسعة دلو معلق من أيديهم‪.‬‬
‫كانت القرية ال تزال صامتة عندما تحرك الحكيم األوسط إلى األمام ؛ االكبر‪ .‬كان شعره الفضي الطويل يتألأل في الشمس‬
‫وهو يتكلم‪.‬‬
‫" مرحًبا بالقرويين في امالور ‪ .‬مرور آخر قد انتهى ‪ ،‬جلب االحتفاالت‪ .‬لقد راقبنا العديد من الممرات بينما كانت هذه‬
‫البراعم تنمو أمامنا‪ .‬بلوغ سن الرشد هنا ‪ ،‬ومتابعة االحتفال بالطرق‪ .‬اليوم ‪ ،‬ستغادر هذه البراعم المنتدى كبالغين‪.‬‬
‫للمساهمة في قريتنا ‪ ،‬وجعل منزلنا المثالي أقوى‪ .‬أطلب من البراعم التسعة األولى االقتراب " ‪.‬‬

‫تحركت تسعة رؤوس إلى األمام ‪ ،‬واصطفت بشكل مثالي مع كل من الحكماء‪ .‬لم تعترف قمر بأي شيء‪ .‬تم توزيع‬
‫الزهور الحمراء على القرويين التسعة الذين تقدم بهم في السن‪ .‬استداروا وواجهوا الحشد المتجمع‪.‬‬

‫انضم حكيم آخر – مبارك بالحكمة – إلى األول‪ .‬أرسل صوته الخافق رعشات مزعجة أسفل عمودها الفقري‪ .‬جعلها‬
‫أمعاء أضعاف في اثنين‪ " .‬لسحق عباد الشمس في رأسك ‪ ،‬فإنك تطلق الرخاء لنفسك في امالور ‪ ،‬داخل عائلتك وداخل‬
‫حياتك‪ .‬عندما تمسح هذه البتالت الحمراء األرض ‪ ،‬تكون قد بلغت سن الرشد " ‪.‬‬

‫بدأت الشتالت في مكان ما من الحشد في إثارة الضجة حيث بدأت مجموعات متعددة من تسعة أشخاص في سحق‬
‫الزهور في أيديهم‪ .‬لقد تألمت ركبتيها منذ فترة طويلة ولم تستطع إال أن تشعر باألسف تجاه كل هؤالء القرويين الذين‬
‫اضطروا إلى الوقوف‪ .‬هبطت مجموعة من البتالت الحمراء عبر النسيم الدافئ‪ .‬زائدة في سحب الغبار في المنتدى‪.‬‬

‫غامر أحد الحكماء يرتدون سترة طويلة بنية اللون إلى األمام‪ " .‬في هذا العصر ‪ ،‬سيتم منح الرجال فقط صخرة لتمثيل‬
‫القوة في المتسابقين على الحدود ‪ ،‬وقوة هذه القرية ‪ ،‬وقوة شخصية الفرد‪".‬‬

‫نسج الذكور إلى األمام‪ .‬تناوب كل منهم على ادعاء رمزه من الحكماء‪ .‬عندما تحدث وايزمان مرة أخرى ‪ ،‬انطلقت‬
‫ذكرى‪ .‬وميض عقلها لهذا الحكماء عندما كان أصغر سنا ‪ ،‬وعندما أهان والدتها‪ .‬انجرف الجو إلى صمت آخر ‪ ،‬حيث‬
‫تحدث الحكيم األكبر بهدوء‪ .‬يجب أن تحصل اإلناث على نصل من العشب األخضر‪ .‬كثير منكم دائًما ما تكون نقًيا وقاباًل‬
‫للتكيف ومطيًع ا‪ .‬تماًما كما يتكون هذا العشب من تربة أملور النقية ‪ ،‬يتغير حسب الفصول ويظهر دائًما عندما يجب ذلك "‬
‫‪.‬‬

‫استنكرت قمر ‪ ،‬وشتمت‪ .‬كانت تراقب من نقطة أمانها بينما كانت الفتيات تتقدمن للحصول على رمزهن المميز‪ .‬لمرة‬
‫واحدة ‪ ،‬كانت ممتنة لكونها منبوذة‪ .‬أن تكون مرفوًض ا تماًما من القرية‪ .‬وستكون هذه هي المرة الوحيدة التي تختفي فيها‬
‫رغبتها في أن تكون جزًءا منها‪.‬‬

‫شفرة من العشب‪ .‬اشتعل الغضب واالنزعاج في قلبها ‪ ،‬على افتراض أن أيا من الفتيات لم يكن أكثر حكمة من اإلهانة‪.‬‬
‫أو على قيد الحياة بما يكفي إلدراك ما هو رمزهم المميز‪ .‬جعلهم يشعرون وكأنهم جزء من امالور ‪ ،‬لكن قمر كانت‬
‫تعرف خالف ذلك‪ .‬كانت تعرف بشكل مختلف عن نظرتها الخارجية‪ .‬لقد حكم هذا الرجل حًقا على امالور ‪ .‬وكانوا‬
‫ضعفاء ودائما خاضعين‪ .‬سخرت قمر ‪.‬‬

‫امتصت أنفاسها عندما سقطت عيناها الزرقاوان الصغيرتان على عيناها‪ .‬ابتعدت قمر بعيًد ا عندما كانت الشتلة تلوح من‬
‫جانب المرأة ‪ ،‬متشبثة بفستان عادي بقبضة صغيرة‪ .‬نفض وايزمان نفسه وهي تختبئ‪.‬‬

‫" كل اآلن ‪ ،‬سوف تأخذ التوت وتأكله‪ .‬سيؤدي استهالك هذا التوت إلى إكمال نموك من الشتلة إلى النمو الكامل " ‪.‬‬

‫كونها جريئة ‪ ،‬مع دوامة من الغثيان في أحشائها ‪ ،‬أطل قمر على البيع‪ .‬لوحت الشتلة الُملحة لها ‪ ،‬مما جعل أراينا تتراجع‬
‫بشكل طبيعي‪ .‬قاومت ابتسامة عندما أعطاها الطفل ابتسامة مشقوقة‪ .‬ركزت عيناها على الرؤوس التسعة وهي تتحرك‬
‫لألمام نحو وايزمان‪ .‬تساءلت عما إذا كانت قد فاتتها رأس هبة ونصير وحامد ألنه ال يبدو أن أًيا منها متطابق‪.‬‬

‫لعبت مع الشتلة في مباراة تلويح ذهاًبا وإياًبا‪ .‬أصبحت قمر أكثر جرأة وجرأة مع استمرار المباراة‪ .‬عندما نجت ضحكة‬
‫طفولية من الشتلة في سعادة ‪ ،‬ابتعدت قمر ‪ .‬تأمل في رأسها أن ال أحد آخر كان أكثر حكمة‪ .‬بقيت قمر مختفية ‪ ،‬رغم أنين‬
‫الطفلة كانت تحثها على الخروج‪ .‬في نهاية المطاف توقف األنين من التحذيرات الساخنة المؤنثة‪.‬‬

‫عادت قمر للظهور ببطء ‪ ،‬وظلت قريبة من خشب المتجر قدر استطاعتها‪ .‬راقبت عيناها الخرسانيتان أن يرفض التسعة‬
‫األوائل ليحضر المهاجم التسعة التاليين فقط‪.‬‬

‫جاء صفان آخران من تسعة صنصير وذهبا ‪ ،‬ال تشبه صديقاتها‪ .‬انطلق الشعر الفضي الشائك إلى األمام ‪ ،‬على عكس‬
‫األنماط األخرى التي كان يرتديها معظم الرجال في القرية‪ .‬كان يتألأل في ضوء الشمس ‪ ،‬مثل اإلغراء ‪ ،‬يغمز عمًد ا في‬
‫وجهها إلعالمها بأنها نصير ‪ .‬جنبا إلى جنب مع نصير ‪ ،‬كان هناك شقراوات على طرفي نقيض‪ .‬كل منها يمكن أن يمر‬
‫بسهولة لهبة وحامد ‪.‬‬
‫أجفلت قمر عندما خار وايزمان آخر‪ " .‬اكتمال عصر النضوج‪ .‬حان الوقت اآلن لمراسم المسارات‪ .‬بعد ذلك يمكننا‬
‫االحتفال مع والموسيقى! "‬

‫هلل القرويون ‪ ،‬ثم صمتوا لرجل حكيم آخر‪ " .‬كل خمسة صفوف من تسعة ستقف جنًبا إلى جنب مع بعضها البعض ‪،‬‬
‫إلنشاء مسار مثل تلك التي تتدفق داخل امالور ‪".‬‬

‫" األوساخ تؤدي إلى قريتنا مع السفر إليك في دلو واحد‪ .‬قال وايزمان آخر‪ " :‬بنفس األيدي التي سحقت عباد الشمس ‪،‬‬
‫وأطلقت الرخاء ‪ ،‬ستأخذ حفنة من األوساخ وتنتظر طريقك" ‪.‬‬

‫انطلق آخر وايزمان المستنير إلى األمام ‪ ،‬موضًح ا المكان الذي توقف فيه إخوته‪ " .‬إلنهاء مراسم المسارات ‪ ،‬بمجرد أن‬
‫تعرف طريقك ‪ ،‬سوف ترمي التراب على قدميك‪ .‬أثناء اإلعالن عن مسارك ليسمع الجميع " ‪.‬‬

‫كانت تراقب واحًد ا تلو اآلخر بينما كان الدلو ينتقل عبر الخط‪ .‬واحًد ا تلو اآلخر ‪ ،‬صرخ كل شخص في طريقه إلى‬
‫الحشد‪ .‬هلل القرويون‪ .‬نمت بصوت أعلى باستمرار مع كل إعالن جديد‪ .‬رأت قمر حامد كما اقترب الحكماء منه‪ .‬كانت‬
‫قريبة بما يكفي لرؤية االبتسامة العريضة الملتوية على وجهه وهو يتقدم لألمام‪.‬‬

‫" متسابق الحدود!" صرخ بفخر وهو ينفخ صدره‪.‬‬

‫السعادة لصديقتها ألن شقيقها جعلها تبتسم‪ .‬شاهدت قمر شخصين آخرين يصرخان في طريقهما قبل أن تتقدم هبة لألمام‪.‬‬
‫تحرك الحكماء إلى الشخص التالي بجانبها عندما صرخت‪ " .‬المعالج!"‬

‫ضحكت قمر بغيورة من حامد الواضح عندما هتف الحشد بصوت أعلى لها‪ .‬أعلن المزيد من الشباب عن مساراتهم ‪،‬‬
‫مما أثار هتافات أقل من القرويين‪ .‬اتبعت عيناها رأس فضي شائك ‪ ،‬تنتظر‪ .‬انتظرت بترقب بينما تجمع الحكماء حول‬
‫نصير ‪.‬‬

‫كان هناك سكون في الهواء‪ .‬شيء ما عن ‪ ،‬يستغرق وقًت ا أطول من الدقائق المعتادة إلخبار البراعم عن مسارها‪ .‬بدا أن‬
‫القرويين يلتقطون ما فعلته‪ .‬وانتظروا كذلك‪ .‬رفع وايزمان المستنير يديه من قوة‪ " .‬لم يحدث أبًد ا في امالور أن كان لدينا‬
‫شخص يبدو مناسًبا تماًما ألكثر من مسار واحد‪ .‬لقد ناقشنا لعدة أيام ولياٍل حول المسار الذي ينبغي أن يقودنا إليه‪ .‬في هذا‬
‫اليوم قررنا‪ .‬اآلن ‪ ،‬سنعرف طريقه " ‪.‬‬

‫قرع طبول في صدرها ‪ ،‬وتردد صداها في جمجمتها‪ .‬تباعد الحكماء أكثر ‪ ،‬وتركوا نصير يتقدم إلى الحشد‪ .‬سقطت‬
‫األوساخ على قدميه ‪ ،‬وتطاير الغبار في الهواء‪.‬‬

‫" سأكون حارًس ا حتى يكتمل ظل الحكماء‪ .‬ثم سأصبح حكيًما مثل جدي قبلي " ‪.‬‬

‫انتشرت الصيحات والصيحات االحتفالية داخل المنتدى‪ .‬صفقت قمر يديها على أذنيها لحجب األصوات التي تصم اآلذان‪.‬‬
‫دقت أذناها تحت راحتيها المتعرتين‪ .‬لكن قمر لم تالحظ‪ .‬لقد وقفت من مخبأها ‪ ،‬وكان الصدمة والرعب يترددان في كيانها‬
‫بالكامل‪.‬‬

‫غير مهتمة بالعيون المشغولة التي قد تكتشفها ‪ ،‬نسجت قمر في بحر هادئ من بيوتها ‪ ،‬ركضت على قدميها للعودة إلى‬
‫المنزل‪ .‬شعرت أن كل خطوة تخطوها على الطريق الترابي أجوف‪ .‬مثقل بالثقل‪ .‬لم تكن حتى على علم بدفء التجمع في‬
‫زاوية عينيها حتى دلكت ظهرها بيدها المحترقة‪ .‬توقفت قمر فور وصولها إلى السديلة المصنوعة من الفراء‪.‬‬

‫حدقت في الفراء البني بشدة ‪ ،‬تبحث عن عالج لمشاعرها‪ .‬احترقت الخيانة في قلبها بينما ضغط الذنب على كتفيها‪.‬‬
‫عرفت قمر ‪ .‬كانت تعلم أنها ال تستطيع ‪ ،‬أال تشعر بهذه الطريقة‪ .‬معتقدة أنها فقدت نصير اآلن بعد أن كان واحدًا منهم‪.‬‬
‫واحد من هؤالء أرسلوا ليحولوها إلى ال شيء‪ .‬ولكن مع العلم أيًض ا أن ذلك لم يكن خطأه‪ .‬أن حبيبتها نصير لم تكن تريد‬
‫هذا أبًد ا ‪ ،‬ولم تطلبه أبًد ا‪ .‬وقد حدث ذلك على أي حال‪ .‬دفعت قمر رفرف الفراء جانبًا بسبب اإلحباط‪.‬‬

‫نزلت الزابوتون ‪ ،‬جالسة أمام عمود النسيج الخاص بها ‪ ،‬أجبرت قمر يديها المليئة بالغضب على النسيج‪ .‬االستفادة من‬
‫عواطفها‪ .‬انتظرت وخيطت ‪ ،‬في انتظار عودة والدتها من القرية ؛ تنبض اآلن بموسيقى حية‪ .‬كان لونها التالي أسود‪.‬‬

‫كانت الموسيقى في منتصف األغنية الثانية عندما عادت والدتها‪ .‬كانت خيوط قرنفل تتطابق مع خدود والدتها المحمرتين‬
‫عندما دخلت المرأة األكبر سًن ا ‪ ،‬وهي تنفخ بلهس‪ " .‬كان علي أن أصارع اثنين من هذه األباريق من كل من المربي‬
‫والحدادة ذات الرائحة الكريهة‪ .‬هم أفضل طعم السماوية‪" .‬‬
‫أومأت قمر بصمت وهي تنهي صفها األول من اللون األسود‪ " .‬أنا متأكد من أنه سيكون على ما يرام‪ ".‬ابتلعت الكتلة‬
‫في حلقها ‪ ،‬وسألت بشكل قاطع‪ " .‬كيف كان الحفل ؟"‬

‫تظاهرت بعدم االنتباه عندما توقفت والدتها‪ .‬خلعت المرأة األكبر سنا صندلها بحذر شديد ‪ ،‬متجنبة عيني قمر ‪ .‬أجابت "‬
‫لقد كان ممال" ‪ " .‬كان األمر يشبه إلى حد كبير بلوغ سن الرشد واحتفال المسارات‪ .‬ال أعتقد حًق ا أنه قد تغير عن جميع‬
‫االحتفاالت األخرى من قبل ‪ ،‬باستثناء الحكماء " ‪.‬‬

‫بدأت قمر بحذر ‪ ،‬وهي تنظر إلى والدتها‪ " :‬ودخول سن الرشد ‪ " . "...‬هل كان نفس الشيء ؟ ما هو الطريق الذي سلكه‬
‫لك الحكماء قبل أن تلتقي بأبي ؟ "‬

‫ردت والدتها وهي تضع كوبين على الطاولة‪ " .‬ستكون هذه قصة لوقت مختلف‪ ".‬ثم ظهرت المرأة المسنة في إبريق ‪.‬‬
‫مألت الكوبين ودفعت أحدهما إلى قمر ‪ " .‬نخب لبلوغ سن الرشد‪".‬‬

‫أمسكته قمر ‪ ،‬وضربت كأسها على كأس أمها‪ .‬تراجعت عندما غامر الطعم األول بتجاوز شفتيها وعلى لسانها‪ .‬سحبت‬
‫والدتها فنجانها بعيًد ا وهي تضحك‪ " .‬سوف تتحسن عندما تعتاد عليها‪".‬‬

‫سعلت قمر ‪ ،‬وهي تنظر إلى السائل الصافي ‪ " ،‬ال أعرف" ‪ " .‬ما زال األمر يبدو فظيًع ا بالنسبة لي‪".‬‬

‫" بضع رشفات أخرى وستظن أن مذاقها أفضل" ‪ ،‬أكدت والدتها بابتسامة‪ .‬وضعت المرأة األكبر سًن ا فنجانها على‬
‫الطاولة‪ " .‬دوعنا نرقص‪".‬‬

‫تئن ‪ ،‬اختفى فنجان قمر من يدها ‪ ،‬وحل محله أمها‪ .‬اشتكت قمر من الوضعية حيث حملتها والدتها على قدميها ‪ ،‬وسحب‬
‫أطرافها للرقص‪ .‬رقصت المرأة األكبر سنًا بأناقة حولها ‪ ،‬هبة رت ذراعيها برشاقة‪ .‬وصفقت قمر بشكل شاذ على‬
‫الموسيقى‪.‬‬

‫كان التوازن يشع من أطراف والدتها ‪ ،‬وفي رقصها وهي تنسج بدق الطبول‪ .‬ازداد اإليقاع ‪ ،‬مما جعل المرأة المسنة‬
‫ترقص بشكل أسرع‪ .‬بشكل غير متوقع ‪ ،‬اختطفت قمر وأجبرت على التحرك مع الموسيقى بلفافة‪.‬‬

‫خرج ضحك من حلقها‪ .‬اهتزت اإليقاع في روحها من أملور‪ .‬واصلت قمر الرقص ‪ ،‬والدوران ‪ ،‬بعد فترة طويلة من‬
‫ترك والدتها لها‪ .‬كانت األلوان في حجرة المنزل تتناغم مع بعضها البعض مثل تحفة فنية مجيدة‪ .‬تحركت قدميها بشكل‬
‫أسرع‪ .‬ثم أسرع‪ .‬قبل أن تصطدم فجأة بشيء صلب بسبب رفرف الفرو‪ .‬تدور الغرفة الرئيسية بدونها وهي مغمضة‬
‫عينها‪ .‬تنظر إلى الظل المظلم وهي تجمع توازنها‪.‬‬
‫تعثرت قمر ‪ .‬التراجع عن الكتلة الصلبة أثناء انطالقها لألمام‪ .‬شيء ثابت حول خصرها‪ .‬تحدث الكائن الغامض كما هو‬
‫ثابت لها‪ " .‬قمر !" زقزق حامد بسعادة ‪ ،‬ثم عبوس‪ " .‬كيف يمكنك بدء االحتفال بدوننا ؟!"‬

‫قبل أن تتمكن من الرد ‪ ،‬غزا وجه حامد مساحتها الشخصية‪ .‬ارتبطت عيناه الزرقاوان بها عندما كان يغوص في الماء‪.‬‬
‫انجرف أنفاس حامد على وجهها‪ .‬رائحة ابعدت البط والسعال‪ .‬ال شك أنها ما زالت تشعر بالصدمة على وجهها ‪،‬‬
‫وعيناها ما زالتا متسعتين مما حدث‪ .‬بمجرد أن أمسك بها ‪ ،‬انسحب حامد تماًما مع إعالن سعيد‪ " .‬انظر يا نصير !"‬
‫ابتسم لها‪ " .‬لديهم ‪".‬‬

‫جمدت‪ .‬الشعور بالدفء خلفها‪ .‬ركلت قمر على حامد بغضب ‪ ،‬ووجدت قدمها مؤخرته‪ .‬ضحك الصبي األشقر فقط‬
‫عندما رش قطرات من ياسين على قميصه من فنجانه‪ .‬حامد أخذ رشفة أخرى ‪ ،‬غير منزعج من اإلصابة‪ .‬أراينا غاضبة‬

‫جاء السعال من خلفها ‪ ،‬مما جعل قمر تستدير‪ .‬تجنبت عيناها مقابلة نصير ‪ .‬حدقت في صدره وهي تتعثر في الكلمات‬
‫لتشرح‪ " .‬ليس ‪ ...‬آه ‪ ..‬هو ‪"...‬‬

‫اتسعت عيناها عندما جمعت الشجاعة للنظر إلى نصير ‪ " .‬ما حدث على وجهك ؟" سألت ‪ ،‬مليئة بالقلق‪ .‬درست على‬
‫الكدمة المتضخمة حول عين الزعنفة اليسرى‪.‬‬

‫" ليس اآلن" ‪ ،‬قال نصير بهدوء‪ .‬سلم أحد أباريق إلى قمر ‪.‬‬

‫" سوف تشرح الحًقا" ‪ ،‬أمرت قمر ‪ ،‬ولم تترك مجااًل للجدل‪ .‬أخذت اإلبريق المعروض من نصير ‪ " .‬سأفعل" هذا ما‬
‫أكده نصير وهو أومأ برأسه‪.‬‬
‫" يعد ؟"‬

‫أجاب نصير ‪ " :‬أعدك" ‪.‬‬

‫أومأت قمر برأسها ‪ ،‬ووضعت األباريق على المنضدة ‪ ،‬حيث حاول حامد إجراء محادثة مع والدتها دون التالعب‬
‫بكلماته‪ .‬أمسكت بكوب آخر من أجل نصير حيث تردد صرخة سعيدة عبر حجرة المنزل‪.‬‬

‫" مخلوقي اللذيذ!"‬

‫أمسكت بكوب آخر لـ عندما غامر الفتاة الشقراء بالدخول إلى داخل المنزل‪ .‬تهربت هبة بحكمة من عاطفة حامد حتى‬
‫وصلت إلى الطاولة ‪ ،‬ووضعت دلًو ا فوق السطح الصلب‪ " .‬لقد أحضرت الطعام بدًال من ‪ ،‬ألن" – أصلحت وهًج ا – "‬
‫يجب أال يشرب البعض على معدة فارغة‪".‬‬

‫" أنت مخلوق ذكي! تفكر في كل شيء! " أشاد حامد ‪ .‬لقد حاول بإصرار أن يجمع هبة بين ذراعيه‪ .‬ضحك بسعادة‬
‫عندما نجح في النهاية‪ .‬الصبي األشقر السكير هبة ر هبة بسعادة‪ .‬في النهاية انضمت هبة وألقت ذراعيها بفرح حول‬
‫رقبة حامد ‪ .‬قبل الزوجان السعيدان ‪ ،‬مستمتعين باالحتفال بينما كانا يرسالن ثالثة أزواج من العيون في اتجاهات أخرى‪.‬‬
‫ثم تحطمت هبة وحامد على األرض ‪ ،‬وكالهما يشعر بالدوار‪ .‬جلست قمر ‪ ،‬وانضمت نصير إلى الزابوتون بجانب‬
‫زوجها‪.‬‬

‫زعنفة الدفع ‪ ،‬همست قمر ‪ " .‬فقط كم كان حامد ؟" راقبت حامد وهو يحاول استعادة هبة من األرض‪ " .‬واحد" ‪،‬‬
‫تمتم‪.‬‬

‫" إبريق واحد ؟" سألت بذهول‪.‬‬

‫" كوب واحد" ‪ ،‬تصحيح الزعانف‪.‬‬

‫تمتمت قمر بتواضع‪ " .‬بالنسبة له ‪ ...‬واحد يكفي" ‪ ،‬حيث شاهدت حامد يسحب هبة للرقص ‪ ،‬بينما كانت والدتها‬
‫تصفق معها‪.‬‬

‫" موافق" ‪ ،‬أومأ نصير ‪ " .‬لكن بعد فوات األوان اآلن‪ .‬السؤال هو ماذا سنفعل بأربعة أباريق من ؟ اشربه ؟ إذا فعلنا‬
‫ذلك ‪ ...‬فأعتقد أننا سننتهي مثل حامد " ‪.‬‬

‫" هل تفضل أن يشرب حامد أكثر وأن تتصرف بشكل أسوأ ؟ قد يحاول الرقص معك بعد ذلك " ‪.‬‬

‫تنهدت زعنفة‪ " .‬أربعة أباريق من ‪ .‬هل يمكننا هبة رة ذلك ؟ "‬

‫هزت قمر كتفيها‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬دعنا نكتشف" ‪ ،‬ابتسمت ابتسامة عريضة ‪ ،‬وهي تصب بعًض ا من في فنجان الفارغ‪.‬‬
‫أمسكت بطاقتها التي كانت فارغة‪ .‬ألقت قمر نظرة على والدتها متهمة‪ .‬اهتزت خيوط القرنفل ‪ ،‬ثم أشارت إلى حامد ‪.‬‬
‫تتنهد ‪ ،‬قمر سكبت نعم لنفسها‪.‬‬

‫سلمت نصير شرابه ‪ ،‬نقرت قمر عليه في هتاف‪ " .‬اشرب الزعنفة‪ .‬شرب حامد فنجي األول " ‪.‬‬

‫" هذا الغبي‪".‬‬

‫ضحكت قمر وأسقطت فنجانها بالكامل بكشر مشتعل‪ .‬قلدها نصير ‪ ،‬وسحب كوبه من شفتيه‪ .‬أعادت ملء أكوابهم مرة‬
‫أخرى ‪ ،‬وقام كالهما بإسقاط السائل بأسرع ما فعلوا في األول‪ .‬كرر قمر ‪.‬‬

‫زعنفة خنق‪ " .‬كان ذلك مقرًف ا" ‪ ،‬اشتكى بعد تجفيف عبوته الرابعة‪ .‬ياسين يقطر ذقنه ‪ ،‬ومسحها بظهر يده‪.‬‬

‫" بشكل عام ؟" انها مازحت‪ " .‬أو حقيقة أن ياسين هرب من أنفك‪".‬‬
‫" الفم" ‪ ،‬صحح خشن‪ " .‬وكالهما‪ .‬ال أعتقد أنه يمكنني شرب المزيد من هذا ‪ " ،‬تذمر نصير ‪ " .‬ربما ‪ ،‬علينا التعامل‬
‫مع حامد كما هو‪".‬‬

‫" نبتة" ‪.‬‬

‫وضع نصير كأسه على الطاولة قبل أن يطلق النار على قمر بنظرة غير تصدق‪ " .‬هل يمكنك أن تقول بصدق أنك‬
‫تستمتع بشرب ؟"‬

‫تراجعت قمر " آه ‪ "...‬وهي تنظر إلى السائل الصافي في فنجانها‪ " .‬أستطيع أن أقول بصراحة إن حامد سيندم على‬
‫شرب الكثير‪".‬‬

‫الفواق ‪ ،‬هز نصير رأسه‪ " .‬لم تجب على السؤال" ‪.‬‬

‫" هل أحتاج أيًض ا ؟"‬

‫" ال" ‪ ،‬أجاب نصير وهو ينزلق مرة أخرى‪ " .‬لقد بدأت أعتقد أننا قد نأسف لذلك أيًض ا‪".‬‬

‫سخرت قمر ‪ ،‬وابتلعت الرغبة في استدعاء الشتلة مرة أخرى‪ " .‬ربما انت‪ .‬ال أشعر أنني حامد في الوقت الحالي " ‪ .‬ثم‬
‫نظرت إلى نصير بابتسامة ملتوية‪ " .‬او انت‪".‬‬

‫" ماذا عني ؟" استفسرت نصير ‪ ،‬حاجب أسود مقوس في وجهها‪.‬‬

‫" تبدو كما لو كان العالم يدور ‪ "،‬ابتسم ابتسامة عريضة قمر بينما تنسج نصير على الزابوتون‪ .‬مرر يده من خالل‬
‫شعره ‪ ،‬مما زاد من سوء نوباته المعتادة‪ " .‬فقط األرضية‪".‬‬

‫ابتسمت قمر وهي تردد صدى‪ " .‬فقط الكلمة إيه ؟" ثم منه ‪ ،‬وخلعت كأسه‪ " .‬أعتقد أنك محق بشأن حدودك‪ .‬ال مزيد‬
‫من بالنسبة لك " ‪.‬‬

‫أجاب نصير ‪ " :‬أنا ال أشكو" وهو يفرك عينيه ثم يهمس‪ " .‬لقد نسيت ذلك ‪ "،‬قال مشيًر ا إلى عينه المصابة‪ " .‬اعتقدت‬
‫أن فركهم سيوقف الدوران‪".‬‬

‫درست صديقتها المقربة‪ " .‬هل تعلم أن األرضية ال تدور بشكل صحيح ؟"‬

‫أومأت الزعنفة ببطء ‪ ،‬وتبدو خضراء قليًال‪ " .‬نعم انا اعرف‪ .‬لكنه ال يغير حقيقة أنه يبدو كذلك " ‪.‬‬

‫فجأة انتزع فنجانه وكأسها من يديها ‪ ،‬وأعاد ملئهما قبل أن تتمكن من االحتجاج‪ " .‬هنا‪ "-‬قالت نصير وهي تسرع في‬
‫فنجانها لها ‪ - " ،‬أنت بحاجة إلى المزيد‪".‬‬

‫احتجت بضعف‪ " :‬لم أفعل" ‪ .‬نقرت نصير على جانب كوبها‪ .‬قام بإسقاط المحتويات في جرعة واحدة وحدق فيها بعد‬
‫ذلك‪ .‬رفعت قمر حاجبيها عندما هز كتفيه‪ .‬اندفعت نصير إلى قدميه ‪ ،‬مرافعة يده إلى أسفل‪ " .‬ارقص معي ؟"‬

‫نظرت إلى والدتها وهي تصفق وترقص‪ .‬تحركت نظرتها إلى هبة وحامد يرقصان بسعادة أيًض ا‪ .‬شيء ما انقلب في‬
‫بطنها‪ .‬هزت قمر رأسها ‪ ،‬وهي ال تعرف ما إذا كانت تلك هي السنة التي دفئتها في كل مكان أم عيني نصير ‪ " .‬أنا ال‬
‫أرقص‪ .‬تفضل‪".‬‬

‫نمت الشدة في عيون نصير بطريقة ما‪ .‬انحنى الزعنفة ‪ ،‬وهمست في أذنها‪ " .‬أنت ترقص‪".‬‬

‫بينما كان قلبها يتعافى من دفء أنفاس نصير فوق أذنها ‪ ،‬شاهدت نصير ينتزع هبة من حامد ‪ .‬تجنب نصير‬
‫محاوالت حامد لسرقة ظهره الثابت‪ .‬في النهاية ‪ ،‬استسلم حامد ‪ .‬سقط في الزابوتون المهجور لـ بحسرة شديدة‪ .‬كأس‬
‫زعنفة الحجامة في يديه‪ .‬شعرت الشقراء بالهزيمة وهي تتمتم‪ " .‬لقد سرقها بعيدا‪ .‬أفضل صديق لي‪".‬‬

‫تأوهت قمر ‪ " .‬سأحتاج إلى إنهاء مشروبي قبل أن تبدأ في المشي الغيور‪".‬‬
‫" أنا ال أتجول!" احتج حامد بصوت عال‪ .‬سرعان ما ابتلعت الموسيقى كلماته‪ " .‬أنا لست غيوًر ا أيًض ا! سرقتها نصير‬
‫بعيدا عني! "‬

‫وأشارت " لرقصة أو اثنتين" ‪ " .‬ليس إلى األبد‪".‬‬

‫قام حامد بإسقاط كوب آخر قبل أن يصب شراًبا آخر أثناء الشكوى‪ " .‬ليس بعد على األقل‪ .‬لقد كانت تحبه كما تعلم ‪ ،‬منذ‬
‫أن كنا جميًع ا شتالت ‪ ،‬حتى قبل أن ألتقي بك‪ .‬كنت هناك في تلك الليلة عندما كانت تبكي على نصير عندما كان يعاني‬
‫من المرض‪ .‬أخبرتني كيف طردها ألنها أهانتك بالدموع تنهمر على وجهها‪ .‬حملتها عندما تحدثت عن الطريقة التي ينظر‬
‫بها إليك " ‪.‬‬

‫" عن ماذا تتحدث ؟" استجوبت قمر ‪ ،‬تجعد جبينها مًع ا‪ " .‬من نظر إلى من ؟"‬

‫" هذا كل ما في االمر!" صرخت حامد ‪ ،‬وهز إصبعه في وجهها‪ .‬صدمتها قمر بعيًد ا بينما واصل حامد شمه‪ " .‬أحياًن ا‬
‫عندما نكون أنا و بمفردنا ‪ ،‬نتحدث عنكما‪ .‬نتساءل كيف يمكن لألشخاص الذين يبدون أذكياء أن يكونوا أعمى إلى هذا‬
‫الحد " ‪.‬‬

‫قالت قمر ‪ " :‬ما زلت ال أعرف ما الذي تتحدث عنه" ‪ " .‬من هو األعمى ؟"‬

‫تذمر حامد ‪ ،‬واإلحباط مكتوب على وجهه‪ " .‬أنت وزين‪ .‬نصير وأنت‪ .‬كالكما أعمى تماًما عما يمكن ألي شخص آخر‬
‫رؤيته بوضوح‪ .‬وأنا أعرف السبب الحقيقي وراء وجود هبة معي‪ .‬هذا ألنني أبقيها قريبة من نصير " ‪.‬‬

‫تجاهلت قمر التعليقات عنها ونصير ‪ .‬عملت بجد إلبعاد مشاعرها المفعمة بالحيوية‪ .‬لم تكن تريد أو تريد سماع ما يقوله‬
‫حامد ‪ .‬تجولت عيناها البنيتان في اتجاه و ‪ ،‬ترقصان بسعادة مع ابتسامات متطابقة‪ " .‬ربما بدأت في اإلعجاب‪"-‬‬

‫صحح حامد بحسرة " الحب" ‪ " .‬حب‪".‬‬

‫هبة رت عينيها تجاهه بينما كان الصبي األشقر يشرب أكثر‪ " .‬مهما كان حامد ‪ .‬ربما تكون قد " أحببت" – " توقفت‬
‫مؤقًت ا واقتبست بأصابعها ‪ – "،‬زعانف في البداية‪ .‬لكنها لم تكن لتوافق على أن تصبح ثابًت ا إذا لم يكن لديها نوع من‬
‫المشاعر تجاهك " ‪.‬‬

‫" نعم ‪ ،‬إنها تحبني ‪ ،‬لكن‪"-‬‬

‫واحتجت قمر قائلة‪ " :‬لكن ال شيء" ‪ " .‬أعتقد أنك كفيف إذا كنت ال تستطيع أن ترى أن هبة تهتم بك‪ .‬أنها تحبك‪ .‬قد‬
‫يكون في حبك حتى " ‪.‬‬

‫سخر الصبي األشقر ‪ ،‬وهو يشرب شرابه كما طلب‪ " .‬ماهو الفرق ؟"‬

‫تابعت قمر شفتيها مًع ا بعناية‪ .‬ثم هز كتفيه‪ .‬اعترفت " ال أعرف" ‪ " .‬أنا أحب هبة وأنت ولكني ال أريد أن أكون ثابًت ا أو‬
‫أي شيء‪".‬‬

‫واصلت تنهيدة‪ " .‬كان هذا مثاال سيئا‪".‬‬

‫" ماذا عن نصير ؟" استجوب حامد ‪ " .‬أين يقيم ؟"‬

‫تميل رأسها إلى الجانب ‪ ،‬وترك الصبي األشقر يرى لها حيرة‪ " .‬ماذا تقصد" أين معدل نصير " ؟" سألت قمر ‪ ،‬ثم‬
‫شرحت ببساطة‪ " .‬انه صديقي المفضل‪".‬‬

‫تأوه حامد ‪ .‬تمتم بشيء في أنفاسه بدا وكأنه كلمة أعمى ‪ ،‬قبل أن يقول‪ " :‬والدتها تكرهني" ‪.‬‬

‫ربت قمر على ظهر حامد تعاطًف ا‪ " .‬لماذا ؟"‬

‫" يكرهني ألن والدي هو قرية سكران‪".‬‬


‫وقالت‪ " :‬ال ينبغي أن يكون هذا مهًما اآلن" ‪ " .‬ستكون متسابًق ا على الحدود بعد مرور آخر‪ .‬بالتأكيد هذا يعوض ‪ ...‬عهبة‬
‫ت والدك‪" .‬‬

‫هز الصبي األشقر رأسه معلقا شعره أمام وجهه‪ " .‬ال‪ .‬هبة ستتحدث مع والدتها قبل أن أغادر بعد شهر مع راكبي‬
‫الحدود " ‪.‬‬

‫اقترحت قمر " عليك التحدث مع والدة هبة بنفسك" ‪ " .‬اذكر أن ابنتها أفضل حااًل معك من ابن تانر أو األكل العجوز‪".‬‬

‫تمشيط الشعر األشقر على كتفه‪ .‬تمتم حامد بحزن ‪ " ،‬لقد حاولت بالفعل‪ .‬ال يهم المسار‪ .‬أخبرتني والدتها أنني رفضت‬
‫ألنني غير مضيء‪ .‬يريد أن يرتبط بشخص مثل ‪ .‬يريد الدم المستنير داخل أسرهم " ‪.‬‬

‫ابتلعت قمر الورم في حلقها وهزت رأسها بشكل مروع‪ " .‬هذا فظيع" ‪ ،‬قالت بصوت عال‪ " .‬هل أخبرت هبة بما قالت‬
‫والدتها ؟"‬

‫" ال‪ .‬وانا ال اريد ايضا‪ .‬كانت في الخارج تجمع األعشاب في ذلك الوقت‪ .‬األمر أسهل بهذه الطريقة ‪ " ...‬تراجعت حامد‬
‫وعيناه الزرقاوان تنظران إلى و ‪.‬‬

‫" ما هو األسهل ؟"‬

‫" دع هبة تذهب" ‪ ،‬تمتم حامد ‪.‬‬

‫سخرت قمر ‪ .‬الكفر مكتوب على مالمحه‪ " .‬هل هذا ما تريده ؟"‬

‫" هل هذا ما تريده ؟" ردد حامد ‪ ،‬وهو يحدق بها اآلن‪ .‬حركه إلى هبة ونصير ‪ " .‬ما هو شعورك إذا كان نصير مع‬
‫؟"‬

‫ردت قمر باقتضاب متجاهلة‪ " .‬ال يهم‪ .‬هبة هي ثباتك " ‪.‬‬

‫تنهد حامد ‪ " :‬اآلن" ‪ " .‬بمجرد أن تضع والدتها حًد ا لـ ‪ ،‬ستكون حرة في العثور على المستنير‪ ".‬أومأت قمر بتمعن ‪،‬‬
‫وفتحت فمها للرد عندما واصل حامد ‪.‬‬

‫" أنت تعلم أنك ستشعر بالغيرة مثلي‪".‬‬

‫" غيور على ماذا ؟" قاطعت هبة بسعادة وهي تلف ذراعيها حول كتفي حامد ‪ .‬انتزعت يداها كأس حامد من قبضته ‪،‬‬
‫مما جعل الصبي األشقر يتذمر حزيًن ا‪ " .‬مهال!" احتج حامد ‪ " .‬كان هذا لي‪".‬‬

‫شربت هبة من فنجان حامد وضربت شفتيها مًع ا بعد ذلك‪ " .‬أشعر بغيرة فظيعة من كمية الكحول التي يشربها كل‬
‫منكما‪ .‬وفر البعض لبقيتنا! "‬

‫ابتعدت الفتاة الشقراء ‪ ،‬وأخذت الكأس معها‪ .‬اندفع حامد إلى قدميه‪ " .‬أرجع الكأس!" اشتكى عندما بدأ في مطاردة‬
‫الشقراء األخرى حول الطاولة‪.‬‬

‫" لكنني بحاجة إلى شيء ألشربه" ‪ ،‬قالت هبة بضحكاتها‪.‬‬

‫" إذن يمكنك تناول فنجان مختلف!"‬

‫" هل يمكنك ذلك أيًض ا!" ورد هبة على حامد ‪.‬‬

‫قال حامد لهبة ‪ " :‬لقد كانت كأسي أوًال" ‪.‬‬

‫قاطعه نصير وهو يرقص مع والدة قمر ‪ " :‬من الناحية الفنية ‪ ،‬كان لي" ‪ " .‬لقد سرقتها مني يا حامد ‪".‬‬

‫" مما يجعلها ملكي!"‬


‫دمدم حامد وهو يغوص من أجل هبة ‪ ،‬مما جعل الفتاة الشقراء تضحك من جديد‪ .‬رأت قمر والدتها تتخلى عن نصير ‪،‬‬
‫وخطفت حامد من يديها‪ " .‬تعال والرقص‪ .‬اترك ثباتك وشأنك " ‪.‬‬

‫دارت المرأة األكبر سنًا حامد حولها ‪ ،‬مما جعله يضحك‪ " .‬على ما يرام‪ .‬على ما يرام‪ .‬دعونا نرقص المستنير " ‪.‬‬

‫بلهفة ‪ ،‬انضمت إليها نصير وهبة على الطاولة‪ " .‬والدتك تحب أن ترقص" قالها‪ .‬أمسكت قمر بكأسه بينما كانت هبة‬
‫تصفق على إيقاع الموسيقى بينما كانت والدتها وحامد يحاوالن الرقص على بعضهما البعض‪ .‬ابتسمت قمر بتكلف ‪ ،‬وهي‬
‫تعلم أن حامد ال يمكنها التنافس على أناقة والدتها أو عصرها التنوير‪.‬‬

‫همست الكلمات في أذنها مما جعل قمر تقفز‪ " .‬هل ترقص معي اآلن ؟"‬

‫التقى عيون بنية اللون األرجواني الدافئ‪ .‬لم يكن لدى قمر قلب للرفض‪ " .‬تمام‪".‬‬

‫شدتها األيدي الدافئة الكبيرة على قدميها‪ .‬سمعت قمر أحدهم يصفق ‪ ،‬إلى جانب ضحك والدتها المبتهج الممزوج بضحك‬
‫حامد ‪ .‬بدا الوقت وكأنه ساكن‪ .‬كل ما يمكن أن تراه هو نصير ‪ .‬دقات الموسيقى السريعة تردد صدى داخل صدرها‪ .‬بدت‬
‫الموسيقى وكأنها أصبحت أكثر بعًد ا كلما تحركوا‪ .‬رقصوا ببطء‪ .‬على الرغم من الصيام ‪ ،‬فرح من حولهم‪.‬‬

‫ثم شد يدي نصير ‪ .‬شدها في دوائر بطيئة تدور بشكل أسرع وأسرع‪ .‬كانت الغرفة وعائلتها وعالمها يندمجون مًع ا في‬
‫مجموعة من األلوان الزاهية‪ .‬ظل وجه الزعنفة وعيناه المحدقتان الشظية الصلبة الوحيدة في الغرفة سريعة الحركة‪.‬‬

‫تحولت الطبول إلى إيقاع مختلف ‪ ،‬وابتعدوا عن بعضهم البعض‪ .‬عانقت قمر ذراعيها على صدرها‪ .‬على أمل أن تبقى‬
‫في قطعة واحدة‪ .‬فقط ألنه سيكون من الصعب تفسير سبب سقوط قلبها فجأة من صدرها‪.‬‬

‫" تعال للخارج ؟" همست الزعانف في أذنها‪.‬‬

‫تومض عيناها نحو هبة ‪ ،‬رقصت حامد ووالدتها بسعادة حول بعضهما البعض‪ .‬أومأت قمر برأسها متجنبة اللون‬
‫األرجواني الداكن المغري لعينواالربعوني نصير ‪ .‬لقد انزلقوا من حجرة المنزل دون أن يالحظها أحد‪ .‬اهتزت طبقة‬
‫الفراء ‪ ،‬ثم انجرفت ببطء إلى مكانها‪.‬‬
‫أصبح قرع الطبول مدوًيا في الخارج‪ .‬تبعت قمر نصير بعينيها ‪ ،‬وتحولت سترته وهو يتنهد بصوت عاٍل ‪ .‬تألق شعره‬
‫عندما نظر نصير إلى القمر األبيض فوق رأسه‪ .‬اقتربت منه قمر ‪ " .‬ما هو الزعانف ؟"‬

‫" انت تعرف االجابة‪ .‬رأيتك هناك‪".‬‬

‫" رأيتني أين ؟" سألت بعناية‪.‬‬

‫الزعنفة تلتف حولها‪ .‬في مواجهتها ‪ ،‬توهجت عيناه من الحرارة‪ " .‬في الحفل ‪ ،‬االختباء وراء كشك البيع‪".‬‬

‫قضم الخوف البارد الجليدي في عمودها الفقري‪ " .‬هل تعتقد أنهم رأوني ؟ هل كان ذلك ملحوًظ ا ؟ "‬

‫" ال" ‪ ،‬أجاب نصير أخيًر ا بعد دقيقة أو اثنتين‪ " .‬لقد الحظت فقط ألنك كنت تلعب بتلك البذرة‪".‬‬

‫جمدت قمر ‪ " .‬ولكن إذا رأوا ذلك ‪ ،‬فربما فعلوا ذلك ‪"...‬‬

‫" لم يفعلوا" ‪ ،‬بصق نصير بشراسة‪ " .‬كان الحكماء مشغولين للغاية في التصفيق على ظهورهم في عمل أحسنتهم‬
‫المالحظة‪".‬‬

‫" هل أنت متأكد ؟"‬

‫أومأ برأسه‪ " .‬إيجابي‪".‬‬

‫تنهدت ‪ ،‬لمست يدها كتف نصير بلطف‪ " .‬أنا آسف‪".‬‬


‫زعنفت في وجهها‪ " .‬ما الذي تعتذر عنه ؟ انها ليست غلطتك‪".‬‬

‫" ال يزال بإمكاني أن أكون" بدأ قمر حتى هز نصير رأسه‪ " .‬كالنا يعرف إلى أين يسير طريقي‪ .‬على األقل أتدرب‬
‫على كوني حارًس ا حتى تموت إحدى " األبقار" ‪.‬‬

‫" لكن‪"-‬‬

‫" لكن ال شيء" ‪ ،‬هذا ما قاله نصير ‪ ،‬على عكس طبيعته المعتادة‪ .‬هز كتفه بيدها‪ " .‬ال يمكنني التحرر من هذا المسار‪.‬‬
‫لقد حاولت بعد انتهاء الحفل‪ .‬لكنني فشلت " ‪.‬‬

‫استحوذت قمر على يدي نصير ‪ ،‬غير مكترثة بإقالته السابقة‪ .‬كانت يديه دافئة وهي تمسكهما بإحكام‪ " .‬ماذا حدث بعد‬
‫أن غادرت ؟"‬

‫تنهدت زعنفة‪ " .‬بعد الحفل بينما تم توزيع أكواب االحتفال من ‪ ،‬تمكنت من إبعاد اثنين من الحكماء عن الحشد‪ ".‬أعاد‬
‫يديها إلى الوراء بينما واصل‪ " .‬أعتقد أنني جعلتهم مقتنًع ا في الغالب بأنني سأكون حكيًما فظيًع ا عندما يتشاركون نظرة‬
‫مضطربة واضحة للغاية مع بعضهم البعض‪"-‬‬

‫انزلقت يداها بعيًد ا عن نصير عندما جلس على األرض‪ .‬يقطف الجسد عشًبا أخضر‪ - " .‬ثم وجدني والدي‪".‬‬

‫انضمت إلى نصير على العشب‪ " .‬عينك ؟" تساءلت‪ .‬أومأت الزعنفة‪ " .‬عيني‪".‬‬

‫توقفت يده بين العشب وهو يتكلم‪ " .‬جاء والدي ليتباهى بي ويشكر الحكماء على هذا" الشرف " ؛ طوال الوقت كان‬
‫يضرب بكدمة تهنئة في ظهري باستمرار " ‪.‬‬

‫نظرت قمر إلى سترة نصير ذات اللون البني ‪ ،‬وهي تنظر إلى ظهره على أمل أن ترى ما تحت القماش‪ " .‬هل انت‬
‫بخير ؟ هل تحتاج هبة إلى إلقاء نظرة عليك الليلة ؟ "‬

‫هز نصير رأسه‪ " .‬انا جيد‪ .‬باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬ال أعرف ما إذا كنت أريد أن تفحص هبة إصابات أي شخص في‬
‫حالتها " ‪.‬‬

‫شممت‪ " .‬لم أفكر في ذلك‪ .‬ماذا حدث بعد ذلك ؟ هل ضربك أمام الحكماء ؟ "‬

‫أجاب نصير ‪ " :‬ال ‪ ،‬لم يفعل" ‪ " .‬على الرغم من أنه إذا كان قادًر ا على القتل بالوهج المذهل الذي أعطاني إياه عندما‬
‫أخبره الحكماء أنهم يعيدون النظر في طريقي ‪ ...‬فلن أكون هنا‪".‬‬

‫" هذا سيء ؟"‬

‫" هذا سيء" ‪ ،‬أكد نصير ‪ " .‬لقد أصلح الموقف قبل أن يسحبني بالقوة من الحكماء‪".‬‬

‫أطلق الزعانف على الزعنفة قبل أن يواصل‪ " .‬دفعني في بيت فارغ وشرع في الصراخ بأنني عار على جدي المستنير‬
‫بسبب األشخاص الذين أحيط بهم ‪ ،‬والطريقة التي أحمل بها نفسي ‪ ،‬ومحاولة رفض الشرف العظيم الذي تخطاه ألنه غير‬
‫مستنير ‪ .‬يجب أن أشكر الحكماء على هذه الفرصة وأغلق فمي اللعين " ‪.‬‬

‫" لكنك لم تكن تعرف جدك ‪ "،‬تمتم قمر ‪ ،‬مشيرة إلى ما هو واضح‪ .‬أومأت الزعنفة‪ " .‬ولقد ذكرته بلطف بهذه التفاصيل‬
‫و‪"-‬‬

‫أنهت قمر " لقد ضربك" وهي تدير وجه نصير نحوها برفق‪ .‬كانت أطراف أصابعها تقشر بحذر شديد فوق الكدمة‬
‫القبيحة‪ .‬تمتمت بتواضع‪ " :‬ال يمكنك أن تلحق العار بشخص لم تعرفه من قبل" ‪.‬‬

‫درست العيون األرجواني وجهها وهي تتفقد إصابات نصير ‪ .‬األيدي الدافئة أزالت وجهها عن وجهه‪ .‬ابتلعت قمر عندما‬
‫وجدت عينا أرجوانية لم تعد تحدق في وجهها ‪ ،‬بل في شفتيها‪ .‬ثم وقفت نصير ‪ ،‬وأطلق قبضته على يديها‪.‬‬
‫مسح يديه على سرواله البني‪ " .‬كالنا يعرف ذلك ‪ ،‬لكن األوان قد فات إلصالح أي شيء" ‪ ،‬قال نصير ‪ ،‬قبل أن يتوقف‬
‫للحظة‪ " .‬ثم مرة أخرى ‪ ،‬كان لدي فكرة أن أن تصبح رجل حكيم سيكون ميزة‪".‬‬

‫" ميزة من أجل ماذا ؟"‬

‫" الوعد الذي قطعته لك‪ .‬تذكر ؟"‬

‫كانت قمر تنفخ وهي تنهض على قدميها‪ .‬بالطبع تذكرت الوعد الذي قطعه لها‪ .‬تماًما كما تذكرت الشعور الدافئ الذي‬
‫يشعر به في فراش السرير‪ " .‬إذا كنت تقصد الوعد الذي قطعته لي عندما كنت هذياًن ا من المرض ؟ اعتقدت أنني قلت لك‬
‫ال تهتم " ‪.‬‬

‫" ال تقدم وعوًد ا ال يمكنك الوفاء بها" ‪ ،‬تالها نصير ‪ ،‬كما لو كان يحفظها‪ " .‬تلك كانت كلماتك بالضبط التي قلتها لي‪".‬‬

‫أومأت برأسها ‪ " ،‬أوه هذا‪"-‬‬

‫قاطعه نصير ‪ " :‬إذا كنت أريد أن أصبح حكيًما" ‪ " .‬أريد أن أفعل شيًئ ا جيًد ا خالل وقتي هناك‪ .‬أريد الوفاء بالوعد الذي‬
‫قطعته وجعل القرية أفضل من أجل‪" -‬‬

‫" البقع" ‪ ،‬أكملت قمر بشكل قاطع‪.‬‬

‫أمسك نصير بكتفيها‪ " .‬من أجلك أنت وشتالت أخرى غير مرتبطة بالوالدين‪".‬‬

‫شممت قمر ‪ ،‬مقلدة بصمت‪ " .‬شتلة من الوالدين غير المتزوجين‪ ".‬ثم رفعت الحاجب في وجهه‪ .‬قالت متهمة‪ " :‬لقد‬
‫فكرت في ذلك للتو" ‪.‬‬

‫" وإذا فعلت ؟" ابتسم نصير ‪ .‬هزت قمر كتفيها‪ " .‬لست متأكًد ا مما إذا كنت أحب القيح أفضل من البقع‪".‬‬

‫" صديد ؟"‬

‫كررت قمر ببطء ‪ " ،‬شتالت غير مرتبطة بالوالدين" ‪ ،‬مؤكدة على بدايات كل كلمة‪ " .‬أو صديد‪".‬‬

‫دفعها نصير للخلف في غضب ساخر حيث عبرت ابتسامة باهتة على شفتيه‪ " .‬أنا أفضل القيح بغض النظر‪ .‬أقل وصمة‬
‫عار على االسم الجديد " ‪.‬‬

‫ضحكت قمر من صميم قلبها‪ " .‬يمكنك أيًض ا منهبة تي بجرح متقِّيم هنا‪".‬‬

‫تبتسم ‪ ،‬زعنفة مدمره‪ " .‬اخرس‪ .‬سأفكر في شيء آخر عاجال أم آجال " ‪.‬‬

‫أجابت قمر " ال يهم متى" اختفت نصير في خط الشجرة‪ " .‬فقط ال تقل أي اسم بصوت عاٍل مرة أخرى‪ .‬كنت محظوظا‬
‫ألن حامد مشغول باالحتفال " ‪.‬‬

‫فجأة تعرضت للقصف بفروع صغيرة قادمة من األشجار‪ .‬ابتسمت ابتسامة عريضة قمر وهي تضرب بضرب خشبي‬
‫بعيًد ا بيديها‪ " .‬من األفضل أن تتمنى أال يكون أي من هذا الخشب به أي فقر‪".‬‬

‫" لقد راجعت مسبًق ا ‪ "،‬جاء صوت نصير من األشجار‪ .‬سرعان ما أغلقت المسافة بينهما واتبعت نصير في خط‬
‫الشجرة عندما سمعت نصير يغمغم في نفسه‪.‬‬

‫" ماذا تفعل ؟" سؤال قمر ‪ .‬تجمدت في اللحظة التي رأت فيها نصير مرة أخرى ‪ ،‬ثم هربت‪ .‬عندما تعافت ‪ ،‬صرخت‬
‫على األشجار‪ " .‬كان من الممكن أن تقول إنك بحاجة لرؤية النهر أو شيء من هذا القبيل‪ .‬كما تعلم ‪ ...‬أعطني بعض‬
‫التحذير حتى ال أتبعك في األشجار " ‪.‬‬

‫" ما الذي يدور حول ؟" سأل نصير من خلفها مباشرة‪ .‬قفزت قمر إلى الوراء‪ .‬كان كالهما واسع العينين بينما كانت‬
‫قمر تحاول أن تظل قلبها ينبض‪ " .‬إذا كان لديك حاجة إلى ‪ ...‬كما تعلم ‪ ...‬حذرني حتى ال أتبعك‪".‬‬
‫أحمر خدود واضح على وجه نصير ‪ .‬تخبطت يديه خلف ظهره‪ " .‬أنا ال ‪ "...‬تمتم‪ " .‬لم أفعل ‪ ...‬أنا ‪ ...‬أم ‪"...‬‬

‫توقف واستنشق بحدة‪ " .‬لدي شيء لك‪".‬‬

‫نظرت إليه قمر بتشكك‪ " .‬هذا ليس مثل الوقت الذي قال فيه حامد لك نفس الشيء ولصق وجهك بكرة ثلج ‪ ،‬أليس‬
‫كذلك ؟"‬

‫شم الزعنفة‪ " .‬هل ترى أي ثلج ؟" سأل ‪ ،‬ثم هز رأسه‪ " .‬ال شيء من هذا القبيل‪".‬‬

‫واصلت النظر إليه بإلقاء نظرة‪ " .‬هل حقا ؟ ألنه إذا كنت تخدعني ‪ ،‬فلن أحذرك عندما أقرر االنتقام " ‪.‬‬

‫توالت نصير عينيه‪ " .‬أنت لست مريًبا أبًد ا‪".‬‬

‫" فقط عندما تبتسم هكذا‪".‬‬

‫" مثل ماذا ؟"‬

‫" كأنك تخفي شيًئ ا ما ‪ "،‬أجاب قمر وسحب نصير يديه من خلف ظهره‪ .‬قمر حدقت فقط‪.‬‬

‫" هل أحببت ذلك ؟" سأل نصير ‪ .‬ارتعدت الغموض في صوته‪ .‬تومضت عيون أرجوانية على وجه قمر من أجل شيء‬
‫ما‪ " .‬قل شيئا‪ .‬أنا لست هذا‪"-‬‬

‫همست قمر ‪ " .‬إنه سيف‪".‬‬

‫حدقت ألعلى وألسفل بالشفرة الفضية األنيقة قبل أن تستقر على المقبض‪ .‬كانت يدها تتوق إلى اإلمساك‪ " .‬هل تعطيني‬
‫سيفا ؟" سألت بهدوء ‪ ،‬قابلت عيناها نصير ‪.‬‬

‫" صنعت لك سيًفا" صحح نصير مبتسمًا‪ .‬عبرت العجرفة على وجهه وهو يقدم لها السيف‪ .‬شجع " خذها" ‪ " .‬كالنا‬
‫يعرف أنك تريد ذلك‪".‬‬

‫اإليماء بصمت‪ .‬مدت قمر يدها المرتعشة‪ .‬أمسكت بالسيف غير المألوف بيدها اليمنى‪ .‬بصمت ‪ ،‬قامت بموازنة السيف‬
‫على أطراف أصابعها ‪ ،‬تماًما كما فعل الموجهون في األرض المسطحة لألسلحة‪ .‬كانت الشفرة متوازنة تماًما‪ .‬قاتلت قمر‬
‫صريًر ا في مؤخرة حلقها‪ " .‬إنه مثالي" ‪ ،‬زفيرها غير مصدق‪.‬‬

‫" أنا أعلم" قال نصير متعجرًف ا‪ " .‬كان لحامد يد في األمر في المراحل األولى ‪ ،‬لكنه رفض الحًقا عندما اعتقد أنني‬
‫أفضل منه‪".‬‬

‫دفعت قمر السيف نحو الزعنفة ‪ ،‬مع الحرص على عدم إيذائه‪ .‬قالت بأسف‪ " :‬ال يمكنني تحمل هذا" ‪ .‬لقد هزت رأسها‬
‫بشراسة رافضة‪ " .‬لقد صنعت هذا ‪ ،‬يجب أن يكون نصلك‪".‬‬

‫رمتها نصير السيف بحذر شديد كما فعلت‪ .‬اشتعلت قمر ذلك‪ .‬قال نصير ‪ " :‬لقد صنعته لك ‪ ،‬وليس لي" ‪ " .‬بالكاد‬
‫أستطيع حمل هذا السيف بيد واحدة‪".‬‬

‫" لكن ال يمكنني تحمل ذلك!" احتجت وألقت السيف على نصير ‪.‬‬

‫" إنها هدية لبلوغ سن الرشد ‪ ،‬عليك أن تأخذها‪ .‬إلى جانب ذلك ‪ ،‬هل ستجبرني على إذابة هذه الشفرة المثالية وتحويلها‬
‫إلى معدن ؟ بعد كل الوقت الذي أمضيته في صنعه ‪ " ،‬صرح نصير ‪.‬‬

‫كانت تحدق بشوق في الفضة بين ذراعي نصير ‪ .‬تومض في وجهها في ضوء القمر‪ .‬عارض قمر ضعيًفا‪ " .‬لكن ‪ ،‬ليس‬
‫لدي هدية لك‪".‬‬
‫وضعت نصير السيف برفق بين ذراعيها ‪ ،‬كما لو كان يمرر شتلة إليها‪ .‬ابتسم‪ " .‬مجرد معرفة أنه سيكون لديك شيء‬
‫تحمي نفسك به عندما تكون في الخارج لتقوم بدوريات على الحدود هو هدية جيدة بما يكفي بالنسبة لي‪".‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬سأجد ما أعطيه لك‪".‬‬

‫" ليس عليك ذلك‪".‬‬

‫قالت قمر ‪ " :‬أوه ‪ ،‬ال بد لي من ذلك" ‪ " .‬وكل ما أفكر به اآلن يتضاءل بالمقارنة مع هدية السيف المصنوعة يدوًيا التي‬
‫صنعها لي أفضل أصدقائي‪ .‬كل ذلك ألنه قلق علي " ‪.‬‬

‫ابتعد نصير عنها بحسرة‪.‬‬

‫تمتمت بلطف‪ " :‬مرحًبا" ‪ ،‬قلقة بشأن التغيير المفاجئ لسلوك نصير ‪ " .‬هل انت بخير ؟ لن أحصل على هدية مختلفة لك‬
‫إذا كنت ال تريدها‪ .‬قد تندم على ذلك ‪ ،‬مع األخذ في االعتبار أن سالمتي ال تعني شيًئ ا " ‪.‬‬

‫راقبت ‪ ،‬بينما كان نصير يشبه سمكة متداخلة خارج الماء‪ .‬لم تتدحرج الكلمات من شفتيه ‪ ،‬مثل القدرة على الكالم أفلت‬
‫منه لعدة دقائق‪ .‬حتى تحدث أخيًر ا‪ .‬علق نصير بهدوء‪ " :‬ال ‪ ،‬ال بأس" ‪ " .‬إذن هل ستسميها ؟"‬

‫" اسم ما ؟"‬

‫أومأ برأسه إلى السيف‪ .‬أجاب نصير ‪ " :‬النصل" ‪ " .‬كل سيف يحتاج إلى اسم" ‪.‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬ليس كل سيف يحتاج إلى اسم‪".‬‬

‫قال نصير ‪ " :‬سيوف متقنة الصنع كما يفعل المرء" ‪ .‬نظرت قمر إلى السيف بين ذراعيها‪ .‬وجدت عيناها نصير ‪ " .‬فهل‬
‫يسمي حامد كل سيف يصنعه ؟"‬

‫" نعم‪".‬‬

‫" وماذا يسميهم حامد ؟"‬

‫تنهدت زعنفة‪ " .‬في الغالب هبة ‪ ،‬إذا كانت السيوف من الفتيات‪ .‬إذا كانوا أوالد ‪ ،‬فهم حامد " ‪.‬‬

‫" كيف يمكنه التمييز ؟" سألت وهي تضحك‪ .‬هز نصير كتفيه‪ " .‬أنا ال أسأل ‪ ،‬وال أريد أن أعرف‪".‬‬

‫رفعت قمر حاجبيها‪ " .‬لكنني اعتقدت أنك تريد معرفة كل شيء‪".‬‬

‫تمتمت الزعنفة بتواضع ‪ ،‬وتمرر يدها عبر شعره‪ " .‬ليس كل شيء‪ .‬اآلن بخصوص سيفك ‪ ،‬سميه أول ما يتبادر إلى‬
‫الذهن " ‪.‬‬

‫حدقت نصير ‪ ،‬محدثة مظهر الكفر‪ .‬التقت قمر بعيون أرجوانية ‪ ،‬بينما كانوا ينتظرون‪ " .‬نيلي‪".‬‬

‫" حقا ؟"‬

‫" أنت ال تحب ذلك ؟" سألت بسخرية‪.‬‬

‫حدق في وجهها زعنفة‪ " .‬اختر واحدة جديدة‪".‬‬

‫قالت قمر بابتسامة‪ " :‬إنه سيفي" ‪ .‬توالت نصير عينيه عليها‪ .‬كرر " اختر واحدة جديدة" ‪.‬‬

‫قالت‪ " :‬غير عادل" ‪ " .‬لقد أخبرتني أن اختر شيًئ ا يتبادر إلى الذهن‪".‬‬

‫رد نصير ‪ " :‬نعم ‪ ،‬لكن التهديد ليس مخيًفا للغاية" ‪.‬‬
‫" ماذا عن جاك إذن ؟"‬

‫" فظيعة" ‪ ،‬حق النقض ‪ " .‬كما تعلم ‪ ،‬ربما يجب أن تعيد السيف حتى أتمكن من إخراجه من بؤسه‪ .‬سأقول وداعا‬
‫لمرور تستحق العمل وأنا أذيبها " ‪.‬‬

‫" أنت من أصر‪ .‬صرحت قمر بإيماءة بإيماءة‪ .‬توقفت مؤقًت ا ‪ ،‬مسرورة عندما هز نصير رأسه رافًض ا‪ " .‬بليد هو ‪،‬‬
‫وليس كلمة أخرى منك‪".‬‬

‫تمتم الزعنفة‪ " .‬أخشى أن أقول المزيد‪ .‬ربما يمكنك التفكير في اسم أسوأ " ‪.‬‬

‫" حامد ؟"‬

‫تأوه‪ .‬ضحكت قمر ‪ ،‬مستمتعة بسخط نصير ‪ " .‬أعطيتني السيف‪ .‬يمكنني تسمية أي شيء يعجبني " ‪.‬‬

‫ابتسم ابتسامة عريضة ‪ ،‬وعلق نصير ‪ " .‬إذن هذا خطأي ؟"‬

‫" بالطبع‪".‬‬

‫ذَّك ر نصير ‪ " :‬لم تجب على سؤالي أبًد ا" ‪ .‬أومأ برأسها للسيف في يديها‪ " .‬هل أحببت ذلك ؟"‬

‫ثبت قمر الشفرة برفق على األرض قبل القفز إلى ذراعي الزعنفة‪ .‬تم إغالق يديها بإحكام خلف رقبته‪ .‬لقد سحقت نصير‬
‫في عناق‪ .‬وجهها مدفون في التقاطع بين عنق نصير وكتفه‪ .‬ابتسم ابتسامة عريضة قمر وهو يرتجف ‪ ،‬وذراعيه ملفوفة‬
‫حولها‪.‬‬

‫" شكًر ا" ‪ ،‬همست في أذنه ‪ ،‬مما أثار ارتعاًش ا آخر من أعز أصدقائها‪.‬‬

‫" على الرحب والسعة" ‪ ،‬تنفست نصير بحنان في أذنها‪ .‬سحبت رأسها من كتفه ‪ ،‬والتقت عيناه البنيتان باللون‬
‫األرجواني‪ .‬حدقوا في كل منهما ‪ ،‬تحت ضوء القمر‪ .‬دفعتهم الحرارة بين األقرب‪ .‬تقاطر الدفء راه رغم بطوجهها أثناء‬
‫تحركهما إلغالق المسافة‪.‬‬
‫شهيق الزعنفة الحاد دفعها إلى إحساسها‪ .‬تراجعت قمر ‪ ،‬دفنت المشاعر التي تتوق لمشاركتها‪ .‬انتزعت من العناق‬
‫وخطفت السيف من األرض‪ .‬على أمل أن يؤدي ذلك إلى التخلص من إغراءها بالعودة إلى ذراعي نصير ‪ .‬أو تجرؤ على‬
‫التفكير في فم نصير تقريًبا على فمها‪.‬‬

‫على الرغم من أن السيف كان بين ذراعيها ‪ ،‬إال أن إغراء الذهاب إلى نصير نما‪ .‬حدق بها ‪ ،‬مع حرارة اكتشفت حديثا‬
‫في عينيه‪ .‬همست قمر بهدوء‪ " :‬يجب أن نعود إلى الداخل" ‪.‬‬

‫" نعم ‪ "،‬وافق نصير ‪ ،‬وهو يلعق شفتيه وهو يمرر يده من خالل شعره‪ .‬مزقت عيناه بعيدا عن عينيها‪ " .‬يجب أن‬
‫نكون" ‪.‬‬

‫سارت إلى رفرف الفراء واصطدمت ب بينما كانا يحاوالن السير عبر المدخل في نفس الوقت‪ .‬استنشقت بحدة‪ .‬وتجمد‬
‫الزعانف‪ .‬ضغط رأس السيف على صدره‪ " .‬كن حذرا مع ذلك" ‪ ،‬ضاحك نصير بعصبية‪ .‬أخذ خطوة إلى الوراء‪ " .‬أنا‬
‫حقا ال أريد أن أتعرض للطعن الليلة‪".‬‬

‫" لن أحاول أيًض ا‪ .‬أجابت قمر ‪ " .‬يجب أن تدخل أوًال ‪ ،‬فرصة أقل لالصطدام ببعضكما البعض مرة أخرى‪".‬‬

‫" ما لم أتوقف‪ .‬ثم قد ينتهي بك األمر بطعني في ظهري ‪ " ،‬علق نصير ‪.‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬المشي المستمر هو المفضل‪".‬‬

‫" إذا فعلت ذلك ‪ ،‬ثم خرجت من الجزء الخلفي من المنزل‪".‬‬

‫تدحرجت عينيها‪ " .‬أنت تعرف ما قصدته‪".‬‬


‫أجاب نصير " لقد فعلت" ثم تمتم‪ " .‬أتساءل عما إذا كانت هبة وحامد وأمك ما زاال يرقصان‪".‬‬

‫" آمل حًقا أال" ‪ ،‬صرحت قمر بينما اختفى نصير من خالل رفرف الفرو‪ .‬لم تهمس ألحد قبل أن تتبع نصير في‬
‫الداخل‪ " :‬هنا ال يحدث شيء" ‪.‬‬

‫لم يعد االحتفال النابض بالحياة الذي تركوه‪ .‬بدًال من الرقص والتصفيق داخل المنزل ‪ ،‬سقطت مشاهد قمر على هبة‬
‫وحامد وهما يحتضنان على السجادة المنسوجة‪ .‬كانت الشقراوات ملتفتين على األرض ‪ ،‬وكالهما نائم‪ .‬كانت والدتها‬
‫مستيقظة في طرقها ‪ ،‬وتجلس على عمود النسيج الخاص بها بتصميم غير ثابت على وجهها‪ .‬شاركت قمر لمحة بوجهها‪.‬‬
‫ثم أومأ برأسه إلى األشخاص الثالثة الذين انغمسوا كثيًر ا‪.‬‬

‫عرض نصير بحسرة‪ " :‬سآخذ الشقرين" ‪ .‬وضعت قمر سيفها برفق على الطاولة‪ .‬قالت بحسرة‪ " :‬وسأحضر والدتي" ‪.‬‬

‫جمعت والدتها بين ذراعيها دون اعتراض من المرأة األكبر سنا‪ .‬بشكل محرج ‪ ،‬حملت قمر والدتها األطول إلى غرفها‪.‬‬
‫من زاوية عينها ‪ ،‬راقبت قمر بحسد بينما كانت نصير ترتدي كوفًر ا منسوًج ا فوق هبة وحامد ‪.‬‬

‫كانت رائحة زنابق النهر تدغدغ أنفها ‪ ،‬متوسلة أن تحك يديها ممتلئتين‪ .‬اشتكت والدتها أثناء نومها عندما سرعان ما‬
‫وضعت قمر والدتها على سريرها‪ .‬خدشت قمر أنفها بارتياح حلو‪ " .‬تصبحين على خير" ‪ ،‬تمتمت بلطف وهي تغادر‬
‫غرف والدتها‪.‬‬

‫تلمع الفضة من الموقد عندما ألقى الزعنفة غصًن ا صغيًر ا لتغذية النار‪ .‬تثاءبت قمر فجأة غير قادرة على محاربة التعب‬
‫الذي يلوح في األفق عليها‪ " .‬هي نائمة ؟" استجوب نصير ‪.‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ .‬انتقلت إلى الطاولة ‪ ،‬وتنظف الطعام واألكواب ببطء‪ " .‬أشك في أنها ستستدير حتى في الليل‪".‬‬
‫أشارت إلى هبة وحامد ‪ " .‬ماذا عنهم ؟"‬

‫" كالهما سوف يندم على شرب أربعة أباريق من بين الثالثة منهم‪".‬‬

‫اتسعت عيناها من الصدمة‪ " .‬أربعة ؟! شربوا األربعة ؟ "‬

‫أومأت الزعانف برأسها ‪ ،‬وتحركت لتساعدها في الطاولة‪ " .‬نعم‪ .‬لقد فعلوا‪".‬‬

‫ال تزال الموسيقى تتردد من القرية بينما كانت قمر تهز رأسها‪ " .‬لم نكن بالخارج لفترة طويلة‪".‬‬

‫وافقت نصير ‪ " :‬لم نكن" ‪.‬‬

‫دّست قمر في الجزء الخلفي من رفرف المنزل ‪ ،‬وألقت بقايا الطعام بالخارج على األشجار‪ .‬عندما عادت بعد دقائق ‪،‬‬
‫علقت بعناية‪ " .‬يجعلني كيف حال بقية القرية‪ .‬ألم يحن الوقت ليتوقف كل شخص هناك عن الشرب والرقص ؟ "‬

‫توالت نصير عينيه‪ " .‬وأوقفوا هذا االحتفال الرائع تماًما ؟ ال أعتقد‪" -‬‬

‫ثم صمت القاصر ‪ ،‬و نصير ‪ " .‬توقيت رائع‪".‬‬

‫هزت قمر كتفيها‪ " .‬هذا يحدث‪".‬‬

‫مع الهدوء المفاجئ ‪ ،‬أصبحت قمر منهكة للغاية مع مرور الثواني‪ " .‬هل أنت مستعد للنوم ؟"‬

‫تثاءب نصير ‪ ،‬لكنه خنقها بظهر يده‪ .‬أومأ برأسه " أنا هو" ‪ " .‬سأصلح نفسي على واحدة من هذه الحصائر‪".‬‬

‫قمر تسكي ‪ ،‬وهزت رأسها‪ " .‬ال يمكنني السماح لك بالنوم على حصيرة‪ .‬ليس منذ أن شاركنا فراشي من قبل " ‪.‬‬

‫احتج نصير قائًال‪ " :‬أنا ال أستطيع" ‪ .‬احمر خديه باللون الوردي الوردي ‪ ،‬وقوس قمر حاجبها‪ " .‬هل حقا ؟ ألنني متعب‬
‫جًد ا من الجدال ذهاًبا وإياًبا حول هذه الزعنفة‪ .‬فقط استسلم وسنذهب إلى الفراش مبكرا " ‪.‬‬
‫فتح نصير فمه ‪ ،‬كأن خيط احتجاج يريد أن ينسكب من شفتيه‪ .‬ثم تنهد وهو يقرص جسر أنفه‪ " .‬هل أنت متأكد ؟"‬

‫مشيت إلى غرفتها‪ .‬وُسحب غطاء الفرو فوق كتفها‪ .‬تمتمت‪ " :‬ما كنت ألقول أي شيء لو لم أفعل" ‪.‬‬

‫" قمر ‪"...‬‬

‫تنهدت قمر وهي تفرك عينيها‪ " .‬نعم‪ .‬نعم أنا متأكد‪ .‬حتى عجلوا‪".‬‬

‫غير متأكدة من قرار نصير ‪ ،‬دخلت قمر في غرفها‪ .‬تركته في الغرفة الرئيسية للتوفيق بين خياراته‪ .‬وبإرهاق ‪ ،‬خلعت‬
‫صندلها بتكاسل ‪ ،‬غير مهتمة بمكان وجودهما‪ .‬وقعت‪ .‬زحف إلى فراشها مع أنين‪ .‬قلبت قمر غطائها على جسدها ‪ ،‬حتى‬
‫كتفها ‪ ،‬لتغطي أذنها‪.‬‬

‫عندما جذبها الدفء من األغطية إلى بدايات النوم ‪ ،‬كان هناك نسيم بارد‪ .‬ثم أحاط إطار أكثر صالبة ودفًئ ا بها‪ .‬تم تثبيت‬
‫أحد ذراعي نصير فوق خصرها‪ .‬عبرت فرش شفاه ناعمة على مؤخرة رقبتها‪ " .‬تصبح على خير قمر " ‪ ،‬غمغم نصير‬
‫‪.‬‬

‫" صباح الخير يا زعنفة" ‪ ،‬ردت عليها بضيق قبل أن يقهرها النوم‪.‬‬

‫وقد استمر االحتفال بقدوم سن الرشد واحتفال المسارات ثالثة أيام أخرى‪ .‬في اليوم الثاني ‪ ،‬لم يتحرك هبة وال حامد‬
‫طواعية من موقعهما على الحصير‪ .‬باستثناء مياه الشرب التي جلبتها الزعنفة‪ .‬قامت قمر بطهي الطعام في تلك الليلة‪– .‬‬
‫الحزن بثالثية في بيت البيت على معدة حساسة‪ .‬في وقت الحق من تلك الليلة ‪ ،‬اضطرت هي ونصير إلى تنظيف‬
‫األوساخ التي تسببت فيها روائح العشاء‪ .‬من أجل االنتقام القاسي ‪ ،‬شربت قمر أمام و ‪ ،‬وكانت تراقبهما يتحوالن إلى‬
‫ظل أخضر قاتم من الرائحة وحدها‪ .‬تنازلت عنها الشقراوات مع تذمر السخط‪.‬‬

‫كانت والدتها في حالة أفضل من األخريات ‪ ،‬لكن رائحة الطعام أصابتها بالغثيان‪ .‬تجنبت قمر تناول الطعام عند المدخل‪.‬‬
‫كان هناك الكثير من المرض الذي يمكنها تنظيفه دون أن تفقد عشاءها‪ .‬تم استخدام جميع األغطية المنسوجة المتاحة عندما‬
‫بدأت الموسيقى مرة أخرى على أمل كتم الصوت‪ .‬انجرفت الموسيقى بصوت عاٍل من القرية إلى داخل المنزل‪.‬‬

‫امتدت فرحة هذه الليلة لفترة أطول من الليلة السابقة‪ .‬لعبت الموسيقى حتى الضوء األول‪ .‬عندما أزهر اللون األصفر في‬
‫السماء ‪ ،‬استقرت قمر في سريرها مع نصير لبعض النوم‪.‬‬

‫في اليوم الثالث ‪ ،‬لم تأت موسيقى‪ .‬استراح الجميع بسالم‪.‬‬


‫جلست قمر على قمة التل ‪ ،‬محدقة في القمر والنجوم‪ .‬انتظرت ظهور إحدى صديقاتها‪ .‬مر أسبوع على االحتفال الذي‬
‫استمر ثالثة أيام‪ .‬اعُتبرت هبة ونصير وحامد تائهة في عينيها من االنشغال بالظل‪.‬‬

‫قطعت الفروع خلفها ‪ ،‬في ظلمة خط الشجرة‪ .‬خفق قلبها على القفص الصدري ‪ ،‬في انتظار الهجوم الوشيك‪ .‬وجاءت‬
‫الشتائم المنخفضة بدال من ذلك‪.‬‬

‫ابتسمت عندما قطعت المزيد من األغصان ‪ ،‬تبعها المزيد من الشتائم‪ " .‬يجب أن تتخلى حًق ا عن محاولة تخويفي حامد "‬
‫‪ ،‬علقت عندما عادت لتنظر إلى القمر‪ .‬كان هناك المزيد من الطقطقة حتى سمعت أحدهم يتنهد‪.‬‬

‫انضم إليها حامد سجل الشجرة الساقطة‪ " .‬كيف عرفت أنه أنا ؟"‬

‫حركت سيفها لتجلس بينهما منتصبة‪ .‬ردت قائلة‪ " :‬ال يمكن للبطالتين أن يلعنوا والمغيرين لن يفعلوا إذا كانوا يحاولون‬
‫التسلل إلى شخص ما" ‪ .‬ثم أضافت‪ " .‬باإلضافة إلى و ‪ ،‬أعلم بشكل أفضل‪".‬‬

‫" وأنت خبير في لعبة الوحش والمغيرين إذن ؟" استفسر حامد ‪ .‬ردت قمر بالرد‪ " .‬و انت ؟"‬

‫أجاب حامد وهو ينفخ صدره‪ " :‬ليس بعد" ‪ " .‬من خالل هذا الممر القادم سأكون‪ .‬سوف أتعلم كيفية تعقب الوحش‬
‫والغزاة على حد سواء ‪ ،‬وبعد ذلك سأتدرب على قتلهم " ‪.‬‬

‫" هذا هو ‪ "...‬بدأت قمر في الغناء‪- " .‬إذا لم تسقط من الرجل البني وتكسر رقبتك أوًال‪".‬‬
‫هز حامد رأسه‪ " .‬أنت تشعر بالغيرة فقط ألنك لن تصاب بالرجل البني عندما تقوم بدوريات‪".‬‬

‫" غيور ؟" سخر قمر ‪ .‬ثم صاحت‪ " .‬بالكاد‪".‬‬

‫توقفت ‪ ،‬ونظرت إلى حامد ‪ " .‬ماذا قلت ؟"‬

‫" ها!" بكت حامد بسعادة ‪ ،‬وطعنت بإصبعها على كتفها‪ " .‬لقد فاجأتك أخيًر ا‪".‬‬

‫أعطت حامد نظرة مسطحة‪ " .‬التخويف والمفاجأة ليسا نفس الشيء‪".‬‬

‫ابتسم حامد ‪ " .‬بغض النظر ‪ ،‬كان ال يزال غير متوقع‪".‬‬

‫قالت " نصير أخبرك" ‪.‬‬

‫أومأ الصبي األشقر برأسه‪ " .‬كان لديه أيضا‪".‬‬

‫" كان ؟"‬

‫هز حامد كتفيه‪ " .‬ربما ‪ ...‬سرقت كتابه المفضل وأخفيه حتى أخبرني‪".‬‬

‫دفعت قمر شفتيها مًع ا في خط رفيع‪ " .‬كيف علمت بالضبط أن نصير كان يخفي شيًئ ا عنك ؟ وهل أعدت كتابه إليه من‬
‫قبل منذ أن أخبرك ؟ سليمة هذه المرة ؟ "‬

‫" مهال!" اعترض حامد ‪ " .‬كان ذلك مرة واحدة‪ .‬أنا تعثرت‪ .‬ألم يكن خطئي أن كتابه انتهى به المطاف في الموقد ؟ تمام‬
‫؟ لقد طارت من يدي كما لو كانت تطير وأرادت أن تهبط في النار‪ .‬لإلجابة على سؤالك األول ‪ ...‬أنا ال أكشف عن طرقي‬
‫السرية " ‪.‬‬

‫" لقد أخبرتني بسر الشجرة الدائمة التي وجدتها واستخدمتها لتجميد سترة الزعنفة" ‪ ،‬تذكر قمر ‪ .‬تنهد الصبي األشقر‬
‫بجانبها ‪ ،‬وهو يهز رأسه في خيبة أمل وهمية‪ .‬رد حامد بحزن بحزن‪ " :‬حسًن ا ‪ ،‬كنت آمل أن تجرب نفس المزحة عليه ‪،‬‬
‫لكنك لم تفعلها أبًد ا" ‪.‬‬

‫" لذا إذا خدعت نصير ‪ ،‬ستخبرني ؟" سأل قمر ‪.‬‬

‫حامد هز رأسه‪ " .‬ال فائدة من ذلك اآلن‪ .‬لم تره طوال األسبوع الماضي‪ .‬حتى أنا ال أراه كثيًر ا وأعيش مع الرجل‪ .‬لقد‬
‫فهمت األمر ذات ليلة عندما سألني عما إذا كنت قد صنعت دروًع ا معدنية من قبل " ‪.‬‬

‫" و ؟" حثت على‪.‬‬

‫بدأ " و‪ "-‬حامد قبل أن يتخلف‪ .‬نظرت إليها عيناه الزرقاوان قبل المتابعة‪ - " .‬لقد ألقى تلك النظرة الغريبة عنه ؛ عين‬
‫زجاجية وما ال‪ .‬ثم حصل على هذا الوجه الغريب اآلخر ‪ ،‬والذي عادة ما يكون مخصًص ا لي عندما يناديني عقلًيا باألحمق‬
‫أو شيء من هذا القبيل " ‪.‬‬

‫امتنعت قمر عن إلقاء نفس النظرة على حامد ‪ .‬وبدًال من ذلك سألت ‪ " ،‬ماذا كانت إجابتك ؟"‬

‫قعر حامد ‪ ،‬كما لو أنه نسي أن لديه المزيد ليشرحه‪ " .‬أخبرته أن راكبي الحدود سيحصلون على دروع تقليدية‪ .‬ثم‬
‫صدمني أنه لم يكن يتحدث عني‪ .‬لكن شخص آخر‪ .‬أنت‪".‬‬

‫" هل حصلت على كل هذا من نظرة واحدة ؟" الحظ قمر بالكفر‪ .‬هز حامد كتفيه بجانبها‪ " .‬كانت عيناه القمرية هدية‪".‬‬

‫عندما فتحت قمر فمها للدفاع عن نصير ‪ ،‬قائلة إنه ال يوجد مثل هذا المظهر ‪ ،‬تابع حامد ‪ " .‬كما ذكرت ‪ ،‬أنا أعيش مع‬
‫الرجل‪ .‬يمكنني فك رموز مظهره بقدر ما تستطيع ‪ ،‬وربما أفضل‪ .‬إنه قلق عليك ‪ ،‬حتى لو لم يخبرك بذلك " ‪.‬‬
‫نقرت على غمد الجلد الجديد الذي يغطي الشفرة الحادة‪ " .‬ال ينبغي أن يكون‪ .‬لدي هذا اآلن " ‪ .‬نقرت قمر على المقبض‬
‫الفضي‪.‬‬

‫قال حامد إن األمور تزداد جدية فجأة‪ " .‬هذا ليس نحن قلقون بشأنه‪ .‬تذكر أبي رؤيتك أيام االحتفاالت‪ .‬لماذا لم تخبرنا ؟‬
‫"‬

‫" رأتني نصير هناك" ‪ ،‬قالت ‪ ،‬إلبالغ حامد ‪ .‬هز رأسه‪ " .‬نعم ‪ ،‬قال لي ‪ ،‬لكنك لم تقل أي شيء ألي منا عن التعثر في‬
‫الحداد‪ .‬أنت محظوظ ألنه معروف باسم القرية في حالة سكر ‪ ،‬لم يصدقه الحكماء عندما اقتحم مجلسهم " ‪.‬‬

‫تلعثمت عندما هز الذعر قلبها‪ " .‬قال –" خففت بهدوء ‪ ،‬كما لو كانت تنفث‪ .‬أسكتها حامد بيد على كتفها وابتسامة‬
‫ملتوية‪ " .‬لن أصاب بالذعر‪ .‬ألم تتساءل أين ذهبت كل أباريق ؟ قال بغمزة‪ " :‬أنا أقول لك أن اإلفراط في شرب الخمر قد‬
‫يسبب الهلوسة" ‪.‬‬

‫اتهمته بعدم تصديق‪ " :‬أقمته" ‪.‬‬

‫أومأ حامد ‪ " .‬للفشل‪".‬‬

‫ثم عبس الصبي األشقر بينما استمرت قمر في التحديق‪ " .‬ماذا او ما ؟" صرير حامد دفاعًيا‪ " .‬لم أكن وحدي‪ .‬ساعد‬
‫نصير أيضا‪ .‬وكانت هذه مرة واحدة فقط ‪ ،‬وقد ساعدتك‪ .‬فهل ستتوقف عن النظر إلي هكذا ؟ "‬

‫هبة رت قمر رأسها بعيًد ا ‪ ،‬ناظرة إلى العشب الزمردي تحت ضوء القمر‪ " .‬عليك حًق ا أن تكون أكثر حرًص ا في المرة‬
‫القادمة التي تقرر فيها التجول في القرية" ‪ ،‬غمغم حامد ‪ " .‬لقد كدت أن تقتله من القلق أو على األقل تسببت في موته‬
‫مرتين‪".‬‬

‫" أخبر نصير أنا آسف إذن ‪ ،‬وفي المرة القادمة التي قررت فيها التسلل إلى القرية ‪ ،‬سأخبر كالكما مسبًقا" ‪ ،‬صرحت‬
‫قمر ‪ .‬ثم أضافت‪ " .‬شكرا لك‪".‬‬

‫" هل كان هذا االمتنان لي ؟ من أجل الزعنفة ؟ كال منا ؟ أنا في حيرة من أمري ‪ " ،‬سخر حامد بابتسامة على وجهه‪.‬‬
‫دفعت قمر كتفها إليه ‪ ،‬وأرسلت حامد من جذع الشجرة الساقطة ‪ ،‬ليهبط على ظهره مع تأوه‪ " .‬ألجل نصير إذن ؟"‬

‫أجابت قمر ساخرة‪ " :‬نعم" ‪ " .‬بالتااكيد‪".‬‬

‫قدمت يدها إلى حامد ‪ ،‬الذي أخذها على الفور‪ " .‬شكرا‪".‬‬

‫سأل عندما عاد حامد إلى موقعه األصلي على جذوع األشجار المتساقطة‪ " .‬هل يمكنني أن أطرح عليك سؤاًال آخر دون‬
‫أن يتم إقصائي من السجل مرة أخرى ؟"‬

‫" بالتأكيد‪".‬‬

‫أشار حامد إلى السيف بينهما‪ " .‬كيف تريده ؟"‬

‫هبطت عيناها على النصل‪ .‬كانت تداعب المقبض وهي تجيب‪ " .‬أحبها‪".‬‬

‫" حسن‪ .‬كان نصير فخورًا بذلك بالتأكيد‪ .‬قال حامد بينما كانت عيناه الزرقاوان تدرسان على الغمد الجلدي األسود فوق‬
‫السيف ‪ ،‬اعتقدت أنني ال أتذكره يصنع غمًد ا لذلك‪ " .‬ادعى أنه رديء في التالعب بالجلد‪".‬‬

‫" نصير فخورة بذلك" ‪ ،‬أكدت قمر وهي تبتسم‪ " .‬لقد كان صورة للعجرفة المتواضعة وقد ذكر أن لديك يًد ا فيها أيًض ا‪".‬‬

‫شم حامد ‪ " .‬العجرفة المتواضعة إيه ؟ لم أر نصير مثل هذا من قبل " ‪ .‬هز رأسه‪ " .‬نصير كاذب‪ .‬لم يكن لدي أي‬
‫جزء من إنشائه‪ .‬كنت مشغوًال إما بتدريب الظل ‪ ،‬والسجال معك وقضاء الوقت مع مخلوقي اللطيف‪" .‬‬

‫" إذن أنت لم تساعد على اإلطالق ؟"‬


‫هزت الشقراء رأسه مرة أخرى‪ " .‬ال‪ .‬أجاب حامد وهو يلمس الغمد الجلدي‪ " .‬لكني سأحتاج للتحدث معه حول فكرة‬
‫الغمد ‪ ،‬إنها مصنوعة بشكل جميل‪".‬‬

‫احمر خجال قمر ‪ " .‬شكرا لك‪".‬‬

‫" على ماذا تشكرني ؟" سأل حامد ‪ " .‬أنا لم أفعل ذلك‪".‬‬

‫تنهدت قمر ‪ " .‬أنا أشكرك على المجاملة مع األخذ في االعتبار أنني من صنعتها‪".‬‬

‫انتزع حامد السيف ملوًح ا به على وجهها‪ " .‬لقد فعلتها ؟ هذه ؟" تردد صدى حماسته عبر األشجار‪ .‬انحنى قمر للخلف ‪،‬‬
‫مبتعًد ا قليًال‪.‬‬

‫" نعم ‪ "...‬أجابت بعناية‪.‬‬

‫شاهدت حامد يتتبع أنملة إصبعه فوق اللبالب المحفور في الجلد‪ " .‬هذا هو…"‬

‫" جميلة ؟" عرضت قمر بينما أومأ حامد ‪ " .‬نعم‪ .‬انت قلت ذلك‪".‬‬

‫" كيف ؟"‬

‫حدقت في ذرة القمر في السماء‪ " .‬لقد كان لدي متسع من الوقت لنفسي مؤخًر ا‪ .‬متسع من الوقت للتمرن " ‪.‬‬

‫جاء تنهيدة صغيرة من بجانبها ‪ ،‬حيث كان رأس حامد يتدلى مع كتفيه‪ .‬غطى شعره بطول كتفه وجهه وهو يتكلم‪ " .‬قمر‬
‫‪ ...‬سنكون جميًع ا هنا إذا استطعنا‪ .‬لم يكن أحد منا يعرف كيف أن سن الرشد ومراسم الطريق يمكن أن تغير حياتنا‪ .‬إذا‬
‫كان لدينا خيارنا‪" -‬‬

‫لمست قمر ذراعه‪.‬‬

‫ارتفع رأس حامد ‪ ،‬والتقت العيون الزرقاء باللون البني‪.‬‬

‫" أنا آسف" ‪ ،‬اعتذرت قمر بلطف‪ " .‬أنا آسف إذا بدا األمر وكأنني كنت أشتكي‪ .‬لم أكن كذلك‪ .‬أفهم أنكم جميًع ا‬
‫مشغولون‪ .‬قلتها بنفسك ‪ ،‬بالكاد ترى نصير بين التظليل كحارس وحكيم‪ .‬ربما تمر األيام قبل أن ترى هبة " ‪.‬‬

‫بلطف ‪ ،‬سحبت قمر السيف من يدي حامد ‪ .‬عرضت عليها وهي تنقر على الجلد األسود‪ " :‬يمكنني أن أعلمك" ‪ " .‬انها‬
‫ليست صعبة‪".‬‬

‫أجاب حامد ‪ " :‬ال أستطيع" ‪ .‬استنزف كل حماسه من الغمد الجلدي‪ " .‬أنا ذاهب للتدريب‪".‬‬

‫جلدت رأسها إلى حامد ‪ ،‬وهي تتفحص وجهه وهو يحدق في القرية‪.‬‬

‫" ماذا تقصد بأنك سترحل ؟" سألت قمر بصدمة‪.‬‬

‫" للتدريب" ‪ ،‬كرر حامد وأعطاه قمر نظرة‪ " .‬أنا أعرف ذلك ‪ ،‬ولكن كيف ذلك ؟"‬

‫" في الصباح‪ .‬في أول ضوء " ‪.‬‬

‫تدخلت قمر ‪ " .‬لكن مر أسبوع فقط على االحتفاالت‪ .‬راكبو الحدود ال يغادرون لشهر آخر بعد " ‪.‬‬

‫" عادة" ‪ ،‬أومأ حامد بحسرة‪ .‬ثم تابع‪ " .‬لكنني تلقيت استدعاًء قبل ثالثة أيام من راكبي الحدود ‪ ،‬يفيد بأننا سنغادر مبكًر ا‬
‫بسبب الهجمات المتزايدة‪".‬‬

‫" من ماذا ؟ ما الذي يهاجم ؟ " سألت بتركيز مفاجئ‪.‬‬


‫" الوحش ‪ .‬منذ وقت ليس ببعيد ‪ ،‬قاتل راكبو الحدود ضد المغيرين بعد أن نهبوا قرية فوق تالل الوادي " ‪.‬‬

‫تمتمت قمر ساخرة‪ " :‬المغيرون يميلون إلى الغارة" ‪ " .‬هل هبة ونصير يعلمان ؟"‬

‫تنهد حامد ‪ " :‬هبة تفعل" ‪ .‬يفرك يده على وجهه‪ " .‬وآمل أن أرى نصير قبل المغادرة‪ .‬إذا لم يكن كذلك ‪ ،‬فسيخبره هبة‬
‫عندما يعود إلى الحداد في الصباح " ‪.‬‬

‫أومأت قمر برأسها ‪ ،‬وتركت الصمت يسقط على محادثتهما‪ .‬تنحت حلقها ‪ ،‬والتقت عيناها بعيون حامد ‪ " .‬نظًر ا ألنك‬
‫تغادر من أجل مرور ‪ ،‬وأنا أفترض فقط أنك و ‪ "...‬تراجعت عندما عبس حامد ‪ ،‬تاركة كلماتها األخيرة غير مفهومة‪.‬‬
‫ابتلعت وزفر‪ " .‬كيف حالك ؟"‬

‫مألت حامد قائلة‪ " :‬لقد افترضت والدتها نفس الشيء" ‪ ،‬لمعرفة ما ستقوله‪ .‬قاطعت قمر قبل أن يتمكن حامد من قول‬
‫المزيد‪ " .‬لم أكن أقصد األمر على هذا النحو" ‪ ،‬دافعت عندما كان حامد يهاجمها‪ " .‬أنت تعلم أنني دعمت دائًما أنت‬
‫وهبة ‪ ،‬حتى من خالل مشاكلك من جانب واحد‪".‬‬

‫" قضايا من جانب واحد" ‪ ،‬سخر من حامد بابتسامة ملتوية‪ .‬هزت قمر كتفيها عندما ألقت الشقراء ذراعه على كتفيها‪.‬‬
‫طمأن حامد قائًال‪ " :‬أعرف ‪ ،‬ولهذا السبب أنت أول من عرف أن هبة وافقت على انتظاري‪ .‬انها بلدي الموعودة‪ .‬وفي‬
‫اللحظة التي أعود فيها ‪ ،‬سنكون مستعبدين " ‪ .‬ثم أضاف متعجرًف ا‪ " .‬لفزع والدتها‪".‬‬

‫صاح قمر ‪ .‬فاجأ حامد المسكين عندما شدته من أجل عناق‪ " .‬هذا رائع! ال أصدق أنك سألتها! "‬

‫ابتعد حامد عن العناق بسعال‪ .‬التقت عيناه الزرقاوان بعينيها حيث أمسك حامد بكتفيها في يديه‪ " .‬أعلم أنني انتهيت للتو‬
‫من إخبارك أن تكون حذًر ا عندما تغامر بدخول القرية‪ .‬لكن هل تعتقد أنك يمكن أن تكون هناك ؟ في ترابطنا ؟ "‬

‫ابتسمت قمر ‪ " :‬لم يكن عليك حتى أن تسأل" ‪ " .‬لن أفوتها‪ .‬ممنوع أم ال‪ .‬أعدك بأنني سأكون هناك " ‪.‬‬

‫في المقابل ‪ ،‬ابتسم حامد وربت على كتفيها‪ " .‬حسن‪ .‬هبة آمل أن تكون هناك " ‪.‬‬

‫سخرت قمر ‪ ،‬ثم سخرت‪ " .‬ولم تكن كذلك ؟" بدأت تضحك عندما دفعها حامد بشكل هزلي ‪ ،‬محاواًل إخراجها من‬
‫جذوع األشجار المتساقطة‪ " .‬كنت أول من يعلم ‪ ،‬وطلبت منك أن تكون هناك ‪ ،‬فما رأيك ؟" سأل حامد ‪.‬‬

‫ردت بسخرية‪ " :‬لست متأكدة أنني أستطيع فعل ذلك ‪ . "...‬فجأة دفعها حامد من جذوع األشجار الساقطة‪ .‬سقطت قمر‬
‫على ظهرها‪ .‬تتدلى قدماها في الهواء‪ .‬قال حامد ضاحًك ا وهو ينظر إليها بابتسامة‪ " :‬أنت تستحق ذلك" ‪ .‬ثم قدم لها يديه‪.‬‬

‫" بالطبع فعلت" ‪ ،‬وافقت بشكل قاطع بينما كان حامد يرفعها‪ " .‬اآلن عدنا إلى موضوع ‪ ...‬كيف حالها ؟ لقد قلت من‬
‫قبل أن والدتها كانت ضد كونكما مًع ا‪" -‬‬

‫قاطعه حامد بصخب ساخط‪ " .‬ضد ‪ "...‬بصق بغضب‪ " .‬هي كلمة طيبة لوصف مدى معارضة والدتها لترابطنا‪ .‬كان‬
‫هبة يتاجر مع المتغذى ‪ ،‬رجل أكبر بعشرين عاًما ‪ ،‬لمجرد ما يكفي من اللحم وقوة التنوير " ‪.‬‬

‫قالت قمر باشمئزاز‪ " :‬اعتقدت والدتها أن هذا هو كل ما تستحقه" ‪ " .‬ولكن بما أنها قالت نعم لكي تصبح الشخص‬
‫الموعود به ‪ ،‬فال يمكن مقايضتها بالمتذوق‪".‬‬

‫نظرت إلى حامد ‪ ،‬ومن دراسة جانب وجهه‪ .‬كانت تعلم أن هناك المزيد‪ " .‬ماذا حدث أيًض ا ؟"‬

‫" تم طرد هبة من منزل المعالج من قبل والدتها‪ .‬أجاب حامد ‪ " :‬إنها تعيش معي ونصير في الحداد" ‪ .‬هزت قمر‬
‫رأسها‪ " .‬لقد ظللت في منزل المعالج ‪ ،‬وال تستطيع والدتها منعها من ذلك‪".‬‬

‫شم الصبي األشقر‪ " .‬ال ‪ ،‬والدتها ال تستطيع ‪ ،‬لكنها تجبر هبة على القيام بالمهام األسوأ على أمل تغيير رأيها مني‪".‬‬

‫فتحت قمر فمها لتتحدث ‪ ،‬لكن حامد استمر‪ " .‬والدتها قالت لها الكثير" ‪.‬‬

‫دمدرت قمر ‪ " .‬تلك المرأة الفظيعة!"‬


‫ضحكة صغيرة هربت من حامد ‪ " .‬قلت ذلك من قبل‪".‬‬

‫تمتم قمر ‪ " :‬وسأستمر في قول ذلك" ‪ " .‬كيف حال هبة من خالل كل هذا ؟ هل هي بخير ؟ "‬

‫تنهد ‪ ،‬فرك حامد يده على وجهه ‪ ،‬ثم تنهد‪ " .‬شكل الئق ‪ ،‬على ما أعتقد‪ .‬النظر في ما تضعه والدتها من أجلي " ‪ .‬تنهد‬
‫حامد مرة أخرى‪ " .‬انا قلق‪".‬‬

‫" قلق حول ما ؟"‬

‫" هبة تحب والدتها ‪ ،‬وأنا أعلم أنه يؤلمها أن تضطر لالختيار بيننا‪ .‬أخشى أنه بحلول الوقت الذي أعود فيه ‪ ،‬سوف‬
‫تكون مرتبطة بالطعام ‪ " ،‬تنفس حامد ‪ ،‬وارتجف صوته من االنفعال‪.‬‬

‫قامت قمر بالزفير ببطء قبل أن تصفع يدها على رأس حامد ‪ .‬طلبت بحدة " اخرس" ‪ " .‬هبة تحبك‪".‬‬

‫هز كتفيه‪ .‬تمتم حامد ‪ " :‬في بعض األحيان ال يكون الحب كافًيا" ‪ .‬ارتجفت يد قمر وهي تصارع الرغبة الشديدة في‬
‫ضربه مرة أخرى‪ .‬مع منهبة ته باألحمق‪ .‬حتى قبل أن تتمكن من ذلك ‪ ،‬استمر حامد بهدوء‪ " .‬هل يمكنك أن تصنع لي‬
‫معروًف ا أثناء رحيلي ؟"‬

‫" اى شى‪".‬‬

‫" هل يمكنك تذكير هبة كم أحبها ؟ أجاب حامد ‪ ،‬ربما أذكر اسمي كل يوم أو نحو ذلك‪ .‬ثم ابتسم ابتسامة عريضة ‪،‬‬
‫مضيًف ا‪ " :‬من المحتمل أن تعمل عشرين أو خمسين مرة في اليوم" ‪.‬‬

‫هبة رت قمر عينيها وهزت رأسها‪ " .‬سوف احاول‪ .‬لكن لو كنت مكانها ‪ ،‬لوجدت خمسين مرة أو قدًر ا سخيًفا آخر من‬
‫اسمك ‪ ...‬سخيف‪ .‬ال يمكنك فقط الكتابة لها ؟ أال يسمح المتسابقون على الحدود بذلك ؟ ثم يمكنك كتابتها بنفسك " ‪.‬‬

‫أجاب حامد ‪ " :‬لقد فكرت في األمر" ‪ " .‬لكن ‪ ،‬المشكلة في ذلك يجب أن أتعلم‪ .‬على عكس العديد من المتسابقين على‬
‫الحدود مع عصر التنوير ‪ ،‬لم أتعلم القراءة أو الكتابة مطلًق ا لكوني غير مستنير " ‪.‬‬

‫" إذا كان ذلك يجعلك تشعر بتحسن ‪ ،‬ال يمكنني الكتابة أيًض ا" ‪ ،‬تعزية قمر وهي تربت بلطف على ظهر حامد ‪.‬‬

‫أجاب حامد بحسرة‪ " :‬ليس حًق ا" ‪ .‬كانت عيناه تحدقان في القرية باألسفل‪ " .‬إذن عشرين مرة في اليوم ؟" استفزت ‪،‬‬
‫على أمل تغيير الموضوع بعيًد ا عن األمور المحبطة‪.‬‬

‫ابتسم حامد ‪ ،‬على الرغم من أن ظل األلم ال يزال يكمن في عينيه‪ .‬أجاب‪ " :‬إذا كان بإمكانك هبة رة خمسين ‪ ،‬فسيكون‬
‫ذلك رائًع ا أيًض ا" ‪ .‬هبة رت قمر عينيها ‪ ...‬مرة أخرى‪.‬‬

‫" ستحصل على ما ستحصل عليه‪".‬‬

‫" ثالثون ؟" ساخر حامد ‪.‬‬

‫عرضت " عشرة" على قمر ‪ ،‬وهي تقاتل ضد ابتسامة أخرى تهدد بالسقوط على شفتيها‪.‬‬

‫رد حامد بـ " عشرين" ‪.‬‬

‫هزت رأسها‪ " .‬عشرة‪".‬‬

‫" خمسة عشر" ‪ ،‬ساوم حامد وعيناه الزرقاوان تتوسل إليها‪.‬‬

‫ردت بصرامة " خمسة" ‪ .‬ال تتأثر بمظهره‪.‬‬

‫" ماذا حدث لعشرة ؟" احتج على حامد ‪ ،‬وابتسمت قمر في النهاية‪ " .‬عشرة تعمل بالنسبة لي أيًض ا‪".‬‬
‫كانت الشقراء تحدق بها مندهشة‪ " .‬لقد خدعتني!" اتهم حامد بعدم تمكنه من الحفاظ على ابتسامته أثناء محاولته‬
‫توبيخها‪ " .‬إنها ليلتي األخيرة في قريتنا وقد خدعتني‪ .‬يجب أن تخجل من نفسك‪".‬‬

‫صعدت قمر رأسها نحو حامد ‪ " .‬أنت لست ميتا‪ .‬أنت تغادر القرية‪ .‬لذا توقف عن التمثيل وكأنك ماتت للتو‪ .‬ما لم‬
‫تفعل ‪ ...‬هل أنت ميت ؟ "‬

‫" ال" ‪ ،‬أجاب حامد بعناية ‪ ،‬غير متأكد من سؤالها ؛ يتصرف وكأنه ينتظر خدعة أخرى‪ " .‬بقدر ما أعرف ‪ ،‬ما زلت‬
‫هنا‪".‬‬

‫قالت‪ " :‬إذن هذه ليست ليلتك األخيرة" ‪ .‬ثم ابتسم‪ " .‬وهذا ال يخدعك ‪ ،‬إنه ببساطة معرفة كيف يعمل عقلك وتطبيق هذا‬
‫المنطق‪ .‬إنه ألمر مرعب للغاية أن تكون أنت " ‪.‬‬

‫" ما زلت غير لطيف" ‪ ،‬تمتم حامد عابًس ا‪.‬‬

‫هزت كتفيها‪ " .‬لم ادعى خالف ذلك‪".‬‬

‫ضحك حامد ‪ " .‬سأفتقدكم جميًع ا أثناء غيابي‪".‬‬

‫ربت على ظهر حامد ‪ " .‬إنها لمرة واحدة فقط ‪ "،‬تعزية‪ " .‬ستعود‪ .‬أنت لست ميتا " ‪.‬‬

‫اعترض حامد قائًال‪ " :‬لم يكن ذلك مضحًك ا في المرة األولى" ‪ .‬أراينا همهمة في شكر وتقدير لتذمر حامد ‪ " .‬أعتقد أن‬
‫النمو جعلك حامد ممًال‪ .‬ماذا حدث لروح الدعابة الخاصة بك ؟ "‬

‫" لم يحدث شيء" ‪ ،‬تأوه حامد وهو واقف‪ .‬امتد‪ .‬ارتفعت ذراعيه عاليًا فوق رأسه ‪ ،‬وارتعدت قمر عندما انطلقت‬
‫أصوات الفرقعة أسفل ظهر حامد ‪ .‬اشتكت قمر ‪ " :‬بدا ذلك فظيًع ا" ‪ .‬أنزل حامد ذراعيه إلى جانبيه مع تأوه مرتاح‪.‬‬

‫وافق‪ " :‬أنا أعلم" ‪ ،‬ثم أضاف‪ " .‬لن يبدو األمر أفضل عندما أكون بعيًد ا‪".‬‬

‫" نعم نعم‪ .‬أعلم أنك ستغادر‪ " .‬لست بحاجة لتذكيرني" ‪ ،‬قالت قمر وهي تلوح بيدها بشكل كبير‪ .‬وقفت ومدت أيضا‪.‬‬
‫بدون التصدع الرهيب المتضمن‪ " .‬ربما يجب أن تنام وتتذوق المذاق األخير لملف سرير مناسب" ‪ ،‬أشارت تأوًها‪.‬‬

‫حامد ‪ " .‬هذه فكرة جيدة" ‪ ،‬غمغم‪ .‬هزت كتفيها‪ " .‬أنا أعرف‪ .‬يحدث ذلك " ‪.‬‬

‫ساد الصمت فوقهم بينما كان حامد يلقي نظرة عليها ‪ ،‬وهو يجر قدميه بتردد‪ .‬قابلت العيون الزرقاء الحزينة وجهها بينما‬
‫كان حامد يتحدث‪ " .‬وداعا األن ؟" تمتم بلطف‪.‬‬

‫ابتسمت بحزن ‪ ،‬مطابقة بال شك نفس تعبير وجه حامد ‪ .‬سحبت قمر حامد في عناق غير متوقع ‪ ،‬هذه المرة مع األخذ‬
‫في االعتبار قوتها‪ .‬تحطم وجهها على صدره بسبب اختالف الطول وضغطت ذراعيها حول شقيقها‪ .‬وعدت " في الوقت‬
‫الراهن" ‪ " .‬عد إلينا جميًع ا‪".‬‬

‫أجاب حامد ‪ " :‬سأبذل قصارى جهدي" ‪ ،‬وهو يربت على ظهرها بلطف قبل أن يبتعد‪ " .‬يعتني‪".‬‬

‫" و انت ايضا‪".‬‬

‫شاهدت قمر كيف اختفى حامد في خط األشجار‪ .‬من خالل األشجار المقمرة ‪ ،‬كان بإمكانها رؤية شعر أشقر يتألأل بينما‬
‫كانت تركز على الحصول على آخر مظهر ألخيها بعد مروره‪ .‬قبل أن يتركهم وراءهم‪.‬‬

‫في البداية ‪ ،‬غادرت قذائف الرعد من الرجال البنيون القرية‪ .‬شاهدت قمر ركاب الحدود وهم يغادرون ‪ ،‬متسائلة من هو‬
‫حامد ‪ .‬مر اليوم كله كما لو أن شيًئ ا ما كان مفقوًد ا‪ .‬كظالم دامس حل على القرية ‪ ،‬أو على األقل على مسكنها‪ .‬أمضت‬
‫قمر معظم النهار نائمة ‪ ،‬وفي وقت الحق من ذلك المساء ‪ ،‬أدركت ذلك وهي تحمل سيفها في يدها ونجوم فوق رأسها‪ .‬لن‬
‫يكون حامد هناك‪.‬‬
‫جلست قمر على جذع الشجرة الساقطة بحسرة‪ .‬والمثير للدهشة أنه في وقت الحق من تلك الليلة انضم إليها نصير وهبة‬
‫باكًيا‪ .‬فتحت قمر ذراعيها للفتاة الشقراء ‪ ،‬التي تعاملت معها بكل سرور في سخط من الدموع‪.‬‬

‫بينما كانت تواسي هبة ‪ ،‬انجرفت ذراع أخرى عبر كتفيها‪ .‬قابلت العيون األرجواني وجهها في وداع حزين‪ .‬أدركت قمر‬
‫فقط أن الوداع في القرية كان صعب التحمل‪ .‬بيدها الحرة ‪ ،‬شبكت قمر أصابعها بأصابع نصير أثناء تحركهما لعقد هبة ‪.‬‬
‫لساعات بقوا‪ .‬تحت الشفق ‪ ،‬تمسك بعضنا البعض ‪ ،‬وتنتظر بفارغ الصبر عودة حامد بأمان‪.‬‬

‫في ذلك المساء وضع حامد تحت النجوم نفسها‪ .‬كان برودة األرض شديدة االنحدار في ظهره وهو يحدق في القمر‬
‫األبيض فوق رأسه عبر البقع الكثيفة من األشجار‪ .‬منذ أن كان برعًما ‪ ،‬كان يحلم بهذه اللحظة‪ .‬يتنفس في الهواء الطلق‬
‫بعيدا عن والده والحدادة‪ .‬كرجل ‪ ،‬كان يتوق إلى المنزل‪.‬‬

‫المنزل ‪ ،‬ليس الحداد المليء بالدخان‪ .‬لكن المنزل من األصدقاء الذين عرفهم كانوا يحدقون في القمر في سماء الليل‪.‬‬

‫بعد فترة وجيزة ‪ ،‬اختفى ضباب القرويين وعاد كل شيء إلى ما كان عليه‪ .‬نوعا ما‪.‬‬

‫بدون حامد ‪ ،‬أمضت قمر وقًت ا أطول بمفردها مما اعتقدته في األصل‪ .‬ما كان يحدث ليلًيا ‪ ،‬سرعان ما أصبح االجتماع‬
‫على قمة التل زيارات نادرة‪ .‬مع مرور األشهر ‪ ،‬لم يكن هناك سوى بضع مرات رأت فيها و مًعا‪.‬‬

‫كان وقتها مع متكرًر ا‪ .‬كانت على األقل هي الفتاة الشقراء كل يوم‪ .‬بينما عملت قمر على إتقان أسلوب السيف الخاص‬
‫بها ‪ ،‬كانت تثرثر حول حامد ‪ .‬أو عن عقد اللؤلؤ الذي كان يخص أمه ذات يوم‪ .‬أو عن تفاصيل الترابط التي – حسب‬
‫رأي قمر – ال تهم حًق ا‪ .‬في كلتا الحالتين ‪ ،‬فإن وعدها لحامد أصبح عفا عليه الزمن ‪ ،‬معتبرا أن هبة كانت تعمل بشكل‬
‫جيد في حاجه تذكره‪.‬‬

‫لم يمض وقت قصير بعد أن بدأت هبة تتحدث عن الزهور ‪ ،‬هل بدأت قمر في القيام بدوريات على الحدود حول القرية‪.‬‬
‫كان قمة التل صورة مرسومة للهدوء‪ .‬ازدهر السالم بين كل قطرة من الرياح تقبيل على العشب األخضر‪ .‬رقصت كل‬
‫نباتات متعددة األلوان ‪ ،‬تنجرف في مهب الريح مع األشجار المتساقطة‪ .‬اإلشارة إلى الوصول الوشيك لركاب الحدود‪.‬‬

‫حفيف األوراق على األغصان في رقصة ال تنتهي‪ .‬حلقت الطيور في السماء الزرقاء الواضحة ‪ ،‬وهي منشغلة برعاية‬
‫فراخها‪ .‬سارعت مخلوقات صغيرة حولها ‪ ،‬مستمتعة بأشعة الشمس الوامضة بعد عدة أيام من المطر‪.‬‬

‫لم يقتصر األمر على طنين النحل أثناء التنقل من زهرة إلى زهرة ‪ ،‬بل قام أيًض ا بطنين القرية‪ .‬صرخات متحمسة‬
‫وهتاف يتردد صداها من امالور ‪ .‬جنبا إلى جنب مع الثرثرة المزدحمة الصاخبة‪ .‬انتظر الجميع بهدوء وصول ركاب‬
‫الحدود‪ .‬إنهم يمرون للعودة بعد أن طال انتظارهم‪.‬‬

‫كان هناك شخص واحد فقط عكس الهدوء‪ .‬انقلبت أمواج الماهوجني الطويلة بشراسة على كتفها وهي تقفز على قدميها ‪،‬‬
‫عندما سمعت صوت قريب من الرجل البني‪ .‬حدقت عيناها الخمريتان ‪ ،‬وهي تنظر إلى مدخل القرية في انتظار تسعة‬
‫رجال بني لالقتراب‪ .‬عندما توقف الرعد‪ .‬تنهدت قمر للمرة األلف‪.‬‬

‫" قمر ! اجلس!" التقطت هبة بانفعال ‪ ،‬ومن الواضح أن االنزعاج محفور على مالمحها‪ .‬لم تنظر من حجرها بينما‬
‫كانت تعمل على إكليل الزهور غير المكتمل‪ " .‬كنت يجري سخيفة‪".‬‬

‫" أنا لست" قاتلت قمر ‪ ،‬وقطعت هبة عينيها الزرقاوين من مشروعها‪ " .‬أنتم!" أعلنت الفتاة الشقراء وهي تلوح بزهرة‬
‫فنجان بيضاء في قمر ‪ " .‬وإذا واصلت القفز هكذا ‪ ،‬فسوف تكسر رقبتي‪ .‬اآلن ‪ ،‬اجعل نفسك مفيًد ا وسلمني هذا الخيط‬
‫األحمر " ‪.‬‬

‫نظرت قمر إلى نصير ‪ ،‬وهي تسلم الكومة الحمراء من الخيط إلى الشقراء المحبطة‪ .‬التقت عيون النيلي مع عينيها لمدة‬
‫دقيقة ‪ ،‬قبل أن تعود إلى التالعب بالجلد من أجل غمد آخر‪.‬‬

‫" أنا أتفق مع هبة " ‪ ،‬تمتم بتواضع حتى ال تسمعه سوى قمر ‪ .‬تالشى أي أمل في المساعدة مع خوف نصير المتزايد‬
‫من هبة منذ أن تحولت الشقراء إلى الجنون وهي تخطط لترابطها‪ .‬ثم تابع الرجل ذو الشعر الفضي‪ " .‬لن يؤدي أي قدر‬
‫من القفز إلى عودة حامد بشكل أسرع‪".‬‬
‫سقطت على جذع الشجرة الساقطة بتنهيدة منخفضة مهزومة‪ .‬ركبت قمر مرفقيها على ركبتيها ‪ ،‬ورفعت رأسها في يدها‬
‫بتكاسل‪ " .‬أنا ال أفهم كيف أن أيا منكم هو صورة الهدوء التام ‪ "،‬اشتكت ‪ ،‬ثم نظرت إلى هبة ‪ " .‬أنت مرتبط به‬
‫وتتصرف وكأنه ال شيء‪".‬‬

‫" هدوء ؟ ال شيئ ؟" ردد صدى هبة بصوت مروع‪ .‬قامت بفك تشابك الخيط األحمر من منتصف إكليل الترابط من‬
‫أصابعها‪ " .‬قد أبدو هادًئ ا ‪ ،‬لكني أتوق لرؤية حامد مثلك‪ .‬لقد قضيت وفاته‪ .‬تركت وحدها لتخطيط الترابط بيننا‪ .‬واآلن ‪،‬‬
‫ال يمكنني حتى صنع إكليل الترابط هذا بشكل صحيح‪ .‬أستمر في التشابك فيه! " أزمرت هبة وهي تحاول رميها‪ .‬انهار ‪،‬‬
‫وهبطت عند قدميها‪.‬‬

‫عرضت نصير ‪ " ،‬يمكنني المساعدة" ‪ ،‬الذي سكت سريًع ا عندما أعطته هبة وهًج ا هائًال من الجانب اآلخر من جذوع‬
‫األشجار الساقطة‪ " .‬ال ‪ ،‬شكًر ا لك نصير لين‪ .‬أنت تعلم أنني يجب أن أكون الشخص إلنهاء هذا " ‪.‬‬

‫وصلت نصير عبر قمر لالستمتاع بكومة من الزهور عند قدمي هبة ‪ .‬أمسك بتردد آخر زهرة ذهبية من الكومة وتفقدها‪.‬‬
‫" بارك الحكماء ترابطك بإعطائك هذه الزهور ‪ ،‬لتلتصق إلى األبد مثل الشمس والقمر‪ ".‬حمل الزهرة الشائكة في يده ‪" ،‬‬
‫زهرة الصرايا تمثل الشمس" ‪.‬‬

‫نظرت عيناه إلى أوراق السرخس الفضية على الكومة ‪ " ،‬سرخس نيما يمثل القمر‪ .‬متى أعطوك هذه ؟ "‬

‫ردت هبة " ‪ "-‬وهي تقطف زهرة الصيرا من قبضة نصير ‪ .‬نسجت هبة الزهرة الذهبية بحذر شديد حول شوك شوكي‬
‫أخضر شاحب وبرعم جيسيما األبيض ؛ تمثل كلتا الزهرتين بركات الخصوبة لكل من الموعودات‪ " .‬لذا إذا كنت ال تمانع‬
‫‪ ،‬توقف عن لمس إكليلي من الترابط‪ .‬أنا بحاجة إلنهائه قبل الغد " ‪.‬‬

‫" أين ريش الترابط الخاص بك ؟" سأل نصير وهو ينظر إلى الكومة عند قدمي هبة ‪ " .‬أال تحتاجهم ؟"‬

‫" الريش ؟" ردد قمر ‪ " .‬لماذا تحتاج الريش ؟ لماذا هم ؟ "‬

‫" لماذا الكثير من األسئلة حول الريش ؟" قطعت هبة بحرارة‪ .‬ألقت إكليل الزهور في اإلحباط‪ .‬دارت هبة على قمر‬
‫بغضب‪ " .‬أنت بعيد عن هذه القرية ‪ ،‬كيف ال تعرف شيًئ ا عن ربط الريش ؟"‬

‫هزت قمر كتفيها‪ .‬تجاهلت تموج بطنها‪ " .‬أنا وصمة عار‪ .‬أجابت محدقة في هبة بوضوح‪ .‬علقت الشقراء رأسها خجال‪.‬‬

‫اعتذرت هبة قائلة‪ " :‬أنا آسف ‪ ...‬أحياًن ا أنسى ما يسموكه الحكماء" ‪.‬‬

‫" حسًن ا ‪ ،‬هذا أفضل من ذي قبل" ‪ ،‬قالت قمر مازحة ‪ ،‬ابتسامتها لم تصل إلى عينيها تماًما‪ .‬كانت بطنها ال تزال ملتوية‬
‫من فكرة نبتتها الحقيقية‪ .‬قامت قمر بتطهير حلقها‪ " .‬إذن ما هو الريش ؟"‬

‫بدأ فيلم " الريش" هبة بهدوء‪ .‬ال يزال الخجل يمأل خديها‪ .‬نظرت إلى نصير ‪ .‬أمرت " أنت تشرح" ‪ .‬تنهدت زعنفة‪.‬‬

‫" يعطي أحد الوالدين أو كالهما األنثى المقصودة للربط ريشة تمثلها على إكليل الوالد‪ .‬تتمثل وظيفة في العثور على‬
‫ريش يطابقها لتمثيل عدد األطفال الذين ستنجبهم هي وحامد ‪ " ،‬أوضح نصير وعيناه تشرقان‪.‬‬

‫" وحتى اآلن ‪ ،‬ليس لدي أي شيء!" صرخت هبة ‪ " .‬أين من المفترض أن أجد ريًش ا مثل هذا ؟"‬

‫سحبت هبة ريشة من أعماق الكومة ورفعتها عاليًا‪ .‬توهج األبيض النقي من ضوء الشمس وهي تديره بأطراف أصابعها‪.‬‬
‫" إذا كان لدى أي شخص أي أفكار ‪ ،‬فأنا يائس في هذه المرحلة" ‪ ،‬اشتكى هبة ‪.‬‬

‫حدقت قمر في الريشة وهزت رأسها‪ .‬في حالة عدم تصديق ‪ ،‬كانت ال تزال منومة مغناطيسًيا بالريش المذهل الذي ينتمي‬
‫إلى طائر لم تره من قبل‪ " .‬أين‪"-‬‬

‫" انا ال اعرف!" توقف هبة ‪ .‬حررت أصابعها وألقت إكليل الترابط فوق الزهور ‪ ،‬وسحقتهما وهي واقفة‪ .‬دقت خطىها‬
‫على العشب األخضر وهي تطأ قدمها بخطى عدائية‪ " .‬لقد سألت والدتي ولم تقل شيًئ ا مفيًد ا‪ .‬من المفترض أنها وجدتها‬
‫تتساقط في مهب الريح‪ .‬لقد بحثت في كل مكان وال شيء‪ .‬حتى أنني سألت خبير الطعام عما إذا كان قد رأى شيًئ ا كهذا‬
‫وقال ال! "‬
‫" أنت تعلم أن إكليل الترابط هو للعرض فقط ‪ "...‬بدأ نصير ‪ ،‬وتم إسكاته عندما كانت كلتا األنثيين تحدقان به‪.‬‬

‫" ال تهتم" ‪ ،‬تمتم بسرعة ‪ ،‬وهو يخفض رأسه إلى أسفل‪.‬‬

‫احتجت هبة بشدة‪ " .‬هذا ليس للعرض‪".‬‬

‫" لقد ذهبت لتمرير وكل ما زلت هنا ؟ أنا ال أعرف عنك لكن األشهر الباردة كانت مروعة هذا الزمان " ‪.‬‬

‫قفز هبة ‪ ،‬قمر ‪ ،‬نصير على أقدامهم واستداروا في نفس الوقت للعثور على حامد ‪ .‬اتسعت العيون الزرقاء والبنية‬
‫واألرجوانية بشكل مفاجئ ‪ ،‬فقط لتجد حامد يبتسم لهم‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬هل لدى أي شخص أي شيء آخر ليقوله ؟ أشعر وكأنني‬
‫أتحدث مع نفسي هنا " ‪.‬‬

‫كان هناك ضبابية من شقراء حلقت عبر قمر بدفعة شريرة في كتفها‪ .‬تعثرت قمر بين ذراعي نصير المذهولين بينما‬
‫ركضت هبة إلى حامد في صيحة‪ .‬تردد صدى الضحك في الهواء بينما استقبل حامد بسعادة هبة بين ذراعيه ‪ ،‬وقام‬
‫بتدويرهما بفرح في دوائر‪.‬‬

‫قام كل من قمر ونصير بإبداء رأيهما بشكل محرج عندما قام الزوجان اللذان تم لم شملهما بإمساك بعضهما البعض‬
‫بشغف‪ .‬تتشابك األطراف حول بعضها البعض‪ .‬تذمرت قمر متواضعة في الشكوى‪ " .‬كنت تعتقد أنهم سيوفرون ذلك‬
‫للغد‪".‬‬

‫هزت نصير كتفيها ‪ ،‬ولفتت عينيها‪ .‬غمغم‪ " :‬كنت سأفعل الشيء نفسه إذا انفصلت عن وعدت بالمرور" ‪ " .‬ال يمكنك‬
‫إخباري أنك لن تفعل الشيء نفسه‪".‬‬

‫كان األلم الداكن الملتوي يلوح في األفق في قلبها كلما فكرت في المرأة الغامضة التي ستأسر قلب نصير ذات يوم‪.‬‬
‫صرخت‪ .‬يشق‪ .‬ودفنت مشاعرها غير المبررة بغيرة أن هذه المرأة سيكون لها نصير ‪ .‬اطلب منه طرًق ا لم يكن مسموًح ا‬
‫لها بها‪ .‬بطرق لم تسمح لنفسها أبًد ا‪.‬‬

‫قالت بصراحة‪ " :‬لن أفعل" ‪ .‬هز رأسها لنفسها تأكيًد ا أكثر من نصير ‪ " .‬لم أستطع ألن‪"-‬‬

‫" هل مخلوقي المبهج هو الوحيد الذي يسعدني برؤيتي ؟" استجوب حامد بسعادة ‪ ،‬صفق كلتا يديه على كتف قمر‬
‫ونصير ‪ .‬تحركت عيناه الزرقاوان بين االثنين ‪ ،‬ودرس على وجهيهما‪ .‬عبس‪ " .‬هل أقوم بمقاطعة شيء ما ؟"‬

‫" ال" ‪ ،‬أجابوا مًع ا ‪ ،‬مما جعل حامد يرفع حاجبيه‪.‬‬

‫سأل بريبة‪ " :‬هل أنت متأكد" ‪ " .‬يمكنني أن أختفي لتمرير آخر إذا أردت‪".‬‬

‫سحبت الزعنفة حامد للداخل لعناق قصير مع ضحكة مكتومة صغيرة‪ " .‬ال تفكر حتى في ذلك ‪ "،‬شدد نصير بينما‬
‫يبتعد األوالد عن بعضهم البعض‪ " .‬ال تتركني وحدي مع كليهما مرة أخرى‪".‬‬

‫ربت حامد نصير على كتفها والحظ‪ " .‬ال أستطيع أن أتخيل مخلوقي المبهج وأراينا يسببان لك الكثير من المتاعب منذ‬
‫أن غادرت‪".‬‬

‫" أراينا ال شيء ‪ ...‬لكن هبة ‪ "...‬تراجعت نصير ‪ ،‬وهي تشاهد بضجر بينما هبة تضع ذراعيها حول العضلة ذات‬
‫الرأسين لحامد ‪ " .‬ماذا عني نصير لين ؟"‬

‫" حسًن ا ‪ "...‬زعنفة تغرق بعصبية‪ .‬تمايلت حلقه وهو يبتلع‪ .‬أجاب وهو يفرك مؤخرة رقبته‪ " :‬كنت على وشك أن‬
‫أوضح لحامد عنك أثناء غيابه" ‪.‬‬

‫" و ؟" هممد هبة ‪ ،‬عقد ذراعيها عبر صدرها‪ .‬تمايلت جرعة مسموعة من نصير مرة أخرى قبل أن ينفجر‪" .‬‬
‫التخطيط الترابط! لقد جن جنونها مع كل شيء! حتى أنها حاولت استخدامي كقياسات لتوغا الخاصة بك " ‪.‬‬

‫عندما يتم إسكات الزعانف فقط سحب أنفاس ثقيلة ؛ اتسعت عيناه األرجوانية مع انتقام وشيك مع تحرك هبة ‪ .‬تّمت‬
‫متابعة قمر ‪ .‬حتى قبل أن تصل الفتاة الشقراء إلى نصير ‪ ،‬كانت يدها مشدودة حول معصم هبة ؛ منعها من ضرب‬
‫الزعنفة‪ .‬توقفت قمر في خطواتها‪ .‬حدقت في حامد ويده على هبة وجذب الفتاة الشقراء إليه مرة أخرى‪ .‬ضحكت هبة‬
‫فرحة‪ .‬ظلت أطراف األصابع على جانبي هبة ‪ ،‬لكن قمر تم إعادتها عندما التقت بالصالبة في عيون حامد الزرقاء‪.‬‬

‫تراجعت قمر وابتعدت بينما سحبت هبة حامد ألسفل لتقبيل آخر‪.‬‬

‫زقزق حامد " مخلوق مبهج" مبتعدا عن الفتاة الشقراء‪ " .‬يجب أن تخبرني كيف تمكنت من االختفاء من منزل المعالج‬
‫خالل النهار‪ .‬لم أَر أنت أو نصير في المنتدى عندما وصلت " ‪.‬‬

‫نمت قهقهة هبة بصوت أعلى‪ .‬شاركت قمر في لمحة غاضبة مع نصير ‪ .‬هز الصبي ذو الشعر الفضي كتفيه‪ .‬تطهير‬
‫حلقه‪ " .‬ربما ‪ ،‬يجب أن نعود إلى المنتدى قبل أن يالحظ الحكماء غيابنا‪".‬‬

‫على الفور ‪ ،‬تم إسكات الضحك البنت‪ .‬قامت هبة بضرب يدي حامد المتجولة بعيًد ا في حالة من الذعر المحموم‪" .‬‬
‫المظهر!" كانت تلهث ‪ ،‬اتسعت لونها األزرق إلى الزعانف‪ " .‬هل تعتقد أن الحكيم الحظ ؟"‬

‫فجأة ارتفعت قبضة في الهواء ‪ ،‬وغرقت في فك الزعنفة‪ .‬تصاعد الزعنفة على األرض مع تأوه‪ .‬حدقت قمر في حامد‬
‫بصدمة‪ .‬عكست هبة تعبيرها برعب ‪ ،‬فتح فمها بحركة صغيرة وهي تلهث‪ .‬اشتكى الزعانف من األرض ‪ ،‬وقام بتدليك‬
‫وجهه الرقيق بعناية‪ " .‬لما فعلت هذا ؟" بصق مشكوك فيه ‪ ،‬عيناه األرجوانية تلمعت حامد ‪.‬‬

‫ساعدت قمر نصير على الوقوف على قدميه بينما كان الرجل ذو الشعر الفضي يمسح الدم من ذقنه‪ .‬العيون الزرقاء‬
‫تقابل نصير ببرودة‪ .‬هز حامد كتفيه بال مباالة‪ " .‬عذر للحكماء إذا كنتم بحاجة إلى واحد" ‪ ،‬أوضح كما لو كان أبسط‬
‫شيء على قمة التل يمكن فهمه‪ .‬ثم أضاف حامد ‪ " .‬فقط قل أنك بحاجة إلى لتعتني به‪".‬‬

‫اختفت حرف " الصغير من وجه ألنها تساعد قمر مع ‪ .‬حدقت عيناها الزرقاوان ‪ ،‬واشتعلت النيران في أصغر جزء‬
‫من اللون األزرق في الصبي األشقر‪ " .‬متى حصلت على هذا الخداع ؟"‬

‫هز حامد كتفيه مرة أخرى‪ .‬ساعدت قمر نصير على الوقوف على قدميه عندما ذهبت هبة إلى حامد ‪ ،‬ولمس ذراعه‬
‫برفق‪ " .‬لن تضرب نصير لين أو أي شخص آخر من أجل الكذب‪".‬‬

‫تمتم حامد ‪ " :‬لن أفعل" ‪ .‬راقب قمر بينما كانت عينيه الصلبتين تتجنبان نظرة هبة ‪ .‬ثم تابع حامد ‪ " .‬لكن من األفضل أن‬
‫يكون لديك دليل على قصتك بدًال من مجرد كلمات‪ .‬الكلمات ال تعني اللعنة " ‪.‬‬

‫بقيت قمر صامتة عندما سحبت نصير مساعدتها ‪ ،‬ولكم حامد في ذراعها‪ .‬شارك األوالد ابتسامة‪ .‬شيء ما ‪ ،‬ربما‬
‫الغفران ‪ ،‬تجاوز خالل حديثهم الصامت ؛ كانت فقط في حيرة من أمرها‪ .‬سرعان ما انضمت هبة ‪ ،‬منتزعة الضفيرة‬
‫الطويلة من الشعر الذهبي على رأس حامد ‪ .‬تحدث الثالثة بسعادة ‪ ،‬كما لو أن الضربة لم تحدث أبًد ا‪ .‬ولكن بالنسبة لخطة‬
‫حامد ‪ ،‬يمكن أن ترى قمر بوضوح الكدمة تتفتح على خط الفك نصير ‪.‬‬

‫كان الغضب واالرتباك ال يزاالن عابرين‪ .‬لم تستطع قمر التخلص من البرودة غير العادية في عيني حامد ‪ .‬وضعت قمر‬
‫ابتسامة على وجهها ‪ ،‬ودعت هبة ونصير قبل مغادرتهما قمة التل تماًما‪ .‬تركها وحدها مع حامد ‪.‬‬

‫فقط عندما أحاط بهم حفيف أوراق الشجر واختفت أي أصوات أخرى في مهب الريح ؛ جلست قمر على جذع شجرة‬
‫الخريف‪.‬‬

‫قالت بهدوء‪ " :‬هبة على حق" ‪ " .‬ما كنت لتضرب الزعانف بهذا الشكل من قبل‪".‬‬

‫تنهدت حامد بشدة قبل أن تغرق بجانبها‪ .‬كانت أطرافه معلقة من جانبيه‪ .‬درس قمر حامد ‪ ،‬وهو يحدق في المسافة ‪،‬‬
‫ويراقب ضوء محالق الدخان يطفو في السماء الصافية‪ " .‬هل هذا واضح ؟ هل تغيرت ؟ " قصف بهدوء ‪ ،‬بال حول وال‬
‫قوة‪.‬‬

‫" نعم ‪ "،‬أجابت بشكل قاطع‪ .‬حدقت عيناها في الدخان المتأللئ في السحب‪ " .‬لقد أبليت بالًء حسًن ا حتى‪"-‬‬

‫قال حامد تأوًه ا‪ " :‬زعنفة مثقوبة" ‪ .‬وبذهول ‪ ،‬قام بتدليك مفاصل أصابعه المؤلمة وهو يتحدث‪ " .‬كان هناك شيء" ثم‬
‫أغلق فمه‪.‬‬
‫قالت بهدوء‪ " :‬لقد مت مرتين" ‪ .‬مع العلم أن حامد يحتاج إلى شيء‪ .‬أي شيء كان عليها أن تقدمه‪ .‬أي شيء يجعله‬
‫يشعر مرة أخرى‪ " .‬موتي األول ‪ ...‬شاهدت عوامة‪".‬‬

‫بدأت النحيب الخافت للشتلة في البكاء في عقلها‪ .‬تجاهلت الصراخ فزاد صوتها واستمرت‪ " .‬كان عمري اثني عشر عاًما‬
‫فقط ‪ ...‬كان عمري ثالثة عشر عاًما تقريًبا ‪ ،‬ولم يمر وقت طويل منذ أن علمت أنني مصاب بوصمة عار‪ .‬أتذكر أنني‬
‫سألت والدتي عن الشتالت غير المرغوب فيها‪ .‬رفضت اإلجابة‪ .‬في تلك الليلة ‪ ،‬ماتت في النهر ‪ ،‬غرًق ا إلنقاذ شتلة‪.‬‬
‫جذبني التيار لألسفل " ‪.‬‬

‫أتى َنَفٌس قاٍس من بجانبها‪ .‬دعها تعرف أن حامد كان ال يزال يستمع‪ .‬ال يزال هنا‪ " .‬قوتي التنوير أيقظني وأنقذني‪ .‬لم‬
‫أتمكن من إنقاذ الشتلة‪ .‬أنت تعلم أن لدي كوابيس ‪ ،‬كل ليلة تطاردني مجموعاتي من الظالم " ‪.‬‬

‫حامد يحدق بها‪ " .‬ما الذي يجعلك تعتقد أن لدي كوابيس ؟" زأر دفاعًيا‪.‬‬

‫سخرت قمر ‪ " .‬ألنني رأيت عينيك‪ .‬أجابت واستمرت قبل أن يتمكن حامد من الحصول على كلمة واحدة ‪ ،‬لدينا نفس‬
‫العيون‪ " .‬عيون تحمل كوابيس في رؤوسنا‪ .‬فقط في انتظار أن نغلق أعيننا ‪ ،‬لنبدأ التعذيب مرة أخرى " ‪.‬‬

‫" هل أي وقت مضى الذهاب بعيدا ؟" جاء صوت حامد بصوت خافت‪ .‬هزت قمر رأسها‪ " .‬هناك ليالي جيدة وسيئة ‪،‬‬
‫لكنك تسأل تماًما ‪ ،‬أليس كذلك ؟"‬

‫أومأ الصبي األشقر برأسه‪.‬‬

‫ردت بأسف " ال" ‪ ،‬وهي ترى حامد يتأرجح إلى جانبها‪ " .‬ملكي لم يختف تماًما‪ .‬اقترحت أن الحديث عنها مفيد " ‪.‬‬

‫ساخًر ا ‪ ،‬صدمها حامد ‪ " .‬لمن ؟ أنت ؟ زعنفة ؟ " الحظ باقتحام‪ .‬قبضت يداه بقوة في حجره ‪ ،‬ونزفت مفاصل أصابعه‬
‫إلى اللون األبيض‪ " .‬ال أريد إضافة المزيد إلى كومة مخزونك‪ .‬الزعانف أيًضا " ‪.‬‬

‫ضغطت قمر على شفتيها في خط رفيع‪ .‬ردت بحرارة " لقد تركت هبة عمدا" ‪ .‬نما غضبها ‪ ،‬إلى جانب االنزعاج‬
‫ليطابق غضب حامد ‪ .‬تجاهلت الوهج الصلب وهي تنظر‪ " .‬هي موعودتك‪ .‬سوف تكون مرهونة بك غدا‪ .‬إذا كان لديك‬
‫أي حب لها‪" -‬‬

‫" بالطبع أنا أحبها!" زمجر حامد ‪.‬‬

‫" إذن قل لها!" صرخت قمر ‪.‬‬

‫عندما اختفت كلماتهم الغاضبة في الليل‪ .‬قمر الزفير‪ .‬تمتمت بلطف‪ " :‬إنها تستحق أن تعرف شيًئ ا" ‪ .‬الترافع نيابة عن‬
‫هبة ‪.‬‬

‫غطى وجهه بيديه مرتعشتين ‪ ،‬وارتعش صوت حامد وهو يتكلم‪ " .‬كنت ساذًج ا ‪ ...‬قبل أن أغادر‪ .‬اعتقدت أن ركاب‬
‫الحدود كانوا شجعاًن ا من إنقاذنا من المغيرين و الوحش ‪ .‬لقد عبدتهم‪ .‬كبرعم كنت أتوق ليوم الركوب معهم‪ .‬لكن في‬
‫اللحظة التي ذهبت فيها حول المنعطف ‪ ،‬أدركت أنني كنت مخطئا " ‪.‬‬

‫استنشق حامد قبل أن يواصل‪ " .‬التواجد هناك ‪ ،‬واألشياء التي رأيتها ‪ ،‬واألشياء التي ‪ ...‬ال أعرف من هم الوحوش بعد‬
‫اآلن‪ .‬المغيرين ‪ ...‬الوحش أو نحن " ‪.‬‬

‫قالت باقتناع‪ " :‬نحن لسنا وحوش" ‪ .‬رفعت يدي حامد بعيًد ا عن وجهه‪ .‬عندما رفضت عيناه مقابلة وجهها ‪ ،‬قامت بفك‬
‫فكه ورفعت ذقنه‪ .‬يجبر عينيه على مقابلة عينيها‪ " .‬هناك العديد من الوحوش في هذا العالم‪ .‬لكن أنا وأنت لسنا هم " ‪.‬‬

‫" ال يمكنك معرفة ذلك‪".‬‬

‫ردت قمر بصرامة‪ " :‬أنا أعرف ذلك" ‪ " .‬أعرف ما يكفي لرؤية الوحوش في هذه القرية ‪ ،‬ألرى الوحوش التي تخرج‬
‫من األشجار‪ ".‬عندما هز حامد رأسه ‪ ،‬كررت قمر ‪ " .‬أنت لست وحشا‪".‬‬

‫" كيف يمكنك أن تكون متأكدا لهذه الدرجة ؟" همس حامد ‪ ،‬وسحب عينيه عنها في الخجل‪ " .‬لقد فعلت األشياء‪".‬‬
‫ربت قمر على خده ؛ نزعت أطراف أصابعها الدموع التي ظهرت من عينيه‪ .‬تمتمت بتعاطف‪ " :‬كلنا نفعل األشياء" ‪.‬‬

‫" األشياء التي تجعلنا فخورين‪ .‬األشياء التي تمألنا بالندم والعار‪ .‬لكننا موجودون هناك لمواجهة عواقب أفعالنا وللقيام‬
‫بعمل أفضل‪ .‬لتصبح أفضل‪ .‬ونحاول أال نفشل مرة أخرى ونحن نمضي قدًما " ‪.‬‬

‫كرر حامد مندهشا‪ " .‬تقدم إلى األمام‪".‬‬

‫أومأت قمر " المضي قدما" ‪.‬‬

‫" يبدو وكأن شيًئ ا ما سيقوله نصير " ‪ ،‬تمتم حامد ‪ ،‬وتجاهلت قمر ‪ " .‬الحديث يصنع العجائب‪".‬‬

‫أومأ حامد ‪ " .‬أريد أن أجد ‪ .‬أحتاج إلى التوضيح " ‪.‬‬

‫" أخيًر ا" ‪ ،‬تنفست قمر وهي تسحب حامد دون عناء‪ " .‬دعونا نتحرك إذن‪".‬‬

‫عبر ذراعه ‪ ،‬هز حامد رأسه‪ .‬احتج قائًال‪ " :‬لن تذهب معي ‪ "،‬قبل أن يضيف ‪ " ،‬سوف تغضب نصير " ‪.‬‬

‫أمسكت بذراع حامد وشرعت في جره‪ .‬غرس حامد كعبيه في األرض ‪ ،‬لينتقل للحركة‪ .‬شم قمر ‪ " .‬أوال ‪ ،‬أنت لست‬
‫في وضع يسمح لك بالبقاء بمفردك‪ .‬ثانًيا ‪ ،‬لن يعرف نصير ‪ .‬وثالًث ا ‪ ،‬أود أن تحاول إيقافي " ‪ .‬ابتسمت عندما تمتم حامد‬
‫بشكل غير مترابط ‪ ،‬وبدأ يمشي بمفرده‪.‬‬

‫" عالوة على ذلك ‪ ،‬إذا اكتشف نصير على اإلطالق ‪ ،‬أخبره فقط أنها كانت فكرتي‪".‬‬

‫قاومت قمر الضحك عندما زاد صوت الغمغمة‪ .‬وسمعت كل كلمة سباب كانت موجودة‪ .‬أغلقتهم الشمس الذهبية بالدفء‬
‫وضربت ظهورهم بأشعة صفراء‪ .‬عندما عبروا في النهاية إلى أطراف القرية األولى ؛ توقف حامد عن الشتم‪.‬‬

‫اختفت لحظة السالم القليلة عندما غامروا بالتعمق في القرية ‪ ،‬حتى عثروا على القرويين‪ .‬وفجأة سقط صمت مخيف‬
‫فوقهم‪ .‬معلقة في القرية بينما كانت قمر وحامد تتزاحم‪ .‬عندما أديرت ظهرها ‪ ،‬بدأت همساتها‪.‬‬

‫كانت األصوات المنخفضة التي تحملها الريح تحمل اإلهانة التي كانت غريبة عنها‪ .‬سالت كلمة صبغة في جميع أنحاء‬
‫القرية ‪ ،‬مثل تيار األنهار‪ .‬رفعت قمر رأسها عاليًا ‪ ،‬محدقة في السماء الزرقاء بينما شتمها القرويون‪ .‬بقيت رزينة بينما‬
‫كان الدفء يعبر صندلها‪ .‬تكتل جلدها برائحة البول الحامضة‪.‬‬

‫همس حامد بين أسنانه المطوية‪ " .‬قمر ‪ ...‬يجب أن تخرج من هنا‪ .‬اترك القرية‪ .‬أحد هؤالء القرويين سوف يستدعي‬
‫الحكماء " ‪.‬‬

‫واحتجت على ذلك بينما ارتفعت صخرة صغيرة فوق رأسها‪ " :‬لن أغادر" ‪ .‬لقد أخطأها بصعوبة ‪ ،‬وضرب قروًيا آخر‬
‫بدًال من ذلك‪ " .‬إلى جانب تصرفاتهم الغريبة يمكن أن تكون أسوأ‪ .‬الشهر الماضي على سبيل المثال‪" -‬‬

‫ولكن قبل أن تنتهي ‪ ،‬انتزع حامد يدها وسحبها بعيًد ا‪ .‬جذبها وسط الحشد المنفصل حتى أحاطهم السالم مرة أخرى‪.‬‬
‫حشرها حامد في منزل قريب هرًبا من األصوات التي تبعتهم بسرعة‪ .‬كان من حسن الحظ أن المنزل الذي حشوهم فيه‬
‫شقيقها كان فارًغ ا‪.‬‬

‫فتحت قمر فمها ‪ ،‬على وشك استجواب حامد عندما كان حجمه الكبير مثبًت ا على كتفيها‪ .‬قابلت وهج أزرق فوالذي بينما‬
‫كان حامد يحدق بها‪ " .‬ماذا حدث الشهر الماضي ؟" هو يهمس‪.‬‬

‫هزت كتفيها ‪ ،‬وأجبرت يد حامد من فوق كتفيها‪ " .‬ال شىء اكثر‪ .‬فقط أن الحكماء كانوا… " تراجعت قمر ‪ ،‬وهي تفكر‬
‫في كيفية الشرح‪.‬‬

‫" لقد كانوا مستائين مني منذ شهور‪ .‬يبدو أن إنقاذ صبيان من الذبح على يد السالجمور ‪ ...‬مرة أخرى ‪ ...‬هو أمر سيء‪.‬‬
‫ال يعني ذلك أنهم سينتهي بهم األمر كوجبة سلوجمور أمًر ا سيًئ ا أيًض ا‪ .‬كنت تعتقد أنني تعلمت في المرة األولى‪ .‬إذا قام‬
‫راكبو الحدود بإنقاذ شخص ما ‪ ،‬فهذا رائع‪ .‬ولكن عندما أفعل ‪ ...‬يتحول اسمي إلى بقعة وألقي في السالسل مرة أخرى‪.‬‬
‫بشرى سارة ‪ ،‬على األقل لم يتم تسخينهم " ‪.‬‬

‫" ماذا تقصد ؟"‬

‫رفعت كم واحد فضفاض من سترتها ‪ ،‬وقدمت الندوب على معصمها‪ .‬أوضح الحكيم أن عدم تسخين الحديد هو رحمتهم‪.‬‬
‫فقط ألن أيا من الصبية لم يصاب‪ .‬استغرق األمر حتى بلغت العشرين من العمر لحل لغز هذه العالمات " ‪.‬‬

‫واصلت أصابعها على الجلد المصاب بالندوب وهي تتابع‪ " .‬إلى جانب األبقار كانت تحاول استدعائي منذ يومين‪".‬‬

‫حامد رمش في وجهها‪ .‬حيرة مكتوبة على وجهه‪ " .‬أبقار ؟"‬

‫أجابت قمر بسرعة " وايزمان" ‪ " .‬انها قصة طويلة‪".‬‬

‫بدا أن حامد وافق على اإلجابة وأومأ برأسه‪ " .‬لماذا كانوا يحاولون استدعائك لهذا الوقت ؟"‬

‫أوضح قمر بشكل قاطع‪ " :‬رآني مرشد أقوم بدوريات في الغابة بينما كان برفقة امرأة" ‪ " .‬من المحتمل أن يكون شخص‬
‫ما مرتبًط ا بواحد أو شيء من هذا القبيل‪".‬‬

‫سعل حامد ويده تخفي ابتسامته‪ " .‬هل شاهدتهم ؟"‬

‫" بالطبع ال!" صرخت ولكمت حامد بقوة كافية على ذراعه إلحداث كدمة‪ " .‬أنت مقرف! لقد صادفتهم بالصدفة ‪...‬‬
‫اعتقدت أن شخًص ا ما أصيب ‪" ...‬‬

‫قهقه الولد األشقر وهو يقذف رأسه للخلف‪ " .‬أنا مقرف ؟ كنت الشخص الذي كان هناك! " رد بابتسامة‪ .‬فرك ذراعه‬
‫المعتدى عليها حتى استقر‪ .‬تبنى تعبيره نظرة حزينة قبل أن يتكلم‪ " .‬ال ينبغي أن نذهب إلى أبعد من ذلك‪ .‬إذا علم الحكماء‬
‫أنني معكم ‪ ،‬فسأضطر الستدعائك " ‪.‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬لن تفعل‪ .‬أود أن أجعلك تأكل التراب قبل أن يأمرك الحكيم‪ .‬أنت وأنا على حد سواء نعرف ذلك‪ .‬سأعود إلى‬
‫القرية غًد ا من أجل وعد‪ .‬اآلن ‪ ،‬ال يمكننا قضاء بقية اليوم في هذا المنزل ‪ ،‬سواء سيعود المالك أو سيجدنا القرويون‬
‫اآلخرون‪ .‬هل لديك أي فكرة عن مكان هبة ؟ "‬

‫تنهد حامد وهو يهزم ‪ ،‬وقرص جسر أنفه‪ " .‬إما منتدى الظهور إذا لم يكن منتهًيا ‪ ،‬أو خادم المعالج أو الحداد‪".‬‬

‫قالت بسرعة " لن أذهب إلى المنتدى" ‪ .‬ثم أضاف ‪ " ،‬على الرغم من أنني أشعر بالفضول كيف تمكنت من الهروب من‬
‫حفل الظهور‪".‬‬

‫وافق حامد بحدة‪ " :‬تبًا ‪ ،‬أنت لن تذهب" ‪ " .‬نصير سوف تقتلني‪ .‬لإلجابة على سؤالك بسؤال ‪ ،‬هل أنت متأكد أنك تريد‬
‫أن تعرف ؟ "‬

‫درست قمر العيون الزرقاء ‪ ،‬التي بدت أنها أصبحت أكثر دفًئ ا أثناء حديثهما‪ .‬لم يعد يظهر األلم الواضح في أعماقهم‪ .‬لقد‬
‫تنهدت‪ " .‬أسوأ من لكم الزعنفة ؟"‬

‫ابتسم حامد ‪ " :‬ال على اإلطالق" ‪ " .‬لكنني لن أفشي كل أسراري‪".‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬بخير‪ .‬على الرغم من أنني أعتقد أن هذا الشيء من قتل نصير هو أمر متطرف‪ .‬أال تعتقد ذلك ؟ "‬

‫اختفى حامد من المنزل ‪ ،‬ونظر برأسه من خالل رفرف الفراء وهي تجيب بهدوء‪ " .‬ال ليس كذلك‪ ".‬ثم سحب قمر إلى‬
‫الخارج‪.‬‬

‫حَّلق القرويون فوق بيت المنزل واختفت كل األحاديث المحيطة مرة أخرى بينما كان حامد يقودهم عبر األقدار‬
‫الشريرة ‪ ،‬جنًبا إلى جنب مع الشتائم الموجهة‪ .‬اختنقت الحرارة على جسدها قبل أن يتم دفعها من خالل رفرف فرو آخر‪.‬‬
‫بسبب الدخان الكثيف واللهب الهائج والسيف المعدني في الكتل ‪ ،‬عرفت أنها تقف عند الحداد‪ .‬وأكدت الحرارة الحارقة‬
‫الفورية ذلك أكثر‪.‬‬

‫تجمعت الدموع في زاوية عينيها‪ .‬سعلت من الضباب األسود الذي حمل في الهواء‪ " .‬أنا ال ‪ ...‬أذكر ‪ – "...‬سعلت مرة‬
‫أخرى ‪ " - ،‬دخان مثل هذا ‪ ...‬منذ فترة‪".‬‬

‫" أنا أيًض ا" ‪ ،‬صفير حامد وهو يسعل بجانبها‪ .‬غطى فمه من الهواء األسود الذي يدخل رئتيه‪ " .‬السكير وظله كانا‬
‫يتسببان في فوضى األشياء ‪ ،‬ألنني أعلم أن نصير لن يترك األمر على هذا النحو‪".‬‬

‫دق دق إيقاعي للمعادن في الهواء‪ .‬إغراق بقية كلمات حامد ‪ .‬حولت قمر انتباهها إلى شخصية بال قميص عند اللهب‪.‬‬
‫وجدت شعًر ا فضًيا ينعكس على النار ‪ ،‬قبل أن تلتقي بعينين غائشتين تتنافسان مع الحرارة‪.‬‬

‫مزقت قمر عينيها بعيًد ا عن جذع نصير ‪ .‬كانت جهودها بال جدوى حيث اقتحمها الرجل المعني‪ .‬ألقى الزعنفة المطرقة‬
‫جانًبا ‪ ،‬مما أدى إلى ارتفاعها في السيوف األخرى مع قعقعة صاخبة‪ .‬مزق قطعة القماش الداكنة من فمه وتوجه إلى حامد‬
‫‪ " .‬ماذا تفعل هنا بحق الجحيم ؟!" لقد انفجر قبل أن يدير عينيه إليها‪.‬‬

‫" ماذا بحق الجحيم تفعلون هنا ؟!"‬

‫تحركت عينا نصير المعادية لها وبين حامد بينما كان ينطق بكلمات معادية عليهما‪ " .‬هل أنت سخيف ؟ هل تعرف ما‬
‫يمكن أن يحدث ؟ "‬

‫بينما كانت نصير تصرخ بصوت عاٍل ‪ ،‬شعرت قمر بدفعة في ذراعها‪ .‬نظرت إلى حامد وهو يهمس‪ " .‬أخبرك أنه‬
‫سيكون مجنوًن ا‪".‬‬

‫تمتمت‪ " :‬اخرس" ‪ .‬ثم أمسكت بذراع نصير لوقف حركته البرية‪ " .‬هل هبة هنا ؟"‬

‫" ال!" قطعت نصير ‪ ،‬انتزعت ذراعه من قبضتها‪ " .‬إنها في منزل المعالج‪ .‬وأنت – " زأر وهو يمسك ساعدها بقبضة‬
‫من حديد‪- " .‬أنت بحاجة إلى الخروج من هنا!"‬

‫قبل أن تتمكن قمر من االحتجاج ‪ ،‬كانت بالفعل خارج الحداد‪ .‬يتم جره بواسطة نصير عبر القرية‪ " .‬هل تعتقد أنني لم‬
‫أسمع عن الحكماء الذين يريدون منك أن تستدعي ؟ ومع ذلك ‪ ،‬ها أنت تسلم نفسك لتلك الوحوش ‪ " ،‬هدير نصير ‪.‬‬

‫شق طريقه بغضب عبر بحر الناس الصامت بينما كان يواصل‪ " .‬ليس لديك فكرة عما قرروا فعله معك إذا عصيت مرة‬
‫أخرى‪ .‬سيكون أسوأ من أن تكون مقيًد ا بالسالسل ليوم واحد " ‪.‬‬

‫" نصير ‪ "...‬احتجت بضعف‪ .‬على الرغم من أنها كانت تتمتع بقوة التنوير ‪ ،‬إال أن ذراعها بدأت في االحتجاج تحت‬
‫قبضته‪ .‬خفقان األلم من نصف أقماره التي حفرت في جلدها‪.‬‬

‫استنشق قمر بحدة عندما استدار نصير ‪ .‬عبرت أنفاسها الدافئة على وجهها بينما كانت نصير تتدلى عن كثب بالقرب من‬
‫وجهها‪.‬‬

‫" هل نسيت أنني سأكون واحًد ا منهم ؟" بصق في اشمئزاز‪ " .‬في يوم من األيام سأكون الشخص الذي ينفذ االستدعاء‬
‫الخاص بك ؟"‬

‫كررت قمر بهدوء " زعنفة ‪ . "...‬درست عيناها مالمحه القلق‪ .‬لقد منعت نظرتها من التراجع‪ .‬تتطلع إلى الجسد الذي‬
‫رأته من قبل‪ .‬قفز نصير بعيًد ا عنها كما لو كان محترًق ا‪.‬‬

‫" ال ‪ "...‬احتج بشدة ‪ ،‬وما زال الغضب ينبعث من نبرة صوته‪.‬‬

‫أغلقت عينها على درب التراب ‪ ،‬وشتمت هرموناتها‪ .‬توقفت قمر عن التركيز على االنجرافات الصغيرة من الغبار ‪،‬‬
‫وأبعدت عينيها عن جلد نصير في ضوء الشمس‪ .‬لم تتفوه بكلمة أخرى حيث سحبتها من يدها إلى داخل منزلها‪.‬‬

‫اندفعت والدتها إلى قدميها عند دخولها ‪ ،‬تاركة عمود النسيج خلفها في حالة من الذعر‪ .‬شعرت قمر بعيون فضية تتجول‬
‫فوقها بحًث ا عن أي إصابات واضحة‪ .‬هزت رأسها‪.‬‬
‫نظرت المرأة األكبر سنًا بينها وبين نصير قبل أن تسأل ‪ " ،‬ماذا‪"-‬‬

‫زعنفة انقطع‪ " .‬بقيت هنا حتى أقول غير ذلك!" طلب ومزق يده عن يدها‪ .‬حدق في والدتها للحظة ‪ ،‬قبل أن يغادر‬
‫المنزل بالكامل‪ .‬انسحبت قمر من بعده‪.‬‬

‫كانت والدتها تحدق في المدخل في حيرة‪ .‬انجرف الفراء بغضب إلى مكانه‪ " .‬ماذا حدث للتو ؟" لم تطلب أي شخص‬
‫على وجه الخصوص ‪ ،‬وعادت إلى مركز النسيج الخاص بها ‪ ،‬وهي تعلم أن اإلجابة لن تأتي أبًد ا‪.‬‬
‫أمسكت يدها نصير بعد إغالق المسافة‪ .‬التفت الزعنفة عليها‪ .‬اجعل وجهه قريًبا من وجهها مرة أخرى بشكل مستحيل‪ .‬ثم‬
‫زمجر‪ " .‬اعتقدت أنني أخبرتك بالبقاء هناك!"‬

‫" أخبرت أمي! ليس انا!" عاودت زمجرة‪.‬‬

‫" قمر !"‬

‫اختفت آخر أوقية من صبرها‪ .‬لقد صفعت يدها بشراسة على فم نصير ‪ ،‬محولة حديثه الصاخب إلى كلمات مكتومة‪.‬‬
‫حدقت في وجهها عيون أرجوانية غاضبة‪ .‬هزت قمر كتفيها‪ " .‬اسمحوا لي أن أشرح لدقيقة ثم يمكنك االستمرار في‬
‫الهذيان في وجهي مثل مجنون‪".‬‬

‫احتج نصير ‪ " .‬أنا لست مجنوًن ا" ‪ ،‬صمت من خلف يدها‪ .‬شم قمر ‪.‬‬

‫تمتمت مرة أخرى‪ " :‬نعم ‪ ،‬أنت كذلك" ‪ .‬تتبعت بضعف الكدمة على فكه بأطراف أصابعها‪ .‬اتسعت عيون النيلي‬
‫واستنشق الزعانف بشكل حاد‪ .‬واصلت قمر ‪ " .‬حامد ‪ ...‬ليس على حق‪ .‬أنت وأنا وهبة نعرف ذلك ‪ ...‬فقط من هذا ‪" ،‬‬
‫‪ -‬كانت ترعى الكدمة مرة أخرى‪ " – .‬بعد مغادرتك مع هبة ‪ ،‬تحدثت أنا وحامد ‪ .‬لقد تحدثت إليه كي يتكئ على هبة ‪،‬‬
‫وأخبرها ‪ ...‬بمشاكله‪ .‬أردت أن أتأكد من أنه تحدث معها قبل أن يغير رأيه وترابطهما غًد ا " ‪.‬‬

‫" لكن ال يجب عليك" ‪ ،‬قال نصير مكتوًما‪.‬‬

‫هزت قمر رأسها‪ " .‬ال اعذار‪ .‬ال منطق‪ .‬ال مخاوف‪ .‬نصير ‪ ،‬سيكون الوضع أسوأ غدا‪ .‬سيراني كل قروي والحكماء في‬
‫حفل الترابط‪ .‬لن توقفني أنت وأمي والقرويون أو حتى التهديدات من األبقار‪ .‬لقد وعدت‪".‬‬

‫تراجعت للوراء عندما ضربت نصير يدها بلسعة حادة‪ " .‬انسى وعدك قمر !" جادل ‪ ،‬كانت كلماته مؤلمة بقدر إصابته‪.‬‬
‫" الحكماء لن يأبهوا ألنك تفي بوعدك‪".‬‬

‫ضاقت عيناها ‪ ،‬واصلت صوتها‪ " .‬ال‪ .‬لن أدع كالمي يكون شيًئ ا عندما ال أكون شيًئ ا في القرية‪ .‬كل ما لدي هو كل ما‬
‫لدي‪" .‬‬

‫" أنت لست ال شيء!" خوار زعنفة‪.‬‬

‫سخرت قمر ‪ .‬احتدم الغضب في عينيها‪ " .‬هل حقا ؟ ما هي البقع يا زعانف ؟ أنا والبقع األخرى ال شيء‪ .‬وال شيء‬
‫يطفو في النهر‪ .‬يعتقد وايزمان ذلك ‪ ،‬ألم تقل أنك واحد منهم اآلن ؟ "‬

‫" ال تدير كالمي ضدي! أنت تعلم أنني لم أقصد األمر على هذا النحو! أنت ال تعرف ما تفعله! "‬

‫صاحت قمر ‪ " :‬أعرف بالضبط ما أفعله" ‪ .‬ضربت موجات الماهوجني على كتفها بغضب‪ " .‬انا ذاهب! سأفي بكلمتي ‪،‬‬
‫الشيء الوحيد اللعين الذي أملكه في هذه القرية‪ .‬وهذا هو الذي!"‬

‫انكسر اتصالهم بالعين المستعر عندما رمش نصير ‪ ،‬ثم اندفع بعيًد ا‪ .‬تردد أصداء خطواته المعادية حولها‪ .‬قمر شاهدته‬
‫فقط وهو يذهب‪ .‬كان هناك جزء منها لديه الرغبة في مطاردته‪ .‬أن يعتذر ويوعد بأي شيء يريده‪ .‬جزء آخر منها يعرف‬
‫أنه ال يستطيع أن يفهم‪ .‬ال ‪ ،‬حتى كان مثلها وصمة عار‪ .‬تألق شعره الفضي بعيًد ا عندما نمت نصير أصغر في المسافة‪.‬‬

‫استنشقت بحدة‪ .‬ثم عادت إلى منزلها‪.‬‬


‫قالت والدتها من على عمود النسيج‪ " :‬إنه قلق عليك" ‪ " .‬هو ليس منزعًج ا منك ‪ ،‬ليس حًقا‪.‬‬

‫تنهدت قمر ‪ " .‬أنا أعرف!" قطعت ‪ ،‬وندمت على الفور‪ .‬دفعت موجاتها الطويلة عن وجهها‪ " .‬لكنه ال يحتاج لمحاولة‬
‫حمايتي! ال يستطيع إجباري على البقاء هنا! "‬

‫" ال ‪ ،‬نصير لين ال تستطيع‪ .‬ولكن كما قلت ‪ ،‬فهو قلق ويسير في االتجاه الخاطئ حيال ذلك " ‪.‬‬

‫" ماذا تقصد ؟"‬

‫" تعلمت منذ فترة طويلة أنني ال أستطيع االحتفاظ باألسرة في أي مكان‪ .‬أوضحت أمها بلطف‪ " .‬بغض النظر ‪ ،‬ما زلت‬
‫أشعر بالقلق بالنسبة لك كما يفعل نصير لين‪ .‬على الرغم من أنني ال يسعني إال أن أتساءل لماذا تصر على التباطؤ المتعمد‬
‫في القرية غًد ا‪ .‬خاصة عندما تعلم أنني من أتلقى االستدعاء الخاص بك " ‪.‬‬

‫" هكذا…" ابتلعت قمر ‪ " .‬أنت تقف مع نصير أيًض ا ؟ أنني يجب أن أبقى هنا وأن أتخلى عن وعدي بأن أكون في‬
‫ترابطهم " ‪.‬‬

‫" من هو الترابط ؟"‬

‫أعطت قمر والدتها نظرة مدببة‪ " .‬هبة وحامد ‪ .‬يجب أن تعرف أنه يتعين على جميع المتنورين الحضور " ‪.‬‬

‫أومأت أمها برأسها " بالطبع" ‪ " ،‬ما ال أفهمه هو سبب وعدكما بأن تكوني عندما يعرف كالهما نوع العقوبة التي نحكم‬
‫عليها من قبل الحكماء‪ .‬في نهاية المطاف سوف يفكر الحكماء في عقوبة أخرى إلى جانب السالسل في المنتدى " ‪.‬‬

‫صححت قائلة " لقد وعدت حامد " مؤكدة على كلماتها‪ " .‬لم يكن بإمكان أحد توقع الهجوم على أوالد القرية‪ .‬لم يظن أي‬
‫منا أن الحكماء سيشنقونني في قيود مرة أخرى‪ .‬تصورت فقط صفعة صغيرة على معصمي‪ .‬لكنني كنت مقيًد ا بالسالسل‬
‫الشهر الماضي ؛ يتم استدعائي حالًيا‪ .‬لذلك قد أفعل أي شيء أريده‪ .‬في كلتا الحالتين يريدني الحكماء ‪ ،‬لذلك سأحضر " ‪.‬‬

‫قالت والدتها‪ " :‬وعنادك هو بالضبط سبب عدم محاولة احتوائك" ‪ " .‬لقد صنعت لك شيًئ ا منذ أن سمعت عن ارتباط هبة‬
‫وحامد ‪ .‬إنه في غرفتي " ‪.‬‬

‫أشارت إلى السديلة المصنوعة من الفرو المؤدية إلى غرف والدتها‪ " .‬ربما أنا ؟" سألت قمر بأدب‪ .‬أومأت والدتها‬
‫برأسها‪.‬‬

‫عبرت قمر بسرعة الغرفة الرئيسية ودخلت من المدخل‪ .‬كانت رائحة زنابق النهر تقصف حواسها وتدغدغ في أنفها‪.‬‬
‫استنشقت وهي واقفة في منتصف غرفة صغيرة تبحث عن شيء مختلف‪ .‬أو في غير محله‪.‬‬

‫" أين ؟" تفكرت بصوت عال‪.‬‬

‫تزود والدتها من الغرفة الرئيسية‪ " .‬أرجواني في الزاوية‪".‬‬

‫وجدت قطعة مالبس مألوفة في الزاوية‪ .‬انهار عندما التقطت من األرض‪ " .‬هذا الفستان ‪ ،‬أليس كذلك ؟" ابتسمت قمر‬
‫عندما عادت إلى الغرفة الرئيسية‪ " .‬ما هي المناسبة مرة أخرى ؟"‬

‫أجابت المرأة األكبر سًن ا‪ " :‬مع العلم أن ابنتي العنيدة سترغب في مشاهدة ارتباط صديقتها تماًما كما تشهد قدوم سن‬
‫الرشد ومراسم الطريق" ‪ " .‬لقد عّد لت التصميم إلى المالبس التقليدية‪ .‬فستان قصير مكشوف الكتنصير " ‪.‬‬

‫تضاعف حجم العيون البنية تقريًبا‪ .‬كادت قمر تسقط الفستان في يديها‪ " .‬علمت ؟" شهقت بشكل مذهل‪.‬‬

‫" ال يرتدي الكثير من القرويين اللون األرجواني بدون الشعر الفضي‪ .‬علقت والدتها بابتسامة على وجه الخصوص‪ " .‬لم‬
‫يالحظك أي شخص آخر أو كنا قد سمعنا عنها اآلن‪".‬‬

‫" رأتني الزعنفة" ‪ ،‬زودت قمر بابتسامة‪.‬‬


‫" بالطبع فعل‪".‬‬

‫متجاهلة النغمة الضمنية في صوت والدتها ‪ ،‬رفعت قمر الفستان‪ " .‬سأذهب لتجربة هذا‪ .‬لنرى كيف يناسبها " ‪.‬‬

‫" ال‪".‬‬

‫" ال ؟" ورددت قمر مرتبكة‪.‬‬

‫كررت والدتها‪ " :‬ال ‪ ،‬انتظري حتى الغد" ‪ .‬لم تغمض قمر إال في ارتباك قبل أن تستقر على الفستان على المنضدة بهز‬
‫كتفيها‪ " .‬حسًن ا ‪ "...‬تأملت‪ " .‬سأختار بعض التوت أو شيء من هذا القبيل‪ .‬ربما لن أعود حتى حلول الظالم " ‪.‬‬

‫كانت والدتها تتذمر في وجهها ‪ ،‬معترفة بكلماتها‪ .‬وضعت قمر سيفها في الحلقة التي كانت تتدلى من سروالها‪ .‬تركت‬
‫الدلو الذي استخدموه في التوت ‪ ،‬واكتشفت أنه ال يزال ممتلًئ ا منذ عدة أيام‪.‬‬

‫بدون كلمة أخرى ‪ ،‬عادت قمر إلى ضوء الشمس الساطع والممر الترابي‪ .‬عادت قطرات الغضب األخيرة عندما اقترب‬
‫منها رأسان أشقر‪.‬‬

‫" ماذا تفعلون هنا يا رفاق ؟"‬

‫تومض حامد إلى هبة وشاركا نظرة قبل أن يعود إليها‪ .‬قال " نصير متقلب" ‪.‬‬

‫تقوس قمر حاجبها في السؤال‪ " .‬متقلب ؟"‬

‫" غير مقبول" ‪ ،‬صحح هبة ‪ ،‬دفع حامد في األضالع‪ " .‬شرح حامد كيف دخلت القرية معه وأخرجك نصير لين‬
‫بالقوة من الحداد‪ .‬ثم عادت نصير بينما كنا نتحدث ‪ ،‬اقتحمت غرفة منزل المعالج في حالة من الغضب‪ .‬بدأ بالصراخ في‬
‫حامد عنك " ‪.‬‬

‫ودافعت‪ " :‬لم يجرني بقوة" ‪ .‬لكن األلم على ذراعها كان يرن على خالف ذلك‪ .‬كانت تداعب مقبض سيفها بخنوع على‬
‫أمل أن تحافظ على هدوئها‪ " .‬كان لدي أنا ونصير اختالف بسيط في الرأي ‪ "...‬صرحت بعناية‪ " .‬هذا كل شئ‪".‬‬

‫" إذن بعبارة أخرى ‪ ،‬كان هناك خالف بينك وبين نصير لين بعد ذلك ؟"‬

‫أومأت قمر برأسها‪.‬‬

‫تبادل الزوجان األشقر لمحة أخرى بينهما‪ .‬عقدت قمر ذراعيها ‪ ،‬ونظرت بينهما‪ .‬تذمرت " ماذا" ‪ " .‬ما هذا ؟ أنا أعرف‬
‫تلك النظرات " ‪.‬‬

‫لوحت هبة بيدها في قمر ‪ " .‬ال شيء كثيًر ا‪ .‬نأمل أن تتصالح أنت ونصير لين قبل الترابط غًد ا " ‪.‬‬

‫هزت قمر كتفيها‪ " .‬ال أعرف ما إذا كان هذا ممكًن ا ‪ ،‬كان نصير ‪ ...‬مستاًء من وعدي بالرحيل‪".‬‬

‫صاحت الفتاة الشقراء بغضب لواحدها الموعود‪ " .‬لقد قطعت وعدها يا حامد ! ال عجب أن نصير لين هددك " ‪.‬‬

‫" هل هددك ؟" كرر قمر ‪.‬‬

‫هز حامد كتفيه‪ .‬شدد حامد ‪ ،‬وهو يحدق في ‪ " ،‬ربما أو ال يكون نصير قد ألمح إلى أنني سأبقيك في المنتدى إذا تم‬
‫تقييدك بسبب الوعد الذي قطعته على نفسك" ‪ " .‬لم أجعل قمر تعدني بأي شيء‪".‬‬

‫وأضافت قمر إيماءة ‪ " ،‬لم يفعل‪ .‬لقد وعدت أن أكون هناك ألن كالكما مهم بالنسبة لي‪ .‬لن أتراجع عن كالمي‪ .‬ليس‬
‫االن‪".‬‬

‫قالت هبة في تفهمها‪ " :‬لن أشعر بالضيق إذا فعلت ذلك" ‪ " .‬نصير لين قلق‪".‬‬
‫صاحت قمر ‪ ،‬وألقت ذراعيها في الهواء في إحباط‪ " .‬الزعنفة دائما‪"-‬‬

‫قاطعه حامد قبل أن يصمت عندما صفع هبة على كتفه " ألنه داخل" ‪ .‬صاحت الفتاة الشقراء‪ " :‬ليست كلمة أخرى" ‪.‬‬

‫تنهدت قمر ‪ .‬تدحرج عينيها عندما بدأ الزوجان في التحديق في بعضهما البعض مرة أخرى‪ " .‬هل انتهيت معي ؟"‬
‫سألت ‪ ،‬سخط نقي في جميع أنحاء لهجتها‪ " .‬لمرة واحدة ‪ ،‬أود أن أتدرب بينما الشمس ال تزال في السماء‪".‬‬

‫ابتسمت هبة بشكل مشرق‪ " .‬نعم‪ .‬يجب أن أعود إلى بيت المعالج قبل أن تزعج نصير لين الرجل الوحيد هناك " ‪.‬‬

‫" الرجل األشقر ؟" يتذكر حامد بشكل غامض‪ " .‬إنه دائًما هناك‪ .‬أال يعود يوما إلى منزله ؟ "‬

‫انتزعت الفتاة الشقراء جديلة حامد الطويلة بشكل هزلي‪ " .‬إنه طريقي للقلق بشأن أولئك الموجودين في منزل المعالج ‪،‬‬
‫أليس كذلك اآلن ؟" استفسرت هبة بابتسامة قبل أن تكمل‪ " .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬ألم تشتكي من عدم وجود السجال منذ‬
‫وقت ليس ببعيد ؟"‬

‫" عدم وجود السجال ؟" كرر قمر ‪ " .‬لم تكن هنا حتى يوم واحد وتريد الصدام بالفعل ؟"‬

‫هز حامد كتفيه ‪ ،‬محاواًل إخفاء التورد المحرج على خديه‪ " .‬لقد تشاجرت كل يوم عندما لم نكن في تعقب رجالنا البني‬
‫لشيء ما ‪ "،‬أخبر قمر متعجرًف ا‪.‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬ماذا عن النوم ؟ يتناول الطعام ؟" ابتسمت ابتسمت عندما بدأ حامد في التوهج‪ .‬ثم واصلت‪ " .‬ال يمكنك‬
‫االستغناء عن كليهما‪ .‬كان عليك إما النوم وتناول الطعام في وقت ما " ‪.‬‬

‫رد حامد بابتسامة متكلفة‪ " :‬سأنام عندما أموت" ‪ " .‬لقد فكرت للتو في شيء مثير لالهتمام‪".‬‬

‫" ما هذا ؟" سألت قمر بعناية ‪ ،‬ولم تعجب باالبتسامة التي ظهرت على وجه حامد ‪.‬‬

‫أجاب‪ " :‬لقد كانت تمريرة منذ أن تشاجرنا في الماضي" ‪ .‬لمعت عينه الزرقاء المرحة‪ " .‬حصل عليها ؟" ردت قمر‬
‫بازدراء ‪ ،‬محدقة في حامد ‪ " .‬ال يمكنني تذكر ما يبدو‪".‬‬

‫" هيلتوب ؟" سأل حامد ‪ ،‬كما لو كان يستطيع قراءة أفكارها‪.‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ " .‬هيلتوب" ‪.‬‬

‫قال حامد مشيًر ا إلى نصلها‪ " :‬ال سيوف" ‪ " .‬طريقة السجال القديمة قبل أن تقابلني‪ .‬بالعصي والدم األول " ‪.‬‬

‫" متفق‪".‬‬

‫تنهدت هبة وهي تنظر إلى قمر بكشر‪ " .‬من فضلك ال تكسر أي شيء ‪ ،‬واستهدف األماكن التي يمكن تغطيتها بسهولة‬
‫بزيه المترابط‪ ".‬ثم بدأت في السير على الطريق‪.‬‬

‫سخر حامد بشكل كبير ‪ ،‬وسلم قلبه كما لو كان مصاًبا‪ " .‬ماذا عني ؟" صرخ بعد هبة ‪ " .‬مخلوق مبهج! أين قواعدي ؟‬
‫محددات ؟ لدي ميزة اآلن! مخلوق مبهج! هبة ! "‬

‫عاودت هبة االتصال ‪ ،‬وكان صوتها يتردد في المسافة المتزايدة‪ " .‬بسهولة تغطية قمر !"‬

‫انفجرت رشقات من الضحك من حلقها ‪ ،‬مستمتعة بنظرة ساخط على وجه حامد ‪ .‬استيقظت بسرعة عندما دار عليها‬
‫حامد ‪ ،‬وكان التحدي يلمع في عينيه‪ " .‬كل من وصل إلى قمة التل أخيًر ا يحصل على العصا األضعف‪".‬‬

‫" صفقة" ‪ ،‬صرحت قمر ‪ " .‬ليس هذا سيحدث فرًق ا كبيًر ا بالنسبة لك إذا فزت‪ .‬صرحت بثقة " ستظل تخسر بدمك‬
‫األول" ‪ .‬شم حامد ‪.‬‬

‫" سوف نرى‪".‬‬


‫ثم تسابقوا نحو قمة التل‪.‬‬
‫ابتسمت قمر بتكلف بينما كان حامد يتخبط على قمة التل بال هوادة‪ .‬خفق قلبها بسرعة في صدرها بينما كانت تتصاعد‬
‫بفخر‪ .‬وجدت فرعين سقطوا على األرض وألقت حامد باآلخر األقوى‪ .‬هبطت على صدره بنخر‪.‬‬

‫" لقد نسيت أنني لست سريًع ا بدون الرجل البني ‪ ،‬لكنني لست بحاجة إلى هذا ‪ "،‬قال حامد ‪ ،‬وهو يقذف العصا على‬
‫قدميها‪.‬‬

‫رمتها مرة أخرى بابتسامة‪ " .‬صدقني‪ .‬أنا أتغلب على الصعاب من خالل تقديم هذه الخدمة " ‪.‬‬

‫أصر حامد وهو يقف ‪ " ،‬لست بحاجة إليه" ‪ .‬ألقى بها مرة أخرى‪.‬‬

‫لقد تجاهلت ذلك ‪ ،‬وتركته يسقط من قدميها‪ .‬هزت قمر رأسها‪ " .‬أنا ال آخذه‪".‬‬

‫" ولست أنا" ‪ ،‬أجاب حامد بعناد‪ .‬طوى ذراعيه على صدره‪ " .‬أنا ال أحتاجه‪".‬‬

‫شم قمر ‪ .‬أمسكت بالعصا من األرض بنفخة‪ " .‬يمكننا المشاجرة طوال الليل أو يمكننا التدريب‪ .‬األمر متروك لك ‪ ،‬ولكن‬
‫في النهاية عليك أن تخبرني عن مدى ركوب الرجل البني ‪ " ،‬تمتمت ‪ ،‬ثم عرضت عليه العصا‪ .‬أخذها حامد ‪.‬‬

‫أجاب بتمعن‪ " :‬إنه أمر غريب ‪ . "...‬أشار إلى أسفل فخذيه‪ " .‬يؤذي هذه العضالت‪ .‬أمر غريب بالتأكيد عند التراجع " ‪.‬‬

‫" اسم اسمك البني ؟" سألت عندما اتخذت الموقف‪.‬‬

‫أجاب حامد وهو ينسخها‪ " :‬ال يفترض أن تسميهم" ‪ .‬ولوح بسيفه كما أضاف‪ " .‬أيًض ا ‪ ،‬ال تعتقد أنني لم أالحظ أنك‬
‫تمنحني العصا األقوى‪".‬‬

‫شممت‪ .‬ردت بسخرية‪ " :‬ال أستطيع تجاوزك أي شيء" ‪ .‬أومأت قمر برأسها مرة ‪ ،‬وأعادها حامد ‪ .‬بدأت المباراة األولى‬
‫للدم‪.‬‬

‫تناثر الخشب على الخشب أثناء تجنيبهم‪ " .‬ليس لديك فكرة بعد" ‪ ،‬ابتسم حامد بجرأة وهو يصد محاولتها في الضرب‪.‬‬

‫ردت قمر ‪ " :‬أنت مفرط في الثقة" ‪ " .‬وأنا أعرفك جيًد ا بما يكفي ألعرف أنك قمت بتسمية الرجل البني الخاص بك‪".‬‬

‫" تشارلي‪ .‬سميتها تشارلي " ‪.‬‬

‫توقفت قمر في مفاجأة‪ " .‬هل حقا ؟ ماذا حدث لتسمية كل شيء هبة أو بعد نفسك ؟ "‬

‫" نعم حًق ا‪ .‬هل لديك شيء ضده ؟ " سأل حامد قبل أن يضيف ‪ " ،‬لإلجابة على سؤالك ‪ ...‬هناك أحياًن ا ال يجب عليك‬
‫تسمية هبة أو باسمي‪".‬‬

‫ردت قمر وهي تهز رأسها إلخفاء ضحكها‪ " .‬ليس لدي أي اسم‪ .‬إنه أمر غريب ‪ " ...‬لقد اتخذت موقًفا مرة أخرى ‪،‬‬
‫وصدت هجوم حامد عندما جاءوا‪.‬‬

‫" ليس أي أغرب من اسمك لسيفك‪".‬‬

‫" مهال!" لقد احتجت بنخر من هجوم حامد المتسلل الذي أصاب يدها‪ .‬بدأت تتشاجر بجدية بينما كانت يدها تنبض‪.‬‬

‫بدون شك ‪ ،‬نما غارث بشكل أسرع خالل التمرير الذي ذهب إليه‪ .‬يمكن أن تعترف بهذا القدر ‪ ،‬ولكن في سرعته ‪ ،‬كان‬
‫يفتقر إلى الدقة وخفة الحركة‪ .‬لم تنجح أي من محاوالته لتجاوز دفاعها‪ .‬تمكنت من مضاهاة سرعتها مع سرعتها ‪ ،‬وتم‬
‫حظرها برعد من الخشب‪.‬‬

‫" ماذا حدث لتقنية التجنيب التي تركتها ؟ " العصا في كل مكان" ‪ ،‬الحظت قمر بصوت عاٍل ‪ .‬ابتعدت عن حامد بينما‬
‫واصلت السير‪ " .‬ما نوع التدريب الذي كنت تمارسه هناك ؟"‬
‫تذمر حامد وهو يقضم شفته السفلية‪ " .‬أهداف متعددة" ‪.‬‬

‫ثم فاته مرة أخرى‪ .‬توقف ليشرح‪ .‬كان خمسة أو أكثر من المتسابقين على الحدود يهاجمون في وقت واحد‪ .‬أعتقد أنني لم‬
‫أعد معتهبة على السجال بين شخص وآخر " ‪ .‬ظهرت ابتسامة متكلفة على وجهه ‪ ،‬مضيفة‪ " :‬ال أشعر بالتحدي الكافي" ‪.‬‬

‫صرخة صغيرة من المفاجأة هربت من فمه المتفاخر عندما ضرب قمر ركبته اليمنى ‪ ،‬في محاولة لتمريره إلى األرض‪.‬‬
‫صرحت " سأجعلها صعبة" ‪ .‬ثم هاجم‪.‬‬

‫أضافت تنويرها بشكل طبيعي إلى دقتها المدربة‪ .‬جعل ضرباتها أكثر حدة وأسرع وأقوى‪ .‬صد حامد هجوًما واحًد ا ؛‬
‫تلمع العيون الزرقاء إلى اللون البني‪ .‬صرير العصا على قوتها ‪ ،‬قوتها التنوير ؛ واثق من عيون زرقاء فقاعت من الذعر‪.‬‬
‫تراجع حامد إلى الوراء ودفعها بعيًد ا‪ .‬تعثرت قمر قبل فترة وجيزة من العثور على موطئ قدم لها‪.‬‬

‫حامد يتراجع باستمرار‪ .‬يحمي نفسه ويمنع اتصال آخر بين عصيهم‪ .‬إلحباطات قمر المتزايدة ‪ ،‬تهربت حامد تماًما من‬
‫أي هجمات قادمة لها‪ .‬وجدت فتحة عندما تحرك الصبي األشقر لصد ضربة كتفها‪ .‬مع لمسة ‪ ،‬تهربت قمر من حامد ‪،‬‬
‫وغرقت بعصاها على مفاصل أصابعه‪ .‬قام حامد بسحب الدم األول ‪ ،‬وأسقط العصا‪.‬‬

‫انفجرت عندما هبطت على األرض‪ .‬تنهد حامد ‪ .‬يحتضن يده النازفة على صدره‪ " .‬هذه هي المرة األولى التي يحدث‬
‫فيها تمريرة!" تأوه في الشكوى‪ " .‬ال أسقط أي شيء أبًد ا عندما أتشاجر مع أي شخص آخر!"‬

‫هزت قمر كتفيها‪ .‬عرضت متعجرفة " ربما لم يفعل التدريب مع ركاب الحدود شيًئ ا من أجلك" ‪.‬‬

‫شم حامد ‪ ،‬وسحب قطعة قماش من سرواله‪ .‬لف يده وهو يتكلم‪ " .‬لن أقول شيًئ ا‪ .‬السجال واحد لواحد ال يحدث هناك‪.‬‬
‫البازالء ‪ ،‬المغيرون لن ينتظروا حتى تكون جاهًز ا ‪ ،‬سيقتلونك إذا سنحت لهم الفرصة " ‪.‬‬

‫" أنا أعرف‪".‬‬

‫" نعم ‪ ،‬مشاركتك مع ثالثة من الوحش ال تهم‪ .‬ال شيء يقارن بثمانية مغيرين على رجالهم السود‪ .‬أو حتى السالجمور‬
‫الخمسة الذين هاجمونا أثناء الليل ‪ " ،‬ناقش حامد ‪.‬‬

‫عضت قمر لسانها ‪ ،‬راغبة في الرد برد ناري‪ .‬بدال من ذلك ‪ ،‬ردت ببرود‪ " .‬بالطبع ‪ ،‬ولكن على األقل هناك ثمانية‬
‫ركاب آخرين لتقاسم العبء معهم‪ .‬وإنقاذ حياة بعضنا البعض " ‪.‬‬

‫أومأ حامد برأسه ‪ ،‬كما لو أنه فاته تماًما تأثير نبرة صوتها‪ " .‬بالضبط ‪ ،‬لذلك لن أقول إن السجال متعدد األهداف ال‬
‫طائل من ورائه‪ .‬في الحقيقة ‪ ،‬يجب أن تجربها في وقت ما‪ .‬انها مختلفه‪".‬‬

‫تتنهد ‪ ،‬تركت آثار إحباطها األولى تذهب‪ .‬لم تستطع إال أن تتساءل عما إذا كان حامد قد نسي تماًما أنه كاد يموت لياًل‬
‫لوالها‪ .‬تساءلت عما إذا كان امتنانه من عدة آيات قد اختفى‪ " .‬نعم ‪ ،‬كان راكبو الحدود يتشاجرون معي حًق ا ‪ "،‬تأملت‬
‫بسخرية‪ " .‬هيا‪".‬‬

‫عبس حامد ‪ ،‬وأمال رأسه في التفكير‪ " .‬نقطة جيدة‪ .‬ال أمانع لكن اآلخرين ربما يركضون إلى الحكماء ألنهم هكذا كنت‪.‬‬
‫إنهم يعتقدون أنك الوحش عندما ال يرون الوحش الحقيقي على حقيقته " ‪ " .‬هل تريد أن تتجادل مرة أخرى ؟"‬

‫اومأت برأسها‪ " .‬دعونا‪".‬‬

‫ابتسم حامد ‪ " :‬جيد" ‪ " .‬هذه المرة سأفوز" ‪ ،‬تفاخر‪.‬‬

‫" قبل أن تبدأ في الشماتة ‪ ،‬ربما يجب أن تحصل على عصا أخرى ‪ "،‬اقترحت قمر ‪ ،‬وحامد شمها‪ " .‬كنت أخطط‬
‫لذلك‪".‬‬

‫اندفع الصبي األشقر نحو خط الشجرة ‪ ،‬واختفى عن األنظار‪ .‬صرخت " انظر قبل أن تمسك" ‪ " .‬أنت تعلم أن لن‬
‫تجعلك تنسى أبًد ا إذا شعرت بالفقر في اليوم السابق لترابطك‪".‬‬
‫" فهمت" ‪ ،‬صرخ حامد من بين األشجار‪ .‬وأضاف عندما خرج من خط الشجرة‪ " :‬ربما يجب أن ننسى الدم األول هذه‬
‫المرة" ‪ .‬أومأت قمر برأسها ‪ ،‬ثم عندما رأت طرف الشجرة في يدي حامد ‪.‬‬

‫" أنت تعلم أن هذا ليس عدًال على اإلطالق ‪ "،‬تنهدت بينما كان حامد يمزق األغصان الصغيرة من الفرع السميك باليد‪.‬‬
‫" اعتقدت أن هذه ستكون معركة عادلة‪".‬‬

‫ابتسم ‪ ،‬وقف‪ " .‬ماذا قلت في وقت سابق ؟ مساء الصعاب ؟ " أكد حامد ‪ " .‬هذه العصا أقوى‪".‬‬

‫شم قمر ‪ .‬سخرت " العصا" ‪ " .‬هذا طرف شجرة ‪ ،‬وليس عصا‪ .‬هذا‪ " -‬رفعت عصا لها‪ - " .‬تحسب كعصا‪".‬‬

‫" هل تخيفت قمر ؟" مازح حامد ‪ " .‬المباراة األولى كانت اختبارك‪ .‬اآلن دعونا نتجادل " ‪.‬‬

‫نظرت إلى الفرع الكبير في يدي حامد وابتسمت عندما ارتجفت قبضته برفق‪ " .‬أوافق على عدم وجود دم أول‪ .‬سأكره‬
‫أن تنزعج هبة مني إلى األبد " ‪.‬‬

‫" اآلن ‪ ،‬من هو واثق أكثر من الالزم ؟"‬

‫وردت قمر بابتسامة " أنت" ‪.‬‬

‫أومأوا ببعضهم البعض ‪ ،‬ثم بدأوا في الصدام مرة أخرى‪.‬‬

‫واستغرقت المباراة الثانية ثواني فقط‪ .‬وجهت قمر ضربة قوية على ظهور ركبتي حامد ‪ ،‬مما أدى إلى سقوط الصبي‬
‫األشقر على األرض‪ .‬مع الغصن الثقيل يثبته ألسفل التخاذ تدابير جيدة‪.‬‬

‫ابتسمت له بينما كان حامد يسعل‪ " .‬ال أستطيع التحرك‪".‬‬

‫تذبذب بشكل غير مريح تحت طرف الشجرة‪ .‬مع كلتا يديه مثبتتين بشكل محرج على الجانبين‪ .‬لم تستطع إال أن تبتسم‬
‫أكثر حيث نظر إليها حامد ‪ " .‬هل تعتقد أنك تستطيع المساعدة ؟"‬

‫قامت قمر برفع طرف الشجرة المخالف بسهولة‪ .‬رمتها بعيًد ا ‪ ،‬وتركتها تسقط في مكان ما على العشب‪ " .‬أنت تعلم أنه‬
‫يخدمك بشكل صحيح‪".‬‬

‫حامد ينفخ من العشب‪ " .‬لقد غشيت ‪ ...‬مرة أخرى‪".‬‬

‫رفعت قمر عينيها ‪ ،‬وقدمت يدها إلى أسفل لمساعدة حامد على النهوض‪ " .‬أنا لم أغش‪ .‬من الواضح أنك تمتلك السالح‬
‫األكبر‪ .‬ليس خطأي إذا الحظت ضعفك قبل أن تفعل ذلك " ‪ .‬هزت يدها نحوه ‪ " ،‬هل ستأخذه أم ال ؟"‬

‫قال حامد بغضب‪ " :‬ال" ‪ " .‬ال أعتقد أنه يمكنني النهوض بعد‪".‬‬

‫استعادت قمر يدها وركلت حامد في ساقها بحذائها‪ " .‬آه!" كان يئن ‪ ،‬مبتعدا ساقه عنها‪.‬‬

‫" أنت بخير إذا كان بإمكانك تحريك ساقك‪".‬‬

‫اشتكى وهو يفرك ساقه بحزن‪ " :‬سأصاب بكدمات غًد ا بسببك" ‪ " .‬هبة سوف تنزعج منك‪".‬‬

‫فأجابت ‪ " ،‬وستكون مستاءة منك ‪ "،‬وانضمت إلى حامد على العشب‪.‬‬

‫" لماذا هذا ؟"‬

‫أجابت قمر ‪ " :‬يدك" ‪ ،‬مشيرة إلى ضمهبة ت أصابعه‪ " .‬هبة لن ترغب في االعتناء بذلك‪ .‬كان يجب أن تدافع عن‬
‫نفسك بشكل أفضل " ‪.‬‬

‫ردد حامد صدى محاكاة قمر ‪ " .‬كان يجب أن تدافع عن نفسك بشكل أفضل‪".‬‬
‫ابتسم ابتسامة عريضة على حامد الذي كان ال يزال يسخر منها بصمت‪ .‬وهددت قائلة‪ " :‬ضع في اعتبارك أنني حصلت‬
‫على موافقة هبة بشكل أساسي على إصابتك بكدمات في أماكن يمكن إخفاؤها" ‪.‬‬

‫صرح حامد ‪ " :‬و ‪ ...‬لن يكون ذلك ضرورًيا ألنني سأغير موضوع هذه المحادثة بعيًد ا عن األذى الجسدي" ‪ .‬نظف‬
‫حلقه قبل أن يضيف ‪ " ،‬أنا في الواقع بحاجة إلى مساعدتك‪".‬‬

‫" ما هذا ؟" سألت ‪ ،‬القلق يحمل في نبرتها‪ .‬لوح حامد يديه‪.‬‬

‫وأوضح " ال شيء يهدد الحياة" ‪ " .‬أحتاج إلى نصيحة الفتاة بشأن شيء ما‪".‬‬

‫" ما هذا ؟" كررت قمر متشككا‪ .‬تنهد حامد ‪ " .‬خالل حفل الترابط ‪ُ ،‬يطلب من الموعودين تبادل الهدايا ذات األهمية‬
‫الكبيرة أو ذات المغزى‪".‬‬

‫" و ؟"‬

‫أعطاها حامد نظرة نفاد الصبر‪ .‬تذمر " أنا ذاهب إلى هناك" ‪ " .‬لقد رأيت خواتم أو قلهبة ت‪ .‬لقد رأيت خادمة المنزل‪.‬‬
‫لقد رأيت حتى ما يكفي من اللحوم إلطعام جميع الحكماء لعدة ممرات يتم تبادلها " ‪.‬‬

‫" هل يمكنك الوصول إلى هذه النقطة ؟"‬

‫نظر إليها الصبي األشقر مرة أخرى‪ " .‬لقد أعطيت بالفعل الحلية الوحيدة التي تعني أي شيء بالنسبة لي‪ .‬لقد قدم لنا‬
‫الحكماء خادمة منزل منذ أن أكملت تدريبي على الحدود‪ .‬اعتباًر ا من اآلن ‪ ،‬نفدت األفكار‪ .‬هل هناك أي شيء يمكن أن‬
‫يخطر ببالها أنه قد يعجبها ؟ "‬

‫هزت كتفيها‪ " .‬أنت تعرف هبة أفضل مني‪ .‬لماذا ال يمكنك التفكير في شيء ؟ " سأل قمر ‪ .‬ثم أضافت‪ " .‬وفقط ألنني‬
‫فتاة ال يعني أن لدي نصيحة جيدة‪ .‬الشيء الوحيد الذي يمكنني التفكير فيه هو أن أذهب وأسأل والدتها " ‪.‬‬

‫قال حامد إيسيلي‪ " :‬سؤال والدتها ليس خياًر ا" ‪ .‬تأوه حامد بصوت عاٍل من اإلحباط‪ .‬تردد صدى صرخاته الحزينة من‬
‫حولهم ‪ ،‬مما أدى إلى تشتيت الكائنات على خط األشجار بعيًد ا‪.‬‬

‫تناثرت الطيور في السماء في شكوى‪ .‬تتبعت قمر أجسادهم أثناء تحليقهم في سماء المنطقة‪ .‬ثم نقر شيء ما في رأسها‪.‬‬
‫فكرة‪ .‬تمتمت بتواضع‪ " :‬ريش الربط" ‪ .‬لكن لفت انتباه حامد ‪ " .‬ماذا كان هذا ؟"‬

‫" إنه شيء ذو مغزى ومهم وصغير‪ .‬سوف تكون منك ومن حياتك ‪ " ،‬صرخت قمر بسعادة‪ .‬هذه هديتك " ‪.‬‬

‫ردد حامد صدى " ريش الربط" بحذر ‪ ،‬كما لو أنه لم يسمع ذلك بالشكل الصحيح في المرة األولى‪ .‬أومأت قمر برأسها‪.‬‬
‫هز الصبي األشقر رأسه‪ " .‬ال أعتقد ذلك‪ .‬ربط الريش ليس بهذه األهمية‪ .‬اإلناث مجرد أكاليل الترابط خارج المنزل للزينة‬
‫للسماح للجميع بأنك مستعبدين‪ .‬ما هو الشيء الرائع في ذلك ؟ "‬

‫ركل قمر بقدمه ‪ ،‬مما أدى إلى هسهسة شكوى من حامد ‪ " .‬إنها ليست لك‪ .‬سيكون من أجل ‪ ،‬وكانت تعمل على خطط‬
‫الترابط الخاصة بك بمفردها في المرة األخيرة‪ .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬يجب أن تعلم أن إكليل الترابط هو أكثر من مجرد شيء‬
‫أنثوي‪ .‬ال يمكنك القول أنك ال تعرف ما يعنيه الريش المترابط " ‪.‬‬

‫" نعم ‪ ،‬أعرف ما يقصدون" ‪ ،‬قال حامد غاضًبا‪ " .‬الريشة نفسها التي تطابق األنثى الموعودة تمثل عدد الشتالت‪ .‬أال‬
‫يجب أن ينتهي ذلك اآلن ؟ "‬

‫أجابت قمر ‪ " :‬لو استطاعت" ‪ ،‬متجاهلة الرغبة المفاجئة في ضرب حامد مرة أخرى‪ " .‬ال يمكنها العثور على أي‬
‫ريش يضاهي ريشها‪".‬‬

‫الحظ حامد ‪ " .‬لقد رأيت الكثير من النساء يختبئن في الحداد لتلوين الريش ليناسبهن بدًال من البحث عنهن‪ .‬ما لونها ؟ "‬

‫" أبيض‪".‬‬
‫حدقت قمر في حامد عندما بدأ ضحكة مكتومة‪ .‬والتي تطورت بشكل مطرد إلى ضحك قهقهة‪ .‬كانت تعلم أن ارتباكها‬
‫ظهر على وجهها وهي تستفسر‪ " .‬شيء مضحك ؟"‬

‫لم يلق سؤالها سوى مزيد من الضحك كرد‪ .‬صاحت قمر وانتظرت‪.‬‬

‫عندما تضاءل ضحكة حامد مثل جمرة صغيرة ‪ ،‬تحدث‪ " .‬ريشة بيضاء" قالها بعنف‪ .‬مبتسًما مثل األبله ‪ ،‬مد يده مرتدًيا‬
‫زيه الفارس الحدودي‪ " .‬مثل هذه ؟"‬

‫في أطراف أصابعه ‪ ،‬تلمع ريشة بيضاء في الشمس‪ .‬التقطت قمر الريشة المهملة من حامد في رهبة‪ " .‬أين وجدت هذا‬
‫بحق الجحيم ؟" سألت وهي تتعجب من وميض اللؤلؤ‪ " .‬بحثت هبة في كل مكان‪".‬‬

‫أوضح حامد ‪ " :‬كانت تتساقط على األرض في قرية توقفنا فيها‪ .‬كنا نساعد القرويين على التعافي من هجوم مهاجم" ‪" .‬‬
‫اعتقدت أنه يبدو أنيًق ا ألننا هنا لم نر ريًش ا أبيض‪".‬‬

‫" من الواضح أنك احتفظت بها ‪ "،‬تتأمل قمر مبتسمة‪ .‬حملت الزائدة حتى الشمس الباهتة‪ .‬جَّفت ابتسامتها من وجهها كما‬
‫طلبت‪ " .‬أي قرية هوجمت ؟ أي شخص يؤلم ؟ هل أحرق المغيرون القرية ؟ "‬

‫" لقد كانت قرية لم أسمع بها من قبل‪ .‬كانت صغيرة‪ .‬لم يكن الهجوم في أي مكان بالقرب منا ‪ ،‬والمثير للدهشة أنه لم يقتل‬
‫الرجال وال النساء‪ .‬لم يحرقوا القرية حتى‪ .‬ذهب الطعام واإلمدهبة ت فقط " ‪.‬‬

‫" لم يحدث شيء للقرويين ؟ أو بيوت القرية ؟ لماذا ا ؟ هذا ما يفعله الغزاة ‪ ،‬يقتلون ويحرقون ويأخذون ‪ " ،‬قالت قمر ‪.‬‬
‫انعكس عقلها إلى وقت قبل والدتها‪ .‬إلى الوقت الذي قتل فيه والدها ‪ ،‬أخذ من والدتها بالموت‪ " .‬ماذا عن القرى األخرى‬
‫التي صادفتها ؟"‬

‫جلس حامد عن األرض‪ " .‬وجدت كل ما زال قائما‪ .‬قام القرويون بضربات قاسية قليًال وذهبت اإلمدهبة ت‪ .‬أجاب‪ :‬ال‬
‫يبدو أنهم يقتلون ويحترقون بعد اآلن‪ " .‬هناك شيء ما يبدو مختلًف ا‪ .‬كما لو كان هناك شيء ما يبني في الهواء " ‪.‬‬

‫فتحت قمر فمها لتسأل ‪ ،‬لكن حامد شمها‪ " .‬أخبرني اآلن ‪ ،‬لماذا كنت مستمتًع ا جًد ا بحفاظي على الريشة ؟ أعني ‪ ،‬لماذا‬
‫ال تحتفظ به ؟ ال يؤذيني وال يؤذيني أي شخص آخر " ‪.‬‬

‫" أنا متفاجئ‪ .‬قالت مبتسمة‪ " .‬أنا مندهش للغاية‪ .‬ما هي احتماالت عودتك مع ريشة بيضاء مرغوبة في قبعتك ؟ ثم انا‪"-‬‬

‫صححنا " نحن" حامد ‪ ،‬وكادنا نعرف إلى أين تتجه مع جملتها‪ .‬تدحرجت قمر عينيها‪ " .‬و" نحن " نفكر إذا أعطيت‬
‫ريشة رابطة‪ .‬فقط لتكتشف أنها بحاجة إلى اللون األبيض وسترى أن لديك واحدة ألنك شعرت بالحاجة إلى االستيالء‬
‫عليها‪ .‬ماهي الفرص ؟"‬

‫هز حامد كتفه‪ .‬جبينه مهروس في الفكر‪ " .‬انا ال اعرف‪ .‬ربما ضئيلة أليس كذلك ؟ أم تعتقد أنها عالمة ؟ "‬

‫" إنها إما عالمة أو صدفة جحيم" ‪ ،‬أجابت قمر ‪ ،‬ثم قطع حامد ‪ " .‬أوه ال ‪ ،‬ال تفسد هذا بالنسبة لي" بالصدفة " ‪ .‬أعتقد‬
‫أنها عالمة‪ .‬أعلم أنها عالمة " ‪.‬‬

‫تنهدت قمر ‪ " .‬بخير‪ .‬لن أفسدها‪ .‬لكن عالمة على ماذا ؟ "‬

‫ابتسم حامد ‪ " :‬آمل أن يأتي المزيد من الخير" ‪ .‬توهجت عيناه الزرقاوان من السعادة‪ .‬سعادة عرفتها قبل وفاته‪ " .‬أنا‬
‫رجل محظوظ جدا‪ .‬أنا في المنزل لمدة ثالثة أشهر‪ .‬أنا مع عائلتي في ذلك الوقت ‪ ،‬وغًد ا ‪ ...‬سأكون مرتبًط ا بوعدي‪ .‬لدي‬
‫حياة رائعة‪".‬‬

‫أضافت قمر وهي تعيد الريشة إلى حامد لالحتفاظ بها ‪ " ،‬واألفضل اآلن أن يكون لديك هذا" ‪ " .‬سيسعد هبة أن تعلم أنه‬
‫سيكون لديك بذرة واحدة على األقل‪ .‬باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬قد تجد المزيد أثناء قيامك بالدوريات مرة أخرى " ‪.‬‬

‫ردد حامد " شتلة واحدة ‪ " . "...‬أكثر…"‬


‫ثم فجأة انسد على قدميه في جنون‪ " .‬بالكاد أستطيع أن أعتني بنفسي ‪ ،‬لكني وحدي أعتني بشجرة‪ .‬هل يمكنني ‪ ...‬هل‬
‫سأكون قادًر ا على القيام بذلك ؟ "‬

‫وقفت قمر وربت على كتف حامد لدعمها‪ " .‬ماذا لو نجعلك مرتبًط ا أوًال ؟ ثم يمكنك القلق بشأن الشتالت " ‪.‬‬

‫أومأ حامد ‪ .‬بدأ وجهه الشاحب يتلون‪ " .‬حق…‪ .‬لنفعل ذلك‪ .‬الترابط أوًال ‪ ،‬والشتالت الحًقا " ‪ .‬مرر يده من خالل‬
‫االنفجارات األشقر‪ " .‬اآلن دعونا نتنافس وعليك أن تدعني أفوز حتى أنسى الشتالت‪".‬‬

‫كانت ت بسخط ‪ ،‬وتدحرجت عينيها‪ " .‬تعلمون أن الشتالت ليست مخيفة حًق ا ‪ ،‬اعتمهبة على مزاجها‪ .‬في الواقع ‪،‬‬
‫المفهوم الوحيد المرعب حًق ا هو الوالدة‪ .‬روت لي أمي قصًص ا ‪ ،‬لكنك تعيش في القرية‪ .‬سمعت الصراخ من قبل أليس‬
‫كذلك ؟ فظيع‪ .‬تقريبا مثل حيوان يحتضر‪ .‬لم أر بنفسي واحدة من قبل ‪ ،‬لكن يجب أن يكون األمر فظيًع ا كما يبدو " ‪.‬‬

‫" والدة ‪ "...‬صرير حامد ضعيف‪ .‬تجمعت حبات العرق من منبت شعره وأسفل مالمح وجهه الشاحب المتعب‪.‬‬
‫تضاعف أكثر ‪ ،‬فرط التنفس‪ .‬مع كل نفس زفير ‪ ،‬كرر " الوالدة" في تعويذة‪.‬‬

‫قاومت قمر الرغبة في التنهد ألنها كانت تميل إلى حامد ‪ .‬استقرت يداها على كتفيه حتى ال يتدحرج على المنحدر الثابت‬
‫لقمة التل مرة أخرى‪ " .‬هيا‪ .‬سيطر على نفسك‪ .‬الشتالت ليست شيئا جديدا‪ .‬لقد كنت مرة واحدة ‪ ،‬لذا قف ووقف‪ .‬وإال‬
‫ستخسر مرة أخرى " ‪.‬‬

‫تمتم حامد برفق‪ " :‬حسًن ا" ‪ .‬باتباع تعليماتها ‪ ،‬وقف حامد مستقيما ‪ ،‬وتذبذب من ارتفاعه الكامل‪ .‬كان وجهه ال يزال‬
‫رمادي حيث التقى بعيون قمر ‪ .‬ادعى بثقة " سوف تخسر هذه المرة" ‪.‬‬

‫" سنرى" ‪ ،‬ابتسمت قمر ‪ ،‬مرددة كلمات حامد في وقت سابق من ذلك اليوم‪ .‬شم حامد ‪.‬‬

‫" سوف نرى ؟ قال حامد وهو يهز رأسه‪ .‬ثم ركض إلى طرف الشجرة الضخم‪.‬‬

‫حذرت ‪ " ،‬لن ‪ ، "...‬معتقدة أن حامد سيحاول الصدام مع طرف الشجرة الضخم مرة أخرى‪ " .‬لم ينجح األمر معك في‬
‫المرة األخيرة ‪"...‬‬

‫قطع حامد فرًعا أصغر من طرف الشجرة‪ " .‬أليس كذلك ؟" استجوب ببراءة‪ " .‬من العدل أن أمتلك عصا مثلك‪".‬‬

‫اتخذت موقف السجال ‪ ،‬وأعدت عصا لها عندما اقترب حامد ‪ .‬وقف أمامها بوجه خالي من العيوب‪ .‬أسقطت قمر‬
‫موقفها ‪ ،‬وقامت بحاجبين متقوسين‪ " .‬ماذا االن ؟"‬

‫" هل تعتقد أن هبة ستحب حًقا ريشة الترابط ؟" سأل حامد بشكل غير مؤكد‪ " .‬أم أنها هدية رهيبة ألن هناك واحدة‬
‫فقط ؟"‬

‫قمر منزعج‪ " .‬هل تريد بعض النصائح ؟" سألت وأومأ حامد ‪ .‬واصلت قبل أن يتكلم حامد ‪ " .‬ستحبه‪ .‬أنت تعلم أنها‬
‫ستكون سعيدة " ‪.‬‬

‫اختفت الشمس الذهبية فوق خط الشجرة‪ .‬حومت آثار قليلة من الضوء فوقهم ؛ ثم ظل الظالم عليهم‪ .‬ابتسم حامد خالل‬
‫الشفق ‪ ،‬انبعث بياض األسنان بشكل مشرق‪ " .‬إذن هل سنناقش أم ماذا ؟ ليس لدينا طوال الليل‪" .‬‬

‫ابتسمت‪ .‬فأجابت باتخاذ موقف‪ " .‬استعد للخسارة مرة أخرى‪".‬‬

‫" سوف نرى‪".‬‬

‫التقت عصيهم وهم يتشاجرون‪ .‬كان الضحك ينفجر من حلقها وهي تبادلت اإلهانات التافهة مع حامد ‪ .‬جعل الصبي‬
‫األشقر يتعثر في الضحك‪ .‬لم يكن األمر كذلك حتى تم وضع القمر بالكامل في السماء الغامقة عندما التقطت بصيًصا‬
‫لشيء ما‪ .‬جعلتها الفضة في خط الشجرة تتوقف في مساراتها ‪ ،‬ثم خسرت‪.‬‬

‫تفاخر حامد بسعادة بفوزه ‪ ،‬حتى أطاحت به قمر على األرض مرة أخرى‪ .‬أمضيت بقية األمسية مع المزيد من مباريات‬
‫السجال ‪ ...‬في محاوالت حامد لهزيمتها مرة أخرى‪ .‬لم ينجح قط‪ .‬تماًما كما لم تَر الفضة في خط الشجرة مرة أخرى‪.‬‬
‫أذهلت الضحك الخافت قمر من نومها بال أحالم‪ .‬نوع من العدم الفارغ رحبت به ‪ ،‬أي شيء إلبعادها عن كوابيسها‪.‬‬
‫تسارع قلبها‪ .‬حدقت في كومة من الُحصر المنسوجة في ذهول‪ .‬تم خفقان ذراعيها احتجاًج ا على أي حركة ‪ ،‬مؤلًما من‬
‫االستخدام الجيد بعد السجال مع حامد ‪.‬‬

‫لقد تحولت في سريرها عندما ترددت قهقهات من األجراس الناعمة واألجراس عبر غرفها مرة أخرى‪ .‬انفصلت أنين‬
‫الشكوى من حلقها الجاف عندما جلست‪.‬‬

‫مسحت قمر اللزوجة من ذقنها بظهر يدها‪ .‬تومض ضوء الشمس الساطع تحت غطاء الفرو وهي تمسح يدها على أحد‬
‫األغطية المنسوجة‪ .‬تأوهت بتعب عندما وقفت‪ .‬باستجداء ‪ ،‬تحركت إلى األمام‪ .‬خربشة بشكل غير متساو على الرغم من‬
‫المدخل ؛ يحدق في وجهين مشرقين ‪ ،‬يحييها بابتسامات مكررة على وجهيهما‪ .‬تراجعت قمر ‪ ،‬معتقدة أن عقلها كان‬
‫يمارس الحيل عليها في وقت سابق من الصباح‪.‬‬

‫عندما كان ال يزال هناك وجهان ‪ ،‬تأوهت قمر ‪ .‬فركت وجهها ثم استدارت في محاولة للفرار‪ .‬لقد جفلت عندما رن‬
‫صوت هبة المبتهج‪ " .‬كنت أتساءل متى ستستيقظ‪ .‬قال المستنير أنه كان يجب أن تكون مستيقًظ ا اآلن‪ .‬يجب أن نذهب إلى‬
‫البحيرة لالستحمام قبل الذهاب إلى أمالور " ‪.‬‬

‫فركت عينيها ‪ ،‬مطاردة النوم بعيًد ا وتخدير عويل الشتالت المتزايد من عقلها‪ " .‬لماذا أنت هنا ؟" قضمت قمر بعنف‪" .‬‬
‫أال يجب أن تكون في القرية بالفعل ؟"‬

‫" قمر !" همسة والدتها‪ .‬اندلعت عيناها الفضية من على الطاولة بينما كانت قمر تتخبط على زابوتون‪ " .‬قررت هبة‬
‫االنضمام إلينا هذا الصباح ‪ ،‬واالستحمام يبدو كفكرة جميلة‪ .‬لذا اذهب واحضر أشيائك حتى نتمكن من الذهاب اآلن " ‪.‬‬

‫كانت قمر تحدق بشوق في انتشار اللحوم والتوت‪ .‬التواء معدتها في الجوع‪ .‬تجمدت في منتصف الطريق للوصول إلى‬
‫التوت عندما التقت بعيون فضية ال هوادة فيها‪ .‬هربت من شفتيها عالمة هزيمة ‪ ،‬وغادرت أسرع مما دخلت الغرفة‬
‫الرئيسية‪ .‬وسرعان ما جمعت المالبس بين ذراعيها وارتدت صنداًل على قدميها‪.‬‬

‫" جيد ‪ ،‬أنت جاهز قمر " ‪ ،‬أومأت والدتها ‪ ،‬وهي مسرورة بينما كانت المرأة األكبر سنًا تقف عن الطاولة‪ " .‬يمكنك أن‬
‫تأكل بينما نسير إلى البحيرة‪".‬‬

‫اختفت خيوط القرنفل في الخارج ‪ ،‬وتبع ذلك شعر أشقر‪ .‬انتزعت قمر حفنة من التوت من المائدة ‪ ،‬متخلفة عن والدتها‬
‫وهبة ‪.‬‬

‫شعاع من ضوء الشمس أعمى على عينيها المتعبتين ‪ ،‬مما جعل قمر تتجه نحو الدفء‪ .‬تحديق ‪ ،‬تابعت على مضض‬
‫المرأتين األخريين في حالة تهيج‪ .‬مع ارتفاع الحرارة في جلدها ‪ ،‬أغلقت قمر بسهولة الفجوة بين والدتها وهبة ‪ .‬قبل فترة‬
‫طويلة ‪ ،‬كانت خطواتها مطابقة لهبة بجانبها‪.‬‬

‫جاء أزيز األجراس من والدتها بينما كانت المرأة األكبر سنًا تمشي أمامهم‪ .‬حاربت قمر إغراء االنضمام إلى االنسجام‬
‫المألوف‪ .‬بدال من ذلك ‪ ،‬ظهرت حبة التوت في فمها‪.‬‬

‫أثناء مضغ الفاكهة الحامضة اللذيذة ‪ ،‬نظرت قمر من زاوية نحو هبة ‪ .‬كانت الفتاة الشقراء تتدرب عيناها على األرض‪.‬‬
‫تقريبا كما لو أن الفتاة الشقراء ضاعت في أفكارها‪.‬‬

‫" آسف" ‪ ،‬همست قمر بلطف ‪ ،‬وهي ترفع هبة بعيًد ا عن األوساخ‪ .‬التقت العيون الزرقاء باللون البني بينما واصلت‬
‫قمر ‪ " .‬لم أكن أتوقع رؤيتك في منزلي ‪ ،‬اعتقدت أنك ستكون عند الحداد أو خادم المعالج‪".‬‬

‫" اعتقدت أنني سأكون كذلك ‪ "...‬اعترفت هبة بحزن‪ " .‬أمي ‪ ...‬كانت ‪ ...‬مصممة على تغيير رأيي قبل أن أكون حسن‬
‫المظهر‪ .‬ظهرت عند الحداد والطعام بجانبها ‪ ،‬وعرضت فرصة أخيرة‪ .‬رفضت وركضت إلى هنا وهي تصرخ في‬
‫وجهي‪ .‬ال أشك في أنها تمكنت من إيقاظ القرويين اآلخرين بصراخها‪ .‬كان لدي كل النية للسؤال ولكن بعد المشاكل مع‬
‫نصير وحامد ‪ ...‬لقد نسيت‪ .‬آمل أنك لم تمانع " ‪.‬‬

‫توقفت قمر في مساراتها‪ .‬حدقت في هبة مذهولة‪ .‬سقطت التوت من يدها ‪ ،‬وهبطت على األرض عندما خطفت هبة من‬
‫كتفها‪ .‬لقد سحبت هبة في عناق غريب‪ .‬مهروسة المالبس في أذرعهم معا‪ .‬سألت قمر بهدوء‪ " :‬ال تعطني ذلك" ‪ " .‬لقد‬
‫فوجئت بهذا كل شيء‪ ".‬وأضافت قمر أنها أطلقت سراح هبة ‪ " .‬أنا لست مستاء‪".‬‬
‫وعلقت والدتها وهي تتجه نحوهم‪ " :‬أنت تعلم أن قمر تكره المفاجآت" ‪ .‬حدقت قمر في والدتها المبتسمة وهي تتابع‪" .‬‬
‫بغض النظر ‪ ،‬أنا سعيد ألنك هنا‪ .‬ال ينبغي عليك التعامل مع ذلك في يوم الترابط الخاص بك " ‪.‬‬

‫أضافت والدتها مبتسمة‪ " :‬نعم ‪ ،‬وسنكون أكثر من سعداء لمساعدتك في الحصول على مظهر أنيق" ‪ " .‬بعد كل شيء ‪،‬‬
‫يتم ربطك مرة واحدة فقط‪".‬‬

‫استنشقت هبة بهدوء ‪ ،‬ودست خيوطها الشقراء خلف أذنها‪ " .‬شكرا لك‪ ".‬تومض عيناها الزرقاوان المحمرتان بين قمر‬
‫ووالدتها‪ " .‬اشكركم‪ ،‬انتم اإلثنان‪".‬‬

‫قامت قمر بالشخير واإلمساك بذراع هبة ‪ " .‬هذا يكفي من ذلك ‪ "،‬غردت بمرح‪ " .‬لدينا االستحمام وارتداء المالبس قبل‬
‫أن نضطر للذهاب إلى القرية‪ .‬دعنا تتحرك‪".‬‬

‫أمسكت والدتها بذراع هبة األخرى‪ .‬تحدثت المرأتان عن شيء ما – سواء كان األمر يتعلق بالترابط أو االحتفال بعد‬
‫ذلك – لم تنتبه قمر ‪ .‬ابتلعت المادة الحمضية التي تذوقتها من فمها بعد أن تحدثت عن االستحمام ‪ ،‬بينما كان االمتداد‬
‫الضخم للمياه الزرقاء يقترب مع كل خطوة‪ .‬بحلول الوقت الذي سافروا فيه إلى حافة المياه ‪ ،‬أسكت النحيب في رأسها كل‬
‫الضحك من حولها‪.‬‬

‫وضعت ابتسامة على وجهها‪ .‬ترك والدتها تغريها إلى الحافة لتجلس‪ .‬حفرت نصف أقمار في كفيها بينما كان الماء يتدفق‬
‫على وجهها ‪ ،‬أسفل جلدها‪ .‬عملت والدتها على تشابك خيوط الماهوجني أثناء قيام هبة بجمع المزيد من الماء بالدلو‪.‬‬
‫استنشق قمر بشكل حاد‪ .‬خفق قلبها‪ .‬كل قطرة كانت تعذيبا‪.‬‬

‫تسببت العويالت المنقسمة في األذن في خفقان رأسها‪ .‬حدقت في المياه الزرقاء الكريستالية مخدرة‪ .‬بعد فترة ‪ ،‬عندما‬
‫اعتبرتها والدتها وهبة نظيفة ‪ ،‬بعد ما شعرت أنه ممرات – هربت من حافة المياه بسرعة ال يمكن السيطرة عليها‪.‬‬

‫اهتزت أطرافها‪ .‬تعثرت قدميها حتى وصلت إلى أمان خط الشجرة‪ .‬ركزت قمر على تنفسها ‪ ،‬وجعلتها اللقطات الحادة‬
‫تشعر بالغثيان‪ .‬مثل الدوخة‪ .‬تمكنت قمر من ارتداء مالبسها المعتادة في السجال‪ .‬ارتد سترة بيضاء على كتفيها وهي‬
‫تقطف التوت الطازج من األدغال‪.‬‬

‫لم تكن لديها خطط ألكلهم ‪ ،‬لكنها أرادت التخلص من ضعفها‪ .‬يديها مرتعشتان‪ .‬قبل العودة إلى حافة المياه‪ .‬صدى‬
‫صراخها بالكاد ما زال يتردد في عقلها حيث كانت ترى والدتها وهبة يستحمان من بعيد‪ .‬فقست حبة توت في فمها‪.‬‬

‫كان الماء يتساقط من على ظهورهم من خيوطهم الحزينة‪ .‬سقطت قمر في صفيحة المنزل في ارتياح فوري‪ .‬لم يعد لديها‬
‫الصراخ‪ .‬لم تعد مضطرة للتحديق في المياه الزرقاء الصافية‪ .‬وكان أكثر من مسرور بترك الماء وراءه‪ .‬غاصت في‬
‫الطعام المنتشر ما زال على الطاولة‪ .‬أكلت ببطء وهي تراقب والدتها وهي تجدل شعر هبة ‪ .‬من فروة الرأس إلى‬
‫األطراف ‪ ،‬كان اللون األصفر الذهبي ملتوًيا ومطوًيا حتى يتم ختم األطراف بخيط أحمر‪.‬‬

‫ابتسمت هبة بشكل مشرق‪ .‬تلمع ابتسامتها كبداية خالل الغسق‪ .‬وقفت الشقراء وهي تراقب الضفيرة وهي تدور‪ " .‬اآلن ‪،‬‬
‫كل ما تبقى هو الفستان!" صاحت بحماس‪.‬‬

‫تبعت قمر والدتها بعيون فضولية عندما نهضت المرأة األكبر سنًا من الزابوتون ‪ ،‬وعبرت الغرفة الرئيسية ‪ ،‬وذهبت إلى‬
‫غرفها‪ .‬التقت العيون البنية باللون األزرق من جميع أنحاء الطاولة ‪ ،‬وتقاسمت ارتباكها الصامت‪ .‬ثم عادت والدتها ومعها‬
‫كومة من القماش األبيض بين ذراعيها‪.‬‬

‫رفعت والدتها القماش إلى هبة ‪ .‬أومأت قمر برأسها ‪ ،‬وحثت الشقراء على أخذها من والدتها‪ .‬تشاركت والدتها نظرة‬
‫التفاهم‪ " .‬هذا من شأنه أن يساعد‪".‬‬

‫اتسعت العيون الزرقاء في اإلدراك بعد أخذ قطعة قماش من المرأة المسنة‪ .‬سارت نظرتها بينهما‪ .‬احتجت هبة وهي‬
‫تحاول إعادة القماش إلى المرأة األكبر سًن ا‪ " :‬ال يمكنني تحمل هذا" ‪ " .‬هذا هو ثوب الترابط الخاص بك‪".‬‬

‫اهتز الشعر الوردي في الرفض‪ .‬ظهرت ابتسامة على وجه المرأة المسنة ‪ ،‬ولم تصل إلى السعادة تماًما في العيون‬
‫الفضية‪ .‬تنهدت قمر ‪ .‬صححت والدتها بحذر‪ " :‬ال ‪ ،‬أليس كذلك" ‪ " .‬هذا الفستان لم يسبق له مثيل‪".‬‬

‫جادل هبة ‪ ،‬متطلًع ا إلى قمر للحصول على الدعم ‪ " ،‬أكثر من كل األسباب التي يجب أن تمتلكها قمر " ‪ .‬هزت قمر‬
‫كتفيها‪ " .‬لماذا ؟ أنا ال أتعايش‪ .‬أمي تريدك أن تحصل عليها " ‪.‬‬
‫" ال ‪ ...‬ال –" هزت هبة رأسها بينما كانت المرأتان األخريان تحدقان بها‪ " .‬ال ‪ ...‬ال يمكنني تحمل ذلك!"‬

‫دفعت الشقراء الثوب إلى ذراعي قمر المطمئنتين‪ .‬دفعت الفستان بلطف إلى ذراعي هبة ‪ .‬مدت قمر من فوق الطاولة ‪،‬‬
‫وهي تطوي ذراعي هبة فوق الفستان لتهدئته‪ " .‬أمي تريدك أن تحصل عليها‪ .‬أريدك أن تأخذها‪ .‬لذلك خذها‪".‬‬

‫نظرت هبة إلى الفستان األبيض بين ذراعيها‪ .‬المع الشك في عينيها الزرقاوتين‪ " .‬هل أنت متأكد ؟ ال أريد ‪" ...‬‬
‫تالعبت بصوتها وأصبحت صامتة‪.‬‬

‫ابتسمت قمر ‪ " .‬قالت والدتي أن هذا الفستان لم يشهد رابًط ا أبًد ا‪ .‬أال تعتقد أن الوقت قد حان في واحد ؟ بعد كل شيء ‪،‬‬
‫تم صنعه كمالبس رابطة " ‪.‬‬

‫هبة صاخب‪ " .‬الفساتين ال تهتم‪ .‬ليس لديهم مشاعر " ‪.‬‬

‫" نعم ‪ ،‬لكن الناس يفعلون" ‪ ،‬قالت قمر متواضعة‪ .‬أومأت برأسها نحو والدتها‪ " .‬أنا شخصيًا ‪ ،‬لم أستطع التفكير في أي‬
‫شخص أفضل لبسه‪".‬‬

‫وأضافت المرأة األكبر سًن ا‪ " :‬إنه لشرف لك أن ترتديها" ‪ " .‬سوف أساعدك في إصالحه‪".‬‬

‫استسلمت ‪ ،‬ابتسمت هبة وأومأت برأسها‪ " .‬بعد أن أكون حسن المظهر ‪ ،‬نحتاج إلى تغيير قمر ‪".‬‬

‫نظرت قمر ألسفل إلى مالبسها القتالية ‪ ،‬وألقت نظرة خاطفة على األوساخ التي ربما فاتتها في آخر تنظيف لها‪ " .‬ما هو‬
‫الخطأ في هذا ؟" سألت مشيرة إلى مالبسها‪ " .‬ال يجب أن أرتدي مالبسي لبعض الوقت‪".‬‬

‫أجابت هبة بسرعة " ال شيء" بابتسامة‪ .‬وقفت الشقراء وسارت نحو المرأة المسنة‪ .‬ثم أضافت‪ " .‬نحتاج أيًضا إلى‬
‫االهتمام بشعرك‪".‬‬

‫" شعري ؟" ردد قمر ‪ .‬ألقت نظرة خاطفة على خيوطها الطويلة الماهوجني‪ " .‬ما مشكلة شعري ؟"‬

‫حدقت عينيها في هبة بشكل مريب بينما ابتسمت الشقراء‪ " .‬ماذا ستفعل بي ؟"‬

‫هزت هبة كتفيها‪ " .‬ال شيئ‪ .‬ليس حتى أكون حسن المظهر‪ .‬رغم ذلك ‪ ،‬أقترح عليك تمشيطه أوًال‪ .‬ممكن أن تساعد‪".‬‬

‫" يساعد ؟ مساعدة ماذا ؟" ألقت قمر نظرة يائسة على والدتها للحصول على الدعم‪ .‬لكن والدتها تقلد ابتسامة هبة ‪ .‬تقريبا‬
‫كما لو أن المرأة المسنة تعرف خطة المعدة‪ .‬قبل أن تتمكن من استجواب أي منهما ‪ ،‬اختفوا في غرف والدتها‪.‬‬

‫كانت تتذمر في شكوى من شد شعرها المؤلم‪ " .‬أخبرني –" زأرت قمر بينما كانت والدتها وهبة تعلق أمواجها فوق‬
‫رأسها‪ " .‬لماذا تعذبني هكذا ؟ كان شعري جيًد ا " ‪.‬‬

‫" طقطقت هبة لسانها‪ " .‬هذا ليس تعذيب‪ .‬إنه إجراء احترازي‪ .‬نرفع شعرك حتى ال يمسك ضوء الشمس باللون األحمر‬
‫في الشمس " ‪.‬‬

‫" نعم ‪ ...‬وأخبرني كم عدد القرويين الذين سينظرون إلي عندما سينظرون إليك‪ ".‬هبة شمها عليها كما أضافت قمر ‪" .‬‬
‫عالوة على ذلك ‪ ،‬ألن أجذب المزيد من االنتباه مع شعري مرفوًعا ؟"‬

‫قفزت رؤية بيضاء في نظرتها‪ .‬حدقت هبة في وجهها‪ " .‬كل شخص في القرية سيرتقي بشعره التقليدي‪ .‬انها مراسم‬
‫الترابط‪ .‬إنها احتفال رسمي بعد كل شيء‪ .‬عدم القيام بذلك سيكون عدم احترام لحامد وأنا "‬

‫" وكصديق لكليكما ‪ ،‬فأنا استثناء آخر لهذا ‪ ،‬أليس كذلك ؟" سأل قمر نأمل‪ .‬كانت تلتقط حاشية اللون األرجواني‬
‫وتضغط على أسنانها إلى رعشة حادة بشكل خاص في شعرها‪ .‬حدقت قمر في والدتها من فوق كتفها‪ .‬ثم عادت عيناها‬
‫البنيتان إلى هبة بينما كانت الشقراء تهز رأسها‪ " .‬ال‪ .‬توقف عن الشكوى ودع المستنير ينتهي " ‪.‬‬

‫" ناهد " صححت والدتها من خلفها‪ " .‬لقد أخبرتك منذ عدة مرات أن تناديني باسمي‪".‬‬
‫أومأت هبة برأسها إلى المرأة ذات الشعر الوردي‪ " .‬شكًر ا لك ولكن لن يكون من المناسب االتصال بك باسمك األول‪.‬‬
‫منذ أن تمكنت من التحدث ‪ ،‬كان علي أن أخاطب كل مستنير على هذا النحو ‪ ،‬وال أخطط أن أبدأ اليوم " ‪.‬‬

‫" لكننا لسنا في القرية" ‪ ،‬أشارت قمر ‪ " .‬من الناحية الفنية نحن خارجها‪".‬‬

‫" قمر ‪ "...‬تنهدت هبة بغضب بينما كانت تحدق في الفتاة غير المساعدة‪ " .‬أنت تعرف ما أعنيه‪ .‬وقبل أي شخص – "‬
‫حدقت العيون الزرقاء بوضوح في اللون البني –" يقاطعني مرة أخرى‪ .‬لدي شيء لكما‪" .‬‬

‫ثم غادرت هبة بيت المنزل‪.‬‬

‫ضغطت يدان على أكتاف قمر بمودة‪ .‬ربت والدتها على موجاتها المتجمعة برفق‪ " .‬لقد انتهيت جميًع ا‪ .‬يجب أن يصمد‬
‫للحفل ولكن ال يمكنني ضمان االحتفال بعد ‪" ...‬‬

‫قابلت العيون البنية فضية عندما تحركت لترى وجه والدتها‪ .‬أمسك قمر بيد والدتها ‪ ،‬مما جعل العيون الفضية مليئة‬
‫بالقلق‪ .‬كان هناك بلع مسموع بينما تجمعت المرأة األكبر سنًا‪ .‬بلطف ‪ ،‬ضغطت والدتها على يدها‪ " .‬يجب أن تكون‬
‫بخير‪".‬‬

‫" سأكون" ‪ ،‬طمأنت قمر ‪ ،‬وهي تعيد ضغط اليد برفق‪ .‬وقفت ‪ ،‬وهي ُتدحرج األوجاع من كتفيها‪ " .‬إذا تعرف علي‬
‫الكثير من القرويين ‪ ،‬فسأقوم باالندفاع بحًث ا عن الحداد‪".‬‬

‫أضافت هبة وهي تمشي عبر رفرف الفراء‪ " :‬سنحرص أنا ونصير لين وحامد على سالمتها" ‪.‬‬

‫" لن أحتاجه" ‪ ،‬اعترضت قمر تلقائًيا‪ " .‬يمكنني حماية نفسي بسهولة‪".‬‬

‫تنهدت هبة ‪ .‬اقتربت من الطاولة ويداها خلف ظهرها‪ " .‬لن يكون ذلك لك حًق ا‪ .‬سيكون للقرويين‪ .‬ستكون هذه هي المرة‬
‫األولى التي تدخل فيها القرية‪" -‬‬

‫" ثانيا‪".‬‬

‫صحح هبة " المرة الثانية" ‪ " .‬أنك دخلت القرية بإذن‪ .‬ثم توقفت الشقراء وهزت رأسها‪ " .‬ال ‪ ...‬كنت على حق‪ .‬أوال‪".‬‬

‫قالت قمر ‪ " :‬في الواقع الثالثة" ‪ " .‬لقد تم استدعائي في اثني عشر ممًر ا‪ .‬ثم تسللت لرؤية خطتك واحتفاالت بلوغ سن‬
‫الرشد‪ .‬اآلن أنا هنا مرة أخرى من أجل الترابط بينكما " ‪.‬‬

‫ردت هبة وهي تحرك عينيها‪ " .‬آخر مرتين كانت بدون إذن تذكر ؟" سألت ثم تابعت قبل إعطاء فرصة قمر للرد‪" .‬‬
‫لذلك لم تدخل القرية إال مرة واحدة بإذن من الحكماء‪ .‬لذلك كنت على حق " ‪ ،‬انتهت بهدوء‪.‬‬

‫عبس قمر ‪ " .‬هل يهم ؟" تساءلت تعكر‪.‬‬

‫" نعم!" صرحت هبة بإحباط واضح في صوتها‪ " .‬وكنت أشرح ‪ ،‬ستكون هذه هي تجربتك األولى مع حفل الترابط ‪،‬‬
‫لذلك من مصلحتك أن تفعل ما أقول" ‪.‬‬

‫سحبت الشقراء يديها من خلف ظهرها‪ .‬أصرت قائلة " هنا" ‪ ،‬مشيرة إلى أن تأخذ كل امرأة منها إكليل من الجسيمة‬
‫والنعمة‪ " .‬هذه لك‪ .‬من التقليدي بالنسبة ألولئك الذين سيكونون داخل منزل أن يرتدوا هذه المالبس " ‪.‬‬

‫عندما وصلت قمر لتأخذ واحدة ‪ ،‬انزلقت من أطراف أصابعها‪ .‬الهبوط على األرض مع رطم ناعم‪ " .‬ماذا او ما ؟"‬
‫سألتني بهدوء بينما انزلقت رعشة برد أسفل عمودها الفقري‪ " .‬علينا أن نذهب إلى الداخل ؟ اعتقدت أن هذا سيكون مثل‬
‫االحتفاالت‪ .‬كما تعلمون ‪ ،‬مثل الخارج ‪ ،‬وعلى بعد مسافة معقولة " ‪.‬‬

‫التقطت هبة إكليل الزهور من األرض‪ .‬لقد وضعت بمهارة تاج الزهرة فوق رأس قمر ‪ " .‬األمر ليس كذلك ‪ ،‬لكننا‬
‫سنكون ورائك‪ .‬ال داعي للخوف ‪ " ،‬طمأن الشقراء عندما بدأت قمر تلهث بحًث ا عن الهواء‪.‬‬
‫كان مثل تحول في عقلها‪ .‬الخوف الذي شعرت به منذ لحظات اختفى في غضبها‪ " .‬أنا لست خائفة ‪ "،‬ردت قمر‬
‫بحرارة‪.‬‬

‫وداست على الباب الذي أدى إلى وميض الضوء في الخارج‪ " .‬حقيقة‪ .‬انا جيد‪ .‬يجب أن نسير على حق ؟ ال يمكن أن‬
‫تتأخر على الترابط الخاص بك " ‪ .‬عض قمر قبل أن تخرج من المدخل‪.‬‬

‫تذمرت قمر بتواضع بينما صفع صندلها على درب التراب‪ .‬مع كل خطوة تقترب من القرية ‪ ،‬عاد خوفها ببطء‪ .‬لقد‬
‫طاردتها بانتقام جديد‪ .‬أو يمكن أن تكون والدتها ووقع أقدام هبة من ورائها‪ .‬بسبب عنادها المطلق ‪ ،‬رفضت النظر إلى‬
‫الوراء‪ .‬رفض االعتراف بذلك – في الواقع – خائف‪.‬‬

‫نفس نوع الخوف الذي حملته منذ أن كانت في الثانية عشرة من عمرها‪ .‬فقط كيف كانت خالل االحتفاالت‪ .‬يخاف‪.‬‬
‫خائف‪ .‬هلع‪ .‬كل ما شعرت به وأكثر‪ .‬من خالل األشجار الخضراء المتدفقة ‪ ،‬تنبعث الحرارة من جلدها المكشوف‪ .‬رغم‬
‫ذلك ‪ ،‬في ظل الحرارة ‪ ،‬كل ما شعرت به هو الثلج‪.‬‬

‫تدربت عيناها على األوساخ تحت قدميها‪ .‬بدأت تمشي أسرع‪ .‬وأسرع‪ .‬كادت تتمنى أن تتمكن من التغلب على الرهبة‬
‫التي نزلت من جلدها‪ .‬لم يكن حتى اصطدمت بجثة أخرى ‪ ،‬أدركت أنها كانت تركض‪ .‬سقطت قمر على الطريق الترابي‪.‬‬
‫تهبط على مؤخرتها مع تأوه‪ .‬تبع ذلك تأوه آخر مألوف‪.‬‬

‫بانتينغ ‪ ،‬ساعدت والدتها وهبة على الفور قمر على قدميها‪ .‬ظهرت العيون الزرقاء في قلق كما طلبت هبة ‪ " .‬هل انت‬
‫بخير ؟ الم تسمع منا نناديك ؟ أخبرك أنك كنت على حافة القرية الخارجية ؟ "‬

‫" نعم ‪ ،‬سمعتك ‪ "،‬كذبت بسرعة ‪ ،‬ثم أزالت مؤخرتها‪ " .‬رأيت نصير وكنت بحاجة حًق ا للتحدث معه‪ ".‬أوضحت قمر ‪.‬‬
‫" أنا بخير حًقا‪".‬‬

‫درستها هبة ‪ ،‬وهي تنظر في وجهها بحًث ا عن عالمة أخرى‪ .‬كذبة أخرى‪ " .‬حسًن ا" ‪ ،‬قالت الشقراء بشكل غير متساو‬
‫بعد بضع دقائق ‪ ،‬وال تزال غير متأكدة من إصرار قمر ‪ " .‬إذا كنت متأكًد ا‪ .‬أمك وأنا سوف ندخل القرية‪ .‬أنا بحاجة‬
‫لمساعدتها " ‪.‬‬

‫قالت قمر برأسها ‪ " ،‬أنا متأكد" ‪ .‬ثم لوحت لهبة ووالدتها بعيًد ا ‪ ،‬رافضة الطريق‪ .‬انتظرت حتى اختفوا في القرية قبل أن‬
‫تتجه إلى نصير ‪.‬‬

‫هبة رت قمر عينيها بمجرد أن رأته‪ .‬من زاوية عينيها ‪ ،‬يمكن أن تربت عليه الغبار من مالبسه الجديدة‪ .‬كان ردائه‬
‫أرجوانًيا ‪ ،‬يتعانق حول وركيه ‪ ،‬ويغطي ساقيه حتى كاحليه‪ .‬يكمل لون الحكمة االمتداد المدبوغ لصدر الزعنفة المكشوف‪.‬‬
‫سعلت عندما التقت عيناها األرجواني‪.‬‬

‫ازدهرت الحرارة على وجهها‪ " .‬إذن ‪ ...‬آه ‪ ...‬ماذا حدث لتوغا ؟" سألت بعناية ‪ ،‬مشيرة بشكل غامض إلى رد فعل‬
‫نصير الثابت حول خصره‪ " .‬اعتقدت عندما كانت هبة تحاول قياسك بالنسبة لتوغا حامد ‪ .‬أنت تعرف ‪ ...‬لكي ترتديها‬
‫في الواقع " ‪.‬‬

‫نظر نصير ألسفل مع تنهد ساخط‪ " .‬لقد فعلت ‪ ،‬لكن الحكيم أصدر أمًر ا جديًد ا هذا الصباح‪ .‬وأوضح أن جميع الرجال‬
‫في سن الترابط ‪ ،‬الذين يحملون التنوير ‪ ،‬سوف يرتدون مالبس كهذه في كل حفل ترابط من اآلن فصاعًد ا‪.‬‬

‫انضمت قمر إلى جانبه وسارت معه وهي تتجه ببطء نحو القرية‪ .‬تنهدت الزعنفة مرة أخرى‪ " .‬إنه أمر فظيع ‪ ،‬أليس‬
‫كذلك ؟ أنا مكشوف فقط في الحداد‪ .‬هل من الممكن أن تكون دافئة وباردة في نفس الوقت ؟ "‬

‫" هذا ممكن" ‪ ،‬أجابت بعمق ‪ ،‬وهي تفكر بصمت في خوفها منذ لحظات قليلة‪ .‬لقد توافقت مع خطوة نصير البطيئة‪" .‬‬
‫ال أستطيع أن أصدق أن الحكماء يجعلونك ترتدي ذلك بالرغم من ذلك‪ .‬ما الذي جعلهم يفكرون في األمر ؟ "‬

‫" والدة هبة ‪".‬‬

‫" ماذا او ما ؟" مفتون قمر ‪ " .‬والدة هبة ؟"‬

‫" هذا الصباح بينما كان الحكماء يتحدثون مع بعضهم البعض ‪ ،‬جاءت والدتها‪ .‬لقد توسلت للحكماء الستعادة بركتهم من‬
‫رابطة هبة وحامد ‪ "،‬أوضحت نصير ‪ .‬استنشقت قمر بحدة عندما ابتلعت الغضب المتزايد ألسفل في بطنها‪.‬‬
‫" هبة قالت إن والدتها ال تزال صعبة بشأن قبول عالقتها بحامد ‪ .‬لم أفكر أبًد ا أنها ستكون لديها المرارة للذهاب إلى‬
‫الحكماء حول هذا الموضوع‪ .‬هل فعلت اي شيئ ؟"‬

‫تمتم نصير بتردد‪ " .‬أنا لست حكيًم ا بعد‪ .‬أنا فقط ظلهم ‪ ،‬وال يسمح لي بالتحدث‪ .‬هذا‪ " -‬توقف ‪ ،‬وأشار إلى مالبسه‪- " .‬‬
‫ليس أسوأ ما في األمر‪".‬‬

‫" ما الذي يمكن أن يكون أسوأ من محاولة والدة هبة تدمير رابطة هبة ؟" سألت بشكل قاطع‪ .‬وشككت قمر في أن‬
‫يكون هناك أي خبر أسوأ من ذلك‪.‬‬

‫" تدمير الجميع" ‪ ،‬صرح نصير نقطة فارغة أثناء سيرهم داخل القرية ‪ ،‬وكل خطوة تقترب من الضوضاء‪ " .‬الحكماء‬
‫يناقشون اآلن حول إعادة صياغة ترتيب المحاذاة‪".‬‬

‫فتحت قمر فمها لتسأل ‪ ،‬لكن نصير ضربها بذلك ‪ " ،‬قبل أن تسأل قمر ‪ ،‬فإن ترتيب المحاذاة يجبر شخًص ا على االرتباط‬
‫بآخر‪ .‬تم توبيخ األمر عندما رفض المستنير المتحالف االرتباط بأحد الحكماء " ‪.‬‬

‫فجأة ‪ ،‬انطلق بوق االستدعاء عبر القرية ‪ ،‬مردًد ا صدى من المنتدى‪ .‬ابتعدت قمر عن نصير بعد أن أدركت مدى قربها‬
‫أثناء سيرها‪ .‬قالت‪ " :‬ربما يجب أن نذهب" ‪ .‬أومأت الزعنفة‪.‬‬

‫صندل صندلهم فوق التراب‪ .‬قضمت شفتها السفلية ‪ ،‬وتركت عينيها متدربتين على السماء الزرقاء في األعلى‪ .‬أو إلى‬
‫األرض أدناه حيث بدأ القرويون في الظهور‪ .‬كان العرق يتصبب على جلدها وهي تحارب رغبتها في الجري‪ .‬واجبها‬
‫تجاه أصدقائها جعلها تمضي قدًما‪ .‬جعلها الدفء الجليدي ترتجف عندما اصطدم أول قروي بكتفها على الطريق الضيق‪.‬‬

‫" اعطني يدك‪".‬‬

‫تمتم قمر وهي تهز رأسها إلى نصير ‪ " ،‬ماذا ؟"‬

‫" يدك‪ .‬كرر نصير ‪ .‬ثم أمسكت يده بها حتى قبل أن تتمكن من االحتجاج‪ " .‬ال يمكنك رؤيته ألنك إما تنظر ألعلى أو‬
‫ألسفل ولكنك تهتز‪ .‬أعلم أنك‪" -‬‬

‫ناشدت بضعف " ال تقل" ‪ " .‬اذا قلته…"‬

‫هز نصير رأسه ‪ ،‬تفهمها دون الحاجة إلى الكلمات‪ " .‬لن أفعل" ‪.‬‬

‫ساد الصمت بينهما عندما اقتربا من المنتدى‪ .‬تمسكت قمر بيد نصير بقوة أكبر ‪ ،‬وضغطت عندما بدأ القرويون في‬
‫التحديق‪ .‬نصير ‪ ،‬ولف يده في يدها‪ " .‬سهل ‪ "...‬همس في أذنها‪ " .‬إنهم ال يتعرفون عليك‪ .‬كالهما في حالة من الرهبة‬
‫والحسد منك " ‪.‬‬

‫" هل التقطت ذلك من بضع نجمات ؟" سألت بابتسامة صغيرة‪ .‬ابتسم لها نصير ‪ " .‬أنا متأكد من أنك الشخص الوحيد‬
‫الذي ينسى أنني مستنير بالحكمة‪ .‬يمكنني قراءة الناس ‪ ،‬أتذكر ؟ "‬

‫ردت قمر وهي تنقر على شعرها‪ " :‬لم أنس" ‪ " .‬يتم تذكيرني في كل مرة أراك فيها‪".‬‬

‫شم الزعنفة‪ .‬رفض لكعوتها المعتادة واستمر في ذلك‪ " .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬أعلم أنه كان لدي نفس المظهر على وجهي‬
‫مرة أو مرتين من قبل‪".‬‬

‫ُصدمت قمر بالصمت‪ .‬خجلت الحرارة على خديها مرة أخرى‪ .‬طار القرويون على عجل من حولهم عند دخولهم‬
‫المنتدى‪ .‬ثم جمدت‪.‬‬

‫تحركت عيناها من محل البيع لتباع‪ .‬حدق بها العديد من الوجوه غير المألوفة قبل العودة إلى مهامهم‪ .‬تلقائًيا ‪ ،‬تحركت‬
‫قمر بالقرب من حتى تم ربط أكتافها‪ .‬تدفق البرد على بشرتها‪ .‬ارتجفت وهي تكافح من أجل التنفس‪ .‬كما لو أن نصير‬
‫تعرف ‪ ،‬تشابكت أصابعه مع أصابعها ‪ ،‬وانحسر بعض خوفها‪.‬‬
‫" قمر ‪"...‬‬

‫سقطت في بحر من اللون األرجواني بينما كانت نصير تقف أمامها‪ .‬رمش الشعر الفضي في الشمس‪ " .‬ركز على‬
‫وجهي" همست الزعنفة‪ " .‬أنت بحاجة إلى الهدوء ‪ ،‬حسًن ا ؟" تراجعت عندما سقطت يد دافئة على وجهها‪ " .‬قمر ؟‬
‫إيماءة أو شيء من هذا القبيل‪ .‬فقط ألعلم أنك ما زلت هنا " ‪.‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪.‬‬

‫زعنفة الزفير مهتزة‪ " .‬حسن‪ .‬هل أنت بخير للذهاب إلى منزل الحكماء ؟ "‬

‫أومأت برأسها مرة أخرى‪.‬‬

‫استنشقت قمر بحدة عندما قادتها نصير إلى منزل ‪ ،‬لتقاتل ضد تدفق الناس‪ .‬حدقت في مؤخرة رأس نصير ‪ .‬تحدق في‬
‫الفضة وكأنها نجمة في السماء تقود منزلها‪ .‬هذه المرة فقط ‪ ،‬لم يكن المنزل مالذا‪ .‬لكن عرين األسد‪ .‬كلما اقتربوا ‪ ،‬كبر‬
‫منزل الحكماء‪ .‬ابتلعت وهي تتخيل الممر المفتوح كفم تنتظر التهامهم‪.‬‬

‫" قبل أن ندخل إلى منزل –" بدأ نصير كما كان يقف أمام منزل كبير‪ .‬استدار في مواجهتها‪ " .‬احتاج إلخبارك شي‬
‫ما…"‬

‫" هل انت بخير ؟" سألت بقلق‪ .‬تحركت عيناها على وجه نصير ‪ ،‬تدرس لشيء ما‪ " .‬أخبرني‪ .‬ما هذا ؟"‬
‫انتزع يدها من كتفه‪ " .‬أريد أن أعتذر‪ .‬لقد كان يزعجني طوال الليل ‪ ،‬و‪" -‬‬

‫هزت قمر رأسها‪ " .‬نصير ‪ ،‬أنت ال‪"-‬‬

‫أصر " أنا أفعل" ‪.‬‬

‫" إذن أنا آسف أيًضا‪".‬‬

‫" ماذا او ما ؟ لماذا تعتذر ؟" سأل نصير ‪.‬‬

‫تمكنت قمر من االبتسام ورفع حاجبيها‪ " .‬اعتقدت أن أولئك الذين لديهم عصر التنوير الحكيم القديم يمكنهم قراءة الناس‪.‬‬
‫أال يمكنك قراءة لي أو شيء من هذا القبيل ؟ لقد سخرت بخفة ‪ ،‬مما جعل نصير يلف عينيه عليها‪ .‬ثم اختفت ابتسامتها‬
‫فيما واصلت‪ " .‬لم نناقش مثل هذا من قبل‪ .‬وأدركت أنك لم تكن مخطًئ ا في مخاوفك ‪" ...‬‬

‫صحح نصير " لكنني لم أكن على صواب أيًض ا" ‪ " .‬يجب أن تكون قادًر ا على اتخاذ قراراتك الخاصة‪ .‬ما كان يجب أن‬
‫أحاول إبقائك في بيتك " ‪.‬‬

‫أومأت بالموافقة‪ " .‬صحيح جدا‪ .‬قال قمر ‪ " :‬كان يجب أن تفعل ذلك ‪ ،‬لكنها لم تكن لتنجح على أي حال" ‪ " .‬هل مسموح‬
‫لي بتذكيرك بهذه المحادثة إذا حاولت شيًئ ا آخر كهذا مرة أخرى ؟"‬

‫ابتسم نصير " في حدود المعقول" ‪ " .‬أنا آسف‪".‬‬

‫" أنا أيضا‪".‬‬

‫كانت هناك لحظة لم تعرف فيها من تحرك أوًال‪ .‬سواء كانت تغوص في ذراعي نصير أو خطفتها ذراعيه‪ .‬سيكون لغزا‬
‫حتى نهاية الوقت‪ .‬ولكن في غمضة عين ‪ ،‬كانت مغمورة بين ذراعي نصير ‪ ،‬ووجهها يضغط على جلده العاري الدافئ‪.‬‬
‫احمر الخدود احترقت على خديها ألنها سمحت لنفسها بالذنب لتذوق لمسة نصير ‪ .‬حتى لو كان مجرد عناق ‪ ،‬فقد احترقت‬
‫ذراعيه حول خصرها‪ .‬الجلد الرقيق من ذراعيها مثبت حول رقبته‪ .‬رفرفت عيناها الخمريتان مغمضتين‪ .‬تحركت الزعنفة‬
‫تحتها‪ .‬فتحت عينا قمر ‪.‬‬

‫" آه!" صرخت وابتعدت عن نصير ‪.‬‬


‫" آسف ‪ "،‬نصير بينما كانت قمر تفرك األلم من صدرها‪ " .‬إنه‪ "-‬طهر حلقه – " ال بد أنه كان الشوك من الليو‪.‬‬
‫اعتقدت أن كل األشواك مقطوعة " ‪.‬‬

‫" ال بأس‪ .‬تمتم قمر ‪.‬‬

‫" ال يزال بإمكاني أن أكون آسفة" ‪ ،‬تمتم نصير محرًج ا‪ .‬كان يحدق في قدميه وهي تدرس لباسها من أي إصابات‪ .‬بدأ‬
‫نصير " لباسك ‪ "...‬ثم تبعه‪ .‬فتح فمه وأغلقه لعدة ثوان‪ .‬لعق شفتيه كما أضاف‪ " .‬يبدو مألوًف ا‪".‬‬

‫ألقت قمر نظرة على جسدها ‪ ،‬حيث عانق الفستان األرجواني خصرها‪ " .‬كان الفستان الذي ارتديته في الحفل‪ ".‬ابتسمت‬
‫وهي تتابع‪ " .‬اعتقدت والدتي أنني سأكون هنا من أجل هذا ‪ ،‬لذا قامت بتغييره‪ .‬هل هذا بخير ؟ "‬

‫أومأت الزعنفة‪ .‬طافت عليها عيناه األرجوانيتان قبل أن يبتعد‪ .‬عبر احمرار على وجهه ‪ ،‬فتحولت أذنيه إلى اللون‬
‫القرمزي‪ " .‬أنت تبدو ‪ ...‬جميل‪"-‬‬

‫" هل أنتما االثنان تدخالن ؟" زقزق حامد عندما قفز عبر المدخل‪ " .‬أحب أن أكون مرتبًط ا قبل أن أبدأ في الشيب‪".‬‬

‫تحركت األشقر بشكل مزعج على أذن نصير الحمراء‪ " .‬أعتقد أننا في انتظاركما اثنان وعدد قليل من الدراجين على‬
‫الحدود‪ ".‬ثم اختفى حامد مرة أخرى داخل المسكن الكبير‪.‬‬

‫صعدت من نصير وأشارت إلى المدخل‪ .‬قالت قمر بضعف‪ " :‬أعتقد أن حامد يريدنا بالداخل" ‪ .‬ما زال قلبها ينبض ‪،‬‬
‫ووجهها ال يزال دافًئ ا من عناقهما‪.‬‬

‫بشكل غير متوقع ‪ ،‬انطلق حامد من المدخل‪ .‬قال حامد ‪ ،‬وهو يصفع يديه على أكتاف قمر ونصير ‪ " :‬لم أقصد‬
‫التنصت" – " لكنني كنت أريدكما في الداخل منذ فترة طويلة‪ .‬احصل على خطوة لألمام ‪ ،‬لذلك ال يتعين علي سوى‬
‫انتظار عدد قليل من األشخاص اآلخرين الذين لديهم أعذار للتأخر‪ .‬لنذهب‪".‬‬

‫بدأ القلب يقرع الطبول بشكل أسرع إلحساس مختلف تماًما‪ .‬ابتلعت قمر بشدة مع حامد سحبهم عبر المدخل‪ .‬تكيفت‬
‫عيناها بسرعة مع السحابة المظلمة الدخانية التي كانت معلقة في الهواء‪ .‬تخلى عنها حامد على الفور ‪ ،‬تارًك ا يدها بمجرد‬
‫أن التقى بالحشد‪.‬‬

‫تم حرق موقدين على جانبي المدخل ‪ ،‬مما أدى إلى إضاءة الزوايا المظللة للغرفة‪ .‬كان هناك شبر ال يطاق في مؤخرة‬
‫حلقها‪ .‬سعلت‪ .‬أمسكت قمر بيد نصير في يدها المرتجفة‪ .‬قامت بتشبيك أصابعهم وضغط على أطرافهم ‪ ،‬مما أرسل راحة‬
‫مطمئنة أنه كان هناك من أجلها‪ .‬بدون كلمات ‪ ،‬بدأ نصير في قيادتهم عبر الحشد متعدد الوجوه‪.‬‬

‫وتناثرت الحشود الغفيرة باللون البني واألشقر ‪ ،‬إما واقًف ا أو جالًس ا على وسائد ظهرت في المحادثات الصاخبة‪ .‬في‬
‫النهاية ‪ ،‬عثروا على وسادتين في منطقة هادئة إلى حد ما‪ .‬من خالل بقعة مبعثرة في الحشد ‪ ،‬وجدت قمر رأًس ا وردًيا ‪،‬‬
‫جالًس ا في كتلة أو بني ‪ ،‬كبار السن من السادة‪.‬‬

‫عّبست عندما وجدت وجه أمها متجهًما‪ .‬صعدت قمر إلى األمام ‪ ،‬وسحب نصير معها‪ .‬لقد تعثرت عندما تم انتزاعها مرة‬
‫أخرى‪ .‬جرها سحب يدها إلى الوسائد‪.‬‬

‫" ما هو الخطأ ؟" سأل نصير ‪.‬‬

‫بقلق ‪ ،‬نظرت قمر من فوق كتفها باتجاه والدتها‪ .‬ثم ابتسمت‪ .‬جلس أحد الرجال بجانب والدتها وهو يفرك خده وكأنه‬
‫يتألم ‪ ،‬بينما تبتسم والدتها وهي شبه راضية‪ .‬عادت قمر إلى نصير ‪ ،‬وتناثر القلق على مالمحه وهي تجيب‪ " .‬لقد كان‬
‫الشئ‪".‬‬

‫أعوجت نصير رأسه فوق كتفها‪ .‬ثم ‪ " .‬تبدو المستنيرة سعيدة جدا بنفسها‪ .‬لم تكن هناك حاجة للقلق " ‪.‬‬

‫تالشت ابتسامته من وجهه على الفور‪ " .‬ماذا تفعل هناك ؟" زعنفة مدمرة ‪ ،‬وأخذت قمر على حين غرة‪ " .‬إنها ال تنتمي‬
‫إلى هناك‪".‬‬

‫" من الذى ؟"‬


‫اتبعت قمر وهج نصير إلى المنصة األعلى‪ .‬تساقط شعر أشقر طويل على أكتاف المرأة المسنة وهي تتحدث مع والد‬
‫حامد ‪ .‬لم تستطع قمر إال أن تفترض أنها والدة هبة ‪ " .‬سأتحدث مع هبة !" أعلن نصير بحرارة ‪ ،‬قفز على قدميه‪ " .‬بعد‬
‫هذا الصباح ‪ ،‬ال يحق لتلك المرأة أن تكون هناك!"‬

‫قبل أن يبتعد نصير ‪ ،‬سحبه قمر مرة أخرى بجربة من يده‪.‬‬

‫قالت " ال" ‪.‬‬

‫نظر إليها نصير إلى أسفل‪.‬‬

‫" هل يجب أن أحضر حامد بدًال من ذلك ؟"‬

‫أجابت وهي تهز رأسها‪ " :‬ال" ‪ " .‬حامد سمح للناس طوال هذا الوقت ‪ ،‬أليس كذلك ؟"‬

‫" لكنك لم تسمع ما كانت تقوله!" احتج نصير ‪ ،‬هسهسة على الرغم من أسنانه‪ " .‬لقد أيقظت جميع خوادم المنزل من‬
‫حولنا هذا الصباح ‪ ،‬لم تَر وجه حامد أو هبة ‪ .‬لم تَر مدى ذهولهما ‪" ...‬‬

‫بلطف ‪ ،‬استولت قمر على ذراع نصير ‪ ،‬وجذبت الرجل إلى الوسادة‪ .‬احترقت عيناه األرجوانيتان بالغضب المماثل الذي‬
‫حملته بداخلها‪ " .‬ربما لم أكن هناك أو سمعت الكلمات التي قيلت بالضبط ‪ ،‬لكن هبة أخبرتني‪ .‬وأنا أعلم أنه إذا كانت ال‬
‫تريد أن تكون والدتها هنا ‪ ،‬فإن هبة ستفعل شيًئ ا حيال ذلك " ‪.‬‬

‫توقفت مؤقًت ا بينما جدد نصير التحديق على والدة هبة ‪ .‬تنهدت قمر ‪ .‬قامت بتدوير ذقنه ‪ ،‬وتحريك عينيه إليها‪ " .‬حامد‬
‫يعرف والدة هبة هنا‪ .‬السبب في أنه لم يفعل أي شيء حيال ذلك هو ألنه يعلم أن هبة تحب والدتها ‪ ،‬وتريدها هنا بغض‬
‫النظر " ‪.‬‬

‫ثم تنهدت الزعنفة‪ .‬ارتخاء كتفيه كما سقطت الهزيمة على وجهه‪ .‬ألقى نظرة أخيرة مرهقة على المنصة‪ " .‬من األفضل‬
‫أن تكون محًق ا بشأن هذا" ‪ ،‬تمتم ‪ ،‬وهو يغرق في أعماق الزابوتون‪.‬‬

‫عرضت " أتمنى أن أكون كذلك" ‪ ،‬ثم أضافت‪ " .‬حامد وأنا نتحدث عن األشياء‪".‬‬

‫" أشياء ؟" سأل نصير بفضول‪ " .‬أي نوع من األشياء ؟"‬

‫ابتسمت وهي على وشك الرد عندما تجمدت‪ .‬حدق رجل بعينين شاحبتين مذهلتين في وجهها من فوق كتف نصير ‪ .‬لم‬
‫تستطع قمر تحديد ألفة اللون حيث بدأ الرجل األشقر يرتجف‪ .‬اقتربت ذراعيه من صدره‪ .‬حادت شفتيها على أذن نصير‬
‫وهي تميل بالقرب من الهمس‪ " .‬الرجل األشقر الذي ترد ظهرك إليه ‪ ...‬من هو ؟"‬

‫تصلب الزعنفة‪ .‬نظر من فوق كتفه وتغير سلوكه‪ .‬انحنى إلى األمام ‪ ،‬يهمس في أذنها‪ " .‬ال أعرف اسمه ‪ ،‬لكنه دائًما في‬
‫منزل المعالج‪.‬‬

‫" هل تعرف لماذا ‪ "...‬تراجعت قمر ‪ .‬صهرت حلقها ‪ " ،‬لماذا يرتجف هكذا ؟"‬

‫هز كتفيه‪ " .‬ليس لدي فكره‪".‬‬

‫شاهدت قمر بينما بدأ نصير يتحدث إلى الرجل‪ .‬ثم كادت أن تقفز من جلدها عندما أذهلتها ضحك صاخب عبر نزل‬
‫كبير‪ .‬قامت بمسح وسط الحشد الصاخب الصاخب ‪ ،‬بحًث ا عن الجاني‪ .‬عندما لم تأت ضحكة أخرى ‪ ،‬تحركت قمر‬
‫لإلعجاب بمحيطها‪.‬‬

‫كان هناك شبه معتم لبيت المنزل عندما كانت نبتة‪ .‬بدًال من موقدين على المنصة كما تتذكر ‪ ،‬كان هناك موقد واحد فقط‪.‬‬
‫موقد حجري كبير في المنتصف‪ .‬تم تحريك الفراء المتناثر على األرض‪ .‬اآلن مثبتة على الجدران ‪ ،‬معروضة مثل‬
‫الجوائز‪ .‬غطت الحصائر المنسوجة ذات األلوان المحايدة األوساخ ‪ ،‬مما جعل األرضيات‪ .‬فوق األرضية المدبوغة ‪،‬‬
‫جلست العديد من الوسائد السوداء‪.‬‬
‫دفعت موجة أخرى من الضحك انتباه قمر إلى االتجاه األصلي‪ .‬كانت تلهث بخفة عندما وجدت نفسها تحدق في عينيها –‬
‫زوج بني أخف قليًال من عينيها – عبر التوسعة الكبيرة‪ .‬دفع الرجل المجهول رجًال آخر – أشقر – جالًس ا بجانبه ‪،‬‬
‫وانحازا إلى بعضهما‪ .‬تحركت أفواههم ‪ ،‬لكن المرأة لم تكسر االتصال بالعين معها‪.‬‬

‫" ما المثير لالهتمام هناك ؟" سألت نصير ‪ ،‬فأجابت بنفس السرعة ‪ ،‬مزقت عينيها من الغريب‪ " .‬ال شيئ‪".‬‬

‫ت ‪ ،‬نظرت نصير بنفس الطريقة التي كانت تنظر بها‪ .‬تّمت متابعة قمر ‪ .‬المستنير وغير المنور حدق في الوراء‪.‬‬
‫شعرت قمر بصالبة الزعانف بجانبها‪ .‬كان كتفه ساكًن ا عندما وقف الرجل المستنير ‪ ،‬وبدأ يشق طريقه نحوهم‪.‬‬

‫طالب نصير بشكل جليدي " بّدل لي النقاط" ‪.‬‬

‫" لماذا ؟"‬

‫أجاب نصير ببرود‪ " :‬تعرنصير السبب" ‪ .‬عّبرت عن غضبها بينما تابعت نصير ‪ " ،‬صديقك الجديد قادم‪ .‬اآلن بّدل‬
‫مقعدي ‪ ...‬من فضلك‪" .‬‬

‫عندما غيرت مقاعدها مع نصير ‪ ،‬تساءلت عما حدث‪ .‬هل أزعجه بطريقة ما ؟ ارتدى نصير كشًر ا رقيًقا بينما كانت‬
‫عيناه األرجوانيتان تنظران إلى الحشد‪ .‬عرفت قمر أن االعتراف بها لن يكون أمًر ا مثالًيا‪ .‬هي تعرف‪ .‬وهي ال تريد أن‬
‫يحدث ذلك‪ .‬لكن ذلك الغريب ال يبدو أنه تعرف عليها‪ .‬في الواقع ‪ ،‬كانت الطريقة التي نظر بها إليها هي عكس ردود‬
‫الفعل التي كانت تتلقاها عادة‪.‬‬

‫غرقت في الزابوتون الجديد حيث سقط المنزل في صمت‪ .‬جلس الحشد على الفور ‪ ،‬مما أعطى المنزل وهًما أصغر‪ .‬تم‬
‫إسكات أفكارها أيًض ا عندما دفعت نصير ذراعها ‪ ،‬وهي تشير إلى المنصة‪ .‬كان الحكماء التسعة يقفون على المنصة‪.‬‬

‫لوح أقدم وايزمان – مرتدًيا رداء أرجوانًيا – بيده‪ .‬انقسم الحكماء الثمانية اآلخرون ‪ ،‬وانتقلوا إلى مجموعتين متساويتين ‪،‬‬
‫وغامروا إلى أي من طرفي المنصة‪ .‬سرعان ما تجمعوا مرة أخرى ‪ ،‬وانتقلوا إلى خط متصل بينما كانوا يوجهون رأسين‬
‫أشقر مألونصير إلى الموقد‪.‬‬

‫كان كل من هبة وحامد يرتديان تيجاًن ا على رأسهما ‪ ،‬وأمسكوا بأيديهم فوق اللهب الصغير‪ .‬هدأ بيت المنزل أكثر ‪ ،‬وبدا‬
‫أن جميع الضوضاء من الخارج خافتة أيًض ا‪ .‬انكمش الحكماء العجوز بهدوء‪ " .‬نحن هنا لخلق امتياز مقدس وترسيخه‪".‬‬
‫يديه القديمة مثبتة على هبة وحامد قبل أن يواصل‪ " .‬انضم أسالفنا إلّي وإلى النساء منذ فجر العصر الجديد‪ .‬نحن هنا‬
‫اليوم‪ .‬هذه اللحظة هي تبادل الهدايا ‪ ،‬سواء الممنوحة اآلن أو على انفراد‪ .‬ثم يمكننا االستئناف " ‪.‬‬

‫ابتسمت قمر عندما ابتسم صديقاها لبعضهما البعض ‪ ،‬وهما غير متأكدين من من يجب أن يتحدث أوًال‪ .‬أومأت هبة‬
‫برأسها قبل أن تتكلم‪ " .‬هديتي لك هي نفسي‪ .‬أنا أعلم أنني لست كثيًر ا‪ .‬لكنني سأكون بجانبك‪ .‬حياتي ال تكتمل بدونك‪" .‬‬

‫ابتسم حامد ‪ " .‬هديتي األولى لك هي مفاجأة أن يتم تقديمها على انفراد‪ .‬هديتي الثانية هي نفسي‪ .‬أعدك أن أحبك دائما‪.‬‬
‫لتحقيق رغباتك‪ .‬معك ‪ ،‬أنا كامل " ‪.‬‬

‫قال الحكيم‪ " :‬يعطى بيت" ‪ " .‬لذلك يمكنك أن تقف مكتوفي األيدي بينما تتحرك تيارات النهر والحياة بمفردنا معنا‪.‬‬
‫لتحقيق التوازن ‪ ،‬ستولد من جديد ويتم تطهيرك‪" .‬‬

‫لقد تراجعت تلقائيا‪ .‬الجفل عندما اندفع دلو من الماء فوق رأسي هبة وحامد ‪ .‬يمكن سماع أصوات القطرات الرطبة‬
‫الهادئة ‪ ،‬بصوت عاٍل تقريًبا كما تحدث الحكماء األقدم مرة أخرى‪ " .‬مع هذا ‪ ،‬أنت تتحرك ‪ ،‬ولكن ال يزال‪ .‬في توازن‬
‫العالم وبعضكم البعض ‪ ،‬أنتم الكمال‪ .‬مًع ا ‪ ،‬قد تمضي حياتكم إلى األمام كتيار ال يتغير ‪ ،‬وقد تزرعون العديد من الشتالت‬
‫وتزدهرون القرية وتعيشون في سعادة لبقية ممراتكم‪ .‬اآلن ‪ ،‬أمسك معصميك نحوي " ‪.‬‬

‫من الموقد ‪ ،‬سحب الحكيم العجوز قضيًبا على شكل هالل أحمر ناري من اللهب‪ .‬هسهسة قمر عندما اشتعلت الندوب‬
‫حول معصمها بالحرارة الوهمية‪ .‬خفق األلم على جلدها ‪ ،‬ألم لم تتذكره أبًد ا‪ .‬تم االستيالء على يدها على الفور من قبل‬
‫نصير ‪ ،‬التي أعادت لها نظرة قاتمة‪.‬‬

‫كانت هناك شهقات قاسية من الجمهور عندما ضغط الهالل على معصم حامد األيمن أوًال ‪ ،‬ثم معصم هبة األيسر بعد‬
‫ذلك‪ .‬ولم يصرخ من شدة األلم‪ .‬لكنهم تأوهوا بارتياح عندما تم سحب المعدن‪ .‬تدفق الحكماء اآلخرون إلى هبة وحامد ‪،‬‬
‫وهم يميلون إلى الجلد الذي تم وضع عالمة عليه حديًث ا بينما تحدث األكبر‪.‬‬
‫" عندما تلتقي هذه العالمات في النهاية ‪ ،‬قد تكون حياتك دائرة ال تنتهي‪ .‬مثل الشمس والقمر ‪ ،‬والتيارات مع السكون‬
‫الذي يسكن هذه األراضي " ‪.‬‬

‫التقطت األصابع المجعدة التاج المنمق من رأسي هبة وحامد وربطتهما بخيط أحمر‪ " .‬أتمنى أن يمثل هذا الدخان‬
‫سعادتك كما لو كانت مستعبدة حديًث ا‪".‬‬

‫سقطت التيجان في الموقد ‪ ،‬وأكلتها النيران‪ .‬اندلع دخان أزرق في حجرة المنزل مع صوت صاخب ؛ إرسال ألسنة اللهب‬
‫الزرقاء إلى الحياة‪ .‬ثم مات‪.‬‬
‫ظل المنزل صامًت ا‪ .‬نظرت قمر بسرعة في الغرفة‪ .‬دراسة أي وجوه تجدها‪ .‬كانت الوجوه قاتمة‪ .‬كان البعض مرتبًك ا‬
‫ومهيًبا‪ .‬وجدت عيناها البنيتان وجه هبة ‪ ،‬الذي كان واضًح ا أن الحزن مكتوب على مالمحه‪ .‬قام حامد بمطابقة تعبيره‬
‫الوحيد المترابط‪ .‬شخص واحد فقط في المنزل لم يبد عليه االنزعاج ‪ ،‬بل على العكس تماًما‪ .‬حملت والدة هبة ابتسامة‬
‫متعجرفة على وجهها عندما انحنت قمر لتهمس في أذن نصير ‪.‬‬

‫" أعرف أن هناك شيًئ ا خاطًئ ا من وجه الجميع‪ .‬ماذا يحدث هنا ؟"‬

‫" أزرق‪".‬‬

‫" نعم ‪ ،‬لقد رأيت ذلك" ‪ ،‬تمتمت قمر بحرارة‪ " .‬ماذا يعني اللون األزرق ؟"‬

‫" انا ال اعرف‪".‬‬

‫سألت " ماذا تقصد ‪ "،‬أنت ال تعرف ؟ "‬

‫" بمعنى ‪ ،‬لم أسمع أو قرأت عن الدخان األزرق من قبل ‪ "،‬أوضح نصير بهدوء‪.‬‬

‫" عظيم ‪ "...‬همهمت ساخرة‪ .‬نظرت قمر حول الخادمة مرة أخرى ‪ ،‬وشاهدت والدة هبة واقفة‪ .‬عبرت الشقراء األكبر‬
‫سًن ا المنصة بشق األنفس إلى هبة وأمسك بيدها‪.‬‬

‫" هل انتهى ؟" همست لنصير ‪ ،‬الذي أومأ برأسه‪ " .‬نعم‪".‬‬

‫" هل نصفق ؟"‬

‫" ال‪ .‬نرمي أكاليل الزهور والهدوء لهم " ‪.‬‬

‫همست قمر على وجه السرعة " إذن افعلها" ‪ " .‬قبل أن تحاول والدة هبة بيعها إلى المتسكع‪".‬‬

‫" ال تفكر ‪ "...‬بدأت نصير وطعنته قمر بألم على ذراعها بإصبعها‪ .‬أشارت إلى المنصة‪ .‬كانت هبة ووالدتها تهمس‬
‫بعضهما البعض ‪ ،‬وكان الحكيم بجانب المرأة األكبر سًن ا‪ " .‬مهما كانت تلك المحادثة‪ "-‬همست قمر ‪ " ،‬إنها ال تبدو‬
‫ممتعة‪ .‬أنا أرمي إكليلي من الزهور " ‪.‬‬

‫" قمر ‪ "...‬حذرت نصير ‪.‬‬

‫صاحت " نصير " ‪ " .‬ماذا حدث لك ؟ كان علي أن أمنعك من التخلص من والدة هبة ‪ ،‬على الرغم من أنني كنت مخطًئ ا‬
‫‪ ،‬لكنني اعتقدت أنك تريد رحيلها‪ .‬واآلن ‪ ،‬أنت ال تقدم المساعدة عن ُبعد " ‪.‬‬

‫" أريدها بالخارج لكن‪"-‬‬

‫" ال‪ .‬رد عليها قمر ‪ .‬وقفت‪ .‬انتزعت قمر إكليلها من شعرها المتشابك ‪ ،‬وألقت إكليل الزهور باتجاه المنصة‪ .‬ورقص‬
‫دخان أحمر في الهواء عندما سقط إكليل الزهور في ألسنة اللهب‪ .‬انتزعت نصير يدها ‪ ،‬وسحبتها إلى أسفل‪ .‬مجموعات‬
‫متعددة من العيون من المنصة المثبتة عليها ‪ ،‬ترسل الجليد إلى أسفل عمودها الفقري‪ .‬تمتم نصير لعنة – وهو أمر نادر‬
‫الذي تقدمت به قمر في وقت الحق – ثم أرسل ليه يطير في النيران أيًضا‪.‬‬
‫ترددت صدى الهتافات الحماسية في المنزل بينما ألقى آخرون أكاليل الزهور والكرات أيًض ا‪ .‬مجموعة من األلوان تنفجر‬
‫وتتدفق في الهواء ‪ ،‬وتغطي فراغ الدخان األزرق‪.‬‬

‫رافق الحكماء الثمانية اآلخرون والدة هبة إلى الوسادة بجانب والد حامد النائم‪.‬‬

‫أعلن أحد الحكماء المستنيرين األقوياء‪ " :‬أنت اآلن مرتبط" ‪ .‬حمل صوته فوق الهتافات برزت عيون بنية في قمر ‪.‬‬
‫كانت هناك هزة من الخوف اندلعت في جسدها‪ .‬ابتعدت عن الوهج الساخن وشاهدت صديقيها يتبادالن القبالت بحماس‪.‬‬
‫تجول حولها دفء ‪ ،‬وأخيرًا ‪ ،‬بعد مرور من االنتظار ‪ ،‬تم ربط هبة وحامد أخيًر ا‪.‬‬

‫عندما انفصل الزوجان ‪ ،‬وقف الجميع‪ .‬التصفيق والصياح ‪ ،‬ركض هبة وحامد على المنصة متقبلين التحية لوضعهما‪.‬‬
‫أمسكت يدها الفارغة ‪ ،‬وعيناها متصلتان بزوج متأللئ من العيون الزرقاء المتأللئة بالسعادة‪.‬‬

‫قال حامد ‪ " :‬شكًر ا لك" ‪ .‬شد قمر على طولها وأمسكت يد نصير بشكل غريزي‪ .‬عندما كانت في الخارج ‪ ،‬ابتلعت‬
‫ذراعيها عندما قابلت وجه هبة المبتسم على كتف حامد ‪ .‬ابتسمت قمر في نصير ‪ ،‬في حامد عندما ابتعدت عن العناق ‪،‬‬
‫وفي هبة قبل أن تجذبهم جميًع ا في عناق أكبر‪.‬‬

‫شخص ما في مكان ما بدأ الطبول‪ .‬سرعان ما تبع الغناء‪ .‬تدفقت الحشود من داخل المنزل ‪ ،‬وانضمت إلى المنتدى‪.‬‬
‫انجرفت رائحة اللحم في الهواء مع الرائحة المميزة لليسين‪ .‬تم اختطاف قمر ونصير والزوجين المرتبطين حديًث ا في‬
‫احتفال بالرقص‪.‬‬

‫رقصت قمر مع نصير حتى تالشت الشمس‪ .‬دارت مع القرويين ‪ ،‬غير مبالية إذا تمكن الحكماء من التعرف عليها‪ .‬كان‬
‫هناك الكثير من الناس في الحشد ‪ ،‬وكان هناك الكثير من الوجوه‪ .‬إذا لم يتعرف أحد على وجهها اآلن ‪ ،‬فإنها تشعر‬
‫باألمان تقريًبا ‪ ...‬بما فيه الكفاية‪ .‬توقفت عن الرقص‪ .‬وأدركت أن رأًس ا فضًيا معيًن ا كان مفقوًد ا‪.‬‬

‫" نصير ؟!" صرخت على الضوضاء ‪ ،‬داخل تشابك األجساد المتعرقة‪ .‬أكلت الموسيقى صوتها ‪ ،‬وابتلعتها الطبول‬
‫بالكامل‪.‬‬

‫" زعنفة ! ؟" خفت قمر مرة أخرى على أمل أن يكون في مكان قريب‪ .‬اختفت كلماتها مرة أخرى‪ .‬مسح قمر الحشد من‬
‫حوله بحًث ا عن وجهه‪ .‬لقاء الوجوه المبتسمة والسكر فقط في المقابل‪ .‬فقط الغرباء أحاطوا بها ‪ ،‬ودفعت القرويين على أمل‬
‫العثور على نصير ‪.‬‬

‫حلق الذعر حلقها‪ .‬غرقها الحشد‪ .‬كانت روائح العرق والرياح واألصوات يمكن رؤيتها جميًع ا‪ .‬كل ما يمكن أن تشعر به‪.‬‬
‫" زعنفة ؟" انها تنعق بال حول وال قوة‪ .‬تدافعت بعيًد ا عن الوجوه التي بدأت في التحديق‪ .‬سقط شيء صلب على ظهرها‪.‬‬
‫انها ردت صرخة‪.‬‬

‫دارت قمر حولها‪ .‬احتضنت ذراعيها حول صدرها وهي تحدق في العمود الذي يمسكها‪ .‬السالسل التي أحرقتها‪ .‬كل هذا‬
‫من أجل عقاب لم تستحقه‪ .‬ألم تلسع جلد معصمها‪ .‬فرك قمر الجلد الرخامي ‪ ،‬في محاولة للتخلص من الجلد لدغه اللهب‪.‬‬
‫شيء دافئ مقعر فوق كتفها‪ .‬وزن اليد المألوف ‪ ،‬تراجعت قمر في ارتياح‪.‬‬

‫تنفست " نصير " ‪ .‬لكن عندما استدارت ‪ ،‬قوبلت بعيون بنية بدًال من اللون األرجواني‪ " .‬أنت لست نصير ‪".‬‬

‫ضحك الرجل أمامها‪ " :‬أنا لست كذلك" ‪ .‬ابتسم لها‪ " .‬هل كان هذا" نصير " جالًس ا معك خالل حفل ربط حامد ؟‬
‫يبدو ‪ ...‬وقائًيا " ‪.‬‬

‫تراجعت للوراء ‪ ،‬وأعطت مساحة واسعة بينها وبين الغريب‪ " .‬نعم ‪ ،‬كان نصير معي أثناء الترابط‪ ".‬درست قمر‬
‫الرجل الذي أمامها ‪ ،‬وهي ترتدي نفس النوع من المالبس التي كانت ترتديها نصير ‪ ،‬باستثناء الرجل الغريب الذي كان‬
‫يرتدي اللون البني‪ " .‬كيف تعرف حامد ؟ ال تبدو مثل هذا النوع " ‪ .‬هي اضافت‪.‬‬

‫" سأجيب على سؤالك إذا أجبت حبيبي‪".‬‬

‫أومأت قمر ببطء ‪ ،‬وهي تقوس حاجبها على اسم الحيوان األليف‪ .‬ابتلعت الكتلة الحلق عندما ابتسم الرجل‪ .‬قاومت الرغبة‬
‫في الفرار‪ .‬لالستسالم للشعور في أحشائها الذي طلب منها االبتعاد‪ .‬هذا الشيء لم يكن صحيًح ا‪ .‬أن االبتسامة على وجه‬
‫هذا الرجل تلوى أحشاءها مثل السكين‪ .‬انتظرت منه أن يخرجها ‪ ،‬ليقضي على إحساسها باألمان هذه الليلة‪ .‬تقدم الرجل‬
‫إلى األمام وهي تنجرف للخلف‪.‬‬
‫" خارجا معه!" انها قطعت‪ .‬ساد الغضب واالنزعاج إلى نبرتها مع ابتسامة عريضة فقط‪ " .‬ما هو سؤالك ؟"‬

‫" هل أنت من كيرين ؟ أو قرية أخرى لم أسمع بها من قبل ؟ ألنه في اللحظة التي دخلت فيها منزل الحكماء ‪ ،‬علمت أنك‬
‫أجمل شخص مستنير رأيته في حياتي ‪ ،‬وكنت بحاجة إلى معرفتك‪ .‬ما اسمك ؟ وكيف يعرف المستنير مثلك ذلك الغبي‬
‫حامد ؟ "‬

‫مع كل سؤال ‪ ،‬تقلصت المسافة بينها وبين الغريب‪ .‬رسم نفسه مع كل كلمة‪ .‬حافظت قمر على وضع مسافة بينهما‪.‬‬
‫ابتعدت عندما حاول الرجل وفشل في االستيالء على قطعة من حبال الماهوجني المتمردة‪ .‬نظرت قمر إلى الحشد‪ " .‬أريد‬
‫أن أجد نصير ‪".‬‬

‫ابتعدت قمر ‪ ،‬وركضت بينما وصلت يدها إلى كتفها‪ .‬اقتحمت القرويين ‪ ،‬وتلقيت شكاوى في حالة سكر‪ " .‬هل نصير‬
‫الخاص بك المستعبدين ؟" دعاها الرجل بعدها‪ .‬حتى فوق الطبول واألغنية والضحك ‪ ،‬ال يزال بإمكانها فهم األسئلة التي‬
‫صاح بها الغريب‪ .‬كانت ترى من فوق كتفها أن الرجل قد تبعها‪ .‬كان يتنقل بين الحشود ‪ ،‬ويدفع الناس جانًبا أسرع مما‬
‫تستطيع‪ " .‬ال يهمني إذا كان لك‪ .‬اريد اسمك! "‬

‫" أنت لست بحاجة إليها!"‬

‫اقتحم الدخان طريقها إلى أسفل قصبتها الهوائية‪ .‬من خالل عيون دامعة ‪ ،‬يمكنها تجميع الشكل الخشن للحدادة‪ .‬وهن‬
‫قرويون بالقرب من المبنى واشتكوا من الدخان الكثيف‪ .‬رحبت قمر بالمساحة بسعادة‪ .‬لكن أي ارتياح تبددها عندما وجدت‬
‫الشخص الغريب ما زال يتبعها‪.‬‬

‫بال هوادة ‪ ،‬اقتحمت من خالل رفرف فرو الحداد‪ .‬تم الترحيب بها بحرارة ‪ ،‬انضمت إليها مجموعة من العيون‬
‫األرجوانية المحيرة وسط العديد من الستر‪ " .‬قمر " ‪ ،‬تنفث نصير ‪ .‬طلعت ابتسامة على وجهه ‪ ،‬وألقت السعادة في‬
‫أعماقه النيلية‪ .‬أي حتى أخذ مظهرها‪ .‬تغير وجهه على الفور‪.‬‬

‫" ماذا حدث ؟" سأل بلطف ‪ ،‬ورمي اثنين من الستر في يديه‪ .‬عبر الغرفة ووقف أمامها‪ .‬قامت يده بفك فكها‪ " .‬فعل‬
‫الحكيم‪"-‬‬

‫رفرف الفراء خلفها اختطفوهم مرة أخرى‪ .‬ظل الحكم على نصير غير مكتمل‪ .‬تجمدت قمر وهي تعلم من وراءها‪.‬‬
‫تبعت عيون نصير األرجوانية تومض خلفها‪ " .‬هل أحضرت صديًقا جديًد ا إلى المنزل ؟" تساءل بشكل غير مؤكد‪.‬‬
‫التقت عيناه بتساؤل‪ .‬هزت قمر رأسها‪.‬‬

‫" ال‪ .‬لقد تبعني هنا " ‪.‬‬

‫غمغم نصير في صدفة أذنها‪ " .‬نحن بحاجة إلى توخي الحذر بعد ذلك‪ .‬في وقت سابق ‪ ،‬أرسلت هبة وحامد للعثور‬
‫عليك بينما ساعدتهما في نقل أغراضهما من الحداد " ‪.‬‬

‫كان هناك قاطرة في يدها ‪ ،‬واتبعت نصير وهو ينجرف ببطء إلى أعماق الحداد‪ " .‬يجب أن تدور أحداثه في احتفالهم‬
‫الخاص‪ .‬إنه كابوس هناك ‪ " ،‬تمتمت بهدوء ‪ ،‬لذلك لم تسمع سوى نصير ‪.‬‬

‫طقطق الرجل المستنير من الباب ‪ ،‬من خلفها‪ " .‬ال أحد للجماهير أو االحتفاالت إيه ‪ ،‬المستنير ؟" سألها بابتسامة ‪،‬‬
‫وأخبرها بدون كلمات أنه حدث لسماع محادثتهم‪ .‬جرجر حذائه ضد األوساخ عندما انضم إلى قمر ونصير في منتصف‬
‫الحداد‪ " .‬هذا أفضل من قبلي‪ .‬أنا وأنت يمكن أن نتقاعد إلى منزلنا ‪ ،‬اآلن بعد أن وجدت أخيك " ‪.‬‬

‫" نصير ليس أخي" ‪ ،‬صرخت على الغريب‪ .‬هز الرجل كتفيه‪ .‬كان يطعن بال تفكير في سيوف األسهم المكدسة على‬
‫الطاولة الصغيرة‪ " .‬إنه ليس الشخص الموعود به ‪ ،‬وليس المرتبط بك‪ .‬لذلك يجب أن يكون أخوك أو حبك " ‪.‬‬

‫تومض قمر إلى نصير ‪ .‬ارتجفت قبضته من جانبه‪ .‬سخر الرجل‪ .‬ليس عندها ‪ ،‬ولكن في ‪ " .‬ال تقلق يا صديقي‪ .‬سأعتني‬
‫بها جيًد ا " ‪ .‬تراجعت عيناه البنيتان الشاحبتان ببطء ألعلى وألسفل على جسدها‪.‬‬

‫زمجر الزعانف‪ .‬قفز إلى األمام ‪ ،‬وخطف قمر وسحبها خلفه‪ .‬حدقت قمر حول الجلد المكشوف ‪ ،‬وواجهت الرجل‬
‫المجهول مثل نصير بصق‪ " .‬اسمي نصير لين‪ .‬وهي لن تذهب معك إلى أي مكان " ‪.‬‬
‫الحظ الغريب‪ " :‬حسًن ا نصير لين" ‪ " .‬لماذا ال تدعها تطردني بنفسها ؟ أنا أعلم أنها تستطيع ذلك " ‪ .‬أضاف الغريب‬
‫بابتسامة سرية‪ " .‬ما لم تكن خائًف ا من أنها ال تشعر بنفس الشيء‪".‬‬

‫ارتجفت الزعنفة‪ .‬احتج بشدة‪ " :‬ال أعرف ما الذي تتحدث عنه" ‪.‬‬

‫أخذ خطوات بطيئة ومدروسة تجاههم ‪ ،‬تحدث الرجل المستنير‪ " .‬نعم انت كذلك‪ .‬من الواضح ما تشعر به‪ .‬هل رفضتك‬
‫أيًض ا ؟ هل هذا هو السبب في أنك لست مرتبًط ا ؟ "‬

‫كشف الزعانف أسنانه قاتمة‪ .‬وضعت شفتيه على خط رفيع‪ .‬جعل الرجل اآلخر يبتسم على الفور ‪ ،‬كما لو أنه اكتشف‬
‫اإلجابة غير المعلنة‪ " .‬لم ‪"...‬‬

‫" أنا وصمة عار!" صرخت‪ .‬واختفى االعتراف وسط أصوات االحتفال المستمر في الخارج‪ .‬تأوهت الزعانف في سخط‬
‫نقي‪ " .‬قمر ‪ ...‬أي جزء من" الحذر " لم تفهمه ؟ ما كان يجب أن تقولي ذلك " ‪.‬‬

‫تحّو ل االشمئزاز الخالب على وجه الغريب حيث كانت الرغبة قبل لحظات‪ .‬ارتد الرجل إلى الوراء‪ .‬كما لو كانت أكثر‬
‫شخص مميت في الحداد‪ .‬حسًن ا ‪ ،‬كانت وفًقا لمعاييرهم‪ .‬فرك الرجل يده بقسوة على ردائه ‪ ،‬وهي نفس اليد التي لمستها من‬
‫قبل‪ .‬هسهس‪ " :‬أنت البقعة" ‪ .‬كان صوته يخرج كأن الكلمات ممزقة من حلقه‪.‬‬

‫كانت الحقد تغلي في عينيه وهو يعلق على قمر ‪ " .‬لقد كان الحكماء يستدعونك ‪ ،‬وأنت تهرب منهم لفترة طويلة‪ .‬اآلن ‪،‬‬
‫لديك غال لتكون هنا ؟! عندما ال يسمح لك ؟ أين أنت ممنوع‪ .‬بصفتي متسابًق ا على الحدود ‪ ،‬لن أترك هذه اإلهانة تمر‬
‫دون عقاب! "‬

‫اندفع الرجل المجهول‪.‬‬

‫غرقت قبضة قوية في عظمة نصير ‪ ،‬مما أدى إلى سقوط أعز أصدقائها على األرض‪ .‬لقد داس حول نصير ‪ ،‬ونفض‬
‫يده التي كانت ملتوية حول كاحله‪ .‬أراينا تهرب من القبضة األخرى‪ .‬لقد أخطأت اللكمة الكبيرة وجهها ‪ ،‬وأدى زخمه إلى‬
‫التعثر‪ .‬أخذ الفتحة ‪ ،‬أمسك قمر بكتفه ‪ ،‬ووجهه إليها‪ .‬انتقمت يدها‪ .‬كانت هناك أزمة في الهواء حيث اصطدمت مفاصلها‬
‫بفك الرجل‪ .‬سقط الغريب‪ .‬بال حراك‪.‬‬

‫جاء األنين من األرض ‪ ،‬ووجدت نصير تحدق في وجهها بعيون متسعة‪ " .‬ماذا او ما ؟" انفجرت بشكل دفاعي‪.‬‬

‫صرخ نصير على قدميه ‪ ،‬وما زالت الصدمة محفورة على مالمحه‪ " .‬لقد لكمك وكان سيحاول اصطحابي إلى ’‪ .‬كان‬
‫يجب أن يحدث هذا ‪ ،‬أعني أنه كان يطلب ذلك ‪ " ،‬شرحت ‪ ،‬وهي تشير إلى الرجل المجهول على األرض‪ .‬أعطت نصير‬
‫عيون الرائحة الكريهة‪ " .‬توقف عن النظر إلي بهذه الطريقة ‪ ،‬وساعدني في نقله إلى منزل مختلف في مكان ما‪".‬‬

‫" أنت فقط ‪ "...‬علق نصير ‪ ،‬مشيًر ا إلى الرجل‪ .‬هبة رت قمر عينيها وفركت وجهها بيدها‪ .‬لقد تنهدت‪.‬‬

‫ركعت على ركبتيها ووضعت أصابعها فوق النبض في رقبة الرجل‪ .‬من صعود وهبوط تنفس الغريب الفاقد للوعي‪.‬‬
‫ارتطم نبضه بأصابعها‪ .‬قمر ألقى نظرة خاطفة على نصير ‪ " .‬انه على ما يرام‪ .‬أنا لم أقتله‪ .‬لذا توقفوا عن التمثيل مثلما‬
‫فعلت‪ .‬لقد لكمته ‪ " ،‬صرخت وهي تقترب من الوقوف‪ " .‬هناك فرق! أنا ال أطلب منك مساعدتي بجسد هنا ‪ ،‬نحن فقط‬
‫بحاجة إلى تحريكه قبل أن يفسد االحتفال " ‪.‬‬

‫" لماذا يفسد االحتفال ؟"‬

‫" هل تريد أن تشرح للشخص التالي الذي يرقص داخل الحداد لماذا لدينا رجل فاقد للوعي على األرض ؟"‬

‫تنهدت زعنفة‪ .‬انتزع أقدام الغريب تارًك ا قمر ذراعيها‪ .‬أمسكت بهم‪ .‬لقد خلطوا ببطء ظنوا أن الفراء رفرف‪ .‬وإذا اصطدم‬
‫رأس الغريب بعوارض خشبية ‪ ،‬فليكن‪ .‬لحسن الحظ ‪ ،‬تم طرد جميع القرويين الذين كانوا حول الحداد بسبب تدفق الدخان‪.‬‬
‫تذبذبوا ببطء إلى أقرب منزل‪ .‬مع العد التنازلي لثالثة ‪ ،‬أخفقوا الرجل عبر المدخل‪ .‬تمنت قمر له عقلًيا هبوًط ا غير مؤلم ‪،‬‬
‫وأصابعها متقاطعة خلف ظهرها‪ .‬بسرعة ‪ ،‬عادت إلى الحداد مع نصير بجانبها‪.‬‬

‫" ال أصدق أننا فعلنا ذلك" ‪ ،‬صاح نصير مستريًح ا على جدار الحداد المكسو بالجلد وهو يلهث‪ " .‬ماذا لو استيقظ ؟"‬
‫عيناه األرجواني مثبتتان عليها‪ .‬ينعكس القلق في األعماق المظلمة‪ " .‬أنت تعلم أنه سيخبرهم‪".‬‬
‫تمتمت قمر بتواضع‪ " :‬إذا كان يتذكر" ‪ .‬ثم التفت إلى نصير ‪ " .‬وقف القلق‪ .‬إذا استمر الذعر ‪ ،‬فلن تستمتع باالحتفال‪.‬‬
‫عالوة على ذلك ‪ ،‬إذا وجدني الحكماء في النهاية ‪ ،‬فلن يؤذوني " ‪.‬‬

‫شم الزعنفة‪ " .‬أعتقد أن الليلة ستكون ليلة مناسبة‪".‬‬

‫هزت قمر رأسها‪ " .‬أنا وصمة عار‪"-‬‬

‫تومض عيون أرجوانية حمراء‪ .‬هسهسة نصير وصفقت بيده فجأة على فمها‪ .‬حدقت ‪ ،‬وصفعت يده بعيًد ا‪ "– .‬وكما كنت‬
‫أقول‪ .‬أنا شيء حقير في عيونهم‪ .‬لن يغتنموا الفرصة للتلويث على أنفسهم الليلة‪ .‬اآلن مع استمرار هذا االحتفال المليء‬
‫بالحيوية " ‪.‬‬

‫" وهل أنت متأكد من أنهم لن يفعلوا شيًئ ا الليلة ؟"‬

‫هزت قمر كتفيها‪ " .‬حسًن ا ‪ ،‬أنت عندما كنت مكروًها طالما كنت مكروًها‪ .‬أنت نوع من تطوير تلك الرابطة‪ .‬أنت تكرههم‬
‫جيًد ا بما يكفي لتعرف ماذا سيفعلون‪ .‬قد أكون مخطئا ‪ ،‬وسوف ينفجر بعض المتسابقين على الحدود من خالل رفرف‬
‫الفراء‪ .‬لكن إذا لم يتم التعرف علي خالل الحفل ‪ ،‬فسأكون بخير " ‪.‬‬

‫ركض نصير يده من خالل أشواك القصيرة‪ " .‬أنت تعرف يوًما ما ‪ ،‬سيتمكنون من استدعاءك مرة أخرى ‪ ،‬ومحاولة‬
‫كسرك‪".‬‬

‫هزت كتفيها مرة أخرى‪ " .‬ربما‪ .‬أحب أن أراهم يحاولون " ‪.‬‬

‫" قمر ‪"...‬‬

‫رددت صدى " نصير ‪ "...‬وهي تسكت الرجل الذي أمامها‪ .‬ثم تابعت قائلة ‪ " ،‬ربما يريدون التغاضي عن" مخاوفي "‬
‫األخرى ومعاقبتي على حقيقة أنني أفعل من أجل هذه القرية أكثر مما يهتمون باالعتراف به‪ .‬في كلتا الحالتين ‪ ،‬من‬
‫األفضل عدم السماح لهم بمعرفة أنني هنا ‪ ،‬أليس كذلك ؟ "‬

‫ظلت الزعنفة صامتة واستنشقت بحدة عندما تم سحب لسان الفراء ببطء جانًبا‪ .‬حتى مع كلماتها الواثقة ‪ ،‬ال يزال الخوف‬
‫ينتشر في عمودها الفقري‪ .‬انفجر رأسان أشقر من المدخل وهما يضحكان ويتشابكان في ذراعي بعضهما البعض وهما‬
‫يرقصان‪ .‬نهمت قمر ‪ ،‬وهي تناور مبتعدة عن الشخصين اللذين كان من المفترض أن يبحثا عنها‪.‬‬

‫بدأت قمر عندما وقفت بجانبه‪ " :‬قل لي شيًئ ا يا نصير " ‪ .‬كانت أكتافهما متماسكة بينما كانت تشاهد هبة وحامد‬
‫يرقصان بسعادة في الحداد‪.‬‬

‫" ماذا تريد ان تعرف ؟" سأل وخرج بصوت هامس‪.‬‬

‫أشارت إلى هبة وحامد ‪ " .‬هل تعتقد أنك ستكون مرتبًط ا في يوم من األيام ؟"‬

‫ال تزال الزعنفة بجانبها‪ .‬سقط شيء صلب في قاع بطنها‪ .‬تنفست ‪ ،‬وتخلصت من الشعور الناشئ الذي أبعدته‪ .‬وهددت‬
‫باإلفراج عنها وارتجفت قمر ‪ .‬نظرت إلى نصير بتساؤل‪ " .‬زعنفة ؟"‬

‫اهتزت الفضة في لهيب النار الهائلة في الحداد‪ .‬أجاب‪ " :‬ال" في حقيقة األمر‪.‬‬

‫" ال ؟" كررت‪ " .‬فقط ال ؟ ال يوجد تفسير ؟ لما ال ؟ أليس من المفترض أن تكون مالبسك بمثابة إعالن المرأة أخرى‬
‫بأنك ناضجة للترابط ؟ "‬

‫تنهد بشدة‪ .‬قفزت عندما استولت يد دافئة على يدها‪ .‬حدقت عيون النيلي في عيونها الخميرية عندما أجاب‪ " .‬ألنني‪"-‬‬

‫" ها أنت ذا!" صرخ حامد بسعادة ‪ ،‬وهو يرتد على كعبيه أمامهم‪ .‬صرخ فوق كتفه ‪ ،‬مما جعل قمر تتأرجح من‬
‫الضوضاء في الفضاء المريح‪ " .‬ارى ؟ أخبرتك أننا سنجدها في النهاية! "‬
‫انجرف ياسين على وجوههم من نفس حامد الدافئ وهو يطلق األسئلة بوتيرة سريعة‪ " .‬نصير ‪ ،‬اعتقدت أنك ستساعدنا!‬
‫لقد تشتت انتباهك ‪ ،‬أليس كذلك ؟ قمر ! أنت تبدو مذهلة! هل ستساعدنا أيضا ؟ إذا كنت كذلك ‪ ،‬فنحن بحاجة إلى المزيد‬
‫من نعم ‪ ،‬أال تعتقد ذلك ؟ "‬

‫قبل أن تتمكن هي أو نصير من الحصول على كلمة في المحادثة المتعثرة ‪ ،‬قذف حامد بنفسه إلى هبة ‪ " .‬تعال ‪،‬‬
‫مخلوقي اللذيذ! دعونا نحصل على المزيد من ! سنعود قريبا!"‬

‫قهق هبة وحامد طريقهما عبر رفرف الفراء ‪ ،‬تاركين قمر ونصير وشأنهما مرة أخرى‪ .‬سحب نصير يده بعيًد ا وتنهد‪.‬‬
‫" ال أعتقد أنهم سيعودون‪".‬‬

‫" انت تفكر ؟" سألت بسخرية‪.‬‬

‫ابتسمت نصير ابتسامة ضعيفة وهزت كتفيها‪ " .‬على االغلب ال‪ .‬يجب أن أحزم أمتعتهم‪ .‬إذا لم أفعل ذلك ‪ ،‬فلن يفعل‬
‫حامد ذلك أبًد ا‪ .‬أي شيء له عالقة بالسيوف أو أن يكون متسابًق ا على الحدود ‪ ،‬فهو خاص به‪ .‬لكن الستر ‪ ،‬أغراضه‬
‫متناثرة في كل مكان‪ .‬إنه ال يهتم " ‪.‬‬

‫وضعت قمر يدها برفق على كتف نصير ‪ ،‬مما منعه من االبتعاد عن الجدار المصنوع من الجلد‪ " .‬أنت مشغول مثلهم‪.‬‬
‫على األقل دعني أساعدك " ‪.‬‬

‫هز رأسه‪ " .‬ال ‪ ...‬الحكماء ‪ ...‬البقاء في القرية لفترة أطول ضروري ليس فكرة جيدة‪".‬‬

‫قالت مازحة‪ " :‬أنا معروف بأفكاري السيئة" ‪ .‬وابتسمت عندما تمكنت من رسم ابتسامة على وجه نصير ‪ .‬عرفت قمر‬
‫أنها كانت على وشك كسره‪ " .‬أنا هنا اآلن ‪ ،‬لقد وقع الضرر‪ .‬لذلك على األقل اسمحوا لي أن أساعد " ‪.‬‬

‫أضافت قمر ‪ ،‬وكأن نصير سيحتج ‪ " ،‬سأساعدك حتى تتوقف الموسيقى‪ .‬ثم سأعود إلى المنزل " ‪.‬‬

‫درستها العيون األرجوانية بشكل مريب‪ .‬ارتفع الحاجب الفضي بشكل مشكوك فيه‪ " .‬فقط حتى تتوقف الموسيقى ؟ ليس‬
‫بعد اآلن ‪ ،‬أليس كذلك ؟ " سأل نصير ‪.‬‬

‫ابتسمت قمر ‪ " :‬نعم نصير " ‪.‬‬

‫ابتعدت نصير عن المشي ‪ ،‬مما أجبرها على إسقاط يدها من كتفه‪ .‬اتبعت قمر بينما توغلت نصير في عمق الحداد‪" .‬‬
‫لذا ‪ ،‬أعتقد أننا وحدنا رسمًيا‪ .‬هذا لن يكون سيئا للغاية " ‪.‬‬

‫راقبت قمر بينما كان نصير محشًو ا في كومة السترات التي وجدته فيها‪ .‬قالت ‪ ،‬وهي تقطع سترة من األرض‪ " :‬لقد‬
‫جعلتها تبدو كما لو كانت مروعة" ‪.‬‬

‫انتزع القميص من يديها‪ " .‬هذه مجرد سترات حامد ‪ ...‬منذ أن كان نبتة حتى اآلن" ‪ ،‬تمتم نصير ‪ " .‬ثم لدينا شذوذه‬
‫العشوائية لفرزها‪ .‬صديقنا هو الفأر الصغير " ‪.‬‬

‫" هذا سيستغرق طوال الليل ‪ ،‬أليس كذلك ؟" تساءلت‪ .‬نظر إليها فاين ‪ ،‬وأعطت اإلجابة بدون كلمات‪ " .‬هل تريدني أن‬
‫أجيب على ذلك ؟"‬

‫ألقت سترة على وجه نصير ‪.‬‬

‫من خالل العمل جيًد ا حتى بقية الليل ‪ ،‬تمكنت قمر ونصير من تنظيم ممتلكات صديقهما المقرب‪ .‬قالوا – أفضل‬
‫أصدقائهم – لم يعودوا أبًد ا من احتفالهم للمساعدة‪ .‬عند مغادرة منزل هبة وحامد الجديد – لحسن الحظ ‪ ،‬ابتسم اثنان فقط‬
‫من رفقاء المنزل بعيًد ا عن سميث قمر في كل مرة عند رؤية الريشة البيضاء معلقة على إكليل الزهور فوق المدخل‪.‬‬
‫استمرت الموسيقى حتى ظهور آثار نور الصباح الساطعة‪.‬‬

‫بحلول ذلك الوقت ‪ ،‬نمت قمر ونصير مًع ا ‪ ،‬على كومة من الستر الصغيرة جًد ا التي لم تنتقل إلى قبة المنزل األخرى‪ .‬لم‬
‫يتحرك الزوج النائم كما تعثر سكير أشقر مسن بالداخل‪ .‬اندلعت ألسنة اللهب من الموقد الكبير على الشعر الشيب على‬
‫معابده‪ .‬حدق في االثنين على األرض لمدة دقيقة ‪ ،‬وهو ينسج على قدميه‪ .‬ثم تعثر بعيًد ا في عمق الحداد واختفى في غرفه‪.‬‬
‫عاد الرجل األكبر سنا‪ .‬انسكبت بطانية منسوجة من يديه عندما ألقى الكوفرير عليها‪ .‬تعثر المخمور بعيًد ا ‪ ،‬وسقط ووجهه‬
‫مسطًح ا في فراشه عندما عاد إلى غرفه‪ .‬تطاير شخير هوريد في الهواء بعد ثواٍن ‪ .‬انسحب الزعانف على الفور‪.‬‬

‫حدقت عيون نيلي مترددة في وجهها وهي نائمة بين ذراعيه‪ .‬بيده الحرة ‪ ،‬نظف بلطف موجات الماهوجني المحررة من‬
‫وجهها‪ .‬ابتسم ابتسامة خفيفة عندما انزعج أنفها‪ .‬تنهدت زعنفة‪ .‬ال يملك القلب ليوقظ حبيبته‪ .‬أغلق عينيه‪ .‬تم إغراؤه على‬
‫الفور بالنوم مرة أخرى‪ .‬في الصباح ‪ ،‬استيقظ نصير وحده‪.‬‬
‫تسللت أسابيع إلى أشهر بعد الترابط‪ .‬بينما كان و مشغولين بمساراتهما وكان حامد بعيًد ا ‪ ،‬أمضت قمر أيامها في القيام‬
‫بدوريات في األرض مرة أخرى‪.‬‬

‫تحطم حذائها فوق حطام الفروع المتساقطة وهي تمشي على طول درب صغير متضخم‪ .‬كانت ضيقة ‪ ،‬تتقلص وهي‬
‫تمشي‪ .‬يمكن لثالثة أشخاص المشي على الدرب مًع ا بسهولة ‪ ،‬لكن يمكن أن يصلح رجل بني واحد فقط في كل مرة‪.‬‬
‫أضاءت الشمس عليها ‪ ،‬متأللئة على أكتافها المتقرحة بالفعل‪.‬‬

‫شيء ثقيل استقر في أحشائها‪.‬‬

‫كان هناك سكون غير مستقر في الهواء‪ .‬على الرغم من النسيم المعدني الذي انجرف عبر األشجار‪ .‬كانت الغابة صامتة‬
‫حولها ‪ ،‬مضيفًة الخطأ البسيط الذي انتزع في مؤخرة عقلها‪ .‬لم تصادف المزيد من البطلينوس ‪ ،‬ليس منذ األمس‪ .‬بالنظر‬
‫إلى أن أوراق الشجر على الطريق قد تم رشها بالدم ‪ ،‬كان من غير المعتاد عدم العثور على أي شيء‪.‬‬

‫الحظت قمر جميع الفرشاة واألشجار الخشبية‪ .‬كانت تتطلع إلى المقاييس‪ .‬أسود أو أخضر أو أبيض في جميع أوراق‬
‫الشجر‪ .‬وبينما كانت تشعر بالضجر في عينها ‪ ،‬تابعت أصوات المياه المتساقطة في مكان قريب‪ .‬ثم أدركت كم كانت‬
‫عطشى‪.‬‬

‫أفلتت منها أي أفكار عن الماء عندما التقت وجهًا لوجه مع متسابق على الحدود‪ .‬سهم موجه نحو صدرها‪ .‬طارت يدها‬
‫على الفور إلى حد سيفها‪.‬‬

‫" خذ يدك من ذلك السيف وقل لنا من أنت!" نبح رجل آخر جلس على رأس رجل بني‪ .‬شددت قمر قبضتها حول‬
‫المقبض‪ .‬تحرك ساقي القوس ليهدف إلى قلبها‪ " .‬لن أسأل مهاجم مرتين ‪ "،‬بصق الرجل نفسه‪ " .‬في اللحظة التي أفعلها ‪،‬‬
‫ستكون ميًت ا‪".‬‬

‫تحدق في القوس ‪ ،‬تخلت قمر عن قبضتها ببطء‪ .‬ابتعدت إصبًع ا بإصبع عن حمايتها ‪ ،‬وكانت ذراعها معلقة على جانبها‪.‬‬
‫نظرت إلى ما وراء رامي السهام ‪ ،‬وحدقت في الرجل الذي كان يقوم بمعظم الكالم‪ .‬طلبت مباشرة " اسحب السهم" ‪.‬‬

‫" … ؟" استفسر رماة السهام ‪ ،‬ناظرين إلى الوراء إلى الرجل على الرجل البني‪ .‬حدق الرجالن في بعضهما البعض ‪،‬‬
‫ثم الرجل الذي كانت تتخيله بينما كان ديالجين يهز رأسه بإيماءة صغيرة‪ .‬زفيرت بهدوء عندما سحب الرماة تصويبه منها‬
‫‪ ،‬مما خفف من الوتر والسهم‪.‬‬

‫حّد ق فيها متسابق الحدود المسمى ‪ ،‬وقوس حاجبيه‪ .‬بصمت يحثها على الكالم‪ .‬لإلجابة على أسئلته‪ .‬وربما لمعرفة ما إذا‬
‫كان تركها على قيد الحياة كان خطأ – على األقل يمكنها فقط أن تفترض أن هذا هو ما كان يفكر فيه‪ .‬الموت على األرض‬
‫لم يكن خطتها اليوم‪.‬‬

‫فتحت قمر فمها لتشرح قبل أن نفاد صبرها قتل الرجل على الرجل البني‪ .‬ولكن قبل أن تغادر الكلمات األولى من‬
‫أعذارها المعقولة شفتيها ‪ ،‬ضربت قصف الرعد درب األوساخ‪ .‬أغلقت عينيه بظل أزرق معروف وهو يسحب خلف ‪.‬‬

‫" قمر ؟" صاح حامد في مفاجأة‪ .‬ابتسم بسعادة وترجل‪ .‬سلم حامد مقاليد رجله البني إلى متسابق آخر على الحدود‪.‬‬
‫رائحة الرائحة الكريهة والعرق أحاطت بها بينما سحبها حامد بين ذراعيه لعناق شديد‪.‬‬

‫" اعتقدت أنك كنت على الخط الشمالي‪ .‬لقد رأيت مساراتك تقود على هذا المسار قبل يومين ‪ " ،‬صرحت ‪ ،‬مبتعدة عن‬
‫العناق‪.‬‬

‫أومأ حامد ‪ " .‬كنا‪ .‬ثم وجدنا بعض مسارات الوحش وتبعناها هنا‪ .‬لقد انقسموا هناك – " أشار حامد إلى الطريقة التي‬
‫أتت منها ‪ ،‬وأشار إلى أسفل الطريق ‪ ،‬األماكن التي أتيحت لها الفرصة الستكشافها‪ " – .‬وبهذه الطريقة‪".‬‬
‫" ال يوجد شيء على هذا النحو" ‪ ،‬قالت وهي تومئ برأسها إلى الدرب الذي خلفها‪ " .‬لقد جئت للتو من هناك‪ .‬ال شيء‬
‫سوى درب ملطخ بالدماء وال طرائد " ‪.‬‬

‫" أي عالمة على غزاة ؟"‬

‫تم تطهير الحلق خلف حامد ‪ ،‬وقاطعهم ديالجين‪ " .‬من هي ؟"‬

‫عيناه البنيتان ثابتتان تجاهها وهو يواصل‪ " .‬لقد ُط رحت عليك أسئلة عندما كان رامي السهام يحمل عالمة عليك ‪،‬‬
‫وسحبُته بعيًد ا‪ .‬اجب‪".‬‬

‫" ال تنس أن تضيف من أين أنت" ‪ ،‬أضاف رامي القوس ساخًر ا منها‪.‬‬

‫شاركت قمر نظرة مع حامد ‪ .‬سبح القلق بعينيه ثم تومض إلى خط الشجرة ‪ ،‬قبل أن يعود إليها‪ .‬هزت قمر رأسها ‪ ،‬وهي‬
‫تعلم ما قاله حامد بدون كالم‪ .‬لم يكن هناك من طريقة كانت ستهرب‪ .‬لم يكن خيارا‪ .‬تم القبض عليها في الغابة ‪ ،‬وسيف‬
‫مقيد على وركها ‪ ،‬لكنها لم تفعل أي شيء خطأ‪ .‬إذن ماذا لو كانت فتاة ‪ ،‬بسيف لم يكن مسموًح ا لها بامتالكها ‪ ،‬وبقعة‪.‬‬
‫يمكنها المشي إذا أرادت ذلك‪ .‬لم تسمع عن أوامر المشي عندما يتعلق األمر بالبقع‪.‬‬

‫تحركت عيون حامد نحو خط الشجرة مرة أخرى ‪ ،‬واآلن يسبح اليأس في عينيه‪.‬‬

‫هزت رأسها بعناد‪.‬‬

‫" أنا أعرف ما هي!" جأر بصوت مختلف‪ .‬جاء الطحن من خلف خط المكسرات البني ‪ ،‬وافترق الرجال ‪ ،‬وكشفوا عن‬
‫صاحبها‪ .‬استقرت يدها على مقبض سيفها وهي تحدق في عيون بنية فاتحة‪ .‬التفت إليها حامد مرتبًك ا مكتوًبا على وجهه‪.‬‬
‫" هل تعرف ؟"‬

‫أجابت دون أن تبعد عينيها عن نفس الرجل الذي لكمته في رابطة حامد ‪ " .‬لقد تقابلنا من قبل‪".‬‬

‫ابتسم متسابق الحدود في وجهها‪ .‬تحول إلى ‪ " .‬اإلجابة على أسئلتك ‪ ،‬سيكون من الصعب عليها بشكل مذهل‪ .‬لكن‬
‫بالنسبة لي ‪ ،‬سيكون األمر سهًال مثل التنفس " ‪.‬‬

‫غضبه ديالغن من اإلحباط‪ " .‬كفى من المسرحيات الخاصة بك هشام ‪ .‬من هي ؟"‬

‫" إنها البقعة‪".‬‬

‫سحبت قمر سيفها شبًر ا واحًد ا‪ .‬تحذير هشام بصيص من نصلها‪ .‬ابتسم متسابق الحدود وقلدها‪ .‬استندت يده على قبضة‬
‫سيفه‪ " .‬أي شيء جيد مع ذلك ؟ أم أنها للعرض ؟ " سخر هشام ‪ .‬قامت قمر برفع السيف عن الغمد أكثر‪.‬‬

‫" هل ترغب في معرفة ذلك ؟" تحدت‪.‬‬

‫تقدم نحوها ‪ ،‬وعرض سيفه بالكامل عندما أخرجه من الغمد على وركه‪ " .‬تتحدى‪ .‬بمجرد أن أنتهي معك‪ .‬لن يتبقى أي‬
‫شيء ألخذه للحكماء " ‪.‬‬

‫" قل لي شيًئ ا أوًال ‪ ...‬كيف حال الفك ؟ كنت أعرف أنك قبيح من قبل ‪ ،‬لكن اآلن ‪ " ...‬ابتسمت قمر ‪ .‬كانت عيناها‬
‫تجوالن على وجهه عن قصد ‪ ،‬متظاهرين برؤية إلحاق معوج‪ .‬تحولت تحت نظرها ‪ ،‬وأضافت ‪ " ،‬على الرغم من أنني‬
‫متفاجئ لراكب الحدود ‪ ،‬إال أنه ال يمكنك تلقي لكمة من وصمة عار‪".‬‬

‫" كاف!" طالب بحدة ‪ ،‬وكسر التوتر المتزايد‪ " .‬ما زلت ال تجيب عن سبب وجودك هنا‪".‬‬

‫" هل أنا بحاجة إلى سبب ؟" سألت ببراءة‪ " .‬ال يمكن للبقعة أن تمشي في الغابة ؟ ال أعتقد أنني سأفتقد إذا ُقتلت بطريقة‬
‫ما " ‪.‬‬

‫" أنت تحاول صبري ‪ "،‬هتف ديالجين‪ " .‬لماذا أنت هنا ؟ وبسيف مربوط بجانبك ؟ "‬
‫هزت قمر كتفيها بسيفها مرة أخرى في غمده‪ " .‬أنا أستعيد فترة الركود التي فاتتك‪".‬‬

‫انتشرت التسلية على الدرب وعبر األشجار‪ .‬ربت حامد على كتفها بفهم‪ .‬لم يتردد صدى ضحك من شفتيه ‪ ،‬بل اهتز‬
‫رأسه بضحلة‪ .‬يخجلون من الرجال الذين كانوا يضحكون‪ .‬مع العلم أنه قال الحقيقة‪ .‬داخل الرتب ‪ ،‬وجه ال تستطيع أن تراه‬
‫‪ ،‬لكن صوته عوى‪ " .‬بنفسك! مستحيل!"‬

‫شددت يد حامد على كتفها وهي تخطو خطوة لألمام ‪ ،‬غير مدركة أن لديها حتى غرس أصابعها في جلدها‪ .‬اكتفت‬
‫بالصراخ بدال من ذلك‪ " .‬يوجد منهم أكثر مما يوجد فيك! لقد قضيت على المزيد من الوحش أكثر من معظمكم! "‬
‫صرخت بغضب‪.‬‬

‫نما الضحك بصوت أعلى‪.‬‬

‫صفيًر ا بأصابعه ‪ ،‬أسكت حامد الرجال المضايقين‪ .‬كان وجهه يحمل االتجاه ‪ ،‬وهو أمر يمكن أن ينافس الرجل الذي ال‬
‫يزال على رأسه البني‪ .‬أعلن‪ " :‬سأذهب في الطريق التي جاءت بها" ‪ .‬حمل صوته ضد الصمت‪ " .‬ثم سأعود مرة أخرى‬
‫وأتبعك أسفل مجموعة المسارات األخرى‪".‬‬

‫حدق الرجل على الرجل البني في حامد ‪ ،‬يدرسه‪ .‬عبس قمر ‪ ،‬مدقًق ا في بعناية ‪ ،‬ولم يعجبه وميض الغضب في عينيه‬
‫قبل أن يختفي بنفس السرعة‪ .‬نظرت إليها عيناه وهو أومأ برأسه‪ " .‬كن سريًع ا حيال ذلك‪".‬‬

‫قام حامد بامتطاء ساقه البني بمهارة‪ .‬هبة رة للتنقل حول ‪ ،‬الرماة و ‪ .‬نظرت قمر إلى حامد ‪ ،‬عاليًا تحت الفروسية‬
‫النحاسية الملونة‪ .‬طلقت عينان زرقاوان فوق كتفه ‪ ،‬محدقتين في ركاب الحدود‪ .‬قال بال ريب‪ " :‬أنا أعرف هذا الصمت" ‪.‬‬
‫" ال أحد يلمسها حتى أعود‪".‬‬

‫كان أول من تحدث‪ " .‬بالطبع حامد ‪ ،‬لن يلمس أحد حبيبك أثناء غيابك‪ ".‬عبرت نظرة مشتركة من النفور على وجهها‬
‫عندما التقت عيناها بعيني حامد ‪.‬‬

‫تمتم بتواضع‪ " :‬سأعود" ‪ " .‬ابق هنا‪".‬‬

‫" يجب أن آتي معك‪".‬‬

‫" لماذا ؟" سأل حامد ‪ .‬أومأ برأسه إلى الدرب خلفها‪ " .‬لقد أتيت للتو من هذا الطريق‪ .‬ابق هنا وحافظ على مسافة‪ " .‬ثم‬
‫أضاف‪ " :‬ال تبدأ أي قتال" ‪.‬‬

‫بدأت قمر تتساءل " لماذا ؟" نظر إليها حامد بنظرة صامتة ‪ ،‬وارتفع فمه إلى األعلى بابتسامة صغيرة‪ " .‬تصرف‬
‫بنفسك‪".‬‬

‫هزت قمر كتفيها ‪ ،‬وابتسمت ابتسامة خاصة بها‪ " .‬أنا ال أقدم أي وعود‪".‬‬

‫شم حامد ‪ " .‬جيد بما فيه الكفاية‪ .‬نقر على رجله البني ‪ ،‬مطرًق ا إلى األمام فوق الممر‪ .‬راقبت قمر حتى اختفى عن‬
‫األنظار‪.‬‬

‫" آمل أن تعرف وصمة عار ‪ ...‬بمجرد عودة حامد سنأخذك قبل الحكمة‪ .‬بغض النظر عما يقوله بخالف ذلك ‪ " ،‬ضحك‬
‫هشام ‪.‬‬

‫تحولت قمر إلى متسابق الحدود‪ .‬تجرأت ‪ " ،‬مرحًبا بك للمحاولة" ‪ .‬ثم حدقت في ‪ ،‬في ‪ " .‬لن أذهب أمام الحكماء إال إذا‬
‫كان ذلك لشروطي‪".‬‬

‫صاح هيستس ‪ ،‬مستهزًئ ا بها‪ " .‬شروطك غير موجودة‪ .‬يرى الحكماء أن البقع ليست شيًئ ا ‪ ،‬وال يستطيع حتى عشاقك‬
‫إنقاذك من ذلك " ‪.‬‬

‫" حامد صديقي" ‪ ،‬صححت ذلك تلقائًيا‪ " .‬ليس حبيبي‪".‬‬

‫" وهذا المستنير ؟ الذي ارتبط بك ‪ ...‬من هو بك ؟ "‬


‫" صديقي أيًضا‪".‬‬

‫" هكذا تزعم" ‪ ،‬سخر ‪ " .‬ما رأيته مع كليهما يشير إلى خالف ذلك‪ .‬هل تلك القطعة التي يعرفها حامد عنك ؟ يمكنني‬
‫دائًما اصطحابها ‪" ...‬‬

‫يداها تكورتا في قبضة‪ .‬ارتجفوا بالقرب من جانبها ألنها اتخذت خطوة محسوبة إلى األمام‪ .‬أتساءل عما إذا كان بإمكانها‬
‫ضربه قبل أن يتمكن من سحب سيفه‪ .‬صرخة ممزقة بين األشجار‪ .‬توقفت قمر ‪ ،‬صخب الجليد في عمودها الفقري‪.‬‬

‫صرخة أخرى خافت من خلفها‪ .‬دون تفكير ‪ ،‬استدارت قمر ‪ .‬ركضت تلقائًيا نحو الصوت‪ .‬تركت متسابق الحدود يتدافع‬
‫خلفها‪.‬‬

‫حطام الحطام تحت القدم‪ .‬ضربت األغصان الساقطة على سروالها‪ .‬خفق قلبها في مزيج من النزهة والرهبة‪ .‬تعثرت فجأة‬
‫‪ ،‬وهبطت على يديها وركبتيها‪ .‬انزلقت في طبقة لزجة دافئة ‪ ،‬واألوساخ مبللة بالقرمزي ‪ ،‬تنقع ساقيها في الدم البارد‪.‬‬
‫عيون قمر مغلقة بساق نحاسية مهجورة‪ .‬التواء بطنها وهي تقفز على قدميها‪.‬‬

‫" حامد !" صرخت حتى اشتد صوتها‪ .‬نما قلقها عندما كانت تتجول فوق الفرشاة بالقرب من الطرف المنسي‪ " .‬حامد !‬
‫أجبني اللعنة! "‬

‫غطت المقبض بدم مبتذل عندما سحبت سيفها‪ .‬عبرت قمر فوق بقايا الرجل البني لحامد المنفصلة ‪ ،‬وسارت أكثر على‬
‫الطريق ‪ ،‬في انتظار ظهور الوحش ‪.‬‬

‫حفيف على يمينها جعل قمر تستدير بحدة ‪ ،‬السيف عاليا للهجوم‪ .‬لم يكن هناك شيء‪ .‬لكن كان هناك حضور آخر‪ .‬حدقت‬
‫قمر في خط الشجرة في الظل‪ .‬لم تستطع أو لم ترغب في فهم ما كانت تراه‪ .‬سعال كتلة في قاعدة شجرة ‪ ،‬وغرغرة قاسية‬
‫ممزقة من حلقها‪ .‬داخل البقع السوداء والحمراء ‪ ،‬حدق بها األزرق‪ .‬وكانت تعرف ذلك اللون األزرق‪.‬‬

‫انهارت قمر على ركبتيها الملطختين بالدماء ‪ ،‬وسقطت على جانب حامد ‪ .‬تخلت عن سيفها في التراب ‪ ،‬وأخذت يد حامد‬
‫الدافئة بدال من ذلك‪ .‬سائل سميك محشور بين أصابعها‪.‬‬

‫نمت حلقها عندما تجرأت على إلقاء نظرة على مدى جروح حامد ‪ .‬شعرت قمر بالدوار‪ .‬كل ما يمكن أن تراه كان أحمر‬
‫غامق‪ .‬كانت تتساقط من بطنه ‪ ،‬وتتجمع في بركة على حجره‪ .‬ارتجفت ‪ ،‬واستنشقت بحدة لتقاوم الدفء الذي هددها‬
‫بالسقوط من عينيها‪.‬‬

‫ثم عدت الخطوط المائلة‪ .‬خمسة منهم‪ .‬جرح الجرح الغاضب في وسط حامد ‪ .‬األشياء التي ال يجب رؤيتها مطعونة من‬
‫الجلد الممزق‪.‬‬

‫" حامد " ‪ ،‬اختنقت قمر ‪ ،‬وهي تسعل من الكلمات التي كانت تصارع من حلقها‪ .‬بصدمة ‪ ،‬حاولت بحذر شديد إعادة‬
‫حامد إلى طبيعته ‪ ،‬وانضمت إلى يده األخرى وهو يطعن األحشاء مرة أخرى تحت اللحم الرقيق‪.‬‬

‫عرض بفظاظة‪ " :‬هذا ال يؤلم" ‪ .‬هسهس حامد عندما اختفت أصابعه في الجرح‪ .‬نكز على أذياته مرة أخرى‪ " .‬إنه ‪...‬‬
‫مخدر‪ .‬لكن مقرف " ‪.‬‬

‫ضغطت قمر على يدها التي ال تزال محاصرة في يدها ‪ ،‬في محاولة إلعادة الحياة إلى طرفه المرتعش‪ .‬تلعثمت‪ " :‬حامد‬
‫" ‪ .‬وجدت العيون الزرقاء لها‪.‬‬

‫حرر يده من قبضتها التي كانت على حافة كسر العظام‪ .‬لمست حامد وجهها بأقل لمسات‪ " .‬ال تبك" ‪ ،‬قالها بعنف‪ .‬التقط‬
‫إبهامه شيًئ ا دافًئ ا من خدها‪.‬‬

‫عضت قمر شفتها ‪ ،‬وتنظر إلى الدموع تهتز على أطراف أصابع حامد ‪ .‬غمغم " ال تبكي" ‪ " .‬لم أَر ك تبكين أبًد ا‪".‬‬

‫علقت رأسها ‪ ،‬وأرسلت ستارة من موجات الماهوجني إلخفاء وجهها‪ .‬كذبت " أنا ال أبكي" ‪ .‬مع العلم أنه تم القبض عليها‬
‫بالكامل‪ .‬مع العلم أنها ال تستطيع التوقف‪ .‬اهتز جسدها‪ .‬قمع التنهدات التي أرادت أن تمزق من حلقها‪ .‬سقطت القطرات‬
‫على األرض واختلطت في بركة الدم البارد‪.‬‬
‫أمسكت يدها من وجهها ‪ ،‬وأمسكت بها في يدها‪ .‬كان وجهه شاحًبا عندما نظرت إليه مرة أخرى‪ .‬ارتجفت شفتها‪ " .‬ال‬
‫تموت علي ‪ "،‬أمرت بضعف من خالل فكها المشدود‪ " .‬أنت بحاجة للعيش" ‪.‬‬

‫على الدم ‪ ،‬والقاذورات تتالشى على وجهه ‪ ،‬ابتسم حامد بنصف ابتسامة‪ .‬دماء أسنانه وهو يتكلم‪ .‬قال‪ " :‬أنا لست‬
‫معك" ‪ .‬ثم سعل ‪ ،‬وسفك الدماء من شفتيه‪ " .‬أنا على األرض‪".‬‬

‫" ال تكن مضحكا ‪ "،‬زأرت باكية‪ " .‬ليس االن‪.‬‬

‫تراجعت قمر ‪ ،‬وسحب عينيها بعيًد ا عن وجه حامد ‪ ،‬عادت إلى جرحه‪ .‬قالت جوفاء‪ " :‬نحتاج إلى إيصالك إلى‬
‫المعالج" ‪ " .‬ستكون بخير إذن‪".‬‬

‫حك حامد رأسه ذهاًبا وإياًبا ‪ ،‬مستلقًيا على شاحنة الشجرة‪ .‬سعل " ال أستطيع فعل أي شيء من أجلي" ‪ " .‬كالنا يعرف‬
‫أنني فقدت الكثير من الدماء‪ .‬هذه ليست مثل المرة السابقة " ‪.‬‬

‫شددت يديها حول يده‪ .‬فجر الغضب في عينيها‪ " .‬أنت تستسلم ؟"‬

‫" قمر ‪"...‬‬

‫" ال تفعل!" انها تنعق‪ " .‬يمكننا أن نفعل شيئا‪ .‬يجب أن يكون هناك شيء‪ .‬غير مسموح لك بـ ‪ " ...‬تباطأ صوتها ‪ ،‬ولم‬
‫تجرؤ على قول كلمة واحدة بصوت عاٍل ‪ .‬الكلمة التي كانت تأخذ حامد ببطء أمام عينيها‪.‬‬

‫احتج حامد قائًال‪ " :‬ال توجد طريقة لتحريكي بدون تشارلي" ‪ .‬كانت عيناه الزرقاوان تحمالن وميًض ا من الضوء ‪،‬‬
‫تحدقان في الطريق التي جاءت بها‪ .‬حيث وضع تشارلي‪ " .‬وحتى لو كان لدينا ‪ ،‬ال توجد طريقة حتى يمكنني ركوبها‪ .‬فتاة‬
‫فقيرة‪ .‬جاء ذلك اللقيط من فوق رؤوسنا‪ .‬لم أره حتى أسقطنا " ‪.‬‬

‫" راكبو الحدود اآلخرون!" فتساءلت‪ .‬بشيء من األمل ‪ ،‬استدارت إلى الدرب ‪ ،‬وهي سعيدة مرة واحدة بوجودهم‪ .‬ال‬
‫تهتم بالسهم الذي يحمله الرماة على صدرها‪ .‬أو من أجل الوعد بسحبها إلى الحكماء‪ .‬انجرفت الرياح عبر األوراق بينما‬
‫كان متسابق الحدود يأتي إلى جانب حامد ‪ .‬سقطت األوراق الضالة على الدرب‪.‬‬

‫" ما الذي يستغرقهم وقًت ا طويًال ؟!" صرخت‪ .‬نفاد صبرها ‪ ،‬مخاوفها ‪ ،‬كلماتها تزعج الغابة ‪ ،‬تحمل صوتها الغاضب‬
‫لتتردد من حولهم‪ .‬لعنت قمر أسفل الدرب‪ .‬تبصق أسمائهم بكل كلمة حقيرة عرفتها‪ .‬حدقت في الفراغ متسائلة عن سبب‬
‫عدم وجود ركاب الحدود عندما كانت في حاجة إليهم‪.‬‬

‫" قمر ‪"...‬‬

‫" أيها الجبناء!" شتمت‪ .‬تناثرت الدموع المحررة على وجهها‪ " .‬أين أنت بحق الجحيم! ؟"‬

‫" قمر ‪"...‬‬

‫" لو سمحت!" صرخت ‪ ،‬تتوسل ‪ ،‬تتوسل‪ " .‬فقط ساعده! سأذهب إلى الحكماء ‪ ...‬إذا أتيت لمساعدته! "‬

‫سأل حامد بلطف ‪ " ،‬قمر ‪ ،‬توقف‪ ".‬انتفضت يده تحت قبضتها‪ " .‬انا ميت‪ .‬هذا هو السبب في أنهم ليسوا هنا للمساعدة‬
‫"‪.‬‬

‫هزت قمر رأسها‪ " .‬ال تقل‪"-‬‬

‫يتحرك على جرحه ‪ ،‬لهث حامد ‪ " .‬وقع الضرر‪ .‬انظر إلي ‪ ...‬هذا سيء‪ .‬أنا لست كذلك – " سعل بقسوة‪.‬‬

‫هبة رت رأسها بعيدا عن العيون الصادقة أمامها‪ .‬لقد عرفت ذلك‪ .‬في اللحظة التي اكتشفت فيها الجروح ‪ ،‬لكن ذلك لم‬
‫يحدث‪ .‬لم يكن مسموحا بحدوث ذلك‪ .‬ال لحامد ‪ .‬ليس ألي شخص كانت تهتم به‪ .‬كبرت لكي تحمي نفسها وتحميهم‪.‬‬
‫ارتجفت يداها المحمرتان حول حامد ‪ .‬عضت شفتها ‪ ،‬تذوق الدم كما كان حامد يخبز‪ " .‬ليس من المفترض أن أرى‬
‫أجزاء من نفسي‪ .‬أنا أموت‪".‬‬
‫بالملل األزرق إلى البني‪ " .‬أريدك أن تقدم لي معروًف ا ‪"...‬‬

‫استنشق حامد ببطء وزفير قبل المتابعة‪ " .‬تعتني بهم ‪ ،‬أليس كذلك ؟"‬

‫المزيد من الدموع تعقب وجهها‪ " .‬حامد ‪ ،‬ال تتحدث مثل ‪"...‬‬

‫" يعد‪".‬‬

‫ثم أومأت بضعف‪ .‬قالت وهي تبكي بصوت عال‪ " :‬سأفعل" ‪ .‬ضغطت شفتاها المرتعشتان في خط رفيع وهي تتحدث‪" .‬‬
‫لم يكن عليك حتى أن تسأل ‪"...‬‬

‫جادل حامد ‪ " :‬كان ال بد من ذلك" ‪ .‬كل األلوان تالشت أمامها‪ .‬حجب الرمادي ضوء الشمس الذهبي في السماء‪ .‬يحدق‬
‫بها اللون األزرق الباهت ‪ ،‬ثم في السماء‪ .‬همس بهدوء مع هبوب الريح‪ " :‬أنا دائًما أحب الغيوم" ‪ .‬غطت األوراق‬
‫األوساخ الرطبة‪.‬‬

‫" وداعا اآلن" ‪ ،‬زفر الرجل األشقر‪ .‬ارتجف جسده في المصراع‪ .‬ثم مازال‪ .‬تالشى األزرق إلى الرمادي‪.‬‬

‫يحدق بها الفراغ بينما تتبعت قمر عيون حامد مغمضة‪ .‬تخلت عن البكاء بعد النحيب ‪ ،‬عويل في الريح كمخلوق جريح‪.‬‬
‫احتضنت ذراعيها حول ركبتيها ‪ ،‬وشّدت نفسها على شكل كرة على األرض القرمزية‪ .‬غارقة في االبتذال ‪ ،‬من األرض‬
‫وعينيها‪ .‬عصفت الهزات جسدها‪ .‬كان هناك فراغ اآلن‪ .‬حفرة محفورة في صدرها‪ .‬لم تكن تريد أن تصدق ذلك ‪ ،‬لم‬
‫تستطع‪ .‬أن الشخص الذي مات قبلها كان حامد ‪.‬‬

‫انهار جبهتها على ركبتيها‪ .‬ضرب الرعد خلفها‪ .‬كانت تعلم أنها لم تكن السماء‪ .‬ال شيء في الهواء يحمل رائحة هشة‬
‫للعاصفة‪ .‬انتشرت الرائحة الكريهة في الجو واختلطت برائحة الدم‪ .‬شهقت قمر عندما كان هناك لدغة حادة في مؤخرة‬
‫رأسها‪ .‬الحظت ظالل الوجوه قبل أن يحل الظالم عليها‪.‬‬
‫انفتحت عيناها‪ .‬صرخة ممزقة من حلقها العطشى‪ .‬ارتجفت ملتوية بهذه الطريقة وذاك حتى صمتت‪ .‬يلهث‪ .‬نزل الماء من‬
‫شعرها وهي تحدق في الحكمة ذات العيون الواسعة من قبل‪ .‬كان الحكماء التسعة يتطابقون مع حشد القرويين الذين يقفون‬
‫خلفهم‪ .‬اشتعلت الكراهية في جميع أزواج العيون التي يمكن أن تراها‪ .‬عرفت قمر من الوزن والفرك‪ .‬اهتزت السالسل‬
‫وهي تشد معصمها‪ .‬ثم تم شد ذراعيها من فوقها وشدها‪ .‬رقص الخوف في عمودها الفقري‪.‬‬

‫أقدم الحكماء ‪ ،‬يرتدون سمات الحكمة ‪ ،‬نفس الشخص الذي تحدث في هبة وترابطه تقفز إلى األمام‪ .‬لم تسمح قمر لنفسها‬
‫بالتفكير في ذلك الوقت‪ .‬إلى ذلك اليوم السعيد‪ .‬سرعان ما تالشت المحادثات مع التزام القرويين بالصمت‪ .‬كان الصوت‬
‫الوحيد – باستثناء السعال المناسب – عبارة عن أصوات من خشب مجوف مكدسة خلف الحكماء‪.‬‬

‫" وصمة عار ‪ ،‬لقد تم العثور على العديد من المظالم ‪ ،‬واحدة من النوع القاتل‪ .‬أوًال ‪ ،‬كونك غير مستحق يتفوق على‬
‫القرية بهذا‪" -‬‬

‫كافحت يدا برندل لتمسك سيفها الملطخ بالدماء‪ .‬تحرك اثنان من الدراجين على الحدود ‪ ،‬وأخذوا النصل منه بينما كان‬
‫يواصل‪.‬‬

‫" وصمة عار مع سالح ممنوع منعا باتا بموجب األمر‪ .‬فقط الرجال ‪ ،‬الذين يستحقون ‪ ،‬مسموح لهم منذ السالح‪ .‬ثانًيا ‪،‬‬
‫ُيشاع أنه كان مع القرية خالل حفل ترابط مقدس لراكب على الحدود‪ .‬األمر الذي يقودك إلى قتله بيدك! "‬

‫" ال!" صاحت قمر ‪ .‬هز سالسل‪ " .‬لم أفعل! أود‪"-‬‬

‫انقطع رأسها بشكل جانبي بسبب الصدمة الحارقة‪ .‬رش الدم من فمها‪ .‬واجهت قمر ببطء الحكيم الذي ضربها‪ .‬حدقت في‬
‫وجهه من خالل موجات الماهوجني‪ .‬تعثرت االبتسامة المتكبرة على وجهه ‪ ،‬وخطى وايزمان آخر نحوها‪ .‬ارتطمت رداءه‬
‫البني بالتراب‪.‬‬

‫" ال تجادل وصمة عار!" عبس الحكيم‪ " .‬أمسك بك راكبو الحدود! لقد رأوك تقتلوه بيدك! "‬

‫" لن أقتله أبًد ا!" صرخت‪ " .‬أنا‪"-‬‬


‫كانت كلماتها مختصرة‪ .‬أجبرت كل الهواء على الخروج من رئتيها‪ .‬عيناها محترقة ‪ ،‬والدموع في الزوايا‪ .‬سحب الحكيم‬
‫قبضته من بطنها بابتسامة متكلفة‪ " .‬هو ‪ ...‬كان صديقي ‪ "،‬قالت‪ .‬تسبب الجزء الفارغ من صدرها في ترنح مؤلم تجاه‬
‫اسمه‪ " .‬تركه ركاب الحدود ليموت‪".‬‬

‫انبعث األمل عندما ارتفعت همسات صامتة ونغمات القرويين‪ " .‬ال تدع هذه البقعة تخدعك!" صاح الحكماء بشراسة‪ .‬قام‬
‫بضرب إصبعه اللحمي الممتلئ عليها‪ " .‬هذه وصمة عار! وذبحت واحدة منا " ‪.‬‬

‫سحبت قمر السالسل‪ " .‬أن أكون ما أنا عليه كان خارج عن إرادتي‪ .‬أنت تعاقبني – " ثبتت على الحكماء بنظرة ساخنة‪.‬‬
‫– " لكوني بريًئ ا ‪ ،‬لشيء ال يمكن لومه عليه!"‬

‫" اخرس!"‬

‫هزت رأسها‪ " .‬ال!" بكت بعناد‪ " .‬السبب الوحيد الذي يجعلني وصمة عار هو أن تسعة رجال مقززين فكروا في األمر!‬
‫وقبل أن ألمسه ‪ ،‬وألحق األذى به ‪ ،‬كنت سأقتله‪" -‬‬

‫" قمر !"‬

‫" !" صرخت ‪ ،‬وعيناها تبحث عنه داخل الحشد‪ .‬أغلقت عينيه معه ‪ ،‬وشق طريقه عبر القرويين‪ .‬فبدأ تجاهها كما أمر‬
‫الحكماء‪ " .‬الدراجين على الحدود! حصر نصير لين في منزل والده‪ .‬إنه يفهم أوامر هذه القرية! "‬

‫اندلعت قمر على الروابط المعدنية‪ .‬مشاهدة بال حول وال قوة بينما ركاب الحدود ينزلون على نصير ‪ .‬هاجمه أقرب‬
‫متسابق حدودي‪ .‬صرخت قمر ‪.‬‬

‫عقد نصير أرضه‪ .‬ضرب متسابق الحدود على األرض‪ .‬تحرك ودافع بسرعة عن نفسه من هجوم آخر‪ .‬صرخ نصير‬
‫عندما ضرب من الخلف‪.‬‬

‫" ال!"‬

‫حدقت قمر في ‪ ،‬الذي ترك نصير يسقط على األرض‪ .‬شّدت سالسلها بينما أمسك اثنان من الدراجين على الحدود ب‬
‫نصير من ذراعيه ‪ ،‬وجروه بعيًد ا‪ " .‬اتركه وشأنه!"‬

‫ضربت ضربة أخرى بطنها ‪ ،‬مما أدى إلى ترهل قمر في السالسل‪ .‬كافحت لفهم ‪ ،‬كما بدأ الحكيم في الكالم‪ " .‬انظر إلى‬
‫المتسابق الحدودي المستعبدين‪ .‬ثم حصر والدة البقعة أيًض ا‪ .‬ال يمكننا جعلها تعتني بالبقعة مرة أخرى " ‪.‬‬

‫" اتركهم خارج هذا!" طالب قمر ‪.‬‬

‫حدقت في الحكماء الثمانية اآلخرين ‪ ،‬وانتهت بالحكماء األقدم‪ .‬الشخص الذي تحدث أكثر‪ .‬الشخص الذي كان من‬
‫المفترض أن يكون المسؤول‪ .‬رفض النظر إليها‪ .‬حدقت عيناه االرجوانيتان في األرض‪ .‬متجاهًال قمر ‪ ،‬صاح الحكيم‬
‫المستنير بالقوة‪ " .‬أحضر متسابق الحدود لمواجهة النيران!"‬

‫أربعة من الفرسان الحدوديين يتنقلون داخل منزل الحكماء‪ .‬من خالل رفرف الفراء‪ .‬عادوا معه مستلقين على نقالة‪.‬‬
‫عضت قمر شفتها‪ .‬نزل الدم إلى فمها‪ .‬فعلت كل ما في وسعها لمنعها من النحيب بصوت عاٍل عندما تم حملها‪ .‬تم إغالق‬
‫عينيه الزرقاوين إلى األبد‪ .‬ولم يكلف أحد عناء تنظيف وجهه األسود المتساقط من الدم‪.‬‬

‫كانت يده الرمادية تتدلى من على نقالة‪ .‬تتدلى على الجانب ‪ ،‬وتكاد تعرضها لالنضمام إليه‪ .‬من خالل الوجه الميت ‪،‬‬
‫تمكنت قمر من رؤية تلك االبتسامة‪ .‬الذي كان على وجهه عندما كان هنا‪ .‬حقا هنا‪ .‬وربما لم يكن عرضه عرًض ا حقيقًيا ‪،‬‬
‫لكن كان لديها شعور بأنها ستنضم إليه قريًبا‪ .‬خاصة عندما كانت حياتها في أيدي الحكماء‪ .‬كان مصيرها غير مؤكد‪.‬‬

‫لم يكن‪ .‬أوقعه مصيره في ألسنة اللهب‪ .‬أغمضت عينيها‪ .‬خنق النحيب الذي بدأ يتساقط من شفتيها‪ .‬افترق الحكماء‪ .‬تم أخذ‬
‫حامد بعيدا‪.‬‬

‫صرخة يتردد صداها من بعيد‪ .‬أجفل قمر ‪ .‬وبعد لحظات ‪ ،‬أدى اضطراب في القرويين إلى تفرقة الحشد‪ .‬شعر أشقر‬
‫متمايل تجاهها‪ .‬على الفور ‪ ،‬التقت عيناها بهبة ‪ .‬سبح الذنب في أحشائها‪ .‬حدقت في شالل الدموع المتدلي على وجه هبة ‪.‬‬
‫هددت عيناها بانسكاب دموع جديدة‪.‬‬
‫" قمر ‪"...‬‬

‫تنعبت هبة بشكل ضعيف ‪ ،‬تتعثر بها‪ .‬هزت قمر رأسها ‪ ،‬على أمل أن تلتزم هبة الصمت‪ .‬يبدو أن كل صديقاتها التقيا‬
‫ينتهين أنه ال ينبغي لهن ذلك‪ .‬أنهم يتأذون بسببها‪ .‬ظهر هشام بجانب هبة وسأل مرعبًا‪ " .‬هل تعرف البقعة ؟"‬

‫انقلب تسعة رؤوس على ‪ ،‬جذبتهم غضب ‪ .‬دفع الحكمة القوة جانًبا‪ .‬أراينا أصيبت بالذعر من قيودها‪ .‬قلقة للغاية على‬
‫حتى تستمتع بهستيس على األرض‪.‬‬

‫دافعت هبة بهدوء‪ " :‬قمر صديقي" ‪ .‬لفت الشقراء ذراعيها على صدرها وكأنها باردة‪ .‬سخر الحكماء‪ " .‬حسًن ا ‪"،‬‬
‫صديقك " قتل صديقك المقيد‪".‬‬

‫احتجت هبة وهي تهز رأسها‪ " :‬لن تفعل" ‪ " .‬إنها تحب حامد ‪ .‬نحن جميًع ا ‪ " ...‬تالشت بقية كلماتها في تنهدات‪ .‬اختفى‬
‫وجهها خلف يديها‪.‬‬

‫احتضن وايزمان هبة كطفل ‪ ،‬مما جعلها أقرب إلى الوحش قمر ‪ " .‬قل لها وصمة عار ‪ "،‬شجع الحكيم‪ " .‬أخبرها كيف‬
‫قتلتها المستعبدة‪".‬‬

‫هزت قمر رأسها‪.‬‬

‫ومض بريق من الفضة في الهواء‪ .‬تنفست قمر بحذر مع تثبيت الخنجر على رقبتها‪ " .‬قل لها الحقيقة قبل أن يلتقي‬
‫متسابق الحدود بالنيران‪ .‬هي ‪ ،‬بصفتها " صديقتك" تستحق ذلك‪ .‬وإال أقطع حلقك " ‪.‬‬

‫تجرأت " قصها إذن" ‪ .‬صاح الغباء في عقلها ‪ ،‬وتساءل جزء منها أين كان خط بقائها‪ .‬بينما شكك جزء آخر في سالمتها‬
‫العقلية ‪ ،‬هل أرادت البقاء على قيد الحياة طالما بقيت ؟ جعلها خوفها غبية ‪ " ،‬أنا وصمة عديمة القيمة على أي حال‪".‬‬

‫سخر الحكماء‪ .‬حفر الخنجر في لحمها الرقيق‪.‬‬

‫" قمر ‪ ...‬من فضلك ‪"...‬‬

‫التقى عيون سيت باللون األزرق‪ .‬ضغطت قمر على شفتيها بإحكام ‪ ،‬وأومأت برأسها‪ .‬سحب الحكمة قليال من رقبتها‪.‬‬
‫ابتلعت الكتلة في الحلق‪ .‬بدأت ضعيفة‪ " :‬لقد حاولت ‪ ...‬بجهد شديد" ‪ " .‬هاجمه السلجمورز ‪ ...‬فقد الكثير من الدماء التي‬
‫تراها‪ .‬الوحش ‪ ...‬لقد أوقعوه أسوأ مما حدث عندما قمت بتثبيته " ‪.‬‬

‫تنهدت قمر وعضت شفتها لتمنع نفسها من البكاء‪ " .‬بقيت معه حتى النهاية‪ .‬لم يكن وحيدا " ‪.‬‬

‫بينما كانت الدموع تنهمر على وجه هبة ‪ ،‬ابتلعت قمر ‪ .‬كان هناك خدر جديد وغضب شديد‪ .‬اشتعلت عيناها البنيتان‬
‫بالكراهية التي كانت تنافس الحكماء‪ " .‬كان رجال الحدود هناك! لكن هؤالء األوغاد لم يفعلوا شيًئ ا إلنقاذه! " بصق ‪ ،‬رش‬
‫سائل واضح من فمها‪.‬‬

‫ارتجف الحكماء عنها في اشمئزاز‪ .‬ارتد رأسها إلى الوراء عندما ضربها الحكماء مرة أخرى‪ .‬احترقت الضربة‪ .‬لكن‬
‫قمر لم تكسر أبًد ا بصرها من هبة ‪ " .‬لقد وعدته أن يعتني بك‪ .‬هذه هي الحقيقة!"‬

‫" أكاذيب" ‪ . ،‬انضم إلى جانب هبة مرة أخرى ‪ ،‬ولكن هذه المرة ‪ ،‬ألقى بذراعه على كتفها‪ " .‬البقعة تخبرك فقط‬
‫باألشياء التي تود سماعها من أجل إنقاذ حياتها‪ .‬قل لها أنك لن تسامحها أبًد ا ‪ ،‬وأعطها الجملة " ‪.‬‬

‫" هبة ؟"‬

‫تراجعت عيونها الزرقاء ببطء‪ .‬حمل الفراغ في عيون هبة ‪ .‬وكأن الشقراء ضاعت‪ " .‬هبة ؟" كرر قمر المتواضع‪.‬‬
‫ابتعد الشعر األشقر واختفى في القرويين دون أن ينبس ببنت شفة‪ .‬اندلع حريق برتقالي في السماء المظلمة‪ .‬تردد صدى‬
‫آخر من العذاب خالل الليل‪.‬‬
‫عاكسًة عينيها الخربيتين ‪ ،‬راقبت قمر وجهه يتالشى في ألسنة اللهب‪ .‬ترهلت قمر في قيودها بالذنب‪ .‬أخفت موجات‬
‫الماهوجني وجهها وهي تبكي‪ .‬التهمته النار بعيدا‪ .‬جعله يحترق في الدخان أعاله‪.‬‬

‫اختفى القرويون شيئا فشيئا‪ .‬بحلول الوقت الذي تضاءل فيه اللهب‪ .‬كانت قمر وحدها في المنتدى‪ .‬اشتعلت عيناها بالرماد‬
‫والدخان‪ .‬في الجمر ‪ ،‬لم يتبق سوى عظام متفحمة‪.‬‬

‫كانت السماء تمطر في صباح اليوم التالي‪ .‬سقطت قطرات ثقيلة عليها‪ .‬يجري الدم الجاف من جلدها‪ .‬عصف البرد‬
‫بجسدها وجعلها ترتجف مهما كانت األشهر الحارة‪ .‬شاهدت قمر في ضوء الشمس الباهت ‪ ،‬عندما غادر تسعة وايزمن‬
‫منزلهم‪ .‬ساروا إلى الكومة المحترقة وجمعوا شظايا عظامه المسودة‪.‬‬

‫ثم ذهبوا بعيدا‪.‬‬

‫مر اليوم الذي قضى فيه القرويون وقتهم في إلقاء الحجارة واألطعمة المتعفنة‪ .‬زحفت اليرقات فوق جلدها المبلل‬
‫بالحرارة‪ .‬كانت قمر تحب قرع طبول الماء على رأسها بال هوادة‪.‬‬

‫بين الماء البارد ‪ ،‬لم تستطع قمر معرفة ما إذا كانت الجداول المتساقطة عبارة عن قطرات مطر‪ .‬أو الديدان‪ .‬أغمضت‬
‫عينيها بحسرة‪ .‬وبقيت على هذا النحو لفترة طويلة‪.‬‬
‫امتزج اليوم الثاني مع األول‪ .‬مزيد من المطر‪ .‬مجموعة متزايدة من القذارة‪ .‬والمزيد من الناس الطيبين يرمون القمامة في‬
‫اتجاهها‪ .‬من حين آلخر – بين المطر ومزيج من التلفيقات المثيرة لالشمئزاز – كانت األشياء الحلوة تهمس في أذنيها‪.‬‬
‫حملت المداعبات الحريرية رسائل حقيرة‪ .‬كانت قمر ضعيفة للغاية ‪ ،‬بحيث ال يمكن للعقل والجسد االهتمام بها‪ .‬همس‬
‫القرويون بالحقيقة في أذنيها‪ .‬الحقيقة التي تحدث عنها الحكماء قبل أن يأمروا بإشعال النيران بجسده‪ .‬الحقيقة التي عرفت‬
‫أنها صحيحة‪.‬‬

‫كان موته على يديها‪ .‬دمه على أصابعها‪ .‬على نصلها‪ .‬حتى لو لم تصدم حامد بنفسها‪ .‬ربما أرسلته ليموت‪ .‬في الليل ‪،‬‬
‫حيث كان الصمت طويًال ولم يتوقف المطر أبًد ا ‪ ،‬فكرت قمر ‪.‬‬

‫أسئلة بعد أسئلة ابتليت بها عقلها‪ .‬ماذا لو ذهبت معه ؟ هل سيكونون أحياء أم أموات ؟ ماذا لو كانت قد بحثت بجدية أكبر‬
‫؟ أبحث عن األوغاد في األشجار فوق‪ .‬أعادت السيناريوهات في عقلها ‪ ،‬حيث انتصر الخير على الشر‪ .‬أولئك الذين‬
‫عاشوا ‪ ،‬وآخرون ‪ ،‬أكثر استحقاقا قابلوا النيران بدال من ذلك‪ .‬لكن بغض النظر عن عدد المرات التي أعادت فيها إنشاء‬
‫عالم جديد في رأسها‪ .‬لقد عرفت الحقيقة‪ .‬حتى األوهام ال يمكن أن تمنعه من مواجهة ألسنة اللهب ‪ ،‬ومن االحتراق برائحة‬
‫اللحم الكريهة‪ .‬من االختفاء في هذا العالم دون قتال‪.‬‬

‫توسلت قمر ‪ .‬ناشدت من لديه القدرة على إعادة الزمن إلى الوراء‪ .‬أتمنى أن تتمكن من العودة ‪ ،‬ومنعته من السير في‬
‫ذلك الطريق‪ .‬لم يتم منح مثل هذه اإلرادة‪ .‬هطلت أمطار‪ .‬وبدًال من ذلك ‪ ،‬علقت من سجنها من السالسل ‪ ،‬محدقة في‬
‫األوساخ السوداء التي تذوبها قطرات المطر‪.‬‬
‫في اليوم الثالث ‪ ،‬كانت ذراعيها خدرتين من الزاوية‪ .‬دقات طبلة غير مرئية داخل جمجمتها ‪ ،‬من العطش أو المطر أو‬
‫اإلفراط في التفكير‪ .‬ربما مزيج من الثالثة‪ .‬كان الماء يتساقط بثبات ‪ ،‬مما يعطي مصدًر ا للشرب‪ .‬لم تجرؤ على فتح فمها‬
‫مرة أخرى‪ .‬في المرة األولى التي فعلت فيها ذلك ‪ ،‬مزقها صرخة منتقعة من كوابيسها‪ .‬بعيدا عن وجهه وصرخات‬
‫الشتالت‪.‬‬

‫كانت المرة الثانية التي فتحت فيها فمها لشرب‪ .‬قذفت القذارة الماء الذي سقط في فمها من جلدها‪ .‬رفض جسدها ذلك ‪،‬‬
‫وانسكب على األرض الموحلة‪ .‬تطاير الذباب والمضايقات األخرى حول وجهها ‪ ،‬وزحف على جلدها‪ .‬أغلقت قمر عينيها‬
‫وأغلقت بطنها في عقدة مؤلمة‪ .‬التوق إلى الجوهر غير الشعور بالذنب وتنامي كراهية الذات‪.‬‬

‫كانت ساعات االستيقاظ في القرية كما كانت في اليومين الماضيين‪ .‬صاحت األصوات بكلمات نابية ‪ ،‬مدغًما اسمها‪ .‬مع‬
‫رمي األشياء التي اصطدمت بجسدها‪ .‬الوقت الذي مضى ‪ ،‬تراجعت األصوات من المنتدى ؛ عرفت قمر أن ساعات‬
‫الشفق قد اقتربت‪ .‬أخيًر ا ‪ ،‬ساد الصمت‪ .‬سالم مع الليل ‪ ،‬لكن شيًئ ا ما انقطع‪ .‬كانت نفس الغرابة التي شعرت بها في الغابة‬
‫‪ ،‬عندما كانت تبحث عن الوحش ‪ .‬أزالت قمر األمر بعيًد ا ‪ ،‬معتقدة أن عقلها كان يعذبها مرة أخرى‪ .‬تراجعت في سالسلها‬
‫حتى ثّبت شيء على فمها‪.‬‬

‫انفتحت عيناها البنيتان‪ .‬صامت عندما هسهس صوت في أذنها‪ " .‬سنقدم لك هدية لتذكيرك بما أنت عليه‪".‬‬
‫ركلت قمر ساقيها‪ .‬كانت تضرب األيدي الغامضة اآلتية لها في الظالم‪ .‬باللون األسود المحبب ‪ ،‬كان البرتقالي يحوم‬
‫حولها‪ .‬استغرق األمر منها ثوان فقط للتعرف على شكل الهالل‪ .‬أمسكت يدها بساقها ‪ ،‬وتبعتها أخرى بسرعة‪ .‬حفرت‬
‫السالسل في معصمها وهي تحاول التملص من قبضتها‪.‬‬

‫صرخت عندما احترق الهالل في سروالها وفي لحم فخذها‪ .‬عندما هدأ صوتها من اإلساءة ‪ ،‬صرخت صرخة صامتة‪.‬‬

‫انجرفت رائحة اللحم المحترق في الهواء‪ .‬ارتجفت قمر عندما انسحب الهالل المتوهج‪ .‬تراجعت‪ .‬لكن اليدين الممسكتين‬
‫بساقها ما زالتا‪ .‬قبل أن تتمكن من التنفس مرة أخرى ‪ ،‬ضغط القضيب المعدني على ساقها مرة أخرى‪ .‬ركضت متصلبة ‪،‬‬
‫وعضالتها متوترة تحت الضغط الثاني للقضيب المعدني‪ .‬فتح فمها في صراخ صامت‪.‬‬

‫أطلقتها األيدي عندما ابتعد الهالل عن جلدها‪ .‬انتشر األلم من فخذها الخارجي‪ .‬اهتزت السالسل وهي تهتز‪ .‬عضت شفتها‬
‫‪ ،‬وكشفت وزنها‪ .‬ثم أغمي عليها‪.‬‬

‫اليوم الرابع‪ .‬علقت هناك‪ .‬التواء بطنها ومخالب لشيء ما‪ .‬بقيت بال حراك بينما انتشر األلم حول العالمة التجارية الخام‬
‫التي احترقت في ساقها‪ .‬التقى هالالن في المنتصف ‪ ،‬مكونين حرف " ‪ .‬وبينما واصل القرويون مشاركتهم بحماس في‬
‫عقابها ‪ ،‬بدأت تتساءل‪ .‬هل ستموت هنا ؟ وإذا فعلت ذلك ‪ ،‬فهل سيوقفهم موتها ؟‬

‫كانت الشمس مشرقة ‪ ،‬وإن كانت حارة‪ .‬لقد نسيت ما هي الحرارة ‪ ،‬عندما استمر هطول األمطار على القرية‪ .‬مع تزايد‬
‫رائحتها الكريهة مع ازدياد حرارة اليوم‪ .‬تمنت قمر المزيد من المطر‪ .‬على األقل كان من المحتمل على األقل أن تتقيأ‬
‫على نفسها مرة أخرى عندما ال تلمس الحرارة جلدها كما لو كانت شيًئ ا ما ميًت ا‪ .‬كان هناك حديث في المنتدى ‪ ،‬يصعب‬
‫سماعه فوق الذباب السمفوني‪ .‬لم تستطع سماع الكلمات الفعلية‪.‬‬

‫تنهدت قمر بارتياح عندما حجب ظل غامق الضوء الذهبي ‪ ،‬مما أعطى راحة لبشرتها التي أسيئت معاملتها‪ .‬نظرت قمر‬
‫من خالل خشب الماهوجني الالمع ‪ ،‬وهي تنظر إلى األمل‪ .‬ال تجد نصير أو والدتها‪ .‬لكن على األقل وجه أو سالح‬
‫إلنهاء حياتها في النهاية‪ .‬ثم سقطت إلى األمام‪ .‬الهبوط على الوحل مع تنبيه‪.‬‬

‫اندفع الهواء خارج رئتيها‪ .‬ينفجر الدم في أذنيها‪ .‬تلسعت يداها وهي تدفع من األرض الموحلة‪ .‬وقفت منتصبة‪ .‬مجمدة‪.‬‬
‫تسعة أزواج من العيون يحدق‪ .‬في ضبابية اإلرهاق ‪ ،‬بالكاد فهمت حكماء القوة أثناء حديثه‪.‬‬

‫" لقد تم سجلك من قبل المستعبدين‪ .‬كنا سنتركك تتعفن حتى تنتهي أيامك والمزيد " ‪.‬‬

‫تمتمت قمر ساخرة ‪ " ،‬من الجيد معرفة" ‪.‬‬

‫ظهرت بصيص صغير من الفخر في صدرها‪ .‬حتى بعد أربعة أيام ‪ ،‬تمكنت من أن تبدو مثل نفسها القديمة‪ .‬عادت‬
‫المشاعر في أصابعها وهي تبتعد‪ .‬أعادتها إلى الحكماء وهي تتجول بين القرويين‪ .‬قدم واحدة تلو األخرى ‪ ،‬مثل براعم‬
‫مهزوزة ‪ ،‬غامر بالخروج من المنتدى‪.‬‬

‫حمل النسيم رسالة الحكماء‪ .‬تحذيرهم األخير‪.‬‬

‫" شكوى أخرى ستكون موتك!"‬

‫هزت قمر كتفيها المخدرين‪ .‬تمتمت على نفسها بتواضع‪ " .‬بالطبع‪".‬‬

‫كانت ساخرة مرة أخرى‪ .‬رفت زاوية فمها‪ .‬كان هناك أمل لها بعد‪.‬‬
‫في سبات عميق ‪ ،‬سافرت على الطريق المؤدية إلى منزلها‪ .‬كان الدخان المنبعث من الموقد يخبرها دائًما أنها قريبة من‬
‫المنزل ‪ ،‬حتى عندما تقف في الخارج‪ .‬بدًال من المشي عبر رفرف الفرو الترحيبي ‪ ،‬غامرت في مسار مختلف‪.‬‬

‫نما التوسع األزرق المخفي بشكل أكبر ‪ ،‬وأقل إخفاء عندما اخترقت خط الشجرة‪ .‬امتدت حذائها فوق الرمال شبًر ا‬
‫بوصة ‪ ،‬حتى وقفت على حافة المياه‪.‬‬

‫صرخات صرخات الطفلة عندما أخذت خطواتها األولى طواعية في الماء‪ .‬تموجت األمواج السطح العلوي ‪ ،‬مما أزعج‬
‫الكمال الهادئ الذي كان يتمتع به من قبل‪ .‬صعدت قمر إلى األمام‪ .‬عندما تمايل الماء البارد على ذقنها ‪ ،‬أغمضت عينيها‪.‬‬

‫ثم مغمورة‪.‬‬
‫صور الدم‪ .‬من اللهب‪ .‬من الماء‪ .‬تومض في عقلها‪ .‬رقصت خلف عينيها المغلقتين‪ .‬انطلق صراخ الشتلة في أذنيها‪ .‬ترن‬
‫بعواء محتضرة ‪ ،‬من صوت أعمق مع تقدم العمر‪ .‬أزرق‪.‬‬

‫نزفت المياه الكريستالية إلى اللون األسود‪ .‬كان هناك فراغ‪ .‬إحساس بالفراغ‪ .‬والخوف‪ .‬غسلت المياه المتجمدة األوساخ‬
‫من جسدها ‪ ،‬لكنها لم تستطع الوصول إلى البقع في قلبها‪ .‬فشلها‪ .‬أشعلت له وللشتلة شعلة الفشل التي لم تستطع الهروب‬
‫منها‪ .‬نما الخوف في قلبها ‪ ،‬ليس فقط على نفسها ‪ ،‬ولكن على أسرتها‪.‬‬

‫تحت السطح ‪ ،‬التقت قمر بعيون رمادية ميتة‪ .‬ال شيء مثل اللون األزرق الذي كان لديه في الحياة‪ .‬هسهس‪ " :‬لقد فعلت‬
‫هذا بي" ‪ .‬نزل الدم من شفتيه ‪ ،‬وتلطيخ المياه من حولهما‪ " .‬لقد قتلتني‪ ".‬ثم اختفى في الدخان‪.‬‬

‫اخترقت قمر السطح بصرخة ‪ ،‬متجاهلة كل المنطق‪ .‬مع أنفاسها العميقة ‪ ،‬صرخ صوتها الممزق‪ .‬هربت عائدة إلى المياه‬
‫الضحلة ‪ ،‬وإلى الحافة الرملية‪ .‬كل شيء في عقلها أسكت عندما وطأت على الشاطئ‪ .‬قطف الماء من شكلها‪ .‬وابتعدت‬
‫قمر عن الماء ‪ ،‬بينما كانت تمشي في أوراق الشجر الخضراء التي تحيط بها ‪ ،‬لم يسعها إال أن تتساءل‪ .‬هل فقدت عقلها‬
‫للتو ؟‬
‫كانت سترة وسراويلها قذرة ‪ ،‬وقد نجحت في التوفير حتى مع استمرار تساقط المياه على أطرافها‪ .‬دفع من خالل رفرف‬
‫الفراء ‪ ،‬قابلت قمر ثالثة أزواج من العيون‪ .‬كل ظالل مختلفة تحدق بها‪.‬‬

‫قالت قمر بتعب‪ " :‬أستطيع أن أخمن كيف أبدو" ‪ .‬قفزت والدتها ‪ ،‬هبة ونصير ‪ ،‬على أقدامهم‪ .‬وصلت والدتها لها أوال‪.‬‬
‫بالكاد تجفلت قمر عندما أثرت أطراف أصابعها على جلدها الجاف‪ " .‬قمر ‪ ...‬أين كنت ؟"‬

‫ابتعدت قمر عن والدتها وسارت إلى الموقد‪ .‬لقد سحبت حذائها المبتل من قدميها بضربها العصير الذي يسبب الغثيان‪.‬‬

‫" أين تقصد" أين كنت ؟ " سألت ‪ ،‬مكررة سؤال والدتها‪ " .‬كنت أتجول في المنتدى من أجل ‪"...‬‬

‫تراجع صوتها فجأة‪ .‬أجواء قاسية تؤلمها في صدرها عندما قابلت عيني هبة ‪ .‬ابتلعت قمر الذنب والصراخ والرغبة في‬
‫الجري‪.‬‬

‫شارك و نظرة خاطفة ‪ ،‬متجنبيًن ا قمر من التعرض البرولوجي لعيون المحمرة والمنتفخة‪ " .‬ما المدة التى مكثتها هناك‬
‫؟" زعنفة نقب بعناية‪.‬‬

‫تنهدت بضجر‪ .‬فركت يدها على وجهها‪ " .‬أال يمكننا فعل هذا اآلن ؟ أنا عطشان ‪ ،‬أتضور جوعا ‪ ،‬وأموت ألحرق هذه‬
‫المالبس‪ .‬لذلك إذا كنت ال تمانع – "‬

‫ضرب نصير قبضته على الطاولة‪ " .‬حتى متى ؟!" هو صرخ‪.‬‬

‫تردد صدى صوته داخل حجرة المنزل‪ .‬اقترب من قمر والحظت تغيًر ا في اللون حول عين نصير ‪ .‬أشارت إلى الكدمة‬
‫بفشل ضعيف في يدها‪ .‬أجابت " ربما طالما كان لديك ذلك" ‪.‬‬

‫لمست األصابع بشكل انعكاسي كدمة العطاء مع صدمة في عينيه‪ " .‬يومين" ‪ ،‬تمتم بتواضع‪.‬‬

‫تمتمت بهدوء‪ " :‬أضف إما اثنين أو ثالثة آخرين" ‪ " .‬األيام الماضية كانت ضبابية‪".‬‬

‫انتزعت الماء البارد من دلوهم وأخذت تصرخ‪ .‬شهق هبة في رعب‪ " .‬في ذلك الصباح ‪ ...‬بعد أن استراحوا ‪ ...‬توسلت‬
‫إلى الحكماء أن يتركوك تذهب‪ .‬أعطوني كلمتهم " ‪.‬‬

‫سعلت قمر ‪ ،‬وأخذت تتقيأ من الماء‪ .‬تشقش بين أنفاسها الخانقة‪ " :‬لقد كذبوا" ‪ .‬شربت المزيد من الماء لمساعدة حلقها‪.‬‬

‫" لم نكن نعرف" ‪ ،‬همست هبة ‪ .‬استنشقت بخفة‪ " .‬هذا يبين كل شيء‪".‬‬

‫" يشرح ماذا ؟" سألت قمر وهي تأكل اللحم والجبن من المائدة‪ .‬كانت تستنشق الطعام في يديها أكثر من حاجتها إلى‬
‫التنفس‪ " .‬قمر ‪ ...‬ستجعل نفسك مريًضا" ‪ ،‬أشارت هبة بشكل ضعيف‪.‬‬
‫أجاب نصير ‪ " :‬لم يسمحوا لنا باالقتراب من المنتدى" ‪ " .‬وال حتى عندما ُيفترض أنه تم إطالق سراحك‪ .‬اعتقدت أنه‬
‫كان بسبب غار‪" -‬‬

‫مع خديها المليئين بالطعام ‪ ،‬هسهسة قمر في نصير ‪ " .‬ال تقل هذا االسم‪".‬‬

‫" قمر ‪"...‬‬

‫طلبت متواضعة " ال نصير " ‪ .‬لم يكن هناك سخونة وراء كلماتها ‪ ،‬ولكن فقط اإلرهاق‪ " .‬أنا مجهد‪ .‬أريد فقط بعض‪" -‬‬

‫ثم توقفت عن الكالم ‪ ،‬وأغلقت فمها‪ .‬دواخلها ملتوية‪ .‬انسحبت قمر إلى الخارج بعيون متسعة‪ .‬التقت يديها وركبتيها‬
‫باألرض مع عودة الطعام والماء إلى السطح‪ .‬ارتطمت الرشاشات بالطين بينما كانت يداها تجرفان شعرها للخلف‪ .‬عندما‬
‫أفرغت ‪ ،‬مسحت قمر العصارة من فمها ووقفت‪ .‬قابلت عيون فضية دامعة‪.‬‬

‫همست والدتها " اعتقدت أنني لن أراك مرة أخرى" ‪ " .‬لم يكن لدي أي فكرة عن مكانك حتى جاء أحد الفرسان على‬
‫الحدود إلى منزلنا ‪ ،‬وأخبرني أنني سأبقى هنا‪ .‬لقد انتظرت ليال ونهارا من أجلك " ‪.‬‬

‫عرضت " آسف" ‪ .‬ارتجفت شفتاها عندما لف أمها ذراعيها حول كتفيها‪ .‬همست المرأة األكبر سًن ا في مواساة‪ " :‬ال‬
‫تأسف" ‪ " .‬دعونا نعود إلى الداخل ‪ ،‬أنت بحاجة إلى االعتناء به‪".‬‬

‫دخلت قمر من خالل رفرف الفراء أوًال ‪ ،‬وتوقفت المحادثة الهامسة‪ .‬تحركت نظرتها بين و ‪ ،‬وكالهما يتصرفان‬
‫بصعوبة شديدة ولم يكن ذلك مهًما ؛ أنهم ال يريدون لها أن تعرف‪ .‬تبادلت النظرة الحامضة بينهما عندما استجوبت قمر بال‬
‫مباالة‪ " .‬ما هذا ؟"‬

‫" سنتحدث الحًق ا ‪ ...‬عندما يكون لديك وقت للراحة ‪ "،‬قلص نصير بحذر‪.‬‬

‫هزت رأسها‪ " .‬قل لي اآلن" ‪ ،‬صرحت قمر بشكل قاطع‪.‬‬

‫" ما هذا ؟" كررت قمر بفارغ الصبر‪ .‬تنهدت عندما شاركت هبة ونصير نظرة أخرى‪ " .‬حسنا ؟"‬

‫أجفل هبة ‪.‬‬

‫لمست زعنفة كتف الشقراء‪ .‬تجنبت عيونهم مقابلة وجهها‪ " .‬أنا مع الشتلة" ‪ ،‬همست هبة ‪.‬‬

‫أومأت قمر بهدوء‪ .‬تقدمت ببطء إلى األمام ‪ ،‬ولم تعلق قدمها بأي شيء‪ .‬ثم أغمي عليها‪ .‬التقت المرأة األكبر سنًا وفن في‬
‫منتصف الطريق ‪ ،‬حيث اصطاد كل منهما قمر قبل أن تنهار على السجادة المنسوجة‪ .‬تحركت هبة إلى جانب قمر ‪،‬‬
‫تشهق بخفة‪ .‬تمكنوا مع االثنين من نقل قمر إلى سريرها‪ .‬رفضت المرأة األكبر سًن ا ‪ ،‬واعتنت بابنتها أثناء نومها‪.‬‬

‫في الغرفة الرئيسية ‪ ،‬يواسي نصير دموع هبة ‪ .‬حدق في الفضاء بينما تشبثت هبة به‪ .‬في النهاية ‪ ،‬قاد هبة إلى الحداد‪.‬‬
‫وضعها في سريره‪ .‬عندما كان وحيًد ا ‪ ،‬بكى نصير أخيًر ا‪.‬‬

‫في وقت ما في منتصف الليل ‪ ،‬جلست قمر وعرق بارد يقطر على جلدها‪ .‬بقيت كوابيس الشتالت منه ‪ ،‬من المنتدى‬
‫داخل رأسها‪ .‬تجعدت في كرة ‪ ،‬وعانقت ركبتيها على صدرها ‪ ،‬وهي تبكي بهدوء‪ .‬لقد حزنت تماما اآلن‪ .‬حزنت على‬
‫الصديق الذي نما إلى أخيها‪ .‬حزن على هبة التي انفصلت عنها في وقت قريب جًد ا‪ .‬وكان بسببها‪ .‬وأخيرًا بكت قمر ‪.‬‬
‫بكت كطفل حاولت الهرب ‪ ،‬تركت دموعها دون قصد ‪ ،‬حتى لم يبق منها سوى الفواق‪ .‬عندما لم تشعر بشيء ‪ ،‬انقلبت‪.‬‬
‫تغلب عليها النوم في لحظة‪.‬‬

‫مر أسبوع قبل أن ُيسمح لقمر بترك فراشها‪ .‬مع وفاته ‪ ،‬تم إعفاء هبة من الثنائي الخاص بها في منزل المعالج‪ .‬وهكذا ‪،‬‬
‫كانت الشقراء تساعد والدة قمر في إرضاع ظهرها‪ .‬خالل ذلك الوقت ‪ ،‬بالكاد استطاعت قمر أن تشاهد المشهد‪ .‬حتى إذا‬
‫نظرت إلى هبة ‪ ،‬اجعل ومضات من الموت األزرق تومض في ذهنها‪ .‬ودق وعدها له ‪ ،‬داخل رأسها ‪ ،‬إلى جانب‬
‫كوابيس استمرت في النمو‪.‬‬

‫رغم ذلك ‪ ،‬فقد أمضت كل ساعات يقظتها في التفكير‪ .‬التفكير في طرق للتأكد من حماية هبة وشتالتها وحمايتها وحبها‪.‬‬
‫مر شهر آخر قبل أن تغادر قمر منزلها‪ .‬اغتسلت الشمس على بشرتها ‪ ،‬ولم تعد مصبوغة بسبب قلة التعرض لها‪ .‬كانت‬
‫الحرارة مفهوًما مجرًد ا ‪ ،‬وهو الشيء الذي شعرت أنه يتعين عليه دفعنا إليه مرة أخرى‪ .‬في إحدى األمسيات عندما‬
‫استيقظت ‪ ،‬غير قادرة على القتال من خالل األحالم المروعة بعد اآلن‪ .‬تراجعت ببطء من فراشها وانزلقت على مالبسها‬
‫المعتادة‪ .‬ثم غادرت‪.‬‬

‫انجرفت األشجار في النسيم الخفيف‪ .‬سارت إلى قمة التل لتكون وحدها‪ .‬عبرت حذائها فوق العشب الندي ‪ ،‬وتوقفت‪ .‬أو‬
‫كانت تعتقد أنها ستكون بمفردها‪ .‬كان الشعر يلمع مثل ضوء القمر من شخصية حدسية ‪ ،‬مستلقية على شاحنة الشجرة‬
‫الساقطة‪ .‬قطعت حذائها على بعض أغصان الخريف ‪ ،‬استدارت عيون أرجوانية وقابلتها‪.‬‬

‫انضمت إلى نصير على شاحنة الشجرة‪ .‬سقط غمد مألوف على ركبتيها بال كالم‪ .‬كان سيفها ثقيًال في يديها عندما‬
‫حركت النصل بينهما‪ .‬تتبعت قمر مؤقًت ا نقوش لبالب‪ " .‬كيف استعدت سيفي ؟"‬

‫" كان الحصول عليه أمًر ا بسيًط ا جًد ا‪ .‬أمر الحكماء بأن يذوب‪ .‬لقد وضعتها جانًبا عندما وصلت إلى الحداد‪ .‬إعادة السيف‬
‫‪ ...‬كان األمر أكثر صعوبة‪ .‬لم أستطع مغادرة القرية معها حتى غادر ركاب الحدود‪ .‬وقد استغرق األمر مني حتى اليوم‬
‫إلعادته ‪ " ،‬أوضح نصير ‪.‬‬

‫" وهذا هو سبب عدم وجودك هنا" ‪ ،‬صرحت ‪ ،‬هذه حقيقة‪.‬‬

‫أومأت الزعنفة‪ " .‬نعم‪".‬‬

‫أومأت قمر بتمعن ‪ ،‬ناظرة نحو سماء الشفق‪ .‬تدحرجت الغيوم فوق النجوم ‪ ،‬وظللت في الظالم‪ .‬ثم فكرت في ذلك‪.‬‬
‫المعجزة التي كانت تفكر فيها في الشهر الماضي‪ .‬طريقة لرعاية هبة وشتالتها‪ .‬هي فقط من استطاعت سماع صوت قلبها‬
‫وهي تكسر حاجز الصمت‪ " .‬عليك أن تربطها‪".‬‬

‫" ماذا او ما ؟ االرتباط بمن ؟ "‬

‫أجابت قمر " هبة " ‪ ،‬وهي تنظر إلى تعبير نصير المرتبك‪ " .‬عليك أن تربطها من أجل الشتلة‪ .‬لذلك لن تكون الحياة‬
‫مثل حياتي " ‪.‬‬

‫كرر نصير بحذر ‪ ،‬وهو يفكر في الفكرة بصدمة‪ " :‬أنت تعتقد أنه ينبغي علّي االرتباط بهبة " ‪ .‬أومأت قمر برأسها بينما‬
‫واصل نصير ‪ " .‬وأنا أفهم ما تقوله‪ .‬أنا افعل‪ .‬لكن ال‪".‬‬

‫واحتجت قمر على ذلك قائلة‪ " :‬سيتعين على هبة االرتباط بشخص ما في نهاية المطاف" ‪ .‬ثم أضيف‪ " .‬أفضل منك من‬
‫المدح أو هشام ‪ .‬أو حتى ال أحد على اإلطالق‪ .‬لن أدع لطخة أخرى في هذه القرية‪ .‬ال أحد قريب مني لدرجة أنني أستطيع‬
‫منعه " ‪.‬‬

‫" وأنا أوافق" ‪ ،‬غمغم نصير ‪ " .‬ال ينبغي أن تتمتع نبتة بحياة مثل ‪ "...‬توقف مؤقًت ا ‪ ،‬ومألت قمر تلقائًيا الكلمات‬
‫المفقودة‪ " .‬مثلي‪".‬‬

‫تنهد ‪ ،‬واصل نصير ‪ .‬لكن حامد التقى بألسنة اللهب قبل شهر فقط‪ .‬أعلم أنك تشعر بالعودة ألنه مات ولكن‪" -‬‬

‫حدقت قمر في نصير بحدة ‪ ،‬وعيناها غاضبتان من األذى‪ " .‬قلت لك أال تقل هذا االسم‪".‬‬

‫" لما ال ؟" زعنفة مزورة ‪ ،‬ممسكة بنظرتها الساخنة ‪ " ،‬حامد مات ولن يعود‪ .‬وإال كيف يفترض بنا أن نتحدث عنه ؟‬
‫أشير إليه بـ " هذا" من اآلن فصاعًد ا ؟ هذا إهانة لذكرياته! " بصق‪.‬‬

‫خمدت كلماتهم الغاضبة في هواء المساء‪ .‬تسكين الغابة من حولهم‪ .‬كسرت قمر الصمت مرة أخرى‪ .‬ردت بحقد " أشعر‬
‫بأكثر من" سيئة " ‪ .‬تغلغل أعصابها المتزايدة في كلماتها مثل السم‪ " .‬كان موته خطأي! خطأي زعنفة‪ .‬لم يكن هناك‬
‫شيء على هذا الممر عندما مشيته! كان واضحا! ثم صرخ و ‪ " ...‬ابتلعت قمر الضيق في حلقها والخفقان المؤلم في‬
‫صدرها‪.‬‬

‫ندمت األسف على نبرة صوتها وهي تقول بحرارة ‪ " ،‬كان علي أن أوقفه‪ .‬كان يجب أن أفعل شيًئ ا! إذا كنت قد فعلت ذلك‬
‫‪ ،‬فربما كان ال يزال على قيد الحياة ‪ " ...‬سعلت قمر بعد ذلك ‪ ،‬واختنق صوتها عند الكلمة األخيرة التي سقطت من‬
‫شفتيها‪ .‬قفزت متجاهلة العبوس على وجه نصير ‪.‬‬

‫" بينما كان ‪"...‬‬


‫ينزف‪ .‬الموت‪ .‬مغادرة‪ .‬تختفي‪ .‬زودها عقلها بالعديد من الكلمات لوصف وفاته‪ .‬بعد رؤيتها مرات عديدة ‪ ،‬يجب أن‬
‫تعرف قمر كيف تقولها‪ .‬فشل‪ .‬ارتجفت كما لو كانت باردة‪ " .‬لقد وعدته أنني سأعتني بهم ‪ ،‬وهذا ما أحاول القيام به" ‪،‬‬
‫انتهت ‪ ،‬وأعطت نصير نظرة مدببة‪.‬‬

‫هبطت يدها بحنان‪ " .‬لم يكن هناك شيء يمكنك القيام به لتغيير أي شيء‪".‬‬

‫انتزعت قمر يدها بعيًد ا‪ .‬ترك يد نصير تحترق فوق ركبتها‪ .‬امتص دفئه من خالل الخامة الرقيقة لسراويلها‪ .‬الشيء الذي‬
‫كانت تعتز به ذات مرة ‪ ،‬لمساته المريحة ‪ ،‬أضاف فقط إلى عواصفها الداخلية‪.‬‬

‫" ال تحاول أن تريحني بذلك!" صرخت بغضب‪ " .‬أنا من كنت هناك! أنا من أراه يموت في رأسي كل ليلة ‪ ،‬جنًبا إلى‬
‫جنب مع كل كابوس لعنة جمعته‪ .‬لقد رحل بسببي! ال شيئ! ال شيء يقوله أي شخص سيغير ذلك! تركته يموت ‪ ،‬مثل تلك‬
‫الشتلة " ‪.‬‬

‫" لقد كنت مجرد برعم قمر !" مواجهة زعنفة‪ " .‬لقد بذلت قصارى جهدك من أجل تلك الشتالت!"‬

‫" ماتت ‪ ،‬أليس كذلك ؟" بصقت ‪ ،‬قاطعته‪.‬‬

‫ضغطت نصير متجاهلة تعليقها‪ " .‬لست الوحيد الذي يرى حامد يموت‪ .‬الجميع يتألمون ‪ ،‬لذا ال تطلبوا مني أن أربط‬
‫هبة عندما ال تستطيع التوقف عن البكاء! "‬

‫سخرت‪ " .‬لذا أنت باألحرى تحكم على نبتة حامد بحياة مثل حياتي!" عضت بغضب‪ " .‬كل هذا ألنك ترفض أن تربطها‬
‫بالدموع!"‬

‫" نعم!" خوار زعنفة‪ .‬وقف من شاحنة الشجرة الساقطة‪ .‬كانت عيناه تحدقان بها بعدد كبير من المشاعر‪ " .‬لن ارتبط‬
‫بهبة بسبب الدموع‪".‬‬

‫قفزت قمر على قدميها‪ " .‬أود أن أربط مع هبة إذا استطعت ‪ ،‬إذا كان ذلك يعني أن نبتتهم – نبتته – تعيش الحياة التي‬
‫تستحقها‪ .‬لن أهتم كثيًر ا بالدموع! "‬

‫قال نصير ‪ " :‬أنت تعلم أن القرية ال تسمح بذلك هنا" ‪ .‬ثم تنهد ‪ " ،‬لن أؤذي هبة أكثر من خالل عرض االرتباط بها‪ .‬أنا‬
‫أرفض تدمير ذكريات حامد اآلن " ‪ -‬عينتها عيناها بنوع من الوهج وهي على وشك االحتجاج‪ .‬صمتت قمر ‪ ،‬لكنها‬
‫ابتهجت‪ " – .‬كما قلت سابًق ا" ‪ ،‬تابع ‪ " ،‬لن يغير رأيي أي شيء تقوله" ‪.‬‬

‫" وماذا يحدث عندما ال تستطيع إخفاء الشتلة بعد اآلن ؟ ماذا بعد ؟"‬

‫" ثم سأعرض الترابط‪ .‬لكنه قرار هبة " ‪.‬‬

‫" زعنفة‪"-‬‬

‫" والدتك لم ترتبط بأخرى بعد وفاة والدك‪ .‬دع هبة تقرر ‪ ،‬واترك األمر ‪ " ،‬ورد نصير بسرعة‪.‬‬

‫" هذا ليس هو نفسه!"‬

‫" إنها‪".‬‬

‫صمت قمر فجأة‪ .‬اصطدمت شفتيها ببعضهما البعض في خط رفيع‪ .‬احتجاج ‪ ،‬جدال ‪ ،‬جلدة قاسية على طرف لسانها‪.‬‬
‫وداست على جذوع األشجار الساقطة ‪ ،‬مبتعدة عن نصير ‪ .‬كان هناك إجهاد في الهواء حيث انتزعت قمر سيفها وثبته في‬
‫وركها‪.‬‬

‫ال يزال التوتر يختمر ‪ ،‬واألسوأ من أي خالفات سابقة بينهما‪ .‬حدقت قمر في المحالق الدخانية من القرية‪ .‬كل واحدة من‬
‫هذه المواقد كانت تحترق بحرارة ‪ ،‬مما أدى إلى تدفئة العائالت في الداخل‪ .‬كانوا قرويين يكرهونها‪ .‬تقريبا بقدر ما كرهت‬
‫نفسها‪ .‬طالما بقيت في القرية ‪ ،‬حول القرية ‪ ،‬كل ما ستشعر به هو الغضب والذنب‪ .‬شّدت يدها بمقبض سيفها‪ " .‬سأرحل‬
‫نصير " ‪ ،‬أعلنت بهدوء ‪ ،‬وقررت فجأة‪ " .‬انا بحاجة الى المغادرة‪".‬‬

‫" ماذا او ما ؟ لماذا ؟"‬

‫تجنبت عينيه ‪ ،‬وهي تعلم أن األعماق األرجوانية كانت عليها‪ .‬هزت قمر كتفيها‪ " .‬ربما تكون محًق ا في مطالبة هبة بأن‬
‫تربطك قريًبا جًد ا بعد وفاته ‪ ...‬سيؤذيها‪ .‬ولكن ليس لدي أي شك في أن وجودي يؤلمها أيًض ا " ‪.‬‬

‫" هل أنت متأكد من أنه ليس العكس ؟" سأل نصير ‪ " .‬أخبرتني هبة ‪ ،‬لقد عادت إلى الحداد وهي تبكي ألنك رفضت‬
‫النظر إليها‪ .‬تعتقد أنك منزعج معها بشأن الحكمة ‪ ،‬أو من الشتالت‪ .‬ربما كالهما " ‪.‬‬

‫عرفت قمر أن نصير كانت تتجه نحوها ؛ كان ظله من ضوء القمر يقترب منها في كل خطوة‪ " .‬أعلم أنك تشعر‬
‫بالذنب ‪ ،‬ولن أفعل ذلك مرة أخرى ‪ ،‬لكن ال يمكنك المغادرة‪.‬‬

‫ارتجفت قشعريرة على جلدها ‪ ،‬مما تسبب في قشعريرة‪ .‬نمت بذرة الشك في صدرها‪ .‬ربما ال ينبغي لها أن تتصرف‬
‫بتهور‪ .‬لكن قلبها كان أسوأ‪ .‬نظًر ا لكونها مدمرة للذات مثلها ‪ ،‬استمعت قمر إلى أسوأ صوت في رأسها‪ .‬بدأت " أنت ال"‬
‫تستعد للدفاع عن المنطق‪.‬‬

‫زعنفة انقطع‪ .‬أصر " ال يمكنك المغادرة" ‪ " .‬والدتك تحتاجك‪ .‬هبة بحاجة إليك ‪ " ...‬بصوت مرتجف ‪ ،‬مما جعل قمر‬
‫تنظر بقلق‪ .‬التقت عيناه النيليتان بعينيها ‪ ،‬وابتلع حنجرته ‪ ،‬كما لو كان لديه المزيد ليقوله‪ " .‬أنا بحاجة إليك ‪ ،‬هنا معي‪".‬‬

‫أغمضت عينيها عن نظرة نصير الحازمة ‪ ،‬وتنهدت قمر بالهزيمة‪ " .‬سأبقى" ‪ ،‬هي متواضعة تماًما ‪ ،‬تكره الشد‬
‫الملتوي في أحشائها‪.‬‬

‫يدفئ الذراعين حولها‪ .‬كل ما شعرت به هو الجليد والرغبة في الجري‪ .‬ردد ذلك كل ذرة من كيانها ‪ ،‬لكنها وقفت ثابتة‬
‫بين ذراعي نصير ‪ .‬وراح أنفاسه تتدلى فوق رقبتها وهو يرتاح عليها‪.‬‬

‫سبحت الذنب فوق رأسها‪ .‬أوًال منه ‪ ،‬واآلن نصير ‪ .‬بينما كانت ذراعي نصير أكثر إحكاًما ‪ ،‬مما جعل كل جزء منه‬
‫مبطًن ا بها‪ .‬عرفت قمر ‪ ،‬على الرغم من الجلد الدافئ ‪ ،‬ما تحتاج إلى القيام به‪ .‬حيث تريد أن تكون‪ .‬وكانت فقط تسمع‬
‫الطقطقة الثانية في صدرها‪.‬‬

‫عندما تركتها نصير أخيًر ا ‪ ،‬بعد أن وعدت برؤيتها قدر استطاعتها ‪ ،‬أمضت بضع دقائق أخرى على قمة التل بمفردها‪.‬‬
‫كما أرادت‪ .‬وجدت قمر حجًر ا حهبة ‪.‬‬

‫انكسرت الشمس الذهبية في األفق عندما خطت قمر قدمها في خط الشجرة‪ .‬وغادرت‪ .‬أشرق الضوء على جذوع األشجار‬
‫الساقطة‪ .‬مشرقة عبر الكلمة‪:‬‬

‫'آسف'‬
‫داخل الغابة ‪ ،‬كافحت قمر في البداية‪ .‬مع عودتها دائًما إلى المنزل ‪ ،‬كان لديها كل شيء في مكان قريب‪ .‬هنا ‪ ،‬في الغابة ‪،‬‬
‫لم تكن تعرف شيًئ ا عن البرية‪ .‬لكنها تعلمت‪.‬‬

‫لقد تعقبت ركاب الحدود من قبل رجالهم البني‪ .‬كما فعلت عندما تعلمت كيفية استخدام السيف ‪ ،‬بقيت مختبئة ‪ ،‬تراقب‬
‫ركاب الحدود وهم ينجون‪ .‬بحلول نهاية األسبوع ‪ ،‬عرفت قمر ما يكفي‪ .‬كيف تصنع لهب موقد‪ .‬كيفية تحضير وطهي‬
‫اللحوم من الفخاخ التي نصبتها‪ .‬كيف تجعل الغابة موطنها‪.‬‬

‫قرب نهاية الشهر ‪ ،‬امتزجت أيامها مًع ا كواحد‪ .‬كانت تأكل وتتبع وتذبح وتغسل الدم بعناية‪ .‬ثم كرر‪.‬‬
‫تحولت األوراق الخضراء إلى اللون البرتقالي‪ .‬حمل الهواء نسيم أكثر برودة‪ .‬في منتصف تنظيف الدم األسود من سيفها ‪،‬‬
‫توقفت في منتصف انتقاد‪ .‬أجهدت أذنيها على أمل أن تسمعه مرة أخرى ‪ ..‬هتف صوت البوق المميز بوق االستدعاء في‬
‫الريح‪ .‬سرعان ما أخمدت نيرانها ‪ ،‬وغطت سيفها ‪ ،‬ثم ركضت عائدة إلى القرية‪ .‬ترك جثث الوحش لتجمع الذباب خلفها‪.‬‬

‫دوي آخر للقرن فّج ر الغابة‪ .‬ركضت أسرع‪ .‬تم تفجير بوق االستدعاء فقط خالل حفل لجمع كل المستنيرين‪ .‬أو ترابط‪.‬‬
‫كل منها كان قد مضى وقت طويل على استحقاقه‪ .‬فلماذا اآلن ؟‬
‫وجدت أثر البحيرة الذي أدى إلى منزلها‪ .‬عندما صعد إلى الباب الخشبي ‪ ،‬تأرجح للخارج‪ .‬أراينا تفادى الهجوم بسهولة‪.‬‬
‫قابلت العيون الفضية راتبها‪ .‬حاولت أال تجفل عندما ربطت ذراعيها حول كتفيها‪.‬‬

‫" قمر ! أنت عدت!" صاحت والدتها وهي تقبل جبينها القذر‪ " .‬لماذا ذهبت ؟ لماذا لم تتحدث معي أوال ؟ لماذا كان علي‬
‫أن أسمعها من نصير لين ؟ "‬

‫" كنت بحاجة فقط للمغادرة ‪ "...‬تمتمت بلطف ‪ ،‬وابتعدت عن والدتها‪ " .‬لم أستطع التحدث عن ذلك ‪ ،‬وكانت المغادرة‬
‫فكرة سريعة‪ .‬إذا خصصت الوقت إلخبارك ‪ ،‬فقد أوقفتني مثلما حاولت نصير القيام بذلك " ‪.‬‬

‫" نعم‪ .‬قال لي إنه حاول " ‪.‬‬

‫" وكنت ستحاول أيًض ا ‪ ،‬أليس كذلك ؟"‬

‫اعترفت المرأة األكبر سًن ا ‪ ،‬وعيناها الفضيتان تدرسان فوق قمر ‪ " .‬بالطبع سأفعل‪ ".‬ثم أضافت بشكل قاطع‪ " .‬أنت ال‬
‫تقيم ‪ ،‬أنت ؟"‬

‫هزت قمر رأسها‪ " .‬أنالست‪ .‬سمعت بوق االستدعاء‪ .‬إنه الموسم الخطأ لذلك‪ .‬كل االحتفاالت ال أريدها وأنا – "‬

‫قاطعت والدتها بسرعة‪ " :‬إنها رابطة" ‪ " .‬أنت تعلم أن كل مستنير مؤمر ليكون هناك‪ .‬إنه ال شيء‪".‬‬

‫جاء دور قمر لدراسة والدتها‪ .‬تم تدريب العيون الفضية على األرض ‪ ،‬ولم تعد تبحث عن التواصل البصري معها ‪ ،‬حتى‬
‫بعد رحيلها‪ " .‬كما تعلم ‪ ،‬لقد ذهبت منذ شهر ونصف" ‪ ،‬وبخت قمر ‪ " .‬هذا ليس وقًت ا كافًيا تقريًبا لتكذب علي بنجاح‪ .‬إذن‬
‫اخبرني‪".‬‬

‫" أنا ال أكذب عليك‪ .‬قالت المرأة المسنة " هناك رابط اليوم" ‪.‬‬

‫رفعت حاجبها ‪ ،‬واستجوبت أمها بصمت وهي تتحدث‪ " .‬وعادة مع الروابط ‪ ،‬أنت تحتج ‪ ،‬وليس متوتًر ا –" تحركت‬
‫عيون بنية على والدتها ‪ ،‬وعصر يديها مًع ا‪ " – .‬أعلم أنك تخفي شيًئ ا ما‪".‬‬

‫تنهدت والدتها‪ " .‬إذا كنت تريد أن تعرف ‪ ،‬فعليك أن تذهب معي إلى القرية‪".‬‬

‫جليد‪ .‬دخان‪ .‬دم‪ .‬ارتجفت قمر ‪ " .‬القرية ؟" رددت‪ " .‬أنا غير مسموح لي‪".‬‬

‫أشارت والدتها‪ " :‬لم أوقفك من قبل" ‪ " .‬تعال اآلن" ‪ ،‬تميل رأسها إلى الطريق‪.‬‬

‫احتجت قمر وهي تنظر إلى مالبسها الملطخة بالدماء‪ " .‬إذا دخلت إلى القرية بهذا الشكل ‪ ،‬فسيبدأ الجميع في التفكير في‬
‫أنني قتلت شخًصا آخر‪".‬‬

‫" فقط تعال إلى القرية‪".‬‬

‫ثم انتزعت والدتها يدها‪ .‬لحسن الحظ ‪ ،‬كانت نظيفة‪ .‬ألنها سمحت لوالدتها بسحبها على الطريق ‪ ،‬لم تستطع التوقف عن‬
‫تموج معدتها‪ .‬الخوف والرعب المتزايد مع كل خطوة‪ .‬تنفست بحدة وذهبت‪.‬‬

‫تركت والدتها تسحبها حتى تصل إلى صف الخادمات في الخارج ‪ ،‬ثم انفصلت‪ .‬تراجعت قمر ‪ ،‬وعبر أسرتها حتى‬
‫وصلت إلى المنتدى‪ .‬قامت عيناها تلقائًيا بفحص الحشد الكبير وهم يقفون أمام عمود العقاب وبيت الحكماء‪ .‬تهربت بعناية‬
‫إلى متجر بيع‪.‬‬

‫التقطت قمر شعر والدتها الوردي في الحشد أوًال ‪ ،‬ثم الحظت أن امرأة مسنة كانت تشير‪ .‬بالقرب من الحكمة ‪ ،‬كان‬
‫هناك رأسان ‪ ،‬رأس فضي واآلخر شقراء ‪ ،‬تعرفت عليهما‪ .‬طارت أكاليل الزهور والليز في هبة ونصير ‪ .‬عندما اندلع‬
‫الحشد في الهتافات ‪ ،‬كان الظالم يحيط بداخلها‪ .‬اندلعت بغيرة في الداخل على الرغم من أنها كانت فكرتها في جعلها‬
‫رابطة في المقام األول‪ .‬استدارت بعيًد ا عندما رسم نصير في هبة ‪ ،‬ولم ينتظر رؤية قبلتهما‪.‬‬
‫اندفعت إلى قدميها ‪ ،‬واندفعت من المنتدى بأسرع ما يمكن‪ .‬عادت إلى خط الشجرة ‪ ،‬ممسكة باللحاء الخشن وهي تتنفس‪.‬‬
‫أغرقت موسيقى القرية كل عواء الليل‪ .‬بكت الوحش من األلم عندما قامت بإصالح نصلها ‪ ،‬وربما كانت تذرف دموعها‪.‬‬

‫الهًث ا ‪ ،‬عندما ُقتل أي شيء يمكن أن تجده ‪ ،‬كانت قمر تحدق في ضوء النجوم‪ .‬أتساءل عما إذا كان بإمكانها أن تشعر بألم‬
‫أكثر مما تشعر به اآلن‪.‬‬
‫داخل الحداد ‪ ،‬جلس صديقان ‪ ،‬يتأرجحان من االحتفاالت في الخارج‪ .‬ركض نصير أطراف أصابعه بال تفكير فوق‬
‫عالمة الترابط الحمراء على معصمه‪.‬‬

‫راقبته هبة في صمت قبل أن يتمتم بهدوء ‪ " ،‬شكًر ا لك" ‪.‬‬

‫التفت نصير إلى الشقراء متفاجئة‪ " .‬لماذا ؟"‬

‫رفعت هبة معصمها ‪ ،‬وامضت عالمة الترابط الجديدة المطابقة ‪ ،‬بجانب العالمة التي تم شفاؤها‪ " .‬لهذا ‪ ...‬أنا أعرف ما‬
‫يعنيه هذا بالنسبة لك‪".‬‬

‫" أنت تفعل ؟"‬

‫أومأت الشقراء‪ .‬التقطت فستانها البني ‪ ،‬وكانت أطراف أصابعها تلعب بخيط طائش‪ " .‬بيني وبينك ‪ ،‬منذ زمن بعيد‬
‫أعجبت بك‪ .‬منذ أن تنبت ‪ ،‬كنت أتخيل أنه سيتم وعدك أنا وأنت واحد ‪ ،‬مرتبطون ‪ ،‬ولدينا العديد من الشتالت الخاصة بنا‪.‬‬
‫لكن ‪ ...‬كبرنا‪ .‬عندما غلب المرض على أملور ‪ ،‬كنت ال أزال أتخيلك ‪ ،‬حتى مرضت‪ .‬ورأيت كيف كنت غاضًبا مني‬
‫ألنني أهنت قمر ‪ ...‬كان ذلك عندما علمت‪" .‬‬

‫" هل تعلم ماذا ؟" سأل نصير بهدوء‪.‬‬

‫أجابت هبة ‪ " :‬إنك كنت تحبها" ‪ " .‬وقد حزنت على تصوراتي‪ .‬ووجدت حامد وأدركت مشاعري تجاهه‪ .‬لقد أحببته‬
‫كثيرا وكنت على حق‪ .‬شتلة حامد تستحق الحياة‪ .‬وحيدون‪ .‬لكنني آسف ‪ ...‬أنا آسف ألخذ هذا منك " ‪.‬‬

‫" ال يوجد شيء يؤسف له" ‪ ،‬اعترض نصير بهدوء‪ .‬تالشى صوته " إنه ‪ ...‬نحن ‪ " . "...‬سأحبك إلى األبد‪".‬‬

‫أسندت هبة رأسها على كتف نصير ‪ " .‬أنت شخص عزيز جدا بالنسبة لي نصير لين‪ .‬أنت ما كنت أريده في األخ‪ .‬وال‬
‫يزال بإمكاني أن أكون آسًفا لتدمير تصوراتك " ‪.‬‬

‫" يمكنك ‪ ،‬ولكن هذا مضيعة" ‪ ،‬قال نصير ‪ .‬تنهد ودفع بعيدا عن الموقد المحتضر‪ .‬أمسك بيدها بلطف وربت عليها‪" .‬‬
‫دعنا نأخذك إلى الفراش حتى تتمكن من الراحة‪".‬‬

‫أومأت هبة برأسها‪ " .‬تمام‪.‬‬


‫مر شهران آخران منذ أن حاولت قمر التغلب على مشاعرها‪ .‬تعيش في البرية ‪ ،‬كان يجب أن تكون وحيدة‪ .‬ولكن يبدو أن‬
‫المزيد والمزيد من الناس قد عثروا عليها ‪ ،‬على ضوء نيرانها في الليل‪ .‬أو كانت تتعثر عليهم ‪ ،‬ملطخة بالدماء وخائفة من‬
‫الكرات الدامية‪ .‬بدا األمر وكأنها تقتل مخلوًق ا واحًد ا كل يوم وسيحل اثنان آخران محلها في العالم‪.‬‬

‫كان الناس يتباعدون عنها ‪ ،‬باردين وجائعين ‪ ،‬وال يمكنها إبعادهم‪ .‬إذا فعلت ذلك ‪ ،‬فلن تكون أفضل من ركاب الحدود‬
‫الذين تركوه ليموت‪ .‬بتعاطفها ‪ ،‬قادت مجموعات من الناس إلى القرية‪ .‬طوال الوقت ‪ ،‬دافًع ا عنهم من المزيد من الوحش‬
‫التي انجذب إليها الدم في الهواء‪.‬‬

‫كل أطرافها تؤلمها‪ .‬في جوف الليل ‪ ،‬لم تكلف نفسها عناء إشعال اللهب‪ .‬صعدت إلى جذور شجرة مكشوفة لحماية خفية‪.‬‬
‫هناك سقطت في النوم‪.‬‬

‫صيحات الهلع‪ .‬من االلم‪ .‬أذهلتها ‪ ،‬ومزقها من نوم عميق بال أحالم‪ .‬تلقائًيا ‪ ،‬انتزعت سيفها وركضت‪ .‬ذهبت إلى‬
‫الصرخات ‪ ،‬معتقدة أن المزيد من الناس يحتاجون إلى مساعدتها‪ .‬في ضوء القمر ‪ ،‬وجدت الوحش بمقاييسها البيضاء‬
‫أوًال‪ .‬ثم رأتهم‪.‬‬

‫قاتلت ثالث مجموعات من الدراجين على الحدود ضد ثالثة من السالجمور‪ .‬حلقت متسابقة على الحدود أمامها صرخة ‪،‬‬
‫واندفعت إلى األمام إلى أقرب مخلوق ‪ ،‬ممسكة بسيفها‪ .‬بينما كان المخلوق يشتت انتباهه بسبب آخر رجل حاول قتله ‪،‬‬
‫تدحرجت تحته‪ .‬شق نصلها إلى أعلى ‪ ،‬طعًن ا في قشور بطنها الحساسة‪.‬‬
‫" طعنه! انزع ساقه! " صرخت قمر إلى متسابق الحدود‪ .‬بعد ثوان ‪ ،‬أمطرت السماء من فوق‪ .‬تمسكت بسيفها كما زأر‬
‫المخلوق وضرب بعنف‪ " .‬افعلوا اآلخرين!"‬

‫فعلت متسابقة الحدود كما أمرت‪ .‬قطعت الساق الثانية وانقلب المخلوق‪ .‬تدحرجت قمر ‪ ،‬وانطلقت على قدميها‪ .‬أخذت‬
‫رأسها قبل أن تتأرجح مخالبها‪ .‬يقطر األسود من سيفها ومن شعرها‪ .‬تنفست‪.‬‬

‫ارتطم متسابق الحدود بكتفها ليساعد رجلين آخرين يكافحان مع المخلوقات األخرى‪ .‬تّمت متابعة قمر ‪.‬‬

‫اصطدمت المخالب بركاب الحدود الثالثة اآلخرين ‪ ،‬مما دفعهم إلى التحليق‪ .‬انهاروا على األرض في كومة من‬
‫األطراف‪ .‬قفزت قمر فوقهم ‪ ،‬متجنبة الشفرات في أيدي ثابتة‪ .‬كانت ساكنة عندما التقت عيناها باللون األبيض ‪ ،‬كانت‬
‫المخلوقات مثبتة عليها‪ .‬نزل الدم من فمه وهو يبتسم‪ .‬ابتلعت ‪ ،‬واستعدت للهجوم‪.‬‬

‫هرعت إلى األمام‪.‬‬

‫صدت قمر الضربة األولى بحافة السيف المسطحة ‪ ،‬وأمسكت المخلب بعيًد ا عنها‪ .‬من زاوية عينيها ‪ ،‬كانت األطراف‬
‫الخمسة األخرى مدببة بشكل حاد‪ .‬ضربت الضربة سيفها من يدها‪ .‬جعلتها القوة تتعثر ‪ ،‬ووقعت ضربة أخرى على‬
‫ظهرها على األرض‪.‬‬

‫النجوم كانت تلمع فوق الرؤوس‪ .‬استغرق التنفس مجهوًد ا ‪ ،‬حيث اختنقت في الهواء واستقرت في صدرها‪ .‬لقد حاربت‬
‫األوجاع المتزايدة المهاجرة في كل مكان‪ .‬بمجرد استنشاقها بعمق ‪ ،‬أمسك بها مخلب أبيض من فوق‪ .‬لعنت قمر ‪.‬‬

‫لقد أبعدها عن قدميها دون عناء‪ .‬وميض سيفها على العشب باألسفل‪ .‬كانت تتدلى عاليًا ‪ ،‬عندما قابلت عيون الموت‬
‫البيضاء ‪ ،‬متسائلة عما إذا كانت عيونها ستكون الليلة‪ .‬تعانق أصابعها التي تشبه المقياس حول القفص الصدري ‪ ،‬وتضغط‬
‫بشدة على العظم ‪ ،‬وتعلق ذراعيها على جسدها‪.‬‬

‫ثم ضبابي العالم‪ .‬تم دفع كل الهواء من رئتيها عندما اصطدمت باألرض‪ .‬هربت أنين من شفتيها بينما سحبها المخلب مرة‬
‫أخرى ‪ ،‬فقط لتحطيمها‪ .‬كانت بصق األرض والعشب من فمها‪.‬‬

‫فجأة ‪ ،‬صرخ المخلوق ‪ ،‬مما جعل أذنيها ترن احتجاًج ا‪ .‬استدارت في مخلبها قبل أن تشعر بانعدام الوزن‪ .‬كما لو كانت‬
‫تطير‪ .‬كانت هادئة تقريبا لمدة دقيقة‪ .‬انها تقريبا استرخاء‪ .‬ثم اصطدمت بشيء صلب‪ .‬وفي صلب آخر‪ .‬هبطت على‬
‫ظهرها مرة أخرى ‪ ،‬وتعلمت كيف تتنفس ‪ ...‬مرة أخرى‪.‬‬

‫رن صراخ سلغمور الُمصمم طوال الليل مع صدى صدى ‪ ،‬ثم ال شيء‪ .‬كان الصمت يصم اآلذان أيضا‪ .‬حتى رن صوت‬
‫فظيع ‪ " ،‬ماذا يفعل هذا السيف هنا ؟" خوار ‪ " .‬لقد رأيت هذا النصل تم تسليمه إلى الحداد منذ أشهر‪".‬‬

‫تراجعت قمر ‪ .‬تدحرجت على بطنها مع ألم شديد في جانبها األيمن‪ .‬تمت إضافة صوت آخر غير مألوف‪ " .‬البقعة هنا‪.‬‬
‫ساعدتنا‪ .‬في آخر مرة رأيتها ‪ ،‬ألقى بها وحش في األشجار " ‪.‬‬

‫تمسك أطراف أصابعها باألوساخ‪ .‬تركت خمس جروح في األرض وهي تحاول جر نفسها إلى جذور شجرة‪ .‬كانت‬
‫الفرشاة العميقة أمامها بعيًد ا جًد ا ‪ ،‬ربما مع الحظ ‪ ،‬تمكنت من جر نفسها بعيًد ا عنهم ‪ ،‬غير متأكدة بعد مما إذا كان بإمكانها‬
‫الوقوف على قدميها‪ .‬في غضون لحظات ‪ ،‬طعن نصلها األرض ‪ ،‬على بعد بوصة واحدة من رأسها‪ .‬بحثت قمر ‪ .‬التقت‬
‫بالظل البرتقالي لوجه هشام وهو يحمل معه موقد اللهب‪.‬‬

‫كان جانب وجهه مغطى باألسود – بدم السالجمور أو دمه – لم تهتم قمر شخصًيا‪ .‬لكنها حدقت في وجهه وهو خائف‬
‫خشن‪ " .‬هنا!"‬

‫تساءلت عما إذا كان الوحش قد قبض على حلقه وفشل في إنهاء المهمة‪.‬‬

‫" شكرا ‪ "...‬همست ساخرة ‪ ،‬تمتم لنفسها بتواضع‪.‬‬

‫" ما الذي تمتم به بشأن البقعة ؟" سألها هشام ‪ ،‬مستهزئا بها‪.‬‬

‫بقيت صامتة‪.‬‬
‫علق هشام باستخفاف ‪ " ،‬تساءلت عن سبب تناقص رائحة كريهة في القرية" ‪ ،‬كما لو كان يتحدث عن الموسم‪ .‬ركل‬
‫نفضة من العشب على وجهها ‪ ،‬مما جعلها تتراجع‪ .‬خفقان في ضلوعها‪ .‬لم تكن تريد أن تتحرك مرة أخرى‪ .‬أضاف‬
‫متسابق الحدود حديًث ا ‪ " ،‬لن يسعد الحكماء بسماع ذلك‪".‬‬

‫أضاف صوت آخر‪ " :‬ليس إذا ماتت أوًال" ‪ " .‬يجب أن تصاب وإال ستقف" ‪.‬‬

‫وجدت قمر نفسها في الجانب الخطأ من رامي السهام مرة أخرى‪ .‬سهمه يتجه نحو عينها‪ .‬عضت شفتها ‪ ،‬وذاقت الدم مرة‬
‫أخرى‪ .‬بصقت " أنا ال أموت حمقاء" ‪ " .‬أنا مجروح‪ .‬تم تحطيمي على األرض والقيت في شجرة‪ .‬أحب أن أراك تنهض‬
‫وتتجول بعد ذلك " ‪.‬‬

‫" كل هذا الدم في الهواء سوف يجتذب أكثر مع شروق الشمس‪ .‬نحن بحاجة إلى العودة إلى القرية إلبالغ الحكماء بالبقعة‬
‫وجلب المزيد من السمان البني ‪ " ،‬أمر ديالغن‪ .‬دفع الرجل األكبر هشام ورافع القوس بعيًد ا ومزق سيفها من األرض‪" .‬‬
‫دعونا نكون بعيدين عن هنا قبل أن يأتي المزيد‪".‬‬

‫استدار ركاب الحدود الباقون ‪ ،‬وغامروا بعمق أكثر في الغابة ‪ ،‬ولم يتحرك أي منهم حتى نحو الرجال الثالثة غير‬
‫المتحركين على األرض‪ " .‬وماذا عن موتاكم ؟" صرخت بعدهم‪ " .‬ألن تعيدهم إلى القرية ؟"‬

‫سمعت صدى صوت وقع أقدام نحوها‪ .‬تمكنت قمر من الوقوف مع الحظ‪ .‬لكن لم يكن هناك الكثير لتزيل معاناة‬
‫ضلوعها ‪ ،‬فهي تتنفس‪ .‬لقد رصدت بياض عيونهم قبل أن يأتي فرسان الحدود من األشجار‪.‬‬

‫وقفت ديالجين أمامها‪ " .‬سيرا على األقدام ‪ ،‬أملور هو يوم ونصف آخر‪ .‬مع السقوط ‪ ،‬سيكون الوحش مشغواًل جًد ا بهم‬
‫بدًال من اتباع اللحوم الطازجة " ‪ ،‬أوضح‪.‬‬

‫تجهمت ‪ ،‬ثم عبس‪ .‬تردد صدى النفور والفزع في عقلها‪ .‬وكذلك الغضب‪ " .‬إذن ‪ ،‬هل ستتركهم ؟" تساءلت بحرارة‪.‬‬
‫كان هناك زوجان شهقات من حولهم‪ .‬تجاهلت قمر ذلك ‪ ،‬ووضعت عينيها الغاضبتين على الرجل الذي أمامها‪ " .‬وماذا‬
‫عن عائالتهم ؟"‬

‫" ال تهتم‪".‬‬

‫" ماذا لو كنت ميًت ا على األرض ؟ أال تهتم بالعودة إلى عائلتك بدًال من أن تصبح وجبة ترفيهية للعبة الوحش ؟ "‬

‫نظر ديالجين إليها من فوق أنفه المعوج‪ " .‬أنا لست الشخص الميت‪ .‬هم انهم‪ .‬إعطاء جثثهم حتى يتمكن رفاقهم من السفر‬
‫بعيًد ا هو دفن جيد " ‪.‬‬

‫" إذا كان األكل بمثابة دفن جيد ‪ ،‬فلماذا لم تترك حامد بحق الجحيم ؟" استجوبت بسم‪.‬‬

‫تحسر هيستس‪ " .‬هل ما زلت تتحدث عنه ؟ أنا مندهش ألنه لم يمت عاجال‪ .‬طفل غبي‪".‬‬

‫أطلق ديالجين والرامي ضحكة مكتومة‪ .‬تقدمت قمر إلى األمام ‪ ،‬وشد يداها ‪ ،‬وارتجفت من جانبها‪ .‬ثم اقترب الرعد‪.‬‬
‫اقتحم ثالثة رجال بني من خالل المقاصة ‪ ،‬واندفعوا نحوهم بالقرب من األشجار‪.‬‬

‫قال متسابق جديد على الحدود‪ " :‬لقد وجدنا ثالثة رجال بني من طراز " ‪ .‬دق الصوت خطًا مألوفًا في رأسها‪ .‬لقد كان‬
‫هو الشخص الذي أخرجها في وقت سابق ‪ ،‬حتى عندما من المحتمل أن تكون قد أنقذت حياته‪ .‬لقد شتمته عقلًيا عندما قام‬
‫ديالغن بفك المتسابق المجهول بتلويح يده‪.‬‬

‫رسم على الرجل البني بسرعة‪ " .‬السبب الذي جعلني أهدر وقتي لهذا السذاجة غير المنيرة هو أنه أعطانا الفرصة‬
‫للحصول عليك‪ .‬وأوضح ديالغين أنه على األقل يستحق ذلك ‪ ،‬خاصة بعد ما فعلته به‪.‬‬

‫" ماذا فعلت به ؟" زأرت بحرارة‪ " .‬لقد تركته! كنت ستتركه هناك ليموت وحيدا لو لم أكن هناك! "‬

‫" نعم ‪ ،‬كنت سأفعل" ‪ ،‬وافقت ديالغن بسالسة ‪ ،‬غير منزعجة من غضبها‪ " .‬ثم مرة أخرى ‪ ،‬هل كان سيتخلى عن‬
‫حذره كثيًر ا لو لم تخبره أنه كان واضًح ا ؟" تفكر بصوت عال‪ " .‬ربما لو لم تكن هناك ‪ ،‬لكان حامد ال يزال على قيد‬
‫الحياة اآلن‪".‬‬
‫هي غضبت‪ .‬طارت نحوه‪ .‬ال سالح في يدها إال التصميم الواضح على إيذائه‪ .‬حتى لو كان ذلك يعني حك عينيه‬
‫بأصابعها‪ .‬فجأة ‪ ،‬ضرب شيء ما في ضلوعها ‪ ،‬مما أدى إلى عويلها على األرض‪ .‬صرخت بنقرة مألوفة ‪ ،‬تم القبض‬
‫على أسمر بني فوق يدها اليمنى‪.‬‬

‫شقوق انغلقت تحت جلدها‪ .‬نظرت إلى ديالجين‪.‬‬

‫" احصل على هذا السد –" بدأت تطالب ‪ ،‬اقترب منها مقبض سيفها‪ .‬أزيز في رأسها ‪ ،‬وازداد صوتها عندما ضربت‬
‫مرة أخرى‪ .‬تدق على سياج الوعي ‪ ،‬تبكي قمر بارتياح ‪ ،‬ولهثت مصدومة عندما توقف الضغط على يدها‪.‬‬

‫توقف الطنين تماما عندما ضربت للمرة الثالثة‪.‬‬

‫لكونها ليست واحدة للسب ‪ ،‬فقد فعلت ذلك في المرة الثانية في تلك الليلة حيث ابتعد الضباب عن عقلها‪ .‬بالحديث عن‬
‫رأسها ‪ ،‬إنه مؤلم‪ .‬مع باقي جسدها‪ .‬لماذا استمروا في ضربها على رأسها ‪ ،‬فلن تعرف أبًد ا‪ .‬على حد علمها ‪ ،‬لم تكن هناك‬
‫عالمة على رأسها تقول " اضرب هنا" ‪ ...‬لكنها ال ترى مؤخرة رأسها أبًد ا ‪ ،‬لذلك ربما تفعل ذلك‪ .‬لقد كان سؤااًل ملتوًيا‬
‫من المحتمل أال تتم اإلجابة عليه أبًد ا‪ .‬خرج أنين خفيف من حلقها‪ .‬بيدها مشطت شعرها من وجهها‪.‬‬

‫وشتمت مرة أخرى‪ .‬بصق تحت أنفاسها عندما كانت يدها تتألم من األلم‪ .‬احتضنت الطرف المكسور المفترض على‬
‫صدرها بينما كانت تتحرك إلى قدميها‪.‬‬

‫حدقت قمر في الممر المظلم حيث اختفى ركاب الحدود قبل أن يتم طردها بوقاحة‪ .‬ابتسمت بجنون ‪ ،‬وأرضت الجزء‬
‫األكثر سوهبة من قلبها ‪ ،‬مدركة أن الممر سيقودهم حول البحيرة ‪ ،‬وسيأخذ متسابق الحدود أربعة أيام إضافية للعودة إلى‬
‫القرية‪ .‬وحدثت أنها تعرف اختصاًر ا قامت بإنشائه‪.‬‬

‫تعثرت من خط الشجرة المتناثر ‪ ،‬وعادت إلى المقاصة الصغيرة‪ .‬قامت بالعض على لسانها لمنع نفسها من الشتم بصوت‬
‫عاٍل في مكان الحادث‪ .‬في المقاصة ‪ ،‬تم دفن اثنين من الوحش في الموتى – كما عرف أن الوحش ستكون كذلك‪.‬‬

‫سافر الغثيان العميق إلى أذنيها ‪ ،‬وصدى صدى قشعريرة في العظام‪ .‬قاتلت قمر الرغبة في إسكات‪ .‬ببطء ‪ ،‬تراجعت إلى‬
‫الوراء ‪ ،‬عادت ببطء إلى الشجرة ‪ ،‬تكره حقيقة أن لديها خياًر ا واحًد ا‪ .‬وكان ذلك للتشغيل‪ .‬بال سالح وجرحى لن يؤدي إال‬
‫إلى قتلها‪ .‬قد تكون التالية على األرض ليغذيها الجميع‪.‬‬

‫انطلق شيء ما فوق حذائها ‪ ،‬وأذهلها بقدر ما فعلت ذلك‪ .‬نجت الصرخة قبل أن تتمكن من احتوائها ؛ أمسك الوحش‬
‫المخلوق‪ .‬وجدتها العيون البيضاء ‪ ،‬أسقطت األرنب على األرض‪ .‬هربت‪ .‬ابتسم لها اثنان من البطلينوس ‪ ،‬وأظهروا‬
‫أسنانهم الحادة الملطخة بالدماء في ضوء القمر‪ .‬رفضت قمر أن ترمش ‪ ،‬واندفعوا نحوها‪.‬‬

‫احتجت ضلوعها على الجري ‪ ،‬لكن آخر سلغمور صام بعدها‪ .‬لقد فقدت بسهولة الوحش األول من خالل إطالقه عليها ‪،‬‬
‫حيث اختفت عندما ابتعدت بعيًد ا وأخذت األرض الجبلية المخلوق‪ .‬تدحرجت إلى أسفل وكان الخاطف من رقبتها يعني‬
‫تقليل الوحش ‪.‬‬

‫على الرغم من ذلك ‪ ،‬بدا أن اللقيط الثاني قد اكتسب معنى أكبر مع استمرار المطاردة‪ .‬حاولت أيًض ا هز هذا من ذيلها ‪،‬‬
‫لكنه تبع ذلك بإصرار‪ .‬شددت قمر قبضتها على عصاها ‪ ،‬السالح الوحيد الذي كان ملقاة حولها‪.‬‬

‫حاولت قمر التقاط أنفاسها وهي تحطم ظهرها بشجرة كبيرة‪ .‬صرير الفروع فوق‪ .‬لكن لم يكن هناك ريح‪ .‬ببطء مالت‪.‬‬
‫قابلت عيناها البنيتان بياض أحد أفراد األسرة ‪ ،‬وكانت ابتسامة عريضة لها وكأنها كانت أفضل وجبة فطور‪ .‬ربما كانت‬
‫كذلك‪.‬‬

‫" أنتم يا رفاق تنامون على األشجار أيًض ا ؟ من يعرف ؟" تمتمت بسخط ‪ ،‬بلهفة‪ .‬صدرها يدق من التمرين‪.‬‬

‫ابتسمت الوحش بشكل أوسع ‪ ،‬مستمتعة تقريًبا بانزعاجها‪ .‬قفزت على األرض‪ .‬أبقت عينيها على المخلوق أثناء البحث‬
‫عن طريق للهروب‪ .‬ثم حلقت الوحش فوقها‪ .‬دقات قلبها في صدرها‪ .‬امتزجت القشور السوداء في الليل الحبر حيث كان‬
‫الوحش يلوح في األفق فوقها‪ .‬جّر بارك جلدها ‪ ،‬واستنشقت بحدة ‪ ،‬وهي تعلم ما سيحدث‪ .‬أن هذا سيكون على األرجح‬
‫موتها‪ .‬لقد لوحت بالعصا تجاهها‪ .‬إذا كانت ستموت ‪ ،‬فلن يكون ذلك بدون قتال‪.‬‬

‫" بطة!"‬
‫لم تسأل قمر ‪ .‬سقطت على ركبتيها وعيناها مغمضتان‪ .‬تناثر الدفء على وجهها ‪ ،‬تقطر من شفتيها‪ .‬جلجل هز االرض‪.‬‬
‫فتحت قمر عينيها‪ .‬كان الوحش ملقى على األرض ‪ ،‬فقد رأسه‪ .‬الحظت الرجل البني أوًال ‪ ،‬ثم الفارس‪.‬‬

‫" ما الذي تفعله هنا ؟" سألت ‪ ،‬تفاقمت‪ " .‬هل فاتك الجزء الذي ادعت شركة أنني كنت طعام الوحش فيه ؟"‬

‫ترجل هشام و‪ .‬مسح الدم عن سيفه‪ " .‬وكنت على وشك ذلك‪ .‬ديالغن ال يعرف أنني هنا وصمة عار " ‪.‬‬

‫انفجرت حواجبها في مفاجأة ‪ ،‬ثم تجعدا‪ " .‬ثم لماذا أنت هنا ؟ للتأكد من أن الوحش يقومون بعملهم ؟ ألنه دعني أخبرك ‪،‬‬
‫لقد قمت نوًع ا ما بتأرجح نصلك مرتفًع ا جًد ا عن ذلك‪" .‬‬

‫هبة ر متسابق الحدود عينيه وسحب شيًئ ا من السرج على رجله البني‪ .‬هبطت عند قدميها‪ .‬يلمع نفس الفضة التي رأتها‬
‫آخر مرة‪ .‬استحوذت قمر على سيفها على عجل ‪ ،‬ولم تأخذ عينيها من هشام ‪ .‬نظرت إليه متوقعة نوًع ا من التفسير‪ .‬لم يكن‬
‫هناك سوى الصمت‪.‬‬

‫بيدها المشوهة ‪ ،‬حاولت بشكل محرج أن تضع نصلتها في الغمد على وركها‪ .‬فاتها‪ .‬دمدرت قمر على ما حدث في يدها‪.‬‬
‫تنهدت هشام ‪ ،‬أقرب مما أدركت ‪ ،‬وأخذ السيف من يدها ‪ ،‬ودفعه بعيًد ا في الغمد‪ .‬قابلت عينيه البنيتين في حالة صدمة‪.‬‬

‫" بقدر ما أشعر بالغثيان وأنا أقول هذا ‪ "،‬هدير هشام ‪ .‬ابتعد عنها‪ " .‬أنا مدين لك حياتي‪ .‬أنا هنا لتسوية هذا الدين‪.‬‬
‫سآخذك إلى القرية بقدر ما أستطيع‪ .‬وفي المرة القادمة التي نلتقي فيها ‪ ،‬سأقتلك " ‪.‬‬

‫درسته قمر ‪ .‬الحظ أن يديه كانتا فارغتين ولكنهما ملطختان بالدماء‪ .‬قالت بصراحة‪ " :‬يمكنك محاولة قتلي" ‪ " – .‬لكنك‬
‫لن تقوم بعمل جيد جًد ا إذا كسرت يديك أوًال‪".‬‬

‫" نعم ‪ ،‬حسًن ا ‪ ،‬حسًن ا ‪ "،‬تمتم هشام ‪ .‬امتطى طائرته البنية ‪ ،‬وأمسك يده‪ " .‬يجب أن أذهب قبل أن تعرف أنني سأذهب‪".‬‬

‫هزت رأسها‪ " .‬ليس هناك من طريقة لركوب هذا الشيء معك‪ .‬كيف أعرف أنك ال تحاول أخذي إلى اآلخرين ؟ حتى‬
‫يتمكنوا من إنهاء العمل ؟ "‬

‫" أنا فقط‪"-‬‬

‫" شرح ؟" قاطعت‪ " .‬نعم انا اعرف‪ .‬أنا ال أثق بك‪ .‬لذلك نسير " ‪.‬‬

‫واحتج هشام على ذلك قائًال‪ " :‬سوف يستغرق األمر أربعة أيام للوصول إلى القرية من هنا" ‪.‬‬

‫هزت قمر كتفيها‪ " .‬يمكن‪ .‬ثم مرة أخرى ال يعرف االختصارات أليس كذلك ؟ فقط من المسارات التي سلكها هو‬
‫وركاب الحدود اآلخرون " ‪.‬‬

‫" إذن كيف لي أن أعرف أنك ال تحاول استدراجي إلى األجزاء المظلمة والعميقة من األشجار لقتلي ؟"‬

‫" أنت ال" ‪ ،‬قالت قمر بصراحة مع هز كتفيها‪ " .‬لكن لست مدين لشخص ما بشيء معين ‪ ،‬أليس كذلك اآلن ؟"‬

‫" بخير" ‪ ،‬لعن هشام ‪ .‬قفز من رجله البني مع عبوس ساخط على وجهه‪.‬‬

‫ابتسمت قليال وسعيدة‪.‬‬

‫أشار على مضض إلى األمام ‪ ،‬منتظًر ا أن تأخذ قمر نقطة‪ .‬بدًال من ذلك ‪ ،‬خطت جنًبا إلى جنب لبقية الرحلة ‪ ،‬ولم تثق‬
‫في بظهرها‪ .‬يبدو أنه لم يثق بها أيًض ا‪.‬‬

‫ظهرت أضواء الكناري فوق سماء الليل عندما وصلوا أخيًر ا إلى الممر المجاور للبحيرة‪ .‬ركب هشام صامته ذات اللون‬
‫البني النحاسي وركب ركبته‪ .‬وقفت قمر ثابتة تنتظر بتأكيد رحيله‪.‬‬
‫استغرق المغامرة بها وقًت ا أقل‪ .‬أسئلة أقل تذمًر ا لم ترغب في اإلجابة عليها‪ .‬وكانت تعرف هذه األجزاء جيًد ا‪ .‬كانت هذه‬
‫المنطقة دائًما مكان الدوريات األول لها‪ .‬أبقت قمر نظرة متعبة على الغابة من حولها ‪ ،‬مدركة أن هناك فرصة لوجود‬
‫الوحش ‪ .‬هي بالتأكيد ال تأمل‪.‬‬

‫بمعدل ارتفاعها ‪ ،‬لم تكن هناك فرصة لتؤذي نفسها ‪ ،‬لكنها كادت أن تصل إلى الحد األقصى‪ .‬كان التعب مرهًقا ‪ ،‬فكل ما‬
‫أرادت فعله هو النوم بسالم‪.‬‬

‫عند رؤية باب منزلها ‪ ،‬عاد القلق والشعور بالذنب إلى الوراء‪ .‬عضت شفتها ‪ ،‬تقضم المشاعر ‪ ،‬تخفيها بدم جديد‪.‬‬
‫اقتحمت الباب ‪ ،‬مستخدمة كتفها لتجنيب يدها المرعبة‪ .‬بمجرد دخولها ‪ ،‬فتح الباب خلفها‪ .‬كانت عيناها تجوالن فوق بيت‬
‫المسكن‪ .‬كان فارغا‪ .‬سقطت قمر إلى األمام‪.‬‬

‫هبطت على يدها‪ .‬وعض داخل خدها لمنع نفسها من الصراخ‪ .‬خفقان االصابة‪ .‬لم تعد مدفوعة برغبتها في البقاء على قيد‬
‫الحياة ‪ ،‬فقد أخبرتها العظام المتشققة في يدها أنها لم تعد في حالة جيدة‪ .‬استغرق التقلب على ظهرها جهًد ا أكثر مما أرادت‬
‫االعتراف به‪ .‬ساد اإلرهاق فوق رأسها ‪ ،‬وتسلل الدفء إلى عظامها‪ .‬أغمضت عينيها لدقيقة ‪ ،‬في انتظار أن تدخل والدتها‬
‫المدخل‪ .‬في غضون دقائق قليلة ‪ ،‬إذا لم تظهر والدتها ‪ ،‬ستقوم من األرض‪ .‬بحلول ذلك الوقت ‪ ،‬سقطت في النوم‪.‬‬

‫استيقظت قمر فجأة‪ .‬صرخت عندما سحبت يدها من صدرها‪ .‬وجهت عينيها إلى والدتها ونصير ‪ ،‬ممسكة بذراعها‬
‫ألسفل‪ .‬حول يدها المعتمة ‪ ،‬كانت هبة تنظر إلى الجرح‪ .‬صرخت عندما تحركت أصابعها‪.‬‬

‫" اتركه!" زعرت ‪ ،‬قطعت فكها‪ .‬انتزعت يدها من اآلخرين‪ " .‬ال بأس!"‬

‫" ال أنت لست!" احتج هبة ‪ " .‬تم سحق يدك وسوف تلتئم بهذه الطريقة إذا لم تدعني أهتم بها‪".‬‬

‫" سيكون ذلك‪"-‬‬

‫" سمعت هبة !" صاح نصير ‪ .‬تم تدريب عينيه بعيدا عنها‪ " .‬سوف تلتئم يدك مثل هذا‪ .‬لن تكون قادًر ا على استخدام‬
‫سيفك " ‪.‬‬

‫حدقت قمر في الشخص اآلخر في الغرفة ‪ ،‬الشخص الذي لم ينبس ببنت شفة‪.‬‬

‫" األم ؟" تساءلت بهدوء ‪ ،‬تبحث عن شخص ما ليقول شيًئ ا مختلًف ا ‪ ،‬شيء ال يتطلب مزيًد ا من األلم‪ .‬اجتمعت العيون‬
‫الفضية مع راتبها‪ " .‬دع تساعد‪".‬‬

‫تأوهت مرة أخرى‪ .‬هذه المرة في الشكوى واالستسالم‪.‬‬

‫تنهدت " بخير" ‪ " .‬ولكن إذا فقدت الوعي مرة أخرى ‪ ،‬هل ستنظر في ضلوع‪ .‬أعتقد أن اثنين منهم محطمان " ‪.‬‬

‫حددت هبة إصبًع ا آخر‪ .‬صرخت قمر ‪.‬‬

‫ولكن لم يغمى عليها ‪ ،‬وبدًال من ذلك كانت عيناها تقبضان على الهالل المحفور في معصم نصير ‪ .‬ما زالت العيون‬
‫األرجوانية تتجنب عيونها عندما أوضحت نصير بشكل متواضع‪ " .‬هبة وأنا ارتبطت ببعضنا البعض أثناء رحيلك‪".‬‬

‫" أنا على علم‪".‬‬

‫بحلول الصباح ‪ ،‬تم تثبيت يدها ولفها بإحكام‪ .‬تحركت هبة نحو قمر ‪ " .‬دعونا نرى ضلوعك‪".‬‬

‫غمغم نصير ‪ " :‬سأكون بالخارج" ‪.‬‬

‫تأرجح الباب وأغلق خلفه‪ .‬تنفست قمر بسطحية بينما رفعت هبة سترتها‪ .‬جاءت شهقتان من المرأتين األخريين في‬
‫المنزل‪.‬‬

‫" ما مدى سوء ذلك ؟"‬


‫" ماذا حدث ؟"‬

‫" ال شيء خارج عن المألوف‪ .‬قاتلت ضد الوحش ‪ ،‬تعرضت للضرب قليًال ‪ ،‬ثم أرسلني أحدهم إلى شجرة ‪ " ،‬أجابت‬
‫قمر ‪.‬‬

‫" إلى شجرة ؟" ردد صدى هبة بينما كانت الشقراء تلف المزيد من القماش حول ضلوع قمر ‪ .‬عندما انتهت ‪ ،‬سحبت‬
‫بحذر شديد سترة قمر ألسفل‪ " .‬مثل حرفيا في شجرة ؟"‬

‫اقتحمت الزعانف المدخل وهي تحمل ورقة في يده وهي أومأت برأسها ‪ ،‬مجيبة على سؤال هبة ‪.‬‬

‫" هذا من أجلك ‪ "،‬قضمه ودفعه إلى قمر ‪ .‬أمسكتها والدتها من نصير قبل أن تتمكن من ذلك‪.‬‬

‫همست والدتها بصوت عاٍل " يحاول الحكماء استدعائك مرة أخرى" ‪ " .‬هذه المرة ‪ ...‬يريدون موتك‪".‬‬

‫انتزعت قمر الرسالة من والدتها وهي تقوم‪ .‬قامت بمسحها ضوئًيا بسرعة ‪ ،‬وسحقت في قبضتها وألقت بالموقد بهدف‬
‫مثالي‪ .‬انتزعت قمر سيفها من السجادة المنسوجة ‪ ،‬وثبته في وركها ‪ ،‬ثم خرجت من المنزل‪.‬‬

‫" إلى متى أنت ذاهب إلى البقاء ؟" سأل نصير ‪ ،‬تتبعها في الخارج‪ " .‬ال يمكنك فعل أي شيء بيدك مثل هذا!"‬

‫توقفت‪ .‬تحول في منتصف الطريق‪ .‬صدره مقابل لها‪ .‬يواجه فقط بوصات‪ " .‬أنا بخير" ‪ ،‬صرحت بنقطة فارغة‪" – .‬‬
‫وأنا لن أبقى‪".‬‬

‫" قمر ‪ ...‬أريد أن أتحدث ‪ ،‬من فضلك ‪ "،‬توسل بهدوء‪.‬‬

‫كان صدرها يؤلمها لدغة يمكن أن تنافس سيًف ا عندما ناشدتها عيون النيلي‪ .‬هزت رأسها‪ " .‬سنتحدث الحًقا نصير ‪".‬‬

‫" كم من الوقت ستستمر في الهروب من موت حامد ؟ إلى متى ستتركنا وراءنا ؟ " سأل نصير بغضب‪ " .‬لقد مرت‬
‫أشهر ‪ ،‬وفي حال لم تكن قد أدركت ولكن تظهر اآلن‪".‬‬

‫شممت‪ .‬اشتعلت عيناها‪ .‬قالت بصوت يرتجف من الغضب‪ " :‬أنا ال أركض" ‪ .‬تنازلت عن المشاعر األخرى‪ " .‬لقد‬
‫الحظت‪ .‬أنا لست أعمى‪ .‬وأريد أن أكون هناك – " أشارت إلى األشجار‪ " .‬هناك المزيد من الناس في األشجار من القرى‬
‫األخرى‪"-‬‬

‫" قمر ‪"...‬‬

‫" ال تقاطعني!" صرخت‪ .‬اهتزت قبضتها على جانبها‪ " .‬منذ أن كنت في الخارج ‪ ،‬لم يمت أي شخص قمت بحمايته‪ .‬لم‬
‫أجد واحدة! "‬

‫أمسكت يده بكتفها‪ .‬اشتعلت عيون الزعنفة في األعماق األرجوانية‪ " .‬أنت بحاجة إلى التوقف عن الخروج إلى هناك!"‬
‫بصق‪ " .‬لقد قرأت تلك الرسالة اللعينة‪ .‬سوف يقتلك الحكماء! "‬

‫استدارت قمر ‪ .‬إعطاء الزعنفة ظهرها‪ " .‬يوًم ا ما سيحاولون ‪ ،‬لكن سيتعين عليهم العثور علي أوًال‪".‬‬

‫دون انتظار حجة نصير ‪ ،‬سار قمر في خط الشجرة‪.‬‬

‫" هذا لن يعيده!"‬

‫تبعها كلماته في فظاعة يتردد صداها في األشجار‪ .‬توقفت قمر مترددة في خطواتها‪ .‬زاد صوت نصير وغضبه وجرحه‬
‫إلى المكان الذي لسعته‪ .‬المكان الذي كانت تبنيه إلغالقه‪ .‬أغمضت عينيها ومضت إلى األمام‪ .‬تركهم وراءهم‪.‬‬
‫ارتعدت يدها قليًال وهي ترسم على األرض بعصا‪ .‬خالل هذا الوقت في البرية ‪ ،‬كان الناس من قرى أخرى يسكبون‬
‫األشجار ويتدفقون عليها بيأس‪ .‬حدقت قمر في الجثث الخمس نائمة على أرض الغابة‪ .‬صامت عندما حدقت عيون زرقاء‪.‬‬
‫كان هناك صمت على النار بينهما ألنها تركت الرجل األكبر سنا يدرسها‪.‬‬
‫" هل تعيش عادة في الغابة ؟" حشر الرجل األكبر سنًا وضيعًا‪.‬‬

‫هزت قمر رأسها‪ " .‬لقد حدث ذلك مؤخًر ا ‪ ،‬لكن القرية التي آخذك أنت وعائلتك إليها هي المكان الذي أتيت منه‪ .‬إنه‬
‫قريب ‪ ...‬قريب جًد ا بما يكفي ويجب أن يكون الجميع بأمان هناك " ‪.‬‬

‫" ما اسمك ؟ هل عائلتك قلقة عليك ؟ هل يعلمون أنك هنا ؟ "‬

‫هز كتفيها ‪ ،‬تجنبت قمر عيني الرجل‪ .‬ردت وهي ترسم‪ " .‬إنهم على علم ‪ ،‬وربما قلقون‪ ".‬ثم أضافت ‪ " ،‬اسمي ‪...‬‬
‫حسًن ا ‪ ...‬ستعرفه قريًبا بما فيه الكفاية من قريتي‪ .‬قل لي ‪ ،‬من أي طريق أتيت قبل أن تجدني ؟ "‬

‫جلس الرجل وأشار إلى هريسة األشجار الداكنة‪ " .‬قريتنا صغيرة ‪ ،‬نحن مربيون للقرى األخرى ‪ ...‬كنا مربيين‪ .‬أكلت‬
‫تلك المخلوقات كل ما يمكن أن تصطاده‪ .‬الناس والماشية‪ .‬أنا وعائلتي بالكاد نجحنا في ذلك " ‪.‬‬

‫" إلى أي مدى تسافر ؟"‬

‫" ثالثة أيام وليالي‪ .‬لماذا ؟"‬

‫وضعت قمر عالمة " أخرى على رسمها وربطت كل عالمة بخط‪ .‬كل األشخاص الذين أخذتهم إلى أملور فقدوا‬
‫قريتهم في هجمات الوحش األخيرة‪ .‬لكن كل واحدة جاءت من قرية أبعد ‪ ،‬أصغر‪ .‬حدقت في رسمها وشتمت‪ .‬أدرك أن‬
‫هناك نمط‪.‬‬

‫" ما هذا ؟" استجوب الرجل‪.‬‬

‫خدشتها بالرسم بحذائها‪ .‬أجابت‪ " :‬ال شيء" ‪ .‬ثم أومأ نحو األرض‪ " .‬يجب عليك الحصول على بعض الراحة‪ .‬لدينا يوم‬
‫طويل غدا " ‪.‬‬

‫" ما هي المدة ؟"‬

‫" أريد أن أصل إلى قريتي بحلول الليل‪".‬‬

‫سعل الرجل مفاجأة‪ " .‬بحلول الليل ؟ امالور على بعد يومين‪ .‬لدّي براعمان صغيرتان وواحد ملتصق بالشتالت‪ .‬ال توجد‬
‫طريقة يمكننا القيام بها في ذلك الوقت " ‪.‬‬

‫تمتمت‪ " :‬في العادة ‪ ،‬أنت على حق" ‪ " .‬لكنني أعرف هذه الغابات ‪ ،‬لقد أمضيت وقًت ا على األرض‪ .‬أعرف طرًق ا أخرى‬
‫أسرع للوصول إلى هناك‪ .‬لذلك إذا أخذت برعًما ‪ ،‬وأخذت األخرى ‪ ،‬يجب أن نصنعها بحلول ذلك الوقت‪ .‬امنح أو خذ‬
‫مرتبًك ا يحتاج إلى فترات راحة " ‪.‬‬

‫سكت الرجل ثم أومأ برأسه‪ " .‬شكرا لك المستنير‪".‬‬

‫بدأت قمر في االحتجاج ‪ " ،‬أنا لست كذلك"‬

‫لكن الرجل كان قد جعل نفسه مرتاًح ا بالفعل على األرض ‪ ،‬وتدحرج ‪ ،‬أقرب إلى براعمه الملتصقة‪ .‬تنهدت قمر ‪ .‬ألقت‬
‫نظرة خاطفة على رسمها المشوش ‪ ،‬ثم التقطت العصا‪ .‬أمسكت بحفنة من العصي الصغيرة من قدميها ‪ ،‬ورمتها في‬
‫النار ‪ ،‬لتطارد البرد الذي بدأ في التسلل فوقها‪ .‬كان موسم البرد يقترب قريبا‪ .‬لن تتفاجأ إذا تساقط الثلج أوًال على األرض‬
‫قبل آخر األوراق البرتقالية‪.‬‬
‫باستخدام ظالل المنازل ‪ ،‬انسللت قمر عبر القرية‪ .‬هز الشخير بسالم القرية التي يغلب عليها الطابع ‪ ،‬باستثناء بعض‬
‫األماكن التي يمكن أن تهمس بها في الظالم‪ .‬تتبعت رائحة الدخان إلى المصدر ‪ ،‬لتعرف بسهولة مكان وجهتها اآلن‪ .‬ألقى‬
‫قمر نظرة أخرى حوله ‪ ،‬قبل الدخول إلى الداخل‪.‬‬

‫تم تحريك غطاء الفرو للخلف ‪ ،‬وعاد بسرعة إلى مكانه‪ .‬تحركت قمر بسرعة إلى الداخل‪ .‬نظرت إلى كل زاوية‬
‫وشقوق ‪ ،‬تبحث عن شخص معين‪ .‬حبست أنفاسها وهي تمشي على أطراف أصابعها من الشخير المخمور في الزاوية‬
‫المظلمة بجانب الموقد الكبير‪ .‬ضربت القفص الصدري لها وهي تغامر‪ .‬على أمل أال يثير الرجل‪.‬‬
‫في الداخل ‪ ،‬أسفل ممر ضيق ‪ ،‬كان هناك رفرف آخر من الفراء‪ .‬لقد سحبته مؤقًت ا‪ .‬داخل الغرفة الصغيرة ‪ ،‬لم يكن هناك‬
‫سوى عدد قليل ‪ ...‬الكثير ‪ ...‬من أباريق وحرير فراش فارغ‪ .‬ترك قمر رفرف الفراء ينجرف إلى مكانه‪ .‬مشيت بضعة‬
‫أقدام أخرى ‪ ،‬عندما علقت فتحة أخرى من الفراء في المدخل‪ .‬بهدوء ‪ ،‬سحبت هذا جانًبا‪.‬‬

‫وصلت أصوات تنفس رقيق إلى أذنيها قبل أن يصل ضوء ألسنة اللهب إلى الشكل‪ .‬فقط عدد قليل من الخيوط الفضية‬
‫بلغت ذروتها فوق البطانيات المنسوجة‪ .‬انزلقت قمر إلى الداخل وعبرت الغرفة بحذر‪.‬‬

‫" نصير ‪ ،‬استيقظ" ‪ ،‬حثت بلطف ‪ ،‬بدفع الرجل بطرف حذائها‪.‬‬

‫لقد فقط‪.‬‬

‫قمر منزعج‪ .‬لقد نخزت بقوة أكبر في حذائها‪ " .‬تعال على نصير ‪ .‬حذرت ‪ ،‬حتى تحصل ‪ ،‬لن أكون لطيفة في المرة‬
‫القادمة‪.‬‬

‫زعنفة تدحرجت‪.‬‬

‫لقد تنهدت‪ .‬ثم ركله‪.‬‬

‫صاح الزعنفة وجلس في سريره‪ .‬فرك إحدى عينيه بترنح وأمسك جانبه باألخرى‪ " .‬قمر ؟" نفض صوته غليظًا بآثار‬
‫سباته‪ " .‬ماذا ‪ ...‬ماذا تفعل هنا ؟"‬

‫" الوحش " ‪.‬‬

‫رمش ببطء‪ .‬سأله وهو يحك رأسه‪ " .‬تعال مرة أخرى ؟"‬

‫ردت‪ " :‬الوحش ‪ ،‬لهذا أنا هنا" ‪ .‬استمرت قمر في حين أعطى نصير تثاؤًبا كبيًر ا‪.‬‬

‫" أجد أناًس ا في الغابة‪ .‬يقول القرويون أن الوحش هاجموا‪ .‬لقد حددتها ‪ ،‬واعتقدت أنها كانت غريبة‪ .‬كل هؤالء األشخاص‬
‫‪ ،‬يأتون في مجموعات‪ .‬هذه القرى الصغيرة تحيط بنا‪ .‬إنهم حول أمالور‪ .‬لقد قمت برسم خريطة لها ‪ ،‬ويبدو األمر كما لو‬
‫أن الوحش قاموا بدفعنا مًع ا ‪ ،‬مما دفع الناس إلى امالور ‪ .‬ماذا تعتقد سيحدث عندما تدمر تلك المخلوقات كل القرى من‬
‫حولنا ؟ إنها مجرد مسألة وقت قبل أن نتعرض للهجوم أيًضا " ‪.‬‬

‫" متى فعلت‪"-‬‬

‫انتهت الليلة الماضية‪ " .‬وعلينا أن نفعل شيًئ ا قريًبا‪".‬‬

‫هز نصير رأسه‪ " .‬ليس ما قصدته‪ .‬متى رجعت ؟"‬

‫حدقت قمر في وجهه‪ .‬أجابت‪ " :‬اآلن فقط" ‪ ،‬وهي تجعد حاجبيها مًع ا‪ " .‬هل سمعت ما قلت ؟"‬

‫سحب يده على وجهه وتذمر‪ " .‬فعلت" ‪ ،‬كان صوته مكتوًما من خلف يده‪ .‬خبطت يداه على حجره‪ " .‬أنت تعتقد أن‬
‫الوحش يدفعوننا مًع ا‪".‬‬

‫شممت‪ " .‬أنا أعلم أنهم كذلك‪".‬‬

‫" أنت تعلم أنهم كذلك" ‪ ،‬صحح قليًال ثم تابع‪ " .‬لكن لماذا ؟ إنهم مجرد مخلوقات قمر ‪ .‬إنهم ال يخططون‪ .‬خاصة تلك‬
‫التي تبدو مدروسة جيًد ا‪ .‬وإذا فعلوا فلماذا اآلن ؟ لماذا لم يمر الماضي ؟ "‬

‫جلست القرفصاء ‪ ،‬وظلت وجها لوجه مع نصير ‪ " .‬لماذا أشعر بأنك ال تصدقني ؟"‬

‫تنهدت زعنفة‪ " .‬قمر ‪ ،‬هذا كثير لالستيعاب‪ .‬الوحش مع خطط ؟ في المرة القادمة ‪ ،‬هل ستقول إن المغيرين ليسوا‬
‫فظيعين ؟ أو الحكماء أحبك أخيًر ا ؟ أعني ‪ ،‬ماذا يجب أن نفعل حيال ذلك ؟ يركض ؟ يعارك ؟ لم تقل حتى كم عددهم ‪...‬‬
‫يمكن أن تبالغ في تقدير مقدارهم " ‪.‬‬
‫" هل هذا مهم ؟" سألت بحدة‪ " .‬يجب أن تعرف أنه ال! إنه الضرر الذي يمكنهم إحداثه‪ .‬عليك أن تخبر الحكماء‪ .‬أنا‬
‫وراكبي الحدود ال يمكننا االحتفاظ بهم إال لفترة طويلة‪ .‬وكما قلت ‪ ،‬عندما نفدوا أخيًر ا من القرى الصغيرة للهجوم ‪ ،‬فنحن‬
‫التالي! "‬

‫قال نصير وهو يهز رأسه‪ " :‬ال أستطيع" ‪ " .‬ال يمكنني الذهاب وأخبر الحكماء اآلن‪ .‬أقدمها في منزل المعالج‪ .‬إنه‬
‫صاحب الكلمة األخيرة " ‪.‬‬

‫" زعنفة‪"-‬‬

‫فجأة ‪ ،‬تم سحب رفرف الفرو جانبًا‪ .‬اندفعت قمر منتصبة ‪ ،‬تبحث عن مكان لالختباء ‪ ،‬حتى تحركت هبة في المدخل ‪،‬‬
‫مع مفاجأة محفورة على وجهها‪ " .‬قمر ‪ "...‬صاحت برقة‪ "– .‬أنت عدت‪ .‬متى رجعت ؟"‬

‫" اآلن‪ .‬أجابت قمر بسالسة‪.‬‬

‫أومأت هبة برأسها‪ .‬برز وجهها الشاحب بينما كان يسير في الداخل‪ .‬انجرف ثوبها األسود في نسيم من صنع اإلنسان‪" .‬‬
‫أنت ستدخل كحكمة غدا‪ .‬مباشرة بعد أن يلتقي األقدم بالنيران " ‪.‬‬

‫راقبت قمر أن نصير شاحًبا ‪ ،‬مطابًق ا لنفس لون شعره‪ " .‬اآلن يمكننا إخبار الحكماء غًد ا بعد دخولك‪ .‬سيتعين عليهم‬
‫التفكير في األمر ألنك ستكون واحًد ا منهم " ‪.‬‬

‫" قمر ‪"...‬‬

‫" ال نصير !" أمرت قمر بالذل‪ " .‬في كل مرة يبدو أنني أفعل شيًئ ا ال توافق عليه ‪ ،‬تستخدم اسمي بهذه النغمة‪".‬‬

‫" قمر ‪"...‬‬

‫هزت إصبعها باتهامها‪ " .‬تلك النغمة‪".‬‬

‫قام قمر بتثبيت الزعنفة بنظرة وهج وهو يفتح فمه للتحدث‪ .‬حذرت " ال حتى ‪ . "...‬ثم عبست ‪ ،‬حزينة‪ " .‬لقد توقفت عن‬
‫الجري ‪ ،‬هذا ما تريده ؟ أنا مستعد ألكون هنا من أجلك‪ .‬لهبة والشتلة " ‪.‬‬

‫عبرت جفل مرئي وجه هبة ‪ .‬قفزت قمر من الشقراء إلى الزعنفة‪.‬‬

‫" ماذا او ما ؟"‬

‫هز نصير رأسه‪ .‬عبوس مهووس على وجهه‪.‬‬

‫من وجوههم ‪ ،‬وسترة سوداء‪ .‬جمعت قمر القطع مًع ا بصمت‪ .‬ضغطت على شفتيها مًع ا ‪ ،‬أومأت برأسها‪ .‬بدون كلمة‬
‫أخرى ‪ ،‬تركت قمر الحداد‪ .‬غادر القرية‪ .‬عندما وصلت أخيًر ا إلى منطقة خالية في البرية ‪ ،‬صرخت‪ .‬هرب كل‬
‫المخلوقات‪ .‬تبخرت صرخاتها في السماء‪ .‬عندما اختفى صوتها في العدم‪ .‬مشيت قمر إلى المنزل بخدر‪.‬‬

‫عندما كانت تضع وجهها أوًال على سريرها ‪ ،‬زحف كابوس آخر إلى ذهنها‪ .‬عذبها أحدهم بالشتالت والبّط ارات والماء‬
‫حتى استيقظت وعرقها بارد على جلدها‪ .‬كانت متعبة جدا لتهتم‪.‬‬

‫تحركت قمر عندما التواء معدتها‪ .‬كانت همهمة خفيفة من الفرح ‪ ،‬حيث اشتمت رائحة مألوفة في الهواء‪ .‬ابتسمت ابتسامة‬
‫عريضة عندما فتحت عينيها ‪ ،‬ووجدت وعاء من الحساء الذائب بالقرب من رأسها‪ .‬مزقت أغطيتها المنسوجة ‪ ،‬وأمسكت‬
‫بالوعاء وغامرت في الغرفة الرئيسية‪ .‬توقعت قمر أن ترى والدتها ‪ ،‬لكن لم يكن هناك أحد‪.‬‬

‫يقف في بابها‪ .‬التهمت الحساء المذاب في صمت‪ .‬عندما انتهت ‪ ،‬أمسكت سيفها وجلست على الطاولة‪ .‬جلست على‬
‫زابوتون وشحذ نصلها ‪ ،‬وهي تعلم أنها كانت مملة من كل الهجمات‪ .‬كانت قمر في منتصف شحذها عندما انفتح الباب‬
‫وانفلت والدتها من الداخل‪.‬‬
‫قالت المرأة األكبر سًن ا وهي تمشي بجوارها وهي تداعب تاج قمر ‪ " :‬كنت أتمنى أن يغريك الحساء الذائب باالستيقاظ" ‪.‬‬
‫" من الجيد أن أراك في النهاية مرة أخرى‪".‬‬

‫" يؤسفني أنني لم أعود إلى المنزل مؤخًر ا‪ .‬لقد كنت أقوم بدوريات " ‪.‬‬

‫قالت والدتها‪ " :‬لقد سمعت من القرويين" ‪ .‬توغلت أعمق في حجرة المنزل‪ " .‬من" جمال السيف " الذي يعيش في‬
‫الغابة‪ .‬يرسل الحكماء استدعاء كل يوم اآلن " ‪.‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬جمال ذو سيف" ‪ ،‬أليس كذلك ؟ هذا هو األول‪ .‬أفضل من مصل اللبن ‪ ،‬يتصلون بي دائًما " ‪.‬‬

‫" بصفتي والدتك ‪ ،‬أحب جمال السيف‪ .‬يجب أن تعتبرها مجاملة " ‪ .‬ثم سألت المرأة األكبر سنًا‪ " :‬متى عدت ؟" قبل أن‬
‫تختفي في غرفها‪.‬‬

‫" الليلة الماضية" ‪ ،‬اتصلت قمر عندما دخلت والدتها مرة أخرى في ثوب أسود طويل‪.‬‬

‫" إذن ربما لم تسمع‪ .‬توفي الحكماء األكبر‪ .‬سيتم إدخال نصير لين كأصغر الحكماء‪ .‬يجب أن تكون مستعًد ا " ‪.‬‬

‫" سمعت األخبار الليلة الماضية من الليلة الماضية‪ .‬وكما نعلم ‪ ،‬ال ُيسمح لي بالتواجد داخل القرية‪ .‬لكوني أنا ‪ ،‬ال أميل‬
‫إلى دعوتي إلى هذه األشياء‪ .‬إلى جانب ذلك ‪ ...‬ألم تنتهي للتو من إخباري أن الحكماء كانوا يحاولون استدعائي ؟ "‬

‫تنهدت والدتها وانضمت إليها على الطاولة‪ " .‬لقد فعلت ذلك ‪ ،‬لكن كونك أنت لم يمنعك أبًد ا من دخول القرية بأوامرك‪.‬‬
‫أعرف حقيقة أن هبة لم تكن تتجول في الغابة في الليل " ‪.‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬أنت على حق‪ .‬لم تكن هبة في الغابة ‪ ...‬كنت في القرية‪ .‬لكنني لن أعود اآلن " ‪.‬‬

‫" أنت تعلم أن نصير لين يريدك هناك‪".‬‬

‫هزت كتفيها‪ .‬مع العلم أنه في ظل هذه الظروف ‪ ،‬كانت تشك بشدة في أن نصير يريدها هناك‪ .‬لم تذكر أي شيء عن‬
‫الوحش ‪ ،‬أو خطتها إلبالغ الحكماء بطريقة ما‪ .‬بدال من ذلك ‪ ،‬ابتسمت فقط ألمها‪.‬‬

‫" في الوقت الحالي ‪ ،‬ال أريد أن أبدأ نزاًع ا مع الحكماء‪ .‬فكر في األمر على أنه شخصية جديدة لبضع ساعات‪ .‬أو على‬
‫األقل ‪ ،‬حتى االجتماع تنتهي ألسنة اللهب ويتم إدخال نصير ‪" .‬‬

‫دوى دوي عاصفة في أنحاء القرية‪ .‬ردد قرن االستدعاء‪ .‬عرفت قمر ما كان عليه ورسمت حاجًبا على والدتها‪ " .‬هذا ما‬
‫ينادونه" ‪ ،‬قالت‪ " .‬يجب أن تذهب‪".‬‬

‫" ماذا ستفعل في هذه األثناء ؟"‬

‫ابتسمت قمر ‪ " .‬يمكنني القول أنني سأبقى هنا وأنام‪ .‬لكني أعتقد أن القيام بدوريات على الحدود فكرة أفضل " ‪.‬‬

‫" ألم تذكرني أن الحكماء يحاولون اآلن استدعائك كل يوم ؟ " المرأة األكبر سنًا مازحت بشكل مشكوك فيه‪ " .‬لن يعجبهم‬
‫ذلك‪".‬‬

‫" وما ال يعرفه حفنة من كبار السن ‪ ،‬لن يؤذيهم‪ .‬من المحتمل أنهم سيكونون مشغولين للغاية مع نصير اهتماًما كبيًر ا‪.‬‬
‫بالحديث عن نصير ‪ ،‬عندما تراه ‪ ،‬أعطه تعاطفي ‪ ،‬وأخبره أنني سأراه قريًبا " ‪.‬‬

‫أعطتها والدتها نظرة مدببة عندما بدأ بوق االستدعاء مرة أخرى‪ " .‬كن حذرا إذن‪".‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ .‬قالت بابتسامة عريضة‪ " :‬هذا هو السبب في أنني آخذ سيفي" ‪ .‬حشو نصلتها الحادة في الغمد‪ .‬سارت‬
‫قمر إلى المدخل وأبقته مفتوحة‪.‬‬

‫تذمرت والدتها عندما مرت عبر المدخل‪ " :‬أنت دائًما تأخذ سيفك" ‪.‬‬
‫ردت قمر ‪ ،‬متبعة والدتها في الخارج‪ " :‬إذن يجب أن أكون بأمان" ‪ " .‬وسوف تتأخر‪".‬‬

‫صاحت المرأة األكبر سًن ا‪ .‬بعد أن أغلقت قمر الباب الخشبي خلفها ‪ ،‬كانت األذرع محاطة بها‪ .‬تحركت يداها فوق‬
‫تموجات خشب الماهوجني ‪ ،‬مبتعدة عن وجهها‪ .‬تمتمت المرأة األكبر سًن ا‪ " :‬أنا سعيدة للغاية بعودتك إلى المنزل" ‪.‬‬

‫دوي البوق مرة أخرى‪.‬‬

‫تذمرت والدتها‪ " :‬أنا أكره هذا الشيء" ‪ .‬بضغطة أخيرة ‪ ،‬تم إطالق سراح قمر ‪ .‬شاهدت والدتها تتذمر على الطريق‬
‫المؤدي إلى القرية ‪ ،‬ثم اختفت بين األشجار‪.‬‬

‫كانت تنظف دماء الوحش من سيفها عندما اندلعت الهتافات في السماء‪ .‬باستخدام العديد من االختصارات الخاصة بها ‪،‬‬
‫تمكنت قمر من التسلل إلى القرية دون أن تكتشف‪ .‬تسللت إلى الحداد على أمل العثور على نصير ‪ .‬لكنها التقت بعيون‬
‫زرقاء دامعة‪.‬‬

‫" هبة ؟"‬

‫" قمر ؟"‬

‫انضمت إلى هبة على المنضدة الصغيرة بينما كانت الشقراء تفرك وجهها آثار الدموع‪ " .‬قمر " ‪ ،‬استنشق هبة ‪ " .‬ما‬
‫الذي تفعله هنا ؟"‬

‫" هذا ليس مهما" ‪ ،‬رفضت قمر ‪ ،‬ووضعت خططها الخاصة جانبا‪ " .‬هل ‪ ...‬أه ‪ ...‬تريد التحدث عن ذلك ؟"‬

‫هبة بحزن ‪ ،‬مسحت أنفها على قميصها‪ .‬لم تقل قمر كلمة بذيئة عن ذلك‪ .‬لقد انتظرت للتو‪.‬‬

‫بدأت بهدوء " بعد ‪. "-‬‬

‫كان على قمر أن تجهد أذنيها لتسمع الشقراء وهي تتحدث‪ " .‬اعتقدت أنني ال أستطيع أن أعيش ‪ ...‬لكن ‪ "...‬تراجعت‬
‫الشقراء ‪ ،‬وبدًال من أن تأتي الكلمات من حلقها‪ .‬أبقت قمر هبة بالقرب منها ‪ ،‬محاواًل فهم الكلمات النهمة من خالل‬
‫الدموع‪ " .‬كل شخص حولي يموت‪ .‬أردت حامد ومات‪ .‬أردت هذه الشتلة أكثر من أي شيء آخر وهو ‪" ...‬‬

‫" أنا ال أفهم ذلك!" بكت هبة فجأة‪ .‬رن الغضب في كلماتها وهي تتابع‪ " .‬تطفو بعض الشتالت السليمة تماًما ولكن غير‬
‫المرغوب فيها أسفل النهر ‪ ،‬ويفقد المنجم – وهو التذكير الوحيد بحبنا ‪ !-‬اردته! أنا في حاجة إليه! وتركني! الجميع‬
‫يتركني! "‬

‫دفنت هبة وجهها في يديها‪ .‬هزت تنهدات جسدها‪ .‬لم تقل قمر شيًئ ا‪ .‬كانت تفرك فقط دوائر مطمئنة على ظهر الشقراء‪.‬‬
‫فركت المرأة وجهها وتمتمت على قمر ‪ " .‬اآلن ‪ ،‬فهمت ما قصدته والدتي‪".‬‬

‫" ماذا تقصد ؟"‬

‫" يوم ترابطنا ‪ ،‬هل تعلم أن والدتي حاولت مرة أخيرة أن تعدني إلى األكل ‪ ،‬أليس كذلك ؟" سأل هبة ‪.‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ " .‬انا اتذكر‪".‬‬

‫" عندما رفضت مرة أخرى‪ .‬صرخت بعدي ‪ ،‬أيقظت القرية بأكملها التي كان بإمكانها سماعها‪ .‬ترن أصواتها أكثر فأكثر‬
‫منذ أن واجهت حامد النيران‪ .‬اعترفت هبة ‪ " :‬سوف يدمرك" ‪ .‬لقد كانت على حق‪ " .‬كانت محقة‪ .‬حامد دمر حياتي! في‬
‫كل مرة أفكر فيه ‪ ،‬أشعر بالغضب الشديد‪ .‬مثل لماذا لم يحاول بجهد أكبر ليعيش ؟ لماذا كان للموت ؟ لماذا تركني ؟‬
‫لماذا ؟!" ارتجفت القبضة في الطاولة‪.‬‬

‫مللت العيون الزرقاء بشدة في عينيها‪ .‬حطمت قمر النظرة التي ال تلين في خزي‪ .‬مع العلم أن هبة لن تجد الذنب إال في‬
‫أعماقها البنية‪ .‬تمتمت قمر بحذر ‪ " ،‬ال أعتقد أن أحًد ا يخطط لموتهم" ‪ ،‬وتناثرت المرارة من نبرة صوتها‪ " .‬كنت أعرفه‪.‬‬
‫لم يكن يريد الذهاب‪ .‬أراد أن يكون هنا معك‪ .‬والدتك ‪ ،‬إنها مجرد أ‪" -‬‬
‫" أريد أن أكرهه ‪ "،‬اعترفت هبة بصوت هامس‪.‬‬

‫قالت قمر بلطف‪ " :‬لكن ال يمكنك ذلك" ‪ " .‬مثلما ال أستطيع أن أجعله يعيش مرة أخرى ‪ ...‬حزن عليه ‪ ،‬افتقده ‪ ،‬لكن في‬
‫النهاية ستحتاج إلى‪"-‬‬

‫توقفت قمر مؤقًت ا‪ .‬تحرك رفرف الفراء جانبا‪ .‬التقت عيناها على وجه غير مألوف‪ .‬انتقل قبل أن تتمكن من االنفصال عن‬
‫هبة ؛ ما زالت يدها ترسم دوائر مطمئنة على ظهر الشقراء‪.‬‬

‫شهقت هبة ‪ ،‬اتسعت عيناها لمقابلة قمر ‪ .‬في الوقت نفسه ‪ ،‬وصل كالهما إلى أقدامهما‪ .‬خفق قلب قمر في قفصها‬
‫الصدري‪.‬‬

‫" تعال ‪ "،‬حثت هبة ‪ ،‬شد قمر من ذراعها‪ .‬تحرك رفرف الفراء مرة أخرى‪ .‬مشى رحلة حدودية غير مسمى و إلى‬
‫حداد ‪ ،‬بابتسامة مسننة‪.‬‬

‫" مرحبا وصمة عار ‪ "،‬استقبل ‪ .‬أومأ إليها ‪ " ،‬سلمي سيفك‪".‬‬

‫كان هناك إغراء للرد‪ .‬حكة للخدش‪ .‬مع العلم أنها يمكن أن تأخذ اثنين من ركاب الحدود وتبتعد‪ .‬لكنها فوق مقبض‬
‫النصل‪ .‬تلمس يداها بالسيف على وركها ‪ ،‬وفقدت الحزام البني حول وركيها‪ .‬أوقفتها يدا هبة ‪.‬‬

‫" ماذا تفعل ؟" تساءل الشقراء في همسة متواضعة‪ " .‬هناك اثنان منهم فقط ‪ ،‬وسوف يأخذونك إلى الحكماء ‪"...‬‬

‫أمسك قمر يدي هبة في يدها‪ " .‬أنا أرفعها‪ .‬صدقني‪".‬‬

‫أومأت هبة برأسها‪.‬‬

‫هبة رت عينيها في ‪ ،‬وتمكنت من نزع سيفها‪ " .‬هنا" ‪ ،‬قالت وهي ترمي النصل الُمغلف إلى هشام ‪ .‬هبطت على‬
‫األرض من قدميه‪ .‬انطلق متسابق الحدود الذي لم يذكر اسمه إلى األمام ‪ ،‬اللتقاطه من التراب‪ .‬تقوس قمر الحاجب في ‪.‬‬
‫" ردود أفعالك غير متوفرة‪ .‬هل تعرف ديالجين ؟ "‬

‫" هو ميت‪".‬‬

‫همهمت ‪ ،‬عبوس على وجهها‪ " .‬ال أستطيع أن أقول إنني مندهش‪ .‬لم أهتم به كثيًر ا بعد أن تركني في الغابة بيد مكسورة‪.‬‬
‫من هو القائد ؟ أو أيا كان اسمه اآلن ؟ "‬

‫" وية والولوج‪".‬‬

‫قمر همهمة مرة أخرى‪ " .‬آه‪ .‬هل قتلته للحصول على هذا المنصب ؟ "‬

‫ضاق هشام عينيه عليها‪ " .‬لقد فعلت ما كان سيفعله‪".‬‬

‫" لذا ‪ ،‬تركته هناك‪ .‬هل أصبح الوحش المزيد من الطعام اآلن ؟ "‬

‫هدير ‪ ،‬هيستس قليال‪ " .‬هذا يكفي منك وصمة عار ‪ "،‬سحب سيفه من غمده‪.‬‬

‫اومأت برأسها‪ " .‬أعتقد أن هذا هو المكان الذي تقتلني فيه بعد ذلك ‪ ،‬كما وعدت‪".‬‬

‫هز رأسه‪ " .‬ليس انا‪ .‬ليس االن‪ .‬يريدك الحكماء أن تفي باستدعائك‪ .‬أنا هنا ألخذك إلى هناك " ‪.‬‬

‫تميل رأسها ‪ ،‬متظاهرة بالنظر حولهم ومن خالل المدخل‪ " .‬أنت تدرك أن منزل ليس بعيًد ا عن هنا ‪ ،‬أليس كذلك ؟"‬

‫قال الرجل المجهول‪ " :‬نحن هنا للتأكد من أنك لن تهرب" ‪ " .‬إنهم ال يريدونك أن تهرب بعد كل هذا الوقت‪".‬‬
‫نظرت قمر إلى أسفل عندما لف شيء دافئ حول ذراعها‪ .‬نظرت إلى األعلى ‪ ،‬وقابلت عيون هبة الزرقاء المليئة بالقلق‪.‬‬
‫" هل يجب أن أذهب ألجد نصير ؟" همست‪.‬‬

‫هزت رأسها ‪ ،‬ابتعدت قمر عن هبة ‪ " .‬ال ‪ ،‬سأكون بخير‪ .‬كنت بحاجة إلى التحدث إلى الحكماء على أي حال " ‪.‬‬

‫مرة أخرى ‪ ،‬ثبتت يداها على ذراعها‪ " .‬هبة ؟"‬

‫" إرجع من فضلك‪ .‬ال أستطيع أن أخسر ‪...‬‬

‫أومأت قمر برأسها وهي ابتلعت الكتلة في حلقها‪ .‬لكنها لم تقل شيئا‪ .‬عرضت ال شيء‪ .‬وعدت بشيء‪ .‬تركت الحداد‬
‫وركاب الحدود خلفها‪ .‬تم إسكات القرويين القريبين‪ .‬حدقت عيون‪ .‬حدث شيء ما في الهواء ‪ ،‬تهرب قمر بسهولة‪ .‬غطت‬
‫ضحكاتها بالسعال عندما كان متسابق الحدود المجهول مغطى بالقذارة‪ .‬لحسن الحظ ‪ ،‬سيفها في يديه تجنب الفوضى‪.‬‬

‫على بعد خطوات قليلة ‪ ،‬وقفوا أمام منزل الحكماء‪ .‬حدقت قمر في المدخل الكبير‪ .‬غرق العرق سترتها ‪ ،‬وانزلق أسفل‬
‫ظهرها في قطرات‪.‬‬

‫حّث هشام ‪ " ،‬انطلق" ‪ .‬حدقت فوق كتفها عندما قام متسابق الحدود بطمسها في ظهرها‪.‬‬

‫" استرخ ‪ ،‬لن أذهب إلى أي مكان" ‪ ،‬قالت قمر ‪ .‬عندما قام هشام بطمسها في ظهرها مرة أخرى‪ " .‬نقل!"‬

‫استنشقت قمر بحدة ودخلت‪.‬‬


‫ضرب الدخان حواسها‪ .‬دمعت عيناها وحرق حلقها وهي تتنفس‪ .‬كان داخل منزل الحكماء كما كان عندما كانت في الثانية‬
‫عشرة من عمرها‪ .‬تناثر جلود الحيوانات على األرض مرة أخرى‪ .‬جلس أحد الزابوتون األسود أمام المنصة ‪ ،‬حيث‬
‫نظرت إليها ثمانية أزواج من العيون‪ .‬أطلقت قمر النار على نصير وهو نصف ابتسامة ‪ ،‬في محاولة لتهدئة قلقه الواضح‪.‬‬
‫دفعها هشام إلى األمام‪.‬‬

‫" اجلس" ‪ ،‬أمر ‪ ،‬مشيًر ا إلى الوسادة‪.‬‬

‫هزت رأسها‪ " .‬ال شكرا‪".‬‬

‫" يجلس!" ازدهر وايزمان من المنصة‪ .‬جعلها الصوت المدوي ترتجف‪ .‬سافر الخوف ألعلى وألسفل على جسدها كما‬
‫لو كانت في الثانية عشرة من عمرها‪ .‬هزت قمر رأسها بعناد‪ " .‬سأقف‪".‬‬

‫" سوف تجلس‪".‬‬

‫" ال‪ .‬لن أفعل " ‪.‬‬

‫" لن نتجادل معك يا وصمة عار ‪ "،‬صاح الحكماء مرة أخرى‪ .‬اندلع رداءه البني على األرض عندما كان واقًفا‪ " .‬لقد تم‬
‫استدعاؤك أخيًر ا لتحمل مسؤولية تظلماتك‪ .‬مراًر ا وتكراًر ا ‪ ،‬سمعنا شائعات عن وجودك في البرية ‪ " ،‬جمال السيف" ‪،‬‬
‫هل تنكر ذلك ؟ "‬

‫هزت قمر كتفيها‪ " .‬لن أقول الجمال ‪ ،‬لكن ‪ ،‬نعم ‪ ،‬لقد كنت في الغابة‪".‬‬

‫" ضد تحذيراتنا ‪ ،‬صحيح ؟"‬

‫" أوه ‪ ،‬تقصد رسائلك ؟ ردت بابتسامة ‪ ،‬وهزت كتفيها عرجاء‪ .‬اندلعت صرخة في الحكماء وهم يصرخون عليها‪.‬‬

‫" كيف تجرؤ‪"-‬‬

‫" خذها إلى السالسل!"‬

‫" تعويمها!"‬
‫صاحت قمر فوق األصوات " لدينا هنا قضايا أكبر ثم نناقش عقابي أو حتى موتي" ‪ .‬حدقت في كل من الحكماء وهي‬
‫تتابع ‪ " ،‬لقد هاجمت سلوغمورز القرى من حولنا! لقد كنت أقود الناس هنا كل يوم من أجل األمان! "‬

‫" إًذ ا فإنه خطأك بسبب نقص الغذاء!" هسهس حكيم آخر‪.‬‬

‫سخرت قمر ‪ .‬ردت بجرأة‪ " :‬ربما إذا لم تأكل كثيًر ا ‪ ،‬فلن يكون هناك نقص" ‪.‬‬

‫سعل الزعنفة ‪ ،‬والحظت قمر االبتسامة الصغيرة التي حاول إخفاءها‪ .‬فاضت قمر بالفخر ‪ ،‬وتالشت أي آثار للخوف‬
‫أثناء استمرارها‪ " .‬أنت بحاجة إلى االستماع إلي! الوحش ‪ ،‬إنهم يدفعون الجميع‪ .‬لقد قمت برسم خريطة لها! " لقد‬
‫صرخت‪ " .‬نحن بحاجة إلى التحرك ‪ ،‬مثل المغيرين!"‬

‫كونشرتو النفور من الهسهسة تركت شفتي كل حكيم ‪ ،‬لكن نصير ‪ " .‬لسنا مثل تلك السرقات المقززة ‪ ،‬وال نتصرف‬
‫مثلهم!"‬

‫سخرت ودحرجت عينيها‪ " .‬قد يكونون لصوص مقرنصير ‪ ،‬لكنهم ليسوا من يجب أن يقلق من التعرض للهجوم!"‬

‫" كاف!"‬

‫" ال! أنت بحاجة إلى االستماع إلي! "‬

‫هدد وايزمان قائًال‪ " :‬إذا واصلت الحديث عن وصمة عار ‪ ،‬فسوف نخيط فمك" ‪.‬‬

‫" هذا لن يمنعني!" انها بصقت بشراسة‪ .‬نظرت قمر فوق الحكماء اآلخرين‪ " – .‬هل البقية منكم للعرض ؟ أليس لديك‬
‫أي آراء إطالقا ؟ "‬

‫" ثم نقطع لسانك!"‬

‫" سأتعلم الكتابة! وسأصرخ! "‬

‫صاح الحكيم‪ " .‬سنقتلك‪".‬‬

‫" لقد كنت تهددني بسبب المرور‪ .‬وأشارت إلى أنني لم أحصل على متابعة أبًد ا‪ " .‬وبما أنني وصمة عار‪ .‬أنا إما عبد أو‬
‫ميت في عينيك " ‪.‬‬

‫" قمر ‪ "...‬ناشد نصير بضعف ‪ ،‬في محاولة لكسر التوتر في الهواء‪.‬‬

‫تحولت قمر إلى نصير ‪ " .‬انت تحتاج‪"-‬‬

‫" لطخة الصمت! بما أنك تؤمن أنك على دراية بطرق الحكماء‪ .‬اشرح مظالمك اآلن ‪ ،‬وأخبرني ‪ ،‬ما العقوبة التي تناسبهم‬
‫"‪.‬‬

‫شّدت فكها ‪ ،‬محاربة الرغبة في التحدث بشكل غير عقالني‪ " .‬وصمة عار ال يمكن أن تتحدث من تلقاء نفسها‪ .‬وصمة‬
‫عار ال تصدق أنهم شخص‪ .‬ال يمكن للبقعة أن تتحدث إلى أي أو كل األشخاص المستنيرين‪ .‬ال يمكن أن يكون للبقعة‬
‫سالح وال يمكن تدريبه‪ .‬ممنوع دخول البقعة إلى القرية أو تركها " ‪.‬‬

‫سأل الحكيم " هيا" ‪.‬‬

‫واختتمت قمر قائلة‪ " :‬ستكون العقوبة قيوًد ا أو لساًن ا مقطوًع ا أو أي عقوبة أخرى يقررها الحكماء" ‪ .‬ارتجفت قبضتها‬
‫على جانبيها‪.‬‬

‫أومأ الحكيم برأسه بابتسامة شريرة على وجهه‪ " .‬اآلن اتركونا ‪ ،‬بينما نقرر مصيرك‪".‬‬
‫بينما كان هشام وراكب الحدود اآلخر يحيطان بها بالقرب منها‪ .‬صرخت قمر ‪ " ،‬سترى! هذه المخلوقات ستأكل كل‬
‫رجل وامرأة وطفل في هذه القرية! إذا تجاهلت تحذيري ‪ ،‬فسيكون الجميع في حالة جيدة مثل الموتى! وأنت تسلمهم‬
‫ليقتلوا! "‬

‫" اخرجها!"‬

‫تم إمساك يديها من أعلى ذراعيها وسحبتهما‪ .‬حفرت كعب حذائها في التراب ‪ ،‬وأوقفتهم‪ .‬حررت قمر ذراعها من متسابق‬
‫الحدود األشقر بسحب حاد‪ .‬ثم أمسكت به ‪ ،‬وقبل أن يتمكن من إيقافها ‪ ،‬ألقته في هشام ‪.‬‬

‫" دماؤهم تلطخ يديك! ليس لي!"‬

‫اقتحم اثنان آخران من الدراجين الحدوديين المدخل‪ .‬قفز عليها هشام وراكب الحدود اآلخر‪ .‬رمتهم بعيًد ا بالسرعة التي‬
‫كانوا يهاجمون بها‪.‬‬

‫" كان بإمكاني المغادرة! أخذت كل من أحب وشاهدت القرية التي تكرهني تحترق! ذبح القرويون! أنها فقط مسألة وقت‪"-‬‬

‫وصفقت يد على فمها من قبل متسابق حدودي من الخلف‪ .‬رفعت قدماها عن األرض‪ .‬صرخت قمر ‪ .‬عضت اليد‪.‬‬

‫" آمل أن يأكلوكم األوغاد أوًال!" بكت بينما توافد ركاب الحدود عليها وهي تقاتل‪ .‬كانت ملتوية في قبضتهم ‪ ،‬ثم تم‬
‫إلقاؤها في الخارج‪.‬‬

‫اندفعت إلى قدميها‪ .‬انبعث غضب من عينيها وهي تدور حول رجال الحدود محاوًال العودة إلى الداخل‪ .‬غمغم هشام من‬
‫خالل أسنانه القاسية وأنفه الملطخ بالدماء‪ " .‬اذهب للمنزل‪".‬‬

‫" هل يمكنني استعادة سيفي على األقل ؟"‬

‫" وهل اخترقتني به ؟" سأل بشكل ال يصدق‪ " .‬ال‪ .‬لن أخبرك مرة أخرى " ‪.‬‬

‫حدقت قمر في هشام لعدة لحظات ‪ ،‬ثم ابتعدت‪ .‬تركت يقظة من الصمت بين القرويين وهي تمضي‪ .‬داست قمر من قبل‬
‫هبة ‪ ،‬التي تبعها جانبها بال كالم‪.‬‬
‫" ماذا حدث هناك قمر ؟" سألت هبة بمجرد أن داسوا داخل منزلها‪ " .‬سمعت الصراخ‪".‬‬

‫هزت قمر رأسها‪ .‬أجابت‪ " :‬لم يكن شيًئ ا" ‪ ،‬وهي تنهمر من على الطاولة‪.‬‬

‫" توقف عن قول ذلك!" صرخت هبة في إحباط‪ " .‬أنت وزين كالكما!"‬

‫شد الشقراء شعرها‪ " .‬لم يقل أي شيء عن محادثتك الليلة الماضية! وعرفت أنه كان يخفي شيًئ ا لحمايتي ‪ ،‬تماًما كما أنت‬
‫اآلن‪ .‬ال شيء يمكن أن يكون أسوأ من فقدان مرتبط بك وشتالتك! إذن اخبرني!"‬

‫حدقت عيناها البنيتان في هبة ‪ " .‬الكراشون قادمون لمهاجمة هذه القرية‪ .‬أو سيكونون قريًبا‪ .‬حاولت أن أحذر الحكماء‪.‬‬
‫إنهم يقررون عقابي اآلن " ‪.‬‬

‫" عقابك ؟" ترددت صدى والدتها في صدمة عندما دخلت الغرفة الرئيسية‪ " .‬هجمات الوحش ؟"‬

‫نظرت قمر بين والدتها وهبة ‪ " .‬قد ترغبان في الجلوس ‪"...‬‬

‫بال كالم ‪ ،‬جلست المرأتان‪ .‬قامت قمر بتطهير حلقها‪ " .‬بينما كنت في البرية ‪ ،‬كنت ألتقي بأناس قالوا إن قريتهم تعرضت‬
‫للهجوم من قبل الوحش ‪.‬‬

‫" لكن تلك المخلوقات ال تهاجم ما لم يكن هناك دم في الهواء" ‪ ،‬صرخت هبة ‪.‬‬
‫أومأت قمر برأسها‪ " .‬بالضبط!" فتساءلت‪ " .‬اعتقدت أنه كان غريًبا أيًض ا‪ .‬ثم قمت برسمها‪ .‬تم تدمير جميع القرى من‬
‫حولنا ‪ ،‬ودفع جميع الناجين إلينا‪ .‬في النهاية سوف يجتاحنا الناجون ‪ ،‬وستختفي جميع القرى المجاورة‪ .‬بمجرد حدوث ذلك‬
‫‪ ،‬سيهاجم الوحش هنا " ‪.‬‬

‫" كيف تعرف أن الوحش سيهاجمون هنا ؟" سأل ‪ " .‬ربما سيتعرضون للتهديد من قبل األرقام ويتركوننا وشأننا" ‪.‬‬

‫" سوف يهاجمون" ‪ ،‬أصرت قمر ‪ " .‬تسعة متسابقين على الحدود لحماية آالف األشخاص ؟" سخرت تعكر‪" .‬‬
‫المتسابقون على الحدود ال يهتمون بأمرهم حتى‪ .‬سيكون انتقاء هذه القرية وليمة لهم " ‪.‬‬

‫بدأت ‪ " ،‬نحن بحاجة إلى‪"-‬‬

‫" أخبر أحدا ؟" قاطع قمر ‪ ،‬وملء الفراغ في جملة هبة ‪ " .‬حاولت‪ .‬حاولت التحدث معهم‪ .‬الصراخ عليهم‪ .‬صراخ‪ .‬لكن‬
‫كل ما يراه الحكماء هو وصمة عار‪" .‬‬

‫" ماذا عن نصير لين ؟" سألت والدتها على أمل‪ " .‬هل يمكنه أن يقول شيًئ ا ؟"‬

‫" هو يعرف‪ .‬ربما يمكنه ذلك‪ .‬ال أعرف ما إذا كان اآلخرون سيصدقونه‪ .‬لكن ال يسعني إال أن أتمنى‪" -‬‬

‫قابلت عيون سيت النيلي عندما فتح الباب الخشبي‪ .‬اندفع الزعنفة إلى الداخل‪ .‬هز عباءة الحكمة األرجوانية هذه ‪ ،‬وألقى‬
‫بها بعيًد ا وهو يسير بجوار الموقد‪ .‬الثوب سقط في النيران‪ .‬اندفعت هبة إلى قدميها‪.‬‬

‫" نصير لين ‪ ،‬الخاص بك‪"-‬‬

‫" اتركه‪".‬‬

‫العباءة احترقت في الموقد‪ .‬شاهدت قمر بينما كان نصير يتجول في إبريق ‪ .‬قام بتبرز الفلين وتناول مشروًبا طويًال‪.‬‬
‫تقطر السائل من زوايا فمه ‪ ،‬وسحب الجزء العلوي بعيًد ا مع فرقعة‪ .‬انضم إليهم جميًع ا على الطاولة الصغيرة في صمت‪.‬‬

‫استفسرت قمر ‪ " :‬حسًن ا" ‪ " .‬ما هذا ؟"‬

‫" ماذا او ما ؟"‬

‫" عقابي ؟ يجب أن يكون سيًئ ا إذا كنت تشرب " ‪.‬‬

‫حدقت في وجهها زعنفة بشكل قاتم‪ .‬وامتألت عيناه النيليتان بعاطفة مكبوتة‪ " .‬لماذا كان عليك أن تقول شيًئ ا ؟ لماذا ؟"‬

‫" أنت غاضب مني ؟" اتهمت بالكفر‪ .‬زمجر الزعنفة ‪ ،‬وضرب بيده على الطاولة الخشبية‪.‬‬

‫" ال ‪ ،‬أنا غاضب! لماذا ال يمكنك تركها تذهب ؟ دعهم يموتون ؟‬

‫" ثم ماذا ؟" صرخت عائدة‪ " .‬لن أكون أفضل منهم! إذا فعلت ذلك ‪ ،‬فلن أكون أفضل من أولئك الذين قتلوا الشتالت‬
‫البريئة‪ .‬لدي الكثير من الدماء على يدي ‪ ،‬ولست بحاجة إلى المزيد! "‬

‫" إنهم ال يهتمون!" زعنفة مزمجرة‪.‬‬

‫أمسك إبريق ووضعت قمر يدها برفق على رأسه‪.‬‬

‫" ما هو عقابي نصير ؟ السالسل ؟ موت ؟ لسان مقطوع ؟ "‬

‫هز نصير رأسه‪ " .‬ال‪ .‬ال موت وال قيود‪" .‬‬

‫أراينا تتأرجح ‪ " ،‬لسان مقطوع ؟"‬


‫هز رأسه مرة أخرى‪ " .‬وال حتى ذلك‪ .‬قالوا وأنا أقتبس ‪ " ،‬إذا كانت مصرة جًد ا على العيش‪ .‬أعطها لها‪ .‬لكنها لن تعود‬
‫أبدا‪.‬‬

‫تراجعت عدة مرات على التوالي‪ .‬على أمل أن تفهم كلماته بشكل أسرع‪ " .‬ال يعود أبدا ؟ كما في‪" -‬‬

‫أجاب نصير بشكل قاطع‪ " :‬النفي" ‪ " .‬الحكماء قرروا النفي‪ .‬قال قتلك سيكون من السهل جدا‪ .‬لديك حتى غروب الشمس‬
‫‪ ،‬قبل أن يتم وضع راكبي الحدود عليك‪" .‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ .‬بكت والدتها عالنية‪ .‬شعرت بالراحة بين يديها في أمواج الماهوجني ‪ ،‬قبل أن تنجذب إلى قبضة‬
‫والدتها‪ .‬عيونها مغلقة على نصير ‪ " .‬إنه أفضل من موتي الحقيقي ‪ ،‬أليس كذلك ؟ لكن هناك أنواع مختلفة من الموت ‪،‬‬
‫أليس كذلك ؟ "‬

‫شّدت والدتها أثناء وقوفها ‪ ،‬وأعطت قمر المرأة األكبر سنًا لهبة ‪ ،‬التي استنشقت بهدوء‪ .‬تشبثت المرأتان ببعضهما ‪،‬‬
‫وتنهدت قمر ‪ " .‬لدي بعض التعبئة ألقوم به‪".‬‬

‫أومأت زعنفة برأسها ووقفت مع والدتها وهبة ‪ .‬أعطاهم إبريق ‪.‬‬

‫" هل تحتاج‪"-‬‬

‫" ال‪ .‬ال أستطيع تحمل الكثير‪ .‬ابق هنا‪".‬‬

‫دخلت غرفها بشعور من السريالية‪ .‬تقريبا كما لو كان حلما ‪ ،‬وكانت تنظر إلى هذه الصورة بازدراء ؛ مشاهدة امرأة‬
‫حزينة تضطر إلى ترك كل ما تعرفه وراءها‪ .‬وكأنها لم تكن حياتها اآلن‪ .‬ولكنه كان‪ .‬كانت تعلم أنه حقيقي ‪ ،‬وعرفت أنها‬
‫لم تحلم أبًد ا ‪ ،‬وكانت كوابيسها أسوأ من هذا‪ .‬عادة مات شخص ما‪.‬‬

‫االستيالء على مجموعة مالبس إضافية وبطانية منسوجة ؛ قامت بلفها وربطها‪ .‬ثم انتهت‪ .‬جالت عيناها فوق غرفتها‬
‫للمرة األخيرة ‪ ،‬وعادت إلى الغرفة الرئيسية‪.‬‬

‫نظر نصير ووالدتها وهبة إلى إبريق ‪ .‬نفخت قمر وعبرت ذراعيها‪ " .‬االحتفال بالفعل ؟" انها مازحت بسخرية‪ .‬عبس‬
‫الجميع‪ " .‬هيا يا رفاق ‪ ،‬تعلمون أنني سأكون بخير‪".‬‬

‫" نحن نعرف فقط ألنك تستطيع العودة عندما تكون مصاًبا بجروح خطيرة" ‪ ،‬غمغم هبة ‪ " .‬اآلن ‪ ،‬ال يمكنك‪".‬‬

‫هزت قمر كتفيها‪ .‬بدأت أشعة ذهبية تتالشى بعد أن كانت ترى من خالل تبادل الدخان‪ " .‬أعتقد أنني سأذهب‪ .‬أمشي معي‬
‫إلى قمة التل ؟ "‬

‫أجاب نصير " بالطبع" ووقف‪ .‬وقفت والدتها وهبة بعد ذلك‪ .‬هرعت المرأة المسنة إلى غرفها‪ .‬سقط قلبها على بطنها‬
‫وعلقت رأسها‪.‬‬

‫" األم ؟ هل ستأتي معنا ؟"‬

‫" أعطني القليل من الوقت قمر " ‪ ،‬أجابت المرأة األكبر سًن ا من غرفتها‪ " .‬تفضل‪ .‬سأكون هناك بعد قليل " ‪.‬‬

‫" هل تحتاج إلى مساعدة المستنير ؟" سأل هبة ‪.‬‬

‫" سيكون ذلك لطيًفا‪".‬‬

‫اختفت هبة في غرف النساء األكبر سنًا ‪ ،‬تاركة قمر وحدها مع نصير ‪ .‬أعطته ابتسامة ضعيفة ‪ ،‬فقط الفراغ ينعكس في‬
‫عينيها‪ " .‬يجب أن تذهب ‪ ،‬أليس كذلك ؟"‬

‫أومأ زعنفة فقط‪.‬‬

‫في صمت غادروا‪.‬‬


‫تمايلت حذائها على درب التراب ‪ ،‬حيث واصلت إلقاء نظرة جانبية على نصير ‪ ،‬التي كانت تسير بخطى حثيثة معها‪" .‬‬
‫أنا مندهش من أن الحكماء ال يريدون التأكد من أنني ذهبت هم أنفسهم ‪ ،‬هل تعلم ؟" كانت تتأمل‪.‬‬

‫" لقد اعتقدوا أنه سيكون أكثر إمتاًع ا لو كنت أنا الشخص الذي أودعك‪".‬‬

‫" لماذا ؟"‬

‫وتوقفت خطواته بجانبها‪ .‬أفرغ حلقه قبل أن يستأنف المشي مرة أخرى‪.‬‬

‫" إنهم يعتقدون أنني أحمل عاطفة واضحة تجاهك‪ .‬إنهم يأملون أن يختفي الولع عندما تختفي " ‪ .‬وأوضح نصير بهدوء‪.‬‬

‫حدقت قمر ‪ ،‬بعيًد ا عن نصير وفي األشجار أثناء سيرها عبر البرية إلى قمة التل‪.‬‬

‫فتنفست " حق مستحيل" ‪ .‬أملها في أن تبتلع الممرات قبل أن ينفجر من الداخل‪ .‬الحظت عالمة نصير المرتبطة بـ ‪.‬‬
‫وأضافت بسرعة " أعني ‪ ،‬نحن أفضل األصدقاء" ‪.‬‬

‫" إنه مستحيل" ‪ ،‬وافق نصير بشكل قاطع‪ " .‬ال شيء سيغير صداقتنا‪ .‬وال حتى هذا " ‪.‬‬

‫أومض الظالم في الشمس عندما وصلوا إلى قمة التل‪ .‬أمسك قمر يدي نصير بين يديها‪ " .‬اعتن بأمي وهبة ‪ .‬سوف تفعل‬
‫؟ قد ال يحتاجون إلى مساعدتك اآلن ‪ ،‬ولكن عندما‪" -‬‬

‫" أعدك‪".‬‬

‫هزت قمر رأسها‪ " .‬ماذا قلت لك ؟ ال تقدم وعوًد ا ال يمكنك الوفاء بها‪ .‬فقط ‪ " ...‬تنهدت‪ " .‬اعتني بهم ‪ ،‬بقدر ما تستطيع‬
‫القيام به‪".‬‬

‫" أعلم أنه يمكنني االحتفاظ بهذا ‪ "،‬غمغم نصير ‪ .‬هربت يديه عندما أشار إلى الخلف‪ " .‬والدتك وهبة هنا‪".‬‬

‫بمجرد أن استدارت ‪ ،‬قفزت هبة عليها وضغطت‪ .‬استنشقت الشقراء ‪ ،‬ولفت ذراعيها بإحكام قدر استطاعتها التعامل مع‬
‫جذع قمر ‪ .‬بعد بضع ثواٍن من عدم التنفس ‪ ،‬ابتعدت هبة عن العناق‪ " .‬كوني حذرة" ‪ ،‬قالت وهي تسلم زنبق نهر مجعد‪.‬‬

‫ابتسمت قمر بلطف‪ .‬أعانق المرأة الشقراء مرة أخرى‪ .‬قالت ‪ " ،‬سأبذل قصارى جهدي" ‪ ،‬ووضعت الزهرة في حزامها‪.‬‬
‫ثم تحولت عيناها إلى الفضة‪ .‬وآخر شخص توديع‪.‬‬

‫" أمي ‪ ،‬أنا‪"-‬‬

‫دفعت المرأة المسنة كومة من القماش بين ذراعيها‪ " .‬اعتاد أن يكون والدك قبل وفاته‪ .‬أوضحت المرأة المسنة‪ " :‬آمل أن‬
‫يحميك بشكل أفضل مما فعلته" ‪ .‬فتحت قمر الحزمة ووجدت سقيفة منحنية‪ .‬كان الغمد جلد أسود عادي ؛ كان المقبض‬
‫فضي المع‪ .‬كان حجر أبيض يتألأل في نهاية المقبض في ضوء القمر‪ " .‬أمي ‪ ،‬ال أستطيع‪"-‬‬

‫أدت نظرة أخيرة من والدتها إلى إسكات بقية احتجاجها‪ .‬استسلمت قمر بإيماءة‪ " .‬شكرا" ‪ ،‬تمتمت ‪ ،‬ووضعت الجلد في‬
‫حزامها‪ " .‬إنه‪"-‬‬

‫ابتلعتها حضن والدتها مرة أخرى‪ .‬عندما انغمس الدفء في سترتها البيضاء ‪ ،‬ابتعدت قمر ‪ ،‬وقاتلت الرغبة في البكاء مع‬
‫والدتها‪ .‬أقنعت المرأة األكبر سنًا بـ بابتسامة مهتزة‪ .‬وابتلعت بشدة‪ .‬تنظر إلى وجوه األشخاص الثالثة الذين أحبتهم‪" .‬‬
‫سأذهب اآلن‪".‬‬

‫سارت قمر إلى أقرب األشجار ‪ ،‬ونظرت من فوق كتفها‪ .‬أعطتها والدتها وهبة ابتساماتها المائية واألمواج‪ .‬هبطت‬
‫عيناها على نصير ‪ .‬لم يلوح‪ .‬بدال من ذلك ‪ ،‬اهتزت قبضته من الجانبين ‪ ،‬مع عبوس على وجهه‪ .‬احتوت عيناه على شيء‬
‫لم تستطع تسميته‪.‬‬
‫أومأت برأسها لثالثة منهم ‪ ،‬وداعتهم صامتة ‪ ،‬استدارت وسارت في األشجار‪ .‬تدفقت الحرارة على عمودها الفقري في‬
‫الليل البارد‪ .‬عندما نظرت من فوق كتفها مرة أخرى ‪ ،‬ذهب كل من أحبته‪ .‬ابتلعت الفراغ الجديد وسارت إلى األمام‪ .‬لم‬
‫تبذل جهًد ا لمسح الدموع من على وجهها وهي تبحث عن مكان للتخييم‪.‬‬

‫بعد إعادة والدة قمر إلى منزلها الفارغ ‪ ،‬جلست نصير على قمة التل‪ .‬حدق في خط الشجرة منتظرا‪ .‬كان يدور حوله‬
‫عندما كان يخلط خلفه شيء ما‪ .‬اجتمعت عيون النيلي مع العيون الزرقاء‪ " .‬اذهب ورائها أيها األحمق‪".‬‬

‫دون رد ‪ ،‬اندفعت الزعنفة في األشجار‪ .‬ترك هبة وحدها على قمة التل‪ .‬جلست على شاحنة الشجرة الساقطة‪.‬‬

‫تنهدت وهي تنظر إلى النجوم‪ " :‬حسًن ا أخيًر ا" ‪.‬‬

‫غردت الصراصير حولها عندما أشعلت النار أخيًر ا‪ .‬بتعب ‪ ،‬دحرجت قمر فراشها وأرحت ظهرها على الشجرة األكثر‬
‫راحة‪ .‬جلست جلودها غير المغطاة بشكل محرج في يدها ‪ ،‬حيث كان يجب أن يكون سيفها‪ .‬كان هناك ألم في صدرها ‪،‬‬
‫مع العلم أنها لم يكن لديها السيف الذي أعطته لها نصير ‪ .‬أو أي شيء يذكرها بها ولكن فقط الندوب الموجودة على‬
‫جسدها‪.‬‬

‫قامت قمر بمسح الغابة بال رحمة ‪ ،‬بحًث ا عن عيون بيضاء لتقفز عليها‪ .‬ضغط جزء منها من أجل نصب الفخاخ لمنحها‬
‫الثواني الحاسمة للدفاع‪ .‬لكن كاحلها أصيب بألم ‪ ،‬مما أخبرها أن تحريكها عليه أكثر من شأنه أن يسبب المزيد من‬
‫االنزعاج‪ .‬استرخت مع حرارة اللهب‪ .‬حتى كان هناك طقطقة من األشجار‪ .‬تاله آخر وآخر‪.‬‬

‫من خالل عينيها المغمورتين ‪ ،‬تمكنت من رؤية الظل أثناء تحركه نحو معسكرها‪ .‬غامر من الشجرة األولى ‪ ،‬وانقضت‪.‬‬

‫ألقت بظاللها على الشجرة وعلقتها بإحدى يديها ‪ ،‬ورفعت القشرة باليد األخرى‪ .‬ثبتت فوق اللحم المكشوف‪.‬‬

‫" إنني أفضل الدالء تقريًبا" ‪ ،‬هذا ما قاله نصير ‪ ،‬وعيناه النيليتان تتجهان نحو الخنجر عند رقبته‪ .‬جفلت قمر ‪ ،‬وسحبت‬
‫الفضة بعيدا‪ .‬غمدت الجلد‪ .‬ثم كفت ذقن نصير ‪ ،‬تميل في هذا االتجاه وذاك ‪ ،‬وهي تنظر إلى حلقه بحًث ا عن إصابات‪.‬‬

‫ارتجفت نصير تحت لمسها ‪ " ،‬أنا بخير" ‪ ،‬قال بصوت أجش‪.‬‬

‫هبت الحرارة من أنفاس نصير على وجهها ‪ ،‬وعندها فقط أدركت مدى قربهما من بعضهما البعض‪ .‬كان كل خيط من‬
‫جسدها ضده ‪ ،‬مما دفعه إلى شجرة خشنة‪ .‬ابتلعت ‪ ،‬وربت على خده ‪ ،‬ثم ابتعدت‪ .‬ظل إبهامها على شفته السفلية‪ .‬استنشق‬
‫الزعانف بشكل حاد‪ .‬قابلت عيناها‪.‬‬

‫شيء ما يحوم داخل تلك األعماق النيلية‪ .‬نفس الحرارة كما كانت في وقت سابق ‪ ،‬عندما غادرت‪ .‬عضت شفتها بينما‬
‫تتشابك قشعريرة على جلدها ‪ ،‬والدفء يتدفق عليها‪ .‬قامت قمر بتنظيف حلقها ‪ ،‬وثبتت عيناها على األرض تحت قدميها‪.‬‬
‫" ما الذي تفعله هنا ؟" سألت بقسوة‪ " .‬أال يجب أن تكون في الحداد ؟"‬

‫ضحك نصير وهو يرفع نفسه عن الشجرة‪ " .‬هذا يبدو مشابًها بشكل غامض ‪ ...‬ألم تقل لي ذلك مرة من قبل ؟"‬

‫تدحرجت قمر عينيها ‪ ،‬وألقت المزيد من النار على ألسنة اللهب‪ " .‬توقف عن التقصير ‪ ،‬واشرح ما تفعله هنا‪ .‬يمكنك‬
‫الدخول‪" -‬‬

‫قاطعته " قمر " نصير وابتسامة على وجهه‪ " .‬إذا تجرأت على قول المتاعب بعد كل ما حدث ‪ ،‬فسوف أضحك‪".‬‬

‫مشى إلى سريرها المهجور وجلس‪ " .‬لم أكن أعرف أبًد ا مقدار المشاكل التي سأواجهها حتى هذه الليلة‪".‬‬

‫" زعنفة ؟ ماذا تقول ؟" سألت في ذعر متزايد‪ " .‬هل انت بخير ؟ هبة ووالدتي ؟ هل هم‪"-‬‬

‫كان هناك قاطرة في يدها ‪ ،‬وتركت نصير تسحبها إلى أسفل إلى الفراش‪ " .‬كل شيء على ما يرام" ‪ ،‬طمأن بلطف‪" .‬‬
‫هبة أرسلني إلى هنا‪".‬‬

‫" لماذا هي تريد أن تفعل ذلك ؟ لماذا تستمع ؟ لقد تم نفي للتو من محاولة حماية القرية من الوحش وأنت تمشي في الغابة‬
‫كما لو كان نوًع ا ما‪" -‬‬
‫مبتسمة ‪ ،‬وضعت نصير إصبًع ا واحًد ا على شفتيها ‪ ،‬مما أسكتها في منتصف الصخب‪ " .‬هبة أرسلتني إلى هنا ألنها‬
‫كانت تعلم أنني لن أفعل‪ .‬من المحتمل أنها تعرف أنني سأندم على عدم وداعك كما ينبغي‪ .‬كما أردت " ‪.‬‬

‫تراجعت قمر ‪ .‬ساد عقلها االرتباك‪ " .‬ما زلت ال أفهم ‪ ...‬لم يكن ‪ ...‬اتفقنا على أن هذا لم يكن وداًع ا‪".‬‬

‫أومأ برأسه‪ " .‬نحن فعلنا‪ .‬لكن كالنا يعرف أنه ليس صحيًح ا " ‪.‬‬

‫" ما هو ليس كذلك ؟"‬

‫اعترف نصير ‪ " ،‬أنت وأنا لم نكن صديقين حميمين منذ عدة مرات" ‪ .‬دفعت يده خدها بحرارة‪ .‬رقصت أصابعه على‬
‫فكها‪ " .‬لقد كنت في حبك طوال هذا الوقت‪ .‬منذ أن وجدتك في الفرشاة‪ .‬حتى عندما رميت الدالء علي‪ .‬انا احبك‪".‬‬

‫سمحت لها أنفاسها مرتجفة‪ .‬دقات قلبها في صدرها‪ .‬كل ما كان عليها دفنه‪ .‬أجبرت نفسها على عدم الشعور‪ .‬كل الحب‬
‫الذي حبسته بعيدا ‪ ،‬تفكك‪.‬‬

‫همست بحنان‪ " :‬أنا أحبك" ‪.‬‬


‫كانت هناك حركة‪ .‬لم تكن تعرف من تحرك أوًال بعد أن أعاد اعترافها‪ .‬غطت شفاه الزعنفة‪ .‬رفرفت عيناها مغلقتين ‪،‬‬
‫حيث وجهتها نصير برفق إلى أسفل على السرير تحتها‪.‬‬
‫تحركت قمر عندما التواء معدتها‪ .‬كانت همهمة خفيفة من الفرح ‪ ،‬حيث اشتمت رائحة مألوفة في الهواء‪ .‬ابتسمت ابتسامة‬
‫عريضة عندما فتحت عينيها ‪ ،‬ووجدت وعاء من الحساء الذائب بالقرب من رأسها‪ .‬مزقت أغطيتها المنسوجة ‪ ،‬وأمسكت‬
‫بالوعاء وغامرت في الغرفة الرئيسية‪ .‬توقعت قمر أن ترى والدتها ‪ ،‬لكن لم يكن هناك أحد‪.‬‬

‫يقف في بابها‪ .‬التهمت الحساء المذاب في صمت‪ .‬عندما انتهت ‪ ،‬أمسكت سيفها وجلست على الطاولة‪ .‬جلست على‬
‫زابوتون وشحذ نصلها ‪ ،‬وهي تعلم أنها كانت مملة من كل الهجمات‪ .‬كانت قمر في منتصف شحذها عندما انفتح الباب‬
‫وانفلت والدتها من الداخل‪.‬‬

‫قالت المرأة األكبر سًن ا وهي تمشي بجوارها وهي تداعب تاج قمر ‪ " :‬كنت أتمنى أن يغريك الحساء الذائب باالستيقاظ" ‪.‬‬
‫" من الجيد أن أراك في النهاية مرة أخرى‪".‬‬

‫" يؤسفني أنني لم أعود إلى المنزل مؤخًر ا‪ .‬لقد كنت أقوم بدوريات "‬
‫قالت والدتها‪ " :‬لقد سمعت من القرويين" ‪ .‬توغلت أعمق في حجرة المنزل‪ " .‬من" جمال السيف " الذي يعيش في‬
‫الغابة‪ .‬يرسل الحكماء استدعاء كل يوم اآلن " ‪.‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬جمال ذو سيف" ‪ ،‬أليس كذلك ؟ هذا هو األول‪ .‬أفضل من مصل اللبن ‪ ،‬يتصلون بي دائًما " ‪.‬‬

‫" بصفتي والدتك ‪ ،‬أحب جمال السيف‪ .‬يجب أن تعتبرها مجاملة " ‪ .‬ثم سألت المرأة األكبر سنًا‪ " :‬متى عدت ؟" قبل أن‬
‫تختفي في غرفها‪.‬‬

‫" الليلة الماضية" ‪ ،‬اتصلت قمر عندما دخلت والدتها مرة أخرى في ثوب أسود طويل‪.‬‬

‫" إذن ربما لم تسمع‪ .‬توفي الحكماء األكبر‪ .‬سيتم إدخال نصير لين كأصغر الحكماء‪ .‬يجب أن تكون مستعًد ا " ‪.‬‬

‫" سمعت األخبار الليلة الماضية من الليلة الماضية‪ .‬وكما نعلم ‪ ،‬ال ُيسمح لي بالتواجد داخل القرية‪ .‬لكوني أنا ‪ ،‬ال أميل‬
‫إلى دعوتي إلى هذه األشياء‪ .‬إلى جانب ذلك ‪ ...‬ألم تنتهي للتو من إخباري أن الحكماء كانوا يحاولون استدعائي ؟ "‬

‫تنهدت والدتها وانضمت إليها على الطاولة‪ " .‬لقد فعلت ذلك ‪ ،‬لكن كونك أنت لم يمنعك أبًد ا من دخول القرية بأوامرك‪.‬‬
‫أعرف حقيقة أن هبة لم تكن تتجول في الغابة في الليل " ‪.‬‬

‫شم قمر ‪ " .‬أنت على حق‪ .‬لم تكن هبة في الغابة ‪ ...‬كنت في القرية‪ .‬لكنني لن أعود اآلن " ‪.‬‬

‫" أنت تعلم أن نصير لين يريدك هناك‪".‬‬


‫هزت كتفيها‪ .‬مع العلم أنه في ظل هذه الظروف ‪ ،‬كانت تشك بشدة في أن نصير يريدها هناك‪ .‬لم تذكر أي شيء عن‬
‫الوحش ‪ ،‬أو خطتها إلبالغ الحكماء بطريقة ما‪ .‬بدال من ذلك ‪ ،‬ابتسمت فقط ألمها‪.‬‬

‫" في الوقت الحالي ‪ ،‬ال أريد أن أبدأ نزاًع ا مع الحكماء‪ .‬فكر في األمر على أنه شخصية جديدة لبضع ساعات‪ .‬أو على‬
‫األقل ‪ ،‬حتى االجتماع تنتهي ألسنة اللهب ويتم إدخال نصير ‪" .‬‬

‫دوى دوي عاصفة في أنحاء القرية‪ .‬ردد قرن االستدعاء‪ .‬عرفت قمر ما كان عليه ورسمت حاجًبا على والدتها‪ " .‬هذا ما‬
‫ينادونه" ‪ ،‬قالت‪ " .‬يجب أن تذهب‪".‬‬

‫" ماذا ستفعل في هذه األثناء ؟"‬

‫ابتسمت قمر ‪ " .‬يمكنني القول أنني سأبقى هنا وأنام‪ .‬لكني أعتقد أن القيام بدوريات على الحدود فكرة أفضل " ‪.‬‬

‫" ألم تذكرني أن الحكماء يحاولون اآلن استدعائك كل يوم ؟ " المرأة األكبر سنًا مازحت بشكل مشكوك فيه‪ " .‬لن يعجبهم‬
‫ذلك‪".‬‬

‫" وما ال يعرفه حفنة من كبار السن ‪ ،‬لن يؤذيهم‪ .‬من المحتمل أنهم سيكونون مشغولين للغاية مع نصير اهتماًما كبيًر ا‪.‬‬
‫بالحديث عن نصير ‪ ،‬عندما تراه ‪ ،‬أعطه تعاطفي ‪ ،‬وأخبره أنني سأراه قريًبا " ‪.‬‬

‫أعطتها والدتها نظرة مدببة عندما بدأ بوق االستدعاء مرة أخرى‪ " .‬كن حذرا إذن‪".‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ .‬قالت بابتسامة عريضة‪ " :‬هذا هو السبب في أنني آخذ سيفي" ‪ .‬حشو نصلتها الحادة في الغمد‪ .‬سارت‬
‫قمر إلى المدخل وأبقته مفتوحة‪.‬‬

‫تذمرت والدتها عندما مرت عبر المدخل‪ " :‬أنت دائًما تأخذ سيفك" ‪.‬‬

‫ردت قمر ‪ ،‬متبعة والدتها في الخارج‪ " :‬إذن يجب أن أكون بأمان" ‪ " .‬وسوف تتأخر‪".‬‬

‫صاحت المرأة األكبر سًن ا‪ .‬بعد أن أغلقت قمر الباب الخشبي خلفها ‪ ،‬كانت األذرع محاطة بها‪ .‬تحركت يداها فوق‬
‫تموجات خشب الماهوجني ‪ ،‬مبتعدة عن وجهها‪ .‬تمتمت المرأة األكبر سًن ا‪ " :‬أنا سعيدة للغاية بعودتك إلى المنزل" ‪.‬‬

‫دوي البوق مرة أخرى‪.‬‬

‫تذمرت والدتها‪ " :‬أنا أكره هذا الشيء" ‪ .‬بضغطة أخيرة ‪ ،‬تم إطالق سراح قمر ‪ .‬شاهدت والدتها تتذمر على الطريق‬
‫المؤدي إلى القرية ‪ ،‬ثم اختفت بين األشجار‪.‬‬

‫كانت تنظف دماء الوحش من سيفها عندما اندلعت الهتافات في السماء‪ .‬باستخدام العديد من االختصارات الخاصة بها ‪،‬‬
‫تمكنت قمر من التسلل إلى القرية دون أن تكتشف‪ .‬تسللت إلى الحداد على أمل العثور على نصير ‪ .‬لكنها التقت بعيون‬
‫زرقاء دامعة‪.‬‬

‫" هبة ؟"‬

‫" قمر ؟"‬

‫انضمت إلى هبة على المنضدة الصغيرة بينما كانت الشقراء تفرك وجهها آثار الدموع‪ " .‬قمر " ‪ ،‬استنشق هبة ‪ " .‬ما‬
‫الذي تفعله هنا ؟"‬

‫" هذا ليس مهما" ‪ ،‬رفضت قمر ‪ ،‬ووضعت خططها الخاصة جانبا‪ " .‬هل ‪ ...‬أه ‪ ...‬تريد التحدث عن ذلك ؟"‬

‫هبة بحزن ‪ ،‬مسحت أنفها على قميصها‪ .‬لم تقل قمر كلمة بذيئة عن ذلك‪ .‬لقد انتظرت للتو‪.‬‬

‫بدأت بهدوء " بعد ‪. "-‬‬


‫كان على قمر أن تجهد أذنيها لتسمع الشقراء وهي تتحدث‪ " .‬اعتقدت أنني ال أستطيع أن أعيش ‪ ...‬لكن ‪ "...‬تراجعت‬
‫الشقراء ‪ ،‬وبدًال من أن تأتي الكلمات من حلقها‪ .‬أبقت قمر هبة بالقرب منها ‪ ،‬محاواًل فهم الكلمات النهمة من خالل‬
‫الدموع‪ " .‬كل شخص حولي يموت‪ .‬أردت حامد ومات‪ .‬أردت هذه الشتلة أكثر من أي شيء آخر وهو ‪" ...‬‬

‫" أنا ال أفهم ذلك!" بكت هبة فجأة‪ .‬رن الغضب في كلماتها وهي تتابع‪ " .‬تطفو بعض الشتالت السليمة تماًما ولكن غير‬
‫المرغوب فيها أسفل النهر ‪ ،‬ويفقد المنجم – وهو التذكير الوحيد بحبنا ‪ !-‬اردته! أنا في حاجة إليه! وتركني! الجميع‬
‫يتركني! "‬

‫دفنت هبة وجهها في يديها‪ .‬هزت تنهدات جسدها‪ .‬لم تقل قمر شيًئ ا‪ .‬كانت تفرك فقط دوائر مطمئنة على ظهر الشقراء‪.‬‬
‫فركت المرأة وجهها وتمتمت على قمر ‪ " .‬اآلن ‪ ،‬فهمت ما قصدته والدتي‪".‬‬

‫" ماذا تقصد ؟"‬

‫" يوم ترابطنا ‪ ،‬هل تعلم أن والدتي حاولت مرة أخيرة أن تعدني إلى األكل ‪ ،‬أليس كذلك ؟" سأل هبة ‪.‬‬

‫أومأت قمر برأسها‪ " .‬انا اتذكر‪".‬‬

‫" عندما رفضت مرة أخرى‪ .‬صرخت بعدي ‪ ،‬أيقظت القرية بأكملها التي كان بإمكانها سماعها‪ .‬ترن أصواتها أكثر فأكثر‬
‫منذ أن واجهت حامد النيران‪ .‬اعترفت هبة ‪ " :‬سوف يدمرك" ‪ .‬لقد كانت على حق‪ " .‬كانت محقة‪ .‬حامد دمر حياتي! في‬
‫كل مرة أفكر فيه ‪ ،‬أشعر بالغضب الشديد‪ .‬مثل لماذا لم يحاول بجهد أكبر ليعيش ؟ لماذا كان للموت ؟ لماذا تركني ؟‬
‫لماذا ؟!" ارتجفت القبضة في الطاولة‪.‬‬

‫مللت العيون الزرقاء بشدة في عينيها‪ .‬حطمت قمر النظرة التي ال تلين في خزي‪ .‬مع العلم أن هبة لن تجد الذنب إال في‬
‫أعماقها البنية‪ .‬تمتمت قمر بحذر ‪ " ،‬ال أعتقد أن أحًد ا يخطط لموتهم" ‪ ،‬وتناثرت المرارة من نبرة صوتها‪ " .‬كنت أعرفه‪.‬‬
‫لم يكن يريد الذهاب‪ .‬أراد أن يكون هنا معك‪ .‬والدتك ‪ ،‬إنها مجرد أ‪" -‬‬

‫" أريد أن أكرهه ‪ "،‬اعترفت هبة بصوت هامس‪.‬‬

‫قالت قمر بلطف‪ " :‬لكن ال يمكنك ذلك" ‪ " .‬مثلما ال أستطيع أن أجعله يعيش مرة أخرى ‪ ...‬حزن عليه ‪ ،‬افتقده ‪ ،‬لكن في‬
‫النهاية ستحتاج إلى‪"-‬‬

‫توقفت قمر مؤقًت ا‪ .‬تحرك رفرف الفراء جانبا‪ .‬التقت عيناها على وجه غير مألوف‪ .‬انتقل قبل أن تتمكن من االنفصال عن‬
‫هبة ؛ ما زالت يدها ترسم دوائر مطمئنة على ظهر الشقراء‪.‬‬

‫شهقت هبة ‪ ،‬اتسعت عيناها لمقابلة قمر ‪ .‬في الوقت نفسه ‪ ،‬وصل كالهما إلى أقدامهما‪ .‬خفق قلب قمر في قفصها‬
‫الصدري‪.‬‬

‫" تعال ‪ "،‬حثت هبة ‪ ،‬شد قمر من ذراعها‪ .‬تحرك رفرف الفراء مرة أخرى‪ .‬مشى رحلة حدودية غير مسمى و إلى‬
‫حداد ‪ ،‬بابتسامة مسننة‪.‬‬

‫" مرحبا وصمة عار ‪ "،‬استقبل ‪ .‬أومأ إليها ‪ " ،‬سلمي سيفك‪".‬‬

‫كان هناك إغراء للرد‪ .‬حكة للخدش‪ .‬مع العلم أنها يمكن أن تأخذ اثنين من ركاب الحدود وتبتعد‪ .‬لكنها فوق مقبض‬
‫النصل‪ .‬تلمس يداها بالسيف على وركها ‪ ،‬وفقدت الحزام البني حول وركيها‪ .‬أوقفتها يدا هبة ‪.‬‬

‫" ماذا تفعل ؟" تساءل الشقراء في همسة متواضعة‪ " .‬هناك اثنان منهم فقط ‪ ،‬وسوف يأخذونك إلى الحكماء ‪"...‬‬

‫أمسك قمر يدي هبة في يدها‪ " .‬أنا أرفعها‪ .‬صدقني‪".‬‬

‫أومأت هبة برأسها‪.‬‬

‫هبة رت عينيها في ‪ ،‬وتمكنت من نزع سيفها‪ " .‬هنا" ‪ ،‬قالت وهي ترمي النصل الُمغلف إلى هشام ‪ .‬هبطت على‬
‫األرض من قدميه‪ .‬انطلق متسابق الحدود الذي لم يذكر اسمه إلى األمام ‪ ،‬اللتقاطه من التراب‪ .‬تقوس قمر الحاجب في ‪.‬‬
‫" ردود أفعالك غير متوفرة‪ .‬هل تعرف ديالجين ؟ "‬
‫" هو ميت‪".‬‬

‫همهمت ‪ ،‬عبوس على وجهها‪ " .‬ال أستطيع أن أقول إنني مندهش‪ .‬لم أهتم به كثيًر ا بعد أن تركني في الغابة بيد مكسورة‪.‬‬
‫من هو القائد ؟ أو أيا كان اسمه اآلن ؟ "‬

‫" وية والولوج‪".‬‬

‫قمر همهمة مرة أخرى‪ " .‬آه‪ .‬هل قتلته للحصول على هذا المنصب ؟ "‬

‫ضاق هشام عينيه عليها‪ " .‬لقد فعلت ما كان سيفعله‪".‬‬

‫" لذا ‪ ،‬تركته هناك‪ .‬هل أصبح الوحش المزيد من الطعام اآلن ؟ "‬

‫هدير ‪ ،‬هيستس قليال‪ " .‬هذا يكفي منك وصمة عار ‪ "،‬سحب سيفه من غمده‪.‬‬

‫اومأت برأسها‪ " .‬أعتقد أن هذا هو المكان الذي تقتلني فيه بعد ذلك ‪ ،‬كما وعدت‪".‬‬

‫هز رأسه‪ " .‬ليس انا‪ .‬ليس االن‪ .‬يريدك الحكماء أن تفي باستدعائك‪ .‬أنا هنا ألخذك إلى هناك " ‪.‬‬

‫تميل رأسها ‪ ،‬متظاهرة بالنظر حولهم ومن خالل المدخل‪ " .‬أنت تدرك أن منزل ليس بعيًد ا عن هنا ‪ ،‬أليس كذلك ؟"‬

‫قال الرجل المجهول‪ " :‬نحن هنا للتأكد من أنك لن تهرب" ‪ " .‬إنهم ال يريدونك أن تهرب بعد كل هذا الوقت‪".‬‬

‫نظرت قمر إلى أسفل عندما لف شيء دافئ حول ذراعها‪ .‬نظرت إلى األعلى ‪ ،‬وقابلت عيون هبة الزرقاء المليئة بالقلق‪.‬‬
‫" هل يجب أن أذهب ألجد نصير ؟" همست‪.‬‬

‫هزت رأسها ‪ ،‬ابتعدت قمر عن هبة ‪ " .‬ال ‪ ،‬سأكون بخير‪ .‬كنت بحاجة إلى التحدث إلى الحكماء على أي حال " ‪.‬‬

‫مرة أخرى ‪ ،‬ثبتت يداها على ذراعها‪ " .‬هبة ؟"‬

‫" إرجع من فضلك‪ .‬ال أستطيع أن أخسر ‪...‬‬

‫أومأت قمر برأسها وهي ابتلعت الكتلة في حلقها‪ .‬لكنها لم تقل شيئا‪ .‬عرضت ال شيء‪ .‬وعدت بشيء‪ .‬تركت الحداد‬
‫وركاب الحدود خلفها‪ .‬تم إسكات القرويين القريبين‪ .‬حدقت عيون‪ .‬حدث شيء ما في الهواء ‪ ،‬تهرب قمر بسهولة‪ .‬غطت‬
‫ضحكاتها بالسعال عندما كان متسابق الحدود المجهول مغطى بالقذارة‪ .‬لحسن الحظ ‪ ،‬سيفها في يديه تجنب الفوضى‪.‬‬

‫على بعد خطوات قليلة ‪ ،‬وقفوا أمام منزل الحكماء‪ .‬حدقت قمر في المدخل الكبير‪ .‬غرق العرق سترتها ‪ ،‬وانزلق أسفل‬
‫ظهرها في قطرات‪.‬‬

‫حّث هشام ‪ " ،‬انطلق" ‪ .‬حدقت فوق كتفها عندما قام متسابق الحدود بطمسها في ظهرها‪.‬‬

‫" استرخ ‪ ،‬لن أذهب إلى أي مكان" ‪ ،‬قالت قمر ‪ .‬عندما قام هشام بطمسها في ظهرها مرة أخرى‬

You might also like