Professional Documents
Culture Documents
المنبوذة
المنبوذة
السكتة الدماغية
باعتبارها غير شرعية أو لقيط باسم أفضل ،وصمة عار.
تم رفض قمر من قريتها أمالور منذ طفولتها ،وتم منعها من االرتباط بأخرى ،والتدريب بالسالح ،والكتابة ،والتجول
بحرية في جميع أنحاء القرية .في الواقع ،األمر الوحيد المسموح لها بفعله هو إما الموت عن طريق الطفو أو قضاء
حياتها كخادمة صامتة للحكماء .كونها خادمة للرجال التسعة الذين يريدون موتها لم يكن أمًر ا مثالًيا ،ولكن لم يكن هناك
أي طريقة كانت تطأ قدمها بالقرب من هذا النهر مرة أخرى .لم يستطع حتى تنويرها تهدئة مخاوفها من اندفاع المياه.
إنها تتمرد بثبات وهي تكبر .قمر تقيم صداقات مخلصة قريبة مثل العائلة .معهم ،تتعلم كيف تتدرب وتجد الحب .لكن
حتى عائلتها ال تستطيع حمايتها من عواقب أفعالها .غيرتها خسارة فادحة واحدة وهي نقطة انطالق لقيادة حياتها إلى
أجزاء غير معروفة .بالتوافق مع الحلفاء غير المرغوب فيهم ،يجب أن تواجه قمر أعداء يجعلونها تتساءل عن هوية
الوحوش حًقا.
كانت القرية جالسة بين تلين كبيرين ،وتقع في عمق الوادي األخضر الخصب حيث كانت األشجار كثيرة .مرت مياه
النهر بسهولة على القرية من بحيرة الياقوت التي ال ُت حصى والتي كانت تقع على بعد يوم واحد فقط سيًر ا على األقدام.
بمجرد أن بدأت الشمس في الظهور فوق التل المجاور ،جلست امرأة شابة على العشب الندي على قمة التل .عيناها
الفضيتان ثبتتا الضوء المتنامي بوهج ساخن يكاد ينافس ضوء الشمس نفسها .بينما كانت أشعة الشمس تتدفق على خيوط
قرنفلها ،لم تكن على دراية بالرجل المبتسم الذي اقترب منها من الخلف.
قال ساخًر ا " :ال يمكنك التحديق في الشمس طوال اليوم" " .إنه أمر مروع لعينيك.
طارت يدها إلى صدرها في مفاجأة وهي تدور لمواجهة الرجل .جادلت قائلة " :يمكنني التحديق في الشمس مهما طالت
المدة التي أحبها يا ادهم ،ورؤية كيف ال أريد أن يبدأ هذا اليوم".
تنهد ادهم وأغلق المسافة بينهما .انضم إليها على العشب .بدأ " ناهد " ويده الخشنة تمسك بيدها " .أنا ال أريد هذا أيًض ا.
ال أريد أن أتركك لمدة ثالثة أيام .لكن ليس لدي خيار" .
تمتمت بهدوء " :أنت تفعل" .حدقت عيناها الفضيتان في عينيه الخماسيتين الداكنتين " .كان اليوم يوم ترابطنا .إنه ليس
اليوم الذي ستغادر فيه للقيام بدوريات على الحدود " .
نجا تنهد آخر متجهم من شفتيه " ،لقد أمضيت طوال الليل أتوسل إلى كل وايزمان .ال يمكنهم أن يجنوني .بتنويري ،هم
بحاجة إلى شخص قوي مثل عشرين رجًال ليقاتل كل من المغيرين و الوحش .لقد أعطوا كلمتهم أنه بمجرد أن أعود ،
سنكون مستعبدين " .
ابتسمت ناهد " .لذا يجب أن أقف عند قوس القرية في انتظارك ؟" تساءلت بإغاظة " .هل سيجمعوننا مًع ا هناك ؟"
ألقى ادهم رأسه للخلف ،وأطلق نباًح ا من الضحك " .ربما .على الرغم من أنك تعلم أن الحكماء مغرمون جًد ا بالطقوس
".
اومأت برأسها .ووافقت " نعم ،الحكماء يهتمون باألوامر" .تصادم مع شعرها أحمر الخدود الوردي الفاتح .أطلعت
عينيها عن ادهم وحدقت في الزهرة البيضاء وهي ترقص في الهواء البارد.
ابتسمت ادهم وقضمت وجهها برفق ،وهبة رت عينيها إليه .تمتم بهدوء " ،كما نعلم ،أنا لست شخًصا يتبع أوامر
الحكماء".
مع استمرار احمرار خدي ناهد ،جذبها ادهم لقبلة رقيقة .سقطت بصرهم عن بعضهم البعض بينما ترفرفت عيونهم.
بعد مرور الدهر ،ابتعدوا بقلق .تقابل العيون البنية الترابية بالفضة كما تحدث ادهم " .إذا كان لدينا المزيد من الوقت ،
لفعلت ذلك وأكثر ".ابتسم بتكلف عندما انتشر أحمر الخدود بسرعة على وجهها.
حذرت ناهد بغضب من " ادهم " ،على الرغم من أن عيناها تتوهج بالبهجة والسعادة " ،احتفظ بهذه األفكار لنفسك" .
" أعتقد أنك أول من فكر في األمر .لقد رأيته في عينيك في وقت سابق " .
سخرت ناهد ،مخفية ابتسامتها خلف يدها " .مهما رأيت ،تخيلت".
تساءل ادهم ،وهو يقوس حاجبه " ،إذن ،تخيلت أحمر الخدود الجميل على وجهك ؟" تم تتبع إبهامه بحذر شديد فوق
عظام وجنتيها اللتين تمّيزان بدّقة للتأكيد.
أومأت برأسها وهي ترفع يده بعيًد ا " .نعم .نعم أنت فعلت".
التقى شفاه العشاق مرة أخرى ،كما أزهرت الشمس بالكامل في السماء .بمجرد انفصالهما ،كان صوت بوق االستدعاء
ينتقل عبر القرية وإلى قمة التل .تنهدت التنهدات من شفاههم في انسجام تام " .أنا آسف ،ناهد " ،همس ادهم ،مستخدًما
مصطلحاته المحببة لها " .آسف حقا".
" أنا أعلم" ،همست على شفتي ادهم ،ثم قبلته برفق .انصهر ادهم على لمسها ،فجمع ناهد بين ذراعيه ،وجذب
حبيبته إلى ركبتيها .كانت إحدى يديها ممزوجة بشعرها المتموج ذي اللون الوردي بينما كانت األخرى تدور حول
خصرها .كان الخنجر المتدلي من حزامه مضغوًط ا في وركه بشكل غير مريح عندما احتضنت ذراعيها حول رقبته ،مما
دفعهما إلى االقتراب .تعمقت القبلة ،ولم يستطع ادهم أن يجد القوة لالبتعاد.
عبر الوادي ،تردد صدى بوق االستدعاء مرة أخرى .كسر ادهم القبلة " .هل تودعني عند القوس ؟" سأل وهو يرفع
ذراعي ناهد من حول رقبته " .أم هذا وداعي ؟"
وقف كما ردت ناهد " ،سوف أنضم إليك عند القوس .لكن من فضلك احصل على عدد القبالت قبل أن تصل إلى أعين
أخرى " .
ابتسم ادهم وأومأ " .بالطبع ،ناهد ".ثم أضاف " .هل تحتاج إلى مساعدة في الوقوف على قدميك ؟"
وقفت ناهد وهي ترفع عينيها برشاقة ،وكانت كل حركة سريعة وسهلة .قابلت عينيه ،مبتسمًة لحالة غموضه " .منذ
متى احتجت إلى مساعدتك ،ادهم ؟"
تساقط شعره البني على كتفيه في النسيم .لعق ادهم شفتيه ،معجبًا بصراحة بإطارها النحيل .أجاب بوجهه المحمر" :
أبًد ا" .
" هذا صحيح ".أومأت ناهد برأسها وهي تعمل على تقويم ثوبها األبيض " .اآلن ،يجب أن نوصلك إلى القوس قبل أن
يرسل الحكماء حفلة بحث".
أخذ يدها في يده ،ابتسم ادهم على نطاق واسع وهو يضايق " ،لن تكون هناك حاجة لحفلة صيد ألن منارة خيوط الورد
الخاصة بك ستمنحني".
أجاب ادهم " :لن يكون هناك مكان آخر أفضل أن أكون فيه" .ضغط على يدها برفق " .سيكون من الغريب أن تجدني
في مكان آخر".
يدا بيد ،ساروا على سفح التل المعشوشب المؤدي إلى أمالور " .متى اعتدت قول مثل هذه األشياء ؟" سأل ناهد ،
مبتسما في ادهم .
شمها وهو يرفعها بسهولة عن األرض وفوق جذع شجرة ساقط " .أال تعلمون أننا نحن الرجال نتقيد بمثل هذه األشياء ؟
كل ليلة ،هناك درس جديد حول كيفية إرضاء امرأتك " .
تركت دقات الضحك حلقها وهي تنبعث من اللمعان " .حسًن ا ،قدم شكري لمن علمك هذا الدرس".
قبل أن يعبر العشاق إلى آثار أملور األولى ،تراجع ادهم ،خلف شجرة بلوط ،وانتزع ناهد معه .في حماية الشجرة ،
كانت ذراعيه ملفوفتين حول خصرها ،وانحنى لتقبيله .شفتاه على شفتيها بلمسات خفيفة من الريش " .أعتقد أنك قد
شكرتني بالفعل" ،غمغم باستخفاف .ثم ختم أفواههم مًعا.
دفعت ناهد صدر ادهم ،وكسرت القبلة .نظرت بقلق من حولهم .ألقت محاضرة متواضعة " :ما كان يجب عليك فعل
ذلك" " .ماذا لو رأى أحدهم ؟ سنمنع من السندات " .
بإصبع واحد ،يميل ادهم نظرة ناهد القلقة نحوه برفق " .لم يره أحد .ال أحد في الجوار .عالوة على ذلك ،اعتقدت أننا
قررنا في وقت سابق ما الذي كنا نفكر فيه بالضبط في أوامر الحكماء " .نقر شفتيها بقبلة مسروقة قبل أن يواصل" .
الطلبات ،وجدت ،سخيفة إلى حد ما .لقد انتظرت مرور أحدهم ألخذك بين ذراعي ،ولن أنتظر آخر " .
" ولكن يمكنك االنتظار ثالثة أيام ؟" تمتمت بال حول وال قوة ضد هجوم ادهم .ثم أضافت بصوت مكتوم عندما التقت
شفاههما مرة أخرى " .ماذا تقصد" نحن " ؟
ردت بابتسامة " :أنا ال أتحدث مع التمرد ،يا حبيبي" " .هذا النوع من األشياء للغزاة".
انطلق بوق االستدعاء من خالل امالور .كان الضجيج أعلى ،وأكثر إلحاًح ا اآلن بعد أن أصبحوا أقرب إلى القرية.
اختفى رد ادهم داخل المضرب عندما ابتعد عن ناهد على مضض .تنهد بشدة ،وأمسك يديها بداخله ،وابتعدوا عن غطاء
شجرة البلوط.
غبار تراب أسمر على صندلهم وهم يسيرون في الصف الخارجي من بيوتهم المتناثرة ،التي كانت جدرانها األربعة
مصنوعة من جلود الحيوانات التي تهب في الريح الباردة .اقترب أفراد المنزل من بعضهم البعض عندما ساروا إلى
أعماق القرية .وسرعان ما انضم إليهم براعم الضاحكة وآباؤهم عندما غامروا بالدخول إلى القوس في مجموعة لتوديع
ركاب الحدود .تومض عينا ناهد إلى الزوج المترابط ،اللذين كانا يقوال وداًع ا بأفعالهما بدًال من الكلمات .ضغطت على
يد ادهم وأمالت رأسها نحو الزوج.
ابتسم ادهم عندما رآهم .أعاد العاطفة بضغطة يد خاصة به ،جنًبا إلى جنب مع غمزة بنية ترابية .غطت ناهد ضحكها
بالسعال وأملت أن تلوم الريح على أحمر الخدود على خديها .في النهاية ،تجمع المزيد والمزيد من القرويين حولهم عندما
دخلوا أخيًر ا إلى المنتدى.
توقف الباعة في أماكن البيع وانضموا إلى المتجمعين أثناء سيرهم عبر الدائرة إلى الطريق األكبر المؤدي إلى مدخل
أملور .عند المدخل ،عاليا فوق رؤوسهم ،التقت شجرتان أبيضتان من جانبي الطريق المتعاكسين .عبر ممرات ال حصر
لها ،تشابكت الشجرة مًع ا لتشكل قوًس ا أخضر.
تحت األشجار المتشابكة ،وقف تسعة رجال أكبر سنًا يرتدون سترات طويلة بيضاء وبنية وأرجوانية .توقفت ناهد
وادهم عندما تم منح كل من الحكماء مقاليد رجل أسمر وأصمت الحشد الذي يقف خلفهما .رن بوق االستدعاء ثالث مرات
أخرى من صبي يقف تحت الممر .ثم بدأ الحكماء في استدعاء كل متسابق على الحدود إلى األمام لحضور حفل الوداع.
واحًد ا تلو اآلخر ،سار متسابق على الحدود إلى األمام .أنزل الرجال إلى ركبة واحدة ،ليباركهم الحكماء التسعة .غبار
الملح على أكتافهم ،لذا فإن كل خطوة يخطوها حول أملور تم تطهيرها من الشر .تصطف المياه على جباههم إلبعاد
مخاوف الموت عن أذهانهم.
وقف ركاب الحدود عندما انتهى الحكماء ،وتدافع أحد أفراد أسرته من كل متسابق حدودي إلى األمام ،وسلم لكل رجل
زنبق النهر البنفسجي ،لتذكيرهم بالعودة إلى ديارهم .عندما قبلوا الفكرة األخيرة لحفل الوداع ،كان الحكيم يسلمهم مقاليد
بنيهم.
جفلت ناهد عندما سقطت يد ادهم من يدها عندما تم استدعاؤه إلى األمام .راقبت الرجل الموعود به وهو يسقط على ركبة
واحدة ويتبارك من قبل كل حكيم .كان هناك شد صغير على فستانها األبيض .ابتعدت عن مشاهدة الحفل ،ومضت
نظرتها إلى الصبي الذي فجر بوق االستدعاء .كان القرن الجلدي المتصلب مفقوًد ا من يديه ،وكان مكانه زنبق نهر
بنفسجي .قدمها لها بصمت.
بيد مرتعشة ،قطفت الزهرة من قبضة الصبي الصغير .ابتسمت له بامتنان لكنها لم تصل إلى عينيها .غافًال ،ابتعد
الصبي واندفع بعيًد ا .تبعت ناهد الصبي حتى الحظت أن كل العيون تتجه نحوها .فجأة نمت زنبق النهر الخفيف في يدها.
باستجداء ،تقدمت إلى األمام .افترق عنها الحشد في رهبة وهي تبث تنويرها ،هالة رشيقة لها منذ وقت والدتها .وجهت
عيناها الفضيتان جبين ادهم أوًال ،وقد صرف انتباهه عن انعكاس الماء في الشمس الذهبية .توهج اإلعجاب من عيون
ادهم الداكنة عندما قبل زنبق النهر من يدها.
كان يغمز بشكل هزلي عندما تالمس أطراف أصابعهما مًع ا .ابتسمت بجدية وابتعدت .مرة أخرى داخل القرويين
اآلخرين ،سلم وايزمان األخير زمام ادهم إلى رجله البني .هبت رياح سوداء على الحفل ،مرسلة براعم اإلحساس
بفساتين أمهاتهم .وقفت ناهد مجمدة في الضباب المظلم حتى همس ادهم في أذنها.
كل كلمة طاردت ببطء الشك المزعج في عقلها ؛ أن اليوم سيكون آخر يوم تنظر فيه إلى وجه ادهم .قبل أذنها برفق ،
وركض طرف إصبعها القاسي على فكها .سرعان ما تحولت السماء الرمادية فوق رؤوسهم إلى اللون األزرق ،مما أجبر
ادهم على العودة مرة أخرى تحت قوس الخضرة .سلم متسابق آخر زمام األمور إلى رجله البني.
مع الخوف في قلبها ،راقبت حبيبها وهو يركض على رجله البني وهو يركض بعيًد ا ،جنًبا إلى جنب مع الدراجين
الثمانية اآلخرين على طول الطريق الترابي .قبل أن تعرف حتى ما كانت تفعله ،ركضت إليهم.
استدار جسده الرياضي على رجله البني وهي ترفع يديها على فمها ،وهي تصرخ " ،سأنتظرك تحت القوس!"
ابتسمت ناهد عندما تردد صدى لحاء ادهم عليها ،جنًبا إلى جنب مع غضب الفارس اآلخر .توقفت على الطريق عندما
اختفى الدراجون حول المنعطف العشبي الضخم .استقر الغبار الجاف مثل الرهبة في قلبها .استدارت ناهد حولها ،وهي
تهمهم إلى نفسها وهي عائدة إلى القرية.
كانت القرية جالسة بين تلين كبيرين ،وتقع في عمق الوادي األخضر الخصب حيث كانت األشجار كثيرة .مرت مياه
النهر بسهولة على القرية من بحيرة الياقوت التي ال ُت حصى والتي كانت تقع على بعد يوم واحد فقط سيًر ا على األقدام.
بمجرد أن بدأت الشمس في الظهور فوق التل المجاور ،جلست امرأة شابة على العشب الندي على قمة التل .عيناها
الفضيتان ثبتتا الضوء المتنامي بوهج ساخن يكاد ينافس ضوء الشمس نفسها .بينما كانت أشعة الشمس تتدفق على خيوط
قرنفلها ،لم تكن على دراية بالرجل المبتسم الذي اقترب منها من الخلف.
قال ساخًر ا " :ال يمكنك التحديق في الشمس طوال اليوم" " .إنه أمر مروع لعينيك.
طارت يدها إلى صدرها في مفاجأة وهي تدور لمواجهة الرجل .جادلت قائلة " :يمكنني التحديق في الشمس مهما طالت
المدة التي أحبها يا ادهم ،ورؤية كيف ال أريد أن يبدأ هذا اليوم".
تنهد ادهم وأغلق المسافة بينهما .انضم إليها على العشب .بدأ " ناهد " ويده الخشنة تمسك بيدها " .أنا ال أريد هذا أيًض ا.
ال أريد أن أتركك لمدة ثالثة أيام .لكن ليس لدي خيار" .
تمتمت بهدوء " :أنت تفعل" .حدقت عيناها الفضيتان في عينيه الخماسيتين الداكنتين " .كان اليوم يوم ترابطنا .إنه ليس
اليوم الذي ستغادر فيه للقيام بدوريات على الحدود " .
نجا تنهد آخر متجهم من شفتيه " ،لقد أمضيت طوال الليل أتوسل إلى كل وايزمان .ال يمكنهم أن يجنوني .بتنويري ،هم
بحاجة إلى شخص قوي مثل عشرين رجًال ليقاتل كل من المغيرين و الوحش .لقد أعطوا كلمتهم أنه بمجرد أن أعود ،
سنكون مستعبدين " .
ابتسمت ناهد " .لذا يجب أن أقف عند قوس القرية في انتظارك ؟" تساءلت بإغاظة " .هل سيجمعوننا مًع ا هناك ؟"
ألقى ادهم رأسه للخلف ،وأطلق نباًح ا من الضحك " .ربما .على الرغم من أنك تعلم أن الحكماء مغرمون جًد ا بالطقوس
".
اومأت برأسها .ووافقت " نعم ،الحكماء يهتمون باألوامر" .تصادم مع شعرها أحمر الخدود الوردي الفاتح .أطلعت
عينيها عن ادهم وحدقت في الزهرة البيضاء وهي ترقص في الهواء البارد.
ابتسمت ادهم وقضمت وجهها برفق ،وهبة رت عينيها إليه .تمتم بهدوء " ،كما نعلم ،أنا لست شخًصا يتبع أوامر
الحكماء".
مع استمرار احمرار خدي ناهد ،جذبها ادهم لقبلة رقيقة .سقطت بصرهم عن بعضهم البعض بينما ترفرفت عيونهم.
بعد مرور الدهر ،ابتعدوا بقلق .تقابل العيون البنية الترابية بالفضة كما تحدث ادهم " .إذا كان لدينا المزيد من الوقت ،
لفعلت ذلك وأكثر ".ابتسم بتكلف عندما انتشر أحمر الخدود بسرعة على وجهها.
حذرت ناهد بغضب من " ادهم " ،على الرغم من أن عيناها تتوهج بالبهجة والسعادة " ،احتفظ بهذه األفكار لنفسك" .
" أعتقد أنك أول من فكر في األمر .لقد رأيته في عينيك في وقت سابق " .
سخرت ناهد ،مخفية ابتسامتها خلف يدها " .مهما رأيت ،تخيلت".
تساءل ادهم ،وهو يقوس حاجبه " ،إذن ،تخيلت أحمر الخدود الجميل على وجهك ؟" تم تتبع إبهامه بحذر شديد فوق
عظام وجنتيها اللتين تمّيزان بدّقة للتأكيد.
أومأت برأسها وهي ترفع يده بعيًد ا " .نعم .نعم أنت فعلت".
التقى شفاه العشاق مرة أخرى ،كما أزهرت الشمس بالكامل في السماء .بمجرد انفصالهما ،كان صوت بوق االستدعاء
ينتقل عبر القرية وإلى قمة التل .تنهدت التنهدات من شفاههم في انسجام تام " .أنا آسف ،ناهد " ،همس ادهم ،مستخدًما
مصطلحاته المحببة لها " .آسف حقا".
" أنا أعلم" ،همست على شفتي ادهم ،ثم قبلته برفق .انصهر ادهم على لمسها ،فجمع ناهد بين ذراعيه ،وجذب
حبيبته إلى ركبتيها .كانت إحدى يديها ممزوجة بشعرها المتموج ذي اللون الوردي بينما كانت األخرى تدور حول
خصرها .كان الخنجر المتدلي من حزامه مضغوًط ا في وركه بشكل غير مريح عندما احتضنت ذراعيها حول رقبته ،مما
دفعهما إلى االقتراب .تعمقت القبلة ،ولم يستطع ادهم أن يجد القوة لالبتعاد.
عبر الوادي ،تردد صدى بوق االستدعاء مرة أخرى .كسر ادهم القبلة " .هل تودعني عند القوس ؟" سأل وهو يرفع
ذراعي ناهد من حول رقبته " .أم هذا وداعي ؟"
وقف كما ردت ناهد " ،سوف أنضم إليك عند القوس .لكن من فضلك احصل على عدد القبالت قبل أن تصل إلى أعين
أخرى " .
ابتسم ادهم وأومأ " .بالطبع ،ناهد ".ثم أضاف " .هل تحتاج إلى مساعدة في الوقوف على قدميك ؟"
وقفت ناهد وهي ترفع عينيها برشاقة ،وكانت كل حركة سريعة وسهلة .قابلت عينيه ،مبتسمًة لحالة غموضه " .منذ متى
احتجت إلى مساعدتك ،ادهم ؟"
تساقط شعره البني على كتفيه في النسيم .لعق ادهم شفتيه ،معجبًا بصراحة بإطارها النحيل .أجاب بوجهه المحمر" :
أبًد ا" .
" هذا صحيح ".أومأت ناهد برأسها وهي تعمل على تقويم ثوبها األبيض " .اآلن ،يجب أن نوصلك إلى القوس قبل أن
يرسل الحكماء حفلة بحث".
أخذ يدها في يده ،ابتسم ادهم على نطاق واسع وهو يضايق " ،لن تكون هناك حاجة لحفلة صيد ألن منارة خيوط الورد
الخاصة بك ستمنحني".
أجاب ادهم " :لن يكون هناك مكان آخر أفضل أن أكون فيه" .ضغط على يدها برفق " .سيكون من الغريب أن تجدني
في مكان آخر".
يدا بيد ،ساروا على سفح التل المعشوشب المؤدي إلى أمالور " .متى اعتدت قول مثل هذه األشياء ؟" سأل ناهد ،
مبتسما في ادهم .
شمها وهو يرفعها بسهولة عن األرض وفوق جذع شجرة ساقط " .أال تعلمون أننا نحن الرجال نتقيد بمثل هذه األشياء ؟
كل ليلة ،هناك درس جديد حول كيفية إرضاء امرأتك " .
تركت دقات الضحك حلقها وهي تنبعث من اللمعان " .حسًن ا ،قدم شكري لمن علمك هذا الدرس".
قبل أن يعبر العشاق إلى آثار أملور األولى ،تراجع ادهم ،خلف شجرة بلوط ،وانتزع ناهد معه .في حماية الشجرة ،
كانت ذراعيه ملفوفتين حول خصرها ،وانحنى لتقبيله .شفتاه على شفتيها بلمسات خفيفة من الريش " .أعتقد أنك قد
شكرتني بالفعل" ،غمغم باستخفاف .ثم ختم أفواههم مًعا.
دفعت ناهد صدر ادهم ،وكسرت القبلة .نظرت بقلق من حولهم .ألقت محاضرة متواضعة " :ما كان يجب عليك فعل
ذلك" " .ماذا لو رأى أحدهم ؟ سنمنع من السندات " .
بإصبع واحد ،يميل ادهم نظرة ناهد القلقة نحوه برفق " .لم يره أحد .ال أحد في الجوار .عالوة على ذلك ،اعتقدت أننا
قررنا في وقت سابق ما الذي كنا نفكر فيه بالضبط في أوامر الحكماء " .نقر شفتيها بقبلة مسروقة قبل أن يواصل" .
الطلبات ،وجدت ،سخيفة إلى حد ما .لقد انتظرت مرور أحدهم ألخذك بين ذراعي ،ولن أنتظر آخر " .
" ولكن يمكنك االنتظار ثالثة أيام ؟" تمتمت بال حول وال قوة ضد هجوم ادهم .ثم أضافت بصوت مكتوم عندما التقت
شفاههما مرة أخرى " .ماذا تقصد" نحن " ؟
ردت بابتسامة " :أنا ال أتحدث مع التمرد ،يا حبيبي" " .هذا النوع من األشياء للغزاة".
انطلق بوق االستدعاء من خالل امالور .كان الضجيج أعلى ،وأكثر إلحاًح ا اآلن بعد أن أصبحوا أقرب إلى القرية.
اختفى رد ادهم داخل المضرب عندما ابتعد عن ناهد على مضض .تنهد بشدة ،وأمسك يديها بداخله ،وابتعدوا عن غطاء
شجرة البلوط.
غبار تراب أسمر على صندلهم وهم يسيرون في الصف الخارجي من بيوتهم المتناثرة ،التي كانت جدرانها األربعة
مصنوعة من جلود الحيوانات التي تهب في الريح الباردة .اقترب أفراد المنزل من بعضهم البعض عندما ساروا إلى
أعماق القرية .وسرعان ما انضم إليهم براعم الضاحكة وآباؤهم عندما غامروا بالدخول إلى القوس في مجموعة لتوديع
ركاب الحدود .تومض عينا ناهد إلى الزوج المترابط ،اللذين كانا يقوال وداًع ا بأفعالهما بدًال من الكلمات .ضغطت على
يد ادهم وأمالت رأسها نحو الزوج.
ابتسم ادهم عندما رآهم .أعاد العاطفة بضغطة يد خاصة به ،جنًبا إلى جنب مع غمزة بنية ترابية .غطت ناهد ضحكها
بالسعال وأملت أن تلوم الريح على أحمر الخدود على خديها .في النهاية ،تجمع المزيد والمزيد من القرويين حولهم عندما
دخلوا أخيًر ا إلى المنتدى.
توقف الباعة في أماكن البيع وانضموا إلى المتجمعين أثناء سيرهم عبر الدائرة إلى الطريق األكبر المؤدي إلى مدخل
أملور .عند المدخل ،عاليا فوق رؤوسهم ،التقت شجرتان أبيضتان من جانبي الطريق المتعاكسين .عبر ممرات ال حصر
لها ،تشابكت الشجرة مًع ا لتشكل قوًس ا أخضر.
تحت األشجار المتشابكة ،وقف تسعة رجال أكبر سنًا يرتدون سترات طويلة بيضاء وبنية وأرجوانية .توقفت ناهد
وادهم عندما تم منح كل من الحكماء مقاليد رجل أسمر وأصمت الحشد الذي يقف خلفهما .رن بوق االستدعاء ثالث مرات
أخرى من صبي يقف تحت الممر .ثم بدأ الحكماء في استدعاء كل متسابق على الحدود إلى األمام لحضور حفل الوداع.
واحًد ا تلو اآلخر ،سار متسابق على الحدود إلى األمام .أنزل الرجال إلى ركبة واحدة ،ليباركهم الحكماء التسعة .غبار
الملح على أكتافهم ،لذا فإن كل خطوة يخطوها حول أملور تم تطهيرها من الشر .تصطف المياه على جباههم إلبعاد
مخاوف الموت عن أذهانهم.
وقف ركاب الحدود عندما انتهى الحكماء ،وتدافع أحد أفراد أسرته من كل متسابق حدودي إلى األمام ،وسلم لكل رجل
زنبق النهر البنفسجي ،لتذكيرهم بالعودة إلى ديارهم .عندما قبلوا الفكرة األخيرة لحفل الوداع ،كان الحكيم يسلمهم مقاليد
بنيهم.
جفلت ناهد عندما سقطت يد ادهم من يدها عندما تم استدعاؤه إلى األمام .راقبت الرجل الموعود به وهو يسقط على
ركبة واحدة ويتبارك من قبل كل حكيم .كان هناك شد صغير على فستانها األبيض .ابتعدت عن مشاهدة الحفل ،ومضت
نظرتها إلى الصبي الذي فجر بوق االستدعاء .كان القرن الجلدي المتصلب مفقوًد ا من يديه ،وكان مكانه زنبق نهر
بنفسجي .قدمها لها بصمت.
بيد مرتعشة ،قطفت الزهرة من قبضة الصبي الصغير .ابتسمت له بامتنان لكنها لم تصل إلى عينيها .غافًال ،ابتعد
الصبي واندفع بعيًد ا .تبعت ناهد الصبي حتى الحظت أن كل العيون تتجه نحوها .فجأة نمت زنبق النهر الخفيف في يدها.
باستجداء ،تقدمت إلى األمام .افترق عنها الحشد في رهبة وهي تبث تنويرها ،هالة رشيقة لها منذ وقت والدتها .وجهت
عيناها الفضيتان جبين ادهم أوًال ،وقد صرف انتباهه عن انعكاس الماء في الشمس الذهبية .توهج اإلعجاب من عيون
ادهم الداكنة عندما قبل زنبق النهر من يدها.
كان يغمز بشكل هزلي عندما تالمس أطراف أصابعهما مًع ا .ابتسمت بجدية وابتعدت .مرة أخرى داخل القرويين
اآلخرين ،سلم وايزمان األخير زمام ادهم إلى رجله البني .هبت رياح سوداء على الحفل ،مرسلة براعم اإلحساس
بفساتين أمهاتهم .وقفت ناهد مجمدة في الضباب المظلم حتى همس ادهم في أذنها.
كل كلمة طاردت ببطء الشك المزعج في عقلها ؛ أن اليوم سيكون آخر يوم تنظر فيه إلى وجه ادهم .قبل أذنها برفق ،
وركض طرف إصبعها القاسي على فكها .سرعان ما تحولت السماء الرمادية فوق رؤوسهم إلى اللون األزرق ،مما أجبر
ادهم على العودة مرة أخرى تحت قوس الخضرة .سلم متسابق آخر زمام األمور إلى رجله البني.
مع الخوف في قلبها ،راقبت حبيبها وهو يركض على رجله البني وهو يركض بعيًد ا ،جنًبا إلى جنب مع الدراجين
الثمانية اآلخرين على طول الطريق الترابي .قبل أن تعرف حتى ما كانت تفعله ،ركضت إليهم.
استدار جسده الرياضي على رجله البني وهي ترفع يديها على فمها ،وهي تصرخ " ،سأنتظرك تحت القوس!"
ابتسمت ناهد عندما تردد صدى لحاء ادهم عليها ،جنًبا إلى جنب مع غضب الفارس اآلخر .توقفت على الطريق عندما
اختفى الدراجون حول المنعطف العشبي الضخم .استقر الغبار الجاف مثل الرهبة في قلبها .استدارت ناهد حولها ،وهي
تهمهم إلى نفسها وهي عائدة إلى القرية.
وفجأة ،اخترقت أغنيتها صرخة حادة بينما انغلقت عيناها مع الصبي الصغير من الحفل .كانت قريبة بما يكفي لرؤية
الخوف الواضح في عينيه الخضرتين الواسعتين وهو يشير من فوق كتفها .اهتزت األرض بقوة تحت قدميها .ألقت بنفسها
في األوساخ ،فاتتها بفارق ضئيل المخلب األسود الذي كان يضغط عليها من الخلف لحظات فقط حيث كان رأسها .من
أسفل المخلوق العمالق ،راقبت بخوف الزأر الوحش بشراسة.
مدها إليها المخلوق األسود المتقشر مرة أخرى بمخلبه الكبير .نزل الدم من الزوائد المهددة وهو يسحب لها .التصق
الغبار السمراء بها وهي تتدحرج .صرخ الوحش العمالق فوقها .وداس عليها بعزم .محاولة غرق قدمها المخلبية في
معدتها .وانتقلت صرخات هريد في الهواء من القرية وهي تتدحرج مرة أخرى .جعل خوفها ساقيها ثقيلتين كالحجر بينما
أطلق الوحش صرخة إحباط .ثم غرقت إلى أربعة أطراف ،مثل السحلية.
زحفت إليها وابتسامة عريضة على وجهها .تدافعت إلى الوراء ،وشقت طريقها إلى الجانب العشبي من الطريق ،على
أمل الوصول إلى النهر .تحركت أطراف أصابعها على اللون األخضر قبل أن يلتصق شيء حول كاحلها ،مما يدفعها
للخلف .صرخت ناهد احتجاًج ا ،وقفلت أظافرها في التراب .زمجر الوحش في اإلثارة.
بدأت األوساخ التي تحتها في االهتزاز مرة أخرى حيث انطلق الصوت المألوف للرجل البني نحو القرية .قفز األمل
عندما انطلقت صيحات المعركة في الهواء .كان هناك إزاحة من رأسها واخترقت الوحش في رأسها .على قدم مهتزة ،
وقفت بابتسامة مرتاحة مع اقتراب الرجل البني .سرعان ما اختفى ارتياحها عندما تم تلوين الرجل الذي يقترب باللون
األسود في ضوء الشمس ،وليس البني .أي أمل أنها ماتت .لقد عرفت من الهجمات المختلفة كبرعم ،إذا لم تدمر
الوحوش المتوحشة وتذبح القرية بأكملها كما يفعل المغيرون .لن يتبقى أي شيء .سيتم أخذ أي امرأة أو طفل على قيد
الحياة ،ولن يعودوا مرة أخرى أبًد ا.
كانت ناهد تتجول في الضفة العشبية ،متجنبة زوًج ا من األذرع غير المألوفة التي تحاول البحث عنها بينما كان
المغيرون المتعددين يمرون بها .خرج الهواء من رئتيها في نوبة سعال وهي تتدحرج على الضفة إلى النهر .كان الماء
البارد يتدفق فوقها مثل الحجاب ،وينقع شعرها الطويل على وجهها .سقطت قطرات من ثوبها المبلل وهي واقفة .هذا
عندما الحظت النيران.
تعثر الرماد والحرارة والدخان في الهواء مع احتراق أملور .من النهر ،حدقت عيناها الفضية في قوس الخضرة الذي
تغمره النيران .ابتهجت صيحات القرية عندما اقتحم المغيرون رجالهم السوداء .اظلم الدخان في السماء من االنتشار.
تعثرت قدميها إلى األمام على صخرة األساس الملساء المتناثرة على طريق النهر بينما كانت تتدفق نحو القرى.
وتصاعد الدخان المتصاعد من حرق أملور والصرخات متوسلين النجدة دخلت السماء الفارغة .أمامها ،كان هناك دفقة
صغيرة ،تليها أخرى أكبر بكثير .شاهدت ناهد نفس الصبي من السابق وهو ينطلق إلى السطح مع لهث االختناق .مهاجم
فجر السطح بضع دقائق خلف الصبي .اقترب الرجل القذر من الصبي المطمئن بينما استمر البرعم في السعال .انعكست
الفضة القرمزية الملوثة ببراعة في الشمس عندما سدد المهاجم الضربة القاتلة.
دون ذرة من التردد أو الشك ،غرست يدها في الماء البارد وسحبت حفنة من الحجارة .تماًما كما سمعت صوت النبتة
المخيفة ،قبل أن يتمكن المهاجم من إنهاء حياة البرعم ،رميت ناهد الحجارة الخادعة وصرخت.
" هنا!"
انحنى الصبي إلى أسفل بينما ارتفعت الحجر فوقه ،واندفع إلى المهاجم خلفه .أقسم الرجل بشدة عندما اصطدمت عينه
بحجر محظوظ .كان المهاجم ينزف من اإلصابة ،فحدق فيها من خالل عينه المثقوبة .عرفت أنها ماتت .بشكل مخيف ،
تناثر البرعم تجاهها.
" ال!" بكت ناهد ،غير راغبة في الحكم على الصبي حتى الموت .لوحت بيديها بعيًد ا ،مشيرة إلى األشجار " .اذهب
لالختباء في الغابة! أنا سوف أجدك!"
أومأ شعره األحمر ،مؤمًن ا بوعدها الفارغ .تبعته بأعينها وهو يتسلق التلة العشبية ويختفي بين األشجار .تحولت ناهد
بعد فوات األوان عندما شعرت بالبقع على جلدها .قبل أن تدرك ذلك ،أغلقت يدان كبيرتان حول حلقها ،وألقوها تحت
األمواج .هبط ظهرها بشكل مؤلم على القاعدة الصخرية الملساء ،ومن تحت المياه الزرقاء ،استطاعت أن ترى بريًقا
ممتًع ا في عينيه وهو يمسكها تحتها.
لقد خدشت ذراعيه الممتلئة بأصابعها النحيلة .خدش أظافرها على جلده السميك .المع شيء فوق الماء ،وعلق على
خصر المهاجم وتعرفت عليه على الفور .تلمع خنجر حبيبها في ضوء الشمس .بسرعة ،أمسكت به وقادت الجلد إلى
العمق .تدفقت الحرارة الحمراء من أمعائه ،وتساقطت في الماء ،مما جعل بصرها قرمزي غامق .حررت النصل
الصغير عندما اختفى اللمعان اللطيف في عيني المهاجم .مع آخر جزء من قوتها ،رفعت ناهد يديها الكبيرة من رقبتها ثم
اخترقت السطح.
كان هناك حرق في صدرها من قلة الهواء .تشبثت المفاصل البيضاء حول سماء ادهم بينما كانت تقف فوق المهاجم
الراحل .انجرفت مالبسه الممزقة في الماء ،متخلفة عن األنهار األرجوانية أسفل التيار.
" من اين حصلت على هذا ؟" صرخت .تتمايل رسالتها بشراسة وهي تهتز برقبة ادهم على وجهه الخالي.
فقط الفراغ األبدي أجاب من عيون غائمة .كانت عواطفها تتمايل في بطنها حيث كان الخوف والقلق يمر في عقلها .أبقى
ثقل الجلد لها األرض .كانت بحاجة إلى العثور على حبيبها ،سواء كان حيًا أو ميتًا .تخلت ناهد عن القرية التي خلفها ،
وانطلقت عبر التيار ،وشّقت طريقها نحو المنعطف.
اختطفت الفرشاة بشكل ينذر بالسوء وأمسكت بالخنجر بقوة أكبر " .يظهر!" أمر بتهديد " .لن أتردد .لقد قتلت مهاجًما
واحًد ا بالفعل " .
فتوسل الصبي " :أرجوك ال" .أطل الشعر النحاسي من أقرب فرشاة خضراء .نظرت عيناه العسليتان بعصبية إلى الجلد
في يدها.
ناهد على الفور خفضت الميدالية الفضية .قالت بهدوء " :لن أؤذيك" " .تذكرنى ؟ أخبرتك أن تهرب من المهاجم .ما هو
اسمك ؟"
اندفعت عيناه بسرعة في اتجاهات متفرقة ،ثم أومأ برأسه ببطء " .لقد رحل ؟"
أجابت " :هذا هو" .جلست ناهد على األرض ،محدقة بالصبي في عينيه " .ولكن يمكن أن يكون هناك العديد من
اآلخرين –" شرحت بصدق " .يجب أن نختبئ بعيدا .أو شق طريقنا إلى أقرب قرية كيرين " .
أومأ الولد مرة أخرى برأسه وابتعد عن الغابة ليلتصق بثوبها المبلل " .هل سيكون إيماك وبابا هناك ؟" تساءل.
حدقت عيون خضراء في وجهها بأمل واضح .لقد عضت على شفتها .كان هناك الكثير من الموت ،الكثير من القتل
إلخبار الصبي بحقيقة مصير والدته وأبيه .إذا لم يصلهم الوحش ،فإن احتمالية موتهم من قبل المغيرين كانت عالية.
وبصدفة ما ،فقد نجا كال من أعداء القرية ؛ كانت هناك فرصة لقتلهم في النيران .لم تكن تريد أن تكون من يقتل أمله.
على أمل تغيير الموضوع بعيًد ا عن والديه ،كررت " ،ما اسمك ؟"
ابتسمت ناهد " ،مرحبا سناء .ماذا لو نبقى في النهر ونحن نذهب إلى كيرين ؟ يبدو السفر أكثر أماًن ا " .
عبروا بحذر شديد فوق الصخور الزلقة وهي تأوه في الخارج .تمتمت " :من فضلك" " .اتصل بي ناهد .أنا أكره هذا
العنوان " .
" أخبرني بابا وإيماك دائًما أنه يجب علي مخاطبة أي شخص متنور على هذا النحو .قال سناء " ،إنه أمر صادر عن
الحكماء" .
" نعم "،وافقت ناهد ببطء " ،لكن "...تراجعت بينما تومض وجه ادهم في عقلها .تجمدت خطىها ،وخزت شفتيها
وهي تتذكر قبالتهم المسروقة السابقة وحديثهم عن األوامر.
كان هناك شّد آخر على فستانها كما سألها سناء " ،المستنيرة ؟ هل انت بخير ؟"
أومأت برأسها بخفة ،وهزت رأسها خالية من أفكار ادهم " .أنا بخير "...بدأت ناهد بالرد ثم اقترب رعد التصفيق من
ورائها .لفت عيناها الفضيتان نظرة غزال سناء الخفيفة .غطت العشب الترابي ثم سحبت الصبي المجمد لالنضمام إليها.
همست " إخفاء" وحبست أنفاسها عندما تباطأ التصفيق المدوي.
" لماذا توقفت ؟" هدير خارج مهاجم مجهول إلى الثاني .تحدث االرتباك كما رد الرجل الثاني " .اعتقدت أنني رأيت
شيًئ ا ما".
حملت ناهد الخنجر بالقرب منها ،في انتظار هجوم قادم " .تعال يا رجل ،لم يكن هناك شيء" ،اشتكى المهاجم
األول ،منزعًج ا بشكل واضح من الرجل اآلخر " .اآلخرون ينتظرون منا أن نعطي اإلشارة حتى نتمكن من إعادة
العروض إلى أبهى صورها".
تنهد المهاجم " ،أنت على حق" .ومع شهيق عميق ،انطلق الصوت المألوف لبوق االستدعاء في الهواء .دفعت ناهد
سناء إلى عمق األرض عندما بدأ الصبي الصغير يشم.
همست على وجه السرعة في أذنه بينما دقت ضربة أخرى من بوق االستدعاء " :يجب أن تكون هادًئ ا يا سناء " .أومأ
سناء ،وشد شفتيه مًع ا لكتم صوت أنين آخر .اقترب المزيد من الرعد ،وضغطت ناهد بالقرب من العشب .ركض
رجال السود من أملور متجهين نحوهم .قامت بسحب البرعم الصغير بالقرب من خنق أي أصوات قد تخرج من حلقه.
اندمج المغيران مع بقية القطيع وهم يركضون بجوارهم .راقبت ناهد بعناية بينما كان كل رجل أسود ينقل بعض بضائع
القرية .تم تكديس الفراء والمالبس والمواد الغذائية عاليًا على كل سرج .انحرفت شفتيها عن خط رفيع وهي تسمع
أصوات بكاء مكتوم ،لكنها لم تكن من سناء بجانبها .تم تعليق العديد من النساء فوق رجال أسود ،وشعر طويل يلوح في
الهواء أثناء حملهن بعيًد ا .استحوذت على سماء أكثر إحكاًما ،حيث قام أحد المهاجمين بتهدئة جائزته الجديدة بصفعة
كدمات على ظهرها.
كانت عيناها تحترقان بينما كان آخر رجل أسود ينظر إلى المشهد ،يتحرك ببطء أكثر من البقية .كانت عربة خشبية تجر
خلف هذا الوحش ذو األربع أرجل .تم إخفاء المحتويات بعيًد ا عن طريق جبل الفراء الرمادي الموجود عليها .عندما أزال
المهاجم الذي يجر العربة من قبلهم ،أعطاها الدم المتساقط على التراب بعض البصيرة .لم تكن المحتويات شيًئ ا لتعرفه
بشكل أوضح .تابعت المغيرين حتى اختفوا حول المنعطف .دقات القلب في وقت الحق ،لم يكن هناك دليل على هجوم
على الرغم من قريتهم في حالة خراب.
" دعونا نذهب يا سناء " .كيرين تنتظرنا "،همست وهي تبتعد عن األرض .أومأ الصبي فقط بهدوء ،مذكرا إياها
بالموت على وجه المهاجم .هي فهمت .أخيًر ا ،وضع سناء القطع مًع ا في عقل الشاب .لقد فهمت حداد البرعم ،وعندما
تكون وحدها ،كانت ستحزن أيًض ا .لم يكن من المفترض أن يتمكن أي رجل غير ُمنور من نزع سالح ادهم بسهولة ،
لكن لم ُيظهر المهاجم أي إصابات .كان موت عشيقها هو التفسير الوحيد.
عن طريق السماء المظلمة ،كانوا يقتربون من ضواحي كيرين المخفية .أو باألحرى كانت تأمل .لم تكن كريسا خارج
مدينة أملور من قبل .كانت تعرف قريتهم المجاورة فقط من خالل البضائع التي ينقلونها عن طريق ضوء النجوم ووفرة
الدخان المتصاعد من األشجار البعيدة .نظرت فوق رأسها بالضجر .تحدق في عينيها المتعبة من خالل األشجار الحمراء
التي تعلو فوقها مثل الحصن ،وتحجب الضوء الباهت من خالل القبة الخضراء .شخير سناء في أذنها .انهار منذ فترة
طويلة من اإلرهاق وأذاب جسده الثقيل على ظهرها.
أصبحت عيناها ثقيلتين بينما كانتا تتأرجحان بشكل إيقاعي إلى األمام أسفل الدرب الموحل .أبقى عزمها الضبابي على
االستمرار ؛ احتاجت أن تأخذهم بأمان إلى كيرين .استيقظت ناهد من النوم عندما اقترب منها الرعد الهادر .لقد لوحت
على الفور بالحماية.
حملت ألسنة اللهب البرتقالية الصغيرة خالل منتصف الليل وعبر الغابة المتسعة .توهجت الفضة على النار عندما توقف
خمسة رجال .ترجل العديد من الدراجين ،ثم ساعدوا الدراجين اآلخرين على الطريق .تراجعت للخلف ،وجلبت الطفل
النائم عن األنظار بينما سار خمسة أشخاص نحوها .تم تعليق الجلد أمامها ،إلبالغ الناس بصمت أنها لن تعارض الدفاع
عنهم.
" هل أتيت من أملور ؟" شكك بصوت بال جسد .كانت النغمة منخفضة لكنها أنثوية بشكل ملحوظ من الظالل التي
أمامك .سارت إحدى الحرائق ببطء نحوهما ،وكشف الضوء المتوهج عن امرأة قوية البنية بشيب دائم في شعرها.
أنزلت ناهد خصلة الجلد إلى جانبها بينما أومأت برأسها " .نحن .تمكنت أنا وهذا الصبي من الفرار .ال أعرف كم نجا
من اآلخرين .هل أنت من كيرين ؟ "
أجابت المرأة وهي تشير لآلخرين من خلفها " :نحن" .ابتسمت بلطف ،وكشفت عن أسنانها الشيخوخة وشد التجاعيد في
زوايا فمها " .أنت محظوظ جًد ا أن مخفرنا رأيتك وأبلغتنا".
أضاء وجه المرأة المسنة مستمتعا بكلماتها .هربت ضحكات مكتومة ناعمة من جانبها " .أفترض أنك لن تفعل ذلك.
مخفرنا كان مقتنًعا تماًما بأنك ميت على قدميك .اإلرهاق ،إلى جانب يوم مرعب مررت به ،لم يكن مخطًئ ا حًقا .نحن
نريد أو نحب"-
أنهت المرأة المسنة " -لنقدم لك الطعام والمأوى حتى تستريح" .ثم أومأت بابتسامة.
" بالطبع ".أشارت بيدها إلى األربعة اآلخرين خلفها .بدون شك ،تم إحضار بدة للمرأة المسنة .الشعر القصير يلمع
بالنحاس في الضوء .بغض النظر عن اسم " الرجل البني" ،كان للخيول عرف أشعث كريمي بين أذنين كبيرتين وأسفل
منحدر رقبته.
أومأت ناهد برأسها " .شكرا لك .سنكون في دينك " .
تقدم شخصان .كشف ضوء النار وجوههم .انتزع رجل الصبي النائم بلطف من ظهرها وسلمه إلى األنثى السمراء .أثناء
نومه ،تعلق سناء على الفور بالمرأة المجهولة ثم مشوا إلى رجل أسمر .عندما رفع الرجل المستنير الزوج على الرجل
البني بسهولة ،تحدثت المرأة المسنة.
أجابت ناهد " ال أصدق ذلك" وتنهدت المرأة المسنة بحزن " .ممتاز .هل تقولين ؟ "
" سيعيش مع زوجين مرتبطين لم يتمكنوا من التزاوج .هل هذا مقبول ؟ "
صرحت ناهد ببرود إذا بدا أن أي عضو على قيد الحياة يطالب به ،فلن يكون مديًن ا ألي شخص " .لن يضطر إلى
تسوية ديونه".
فوجئت الشابة عندما ضحكت السيدة األكبر سنا " .لن أدين طفًال أبًد ا .إنهم أبرياء للغاية من مثل هذه األعباء " .
بينما فتحت ناهد فمها للتساؤل عن مديونيتها ،تابعت المرأة األكبر سًن ا " ،لن تكوني مدينة لي .في الواقع ،أنا ال أؤمن
بهذه الفكرة السخيفة " .
" بياجيه ،ال تدع الحكماء يسمعونك تقول ذلك "،حذر نفس الرجل الذي أخذ سناء من ظهرها .لقد أكسبه تحذيره
شخيًر ا غير مألوف من بياجيه.
" سمعتني يا فتى .مفاهيم سخيفة " ،كررت مع تلويح بيدها .سارت إلى رجلها البني ،وقادت ناهد بجوار الشعلة
النارية " .اآلن دعونا نعيد هذا البرعم والسيدة الشابة إلى كيرين .وجور " ....
استدار الرجل نحو بياجيه .تلمعت عيناه البنيتان باللون الكهرماني على ألسنة اللهب بينما سلمه بياجيه الشعلة " ،نعم ؟"
اقترحت المرأة األكبر سًن ا " ،ربما يكون إضافة المزيد من البؤر االستيطانية في األشجار أمًر ا مثالًيا" .ضاقت فمه
الرقيق كما أومأ جور " .سأتحدث مع الحكماء".
سرج جور سريًع ا على الرجل البني ثم نظر إلى ناهد بشكل متوقع .قدم لها يده " .واحدة مضيئة ثقافيا ؟"
ومضات من أذرع غير مألوفة تشحن في عقلها .وألم رقبتها من التعب ألنها تتذكر ثقل يدي المهاجم القتلى حول رقبتها
الشاحبة .حتى يديها ارتفعت درجة حرارتهما من الدم الذي أراق عندما دفعت خنجر ادهم بداخله .ابتلعت ناهد ولفت
ذراعيها حول نفسها .بجانبها ،ضغطت بياجيه برفق على ذراعها.
ابتسمت بياجيه وأومأ جور برأسه باقتضاب قبل أن يركضوا بعيًد ا " :لقد ركبت معي على ذراعي السمراء" .أطل
األخضر المتأللئ من خالل عيون مغمورة .حّث بياجيه على ذلك قائًال " :تعال يا عزيزي" " .الرجل البني الخاص بي
هنا".
بصمت ،راقبت ناهد برهبة المرأة الشجاعة تتسلق فوق سطحها البني بنفس سرعة جور .ثم رفعت بياجيه يدها النحيلة
والناضجة إلى أسفل لمساعدتها على النهوض .لكن ناهد ترددت.
ابتسم بياجيه بصمت .تغير الهواء المحيط بالمرأة المتمرسة إلى شيء ليس من الرهبة ،ولكن من الراحة والتفاهم .هذا
الفهم أشرق من خالل عينيها ،من خالل الظالم .عندها فقط أخذت ناهد اليد المعروضة.
مر شهران منذ أن وجدهما بعض فرسان كيرين وبياجيه .كانت المرأة األكبر سًن ا وفية لكالمها ،ولم تكن تحمل أي ديون
لناهد أو سناء بينما أعاد رجال من كيرين بناء أملور .عندما لم يتقدم أي عضو على قيد الحياة من أجله ،ذهب سناء
عن طيب خاطر مع الزوجين المستعبدين إلى قرية أخرى ،بعيًد ا عن كيرين ،تارًك ا قرية الغابة وراءه.
كانت أيامها مع بياجيه ممتعة .كان بياجيه فضواًل مثيًر ا لالهتمام لعدم امتالك شخصية أمومية كبرعم أبًد ا .أمضت المرأة
األكبر سًن ا وقًت ا في تعليم ناهد كيفية الطهي في منزل على الشجرة.
كانت منازل ،المعروفة باسم ،محاطة باألشجار ،مع العديد من الدرجات التي تقود حول الشاحنة في دوامة .أخافتها
فكرة الطهي داخل شجرة الخشب األحمر بأكثر من طريقة .لم تكن لديها حاجة أو رغبة في حرق منزل بياجيه ،وليس
بعد كرم المرأة .لذلك تغيرت دروسهم .كانت بياجيه تعلمها كيفية الحياكة على نول كبير عندما بدأ المرض.
كانت بياجيه بجانبها ،ممسكة بأمواج قرنفلها جانًبا ألنها كانت تلقي بالمرض في األشجار كل صباح ومساء .المرأة
األكبر سًن ا ال تشكو وال تهتم عندما تنام ناهد نصف النهار ؛ كانت تبتسم فقط.
مر شهر آخر عندما شعرت ناهد بتحسن واستأنفوا دروسهم في النسيج .دون أن تتكلم ،ألقت المرأة األكبر سًن ا المزيد
من البطانيات المنسوجة في فراش سريرها .بدأوا في إضافة المزيد من اللحوم إلى وجباتهم .في إحدى األمسيات ،عندما
سلمتها بياجيه طبًق ا من اللحم مع المزيد من اللحوم ،هل أدركت ما كان يحدث.
استنشقت نفًس ا حهبة ،وتحولت عيناها الفضيتان المتسعتان إلى المرأة التي أصبحت مثل والدتها في وقت قصير .أومأت
بياجيه باقتضاب بينما ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجهها .كانت رعشة رأس بياجيه القصيرة أقل من التأكيد الذي
اكتشفته .تحطمت موجات الهواء داخل وخارج رئتيها حيث شعرت بيد قوية تستقر على رأسها.
أومأت ناهد ثم بكت .ال تعلم ما إذا كانت تبكي بسبب معجزة نبت شتلة في بطنها أو بسبب الحياة التي سيفوتها حبيبها.
مر أسبوع بعد أن اكتشفت أنها كانت تعيش مع نبتة .انضمت ناهد إلى بياجيه في نول النسيج وجلست على الزابوتون
بجانب المرأة األكبر سًن ا .راقبت األصابع الرشيقة المسنة تمزج الصوف األحمر في النقش لتتحول إلى .
هزت ناهد رأسها مبتسمة " .لقد تخليت عن تصحيحك ".أجابت ،ثم سألت " ،ما الذي يدور في ذهنك بياجيه ؟ أنت
عادة فقط تفسد كل ما تفكر فيه " .
تراجعت بياجيه وهي تنقر على لسانها " .ال يوجد تصحيح لي .تنوير واحد هو لقبك المناسب .اآلن ،يجب أن تفهم ماذا
أقول .أعني عدم اإلساءة ،ولكن فقط تقديم المشورة " .
" تابع".
" ما هي خططك مع الشتالت ؟ أنت على علم بأوامر وايزمان ؛ كالهما في أملور وكرين " .
ردت ناهد بمرارة " :إنني على علم بأوامر الحكماء ألولئك الذين ولدوا من الترابط" .
تنهد بياجيه باستخفاف وضغط إلى األمام " .إذن سوف تطفو ؟ أو احتفظ بها ؟ "
ظهرت الفضة بينما كانت ناهد تتألق في بياجيه " .لن أطفو شتالتي في النهر حتى وفاته .همهمة المرأة األكبر سنا.
صرح بياجيه بشكل قاطع " :إن الطفو ليس خيارك كما يختاره الكثيرون" .
دفعت النبرة الحجرية في صوت بياجيه ناهد لتسأل " ،بياجيه ،هل"-
قاطعه بياجيه " هذه قصة لوقت آخر" " .ترك إلى خيارك األخير ،يجب أن ترتبط بآخر لمنع نبتتك من الحياة المحكوم
عليها .أنت تعلم أن الحكماء ال يهتمون بالخطوط األبوية طالما أن البذرة تولد داخل زوج مرتبط " .
ردت ناهد وهي تضع يديها سترتها البيضاء التي أخفت بطنها تحتها " .أخبرني بياجيه ،ما الرجل الذي يريد هذه الشتلة
عندما أخبرته الحًقا أن هذا البرعم ليس له ،ولكنه رجل وضعته أمامه ؟"
أجاب بياجيه " سمعتني أنا المستنير" " .ال تخبره .أي رجل في امالور و سيتخلى عن يده اليمنى ليضع معك ليلة.
أتساءل ما الذي سيعطونه غير ذلك لكي يتم ربطهم بك " .
توقفت بياجيه في نسجها ووقفت .سارت المرأة األكبر سًن ا إلى الموقد الحجري وألقت بعض العصي على النيران.
طاردت البرودة المتزايدة بعيدا .عادت بياجيه إلى عملها .كانت أصابعها متشابكة بشدة في عمود النسيج وهي تتحدث.
" ما السخف في هذا األمر ؟" شكك بياجيه " .أنت شاب ،رائع ،وبتنويرك ،أنت مرغوب للغاية .لقد سحرت (جور)
منذ أن قطعنا طريقك .سيقبل بسهولة االرتباط بك " .
عند ذكر رجل آخر ،ألم قلبها حيث امتأل حب ادهم ذات مرة .لقد فقدت ادهم منذ شهرين فقط ،ولم يكن وقًت ا كافًيا تقريًبا
للحزن عليه أو حتى التفكير في إعطاء قلبها لرجل آخر .تمتم بياجيه " ،ليس عليك أن تحب هذا الرجل القادم" ،كما لو
أن المرأة األكبر سًن ا يمكنها قراءة أفكارها " .إنه لحماية نبتتك".
تومض عقلها البني الداكن الخمري ،وكذلك ذكرياتهم مًع ا .هزت ناهد رأسها بعنف " .أنا-
" ال تستطيع ؟" زودت بياجيه بتنهيدة خفيفة " .ال يهم .اآلن اقترب أكثر حتى نتمكن من مواصلة دروسنا .سوف تحتاج
إلى طريقة إلبقائها دافئة " .
أجاب بياجيه " الشتلة" " .ستحتاج إلى البطانيات والمالبس" .
تحركت بياجيه برأسها وهي تنسج " .أنا آسف على جدتك ،المستنيرة .لكن مرض الشتالت هو لكل شتلة .ليس األوالد
فقط .فقط انتظر ،تلك الشتلة التي تحملها ستولد مع ألمع النجوم " .
حدقت ناهد في بياجيه ،معجبة بالشعر المستقيم الذي يتدفق على أكتاف المرأة المسنة " .هل أنت متأكد أنك لست
مستنيًر ا بنفسك ؟ بشعرك ،يمكنك أن تنعم ببركة تنوير الحكمة " .
ابتسمت بياجيه قائلة " :شعري ليس سوى عالمة على أنني خائفة من تقدمي في السن" " .لكن شكرا لك".
" هناك شائعات عن المتنبئين عبر البحر ،ربما أنت واحد منهم ؟"
ابتسمت ابتسامة عريضة مرحة كما لو أنها تريد أن تقول شيًئ ا يقع على طرف لسانها .بدال من ذلك ،هزت بياجيه
رأسها " .أنا لست من النوع .أنا مجرد امرأة عجوز شهدت العديد من الممرات تأتي وتذهب .العودة إلى الدرس الخاص
بك" .
حركت ناهد زابوتون عن قرب وهي تراقب بياجيه .ازدهرت السماء السوداء فوقهم ،وبحلول ذلك الوقت ،كانت ناهد
تصنع كوريرها الخاص على نول النسيج القديم.
مرت األشهر الباردة فوقها ،تاركًة أشجاًر ا ذابلة وأراضًيا متجمدة .مع ظهور األشهر الممطرة ،نمت حالة الشتالت لديها
وبإصرار بياجيه ،عاشت في منزل صغير على األرض لتجنب الساللم .هزت ناهد بسعادة وهي تعمل على نمط بياجيه
على نول النسيج من أعلى الشجرة بينما كانت المرأة األكبر سنًا بعيدة.
في وقت مبكر من صباح ذلك اليوم ،أعلنت بياجيه أنها ستبحث عن أي ظهور مبكر للتوت بابتسامة .سرعان ما قامت
أصابعها بلف الصوف األسود في النموذج عندما صرير الباب الخشبي في اإلطار " .بياجيه ؟" استجوبت ناهد مبتسمة.
" هل تحتاج إلى مساعدة لفتح الباب مرة أخرى ؟"
دفع جور الباب مفتوًح ا ،واندفع إلى الشجرة العلوية .عيناه البنيتان تتطابقان مع بشرته الداكنة .وخلفه كان يسير نحوها
جديلة طويلة داكنة " .المستنير ،لقد حدث شيء ما .بياجيه مع المعالج " .
رفعت يديها ،وأشارت إلى جور " .مساعدة لي ".أمسك الفارس على الفور بيديها وساعدها على قدميها .لقد أمسكت
بطنها وهي تتجول خلف جور إلى منزل المعالج .ببطء ،قادها جور صعود الساللم الحلزونية " .ماذا حدث ؟" سألت
بلهفة وهي تتسلق الدرجات القليلة الماضية.
عندما وصلت إلى الخطوة األخيرة ،تنفست بصعوبة .استراحت على منصة خشبية مسطحة .استقرت يدها على بطنها ،
وطمأنت الشتلة بركلها من الداخل إلى الخارج .تومضت عينا جور البنيتان ،ثم عادت إلى عينيها .سبح حزن واضح في
عينيه الغامضتين .ذهبت ناهد لفتح الباب عندما أثقل ثقل لطيف على كتفها النحيف.
ابتسمت ناهد وهي تنظر من فوق كتفها ،ولم تصل إلى عينيها تماًما .تمتمت " :شكرًا ألنك وجدتني" .أومأ جور برأسه
مرة ،ثم حدق بشوق لبضع دقائق .بمجرد أن تومض عيناه على بطنها ،نزل السلم صامًت ا .راقبته ناهد وهو يذهب حتى
اختفى .ثم فتحت الباب ودخلت إلى غرفة المعالج.
كانت رائحة الزهور المهدئة تتطاير في الهواء وهي تغلق الباب خلفها .في ،كان هناك ثالث أسّر ة مع ستائر بيضاء
منفصلة للخصوصية .وجدت ناهد على الفور أن بياجيه هو الشخص الوحيد الذي يستلقي على سرير .توافدت على
سريرها وأمسكت بيدها .شاهدت عيناها الفضيتان أن المعالج لم يتحرك أبًد ا من معالجة الكدمات القاسية عبر جذع بياجيه.
" بياجيه ؟" تساءلت بحذر شديد " .أيمكنك سماعي ؟"
" قد ال أكون قادًر ا على تحريك ساقي ،لكنني لست مستنيًر ا أصًما" ،هذا ما قاله بياجيه .انبسط شعرها الرمادي على
الوسادة وهي تلتفت إللقاء نظرة على ناهد " .رغم ذلك ،أنا سعيد ألنك هنا".
" انت وقعت ؟ ليس على الدرج كما آمل " .
سخرت المرأة األكبر سًن ا " ،ال داعي لتكرار ذلك .أنا غاضب من نفسي بسبب ذلك وال ،لم أسقط من الدرج .المسارات
هنا – كما تعلم – ليست مستقرة خالل األشهر الممطرة .كنت مفرط الثقة ،وانزلقت .كانت األوساخ رخوة بما يكفي
إلنزال األشجار معي .سقط أحدهم فوقي " .
" نزيف من الداخل .أوضح المعالج من الجانب اآلخر لبياجيه " ال يمكن إيقافه" .امتصت ناهد نفسا من الكفر .في
الزفير المهتز سألت " ،وإلى متى ؟"
" ال تتحدث فوقي كما لو أنني قابلت ألسنة اللهب بالفعل" ،قال بياجيه في شكواه .المرأة المسنة اللطيفة ذات العيون
الخضراء تلتقي بالفضة " .المعالج يقول إن لدي حتى وقت الحق الليلة".
اختنقت ناهد " الليلة" .اشتد حلقها حيث تجمعت الدموع على الفور في زاوية عينيها .شعرت بالرعب عندما ضحكت
بياجيه بخفة ،ثم بدأت في السعال .بدأ بياجيه يضعف ،ولوح بمعالج االختناق بشكل مفاجئ " .جفف تلك الدموع
المستنيرة .سوف يجعلك الحزن مريضا " .
طالب بياجيه بهدوء " الصمت" " .ال أحد يستطيع محاربة الموت .اريدك ان تسمع االن كانت حياتي طويلة ورائعة.
ذهب أطفالي في اتجاهات مختلفة ،لكن لدي ندم واحد " .
تنهدت المرأة األكبر سًن ا ،وأخذت تتأوه وهي تتحرك على السرير " .عندما سألت عن شتلك "،ذّك رت بياجيه قبل
المضي قدًما " .تذكر أن تسألني إذا كنت قد طفت شتلة من قبل ؟"
" انا اتذكر .ما كان يجب أن أسأل أبدا " .
هزت بياجيه رأسها " .من حقك أن تعرف .لإلجابة على سؤالك ،فعلت .لقد طفت طفلي األول في النهر " .تجمعت
دموع الكريستال من عيني بياجيه ،وتحوم باللون األخضر مع األلم والندم .بحذر شديد ،تمسح ناهد الدموع من وجه
المرأة المسنة " .بياجيه ،ال بأس".
رفرفت األيدي المسنة بعنف ،وخطفت يدي ناهد بقبضة قوية .سحبها بياجيه نحو وجهها .سقطت أزهار القرنفل الطويلة
على كتفيها بينما كانت بياجيه تحدق في عينيها ،مما أجبر ناهد على مواجهة الرعب في عينيها " .ليست كذلك .لقد
أرسلت شتالتي ،طفلتي الصغيرة إلى أسفل النهر .كل ليلة حلمت بها .تأتي إلّي ،صغيرة ،كبيرة في السن ؛ ال يهم .في
النهاية ،هم فقط أحالم .يجب أن تكون قوًيا من أجل نبتتك .سوف تحتاج منك أن تكون قوًيا " .
" هو" ،احتجت ناهد بشكل ضعيف بينما خفت يدي بياجيه فجأة حول يديها .أغمضت بياجيه عينيها مع تباطؤ تنفسها" .
قصدت ما قلته المستنير .لها".
صاحت ناهد ،وبدأت الدموع تنهمر على وجهها الرقيق " .لن أتجادل معك .ليس االن".
" ماذا او ما ؟" تساءلت بهدوء ،على أمل أن يتمكن بياجيه من سماعها.
" قمر .إنه اسم قوي " .اسم جيد" ،غمغم بياجيه بغموض.
يداها مقويتان فوق بطنها الكبير ،في محاوالت فاشلة للسيطرة على أي قدر من االنزعاج الجسدي الذي شعرت به.
عاطفيا ،ال تزال ناهد حزينة على بياجيه .تتمنى أن تهدئ المرأة الكبيرة بحكمتها القديمة من ذعرها المتزايد من الوالدة
وحدها .كانت جور قد غامرت في أمالور منذ عدة أيام ،ووعدت بأن كيرين ستقدم يدها لطفلتها لمساعدتها .توقفت ناهد
في خطوتها عندما دمدمت بصوت منخفض خارج منزلها .هرعت إلى رفرف الفراء.
عند سحبه جانبا ،ندمت على الفور .قبل أن تتمكن من ترك رفرف الفرو يعود إلى مكانه ،قامت يد أخرى بفتحه" .
المستنير" ،استقبل الحكيم األكبر " .لدينا مسألة ملحة لنناقشها معك".
ابتسمت ناهد بإشراق إلخفاء نفورها عندما كانت تشير إلى الحكماء التسعة في المنزل المزين بألوان زاهية .بطانيات
منسوجة من بياجيه معلقة حول الجدران المصقولة بالجلد .وضعت األقدم واألسوأ عبر الطابق األرضي " .أي شيء يأكله
أو يشربه ؟" عرضت حزًن ا ،وقمعت وخًز ا آخر من األلم .بطريقة غير مفاجئة ،رفض جميع الحكماء التسعة عرضها.
" أيها المستنير ،هل تعرف بالتأكيد لماذا نحن هنا ؟" استجوب أقدم وايزمان .ثّبتت عيناه األرجوانيتان على رأسها وهي
تهز رأسها وأجابت.
كان الحكماء الثمانية يثرثرون بتواضع وهي تواصل " .هل أنت مستاء من قيام رجال من كيرين ببناء هذا المنزل ؟
ألنني أستطيع أن أؤكد لكم ،أنها مثل جميع المنازل األخرى في امالور ،ناقص المسافة " .
" موطنك ليس له عالقة بمناقشتنا!" قطع وايزمان آخر .اشتعلت عيناه البنيتان مع فتحتي أنفه " .هذا ، "...مشيًر ا إلى
بطنها المتضخم - " ،هذا هو سبب وجودنا هنا".
عبرت ناهد ذراعيها على صدرها ،وسألت ببطء " ،وماذا عن شتولي ؟"
" أنت ال تحمل عالمة الترابط .أنت تحاول جلب وصمة عار بيننا! "
" شتالتي ليست وصمة عار!" جادل ناهد .يداها مقعرتان بشكل وقائي على بطنها .زمجر الحكيم " .إنها! وعندما
يتعلق األمر بهذا العالم ،نطلب منك أن تطفو عليه! "
" ال".
" ال ؟"
" سمعتني" ،هسهسة ناهد .تحولت عيناها الفضية الدافئة عادة إلى البرودة " .أنا ال أطفو شتالتي".
دفع الحكيم األكبر الرجل الصاخب بعيًد ا عنها .ارتدى سترته األرجوانية على ثوبها وهو يضع يده على كتفها ويتكلم" .
نحن جميًع ا نفتقد الشخص الذي وعدت به ،ادهم ،لكنه يريدك أن تفعل الصواب .كان يريد المضي قدًما ،والترابط مع
شخص آخر ،وليس تلطيخ نفسك ببقعة " .
هزت ناهد يده بشراسة وتراجع .انتشر األلم من أسفل جسدها وهي تصدر صوت هسهسة " .أنا أفعل ما سيفعله في
مكاني .أنت ال تعرف ما الذي تتحدث عنه! لقد رأيت شخًصا نادًما على تعويم طفله في النهر حتى وفاته .لن تجعلني أفعل
الشيء نفسه " .
حدقت في وجهها تسع أزواج من العيون ،وحدقت في الخلف .وأكدت بعناد " :أنا ال أقوم بتعويمه" .أومأ أقدم وايزمان
الذي تجرأ على لمسها " ،ستبقى البقعة .ال ُيسمح أبًد ا بالدخول إلى القرية .إال نفسك".
أمر الحكماء األكبر " :يا وايزمان ،هل يمكنك االمتناع عن المزيد من تعذيبها" .أشار إلى جسدها وهي تتأرجح عندما
ارتفع األلم من ظهرها .أال ترى أنها تتألم ؟ اسم حالتك" .
" يجب أن أحضر شتالتي إلى القرية معي بينما ال يزال صغيرا .بعد أن يكبر ،لن أحضره إلى القرية مرة أخرى.
شرطي اآلخر هو أنني وحدي سأخبره عن قصة والدته الحقيقية " .
أومأ أكبر وايزمان برأسه بسرعة قبل أن يغير الرجال الثمانية اآلخرون الكالم " .متفق ".نظر أحد الحكماء اآلخر بعينيه
البنيتين ،وفتح فمه في احتجاج صامت حيث ألقى الرجل األكبر سًن ا نظرة حادة على رفيقه ثم تابع.
" إذا دخلت البقعة قدًما في أملور ،وتم العثور عليها ،فسنقرر بعد ذلك واجب حياة البقعة .بغض النظر عن عدد
الممرات " .
" حسنًا" ،هسهسة ناهد .كان فكها يؤلمها بسبب تقشر أسنانها مًع ا " .إذا كنت ال تمانع ،يرجى المغادرة أثناء والدتي
بسالم".
بمجرد ذكر الوالدة ،هرب جميع الحكماء التسعة ،ولم يتركوا سوى آثار ذيلهم من ستراتهم في المدخل .انجرف غطاء
الفراء إلى مكانه كما لو أن زيارتهم لم تحدث أبًد ا .تمنت ناهد أن يكون األمر كذلك عندما غرقت في الزابوتون الكبير
حول الطاولة الصغيرة .حدقت عيناها الفضيتان في المدخل ،على أمل أن تظهر يد الطفلة قريًبا.
في وقت الحق من ذلك المساء ،تعثرت يد الطفل في حجرة المنزل .كان العرق يتزين عبر صدغيها بينما تحطمت عليها
موجات من األلم .كانت أنفاسها تبتلع بينما كانت تعمل بجد عبر سماء الشفق المنقطة .عندما كانت الشمس تشرق عبر
السماء في بداية يوم جديد ،اخترقت حياة جديدة العالم بصرخة.
كانت تمسك ابنتها الجديدة بحضنها ،وتحدقت عيونها الصغيرة الداكنة باللون الفضي .ومثل هذا ،سميت الصديق العاري
نفسها .ابتسمت ناهد براقة في الشتالت.
كانت قدميها الصغيرتين ترفرفان بسعادة وهي تركض نحو ضوضاء القرية المرحة .في الخامسة من عمرها ،كان
فضولها الستكشاف القرية قد فات .تركتها والدتها في وسط مستنقع الزهور الواسع لتغامر بدخول القرية للتجارة .بعد فترة
وجيزة من تركها بمفردها ،مزقت قمر كل زهرة تم انتزاعها من األرض بشكل أسرع ثم استغرقت النبات لتنمو .هبطت
موجات الماهوجني على أكتاف صغيرة بينما كانت أراينا تدرس أوراق الشجر الجميلة من حولها ،بحًث ا عن أي آثار لشعر
وردي طويل في األوراق .عبرت ابتسامة مؤذية على وجهها وهي تذهب .كانت تعلم أن والدتها لن تتركها وحدها لفترة
طويلة.
سمعت قمر األطفال اآلخرين .في نفس المكان الذي كانت تفعله دائًما كل يوم .ابتسمت بلمعان عندما وجدتهم .ستة
أطفال ،في سنها تقريًبا ،لعبت بواسطة بركة صغيرة من المطر الذي سقطت عليه القرية الليلة الماضية .ركضت قمر
بشغف .بأسرع ما يمكن ،جلست بال هوادة بجوار فتاتين تلعبان بالدمى.
" مرحًبا" ،صرخت ببراعة ثم عبس .وقفت الفتيات بصمت وابتعدن عنها .تتبعتهم قمر بعينيها وهم يسيرون نحو القرية
،وتساءلت عن سبب مغادرتهم .صعدت واقفة على قدميها ،محاربة لدغة الرفض .بداًل من مالحقة الفتيات ،معتقدة أنها
افتقارها إلى دمية تلعب بها ،تجولت على األوالد األربعة وهم يدفعون بعضهم البعض برفق نحو بنك الطين.
" هل ستقفز ؟" تساءلت .استدار األوالد ببطء ،وحدقوا فيها .كان أكبر وأطول فتى يتجول بين الخمسة اآلخرين ويصل
إليها .حدقت عيناه الصغيرتان في وجهها وهو يحدق بها " .لم أرك من قبل .من أين أنت ؟"
" من الواضح أنني أعرف ذلك!" قطعت الصبي بينما أمطرت بصاقه على وجهها " .أعني ،أين مسكنك ؟"
ضحك الصبي " :أخبرني بابا قصًص ا عنك وكيف أنك وحش قذر للغاية" .ضحك األوالد الخمسة اآلخرون بهدوء.
واحتجت قمر وكانت يداها مثبتتين على جانبيها " .أنا لست قذرا!" صرخت .وداست قدمها الصغيرة في درب التراب" .
ولست وحش!"
دون سابق إنذار ،أمسك الصبي بثوبها ودفع قمر إلى بنك الطين " .األم!" صرخت على وشك البكاء لم يذرف .تفرق
األوالد الستة بعيًد ا ،صعدوا إلى القرية بعيًد ا عنها .نزلت دموعها الدافئة على خديها وهي تئن بهدوء في البؤس.
فقط من رؤية والدتها مرة أخرى ،انفجرت في البكاء .شقت طريقها إلى حضن والدتها بينما كانت والدتها تحملها إلى
المنزل .تلطخ الطين ثوبها الخاص ووالدتها وهي تضع رأسها تحت ذقن والدتها.
ردت والدتها بهدوء " :ال تحاول دخول القرية مرة أخرى" .
نظرت قمر إلى والدتها في ارتباك وهي تسأل " .لماذا ؟ هل هذا ألننا وحوش ؟ "
تمتمت بحزن " :نحن" " .الصبي الذي دفعني في الوحل .قال أن بابا أخبره عن الوحوش .أننا وحوش قذرة جسيمة " .
حولت والدتها ذراعيها حولها ،ودفعت قمر وجًها لوجه لعيون فضية .تلوح بيدها اللطيفة نحى الماهوجني من على
وجهها .ردت والدتها " :أعتقد أن كل شخص هنا هو وحش قمر " .دفعت قمر جبهتها إلى المرأة األكبر سنا " .حتى
أنت ؟"
" أنا على وجه الخصوص" ،دمدمت والدتها مبتسمة .سقطت قمر بينما كانت والدتها تقضم أنفها ؛ جعلها تضحك.
شعرت والدتها بالحزن فجأة وهي تتحدث " .لكن عليك أن تترك القرية وشأنها ،حسنًا ؟ نحن ال نلعب هناك " .
أومأت قمر برأسها بينما دغدغة خفيفة تتعقب جانبيها ألعلى وألسفل .ابتسمت مشرقة.
" تمام".
جلست قمر بهدوء أثناء العشاء .تومض عيناها الخربيتان على عكس الطاولة وعلى والدتها في كثير من األحيان في حالة
من التوتر .في الثامنة من عمرها ،عرفت أنه لم ُيسمح لها بالتواجد داخل القرية .لكن هذا ال يعني أنها لم تكن تشعر
بالفضول حيال األشياء التي يمكن أن تعرفها .حدقت في الطاولة وهي تتمتم بتواضع " ،هل يمكن أن تخبرني عن
والدي ؟"
ابتلعت توترها ونظرت من على الطاولة .بدأت " أبي "...قمر ،وهي تحدق في عيني والدتها الفضيتين " .هل يمكنك
إخباري عنه ؟"
كان هناك سكون ألمها كما طلبت المرأة األكبر سنا " .ماذا تريد أن تعرف عنه ؟"
" كل شىء!" كانت تبتسم مشرقة وعيناها متوهجة " .عمري ثمانية مرات وأنا بالكاد أعرف أي شيء عنه .كيف يبدو ؟
ماالذي كان يعجبه ؟"
تنهدت والدتها بهدوء .تمتمت بهدوء " :كان اسمه ادهم " .ثم أضافت " ،لقد بدا مثلك".
همست المرأة األكبر سًن ا " لديك عينيه في الغالب" ثم أضافت بنظرة واحدة .لون شعرك أفتح من لونه ،ربما بسببي.
كان لديه شعر بني غامق " .
أومأت المرأة المسنة برأسها " .نعم .كان ينعم بقوة االستنارة " .
سألت قمر بشكل ال يصدق " ،إذن ،لدي تنوران ؟ متى يأتي التنوير الخاص بي ؟ "
أجابت والدتها " :عندما تكبر" .أومأت قمر برأسها وأخذت قطعة من الجبن .أشارت حول الطعام المتجول في فمها" :
أنت لم تجب على سؤالي أبًد ا" .وقفت المرأة األكبر سنًا من على الطاولة وهي تتنهد.
تمتمت والدتها وهي تشد ذراعيها على صدرها " :من الصعب شرح ذلك" " .كان هناك الكثير عنه ،لدرجة أنني ال
أستطيع أن أصفه بالكلمات .كان لطيًف ا ،عنيًد ا ،قوًيا ومحًبا .كان سيحبك كثيرا " .
" نعم".
كان هناك توقف في المنطقة الرئيسية من المنزل حيث تناولت قمر لقمة أخرى من الطعام " .لماذا تغطي عالمة الترابط
الخاصة بك ؟" سألت وهي تمضغ .راقبت عيناها والدتها وهي تحدق في يدها اليسرى.
ردت والدتها " :أحتفظ بها مغطاة حتى ال أتذكرها" .قامت قمر بإمالة رأسها في ارتباك طفولي " .لكنك تحبه .أال تريد
أن تتذكره ؟ "
أغمضت قمر عينيها عندما مدت والدتها إليها .كانت األصابع اللينة تداعب خديها بالحنان .قالت المرأة األكبر سًن ا
مبتسمة " :لدّي تذكير هنا" .كان بإمكانها رؤية المشاعر الملتفة في عيني والدتها كما أضافت المرأة " .وهذا هو كل الحب
الذي أحتاجه .من فضلك ،ال مزيد من األسئلة وأكمل وجبتك " .
في صمت ،تمكنت قمر من إنهاء عشاءها لكنها أبقت عينيها على والدتها بينما كانت تشعر بالراحة في مركز النسيج.
وهي تمضغ آخر قضمة لها ،وتوجهت إلى غرفها وتتخبط على الفراش .في الغرفة الرئيسية ،كانت تسمع بكاء
منخفض ،يكاد يكون مخفًيا بفعل طقطقة الحطب .حدقت قمر في الجلد البسيط والجلد لحيوان ال اسم له وهي تتساءل .هل
كانت طبيعية أال تشعر بأي شيء سوى الغضب من الرجل الذي ترك والدتها وراءها ؟ سرعان ما سقط عليها النوم ،
وترك سؤالها دون إجابة.
دقات قدميها على التراب في حالة من الذعر بينما ركضت في الطريق إلى منزلها .يشع ضوء الشمس من فوقها ،
ويضيء طريقها إلى المنزل .اندفعت الرياح في أذنيها وصمت آذانها من صيحات األطفال الذين يطاردونها .صاحت قمر
عندما أصابها شيء بارد ولزج على ظهرها ،مما جعلها تتعثر في خطواتها .تلمس ظهرها ولصق الطين بأصابعها .بشكل
انعكاسي ،انحرفت بينما ارتفعت كرة أخرى نحوها .انزلقت المادة السميكة أسفل عمودها الفقري في تعذيب مخيف وهي
تتحرك.
عندما صوبت ،اصطدمت قطعة من الطين بمعدتها .صرخت وهي تحمل البقعة المتسخة لفستانها البني من األلم .سقطت
الحصى من ذراعيها على األرض .تجمعت بدايات الدموع في عينيها .استنشقت عندما اندلعت ضحكات منتصرة من
فتاتين ؛ بينما قام األوالد الثالثة بجمع المزيد من الصخور بسرعة عند أقدامهم .قبل أن يتسلح الصبية مرة أخرى ؛
انسحبت قمر بعيدا .كانت تسير في الطريق ،ركضت حتى أصيبت بضيق التنفس.
اقتحمت منزلها ،تلهثت بعنف من الرحلة .ترنح كتفاها بارتياح عندما رفعت والدتها رأسها عن عمود النسيج ،وهي
تحييها بابتسامة .تعثرت على الطاولة الصغيرة وانهارت على زابوتون ؛ إغالق عينيها في مهلة.
" قمر ؟" استجوب والدتها .وسرعان ما تبع ذلك صوت حفيف القماش .لم تكن قمر بحاجة إلى فتح عينيها لتعرف أن
والدتها انضمت إليها على الطاولة .كان هناك دفء مألوف بجانبها وتدليك لمسات ريشة خفيفة من خالل موجات
الماهوجني الطويلة .امتد شعرها على كتفيها بينما سألت والدتها " :ماذا حدث اليوم ؟"
فتحت عينا سيت البنيتان على نظرات والدتها اللطيفة والمحبة التي تنظر إليها .نزلت الدموع من عينيها بال حسيب وال
رقيب عندما بدأت في البكاء .دفعتها أذرعها الدافئة إلى جسد أكثر دفًئ ا في احتضانها إلخماد نحبها .كانت تسمع فوق
صرخاتها أزيًز ا منخفًض ا يهتز بهدوء في قلبها ؛ مطاردة كل حزنها السابق بعيدا .بعد االستماع إلى اللحن ،انضمت قمر
إلى المزامنة قبل أن تنتهي األغنية المنخفضة تماًما.
كانت الغرفة الرئيسية صامتة تماًما حتى تنهدت قمر داخل ذراعي والدتها " .ما هي البقعة ؟" سألت بهدوء .تشددت
عناق والدتها حولها.
" في المنتدى" ،تمتمت قمر بالخجل .تراجعت إلى أسفل ،محدقة في الحصائر المنسوجة المنتشرة على األرض لتجنب
الوهج المهيج الذي كانت تتلقاه دائًما عندما تذكر القرية " .قال أحد األطفال إنني واحد ،وطردني".
اندلعت العناق عندما سار والدتها بسرعة إلى الموقد .حدقت قمر بينما كانت والدتها تالحق اللهب بعصا .أطلق النار
شرارات برتقالية صغيرة مع القوة المفرطة الزائدة بينما كانت قمر تقف.
" أنت ال تخبرني بشيء" ،اتهمتها بضعف .الحظت قمر عندما جفلت والدتها .أحضرت نفسها لها تتبع خطى والدتها ؛
االنضمام إليها في ألسنة اللهب الغاضبة .تستريح خلف والدتها ،عيناها الخربيتان تحدقان في النار " .ما هذا ؟" سألت
بهدوء " .هل أنا حًق ا وصمة عار ؟"
" ال .أخبرتك قمر .ردت والدتها .تومض اللون البرتقالي حول الغرفة الرئيسية ،مسلًط ا الضوء على خيوط قرنفل
والدتها وعظام وجنتيها األنيقة .عندما تتصل عيناها بعيون والدتها الفضية ؛ تحول شعور في أحشائها من النظرة المسكونة
في أعماقهم .عرفت قمر تلك النظرة .كانت قد شاهدت عدة مرات ،خاصة بعد العشاء الذي سألته عن والدها منذ كثير.
" هل هذا له عالقة باألب ؟" سألت بتردد ،وال تريد أن تزعج والدتها أكثر.
كان تنفسها رقيًقا وصوت فرقعة النار يتردد صداها في جميع أنحاء الغرفة الرئيسية وهي تنظر إلى والدتها .بعد ما بدا
وكأنه دهر من الصمت ،أومأت المرأة المسنة أخيًر ا وتحدثت.
" نعم هو كذلك .كنت آمل أن أكون قادًر ا على شرح كل شيء بتمريرة أو اثنتين .قالت والدتها بينما كانت عيونها الفضية
تحدق في اللهب ،ثم تومض فوق فستان قمر الموحل " .رغم أن الحياة قاسية".
وعدت قمر " :مهما كان األمر ،يمكنني التعامل معه" .أومأت والدتها برأسها قبل أن تبتعد عن النار لتجلس على
الطاولة مرة أخرى .سرعان ما اتبعت قمر وأخذت الزابوتون الفارغ بجوار المرأة المسنة .حدقت ،منتظرة بفارغ الصبر
استمرار والدتها .اشتعلت النيران في الموقد مرة أخرى عندما تحدثت والدتها.
" هل تعرف ما هي" البقعة " ؟ سألت بعناية .هزت قمر رأسها " .أنا أعرف فقط الترتيب الخاص بهم".
" األمر بأن أي شخص يولد من" وصمة عار " لن يتلقى أًيا من دروس القرية أو الحقوق أو الصوت .وجودهم هو ما
يحدده الحكماء " .
" نعم هذا صحيح .ولكن ما الذي يقرر أن " البقعة" هي " بقعة ؟"
" هذا فظيع!" صرخت بغضب " .لم يكن ذنبهم أن والديهم خالفوا األمر" .
أومأت والدتها برأسها " .هذا صحيح وأنت على حق .إنه ليس خطأ الشتالت .لكن الحكماء يجدون أنه من األسهل معاقبة
األبرياء بدًال من أن يخالف األشخاص النظام " ،همست المرأة األكبر سًن ا.
استقر الفزع في أحشائها وهي تسأل بهدوء " .ما عالقة البقع بي وبأبي ؟"
ولم تجب المسنات على الفور .بدًال من ذلك ،ألقيت عيناها الفضيتان على معصمها األيسر ،حيث ُعلقت الفرقة
المنسوجة باللونين البني واألخضر .شاهدت قمر أصابع شاحبة ورشيقة تعمل في عقدة الفرقة التي كانت ترتديها والدتها
منذ الطفولة .الهثت عندما سقط الملحق ،وسقطت على األرض.
" أين عالمة الترابط الخاصة بك ؟!" صرخت قمر وهي تنحني على قدميها .اهتز إصبعها ،مشيًر ا إلى البقعة القاحلة
من معصم أمها " .أين هي ؟!"
تجولت قمر في الغرفة الرئيسية ،وداست صندلها على شعار " ال" .تجمعت دموعها الطويلة الجافة في زاوية عينيها
مرة أخرى .امتنعت عن خطواتها ،تجمدت ؛ نظرت إلى والدتها ،همست " .أنا وصمة عار".
مدت ذراعيها وابتعدت .تنهدت والدتها .حدقت قمر في والدتها وهي تضغط شفتها السفلية بين أسنانها .تسربت الخيانة إلى
الجرح العاطفي وهي تحدق في عيون فضية " .لقد كذبت علي".
احتجت والدتها وهي واقفة " :لم أفعل" " .انا لم اكذب .أنت لست وصمة عار" .
" أنا وصمة عار!" صرخت قمر .اندفعت موجاتها من خشب الماهوجني بال حسيب وال رقيب في وجهها وهي
تصرخ " ،لم تخبرني أبًد ا! هل يمكن أن تخبرني في أي وقت! "
أذهلتها نبرة والدتها في صمت .تمسك أصابعها الرخوة بكتفيها بينما تمشط أمها موجاتها المتعرقة من وجهها .المست
شفتيها الدافئة جبهتها المكشوفة " .أنا آسف قمر .أنا فقط أرغب في حياة مختلفة لك .أردت أن تكون طفًال لفترة أطول
قليًال .همست والدتها.
فهمت ،أومأت قمر برأسها لكنها لم تكن تريد أن تصدق حًق ا كل ما تعرفه اآلن .رغم ذلك ،لم تستطع إنكار ذلك .كانت
والدتها تقول الحقيقة .كانت تعرف من وجوه هؤالء األطفال الذين طردوها من الدائرة اليوم .أيًض ا بسبب ضبابية الوجوه
في القرية التي شتمها عليها وهي تمشي بجوارها .وبنظرات الشفقة كلما غادرت والدتها منزلها لتغامر بدخول القرية.
الجميع يعرف ما هي إال هي.
عرفت سرها القذر اآلن وارتجفت .اهتز جسدها مع تنهدات ال يمكن السيطرة عليها .نزلت الدموع على وجهها ،وتمطر
فستانها .تم لف الذراعين حولها بنجاح هذه المرة ،مما دفعها إلى عناق آخر مريح .تنغمس قمر في الراحة الوحيدة التي
كانت تعرفها عندما أدركت أن طفولتها قد انتهت.
مر يومان فقط بعد أن كشفت والدتها ما كانت عليه عندما أتت .التقت قمر بنفس الصبي منذ أيام عندما سلمها رسالة
بابتسامة على وجهه .قامت والدتها على الفور بطرد الصبي بنظرة فوالذية .عندما هرع الصبي المجهول بعيًد ا ،قرأوا
الرسالة بصمت في الزابوتون .استنشقت قمر بحدة وهي تقرأ .ثم شاهدت والدتها وهي تكسر االستدعاء في يدها وتتجه
نحو الموقد .أكل اللهب الرسالة ألنهم نادرا ما يأكلون أي شيء على العشاء.
لم ينطق بكلمة واحدة عندما انتشر اللحم المجفف والجبن على المائدة .مع مرور ساعات الشفق ،لم يشرع أي منهما في
التقاعد للنوم .بداًل من ذلك ،حدقوا في وهج النار ،حتى أزهرت الشمس في األفق.
اندلعت أشعة الشمس فوق األرض المظلمة في بداية ظهور آثار الفجر .لقد جمعوا مؤنهم لالستحمام ثم انطلقوا .عندما
أصبحت الغابة أكثر خضرة في الضوء المتزايد ،تحدثت والدتها.
أومأت والدتها برأسها بصمت أثناء سفرهما إلى البحيرة لالستحمام .تتألأل المياه الزرقاء الصافية الكريستالية في شمس
الصباح ألنها تنظف الجلد القاتم .رائحة هش الصباح المنعشة جعلت قمر همهمة تقديرية وهي تتذوق الماء .ركضت
النشائر من أمواجها ،مبللة برقبة فستانها النظيف بينما كانوا يسيرون عائدين إلى منزلهم.
كانت الشمس مرتفعة في السماء عندما أذهلتها لمسة لطيفة من التحديق في الطيور باللون األزرق .توقفت قمر عندما
أدركت أنهم كانوا أمام منزلهم مرة أخرى.
هزت قمر رأسها ،وانفجر التصميم في عينيها الخربيتين وهي تحدق في والدتها " .توقفت عن كوني طفلة منذ يومين.
يمكنني الذهاب وحدي" .
قبل أن تتمكن من االبتعاد عن الطريق المؤدي إلى القرية ،تمشيط يديها الدافئة فوق أمواجها الرطبة .انسكبت عيونها
الفضية على عينيها البنيتين " .ستكونين دائًما طفلي .بغض النظر عما يحاول زوجان من كبار السن جعلك تؤمن به " .
تشققت شفتيها ابتسامة صغيرة على والدتها على الرغم من القلق المتزايد في معدتها .بلطف ،أغلقت يدا قمر على أمها
وسحبتهما بعيًد ا .صعدت قمر بعد تحريرها.
" منذ أن كنت في الخامسة من عمري ،كنت أتساءل دائًما عن سبب اعتباري مختلًف ا .لماذا وصفني ذلك الفتى بالوحش.
اآلن أنا أعلم " ،قالت قمر ،ثم استنشقت وواصلت.
" أنا وصمة عار .ربما ليس لك ألنك والدتي ولكن بالنسبة لآلخرين فأنا ال أستحق سوى التراب الذي أمشي عليه.
يريدون مني الخجل .يريدون مني أن أنهار ،لكنني لست خائًف ا .سأذهب بمفردي .سأكون بخير".
دون كلمة أخرى ،استدارت قمر وسارت في درب التراب .نسيم الصباح الدافئ نسيم على وجهها .المع العرق على
جبهتها عندما دخلت إلى الحافة الخارجية للقرية .كان هناك أزيز بعيد من أعمق داخل أمالور وعندما اقتربت من الدائرة ؛
اختفت السماء الزرقاء الفاتحة في السماء من الدخان المتخلف من كل بيت.
كان الضحك ينبعث من األطفال القريبين وهم يلعبون مع بعضهم البعض وتراقبهم أمهاتهم .عرفت قمر عندما وجدتها
عيونهم أخيًر ا ؛ هدأت كل الضحكات وعاد األطفال إلى أمهاتهم .أخفت خديها المكسوتان بأشعة الشمس التوهج الوردي
من اإلحراج وهي تندفع عبر درب التراب وعينيها على األرض .قضمت قمر من شفتها السفلية مع تزايد الهمسات وهي
تغامر بالتعمق في القرية.
في الوقت الذي وقفت فيه في المنتدى مباشرة أمام أكبر منزل ،شعرت أن قدميها ثقيلة مثل الحجر .كانت محاطة
بالصمت من جميع القرويين الذين كانوا في الدائرة يشترون سلًع ا متعددة .تدفقت الحرارة على ظهرها .لم تعرف قمر ما
إذا كان الدفء ناتًج ا عن الشمس نفسها أم من السكون وراءها .لم يتردد صداها في الريح ألنها شعرت بالملل في ظهرها.
لمست بخفة الفراء األبيض المعلق في المدخل .جالت أطراف أصابعها فوق الفراء األبيض الرائع ،وابتسمت وهي
تدغدغ على لمسها.
" يدخل!"
أسرعت من خالل رفرف الفراء .تصاعد الدخان في الهواء من موقدين ينبعثان من ألسنة اللهب من كال جانبي المدخل.
تومض اللهب بشكل أعمق داخل مع ألسنة اللهب مثل األشرار اآلخرين .بأضواء برتقالية وعوارض صفراء من المنافذ
في حجرة المنزل ،تمكنت من رؤية تسعة شخصيات كبيرة على المنصة .تم وضع جلود الحيوانات على األرض أثناء
سيرها نحو الحكماء.
قامت قمر بحذر حول كل مجموعة من الفراء بينما كانت تتساءل عن مدى نعومة كل جلد تحت يديها .في منتصف
المنزل ،قبل مجموعة صغيرة من الدرجات ،جلس أحد الزابوتون األسود .جلست صامتة على الوسادة المنسوجة ويداها
في حجرها.
على المنصة ،جلست الكائنات التسعة الثابتة في أردية ملونة مختلفة حسب وضعها .في الواقع ،كانت الطريقة الوحيدة
التي عرفت بها أنهم على قيد الحياة هي الصعود والسقوط اإليقاعي لصدورهم.
" ابق حيث أنت" ،قال نفس الصوت المزدهر من قبل .حتى مع الحيوية المكتشفة حديًث ا القادمة من الخارج ،سمعت
قمر صوتها وهي تبتلع بعصبية ثم أومأت برأسها .دقات قلبها بينما كان صدى همهمة خافتة يتردد داخل حجرة المنزل.
لقد استغرقت كل أوقية من قوة إرادتها حتى تدرب عينيها على األرض ؛ تتذكر األدب الذي علمتها إياه والدتها .وأدركت
كم كانت مخطئة.
لم تكن كلماتها الراحلة لوالدتها سوى سخافات وسذاجة لطفل .ركض عرق بارد على مؤخرة رقبتها .كافحت لتحافظ على
نفسها من التململ العصبي ،خائفة من أن أي حركة من شأنها أن تجعل الحكماء ينطلقون مثل الحيوانات البرية.
كان هناك هدير من أحد الحكماء ،وهو يرفع عيني قمر إلى أعلى نحو المنصة .كانت تحدق في كل رأس ،ناظرة إلى
العديد من الكنائس المألوفة المعلقة على الجدران خلفهم .تردد صدى صوت آخر في بيت المنزل ،مما جذبها إلى عيون
أرجوانية .كراهية الحكمة المباركة وايزمان تلقت روحها من االشمئزاز الذي يحوم في عيون الرجل األكبر سنا .وهي
تنشج بهدوء ،ابتعدت قمر عن الوهج وركزت على األرض بجبان.
نزل منها العار كأنها حيوان زاوية يرثى له ؛ لم تصمم على القتال .كان أحد الوهج الجليدي من أحد الحكماء هو كل ما
يتطلبه األمر لجعلها تتحول إلى طفلة .إذا تبع ذلك ثمانية وهج أخرى ؛ يجب أن تخرج من هذا العالم مثل الحيوان .انحنت
رأسها ،وانتظرت أن يتكلم أحد ،وندمت على عدم انتظار والدتها لها في الخارج.
" لقد تقرر منذ زمن طويل أنك ستعرف مكانك في هذا العالم عندما علمت بميالدك" ،بصق أحد الحكماء .وجدت قمر
زوًج ا مختلًف ا من العيون األرجوانية تتوهج بنيران النار من الرجل الذي كان يجلس في منتصف قوس الهالل ،محاًط ا
بأربعة آخرين من وايزمان على كال الجانبين " .لقد وعدتنا تلك التي تسميها األم بأنك لن تلطخ قريتنا .لم تحافظ على
نهايتها! "
تمتم أربعة حكماء آخرين بالموافقة .ارتطمت أقمصتهم البنية بينما كانوا يتهامسون لآلخرين .انعكس الشعر البني في
ضوء النار ،في ذلك الوقت وهناك ،قررت قمر أنهم ال يحملون قوة التنوير التي كان والدها يتمتع بها .كانوا أضعف من
أن يعبروا عن آرائهم بصوت عاٍل حتى تتمكن من سماعها .تومض عيناها الخمريتان فوق الحكيم اآلخر وهو يتحدث.
" النعمة المستنيرة لم تفعل ،لكن ال يمكننا تغيير ذلك .كما أقسمت الممرات من قبل ،سنقرر واجب الحياة للبقعة " .
" جالب الخشب ؟" اقترح على وايزمان األقرب إليها مما تسبب في هز الحكيم اآلخر لشعره األشقر " .جامع المياه ؟"
تصدى.
همس حكيم آخر " :ال أريد يدي البغيضة على التوت" .
وقف أقدم حكيم جالس في منتصف قوس الهالل " .قد نتشاجر حول هذا طوال اليوم "،قالها " .أنا شخصيًا أريد أن أعود
إلى المنزل قبل الشفق .أنا مغرم جًد ا بالحصول على المياه العذبة .ما هي آرائك عن الموضوع ؟ "
" نعم "،زقزق وايزمان آخر .هز رأسه " .جلب الماء رائع .أقول جامع الماء " .
" مثلنا جميًع ا ؟" استجوب وايزمان األكبر " .واجب حياتها مع الماء ؟"
جلست قمر في صمت صامت فيما تمتم الحكماء فيما بينهم .لم يكن أن تصبح جالبة مياه لبقية حياتها أمًر ا ممتًع ا ،ال سيما
اضطرارها إلى جلب الماء للحكماء الذين كانوا حريصين جًد ا على معاقبتها .لقد جفلت كعصا طويلة وصدمت دلوان على
األرض ،وضربت بجلود الفراء.
التقت نظرتها بكل العيون التسعة كما تحدث وايزمان األكبر .أشار إلى األشياء المتناثرة على األرض " :هذه بقعة لك" .
" أحضر ما يكفي من الماء لملء كل حوض من أحواضنا الحجرية فقط خالل فترة الغسق ،حتى ال تصد اآلخرين من
جانبك .اآلن غادر.
اندفعت إلى األمام ،وهي تتالعب بشكل محرج بالمياه لجلب اإلمدهبة ت من األرض وهربت .اقتحمت قمر ضوء
الشمس الساطع ،بعيًد ا عن الوهج البغيض داخل الدخان الضبابي .في غضون دقائق ،وجع ذراعيها ضد الوزن .تراجعت
نظرتها على الفور في خجل عندما حدقت فيها عيون كثيرة من القرويين في صمت قضائي .عضت قمر شفتها لكبح
دموعها المتزايدة ،وركضت في القرية .تبعتها أحاديث صاخبة حتى وصلت إلى مشارف األسرة.
تجمعت الدفء وتساقطت على وجهها كما انهار .تتناثر إمدهبة ت المياه على درب األوساخ بضربة مجوفة ،مما يؤدي
إلى إثارة األوساخ الملونة السمراء .نسيم عذب ينفخ الغبار في عينيها .مما يجعلهم يلدغون مع مزيد من التهيج .أمطرت
الدموع المتناثرة على الطريق الجاف ،واختفت على الفور مع الحرارة.
انقضت كمية ال حصر لها من الوقت .انجرفت السحب البيضاء في السماء الزرقاء وحجبت الضوء الذهبي ،تاركة
الظالل السوداء تسقط فوقها .في النهاية لم يعد هناك المزيد من الدموع لها لتذرف .ركعت قمر على األرض ،فارغة
وخفيفة ثم وقفت .اهتزتها ركبتيها تحت ثقلها وهي تجمع ببطء اإلمدهبة ت الساقطة .تبخرت المسافة بين القرية وسكنها
ببطء وهي عائدة إلى المنزل.
وقفت قمر أمام رفرف الفراء ،وحدقت بال مباالة في الفراء وهي تلوح في النسيم .خرجت من شفتيها تنهيدة ،وهي تعلم
أن والدتها كانت بالداخل وتنتظر نتيجة االستدعاء .قامت بتحريك الدالء في ذراعيها عندما دخلت من المدخل.
التقت العيون البنية بالعيون الفضية بينما كانت والدتها ترتعش على قدميها من الزابوتون .انبعث القلق واالرتياح في
أعماق الفضة المنصهرة بينما كانوا ينظرون إليها ،ثم ضاقوا أخيًر ا في الدالء بين ذراعيها .تراجعت قمر مرة أخرى
عندما دست أمها تجاهها ،مزقت أدوات جلب المياه منها وألقتها .أخطأت الدالء ألسنة اللهب في الموقد المحتضر ،وبدًال
من ذلك اصطدمت بجدار مصقول.
ابتعدت قمر عن ذراعيها التي تحركت لتهدئتها .لقد بكت كل مشاعرها بعيدا .خطوت جانبية من والدتها ،مشيت إلى
الموقد وأمسك بسجل صغير لتلقي به على الجمر البرتقالي .عندما تومض التوهجات الصغيرة عائدة للحياة مرة أخرى
مهاجمة الخشب ،همست قمر " ،لماذا أعامل مثل البقعة الوحيدة في أملور ؟ لماذا ال يوجد المزيد من الناس مثلي ؟ "
أجابت والدتها " :هناك" ،وانضمت إليها عند الموقد الحجري " .في الواقع ،أريد أن أقول إن نصف الناس يعانون من
بقع".
" إذن لماذا ال يوجد المزيد من نوعي من حولي ؟" استجوبت قمر بغضب .كانت يداها تتقلبان على جانبيها وهي تصرخ
" ،لماذا أنا الوحيد الذي أعيش واجب الحياة تجاه الحكماء لكن األطفال اآلخرين يمكنهم العيش فقط ؟ لن يضطروا أبًد ا
إلى التعامل مع الصمت أو التحديق! "
تنهدت والدتها " .منذ فترة طويلة ُ ،عرض علي خيار يجعلك مقبولة .لكنني لم أستطع فعل ذلك ،في الغالب بسبب والدك.
سألني :كان هناك رجل يريد أن يرتبط بي .رفضت وقلت له عنك .آخر مرة رأيته فيها كانت في اليوم الذي ذهب فيه من
أجل يد الطفل " .
وّبخت المرأة األكبر سًن ا قبل المتابعة " :لم أنتهي من قمر " " .النساء األخريات لسن بنفس الصدق الذي كنت عليه .في
امالور ،العديد من النساء اللواتي يجدن أنهن مع الشتالت يذهبن فقط ويتواصلن مع الرجل التالي الذي يقوم بتضخيمهن.
ال يتساءل الحكماء عما إذا كانت الشتلة تنتمي إلى األب ولكن طالما أن األم مرتبطة بحلول الوقت الذي تولد فيه الشتلة ،
فإن كل شيء يكون عادًال " .
" وإذا كانت تلك المرأة مثلك ؟" سأل قمر " .ال تربط ،ولكن ال يزال لديها شتلة ،ماذا يحدث بعد ذلك ؟"
" ال أرغب في الحديث عن ذلك".
يضخ اإلحباط في عروقها مثل الدم .انكسر السجل داخل النيران واشتعلت النيران عندما استدارت قمر إلى والدتها.
" لما ال ؟! هل تكذب علي مرة أخرى ؟! " صرخت بغضب .ارتفعت أمواجها من خشب الماهوجني فوق كتفها وهي
تلتف على والدتها ،مما أطلق العنان لموجة جديدة من العواطف " .ألست والدي ؟ هل أنا شخص آخر ؟ "
ساد صمت مخيف بينهما حيث ترددت أصداء آخر كلماتها على الجدران المغطاة بالكورفير .في مكان ما في أحشائها ،
علمت قمر أنها تجاوزت خطًا .لقد تركتها في حالة من الندم واختفت كل كلماتها التي تحركها الغضب مع بريق الفضة
الفوالذي.
لم تكن عينا والدتها مثل نظرات الحكماء المشمئزة ؛ في الحياة المصهورة تحمل ألًما ،لم يره شيء مثل أرين من قبل.
لقد كان شيًئ ا لم تستطع فهمه حًق ا .انفعاالت الغضب والحب والخوف والكرب العابرة عبر العيون الفضية مثل السمفونيات
الشعرية.
" أنا آسف –" تمتمت قمر ،مختنقة بكلماتها " .لم أقصد"-
" لقد فشلت في حمايتك مرة واحدة من هذه القرية" ،قالت والدتها جوفاء وهي تشير إلى فوضى الدالء على األرض" .
ال أريد أن أفشل مرة أخرى .من فضلك ال تسأل مرة أخرى " .
لم تستطع قمر إال أن تومئ برأسها بينما كانت والدتها تنظف بلطف موجات الماهوجني من وجهها .أغمضت عينيها
مستمتعة بلمسة مهدئة .ضغطت والدتها بشفتيها على جبهتها ثم تراجعت .عند فتح عينيها ،شاهدت قمر والدتها وهي
تختفي من خالل رفرف الفرو األصغر ،مما يؤدي إلى غرف النساء األكبر سًن ا ،وتركها وحيدة في المنطقة الرئيسية.
جلست مستندة ظهرها على الموقد الحجري .لم يفعل دفء النار شيًئ ا إلذابة كلماتها المتنافرة .ال يزال التوتر معلًقا في
الهواء حيث دفعتها الحرارة من خلفها إلى النوم.
قعقعة إيقاعية أذهلت قمر مستيقظة بصدمة ولهيث .رددت والدتها صرخة قصيرة حادة .التقت أعينهما المفزومة ،
ومضت النظرتان باألسف حتى تشاركا االبتسامة .ضحك من حناجرهم.
" حاولت ...أن أبقى ...هادًئ ا" ،صفير والدتها بين اللهاثتين للحصول على الهواء .ضحكت قمر أكثر.
انضمت إليها والدتها على الحصائر المنسوجة ،وجلست بجانبها على الموقد .رفعت قمر رأسها بعناية إلى الوراء ،
متجنبة النيران وهي تحدق في الدخان .اختفت كل آثار ضوء النهار مع ظالم المساء.
قالت والدتها بهدوء " :لم تقل أبًد ا متى كان عليك إحضار الماء لهم" .
" نعم ولكن يجب ملء أحواض المياه الخاصة بهم إلى القمة".
هزت قمر رأسها " .إنهم يكرهونني بما فيه الكفاية ،وال يمكنني جعلهم يكرهونك أيًض ا".
تردد صدى ضحك مرير في بيت البيت " .يمكنهم أن يكرهوني كما يحلو لهم لكنهم ال يستطيعون إيذائي ألنني أنعمت
بتنوير نادر".
" هل تعتقد أنه سيكون تحتها عقابي ألنني سمحت لك بالمساعدة ؟" استجوب قمر .خافت من داخل المنزل المدخن ومن
النظرات .كانت تسعة أزواج من العيون حادة مثل نصل مصمم على التخلص منها بمجرد النظر فقط .لكنها كانت تخاف
أيًض ا من المجهول .لم يكن لدى قمر أدنى فكرة عما يستطيع الحكماء القيام به وكطفل ؛ كانت ترغب في االستمرار في
عدم المعرفة.
ونظرة جانبية إلى والدتها ،راقبت المرأة األكبر سًن ا وهي تفكر في كلماتها .ردت والدتها " ال" بعد صمت " ،أعتقد
أنهم سيستخدمون أي شيء لمعاقبتك .أوعدني بأنك لن تعطيهم سبًبا لذلك أبًد ا " .
" أعدك".
وبتنهد آخر ،توجهت والدتها إلى قدميها وأخذت إمدهبة ت المياه الحقيرة " .بما أنك لم تغرق الماء من قبل ،على األقل
دعني أوضح لك كيف".
وبالرسم على قدميها ،راقبت قمر والدتها وهي تثبت كل مقبض دلو على طرفي العمود الطويل .جلست والدتها
القرفصاء بطريقة غير مهذبة ،ورفعت العصا الخشبية على كتفيها .ضحكت قمر من أنفاسها قبل أن تضع والدتها الماء
الذي يجلب على كتفيها.
" امسك المقابض بيديك لمنع انزالق الجرافات .ابدأ بنصف كمية الماء فقط في المرات األولى والثانية ،فأنت ال تريد أن
تجهد نفسك قبل أن تتمكن من االنتهاء " .
أومأت برأسها " حسًن ا" ،وهي تتحرك عكس الوزن الجديد لتجد توازنها .كانت والدتها تمشط شعرها " .تذكر ،لقد
وعدت أنك لن تمنحهم سبًبا إليذائك".
" أعلم" ،طمأنت قمر ،ثم انتقلت بحذر عبر المدخل .نادت من ورائها " :أنا ذاهبة" .
" عجل".
أومأت قمر برأسها إلى نفسها وهي تركض في مسارها .طاردت الضوء الساطع للنجوم وهي ترقص عليها.
هربت نفخة من شفتيها المشدودة بإحكام حيث مألت قطرات الماء األخيرة الحوض الحجري .قمر وهي تقف وهي
تدحرج كتفيها من األوجاع .في أعماق ظهرها ،انفجر شيء ما ،ينشر الراحة المتدفقة عبر بقية جسدها ،ما عدا يديها .لم
تكن بحاجة لرؤية الزوائد التي أسيء معاملتها لتعرف أنها ستكون حمراء متوهجة في الشمس .تشع حرارة دافئة من الجلد
الناعم .في يوم من األيام ،كانت تأمل في أن يصبح جلب الماء أسهل.
مرة أخرى ،جمعت قمر بسرعة اإلمدهبة ت الخاصة بها وغامرت عبر متاهة المنزل الشاسعة .داخل المنازل ،كانت
تسمع همهمة خفيفة من األصوات ،مما كسر الصمت العام ألمالور أثناء الليل .بينما كانت تسير بجانب الصف الخارجي
من بيوتها ،كادت تصل إلى حيث تؤدي المنازل إلى الغابة ،سمعت شيًئ ا ما.
كانت مكتومة ،مع همسات صامتة وصرخات ناعمة من خلفها .قمر مطوي بعيدا .اختبأت وراء شجرة عمالقة ،
مستخدمة ظلها لتندمج مع الليل ؛ التخلي عن الدالء ،مع العصا الموجودة في الشجيرات حول قدميها لتحريرها من الوزن
الزائد .اقتربت منها المراوغات وحبست أنفاسها ،على أمل أال يسمع أي شخص أو أيا كان صوت طبلة القلب التي تدق
على ضلوعها.
يدور الظل المتداول من أمامها ،حول الشجرة الضخمة ،ويسافر عبر درب التراب البالي المؤدي نحو النهر .كانت
تتوق إلى أن تكون في منزلها مع والدتها .أكلها من قبل الوحش أو أخذها من قبل لم يكن يفي بالوعد الذي قطعته على
نفسها .عندما خفت صوت الخلط بعيًد ا ،ابتعدت قمر عن الشجرة في بدايات العودة إلى المنزل .ثم طعن صرخة حادة
خارقة طوال الليل.
توقف وقع أقدامها على درب التراب حيث سرعان ما اختفى الصوت بالسرعة التي تم بها .عرفت قمر على الفور ما هو
الصوت ،لكنها لم تجرب أبًد ا النظر إلى صوت من القرية .لكنها عرفت كيف تبدو الشتلة .كانت تتمايل وسط الظالل
الداكنة لألشجار ،وأطراف أصابعها المؤلمة تتأرجح فوق لحاء خشن وهي تتبع األصوات المكتومة بالقرب من النهر.
عضت شفتها لتلتزم الصمت .أضاء ضوء القمر الشفق على ضفة النهر ،متأللًئ ا على الشكل الذي كان يغيرها .تحركت
نحوها امرأة ذات شعر أشقر طويل ،وتجمدت قمر ،معتقدة أنه تم العثور عليها .وبدًال من ذلك ،جثت المرأة وسحب سلة
مصنوعة بشكل فظ من الجذور المكشوفة للشجرة .اتسعت عيناها عندما تجولت المرأة المجهولة نحو الشتالت المتمايلة
على األرض ووضعت الرضيع في السلة.
كانت أطراف أصابعها تتألم وهي تضرب اللحاء بقبضة هائلة .نزفت مفاصل أصابعها ،تماًما مثل القمر أعاله ،بينما
كانت تراقب المرأة وهي تدفع السلة في النهر .تحولت التموجات السوداء الصغيرة إلى تيار ،مما أدى بسهولة إلى انتزاع
السلة بعيًد ا .انسحبت قمر من مكان اختبائها في حالة من الذعر قبل أن تتساقط في النهر من أجل الشتالت المنجرفة.
غرقت وخزات الدبوس في لحم ذراعها ،وأخرجتها من الماء .بشكل انعكاسي ،تحررت قمر بسهولة من قبضة الطعن
واستدارت .نظرت بصرها إلى المرأة الفظيعة.
" لماذا تفعل ذلك ؟" صرخت بشكل مثير لالشمئزاز .قامت المرأة بإمساكها بأخرى ،ودفعتها قمر بالقوة إلى الضفة
الموحلة " .ماذا تريد أن تطفو شتالتك في النهر ؟"
" هل هذا يزعجك وصمة عار ؟" سأل المرأة بشكل ضار .سخرت عندما جفلت قمر من نبرة االشمئزاز مع استمرار
المرأة " .ماذا او ما ؟ هل تعتقد أنني لن أتعرف عليك ؟ هل يجب أن أبقيه كما فعلت والدتك الغبية ؟ إنه بقعة ،ويتم غسل
البقع بالماء " .
تجفلت قمر مرة أخرى عندما تعطلت صرخة صاخبة أخرى خالل الليل الصامت .اتبعت عيناها تيار الماء على أمل
رؤية السلة مرة أخرى .لقد ذهب .ضحكت المرأة من األرض قائلة " :اسع وراءها إذا كان عليك ذلك .آمل أن يأخذك
النهر أيًضا " .
ألول مرة في حياتها ،غضبت .لقد كان غضًبا لم تشعر به من قبل .كان هناك شيء من الجنون الدائر تجاه القرية ،في
وايزمان وأي شخص آخر يعتقد أنها وآخرين مثلها يفترض أن ينتهي مثل هذا .حدقت قمر في المرأة ذات الغضب الجليدي
،وتصلبت عيناها البنيتان وهي تهمس " ،ارحل" .
لم تضيع المرأة أي وقت في الهروب ؛ اختفت كل شجاعتها المزيفة بأسرع ما اختفت .اهتزت قمر من الشفقة والغضب.
تناثر صندلها في الماء ،مما أرسل موجات عنيفة في الماء .ارتدت أصوات رشها حول الغابة الفارغة حتى وصلت إلى
المياه العميقة ،عاقدة العزم على متابعة صرخات النمو بعيًد ا.
خالل النهار ،ال يمكن العثور على ظالل أو ظل .اآلن ،في ظالم الشفق ،كان الماء البارد يقضم بشرتها العارية ،
مغمورة بالفستان البني الذي كانت ترتديه .كانت موجاتها من خشب الماهوجني تتطاير في التيار ،وتلتصق على وجهها
المبلل .قامت بتنظيف شعرها مرة أخرى حيث أصبح التيار أقوى .زيادة التيار بسرعة ألنها تطفو أسفل النهر.
لوحت بأطرافها بطريقة خرقاء في محاولة للبقاء واقفة على قدميها .شعرت كل عظمة في جسدها بالبرودة في
منحدراتها ،في الهواء ،وكل غريزة تحملها أرادتها أن تخرج منها .لكنها ما زالت تسمع الصرخات ،حتى فوق المياه
المتدفقة .صرخات قادتها فقط .عملت أطرافها المتعبة بشكل أسرع ،وكان الماء األسود أكثر سعادة للمساعدة .بعنف ،
انجرفت إلى منحدرات منسوجة ،واألسوأ من ذلك أنها ابتعدت عن المنزل.
نهب الماء وتحطم من كال الجانبين ،مما جعلها تسعل السائل من رئتيها .كانت أكتافها اآلن تصرخ في وجهها بال هوادة
من التعب .ركلت قمر بعناد على أمل مساعدة ذراعيها .تناثر سائل جليدي على رأسها ،فأغمي عينيها من الظالم الغامق
في األعلى .طردت الماء بمجرد اصطدامها بشيء ما .نزل الدم في فمها من الصدمة الخشنة ،مما جعلها تشعر بالدوار.
موجة بعد موجة ،اصطدمت بالصخور ،بالكاد تمكنت من التقاط أنفاسها .تم إجبار الرئة األخيرة على الخروج من فمها
عندما اصطدمت برأسها أوًال في الظل الذي ال مفر منه .رأت قمر اللون األبيض خلف عينيها حيث أصيبت الصخرة
بكدمات في جسدها الذي تعرض للضرب .تومضت عيناها ،ورأيت ضوء النجوم قبل أن يبتلعها التيار المنجرف.
هكذا تصف نفسها .كان هناك دفء حولها جعلها مسترخية وغير مستعدة بعد للنهوض من المكان الذي زرعت فيه.
دمدمت قمر – بدت وكأنها قرقرة – بينما كانت تسليط الضوء على جفونها مصرة على تحريكها .رفضت قمر الضوء ،
وضغطت على وجهها في السطح المريح الذي شوه وجهها بسحق .لقد استنشقت بعمق وهي مسترخية عائدة إلى النوم.
غزا الطين البارد أنفها وانزلق على حلقها .ارتجفت ،وسعلت بعنف المادة اللزجة من فمها.
تجمعت الدموع وحرقت عينيها المؤلمة وهي تفتحهما .عادة ما يعمي ضوء الشمس الخام من فوق رؤيتها .انزلق الطين
على وجهها ،نازًف ا إلى األرض وهي جالسة على مضض .تأوهت مرة أخرى عندما وجدت نفسها على ضفة النهر.
كان كل شيء يؤلمها حيث احتج جسدها ضد كل حركة وهي تقف بعيًد ا عن سريرها على ضفاف النهر .غرقت أصابع
قدمها العارية في الوحل البارد ،واكتشفت أن نعلها قد فقد .توترت ركبتيها في محاولة إلبقائها منتصبة .قمر ظلل عينيها
بذراع سوداء وزرقاء مبعثرة لحجب األشعة .حدقت ،وهي تدرس ضوء الشمس وهي تتساءل كم مضى من الوقت.
بشكل ضعيف ،صرخت من شجرة إلى شجرة على ضفاف النهر ،عائدة إلى القرية بالمياه كدليل لها .جعلها اإلرهاق
تتعثر ،وتعبت أنفاسها وهي تمضي .كان هناك حرق في حلقها حيث تغيرت الشمس إلى اللون األصفر الذهبي فوق
رأسها .تداعب الحرارة مع نسيم ترابي فوق بشرتها .شاءت نفسها لألمام حتى غامرت في األشجار المألوفة.
ترنحت فوق اإلجازة الخضراء الباهتة ،وسحقتهم تحت قدمها قبل أن تسقط .هبطت مع نخر ،وارتفع ألم إطالق النار
على كاحلها ،مما أدى إلى إصابة ساقها وهي تندفع ببطء .تجمدت قمر عندما أدركت ما تعثرت فيه.
الحفرة التي أخفت سلة الشتالت من جذر الشجرة لم تكن تبتلع .بدا األمر كما لو كان منزل مخلوق صغير في وقت ما ،
ولم يتم ملؤه أبًد ا .تنكمش قمر ،مستاءة من حنان يديها وهي تستخدم الشجرة في االتجاه الصحيح.
مع استمرار التنقل بين األشجار ،وجدت قمر مياهها تجلب اإلمدهبة ت من المكان الذي تركته فيه .منخفضة في حلقها ،
تأوهت في شكوى بسيطة وهي تناقش نفسها بتعب .منطقيا ،حمل العصا الطويلة والدالء في حالتها سيكون غير وارد.
ولكن في ضبابية عقلها الباطن المترنح ،سمعت صوت والدتها ،وهي تذكرها مرة أخرى بالوعد الذي قطعته على نفسها.
أغمضت قمر عينيها وتنهدت ،وهي تعلم أنه ال داعي لها لسماع الباقي .لقد وعدت بدافع الحب والخوف ،وعليها اآلن
الوفاء بها.
فتحت قمر عينيها واستنشقت بحدة واستنشقت نفسها بقوة من أجل المزيد من األوجاع المعلقة .عابسة ،تركت الشجرة
على مضض .تسبب السقوط على الركبتين في مزيد من األوجاع في كاحلها وأغلقت عينيها مع انتشار االلتهاب .حفرت
أظافرها في التراب ،في انتظار اختفائها.
أطلقت نفًس ا مرتعًش ا من الراحة ،وتمكنت من تخزين بعض الطاقة اإلضافية النتزاع العصا الطويلة من المساحات
الخضراء .طعنت أحد طرفيها في التراب ،وتسلقت .باستخدام العمود كعصا للمشي ،تمكنت قمر من إعادة ترتيب كل
دلو على أي ذراع .ثم ضغطت ببطء.
تطاير الطين الجاف من جلدها عندما أغلقت المسافة بين القرية وبيتها .هب دخان رمادي في السماء الزرقاء لحظيا
حجب األشعة الذهبية .كانت حافي القدمين تتدحرج فوق درب التراب وهي تقذف الدالء جانبًا وهي تقترب من منزلها .في
حالة ضعف ،طلبت والدتها في نسيم دافئ خشن ،سهل الضياع .ابتلعت حزيًن ا ،نادمة ألنها لم تشرب في النهر .لكن في
الوقت الحالي ،لم يكن وجودها بالقرب من الماء في ذهنها.
كان الفراء الناعم يمرر أطراف أصابعها وهي تتساقط من خالل فتحة الباب .اختفى عالمها في الظالم للمرة الثالثة في
أقل من يوم واحد.
تبكي " حريد" ،وتناثرت النحيب المدوي في الظالم وهي تقاوم أمواج األيدي البغيضة التي تحاول جرها تحت التيار
الجامح .اختنق صوتها ضد الجليد وطعم الطين المر كظالل مثبتة حول حلقها .فتحت قمر فمها وهي تصرخ في صمت
طلبا للمساعدة ،لكن لم ينسكب شيء من فمها .تدفق الذعر والرهبة وشيء آخر عبر جسدها حيث تمكنت األيدي العديدة
من جرها تحت الهاوية السوداء .انجرف العدم حولها عندما تجمدت ؛ التخلي عن كل اإلرادة للقتال ضد اليدين .مع
الصراخ الصاخب ال يزال يرن في أذنيها ،كانت ترقد في الظالم .على أمل أن يأخذها إلى موتها برحمة .مع انتشار
أطرافها في االنجراف ،طافت عبر نهر األيدي المظللة.
خفق قلبها في وجهها .ثم اثنان .سرعان ما انتشرت حرارة نابضة في جسدها ،مما أدى إلى ارتعاش نبضات القلب التي
شعرت بها في فرط النشاط .قصفت القفص الصدري ،تقريًبا لدرجة األلم ،كما لو أن شيًئ ا ما حثها على المضي قدًما
والقتال .ترفرفت عيناها بشكل ضعيف و قابلت عيناها البنيتين تحدقان إلى الوراء .دقات قلبها كانت تشجعها بشدة على
االستمرار في القتال .كافحت إليماءة رأسها ،لكن عندما فعلت ذلك ،اختفت فيها العيون فوقها في الظالم.
انفتح فمها في صرخة صامتة على عكس سابقتها .صرخت مع ارتفاع درجة الحرارة ،مما أدى إلى إصابة جسدها
بنوبات .سرعان ما أصبح العالم األسود أكثر إشراًق ا من الغرابة التي امتدت فوقها .شددت قمر عينيها لمنع الضوء
األبيض الساطع من االحتراق .بسبب اإلحساس الغامر ،كادت تشعر بالتجدد .يشع الضوء عبر عروقها ،ويجدد قوتها
بأطرافها.
انطلقت قمر ،وكانت يداها تتلمسان صدرها بال عقل حيث دفء عينيها ما زال قائما .كان العرق البارد يقطر من جبهتها
وهي تلهث في محاولة لتهدئة قلبها الخفقان .تومضت عيناها بعصبية للحظة ،وتوقعت أن تمسك يديها الغامضتين ،حتى
أدركت مكانها.
وجدت بصرها عيون فضية قلقة وابتسمت قمر بشكل ضعيف على والدتها " .مرحبا أمي" ،عرضت عليها بخشونة ،
وحلقها محترق بسبب اإلهمال .تم رسم عالمات واضحة على الضيق على وجه والدتها ؛ كما لو كانت المرأة المسنة تبكي
منذ أيام .ثم أضافت " ،أنا في المنزل" .
أغمضت عينيها واستعدت للعناق الساحق المتوقع الذي يتبع دائًما بعد الضيق العاطفي .بعد ثواٍن ،لم يأِت عناق ،فقط
البكاء في مكان قريب .فتحت قمر عينيها ووجدت تجعيد الشعر الوردي الطويل ألمها ملفوًف ا على ركبتيها بينما كانت تبكي
في حجرها .مبدئيا ،تواصلت قمر .ملفوفة واحدة من المحالق الوردي حول إصبعها ؛ انها جرها بهدوء.
حدقت عيون حمراء في وجهها بينما ابتسمت قمر مرة أخرى ،وشدتها على الضفيرة بشكل هزلي " .أنا بخير" ،قالت ،
مطمئنة والدتها ؛ الذي ارتجف فم والدتها من محاولة كبح المزيد من البكاء.
كررت قمر مرة أخرى " :أنا بخير" ،ثم تلقت أخيًر ا العناق الشديد الذي توقعته .تنهدت تنهدات في رقبتها بينما كانت
والدتها تقترب منها ،تداعب شعرها الالمع .كررت قمر جوقة " أنا بخير" و " أنا هنا" لوالدتها بينما كانت المرأة األكبر
سنا تمسكها بقوة .أغمضت عينيها بحسرة ،محتضنة دفء حرارة والدتها ،مدركة أنها لن تشعر بالبرد مرة أخرى.
دقات القلب الدافئة ال تزال باقية في صدرها .ال يزال بإمكانها الشعور بحرارة غامضة داخل جسدها .عرفت قمر أنها
شعرت باختالف .لقد تغير هذا الشيء ،لكن دون معرفة ما كان عليه .كانت هناك قوة جديدة تحملها .ال شيء شعرت به
من قبل.
ًئ اًل
تموجت أوراق البرتقال عبر تيار النهر حيث جمعت قمر بحرص دلًو ا ثقي ملي ا بالمياه من الحافة الموحلة .قطفت وألقت
الشجرة الساقطة في الماء قبل أن تحمل الدلو في يديها .اتبعت قمر المسار .أغلقت عيناها بينما كان النسيم البارد يتدفق
عبر شعرها ،يرمي األوراق حول قدميها.
كانت القرية هادئة حيث كانت تصب الماء بسهولة في الحوض الحجري .منذ أن أوشكت على وفاتها ،كما أوضحت لها
والدتها أنها كانت تتحسن ،كانت مختلفة .في غضون شهرين ،لم تعد أطرافها تتعب بسهولة من نقل الماء .اكتشفت أنها
تحمل ليس فقط دالء من الماء بل أربعة ؛ بدون أي آالم مؤلمة .في اليوم التالي بعد األربعة ،سرعان ما جربت ستة من
خالل تحرير دالء مكسورة من الكومة التي تم التخلص منها على الجانب اآلخر من األشجار .نادًر ا ما حملت ستة ،
واكتشفت أنه كلما زادت كمية الماء ،زادت كمية المياه التي تسكبها.
عندما أسرت ألمها قوتها ؛ ذكرتها المرأة األكبر سًن ا بأنها تستطيع حمل التنوير عبر عروقها .خاصة اآلن بعد أن كانت
تقترب من ثالثة عشر تمريرة في عدة أيام أخرى .أومأت برأسها إلى والدتها ،ورأت المنطق وراء كالم والدتها .لكنها
عرفت السبب الحقيقي أو على األقل مفترضة .استيقظ استنارة قوتها عندما ماتت.
بمجرد أن أصبح الدلو فارًغ ا ،عادت بفرح إلى النهر الستعادة العمود ودلو آخر .صفع صندلها األوساخ وهي تدور حول
شجرة الزاوية المؤدية إلى الماء .ثم جمدت.
جلس شخص بصوت منخفض بجوار النار عبر النهر .ابتعدت قمر بعيًد ا ،وسقط الدلو على األرض ،وتردد أصداءه
الجوفاء صدى األشجار .ركزت على قضاء المساء في أنفاسها حيث بدأت الصرخات الصاخبة في النحيب في رأسها.
قبضت يدها على فمها لمنع نفسها من الصراخ بينما حملت ومضات من التيار األسود السلة بعيًد ا.
عضت قمر شفتها .تصلبت عيناها .كانت الغمغمة المنخفضة تمر عبر الريح لتصل إلى أذنيها عبر الطريق .ساد العزم
في بطنها ،كما تصاعد الغضب على الظل الضخم .لم تكن على وشك ترك شتلة أخرى تطفو على ضفاف النهر .لم يكن
هناك خيار للفشل هذه المرة .بعزمها ملفوف حولها مثل عباءة ،تبتعد عن مكان اختبائها ،وتدوس على الحافة الموحلة.
عندها أدركت خطأها .كانت افتراضاتها عن الشكل خاطئة تماًما عندما سقطت عيناها على الرجل األسود المربوط داخل
خط الشجرة.
أضاء ضوء النار ظالل الشكل .قابلت العيون المظلمة عيناها .توقف الرجل عن أكل وجبته وحدق فيها بفضول ممتع.
ابتلعت قمر بشدة حيث عبرت عينا الرجل الخربيتان على كامل جسدها .سقطت قشعريرة الرعب على جلدها ،ثم
تراجعت.
" أيمكنني مساعدتك ؟" سأل الرجل وهو يمضغ عضة أخرى " .ألست صغيرا تتجول بمفردك في الليل ؟"
تمكنت من قمع رجفة عندما نظر إليها المهاجم مرة أخرى .فاجأت قمر ،ففتحت فمها وأغلقته على أمل أن تتالشى
الكلمات قريًبا .ضحك المهاجم ،كما لو أنها قالت شيًئ ا مرًح ا .لكنها عرفت أنها لم تفعل ذلك.
" اآلن ،أنت تشبه السمك الذي أكلت عليه .لقد فعلوا شيًئ ا مشابًها بأفواههم مباشرة قبل أن أشعلهم بهذا " .قام بلف سيخ
فارغ بأطراف أصابعه قبل أن ينقله بعيًد ا إلى أجزاء غير معروفة.
هزت رأسها بعنف وأخذت خطوة أخرى للوراء .ثارت األسئلة بسرعة في عقلها .ما الذي كان يقوم به أحد المهاجمين
بالقرب من أملور ؟ وأين كانوا الدراجين ؟ أين انشغلوا في قتال المغيرين اآلخرين ؟ مثلما كانت القرية تتعرض للنهب
بصمت ؟ مشيت قمر بحذر إلى الوراء ،ومضت عينيها بعناية فوق كتفها حتى تتمكن من العودة إلى المنزل إلى والدتها.
" اآلن ،ال تذهبي ،تسمع ؟ لقد عرضت عليك سمًك ا ،يمكنك على األقل مراعاة األخالق الحميدة أنك من هذه القرية.
هسهس وهو يرفع جسده الضخم عن األرض " .قام الرجل بضرب إصبعه على األرض بجانبه " ،ال تجعلني أسأل مرة
ثالثة" .
" أنا لست جزًءا من هذه القرية" ،صرخت قمر ،وتمكنت أخيًر ا من العثور على صوتها " .وأنت لست كذلك! أنا مدين
لك شيئا!" أنهت .استدارت قمر للركض ،لكنها انزلقت على العصا المهجورة لجلب إمدهبة ت المياه .صعدت إلى
األرض الموحلة.
نظر إليها الرجل وهو يرش النهر نحوها على عجل .سارعت قمر يائسة للوقوف ولوح بالعصا الطويلة كسالح .كانت
هناك ابتسامة مقززة عبر وجه المهاجم عندما ضحك بعمق أمامها وهي تشير إلى الحافة نحوه " .ماذا ستفعل مع تلك الفتاة
العصا ؟ نكزني حتى الموت ؟ "
ضحك على كلماته الخاصة ،حملت التسلية في الهواء .عبس قمر وكشفت أسنانها " .إنها فكرة ، "-همدت وهي تسحب
العصا للخلف " .لكن ليس الشخص الذي كان لدي!"
هي تتأرجح.
يضخ قلبها على القفص الصدري عندما اصطدمت العصا بوجه المهاجم ،مرسلة شظايا تتطاير من مجرد قوة الضربة.
عوى الرجل في عذاب ،أمسك بها بعنف ،وشتم وبصق تهديدات جامحة من شفتيه .تهديدات سموم تنزف من فمه تحمل
نفس القدر من األلم الذي نزل من رأسه.
تدفقت أنهار سوداء داكنة من رأسه األصلع قبل أن يسقط في الوحل مع ضربة مقززة .انتظرت قمر بهدوء ،ولم تتجرأ
حتى على التنفس .اتسعت عيونها حدقت في المغيرين بصدمة مرعبة عندما أدركت أنها ربما قتلت رجًال للتو .كانت يداها
ال تزاالن ترنان من الصدمة .فزعت قمر ،أسقطت الخشب المتشقق الباقي على األرض بينما كان رأسها يسبح.
لم تكن تريد أن تؤذيه ،فقط أخافته إذا استطاعت .عرفت قمر أنها أصبحت أقوى اآلن مما كانت عليه قبل شهرين .ولكن
حتى مع تنويرها الجديد ،ال توجد طريقة أنها كانت قادرة على قتل رجل ،حتى في الدفاع عن نفسها .أثبت المهاجم على
األرض عكس ذلك .دفعته قمر بقدمها .زفيرها ببطء عندما بقي المهاجم ساكًن ا على األرض .بالتراجع ،بعيًد ا عن الجثة ،
ناقشت عقلًيا ما يجب أن تفعله به.
الذهاب إلى منزلها ،مع اإلغراء الواعد بفراش دافئ ينتظرها بدا سماوًيا .ولكن إذا كان هناك غزاة آخرون في المنطقة ،
فعليها تحذير القرية .ارتجفت وهي تتذكر عيون المهاجم المتجولة قبل أن تومض الحكمة في عقلها .تنهدت قمر بعمق.
إخبار الحكماء سيكون أفضل .لقد كانت فكرة رائعة حًق ا ،أو على األقل انقلب الحكماء ضدها ...أكثر .كانت تعلم أنه
بإمكانهم ،وربما سيفعلون ذلك .كانوا بطريقة ما يحولون كلماتها إلى شيء أكثر .ثم سُتعاقب ،إلى جانب فرصة تورط
والدتها بطريقة ما في فوضى خاصة بها .خفق قلبها بشكل مؤلم .فقدان والدتها ،الشخص الوحيد الذي لديها في العالم ،
من شأنه أن يكسرها.
قامت قمر بتدوير شجرة الزاوية .واشتبكت مع التراب على الطريق الرئيسي المؤدي إلى منزلها .انجرف نسيم الليل من
ورائها ،وشّمت تانغ غير مألوف في الهواء .فجأة صفق شيء على فمها.
حدث شيء كثيف حول خصرها ،وجرها إلى الوراء من حيث أتت .ركلت قمر بال فائدة ،وضربت أطرافها بقوة.
رفعت يدها عبر فمها لمنع صراخها من تنبيه القرية.
" اآلن ،سمكة صغيرة" ،غرد المهاجم في أذنها .كانت أنفاسه الدافئة الملوثة تنفث على وجهها وهو يتابع " .لم يكن
ذلك لطيًفا جًد ا".
شّد ت يدها على فمها ،وسحقت على أنفها .سعلت وهبة رت رأسها بعيًد ا بينما همس الرجل في أذنها مرة أخرى" .
دعونا نرى ما إذا كان يمكنك السباحة بعد ذلك!"
قبل أن تتاح لها فرصة التمسك بشيء ما ،أبحرت في الهواء وتحطمت في أعماق منتصف الليل .برد الجليد عظامها
عندما كسرت السطح في صرخات مروعة .كانت تبتلع في رئتيها وهي تضرب بال حول وال قوة ضد التيار .نمت
صراخها أعلى فقط عندما شعرت بظالل الكابوس الذي أثيرت فيه كاحليها .وبينما كانت المياه تتسلل على وجهها ،رأت
قمر ألسنة اللهب تتألأل على الطريق باتجاه النهر.
انفجر عنها المرض عندما تحركت قدميها بالكامل عن النهر .تناثر السائل على الوحل بجانبها حتى لم يبق لها شيء.
بغثيان وقفت وحدقت فوق المياه الجليدية .قامت بقمع البرد المخيف الذي كان يزحف إلى أسفل عمودها الفقري .لم ترغب
أبًد ا في أن تكون في الماء أبًد ا ،وال في هذا النهر أبًد ا ،حيث بدا أنها مصرة على قتلها.
طلعت الشمس في األفق عندما دخلت قمر منزلها .عبرت المنطقة الرئيسية بصمت إلى غرفها ،متجاهلة النظرات
الغريبة من والدتها .سحبت ثوبها الموحل فوق رأسها ،وسرعان ما نظفت نفسها بحوضها الحجري .بقطعة قماش
منسوجة ،حك جلدها بشكل منهجي ؛ تنظيف جميع آثار المهاجم وإجبارها على السباحة .كانت تجفل كلما المس الماء
بشرتها.
عندما كانت قمر نظيفة بدرجة كافية ،كانت تتنقل عبر األقمشة المنسوجة الملونة إلى سريرها .اندفعت إلى األمام وفي
غضون ثوان كانت نائمة .داخل رأسها ،ابتلعتها كوابيسها المعتادة التي بدأت قبل شهرين .تردد صدى ضحك الرجل جنبا
إلى جنب مع صرخة اليائسة الصاخبة للشتلة .فوق الضوضاء ،سخر منها النهر بتيارات مظلمة ،مما دعاها إلى
االقتراب من الماء مرة أخرى .وتحمل الوعد بأنها لن تعود إلى المنزل أبًد ا.
هناك حرق في وجهها عندما فتحت قمر عينيها ،والتقت بنظرة والدتها القلقة من فوق .دفعت والدتها بحرص بعيًد ا لتجلس
ثم قامت بفرك خدها بلطف.
" هل صفعتني ؟" سألت قمر مندهشا .كان وجهها ينبض بالحرارة واأللم .أمها أمسك رأسها ألسفل .أجابت خجلة" :
الماء زادك سوًءا" .تومض عينا قمر نحو الدلو الفارغ بجوار سريرها .أومأت برأسها ،ونفضت قطرات الماء من
شعرها على البطانيات.
جلسا في صمت بينما كانت قمر تقاتل من خالل آخر آثار كابوسها .لقد جعل الماء المتساقط من شعرها كابوسها أسوأ .في
الواقع ،كان ال يزال بإمكانها رؤية الشتالت الصغيرة على النهر ،والدم يسيل من السلة .أذرع رمادية صغيرة ترش
السائل الدافئ ،لكنه كان بارًد ا عندما سقط على جلدها .كان الجو باردا ،فقط عيون الشتالت .بارد وفارغ مثل الموت.
سحبها صوت والدتها بعيًد ا عن كابوسها وبعيًد ا عن أفكارها .بالعودة إلى الواقع ،تراجعت ،مما أدى إلى اختفاء عيني
الشتلة " .ماذا او ما ؟" نكت قمر بقسوة.
قالت " ،شتلة" ،حتى قبل أن تتمكن من السيطرة على نفسها .كانت قمر ال تزال متعبة للغاية بحيث ال يمكنها االهتمام.
حاولت أال تجفل عندما قامت والدتها بتدوين وجهها بحنان " .إنه أي شيء ولكن ال شيء .ماذا عن الشتالت ؟ "
وقفت وفصلت يد أمها بالقوة عن وجهها .ارتطم الهواء بجلدها العاري عندما ذهبت إلى كومة المالبس التي كانت لديها.
شرحت قمر وهي تشد ثوًبا آخر فوق رأسها.
" لقد تعرضت للهجوم من قبل مهاجم الليلة الماضية "،صرحت برأسها خالي من فتحة الفستان " .ألقى بي الرجل في
النهر عندما رفضت عرضه لتناول الطعام معه .لقد غضب مني ،كما لو كان يعلم على الفور أنني سأركض .كان غاضًبا
عندما ضربته وهربت .وذلك عندما أمسك بي وألقى بي في النهر .رأيت ألسنة اللهب قبل أن أغرق تحت السحب " .
كان هناك تنفس حاد داخل غرفها ،لم يكن منها ؛ تجاهلت قمر ذلك .وتابعت " :ال أعرف ما إذا كان الفرسان قد سحبوني
من األعماق أم تمكنت من الخروج من الماء بمفردي ولكن "...
" النهر أرادني" ،غمغمت قمر ،متذّك رة الظالل في التيارات .واأليدي التي تمزق جلد كاحليها .التقت عيناها الخمريتان
المسكونة بعيون والدتها الفضية " .وكأنه يعتقد أنني أنتمي إلى هناك .أنا أفهم اآلن ".عانقت قمر نفسها بينما كانت والدتها
تقف.
قالت والدتها " :لكنني لست قمر " " .تحدث إلي رجاءا".
أجابت قمر " :أنا ضعيف" عندما بدأت تتجول في غرفها " .حتى مع استنارة والدي ،ما زلت ضعيًفا".
" ثم كن قويا".
توقفت في هياجها .نظرت قمر إلى والدتها بعيون متسعة " .ماذا او ما ؟" تساءلت وكأنها لم تفهم في المرة األولى.
كررت المرأة األكبر سنًا وهي تسير نحو قمر " :كن قويًا" " .تعلم كيف تدافع عن نفسك".
سخرت قمر ،وهزت رأسها " .كيف ؟ أنا وصمة عار ؟ الحكماء لديهم أوامر ،لذلك حتى لو أردت أيًض ا ،ال أستطيع
".
تجمدت والدتها في خطواتها ،ثم عبرت بخفة إلى رفرف الفرو .قامت بسحبها بأطراف أصابعها " .حسًن ا ،لقد اختلفنا أنا
ووالدك مع األوامر مرة واحدة .ربما حان الوقت لكي تختلف معهم أيًض ا " .
تبعتها عيون سيت ،مندهشة ألن والدتها تركتها وحدها في غرفها .استقر غطاء الفرو ببطء في الهواء عندما تفكرت
قمر في كلمات والدتها .فقط كيف كان من المفترض أن تصبح قوية ؟ طاردت قمر والدتها على الفور.
" إذن ما الذي تقوله بالضبط يا أمي ؟" سألت عندما بدأت المرأة المسنة تستقر بجوار عمود النسيج " .هل يجب أن
أتسلل في التدريب على األسلحة ؟"
هزت المرأة األكبر سنا رأسها " .ال يتسلل .يمكن للناس تعلم أشياء كثيرة بمجرد المشاهدة " .
قالت والدتها " إنك تجلب الماء فقط أثناء الغسق" .حدقت عيناها الفضيتان في وجهها بثبات " .أكثر من وقت كاٍف
للمشاهدة".
شم قمر " .تقصد الجاسوس .لدي متسع من الوقت للتجسس " .
بأناقة ،هزت والدتها كتفيها بابتسامة لطيفة تلعب على شفتيها " .ربما .لكن كلمة جاسوس تبدو وكأنك تفعل شيًئ ا مقيًت ا .إن
المشاهدة ،وإدراك بيئتك التي تحدث لمساعدتك ،ليس أمًر ا مقيًت ا على اإلطالق " .
" إذن كيف يمكنني القيام بالتجسس اللذيذ ؟ إخفاء في الفرشاة في مكان ما ؟ "
كانت والدتها تتأرجح بينما كانت قمر تشد صندلها عند المدخل " .كلما استغرقت وقًت ا أطول لالستعداد ،كلما فاتتك المزيد
من التدريب" ،صرخت والدتها وعينيها ال تزاالن تركزان على عمود النسيج.
" كن حذرا .قم بمحاولة العودة إلى نفس الحالة التي تغادر فيها " ،تمتم المرأة األكبر سًن ا .أومأت قمر برأسها وابتسمت.
" سافعل ما بوسعي".
سارت بسرعة عبر الدرب الترابي حتى وصلت إلى الحافة الخارجية للقرية .توغلت قمر إلى اليسار في مجموعة كبيرة
من األشجار إلخفائها بعيًد ا عن المحادثات المزدحمة وأعين المتطفلين.
تعثرت قدميها فوق تضاريس الغابات غير المستوية ألنها كانت تتجنب الممر البالي .عضت شفتها ،وشقت طريقها عبر
األشجار واألغصان المتساقطة .كانت الشمس تنهمر في السماء في جميع أنحاء أوراق الشجر الخضراء المتدفقة وهي
تتجول لما شعرت به إلى األبد .حتى رأت مجموعة من األوالد يسيرون على الطريق.
ضربت قمر بطنها .انتشرت األوساخ الباردة على جلدها .كانت راحتيها تؤلمان بينما كان قلبها ينبض بعصبية على
األرض .أطلقت ببطء نفًس ا عصبًيا وهي تزحف داخل الفرشاة الثقيلة إللقاء نظرة فاحصة.
كانت األرض المسطحة لألسلحة كما كانت تسمى .أحاط العشب األخضر واألشجار في كل مكان باستثناء جزء واحد
ضحل من الغابة ؛ ترك بقعة خالية ومثالية لتعليم األسلحة .انتشر الغبار الكثيف في الهواء بينما كانت مجموعة أخرى من
الفتيان ،في سنها تقريًبا ،تهرب .على الجانب اآلخر من األرض المسطحة ،استطاعت قمر أن ترى أربعة فتيان آخرين
يتدربون على األقواس واألسهم الخشبية.
ببطء ،زحفت في طريقها وتجسست .أو شاهدت رجاًل قوًيا مستنيًر ا يتجول لتفقد كل شكل من أشكالهم بينما يتراجع
األوالد .درست قمر بذكاء ،وشاهدت كل تصحيح يتم إجراؤه ،واستمعت إلى كل كلمة منطوقة .دفنت في عمق
المساحات الخضراء عندما سار الرجل بجوار مخبأها .عندما ابتعد عنها تكلم.
بدًءا من الصبي األشقر الذي يقف بعيًد ا ،تراقب سهمه يغرق في اللحم األبيض للشجرة التي أمامك .لم يكن هناك شك في
أن لحاء الشجرة قد ُأطلق منذ فترة طويلة .أطلق صبي آخر النار وضرب اللحاء بضربة مكسورة .ضرب الطفل الثالث
هدفه بسهولة .نظرت قمر إلى الصبي األخير ؛ كان شعره الفضي الشائك يلمع باللون األبيض في ضوء الشمس المفتوح.
سحب الصبي القوس مرتجًف ا وأمسكه ،محدًق ا في الهدف أمامه بعيونه األرجوانية.
" أي يوم اآلن يا فتى!" صرخ المعلم وبصق في اتجاه الصبي " .كلما طال أمدك ،زاد الضغط على ذراعك .ستفقد
هدفك بهذه الطريقة! "
قفز الصبي .يتجه السهم إلى المرشد في مفاجأة ،ويتالشى عن طريق الصدفة .كتمت قمر صراخها بالكاد عندما تجاوز
السهم رأسها في الفرشاة وغرق في عمق قاعدة الشجرة خلفها .تذمرت عقلًيا لحالة صدمتها ،وكاد حظها الفاسد أن ُيقتل
مرة أخرى .قفز ذعرها عندما خاف المرشد بحرارة.
" اذهب واحصل على ذلك ! أو ستجدين نفسك تجعلهم صبًيا! "
وجهت على ركبتيها لتزحف إلى أبعد مساحة خضراء يمكن أن تصل إليها قبل أن يأتي الصبي من أجل السهم .أو تلك
كانت خطتها .حتى تم سحب قمر بشكل مؤلم إلى الوراء .ووجدت عيناها وهي ترفع رقبتها أن موجات الماهوجني
متشابكة بشكل خبيث داخل أطراف الفرشاة.
" عليك أن تمزح" ،تذمرت قمر .تشد أصابعها بشكل يائس في العقد التي بدت بطريقة سحرية أنها تزداد سوًءا أثناء
عملها عليها " .لقد وعدت أنني لن أحاول الوقوع في المشاكل ولكن يبدو أنني مصممة على العثور علي".
كادت قمر أن تحرر نفسها عندما تحركت أوراق الشجيرة التي كانت تختبئ فيها .التقى سيت براون بعيون نيلية عميقة
قبل أن يطير الصبي للخلف بصيحة.
اختفى الصبي عن األنظار وهو ناخر وعادت األغصان إلى مكانها .حبست قمر أنفاسها ،وعملت بأصابعها عند آخر
عقدة في األغصان .انتظرت .انتظرت أن يعود الصبي سريًع ا إلى المرشد المستنير ليثرثر عليها للتجسس في األشجار .لم
يأت شيء .بدًال من ذلك ،تفرقت األوراق ،والتقت عيناها بأخرى أرجوانية مرة أخرى.
كانت تلمع بينما كان الصبي يدرسها ،وعيناه وجدت تشابك شعرها .ثم وجد سهمه مستقًر ا داخل لحاء الشجرة " .يمكنني
مساعدتك في شعرك إذا ساعدتني في السهم".
التقت عينا الصبي بعينيها " .ربما ال ،لكني أفعل .يمكنك بسهولة سحب السهم من الشجرة ،أليس كذلك ؟ " سأل مشيرا
إلى شعرها البني " .وأنا جيد جًد ا في الحصول على العقد .لذا فهو فوز للجميع " .
مر انعدام الثقة في جسدها في األمواج .لقد وقعت مرات عديدة في فخ كونها شخًص ا موثوًق ا به ،وفي كثير من األحيان
كانت مغفلة .ولكن كان هناك شيء في عينيه يلمع بشكل جميل مثل الشمس ،بغض النظر عن اللون األرجواني .كان
هناك دفء واضح ،مألوف ألمها قبل إلقاء نظرة خاطفة على السهم .لكن كوصمة عار ،لم تستطع أن تكون ضعيفة ،
ليس مرة أخرى.
حدقت قمر الصبي بقوة في وجهه " .سأعطيك سهمك لكنك تبتعد عني وكأنك لم تجدني هنا .هذه هي المساعدة الوحيدة
التي أريدها منك " .
تومض الفضة في ضوء الشمس وهو أومأ برأسه ومد يده " .أنا نصير لين كين .يناديني أصدقائي نصير " .
سحبت نصير لين يده بعيًد ا ألنها سحبت السهم بسهولة من الصندوق السميك .ثم رفعت حاجبها عندما وجدت نصير لين
تحدق بها في رهبة " .ماذا او ما ؟" تساءلت بحرارة " .لقد رأيت المستنيرين يفعلون أكثر من ذلك".
قبل أن تمنح نصير لين فرصة للرد ،اختطفت معصمه ،وضربت السهم في راحة يده " .لقد أوقفت نهايتي من الصفقة ،
لقد حان الوقت للقيام بذلك أيًض ا".
" الصفقة ؟" تذكرت بحسرة " .أخرج سهمك السيئ التصويب من الشجرة وتتركني وشأني".
أومأ نصير لين برأسه " ،شكًر ا لك" ،ملوًح ا بيده المحتوية على السهم " .من أجل هذا .لم أكن ألخرجه بمفردي " .
" على األرجح ال" ،وافقت قمر ،ثم هزت كتفيها " .ثم مرة أخرى ،إذا عدت إلى الدرس ،فربما يعمل معلمك على
تحسين مستواك حتى ال تضطر إلى إنقاذ سهمك في المرة القادمة".
عندما سقطت األوراق مرة أخرى في مكانها ،وغامر السقوط من القدمين بعيًد ا ،بدأت قمر في العمل على العقدة.
تمتمت حول سهام سيئة إطالق النار والصبية المثابرة تحت أنفاسها.
" لن أقول بالضبط لدي هدف رهيب "،صرح نصير لين وهو يسحب األوراق للخلف لُيعجب بعملها اليدوي في العقد" .
لقد بدأت للتو في ممارسة الرياضة منذ أسبوعين بعد أن بلغت الثالثة عشر من عمري" ،زودت نصير لين .جلس بجانبها
على األرض ،متجنًبا الوقوع في شرك كما كانت قبل االستمرار " ،يبدو أن والدي يعتقد أن لدي موهبة في هذا النوع من
األشياء".
ردت قمر شائبة ،وركزت على شعرها " .كما قلت ،لديك ثالثة عشر تمريرة فقط ،هناك وقت لتصبح أفضل ".ثم
قفزت نحوه في مفاجأة ،وكانت عيناها البنيتان متوهجتان .قالت " :أنت ال تفي بالضبط بوعدك هنا" " .أي جزء من
تركني وشأني لم تفهمه ؟"
أجاب بقليل " :الجزء الذي ال يمكنني تركك فيه بمفردك في الحالة التي أنت فيها" " .ببساطة لن تحصل على الحرية قبل
حلول الظالم".
" انا"-
" لماذا أنت هنا ؟" توقف نصير لين " .كنت تشاهد أليس كذلك ؟"
حدقت قمر ،وأوقفت أصابعها عن العقد " .كما تعلم ،أحببت هذه المحادثة بشكل أفضل عندما لم يكن لدينا واحدة".
" أعلمك .هذا هو السبب في أنك تتجسس هنا ،أليس كذلك ؟ " سأل نصير لين.
" يراقب" ،صحح قمر تلقائًيا .ارتعش فمها ألنها قاومت الرغبة في االبتسام " .أفضل كلمة مشاهدة .يبدو أقل إهانة
بهذه الطريقة " .
ضحك نصير لين بابتسامة متواضعة " .حسنا أشاهد بعد ذلك .كنت تشاهدنا نتدرب أليس كذلك ؟ "
هزت قمر كتفيها " ربما" .نحى األوراق الخضراء على كتفيها من الفرشاة " .كنت أمشي للتو" ،قالت " .إنه يوم جميل
جدا".
تجاهلت قمر سؤاله وسألت أحدها " .هل أنت مصمم دائًما على إجراء محادثة ؟"
" هل تستخدم دائًما األسئلة لتجنب مواضيع معينة ؟" ورد نصير لين ،مما جعل قمر ت.
عرضت بابتسامة صغيرة " :سأجيب على سؤالي إذا أجبت على سؤالي" .
" بتنويرتي ،يجعل الناس يرغبون في التحدث معي .أجاب نصير لين " :أنت مختلف" .
تمسح آثار االبتسامة األولى عن وجهها .تضاءلت شفتيها على الفور لتصبح خًط ا مسطًح ا .بغضب شديد ،حدقت قمر في
الصبي الذي جعل دفاعاتها تتساقط للحظة .حاولت االلتفاف على قدميها ،غير مهتمة بفقد ظرف من شعر الماهوجني.
لكنها تراجعت بشكل مؤلم لألسفل وسحبت عقدة بشراسة لتتحرر.
" انتظر!" همست نصير لين على وجه السرعة .حمل صوته ذعًر ا وهو يلوح بيديه " .ليست كما تعتقد".
" إذن ليست حقيقة أنني ملطخة إذن ؟" بصق قمر .صفعت يديها على ساقيها قبل أن تعود إلى مهمتها " .فقط أسد لي
معروًف ا واذهب بعيًد ا .أو األفضل من ذلك ،اتصل بمعلمك هنا وأظهر له البقعة في الغابة " ،قالت بغضب.
" هل فكرت يوًما أنك أول شخص لم يرغب أبًد ا في التحدث إلي بسبب ما أنا عليه اآلن ؟ أن يكون لديك شخص يريدني
أن أذهب بعيًد ا بدًال من أن يتبعني دائًما بهذا العنوان الغبي " المستنير" ؟ " ردت نصير لين بالغضب كما شعرت .ثم
أضاف " :ال يهمني أنك ولدت من رباط .ربما كنت أكثر من كل ما أعرفه " .
قالت قمر بتردد " :أنا هو" .حدق فيها نصير لين بشعور من الحيرة على وجهه .وأوضحت " أنا هنا للتدريب" .
كان نصير لين يبتسم بشكل مشرق ،يكاد يكون شديد اللمعان مثل شعره الفضي في ضوء الشمس .عرض مرة أخرى "
يمكنني المساعدة" " .أنت تشاهد الدروس وسوف أساعدك في تعليمك بعد ذلك".
عبرت حالة عدم اليقين في عقلها .ما فائدة هذا الصبي لها في التدريب إذا لم يستطع التعامل مع القوس ؟ فتحت قمر فمها
لتجيب بينما كان صوت آخر خافت بين األشجار.
" نصير لين!" صاح المرشد " .كم من الوقت يستغرق العثور على سهمك ! ؟"
شممت قمر في التسلية بينما عادت نصير لين إليها " .ابق هنا " .سأعود بعد التدريب لمساعدتك" ،قال مشيًر ا إلى
شعرها .بقيت صامتة وهي واقفة ،وعادت األوراق إلى مكانها.
" لقد وجدتها" ،دعت نصير لين ،ألنها سمعت خطاه بسرعة تبتعد عنها .بعد لحظات بعد أن تحدث نصير لين ،حمل
صوت المرشد صوته في مهب الريح ،مهنًئ ا نصير لين على عودته السريعة .سرعان ما تبعه ضحك من األوالد
اآلخرين.
تومض عيناها بين مشاهدة تدريب األسلحة وتحرير شعرها الطويل من األدغال .في النهاية تم إطالق سراحها .في الوقت
المناسب تماًما للتجسس على وإطالق سهم.
غرق السهم الذي تم جلبه في اللحم األبيض للشجرة بضربة .هبة رت قمر عينيها عندما حدقت عيون أرجوانية في
اتجاهها مع ابتسامة صغيرة تلعب على فمه .خنق ضحكها عندما صفق المرشد على ظهر نصير لين ،مما جعل ابتسامته
تتحول إلى كآبة من األلم .صاح المرشد للدوران تماًما كما امتزجت الشمس باللون األصفر الذهبي.
زحفت عبر التراب وأوراق الشجر الخضراء حتى وصلت حيث يمكن أن تكتشف رأًس ا فضًيا على األرض المسطحة
التي تستخدم فيها األسلحة .تناثرت سيوف خشبية ضد بعضها البعض بينما كان نصير لين يتشاجر ضد صبي أشقر ،كان
من السهل أن يمسك بنفسه ضده .حدقت قمر بين حركات أقدامهم ووضع أيديهم على سيوف التدريب وهم يدورون حول
بعضهم البعض .صفق معلم جديد ،أشقر فاتح يديه ،وأوقف هذه الممارسة.
الحظت قمر توازن كل من المبارز والنصل بينما كان المرشد يحاضر بصوت عاٍل حول أهمية كليهما .أكثر من مرة ،
أثار المرشد غضب نصير لين بسبب إلقاء نظرة خاطفة على كتفه ؛ تبحث في االتجاه الذي احتلته.
اقتربت قمر من أذنيها على أمل التقاط الهمسات الصغيرة بين نصير لين والصبي األشقر الذي بدا وكأنه يعطي نصير
لين نصائح عن القتال .قام المرشد بضرب كالهما في الكتف قبل االستمرار في األمام .كانت يدها تتألم في الحجر الصلب
الصغير الذي تمكن من شق طريقه تحت ثقلها .تجهمت قمر ،قبل إلقاء نظرة خاطفة للتأكد من أنها لم يتم رصدها ،فقط
لتجد نصير لين ينظر بعيًد ا عن دروسه مرة أخرى.
منزعجة على الفور ،التقطت قمر الحجر ورمته .ابتسمت ابتسمت بارتياح عندما ضرب هدفها .صرخ نصير لين عندما
تحطم الحجر بجانب رأسه .نظرت إليه أربعة أزواج من العيون بشكل مشكوك فيه قبل أن يستدير بعيًد ا للتركيز على
الدرس .هي أيضا ،وصلت إلى الدرس في متناول اليد.
استمعت قمر وعيناها مغلقتان ،متخيلة كل الحركات التي تحدث عنها المرشد عندما شعرت بالحرارة .فتحت عيناها
والتقت بالنيلي العميق من مسافة قصيرة .ابتسم لها ،ملوًح ا لها بالحجر الصغير في راحة يده .شمرت قمر بهدوء وسحبت
للخلف بعمق في الفرشاة.
مختبئة وراء األشجار ،وقفت قمر وسارت بحذر إلى بقعة أخرى في الغابة ،بالقرب من معلمها الذي كان يشرح عن
الخناجر ورمي السكاكين .في النهاية ،ابتعدت عن المحاضرة عندما استدار األوالد مرة أخرى .غادرت قمر األرض
المسطحة لألسلحة ورأسها مليء بالمعرفة الجديدة .أثناء عودتها إلى منزلها على الطريق الرئيسي ،تساءلت عن السالح
الذي تريد البدء في التدريب عليه .أو كيف ستشرع في بناء األسلحة أوًال ألنه كان من المشكوك فيه للغاية أن تضع يديها
على أسلحة حقيقية.
أصاب الشعور بالذنب الجزء الخلفي من عقلها ألنها لم تنتظر نصير لين ورفضت قبوله في عرضه للمساعدة .لكنها لم
تستطع الوثوق به .لم تستطع تحمل الثقة في أي شخص .في جزء مقرف من عقلها ،الجزء الذي يعرف نوع الشيء الذي
هي عليه ،يهمس لها بأشياء مظلمة عنه .قد تحاول نصير لين كسب ثقتها قبل أن تلعب مزحة قاسية .ربما ،قبل رميها
إلى المرشدين والحكماء .تكورت يداها على جانبيها حيث انزلقت شظايا من الخوف اللزج في عمودها الفقري .قررت غًد ا
العثور على أماكن أفضل لالختباء.
عندما أزالت غطاء الفراء ودخلت إلى منزلها ؛ ابتعدت أمها المذهولة عن أفكار االختباء واألسلحة وفنلين.
" أعلم أنني أبدو فظيعة" ،تمتمت قمر وهي تحدق في فستانها البني الموحل " .و لكن لم يحدث شىء .اضطررت إلى
الزحف واالستماع " .شرحت لعيون والدتها القلقة .غمرت اإلغاثة واضحة على مالمح المرأة المسنة قبل عبور األرض.
قطعت والدتها ورقة خضراء من رأسها ،ورفع حاجبها الوردي بشكل مثير للجدل.
وعلقت والدتها " ،أنت على حق" ،وعيناها تنهال على مظهر قمر " .تبدو مريعا .أعتقد أنك تحتاج إلى أكثر من مجرد
تطهير بسيط .يجب أن نرتفع إلى البحيرة اآلن ،لذا متى يمكننا العودة قبل غروب الشمس .لقد كنت أنوي اختيار المزيد
من التوت البري لبيعه من أجل الصوف الملون " .
مجرد كلمة " ماء" تسببت في قشعريرة في جسدها ،وتركت مرضا في بطنها .كانت أطرافها ثقيلة مثل الرصاص وهي
تمشي إلى والدتها .كل خطوة تسحبها تحت تيار غير مرئي وهي تبتلعها بصوت عاٍل .
" أنا بخير" ،صرخت أعلى مقارنة بصوتها المعتاد .أشارت يداها إلى األوساخ الملصقة ألعلى وأسفل جلدها المكشوف.
وطمأنت بهدوء " :كل هذا سوف يمحو" .
غرق الجليد مباشرة في عظامها ،مما أدى إلى تجميدها من الداخل إلى الخارج .هزت والدتها خيوط قرنفلها " .ال أعذار
هذه المرة قمر .اذهب واحضر مالبس نظيفة .نحن بحاجة للذهاب قبل حلول الظالم " .
أومأت بصمت في األمر .مشيت قمر بثقل إلى غرفها ،وببطء جمعت مالبس جديدة بين ذراعيها .بعد مغامراتها
بالخروج من غرفها ،سارت على مضض إلى والدتها التي وقفت بجانب رفرف الفراء ومعها دلو في يدها .في اللحظة
التي هبطت فيها عيناها على الدلو ،استقر الخوف مع اندفاعة من الخوف في جسدها مثل الحجر .أمسكت والدتها بيدها
لتجرها لألسف في ضوء الشمس الذهبي.
نظرت عيناها البنيتان إلى تموجات األشجار التي تهب في الريح .تابعت والدتها بهدوء ،رغم الصراخ غير المعقول في
رأسها .يتم حفظه من خالل ظالل اللون األخضر العديدة داخل كل نبات مختلف .كان اللون األخضر األكثر سطوًعا ،إلى
األخضر الداكن يحيط بهم بطريقة ما ،ويلمع في الشمس وهم يغامرون في طريق الممر خلف منزلهم.
اختفى الدخان المتصاعد من موقدهم منذ فترة طويلة باألشجار الشاهقة .عش من التوت محاًط ا بفستانهم .ركعت والدتها
على ركبتيها ،وحدقت في قطف التوت األصفر بخبرة من األدغال.
قالت والدتها بنبرة بدت أشبه بأمر وليس طلًبا " :اذهبي واخذي حمامك قمر " .ال تريد أن تتجادل مع والدتها أو أفضل
من ذلك ،فقد اتبعت قمر مساًر ا مختلًف ا ؛ واحد كان أقل سافًر ا عليه .اتبعت الدرب إلى حافة البحيرة الفسيحة .تتألأل المياه
الزرقاء المبهرة في أشعة الشمس الذهبية .كان السطح أملًس ا وزجاجًيا .ال تموج في الماء يسمح ألي شخص برؤية القاعدة
الرملية .كان حقا مشهد رائع.
حتى جمال محيطها النقي ال يمكن أن يتأرجح ضد الخوف من الماء .على الرغم من الخوف الذي ساد في أحشائها ،
سحبت قمر الفستان الموحل فوق رأسها .سقطت موجاتها الداكنة على كتفيها حيث حملت الرياح البرد على بشرتها
العارية .زحفت قشعريرة فوقها وهي تنظر إلى المياه الكريستالية بريبة.
كانت تعلم أن والدتها سترفض المغادرة إذا عادت إلى جانبها ما زالت مغطاة بالتراب .استنشقت قمر وهي تركع ،
وكسرت سطح الماء بفستانها الموحل .بسرعة ،قامت بمسح األوساخ بعيًد ا ،جنًبا إلى جنب مع القطرات المتساقطة .ثم
واصلت ببطء ،وتوقفت عندما كان الصدى في رأسها مرتفًع ا جًد ا .قبل مضي وقت طويل ،وصفت قمر نفسها بأنها
نظيفة بدرجة كافية ،باستثناء أمواج الماهوجني التي ال تزال مغطاة بأوراق الشجر.
باستخدام الفستان ،كانت تتقطر الماء ببطء على رأسها حتى لم تشعر بشيء في شعرها .ارتدت قمر مالبسها بسرعة.
عدم الرغبة في التعرض للرياح أو بالقرب من الماء بعد اآلن .جمعت ثوبها الموحل بين ذراعيها قبل أن تعود إلى والدتها.
شممت قمر بتواضع ،عندما وجدت والدتها في نفس المكان الذي تركتها فيه.
تطهير حلقها لمنع فزع والدتها ،كما تمكنت من فعل ذلك مرات عديدة من قبل .تنتهي تلك األوقات األخرى عادًة بطيران
الدلو وتسكع التوت حول األرض.
ارتدت قمر ابتسامة متطابقة بينما كانت والدتها تبتسم على كتفها وتتحرك لتجلس .بصمت ،انضمت إلى والدتها .اقترب
الدلو منها بينما كانت والدتها تتحدث.
" يكتمل التجميع دائًما بشكل أسرع عندما يكون هناك اثنان".
واصلت والدتها قطف التوت حيث انضمت أصابعها الصغيرة إلى هذا الجهد .جلسا في صمت ،على الرغم من الجوع
الجديد في معدتها .مقابل كل حبتين ترميهما في الدلو ؛ ألقت قمر بسرعة واحدة في فمها.
انفجرت العصائر الحامضة من لوحتها عندما عضت في التوت مع فرقعة صغيرة .سعلت قمر ،ثم كتمت صوتها عندما
توقفت والدتها عن النظرة .ابتسمت ابتسامة ضعيفة ضد الزنج المحترق في مؤخرة حلقها .عندما تمتزج الحامض مع
الحلو ،أراينا همهمة بسعادة في االرتياح
كلما قطفت المزيد من التوت ،نما إغراء تناول المزيد من التوت .اشتعلت بالفضة عندما نظرت قمر إلى التوت للمرة
األلف " .حامض ؟" سألت والدتها مبتسمة " .هناك شيء ما في هذا التوت يجعل األصباغ الزرقاء الالمعة وأفضل أنواع
الشاي العالجية".
" ربما يكون هذا هو الزينغ عندما يصل إلى مؤخرة حلقك".
هزت والدتها كتفيها " .لم أكن ألعلم .انا لم اجربهم ابدا لم أفهم أبًد ا تناولهم عندما يمكنك تداولهم " .
" جربها".
انتزعت قمر حبة التوت من األدغال ووضعتها أمام والدتها " .عليك أن تجربها .بعد أن يختفي الحامض ،هناك حلو فقط
".
حدقت المرأة األكبر سًن ا في التوت ولوح بها قمر ببطء .تغني أغنية " جربها" " .عليك أن".
" على أن ؟" تساءلت والدتها .إذا كنت تحاول خداعي ،فستكون هناك تداعيات .مثل تناول هذه مع وجبتك الصباحية
لألسبوع المقبل " .
ابتسمت قمر " :لن أشتكي" .لوحت بالتوت ببطء أكثر ،مما جعلها ترقص في مهب الريح " .فلتجربه فقط".
راقبت قمر بسعادة وترقب والدتها تقطف الفاكهة من أطراف أصابعها .نما شغفها عندما دقت والدتها حبة التوت في فمها.
سرعان ما خنق قمر ضحكها عندما سمعت البوب الصغير ثم تحول وجه والدتها إلى سمكة مجعدة.
ضحكت قمر فقط عندما عاد وجه والدتها إلى طبيعته .سرعان ما انضمت المرأة األكبر سًن ا إليها .ضحكت قمر بشدة
عندما الحظت التلوين غير المعتاد ألسنان والدتها البيضاء .تمسكت بجانبيها ،حيث كانت أضالعها تؤلمها بسبب الهزات.
سألت قمر بينما كانت تلهث بهدوء " ،هل لدي أسنان زرقاء أيًض ا ؟"
من أجل حسن التدبير ،ابتسمت قمر بفخر ،مما جعل والدتها تضحك من جديد .أجابت والدتها " :نعم ،نعم" ،وهي
تغطي يديها ضحكاتها .ثم عادت المرأة األكبر سًن ا إلى المهمة ،وسرعان ما انضمت قمر مرة أخرى .ابتسمت بهدوء
وهي تتجسس على والدتها وهي تضع حبتين من التوت في الدلو قبل أن تضع واحدة في فمها .اتبعت قمر المثال فقط ،
وامتنعت عن القشعريرة المسببة للحموضة.
تالشت آخر آثار الشمس الصفراء عندما دخلوا إلى المنزل مع دلو واحد ممتلئ ومعدتين ممتلئتين .انضمت قمر إلى
والدتها في مركز النسيج بعد إطعام الموقد بحطب آخر .جذبت حركات اليد المتكررة إلنشاء جديدها إلى حالة من
االسترخاء والنوم الخفيف .فركت قمر عينيها المتدليتين حتى تحدثت والدتها.
" لدي مفاجأة لك .ركضت إلى المنتدى للتجارة لهم .يجب أن يكون في غرفتي .على لفة سريري " .
كانت قمر على قدميها ،تنفجر في غرف والدتها .دغدغ رائحة زنابق النهر اللذيذة في أنفها وهي تنظر حولها .عثرت
على الفور على فراش سرير والدتها ،وانتزعت منه رزمة غير عادية من القماش .ثم عادت إلى المنطقة الرئيسية في
حيرة.
انضمت إلى والدتها في .ممسكة بالواد األبيض واألسود ،توسلت قمر بصمت للحصول على تفسير.
أفلت منها شهقة صغيرة من عدم التصديق وهي تحدق في البنطال البني الغامق والسترة البيضاء الكبيرة في يديها.
تومض عيناها الخمريتان بين كلتا قطعتي المالبس بابتسامة متنامية على وجهها.
وعلقت المرأة األكبر سنًا قائلة " :ينبغي أن يكون التدرب بالمالبس المناسبة أسهل" دون النظر بعيًد ا عن دعامة النسيج.
" األحذية عند المدخل".
أومأت قمر بحماسة ورمت المالبس على الطاولة الصغيرة لسحب فستانها فوق رأسها .تهاوت أمواج الماهوجني على
وجهها بينما التقطت قمر المالبس وشدتها.
كان البنطال البني الغامق فضفاضًا عند وركها .نسيج إضافي متجمع حول كاحلها والمزيد من القماش متراكم بشكل
محرج في األمام .وال شك أنها كانت تتصور أن هذه المالبس صنعت للصبيان .لكن هذا لم يزعجها.
سقط القميص فوق يديها ،ولم يتبق سوى ظالل لوجودهما داخل األكمام .ابتسمت قمر بشكل مشرق ،حتى لو كان
الجاكيت يعرق كتفيها وكان غير مناسب .عرضت نفسها بفخر ،رافعت ذراعيها .تمسكت ذراعيها حول والدتها بإحكام.
عرضت والدتها " يمكنني تعديل حجمها أثناء إحضار الماء الليلة" .هزت قمر رأسها " .ال! أريد أن أرتديهم الليلة .إلى
جانب ذلك ،قد أتطور معهم " .
" إذا قلت ذلك قمر .أنا سعيد ألنك أحبهم .سأحصل على المزيد عندما يكون لدي المزيد من البطانيات ألتداولها " .
" أنا افعل!" تدفقت ،وركضت يديها على مالبسها " .سأحضر الماء بداخلهم وربما أعمل على تدريبي الليلة".
ابتسم ابتسامة عريضة قمر .قررت أخيًر ا السالح الذي تختاره ،بعد مناقشة ذهاًبا وإياًبا في ذهنها .تم اتخاذ قرارها
عندما استدعت المرشد موازنة السالح بإصبع واحد في وقت سابق اليوم " .السيف" .
" هل أنت متأكد ؟" استجوبت والدتها بحذر شديد .عبوس متزايد أرسل على وجهها " .أنت تعلم أن السيف يتطلب الكثير
من اآلفات إلتقانه .حتى البعض يستسلم قبل أن ينجح " .
" أستطيع أن أفعل ذلك ".طمأنت قمر والدتها بثقة " .بالسيف ،سأتمكن من الدفاع عن نفسي".
مع استمرار الخط الرفيع على شفتي والدتها ،أومأت المرأة المسنة برأسها " .ال تمكث في الخارج لوقت متأخر بعد
االنتهاء .هناك تدريب صباح الغد أيًضا " .
قالت قمر وهي ترتدي حذائها الجلدي الجديد " :حسًن ا" .بعد ذلك ،أمسكت بكل إمدهبة تها الخاصة بجلب المياه
وركضت عبر رفرف من الفرو .سقط الشفق بالكامل فوق القرية بينما كانت تسير على الطريق نحو النهر .ساد عدم
ارتياح متزايد في بطنها بينما كانت تقترب من الماء .ولكن كلما انتهيت من إحضار الماء مبكًر ا ،كلما بدأت ها اهدريب
في وقت مبكر .ساعدت فكرة تعلم الدفاع عن نفسها في التخلص من بعض مخاوفها ،على الرغم من أنه ال يمكن التغلب
على كل الخوف بالسيف.
تنطلق البوم عاليًا في األشجار المظلمة بينما كانت قمر تعود إلى ضفة النهر للحصول على دالءين آخرين ممتلئين.
جرجرت حذائها فوق درب التراب على عجل فقط من الرغبة في االنتهاء في أسرع وقت ممكن .كان القلق يقودها إلى
الجنون ،لدرجة أن أطرافها اهتزت ونمت راحتها .استدارت حول الزاوية ،أسفل المسار الذي يؤدي إلى الماء مرة
أخرى.
بسهولة ،مع تنويرها القوي ،جرفت دالءين كاملين ،لكنها جفلت في التيار بينما كان يتدفق على بشرتها .انسحبت من
النهر ،مشى في الطريق .ثم كانت هناك لقطة من الغابة خلفها .وفي رد الفعل المنعكس ،ألقت كال الدالءين باتجاه مركز
الصوت مع خروج الظل من الغابة.
تأوه الرقم وسقط .تئن في األوساخ في حجارة منخفضة .قمر مغمورة في الظالم .تنعكس الخيوط الفضية في ضوء القمر.
" نصير لين ؟" همست ،وجلس القرفصاء على مستواه للنظر في الضرر الذي قد تسببه للصبي " .ما الذي تفعله هنا ؟
يجب أن تكون في منزلك " .
" لقد رحلت" ،أزيز نصير لين من التراب .تم تثبيت ذراعيه حول وسطه بينما كان الماء يسيل على وجهه.
حدقت قمر في عيون نيلية دامعة وعميقة " .بعد التدريب –" راسم نصير لين " .كنت ذهبت".
" إذن أتيت لتجدني ؟" سألت قمر في مفاجأة ،وشعرت بأنها متأثرة .ثم لعبت شكوكها السابقة داخل رأسها وزرمت" .
ماذا تلعب ؟ هل تحاول أن تجعلني أثق بك حتى تتمكن من الثرثرة للحكماء عني ؟ "
اندفع نصير لين إلى قدميه مع تأوه .تناثرت قطرات من الماء عليها وهو يصدر صوت هسهسة في اتجاهها " .أخبرتك.
لن افعل ذلك ابدا .ليس اليك .ليس ألحد" .
" لماذا ؟" سألت قمر عن ابتالعها ،وتنظيف قطرات الماء بعيًد ا " .لماذا ال ؟"
مرر الصبي يديه من خالل شعره ،فجعل من شعره أشواك صغيرة مرة أخرى وتنهد .أوضح نصير لين " :ألنني قد ال
أكون مثلك تماًما ،لكني أعرف كيف تشعر بالوحدة" .
" بخير ؟ هذا ال يبدو سعادة بالنسبة لي " ،زعم نصير لين وقمر شمها.
" سعادتي .رغباتي .وحدتي ال تهم .وال ينبغي أن يهم من هم من أمثالك " ،هسهسة قمر " .توقف عن التظاهر بأنك
صديقي".
" أنا ال أريد التظاهر .اريدك ان تكون صديقي .فأجابت نصير لين غير منزعجة من غضبها " :أنت أول شخص قال لي
أن أذهب بعيًد ا ،وال تريد أن تتبعني بسبب استنارة حكمتي" " .لكنك ال تجعل صداقتكما سهلة .أنا ال أعرف حتى اسمك "
.
جالت عيناها البنيتان على وجه نصير لين ،بحثا عن كذبة واضحة أو أوقية من عدم الثقة .كل ما وجدته كان أرجواني.
سلمي للغاية ،أرجواني متفهم .تمتمت بتواضع " :قمر " " .اسمي قمر نينون".
ابتسم نصير لين .كرر " قمر " " .إنه يناسبك".
ردت قمر مستهجنة " .حسًن ا ،شكًر ا ...أعتقد .إنه االسم الوحيد الذي كنت أستخدمه في آخر ثالثة عشر تمريرة " .
انتزعت الدالء من األرض وعادت إلى حافة النهر.
سرعان ما مألت الدالء ،وسارت بجانب نصير لين ،التي حدقت بها بنفس الرهبة عندما سحبت السهم من الشجرة.
مرت لحظات فقط عندما سمعت الطقطقة اإليقاعية للقدمين وهي تنغلق من الخلف.
" يبدو أنك بحاجة إلى الجري أكثر "،ساخرت قمر عندما انضمت إليها نصير لين أخيًر ا ،وهي تلهث اللتقاط أنفاسه.
" أبًد ا" ،تنّفس ظهره وضحكت قمر .هدأ ضحكها عندما وضعت يد أخرى على يدها التي كانت تحمل الدلو.
" ماذا تفعل ؟" تساءلت ،صوتها أعلى بشكل ملحوظ مما أرادته.
" مساعدة .أجاب نصير لين وهو يأخذ الدلو منها.
" هل تدرك أن لدي قوة التنوير أليس كذلك ؟" ذّك رت بابتسامة متكلفة " .سوف تتعب قبل أن أفعل".
" سنرى "،تحدت نصير لين بثقة ابتسامة عريضة لها .تدحرجت قمر عينيها.
بمجرد دخولهم القرية ،تأوهت نصير لين من جانبها في شكوى " .هل وصلنا ؟" صاح ،ولم تبتسم قمر إال للصبي
العنيد بينما كان يتألم.
همست قمر وهي تمسك بإصبعها على شفتيها ،بينما هم يتسللون حول قرية " شش" .يجب أن تعرف أين يعيش
الحكماء .ال ينبغي أن يستغرق وقتا طويال " .
" هناك تسعة منهم "،تذمر نصير لين " .من الصعب تتبعها .بدافع الفضول ...كم عدد الحكماء الذين يحتاجون إلى
الماء ؟ "
سحق صندلها على الصخور الفضفاضة بينما انجرفت إلى مزيد من المنازل الصامتة " .نحن في آخر واحد".
بجانبها ،نصير لين ونقل الدلو إلى يده األخرى " .حسن".
لقد صادفوا آخر خادمة من الحكماء التاسع وخنقت قمر ضحكها في يديها عندما انسحبت نصير لين من قبلها إللقاء دلو
الماء الكامل في الحوض الحجري .ثم جلس على الحافة ،ووضع الدلو على األرض " .لن يحدث ذلك مرة أخرى" ،
تمتم نصير لين بتواضع " .كنت على حق".
" اآلن لم آخذك حتى يستسلم المرء بهذه السهولة "،سخرت قمر بخفة ،وابتسمت ابتسامة ساخرة من نصير لين .شممت
بخفة " .أعتقد أن قوة التنوير يفوز بالعناد".
انتزعت كلتا الدالء وتراجعت عن السرير .ضحك نصير لين قليًال قبل الرد " ،لديك ميزة ؛ أن تنعم بالقوة والتنوير
والجميع" .
سخر منه قمر عندما أغلق نصير لين المسافة بسهولة " .لن أقول مبارك .في البداية ،حصلت للتو على نعمة والدتي
التنوير " .
" هل حصلت على النعمة في البداية ؟" تساءل .حملت مفاجأة صغيرة في صوته وهو يتابع " ،كيف حصلت على قوتك
التنوير بعد ذلك ؟"
عواء بعض المخلوقات في الليل .تحت القمر الفضي ،ناقشت إخبار نصير لين بالحقيقة .إخباره بأنها ماتت لن يكون
هناك خطر .لكنها لم تستطع .االعتراف بصوت عاٍل بأنها حاولت إنقاذ شتلة وفشلت يجعل كوابيسها أكثر واقعية ،إلى
جانب ترسيخ الذنب الذي تحمله .لم تستطع إخباره بالظروف ،ال أنها ماتت من الغرق في النهر وبالكاد عاشت لتعود إلى
المنزل.
" ابي".
أومأت نصير لين بجانبها " .نعم ،كنت أحسب الكثير .الطريقة الوحيدة المعروفة التي يمكن للشتلة أن تحمل فيها تنويرين
مع نفس الجسد هي من خالل العالقة األبوية – بمعنى آخر ،ينتمي أحدهما إلى والدتك واآلخر إلى والدك " .
" أولئك الذين ينعمون بالحكمة يحصلون على قراءة الكتب القديمة .أجاب نصير لين " :تحمل الصفحات جميع األوامر ،
وتروي كيف نشأت تلك المستنيرة" .
نظرت قمر من زاوية عينها وهي تمشي بهدوء بين متاهات المنزل " .اعتقدت أن هذه الكتب ضاعت أثناء االحتراق قبل
أن نصبح شتالت".
أجاب نصير لين " :نعم ،لقد كانوا كذلك" " .اآلن ،توقف عن تغيير الموضوع .أنا أسألك كيف أصبح تنويرك " .
" حسًن ا ،لقد قمت بتغييرها في ذلك الوقت "،قال نصير لين واستدارت عيناه األرجوانية للتحديق فيها ،في انتظار
إجابة .قال كل شيء في أحشائها أن تثق به ،وحتى عينيه عملت ضدها .ابتلعت قمر بشدة ،وسددت انعدام الثقة مرة
واحدة وإلى األبد.
صمت عابر يمر به أثناء عبور الصف األخير من المنازل .لقد غامروا بالقرب من ضواحي القرية المتناثرة عندما تحدث
نصير لين أخيًر ا.
" ماذا تقصد ماتت ؟" سأل بعناية .من الواضح أنها استرجعت من إجابتها.
هزت قمر كتفيها " .تماًما كما قلت "،تمتمت بخفة ،محاواًل أال تركز على البكاء المتزايد في رأسها " .أنا مت.
استيقظت .وشعرت باختالف " .
توقف نصير لين عن المشي بخطوة معها وهو ينظر إلى قدميه " .هل نريد أن نتحدث عن ذلك ؟"
" كيف ماتت "...أوضح نصير بلطف .التقت عيناها الجديرتان عندما توقفت بجانبه " .يبدو أنك مستاء".
" استنارة حكمتك يخبرك بذلك ؟" سألت قمر بعد قليل.
اهتزت المفاجأة من خاللها .كانت هناك شرارة من الدفء في صدرها .مجرد وميض لهب سافر في جميع أنحاء جسدها.
كانت عيناها الخربيتان تحدقان في األرض عند قدميها ،وتبتلعان الرغبة في التعبير عن مشاعرها .كل شيء لها مخبأه
بعيًد ا عن والدتها ،بعيًد ا عن القرية ،بعيًد ا عن نفسها .كان ذلك فقط في الليل ،عندما كانت نائمة ،عندما كانت صادقة
حًق ا .حقا ضعيف .ابتلعت قمر الكتلة الموجودة في حلقها وهزت كتفيها بشكل فضفاض.
ردت بخفة " :بالطبع ،يبدو أنني مستاءة" ،لكن المرارة انسكبت من شفتيها وهي تتابع " .ليس كل يوم تموت ،وتستيقظ
مع استنارة جديدة".
بدأت في المشي واتبعت نصير لين وتيرتها الثابتة .حلقت فوقهم سحابة من المرارة مع صمت الليل الثالث .عضت قمر
شفتها .شعرت بالذنب بسبب عضها في نصير لين وحثها عليها بشكل مزعج ،لكنها حاولت تجاهلها .شعرت أن جزًءا
آخر منها له ما يبرره أيًض ا .على الرغم من أنها كانت هي التي جعلت موتها يبدو غير مهم .ربما تكون هذه هي الطريقة
التي أزعجها الشعور بالذنب أكثر.
تومض عيناها الخربيتان إلى نصير لين ،الذي يحدق في النجوم فوقهم وهو يسير بجانبها .تنهدت قمر .
قالت " نصير " " .أنا لست معتهبة على التحدث معي .أو أي شخص يريد أن يكون صديقي .ما زلت ال أفهم ذلك ،
لكني أريدك أن تفهم هذا ...إذا كانت كلمة واحدة من هذه القصة تطفو في جميع أنحاء القرية ؛ عليك أن تقلق أكثر من
مجرد دالء مني " .
" أنت محير .هل نحن اصدقاء االن او شيء من هذا القبيل ؟ علق نصير لين ،ألن هذا التهديد أبعدني .تومضت عيناه
األرجوانية عليها ثم نمت .كان وجهه جهبة كما وعد " ،أعطيك كالمي".
أومأت قمر برأسها وهي تضغط على جسر أنفها .تالشت الصيحات مع تدفق ذكريات الفترة القصيرة إلى واجهة عقلها.
حدقت في األرض بينما كانت الكلمات الناعمة تتدحرج من شفتيها.
" صادفت امرأة أثناء إحضار الماء .كان لديها شتلة معها ...في سلة .ثم أرسلتها تطفو على النهر ولم تهتم بذلك مرة
واحدة ،إنها صرخات .ذهبت بعد ذلك .أخذني التيار وسمعته مرة قبل أن " ...
شد حلقها وهي تصمت .قامت قمر بتنظيف قصبتها الهوائية قبل أن تتابعها " .ال أعرف ما إذا كنت أموت في ذلك النهر
أو مت عندما عدت إلى المنزل .ما أعرفه هو أنني حلمت بعيني تحدق في وجهي قبل أن تغرق في جسدي .بعد ذلك
شعرت باالختالف .تغير".
ساروا على درب التراب المؤدي إلى حافة المياه .توقفت قمر فجأة عندما سقط شيء دافئ وثقيل على كتفها العاري.
التقت عيناها بنصير لين ،الذي أطلق سراحها بسرعة.
" من المحتمل أن أبدو غير مهتم بسؤالك هذا ،لكن هل ما زلت ترغب في التدريب ؟" سأل نصير لين .واجه رأسه
األرض في خجل وهو يواصل " .حتى بعد كل هذا ؟ سوف أفهم إذا لم تفعل .ال أريد ذلك لو كنت مكانك " .
حدقت بصمت في الصبي الذي أمامها وهو يتنقل بال كلل من قدم إلى أخرى ،في انتظار ردها .جاء عواء صامتة من
خالل صمت األشجار .هدير الحيوان يزعج األغصان فوق الرؤوس ،تبعه رعد وأصوات عالية .فقد التناغم السلمي
للمخلوقات الليلية عند االقتراب من الرش .سحبت قمر نصير لين من ذراعه ،وسحبت إياه إلى الفرشاة الغامضة.
من مكان االختباء على بعد مسافة معقولة ،شاهد كل من قمر ونصير لين اثنين من الوحش العمالقة يتزلجان عبر الماء
على األطراف األربعة .عكست الحراشف السوداء ضوء القمر ،ودارت نصير لين حولها لتنظر .بدأ نصير لين " . "-
صفقت قمر بيدها على فمه.
توهجت عيناها البنيتان بتحذير غريزي وهي تحدق في عينيها النيلية المتفاجئة " .ال أعرف" ،قالت بصمت بينما
استمرت عائلة الوحش في التدفق ضد التيار ،والسباحة نحو القرية.
تراجعت نظرتها إلى النهر عندما تقدم الرعد .تمتمت بهدوء " :راكبو الحدود أو المغيرون" .ابتلعت بقوة في محاولة
للتخلص من الغثيان المتزايد في معدتها.
،مع الدراجين على الحدود تبعوا الوحش في أعلى النهر .كانت تسمع همهمة خافتة من المناقشة قبل أن يلقي رجل بحربة
على الوحش البشع .كان شيء يلمع في ضوء النار من مشاعل الدراجين على الحدود ،وعواء الوحش .
تربوا على قدمين ،قدم الوحش التي طعنت بالرمح مخلبين كبيرين مكفونصير ،استعدهبة للهجوم .ثم تحطم الوحش في
الماء ،مرسًال موجات سوداء تصطدم بركاب الحدود .انطلق السلجمور الثاني إلى األمام ،وراح يعوي بشراسة نحو
الرجل البني.
خرجت هدير مرعب من حلق المخلوق قبل أن يقفز في الهواء .يلتصق الوحش المتقشر بأقرب رجل بني ،ويغرق أسنانه
في رقبة الخيول .تقشر متسابق الحدود بسرعة ،فاقًد ا صفوف األسنان بصعوبة .أحاط راكبو الحدود اآلخرون بالمخلوق ،
وقاموا بقطع سيوفهم المرسومة على ظهره المكشوف.
األسنان الملطخة بالدماء تطلق هسهسة مخيفة .ابتعد الوحش عن الرجل البني ،وترك الذبيحة تسقط وهي تقف على
رجليها الخلفيتين ؛ كشف حجمها الكامل .سقطت السهام من مسافة بعيدة ،قصفت بطن الوحش األبيض المتقشر غير
المحمي .سقطت أربعة سيوف من الفرسان الحدوديين ،مستغلة المخلوق المشتت لالنتباه ،وقطعت أوصال كل طرف
حاد .أعطى المخلوق زئيًر ا أخيًر ا قبل أن يتالشى.
تومض عيون قمر نحو الوحش المصاب ،متسائلة عما إذا كان ركاب الحدود قد قتلوه أيًض ا .لقد ذهب .في ضوء القمر ،
مطر أسود غامق على الرجال وهم يخترقون سلوجمور المتوفى عند أقدامهم .سحبت قمر نصير لين من مكان اختبائها
وقادتهم إلى األشجار .لقد جرته فوق درب التراب .جنًبا إلى جنب ،مع الدالء المعلقة على ذراعيها ،سحبت قمر نصير
لين في األرض المسطحة لألسلحة .عندما اختفت أصوات هتافات الرجال في الليل ،نظرت قمر إلى نصير لين.
تلمع خيوطه الفضية باللون الرمادي في ضوء القمر ،لتتناسب مع أفتح وجهه " .نصير لين ؟" تساءلت بهدوء كما تدلى
رأس نصير لين إلى صدره ،وعيناه تحدقان في األرض " .نصير لين ؟" كررت .لقد قوبلت بالصمت فقط.
" زعنفة ؟" تساءلت مرة أخرى .دفعت كتفه بكتفها برفق .قابلت العيون األرجواني راتبها " .نعم ؟" تمتم أخيًر ا.
تراجعت الزعنفة .أجاب وهو يهز رأسه " .انا ال اعرف .هؤالء كانوا الوحش ...بجوار القرية " .
أومأت قمر برأسها " .نعم ،ولكن الدراجين على الحدود اعتنوا بذلك".
" ولكن لماذا كانت الوحش قريبة جًد ا من القرية ؟" سأل نصير .كانت عيناه تحومان بشيء مسكون .شيء لم تستطع
وضعه .كانت قمر على وشك أن تقدم كلمات تريحه عندما استمر نصير في حالة من الذعر الواضح " .كان من الممكن
أن تقتلنا هذه األشياء ،إذا اقتربنا منها لكانوا قد اقتربوا .لقد مزقونا إلى أشالء! ولن يعرف أحد!
أغلقت يدا الزعنفة على كتفيها ،وتمسكت بالجلد العاري " .فاتهم واحدة!" بكى .أصبح تنفسه أكثر تقلًبا ،مما يذكر قمر
بصراعها مع الماء .عضت شفتها قبل إعادة قبضتها .اشتكت مفاصل أصابعها عندما سقطت الضربة الصلبة على ذراع
نصير العظمي.
" لما فعلت هذا ؟" صاح نصير بغضب وهو يرضع ذراعه.
" أعتقد أن لدي الحق في الذعر! لم أر قط سلجمور من قبل! " صاح نصير لين.
على الفور ،تغير سلوك نصير بالكامل .ساد هدوء مفاجئ على ذعره واحترق في عينيه النيليتين العميقة " .انتظر ،لم
تَر أحًد ا أبًد ا ...كيف أنت هادئ جًد ا ؟"
أومأت قمر برأسها .ردت وهي تهز كتفيها " :ليس قبل هذه الليلة" .
يميل نصير رأسه إلى الجانب ،وتقوس الحاجب " .ما هذا ؟" سأل.
" يدرب .ردت ببساطة .ابتسم لها نصير ،مضيفة .صحح " نحن" " .نحن ذاهبون إلى التدريب".
اندلعت بابتسامة مرحة ،ثم انطلقت بعيًد ا ،ركضت حول األرض المسطحة .ركضت قمر تماًما كما يفعل األوالد
اآلخرون ،تماًما كما لو سمح لها بالتدريب.
" مهال!" صرخت نصير احتجاًج ا على زيادة المسافة بينهما .ركض وراءها بشغف بينما كانت قمر تكافح لتتنفس بشكل
متساٍو .هدد الضحك بأن يخرج من حلقها بينما تذمر نصير شكواه .في هدوء الصمت ،استأنفت المخلوقات الليلية
تناغمها إلنهاء رقص الباليه .طوال الليل ،عزفت األوركسترا بينما ركضت أراينا ونصير مًع ا في خطوات متطابقة.
ذهبت قمر إلى ربيتها وهي تعرج ،ولكن ليس قبل أن تتحقق من أن نصير قد اختفت عن أنظارها .لقد مر شهران .لم
تعد أوراق البرتقال تطفو أسفل النهر ،ولكن بدًال من ذلك ،تشبث برد قارس األرض والهواء .كانت الفروع اآلن قاحلة.
ذهب التوت منذ فترة طويلة في البرد ،واآلن أصبح نادًر ا في أحسن األحوال .تحطم حذائها على الجليد والثلج الذي كان
يتساقط فوق القرية منذ أيام.
أصاب الصقيع المزعج ساقيها ،مما جعل جلدها مخدًر ا حيث غارقة في سروالها بسبب الطقس المتجمد .على الرغم من
ذلك ،كانت الليلة األولى في ثالثة أيام تمكنت فيها من غرق الدالء في النهر مباشرة .سافرت إلى كل من بيوت ،أسرع
اآلن بعد أن حصل على دلوين خاص به ؛ الكثير من احتجاجها وامتنانها السري.
حتى مع مساعدة نصير لها ،كانت قمر بطيئة في جلب الماء من أجله .لم تكن تريده أن يجهد نفسه بشدة على قوة
تنويرها .ربما هذا هو سبب حصولها على المزيد من الضربات خالل جلسة التدريب األخيرة .لم يكن هناك شك في أن
نصير تلقت ضربات أسوأ مقارنة بساقها .كان على نصير أن يتحمل المزيد من التدريب من قبل مرشديه في الصباح.
دفعت من خالل الباب الهش المصنوع منزلًيا احتجاًج ا على عوامل الطقس في منزلهم .احتضنت من حولها حرارة فورية
من الموقد وهي تغلق الباب خلفها .غمر الدفء على يديها المخدرتين وهي تسحب عباءة رأسها .ألقت قمر العباءة جانبًا
دون اكتراث لتنزع حذائها من قدميها .فتح الباب ،وكشف عن والدتها وهي ممتلئة بإشعال النار .تراجعت قمر .
مع رأسها ألسفل ،التقطت الحطب من ذراعي والدتها ووضعت الحطب بجانب الموقد .جاء صوت والدتها وهي تنتزع
عباءة من األرض.
" قمر ،اعتقدت أننا تحدثنا عن هذا "،تنهدت المرأة األكبر سًن ا بضجر .انتزعت قمر حذاءها اآلخر عندما سألت
ببراءة " .تحدثت عن ماذا ؟" تساءلت " .نتحدث عن أشياء كثيرة".
" نعم ،نحن نتحدث عن الكثير من األشياء" ،ردت والدتها بينما كانت المرأة األكبر سنا ترفع عباءة رأسها " .لكن ،
أنت تعرف بالضبط ما أتحدث عنه".
" إذن ،لقد استيقظت مع هذا العرج هذا الصباح ؟" سألت والدتها ،مشيرة إلى ساقها التي كانت ترضع .لم تكن هناك
حاجة لإلجابة على السؤال بالرغم من ذلك .فقط من النظرة المدببة على وجه والدتها ،عرفت قمر أنه تم القبض عليها" .
لكن"-
سرعان ما انتزعت والدتها من حذائها الثلجي وألقتها من الموقد حتى تجف .غرق شعور قمر بالذنب في معدتها عندما
أدركت مدى غضب والدتها .كانت هناك مرات قليلة فقط تذكرت فيها قمر أن والدتها ستترك شيًئ ا في منزلها غير منظم ؛
كل تلك األوقات ،كانت والدتها منزعجة .عادة عندها.
" ال .ال اعذار .ال أكاذيب " ،قالت والدتها وهي تهز قرنفلها بإحباط.
" ولكن مرت ثالثة أيام منذ أن تمكنا من التدريب .توقف الثلج عن التساقط اليوم! " احتجت قمر .
قامت المرأة األكبر سنًا بإطعام النار بوحشية بجذع آخر ،مما أدى إلى ترفرف األجواء البرتقالية في الموقد " .انت ال
تستمع الي ابدا .لقد كان األمر كذلك منذ أن جردت األشجار وتجمد البرد .هل تعتقد أنني أخبرك بالتوقف عن التدريب
خالل األشهر الباردة ألنني أستمتع بكوني قاسًيا معك ؟ كونك غير عادل ؟ هل تدرك حتى أنك ال تستطيع االختباء في
الغابة بعد اآلن ؟ والعواقب التي يمكن أن تواجهها إذا تم القبض عليك ؟ " حاضر المرأة المسنة بغضب.
" أنا أعرف!" صرخت قمر على والدتها .الفضة المنصهرة محبوسة على العيون الخمسية بغضب.
قالت والدتها " :ليس عليك أن تفعل شيًئ ا حتى تأتي األشهر الممطرة" .حمل صوتها نبرة اللمسات األخيرة .النغمة التي
عادة ما تجعل قمر تستسلم بصوت عاٍل وتدوس على غرفها .ولكن ليس هذه المرة.
" هذا ليس عدال!" جادلت قمر ،أن إحباطها وغضبها يتغلبان عليها " .ال يمكنك فعل هذا!"
تمتمت والدتها بينما كانت المرأة األكبر سًن ا تجمع اللحوم المجففة والجبن من المائدة " :قل لي هذا إذن" " .ما المقدار
الذي ستخسره من أسلوبك ؟ يؤسفني أن أقول هذا ،لكنك ال تستخدم أسلحة حقيقية ...أشك في أنها ستؤثر عليك بشدة " .
طقطقة النار خلفها .صمتت قمر وطاردت شفتيها .دخلت قبضتها بإحكام .أصيبت بجرح وخيبة أمل حاربت معها وهي
تقف أمام والدتها .عار خذالن والدتها ،وكذلك األلم الذي شجعته والدتها ذات مرة ،لكنها شككت فيها اآلن .على نكاها ،
كانت ترغب فقط في أن يكون لها الكلمة األخيرة ،شيء يمنحها بعض السيطرة على ال شيء.
" إذا توقفت عن التدريب اآلن مهما كان تافًها ،فسوف أتباطأ ،وسأفقد أي تقنية لدي! ألست أنت الشخص الذي اقترح أن
أتعلم كيفية التدريب ؟ "
حصلت قمر على نظرة مدببة أخرى من والدتها عندما تحدثت المرأة األكبر سًن ا.
" ال تقلب هذا اإليحاء ضدي .لقد قلت أن أتدرب ،لكنني قصدت أن أقول ذلك في حدود المعقول .أتوقع أيًض ا أن تقوم
بمسؤولياتك هنا " .لوحت والدتها إلى كومة الحطب.
" أطلب منك شيئين فقط .واحد كان الحفاظ على الموقد مشتعال عن طريق جمع الحطب واثنين ،حافظ على غرفتك
نظيفة .ال يمكن حتى لزنابق النهر الموجودة في القرية بأكملها أن تهدئ الرائحة التي تنبعث من تحت رفرف الفراء " .
هزت كتفيها من الشتائم واحتجت على ذلك " .انها ليست بهذا السوء".
تنهدت المرأة األكبر سًن ا " :إن األمر أسوأ مما ظننت" " .أنت معتاد على الرائحة .انتم لستم مواشي .لذلك ال تعيش مثل
واحد .وبما أنك في المنزل ،فلديك متسع من الوقت لتنظيمه اآلن بينما أقوم بإعداد يخنة ذائبة لهذا المساء " .
دخلت بخفة إلى غرفها ،وهي تعلم أن االتفاق قد انتهى .سقطت قمر على الفور على سريرها .كانت عيناها البنيتان
الذعتان وهي تحدق في الجلد الجلدي فوق رأسها .هبة رت رأسها بعيًد ا ،استطاعت قمر تفهم رغبة والدتها في تنظيفها.
غمر العرق القديم الغرفة من كومة مالبس التدريب الصغيرة .كان غطاء سريرها غير مصنوع وتناثرت البطانيات
المنسوجة على األرض .كانت هناك حصائر منسوجة تحتاج إلى األوساخ للضرب منها ،لكن قمر لم تستطع االهتمام
بنفسها .كان التنظيف غير مهم ،على األقل مقارنة بما تريد فعله حًقا.
كانت المهمة الوحيدة التي أرادت التركيز عليها هي التدريب .استلقت هناك ،تتوق إلى المعدن الحقيقي في يدها بدًال من
العصي التي استخدمتها هي ونصير .جزء منها يحلم بمهاجم آخر قادم إلى قريتهم .بطريقة ما ستدافع عنه ،ثم تأخذ سيفه.
جاء الهدر من بطنها .مما جعلها تئن .ألقت قمر ذراعها على عينها ،على أمل ضبط األصوات من الجزء السفلي من
جسدها .ما زالت الذعة من الجدل ،رفضت تماًما الخروج إلى المنطقة الرئيسية .لقد أرادت أن تتجنب سؤال والدتها
المتطفلة عن تقدمها وأمها بشكل عام .كانت معدتها متضاربة وتشكو على خالف ذلك.
حدقت عيناها في الحافة .حيث التقى األرض والجدار المصنوع من الجلد .تتدحرج قمر من فراشها ،وسحبت السجادة
المنسوجة من األرض .كانت بدايات الصباح تقطر في السماء بينما تضغط أطراف أصابعها على األوساخ تحتها .كانت
لينة ،على عكس الطين اللزج من طفولتها ولكن مثل قوام الطين السميك .تمكنت قمر من إزالة األوساخ بيدها بسهولة
حتى أحدثت حفرة كبيرة بما يكفي لها.
تسرب النسيم البارد على الرغم من الحفرة التي صنعتها وهي واقفة .نصف مدفوعة بالغضب واإلثارة ،شّدت قمر
صندلها وغطت رأسها عباءة قذرة .كانت في الحفرة وخارجها قبل أن تدرك حدوث ذلك .عمياء ،مدت يدها مرة أخرى
إلى الحفرة وأمسكت السجادة المنسوجة ؛ على أمل إخفاء طريق الهروب عن والدتها.
كان دفء الصباح ينفجر فوق نظرة خاطفة على القرية وعانقت ذراعيها على صدرها .بصراحة ،ابتعدت عن منزلها.
خفق قلبها في صدرها ،في انتظار أن تنادي والدتها اسمها .لكن لم يأت شيء .اندفعت على الفور بين األشجار وابتعدت.
فقدت المشاعر في أصابع قدميها منذ فترة طويلة .احتشدت بالقرب من شجرة بعيدة عن الطريق الرئيسي ،لكنها ال تزال
قريبة من أرض األسلحة .قامت بالحجامة على يديها المجمدة لوالدتها ،واستعارت نفًس ا دافًئ ا لتنفس الحياة في أصابعها
بينما كانت تنتظر نصير .
كانت تقترب من عتبة البرد لديها ،وتناقشت حول االنتظار .كانت تأمل أن يظهر نصير قريًبا .وأثار حديث العشرات
من بين عشرات القرويين التوتر في الصباح .يلتف القلق حول إطارها النحيل مثل عباءة ؛ اآلن تحب أن تبقيها دافئة
أيًض ا .دقات قلبها إيقاًعا محموًما ألنها حاولت عدم التفكير في كلمات والدتها السابقة عن اكتشافها.
لم تكن فقط قد عصيت والدتها مرة أخرى ،ولكن إذا وجدت ،فربما يعاقبها الحكماء .ثم يمكنها أن تفي بوعدها لوالدتها
على قائمتها المتزايدة من اإلخفاقات .حملت األصوات في الهواء ،مما أدى إلى جلوس قمر في محاولة لالبتعاد .اقترب
الضحك المتزايد ،واألصوات المرتفعة والصوت الواضح للثلج المنكسر ،كل دقيقة .عضت شفتها.
لقد جفلت عندما التقى الثلج الجليدي من سروالها بردائها الرفيع .ابتلعت قمر كتفيها وعانقتهما .سارت مجموعة األوالد
الضاحكين بجانبها ،دون أن يالحظوها وهم يغامرون بالذهاب إلى األرض المسطحة.
بعد مرور المجموعة األولى الكبيرة المكونة من ثمانية فتيان ،سرعان ما تبعتهم عدة مجموعات أصغر .يتراوح عددهم
بين أربعة وخمسة فتيان في كل مجموعة مختلفة ،وكان كل منهم يسير بجانبها أيًض ا ؛ لم تسقط عين واحدة على نفسها
وهي تراقبهم .كانت قمر أكثر من جاهزة لوصول نصير في أي دقيقة .ظهرت قشعريرة الرعب على جلدها حيث اختفت
المجموعة األخيرة من األوالد عن األنظار .لكنها سمعت المزيد من األصوات عن بعد.
تحركت مفاصلها وأطرافها المخدرة ببطء وهي تزيل بقايا الثلج من ركبتيها.
اندفعت قمر إلى األعلى في مفاجأة ،وكادت أن تصطدم برأس نصير التي وقفت .قبل أن تتمكن من الحصول على كلمة
تشرحها ،انخرطت نصير ؛ قلق واضح محفور على وجهه " .ما الذي تفعله هنا ؟"
أجابت " كنت بحاجة للتحدث إليكم" كما لو كان هذا هو المفهوم األكثر فهًما في العالم.
" ششش" همس نصير وهو يمسح بإصبعه على شفتيه .كان شعره الشائك يتألأل بينما كان نصير يدير يده بشكل
محموم عبر الخيوط الفضية .ألقى نظرة خاطفة على كل من كتفيه " .ال يجب أن تكون هنا .اعتقدت أننا اتفقنا على أن
التجسس خالل األشهر الباردة محفوف بالمخاطر " .
زعنفة انقطع " .ثم لماذا أنت هنا ؟ يمكن أن يتم رصدك ،ثم معاقبتك .هل تعلم أن".
هز رأسه .همست نصير " :ال تهتم بالشرح" " .أنت بحاجة إلى الخروج من هنا قبل أن يراك شخص آخر .إذا قالوا
شيًئ ا للحكماء " ...
في خضم إحباط متزايد ،صفقت قمر بيدها على فم نصير ،بصمت بقية كلماته " .أنا"-
" زعنفة أنك ال تركض بهذه السرعة أبًد ا أثناء التدريب .ما يعطي ؟" دعا صوت آخر .قطعت األغصان والفرشاة كما
دعا الصوت مرة أخرى " .أهال ؟"
كان هناك تأوه واضح من نصير خلف يدها عندما كان صبي أشقر يتعثر عبرها مثل نسيم ناعم .طافت السحب البيضاء
في السماء الزرقاء .تم تعليق آخر سؤال من أسئلة الصبي في الهواء بينما كانت عينان مختلفتان للغاية تحدقان في بعضهما
البعض .ببطء ،وعيناها الخربيتان ما زالتا مقفلتين على عيون الغريب الزرقاء ؛ أزالت يدها من فم نصير .
تالشى كل الود على وجه الصبي على الفور .عندما تجهم وجهه في اشمئزاز ؛ قمر متوهجة .قست عيناها على الصبي
الذي اكتشف من هي .لقد صلبت بطنها ،في انتظار شخص ما للتحدث.
" وصمة عار ،ماذا تفعل لل هنا ؟" همسة الصبي .شممت قمر لنفسها ،ويبدو أنها لم تكن مضطرة لالنتظار طويال.
لقد هزت كتفيها ببساطة ألنها ردت بالحقيقة " .كنت أصمت نصير حتى أتمكن من إخباره بشيء .ال يعني هذا أنك بحاجة
إلى أن تعرف على أي حال " .
كان شعر الصبي األشقر يتخلف على كتفيه ،متوهًج ا بعاصفة من الهواء البارد .أو غضبه .لم تستطع قمر أن تقرر أيهما.
تجولت عيناها فوق سترته الفوضوية وهو يقترب منها .صرخت.
" وصمة عار ،أليس كذلك ؟" كررت ،وهي تنظر إلى بقعة تغير اللون على سترة الصبي .نقرت على صدرها ،
عاكسة البقعة على سترتها الخاصة بينما أضافت " ،ربما أنت البقعة".
" بماذا نعتني ؟" الصبي هسهس مرة أخرى .ارتجفت قبضته على جنبيه ،وابتلعته قمر قبل أن ترد " .بقعة .اآلن ،هل
يمكنك المغادرة ؟ أريد التحدث إلى نصير اآلن " .
لم تكن تعرف لماذا كانت متهورة جدا .كان األمر كما لو أن غضبها دفعها إلى األمام ،مستخدمة فارق الطول النحيف
لتخويفه .أيًض ا كما لو أنها قطعت ،سئمت أخيًر ا كل الكراهية ضدها بسبب والدتها .زمجر الصبي عليها ،وأسنانه
مكشوفة " .هذا هو المستنير لكم "،نظر الولد " .نصير تنعم بالحكمة .من المفترض أن تظهر له االحترام .من األفضل
أن تفعل ذلك وإال " .
صعدت الزعنفة بينهما .تومض عينيه األرجواني على الصبي " .حامد ،ليست بحاجة للقيام بذلك ".تغيرت نظرته بين
قمر وحامد بينما كان يواصل " .قمر ،يجب أن تذهب".
ثم انتقلوا إلى الوهج في بعضهم البعض عندما ترددت أصواتهم مًع ا من خالل األشجار القاحلة .حدقت قمر في نصير
وهي تتحدث " .أنا لن أغادر".
" انظر هنا حامد .يمكنني استدعاء نصير أي شيء أحبه .أرفض منهبة ته بالمستنير ألنه ،حسًن ا ...يكره ذلك.
بالطبع ،ستعرف أنك لو كنت صديقه .وأيًض ا ألنه ال يختلف عني .وال أنتم كذلك " ،صرحت بأنها حقيقة واقعة.
" لك الحق في استخدام اسمي .قال حامد " :نحن لسنا أشياء ،نحن مختلفون عنك" .داس نحوهم ،وحول نصير ،
قادًما معها من صدرها إلى صدرها .سقطت رشات من البصاق على وجهها وهو يبصق " ،أنت حثالة .كان يجب أن
يطفو إيماك الخاص بك! "
غرست قمر بقبضتها في أنف حامد .نزل الصبي إلى األرض المغطاة بالثلوج .تدفق نهر صغير من الدم من مالمح
وجهه عندما نظر إليها حامد من خالل عيون دامعة.
كانت مفاصل أصابعها تنبض وهي تصدر صوت هسهسة " .حسًن ا ،لقد لكمتك هذه البقعة في وجهك".
كان هناك اضطراب داخل رأسها .من الكبرياء والعار .تضخم الفخر الدافئ في صدرها ،مع العلم أنها تدافع عن نفسها.
حقها في العيش .لكنها عضت شفتها ،وهي تعلم أن غضبها دفعها إلى أن تكون متهورة ،وتلكم الصبي الذي بالكاد
يعرفها .وقفت قمر بال كلمات متجذرة في نفس المكان الذي حاول فيه نصير التنقل بينهما .لكنه انتقل بعد فوات األوان.
فجأة ،انفصل حامد عن األرض وطار عليها في معالجة .على نحو عكسي ،ابتعدت وكأن الوقت تباطأ .هبة رت على
أصابع قدميها ،وتجنبت الهجوم ،وأرسلت الصبي األشقر يبحر في شجرة .ضرب رأسه بصوت عاٍل اللحاء الخشن
فسقط .اشتكى حامد من األرض ،بصق الشتائم التي ال نهاية لها عندما دفعت نصير على كتفيها.
قال بصوت عاٍل " :عليك أن تذهب" " .أنت بحاجة إلى المغادرة .سأتعامل مع حامد " -
" المغادرة" ،أنهت قمر بإيماءة .وغرقت كعبيها األرض احتجاجا على ذلك " .أريد فقط أن أخبرك بشيء".
" في وقت الحق .أخبرني الحًق ا من فضلك " ،توسل نصير .دفعت يديه بإصرار إلى كتفيها مرة أخرى ،مما دفعها إلى
عمق الغابة القاحلة " .اذهب قبل أن يستيقظ حامد ".
" أنت تدافع عنها ؟ مني ؟" حامد في مفاجأة .صرخ في شاحنة الشجرة وهو يمسك رأسه " .لقد شتمت كالنا
وضربتني".
" لقد ضربتك فقط ألنك تستحقها!" صاح نصير في الولد األشقر .اتسعت عيون حامد عندما أضاف نصير " .كان
يجب أن ألكمك أوًال".
" إنها صديقي المفضل" ،صرحت نصير بحرارة .وقفت قمر هناك في صمت ،تراقب األجواء بين الولدين ،بينما
كان خديها دافئان .الغضب الذي اختفى إلى القبول ؛ أن نصير فكرت بها بنفس الطريقة التي فكرت بها به .ازدهرت
السعادة بابتسامة على وجهها وفتح حامد فمه لالحتجاج ؛ فقط صوت آخر ارتد فوق الدرب.
" ما الذي يحدث هناك ؟! ما كل هذا الصراخ ؟! " صاح معلًما من األرض المسطحة لألسلحة .تبادلت قمر نظرة الذعر
مع نصير .دون مساعدته ،صعدت إلى األشجار ،وهي تستعد للفرار.
حث نصير في همس " اذهب قمر " .لوحت يده بشكل محموم " .أخبرني الحًقا الليلة".
أومأت برأسها ،ثم توقفت مع شيء مجرور على عباءتها .حدقت قمر في حامد ،الذي كان ال يزال يمسك بالشجرة وهو
يرفع يده بعيًد ا.
" هذا لم ينته" ،قال بصوت خفيض وابتسمت فقط .كانت عيناها تتفوقان على الصبي األشقر ،مما جعلها تشعر بقدر
معين من اللذة الجنونية في ألمه .أجابت " جيد" قبل أن تقلع على األشجار.
انطلقت على الرغم من تجمعات الجليد والثلج ،فهربت من أرض األسلحة .مع الريح الباردة تقضم من أذنيها ،ال يزال
بإمكانها إصدار صوت مزدهر .ربما الصراخ في نصير وربما حامد .
في النهاية ،وصلت إلى منزلها واستمتعت بالدفء عندما زحفت عائدة من خالل الحفرة التي صنعتها .فركت يديها مًعا
إلزالة الخدر .تجمدت قمر في مساراتها عندما تأخر صوت همهمة والدتها تحت رفرف الفراء .ابتلعت بشدة.
على عجل ،مزقت قمر عباءتها القذرة من فوق رأسها ،واندفعت لتنضم إلى المالبس األخرى ذات الرائحة الكريهة في
الزاوية .ثم هبة رت غرفتها بسرعة حتى ال تبدو كما لو أنها لم تنظفها أبًد ا .تم جرف المالبس في كومة عمالقة للغسيل.
تم ترتيب فراشها وسحبها بعيًد ا عن الطريق .تناثرت األوساخ السائبة من مغامراتها السابقة تحت الحصائر المنسوجة
الملونة حول غرفتها .مشطت يديها مًع ا عندما بدت نظيفة إلى حد ما.
كانت قمر معجبة بصمت بغرفتها .لقد بدت أنظف مقارنة بالحالة التي كانت عليها .إنها منهكة مدفونة في فراشها .في
المنطقة الرئيسية ،بدأت والدتها في لحن ناعم .أغرت قمر إلى النوم الفوري.
استيقظت بشكوى متذمرة .تخبطت يدها دون جدوى إلبعاد الشيء الذي بدس في أضالعها بعيًد ا .عندما توقف الشيء ،
تدحرجت قمر ،وشد البطانية المنسوجة فوق رأسها .دفن الدفء بشكل أعمق جعلها تنزلق بسهولة إلى النوم .ثم بدأ شيء
ما بدسها في كتفها.
هدير ،قمر شق جفنيها الثقيل وفتح عبوس .حدقت في الجاني كما ابتسمت لها المرأة األكبر سنا .أفلت صرير من التعاسة
من حلقها الجاف عندما قامت والدتها بنزع األغطية بوقاحة .اندفعت قمر إلى أعلى ،وتمسك بضعف بالبطانية التي
تشابكتها والدتها بعيًد ا عن متناول يدها.
" الحساء المذاب جاهز ".قالت والدتها بلطف وهي ترسم لتقف.
قامت قمر بإمساك كومة البطانيات على األرض .لقد أخطأتهم عندما ركل قدمها األغطية برفرف الفراء " .تعال وتناول
العشاء .قبل أن تضطر إلى المغادرة " .
وقفت قمر بينما كانت تفرك عينيها آخر فترة من النوم ،بينما كانت والدتها تغادر .بقلق ،سقطت عيناها الخمريتان على
الحفرة التي احترقت بها ،مختبئة تحت السجادة المنسوجة .على أمل أن يكون سرها ال يزال في أمان ولم يتم العثور
عليه .لم تستطع رؤية أي دليل على وجودها على الرغم من علمها بوجودها.
منهكة ،تعثرت مرهقة عبر غرفها وفي المنطقة الرئيسية .الرائحة السماوية لطبقها المفضل جعلت معدتها ترن بحماس.
بدون تذكير آخر ،سرعان ما تخبطت قمر على أمام طاولة الطعام الصغيرة.
وسقط أمامها وعاء خزفي بني وتبرز منه ملعقة من المنتصف .كانت لدغتها األولى شديدة السخونة ،وحرق الجزء
العلوي من فمها وأسفل حلقها .لكنها كانت سعيدة للغاية حيث كان الطعم يتجول على لسانها .اشتكى قمر بسعادة مثل الجبن
الطازج ،مع لحم الغزالن الطازج بنكهة حارة .كانت هذه الوجبة إلهية مقارنة بأشهر اللحوم المجففة والجبن الحامض
خالل األشهر الحارة.
في غضون دقائق ،اختفى ما تبقى من الحساء المذاب في وعاءها .تدبر على االختباء في أسفل بطنها " .لقد انتهيت.
يجب أن أذهب " ،تمتمت قمر وهي تفرك بطنها ،وربت عليها بالكامل .سارت إلى الموقد وجذبت معداتها في الخارج.
جاء صوت والدتها وهي تحرك رأسها من خالل عباءة.
قالت المرأة األكبر سًن ا " :تذكر قمر " " .مباشرة نحو المنزل .لست بحاجة إلى التدريب الليلة " .
أومأت بشكل صامت ،وشد حذائها على قدميها .ثم خرجت من الباب .سحب الهواء البارد الحرارة على الفور من جلدها
المكشوف .ركضت قمر في الممر إلى األرض المسطحة لألسلحة على أمل العثور على نصير مرة أخرى .ويفضل أن
تكون بمفردها هذه المرة ،حتى تتمكن أخيًر ا من إخباره أنها لم تعد قادرة على التدريب خالل األشهر الباردة.
فوق ضوء النجوم ،نسجت بين األشجار القاحلة .قطعت قدميها بفضول على األغصان الساقطة .داخل األشجار ،ظهر
بريق فضي داخل األرض المسطحة التي تستخدم فيها األسلحة .كان شعر نصير الشائك ينبعث من براقة مثل ابتسامتها
كما استقبلت " .أخيًر ا ،أنت وحيد" ،قالت قمر وهي تخترق خط الشجرة ،متجهة نحوه.
توقفت قمر من برودة صوت نصير .ابتلعت الورم في حلقها وواصلت السير نحوه بتردد .متجاهلة طعنة األلم الفاترة من
كلمات نصير ،أجابت قمر بحذر " .حسًن ا ...كنت سأخبرك أنني لم أعد أستطيع التدريب".
تم التخلص من التعبير الالمبالي الملصق على وجه نصير ،وأعاد عينيه النيليتين إلى الحياة .أغلق المسافة بينهما ،
واستطاعت قمر أن ترى المحنة بوضوح .القلق على وجهه .كانت كتفيه تصلب كأن شيًئ ا ما عليهما.
" لن يحدث مطلقا مرة اخري ؟" تساءل نصير بهدوء " .لقد أخبرتني منذ بضعة أشهر أن والدتك شجعتك على التدريب
...هل هذا بسبب وقت سابق اليوم ؟ ألن لدي ما أقوله لك " ...
" ماذا او ما ؟ ال ،إنها تفعل ذلك " ،قاطعت قمر قبل أن تتمكن نصير من االستمرار .أجابت " :هذا ال عالقة له بك أو
اليوم" ،ثم أضافت بسرعة .تحدثت أنا ووالدتي عن التوقف عن التدريب مؤقًت ا خالل األشهر الباردة بسبب عدم وجود
غطاء .اآلن ،هي تطبقه .أردت أن أخبرك في وقت سابق حتى ال تضطر إلى التواجد هنا الليلة " .
تنهدت الزعنفة وهي تقرع جسر أنفه " .هذا كل شيء ؟ هل تقصد أن تقول إنك خاطرت بأن يتم اكتشافك لتوصيل تلك
الرسالة ؟ "
عقدت قمر ذراعيها واستهزأت " .حسًن ا ،ال يمكنني أن أقدم لك رسالة كتابية اآلن ،هل يمكنني ذلك ؟"
تأوه الصبي في االتفاق " .نعم ،حسًن ا ...أعلم أنك ال تستطيع ذلك .ولكن بما أنك هنا ...لدي ما أقوله لك " ...
تحولت عيناها على الفور إلى الحركة خلف نصير ،كان هناك شيء في مكان ما في الظل .غسلت االبتسامة الخفيفة من
وجهها مع إشراق ضوء القمر على مصدر الحركة .انها عبس.
" ماذا يفعل هنا ؟" طالب قمر ،مشيًر ا إلى حامد الخارج من األشجار .غرقت عينا نصير على األرض ،ووجدت
األوساخ تحت قدميه أكثر إثارة من سؤالها .لقد وخزت إصبعها في صدر نصير .قالت " :لقد طرحت عليك سؤاًال نصير
" " .اإلجابة عليه".
" آه!" صرخة نصير في الشكوى .قام بفرك دوائر رقيقة على المنطقة المصابة من عظمة الترقوة " .لن يتركني وحدي
منذ أن سمع أننا نجتمع مرة أخرى" ،أوضح نصير ،ثم أومأ برأسه إلى حامد عندما اقترب منهم الصبي اآلخر " .يبدو
أنه يعتقد أننا شيء ما".
أومأت الزعنفة " .قلت ذلك أيًض ا ...من بين أشياء أخرى".
قمر عينت الزعنفة ،وقوست حاجبها في السؤال " .مثل أي نوع من األشياء ؟"
أجاب حامد للصبي اآلخر " قلت إنك كنت تتدرب معه" .عندما انضم أخيًر ا إلى جانب نصير " .يقول أنك أفضل منه".
قامت بضرب نصير في صدره مرة أخرى ،مما جعل الصبي ذو الشعر الفضي يتذمر متذمرًا .هزت قمر كتفيها.
تمتمت بتواضع " :لن أقول أفضل من ذلك" " .لقد بدأنا السجال قبل شهرين فقط".
أومأ حامد برأسه " ،قبل شهرين فقط ،قال نصير إنك جيدة مثل مرشدينا .وإذا قال أنك أفضل منه فأنت على األرجح
كذلك .رغم ذلك ،ال أصدق ذلك .ما لم " ...تباطأ ،وهو يقوس حاجًبا أشقر في اتجاهها.
" إال ماذا ؟" تحدت بشكل مشكوك فيه .راقبت حامد وهو يتراجع عائدًا إلى خط الشجرة .تومض الفضة في ضوء القمر
عندما عاد حامد وبيده سينصير معدنيين.
أجاب حامد " ،ما لم ترغب في إثبات ذلك" ،وألقى بها واحدة.
أمسكت بالشفرة من الجو ،مذهولة من الثقل الهائل الذي ثقل بيدها .ابتسمت عندما التقطت الفضة ضوء القمر مرة أخرى
،أن مجرد انكسار الضوء كان دليًال أكثر على أنها حصلت في النهاية على سيف حقيقي .نظرت عيناها إلى كال الصبيان.
ابتسم نصير لها على نطاق واسع وهو يميل رأسه إلى حامد .حدق الصبي األشقر فيها وفكه معلًقا.
" ماذا او ما ؟" سألت عليهم .هز نصير رأسه وابتسامته ما زالت ملصقة على وجهه .أجاب " :ال شيء" .يدفع مرفقه
في ضلوع حامد " .حق ؟"
برأسه ،أومأ حامد .ما زالت عيناه الزرقاوان تحدقان بها في حالة ساحرة .هز نصير رأسه وربت على ظهر حامد " .
حظا موفقا يا رفيقي .بالمناسبة ،هي التي كانت تسبب لي كل الكدمات .وهذا فقط بالسيوف الخشبية " .
قامت قمر بتوازن النصل في يدها ،ثم وقفت " .مستعد ؟"
ابتلع حامد بشدة " .شكًر ا" ،صاح في نصير قبل أن يتقدم في موقفه الخاص " .هيا بنا نقوم بذلك".
ابتعد الزعنفة .بينما يتشابك المعدن مًع ا ،يتردد أصداء في جميع أنحاء األرض المسطحة لألسلحة .أدت االهتزازات
الناتجة عن االصطدام إلى زحف ذراعها ،مما جعلها ترتجف من الصدمة والوزن .تجهمت قمر من عدم التمرين بشفرة
معدنية.
تحطم حذائها الجلدي فوق الثلج الصلب بينما كانا يسافران في دائرة من بعضهما البعض ،تماًما كما شاهدت عشرات
المرات أثناء التدريب .استعدت قمر يدها األخرى على المقبض بينما كان حامد يتأرجح .خردة المعدن ضد بعضها
البعض .ثم ابتعد حامد .
قامت بتأرجح السيف عند فتحة الجناح األيسر لحامد ،وقام بسدها.
" من أين لك السيوف ؟" لقد تراجعت عن طريق الخطأ وهي تسحب سيفها بعيًد ا .تأرجحت قمر مرة أخرى ،ولكن هذه
المرة لم تقابل الهواء إال عندما تهرب حامد .
" هل تسألني إن كنت قد سرقتهم ؟" ورد حامد وهو يتأرجح ويفتقد.
أوضحت قمر " :إذا أردت أن أعرف ما إذا كنت قد سرقتهم ،فسأطلب منك ذلك على الفور" .
اصطدم سيفهم .كشط المعدن على المعدن .التقت عيون سيت بأخرى زرقاء أثناء دراستهما لبعضهما البعض على
األسلحة .صرح حامد " والدي هو قرية سميث" " .ولقد اقترضت هذه".
دفعته قمر إلى الخلف ،مما جعل حامد يتعثر إلى الوراء .انتظرت حتى تمسك بقدميه قبل أن يضرب مرة أخرى .مرة
أخرى ،كانوا وجهًا لوجه وسيوفهم متصلة " .هذه مصنوعة بشكل جيد" ،أثنى على قمر بينما كانت تجرد أسنانها بقوة
الصبي.
ضغطت للخلف .استخدام تنويرها لطحن سيفها ضد حامد .تجهم الصبي األشقر.
" شكًر ا لك" ،قال حامد مدمًر ا وهو يتقدم لألمام .حفر كعبه في األرض وابتعد .أحاطت قمر به وهي تسأل بشكل ال
يصدق " .هل صنعت هذه ؟"
أجاب حامد " :صنعتهم منذ أشهر" عندما بدأ في مضاهاة خطواتها " .قبل أن يدفعني السكير إلى التدريب".
" عندما أريد" ،أجاب حامد ،وتأرجح كسول مرة أخرى " .رغم ذلك ،كان لدي نصل في يدي منذ أن كنت في
السابعة من عمري".
" وهذا هو أفضل ما لديكم ؟" مازح قمر ،مشيرا بين سيوفهم.
هز حامد كتفيه بابتسامة ملتوية " :لن أقول أفضل ما لدي" " .أنا ال أريد أن أؤذيك".
اندفع إلى األمام وسد قمر " .قد تكون هناك فرصة أن تكون الشخص الذي يتأذى "،قالت ،مطابقة ابتسامة حامد .
تصاعد الضحك من حلق الصبي األشقر " .أظل أقول نفسك أن".
تأرجحت قمر والتقت السيوف للمرة األلف في تلك الليلة .ضغطت على نصله الفضي .ثم يشق .تعثرت حامد للخلف مرة
أخرى من قوتها .بينما كان يحارب الثلج من أجل الوقوف ،لم تنتظره قمر .
تأرجحت بالنعمة والقوة ،طرقت النصل اآلخر من يد حامد .ذهب الفضة يطير في الثلج في مكان ما .سقط حامد .
رفعت قمر رأس النصل على وجهه .نظرت إليها عيون زرقاء مصدومة وهي تبتسم " .اآلن ،من لديه فرصة أن
يتأذى ؟" تساءلت بإغاظة.
أسقطت النصل على األرض ،مدت قمر يدها إلى حامد " .هل تحتاج إلى مساعدة ؟"
وانتشر الشك في الهواء حيث ظلت يدها ممدودة .شاهدت قمر كيف يتحول تعبير حامد في نقاش شخصي صامت قبل أن
تمسك بيدها .وجهته إلى قدميه بسهولة .ابتعد حامد صامًت ا في نفس اتجاه النصل المفقود .نظرت إلى نصير ،الذي هز
كتفيه رًد ا .على ما يبدو ،كان مرتبًك ا كما كانت.
عاد حامد إليهم .انقض ألسفل وانتقد ألسفل من أجل السيف اآلخر عند قدميها .درس قمر الشقراء عندما وقف أمامها.
وبدوره ،درس حامد ظهرها .مرت الثواني قبل أن يقدم حامد المقبض.
نظرت عيناها الخربيتان إلى نصير ،الذي أومأ برأسه برفق .تبتسم قمر ،لف يدها حول القبضة ،ونظرت فوق النصل
في ضوء القمر مرة أخرى .ثم أومأت برأسها.
" مرة أخرى".
استمر السجال بينهما لفترة طويلة حتى الليل مع رغبة نصير في النهاية في التدريب أيًض ا .قبل فترة طويلة ،كان على
قمر االبتعاد عن التدريب لجلب الماء للحكماء .تطوع كل من نصير وحامد بسرعة للمساعدة .رافقها األوالد إلى النهر ،
وسمحوا لها بسحب اإلمدهبة ت من الفرشاة المخفية وظلوا في الجوار حتى انتهاء المهمة .مع استمرار الليل ،كان لدى
قمر شكوك جدية حول قدرة حامد على الهدوء حول القرية.
تساقطت قشور بيضاء من السماء الساطعة عندما دَّست قمر الدالء بعيًد ا داخل جذور شجرة كبيرة أخرى .ليست هي
نفسها التي حملت سلة الشتالت .ال ،لقد دفنت يداها تلك الحفرة منذ فترة طويلة عندما عادت إلى ضفة النهر ألول مرة.
لكن زنبق نهر جاف استقر فوقه .صفقت قمر يديها مًع ا عندما وقفت .ويدها الممدودة دخلت في نظرها.
قال حامد " :أراك عندما تنتهي األشهر الباردة قمر " .اتسعت عيناها عندما أمسكت بيدها وهزتها برفق.
وردت قمر بثقة " ربما عاجًال" في محاولة إلخفاء دهشتها " .هذا يعتمد على متى تتالشى األشهر الباردة ،أليس كذلك
اآلن ؟"
ابتسم حامد بتكلف " .من األفضل أال تصدأ كثيًر ا أثناء جلوسك في منزلك ،بينما يتعلم بقيتنا" ،سخر من يدها.
ردت قمر وحامد بابتسامة عريضة " :شكلي ليس من شأنك ،مع األخذ في االعتبار عدد المرات التي ُط رقت فيها
النصل من يدك" .
أعلن بجرأة " :كان هذا هو اإلحماء الخاص بي" " .من المهذب فقط السماح لألنثى بالفوز مرة واحدة".
" الفتيات ال يتدربن" ،علقت قمر بضحك وأضاف نصير " .أنت تعلم أن قمر جعلتك حامد أكثر من مرة .أنا متأكد من
أنك تعرف كيف تحسب " .
تذمر حامد " باه" .ولوح بيديه رافضا كالمهما " .بحلول الوقت الذي تنتهي فيه هذه األشهر الباردة ،سأكون أفضل
منها" ،زعم ،مشيًر ا إلى قمر .
" شكلها سيكون فظيًعا لدرجة أنني سأتمكن من ضربها بالحافة المسطحة لنصلتي ،فقط انتظر وانظر".
أراينا ونصير تشاركا ابتسامة .هبة ر حامد عينيه .قال " روث "...مشيًر ا إلى كليهما " .الزوج منكم .تعال ،نصير
قل وداًع ا لواحدك الموعود حتى نتمكن من العودة إلى المنازل الدافئة اللطيفة قبل الفجر .أود الحصول على قسط من
الراحة قبل التدريب " .
تم تجاهل احتجاجاتهم عندما انطلق حامد يسير على درب ترابي .ألقى يده في الهواء في وداع ،وسيوف التدريب في يده
األخرى .عندما اختفى ظهر حامد عن بعد ،تحدث نصير .
قالت قمر باستهجان " :ضرب شخص ما ليس أمًر ا فظيًع ا ،ليس عندما يستحق ذلك" .جرفت بقعة سميكة من الثلج ،
وكشفت عن العشب الباهت تحتها .جمعت قمر حفنة ،وسارت لتذكر كوابيسها .بحنان ،قامت بتبديل الزنبق الجاف
بالعشب .صرخت الفتاة الباهتة داخل رأسها عندما سارت إلى حافة النهر ؛ يقذف الزهرة في التيار.
" ماذا كان هذا ؟" سأل نصير ،لينضم إليها بجانب الماء " .كل هذا الوقت كنا نتدرب مًع ا ،لم أشاهدكم تفعل ذلك من
قبل".
ردت " :هذا ألنني كنت أفعل هذا قبل أن ألتقي بك في أرض مسطحة لألسلحة" .اتبعت عيناها الخمريتان الزهرة الميتة
وهي تطفو على النهر.
استنكرت قمر ،متذّك رة محادثتهما األولى التي بدأت بنفس السبب .سقطت خيوط الماهوجني على كتفيها عندما هزت
رأسها " .ال شيء مهم .ردت وهي تنظر إلى أعين نيلي قلقة.
وافق نصير " ،ربما ال شيء" ،ثم أضاف " ،لكن ال شيء أو ال ،أنا هنا".
استدارت نصير بعيًد ا ومشيت ،وتركتها وحدها على حافة النهر .في الظالم ،فقدت رؤية الزهرة منذ زمن بعيد .ال شك
في االنجراف تحت المياه السوداء .عبرت الرعشات على جلدها وهربت .انضمت قمر بهدوء إلى جانب نصير وسارت
في صمت.
قاموا بتدوير شجرة الزاوية وتوقفت عندما بدأت نصير في المشي بعيًد ا ،وأخذت الدرب نزوًال إلى القرية .أمسكت يدها.
قابلت عيناها نصير وهو يستدير لمواجهة وجهها ،مع مجموعة من التعاسة على وجهه.
تمتمت قمر بلطف " :سأخبرك يوًما ما" ،وهي تكره حقيقة أنها كانت من جعلته منزعًج ا في البداية " .لكن ليس اآلن.
على ما يرام ؟"
أومأ زعنفة رأسه .اختفى الخيط الرفيع من شفتيه كما رد " .على ما يرام".
ابتسمت قمر بخفة .كان هناك شعور بالخفة يغطيها ،مع العلم أن نصير قد سامحتها اآلن .أطلقت يده ،مدركة أنها ال
تزال تمسك راحة يدها بيدها " .شكرا وتصبح على خير".
بداية آثار صفراء رسمت في سماء الليل .تفتيح األشجار من حولهم " .صباح الخير" ،صحح نصير بابتسامة" .
وسأراكم الليلة".
استدار وركض على الممر ،ونادته قمر " .صباح الخير لك انت ايضا!"
ضحكت عندما تعثرت نصير في المسافة المتزايدة ،لكنها تمكنت من تلويح ذراعها في الهواء .ابتسمت قمر .الجدل هل
لّو ح في الوداع أم بالسالم .لم تستطع أن تقرر .عندما اختفت نصير تماًما ،استدارت وأسرعت إلى منزلها.
بال أنفاسها ،دخلت من الباب بهدوء قدر استطاعتها .أفضل ما لديها لم يكن هادًئ ا بما فيه الكفاية.
" آه "...تراجعت قمر بال فائدة ألنها التقت بعيون والدتها الساطعة.
" أستطيع أن أشرح ؟" عرضت بشكل ضعيف وكانت االبتسامة التي أعطتها للمرأة األكبر سنًا أضعف " .ليست
كذلك…"
أسكت والدتها عذرها الضعيف بيد في الهواء من عمود النسيج " .أريد إجابات بنعم أو ال .تفهم ؟"
" نعم".
" هل وجدك ركاب الحدود ؟"
" ال".
" أنا فقط طلبت منك إجابة بنعم أو ال" ،قالت أمها ،وتوقفت ؛ يدرك ما قاله قمر " .انتظر ،كان هذا أنت ؟ هل سرقت
سيفا من الحداد ؟ "
" ماذا تقصد" نعم وال " ؟ إما نعم أو ال " .
تنهدت قمر " .قلت لي إما بنعم أو ال .لقد طرحت سؤالين في وقت واحد ،لذا أعطيتك اإلجابتين " .
كانت والدتها تئن وكأنها تتألم ،وفركت يدها على وجهها .خطوط حمراء من الجلد المتهيج مضيئة على وجه والدتها" .
أنت صعب عن قصد ،أليس كذلك ؟" استجوب والدتها بتهمة.
قبل أن تتمكن من االمتناع ،ظهرت ابتسامة على وجهها كما اعترفت " .ربما قليال".
تنهدت المرأة األكبر سنًا من عمود النسيج قائلة " :فكرت كثيًر ا" " .اجلس واشرح .بعد ذلك ،ستذهب إلى غرفك
وتستريح قليًال .ثم ستساعدني في النسيج " .
سرعان ما امتثلت قمر ألوامر والدتها وانضمت إليها في الزابوتون الفارغ بجوار المرأة األكبر سًن ا .بمجرد وصوله ،
تنهدت قمر .تمتم بأصابعها وهي تمتم بتواضع " ،من الصعب أن أشرح "...
" ابدأ من البداية" شجعت المرأة األكبر سنًا عندما عادت إلى النسيج " .سمعت أنه مكان جيد للبدء".
تنهدت قمر مرة أخرى ،وهي ابتلعت الكتلة في حلقها وتركتها تستقر في بطنها.
انتشرت أعصابها وهي تنفجر " ،لم أتدرب بمفردي خالل الشهرين الماضيين .كنت أتدرب مع صبي متنور من القرية.
والليلة ،تدربت معه ومع ابن الحداد .أحضر السيف المعدني معه ،وأنا لم أسأله أيًض ا .لم أكن أعرف حتى أنه سيكون
هناك .ثم بدأنا التدريب وكنت متحمًس ا المتالك سيف حقيقي في يدي ؛ ال يهم إذا لم ُيسمح لي بالتدريب حتى األشهر
الممطرة .أردت فقط السيف في يدي .والوقت ابتعد عني .أنا آسف".
" ماذا او ما ؟" استجوبت بهدوء وتنهدت والدتها .اعترفت المرأة األكبر سنًا " :ال أعرف من أين أبدأ" .ابتسمت قمر .
" انظر هذه هي المشكلة التي لدي ".تبددت االبتسامة على وجهها عندما أعطتها والدتها نظرة مدببة " .ال أعتقد أن لدينا
نفس المشاكل هنا قمر .أوًال ،أنت مع ولدين في منتصف الليل ؟ ما الذي يفكرون فيه حتى ؟ "
تنهدت والدتها توقفت عند النسيج " .ما زلت صغيًر ا حتى اآلن ،ولكن كنت في الخارج في منتصف الليل مع ولدين "...
،تراجعت المرأة األكبر سًن ا قبل أن تواصل بثبات " .ال أتوقع منك أن تفهم ،لكني ال أريدك أن تراهم مرة أخرى".
صرخت قمر وهي تندفع على قدميها " ،ماذا ؟! لماذا ؟"
مسحت يداها بشراسة الدموع من على وجهها وهي تحدق في والدتها .تجرأت بصمت على والدتها لتتجادل .استنشقت
قمر " .نصير لن تؤذيني أبًد ا وحتى قبل ساعات قليلة ،وصفني ابن الحداد وصمة عار" ،أوضحت بهدوء.
تردد صدى الصمت في أرجاء المنزل .عادت قمر إلى زابوتونها " .أرجوك قولي شيًئ ا" ،توسلت عندما التزمت والدتها
الصمت.
" أنا قلق عليك ،في كل مرة تغادرين" ،تمتمت المرأة األكبر سًن ا ،وهي تتوقف عن الحياكة .أصابع نحيلة نحى تجعيد
الماهوجني بعيًد ا عن وجه قمر " .هل يعني هؤالء األوالد الكثير بالنسبة لك ؟"
أومأت قمر برأسها " .نصير هو أعز أصدقائي .حامد ...يبدو أنني أستطيع الوثوق به .وإذا لم أتمكن من ذلك ،فسوف
ألكمه مرة أخرى " .
" لقد وصفني وصمة عار ولن يتوقف .أوضحت قمر " كان علي أن أفعل شيًئ ا.
فركت والدتها وجهها مرة أخرى قبل أن تدفن وجهها في يديها .قالت المرأة المسنة " :ال أعرف ماذا أقول في ذلك" .
" حسًن ا ،العمل الجيد سيكون كافًيا "،اقترحت قمر بابتسامة " .أو كيف حال يدك ؟ رغم ذلك ،أعتقد أننا توصلنا إلى
تفاهم عندما قاتلنا " .
" نعم .قاتلوا بالسيوف .ردت قمر " قلت لك هذا أنا" " .المعدن الذي سمعته هو نحن".
أومأت والدتها بسرعة " ،أعتقد أنني سمعت ما يكفي .فقط اذهب واغتسل ونم .سوف أمشي معك الحًقا حتى نتمكن من
التحدث أكثر " .
اعتبرت إقالتها انتصاًر ا ،خلعت قمر حذائها وعباءتها قبل أن تنطلق في غرفتها .استنشقت النفس العصبي الذي كانت
تحبسه ثم واصلت نزع ثيابها .الضغط على اإلرهاق وعدم االهتمام كثيًر ا بحالة األوساخ جعلها تنظف بشكل أسرع.
انزلقت على فستان بني عندما انتهت.
بعد دقائق من صعودها إلى لوح السرير ،فقدت النوم .لمرة واحدة ،منذ الحادث ،حلمت قمر بشيء آخر .اختفت
صيحات الشتالت على صوت اصطدام المعادن والضحك السعيد.
أسابيع منذ حديثها مع والدتها .سارت قمر على الدرب ،واألوساخ تتراكم من ذوبان الجليد .المع الشفق فوق رأسها وهي
تتجه نحو األسفل الممر المؤدي إلى حافة النهر .ثم توقفت في خطوتها.
" ماذا تفعالن هنا ؟ صرحت قمر بينما كانت تسير نحو صديقيها " ،اعتقدت أننا اتفقنا على أن تنتظرني في أرض
األسلحة المسطحة" " .أم نسيت ؟"
قال نصير " لم أنس" وأشار إلى حامد " .لقد جرني إلى هنا".
هبة ر حامد عينيه " .أنا لم أجره .أردنا المساعدة .إذن إلى أين نحن ذاهبون للحصول على الماء للحكماء ؟ "
أشارت قمر إلى النهر خلفهم " هناك ماء خلفك ،كما تعلم" .
" هل تجلب الماء للحكماء هنا ؟" تساءل حامد بشكل مروع " .أنا أتبول في هذا النهر".
تأوهت الزعنفة بجانب الشقراء " .يتبول الكثير من الناس في الماء وأماكن أخرى".
تمتم حامد " :لكن ...يمكنني الذهاب إلى هنا فقط" .
هزت قمر رأسها وأغلقت المسافة بينهما .دفعت الدالء في ذراعي حامد " .شكًر ا على التحذير ،لكني لم أكن بحاجة إلى
معرفة ذلك .تحصل على الماء وسأحمله " .
" هل تبولت في النهر اليوم ؟" سأل قمر .تذمر حامد إجابته وأغرق أحد الدالء في الماء .تحول نصير بعيًد ا عن
الصبي األشقر إلى قمر .
" هل ستعطين الحكمة حًق ا مياه النهر ؟" سأل ،والتقت عيناه األرجوانية بعينيها .هزت قمر كتفيها " .ربما تكون قضايا
حامد قد ولت منذ فترة طويلة في الوقت الحاضر .ال أرى سبًبا لعدم إحضار الماء هنا .يمكنني دائًما البحث عن نهر
أقرب ...في مكان ما " .
ابتسم نصير " :لن يكون ذلك ضرورًيا" " .سرك بأمان معى".
ابتسمت قمر بشكل مشرق في نصير تماًما كما بكى حامد " .القليل من المساعدة هنا!"
اهتز رأسان في الشقراء .ردت قمر " :ليس هناك من طريقة للوصول إلى النهر معك بداخله" .
احتج حامد قائًال " :لم أفعل شيًئ ا" " .كنت أحضر الماء ،ورأيتني أحضر الماء".
هز الزعانف كتفيه " .لم أر أي شيء .كنت أتحدث إلى قمر " .
" بخير!" تذمر حامد ،وهو يسحب دلًو ا ويسحبه على الشاطئ الموحل " .أتوقع بعض المساعدة بعد ذلك".
أجابت قمر " بالطبع" بينما كان حامد يسحب الدلو الثاني على الحافة .ووفًق ا لكلمتها ،أخذت قمر الدالء بعناية .سار كال
الصبيان معها أثناء توصيل الماء .تناقش نصير وحامد حول السجال خلف ظهرها حتى تنتهي من مهمتها .ثم أمضوا
بقية الليل في التدريب.
" أوه تعال على نصير !" اشتكى حامد للمرة األلف أثناء التدريب .وقف عند خط الشجرة ،منتظًر ا دوره لتجنيب الخاسر
في هذه الجلسة " .كنت تعتقد أنه بعد تمريرين ،ستحصل على حركة قدم مثالية".
نصير وهو يتفادى أرجوحة قمر " .تعتقد ذلك .لكن كما يعلم كالكما ...أنا قارئ أكثر من مقاتل .أنا أفضل الرماية
على السيف " .
أجاب حامد " :لدينا طوال الليل للعمل على ذلك" .الشقراء تبعوا أقدامهم بعيونه.
" القدم اليسرى!" بكى الصبي األشقر ،حيث اقتربت قمر من اإلضراب.
" القدم اليسرى! نصير ! ...أنت " !-أطلق حامد صرخة متذمرة من اإلحباط عندما أخطأ نصير .انتزع حامد شعره.
" القتال الدفاعي ليس صعًبا ،فأنت تفكر في األمر بعقل سمين لديك! عمرك خمسة عشر تمريرا ،يجب أن تعرف أفضل!
"
صرخت قمر " :انظر إلى الجانب المشرق من حامد " .
ردت بابتسامة " :على األقل ،إنها األشهر الممطرة ،وليس األشهر الباردة" .ثم تهربت بينما ألقى نصير هجوًما آخر
عليها .اشتكى حامد أكثر.
" إنك تتخطى نصير " ،علقت ألنها منعت اندفاًع ا محرًج ا " .أنت تترك ذراعك مكشوفة".
" أرغ!" زعنفة مدمره ،ورمي سيفه على األرض " .أنا ال أفهم ذلك! كيف يفترض أن تدافع عن نفسك وتهاجمهم في
نفس الوقت على العدو ؟ إما هذا أو ذاك " .
توقفت قمر وأمسكت بالسيف من األرض " .هناك أكثر من مجرد اعتداءات جسدية" ،تمتمت بلطف إلى نصير " .
هناك أيًض ا مهاجمة العقل ،وقراءة حركات خصمك والدفاع عن نفسك بفعالية منها".
حدق نصير على األرض وهو يتمتم " .عمري خمسة عشر تمريرة .ليس لدي أي خصوم في الوقت الحالي .ومن
الصعب تخيل أحدكم كعدو لي ألنك تبتسم لي باستمرار " .
تألقت عيون النيلي بغضب عندما فقاعت قمر وحامد بالضحك .تردد صدى تسليةهم من خالل األرض المسطحة
لألسلحة .وزاد األمر سوًءا عندما تمتم نصير بالشتائم وهو يتنفس.
فجأة ،انقطع ضحك حامد الصبياني .لقد تحولت إلى صرخة حادة ومذهلة .تحولت قمر ونصير إلى اتجاهه بصدمة
مطلقة .حدقوا بينما كان أحد الكراتين يمسك الصبي األشقر من رقبته بمخلب متقشر .الدم يسيل من ذراع حامد اليمنى
بينما كان يتجادل بشكل ميؤوس منه على الطرف الضخم ذو النسيج الضخم بيده اليسرى .تغير لون وجه حامد أمام
عينيها ،وتباطأت أطرافه المتساقطة.
" هنا!" صرخت قمر تلقائًيا وهي تلوح بذراعيها على أمل تشتيت انتباه الوحش .ابتلعت بشدة عندما ابتسم المخلوق
العمالق ؛ وكأنه وجد شيًئ ا أعجبه .محالق الخوف الجليدية تتبعت داخل أطرافها عندما أدركت ما يعنيه المظهر .كانت
مفترسة ،مع العديد من صفوف األسنان الحالقة وكانت الفريسة.
تخلص الوحش بال مباالة من في خط الشجرة .راقب قمر بال حول وال قوة وهو يلتف حول شاحنة شجرة كبيرة قبل أن
يختفي تماًما في خط األشجار " .حامد ؟!" صرخت على أمل أن يجيب " .هل أنت كذلك"
تالشى سؤالها عندما اخترق اثنان آخران من الوحش األشجار ،وراحوا يزمجرون عليهم بابتسامات مدببة على وجوههم
المتقشرة.
" زعنفة ؟" استجوبت قمر بتواضع ،وهي تنظر بعينها إلى ثالثة سلوغمورز كبيرة تسير نحوهم على قدمين .طافت
الوحش فوقهم وهم يتراجعون بحذر .اصطدم كتفها بشيء صلب ،مما جعل الرهبة تدور داخل بطنها حتى تلمس يد دافئة
ذراعها.
لم ترفع قمر عينيها عن األعداء مطلًق ا ،وتمكنت من تمرير الشفرة اإلضافية إلى .تراجعت للوراء عندما هسهسة
المخلوقات الثالثة عند وميض السيف في ضوء القمر " .ماذا يفعل الوحش بهذا بالقرب من القرية ؟" سأل نصير في
هامس.
" أعتقد أن السؤال هنا ،أين راكبو الحدود ؟" ردت قمر .
" أعرف أين لم يكونوا" ،همست نصير " .هل تعتقد أنه يمكننا قتلهم ؟"
وبينما كانت المناورة متتالية ،زأرت السلجمور ،وظهرت أسنانهم كما لو أنهم تعرفوا على ما كانوا يقولون .ابتلعت قمر
.ثقل السيف في يدها " .ما نوع اإلجابة التي تريدها ؟ هل تريد الحقيقة أم الكذب ؟ "
" لم نكذب على بعضنا البعض منذ أن أصبحنا أصدقاء .أجاب نصير " :ال فائدة من البدء اآلن" .
" ال أعرف" ،اعترفت بسرعة .حدقت عيناها الخمريتان في العيون البيضاء للعبة الوحش .فجأة ،اندفع الوحش الذي
هاجم حامد إلى األمام.
استدار قمر حوله ،متهرًبا من الهجوم السريع .سقط الزعنفة على األرض للحظات قبل أن ينسحب مرة أخرى على
قدميه .جهز سيفه للقتال .وسرعان ما فعلت قمر الشيء نفسه.
دخلت الوحش لهجوم آخر وتجنب المخلب للمرة الثانية .من زاوية عينيها ،وجدت السلجمور اآلخرين يراقبونهم.
االنتظار عند خط الشجرة .وجدت قمر نصير ،وقامت بتدعيم ظهرها على ظهره " .هل يمكنك تشتيت انتباه هذا الوحش
حتى أتمكن من مواجهة االثنين عند خط الشجرة ؟" سألت في همسة.
" هل يمكنك التعامل مع اثنين بمفردك ؟" همس الزعانف للخلف " .تذكر أن األمر استغرق أربعة راكبي وسهام على
الحدود إلسقاط الوحش واحد فقط".
عضت شفتها .دخل طعم معدني خافت إلى فمها وهي تحاول ترويض شكوكها وخوفها المتزايد .أجابت " :أعتقد أن
الوقت قد حان لمعرفة ما إذا كنت بحالة جيدة كما تقول أنا" ،ثم انطلقت في الجري.
كان هناك زئير مميز من خلفها وهي تركض إلى السالجمور على األشجار .كان بإمكانها فقط أن تأمل أن يكون نصير
بأمان .أو حفظ قدر المستطاع ،بالنظر إلى الموقف.
أمسكت قمر بالسيف بإحكام في يدها .انزلقت تحت أول الوحش ،والحظ الوحش وجودها أخيًر ا .المس الطين ظهرها ،
حيث قطعت ساقها الكبيرة بالحافة .تدفقت أمطار دافئة من الدم األسود على وجهها عندما نجت بصعوبة من سقوط الوحش
.باستخدام زخم انزالقها ،دارت حولها ،وأرجحت النصل .اختفى رأس الوحش بين العشب.
تحول تنهد االرتياح الذي أفلت من شفتيها إلى صرخة عندما ضربها الوحش الثانية على األرض .ثقل اليقين طار من
يدها .فقدت النصل في مكان ما في العشب .تم تثبيت ذراعها األيسر بشكل عكسي أسفل فك الوحش ،مما يمنع األسنان
المنقطعة من الوصول إلى رقبتها .دفعت قمر الوحش بعيًد ا.
توترت ذراعها ضد وزن الطن ،لكنها أبعدت المخلوق ببطء .مخالب مكففة مثبتة في األرض على جانبي رأسها.
ابتسمت أسنانها الالمعة لها عندما بدأت الوحش في سحقها تحت ثقلها .سعلت قمر وكافحت إلبعاد الوحش.
" قمر !" صرخت نصير المسافة ،وهبة رت رأسها .تجنًبا لرائحة الوحش الكريهة ،وجدت على الفور نصير ،وهي
تجري نحوها .تبعه الوحش من بعده .أكبر مخلوق كان يفتقد ذراع مخالب .أمطرت الدماء المظلمة على العشب بينما كانت
األسنان المبتسمة تلمع براقة .قابلت عيناها أرجوانية قلقة.
" ال تقلق علي!" صرخت بشدة ضد االحتجاج المتزايد في ضلوعها " .سأتدبر الوضع ".ثم رأت الفضة.
على بعد بوصات قليلة من رأسها كان السيف .كان يتألأل في الضوء وأصبح الحرق في رئتيها ال يطاق .عضت قمر
شفتها ،ودفعت كل قوتها ألعلى ،وحررت ذراعها المحتجز من تحت الوحش .ووصلها للنصل في العشب .اندفع
المخلوق لألمام للتعويض عن الضعف الوجيز .كان يزمجر بغضب ،وسقط أنفاس كريهة على وجهها بينما كادت شفرة
مثل األسنان تتساقط في مرفقها.
رقصت أطراف األصابع عشوائيًا فوق مقبض السيف .كان هناك صيحة مؤلمة خرجت فوق أرض األسلحة .وجدت
نظرتها نصير .كانت ذراعه موضوعة على صدره وهو يتدافع على األرض .نزل نحوه أول سلجمور هاجمهم .دم يسيل
من مخلبه المتبقي.
" ال!" صرخت .توقف الوحش في المسافة .استدار حول رجليه الخلفيتين المتقشرتين .حدقت في عيني الوحش " .أنت
تقاتلني" ،صرخت ،وأمسكت النصل من األرض.
دفعت المخلوق من حلقه ،متجاهلة أصوات السعال القادمة من الوحش فوقه .كشفت قمر عن أسنانها بابتسامة خاصة بها
وهي تغرق النصل في المنزل .تم سحق النصل الحاد من خالل الجسد ،عبر الدماغ وأخيرًا شوه من خالل الجمجمة.
تراجعت السلجمور ضدها على الفور.
وقفت قمر ،وألقت الجثة بسهولة من السيف .نزل الدم األسود من كوعها ،وأسفل النصل وهي تطارد األرض المسطحة
لألسلحة .توقفت في المنتصف .وضع نفسها بين المخلوق و .ثم انتظرت ،محدقة في الوحش أمامها.
" قمر ،ال تخاطر بنفسك من أجلي " .ستموت" ،ناشدت نصير من خلفها.
" اخرس نصير ،وانطلق".
" إنه ذكي .أذكى من االثنين اآلخرين .السبب الذي جعلني أتيحت لي فرصة قطع ذراعيها هو أنه كان يراقبك .حذر
نصير :ما فعلته مع اآلخرين ،لن ينجح " .
أجاب نصير " :لن أغادر ،ال يزال بإمكاني القتال" .
" مثل الجحيم أنت" ،زأرت قمر .وجذبت الصبي من ذراعه الجيدة واقفا على قدميه " .ستخرج من هنا".
دفعته نحوه ،محاواًل دفعه للذهاب إلى خط الشجرة .ابتسم لها الوحش .تومضت عيناها البيضاء على نصير ثم عادت
إليها .ضغطت قمر على فكها ،وقمعت غضبها " .أكره أن أعتقد أنك تفهم "...بدأت قمر - " .لكنك لن تلمسه مرة
أخرى .سأقتلك أوال " .
تومض الفهم عبر العيون البيضاء قبل أن تنتهي مسابقة التحديق .تهربت قمر بينما كان الوحش يتأرجح في ذراعه
النازفة .صفعها الدم األسود على عينيها ،مما أدى إلى إصابتها بالعمى .بحلول الوقت ،تراجعت .كان الوقت قد فات
للمراوغة.
اليد المخالب اشتعلت في ظهرها ،وغرقت في لحمها .طارت في الهواء ،وسقطت على بطنها .تختنق في الهواء الذي
تجمد في صدرها .شعرت قمر بالدفء يتساقط من ظهرها ،وهي تتجمع أسفل جانب جذعها .كان من حسن الحظ أنها
كانت مخدرة لأللم ،بالنظر إلى الحالة المحتملة إلصاباتها.
كان هناك وزن مألوف في يدها عندما وجدت السيف ال يزال مربوطًا بأصابعها .لم تستطع إال أن تتساءل كيف تمكنت
من ذلك .استمرت قمر في االستلقاء على الرغم من توسالت نصير المتكررة لها أن تنهض من األرض .سرعان ما
انضمت التحذيرات إلى التسول .كما صرخت نصير أن الوحش كان يالحقها.
مع رأسها على األرض ،كان بإمكانها أن تحصي خطوات الوحش التي تقترب .كانت أطول على رجلين خلفيتين ،لكنها
كانت على ثالث رجلين .عندما توقفت الضربة المحرجة ،اإلضراب والعرج ؛ أجبرت قمر جسدها على البقاء ساكنًا.
" قمر من فضلك!" توسل نصير .بينما كانت مستلقية هناك ،كانت تأمل أن تصمت نصير وتركها تركز .نزلت
أنفاسها الكريهة الدافئة على ظهرها وركزت على مناشدات صديقتها المقربة .قمعت رجفة عندما ألقى لسان دافئ على
ظهرها ،ولعق الدم من جروحها .بحذر ،أمسكت قمر بيدها بإحكام حول النصل .االستعداد لإلضراب.
عاد اللسان ليعود طعًما آخر ،لكنه كان بطيًئ ا هذه المرة .مثل المخلوق عمدا تذوق الدم .كان هناك بكاء من بعيد .عندما
وصل الفم الدافئ إلى قاعدة رقبتها ،هاجمتها قمر .
تدحرجت .ربط ساقيها على جانبي الوحش .لسع ظهرها وهي تتدحرج مع الوحش على ظهرها .السيف ثابت فوق رقبة
المخلوق .بيدها الحرة ،ضغطت على الحافة الفضية ألسفل ،قطعت رأس الوحش ببطء .ومزقت المخالب ذراعيها بينما
اختلط الدم األحمر واألسود في إحداها .ألول مرة الليلة ،شاهدت قمر الخوف يمر بعيون بيضاء ،ثم انقلب عندما غرق
السيف في العشب.
ارتجفت ذراعيها وهي تقف .تخلصت من النصل في التراب ،ركضت إلى جانب نصير " .مرحًبا "،استقبلت
بارتجاج .حدقت عيون النيلي في وجهها وهو يندفع إلى قدميه " .قمر "...تتنفس زعنفة " .أنت على"-
" على قيد الحياة ؟" عرضت على قمر باستخفاف رغم ما شعرت به .ارتجفت وهي تتابع " ،من األفضل أن أكون بعد
ذلك .يبدو أنه يلعب أعمال ميتة " .
اشتكى نصير قريًبا " :حسًن ا قليًال" " .اعتقدت أنك كنت أيًض ا".
أجابت " حسًن ا ،أنا لست كذلك" .سأل قمر وهو يتحرك إلى ذراعه " .كيف هي الذراع ؟"
أجاب نصير " :أحتاج إلى شيء لوقف النزيف ،لكن يجب أن أكون بخير" " .هل رأيت حامد ؟"
هزت قمر رأسها ومزقت أشالء كمها الممزقة من سترتها .قالت " ،هنا" ،وسلمت قطعة القماش إلى نصير قبل أن
تقف " .سأذهب لالطمئنان عليه".
أمسكت سيف نصير المهمل من األرض وهي تسير من الصبي ذو الشعر الفضي .غاص حذائها الجلدي في الوحل
الطازج عندما عبرت خط الشجرة .وقفت قمر داخل الظل وهي تتذكر مكان هبوط حامد .سارت استكشافية .تتطلع إلى
محيطها .لحسن الحظ ،وجدت شعر حامد األشقر قبل أن تطأه تماًما.
كان جلده شاحًبا وشيًبا تقريًبا والدم يتدفق ببطء من جرح المخلب على كتفه.
" حامد ؟" سأل قمر ،جاعًال اسم الصبي األشقر سؤاًال .بصرف النظر عما توقعت له أن يفاجئها ؛ كما فعل مرات
عديدة أخرى .ثم يضحك ويسخر منها لقلقها .دفعت كتفه غير المصابة برفق ،على أمل أن يستيقظ حامد .بيدها على كتفه
،الحظت تفصيلين .أوًال ،كان برًد ا شديًد ا .وثانًيا ،لم يكن حامد يتنفس.
" زعنفة!" خوار قمر .حمل صوتها الذعر بين األشجار .اهتزت يداها بشدة تجاه األشقر المجعد بينما كانت تتمتم تحت
أنفاسها " .تعال ...تعال ...استيقظ".
" ! اتصلت مرة أخرى عندما لم يرد الولد اآلخر .قامت بتدوير السيف نحو الفروع المفاجئة وأسقطته عندما جاءت نصير
إلى جانبها .سأل نصير وهو يلهث ،وال يزال يعاني من إصابته في صدره " ،هل يتنفس ؟"
رفعت قمر يدها على فم حامد .أومأت برأسها مرتاحة عندما ضربت نفخة صغيرة من الهواء جلدها " .بالكاد".
أومأ زعنفة رأسه " ،نحن بحاجة إلى إعادته إلى القرية اآلن!"
دون أي شك ،اختطفت قمر أحد ذراعي حامد ولفت الطرف المرن على كتفيها .استغرق نصير بعض الكفاح ،لكنه
تمكن من فعل الشيء نفسه مع ذراع حامد األخرى .تم سحب األحذية الجلدية للشقراء عبر أرضية الغابة حيث تعثروا
متحررين من خط األشجار.
ساروا على الطريق المؤدي إلى القرية .فجأة ،دوي الرعد من ورائهم .في غضون دقائق ،حاصرهم رجال براون
وراكبو الحدود .تبادل قمر ونصير نظرات قلقة بينما نزل الفرسان التسعة على األرض.
ترنحت براونمان عندما قام اثنان من الدراجين على الحدود بتمزيق حامد من ذراعيها .تم التقاط يديها ،على غرار
الكوابيس التي تحدث لها .تهربت .حتى يلف شيء حول رقبتها .سعلت قمر في ذراعها العضلي وألقت الفارس على
ظهرها .سقط الرجل على األرض وهو يتأوه.
اندفع ركاب الحدود اآلخرون نحوها .قاتلت بشجاعة .تتأرجح قبضتها في تعويذة خمول .رؤيتها غير واضحة على الرغم
من صعابها .تدفق ركاب الحدود فوقها في عجلة من أمرها ،حيث كانت تسمع صراخ نصير .
سقطت عيناها على نصير ،ممسكين بسبعة ركاب حدوديين .قابلت بيربل سيت ،حتى اصطدم شيء صعب بمؤخرة
جمجمتها .خفق رأسها ،ضبابية بصرها أسوأ ؛ حتى تحولت إلى اللون األسود .شاهدت قمر ضبابية فضية على ضبابية
أخرى قاتمة .صرخات مكتومة على رأسها .تساءلت عما إذا كانت نصير ،لكنها فقدت الوعي قبل أن تتمكن من معرفة
ذلك.
.كانت الخفقان في ظهرها هي اللحظة األولى التي زاد فيها وعيها وعيها تجاه األلم .كان هناك خدر غير مريح في مكان
ما على يديها .وحاولت أن تهز أطرافها المستعصية مستيقظة ولكنها تسببت فقط في ألم الذع ينزل على كتفيها.
تأوهت قمر .تتجرأ على فتح عينيها للسطوع المشمس الذي يقصف عينيها المغلقتين .وقفت بضعف وسرعان ما تبع ذلك
ارتباك .كانت األصفاد المعدنية تدور حول معصمها ،تحفز بشكل مؤلم على الجلد األحمر الرقيق تحتها .سحب قمر
السالسل التي تتخلف عن العمود الخشبي السميك .لكن النجاح فقط في ضرب المعدن بالخشب وصواًل إلى أعلى نقطة ،
حيث تم قفل السالسل.
هزت همسات صامتة خلفها وهي تدرس محيطها في حالة رعب .استقر خوف مختلف كثيًر ا في أحشائها .نفس نوع
الخوف الذي حملته منذ أن قابلت الحكماء ألول مرة .الخوف من الجهل .لقد عرفت أين هي .كانت مقيدة بالسالسل ،في
المنتدى ،أمام منزل الحكماء .كانت مئات العيون تحدق بها بينما كانت قمر تشد السالسل مرة أخرى.
" لماذا انا هنا ؟ صرخت .تردد صدى صوتها في القرية الصامتة " .لماذا انا هنا ؟" كرر قمر ،ثم أضاف " .أين
نصير وحامد ؟ هل هم"-
تم إسكاتها عندما اصطدم شيء ما في وجهها .كممت قمر من الرائحة الكريهة ،وبققت البقايا من فمها المفتوح على
األرض .وتردد أصداء الضحك حولها حيث رفضت المادة الملوثة كل محتويات بطنها .تناثر سائل صاٍف على حذائها
حتى تراجعت على السالسل في روافد جافة.
اغرورقت الدموع في زاوية عينيها ،ثم خففت من خديها عندما اصطدم شيء قوي بذراعها المصاب .الدم الجاف يتساقط
مع نزول دم جديد.
" اتركني وحدي!" قامت قمر بالضغط على حلقها الملتهب مع ارتفاع المزيد والمزيد من األشياء في اتجاهها .تشبثت
النفايات بجلدها ،حيث ألقت القرية مزيًج ا من الطعام المتعفن والفضالت الجسدية .وبغض النظر عن مدى صعوبة هز
أطرافها ،فقد رفضت النفايات التخلص منها.
قام قرويون آخرون – معظمهم من الرجال – بإلقاء حجارة كبيرة من الغابة .صخور كبيرة بما يكفي لكسر شيء ما.
تهربت قمر ببطء ،ومع كل صخرة كبيرة تهرب ،اصطدمت صخرتان أصغر .شدت يائسة قيودها مع استمرار الهجوم
طوال اليوم .حتى اصطدمت أكبر صخرة برأسها ،وأوقعتها على ركبتيها.
الجلد الخام للمعصم يحترق من دعم وزنها " .مساعدة" ،همست قمر للضحك " .شخص ما يساعد من فضلك "...
توسلها لم يفعل شيًئ ا سوى تشجيع القرويين .المزيد والمزيد من الناس انضموا إلى الحشد الخانق ،وألقوا األشياء عندما
جاءوا وذهبوا .بعد العديد من الضربات وفترات ال حصر لها من الوقت ،تراجعت قمر في السالسل .هزم .فقط عندما
ضعفت الحشود ،أغمي على قمر في حالتها التي ال تتحرك.
تأوهت قمر .ابتعدت عن البرد الرطب الذي كان يخدش ظهرها .تمتمت قمر بشكاويها بشكل غير متماسك ،واسترخيت
عندما ابتعد البرد عن جلدها المعذب .كافحت مرة أخرى عندما عاد البرد.
" قمر ،يرجى االنتظار .يحتاج ظهرك للعناية قبل أن يصاب بالعدوى " .
" األم ؟" كانت تشد بهدوء ،وتومض عينيها الخاملتين .فقط ليجدوا ال شيء في الغسق سوى صمت القرية .دخلت
والدتها في وجهة نظرها ،وأجبرتها على هبة رة رأسها في اتجاه الخفقان.
" نعم أنا هنا "،أجابت والدتها وهي تمشط شعرها المتسخ عن وجهها.
أغمضت عينيها بينما كانت والدتها تمسح وجهها خالًيا من الرائحة الكريهة " .لقد كنت محتجًز ا في المنزل لمدة اليومين
التاليين".
كانت والدتها تضايقها " .أنت لست الوحيد الذي يعرف كيف يتسلل .ماذا حدث الليلة الماضية ؟ "
" الوحش " ،هسهس قمر بشكل مؤلم .حاولت أال تبتعد ألن والدتها تميل إلى ظهرها .اهتزت سالسل المعادن وهي
تهتز " .خرج ثالثة من خط الشجرة وهاجمونا .حامد جريح .ثم ألقوه في شجرة .أنا والزعنفة " ...اختنقت قمر ،وهي
تبتلع بشدة .ال تعرف ما إذا كان أصدقاؤها على قيد الحياة " .تمكنا من محاربتهم" .
" وفًقا لنصير لين ،قال إنك قتلت الثالثة جميًع ا ،بمساعدة قليلة جًد ا".
شهقت قمر وقضمت إلى الوراء .سألت بارتياح " :لقد قابلت نصير " " .هل هو بخير ؟"
أومأت والدتها برأسها " ،كنت داخل منزل المعالج عندما أحضره ركاب الحدود .استمروا في السؤال عنك وعن هذا
الفتى حامد .ابن الحداد ؟ "
أجابت قمر " نعم" ،متوترة وقلبها ينفجر في صدرها " .هذا هو حامد .كيف حاله ؟ هل هو ؟"...
" إنه مصاب .فقد الكثير من الدم ،لكن من المتوقع أن يتعافى تماًما .أوضحت والدتها " :المعالج وابنتها كانوا يقومون
بترميمه طوال اليوم" .أجفلت قمر عندما لمسها البرد والتهاب ظهرها مرة أخرى .ثم دمدرت المرأة األكبر سنا.
أشارت المرأة األكبر سًن ا إلى السالسل حول معصمها " .يبدو أن الحكماء يعتقدون أنك سرقت من الحداد وهاجمت نصير
لين وحامد .على الرغم من مناشدات كل من أصدقائك ،أخبرهما بخالف ذلك .ال يشمل األدلة على جثث الوحش القتلى
التي تناثرت في أرض األسلحة .لم يكن الحكماء مسرورين بتدربك معهم .أنت وصمة عار ،تتعلم األسلحة من رجل
متنور وفتى تجاري ،لذلك عاقبوك " .
" ال ،لكنهم حكموا بالحبس حتى ينتهي يومك .ثم ممنوع عليهم التحدث معك مرة أخرى " .
" لم تفعل .لقد قاموا بنفس القدر من االحتجاج عندما قلت لك نفس الشيء " ،قالت المرأة األكبر سًن ا ،قبل أن تضيف" .
اقتراحي الوحيد هو نقل تدريبك إلى مكان آخر .ربما يكون قمة التل بغطاء شجري ومنظر رائع لشروق الشمس " .
اعترفت قمر بغزارة " :كان يجب أن أستمع إليك" .هددت الدموع بالسقوط من عينيها " .لقد طلبت مني أن أكون حذرا
لعدة تمريرات اآلن ...هذا خطأي".
تتأرجح من أجل والدتها بينما تعانق المرأة األكبر سًن ا حول جسدها القذر " .أنت طفل ،ال أتوقع منك أن تكون أقل من
ذلك .كنت آمل فقط أال يأتي هذا اليوم .أنا آسف قمر .أنا آسف جدا".
أومأت قمر برأسها .مع العلم أنها لم تكن طفلة منذ اثني عشر مرة .ابتلعت الرغبة المتزايدة في البكاء وطلبت خشن" .
حتى يومين آخرين ؟ وهذا كل شيء ؟"
راح الفزع يتساقط فوقها مثل سحابة ممطرة .يومان آخران من السخرية التي يمكن أن تتعامل معها ،لكن الوحل المتعفن
الذي ألقي عليها كان كثيًر ا .تألم قلبها ألسباب ال تريد االعتراف .كانت تلك وصمة عار تتحول إلى عبء لم تكن متأكدة
من قدرتها على تحمله .اهتزت قمر بالدموع المكبوتة .أسكتت كلماتها .استولت األيدي على وجهها برفق.
" يجب أن تأكل وتشرب .أحضرت لك بقية الحساء المذاب .أو يمكنك أن تشرب فقط إذا كنت ال تريد أن تأكل " ،همست
والدتها.
مع تقييد يديها ،سمحت قمر لوالدتها بإطعامها بالملعقة بعد ملعقة حتى زوال الحساء المذاب .بعد ذلك ،ضغطت والدتها
الماء على شفتيها .ارتشفته قمر بعناية ،وال تزال تشعر بالدوار من االنسكاب السابق لها .بمجرد أن تمألها من الطعام
والماء ،تنهدت قمر بارتياح .قامت والدتها بشدها وسحبها من السالسل في محاولة لتحريرها .وال تسود .ربت قمر على
ذراع والدتها بينما أخفت المرأة الكبيرة وجهها في يديها وبكت.
في النهاية ،بدأت الليالي تتالشى واستيقظت من جديد إلى اللون األصفر الفاتح .مما يشير إلى آثار الصباح األولى.
أطلقت قمر صريًر ا مذهواًل عندما أخذت والدتها وجهها في يديها .ضغطت شفاه دافئة على جبهتها " .هل تريدني ان
ابقى ؟" سألت المرأة األكبر سًن ا وهي تنظف أمواج الماهوجني من عينيها.
حدقت الفضة المحترقة في خميرة بينما كانت والدتها تهمس .لن تجلب لهم الماء مرة أخرى .سوف تستمر في تدريبك .لن
تسمح لهم بتحطيمك .تفهم ؟"
طلعت الشمس فوق األفق ،وأضاءت القرية في ثوان معدودة .في صمت ،راقبت قمر والدتها وهي تغادر ،تأسف على
الفور إلرسالها بعيًد ا .لكن مجرد التفكير في أن والدتها ،حامد ونصير ،تلقت عقوبة أشد من تلك التي تسببت فيها في
تقليل فزعها .لكن فقط قليال.
عندما بدأت الطيور في الغناء داخل تلك الشجرة الخضراء المتدفقة ،ازدهرت القرية على الفور .سمعت ثرثرة فضولي
داخل أقرب أسرة .لم يمض وقت طويل حتى بدأ القرويون في دخول المنتدى لفتح أكشاك البيع .كانت هناك مسودة من
اللحم المتعفن جعل الطعام في معدتها مضطرًبا .تساءلت عما إذا كان المزيد من الناس سيرمون الوحل مرة أخرى .هبت
الريح مرة أخرى ،ثم أدركت أن الرائحة قادمة منها.
أبقت قمر رأسها ألسفل ،ناظرة إلى األرض وحاولت أال تهز السالسل .تدفق القرويون على المكان بينما أشرقت الشمس
في السماء .تم تثبيت الضوء الذهبي في المساء ،بينما كان الحكماء التسعة يمرون .حدقت قمر .
راقبت كل واحدة منهم ،متسائلة عما إذا كانوا جميًع ا وافقوا على معاقبتها بهذه السالسل.
" أظهر لهم االحترام وصمة عار!" شخص ما يصدر صوت هسهسة من ورائها .ثم جاء األلم عندما اصطدم شيء
بظهرها المصاب .سقطت قمر على ركبتيها من القوة .ظهر ظهرها ينبض من جهة االتصال .تدفقت الحارة ببطء إلى
أسفل عمودها الفقري .لتذكيرها بفن وحامد والسبب وراء عقابها.
صرخت قمر وهي تقف على قدميها وهي تقرع بسالسلها " .لقد هاجمنا البازالء!"
" لم أفعل ذلك!" همس القرويون حولها عندما اختفى الحكماء في منزلهم.
صرخت قمر طوال األيام .واصلت الصراخ حتى أصبح حلقها خشًن ا وجشًع ا .صرخت بينما كان القرويون يمرون
بجوارهم ،ولم يجرؤوا حتى على االقتراب بما يكفي لرمي أي شيء .زحف العرق إلى أسفل ظهرها ،وانسكب الملح في
عينيها من جبهتها .لقد قامت بمسح العرق على مرفقها بشكل محرج عندما خرج أحد الحكماء من حجرة المنزل .حدقت
فيه وهو يمشي إلى األمام.
ترنمت المفاتيح من يديه المرتعشتين عندما أطلقها الحكيم .توقف انشغال المنتدى .اختفت الثقل على الفور عندما تحول
المفتاح إلى القفل وسقطت الكفة من معصمها .دون أن تشكره ،انسحبت قمر .ركضت عبر بحر الخيام ،عبر درب
التراب وأخيرًا عادت إلى المنزل.
في جزء من الحلم والواقع جزئًيا ،لم تستطع قمر أن تشعر بأن والدتها تنظف وتضمد جروحها .لم تستطع أن تشعر
بلسعة األعشاب العالجية أو البرودة الطازجة للمياه ألنها ترطب حلقها .كانت مقتنعة أنها كانت نائمة عندما ألبستها والدتها
أخيًر ا ثوًبا بنًيا نظيًفا .عندما ارتطم رأسها بفراشها ،سقطت عليها موجات من النوم.
في البداية ،كان عقلها مليًئ ا بالعدم السلمي .ال أصوات لتيارات األنهار البرية .أو بكاء الشتالت .على الرغم من أن
الهدوء حتى وصل إلى نهايته .في رأسها ،لعبت صرخات معذبة من نصير وحامد .سرعان ما انضم نويل الشتالت.
حتى انتهى بهم األمر بفعل األمواج السوداء .في كل مرة تنتهي فيها كوابيسها ،تغرق قمر مرة أخرى .تعود إلى نقطة
اإلرهاق عندما ال تستطيع خوض معركة.
في وقت الحق من تلك الليلة ،استيقظت قمر بينما كانت والدتها تغير ضمهبة تها .جلست هناك في صمت ،وعيناها
البنيتان تحدقان في الخرق الملطخة بالدماء تتراكم " .أريد أن أرى نصير وحامد الليلة".
" لماذا تخبرني بهذا ؟" استجوبت والدتها من خلفها .استنشقت قمر بحدة حيث علقت األصابع على عالمات المخلب" .
آسف" عرضت على المرأة األكبر سنا قبل المتابعة " .رؤيتهم هو اختيارك .تذكر أن تختار موقًع ا جديًد ا للتدريب " .
قمر هسهسة مرة أخرى ،ردت " ،ال أعتقد أن أًيا منا سيفعل الكثير من السجال الليلة ".كانت عيناها تحدقان في
معصمها المغطى بالضمهبة ت.
" سيكون هذا من الحكمة .ظهرك يحتاج إلى وقت للشفاء " .
كان هناك تنهيدة من خلفها ،وغرمت يد كتفها برفق .قالت والدتها بحدة قبل أن تهدر " :ستندب ،تماًما مثل كل إصاباتك
األخرى" " .لو كنت قد وصلت إليك في وقت أقرب".
وقفت قمر من على فراشها وانتزعت بحذر ثيابها البيضاء فوق رأسها " .لقد فعلت أفضل ما بوسعك".
" انا والدتك .ردت والدتها بينما كانت قمر تشد سروالها البني فوق ساقيها ،أفترض أنني أبذل قصارى جهدي .التقت
عيناها الخمريتان بعيون والدتها الفضية ،وبدأت بالفعل في الشعور بالقلق " .كن حذرا للغاية".
أومأت قمر برأسها .أجابت " حتى أكثر من أي وقت مضى" وهي تشد حذاًء جلديًا على كل قدم " .سأعود قريبا".
وقفت والدتها من على البساط المحبوك تجمع الضمهبة ت الملطخة بالدماء في يديها " .سيتوجب عليك .سأحتاج إلى
تغيير الضمهبة ت الخاصة بك" .
تركت والدتها في غرفها وخرجت من منزلها .كان الهواء البارد قليًال يقضم جسدها المكشوف وهي تمشي على درب
األوساخ ،تعانق ظالل خط الشجرة .تومض عيناها فوق األشجار تبحث عن الظالل.
فضة .كان هناك شيء ما في ضوء القمر ،يلمع مثل اإلغراء .عضت شفتها ،وامتنعت عن المنهبة ة .في حال كان
شخص آخر .ولكن عندما تومض ضوء القمر فوق رأس آخر ،لم يعد لدى قمر شكوك حول هويته .لمن كانوا .ترددت
أصوات نصير وحامد عبر األشجار ،و قمر .
احتج حامد قائًال " :ال يوجد مكان على طول الطريق على طول الطريق بجوار بحيرة نصير " .كان يتجول على قدميه
بجوار نصير ،ينفث " .ما زلت مؤلًما قليًال".
" قلت أنك بخير في وقت سابق .عالوة على ذلك ،أنا أتحمل معظم وزنك " .وعدل الصبي ذو الشعر الفضي قبضته
على ذراع حامد على كتفيه " .االن اخرس".
وأضافت مبتسمة " :إذا تحدثت بصوت أعلى ،فسوف توقظ القرية بأكملها" .خرجت قمر من الظل " .وأنا ال أعرف
عنك ولكني ال أريد أن أكون هناك في أي وقت قريب".
توقف الصبيان في مسارهما ،وكالهما يحدق بها .فجأة ترك نصير حامد ،تارًك ا الصبي المصاب سقط على األرض
احتجاًج ا .لقد اصطدم بها بقوة ،ولف ذراعيه تلقائًيا حولها بإحكام .عادت قمر بسعادة عناقها وهي تبتسم.
بطريقة ما ،تمكن حامد من التعثر في طريقه إلى قدميه .وابتعدت نصير ،وهي تربت على ظهرها برفق ،كما لو كان
يعرف حالة إصاباتها.
اشتكى حامد " آه" " .أنت لست الوحيد المصاب هنا".
" آسف "،قال نصير واندفع إلى جانب الشقراء .سأل الشقراء بينما كان نصير يلف ذراع حامد على كتفه " .إذن ماذا
اآلن ؟ من المحتمل أن يقوم راكبو الحدود بدوريات في األرض المسطحة اآلن " .
" اعذرني ؟" سأل حامد .يصعد أذنه تجاهها وكأنه لم يسمعها في المرة األولى " .ماذا كان هذا ؟"
" تالل الوادي .المتسابقون على الحدود ال يذهبون إلى هناك ويمكننا مواصلة التدريب " .
تأوه حامد في الشكوى " .ال تقل لي أننا نتدرب الليلة .ال أعتقد أنني سأعيش من خالله " .
قامت قمر بشم وإمساك ذراع حامد األخرى ،ولفها على كتفيها .أجابت " ال" " .اعتقدت أننا سنجلس هناك لبعض
الوقت".
" تعجبني هذه الفكرة" ،تنفس حامد عندما بدأوا في المشي .اشتعلت عيون سيت النيلي بينما تحدث نصير .
ابتسم ابتسامة عريضة قمر ،وتنفس نفسا ممتعا الستقبال أصدقائها مرة أخرى .تحرك الثالثة ببطء نحو قمة التل" .
حسن".
تراكم العرق على ظهرها فوق الندوب الممزقة حتى غمرها مالبسها أخيًر ا .لقد قطفت التوت بشكل مضجر ألمها .كان
على المرأة األكبر سنًا أن تذهب إلى المنتدى لتتاجر بالبطانيات مقابل الطعام .كانت قمر تشمم ،معتقدة أنه ال أحد يريد
أبًد ا بطانيات منسوجة خالل األشهر الحارة .واألشهر الحارة هم.
في أي مرحلة من حياتها ،لم تستطع قمر تذكر أي تجارب لألشهر الحارة مروعة مثل تلك التي كانت تعيشها حالًيا .ال
يمكن حتى للعصير الحلو الحامض من التوت الطازج أن يروي الرغبة في الحصول على الماء بدًال من ذلك .تحركت
قليًال لتفكيك ثنيات ركبتيها من ساقيها .تلصق االلتصاق بجلدها وهي تتحرك للحصول على زاوية أفضل لمزيد من التوت
البري.
انفجر شيء ما في األشجار ،وجذب انتباهها إلى األشجار من حولها .ببطء ،قامت بمسحهم ضوئًيا ،بحًث ا عن أي آثار ل
الوحش أو مهاجم على حد سواء .ومنذ عقابها قبل ثالثة أشهر ،لم يكن هناك شيء مثل الحذر الشديد .القيام برحلة أخرى
في القرية لم يكن شيًئ ا على قائمة أمنياتها .كان هناك صمت في الهواء .توقفت الطيور عن النقيق ألحانها.
استولت على الدلو كسالح ووقفت ثم استرخاء .في المسافة ،رصدت قمر شعًر ا فضًيا شائًك ا .مع العلم أن نصير لن
تتسلل إليها خوًف ا من فقدان جزء من جسدها ،افترضت قمر فقط أن حامد كان يحاول التسلل إليها ...مرة أخرى.
" تحذير عادل" ،نادت قمر األشجار " .لقد ضربت نصير بدلو آخر مرة تسلل فيها إلي .لن أتردد في فعل الشيء نفسه
لك حامد " .
تال ذلك تأوه وضحك عندما خرج الصبيان من مخبئهما " .هل كان عليك أن تخبره أن قمر ؟" سأل نصير في الشكوى.
" لن يدعني أسمع نهاية األمر اآلن".
" دلو" ،أزيز حامد وهو سعيد ،وأشار نصير إلى الشقراء ؛ كما لو أنه أوضح وجهة نظره .ضحك حامد أكثر عندما
أصيبت باالختناق " ،على الرغم من أنه كان سيًئ ا بما يكفي ألنها تتفوق عليك بانتظام أثناء السجال ،لكن هذا شيء آخر!"
رد نصير بينما واصل حامد الثرثرة " :على ما أذكر ،عادة ما تكون قمر هي األفضل لك أيًض ا" " .في الواقع ،في
اللحظة التي تقرع فيها النصل من يدك ،فإنك تستسلم".
" ال!"
" كاف!" صرخت قمر .تومض عيناها بين صديقيها " .كالكما بحاجة إلى التوقف! لماذا أنت هنا ؟ وكيف وجدتني ؟"
هز حامد كتفيه ،وعيناه ما زالتا تلمعان في نصير " .نسخة قصيرة ...الجو حار وأريد أن أهدأ .وجدت نصير في
سجل المنزل ،سحب شحوبه للخارج .اصطدمنا بوالدتك وساعدناها كومة ضخمة من البطانيات في المنتدى .سألت أين
كنت " .
سألت قمر في حيرة من أمرها " .كيف وجدتني رغم ذلك ؟ هناك العديد من األماكن لجمع التوت في الغابة " .
بدأ حامد " ،حسًن ا ،أنا" ،وعيناه مقلوبتان على األرض ،وقاطع نصير " .كنا نسير في هذه الحرارة ،نبحث عنك.
ال تدعه يكذب " .
" إنها ليست كذبة" ،أجاب حامد ،محدًث ا في نصير " .لقد رأيتها ،لذلك وجدتها".
هبة رت قمر عينيها بغضب " .هل حقا ؟ المشاحنات مرة أخرى ؟ ما خطبكما اليوم ؟ أنت تتصرف بأسوأ من الشتالت "
.
أجاب حامد " :الجو حار ،هذا هو األمر" " .اآلن ،تعال ...البحيرة ليست بعيدة جًد ا عن هنا .تماما عند الزاوية".
" البحيرة ؟" صرخت قمر ،ثم سألتها بسرعة ،متجاهلة النظرات الغريبة من األوالد " .لماذا نذهب إلى البحيرة ؟"
حدق نصير وحامد في قمر ،مما جعلها تنتقل إلى حيث تقف " .ماذا او ما ؟" قطعت فجأة وهز الصبيان رأسيهما
بسرعة.
أجاب حامد بعناية " :ال شيء" " .نحن نذهب إلى البحيرة لنبرد .أنت تعرف ...تسبح" .
أفرغت حلقها .إزاحة اإلحساس إما بالصراخ أو التقيؤ .او كالهما .عضت قمر شفتها وهي كذبت " .أنا لست مثيًر ا
حتى ،سأمر".
شم حامد " .نعم ،هذا شيء آخر إلى جانب نقع العرق في فستانك" ،قال األشقر وهو يشير إلى خط العنق الذي تغير
لونه " .ال أعتقد ذلك".
" ال ،أنا بخير ...حًق ا "،احتجت قمر ،وتنازلت عن يديها إلبعاد حامد .انها فشلت .كانت يده محاطة بمرفقها لتوجيهها
إلى البحيرة .تنفست بصعوبة محاوال الهدوء.
ساروا حول الزاوية ،والتقوا بصورة مثالية للمياه الزرقاء ،تحت سماء زرقاء .تبث أشعة حارة عليهم .وكل ما شعرت
به هو الثلج .في الهدوء الذي أمامها ،كل ما يمكن أن تراه هو التيار األسود ،واليدين تحتهما تتجهان لجرها من أسفل.
تحدق من فوق كتفها بحًث ا عن مخرج لحريتها ،عينا قمر مغلقتين بعيون نصير .أضاء نيليه العميق ،ربما بسبب المياه
الزرقاء التي أمامهم .حدقوا في بعضهم البعض .تومض عيناها إلى دلو التوت في يديه الشاحبتين.
" تعال "،شجع حامد بسعادة .شدتها األشقر األطول من مرفقها نحو الماء " .ستشعر ببرودة أكبر بعد ذلك .اعتدت أن
أفعل هذا مع بابا قبل أن يستدير إلى الزجاجة " .
" حامد ...أنا ال –" احتجت بضعف ،وفقدت صوتها بمجرد اقترابها من الماء .صرخات عاجزة صرخت داخل رأسها
وهي تنهمر فوق السطح األملس .استنزف كل قتال من أطرافها بينما صرخ الخوف في أحشائها.
تمسك بقبضة حامد الحديدية ،وحفر أظافرها في يده في حالة من اليأس .غرقت قمر صندلها في األرض .أحاطت ساند
بقدميها عندما وقفت أمام حافة الماء .فوق كتفها ،وجدت نصير بالقرب من خط الشجرة ،تسير نحوهم.
وفجأة حررت الشقراء ذراعها ،قبل أن تمسكها من خصرها ،وسحبتها عن قدميها وفوق كتفه .غارث حامد في الماء
بشكل محرج .عضت قمر شفتها لتحافظ على صراخها تحت السيطرة مع ارتفاع المياه الباردة .انجرفت الدوخة داخل
رأسها من البكاء أو من صعوبة التنفس .في هذه المرحلة ،لم تستطع معرفة ذلك.
" حامد ! اسمح لها أن تذهب!" صاح نصير من الشاطئ " .إنها ال تريد أن تكون هناك!
" ماذا او ما ؟" دعا حامد ببراءة .عرفت قمر أن الصبي األشقر كان يسمع نصير ؛ كانت تسمعه .توقف الماء عند
ارتفاع الخصر .ارتجفت .سحبت قمر موجاتها من خشب الماهوجني .ظل الظالم في التيار يطفو تجاههم.
" قمر ؟" استجوب حامد .نظرت قمر إلى أعلى وعلى كتفها " .نعم ؟"
تومض عيناها مرة أخرى إلى الماء األسود لثانية قبل أن تعود إلى حامد " .القليل .حان الوقت للعودة إلى الشاطئ ؟ "
تبعت نظرة حامد عندما نظر إلى الشاطئ .وقفت الزعنفة على حافة الماء محدقة بهم .ثم ربطت عيناها الزرقاوان
بابتسامة مؤذية على وجه حامد " .أعتقد أن نصير يمكن أن يكون على الشاطئ وحده لفترة أطول قليًال .إلى جانب
الطريقة الوحيدة لالستفادة من الماء البارد هي الغطس " .
" ماذا او ما ؟ ال!" صرخت قمر ،حطمت عينيها بعيًد ا عن نصير " .ال" احتجت مرة أخرى حتى رمى بها حامد .
غرق آخر احتجاج لها وهي تغرق .أحاط بها الظالم األسود القاتم على الرغم من نقاء الماء من فوق .سعلت قمر ،فكانت
فقاعات من الهواء تسحب من حلقها فيما انطلقت صيحاتها .كانت أذنيها تتألمان ،وتمسك يداها الوهميتان بقدمي الركل.
كسرت قمر السطح بالصراخ.
تمسكت يدي حامد لها بينما استمرت الصراخ في التمزق من حلقها .حتى رفض صوتها االستمرار أكثر .ألقت بشراسة
موجات خشب الماهوجني من وجهها وألمعت .حامد يحدق فقط أثناء االنجراف في الماء .تراجعت قمر وألقت بقبضتها.
متجاهلة قوة التنوير لديها ،اندفعت يدها المرفوعة في فك حامد .ال يزال صدى الصرخات يتردد في ذهنها عندما
خرجت من الماء بأسرع ما يمكن .وسرعان ما تبعه حامد .
" هل كانت تبكي ؟" سأل حامد بعد دقيقة صمت .فرك فكه بحنان بينما اندفعت نصير في خط الشجرة ،تارًك ا حامد
وشأنه.
" ماذا حدث للتو ؟" تمتم حامد في نفسه وهو مستلقي على الشاطئ.
تبذل قصارى جهدها لتجاهل البكاء داخل رأسها والماء يسيل من جسدها .سارت حتى اختفى اللون األزرق بمزيج من
أوراق الشجر الزمردية .ثم انهار على األرض .دقات قلبها ،قرع الطبول على التراب .أغمضت عينيها متسائلة إذا كان
هذا الخوف سيستمر لبقية حياتها.
" قمر !" تسمى نصير من مكان ما في األشجار .حاولت قمر أن تذوب في األرض .لم تكن تريد التحدث .ليس بعد ما
رأوه .ليس بعد ما سمحت لهم برؤيته.
" قمر ؟ أين أنت ؟"
جاء اسمها عدة مرات .في بعض األحيان أقرب أو أبعد حسب المكان الذي بدا فيه الزعنفة .سمعت تنهيدة ،عالمة على
االستسالم.
تمتمت قمر ،التي لم تتمكن أخيًر ا من الهدوء من الهزيمة النقية في صوت نصير " .أنا هنا".
تلوح بيدها من األرض وهي تعرج ،وهي تتدلى بشكل محرج في الهواء .أجابت قمر " :ابحث عن اليد التي نبتت من
األرض" .
تركت يدها تتخبط ،واستمعت إلى حركات تقترب من حفيف األوراق ،وفرقعة األغصان .عندما توقفت الضوضاء ،
عرفت قمر أن نصير موجود .نظرت إلى عينيها الخربيتين مفتوحتين ،فوجئت بفاين مستلقية بجانبها.
أجاب نصير " :يمكنني أن أسألك نفس الشيء" .عيناه األرجواني ثابتتان على نفسها.
" هكذا تعتقد" صاح نصير " .تحاول أن ترقد على صخرة تبدو مصممة على أن تصبح جزًءا من قفصك الصدري".
وافق نصير " ،أستطيع" ،وهو يهز رأسه بشعره الفضي في التراب " .لكنني أفضل ال .أود أن أرقد على المزيد من
الصخور فقط ألجعلك تضحك أكثر " .
ابتسم نصير " :آمل أال يحدث ذلك" .تحرك على األرض ونحى الصخرة بعيًد ا .ساد الصمت عليهم ،وترك قمر تغمض
عينيها مرة أخرى في استرخاء .ثم سأل نصير بهدوء " .هل أنت خائف من الماء ؟"
كررت صديقتها المقربة " :خائفة من الماء" " .منذ أن عرفتك .لم أَر ك قط بالقرب من الماء .وإذا كنت كذلك ،فأنت إما
جاد أو مرعوب " .
" جدي ؟ مذعور ؟ هذه بعض الكلمات الكبيرة لشخص ما كان عمره خمسة عشر عاًما " ،سخرت قمر باستخفاف .لكن
قلبها لم يكن كذلك .والحظت نصير .
" عمري ستة عشر عاًما تقريًبا ولن ينجح تشتيت انتباهي عن طريق المضايقة " .قرأت ،وأنا لست حامد "،صرح
نصير .
" أنت لست على وشك ستة عشر تمريرة .أبلغ من العمر ستة عشر عاًما قبل أن تفعل ذلك " .واحتجت قمر بشكل
ضعيف .سقطت االبتسامة القسرية من وجهها عندما أعطاها نصير نظرة مدببة ؛ واحدة مماثلة ألمها .فرغت من الهواء
وترهل على األرض " .أنا" ،اعترفت بهدوء.
أومأ زعنفة رأسه وقال " .شيء ما حدث لك ،ليجعلك على هذا النحو".
هزت قمر كتفيها " .هل تتذكر القصة التي أخبرتك بها عندما تحدثنا ألول مرة كأصدقاء ؟"
عبر التفكير على وجه نصير كما كان يعتقد .ثم أومأ " .المرأة التي "-بدأت نصير وقاطعتها قمر .
قال نصير " :هذا عندما أيقظ استنارة قوتك" " .عندما مت" .
أشارت في اتجاه البحيرة " ،كان األمر ،وما لم أخبرك به ...كان متعلًق ا بالمياه" " .أحلم بالنهر ،في تلك الليلة التي
صرخت فيها الشتالت طلبًا للمساعدة .وعندما فشلت " .
فتح نصير فمه للرد وقطعته قمر " .ما فائدة امتالك قوة التنوير عندما ال يمنحك القوة للتغلب على الخوف ؟ هذا
الفشل ؟ يجعلني أتساءل عن عدد الشتالت التي لقيت نهايتها عند هذا النهر " .
قال نصير " :لن ترغب حًق ا في معرفة ذلك" " .ليس صحيحا".
هزت رأسها " .على االغلب ال .لكن كان من المفترض أن أكون واحًد ا منهم .كدت أموت في ذلك النهر مرتين " .
" مرتين ؟!" صاح نصير ،اتسعت عيناه األرجوانية بصدمة " .ماذا تقصد مرتين ؟"
أوضحت قمر بوينت بالنك " :ألقى أحد المهاجمين بي عندما ال أكون لطيًف ا معه" " .جذبني التيار وأخذني لألسفل .قام
شخص ما بإخراجي " .
تنهدت قمر في الهدوء وبدا نصير " .أنت ال تنتمي إلى هناك .أمك احتفظت بك لسبب ما .وفعلت األم ذلك ولم تفشل في
ذلك .لقد بذلت قصارى جهدك مثل الشتالت بنفسك .لقد عشت معجزة " .
" أنا أسمعك .أنا أفعل " ،تمتمت عندما أعطاها نصير التحديق الذي يبحث عن النفس .اتبعت عيناها الخربيتان نمل
هرع عبر التراب وهي تمضي في طريقها " .لكنك تحاول أن تخبر رأسي بذلك .بالنسبة للممرات ،كنت أسمع الشتالت
في رأسي .يبدو أن الكوابيس تزداد سوًءا .هل هناك أي طريقة لمحاربة رأسي ومخاوفي ؟ "
أجاب نصير " :ال أعرف" .استقر الثقل في الهواء واتبعت عيناه الحشرة أيًض ا .كرر " :ال أعرف" " .لكنني سأساعدك
على أي حال .كل ما عليك فعله هو أن تسألني " .
وجدت يدها عندما ابتسمت قمر لنصير ،وهي تعلم أن بعض الضيق قد خف .ومعرفة أن لديها شخص مثله بجانبها" .
أنا أعرف .أنت صديقي المفضل نصير " .
سافر أحمر الخدود الخافت على خدي نصير وضحك بهدوء " .حسن .أنت تعلم أن حامد سيكون أفضل صديق لك " .
وافقت قمر وهي واقفة " األسوأ" .مدت يدها إلى نصير " .بعد كل شيء ،كان على أعز أصدقائي أن يرقد على
الصخور من أجل التحدث معي".
" لقد وضعت على واحدة .ابتسمت نصير وأخذت يدها " .الحق يقال ،لم أكن أخطط لالستلقاء بعد اآلن .واحد كان سيئا
بما فيه الكفاية " .
فرك البقعة المؤلمة على بطنه ،و قمر " .نبتة" .ثم حركت نفس البقعة بأصابعها.
" مهال!" اشتكى نصير بينما انسحبت قمر منه .ركضت حتى خط الشجرة ،ثم توقفت .تصادمت على شاحنة شجرة
عندما اصطدمت نصير بها .انتزع ثوبها واستخدمها لتحقيق التوازن.
قامت قمر بقص ذقن نصير ،مما جعله ينظر إلى ما كانت تحدق فيه.
وافقت " ،األسوأ" ،وهم يشاهدون حامد تأكل التوت الذي كانت تجمعه من الدلو " .شاهد هذا" ،غمغم قمر لفن.
" كما تعلم ...تناول الكثير من التوت سوف يزعج معدتك" ،قالت قمر مازحة .لقد أذهلت الدلو من يدي حامد وهي
تمشي من خط الشجرة .سقطت قطرات المطر الزرقاء.
" لم أكن آكلهم "،نفى حامد " .أقسم! كانت هناك هذه الطيور تحاول أكلها مع عدد قليل من حيوانات الراكون .كنت
أحميها! "
" إذن الزرقة على فمك… ؟" استجوب نصير ،وهو يقوس حاجب صديقهم.
انضمت قمر " ،هل أنت طائر أيًضا ؟ ال أرى ريًش ا " ...قالت ،وهي تنظر بعينها إلى حامد كما لو كانت تبحث عن
ريش.
أجاب حامد مذنًبا " :ال" " .أنا آسف ،لقد جعت".
أومأت برأسها متعاطفة " .أنا أفهم ،لكني أحتاجك أكثر من مجرد اعتذار عن كل شيء".
تنهد حامد .يبدو أن طاقته المكتشفة حديًث ا تستنزف في ذلك الوقت وهناك " .حسًن ا ،لنفعل هذا" ،تمتم مستسلًما.
" هذه هي الروح "،غردت قمر وهي تلقي ذراعيها على أكتاف مختلفة .جمعت نصير وحامد مًع ا في عناق " .دعونا
نبدأ في قطف التوت".
في ذلك المساء ،بعد ظهر يوم حار طويل من قطف التوت ،فاجأت قمر والدتها عندما عادت .لم يكن هناك دلو واحد
ممتلئ فحسب ،بل اثنان .كانت المرأة المسنة سعيدة لكنها محتارة " .كيف اخترت قريبا الكثير ؟" تساءلت ،ألنها دّست
التوت البري بعيًد ا للتجارة غًد ا.
كانت والدتها ال تزال في حيرة من تناول العشاء ،لكنها لم تجرؤ على السؤال مرة أخرى.
ورن قمة التل مع اصطدام المعادن بالمعدن بينما تشاجر شخصان .فجأة ،قام أحد المقاتلين بالهجوم وضرب اآلخر .تلمع
شفرة معدنية في ضوء القمر كما ارتفعت في الهواء بعيًد ا عن معالجها .الهبوط على بعد أمتار قليلة.
شم قمر " .بالطبع أنت تفعل حامد .أنت تستسلم في كل مرة أطرق فيها السيف من قبضتك " .
" عرفنا بعضنا البعض فقط ألربعة تمريرات .لقد التقينا عندما كنا في الثالثة عشرة ،واآلن نحن في السابعة عشرة " ،
أوضح قمر .
تمتم حامد " :صوتك مثل نصير " " .تصحيح الناس دائما".
جلس على جذع شجرة ساقط انتقلوا إلى قمة التل قبل شهرين .أشبه بتحريكها ،بينما كان نصير وحامد يشاهدان .لم يعد
عليهم الجلوس على األرض الباردة .قال حامد " أتساءل كيف حاله . "...
" والدته مريضة من المرض" ،تنهدت قمر ،وانضمت إلى حامد على الشجرة الساقطة " .ال أستطيع أن أتخيل ما يمر
به".
طمأن حامد وهو يربت على ركبتها " :ستكون والدته بخير" .أومأت قمر برأسها بينما تابع حامد " .أفضل معالج
وابنتها معه بجانب والدته" .
قالت قمر " ،أنا أعلم" ،وعيناها تحدقان في األرض المتجمدة " .أتمنى أن أكون هناك من أجله".
كانت موجات الماهوجني تتطاير بقوة حساب " .ال تجرؤ على التفكير في األمر! يؤثر هذا المرض أكثر من غيره .في
الواقع ،يجب أن تكون في منزلك ،وليس هنا! "
لوح حامد يديه ببراءة " .لم أقل إنني سأذهب لرؤيته .أعلم أنه أمر خطير ،باإلضافة إلى أن شخًص ا ما كان يجب أن
يأتي إلى هنا ويطلعك على اطالع دائم " .
" لقد فكرت كثيًر ا ،لكن هل أخبرتك أن والدة نصير كانت مريضة قبل يومين من أمس ؟" سأل حامد .هزت قمر
رأسها " .ال ...كيف تعرف ذلك ؟"
" القرية كلها تعرف أساًس ا .سمعته من سكينر الذي سمعه من المطاوع الذي سمعه من شخص آخر " .
قمر منزعج " .هذه مجرد كلمة شفهية .آمل أن يسير كل شيء كما نأمل ،كما تعلم ؟ "
" نعم ،أعرف" ،أومأ حامد " .يجب أن أعود .ال يعني ذلك أن السكير سيفتقدني ،لكني بحاجة للتأكد من أنه ال يحرق
الحداد " .أشارت يده إلى الدخان العالق فوق القرية.
" أعلم ،على الرغم من أنني أتمنى اآلن "،غمغم حامد بأجواء .كانت عيناه ال تزاالن مثبتتان على الدخان عندما كان
واقًف ا " .سيف ؟"
" هنا".
بقيت قمر على قمة التل حتى اختفى حامد في القرية .بسرعة ،سافرت إلى المنزل لمنع البرد من قضم جلدها من خالل
عباءتها .دفعت الباب الخشبي بفتحه وأغلقته على عجل خلفها إلشعال النار في الموقد.
داخل المنطقة الرئيسية ،لم يكن هناك سوى الصمت .وال حتى والدتها في مركز النسيج .منذ أن جاءت األشهر الثلجية ،
طالب سكان القرية بالمزيد من البطانيات والعباءات والحصائر المنسوجة .كانت والدتها تحاول تلبية هذا الطلب ليل نهار.
ألقت قطعة خشبية أخرى على اللهب الخافت ثم سحبت عباءتها وحذاءها الجلدي من جسدها .اهتزت أمواج الماهوجني
الجامحة من وجهها ،ودخلت قمر غرفها .اختنقت تثاؤًبا ،أمسكت بجزء السفلي من سترتها البيضاء ،وبدأت في سحبها
فوق رأسها.
" انتظر".
على الفور تعرفت على هذا الصوت .بجنون ،أعادت سترتها إلى مكانها قبل أن تستدير وتحدق في الظالم " .زعنفة ؟"
همست " ،ماذا تفعلين هنا "...تالشى صوتها عندما رأت وجهه من الضوء المتزايد في المنطقة الرئيسية.
" زعنفة ؟" تساءلت مرة أخرى ،بهدوء هذه المرة .كان هناك شيء مختلف عندما خطت نحوه .كان موقفه اليومي
مستقيمًا وصلًبا ،ومناسًبا في الغالب للمستنير .اآلن ،بدا األمر وكأنه ذبل داخل صدفة .صغير .عند رؤيته هكذا ،أزعج
قلبها .مما يجعله يؤلمه " .ما هذا ؟
األذرع الكبيرة التي شهدت عدة طفرات نمو خالل آخر مرور أو نحو ذلك ،محاطة حولها .التقى وجهها بصدره
العريض بينما كان قلبه يدق على أذنيها .عبرت أنفاس الدفء على جلدها عندما دفنت نصير وجهه في شق رقبتها.
لف ذراعيها حول جذعه بينما اهتز جسده تحت يديها .لم تجرؤ قمر على السؤال مرة أخرى ،وهي تعرف اإلجابة
بالفعل .سقط البلل على جلدها العاري ،ودفن في الترقوة .شددت ذراعيها حوله ووقفت .كسر قلبها من أجله .انقضى
الوقت ببطء حتى توقف نصير عن االهتزاز .لكنه كان قذيفة ألنها سحبت من قبضته الضعيفة.
طاف قمر على عينيه النيليتين الفارغتين وأمسك يديه برفق .لقد ناورت نصير بسهولة إلى سريرها .استلقى تلقائيا ،
متهدال من الفراغ .استلقت معه ،ولف ذراعي نصير على الفور على خصرها .تمد رقبته من رقبتها كما لو كانت الشيء
الوحيد في العالم الذي يبقيه على األرض.
لقد رتبت بشكل محرج لتكون مرتاحة ضد القبضة القوية التي كانت لدى صديقتها المفضلة عليها .لكنها لم تستطع .ليس
عندما خفق قلبها على ذراع نصير وكانت ذراعيها مثبتتين على جانبيها .ولكن عندما يطلق نصير نفسا مرتعشا ؛ وجدت
أن كل شيء على ما يرام كما يمكن أن يكون .استرخى عليها .شعره الفضي الشائك دغدغ وجهها .حدقت قمر في السقف
المكسو بالجلد فوقهم .لقد فقد نصير والدته للتو.
رفرفت عيناها .كانت تحدق في الظل فوقها عندما ضغط شيء دافئ على شفتيها .اختفى الظل ورفرفت عيناها.
عندما حل الصباح ،استيقظت قمر وحدها ،ملتفة في عشها المعتاد من البطانيات .تنظر حول غرفها .النوم يتالشى
بسرعة من عينيها .لم يكن العثور على نصير في أي مكان .ولم تجد أي شيء يثبت أنه كان هنا .فقط رائحة خشب
الصندل الباهتة على وسادتها حيث كان يتقاسم سريرها .كانت تأكل بصمت ،وتدفع الطعام الذي ال طعم له في حلقها
بقلق.
بمجرد االنتهاء ،غامرت بالخارج لجمع المزيد من الحطب للموقد .وقضت بقية اليوم تشاهد الدخان يزحف إلى سماء
القرية .يتساءل ما إذا كان نصير موجوًد ا هناك بمفرده ،يراقب والدته وهي تقابل النيران.
في وقت الحق من ذلك المساء ،أكل أرانا بالسرعة السابقة ثم ركض إلى قمة التل على أمل العثور على نصير .تبددت
آمالها عندما وقف حامد من على السجل المتساقط تحت ضوء القمر الساطع .انفصلت عن خط الشجرة القاحلة ،
وانضمت إلى حامد بتعبير مطابق على وجهها .لم يتحرك أي منهما للتدريب في تلك الليلة .يحدق فقط في سماء الليل ،
يشاهد سحابة الدخان المتزايدة تغزو منزلهم في وباء.
عادت إلى المنزل مبكرا .على أمل ضئيل في أن تنتظرها نصير في غرفها مرة أخرى .أعطتها والدتها نظرة مفاجأة
عندما أزالت عباءتها من فوق رأسها .قدمت لوالدتها تحية قصيرة ،تليها عرض أقصر من ليلة سعيدة ،دخلت غرفتها.
كان فارغا.
فاضت خيبة األمل عليها .في تلك الليلة ،ترددت صيحات الصيحات بصوت أعلى من ذي قبل ،ولم تجرها األيدي
الغامضة في الماء ،بل نصير تحتها.
نظرت قمر إلى أعلى ،ووجدت حامد يمشي نحوها " .ال .فأجابت ووقعت عيناها على يديه الفارغتين " .ال سيوف اليوم
؟"
أجاب حامد " :ال جدوى من ذلك" " .الشخص الذي يحتاجها ليس هنا".
سقطت عيناها على األرض ،محدقتين في الظل األبيض للثلج .لقد كان يومين .منذ يومين منذ أن رأت نصير في
منزلها " .أنا متأكد من أنه بخير" ،غمغم حامد بهدوء " .سوف يحضر".
" لقد فقد والدته حامد للتو" ،قالت قمر بتواضع وهي تقف .تحطمت خطواتها فوق الجليد الجليدي وهي تطأ قدمها عبر
قمة التل " .إذا فقدت والدتي ....سأكون مثله".
هز حامد كتفيه ،وسقط على قمة السجل الساقط " .لن أعرف .قابلت والدتي النيران عندما كنت براعم .ال أستطيع
تذكرها إذا حاولت .وبابا الخاص بي ليس هو األفضل " .
" هل كان هناك أي شخص آخر يهتم بك وأنت بهم ؟" استجوب قمر .أومأ الصبي األشقر برأسه " .جدي .لقد جعل
والدي يتعافى قليًال من الحزن قبل وفاته .هل هذا مشابه ؟ "
محادثتهم انفصلت عن الصمت .تساقطت الثلوج الخفيفة على القرية .سقطت أول ندفة ثلجية بيضاء على ركبتها عندما
تحدث حامد " .فكرت في شيء!"
قالت قمر بحسرة " :أخشى أن أسأل" " .لكن ال تؤذي رأسك هناك".
تنهدت قمر " .حسًن ا ،أنا أستمع" ،تمتمت بهزيمة تامة وانضمت إلى حامد على جذوع األشجار الساقطة.
" أبي مفترق وأمك بال قيود .عرض حامد ،ربما يمكننا أن نلعب القدر.
تراجعت عدة مرات .عقلها يحاول فهم الكلمات التي قالها حامد للتو " .هل تريدني أن أساعدك في إعداد والدتي مع
والدك المخمور ؟" سألت ببطء .إلقاء نظرة خاطفة على حامد جانبية " .هل هذا فهمي هنا ؟ فقط ما رأيك في هذه األشياء
؟"
غمغم غارث " :اآلن وضعت األمر على هذا النحو ،ليس أعظم فكرتي" " .كان كل هذا الحديث عن األسرة ،والرغبة
في عائلة حقيقية .وأنت مثل أخت لي ،لماذا ال تجعلها رسمية ؟ "
" الموافقة لها عالقة بجعلها رسمية كما تعرف .عالوة على ذلك ،كونك أختك لن يؤدي إال إلى اإلضرار بسمعتي ،
ضحكت قمر .
" وأنا" ،علق حامد وهو يشارك في الضحك " .لن تقترب مني أي من السيدات مرة أخرى".
أومأت قمر برأسها " .مثلما يفعلون اآلن ؟" استجوبت بسخرية.
صاح حامد مبتسمًا " :غير مطلوب" .ثم دفعها في الثلج .كانت قمر تلمع قبل أن تجلس على جذوع األشجار المتساقطة.
قامت بمسح الثلج من ركبتيها وهي تسأل " ،لماذا ال تتجول السيدات فوق رجلك ؟"
توقف حامد لوقت كاٍف حتى تصلح له قمر نظرة مدببة " .خارجا معه".
هربها الضحك قبل أن تتمكن من احتوائه " .لماذا ؟ إنهم ال يعرفونني حتى " كانت تتنفس بعدم تصديق " .هذا تماًما"-
انتهى حامد قبل أن تتاح لها الفرصة " .لقد توصلت إلى استنتاج مفاده أن بعض النساء الالتي مررن بنا يشعرن بالغيرة
منك لواحد من ثالثة أسباب ".ارتفع إصبع واحد من يد حامد وهو يكمل " .واحد ،أنت مستنير ،ليس مرة واحدة بل
مرتين".
انضم إصبع آخر إلى األول " .اثنان ،لديك وسيلتان محطمتان بجانبك و هو األكثر طلًبا في القرية ".ارتفع إصبع ثالث
بينما غمغم حامد " .وأنت لست فظيًع ا جًد ا للنظر إليك".
إسكات الصوت في رأسها الذي سخر من كونها وصمة عار .الذي سخر منها بسبب البحث عن نصير ؛ التواء عقدة
غير مريحة في قلبها .دفنت الشعور الغريب بعيًد ا وضربت عينيها ساخًر ا " .هل تجدني جميلة حامد ؟" هي هديل.
صفق األشقر بيده على صدره بشكل دراماتيكي " .أوه ،أنا كذلك ،لكن قلبي ملك آلخر".
" هل حقا ؟" استغربت قمر بفضول " ،أين قابلتها ؟"
أجاب حامد بهدوء " :إنها ابنة المعالج" .حدقت عيناه الزرقاوان في القرية " .شيء جميل هي .أشقر وغير مضاء ،
مثلي .تغيرت عيناها دقيقة واحدة رمادية ،زرقاء أخرى .انهم الكمال".
ابتسمت قمر ،وهي تدفع برفق حامد في ذراعه " .هذه هي المرة األولى التي أسمع فيها تتدفق على فتاة .خاصة عينيها
".
أحمر خدود ناعم غير المع على خدي حامد ،متورد بجلد لدغة باردة " .المرة األولى التي سمعت فيها على األقل".
" هكذا…" تراجعت قمر ،تقوس حاجبيها " .هل تحدثت عنها من قبل مع آخرين ؟ ماذا قالوا ؟"
تمتم حامد وهو يهز رأسه " .أنا أرفض اإلجابة على هذه األسئلة".
" اسمها ؟" استجوب حامد ،اتسعت األزرق لها .أومأت قمر برأسها " ،نعم "،أجابت ببطء " ،لديها اسم أليس
كذلك ؟"
تمتم حامد " :لم أفهمها أبًد ا" .يفرك مؤخرة رقبته " .كنت فاقًد ا للوعي في ذلك الوقت بسبب إصاباتي الرجولية".
" متى كان هذا ؟ لم تصب في عدة ممرات ...ليس منذ " ...
" عندما هاجمنا الوحش "،أوضح حامد بشكل قاطع .استهجن الالمباالة وهو يواصل " .لم أذهب إلى منزل المعالج منذ
ذلك الحين".
غضبت قمر من الغضب وعدم التصديق ألن صديقتها سخرت من موته المحتمل .قالت " :كدت تموت في تلك الليلة" " .
ما زلت تحمل تلك الندوب على كتفك .أنا ال أفهم كيف يمكنك أن تبدو غير مهتم بذلك " .
هز كتفيه ثم أمسك بيديها .دفعت حامد الكم الفضفاض من السترة ألعلى ،كاشفة عن الندوب الملتوية حول معصمها من
السالسل .كلنا نحمل ندبات من تلك الليلة .البعض منا لديه المزيد ،وهم يجرون أعمق " .
سحبت يديها بعيًد ا ،ودفعت األكمام الفضفاضة إلى أسفل إلخفاء ندوبها " .أنا ال أعرف ما الذي تتحدث عنه" ،احتجت
قمر ،كادت أن تكون قاتلة " .انا جيد .كنت بخير قبل شريرين ،وأنا بخير اآلن " .
أشار حامد إلى أن " نصير كان سيتجادل معك إذا كان هنا" .شممت قمر ،ثم ردت.
" نصير يميل إلى فعل ذلك ،لكنك لست هو .لذلك لن تتجادل حول هذا األمر أيًض ا .في الواقع ،سيكون إلغاء هذه
المحادثة تماًما أمًر ا رائًع ا " .
" توقف عن اإلصرار" ،التقطت .تلمع عينيها الخمريتين في حامد " .توقف".
تنهد حامد بجانبها ،وكانت يداه تسقطان في حجره وهو مترهل " .بخير .سوف أسقطها ،لكن دعني أقول هذا" -
" ال".
فجأة انغمست في عناق غير متوقع .ملفوف ذراعي حامد على كتفيها .تمتم حامد " :لقد تأخرت عمري سنتين" " .لكن
شكرا لك على إنقاذ حياتي".
" لم أكن وحدي –" بدأت قمر ،وهي تربت على جانب حامد بشكل محرج مع أمهاتها المحاصرين تحت جسده .ثم
تحطم الشعر الفضي عبر خط الشجرة .قفز كل من قمر وحامد على أقدامهما ،ودفقا مع الصوت .ولكن قبل أن يتمكن أي
شخص من الكالم ،تعامل نصير مع حامد .فتحت ذراعيه الشاحبتان حول معدة حامد ،مما دفع الصبي األشقر إلى
الهبوط .تمزق حامد عباءة قبل أن يسقط .تم إرسالهم وهم يهبطون على قمة التل.
تدحرجت ثالثة منهم .يتناوب كل منهم على تحطيم الصخور واألشجار وبعضهم البعض أثناء ذهابهم .شعرت قمر بشخير
عندما هبطت على األوساخ الباردة القاسية ؛ وصلت أخيًر ا إلى قاعدة التل .استنشقت ،واستغرقت لحظة لتتنفس حتى
انتهى بعنف .سقطت صرخة بنات من فمها عندما سقطت حامد على ظهرها.
لفتت الحركة من زاوية عينها انتباهها ،ثم تم دفعها مرة أخرى بواسطة نصير .هبطت قمر على ظهرها .كانت عيناها
تحدقان في سماء الليل ،والزعنفة ملقاة فوقها .نظرت إلى الجانب ووجدت حامد ،على بعد بضعة أقدام فقط.
كانت تناضل من أجل الحصول على ذراعيها طوال الوقت ،بينما كانت نصير تتذمر عليها .حركته جانبًا مستخدمة
الجزء العلوي من جسدها وقدميها .هبطت الزعنفة ونخر على التراب .وقفت قمر .لمع الخطوط العريضة لوجه نصير
في الليل المرصع بالنجوم ،مما أعطاها تفاصيل العرق والدم على جبهته .جلست في وضع القرفصاء ،وتدرس أشعثه
أكثر .احترقت أطراف أصابعها عندما لمست وجهه ،ثم أدركت ما الذي كان يؤلمه .كان نصير المرض.
قفزت قمر منتصبة عندما وقف حامد وهو ينطق باللعنات .أغلق المسافة القصيرة بينهما.
" هل كنت تحاول قتلنا ؟" استجوبها بحرارة وهو يحاول التحرك حولها للوصول إلى نصير .حدقت عيون زرقاء
غاضبة في وجهها عندما تحركت في طريقه .ترقق فم حامد ،مما أدى إلى إرسال قطرات دم خافتة إلى شفتيه
المكسورتين.
" اآلن أنت ؟" سألها حامد وأشار بغضب إلى حيث ما زال نصير ملقى على األرض " .ما الذي حصل فيه ؟ أنا ،
على سبيل المثال ،أود أن أعرف ما كان يفكر فيه نصير ! "
حاول حامد أن يدوس حولها .وضعت يدها على صدره ،وأوقفته في مساراته " ،ال تفعل" .
" لماذا ؟" بصق حامد " .بفضل نصير أنني سأصاب بكدمات في كل مكان ووجهي مكسور".
قالت " :نصير مريضة" .عضت قمر من داخل خدها لمنع إجابة ساخرة من توضيح المزيد عن إصابات حامد .
بمجرد ظهور غضب حامد ؛ اختفت .سقط القلق على مالمحه وهو يحدق حولها " .إذا كان مريًض ا .نحن بحاجة
لمساعدته " .
تمتمت بلطف " :ستساعده بالبقاء بعيًد ا عن حامد " .ضغطت قمر برفق على صدر حامد ،مما جعل الصبي األشقر
يتراجع بضع خطوات " .إذا حدث لك أي شيء حامد ،فإنه سيلوم نفسه".
هز حامد رأسه " .إذا حدث لك أي شيء قمر ؛ لن يغفر لنفسه .يمكنك أن تحمل المرض هناك وسأقودك إلى منزله " ،
قال ،وهو ال يزال يتطلع إلى نصير .
قالت قمر " :من األفضل أن يكون منجمي" " .فرصة أقرب وأقل لنشر المرض حول القرية".
جادل حامد وهو يعقد ذراعيه " :لكن هناك فرصة أكبر لنشره داخل منزلك" .
هزت قمر كتفيها " ،أنت تعلم أن أمي وأنا متنورين .هذا المرض لن يؤثر علينا " .
قام حامد بوضع حاجب " .وأفترض أن نصير مثلي اآلن ؟ غير مضاءة ؟ "
أعطت قمر نظرة حادة إلى حامد ،وأخبرت صديقتها بصمت أنه كان أحمق " .لقد كان حزينا .سوف يجعلك الحزن
مريضا " .
أجابت قمر " أمي" ،مبتعدة عن حامد وذهبت إلى جانب نصير " .لقد أخبرتني منذ فترة طويلة أن صديقة قديمة
أعطتها هذه النصيحة بعد وفاة والدي".
أومأ الصبي األشقر برأسه " .هل أنت على استعداد الغتنام الفرصة في التعرض للمرض ؟"
التحديق في .نظر إلى شكله البائس ملقى في التراب وقلبها مضطرب .اومأت برأسها " .سيبقى في غرفتي".
دون علم قمر ،أصبح حامد عاجًز ا عن الكالم عما شاهده .كان هناك حب ،حب واضح بين أفضل أصدقائه ،لكن
كالهما إما أعمى أو خائف من االعتراف بذلك.
سعل حامد " حسًن ا" " .سأغطيك .سأخبر والده أن نصير محتجز في منزل المعالج حتى ينتهي من مرضه .وال يسمح
للزوار .أثناء وجودي هناك ،سأرسل معالًج ا بهذه الطريقة بمجرد أن تكسر الشمس خط الشجرة " .
" شكًر ا" ،تمتمت قمر وهي تتفقد نصير مرة أخرى .بحلول ذلك الوقت ،كان الصبي األشقر قد بدأ رحلته إلى القرية.
رمت قمر ذراعها على كتفيها ،فجر نصير على قدميه .تذمر على صدره وهم يتجهون عائدين إلى منزلها .نظًر ا إلطار
نصير األطول ،فإن قدميه تتالشى على درب األوساخ أثناء ذهابهما ،مما تسبب في حدوث موجة مد تصطدم بها.
بحلول الوقت ،رأت دخاًن ا في الهواء ،أرادت أن تكون أطول ،في حال اضطرت إلى جر شخص آخر .مثل حامد ،
الذي هو أطول من كالهما مجتمعين.
موازنة المالية ،تمكنت من دفع الباب مفتوًح ا ومرت عبره .ركلت الباب وأغلق خلفها .تم مسح عينيها فوق المنطقة
الرئيسية بحًث ا عن والدتها ؛ غمرت اإلغاثة عليها لتجدها فارغة .واصلت قمر جر نصير إلى غرفها ،وهي تمتم بصوت
عاٍل .
تأوهت نصير عندما أسقطته على سريرها .ربما أقل بلطًف ا مما كان يمكن أن تديره .رفعت قمر األلم من كتفيها .انتقلت
األوجاع إلى أسفل ظهرها وحول جانبيها ،على األرجح بسبب السقوط الصغير أسفل قمة التل .وجدت عيناها إصابات
نصير .
دماء جافة ملطخة بجبهة نصير من جرح فوق حاجبه .وبدا أنفه منتفًخ ا .بخالف ذلك ،لم تتمكن قمر من العثور على
المزيد من اإلصابات .انتقلت إلى األسفل.
رفعت قميصه متجاهلة اهتزاز يديها .اندفعت الحرارة على خديها بينما كشفت عن بشرة شاحبة ،مع تجاهل اإلطار
النحيف والمبني من كل تمريرات التدريب .عضت قمر شفتها .الضغط بلطف على أضالع وجروح الزعنفة .سافر
صرخة الرعب عبر جلده.
اندفعت عيناها الخمريتان إلى وجه نصير ،والتقتا باللون األرجواني الغامق .نفضت قميصه بسهولة وابتسمت " .نعم انه
انا .آسف لذلك " ،قالت مشيرة إلى ضلوعه " .كان علي أن أرى ما إذا كنت قد جرحت نفسك ،عالوة على إصابتي
بالمرض".
" ثم ال تتردد في النهوض والخروج" ،صرحت قمر ،وهي تشير إلى غطاء الفراء بإمالة رأسها .ثم هزت كتفيها
وقالت " :لكن بالنظر إلى أنني اضطررت إلى جرك إلى هنا ،أعتقد أن المشي غير وارد .حتى ذلك الحين ،اصمت ونم
".
" أنت باألحرى معالج غير الئق" ،قالت نصير ،وصرخت قمر " .حسًن ا ،من الجيد أن يرسل حامد واحًد ا إلينا
عندما تشرق الشمس في السماء".
" هل هو اآلن ؟" رأى نصير وهو يحدق في قمر " .ماذا قال أيضا ؟"
لمس قمر جبينه ،فرك الدم والعرق من جبينه " .ما مشكلتك ؟" سألت وعيناها مليئة بالقلق " .هل انت منزعج ؟"
خفف وجه الزعنفة ،وشد موجة الماهوجني على كتفه .أجاب " :أنا هذيان" ،ثم وضع الخصلة الجامحة خلف أذنها.
كان هناك شيء آخر في عينيه بينما تابع نصير " ،ال تقلق علي .انا سعيد ألجلك".
" شكًر ا لك" ،قالت بتردد وهي ترفع يدها بعيًد ا .قامت قمر بتقطيع حاجبيها مًع ا ،وال يزال االرتباك واضًح ا حول
مالمحه " .هل تريد بعض الماء ؟" هي سألت.
عندما أومأت نصير ،وقفت قمر " .بينما أحضر لك الماء ،سأعود ببعض مناديل التبريد .أنت تحترق .سوف اعود بعد
قليل".
تمسك يدها قبل أن تتمكن من االبتعاد .قابلت العيون البنية اللون األرجواني كما سأل نصير " ،حًقا ؟"
حمل صوته براءة طفولية وهو يحدق بها .ضحكت قمر بخفة ،وارتسمت ابتسامة على شفتيها ثم توقفت .مع تركيز
عينيها على تحديق نصير الذي ال ينضب ،كان هناك شيء مألوف لعينيه ،مثلما تحدثت والدتها عن والدها .حزن.
أومأت قمر برأسها " .لن أذهب إلى أي مكان "،طمأنت ،وهي تضغط على يده.
" أمي فعلت .لماذا ليس الشخص التالي الذي أهتم به ؟ " قشدة الزعانف قبل التثاؤب .خفق قلبها وألم .تحولت معدتها إلى
عقدة .أومأت قمر برأسها باستمرار وهي تبتلع الكتلة العصبية في حلقها .سحبت يدها بعيًد ا ،مشيت إلى رفرف الفراء.
زفر قمر ببطء ،مهروًس ا شعوًر ا ال يمكن أن يظهر على السطح أبًد ا .تلك التي دفنتها .عرضت بإحكام " أنت أفضل
صديق لي" " .لن أتركك بشكل دائم".
ثم دخلت إلى المنطقة الرئيسية ،حيث كانت آمنة من نصير .قفزت عندما خطفت خفاقة فرو أخرى ،وظهرت خيوط
قرنفل من غرف والدتها " .هل كل شيء على ما يرام ؟" سألت المرأة المسنة " .اعتقدت أنني سمعت أصوات" .
برأسها ،عبرت قمر الغرفة الرئيسية إلى الدالء عند المدخل " .نصير في غرفتي".
غسلت الحرارة على وجهها " .إنه ليس كذلك!" احتجت قمر على الفور على اتساع عينيها .لوحت بيديها في ذعر
مفاجئ " .انه مريض! نحن لسنا ...ال .فقط ال".
عقدت المرأة األكبر سًن ا ذراعيها ،وطويتهما على صدرها " .إذن لماذا هو هنا ؟ وليس في منزله ؟ بالتأكيد سيهتم والده.
بمقبض دلو في كلتا يديها ،اندفعت عينا قمر نحو السجادة المنسوجة ذات األلوان الزاهية تحت قدميها " .ظننت "...
تمتمت بتواضع وهزت كتفيها.
أومأت قمر برأسها " .أحتاج أن أكون هناك من أجله .هو يحتاجني".
" أتفهم شعور الرغبة في رعاية الشخص الذي تحبه ،لكن والد نصير لين ال يعرف مكانه .سيتم إرسال الفرسان على
الحدود للبحث عنه كما يفعلون مع المتنورين " ،تمتم والدتها .ألقت المرأة األكبر سنًا قطعة أخرى من الحطب على
الموقد.
بدًال من الوقوع في الحاجة إلى إنكار المشاعر ؛ هزت قمر كتفيها " .حامد ذاهب إلى والد نصير ليخبره أن نصير في
منزل المعالج .فأجابت قمر " :ثم سيرسل معالًج ا إلى هنا" .
" معالج ؟ هنا ؟ قمر ،هذا أحمق! " صاح المرأة المسنة " .ستخبر الحكماء على الفور بمجرد أن تعلم أنك أحضرته إلى
هنا .ستتم معاقبتك ...مرة أخرى! "
حك المعدن الخيالي على ندوبها الرخامية .تمتمت قمر " :لن يصل األمر إلى هذا الحد" .فركت األوجاع " .أعدك".
" قمر ...ال تجعل –" احتجت والدتها ،وتعثرت نصير في المنطقة الرئيسية .تشبث بالمدخل بضعف .ركض العرق
على جبهته .كان يلهث بشدة ،ينسج على قدميه " .سوف أرحل" ،قالها نصير " .أنا ال أريدك أن تتأذى مرة أخرى".
احتجت قمر على ذلك قائلة " :لن تذهب إلى أي مكان" ،وأسقطت الدالء لتندفع إلى جانب نصير .لقد وازنت نسجه
غير المستقر ،ويداها على سترة مبللة بالعرق " .لن تذهب إلى أي مكان حتى تتمكن من المشي دون مساعدة".
" البقاء ،األم الحق ؟" سألت قمر ،ناظرة إلى والدتها.
حبست أنفاسها بينما كانت والدتها تنظر بينهما ،قبل أن تومئ برأسها في النهاية " .اذهب واسترح نصير لين .ستعيدك
قمر إلى غرفها .بالنسبة لي ،سأعود إلى غرفتي قريًبا .مساء الخير".
ثم أجبرت قمر نصير على العودة إلى غرفها .هذه المرة ،وضعته على السرير بسهولة .تنفست الزعنفة .قلبت جبلها من
المالبس المنسوجة على نصير .اشتكى " حار"
قامت يدها بتهدئة جبهته ،وخلعت األغطية على عجل في محاولة لتهدئة نصير .رفرفت عيناه األرجوانية كما لو كان
نصير يغازل وعيه أو نومه .طعنته قمر " .مرحًبا ...أنت تحترق .عليك أن تهدأ " .
تذمرت نصير عليها وتنهدت قمر " .اخلع الزعنفة التونيك الخاصة بك".
" ماذا او ما ؟" زعنفة مجعدة ،تحدق بشق من اللون األرجواني في اتجاهها " .أنا ال أخلع قميصي".
تنهدت قمر .رفعت إصبع واحد " .حسًن ا ،الخيار األول لديك هو خلع سترتك عن طيب خاطر ".انضم إصبع ثان إلى
األول " .أو يمكنني شقاها .أنت بحاجة إلى التهدئة " .
قال نصير " :سأترك سترتي مرتدية" " .جسدي سوف يبردني قليًال".
أومأت بالموافقة " .قليال" ،زودت قمر " .على الرغم من أنك تعرف على األرجح ما يحدث بعد ذلك".
" الجفاف" ،ينعق الزعانف وهو جالس من السرير " .لكنني اعتقدت أنك تصنع أقمشة ثلجية".
عبرت نظرة غاضبة على وجهها .قالت قمر " :أنا هو" " .ولكن عليك أن تهدأ في هذه األثناء .لذا اختر .هل القميص
سليم أم تمزيقه ؟ "
انتزع نصير سترته البنية من فوق رأسه .ألقى سترة أسفل على الحصائر المنسوجة قبل أن يتخبط إلى الوراء على
الفراش .غطت ذراعه وجهه وهو يتذمر " .هل ذكرت أنك معالج رهيب حتى اآلن ؟ أنا متأكد من أنني فعلت ذلك ،لكني
أشعر أنه يجب أن أذكر ذلك مرة أخرى " .
بابتسامة على وجهها ونبرة متعاطفة خفيفة على كتف نصير ،تحدثت قمر " .لديك ولست آسف .نم اآلن .سأعود".
في الخارج ،أضاءت الشمس في السماء .رمت الدالء في الثلج ،وجرفت المسحوق األبيض في الحقيبة بيدها .خدرت
البرد أصابعها ،وتوقفت عند الصوت خلفها .رفعت قمر رأسها ،وعادت إلى صوت الطحن .وجدت فتاة .الفتاة الشقراء
تنظف حلقها.
" من أنت ؟" سألت قمر وهي تنظر إلى الفتاة التي تجنبت النظر إليها .انتقلت الفتاة من قدم إلى أخرى وكذلك الحقيبة في
يدها .أمالت قمر رأسها إلى الحقيبة " ،ما هذا ؟"
أجابت قمر بعد قليل " :نصير في الداخل" .غادرت الدالء حيث كانت وتوجهت إلى منزلها .وبصمت ،أبقت قمر الباب
الخشبي مفتوًح ا .سرعان ما تمايلت الشقراء ،متجنبة بوضوح قمر بكل الطرق .عضت قمر من داخل خدها ،ومرت
متجاوزة الشقراء ،وسحبت رفرف الفرو المؤدي إلى غرفها المفتوحة " .هنا" عضتها وتميل رأسها.
تحركت الفتاة من خالل تجنب قمر مرة أخرى .كانت قمر تنفجر وهي تالحق الفتاة في الداخل بينما ركع المعالج بجانب
سرير نصير .انضمت إلى الفتاة الراكعة ،وشاهدت الفتاة الشقراء تلمس جبهته ورقبته وصدره.
" يديك تتجمد قمر " ،تذمر نصير متذمًر ا ،نصف نائم وذراعه على وجهه.
ضحكت قمر ،وفقدت الجفلة من الفتاة بجانبها " .ليس انا .ظل المعالج " .
تراجعت ذراعه بعيًد ا عن وجهه .تشققت عيون أرجوانية مفتوحة " .هبة ؟"
" يجب أن أكون مريًض ا حًقا "،تنفس نصير وهو يكافح من أجل الجلوس .دفعته قمر إلى األمام في البوصة األخيرة ،
وكسبت ابتسامة ممتنة من نصير .التفت إلى هبة وهي تتكلم " .أنت مع المرض ،ولكن استنارتك تصد أسوأ اآلثار".
حركت هبة رأسها بإيماءة قصيرة " .شكرا لصديقك الدؤوب .لم يغادر بيت الشفاء حتى تأتي أمي أو أنا هنا " ،بصقت
بقتال.
" ال يجب أن تكون هنا نصير لين! ليس في هذا المكان " ،أعلنت الشقراء بحرارة وظلت نصير " .ليس ب "-عيون
زرقاء متخلفة عن قمر .
أومأت قمر برأسها " .فقط اخرج معها!" شجعت بشدة " .تقصد أنه ال ينبغي أن يكون معي ،أليس كذلك ؟ 'وصمة
عار ؟'"
حدقت هبة ،وهي تقذف " ،هذا مقرف! بالطبع ال يجب أن يكون هنا .إنه مستنير وأنت وصمة عار .يجب أن تعرف
مكانك وتتوقف عن التعرف عليه كثيًر ا " .
" نصير هو ولد كبير ؛ أنا متأكد من أنه يستطيع تحمل الوقت معي ألنه يقيم هنا .إنه ليس بالضبط أسير هنا .لكنك ،من
ناحية أخرى ،يمكنك التعامل مع اشمئزازك .اآلن ،إما أن تخبرني أو تريني كيف يمكنني االعتناء به بمفردي " ،قالت
قمر .استقرت قبضتيها في حجرها.
سخر المعالج " .حقا ؟ سوف ترفضني ألنني أجدك منفرًد ا ،حتى لو لم يكن ذلك في مصلحة نصير لين ؟ " استجوب
هبة .
سخرت قمر بسخط " .نعم سأفعل .انظر إلى األمر بهذه الطريقة ،تقل فرصة إصابتك بالمرض و" -
" إذا كنت ستستمر في أن تكون كما أنت تجاه قمر ،في منزلها رغم ذلك .قاطعه نصير .حدقت قمر في أعز صديقاتها
ألنها أفسدت إهانتها بينما قفز المعالج على قدميها.
" نصير لين!" صرخت هبة بغضب " .هل أنت أعمى في عواطفك لدرجة أنك ال تستطيع حتى أن تدرك أن حياتك في
خطر ؟!"
هز نصير كتفيه من السرير " ،قلت إنني سأعيش .أن التنوير الخاص بي يدرء المرض " .
شاهد كل من قمر ونصير الفتاة الشقراء تندفع تاركًة هما وشأنهما .ساد الصمت في الغرف قبل أن يتنهد نصير .لقد
تخبط إلى الوراء على فراش السرير " .كان ذلك مزعًج ا" ،تمتم ،وهو يميل رأسه نحوها " .أنا آسف".
" لماذا أنت آسف ؟" سأل قمر " .أنت لم تدعوني وصمة عار".
هز الزعانف كتفيه بشكل غريب " .قد يكون لدي كذلك .لم تكن هبة لتأتي إلى هنا على اإلطالق لوالها " .
صرحت قمر بشكل قاطع " :هذا ما هو عليه" .هزت كتفيها قبل أن تكمل " ،لقد اعتدت على ذلك .كانت مروضة
مقارنة باآلخرين في القرية .باإلضافة إلى أنني أصررت على أنك بقيت هنا ورفضت السماح لك بالعودة إلى المنزل ...
بطريقة كنت أطلبها " .
فركت في معصمها بذهول عندما غمرت عيونها األرجوانية تحدق بها " .اخرس قمر "،زعنفة غضب " .ال يجب أن
تستخدمه .ال ينبغي عليك التفكير بشكل أو بآخر في أنك تستحق اإلهانة لشيء خارج عن إرادتك " .
تم انتزاع يدها على الفور من يد نصير المتعرقة " ،فقط لو استطاعوا رؤية ما أرى "...تمتم ثم تباطأ ؛ ترك كلماته
غير منتهية.
تشمم قمر وتضغط على الدفء الذي ينتشر داخل صدرها .ردت قائلة " أنت هذياني" ،مرددة كلمات نصير السابقة" .
لن يفعلوا ذلك أبًد ا".
" يوما ما سوف يفعلون" ،وعد نصير وابتسمت قمر بمرارة .ضغطت على يده برفق " .ال تقدم وعوًد ا ال يمكنك الوفاء
بها".
أصر نصير بعناد " :سأحتفظ به" .صاحت قمر بصوت عاٍل ،ووضعت يدها على جبينه .ردت قائلة " أنت بحاجة إلى
الراحة" " .ال تزال تشعر بالدفء عند اللمس".
أطلقت يده لتقف " ،إلى أين أنت ذاهب ؟" سأل نصير .
أجابت قمر وهي تعبر غرفها " :إلحضار الدالء من الخارج" .توقفت عندما أزال نصير هذا الحلق من السرير خلفها" .
وبعد ذلك ؟ ستحتاج إلى النوم أيًض ا وألنني اآلن أشغل الفراش الخاص بك .كنت أتساءل أين أنت ذاهب للنوم " .
عند النظر إلى نصير ،هزت قمر كتفيها " .لم أفكر في األمر كثيًر ا ".فكرت بصمت لبضع دقائق قبل أن تضيف " ،
ربما في المنطقة الرئيسية ،ويفضل أن يكون ذلك على حصيرة ذات ألوان أقل سطوًعا".
" يشارك ؟" كرر قمر في مفاجأة .ثم هزت رأسها " .هذا ليس "...
" فكره جيده ؟" زودت ،وأكملت جملة قمر " .كانت لدي أفكار رهيبة طوال الليل .أنا مريض ،دللني ؟ "
ضاقت عيناها في نصير " .إذا مرضت "...هددت بينما بدأ نصير باالبتسام ،وهو يعلم أنه سيفوز " .سأعتني بك إذا
فعلت ذلك".
ابتسمت قمر " ،أعرف ".ثم تنهدت " ،اآلن ،للمرة الثالثة ،سأذهب للخارج إلحضار الدالء ".ثم هربت من خالل
رفرف الفراء.
" حًظ ا سعيًد ا" ،شد نصير من الجانب اآلخر " .سأكون هنا منتظرا".
" نائمة" ،قاطعت قمر ،وهي تطل برأسها عبر المدخل " .ستكون نائًما وسأدفعك عندما أعود".
" تمام".
على عجل ،عبرت قمر المنطقة الرئيسية وخرجت .مر الهواء البارد على وجهها عندما وجدت الدالء بالقرب من الباب.
ليس في المكان الذي تركتهم فيه .تومض عيناها البنيتان حول األشجار القاحلة بشكل مريب .في وضح النهار ،لم يكن
هناك مكان لالختباء .كانت الطيور تغرد على األغصان الفارغة فوقها ،وسحبت قمر بسرعة دالء الثلج بالداخل.
شيء صغير مطوي من المقبض .سحبت مخبأ مجعدًا من المخبأ .التعرف عليه فوًر ا بواسطة ضوء النار .قمر فتح ببطء
الظرف المؤقت .سعلت ،وابتعدت عن المحتويات العفنة .لقد اكتشفت .أغلقته قمر بسرعة لمنع الرائحة من االنجراف
داخل حجرة المنزل .قرب أسفل المخطوطة ،يمكن لقمر أن تبعث رسالة فوضوّية مكتوبة بخط اليد.
وضعت الدلو بجانب الباب مع األعشاب .تميل قمر إلى الموقد ،وتدق النار بخفة بإشعالها ،قبل أن ترميها على سرير
النار .عادت إلى غرفتها من خالل رفرف الفراء ،وتوقفت .تشققت عين أرجوانية واحدة ،وهي تحدق بها من خالل
رموش داكنة " .مرحًبا "،حيا نصير خشن.
خلعت قمر عباءة وجهها ونفضت موجات الماهوجني عن وجهها " .من المفترض أن تكون نائًما".
أجاب بغرور " :كذلك أنت" " .اآلن تعال إلى هنا".
قالت وهي ترفع حذائها من قدميها " :بسبب المرض ،أنت متسلط للغاية" .
" اسكت قمر وتعالي إلى هنا" ،تمتمت نصير ،لتثبت وجهة نظرها فقط .انتقل في الفراش ،وربت عليها .وبصمت
صمت ،صعدت إلى جواره .دقات قلبها على القفص الصدري وانقلبت .كان الهواء في الغرفة ثقياًل وسميًك ا وكانت تتجنب
لمس الزعنفة .انتزعت قمر األغطية المنسوجة فوقها ،كما لو كانت ستحميها من كل ما يجعلها دافئة.
" ليلة سعيدة يا زعنفة" ،همست في الظالم ،وعيناها تحدقان في الجدار الجلدي للسرير.
لمرة واحدة ،لم تستيقظ قمر غارقة في العرق من كوابيسها .بدال من ذلك ،كانت دافئة جدا .تنفث أنفاسها الدافئة على
مؤخرة رقبتها وذراعها مثبتة بقوة على خصرها .اهتزت الهزات على ظهرها .فقدت قمر ضبابها النائم وأدركت أن
نصير كان يحتضنها .ارتجف في جسدها .يفرك وجهه دوائر رفع الشعر على مؤخرة رقبتها.
وصلت قشعريرة مرض نصير .قاتلت قمر بذراعها الضيق حول خصرها عندما حاولت تحرير نفسها " .تعال نصير ،
دعنا نذهب .أريد أن أحضر لك بعض الشاي " .
" ال يوجد شاي .دافئة بما فيه الكفاية ،ابق " ،تمتم الزعنفة على رقبتها ؛ إرسال قشعريرة أسفل عمودها الفقري.
ارتجفت " .الشاي سيساعد في التخلص من القشعريرة".
مع تذمر منخفض من الشكوى ،أطلقها ذراع نصير وهو يتدحرج .تحركت قمر من السرير مستغلة حريتها .دخلت إلى
المنطقة الرئيسية ،وهي تتنقل من خالل رفرف الفراء.
" صباح الخير" ،استقبلت والدتها من مكان النسيج " .كيف حال نصير لين ؟"
وضعت قمر قدًر ا معدنًيا على الموقد قبل الرد .تنهدت ،متكئة على الحجارة الساخنة ،منتظرة الماء حتى يسخن " :ال
يزال يعاني من المرض" .
" ال" ،أجابت قمر وهي تهز رأسها " .أعتقد أن المعالج ترك له حشيشة سوداء جافة".
" غادر المعالج بالفعل ؟" سألت والدتها كافرا " .عادة ما يسعون وراء المستنيرين من خالل المرض كله".
" حسًن ا "...تراجعت قمر ،وهي تفرك شارد الذهن مؤخرة رقبتها " .لم يكن ...بالضبط المعالج الذي جاء إلى هنا.
كانت ابنتها .وقد غادرت ...بعد أن تلقينا بعض الكلمات ،وقضايا أخرى " ،شرحت مشيرة إلى نفسها.
أومأت والدتها برأسها " .ستعود بمجرد أن تعلم أنها تركت سرير شخص مستنير مريض".
سخرت قمر بخفة وهي تصب الماء الساخن في الكوب .تراجعت عندما أضافت مظروف الحشيش األسود إلى الكوب
أيًض ا " .لماذا ؟" هي سألت " .لم تكن تحب التواجد هنا – "،مشيرة إلى مربية المنزل – " لم تعجبها حقيقة أن نصير
كان معي هنا ،وكان يقف معي".
" ستدرك أن المعالج ال يستطيع التفكير على هذا النحو ،أو أنها لن تصبح معالًج ا عندما تبلغ سن الرشد".
" بلوغ سن الرشد ليس لثالثة آيات أخرى" ،تذكر قمر .
أومأت والدتها " نعم" .ثالث مرات هي فترة طويلة بالنسبة لها لتجاوز نفورها حينها .على الرغم من أنني أتمنى مخلًصا
أن تقوم نصير لين بزيارة ربيته قبل ذلك الحين ،لذلك ال يتعين عليك التعامل معها " .
ابتسمت قمر " .ال تخف .سأركل الزعانف في الثلج بمجرد أن يكون جيًد ا بما فيه الكفاية " ،حدقت عيناها في فنجان
الشاي البارد على الموقد ،وتنهدت ؛ اختفت ابتسامتها في عبوس " .اتمنى انها بتلك السهولة".
" بسيط ؟" ردد والدتها .رن االرتباك في نبرة صوتها " .هل تتمنى ما هو بسيط ؟"
" الناس ...والتعامل مع ما أنا عليه اآلن .من أكون؛ ثم المضي قدًما " ،أوضحت قمر بهدوء .كانت والدتها تدندن على
عمود النسيج ،مما لفت انتباه قمر .تقابل العيون البنية بالفضة ،حيث أومأت والدتها برأسها إلى غرفها " .األمر بسيط
بالنسبة للبعض وال يجب أن يهمك سوى" البعض " .إنه فتى طيب قمر .هو وصديقك حامد " .
" أنا أعلم" ،وافقت قمر ،وأخذت الشاي من الموقد ودخلت غرفها .تنهدت بهدوء عندما سقطت عيناها على نصير .أو
ما يمكن أن تراه منه .شعر فضي شائك يخرج من خالل جبل البطانيات المرتعش .وضعت الكأس ألسفل إلجراءات
السالمة ،ووضعت في ،وحثته برفق .الكتلة لم تحرك .سحبت قمر األغطية للوراء شبًر ا واحًد ا في كل مرة ،همست
بحنان " :مرحًبا" " .أحضرت لك الشاي".
أنين الزعنفة .تمتم في وجهها بشكل غير مترابط .لكن يبدو أنها تفهم ما قالته .قمر بحذر شديد تساعد الكومة المرتجفة
على الجلوس مرة أخرى عندما كافح جسده للقيام بذلك بمفرده .ارتجفت الهزات صعودا وهبوطا في جسده ،مما أدى إلى
إرسال أطرافه الصغيرة في جنون.
" شكًر ا لك" ،علق نصير وعيناه مفتوحتان بصعوبة .أشار إلى الكأس .درس قمر يديه غير المستقرتين بقلق .عرضت
باستخفاف " ربما يجب أن أساعدك" " .ال أريدك أن تحرق نفسك فوق المرض".
أجاب نصير بينما كانت أسنانه تتمايل " :سيكون هذا من الحكمة" .اندلع وجه قمر بابتسامة متدنية ثم ضحكت .حدقت
نصير فقط في وجهها ،محيرة ومربكة .وجهه جعلها تضحك أكثر.
" على ما يبدو "-صفير قمر ،ال تزال تبتسم - " .عندما تكون مريًض ا ،فإن كلماتك الخاصة تفوق رأسك .شخص
حكيم".
عندما حدقت نصير في وجهها فقط ،تنهدت قمر .لقد التقطت الكأس من األرض ثم ضغطت عليه على شفتي الزعنفة.
قبضت يديه المرتعشتان على يديها وهو يشرب .سحب الزعنفة من الكأس مع كشر.
دفع قمر الكأس إلى فمه مرة أخرى ،مما أجبر نصير على اإلسراف في فمه مرة أخرى .ابتعد وهو يسعل " .الجذور
تكون سامة عندما تقطع من النبات كله .الجذور سوداء .هذا هو السبب في أنها تسمى .يعتقد بعض الرجال القياسيين أن
جذور نبات الحبة السوداء يمكن أن تصل إلى الحضارة المدمرة تحتنا ،حيث تتغذى على االنحالل والسموم من ذلك
الوقت " .
حملت الشاي في حجرها وحدقت في نصير ،محيرة " .أعتقد أنني أحبك بشكل أفضل عندما تلقيت النكات بالصدفة بدًال
من أن تكون مهووًس ا بشاعرية".
" آسف "،تمتم نصير مباشرة قبل أن تدفع قمر سريًع ا رشفة أخرى من الشاي في فمها .احتفظت بالكوب مدفوًعا إلى
شفتيه ،مما سمح له بالعضالت خالل آخر قطعة من الشاي .رفعت يداه الكأس بعيًد ا ،واندفع نصير بشكل غير رشيق
للخلف على فراش السرير.
صرحت قمر وهي تضع الكوب بعيًد ا عن متناول يدها على الحصائر المنسوجة.
" هذا يبدو وكأنه تهديد" ،الحظ نصير وهو يسحب جبل األغطية فوقه.
هز كتفيها ،ابتسمت قمر دون اعتذار " .المعالج الرهيب ،تذكر ؟"
أجاب نصير بنعاس " لن أنسى" .خرجت قمر من غرفها .في المنطقة الرئيسية ،كانت والدتها ال تزال جالسة على
عمود النسيج الكبير ،تطن لنفسها .مشيت قمر إلى الموقد ،أضافت السجل األخير إلى النار " .سأجمع بعض الحطب .هل
يمكنك الصراخ من أجلي إذا كان نصير بحاجة إلى أي شيء ؟ "
توقف الهمهمة للحظة كما ردت والدتها " .أنا متأكد من أن نصير لين سيكون على ما يرام بدونك لبعض الوقت".
بإيماءة قصيرة ،جمعت قمر بهدوء حذائها وعباءتها من غرفتها .لقد غامرت بالخارج .انفجر ضوء النهار الساطع في
السماء تحية .أمسكت بالفأس من مؤخرة السرير ،مشيت إلى أقرب شجرة صغيرة .على الرغم من البرد ،خلعت قمر
عباءة بعد اختراق الشاحنة ،وتقطير العرق من جبينها.
مع تأرجح أخير من فأسها ،انقلبت الشجرة بشق خشبي .اهتزت الشجرة األرض عندما هبطت .وبدًال من النظر إلى
الفراغ الذي كانت عليه الشجرة ،كان هناك حامد .انه ابتسم ابتسامة عريضة.
" كيف حاله ؟"
تراجعت قمر في مفاجأة مطلقة ،ولم تصدق عينيها أن حامد كان يقف على الجانب اآلخر من الشجرة الساقطة .عندما
أدركت بالفعل أن حامد كان على اآلخر ،غرقت بفأسها في األرض الباردة.
" ما هيك كنت تفكر ؟!" صرخت ،وعبرت حول الشجرة وطعنت حامد بإصبعها مراًر ا وتكراًر ا في صدرها " .كان
من الممكن أن تسقط هذه الشجرة في طريقك وتقتلك .يجب عليك ان تعرف هذا!"
تراجع الصبي األشقر إلى الوراء ،وكانت يداه تصد هجوم قمر .ثم سقط .من األرض ،تألق حامد " .في المرة
القادمة ،أعلم أنني لن أكون في أي مكان بالقرب منك عندما تجمع الحطب".
تنهد .رفعت قمر يديها اعتذاًر ا صامًت ا " .قالت هبة إنه سيعيش" ،أجابت بينما كانت تساعد حامد على الوقوف على
قدميه بسهولة.
توقف " حامد " مؤقًت ا عن إزالة الثلج من مؤخرته " .هبة ؟"
أجابت قمر " :ابنة المعالج" .سارت عائدة حول الشجرة إلى فأسها في األرض .قطع المعدن الشاحنة بسهولة عندما
تتأرجح " .اسمها – "،ثم تأرجحت قمر مرة أخرى – " وليس ودوًد ا جًد ا مع من يعجبني".
علق حامد بحلم " :إذن هبة هو اسمها" .ابتسم ببراعة لعدة ثوان قبل أن يعبس " .أنا آسف .إذا كان ذلك يجعلك تشعر
بتحسن ،فكل شخص يكرهك في البداية .حتى أنا لم أحبك " .
أجابت قمر ساخرة " :لقد نسيت" .واصلت تقطيع الشجرة وأضافت " .كنت يجري سخيفة".
" بغيرة ؟" استجوب قمر ،فجوة .انغلق فكها " .من فضلك قل لي ما أشعر بالغيرة من حامد "،سخرت في غناء.
قال حامد بشخير " :منها" " .وحقيقة أنها يمكن أن تكون مفيدة إلى حد ما .خاصة مع الزعنفة .تذكر ،أنه األكثر طلًبا "
.
ربما أراجعت قمر ذلك الفأس بقوة أكبر من الالزم .طار من الخشب وهي تحدق في حامد " .إنك غبي" ،قالت بصوت
هادئ .لكن مفاصل أصابعها كانت بيضاء.
" لقد جرحتني" ،صرخ حامد بشكل كبير ،وابتسامته ال تزال على وجهه .طارت يداه إلى صدره ،وغطت اإلصابة
غير المرئية .شم قمر " .حسًن ا ،كل هذا سبب مثالي للتوقف عن مضايقتي والذهاب لمعرفة ما إذا كان المعالج يمكنه
إصالح قلبك المجروح".
قال حامد مبتسما " :ليس األمر مزعًج ا إذا كنت تبتسم" .انتزعت قمر غصًن ا صغيًر ا من األرض وألقته .ابتسمت
منتصرة عندما اصطدمت بحامد معدة ،مما جعل الصبي األشقر نخر .ردت قمر " :إنه ليس جرًح ا إذا لم تكن تنزف" .
ضحك حامد .
ألقى الغصن مرة أخرى إلى قمر " .هل تحتاج إلى مساعدة في حمل كل ذلك ؟" سأل حامد ،مشيًر ا إلى جزيئات
الخشب المفرومة.
قال حامد وهو يعقد ذراعيه " :حسًن ا ،ليس اآلن ألنك تضغط علّي بصمت" " .هناك أوقات ال نتجادل فيها حتى أنسى
أنك المستنير القدير".
كانت ت وهي تكّدس الخشب في كومة " .المستنير القدير ؟ ال تدع الحكماء يسمعون ذلك " .
تحدى حامد " :قم بتسمية شخص آخر تعرفه من خالل تنويرين في قريتنا" " .يمكنهم إنكارك منذ والدتك ،لكنهم
يعرفون أنك تحمل تنويرين في دمك".
كان صمتها إجابة حامد عندما أومأ برأسه .وتابع " اعتقدت ذلك" " .مما يجعلك المستنير القدير في كتابي".
قالت قمر ساخرة " :من فضلك قل لي أنك تعرف ما هي الكتب أوًال . "...
حامد تصرف بإهانة وهو يهز كتفيه " .قطع سميكة من الورق ذات دواخل ورقية ؟" ثم أعطى قمر نظرة جامدة" .
بالطبع أعرف ما هم .اللوم نصير ،لقد جعلني أقرأ بضع مرات مرة أو مرتين .او اكثر".
كان الخشب يضرب ببعضه البعض بأجواء عندما توقفت قمر عن التكديس " .هل تصادف أن يكون أي من هذه الكتب
عن الحضارات المفقودة ؟ أو عن النباتات ؟ " هي سألت .أومأ حامد برأسه وهو يحدق في وجهها مصعوًق ا .أجاب" :
نعم " ، "...كيف عرفت ذلك ؟"
" كانت الزعنفة محمومة ،تتجول حول جذور نبات الحشيش األسود الذي كان على وشك أن يأكل على األنقاض المدمرة
أسفلنا".
" حسًن ا "،صاح حامد بسخرية .أومأ برأسه " .هذا محزن ،لكن يبدو مثله" .
" أوه كان كل شيء "،تمتم قمر " .وقلت له نفس الشيء".
" هل قالت هبة متى كان من المتوقع أن يتعافى نصير تماًما ؟" سأل حامد .هزت قمر رأسها " .ال ،لم تفعل .لكنه لم
يشعر بالدفء كما شعر ،وكنت أقدم له شاي الحشيش األسود لوقف االهتزاز " .
ابتعد حامد عن الشجرة التي كان يتكئ عليها .قال " :سأذهب وأجعل نفسي مفيًد ا بعد ذلك" " .سوف أزعج هبة حتى
تخبرني متى يفترض أن يتحسن نصير ".
استنخرت قمر ،وفركت يديها مًع ا في وظيفة جيدة " .أنت فقط تريد أن تراها" ،اتهمتها ،مضايقة الصبي األشقر .كان
لدى حامد الحشمة أن يحمر خجًال.
أجاب حامد بعد تطهير حلقه " :ربما أريد التحدث معها" " .ال بد لي من إقناعها بطريقة ما أنني أفضل من نصير ".
أعطت صديقتها نظرة مدببة " .ربما… عليك االبتعاد عن منزل المعالج .أنت ال تريد أن تمرض من المرض " .
شم الصبي األشقر وهو يشير " ،لم تقلقي بشأن إرسالي من قبل "،رد حامد بعبوس " .بدأت أعتقد أن نصير هو
المفضل لديك".
قالت قمر وهي تدحرج عينيها في تعبير حامد المزيف المؤلم ،بابتسامة " .من أجل لعب المفضلة ،يجب أن يكون لديك
المفضلة .أليس لديك معالج أشقر لتزعجه ؟ بما أنني أعلم أنني لن أتمكن من التحدث معك عن الذهاب على أي حال " .
" أنت على حق ،أنا أفعل" ،أومأ حامد .حدقت عيناه الزرقاوان في وجهها وهو يواصل " .لكن لماذا أشعر بأنك
تحاول التخلص مني ؟"
أشارت إلى كومة الحطب الصغيرة " .الجو بارد هنا .يجب أن أحصل على بعض إلى الداخل قبل أن يموت موقدنا " .
تنهد حامد بشكل كبير " .بخير" ،صاح في شكوى " .سأضايق هبة بشأن وقت تعافي نصير ؛ ثم سأعود " .
" أنا أعد الدقائق حتى تعود" ،صرحت قمر بشكل قاطع ،وكسبت لكمات في ذراعها من حامد وهو يضحك " .واحد
لك .أعط اآلخر لنصير وأخبره أنه سيحصل على الباقي عندما يكون بصحة جيدة مرة أخرى .إنه مدين لي بالتصدي لي
أسفل منحدر التل " .
صححت قمر " نحن" " .أو نسيت أنك جذبتني مع كالكما ؟"
" ال أستطيع سماعك!" دعا حامد عندما بدأ في الطريق الجليدي وهزت قمر رأسها " .إذن لماذا ردت ؟" نادت من
بعده.
العودة الوحيدة التي تلقتها كانت موجة حامد القياسية بذراعه بالكامل .شممت قمر ،وأخذت حفنة من الحطب قبل أن
تندفع مرة أخرى إلى داخل المنزل.
جعلت الرياح الباردة النار المنخفضة وميض ضعيف .وضعت قمر الكومة الخشبية وألقت القطعة األكثر جفافًا على
الموقد .كان هناك حفيف من خلفها .استدارت قمر .وجدت عيناها البنيتان والدتها " .آسف" ،اعتذرت المرأة المسنة" .
جاء حامد ليرى كيف كانت نصير ".
قالت والدتها وهي تمشي فوق عمود النسيج " :لم تحرك نصير لين منذ مغادرتك" .خلعت قمر حذائها وعباءتها
ووضعتها في النار .تبطنت بسرعة عبر المنطقة الرئيسية لتنظر داخل غرفها .عبوس ثابت على مالمحه عندما وجدت
نصير يرتجف مرة أخرى.
" ترتجف مرة أخرى ؟" سألت والدتها عندما عادت قمر إلى الموقد لتغلي الماء .أومأت قمر برأسها عندما تحدثت المرأة
المسنة مرة أخرى " .هل قالت ابنة المعالج متى من المفترض أن يتعافى نصير لين ؟"
هرب من شفتيها نفخة من الضحك " .ال ،ولكن حامد سيسأل .يبدو أن لديكما نفس المخاوف " .
قالت المرأة األكبر سًن ا " :يبدو حامد كصديق جيد لكليكما" " .إنه غير منار على حق ؟ للمخاطرة بنفسه للحصول على
إجابات ،يجب أن يهتم بنصير لين أيًض ا " .
شممت قمر وهي تراقب القدر وهو يتصاعد من ألسنة اللهب " .منوم من قبل هبة على ما يبدو".
همهم والدتها " .لذا حامد مهتم بهبة ،وتعتقد أنه يستخدم نصير لين كذريعة للتحدث معها ؟ آمل أن يدرك أنه عرضة
لإلصابة بالمرض " .
" هو يعرف .يبدو أن الحب مرض تماًما " ،تمتمت قمر .سحبت القدر من النار بعناية ،وسكبت كمية من الحشيش
المجفف في الكوب قبل ملئه .ضحكت والدتها بهدوء " .سترى الحب يوما ما".
" أن أكون كما أنا .قالت قمر ،قبل أن تأخذ المشروب النهائي إلى غرفها ،تاركة والدتها بمفردها في المنطقة الرئيسية "
مستحيل" .مشيت قمر إلى الورم المرتعش ودفعته برفق بإصبع قدمها " .نصير ،تحتاج المزيد من الشاي".
" أخبرني من فضلك أنه شيء آخر غير الحشيش األسود" ،جاء صوت نصير من تحت كومة األغطية .شممت قمر
وهي تركع على ركبتيها.
قالت قمر ،ثم أضافت " :إذا فعلت ذلك ،فسيكون ذلك كاذًبا" " .اآلن إذا لم تشربه ،فسوف تعاني من قشعريرة وربما
تزداد سوًءا".
مكتوم نصير " :سأستغل فرصي" .األصابع الشاحبة المكشوفة تقرب البطانيات.
جادلت قمر " :ال ،لن تفعل" .لقد وضعت الكأس في مكان آمن ،ثم لم ُتدفن رأس نصير الفضي " .ستشرب هذا .لن
تكون بارًد ا بعد اآلن " .
" لن أكون بارًد ا إذا انضممت إلي في الفراش "...أشار نصير .اندفعت الحرارة على خديها وغطت قمر رأسها" .
أرفض السماح لك باستخدام حرارة جسدي .عليك أن تشرب الشاي أوًال " .
دفعت الكأس بإصبعها إلى األمام .التقت العيون البنية باللون النيلي وهما يحدقان في بعضهما البعض ،في انتظار كسر
اآلخر .تالشى بخار الشاي عندما رمش الزعنفة .انتزع الكأس من األرض ،متجنًبا أي تواصل بصري معها.
انغلق جسده كله وهو يرتشف من السائل الحقير .تجهمت قمر وهو يشرب " .فظيع ،فقط مروع "،زعنفة ملطخة
بعبوس.
حدقت نصير في وجهها بفتور " .بدأت أعتقد أنك تستمتع ببعض البؤس "،تأوه نصير .هزت قمر رأسها مبتسمة" .
إذا فعلت ذلك ،فسأتركك وسأبتسم لذلك".
" لكن انت!" صاحت نصير ،مشيرة إلى االبتسامة المتزايدة على وجهها.
أطلقت قمر في الكأس بين يدي نصير .ذّك رت قمر " :ال يزال لديك شاي" .تم مسح االبتسامة على وجه نصير
وعبس " .كان ذلك لئيًما".
هزت كتفيها عندما بدأ نصير بالشرب مرة أخرى " .هذا يحدث .ويتحدث عن " ...
كانت قبضتها متصلة بلحم ذراع نصير وهو يبتعد عن الكوب .شرحت " هذا كان حامد " " .للتصدي له أسفل التل .قال
أنك ستحصل على الباقي بمجرد أن تتعافى " .
استقرت يداه في حضنه وسأل نصير بتردد " .متى تحدثت مع حامد ؟"
ردت قمر " ،بينما كنت مستريحا .كنت أقطع المزيد من الحطب عندما جاء األبله ليرى كيف حالك.
نتف الكوب الفارغ حديًث ا من يدي الزعنفة .ردت قمر " ،لقد أخبرته عن هبة وأنك ستعيش".
" كان حريًص ا على الوصول إلى منزل المعالج ليسأل عن شفائك".
" هل كان ؟" سأل نصير بالحيرة " .لكن هذا خطير بالنسبة له".
هزت قمر كتفيها مرة أخرى " .جنازته .حاولت التحدث معه عن الخروج .عالوة على ذلك ،أعتقد أنه مهتم بهبة أكثر
من تعافيك " .
تحرك نصير في األغطية وهو يسأل " ،ما الذي يجعلك تقول ذلك ؟ ماذا يريد حامد من هبة ؟ "
أجاب قمر " :أنه يحب هبة منذ أن هاجمنا الوحش قبل مشرتين" .
" هل حقا ؟" استجوب نصير بعيًد ا .حدق فيها ،وفي عينيها وهو يتلعثم " ،رأيت ...ظننت "...
ساد االرتباك حول مالمحها .تراجعت قمر في أعز أصدقائها " .هل فكرت ماذا ؟" طلبت ،على أمل مساعدة نصير في
جمع أفكاره.
ابتسمت نصير فقط لها .تألق شعره الشائك بشكل مدهش في الضوء الخافت " .ال شيء" ،نفى " .ال شيء على
اإلطالق".
اجتمعت العيون األرجوانية مع سيت لعدة لحظات قبل أن يسحب نصير األغطية " .لقد انتهيت من الشاي المعذب ،
أوقف نهاية الصفقة".
" ال يبدو أنني أتذكر أن هذه الصفقة كانت زعنفة "،تذكر قمر .دّست الكأس مع الكوب األول ؛ ثم انضم إلى في فراش
السرير .بمجرد أن ينتشر الدفء على بشرتها ،تدحرجت قمر لمنح نصير مساحة إضافية .التفاف ذراع حول كتفها.
أدركت أن لدى نصير أفكار أخرى.
سقط رأسها على صدره بضربة .ثّبتها ذراعيه في مكانهما ،ممسكين إياها بصدره العاري .ارتفع االحتجاج في حلقها
حتى تنهدت نصير تحتها.
همست نصير " ،يجب أن يكون هذا أكثر راحة لكلينا" .قمر همهمة مستمتعة بصوته .دفء بشرته .صالبة ذراعيه
حولها .أي احتجاج على اختفائها مع الضربات المنتظمة لقلب نصير تحت أذنها .بعد دقائق ،كان الصديقان نائمين.
بعد عدة أيام ،تعافى نصير أخيًر ا تماًما ،وأصر على أنه بحاجة إلى العودة إلى المنزل .غادر ذلك الصباح المشرق ،
بعد أن شكر والدتها على كرم ضيافتها .اآلن ،جلست قمر أمام عمود النسيج ،وشعرت بالفراغ .وحيدة على الرغم من
أزيز والدتها من بجانبها.
نسجت أصابعها األنماط ببطء بينما تتذكر قمر المحادثات المتأخرة مع نصير .كلمات مليئة بالضحك والدفء .كانت
هناك سعادة في صدرها عندما كانت نصير موجودة .عندما نام بجانبها ،لم يجرؤ أي من كوابيسها على مضايقتها .طاقة
جسدية جديدة تغنى بداخلها ،لكن حاالتها العقلية األخرى ضاعت.
لعدة ساعات أخرى وحيدة ،وتشنج في الساق ،خيطت قمر مع والدتها في صمت .حتى خفت ألسنة اللهب في الموقد
الحجري .هربت من المنزل وجمعت المزيد من الحطب .تتناثر المعادن فوق المعدن في المسافة ،وتردد صداها عبر
الخصلة القاحلة من األرض المسطحة التي تستخدم فيها األسلحة .أدركت قمر ،التي تشتت انتباهها ضوضاء على يسارها
،أنها كانت بالخارج بدون حذائها الجلدي أو دفء عباءتها.
ساد الملل ببطء .جعل الساعات طويلة بشكل مستحيل .أخيًر ا عندما خفت الشمس في الظالم ،نفد قمر ؛ هذه المرة تذكر
حذائها وعباءة .تساقطت أقدام متلهفة على الجليد الذائب بينما كانت قمر تسافر إلى قمة التل .مع ضوء القمر ،وجدت
رأس نصير الفضي بسهولة من مسافة قريبة .ركضت أسرع .تباطأت خطواتها عندما رأت عيناها شقراوات مع
الزعنفة ؛ واحد مع شعر أطول بشكل واضح.
كانت نصير أول من الحظها واقتربت .تراجع حامد مع هبة " .ماذا تفعل هنا نصير ؟" همست قمر بحرارة ،
وخطفت ذراع الصبي .قامت بسحبه على بعد أمتار قليلة ،متجاهلة التحديق من الشقرين األخريين على قمة التل.
أجاب نصير " :لقد كان حامد " " .يجب أن تسمعها".
" ماذا او ما ؟" انها قطعت متواضعة .تجمدت عيناها الخربيتان وتنهدت نصير " .حامد كان يتحدث معها .مثلما
تحدثت معه منذ عابر .من فضلكم ،امنحوا هبة فرصة " .
مرر نصير يده من خالل خيوطه الشائكة " .هل تعتقد أن دفع حامد وأنا على قمة التل سيكون كافيا ؟"
توقفت قمر مؤقًت ا ،وهي تفكر في عرض نصير .أومأت برأسها في غضون ثوان .أجابت " :ينبغي" ،ثم تنهدت.
أشارت بخفة إلى هبة وحامد " .لوحهم قبل أن أغير رأيي".
أومأ زعنفة إلى حامد .وحاولت قمر أال تتجهم عندما كانت عيون هبة تحدق في األرض وهي تقترب .قمر منحني
زعنفة .كانت تهمس من خالل أسنانها المشدودة " ،ال أستطيع أن أصدق أنني وافقت حتى على هذا – "،تحركت إلى
هبة ،همست لنصير " .إنها لن تنظر إلي حتى".
" أنت وافقت على ذلك .إن الوعد بدفع أنا وحامد إلى أسفل التل معلق في الميزان هنا " ،تذكر نصير .قمر متوهجة" .
إنه مغري اآلن".
ضحكت نصير بصوت عاٍل ،لكنها منخفضة بما يكفي لتسمعه فقط " .أنا أعرف".
وقف هبة وحامد أمامهما ،ولم يجرؤ أي من الطرنصير على الكالم ،كما لو كان هذا االجتماع من أجل معاهدة غير
موقعة ضد جيشين .كال الطرنصير يعرف أن هذا الحل الوسط سيكون من أجل الصالح العام .مرت دقائق .نمت رغبة
قمر في إلقاء صديقاتها على قمة التل جنًبا إلى جنب مع التوتر في الهواء .عندما وصلت نقطة االلتقاط لقمر إلى أعلى
المستويات ،تحدثت هبة بهدوء.
" أنا أعتذر .أعلم أنني عاملتك بشكل سيء ،لكن بعد التحدث مع حامد ،أدركت كم كنت قاسيًا .أنا حكمت عليك.
بميالدك وقصصك الباطلة التي تنتشر بين القرية .أعطاني حامد الحقيقة ،وتحدث فقط عن مديحك " .
قاطعه حامد وهو يفرك مؤخرة رقبته " :أعتقد أن هذا يكفي" .طقطق أحمر الخدود على خديه وهو يضحك " .أنت ال
تريد أن تجعل غرورها أكبر ،أليس كذلك قمر ؟ أعني تخيل االضطرار إلى القتال بكل ما هو على أكتافك .سيكون
مروعا " .
هزت قمر كتفيها " .انا ال اعرف .أود أن أسمع نهايتها .أال يمكنك نصير ؟ " سألت ،والتفت إلى الصبي ذو الشعر
الفضي .قطع حامد قبل أن يتمكن نصير من الرد .ابتسم حامد بابتسامة عريضة " :آسف ،عليه أن يعود إليك" " .
سوف يتشاجر معي ...اآلن".
انتزع الولد األشقر نصير من أعلى ذراعه وأجبر سيفًا حديديًا في يده .بدأوا في السجال بعد ثوان.
" هل هم عادة هكذا ؟" تأملت هبة بصوت عاٍل بينما كانت الفتاتان تشاهدان األوالد يتشاجرون .هزت قمر كتفيها ،
وردت " .فقط انتظر حتى تأتي األشهر الحارة .ثم يتصرفون مثل الشتالت .إما المشاحنات أو الشكوى " .
هبة هميد " .من غير المعتاد رؤية نصير لين بهذه الطريقة .عادة ما يكون شخًص ا مختلًفا تماًما داخل القرية .من
المستحيل معرفة الواجهة التي يحملها " .
قبل أن تسأل قمر أي شيء آخر عن نصير ،صرخ حامد عليهم " .ما الذي تتحدث عنه هناك ؟" سأل أثناء صد هجوم
نصير " .ال شيء سيئ عني كما آمل".
" ال شيء أنت وثني!" صاح هبة .استدارت قمر ،وهي تحدق في الفتاة مذهولة .درست الفتاة الشقراء لثواٍن قبل أن
تنفجر في ضحك ال يمكن السيطرة عليه .سرعان ما انضمت هبة .
توقف نصير في السجال ،وهو يحدق في الفتيات متفاجًئ ا عندما دوى ضحك عبر قمة التل .ضرب األرض عندما
اصطدم حامد .
علق حامد عندما مد نصير يده " :كانت تلك محاولة مروعة للعرقلة" .قال نصير " :لقد كنت مشتًت ا" ،أومأ برأسه
إلى هبة وقمر .
تمتم حامد بهدوء " :لن تكون عمياء إلى األبد" .
صفع نصير يد صديقه جانًبا ،وتسلق قدميه .قال " ال أعرف ما الذي تتحدث عنه حامد " .ثم لوح سيفه " .لنذهب مرة
أخرى".
مرت عدة أسابيع بعد أن اختفى المرض من القرية ،وأخذ معه العديد من األمهات واآلباء واألطفال .بعض الدخان ال
يزال باقيا في الهواء البارد .ابتسمت قمر بتكلف للثلج المكسو على قمة التل بينما كان حامد يتخبط على جذوع األشجار
المتساقطة في اإلرهاق .رمت السيوف على األرض من قدميه.
قالت قمر " ،لقد أصبحت صدًئ ا من تحركاتك يا حامد " ،وهي تنضم إلى جانب نصير على جذوع األشجار
المتساقطة " .هل يوافق أي شخص آخر ؟"
" لقد أصبح أبطأ "،قال نصير وحامد مشوهين من الجانب اآلخر من هبة .
احتج حامد قائًال " :لم أفعل" " .أنا أتضور جوعا وبرود .إنه يزعج تركيزي " .
هبة تطهر حلقها " .حسًن ا ،لحسن حظك .صرخت الفتاة الشقراء .سحبت سلة من مخبأها خلف جذوع األشجار
المتساقطة.
ابتسم حامد وصفق يديه مًع ا بسعادة .امتدح " ،أيها المخلوق اللطيف" ،قبل أن ينتزع السلة من يدي هبة .فتحها
وأخذت السلة من يديه .وبخ هبة " إنه للجميع حامد " .
عبس الصبي األشقر ،وأرسل عبوس على شفتيه " .وهنا اعتقدت أنك تحبني "...
وصلت قمر إلى حامد ،وحطمت كل من هبة ونصير مًع ا في هذه العملية ،وضربت الصبي األشقر رأًس ا على عقب.
" أحمقك يظهر .على األقل هي صنعت شيًئ ا .لذا قل شكرًا وتوقف عن العبوس لمجرد أنه ليس ملكك بالكامل " .
ابتسم حامد " شكًر ا لك" عندما بدأت هبة في توزيع الخضر الورقية .تأوه حامد بسعادة في اللقمة األولى .تقضم قمر
بسعادة على لفائف الخس مع حشوة الفاصوليا بالداخل.
" لماذا ال تأكل نصير لين ؟ تساءلت هبة عند مالحظتها للفتى ذو الشعر الفضي وهو ال يتحرك لألكل " .أال تحب
ذلك ؟"
" لست أنت أو طبخك .أجاب نصير ،وهو ينحني لألسفل للتدفئة .اقتربت قمر منه تلقائًيا.
" نبتة" ،تمتم حامد وفمه ممتلًئ ا .كلتا الفتاتين تجاهله " .يمكننا إعادة العشاء إلى القرية" ،عرضت عليه مشرقة.
وذَّك ر نصير قائًال " :ال تستطيع قمر دخول القرية" .عبس هبة .أطل قمر على هبة " .ال تقلق علي .ال يزال لدى
والدتي بعض الحساء المذاب من وقت سابق اليوم " .
" لكن"-
" أنا بخير" ،طمأنت قمر ،وهي تربت على ركبة نصير " .بكل صراحه".
" أنا متأكد من أنه يمكنني التفكير في مكان مختلف" ،قالت هبة ،وعيناها الزرقاوان تلمعان من يد قمر على نصير .
الصبي ذو الشعر الفضي على الرغم من عدم وجود شيء من ذلك ،حيث أومأ برأسه في اتفاق " ،يجب أن يكون هناك
مكان آخر".
" ما هو الحساء المذاب ؟ هل هو دافئ ؟" سأل حامد ألنه تمكن من حشو بقية أوراقه الخضراء في فمه.
أجاب قمر ،وهو يحدق في حامد وهو يمضغ بخدود محشوة " :الجبن المذاب ولحم الغزالن في قدر" .قفز حامد على
قدميه وابتلع بصوت مسموع قبل أن يقول " ،نحن ذاهبون إلى قمر .أريد أن أجرب بعًض ا من هذا الحساء! "
قالت هبة " :لقد أكلت بالفعل ثالثة من الثماني أوراق الخضراء" " .سوف تصبح ممتلئ الجسم".
ربت حامد بسعادة على بطنه المسطحة باعتزاز " .هذا ليس ممتلئ الجسم .هذا فقط ناضج " .
هزت قمر رأسها متجاهلة النكتة المروعة وهي تقف وتنتزع السيوف من األرض.
" هل حقا ؟ ال شيئ ؟ قلت ناضجة ...أنت تعرف بدًال من الحق .لقد كانت مزحة طعام " ،قال حامد صاخًبا يديه بعنف.
" كان ذلك مضحًك ا ،أليس كذلك قمر ؟"
قالت قمر " :لقد فهمت ذلك" - " .وأنا أختار عدم التعليق على ذلك".
" زعنفة ؟" استجوب حامد نأمل .هز نصير رأسه .أجاب " لقد كانت أسوأ مزحة لك حتى اآلن" حيث ساعد هبة في
إعادة الطعام إلى السلة.
أجابت هبة " :دعونا نذهب إلى مطعم قمر " .
" كلكم "!-أعلن حامد ،مشيًر ا إلى هبة وقمر ونصير " .تفتقر إلى الفكاهة!"
شارك األشخاص الثالثة العاديون نظرة سريعة بينما كان حامد يتحدث بتواضع .هزوا كتفيهم .بعد السيوف والمواد
الغذائية والشفاء التي جلبت هبة بعد حامد أنف دموي في الليلة السابقة .بدأوا نزوًال من قمة التل ،إلى منزل قمر .
طوال الطريق ،أزعج حامد قمر ونصير بسعادة إلى ما ال نهاية ،حول السباق إلى منزلها .ذّك ره كل من قمر ونصير
بأنه كان متعًبا على قمة التل ،وهو ما تجاهله حامد .
كل خطوة مؤلمة تقترب من منزلها ،كانت مؤلمة فقط حيث بدا أن الوقت يتحرك بشكل أبطأ .في لحظة من الزمن ،رأت
قمر الدخان يتصاعد في السماء من منزلها " .لقد أوشكت على االنتهاء" ،همست نصير بارتياح من خلفها " .كيف
هربت منه ؟"
أومأ زعنفة على كتفه إلى هبة وحامد .كل ما رأته قمر هو االبتسامة المذهولة على وجه حامد .عادت إلى نصير " .
ماذا حل به ؟"
" ايديهم".
نظرت قمر من فوق كتفها مرة أخرى .وجدت عيناها أصابعهما المتشابكة تلقائًيا .بالعودة إلى نصير ،تظاهرت بمسح
الدموع من عينيها " .يكبرون بسرعة".
شّمت زعنفة ،ودفعت نحوها بخفة " .ال شيء منقوًش ا على الحجر حتى يبلغوا سن الرشد .من اآلن وحتى ذلك الحين ،ال
نعرف ماذا سيحدث " .
" من الواضح أنهم يحبون بعضهم البعض "،غمغمت قمر ،وألقت نظرة أخرى على كتفها " .عليك أن تكون أعمى
حتى ال تراها".
توقفت عن المشي عندما تجمدت نصير بجانبها ،وهي تحدق فيها وكأن شيًئ ا ما على وجهها .بهدوء ،تمسح في بقعة
وهمية ودرست صديقتها المقربة بقلق " .ما هذا ؟"
بعد صمت متردد ،هز نصير رأسه وأجاب " .ال شيئ .ال شيء بهذه األهمية " .مبتسًما ،ألقى ذراعه على كتفيها
واقترب منها عندما بدأ يمشي مرة أخرى.
" لكن"-
كانت هناك ضحكات سعيدة من خلفهم عندما وقفوا أخيًر ا أمام مربية منزلها .أغلقت قمر المدخل ،واستدارت لتشرح " ،
اآلن ربما ال تزال أمي"-
حامد يحرث حولها .تجريف من الداخل مثل قطار الشحن .اجتاحته الريح الشديدة داخل بيته .دمدرت قمر ،وسحبت هبة
ونصير بالداخل قبل أن تغلق الباب خلفهما .اصطدم هبة ونصير ضد حامد ،الذي توقف بقوة في الغرفة ،وسد طريق
قمر إلى الموقد .دفعت قمر حامد جانبا ،صاحت الشقراء بشكوى وركضت إلى الموقد.
كانت تذمر بصوت منخفض وهي تنقذ الشعلة المحتضرة بإلقاء المزيد من النار في الجمر البرتقالي.
" اجعل نفسك في المنزل" ،مشيرًة بيديها المشغولتين إلى الطاولة الصغيرة مع .لقد انتزعت حذائها وعباءتها بمجرد
انتهائها من االعتناء بالموقد.
تمتم حامد في رهبة " :هذا ال يشبه الحداد" .استدار رأسه على كتفيه ،ناظًر ا من حصيرة ملونة زاهية على الحائط إلى
أخرى " .انها مشرقة جدا".
" الوضع أسوأ في ضوء الشمس" ،علق قمر وربت على حامد على كتفه وهو يحدق في السجادة المنسوجة تحت
قدميه .سارت إلى الطاولة الصغيرة حيث جلست هبة ونصير .
تساءلت والدتها وهي تخرج من غرفتها " ما هو أسوأ في ضوء الشمس" .تومضت العيون الفضية على الوجوه األخرى
في منزلهم.
ردت قمر بسرعة " ،ال شيء – ".أشارت بذراعها إلى نصير " ،أمي ،أنت تعرف نصير ".ثم أشارت إلى هبة
وحامد " .هذا هو هبة وحامد .كان حامد جائًع ا ويريد مكاًن ا دافًئ ا لتناول الطعام " .
" لم أقل ذلك قط" ،احتج حامد ،وأخيرًا خرج من نشوته " .نصير فعل" .
ابتسمت المرأة األكبر سنا " .بالطبع ال .ما دام الجميع في منازلهم قبل شروق الشمس .من فضلك اجعل نفسك مرتاحا.
أعتقد أن لدينا بعض الحساء المذاب المتبقي .قمر ،اذهبي لتدفئة الماء من أجل الشاي " .
على الفور ،قفزت قمر إلى العمل .وضعت الغالية على اللهب .في هذه األثناء قام أصدقاؤها بإزالة عباءاتهم وأحذيتهم.
أمسكت قمر بالسلة من األرض وذهبت إلى المائدة بينما كان الماء يغلي .ساعدت هبة ونصير والدتها في إعداد
الطاولة ،ودرس حامد عمود نسج والدتها .قريب جًد ا من أجل راحتها.
" ال تلمس أي شيء حامد أو غيره "،هدد قمر .شمها حامد ،غمغًما " ،لن ألمس شيًئ ا".
عندما أصلحت قمر الصبي األشقر نظرة مدببة ،سرعان ما انضم إلى هبة ونصير على الطاولة .قطعت قمر ورقة
خضراء مورقة من السلة وبدأت في تسليمها ،تأوه حامد .حدقت الفتاتان عندما ألقى حامد الطعام على صدرهما " .أنا
رجل "،صاح وهو ينفخ صدره " .أنا ال آكل الخضر الورقية".
ردت هبة بحرارة " :لم تكن تشتكي أثناء تناولك لهم على قمة التل" .عيناها الزرقاوان تتحوالن إلى البرودة وهي
تواصل " .في الحقيقة ،لقد بدت مسروًر ا بطهيي".
شاهدت عدة أزواج من العيون بهدوء حامد وهو ينكمش ويتحول إلى ظل قاتل من شاحب .اختفت واجهته الجريئة في
حالة من الذعر الواضح حيث اتسعت عيون حامد ؛ يدرك ما قاله " .مخلوق مبهج" ،صرخ قبل أن ينظف حلقه " .أود
أن آكل طعامك ،لكن إذا بدأت ،أخشى أال أتوقف .ثم سيموت أصدقاؤنا األعزاء جوعا " .
فجأة ،حلقت ورقة خضراء في الهواء ،محطمة هبوًط ا على وجه حامد .وسقط مطر من الخس والفاصوليا على
الطاولة .عبس هبة وهو يمسح ثوبها بيدها .هز نصير رأسه وتأوه .الصدمة الشديدة على وجه حامد جعلت قمر تفقد كل
اإلرادة لكبح ضحكها.
" نيس حاولت إنقاذ حامد " ،تمتم نصير ،معلًقا رأسه خزًيا على صديقه " .أنا ال أعرف ما هو أسوأ .التحبيب الرهيب
أو العذر " .
" التحبب" ،قالت المرأة األكبر سًن ا وهي تميل إلى الموقد من أجل الحساء الذائب .ضحكت قمر بشدة مع استمرار
والدتها " .هي ثابرتك .يجب أن تفكر في اسم آخر " .
جادلت هبة باستخفاف " :االسم جيد" .نظرت إلى حامد باعتزاز " .لقد اتصل بي عندما التقينا ألول مرة".
" دعاك" المخلوق اللذيذ " أمام والدتك ؟ مصيح زعنفة " .وأمك تركته يعيش ؟"
" اعتقدت أنه كان فاقًد ا للوعي" ،قالت قمر ،وهي تنهض من الزابوتون وتتجه نحو الموقد .سكبت الماء في مجموعة
من األكواب على الحافة الحجرية.
قال حامد بابتسامة خجولة " :أعشاب" " .اعتقدوا أنني كنت على بعد أربعة أميال وذهبت .لكن الحقيقة ُتقال ،كنت
أطفو عاليًا ،كل ما استطعت رؤيته هو وجهها الجميل " .
تدحرجت قمر عينيها .صحح " موشيز" " ،ليس أعشاب .ال يمكننا جعل كل فرد في منزل المعالج يطفو " .
هبة ر حامد عينيه على الفتاة الشقراء .راقبت قمر من الموقد بينما غرقت والدتها وهبة بسرعة في محادثة مًع ا ؛ التي
اختفت بسبب محادثة حامد المتحركة حول الحاجة إلى تصحيح األشخاص مع نصير .
بينما كان الشاي مطهًيا ،انحنى قمر إلى الوراء .أمسكت بكوب وال يزال البخار الساخن يتدلى من السطح .إبتسمت .حتى
لسعة الشاي على شفتيها ال يمكن أن تدمر هذا الشعور الذي شعرت به .كانت مع العائلة .والدتها وصديقتها المقربة
وأخوها وأختها .بالنظر إليهم ،ورؤية االبتسامات على الوجوه التي تحبها ،كانت قمر متأكدة من أن هذه كانت السعادة.
كان يجب ان يكون.
سارت قشعريرة على جلدها المكشوف وهي تفتح عينيها وسط ضباب نائم .تثاءبت قمر وهي جالسة ؛ فرك عينيها .عندما
غادرت آخر آثار النوم ،أدركت قمر بصدمة أنها لم تكن في غرفتها .لكنها ال تزال في المنطقة الرئيسية من منزلها .ومن
أصوات التنفس العميق والشخير .كانت تعلم أنها ليست وحدها.
قفزت قمر على قدميها ووجدت ثالث جثث أخرى منتشرة في أنحاء الغرفة .لم يغادر هبة ونصير وحامد .تحركت ،
متعثرة على غطاء منسوج ملفوف بطريقة سحرية حول كاحليها .سقطت قمر .
نجا نخر منها عندما هبطت .لم يؤلم السقوط .هبطت على األرض المحشوة .تومض شظايا من الضوء تحت صدع
صغير من الباب الخشبي وثقب في السقف للموقد .تدافعت على قدميها .فتحت يدها الباب.
اجتاح الضوء الساطع حجرة المنزل المظلمة ،مما أدى إلى إصابتها بالعمى وهي تقف أمام المدخل .أغلقت قمر الباب" .
الجميع! تحتاج إلى النهوض! " بكت قمر في ذعر.
" هبة ! زعنفة! حامد ! أنت بحاجة إلى النهوض اآلن! "
بداًل من تذمر واحد ،تذمرت عليها ثالثة أصوات ضبابية أثناء النوم احتجاًج ا .تنهدت قمر وهي تمشط يدها عبر موجاتها
المتشابكة " .طلعت الشمس!"
اختفت أصوات الشكوى ،ولم يتبق سوى صمت متزايد .قفزت ثالث جثث مختلفة من األرض .تحرك كل شخص في
حالة من الذعر المحموم ،واندفع إلى الموقد ليسحب حذائه أو عباءة .وضعت قمر على عجل بقايا الطعام الليلة الماضية
في سلة هبة .لم تقدم الفتاة الشقراء أي ترحيب ألنها سحبت السلة من يدي قمر وخرجت من الباب .سرعان ما تبعه
حامد .
تمشيط شفتيها على خدها وحدقت قمر ،عاجزة عن الكالم بينما ركض نصير خارج البابُ .أغلق الباب الخشبي ،تارًك ا
قمر وحدها في المنزل المضاء باللهب .قشعريرة محمولة في الهواء من الوحدة والبرد بالخارج .لكن كل ما شعرت به هو
حرارة خديها ،التي كانت تشع من المكان الذي لمسته نصير .كان الحر المشتعل بجينها يذكرها بشكل غامض بحرارة
النيران المشتعلة.
نظرت بحزن إلى الموقد األسود .خطوة بخطوة ،أعادت قمر بناء النار .انتشرت موجات من الحرارة عندما بدأ الحريق
يتأجج ويشتعل .مع تأجيجها ،أدركت قمر كم أصبحت متعبة.
ازداد ثقل عينيها عندما تعثرت في غرفها .برشاقة ،تخبطت على سريرها بأوهات مبهجة .تخبطت قمر في سباتها بحًث ا
عن األغطية المنسوجة .عندما كانت مرتاحة ،نمت على األصوات المعدنية من بعيد .وإذا كان لديها كابوس ،فلن تتذكر
قمر .
كانت تجري في وقت متأخر عما أرادت أن تكون .اندفعت حذائها على درب التراب وهي تغامر نحو قمة التل .كانت قمر
تأمل في أن يكون هناك شخص ما على األقل ال يزال على قمة التل على الرغم من بقاء السماء ليال.
قعقعة المعدن على المعدن ،يتردد صداها عبر األشجار .تنهدت قمر بارتياح .حتى تالها صرخة من األلم بعد أصوات
السجال " .رفاق ؟!" صرخت قمر بينما كان قلبها ينبض على أمل أن يجيب أحد .لم يأت إجابة.
تسابق عقلها .كل كابوس لديها .تومض كل واحدة ابتليت برأسها خلف عينيها .األرض غارقة في الدم .أجساد بال حراك.
عيون جوفاء تحدق بها .وقفت ابتسامات و الوحش على حد سواء فوق أجساد أصدقائها في كوابيسها .ثم يأتي الماء.
قرع على الطبول ضد التضاريس ،أغلق قمر المسافة بخطوات محمومة .تدفقت اإلغاثة من رئتيها عندما وجدتهما.
ملقى الزعنفة على األرض ممسًك ا بوسطه وحامد بجانبه.
" ماذا حدث ؟" استجوبت عندما ألقى حامد نصير على قدميه ،ونقله إلى جذع الشجرة الساقطة.
" ال شيء" ،تأوه نصير وحامد " .السجال ،تلقى نصير ضربة خفيفة على الضلوع ،ولكن من مظهره ،بدأت أعتقد
أنني ضربته بقوة أكبر مما كنت أعتقد".
" ضربة خفيفة ؟" استولت قمر .توجهت إلى حامد ،وعيناها الخربيتان محترقتان " .أنت !-من بين كل الناس يجب أن
يعلموا أنه ال يوجد شيء اسمه ضربة ضوئية .خاصة بشفرة معدنية! ما مدى سوء ذلك ؟ "
هز حامد كتفيه " .لقد رفض السماح لي بالرؤية .يقول إنه ال ينزف وهذا ما أؤمن به .لم يكن لدي الوقت لشحذ الشفرات
".
" شكرا على ذلك" ،صاح نصير وهو واقف .وجدت عيون أرجوانية ل قمر .أصر الصبي ذو الشعر الفضي " :أنا
بخير" " .ليست كذلك"-
حدقت قمر وقاطعته " ،إذا قلت أنه ال شيء مرة أخرى ،فسأفعل"-
" ماذا تفعل ؟" تجرأ نصير ،قاطع قمر " .حطمت الحافة المسطحة ضلوع .أنا فقط بحاجة إلى بضع دقائق للتعافي.
ابتعد عن ضهري".
تحركت الزعنفة من قدمها ودرسته قمر بعناية .كان هناك قرصة حول عينيه اليسرى .إحدى العالمات على أنه كان
يكذب عليها بسبب صداقتها لفترة طويلة .كانت تقوس حاجبها بينما كانت نصير تغزل عنها ،مما يثبت حالته غير
المصابة " .ارى ؟ انا جيد".
استمرت عيون سيت في التوهج بحرارة ،حيث قابلت نصير .وكانوا يحدقون .حرك حامد رأسه ذهاًبا وإياًبا ،بعد
تصاعد العناد بين صديقيه.
" قمر ...هل تريد الصدام ؟" سأل حامد بتردد في انتظار حدوث شيء ما.
أجابت قمر بجمال ال تومض من نصير في المساء " .ال .يجب أن تنتهي أنت و نصير " .
تطهير حامد حلقه وهمهمة .لقد جلب الشفرات من األرض " .حسًن ا إذن "...قال حامد وهو ال يزال يترنح من قمر .
أشار إلى الصبي ذو الشعر الفضي ،وهو يهز إحدى الشفرات بفارغ الصبر " .تعال على نصير ،ليس لدينا طوال الليل.
أريد أن أذهب إلى هبة الحًقا .خذها".
فقط عندما أخذ نصير النصل من حامد ،كسر التحديق من قمر .أكد وهو يتجه نحو حامد " :حسًن ا" " .لنذهب مرة
أخرى".
بينما بدأ الصبيان في السجال ،جلست قمر على جذع الشجرة الساقطة .شاهدت تحركاتهم كما فعلت مرات عديدة أخرى
في أرض مسطحة لألسلحة .اصطدم المعدن بالمعدن ،اصطدم الطحن المهتاج من خالل األشجار الصامتة في الغالب.
كانت البوم تتطاير فوق رؤوسها ،في مكان ما بعيًد ا ،لكنها لم تشتت انتباهها عما يمكن أن تراه أمامها.
كان نصير وحامد متكافئين تقريًبا .على الرغم من أن الصبي األشقر كان لديه ثالث بوصات على نصير ،إال أنه كان
يعمل بشكل جيد ،مع األخذ في االعتبار افتقاره إلى تمريرات السيف منذ .ولكن كان هناك شيء ما في حركات نصير
ألقى بها .كان ألمه مخفًيا جيًد ا ،وكانت قمر ترتدي المظهر كثيًر ا ،وكانت تعرف كيف يبدو على اآلخرين .لكن بعد
سنوات عديدة ،تمكنت من رؤيته.
مهما كان ما يخفيه نصير ،فإنه يجعل ردود أفعاله المدربة أبطأ .شاهدت قمر مباراة السجال في صمت .حتى ألقى حامد
سيفه على األرض " .لقد انتهيت" ،أعلن بسخط .تحركت عيناه الزرقاوان بين االثنين بينما استمر " ،ال أستطيع أن
أتحمل مثل هذا ،ولم أفعل أي شيء!"
ثم دار حامد إلى الزعانف وتهمس " .اجعلها سعيدة مرة أخرى".
انتزع الصبي األشقر يد زعنفة النصل واسترد السيف من األرض .من دون كلمة أخرى ،انطلق تارًك ا قمر ونصير
وراءهما.
جلست قمر في صمت الليل .أضاء القمر في السماء المحببة .انضم إليها نصير على جذوع األشجار الساقطة ؛ وزاد
الظالم الرديء بالتوتر.
أفرغت حلقها قبل أن تتابع " ،وأي شيء تخفيه عنا يؤثر على سرعتك ودفاعك".
احتجت نصير قائلة " :أنا ال أخفي أي شيء" .التفت نحوها على جذوع األشجار الساقطة " .أنالست!"
شم قمر " .ال تكذب علي! لقد عرفتك كم مرة ؟ هل تعتقد حًق ا أنها ستنجح ! ؟ أعرف متى تكون صادًق ا معي " .
نبح نصير " ،أنت سخيف .ما الذي يجعلك تعتقد أنني أكذب عليك ؟ "
سخرت ،ورمت أمواج الماهوجني على كتفيها " .أربعة أسباب .أربعة أسباب تجعلني أعتقد أنك تخفي شيًئ ا .واحد" -
قالت بصوت مسموع وهي ترفع إصبعها " .أنت ال ترمش أبًد ا عندما أضربك بالشفرة عن طريق الخطأ .لكن مع حامد ،
أنت تقريًبا تضاعف" -
" لم أفعل"-
سحقت نفثات من الهواء الدافئ على وجهها عندما انتهت .تشبث آخر صراخها الغاضب في الهواء لبضع دقائق قبل أن
يختفي في الليل .جلست قمر وهي تختمر .لم يكن عناد نصير هو ما أزعجها .كان تصميمه على الكذب على وجهها.
ويأمل أن يظن أنه سيكون قادًر ا على فعل ذلك .كان هناك لدغة .شيء دفعها في ظهرها .واشتد التوتر بينهما فيما غضبت
قمر من الخيانة.
قمر خرجت بصوت خنق وجلست .كانت يداها تدفعان إلى كتف نصير ،مما جعله مترامي األطراف للخلف بعيًد ا عن
جذوع األشجار المتساقطة.
" هل أنت بخير اآلن ؟" نظرت ورسمت لها موقفا .داس قمر بغضب حول جذوع األشجار ،وحدقت في أعز أصدقائها
الغاضبين " .اجب!"
خاف صوتها طوال الليل ،مما جعل البومة في مكان ما صامتة .استمرت قمر في التوهج ،وتوقعت شيًئ ا من الصبي
على األرض .تراجعت عندما بدأ يضحك.
ضحك نصير جعل غضبها يغلي أكثر .قبضت قبضتها على جانبيها ،وقامت بساقها على جذع نصير وجلست .تحولت
بقية ضحك نصير إلى أنين مؤلم " .النزول".
" لماذا ؟" تساءلت ببراءة .حدقت عيناها الخمريتان في غضب عاصف " .أنت بخير ،أتذكر ؟"
" أنا أستيقظ حتى تخبرني ما هو الخطأ" ،صرحت قمر .هز رأسها في شكاوى نصير ،واحتجاجه الشرير .قابلت
العيون البنية اللون النيلي في تحٍد صامت للعناد .عندما لم تغمض نصير ولم تنظر بعيًد ا ،دفعتها قمر بكل وزن جسدها.
لقد تراجعت من قبل ،متوترة من إيذاء نصير حًق ا .ولكن اآلن ،مهما كانت نحيلة ،فإن الضغط على ضلوعه سيؤلم" .
أنا فقط أريد المساعدة".
" يساعد ؟" سعال الزعانف " .كيف يساعد هذا ؟"
" أنا ال أفعل هذا ألكون لئيًما معك .أجاب قمر :من الواضح أنك بحاجة إلى نوع من المساعدة وأنك عنيد جًد ا في
السؤال.
" لذا فإن استغالل ضعفي ال يعني أنه لئيم ؟" زعنفة خشنة " .أخبرني قمر ،كيف ستساعدني بالضبط ؟ هل ستقول ألبي
أن يتوقف ؟ فقط إلعالمك ،لقد حاولت ذلك بالفعل " .
دفعها نصير جانبا ،في الثلج .جلس متكًئ ا على جذع الشجرة المتساقط بينما كان يمسك بضلوعه التي أسيئت معاملتها.
استنشقت قمر ،وهي تحدق في يده التي كانت تحمل شيًئ ا لم تستطع رؤيته .لم تشعر بالبرد وهي تمس مالبسها .كل ما
شعرت به هو القلق وآثار الدفء التي يحملها جسد نصير " .قل لي" ،حثت بهدوء.
اختفى آخر غضب من الزعنفة الباردة في الريح حيث كانت تتساقط بواسطة قطع الثلج األخيرة .قبل أن تتمكن قمر من
قول المزيد ،سقط صدى أزمة ثلجية فوقهم .استدارت قمر ،ووجدت هبة وحامد على المنحدر .كال الشقراوات يحدق
بهم .عادت قمر إلى نصير " .ماذا تقصد والدك ؟"
وضعت يدها بحذر شديد على كتف نصير .هز كتفيها بعيدا .سحبت قمر يدها للخلف وهي في حالة ذهول .اقتربت منهم
الجرش المستعجل وهي تحدق في ظهر نصير ،متسائلة عما حدث بينه وبين والده .استمر الصمت في التساقط ،تماًما
مثل الثلج الخفيف من حولهما عندما انضم إليهما هبة وحامد عند جذوع األشجار المتساقطة .انضم كال الشقراوات إلى
قمر .إعطاء نصير المساحة التي يريدها وهو يتراجع عن جذوع األشجار الساقطة.
علقت أشواك الفضية منخفضة حيث تجرأت قمر على لمسه .تحرك إصبعها على كتفيه عندما انضمت إليه على جذوع
األشجار الساقطة " .هل استطيع ؟" هي سألت.
رفعت قمر بحذر شديد نهاية عباءة نصير وسترته .شعرت بألم في قلبها وهو يتراجع قليًال .ابتلعت السماكة في حلقها.
وطمأنت صديقتها المقربة قائلة " :يمكنك أن تخبرني أن أتوقف في أي وقت" .
عندما كان ظهر نصير مكشوًف ا بالكامل ،سقطت عيناها على الرؤية الملتوية لسماء الصباح .حول ظهره ،كان التفاف
ضلوعه عبارة عن كدمات مروعة .رأى قمر أحمر .ارتجفت يداها .أراد جزء منها شد مالبس نصير ؛ تتظاهر بأنها لم
تَر الجروح التي تناثرت على جلد صديقتها المقربة.
أراد جزء آخر منها تقريًبا أن يرى الباقي .فقط لتغذية الغضب الذي يخيم في معدتها .شهق هبة بينما سحب قمر قميص
نصير حتى لوحي كتفه وعنقه .تم تناثر اللون األصفر الفاتح واألزرق واألرجواني ألعلى وأسفل عموده الفقري .بدت
بعض الكدمات أفتح ،باهتة ،كما لو أنها لم تكن المرة األولى كما قال نصير .
دارت بطنها على الفكرة .استقر الشعور بالذنب على بطنها أيًض ا ؛ من اللحظات النادرة التي اعتقدت أنها كانت سعيدة ،
كانت أعز صديقاتها تتحمل ذلك .أسقطت سترته والعباءة ،وتركت الجاذبية تسحب القماش ألسفل خوًف ا من إيذاء نصير .
تحدث حامد ،وكسر الصمت الهادئ في الهواء " .على األقل دع تتحقق من ضلوعك للتأكد من عدم كسر أي منها".
وافق الزعنفة على أنه " يفضل أن يكون مكان ما أكثر دفًئ ا" " .ربما يجب أن أكون في منزل المعالج قبل أن أكون في
األرض المسطحة لألسلحة".
قالت قمر باقتناع " :إنك لن تذهب" .وقفت ،وتخطى غضبها الشرس على الثلج " .لن تعود إلى مسكنك مرة أخرى" .
توقفت قمر في خطواتها " .أنا .ستعود إلى المنزل معي " .
" ألنني قد أعرضك أنت وأمك للخطر .هذا هو سبب عدم رغبتي في ذكر أي شيء " ،تمتم نصير بحرارة.
" أذكر أي شيء ؟" صرخت قمر ،غاضبة " .إصاباتك ال تشبه ذكر أي شيء مثل تناول العشاء .لن تعرضنا للخطر.
أنت تترك والدك يعرضك للخطر! "
" قمر ! قف!" طالب نصير وقمر هزت رأسها " .ال أستطيع فقط"-
انغلق نصير على قدميه ،ويمرر يده عبر شعره الفضي القصير .شارك هبة وحامد نظرة عندما أمسك نصير بأراينا
من كتفيه " .بلوغ سن الرشد هو ثالثة وفات .يمكنني التعامل معها حتى ذلك الحين " .
ثم ابتعدت نصير وابتعدت عنها .تبعته قمر ،قريبة من كعبيه " .لقد سألتني عما يمكنني فعله لمساعدتك وعرضته للتو!
ال يمكنك القول أنك بحاجة إلى المساعدة ولكنك ترفض أخذها! "
تدور الزعانف حولها " .ألم أشرح هذا بالفعل ؟" سأل بشراسة " .يمكنني أن أرفض! خاصة إذا كانت المساعدة منك! "
سقط النحيب فوق قمة التل ،ونظرت قمر إلى هبة بين ذراعي حامد .تناثرت الدموع على خديها .أغلقت قمر المسافة
بين .كانت عيونهم تحدق ببعضها البعض بينما كانت قمر تصدر صوت هسهسة " .ماذا نفترض أن يعني ذلك ؟"
جاء صوت حامد من جذوع األشجار الساقطة " .نصير ال" ،حذر بلطف " .ال تقل أي شيء تندم عليه".
تحول رأس الفضة إلى حامد " .لن أقول لها ذلك أبًد ا في حياتي!" بصق بحرارة.
عندما عاد نصير إلى قمر ،استنزفت إرادة القتال منه بشكل واضح " .أنا "...تراجعت نصير قبل أن ينظف حلقه" .
لست الوحيد الذي لديه كوابيس قمر .قلت لك ،ال أستطيع ولن أطلب مساعدتك " .
احتجت قمر على ذلك قائلة " :وال يمكنني الوقوف متفرًج ا ومشاهدة والدك يفعل هذا بك" " .ال يمكنك أن تسألني أيًض ا".
" جمعت هذا القدر" ،غمغم نصير بحزن " .هذا هو سبب عدم رؤيتي بعد هذه الليلة".
تنهدت زعنفة .أوضح بصوت متقطع " :لن أتواصل معك بعد اآلن" " .أي منكم .سأقطع صداقتنا " .
كانت قمر منتفخة ،وهي تعانق مرفقيها بيديها .انضمت بسرعة إلى و على جذوع األشجار الساقطة .ارتجفت ركبتيها
حتى جلست .يد حامد مثبتة على كتفها .بالكاد يمكن أن تشعر به .كانت بالكاد تشعر بأي شيء مقابل األلم في صدرها.
قال حامد بصراحة " :هذا غبي" " .قد يكون والدي في حالة سكر لكنه مخمور كسول .لم أره مرة وهو يضرب ذبابة.
إنه يجلس هناك فقط ،ويخمر عصائره الخاصة ويهمهم بين الحين واآلخر " .
" ماذا يفعل والدك "-بدأ نصير وحامد من متوهًج ا " .اخرس أيها األحمق ،أنا لم أنتهي .أنا صديقك ،وأنا أعرض
مساعدتي .وسوف تأخذه " .
حدقت كل من و قمر في ،في غضون ذلك قام فقط بتدوير عينيه " .التالي".
" يبعدك عن والدك وأنت ال تزال في المدينة .لذلك لن يضطر راكبو الحدود إلى البحث عنك " .
" وأنت نبتة عندما تكون األشهر الباردة هنا ،فلن تتجمد أبًد ا في الحداد .إلى جانب ذلك ،نعلم جميًع ا كم تحب أن تتعلم
شيًئ ا أو شيئين عن الضرب " ،صرح حامد .
حبست قمر أنفاسها بينما كان نصير وحامد يحدقان في بعضهما البعض ،قبل أن تتحرك العيون نحوها .ثم أومأت
الزعنفة .قفز حامد على قدميه " .حسًن ا ،لقد تم تسوية هذا األمر اآلن .أحتاج إلى إعادة هبة إلى بيت المعالج ألن مشاهدة
نصير وهو يسلمه مؤخرته له من قبل قمر أمر غير وارد " .
ساعد حامد هبة على قدميها ،وألقى بذراعه على كتفي الفتاة الشقراء .مع موجة صغيرة من ،انكسر الزوجان بعيًد ا
في الثلج في نفس االتجاه الذي وصلوا فيه.
" أراك عند الحداد!" دعا حامد قبل أن يختفي عن األنظار.
عندما كانت قمر ونصير وحدهما ،كانت أول من تحدث " .هل أوقفت صداقتنا هكذا ؟ بهذه السهولة ؟ "
هز نصير رأسه .اعترف بهدوء " :ال ،لن أفعل" .
" ال تهدد صداقتنا مرة أخرى!" طلبت قمر ،محاربة الدفء المتجمع على حافة عينيها " .ال تحاول أبدا أن تكذب علي
مرة أخرى!"
" أعدك "،أقسم نصير بينما كان يمشي إلى جذع الشجرة الساقطة .جلس بجانبها .قامت قمر بطعنه في ذراعه
بإصبعها " .لن يحدث مطلقا مرة اخري!"
" أنا آسف "،قال نصير بلطف .ابتسم عندما أومأت قمر .ولفه حولها " .أنا آسف".
" يجب ان تكون!" صرخت قمر ،مكتومة قليًال من وجهها لتلتقي بصدر نصير .هددت الدموع بالتساقط على عباءة
الزعنفة عندما ضحك الصبي ذو الشعر الفضي .لم تستطع قمر إحضار نفسها لكزه مرة أخرى .بدًال من ذلك ،تم إغالق
ذراعيها بإحكام حول نصير ،لكنها حذرة من إصاباته .كانت سعيدة لوجوده بين ذراعيها ،وكانت راضية عن أن تكون
بين ذراعيها .تألم قلبها بطرق أخرى .الطرق التي ال تريد فتحها .ليس بعد أن وعد نصير بعدم اإلضرار بصداقتهم .لم
تستطع أيًض ا.
مع اختفاء آخر األشهر الثلجية في األشهر الممطرة األكثر دفًئ ا ،ذاب الجليد الثقيل .مع زيادة الرطوبة في األرض ،جلبت
النشوة األولى من العشب .أصبح التدريب أكثر صعوبة مع حركات القدم المبتذلة المروعة .جلست قمر على جذع شجرة
سقطت ،وهي تتخلص بشكل يائس من الطين السميك من حذائها بصخرة كبيرة .شاهدت نصير وحامد يتنافسان بين
مهمتها.
ارتطم المعدن ببعضه عندما التقى السيوف .أرجحت الزعنفة النصل وأخطأت حامد بعدة أقدام " .ماذا كان هذا ؟" سأل
حامد كافرا ثم ضحك " .بدا األمر وكأنه أرجوحة ...هل كانت أرجوحة ؟"
تذمر نصير " على األقل أفعل شيًئ ا ما" " .أنت فقط تقف هناك".
قامت قمر بتقوس حاجبيها قبل اإليماء " .صحيح "...وافقت " .نعم ،كانت تلك نهاية األمر".
" لقد استخدمتني بعد ذلك!" اتهم حامد .هز نصير كتفيه " .أنت أكثر من موضع ترحيب الستئناف المعركة .فقط أعلم
أنني ال أريد المشاركة في الحصول على المؤخر " .
" هل رأيت حالة مالبسك ؟" وعلق نصير بشكل قاطع .شم قمر ،وضحك هبة بينما كان حامد يتفقد سترته .تنهد الولد
األشقر ،ثم استدار إلى هبة " ،هل تعتقد ذلك أيًض ا ؟"
أجابته هبة " :أنت من يغطيه الوحل ،ال قمر " .غضب حامد حزيًن ا .يربت هبة على ذراعه في راحة تقود حامد إلى
جذوع األشجار الساقطة .قمر وفن تبعهما خلفهما " .لحسن الحظ للجميع الليلة ،أحضرت دلًو ا لجلب الماء حتى ال يضطر
أحد للعودة إلى مساكنه بوجوه موحلة".
" دلو ؟" الحظ حامد " .عادة ما تحضر فقط سلة مليئة بالطعام".
" أحضرت الطعام أيًض ا .من األسهل حمل الطعام في دلو " .
" ماذا حدث لسلة الخاص بك ؟" كرر حامد .تنهدت هبة .
أجابت هبة " أسئلة كثيرة جًد ا" وهي تقرع جسر أنفها " .الدلو يبدو كما لو أنني أحضر الماء في منتصف الليل بدًال من
التسلل بعيًد ا وإطعام أصدقائي".
" أنت ذكي جًد ا" ،قال حامد ،وهو ينفخ على كتف هبة .هزت الفتاة الشقراء حامد كتفها بضعف ،لكن حامد أراح
رأسه على كتفها بسعادة.
ضاحك هبة " :لن أقول ذكي" " .فقط يجري االستعداد".
حامد يداعب ذراع هبة ،مما يجعل الفتاة الشقراء تضحك أكثر " .توقف عن ذلك .نصير وقمر " ...تحول احتجاجها
إلى ضحك.
" سنذهب لجلب الماء "...غمغمت قمر ،وهي ترفع عينيها عن المشهد أمامها .بسرعة ،أمسكت بالدلو وهربت .عندما
غادرت على عجل ،سحبت نصير من مرفقها بينما كانت تنزل على قمة التل.
ساروا بحذر إلى أسفل قمة التل وأخذوا وقتهم للوصول إلى حافة النهر .اختفى الهدوء في الهواء عندما تمتم نصير " ،
شكًر ا لك على إنقاذي".
شم قمر " .بالطبع .ستفعل نفس الشيء من أجلي " .
" أود".
كان بإمكان قمر ونصير رؤية تيارات النهر المتأللئة أثناء اقترابهما من الممرات المؤدية إلى الحافة .أخذت نصير الدلو
من يدها بصمت وجلب الماء .لم تستطع االحتجاج .ولكن عندما عادت نصير إلى جانبها مع دلو ،أشارت قمر إلى نصير
لتسليمها مرة أخرى.
بدًال من ذلك ،توقف وجلس الدلو على الضفة " .ماذا حدث ليدك ؟" سأل نصير " .يبدو وكأنه حرق".
تحت ضوء القمر ،وجدت قمر على الفور ما كان يتحدث عنه نصير .حمراء ،لكنها مطبات صغيرة غاضبة مزينة
على جلدها " .انا ال اعرف .لم أر هذا من قبل " .
اقترح نصير بقلق " دعونا نعود إلى هبة " " .ربما ستعرف".
بيدها السليمة ،حملت قمر الجرافة الكاملة إلى قمة التل " .هل يمكنك التوقف عن التحديق ؟" انفجرت في نصير عندما
كانت عيناه تحدقان في يدها للمرة األلف .قطعت عيون الزعنفة األرجوانية بعيدا " .أنا بخير "،أصرت مع تلميح من
االنزعاج " .ال يؤلم .فقط الحكة " .
" ما مدى سوء ذلك ؟" سأل نصير بقلق .توقفت قمر ،وأعطت نصير نظرة مدببة " .مزعجة" ،أجابت بينما نظرت
نصير إلى يدها مرة أخرى " .كما قلت ،قد تعرف هبة ما هي".
هبة رت عينيها عندما تجسست نصير وهي تنظر إلى يدها .مرة أخرى .تنهدت قمر .كانت صديقتها المقربة عنيدة كما
كانت .صعدوا إلى قمة التل في وقت قياسي ،وصمت القمة .وال حتى الضحك.
شاركت قمر نظرة مشوشة مع نصير ؛ أوقفت يدها ذراعه تلقائًيا ،مما منعه من المضي قدًما .هزت رأسها ،ونادى
نصير " .أهال ؟"
قطعت الفروع في خط الشجرة .تصلب قمر .تومض عيناها فوق خط الشجرة .يبحث .توقع أسوأ مستوى من الخطر
الذي أتى بعيون بيضاء ،قادم إلنهائها كليهما .داخل الهواء الساكن ،تسللت سلسلة من الشكاوى فوق قمة التل .تنهدت قمر
،مسترخية بصرًيا عندما انسحب هبة وحامد من أوراق الشجر الشاهقة.
شهقت قمر ،ورددتها نصير من جانبها عندما عبر الضوء على وجه حامد .رفع مالمحه ليراها الجميع " .حسًن ا ،هذا
يجيب على سؤالك يا حامد " ،قالت هبة ،وهي تومئ برأسها إلى يد قمر الملتهبة وهي تمشي بجوار الصبي األشقر
بحفنة من األوراق.
داس حامد نحوها ،وأصابه مخالب في النتوءات الحمراء الملصقة على وجهه " .ما هذا! ؟" عوى في قمر وهو يخدش
بال رحمة.
صفعت هبة يدي الصبي المذهول بعيًد ا عن وجهه بورقة غطت يديها .استمرت في ضرب يدي حامد بعيًد ا كما شرحت
لقمر ونصير .
" أخبرته بما كان .وقمت بجمع األعشاب لمواجهة آثار الفقر " ،ثم التفت هبة إلى حامد ،وهو يصفع يديه مرة أخرى
بلسعة حادة " .توقف عن حكها! أو ستنشرها أكثر! "
" سوف أنشرها ؟" ردد حامد ساخًر ا .قلب يديه بعيًد ا وأشار إلى وجهه " .كيف ؟ إنها بالفعل على عاتقي! ال يمكن أن
تصبح أسوأ! "
" الزيت المقشر موجود في بشرتك ،مضمن تحت أظافرك .في أي وقت تشعر فيه بالحكة أو الخدش في البثور ،فإنك
تكسر الجلد وسوف ينتشر الزيت! " شرحت هبة لحامد بشدة ،الذي استاء منها " .وبالتالي .قف .مثير للحكة ".نددت
بصرامة.
" توقف عن الحكة ؟" استجوب حامد ،بعبوس دائم من الفزع على وجهه " .أنا مجنون ألنني لم أتمكن من حكها.
اعتدت أن أكون قادًر ا على خدش كل ما أحبه .في أي وقت أردت .وال أشعر أنه يجب اتخاذ بعض اإلجراءات الصارمة
لحملتي على التوقف .مثل نصير " ،نظر حامد إلى نصير بيأس " .اربطوا يدي!"
تنهدت قمر .عرضت متواضعة " :يمكنني قطع يديك" .سعل الزعنفة ،وأخفى ضحكته عندما حدق بهم حامد .
اشتكى حامد وقاطعته هبة " ،أنت ال تأخذ هذا الرفيق على محمل الجد ،بالحديث عن نصير لين .قالت الفتاة الشقراء
وهي تسير نحو الصبي ذو الشعر الفضي " :اسمحوا لي أن أراك" " .أحتاج إلى التأكد من عدم إصابتك بالفقر أيًض ا ،أو
سأضطر إلى جمع المزيد من األعشاب".
صرير حامد وهو يقف في النهاية بجانب قمر " .ماذا او ما ؟" سأل في أوكتاف أعلى كالمعتاد .تحولت عيون زرقاء
عريضة إلى قمر بينما تبع نصير هبة في خط الشجرة " .ألم تسمع ما قالته "،اختنق وهو يشير إلى األشجار.
أدرت قمر عينيها ،وأعطت لكمة كانت في أمس الحاجة إليها لذراع حامد اللحمي " .هل تصمت وتتوقف عن التصرف
كالشتلة ؟"
" لكن "...احتج حامد وهو يفرك ذراعه " .أعلم أنك سمعت ذلك".
أومأت قمر برأسها " فعلت" متجاهلة االلتواء الخفيف في معدتها " .أعلم أنها لم تقصد األمر بهذه الطريقة .إنها ظل
معالج ،تفعل ما يفترض أن تفعله .شفاء .لم تأخذ نصير في خط الشجرة من أجل لفة في الفرشاة .إنها تريد التأكد من عدم
إصابته .لقد قالت ذلك للتو " .
" لكن"-
حدقت قمر في الصبي األشقر " .حامد ،هي تتحقق منه اآلن .إذا كانت لديك شكوك ،فانتقل بكل الوسائل إلى األشجار
وانظر .لكنها تتفحصه بحًث ا عن البؤس ،أيها اللعين " .تنهدت قمر عندما نظر حامد حزيًن ا إلى األشجار .قالت بتواضع:
" لن تكون ثابتة إذا كانت ال تزال تريد نصير " " .اآلن هل هي ؟"
" ال".
" لذا توقف عن أن تكون نبتة وثق بها .لقد رأيت كالكما بال قميص من أجل السجال ويبدو أن هبة ال تعاني من أي
مشاكل تتعلق بالغيرة " ،أضافت قمر " .توقف عن أنينك أو سأعطيك شيًئ ا لتتذمر منه".
" لقد فعلت بالفعل" تمتم حامد وهو يحك وجهه ؛ احمرار الجلد المتقرح تحت أظافره .ركلت قمر الشقراء في قصبة
الساق " .ال حكة" ،قالت همسة.
" آه!" صرخ حامد ،وهو يعرج في قدم واحدة إلرضاع ساقه المصابة " .لماذا ركلتني ؟"
ردت قمر باستهجان " :كنت سأضربك ،لكنني لم أرغب في المخاطرة بإصابة نفسي أكثر" .من ظل ظله على
األرض ،رأت يد حامد تحوم بجانب وجهه " .حامد " ،زأرت في تحذير " .توقف عن ذلك".
استدار الصبي األشقر " .ماذا او ما ؟ لم أكن أفعل أي شيء " .
" آه!" اشتكى حامد ،وهو ينهار على األرض .توقفت هبة ونصير في خطواتهما ،محدقتين في قمر .هزت الفتاة
الشقراء رأسها متجاهلة حامد وهي تتحدث.
" نصير لين إما محصن أو أنه لم يكن مكشوًفا بدرجة كافية عندما لمسته .اآلن ،لدي بعض األخبار الجيدة وأخبار
السرير .ما الذي تود أن تسمعه أوًال ؟ " سأل هبة .
أراينا وحامد تشاركا لمحة " .لماذا تريد هنا األخبار السيئة أوًال ؟" سأل قمر .
هزت كتفيها " ،بدًال من أن تحمل األخبار السيئة أوًال ،لذا فإن األخبار السارة قد تجعلها أفضل قليًال .يزيل اللدغة ،كما
تعلم ؟ "
أومأ حامد بتمعن ،ثم أومأ برأسه " .األخبار السيئة أوًال" .
بدأت هبة " حسًن ا –" تنظر بعناية إلى صديقيها " .األخبار السيئة لك حامد في الغالب .أعلم من منزل المعالج ،أنك
ستعاني من العدوى لفترة أطول ألنك غير مستيقظ " .
تأوه الصبي األشقر .سأل حامد بأمل " هل هناك أخبار جيدة لي ؟" هزت هبة رأسها " .الخبر السار هو أن قمر يجب
أن ُتشفى بحلول شروق الشمس أو قبله".
اشتكى حامد " .ليس عدًال" ،اشتكى وهو يتساقط على جذوع األشجار المتساقطة .استمر في الغمغمة المتواضعة حيث
بدأت العمل في الجمع بين األعشاب لمواجهة آثار الفقر.
ساعد الزعانف .راقبت قمر من جذوع األشجار المتساقطة حيث كانت األعشاب مطحونة ،وهرسها وقّلبها لتتحول إلى
عجينة .تم تقسيم الخليط إلى فقاعات ؛ تحريكه على ورقتين كبيرتين .هسهسة قمر عند الحرق األولي بينما قامت نصير
بوضع المعجون بعناية على يدها.
كان هناك صرخة من الجانب اآلخر من جذوع األشجار المتساقطة ،تليها صفعة .صرخة أخرى ردد بعد ذلك .تنهدت
قمر " .ال تعتذر .لقد بدأ يبرد " .
" قد ترغب في لفها عند العودة إلى منزلك الليلة" ،اقترح نصير بينما كان ال يزال يضع المعجون في يدها.
ابتسمت قمر " .كنت هنا عندما أوضحت هبة أن البقرة يجب أن تختفي مع شروق الشمس".
أومأت الزعنفة .استقر أحمر الخدود الخافت على خديه " آسف" .
تمتمت بهدوء " :شكًر ا لك" ،وأخذت يدها عنه .التقى عيون أرجوانية مع خمري .شيء فوار تحت أعماق النيلي .فتح
نصير فمه.
" هذه لسعات! ال أستطيع أخذها! هل من المفترض أن تلدغ بهذا القدر ؟ أشعر وكأن وجهي يحترق! " اشتكى حامد
بصوت عاٍل .أغلق نصير فمه ونظر بعيًد ا.
التفت قمر إلى حامد " .كيف ستعرف كيف تشعر عندما تحترق وجهك ؟" سألت ،بدءا من الصبي األشقر مع عجينة
خضراء على وجهه.
قام حامد بنفخها ولعق شفتيه ثم ارتعش من طعم األعشاب على وجهه " .ال تسخر من ألمي ،أيها الجبار المستنير.
يمكنك على األقل إخباري ما إذا كان هذا يؤلمك كثيًر ا " .
أجابت " لقد فعلت" ،وأضافت هبة " .سوف تبرد قريبا".
" هل تحاول كالكما أن تجعلني أشعر بتحسن ؟" سأل حامد متهمًا.
" ربما .رغم ذلك ،كانت هبة تقول الحقيقة .ولكن إذا واصلت الشكوى ،فسألقي عليك المزيد من األشياء " ،هددت قمر
ساخرة .عقد حامد ذراعيه مطوًيا إياه على صدره.
" أنا أوافق على ذلك "،وافقت نصير ،من جانبها اآلخر .صاح حامد مرة أخرى " .أنا أعود .ال مزيد من الفقر .ال
مزيد من كرات الطين " .
عندما كان حامد مغطى بالمنضدة ،مخنوًق ا بالمعجون األخضر في كل مكان انتشر فيه الفقر ،قادت هبة الصبي األشقر
إلى الحداد .جلست قمر على جذوع األشجار الساقطة ،بينما انفجر اللون األصفر في السماء.
" واو "،نطق نصير من بجانبها .لقد ظل متأخرًا على العناد المطلق ،وأصر على االنتظار معها للتأكد من اختفاء
الفقر عندما قالت هبة أنها ستختفي.
نسجت مجموعات من األلوان عبر السماء المضاءة ،حتى انفجرت الشمس فوق قمة التل األخرى " .قالت والدتي أن هذا
هو أفضل مكان لشروق الشمس".
هز نصير رأسه .انتهى نصير " ،اللتقاط األنفاس" ،انظر إلى قمر .كان ي في وجهها ويحدق بعينيه " .من قال
رائًع ا لشروق الشمس ؟"
أجابته مبتسمة " :أنا" .ألقت قمر نظرة سريعة على جذوع األشجار المتساقطة .أيديهم متقاربة للغاية تحت اللحاء
المتقشر .هزها اإلغراء .ما مدى سهولة التقاط نصير عن قصد .لغرض .لالستسالم للمشاعر التي لم ُتدفن بطريقة ما من
الجزء المظلم من عقلها وحثها على التصرف .ابتلعت قمر بشدة .ثم تذكرت الوعد الذي قطعته ،ليس لنصير ،ولكن
لنفسها .ال شيء من شأنه أن يعرض صداقتهم للخطر مرة أخرى .وال حتى هي .وحشوها مسرع لألسفل .لدفنهم مرة
أخرى .بدًال من ذلك ،ألصقت ابتسامتها المعتادة على وجهها ونظرت مرة أخرى إلى نصير .
" انظر ،يدي جيدة كأنها جديدة" ،قالت بمرح وهي تلوح بيدها المثالية المدبوغة.
" مما يعني أنني يجب أن أعود إلى الحداد "،تنهد نصير على مضض.
" حًظ ا سعيًد ا "،ابتسمت قمر مبتسمة " ،ال تصاب بالعدوى" .
ينفخ نصير وهو واقف " .شكرا لك .اآلن فهمت لماذا يحتضن والده االبريق طوال الوقت " .
وقفت قمر أيًض ا .خرج ضحك من حلقها " .إنه دائما مسلي على األقل .لن تكون حياتك مملة أبًد ا " .
شم الزعنفة " .وال لك .سيكون دائما مثيرا لالهتمام " .
لعبت ابتسامة على شفتيها " .ليلة سعيدة يا نصير " ،صرحت قمر وهي تبتعد ببطء.
قامت قمر بنفخه وهز رأسها " .اراك الحقا آذا ".اتصلت مرة أخرى .راقبتها نصير وهي تغادر ،متتبعة موجات
الماهوجني في ضوء الشمس حتى اختفت .ثم عاد إلى القرية.
أصيب حامد بعدوى البقعة لمدة يومين آخرين .أمضى يوًما ونصف مقيًد ا في منزل المعالج عندما لم يتوقف عن الحكة
في البثور الحمراء التي تمكنت من تغطية جسده .على الرغم من أنه كان مغطى بالمعجون األخضر ،إال أنه لم يشتكي
كثيًر ا ،وليس عندما كانت هبة ملتصقة بجانبه.
حلقت ثالثة أخرى من المارة في زوبعة متسارعة من التدريب ،ضاحكين وعاشوا بعيًد ا عن الهموم .اقترب سن الرشد
بسرعة حيث اختفى المطر في األزهار المتفتحة .اهتزت القرية تحسبا.
خالل الحصص التدريبية ،غرد كل من هبة وحامد بسعادة بشأن مساراتهما ؛ الوظائف داخل القرية التي يرغبون فيها.
بقيت قمر صامتة .وإذا كانت هجماتها أقوى من المعتاد ،فلن يقل أحد شيًئ ا.
لم تشعر قط بالوحدة .كانت الحجر غير المتحرك في قاع الخور .بينما كان أصدقاؤها ينجرفون مع التيارات في حياتهم.
كانت عالقة في قريتها كأنها مجرد بقعة.
استلقت قمر بهدوء على سرير من الزهور الصفراء ،وهي تنظر إلى سماء الليل بينما كانت هبة تراقب نصير وحامد
سبار .تتدلى عيناها فوق كل نمط في سماء الليل .درست كل نجم على أمل أن يفعل المرء المستحيل ويتحرك .أو على
األقل ،أعطها بطريقة ما إشارة إلى أنها لن تبقى عالقة إلى األبد.
مخلوقات الليل تتدحرج وتنعيق .قعقعت أصداء رجال من بعيد بين األشجار .أصبحت األصوات صامتة عندما طلب هبة
وحامد لياليهما السعيدة .أعطتهم قمر إيماءة وداع قصيرة .تشارك الشقراوات لمحة قبل أن يبتعدوا .بعد ثوان ،كانت
هناك حركة بجانبها ،مع حرارة.
" التكلم".
صرخت " .مباشرة إليها ،أليس كذلك ؟ أال توجد شكاوى من أي نوع كنت تلقي بها على شيء غير مريح ؟ "
" نعم "،همهمت نصير وهي بجانبها " .وال شكاوى .بخالف ما كنت هادًئ ا بشكل غير طبيعي " .ثم أضاف " .وليس
خطئي أنك تريد االستلقاء على األرض طوال الوقت".
ورد نصير " :لم يزعجك" .جالت عيناه األرجواني على جانبها الجانبي " .اآلن تحدث معي".
" وية والولوج .قال نصير " .أثناء تواجدك فيه ،يمكنك أيًض ا أن تشكرني ألنني انتظرت حتى غادر هبة وحامد ".
ضحكة مكتومة منخفضة هربت من شفتيها .نظرت إلى نصير وابتسامة على وجهها " .لن تتخلى عن ذلك أبًد ا .كنت
قلقة بشأن سالمتك " .
" أنا على علم .لكن وجود حامد ونفسك يعلقونني حتى تتمكن هبة من فحصي كان بعيًد ا جًد ا " .
شم قمر " .أقسم ،تحت الضوء ،كان وجهك يبدو وكأنه كان له لون برتقالي".
" وقلت لك يا جزر".
لوح نصير بيده " .هذا ال يهم .اشرح ما الذي يزعجك " .
تراجعت نظرة قمر إلى السماء فوقها " .بلوغ سن الرشد في غضون أيام .لقد سمعت هبة وحامد ،كالهما سعيدان
ومتحمسان ومليئون بالوعود .أنا سعيد من أجلهم ،لكن " ...
تنهدت قمر بعمق " .ولكن بعد أن اكتشفت ما أنا عليه في اثني عشر تمريرة .لقد أدركت أن بلوغ سن الرشد ال يهم .أن
هناك أشياء في حياتي ال يسمح لي بفعلها .حياتي ال تهم القرويين أو الحكماء ولن يتم االحتفال بها .لكن " ...
انتهى نصير " ،هل يهم" ،كما لو كان يقرأ رأيها " .هل هذا هو االحتفال الكامل ببلوغ سن الرشد ؟ أم أنها مراسم
الدروب ؟ "
" لم أكن أهتم كثيًر ا بقدوم االحتفال بالعمر .يمكنني أن أرقص وأشرب نعم في منزلي " .
" إذن هو حفل المسارات إذن ؟" الحظ نصير وقمر هديًر ا " .نعم! وسيكون من الرائع لو سمحت لي بإنهاء .فقط
استمع".
هز الزعانف كتفيه بشكل محرج " .لقد كنت أستمع إليك طوال الوقت .لكنني أعرفك لدرجة أنه يجب علي إما إزعاجك
بإنهاء جملك أو إقناعك بلطف بمشاعرك .الليلة ،لقد جعلتني أزعجك ،وهو ما ال أستمتع به بشكل خاص " .
قال نصير بوينت بالنك " وأنت تخرج عن الموضوع" .مراسم الدروب ماذا عنها ؟ لماذا أنت مستاء من ذلك ؟ "
تنهدت قمر مرة أخرى " .كل شخص لديه طريق إال أنا .أعرف ما أنا عليه ،لكني أشعر أنه يجب أن يكون لدي طريق.
ستصبح هبة معالًج ا ،مثل والدتها التي تفكر في أنها تساعد والدتها في المرور اآلن .حامد ...حسًن ا ،كالنا يعلم أنه يريد
أن يكون متسابًق ا على الحدود .وأنت " ...توقفت قمر مؤقًت ا ،ونظرت إلى نصير في إدراك " .لم تقل أبًد ا ما كنت تريده
أن يكون طريقك".
" ال فائدة من التحدث عن شيء قد يحدث أو ال يحدث" ،غمغم نصير بشكل قاطع.
هي تضايقه .قالت قمر " اآلن يبدو أنك بحاجة إلى التحدث أيًض ا" .دفعت الصبي بمرفقها " .خارجا معه .هيا".
تدحرجت نصير عينيه وابتعدت عن طرفها المشجع والمزعج " .ألتزم ببياني السابق .ال فائدة من الحديث عن ذلك " .
هزت قمر رأسها " .أنا ال أصدق ذلك .لديك إما الخياران :اإلقناع اللطيف أو االنزعاج .أنت أختار".
أطلق الصبي ذو الشعر الفضي صوًت ا ساخًط ا .واحتجت نصير قائلة " :ال يمكنك استخدام تقنياتي الخاصة ضدي" .قمر
همهمة " .إذا رفضت االختيار ،سأقوم بإزعاجك بشكل افتراضي .ولقد كنت أتلقى الدروس " .
" هل عليك حًق ا أن تسأل ذلك ؟" ضحك قمر " .حامد ".
هزت قمر كتفيها " .ال يقول .إنهم في الخفاء " .
" ليس سرا اآلن" ،أشار نصير .
شم قمر " .لم أخبرك أبًد ا أين ،لم أفعل ذلك ؟" ابتسمت ثم أضافت " .هل أخبرك حامد يوًما كيف تمكن من تجميد
سترة المالبس المفضلة لديك في منتصف األشهر الحارة منذ حوالي عام ؟"
" أود".
توقفت محادثتهم مؤقًت ا حتى صرح نصير أخيًر ا بحسرة .اعترف " حارس" " .أريد أن أكون طريقي في منزل حارس
األرقام القياسية .سأحتفظ بأوامر الحكماء وعائالتهم ،بشأن الهجمات في القرية من كل من المغيرين و الوحش ،محدًث ا
سجل المستنيرين الجدد وغير المستنيرين عند الوالدة والموت " .
" هذا يبدو وكأنه طريق مثالي بالنسبة لك نصير .لماذا ال تعتقد أنه يستحق الذكر ؟ " هي سألت.
تنهدت نصير من بجانبها " .لم أكن أريد أن أشعر بخيبة أمل .محبط من حقيقة أنني قد أو ال أسير في طريق غير مناسب
لي .لكنني سأظل عالًق ا في ذلك على أي حال ألن هذا هو واجبي " .
دفعت قمر الزعنفة برفق .تمتمت مشجعة " :أنت ال تعرف أبًد ا" " .يمكنك الحصول على طريق الحارس .يعلم الجميع
في القرية أنك تقضي وقًت ا كافًيا في المنزل " .
" من المحتمل" ،زعنفة الزفير " .لكن يبدو أن والدي يفكر بخالف ذلك".
" متى رآك ؟" هررت ،عضت خدها من الداخل " .ولماذا أهتم بما يفكر فيه ؟"
" قمر " ،وبخ نصير بسخط " .لم يفاجئني منذ أن انتقلت إلى الحداد مع حامد ".
" ماذا تفعل ؟" تساءل نصير بتوتر مع آثار المرارة " .في اللحظة التي تفعل فيها شيًئ ا ما ،سيكون والدي في منزل .ثم
سيحاكم الحكماء كالنا " .
سخر زعنفة " .هل أتركك تواجه الحكماء وحدك ؟ ال أعتقد ذلك .أنا أعرف رأيك في والدي ولكن هل تود أن تسمع ما
قاله ؟ "
تنهدت قمر .في الغالب في حالة الهزيمة وجزء من الفضول .كان عليها أن تعرف ما قاله والد نصير ،فقط ألنه بدا أنه
أزعج نصير " .بخير" ،تلفظت بألم " .سأعرف ما إذا كنت أريد ذلك على أي حال أم ال .ماذا يبدو أن والدك يفكر ؟ "
" قمر " ،وبخ نصير مرة أخرى بنبرة صوته المعتادة التي أخبرتها أنها تتألم " .إنه يريدني أن أصبح ظل وايزمان ،
لذلك في النهاية سأتبع جدي قبل والدتي".
أذهلت عيون بنية اللون األرجواني .جالت الكلمات في دماغها لكنها رفضت الخروج من فمها .نما كل الهواء من حولها.
لقد ذاقت الرصاص وهي تحاول أن تتنفس " .لم تذكر أبًد ا أن جدك كان ...رجل حكيم" ،تمتمت أخيًر ا.
عقد نصير رأسه ألسفل " .أنا أعرف .إنه شيء أنا فخور به .أفضل تجريف الروث لبقية مروري حتى قبل أن أخطو
من بالقرب من األبقار " .
" أبقار ؟" كرر قمر .جبينها مشدود " .ما األبقار ؟ اعتقدت أن هؤالء كانوا في قرية أخرى " ...
ابتسم الزعنفة بجنون .رفعت قمر كال من حاجبيها حتى استمرت صديقتها المقربة .مجلس الحكماء .قبل والدتك أو
والدتي بوقت طويل ،كان ُيطلق على الحكماء " أبقار" .
تراجعت قمر قبل أن تنفجر قعقعة من شفتيها من بطنها .لقد نسيت على الفور الذعر الذي كان ينتشر في معدتها
بخصوص نصير .نظرت إلى نصير ،التي ما زالت تبتسم لها قبل أن تنضم إلى ضحكتها .تردد صدى تسليةهم في
جميع أنحاء األشجار ،أسفل قمة التل ،لكنه اختفى دون أن يترك أثرا قبل الوصول إلى المنازل في الضواحي.
تهمس الزعنفة " إذا كان بإمكانك اختيار طريقك" ،محطمة الصمت المرافق لها بعد استقرار فرحهم " .ماذا سيكون ؟"
هزت قمر كتفيها " .أنت تعلم أنه ال يمكنني الحصول على مسار .أنت تعرف ما أنا عليه " .
" لم أسألك إذا لم يكن بإمكانك الحصول على واحدة" ،قال نصير بينما كانت عيناه النيليتان تحدقان في وجهها " .سألت
ما هو طريقك إذا كان عليك أن تختار".
أجاب " قمر " . "...كالنا يعرف أنه مهما كانت هذه القرية تعتقد أنك كذلك ،فهذا ليس صحيًح ا .أن ظروف والدتك ال
تحدد هويتك .ال يمكنهم ذلك " .
ردت قمر دون أن تفكر في األمر لمدة دقيقة " :متسابق على الحدود" .ابتسمت ألن الجواب عمليا جاء من شفتيها .جفلت
قليال عندما غطت يد دافئة يدها " .أنا متأكد من أن حامد سيحتاج إلى مساعدتكم في حماية القرية والدفاع عن الحدود".
ابتلعت قمر .دقات قلبها في صدرها " .مسار حامد قد ال يؤدي به إلى أن يصبح متسابًق ا على الحدود .يمكن أن يصبح
الحداد الجديد للقرية بنفس السهولة .هو عمليا على أي حال " .
هز نصير رأسه ويده تشد على رأسها " .لقد رأيتمونا نتشاجر في األرض المسطحة لألسلحة .دافع نصير عن حامد
أقوى مقاتل على الرغم من كونه غير مضاء " .يمكن أن يكون أفضل من أي شخص وهو يمنح الموجهين المستنيرين
تحدًيا – ".عيون أرجوانية مثبتة على قمر " – .ربما كان كل هذا السجال معك".
وعلق قمر " :بالنسبة لشخص شكك في طريقه ،فأنت واثق جًد ا من أسلوب حامد " .
" سيكون قراًر ا حكيًما أن يضعه الحكماء هناك" ،أجاب نصير ببساطة باستهجان " .كان سيساعد القرية هناك".
" حتى أكثر من أن تصبح حدهبة ؟ إذا كان يسلك طريًقا مختلًف ا ،فمن سيكون حدهبة للقرية ؟ "
شم الزعنفة " .والد حامد في الواقع يتحرك في اآلونة األخيرة .يتمتم شيًئ ا عن كل الطعام الذي يتم تناوله أو أي شيء عن
الماء .عادة ما يكون خارج نطاق فهمه .على أي حال ،لقد كان " يحاول" تعليم فتى الظل كيفية الحداد " .
" وأنا أعتبر أن األمور ال تسير على ما يرام ؟" ابتسمت قمر بينما هز نصير رأسه بعنف على فراش الزهرة األصفر.
أجاب " :بالطبع ال" وهو يمرر يده عبر شعره الشائك " .أنا وحامد عادة ما أعيد تعليمه بعد أن أصبح والد حامد كتلة
غير متحركة في الزاوية مرة أخرى بسبب .رغم ذلك ،كانت هناك هذه المرة التي حدق فيها في وجهي لما بدا وكأنه
ساعات بتعبير زجاجي .ثم أغمى عليه الحجر البارد .كانت مسلية .لقد ضحكنا أنا وحامد على ذلك " .
" ال أتذكر أنني سمعت عن ذلك "،تمتم قمر ساخًط ا " .هل كان ذلك في الوقت الذي ألقى فيه والد حامد إبريق على
حامد طالًبا المزيد ،ومأله حامد بالماء ؟"
" وقد قال أنه كان أفضل سنة له على اإلطالق "،انتهى نصير معها مبتسما " .ال ،لم يكن ذلك الوقت ".توقف ،
يفكر ،ثم تكلم.
" أعتقد أنه كان يمر قبل أو اثنين .ولكن في إحدى األمسيات المحددة بينما كان حامد يعّلمني عن الحداد ،ارتطم والده
فجأة بقدميه وبدأ في التحديق .ثم تحدث إلي " -تغير صوت نصير إلى منخفض ومتذمر كما قال "،لم أكن أعلم أن لدي
ابًن ا آخر " -ثم عاد إلى نبرته المعتادة إلنهاء القصة "،وكان ذلك عندما سقط" .
شممت " .لكنك أنت وحامد ال تبدوان متشابهين .ومتى تجد الوقت لتعليم الظل المسكين ؟ "
" إما عندما نعود من السجال من األرض المسطحة أو هنا .كما قلت من قبل ،ننتظر عادة حتى يخرج والد حامد بارًد ا.
أجاب نصير " :أحياًن ا ما يحدث ذلك الحًقا" .
اندفعت قمر من فراش الزهرة متجاهلة تحديقها في النجوم .حدقت في نصير " .متى ينام أي منكما ؟"
ابتسم لها نصير ،وامتدت أصابعه الطويلة ليلعب بحبل خشب الماهوجني المتدلي .شدها كما رد " .على حد تعبير حامد
"،سأنام عندما أموت " .
جادلت وأومأت نصير " ،إنه أمر مروع أن نقول" " .إنها .لكن هذا ال يمنعه من قول ذلك لي أو ألي شخص آخر في
القرية .أنت تعلم أنه ليس مستحياًل ،أليس كذلك ؟ "
دحرجة عينيها ،صاحت قمر " .أنا أفهم قول نصير .لست بحاجة إلى توضيح ذلك من أجلي " .
جلست الزعنفة محدقة فيها " .ليس هذا ما قصدته .أصبحت متسابًق ا على الحدود ،فهذا ليس مستحياًل .
قامت بتقوس حاجبها في نصير ،وأرسلت نظرة مدببة " .من فضلك أخبرني كيف أنه ليس من المستحيل أن تصبح
البقعة متسابًق ا على الحدود .كان الحكماء ينتظرون الممرات لسبب يضعوني في األغالل مرة أخرى " .
" أتذكر عندما التقينا ألول مرة ؟" سأل نصير .
شم قمر .ردت بسخرية " :غامض" .بالنسبة لها ،كانت تعلم أنه ما دامت على قيد الحياة ،فلن تنسى أبًد ا نصير ،أو
كيف التقيا .التقت عيناها الخمريتان بعيني نصير بينما كان يحدق بها ،مثلما التقيا ألول مرة .مجرد التحديق في بعضنا
البعض .استمر في التحديق بصمت .انتظار .تنهدت قمر " .أنا ال أفهم .ما عالقة اجتماعنا األول بأن تصبح متسابًقا على
الحدود دون علم الحكماء ؟ "
أجاب نصير " :أنا ذاهب إلى هناك" " .اآلن ،ماذا فعلت عندما أردت أن تتعلم األسلحة ولكن لم يكن مسموًح ا لك ؟"
" ماذا بعد ؟ ماذا فعلت لتجنب الوقوع من قبل اآلخرين في األرض المسطحة لألسلحة ؟ " زعنفة مضغوطة.
هزت قمر رأسها وأجابت " .خبأت .لقد حالفني الكثير من الحظ ...اكتشفته في اليوم األول " .
أومأت الزعانف برأسها عندما استقرت أفكار قمر في مكانها " .تريد االختباء أثناء قيامك بدوريات على الحدود" ،
صرحت ،ثم لكمت ذراع نصير " .كان من الممكن أن تقول ذلك للتو بدًال من إعطائي الدوار".
ضحك نصير وفرك ذراعه في دوائر رقيقة " .إذا فعلت ذلك ،كنت ستظل تشك في نفسك".
" وأنت ؟" استجوبت قمر " .ما زلت تشك في طريقك ؟"
أومأ برأسه " .نعم ،ولن يغير رأيي أي قدر من الكالم بخالف ذلك" ،قال نصير .نفخته قمر " .هذا تفكير إيجابي".
" أو غزاة" ،ردت نصير بحرارة " .وما كان أي من هؤالء األعداء قد جعل نفسه يعرف اآلن ؟"
قفزت قمر فوق خط الشجرة للمرة األخيرة ،مدركة أن نصير كان على حق .رفعت يدها من نصير بابتسامة وديعة.
جلس وفرك مؤخرة رأسه " .حذرني بعد ذلك هل تريد ؟"
قالت قمر ساخرة " :في الوقت الذي أحذرك فيه ،كان من الممكن أن يرى شعرك مهما كان" .شم الزعانف ،ومشطت
يدها من خالل شعره " .شعري ليس بهذا اللمعان".
مستلقية على الزهور ،هبة رت قمر عينيها لفترة وجيزة " .مهما قلت" ،قالت بشكل قاطع ،لكنها توضح رفض إنكار
نصير .
" مهال!" احتج نصير المتواضع وانضم إليها في فراش الزهرة " .ليست كذلك".
قمر همهمة ،وهزت كتفيها " .يمكنك االستمرار في إنكارها ،لكنها لن تجعلها حقيقة .أراك جيًد ا قبل أن أرى حامد " ،
ابتسمت .دفعت نصير كتفها ردا على ذلك .أضافت قمر " :أنت على حق" .
" شكرا" ،تنفس نصير " .كنت أعلم أنك سترى ذلك على طريقي .لي"-
قاطعته قمر " :أنت لست محًقا بشأن زعنفة شعرك" .هزت رأسها " .قصدت مسار حامد وأن أصبح متسابًقا على
الحدود .يجب أن أكون هناك ،لمجرد حقيقة أنني أحب أن أراه يسقط من رجله البني " .
ضحكت نصير " :من المرجح أن يقول حامد نفس الشيء عنك" .ضحكت قمر " .يجب أن يموت أحدنا قبل أن ُيسمح
لي حتى بركوب رجل بني".
" حسًن ا ...إذا لم تضحك على حامد كثيًر ا ،فقد يسمح لك باستعارته "،اقترح نصير .
حدقت قمر في جانب وجه نصير قبل أن تعترف " .أفضل أن أضحك".
شم الزعنفة " .أنا أيضا .السؤال هو هل نخبر حامد بقرارك بصفتك متسابًق ا على الحدود ؟ "
" لما ال ؟" سأل نصير " .أنت تعلم أنه سيكون سعيًد ا ومن المدهش أنه سيبقي األمر هادًئ ا".
بالتركيز على النجوم في السماء المحببة ،أجابت قمر بهدوء " .ألنني ال أريد أن يتشتت انتباه حامد بالبحث عني في
الشجرة بدًال من االهتمام بمحيطه .أنت تعلم أن كال من الوحش والمغيرين لن يترددوا ،سيقتلونه " .
" وأنت" ،ذكر نصير .نظرت إليه قمر " .لكنني قتلت اثنين من الوحش ،لست خائًف ا من إنزال المزيد".
" ثالثة" ،تمتم نصير ،وهو يصححها " .لقد أسقطت ثالثة" .
" اثنين .لقد جرحت ذلك من قبل" -
هز نصير رأسه " .لقد وجهت الضربة النهائية "،قال نصير بعناد " .ال تعطيني الفضل .لقد قطعت ذراعه في المقابل
وحصلت على واحدة مشوهة .هذا لم يقتلها " .
حدقت قمر في صديقتها العنيد .صاحت " بخير" " .ثالثة سلغمورز .ماذا عن قتالهم رغم ذلك ؟ عندما أكون في الخارج
للقيام بدوريات ،ال يمكن رؤيتي من قبل راكبي الحدود " .
التقت العيون البنية باللون األرجواني ،وابتسمت قمر " .لذلك تذكرني".
ابتسم نصير ،وعيناه األرجوانية تتوهج تحت الضوء قبل أن تومض في السماء " .ما مدى معرفتك بنجومك ؟"
كانت بقية الليل مليئة بالقصص .تجول الزعانف حول األبراج في السماء ،وكيف ظهروا من المفترض .بالكاد استمعت
قمر .قرع طبول في قلبها وهي تراقب نصير ،وعيناه تضاءان من اإلثارة .راقبت حركة شفتيه – .صعود وهبوط
صدره.
بين الحين واآلخر ،كان نصير ينظر إليها .كادت تتحقق لمعرفة ما إذا كانت تستمع .أومأت قمر برأسها ،مشجعة
نصير على المضي قدًما ،حتى لو لم تكن تستمع إليه وتكتفي بتزييفه .ثم تحدق عيون أرجوانية في وجهها ،تكاد تعرف
خالف ذلك .ستبتسم قمر .
دقات قلبها بشكل متقطع عندما كانت يدها مغطاة بزعانف .كانت تنظر إلى النجوم ،وتستمع إلى الحصى الناعم لصوت
نصير .لقد أدركت ذلك .شيء ثقيل ثقيل في صدرها .نفس الشيء الذي جرفته بعيًد ا كلما شعرت نصير بالقلق .كان في
دفء يده .في اللمسات القصيرة ألكتافهم .كان نصير أكثر لها .أكثر من مجرد صديقتها المفضلة.
اآلن ،مع العلم أنها أحبه ،اتبعت إدراًك ا آخر .أن تكون ما هي عليه .لن ُيسمح لها أبًد ا بالحصول على نصير .ال يسمح
له أبدا أن يكون في حبه .كوصمة عار ُ ،منعت من الترابط .في الواقع ،كان عليها أن تشاهد نصير تقع في الحب وتربط
آخر .قمر ربطت أصابعها بأصابع نصير .
كان هناك أنانية اكتشفت حديثا تحترق .إذا لم تستطع الحصول على نصير ،فال يمكن أن تحبه .أنها يمكن أن يكون له
اآلن .مع وجود يديها في يده ،يمكن أن تجعله لنفسها من أجل هذا القليل .التفت الشوق في صدرها بشكل مؤلم ،وهي
تعلم أن مشاعرها لن تعود أبًد ا.
بوداعة ،أومأت قمر برأسها عندما حلقت نظرة نصير القاتمة عليها .شم الزعانف وهز رأسه " .ليست كلمة ،أليس
كذلك ؟"
اختفى الزعنفة عندما تخبط عائًد ا إلى قاع الزهرة " .انتبه .قد تستخدم هذه المعلومات يوًما ما " .
لقد اتبعت يد نصير وهو يتتبع نجًما وحيًد ا في السماء " .هذا هو نجم الشمال .الالمع هناك" .
" وما هي القصة ؟" أي شيء مثل الخطف بعيًد ا وعدم رؤيته مرة أخرى أو القتال مع حيوان بري ؟ "
أجاب نصير " :قصته هي قصتك" " .إذا ضاعت ،فإن هذا النجم سيرشدك إلى المنزل".
شم قمر " .هل تم إثبات ذلك ؟ أو هل قرأت عنها ،يا حكيم ؟ "
رد نصير " :اخرس" .ضحكت قمر .ضحكت حتى تم إغالق ذراعي نصير على جانبي رأسها .تالشت ضحكاتها
بدهشة بينما كانت عيون أرجوانية تحلق من فوق .لمع شعره الفضي على النجوم البالتينية .كان الدفء يشع من صدره
بينما كانت قمر تحدق في عينيه بشكل غير مؤكد .دقات قلبها .قصفت.
دون وعي ،كانت تلعق شفتيها .تحركت النظرة األرجوانية ألسفل ،محدقة في فمها .استنشق قمر بشكل حاد" .
زعنفة ؟" كانت تشتبك بتواضع ،وتبتلع الورم في حلقها.
ثم تراجعت نصير ،وابتعدت .اختفت الحرارة في عينيه بأسرع مما بدت " .أريد أن أعود إلى الحداد" ،تمتم نصير ،
وهو ينظف حلقه قبل االستمرار " .سيكون دوري لتدريب الظل".
وقفت قمر مع نصير .ابتسمت ابتسامة عريضة " ،أعتقد أن هذه ليلة سعيدة" ،وداعتها المعتادة على الرغم من دقات
قلبها " .حتى تصبح على خير يا نصير ".
" الصباح" ،صحح نصير بابتسامة صغيرة " .سيكون الصباح قريبا".
أومأت الزعنفة بقوة ،متجنبة عينيها تقريًبا " .سأراك الحًق ا الليلة" .
شاهدت نصير يذهب ويختفي في خط األشجار .مع العلم أن هذا سيكون يوًما سيكون عليها مشاهدته وهو يذهب إلى
األبد .وداعا.
لم تأِت الكوابيس المتكررة للشتالت التي تطفو على النهر .ولم تأِت في تلك الليلة كوابيسها األخرى عن األوالد الذين
يموتون عند مخالب السالجمرز .وبدًال من ذلك ،تقلبت في فراشها .ومضات من نصير لعبت في عقلها .تالشى الشعر
الفضي في الظالم القاتم قبل أن تتمكن من اللحاق بركبها.
كانت تشتبك في الظالم ،تبحث عنه .ولكن ليس فقط ظهر .من جانبه ،حمل شخًص ا آخر بين ذراعيه .قيدتها بالسالسل
في مكانها .القرويون محاطون بالمنتدى .حدقت عيون مليئة بالخبث يحدق .بما في ذلك زعنفة .أشع الكراهية الخالصة في
عينيه .كان صدرها يتألم بشكل مستحيل ،فكسر شظايا قلبها.
ترددت أصداء التهكم حولها .تليها كلمات نصير الشريرة .بيان ما عرفته عن نفسها وعنه .انسكب الماء على كاحليها.
صعدت األيدي المظللة على جسدها .استيقظت قمر .صراخ.
مع أنفاسها مرهقة وصدى مروع في رأسها ،تخلت قمر عن النوم .حدقت في السطح وتنهدت .انتظرت النوم لتأخذها
مرة أخرى .لم تفعل .صرخت قمر في المنطقة الرئيسية .تحركت قدميها على الحصائر المنسوجة وهي تمشي إلى عمود
النسيج الفارغ.
تمسك قمر بأصابعها فوق النول ،وأمسكت أقرب خيوط بجانبها .كانت أرجوانية .وبدأت في النسج.
لقد أمطرت بدون توقف لمدة يومين بعد اللحظة تحت الليل المرصع بالنجوم مع نصير .سقطت األرض تحت األقدام
عندما حل الصباح الصافي .كان الفجر األول يتساقط فوق خط الشجرة ،ليحيي اليوم الذي كانت تخشى فيه .بلوغ سن
الرشد.
حتى قبل أن تسقط األشعة الذهبية على القرية المظلمة ،كان هوستينز ينبض بالحيوية .تردد صدى تخمير القرية في
منزل قمر .حيث كانت تنام بهدوء حتى أذهلتها قعقعة أقرب من أحالمها .انسحبت قمر .تمسك صدرها بداخل شرنقة
األغطية المنسوجة .فركت عينيها بالنوم كما تمتم محبط من الغرفة األخرى.
حطمت قمر في المنطقة الرئيسية وتوقفت مؤقًت ا .جالت عيناها على أكبر مساحة منتشرة على الطاولة قبل أن تلتقي بعيون
والدتها " .األم ؟ ما كل هذا ؟"
رفعت والدتها القدر المذاب على ألسنة اللهب " .فطورك عند بلوغ سن الرشد وأنا أستعد لتحميص اللحم اآلن لتناول
العشاء الليلة" .
" لم يكن عليك أن تفعل كل هذا" ،غمغم قمر ،وهي تشير إلى الطاولة " .أنت تعلم أن بلوغ سن الرشد ال يعني شيًئ ا
بالنسبة لي".
كانت تلك كذبة .عرفت قمر ذلك بمجرد أن نزلت الكلمات من فمها .كان شيًئ ا واحًد ا أن تقوله إنها لم تهتم بنصير .في
تلك اللحظات التي تحدثت فيها مع نصير ،لم تهتم حًق ا ببلوغها سن الرشد .لكن مواجهة والدتها ،التي كانت تحمل ثقاًل
في عينيها الفضيتين ،جعلت قمر تدرك .شّد الفراغ على أوتار قلبها ،وشوق لالنتماء ،وشوق اعتقدت أنه سحق طويًال
تحت وطأة القبول.
تنهدت والدتها وهي تمسح يديها في ثوبها البسيط .عبرت المرأة األكبر سنًا الغرفة وأخذت وجه قمر بين يديها.
" هذا يعني لك شيًئ ا" ،أكدت والدتها ،وعيناها الفضيتان مملة " .بلوغ سن الرشد يعني لي شيًئ ا .يبدو األمر كما لو كان
منذ أيام ،عندما كنت مجرد شتلة بين ذراعي .اآلن ،أنت تقف أمامي في سن العشرين " .
شممت قمر للتخلص من كلمات والدتها .لم تكن المشاعر شيًئ ا كانت منسجمة معها أيًض ا .ال سيما في الصباح " .جنبا إلى
جنب مع هبة ،نصير وحامد "،صرحت ،متجنبة نظرة والدتها الفوالذية " .وأي شخص آخر نشأوا معه في القرية".
مرة أخرى ،تنهدت والدتها .وأنا سعيد من أجلهم .لكنهم ليسوا ابنتي " .
انجرفت عيناها عندما ركضت والدتها يديها عبر موجات الماهوجني .ثم " إلى جانب والدتك ُ ،يسمح لي باالحتفال
بقدومك سن الرشد ألنك لم تبلغ العشرين إال مرة واحدة في وقتك" – يتم سحب يديك بعيًد ا عن وجهها .فتحت قمر عينيها
عندما أشارت والدتها إلى الطاولة " .دعونا نأكل".
أكلت قمر حتى بدت والدتها سعيدة ،رغم أن معدتها لم تكن كذلك .تمتم قمر وهي تمضغ آخر قطعة من الطعام وهي
تربت على بطنها " .أعتقد أنك صنعت الكثير".
أجابت المرأة األكبر سًن ا " :ليس كثيًر ا إذا كان سيؤكل" .وقفت والدتها من الزابوتون " .أثناء قيامي بالتنظيف ،يجب أن
تستحم".
تجمدت بعد ذلك .اختفى الشعور الدافئ المريح من طعامها المستقر .ابتلعت قمر " .لماذا علي أن أستحم ؟" سألت
بضجر وأخذت رشفة من فنجانها.
" أمي ...يمكنني التطهير بدًال من ذلك "...تمتمت قمر بضعف .توقفت كلماتها عندما أصلحتها والدتها بنظرة " .أنت
لست طفًال ،ال أستطيع أن أخبرك متى تعتني بنفسك ولكني أقترح أن تستمع .ألنه إذا لم تفعل ذلك ،فلن تحصل على هدية
بلوغ سن الرشد " .
لم تستطع قمر كبح االبتسامة التي تزعج شفتيها " .أنت ترشيني ؟"
هزت المرأة األكبر كتفيها وهبة رت رأسها بعيًد ا .عرفت قمر أن هناك ابتسامة على وجه والدتها وهي تتحدث " .يعتمد
على تعريفك للرشوة .أفضل مكافأة على االقتراحات " .
في النهاية ،خرجت قمر من بيتها ،وذراعها ممتلئتان بمستلزمات االستحمام .جنبا إلى جنب مع تخمير القلق.
استحممت بسرعة .حتى مع وجود المياه الزرقاء الدافئة ،لم ترغب في البقاء بالقرب من الماء لفترة أطول من الالزم .أو
اجعلها تلمس بشرتها .تشبثت خصالت شعرها الداكنة على ظهرها بينما كان الماء يتدفق إلى أسفل خط العنق لفستانها.
غنت الطيور في السماء فوق األشجار الخضراء .سارت قمر في الدرب المتضخم عائدة إلى منزلها.
كان شعرها جاًف ا عندما عادت .بعد سحب غطاء الفراء جانبًا ،انطلقت أصوات بوق االستدعاء في أنحاء القرية .قالت
والدتها بغضب " :أنا أكره ذلك القرن" .قفزت المرأة األكبر سنًا على قدميها من عمود النسيج بينما كانت قمر تسير في
الداخل.
" ال أفهم لماذا ال يزالون مضطرين الستخدامه" ،تمتمت المرأة األكبر سًن ا.
أطلق بوق االستدعاء مرة أخرى ،مما تسبب في لعنة نادرة من شفتي والدتها .سعلت قمر لتغطي ضحكها .يختبئ
ابتسامتها خلف يدها.
تمتمت والدتها بتواضع " :ما كان يجب أن يتم إعادة صنع هذا الشيء الذي تم تفجيره" .ثم التفت إلى قمر " .قبل أن
أغادر ،هدية بلوغك سن الرشد على الطاولة .سأعود عندما ينتهي حفل المسارات وبعد أن أحصل على شيء من صانع
الجعة " .
" أنا متمسك بمنطقي قبل تناول اإلفطار .هل تريدني أن أذكرك مرة أخرى ؟ " سألت والدتها بحاجب وردي مقوس
نحوها.
أفلت من شفتيها تنهيدة صغيرة .أجابت قمر بشكل قاطع " ال" " .بلوغ سن الرشد يتطلب نعم".
أومأت والدتها برأسها وأجابت قبل أن تختفي في غرفتها " ،إنها كذلك" .
" هل تعتقد أن الحكماء سيالحظون إذا لم تحضر ؟" استجوبت قمر بصوت عاٍل من المدخل .بعد ثواٍن ،عادت والدتها
إلى الغرفة الرئيسية مرتديًة فستاًن ا أخضر بدًال من ثوبها البني المعتاد .اندلعت خيوط القرنفل بعنف بينما كانت والدتها
تسخر " .منذ أن كنت شتلة ،كانوا دائًما يتأكدون من أنني حضرت .هل تعلم أن .أنت تعلم أيًض ا أن كل شخص مستنير
يحتاج إلى أن يكون هناك لسبب سخيف .خاصة إذا أخذني منك " .
ذّك رت قمر ،وهي تطوي ذراعيها على صدرها " :السبب السخيف هو أن ترى ما إذا كان أي شخص في السن سيظل
معك" .
مرة أخرى ،كانت والدتها األنيقة خارجة عن طابعها من خالل تحريك عينيها .كان تعبيًر ا غريًبا على وجهها األكبر ،
فاجأ قمر كما قالت المرأة األكبر سًن ا " .كما ذكرت ،سخيفة .إنهم ال يسمحون ألي شخص بمظلتي " .
" بسببي".
وعلقت قمر ووالدتها صاخبة " :إنهم أيًضا ال يريدون الدفء الوحيد حول مغادرة القرية ،وأن يكونوا مستنيرين أيًض ا" .
" سخيف".
ضحكت قمر حتى انفجر بوق االستدعاء مرتين أخريين .اقتحمت والدتها المنزل " .سأعود قريبا!" نادت المرأة األكبر
سنًا وهي تدوس على التراب.
وحدها في المدخل ،تذكرت قمر هديتها .تمشيت على الطاولة والتقطت كتلة أرجوانية داكنة في المنتصف .تتمايل قطعة
القماش في الهواء على شكل فستان بسيط .كان الفضول يداعبها حتى انتزعت ثوبها البني البسيط فوق رأسها قبل أن
ترتدي الفستان األرجواني.
كانت الهدية أقصر بكثير ،وأقصر بكثير من فستانها اليومي .كان التماس يفرش فوق ركبتيها واللباس األرجواني
يحتضن خصرها .قضم البرودة ساقيها العاريتين ،وفقدت الدفء السابق من فستانها الطويل.
كان هناك عدم ارتياح في بطنها .لقد كان مغريًا .لتلبس ثوبها البني ،تمسك يدها بالمادة .ثم ردد البوق .نظرت عيناها إلى
رفرف الفرو ،وهي تنجرف برفق في النسيم .تجاهل نداءها لمالبسها األخرى ،ورفضت قمر على الطاولة ،قبل أن
تتوجه إلى ضوء الشمس.
اجتاحت بحار عوائلها وهي تهرب بحذر من رؤيتها بعيون غير ودية .كان الخوف مترابًط ا داخل صميمها ألنها تجرأت
على االقتراب من المنتدى .للعيون التي يمكن أن بقعة لها .لم تعرف قمر أبًد ا عدد األشخاص الذين يعيشون في القرية.
على الرغم من المنظر من قمة التل .ابتعدت بسرعة وقلبها ينبض بعيًد ا عن الناس الذين يمقتونها.
تلصق العرق على ظهرها وهي تبتعد في بيت منزل ساخن ومليء بالدخان .تناثرت السيوف حول الجدران وعلى
األرض وحول أكبر موقد رأته .نظرت قمر إلى وجه مألوف ،إما نصير أو حامد في المكان الذي وصفوه بالمنزل .ثم
توقفت .لقاء عيون أكبر سنا المعة تحمل أوجه التشابه مع ذريتهم .في الظل ،جلس في الزاوية البعيدة رجل متكتل
المظهر .كان الشعر الرمادي عالًقا من رأس الرجل األصلع ،وكان ينجرف في النسيم المفاجئ الذي أحدثه عندما وقف.
اندفعت عيناها نحو المدخل المغلق .على بعد خطوات قليلة مؤلمة " .يمكنني أن أشرح" ،عرضت ذلك بشكل ضعيف ،
وهي تشاهد في رعب والد حامد يتعثر ببطء نحو أعرج محرجة " .من فضلك ...ال تأخذ الحكماء".
خرج صوت السكير خشًن ا " ،ما رأيك في الفتاة ؟ يجب أن تذهب " إلى المنتدى .يأتي " سن الرشد واالحتفال" من
المسارات اليوم ،أال تعرف ؟ ابني " ...رمشت عيونها الزرقاء ببطء .هز الرجل العجوز على قدميه .ابتلعت قمر بشدة
قبل أن يواصل السكير " .ماذا كنت أقول ؟" سأل ،واالرتباك ممزوج في كلماته.
ابتلعت قمر مرة أخرى " .هل أردت أن تشرب المزيد من ؟" اقترحت عليها األمر بعصبية ،وقد التواء معدتها في
عقدة بينما كان والد حامد يحدق بها .انها متوترة .في انتظار شيء ما .تعرف .أو اقتحم ركاب الحدود الباب لجرها بعيًد ا
عن كابوسها التالي .بداًل من ذلك ،يقوم الرجل بفواق ،ثم يتجشأ بصوت عاٍل " .هذه فكرة رائعة" ،غمغم وهو يبتعد.
حبست أنفاسها طعما حتى سقط الرجل على كرسي خشبي ،مما جعله يصرخ تحت ثقله .استدعت يديه بطريقة ما إبريق
من مكان ما وفرقعت الفلين .دون أن يتكلم ،قدمها لها .هزت قمر رأسها ،ورسمت ابتسامة صغيرة على وجهها للتأدب.
هز والد حامد كتفيه قبل أن يضع اإلبريق على شفتيه عليها " .المزيد بالنسبة لي بعد ذلك".
ترددت أصداء جولبنج في أقوال حداد عندما شاهدت بنصف رهبة ونصف اشمئزاز بينما كان والد حامد يقوم بضرب
السائل الصافي في أجسام صحية .تتأرجح في عقلها وتتساءل لماذا لم تغادر ولم تتمزق بعد .خرج السكير بعيًد ا عن
اإلبريق بهسهسة .ثم انه ينعق " .هل أخبرك أحد من قبل أنك تبدو مثل هذا القاطع المسمى ادهم ؟ رجل طيب كان " ...
كانت رئتاها تحترقان من الهواء المفاجئ الذي تلهثته .يحدق في والد حامد ،الذي يعرف والدها .عرفت أنها تشبهه.
قالت لها والدتها نفس الشيء عندما طلبت ذلك .لكن وجود شخص آخر يقول ذلك ،جعل الرجل الميت يبدو أكثر واقعية.
جعله على قيد الحياة ،فقط لدقيقة .شخير موجة كبيرة مزقتها بعيًد ا عن أفكارها .قمر زفر ببطء ،ورأى والد حامد يميل
إلى الجانب ،يسيل لعابه ينجرف من فمه المفتوح.
نخر شخير آخر في الحداد ،وابتلعت قمر بشدة .ثم تركت الحداد تماًما بدون صوت.
دقات ضوضاء من الحشد .خبطت داخل رأسها ،مما جعلها تنبض باالنزعاج .كادت تفكر في العودة إلى المنزل .يومض
شيء من زاوية عينها .لفت أنظارها إلى الفضة ونسيت فكرة المغادرة.
من مسافة بعيدة ،تمكنت قمر من رؤية ما ال يقل عن خمسة رؤوس من الشعر الفضي تلتقط أشعة الشمس الذهبية.
وبإلحاح بسيط ،تقدمت إلى األمام ،وشّقت طريقها بعناية نحو الفضة .مع العلم أن أحد تلك الرؤوس الفضية سيكون رأس
نصير .
انقلب حظها عندما لم يعبر أي قرويين طريقها ،مما أتاح لها فرصة الغوص في أقرب محل بيع .تصادف أن تكون أبعد
ما تكون عن الحكماء ؛ الذين تجمعوا أمام منزلهم ،أمام الحشد .انطلق الضحك المعدي تجاهها .لقد اصطدمت باألرض.
ظهر القرويون في موجات ،واصطدموا ببعضهم البعض عند دخولهم المنتدى .خفق قلبها .تلوثت األوساخ الباردة على
ركبتيها ،ونظرت بعناية فوق الحامل الخشبي .قامت بمسح الحشد بحًث ا عن وجه مألوف.
انفجر بوق االستدعاء أعلى من أي وقت مضى ،مما أرسل قمر للغوص في التراب مرة أخرى .وأصمت القرويون.
ابتلعت قمر بقلق وألقت نظرة خاطفة على منصة البيع مرة أخرى .انطلق الخوف في صدرها بينما كان الحكيم يتشاجر
بالقرب من القرويين في أرديةهم المخصصة وفًقا لتنويرهم.
كان ثالثة رجال ذوي شعر فضي يرتدون مالبس أرجوانية يقفون في وسط اثنين من الحكماء بشعر بني يرتدون مالبس
بنية .تلك الموجودة على كال الجانبين .على كال الطرنصير ،وقف الحكماء غير المضيئين مرتدين مالبس بيضاء .انطلق
الحكماء الثالثة المباركون إلى األمام ،وانضم اآلخرون بسرعة إلى جانبهم .كان لدى الرجال التسعة دلو معلق من أيديهم.
كانت القرية ال تزال صامتة عندما تحرك الحكيم األوسط إلى األمام ؛ االكبر .كان شعره الفضي الطويل يتألأل في الشمس
وهو يتكلم.
" مرحًبا بالقرويين في امالور .مرور آخر قد انتهى ،جلب االحتفاالت .لقد راقبنا العديد من الممرات بينما كانت هذه
البراعم تنمو أمامنا .بلوغ سن الرشد هنا ،ومتابعة االحتفال بالطرق .اليوم ،ستغادر هذه البراعم المنتدى كبالغين.
للمساهمة في قريتنا ،وجعل منزلنا المثالي أقوى .أطلب من البراعم التسعة األولى االقتراب " .
تحركت تسعة رؤوس إلى األمام ،واصطفت بشكل مثالي مع كل من الحكماء .لم تعترف قمر بأي شيء .تم توزيع
الزهور الحمراء على القرويين التسعة الذين تقدم بهم في السن .استداروا وواجهوا الحشد المتجمع.
انضم حكيم آخر – مبارك بالحكمة – إلى األول .أرسل صوته الخافق رعشات مزعجة أسفل عمودها الفقري .جعلها
أمعاء أضعاف في اثنين " .لسحق عباد الشمس في رأسك ،فإنك تطلق الرخاء لنفسك في امالور ،داخل عائلتك وداخل
حياتك .عندما تمسح هذه البتالت الحمراء األرض ،تكون قد بلغت سن الرشد " .
بدأت الشتالت في مكان ما من الحشد في إثارة الضجة حيث بدأت مجموعات متعددة من تسعة أشخاص في سحق
الزهور في أيديهم .لقد تألمت ركبتيها منذ فترة طويلة ولم تستطع إال أن تشعر باألسف تجاه كل هؤالء القرويين الذين
اضطروا إلى الوقوف .هبطت مجموعة من البتالت الحمراء عبر النسيم الدافئ .زائدة في سحب الغبار في المنتدى.
غامر أحد الحكماء يرتدون سترة طويلة بنية اللون إلى األمام " .في هذا العصر ،سيتم منح الرجال فقط صخرة لتمثيل
القوة في المتسابقين على الحدود ،وقوة هذه القرية ،وقوة شخصية الفرد".
نسج الذكور إلى األمام .تناوب كل منهم على ادعاء رمزه من الحكماء .عندما تحدث وايزمان مرة أخرى ،انطلقت
ذكرى .وميض عقلها لهذا الحكماء عندما كان أصغر سنا ،وعندما أهان والدتها .انجرف الجو إلى صمت آخر ،حيث
تحدث الحكيم األكبر بهدوء .يجب أن تحصل اإلناث على نصل من العشب األخضر .كثير منكم دائًما ما تكون نقًيا وقاباًل
للتكيف ومطيًع ا .تماًما كما يتكون هذا العشب من تربة أملور النقية ،يتغير حسب الفصول ويظهر دائًما عندما يجب ذلك "
.
استنكرت قمر ،وشتمت .كانت تراقب من نقطة أمانها بينما كانت الفتيات تتقدمن للحصول على رمزهن المميز .لمرة
واحدة ،كانت ممتنة لكونها منبوذة .أن تكون مرفوًض ا تماًما من القرية .وستكون هذه هي المرة الوحيدة التي تختفي فيها
رغبتها في أن تكون جزًءا منها.
شفرة من العشب .اشتعل الغضب واالنزعاج في قلبها ،على افتراض أن أيا من الفتيات لم يكن أكثر حكمة من اإلهانة.
أو على قيد الحياة بما يكفي إلدراك ما هو رمزهم المميز .جعلهم يشعرون وكأنهم جزء من امالور ،لكن قمر كانت
تعرف خالف ذلك .كانت تعرف بشكل مختلف عن نظرتها الخارجية .لقد حكم هذا الرجل حًقا على امالور .وكانوا
ضعفاء ودائما خاضعين .سخرت قمر .
امتصت أنفاسها عندما سقطت عيناها الزرقاوان الصغيرتان على عيناها .ابتعدت قمر بعيًد ا عندما كانت الشتلة تلوح من
جانب المرأة ،متشبثة بفستان عادي بقبضة صغيرة .نفض وايزمان نفسه وهي تختبئ.
" كل اآلن ،سوف تأخذ التوت وتأكله .سيؤدي استهالك هذا التوت إلى إكمال نموك من الشتلة إلى النمو الكامل " .
كونها جريئة ،مع دوامة من الغثيان في أحشائها ،أطل قمر على البيع .لوحت الشتلة الُملحة لها ،مما جعل أراينا تتراجع
بشكل طبيعي .قاومت ابتسامة عندما أعطاها الطفل ابتسامة مشقوقة .ركزت عيناها على الرؤوس التسعة وهي تتحرك
لألمام نحو وايزمان .تساءلت عما إذا كانت قد فاتتها رأس هبة ونصير وحامد ألنه ال يبدو أن أًيا منها متطابق.
لعبت مع الشتلة في مباراة تلويح ذهاًبا وإياًبا .أصبحت قمر أكثر جرأة وجرأة مع استمرار المباراة .عندما نجت ضحكة
طفولية من الشتلة في سعادة ،ابتعدت قمر .تأمل في رأسها أن ال أحد آخر كان أكثر حكمة .بقيت قمر مختفية ،رغم أنين
الطفلة كانت تحثها على الخروج .في نهاية المطاف توقف األنين من التحذيرات الساخنة المؤنثة.
عادت قمر للظهور ببطء ،وظلت قريبة من خشب المتجر قدر استطاعتها .راقبت عيناها الخرسانيتان أن يرفض التسعة
األوائل ليحضر المهاجم التسعة التاليين فقط.
جاء صفان آخران من تسعة صنصير وذهبا ،ال تشبه صديقاتها .انطلق الشعر الفضي الشائك إلى األمام ،على عكس
األنماط األخرى التي كان يرتديها معظم الرجال في القرية .كان يتألأل في ضوء الشمس ،مثل اإلغراء ،يغمز عمًد ا في
وجهها إلعالمها بأنها نصير .جنبا إلى جنب مع نصير ،كان هناك شقراوات على طرفي نقيض .كل منها يمكن أن يمر
بسهولة لهبة وحامد .
أجفلت قمر عندما خار وايزمان آخر " .اكتمال عصر النضوج .حان الوقت اآلن لمراسم المسارات .بعد ذلك يمكننا
االحتفال مع والموسيقى! "
هلل القرويون ،ثم صمتوا لرجل حكيم آخر " .كل خمسة صفوف من تسعة ستقف جنًبا إلى جنب مع بعضها البعض ،
إلنشاء مسار مثل تلك التي تتدفق داخل امالور ".
" األوساخ تؤدي إلى قريتنا مع السفر إليك في دلو واحد .قال وايزمان آخر " :بنفس األيدي التي سحقت عباد الشمس ،
وأطلقت الرخاء ،ستأخذ حفنة من األوساخ وتنتظر طريقك" .
انطلق آخر وايزمان المستنير إلى األمام ،موضًح ا المكان الذي توقف فيه إخوته " .إلنهاء مراسم المسارات ،بمجرد أن
تعرف طريقك ،سوف ترمي التراب على قدميك .أثناء اإلعالن عن مسارك ليسمع الجميع " .
كانت تراقب واحًد ا تلو اآلخر بينما كان الدلو ينتقل عبر الخط .واحًد ا تلو اآلخر ،صرخ كل شخص في طريقه إلى
الحشد .هلل القرويون .نمت بصوت أعلى باستمرار مع كل إعالن جديد .رأت قمر حامد كما اقترب الحكماء منه .كانت
قريبة بما يكفي لرؤية االبتسامة العريضة الملتوية على وجهه وهو يتقدم لألمام.
السعادة لصديقتها ألن شقيقها جعلها تبتسم .شاهدت قمر شخصين آخرين يصرخان في طريقهما قبل أن تتقدم هبة لألمام.
تحرك الحكماء إلى الشخص التالي بجانبها عندما صرخت " .المعالج!"
ضحكت قمر بغيورة من حامد الواضح عندما هتف الحشد بصوت أعلى لها .أعلن المزيد من الشباب عن مساراتهم ،
مما أثار هتافات أقل من القرويين .اتبعت عيناها رأس فضي شائك ،تنتظر .انتظرت بترقب بينما تجمع الحكماء حول
نصير .
كان هناك سكون في الهواء .شيء ما عن ،يستغرق وقًت ا أطول من الدقائق المعتادة إلخبار البراعم عن مسارها .بدا أن
القرويين يلتقطون ما فعلته .وانتظروا كذلك .رفع وايزمان المستنير يديه من قوة " .لم يحدث أبًد ا في امالور أن كان لدينا
شخص يبدو مناسًبا تماًما ألكثر من مسار واحد .لقد ناقشنا لعدة أيام ولياٍل حول المسار الذي ينبغي أن يقودنا إليه .في هذا
اليوم قررنا .اآلن ،سنعرف طريقه " .
قرع طبول في صدرها ،وتردد صداها في جمجمتها .تباعد الحكماء أكثر ،وتركوا نصير يتقدم إلى الحشد .سقطت
األوساخ على قدميه ،وتطاير الغبار في الهواء.
" سأكون حارًس ا حتى يكتمل ظل الحكماء .ثم سأصبح حكيًما مثل جدي قبلي " .
انتشرت الصيحات والصيحات االحتفالية داخل المنتدى .صفقت قمر يديها على أذنيها لحجب األصوات التي تصم اآلذان.
دقت أذناها تحت راحتيها المتعرتين .لكن قمر لم تالحظ .لقد وقفت من مخبأها ،وكان الصدمة والرعب يترددان في كيانها
بالكامل.
غير مهتمة بالعيون المشغولة التي قد تكتشفها ،نسجت قمر في بحر هادئ من بيوتها ،ركضت على قدميها للعودة إلى
المنزل .شعرت أن كل خطوة تخطوها على الطريق الترابي أجوف .مثقل بالثقل .لم تكن حتى على علم بدفء التجمع في
زاوية عينيها حتى دلكت ظهرها بيدها المحترقة .توقفت قمر فور وصولها إلى السديلة المصنوعة من الفراء.
حدقت في الفراء البني بشدة ،تبحث عن عالج لمشاعرها .احترقت الخيانة في قلبها بينما ضغط الذنب على كتفيها.
عرفت قمر .كانت تعلم أنها ال تستطيع ،أال تشعر بهذه الطريقة .معتقدة أنها فقدت نصير اآلن بعد أن كان واحدًا منهم.
واحد من هؤالء أرسلوا ليحولوها إلى ال شيء .ولكن مع العلم أيًض ا أن ذلك لم يكن خطأه .أن حبيبتها نصير لم تكن تريد
هذا أبًد ا ،ولم تطلبه أبًد ا .وقد حدث ذلك على أي حال .دفعت قمر رفرف الفراء جانبًا بسبب اإلحباط.
نزلت الزابوتون ،جالسة أمام عمود النسيج الخاص بها ،أجبرت قمر يديها المليئة بالغضب على النسيج .االستفادة من
عواطفها .انتظرت وخيطت ،في انتظار عودة والدتها من القرية ؛ تنبض اآلن بموسيقى حية .كان لونها التالي أسود.
كانت الموسيقى في منتصف األغنية الثانية عندما عادت والدتها .كانت خيوط قرنفل تتطابق مع خدود والدتها المحمرتين
عندما دخلت المرأة األكبر سًن ا ،وهي تنفخ بلهس " .كان علي أن أصارع اثنين من هذه األباريق من كل من المربي
والحدادة ذات الرائحة الكريهة .هم أفضل طعم السماوية" .
أومأت قمر بصمت وهي تنهي صفها األول من اللون األسود " .أنا متأكد من أنه سيكون على ما يرام ".ابتلعت الكتلة
في حلقها ،وسألت بشكل قاطع " .كيف كان الحفل ؟"
تظاهرت بعدم االنتباه عندما توقفت والدتها .خلعت المرأة األكبر سنا صندلها بحذر شديد ،متجنبة عيني قمر .أجابت "
لقد كان ممال" " .كان األمر يشبه إلى حد كبير بلوغ سن الرشد واحتفال المسارات .ال أعتقد حًق ا أنه قد تغير عن جميع
االحتفاالت األخرى من قبل ،باستثناء الحكماء " .
بدأت قمر بحذر ،وهي تنظر إلى والدتها " :ودخول سن الرشد " . "...هل كان نفس الشيء ؟ ما هو الطريق الذي سلكه
لك الحكماء قبل أن تلتقي بأبي ؟ "
ردت والدتها وهي تضع كوبين على الطاولة " .ستكون هذه قصة لوقت مختلف ".ثم ظهرت المرأة المسنة في إبريق .
مألت الكوبين ودفعت أحدهما إلى قمر " .نخب لبلوغ سن الرشد".
أمسكته قمر ،وضربت كأسها على كأس أمها .تراجعت عندما غامر الطعم األول بتجاوز شفتيها وعلى لسانها .سحبت
والدتها فنجانها بعيًد ا وهي تضحك " .سوف تتحسن عندما تعتاد عليها".
سعلت قمر ،وهي تنظر إلى السائل الصافي " ،ال أعرف" " .ما زال األمر يبدو فظيًع ا بالنسبة لي".
" بضع رشفات أخرى وستظن أن مذاقها أفضل" ،أكدت والدتها بابتسامة .وضعت المرأة األكبر سًن ا فنجانها على
الطاولة " .دوعنا نرقص".
تئن ،اختفى فنجان قمر من يدها ،وحل محله أمها .اشتكت قمر من الوضعية حيث حملتها والدتها على قدميها ،وسحب
أطرافها للرقص .رقصت المرأة األكبر سنًا بأناقة حولها ،هبة رت ذراعيها برشاقة .وصفقت قمر بشكل شاذ على
الموسيقى.
كان التوازن يشع من أطراف والدتها ،وفي رقصها وهي تنسج بدق الطبول .ازداد اإليقاع ،مما جعل المرأة المسنة
ترقص بشكل أسرع .بشكل غير متوقع ،اختطفت قمر وأجبرت على التحرك مع الموسيقى بلفافة.
خرج ضحك من حلقها .اهتزت اإليقاع في روحها من أملور .واصلت قمر الرقص ،والدوران ،بعد فترة طويلة من
ترك والدتها لها .كانت األلوان في حجرة المنزل تتناغم مع بعضها البعض مثل تحفة فنية مجيدة .تحركت قدميها بشكل
أسرع .ثم أسرع .قبل أن تصطدم فجأة بشيء صلب بسبب رفرف الفرو .تدور الغرفة الرئيسية بدونها وهي مغمضة
عينها .تنظر إلى الظل المظلم وهي تجمع توازنها.
تعثرت قمر .التراجع عن الكتلة الصلبة أثناء انطالقها لألمام .شيء ثابت حول خصرها .تحدث الكائن الغامض كما هو
ثابت لها " .قمر !" زقزق حامد بسعادة ،ثم عبوس " .كيف يمكنك بدء االحتفال بدوننا ؟!"
قبل أن تتمكن من الرد ،غزا وجه حامد مساحتها الشخصية .ارتبطت عيناه الزرقاوان بها عندما كان يغوص في الماء.
انجرف أنفاس حامد على وجهها .رائحة ابعدت البط والسعال .ال شك أنها ما زالت تشعر بالصدمة على وجهها ،
وعيناها ما زالتا متسعتين مما حدث .بمجرد أن أمسك بها ،انسحب حامد تماًما مع إعالن سعيد " .انظر يا نصير !"
ابتسم لها " .لديهم ".
جمدت .الشعور بالدفء خلفها .ركلت قمر على حامد بغضب ،ووجدت قدمها مؤخرته .ضحك الصبي األشقر فقط
عندما رش قطرات من ياسين على قميصه من فنجانه .حامد أخذ رشفة أخرى ،غير منزعج من اإلصابة .أراينا غاضبة
جاء السعال من خلفها ،مما جعل قمر تستدير .تجنبت عيناها مقابلة نصير .حدقت في صدره وهي تتعثر في الكلمات
لتشرح " .ليس ...آه ..هو "...
اتسعت عيناها عندما جمعت الشجاعة للنظر إلى نصير " .ما حدث على وجهك ؟" سألت ،مليئة بالقلق .درست على
الكدمة المتضخمة حول عين الزعنفة اليسرى.
" ليس اآلن" ،قال نصير بهدوء .سلم أحد أباريق إلى قمر .
" سوف تشرح الحًقا" ،أمرت قمر ،ولم تترك مجااًل للجدل .أخذت اإلبريق المعروض من نصير " .سأفعل" هذا ما
أكده نصير وهو أومأ برأسه.
" يعد ؟"
أومأت قمر برأسها ،ووضعت األباريق على المنضدة ،حيث حاول حامد إجراء محادثة مع والدتها دون التالعب
بكلماته .أمسكت بكوب آخر من أجل نصير حيث تردد صرخة سعيدة عبر حجرة المنزل.
أمسكت بكوب آخر لـ عندما غامر الفتاة الشقراء بالدخول إلى داخل المنزل .تهربت هبة بحكمة من عاطفة حامد حتى
وصلت إلى الطاولة ،ووضعت دلًو ا فوق السطح الصلب " .لقد أحضرت الطعام بدًال من ،ألن" – أصلحت وهًج ا – "
يجب أال يشرب البعض على معدة فارغة".
" أنت مخلوق ذكي! تفكر في كل شيء! " أشاد حامد .لقد حاول بإصرار أن يجمع هبة بين ذراعيه .ضحك بسعادة
عندما نجح في النهاية .الصبي األشقر السكير هبة ر هبة بسعادة .في النهاية انضمت هبة وألقت ذراعيها بفرح حول
رقبة حامد .قبل الزوجان السعيدان ،مستمتعين باالحتفال بينما كانا يرسالن ثالثة أزواج من العيون في اتجاهات أخرى.
ثم تحطمت هبة وحامد على األرض ،وكالهما يشعر بالدوار .جلست قمر ،وانضمت نصير إلى الزابوتون بجانب
زوجها.
زعنفة الدفع ،همست قمر " .فقط كم كان حامد ؟" راقبت حامد وهو يحاول استعادة هبة من األرض " .واحد" ،
تمتم.
تمتمت قمر بتواضع " .بالنسبة له ...واحد يكفي" ،حيث شاهدت حامد يسحب هبة للرقص ،بينما كانت والدتها
تصفق معها.
" موافق" ،أومأ نصير " .لكن بعد فوات األوان اآلن .السؤال هو ماذا سنفعل بأربعة أباريق من ؟ اشربه ؟ إذا فعلنا
ذلك ...فأعتقد أننا سننتهي مثل حامد " .
" هل تفضل أن يشرب حامد أكثر وأن تتصرف بشكل أسوأ ؟ قد يحاول الرقص معك بعد ذلك " .
تنهدت زعنفة " .أربعة أباريق من .هل يمكننا هبة رة ذلك ؟ "
هزت قمر كتفيها " .حسًن ا ،دعنا نكتشف" ،ابتسمت ابتسامة عريضة ،وهي تصب بعًض ا من في فنجان الفارغ.
أمسكت بطاقتها التي كانت فارغة .ألقت قمر نظرة على والدتها متهمة .اهتزت خيوط القرنفل ،ثم أشارت إلى حامد .
تتنهد ،قمر سكبت نعم لنفسها.
سلمت نصير شرابه ،نقرت قمر عليه في هتاف " .اشرب الزعنفة .شرب حامد فنجي األول " .
ضحكت قمر وأسقطت فنجانها بالكامل بكشر مشتعل .قلدها نصير ،وسحب كوبه من شفتيه .أعادت ملء أكوابهم مرة
أخرى ،وقام كالهما بإسقاط السائل بأسرع ما فعلوا في األول .كرر قمر .
زعنفة خنق " .كان ذلك مقرًف ا" ،اشتكى بعد تجفيف عبوته الرابعة .ياسين يقطر ذقنه ،ومسحها بظهر يده.
" بشكل عام ؟" انها مازحت " .أو حقيقة أن ياسين هرب من أنفك".
" الفم" ،صحح خشن " .وكالهما .ال أعتقد أنه يمكنني شرب المزيد من هذا " ،تذمر نصير " .ربما ،علينا التعامل
مع حامد كما هو".
وضع نصير كأسه على الطاولة قبل أن يطلق النار على قمر بنظرة غير تصدق " .هل يمكنك أن تقول بصدق أنك
تستمتع بشرب ؟"
تراجعت قمر " آه "...وهي تنظر إلى السائل الصافي في فنجانها " .أستطيع أن أقول بصراحة إن حامد سيندم على
شرب الكثير".
الفواق ،هز نصير رأسه " .لم تجب على السؤال" .
" ال" ،أجاب نصير وهو ينزلق مرة أخرى " .لقد بدأت أعتقد أننا قد نأسف لذلك أيًض ا".
سخرت قمر ،وابتلعت الرغبة في استدعاء الشتلة مرة أخرى " .ربما انت .ال أشعر أنني حامد في الوقت الحالي " .ثم
نظرت إلى نصير بابتسامة ملتوية " .او انت".
" ماذا عني ؟" استفسرت نصير ،حاجب أسود مقوس في وجهها.
" تبدو كما لو كان العالم يدور "،ابتسم ابتسامة عريضة قمر بينما تنسج نصير على الزابوتون .مرر يده من خالل
شعره ،مما زاد من سوء نوباته المعتادة " .فقط األرضية".
ابتسمت قمر وهي تردد صدى " .فقط الكلمة إيه ؟" ثم منه ،وخلعت كأسه " .أعتقد أنك محق بشأن حدودك .ال مزيد
من بالنسبة لك " .
أجاب نصير " :أنا ال أشكو" وهو يفرك عينيه ثم يهمس " .لقد نسيت ذلك "،قال مشيًر ا إلى عينه المصابة " .اعتقدت
أن فركهم سيوقف الدوران".
درست صديقتها المقربة " .هل تعلم أن األرضية ال تدور بشكل صحيح ؟"
أومأت الزعنفة ببطء ،وتبدو خضراء قليًال " .نعم انا اعرف .لكنه ال يغير حقيقة أنه يبدو كذلك " .
فجأة انتزع فنجانه وكأسها من يديها ،وأعاد ملئهما قبل أن تتمكن من االحتجاج " .هنا "-قالت نصير وهي تسرع في
فنجانها لها - " ،أنت بحاجة إلى المزيد".
احتجت بضعف " :لم أفعل" .نقرت نصير على جانب كوبها .قام بإسقاط المحتويات في جرعة واحدة وحدق فيها بعد
ذلك .رفعت قمر حاجبيها عندما هز كتفيه .اندفعت نصير إلى قدميه ،مرافعة يده إلى أسفل " .ارقص معي ؟"
نظرت إلى والدتها وهي تصفق وترقص .تحركت نظرتها إلى هبة وحامد يرقصان بسعادة أيًض ا .شيء ما انقلب في
بطنها .هزت قمر رأسها ،وهي ال تعرف ما إذا كانت تلك هي السنة التي دفئتها في كل مكان أم عيني نصير " .أنا ال
أرقص .تفضل".
نمت الشدة في عيون نصير بطريقة ما .انحنى الزعنفة ،وهمست في أذنها " .أنت ترقص".
بينما كان قلبها يتعافى من دفء أنفاس نصير فوق أذنها ،شاهدت نصير ينتزع هبة من حامد .تجنب نصير
محاوالت حامد لسرقة ظهره الثابت .في النهاية ،استسلم حامد .سقط في الزابوتون المهجور لـ بحسرة شديدة .كأس
زعنفة الحجامة في يديه .شعرت الشقراء بالهزيمة وهي تتمتم " .لقد سرقها بعيدا .أفضل صديق لي".
تأوهت قمر " .سأحتاج إلى إنهاء مشروبي قبل أن تبدأ في المشي الغيور".
" أنا ال أتجول!" احتج حامد بصوت عال .سرعان ما ابتلعت الموسيقى كلماته " .أنا لست غيوًر ا أيًض ا! سرقتها نصير
بعيدا عني! "
قام حامد بإسقاط كوب آخر قبل أن يصب شراًبا آخر أثناء الشكوى " .ليس بعد على األقل .لقد كانت تحبه كما تعلم ،منذ
أن كنا جميًع ا شتالت ،حتى قبل أن ألتقي بك .كنت هناك في تلك الليلة عندما كانت تبكي على نصير عندما كان يعاني
من المرض .أخبرتني كيف طردها ألنها أهانتك بالدموع تنهمر على وجهها .حملتها عندما تحدثت عن الطريقة التي ينظر
بها إليك " .
" عن ماذا تتحدث ؟" استجوبت قمر ،تجعد جبينها مًع ا " .من نظر إلى من ؟"
" هذا كل ما في االمر!" صرخت حامد ،وهز إصبعه في وجهها .صدمتها قمر بعيًد ا بينما واصل حامد شمه " .أحياًن ا
عندما نكون أنا و بمفردنا ،نتحدث عنكما .نتساءل كيف يمكن لألشخاص الذين يبدون أذكياء أن يكونوا أعمى إلى هذا
الحد " .
قالت قمر " :ما زلت ال أعرف ما الذي تتحدث عنه" " .من هو األعمى ؟"
تذمر حامد ،واإلحباط مكتوب على وجهه " .أنت وزين .نصير وأنت .كالكما أعمى تماًما عما يمكن ألي شخص آخر
رؤيته بوضوح .وأنا أعرف السبب الحقيقي وراء وجود هبة معي .هذا ألنني أبقيها قريبة من نصير " .
تجاهلت قمر التعليقات عنها ونصير .عملت بجد إلبعاد مشاعرها المفعمة بالحيوية .لم تكن تريد أو تريد سماع ما يقوله
حامد .تجولت عيناها البنيتان في اتجاه و ،ترقصان بسعادة مع ابتسامات متطابقة " .ربما بدأت في اإلعجاب"-
هبة رت عينيها تجاهه بينما كان الصبي األشقر يشرب أكثر " .مهما كان حامد .ربما تكون قد " أحببت" – " توقفت
مؤقًت ا واقتبست بأصابعها – "،زعانف في البداية .لكنها لم تكن لتوافق على أن تصبح ثابًت ا إذا لم يكن لديها نوع من
المشاعر تجاهك " .
واحتجت قمر قائلة " :لكن ال شيء" " .أعتقد أنك كفيف إذا كنت ال تستطيع أن ترى أن هبة تهتم بك .أنها تحبك .قد
يكون في حبك حتى " .
سخر الصبي األشقر ،وهو يشرب شرابه كما طلب " .ماهو الفرق ؟"
تابعت قمر شفتيها مًع ا بعناية .ثم هز كتفيه .اعترفت " ال أعرف" " .أنا أحب هبة وأنت ولكني ال أريد أن أكون ثابًت ا أو
أي شيء".
" ماذا عن نصير ؟" استجوب حامد " .أين يقيم ؟"
تميل رأسها إلى الجانب ،وترك الصبي األشقر يرى لها حيرة " .ماذا تقصد" أين معدل نصير " ؟" سألت قمر ،ثم
شرحت ببساطة " .انه صديقي المفضل".
تأوه حامد .تمتم بشيء في أنفاسه بدا وكأنه كلمة أعمى ،قبل أن يقول " :والدتها تكرهني" .
هز الصبي األشقر رأسه معلقا شعره أمام وجهه " .ال .هبة ستتحدث مع والدتها قبل أن أغادر بعد شهر مع راكبي
الحدود " .
اقترحت قمر " عليك التحدث مع والدة هبة بنفسك" " .اذكر أن ابنتها أفضل حااًل معك من ابن تانر أو األكل العجوز".
تمشيط الشعر األشقر على كتفه .تمتم حامد بحزن " ،لقد حاولت بالفعل .ال يهم المسار .أخبرتني والدتها أنني رفضت
ألنني غير مضيء .يريد أن يرتبط بشخص مثل .يريد الدم المستنير داخل أسرهم " .
ابتلعت قمر الورم في حلقها وهزت رأسها بشكل مروع " .هذا فظيع" ،قالت بصوت عال " .هل أخبرت هبة بما قالت
والدتها ؟"
" ال .وانا ال اريد ايضا .كانت في الخارج تجمع األعشاب في ذلك الوقت .األمر أسهل بهذه الطريقة " ...تراجعت حامد
وعيناه الزرقاوان تنظران إلى و .
سخرت قمر .الكفر مكتوب على مالمحه " .هل هذا ما تريده ؟"
" هل هذا ما تريده ؟" ردد حامد ،وهو يحدق بها اآلن .حركه إلى هبة ونصير " .ما هو شعورك إذا كان نصير مع
؟"
ردت قمر باقتضاب متجاهلة " .ال يهم .هبة هي ثباتك " .
تنهد حامد " :اآلن" " .بمجرد أن تضع والدتها حًد ا لـ ،ستكون حرة في العثور على المستنير ".أومأت قمر بتمعن ،
وفتحت فمها للرد عندما واصل حامد .
" غيور على ماذا ؟" قاطعت هبة بسعادة وهي تلف ذراعيها حول كتفي حامد .انتزعت يداها كأس حامد من قبضته ،
مما جعل الصبي األشقر يتذمر حزيًن ا " .مهال!" احتج حامد " .كان هذا لي".
شربت هبة من فنجان حامد وضربت شفتيها مًع ا بعد ذلك " .أشعر بغيرة فظيعة من كمية الكحول التي يشربها كل
منكما .وفر البعض لبقيتنا! "
ابتعدت الفتاة الشقراء ،وأخذت الكأس معها .اندفع حامد إلى قدميه " .أرجع الكأس!" اشتكى عندما بدأ في مطاردة
الشقراء األخرى حول الطاولة.
" هل يمكنك ذلك أيًض ا!" ورد هبة على حامد .
قاطعه نصير وهو يرقص مع والدة قمر " :من الناحية الفنية ،كان لي" " .لقد سرقتها مني يا حامد ".
دارت المرأة األكبر سنًا حامد حولها ،مما جعله يضحك " .على ما يرام .على ما يرام .دعونا نرقص المستنير " .
بلهفة ،انضمت إليها نصير وهبة على الطاولة " .والدتك تحب أن ترقص" قالها .أمسكت قمر بكأسه بينما كانت هبة
تصفق على إيقاع الموسيقى بينما كانت والدتها وحامد يحاوالن الرقص على بعضهما البعض .ابتسمت قمر بتكلف ،وهي
تعلم أن حامد ال يمكنها التنافس على أناقة والدتها أو عصرها التنوير.
همست الكلمات في أذنها مما جعل قمر تقفز " .هل ترقص معي اآلن ؟"
التقى عيون بنية اللون األرجواني الدافئ .لم يكن لدى قمر قلب للرفض " .تمام".
شدتها األيدي الدافئة الكبيرة على قدميها .سمعت قمر أحدهم يصفق ،إلى جانب ضحك والدتها المبتهج الممزوج بضحك
حامد .بدا الوقت وكأنه ساكن .كل ما يمكن أن تراه هو نصير .دقات الموسيقى السريعة تردد صدى داخل صدرها .بدت
الموسيقى وكأنها أصبحت أكثر بعًد ا كلما تحركوا .رقصوا ببطء .على الرغم من الصيام ،فرح من حولهم.
ثم شد يدي نصير .شدها في دوائر بطيئة تدور بشكل أسرع وأسرع .كانت الغرفة وعائلتها وعالمها يندمجون مًع ا في
مجموعة من األلوان الزاهية .ظل وجه الزعنفة وعيناه المحدقتان الشظية الصلبة الوحيدة في الغرفة سريعة الحركة.
تحولت الطبول إلى إيقاع مختلف ،وابتعدوا عن بعضهم البعض .عانقت قمر ذراعيها على صدرها .على أمل أن تبقى
في قطعة واحدة .فقط ألنه سيكون من الصعب تفسير سبب سقوط قلبها فجأة من صدرها.
تومض عيناها نحو هبة ،رقصت حامد ووالدتها بسعادة حول بعضهما البعض .أومأت قمر برأسها متجنبة اللون
األرجواني الداكن المغري لعينواالربعوني نصير .لقد انزلقوا من حجرة المنزل دون أن يالحظها أحد .اهتزت طبقة
الفراء ،ثم انجرفت ببطء إلى مكانها.
أصبح قرع الطبول مدوًيا في الخارج .تبعت قمر نصير بعينيها ،وتحولت سترته وهو يتنهد بصوت عاٍل .تألق شعره
عندما نظر نصير إلى القمر األبيض فوق رأسه .اقتربت منه قمر " .ما هو الزعانف ؟"
الزعنفة تلتف حولها .في مواجهتها ،توهجت عيناه من الحرارة " .في الحفل ،االختباء وراء كشك البيع".
قضم الخوف البارد الجليدي في عمودها الفقري " .هل تعتقد أنهم رأوني ؟ هل كان ذلك ملحوًظ ا ؟ "
" ال" ،أجاب نصير أخيًر ا بعد دقيقة أو اثنتين " .لقد الحظت فقط ألنك كنت تلعب بتلك البذرة".
جمدت قمر " .ولكن إذا رأوا ذلك ،فربما فعلوا ذلك "...
" لم يفعلوا" ،بصق نصير بشراسة " .كان الحكماء مشغولين للغاية في التصفيق على ظهورهم في عمل أحسنتهم
المالحظة".
" ال يزال بإمكاني أن أكون" بدأ قمر حتى هز نصير رأسه " .كالنا يعرف إلى أين يسير طريقي .على األقل أتدرب
على كوني حارًس ا حتى تموت إحدى " األبقار" .
" لكن"-
" لكن ال شيء" ،هذا ما قاله نصير ،على عكس طبيعته المعتادة .هز كتفه بيدها " .ال يمكنني التحرر من هذا المسار.
لقد حاولت بعد انتهاء الحفل .لكنني فشلت " .
استحوذت قمر على يدي نصير ،غير مكترثة بإقالته السابقة .كانت يديه دافئة وهي تمسكهما بإحكام " .ماذا حدث بعد
أن غادرت ؟"
تنهدت زعنفة " .بعد الحفل بينما تم توزيع أكواب االحتفال من ،تمكنت من إبعاد اثنين من الحكماء عن الحشد ".أعاد
يديها إلى الوراء بينما واصل " .أعتقد أنني جعلتهم مقتنًع ا في الغالب بأنني سأكون حكيًما فظيًع ا عندما يتشاركون نظرة
مضطربة واضحة للغاية مع بعضهم البعض"-
انزلقت يداها بعيًد ا عن نصير عندما جلس على األرض .يقطف الجسد عشًبا أخضر - " .ثم وجدني والدي".
انضمت إلى نصير على العشب " .عينك ؟" تساءلت .أومأت الزعنفة " .عيني".
توقفت يده بين العشب وهو يتكلم " .جاء والدي ليتباهى بي ويشكر الحكماء على هذا" الشرف " ؛ طوال الوقت كان
يضرب بكدمة تهنئة في ظهري باستمرار " .
نظرت قمر إلى سترة نصير ذات اللون البني ،وهي تنظر إلى ظهره على أمل أن ترى ما تحت القماش " .هل انت
بخير ؟ هل تحتاج هبة إلى إلقاء نظرة عليك الليلة ؟ "
هز نصير رأسه " .انا جيد .باإلضافة إلى ذلك ،ال أعرف ما إذا كنت أريد أن تفحص هبة إصابات أي شخص في
حالتها " .
شممت " .لم أفكر في ذلك .ماذا حدث بعد ذلك ؟ هل ضربك أمام الحكماء ؟ "
أجاب نصير " :ال ،لم يفعل" " .على الرغم من أنه إذا كان قادًر ا على القتل بالوهج المذهل الذي أعطاني إياه عندما
أخبره الحكماء أنهم يعيدون النظر في طريقي ...فلن أكون هنا".
" هذا سيء" ،أكد نصير " .لقد أصلح الموقف قبل أن يسحبني بالقوة من الحكماء".
أطلق الزعانف على الزعنفة قبل أن يواصل " .دفعني في بيت فارغ وشرع في الصراخ بأنني عار على جدي المستنير
بسبب األشخاص الذين أحيط بهم ،والطريقة التي أحمل بها نفسي ،ومحاولة رفض الشرف العظيم الذي تخطاه ألنه غير
مستنير .يجب أن أشكر الحكماء على هذه الفرصة وأغلق فمي اللعين " .
" لكنك لم تكن تعرف جدك "،تمتم قمر ،مشيرة إلى ما هو واضح .أومأت الزعنفة " .ولقد ذكرته بلطف بهذه التفاصيل
و"-
أنهت قمر " لقد ضربك" وهي تدير وجه نصير نحوها برفق .كانت أطراف أصابعها تقشر بحذر شديد فوق الكدمة
القبيحة .تمتمت بتواضع " :ال يمكنك أن تلحق العار بشخص لم تعرفه من قبل" .
درست العيون األرجواني وجهها وهي تتفقد إصابات نصير .األيدي الدافئة أزالت وجهها عن وجهه .ابتلعت قمر عندما
وجدت عينا أرجوانية لم تعد تحدق في وجهها ،بل في شفتيها .ثم وقفت نصير ،وأطلق قبضته على يديها.
مسح يديه على سرواله البني " .كالنا يعرف ذلك ،لكن األوان قد فات إلصالح أي شيء" ،قال نصير ،قبل أن يتوقف
للحظة " .ثم مرة أخرى ،كان لدي فكرة أن أن تصبح رجل حكيم سيكون ميزة".
كانت قمر تنفخ وهي تنهض على قدميها .بالطبع تذكرت الوعد الذي قطعه لها .تماًما كما تذكرت الشعور الدافئ الذي
يشعر به في فراش السرير " .إذا كنت تقصد الوعد الذي قطعته لي عندما كنت هذياًن ا من المرض ؟ اعتقدت أنني قلت لك
ال تهتم " .
" ال تقدم وعوًد ا ال يمكنك الوفاء بها" ،تالها نصير ،كما لو كان يحفظها " .تلك كانت كلماتك بالضبط التي قلتها لي".
قاطعه نصير " :إذا كنت أريد أن أصبح حكيًما" " .أريد أن أفعل شيًئ ا جيًد ا خالل وقتي هناك .أريد الوفاء بالوعد الذي
قطعته وجعل القرية أفضل من أجل" -
أمسك نصير بكتفيها " .من أجلك أنت وشتالت أخرى غير مرتبطة بالوالدين".
شممت قمر ،مقلدة بصمت " .شتلة من الوالدين غير المتزوجين ".ثم رفعت الحاجب في وجهه .قالت متهمة " :لقد
فكرت في ذلك للتو" .
" وإذا فعلت ؟" ابتسم نصير .هزت قمر كتفيها " .لست متأكًد ا مما إذا كنت أحب القيح أفضل من البقع".
كررت قمر ببطء " ،شتالت غير مرتبطة بالوالدين" ،مؤكدة على بدايات كل كلمة " .أو صديد".
دفعها نصير للخلف في غضب ساخر حيث عبرت ابتسامة باهتة على شفتيه " .أنا أفضل القيح بغض النظر .أقل وصمة
عار على االسم الجديد " .
ضحكت قمر من صميم قلبها " .يمكنك أيًض ا منهبة تي بجرح متقِّيم هنا".
تبتسم ،زعنفة مدمره " .اخرس .سأفكر في شيء آخر عاجال أم آجال " .
أجابت قمر " ال يهم متى" اختفت نصير في خط الشجرة " .فقط ال تقل أي اسم بصوت عاٍل مرة أخرى .كنت محظوظا
ألن حامد مشغول باالحتفال " .
فجأة تعرضت للقصف بفروع صغيرة قادمة من األشجار .ابتسمت ابتسامة عريضة قمر وهي تضرب بضرب خشبي
بعيًد ا بيديها " .من األفضل أن تتمنى أال يكون أي من هذا الخشب به أي فقر".
" لقد راجعت مسبًق ا "،جاء صوت نصير من األشجار .سرعان ما أغلقت المسافة بينهما واتبعت نصير في خط
الشجرة عندما سمعت نصير يغمغم في نفسه.
" ماذا تفعل ؟" سؤال قمر .تجمدت في اللحظة التي رأت فيها نصير مرة أخرى ،ثم هربت .عندما تعافت ،صرخت
على األشجار " .كان من الممكن أن تقول إنك بحاجة لرؤية النهر أو شيء من هذا القبيل .كما تعلم ...أعطني بعض
التحذير حتى ال أتبعك في األشجار " .
" ما الذي يدور حول ؟" سأل نصير من خلفها مباشرة .قفزت قمر إلى الوراء .كان كالهما واسع العينين بينما كانت
قمر تحاول أن تظل قلبها ينبض " .إذا كان لديك حاجة إلى ...كما تعلم ...حذرني حتى ال أتبعك".
أحمر خدود واضح على وجه نصير .تخبطت يديه خلف ظهره " .أنا ال "...تمتم " .لم أفعل ...أنا ...أم "...
نظرت إليه قمر بتشكك " .هذا ليس مثل الوقت الذي قال فيه حامد لك نفس الشيء ولصق وجهك بكرة ثلج ،أليس
كذلك ؟"
شم الزعنفة " .هل ترى أي ثلج ؟" سأل ،ثم هز رأسه " .ال شيء من هذا القبيل".
واصلت النظر إليه بإلقاء نظرة " .هل حقا ؟ ألنه إذا كنت تخدعني ،فلن أحذرك عندما أقرر االنتقام " .
" كأنك تخفي شيًئ ا ما "،أجاب قمر وسحب نصير يديه من خلف ظهره .قمر حدقت فقط.
" هل أحببت ذلك ؟" سأل نصير .ارتعدت الغموض في صوته .تومضت عيون أرجوانية على وجه قمر من أجل شيء
ما " .قل شيئا .أنا لست هذا"-
حدقت ألعلى وألسفل بالشفرة الفضية األنيقة قبل أن تستقر على المقبض .كانت يدها تتوق إلى اإلمساك " .هل تعطيني
سيفا ؟" سألت بهدوء ،قابلت عيناها نصير .
" صنعت لك سيًفا" صحح نصير مبتسمًا .عبرت العجرفة على وجهه وهو يقدم لها السيف .شجع " خذها" " .كالنا
يعرف أنك تريد ذلك".
اإليماء بصمت .مدت قمر يدها المرتعشة .أمسكت بالسيف غير المألوف بيدها اليمنى .بصمت ،قامت بموازنة السيف
على أطراف أصابعها ،تماًما كما فعل الموجهون في األرض المسطحة لألسلحة .كانت الشفرة متوازنة تماًما .قاتلت قمر
صريًر ا في مؤخرة حلقها " .إنه مثالي" ،زفيرها غير مصدق.
" أنا أعلم" قال نصير متعجرًف ا " .كان لحامد يد في األمر في المراحل األولى ،لكنه رفض الحًقا عندما اعتقد أنني
أفضل منه".
دفعت قمر السيف نحو الزعنفة ،مع الحرص على عدم إيذائه .قالت بأسف " :ال يمكنني تحمل هذا" .لقد هزت رأسها
بشراسة رافضة " .لقد صنعت هذا ،يجب أن يكون نصلك".
رمتها نصير السيف بحذر شديد كما فعلت .اشتعلت قمر ذلك .قال نصير " :لقد صنعته لك ،وليس لي" " .بالكاد
أستطيع حمل هذا السيف بيد واحدة".
" لكن ال يمكنني تحمل ذلك!" احتجت وألقت السيف على نصير .
" إنها هدية لبلوغ سن الرشد ،عليك أن تأخذها .إلى جانب ذلك ،هل ستجبرني على إذابة هذه الشفرة المثالية وتحويلها
إلى معدن ؟ بعد كل الوقت الذي أمضيته في صنعه " ،صرح نصير .
كانت تحدق بشوق في الفضة بين ذراعي نصير .تومض في وجهها في ضوء القمر .عارض قمر ضعيًفا " .لكن ،ليس
لدي هدية لك".
وضعت نصير السيف برفق بين ذراعيها ،كما لو كان يمرر شتلة إليها .ابتسم " .مجرد معرفة أنه سيكون لديك شيء
تحمي نفسك به عندما تكون في الخارج لتقوم بدوريات على الحدود هو هدية جيدة بما يكفي بالنسبة لي".
قالت قمر " :أوه ،ال بد لي من ذلك" " .وكل ما أفكر به اآلن يتضاءل بالمقارنة مع هدية السيف المصنوعة يدوًيا التي
صنعها لي أفضل أصدقائي .كل ذلك ألنه قلق علي " .
تمتمت بلطف " :مرحًبا" ،قلقة بشأن التغيير المفاجئ لسلوك نصير " .هل انت بخير ؟ لن أحصل على هدية مختلفة لك
إذا كنت ال تريدها .قد تندم على ذلك ،مع األخذ في االعتبار أن سالمتي ال تعني شيًئ ا " .
راقبت ،بينما كان نصير يشبه سمكة متداخلة خارج الماء .لم تتدحرج الكلمات من شفتيه ،مثل القدرة على الكالم أفلت
منه لعدة دقائق .حتى تحدث أخيًر ا .علق نصير بهدوء " :ال ،ال بأس" " .إذن هل ستسميها ؟"
أومأ برأسه إلى السيف .أجاب نصير " :النصل" " .كل سيف يحتاج إلى اسم" .
قال نصير " :سيوف متقنة الصنع كما يفعل المرء" .نظرت قمر إلى السيف بين ذراعيها .وجدت عيناها نصير " .فهل
يسمي حامد كل سيف يصنعه ؟"
" نعم".
تنهدت زعنفة " .في الغالب هبة ،إذا كانت السيوف من الفتيات .إذا كانوا أوالد ،فهم حامد " .
" كيف يمكنه التمييز ؟" سألت وهي تضحك .هز نصير كتفيه " .أنا ال أسأل ،وال أريد أن أعرف".
رفعت قمر حاجبيها " .لكنني اعتقدت أنك تريد معرفة كل شيء".
تمتمت الزعنفة بتواضع ،وتمرر يدها عبر شعره " .ليس كل شيء .اآلن بخصوص سيفك ،سميه أول ما يتبادر إلى
الذهن " .
حدقت نصير ،محدثة مظهر الكفر .التقت قمر بعيون أرجوانية ،بينما كانوا ينتظرون " .نيلي".
قالت قمر بابتسامة " :إنه سيفي" .توالت نصير عينيه عليها .كرر " اختر واحدة جديدة" .
قالت " :غير عادل" " .لقد أخبرتني أن اختر شيًئ ا يتبادر إلى الذهن".
رد نصير " :نعم ،لكن التهديد ليس مخيًفا للغاية" .
" ماذا عن جاك إذن ؟"
" فظيعة" ،حق النقض " .كما تعلم ،ربما يجب أن تعيد السيف حتى أتمكن من إخراجه من بؤسه .سأقول وداعا
لمرور تستحق العمل وأنا أذيبها " .
" أنت من أصر .صرحت قمر بإيماءة بإيماءة .توقفت مؤقًت ا ،مسرورة عندما هز نصير رأسه رافًض ا " .بليد هو ،
وليس كلمة أخرى منك".
تمتم الزعنفة " .أخشى أن أقول المزيد .ربما يمكنك التفكير في اسم أسوأ " .
تأوه .ضحكت قمر ،مستمتعة بسخط نصير " .أعطيتني السيف .يمكنني تسمية أي شيء يعجبني " .
ابتسم ابتسامة عريضة ،وعلق نصير " .إذن هذا خطأي ؟"
" بالطبع".
ذَّك ر نصير " :لم تجب على سؤالي أبًد ا" .أومأ برأسها للسيف في يديها " .هل أحببت ذلك ؟"
ثبت قمر الشفرة برفق على األرض قبل القفز إلى ذراعي الزعنفة .تم إغالق يديها بإحكام خلف رقبته .لقد سحقت نصير
في عناق .وجهها مدفون في التقاطع بين عنق نصير وكتفه .ابتسم ابتسامة عريضة قمر وهو يرتجف ،وذراعيه ملفوفة
حولها.
" شكًر ا" ،همست في أذنه ،مما أثار ارتعاًش ا آخر من أعز أصدقائها.
" على الرحب والسعة" ،تنفست نصير بحنان في أذنها .سحبت رأسها من كتفه ،والتقت عيناه البنيتان باللون
األرجواني .حدقوا في كل منهما ،تحت ضوء القمر .دفعتهم الحرارة بين األقرب .تقاطر الدفء راه رغم بطوجهها أثناء
تحركهما إلغالق المسافة.
شهيق الزعنفة الحاد دفعها إلى إحساسها .تراجعت قمر ،دفنت المشاعر التي تتوق لمشاركتها .انتزعت من العناق
وخطفت السيف من األرض .على أمل أن يؤدي ذلك إلى التخلص من إغراءها بالعودة إلى ذراعي نصير .أو تجرؤ على
التفكير في فم نصير تقريًبا على فمها.
على الرغم من أن السيف كان بين ذراعيها ،إال أن إغراء الذهاب إلى نصير نما .حدق بها ،مع حرارة اكتشفت حديثا
في عينيه .همست قمر بهدوء " :يجب أن نعود إلى الداخل" .
" نعم "،وافق نصير ،وهو يلعق شفتيه وهو يمرر يده من خالل شعره .مزقت عيناه بعيدا عن عينيها " .يجب أن
نكون" .
سارت إلى رفرف الفراء واصطدمت ب بينما كانا يحاوالن السير عبر المدخل في نفس الوقت .استنشقت بحدة .وتجمد
الزعانف .ضغط رأس السيف على صدره " .كن حذرا مع ذلك" ،ضاحك نصير بعصبية .أخذ خطوة إلى الوراء " .أنا
حقا ال أريد أن أتعرض للطعن الليلة".
" لن أحاول أيًض ا .أجابت قمر " .يجب أن تدخل أوًال ،فرصة أقل لالصطدام ببعضكما البعض مرة أخرى".
" ما لم أتوقف .ثم قد ينتهي بك األمر بطعني في ظهري " ،علق نصير .
" آمل حًقا أال" ،صرحت قمر بينما اختفى نصير من خالل رفرف الفرو .لم تهمس ألحد قبل أن تتبع نصير في
الداخل " :هنا ال يحدث شيء" .
لم يعد االحتفال النابض بالحياة الذي تركوه .بدًال من الرقص والتصفيق داخل المنزل ،سقطت مشاهد قمر على هبة
وحامد وهما يحتضنان على السجادة المنسوجة .كانت الشقراوات ملتفتين على األرض ،وكالهما نائم .كانت والدتها
مستيقظة في طرقها ،وتجلس على عمود النسيج الخاص بها بتصميم غير ثابت على وجهها .شاركت قمر لمحة بوجهها.
ثم أومأ برأسه إلى األشخاص الثالثة الذين انغمسوا كثيًر ا.
عرض نصير بحسرة " :سآخذ الشقرين" .وضعت قمر سيفها برفق على الطاولة .قالت بحسرة " :وسأحضر والدتي" .
جمعت والدتها بين ذراعيها دون اعتراض من المرأة األكبر سنا .بشكل محرج ،حملت قمر والدتها األطول إلى غرفها.
من زاوية عينها ،راقبت قمر بحسد بينما كانت نصير ترتدي كوفًر ا منسوًج ا فوق هبة وحامد .
كانت رائحة زنابق النهر تدغدغ أنفها ،متوسلة أن تحك يديها ممتلئتين .اشتكت والدتها أثناء نومها عندما سرعان ما
وضعت قمر والدتها على سريرها .خدشت قمر أنفها بارتياح حلو " .تصبحين على خير" ،تمتمت بلطف وهي تغادر
غرف والدتها.
تلمع الفضة من الموقد عندما ألقى الزعنفة غصًن ا صغيًر ا لتغذية النار .تثاءبت قمر فجأة غير قادرة على محاربة التعب
الذي يلوح في األفق عليها " .هي نائمة ؟" استجوب نصير .
أومأت قمر برأسها .انتقلت إلى الطاولة ،وتنظف الطعام واألكواب ببطء " .أشك في أنها ستستدير حتى في الليل".
أشارت إلى هبة وحامد " .ماذا عنهم ؟"
" كالهما سوف يندم على شرب أربعة أباريق من بين الثالثة منهم".
أومأت الزعانف برأسها ،وتحركت لتساعدها في الطاولة " .نعم .لقد فعلوا".
ال تزال الموسيقى تتردد من القرية بينما كانت قمر تهز رأسها " .لم نكن بالخارج لفترة طويلة".
دّست قمر في الجزء الخلفي من رفرف المنزل ،وألقت بقايا الطعام بالخارج على األشجار .عندما عادت بعد دقائق ،
علقت بعناية " .يجعلني كيف حال بقية القرية .ألم يحن الوقت ليتوقف كل شخص هناك عن الشرب والرقص ؟ "
توالت نصير عينيه " .وأوقفوا هذا االحتفال الرائع تماًما ؟ ال أعتقد" -
مع الهدوء المفاجئ ،أصبحت قمر منهكة للغاية مع مرور الثواني " .هل أنت مستعد للنوم ؟"
تثاءب نصير ،لكنه خنقها بظهر يده .أومأ برأسه " أنا هو" " .سأصلح نفسي على واحدة من هذه الحصائر".
قمر تسكي ،وهزت رأسها " .ال يمكنني السماح لك بالنوم على حصيرة .ليس منذ أن شاركنا فراشي من قبل " .
احتج نصير قائًال " :أنا ال أستطيع" .احمر خديه باللون الوردي الوردي ،وقوس قمر حاجبها " .هل حقا ؟ ألنني متعب
جًد ا من الجدال ذهاًبا وإياًبا حول هذه الزعنفة .فقط استسلم وسنذهب إلى الفراش مبكرا " .
فتح نصير فمه ،كأن خيط احتجاج يريد أن ينسكب من شفتيه .ثم تنهد وهو يقرص جسر أنفه " .هل أنت متأكد ؟"
مشيت إلى غرفتها .وُسحب غطاء الفرو فوق كتفها .تمتمت " :ما كنت ألقول أي شيء لو لم أفعل" .
تنهدت قمر وهي تفرك عينيها " .نعم .نعم أنا متأكد .حتى عجلوا".
غير متأكدة من قرار نصير ،دخلت قمر في غرفها .تركته في الغرفة الرئيسية للتوفيق بين خياراته .وبإرهاق ،خلعت
صندلها بتكاسل ،غير مهتمة بمكان وجودهما .وقعت .زحف إلى فراشها مع أنين .قلبت قمر غطائها على جسدها ،حتى
كتفها ،لتغطي أذنها.
عندما جذبها الدفء من األغطية إلى بدايات النوم ،كان هناك نسيم بارد .ثم أحاط إطار أكثر صالبة ودفًئ ا بها .تم تثبيت
أحد ذراعي نصير فوق خصرها .عبرت فرش شفاه ناعمة على مؤخرة رقبتها " .تصبح على خير قمر " ،غمغم نصير
.
" صباح الخير يا زعنفة" ،ردت عليها بضيق قبل أن يقهرها النوم.
وقد استمر االحتفال بقدوم سن الرشد واحتفال المسارات ثالثة أيام أخرى .في اليوم الثاني ،لم يتحرك هبة وال حامد
طواعية من موقعهما على الحصير .باستثناء مياه الشرب التي جلبتها الزعنفة .قامت قمر بطهي الطعام في تلك الليلة– .
الحزن بثالثية في بيت البيت على معدة حساسة .في وقت الحق من تلك الليلة ،اضطرت هي ونصير إلى تنظيف
األوساخ التي تسببت فيها روائح العشاء .من أجل االنتقام القاسي ،شربت قمر أمام و ،وكانت تراقبهما يتحوالن إلى
ظل أخضر قاتم من الرائحة وحدها .تنازلت عنها الشقراوات مع تذمر السخط.
كانت والدتها في حالة أفضل من األخريات ،لكن رائحة الطعام أصابتها بالغثيان .تجنبت قمر تناول الطعام عند المدخل.
كان هناك الكثير من المرض الذي يمكنها تنظيفه دون أن تفقد عشاءها .تم استخدام جميع األغطية المنسوجة المتاحة عندما
بدأت الموسيقى مرة أخرى على أمل كتم الصوت .انجرفت الموسيقى بصوت عاٍل من القرية إلى داخل المنزل.
امتدت فرحة هذه الليلة لفترة أطول من الليلة السابقة .لعبت الموسيقى حتى الضوء األول .عندما أزهر اللون األصفر في
السماء ،استقرت قمر في سريرها مع نصير لبعض النوم.
قطعت الفروع خلفها ،في ظلمة خط الشجرة .خفق قلبها على القفص الصدري ،في انتظار الهجوم الوشيك .وجاءت
الشتائم المنخفضة بدال من ذلك.
ابتسمت عندما قطعت المزيد من األغصان ،تبعها المزيد من الشتائم " .يجب أن تتخلى حًق ا عن محاولة تخويفي حامد "
،علقت عندما عادت لتنظر إلى القمر .كان هناك المزيد من الطقطقة حتى سمعت أحدهم يتنهد.
انضم إليها حامد سجل الشجرة الساقطة " .كيف عرفت أنه أنا ؟"
حركت سيفها لتجلس بينهما منتصبة .ردت قائلة " :ال يمكن للبطالتين أن يلعنوا والمغيرين لن يفعلوا إذا كانوا يحاولون
التسلل إلى شخص ما" .ثم أضافت " .باإلضافة إلى و ،أعلم بشكل أفضل".
" وأنت خبير في لعبة الوحش والمغيرين إذن ؟" استفسر حامد .ردت قمر بالرد " .و انت ؟"
أجاب حامد وهو ينفخ صدره " :ليس بعد" " .من خالل هذا الممر القادم سأكون .سوف أتعلم كيفية تعقب الوحش
والغزاة على حد سواء ،وبعد ذلك سأتدرب على قتلهم " .
" هذا هو "...بدأت قمر في الغناء- " .إذا لم تسقط من الرجل البني وتكسر رقبتك أوًال".
هز حامد رأسه " .أنت تشعر بالغيرة فقط ألنك لن تصاب بالرجل البني عندما تقوم بدوريات".
" ها!" بكت حامد بسعادة ،وطعنت بإصبعها على كتفها " .لقد فاجأتك أخيًر ا".
أعطت حامد نظرة مسطحة " .التخويف والمفاجأة ليسا نفس الشيء".
هز حامد كتفيه " .ربما ...سرقت كتابه المفضل وأخفيه حتى أخبرني".
دفعت قمر شفتيها مًع ا في خط رفيع " .كيف علمت بالضبط أن نصير كان يخفي شيًئ ا عنك ؟ وهل أعدت كتابه إليه من
قبل منذ أن أخبرك ؟ سليمة هذه المرة ؟ "
" مهال!" اعترض حامد " .كان ذلك مرة واحدة .أنا تعثرت .ألم يكن خطئي أن كتابه انتهى به المطاف في الموقد ؟ تمام
؟ لقد طارت من يدي كما لو كانت تطير وأرادت أن تهبط في النار .لإلجابة على سؤالك األول ...أنا ال أكشف عن طرقي
السرية " .
" لقد أخبرتني بسر الشجرة الدائمة التي وجدتها واستخدمتها لتجميد سترة الزعنفة" ،تذكر قمر .تنهد الصبي األشقر
بجانبها ،وهو يهز رأسه في خيبة أمل وهمية .رد حامد بحزن بحزن " :حسًن ا ،كنت آمل أن تجرب نفس المزحة عليه ،
لكنك لم تفعلها أبًد ا" .
" لذا إذا خدعت نصير ،ستخبرني ؟" سأل قمر .
حامد هز رأسه " .ال فائدة من ذلك اآلن .لم تره طوال األسبوع الماضي .حتى أنا ال أراه كثيًر ا وأعيش مع الرجل .لقد
فهمت األمر ذات ليلة عندما سألني عما إذا كنت قد صنعت دروًع ا معدنية من قبل " .
بدأ " و "-حامد قبل أن يتخلف .نظرت إليها عيناه الزرقاوان قبل المتابعة - " .لقد ألقى تلك النظرة الغريبة عنه ؛ عين
زجاجية وما ال .ثم حصل على هذا الوجه الغريب اآلخر ،والذي عادة ما يكون مخصًص ا لي عندما يناديني عقلًيا باألحمق
أو شيء من هذا القبيل " .
امتنعت قمر عن إلقاء نفس النظرة على حامد .وبدًال من ذلك سألت " ،ماذا كانت إجابتك ؟"
قعر حامد ،كما لو أنه نسي أن لديه المزيد ليشرحه " .أخبرته أن راكبي الحدود سيحصلون على دروع تقليدية .ثم
صدمني أنه لم يكن يتحدث عني .لكن شخص آخر .أنت".
" هل حصلت على كل هذا من نظرة واحدة ؟" الحظ قمر بالكفر .هز حامد كتفيه بجانبها " .كانت عيناه القمرية هدية".
عندما فتحت قمر فمها للدفاع عن نصير ،قائلة إنه ال يوجد مثل هذا المظهر ،تابع حامد " .كما ذكرت ،أنا أعيش مع
الرجل .يمكنني فك رموز مظهره بقدر ما تستطيع ،وربما أفضل .إنه قلق عليك ،حتى لو لم يخبرك بذلك " .
نقرت على غمد الجلد الجديد الذي يغطي الشفرة الحادة " .ال ينبغي أن يكون .لدي هذا اآلن " .نقرت قمر على المقبض
الفضي.
قال حامد إن األمور تزداد جدية فجأة " .هذا ليس نحن قلقون بشأنه .تذكر أبي رؤيتك أيام االحتفاالت .لماذا لم تخبرنا ؟
"
" رأتني نصير هناك" ،قالت ،إلبالغ حامد .هز رأسه " .نعم ،قال لي ،لكنك لم تقل أي شيء ألي منا عن التعثر في
الحداد .أنت محظوظ ألنه معروف باسم القرية في حالة سكر ،لم يصدقه الحكماء عندما اقتحم مجلسهم " .
تلعثمت عندما هز الذعر قلبها " .قال –" خففت بهدوء ،كما لو كانت تنفث .أسكتها حامد بيد على كتفها وابتسامة
ملتوية " .لن أصاب بالذعر .ألم تتساءل أين ذهبت كل أباريق ؟ قال بغمزة " :أنا أقول لك أن اإلفراط في شرب الخمر قد
يسبب الهلوسة" .
ثم عبس الصبي األشقر بينما استمرت قمر في التحديق " .ماذا او ما ؟" صرير حامد دفاعًيا " .لم أكن وحدي .ساعد
نصير أيضا .وكانت هذه مرة واحدة فقط ،وقد ساعدتك .فهل ستتوقف عن النظر إلي هكذا ؟ "
هبة رت قمر رأسها بعيًد ا ،ناظرة إلى العشب الزمردي تحت ضوء القمر " .عليك حًق ا أن تكون أكثر حرًص ا في المرة
القادمة التي تقرر فيها التجول في القرية" ،غمغم حامد " .لقد كدت أن تقتله من القلق أو على األقل تسببت في موته
مرتين".
" أخبر نصير أنا آسف إذن ،وفي المرة القادمة التي قررت فيها التسلل إلى القرية ،سأخبر كالكما مسبًقا" ،صرحت
قمر .ثم أضافت " .شكرا لك".
" هل كان هذا االمتنان لي ؟ من أجل الزعنفة ؟ كال منا ؟ أنا في حيرة من أمري " ،سخر حامد بابتسامة على وجهه.
دفعت قمر كتفها إليه ،وأرسلت حامد من جذع الشجرة الساقطة ،ليهبط على ظهره مع تأوه " .ألجل نصير إذن ؟"
قدمت يدها إلى حامد ،الذي أخذها على الفور " .شكرا".
سأل عندما عاد حامد إلى موقعه األصلي على جذوع األشجار المتساقطة " .هل يمكنني أن أطرح عليك سؤاًال آخر دون
أن يتم إقصائي من السجل مرة أخرى ؟"
" بالتأكيد".
هبطت عيناها على النصل .كانت تداعب المقبض وهي تجيب " .أحبها".
" حسن .كان نصير فخورًا بذلك بالتأكيد .قال حامد بينما كانت عيناه الزرقاوان تدرسان على الغمد الجلدي األسود فوق
السيف ،اعتقدت أنني ال أتذكره يصنع غمًد ا لذلك " .ادعى أنه رديء في التالعب بالجلد".
" نصير فخورة بذلك" ،أكدت قمر وهي تبتسم " .لقد كان صورة للعجرفة المتواضعة وقد ذكر أن لديك يًد ا فيها أيًض ا".
شم حامد " .العجرفة المتواضعة إيه ؟ لم أر نصير مثل هذا من قبل " .هز رأسه " .نصير كاذب .لم يكن لدي أي
جزء من إنشائه .كنت مشغوًال إما بتدريب الظل ،والسجال معك وقضاء الوقت مع مخلوقي اللطيف" .
" على ماذا تشكرني ؟" سأل حامد " .أنا لم أفعل ذلك".
تنهدت قمر " .أنا أشكرك على المجاملة مع األخذ في االعتبار أنني من صنعتها".
انتزع حامد السيف ملوًح ا به على وجهها " .لقد فعلتها ؟ هذه ؟" تردد صدى حماسته عبر األشجار .انحنى قمر للخلف ،
مبتعًد ا قليًال.
شاهدت حامد يتتبع أنملة إصبعه فوق اللبالب المحفور في الجلد " .هذا هو…"
" جميلة ؟" عرضت قمر بينما أومأ حامد " .نعم .انت قلت ذلك".
حدقت في ذرة القمر في السماء " .لقد كان لدي متسع من الوقت لنفسي مؤخًر ا .متسع من الوقت للتمرن " .
جاء تنهيدة صغيرة من بجانبها ،حيث كان رأس حامد يتدلى مع كتفيه .غطى شعره بطول كتفه وجهه وهو يتكلم " .قمر
...سنكون جميًع ا هنا إذا استطعنا .لم يكن أحد منا يعرف كيف أن سن الرشد ومراسم الطريق يمكن أن تغير حياتنا .إذا
كان لدينا خيارنا" -
" أنا آسف" ،اعتذرت قمر بلطف " .أنا آسف إذا بدا األمر وكأنني كنت أشتكي .لم أكن كذلك .أفهم أنكم جميًع ا
مشغولون .قلتها بنفسك ،بالكاد ترى نصير بين التظليل كحارس وحكيم .ربما تمر األيام قبل أن ترى هبة " .
بلطف ،سحبت قمر السيف من يدي حامد .عرضت عليها وهي تنقر على الجلد األسود " :يمكنني أن أعلمك" " .انها
ليست صعبة".
أجاب حامد " :ال أستطيع" .استنزف كل حماسه من الغمد الجلدي " .أنا ذاهب للتدريب".
جلدت رأسها إلى حامد ،وهي تتفحص وجهه وهو يحدق في القرية.
" للتدريب" ،كرر حامد وأعطاه قمر نظرة " .أنا أعرف ذلك ،ولكن كيف ذلك ؟"
تدخلت قمر " .لكن مر أسبوع فقط على االحتفاالت .راكبو الحدود ال يغادرون لشهر آخر بعد " .
" عادة" ،أومأ حامد بحسرة .ثم تابع " .لكنني تلقيت استدعاًء قبل ثالثة أيام من راكبي الحدود ،يفيد بأننا سنغادر مبكًر ا
بسبب الهجمات المتزايدة".
تمتمت قمر ساخرة " :المغيرون يميلون إلى الغارة" " .هل هبة ونصير يعلمان ؟"
تنهد حامد " :هبة تفعل" .يفرك يده على وجهه " .وآمل أن أرى نصير قبل المغادرة .إذا لم يكن كذلك ،فسيخبره هبة
عندما يعود إلى الحداد في الصباح " .
أومأت قمر برأسها ،وتركت الصمت يسقط على محادثتهما .تنحت حلقها ،والتقت عيناها بعيون حامد " .نظًر ا ألنك
تغادر من أجل مرور ،وأنا أفترض فقط أنك و "...تراجعت عندما عبس حامد ،تاركة كلماتها األخيرة غير مفهومة.
ابتلعت وزفر " .كيف حالك ؟"
مألت حامد قائلة " :لقد افترضت والدتها نفس الشيء" ،لمعرفة ما ستقوله .قاطعت قمر قبل أن يتمكن حامد من قول
المزيد " .لم أكن أقصد األمر على هذا النحو" ،دافعت عندما كان حامد يهاجمها " .أنت تعلم أنني دعمت دائًما أنت
وهبة ،حتى من خالل مشاكلك من جانب واحد".
" قضايا من جانب واحد" ،سخر من حامد بابتسامة ملتوية .هزت قمر كتفيها عندما ألقت الشقراء ذراعه على كتفيها.
طمأن حامد قائًال " :أعرف ،ولهذا السبب أنت أول من عرف أن هبة وافقت على انتظاري .انها بلدي الموعودة .وفي
اللحظة التي أعود فيها ،سنكون مستعبدين " .ثم أضاف متعجرًف ا " .لفزع والدتها".
صاح قمر .فاجأ حامد المسكين عندما شدته من أجل عناق " .هذا رائع! ال أصدق أنك سألتها! "
ابتعد حامد عن العناق بسعال .التقت عيناه الزرقاوان بعينيها حيث أمسك حامد بكتفيها في يديه " .أعلم أنني انتهيت للتو
من إخبارك أن تكون حذًر ا عندما تغامر بدخول القرية .لكن هل تعتقد أنك يمكن أن تكون هناك ؟ في ترابطنا ؟ "
ابتسمت قمر " :لم يكن عليك حتى أن تسأل" " .لن أفوتها .ممنوع أم ال .أعدك بأنني سأكون هناك " .
في المقابل ،ابتسم حامد وربت على كتفيها " .حسن .هبة آمل أن تكون هناك " .
سخرت قمر ،ثم سخرت " .ولم تكن كذلك ؟" بدأت تضحك عندما دفعها حامد بشكل هزلي ،محاواًل إخراجها من
جذوع األشجار المتساقطة " .كنت أول من يعلم ،وطلبت منك أن تكون هناك ،فما رأيك ؟" سأل حامد .
ردت بسخرية " :لست متأكدة أنني أستطيع فعل ذلك . "...فجأة دفعها حامد من جذوع األشجار الساقطة .سقطت قمر
على ظهرها .تتدلى قدماها في الهواء .قال حامد ضاحًك ا وهو ينظر إليها بابتسامة " :أنت تستحق ذلك" .ثم قدم لها يديه.
" بالطبع فعلت" ،وافقت بشكل قاطع بينما كان حامد يرفعها " .اآلن عدنا إلى موضوع ...كيف حالها ؟ لقد قلت من
قبل أن والدتها كانت ضد كونكما مًع ا" -
قاطعه حامد بصخب ساخط " .ضد "...بصق بغضب " .هي كلمة طيبة لوصف مدى معارضة والدتها لترابطنا .كان
هبة يتاجر مع المتغذى ،رجل أكبر بعشرين عاًما ،لمجرد ما يكفي من اللحم وقوة التنوير " .
قالت قمر باشمئزاز " :اعتقدت والدتها أن هذا هو كل ما تستحقه" " .ولكن بما أنها قالت نعم لكي تصبح الشخص
الموعود به ،فال يمكن مقايضتها بالمتذوق".
نظرت إلى حامد ،ومن دراسة جانب وجهه .كانت تعلم أن هناك المزيد " .ماذا حدث أيًض ا ؟"
" تم طرد هبة من منزل المعالج من قبل والدتها .أجاب حامد " :إنها تعيش معي ونصير في الحداد" .هزت قمر
رأسها " .لقد ظللت في منزل المعالج ،وال تستطيع والدتها منعها من ذلك".
شم الصبي األشقر " .ال ،والدتها ال تستطيع ،لكنها تجبر هبة على القيام بالمهام األسوأ على أمل تغيير رأيها مني".
فتحت قمر فمها لتتحدث ،لكن حامد استمر " .والدتها قالت لها الكثير" .
تمتم قمر " :وسأستمر في قول ذلك" " .كيف حال هبة من خالل كل هذا ؟ هل هي بخير ؟ "
تنهد ،فرك حامد يده على وجهه ،ثم تنهد " .شكل الئق ،على ما أعتقد .النظر في ما تضعه والدتها من أجلي " .تنهد
حامد مرة أخرى " .انا قلق".
" هبة تحب والدتها ،وأنا أعلم أنه يؤلمها أن تضطر لالختيار بيننا .أخشى أنه بحلول الوقت الذي أعود فيه ،سوف
تكون مرتبطة بالطعام " ،تنفس حامد ،وارتجف صوته من االنفعال.
قامت قمر بالزفير ببطء قبل أن تصفع يدها على رأس حامد .طلبت بحدة " اخرس" " .هبة تحبك".
هز كتفيه .تمتم حامد " :في بعض األحيان ال يكون الحب كافًيا" .ارتجفت يد قمر وهي تصارع الرغبة الشديدة في
ضربه مرة أخرى .مع منهبة ته باألحمق .حتى قبل أن تتمكن من ذلك ،استمر حامد بهدوء " .هل يمكنك أن تصنع لي
معروًف ا أثناء رحيلي ؟"
" اى شى".
" هل يمكنك تذكير هبة كم أحبها ؟ أجاب حامد ،ربما أذكر اسمي كل يوم أو نحو ذلك .ثم ابتسم ابتسامة عريضة ،
مضيًف ا " :من المحتمل أن تعمل عشرين أو خمسين مرة في اليوم" .
هبة رت قمر عينيها وهزت رأسها " .سوف احاول .لكن لو كنت مكانها ،لوجدت خمسين مرة أو قدًر ا سخيًفا آخر من
اسمك ...سخيف .ال يمكنك فقط الكتابة لها ؟ أال يسمح المتسابقون على الحدود بذلك ؟ ثم يمكنك كتابتها بنفسك " .
أجاب حامد " :لقد فكرت في األمر" " .لكن ،المشكلة في ذلك يجب أن أتعلم .على عكس العديد من المتسابقين على
الحدود مع عصر التنوير ،لم أتعلم القراءة أو الكتابة مطلًق ا لكوني غير مستنير " .
" إذا كان ذلك يجعلك تشعر بتحسن ،ال يمكنني الكتابة أيًض ا" ،تعزية قمر وهي تربت بلطف على ظهر حامد .
أجاب حامد بحسرة " :ليس حًق ا" .كانت عيناه تحدقان في القرية باألسفل " .إذن عشرين مرة في اليوم ؟" استفزت ،
على أمل تغيير الموضوع بعيًد ا عن األمور المحبطة.
ابتسم حامد ،على الرغم من أن ظل األلم ال يزال يكمن في عينيه .أجاب " :إذا كان بإمكانك هبة رة خمسين ،فسيكون
ذلك رائًع ا أيًض ا" .هبة رت قمر عينيها ...مرة أخرى.
عرضت " عشرة" على قمر ،وهي تقاتل ضد ابتسامة أخرى تهدد بالسقوط على شفتيها.
" ماذا حدث لعشرة ؟" احتج على حامد ،وابتسمت قمر في النهاية " .عشرة تعمل بالنسبة لي أيًض ا".
كانت الشقراء تحدق بها مندهشة " .لقد خدعتني!" اتهم حامد بعدم تمكنه من الحفاظ على ابتسامته أثناء محاولته
توبيخها " .إنها ليلتي األخيرة في قريتنا وقد خدعتني .يجب أن تخجل من نفسك".
صعدت قمر رأسها نحو حامد " .أنت لست ميتا .أنت تغادر القرية .لذا توقف عن التمثيل وكأنك ماتت للتو .ما لم
تفعل ...هل أنت ميت ؟ "
" ال" ،أجاب حامد بعناية ،غير متأكد من سؤالها ؛ يتصرف وكأنه ينتظر خدعة أخرى " .بقدر ما أعرف ،ما زلت
هنا".
قالت " :إذن هذه ليست ليلتك األخيرة" .ثم ابتسم " .وهذا ال يخدعك ،إنه ببساطة معرفة كيف يعمل عقلك وتطبيق هذا
المنطق .إنه ألمر مرعب للغاية أن تكون أنت " .
ربت على ظهر حامد " .إنها لمرة واحدة فقط "،تعزية " .ستعود .أنت لست ميتا " .
اعترض حامد قائًال " :لم يكن ذلك مضحًك ا في المرة األولى" .أراينا همهمة في شكر وتقدير لتذمر حامد " .أعتقد أن
النمو جعلك حامد ممًال .ماذا حدث لروح الدعابة الخاصة بك ؟ "
" لم يحدث شيء" ،تأوه حامد وهو واقف .امتد .ارتفعت ذراعيه عاليًا فوق رأسه ،وارتعدت قمر عندما انطلقت
أصوات الفرقعة أسفل ظهر حامد .اشتكت قمر " :بدا ذلك فظيًع ا" .أنزل حامد ذراعيه إلى جانبيه مع تأوه مرتاح.
وافق " :أنا أعلم" ،ثم أضاف " .لن يبدو األمر أفضل عندما أكون بعيًد ا".
" نعم نعم .أعلم أنك ستغادر " .لست بحاجة لتذكيرني" ،قالت قمر وهي تلوح بيدها بشكل كبير .وقفت ومدت أيضا.
بدون التصدع الرهيب المتضمن " .ربما يجب أن تنام وتتذوق المذاق األخير لملف سرير مناسب" ،أشارت تأوًها.
حامد " .هذه فكرة جيدة" ،غمغم .هزت كتفيها " .أنا أعرف .يحدث ذلك " .
ساد الصمت فوقهم بينما كان حامد يلقي نظرة عليها ،وهو يجر قدميه بتردد .قابلت العيون الزرقاء الحزينة وجهها بينما
كان حامد يتحدث " .وداعا األن ؟" تمتم بلطف.
ابتسمت بحزن ،مطابقة بال شك نفس تعبير وجه حامد .سحبت قمر حامد في عناق غير متوقع ،هذه المرة مع األخذ
في االعتبار قوتها .تحطم وجهها على صدره بسبب اختالف الطول وضغطت ذراعيها حول شقيقها .وعدت " في الوقت
الراهن" " .عد إلينا جميًع ا".
أجاب حامد " :سأبذل قصارى جهدي" ،وهو يربت على ظهرها بلطف قبل أن يبتعد " .يعتني".
شاهدت قمر كيف اختفى حامد في خط األشجار .من خالل األشجار المقمرة ،كان بإمكانها رؤية شعر أشقر يتألأل بينما
كانت تركز على الحصول على آخر مظهر ألخيها بعد مروره .قبل أن يتركهم وراءهم.
في البداية ،غادرت قذائف الرعد من الرجال البنيون القرية .شاهدت قمر ركاب الحدود وهم يغادرون ،متسائلة من هو
حامد .مر اليوم كله كما لو أن شيًئ ا ما كان مفقوًد ا .كظالم دامس حل على القرية ،أو على األقل على مسكنها .أمضت
قمر معظم النهار نائمة ،وفي وقت الحق من ذلك المساء ،أدركت ذلك وهي تحمل سيفها في يدها ونجوم فوق رأسها .لن
يكون حامد هناك.
جلست قمر على جذع الشجرة الساقطة بحسرة .والمثير للدهشة أنه في وقت الحق من تلك الليلة انضم إليها نصير وهبة
باكًيا .فتحت قمر ذراعيها للفتاة الشقراء ،التي تعاملت معها بكل سرور في سخط من الدموع.
بينما كانت تواسي هبة ،انجرفت ذراع أخرى عبر كتفيها .قابلت العيون األرجواني وجهها في وداع حزين .أدركت قمر
فقط أن الوداع في القرية كان صعب التحمل .بيدها الحرة ،شبكت قمر أصابعها بأصابع نصير أثناء تحركهما لعقد هبة .
لساعات بقوا .تحت الشفق ،تمسك بعضنا البعض ،وتنتظر بفارغ الصبر عودة حامد بأمان.
في ذلك المساء وضع حامد تحت النجوم نفسها .كان برودة األرض شديدة االنحدار في ظهره وهو يحدق في القمر
األبيض فوق رأسه عبر البقع الكثيفة من األشجار .منذ أن كان برعًما ،كان يحلم بهذه اللحظة .يتنفس في الهواء الطلق
بعيدا عن والده والحدادة .كرجل ،كان يتوق إلى المنزل.
المنزل ،ليس الحداد المليء بالدخان .لكن المنزل من األصدقاء الذين عرفهم كانوا يحدقون في القمر في سماء الليل.
بعد فترة وجيزة ،اختفى ضباب القرويين وعاد كل شيء إلى ما كان عليه .نوعا ما.
بدون حامد ،أمضت قمر وقًت ا أطول بمفردها مما اعتقدته في األصل .ما كان يحدث ليلًيا ،سرعان ما أصبح االجتماع
على قمة التل زيارات نادرة .مع مرور األشهر ،لم يكن هناك سوى بضع مرات رأت فيها و مًعا.
كان وقتها مع متكرًر ا .كانت على األقل هي الفتاة الشقراء كل يوم .بينما عملت قمر على إتقان أسلوب السيف الخاص
بها ،كانت تثرثر حول حامد .أو عن عقد اللؤلؤ الذي كان يخص أمه ذات يوم .أو عن تفاصيل الترابط التي – حسب
رأي قمر – ال تهم حًق ا .في كلتا الحالتين ،فإن وعدها لحامد أصبح عفا عليه الزمن ،معتبرا أن هبة كانت تعمل بشكل
جيد في حاجه تذكره.
لم يمض وقت قصير بعد أن بدأت هبة تتحدث عن الزهور ،هل بدأت قمر في القيام بدوريات على الحدود حول القرية.
كان قمة التل صورة مرسومة للهدوء .ازدهر السالم بين كل قطرة من الرياح تقبيل على العشب األخضر .رقصت كل
نباتات متعددة األلوان ،تنجرف في مهب الريح مع األشجار المتساقطة .اإلشارة إلى الوصول الوشيك لركاب الحدود.
حفيف األوراق على األغصان في رقصة ال تنتهي .حلقت الطيور في السماء الزرقاء الواضحة ،وهي منشغلة برعاية
فراخها .سارعت مخلوقات صغيرة حولها ،مستمتعة بأشعة الشمس الوامضة بعد عدة أيام من المطر.
لم يقتصر األمر على طنين النحل أثناء التنقل من زهرة إلى زهرة ،بل قام أيًض ا بطنين القرية .صرخات متحمسة
وهتاف يتردد صداها من امالور .جنبا إلى جنب مع الثرثرة المزدحمة الصاخبة .انتظر الجميع بهدوء وصول ركاب
الحدود .إنهم يمرون للعودة بعد أن طال انتظارهم.
كان هناك شخص واحد فقط عكس الهدوء .انقلبت أمواج الماهوجني الطويلة بشراسة على كتفها وهي تقفز على قدميها ،
عندما سمعت صوت قريب من الرجل البني .حدقت عيناها الخمريتان ،وهي تنظر إلى مدخل القرية في انتظار تسعة
رجال بني لالقتراب .عندما توقف الرعد .تنهدت قمر للمرة األلف.
" قمر ! اجلس!" التقطت هبة بانفعال ،ومن الواضح أن االنزعاج محفور على مالمحها .لم تنظر من حجرها بينما
كانت تعمل على إكليل الزهور غير المكتمل " .كنت يجري سخيفة".
" أنا لست" قاتلت قمر ،وقطعت هبة عينيها الزرقاوين من مشروعها " .أنتم!" أعلنت الفتاة الشقراء وهي تلوح بزهرة
فنجان بيضاء في قمر " .وإذا واصلت القفز هكذا ،فسوف تكسر رقبتي .اآلن ،اجعل نفسك مفيًد ا وسلمني هذا الخيط
األحمر " .
نظرت قمر إلى نصير ،وهي تسلم الكومة الحمراء من الخيط إلى الشقراء المحبطة .التقت عيون النيلي مع عينيها لمدة
دقيقة ،قبل أن تعود إلى التالعب بالجلد من أجل غمد آخر.
" أنا أتفق مع هبة " ،تمتم بتواضع حتى ال تسمعه سوى قمر .تالشى أي أمل في المساعدة مع خوف نصير المتزايد
من هبة منذ أن تحولت الشقراء إلى الجنون وهي تخطط لترابطها .ثم تابع الرجل ذو الشعر الفضي " .لن يؤدي أي قدر
من القفز إلى عودة حامد بشكل أسرع".
سقطت على جذع الشجرة الساقطة بتنهيدة منخفضة مهزومة .ركبت قمر مرفقيها على ركبتيها ،ورفعت رأسها في يدها
بتكاسل " .أنا ال أفهم كيف أن أيا منكم هو صورة الهدوء التام "،اشتكت ،ثم نظرت إلى هبة " .أنت مرتبط به
وتتصرف وكأنه ال شيء".
" هدوء ؟ ال شيئ ؟" ردد صدى هبة بصوت مروع .قامت بفك تشابك الخيط األحمر من منتصف إكليل الترابط من
أصابعها " .قد أبدو هادًئ ا ،لكني أتوق لرؤية حامد مثلك .لقد قضيت وفاته .تركت وحدها لتخطيط الترابط بيننا .واآلن ،
ال يمكنني حتى صنع إكليل الترابط هذا بشكل صحيح .أستمر في التشابك فيه! " أزمرت هبة وهي تحاول رميها .انهار ،
وهبطت عند قدميها.
عرضت نصير " ،يمكنني المساعدة" ،الذي سكت سريًع ا عندما أعطته هبة وهًج ا هائًال من الجانب اآلخر من جذوع
األشجار الساقطة " .ال ،شكًر ا لك نصير لين .أنت تعلم أنني يجب أن أكون الشخص إلنهاء هذا " .
وصلت نصير عبر قمر لالستمتاع بكومة من الزهور عند قدمي هبة .أمسك بتردد آخر زهرة ذهبية من الكومة وتفقدها.
" بارك الحكماء ترابطك بإعطائك هذه الزهور ،لتلتصق إلى األبد مثل الشمس والقمر ".حمل الزهرة الشائكة في يده " ،
زهرة الصرايا تمثل الشمس" .
نظرت عيناه إلى أوراق السرخس الفضية على الكومة " ،سرخس نيما يمثل القمر .متى أعطوك هذه ؟ "
ردت هبة " "-وهي تقطف زهرة الصيرا من قبضة نصير .نسجت هبة الزهرة الذهبية بحذر شديد حول شوك شوكي
أخضر شاحب وبرعم جيسيما األبيض ؛ تمثل كلتا الزهرتين بركات الخصوبة لكل من الموعودات " .لذا إذا كنت ال تمانع
،توقف عن لمس إكليلي من الترابط .أنا بحاجة إلنهائه قبل الغد " .
" أين ريش الترابط الخاص بك ؟" سأل نصير وهو ينظر إلى الكومة عند قدمي هبة " .أال تحتاجهم ؟"
" الريش ؟" ردد قمر " .لماذا تحتاج الريش ؟ لماذا هم ؟ "
" لماذا الكثير من األسئلة حول الريش ؟" قطعت هبة بحرارة .ألقت إكليل الزهور في اإلحباط .دارت هبة على قمر
بغضب " .أنت بعيد عن هذه القرية ،كيف ال تعرف شيًئ ا عن ربط الريش ؟"
هزت قمر كتفيها .تجاهلت تموج بطنها " .أنا وصمة عار .أجابت محدقة في هبة بوضوح .علقت الشقراء رأسها خجال.
اعتذرت هبة قائلة " :أنا آسف ...أحياًن ا أنسى ما يسموكه الحكماء" .
" حسًن ا ،هذا أفضل من ذي قبل" ،قالت قمر مازحة ،ابتسامتها لم تصل إلى عينيها تماًما .كانت بطنها ال تزال ملتوية
من فكرة نبتتها الحقيقية .قامت قمر بتطهير حلقها " .إذن ما هو الريش ؟"
بدأ فيلم " الريش" هبة بهدوء .ال يزال الخجل يمأل خديها .نظرت إلى نصير .أمرت " أنت تشرح" .تنهدت زعنفة.
" يعطي أحد الوالدين أو كالهما األنثى المقصودة للربط ريشة تمثلها على إكليل الوالد .تتمثل وظيفة في العثور على
ريش يطابقها لتمثيل عدد األطفال الذين ستنجبهم هي وحامد " ،أوضح نصير وعيناه تشرقان.
" وحتى اآلن ،ليس لدي أي شيء!" صرخت هبة " .أين من المفترض أن أجد ريًش ا مثل هذا ؟"
سحبت هبة ريشة من أعماق الكومة ورفعتها عاليًا .توهج األبيض النقي من ضوء الشمس وهي تديره بأطراف أصابعها.
" إذا كان لدى أي شخص أي أفكار ،فأنا يائس في هذه المرحلة" ،اشتكى هبة .
حدقت قمر في الريشة وهزت رأسها .في حالة عدم تصديق ،كانت ال تزال منومة مغناطيسًيا بالريش المذهل الذي ينتمي
إلى طائر لم تره من قبل " .أين"-
" انا ال اعرف!" توقف هبة .حررت أصابعها وألقت إكليل الترابط فوق الزهور ،وسحقتهما وهي واقفة .دقت خطىها
على العشب األخضر وهي تطأ قدمها بخطى عدائية " .لقد سألت والدتي ولم تقل شيًئ ا مفيًد ا .من المفترض أنها وجدتها
تتساقط في مهب الريح .لقد بحثت في كل مكان وال شيء .حتى أنني سألت خبير الطعام عما إذا كان قد رأى شيًئ ا كهذا
وقال ال! "
" أنت تعلم أن إكليل الترابط هو للعرض فقط "...بدأ نصير ،وتم إسكاته عندما كانت كلتا األنثيين تحدقان به.
" لقد ذهبت لتمرير وكل ما زلت هنا ؟ أنا ال أعرف عنك لكن األشهر الباردة كانت مروعة هذا الزمان " .
قفز هبة ،قمر ،نصير على أقدامهم واستداروا في نفس الوقت للعثور على حامد .اتسعت العيون الزرقاء والبنية
واألرجوانية بشكل مفاجئ ،فقط لتجد حامد يبتسم لهم " .حسًن ا ،هل لدى أي شخص أي شيء آخر ليقوله ؟ أشعر وكأنني
أتحدث مع نفسي هنا " .
كان هناك ضبابية من شقراء حلقت عبر قمر بدفعة شريرة في كتفها .تعثرت قمر بين ذراعي نصير المذهولين بينما
ركضت هبة إلى حامد في صيحة .تردد صدى الضحك في الهواء بينما استقبل حامد بسعادة هبة بين ذراعيه ،وقام
بتدويرهما بفرح في دوائر.
قام كل من قمر ونصير بإبداء رأيهما بشكل محرج عندما قام الزوجان اللذان تم لم شملهما بإمساك بعضهما البعض
بشغف .تتشابك األطراف حول بعضها البعض .تذمرت قمر متواضعة في الشكوى " .كنت تعتقد أنهم سيوفرون ذلك
للغد".
هزت نصير كتفيها ،ولفتت عينيها .غمغم " :كنت سأفعل الشيء نفسه إذا انفصلت عن وعدت بالمرور" " .ال يمكنك
إخباري أنك لن تفعل الشيء نفسه".
كان األلم الداكن الملتوي يلوح في األفق في قلبها كلما فكرت في المرأة الغامضة التي ستأسر قلب نصير ذات يوم.
صرخت .يشق .ودفنت مشاعرها غير المبررة بغيرة أن هذه المرأة سيكون لها نصير .اطلب منه طرًق ا لم يكن مسموًح ا
لها بها .بطرق لم تسمح لنفسها أبًد ا.
قالت بصراحة " :لن أفعل" .هز رأسها لنفسها تأكيًد ا أكثر من نصير " .لم أستطع ألن"-
" هل مخلوقي المبهج هو الوحيد الذي يسعدني برؤيتي ؟" استجوب حامد بسعادة ،صفق كلتا يديه على كتف قمر
ونصير .تحركت عيناه الزرقاوان بين االثنين ،ودرس على وجهيهما .عبس " .هل أقوم بمقاطعة شيء ما ؟"
سأل بريبة " :هل أنت متأكد" " .يمكنني أن أختفي لتمرير آخر إذا أردت".
سحبت الزعنفة حامد للداخل لعناق قصير مع ضحكة مكتومة صغيرة " .ال تفكر حتى في ذلك "،شدد نصير بينما
يبتعد األوالد عن بعضهم البعض " .ال تتركني وحدي مع كليهما مرة أخرى".
ربت حامد نصير على كتفها والحظ " .ال أستطيع أن أتخيل مخلوقي المبهج وأراينا يسببان لك الكثير من المتاعب منذ
أن غادرت".
" أراينا ال شيء ...لكن هبة "...تراجعت نصير ،وهي تشاهد بضجر بينما هبة تضع ذراعيها حول العضلة ذات
الرأسين لحامد " .ماذا عني نصير لين ؟"
" حسًن ا "...زعنفة تغرق بعصبية .تمايلت حلقه وهو يبتلع .أجاب وهو يفرك مؤخرة رقبته " :كنت على وشك أن
أوضح لحامد عنك أثناء غيابه" .
" و ؟" هممد هبة ،عقد ذراعيها عبر صدرها .تمايلت جرعة مسموعة من نصير مرة أخرى قبل أن ينفجر" .
التخطيط الترابط! لقد جن جنونها مع كل شيء! حتى أنها حاولت استخدامي كقياسات لتوغا الخاصة بك " .
عندما يتم إسكات الزعانف فقط سحب أنفاس ثقيلة ؛ اتسعت عيناه األرجوانية مع انتقام وشيك مع تحرك هبة .تّمت
متابعة قمر .حتى قبل أن تصل الفتاة الشقراء إلى نصير ،كانت يدها مشدودة حول معصم هبة ؛ منعها من ضرب
الزعنفة .توقفت قمر في خطواتها .حدقت في حامد ويده على هبة وجذب الفتاة الشقراء إليه مرة أخرى .ضحكت هبة
فرحة .ظلت أطراف األصابع على جانبي هبة ،لكن قمر تم إعادتها عندما التقت بالصالبة في عيون حامد الزرقاء.
تراجعت قمر وابتعدت بينما سحبت هبة حامد ألسفل لتقبيل آخر.
زقزق حامد " مخلوق مبهج" مبتعدا عن الفتاة الشقراء " .يجب أن تخبرني كيف تمكنت من االختفاء من منزل المعالج
خالل النهار .لم أَر أنت أو نصير في المنتدى عندما وصلت " .
نمت قهقهة هبة بصوت أعلى .شاركت قمر في لمحة غاضبة مع نصير .هز الصبي ذو الشعر الفضي كتفيه .تطهير
حلقه " .ربما ،يجب أن نعود إلى المنتدى قبل أن يالحظ الحكماء غيابنا".
على الفور ،تم إسكات الضحك البنت .قامت هبة بضرب يدي حامد المتجولة بعيًد ا في حالة من الذعر المحموم" .
المظهر!" كانت تلهث ،اتسعت لونها األزرق إلى الزعانف " .هل تعتقد أن الحكيم الحظ ؟"
فجأة ارتفعت قبضة في الهواء ،وغرقت في فك الزعنفة .تصاعد الزعنفة على األرض مع تأوه .حدقت قمر في حامد
بصدمة .عكست هبة تعبيرها برعب ،فتح فمها بحركة صغيرة وهي تلهث .اشتكى الزعانف من األرض ،وقام بتدليك
وجهه الرقيق بعناية " .لما فعلت هذا ؟" بصق مشكوك فيه ،عيناه األرجوانية تلمعت حامد .
ساعدت قمر نصير على الوقوف على قدميه بينما كان الرجل ذو الشعر الفضي يمسح الدم من ذقنه .العيون الزرقاء
تقابل نصير ببرودة .هز حامد كتفيه بال مباالة " .عذر للحكماء إذا كنتم بحاجة إلى واحد" ،أوضح كما لو كان أبسط
شيء على قمة التل يمكن فهمه .ثم أضاف حامد " .فقط قل أنك بحاجة إلى لتعتني به".
اختفت حرف " الصغير من وجه ألنها تساعد قمر مع .حدقت عيناها الزرقاوان ،واشتعلت النيران في أصغر جزء
من اللون األزرق في الصبي األشقر " .متى حصلت على هذا الخداع ؟"
هز حامد كتفيه مرة أخرى .ساعدت قمر نصير على الوقوف على قدميه عندما ذهبت هبة إلى حامد ،ولمس ذراعه
برفق " .لن تضرب نصير لين أو أي شخص آخر من أجل الكذب".
تمتم حامد " :لن أفعل" .راقب قمر بينما كانت عينيه الصلبتين تتجنبان نظرة هبة .ثم تابع حامد " .لكن من األفضل أن
يكون لديك دليل على قصتك بدًال من مجرد كلمات .الكلمات ال تعني اللعنة " .
بقيت قمر صامتة عندما سحبت نصير مساعدتها ،ولكم حامد في ذراعها .شارك األوالد ابتسامة .شيء ما ،ربما
الغفران ،تجاوز خالل حديثهم الصامت ؛ كانت فقط في حيرة من أمرها .سرعان ما انضمت هبة ،منتزعة الضفيرة
الطويلة من الشعر الذهبي على رأس حامد .تحدث الثالثة بسعادة ،كما لو أن الضربة لم تحدث أبًد ا .ولكن بالنسبة لخطة
حامد ،يمكن أن ترى قمر بوضوح الكدمة تتفتح على خط الفك نصير .
كان الغضب واالرتباك ال يزاالن عابرين .لم تستطع قمر التخلص من البرودة غير العادية في عيني حامد .وضعت قمر
ابتسامة على وجهها ،ودعت هبة ونصير قبل مغادرتهما قمة التل تماًما .تركها وحدها مع حامد .
فقط عندما أحاط بهم حفيف أوراق الشجر واختفت أي أصوات أخرى في مهب الريح ؛ جلست قمر على جذع شجرة
الخريف.
قالت بهدوء " :هبة على حق" " .ما كنت لتضرب الزعانف بهذا الشكل من قبل".
تنهدت حامد بشدة قبل أن تغرق بجانبها .كانت أطرافه معلقة من جانبيه .درس قمر حامد ،وهو يحدق في المسافة ،
ويراقب ضوء محالق الدخان يطفو في السماء الصافية " .هل هذا واضح ؟ هل تغيرت ؟ " قصف بهدوء ،بال حول وال
قوة.
" نعم "،أجابت بشكل قاطع .حدقت عيناها في الدخان المتأللئ في السحب " .لقد أبليت بالًء حسًن ا حتى"-
قال حامد تأوًه ا " :زعنفة مثقوبة" .وبذهول ،قام بتدليك مفاصل أصابعه المؤلمة وهو يتحدث " .كان هناك شيء" ثم
أغلق فمه.
قالت بهدوء " :لقد مت مرتين" .مع العلم أن حامد يحتاج إلى شيء .أي شيء كان عليها أن تقدمه .أي شيء يجعله
يشعر مرة أخرى " .موتي األول ...شاهدت عوامة".
بدأت النحيب الخافت للشتلة في البكاء في عقلها .تجاهلت الصراخ فزاد صوتها واستمرت " .كان عمري اثني عشر عاًما
فقط ...كان عمري ثالثة عشر عاًما تقريًبا ،ولم يمر وقت طويل منذ أن علمت أنني مصاب بوصمة عار .أتذكر أنني
سألت والدتي عن الشتالت غير المرغوب فيها .رفضت اإلجابة .في تلك الليلة ،ماتت في النهر ،غرًق ا إلنقاذ شتلة.
جذبني التيار لألسفل " .
أتى َنَفٌس قاٍس من بجانبها .دعها تعرف أن حامد كان ال يزال يستمع .ال يزال هنا " .قوتي التنوير أيقظني وأنقذني .لم
أتمكن من إنقاذ الشتلة .أنت تعلم أن لدي كوابيس ،كل ليلة تطاردني مجموعاتي من الظالم " .
حامد يحدق بها " .ما الذي يجعلك تعتقد أن لدي كوابيس ؟" زأر دفاعًيا.
سخرت قمر " .ألنني رأيت عينيك .أجابت واستمرت قبل أن يتمكن حامد من الحصول على كلمة واحدة ،لدينا نفس
العيون " .عيون تحمل كوابيس في رؤوسنا .فقط في انتظار أن نغلق أعيننا ،لنبدأ التعذيب مرة أخرى " .
" هل أي وقت مضى الذهاب بعيدا ؟" جاء صوت حامد بصوت خافت .هزت قمر رأسها " .هناك ليالي جيدة وسيئة ،
لكنك تسأل تماًما ،أليس كذلك ؟"
ردت بأسف " ال" ،وهي ترى حامد يتأرجح إلى جانبها " .ملكي لم يختف تماًما .اقترحت أن الحديث عنها مفيد " .
ساخًر ا ،صدمها حامد " .لمن ؟ أنت ؟ زعنفة ؟ " الحظ باقتحام .قبضت يداه بقوة في حجره ،ونزفت مفاصل أصابعه
إلى اللون األبيض " .ال أريد إضافة المزيد إلى كومة مخزونك .الزعانف أيًضا " .
ضغطت قمر على شفتيها في خط رفيع .ردت بحرارة " لقد تركت هبة عمدا" .نما غضبها ،إلى جانب االنزعاج
ليطابق غضب حامد .تجاهلت الوهج الصلب وهي تنظر " .هي موعودتك .سوف تكون مرهونة بك غدا .إذا كان لديك
أي حب لها" -
عندما اختفت كلماتهم الغاضبة في الليل .قمر الزفير .تمتمت بلطف " :إنها تستحق أن تعرف شيًئ ا" .الترافع نيابة عن
هبة .
غطى وجهه بيديه مرتعشتين ،وارتعش صوت حامد وهو يتكلم " .كنت ساذًج ا ...قبل أن أغادر .اعتقدت أن ركاب
الحدود كانوا شجعاًن ا من إنقاذنا من المغيرين و الوحش .لقد عبدتهم .كبرعم كنت أتوق ليوم الركوب معهم .لكن في
اللحظة التي ذهبت فيها حول المنعطف ،أدركت أنني كنت مخطئا " .
استنشق حامد قبل أن يواصل " .التواجد هناك ،واألشياء التي رأيتها ،واألشياء التي ...ال أعرف من هم الوحوش بعد
اآلن .المغيرين ...الوحش أو نحن " .
قالت باقتناع " :نحن لسنا وحوش" .رفعت يدي حامد بعيًد ا عن وجهه .عندما رفضت عيناه مقابلة وجهها ،قامت بفك
فكه ورفعت ذقنه .يجبر عينيه على مقابلة عينيها " .هناك العديد من الوحوش في هذا العالم .لكن أنا وأنت لسنا هم " .
ردت قمر بصرامة " :أنا أعرف ذلك" " .أعرف ما يكفي لرؤية الوحوش في هذه القرية ،ألرى الوحوش التي تخرج
من األشجار ".عندما هز حامد رأسه ،كررت قمر " .أنت لست وحشا".
" كيف يمكنك أن تكون متأكدا لهذه الدرجة ؟" همس حامد ،وسحب عينيه عنها في الخجل " .لقد فعلت األشياء".
ربت قمر على خده ؛ نزعت أطراف أصابعها الدموع التي ظهرت من عينيه .تمتمت بتعاطف " :كلنا نفعل األشياء" .
" األشياء التي تجعلنا فخورين .األشياء التي تمألنا بالندم والعار .لكننا موجودون هناك لمواجهة عواقب أفعالنا وللقيام
بعمل أفضل .لتصبح أفضل .ونحاول أال نفشل مرة أخرى ونحن نمضي قدًما " .
" يبدو وكأن شيًئ ا ما سيقوله نصير " ،تمتم حامد ،وتجاهلت قمر " .الحديث يصنع العجائب".
أومأ حامد " .أريد أن أجد .أحتاج إلى التوضيح " .
" أخيًر ا" ،تنفست قمر وهي تسحب حامد دون عناء " .دعونا نتحرك إذن".
عبر ذراعه ،هز حامد رأسه .احتج قائًال " :لن تذهب معي "،قبل أن يضيف " ،سوف تغضب نصير " .
أمسكت بذراع حامد وشرعت في جره .غرس حامد كعبيه في األرض ،لينتقل للحركة .شم قمر " .أوال ،أنت لست
في وضع يسمح لك بالبقاء بمفردك .ثانًيا ،لن يعرف نصير .وثالًث ا ،أود أن تحاول إيقافي " .ابتسمت عندما تمتم حامد
بشكل غير مترابط ،وبدأ يمشي بمفرده.
" عالوة على ذلك ،إذا اكتشف نصير على اإلطالق ،أخبره فقط أنها كانت فكرتي".
قاومت قمر الضحك عندما زاد صوت الغمغمة .وسمعت كل كلمة سباب كانت موجودة .أغلقتهم الشمس الذهبية بالدفء
وضربت ظهورهم بأشعة صفراء .عندما عبروا في النهاية إلى أطراف القرية األولى ؛ توقف حامد عن الشتم.
اختفت لحظة السالم القليلة عندما غامروا بالتعمق في القرية ،حتى عثروا على القرويين .وفجأة سقط صمت مخيف
فوقهم .معلقة في القرية بينما كانت قمر وحامد تتزاحم .عندما أديرت ظهرها ،بدأت همساتها.
كانت األصوات المنخفضة التي تحملها الريح تحمل اإلهانة التي كانت غريبة عنها .سالت كلمة صبغة في جميع أنحاء
القرية ،مثل تيار األنهار .رفعت قمر رأسها عاليًا ،محدقة في السماء الزرقاء بينما شتمها القرويون .بقيت رزينة بينما
كان الدفء يعبر صندلها .تكتل جلدها برائحة البول الحامضة.
همس حامد بين أسنانه المطوية " .قمر ...يجب أن تخرج من هنا .اترك القرية .أحد هؤالء القرويين سوف يستدعي
الحكماء " .
واحتجت على ذلك بينما ارتفعت صخرة صغيرة فوق رأسها " :لن أغادر" .لقد أخطأها بصعوبة ،وضرب قروًيا آخر
بدًال من ذلك " .إلى جانب تصرفاتهم الغريبة يمكن أن تكون أسوأ .الشهر الماضي على سبيل المثال" -
ولكن قبل أن تنتهي ،انتزع حامد يدها وسحبها بعيًد ا .جذبها وسط الحشد المنفصل حتى أحاطهم السالم مرة أخرى.
حشرها حامد في منزل قريب هرًبا من األصوات التي تبعتهم بسرعة .كان من حسن الحظ أن المنزل الذي حشوهم فيه
شقيقها كان فارًغ ا.
فتحت قمر فمها ،على وشك استجواب حامد عندما كان حجمه الكبير مثبًت ا على كتفيها .قابلت وهج أزرق فوالذي بينما
كان حامد يحدق بها " .ماذا حدث الشهر الماضي ؟" هو يهمس.
هزت كتفيها ،وأجبرت يد حامد من فوق كتفيها " .ال شىء اكثر .فقط أن الحكماء كانوا… " تراجعت قمر ،وهي تفكر
في كيفية الشرح.
" لقد كانوا مستائين مني منذ شهور .يبدو أن إنقاذ صبيان من الذبح على يد السالجمور ...مرة أخرى ...هو أمر سيء.
ال يعني ذلك أنهم سينتهي بهم األمر كوجبة سلوجمور أمًر ا سيًئ ا أيًض ا .كنت تعتقد أنني تعلمت في المرة األولى .إذا قام
راكبو الحدود بإنقاذ شخص ما ،فهذا رائع .ولكن عندما أفعل ...يتحول اسمي إلى بقعة وألقي في السالسل مرة أخرى.
بشرى سارة ،على األقل لم يتم تسخينهم " .
رفعت كم واحد فضفاض من سترتها ،وقدمت الندوب على معصمها .أوضح الحكيم أن عدم تسخين الحديد هو رحمتهم.
فقط ألن أيا من الصبية لم يصاب .استغرق األمر حتى بلغت العشرين من العمر لحل لغز هذه العالمات " .
واصلت أصابعها على الجلد المصاب بالندوب وهي تتابع " .إلى جانب األبقار كانت تحاول استدعائي منذ يومين".
حامد رمش في وجهها .حيرة مكتوبة على وجهه " .أبقار ؟"
بدا أن حامد وافق على اإلجابة وأومأ برأسه " .لماذا كانوا يحاولون استدعائك لهذا الوقت ؟"
أوضح قمر بشكل قاطع " :رآني مرشد أقوم بدوريات في الغابة بينما كان برفقة امرأة" " .من المحتمل أن يكون شخص
ما مرتبًط ا بواحد أو شيء من هذا القبيل".
" بالطبع ال!" صرخت ولكمت حامد بقوة كافية على ذراعه إلحداث كدمة " .أنت مقرف! لقد صادفتهم بالصدفة ...
اعتقدت أن شخًص ا ما أصيب " ...
قهقه الولد األشقر وهو يقذف رأسه للخلف " .أنا مقرف ؟ كنت الشخص الذي كان هناك! " رد بابتسامة .فرك ذراعه
المعتدى عليها حتى استقر .تبنى تعبيره نظرة حزينة قبل أن يتكلم " .ال ينبغي أن نذهب إلى أبعد من ذلك .إذا علم الحكماء
أنني معكم ،فسأضطر الستدعائك " .
شم قمر " .لن تفعل .أود أن أجعلك تأكل التراب قبل أن يأمرك الحكيم .أنت وأنا على حد سواء نعرف ذلك .سأعود إلى
القرية غًد ا من أجل وعد .اآلن ،ال يمكننا قضاء بقية اليوم في هذا المنزل ،سواء سيعود المالك أو سيجدنا القرويون
اآلخرون .هل لديك أي فكرة عن مكان هبة ؟ "
تنهد حامد وهو يهزم ،وقرص جسر أنفه " .إما منتدى الظهور إذا لم يكن منتهًيا ،أو خادم المعالج أو الحداد".
قالت بسرعة " لن أذهب إلى المنتدى" .ثم أضاف " ،على الرغم من أنني أشعر بالفضول كيف تمكنت من الهروب من
حفل الظهور".
وافق حامد بحدة " :تبًا ،أنت لن تذهب" " .نصير سوف تقتلني .لإلجابة على سؤالك بسؤال ،هل أنت متأكد أنك تريد
أن تعرف ؟ "
درست قمر العيون الزرقاء ،التي بدت أنها أصبحت أكثر دفًئ ا أثناء حديثهما .لم يعد يظهر األلم الواضح في أعماقهم .لقد
تنهدت " .أسوأ من لكم الزعنفة ؟"
ابتسم حامد " :ال على اإلطالق" " .لكنني لن أفشي كل أسراري".
شم قمر " .بخير .على الرغم من أنني أعتقد أن هذا الشيء من قتل نصير هو أمر متطرف .أال تعتقد ذلك ؟ "
اختفى حامد من المنزل ،ونظر برأسه من خالل رفرف الفراء وهي تجيب بهدوء " .ال ليس كذلك ".ثم سحب قمر إلى
الخارج.
حَّلق القرويون فوق بيت المنزل واختفت كل األحاديث المحيطة مرة أخرى بينما كان حامد يقودهم عبر األقدار
الشريرة ،جنًبا إلى جنب مع الشتائم الموجهة .اختنقت الحرارة على جسدها قبل أن يتم دفعها من خالل رفرف فرو آخر.
بسبب الدخان الكثيف واللهب الهائج والسيف المعدني في الكتل ،عرفت أنها تقف عند الحداد .وأكدت الحرارة الحارقة
الفورية ذلك أكثر.
تجمعت الدموع في زاوية عينيها .سعلت من الضباب األسود الذي حمل في الهواء " .أنا ال ...أذكر – "...سعلت مرة
أخرى " - ،دخان مثل هذا ...منذ فترة".
" أنا أيًض ا" ،صفير حامد وهو يسعل بجانبها .غطى فمه من الهواء األسود الذي يدخل رئتيه " .السكير وظله كانا
يتسببان في فوضى األشياء ،ألنني أعلم أن نصير لن يترك األمر على هذا النحو".
دق دق إيقاعي للمعادن في الهواء .إغراق بقية كلمات حامد .حولت قمر انتباهها إلى شخصية بال قميص عند اللهب.
وجدت شعًر ا فضًيا ينعكس على النار ،قبل أن تلتقي بعينين غائشتين تتنافسان مع الحرارة.
مزقت قمر عينيها بعيًد ا عن جذع نصير .كانت جهودها بال جدوى حيث اقتحمها الرجل المعني .ألقى الزعنفة المطرقة
جانًبا ،مما أدى إلى ارتفاعها في السيوف األخرى مع قعقعة صاخبة .مزق قطعة القماش الداكنة من فمه وتوجه إلى حامد
" .ماذا تفعل هنا بحق الجحيم ؟!" لقد انفجر قبل أن يدير عينيه إليها.
تحركت عينا نصير المعادية لها وبين حامد بينما كان ينطق بكلمات معادية عليهما " .هل أنت سخيف ؟ هل تعرف ما
يمكن أن يحدث ؟ "
بينما كانت نصير تصرخ بصوت عاٍل ،شعرت قمر بدفعة في ذراعها .نظرت إلى حامد وهو يهمس " .أخبرك أنه
سيكون مجنوًن ا".
تمتمت " :اخرس" .ثم أمسكت بذراع نصير لوقف حركته البرية " .هل هبة هنا ؟"
" ال!" قطعت نصير ،انتزعت ذراعه من قبضتها " .إنها في منزل المعالج .وأنت – " زأر وهو يمسك ساعدها بقبضة
من حديد- " .أنت بحاجة إلى الخروج من هنا!"
قبل أن تتمكن قمر من االحتجاج ،كانت بالفعل خارج الحداد .يتم جره بواسطة نصير عبر القرية " .هل تعتقد أنني لم
أسمع عن الحكماء الذين يريدون منك أن تستدعي ؟ ومع ذلك ،ها أنت تسلم نفسك لتلك الوحوش " ،هدير نصير .
شق طريقه بغضب عبر بحر الناس الصامت بينما كان يواصل " .ليس لديك فكرة عما قرروا فعله معك إذا عصيت مرة
أخرى .سيكون أسوأ من أن تكون مقيًد ا بالسالسل ليوم واحد " .
" نصير "...احتجت بضعف .على الرغم من أنها كانت تتمتع بقوة التنوير ،إال أن ذراعها بدأت في االحتجاج تحت
قبضته .خفقان األلم من نصف أقماره التي حفرت في جلدها.
استنشق قمر بحدة عندما استدار نصير .عبرت أنفاسها الدافئة على وجهها بينما كانت نصير تتدلى عن كثب بالقرب من
وجهها.
" هل نسيت أنني سأكون واحًد ا منهم ؟" بصق في اشمئزاز " .في يوم من األيام سأكون الشخص الذي ينفذ االستدعاء
الخاص بك ؟"
كررت قمر بهدوء " زعنفة . "...درست عيناها مالمحه القلق .لقد منعت نظرتها من التراجع .تتطلع إلى الجسد الذي
رأته من قبل .قفز نصير بعيًد ا عنها كما لو كان محترًق ا.
أغلقت عينها على درب التراب ،وشتمت هرموناتها .توقفت قمر عن التركيز على االنجرافات الصغيرة من الغبار ،
وأبعدت عينيها عن جلد نصير في ضوء الشمس .لم تتفوه بكلمة أخرى حيث سحبتها من يدها إلى داخل منزلها.
اندفعت والدتها إلى قدميها عند دخولها ،تاركة عمود النسيج خلفها في حالة من الذعر .شعرت قمر بعيون فضية تتجول
فوقها بحًث ا عن أي إصابات واضحة .هزت رأسها.
نظرت المرأة األكبر سنًا بينها وبين نصير قبل أن تسأل " ،ماذا"-
زعنفة انقطع " .بقيت هنا حتى أقول غير ذلك!" طلب ومزق يده عن يدها .حدق في والدتها للحظة ،قبل أن يغادر
المنزل بالكامل .انسحبت قمر من بعده.
كانت والدتها تحدق في المدخل في حيرة .انجرف الفراء بغضب إلى مكانه " .ماذا حدث للتو ؟" لم تطلب أي شخص
على وجه الخصوص ،وعادت إلى مركز النسيج الخاص بها ،وهي تعلم أن اإلجابة لن تأتي أبًد ا.
أمسكت يدها نصير بعد إغالق المسافة .التفت الزعنفة عليها .اجعل وجهه قريًبا من وجهها مرة أخرى بشكل مستحيل .ثم
زمجر " .اعتقدت أنني أخبرتك بالبقاء هناك!"
اختفت آخر أوقية من صبرها .لقد صفعت يدها بشراسة على فم نصير ،محولة حديثه الصاخب إلى كلمات مكتومة.
حدقت في وجهها عيون أرجوانية غاضبة .هزت قمر كتفيها " .اسمحوا لي أن أشرح لدقيقة ثم يمكنك االستمرار في
الهذيان في وجهي مثل مجنون".
احتج نصير " .أنا لست مجنوًن ا" ،صمت من خلف يدها .شم قمر .
تمتمت مرة أخرى " :نعم ،أنت كذلك" .تتبعت بضعف الكدمة على فكه بأطراف أصابعها .اتسعت عيون النيلي
واستنشق الزعانف بشكل حاد .واصلت قمر " .حامد ...ليس على حق .أنت وأنا وهبة نعرف ذلك ...فقط من هذا " ،
-كانت ترعى الكدمة مرة أخرى " – .بعد مغادرتك مع هبة ،تحدثت أنا وحامد .لقد تحدثت إليه كي يتكئ على هبة ،
وأخبرها ...بمشاكله .أردت أن أتأكد من أنه تحدث معها قبل أن يغير رأيه وترابطهما غًد ا " .
هزت قمر رأسها " .ال اعذار .ال منطق .ال مخاوف .نصير ،سيكون الوضع أسوأ غدا .سيراني كل قروي والحكماء في
حفل الترابط .لن توقفني أنت وأمي والقرويون أو حتى التهديدات من األبقار .لقد وعدت".
تراجعت للوراء عندما ضربت نصير يدها بلسعة حادة " .انسى وعدك قمر !" جادل ،كانت كلماته مؤلمة بقدر إصابته.
" الحكماء لن يأبهوا ألنك تفي بوعدك".
ضاقت عيناها ،واصلت صوتها " .ال .لن أدع كالمي يكون شيًئ ا عندما ال أكون شيًئ ا في القرية .كل ما لدي هو كل ما
لدي" .
سخرت قمر .احتدم الغضب في عينيها " .هل حقا ؟ ما هي البقع يا زعانف ؟ أنا والبقع األخرى ال شيء .وال شيء
يطفو في النهر .يعتقد وايزمان ذلك ،ألم تقل أنك واحد منهم اآلن ؟ "
" ال تدير كالمي ضدي! أنت تعلم أنني لم أقصد األمر على هذا النحو! أنت ال تعرف ما تفعله! "
صاحت قمر " :أعرف بالضبط ما أفعله" .ضربت موجات الماهوجني على كتفها بغضب " .انا ذاهب! سأفي بكلمتي ،
الشيء الوحيد اللعين الذي أملكه في هذه القرية .وهذا هو الذي!"
انكسر اتصالهم بالعين المستعر عندما رمش نصير ،ثم اندفع بعيًد ا .تردد أصداء خطواته المعادية حولها .قمر شاهدته
فقط وهو يذهب .كان هناك جزء منها لديه الرغبة في مطاردته .أن يعتذر ويوعد بأي شيء يريده .جزء آخر منها يعرف
أنه ال يستطيع أن يفهم .ال ،حتى كان مثلها وصمة عار .تألق شعره الفضي بعيًد ا عندما نمت نصير أصغر في المسافة.
تنهدت قمر " .أنا أعرف!" قطعت ،وندمت على الفور .دفعت موجاتها الطويلة عن وجهها " .لكنه ال يحتاج لمحاولة
حمايتي! ال يستطيع إجباري على البقاء هنا! "
" ال ،نصير لين ال تستطيع .ولكن كما قلت ،فهو قلق ويسير في االتجاه الخاطئ حيال ذلك " .
" تعلمت منذ فترة طويلة أنني ال أستطيع االحتفاظ باألسرة في أي مكان .أوضحت أمها بلطف " .بغض النظر ،ما زلت
أشعر بالقلق بالنسبة لك كما يفعل نصير لين .على الرغم من أنني ال يسعني إال أن أتساءل لماذا تصر على التباطؤ المتعمد
في القرية غًد ا .خاصة عندما تعلم أنني من أتلقى االستدعاء الخاص بك " .
" هكذا…" ابتلعت قمر " .أنت تقف مع نصير أيًض ا ؟ أنني يجب أن أبقى هنا وأن أتخلى عن وعدي بأن أكون في
ترابطهم " .
أعطت قمر والدتها نظرة مدببة " .هبة وحامد .يجب أن تعرف أنه يتعين على جميع المتنورين الحضور " .
أومأت أمها برأسها " بالطبع" " ،ما ال أفهمه هو سبب وعدكما بأن تكوني عندما يعرف كالهما نوع العقوبة التي نحكم
عليها من قبل الحكماء .في نهاية المطاف سوف يفكر الحكماء في عقوبة أخرى إلى جانب السالسل في المنتدى " .
صححت قائلة " لقد وعدت حامد " مؤكدة على كلماتها " .لم يكن بإمكان أحد توقع الهجوم على أوالد القرية .لم يظن أي
منا أن الحكماء سيشنقونني في قيود مرة أخرى .تصورت فقط صفعة صغيرة على معصمي .لكنني كنت مقيًد ا بالسالسل
الشهر الماضي ؛ يتم استدعائي حالًيا .لذلك قد أفعل أي شيء أريده .في كلتا الحالتين يريدني الحكماء ،لذلك سأحضر " .
قالت والدتها " :وعنادك هو بالضبط سبب عدم محاولة احتوائك" " .لقد صنعت لك شيًئ ا منذ أن سمعت عن ارتباط هبة
وحامد .إنه في غرفتي " .
أشارت إلى السديلة المصنوعة من الفرو المؤدية إلى غرف والدتها " .ربما أنا ؟" سألت قمر بأدب .أومأت والدتها
برأسها.
عبرت قمر بسرعة الغرفة الرئيسية ودخلت من المدخل .كانت رائحة زنابق النهر تقصف حواسها وتدغدغ في أنفها.
استنشقت وهي واقفة في منتصف غرفة صغيرة تبحث عن شيء مختلف .أو في غير محله.
وجدت قطعة مالبس مألوفة في الزاوية .انهار عندما التقطت من األرض " .هذا الفستان ،أليس كذلك ؟" ابتسمت قمر
عندما عادت إلى الغرفة الرئيسية " .ما هي المناسبة مرة أخرى ؟"
أجابت المرأة األكبر سًن ا " :مع العلم أن ابنتي العنيدة سترغب في مشاهدة ارتباط صديقتها تماًما كما تشهد قدوم سن
الرشد ومراسم الطريق" " .لقد عّد لت التصميم إلى المالبس التقليدية .فستان قصير مكشوف الكتنصير " .
تضاعف حجم العيون البنية تقريًبا .كادت قمر تسقط الفستان في يديها " .علمت ؟" شهقت بشكل مذهل.
" ال يرتدي الكثير من القرويين اللون األرجواني بدون الشعر الفضي .علقت والدتها بابتسامة على وجه الخصوص " .لم
يالحظك أي شخص آخر أو كنا قد سمعنا عنها اآلن".
متجاهلة النغمة الضمنية في صوت والدتها ،رفعت قمر الفستان " .سأذهب لتجربة هذا .لنرى كيف يناسبها " .
" ال".
كررت والدتها " :ال ،انتظري حتى الغد" .لم تغمض قمر إال في ارتباك قبل أن تستقر على الفستان على المنضدة بهز
كتفيها " .حسًن ا "...تأملت " .سأختار بعض التوت أو شيء من هذا القبيل .ربما لن أعود حتى حلول الظالم " .
كانت والدتها تتذمر في وجهها ،معترفة بكلماتها .وضعت قمر سيفها في الحلقة التي كانت تتدلى من سروالها .تركت
الدلو الذي استخدموه في التوت ،واكتشفت أنه ال يزال ممتلًئ ا منذ عدة أيام.
بدون كلمة أخرى ،عادت قمر إلى ضوء الشمس الساطع والممر الترابي .عادت قطرات الغضب األخيرة عندما اقترب
منها رأسان أشقر.
تومض حامد إلى هبة وشاركا نظرة قبل أن يعود إليها .قال " نصير متقلب" .
" غير مقبول" ،صحح هبة ،دفع حامد في األضالع " .شرح حامد كيف دخلت القرية معه وأخرجك نصير لين
بالقوة من الحداد .ثم عادت نصير بينما كنا نتحدث ،اقتحمت غرفة منزل المعالج في حالة من الغضب .بدأ بالصراخ في
حامد عنك " .
ودافعت " :لم يجرني بقوة" .لكن األلم على ذراعها كان يرن على خالف ذلك .كانت تداعب مقبض سيفها بخنوع على
أمل أن تحافظ على هدوئها " .كان لدي أنا ونصير اختالف بسيط في الرأي "...صرحت بعناية " .هذا كل شئ".
" إذن بعبارة أخرى ،كان هناك خالف بينك وبين نصير لين بعد ذلك ؟"
تبادل الزوجان األشقر لمحة أخرى بينهما .عقدت قمر ذراعيها ،ونظرت بينهما .تذمرت " ماذا" " .ما هذا ؟ أنا أعرف
تلك النظرات " .
لوحت هبة بيدها في قمر " .ال شيء كثيًر ا .نأمل أن تتصالح أنت ونصير لين قبل الترابط غًد ا " .
هزت قمر كتفيها " .ال أعرف ما إذا كان هذا ممكًن ا ،كان نصير ...مستاًء من وعدي بالرحيل".
صاحت الفتاة الشقراء بغضب لواحدها الموعود " .لقد قطعت وعدها يا حامد ! ال عجب أن نصير لين هددك " .
هز حامد كتفيه .شدد حامد ،وهو يحدق في " ،ربما أو ال يكون نصير قد ألمح إلى أنني سأبقيك في المنتدى إذا تم
تقييدك بسبب الوعد الذي قطعته على نفسك" " .لم أجعل قمر تعدني بأي شيء".
وأضافت قمر إيماءة " ،لم يفعل .لقد وعدت أن أكون هناك ألن كالكما مهم بالنسبة لي .لن أتراجع عن كالمي .ليس
االن".
قالت هبة في تفهمها " :لن أشعر بالضيق إذا فعلت ذلك" " .نصير لين قلق".
صاحت قمر ،وألقت ذراعيها في الهواء في إحباط " .الزعنفة دائما"-
قاطعه حامد قبل أن يصمت عندما صفع هبة على كتفه " ألنه داخل" .صاحت الفتاة الشقراء " :ليست كلمة أخرى" .
تنهدت قمر .تدحرج عينيها عندما بدأ الزوجان في التحديق في بعضهما البعض مرة أخرى " .هل انتهيت معي ؟"
سألت ،سخط نقي في جميع أنحاء لهجتها " .لمرة واحدة ،أود أن أتدرب بينما الشمس ال تزال في السماء".
ابتسمت هبة بشكل مشرق " .نعم .يجب أن أعود إلى بيت المعالج قبل أن تزعج نصير لين الرجل الوحيد هناك " .
" الرجل األشقر ؟" يتذكر حامد بشكل غامض " .إنه دائًما هناك .أال يعود يوما إلى منزله ؟ "
انتزعت الفتاة الشقراء جديلة حامد الطويلة بشكل هزلي " .إنه طريقي للقلق بشأن أولئك الموجودين في منزل المعالج ،
أليس كذلك اآلن ؟" استفسرت هبة بابتسامة قبل أن تكمل " .عالوة على ذلك ،ألم تشتكي من عدم وجود السجال منذ
وقت ليس ببعيد ؟"
" عدم وجود السجال ؟" كرر قمر " .لم تكن هنا حتى يوم واحد وتريد الصدام بالفعل ؟"
هز حامد كتفيه ،محاواًل إخفاء التورد المحرج على خديه " .لقد تشاجرت كل يوم عندما لم نكن في تعقب رجالنا البني
لشيء ما "،أخبر قمر متعجرًف ا.
شم قمر " .ماذا عن النوم ؟ يتناول الطعام ؟" ابتسمت ابتسمت عندما بدأ حامد في التوهج .ثم واصلت " .ال يمكنك
االستغناء عن كليهما .كان عليك إما النوم وتناول الطعام في وقت ما " .
رد حامد بابتسامة متكلفة " :سأنام عندما أموت" " .لقد فكرت للتو في شيء مثير لالهتمام".
" ما هذا ؟" سألت قمر بعناية ،ولم تعجب باالبتسامة التي ظهرت على وجه حامد .
أجاب " :لقد كانت تمريرة منذ أن تشاجرنا في الماضي" .لمعت عينه الزرقاء المرحة " .حصل عليها ؟" ردت قمر
بازدراء ،محدقة في حامد " .ال يمكنني تذكر ما يبدو".
" هيلتوب ؟" سأل حامد ،كما لو كان يستطيع قراءة أفكارها.
قال حامد مشيًر ا إلى نصلها " :ال سيوف" " .طريقة السجال القديمة قبل أن تقابلني .بالعصي والدم األول " .
" متفق".
تنهدت هبة وهي تنظر إلى قمر بكشر " .من فضلك ال تكسر أي شيء ،واستهدف األماكن التي يمكن تغطيتها بسهولة
بزيه المترابط ".ثم بدأت في السير على الطريق.
سخر حامد بشكل كبير ،وسلم قلبه كما لو كان مصاًبا " .ماذا عني ؟" صرخ بعد هبة " .مخلوق مبهج! أين قواعدي ؟
محددات ؟ لدي ميزة اآلن! مخلوق مبهج! هبة ! "
عاودت هبة االتصال ،وكان صوتها يتردد في المسافة المتزايدة " .بسهولة تغطية قمر !"
انفجرت رشقات من الضحك من حلقها ،مستمتعة بنظرة ساخط على وجه حامد .استيقظت بسرعة عندما دار عليها
حامد ،وكان التحدي يلمع في عينيه " .كل من وصل إلى قمة التل أخيًر ا يحصل على العصا األضعف".
" صفقة" ،صرحت قمر " .ليس هذا سيحدث فرًق ا كبيًر ا بالنسبة لك إذا فزت .صرحت بثقة " ستظل تخسر بدمك
األول" .شم حامد .
" لقد نسيت أنني لست سريًع ا بدون الرجل البني ،لكنني لست بحاجة إلى هذا "،قال حامد ،وهو يقذف العصا على
قدميها.
رمتها مرة أخرى بابتسامة " .صدقني .أنا أتغلب على الصعاب من خالل تقديم هذه الخدمة " .
أصر حامد وهو يقف " ،لست بحاجة إليه" .ألقى بها مرة أخرى.
لقد تجاهلت ذلك ،وتركته يسقط من قدميها .هزت قمر رأسها " .أنا ال آخذه".
" ولست أنا" ،أجاب حامد بعناد .طوى ذراعيه على صدره " .أنا ال أحتاجه".
شم قمر .أمسكت بالعصا من األرض بنفخة " .يمكننا المشاجرة طوال الليل أو يمكننا التدريب .األمر متروك لك ،ولكن
في النهاية عليك أن تخبرني عن مدى ركوب الرجل البني " ،تمتمت ،ثم عرضت عليه العصا .أخذها حامد .
أجاب بتمعن " :إنه أمر غريب . "...أشار إلى أسفل فخذيه " .يؤذي هذه العضالت .أمر غريب بالتأكيد عند التراجع " .
أجاب حامد وهو ينسخها " :ال يفترض أن تسميهم" .ولوح بسيفه كما أضاف " .أيًض ا ،ال تعتقد أنني لم أالحظ أنك
تمنحني العصا األقوى".
شممت .ردت بسخرية " :ال أستطيع تجاوزك أي شيء" .أومأت قمر برأسها مرة ،وأعادها حامد .بدأت المباراة األولى
للدم.
تناثر الخشب على الخشب أثناء تجنيبهم " .ليس لديك فكرة بعد" ،ابتسم حامد بجرأة وهو يصد محاولتها في الضرب.
ردت قمر " :أنت مفرط في الثقة" " .وأنا أعرفك جيًد ا بما يكفي ألعرف أنك قمت بتسمية الرجل البني الخاص بك".
توقفت قمر في مفاجأة " .هل حقا ؟ ماذا حدث لتسمية كل شيء هبة أو بعد نفسك ؟ "
" نعم حًق ا .هل لديك شيء ضده ؟ " سأل حامد قبل أن يضيف " ،لإلجابة على سؤالك ...هناك أحياًن ا ال يجب عليك
تسمية هبة أو باسمي".
ردت قمر وهي تهز رأسها إلخفاء ضحكها " .ليس لدي أي اسم .إنه أمر غريب " ...لقد اتخذت موقًفا مرة أخرى ،
وصدت هجوم حامد عندما جاءوا.
" مهال!" لقد احتجت بنخر من هجوم حامد المتسلل الذي أصاب يدها .بدأت تتشاجر بجدية بينما كانت يدها تنبض.
بدون شك ،نما غارث بشكل أسرع خالل التمرير الذي ذهب إليه .يمكن أن تعترف بهذا القدر ،ولكن في سرعته ،كان
يفتقر إلى الدقة وخفة الحركة .لم تنجح أي من محاوالته لتجاوز دفاعها .تمكنت من مضاهاة سرعتها مع سرعتها ،وتم
حظرها برعد من الخشب.
" ماذا حدث لتقنية التجنيب التي تركتها ؟ " العصا في كل مكان" ،الحظت قمر بصوت عاٍل .ابتعدت عن حامد بينما
واصلت السير " .ما نوع التدريب الذي كنت تمارسه هناك ؟"
تذمر حامد وهو يقضم شفته السفلية " .أهداف متعددة" .
ثم فاته مرة أخرى .توقف ليشرح .كان خمسة أو أكثر من المتسابقين على الحدود يهاجمون في وقت واحد .أعتقد أنني لم
أعد معتهبة على السجال بين شخص وآخر " .ظهرت ابتسامة متكلفة على وجهه ،مضيفة " :ال أشعر بالتحدي الكافي" .
صرخة صغيرة من المفاجأة هربت من فمه المتفاخر عندما ضرب قمر ركبته اليمنى ،في محاولة لتمريره إلى األرض.
صرحت " سأجعلها صعبة" .ثم هاجم.
أضافت تنويرها بشكل طبيعي إلى دقتها المدربة .جعل ضرباتها أكثر حدة وأسرع وأقوى .صد حامد هجوًما واحًد ا ؛
تلمع العيون الزرقاء إلى اللون البني .صرير العصا على قوتها ،قوتها التنوير ؛ واثق من عيون زرقاء فقاعت من الذعر.
تراجع حامد إلى الوراء ودفعها بعيًد ا .تعثرت قمر قبل فترة وجيزة من العثور على موطئ قدم لها.
حامد يتراجع باستمرار .يحمي نفسه ويمنع اتصال آخر بين عصيهم .إلحباطات قمر المتزايدة ،تهربت حامد تماًما من
أي هجمات قادمة لها .وجدت فتحة عندما تحرك الصبي األشقر لصد ضربة كتفها .مع لمسة ،تهربت قمر من حامد ،
وغرقت بعصاها على مفاصل أصابعه .قام حامد بسحب الدم األول ،وأسقط العصا.
انفجرت عندما هبطت على األرض .تنهد حامد .يحتضن يده النازفة على صدره " .هذه هي المرة األولى التي يحدث
فيها تمريرة!" تأوه في الشكوى " .ال أسقط أي شيء أبًد ا عندما أتشاجر مع أي شخص آخر!"
هزت قمر كتفيها .عرضت متعجرفة " ربما لم يفعل التدريب مع ركاب الحدود شيًئ ا من أجلك" .
شم حامد ،وسحب قطعة قماش من سرواله .لف يده وهو يتكلم " .لن أقول شيًئ ا .السجال واحد لواحد ال يحدث هناك.
البازالء ،المغيرون لن ينتظروا حتى تكون جاهًز ا ،سيقتلونك إذا سنحت لهم الفرصة " .
" نعم ،مشاركتك مع ثالثة من الوحش ال تهم .ال شيء يقارن بثمانية مغيرين على رجالهم السود .أو حتى السالجمور
الخمسة الذين هاجمونا أثناء الليل " ،ناقش حامد .
عضت قمر لسانها ،راغبة في الرد برد ناري .بدال من ذلك ،ردت ببرود " .بالطبع ،ولكن على األقل هناك ثمانية
ركاب آخرين لتقاسم العبء معهم .وإنقاذ حياة بعضنا البعض " .
أومأ حامد برأسه ،كما لو أنه فاته تماًما تأثير نبرة صوتها " .بالضبط ،لذلك لن أقول إن السجال متعدد األهداف ال
طائل من ورائه .في الحقيقة ،يجب أن تجربها في وقت ما .انها مختلفه".
تتنهد ،تركت آثار إحباطها األولى تذهب .لم تستطع إال أن تتساءل عما إذا كان حامد قد نسي تماًما أنه كاد يموت لياًل
لوالها .تساءلت عما إذا كان امتنانه من عدة آيات قد اختفى " .نعم ،كان راكبو الحدود يتشاجرون معي حًق ا "،تأملت
بسخرية " .هيا".
عبس حامد ،وأمال رأسه في التفكير " .نقطة جيدة .ال أمانع لكن اآلخرين ربما يركضون إلى الحكماء ألنهم هكذا كنت.
إنهم يعتقدون أنك الوحش عندما ال يرون الوحش الحقيقي على حقيقته " " .هل تريد أن تتجادل مرة أخرى ؟"
" قبل أن تبدأ في الشماتة ،ربما يجب أن تحصل على عصا أخرى "،اقترحت قمر ،وحامد شمها " .كنت أخطط
لذلك".
اندفع الصبي األشقر نحو خط الشجرة ،واختفى عن األنظار .صرخت " انظر قبل أن تمسك" " .أنت تعلم أن لن
تجعلك تنسى أبًد ا إذا شعرت بالفقر في اليوم السابق لترابطك".
" فهمت" ،صرخ حامد من بين األشجار .وأضاف عندما خرج من خط الشجرة " :ربما يجب أن ننسى الدم األول هذه
المرة" .أومأت قمر برأسها ،ثم عندما رأت طرف الشجرة في يدي حامد .
" أنت تعلم أن هذا ليس عدًال على اإلطالق "،تنهدت بينما كان حامد يمزق األغصان الصغيرة من الفرع السميك باليد.
" اعتقدت أن هذه ستكون معركة عادلة".
ابتسم ،وقف " .ماذا قلت في وقت سابق ؟ مساء الصعاب ؟ " أكد حامد " .هذه العصا أقوى".
شم قمر .سخرت " العصا" " .هذا طرف شجرة ،وليس عصا .هذا " -رفعت عصا لها - " .تحسب كعصا".
" هل تخيفت قمر ؟" مازح حامد " .المباراة األولى كانت اختبارك .اآلن دعونا نتجادل " .
نظرت إلى الفرع الكبير في يدي حامد وابتسمت عندما ارتجفت قبضته برفق " .أوافق على عدم وجود دم أول .سأكره
أن تنزعج هبة مني إلى األبد " .
واستغرقت المباراة الثانية ثواني فقط .وجهت قمر ضربة قوية على ظهور ركبتي حامد ،مما أدى إلى سقوط الصبي
األشقر على األرض .مع الغصن الثقيل يثبته ألسفل التخاذ تدابير جيدة.
تذبذب بشكل غير مريح تحت طرف الشجرة .مع كلتا يديه مثبتتين بشكل محرج على الجانبين .لم تستطع إال أن تبتسم
أكثر حيث نظر إليها حامد " .هل تعتقد أنك تستطيع المساعدة ؟"
قامت قمر برفع طرف الشجرة المخالف بسهولة .رمتها بعيًد ا ،وتركتها تسقط في مكان ما على العشب " .أنت تعلم أنه
يخدمك بشكل صحيح".
رفعت قمر عينيها ،وقدمت يدها إلى أسفل لمساعدة حامد على النهوض " .أنا لم أغش .من الواضح أنك تمتلك السالح
األكبر .ليس خطأي إذا الحظت ضعفك قبل أن تفعل ذلك " .هزت يدها نحوه " ،هل ستأخذه أم ال ؟"
قال حامد بغضب " :ال" " .ال أعتقد أنه يمكنني النهوض بعد".
استعادت قمر يدها وركلت حامد في ساقها بحذائها " .آه!" كان يئن ،مبتعدا ساقه عنها.
اشتكى وهو يفرك ساقه بحزن " :سأصاب بكدمات غًد ا بسببك" " .هبة سوف تنزعج منك".
فأجابت " ،وستكون مستاءة منك "،وانضمت إلى حامد على العشب.
أجابت قمر " :يدك" ،مشيرة إلى ضمهبة ت أصابعه " .هبة لن ترغب في االعتناء بذلك .كان يجب أن تدافع عن
نفسك بشكل أفضل " .
ردد حامد صدى محاكاة قمر " .كان يجب أن تدافع عن نفسك بشكل أفضل".
ابتسم ابتسامة عريضة على حامد الذي كان ال يزال يسخر منها بصمت .وهددت قائلة " :ضع في اعتبارك أنني حصلت
على موافقة هبة بشكل أساسي على إصابتك بكدمات في أماكن يمكن إخفاؤها" .
صرح حامد " :و ...لن يكون ذلك ضرورًيا ألنني سأغير موضوع هذه المحادثة بعيًد ا عن األذى الجسدي" .نظف
حلقه قبل أن يضيف " ،أنا في الواقع بحاجة إلى مساعدتك".
" ما هذا ؟" سألت ،القلق يحمل في نبرتها .لوح حامد يديه.
وأوضح " ال شيء يهدد الحياة" " .أحتاج إلى نصيحة الفتاة بشأن شيء ما".
" ما هذا ؟" كررت قمر متشككا .تنهد حامد " .خالل حفل الترابط ُ ،يطلب من الموعودين تبادل الهدايا ذات األهمية
الكبيرة أو ذات المغزى".
" و ؟"
أعطاها حامد نظرة نفاد الصبر .تذمر " أنا ذاهب إلى هناك" " .لقد رأيت خواتم أو قلهبة ت .لقد رأيت خادمة المنزل.
لقد رأيت حتى ما يكفي من اللحوم إلطعام جميع الحكماء لعدة ممرات يتم تبادلها " .
نظر إليها الصبي األشقر مرة أخرى " .لقد أعطيت بالفعل الحلية الوحيدة التي تعني أي شيء بالنسبة لي .لقد قدم لنا
الحكماء خادمة منزل منذ أن أكملت تدريبي على الحدود .اعتباًر ا من اآلن ،نفدت األفكار .هل هناك أي شيء يمكن أن
يخطر ببالها أنه قد يعجبها ؟ "
هزت كتفيها " .أنت تعرف هبة أفضل مني .لماذا ال يمكنك التفكير في شيء ؟ " سأل قمر .ثم أضافت " .وفقط ألنني
فتاة ال يعني أن لدي نصيحة جيدة .الشيء الوحيد الذي يمكنني التفكير فيه هو أن أذهب وأسأل والدتها " .
قال حامد إيسيلي " :سؤال والدتها ليس خياًر ا" .تأوه حامد بصوت عاٍل من اإلحباط .تردد صدى صرخاته الحزينة من
حولهم ،مما أدى إلى تشتيت الكائنات على خط األشجار بعيًد ا.
تناثرت الطيور في السماء في شكوى .تتبعت قمر أجسادهم أثناء تحليقهم في سماء المنطقة .ثم نقر شيء ما في رأسها.
فكرة .تمتمت بتواضع " :ريش الربط" .لكن لفت انتباه حامد " .ماذا كان هذا ؟"
" إنه شيء ذو مغزى ومهم وصغير .سوف تكون منك ومن حياتك " ،صرخت قمر بسعادة .هذه هديتك " .
ردد حامد صدى " ريش الربط" بحذر ،كما لو أنه لم يسمع ذلك بالشكل الصحيح في المرة األولى .أومأت قمر برأسها.
هز الصبي األشقر رأسه " .ال أعتقد ذلك .ربط الريش ليس بهذه األهمية .اإلناث مجرد أكاليل الترابط خارج المنزل للزينة
للسماح للجميع بأنك مستعبدين .ما هو الشيء الرائع في ذلك ؟ "
ركل قمر بقدمه ،مما أدى إلى هسهسة شكوى من حامد " .إنها ليست لك .سيكون من أجل ،وكانت تعمل على خطط
الترابط الخاصة بك بمفردها في المرة األخيرة .عالوة على ذلك ،يجب أن تعلم أن إكليل الترابط هو أكثر من مجرد شيء
أنثوي .ال يمكنك القول أنك ال تعرف ما يعنيه الريش المترابط " .
" نعم ،أعرف ما يقصدون" ،قال حامد غاضًبا " .الريشة نفسها التي تطابق األنثى الموعودة تمثل عدد الشتالت .أال
يجب أن ينتهي ذلك اآلن ؟ "
أجابت قمر " :لو استطاعت" ،متجاهلة الرغبة المفاجئة في ضرب حامد مرة أخرى " .ال يمكنها العثور على أي
ريش يضاهي ريشها".
الحظ حامد " .لقد رأيت الكثير من النساء يختبئن في الحداد لتلوين الريش ليناسبهن بدًال من البحث عنهن .ما لونها ؟ "
" أبيض".
حدقت قمر في حامد عندما بدأ ضحكة مكتومة .والتي تطورت بشكل مطرد إلى ضحك قهقهة .كانت تعلم أن ارتباكها
ظهر على وجهها وهي تستفسر " .شيء مضحك ؟"
لم يلق سؤالها سوى مزيد من الضحك كرد .صاحت قمر وانتظرت.
عندما تضاءل ضحكة حامد مثل جمرة صغيرة ،تحدث " .ريشة بيضاء" قالها بعنف .مبتسًما مثل األبله ،مد يده مرتدًيا
زيه الفارس الحدودي " .مثل هذه ؟"
في أطراف أصابعه ،تلمع ريشة بيضاء في الشمس .التقطت قمر الريشة المهملة من حامد في رهبة " .أين وجدت هذا
بحق الجحيم ؟" سألت وهي تتعجب من وميض اللؤلؤ " .بحثت هبة في كل مكان".
أوضح حامد " :كانت تتساقط على األرض في قرية توقفنا فيها .كنا نساعد القرويين على التعافي من هجوم مهاجم" " .
اعتقدت أنه يبدو أنيًق ا ألننا هنا لم نر ريًش ا أبيض".
" من الواضح أنك احتفظت بها "،تتأمل قمر مبتسمة .حملت الزائدة حتى الشمس الباهتة .جَّفت ابتسامتها من وجهها كما
طلبت " .أي قرية هوجمت ؟ أي شخص يؤلم ؟ هل أحرق المغيرون القرية ؟ "
" لقد كانت قرية لم أسمع بها من قبل .كانت صغيرة .لم يكن الهجوم في أي مكان بالقرب منا ،والمثير للدهشة أنه لم يقتل
الرجال وال النساء .لم يحرقوا القرية حتى .ذهب الطعام واإلمدهبة ت فقط " .
" لم يحدث شيء للقرويين ؟ أو بيوت القرية ؟ لماذا ا ؟ هذا ما يفعله الغزاة ،يقتلون ويحرقون ويأخذون " ،قالت قمر .
انعكس عقلها إلى وقت قبل والدتها .إلى الوقت الذي قتل فيه والدها ،أخذ من والدتها بالموت " .ماذا عن القرى األخرى
التي صادفتها ؟"
جلس حامد عن األرض " .وجدت كل ما زال قائما .قام القرويون بضربات قاسية قليًال وذهبت اإلمدهبة ت .أجاب :ال
يبدو أنهم يقتلون ويحترقون بعد اآلن " .هناك شيء ما يبدو مختلًف ا .كما لو كان هناك شيء ما يبني في الهواء " .
فتحت قمر فمها لتسأل ،لكن حامد شمها " .أخبرني اآلن ،لماذا كنت مستمتًع ا جًد ا بحفاظي على الريشة ؟ أعني ،لماذا
ال تحتفظ به ؟ ال يؤذيني وال يؤذيني أي شخص آخر " .
" أنا متفاجئ .قالت مبتسمة " .أنا مندهش للغاية .ما هي احتماالت عودتك مع ريشة بيضاء مرغوبة في قبعتك ؟ ثم انا"-
صححنا " نحن" حامد ،وكادنا نعرف إلى أين تتجه مع جملتها .تدحرجت قمر عينيها " .و" نحن " نفكر إذا أعطيت
ريشة رابطة .فقط لتكتشف أنها بحاجة إلى اللون األبيض وسترى أن لديك واحدة ألنك شعرت بالحاجة إلى االستيالء
عليها .ماهي الفرص ؟"
هز حامد كتفه .جبينه مهروس في الفكر " .انا ال اعرف .ربما ضئيلة أليس كذلك ؟ أم تعتقد أنها عالمة ؟ "
" إنها إما عالمة أو صدفة جحيم" ،أجابت قمر ،ثم قطع حامد " .أوه ال ،ال تفسد هذا بالنسبة لي" بالصدفة " .أعتقد
أنها عالمة .أعلم أنها عالمة " .
تنهدت قمر " .بخير .لن أفسدها .لكن عالمة على ماذا ؟ "
ابتسم حامد " :آمل أن يأتي المزيد من الخير" .توهجت عيناه الزرقاوان من السعادة .سعادة عرفتها قبل وفاته " .أنا
رجل محظوظ جدا .أنا في المنزل لمدة ثالثة أشهر .أنا مع عائلتي في ذلك الوقت ،وغًد ا ...سأكون مرتبًط ا بوعدي .لدي
حياة رائعة".
أضافت قمر وهي تعيد الريشة إلى حامد لالحتفاظ بها " ،واألفضل اآلن أن يكون لديك هذا" " .سيسعد هبة أن تعلم أنه
سيكون لديك بذرة واحدة على األقل .باإلضافة إلى ذلك ،قد تجد المزيد أثناء قيامك بالدوريات مرة أخرى " .
وقفت قمر وربت على كتف حامد لدعمها " .ماذا لو نجعلك مرتبًط ا أوًال ؟ ثم يمكنك القلق بشأن الشتالت " .
أومأ حامد .بدأ وجهه الشاحب يتلون " .حق… .لنفعل ذلك .الترابط أوًال ،والشتالت الحًقا " .مرر يده من خالل
االنفجارات األشقر " .اآلن دعونا نتنافس وعليك أن تدعني أفوز حتى أنسى الشتالت".
كانت ت بسخط ،وتدحرجت عينيها " .تعلمون أن الشتالت ليست مخيفة حًق ا ،اعتمهبة على مزاجها .في الواقع ،
المفهوم الوحيد المرعب حًق ا هو الوالدة .روت لي أمي قصًص ا ،لكنك تعيش في القرية .سمعت الصراخ من قبل أليس
كذلك ؟ فظيع .تقريبا مثل حيوان يحتضر .لم أر بنفسي واحدة من قبل ،لكن يجب أن يكون األمر فظيًع ا كما يبدو " .
" والدة "...صرير حامد ضعيف .تجمعت حبات العرق من منبت شعره وأسفل مالمح وجهه الشاحب المتعب.
تضاعف أكثر ،فرط التنفس .مع كل نفس زفير ،كرر " الوالدة" في تعويذة.
قاومت قمر الرغبة في التنهد ألنها كانت تميل إلى حامد .استقرت يداها على كتفيه حتى ال يتدحرج على المنحدر الثابت
لقمة التل مرة أخرى " .هيا .سيطر على نفسك .الشتالت ليست شيئا جديدا .لقد كنت مرة واحدة ،لذا قف ووقف .وإال
ستخسر مرة أخرى " .
تمتم حامد برفق " :حسًن ا" .باتباع تعليماتها ،وقف حامد مستقيما ،وتذبذب من ارتفاعه الكامل .كان وجهه ال يزال
رمادي حيث التقى بعيون قمر .ادعى بثقة " سوف تخسر هذه المرة" .
" سنرى" ،ابتسمت قمر ،مرددة كلمات حامد في وقت سابق من ذلك اليوم .شم حامد .
" سوف نرى ؟ قال حامد وهو يهز رأسه .ثم ركض إلى طرف الشجرة الضخم.
حذرت " ،لن ، "...معتقدة أن حامد سيحاول الصدام مع طرف الشجرة الضخم مرة أخرى " .لم ينجح األمر معك في
المرة األخيرة "...
قطع حامد فرًعا أصغر من طرف الشجرة " .أليس كذلك ؟" استجوب ببراءة " .من العدل أن أمتلك عصا مثلك".
اتخذت موقف السجال ،وأعدت عصا لها عندما اقترب حامد .وقف أمامها بوجه خالي من العيوب .أسقطت قمر
موقفها ،وقامت بحاجبين متقوسين " .ماذا االن ؟"
" هل تعتقد أن هبة ستحب حًقا ريشة الترابط ؟" سأل حامد بشكل غير مؤكد " .أم أنها هدية رهيبة ألن هناك واحدة
فقط ؟"
قمر منزعج " .هل تريد بعض النصائح ؟" سألت وأومأ حامد .واصلت قبل أن يتكلم حامد " .ستحبه .أنت تعلم أنها
ستكون سعيدة " .
اختفت الشمس الذهبية فوق خط الشجرة .حومت آثار قليلة من الضوء فوقهم ؛ ثم ظل الظالم عليهم .ابتسم حامد خالل
الشفق ،انبعث بياض األسنان بشكل مشرق " .إذن هل سنناقش أم ماذا ؟ ليس لدينا طوال الليل" .
التقت عصيهم وهم يتشاجرون .كان الضحك ينفجر من حلقها وهي تبادلت اإلهانات التافهة مع حامد .جعل الصبي
األشقر يتعثر في الضحك .لم يكن األمر كذلك حتى تم وضع القمر بالكامل في السماء الغامقة عندما التقطت بصيًصا
لشيء ما .جعلتها الفضة في خط الشجرة تتوقف في مساراتها ،ثم خسرت.
تفاخر حامد بسعادة بفوزه ،حتى أطاحت به قمر على األرض مرة أخرى .أمضيت بقية األمسية مع المزيد من مباريات
السجال ...في محاوالت حامد لهزيمتها مرة أخرى .لم ينجح قط .تماًما كما لم تَر الفضة في خط الشجرة مرة أخرى.
أذهلت الضحك الخافت قمر من نومها بال أحالم .نوع من العدم الفارغ رحبت به ،أي شيء إلبعادها عن كوابيسها.
تسارع قلبها .حدقت في كومة من الُحصر المنسوجة في ذهول .تم خفقان ذراعيها احتجاًج ا على أي حركة ،مؤلًما من
االستخدام الجيد بعد السجال مع حامد .
لقد تحولت في سريرها عندما ترددت قهقهات من األجراس الناعمة واألجراس عبر غرفها مرة أخرى .انفصلت أنين
الشكوى من حلقها الجاف عندما جلست.
مسحت قمر اللزوجة من ذقنها بظهر يدها .تومض ضوء الشمس الساطع تحت غطاء الفرو وهي تمسح يدها على أحد
األغطية المنسوجة .تأوهت بتعب عندما وقفت .باستجداء ،تحركت إلى األمام .خربشة بشكل غير متساو على الرغم من
المدخل ؛ يحدق في وجهين مشرقين ،يحييها بابتسامات مكررة على وجهيهما .تراجعت قمر ،معتقدة أن عقلها كان
يمارس الحيل عليها في وقت سابق من الصباح.
عندما كان ال يزال هناك وجهان ،تأوهت قمر .فركت وجهها ثم استدارت في محاولة للفرار .لقد جفلت عندما رن
صوت هبة المبتهج " .كنت أتساءل متى ستستيقظ .قال المستنير أنه كان يجب أن تكون مستيقًظ ا اآلن .يجب أن نذهب إلى
البحيرة لالستحمام قبل الذهاب إلى أمالور " .
فركت عينيها ،مطاردة النوم بعيًد ا وتخدير عويل الشتالت المتزايد من عقلها " .لماذا أنت هنا ؟" قضمت قمر بعنف" .
أال يجب أن تكون في القرية بالفعل ؟"
" قمر !" همسة والدتها .اندلعت عيناها الفضية من على الطاولة بينما كانت قمر تتخبط على زابوتون " .قررت هبة
االنضمام إلينا هذا الصباح ،واالستحمام يبدو كفكرة جميلة .لذا اذهب واحضر أشيائك حتى نتمكن من الذهاب اآلن " .
كانت قمر تحدق بشوق في انتشار اللحوم والتوت .التواء معدتها في الجوع .تجمدت في منتصف الطريق للوصول إلى
التوت عندما التقت بعيون فضية ال هوادة فيها .هربت من شفتيها عالمة هزيمة ،وغادرت أسرع مما دخلت الغرفة
الرئيسية .وسرعان ما جمعت المالبس بين ذراعيها وارتدت صنداًل على قدميها.
" جيد ،أنت جاهز قمر " ،أومأت والدتها ،وهي مسرورة بينما كانت المرأة األكبر سنًا تقف عن الطاولة " .يمكنك أن
تأكل بينما نسير إلى البحيرة".
اختفت خيوط القرنفل في الخارج ،وتبع ذلك شعر أشقر .انتزعت قمر حفنة من التوت من المائدة ،متخلفة عن والدتها
وهبة .
شعاع من ضوء الشمس أعمى على عينيها المتعبتين ،مما جعل قمر تتجه نحو الدفء .تحديق ،تابعت على مضض
المرأتين األخريين في حالة تهيج .مع ارتفاع الحرارة في جلدها ،أغلقت قمر بسهولة الفجوة بين والدتها وهبة .قبل فترة
طويلة ،كانت خطواتها مطابقة لهبة بجانبها.
جاء أزيز األجراس من والدتها بينما كانت المرأة األكبر سنًا تمشي أمامهم .حاربت قمر إغراء االنضمام إلى االنسجام
المألوف .بدال من ذلك ،ظهرت حبة التوت في فمها.
أثناء مضغ الفاكهة الحامضة اللذيذة ،نظرت قمر من زاوية نحو هبة .كانت الفتاة الشقراء تتدرب عيناها على األرض.
تقريبا كما لو أن الفتاة الشقراء ضاعت في أفكارها.
" آسف" ،همست قمر بلطف ،وهي ترفع هبة بعيًد ا عن األوساخ .التقت العيون الزرقاء باللون البني بينما واصلت
قمر " .لم أكن أتوقع رؤيتك في منزلي ،اعتقدت أنك ستكون عند الحداد أو خادم المعالج".
" اعتقدت أنني سأكون كذلك "...اعترفت هبة بحزن " .أمي ...كانت ...مصممة على تغيير رأيي قبل أن أكون حسن
المظهر .ظهرت عند الحداد والطعام بجانبها ،وعرضت فرصة أخيرة .رفضت وركضت إلى هنا وهي تصرخ في
وجهي .ال أشك في أنها تمكنت من إيقاظ القرويين اآلخرين بصراخها .كان لدي كل النية للسؤال ولكن بعد المشاكل مع
نصير وحامد ...لقد نسيت .آمل أنك لم تمانع " .
توقفت قمر في مساراتها .حدقت في هبة مذهولة .سقطت التوت من يدها ،وهبطت على األرض عندما خطفت هبة من
كتفها .لقد سحبت هبة في عناق غريب .مهروسة المالبس في أذرعهم معا .سألت قمر بهدوء " :ال تعطني ذلك" " .لقد
فوجئت بهذا كل شيء ".وأضافت قمر أنها أطلقت سراح هبة " .أنا لست مستاء".
وعلقت والدتها وهي تتجه نحوهم " :أنت تعلم أن قمر تكره المفاجآت" .حدقت قمر في والدتها المبتسمة وهي تتابع" .
بغض النظر ،أنا سعيد ألنك هنا .ال ينبغي عليك التعامل مع ذلك في يوم الترابط الخاص بك " .
أضافت والدتها مبتسمة " :نعم ،وسنكون أكثر من سعداء لمساعدتك في الحصول على مظهر أنيق" " .بعد كل شيء ،
يتم ربطك مرة واحدة فقط".
استنشقت هبة بهدوء ،ودست خيوطها الشقراء خلف أذنها " .شكرا لك ".تومض عيناها الزرقاوان المحمرتان بين قمر
ووالدتها " .اشكركم ،انتم اإلثنان".
قامت قمر بالشخير واإلمساك بذراع هبة " .هذا يكفي من ذلك "،غردت بمرح " .لدينا االستحمام وارتداء المالبس قبل
أن نضطر للذهاب إلى القرية .دعنا تتحرك".
أمسكت والدتها بذراع هبة األخرى .تحدثت المرأتان عن شيء ما – سواء كان األمر يتعلق بالترابط أو االحتفال بعد
ذلك – لم تنتبه قمر .ابتلعت المادة الحمضية التي تذوقتها من فمها بعد أن تحدثت عن االستحمام ،بينما كان االمتداد
الضخم للمياه الزرقاء يقترب مع كل خطوة .بحلول الوقت الذي سافروا فيه إلى حافة المياه ،أسكت النحيب في رأسها كل
الضحك من حولها.
وضعت ابتسامة على وجهها .ترك والدتها تغريها إلى الحافة لتجلس .حفرت نصف أقمار في كفيها بينما كان الماء يتدفق
على وجهها ،أسفل جلدها .عملت والدتها على تشابك خيوط الماهوجني أثناء قيام هبة بجمع المزيد من الماء بالدلو.
استنشق قمر بشكل حاد .خفق قلبها .كل قطرة كانت تعذيبا.
تسببت العويالت المنقسمة في األذن في خفقان رأسها .حدقت في المياه الزرقاء الكريستالية مخدرة .بعد فترة ،عندما
اعتبرتها والدتها وهبة نظيفة ،بعد ما شعرت أنه ممرات – هربت من حافة المياه بسرعة ال يمكن السيطرة عليها.
اهتزت أطرافها .تعثرت قدميها حتى وصلت إلى أمان خط الشجرة .ركزت قمر على تنفسها ،وجعلتها اللقطات الحادة
تشعر بالغثيان .مثل الدوخة .تمكنت قمر من ارتداء مالبسها المعتادة في السجال .ارتد سترة بيضاء على كتفيها وهي
تقطف التوت الطازج من األدغال.
لم تكن لديها خطط ألكلهم ،لكنها أرادت التخلص من ضعفها .يديها مرتعشتان .قبل العودة إلى حافة المياه .صدى
صراخها بالكاد ما زال يتردد في عقلها حيث كانت ترى والدتها وهبة يستحمان من بعيد .فقست حبة توت في فمها.
كان الماء يتساقط من على ظهورهم من خيوطهم الحزينة .سقطت قمر في صفيحة المنزل في ارتياح فوري .لم يعد لديها
الصراخ .لم تعد مضطرة للتحديق في المياه الزرقاء الصافية .وكان أكثر من مسرور بترك الماء وراءه .غاصت في
الطعام المنتشر ما زال على الطاولة .أكلت ببطء وهي تراقب والدتها وهي تجدل شعر هبة .من فروة الرأس إلى
األطراف ،كان اللون األصفر الذهبي ملتوًيا ومطوًيا حتى يتم ختم األطراف بخيط أحمر.
ابتسمت هبة بشكل مشرق .تلمع ابتسامتها كبداية خالل الغسق .وقفت الشقراء وهي تراقب الضفيرة وهي تدور " .اآلن ،
كل ما تبقى هو الفستان!" صاحت بحماس.
تبعت قمر والدتها بعيون فضولية عندما نهضت المرأة األكبر سنًا من الزابوتون ،وعبرت الغرفة الرئيسية ،وذهبت إلى
غرفها .التقت العيون البنية باللون األزرق من جميع أنحاء الطاولة ،وتقاسمت ارتباكها الصامت .ثم عادت والدتها ومعها
كومة من القماش األبيض بين ذراعيها.
رفعت والدتها القماش إلى هبة .أومأت قمر برأسها ،وحثت الشقراء على أخذها من والدتها .تشاركت والدتها نظرة
التفاهم " .هذا من شأنه أن يساعد".
اتسعت العيون الزرقاء في اإلدراك بعد أخذ قطعة قماش من المرأة المسنة .سارت نظرتها بينهما .احتجت هبة وهي
تحاول إعادة القماش إلى المرأة األكبر سًن ا " :ال يمكنني تحمل هذا" " .هذا هو ثوب الترابط الخاص بك".
اهتز الشعر الوردي في الرفض .ظهرت ابتسامة على وجه المرأة المسنة ،ولم تصل إلى السعادة تماًما في العيون
الفضية .تنهدت قمر .صححت والدتها بحذر " :ال ،أليس كذلك" " .هذا الفستان لم يسبق له مثيل".
جادل هبة ،متطلًع ا إلى قمر للحصول على الدعم " ،أكثر من كل األسباب التي يجب أن تمتلكها قمر " .هزت قمر
كتفيها " .لماذا ؟ أنا ال أتعايش .أمي تريدك أن تحصل عليها " .
" ال ...ال –" هزت هبة رأسها بينما كانت المرأتان األخريان تحدقان بها " .ال ...ال يمكنني تحمل ذلك!"
دفعت الشقراء الثوب إلى ذراعي قمر المطمئنتين .دفعت الفستان بلطف إلى ذراعي هبة .مدت قمر من فوق الطاولة ،
وهي تطوي ذراعي هبة فوق الفستان لتهدئته " .أمي تريدك أن تحصل عليها .أريدك أن تأخذها .لذلك خذها".
نظرت هبة إلى الفستان األبيض بين ذراعيها .المع الشك في عينيها الزرقاوتين " .هل أنت متأكد ؟ ال أريد " ...
تالعبت بصوتها وأصبحت صامتة.
ابتسمت قمر " .قالت والدتي أن هذا الفستان لم يشهد رابًط ا أبًد ا .أال تعتقد أن الوقت قد حان في واحد ؟ بعد كل شيء ،
تم صنعه كمالبس رابطة " .
هبة صاخب " .الفساتين ال تهتم .ليس لديهم مشاعر " .
" نعم ،لكن الناس يفعلون" ،قالت قمر متواضعة .أومأت برأسها نحو والدتها " .أنا شخصيًا ،لم أستطع التفكير في أي
شخص أفضل لبسه".
وأضافت المرأة األكبر سًن ا " :إنه لشرف لك أن ترتديها" " .سوف أساعدك في إصالحه".
استسلمت ،ابتسمت هبة وأومأت برأسها " .بعد أن أكون حسن المظهر ،نحتاج إلى تغيير قمر ".
نظرت قمر ألسفل إلى مالبسها القتالية ،وألقت نظرة خاطفة على األوساخ التي ربما فاتتها في آخر تنظيف لها " .ما هو
الخطأ في هذا ؟" سألت مشيرة إلى مالبسها " .ال يجب أن أرتدي مالبسي لبعض الوقت".
أجابت هبة بسرعة " ال شيء" بابتسامة .وقفت الشقراء وسارت نحو المرأة المسنة .ثم أضافت " .نحتاج أيًضا إلى
االهتمام بشعرك".
" شعري ؟" ردد قمر .ألقت نظرة خاطفة على خيوطها الطويلة الماهوجني " .ما مشكلة شعري ؟"
حدقت عينيها في هبة بشكل مريب بينما ابتسمت الشقراء " .ماذا ستفعل بي ؟"
هزت هبة كتفيها " .ال شيئ .ليس حتى أكون حسن المظهر .رغم ذلك ،أقترح عليك تمشيطه أوًال .ممكن أن تساعد".
" يساعد ؟ مساعدة ماذا ؟" ألقت قمر نظرة يائسة على والدتها للحصول على الدعم .لكن والدتها تقلد ابتسامة هبة .تقريبا
كما لو أن المرأة المسنة تعرف خطة المعدة .قبل أن تتمكن من استجواب أي منهما ،اختفوا في غرف والدتها.
كانت تتذمر في شكوى من شد شعرها المؤلم " .أخبرني –" زأرت قمر بينما كانت والدتها وهبة تعلق أمواجها فوق
رأسها " .لماذا تعذبني هكذا ؟ كان شعري جيًد ا " .
" طقطقت هبة لسانها " .هذا ليس تعذيب .إنه إجراء احترازي .نرفع شعرك حتى ال يمسك ضوء الشمس باللون األحمر
في الشمس " .
" نعم ...وأخبرني كم عدد القرويين الذين سينظرون إلي عندما سينظرون إليك ".هبة شمها عليها كما أضافت قمر " .
عالوة على ذلك ،ألن أجذب المزيد من االنتباه مع شعري مرفوًعا ؟"
قفزت رؤية بيضاء في نظرتها .حدقت هبة في وجهها " .كل شخص في القرية سيرتقي بشعره التقليدي .انها مراسم
الترابط .إنها احتفال رسمي بعد كل شيء .عدم القيام بذلك سيكون عدم احترام لحامد وأنا "
" وكصديق لكليكما ،فأنا استثناء آخر لهذا ،أليس كذلك ؟" سأل قمر نأمل .كانت تلتقط حاشية اللون األرجواني
وتضغط على أسنانها إلى رعشة حادة بشكل خاص في شعرها .حدقت قمر في والدتها من فوق كتفها .ثم عادت عيناها
البنيتان إلى هبة بينما كانت الشقراء تهز رأسها " .ال .توقف عن الشكوى ودع المستنير ينتهي " .
" ناهد " صححت والدتها من خلفها " .لقد أخبرتك منذ عدة مرات أن تناديني باسمي".
أومأت هبة برأسها إلى المرأة ذات الشعر الوردي " .شكًر ا لك ولكن لن يكون من المناسب االتصال بك باسمك األول.
منذ أن تمكنت من التحدث ،كان علي أن أخاطب كل مستنير على هذا النحو ،وال أخطط أن أبدأ اليوم " .
" لكننا لسنا في القرية" ،أشارت قمر " .من الناحية الفنية نحن خارجها".
" قمر "...تنهدت هبة بغضب بينما كانت تحدق في الفتاة غير المساعدة " .أنت تعرف ما أعنيه .وقبل أي شخص – "
حدقت العيون الزرقاء بوضوح في اللون البني –" يقاطعني مرة أخرى .لدي شيء لكما" .
ضغطت يدان على أكتاف قمر بمودة .ربت والدتها على موجاتها المتجمعة برفق " .لقد انتهيت جميًع ا .يجب أن يصمد
للحفل ولكن ال يمكنني ضمان االحتفال بعد " ...
قابلت العيون البنية فضية عندما تحركت لترى وجه والدتها .أمسك قمر بيد والدتها ،مما جعل العيون الفضية مليئة
بالقلق .كان هناك بلع مسموع بينما تجمعت المرأة األكبر سنًا .بلطف ،ضغطت والدتها على يدها " .يجب أن تكون
بخير".
" سأكون" ،طمأنت قمر ،وهي تعيد ضغط اليد برفق .وقفت ،وهي ُتدحرج األوجاع من كتفيها " .إذا تعرف علي
الكثير من القرويين ،فسأقوم باالندفاع بحًث ا عن الحداد".
أضافت هبة وهي تمشي عبر رفرف الفراء " :سنحرص أنا ونصير لين وحامد على سالمتها" .
" لن أحتاجه" ،اعترضت قمر تلقائًيا " .يمكنني حماية نفسي بسهولة".
تنهدت هبة .اقتربت من الطاولة ويداها خلف ظهرها " .لن يكون ذلك لك حًق ا .سيكون للقرويين .ستكون هذه هي المرة
األولى التي تدخل فيها القرية" -
" ثانيا".
صحح هبة " المرة الثانية" " .أنك دخلت القرية بإذن .ثم توقفت الشقراء وهزت رأسها " .ال ...كنت على حق .أوال".
قالت قمر " :في الواقع الثالثة" " .لقد تم استدعائي في اثني عشر ممًر ا .ثم تسللت لرؤية خطتك واحتفاالت بلوغ سن
الرشد .اآلن أنا هنا مرة أخرى من أجل الترابط بينكما " .
ردت هبة وهي تحرك عينيها " .آخر مرتين كانت بدون إذن تذكر ؟" سألت ثم تابعت قبل إعطاء فرصة قمر للرد" .
لذلك لم تدخل القرية إال مرة واحدة بإذن من الحكماء .لذلك كنت على حق " ،انتهت بهدوء.
" نعم!" صرحت هبة بإحباط واضح في صوتها " .وكنت أشرح ،ستكون هذه هي تجربتك األولى مع حفل الترابط ،
لذلك من مصلحتك أن تفعل ما أقول" .
سحبت الشقراء يديها من خلف ظهرها .أصرت قائلة " هنا" ،مشيرة إلى أن تأخذ كل امرأة منها إكليل من الجسيمة
والنعمة " .هذه لك .من التقليدي بالنسبة ألولئك الذين سيكونون داخل منزل أن يرتدوا هذه المالبس " .
عندما وصلت قمر لتأخذ واحدة ،انزلقت من أطراف أصابعها .الهبوط على األرض مع رطم ناعم " .ماذا او ما ؟"
سألتني بهدوء بينما انزلقت رعشة برد أسفل عمودها الفقري " .علينا أن نذهب إلى الداخل ؟ اعتقدت أن هذا سيكون مثل
االحتفاالت .كما تعلمون ،مثل الخارج ،وعلى بعد مسافة معقولة " .
التقطت هبة إكليل الزهور من األرض .لقد وضعت بمهارة تاج الزهرة فوق رأس قمر " .األمر ليس كذلك ،لكننا
سنكون ورائك .ال داعي للخوف " ،طمأن الشقراء عندما بدأت قمر تلهث بحًث ا عن الهواء.
كان مثل تحول في عقلها .الخوف الذي شعرت به منذ لحظات اختفى في غضبها " .أنا لست خائفة "،ردت قمر
بحرارة.
وداست على الباب الذي أدى إلى وميض الضوء في الخارج " .حقيقة .انا جيد .يجب أن نسير على حق ؟ ال يمكن أن
تتأخر على الترابط الخاص بك " .عض قمر قبل أن تخرج من المدخل.
تذمرت قمر بتواضع بينما صفع صندلها على درب التراب .مع كل خطوة تقترب من القرية ،عاد خوفها ببطء .لقد
طاردتها بانتقام جديد .أو يمكن أن تكون والدتها ووقع أقدام هبة من ورائها .بسبب عنادها المطلق ،رفضت النظر إلى
الوراء .رفض االعتراف بذلك – في الواقع – خائف.
نفس نوع الخوف الذي حملته منذ أن كانت في الثانية عشرة من عمرها .فقط كيف كانت خالل االحتفاالت .يخاف.
خائف .هلع .كل ما شعرت به وأكثر .من خالل األشجار الخضراء المتدفقة ،تنبعث الحرارة من جلدها المكشوف .رغم
ذلك ،في ظل الحرارة ،كل ما شعرت به هو الثلج.
تدربت عيناها على األوساخ تحت قدميها .بدأت تمشي أسرع .وأسرع .كادت تتمنى أن تتمكن من التغلب على الرهبة
التي نزلت من جلدها .لم يكن حتى اصطدمت بجثة أخرى ،أدركت أنها كانت تركض .سقطت قمر على الطريق الترابي.
تهبط على مؤخرتها مع تأوه .تبع ذلك تأوه آخر مألوف.
بانتينغ ،ساعدت والدتها وهبة على الفور قمر على قدميها .ظهرت العيون الزرقاء في قلق كما طلبت هبة " .هل انت
بخير ؟ الم تسمع منا نناديك ؟ أخبرك أنك كنت على حافة القرية الخارجية ؟ "
" نعم ،سمعتك "،كذبت بسرعة ،ثم أزالت مؤخرتها " .رأيت نصير وكنت بحاجة حًق ا للتحدث معه ".أوضحت قمر .
" أنا بخير حًقا".
درستها هبة ،وهي تنظر في وجهها بحًث ا عن عالمة أخرى .كذبة أخرى " .حسًن ا" ،قالت الشقراء بشكل غير متساو
بعد بضع دقائق ،وال تزال غير متأكدة من إصرار قمر " .إذا كنت متأكًد ا .أمك وأنا سوف ندخل القرية .أنا بحاجة
لمساعدتها " .
قالت قمر برأسها " ،أنا متأكد" .ثم لوحت لهبة ووالدتها بعيًد ا ،رافضة الطريق .انتظرت حتى اختفوا في القرية قبل أن
تتجه إلى نصير .
هبة رت قمر عينيها بمجرد أن رأته .من زاوية عينيها ،يمكن أن تربت عليه الغبار من مالبسه الجديدة .كان ردائه
أرجوانًيا ،يتعانق حول وركيه ،ويغطي ساقيه حتى كاحليه .يكمل لون الحكمة االمتداد المدبوغ لصدر الزعنفة المكشوف.
سعلت عندما التقت عيناها األرجواني.
ازدهرت الحرارة على وجهها " .إذن ...آه ...ماذا حدث لتوغا ؟" سألت بعناية ،مشيرة بشكل غامض إلى رد فعل
نصير الثابت حول خصره " .اعتقدت عندما كانت هبة تحاول قياسك بالنسبة لتوغا حامد .أنت تعرف ...لكي ترتديها
في الواقع " .
نظر نصير ألسفل مع تنهد ساخط " .لقد فعلت ،لكن الحكيم أصدر أمًر ا جديًد ا هذا الصباح .وأوضح أن جميع الرجال
في سن الترابط ،الذين يحملون التنوير ،سوف يرتدون مالبس كهذه في كل حفل ترابط من اآلن فصاعًد ا.
انضمت قمر إلى جانبه وسارت معه وهي تتجه ببطء نحو القرية .تنهدت الزعنفة مرة أخرى " .إنه أمر فظيع ،أليس
كذلك ؟ أنا مكشوف فقط في الحداد .هل من الممكن أن تكون دافئة وباردة في نفس الوقت ؟ "
" هذا ممكن" ،أجابت بعمق ،وهي تفكر بصمت في خوفها منذ لحظات قليلة .لقد توافقت مع خطوة نصير البطيئة" .
ال أستطيع أن أصدق أن الحكماء يجعلونك ترتدي ذلك بالرغم من ذلك .ما الذي جعلهم يفكرون في األمر ؟ "
" هذا الصباح بينما كان الحكماء يتحدثون مع بعضهم البعض ،جاءت والدتها .لقد توسلت للحكماء الستعادة بركتهم من
رابطة هبة وحامد "،أوضحت نصير .استنشقت قمر بحدة عندما ابتلعت الغضب المتزايد ألسفل في بطنها.
" هبة قالت إن والدتها ال تزال صعبة بشأن قبول عالقتها بحامد .لم أفكر أبًد ا أنها ستكون لديها المرارة للذهاب إلى
الحكماء حول هذا الموضوع .هل فعلت اي شيئ ؟"
تمتم نصير بتردد " .أنا لست حكيًم ا بعد .أنا فقط ظلهم ،وال يسمح لي بالتحدث .هذا " -توقف ،وأشار إلى مالبسه- " .
ليس أسوأ ما في األمر".
" ما الذي يمكن أن يكون أسوأ من محاولة والدة هبة تدمير رابطة هبة ؟" سألت بشكل قاطع .وشككت قمر في أن
يكون هناك أي خبر أسوأ من ذلك.
" تدمير الجميع" ،صرح نصير نقطة فارغة أثناء سيرهم داخل القرية ،وكل خطوة تقترب من الضوضاء " .الحكماء
يناقشون اآلن حول إعادة صياغة ترتيب المحاذاة".
فتحت قمر فمها لتسأل ،لكن نصير ضربها بذلك " ،قبل أن تسأل قمر ،فإن ترتيب المحاذاة يجبر شخًص ا على االرتباط
بآخر .تم توبيخ األمر عندما رفض المستنير المتحالف االرتباط بأحد الحكماء " .
فجأة ،انطلق بوق االستدعاء عبر القرية ،مردًد ا صدى من المنتدى .ابتعدت قمر عن نصير بعد أن أدركت مدى قربها
أثناء سيرها .قالت " :ربما يجب أن نذهب" .أومأت الزعنفة.
صندل صندلهم فوق التراب .قضمت شفتها السفلية ،وتركت عينيها متدربتين على السماء الزرقاء في األعلى .أو إلى
األرض أدناه حيث بدأ القرويون في الظهور .كان العرق يتصبب على جلدها وهي تحارب رغبتها في الجري .واجبها
تجاه أصدقائها جعلها تمضي قدًما .جعلها الدفء الجليدي ترتجف عندما اصطدم أول قروي بكتفها على الطريق الضيق.
تمتم قمر وهي تهز رأسها إلى نصير " ،ماذا ؟"
" يدك .كرر نصير .ثم أمسكت يده بها حتى قبل أن تتمكن من االحتجاج " .ال يمكنك رؤيته ألنك إما تنظر ألعلى أو
ألسفل ولكنك تهتز .أعلم أنك" -
هز نصير رأسه ،تفهمها دون الحاجة إلى الكلمات " .لن أفعل" .
ساد الصمت بينهما عندما اقتربا من المنتدى .تمسكت قمر بيد نصير بقوة أكبر ،وضغطت عندما بدأ القرويون في
التحديق .نصير ،ولف يده في يدها " .سهل "...همس في أذنها " .إنهم ال يتعرفون عليك .كالهما في حالة من الرهبة
والحسد منك " .
" هل التقطت ذلك من بضع نجمات ؟" سألت بابتسامة صغيرة .ابتسم لها نصير " .أنا متأكد من أنك الشخص الوحيد
الذي ينسى أنني مستنير بالحكمة .يمكنني قراءة الناس ،أتذكر ؟ "
ردت قمر وهي تنقر على شعرها " :لم أنس" " .يتم تذكيرني في كل مرة أراك فيها".
شم الزعنفة .رفض لكعوتها المعتادة واستمر في ذلك " .عالوة على ذلك ،أعلم أنه كان لدي نفس المظهر على وجهي
مرة أو مرتين من قبل".
ُصدمت قمر بالصمت .خجلت الحرارة على خديها مرة أخرى .طار القرويون على عجل من حولهم عند دخولهم
المنتدى .ثم جمدت.
تحركت عيناها من محل البيع لتباع .حدق بها العديد من الوجوه غير المألوفة قبل العودة إلى مهامهم .تلقائًيا ،تحركت
قمر بالقرب من حتى تم ربط أكتافها .تدفق البرد على بشرتها .ارتجفت وهي تكافح من أجل التنفس .كما لو أن نصير
تعرف ،تشابكت أصابعه مع أصابعها ،وانحسر بعض خوفها.
" قمر "...
سقطت في بحر من اللون األرجواني بينما كانت نصير تقف أمامها .رمش الشعر الفضي في الشمس " .ركز على
وجهي" همست الزعنفة " .أنت بحاجة إلى الهدوء ،حسًن ا ؟" تراجعت عندما سقطت يد دافئة على وجهها " .قمر ؟
إيماءة أو شيء من هذا القبيل .فقط ألعلم أنك ما زلت هنا " .
زعنفة الزفير مهتزة " .حسن .هل أنت بخير للذهاب إلى منزل الحكماء ؟ "
استنشقت قمر بحدة عندما قادتها نصير إلى منزل ،لتقاتل ضد تدفق الناس .حدقت في مؤخرة رأس نصير .تحدق في
الفضة وكأنها نجمة في السماء تقود منزلها .هذه المرة فقط ،لم يكن المنزل مالذا .لكن عرين األسد .كلما اقتربوا ،كبر
منزل الحكماء .ابتلعت وهي تتخيل الممر المفتوح كفم تنتظر التهامهم.
" قبل أن ندخل إلى منزل –" بدأ نصير كما كان يقف أمام منزل كبير .استدار في مواجهتها " .احتاج إلخبارك شي
ما…"
" هل انت بخير ؟" سألت بقلق .تحركت عيناها على وجه نصير ،تدرس لشيء ما " .أخبرني .ما هذا ؟"
انتزع يدها من كتفه " .أريد أن أعتذر .لقد كان يزعجني طوال الليل ،و" -
تمكنت قمر من االبتسام ورفع حاجبيها " .اعتقدت أن أولئك الذين لديهم عصر التنوير الحكيم القديم يمكنهم قراءة الناس.
أال يمكنك قراءة لي أو شيء من هذا القبيل ؟ لقد سخرت بخفة ،مما جعل نصير يلف عينيه عليها .ثم اختفت ابتسامتها
فيما واصلت " .لم نناقش مثل هذا من قبل .وأدركت أنك لم تكن مخطًئ ا في مخاوفك " ...
صحح نصير " لكنني لم أكن على صواب أيًض ا" " .يجب أن تكون قادًر ا على اتخاذ قراراتك الخاصة .ما كان يجب أن
أحاول إبقائك في بيتك " .
أومأت بالموافقة " .صحيح جدا .قال قمر " :كان يجب أن تفعل ذلك ،لكنها لم تكن لتنجح على أي حال" " .هل مسموح
لي بتذكيرك بهذه المحادثة إذا حاولت شيًئ ا آخر كهذا مرة أخرى ؟"
كانت هناك لحظة لم تعرف فيها من تحرك أوًال .سواء كانت تغوص في ذراعي نصير أو خطفتها ذراعيه .سيكون لغزا
حتى نهاية الوقت .ولكن في غمضة عين ،كانت مغمورة بين ذراعي نصير ،ووجهها يضغط على جلده العاري الدافئ.
احمر الخدود احترقت على خديها ألنها سمحت لنفسها بالذنب لتذوق لمسة نصير .حتى لو كان مجرد عناق ،فقد احترقت
ذراعيه حول خصرها .الجلد الرقيق من ذراعيها مثبت حول رقبته .رفرفت عيناها الخمريتان مغمضتين .تحركت الزعنفة
تحتها .فتحت عينا قمر .
" ال يزال بإمكاني أن أكون آسفة" ،تمتم نصير محرًج ا .كان يحدق في قدميه وهي تدرس لباسها من أي إصابات .بدأ
نصير " لباسك "...ثم تبعه .فتح فمه وأغلقه لعدة ثوان .لعق شفتيه كما أضاف " .يبدو مألوًف ا".
ألقت قمر نظرة على جسدها ،حيث عانق الفستان األرجواني خصرها " .كان الفستان الذي ارتديته في الحفل ".ابتسمت
وهي تتابع " .اعتقدت والدتي أنني سأكون هنا من أجل هذا ،لذا قامت بتغييره .هل هذا بخير ؟ "
أومأت الزعنفة .طافت عليها عيناه األرجوانيتان قبل أن يبتعد .عبر احمرار على وجهه ،فتحولت أذنيه إلى اللون
القرمزي " .أنت تبدو ...جميل"-
" هل أنتما االثنان تدخالن ؟" زقزق حامد عندما قفز عبر المدخل " .أحب أن أكون مرتبًط ا قبل أن أبدأ في الشيب".
تحركت األشقر بشكل مزعج على أذن نصير الحمراء " .أعتقد أننا في انتظاركما اثنان وعدد قليل من الدراجين على
الحدود ".ثم اختفى حامد مرة أخرى داخل المسكن الكبير.
صعدت من نصير وأشارت إلى المدخل .قالت قمر بضعف " :أعتقد أن حامد يريدنا بالداخل" .ما زال قلبها ينبض ،
ووجهها ال يزال دافًئ ا من عناقهما.
بشكل غير متوقع ،انطلق حامد من المدخل .قال حامد ،وهو يصفع يديه على أكتاف قمر ونصير " :لم أقصد
التنصت" – " لكنني كنت أريدكما في الداخل منذ فترة طويلة .احصل على خطوة لألمام ،لذلك ال يتعين علي سوى
انتظار عدد قليل من األشخاص اآلخرين الذين لديهم أعذار للتأخر .لنذهب".
بدأ القلب يقرع الطبول بشكل أسرع إلحساس مختلف تماًما .ابتلعت قمر بشدة مع حامد سحبهم عبر المدخل .تكيفت
عيناها بسرعة مع السحابة المظلمة الدخانية التي كانت معلقة في الهواء .تخلى عنها حامد على الفور ،تارًك ا يدها بمجرد
أن التقى بالحشد.
تم حرق موقدين على جانبي المدخل ،مما أدى إلى إضاءة الزوايا المظللة للغرفة .كان هناك شبر ال يطاق في مؤخرة
حلقها .سعلت .أمسكت قمر بيد نصير في يدها المرتجفة .قامت بتشبيك أصابعهم وضغط على أطرافهم ،مما أرسل راحة
مطمئنة أنه كان هناك من أجلها .بدون كلمات ،بدأ نصير في قيادتهم عبر الحشد متعدد الوجوه.
وتناثرت الحشود الغفيرة باللون البني واألشقر ،إما واقًف ا أو جالًس ا على وسائد ظهرت في المحادثات الصاخبة .في
النهاية ،عثروا على وسادتين في منطقة هادئة إلى حد ما .من خالل بقعة مبعثرة في الحشد ،وجدت قمر رأًس ا وردًيا ،
جالًس ا في كتلة أو بني ،كبار السن من السادة.
عّبست عندما وجدت وجه أمها متجهًما .صعدت قمر إلى األمام ،وسحب نصير معها .لقد تعثرت عندما تم انتزاعها مرة
أخرى .جرها سحب يدها إلى الوسائد.
بقلق ،نظرت قمر من فوق كتفها باتجاه والدتها .ثم ابتسمت .جلس أحد الرجال بجانب والدتها وهو يفرك خده وكأنه
يتألم ،بينما تبتسم والدتها وهي شبه راضية .عادت قمر إلى نصير ،وتناثر القلق على مالمحه وهي تجيب " .لقد كان
الشئ".
أعوجت نصير رأسه فوق كتفها .ثم " .تبدو المستنيرة سعيدة جدا بنفسها .لم تكن هناك حاجة للقلق " .
تالشت ابتسامته من وجهه على الفور " .ماذا تفعل هناك ؟" زعنفة مدمرة ،وأخذت قمر على حين غرة " .إنها ال تنتمي
إلى هناك".
أجابت وهي تهز رأسها " :ال" " .حامد سمح للناس طوال هذا الوقت ،أليس كذلك ؟"
" لكنك لم تسمع ما كانت تقوله!" احتج نصير ،هسهسة على الرغم من أسنانه " .لقد أيقظت جميع خوادم المنزل من
حولنا هذا الصباح ،لم تَر وجه حامد أو هبة .لم تَر مدى ذهولهما " ...
بلطف ،استولت قمر على ذراع نصير ،وجذبت الرجل إلى الوسادة .احترقت عيناه األرجوانيتان بالغضب المماثل الذي
حملته بداخلها " .ربما لم أكن هناك أو سمعت الكلمات التي قيلت بالضبط ،لكن هبة أخبرتني .وأنا أعلم أنه إذا كانت ال
تريد أن تكون والدتها هنا ،فإن هبة ستفعل شيًئ ا حيال ذلك " .
توقفت مؤقًت ا بينما جدد نصير التحديق على والدة هبة .تنهدت قمر .قامت بتدوير ذقنه ،وتحريك عينيه إليها " .حامد
يعرف والدة هبة هنا .السبب في أنه لم يفعل أي شيء حيال ذلك هو ألنه يعلم أن هبة تحب والدتها ،وتريدها هنا بغض
النظر " .
ثم تنهدت الزعنفة .ارتخاء كتفيه كما سقطت الهزيمة على وجهه .ألقى نظرة أخيرة مرهقة على المنصة " .من األفضل
أن تكون محًق ا بشأن هذا" ،تمتم ،وهو يغرق في أعماق الزابوتون.
عرضت " أتمنى أن أكون كذلك" ،ثم أضافت " .حامد وأنا نتحدث عن األشياء".
" أشياء ؟" سأل نصير بفضول " .أي نوع من األشياء ؟"
ابتسمت وهي على وشك الرد عندما تجمدت .حدق رجل بعينين شاحبتين مذهلتين في وجهها من فوق كتف نصير .لم
تستطع قمر تحديد ألفة اللون حيث بدأ الرجل األشقر يرتجف .اقتربت ذراعيه من صدره .حادت شفتيها على أذن نصير
وهي تميل بالقرب من الهمس " .الرجل األشقر الذي ترد ظهرك إليه ...من هو ؟"
تصلب الزعنفة .نظر من فوق كتفه وتغير سلوكه .انحنى إلى األمام ،يهمس في أذنها " .ال أعرف اسمه ،لكنه دائًما في
منزل المعالج.
" هل تعرف لماذا "...تراجعت قمر .صهرت حلقها " ،لماذا يرتجف هكذا ؟"
شاهدت قمر بينما بدأ نصير يتحدث إلى الرجل .ثم كادت أن تقفز من جلدها عندما أذهلتها ضحك صاخب عبر نزل
كبير .قامت بمسح وسط الحشد الصاخب الصاخب ،بحًث ا عن الجاني .عندما لم تأت ضحكة أخرى ،تحركت قمر
لإلعجاب بمحيطها.
كان هناك شبه معتم لبيت المنزل عندما كانت نبتة .بدًال من موقدين على المنصة كما تتذكر ،كان هناك موقد واحد فقط.
موقد حجري كبير في المنتصف .تم تحريك الفراء المتناثر على األرض .اآلن مثبتة على الجدران ،معروضة مثل
الجوائز .غطت الحصائر المنسوجة ذات األلوان المحايدة األوساخ ،مما جعل األرضيات .فوق األرضية المدبوغة ،
جلست العديد من الوسائد السوداء.
دفعت موجة أخرى من الضحك انتباه قمر إلى االتجاه األصلي .كانت تلهث بخفة عندما وجدت نفسها تحدق في عينيها –
زوج بني أخف قليًال من عينيها – عبر التوسعة الكبيرة .دفع الرجل المجهول رجًال آخر – أشقر – جالًس ا بجانبه ،
وانحازا إلى بعضهما .تحركت أفواههم ،لكن المرأة لم تكسر االتصال بالعين معها.
" ما المثير لالهتمام هناك ؟" سألت نصير ،فأجابت بنفس السرعة ،مزقت عينيها من الغريب " .ال شيئ".
ت ،نظرت نصير بنفس الطريقة التي كانت تنظر بها .تّمت متابعة قمر .المستنير وغير المنور حدق في الوراء.
شعرت قمر بصالبة الزعانف بجانبها .كان كتفه ساكًن ا عندما وقف الرجل المستنير ،وبدأ يشق طريقه نحوهم.
أجاب نصير ببرود " :تعرنصير السبب" .عّبرت عن غضبها بينما تابعت نصير " ،صديقك الجديد قادم .اآلن بّدل
مقعدي ...من فضلك" .
عندما غيرت مقاعدها مع نصير ،تساءلت عما حدث .هل أزعجه بطريقة ما ؟ ارتدى نصير كشًر ا رقيًقا بينما كانت
عيناه األرجوانيتان تنظران إلى الحشد .عرفت قمر أن االعتراف بها لن يكون أمًر ا مثالًيا .هي تعرف .وهي ال تريد أن
يحدث ذلك .لكن ذلك الغريب ال يبدو أنه تعرف عليها .في الواقع ،كانت الطريقة التي نظر بها إليها هي عكس ردود
الفعل التي كانت تتلقاها عادة.
غرقت في الزابوتون الجديد حيث سقط المنزل في صمت .جلس الحشد على الفور ،مما أعطى المنزل وهًما أصغر .تم
إسكات أفكارها أيًض ا عندما دفعت نصير ذراعها ،وهي تشير إلى المنصة .كان الحكماء التسعة يقفون على المنصة.
لوح أقدم وايزمان – مرتدًيا رداء أرجوانًيا – بيده .انقسم الحكماء الثمانية اآلخرون ،وانتقلوا إلى مجموعتين متساويتين ،
وغامروا إلى أي من طرفي المنصة .سرعان ما تجمعوا مرة أخرى ،وانتقلوا إلى خط متصل بينما كانوا يوجهون رأسين
أشقر مألونصير إلى الموقد.
كان كل من هبة وحامد يرتديان تيجاًن ا على رأسهما ،وأمسكوا بأيديهم فوق اللهب الصغير .هدأ بيت المنزل أكثر ،وبدا
أن جميع الضوضاء من الخارج خافتة أيًض ا .انكمش الحكماء العجوز بهدوء " .نحن هنا لخلق امتياز مقدس وترسيخه".
يديه القديمة مثبتة على هبة وحامد قبل أن يواصل " .انضم أسالفنا إلّي وإلى النساء منذ فجر العصر الجديد .نحن هنا
اليوم .هذه اللحظة هي تبادل الهدايا ،سواء الممنوحة اآلن أو على انفراد .ثم يمكننا االستئناف " .
ابتسمت قمر عندما ابتسم صديقاها لبعضهما البعض ،وهما غير متأكدين من من يجب أن يتحدث أوًال .أومأت هبة
برأسها قبل أن تتكلم " .هديتي لك هي نفسي .أنا أعلم أنني لست كثيًر ا .لكنني سأكون بجانبك .حياتي ال تكتمل بدونك" .
ابتسم حامد " .هديتي األولى لك هي مفاجأة أن يتم تقديمها على انفراد .هديتي الثانية هي نفسي .أعدك أن أحبك دائما.
لتحقيق رغباتك .معك ،أنا كامل " .
قال الحكيم " :يعطى بيت" " .لذلك يمكنك أن تقف مكتوفي األيدي بينما تتحرك تيارات النهر والحياة بمفردنا معنا.
لتحقيق التوازن ،ستولد من جديد ويتم تطهيرك" .
لقد تراجعت تلقائيا .الجفل عندما اندفع دلو من الماء فوق رأسي هبة وحامد .يمكن سماع أصوات القطرات الرطبة
الهادئة ،بصوت عاٍل تقريًبا كما تحدث الحكماء األقدم مرة أخرى " .مع هذا ،أنت تتحرك ،ولكن ال يزال .في توازن
العالم وبعضكم البعض ،أنتم الكمال .مًع ا ،قد تمضي حياتكم إلى األمام كتيار ال يتغير ،وقد تزرعون العديد من الشتالت
وتزدهرون القرية وتعيشون في سعادة لبقية ممراتكم .اآلن ،أمسك معصميك نحوي " .
من الموقد ،سحب الحكيم العجوز قضيًبا على شكل هالل أحمر ناري من اللهب .هسهسة قمر عندما اشتعلت الندوب
حول معصمها بالحرارة الوهمية .خفق األلم على جلدها ،ألم لم تتذكره أبًد ا .تم االستيالء على يدها على الفور من قبل
نصير ،التي أعادت لها نظرة قاتمة.
كانت هناك شهقات قاسية من الجمهور عندما ضغط الهالل على معصم حامد األيمن أوًال ،ثم معصم هبة األيسر بعد
ذلك .ولم يصرخ من شدة األلم .لكنهم تأوهوا بارتياح عندما تم سحب المعدن .تدفق الحكماء اآلخرون إلى هبة وحامد ،
وهم يميلون إلى الجلد الذي تم وضع عالمة عليه حديًث ا بينما تحدث األكبر.
" عندما تلتقي هذه العالمات في النهاية ،قد تكون حياتك دائرة ال تنتهي .مثل الشمس والقمر ،والتيارات مع السكون
الذي يسكن هذه األراضي " .
التقطت األصابع المجعدة التاج المنمق من رأسي هبة وحامد وربطتهما بخيط أحمر " .أتمنى أن يمثل هذا الدخان
سعادتك كما لو كانت مستعبدة حديًث ا".
سقطت التيجان في الموقد ،وأكلتها النيران .اندلع دخان أزرق في حجرة المنزل مع صوت صاخب ؛ إرسال ألسنة اللهب
الزرقاء إلى الحياة .ثم مات.
ظل المنزل صامًت ا .نظرت قمر بسرعة في الغرفة .دراسة أي وجوه تجدها .كانت الوجوه قاتمة .كان البعض مرتبًك ا
ومهيًبا .وجدت عيناها البنيتان وجه هبة ،الذي كان واضًح ا أن الحزن مكتوب على مالمحه .قام حامد بمطابقة تعبيره
الوحيد المترابط .شخص واحد فقط في المنزل لم يبد عليه االنزعاج ،بل على العكس تماًما .حملت والدة هبة ابتسامة
متعجرفة على وجهها عندما انحنت قمر لتهمس في أذن نصير .
" أعرف أن هناك شيًئ ا خاطًئ ا من وجه الجميع .ماذا يحدث هنا ؟"
" أزرق".
" نعم ،لقد رأيت ذلك" ،تمتمت قمر بحرارة " .ماذا يعني اللون األزرق ؟"
" بمعنى ،لم أسمع أو قرأت عن الدخان األزرق من قبل "،أوضح نصير بهدوء.
" عظيم "...همهمت ساخرة .نظرت قمر حول الخادمة مرة أخرى ،وشاهدت والدة هبة واقفة .عبرت الشقراء األكبر
سًن ا المنصة بشق األنفس إلى هبة وأمسك بيدها.
" هل انتهى ؟" همست لنصير ،الذي أومأ برأسه " .نعم".
همست قمر على وجه السرعة " إذن افعلها" " .قبل أن تحاول والدة هبة بيعها إلى المتسكع".
" ال تفكر "...بدأت نصير وطعنته قمر بألم على ذراعها بإصبعها .أشارت إلى المنصة .كانت هبة ووالدتها تهمس
بعضهما البعض ،وكان الحكيم بجانب المرأة األكبر سًن ا " .مهما كانت تلك المحادثة "-همست قمر " ،إنها ال تبدو
ممتعة .أنا أرمي إكليلي من الزهور " .
صاحت " نصير " " .ماذا حدث لك ؟ كان علي أن أمنعك من التخلص من والدة هبة ،على الرغم من أنني كنت مخطًئ ا
،لكنني اعتقدت أنك تريد رحيلها .واآلن ،أنت ال تقدم المساعدة عن ُبعد " .
" ال .رد عليها قمر .وقفت .انتزعت قمر إكليلها من شعرها المتشابك ،وألقت إكليل الزهور باتجاه المنصة .ورقص
دخان أحمر في الهواء عندما سقط إكليل الزهور في ألسنة اللهب .انتزعت نصير يدها ،وسحبتها إلى أسفل .مجموعات
متعددة من العيون من المنصة المثبتة عليها ،ترسل الجليد إلى أسفل عمودها الفقري .تمتم نصير لعنة – وهو أمر نادر
الذي تقدمت به قمر في وقت الحق – ثم أرسل ليه يطير في النيران أيًضا.
ترددت صدى الهتافات الحماسية في المنزل بينما ألقى آخرون أكاليل الزهور والكرات أيًض ا .مجموعة من األلوان تنفجر
وتتدفق في الهواء ،وتغطي فراغ الدخان األزرق.
رافق الحكماء الثمانية اآلخرون والدة هبة إلى الوسادة بجانب والد حامد النائم.
أعلن أحد الحكماء المستنيرين األقوياء " :أنت اآلن مرتبط" .حمل صوته فوق الهتافات برزت عيون بنية في قمر .
كانت هناك هزة من الخوف اندلعت في جسدها .ابتعدت عن الوهج الساخن وشاهدت صديقيها يتبادالن القبالت بحماس.
تجول حولها دفء ،وأخيرًا ،بعد مرور من االنتظار ،تم ربط هبة وحامد أخيًر ا.
عندما انفصل الزوجان ،وقف الجميع .التصفيق والصياح ،ركض هبة وحامد على المنصة متقبلين التحية لوضعهما.
أمسكت يدها الفارغة ،وعيناها متصلتان بزوج متأللئ من العيون الزرقاء المتأللئة بالسعادة.
قال حامد " :شكًر ا لك" .شد قمر على طولها وأمسكت يد نصير بشكل غريزي .عندما كانت في الخارج ،ابتلعت
ذراعيها عندما قابلت وجه هبة المبتسم على كتف حامد .ابتسمت قمر في نصير ،في حامد عندما ابتعدت عن العناق ،
وفي هبة قبل أن تجذبهم جميًع ا في عناق أكبر.
شخص ما في مكان ما بدأ الطبول .سرعان ما تبع الغناء .تدفقت الحشود من داخل المنزل ،وانضمت إلى المنتدى.
انجرفت رائحة اللحم في الهواء مع الرائحة المميزة لليسين .تم اختطاف قمر ونصير والزوجين المرتبطين حديًث ا في
احتفال بالرقص.
رقصت قمر مع نصير حتى تالشت الشمس .دارت مع القرويين ،غير مبالية إذا تمكن الحكماء من التعرف عليها .كان
هناك الكثير من الناس في الحشد ،وكان هناك الكثير من الوجوه .إذا لم يتعرف أحد على وجهها اآلن ،فإنها تشعر
باألمان تقريًبا ...بما فيه الكفاية .توقفت عن الرقص .وأدركت أن رأًس ا فضًيا معيًن ا كان مفقوًد ا.
" نصير ؟!" صرخت على الضوضاء ،داخل تشابك األجساد المتعرقة .أكلت الموسيقى صوتها ،وابتلعتها الطبول
بالكامل.
" زعنفة ! ؟" خفت قمر مرة أخرى على أمل أن يكون في مكان قريب .اختفت كلماتها مرة أخرى .مسح قمر الحشد من
حوله بحًث ا عن وجهه .لقاء الوجوه المبتسمة والسكر فقط في المقابل .فقط الغرباء أحاطوا بها ،ودفعت القرويين على أمل
العثور على نصير .
حلق الذعر حلقها .غرقها الحشد .كانت روائح العرق والرياح واألصوات يمكن رؤيتها جميًع ا .كل ما يمكن أن تشعر به.
" زعنفة ؟" انها تنعق بال حول وال قوة .تدافعت بعيًد ا عن الوجوه التي بدأت في التحديق .سقط شيء صلب على ظهرها.
انها ردت صرخة.
دارت قمر حولها .احتضنت ذراعيها حول صدرها وهي تحدق في العمود الذي يمسكها .السالسل التي أحرقتها .كل هذا
من أجل عقاب لم تستحقه .ألم تلسع جلد معصمها .فرك قمر الجلد الرخامي ،في محاولة للتخلص من الجلد لدغه اللهب.
شيء دافئ مقعر فوق كتفها .وزن اليد المألوف ،تراجعت قمر في ارتياح.
تنفست " نصير " .لكن عندما استدارت ،قوبلت بعيون بنية بدًال من اللون األرجواني " .أنت لست نصير ".
ضحك الرجل أمامها " :أنا لست كذلك" .ابتسم لها " .هل كان هذا" نصير " جالًس ا معك خالل حفل ربط حامد ؟
يبدو ...وقائًيا " .
تراجعت للوراء ،وأعطت مساحة واسعة بينها وبين الغريب " .نعم ،كان نصير معي أثناء الترابط ".درست قمر
الرجل الذي أمامها ،وهي ترتدي نفس النوع من المالبس التي كانت ترتديها نصير ،باستثناء الرجل الغريب الذي كان
يرتدي اللون البني " .كيف تعرف حامد ؟ ال تبدو مثل هذا النوع " .هي اضافت.
أومأت قمر ببطء ،وهي تقوس حاجبها على اسم الحيوان األليف .ابتلعت الكتلة الحلق عندما ابتسم الرجل .قاومت الرغبة
في الفرار .لالستسالم للشعور في أحشائها الذي طلب منها االبتعاد .هذا الشيء لم يكن صحيًح ا .أن االبتسامة على وجه
هذا الرجل تلوى أحشاءها مثل السكين .انتظرت منه أن يخرجها ،ليقضي على إحساسها باألمان هذه الليلة .تقدم الرجل
إلى األمام وهي تنجرف للخلف.
" خارجا معه!" انها قطعت .ساد الغضب واالنزعاج إلى نبرتها مع ابتسامة عريضة فقط " .ما هو سؤالك ؟"
" هل أنت من كيرين ؟ أو قرية أخرى لم أسمع بها من قبل ؟ ألنه في اللحظة التي دخلت فيها منزل الحكماء ،علمت أنك
أجمل شخص مستنير رأيته في حياتي ،وكنت بحاجة إلى معرفتك .ما اسمك ؟ وكيف يعرف المستنير مثلك ذلك الغبي
حامد ؟ "
مع كل سؤال ،تقلصت المسافة بينها وبين الغريب .رسم نفسه مع كل كلمة .حافظت قمر على وضع مسافة بينهما.
ابتعدت عندما حاول الرجل وفشل في االستيالء على قطعة من حبال الماهوجني المتمردة .نظرت قمر إلى الحشد " .أريد
أن أجد نصير ".
ابتعدت قمر ،وركضت بينما وصلت يدها إلى كتفها .اقتحمت القرويين ،وتلقيت شكاوى في حالة سكر " .هل نصير
الخاص بك المستعبدين ؟" دعاها الرجل بعدها .حتى فوق الطبول واألغنية والضحك ،ال يزال بإمكانها فهم األسئلة التي
صاح بها الغريب .كانت ترى من فوق كتفها أن الرجل قد تبعها .كان يتنقل بين الحشود ،ويدفع الناس جانًبا أسرع مما
تستطيع " .ال يهمني إذا كان لك .اريد اسمك! "
اقتحم الدخان طريقها إلى أسفل قصبتها الهوائية .من خالل عيون دامعة ،يمكنها تجميع الشكل الخشن للحدادة .وهن
قرويون بالقرب من المبنى واشتكوا من الدخان الكثيف .رحبت قمر بالمساحة بسعادة .لكن أي ارتياح تبددها عندما وجدت
الشخص الغريب ما زال يتبعها.
بال هوادة ،اقتحمت من خالل رفرف فرو الحداد .تم الترحيب بها بحرارة ،انضمت إليها مجموعة من العيون
األرجوانية المحيرة وسط العديد من الستر " .قمر " ،تنفث نصير .طلعت ابتسامة على وجهه ،وألقت السعادة في
أعماقه النيلية .أي حتى أخذ مظهرها .تغير وجهه على الفور.
" ماذا حدث ؟" سأل بلطف ،ورمي اثنين من الستر في يديه .عبر الغرفة ووقف أمامها .قامت يده بفك فكها " .فعل
الحكيم"-
رفرف الفراء خلفها اختطفوهم مرة أخرى .ظل الحكم على نصير غير مكتمل .تجمدت قمر وهي تعلم من وراءها.
تبعت عيون نصير األرجوانية تومض خلفها " .هل أحضرت صديًقا جديًد ا إلى المنزل ؟" تساءل بشكل غير مؤكد.
التقت عيناه بتساؤل .هزت قمر رأسها.
غمغم نصير في صدفة أذنها " .نحن بحاجة إلى توخي الحذر بعد ذلك .في وقت سابق ،أرسلت هبة وحامد للعثور
عليك بينما ساعدتهما في نقل أغراضهما من الحداد " .
كان هناك قاطرة في يدها ،واتبعت نصير وهو ينجرف ببطء إلى أعماق الحداد " .يجب أن تدور أحداثه في احتفالهم
الخاص .إنه كابوس هناك " ،تمتمت بهدوء ،لذلك لم تسمع سوى نصير .
طقطق الرجل المستنير من الباب ،من خلفها " .ال أحد للجماهير أو االحتفاالت إيه ،المستنير ؟" سألها بابتسامة ،
وأخبرها بدون كلمات أنه حدث لسماع محادثتهم .جرجر حذائه ضد األوساخ عندما انضم إلى قمر ونصير في منتصف
الحداد " .هذا أفضل من قبلي .أنا وأنت يمكن أن نتقاعد إلى منزلنا ،اآلن بعد أن وجدت أخيك " .
" نصير ليس أخي" ،صرخت على الغريب .هز الرجل كتفيه .كان يطعن بال تفكير في سيوف األسهم المكدسة على
الطاولة الصغيرة " .إنه ليس الشخص الموعود به ،وليس المرتبط بك .لذلك يجب أن يكون أخوك أو حبك " .
تومض قمر إلى نصير .ارتجفت قبضته من جانبه .سخر الرجل .ليس عندها ،ولكن في " .ال تقلق يا صديقي .سأعتني
بها جيًد ا " .تراجعت عيناه البنيتان الشاحبتان ببطء ألعلى وألسفل على جسدها.
زمجر الزعانف .قفز إلى األمام ،وخطف قمر وسحبها خلفه .حدقت قمر حول الجلد المكشوف ،وواجهت الرجل
المجهول مثل نصير بصق " .اسمي نصير لين .وهي لن تذهب معك إلى أي مكان " .
الحظ الغريب " :حسًن ا نصير لين" " .لماذا ال تدعها تطردني بنفسها ؟ أنا أعلم أنها تستطيع ذلك " .أضاف الغريب
بابتسامة سرية " .ما لم تكن خائًف ا من أنها ال تشعر بنفس الشيء".
ارتجفت الزعنفة .احتج بشدة " :ال أعرف ما الذي تتحدث عنه" .
أخذ خطوات بطيئة ومدروسة تجاههم ،تحدث الرجل المستنير " .نعم انت كذلك .من الواضح ما تشعر به .هل رفضتك
أيًض ا ؟ هل هذا هو السبب في أنك لست مرتبًط ا ؟ "
كشف الزعانف أسنانه قاتمة .وضعت شفتيه على خط رفيع .جعل الرجل اآلخر يبتسم على الفور ،كما لو أنه اكتشف
اإلجابة غير المعلنة " .لم "...
" أنا وصمة عار!" صرخت .واختفى االعتراف وسط أصوات االحتفال المستمر في الخارج .تأوهت الزعانف في سخط
نقي " .قمر ...أي جزء من" الحذر " لم تفهمه ؟ ما كان يجب أن تقولي ذلك " .
تحّو ل االشمئزاز الخالب على وجه الغريب حيث كانت الرغبة قبل لحظات .ارتد الرجل إلى الوراء .كما لو كانت أكثر
شخص مميت في الحداد .حسًن ا ،كانت وفًقا لمعاييرهم .فرك الرجل يده بقسوة على ردائه ،وهي نفس اليد التي لمستها من
قبل .هسهس " :أنت البقعة" .كان صوته يخرج كأن الكلمات ممزقة من حلقه.
كانت الحقد تغلي في عينيه وهو يعلق على قمر " .لقد كان الحكماء يستدعونك ،وأنت تهرب منهم لفترة طويلة .اآلن ،
لديك غال لتكون هنا ؟! عندما ال يسمح لك ؟ أين أنت ممنوع .بصفتي متسابًق ا على الحدود ،لن أترك هذه اإلهانة تمر
دون عقاب! "
غرقت قبضة قوية في عظمة نصير ،مما أدى إلى سقوط أعز أصدقائها على األرض .لقد داس حول نصير ،ونفض
يده التي كانت ملتوية حول كاحله .أراينا تهرب من القبضة األخرى .لقد أخطأت اللكمة الكبيرة وجهها ،وأدى زخمه إلى
التعثر .أخذ الفتحة ،أمسك قمر بكتفه ،ووجهه إليها .انتقمت يدها .كانت هناك أزمة في الهواء حيث اصطدمت مفاصلها
بفك الرجل .سقط الغريب .بال حراك.
جاء األنين من األرض ،ووجدت نصير تحدق في وجهها بعيون متسعة " .ماذا او ما ؟" انفجرت بشكل دفاعي.
صرخ نصير على قدميه ،وما زالت الصدمة محفورة على مالمحه " .لقد لكمك وكان سيحاول اصطحابي إلى ’ .كان
يجب أن يحدث هذا ،أعني أنه كان يطلب ذلك " ،شرحت ،وهي تشير إلى الرجل المجهول على األرض .أعطت نصير
عيون الرائحة الكريهة " .توقف عن النظر إلي بهذه الطريقة ،وساعدني في نقله إلى منزل مختلف في مكان ما".
" أنت فقط "...علق نصير ،مشيًر ا إلى الرجل .هبة رت قمر عينيها وفركت وجهها بيدها .لقد تنهدت.
ركعت على ركبتيها ووضعت أصابعها فوق النبض في رقبة الرجل .من صعود وهبوط تنفس الغريب الفاقد للوعي.
ارتطم نبضه بأصابعها .قمر ألقى نظرة خاطفة على نصير " .انه على ما يرام .أنا لم أقتله .لذا توقفوا عن التمثيل مثلما
فعلت .لقد لكمته " ،صرخت وهي تقترب من الوقوف " .هناك فرق! أنا ال أطلب منك مساعدتي بجسد هنا ،نحن فقط
بحاجة إلى تحريكه قبل أن يفسد االحتفال " .
" هل تريد أن تشرح للشخص التالي الذي يرقص داخل الحداد لماذا لدينا رجل فاقد للوعي على األرض ؟"
تنهدت زعنفة .انتزع أقدام الغريب تارًك ا قمر ذراعيها .أمسكت بهم .لقد خلطوا ببطء ظنوا أن الفراء رفرف .وإذا اصطدم
رأس الغريب بعوارض خشبية ،فليكن .لحسن الحظ ،تم طرد جميع القرويين الذين كانوا حول الحداد بسبب تدفق الدخان.
تذبذبوا ببطء إلى أقرب منزل .مع العد التنازلي لثالثة ،أخفقوا الرجل عبر المدخل .تمنت قمر له عقلًيا هبوًط ا غير مؤلم ،
وأصابعها متقاطعة خلف ظهرها .بسرعة ،عادت إلى الحداد مع نصير بجانبها.
" ال أصدق أننا فعلنا ذلك" ،صاح نصير مستريًح ا على جدار الحداد المكسو بالجلد وهو يلهث " .ماذا لو استيقظ ؟"
عيناه األرجواني مثبتتان عليها .ينعكس القلق في األعماق المظلمة " .أنت تعلم أنه سيخبرهم".
تمتمت قمر بتواضع " :إذا كان يتذكر" .ثم التفت إلى نصير " .وقف القلق .إذا استمر الذعر ،فلن تستمتع باالحتفال.
عالوة على ذلك ،إذا وجدني الحكماء في النهاية ،فلن يؤذوني " .
تومض عيون أرجوانية حمراء .هسهسة نصير وصفقت بيده فجأة على فمها .حدقت ،وصفعت يده بعيًد ا "– .وكما كنت
أقول .أنا شيء حقير في عيونهم .لن يغتنموا الفرصة للتلويث على أنفسهم الليلة .اآلن مع استمرار هذا االحتفال المليء
بالحيوية " .
هزت قمر كتفيها " .حسًن ا ،أنت عندما كنت مكروًها طالما كنت مكروًها .أنت نوع من تطوير تلك الرابطة .أنت تكرههم
جيًد ا بما يكفي لتعرف ماذا سيفعلون .قد أكون مخطئا ،وسوف ينفجر بعض المتسابقين على الحدود من خالل رفرف
الفراء .لكن إذا لم يتم التعرف علي خالل الحفل ،فسأكون بخير " .
ركض نصير يده من خالل أشواك القصيرة " .أنت تعرف يوًما ما ،سيتمكنون من استدعاءك مرة أخرى ،ومحاولة
كسرك".
هزت كتفيها مرة أخرى " .ربما .أحب أن أراهم يحاولون " .
رددت صدى " نصير "...وهي تسكت الرجل الذي أمامها .ثم تابعت قائلة " ،ربما يريدون التغاضي عن" مخاوفي "
األخرى ومعاقبتي على حقيقة أنني أفعل من أجل هذه القرية أكثر مما يهتمون باالعتراف به .في كلتا الحالتين ،من
األفضل عدم السماح لهم بمعرفة أنني هنا ،أليس كذلك ؟ "
ظلت الزعنفة صامتة واستنشقت بحدة عندما تم سحب لسان الفراء ببطء جانًبا .حتى مع كلماتها الواثقة ،ال يزال الخوف
ينتشر في عمودها الفقري .انفجر رأسان أشقر من المدخل وهما يضحكان ويتشابكان في ذراعي بعضهما البعض وهما
يرقصان .نهمت قمر ،وهي تناور مبتعدة عن الشخصين اللذين كان من المفترض أن يبحثا عنها.
بدأت قمر عندما وقفت بجانبه " :قل لي شيًئ ا يا نصير " .كانت أكتافهما متماسكة بينما كانت تشاهد هبة وحامد
يرقصان بسعادة في الحداد.
أشارت إلى هبة وحامد " .هل تعتقد أنك ستكون مرتبًط ا في يوم من األيام ؟"
ال تزال الزعنفة بجانبها .سقط شيء صلب في قاع بطنها .تنفست ،وتخلصت من الشعور الناشئ الذي أبعدته .وهددت
باإلفراج عنها وارتجفت قمر .نظرت إلى نصير بتساؤل " .زعنفة ؟"
اهتزت الفضة في لهيب النار الهائلة في الحداد .أجاب " :ال" في حقيقة األمر.
" ال ؟" كررت " .فقط ال ؟ ال يوجد تفسير ؟ لما ال ؟ أليس من المفترض أن تكون مالبسك بمثابة إعالن المرأة أخرى
بأنك ناضجة للترابط ؟ "
تنهد بشدة .قفزت عندما استولت يد دافئة على يدها .حدقت عيون النيلي في عيونها الخميرية عندما أجاب " .ألنني"-
" ها أنت ذا!" صرخ حامد بسعادة ،وهو يرتد على كعبيه أمامهم .صرخ فوق كتفه ،مما جعل قمر تتأرجح من
الضوضاء في الفضاء المريح " .ارى ؟ أخبرتك أننا سنجدها في النهاية! "
انجرف ياسين على وجوههم من نفس حامد الدافئ وهو يطلق األسئلة بوتيرة سريعة " .نصير ،اعتقدت أنك ستساعدنا!
لقد تشتت انتباهك ،أليس كذلك ؟ قمر ! أنت تبدو مذهلة! هل ستساعدنا أيضا ؟ إذا كنت كذلك ،فنحن بحاجة إلى المزيد
من نعم ،أال تعتقد ذلك ؟ "
قبل أن تتمكن هي أو نصير من الحصول على كلمة في المحادثة المتعثرة ،قذف حامد بنفسه إلى هبة " .تعال ،
مخلوقي اللذيذ! دعونا نحصل على المزيد من ! سنعود قريبا!"
قهق هبة وحامد طريقهما عبر رفرف الفراء ،تاركين قمر ونصير وشأنهما مرة أخرى .سحب نصير يده بعيًد ا وتنهد.
" ال أعتقد أنهم سيعودون".
ابتسمت نصير ابتسامة ضعيفة وهزت كتفيها " .على االغلب ال .يجب أن أحزم أمتعتهم .إذا لم أفعل ذلك ،فلن يفعل
حامد ذلك أبًد ا .أي شيء له عالقة بالسيوف أو أن يكون متسابًق ا على الحدود ،فهو خاص به .لكن الستر ،أغراضه
متناثرة في كل مكان .إنه ال يهتم " .
وضعت قمر يدها برفق على كتف نصير ،مما منعه من االبتعاد عن الجدار المصنوع من الجلد " .أنت مشغول مثلهم.
على األقل دعني أساعدك " .
هز رأسه " .ال ...الحكماء ...البقاء في القرية لفترة أطول ضروري ليس فكرة جيدة".
قالت مازحة " :أنا معروف بأفكاري السيئة" .وابتسمت عندما تمكنت من رسم ابتسامة على وجه نصير .عرفت قمر
أنها كانت على وشك كسره " .أنا هنا اآلن ،لقد وقع الضرر .لذلك على األقل اسمحوا لي أن أساعد " .
أضافت قمر ،وكأن نصير سيحتج " ،سأساعدك حتى تتوقف الموسيقى .ثم سأعود إلى المنزل " .
درستها العيون األرجوانية بشكل مريب .ارتفع الحاجب الفضي بشكل مشكوك فيه " .فقط حتى تتوقف الموسيقى ؟ ليس
بعد اآلن ،أليس كذلك ؟ " سأل نصير .
ابتعدت نصير عن المشي ،مما أجبرها على إسقاط يدها من كتفه .اتبعت قمر بينما توغلت نصير في عمق الحداد" .
لذا ،أعتقد أننا وحدنا رسمًيا .هذا لن يكون سيئا للغاية " .
راقبت قمر بينما كان نصير محشًو ا في كومة السترات التي وجدته فيها .قالت ،وهي تقطع سترة من األرض " :لقد
جعلتها تبدو كما لو كانت مروعة" .
انتزع القميص من يديها " .هذه مجرد سترات حامد ...منذ أن كان نبتة حتى اآلن" ،تمتم نصير " .ثم لدينا شذوذه
العشوائية لفرزها .صديقنا هو الفأر الصغير " .
" هذا سيستغرق طوال الليل ،أليس كذلك ؟" تساءلت .نظر إليها فاين ،وأعطت اإلجابة بدون كلمات " .هل تريدني أن
أجيب على ذلك ؟"
من خالل العمل جيًد ا حتى بقية الليل ،تمكنت قمر ونصير من تنظيم ممتلكات صديقهما المقرب .قالوا – أفضل
أصدقائهم – لم يعودوا أبًد ا من احتفالهم للمساعدة .عند مغادرة منزل هبة وحامد الجديد – لحسن الحظ ،ابتسم اثنان فقط
من رفقاء المنزل بعيًد ا عن سميث قمر في كل مرة عند رؤية الريشة البيضاء معلقة على إكليل الزهور فوق المدخل.
استمرت الموسيقى حتى ظهور آثار نور الصباح الساطعة.
بحلول ذلك الوقت ،نمت قمر ونصير مًع ا ،على كومة من الستر الصغيرة جًد ا التي لم تنتقل إلى قبة المنزل األخرى .لم
يتحرك الزوج النائم كما تعثر سكير أشقر مسن بالداخل .اندلعت ألسنة اللهب من الموقد الكبير على الشعر الشيب على
معابده .حدق في االثنين على األرض لمدة دقيقة ،وهو ينسج على قدميه .ثم تعثر بعيًد ا في عمق الحداد واختفى في غرفه.
عاد الرجل األكبر سنا .انسكبت بطانية منسوجة من يديه عندما ألقى الكوفرير عليها .تعثر المخمور بعيًد ا ،وسقط ووجهه
مسطًح ا في فراشه عندما عاد إلى غرفه .تطاير شخير هوريد في الهواء بعد ثواٍن .انسحب الزعانف على الفور.
حدقت عيون نيلي مترددة في وجهها وهي نائمة بين ذراعيه .بيده الحرة ،نظف بلطف موجات الماهوجني المحررة من
وجهها .ابتسم ابتسامة خفيفة عندما انزعج أنفها .تنهدت زعنفة .ال يملك القلب ليوقظ حبيبته .أغلق عينيه .تم إغراؤه على
الفور بالنوم مرة أخرى .في الصباح ،استيقظ نصير وحده.
تسللت أسابيع إلى أشهر بعد الترابط .بينما كان و مشغولين بمساراتهما وكان حامد بعيًد ا ،أمضت قمر أيامها في القيام
بدوريات في األرض مرة أخرى.
تحطم حذائها فوق حطام الفروع المتساقطة وهي تمشي على طول درب صغير متضخم .كانت ضيقة ،تتقلص وهي
تمشي .يمكن لثالثة أشخاص المشي على الدرب مًع ا بسهولة ،لكن يمكن أن يصلح رجل بني واحد فقط في كل مرة.
أضاءت الشمس عليها ،متأللئة على أكتافها المتقرحة بالفعل.
كان هناك سكون غير مستقر في الهواء .على الرغم من النسيم المعدني الذي انجرف عبر األشجار .كانت الغابة صامتة
حولها ،مضيفًة الخطأ البسيط الذي انتزع في مؤخرة عقلها .لم تصادف المزيد من البطلينوس ،ليس منذ األمس .بالنظر
إلى أن أوراق الشجر على الطريق قد تم رشها بالدم ،كان من غير المعتاد عدم العثور على أي شيء.
الحظت قمر جميع الفرشاة واألشجار الخشبية .كانت تتطلع إلى المقاييس .أسود أو أخضر أو أبيض في جميع أوراق
الشجر .وبينما كانت تشعر بالضجر في عينها ،تابعت أصوات المياه المتساقطة في مكان قريب .ثم أدركت كم كانت
عطشى.
أفلتت منها أي أفكار عن الماء عندما التقت وجهًا لوجه مع متسابق على الحدود .سهم موجه نحو صدرها .طارت يدها
على الفور إلى حد سيفها.
" خذ يدك من ذلك السيف وقل لنا من أنت!" نبح رجل آخر جلس على رأس رجل بني .شددت قمر قبضتها حول
المقبض .تحرك ساقي القوس ليهدف إلى قلبها " .لن أسأل مهاجم مرتين "،بصق الرجل نفسه " .في اللحظة التي أفعلها ،
ستكون ميًت ا".
تحدق في القوس ،تخلت قمر عن قبضتها ببطء .ابتعدت إصبًع ا بإصبع عن حمايتها ،وكانت ذراعها معلقة على جانبها.
نظرت إلى ما وراء رامي السهام ،وحدقت في الرجل الذي كان يقوم بمعظم الكالم .طلبت مباشرة " اسحب السهم" .
" … ؟" استفسر رماة السهام ،ناظرين إلى الوراء إلى الرجل على الرجل البني .حدق الرجالن في بعضهما البعض ،
ثم الرجل الذي كانت تتخيله بينما كان ديالجين يهز رأسه بإيماءة صغيرة .زفيرت بهدوء عندما سحب الرماة تصويبه منها
،مما خفف من الوتر والسهم.
حّد ق فيها متسابق الحدود المسمى ،وقوس حاجبيه .بصمت يحثها على الكالم .لإلجابة على أسئلته .وربما لمعرفة ما إذا
كان تركها على قيد الحياة كان خطأ – على األقل يمكنها فقط أن تفترض أن هذا هو ما كان يفكر فيه .الموت على األرض
لم يكن خطتها اليوم.
فتحت قمر فمها لتشرح قبل أن نفاد صبرها قتل الرجل على الرجل البني .ولكن قبل أن تغادر الكلمات األولى من
أعذارها المعقولة شفتيها ،ضربت قصف الرعد درب األوساخ .أغلقت عينيه بظل أزرق معروف وهو يسحب خلف .
" قمر ؟" صاح حامد في مفاجأة .ابتسم بسعادة وترجل .سلم حامد مقاليد رجله البني إلى متسابق آخر على الحدود.
رائحة الرائحة الكريهة والعرق أحاطت بها بينما سحبها حامد بين ذراعيه لعناق شديد.
" اعتقدت أنك كنت على الخط الشمالي .لقد رأيت مساراتك تقود على هذا المسار قبل يومين " ،صرحت ،مبتعدة عن
العناق.
أومأ حامد " .كنا .ثم وجدنا بعض مسارات الوحش وتبعناها هنا .لقد انقسموا هناك – " أشار حامد إلى الطريقة التي
أتت منها ،وأشار إلى أسفل الطريق ،األماكن التي أتيحت لها الفرصة الستكشافها " – .وبهذه الطريقة".
" ال يوجد شيء على هذا النحو" ،قالت وهي تومئ برأسها إلى الدرب الذي خلفها " .لقد جئت للتو من هناك .ال شيء
سوى درب ملطخ بالدماء وال طرائد " .
تم تطهير الحلق خلف حامد ،وقاطعهم ديالجين " .من هي ؟"
عيناه البنيتان ثابتتان تجاهها وهو يواصل " .لقد ُط رحت عليك أسئلة عندما كان رامي السهام يحمل عالمة عليك ،
وسحبُته بعيًد ا .اجب".
" ال تنس أن تضيف من أين أنت" ،أضاف رامي القوس ساخًر ا منها.
شاركت قمر نظرة مع حامد .سبح القلق بعينيه ثم تومض إلى خط الشجرة ،قبل أن يعود إليها .هزت قمر رأسها ،وهي
تعلم ما قاله حامد بدون كالم .لم يكن هناك من طريقة كانت ستهرب .لم يكن خيارا .تم القبض عليها في الغابة ،وسيف
مقيد على وركها ،لكنها لم تفعل أي شيء خطأ .إذن ماذا لو كانت فتاة ،بسيف لم يكن مسموًح ا لها بامتالكها ،وبقعة.
يمكنها المشي إذا أرادت ذلك .لم تسمع عن أوامر المشي عندما يتعلق األمر بالبقع.
تحركت عيون حامد نحو خط الشجرة مرة أخرى ،واآلن يسبح اليأس في عينيه.
" أنا أعرف ما هي!" جأر بصوت مختلف .جاء الطحن من خلف خط المكسرات البني ،وافترق الرجال ،وكشفوا عن
صاحبها .استقرت يدها على مقبض سيفها وهي تحدق في عيون بنية فاتحة .التفت إليها حامد مرتبًك ا مكتوًبا على وجهه.
" هل تعرف ؟"
أجابت دون أن تبعد عينيها عن نفس الرجل الذي لكمته في رابطة حامد " .لقد تقابلنا من قبل".
ابتسم متسابق الحدود في وجهها .تحول إلى " .اإلجابة على أسئلتك ،سيكون من الصعب عليها بشكل مذهل .لكن
بالنسبة لي ،سيكون األمر سهًال مثل التنفس " .
غضبه ديالغن من اإلحباط " .كفى من المسرحيات الخاصة بك هشام .من هي ؟"
سحبت قمر سيفها شبًر ا واحًد ا .تحذير هشام بصيص من نصلها .ابتسم متسابق الحدود وقلدها .استندت يده على قبضة
سيفه " .أي شيء جيد مع ذلك ؟ أم أنها للعرض ؟ " سخر هشام .قامت قمر برفع السيف عن الغمد أكثر.
تقدم نحوها ،وعرض سيفه بالكامل عندما أخرجه من الغمد على وركه " .تتحدى .بمجرد أن أنتهي معك .لن يتبقى أي
شيء ألخذه للحكماء " .
" قل لي شيًئ ا أوًال ...كيف حال الفك ؟ كنت أعرف أنك قبيح من قبل ،لكن اآلن " ...ابتسمت قمر .كانت عيناها
تجوالن على وجهه عن قصد ،متظاهرين برؤية إلحاق معوج .تحولت تحت نظرها ،وأضافت " ،على الرغم من أنني
متفاجئ لراكب الحدود ،إال أنه ال يمكنك تلقي لكمة من وصمة عار".
" كاف!" طالب بحدة ،وكسر التوتر المتزايد " .ما زلت ال تجيب عن سبب وجودك هنا".
" هل أنا بحاجة إلى سبب ؟" سألت ببراءة " .ال يمكن للبقعة أن تمشي في الغابة ؟ ال أعتقد أنني سأفتقد إذا ُقتلت بطريقة
ما " .
" أنت تحاول صبري "،هتف ديالجين " .لماذا أنت هنا ؟ وبسيف مربوط بجانبك ؟ "
هزت قمر كتفيها بسيفها مرة أخرى في غمده " .أنا أستعيد فترة الركود التي فاتتك".
انتشرت التسلية على الدرب وعبر األشجار .ربت حامد على كتفها بفهم .لم يتردد صدى ضحك من شفتيه ،بل اهتز
رأسه بضحلة .يخجلون من الرجال الذين كانوا يضحكون .مع العلم أنه قال الحقيقة .داخل الرتب ،وجه ال تستطيع أن تراه
،لكن صوته عوى " .بنفسك! مستحيل!"
شددت يد حامد على كتفها وهي تخطو خطوة لألمام ،غير مدركة أن لديها حتى غرس أصابعها في جلدها .اكتفت
بالصراخ بدال من ذلك " .يوجد منهم أكثر مما يوجد فيك! لقد قضيت على المزيد من الوحش أكثر من معظمكم! "
صرخت بغضب.
صفيًر ا بأصابعه ،أسكت حامد الرجال المضايقين .كان وجهه يحمل االتجاه ،وهو أمر يمكن أن ينافس الرجل الذي ال
يزال على رأسه البني .أعلن " :سأذهب في الطريق التي جاءت بها" .حمل صوته ضد الصمت " .ثم سأعود مرة أخرى
وأتبعك أسفل مجموعة المسارات األخرى".
حدق الرجل على الرجل البني في حامد ،يدرسه .عبس قمر ،مدقًق ا في بعناية ،ولم يعجبه وميض الغضب في عينيه
قبل أن يختفي بنفس السرعة .نظرت إليها عيناه وهو أومأ برأسه " .كن سريًع ا حيال ذلك".
قام حامد بامتطاء ساقه البني بمهارة .هبة رة للتنقل حول ،الرماة و .نظرت قمر إلى حامد ،عاليًا تحت الفروسية
النحاسية الملونة .طلقت عينان زرقاوان فوق كتفه ،محدقتين في ركاب الحدود .قال بال ريب " :أنا أعرف هذا الصمت" .
" ال أحد يلمسها حتى أعود".
كان أول من تحدث " .بالطبع حامد ،لن يلمس أحد حبيبك أثناء غيابك ".عبرت نظرة مشتركة من النفور على وجهها
عندما التقت عيناها بعيني حامد .
" لماذا ؟" سأل حامد .أومأ برأسه إلى الدرب خلفها " .لقد أتيت للتو من هذا الطريق .ابق هنا وحافظ على مسافة " .ثم
أضاف " :ال تبدأ أي قتال" .
بدأت قمر تتساءل " لماذا ؟" نظر إليها حامد بنظرة صامتة ،وارتفع فمه إلى األعلى بابتسامة صغيرة " .تصرف
بنفسك".
هزت قمر كتفيها ،وابتسمت ابتسامة خاصة بها " .أنا ال أقدم أي وعود".
شم حامد " .جيد بما فيه الكفاية .نقر على رجله البني ،مطرًق ا إلى األمام فوق الممر .راقبت قمر حتى اختفى عن
األنظار.
" آمل أن تعرف وصمة عار ...بمجرد عودة حامد سنأخذك قبل الحكمة .بغض النظر عما يقوله بخالف ذلك " ،ضحك
هشام .
تحولت قمر إلى متسابق الحدود .تجرأت " ،مرحًبا بك للمحاولة" .ثم حدقت في ،في " .لن أذهب أمام الحكماء إال إذا
كان ذلك لشروطي".
صاح هيستس ،مستهزًئ ا بها " .شروطك غير موجودة .يرى الحكماء أن البقع ليست شيًئ ا ،وال يستطيع حتى عشاقك
إنقاذك من ذلك " .
" هكذا تزعم" ،سخر " .ما رأيته مع كليهما يشير إلى خالف ذلك .هل تلك القطعة التي يعرفها حامد عنك ؟ يمكنني
دائًما اصطحابها " ...
يداها تكورتا في قبضة .ارتجفوا بالقرب من جانبها ألنها اتخذت خطوة محسوبة إلى األمام .أتساءل عما إذا كان بإمكانها
ضربه قبل أن يتمكن من سحب سيفه .صرخة ممزقة بين األشجار .توقفت قمر ،صخب الجليد في عمودها الفقري.
صرخة أخرى خافت من خلفها .دون تفكير ،استدارت قمر .ركضت تلقائًيا نحو الصوت .تركت متسابق الحدود يتدافع
خلفها.
حطام الحطام تحت القدم .ضربت األغصان الساقطة على سروالها .خفق قلبها في مزيج من النزهة والرهبة .تعثرت فجأة
،وهبطت على يديها وركبتيها .انزلقت في طبقة لزجة دافئة ،واألوساخ مبللة بالقرمزي ،تنقع ساقيها في الدم البارد.
عيون قمر مغلقة بساق نحاسية مهجورة .التواء بطنها وهي تقفز على قدميها.
" حامد !" صرخت حتى اشتد صوتها .نما قلقها عندما كانت تتجول فوق الفرشاة بالقرب من الطرف المنسي " .حامد !
أجبني اللعنة! "
غطت المقبض بدم مبتذل عندما سحبت سيفها .عبرت قمر فوق بقايا الرجل البني لحامد المنفصلة ،وسارت أكثر على
الطريق ،في انتظار ظهور الوحش .
حفيف على يمينها جعل قمر تستدير بحدة ،السيف عاليا للهجوم .لم يكن هناك شيء .لكن كان هناك حضور آخر .حدقت
قمر في خط الشجرة في الظل .لم تستطع أو لم ترغب في فهم ما كانت تراه .سعال كتلة في قاعدة شجرة ،وغرغرة قاسية
ممزقة من حلقها .داخل البقع السوداء والحمراء ،حدق بها األزرق .وكانت تعرف ذلك اللون األزرق.
انهارت قمر على ركبتيها الملطختين بالدماء ،وسقطت على جانب حامد .تخلت عن سيفها في التراب ،وأخذت يد حامد
الدافئة بدال من ذلك .سائل سميك محشور بين أصابعها.
نمت حلقها عندما تجرأت على إلقاء نظرة على مدى جروح حامد .شعرت قمر بالدوار .كل ما يمكن أن تراه كان أحمر
غامق .كانت تتساقط من بطنه ،وتتجمع في بركة على حجره .ارتجفت ،واستنشقت بحدة لتقاوم الدفء الذي هددها
بالسقوط من عينيها.
ثم عدت الخطوط المائلة .خمسة منهم .جرح الجرح الغاضب في وسط حامد .األشياء التي ال يجب رؤيتها مطعونة من
الجلد الممزق.
" حامد " ،اختنقت قمر ،وهي تسعل من الكلمات التي كانت تصارع من حلقها .بصدمة ،حاولت بحذر شديد إعادة
حامد إلى طبيعته ،وانضمت إلى يده األخرى وهو يطعن األحشاء مرة أخرى تحت اللحم الرقيق.
عرض بفظاظة " :هذا ال يؤلم" .هسهس حامد عندما اختفت أصابعه في الجرح .نكز على أذياته مرة أخرى " .إنه ...
مخدر .لكن مقرف " .
ضغطت قمر على يدها التي ال تزال محاصرة في يدها ،في محاولة إلعادة الحياة إلى طرفه المرتعش .تلعثمت " :حامد
" .وجدت العيون الزرقاء لها.
حرر يده من قبضتها التي كانت على حافة كسر العظام .لمست حامد وجهها بأقل لمسات " .ال تبك" ،قالها بعنف .التقط
إبهامه شيًئ ا دافًئ ا من خدها.
عضت قمر شفتها ،وتنظر إلى الدموع تهتز على أطراف أصابع حامد .غمغم " ال تبكي" " .لم أَر ك تبكين أبًد ا".
علقت رأسها ،وأرسلت ستارة من موجات الماهوجني إلخفاء وجهها .كذبت " أنا ال أبكي" .مع العلم أنه تم القبض عليها
بالكامل .مع العلم أنها ال تستطيع التوقف .اهتز جسدها .قمع التنهدات التي أرادت أن تمزق من حلقها .سقطت القطرات
على األرض واختلطت في بركة الدم البارد.
أمسكت يدها من وجهها ،وأمسكت بها في يدها .كان وجهه شاحًبا عندما نظرت إليه مرة أخرى .ارتجفت شفتها " .ال
تموت علي "،أمرت بضعف من خالل فكها المشدود " .أنت بحاجة للعيش" .
على الدم ،والقاذورات تتالشى على وجهه ،ابتسم حامد بنصف ابتسامة .دماء أسنانه وهو يتكلم .قال " :أنا لست
معك" .ثم سعل ،وسفك الدماء من شفتيه " .أنا على األرض".
تراجعت قمر ،وسحب عينيها بعيًد ا عن وجه حامد ،عادت إلى جرحه .قالت جوفاء " :نحتاج إلى إيصالك إلى
المعالج" " .ستكون بخير إذن".
حك حامد رأسه ذهاًبا وإياًبا ،مستلقًيا على شاحنة الشجرة .سعل " ال أستطيع فعل أي شيء من أجلي" " .كالنا يعرف
أنني فقدت الكثير من الدماء .هذه ليست مثل المرة السابقة " .
شددت يديها حول يده .فجر الغضب في عينيها " .أنت تستسلم ؟"
" ال تفعل!" انها تنعق " .يمكننا أن نفعل شيئا .يجب أن يكون هناك شيء .غير مسموح لك بـ " ...تباطأ صوتها ،ولم
تجرؤ على قول كلمة واحدة بصوت عاٍل .الكلمة التي كانت تأخذ حامد ببطء أمام عينيها.
احتج حامد قائًال " :ال توجد طريقة لتحريكي بدون تشارلي" .كانت عيناه الزرقاوان تحمالن وميًض ا من الضوء ،
تحدقان في الطريق التي جاءت بها .حيث وضع تشارلي " .وحتى لو كان لدينا ،ال توجد طريقة حتى يمكنني ركوبها .فتاة
فقيرة .جاء ذلك اللقيط من فوق رؤوسنا .لم أره حتى أسقطنا " .
" راكبو الحدود اآلخرون!" فتساءلت .بشيء من األمل ،استدارت إلى الدرب ،وهي سعيدة مرة واحدة بوجودهم .ال
تهتم بالسهم الذي يحمله الرماة على صدرها .أو من أجل الوعد بسحبها إلى الحكماء .انجرفت الرياح عبر األوراق بينما
كان متسابق الحدود يأتي إلى جانب حامد .سقطت األوراق الضالة على الدرب.
" ما الذي يستغرقهم وقًت ا طويًال ؟!" صرخت .نفاد صبرها ،مخاوفها ،كلماتها تزعج الغابة ،تحمل صوتها الغاضب
لتتردد من حولهم .لعنت قمر أسفل الدرب .تبصق أسمائهم بكل كلمة حقيرة عرفتها .حدقت في الفراغ متسائلة عن سبب
عدم وجود ركاب الحدود عندما كانت في حاجة إليهم.
" أيها الجبناء!" شتمت .تناثرت الدموع المحررة على وجهها " .أين أنت بحق الجحيم! ؟"
" لو سمحت!" صرخت ،تتوسل ،تتوسل " .فقط ساعده! سأذهب إلى الحكماء ...إذا أتيت لمساعدته! "
سأل حامد بلطف " ،قمر ،توقف ".انتفضت يده تحت قبضتها " .انا ميت .هذا هو السبب في أنهم ليسوا هنا للمساعدة
".
يتحرك على جرحه ،لهث حامد " .وقع الضرر .انظر إلي ...هذا سيء .أنا لست كذلك – " سعل بقسوة.
هبة رت رأسها بعيدا عن العيون الصادقة أمامها .لقد عرفت ذلك .في اللحظة التي اكتشفت فيها الجروح ،لكن ذلك لم
يحدث .لم يكن مسموحا بحدوث ذلك .ال لحامد .ليس ألي شخص كانت تهتم به .كبرت لكي تحمي نفسها وتحميهم.
ارتجفت يداها المحمرتان حول حامد .عضت شفتها ،تذوق الدم كما كان حامد يخبز " .ليس من المفترض أن أرى
أجزاء من نفسي .أنا أموت".
بالملل األزرق إلى البني " .أريدك أن تقدم لي معروًف ا "...
استنشق حامد ببطء وزفير قبل المتابعة " .تعتني بهم ،أليس كذلك ؟"
المزيد من الدموع تعقب وجهها " .حامد ،ال تتحدث مثل "...
" يعد".
ثم أومأت بضعف .قالت وهي تبكي بصوت عال " :سأفعل" .ضغطت شفتاها المرتعشتان في خط رفيع وهي تتحدث" .
لم يكن عليك حتى أن تسأل "...
جادل حامد " :كان ال بد من ذلك" .كل األلوان تالشت أمامها .حجب الرمادي ضوء الشمس الذهبي في السماء .يحدق
بها اللون األزرق الباهت ،ثم في السماء .همس بهدوء مع هبوب الريح " :أنا دائًما أحب الغيوم" .غطت األوراق
األوساخ الرطبة.
" وداعا اآلن" ،زفر الرجل األشقر .ارتجف جسده في المصراع .ثم مازال .تالشى األزرق إلى الرمادي.
يحدق بها الفراغ بينما تتبعت قمر عيون حامد مغمضة .تخلت عن البكاء بعد النحيب ،عويل في الريح كمخلوق جريح.
احتضنت ذراعيها حول ركبتيها ،وشّدت نفسها على شكل كرة على األرض القرمزية .غارقة في االبتذال ،من األرض
وعينيها .عصفت الهزات جسدها .كان هناك فراغ اآلن .حفرة محفورة في صدرها .لم تكن تريد أن تصدق ذلك ،لم
تستطع .أن الشخص الذي مات قبلها كان حامد .
انهار جبهتها على ركبتيها .ضرب الرعد خلفها .كانت تعلم أنها لم تكن السماء .ال شيء في الهواء يحمل رائحة هشة
للعاصفة .انتشرت الرائحة الكريهة في الجو واختلطت برائحة الدم .شهقت قمر عندما كان هناك لدغة حادة في مؤخرة
رأسها .الحظت ظالل الوجوه قبل أن يحل الظالم عليها.
انفتحت عيناها .صرخة ممزقة من حلقها العطشى .ارتجفت ملتوية بهذه الطريقة وذاك حتى صمتت .يلهث .نزل الماء من
شعرها وهي تحدق في الحكمة ذات العيون الواسعة من قبل .كان الحكماء التسعة يتطابقون مع حشد القرويين الذين يقفون
خلفهم .اشتعلت الكراهية في جميع أزواج العيون التي يمكن أن تراها .عرفت قمر من الوزن والفرك .اهتزت السالسل
وهي تشد معصمها .ثم تم شد ذراعيها من فوقها وشدها .رقص الخوف في عمودها الفقري.
أقدم الحكماء ،يرتدون سمات الحكمة ،نفس الشخص الذي تحدث في هبة وترابطه تقفز إلى األمام .لم تسمح قمر لنفسها
بالتفكير في ذلك الوقت .إلى ذلك اليوم السعيد .سرعان ما تالشت المحادثات مع التزام القرويين بالصمت .كان الصوت
الوحيد – باستثناء السعال المناسب – عبارة عن أصوات من خشب مجوف مكدسة خلف الحكماء.
" وصمة عار ،لقد تم العثور على العديد من المظالم ،واحدة من النوع القاتل .أوًال ،كونك غير مستحق يتفوق على
القرية بهذا" -
كافحت يدا برندل لتمسك سيفها الملطخ بالدماء .تحرك اثنان من الدراجين على الحدود ،وأخذوا النصل منه بينما كان
يواصل.
" وصمة عار مع سالح ممنوع منعا باتا بموجب األمر .فقط الرجال ،الذين يستحقون ،مسموح لهم منذ السالح .ثانًيا ،
ُيشاع أنه كان مع القرية خالل حفل ترابط مقدس لراكب على الحدود .األمر الذي يقودك إلى قتله بيدك! "
" ال!" صاحت قمر .هز سالسل " .لم أفعل! أود"-
انقطع رأسها بشكل جانبي بسبب الصدمة الحارقة .رش الدم من فمها .واجهت قمر ببطء الحكيم الذي ضربها .حدقت في
وجهه من خالل موجات الماهوجني .تعثرت االبتسامة المتكبرة على وجهه ،وخطى وايزمان آخر نحوها .ارتطمت رداءه
البني بالتراب.
" ال تجادل وصمة عار!" عبس الحكيم " .أمسك بك راكبو الحدود! لقد رأوك تقتلوه بيدك! "
انبعث األمل عندما ارتفعت همسات صامتة ونغمات القرويين " .ال تدع هذه البقعة تخدعك!" صاح الحكماء بشراسة .قام
بضرب إصبعه اللحمي الممتلئ عليها " .هذه وصمة عار! وذبحت واحدة منا " .
سحبت قمر السالسل " .أن أكون ما أنا عليه كان خارج عن إرادتي .أنت تعاقبني – " ثبتت على الحكماء بنظرة ساخنة.
– " لكوني بريًئ ا ،لشيء ال يمكن لومه عليه!"
" اخرس!"
هزت رأسها " .ال!" بكت بعناد " .السبب الوحيد الذي يجعلني وصمة عار هو أن تسعة رجال مقززين فكروا في األمر!
وقبل أن ألمسه ،وألحق األذى به ،كنت سأقتله" -
" !" صرخت ،وعيناها تبحث عنه داخل الحشد .أغلقت عينيه معه ،وشق طريقه عبر القرويين .فبدأ تجاهها كما أمر
الحكماء " .الدراجين على الحدود! حصر نصير لين في منزل والده .إنه يفهم أوامر هذه القرية! "
اندلعت قمر على الروابط المعدنية .مشاهدة بال حول وال قوة بينما ركاب الحدود ينزلون على نصير .هاجمه أقرب
متسابق حدودي .صرخت قمر .
عقد نصير أرضه .ضرب متسابق الحدود على األرض .تحرك ودافع بسرعة عن نفسه من هجوم آخر .صرخ نصير
عندما ضرب من الخلف.
" ال!"
حدقت قمر في ،الذي ترك نصير يسقط على األرض .شّدت سالسلها بينما أمسك اثنان من الدراجين على الحدود ب
نصير من ذراعيه ،وجروه بعيًد ا " .اتركه وشأنه!"
ضربت ضربة أخرى بطنها ،مما أدى إلى ترهل قمر في السالسل .كافحت لفهم ،كما بدأ الحكيم في الكالم " .انظر إلى
المتسابق الحدودي المستعبدين .ثم حصر والدة البقعة أيًض ا .ال يمكننا جعلها تعتني بالبقعة مرة أخرى " .
حدقت في الحكماء الثمانية اآلخرين ،وانتهت بالحكماء األقدم .الشخص الذي تحدث أكثر .الشخص الذي كان من
المفترض أن يكون المسؤول .رفض النظر إليها .حدقت عيناه االرجوانيتان في األرض .متجاهًال قمر ،صاح الحكيم
المستنير بالقوة " .أحضر متسابق الحدود لمواجهة النيران!"
أربعة من الفرسان الحدوديين يتنقلون داخل منزل الحكماء .من خالل رفرف الفراء .عادوا معه مستلقين على نقالة.
عضت قمر شفتها .نزل الدم إلى فمها .فعلت كل ما في وسعها لمنعها من النحيب بصوت عاٍل عندما تم حملها .تم إغالق
عينيه الزرقاوين إلى األبد .ولم يكلف أحد عناء تنظيف وجهه األسود المتساقط من الدم.
كانت يده الرمادية تتدلى من على نقالة .تتدلى على الجانب ،وتكاد تعرضها لالنضمام إليه .من خالل الوجه الميت ،
تمكنت قمر من رؤية تلك االبتسامة .الذي كان على وجهه عندما كان هنا .حقا هنا .وربما لم يكن عرضه عرًض ا حقيقًيا ،
لكن كان لديها شعور بأنها ستنضم إليه قريًبا .خاصة عندما كانت حياتها في أيدي الحكماء .كان مصيرها غير مؤكد.
لم يكن .أوقعه مصيره في ألسنة اللهب .أغمضت عينيها .خنق النحيب الذي بدأ يتساقط من شفتيها .افترق الحكماء .تم أخذ
حامد بعيدا.
صرخة يتردد صداها من بعيد .أجفل قمر .وبعد لحظات ،أدى اضطراب في القرويين إلى تفرقة الحشد .شعر أشقر
متمايل تجاهها .على الفور ،التقت عيناها بهبة .سبح الذنب في أحشائها .حدقت في شالل الدموع المتدلي على وجه هبة .
هددت عيناها بانسكاب دموع جديدة.
" قمر "...
تنعبت هبة بشكل ضعيف ،تتعثر بها .هزت قمر رأسها ،على أمل أن تلتزم هبة الصمت .يبدو أن كل صديقاتها التقيا
ينتهين أنه ال ينبغي لهن ذلك .أنهم يتأذون بسببها .ظهر هشام بجانب هبة وسأل مرعبًا " .هل تعرف البقعة ؟"
انقلب تسعة رؤوس على ،جذبتهم غضب .دفع الحكمة القوة جانًبا .أراينا أصيبت بالذعر من قيودها .قلقة للغاية على
حتى تستمتع بهستيس على األرض.
دافعت هبة بهدوء " :قمر صديقي" .لفت الشقراء ذراعيها على صدرها وكأنها باردة .سخر الحكماء " .حسًن ا "،
صديقك " قتل صديقك المقيد".
احتجت هبة وهي تهز رأسها " :لن تفعل" " .إنها تحب حامد .نحن جميًع ا " ...تالشت بقية كلماتها في تنهدات .اختفى
وجهها خلف يديها.
احتضن وايزمان هبة كطفل ،مما جعلها أقرب إلى الوحش قمر " .قل لها وصمة عار "،شجع الحكيم " .أخبرها كيف
قتلتها المستعبدة".
ومض بريق من الفضة في الهواء .تنفست قمر بحذر مع تثبيت الخنجر على رقبتها " .قل لها الحقيقة قبل أن يلتقي
متسابق الحدود بالنيران .هي ،بصفتها " صديقتك" تستحق ذلك .وإال أقطع حلقك " .
تجرأت " قصها إذن" .صاح الغباء في عقلها ،وتساءل جزء منها أين كان خط بقائها .بينما شكك جزء آخر في سالمتها
العقلية ،هل أرادت البقاء على قيد الحياة طالما بقيت ؟ جعلها خوفها غبية " ،أنا وصمة عديمة القيمة على أي حال".
التقى عيون سيت باللون األزرق .ضغطت قمر على شفتيها بإحكام ،وأومأت برأسها .سحب الحكمة قليال من رقبتها.
ابتلعت الكتلة في الحلق .بدأت ضعيفة " :لقد حاولت ...بجهد شديد" " .هاجمه السلجمورز ...فقد الكثير من الدماء التي
تراها .الوحش ...لقد أوقعوه أسوأ مما حدث عندما قمت بتثبيته " .
تنهدت قمر وعضت شفتها لتمنع نفسها من البكاء " .بقيت معه حتى النهاية .لم يكن وحيدا " .
بينما كانت الدموع تنهمر على وجه هبة ،ابتلعت قمر .كان هناك خدر جديد وغضب شديد .اشتعلت عيناها البنيتان
بالكراهية التي كانت تنافس الحكماء " .كان رجال الحدود هناك! لكن هؤالء األوغاد لم يفعلوا شيًئ ا إلنقاذه! " بصق ،رش
سائل واضح من فمها.
ارتجف الحكماء عنها في اشمئزاز .ارتد رأسها إلى الوراء عندما ضربها الحكماء مرة أخرى .احترقت الضربة .لكن
قمر لم تكسر أبًد ا بصرها من هبة " .لقد وعدته أن يعتني بك .هذه هي الحقيقة!"
" أكاذيب" . ،انضم إلى جانب هبة مرة أخرى ،ولكن هذه المرة ،ألقى بذراعه على كتفها " .البقعة تخبرك فقط
باألشياء التي تود سماعها من أجل إنقاذ حياتها .قل لها أنك لن تسامحها أبًد ا ،وأعطها الجملة " .
تراجعت عيونها الزرقاء ببطء .حمل الفراغ في عيون هبة .وكأن الشقراء ضاعت " .هبة ؟" كرر قمر المتواضع.
ابتعد الشعر األشقر واختفى في القرويين دون أن ينبس ببنت شفة .اندلع حريق برتقالي في السماء المظلمة .تردد صدى
آخر من العذاب خالل الليل.
عاكسًة عينيها الخربيتين ،راقبت قمر وجهه يتالشى في ألسنة اللهب .ترهلت قمر في قيودها بالذنب .أخفت موجات
الماهوجني وجهها وهي تبكي .التهمته النار بعيدا .جعله يحترق في الدخان أعاله.
اختفى القرويون شيئا فشيئا .بحلول الوقت الذي تضاءل فيه اللهب .كانت قمر وحدها في المنتدى .اشتعلت عيناها بالرماد
والدخان .في الجمر ،لم يتبق سوى عظام متفحمة.
كانت السماء تمطر في صباح اليوم التالي .سقطت قطرات ثقيلة عليها .يجري الدم الجاف من جلدها .عصف البرد
بجسدها وجعلها ترتجف مهما كانت األشهر الحارة .شاهدت قمر في ضوء الشمس الباهت ،عندما غادر تسعة وايزمن
منزلهم .ساروا إلى الكومة المحترقة وجمعوا شظايا عظامه المسودة.
مر اليوم الذي قضى فيه القرويون وقتهم في إلقاء الحجارة واألطعمة المتعفنة .زحفت اليرقات فوق جلدها المبلل
بالحرارة .كانت قمر تحب قرع طبول الماء على رأسها بال هوادة.
بين الماء البارد ،لم تستطع قمر معرفة ما إذا كانت الجداول المتساقطة عبارة عن قطرات مطر .أو الديدان .أغمضت
عينيها بحسرة .وبقيت على هذا النحو لفترة طويلة.
امتزج اليوم الثاني مع األول .مزيد من المطر .مجموعة متزايدة من القذارة .والمزيد من الناس الطيبين يرمون القمامة في
اتجاهها .من حين آلخر – بين المطر ومزيج من التلفيقات المثيرة لالشمئزاز – كانت األشياء الحلوة تهمس في أذنيها.
حملت المداعبات الحريرية رسائل حقيرة .كانت قمر ضعيفة للغاية ،بحيث ال يمكن للعقل والجسد االهتمام بها .همس
القرويون بالحقيقة في أذنيها .الحقيقة التي تحدث عنها الحكماء قبل أن يأمروا بإشعال النيران بجسده .الحقيقة التي عرفت
أنها صحيحة.
كان موته على يديها .دمه على أصابعها .على نصلها .حتى لو لم تصدم حامد بنفسها .ربما أرسلته ليموت .في الليل ،
حيث كان الصمت طويًال ولم يتوقف المطر أبًد ا ،فكرت قمر .
أسئلة بعد أسئلة ابتليت بها عقلها .ماذا لو ذهبت معه ؟ هل سيكونون أحياء أم أموات ؟ ماذا لو كانت قد بحثت بجدية أكبر
؟ أبحث عن األوغاد في األشجار فوق .أعادت السيناريوهات في عقلها ،حيث انتصر الخير على الشر .أولئك الذين
عاشوا ،وآخرون ،أكثر استحقاقا قابلوا النيران بدال من ذلك .لكن بغض النظر عن عدد المرات التي أعادت فيها إنشاء
عالم جديد في رأسها .لقد عرفت الحقيقة .حتى األوهام ال يمكن أن تمنعه من مواجهة ألسنة اللهب ،ومن االحتراق برائحة
اللحم الكريهة .من االختفاء في هذا العالم دون قتال.
توسلت قمر .ناشدت من لديه القدرة على إعادة الزمن إلى الوراء .أتمنى أن تتمكن من العودة ،ومنعته من السير في
ذلك الطريق .لم يتم منح مثل هذه اإلرادة .هطلت أمطار .وبدًال من ذلك ،علقت من سجنها من السالسل ،محدقة في
األوساخ السوداء التي تذوبها قطرات المطر.
في اليوم الثالث ،كانت ذراعيها خدرتين من الزاوية .دقات طبلة غير مرئية داخل جمجمتها ،من العطش أو المطر أو
اإلفراط في التفكير .ربما مزيج من الثالثة .كان الماء يتساقط بثبات ،مما يعطي مصدًر ا للشرب .لم تجرؤ على فتح فمها
مرة أخرى .في المرة األولى التي فعلت فيها ذلك ،مزقها صرخة منتقعة من كوابيسها .بعيدا عن وجهه وصرخات
الشتالت.
كانت المرة الثانية التي فتحت فيها فمها لشرب .قذفت القذارة الماء الذي سقط في فمها من جلدها .رفض جسدها ذلك ،
وانسكب على األرض الموحلة .تطاير الذباب والمضايقات األخرى حول وجهها ،وزحف على جلدها .أغلقت قمر عينيها
وأغلقت بطنها في عقدة مؤلمة .التوق إلى الجوهر غير الشعور بالذنب وتنامي كراهية الذات.
كانت ساعات االستيقاظ في القرية كما كانت في اليومين الماضيين .صاحت األصوات بكلمات نابية ،مدغًما اسمها .مع
رمي األشياء التي اصطدمت بجسدها .الوقت الذي مضى ،تراجعت األصوات من المنتدى ؛ عرفت قمر أن ساعات
الشفق قد اقتربت .أخيًر ا ،ساد الصمت .سالم مع الليل ،لكن شيًئ ا ما انقطع .كانت نفس الغرابة التي شعرت بها في الغابة
،عندما كانت تبحث عن الوحش .أزالت قمر األمر بعيًد ا ،معتقدة أن عقلها كان يعذبها مرة أخرى .تراجعت في سالسلها
حتى ثّبت شيء على فمها.
انفتحت عيناها البنيتان .صامت عندما هسهس صوت في أذنها " .سنقدم لك هدية لتذكيرك بما أنت عليه".
ركلت قمر ساقيها .كانت تضرب األيدي الغامضة اآلتية لها في الظالم .باللون األسود المحبب ،كان البرتقالي يحوم
حولها .استغرق األمر منها ثوان فقط للتعرف على شكل الهالل .أمسكت يدها بساقها ،وتبعتها أخرى بسرعة .حفرت
السالسل في معصمها وهي تحاول التملص من قبضتها.
صرخت عندما احترق الهالل في سروالها وفي لحم فخذها .عندما هدأ صوتها من اإلساءة ،صرخت صرخة صامتة.
انجرفت رائحة اللحم المحترق في الهواء .ارتجفت قمر عندما انسحب الهالل المتوهج .تراجعت .لكن اليدين الممسكتين
بساقها ما زالتا .قبل أن تتمكن من التنفس مرة أخرى ،ضغط القضيب المعدني على ساقها مرة أخرى .ركضت متصلبة ،
وعضالتها متوترة تحت الضغط الثاني للقضيب المعدني .فتح فمها في صراخ صامت.
أطلقتها األيدي عندما ابتعد الهالل عن جلدها .انتشر األلم من فخذها الخارجي .اهتزت السالسل وهي تهتز .عضت شفتها
،وكشفت وزنها .ثم أغمي عليها.
اليوم الرابع .علقت هناك .التواء بطنها ومخالب لشيء ما .بقيت بال حراك بينما انتشر األلم حول العالمة التجارية الخام
التي احترقت في ساقها .التقى هالالن في المنتصف ،مكونين حرف " .وبينما واصل القرويون مشاركتهم بحماس في
عقابها ،بدأت تتساءل .هل ستموت هنا ؟ وإذا فعلت ذلك ،فهل سيوقفهم موتها ؟
كانت الشمس مشرقة ،وإن كانت حارة .لقد نسيت ما هي الحرارة ،عندما استمر هطول األمطار على القرية .مع تزايد
رائحتها الكريهة مع ازدياد حرارة اليوم .تمنت قمر المزيد من المطر .على األقل كان من المحتمل على األقل أن تتقيأ
على نفسها مرة أخرى عندما ال تلمس الحرارة جلدها كما لو كانت شيًئ ا ما ميًت ا .كان هناك حديث في المنتدى ،يصعب
سماعه فوق الذباب السمفوني .لم تستطع سماع الكلمات الفعلية.
تنهدت قمر بارتياح عندما حجب ظل غامق الضوء الذهبي ،مما أعطى راحة لبشرتها التي أسيئت معاملتها .نظرت قمر
من خالل خشب الماهوجني الالمع ،وهي تنظر إلى األمل .ال تجد نصير أو والدتها .لكن على األقل وجه أو سالح
إلنهاء حياتها في النهاية .ثم سقطت إلى األمام .الهبوط على الوحل مع تنبيه.
اندفع الهواء خارج رئتيها .ينفجر الدم في أذنيها .تلسعت يداها وهي تدفع من األرض الموحلة .وقفت منتصبة .مجمدة.
تسعة أزواج من العيون يحدق .في ضبابية اإلرهاق ،بالكاد فهمت حكماء القوة أثناء حديثه.
" لقد تم سجلك من قبل المستعبدين .كنا سنتركك تتعفن حتى تنتهي أيامك والمزيد " .
ظهرت بصيص صغير من الفخر في صدرها .حتى بعد أربعة أيام ،تمكنت من أن تبدو مثل نفسها القديمة .عادت
المشاعر في أصابعها وهي تبتعد .أعادتها إلى الحكماء وهي تتجول بين القرويين .قدم واحدة تلو األخرى ،مثل براعم
مهزوزة ،غامر بالخروج من المنتدى.
هزت قمر كتفيها المخدرين .تمتمت على نفسها بتواضع " .بالطبع".
كانت ساخرة مرة أخرى .رفت زاوية فمها .كان هناك أمل لها بعد.
في سبات عميق ،سافرت على الطريق المؤدية إلى منزلها .كان الدخان المنبعث من الموقد يخبرها دائًما أنها قريبة من
المنزل ،حتى عندما تقف في الخارج .بدًال من المشي عبر رفرف الفرو الترحيبي ،غامرت في مسار مختلف.
نما التوسع األزرق المخفي بشكل أكبر ،وأقل إخفاء عندما اخترقت خط الشجرة .امتدت حذائها فوق الرمال شبًر ا
بوصة ،حتى وقفت على حافة المياه.
صرخات صرخات الطفلة عندما أخذت خطواتها األولى طواعية في الماء .تموجت األمواج السطح العلوي ،مما أزعج
الكمال الهادئ الذي كان يتمتع به من قبل .صعدت قمر إلى األمام .عندما تمايل الماء البارد على ذقنها ،أغمضت عينيها.
ثم مغمورة.
صور الدم .من اللهب .من الماء .تومض في عقلها .رقصت خلف عينيها المغلقتين .انطلق صراخ الشتلة في أذنيها .ترن
بعواء محتضرة ،من صوت أعمق مع تقدم العمر .أزرق.
نزفت المياه الكريستالية إلى اللون األسود .كان هناك فراغ .إحساس بالفراغ .والخوف .غسلت المياه المتجمدة األوساخ
من جسدها ،لكنها لم تستطع الوصول إلى البقع في قلبها .فشلها .أشعلت له وللشتلة شعلة الفشل التي لم تستطع الهروب
منها .نما الخوف في قلبها ،ليس فقط على نفسها ،ولكن على أسرتها.
تحت السطح ،التقت قمر بعيون رمادية ميتة .ال شيء مثل اللون األزرق الذي كان لديه في الحياة .هسهس " :لقد فعلت
هذا بي" .نزل الدم من شفتيه ،وتلطيخ المياه من حولهما " .لقد قتلتني ".ثم اختفى في الدخان.
اخترقت قمر السطح بصرخة ،متجاهلة كل المنطق .مع أنفاسها العميقة ،صرخ صوتها الممزق .هربت عائدة إلى المياه
الضحلة ،وإلى الحافة الرملية .كل شيء في عقلها أسكت عندما وطأت على الشاطئ .قطف الماء من شكلها .وابتعدت
قمر عن الماء ،بينما كانت تمشي في أوراق الشجر الخضراء التي تحيط بها ،لم يسعها إال أن تتساءل .هل فقدت عقلها
للتو ؟
كانت سترة وسراويلها قذرة ،وقد نجحت في التوفير حتى مع استمرار تساقط المياه على أطرافها .دفع من خالل رفرف
الفراء ،قابلت قمر ثالثة أزواج من العيون .كل ظالل مختلفة تحدق بها.
قالت قمر بتعب " :أستطيع أن أخمن كيف أبدو" .قفزت والدتها ،هبة ونصير ،على أقدامهم .وصلت والدتها لها أوال.
بالكاد تجفلت قمر عندما أثرت أطراف أصابعها على جلدها الجاف " .قمر ...أين كنت ؟"
ابتعدت قمر عن والدتها وسارت إلى الموقد .لقد سحبت حذائها المبتل من قدميها بضربها العصير الذي يسبب الغثيان.
" أين تقصد" أين كنت ؟ " سألت ،مكررة سؤال والدتها " .كنت أتجول في المنتدى من أجل "...
تراجع صوتها فجأة .أجواء قاسية تؤلمها في صدرها عندما قابلت عيني هبة .ابتلعت قمر الذنب والصراخ والرغبة في
الجري.
شارك و نظرة خاطفة ،متجنبيًن ا قمر من التعرض البرولوجي لعيون المحمرة والمنتفخة " .ما المدة التى مكثتها هناك
؟" زعنفة نقب بعناية.
تنهدت بضجر .فركت يدها على وجهها " .أال يمكننا فعل هذا اآلن ؟ أنا عطشان ،أتضور جوعا ،وأموت ألحرق هذه
المالبس .لذلك إذا كنت ال تمانع – "
ضرب نصير قبضته على الطاولة " .حتى متى ؟!" هو صرخ.
تردد صدى صوته داخل حجرة المنزل .اقترب من قمر والحظت تغيًر ا في اللون حول عين نصير .أشارت إلى الكدمة
بفشل ضعيف في يدها .أجابت " ربما طالما كان لديك ذلك" .
لمست األصابع بشكل انعكاسي كدمة العطاء مع صدمة في عينيه " .يومين" ،تمتم بتواضع.
تمتمت بهدوء " :أضف إما اثنين أو ثالثة آخرين" " .األيام الماضية كانت ضبابية".
انتزعت الماء البارد من دلوهم وأخذت تصرخ .شهق هبة في رعب " .في ذلك الصباح ...بعد أن استراحوا ...توسلت
إلى الحكماء أن يتركوك تذهب .أعطوني كلمتهم " .
سعلت قمر ،وأخذت تتقيأ من الماء .تشقش بين أنفاسها الخانقة " :لقد كذبوا" .شربت المزيد من الماء لمساعدة حلقها.
" لم نكن نعرف" ،همست هبة .استنشقت بخفة " .هذا يبين كل شيء".
" يشرح ماذا ؟" سألت قمر وهي تأكل اللحم والجبن من المائدة .كانت تستنشق الطعام في يديها أكثر من حاجتها إلى
التنفس " .قمر ...ستجعل نفسك مريًضا" ،أشارت هبة بشكل ضعيف.
أجاب نصير " :لم يسمحوا لنا باالقتراب من المنتدى" " .وال حتى عندما ُيفترض أنه تم إطالق سراحك .اعتقدت أنه
كان بسبب غار" -
مع خديها المليئين بالطعام ،هسهسة قمر في نصير " .ال تقل هذا االسم".
طلبت متواضعة " ال نصير " .لم يكن هناك سخونة وراء كلماتها ،ولكن فقط اإلرهاق " .أنا مجهد .أريد فقط بعض" -
ثم توقفت عن الكالم ،وأغلقت فمها .دواخلها ملتوية .انسحبت قمر إلى الخارج بعيون متسعة .التقت يديها وركبتيها
باألرض مع عودة الطعام والماء إلى السطح .ارتطمت الرشاشات بالطين بينما كانت يداها تجرفان شعرها للخلف .عندما
أفرغت ،مسحت قمر العصارة من فمها ووقفت .قابلت عيون فضية دامعة.
همست والدتها " اعتقدت أنني لن أراك مرة أخرى" " .لم يكن لدي أي فكرة عن مكانك حتى جاء أحد الفرسان على
الحدود إلى منزلنا ،وأخبرني أنني سأبقى هنا .لقد انتظرت ليال ونهارا من أجلك " .
عرضت " آسف" .ارتجفت شفتاها عندما لف أمها ذراعيها حول كتفيها .همست المرأة األكبر سًن ا في مواساة " :ال
تأسف" " .دعونا نعود إلى الداخل ،أنت بحاجة إلى االعتناء به".
دخلت قمر من خالل رفرف الفراء أوًال ،وتوقفت المحادثة الهامسة .تحركت نظرتها بين و ،وكالهما يتصرفان
بصعوبة شديدة ولم يكن ذلك مهًما ؛ أنهم ال يريدون لها أن تعرف .تبادلت النظرة الحامضة بينهما عندما استجوبت قمر بال
مباالة " .ما هذا ؟"
" سنتحدث الحًق ا ...عندما يكون لديك وقت للراحة "،قلص نصير بحذر.
" ما هذا ؟" كررت قمر بفارغ الصبر .تنهدت عندما شاركت هبة ونصير نظرة أخرى " .حسنا ؟"
لمست زعنفة كتف الشقراء .تجنبت عيونهم مقابلة وجهها " .أنا مع الشتلة" ،همست هبة .
أومأت قمر بهدوء .تقدمت ببطء إلى األمام ،ولم تعلق قدمها بأي شيء .ثم أغمي عليها .التقت المرأة األكبر سنًا وفن في
منتصف الطريق ،حيث اصطاد كل منهما قمر قبل أن تنهار على السجادة المنسوجة .تحركت هبة إلى جانب قمر ،
تشهق بخفة .تمكنوا مع االثنين من نقل قمر إلى سريرها .رفضت المرأة األكبر سًن ا ،واعتنت بابنتها أثناء نومها.
في الغرفة الرئيسية ،يواسي نصير دموع هبة .حدق في الفضاء بينما تشبثت هبة به .في النهاية ،قاد هبة إلى الحداد.
وضعها في سريره .عندما كان وحيًد ا ،بكى نصير أخيًر ا.
في وقت ما في منتصف الليل ،جلست قمر وعرق بارد يقطر على جلدها .بقيت كوابيس الشتالت منه ،من المنتدى
داخل رأسها .تجعدت في كرة ،وعانقت ركبتيها على صدرها ،وهي تبكي بهدوء .لقد حزنت تماما اآلن .حزنت على
الصديق الذي نما إلى أخيها .حزن على هبة التي انفصلت عنها في وقت قريب جًد ا .وكان بسببها .وأخيرًا بكت قمر .
بكت كطفل حاولت الهرب ،تركت دموعها دون قصد ،حتى لم يبق منها سوى الفواق .عندما لم تشعر بشيء ،انقلبت.
تغلب عليها النوم في لحظة.
مر أسبوع قبل أن ُيسمح لقمر بترك فراشها .مع وفاته ،تم إعفاء هبة من الثنائي الخاص بها في منزل المعالج .وهكذا ،
كانت الشقراء تساعد والدة قمر في إرضاع ظهرها .خالل ذلك الوقت ،بالكاد استطاعت قمر أن تشاهد المشهد .حتى إذا
نظرت إلى هبة ،اجعل ومضات من الموت األزرق تومض في ذهنها .ودق وعدها له ،داخل رأسها ،إلى جانب
كوابيس استمرت في النمو.
رغم ذلك ،فقد أمضت كل ساعات يقظتها في التفكير .التفكير في طرق للتأكد من حماية هبة وشتالتها وحمايتها وحبها.
مر شهر آخر قبل أن تغادر قمر منزلها .اغتسلت الشمس على بشرتها ،ولم تعد مصبوغة بسبب قلة التعرض لها .كانت
الحرارة مفهوًما مجرًد ا ،وهو الشيء الذي شعرت أنه يتعين عليه دفعنا إليه مرة أخرى .في إحدى األمسيات عندما
استيقظت ،غير قادرة على القتال من خالل األحالم المروعة بعد اآلن .تراجعت ببطء من فراشها وانزلقت على مالبسها
المعتادة .ثم غادرت.
انجرفت األشجار في النسيم الخفيف .سارت إلى قمة التل لتكون وحدها .عبرت حذائها فوق العشب الندي ،وتوقفت .أو
كانت تعتقد أنها ستكون بمفردها .كان الشعر يلمع مثل ضوء القمر من شخصية حدسية ،مستلقية على شاحنة الشجرة
الساقطة .قطعت حذائها على بعض أغصان الخريف ،استدارت عيون أرجوانية وقابلتها.
انضمت إلى نصير على شاحنة الشجرة .سقط غمد مألوف على ركبتيها بال كالم .كان سيفها ثقيًال في يديها عندما
حركت النصل بينهما .تتبعت قمر مؤقًت ا نقوش لبالب " .كيف استعدت سيفي ؟"
" كان الحصول عليه أمًر ا بسيًط ا جًد ا .أمر الحكماء بأن يذوب .لقد وضعتها جانًبا عندما وصلت إلى الحداد .إعادة السيف
...كان األمر أكثر صعوبة .لم أستطع مغادرة القرية معها حتى غادر ركاب الحدود .وقد استغرق األمر مني حتى اليوم
إلعادته " ،أوضح نصير .
أومأت قمر بتمعن ،ناظرة نحو سماء الشفق .تدحرجت الغيوم فوق النجوم ،وظللت في الظالم .ثم فكرت في ذلك.
المعجزة التي كانت تفكر فيها في الشهر الماضي .طريقة لرعاية هبة وشتالتها .هي فقط من استطاعت سماع صوت قلبها
وهي تكسر حاجز الصمت " .عليك أن تربطها".
أجابت قمر " هبة " ،وهي تنظر إلى تعبير نصير المرتبك " .عليك أن تربطها من أجل الشتلة .لذلك لن تكون الحياة
مثل حياتي " .
كرر نصير بحذر ،وهو يفكر في الفكرة بصدمة " :أنت تعتقد أنه ينبغي علّي االرتباط بهبة " .أومأت قمر برأسها بينما
واصل نصير " .وأنا أفهم ما تقوله .أنا افعل .لكن ال".
واحتجت قمر على ذلك قائلة " :سيتعين على هبة االرتباط بشخص ما في نهاية المطاف" .ثم أضيف " .أفضل منك من
المدح أو هشام .أو حتى ال أحد على اإلطالق .لن أدع لطخة أخرى في هذه القرية .ال أحد قريب مني لدرجة أنني أستطيع
منعه " .
" وأنا أوافق" ،غمغم نصير " .ال ينبغي أن تتمتع نبتة بحياة مثل "...توقف مؤقًت ا ،ومألت قمر تلقائًيا الكلمات
المفقودة " .مثلي".
تنهد ،واصل نصير .لكن حامد التقى بألسنة اللهب قبل شهر فقط .أعلم أنك تشعر بالعودة ألنه مات ولكن" -
حدقت قمر في نصير بحدة ،وعيناها غاضبتان من األذى " .قلت لك أال تقل هذا االسم".
" لما ال ؟" زعنفة مزورة ،ممسكة بنظرتها الساخنة " ،حامد مات ولن يعود .وإال كيف يفترض بنا أن نتحدث عنه ؟
أشير إليه بـ " هذا" من اآلن فصاعًد ا ؟ هذا إهانة لذكرياته! " بصق.
خمدت كلماتهم الغاضبة في هواء المساء .تسكين الغابة من حولهم .كسرت قمر الصمت مرة أخرى .ردت بحقد " أشعر
بأكثر من" سيئة " .تغلغل أعصابها المتزايدة في كلماتها مثل السم " .كان موته خطأي! خطأي زعنفة .لم يكن هناك
شيء على هذا الممر عندما مشيته! كان واضحا! ثم صرخ و " ...ابتلعت قمر الضيق في حلقها والخفقان المؤلم في
صدرها.
ندمت األسف على نبرة صوتها وهي تقول بحرارة " ،كان علي أن أوقفه .كان يجب أن أفعل شيًئ ا! إذا كنت قد فعلت ذلك
،فربما كان ال يزال على قيد الحياة " ...سعلت قمر بعد ذلك ،واختنق صوتها عند الكلمة األخيرة التي سقطت من
شفتيها .قفزت متجاهلة العبوس على وجه نصير .
هبطت يدها بحنان " .لم يكن هناك شيء يمكنك القيام به لتغيير أي شيء".
انتزعت قمر يدها بعيًد ا .ترك يد نصير تحترق فوق ركبتها .امتص دفئه من خالل الخامة الرقيقة لسراويلها .الشيء الذي
كانت تعتز به ذات مرة ،لمساته المريحة ،أضاف فقط إلى عواصفها الداخلية.
" ال تحاول أن تريحني بذلك!" صرخت بغضب " .أنا من كنت هناك! أنا من أراه يموت في رأسي كل ليلة ،جنًبا إلى
جنب مع كل كابوس لعنة جمعته .لقد رحل بسببي! ال شيئ! ال شيء يقوله أي شخص سيغير ذلك! تركته يموت ،مثل تلك
الشتلة " .
" لقد كنت مجرد برعم قمر !" مواجهة زعنفة " .لقد بذلت قصارى جهدك من أجل تلك الشتالت!"
ضغطت نصير متجاهلة تعليقها " .لست الوحيد الذي يرى حامد يموت .الجميع يتألمون ،لذا ال تطلبوا مني أن أربط
هبة عندما ال تستطيع التوقف عن البكاء! "
سخرت " .لذا أنت باألحرى تحكم على نبتة حامد بحياة مثل حياتي!" عضت بغضب " .كل هذا ألنك ترفض أن تربطها
بالدموع!"
" نعم!" خوار زعنفة .وقف من شاحنة الشجرة الساقطة .كانت عيناه تحدقان بها بعدد كبير من المشاعر " .لن ارتبط
بهبة بسبب الدموع".
قفزت قمر على قدميها " .أود أن أربط مع هبة إذا استطعت ،إذا كان ذلك يعني أن نبتتهم – نبتته – تعيش الحياة التي
تستحقها .لن أهتم كثيًر ا بالدموع! "
قال نصير " :أنت تعلم أن القرية ال تسمح بذلك هنا" .ثم تنهد " ،لن أؤذي هبة أكثر من خالل عرض االرتباط بها .أنا
أرفض تدمير ذكريات حامد اآلن " -عينتها عيناها بنوع من الوهج وهي على وشك االحتجاج .صمتت قمر ،لكنها
ابتهجت " – .كما قلت سابًق ا" ،تابع " ،لن يغير رأيي أي شيء تقوله" .
" وماذا يحدث عندما ال تستطيع إخفاء الشتلة بعد اآلن ؟ ماذا بعد ؟"
" زعنفة"-
" والدتك لم ترتبط بأخرى بعد وفاة والدك .دع هبة تقرر ،واترك األمر " ،ورد نصير بسرعة.
" إنها".
صمت قمر فجأة .اصطدمت شفتيها ببعضهما البعض في خط رفيع .احتجاج ،جدال ،جلدة قاسية على طرف لسانها.
وداست على جذوع األشجار الساقطة ،مبتعدة عن نصير .كان هناك إجهاد في الهواء حيث انتزعت قمر سيفها وثبته في
وركها.
ال يزال التوتر يختمر ،واألسوأ من أي خالفات سابقة بينهما .حدقت قمر في المحالق الدخانية من القرية .كل واحدة من
هذه المواقد كانت تحترق بحرارة ،مما أدى إلى تدفئة العائالت في الداخل .كانوا قرويين يكرهونها .تقريبا بقدر ما كرهت
نفسها .طالما بقيت في القرية ،حول القرية ،كل ما ستشعر به هو الغضب والذنب .شّدت يدها بمقبض سيفها " .سأرحل
نصير " ،أعلنت بهدوء ،وقررت فجأة " .انا بحاجة الى المغادرة".
تجنبت عينيه ،وهي تعلم أن األعماق األرجوانية كانت عليها .هزت قمر كتفيها " .ربما تكون محًق ا في مطالبة هبة بأن
تربطك قريًبا جًد ا بعد وفاته ...سيؤذيها .ولكن ليس لدي أي شك في أن وجودي يؤلمها أيًض ا " .
" هل أنت متأكد من أنه ليس العكس ؟" سأل نصير " .أخبرتني هبة ،لقد عادت إلى الحداد وهي تبكي ألنك رفضت
النظر إليها .تعتقد أنك منزعج معها بشأن الحكمة ،أو من الشتالت .ربما كالهما " .
عرفت قمر أن نصير كانت تتجه نحوها ؛ كان ظله من ضوء القمر يقترب منها في كل خطوة " .أعلم أنك تشعر
بالذنب ،ولن أفعل ذلك مرة أخرى ،لكن ال يمكنك المغادرة.
ارتجفت قشعريرة على جلدها ،مما تسبب في قشعريرة .نمت بذرة الشك في صدرها .ربما ال ينبغي لها أن تتصرف
بتهور .لكن قلبها كان أسوأ .نظًر ا لكونها مدمرة للذات مثلها ،استمعت قمر إلى أسوأ صوت في رأسها .بدأت " أنت ال"
تستعد للدفاع عن المنطق.
زعنفة انقطع .أصر " ال يمكنك المغادرة" " .والدتك تحتاجك .هبة بحاجة إليك " ...بصوت مرتجف ،مما جعل قمر
تنظر بقلق .التقت عيناه النيليتان بعينيها ،وابتلع حنجرته ،كما لو كان لديه المزيد ليقوله " .أنا بحاجة إليك ،هنا معي".
أغمضت عينيها عن نظرة نصير الحازمة ،وتنهدت قمر بالهزيمة " .سأبقى" ،هي متواضعة تماًما ،تكره الشد
الملتوي في أحشائها.
يدفئ الذراعين حولها .كل ما شعرت به هو الجليد والرغبة في الجري .ردد ذلك كل ذرة من كيانها ،لكنها وقفت ثابتة
بين ذراعي نصير .وراح أنفاسه تتدلى فوق رقبتها وهو يرتاح عليها.
سبحت الذنب فوق رأسها .أوًال منه ،واآلن نصير .بينما كانت ذراعي نصير أكثر إحكاًما ،مما جعل كل جزء منه
مبطًن ا بها .عرفت قمر ،على الرغم من الجلد الدافئ ،ما تحتاج إلى القيام به .حيث تريد أن تكون .وكانت فقط تسمع
الطقطقة الثانية في صدرها.
عندما تركتها نصير أخيًر ا ،بعد أن وعدت برؤيتها قدر استطاعتها ،أمضت بضع دقائق أخرى على قمة التل بمفردها.
كما أرادت .وجدت قمر حجًر ا حهبة .
انكسرت الشمس الذهبية في األفق عندما خطت قمر قدمها في خط الشجرة .وغادرت .أشرق الضوء على جذوع األشجار
الساقطة .مشرقة عبر الكلمة:
'آسف'
داخل الغابة ،كافحت قمر في البداية .مع عودتها دائًما إلى المنزل ،كان لديها كل شيء في مكان قريب .هنا ،في الغابة ،
لم تكن تعرف شيًئ ا عن البرية .لكنها تعلمت.
لقد تعقبت ركاب الحدود من قبل رجالهم البني .كما فعلت عندما تعلمت كيفية استخدام السيف ،بقيت مختبئة ،تراقب
ركاب الحدود وهم ينجون .بحلول نهاية األسبوع ،عرفت قمر ما يكفي .كيف تصنع لهب موقد .كيفية تحضير وطهي
اللحوم من الفخاخ التي نصبتها .كيف تجعل الغابة موطنها.
قرب نهاية الشهر ،امتزجت أيامها مًع ا كواحد .كانت تأكل وتتبع وتذبح وتغسل الدم بعناية .ثم كرر.
تحولت األوراق الخضراء إلى اللون البرتقالي .حمل الهواء نسيم أكثر برودة .في منتصف تنظيف الدم األسود من سيفها ،
توقفت في منتصف انتقاد .أجهدت أذنيها على أمل أن تسمعه مرة أخرى ..هتف صوت البوق المميز بوق االستدعاء في
الريح .سرعان ما أخمدت نيرانها ،وغطت سيفها ،ثم ركضت عائدة إلى القرية .ترك جثث الوحش لتجمع الذباب خلفها.
دوي آخر للقرن فّج ر الغابة .ركضت أسرع .تم تفجير بوق االستدعاء فقط خالل حفل لجمع كل المستنيرين .أو ترابط.
كل منها كان قد مضى وقت طويل على استحقاقه .فلماذا اآلن ؟
وجدت أثر البحيرة الذي أدى إلى منزلها .عندما صعد إلى الباب الخشبي ،تأرجح للخارج .أراينا تفادى الهجوم بسهولة.
قابلت العيون الفضية راتبها .حاولت أال تجفل عندما ربطت ذراعيها حول كتفيها.
" قمر ! أنت عدت!" صاحت والدتها وهي تقبل جبينها القذر " .لماذا ذهبت ؟ لماذا لم تتحدث معي أوال ؟ لماذا كان علي
أن أسمعها من نصير لين ؟ "
" كنت بحاجة فقط للمغادرة "...تمتمت بلطف ،وابتعدت عن والدتها " .لم أستطع التحدث عن ذلك ،وكانت المغادرة
فكرة سريعة .إذا خصصت الوقت إلخبارك ،فقد أوقفتني مثلما حاولت نصير القيام بذلك " .
اعترفت المرأة األكبر سًن ا ،وعيناها الفضيتان تدرسان فوق قمر " .بالطبع سأفعل ".ثم أضافت بشكل قاطع " .أنت ال
تقيم ،أنت ؟"
هزت قمر رأسها " .أنالست .سمعت بوق االستدعاء .إنه الموسم الخطأ لذلك .كل االحتفاالت ال أريدها وأنا – "
قاطعت والدتها بسرعة " :إنها رابطة" " .أنت تعلم أن كل مستنير مؤمر ليكون هناك .إنه ال شيء".
جاء دور قمر لدراسة والدتها .تم تدريب العيون الفضية على األرض ،ولم تعد تبحث عن التواصل البصري معها ،حتى
بعد رحيلها " .كما تعلم ،لقد ذهبت منذ شهر ونصف" ،وبخت قمر " .هذا ليس وقًت ا كافًيا تقريًبا لتكذب علي بنجاح .إذن
اخبرني".
" أنا ال أكذب عليك .قالت المرأة المسنة " هناك رابط اليوم" .
رفعت حاجبها ،واستجوبت أمها بصمت وهي تتحدث " .وعادة مع الروابط ،أنت تحتج ،وليس متوتًر ا –" تحركت
عيون بنية على والدتها ،وعصر يديها مًع ا " – .أعلم أنك تخفي شيًئ ا ما".
تنهدت والدتها " .إذا كنت تريد أن تعرف ،فعليك أن تذهب معي إلى القرية".
جليد .دخان .دم .ارتجفت قمر " .القرية ؟" رددت " .أنا غير مسموح لي".
أشارت والدتها " :لم أوقفك من قبل" " .تعال اآلن" ،تميل رأسها إلى الطريق.
احتجت قمر وهي تنظر إلى مالبسها الملطخة بالدماء " .إذا دخلت إلى القرية بهذا الشكل ،فسيبدأ الجميع في التفكير في
أنني قتلت شخًصا آخر".
ثم انتزعت والدتها يدها .لحسن الحظ ،كانت نظيفة .ألنها سمحت لوالدتها بسحبها على الطريق ،لم تستطع التوقف عن
تموج معدتها .الخوف والرعب المتزايد مع كل خطوة .تنفست بحدة وذهبت.
تركت والدتها تسحبها حتى تصل إلى صف الخادمات في الخارج ،ثم انفصلت .تراجعت قمر ،وعبر أسرتها حتى
وصلت إلى المنتدى .قامت عيناها تلقائًيا بفحص الحشد الكبير وهم يقفون أمام عمود العقاب وبيت الحكماء .تهربت بعناية
إلى متجر بيع.
التقطت قمر شعر والدتها الوردي في الحشد أوًال ،ثم الحظت أن امرأة مسنة كانت تشير .بالقرب من الحكمة ،كان
هناك رأسان ،رأس فضي واآلخر شقراء ،تعرفت عليهما .طارت أكاليل الزهور والليز في هبة ونصير .عندما اندلع
الحشد في الهتافات ،كان الظالم يحيط بداخلها .اندلعت بغيرة في الداخل على الرغم من أنها كانت فكرتها في جعلها
رابطة في المقام األول .استدارت بعيًد ا عندما رسم نصير في هبة ،ولم ينتظر رؤية قبلتهما.
اندفعت إلى قدميها ،واندفعت من المنتدى بأسرع ما يمكن .عادت إلى خط الشجرة ،ممسكة باللحاء الخشن وهي تتنفس.
أغرقت موسيقى القرية كل عواء الليل .بكت الوحش من األلم عندما قامت بإصالح نصلها ،وربما كانت تذرف دموعها.
الهًث ا ،عندما ُقتل أي شيء يمكن أن تجده ،كانت قمر تحدق في ضوء النجوم .أتساءل عما إذا كان بإمكانها أن تشعر بألم
أكثر مما تشعر به اآلن.
داخل الحداد ،جلس صديقان ،يتأرجحان من االحتفاالت في الخارج .ركض نصير أطراف أصابعه بال تفكير فوق
عالمة الترابط الحمراء على معصمه.
راقبته هبة في صمت قبل أن يتمتم بهدوء " ،شكًر ا لك" .
رفعت هبة معصمها ،وامضت عالمة الترابط الجديدة المطابقة ،بجانب العالمة التي تم شفاؤها " .لهذا ...أنا أعرف ما
يعنيه هذا بالنسبة لك".
أومأت الشقراء .التقطت فستانها البني ،وكانت أطراف أصابعها تلعب بخيط طائش " .بيني وبينك ،منذ زمن بعيد
أعجبت بك .منذ أن تنبت ،كنت أتخيل أنه سيتم وعدك أنا وأنت واحد ،مرتبطون ،ولدينا العديد من الشتالت الخاصة بنا.
لكن ...كبرنا .عندما غلب المرض على أملور ،كنت ال أزال أتخيلك ،حتى مرضت .ورأيت كيف كنت غاضًبا مني
ألنني أهنت قمر ...كان ذلك عندما علمت" .
أجابت هبة " :إنك كنت تحبها" " .وقد حزنت على تصوراتي .ووجدت حامد وأدركت مشاعري تجاهه .لقد أحببته
كثيرا وكنت على حق .شتلة حامد تستحق الحياة .وحيدون .لكنني آسف ...أنا آسف ألخذ هذا منك " .
" ال يوجد شيء يؤسف له" ،اعترض نصير بهدوء .تالشى صوته " إنه ...نحن " . "...سأحبك إلى األبد".
أسندت هبة رأسها على كتف نصير " .أنت شخص عزيز جدا بالنسبة لي نصير لين .أنت ما كنت أريده في األخ .وال
يزال بإمكاني أن أكون آسًفا لتدمير تصوراتك " .
" يمكنك ،ولكن هذا مضيعة" ،قال نصير .تنهد ودفع بعيدا عن الموقد المحتضر .أمسك بيدها بلطف وربت عليها" .
دعنا نأخذك إلى الفراش حتى تتمكن من الراحة".
كان الناس يتباعدون عنها ،باردين وجائعين ،وال يمكنها إبعادهم .إذا فعلت ذلك ،فلن تكون أفضل من ركاب الحدود
الذين تركوه ليموت .بتعاطفها ،قادت مجموعات من الناس إلى القرية .طوال الوقت ،دافًع ا عنهم من المزيد من الوحش
التي انجذب إليها الدم في الهواء.
كل أطرافها تؤلمها .في جوف الليل ،لم تكلف نفسها عناء إشعال اللهب .صعدت إلى جذور شجرة مكشوفة لحماية خفية.
هناك سقطت في النوم.
صيحات الهلع .من االلم .أذهلتها ،ومزقها من نوم عميق بال أحالم .تلقائًيا ،انتزعت سيفها وركضت .ذهبت إلى
الصرخات ،معتقدة أن المزيد من الناس يحتاجون إلى مساعدتها .في ضوء القمر ،وجدت الوحش بمقاييسها البيضاء
أوًال .ثم رأتهم.
قاتلت ثالث مجموعات من الدراجين على الحدود ضد ثالثة من السالجمور .حلقت متسابقة على الحدود أمامها صرخة ،
واندفعت إلى األمام إلى أقرب مخلوق ،ممسكة بسيفها .بينما كان المخلوق يشتت انتباهه بسبب آخر رجل حاول قتله ،
تدحرجت تحته .شق نصلها إلى أعلى ،طعًن ا في قشور بطنها الحساسة.
" طعنه! انزع ساقه! " صرخت قمر إلى متسابق الحدود .بعد ثوان ،أمطرت السماء من فوق .تمسكت بسيفها كما زأر
المخلوق وضرب بعنف " .افعلوا اآلخرين!"
فعلت متسابقة الحدود كما أمرت .قطعت الساق الثانية وانقلب المخلوق .تدحرجت قمر ،وانطلقت على قدميها .أخذت
رأسها قبل أن تتأرجح مخالبها .يقطر األسود من سيفها ومن شعرها .تنفست.
ارتطم متسابق الحدود بكتفها ليساعد رجلين آخرين يكافحان مع المخلوقات األخرى .تّمت متابعة قمر .
اصطدمت المخالب بركاب الحدود الثالثة اآلخرين ،مما دفعهم إلى التحليق .انهاروا على األرض في كومة من
األطراف .قفزت قمر فوقهم ،متجنبة الشفرات في أيدي ثابتة .كانت ساكنة عندما التقت عيناها باللون األبيض ،كانت
المخلوقات مثبتة عليها .نزل الدم من فمه وهو يبتسم .ابتلعت ،واستعدت للهجوم.
صدت قمر الضربة األولى بحافة السيف المسطحة ،وأمسكت المخلب بعيًد ا عنها .من زاوية عينيها ،كانت األطراف
الخمسة األخرى مدببة بشكل حاد .ضربت الضربة سيفها من يدها .جعلتها القوة تتعثر ،ووقعت ضربة أخرى على
ظهرها على األرض.
النجوم كانت تلمع فوق الرؤوس .استغرق التنفس مجهوًد ا ،حيث اختنقت في الهواء واستقرت في صدرها .لقد حاربت
األوجاع المتزايدة المهاجرة في كل مكان .بمجرد استنشاقها بعمق ،أمسك بها مخلب أبيض من فوق .لعنت قمر .
لقد أبعدها عن قدميها دون عناء .وميض سيفها على العشب باألسفل .كانت تتدلى عاليًا ،عندما قابلت عيون الموت
البيضاء ،متسائلة عما إذا كانت عيونها ستكون الليلة .تعانق أصابعها التي تشبه المقياس حول القفص الصدري ،وتضغط
بشدة على العظم ،وتعلق ذراعيها على جسدها.
ثم ضبابي العالم .تم دفع كل الهواء من رئتيها عندما اصطدمت باألرض .هربت أنين من شفتيها بينما سحبها المخلب مرة
أخرى ،فقط لتحطيمها .كانت بصق األرض والعشب من فمها.
فجأة ،صرخ المخلوق ،مما جعل أذنيها ترن احتجاًج ا .استدارت في مخلبها قبل أن تشعر بانعدام الوزن .كما لو كانت
تطير .كانت هادئة تقريبا لمدة دقيقة .انها تقريبا استرخاء .ثم اصطدمت بشيء صلب .وفي صلب آخر .هبطت على
ظهرها مرة أخرى ،وتعلمت كيف تتنفس ...مرة أخرى.
رن صراخ سلغمور الُمصمم طوال الليل مع صدى صدى ،ثم ال شيء .كان الصمت يصم اآلذان أيضا .حتى رن صوت
فظيع " ،ماذا يفعل هذا السيف هنا ؟" خوار " .لقد رأيت هذا النصل تم تسليمه إلى الحداد منذ أشهر".
تراجعت قمر .تدحرجت على بطنها مع ألم شديد في جانبها األيمن .تمت إضافة صوت آخر غير مألوف " .البقعة هنا.
ساعدتنا .في آخر مرة رأيتها ،ألقى بها وحش في األشجار " .
تمسك أطراف أصابعها باألوساخ .تركت خمس جروح في األرض وهي تحاول جر نفسها إلى جذور شجرة .كانت
الفرشاة العميقة أمامها بعيًد ا جًد ا ،ربما مع الحظ ،تمكنت من جر نفسها بعيًد ا عنهم ،غير متأكدة بعد مما إذا كان بإمكانها
الوقوف على قدميها .في غضون لحظات ،طعن نصلها األرض ،على بعد بوصة واحدة من رأسها .بحثت قمر .التقت
بالظل البرتقالي لوجه هشام وهو يحمل معه موقد اللهب.
كان جانب وجهه مغطى باألسود – بدم السالجمور أو دمه – لم تهتم قمر شخصًيا .لكنها حدقت في وجهه وهو خائف
خشن " .هنا!"
تساءلت عما إذا كان الوحش قد قبض على حلقه وفشل في إنهاء المهمة.
" ما الذي تمتم به بشأن البقعة ؟" سألها هشام ،مستهزئا بها.
بقيت صامتة.
علق هشام باستخفاف " ،تساءلت عن سبب تناقص رائحة كريهة في القرية" ،كما لو كان يتحدث عن الموسم .ركل
نفضة من العشب على وجهها ،مما جعلها تتراجع .خفقان في ضلوعها .لم تكن تريد أن تتحرك مرة أخرى .أضاف
متسابق الحدود حديًث ا " ،لن يسعد الحكماء بسماع ذلك".
أضاف صوت آخر " :ليس إذا ماتت أوًال" " .يجب أن تصاب وإال ستقف" .
وجدت قمر نفسها في الجانب الخطأ من رامي السهام مرة أخرى .سهمه يتجه نحو عينها .عضت شفتها ،وذاقت الدم مرة
أخرى .بصقت " أنا ال أموت حمقاء" " .أنا مجروح .تم تحطيمي على األرض والقيت في شجرة .أحب أن أراك تنهض
وتتجول بعد ذلك " .
" كل هذا الدم في الهواء سوف يجتذب أكثر مع شروق الشمس .نحن بحاجة إلى العودة إلى القرية إلبالغ الحكماء بالبقعة
وجلب المزيد من السمان البني " ،أمر ديالغن .دفع الرجل األكبر هشام ورافع القوس بعيًد ا ومزق سيفها من األرض" .
دعونا نكون بعيدين عن هنا قبل أن يأتي المزيد".
استدار ركاب الحدود الباقون ،وغامروا بعمق أكثر في الغابة ،ولم يتحرك أي منهم حتى نحو الرجال الثالثة غير
المتحركين على األرض " .وماذا عن موتاكم ؟" صرخت بعدهم " .ألن تعيدهم إلى القرية ؟"
سمعت صدى صوت وقع أقدام نحوها .تمكنت قمر من الوقوف مع الحظ .لكن لم يكن هناك الكثير لتزيل معاناة
ضلوعها ،فهي تتنفس .لقد رصدت بياض عيونهم قبل أن يأتي فرسان الحدود من األشجار.
وقفت ديالجين أمامها " .سيرا على األقدام ،أملور هو يوم ونصف آخر .مع السقوط ،سيكون الوحش مشغواًل جًد ا بهم
بدًال من اتباع اللحوم الطازجة " ،أوضح.
تجهمت ،ثم عبس .تردد صدى النفور والفزع في عقلها .وكذلك الغضب " .إذن ،هل ستتركهم ؟" تساءلت بحرارة.
كان هناك زوجان شهقات من حولهم .تجاهلت قمر ذلك ،ووضعت عينيها الغاضبتين على الرجل الذي أمامها " .وماذا
عن عائالتهم ؟"
" ال تهتم".
" ماذا لو كنت ميًت ا على األرض ؟ أال تهتم بالعودة إلى عائلتك بدًال من أن تصبح وجبة ترفيهية للعبة الوحش ؟ "
نظر ديالجين إليها من فوق أنفه المعوج " .أنا لست الشخص الميت .هم انهم .إعطاء جثثهم حتى يتمكن رفاقهم من السفر
بعيًد ا هو دفن جيد " .
" إذا كان األكل بمثابة دفن جيد ،فلماذا لم تترك حامد بحق الجحيم ؟" استجوبت بسم.
تحسر هيستس " .هل ما زلت تتحدث عنه ؟ أنا مندهش ألنه لم يمت عاجال .طفل غبي".
أطلق ديالجين والرامي ضحكة مكتومة .تقدمت قمر إلى األمام ،وشد يداها ،وارتجفت من جانبها .ثم اقترب الرعد.
اقتحم ثالثة رجال بني من خالل المقاصة ،واندفعوا نحوهم بالقرب من األشجار.
قال متسابق جديد على الحدود " :لقد وجدنا ثالثة رجال بني من طراز " .دق الصوت خطًا مألوفًا في رأسها .لقد كان
هو الشخص الذي أخرجها في وقت سابق ،حتى عندما من المحتمل أن تكون قد أنقذت حياته .لقد شتمته عقلًيا عندما قام
ديالغن بفك المتسابق المجهول بتلويح يده.
رسم على الرجل البني بسرعة " .السبب الذي جعلني أهدر وقتي لهذا السذاجة غير المنيرة هو أنه أعطانا الفرصة
للحصول عليك .وأوضح ديالغين أنه على األقل يستحق ذلك ،خاصة بعد ما فعلته به.
" ماذا فعلت به ؟" زأرت بحرارة " .لقد تركته! كنت ستتركه هناك ليموت وحيدا لو لم أكن هناك! "
" نعم ،كنت سأفعل" ،وافقت ديالغن بسالسة ،غير منزعجة من غضبها " .ثم مرة أخرى ،هل كان سيتخلى عن
حذره كثيًر ا لو لم تخبره أنه كان واضًح ا ؟" تفكر بصوت عال " .ربما لو لم تكن هناك ،لكان حامد ال يزال على قيد
الحياة اآلن".
هي غضبت .طارت نحوه .ال سالح في يدها إال التصميم الواضح على إيذائه .حتى لو كان ذلك يعني حك عينيه
بأصابعها .فجأة ،ضرب شيء ما في ضلوعها ،مما أدى إلى عويلها على األرض .صرخت بنقرة مألوفة ،تم القبض
على أسمر بني فوق يدها اليمنى.
" احصل على هذا السد –" بدأت تطالب ،اقترب منها مقبض سيفها .أزيز في رأسها ،وازداد صوتها عندما ضربت
مرة أخرى .تدق على سياج الوعي ،تبكي قمر بارتياح ،ولهثت مصدومة عندما توقف الضغط على يدها.
لكونها ليست واحدة للسب ،فقد فعلت ذلك في المرة الثانية في تلك الليلة حيث ابتعد الضباب عن عقلها .بالحديث عن
رأسها ،إنه مؤلم .مع باقي جسدها .لماذا استمروا في ضربها على رأسها ،فلن تعرف أبًد ا .على حد علمها ،لم تكن هناك
عالمة على رأسها تقول " اضرب هنا" ...لكنها ال ترى مؤخرة رأسها أبًد ا ،لذلك ربما تفعل ذلك .لقد كان سؤااًل ملتوًيا
من المحتمل أال تتم اإلجابة عليه أبًد ا .خرج أنين خفيف من حلقها .بيدها مشطت شعرها من وجهها.
وشتمت مرة أخرى .بصق تحت أنفاسها عندما كانت يدها تتألم من األلم .احتضنت الطرف المكسور المفترض على
صدرها بينما كانت تتحرك إلى قدميها.
حدقت قمر في الممر المظلم حيث اختفى ركاب الحدود قبل أن يتم طردها بوقاحة .ابتسمت بجنون ،وأرضت الجزء
األكثر سوهبة من قلبها ،مدركة أن الممر سيقودهم حول البحيرة ،وسيأخذ متسابق الحدود أربعة أيام إضافية للعودة إلى
القرية .وحدثت أنها تعرف اختصاًر ا قامت بإنشائه.
تعثرت من خط الشجرة المتناثر ،وعادت إلى المقاصة الصغيرة .قامت بالعض على لسانها لمنع نفسها من الشتم بصوت
عاٍل في مكان الحادث .في المقاصة ،تم دفن اثنين من الوحش في الموتى – كما عرف أن الوحش ستكون كذلك.
سافر الغثيان العميق إلى أذنيها ،وصدى صدى قشعريرة في العظام .قاتلت قمر الرغبة في إسكات .ببطء ،تراجعت إلى
الوراء ،عادت ببطء إلى الشجرة ،تكره حقيقة أن لديها خياًر ا واحًد ا .وكان ذلك للتشغيل .بال سالح وجرحى لن يؤدي إال
إلى قتلها .قد تكون التالية على األرض ليغذيها الجميع.
انطلق شيء ما فوق حذائها ،وأذهلها بقدر ما فعلت ذلك .نجت الصرخة قبل أن تتمكن من احتوائها ؛ أمسك الوحش
المخلوق .وجدتها العيون البيضاء ،أسقطت األرنب على األرض .هربت .ابتسم لها اثنان من البطلينوس ،وأظهروا
أسنانهم الحادة الملطخة بالدماء في ضوء القمر .رفضت قمر أن ترمش ،واندفعوا نحوها.
احتجت ضلوعها على الجري ،لكن آخر سلغمور صام بعدها .لقد فقدت بسهولة الوحش األول من خالل إطالقه عليها ،
حيث اختفت عندما ابتعدت بعيًد ا وأخذت األرض الجبلية المخلوق .تدحرجت إلى أسفل وكان الخاطف من رقبتها يعني
تقليل الوحش .
على الرغم من ذلك ،بدا أن اللقيط الثاني قد اكتسب معنى أكبر مع استمرار المطاردة .حاولت أيًض ا هز هذا من ذيلها ،
لكنه تبع ذلك بإصرار .شددت قمر قبضتها على عصاها ،السالح الوحيد الذي كان ملقاة حولها.
حاولت قمر التقاط أنفاسها وهي تحطم ظهرها بشجرة كبيرة .صرير الفروع فوق .لكن لم يكن هناك ريح .ببطء مالت.
قابلت عيناها البنيتان بياض أحد أفراد األسرة ،وكانت ابتسامة عريضة لها وكأنها كانت أفضل وجبة فطور .ربما كانت
كذلك.
" أنتم يا رفاق تنامون على األشجار أيًض ا ؟ من يعرف ؟" تمتمت بسخط ،بلهفة .صدرها يدق من التمرين.
ابتسمت الوحش بشكل أوسع ،مستمتعة تقريًبا بانزعاجها .قفزت على األرض .أبقت عينيها على المخلوق أثناء البحث
عن طريق للهروب .ثم حلقت الوحش فوقها .دقات قلبها في صدرها .امتزجت القشور السوداء في الليل الحبر حيث كان
الوحش يلوح في األفق فوقها .جّر بارك جلدها ،واستنشقت بحدة ،وهي تعلم ما سيحدث .أن هذا سيكون على األرجح
موتها .لقد لوحت بالعصا تجاهها .إذا كانت ستموت ،فلن يكون ذلك بدون قتال.
" بطة!"
لم تسأل قمر .سقطت على ركبتيها وعيناها مغمضتان .تناثر الدفء على وجهها ،تقطر من شفتيها .جلجل هز االرض.
فتحت قمر عينيها .كان الوحش ملقى على األرض ،فقد رأسه .الحظت الرجل البني أوًال ،ثم الفارس.
" ما الذي تفعله هنا ؟" سألت ،تفاقمت " .هل فاتك الجزء الذي ادعت شركة أنني كنت طعام الوحش فيه ؟"
ترجل هشام و .مسح الدم عن سيفه " .وكنت على وشك ذلك .ديالغن ال يعرف أنني هنا وصمة عار " .
انفجرت حواجبها في مفاجأة ،ثم تجعدا " .ثم لماذا أنت هنا ؟ للتأكد من أن الوحش يقومون بعملهم ؟ ألنه دعني أخبرك ،
لقد قمت نوًع ا ما بتأرجح نصلك مرتفًع ا جًد ا عن ذلك" .
هبة ر متسابق الحدود عينيه وسحب شيًئ ا من السرج على رجله البني .هبطت عند قدميها .يلمع نفس الفضة التي رأتها
آخر مرة .استحوذت قمر على سيفها على عجل ،ولم تأخذ عينيها من هشام .نظرت إليه متوقعة نوًع ا من التفسير .لم يكن
هناك سوى الصمت.
بيدها المشوهة ،حاولت بشكل محرج أن تضع نصلتها في الغمد على وركها .فاتها .دمدرت قمر على ما حدث في يدها.
تنهدت هشام ،أقرب مما أدركت ،وأخذ السيف من يدها ،ودفعه بعيًد ا في الغمد .قابلت عينيه البنيتين في حالة صدمة.
" بقدر ما أشعر بالغثيان وأنا أقول هذا "،هدير هشام .ابتعد عنها " .أنا مدين لك حياتي .أنا هنا لتسوية هذا الدين.
سآخذك إلى القرية بقدر ما أستطيع .وفي المرة القادمة التي نلتقي فيها ،سأقتلك " .
درسته قمر .الحظ أن يديه كانتا فارغتين ولكنهما ملطختان بالدماء .قالت بصراحة " :يمكنك محاولة قتلي" " – .لكنك
لن تقوم بعمل جيد جًد ا إذا كسرت يديك أوًال".
" نعم ،حسًن ا ،حسًن ا "،تمتم هشام .امتطى طائرته البنية ،وأمسك يده " .يجب أن أذهب قبل أن تعرف أنني سأذهب".
هزت رأسها " .ليس هناك من طريقة لركوب هذا الشيء معك .كيف أعرف أنك ال تحاول أخذي إلى اآلخرين ؟ حتى
يتمكنوا من إنهاء العمل ؟ "
" شرح ؟" قاطعت " .نعم انا اعرف .أنا ال أثق بك .لذلك نسير " .
واحتج هشام على ذلك قائًال " :سوف يستغرق األمر أربعة أيام للوصول إلى القرية من هنا" .
هزت قمر كتفيها " .يمكن .ثم مرة أخرى ال يعرف االختصارات أليس كذلك ؟ فقط من المسارات التي سلكها هو
وركاب الحدود اآلخرون " .
" إذن كيف لي أن أعرف أنك ال تحاول استدراجي إلى األجزاء المظلمة والعميقة من األشجار لقتلي ؟"
" أنت ال" ،قالت قمر بصراحة مع هز كتفيها " .لكن لست مدين لشخص ما بشيء معين ،أليس كذلك اآلن ؟"
" بخير" ،لعن هشام .قفز من رجله البني مع عبوس ساخط على وجهه.
أشار على مضض إلى األمام ،منتظًر ا أن تأخذ قمر نقطة .بدًال من ذلك ،خطت جنًبا إلى جنب لبقية الرحلة ،ولم تثق
في بظهرها .يبدو أنه لم يثق بها أيًض ا.
ظهرت أضواء الكناري فوق سماء الليل عندما وصلوا أخيًر ا إلى الممر المجاور للبحيرة .ركب هشام صامته ذات اللون
البني النحاسي وركب ركبته .وقفت قمر ثابتة تنتظر بتأكيد رحيله.
استغرق المغامرة بها وقًت ا أقل .أسئلة أقل تذمًر ا لم ترغب في اإلجابة عليها .وكانت تعرف هذه األجزاء جيًد ا .كانت هذه
المنطقة دائًما مكان الدوريات األول لها .أبقت قمر نظرة متعبة على الغابة من حولها ،مدركة أن هناك فرصة لوجود
الوحش .هي بالتأكيد ال تأمل.
بمعدل ارتفاعها ،لم تكن هناك فرصة لتؤذي نفسها ،لكنها كادت أن تصل إلى الحد األقصى .كان التعب مرهًقا ،فكل ما
أرادت فعله هو النوم بسالم.
عند رؤية باب منزلها ،عاد القلق والشعور بالذنب إلى الوراء .عضت شفتها ،تقضم المشاعر ،تخفيها بدم جديد.
اقتحمت الباب ،مستخدمة كتفها لتجنيب يدها المرعبة .بمجرد دخولها ،فتح الباب خلفها .كانت عيناها تجوالن فوق بيت
المسكن .كان فارغا .سقطت قمر إلى األمام.
هبطت على يدها .وعض داخل خدها لمنع نفسها من الصراخ .خفقان االصابة .لم تعد مدفوعة برغبتها في البقاء على قيد
الحياة ،فقد أخبرتها العظام المتشققة في يدها أنها لم تعد في حالة جيدة .استغرق التقلب على ظهرها جهًد ا أكثر مما أرادت
االعتراف به .ساد اإلرهاق فوق رأسها ،وتسلل الدفء إلى عظامها .أغمضت عينيها لدقيقة ،في انتظار أن تدخل والدتها
المدخل .في غضون دقائق قليلة ،إذا لم تظهر والدتها ،ستقوم من األرض .بحلول ذلك الوقت ،سقطت في النوم.
استيقظت قمر فجأة .صرخت عندما سحبت يدها من صدرها .وجهت عينيها إلى والدتها ونصير ،ممسكة بذراعها
ألسفل .حول يدها المعتمة ،كانت هبة تنظر إلى الجرح .صرخت عندما تحركت أصابعها.
" اتركه!" زعرت ،قطعت فكها .انتزعت يدها من اآلخرين " .ال بأس!"
" ال أنت لست!" احتج هبة " .تم سحق يدك وسوف تلتئم بهذه الطريقة إذا لم تدعني أهتم بها".
" سمعت هبة !" صاح نصير .تم تدريب عينيه بعيدا عنها " .سوف تلتئم يدك مثل هذا .لن تكون قادًر ا على استخدام
سيفك " .
حدقت قمر في الشخص اآلخر في الغرفة ،الشخص الذي لم ينبس ببنت شفة.
" األم ؟" تساءلت بهدوء ،تبحث عن شخص ما ليقول شيًئ ا مختلًف ا ،شيء ال يتطلب مزيًد ا من األلم .اجتمعت العيون
الفضية مع راتبها " .دع تساعد".
تنهدت " بخير" " .ولكن إذا فقدت الوعي مرة أخرى ،هل ستنظر في ضلوع .أعتقد أن اثنين منهم محطمان " .
ولكن لم يغمى عليها ،وبدًال من ذلك كانت عيناها تقبضان على الهالل المحفور في معصم نصير .ما زالت العيون
األرجوانية تتجنب عيونها عندما أوضحت نصير بشكل متواضع " .هبة وأنا ارتبطت ببعضنا البعض أثناء رحيلك".
بحلول الصباح ،تم تثبيت يدها ولفها بإحكام .تحركت هبة نحو قمر " .دعونا نرى ضلوعك".
تأرجح الباب وأغلق خلفه .تنفست قمر بسطحية بينما رفعت هبة سترتها .جاءت شهقتان من المرأتين األخريين في
المنزل.
" ال شيء خارج عن المألوف .قاتلت ضد الوحش ،تعرضت للضرب قليًال ،ثم أرسلني أحدهم إلى شجرة " ،أجابت
قمر .
" إلى شجرة ؟" ردد صدى هبة بينما كانت الشقراء تلف المزيد من القماش حول ضلوع قمر .عندما انتهت ،سحبت
بحذر شديد سترة قمر ألسفل " .مثل حرفيا في شجرة ؟"
اقتحمت الزعانف المدخل وهي تحمل ورقة في يده وهي أومأت برأسها ،مجيبة على سؤال هبة .
" هذا من أجلك "،قضمه ودفعه إلى قمر .أمسكتها والدتها من نصير قبل أن تتمكن من ذلك.
همست والدتها بصوت عاٍل " يحاول الحكماء استدعائك مرة أخرى" " .هذه المرة ...يريدون موتك".
انتزعت قمر الرسالة من والدتها وهي تقوم .قامت بمسحها ضوئًيا بسرعة ،وسحقت في قبضتها وألقت بالموقد بهدف
مثالي .انتزعت قمر سيفها من السجادة المنسوجة ،وثبته في وركها ،ثم خرجت من المنزل.
" إلى متى أنت ذاهب إلى البقاء ؟" سأل نصير ،تتبعها في الخارج " .ال يمكنك فعل أي شيء بيدك مثل هذا!"
توقفت .تحول في منتصف الطريق .صدره مقابل لها .يواجه فقط بوصات " .أنا بخير" ،صرحت بنقطة فارغة" – .
وأنا لن أبقى".
كان صدرها يؤلمها لدغة يمكن أن تنافس سيًف ا عندما ناشدتها عيون النيلي .هزت رأسها " .سنتحدث الحًقا نصير ".
" كم من الوقت ستستمر في الهروب من موت حامد ؟ إلى متى ستتركنا وراءنا ؟ " سأل نصير بغضب " .لقد مرت
أشهر ،وفي حال لم تكن قد أدركت ولكن تظهر اآلن".
شممت .اشتعلت عيناها .قالت بصوت يرتجف من الغضب " :أنا ال أركض" .تنازلت عن المشاعر األخرى " .لقد
الحظت .أنا لست أعمى .وأريد أن أكون هناك – " أشارت إلى األشجار " .هناك المزيد من الناس في األشجار من القرى
األخرى"-
" ال تقاطعني!" صرخت .اهتزت قبضتها على جانبها " .منذ أن كنت في الخارج ،لم يمت أي شخص قمت بحمايته .لم
أجد واحدة! "
أمسكت يده بكتفها .اشتعلت عيون الزعنفة في األعماق األرجوانية " .أنت بحاجة إلى التوقف عن الخروج إلى هناك!"
بصق " .لقد قرأت تلك الرسالة اللعينة .سوف يقتلك الحكماء! "
استدارت قمر .إعطاء الزعنفة ظهرها " .يوًم ا ما سيحاولون ،لكن سيتعين عليهم العثور علي أوًال".
تبعها كلماته في فظاعة يتردد صداها في األشجار .توقفت قمر مترددة في خطواتها .زاد صوت نصير وغضبه وجرحه
إلى المكان الذي لسعته .المكان الذي كانت تبنيه إلغالقه .أغمضت عينيها ومضت إلى األمام .تركهم وراءهم.
ارتعدت يدها قليًال وهي ترسم على األرض بعصا .خالل هذا الوقت في البرية ،كان الناس من قرى أخرى يسكبون
األشجار ويتدفقون عليها بيأس .حدقت قمر في الجثث الخمس نائمة على أرض الغابة .صامت عندما حدقت عيون زرقاء.
كان هناك صمت على النار بينهما ألنها تركت الرجل األكبر سنا يدرسها.
" هل تعيش عادة في الغابة ؟" حشر الرجل األكبر سنًا وضيعًا.
هزت قمر رأسها " .لقد حدث ذلك مؤخًر ا ،لكن القرية التي آخذك أنت وعائلتك إليها هي المكان الذي أتيت منه .إنه
قريب ...قريب جًد ا بما يكفي ويجب أن يكون الجميع بأمان هناك " .
هز كتفيها ،تجنبت قمر عيني الرجل .ردت وهي ترسم " .إنهم على علم ،وربما قلقون ".ثم أضافت " ،اسمي ...
حسًن ا ...ستعرفه قريًبا بما فيه الكفاية من قريتي .قل لي ،من أي طريق أتيت قبل أن تجدني ؟ "
جلس الرجل وأشار إلى هريسة األشجار الداكنة " .قريتنا صغيرة ،نحن مربيون للقرى األخرى ...كنا مربيين .أكلت
تلك المخلوقات كل ما يمكن أن تصطاده .الناس والماشية .أنا وعائلتي بالكاد نجحنا في ذلك " .
وضعت قمر عالمة " أخرى على رسمها وربطت كل عالمة بخط .كل األشخاص الذين أخذتهم إلى أملور فقدوا
قريتهم في هجمات الوحش األخيرة .لكن كل واحدة جاءت من قرية أبعد ،أصغر .حدقت في رسمها وشتمت .أدرك أن
هناك نمط.
خدشتها بالرسم بحذائها .أجابت " :ال شيء" .ثم أومأ نحو األرض " .يجب عليك الحصول على بعض الراحة .لدينا يوم
طويل غدا " .
سعل الرجل مفاجأة " .بحلول الليل ؟ امالور على بعد يومين .لدّي براعمان صغيرتان وواحد ملتصق بالشتالت .ال توجد
طريقة يمكننا القيام بها في ذلك الوقت " .
تمتمت " :في العادة ،أنت على حق" " .لكنني أعرف هذه الغابات ،لقد أمضيت وقًت ا على األرض .أعرف طرًق ا أخرى
أسرع للوصول إلى هناك .لذلك إذا أخذت برعًما ،وأخذت األخرى ،يجب أن نصنعها بحلول ذلك الوقت .امنح أو خذ
مرتبًك ا يحتاج إلى فترات راحة " .
لكن الرجل كان قد جعل نفسه مرتاًح ا بالفعل على األرض ،وتدحرج ،أقرب إلى براعمه الملتصقة .تنهدت قمر .ألقت
نظرة خاطفة على رسمها المشوش ،ثم التقطت العصا .أمسكت بحفنة من العصي الصغيرة من قدميها ،ورمتها في
النار ،لتطارد البرد الذي بدأ في التسلل فوقها .كان موسم البرد يقترب قريبا .لن تتفاجأ إذا تساقط الثلج أوًال على األرض
قبل آخر األوراق البرتقالية.
باستخدام ظالل المنازل ،انسللت قمر عبر القرية .هز الشخير بسالم القرية التي يغلب عليها الطابع ،باستثناء بعض
األماكن التي يمكن أن تهمس بها في الظالم .تتبعت رائحة الدخان إلى المصدر ،لتعرف بسهولة مكان وجهتها اآلن .ألقى
قمر نظرة أخرى حوله ،قبل الدخول إلى الداخل.
تم تحريك غطاء الفرو للخلف ،وعاد بسرعة إلى مكانه .تحركت قمر بسرعة إلى الداخل .نظرت إلى كل زاوية
وشقوق ،تبحث عن شخص معين .حبست أنفاسها وهي تمشي على أطراف أصابعها من الشخير المخمور في الزاوية
المظلمة بجانب الموقد الكبير .ضربت القفص الصدري لها وهي تغامر .على أمل أال يثير الرجل.
في الداخل ،أسفل ممر ضيق ،كان هناك رفرف آخر من الفراء .لقد سحبته مؤقًت ا .داخل الغرفة الصغيرة ،لم يكن هناك
سوى عدد قليل ...الكثير ...من أباريق وحرير فراش فارغ .ترك قمر رفرف الفراء ينجرف إلى مكانه .مشيت بضعة
أقدام أخرى ،عندما علقت فتحة أخرى من الفراء في المدخل .بهدوء ،سحبت هذا جانًبا.
وصلت أصوات تنفس رقيق إلى أذنيها قبل أن يصل ضوء ألسنة اللهب إلى الشكل .فقط عدد قليل من الخيوط الفضية
بلغت ذروتها فوق البطانيات المنسوجة .انزلقت قمر إلى الداخل وعبرت الغرفة بحذر.
لقد فقط.
قمر منزعج .لقد نخزت بقوة أكبر في حذائها " .تعال على نصير .حذرت ،حتى تحصل ،لن أكون لطيفة في المرة
القادمة.
زعنفة تدحرجت.
صاح الزعنفة وجلس في سريره .فرك إحدى عينيه بترنح وأمسك جانبه باألخرى " .قمر ؟" نفض صوته غليظًا بآثار
سباته " .ماذا ...ماذا تفعل هنا ؟"
رمش ببطء .سأله وهو يحك رأسه " .تعال مرة أخرى ؟"
ردت " :الوحش ،لهذا أنا هنا" .استمرت قمر في حين أعطى نصير تثاؤًبا كبيًر ا.
" أجد أناًس ا في الغابة .يقول القرويون أن الوحش هاجموا .لقد حددتها ،واعتقدت أنها كانت غريبة .كل هؤالء األشخاص
،يأتون في مجموعات .هذه القرى الصغيرة تحيط بنا .إنهم حول أمالور .لقد قمت برسم خريطة لها ،ويبدو األمر كما لو
أن الوحش قاموا بدفعنا مًع ا ،مما دفع الناس إلى امالور .ماذا تعتقد سيحدث عندما تدمر تلك المخلوقات كل القرى من
حولنا ؟ إنها مجرد مسألة وقت قبل أن نتعرض للهجوم أيًضا " .
حدقت قمر في وجهه .أجابت " :اآلن فقط" ،وهي تجعد حاجبيها مًع ا " .هل سمعت ما قلت ؟"
سحب يده على وجهه وتذمر " .فعلت" ،كان صوته مكتوًما من خلف يده .خبطت يداه على حجره " .أنت تعتقد أن
الوحش يدفعوننا مًع ا".
" أنت تعلم أنهم كذلك" ،صحح قليًال ثم تابع " .لكن لماذا ؟ إنهم مجرد مخلوقات قمر .إنهم ال يخططون .خاصة تلك
التي تبدو مدروسة جيًد ا .وإذا فعلوا فلماذا اآلن ؟ لماذا لم يمر الماضي ؟ "
جلست القرفصاء ،وظلت وجها لوجه مع نصير " .لماذا أشعر بأنك ال تصدقني ؟"
تنهدت زعنفة " .قمر ،هذا كثير لالستيعاب .الوحش مع خطط ؟ في المرة القادمة ،هل ستقول إن المغيرين ليسوا
فظيعين ؟ أو الحكماء أحبك أخيًر ا ؟ أعني ،ماذا يجب أن نفعل حيال ذلك ؟ يركض ؟ يعارك ؟ لم تقل حتى كم عددهم ...
يمكن أن تبالغ في تقدير مقدارهم " .
" هل هذا مهم ؟" سألت بحدة " .يجب أن تعرف أنه ال! إنه الضرر الذي يمكنهم إحداثه .عليك أن تخبر الحكماء .أنا
وراكبي الحدود ال يمكننا االحتفاظ بهم إال لفترة طويلة .وكما قلت ،عندما نفدوا أخيًر ا من القرى الصغيرة للهجوم ،فنحن
التالي! "
قال نصير وهو يهز رأسه " :ال أستطيع" " .ال يمكنني الذهاب وأخبر الحكماء اآلن .أقدمها في منزل المعالج .إنه
صاحب الكلمة األخيرة " .
" زعنفة"-
فجأة ،تم سحب رفرف الفرو جانبًا .اندفعت قمر منتصبة ،تبحث عن مكان لالختباء ،حتى تحركت هبة في المدخل ،
مع مفاجأة محفورة على وجهها " .قمر "...صاحت برقة "– .أنت عدت .متى رجعت ؟"
أومأت هبة برأسها .برز وجهها الشاحب بينما كان يسير في الداخل .انجرف ثوبها األسود في نسيم من صنع اإلنسان" .
أنت ستدخل كحكمة غدا .مباشرة بعد أن يلتقي األقدم بالنيران " .
راقبت قمر أن نصير شاحًبا ،مطابًق ا لنفس لون شعره " .اآلن يمكننا إخبار الحكماء غًد ا بعد دخولك .سيتعين عليهم
التفكير في األمر ألنك ستكون واحًد ا منهم " .
" ال نصير !" أمرت قمر بالذل " .في كل مرة يبدو أنني أفعل شيًئ ا ال توافق عليه ،تستخدم اسمي بهذه النغمة".
قام قمر بتثبيت الزعنفة بنظرة وهج وهو يفتح فمه للتحدث .حذرت " ال حتى . "...ثم عبست ،حزينة " .لقد توقفت عن
الجري ،هذا ما تريده ؟ أنا مستعد ألكون هنا من أجلك .لهبة والشتلة " .
عبرت جفل مرئي وجه هبة .قفزت قمر من الشقراء إلى الزعنفة.
من وجوههم ،وسترة سوداء .جمعت قمر القطع مًع ا بصمت .ضغطت على شفتيها مًع ا ،أومأت برأسها .بدون كلمة
أخرى ،تركت قمر الحداد .غادر القرية .عندما وصلت أخيًر ا إلى منطقة خالية في البرية ،صرخت .هرب كل
المخلوقات .تبخرت صرخاتها في السماء .عندما اختفى صوتها في العدم .مشيت قمر إلى المنزل بخدر.
عندما كانت تضع وجهها أوًال على سريرها ،زحف كابوس آخر إلى ذهنها .عذبها أحدهم بالشتالت والبّط ارات والماء
حتى استيقظت وعرقها بارد على جلدها .كانت متعبة جدا لتهتم.
تحركت قمر عندما التواء معدتها .كانت همهمة خفيفة من الفرح ،حيث اشتمت رائحة مألوفة في الهواء .ابتسمت ابتسامة
عريضة عندما فتحت عينيها ،ووجدت وعاء من الحساء الذائب بالقرب من رأسها .مزقت أغطيتها المنسوجة ،وأمسكت
بالوعاء وغامرت في الغرفة الرئيسية .توقعت قمر أن ترى والدتها ،لكن لم يكن هناك أحد.
يقف في بابها .التهمت الحساء المذاب في صمت .عندما انتهت ،أمسكت سيفها وجلست على الطاولة .جلست على
زابوتون وشحذ نصلها ،وهي تعلم أنها كانت مملة من كل الهجمات .كانت قمر في منتصف شحذها عندما انفتح الباب
وانفلت والدتها من الداخل.
قالت المرأة األكبر سًن ا وهي تمشي بجوارها وهي تداعب تاج قمر " :كنت أتمنى أن يغريك الحساء الذائب باالستيقاظ" .
" من الجيد أن أراك في النهاية مرة أخرى".
" يؤسفني أنني لم أعود إلى المنزل مؤخًر ا .لقد كنت أقوم بدوريات " .
قالت والدتها " :لقد سمعت من القرويين" .توغلت أعمق في حجرة المنزل " .من" جمال السيف " الذي يعيش في
الغابة .يرسل الحكماء استدعاء كل يوم اآلن " .
شم قمر " .جمال ذو سيف" ،أليس كذلك ؟ هذا هو األول .أفضل من مصل اللبن ،يتصلون بي دائًما " .
" بصفتي والدتك ،أحب جمال السيف .يجب أن تعتبرها مجاملة " .ثم سألت المرأة األكبر سنًا " :متى عدت ؟" قبل أن
تختفي في غرفها.
" الليلة الماضية" ،اتصلت قمر عندما دخلت والدتها مرة أخرى في ثوب أسود طويل.
" إذن ربما لم تسمع .توفي الحكماء األكبر .سيتم إدخال نصير لين كأصغر الحكماء .يجب أن تكون مستعًد ا " .
" سمعت األخبار الليلة الماضية من الليلة الماضية .وكما نعلم ،ال ُيسمح لي بالتواجد داخل القرية .لكوني أنا ،ال أميل
إلى دعوتي إلى هذه األشياء .إلى جانب ذلك ...ألم تنتهي للتو من إخباري أن الحكماء كانوا يحاولون استدعائي ؟ "
تنهدت والدتها وانضمت إليها على الطاولة " .لقد فعلت ذلك ،لكن كونك أنت لم يمنعك أبًد ا من دخول القرية بأوامرك.
أعرف حقيقة أن هبة لم تكن تتجول في الغابة في الليل " .
شم قمر " .أنت على حق .لم تكن هبة في الغابة ...كنت في القرية .لكنني لن أعود اآلن " .
هزت كتفيها .مع العلم أنه في ظل هذه الظروف ،كانت تشك بشدة في أن نصير يريدها هناك .لم تذكر أي شيء عن
الوحش ،أو خطتها إلبالغ الحكماء بطريقة ما .بدال من ذلك ،ابتسمت فقط ألمها.
" في الوقت الحالي ،ال أريد أن أبدأ نزاًع ا مع الحكماء .فكر في األمر على أنه شخصية جديدة لبضع ساعات .أو على
األقل ،حتى االجتماع تنتهي ألسنة اللهب ويتم إدخال نصير " .
دوى دوي عاصفة في أنحاء القرية .ردد قرن االستدعاء .عرفت قمر ما كان عليه ورسمت حاجًبا على والدتها " .هذا ما
ينادونه" ،قالت " .يجب أن تذهب".
ابتسمت قمر " .يمكنني القول أنني سأبقى هنا وأنام .لكني أعتقد أن القيام بدوريات على الحدود فكرة أفضل " .
" ألم تذكرني أن الحكماء يحاولون اآلن استدعائك كل يوم ؟ " المرأة األكبر سنًا مازحت بشكل مشكوك فيه " .لن يعجبهم
ذلك".
" وما ال يعرفه حفنة من كبار السن ،لن يؤذيهم .من المحتمل أنهم سيكونون مشغولين للغاية مع نصير اهتماًما كبيًر ا.
بالحديث عن نصير ،عندما تراه ،أعطه تعاطفي ،وأخبره أنني سأراه قريًبا " .
أعطتها والدتها نظرة مدببة عندما بدأ بوق االستدعاء مرة أخرى " .كن حذرا إذن".
أومأت قمر برأسها .قالت بابتسامة عريضة " :هذا هو السبب في أنني آخذ سيفي" .حشو نصلتها الحادة في الغمد .سارت
قمر إلى المدخل وأبقته مفتوحة.
تذمرت والدتها عندما مرت عبر المدخل " :أنت دائًما تأخذ سيفك" .
ردت قمر ،متبعة والدتها في الخارج " :إذن يجب أن أكون بأمان" " .وسوف تتأخر".
صاحت المرأة األكبر سًن ا .بعد أن أغلقت قمر الباب الخشبي خلفها ،كانت األذرع محاطة بها .تحركت يداها فوق
تموجات خشب الماهوجني ،مبتعدة عن وجهها .تمتمت المرأة األكبر سًن ا " :أنا سعيدة للغاية بعودتك إلى المنزل" .
تذمرت والدتها " :أنا أكره هذا الشيء" .بضغطة أخيرة ،تم إطالق سراح قمر .شاهدت والدتها تتذمر على الطريق
المؤدي إلى القرية ،ثم اختفت بين األشجار.
كانت تنظف دماء الوحش من سيفها عندما اندلعت الهتافات في السماء .باستخدام العديد من االختصارات الخاصة بها ،
تمكنت قمر من التسلل إلى القرية دون أن تكتشف .تسللت إلى الحداد على أمل العثور على نصير .لكنها التقت بعيون
زرقاء دامعة.
انضمت إلى هبة على المنضدة الصغيرة بينما كانت الشقراء تفرك وجهها آثار الدموع " .قمر " ،استنشق هبة " .ما
الذي تفعله هنا ؟"
" هذا ليس مهما" ،رفضت قمر ،ووضعت خططها الخاصة جانبا " .هل ...أه ...تريد التحدث عن ذلك ؟"
هبة بحزن ،مسحت أنفها على قميصها .لم تقل قمر كلمة بذيئة عن ذلك .لقد انتظرت للتو.
كان على قمر أن تجهد أذنيها لتسمع الشقراء وهي تتحدث " .اعتقدت أنني ال أستطيع أن أعيش ...لكن "...تراجعت
الشقراء ،وبدًال من أن تأتي الكلمات من حلقها .أبقت قمر هبة بالقرب منها ،محاواًل فهم الكلمات النهمة من خالل
الدموع " .كل شخص حولي يموت .أردت حامد ومات .أردت هذه الشتلة أكثر من أي شيء آخر وهو " ...
" أنا ال أفهم ذلك!" بكت هبة فجأة .رن الغضب في كلماتها وهي تتابع " .تطفو بعض الشتالت السليمة تماًما ولكن غير
المرغوب فيها أسفل النهر ،ويفقد المنجم – وهو التذكير الوحيد بحبنا !-اردته! أنا في حاجة إليه! وتركني! الجميع
يتركني! "
دفنت هبة وجهها في يديها .هزت تنهدات جسدها .لم تقل قمر شيًئ ا .كانت تفرك فقط دوائر مطمئنة على ظهر الشقراء.
فركت المرأة وجهها وتمتمت على قمر " .اآلن ،فهمت ما قصدته والدتي".
" يوم ترابطنا ،هل تعلم أن والدتي حاولت مرة أخيرة أن تعدني إلى األكل ،أليس كذلك ؟" سأل هبة .
" عندما رفضت مرة أخرى .صرخت بعدي ،أيقظت القرية بأكملها التي كان بإمكانها سماعها .ترن أصواتها أكثر فأكثر
منذ أن واجهت حامد النيران .اعترفت هبة " :سوف يدمرك" .لقد كانت على حق " .كانت محقة .حامد دمر حياتي! في
كل مرة أفكر فيه ،أشعر بالغضب الشديد .مثل لماذا لم يحاول بجهد أكبر ليعيش ؟ لماذا كان للموت ؟ لماذا تركني ؟
لماذا ؟!" ارتجفت القبضة في الطاولة.
مللت العيون الزرقاء بشدة في عينيها .حطمت قمر النظرة التي ال تلين في خزي .مع العلم أن هبة لن تجد الذنب إال في
أعماقها البنية .تمتمت قمر بحذر " ،ال أعتقد أن أحًد ا يخطط لموتهم" ،وتناثرت المرارة من نبرة صوتها " .كنت أعرفه.
لم يكن يريد الذهاب .أراد أن يكون هنا معك .والدتك ،إنها مجرد أ" -
" أريد أن أكرهه "،اعترفت هبة بصوت هامس.
قالت قمر بلطف " :لكن ال يمكنك ذلك" " .مثلما ال أستطيع أن أجعله يعيش مرة أخرى ...حزن عليه ،افتقده ،لكن في
النهاية ستحتاج إلى"-
توقفت قمر مؤقًت ا .تحرك رفرف الفراء جانبا .التقت عيناها على وجه غير مألوف .انتقل قبل أن تتمكن من االنفصال عن
هبة ؛ ما زالت يدها ترسم دوائر مطمئنة على ظهر الشقراء.
شهقت هبة ،اتسعت عيناها لمقابلة قمر .في الوقت نفسه ،وصل كالهما إلى أقدامهما .خفق قلب قمر في قفصها
الصدري.
" تعال "،حثت هبة ،شد قمر من ذراعها .تحرك رفرف الفراء مرة أخرى .مشى رحلة حدودية غير مسمى و إلى
حداد ،بابتسامة مسننة.
" مرحبا وصمة عار "،استقبل .أومأ إليها " ،سلمي سيفك".
كان هناك إغراء للرد .حكة للخدش .مع العلم أنها يمكن أن تأخذ اثنين من ركاب الحدود وتبتعد .لكنها فوق مقبض
النصل .تلمس يداها بالسيف على وركها ،وفقدت الحزام البني حول وركيها .أوقفتها يدا هبة .
" ماذا تفعل ؟" تساءل الشقراء في همسة متواضعة " .هناك اثنان منهم فقط ،وسوف يأخذونك إلى الحكماء "...
هبة رت عينيها في ،وتمكنت من نزع سيفها " .هنا" ،قالت وهي ترمي النصل الُمغلف إلى هشام .هبطت على
األرض من قدميه .انطلق متسابق الحدود الذي لم يذكر اسمه إلى األمام ،اللتقاطه من التراب .تقوس قمر الحاجب في .
" ردود أفعالك غير متوفرة .هل تعرف ديالجين ؟ "
" هو ميت".
همهمت ،عبوس على وجهها " .ال أستطيع أن أقول إنني مندهش .لم أهتم به كثيًر ا بعد أن تركني في الغابة بيد مكسورة.
من هو القائد ؟ أو أيا كان اسمه اآلن ؟ "
قمر همهمة مرة أخرى " .آه .هل قتلته للحصول على هذا المنصب ؟ "
" لذا ،تركته هناك .هل أصبح الوحش المزيد من الطعام اآلن ؟ "
هدير ،هيستس قليال " .هذا يكفي منك وصمة عار "،سحب سيفه من غمده.
اومأت برأسها " .أعتقد أن هذا هو المكان الذي تقتلني فيه بعد ذلك ،كما وعدت".
هز رأسه " .ليس انا .ليس االن .يريدك الحكماء أن تفي باستدعائك .أنا هنا ألخذك إلى هناك " .
تميل رأسها ،متظاهرة بالنظر حولهم ومن خالل المدخل " .أنت تدرك أن منزل ليس بعيًد ا عن هنا ،أليس كذلك ؟"
قال الرجل المجهول " :نحن هنا للتأكد من أنك لن تهرب" " .إنهم ال يريدونك أن تهرب بعد كل هذا الوقت".
نظرت قمر إلى أسفل عندما لف شيء دافئ حول ذراعها .نظرت إلى األعلى ،وقابلت عيون هبة الزرقاء المليئة بالقلق.
" هل يجب أن أذهب ألجد نصير ؟" همست.
هزت رأسها ،ابتعدت قمر عن هبة " .ال ،سأكون بخير .كنت بحاجة إلى التحدث إلى الحكماء على أي حال " .
أومأت قمر برأسها وهي ابتلعت الكتلة في حلقها .لكنها لم تقل شيئا .عرضت ال شيء .وعدت بشيء .تركت الحداد
وركاب الحدود خلفها .تم إسكات القرويين القريبين .حدقت عيون .حدث شيء ما في الهواء ،تهرب قمر بسهولة .غطت
ضحكاتها بالسعال عندما كان متسابق الحدود المجهول مغطى بالقذارة .لحسن الحظ ،سيفها في يديه تجنب الفوضى.
على بعد خطوات قليلة ،وقفوا أمام منزل الحكماء .حدقت قمر في المدخل الكبير .غرق العرق سترتها ،وانزلق أسفل
ظهرها في قطرات.
حّث هشام " ،انطلق" .حدقت فوق كتفها عندما قام متسابق الحدود بطمسها في ظهرها.
" استرخ ،لن أذهب إلى أي مكان" ،قالت قمر .عندما قام هشام بطمسها في ظهرها مرة أخرى " .نقل!"
" يجلس!" ازدهر وايزمان من المنصة .جعلها الصوت المدوي ترتجف .سافر الخوف ألعلى وألسفل على جسدها كما
لو كانت في الثانية عشرة من عمرها .هزت قمر رأسها بعناد " .سأقف".
" لن نتجادل معك يا وصمة عار "،صاح الحكماء مرة أخرى .اندلع رداءه البني على األرض عندما كان واقًفا " .لقد تم
استدعاؤك أخيًر ا لتحمل مسؤولية تظلماتك .مراًر ا وتكراًر ا ،سمعنا شائعات عن وجودك في البرية " ،جمال السيف" ،
هل تنكر ذلك ؟ "
هزت قمر كتفيها " .لن أقول الجمال ،لكن ،نعم ،لقد كنت في الغابة".
" أوه ،تقصد رسائلك ؟ ردت بابتسامة ،وهزت كتفيها عرجاء .اندلعت صرخة في الحكماء وهم يصرخون عليها.
" تعويمها!"
صاحت قمر فوق األصوات " لدينا هنا قضايا أكبر ثم نناقش عقابي أو حتى موتي" .حدقت في كل من الحكماء وهي
تتابع " ،لقد هاجمت سلوغمورز القرى من حولنا! لقد كنت أقود الناس هنا كل يوم من أجل األمان! "
" إًذ ا فإنه خطأك بسبب نقص الغذاء!" هسهس حكيم آخر.
سخرت قمر .ردت بجرأة " :ربما إذا لم تأكل كثيًر ا ،فلن يكون هناك نقص" .
سعل الزعنفة ،والحظت قمر االبتسامة الصغيرة التي حاول إخفاءها .فاضت قمر بالفخر ،وتالشت أي آثار للخوف
أثناء استمرارها " .أنت بحاجة إلى االستماع إلي! الوحش ،إنهم يدفعون الجميع .لقد قمت برسم خريطة لها! " لقد
صرخت " .نحن بحاجة إلى التحرك ،مثل المغيرين!"
كونشرتو النفور من الهسهسة تركت شفتي كل حكيم ،لكن نصير " .لسنا مثل تلك السرقات المقززة ،وال نتصرف
مثلهم!"
سخرت ودحرجت عينيها " .قد يكونون لصوص مقرنصير ،لكنهم ليسوا من يجب أن يقلق من التعرض للهجوم!"
" كاف!"
هدد وايزمان قائًال " :إذا واصلت الحديث عن وصمة عار ،فسوف نخيط فمك" .
" هذا لن يمنعني!" انها بصقت بشراسة .نظرت قمر فوق الحكماء اآلخرين " – .هل البقية منكم للعرض ؟ أليس لديك
أي آراء إطالقا ؟ "
" لقد كنت تهددني بسبب المرور .وأشارت إلى أنني لم أحصل على متابعة أبًد ا " .وبما أنني وصمة عار .أنا إما عبد أو
ميت في عينيك " .
" قمر "...ناشد نصير بضعف ،في محاولة لكسر التوتر في الهواء.
" لطخة الصمت! بما أنك تؤمن أنك على دراية بطرق الحكماء .اشرح مظالمك اآلن ،وأخبرني ،ما العقوبة التي تناسبهم
".
شّدت فكها ،محاربة الرغبة في التحدث بشكل غير عقالني " .وصمة عار ال يمكن أن تتحدث من تلقاء نفسها .وصمة
عار ال تصدق أنهم شخص .ال يمكن للبقعة أن تتحدث إلى أي أو كل األشخاص المستنيرين .ال يمكن أن يكون للبقعة
سالح وال يمكن تدريبه .ممنوع دخول البقعة إلى القرية أو تركها " .
واختتمت قمر قائلة " :ستكون العقوبة قيوًد ا أو لساًن ا مقطوًع ا أو أي عقوبة أخرى يقررها الحكماء" .ارتجفت قبضتها
على جانبيها.
أومأ الحكيم برأسه بابتسامة شريرة على وجهه " .اآلن اتركونا ،بينما نقرر مصيرك".
بينما كان هشام وراكب الحدود اآلخر يحيطان بها بالقرب منها .صرخت قمر " ،سترى! هذه المخلوقات ستأكل كل
رجل وامرأة وطفل في هذه القرية! إذا تجاهلت تحذيري ،فسيكون الجميع في حالة جيدة مثل الموتى! وأنت تسلمهم
ليقتلوا! "
" اخرجها!"
تم إمساك يديها من أعلى ذراعيها وسحبتهما .حفرت كعب حذائها في التراب ،وأوقفتهم .حررت قمر ذراعها من متسابق
الحدود األشقر بسحب حاد .ثم أمسكت به ،وقبل أن يتمكن من إيقافها ،ألقته في هشام .
اقتحم اثنان آخران من الدراجين الحدوديين المدخل .قفز عليها هشام وراكب الحدود اآلخر .رمتهم بعيًد ا بالسرعة التي
كانوا يهاجمون بها.
" كان بإمكاني المغادرة! أخذت كل من أحب وشاهدت القرية التي تكرهني تحترق! ذبح القرويون! أنها فقط مسألة وقت"-
وصفقت يد على فمها من قبل متسابق حدودي من الخلف .رفعت قدماها عن األرض .صرخت قمر .عضت اليد.
" آمل أن يأكلوكم األوغاد أوًال!" بكت بينما توافد ركاب الحدود عليها وهي تقاتل .كانت ملتوية في قبضتهم ،ثم تم
إلقاؤها في الخارج.
اندفعت إلى قدميها .انبعث غضب من عينيها وهي تدور حول رجال الحدود محاوًال العودة إلى الداخل .غمغم هشام من
خالل أسنانه القاسية وأنفه الملطخ بالدماء " .اذهب للمنزل".
" وهل اخترقتني به ؟" سأل بشكل ال يصدق " .ال .لن أخبرك مرة أخرى " .
حدقت قمر في هشام لعدة لحظات ،ثم ابتعدت .تركت يقظة من الصمت بين القرويين وهي تمضي .داست قمر من قبل
هبة ،التي تبعها جانبها بال كالم.
" ماذا حدث هناك قمر ؟" سألت هبة بمجرد أن داسوا داخل منزلها " .سمعت الصراخ".
هزت قمر رأسها .أجابت " :لم يكن شيًئ ا" ،وهي تنهمر من على الطاولة.
" توقف عن قول ذلك!" صرخت هبة في إحباط " .أنت وزين كالكما!"
شد الشقراء شعرها " .لم يقل أي شيء عن محادثتك الليلة الماضية! وعرفت أنه كان يخفي شيًئ ا لحمايتي ،تماًما كما أنت
اآلن .ال شيء يمكن أن يكون أسوأ من فقدان مرتبط بك وشتالتك! إذن اخبرني!"
حدقت عيناها البنيتان في هبة " .الكراشون قادمون لمهاجمة هذه القرية .أو سيكونون قريًبا .حاولت أن أحذر الحكماء.
إنهم يقررون عقابي اآلن " .
" عقابك ؟" ترددت صدى والدتها في صدمة عندما دخلت الغرفة الرئيسية " .هجمات الوحش ؟"
نظرت قمر بين والدتها وهبة " .قد ترغبان في الجلوس "...
بال كالم ،جلست المرأتان .قامت قمر بتطهير حلقها " .بينما كنت في البرية ،كنت ألتقي بأناس قالوا إن قريتهم تعرضت
للهجوم من قبل الوحش .
" لكن تلك المخلوقات ال تهاجم ما لم يكن هناك دم في الهواء" ،صرخت هبة .
أومأت قمر برأسها " .بالضبط!" فتساءلت " .اعتقدت أنه كان غريًبا أيًض ا .ثم قمت برسمها .تم تدمير جميع القرى من
حولنا ،ودفع جميع الناجين إلينا .في النهاية سوف يجتاحنا الناجون ،وستختفي جميع القرى المجاورة .بمجرد حدوث ذلك
،سيهاجم الوحش هنا " .
" كيف تعرف أن الوحش سيهاجمون هنا ؟" سأل " .ربما سيتعرضون للتهديد من قبل األرقام ويتركوننا وشأننا" .
" سوف يهاجمون" ،أصرت قمر " .تسعة متسابقين على الحدود لحماية آالف األشخاص ؟" سخرت تعكر" .
المتسابقون على الحدود ال يهتمون بأمرهم حتى .سيكون انتقاء هذه القرية وليمة لهم " .
" أخبر أحدا ؟" قاطع قمر ،وملء الفراغ في جملة هبة " .حاولت .حاولت التحدث معهم .الصراخ عليهم .صراخ .لكن
كل ما يراه الحكماء هو وصمة عار" .
" ماذا عن نصير لين ؟" سألت والدتها على أمل " .هل يمكنه أن يقول شيًئ ا ؟"
" هو يعرف .ربما يمكنه ذلك .ال أعرف ما إذا كان اآلخرون سيصدقونه .لكن ال يسعني إال أن أتمنى" -
قابلت عيون سيت النيلي عندما فتح الباب الخشبي .اندفع الزعنفة إلى الداخل .هز عباءة الحكمة األرجوانية هذه ،وألقى
بها بعيًد ا وهو يسير بجوار الموقد .الثوب سقط في النيران .اندفعت هبة إلى قدميها.
" اتركه".
العباءة احترقت في الموقد .شاهدت قمر بينما كان نصير يتجول في إبريق .قام بتبرز الفلين وتناول مشروًبا طويًال.
تقطر السائل من زوايا فمه ،وسحب الجزء العلوي بعيًد ا مع فرقعة .انضم إليهم جميًع ا على الطاولة الصغيرة في صمت.
" عقابي ؟ يجب أن يكون سيًئ ا إذا كنت تشرب " .
حدقت في وجهها زعنفة بشكل قاتم .وامتألت عيناه النيليتان بعاطفة مكبوتة " .لماذا كان عليك أن تقول شيًئ ا ؟ لماذا ؟"
" أنت غاضب مني ؟" اتهمت بالكفر .زمجر الزعنفة ،وضرب بيده على الطاولة الخشبية.
" ثم ماذا ؟" صرخت عائدة " .لن أكون أفضل منهم! إذا فعلت ذلك ،فلن أكون أفضل من أولئك الذين قتلوا الشتالت
البريئة .لدي الكثير من الدماء على يدي ،ولست بحاجة إلى المزيد! "
هز نصير رأسه " .ال .ال موت وال قيود" .
تراجعت عدة مرات على التوالي .على أمل أن تفهم كلماته بشكل أسرع " .ال يعود أبدا ؟ كما في" -
أجاب نصير بشكل قاطع " :النفي" " .الحكماء قرروا النفي .قال قتلك سيكون من السهل جدا .لديك حتى غروب الشمس
،قبل أن يتم وضع راكبي الحدود عليك" .
أومأت قمر برأسها .بكت والدتها عالنية .شعرت بالراحة بين يديها في أمواج الماهوجني ،قبل أن تنجذب إلى قبضة
والدتها .عيونها مغلقة على نصير " .إنه أفضل من موتي الحقيقي ،أليس كذلك ؟ لكن هناك أنواع مختلفة من الموت ،
أليس كذلك ؟ "
شّدت والدتها أثناء وقوفها ،وأعطت قمر المرأة األكبر سنًا لهبة ،التي استنشقت بهدوء .تشبثت المرأتان ببعضهما ،
وتنهدت قمر " .لدي بعض التعبئة ألقوم به".
" هل تحتاج"-
دخلت غرفها بشعور من السريالية .تقريبا كما لو كان حلما ،وكانت تنظر إلى هذه الصورة بازدراء ؛ مشاهدة امرأة
حزينة تضطر إلى ترك كل ما تعرفه وراءها .وكأنها لم تكن حياتها اآلن .ولكنه كان .كانت تعلم أنه حقيقي ،وعرفت أنها
لم تحلم أبًد ا ،وكانت كوابيسها أسوأ من هذا .عادة مات شخص ما.
االستيالء على مجموعة مالبس إضافية وبطانية منسوجة ؛ قامت بلفها وربطها .ثم انتهت .جالت عيناها فوق غرفتها
للمرة األخيرة ،وعادت إلى الغرفة الرئيسية.
نظر نصير ووالدتها وهبة إلى إبريق .نفخت قمر وعبرت ذراعيها " .االحتفال بالفعل ؟" انها مازحت بسخرية .عبس
الجميع " .هيا يا رفاق ،تعلمون أنني سأكون بخير".
" نحن نعرف فقط ألنك تستطيع العودة عندما تكون مصاًبا بجروح خطيرة" ،غمغم هبة " .اآلن ،ال يمكنك".
هزت قمر كتفيها .بدأت أشعة ذهبية تتالشى بعد أن كانت ترى من خالل تبادل الدخان " .أعتقد أنني سأذهب .أمشي معي
إلى قمة التل ؟ "
أجاب نصير " بالطبع" ووقف .وقفت والدتها وهبة بعد ذلك .هرعت المرأة المسنة إلى غرفها .سقط قلبها على بطنها
وعلقت رأسها.
" أعطني القليل من الوقت قمر " ،أجابت المرأة األكبر سًن ا من غرفتها " .تفضل .سأكون هناك بعد قليل " .
اختفت هبة في غرف النساء األكبر سنًا ،تاركة قمر وحدها مع نصير .أعطته ابتسامة ضعيفة ،فقط الفراغ ينعكس في
عينيها " .يجب أن تذهب ،أليس كذلك ؟"
" لقد اعتقدوا أنه سيكون أكثر إمتاًع ا لو كنت أنا الشخص الذي أودعك".
وتوقفت خطواته بجانبها .أفرغ حلقه قبل أن يستأنف المشي مرة أخرى.
" إنهم يعتقدون أنني أحمل عاطفة واضحة تجاهك .إنهم يأملون أن يختفي الولع عندما تختفي " .وأوضح نصير بهدوء.
حدقت قمر ،بعيًد ا عن نصير وفي األشجار أثناء سيرها عبر البرية إلى قمة التل.
فتنفست " حق مستحيل" .أملها في أن تبتلع الممرات قبل أن ينفجر من الداخل .الحظت عالمة نصير المرتبطة بـ .
وأضافت بسرعة " أعني ،نحن أفضل األصدقاء" .
" إنه مستحيل" ،وافق نصير بشكل قاطع " .ال شيء سيغير صداقتنا .وال حتى هذا " .
أومض الظالم في الشمس عندما وصلوا إلى قمة التل .أمسك قمر يدي نصير بين يديها " .اعتن بأمي وهبة .سوف تفعل
؟ قد ال يحتاجون إلى مساعدتك اآلن ،ولكن عندما" -
" أعدك".
هزت قمر رأسها " .ماذا قلت لك ؟ ال تقدم وعوًد ا ال يمكنك الوفاء بها .فقط " ...تنهدت " .اعتني بهم ،بقدر ما تستطيع
القيام به".
" أعلم أنه يمكنني االحتفاظ بهذا "،غمغم نصير .هربت يديه عندما أشار إلى الخلف " .والدتك وهبة هنا".
بمجرد أن استدارت ،قفزت هبة عليها وضغطت .استنشقت الشقراء ،ولفت ذراعيها بإحكام قدر استطاعتها التعامل مع
جذع قمر .بعد بضع ثواٍن من عدم التنفس ،ابتعدت هبة عن العناق " .كوني حذرة" ،قالت وهي تسلم زنبق نهر مجعد.
ابتسمت قمر بلطف .أعانق المرأة الشقراء مرة أخرى .قالت " ،سأبذل قصارى جهدي" ،ووضعت الزهرة في حزامها.
ثم تحولت عيناها إلى الفضة .وآخر شخص توديع.
دفعت المرأة المسنة كومة من القماش بين ذراعيها " .اعتاد أن يكون والدك قبل وفاته .أوضحت المرأة المسنة " :آمل أن
يحميك بشكل أفضل مما فعلته" .فتحت قمر الحزمة ووجدت سقيفة منحنية .كان الغمد جلد أسود عادي ؛ كان المقبض
فضي المع .كان حجر أبيض يتألأل في نهاية المقبض في ضوء القمر " .أمي ،ال أستطيع"-
أدت نظرة أخيرة من والدتها إلى إسكات بقية احتجاجها .استسلمت قمر بإيماءة " .شكرا" ،تمتمت ،ووضعت الجلد في
حزامها " .إنه"-
ابتلعتها حضن والدتها مرة أخرى .عندما انغمس الدفء في سترتها البيضاء ،ابتعدت قمر ،وقاتلت الرغبة في البكاء مع
والدتها .أقنعت المرأة األكبر سنًا بـ بابتسامة مهتزة .وابتلعت بشدة .تنظر إلى وجوه األشخاص الثالثة الذين أحبتهم" .
سأذهب اآلن".
سارت قمر إلى أقرب األشجار ،ونظرت من فوق كتفها .أعطتها والدتها وهبة ابتساماتها المائية واألمواج .هبطت
عيناها على نصير .لم يلوح .بدال من ذلك ،اهتزت قبضته من الجانبين ،مع عبوس على وجهه .احتوت عيناه على شيء
لم تستطع تسميته.
أومأت برأسها لثالثة منهم ،وداعتهم صامتة ،استدارت وسارت في األشجار .تدفقت الحرارة على عمودها الفقري في
الليل البارد .عندما نظرت من فوق كتفها مرة أخرى ،ذهب كل من أحبته .ابتلعت الفراغ الجديد وسارت إلى األمام .لم
تبذل جهًد ا لمسح الدموع من على وجهها وهي تبحث عن مكان للتخييم.
بعد إعادة والدة قمر إلى منزلها الفارغ ،جلست نصير على قمة التل .حدق في خط الشجرة منتظرا .كان يدور حوله
عندما كان يخلط خلفه شيء ما .اجتمعت عيون النيلي مع العيون الزرقاء " .اذهب ورائها أيها األحمق".
دون رد ،اندفعت الزعنفة في األشجار .ترك هبة وحدها على قمة التل .جلست على شاحنة الشجرة الساقطة.
تنهدت وهي تنظر إلى النجوم " :حسًن ا أخيًر ا" .
غردت الصراصير حولها عندما أشعلت النار أخيًر ا .بتعب ،دحرجت قمر فراشها وأرحت ظهرها على الشجرة األكثر
راحة .جلست جلودها غير المغطاة بشكل محرج في يدها ،حيث كان يجب أن يكون سيفها .كان هناك ألم في صدرها ،
مع العلم أنها لم يكن لديها السيف الذي أعطته لها نصير .أو أي شيء يذكرها بها ولكن فقط الندوب الموجودة على
جسدها.
قامت قمر بمسح الغابة بال رحمة ،بحًث ا عن عيون بيضاء لتقفز عليها .ضغط جزء منها من أجل نصب الفخاخ لمنحها
الثواني الحاسمة للدفاع .لكن كاحلها أصيب بألم ،مما أخبرها أن تحريكها عليه أكثر من شأنه أن يسبب المزيد من
االنزعاج .استرخت مع حرارة اللهب .حتى كان هناك طقطقة من األشجار .تاله آخر وآخر.
من خالل عينيها المغمورتين ،تمكنت من رؤية الظل أثناء تحركه نحو معسكرها .غامر من الشجرة األولى ،وانقضت.
ألقت بظاللها على الشجرة وعلقتها بإحدى يديها ،ورفعت القشرة باليد األخرى .ثبتت فوق اللحم المكشوف.
" إنني أفضل الدالء تقريًبا" ،هذا ما قاله نصير ،وعيناه النيليتان تتجهان نحو الخنجر عند رقبته .جفلت قمر ،وسحبت
الفضة بعيدا .غمدت الجلد .ثم كفت ذقن نصير ،تميل في هذا االتجاه وذاك ،وهي تنظر إلى حلقه بحًث ا عن إصابات.
ارتجفت نصير تحت لمسها " ،أنا بخير" ،قال بصوت أجش.
هبت الحرارة من أنفاس نصير على وجهها ،وعندها فقط أدركت مدى قربهما من بعضهما البعض .كان كل خيط من
جسدها ضده ،مما دفعه إلى شجرة خشنة .ابتلعت ،وربت على خده ،ثم ابتعدت .ظل إبهامها على شفته السفلية .استنشق
الزعانف بشكل حاد .قابلت عيناها.
شيء ما يحوم داخل تلك األعماق النيلية .نفس الحرارة كما كانت في وقت سابق ،عندما غادرت .عضت شفتها بينما
تتشابك قشعريرة على جلدها ،والدفء يتدفق عليها .قامت قمر بتنظيف حلقها ،وثبتت عيناها على األرض تحت قدميها.
" ما الذي تفعله هنا ؟" سألت بقسوة " .أال يجب أن تكون في الحداد ؟"
ضحك نصير وهو يرفع نفسه عن الشجرة " .هذا يبدو مشابًها بشكل غامض ...ألم تقل لي ذلك مرة من قبل ؟"
تدحرجت قمر عينيها ،وألقت المزيد من النار على ألسنة اللهب " .توقف عن التقصير ،واشرح ما تفعله هنا .يمكنك
الدخول" -
قاطعته " قمر " نصير وابتسامة على وجهه " .إذا تجرأت على قول المتاعب بعد كل ما حدث ،فسوف أضحك".
مشى إلى سريرها المهجور وجلس " .لم أكن أعرف أبًد ا مقدار المشاكل التي سأواجهها حتى هذه الليلة".
" زعنفة ؟ ماذا تقول ؟" سألت في ذعر متزايد " .هل انت بخير ؟ هبة ووالدتي ؟ هل هم"-
كان هناك قاطرة في يدها ،وتركت نصير تسحبها إلى أسفل إلى الفراش " .كل شيء على ما يرام" ،طمأن بلطف" .
هبة أرسلني إلى هنا".
" لماذا هي تريد أن تفعل ذلك ؟ لماذا تستمع ؟ لقد تم نفي للتو من محاولة حماية القرية من الوحش وأنت تمشي في الغابة
كما لو كان نوًع ا ما" -
مبتسمة ،وضعت نصير إصبًع ا واحًد ا على شفتيها ،مما أسكتها في منتصف الصخب " .هبة أرسلتني إلى هنا ألنها
كانت تعلم أنني لن أفعل .من المحتمل أنها تعرف أنني سأندم على عدم وداعك كما ينبغي .كما أردت " .
تراجعت قمر .ساد عقلها االرتباك " .ما زلت ال أفهم ...لم يكن ...اتفقنا على أن هذا لم يكن وداًع ا".
أومأ برأسه " .نحن فعلنا .لكن كالنا يعرف أنه ليس صحيًح ا " .
اعترف نصير " ،أنت وأنا لم نكن صديقين حميمين منذ عدة مرات" .دفعت يده خدها بحرارة .رقصت أصابعه على
فكها " .لقد كنت في حبك طوال هذا الوقت .منذ أن وجدتك في الفرشاة .حتى عندما رميت الدالء علي .انا احبك".
سمحت لها أنفاسها مرتجفة .دقات قلبها في صدرها .كل ما كان عليها دفنه .أجبرت نفسها على عدم الشعور .كل الحب
الذي حبسته بعيدا ،تفكك.
يقف في بابها .التهمت الحساء المذاب في صمت .عندما انتهت ،أمسكت سيفها وجلست على الطاولة .جلست على
زابوتون وشحذ نصلها ،وهي تعلم أنها كانت مملة من كل الهجمات .كانت قمر في منتصف شحذها عندما انفتح الباب
وانفلت والدتها من الداخل.
قالت المرأة األكبر سًن ا وهي تمشي بجوارها وهي تداعب تاج قمر " :كنت أتمنى أن يغريك الحساء الذائب باالستيقاظ" .
" من الجيد أن أراك في النهاية مرة أخرى".
" يؤسفني أنني لم أعود إلى المنزل مؤخًر ا .لقد كنت أقوم بدوريات "
قالت والدتها " :لقد سمعت من القرويين" .توغلت أعمق في حجرة المنزل " .من" جمال السيف " الذي يعيش في
الغابة .يرسل الحكماء استدعاء كل يوم اآلن " .
شم قمر " .جمال ذو سيف" ،أليس كذلك ؟ هذا هو األول .أفضل من مصل اللبن ،يتصلون بي دائًما " .
" بصفتي والدتك ،أحب جمال السيف .يجب أن تعتبرها مجاملة " .ثم سألت المرأة األكبر سنًا " :متى عدت ؟" قبل أن
تختفي في غرفها.
" الليلة الماضية" ،اتصلت قمر عندما دخلت والدتها مرة أخرى في ثوب أسود طويل.
" إذن ربما لم تسمع .توفي الحكماء األكبر .سيتم إدخال نصير لين كأصغر الحكماء .يجب أن تكون مستعًد ا " .
" سمعت األخبار الليلة الماضية من الليلة الماضية .وكما نعلم ،ال ُيسمح لي بالتواجد داخل القرية .لكوني أنا ،ال أميل
إلى دعوتي إلى هذه األشياء .إلى جانب ذلك ...ألم تنتهي للتو من إخباري أن الحكماء كانوا يحاولون استدعائي ؟ "
تنهدت والدتها وانضمت إليها على الطاولة " .لقد فعلت ذلك ،لكن كونك أنت لم يمنعك أبًد ا من دخول القرية بأوامرك.
أعرف حقيقة أن هبة لم تكن تتجول في الغابة في الليل " .
شم قمر " .أنت على حق .لم تكن هبة في الغابة ...كنت في القرية .لكنني لن أعود اآلن " .
" في الوقت الحالي ،ال أريد أن أبدأ نزاًع ا مع الحكماء .فكر في األمر على أنه شخصية جديدة لبضع ساعات .أو على
األقل ،حتى االجتماع تنتهي ألسنة اللهب ويتم إدخال نصير " .
دوى دوي عاصفة في أنحاء القرية .ردد قرن االستدعاء .عرفت قمر ما كان عليه ورسمت حاجًبا على والدتها " .هذا ما
ينادونه" ،قالت " .يجب أن تذهب".
ابتسمت قمر " .يمكنني القول أنني سأبقى هنا وأنام .لكني أعتقد أن القيام بدوريات على الحدود فكرة أفضل " .
" ألم تذكرني أن الحكماء يحاولون اآلن استدعائك كل يوم ؟ " المرأة األكبر سنًا مازحت بشكل مشكوك فيه " .لن يعجبهم
ذلك".
" وما ال يعرفه حفنة من كبار السن ،لن يؤذيهم .من المحتمل أنهم سيكونون مشغولين للغاية مع نصير اهتماًما كبيًر ا.
بالحديث عن نصير ،عندما تراه ،أعطه تعاطفي ،وأخبره أنني سأراه قريًبا " .
أعطتها والدتها نظرة مدببة عندما بدأ بوق االستدعاء مرة أخرى " .كن حذرا إذن".
أومأت قمر برأسها .قالت بابتسامة عريضة " :هذا هو السبب في أنني آخذ سيفي" .حشو نصلتها الحادة في الغمد .سارت
قمر إلى المدخل وأبقته مفتوحة.
تذمرت والدتها عندما مرت عبر المدخل " :أنت دائًما تأخذ سيفك" .
ردت قمر ،متبعة والدتها في الخارج " :إذن يجب أن أكون بأمان" " .وسوف تتأخر".
صاحت المرأة األكبر سًن ا .بعد أن أغلقت قمر الباب الخشبي خلفها ،كانت األذرع محاطة بها .تحركت يداها فوق
تموجات خشب الماهوجني ،مبتعدة عن وجهها .تمتمت المرأة األكبر سًن ا " :أنا سعيدة للغاية بعودتك إلى المنزل" .
تذمرت والدتها " :أنا أكره هذا الشيء" .بضغطة أخيرة ،تم إطالق سراح قمر .شاهدت والدتها تتذمر على الطريق
المؤدي إلى القرية ،ثم اختفت بين األشجار.
كانت تنظف دماء الوحش من سيفها عندما اندلعت الهتافات في السماء .باستخدام العديد من االختصارات الخاصة بها ،
تمكنت قمر من التسلل إلى القرية دون أن تكتشف .تسللت إلى الحداد على أمل العثور على نصير .لكنها التقت بعيون
زرقاء دامعة.
انضمت إلى هبة على المنضدة الصغيرة بينما كانت الشقراء تفرك وجهها آثار الدموع " .قمر " ،استنشق هبة " .ما
الذي تفعله هنا ؟"
" هذا ليس مهما" ،رفضت قمر ،ووضعت خططها الخاصة جانبا " .هل ...أه ...تريد التحدث عن ذلك ؟"
هبة بحزن ،مسحت أنفها على قميصها .لم تقل قمر كلمة بذيئة عن ذلك .لقد انتظرت للتو.
" أنا ال أفهم ذلك!" بكت هبة فجأة .رن الغضب في كلماتها وهي تتابع " .تطفو بعض الشتالت السليمة تماًما ولكن غير
المرغوب فيها أسفل النهر ،ويفقد المنجم – وهو التذكير الوحيد بحبنا !-اردته! أنا في حاجة إليه! وتركني! الجميع
يتركني! "
دفنت هبة وجهها في يديها .هزت تنهدات جسدها .لم تقل قمر شيًئ ا .كانت تفرك فقط دوائر مطمئنة على ظهر الشقراء.
فركت المرأة وجهها وتمتمت على قمر " .اآلن ،فهمت ما قصدته والدتي".
" يوم ترابطنا ،هل تعلم أن والدتي حاولت مرة أخيرة أن تعدني إلى األكل ،أليس كذلك ؟" سأل هبة .
" عندما رفضت مرة أخرى .صرخت بعدي ،أيقظت القرية بأكملها التي كان بإمكانها سماعها .ترن أصواتها أكثر فأكثر
منذ أن واجهت حامد النيران .اعترفت هبة " :سوف يدمرك" .لقد كانت على حق " .كانت محقة .حامد دمر حياتي! في
كل مرة أفكر فيه ،أشعر بالغضب الشديد .مثل لماذا لم يحاول بجهد أكبر ليعيش ؟ لماذا كان للموت ؟ لماذا تركني ؟
لماذا ؟!" ارتجفت القبضة في الطاولة.
مللت العيون الزرقاء بشدة في عينيها .حطمت قمر النظرة التي ال تلين في خزي .مع العلم أن هبة لن تجد الذنب إال في
أعماقها البنية .تمتمت قمر بحذر " ،ال أعتقد أن أحًد ا يخطط لموتهم" ،وتناثرت المرارة من نبرة صوتها " .كنت أعرفه.
لم يكن يريد الذهاب .أراد أن يكون هنا معك .والدتك ،إنها مجرد أ" -
قالت قمر بلطف " :لكن ال يمكنك ذلك" " .مثلما ال أستطيع أن أجعله يعيش مرة أخرى ...حزن عليه ،افتقده ،لكن في
النهاية ستحتاج إلى"-
توقفت قمر مؤقًت ا .تحرك رفرف الفراء جانبا .التقت عيناها على وجه غير مألوف .انتقل قبل أن تتمكن من االنفصال عن
هبة ؛ ما زالت يدها ترسم دوائر مطمئنة على ظهر الشقراء.
شهقت هبة ،اتسعت عيناها لمقابلة قمر .في الوقت نفسه ،وصل كالهما إلى أقدامهما .خفق قلب قمر في قفصها
الصدري.
" تعال "،حثت هبة ،شد قمر من ذراعها .تحرك رفرف الفراء مرة أخرى .مشى رحلة حدودية غير مسمى و إلى
حداد ،بابتسامة مسننة.
" مرحبا وصمة عار "،استقبل .أومأ إليها " ،سلمي سيفك".
كان هناك إغراء للرد .حكة للخدش .مع العلم أنها يمكن أن تأخذ اثنين من ركاب الحدود وتبتعد .لكنها فوق مقبض
النصل .تلمس يداها بالسيف على وركها ،وفقدت الحزام البني حول وركيها .أوقفتها يدا هبة .
" ماذا تفعل ؟" تساءل الشقراء في همسة متواضعة " .هناك اثنان منهم فقط ،وسوف يأخذونك إلى الحكماء "...
هبة رت عينيها في ،وتمكنت من نزع سيفها " .هنا" ،قالت وهي ترمي النصل الُمغلف إلى هشام .هبطت على
األرض من قدميه .انطلق متسابق الحدود الذي لم يذكر اسمه إلى األمام ،اللتقاطه من التراب .تقوس قمر الحاجب في .
" ردود أفعالك غير متوفرة .هل تعرف ديالجين ؟ "
" هو ميت".
همهمت ،عبوس على وجهها " .ال أستطيع أن أقول إنني مندهش .لم أهتم به كثيًر ا بعد أن تركني في الغابة بيد مكسورة.
من هو القائد ؟ أو أيا كان اسمه اآلن ؟ "
قمر همهمة مرة أخرى " .آه .هل قتلته للحصول على هذا المنصب ؟ "
" لذا ،تركته هناك .هل أصبح الوحش المزيد من الطعام اآلن ؟ "
هدير ،هيستس قليال " .هذا يكفي منك وصمة عار "،سحب سيفه من غمده.
اومأت برأسها " .أعتقد أن هذا هو المكان الذي تقتلني فيه بعد ذلك ،كما وعدت".
هز رأسه " .ليس انا .ليس االن .يريدك الحكماء أن تفي باستدعائك .أنا هنا ألخذك إلى هناك " .
تميل رأسها ،متظاهرة بالنظر حولهم ومن خالل المدخل " .أنت تدرك أن منزل ليس بعيًد ا عن هنا ،أليس كذلك ؟"
قال الرجل المجهول " :نحن هنا للتأكد من أنك لن تهرب" " .إنهم ال يريدونك أن تهرب بعد كل هذا الوقت".
نظرت قمر إلى أسفل عندما لف شيء دافئ حول ذراعها .نظرت إلى األعلى ،وقابلت عيون هبة الزرقاء المليئة بالقلق.
" هل يجب أن أذهب ألجد نصير ؟" همست.
هزت رأسها ،ابتعدت قمر عن هبة " .ال ،سأكون بخير .كنت بحاجة إلى التحدث إلى الحكماء على أي حال " .
أومأت قمر برأسها وهي ابتلعت الكتلة في حلقها .لكنها لم تقل شيئا .عرضت ال شيء .وعدت بشيء .تركت الحداد
وركاب الحدود خلفها .تم إسكات القرويين القريبين .حدقت عيون .حدث شيء ما في الهواء ،تهرب قمر بسهولة .غطت
ضحكاتها بالسعال عندما كان متسابق الحدود المجهول مغطى بالقذارة .لحسن الحظ ،سيفها في يديه تجنب الفوضى.
على بعد خطوات قليلة ،وقفوا أمام منزل الحكماء .حدقت قمر في المدخل الكبير .غرق العرق سترتها ،وانزلق أسفل
ظهرها في قطرات.
حّث هشام " ،انطلق" .حدقت فوق كتفها عندما قام متسابق الحدود بطمسها في ظهرها.
" استرخ ،لن أذهب إلى أي مكان" ،قالت قمر .عندما قام هشام بطمسها في ظهرها مرة أخرى