Professional Documents
Culture Documents
مبحث الأصول العملية محمد جواد مهدوي
مبحث الأصول العملية محمد جواد مهدوي
الوشحلٔ األٍلى :ها ٗغلة فْ٘ا الودتْذ الذل٘ل ػلى الحكن الششػٖ ،فْٖ
لتشخ٘ض الحكن الششػٖ الَالؼٖ تٌفسِ ،ػي عشٗك األدلٔ المغؼ٘ٔ ،كالتَاتش،
ٍالوالصهات الؼمل٘ٔ ٍغ٘شّوا .أٍ التٖ لام ػلى إػتثاس ّا دل٘ل لغؼٖ كخثش الثمٔ،
ٍالظَاّش ٍغ٘شّا.
الوشحلٔ الثاً٘ٔ :ها ٗغلة فْ٘ا تشخ٘ض الَظ٘فٔ الؼول٘ٔ تداُ الحكن الششػٖ
الودَْل(حكوِ ٍدل٘لِ) فالودتْذ ٗغلة التٌد٘ض ٍالتؼزٗشٍّ ،زُ الوشحلٔ تسوى
توشحلٔ (األطل الؼولٖ).
الومذهٔ الثاً٘ٔ :فٖ ت٘اى هشاحل تغَس فكشٓ األطل الؼولٖ :هي الوؼلَم أى فكشٓ
األطلٖ الؼولٖ ،لن تكي تْزا الَضَح فٖ كلوات الوتمذه٘ي ،تل كاى هٌذسخاً
تحت دل٘ل الؼملٖ ،ح٘ث كاًَا ٗمظذٍى تِ (أطالٔ الثشاءٓ الؼمل٘ٔ) فمظ ثن أدسج
اإلستظحاب أٗضاً فٖ الذل٘ل الؼملٖ ،تؼذ رلك.
ثن إلتفت الؼلواء الى أى األطَل الؼول٘ٔ أدلٔ ظٌ٘ٔ ،لام الذل٘ل المغؼٖ ػلى
إػتثاسّا فمالَا إى اإلستظحاب حدٔ إلفادتِ الظي الزٕ لام ػلى إػتثاسُ دل٘ل
ال ظٌ٘اً كخثش
ػملٖ لغؼٖ كوا اى تؼضْن كظاحة الوؼالن(لذُ) خؼل الثشاءٓ دل٘ ً
الثمٔ.
ثن تؼذ رلك :خاءت الفكشٓ الظح٘حٔ لألطل الؼولٖ ،فْٖ ال تمَل تأى األطل
الؼولٖ كاشف ػي الحكن الششػٍٖ ،دل٘ل هؼتثش ػلِ٘ ،حتى ٗثحث ػي كًَِ
لغؼ٘اً اٍ ظٌ٘اً.
األحد2 :ج1441 -1 l األصول :حجية خبر الواحد
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
تل تمَل :إى األطل الؼولٖ ٗحذد الوَلف الؼولٖ للوكلف تداُ الحكن الَالؼٖ،
ػٌذ ػذم إهكاى إثثاتِ تذل٘لٍ ،هي ٌّا ٗكَى فشاؽ الزهٔ تِ لغؼ٘اًٍ ،لكي ل٘س
األطل الؼولٖ هي خولٔ األدلٔ ػلى الحكن الششػٖ ،تل َّ هدشد هَلف،
ٍٍظ٘فٔ.
سوى الَح٘ذ الثْثْاًٖ(لذُ) الزٕ كاى َّ الوَضح لوفَْم األطَل الؼول٘ٔ
ٍلْزا ّ
سوى األهاسات تــ األدلٔ اإلختْادٍٗٔ ،األطَل تــ األدلٔ الفماّتٍ٘ٔ ،الٌكتٔ فٖ
التسو٘ٔ تشخغ الى تؼشٗف اإلختْاد ٍالفمِ.
فؼشف اإلختْاد :تأًِ تحظ٘ل الظي تالحكن الششػٍٖ ،اسٗذ هٌِ الحكن الَالؼٖ
فمظٍ ،اال ّ لَ أسٗذ هٌِ األػن هٌِ ٍهي الحكن الظاّشٕ لحظل الؼلن ٍالمغغ تِ كوا
َّ ٍاضح.
ٍػشف الفمِ :تأًِ تحظ٘ل الؼلن تالحكن الششػٍٖٗ ،شاد هٌِ األػن هي الحكن
الظاّشٕ ٍاال ّ لَ أسٗذ هٌِ خظَص الحكن الَالؼٖ لوا حظل تِ الؼلن اال ّ ًادساً.
ٍهي ٌّا :ح٘ث إى األطَل الؼول٘ٔ تؤدٕ الى األػن هي الحكن الَالؼٖ ٍالظاّشٕ،
سوّ٘ت تاألدلٔ الفماّت٘ٔ ،ألدًى هال تسٔ هغ تؼشٗف الفمٍِّ ،زا هدشد إطغالح
للفشق ٍالتو٘٘ض فمظ.
الومذهٔ الثالثٔ :فٖ ت٘اى :الفشق ت٘ي األهاسات ٍاألطَل الؼول٘ٔ:
ثن إى الفشٍق الوزكَسٓ فٖ الومام تتوثل فٖ خوسٔ آساء :الشإٔ األٍل :ها تثٌّاُ
الوحمك الٌائٌٖ٘(لذُ) تثؼاً للوشَْسٍ ،حاطلِ :أى الفشق ت٘ي األهاسات ٍاألطَل
األحد2 :ج1441 -1 l األصول :حجية خبر الواحد
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
الؼول٘ٔ ٗتوثل فٖ سٌخ الودؼَلٍ ،أى سٌخ الودؼَل فٖ تاب األهاسات َّ
(الغشٗم٘ٔ ٍالكاشف٘ٔ ٍالؼلن التؼثذٕ).
ٍلْزا تكَى هثثتاتْا حدٔ كالؼلن الَخذاًٖ ػلى أساس أى الؼلن هغلما تالولضٍم
(كالٌاس) ٗستلضم الؼلن تالالصم (الحشاسٓ) ٍإى كاى الؼلن تؼثذٗاً.
ٍأى الودؼَل فٖ تاب األطَل الؼول٘ٔ َّ الدشٕ الؼولٖ ػلى عثمْا خاسخاً ٍلكي
فٖ ظشف الشك ٍالدْل ،هي دٍى الٌظش الى الَالغٍ ،ال فشق فٖ رلك ت٘ي األطَل
الوحشصٓ (كاإلستظحاب) ٍغ٘ش الوحشصٓ (كالثشاءٍٓ ،اإلحت٘اط) الششػ٘٘ي ٍلْزا ال
تكَى هثثتات األطَل الؼول٘ٔ حدٔ هغلماٍ ،إى كاًت هي األطَل الوحشصٓ.
فالٌت٘دٔ :اى الشاسع إرا خؼل الحدٔ كاشفٔ كاًت أهاسٍٓ .إى خؼل الدشٕ الؼولٖ
ال ػول٘اً .فالفشق إًوا َّ هي ًاح٘ٔ الودؼَلّ .زا.
ػلى عثك الحدٔ كاًت أط ً
اإلثنين3 :ج 1441 -1 l األصول :حجية خبر الواحد
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ركشًب فٖ الجحث السبثك أًِ ركش األصَلَ٘ى فشٍلبً ث٘ي االهبسات ٍث٘ي األصَل
الؼول٘ٔ ،الشإٔ األٍل هب تجٌّبُ الوحمك الٌبئٌٖ٘(لذُ) تجؼبً للوشَْسٍ ،حبصلِ :أى
الفشق ث٘ي األهبسات ٍاألصَل الؼول٘ٔ ٗتوثل فٖ سٌخ الوجؼَلٍ ،أى سٌخ
الوجؼَل فٖ ثبة األهبسات َّ (الغشٗم٘ٔ ٍالكبشف٘ٔ ٍالؼلن التؼجذٕ).
ٍلْزا تكَى هثجتبتْب حجٔ كبلؼلن الَجذاًٖ ػلى أسبس أى الؼلن هغلمب ثبلولضٍم
(كبلٌبس) ٗستلضم الؼلن ثبلالصم (الحشاسٓ) ٍإى كبى الؼلن تؼجذٗبً.
ٍأى الوجؼَل فٖ ثبة األصَل الؼول٘ٔ َّ الجشٕ الؼولٖ ػلى عجمْب خبسجبً ٍلكي
فٖ ظشف الشك ٍالجْل ،هي دٍى الٌظش الى الَالغٍ ،ال فشق فٖ رلك ث٘ي األصَل
الوحشصٓ (كبإلستصحبة) ٍغ٘ش الوحشصٓ (كبلجشاءٍٓ ،اإلحت٘بط) الششػ٘٘ي ٍلْزا ال
تكَى هثجتبت األصَل الؼول٘ٔ حجٔ هغلمبٍ ،إى كبًت هي األصَل الوحشصٓ.
فبلٌت٘جٔ :اى الشبسع إرا جؼل الحجٔ كبشفٔ كبًت أهبسٍٓ .إى جؼل الجشٕ الؼولٖ
ال ػول٘بً .فبلفشق إًوب َّ هي ًبح٘ٔ الوجؼَلّ .زا.
ػلى عجك الحجٔ كبًت أص ً
ٍ لذ أٍسد الس٘ذ الخَئٖ(لذُ) :ػلى ّزا الشإٔ ،ثَجْ٘ي:
الَجِ األٍل :ػذم صحٔ الوجٌى فإى الوجؼَل فٖ ثبة اإلستصحبة أٗضبً َّ
الغشٗم٘ٔ ٍإػتجبس غ٘ش الؼبلن ،إٔ (الشبك) ػبلوبً ثبلتؼجذ فإى الظبّش هي األهش ثبثمبء
ال٘م٘ي ٍالؼلن ٍػذم ًمضِ ثبلشك َّ رلك فال فشق ث٘ي األهبسٓ ٍاإلستصحبة هي
ّزُ الجْٔ.
ثل التحم٘ك :ا ،اإلستصحبة أٗضبً هي األهبساتٍ ،ال ٌٗبفٖ رلك ،تمذٗن األهبسات
ػلِ٘،ألى األهبسات األخشى أٗضبً ثؼضْب (كبلجٌ٘ٔ) همذهٔ ػلى ثؼض (كبل٘ذ) ٍكوب
اإلثنين3 :ج 1441 -1 l األصول :حجية خبر الواحد
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
أى ( حكن الحبكن) همذم ػلى الجٌ٘ٔ ٍاإللشاس همذم ػلى حكن الحبكن ٍس٘أتٖ أى
الصح٘ح فٖ ٍجِ تمذٗن األهبسات ػلى اإلستصحبة َّ (الحكَهٔ) دٍى
التخص٘ص أٍ الَسٍد.
الَجِ الثبًٖ :أًِ الدل٘ل ػلى دػَى حج٘ٔ هثجتبت األهبسات فْٖ كبألصَل الؼول٘ٔ
ٍإى كبى الوجؼَل فْ٘ب الغشٗم٘ٔ ٍالؼلن التؼجذٍٕ ،رلك ألى إستلضام الؼلن ثبلشٖء
الؼلن ثلَاصهِ إًوب َّ فٖ الؼلن الَجذاًٖ فحست دٍى الؼلن التؼجذٕ.
تَض٘حِ :أى فٖ الؼلن الَجذاًٖ ٗتَلذ هي الؼلن ثبلولضٍم كششٍق الشوس ،الؼلن
ثبلالصم كبلٌْبس ثؼذ اإللتفبت الى الوالصهٔ ثٌْ٘وب.
ٍػلِ٘ :ف٘تشتت آثبس (الٌْبس) ل٘س هي جْٔ الؼلن ثبلولضٍم (علَع الشوس) ثل هي
جْٔ الؼلن الَجذاًٖ ثٌفس الالصم الوتَلذ هي الؼلن ثبلولضٍم.
ٍهي ٌّب ًمَل :أّل الوٌغك إى الؼلن ثبلٌت٘جٔ ٗتَلذ هي الؼلن ثبلصغشى ٍالؼلن
ثبلكجشى إى كبًت الشوس عبلؼٔ فبلٌْبس هَجَد ،فإى الؼلن ثبلصغشى َّ الؼلن
ثبلولضٍم ٍا للؼن ثبلكجشى َّ الؼلن ثبلوالصهٔ ف٘تَلذ هي ّزٗي الؼلو٘ي الؼلن
الَجذاًٖ ثبلالصم ٍَّ ،الؼلن ثبلٌت٘جٔ.
ٍّزا الخالف الؼلن التؼجذٕ الوجؼَل فإى ال ٗتَلذ هٌِ الؼلن الَجذاًٖ ثبلالصم
ٍَّ ٍاضحٍ ،ال الؼلن التجؼذٕ أٗضبً ألى الؼلن التؼجذٕ تبثغ لذل٘ل التؼجذٍَّٕ ،
هختص ثب لولضٍم دٍى الصهِ ،لوب ػشفت هي أى الوخجشإهب أخجش ػٌِ ،ال ػي الصهِ.
فؼلى ضَء هبركشًبُ ظْش أى الصح٘ح ػذم الفشق ث٘ي األهبسات ٍاإلستصحبة فٖ
ػذم حج٘ٔ الوثجتبت فٖ الومبه٘ي.
اإلثنين3 :ج 1441 -1 l األصول :حجية خبر الواحد
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ًؼن :تكَى هثجتبت األهبسٓ حجٔ فٖ ثبة األخجبس فمظ ،دٍى غ٘شّب (كبل٘ذ ٍالسَق
ٍغ٘شّوب).
ٍرلك :إل ستثٌبء دل٘لِ هي جْٔ ل٘بم الس٘شٓ المغؼ٘ٔ هي الؼمالء ػلى تشت٘ت آثبس
اللَاصم ػلى اإلخجبس ثبلولضٍم.
ٍلَ هغ الَسبئظ الكث٘شٓ ٍػلِ٘ ففٖ هثل اإللشاس ٍالجٌ٘ٔ ٍخجش الؼبدلٗ ،تشتت جو٘غ
اٙثبس ٍلَ كبًت ثَاسغٔ اللَاصم الؼمل٘ٔ أٍ الؼبدٗٔ ،لكًَْب حكبٗٔ.
ٍل٘ؼلن اى هبركشًبُ هختص ثجبة األخجبسٍ ،هب ٗصذق ػلِ٘ ػٌَاى الحكبٗٔ دٍى
غ٘شُ هي األهبسات كبل٘ذ ٍالسَق.
ٍركش الس٘ذ الشْ٘ذ (لذُ) سداً ػلى الشإٔ الوشَْس أٗضبً ثوب حبصلِ :اى لسبى
ال خجش
اإلًشبء ٍالجؼل ،ال ٗغّ٘شاى هي ٍالغ الوغلت ش٘ئبً ٍَّ جؼل الحج٘ٔ ،فوث ً
الثمٔ هؼتجش ػلى ٍجِ األهبسٗٔ سَاء أكبى لسبى الجؼل فِ٘ لسبى تؼجذ ثكَى ػلوبً
ٍعشٗمبً كوبلَ لبل (جؼلت خجش الؼبدل ػلوب).
أم كبى لسبًِ :التجؼذ ثإٗجبة الجشٕ ػلى عجمِ كوبلَ لبل (إػول ثوب ٗمَلِ الؼبدل)
فإ ّزُ األلسٌٔ فٖ همبم الجؼل ٍاإلًشبء تؼجش ػي حم٘مٔ ٍاحذٓ ٍّٖ ،الحج٘ٔ ٍلذ
ٗكَى ثؼضْب أًست ٍألشة الى الحج٘ٔ ثمَل(ع) ل٘س ألحذ التشك٘ك ف٘وب ٗشٍِٗ
ػٌب ثمبتٌب.
اال ّ أى رلك ال ٗغّ٘ش هي الحم٘مٔ ش٘ئبً ثل فٖ الحم٘مٔ أى الوَلى إهب أًِ لذ ػبلج
التضاحن ث٘ي األحكبم الَالؼ٘ٔ ،فٖ همبم حفظْب ػٌذ التشدد ٍاإلشتجبُ تبسٓ ثتمذٗن
الذل٘ل األّن إحتوبالً صذلِ لجؼل الحج٘ٔ لخجش الَاحذ ،ف٘كَى رلك أهبسٓ ٍإهب
اإلثنين3 :ج 1441 -1 l األصول :حجية خبر الواحد
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ٍرلك :ألى الؼلن ثبلولضٍم إرا كبى ٍجذاً٘بً فَْ ٗستلضم الؼلن ثبلالصم هطلمب ،ثالفشق
ث٘ي كَى الالصم ششػ٘بً ،أم ػمل٘بً ،أم ػبدٗبًٍ ،كزلك الؼكس كوب أى الؼلن
الَجذاًٖ ثأحذ الوتالصه٘يٗ ،ستلضم الؼلن الَجذاًٖ ثبلوالصم اٙخش ٍّكزا.
ٍأهب إرا كبى الؼلن تؼجذٗبً ،فح٘ث إًِ ل٘س ثؼلن حم٘مٔ ٍٍالؼبًٍ ،إًوب َّ ػلن فٖ
ػبلن اإلػتجبس دٍى الخبسج ،فَْ ٗتجغ همذاس التجؼذ فٖ السؼٔ ٍالض٘ك.
ٍأهب فٖ همبم الثجَت فكوب ٗحتول أى ٗؼتجش الوَلى خجش الثمٔ طشٗمبً الى الَالغ،
ٍػلوبً تؼجذٗبً ثِ ٍثلَاصهِ هؼبً ،فكزلك ٗحتول أى ٗؼتجش طشٗمبً الى الَالغ ٍػلوبً ثِ
ٍهٌحصشاً فِ٘ فمط ،دٍى لَاصهِ ،فكال األهشٗي هحتول هغ التضبء الوصلحٔ.
ال :فئرا كبى
ٍفٖ همبم اإلثجبت :فالثذ هي الٌظش الى دل٘ل حج٘ٔ خجش الَاحذ هث ً
لذل٘لْب إطالق ٗذل ػلى حج٘ٔ األهبسٓ حتى فٖ الوذلَل اإللتضاهٖ فالثذ هي األخز
ثِ ،فتكَى هثجتبتْبحجٔ.
ٍأهب إرا لن ٗكي لِ إطالق كزلك فال تكَى األهبسٓ حجٔ اال ّ فٖ هذلَلْب الوطبثمٖ
دٍى اإللتضإٍ ،ح٘ث إى ػوذٓ الذل٘ل ػلى حج٘ٔ األهبسات كخجش الثمٔ ّٖ ،س٘شٓ
الؼمالء الووضبٓ ششػبً فبلظبّش جشٗبى س٘شتْن ػلى الؼول ثْب فٖ كال الوذلَل٘ي،
الوطبثمٖ ٍاإللتضاهٖ هؼبً.
ٍػلى ضَء هبركشًبُٗ :ظْش أى حج٘ٔ هثجتبت األهبسات ل٘ست هي جْٔ ًكتٔ ثجَت٘ٔ
ٍّٖ أى الوجؼَل فْ٘ب الطشٗم٘ٔ ٍالؼلو٘ٔ كوب ركشُ الٌبئٌٖ٘(لذُ)؛ لؼذم ثجَت
الوالصهٔ ث٘ي الؼلن التؼجذٕ ثبلولضٍم ٍالؼلن التؼجذٕ ثبلالصم ،ثل هي جْٔ ًكتٔ
الثالثاء4 :ج1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
إثجبت٘ٔ ٍّٖ ،همذاس داللٔ الذل٘ل ػلى ّزُ الوالصهٔ فٖ همبم اإلثجبت ّزا هي
ًبح٘ٔ.
ٍهي ًبح٘ٔ اخشى...:
األربعاء 5 :ج 1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
كاى كالهٌا فٖ هاركشُ ش٘خٌا األستار (دام ظلِ) سداً ػلى الشإٔ األٍل الوث٘ي
للفشق ت٘ي األهاسات ٍاألصَل ػول٘ٔ ٍجؼل ّزا الفشق فٖ صٌف الوجؼَل فئى
الشاسع لَ جؼل دل٘ل طشٗماً الى الَالغ ،فَْ أهاسٓ ٍاال ّ لَجؼل دل٘ل هجشد ٍظ٘فٔ
ٍجشٕ الؼولٖ ػلى طثمِ فَْ أصل ػولٖ ،إػتشض ػلى رلك ش٘خٌا األستار (دام
ظلِ) فٖ جْت٘ي :الجْٔ األٍلى فٖ أصل الفكشٍٓ ،لال ال ٗوكي اى ٗكَى الوجؼَل
فٖ ّزا الثاب َّ الطشٗم٘ٔ ٍالؼلن التؼثذٕ ثثَتاً ،حتى ًٌظش الى أدلٔ حجتْ٘ا فٖ
همام اإلثثاتٍ ،أًْا تذل ػلى رلك أٍال ٍ ،هغ اإلغواض ػي رلك ٍ تسل٘ن إهكاًِ
ثثَتاً ،اال ّ أًِ ال دل٘ل ػلِ٘ فٖ همام اإلثثات.
الجْٔ الثاً٘ٔ :أى ّذف هذسسٔ الوحمك الٌائٌٖ٘(لذُ) هي ٍ ساء ّزا الفشق َّ ت٘اى
أى هثثتات األهاسٓ حجٔ ،دٍى هثثتات األصَل الؼولٍ٘ٔ ،الٗوكي الَصَل الى ّزا
الْذف هي طشٗك ّزا الفشق تٌْ٘واٍ .تمذم ت٘اًِ (دام ظلِ) ففٖ ًْاٗٔ الوطاف لال:
حج٘ٔ هثثتات األهاسات ل٘ست هي جْٔ ًكتٔ ثثَت٘ٔ ٍّٖ أى الوجؼَل فْ٘ا الطشٗم٘ٔ
ٍالؼلو٘ٔ كوا ركشُ الٌائٌٖ٘(لذُ)؛ لؼذم ثثَت الوالصهٔ ت٘ي الؼلن التؼثذٕ تالولضٍم
ٍالؼلن التؼثذٕ تالالصم ،تل هي جْٔ ًكتٔ إثثات٘ٔ ٍّٖ ،همذاس داللٔ الذل٘ل ػلى
ّزُ الوالصهٔ فٖ همام اإلثثات ّزا هي ًاح٘ٔ.
ٍهي ًاح٘ٔ اخشى :أى جشٗاى س٘شٓ الؼمالء ػلى الؼول تأخثاس الثمٔ ،سَاء أكاى
توذلَلِ الوطاتمٖ أٍ اإللتضاهٖ إًوا َّ ػلى اساس لَٓ كاشف٘ٔ أخثاس الثمٔ ،ػي
هذلَلْا الوطاتمٖ تكٌَٗاً الوستلضم تٌفس الذسجٔ ػي كاشف٘تْا ػي هذلَلْا
اإللتضاهٖ تكٌَٗاً ٍل٘س ػلى أساس الجؼل ،لَضَح ػذم الوالصهٔ فٖ الكاشف٘ٔ
األربعاء 5 :ج 1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
الجؼل٘ٔ ت٘ي الوذلَل٘ي الوطاتمٖ ٍاإللتضاهٖ ،لؼذم الوالصهٔ ت٘ي الجؼل٘يٍ ،ػلى
فشض ثثَت الوالصهٔ ت٘ي الجؼل٘ي جذالً :
ال ٍتكٌَٗاً توؼٌى أى الجؼل الثاًٖ ٗتَلذ هي الجؼل األٍل
فئى اسٗذ تْا الوالصهٔ ػم ً
كتَلذ الوؼلَل ػي الؼلٔ ،فَْ غ٘ش هؼمَل ،ألى التَل٘ذ ٍالتسث٘ة إًوا ٗتصَس فٖ
األهَس التكٌَٗ٘ٔ ،دٍى األهَس الجؼل٘ٔ ٍاإلػتثاسٗٔ التٖ ال ٍالغ لْا اال فٖ ػالن
اإلػتثاس ٍالزّي ،هضافاً الى أى الجؼل فؼل إخت٘اسٕ للجاػل هثاششٓ ٍفشض كًَِ
هؼلَالً ٍهتَلذاً هي شٖء آخش خلف.
ٍإى اسٗذ تْا :أى الوَلى إرا جؼل األهاسٓ طشٗماً الى هذلَلْا الوطاتمٖ جؼلْا طشٗماً
الى هذلَلْا اإللتضاهٖ تثؼاً أٗضاً؛ لؼذم الوؤًٍٔ فٖ رلك.
ف٘شد ػلِ٘ أٍالً :أًِ ال هثشس لْزُ الوالصهٍٔ ،ال دل٘ل ػلى أى الوَلى إرا جؼل
األهاسٓ ػلواً تالوؤدى ،جؼلْا ػلواً تلَاصهِ أٗضاً ،لَضَح أى الجؼل ٗتثغ الوالك،
فئى كاى للجؼل الثاًٖ هالك ،فَْ جؼل هستملٍ ،ل٘س تتاتغٍ ،اال ّ فال هثشس لِ،
ٍثاً٘اً أى الصم رلك َّ أى الوذلَل الوطاتمٖ لذل٘ل الحج٘ٔ َّ :ثثَت الوالصهٔ
ت٘ي الجؼل٘ي فٖ الَالغ ،فئًِ ٗذل ػلْ٘ا تالوطاتمٔ ،ال أًِ ٗذل ػلى الجؼل األٍل
تالوطاتمٍٔ ،ػلى الجؼل الثاًٖ تاإللتضام.
فالٌت٘جٔ :أى هاركشُ الوحمك الٌائٌٖ٘(لذُ) تثؼاً للوشَْس هي ٍجَد الفشق
الجَّشٕ فٖ همام الثثَت فَْ غ٘ش تام.
ٍَّ هارّة إلِ٘ الوشَْس أٗضاً ٍتثؼْن ػلِ٘ الش٘خ األًصاسٕ ٍالوحمك
الٌائٌٖ٘(لذّوا).
األربعاء 5 :ج 1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ٍحاصلِ :أى الفشق ت٘ي األهاسات ٍاألصَل الؼول٘ٔ ٗكوي فٖ أى الشك هأخَر فٖ
هَضَع حج٘ٔ األصَل الؼول٘ٔ ،دٍى هَضَع حج٘ٔ األهاسات.
تَض٘حِ :أى الوشَْس رّة الى أى الفشق تٌْ٘وا تكَى الجْل تالَالغ ٍالشك فِ٘
هأخَر فٖ هَضَع األصَل الؼول٘ٔ ،دٍى األهاسات فئى الوَضَع الوأخَر فٖ
لساى أدلٔ حج٘ٔ األهاسات َّ ًفس الزات ،تال تم٘٘ذ تالجْل أٍ الشك كوا فٖ
لَلِ تؼالى فٖ آٗٔ الٌثأ:
ص٘ثَُا لَ َْهاً ت ِ َج َْال َ ٍٔ » 1..ح٘ث إى هَضَع الحج٘ٔ اس ٌك تٌَِث ٍئ فَتثٌَُ٘ا َأ ْى ت ُ ِ
َ ََٓ
« ِإ ْى جاءكُن فَ ِ
َ َ ْ
توفاد الوفَْم َّ هجٖء غ٘ش الفا سك تالٌثأ هي دٍى أخز أٍ اػتثاس الجْل فِ٘ ٍكزا
ِٗ َػٌٓا ثِمَاتٌَُا -لَ ْذ فٖ لَلِ(ع)َ « :ال ػ ْزس ِألَح ٍذ هِي هَالٌِ٘ا -فِٖ التشْ ِك ِ
٘ك فِ٘وا ٗؤد ِ
َ ُ َ ِّ ٓ ْ ََ َ ُ َ َ
اُ »)2( ..فئى هَضَع الحج٘ٔ فِ٘ َّ سٍاٗٔ َػشف َُا ت ِ َأًٓا ًُفَا ٍِ ُض ُْ ْن ِسشًَاَ ُ ً ٍَ -ح ِّول ُ ُْ ْن ِٓ
ٗ إ
ُ ٓ َ
الثمٔ ،تال تم٘٘ذ تأهش آخش ،تخالف األصَل الؼول٘ٔ ،ح٘ث إى هَضَع الحج٘ٔ فْ٘ا
هم٘ذ تالشك كمَلِ(ع) (سفغ ػي أهتٖ هاال ٗؼلوَى).
ٍأها الس٘ذ الخَئٖ(لذُ) فمذ ركش أى للوٌالشٔ فٖ ّزا الشإٔ هجاالً ٍاسؼاً.
أها أٍالً :فألى األدلٔ الذالٔ ػلى حج٘ٔ األهاساتٍ ،إى كاًت هطلمٔ تحسة ظاّش
اللفظ ،اال ّ أًْا هم٘ذٓ تالجْل تالَالغ ،تحسة اللة أٗضاًٍ ،رلك :لوا ركشًاُ غ٘ش
هشٓ .هي أى اإلّوال تحسة همام الثثَت غ٘ش هؼمَل ،تل َّ هي هختصات همام
اإلثثات.
ٍػلِ٘ :فال هحالٔ ٗكَى جؼل الحج٘ٔ لألهاسات ،إها هطلمٔ تالٌسثٔ الى الؼالن
ٍالجاّل ،أٍ هم٘ذٓ تالؼالن ،أٍ هختصٔ تالجاّلٍّ ،زُ ٍجَُ ٍاحتواالت ثالثٔ.
ٍال هجال لإللتضام تاألٍل ٍالثاًٖ ،إر ال ٗؼمل كَى الؼول تاألهاسٓ ٍاجثاً ػلى الؼالن
تالَالغ ٍك٘ف ٗؼمل ػلى الؼالن تَجَب الذػاء أى ٗؼول تأهاسٓ تذل ػلى ػذم
ٍجَتِ؟ فئراً ٗثمى الَجِ األخ٘ش ٍَّ ،كَى الؼول تاألهاسٓ هختصاً تالجاّل
تالَالغ ٍَّ ،الوطلَب.
اس َأل َُا
ٍأها ثاً٘اً :أًِ لذ أخز الجْل تالَالغ فٖ همام اإلثثات أٗضاً ،كمَلِ تؼالى « فَ ْ
ل الزِّ ك ْ ِش ِإ ْى كٌُْت ُ ْن ال َ ت َ ْؼل َ ُوَ َى»)1( .
َأ ّْ َ
ح٘ث استذلَا تْا ػلى حج٘ٔ خثش الَاحذ تاسٍٓ ،ػلى حج٘ٔ فتَى الوجتْذ
أخشىٍ ،كالّوا هي األهاسات الوؼتثشٍٓ ،لذ لّ٘ذا تؼذم الؼلن تالَالغ.
فالٌت٘جٔ :أى ها ركشٍُ هي الفشق تٌْ٘وا فٖ ّزا الشإٔ غ٘ش تامٍ .أها الس٘ذ
الشْ٘ذ(لذُ).....
فبلٌت٘جٔ :ؤى افتشاض حكن غبّشٕ غ٘ش هم٘ذ ثبلشك غ٘ش هؿمَل ،هعبفبً الى ؾذم
ٍفبء ّزا الَجِ ثٌكتٔ الفشق ثٌْ٘وب ،إر لَ ؤى الشبسؼ جؿل الحج٘ٔ لخجش الؿبدل
ال ؾول٘بً ،لوجشد رلك؟ « لَ لبل
ٍؤخز فٖ هَظَؾْب الشك فْل ٗ ...بتشى ،ؤص ً
الشبسؼ إرا شككت فٖ حكن فؿل٘ك ثإخجبس الثمٔ »
فوثل ّزا ؤٗعبً غ٘ش هؿمَل فتحصل ؾذم صحٔ ّزا الَجِ.
ٍؤهب الَجِ الثبًٖ ٍَّ :كَى الفشق ثٌْ٘وب فٖ همبم اإلثجبت ٍالذاللٔ ٍّزا الَجِ
ؤكثش ثؿذاً ؾي سٍح الَالؽٍ ،تَظ٘ح ّزا الَجِ لجل الشد ؾلِ٘.
ثإى ٗمبل :إى الذل٘ل ؾلى الوَسد َّ ؤًِ إى ؤخز فٖ هَظَؾِ الشك ،كوب فٖ
ال ؾول٘بًٍ ،إى لن ٗؤخز فٖ لَلِ(ؼ) ال تٌمط ال٘م٘ي ثبلشك ثكَى هَسدُ ؤص ً
بس ٌك ثٌَِج ٍئ فَتجٌَُ٘ا َؤ ْى ت ُ ِ
ص٘جَُا لَ َْهبً هَظَؾِ الشك ،كوب فٖ لَلِ تؿبلى « ِإ ْى جبءكُن فَ ِ
َ ََٓ َ َ ْ
ث ِ َج َْبلَ ٍٔ » فْزا ٗكَى ؤهبسٓ.
ٍالفشق ثٌِ٘ ٍث٘ي الَجِ األٍل فٖ ؤى الشك ؤخز الشك فٖ هَظَؼ األصلٍ ،لن
ٗؤخز فٖ هَظَؼ األهبسٓ فٖ همبم الج٘بىٍ ،لسبى الذل٘ل فٖ ّزا الَجِ ،ثٌ٘وب فٖ
الَجِ األٍل كبى األخز ٍؾذم األخز فٖ ؾبلن اإلًشبء ٍالجؿلٍ ،فٖ ؾبلن الثجَت.
ٍألجل ّزا الفشق ال ٗجشٕ اإلشكبل الثبًٖ ٌّب ٍَّ ؤًِ لَ لن ٗؤخز الشك فٖ
هَظَؼ األهبسٓ فٖ ؾبلن الجؿل للضم هٌِ جؿل حج٘ٔ األهبسٓ هطلمب حتى للؿبلن
ٍَّ غ٘ش هؿمَلٍ .رلك :ألى الومصَد هي ؾذم ؤخز الشك فٖ هَظَؼ األهبسٓ ٌّب
َّ ؾذم ؤخزُ فٖ لسبى الذل٘ل ،هثل (صذق الؿبدل) ٍإى كبى ثحست ؾبلن الجؿل
السبت58 :ج1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ٍالثجَت لذ ؤخز الشك فٖ هَظَؼ األهبسٓ .كبألصل الؿولٖ فال ٗشد هحزٍس
حج٘ٔ األهبسٓ هطلمب ،حتى تشول الؿبلن فٖ الَالؽ.
ٍلكي ّزا الَجِ غ٘ش صح٘ح هي جْٔ ؤخشى ٍّٖ ،ؤى ّزا الَجِ لذ صشف فِ٘
الٌػش هي ؾبلن الَالؽ ٍاللت ٍالثجَت ،الى ؾبلن المشش ٍالتؿج٘ش ٍالذل٘ل ٍاإلثجبت،
ٍٗشجؽ ّزا الَجِ الى فشض هجشد اختالف فٖ ًَؼ اللسبىًٍ ،حَ اللفع الَاسد
فٖ لسبى الذل٘لٍ ،هي الوؿلَم ؤى هثل ّزا االختالف ال ٗغّ٘ش هي ٍالؽ الفشق ث٘ي
ال :لَ فشظٌب ؤى ؾبلن لن ٗثجت ؾٌذُ حج٘ٔ خجش الَاحذ اال ّ األهبسٓ ٍاألصل ش٘ئبً .هث ً
بس َإلَُا َؤ ّْ َل الزِّ ك ْ ِش ِإ ْى كٌُْت ُ ْن الَ تَؿْل َ ُو َ
َى( »)1فْل ٌٗملت خجش الَاحذ ثمَلِ تؿبلى « :فَ ْ
ؾلى ّزا األسبس هي األهبسٓ الى األصل؟! كوب َّ الحبل فٖ ؤصبلٔ الجشاءٓ الثبثت
ثحذٗث الشفؽ « سفؽ ؾي ؤهتٖ هبال ٗؿلوَى» ٍّل إرا ثجتت حج٘تِ ؾٌذ آخش ثأٗٔ
بس ٌك ثٌَِج ٍئ فَتجٌَُ٘ا َؤ ْى ت ُ ِ
ص٘جَُا لَ َْهبً ث ِ َج َْبلَ ٍٔٗ »2كَى ؤهبسٓ لؿذم ؤخز الٌجإ« ِإ ْى جبءكُن فَ ِ
َ ََٓ َ َ ْ
الشك ٍؾذم الؿلن فٖ هَظَؾِ؟ ٍال ؤغي ٗلتضم ثوثلِ ؤصَلٖ!!
فبلٌت٘جٔ :ؤى اختالف الوذسك ٍالذل٘لٍ ،تغبٗش التؿج٘ش ،ال دخل لِ فٖ ؤهبسٗٔ
األهبسٍٓ ،ال فٖ ؤصَل٘ٔ األصل ،فْزا الَجِ غ٘ش تبم اٗعبً.
ًؿن ّزُ الخصَص٘بت االتفبلٍ٘ٔ ،االختالف فٖ لسبى الذل٘ل ،لذ تٌفؽ فٖ همبم
تمذٗن ؤحذ الذل٘ل٘ي ؾلى اٙخش.
ال :إرا ثٌٌ٘ب ؾلى ؤى دل٘ل األهبسٓ ٍدل٘ل االستصحبة ،كلْ٘وب هتكفالى لجؿل
هث ً
الطشٗم٘ٔ ٍلكي األٍل لن ٗؤخز فٖ هَظَؾِ الشك ٍالثبًٖ لذ ؤخز فٖ هَظَؾِ
( )1
النحل،اآلية:43
2احلجرات،اآلية:6
السبت58 :ج1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ٍ
فحٌ٘ئز ٗوكي اى ٗمبل :إى دل٘ل األهبسٓ حبكن ؾلى دل٘ل االستصحبة الشك
ٍٗمذم ؾلٍِ٘ ،رلك ألى دل٘ل حج٘ٔ األهبسٓٗ ،جؿل األهبسٓ ؾلوبً ،ف٘كَى سافؿبً
لوَظَؼ دل٘ل االستصحبة الزٕ ؤخز فِ٘ (الشك) ٍؾذم الؿلن كوب َّ ٍاظح.
فتحصل هي جو٘ؽ هب تمذم؛ ؾذم صحٔ ّزا الفشق ثكال تفس٘شِٗ.
ٍؤهب ش٘خٌب األستبر (دام غلِ) ففٖ همبم سد ّزا الشؤٕ ركش :ؤى ؾذم صحتِ غ٘ش
خفٖ ٍرلك :ألى الشك فٖ همبم اإلثجبتٍ ،إى كبى هإخَراً فٖ لسبى ؤدلٔ حج٘ٔ
األصَل الؿول٘ٔ دٍى األهبسات اال ّ ؤًِ ال ٗتشتت ؾلى ّزا الومذاس هي الفشق ،هب َّ
الوطلَة هٌِ ٍَّ حج٘ٔ هثجتبت األهبسات الششؾ٘ٔ ٍؾذم حج٘ٔ هثجتبت األصَل
الؿولٍ٘ٔ ،رلك ألى الشك فٖ همبم الثجَت ٍالَالؽ هإخَر فٖ هَظَؼ حج٘ٔ
كلْ٘وب ،إر ال ٗؿمل ؤى ٗكَى هَظَؼ حج٘ٔ األهبسات هطلمبٍ ،غ٘ش هم٘ذ ثبلشك
فٖ الَالؽٍ ،اال ّ فالصهِ جؿل الحج٘ٔ لألهبسات هطلمب ،حتى للؿبلن ثبلَالؽ ٍَّ كوب
تشى.
فػْش هوب ؤٍسد ًبُ هي كلوبت األؾالم الثالثٔ فٖ الومبم ؾذم صحٔ ّزا الفشق
ثكال تفس٘ش ِٗ.
الشؤٕ الثبلث :هب رّت إلِ٘ الوحمك الخشاسبًٖ ٍالس٘ذ الخَئٖ(لذّوب) هؽ
اختالفْوب فٖ تمشٗت الفكشٓ.
األحد9 :ج 1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
كاى كالهٌا فٖ ركش آساء التٖ اختلفت فٖ ت٘اى الفشق ت٘ي األصَل الؼول٘ٔ ٍت٘ي
األهاسات .الشإٔ األٍل ها تثٌاُ الوحمك الٌائٌٖ٘(لذُ) تثؼاً للوشَْس هي الفشق
تٌْ٘وا فٖ السٌخ الودؼَل؛ فئى السٌخ الودؼَل فٖ األهاسات َّ طشٗم٘ٔ
ٍالكاشف٘ٔ ٍالؼلن تثؼذٍٕ ،السٌخ هدؼَل فٖ األصَل الؼول٘ٔ َّ الدشٕ الؼولٖ
ػلى طثمْا ٍت٘اى الَظ٘فٔ.
الشإٔ الثاًٖ ح٘ث تثٌاُ الوحمك األًصاسٕ ٍالوحمك الٌائٌٖ٘ (لذّوا) ٍحاصل ّزا
الشإٔ؛ َّ أى الفشق تٌْ٘وا فٖ أًِ أخز فٖ هَظَع األهاسات ػذم الشك ٍأخز فٖ
هَظَع األصَل الؼول٘ٔ الشك.
الشإٔ الثالث :ها رّة إلِ٘ الوحمك الخشاساًٖ ٍالس٘ذ الخَئٖ(لذّوا) هغ
اختالفْوا فٖ تمشٗة الفكشٓ.
ٍحاصلِ :أى الفشق ت٘ي األهاسات ٍاألصَل الؼول٘ٔ فشق إثثاتٖ ٍّزا هوا ٗتفماى
ػلِ٘.
أها الوحمك الخشاساًٖ (لذُ) فمذ افاد فٖ ٍخِ رلك أى هصة الحدّ٘ٔ فٖ تاب
األهاسات َّ الحكاٗٔ كخثش الثمٔ ،فئًِ كوا ٗحكٖ ػي الوذلَل الوطاتمٖ ،كزلك
تطثؼِ ٗحكٖ ػي الوذلَل االلتضام فئى الحكاٗٔ فِ٘ ال تختص تالذاللٔ الوطاتم٘ٔ،
تل تؼن الوذلَل اإللتضاهٖ تالوالصهٔ ٍػلى ّزا األساس تصثح لَاصم األهاسات
حدٔ ،تخالف األصَل الؼول٘ٔ.
ٍأٍسد ػلِ٘ الس٘ذ الخَئٖ(لذُ) :تأى الحكاٗٔ فشع المصذٍ ،الوخثش إًوا ٗمصذ
الوذلَل الوطاتمٖ تالحكاٗٔ فَْ لذ ال ٗمصذ اللَاصم ،تل لذ ال ٗكَى هلتفتاً إلْ٘ا
األحد9 :ج 1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
الشإٔ الشاتغ:
َّ ها رّة إلِ٘ الس٘ذ الشْ٘ذ(لذُ) ٍحاصلِ :أى هٌشأ خؼل أصل األحكام
الظاّشٗٔ هطلما(سَاء سو٘ت تاألهاسات ،أٍ تاألصَل الؼول٘ٔ) ٍهشخؼْا سٍحاً ٍلثاً ٍ
ٍالؼاً إلى ػالج التضاحن ت٘ي األحكام الَالؼ٘ٔ ،فٖ همام حفظْا ،توا لْا هي
الوالكات اإللضاه٘ٔ أٍ التشخ٘ص٘ٔ ،ػٌذ التشدٗذ ٍاالشتثاُ لذى الوكلف.
ال :لَ داس أهش أخضاء الصالٓ هي الشكَع ٍالسدَد ٍالتشْذ ٍالمٌَت ٍغ٘شّا ،ت٘ي
هث ً
الَخَب ٍػذهِ ػٌذ االشتثاُ ٍالتشدٗذ ٍفشظٌا أى لْا هالكات لضٍه٘ٔ ٍٗؼلن
الشاسع أى أخثاس الثمات لذ ًملت أحكاهْا تصَسٓ صح٘حٍٔ ،تٌسثٔ كث٘شٓ ،اال ّ ها
ال.
حصل السَْ ٍاالشتثاُ ،أٍ حصل الكزب الوتؼوذ فٖ هَسد هث ً
ال ٍاال ّ لَ
فالشاسع ٌّا ألخل الحفاظ ػلى هالكاتْا ٗدؼل الحد٘ٔ لخثش الَاحذ ،هث ً
لن ٗدؼلِ حدٔ لفاتت تلك الوالكات ٍفٖ الوَاسد التٖ ال تفٖ األخثاس
الوَخَدٍٓ ،ال تكشف ػي تلك الوالكات اللضٍه٘ٔ الوْؤ ػٌذ الشاسع أهشّا ٍال
ٗشظى تتفَٗتْا ٗدؼل ٍظ٘فٔ الوكلف َّ (اإلحت٘اغ) ألخل تحص٘ل تلك
الوالكات اللضٍه٘ٔ ٍاألغشاض التٖ ال ٗشظى تتفَٗتْا.
ٍكزلك الحال إرا كاًت الوالكات التشخ٘ص٘ٔ فٖ تؼط الوَاسد أّن تٌظش الشاسع
لحكؤ أٍ هصلحٍٔ ،لَ هصلحٔ التسْ٘ل ػلى الوكلف٘ي ف٘دؼل األصَل الؼول٘ٔ
التشخ٘ص٘ٔ ،للحصَل ػلى هالكات التشخ٘ص ،ف٘وا إرا لن تف األهاسات تالكشف
ػي رلك (فوا َّ ٍخِ التسو٘ٔ).
األحد9 :ج 1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ٍالسؤال الزٕ ٗطشح َّ :أى الشاسع تدؼل الحكن الظاّشٕ فٖ هَاسد الدْل
ٍالشك فٖ اطاس حد٘ٔ خثش الَاحذ ٍالشْشٓ ،أٍ حد٘ٔ االستصحاب ٍالثشاءٓ،
للحفاظ ػلى هالكات األحكام الَالؼ٘ٔ ،األػن هي اإللضاه٘ٔ أٍ التشخ٘ص٘ٔ ،تال فشق
تٌْ٘وا فٖ خْٔ الحد٘ٔ ٍ لضٍم الؼول ،فوا َّ ٍخِ تسو٘ٔ تؼط ّزُ الحدح
تاألهاساتٍ ،تؼعْا تاألصَل الؼول٘ٔ؟ ٍها َّ الفشق تٌْ٘واٍ ،ها َّ الوثشس لْزا
الفشق؟!
اإلثنين10 :ج1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
كبى كالهٌب فٖ الشإٔ الشاثغ فٖ ث٘بى الفشق ث٘ي األصَل الؼول٘ٔ ٍث٘ي األهبسات ٍلذ
تجٌب ّزا الشإٔ الس٘ذ الشْ٘ذ الصذس األٍل (لذُ) ح٘ث ركش أى هٌشأ الفشق
ٍاإلختالف ث٘ي األصَل الؼلو٘ٔ ٍاألهبسات :أى هٌشأ خؼل أصل األحكبم الظبّشٗٔ
هطلمب(سَاء سو٘ت ثبألهبسات ،أٍ ثبألصَل الؼول٘ٔ) ٍهشخؼْب سٍحبً ٍلجبً ٍ ٍالؼبً
ئلى ػالج التضاحن ث٘ي األحكبم الَالؼ٘ٔ ،فٖ همبم حفظْب ،ثوب لْب هي الوالكبت
اإللضاه٘ٔ أٍ التشخ٘ص٘ٔ ،ػٌذ التشدٗذ ٍاالشتجبُ لذى الوكلف.
ٍالسإال الزٕ ٗطشح َّ :أى الشبسع ثدؼل الحكن الظبّشٕ فٖ هَاسد الدْل
ٍالشك فٖ اطبس حد٘ٔ خجش الَاحذ ٍالشْشٓ ،أٍ حد٘ٔ االستصحبة ٍالجشاءٓ،
للحفبظ ػلى هالكبت األحكبم الَالؼ٘ٔ ،األػن هي اإللضاه٘ٔ أٍ التشخ٘ص٘ٔ ،ثال فشق
ثٌْ٘وب فٖ خْٔ الحد٘ٔ ٍ لضٍم الؼول ،فوب َّ ٍخِ تسو٘ٔ ثؼط ّزُ الحدح
ثبألهبساتٍ ،ثؼعْب ثبألصَل الؼول٘ٔ؟ ٍهب َّ الفشق ثٌْ٘وبٍ ،هب َّ الوجشس لْزا
الفشق؟!
هالحظٔ :لذ ٍسد فٖ اتدبُ الس٘ذ الشْ٘ذ (لذُ) أى الغشض هي خؼل الحد٘ٔ
لألهبسات أٍ لألصَل الؼول٘ٔ (األحكبم الظبّشٗٔ) َّ ػالج التضاحن ث٘ي األحكبم
الَالؼ٘ٔ فٖ همبم االّتوبم ثْب ٍحفظْب ػٌذ التشدد ث٘ي اللضٍم ٍالتشخ٘ص ،لذ سوبُ
ٌّب (ثبلتضاحن الحفظٖ) ٍألخل تَظ٘ح ّزا الوصطلح ًمَل :ئى التضاحن ٗوكي
فشظِ ػلى أًحبء ثالثٔ:
الٌحَ األٍل :التضاحن الوالكٖ ٍٗشاد ثِ :هب ئرا فشض ٍخَد هالك٘ي فٖ فؼل
ٍاحذ ،فٖ هشحلٔ الوجبدب ،كوب فٖ (ششة الخوش) فلَ فشض فِ٘ هصلحٔ ئصالٔ
اإلثنين10 :ج1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
كبى هالكِ اللضٍهٖ َّ الَخَةٍ ،ثبلتشك ئرا كبى هالكِ اللضٍهٖ َّ الحشهٔ ،أٍ
ئطالق الؼٌبى ئرا كبى هالكِ التشخ٘ص ٍػذم اللضٍم.
ٍػالج ّزا التضاحن الحفظٖ ئًوب َّ ث٘ذ الوَلى سجحبًِ ثتمذٗن األّن ػلى الوْن
ال هحبلٔ.
ٍثكلؤ :أى التضاحن الحفظٖ ،ئًوب َّ تضاحن فٖ ػبلن حفظٖ الخطبة ٍالتكل٘ف
الَالؼٖ ًفسِ ،فاى الخطبة الَالؼٖ ،ثؼذ اثتالئِ ثؼذم الَصَل ئلى الوكلف ثسجت
أٍ آخش ،صبس هشدداً كوب فٖ اشتجبُ حكن (الذػبء ػٌذ سؤٗٔ الْالل) ث٘ي الَخَة
ال ،لؼذم الَصَل ئلٌ٘ب ثبلؼلن ،فارا تشدد أهش الشجْٔ الوزكَسٓ أٍ غ٘شّب
ٍاإلثبحٔ هث ً
ث٘ي أى تكَى داخلٔ تحت الخطبثبت اإللضاه٘ٔ إٔ (ٍخَة الذػبء) لَخَد هالك
لضٍهٖ فِ٘ ،أٍ تحت الخطبثبت التشخ٘ص٘ٔ (ػذم ٍخَثِ) لَخَد هالك التشخ٘ص،
ال.
ٍّٖ الوصلحٔ فٖ ئطالق الؼٌبى ٍّٖ ،الوصلحٔ الٌَػ٘ٔ ٍالتسْ٘ل٘ٔ هث ً
ففٖ هثل ّزُ الحبلٔٗ :مغ فٖ ًفس الوَلى تضاحن ث٘ي التكبل٘ف اإللضاه٘ٔ،
ٍالخطبثبت التشخ٘ص٘ٔ ،ثلحبظ ّزُ الشجْٔ ،فٌْب ٗأتٖ احتوبالى:
األٍل :احتوبل دخَل ّزُ الشجْٔ فٖ ثبة اإللضاه٘بت .الثبًٖ :احتوبل دخَل ّزُ
الشجْٔ فٖ ثبة التشخ٘ص٘بتٍ ،اإلثبحبت الَالؼ٘ٔ.
فؼلى األٍل :تستذػٖ التكبل٘ف اإللضاه٘ٔ هي الوَلى ،التحفع ػلْ٘ب ،الحتوبل أى
ٍ
حٌ٘ئز ثتَسؼٔ دائشٓ (الطلت ٍئٗدبة تكَى الشجْٔ هٌْب ،ف٘كَى التحفع ػلْ٘ب
االحت٘بغ).
اإلثنين10 :ج1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ٍػلى الثبًٖ :تمتعٖ الخطبثبت التشخ٘ص٘ٔ ،تَسؼٔ دائشٓ اطالق الؼٌبى ،لْزُ الشجْٔ
الحتوبل أى تكَى الشجْٔ هي الوَاسد التٖ التعـت الوصـلحٔ فْ٘ـب اطـالق الؼٌـبى
للوكلف.
ٍالحبصل :أى ّزا التضاحن هشثَغ ثبلوَلى ،ال ثبلؼجذ فٖ همبم االهتثبلٌٍّ .ب ٗذٍس
أهش الوَلى تصَساً ٍثجَتبً ث٘ي أحذ أهشٗي فٖ همبم الؼالج.
أحذّوب :تَسؼٔ دائشٓ اإللضاه٘بت ،ف٘لضم الوكلف٘ي ثبلشجْبت ثاٗدبة اإلحت٘بغ
ف٘فَت التشخ٘ص ٍئطالق الؼٌبى ػلى الوكلف٘ي ثدؼل
تحفظبً ػلى أغشاظِ الزاتّ٘ٔ ،
االحت٘بغ ثات٘بى الذػبء.
ٍاٙخش :تَسؼٔ دائشٓ اطالق الؼٌبى ٍتفَٗت ثؼط األحكبم اإللضاه٘ٔ ألّو٘ٔ
هصلحٔ اطالق الؼٌبى ف٘دؼل الجشاءٓ ػلى ٍخَة الذػبءٍ ،هي الَاظح أى الوَلى
ٗؼبلح ّزا التضاحن ثتمذٗن األّنٍ ،األصلح للوكلف٘ي ػلى الوْن ال هحبلٔ.
ثن ًٌمل الكالم ئلى ّزُ األّو٘ٔ ٍك٘ف٘تْب ...
الثالثاء11 :ج 1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ركشًب فٖ الجحث السبثك أى الس٘ذ الشْ٘ذ (لذُ) اتخز سأٗبً لج٘بى فشق ث٘ي األطَل
الولو٘ٔ ٍاألهبسات ،حبطلِ :أى الوٌشأ خول األحكبم اللبّشٗٔ هـلمب األهن هب
تسوى ثبألهبسات أٍ ثبألطَل الوول٘ٔ إًوب َّ ألخل هالج التضاحن ث٘ي األحكبم
الَالو٘ٔ ٍالغشع هي خول األحكبم اللبّشٗٔ ٍخول الحد٘ٔ؛ لخجش الثمٔ؛ ٍلشْشٓ
أٍ لالحت٘بؽ؛ ٍاإلستظحبة ٍالجشاءٓ ،كل رلك هي خْٔ هالج ّزا التضاحن فٖ
حبل التشدد ٍفٖ حبل الشك ٍهذم الولن للوكلف ثبلحكن الَالوٍٖ ،رلك أى ّزا
الوالج إًوب ٌٗشأ هي خْٔ هذم ٍطَل الحكن الَالوٖ هلوبً ٍلـوبً إلى الوكلف
ف٘تشدد الحكن الَالوٖ تكَى ٌّبك شجْٔ ٍالتشدد اى ّزا الحكن داخل فٖ
اإللضاه٘بت ٍ هالك ّزا الحكن لضٍهٖ ،ال ٗشػى الشبسم لتشكِ ثل الثذ هي
تحظ٘ل ّزا الوالك فوال أٍ تشكبً ،أٍال ٗكَى هَسد هي تشخ٘ظ٘بت ٍلذ اؿلك
الوَلى الوٌبى فِ٘ ٍسخض فِ٘ ٍأثبحِ ثبلفول أٍ التشك ،فْزا التضاحن هٌذ هب ٗكَى
هَخَد ًا فٖ الَالن ٍالوَلى ٗولن ثبى الوجذ ثوذ حتى فٖ صهبى الٌجٖ (ص) ٍ األئؤ
(م) ّزُ الحبلٔ تكَى هَخَداً هٌذ هي ٗكَى ثو٘ذ ًا هي الووظَم ٍلن ٗظل إلى
الشبسم ،فْزُ الشجْٔ ٍالتشدٗذ ث٘ي كَى الوَسد هثل الذهبء هٌذ الشؤٗٔ ّل داخل
فٖ الضاه٘بت الَخَة أٍ الحشهٔ ،أٍال ٗكَى هي هَاسد التشخ٘ض ،ففٖ هثل ّزُ
الحبلٔ ًمَل :ألَل :فٖ ًفس الشبسم ٗحظل احتوبل٘ي :احتوبل اى ٗكَى ّزا
الوَسد هي األحكبم اللضٍهٍ٘ٔ ،احتوبل أى ٗكَى ّزا الوَسد هي األحكبم
التشخ٘ظ٘ٔ.
الثالثاء11 :ج 1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
فولى األٍل :تستذهٖ التكبل٘ف اإللضاه٘ٔ هي الوَلى ،التحفق هلْ٘ب ،الحتوبل أى
ٍ
حٌ٘ئز ثتَسؤ دائشٓ (الـلت ٍإٗدبة تكَى الشجْٔ هٌْب ،ف٘كَى التحفق هلْ٘ب
االحت٘بؽ).
ٍهلى الثبًٖ :تمتؼٖ الخـبثبت التشخ٘ظ٘ٔ ،تَسؤ دائشٓ اؿالق الوٌبى ،لْزُ الشجْٔ
الحتوبل أى تكَى الشجْٔ هي الوَاسد التٖ التؼت الوظلحٔ فْ٘ب اؿالق الوٌبى
للوكلف.
ٍالحبطل :أى ّزا التضاحن هشثَؽ ثبلوَلى ،ال ثبلوجذ فٖ همبم االهتثبلٌٍّ .ب ٗذٍس
أهش الوَلى تظَساً ٍثجَتبً ث٘ي أحذ أهشٗي فٖ همبم الوالج.
أحذّوب :تَسؤ دائشٓ اإللضاه٘بت ،ف٘لضم الوكلف٘ي ثبلشجْبت ثإٗدبة اإلحت٘بؽ
ف٘فَت التشخ٘ض ٍإؿالق الوٌبى هلى الوكلف٘ي ثدول
تحفلبً هلى أغشاػِ الزاتّ٘ٔ ،
االحت٘بؽ ثإت٘بى الذهبءٍ .اٙخش :تَسؤ دائشٓ اؿالق الوٌبى ٍتفَٗت ثوغ األحكبم
اإللضاه٘ٔ ألّو٘ٔ هظلحٔ اؿالق الوٌبى ف٘دول الجشاءٓ هلى ٍخَة الذهبءٍ ،هي
الَاػح أى ال وَلى ٗوبلح ّزا التضاحن ثتمذٗن األّنٍ ،األطلح للوكلف٘ي هلى
الوْن ال هحبلٔ.
ثن ًٌمل الكالم إلى ّزُ األّو٘ٔ ٍك٘ف٘تْب فٌْب هٌذ التحل٘ل ٗتظَس سٌخبى هي
األّو٘ٔ فٖ هالج التضاحن ،األٍل :األّو٘ٔ ثلحبف رات الوحتول ٍالوَسد ،الثبًٖ:
األّو٘ٔ ثلحبف ًفس اإلحتوبل.
أهب السٌخ األٍل :فبلوَلى ٗلتفت إلى رات الوحتول ٍٗمَل :أى ّزُ شجْٔ ٍخَث٘ٔ
ٍ
ٍحٌ٘ئز ٗمبسى ث٘ي ف٘حتول فْ٘ب ٍخَة الذهبء ٍٗحتول فْ٘ب إثبحٔ الذهبء
الثالثاء11 :ج 1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
إّتوبهبتِ ثبلوجبحبت ،ف٘شى أْٗوب الَى هالكبً (هظلحٔ اإللضام ثبلفول فٖ الَاخت)
أٍ هظلحٔ إؿالق الوٌبى فٖ الوجبح ،ف٘مذهِ ثخـبة كبّشٕ ٗحفق األّن هي
الوحتول٘ي هالكبً.
فلَ فشػٌب :أّو٘ٔ هظلحٔ الَاخت ٍهالكِ اللضٍهٖ ،ف٘حفلْب ثلسبى(أخَك دٌٗك
فبحتؾ لذٌٗك) أٍ (إًٖ خولت اإلحتوبل هٌدضاً) ًٍحَ رلك ،فأطبلٔ االحت٘بؽ هي
ّزا المج٘ل ،فْٖ خـبة كبّشٕ هبلح ثِ الوَلى التضاحن ثلحبف رات الوحتول،
ٍلذم خبًت اللضٍم هلى خبًت الشخظٔ.
ٍلذ ٌٗوكس الوـلت :ثأى ٗشى الوَلى أى هظبلح التسْ٘لٍ ،إؿالق الوٌبى أّن هي
ٍ
ٍحٌ٘ئز ٗدول خـبثبً كبّشٗبً لحفق هظبلح التسْ٘ل ٍرلك ثتَسؤ هظبلح اإللضام
دائشٓ (اؿالق الوٌبى) ثلسبى (سفن هي أهتٖ هبال ٗولوَى) أٍ ثغ٘شُ ،كمَلِ(م) كل
شٖء لك حالل ،حتى توشف الحشام ثوٌِ٘) ٍّكزا فٖ السٌخ األٍل.
ٍأهب السٌخ الثبًٖ َّ :أى الوَل ٗوبلح التضاحن ثتشخ٘ض األّن ،هي ًبح٘ٔ ًفس
اإلحتوبل ثأى ٗمَل :إى ّزُ الشجْٔ (ٍخَة الذهبء أٍ إثبحتِ) ٍلذ لبهت أهبسٓ
كٌ٘ٔ كخجش الثمٔ هلى تو٘٘ي الحكن هٌْب ،ثال فشق ث٘ي كَى الثمٔ أخجش ثبلَخَة،
أٍ ثبإلثبحٔ ،أٍ ثوذم الَخَة أٍ غ٘شّبٍٗ ،حتول أى ٗكَى حكن ّزُ الشجْٔ ٍالو ًب
هلى خالف هب أخجشُ الثمٔ .فٌْب :الوَلى ٗوول األّو٘ٔ ثلحبف ًفس اإلحتوبل،
ف٘مذم خْٔ إحتوبل طذق خجش الثمٔ هلى خْٔ إحتوبل كزثِ ثبهتجبس أى احتوبل
طذلِ ألَى هي كزثِ ٍأسخح هٌِ ،فوجّذًب ثدبًت الظذقٍ ،لن ٗدولٌب هخ٘شٗي
ثٌْ٘وب ٍكزا لن ٗوجذًب ثدبًت الكزة ٍتشك الوول ثخجش الثمٔ ،فوبلح الشبسم
الثالثاء11 :ج 1441 -1 l األصىل :مبحث األصىل العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
التضاحن ثتشخ٘ح أّو٘ٔ اإلحتوبل فٖ خبًت الظذق لولوِ توبلى ثأى خجش الثمٔ كث٘ش
الوـبثمٍٔ ،غبلت اإلطبثٔ للَالن.
ٍهي ٌّب فبلوَلى لذ ث٘ي التشخ٘ح ٍاألّو٘ٔ ثلسبى (طذق الوبدل) إٔ سخح احتوبل
طذلِ هلى كزثِ ،أٍ ثلسبى (اهول ثوب ٗمَلِ الوبدل) ،أٍ (ل٘س ألحذ التشك٘ك
ف٘وب ٗشٍِٗ هٌب ثمبتٌب)ٍّ ،كزا ،فإى ّزُ كلْب الفبف ٍأسبل٘ت فٖ التوج٘ش هي خَّش
ٍاحذٍ ،حم٘مٔ فبسدٓ ٍّٖ ،أى الشبسم لذ هبلح التضاحن الحفلٖ فٖ الخـبثبت
الَالو٘ٔ ،ثإهوبل الوشخح االحتوبلٖ هي ًبح٘ٔ ًفس اإلحتوبل.
فت حظل هوب ركشًبُ :أى خَّش األطَل٘ٔ َّ :تلك الخـبثبت التٖ هَلح ثْب
التضاحن الحفلٖ فٖ السٌخ األٍل ثلحبف الوحتول ٍ ،خَّش األهبسات َّ :تلك
الخـبثبت التٖ هَلح ثْب التضاحن الحفلٖ فٖ السٌخ الثبًٖ ثلحبف اإلحتوبل،
فبلجشاءٓ ٍاإلحت٘بؽ هي السٌخ األٍلٍ ،حد٘ٔ خجش الَاحذ هي السٌخ الثبًٍّٖ ،زا
َّ خَّش الفشق ث٘ي األهبسات ٍاألطَل الوول٘ٔ.
األربعاء12 :ج1441 -1 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الملاك اللزومي مطلقا .لا في مقام التأثير في الإرادة والحب ،أو الكراهة البغض،
على أساس أنه لا اقتضاء بالنسبة إلى الوجود والعدم .لا في مقام الحفظ في موارد
الاشتباه والتردد لعدم الحاجة إلى حفظ الترخيص .والنكتة :هي أن المعلوم لدى
العقلاء أن مزاق الشرع ،هو الاهتمام بالأحكام اللزومية بما لها من المبادئ
11111
بما لها من الملاكات الترخيصية.
والملاكات الواقعية ،دون الأحكام الترخيصية،
وأما النوع الثاني :فهي أحكام ظاهرية ترخيصية ،منشؤها مصلحة التسهيل النوعية
المترتبة عليها ،كأصالة البراءة ،وأصالة الطهارة ،وأصالة الحلية واستصحاب عدم
التكليف ،أو استصحاب الحكم الترخيص ،والأمارات المتكلفة للأحكام
الترخيصية .وعليه :فليس منشأ جعل الأحكام الظاهرية الترخيصية المتمثلة بما
تقدم ،هو علاج التزاحم الحفظي على أساس الترجيح بقوة الاحتمال أو المحتمل،
بل منشؤها هي مصلحة التسهيل النوعية المترتبة عليها.
وأما الكلام في النقطة الثانية :القائلة :بأن تمام الملاك لجعل الحجية للأمارات هو
قوة الاحتمال الكاشفة عن الواقع ومع لا فرق في حجية الأمارات بين الكشف عن
المدلول المطابقي ،أو المدلول الالتزامي ،لأن نسبة درجة كشفها إليهما على حد
سواء .فيرد عليها ،أولا :إن أريد بقوة الاحتمال بدرجة الكشف قوة الاحتمال
الشخصي؟
ففيه :أن حجية الأمارات ليست مبنية على الكاشفية الشخصية الظنية ،بل مبنية على
الكاشفية النوعية.
األربعاء12 :ج1441 -1 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ٍ
حينئذ بين الكشف ?أنه لا ملازمة
وثانيا :إن أريد بها قوة الاحتمال النوعي ،ففيه:
النوعي عن المدلول المطابقي ،والكشف النوعي عن المدلول الالتزامي.
وذلك :لأن معنى حجية الأمارة من باب الظن النوعي هو حجيتها في المدلول
المطابقي فحسب ،وإن لم تفد الظن الشخصي به ،بل وإن كان الظن على الخلاف
ٍ
حينئذ؟ نعم :الملازمة ثابتة بين العلم بالملزوم، موجودا ،فكيف تثبت الملازمة
11111
الشخصي باللازم ولا تتصور والظن
بالملزوم، والعلم باللازم ،وبين الظن الشخصي
الملازمة بين الظن النوعي بالملزوم ،والظن النوعي باللازم ولو مع وجود الظن
بالخل
األحد16 :ج 1441 - 1 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
11111
الخامس..
الرأي الخامس :ما تبّناه شيخنا الأستاذ (دام ظله) :من أن الفرق بين الأمارات
والأصول العملية هو بالذات والجوهر ،لا بالجعل والاعتبار وبنكتة ثبوتية ،لا بنكتة
إثباتية.
فإن الأمارة تصدق فيما لو كان مصب جعل الحكم الظاهري عند التردد والاشتباه
هو قوة احتمال الإصابة للواقع ،من النظر إلى المورد والمحتمل من الترخيص أو
الإلزام.
وتتمثل الأمارات بأخبار الثقة ،وظواهر الألفاظ وغيرهما ،باعتبار أن ملاك حجية
أخبار الثقة وغيرها ،إنما هو درجة كاشفيتها عن الواقع ،وحكايتها عنه ذاتاً
وتكويناً.
وأما الأصول العملية :تصدق فيما لو لم تكن قوة الاحتمال هي مصب الحكم
الظاهري والحجية فإن موضوعها هو (الشك) أي عدم العلم الشامل للظن ،لا بأس
بكون جعل الأصول العملية بلحاظ أهمية المحتمل كما يظهر من تقديم أهمية
األحد16 :ج 1441 - 1 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
العقلية ،والشرعية.
? المقدمة الرابعة :في الفرق بين الأصول العملية
ذكر السيد الخوئي(قده) في مقام تقسيم المسألة الأصولية إلى أقسام خمسة :أن
(القسم الرابع) تتمثل بالأصول العملية الشرعية ،والقسم الخامس بالأصول العملية
العقلية ،ففرق بينهما ،وجعل كلاً منهما في قسم ،وهذا يدل على وجود الاختلاف
بينهما ،ولا بأس بالإشارة السريعة إلى تلك الأقسام ،تتميماً للفائدة ،وتذكيراً
11111
للمعلومات السابقة.
تقدم في مستهل بحثنا الأصولي :أن المسألة الأصولية هي ما يمكن أن تقع نتيجتها
في طريق استنباط الحكم الشرعي .فعلاقة الأصول بالفقه علاقة العلم النظري بالعلم
التطبيقي .وعليه :فالمسائل الأصولية تنقسم إلى أقسام خمسة:
القسم الأول :ما يوصلنا إلى الحكم الشرعي الواقعي ،بــ (القطع الوجداني) .ويتمثل
هذا القسم بــ (مباحث الاستلزامات) كمبحث الملازمة بين وجوب شيء ،ووجوب
مقدمته ،وبين وجوب شيء وحرمة ضده ،ولمبحث إمكان اجتماع الوجوب
والحرمة ،وعدمه .فهذه المباحث على تقدير تمامية الملازمة توجب القطع بالحكم
الشرعي بعد انضمام الصغرى إليها ،ويسمى هذا القسم بــ مباحث الاستلزامات
العقلية ،أو يسمى بــ مبحث المداليل.
ملاحظة هامة :أن مسائل هذا القسم ،وإن ذكرها الأصوليون في مباحث الألفاظ،
لبعض المناسبات إلا ّ أنها ليست منها ،لأن البحث فيها عن لوازم نفس الأحكام
بماهي هي ،لا بماهي مدلولة للأدلة اللفظية ،فلا ربط لها بمباحث الألفاظ ،إلا ّ من
جهة كون غالب الأدلة على الأحكام هي الأدلة اللفظية.
اإلثنين17 :ج1441 -1 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كاى كالهٌا فٖ ها أفادُ ش٘خٌا األستار (دام ظلِ) فٖ همام هٌالشٔ ها ركشُ الوحمك
الٌائٌٖ٘(لذُ) فٖ الومام هي الفشق ت٘ي األصَل الؼول٘ٔ الششػ٘ٔ الوحشصٓ ٍغ٘ش
الوحشصٓ ٍ ،هخل للوحشص تاالستصحاب ٍلاػذٓ الفشاؽٍ ،تغ٘ش الوحشصٓ تالثشاءٓ
ٍاإلحت٘اغٍ ،ركش الٌائٌٖ٘(لذُ) اى فٖ الح٘خ٘ٔ الخالخٔ للؼلن ٍَّ ح٘خ٘ٔ تٌاء ٍجشٕ
الؼولٖ ػلى ؼثك الؼلن هي ّزُ الح٘خ٘ٔ ٗكَى ٍظغ ٍجؼل الحج٘ٔ لألصَل الؼول٘ٔ
الوحشصٍٓ ،هي الح٘خ٘ٔ الشاتؼٔ الح٘خ٘ٔ الوٌجضٗٔ ٍالوؼزسٗٔ ٗكَى حج٘ٔ األصَل
الؼول٘ٔ غ٘ش الوحشصٓ ،ش٘خٌا األستار ػٌذُ إشكال ػلى ح٘خ٘ٔ الخاً٘ٔ تمذم الكالم فِ٘
فٖ الثحج الساتك ،أها الَجِ الخاًٖ هي الوٌالشٔ َّ فٖ الح٘خ٘ت٘ي الخالخٔ ٍالشاتؼٔ،
الت٘ي تْوا الفشق فٖ هحل الكالم فمال :أًٌا ًتٌاٍل ٌّا هي األصَل هحشصٓ
االستصحابًٍ ،حمك فِ٘ ٍّل أى االستصحاب هي األصَل هحشصٓ أٍال؟ ٍأها
سائش األصَل الوحشصٓ ف٘ؼلن حالْا هٌِ.
الكالم فٖ االستصحاب :فالتذ هي الٌظش إلى هَسدٍُ ،تحل٘ل الحالٔ الساتمٔ فِ٘،
ٍّل َٗجذ ها ٗثشس كَى هي األصَل الوحشصٓ أٍال؟
أم الكالم فٖ همام الخثَت :فإى فٖ الحالٔ الساتمٔ أهشٗي :أحذّوا :ال٘م٘ي تْا
ٍاٙخش حذٍحْاٍ .أها ال٘م٘ي :فمذ صال ،ال ٗم٘ي فٖ ظشف الشك ٍجذاًاً ،حتى
ٗمتعٖ سجحاى تماء الحالٔ الساتمٔ ألى الثماء تحاجٔ إلى الؼلٔ ،كالحذٍثٍ .أها
الحذٍث :فَْ ال ٗمتعٖ الثماء ،الحت٘اد الثماء إلى ػلٔ هثم٘ٔ ٍّٖ ،غ٘ش ػلٔ
حذٍحٍِ ،ال تكفٖ ػلٔ الحذٍث للثماء ،ألى الثماء َّ الَجَد الخاًٖ للحذٍث،
ٍَّ كالَجَد األٍل تحاجٔ إلى ػلٔ.
اإلثنين24 :ج1441 -1 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
فالٌت٘جٔ :أًِ ال همتعى فٖ ٍجَد الحالٔ الساتمٔ لشجحاى تمائْا فٖ ظشف الشك ،ال
هي جْٔ ال٘م٘ي الضائلٍ ،ال هي جْٔ الحذٍث الزٕ َّ ل٘س تؼلٔ للثماءٍ ،ال جضء
ػلٔ .فإراًٍ :جَد الحالٔ الساتمٔ كوا ال ٗمتعٖ استفاػْا فٖ ظشف الشك كزلك ال
ٗمتعٖ تماءّا فِ٘ ،فال هثشس اللتعاء الثماءٍ ،ػلِ٘ فال ٗكَى الوجؼَل فٖ تاب
االستصحاب الؽشٗم٘ٔ هي ح٘ج الثماء ٍالجشٕ الؼولٖ.
تحص٘ل هوا ركشًاُ :أى االستصحاب ل٘س هي األصَل الوحشصٓ ،تل حالِ حال
سائش األصَل غ٘ش الوحشصٓ ،كأصالٔ الثشاءٓ فٖ ػذم الٌظش إلى الَالغ.
ٍأها فٖ همام اإلحثات :فألى الٌْٖ الَاسد فٖ سٍاٗات تاب االستصحاب َّ (الٌْٖ
ػي ًمط ال٘م٘ي تالشك)ٍ ،هي الَاظح أى ّزا الٌْٖ ل٘س حم٘م٘اً ألى اًتماض
ال٘م٘ي تالشك أهش لْشٍٕ ،خاسد ػي اخت٘اس الوكلف ،فال ٗتؼلك تِ الٌْٖ حم٘مٔ،
ٍهي ٌّا ٗكَى الوشاد هي الٌْٖ َّ أحذ أهشٗي تجَصاً :األٍل :أى ٗشاد تِ اإلسشاد
إلى تؼ٘٘ي ٍظ٘فٔ الوكلف فٖ ظشف الشك ،فٖ الثماء الحالٔ الساتمٔ ٍالؼول ػلى
ؼثمْا تؼثذاً هي دٍى لحاؾ كَى االستصحاب ؼشٗماً إلى الَالغ ،أٍ ًاظشاً إلِ٘.
الخاًٖ :أى ٗشاد تالٌْٖ تٌضٗل الشك تالثماء هٌضلٔ ال٘م٘يٍ ،هشجغ ّزا التٌضٗل إلى
جؼل الحكن الظاّشٕ الوواحل للحكن الَالؼٖ ،ال إلى جؼل الؽشٗم٘ٔ ٍالكاشف٘ٔ
ٍالجشٕ الؼولٖ ػلى ؼثمِ ،لوا هش هي أًِ ال َٗجذ فٖ هَسد االستصحاب ها
ٗمتعى سجحاى تماء الحالٔ الساتمٔ ًَػاً ،حتى ٗصلح جؼل الؽشٗم٘ٔ لِ.
ال ٗمال :إى الشك الَاسد فٖ سٍاٗات االستصحاب إًوا ٗشاد تِ هؼٌاُ اللغَٕ
ٍالؼشفٖ الوساهحٖ الشاهل لالحتوال الشاجح ،إٔ (الظي) ٍل٘س هؼٌاُ الذلٖ
اإلثنين24 :ج1441 -1 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
الومام الخاًٖ :هٌالشٔ ها ركشُ الس٘ذ الشْ٘ذ(لذُ) أخ٘شاً هي أى الفشق ت٘ي األصل
الوحشص كاالستصحاب ٍاألصل غ٘ش الوحشص كالثشاءٓ حثَتٖ ػلى أساس أى جؼل
االستصحاب حجٔ هثٌٖ ػلى لحاؾ أهشٗي :أحذّوا لحاؾ التشج٘ح تأّو٘ٔ ًَع
الوحتولٍ ،اٙخش هشاػآ دسجٔ الكشف ٍلحاؾ أّو٘ٔ االحتوال أٗعاً ٍكال
األهشٗي هلحَؾ فٖ األصَل الوحشصٓ التٌضٗل٘ٔ.
ٍحاصل الوٌالشٔ :أى ّزا الفشق ال ٗوكي الوساػذٓ ػلِ٘ ،لوا تمذم هي أًِ ال
َٗجذ فٖ هَسد االستصحاب ٍَّ (الحالٔ الساتمٔ) ها َٗجة سجحاى تمائْا فٖ
ظشف الشك ٍلَ ًَػاً حتى ٗصلح ألى ٗكَى هي األصَل الوحشصٓ .تحصل هوا
ركشًاُ :أًِ ال فشق ت٘ي االستصحاب ٍت٘ي أصالتٖ الثشاءٓ ٍاالحت٘اغ ًٍحَّوا هي
األصَل غ٘ش الوحشصٓ ،ال حثَتاً ٍال إحثاتاً .تمٖ شٖء ٍَّ :أى ها تثٌت ػلِ٘ هذسسٔ
الوحمك الٌائٌٖ٘(لذُ) هي تمذٗن االستصحاب ػلى األصَل غ٘ش الوحشصٓ
تالحكَهٔ ٍكزلك تمذٗن األهاسات ػلى االستصحاب تالحكَهٔ أٗعاً فَْ غ٘ش تام
أٗعاً؛ إر ال ٗوكي الجوغ تٌْ٘وا.
ٍرلك :ألى هؼٌى تمذٗن االستصحاب ػلى األصَل غ٘ش الوحشصٓ تالحكَهٔ َّ أى
الوجؼَل فٖ تاب االستصحاب َّ الؽشٗم٘ٔ ٍالكاشف٘ٔ ،فال ٗوكي أى ٗكَى
تمذٗن ألهاسات ػلِ٘ تالحكَهٔ إر هؼٌى رلك َّ :أى الوجؼَل فِ٘ ل٘س الؽشٗم٘ٔ
ٍالكاشفٍّ٘ٔ .زا هستلضم للتٌالط.
اإلثنين24 :ج1441 -1 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ٍدػَى :أى الوجؼَل فِ٘ الؽشٗم٘ٔ ٍالؼلن التؼثذٕ هي ح٘ج الجشٕ الؼولٖ ػلى
ؼثك الحالٔ الساتمٔ فٖ ظشف الشك تٌْ٘وا أى الوجؼَل فٖ تاب األهاسات َّ
الؽشٗم٘ٔ ٍالؼلن التؼثذٕ هؽلما.
هذ فَػٔ :تأى الوجؼَل فٖ االستصحاب لوا كاى َّ الؽشٗم٘ٔ ٍالؼلن التؼثذٕ كوا
َّ الوفشٍض فَْ هاًغ هي حكَهٔ األهاسات ػلِ٘ ،سَاء أكاى جؼلْا هي ح٘ج
الجشٕ الؼولٖ ػلى ؼثمْا أم لن ٗكي ،ظشٍسٓ أى ّزُ الجْٔ ٍالح٘خ٘ٔ ال تشتثػ توا
َّ هصة الحكَهٔ ٍهشكضّا ٍَّ الؽشٗم٘ٔ ٍالؼلن التؼثذٍٕ ،ال تمذح تؽشٗم٘تْا
التٖ ّٖ أساس تمذٗوْا ػلى األصَل غ٘ش الوحشصٓ.
السبت6 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
كبى كالهٌب فٖ الجحَث السبثمٔ فٖ األصَل المو ل٘ٔ ٍهْذًب ألجل تٌم٘ح
هحل الٌضاق ٍلجل ركش الوَاسد ٍهصبدٗك لألصَل المول٘ٔ همذهبت ثلغٌب إلى
الومذهٔ الخبهسٔ ٍفٖ الومذهٔ الخبهسٔ تٌبٍلٌب الفشق ث٘ي األصَل المول٘ٔ
الششل٘ٔ الوحشصٓ « التٌضٗل٘ٔ » ٍث٘ي األصَل المول٘ٔ الششل٘ٔ غ٘ش الوحشصٓ «
غ٘ش التٌضٗل٘ٔ » ٍهخلٌب لألٍل ثبالستصحبة ٍلبلذٓ الفشان ٍهخلٌب للخبًٖ ثبلجشاءٓ
ٍاإلصبلٔ الؽْبسٓ ٍغ٘شّوب ،فزكشًب أى فٖ ّزا الومبم ركشٍا فشلبً ث٘ي
األصَل هحشصٓ ٍاألصَل غ٘ش هحشصٓ ٍركش ش٘خٌب األستبر (دام ـلِ) فٖ
هالك الفشق ث٘ي الوَسدٗي ٌّب ك تفس٘شاى :األٍل لوذسسٔ الوحمك
الٌبئٌٖ٘(لذُ) ح٘ج جمل الفشق فٖ الومبم الجمل أًِ فٖ األصَل المول٘ٔ
الششل٘ٔ الوحشصٓ ٗكَى جمل حكن الفبّشٕ هي ح٘خ٘ٔ ثٌبء الجشٕ المولٖ
ٍ
فحٌ٘ئز ٗكَى األصل للى ؼجك الملن ٍّزُ الح٘خ٘ٔ الخبلخٔ الوَجَدٓ فٖ الملن
هحشصاً ،أهب إرا كبى جمل ثلحبؾ ح٘خ٘ٔ الوٌجضٗٔ ٍالومزسٗٔ الوَجَدت٘ي
فٖ الملن ف٘كَى األصل غ٘ش الوحشص ،ركشًب أى الس٘ذ الخَئٖ (لذُ) لن ًجذ
لِ تمل٘مبً فٖ الومبم ،ـبّشاً اًِ لذ استعى ثْزا التفس٘ش ،أهب الس٘ذ الشْ٘ذ
(لذُ) ٍكزلك ش٘خٌب األستبر (دام ـلِ) لذ ًبلشب ّزا التفس٘ش ٍسدٍا ّزا
التفس٘ش ٍأششًب أى ّزا التفس٘ش تبم ال غجبس للِ٘ كوب رّت إلِ٘ الس٘ذ الخَئٖ.
أهب الكالم فٖ التفس٘ش الخبًٖ :هب ركشُ ثمط الوحمم٘ي ،إٔ (الس٘ذ الشْ٘ذ
لذُ):
السبت6 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ٍحبصل ِ :أى الحكن الفبّشٕ إرا كبى لذ جمل للى أسبس التشج٘ح ثوالك
(ًَل٘ٔ الوحتول هحعبً) فَْ أصل غ٘ش هحشصٍٓ ،أهب إرا كبى للى أسبس
التشج٘ح ثوالك (ًَل٘ٔ الوحتول هك هشالبٓ كبشف٘ٔ اإلحتوبل) فَْ أصل
هحشص ٍتٌضٗلٖ ،فبألصل التٌضٗلٖ أٍ الوحشص َّ الحكن الفبّشٕ الزٕ لَ
حؿ فِ٘ أّو٘ٔ اإلحتوبل ،صائذ ًا للى أّو٘ٔ الوحتول ،ثخالف غ٘ش الوحشص.
ٍأهب هٌبلشٔ ش٘خٌب األستبر(دام ـلِ) لْزا التفس٘ش فتكَى هي ٍجْ٘ي:
األٍل :هب تمذم هي اإلشكبل للى هجٌى كَى األحكبم الفبّشٗٔ هؽلمب ،إًوب
جملت لمالد التضاحن الحففٖ ٍركشًب أى هٌشأ جملْب َّ اّتوبم الوَلى
ثبلحفبؾ للى األحكبم الَالم٘ٔ ثوب لْب هي الوالكبت ٍالوجبدئ اللضٍه٘ٔ
فمػ ،حتى فٖ هَاسد االشتجبُ ٍالتشددٍ ،أى الوالك التشخ٘ص ال ٗصلح
ال ،كوب تمذم فال هضاحؤ ،فال لالد ،فبلٌت٘جٔ:
لوضاحؤ الوالك اللضٍهٖ أص ً
أى الوجٌى الوزكَس غ٘ش تبم.
الخبًٖ :هك اإلغوبض لي رلكٍ ،تسل٘ن صحٔ الوجٌى ،إال ّ أًِ لذ تمذم :أًِ ال
َٗجذ فٖ هَسد االستصحبة هب ٗمتعٖ أّو٘ٔ اإلحتوبل ٍسلبٗتِ هي جْٔ
ال ٍال حذٍث
سجحبى الجمبء فٖ ـشف الشك ال ال٘م٘ي السبثك الضائل فم ً
ال تٌضٗل٘بً.
الحبلٔ السبثمٔ ،حتى ٗكَى االستصحبة أص ً
ألَل :فٖ الومبم هجبل ٍاسك للوٌبلشٔ.
السبت6 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
هٌْب :أًِ ك٘ف ٗمبس الشك فٖ الحكن هك لذم حبلٔ السبثمٔ ،ثبلشك فٖ
الحكن هك حجَت الحبلٔ السبثمٔ حتى لَ ٍسد للِ٘ الشك الزٕ ال٘م٘ي لي
دسجتِ ال هؽلمب ٍّزا ٍاظح.
ٍرلك ألًِ هوب ال سٗت فٖ ٍجَد همتعٖ الشجحبى للحبلٔ السبثمٔ فٖ الجمبء
لٌذ الشك ،ثل حتى هك الفي ثبلضٍال ٗجمى هجبل لشجحبى الجمبء ٌّبً .من هك
الملن ثبلضٍال ال همتعٖ لشجحبى الجمبء .فبلتفس٘ش اى ًت٘جتْوب ٍاحذٓ فبلفشق
ٍاظح.
الومذهٔ السبدسٔ :فٖ ٍجِ حصش األصَل المول٘ٔ فٖ األسثمٔ الومشٍفٔ.
رّت الس٘ذ الخَئٖ(لذُ) :أى األصَل المول٘ٔ التٖ ّٖ الوشجك لٌذ الشك،
ٍفٖ الشجْبت هؽلمب ،األلن هي الوَظَل٘ٔ ٍالحكوٍ٘ٔ ،التكل٘ف٘ٔ ٍالَظم٘ٔ
هٌحصشٓ فٖ أسثمٔ ٍّٖ :الجشاءٓ ٍاإلحت٘بغ(أصبلٔ االشتغبل) ٍاالستصحبة
ٍالتخ٘٘ش.
ٍّزا الحصش استمشائٖ ثلحبؾ ًفس األصَل فتحتول الضٗبدٓ ٍ ،لملٖ
ثلحبؾ الوَاسد ،فال تحول الضٗبدٓ.
األحد7 :ج1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
كاى كالهٌا فٖ ب٘اى الوقذهات التٖ هْذًاّا قبل الذخَل فٖ هفشدات أصَل
الؼلو٘ٔ هي البشاءٓ ٍاإلحت٘اغ ٍغ٘ش ّوا ،فقذهٌا هجوَػٔ هي الوقذهات ٍبلغٌا إلى
الوقذهٔ السادسٔ :فٖ ٍجِ حصش األصَل الؼول٘ٔ فٖ األسبؼٔ الوؼشٍفٔ.
رّب الس٘ذ الخَئٖ(قذُ) :أى األصَل الؼول٘ٔ التٖ ّٖ الوشجغ ػٌذ الشكٍ ،فٖ
الشبْات هؽلقا ،األػن هي الوَظَػ٘ٔ ٍالحكوٍ٘ٔ ،التكل٘ف٘ٔ ٍالَظؼ٘ٔ هٌحصشٓ
ٍالتخ٘٘شٍّ .زا فٖ أسبؼٔ ٍّٖ :البشاءٓ ٍاإلحت٘اغ(أصالٔ اشاتتغال) ٍاشاستصحا
الحصش استقشائٖ بلحاؾ ًفس األصَل فتحتول الضٗادٓ ٍ ،ػقلٖ بلحاؾ الوَاسد،
فال تحول الضٗادٓ.
ال
أها األٍل :فألًِ ٗوكي بحسب اإلحتوال ٍالتصَس أى ٗجؼل الشاسع الوقذس أص ً
أخش غ٘ش األسبؼٔ فٖ بؼط صَس الشك.
هثالِ :إرا قال الوَلى( :إرا تككت ب٘ي الَجَ ٍاإلباحٔ ،فابي ػلى اشاستحبا ).
ال ٍّكزا .إشا أى
أٍ قال( :إرا داس األهش ب٘ي الحشهٔ ٍاإلباحٔ فابي ػلى الكشأّ )،هث ً
استقشاء األصَل الجاسٍٗٔ ،تتبغ هَاسدّا اثبتٌا أى األصَل الجاسٗٔ فٖ الشبْات
الحكو٘ٔ ٍالوَظَػ٘ٔ تٌحصش فٖ األسبؼٔ الوؼَْدٓ كوا ػشفت.
ٍأها الثاًٖ( :كَى الحصش ػقل٘اً بلحاؾ الوَاسد) فألى الشك الحاصل للوكلف
بشٖء ،إها أى ٗكَى لِ حالٔ سابقٍٔ ،قذ اػتبشّا الشاسع ( ،)1فَْ هَسد
(اشاستصحا ) ،إها أى ٗكَى الشك فٖ اصل التكل٘ف فَْ هَسد (البشاءٓ).
أٍ كاى الشك فٖ الوكلف بِ ،فإها أى ٗوكي اشاحت٘اغ فَْ هَسد (اشاحت٘اغ) .أٍ شا
ًؼنٗ :بقى لكالم بالٌسبٔ إلى (أصالٔ الؽْاسٓ) فإًْا ٍإى كاًت جاسٗٔ فٖ الشبْات
الحكو٘ٔ ٍالوَظَػ٘ٔ ،إشا ّ أًْا ل٘ست بقاػذٓ أصَل٘ٔ ػٌذًا ،ألًٌا قذ اتتشؼٌا فٖ
دٍى الفقٍِ ،شا تختص ببا أصَل٘ٔ القاػذٓ أى تكَى سّ٘الٔ فٖ جو٘غ أبَا
آخش.
ٍّزا ها ػبشًا ػٌِ فٖ تؼشٗف األصَل بــ الؼٌاصش الوشتشكٍٔ ،أصالٔ الؽْاسٓ لن
ٗكي فْ٘ا ّزُ الصالح٘ٔ.
ٍػلِ٘ :فوا ركشُ الس٘ذ األستار (الخَئٖ) (قذُ) هي الفشاؽ ػي أصَل٘تْا لؼذم
الٌضاع فْ٘ا غ٘ش تام ،أٍ ػلى األقل تكَى الوسألٔ هبٌائّ٘ٔ ،زا ها ركشُ الس٘ذ الشْ٘ذ
الصذس(قذُ).
الثالثاء9 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
كاى كالهٌا فٖ ت٘اى الوقذهات التٖ هْذًاّا قثل الذخَل فٖ هفشدات أصَل
الؼلو٘ٔ هي الثشاءٓ ٍاإلحت٘اط ٍغ٘ش ّوا ،فقذهٌا هجوَػٔ هي الوقذهات ٍتلغٌا إلى
الوقذهٔ السادسٔ ٍقذ تقذم أساء ػلوا ٍ إشكال الس٘ذ الشْ٘ذ ػلْ٘ن.
ٍأها ش٘خٌا األستار (دام ظلِ) :فقذ رّة إلى ػذم حصش األصَل الؼول٘ٔ فٖ
األستؼٔ الوؼشٍفٔ فقذ ركش فٖ ٍجِ رلك ها حاصلِ:
أى غ٘ش ّزُ األصَل الؼول٘ٔ األستؼٔ كأصالٔ الغْاسٓ ٍالفشاؽ ٍالتجاٍصًٍ ،حَّا
ػلى قسو٘ي:
القسن األٍل :ها َّ هختص توَاسد الشثْات الوَضَػ٘ٔ(كقاػذٓ الفشاؽ ٍالتجاٍص
ٍالصحٔ) ٍغ٘ش ّا فإى ّزُ القَاػذ جوؼاً قَاػذ فقْ٘ٔ ،ال أصَل٘ٔ ،لؼذم ٍقَػْا
فٖ عشٗق ػول٘ٔ االستٌثاط ،إلثثات الجؼل الزٕ َّ هالك أصَل٘ٔ الوسألٍّٔ ،زُ
القَاػذ إًوا ّٖ هي تاب التغث٘ق فقظ ،دٍى التَس٘ظ.
القسن الثاًٖ :ها ال ٗختص توَاسد الشثْات الوَضَػ٘ٔ ،تل ٗجشٕ فٖ الشثْات
الحكو٘ٔ أٗضاً ،كقاػذٓ الغْاسٓ ،فإًْا تجشٕ فٖ الشثْات الحكو٘ٔ كالوَضَػ٘ٔ،
ففٖ ّزا القسن الوتوثل (تقاػذٓ الغْاسٓ) قَالى:
القَل األٍل :ػذم كًَْا هسألٔ أصَل٘ٔ ،كوا رّة إلِ٘ تؼض الوحقق٘ي هٌْن
الس٘ذ الخَئٖ(قذُ) تثؼاً للوحقق اٙخًَذ(قذُ).
أها الس٘ذ الخَئٖ(قذُ) فقذ أفاد فٖ ٍجِ ػذم كًَْا هي الوسائل األصَل٘ٔ ،ها
حاصلِ:
أى قاػذٓ الغْاسٍٓ ،إى كاًت قاػذٓ أصَل٘ٔ لجشٗاًْا فٖ الشثْات الحكو٘ٔ ،إال ّ
الثالثاء9 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
فتحصل هوا ركشُ ش٘خٌا األستار(دام ظلِ) أًِ ال ٍجِ لحصش األصَل الؼول٘ٔ فٖ
األستؼٔ الوؼَْدٓ ،تل (أصالٔ الغْاسٓ) هٌْاٍ ،ال ٍجِ إلخشاجْا هي األصَل
الؼول٘ٔ.
أقَل :الخالف هثٌائٍٖ ،ال ثوشٓ ػول٘ٔ فٖ ّزا الٌضاعً ،ؼن هٌشأ الخالف َّ
تؼشٗف الوسألٔ األصَل٘ٔ ٍتشتة ػلِ٘ ها تقذم هي الخالف ًظشٗاً ٍسإٔ األستار َّ
الوختاس.
ّزا توام كالهٌا فٖ ها قصذًاُ هي توْ٘ذ الوقذهات لتٌق٘ح هحل الٌضاع ٍ
هَضَػِ.
ثن ٗقغ الكالم فٖ هفشدات األصَل الؼول٘ٔ ٍ هصادٗقْا فٌقذم الثحث ػي أصالٔ
الثشاءٓ ،ثن ًلحقِ توثحث التخ٘٘ش ،ثن االحت٘اط ،فاالستصحابٍّ ،كزا.
أصالٔ الثشاءٓ
الثالثاء9 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ال أى
كبى كالهٌب فٖ أصبلٔ الجشاءٓ ٍركشًب فٖ هالك تمس٘ن األصَل الؼول٘ٔ ػم ً
أصبلٔ الجشاءٓ إًوب تجشٕ ػٌذ الشك فٖ التكل٘ف ،هغ ػذم ٍجَد الحبلٔ السبثمٔ ،أٍ
ػذم اػتجبسّب.
ٍلكي الحبكن ثبلجشٗبى فٖ الومبم تبسٓ ٗكَى َّ الؼمل ٍأخشى َّ الششع فتكَى
الجشاءٓ ػلى لسو٘ي:
المسن األٍل :أصبلٔ الجشاءٓ الؼمل٘ٔ ٍهٌشؤّب لبػذٓ (لجح الؼمبة ثال ث٘بى) الؼمل٘ٔ.
المسن الثبًٖ :أصبلٔ الجشاءٓ الششػ٘ٔ ٍهٌشؤّب الشٍاٗبت الصبدسٓ هي الشبسع
كحذٗث الشفغ ٍ غ٘شُ.
ٍأهب المسن األٍل :فَْ أصبلٔ الجشاءٓ الؼمل٘ٔ ٍّٖ هي األصَل التٖ تمشست ٍثجتت
ٍاستوش إلى َٗهٌب ّزا.
ّ ثٌحَ اإلجوبع ،فٖ ػصش الَح٘ذ الجْجْبًٖ (لذُ)
ٍلذ اكتست ّزا األصل ص٘غٔ فٌ٘ٔ ،تحت لبػذٓ ػمل٘ٔ ػٌَاًْب(لجح الؼمبة ثال
ث٘بى) ٍّزُ المبػذٓ احل ّت هشكضاً أسبس٘بً فٖ التفك٘ش األصَلٖ فٖ ػصش الَح٘ذ
الجْجْبًٖ(لذُ) ٍاستحكوت فٖ األرّبى استحكبهبً شذٗذاً ٍإلى صهبًٌب ّزا ٍسجت
ّزا االستمشاس ٍاالستحكبم َّ :أى الوحمم٘ي هي ػلوبء تلك الحمجٔ ،لذ فصلَا
ٍفشلَا هي ثذاٗٔ األهش ث٘ي أهشٗي:
األهش األٍل َّ :هَلَٗٔ الوَلى ،ثوؼٌى (حك الطبػٔ) ح٘ث افتشضَا ّب هفشٍغبً ػٌْب
،لجل ػلن األصَل.
ٍلبلَا :ثأى الوَلَٗٔ ػجبسٓ ػي ثجَت حك الطبػٔ للوَلى ػلى الؼجذ فٖ كل تكل٘ف
ٗصذس هي الوَلى ٍالؼبً ،إرا توت ػلِ٘ الحجٔ ٍالج٘بىٍ ،هحل ثحثْب ػلن الكالم
الثالثاء9 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
فشاجغ.
األهش الثبًٖ َّ :الحج٘ٔ إر جؼلَا الجحث فْ٘ب ٍساء الجحث فٖ الوَلَٗٔ فئى الجحث
الوَلَٗٔ هكبًِ ػلن الكالم ،ثٌ٘وب ثحث الحج٘ٔ هكبًِ ػلن األصَلٍ ،هي ٌّب ستجَا
فٖ األصَل لبػذت٘ي:
المبػذٓ األٍلى :لبػذٓ (حج٘ٔ المطغ) ٍأًْب رات٘ٔ لٍِ ،أى كل حجٔ الثذ ٍأى تشجغ
ٍتٌتْٖ إل ى المطغ ،ألى حج٘تِ رات٘ٔ ،ال تحتبج إلى جؼل جبػل(ثجَت الحج٘ٔ
ػٌذ ثجَت المطغ).
المبػذٓ الثبً٘ٔ :اًمضبء الحج٘ٔ ثب ًتفبء المطغ ٍَّ ،الصم حج٘ٔ المطغ الزات٘ٔ ٍّزُ
التٖ ٗؼجش ػٌْب ثــ (لبػذٓ لجح الؼمبة ثال ث٘بى) ٍثال حجٍّٔ .كزا ٗشجغ أهش المبػذ
ت٘ي إلى لض٘ٔ ٍاحذٓ ،هٌطَلْب ٗمتضى المبػذٓ األٍلىٍ ،هفَْهْب ٗمتضى المبػذٓ
الثبً٘ٔ ثباللتضام ٍَّ ػذم حج٘ٔ غ٘ش المطغ.
ٍهي ّزا الج٘بى ٍَّ :كَى هالك الحج٘ٔ َّ المطغ ٍتٌتفٖ ثبًتفبئِٗ ،ظْش أى الظي
ال تؼمل حج٘تِ ثٌفسِ ،ألى كل هب خشج ػي دائشٓ المطغ هٌطَلبً ،دخل فٖ دائشٓ
الوفَْم ٍال ثبلث ،إٔ لجح الؼمبة ػلِ٘ ألًِ ل٘س ث٘بًبً فٍِ٘ ،هي ٌّب احتبجت
حج٘ٔ الظي إلى جؼل.
ٍ
حٌ٘ئز تجشص هشكلِ ٍّٖ :أى جؼل الجبػل ك٘ف ٗص٘ ّش الظي حجٔ ٍهٌجضاً؟ ٍلكي
سغن أًِ ال ث٘بى فِ٘؟ أٍ ل٘س رلك تخص٘صبً لحكن الؼمل (ثمجح الؼمبة ثال ث٘بى)
الشبهل للظي؟ هغ أى أحكبم الؼمل غ٘ش لبثلٔ للتخص٘ص.
ٍهي ٌّب ثشصت ٍظْشت ًٍشأت اتجبّبت جؼل الطشٗم٘ٔ ٍالؼلو٘ٔ ،لتتمذم ػلى
الثالثاء9 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ال.
حكن الؼمل ثبلحكَهٔ هث ً
ٍأهب الش٘خ الٌبئٌٖ٘(لذُ) ٍهذسستِ لبلت :أى جؼل الحج٘ٔ للظي ٗكَى هي ثبة
التخصص ثبلٌسجٔ إلى (لبػذٓ لجح الؼمبة ثال ث٘بى) ال هي ثبة التخص٘ص ،ألى
الشبسع ٗؼتجش الظي ػلوبًٍ ،ثزلك ٗخشج الظي ػي هفَْم تلك المض٘ٔ ٍٗذخل فٖ
هٌطَلْبٍّ .زا فٖ األهبسات الظٌ٘ٔ.
ٍلكي اختبس فٖ ك٘ف٘ٔ جؼل الحج٘ٔ فٖ غ٘ش األهبسات ،كوب فٖ هَاسد األصَل
هٌْب (ٍجَة االحت٘بط) ألًِ ال هؼٌى لجؼل االحت٘بط كبشفبً ٍػلوبً ،لؼذم الكبشف٘ٔ
ٍالؼلو٘ٔ فٖ االحت٘بط ثبالتفبق.
األربعاء10 :ج1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ركشًب أى أصبلٔ ثشاءٓ تكَى ػلى لسو٘ي :المسن األٍل أصبلٔ ثشاءٓ الؼمل٘ٔ ،المسن
الثبًٖ أصبلٔ ثشاءٓ الششػ٘ٔ ٗأتٖ الكالم الحمبً فٖ أصبلٔ ثشاءٓ الششػ٘ٔ ،أهب الكالم
فٖ أصبلٔ ثشاءٓ الؼمل٘ٔ فملٌب أًْب هي األصَل الومشس الثبثت ثبإلجوبع ٍهٌشأّب فٖ
الؼصش الَح٘ذ الجْجْبًٖ (لذُ) ٍكبى ّزا األصل تحت ػٌَاى لجح ػمبة ثال ث٘بى،
ٍركشًب أٗضبً اى الوحمم٘ي لذ فصلَا فٖ ّزُ الوسألٔ ث٘ي أهشٗي ،األهش األٍل ث٘ي
هَلَٗٔ هَلى ٍالوؼجش ػٌْب ثحك الطبػٔ ٍالحبل أى ثحث فْ٘ب ٗكَى فٖ ػلن
الكالمٍ ،األهش الثبًٖ فٖ حج٘ٔ ٍلبلَا أى الجحث فٖ حج٘ٔ ٗكَى فٖ ػلن
األصَل ،لكي هجٌ٘ٔ ػلى لبػذت٘ي ،المبػذٓ األٍلى :للٌب اى الحج٘ٔ للمطغ رات٘ٔ،
المبػذٓ الثبً٘ٔ :اًمضبء الحج٘ٔ ثبًتفبء المطغ ٍَّ ،الصم حج٘ٔ المطغ الزات٘ٔ ٍّزُ
التٖ ٗؼجش ػٌْب ثــ (لبػذٓ لجح الؼمبة ثال ث٘بى) ٍثال حجٍّٔ .كزا ٗشجغ أهش المبػذ
ت٘ي إلى لض٘ٔ ٍاحذٓ ،هٌطَلْب ٗمتضى المبػذٓ األٍلىٍ ،هفَْهْب ٗمتضى المبػذٓ
الثبً٘ٔ ثباللتضام ٍَّ ػذم حج٘ٔ غ٘ش المطغ.
ٍهي ّزا الج٘بى ٍَّ :كَى هالك الحج٘ٔ َّ المطغ ٍتٌتفٖ ثبًتفبئِٗ ،ظْش أى الظي
ال تؼمل حج٘تِ ثٌفسِ ،ألى كل هب خشج ػي دائشٓ المطغ هٌطَلبً ،دخل فٖ دائشٓ
الوفَْم ٍال ثبلث ،إٔ لجح الؼمبة ػلِ٘ ألًِ ل٘س ث٘بًبً فٍِ٘ ،هي ٌّب احتبجت
حج٘ٔ الظي إلى جؼل.
ٍ
حٌ٘ئز تجشص هشكلِ ٍّٖ :أى جؼل الجبػل ك٘ف ٗصّ٘ش الظي حجٔ ٍهٌجضاً؟ ٍلكي
سغن أًِ ال ث٘بى فِ٘؟ أٍ ل٘س رلك تخص٘صبً لحكن الؼمل (ثمجح الؼمبة ثال ث٘بى)
الشبهل للظي؟ هغ أى أحكبم الؼمل غ٘ش لبثلٔ للتخص٘صٍ .هي ٌّب ثشصت ٍظْشت
األربعاء10 :ج1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ال.
ًٍشأت اتجبّبت جؼل الطشٗم٘ٔ ٍالؼلو٘ٔ ،لتتمذم ػلى حكن الؼمل ثبلحكَهٔ هث ً
ٍأهب الش٘خ الٌبئٌٖ٘(لذُ) ٍهذسستِ لبلت :أى جؼل الحج٘ٔ للظي ٗكَى هي ثبة
التخصص ثبلٌسجٔ إلى (لبػذٓ لجح الؼمبة ثال ث٘بى) ال هي ثبة التخص٘ص ،ألى
الشبسع ٗؼتجش الظي ػلوبًٍ ،ثزلك ٗخشج الظي ػي هفَْم تلك المض٘ٔ ٍٗذخل فٖ
هٌطَلْبٍّ .زا فٖ األهبسات الظٌ٘ٔ.
ٍلكي اختبس فٖ ك٘ف٘ٔ جؼل الحج٘ٔ فٖ غ٘ش األهبسات ،كوب فٖ هَاسد األصَل
هٌْب (ٍجَة االحت٘بط) ألًِ ال هؼٌى لجؼل االحت٘بط كبشفبً ٍػلوبً ،لؼذم الكبشف٘ٔ
ٍالؼلو٘ٔ فٖ االحت٘بط ثبالتفبق.
ٍأهب الش٘خ األًصبسٕ(لذُ) فلِ كالم فٖ الومبم ٍَّ :أى الؼمبة ثبثت فٖ هَاسد
تشك االحت٘بط الَاجت ٍإًوب َّ ػلى (الحكن الظبّشٕ) إٔ (ػلى تشك االحت٘بط)
ال ػلى تشك الحكن الَالؼٖ ،لؼذم اًكشبفِ ،ألى الج٘بى تن ػلى الحكن الظبّشٕ ،ال
ػلى الحكن الَالؼٖ.
ٍفٖ همبثل ّزا التفك٘ش ٌّبك تفك٘ش؛ ٗشى ثطالى الزّبة إلى (لبػذٓ لجح الؼمبة)
الوجٌ٘ٔ ػلى التفص٘ل ث٘ي الوَلَٗٔ ٍالحج٘ٔ ،ثل الحك ػٌذّن أى الجحث ػي
الحج٘ٔ َّ ثٌفسِ ثحث ػي حذٍد الوَلَٗٔ حم٘مٍّٔ ،وب هسألٔ ٍاحذٍٓ ،إى
الوَلَٗٔ ػجبسٓ ػي (حك الطبػٔ) الزٕ ٗذسكِ الؼمل ٍحج٘تِ ثوالك (شكش الوٌؼن)
اشتذ الخالف ث٘ي الوتأخشٗي ،تجؼبً
أٍ (الخبلم٘ٔ) أٍ (الوبلك٘ٔ) أٍ غ٘شّبٍ .هي ٌّب ّ
للٌضاع ث٘ي األصَل٘٘ي ٍاألخجبسٗ٘ي فٖ هسألٔ الجشاءًٓ ٍّٖ ،ضاػْن فٖ الصغشى
ٍّٖ (توبه٘ٔ الج٘بى ٍػذم توبه٘تِ هي لجل الوَلى) ٍأهب الكجشى( ٍّٖ ،ػذم
األربعاء10 :ج1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
استحمبق الؼجذ للؼمبة ػلى هخبلفٔ التكل٘ف غ٘ش الَاصل إلِ٘) فْٖ هسلؤ ػٌذّن
الستلضام خالف الظلن.
ٌٍّب ٗأتٖ السؤال الوشَْس ،الزٕ ٍلغ هؼشكٔ اٙساء ث٘ي الوؼبصشٗيّ :ٍّٖ ،ل
ٗوكي تطج٘ك (لبػذٓ لجح الؼمبة ثال ث٘بى) ػلى التكل٘ف الوَلَٕ الوشكَك ثجَتِ
ثبلشك الجذٍٕ الوستمش؟ إٔ ثؼذ الفحص الالصم ،إرا كبًت هَلَٗتِ راتٍ٘ٔ ،الحكن
ثمجح الؼمبة ػلِ٘؟
أٍ أًِ ال ٗوكي؟ ثل الوشجغ فِ٘ لبػذٓ االشتغبل ثوالحظٔ (لبػذٓ حك الطبػٔ؟
رّت الوشَْس إلى المَل األٍل ٍرّت جوبػٔ إلى المَل الثبًٖ.
ٍأهب الس٘ذ الخَئٖ(لذُ) فلن أجذ لِ سأٗبً خبصبً فٖ الوسألٍٔ ،لؼلِ تجغ سإٔ أستبرُ
الوحمك الٌبئٌٖ٘(لذّوب) ٍَّ الشإٔ الوشَْس.
ٍالحبصل :هب ركشُ الوحمك الٌبئٌٖ٘(لذُ) ٍهؤٗذٕ هذسستِ فٖ الومبم َّ :أى
التكل٘ف الوَلَٕ إرا ٍصل إلى الوكلف ثؼلن ٍجذاًٖ ،أٍ ثؼلن تؼجذٕ استمل
الؼمل الؼولٖ ثلضٍم التحشك ًحَ اهتثبلِ ثبػتجبس أًِ ٗذسك استحمبق الؼمَثٔ ػلى
هخبلفتِ ٍَّ ،الوحشك األسبس ًحَ الطبػٔ ٍاالهتثبل.
ٍأهب إرا لن ٗصل التكل٘ف الوَلَٕ إلى الوكلف ،ال ٗؼلن ٍجذاًٍٖ ،ال ٗؼلن
تؼجذٕ فال همتضى لحكن الؼمل ثلضٍم التحشك ًحَ اهتثبلِ ػلى أسبس اى الؼمل
الؼولٖ ٗذسك أى الؼمبة ػلى التكل٘ف غ٘ش الَاصل إلى الوكلف ،ػمبة ثال ث٘بى
ٍ
حٌ٘ئز غ٘ش احتوبل التكل٘فٍ ،االحتوبل ال ال؛ إر ل٘س فٖ الومبم
ٍَّ لج٘ح ػم ً
ٗصلح أى ٗكَى ث٘بًبًٍ ،هحشكبً ًحَ التكل٘ف إرا كبى ثؼذ الفحص ٍال٘أس ػي
األربعاء10 :ج1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
حصَل الؼلن ٍالحجٔ ػلى التكل٘فٍ ،لْزا ٗذسك الؼمل الؼولٖ ثأى الؼمبة ػلى
التكل٘ف الوحتول غ٘ش الَاصل إلِ٘ ،هي الؼمبة ثال ث٘بى ٍَّ ،لج٘ح ٍظلن ،ال
ٗصذس اى هي الوَلى الحم٘مٖ.
ٍثكلؤ :أى التكبل٘ف اإللضاه٘ٔ ثَجَداتْب الَالؼ٘ٔ ال تكَى هؤثشٓ ٍهحشكٔ ًحَ
الؼول ٍاالهتثبلٍ ،إًوب تكَى هؤثشٓ ٍهحشكٔ ثَجَدّب الَاصل إلى الوكلفٍ ،لَ
الٍ ،ال ٗكَى هحشكبً ًحَ
ثؼلن تؼجذٍٕ ،أهب هجشد ثجَتْب فٖ الَالغ ال ٗؼتجش ٍاص ً
ال.
التكل٘ف ،فلْزا ٗكَى الؼمبة ػلِ٘ هي دٍى ث٘بى ٍَّ لج٘ح ػم ً
السبت13 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
كبى كالهٌب فٖ ئٗجبد الجَاة ػي السإال الوشَْس الزٕ ٍقغ هؼشكٔ أساء؛ ّل
ٗوكي تطج٘ق (قبػذٓ القجح ػلى التكل٘ف الوَلَٕ الوشكَك فٖ حبل الشك
الجذٍٕ الوستقش) ٍالحكن ثــ قجح الؼقبة ػلِ٘ أٍال؟
رّت الوشَْس ئلى ئهكبى رلكٍ ،جوبػٔ :ئلى الؼذم ٍالشجَع ئلى االحت٘بغ
ثقبػذٓ (حق الطبػٔ).
القَل األٍل هذسسٔ الوحقق الٌبئٌٖ٘(قذُ) ٍحبصلِ أى :التكل٘ف الوَلَٕ ئرا
ٍصل ثؼلن ٍجذاًٖ أٍ تؼجذٕ استقل الؼقل الؼولٖ ثلضٍم التحشك ًحَ اهتثبلِ ٍاال ّ
فبلؼقَثبت ثبثتٔ.
ٍئرا لن ٗصل كزلك فال هقتعٖ لحكن الؼقل ثلضٍم التحشك ًحَ اهتثبلِ إلدساكِ
قجح الؼقبة ػلى تشكِ هي الحك٘ن.
ًؼن :فٖ الوقبم ٌّبك (احتوبل التكل٘ف) ٍَّ ال ٗصلح أى ٗكَى ث٘بًبً ٍهحشكبً ًحَ
التكل٘ف خصَصبً ثغ ال٘أس ػي ظفش الحجٔ ػلِ٘ ،فبلؼقل ٗذسك كَى الؼقبة ػلى
التكل٘ف الوحتول (غ٘ش الَاصل ئلِ٘) هي الؼقبة ثال ث٘بى ٍقج٘ح ٍظلن ال ٗصذس
هي الحك٘ن.
ٍأهب الس٘ذ الشْ٘ذ(قذُ) الزٕ اختبس القَل الثبًٖ :فقذ اػتشض ػلى ّزا الج٘بى،
ٍقبل :ئًِ ال ٗشجغ ئلى هؼٌى هحصل فٖ هقبم اإلستذاللٍ ،رلك ألى الوحشك
للوكلف ًحَ التكل٘ف ػلى قسو٘ي:
القسن األٍل َّ :الوحشك الزاتٖ التكٌَٖٗ
القسن الثبًٖ َّ :الوحشك الوَلَٕ األػن هي التششٗؼٖ أٍ الؼقلٖ.
السبت13 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
أهب القسن األٍل :فَْ الوحشك الزٕ ٌٗشأ هي ٍجَد غشض تكٌَٖٗ ًحَ الشٖء،
ٍَّ هالصم هغ قَٓ هي قَى اإلًسبى ،أٍ سغجٔ هي سغجبتِ؛ كبلجَع ٍالؼطش ًحَ
األكل ٍالششةٍ ،كبلخَف هي الؼقبة ًحَ االهتثبل.
فبلشٖء ثَجَدُ الَاقؼٖ ،ال ٗكَى هحشكبً تكٌَٗبً ،ثل الوحشك َّ (ٍجَدُ
الَاصل) ألى ٍجَدُ الَاقؼٖ ال ٗكَى هي أحذ هجبدب اإلسادٓ ٍالتحشك فاى ػول٘ٔ
التحشك ،ػول٘ٔ شؼَسٗٔ ًفسبً٘ٔ ،ثحبجٔ ئلى الَصَل.
ًؼن :أى للَصَل هشاتت هتؼذدٓ ،كبلَصَل الَجذاًٖ ٍالتؼجذٕ ٍاالحتوبلٖ
ثحست تفبٍت دسجبت أّو٘ٔ الشٖء تختلف الوحشك٘ٔ فقذ ٗفشض تحقق
الوحشك٘ٔ هي ئحتوبل ٍجَد الوطلَة ،كوي ٗتشك الؼجَس هي طشٗق ٗحتول ٍجَد
األسذ فِ٘ ٍَّ ٍاظح.
ٍأهب القسن الثبًٖ ٍَّ الوحشك الوَلَٕ التششٗؼٖ فَْ هتوثل فٖ (حق الطبػٔ
ٍالؼجَدٗٔ) ٍهؼٌبُ :أى الؼقل الؼولٖ ٗحكن ثالثذٗٔ التحشك ًحَ االهتثبل لتكبل٘ف
الوَلى ،ثبػتجبس هَلَٗٔ الوَلىٍ ،حق طبػتِ ػلى الوكلف٘ي هطلقب ،سَاء أكبى ػٌذ
اإلًسبى غشض ٍهٌفؼٔ فٖ رلك ،أٍ لن ٗكي لِ غشض ٍهصلحٔ فٖ رلك.
ٍػلِ٘ :فبلتحشك الوَلَٕ قبئن ػلى أسبس الحسي ٍالقجح ٍحكن الؼقل ثالثذٗٔ
ال ثحق الوَلى
الطبػٍٔ ،تشك الوؼص٘ٔ ،ػو ً
ٍهي ٌّب ًقَل :ئى كَى التكل٘ف هحشكبً ثَجَدُ االحتوبلٖ ،أٍ ػذم كًَِ هحشكبً
هتفشع ػلى هقذاس سؼٔ حق الوَلٍَٗٔ ،الٌظش ئلى تلك (الالثذٗٔ الؼقل٘ٔ) فاى فشض
ثجَت حق الطبػٔ ٍالوَلَٗٔ فٖ األحكبم الوحتولٔ أٗعبً ثجت الوقتعٖ للتحشٗك،
السبت13 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
كبى كالهٌب فٖ الوسألٔ التٖ كبًت هعشكٔ آساء ث٘ي األصَل٘٘ي خصَصبً
الوتأخشٗي ،على أى الوشجع فٖ هَاسد الشجْبت ثذٍٗٔ الوستمش ٗعٌٖ ثعذ الفحص
ٍال٘أس عي الظفش ثذل٘ل على حكن هَسد الوشكَك فْل الوشجع َّ أصبلٔ الجشاءٓ
اثتٌبء على لبعذٓ لجح عمبة ثال ث٘بى العمل٘ٔ أٍ أى الوشجع أصبلٔ االشتغبل اثتٌبء
على لبعذٓ حك الطبعٔ ٍالوَلَٗٔ؟.
ركش الوحمك الٌبئٌٖ٘ (لذُ) ٍتجعِ على رلك هذسستِ ٍغبلت طلجتِ فٖ غبلت
شجْبت ثذٍٗٔ عٌذ هب ًشك فٖ ٍجَة دعبء عٌذ سؤٗٔ ّالل ٍ عذم ظفش على
الحكن ف٘مَل ٌّب ئًوب الزٕ َٗجذ َّ احتوبل تكل٘ف ٍاحتوبل تكل٘ف ال ٗصلح
ألى ٗكَى ث٘بًبً ٍهحشكبً ٍثبعثبً ًحَ التكل٘ف ،فارا عمت علِ٘ ٗكَى لج٘حبً ،ف٘مجح
ثال ٍجَد ث٘بى همتض لتحشٗك ،فاراً الوشجع َّ الجشاءٓ.
الس٘ذ الشْ٘ذ الصذس (لذُ) الزٕ ٗخبلف ّزا الشإٔ ٗمَل :اى ّزا الكالم غ٘ش تبم،
ٍرلك ألًٌب الثذ أى ًالحظ أًِ فٖ هَاسد احتوبل تكل٘ف ّل َٗجذ ٌّبك همتضٖ
لتكل٘ف أٍ ال؟ الثذ أى ًشجع ئلى الذل٘لٍ ،الذل٘ل فٖ الومبم َّ سعٔ ٍض٘ك حك
ال لوَاسد العلن
الوَلَٗٔ ٍالطبعٔ ،ئرا كبى ّزا الحك هَسعبً كوب ٗكَى شبه ً
لتكل٘ف علن ٍجذاًٖ ٍعلن تعجذٕ ٍٗشول أٗضبً هَاسد علن احتوبلٖ كوب فٖ
الومبم ،فَ٘جذ ٌّبك همتضٖ لتحشٗك ،فارا لن ٗعول على طجك احتوبل ٗكَى
العمبة ثبثتبً علٍِ٘ ،أهب ئرا كبى دائشٓ حك هَلَٗٔ ٍالطبعٔ هض٘مبً ٍهختصبً ثوَاسد
ٍ
فحٌ٘ئز ال العلن الَجذاًٖ ٍالتعجذٕ ال تشول علِ٘ دائشٓ هَاسد احتوبل تكل٘ف،
همتضٖ لتحشٗك ٍئلبهٔ الذل٘ل على ّزا األهشٍ .ثعذ ّزا التوْ٘ذً :طشح ثعض
األحد14 :ج1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ٍسٍاد هذسستِ.
األسئلٔ على الوحمك الٌبئٌٖ٘(لذُ) ّ
تسبؤل :هب َّ هشاد كن ثــ (لجح العمبة هي دٍى ث٘بى ،فال همتضٖ للتحشك)؟ فْل
الوشاد َّ :عذم الومتضٖ ٍالوحشك الزاتٖ للتحشٗك؟ أٍ الوشاد َّ الومتضٖ
الوَلَٕ للتحشٗك؟
فاى كبى الوشاد َّ األٍل :ف٘شد علِ٘ :أى اًتفبء الومتضٖ الزاتٖ للتحشٗك ال ٗمجّح
العمبة ٍاال ّ لضم لجح عمبة الفسبق ٍالفجبس ،ئر ال َٗجذ لذْٗن الومتضى الزاتٖ
للطبعٍٔ ،تشك الوعصٍ٘ٔ .ئى كبى الوشاد َّ الثبًٖ :ف٘شد علِ٘ أى عذم الومتضٖ
الوَلَٕ للتحشٗك عٌذ الشك ٍاحتوبل التكل٘ف ،أٍل الكالم ،ألًِ هشثَط ثسعٔ
الًٍ .حي ًمَل ثصشاحٍٔ ،ثعجبسٓ سبرجٍٔ ،هي دٍى
دائشٓ حك الوَلىٍ ،ض٘مِ عم ً
تكلّف صَسٓ صٌبع٘ٔ:
ئى عملٌب العولٖ ٗحكن ثأى الوَلى لِ حك الطبعٔ فٖ التكبل٘ف الوحتولٔ على
المبعذٓ هبلن ٗشد تشخ٘ص ظبّشٕ هي لجل الوَلى ،فوي ٗذعى أى احتوبل
التكل٘ف ل٘س ثوحشك هلضم ثالبهٔ الجشّبى على رلك ،ألًِ ٗذعٖ خالف المبعذٓ.
فبلٌت٘جٔ :أى هب ركشُ هذسسٔ الوحمك الٌبئٌٖ٘(لذُ) غ٘ش تبمٍ ،رلك :ألًِ جعل
ال ح٘ث لبل :ئى احتوبل التكل٘ف ال ٗكَى ث٘بًبً،
الوذعى َّ احتوبل التكل٘ف دل٘ ً
ال).
ّزا هصبدسٓ ثل للٌب أًِ ث٘بى ٍهحشك (على المبعذٓ عم ً
ٍأهب ش٘خٌب األستبر(دام ظلِ) فمذ أفبد فٖ هٌبلشٔ جَاة الس٘ذ الشْ٘ذ(لذُ) هب
حبصلِ:
أى الظبّش أى الوحمك الٌبئٌٖ٘(لذُ) لذ اعتوذ فٖ ّزا الَجِ على الس٘شٓ العمالئ٘ٔ
األحد14 :ج1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
الجبسٗٔ ثٌْ٘ن ٍّٖ ،أى الوَلى العشفٖ ال ٗإاخز عجذّن على هخبلفٔ التكل٘ف فٖ
حبالت الشك ٍالجْل ثٍِ .هٌشأ ّزُ الس٘شٓ االستكبصٗٔ الشاسخٔ فٖ أعوبق
ًفَسْن ٍالوَافمٔ للفطشٓ ٍالججلٔ( َّ ،لجح العمبة ثال ث٘بى) ٍأى احتوبل ثجَت
التكل٘ف ال ٗصلح أى ٗكَى ث٘بًبً على التكل٘ف الَالعٍٖ .هي ٌّب :تكَى لبعذٓ
(لجح العمبة ثال ث٘بى) لبعذٓ استكبصٗٔ فال هصبدسٓ فٖ جَاة الوحمك
الٌبئٌٖ٘(لذُ).
ثن أٍسد الس٘ذ الشْ٘ذ(لذُ) على الش٘خ األًصبسٕ ٍالوحمك الٌبئٌٖ٘(لذّوب)
ئشكبالً آخش ٍحبصلِ :أى ّزُ الس٘شٓ ٍئى كبًت ثبثتٔ استكبصاً ،ئال ّ أى هَسدّب َّ:
هَاسد الوَلَٗٔ العشف٘ٔ العشض٘ٔ دٍى الوَلَٗٔ الزات٘ٔ ،التٖ ّٖ هحل الكالم.
ٍأجبة عٌِ ش٘خٌب األستبر(دام ظلِ):
أى اعتوبد العلو٘ي على الس٘شٓ العمالئ٘ٔ الوَافمٔ للَجذاى ئًوب َّ على أسبس
أًْوب ال ٗشٍى فشلبً فٖ (حك الطبعٔ) ث٘ي الوَلَٗٔ الزات٘ٔ ٍالعشف٘ٔ ،كوب َّ
الوعشٍف ٍالوشَْسٍ .على رلك :فوي ٗذعٖ الفشق ثٌْ٘وب ثذعَى :أى الوشجع فٖ
حبالت الشك فٖ التكل٘فٍ ،احتوبل ثجَتِ فٖ هَاسد الوَلَٗٔ الزات٘ٔ( َّ ،لبعذٓ
االشتغبل) الوجتٌ٘ٔ على (حك الطبعٔ) ٍأى الوشجع فٖ حبالت الشك فٖ التكل٘ف
هي الوَلى العشفٖ َّ (لبعذٓ الجشاءٓ) الوجتٌ٘ٔ على (لجح العمبة ثال ث٘بى) عشفبً
ال ،فعلى هذعى الفشق ثٌْ٘وب أى ٗجّ٘ي ًكبت الفشق ث٘ي الوَسدٗي ٍّوب :ثبة
عم ً
الوَلَٗٔ الزاتٍ٘ٔ ،ثبة الوَلَٗٔ العشف٘ٔ.
االثنين15 :ج1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ركش الش٘خ األًظبسٕ ٍتجؼِ ػلى رلك الوحمك الٌبئٌٖ٘(لذّوب) ػلى أى الَظ٘فٔ
ٍالوشجغ ػٌذ الشك فٖ الشجْبت الحكو٘ٔ ثؼذ الفحض ٍال٘أس ػي الظفش ثذل٘ل
َّ إجشاء أطبلٔ ثشاءٓ الوجتٌ٘ٔ ػلى لبػذٓ لجح ػمبة ثال ث٘بى ،ثن أٍسد الس٘ذ
الشْ٘ذ(لذُ) ػلى الش٘خ األًظبسٕ ٍالوحمك الٌبئٌٖ٘(لذّوب) إشكبالً آخش
ٍحبطلِ :أى ّزُ الس٘شٓ ٍإى كبًت ثبثتٔ استكبصاً ،إال ّ أى هَسدّب َّ :هَاسد
الوَلَٗٔ الؼشف٘ٔ الؼشػ٘ٔ دٍى الوَلَٗٔ الزات٘ٔ ،التٖ ّٖ هحل الكالم.
ٍأجبة ػٌِ ش٘خٌب األستبر(دام ظلِ) :أى اػتوبد الؼلو٘ي ػلى الس٘شٓ الؼمالئ٘ٔ
الوَافمٔ للَجذاى إًوب َّ ػلى أسبس أًْوب ال ٗشٍى فشلبً فٖ (حك الطبػٔ) ث٘ي
الوَلَٗٔ الزات٘ٔ ٍالؼشف٘ٔ ،كوب َّ الوؼشٍف ٍالوشَْسٍ .ػلى رلك :فوي ٗذػٖ
الفشق ثٌْ٘وب ثذػَى :أى الوشجغ فٖ حبالت الشك فٖ التكل٘فٍ ،احتوبل ثجَتِ
فٖ هَاسد الوَلَٗٔ الزات٘ٔ( َّ ،لبػذٓ االشتغبل) الوجتٌ٘ٔ ػلى (حك الطبػٔ) ٍأى
الوشجغ فٖ حبالت الشك فٖ التكل٘ف هي الوَلى الؼشفٖ َّ (لبػذٓ الجشاءٓ)
ال ،فؼلى هذػى الفشق ثٌْ٘وب أى ٗجّ٘ي الوجتٌ٘ٔ ػلى (لجح الؼمبة ثال ث٘بى) ػشفبً ػم ً
ًكبت الفشق ث٘ي الوَسدٗي ٍّوب :ثبة الوَلَٗٔ الزاتٍ٘ٔ ،ثبة الوَلَٗٔ الؼشف٘ٔ.
تٌجِ٘ :الزٕ ٗظْش هي كلوبت الس٘ذ الشْ٘ذ(لذُ) أًِ ثّ٘ي ٍركش الفشق ثٌْ٘وب فٖ
ظل ًكتت٘ي:
الٌكتٔ األٍلى :أى الوَلَٗٔ الؼشف٘ٔ هَلَٗٔ اػتجبسٗٔ جؼل٘ٔ ،تتجغ الجؼل ٍاالػتجبس،
فال ًؼلن جؼلْب ٍاػتجبسّب فٖ حبالت الشك ثبلَالغٍ ،ػذم الؼلن ثِ ،ال ٍجذاًبًٍ ،ال
تؼجذاً .فئرا لن ًؼلن ثزلك :فبلمذس الوت٘مي َّ ،اى هَلَٗٔ الوَلى الؼشفٖ ،هجؼَلٔ
االثنين15 :ج1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ٍثبثتٔ فٖ حبالت الؼلن ثبلتكل٘ف ،دٍى حبالت الشك ثِ ،فئراً ٗكَى الشك فٖ
التكل٘ف شكبً فٖ الوَلٍَّٗٔ .زا ثخالف حبالت الشك فٖ التكل٘ف الظبدس هي
الوَلَٗٔ الزات٘ٔ ،فئًِ شك فٖ التكل٘ف الوَلٍَٕ ،الشك فِ٘ هسبٍق للشك فٖ
الؼمبةٍ ،احتوبلِ ،فلزلك ٗكَى الوشجغ فِ٘ لبػذٓ (حك الطبػٔ) ٍثٌ٘وب ال ٗكَى
فٖ حبالت الشك فٖ التكل٘ف الوَلَٕ الؼشفٖ شك فٖ التكل٘ف الوَلَٕ.
ٍرلك :ألى الوت٘مي َّ جؼل الوَلَٗٔ للوَلى الؼشفٖ فٖ حبالت الؼلن ثِ ال هطلمب
ٍّزا َّ الفشق ث٘ي الوَلَٗٔ الزاتٍ٘ٔ ،الجؼل٘ٔ الؼشف٘ٔ.
الٌكتٔ الثبً٘ٔ :أى هَلَٗٔ الوَلى الحم٘مٖ رات٘ٔ ٍهطلمٔ ٍكبهلٍٔ ،ال حذٍد لْبٍ ،ال
ًْبٗٔ لْب ػلى أسبس أًِ الخبلك الوطلكٍ ،الوٌؼن ٍالوبلك ٍالشاصقٍ ،المبدس
ٍالوؼطٖ ٍالؼبلن ثكل شٖء ٍلِ الَالٗٔ الوطلمٔ ػلى التششٗؼ٘بت ٍالتكٌَٗ٘بت،
فئى تظشف اإلًسبى فٖ ًفسِ ٍجسوِ تظشف فٖ هبل الغ٘ش ،فال ثذ هي إحشاص
سػبُ ،حتى فٖ حبل الشك ثحكن الؼمل.
ٍأهب الوَلى الؼشفٖ :فتكَى هَلَٗتِ هحذٍدٓ ثحذٍد ثؼغ التششٗؼ٘بت فمطٍّ .زا
الفشق الفبحش ثٌْ٘وب فٖ الوَلَٗٔ َّ الزٕ ٗؤدٕ إلى تلك الٌت٘جٔ ٍّٖ ،ثجَت
حك الطبػٍٔ ،شكش الوٌؼن ،فٖ حبالت الشك فٖ التكل٘ف الوَلَٕ الحم٘مٖ
ٍػذم ثجَتِ فٖ حبالت الشك فٖ التكل٘ف الوَلَٕ الجؼلٖ.
ٍػلِ٘ :فئرا كبى ّزا الفشق ٍاػحبً فٖ ًفسِ فال إشكبل فٖ أى هَلَٗٔ هّال تؼبلى
تختلف ػي سبئش الوَلَٗبتٍ ،ال ٗوكي أى ٗجشّي ػلى ػ٘مْب ثؼ٘ك سبئش
الوَلَٗبت ،فبلم٘بس هغ الفبسق.
االثنين15 :ج1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ٍأهب ش٘خٌب األستبر (دام ظلِ) فمذ ًبلش كلتب الٌكتت٘ي ثوب حبطلِ :أهب الٌكتٔ
ال للوٌبلشٔ
األٍلى :ففْ٘ب دػَٗبى لبث ً
أٍالً :أى فشع كَى هَلَٗٔ الوَلى الؼشفٖ هجؼَلٔ فٖ حبالت الؼلن ثبلتكل٘ف،
دٍى حبالت الشك ثحبجٔ إلى دل٘ل ٍال دل٘ل ػلى رلك فٖ همبم اإلثجبت ثل
الذل٘ل ػلى خالفِ ٍرلك ،ألى هب دل هي الذل٘ل ػلى هَلَٗٔ الشسَل (ص) ٍاألئؤ
(ع) هطلكٍ ،همتؼى إطاللِ :أى الوَلَٗٔ هجؼَلٔ لْن (ع) هطلمبٍ ،غ٘ش هم٘ذٓ
ثبلؼلن ثبلتكبل٘فٍ .ػلِ٘ :فوب طذس هي الٌجٖ(ص) ٍاألئؤ (ع) ثؼٌَاى ثبًَٕ فٖ
هٌطمٔ الفشاؽ فَْ حكن هَلَٕ هطلمب ،سَاء أكبى الوكلف ػبلوبً أم ال(إٔ شبكبً).
ٍهي ٌّب كبى الشك فٖ التكل٘ف الظبدس هي الوَلى الؼشػٍٖ ،احتوبل ثجَتِ فٖ
ال فٖ
الَالغ شكبً فٖ التكل٘ف الوَلَٕ الوسبٍق إحتوبل الؼمبة ،ف٘كَى داخ ً
طغشى لبػذٓ (حك الطبػٔ) دٍى لبػذٓ المجح ،إراً ال فشق ث٘ي الوَلَٗٔ الزات٘ٔ،
ٍ
حٌ٘ئز. ٍالجؼل٘ٔ
ألَل :إى الس٘ذ الشْ٘ذ(لذُ) لن ٗمظذ ثبلوَلَٗٔ الؼشف٘ٔ الؼشػ٘ٔ إال ّ هَلَٗٔ الوبلك
ػلى ػجذُ ٍأهتِ دٍى هَلَٗٔ الٌجٖ ٍاألئؤ(ع) ،ح٘ث إًْب هَلَٗٔ رات٘ٔ طَلٍ٘ٔ ،فٖ
طَل هَلَٗتِ تؼبلىٍ ،تٌضٗلْن هٌضلٔ هَلَٗٔ الٌجٖ ٍاألئؤ(ع) ،ح٘ث إًْب هَلَٗٔ
(الشاد
ّ رات٘ٔ طَلٍ٘ٔ ،فٖ طَل هَلَٗتِ تؼبلىٍ ،تٌضٗلْن هٌضلٔ هَلَٗتِ ،كوب لبل(ع):
كبلشاد ػلى هّال ٍَّ ،فٖ حذ الششك) فال ٗشد ػلِ٘ اإلشكبل األٍل.
ّ ػلْ٘ن
ٍثبً٘بً :أى دػَى كَى إحتوبل التكل٘ف فٖ الوَلَٗٔ الزات٘ٔ ،هسبٍق إلحتوبل
الؼمبة ٗشجغ إلى دػَى أى الؼمل الؼولٖ ٗذسك رلك هطلمب حتى إرا كبى ّزا
االثنين15 :ج1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
أصثح تؽث٘ك لاػذٓ المثح فٖ ّزُ الوَاسد أهشاً هش تكضاً فٖ أرّاًْن ،فلَ كاى
للشاسع ؼشٗمٔ أخشى للضم التٌثِ٘ ػلى خؽأ ؼشٗمٔ الؼمالء فٖ ّزا الوَسد ،فح٘ج
لن ٗشد تٌثِ٘ ػلى رلك ال تصشٗحاً ٍال تلَٗحاً ٍإشاسٓ ،ف٘ؼلن أًِ ال تَجذ لِ ؼشٗمٔ
أخشى غ٘ش ؼشٗمٔ الؼمالء.
ٍدػَى :أى الؼمل الؼولٖ ٗذسك أى الوشجغ فٖ حاالت الشك فٖ التكل٘ف
الوَلَٕ الزاتٖ َّ( :لاػذٓ حك الؽاػٔ) ٍّزا ٗوٌغ هي اتثاع ؼشٗمٔ الؼشف
ٍالؼمالء فٖ الومام.
هذفَػٔ :تأى إدساكِ رلك هؽلما حتى تؼذ الفحص ،أٍل الكالمٍ ،تحاجٔ إلى
إحثاتٍ .حاً٘اً :أى الوشتكض فٖ أرّاى الؼشف ٍالؼمالء أى احتوال التكل٘ف الوَلَٕ
الزاتٖ تؼذ الفحص ٍػذم الظفش تذل٘ل ،ال احش لٍِ ،ال ٗكَى هحشكاًٍ ،ال ٗحكن
ال ػي الوَلَٗٔ
الؼمل الؼولٖ ػلى خالفِ حتى فٖ هَاسد الوَلَٗٔ الزات٘ٔ ،فع ً
الؼشف٘ٔ.
فالٌت٘جٔ :ػذم حثَت لاػذٓ االشتغال الوثتٌ٘ٔ ػلى حك الؽاػٔ فٖ التكل٘ف
الوشكَك تؼذ الفحص ٍػذم الظفش تذل٘ل فال هحالٔ ٗكَى الوشجغ :لاػذٓ (لثح
الؼماب) الوخثتٔ ،للثشاءٓ ػي التكل٘ف ،تال فشق ت٘ي هَاسد الوَلَٗٔ الزات٘ٔ ،أٍ
الجؼلٍ٘ٔ .لذ ظْش هوا تمذم هي الوٌالشات ػلى ها رّة إلِ٘ هذسسٔ الوحمك
الٌائٌٖ٘(لذُ) ًمعاً ٍإتشاهاًٍ .أى الس٘ذ الخَئٖ(لذُ) ٍتتثؼِ ش٘خٌا األستار (دام ظلِ)
لذ أٗذا ها ركشُ الوحمك الٌائٌٖ٘ (لذُ) هي كَى الوشجغ فٖ الشثْات الحكو٘ٔ
تؼذ الفحص َّ جشٗاى (الثشاءٓ الؼمل٘ٔ) الوثتٌ٘ٔ ػلى لاػذٓ (لثح الؼماب تال ت٘اى).
الثالثاء16 :ج1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ٍأى الس٘ذ الشْ٘ذ(لذُ) :لذ أختاس فٖ هَاسد الشثْات الحكو٘ٔ هؽلما تحشٗو٘ٔ
كاًت أٍ ٍجَت٘ٔ تل فٖ هَاسد الشثْات الوَظَػ٘ٔ أٗعاً(لاػذٓ االشتغال) ٍأى
الؼمل الؼولٖ ٗحكن تحسي االحت٘اغٍ ،جَتِ ،تاػتثاس سؼٔ دائشٓ الوَلَٗٔ الزات٘ٔ
ٍإؼاللْا الشاهل لوَاسد اإلحتوال أٗعاً.
ٍهؼٌى( :أصالٔ االحت٘اغ) َّ :أى الؼمل ٗذسك إى هي حك الوَلى ػلى الوكلف أى
ال ٗصذس هٌِ ها ٗحتول كًَِ هخالفاً للوَلى إال إرا أحشص تشخ٘ص الوَلى فٖ
رلك ٍّزا َّ الوشاد (تحك الؽاػٔ) الخاتت ػلى الوكلف هؽلما.
ٍهي ٌّا :رّة الس٘ذ الشْ٘ذ(لذُ) خالفاً للوشَْس إلى أى األصل األٍلٖ فٖ
ال؛ لماػذٓ الوَلَٗٔ ٍحك الؽاػٔ.
الشثْات َّ االحت٘اغ ػم ً
ًؼن :لَحثت تذل٘ل ششػٖ إرى الشاسع فٖ اإللذام فٖ الشثْات الحكو٘ٔ ،أٍ
الوَظَػ٘ٔ كاى رلك سافؼاً لوَظَع األصل األٍلٖ (أصالٔ االحت٘اغ) ٍ ٍاسداً
ػلٍِّ٘ ،زا هؼٌاُ حثَت الثشاءٓ الششػ٘ٔ هغ اإلرى فٖ التشخ٘ص فٖ االلتحام
للشثْاتّ .زا.
المسن الخاًٖ :أصالٔ الثشاءٓ الششػ٘ٔ :توْ٘ذٍ :لغ الخالف ٍالٌضاع ت٘ي األصَل٘٘ي
ٍاألخثاسٗ٘ي فٖ الشثْات الحكو٘ٔ التحشٗو٘ٔ:
فزّة األصَلَ٘ى إلى (الثشاءٓ) فْ٘ا ،تٌ٘وا رّة هشَْس األخثاسٗ٘ي إلى
(االحت٘اغ) تل ادػى الوحذث االستشاتادٕ(لذُ) جشٗاى االحت٘اغ حتى فٖ
ال ػي التحشٗو٘ٔ.
الشثْات الحكو٘ٔ الَ جَت٘ٔ فع ً
األربعاء17 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
فٖ هجحج أصبلٔ ثشاءٓ فٖ هستحل الجحج قسوٌب أصبلٔ الجشاءٓ إلى القسو٘ي ،أصبلٔ
الجشاءٓ الؼقل٘ٔ تقذم الكالم فْ٘ب.
القسن الخبًٖ :أصبلٔ الجشاءٓ الششػ٘ٔ
توْ٘ذٍ :قغ الخالف ٍالٌضاع ث٘ي األصَل٘٘ي ٍاألخجبسٗ٘ي فٖ الشجْبت الحكو٘ٔ
التحشٗو٘ٔ:
فزّت األصَلَ٘ى إلى (الجشاءٓ) فْ٘ب ،ثٌ٘وب رّت هشَْس األخجبسٗ٘ي إلى
(االحت٘بغ) ثل ادػى الوحذث االستشاثبدٕ(قذُ) جشٗبى االحت٘بغ حتى فٖ
ال ػي التحشٗو٘ٔ.
الشجْبت الحكو٘ٔ الَ جَث٘ٔ فع ً
حن اػلن :أى الٌضاع ثٌْ٘وب ل٘س كجشٍٗبً لؼذم اختالفْوب فٖ (قبػذٓ القجح) (ػذم
استحقبق الؼجذ للؼقبة فٖ فشض ػذم ٍصَل التكل٘ف ٍالحكن ٍالج٘بى إلِ٘).
ثل الٌضاع صغشٍٕ ،إٔ فٖ توبه٘ٔ الج٘بى ٍتحققٍِ ،ػذم تحققِ ّل االحتوبل ث٘بى
أٍال؟
ٗذػٖ أًِ فٖ ظشف الشك فٖ التكل٘ف(الشجْبت الحكو٘ٔ) ٍظ٘فٔ
فئى األصَلّٖ :
الوكلف ثؼذ الفحص الالصم ػي الذل٘ل فْ٘بٍ ،ػذم الظفش ثبلذل٘ل ٍَّ جشٗبى
(أصبلٔ الجشاءٓ) ثوؼٌى أى القبػذٓ األٍل٘ٔ الؼقل٘ٔ ػٌذ الشك فٖ حكن الضاهٖ َّ
جشٗبى الجشاءٓ هي التكل٘ف اإللضاهٖ.
ٍػلِ٘ :فلَ قذس اتفبقبً أى كبى الَاقغ هَجَداًٍ ،لكي لن ٗصجِ الوكلف ثؼذ الفحص
الالصم فبلوَلى ال ٗؼبقت الؼجذ حٌ٘زاك ،ثبػتجبس أًِ ػقبة ثال حجٔ ٍث٘بى ٍاصل،
ثل تؼزٗت ثال سٌذ ٍدل٘ل ،ح٘ج لن ٗصل التكل٘ف إلى الؼجذ ٍهي الوؼلَم أًِ
األربعاء17 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ٗقجح ػلى الوَلى أى ٗؼبقت الؼجذ ػلى تكل٘ف لن ٗصل إلِ٘ ،ألًِ ٗكَى للٌبس
حٌ٘ئز الحجٔ ػلى هّال تؼبلى ،هغ أى ا ٔٗٙالششٗفٔ تصشح ٍتقَل « :ق ُْل فَلِل ِِٓ ال ُْح ٓج ُٔ ٍ
٘ي (» )1 ال ْجبلِغَ ُٔ فَلََ َشبء لَْ َذاكُن َأجوؼِ
ْ ْ َ َ ْ َ َ َ
ال ه ى
َ بَ ك ٍ لِ س الش ذ ؼث ٔ
ٌ ج ح بس ػلَى ه ِ
ال ٍتقَل فٖ هَظغ آخش « :لِئالٓ ٗك َُ َى لِلٌ ٓ ِ
ُّ ّ ُ ٓ َْ ٔ ُ ََ َ َ َ
َػ ِضٗضاً َح ِك٘وبً (» )2
ٍأهب األخجبسٕٗ :ذػى أى الج٘بى تبم ػلى التكل٘ف الَاقؼٖ فٖ الشجْبت الحكو٘ٔ
خصَصبً التحشٗو٘ٔ ٍَّ ،األهش ثبإلحت٘بغ فٖ الشجْبت ٍفٖ ظشف الشكٍ ،قذ
اقبهَا ثؼط األدلٔ ػلى رلك.
الَجِ األٍل :حصَل الؼلن اإلجوبلٖ ثخجَت تكبل٘ف الضاه٘ٔ فٖ الششٗؼٔ الوقذسٔ
ٍَّ ٗقتعٖ اإلحت٘بغ فٖ الشجْبت الحكو٘ٔ ،ألى الؼلن اإلجوبلٖ كبلؼلن التفص٘لٖ
هٌجض.
ٍالجَاة ػٌِ :أى الؼلن اإلجوبلٖ كوب تقذم ٌٗحل إلى ػلن تفص٘لٖ ثبألحكبم
الششػ٘ٔ الخبثتٔ فٖ ظوي الكتت األسثؼٔ ٍغ٘شّب الوؼتجشٍٓ ،إلى الشك ثذٍٕ
فتجشٕ الجشاءٓ فِ٘.
الَجِ الخبًٖ :األخجبس الكخ٘شٓ اٙهشٓ ثبلتَقف ػٌذ الشجْٔ أٍ اٙهشٓ ثبالحت٘بغ فٖ
الوشتجْبت ٍّٖ ،تؼّ٘ي طشٗقبً ٗعوي الٌجبٍٓ ،األهي هي الؼقَثٔ.
حذ التَاتش ٍثؼعْب هقطَع السٌذٍ ،ثبلغ حذ
ٍّٖ أخجبس كخ٘شٓ جذاً ،تكبد تجلغ ّ
اإلػتجبسفتكَى ّزُ األخجبس الكخ٘شٓ ،ثوٌضلٔ الج٘بى ػٌذ الشك فٖ التكل٘فٍ ،تكَى
ركشًب ؤى الجشاءٓ هي األطَل الؼول٘ٔ التٖ ًجحث ػٌْب ٍركشًب ؤى الجشاءٓ تٌمسن إلى
المسو٘ي ،المسن األٍل الجشاءٓ الؼمل٘ٔ ٍتمذم الكالم فْ٘بٍ ،ؤهب المسن الثبًٖ الجشاءٓ
الششػ٘ٔ ٍركشًب فٖ الجحث السبثك فٖ توْ٘ذ ؤى ٌّبك خالف ًٍضاع ث٘ي األطَلٖ
ٍاألخجبسٕ ،فٖ األطبلٔ الجشاءٓ ٍؤى الوشجغ ػٌذ الشجْبت الحكو٘ٔ َّ ؤطبلٔ
الجشاءٓ ؤٍ اإلحت٘بط ،األخجبسٕ رّت إلى اإلحت٘بط فٖ الشجْبت الحكو٘ٔ خظَطبً
التحشٗو٘ٔ ثذػَى الؼلن اإلجوبلٖ فٖ األحكبم ٗكَى هٌجضاً لإلحت٘بط ،ؤٍ ثذػَى
ٍجَد سٍاٗبت تَلف ؤٍ سٍاٗبت اإلحت٘بط ٍّٖ ظبّشٓ فٖ الَجَة اإلحت٘بط
ششػبًٍ ،األطَلٖ ًبلش ّزُ الَجَُ ٍسد ّزُ الَجَُ تبسٓ ثإى الؼلن اإلجبلٖ
ٌٗحل إلى الؼلن تفظ٘لٖ ٍالشك ثذٍٕ ،هجشاُ ثشاءٍٓ ،ؤخشى ثإى ّزُ الشٍاٗبت
إسشبدٗٔ إلى الحكن الؼملٍ ،ل٘ست هَلَٗٔ ،ؤٍ ؤى ٌّبك سٍاٗبت ثشاءٓ تكَى
حبكؤ ٍ ٍاسدٓ ػلى ّزُ الشٍاٗبت.
الكالم كل الكالم فٖ هب إستذل ثِ األطَلٖ ػلى الجشاءٓ الششػ٘ٔ.
ؤدلٔ المبئل٘ي ثبلجشاءٓ.
تمذم ؤى الوؼشٍف ٍالوشَْس ث٘ي األطَل٘٘ي جشٗبى الجشاءٓ فٖ الشجْبت الحكو٘ٔ
ثؼذ الفحض هطلمب ،ثال فشق ث٘ي الشجْبت التحشٗو٘ٔ ؤٍ الَجَثٍ٘ٔ ،استذلَا ػلى
رلك :ثبلكتبة الؼضٗض ٍالسٌٍٔ ،اإلجوبعٍ ،اإلستظحبة.
ؤهب الكتبة الؼضٗض :فمذ إستذلَا ػلْ٘ب ثأٗبت ػذٗذٓ :هٌْب :لَلِ تؼبلىَ ٍَ « :هب كٌُٓب
ث َس ُسَل (» )1 ُه َؼزِّ ث ِ َ
٘ي َحتٓى ًَج ْ َؼ َ
ٍتمشٗت اإلستذالل ثِ :ؤى ا ٔٗٙالششٗفٔ ًفى التؼزٗت اال ّ فٖ حبلٔ إسسبل الشسَل
ٍثوب ؤى ثؼث الشسَل ،كٌبٗٔ ػي ث٘بى األحكبم الششػ٘ٔ للٌبسٍ ،إتوبم الحجٔ
ػلْ٘ن ،كوب َّ ظبّش ثحست اإلستكبص ٍالفْن الؼشفٖ ،فتذل ا ٔٗٙالششٗفٔ ػلى ؤى
الؼمبة هتَلف ػلى الج٘بى فال ػمبة لجل ث٘بى التكل٘فٍ ،إٗظبلِ إلى الٌبس.
ٍّزا َّ هفبد (اطبلٔ الجشاءٓ الششػ٘ٔ) كوب َّ هفبد (الجشاءٓ الؼمل٘ٔ) ؤٗضبً.
ٍلذ ؤٍسد ػلى اإلستذالل ثْزُ ا ٔٗٙػلى الوطلَة ثَجْ٘ي:
الَجِ األٍل :ؤى ظبّش ا ٔٗٙالششٗفٔ َّ ،اإلخجبس ػي ػذم ٍلَع الؼزاة ػلى األهن
السبثمٔ اال ثؼذ ثؼث الشسَلٍ ،ث٘بى الحجٍٔ ،رلك ثمشٌٗٔ التؼج٘ش ثلفظ الوبضٖ« ٍَ َهب
٘يٍ » ...ػلِ٘ :فال تذل ا ٔٗٙػلى ًفٖ األخشٍٕ ػٌذ هخبلفٔ التكل٘ف كٌُٓب ُه َؼزِّ ث ِ َ
الوشكَك ،كوب فٖ الشجْبت الحكو٘ٔ ،فتكَى ا ٔٗٙؤجٌج٘ٔ ػي الذاللٔ ػلى ؤطبلٔ
الجشاءٓ.
ٍالجَاة ػٌِ :ؤٍالً :ؤى ًفٖ الؼزاة الذًَٕ٘ ػٌذ ػذم توبه٘ٔ الج٘بى ٗذل ثبألٍلَٗٔ
المطؼ٘ٔ ،ػلى ًفٖ الؼزاة األخشٍٕ ػٌذُ ألى الؼزاة الذًَٕ ؤَّى هي الؼزاة
األخشٍٕ ،لكًَِ هٌمطؼبً ٍغ٘ش دائن.
ٍثبً٘بً :ؤى ّزا الس٘بق ٍالتؼج٘ش الَاسد فٖ ا ٔٗٙالششٗفٔ ،هغ إستمشاء ًظبئشُ فٖ
المشآى ٗستؼول ػشفبً فٖ ث٘بى ؤى الوٌفٖ ؤٕ (الؼزاة) ل٘س هي شإى الوتكلنٍ ،ال
ال ،اال ثؼذ الج٘بى ٍإتوبم الحجٔ ثال فشق فٖ رلك
ٗل٘ك ثِ إثتذاءاًٍ ،ال ٗظذس هٌِ ؤط ً
ث٘ي ٍلَػِ فٖ الضهبى الوبضٖ ،ؤٍ الوستمجل ،ف٘ؼن الؼمبة الوفشٍع فٖ الومبم.
هضبفبً إلى ؤى ّزُ اٍ ٔٗٙالؼٔ فٖ س٘بق اٗٙبت الشاجؼٔ إلى الؼزاة األخشٍٕ
السبت20 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ف٘كَى الس٘بق لشٌٗٔ ػلى ؤى الوشاد ثبلؼزاة َّ خظَص الؼزاة األخشٍٕ ،ؤٍ
األػن هٌٍِ ،هي الؼزاة الذًَٕ٘.
ٍثبلثبً :لَ سلوٌب ؤى الوشاد ثبلؼزاة فٖ ا َّ ٔٗٙخظَص الؼزاة الذًَٕ٘ ثمشٌٗٔ
الفؼل الوبضٖ إال ّ ؤى الوَسد ال ٗخظض الَاسد ،ف٘كَى هفبدّب ؤػن هي هَسدّب
ألى الؼشف ال ٗفشق ث٘ي ًفٖ الؼمبث٘ي هي ًبح٘ٔ ػذم الج٘بى ،فال ٗجمى فشق ح٘ ٍ
ٌئز
ث٘ي الؼزاة الذًَٕ٘ ٍاألخشٍٕ ،ثل الوالصهٔ ثبثتٔ ث٘ي ٍلَع الؼزاة الذًَٕ٘ ٍ
األخشٍٕ ،دٍى الؼكس.
الَجِ الثبًٖ :ؤى غبٗٔ هب تذل ػلِ٘ اً( ٔٗٙفٖ فؼل٘ٔ الؼزاة) ٍَّ الٗذل ػلى ًفٖ
إستحمبق الؼمبة ،هغ ؤى الكالم ثٌٌ٘ب ٍث٘ي األخجبسٕ َّ فٖ الثبًٖ.
تَض٘حِ :ؤى ًفٖ الفؼل٘ٔ كوب َّ ظبّش ا ٔٗٙالششٗفٔ ؤػن هي ًفٖ اإلستحمبق ألى
ػذم ٍلَع الؼزاةٍ ،ػذم فؼل٘تِ هطلمب ،كوب ٗكَى هي جْٔ ػذم إستحمبلِ،
كزلك ٗكَى هي جْٔ ػفَ سثبًٖ ،هغ ؤى الومظَد َّ ًفٖ خظَص استحمبق
الؼمبة ػلى المبػذٓ ،فب ٔٗٙالششٗفٔ ال تٌفٖ الوؼشض٘ٔ للؼمبة ،إر لؼل اإلستحمبق
هَجَدٍ ،لكٌِ تؼبلى ٗؼفَ ػٌب الؼزاة.
ٍالجَاة ػٌِ :ؤى الوتفبّن الؼشفٖ هي ا ٔٗٙالششٗفٔ َّ :ؤى الؼزاة لجل الج٘بى
ل٘س هي شإًِ تؼبلىٍ ،غ٘ش الئك ثومبهِ الشحوبًٖ ٍالشح٘وٍٖ ،ػلى ّزا فلَ كبى
الؼجذ هستحمبً للؼمبة ،كبى ػزاثِ ال ئمبً ثومبهِ سجحبًٍِ ،هٌبسجبً لشإًِ تؼبلى ،فٌفٖ
الشإً٘ٔ هسبٍق لٌفٖ اإلستحمبق.
فبلٌت٘جٔ :ؤى اإلشكبالت الوزكَسٓ غ٘ش ٍاسدٓ ػلى اإلستذالل ثب ٔٗٙالششٗفٔ ػلى
السبت20 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
كبى كالهٌب فٖ اإلستذالل ػلى ؤطبلٔ ثشاءٓ الششػ٘ٔ ثأٗبت هي الكتبة الؼضٗض،
ٍاستذل الوشَْس هي اٛطَل٘٘ي ثْزُ ا ٔٗٙالششٗفٔ فٖ سَسٓ ؤسشاء « ٍَ َهب كٌُٓب
ث َس ُسَل » ٍؤى سسَل ٌّب كٌبٗٔ ػي الج٘بى ،فوؼٌى ا ٔٗٙؤًِ إرا لن ُه َؼزِّ ث ِ َ
٘ي َحتٓى ًَج ْ َؼ َ
ٗظل الج٘بى الششػٖ إلى الوكلف ،فال ٗكَى ٌّبك ػمبثبً ،فبلششع ٗمَل ػذم ٍجَد
ػمبة إرا لن ٗكي ٌّبك ث٘بى ،ففٖ هَسد الشجْبت الحكو٘ٔ التٖ لن ٗظل الج٘بى
ٍاحتول التكل٘ف فبٛطل َّ الجشاءٓ الششػ٘ٔ ثوفبد اٍ ،ٔٗٙاستشكل ثْزُ أٗٙ
ثئشكبل٘ي ،اٍٛل اً ٔٗٙفى الؼزاة الذًٍَٕ٘ ،ال اٛرخشٍٕ ،ركشًب ؤى ًفٖ الؼزاة
الذًَٕ٘ ػٌذ ػذم توبه٘ٔ الج٘بى ٗذل ثبٍٛلَٗٔ المطؼ٘ٔ ،ػلى ًفٖ الؼزاة اٛرخشٍٕ
ػٌذُ ٛى الؼزاة الذًَٕ ؤَّى هي الؼزاة اٛرخشٍٕ ،لكًَِ هٌمطؼبً ٍغ٘ش دائن.
الَجِ الثبًٖ :ؤى غبٗٔ هب تذل ػلِ٘ اً( ٔٗٙفٖ فؼل٘ٔ الؼزاة) ٍَّ الٗذل ػلى ًفٖ
إستحمبق الؼمبة ،هغ ؤى الكالم ثٌٌ٘ب ٍث٘ي اٛرخجبسٕ َّ فٖ الثبًٖ.
ؤى الوتفبّن الؼشفٖ هي ا ٔٗٙالششٗفٔ َّ :ؤى الؼزاة لجل الج٘بى ل٘س هي شإًِ
تؼبلىٍ ،غ٘ش الئك ثومبهِ الشحوبًٖ ٍالشح٘وٍٖ ،ػلى ّزا فلَ كبى الؼجذ هستحمبً
للؼمبة ،كبى ػزاثِ ال ئمبً ثومبهِ سجحبًٍِ ،هٌبسجبً لشإًِ تؼبلى ،فٌفٖ الشإً٘ٔ هسبٍق
لٌفٖ اإلستحمبق.
ٍؤهب الس٘ذ الشْ٘ذ(لذُ) فجؼذ سد اإلشكبالت الَاسدٓ ػلى ا ٔٗٙالششٗفٔ ؤٍسد ػلْ٘ب
إشكبالً ثبلثبًٍ :حبطلِ :ؤًِ لَ تن اإلستذالل ثْزُ ا ،ٔٗٙفوي الَاضح ؤًْب إًوب تذل
ػلى :ؤى الؼمبة هٌَط ثتتو٘ن الج٘بى هي لجل الشبسع ٛى ثؼث الشسَل فْ٘ب كفبٗٔ
ػي إلبهٔ الحجٔ هي لجل الشبسع سَاء ؤكبى للجؼث الشسَل ،ؤٍ جؼل إهبم ،ؤٍ ػي
األحد21 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ال.
طشٗك الشإٍ الثمٔ هث ً
ٍؤهب الَطَل إلى الوكلف :فئًِ ال ٗوكي ؤى ٗستفبد ٍٗستٌتج هي ّزُ الؼجبسٓ فٖ
ا ٔٗٙالششٗفٔ ثل غبٗٔ هب ٗستٌتج هٌْب ،ؤى الوَلى ال ٗؼزة اال ّ إرا ؤلبم هي لجلِ
الحجٔ ،فئرا ؤلبهْب ٍلكي لؼبسع رخبسجٖ لن تظل الحجٔ إلى الوكلف ،فال
ٗوكي التؼذٕ هي هَسد ا ٔٗٙإلى ّزُ الوَاسد الخبص ،فال ٗستفبد هي أٗٙ
الششٗفٔ إًبطٔ الؼمبة ثبلَطَل الخبسجٖ ثل ٗستٌتج هٌْب إًبطٔ الؼمبة ثئلبهٔ الج٘بى
ثبلٌحَ الوٌبست هي الوَلىٍّ ،زا ال ٗف٘ذًب فٖ الومبم.
ًؼن :ا ٔٗٙالششٗفٔ تف٘ذًب ف٘وب لَ ؤحشصًب فٖ هَسد ؤى الوَلى لن ٌٗظت ث٘بًبًٍ ،لن
ٗمن حجٍٔ ،ؤهب لَ إحتولٌب ؤًِ ًظت ث٘بًبً ،فال ٗكَى هثلِ ،هشوَالً ل ٔٗٚالششٗفٔ.
فبلٌت٘جٔ :ال ٗوكي اإلستذالل ثب ٔٗٙػلى حج٘ٔ الجشاءٓ الششػ٘ٔ فٖ الشجْبت
الحكو٘ٔ هطلمب.
ٍؤهب ش٘خٌب اٛستبر(دام ظلِ) فمذ ؤجبة ػوب ؤٍسدُ الس٘ذ الشْ٘ذ(لذُ) هي
اإلشكبلٍ :حبطلِ :ؤى الوتفبّن الؼشفٖ هي ا ٔٗٙالششٗفٔ ثوٌبسجٔ الحكن
ٍالوَضَع اإلستكبصٗٔ َّ ؤى (الشسَل) كٌبٗٔ ػي الج٘بى ٍإتوبم الحجٔ كوب تمذم،
ٍهي الَاضح ؤى الحجٔ ال تتن اال ثؼذ الَطَل ،فئرا طذس التكل٘ف فٖ الَالغ،
ٍلكٌِ غ٘ش ٍاطل إلى الوكلف ثسجت ؤٍ آرخش ،فال ٗظذق ػلى هجشد طذٍسُ
الج٘بى ٍالحجٔ ،ضشٍسٓ ؤى طذق الج٘بى ٍالحجٔ هتمَم ثبلَطَل ثٌحَ هي ؤًحبء
الَطَل ،حتى ٗكَى هّل الحجٔ الجبلغٍٔ .ػلِ٘ :فوب اٍسدُ الس٘ذ الشْ٘ذ(لذُ) فٖ
الومبم ،ال ٗوكي الوسبػذٓ ػلِ٘.
األحد21 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ثن تؼشع ش٘خٌب اٛستبر(دام ظلِ) إلى (اشكبل ساثغ) ؤطلِ هي الوحمك
الؼشالٖ(لذُ) ح٘ث ؤٗذ ٍسٍد ّزا اإلشكبل ػلى داللٔ ا ٔٗٙالششٗفٔ ػلى الجشاءٓ
الششػ٘ٔ ثن ثٌى (دام ظلِ) ػلى ػذم داللٔ ا ٔٗٙالششٗفٔ ػلى الجشاءٓ الششػ٘ٔ.
ٍحبطل اإلشكبل الشاثغ :ؤى هفبد ا ٔٗٙالكشٗؤ هفبد لبػذٓ لجح الؼمبة ثال ث٘بى
الٍ .تش شذ إلْ٘ب ٍتؤكذّب كوب َّ ٍاضح ،دٍى ؤطبلٔ الجشاءٓ الششػ٘ٔ التٖ
ػم ً
هفبدّب التشرخ٘ض الظبّشٕ فٖ الشجْبت الحكو٘ٔ ،ثؼذ الفحض ٍال٘إس ػي الظفش
ثذل٘ل فْ٘ب ّزا َّ الوستظْش هي ا.ٔٗٙ
ًؼن :ثوشٓ ؤًِ لَ للٌب :ثإى اٛطل اٍٛلٖ فٖ الشجْبت الحكو٘ٔ ثؼذ الفحضَّ ،
(لبػذٓ اإلشتغبل(ٍ ،حك الطبػٔ) ال (لبػذٓ لجح الؼمبة ثال ث٘بى) كبًت اٍ ٔٗٙاسدٓ
ػلى لبػذٓ اإلشتغبلٍ ،حك الطبػٍٔ ،سافؼٔ لوَضَػْب ٍجذاًبً ٍَّ ،إحتوبل
الؼمبةّ ،زا إرا كبى الوشاد هي (الشسَل) َّ (الج٘بى الششػٖ التبم) كوب َّ الظبّش
هي ا ٔٗٙالششٗفٍٔ .ؤهب لَ كبى الوشاد هي (الشسَل) هطلك الج٘بى اٛػن هي الج٘بى
الششػٖ ٍالؼملٖ ،فال تكَى اٍ ٔٗٙاسدٓ ػلْ٘ب ،لفشع ؤى لبػذٓ اإلشتغبل الوجتٌ٘ٔ
ٍ
حٌ٘ئز ث٘بى ثبػتجبس ؤى الؼمل الؼولٖ ٗذسك ؤى احتوبل التكل٘ف ػلى حك الطبػٔ،
الوَلَٕ الزاتٖ ث٘بى ٍهٌجض ٍإى كبى فٖ الشجْبت الحكو٘ٔ ثؼذ الفحض ٍهؼِ
ٗكَى الؼزاة ثؼذ الج٘بى ،ال ثذًٍٍِ ،لكي الظبّش الوشاد هي الشسَل فٖ اَّ ٔٗٙ
رخظَص الج٘بى الششػٖ دٍى اٛػن فِ٘ ٍهي الج٘بى الؼملٖ ،فبلٌت٘جٔ :ؤى ّزا
اإلشكبل ٍاسد ػلى اإلستذالل ثب ،ٔٗٙفال تذل ػلى ؤطبلٔ الجشاءٓ الششػ٘ٔ.
تحظل هوب ركشًبُ :فٖ تمشٗت اإلستذال ثْزُ ا ٔٗٙالششٗفٔ :ؤى الس٘ذ
األحد21 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
الخَئٖ(لذُ) رّت إلى داللتْب ػلى الجشاءٓ الششػٍ٘ٔ ،ؤهب الس٘ذ الشْ٘ذ ٍش٘خٌب
اٛستبر (دام ظلِ) لن ٗشتض٘ب ثذاللتْب ػلى الجشاءٓ الششػً٘ٔ .ؼن :استذل الس٘ذ
الشْ٘ذ (لذُ) ػلى الجشاءٓ الششػ٘ٔ ،ثأٗت٘ي ؤرخشٗ٘ي:
ال ًَف ْسبً ِإال ٓ َهب آتَب الطالق ،ا » 7 :ٔٗٙح٘ث إستٌتج فْ٘ب
ِّف هّ ُ
إحذاّوب :لَلِ تؼبلى « :ال َ ُٗكَل ُ
ثؼذ تَض٘ح الوشاد هٌْبٍ ،دفغ اإلشكبالت الَاسدٓ ػلْ٘ب:
ٍؤى ّزُ ا ٔٗٙتذل ػلى ًفٖ الَجَة اإلحت٘بطٍ ،إجشاء الجشاءٓ الششػ٘ٔ فٖ
الشجْبت الحكو٘ٔ ٍالوَضَػ٘ٔ ،سَاء ؤكبًت الشجْٔ ٍجَث٘ٔ ؤٍ تحشٗوٍ٘ٔ ،لكي
ال إطالق لْب لشوَل الشجْبت لجل الفحض ،ثل تختض ثجشٗبى الجشاءٓ فٖ هطلك
الشجْبت ثؼذ الفحض.
ل لَ َْهبً ث َ ْؼ َذ ِإرْ َّ َذا ُّ ْن َحتٓى ُٗج َ ِّ٘ َي ل َ ُْ ْن َهب ٍاٛرخشى :لَلِ تؼبلى ٍ « :هب كَب َى هال لِ٘ ِ
ض
ُّ ُ ٓ َ َ
ال ثِك ُِّل َش ْٖ ٍء َػلِ٘ ٌن التَثٔ ،ا» 111 :ٔٗٙ ِ
َٗتٓم َُ َى إ ٓى هّ َ
ٍتفظ٘لِ فٖ الذٍسٓ الالحمٔ إى شبء هّال تؼبلى.
ٍؤهب ش٘خٌب اٛستبر (دام ظلِ) فزكش ثؼذ ركش اٗٙبت الششٗفٔ ٍهٌبلشتْب هب حبطلِ:
ؤى اٗٙبت الششٗفٔ التٖ إستذل ثْب الوشَْس ػلى الجشاءٓ الششػ٘ٔ ،ثإجوؼْب ال تذل
ال فال ثذ هي التوبس دل٘ل آرخش ػلْ٘ب هي غ٘ش
ػلى ؤطبلٔ الجشاءٓ الششػ٘ٔ ،ؤط ً
اٗٙبت.
ٍؤهب ا لسٌٔ الششٗفٔ :فمذ إستذلَا ػلى الجشاءٓ الششػ٘ٔ ثطبئفٔ هي الشٍاٗبت.
االثنين22 :ج 1441 -2 العملية l األصول :مبحث األصول
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ركشًب فٖ الجحث السبثك أى الس٘ذ الخَئٖ رّت إلى توبه٘ٔ اإلستذالل ثآٗٔ
الششٗفٔ أٍ ثبٗٙبت الششٗفٔ ػلى ثجَت أطبلٔ الجشاءٓ الششػ٘ٔ ،ػٌذ الشك فٖ
الشجْبتٍ ،أهب الس٘ذ الشْ٘ذ (لذُ) ٍش٘خٌب األستبر (دام ظلِ) فمذ رّجب إلى ػذم
توبه٘ٔ اإلستذالل ثبٗٙبت ػلى إثجبت أطبلٔ الجشاءٓ الششػ٘ٔ ػلى ًحَ اإلطالق،
ٗؼٌٖ ف٘وب لَ كبى ثؼذ الفحض أٍ لجل الفحض ،ثن ٍلغ اإلستذالل ػلى ثجَت
أطبلٔ الجشاءٓ الششػ٘ٔ ثبلسٌٔ الششٗفٔ فبلتوسكَا ثطبئفٔ هي الشٍاٗبت أٗضبًٍ ،الوْن
َّ اإلستذالل ػلى الجشاءٓ الششػ٘ٔ ثحذٗث سفغ ٍأهب السٌٔ الششٗفٔ :فمذ إستذلَا
ػلى الجشاءٓ الششػ٘ٔ ثطبئفٔ هي الشٍاٗبت.
هّ
ػجذال هٌْب :حذٗث الشفغ الوشٍٕ فٖ الخظبل ثسٌذ طح٘ح ػي حشٗض ػي أثٖ
بء الْخَ َطؤُ ٍَ الٌِّ ْسَ٘ب ُى- ٘ شْ َ
أ ٔ
ُ ؼ س ال ص سفِغ ػي ُأهتِٖ تِ (ػلِ٘ السالم) « لبل :لَبل سسَل ه ِ
َ َ ْ َ ُ َ َ ْ ٓ َ َ ُ ُ ّ
اضطُ ٔشٍا ِإلَ٘ ْ ِِ ٍَ -ال َْح َس ُذ ٍَ ٍَ َهب أُك ْ ِش َُّا َػلَ٘ ْ ِِ ٍَ َهب َال ٗ َ ْؼل َ ُوَ َىَ ٍَ -هب َال ُٗطِ٘م َُ َى ٍَ َهب ْ
الطِّ ٘ َ َش ُٓ ٍَ -التٓفَك ُٔش فِٖ ال ََْ ْس ََ َس ِٔ فِٖ الْخَل ََْ ِٓ َهب ل َ ْن ٌَْٗطِم َُا ث ِ َشفَ ٍٔ» )1( .
ٍتمشٗت اإلستذالل ثِ ،هغ التشك٘ض ػلى فمشٓ(هبالٗؼلوَى) التٖ ّٖ هحل الكالم
(ػلى هبركشُ الس٘ذ الخَئٖ(لذُ) فٖ الوظجبح.
ٍأى اإللتضام الوحتول هي الَجَة أٍ الحشهٔ هوب ال ٗؼلن ،فَْ هشفَع ثومتضى
الحذٗثٍ ،الوشاد هي (الشفغ) َّ الشفغ فٖ هشحلٔ الظبّش ،دٍى الشفغ فٖ الَالغ،
حتى ٗستلضم التظَٗتٍ ،رلك للمشٌٗٔ الذاخل٘ٔ ٍالخبسج٘ٔ.
أهب المشٌٗٔ الذاخل٘ٔ :التٖ ٗؼجّش ػٌْب(ثوٌبسجٔ الحكن ٍالوَضَع اإلستكبصٗٔ) فْٖ أى
ًفس التؼج٘ش (ثوبال ٗؼلن) ٗذل ػلى أى فٖ الَالغ شٖء ال ًؼلوِ ،إر الشك أٍ الجْل
فٖ حكن إًوب َّ فشع ٍجَد رلك الحكن ٍلَ كبى الوشفَع ٍجَدُ الَالؼٖ
ثوجشد الجْل ثِ ،لكبى الجْل هسبٍلبً للؼلن ثؼذهِ ٍَّ كوب تشى ،ألًِ خالف
فشع شك ِّ فٖ الحكن الَالؼٖ.
ٍأهب المشٌٗٔ الخبسج٘ٔ :فْٖ اٗٙبت ٍالشٍاٗبت الكث٘شٓ الذالٔ ػلى إشتشاك األحكبم
الَالؼ٘ٔ ث٘ي الؼبلن ٍالجبّل فإى كبى الوشفَع الحكن الَالؼٖ ،لضم إختظبص
األحكبم الَالؼ٘ٔ ثبلؼبلن ٍَّ خلفٍ .إى شئت فؼجّش ػي المشٌٗٔ الخبسج٘ٔ (ثمبػذٓ
اإلشتشاك) فإًْب هي ضشٍسٗبت الوزّت.
ٍهي جْٔ أخشى :ال إشكبل فٖ حسي اإلحت٘بط ػلى كل حبل حتى فٖ الومبم،
فلَ كبى الوشاد هي (الشفغ) َّ الشفغ الَالؼٖ لن ٗجك هَسد لإلحت٘بط فإى اإلحت٘بط
إًوب َّ ألجل دسك الَالغ تحظ٘لِ ،فلَ فشع سفغ الَالغ اًتفى هَضَع اإلحت٘بط،
سبلجٔ ثإًتفبء الوَضَع.
ٍك٘فوب كبى :ف٘كَى الوشاد هي الحذٗث :أى اإللضام الوجَْل أٍ الوحتول فٖ
هَاسد الشجْبت الحكو٘ٔ هي الَجَة أٍ الحشهٔ هشفَع ظبّشاًٍ ،لَ كبى ثبثتبً فٖ
الَالغ ،فإى الحكن الششػٖ هطلمبٍ ،الؼ٘بً كبى أٍ ظبّشٗبً أهش ٍضؼِ ٍسفؼِ ث٘ذ
الشبسعٍ ،ال تٌبفٖ ث٘ي (التشخ٘ض الظبّشٕ) ٍث٘ي (اإللضام الَالؼٖ) ػلى هبتمذم
ث٘بًِ فٖ همبم الجوغ ث٘ي الحكن الَالؼٖ ٍالظبّشٕ.
فبلوتحظل فٖ الومبم :أى الوكلف لَ شك فٖ الحكن الَالؼٍٖ ،لن ٗكي لذِٗ ث٘بى
َٗضح لِ الحم٘مٔ ٍالَالغ ،فَْ هشخض لِ فٖ الفؼل ٍالتشكٍ ،الشبسع الومذس َّ
االثنين22 :ج 1441 -2 العملية l األصول :مبحث األصول
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
الزٕ سخض لِ رلك ،فلَ فشضٌب أًِ إستكت ٍطبدف الحشام الَالؼٖ ،لن ٗكي
هؼبلجبً ،ألًِ ثال ث٘بى ٍحجٔ تذل ػلى الَالغ ،إراً فحذٗث الشفغ ال دخل لِ ثبلحكن
الَالؼٍٖ ،إًوب َّ ثظذد سفغ الحكن الظبّشٕ.
تٌجِ٘ :ثن إى اإلستذالل ثبلحذٗث الوزكَس ،إًوب ٗتن ػلى تمذٗش أى ٗشاد هي
الوَطَل فٖ(هبال ٗؼلوَى) خظَص الحكن ،أٍ هب ٗؼوِ (كبلشٖء) فإى الوَطَل
ٍ
حٌ٘ئز الشجْت٘ي الحكو٘ٔ ٍالوَضَػٍ٘ٔ ،رلك :ألى ٌّب طَست٘ي: ٗشول
الظَسٓ األٍلى :أى ٗكَى الوكلف غ٘ش ػبلن ثبلوَضَع الخبسجٍٖ ،أى ّزا الوبٗغ
خل ،فَْ ٗحتول كال هٌْوب ٍٗجْل اًطجبق الؼٌَاى ػلِ٘ ،فتظذق ػلِ٘
خوش أٍ ٌ
ػٌَاى (هبال ٗؼلوِ) ٍٗكَى هي الشجْبت الوَضَػ٘ٔ ،ف٘ش تفغ ػٌِ حكوِ،
ثبلحذٗث ٍتطج٘مِ.
الظَسٓ الثبً٘ٔ :أى ٗجْل الوكلف ًفس الحكن الزٕ جؼلِ الشبسع الومذسٍ ،أى
الجؼل الششػٖ للوَضَع الخبسجٖ (ال ٗؼلن ثِ) هغ فشع ػلوِ ثبلوَضَع
الخبسجٖ( ،كبلذػبء ػٌذ سإٗٔ الْالل) فْزا أٗضبً هشفَع ،ألًِ (ال ٗؼلوِ) فحذٗث
الشفغ ػلى ّزا جبس فٖ الشجْت٘ي:
ثن ػلى التمذٗش الثبًٖ ٍَّ :إسادٓ الوؼٌى األػن هي الوَطَل ،فؤهش شوَل
ٍ
حٌ٘ئز األػن هي الشجْت٘ي الحكو٘ٔ ٍالوَضَػ٘ٔ ٍاضح ،ألى الوشاد هي الوَطَل
الحكن الوجَْلٍ ،الوَضَع الوجَْل.
ٍأهب ػلى التمذٗش األٍل ٍَّ :إسادٓ خظَص الحكن هي الوَطَل فوفبد الحذٗث
ٍ
حٌ٘ئز أى الحكن الوجَْل هشفَعٍ ،لكي اطاللِ ٗشول هب لَكبى هٌشؤ الجْل
االثنين22 :ج 1441 -2 العملية l األصول :مبحث األصول
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ثبلحكن ػذم ٍطَلِ إلى الوكلف ،كوب َّ الحبل فٖ الشجْبت الحكو٘ٔ ،أٍ
األهَس الخبسج٘ٔ ،كوب َّ الحبل فٖ الشجْبت الوَضَػّ٘ٔ ،زا.
ٍأهب إرا كبى الوشاد :هي الوَطَل (خظَص الفؼل الظبدس هي الوكلف فٖ
الخبسج) ثوؼٌى كَى الفؼل غ٘ش هؼلَم الؼٌَاى للوكلف ثؤى ال ٗؼلن أى ششة ّزا
ال ششة خوش ،أٍ ششة ػظ٘ش؟ فال ٗتن اإلستذالل ثِ للومبم.
الوبئغ الوجَْل هث ً
ٍ
حٌ٘ئز ثبلشجْبت الوَضَػ٘ٔ ،ألى ظبّش الَطف ٍرلك :إلختظبص الحذٗث
الوؤخَر فٖ الوَضَع كًَِ هي لج٘ل الَطف ثحبل ًفس الوَطَف ( ، )1ال ثحبل
هتؼلمِ ( .)2فلَ كبى الوَطَل ػجبسٓ ػي الفؼل الخبسجٖ كبى الحذٗث هختظبً ثوب
إرا كبى الفؼل ثٌفسِ هجَْالً ال ثحكوِ ،فال ٗشول الشجْبت الحكو٘ٔ التٖ ال
ٗكَى ػٌَاى الفؼل فْ٘ب هجَْالً.
ٍإستذل المبئلَى ثؤى الوشاد هي الوَطَل (هبال ٗؼلوَى) َّ الفؼل الخبسجٖ
ثَجَُ:
كبى كالهٌب فٖ همبم اإلستذالل ػلى اطبلٔ ثشاءٓ الششػ٘ٔ ،فٖ شجْبت الحكو٘ٔ
ٍأٗؼبً الوَػَػ٘ٔ ثحذٗث الشفغٍ ،ركش الس٘ذ الخَئٖ(لذُ) فٖ الومبم ،أى
اإلستذالل ثبلحذٗث ػلى جشٗبى الجشاءٓ فٖ شجْبت الحكو٘ٔ ٍالوَػَػ٘ٔ
خظَطبً ثؼذ الفحض ٍال٘أس ػي الظفش ثبلذل٘ل إًوب ٗتن فٖ هَسدٗي :الوَسد
األٍل ف٘وب لَ أسٗذ هي الوَطَل ٍّٖ لفظٔ كلؤ « هب » الوَجَدٓ فٖ غبلت
فمشات خظَص الحكن ،أٍ اسٗذ هٌِ اػن هي الحكن ،كبلشٖء « سفغ ػي أهتٖ هب
» إهب ٗشٗذ هٌِ الحكن الزٕ ال ٗؼلوَى ،أٍ ٗشاد هي الوب الوَطَل خظَص الشٖء
الوجْن الشبهل ٍ الوٌطجك للحكن ،أهب لَ أسٗذ هي الوبء خظَص الفؼل الظبدس هي
الوكلف فٖ الخبسج ،فال تذل ػلى الوطلَة.
تَػ٘ح رلك :إى اإلستذالل ثبلحذٗث الوزكَس ،إًوب ٗتن ػلى تمذٗش أى ٗشاد هي
الوَطَل فٖ(هبال ٗؼلوَى) خظَص الحكن ،أٍ هب ٗؼوِ (كبلشٖء) فإى الوَطَل
ٍ
حٌ٘ئز الشجْت٘ي الحكو٘ٔ ٍالوَػَػٍ٘ٔ ،رلك :ألى ٌّب طَست٘ي: ٗشول
الظَسٓ األٍلى :أى ٗكَى الوكلف غ٘ش ػبلن ثبلوَػَع الخبسجٍٖ ،أى ّزا الوبٗغ
خل ،فَْ ٗحتول كال هٌْوب ٍٗجْل اًطجبق الؼٌَاى ػلِ٘ ،فتظذق ػلِ٘
خوش أٍ ٌ
ػٌَاى (هبال ٗؼلوِ) ٍٗكَى هي الشجْبت الوَػَػ٘ٔ ،ف٘ش تفغ ػٌِ حكوِ،
ثبلحذٗث ٍتطج٘مِ.
الظَسٓ الثبً٘ٔ :أى ٗجْل الوكلف ًفس الحكن الزٕ جؼلِ الشبسع الومذسٍ ،أى
الجؼل الششػٖ للوَػَع الخبسجٖ (ال ٗؼلن ثِ) هغ فشع ػلوِ ثبلوَػَع
الخبسجٖ( ،كبلذػبء ػٌذ سؤٗٔ الْالل) فْزا أٗؼبً هشفَع ،ألًِ (ال ٗؼلوِ) فحذٗث
الثالثاء23 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ال :لَ ًظشًب إلى الجول اٙت٘ٔ لشأٌٗبٍٍ ،جذًب ،أى الوستؼول فِ٘ الوَطَل (هب)
هث ً
شٖء ٍاحذٍ ٍ ،حذٓ الس٘بق هحفَظٔ (هب تشك صٗذ فَْ لَاسثٍِ ،هبتشك ػوشٍ،
ٍهبتشك خبلذ )..فلَ إًطجك هفَْم الوَطَل ثمشٌٗٔ طلتِ ػلى (الذاس) فٖ الوثبل
األٍلٍ ،ػلى (الس٘بسٓ) فٖ الوثبل الثبًٍٖ ،ػلى (الجستبى) فٖ الوثبل الثبلث ،فال
تذل (ٍحذٓ الس٘بق) ػلى اى هتشٍكبت الجو٘غ هٌطجمٔ ػلى جٌس ٍاحذٍ ،الومبم
هي ّزا المج٘ل.
الَجِ الثبًٖ :أى أسٌبد الشفغ إلى (الحكن) حم٘مٖ ألى الشفغ ال ٗأتٖ اال ّ فٖ هَسد
تٌبلِ ٗذ التظشف ٍػؼبً ٍَّ ،الحكن ٍ الجؼلٍ ،لكي اسٌبد الشفغ إلى الفؼل
الخبسجٖ هجبصٕ ،إر الفؼل هتحمك خبسجبًٍ ،ال ٗكَى هٌتف٘بً حم٘مٔ ،ل٘كَى اسٌبد
الشفغ إلِ٘ حم٘م٘بًٍ ،ػلِ٘ :فلَ أسٗذ ثبلوَطَل فٖ جو٘غ الفمشات (الفؼل) كبى
ٍأهب لَ أسٗذ ثبلوَطَل فٖ خظَص
اإلسٌبد فٖ الجو٘غ هجبصٗبًٍ ،ال إشكبلّ .
(هبالٗؼلوَى) الحكن؛ لضم الوحزٍسٍ ،رلك :ألى الفؼل الوجَْل (سفغ) فٖ
الحذٗث أسٌذ ثبسٌبد ٍاستؼوبل ٍاحذ إلى ػٌَاى جبهغ ث٘ي األهَس التسؼٔ
الوزكَسٓ ثمَلِ « سفغ ...تسؼٔ » ٍّزا الؼٌَاى (التسؼٔ) فٖ ثؼغ هظبدٗمِ ٗكَى
اإلسٌبد إلِ٘ حم٘م٘بًٍ ،فٖ ثؼؼِ هجبصٗبً ٍالصهِ أى ٗكَى إسٌبد ٍاحذ حم٘مٖ
ٍهجبصٕ ،ثحست اختالف هظبدٗك الوسٌذ إلِ٘ ٍَّ ،غ٘ش طح٘ح لغٍٔ ،غ٘ش جبئض
استؼوبالً.
ًؼن :ال هبًغ هي الجوغ ث٘ي اسٌبدات هتؼذدٓ فٖ كالم ٍاحذٍ ،هختلفٔ هي ح٘ث
الوجبص ٍالحم٘مٍٔ ،الوبًغ إًوب َّ فٖ اإلسٌبد الَاحذ كوب َّ الحبل فٖ حذٗث
الثالثاء23 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
الشفغ.
ٍأجبة ػٌِ الس٘ذ الخَئٖ(لذُ)...
األربعاء42 :ج 1221 -4 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كبى كالهٌب فٖ اإلستذالل ػلى الظحٔ التوسك ثأطبلٔ الجشاءٓ الششػ٘ٔ ،اػتوبد ًا
ػلى حذٗث الشفغ ٍاسداً فٖ خظبل الظذٍق(لذُ) ح٘ث ٍسد فٖ ّزا الحذٗث «
ُسفِ َغ َػ ْي أُ ٓهتِٖ ت ِ ْس َؼ ُٔ (ٍفٖ ػوي ّب) َهب َال ٗ َ ْؼل َ ُوَ َى » ٍَّ هَسد الجحث ٍالكالم،
فبستذل الس٘ذ الخَئٖ(لذُ) ػلى أى الوشاد ثوب الوَطَل ف٘وب ال ٗؼلوَىٗ ،كَى
َّ الحكن فبلٌت٘جٔ :أى الحكن الوجَْل فٖ الشجْبت الحكو٘ٔ خظَطبً ثؼذ
الفحض ّزا الحكن ٗكَى هشفَػبً ،ثأطبلٔ ثشاءٓ ػي التكل٘فٍ ،حتى لبل ثجشٗبى
ّزا األطل فٖ شجْبت الوَػَػ٘ٔ ،فٖ همبثل رلك رّت الجؼغ إلى ػذم داللٔ
ّزا الحذٗث ػلى أطبلٔ ثشاءٓ الششػٍ٘ٔ ،كبى هَسد اإلشكبل فٖ أى الوشاد هي هب
الوَطَلٔ فٖ هبال ٗؼلوَى ٍّزُ الفمشٓ األّن هَسد الكالم ،أى ٗشاد هي هب َّ فؼل
طبدس هي الوكلف فٖ الخبسج ،فئرا كبى سفغ الفؼل فوؼٌى أًِ ٗكَى الحذٗث
حجٔ فٖ خظَص هَػَػبتٗ ،ؼٌٖ ّل ّزا الفؼل حبطل فٖ الخبسج ششة
خوش أٍ ششة خل ،هبدام ال تؼلن فأًِ لك حالل هشفَع لك ،ف٘كَى شجْٔ
هَػَػ٘ٔ ،دٍى الحكوٍ٘ٔ ،استذل ػلى رلك ثَجَُ ،تمذم الكالم فٖ الَجْ٘ي
(األٍل ٍالثبًٖ).
الَجِ الثبلث :هي إشكبل المبئل٘ي ثبلفؼل ٍػذم داللٔ الحذٗث أى هفَْم الشفغ
ل٘ظح تؼلك الشفغ ثٍِ ،ل٘كَى سفؼِ اهتٌبً ًب ػلى
ال ّتمتؼٖ أى ٗكَى الوشفَع ش٘ئبً ثم٘ ً
األهٔ.
ٍهي الوؼلَم أى الثم٘ل َّ الفؼل ،دٍى الحكن ،الزٕ َّ أهش اػتجبسٕ خف٘ف
سوٖ الحكن
ال ػلى الوكلفٍ ،إًوب ّ
الوؤًٍٔ طبدس ػي الوَلى ،ح٘ث ال ٗكَى ثم٘ ً
السبت27 :ج 1441 -2 العملية l األصول :مبحث األصول
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ثبلتكل٘ف هجبصاًٍ .ل٘س هي جْٔ الكلفٔ هي ًفس الحكن ثل ثبػتجبس كًَِ سججبً
لجؼل الوكلف فٖ كلفٔ ٍهشمٔ الفؼل ،أٍ التشك ٍ ،صحوتْوب ،كل رلك هي ثبة
ركش السجت ٍإسادٓ الوسجتٍ .ثبلجولٔ :الثم٘ل ػلى الوكلف َّ فؼل الَاجت
ٍتشك الحشام ،ال هجشد الحكن ٍإًشبء الَجَة أٍ الحشهٔ الظبدسٗي هي الوَلى،
ٍػلِ٘ فال ثذ أى ٗشاد هي الوَطَل فٖ جو٘غ الفمشات َّ (الفؼل) دٍى (الحكن).
ٗظح إسٌبد
ّ ٍفِ٘ :سلوٌب أى الثمل إًوب َّ فٖ هتؼلك التكل٘ف ،ال فٖ ًفسِ ،إال أًِ
الشفغ إلى السجت ٍَّ (التكل٘ف) ثال ػٌبٗٔ ،كوب ٗظح إسٌبدُ إلى األثش الوتشتت
ػلِ٘.
ٍػلِ٘ :ف٘ظح أى ٗمبل( :سفغ اإللضام) أٍ(سفؼت الوؤاخزٓ) ،فال هبًغ هي إسٌبد الشفغ
إلى الحكن ثبػتجبس كًَِ سججبً لَلَع الوكلف فٖ كلفٔ ٍثمل ،ثمظذ سفغ ثمل
الفؼل ،ثشفغ سججِ ٍػلتٌٍِّ .بك ٍجَُ أخشى :إػبفٔ إلى تٌجْ٘بت للتؼو٘ن ،أٍ
التخظ٘ض فٖ هفبد الحذٗث تشكٌبّب ،سٍهبً لالختظبس ٍ ،ػلى أهل ث٘بًْب فٖ
الذٍسات الالحمٔ ،إى شبء هّال تؼبلى .فتحظل هوب ركشُ الس٘ذ الخَئٖ(لذُ) فٖ
الومبم توبه٘ٔ اإلستذالل ثبلحذٗث الششٗف ػلى (أطبلٔ الجشاءٓ الششػ٘ٔ) ٍأى
اإلشكبل ػلى داللتْب غ٘ش تبهٔ.
ٍأهب الس٘ذ الشْ٘ذ(لذُ) فمذ ركش أى الكالم فٖ الحذٗث ٗمغ فٖ همبهبت أسثؼٔ:
ساثؼْب :الكالم فٖ سٌذُ ًٍحي ًمذم ّزا الومبم هي جْٔ تمذٗن ش٘خٌب األستبر(دام
ظلِ) الجحث ػٌِ .أهب الكالم فٖ طحٔ سٌذ الحذٗث :فال إشكبل فٖ الجولٔ فٖ
طحٔ أطل حذٗث الشفغ ٍلكي اإلشكبل إًوب َّ فٖ طحٔ حذٗث الشفغ الَاسد
السبت27 :ج 1441 -2 العملية l األصول :مبحث األصول
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
فٖ الخظبل ،الوتؼوي لفمشٓ اإلستذالل ثِ ٍّٖ فمشٓ (هبال ٗؼلوَى) ألى الشفغ ثغ٘ش
ّزُ الفمشٓ ،ال أثش لِ فٖ همبم اإلستذالل ػلى الجشاءٓ ،فوب ًمل ػي الس٘ذ
الخَئٖ(لذ ُ) هي طحٔ السٌذ لحذٗث الشفغ فٖ الخظبل ال ٗوكي الوسبػذٓ ػلِ٘،
ٍرلك ،ألى فٖ سٌذُ (أحوذ ثي هحوذ ثي ٗح٘ى الؼطبس) الزٕ ٌٗمل ػي الظذٍق
(لذُ) ّزُ الشٍاٗٔ ٍَّ لن تثجت ٍثبلتٍِ ،إى كبى هي هشبٗخ الظذٍق(لذُ) الزٕ
ٗشٍٕ ػٌْنً .ؼن :لَ ل٘ل :ثأى هجشد ّزُ الوش٘خٔ تكفٖ فٖ إثجبت ٍثبلتِ لكبى
ٍ
حٌ٘ئز لكَى هي هشبٗخ الظذٍق(لذُ) (أحوذ ثي هحوذ ثي ٗح٘ى الؼطبس) ثمٔ
الزٕ سٍى ػٌِ ّزا الحذٗثٍ .لكيّ :زا الوجٌى غ٘ش طح٘ح ،ألى لبػذٓ (كفبٗٔ
كَى الشخض ش٘خبً للظذٍق أٍ للوحوذٗي الثالثٔ فٖ الَثبلٔ) لن تثجت حتى ػٌذ
الس٘ذ الخَئٖ(لذُ) هغ أى للظذٍق هشبٗخ ًَاطت ،كوب اػتشف ثزلكٍ ،ػلِ٘
تكَى الشٍاٗٔ ػؼ٘فٔ سٌذاًٍّ ،زا .إراً فالثذ هي التفت٘ش ػي طشٗك آخش إلثجبت
طحٔ الحذٗث الوتؼوي لفمشٓ (هبال ٗؼلوَى).
فٌمَل :إى طبحت الَسبئل(لذُ) سٍى ػي الش٘خ الطَسٖ ،ػي الحس٘ي ثي ػج٘ذ
هّال ػي أحوذ ثي هحوذ ثي ٗح٘ى الؼطبس ػي أثِ٘ (هحوذ ثي ٗح٘ى) ػي هحوذ ثي
الجؼفٖ ػي أثى ػلٖ ثي هحجَة ،ػي أحوذ ثي ػ٘سى فٖ ًَادسُ ػي إسوبػ٘ل ُ
ت ِخظ ٍ
بل -الْخَ َطأُ ٍَ الٌِّ ْسَ٘ب ُى ٔ ػغ ػي ّ ِز ُِ ْاألُه ِٔ ِ
س ػجذ هال (ع)« :لَبل سوِؼتِ ٗم َُ ُل ٍ ِ
َ ٓ َ ْ َ ُ َ َ َ ُُْ َ ّ
اػطُ ٔشٍا ِإلَ٘ ْ ِِ»)1( . ٍَ َهب ْاستُك ْ ِش َُّا َػلَ٘ ْ َِِ ٍَ -هب َال ٗ َ ْؼل َ ُوَ َى ٍَ َهب َال ُٗطِ٘م َُ َى ٍَ َهب ْ
ٍٗوكي أى ٗمبل :ثأى ّزُ الشٍاٗٔ طح٘حٔ السٌذ ألى طشٗك الَسبئل إلى كتبة
(الٌَادس) َّ طشٗمِ إلى الش٘خ (لذُ) ٍَّ طشٗك طح٘ح ،كوب أى طشٗك الش٘خ إلى
(الٌَادس) أٗؼبً طح٘حٍ ،هي الوؼلَم أى (أحوذ ثي هحوذ ػ٘سى) ثمٍٔ ،الجؼفٖ
ثمٔ ،فتكَى ّزُ الشٍاٗٔ ًبفؼٔ إلثجبت الوطلَة ،إال أى فٖ سٌذّب أٗؼبً (احوذ ثي
هحوذ ٗح٘ى الؼطبس) فؼبد اإلشكبل ،إال ّ أى الكالم ٗمغ فٖ ًمطت٘ي :لذفغ ّزا
اإلشكبل:
الٌمطٔ األٍلى ّٖ :أًِ لذ ٗتَّن التوسك ثٌظشٗٔ التؼَٗغ فٖ الومبم ألجل
تظح٘ح الشٍاٍٗٔ ،رلك :ألى أحوذ ثي هحوذ ثي ٗح٘ى كوب فٖ الخظبل ًمل ّزُ
هّ
ػجذالٍ ،الؼؼف الَالغ فٖ سٌذ ّزُ الشٍاٗٔ ،إًوب َّ هي الشٍاٗٔ ػي سؼذ ثي
جْٔ (أحوذ ثي هحوذ ثي ٗح٘ى) ٍأهب سؼذ ثي ػجذ هّال) ٍهب ثؼذُ إلى اإلهبم(ع)
جذال ،سٌذ آخشٗ ،كَى هؼتجشاً فٖ ٍ
فحٌ٘ئز ًؼَع ػوب لجل سؼذ ثي ػ ّه فكلْن ثمبت،
الومبم ،ثح٘ث تظح الشٍاٍٗٔ ،ال ٗكَى رلك إال ثؼن أهشٗي ،أحذّوب إلى اٙخش.
األهش األٍل َّ :أى الش٘خ الطَسٖ(لذُ) لِ طشٗك طح٘ح إلى جو٘غ كتت سؼذ ثي
هّ
ػجذالٍّ ،زا الطشٗك خبل هي (أحوذ ثي هحوذ ثي ٗح٘ى الؼطبس ،إراً فكل سٍاٗٔ
ٍطلت إلى الش٘خ الطَسٖ(لذُ) هي سٍاٗبت سؼذ فَْ ٗشٍْٗب ثْزا الطشٗك
الظح٘ح.
األهش الثبًٖ َّ :أى سٍاٗٔ الخظبل التٖ ًملْب الظذٍق (لذُ) ػي أحوذ ثي هحوذ
هّ
ػجذال ّٖ لطؼبً ٍطلت إلى الش٘خ (لذُ) ألى للش٘خ ٗح٘ى الؼطبس ػي سؼذ ثي
(لذُ) طشٗمبً طح٘حبً إلى ّزُ الكتت كوب ركشًبٍ ،إرا كبًت لذ ٍطلت إلِ٘
ٍ
حٌ٘ئز ػوَم لَل الش٘خ (لذُ) (أخجش ثكتجِ) ٍلذ ركش فٖ فْشستِ أًِ لذ ف٘شولْب
السبت27 :ج 1441 -2 العملية l األصول :مبحث األصول
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
أخجش ثشٍاٗبت (سؼذ) ثطشٗك طح٘ح .فئراً ٌّبك طشٗك طح٘ح فٖ الومبم ،إٔ فٖ
الفْشست ،لذ أٍطل الشٍاٗٔ إلى الش٘خ ،فتؼَٗغ الطشٗك األٍل إلى الثبًٖٗ ،وكي
التخلض هي هَسد الؼؼفٗ ،تن الوطلَةٍّ ،زا ػلى اإلجوبلًٍ ،تشك الوٌبلشبت
لَلت آخش.
الٌمطٔ الثبً٘ٔ :ففْ٘ب إشكبل هي ًبح٘ٔ تشخ٘ض (الجؼفٖ) ألى أهشُ هشدد ث٘ي ػذٓ
أشخبص ٍلكي ٌّبك طشٗم٘ي ٗوكي التخلض ثْوب هي إشكبل التؼذدً ،زكشّوب ال
حمبً إى شبء هّال تؼبلىٍ .لكي التحم٘ك فٖ الومبمٗ :متؼٖ الجحث ػي ًظشٗٔ
التؼَٗغ ثن ًشى ّل ٗحتبج إلْ٘ب إلثجبت طحٔ سٌذ حذٗث الشفغ أٍ الَػغ،
أٍال؟ ثل ٗوكي إثجبت طحتِ ،ثسلَك طشق أخشى.
األحد28 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ال :لَ فشظٌا أى الش٘خ سٍى ػي (اتي فعال) حذٗثاًٍ ،كاى فٖ سٌذ الش٘خ إلِ٘
هث ً
ظؼ٘فاًٍ ،كاى للٌجاشٖ إلِ٘ سٌذ تام.
فثاإلهكاى تؼَٗط سٌذ الش٘خ ،تسٌذ الٌجاشٖ تششغ أى ٗكَى الشخص الزٕ ٍلغ
تؼذ الش٘خ هثاششٓ ثمٍٔ ،كزلك تؼذ الٌجاشٖ.
ًٍفتشض أى للٌجاشٖ ٍلَ هي تاب الصذفٔ َٗجذ طشٗماى إلى (اتي فعال)
أحذّوا ًفس طشٗك الش٘خ الوشتول ػلى العؼفٍ ،اٙخش طشٗك صح٘ح،
ًٍفتشض أٗعاً :أى الٌجاشٖ لن ٗكتف تمَلِ تٌحَ اإلجوال « :أخثشًا تجو٘غ كتثِ
صشح تاسن الكتةٍ ،كزلك الش٘خٍ ،سأٌٗا أى الكتة التٖفالى ػي فالى » تل ّ
ٍ
فؼٌذئزً ،ثذل (سٌذ الش٘خ) الزٕ فِ٘ ظؼف سواّا الٌجاشٖ أٗعاً
سواّا الش٘خ لذ ّ
ّ
تسٌذ (الٌجاشٖ) الصح٘ح.
ٍأها ٍجِ اإلستذالل ٍالتؼَٗط هغ فشض ٍجَد طشٗم٘ي للٌجاشٖ َّ أى ظاّش
كالم الٌجاشٖ الزٕ ركش طشٗم٘ي إلى كتة (اتي فعال) أى ًسخٔ تلك الكتة
التٖ ًملت لِ تالطشٗك الصح٘ح تٌفس الٌسخٔ التٖ ًملت لِ تالطشٗك العؼ٘فٍ ،ال
ٗحتول ػمالئ٘ا اختالف الٌسخت٘ي العؼ٘فت٘يٍ ،رلك ألى الوفشٍض أى هي ٍلغ
تؼذ الش٘خ ثمٔ ،فال ٗحتول أًِ أػطى ًسخٔ إلى الش٘خ ٍسٍاّا ػي (اتي فعال)
ًٍسخٔ أخشى إلى الٌجاشٍٖ ،فشظْا كزتاًً ،فس رلك الكتابٍ ،سٍاّا ػٌِ.
كوا ال ٗحتول ٍجَد ًسخت٘ي هختلفت٘ي هي رلك الكتاب ػٌذ الثمٍٔ ،لن ٌٗثِّ
الش٘خ ٍال الٌجاشٖ تاختالف الٌسخت٘ي ،أٍ َّ لن ٌٗتثِ إلى اختالف الٌسخت٘ي ،هغ
ٍجَد ّوا ػٌذُ ،سغن ها َّ الوتؼاسف لذْٗن هي التذل٘ك فٖ هتَى األخثاس،
األحد28 :ج 1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ دمحم جىاد المهدوي
ال وإن كان ضعيفاً ،بشخص واحد (كالعطار) ،ولكنه وقع بعد
محمد عيسى) مث ً
ذلك الشخص الضعيف شخص ثقة أقرب إلى اإلمام(ع) وكان للشيخ إلى
روايات ،بل كتب ذلك الثقة سند وطريق صحيح فيعوض السند ،عن المقطع
األول من السند الشيخ الذي فيه الضعيف .وهذا الوجه منطبق فيما نحن فيه(حديث
الوضع).
ألنه في إحدى طائفتي أخبار (أحمد بن محمد بن عيسى) التي يرويها الشيخ بسند
ضعيف (كأحمد العطار) يوجد بعد الضعف (محمد بن علي بن محبوب) والشيخ
له طريق تام ،قد صرح به في التهذيب إلى جميع كتب محمد بن علي بن
محبوب ،وجميع رواياته.
وفي الطائفة األخرى :من أخبار (أحمد بن عيسى) يوجد له بعد الضعف بالعطار
مصرح به في الفهرست ،إلى جميع
محمد بن الحسن الصفار ،والشيخ له طريق تام ّ
كبته ورواياته ،وكذلك إلى كتب وروايات (ابن الوليد ،وسعد بن عبد هّال)
فيعوض أحدهما باآلخر.
اإلثنين29 :ج1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
1
بعد الشيخ مباشرة ثقة ،وكذلك بعد النجاشي.
يوجد طريقان إلى (ابن فضال)
1 ونفترض أن للنجاشي ولو من باب الصدفة
الضعف ،واآلخر طريق صحيح،
1 أحدهما نفس طريق الشيخ المشتمل على
بنحو اإلجمال« :أخبرنا بجميع كتبه
1 ونفترض أيضاً :أن النجاشي لم يكتف بقوله
1الشيخ ،ورأينا أن الكتب التي
صرح باسم الكتب ،وكذلك فالن عن فالن» بل ّ
نبدل (سند الشيخ) الذي فيه ضعف ٍ
فعندئذ، سماها النجاشي أيضاً
سماها الشيخ قد ّ
ّ
بسند (النجاشي) الصحيح.
وأما وجه اإلستدالل والتعويض مع فرض وجود طريقين للنجاشي هو أن ظاهر
كالم النجاشي الذي ذكر طريقين إلى كتب (ابن فضال) أن نسخة تلك الكتب
التي نقلت له بالطريق الصحيح بنفس النسخة التي نقلت له بالطريق الضعيف ،وال
يحتمل عقالئيا اختالف النسختين الضعيفتين ،وذلك ألن المفروض أن من وقع
بعد الشيخ ثقة ،فال يحتمل أنه أعطى نسخة إلى الشيخ ورواها عن (ابن فضال)
ونسخة أخرى إلى النجاشي ،وفرضها كذباً ،نفس ذلك الكتاب ،ورواها عنه.
كما ال يحتمل وجود نسختين مختلفتين من ذلك الكتاب عند الثقة ،ولم ينبّه
الشيخ وال النجاشي باختالف النسختين ،أو هو لم ينتبه إلى اختالف النسختين ،مع
وجود هما عنده ،رغم ما هو المتعارف لديهم من التدقيق في متون األخبار،
والقراءة المقابلة ونحو ذلك.
وبهذا الوجه يمكن تصحيح طريق الشيخ إلى (علي بن حسن فضال) الذي هو
ضعيف بــ الزبيري) حيث قال الشيخ« :أخبر بكتبه قراءة عليه أكثرها ،والباقي
اإلثنين29 :ج1441 -2 l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
1
بسم هلال الرحمن الرحيم
1باألحرى إلى النظرية التعويض،
انته ينا في البحث السابق الى قاعدة التعويض أو
وتكون ضعيفة بعض شيء فيمكن
1 ألجل تصحيح سند األحاديث قد تريد إلينا
1 تصحيح بعضها بالنظرية التعويض.
1الرفع و الوضع وضعفهما إلثبات
وفي المقام لما وقع اإلشكال في السند حديثي
بعض الفقها بالنظرية التعويض
البراءة الشرعية التي هي محل الكالم فهنا تمسك
لتصحيح الروايتين حديث الرفع تارة وحديث الوضع أخرى ،فنحن قلنا أنه البد
من اإلشارة إلى هذه النظرية ولو على نحو االختصار ألهمية ها وفائدة ها لتصحيح
اخبار الضعيفة الكثيرة وخصوصاً المهم التي تكون مورد الحاجة ،والغاية من هذه
النظرية كما عرفتم ودفع اإلشكال سند الحديث وتصحيح هذا السند بشكل ما،
ألجل العمل بهذا الحديث وبعد التصرف في السند ،و فرض تصرف بالسند بأحد
وجوه في هذه النظرية :الوجه األول تكون تصرف في بعض السند فتارة يتصرف
في المقطع األول من هذا السند الذي فيه الشخص الضعيف غير الثقة ،وأخرى:
في المقطع الثاني فسوف نوضح ذلك ،وثالثة :يكون تصرف في تمام سند
الحديث.
ال
اما الوجه األول التصرف في المقطع األول من جهة وجود نقطة الضعف ،فمث ً
نفرض ضعف سند الشيخ الطوسي (قده) إلى احمد بن عيسى الثقة وكان سبب
ال نقول روى الشيخ عن (الف) عن (باء) عن العطار عن
الضعف وجود العطار ،مث ً
(س) عن احمد بن عيسى ،هذه الرموز ثقة ،لكن في الوسط العطار غير ثقة ،فهذه
الثالثاء16 :شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
1
الرواية ضعيفة السند ال يمكن العمل بها.
طوسي(قده) روى هذه الرواية عن (ج) و
ولكن من جهة أخرى نرى ان الشيخ 1
(س) موجود في الروية الثانية ،اال
1 عن (د) وعن (هـ) روى عن كتب (س) ،كان
1عن كتب وروايات (س) فـ (س)
ال و(هـ) روى
ان الشيخ روى عن (ج) عن (د) مث ً
عن باء وعن العطار وهذا المقطع
1 ثقة ،فإذا نعوض ونبدل رواية الشيخ عن (الف)
وعن (س) الموجود في السند
نبدل بأن الشيخ روى عن (ج) عن (د) عن (هـ)
حديث األول ،ولكن عن روايات وكتب س عن احمد عيسى فإذ ًا ابدلنا مقطع
األول.فهذا نحو تصحيح الحديث.
الوجه الثاني لتصحيح السند ايضاً نعبر بمقطع الثاني.
روى الشيخ عن (الف) عن (باء) عن العطار عن (س) عن احمد بن عيسى ،ولكن
الشيخ الطوسي عنده طريق آخر ،وروى عن (باء) وبدل عطار عن (ج) عن (هـ)
عن احمد بن عيسى أو كتب ورواياته
وهذا الوجه :جوهره في الحقيقة ،هو جوهر الوجه األول ولكن يختلف عنه في
أسلوبه ،إذ في الوجه األول فرض أن الطريق الصحيح يكون إلى ثقة بعد
الضعيف ،وفي هذا الوجه يفرض كون الطريق الصحيح من الثقة قبل الضعيف
إلى الثقة بعده.
ال؛ إلى صاحب كتاب في
الوجه الثالث :عبارة عن تعويض تمام «سند الشيخ» مث ً
ال ،إلى
رواية ينقلها عن ذاك الكتاب ،إذا كان سنده إليه ضعيفاً «بسند النجاشي» مث ً
صاحب الكتاب ،إذا كان سند النجاشي إليه صحيحاً.
الثالثاء16 :شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ونفترض أيضاً :أن النجاشي لم يكتف بقوله بنحو اإلجمال« :أخبرنا بجميع كتبه
صرح باسم الكتب ،وكذلك الشيخ ،ورأينا أن الكتب التي فالن عن فالن» بل ل
ٍ
فعندئذ ،نبدل (سند الشيخ) الذي فيه ضعف سماها النجاشي أيضاً
سماها الشيخ قد ل
ل
بسند (النجاشي) الصحيح.
وأما وجه اإلستدالل والتعويض مع فرض وجود طريقين للنجاشي هو أن ظاهر
كالم النجاشي الذي ذكر طريقين إلى كتب (ابن فضال) أن نسخة تلك الكتب
التي نقلت له بالطريق الصحيح بنفس النسخة التي نقلت له بالطريق الضعيف ،وال
يحتمل عقالئيا اختالف النسختين الضعيفتين ،وذلك ألن المفروض أن من وقع
بعد الشيخ ثقة ،فال يحتمل أنه أعطى نسخة إلى الشيخ ورواها عن (ابن فضال)
ونسخة أخرى إلى النجاشي ،وفرضها كذباً ،نفس ذلك الكتاب ،ورواها عنه.
كما ال يحتمل وجود نسختين مختلفتين من ذلك الكتاب عند الثقة ،ولم ينبله
الشيخ وال النجاشي باختالف النسختين ،أو هو لم ينتبه إلى اختالف النسختين ،مع
وجود هما عنده ،رغم ما هو المتعارف لديهم من التدقيق في متون األخبار،
الثالثاء16 :شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
1
والقراءة المقابلة ونحو ذلك.
(علي بن حسن فضال) الذي هو
1 وبهذا الوجه يمكن تصحيح طريق الشيخ إلى
بكتبه قراءة عليه أكثرها ،والباقي
1 ضعيف بــ الزبيري) حيث قال الشيخ« :أخبر
الزبيري سماعاً ،واجازة ،عن علي
1 اجازة» أحمد بن عبدون عن علي بن محمد بن
1النجاشي في فهرسته له طريقان
بن حسن بن فضال ،والزبيري لم تثبت وثاقته ،لكن
الشيخ ،والمباشر لهما في هذا الطريق
إلى كتب ابن فضال :أحدهما :نفس طريق
المسند.
بيانه :أن ظاهر النجاشي الذي فرض عنده طريقين إلى مسند ابن فضال ،أن
نسخة تلك الكتب (كالمسند) التي نقلت له بطريق صحيح نفس نسخة
الضعيف.
الكتب (كالمسند) التي نقلت بطريق
وال يحتمل عقالئي ًا اختالق النسختين الضعيفتين وذلك ألن المفروض أن
من وقع بعد الشيخ ثقة (ب) فال يحتمل أنه أعطى نسخة إلى الشيخ عن
مسند ابن فضال وأعطى نسخة أخرى غيرها إلى النجاشي ،فالنسختان
واحدة.
كما ال يحتمل وجود نسختين مختلفتين من مسند فضال عند الثقة (ب) ومع
ذلك لم ينبّه الشيخ أو النجاشي باختالف النسختين؟
أو هو لم يتنبه إلى اختالفهما رغم ما هو المتعارف عنهم من التدقيق
والقراءة المقابلة.
وبعد منع هذين االحتمالين وثبوت اتحاد النسختين الضعيفتين وعدم الغفلة
منه.
بعد تمهيد المقدمة :نقول :انه يمكن تصحيح طريق الشيخ إلى ابن فضال
بالزبيري الضعيف.
وذلك :لما قال الشيخ الطوسي(قده) أخبرنا الثقة (أحمد بن عبدون=ب)
بالقراءة واإلجازة عن (علي الزبيري=ج) الضعيف بالسماع وباإلجازة عن
االربعاء17 :شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ابن فضال ،وكان اإلخبار بالقراءة على كتبه ،أو باإلجازة ،فنطمئن أن
الواصل إلى الشيخ هو (عن مسند ابن فضال ،وإن كان في الطريق (ج) =
الزبيري غير الثقة ،ثم وصل إلى النجاشي نفس الكتاب تارة بسند ضعيف
النجاشي :أخبرنا (س= محمد بن
(الزبيري) وأخرى بسند صحيح :قال :
ولكن هنا إشكال واضح :وهو :أن الصدوق(قده) في المشيخة يذكر طرقه
الصحيحة إلى الروايات التي رواها في (من ال يحضره الفقيه) موجودة فيه.
وأما وهذه الرواية الضعيفة للشيخ التي نريد تصحيحها غير موجودة في
موجودة في (من ال يحضره الفقيه)
الفقيه ،واال لو كانت الرواية الضعيفة ،
لطريق صحيح لعلمنا بها وعملنا بها ابتداءا ،بال حاجة إلى تهذيب الشيخ،
ولكن هذه الرواية الضعيفة موجودة في كتاب التهذيب للشيخ
الطوسي(قده).
والحاصل :كيف نعرف أن هذه الرواية الموجودة في كتابه التهذيب هي
بنفسها يرويها الصدوق(قده) أيضاً بذلك الطريق الصحيح؟
ولدفع اإلشكال :ال بد أن نتمسك بما ذكره الشيخ الطوسي(قده) من الحوالة
في آخر مشيخته في التهذيب واالستبصار ،على فهارس الشيوخ حيث
قال(قده) :فيهما «قد اوردت جمال من الطرق الى هذه المصنفات و االصول
مذكورة في الفهارس المصنفة في هذا الباب للشيوخ رحمهم هّالل من اراده
أخذه من هناك »)1(...ومن هذا التعبير يظهر أن تمامية الرجوع إلى المشيخة
للصدوق ليصحح سند خبر الشيخ الضعيف مبنية على دعوى :في مقام
تصحيح سند خبر ذكره الشيخ (قده) إلى مشيخة الصدوق(قده) مبنية على
دعوى :أن مقصود الشيخ(قده) في هذا الكالم ليس هو الحوالة على
خصوص فهارس الشيوخ الواصلة إليه ،بل المستظهر من كالمه :أنه حوالة
على القضية الخارجية ،يعني الفهارس الموجودة للشيوخ مطلقا ،ومن أظهر
مصاديقها (مشيخة الصدوق) التي بظاهر ها أنها مشيخة لخصوص الروايات
من ال يحضره الفقيه.
وعليه :فإطالق كالم الشيخ (الفهارس المصنفة) شامل لذلك ،بل يدل على
أكثر من ذلك وهو :إن نفس الطرق الصدوق (قده) إلى أصحاب هذه
المصنفات ،هي موجودة للشيخ أيضاً ،بالنسبة إلى الروايات التي ذكرها في
التهذيب وغيره.
والخالصة :أنه لم نقطع بهذا الظهور المطلق المذكور في كالم الشيخ
(الفهارس المصنفة) الشامل لمشيخة الصدوق لم يتم هذا الوجه الرابع.
هذا بعض الكالم في تو ضيح نظرية التعويض وموارد تطبقها.
وهناك بعض النقد واإلبرام يتعلق بهذه الوجوه ،تركناها لكتب الرجال
وبحوثها.
السبت20:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وعليه :فال يبعد أن النجاشي إنما نبَه على كون راوي األذان هو إسماعيل بن
جابر الجعفي ،بنكتة أن المقصود من عنوان إسماعيل الجعفي في الروايات
عادة هو إسماعيل بن عبد الرحمان الجعفي ،فلما كان المقصود من هذه
الرواية هو خصوص ابن جابر احتاج ذلك الى التنبيه عليه ،حتى ال يحمل
على ما هو المتعارف ،ولهذا نبَه النجاشي على ذلك ،فإذ ًا يبقى إسماعيل
الجعفي مردداً بين بين الثقة وغير الثقة ،وال معيَن ألحدهما.
األمر الثاني :لو سلمنا أن المراد من إسماعيل الجعفي في حديث وضع
الستة ،هو إسماعيل بن جابر الجعفي الذي هو من أصحاب اإلمام الباقر(ع)
ولكن البد من أن نلتزم بوجود سقط في السند ،وذلك :ألن أحمد بن عيسى
لم ينقل عمن نقل عن اإلمام الباقر(ع) أو الصادق(ع) مباشرة ،اال َ بواسطة
واحدة أو واسطتين ،ولكن هنا الواسطة غير معلومة.
فالنتيجة :أنه لم يثبت سند حديث الوضع.
األحد21:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في البحث السابق فيما ذكره السيد الشهيد الصدر األول(قده)
عند التكلم في المقام األول عن الحديث الوضع عن الستة ،ذكر أنه لم
يثبت سند حديث الوضع ،المحاوالت التي ذكرت ،قد ردت ،وال يمكن
اعتماد على سند حديث الوضع.
المقام الثاني :وهو حديث الرفع
وهذا الحديث مذكور في كتب (الخصال ،والتوحيد ،والفقيه).
وقد ذكرنا ضعف سنده بــ أحمد بن محمد بن يحيى العطار ،وهو لم يثبت
توثيقه ،اال ّ بناءاً على قاعدة وثاقة مشايخ المحمدين الثالثة ،وبما أن وقد
التزم به جماعة ،وبما أن المذكور من مشايخ الصدوق (ره) حيث روى عنه
هذا الحديث ،فيكون ثقة.
ولعل الشيخ األعظم والسيد الخوئي(قدهما) عبّر عنه بالصحيح ،بناءاً على
صحة (القاعدة) كما هو المعروف بين جملة من األكابر.
ولكن قد تقدم عدم ثبوت هذه القاعدة حتى عند السيد الخوئي(قده).
نعم :يمكن تصحيح ضعف سند الحديث عن طريق (نظرية التعويض).
فنقول :أن أحمد العطار نقل هذا الحديث عن سعد بن هّ
عبدال ،وللشيخ
الطوسي طريق صحيح إلى جميع كتب سعد بن هّ
عبدال ،و رواياته خالي ًا من
أحمد العطار.
األحد21:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وعليه :فرواية الخصال (حديث الرفع) قطعاً وصلت إلى الشيخ (قده) وقد
ذكر (قده) في فهرسته أنه قد أخبر بروايات سعد بن هّ
عبدال بطريق صحيح.
إذاً :هناك طريق صحيح ،قد أوصل الرواية إلى الشيخ.
نعوض عن الطريق الموجود في الحديث المشتمل على أحمد
فبالنتيجةّ :
العطار بسند الشيخ الصحيح إلى سعد بن هّ
عبدال وإلى كتبه ورواياته.
وبذلك يصحح الحديث ويتم سنداً .وأما داللة فكذلك كما سيأتي.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فقد عقد البحث في حديث الرفع في جهات:
الجهة األولى :في سند الحديث فذكر (دام ظله) أن حديث الرفع ضعيف
بهذا السند المشتمل على أحمد العطار ،الذي لم يثبت توثيقه وال يكفي في
توثيقه كونه من مشايخ الصدوق (ره).
وما ذكره السيد الشهيد(قده) من المحاولة لتصحيح هذا الحديث:
بدعوى :صحة طريق الشيخ إلى سعد بن هّ
عبدال ،حيث روى جميع كتبه
نبدل المقطع
ورواياته عنه ،بطريق صحيح في الفهرست ،وبقاعدة التعويضّ ،
من الصدوق إلى سعد بن عبد هّال المشتمل على أحمد العطارّ ،
ونعوضه
بمقطع آخر ،وهو طريق الشيخ (قده) إلى سعد بن عبد هّال ،وهو طريق
صحيح ،فيكون الحديث معتبر ًا بذلك.
األحد21:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فهذه المحاولة غير تامة ،ألنها مبنية على أن قول الشيخ في الفهرست ،وهو:
«أخبرنا بجميع كتب وروايات سعد بن هّ
عبدال» يشمل كل ما ينسب إلى
سعد من الروايات أو كان واقعاً في سندها.
ولكن :ذلك االطالق والشمول مشكل ،بل غير ممكن ،ألن ظاهر قوله في
الفهرست هو أن كل ما يكون مسنداً إلى سعد من كتبه أو رواياته التي بدأ
الشيخ السند به فهو واصل إلى الشيخ بطريق معتبر.
والحال أن هذا الحديث ليس رواية له ،بل هو رواية الصدوق(ره) وقد وقع
في سندها (سعد بن هّ
عبدال).
والخالصة :أن قول الشيخ في الفهرست ال يعم وال يشمل كل رواية وقع في
سندها (سعد) بل يختص بروايات كتبه التي بدأ سندها بــ (سعد).
وعلى هذا األساس :فحديث الرفع ضعيفة سنداً ،وال يمكن تصحيح سنده
بما ذكره ،فال يمكن االستدالل به على البراءة الشرعية.
أقول :وفيه تأمل يأتي إن شاء هّال.
وأما حديث الوضع :الذي نقله الوسائل عن نوادر أحمد بن عيسى عن
إسماعيل الجعفي عن اإلمام الصادق(ع) ،فيقع الكالم في سندها من جهتين:
الجهة األولى :في تشخيص إسماعيل الجعفي ،وتوثيقه.
الجهة الثانية :في إمكان رواية صاحب النوادر عنه مباشرة.
األحد21:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في ما ذكره شيخنا األستاذ (دام ظله) في السند حديث الرفع
حيث انتهينا إلى انه ذهب أن حديث الرفع ضعيفة سنداً وال يمكن تصحيح
سنده بما ذكره العلماء ومنهم السيد الشهيد الصدر(قده) وعليه فال يمكن
االستدالل بحديث الرفع بالبراءة الشرعية.
وأما الحديث الوضع ايضاً ذكرنا في البحث السابق أن شيخنا األستاذ (دام
ظله) قال ان إسماعيل جعفي هو نفس إسماعيل خثعمي ،وال تعدد في
البين ،وذكر لتوضيح أمور ثالثة ،واستشهد من هذه األمور أنه واحد،
فإذاً شيخنا األستاذ عقد البحث في الحديث الوضع في جهتين وتقدم
الكالم في الجهة األولى.
وأما الكالم في الجهة الثانية :وهي في إمكان أن يروي أحمد بن محمد بن
عيسى صاحب النوادر ،عن إسماعيل الجعفي وعدمه.
الظاهر عدم امكان ذلك ،وذلك :ألن إسماعيل بن جابر الجعفي من
أصحاب اإلمامين الباقر والصادق(ع).
قيل :إنه أدرك اإلمام الكاظم(ع) ،وأما أحمد بن عيسى من أصحاب
اإلمامين الرضا والجواد(ع).
وعليه :فال يمكن أن يروى عنه مباشرة ،وبال واسطة ،الختالفهما في الطبقة.
االثنين22:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أقول :إن السيد الشهيد(قده) لم يثبّت قاعدة وثاقة كل من يروي عنه صفوان
أو ابن أبي عمير وابن أبي نصر ،وإنما ذكرها كطريق ،ويذكر لتوثيق
إسماعيل بن جابر الجعفي ،وذلك :ألنه (قده) ذكر بعد ذلك :أن هذا
الطريق ،وما قبله من الوجوه المذكورة الحتمال اتحاد الجعفي والخثعمي ال
يرفع اشكال ضعف سند حديث الوضع.
تحصيل مما ذكرناه :أن ظاهر السيد الخوئي(قده) من عدم التعرض لسند
الحديث بل تصريحه في التقريرات بصحة سنده هو عدم ضعف حديث
الرفع ولهذا باشر في البحث عن داللة الحديث على البراءة الشرعية.
وأما السيد الشهيد(قده) فقد ذهب إلى صحة حديث الرفع سنداً ،اعتماداً
على ما ذكره من الوجوه على ذلك.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فقد ذهب على عدم تمامية سند حديثي الرفع
والوضع معاً ،بل كل ما فيه فقرة (ماال يعلمون) ،فال يستدل بهما على البراءة
الشرعية.
الكالم في داللة حديث الرفع على فرض صحة سنده
أما السيد الخوئي(قده) فقد تقدم منه تمامية اإلستدالل بالحديث الشريف
على البراءة الشرعية وأما البحث عن معارضته بأخبار االحتياط فسيأتي
التعرض له عند ذكر أدلة األخباريين إن شاء هّال تعالى.
ّ
االثنين22:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فإنه كما يوجد وضع ورفع واقعيان للتكاليف الشرعية ،كوضع الصيام على
المكلفين واقعاً ،وكرفعه عن المسافرين واقعاً كذلك يتصور رفع و وضع
ظاهريان للتكاليف الشرعية.
ومثاله :وضع وجوب االحتياط عند اشتباه التكليف ،والشك فيه ،ومن ثم
رفع ايجاب االحتياط من باب االمتنان على األمة.
ومن هنا يستظهر :أن الحديث يدل على أن الوضع الظاهري ،الذي هو عبارة
ال فهو
عن تسجيل التكليف وثبوته وتنجيزه ،بإيجاب االحتياط ولو عق ً
مرفوع بحديث الرفع ظاهراً ،ومعناه ثبوت البراءة الشرعية في الشبهات.
وقد استشكل البعض على هذا اإلستدالل بما حاصله:
الثالثاء23:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في البحث السابق في داللة حديث الرفع على فرض صحة
سنده على أصالة البراءة الشرعية ،قلنا أن السيد الخوئي(قده) تقدم الكالم
منه على تمامية اإلستدالل بهذا الحديث على البراءة الشرعية فال نعيد ،وأما
السيد الشهيد (قده) جعل البحث في داللة هذا الحديث في المقامات ثالثة،
المقام األول في داللة فقرة ماال يعلمون ،خاصة على البراءة ،المقام الثاني
في شموله على الشبهة الحكمية والموضوعية معاً؟ المقام الثالث في الفقه
الحديث تمامه بفقراته تسع ،أما الكالم في المقام األول :فهنا افتراضين:
أنا نفترض أن فقرة «رفع عن امتي ما ال يعلمون» منفصلة عن سائر فقرات
الحديث ،ونفترض أن المراد بالموصول هو التكليف ،فالنتيجة :أن داللة
فقرة (ماال يعلمون) على البراءة الشرعية مبنية على أن يكون الرفع فيها
ظاهرياً ،ال واقعياً.
فإنه كما يوجد وضع ورفع واقعيان للتكاليف الشرعية ،كوضع الصيام على
المكلفين واقعاً ،وكرفعه عن المسافرين واقعاً كذلك يتصور رفع و وضع
ظاهريان للتكاليف الشرعية.
ومثاله :وضع وجوب االحتياط عند اشتباه التكليف ،والشك فيه ،ومن ثم
رفع ايجاب االحتياط من باب االمتنان على األمة.
ومن هنا يستظهر :أن الحديث يدل على أن الوضع الظاهري ،الذي هو عبارة
ال فهو
عن تسجيل التكليف وثبوته وتنجيزه ،بإيجاب االحتياط ولو عق ً
الثالثاء23:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ولو قلنا :بداللة الحديث على نفي ورفع الواقع بسبب (عدم العلم) فال يثبت،
وال يحصل األمن من العقاب ،بل ال بد من االحتياط بإتيان التكليف.
وذلك :ألن المفروض أننا قاطعون باشتراك األحكام الواقعي بين العالم
والجاهل وأن عدم العلم ال يرفع وال ينفي الواقع ،فيتعارضان:
يتعارض حديث الرفع الدال على المؤمن وعدم التكليف ،وقاعدة االشتراك
الدالة على ثبوت التكليف.
وعليه :فالبد من تقييد حديث الرفع بالمورد الذي لم يقم دليل خاص
بشمول الحكم الواقعي للجاهل ،فال يثبت األمن مع قيام الدليل الخاص على
ٍ
حينئذ. الشمول ،لتعارض الدليلين
بخالف الرفع الظاهري ،فال يحصل التعارض ،الختالف المورد ،فإن مورد
ومصب حديث الرفع هو الحكم الظاهري ومورد الدليل الخاص كقاعدة
االشتراك ،هو الحكم الواقعي ،فال تعارض بينهما ،لتعدد المورد والمصب.
فالنتيجة :البد من اثبات الرفع الظاهري ،فإنه الذي يفيد في اثبات تمام
المطلوب.
وقد أجاب السيد الشهيد(قده) عن اإلشكال ،وحاصله:
أن هذا اإلشكال ينحل إلى دعويين:
الدعوى األولى :أن ظاهر الحديث هو :أن الرفع متعلق بالتكليف الواقعي
المشكوك ،فيجب حمل الرفع على الرفع الواقعي حقيقةً ،وعليه :فإسناد الرفع
الثالثاء23:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
إلى التكليف الظاهري يكون مجازاً ،ألنه ليس رفعاً لما ال يعلم حقيقة ،وهو
التكليف الواقعي ،وبما أن حمل الرفع على الرفع الظاهري بحاجة إلى مؤونة
وعناية بحسب مقام اإلثبات ،فاألصل عدمها ،فيتعين الحمل على الرفع
الواقعي.
ٍ
فحينئذ ال يثبت تمام الدعوى الثانية :إذا حمل الرفع وعلى أنه رفع واقعي
المطلوب ،لمعارضته في بعض الموارد مع اإلجماع القائم على قاعدة
االشتراك بين العالم والجاهل في األحكام الواقعية.
وأما مناقشة الدعوى األولى :فلنا مالحظتان حول الدعوى األولى.
أما المالحظة األولى :وهي أنه كما ان حمل الرفع على الظاهري يحتاج إلى
ٍ
حينئذ يكون عناية ومؤونة زائدة ،كذلك الحمل على الرفع الواقعي ،ألنه
معناه :عدم ثبوت التكاليف الواقعية ،لغير العالم ،والزمه( )1هو أخذ العلم
قيداً في موضوع التكاليف ،وقد ثبت في مبحث التعبدي أن أخذ العلم
بشيء في موضوع نفس ذلك الشيء غير معقول.
وعليه :فبعد فرض وجود الغاية على كال التقديرين ال اشكال أن مناسبات
الحكم الموضوع ،كمناسبة عدم أخذ العلم في موضوع الحكم الواقعي،
تعين الرفع الظاهري وترجحه.
ويشهد عليه ما ذكره المحقق العراقي من أن سياق الحديث هو االمتنان،
وهو يحصل برفع وجوب االحتياط من الواقع ،ال رفع تمام مراتب الواقع ،إذ
ال امتنان في ضم المراتب األخرى إلى هذا الرفع.
المالحظة الثانية:
األربعاء24:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا فيما ذكره السيد الشهيد الصدر األول (قده) حيث قال ان
الكالم في داللة الحديث يقع في مقامات ثالث ،المقام األول في فقرة ماال
يعلمون ،وهي تدل على البراءة الشرعية ،لو حملنا الرفع على الرفع الظاهري
،ثم هناك ذكر اشكال في مقام ،ان الحمل على الرفع ظاهري خالف ظاهر
من الحديث ،خصوصاً ان في كثير فقرة أخرى يراد من الرفع الرفع الواقعي،
فإذاً البد من الحمل على رفع الواقعي ،مع هذا الحمل ال تثبت براءة الشرعية
ال
وال يتم اثبات مطلوب مطلقا ،ألن الحمل على الرفع الظاهري يكون حم ً
مجازياً بحاجة إلى القرينة ومؤونة فأصل عدم القرينة ،السيد الشهيد(قده)
قال في هذا االشكال دعويان ،الدعوى األولى :هو أن ظاهر الحديث يكون
الرفع الواقعي ونفي التكليف ،والحمل على الظاهري مجاز بحاجة إلى عناية
قرينة ومؤنة زائدة فاألصل عدم القرينة.
ٍ
فحينئذ ال يثبت تمام الدعوى الثانية :إذا حمل الرفع وعلى أنه رفع واقعي
المطلوب ،لمعارضته في بعض الموارد مع اإلجماع القائم على قاعدة
االشتراك بين العالم والجاهل في األحكام الواقعية.
وأما مناقشة الدعوى األولى :فلنا مالحظتان حول الدعوى األولى.
أما المالحظة األولى :وهي أنه كما ان حمل الرفع على الظاهري يحتاج إلى
ٍ
حينئذ يكون عناية ومؤونة زائدة ،كذلك الحمل على الرفع الواقعي ،ألنه
األربعاء24:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
معناه :عدم ثبوت التكاليف الواقعية ،لغير العالم ،والزمه( )1هو أخذ العلم
قيداً في موضوع التكاليف ،وقد ثبت في مبحث التعبدي أن أخذ العلم
بشيء في موضوع نفس ذلك الشيء غير معقول.
وعليه :فبعد فرض وجود الغاية على كال التقديرين ال اشكال أن مناسبات
الحكم الموضوع ،كمناسبة عدم أخذ العلم في موضوع الحكم الواقعي،
وترجحه.
ّ تعيّن الرفع الظاهري
ويشهد عليه ما ذكره المحقق العراقي من أن سياق الحديث هو االمتنان،
وهو يحصل برفع وجوب االحتياط من الواقع ،ال رفع تمام مراتب الواقع ،إذ
ال امتنان في ضم المراتب األخرى إلى هذا الرفع.
المالحظة الثانية :لو سلمنا احتياج كل من التقديرين على المؤونة والعناية،
ال ،بحيث لم نستظهر منه ٍ
وحينئذ يبقى الحديث مجم ً وال مرجح ألحدهما،
ال الرفع الظاهري وال الرفع الواقعي ،ومع ذلك :يترتب تمام المطلوب حتى
على فرض اجمال الحديث ،وثبوت الرفع اجماالً.
وذلك :ألن تمام المطلوب من الحديث هو أمور ثالثة:
المؤمن من العقوبة ،وراحة الفكر في الجملة ،ومن المعلوم
ّ األول :حصول
أن المؤمن حاصل ،سواء أفاد الحديث الرفع الظاهري ،أو الواقعي.
الثاني :معارضته ألدلة وجوب االحتياط ،لو تمت تلك األدلة وتقدمه عليها،
وهذا األمر أيضاً حاصل مع اجمال الحديث ،ألنه من الواضع أن حديث
الرفع حتى لو كان مفاده الرفع الواقعي ،يكون معارضاً ألدلة وجوب
االحتياط ،وحاكم ًا عليها ،ألنه لو كانت األحكام مرفوعة واقعاً ،فلما ذا
يوجب االحتياط؟ فإن وجوب االحتياط إنما هو لتحصيل الواقع وإصابته،
فمع فرض رفع الواقع بالحديث ،فال موضوع لالحتياط.
الثالث :عدم التأثر بقيام دليل قطعي على قاعدة االشتراك وهذا األمر أيضاً
حاصل ،ألن تقييد وتخصيص حديث الرفع بقاعدة االشتراك ،إنما يكون
فيما لو أفاد الحديث (الرفع الواقعي) في مورد كان الحكم الواقعي موجوداً،
فإن التقييد والتخصيص فرع المعا رضته .ومع فرض اجمال الحديث ،ال
علم لنا بالتخصيص والتقييد ،إذ التخصيص فرع المعارضة ،وال معارضة في
صورة اجمال الدليل ،وعدم احراز المعارض.
فتحصل :مما ذكرناه :أن االستدالل بالحديث على البراءة الشرعية تام ،سواء
ال ،بحيث ال يعلم إرادة
أريد منه (الرفع الظاهري) أو كان المراد منه مجم ً
الرفع الظاهري ،أو الرفع الواقعي.
نعم على تقدير إرادة الرفع الواقعي فال يتم االستدالل به اال في الجملة.
وأما الدعوى الثانية :وهي أن حمل الرفع الواقعي ال يثبت تمام المطلوب،
األربعاء24:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فهي تامة ،ألنه إذا حمل الرفع في الحديث على الرفع الواقعي ،فيتعارض
الحديث في بعض الموارد مع اإلجماع القطعي القائم على خصوص (قاعدة
االشتراك) بين العالم والجاهل في األحكام الشرعية .وحيث إن معنى
القاعدة أن (عدم العلم) ال ينفى وال يرفع الحكم الواقعي الموجود عن
المكلف ،ومعه ال يثبت األمن ،مع قيام الدليل الخاص على الشمول.
تحصل مما ذكرناه :أنه البد من استظهار الرفع الظاهري من الحديث ،ولو
مع الحاجة إلى العناية والمؤونة ،أو كان خالف ظاهر الرفع ،واال ّ لم يحصل
ما هو الغرض من سوق الحديث ،الذي هو االمتنان مطلقا.
وأما شيخنا األستاذ(دام ظله) فقد افاد في المقام ما حاصله :مع اإلغماض عن
ضعف السند ،وتسليم تمامية الحديث سنداً.
يقع الكالم في داللة جملة (ماال يعلمون) وتحديد مفادها سعة وضيقا،
وكيفية داللتها على أصالة البراءة الشرعية ،في مقابل أصالة االحتياط فنقعد
البحث في مقامين:
المقام األول :في أن المراد بالرفع في هذه الفقرة ،هل هو الرفع الظاهري أو
هو الرفع الواقعي ،كما في سائر الفقرات.
المقام الثاني :على تقدير كون الرفع ظاهرياً ،فهل ظاهريته بلحاظ المرفوع
أو بلحاظ الرفع نفسه؟
السبت27:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
تحصل مما ذكرناه أو مما ذكره السيد الشهيد قده في مقام االستدالل
بحديث الرفع على البراءة الشرعية وأنه البد من استظهار الرفع الظاهري
وإرادة رفع االيجاب االحتياط ،ولو كان هذا التصرف خالف ظاهر او كان
االستظهار ،واال ،االمتنان
بحاجة الى مؤنة زائدة ،مع ذلك البد من هذه
المراد والمطلوب من هذا الحديث ال يثبت وال يحصل اال بما ذكرناه من
استظهار الرفع الظاهري دون الرفع الواقعي ،وأيضاً تقدم الكالم في االشكال
الذي طرح في المقام والجواب عنه.
وانتقلنا إلى ما ذكره شيخنا األستاذ (دام ظله) حيث افاد في هذا المقام ما
حاصله؛ بعد اغماض عن سند هذا الحديث وتسليم تمامية حديث الرفع من
حيث سند قال (دام ظله) أنه يقع كالم في خصوص داللة فقرة (ماال
يعلمون) ،الكالم في داللة هذه الفقرة وفي تحديد مفاد هذه الفقرة من
حيث السعة والضيق وكيفية داللتها على المطلوب ،وهو اصالة البراءة
الشرعية في مقابل من يزعم ويدعي أن المقام هو مورد اصالة االحتياط،
فقعد (دام ظله) البحث هنا في مقامين:
المقام األول :في أن المراد بالرفع في هذه الفقرة ،هل هو الرفع الظاهري أو
هو الرفع الواقعي ،كما في سائر الفقرات.
المقام الثاني :على تقدير كون الرفع ظاهرياً ،فهل ظاهريته بلحاظ المرفوع
أو بلحاظ الرفع نفسه؟
السبت27:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أما الكالم في المقام األول :ال شبهة في أن الرفع في هذه الفقرة ليس برفع
واقعي للحكم الواقعي ،غير المعلوم ،وذلك :ألن الرفع في نفسه ،وإن كان
ظاهراً في الرفع الواقعي ،كما هو الحال في كل استعمال ،اال ّ أنه ال يمكن
اختصاص األحكام الواقعية بالعالم
األخذ بهذا الظهور ،الستلزامه محذور
بها ،وهو مستحيل ذاتاً ،الستلزامه (الدور) و(تقدم الشيء على نفسه)
ومستحيل وقوعاً أيضاً؛ لكونه خالف الضرورة الشرعية ،لقيام االجماع
ال عن اطالقات األدلة ،من الكتاب والسنة.
القطعي على االشتراك فض ً
وعلى هذا األساس :فالبد من التصرف في هذه الفقرة بأحد وجهين:
األول :أما التصرف في (المرفوع) دون (الرفع) بإسناد (الرفع) إلى ايجاب
االحتياط العقلي ،أو الشرعي ،أو كليها ،بدالً عن التكليف الواقعي
المجهول.
الثاني :أو بالتصرف في (الرفع) دون المرفوع ،بتطعيم الظاهرية في نفس
ٍ
وحينئذ يبقى المرفوع وهو التكليف الواقعي المشكوك على حاله، الرفع
بمعنى :أن يكون الرفع ظاهرياً ،ال واقعياً.
و من المعلوم :أن كال التصرفين خالف الظاهر ،وبحاجة إلى قرينة تدل
عليه ،ومن حسن الخط ،القرينة موجودة على كال التصرفين ،وهي محذور
استحالة أخذ العلم بالحكم في موضوع نفس الحكم في مرتبة واحدة ،أو
محذور اختصاص األحكام بالعالم المانعين من الحفاظ والبقاء على ظاهر
السبت27:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الحديث.
فالنتيجة :أنه ال يمكن أن يكون الرفع في جملة (ماال يعلمون) رفعاً واقعياً
للحكم الواقعي رفعاً ومرفوعاً ،فالبد من حمله على الرفع الظاهري ،بأحد
التصرفين المتقدمين.
وهذا بخالف (الرفع) في سائر الفقرات ،فإنه رفع واقعي؛ ألن الخطأ
والنسيان واالضطرار واالكراه ،ترفع الحكم في موردها واقعاً وتنفيه.
مصب الرفع
ّ ومن هنا ال حاجة إلى ما ذكره المحقق العراقي(قده) من كون
إنما هو الوضع الذي يكون خالف االمتنان ،كإيجاب االحتياط ،دون
الحكم الواقعي ،الذي ال يكون وضعه خالف االمتنان.
وذلك :لما عرفت من أنه ال يمكن إرادة الرفع الواقعي ،ال ثبوتاً؛ لمحذور
الدور ،وال اثبات ًا و وقوعاً ،لمخالفته الضرورة من الشرع وهي عدم اختصاص
األحكام الواقعية بالعالمين بها.
ومع هذا ال تصل النوبة إلثبات إرادة الرفع الظاهري بورود الحديث مورد
االمتنان ،ألن ذلك فرع امكان إرادة الرفع الواقعي كما ال يخفى.
وأما الكالم في المقام الثاني :وهو كون ظاهرية الرفع في فقرة (ماال
يعلمون) هل هو بلحاظ المرفوع ،او بلحاظ الرفع نفسه؟
والجواب :أن في المقام قولين:
األحد28:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في ما ذكره شيخنا األستاذ (دام ظله) في داللة فقرة ما ال
يعلمون ،في حديث الرفع على البراءة الشرعية ،فعقد البحث في مقامين:
المقام األول تعرض فيه إلى مسألة هل المراد بالرفع في المقام هو الرفع
الرفع الظاهري ،القرائن تدل على
الظاهري أو الواقعي؟ قلنا أن المراد هو
ذلك واشرنا إليها في البحث السابق.
وأما الكالم في المقام الثاني :وهو كون ظاهرية الرفع في فقرة (ماال
يعلمون) هل هو بلحاظ المرفوع ،او بلحاظ الرفع نفسه؟
والجواب :أن في المقام قولين:
القول األول :ما ذهب إليه السيد الخوئي(قده) تبعاً لصاحب الكفاية(قده)
من أن ظاهرية الرفع إنما هو بلحاظ الرفع نفسه ،فيكون المراد من الرفع في
هذه الفقرة :هو الرفع في مرحلة الظاهر دون الرفع في مرحلة الواقع ،حتى
يستلزم التصويب.
وذلك :بمناسبة الحكم والموضوع ،وبقاعدة االشتراك التي هي من
ضروريات المذهب.
توضيحه :أن ظاهر الحديث كون المراد منه هو :أن اإللزام المحتمل في
المقام من الوجوب أو الحرمة مرفوع ظاهراً ،في مقام الشك ،ولو كان ثابت ًا
في الواقع ،وذلك ألن الحكم المحتمل والمشكوك في نفسه قابل للرفع في
مقام الشك ،ألن الحكم الشرعي مطلقا ،أمر وضعه ورفعه بيد الشارع ،فال
األحد28:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
في مرحلة الشك ظاهراً ،زائداً على ثبوته في مرحلة الواقع ،والدليل اآلخر
على ذلك غير موجود وعليه :فدعوى تعدد المرتبة للحكم الواقعي
المشكوك والمحتمل مطلقا ،ال في مرتبة الجعل وال في مرتبة المجعول.
مستنداً إلى أثر الحكم الواقعي
إذاً فال محالة يكون الرفع في الحديث
المشكوك وهو (إيجاب االحتياط) فيكون هو المرفوع.
والقرينة على ذلك هي أنه ال يمكن إسناد الرفع في الحديث إلى نفس
الحكم الواقعي المشكوك ،للزوم المحذور المتقدم ،فال مناص اال ّ من
االلتزام ،بإسناده إلى إيجاب االحتياط ،ومن هنا يظهر صحة ما ذكره شيخنا
االنصاري(قده) هذا.
الجهة الثالثة
في شمول الحديث للشبهات الحكمية والموضوعية ،أو اختصاصه
بأحدهما؟
اإلثنين29:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في داللة حديث الرفع على البراءة الشرعية وذكرنا أن الكالم
يقع في مقامين :المقام األول في داللة فقرة ماال يعلمون ،على البراءة
الشرعية ،وانتهى الكالم بحصول األجماع بين األعالم الثالثة ،بل المتأخرون
الحديث) على أن هذا الحديث
من العلماء األصوليين (بغض النظر عن سند
يمكن ان يدل على البراءة الشرعية ،انتهى الكالم في المقام األول.
أما الكالم في الجهة الثالثة من المقام الثاني :في شمول الحديث للشبهات
الحكمية والموضوعية ،أو اختصاصه بأحدهما؟ (بالشبهات الحكمية فقط،
أو الموضوعية فقط) ولكل قائل.
أما السيد الخوئي(قده) فقد تقدم أنه استظهر من الحديث أن يكون المراد
من (ما) الموصولة في فقرة (ماال يعلمون) خصوص الحكم ،أو ما يعم
الموضوع ،فعلى كال التقديرين ،يشمل الشبهتين(الحكمية والموضوعية)
معاً.
ٍ
حينئذ هو األعم أما على التقدير الثاني فواضح ،إذ المراد من الموصول (ما)
من الحكم المجهول ،أو الموضوع المجهول.
ٍ
حينئذ :أن الحكم المجهول وأما على التقدير األول :فألن مفاد الحديث
مرفوع واطالقه يشمل مالو كان منشأ الجهل بالحكم عدم وصول الحكم
إلى المكلف ،كما في الشبهات الحكمية ،أو األمور الخارجية ،كما في
الشبهات الموضوعية.
اإلثنين29:شوال1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
واستشهد له بوجوه خمسة ،وقد أجاب (قده) عنها جميعاً ،وخرج بهذه
المحصلة ،وهي تمامية االستدالل بالحديث الشريف على البراءة في
الشبهتين.
وأما السيد الشهيد(قده) فقد ذكر أن الكالم في جريان البراءة المستفادة من
حديث الرفع في الشبهات الحكمية والموضوعية جميعاً يقع في جهتين:
األولى :في إمكان تصوير جامع بينهما ثبوتاً.
الثانية :في عموم مفاد الحديث ،للشبهتين ،اثباتاً.
أما الجهة األولى :فاإلشكال في العموم ،إنما ينشأ من ناحية أن المشكوك (ما
ال يعلمون) في الشبهة الحكمية ،غير المشكوك (ماال يعلمون) في الشبهة
الموضوعية ،فإنه في األول هو (الحكم) وفي الثاني هو الموضوع الخارجي،
فكيف يتصور الجامع بينهما؟
()1
أن الجامع بين الحكم الموضوع هو وقد أفاد المحقق الخراساني(قده)
عنوان (الشيء) فالمراد بــ (ما) الموصولة هو (الشيء الذي ال يعلمون)
الشرعي.
فإن قلنا :بأن إسناد الرفع إلى سائر الفقرات (عنائي) وإلى فقرة (ماال
يعلمون) حقيقي عاد اإلشكال المتقدم هذا.
اال يعلمون) كاإلسناد في سائر
ولدفع اإلشكال نقول :إن اإلسناد في فقرة (م
الفقرات يكون عنائي ًا ،وبلحاظ الموضوع ،دون التكليف هذا ما ذكره
اآلخوند والعراقي (قدهما).
وبعد ذكر ما تقدم أفاد السيد الشهيد(قده) بما حاصله:
إن الصحيح في المقام أن يقال :إن الرفع في الحديث عنائي على كل حال.
الثالثاء1:ذي القعدة1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
1
الفقرات (عنائي) وإلى فقرة (ماال فإن قلنا :بأن إسناد الرفع إلى سائر
1
يعلمون) حقيقي عاد اإلشكال المتقدم هذا.
1
(ماال يعلمون) كاإلسناد في سائر
1 ولدفع اإلشكال نقول :إن اإلسناد في فقرة
1دون التكليف هذا ما ذكره
الفقرات يكون عنائياً ،وبلحاظ الموضوع،
اآلخوند والعراقي (قدهما).
وبعد ذكر ما تقدم أفاد السيد الشهيد(قده) بما حاصله:
إن الصحيح في المقام أن يقال :إن الرفع في الحديث عنائي على كل حال.
أما بالنسبة إلى سائر الفقرات فبما ان المراد من تلك الفقرات لما كان
خصوص الموضوع و الفعل الخارجي فيكون األمر واضحاً.
وذلك :ألن الموضوع الخارجي ال يرتفع حقيقة من قبل التشريع المولوي
بل هو رفع عنائي ،وإسناد إلى غير ما هو له.
وأما بالنسبة إلى فقرة (ما ال يعلمون) فيقال :بناءاً على ما هو الصحيح من أن
المقصود من الرفع بالنسبة إلى التكليف ،إنما هو الرفع الظاهري ،أي رفع
إيجاب االحتياط دون رفع الرفع الحكم والتكليف الواقعي ،فيكون هذا
الرفع عنائياً ومجازياً على كل حال ،سواء اسند إلى تكليف ،أو إلى
الموضوع الخارجي.
فهيئة الجملة مستعملة في إسناد مجازي.
الثالثاء1:ذي القعدة1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
1
المترتبة على (ماال يعلمونه) أو على ويصير حاصل المعنى :أن الكلفة والتبعة
1
ال ،أو موضوعاً
ماال (يطيقونه) مرفوعة مطلقا ،سواء أكان حكماً أو فع ً
1
محذور يذكر.
1 خارجياً ،فيعم الحديث الشبهتين ،بال لزوم
1اً:
وأما الجهة الثانية :في عموم مفاد الحديث إثبات
فنقول :إنه بعد فرض تصور جامع يشمل الموضوع والتكليف ،فمقتضى
األصل هو :اإلطالق والشمول للشبهتين الحكمية والموضوعية ،بحيث لو
ادعى التخصيص ببعض الشبهات فعليه ابراز القرينة على التخصيص ،أو
التقييد.
وفي المقام :توجد دعويان متعاكسان:
الدعوى األولى :اختصاص الفقرة بالشبهة الموضوعية فقط.
وذلك :بقرينة السياق في الفقرات األخرى ،حيث يراد منها جميعاً الفعل
الخارجي من الموصول ،فالبد من حمل الموصول في فقرة (ماال يعلمون)
على الفعل أيضاً تطبيقاً لوحدة السياق.
والجواب عنها :أن المراد بالموصول في جميع الفقرات من حيث االستعمال
هو ،مفهوم واحد ،وهو (الشيء) الشامل للموضوع ،والتكليف.
وهذا المعنى ،هو المراد جد ًا من الموصول.
الثالثاء1:ذي القعدة1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
1
على الحكم في الشبهة الحكمية وعليه :فالموصول المجهول ال ينطبق اال ّ
1
باعتبار أن الحكم فيها مجهول بنفسه ،ال بلحاظ متعلقه ليشمل الشبهات
1
1 الموضوعية.
عموم الموصول لكلتا الشبهتين
1 ثم أضاف (دام ظله) :أن الصحيح في وجه
معاً:
أن يقال :إن الموصول في نفسه يشمل الحكم والموضوع معاً ،ألن معناه هو
(الشيء المجهول) القابل لالنطباق على الحكم والموضوع ،فإذا أسند إليه
الرفع ،فيكون (الشيء المجهول) هو المرفوع في ظاهر الحديث.
نعم :لما كان اسناد الرفع إلى نفس الحكم الواقعي المجهول مباشرة ال
يمكن؛ الستلزامه محذور اختصاص األحكام الواقعية بالعالم بها ،وهو
مستحيل ثبوتاً واثباتاً.
وألجل دفع المحذور قلنا :إنه البد من أن يكون الرفع متجه ًا ومسنداً إلى
ٍ
وحينئذ: أثر الحكم الواقعي المجهول ،وهو إيجاب االحتياط مجازاً وعنائياً،
فالبد من تقدير إيجاب االحتياط في جملة (ماال يعلمون) لتعميم الشبهتين
معاً.
المقام الثالث :في فقه تمام الحديث:
األربعاء2:ذي القعدة1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
( )1الكافي ،ط الحديثة ،ج ،1باب ،34باب حجج ه ّال على خلقه ،من أبواب كتاب التوحيد ،ح.3
السبت 5:ذي القعدة1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
إنتهى حديثنا في البحث السابق حول مما استدل به على البراءة الشرعية هو
حديث الحجب ،وهي رواية الكليني (قده) في الكافي ،بسند صحيح ،وبهذا
المضمون عن االمام الصادق(ع) أنه قال« :ما حجب هاّلل ع ِن ال ْعِب ِ
اد ،فَ ُه َوَ َ َ َ َ ُٰ َ
()1
َم ْو ُضو ٌع َعن ْ ُه ْم»
وتقريب االستدالل بهذا الحديث :صغرى :أن كل تكليف لم يصل إلى
المكلف فهو محجوب عنه ،كبرى :فإذا كان التكليف محجوباً عن
المكلف ،فهو موضوع عنه ،ووضع التكليف مساوق لعدم ايجاب االحتياط
وهو المطلوب.
فالنتيجة :أن هذا المضمون بنفسه يتكفل بنفي وجوب االحتياط ،ويكون هو
الدليل على البراءة الشرعية في الشبهتين على نحو ماتقدم في حديث الرفع.
ذكر السيد الخوئي(قده) أن في المقام اشكاالً ،وحاصله :أن ظاهر إسناد
الحجب إلى هٰاّلل تعالى في الحديث ،يقتضي أن يكون المحجوب علمه عن
العباد ،تلك األحكام التي قرر هٰاّلل تعالى إخفاءها في مكنون علمه ،وسترها
عن العباد ،ولم يبيٰنها ألجل مصلحة التسهيل والتوسعة على األمة،
المرحومة ،أو ألجل مانع من هذا البيان ،مع وجود المقتضى لها ،إلى أن
تأتى ظروف مناسبة لبيان التبليغ لتلك األحكام المحجوبة ،كزمان ظهور
اإلمام المهدي(ع).
( )1الكافي ،ط الحديثة ،ج ،1باب ،34باب حجج ه ٰاّلل على خلقه ،من أبواب كتاب التوحيد ،ح.3
السبت 5:ذي القعدة1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وعليه :فال يرتبط هذا الحديث بالمقام ،وهو الجهل باألحكام التي يحتمل
أن الشارع بيٰنها على لسان نبيٰه (ص) وقد أخفاها الظالمون ،أو إلجمالها ،أو
لتعارض النصيٰن ،دون األحكام التي لم يبيٰنها هٰاّلل تعالى أص ً
ال ،فال يدل
عن المقام. الحديث على البراءة الشرعية لكونه أجنبياً
الحجب عنهم فيها ،بإيجاد مقدمات يتمكنوا بها من تحصيل العلم بها.
و بكلمة :أن هٰاّلل تعالى حيث إنه قادر على إيصال األحكام الشرعية إلى
عباده ،ولو بأمر اإلمام المهدي (عج) بالظهور ،و بيان األحكام الشرعية
ورفع الحجب عنه ،بل له تعالى المحجوبة ،وتبليغها ،وإيصالها إلى الناس،
هو :إخفاء الحكم وعدم إصداره واظهاره ببيان يكشف عنه ،فيكون
اإلشكال وارداً.
وأما بناءاً على الحيثية األولى :يكون كل حجب يقع في العالم مهما كانت
تعالى ،ألن ما يجري في الكون فهو
أسبابه و دواعيه ،فهو ينتهي بالتالي إليه
جداً.
وذلك :ألن معنى الحديث لو حمل على حيثية مولوية المولى في الحجب
هو أن التكليف الذي يتعمد هٰاّلل تعالى إخفاءه عن العباد ،هو تكليف ال
كون العباد في معرض
يسأل العباد عنه ،وهذا مطلب واضح في عدم
المسؤولية عنه بحسب المرتكز العرفي ،حتى يكون في مقام التصدي
للجواب عنه ،إذ هناك تناقض عرفاً بين أن يتعمد المولى إخفاء مطلب
عمداً ،وبين أن يسألهم عنه ،ويدينهم عليه ،وهذا بخالف مالو كان الحجب
()1
تكوينياً ،فإنه ال يتنافى مع اإلدانة.
مختصر مفيد :أن إرادة الحجب من هٰاّلل ،من حيث إنه شارع ،بعيد جداً ،وال
يتناسب مع سياق الحديث ،ألن ما يكون المولى بنفسه بصدد إخفائه من
ال.
التكاليف ،ليس في معرض توهم مسؤولية العباد عنه أص ً
مضافاً إلى كونه عرفاً مناقضاً مع فرض مسؤولية العباد وإدانتهم ،ومعه يتعيٰن
أن تكون اإلضافة إليه تعالى من حيث إنه خالق األكوان وعلة العلل ،فيكون
معنى الحجب عاماً يشمل المقام.
فتحصل مما ذكرناه :أن هذا الحديث يكون خير دليل على البراءة الشرعية،
في الشبهات الحكمية ،لتماميته سنداً وداللة.
قرب االستدالل بهذا الحديث على نحو ما
وأما شيخنا األستاذ(دام ظله) فقد ٰ
( )1نفس المصدر.
األحد 6:ذي القعدة1441 - l األصول :مبحث األصول العملية
األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
تقدم منه (دام ظله) في حديث الرفع من شمول (ما) الحكم والموضوع
معاً ،بإرادة رفع (أثر الحكم) وهو االحتياط لدفع المحذور.
ثم تعرض إلى الشبهة القائلة :بأن الحديث أجنبي عن المقام ألنه ناظر إلى
للعباد ،على لسان رسوله
األحكام الشرعية التي لم يبيٰنها هٰاّلل تعالى
الكريم(ص) بقرينة إسناد الحجب إليه تعالى ،وليس ناظر ًا إلى جريان
البراءة عن األحكام الشرعية التي لم يحجبها ،بل بي ٰنها على لسان
رسوله(ص) ،وإن لم تصل إلى العباد ،بسبب ،أو آخر.
ثم ذكر جواب السيد الخوئي(قده) عنها :من صحة إسناد الحجب بالنسبة
إلى األحكام التي بي ٰنا على لسان رسوله(ص) ،وإن لم تصل إلى العباد لمانع
ٍ
حينئذ إسناد ما ،باعتبار أنه تعالى قادر على رفع المانع ،فلم يرفعه ،فصح
الحجب إليه تعالى حتى في الشبهات الموضوعية كما تقدم.
ثم قال(دام ظله) :يمكن المناقشة ،فيما ذكره السيد الخوئي(قده) في جواب
الشبهة وحاصل المناقشة :أن إسناد الحجب إليه تعالى في الشبهات مطلقا،
وإن كان حقيقياً بالنظر الدقي العقلي ،اال أن إسناده في هذه الشبهات إلى
اإلنسان الذي هو السبب المباشر ،أولى بنظر العرف ،من إسناده إليه تعالى.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 7:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
اإلنسان الذي هو السبب المباشر ،أولى بنظر العرف ،من إسناده إليه تعالى.
وذلك :باعتبار أنه تعالى السبب غير المباشر ،كما هو الحال في صدور
األفعال من العباد.
الحجب إليه تعالى بالمباشرة ،فهو
وعليه :فلما كان الحديث ظاهراً في إسناد
ال ينطبق اال على األحكام التي لم يأمر هّال تعالى ببيانها ،وهي التي باقية في
اللوح المحفوظ دون األحكام التي ،بي ّنها رسول(ص) ،ولكنها لم تصل إلى
العباد لمانع ما.
نعم :في الحديث قرينة على أن المراد من الموصول فيه هو األحكام
الشرعية التي لم تصل إلى العباد بعد بيانها ،فتشمل المقام.
وهذه القرينية :هي أن الحديث قد ورد مورد االمتنان ،وال امتنان فيما إذا
كان الحجب من جهة عدم المقتضي والبيان.
نعم يتحقق االمتنان فيما إذا كان المقتضي للمؤاخذة موجوداً ورفعها أو
وضعها عنهم كما في األحكام الشرعية التي بيّنها النبي(ص) ولم يصل إلينا.
والحاصل :أن داللة الحديث على أصالة البراءة الشرعية تامة ،وهي تصلح
أن تعارض أدل االحتياط على تقدير تماميتها ،وقد تقدم أنه تام من حيث
السند أيضاً.
وهناك :أحاديث أخرى تمسكوا بها إلثبات البراءة الشرعية في الشبهتين.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 7:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
منها حديث االطالق «ك ُل َشي ٍء مطلَق حتى ي ِرد فِ ِ
يه نَهي )1(».فيقيد بالنهي. َ َّ َ َ ُ ُّ
ومنها حديث السعة « الناس في سعة ما ال يعلمون»
ومنها حديث الحل« :كل شيء فيه حالل وحرام ،فهو لك حالل حتى
تعرف الحرام بعينه ،فتدعه» .وغيرها الكثير.
ولكن ال حاجة إلى العرض لها ،بعد الثبوت البراءة الشرعية بالحديثين
المتقدمين.
وأما االستصحاب
وهو مما استدل به على البراءة الشرعية في المقام.
أما السيد الخوئي(قده) فقد قرب االستدالل باالستصحاب بنحوين :بعد
تمهيد مقدمة:
وهي أن األحكام الشرعية لها مرتبتان:
المرتبة األولى :مرتبة الجعل والتشريع ،والحكم الشرعي في هذه المرتبة
متقوم بـ فرض الموضوع ،دون تحقق الموضوع خارجاً.
وذلك :ألن التشريع غير متوقف على تحقق الموضوع خارجاً ،وفعليته.
بل يصح جعل الحكم على موضوع مفروض الوجود على نحو القضية
الحقيقية «يجب الحج على المستطيع».
وعليه :صح تشريع القصاص على القاتل ،وإن لم يقتل أحد إلى األبد.
المرتبة الثانية :مرتبة الفعلية :والحكم الشرعي في هذه المرتبة متقوم بـ تحقق
الموضوع خارجاً ،دون فرضه في عالم الجعل ،ألن فعلية الحكم إنما هي
بفعلية موضوعه ،ومع انتفاء الموضوع خارجاً ،ال يكون الحكم فعلياً هذا.
كل واحد من المرتبتين مسبوق ثم قال(قده) :حيث إن الحكم الشرعي في
فإذا شككنا في جعله ،وعدم جعله ،نستصحب عدم الجعل حتى يحصل لها
العلم بجعله ،ومعنى استصحاب عدم الجعل هو ثبوت اإلباحة والترخيص
والبراءة للمكلف من ناحية المخالفة.
وأما النحو الثاني :وهو تقريب االستدالل على البراءة باالستصحاب بلحاظ
المرتبة الثانية للحكم وهي مرتبة الفعلية.
ال ،فقبل البلوغ
فيقال :إن من جملة شروط فعلية الحكم هو البلوغ مث ً
التكليف الفعلي بالحج ،معدوم قطع ًا.
فإذا شككنا في وجود الحكم الفعلي على تقدير تحقق البلوغ ،نستصحب
عدم التكليف الفعلي بعد البلوغ المتيقن قبل البلوغ وهو معنى البراءة،
وهناك إشكاالت وإيرادات على هذين النحوين.
وقد أورد على النحو األول بإيرادين:
أحدهما :أن عدم الجعل المتيقن عدم محمولي (عدم أزلي) وهو غير مرتبط
بالمولى ألنه قبل الشريعة ،ال مولوية للمولى ،لتقمصه المولوية حين التشريع
وبعث الرسل.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 8:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما العدم المشكوك في المقام ،إنما هو عدم نعتي منسوب إلى شارع،
ومضاف إلى المولى ،فال يمكن إثبات (العدم النعتي) باستصحاب (العدم
المحمولي) اال على القول باألصل المثبت ،وذلك باعتبار أن العدم النعتي
له ،ومن المعلوم أن
صفة للموضوع الموجود في الخارج ،ونعت
االستصحاب (العدم المحمولي) ال يثبت كونه نعت ًا للموضوع.
وبعبارة أخرى :العدم المتيقن هو :العدم قبل الشرع والشريعة ،وهو غير
منتسب إلى الشارع ،والعدم المشكوك فيه ،هو العدم المنسوب إلى الشارع
بعد ورود الشرع من قبله ،فالمتيقن غير محتمل البقاء ،وما هو مشكوك
الحدوث لم يكن متيقناً سابقا.
وأجاب عنه السيد الخوئي(قده) :أنه قد حصل خلط عند المستشكل فان
المستصحب إنما هو العدم المنتسب إلى الشارع ،وبعد ورود الشرع دون
العدم الثابت قبل الشريعة كما توهم.
لما عرفت من أن جعل األحكام كان تدريجياً ،فقد مضى من الشريعة زمان،
لم يكن هذا الحكم المشكوك فيه مجعوالً يقيناً ،فيستصحب ذلك ،مع أن
االنتساب إلى الشارع قد يثبت بنفس االستصحاب ،فيكون العدم نعتياً،
منسوباً إلى الشارع.
وقد ذكر السيد الشهيد(قده) ،وشيخنا األستاذ (دام ظله) هذا الجواب ،بال
مناقشة.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 9:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في البحث السابق بيان ارادات الواردة على ما ذكره السيد
الخوئي(قده) إلجراء استصحاب كدليل على البراءة الشرعية في مرتبتين:
المرتبة األولى في مرتبة الجعل ،المرتبة الثاني المرتبة في مرتبة الفعلية،
الجعل حيث قيل فيه ان الشارع لم
وأورد على النحو األول استصحاب مرتبة
يجعل الحكم على المكلفين في زمان ما ،فإذا شككنا في أصل جعله
فنستصحب عدم الجعل ،كان على هذا الطرف إيرادان :اإليراد األول :ان
المتيقن في هذا االستصحاب وهو عدم الجعل الذي لم يجعل في زمان ما
هذا عدم المحمولي وهذا غير مرتبط بمولوية المولى ،وأما عدم المشكوك
وهو عدم النعتي ومنسوب إلى الشارع بعد الجعل المولى ،فإذاً استصحاب
ال مثبتاً ،هذا
اثبات عدم النعتي باستصحاب عدم المحمولي هذا يكون أص ً
غير تام.
وأجاب عنه السيد الخوئي(قده) :أنه قد حصل خلط عند المستشكل فان
المستصحب إنما هو العدم المنتسب إلى الشارع ،وبعد ورود الشرع دون
العدم الثابت قبل الشريعة كما توهم.
اإليراد الثاني :أن المحرك للعبد نحو التكليف(أعني الباعث أو الزاجر له)
إنما هو التكليف الفعلي دون اإلنشائي ،فالحكم اإلنشائي مما ال يترتب عليه
أثر بل يترتب األثر على الحكم الفعلي ،ومن الواضح أنه ال يمكن اثبات
عدم التكليف الفعلي باستصحاب عدم الجعل واإلنشاء اال على القول
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 9:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أوالً :بالنقض باستصحاب عدم النسخ عند الشك في النسخ ،وبقاء الجعل
الذي ال خالف في جريانه ،فلو كان نفي الحكم الفعلي باستصحاب (عدم
الجعل) من األصل المثبت ،كان اثبات الحكم الفعلي المجعول باستصحاب
بقاء الجعل وعدم النسخ أيضاً ،كذلك.
وثاني ًا بالحل :بأن اإلنشاء والجعل هو إبراز أمر اعتباري ،واالعتباري كما
يمكن أن يتعلق بأمر فعلي ،يمكن أن يتعلق بأمر متأخر ،ومقيد بقيود ،فليس
جعل الحكم وانشاؤه اال عبارة عن اعتبار شيء على ذمة المكلف في ظرف
معين ،ويتحقق المعتبر بمجرد االعتبار ،بل هما (المعتبر واالعتبار) ،أمر
واحد ،حقيقة ،والفرق بينهما اعتباري لحاظي ،كالفرق بين الوجود
وااليجاد.
وعليه :فالحكم الفعلي هو الحكم اإلنشائي ،لكن مع فرض تحقق قيده
المأخوذة فيه .ومن هنا :يكون استصحاب الحكم االنشائي ،أو عدمه هو
استصحاب الحكم الفعلي أو عدمه.
نعم :مجرد ثبوت الحكم في عالم االعتبار ،ال يترتب عليه األثر مثل وجوب
االطاعة بحكم العقل ،قبل تحقق موضوعه بقيوده في الخارج.
وليس ذلك اال من جهة أن االعتبار قد تعلق بظرف وجود الموضوع على
نحو القضية الحقيقية من أول األمر ،فمع عدم تحقق الموضوع ال يكون
حكم أو تكليف على المكلف ،وبعد تحقق الموضوع بقيوده خارجاً ،ال
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 9:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
يكون المحرك اال نفس االعتبار السابق ،ال أن هناك أمر آخر يسمى بــ
الحكم الفعلي.
والحاصل :أن االشكال إنما يرد فيما لو فرضنا أن للحكم مرتبتين(إنشائية
إليراد المذكور ،إذ ليس ما وراء
وفعلية) ،وأما إذا فرضنا هما واحداً فال يتم ا
الحكم اإلنشائي الذي جعله المولى ،جعل ثان يسمى بالفعلي ،بل هو حكم
واحد إنشائي فعلي ،فإن المجعول ليس شيئاً آخر وراء الجعل منظوراً إليه،
مضافاً إلى موضوعه في ظرف تحقق موضوعه.
وقد ذكر السيد الشهيد وكذلك شيخنا األستاذ (دام ظله) نفس الجواب فال
نعيد.
وقد أورد على النحو الثاني من تقريب االستصحاب ،وهو استصحاب عدم
التكليف الفعلي والمتيقن قبل البلوغ بوجوه:
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 12:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في البحث السابق فيما قربه السيد الخوئي (قده) من االستدالل
باالستصحاب على البراءة بنحوين :بلحاظ مرتبة الجعل وإن الشارع لم
يجعل الحكم الخاص (الدعاء عند الهالل) على المكلفين في بدو التشريع،
عدم الجعل ومفاده االباحة فإذا شككنا في جعله بعد ذلك نستصحب
والترخيص والبراءة ،وقد تقدم اإلشكال واإليراد على هذا النحو بوجهين
وأجاب عنهما و (وافقه على ذلك العلمين).
النحو الثاني :تقريب اإلستدالل على البراءة باستصحاب عدم الحكم الفعلي،
ال في (الحج) فإذا شككنا
وحاصله :أن من شروط فعلية الحكم هو البلوغ مث ً
في وجود وثبوت الحكم الفعلي بعد البلوغ الحتمال اعتبار غيره
فنستصحب عدم التكليف الفعلي بعد البلوغ وقد كان متيقناً قبل البلوغ ،وقد
أو رد على النحو الثاني بوجهين أيض ًا:
الوجه األول :أنه يعتبر في االستصحاب ،ان يكون المستصحب بنفسه أو
بأثره مجعوالً شرعياً ،بحيث يكون وضعه ورفعه بيد الشارع.
وفي المقام :أن عدم التكليف أزلي وغير قابل للجعل الشرعي فإن المجعول
هو الحكم ،دون عدم الحكم ،وليس له أثر شرعي ،فإن عدم العقاب من
الوازمه العقلية دون الشرعية ،فال يجري فيه االستصحاب.
وصاحب الكفاية(قده) قد نسب هذا االيراد إلى الشيخ االنصاري (قده).
وفي النسبة نظر.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 12:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
والجواب عنه :أن دعوى اعتبار كون المستصحب أمراً مجعوالً شرعياً أو
بأثره مما لم يدل عليها دليل ،من آية أو رواية ،فهي دعوى بال دليل.
ال للتعبد الشرعي
نعم :أن المعتبر في االستصحاب أن يكون المستصحب قاب ً
للتعبد ،غاية األمر أن وجوده
ومن المعلوم أن عدم التكليف كوجوده قابل
في التكليف قابل للتعبد حدوث ًا و بقاء ًا ،وأما عدم التكليف فهو قابل للتعبد
بقاءاً ،ال حدوثاً.
وأما السيد الشهيد (قده) قد أجاب عن هذا اإليراد بأسلوب آخر:
حاصله :أن المعيار في جريان االستصحاب هو ان يكون مورد االستصحاب
ال للتصرف المولوي الظاهري ،ومعنى ذلك هو التأمين والتنجيز من
قاب ً
ناحيته فيكون التعبد به منجزاً أو معذوراً ،ومن الواضح أن التصرف المولوي
بمعنى التنجيز والتعذير ،كما يكون في استصحاب التكليف ،كذلك يكون
في استصحاب عدم التكليف ،فإن استصحاب التكليف يكون منجزاً
لمورده واستصحاب عدم التكليف يكون مؤمناً لمورده ،وهذا هو معنى
القابلية للتصرف.
فالنتيجة :أن االستصحاب كما يجري في المجعول الشرعي ،أو موضوعه،
كذلك يجري في التعبد بعد مهما.
وقد أيد شيخنا األستاذ (دام ظله) هذا الجواب لرد االشكال بال زيادة عليه
فال نعيد.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 12:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الوجه الثاني :ما ذكره الشيخ األنصاري أيضاً (قده) وحاصله :إنه يعتبر في
االستصحاب وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة موضوعاً ومحموالً ولكن
في المقام ال اتحاد بينهما في الموضوع ،فإن موضوع عدم التكليف قبل
حديث رفع القلم ،وأما موضوعه البلوغ هو عنوان الصبي كما هو الظاهر من
بعد البلوغ هو عنوان البائع ،وأحدهما غير اآلخر ،ومن هنا نقول:
إن اإلباحة الثابتة للعنوان األول ،بحديث رفع القلم فقد ارتفعت بارتفاع
موضوعها ،وهو الصبي واإلباحة الثابتة باالستصحاب فرضاً للعنوان الثاني،
فهي إباحة أخرى لموضوع آخر ،وهو (البالغ).
فألجل اإلخالل بالشرط المقوم ،ال يجري استصحاب بقاء اإلباحة حال
الصبيان ،فإن ذلك من باب إسراء الحكم من موضوع إلى موضوع آخر،
وهو قياس وليس باستصحاب ،وعليه :فال مجال لجريان االستصحاب.
أما السيد الخوئي(قده) فقد قال :اإلنصاف أن هذا االشكال وارد على
االستدالل باالستصحاب على البراءة الشرعية في المقام.
وتوضيحه:
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 13:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
االشكال األول :أن المستصحب البد ان يكون بنفسه أو بأثره مجعوال شرعي ًا
بحيث يكون وضعه ورفعه بيد الشارع ،أما في المقام عند ما نستصحب عدم
التكليف الفعلي (العدم) امر أزلي ليس له أثر شرعي ،و ليس قابل لجعل
شرعي ،وهذا خالف ما شرطناه بأن يكون مجعول شرعي ،وأجاب عن
ذلك السيد الخوئي(قده) وكذلك السيد الشهيد(قده).
اإلشكال الثاني للشيخ األنصاري(قده) قال :أنه يعتبر في االستصحاب شرط
و هو وحدة قضية متيقنة والمشكوكة من حيث الموضوع و من حيث
المحمول ،وأما في المقام عند ما نستصحب عدم التكليف الفعلي أو
نستصحب عدم حكم الفعلي ال يوجد هناك اتحاد بين الموضوع
والمحمول ،يعني قضية المتيقنة هو عدم وجوب صالة على الصبي اآلن بعد
البلوغ باالستصحاب ال تجب عليه صالة ،فإذاً القضية المتيقنة موضوعها
الصبي ،والقضية المشكوكة الصبي بعد البلوغ هل يثبت عليه وجوب
الصالة او حكمه حكم الصبي فنستصحب عدم وجوب الصالة ،فإذاً
الموضوع في القضية متيقنة هو الصبي والموضوع في القضية المشكوكة هو
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 13:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
إبقاء ما كان ،ورفع ما كان عند انتفاء الموضوع ،بأن يصدق على مورد
التعبد باالستصحاب عنوان (اإلبقاء) وأن يصدق على نقيضه عنوان الرفع (ال
تنقض.)...
الحالة السابقة عند الشك ،ومن
ألن جريان االستصحاب إنما هو بلسان إبقاء
الواضح :أن الصبي قبل البلوغ كان محكوم ًا باإلباحة ،واآلن بعد بلوغه يشك
في أنه مازال محكوماً باإلباحة ،تلك ،أو أنها ارتفعت؟
منصبة على مصب واحد وهو (الصبي) قبل البلوغ
إذاً :فاإلباحة لوحظت ّ
وبعد البلوغ ،ولذلك كان الشك في بقائها ،وارتفاعها ،وهذا الكالم عرفي،
وعرفيته برهان على صحة جريان االستصحاب في مورده ،وعلى صدق
عنوان الشك في البقاء.
وأما شيخنا األستاذ(دام ظله) فقد أجاب عن هذا االعتراض بوجهين:
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 14:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
انتهى كالمنا في البحث السابق فيما ذكره األصوليون القائلون بجريان براءة
الشرعية في موارد الشبهات الحكمية والموضوعية .واآلن نبدأ بذكر أدلة
القائلين بوجوب االحتياط دون البراءة:
الشبهات الحكمية
األدلة القائلين بوجوب االحتياط في
أنه ال يتم اإلستدالل على وجوب االحتياط بهذه اآلية المباركة ،وذلك :ألن
حرمة القول بغير العلم ،المنبثق عنها القول بوجوب االحتياط مما ال خالف
فيه بين األخباريين واألصوليين ،فإن األصولي يعترف بأن القول بالترخيص
تشريع محرم ،اال ّ أنه يدعي قيام
إذا لم يكن مستنداً إلى دليل وحجة فهو
الدليل على الترخيص ،فال يلتزم بالالزم ،كما أن األخباري :أيض ًا يقربان
القول بوجوب االحتياط من غير دليل وحجة عليه ،أيضاً تشريع محرم،
ولكنه يدعي قيام الدليل عليه فعليك بالدليل.
فالنتيجة :أن هذه الطائفة أجنبية عن المقام ،فال وجه لالستدالل بها فيه.
أما السيد الشهيد (قده) فقد ذكر في رد االستدالل بها ما حاصله:
أن هذا الوجه من أضعف ما استدل به على وجوب االحتياط ،إذ ال شبهة
وال شك عند األخباري واألصولي في حرمة إسناد الحكم الواقعي إلى
الشارع في موارد الشبهة (حرمة كانت أو إباحة) ألنهما من مصاديق اإلفتاء
بغير علم المحرم بينما اإلفتاء بالبراءة فهو إفتاء ليس مسنداً إلى الشارع بغير
علم ،وإنما هو مسند إلى العقل إذا كان الدليل عقلياً من جهة قطعه بأن
العقل يدرك الوظيفة الفعلية العملية عند الشك.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فقد افاد في المقام ما حاصله:
أن مفاد اآلية المباركة ،هو حرمة اإلفتاء بدون علم ،ألنسه من التشريع
المحرم ،وهذه الكبرى ،مما ال خالف فيها ،بين الجميع ،مع أن الحرمة هنا
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 15:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
واقعية ،ال ظاهرية ،فال يكون مفاد اآلية الشريفة وجوب االحتياط في
الشبهات الحكمية.
أقول :إن مرجع ما أفاده األعالم الثالثة إلى معنى واحد وهو عدم داللة اآلية
هي ناظرة إلى حرمة االتباع
الشريفة على وجوب االحتياط شرعاً ،وإنما
المحرم .وهذا مما ال يرتضيه
ّ ال ،ألنه من التشريع
واإلفتاء بغير علم ،قوالً وعم ً
ال سيأتي ،فال تصلح اآلية
األخباري فضال عن األصولي ،وأما وجوبه عق ً
لالستدالل على المقام مطلقا(ال اإلفتاء باالحتياط ،وال اإلفتاء بالبراءة).
الطائفة الثانية :اآليات الناهية عن إلقاء النفس في التهلكة.
()1
منها قوله تعالىَ « :و ال تُلْقُوا ب ِ َأيْديك ُْم ِإلَى الت َّ ْهلُكَة»...
وتقريب اإلستدالل بها :أن مفادها هو النهي عن القاء النفس وتعريضه
للهلكة مطلقا ،دنيوية كانت أو أخروية ،وهذا التعريض ينطبق على (اقتحام
الشبهات) الذي يجعله في معرض مخالفة هّال تعالى ،وهي أشد المهالك.
وعليه :فالبد من التوقف واالحتياط في الشبهات الحكمية البدوية.
وأجاب عنها السيد الخوئي(قده) بما حاصله:
أنه ال يتم اإلستدالل بهذه الطائفة كسابقتها ،وذلك :ألنه :إن أريد بالتهلكة
في اآلية الشريفة ،التهلكة الدنيوية ،فال شك في أنه ليس في ارتكاب الفعل،
ال عن القطع بها ،وهذا
مع الشك في حرمته وبالعكس ،احتمال الهلكة فض ً
الفقرة.
يحدد دائرة (األمر باإلنفاق المتقدم) ويقيد مقداره ،فيكون
فالنهي المتأخر ّ
معنى اآلية :أن يكون اإلنفاق الواجب بمقدار ال يوجب هالك اإلنسان،
وحياته بالنحو المناسب ،بمعنى: بحيث توقفه ،وتمنعه عن مواصلة معيشته،
فيحتمل معه العقاب عند االقتحام (لو اقتحمت تعاقب ارشادياً) بل يقطع به.
ففي هذا الحال ال يكون النهي في اآلية اال إرشادياً وتحذيراً عن دخول نار
الهلكة بترك العمل بالتكليف السابق ال منجز ،فال يكون هذا النهي مولوياً،
ومنجزاً للواقع.
الثاني :أن يفرض عدم وجود احتمال العقاب ،إما لعدم وجود التكليف
ال في المرتبة السابقة ،أو لوجود مؤمن مولوي من براءة شرعية أو
المنجز أص ً
عقلية ،أو نحوهما.
ففي هذا الحال :ال موضوع للنهي عن إلقاء النفس في التهلكة ،فيستحيل
استفادة التنجيز والعقاب والهلكة ،من نفس هذا
النهي ،ألنه قد أخذ في موضوعه (الهلكة).
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) بعد ذكر ما تقدم من السيد الشهيد(قده)
أضاف :أن اآلية الشريفة لو سلمنا داللتها على وجوب االحتياط اال أنها ال
تنطبق على مانحن فيه ،من الشبهات الحكمية ،بعد الفحص اال بناءاً على
القول :بأن االصل األولي في الشبهات هو (قاعدة حق الطاعة).
أما بناءاً على ما هو الصحيح ،من أن األصل األولي فيها قاعدة قبح العقاب
بال بيان ،فال موضوع لآلية فيها ،ألن موضوع اآلية هو (التهلكة) في المرتبة
السابقة ،المنجزة بمنجز سابق ،والمفروض عدم وجود (التهلكة) في
الشبهات بعد الفحص ،فإذاً ال يكون االقتحام فيها تعريض للنفس في
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 16:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
التهلكة ،حتى يكون مشموالً لآلية المباركة ،بل يراد منها التهلكة الدنيوية
ال.
دون األخروية فال يشمل المقام أص ً
تحصل مما أوردناه من كلمات األعالم الثالثة من االتفاق في الرد على
االحتياط وعدم تمامية اإلستدالل
اإلستدالل باآلية الكريمة ،على وجوب
جواز الرجوع إلى البراءة في الشبهات الموضوعية ،بل وفي الحكمية أيضاً،
وإن كانت وجوبية فكانت اآلية الشريفة محمولة على اإلرشاد ال محالة.
فالنتيجة :أن اإلستدالل بهذه اآلية الشريفة كسابقتيها غير تام.
األستاذ (دام ظله) قد ايدا ما ذكره
وأما السيد الشهيد(قده) :وكذلك شيخنا
السيد الخوئي(قده) من عدم تمامية اإلستدالل باآلية الشريفة ،وهناك
طوائف أخرى ،ال تنهض بإثبات المدعى في المقام طوينا عنها كشحاً.
أقول :ال إشكال في كون اآلية الشريفة في مقام اإلرشاد إلى تجنب
المحرمات والتقرب إلى َّالل تعالى بامتثال الواجبات وترك المحرمات جهد
اإلمكان للفوز بالجنان ،فال تدل على حكم مولوي مثل وجوب االحتياط.
الثاني االستدالل بالسنة الشريفة
فقد استدلوا األخباريون وغيرهم بمجموعة من األخبار ،وهي على طوائف:
الطائفة األولى :األخبار اآلمرة بالتوقف عند الشبهة.
ُوف عِن ْ َد الشُّ ب ْ َه ِة َخي ْ ٌر مِ َن ِاالقْت ِ َح ِام فِي ال َْهلَك َ ِة»)1(...
منها :قوله (ع)« :ال ُْوق ُ
وتقريب اإلستدالل بها :أنها تدل على وجوب التوقف عند الشبهة ،وأن
االقتحام فيها ،اقتحام في الهلكة ،أو مساوق للهلكة ،وهي العقوبة األخروية،
وعليه فليس المراد من وجوب التوقف اال وجوب االحتياط في الشبهات
الحكمية ،ألن اقتحامها مساوق للوقوع في الهلكة ،وعليه فوجوب التوقف
( )1وسائل الشيعة ،ج ،27باب 12من أبواب صفات القاضي ،ح.2
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 19:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
مطلق المشتبه والملتبس ،من حيث الحكم الشرعي الواقعي والظاهري معاً،
فال يعم ما علم فيه الترخيص الظاهري ،ألن أدلة الترخيص تخرج الشبهة
تخصصاً عن عنوان المشتبه ،وتدرجه في عنوان معلوم الحلية ،وهذا واضح.
ويدل على ما ذكرناه من اختصاص الشبهة بغير ما علم فيه الترخيص ظاهراً،
أنه ال اشكال وال خالف في عدم وجوب التوقف في الشبهات الموضوعية،
بل حتى في الشبهات الحكمية الوجوبية بعد الفحص ،بين الفريقين لحصول
العلم بالترخيص.
فإن أدلة الترخيص لو لم تخرجها تخصصاً عن عنوان الشبهة لزم التخصيص
في اخبار التوقف مع أن لسان أخبار التوقف آب عن التخصيص والتقييد.
الوجه الثاني :أن األمر بالتوقف فيها لإلرشاد وال يمكن أن يكون أمراً مولوياً
يستتبع العقاب ،إذ علل التوقف فيها بأنه خير من االقتحام في الهلكة ،وال
يصح هذا التعليل ،اال أن تكون الهلكة مفروضة التحقق والثبوت ،في
ارتكاب الشبهة في نفسها ،مع قطع النظر عن هذه األخبار اآلمرة بالتوقف
(الشبهات مهلكات).
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 19:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وال يمكن أن تكون الهلكة المعلل بها وجوب التوقف مترتبة على نفس
وجوب التوقف المستفاد من هذه األخبار ،للزوم الدور كما هو ظاهر.
فيختص موردها بالشبهة قبل الفحص ،والشبهة المقرونة بالعلم اإلجمالي.
ال،
االحتياط في نفسه في الشبهة عق ً
بالجملة :التعليل ظاهر في ثبوت وجوب
ال
مع قطع النظر عن هذه األخبار ،فال يمكن إثبات وجوب االحتياط عق ً
بنفس هذه األخبار ،كما هو مقصود األخباري المستدل بها ،واال لزم الدور
الباطل .وهو اثبات االحتياط الثابتة في الشبهة باألخبار.
وفي نهاية المطاف ال يمكن إتمام اإلستدالل بهذه الطائفة على وجوب
االحتياط في الشبهات.
مهد مقدمة...
وأما السيد الشهيد(قده) :فقد ّ
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 20:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ِاالقْت ِ َح ِام فِي ال َْهلَك َ ِة »)1(...هو أن اختيار الوقوف عند كل قضية يبدو على
ظاهرها عالمات الشريعة ،ولكن يعرف بالقرائن والمارات ،أن باطنها و
واقعها باطل وضالل ،أفضل من اقتحامها ،إذ مع االقتحام لعلك تقع في
الهالك.
فإذ ًا هذه نصيحة للمسلمين جمع ًا بالتأمل في الشبهات حتى يتضح الحق،
وإرشاد لهم.
وعليه :فهذا اللسان أجنبي عن بحث (وجوب االحتياط المولوي) عند الشك
في التكليف.
مختصر مفيد :أن المراد من الشبهة في الرواية ليس (الشبهة) في المصطلح
الصولي ،وهو الشك في الحكم الشرعي ،بل المراد منها الضاللة والبدعة
والخديعة ،التي تلبس لباس الحق والشريعة ،وقد تقدم أنه ورد في بعض
الروايات« :سمي ِ
ت الشُّ ب ْ َه ُة شُ ب ْ َه ًة ِلَن َّ َها تُشْ ب ِ ُه ال َْح َّق »...وفي بعضها «أنها مِ َن ُ ِّ َ
الشَّ ي َط ِ
ان» وهكذا. ْ
وعليه :يراد من الرواية النصيحة بالتأمل في الشبهات واإلرشاد إلى ذلك.
فإذاً تكون هذه الطائفة من الروايات أجنبية عن محل الكالم وهو المولوية.
وأما تعليق السيد الشهيد(قده) على إشكال المحققين ...
( )1وسائل الشيعة ،ج ،27باب 12من أبواب صفات القاضي ،ح.2
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 21:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا بعد أن مهد السيد الشهيد(قده) في المقام منا قشة في فقه
الرواية الوقوف عند الشبهة خير من اقتحام الهلكة التي استدل األخباري
على وجوب االحتياط بعد أن ذكر مقدمة وكان حاصل المقدمة حيث
الحديث ال يناسب حمل الشبهة على
جعلها في مرحلتين انه من حيث فقه
والعقاب.
مبنى وال
وحاصل التعليق :هو أن يقال :إن هذا االشكال غير صحيح ال ً
بناءاً ،وذلك:
(القبح) مع أن االشكال مبني
أما عدم صحته مبن ًى :فألننا ال نقول بقاعدة
ال،
عليها ،فلو قلنا بدالً عنها بقاعدة حق الطاعة ومنجزية االحتمال عق ً
فالرواية تكون في مقام تأكيد منجزية االحتمال العقلي وهذا التأكيد ظاهر
عرفاً في أنه في مقام بيان عدم وجود حاكم على تلك المنجزية ،أي عدم
جعل(أصالة البراءة) كما قيل.
وأما عدم صحته بناءاً :فألننا ،لو سلمنا جدالً قاعدة قبح العقاب بال بيان ،فمع
ذلك ،كان باإلمكان أن نستفيد من هذه الرواية (وجوب االحتياط).
وذلك :ألن مثل هذا الكالم الصادر بقطع النظر عن الشبهة الفنية التي سوف
نحلها بيان عرفي مألوف في مقام ذكر الحكم االلزامي ،فمن راجع كتاب
(ثواب االعمال وعقابها) للشيخ الصدوق (قده) يجد أن كثيراً ما يبين
الحكم الواقعي بالحرمة ،بلسان بيان ترتب العقاب على الفعل ،ومثل هذا
اللسان رائج ،وال يعتبر ذلك بياناً مستهجناً.
فالنتيجة :أي فرق بين بيان الحرمة الواقعية للفعل ،بلسان أن هذا الفعل مورد
للعقاب ،وبين بيان الحرمة الظاهرية القتحام الشبهة ،وبلسان أن اقتحام الشبهة
مورداً للهلكة؟
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 21:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
نعم :تبقى الشبهة الفنية على حالها ،وهي أن العقاب فرع وصول التكليف،
فلو كان وصول التكليف والخطاب بهذا البيان الوارد في الرواية لزم
الدور(.)1
وكون هذا البيان (الرواية)
ال،
وإن فرض وصوله في المرتبة السابقة عق ً
إرشاد ًا إلى ذلك ،فيكفي هذا الخطاب والتكليف العقلي الواصل في اثبات
(وجوب االحتياط) من دون حاجة إلى مثل هذه الروايات ،فيكون
االستدالل بها لغواً.
وأجيب عنه :بأنا نستكشف من هذه الروايات بالمطابقة ثبوت الهلكة بالفعل،
ال) لمن
في اقتحام الشبهة (أي :أيها المخاطب لو اقتحمت الشبهة تهلك فع ً
كان يخاطبه اإلمام (ع) وبااللتزام وصول التكليف وهو االحتياط إليهم،
وتنجزه في حقهم بهذا البيان ،ألنه من دون ذلك ال يعقل الهلكة بالنسبة
إليهم ،ثم نثبت ذلك في حقنا من باب عدم احتمال الفرق (واشتراك جميع
المكلفين باألحكام).
توضيح ذلك :ان اإلمام (ع) حينما وجه خطابه (قف عند الشبهة واال تهلك)
إلى أفراد معينين من أصحابه ،نستكشف منه فعلية األمر بالوقوف ،بالنسبة
إلى المخاطبين ،وأن الهلكة فعلية أيضاً ،ويستكشف من ذلك وصول
التكليف بوجوب االحتياط بالنسبة إليهم أو كان في معرض الوصول باعتبار
( )1التكليف واصل لو عصي فيه عقاب ،الهلك والعقاب علة للتكليف(االحتياط) كما في الرواية فهو (دور)
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 21:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وجود (اإلمام-ع )-بينهم فيسألونه وكلما كان كذلك فهو بحكم الواصل.
و من هنا :فبالداللة االلتزامية لهذا الخطاب كما تقدم نستكشف أن التكليف
ال ،أو بحكم الواصل إلى المخاطبين.
وهو وجوب االحتياط كان واص ً
من جهة عدم احتمال الفرق
فإذا ثبت ذلك بالنسبة إليهم فثبته إلى غيرهم
بين المخاطبين وغير المخاطبين ،من هذه الناحية ،ولقاعدة االشتراك.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 22:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
إليهم ،ثم نثبت ذلك في حقنا من باب عدم احتمال الفرق (واشتراك جميع
المكلفين باألحكام).
توضيح ذلك :ان اإلمام (ع) حينما وجه خطابه (قف عند الشبهة واال تهلك)
فعلية األمر بالوقوف ،بالنسبة
إلى أفراد معينين من أصحابه ،نستكشف منه
إلى المخاطبين ،وأن الهلكة فعلية أيضاً ،ويستكشف من ذلك وصول
التكليف بوجوب االحتياط بالنسبة إليهم أو كان في معرض الوصول باعتبار
وجود (اإلمام-ع )-بينهم فيسألونه وكلما كان كذلك فهو بحكم الواصل.
و من هنا :فبالداللة االلتزامية لهذا الخطاب كما تقدم نستكشف أن التكليف
ال ،أو بحكم الواصل إلى المخاطبين.
وهو وجوب االحتياط كان واص ً
فإذا ثبت ذلك بالنسبة إليهم فثبته إلى غيرهم من جهة عدم احتمال الفرق
بين المخاطبين وغير المخاطبين ،من هذه الناحية ،ولقاعدة االشتراك.
والحاصل :أن ما ذكرناه ينق ّح ويوضح ويبيّن أن مثل هذا البيان والخطاب
قابل ألن يوصل إلينا التكليف ،بوجوب االحتياط ،كما يوصل إلينا الحكم
الواقعي بحرمة الغيبة بقوله(ع)« :من استغاب مؤمناً كان عليه كذا من األوزار
يوم القيامة» وبغيرها من الروايات.
تحصل من جميع ما ذكرناه :أن إشكال المحققين على داللة الرواية على
ّ
(وجوب االحتياط) ال يمكن التعويل عليه ،في رد االستدالل.
وإنما التعويل على ما ذكرناه في مقام االشكال في داللة هذه الرواية
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 22:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأمثالها من حيث المعنى اللغوي والعرفي المراد منها ،لو تم ذلك حملها
على النصيحة.
وعلى ضعف سند هذه الرواية وكثير من الروايات التي استدل بها على
المقام.
نعم :أن القاعدة العقلية تقضي بوجوب االحتياط لو ال جعل البراءة
والترخيص حاكماً.
وأما شيخنا األستاذ(دام ظله) :فله تعليق على ما ذكره السيد الخوئي(قده)
وتعليقان آخران على ما ذكره السيد الشهيد(قده).
وأما التعليق على ما ذكره السيد الخوئي(قده) من أن ظاهر الشبهة في
الرواية ،هو مطلق المشتبه والملتبس ،من حيث الحكم الشرعي الواقعي
والظاهري مع ًا وأما إذا كان الحكم الظاهري كالترخيص معلوم ًا في الواقعة
وإن كان الحكم الواقعي غير معلوم فال تكون مشمولة إلطالق هذه الطائفة
من الروايات.
وحاصل التعليق إنه ال يبعد دعوى ظهور الشبهة في الشبهة في خصوص
الحكم الواقعي ،دون األعم منه ،ومن الحكم الظاهري ،وهذا الظهور عرفي.
كما أن الظاهر من الشك في الحكم هو الشك في الحكم الواقعي ال غير.
وأما التعليقان على ما ذكره السيد الشهيد(قده):
أحدهما :على ما ذكره (قده) من أن المراد (بالشبهة) في الرواية هو مفهومها
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 22:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
اإلجمالي ،أو من جهة تنجز االحتمال؟ فال قرينة على تعي ّن األول ،ليثبت
المدعى؟ هذا.
ظهر مما تقدم اتفاق شيخنا األستاذ (دام ظله) مع أستاذه السيد الخوئي(قده)
االحتياط.
على عدم داللة رواية التوقف على وجوب
وخالف السيد الشهيد(قده) في ذلك ،حيث ذهب إلى أنه ال إشكال في بيان
الحكم بلسان ترتب الهلكة والعقوبة على المخالفة مطلقا ،فيمكن القول
ال.
بداللة الرواية على وجوب االحتياط ،كما أن مقتضى القاعدة ذلك عق ً
أقول :كال القولين قابل للقبول.
أما داللتها على وجوب االحتياط من جهة األمر بالتوقف ثم التعليل
باالقتحام يوقع في الهلكة فهو ظهور عرفي للرواية بال إشكال ،وأما عدم
جريانه في الشبهات البدوية بعد الفحص فإنما هو من جهة حكومة أدلة
الترخيص والبراءة ،فيختص وجوب االحتياط بموارد الشبهات المقرونة
بالعلم اإلجمالي ،وكذلك الشبهات البدوية قبل الفحص ،والبراءة في
غيرهما ،وبهذا يحصل التوفيق بينهما.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 23:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
( )1وسائل الشيعة ،ج ،72باب 17من أبواب صفات القاضي ،ح.9
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 23:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
يدرك ،ولا ثالث ،بحيث يختلف فيه العقل ،ومن هذه الناحية لا يمكن حملها
على المستقلات العقلية العملية .هذا.
وأما ثانياً:
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 26:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أخرى ،فهو لا ينطبق على المستقلات العقلية الثابتة للجمع بنحو الإطلاق،
وعلى هذا :فلا يبعد أن يكون مورد الرواية المسائل الإعتقادية ،كما سوف
نشير إليه.
وأما ثالثاً :فمع الإغماض عما تقدم وتسليم ظهور الرواية في إرادة الرشد
والغي الشرعيين ،الا أنها غير ظاهرة في إرادة الرشد والغي في المستقلات
العقلية أيضاً ،لعدم وجود القرينة على ذلك.
ودعوى :أن المستقلات العقلية ،بما أنها من أكمل أفراد بين الرشد وبين
الغي ،فتكون الرواية منصرفة إليها.
مدفوعة :بأن الأكملية ،لا تكون منشئاً للإنصراف ،بل منشؤه هو كثرة
استعمال اللفظ في المعنى ،بحيث يتبادر منه إذا اطلق وهي مفقودة في
المقام.
فالنتيجة :هذه الرواية إما أن تكون مجملة ،بحيث لا يمكن الاستدلال بها في
المقام ،أو تكون مطلقة ،تشمل الأحكام الشرعية ،والمستقلات العقلية معاً،
فتدل على مطلوب الأخباري.
الوجه الثاني :من مناقشة الشهيد للرواية؛ لو سلمنا أن المراد من الرشد والغي
المعنى الشرعي ،فمع ذلك لا تدل الرواية على وجوب الإحتياط.
وذلك :لإحتمال كون الرواية بصدد بيان حجية الإجماع أي المجمع عليه،
ف فِ ِ
يه» ولم يقل ما شك فيه ،فإن ِ من جهة قرينة قوله(ع) « َو َأ ْم ٌر ْ
اختُل َ
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 26:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
المختلف فيه قد يكون بين الرشد ،أي بين الغي ،بالنسبة إلى بعض دون
البعض الآخر ،فيكون معنى الرواية :أمر مجمع على رشده وحليته ،فالتبعه،
وأمر مجمع على غيه وحرمته فاجتنبه ،وأمر اختلف فيه المسلمون ،فرده إلى
الله تعالى.
وعليه :تكون الرواية أجنبية عن محل الكلام.
وأجاب عنه شيخنا الأستاذ(دام ظله):
وحاصله :أن هذا الوجه غير محتمل؛ وذلك لأن بين الرشد والغي على
أساس هذا الحمل والاحتمال متمثل في الأحكام الشرعية الضرورية القطعية
فقط ،لأنها المجمع على رشدها ،وحليتها أو على غيها وحرمتها ،ولا يشمل
الأحكام الشرعية النظرية المختلف فيها غالباً ،وهذا خلاف الضرورة ،فلا بد
من حمل الرواية على الأحكام الضرورية ،والقطعية فقط.
الوجه الثالث :لو فرض أن المراد بأمر اختلف فيه في الرواية ،هو الأمر
المشكوك فيه ،كما يراه الأخباري ،ومع ذلك ،يرد على الأستدلال بها،
وذلك :لأنه(ص) لم يعبر في الحديث بــ «بين الحل والحرمة ومشكوكهما»
ٍ
حينئذ أن دليل إنما عبر بــ (بين الرشد والغي ومشكوكهما) ومن المعلوم
البراءة الشرعية ،حاكم على الحديث ،وذلك :فإن قيام الدليل الشرعي على
البراءة في الشبهات البدوية ،كاف في صدق الرشاد ،فإن سلوك طريق قد
رخص فيه الشارع ،رشاد بلا إشكال وليس فيه ضلال.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 26:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
نعم :لا يصير المورد بذلك بين الحل كما يظهر من السيد الخوئي (قده)
ومن المعلوم أنه فرق كبير بين (بين الحل) ،وبين (بين الرشد) عام الشامل
للحرمة.
وعليه :فمثل هذا اللسان ،لا يمكن أن نثبت به وجوب الإحتياط شرعاً ،في
مورد مدعي الأصولي (للبراءة الشرعية) وإن كان ثابتاً في مورد مدعي
الأخباي ،لعدم اعتداده(بأصالة البراءة).
مختصر مفيد :لا شبهة في أن اتباع أصالة البراءة الشرعية ،الأخذ بها رشاد،
وليس بضلال وغي ،فمع جريانها تكون واردة على الرواية ،ورافعة
لموضوعها ،وهو الشك في الرشد والغي ،وجداناً ،هذا لو اريد من تعبير
(اختلف فيه) معنى (المشكوك فيه).
نعم :لو كان المراد من (بين الرشد) هو (بين الحلية والحرمة) ،لم تكن
أصالة البراءة الشرعية حاكمة عليها ،فضلا عن البراءة العقلية ،وذلك :لأن
هذه الرواية بظاهرها تدل على وجوب الإحتياط في موارد الشك في الحل
والحرمة ،وأدل البراءة الشرعية تدل على الترخيص في هذه الموارد ،فتقع
المعارضة بينهما ،وعليه تكون الرواية معارضة لأصالة البراءة الشرعية ،فلا
حكومة و واردة على اصالة البراءة العقلية ،بوجود البيان.
تعليق شيخنا الأستاذ(دام ظله) عليه وحاصله:
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 27:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كلامنا في الوجوه التي ذكرها السيد الشهيد الصدر(قده) بمناقشة ما
استدل به الأخباري ،من أخبار تثليث على وجوب الاحتياط في الشبهات
الحكمية تقدم الكلام في الوجه الأول وفي الوجه الثاني ،وبقي الكلام في
الوجه الثالث من تلك الوجوه ،حيث ذكر السيد الشهيد(قده) حتى لو
فرضنا أن المراد بــ (أمر مختلف فيه فيرد علمه إلى الله تعالى) حتى لوكان
مراد من الرواية هو الأمر المشكوك فيه والمشتبه ،مع ذلك يمكن رد هذا
الاستدلال ،لأنه (ص) لم يعبر في الحديث بين الحل وبين الحرمة ،والأمر
مختلف فيه ومشكوك الحلية والحرمة ،وإنما كان البيان بـ بين الغي وبين
الرشد ،مشكوك الغي والرشد ،فإذاً في هذه الصورة دليل براءة الشرعية
يكون وارداً وحاكماً على هذا الوجه وعلى هذا الاستدلال ،لأنه البراءة
الشرعية يكون رشداً كما ذكرنا في البحث السابق.
تعليق شيخنا الأستاذ (دام ظله) على الوجه الثالث من مناقشة السيد الشهيد
(قده) وحاصله:
أن عنوان (بين الرشد والغي) يمكن لحاظه بنحوين:
النحو الأول :لحاظه بنحو الموضوعية بأن يكون المراد من (الرشد) معناه هو
الحق ومن (الغي) هو الباطل.
النحو الثاني :لحاظه بنحو المعرفية الصرفة للحلال والحرام ،فيكون الرشد
عنوان صرف للحلال ،و يكون الغي عنواناً صرفاً للحرام.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 27:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أما على النحو الأول :فلا ينطبق عنوان بين الرشد وبين الغي على الحلال
والحرام المعلومين ،لأن الحلية والحرمة كليتهما حق ،لا أن الحلية حق
والحرمة باطل ،وعلى هذا ،فلا ينطبق الحديث.
الا على العقائد الحقة والباطلة ،سواء أكانت على مستوى الدين الإسلامي ،أم
كانت على مستوى المذهب الجعفري ،وعلى هذا فالرواية أجنبية عن
الدلالة على ايجاب الاحتياط في الأحكام الشرعية عند الشك فيها ،بل
تختص بالعقائد.
وأما على النحو الثاني :فحيث إن بين الرشد ،وبين الغي عنوانان للحلال
والحرام الواقعيين ،فما دام الحكم الواقعي المعنون من الحلال أو الحرام
مشكوكاً في الواقع ،كان عنوانهما أيضاً مشكوكاً لوضوح أنه لا يعقل أن
يكون المعنون مشكوكاً دون العنوان الفاني فيه ،لأنه خلف فرض أنه عنوان
له.
وعليه :فإذا كان الشك في الحلية والحرمة الواقعيتين فقاعدة قبح العقاب بلا
بيان كما لا ترفع الشك في الحلية والحرمة الواقعيتين ،كذلك لا ترفع الشك
في أنه رشد أو غي على أساس أن هذا الشك يرجع إلى الشك في أنه حلال،
أو حرام ،والمفروض أن القاعدة لا ترفع هذا الشك ،بل ترفع العقاب فقط،
فلابد من ملاحظة الأدلة الشرعية.
نعم :لو لم تتم دلالة الرواية على وجوب الاحتياط ولا أدلة البراءة على أصالة
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 27:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ٍ
حينئذ قاعدة (قبح العقاب) وهي ترفع العقاب البراءة الشرعية ،فالمرجع
فحسب ،ولا ترفع الشك ،ولا تثبت أن موردها (بين الرشد) أجل :أنها بنفسها
من بين الرشد لحكم العقل بالحسن ولدفع العقوبة جزماً.
وأما إذا كان الشك في الحلية والحرمة الظاهريتين في مورد بمعنى أنا لا
ندري أن المجعول فيه أصالة البراءة الشرعية ،أو أصالة الاحتياط الشرعية،
فيكون المرجع قاعدة القبح فيه وهي تدفع المؤاخذة والعقوبة عن هذا
المورد ،بدون أن ترفع الشك عنه ،فالقاعدة بلحاظ أنها تدفع المؤاخذة
والعقوبة جزماً ،فإنها مصاديق (بين الرشد).
والخلاصة :أنه لوكان المراد من المختلف فيه في الرواية هو المشكوك فيه
من الحلال والحرام الواقعيين لكانت الرواية دالة على وجوب التوقف
ٍ
وحينئذ فالرواية واردة على والاحتياط ورد حكم الشبهة إلى الله تعالى،
أصالة البراءة العقلية .هذا.
ثم قال شيخنا الأستاذ (دام ظله) والصحيح في المقام أنيقال :إنه لا يمكن
الإستدلال بهذه الرواية على وجوب الاحتياط ،لأمرين:
الأول :أن الرواية ضعيفة سنداً بجميل بن صالح ،لعدم ثبوت توثيقه.
الثاني :على فرض تسليم صحة السند ،فهي ضعيفة دلالة أيضاً.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 82:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كلامنا في مناقشة شيخنا الأستاذ (دام ظله) للوجه الثالث من الاعتراض
الذي أورده السيد الشهيد (قده) على الاستدلال على وجوب الاحتياط
برواية ،الرواية التي هي الطائفة الثانية من الروايات ليكون فيها اخبار تثليث،
فبعد ما ناقش شيخنا الأستاذ (دام ظله) وخلاصة ما حصل من مناقشته لوجه
الثالث مما ذكره السيد الشهيد الصدر (قده) قال أنه لوكان مراد من أمر
اختلف فيه هو المشكوك فيه كما يدعيه الاخباري في موارد الحلية
والحرمة ،الواقعيتين ،نعم كانت الرواية الدالة على وجوب التوقف ،ورد
حكم الشبهة إلى الله تعالى ،فتكون رواية وارداً على أصالة البراءة العقلية
التي موضوعها عدم البيان فهذه الرواية تدل وبيان ،هذه مجرد مناقشة لما
ذكره الشهيد الأول على تقريب الاستدلال بهذا الحديث ،ولكن في النهاية
قال شيخنا الأستاذ (دام ظله) في تقريراته :والصحيح في المقام أنيقال :إنه
لا يمكن الإستدلال بهذه الرواية على وجوب الاحتياط ،لأمرين:
الأول :أن الرواية ضعيفة سنداً بجميل بن صالح ،لعدم ثبوت توثيقه.
الثاني :على فرض تسليم صحة السند ،فهي ضعيفة دلالة أيضاً.
وذلك :لأن الوارد فيها عنوان بين الرشد وبين الغي و اختلف فيه ،وكلمة
الرشد ظاهرة في الحق ،وكلمة الغي ظاهرة في الباطل ،فلا يمكن تطبيقهما
على الحلية والحرمة ،لأن كليتهما حق صادر من الشارع ،وإطلاق الباطل
على الحرام إنما هو باعتبار فعل الحرام ،وارتكابه ،لأنه مبغوض وباطل ،لا
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 82:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
( )1وسائل الشيعة ،ج ،72باب 17من أبواب صفات القاضي ،ح.1
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 82:ذي القعدة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كلامنا في الطائفة الثانية من الروايات التي استدل بها على وجوب
الاحتياط ،وهي تلك الروايات التي فيها امر باحتياط ،تقدم الكلام في الرواية
الأولى صحيحة ابن حجاج حيث ورد في هذه الرواية أنه يسئل الامام كاظم
ْت َأبا ال ْحس ِن ع عن رجلَي ِن َأصابا صيداً -و هما مح ِرم ِ
ان ال َْج َز ُاء َ َُ ُ ْ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ َ ْ (ع) « َس َأل ُ َ َ َ
ل َعلَي ْ ِه َما َأ ْن ي َ ْج ِز َي ك ُ ُ
ل ب - اَ ل ل اَ ق اءز ج ام ه ْ ن اح ٍد مِ
بينَهماَ -أو علَى ك ُ ِل و ِ
َ ْ َ َُ ََ ٌ َ َْ ُ َ ْ َ
ك -فَل َ ْم َأ ْد ِر َماض َأ ْص َحابِنَا َس َألَنِي َع ْن َذل ِ َ ْت ِإ َن بَعْ َ الصي ْ َد -قُل ُ ِ ٍ ِ
َواحد من ْ ُه َما َ
اطَ -حتَى ت َ ْس َألُوا علَي ِه فَقَالِ -إ َذا َأصبتم مِثْل ه َذا فَلَم ت َ ْدروا فَعلَيكُم بِالاحتِي ِ
ْ ُ َ ْ ْ ْ َ َ ُْ ْ َ َ َ َ ْ
َعن ْ ُه فَت َ ْعل َ ُموا ».فإذاً هذه الرواية استدل بها على أن الامام في مثل هذه الشبهة
الحكمية امر بوجوب الاحتياط ،فالنتيجة :يكون حديث عاماً في كل شبهة
الحكمية ،حتى لو تعدد الموضوع ،أو ماشاكل ذلك ،ثم ذكرنا أن السيد
الخوئي(قده) لم يتعرض إلى هذه الصحيحة ،أما السيد الشهيد (قده) فقد
ناقشة هذ الاستدلال بوجهين:
الوجه الأول :قوة إحتمال رجوع لفظ الإشارة في قوله(ع) « ِإ َذا َأ َصبْت ُ ْم مِث ْ َل
َه َذا »...إلى السؤال الأخير للسائل خاصة ،أي إذا صادف سؤالاً لا يعرف
جوابه ،فعليه بالاحتياط ،وعدم الافتاء حتى يسأل ويتعلم الحق ،ويجيب به،
ومعه تكون الصحيحة أجنبية عن محل الكلام ،بل تكون من أدلة الحث
على السؤال وتعلم الأحكام الشرعية عنهم(ع) أو أن مفادها على هذا
الاحتمال هو :النهي عن الإفتاء بغير علم.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعا 1:ذي الحجة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الوجه الثاني :لو فرض رجوع لفظ الإشارة إلى أصل المسألة ،وهي :الشبهة
الحكمية من حيث العمل ،فغاية ما تدل عليه الرواية هو وجوب الاحتياط
قبل الفحص ،في الموارد التي يمكن الفحص فيها ،والوصول إلى الحكم
الشرعي بالسؤال من الإمام (ع) ،فإن الغاية « َحتَى ت َ ْس َألُوا َعن ْ ُه فَت َ ْعل َ ُموا ».تدل
على أخذ إمكان وذلك في مورد السؤال وجوب الاحتياط في مثله لا خلاف
فيه عقلاً ،بين الأصولي والأخباري.
وأما شيخنا الأستاذ (دام ظله) فقد ناقش في الإستدلال المذكور:
وحاصله :أن المشار إليه بقوله(ع)« :بمِث ْ َل َه َذا »...فيه احتمالان:
الإحتمال الأول :أن يكون المشار إليه (مسألة الصيد) التي هي (شبهة
حكمية) ومن باب (دوران الأمر بين الأقل والأكثر).
حينئذ وإن كانت تدل على وجوب الإحتياط فيها ،الا أن الغاية ٍ فالصحيحة:
في قوله(ع) « َحتَى ت َ ْس َألُوا َعن ْ ُه فَت َ ْعل َ ُموا ».قرينة على أن الشبهة تكون قبل
الفحص ،وعليه يكون وجوب الاحتياط عقلياً ،لا شرعياً ،بلا خلاف.
الإحتمال الثاني :أن يكون المشار إليه هو كل حكم المسؤل عنه ،أي إذا
ٍ
حينئذ هو الاحتياط في الافتاء، أصبتم بمثل هذا السؤال ،فالمراد من الاحتياط
فيجب .والمعنى :عدم جواز الافتاء بغير العلم ،لأن حرمة الافتاء بغير العلم أمر
مسلم فيها ،ولا إشكال فيها ،سواء أ قلنا بوجوب الاحتياط في الشبهات
الحكمية ،أم لا ،فلا علاقة بالمقام.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعا 1:ذي الحجة1441 - l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كلامنا فيما استدل به الأخباري من تبعه على وجوب الاحتياط في
الشبهات الحكمية وآخر من استدل به الأخباري من الروايات هي تلك
الاخبار الآمرة بالاحتياط ،تقدم الكلام في الأخبار الدالة على الاحتياط ،ولكن
لا بصيغة الأمر ،مثل فعليكم بالاحتياط في موارد الخاصة ،قلنا أن هذه الاخبار
لا تدل ،تقدم المناقشة فيها ،وفي البحث السابق تعرضنا إلى الطائفة أخرى
ت».ك ب ِ َما ِشئ َ
ك فَاحتَط ل ِ ِدين ِ َ
وك ِدين ُ َ
الآمرة بالاحتياط بصيغة الأمرَ « :أ ُخ َ
قالوا هذا أمر بالاحتياط وشبهات الحكمية من الدين فلابد من الاحتياط فيها،
ذكرنا مناقشة السيد الخوئي (قده) على هذه الرواية ،تقدم الكلام في البحث
السابق .وذكر شيخنا الأستاذ (دام ظله) عدم تمامية الاستدلال على المدعى
بهذه الرواية ،وأمثالها لوجهين:
الوجه الأول :أن هذه الرواية ضعيفة من حيث السند ،فلا يمكن الاستدلال بها
على وجوب الاحتياط في الشبهات الحكمية.
الوجه الثاني :أنها ضعيفة دلالة أيضاً فإنها ظاهرة في الإرشاد إلى حكم
العقل ،بحسن الاحتياط ،ولا تدل على وجوب الاحتياط مولوياً.
وذلك :لوجود قرائن فيها:
وك ِدين ُ َ
ك» يدل على القرينة الأولى :أن تنزيل الدين منزلة الأخ فيها « َأ ُخ َ
الاحتياط بأقصى مرتبة ومن الواضح أن أقصى مرتبته ،غير واجب مطلقا.
ك» تدل علىَ ِ ني ِ
د ِ القرينة الثانية :أن إضافة الاحتياط إلى الدين مطلقا «فَاحتَط ل
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 4:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
السابقة ،الا احتمال ضعيف بالتكليف ،وبعد الفحص فهو إنما يكون منجزاً
إذا لم يوجد أصل مؤمن في البين ،ومع وجوده فلا يكون منجزاً ،وعليه:
فالمرجع فيه يكون قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وعلى ضوء ذلك :فالشبهة التي تكون منجزة بمنجز سابق ،فهو مورد لقاعدة
الاحتياط والاشتغال عقلاً ،والتي لا تكون منجزة بمنجز سابق ،فهو مورد
لقاعدة قبح العقاب .إذاً فلا يمكن التقاء القاعدتين واجتماعهما في مورد
واحد .فالنسبة بينهما هو التباين فلا معارضة بينهما ،والا فهو خلاف ما هو
المعلوم من كون حكم العقل العملي قطعياً ،وانه لا يحكم الا بعد تحقق
الموضوع ومعلوميته.
وأما الكلام في المقام الثاني:
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 5:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كلامنا في بيان النسبة بين أدلة البراءة وأدلة الاحتياط وذكرنا أن الكلام
يقع في مقامين ،تقدم الكلام في المقام الأول ،وذكرنا في مقام الأول نسبة
بين أصالة البراءة العقلية واصالة الاحتياط العقلية .خرجنا بهذه النتيجة ان
النسبة بين أصالتين هو التباين ،فلا معارضة بينهما ،والا لو كان بينهما تعارض
خلاف ما ثبت من كون حكم عقل يكون قطعياً ،وأنه لا يمكن ان يحكم في
موضوع واحد بحكمين مختلفين.
وأما الكلام في المقام الثاني :وهو بيان النسبة بين أدلة الاحتياط ،وأدلة البراءة
النقليين ،ويقع الكلام في جهات:
الجهة الأولى :النسبة بين آيات البراءة وآيات الاحتياط .الجهة الثانية :النسبة
بين آيات البراءة و روايات الاحتياط ،وبالعكس.
الجهة الثالثة :النسبة بين أخبار البراءة والاحتياط .الجهة الرابعة النسبة بين
روايات الاحتياط ،وروايات الاستصحاب المثبتة للبراءة.
الجهة الخامسة :في مقتضى القاعدة على تقدير التعارض والتساقط بين
أخبار البراءة والاحتياط.
أما الكلام في الجهة الأولى :فيأتي التساؤل الآتي:
السؤال :ما هو النسبة بين الآيات البراءة (ما كنا معذبين )...وآيات الاحتياط
(لا تقف ما ليس)...؟
والجواب :أنه على القول بإطلاق آيات البراءة لجميع الشبهات الحكمية
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 5:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما على القول :بعدم انقلاب النسبة بينهما ،كما هو الصحيح ،فتبقى النسبة
ٍ
وحينئذ فتسقطان معاً من جهة المعارضة ،والمرجع على حالها ،وهي التباين،
ٍ
عندئذ إلى الأصل الأولى في المسألة ،وهو أصالة البراءة العقلية.
وبكلمة واضحة :أنه لابد من تقييد إطلاق آيات البراءة ،بغير الشبهات
المقرونة بالعلم الإجمالي والشبهات قبل الفحص ،دون إطلاقات آيات
الاحتياط.
وذلك :لأن آيات البراءة ،لا يمكن أن تشمل جميع أطراف العلم الإجمالي،
لاستلزامه ،الترخيص في المخالفة القطعية العملية ،وهو لا يجوز.
وأما شمولها لبعضها ،دون البعض الآخر ،فهو ترجيح بلا مرجح.
وأما عدم شمولها لشبهات قبل الفحص فمن جهة أن السيرة القطعية جارية
على وجوب الفحص فيها ،وعدم جواز الرجوع إلى الأصول اللفظية العلمية
المؤمنة قبل الفحص ،وقد ورد التأكيد على ذلك في الآيات والروايات.
وعلى هذا :فهل تنقلب النسبة بينهما من التباين إلى عموم وخصوص مطلق،
باعتبار أن آيات البراءة بعد التخصيص ،أصبحت أخص من آيات
الاحتياط ،أولا؟
الجواب :أن فيه قولين:
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 21:ذي الحجة2442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في بيان النسبة بين أدلة البراءة وأدلة االحتياط ،يعني أصوليون
قالوا في الشبهات الحكمية بعد الفحص واليأس عن الظفر بدليل التمسك أو
المرجع تكون أدلة البراءة العقلية أو النقلية ،أما األخباريون فقالوا إن
المرجع هو األخبار االحتياط ،العقلية أو النقلية ،فماهي النسبة بين األدلة
البراءة واألدلة االحتياط في هذا الموضوع( ،الشبهات الحكمية بعد الفحص
واليأس عن الظفر بدليل) أو على العموم في جميع الشبهات في مورد داللة
هذه األدلة ،ذكرنا أن الكالم يقع حينئذ في جهات الخمس ،تقدم الكالم
في الجهة األولى ،وهي النسبة بين آيات البراءة من جهة وآيات االحتياط
من جهة أخرى ،وذكرنا أن النسبة بينهما التباين على ما هو الصحيح ،فإذاً
إذا كان متساويين فتتساقطان ،من جهة التباين ،فالمرجع حينئذ أصالة البراءة
ال ،وأما الكالم الجهة الثانية :في بيان النسبة بين آيات البراءة واألخبار
عق ً
االحتياط ،وبالعكس ،فهنا تساؤالن:
التساؤل األول :ما هو النسبة بين آيات البراءة ،وأخبار االحتياط؟
التساؤل الثاني :ماهو النسبة بين آيات االحتياط ،وأخبار البراءة؟
أما الجواب عن التساؤل األول :أن طائفة من آيات البراءة مختصة بالشبهات
الحكمية ،وال تشمل الشبهات الموضوعية.
نعم هناك طائفة أخرى من اآليات ،تشمل الشبهات الموضوعية أيضاً.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 21:ذي الحجة2442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أخصية هذه اآلية الشريفة ،فمن جهة عدم شمولها (للشبهات قبل الفحص)
بقرينة قوله تعالىِ « :إال َّ َما آتَا» فإنه يصدق بجعل (اإلتيان) بياناً في معرض
الوصول ولو بعد الفحص ،فإن إتيان كل شيء ،إنما هو بحسب ما يناسبه،
واإلتيان به من الشارع للمكلف بحسب ما يناسبه يكون بجعل االتيان بياناً
في معرض الوصول إلى المكلف ولو بعد الفحص ،فال يشمل قبل الفحص.
وأما أعمية اآلية من أخبار االحتياط فإنما هي باعتبار أن اآلية الكريمة غير
واردة في خصوص باب تكليف األحكام الشرعية ،بل تعم التكليف في
المال والعمل أيضاً ،وأما أخبار االحتياط فهي واردة في خصوص
(التكليف).
ومن المعلوم أنه كلما تعارض خبر الواحد بنحو العموم من وجه مع إطالق
القرآن الكريم يسقط خبر الواحد عن الحجية ،وأخذ بإطالق القرآن
ال قطعياً ،والدليل الظني يسقط عن الحجية عند المعارضة
الكريم ،لكونه دلي ً
بمقدار التعارض ،وفي مورد التعارض مع الدليل القطعي السند وهو
الشبهات بعد الفحص.
تحصل :من جميع ما ذكرناه :أن النسبة بين أصناف آيات البراءة وأخبار
االحتياط هو العموم والخصوص من وجه ،لعدم شمول آيات البراءة
(الشبهات قبل الفحص).
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 21:ذي الحجة2442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في البحث السابق في المقام الثاني في بيان النسبة بين األدلة
االتحييا أددلة البااة الرايييين النقيييين أد قق م اللالم في المقام
األأل النسبة بين األصالة البااة أاالتحييا العقيييين أدينا النسبة بينهما
اليباين دما اللالم في بيان النسبة بين اصاليين من تحيث النقل ذكانا انه يقع
اللالم في جهات خمس قق م اللالم في الجهة األألى أهي النسبة بين
فالصحيح في هذه الجهة دنه ال ب من اآليات البااة أاآليات االتحييا
ققيي آيات البااة بغيا شبهات مقاأنة بالعيم اإلجمالي أبغيا شبهات دبل
الفحص أدما إطالق آيات االتحييا فال ققي أال قخصص فيبقى ييى
ماهي يييها ألن ددلة البااة ققي اطالدها ألنها ال يملن دن قرمل جميع
اطااف العيم اإلجمالي أكذلك الربهات دبل الفحص في األأل يؤدي
إلى الياخيص مخالفة القطعية أهو ال يجوز أدما في الثاني فال يرميها
لجايان السيا القطعية ييى أجوب الفحص أي م جواز الاجوع الى
األصول مطيقا دبل الفحص .ييى هذا اللالم الب من ققيي إطالق آيات
فيلون البااة لما ذكانا أي م الحاجة الى ققيي إطالق آيات االتحييا
النسبة بينهما تحينئذ يموم خصوص مطيق فيأقي اللالم السابق :فهل قنقيب
النسبة بينهما من اليباين إلى يموم أخصوص مطيق باييبار دن آيات البااة
دأال؟ بع اليخصيص دصبحت دخص من آيات االتحييا
الجواب :دن فيه دولين:
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 6:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أدما الربهات الب أية بع الفحص فحيث إن ددلة البااة الرايية سادطة
باليعارض فالماجع فيها :دصالة البااة العقيية أمحلومة بها.
إلى هنا :د قبيّن دن الصحيح هو القول بإملان جعل أجوب االتحييا
شاياً في دطااف العيم اإلجمالي أالربهات دبل الفحص أال أجه ليقول
()1
ال.
بع م إملان هذا الجعل دص ً
هذا ماذكاه شيخنا االسياذ(دام ظيه) ألم ييعاض من العيمان السي الخوئي
أالرهي الص (د هما) هذه الجهة في المقام.
أبالعلس الجهة الثانية :في بيان النسبة بين آيات البااة أاألخبار االتحييا
فهنا قساؤالن:
اليساؤل األأل :ما هو النسبة بين آيات البااة أدخبار االتحييا ؟
أدخبار البااة ؟ اليساؤل الثاني :ماهو النسبة بين آيات االتحييا
دما الجواب ين اليساؤل األأل :دن طائفة من آيات البااة مخيصة بالربهات
الحلمية أال قرمل الربهات الموضويية.
ث َر ُسوال(» )2 منها :دوله قعالىَ « :أ ما كُنَّا ُم َعذِّ َ
بين َتحيَّى نَب ْ َع َ
كان هاّلل لِي ِ
ض َّل دَ ْوماً ب َ ْع َ ِإذْ َه ُاه ْم َتحيَّى يُبَيِّ َن ل َ ُه ْم ما أمنها :دوله قعالىَ « :أ ما َ ّ ُ ُ
ون»)3(...
يَيَّق ُ َ
انتهى كالمنا يوم امس بما ذكره السيد الشهيد (قده) في أن النسبة بين
أصناف آيات البراءة وأخبار االحتياط ،هي العموم والخصوص من وجه
ال عن الشبهات مقرونة
وأن آيات براءة ال تشمل الشبهات قبل الفحص فض ً
بالعلم اإلجمالي ،ولكن شيخنا األستاذ (دام ظله) فقد خالف السيد
الشهيد(قده) في نسبة الطائفة الثانية من آيات البراءة ،وهي قوله تعالى« :ال َ
اّلل نَف ْساً ِإال َّ َما آتَا» إلى أخبار االحتياط ،فقال :إن النسبة بينهما ايضاً
ِّف هَ ُ
يُكَل ُ
هو (العموم والخصوص المطلق) أيضاً دون العموم والخصوص من وجه،
وذلك :على أساس أن هذه الطائفة الثانية من اآليات ،وإن كانت تعم
الشبهات الموضوعية ،اال َ أنها تشمل الشبهات المقرونة بالعلم اإلجمالي
باعتبار أن المراد من قوله تعالىِ « :إال َّ َما آتَا» أي من العلم مطلقا ،وهو يشمل
العلم التفصيلي واالجمالي معاً ،وال وجه لتخصيصه بالعلم التفصيلي ،ألنه
بحاجة إلى عناية زائدة ثبوتاً واثباتاً ،مع أنه ال عناية في نفس هذه اآلية وال
قرينة من الخارج ولهذا تختص اآلية بالشبهات البدوية بعد الفحص مطلقا،
سواء أكانت حكمية ،أم موضوعية فال تشمل المقرونة بالعلم اإلجمالي.
وعليه :فالبد من تقييد إطالق أخبار االحتياط بغير الشبهات البدوية بعد
الفحص تطبقاً لقاعدة (حمل المطلق على المقيد) ونتيجة ذلك :اختصاص
أخبار االحتياط بالشبهات المقرونة بالعلم اإلجمالي ،والشبهات الحكمية
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 31:ذي الحجة3443: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ٍ
وحينئذ إما أن يصار إلى تتحقق نسبة العموم والخصوص من وجه بينهما،
تخصص عموم األخبار في محل االجتماع بالقرآن ،فتجري البراءة في
الشبهات الحكمية بعد الفحص.
وإما أن يقال :بسقوط االخبار عن الحجية ،لمعارضتها ومخالفتها للقرآن،
وتكون النتيجة نفسها.
وأما الجواب التساؤل الثاني :وهو ماهي النسبة بين آيات االحتياط وأخبار
البراءة؟
أما السيد الخوئي والسيد الشهيد(قدهما) فلم يتعرضا إلى هذه المسألة.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فقال :تختلف النسبة باختالف تلك األخبار.
بيان ذلك :أن عمدة اآليات التي استدل بها على وجوب االحتياط هي قوله
تعالىَ « :و ال َ تُلْقُوا ب ِ َأي ْ ِديك ُ ْم ِإلَى الت َّ ْهلُك َ ِة»)1( ...
بناءاً على داللتها على وجوب االحتياط في جميع الشبهات التي يكون في
اقتحامها الهالك.
أما أخبار البراءة :فهي على ثالثة أصناف:
الصنف األول :األخبار المطلقة التي تشمل بإطالقها جميع الشبهات
الحكمية ،والموضوعية ،كحديث الرفع ،والوضع ،ونحوهما.
ذكرنا في البحث السابق في بيان النسبة بين آيات االحتياط واألخبار البراءة
فذكر شيخنا األستاذ (دام ظله) أن النسبة بينهما تختلف باختالف تلك
االخبار :بيان ذلك :أن عمدة اآليات التي استدل بها على وجوب االحتياط
هي قوله تعالىَ « :و ال َ تُلْقُوا ب ِ َأي ْ ِديك ُ ْم ِإلَى الت َّ ْهلُك َ ِة»)1( ...
بناءاً على داللتها على وجوب االحتياط في جميع الشبهات التي يكون في
اقتحامها الهالك.
أما أخبار البراءة :فهي على ثالثة أصناف:
الصنف األول :األخبار المطلقة التي تشمل بإطالقها جميع الشبهات
الحكمية ،والموضوعية ،كحديث الرفع ،والوضع ،ونحوهما.
الصنف الثاني :األخبار المختصة بالشبهات التحريمية ،كحديث اإلطالق
يه ن َ ْه ٌي ( ».)2ونحوه. وهو قوله(ع)« :كُل َشي ٍء مطْ ل َ ٌق حتى ي ِرد فِ ِ
َ َّ َ َ ُّ ْ ُ
الصنف الثالث :األخبار المختصة بالشبهات الحكمية ،األعم من التحريمية،
والوجوبية ،كقوله(ع) «ما حجب هاّلل ع ِن ال ْعِب ِ
اد ،فَ ُه َو َم ْو ُضو ٌع َعن ْ ُه ْم (»)3َ َ َ َ َ ُٰ َ
وغيره .وهذه هي عمدة أصناف أخبار البراءة.
وأما النسبة بين الصنف األول منها ،وهو حديث الرفع (رفع عن أمتي ماال
يعلمون) وبين اآلية الكريمة ،وهي (آية التهلكة) فهي نسبة التباين.
وذلك :ألن حديث الرفع يدل على جريان البراءة في الشبهات مطلقا (ما ال
يعلمون) وثبوت الترخيص والبراءة فيها ،مع أن اآلية الشريفة بإطالقها تدل
على جريان االحتياط في جميع الشبهات ،ومعناه :عدم ثبوت الترخيص
والبراءة فيها فيتعارضان على ونحو التباين الكلي.
ولعالج المعارضة نقول :البد من طرح أخبار الصنف األول ،ألنها مخالفة
للكتاب ومشمولة لألخبار الصريحة الدالة على أن ما كان مخالفاً للكتاب
فهو باطل ،وزخرف ،ولم أقله.
وأما النسبة بين آيات االحتياط« ،وال تلقوا» والصنف الثاني من اخبار البراءة
المتمثلة بحديث االطالق فهي نسبة العموم والخصوص المطلق ،لعموم اآلية
وشمولها لكل الشبهات كما ذكرنا ،واختصاص الصنف الثاني بالشبهات
ٍ
وحينئذ فهل يمكن تقييد إطالق اآلية بالخبر بغير الشبهة التحريمية،
التحريمية أوال؟
والجواب :قد يقال :بأنه ال يمكن التقييد المذكور من جهة النتيجة؛ إذ من
غير المحتمل التفصيل والقول بعدم وجوب االحتياط في الشبهة التحريمية،
ووجوبه في الشبهة الوجوبية ،بل عدم وجوب االحتياط في الشبهات
الوجوبية يكون بطريق أولى.
وعلى هذا ،فال يمكن تقييد إطالق اآلية بهذا الصنف من األخبار ،إذاً
يدخل هذا الصنف في األخبار المخالفة للكتاب ،فتسقط عن الحجية.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 14:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وللمنا قشة فيه مجال :إذ ال دليل على ثبوت المالزمة بين عدم وجوب
االحتياط في الشبهة التحريمية بمقتضى التقييد ،بين عدم وجوبه في الشبهة
الوجوبية لألولوية المذكورة ،اال ٰ دعوى االجماع على هذه المالزمة ،وعدم
القول بالفصل ،ومن الواضح أنه ال أثر لهذه الدعوى وال قيمة لها ،وعلى
هذا ،فإذا دل الدليل على عدم وجوب االحتياط ،لسبب أو آخر في الشبهة
التحريمية ،فال موجب لرفع اليد عن الدليل اآلخر الدال على وجوب
االحتياط في الشبهة الوجوبية وهو إطالق اآلية بحسب القواعد.
وأما النسبة بين آيات االحتياط ،والصنف الثالث من أخبار البراءة المتمثلة
(بحديث الحجب) فهي نسبة العموم والخصوص المطلق ،أيضاً لعمو اآلية
وشمولها لجميع الشبهات بال استثناء ،واختصاص (حديث الحجب)
بالشبهات الحكمية فقط ،وعليه :فما ذكر في الصنف الثاني يجري هنا أيضاً.
نعم :إذا ال حظنا المخصص (حديث الرفع) اآلخر الوارد على هذه اآلية،
الدال على الترخيص في الشبهات الموضوعية أيضاً ،واعتبرنا هما معاً ،نجد
أن نسبة كال المخصصين معا إلى اآلية المباركة نسبة التباين ،فهو واضح،
وذلك :ألن اآلية المباركة تدل على وجوب االحتياط في جميع الشبهات
من الحكمية والموضوعية ،وأما (حديث الحجب) الذي هو المخصص
األول فهو مختص بالشبهات الحكمية فقط .والمخصص الثاني فرضناه
مختصاً بالشبهات الموضوعية فقط.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 14:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فلو اعتبرناهما معاً يدالن على الترخيص في جميع الشبهات فيتعارضان اآلية
الكريمة على نحو التباين.
وذلك :ألن التخصيص بأحدهما المعيٰن ،دون اآلخر ،ترجيح بال مرجح،
ٍ
حينئذ على أساس مخالفتهما للكتاب العزيز ،هذا كله فالبد من طرحهما
بناءاً على ما هو الصحيح من عدم انقالب النسبة.
وأما على القول بانقالب النسبة كما اختاره المحقق النائيني(قده) فال
معارضة بينهما ،وبين إطالق اآلية المباركة.
وذلك :ألن إطالق الترخيص في حديث الحجب للشبهات الحكمية مطلقا،
قد قيد بغير الشبهات المقرونة بالعلم اإلجمالي والشبهات الحكمية قبل
الفحص ،التي هي في معرض العلم والبيان .وبعد هذا التقييد ،ال مانع من
تخصيص إطالق اآلية الكريمة الشاملة لجميع الشبهات ،بكال المخصصين،
من األخبار الدالة على البراءة تطبيقاً لقاعدة حمل المطلق على المقيد؛ ألن
ما دل على الترخيص في الشبهات الموضوعية ،يكون مقيداً إلطالق اآلية
الشريفة بغيرها ،وما دل على الترخيص في الشبهات الحكمية بعد الفحص
(كحديث الحجب ،بعد التقييد) مقيداً إلطالقها بغير هذه الشبهات.
إذاً فتبقى تحت إطالقها بعد التقييد بهما خصوص الشبهات المقرونة بالعلم
اإلجمالي ،والشبهات قبل الفحص ،فال مانع من حمل إطالق اآلية عليهما
ألنه ليس من الحمل على الفرد النادر.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 14:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ومما ذكرناه :ظهرت ثمرة الفرق بين القولين( :انقالب النسبة) وعدم
انقالبها.
فعلى القول باالنقالب تكون النتيجة لصالح األصوليين.
و فعلى القول بعدم االنقالب تكون النتيجة لصالح األخباريين.
وأما الكالم في الجهة الثالثة:
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 15:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في بيان النسبة بين أدلة البراءة وأدلة االحتياط ،وقلنا إن الكالم
في هذه المسألة يقع في جهات متعددة ،الجهة األولى كان الكالم في بيان
النسبة بين آيات البراءة وآيات االحتياط ،الجهة الثانية كان في بيان النسبة
بين آيات البراءة وأخبار االحتياط تارة وبين اخبار البراءة وآيات االحتياط
تارة أخرى وتقدم الكالم في ذلك.
وأما الكالم في الجهة الثالثة:
فيأتي التساؤل :ما هو النسبة بين أخبار البراءة ،وأخبار االحتياط؟
تصدى جملة من المحققين ،إلثبات أخصية أخبار البراءة
والجواب :أنه قد ّ
الشرعية ،بالنسبة إلى أخبار االحتياط.
أما السيد الخوئي(قده) فقد أفاد في المقام ما حاصله:
إنه لو سلم داللة أخبار االحتياط ،على وجوب االحتياط مطلقا ،خصوصاً
في الشبهات التحريمية ،كما يدعيه األخباري فهي ال تعارض أدلة البراءة
فإن أخبار البراءة بعد فرض تماميتها ،تتقدم على اخبار االحتياط ،لكونها
أخص مطلقا ،ألنها ال تعم (الشبهة قبل الفحص) والمقرونة بالعلم اإلجمالي
إما في نفسها (رفع ماال يعلمون) أو من جهة االجماع وحكم العقل ،بل
بعضها مختص بالشبهات التحريمية (كحديث االطالق) هذا.
بخالف أخبار االحتياط فإنها شاملة لجميع الشبهات- ،كما هو المفروض –
فتخصص بها.
ّ
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 15:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الثالث :أن اخبار االحتياط واردة في مطلق الشبهات ،وأخبار البراءة فيها ما
ورد في خصوص الشبهة التحريمية فهي أخص كحديث االطالق ،فالنسبة
عموم وخصوص مطلق.
ال :أن كلّها قابلة للمناقشة.
واعترض السيد الشهيد(قده) على هذه الوجوه قائ ً
أما الوجه الثالث :ففيه أوالً :أن حديث االطالق ال داللة فيها على البراءة
ال ،كما تقدم ،من أن مفاد قبل صدور النهي هو االباحة دون
الشرعية أص ً
البراءة مضافاً إلى ضعفه سنداً باإلرسال.
وثانياً :لو سلّمنا تمامية سندها ففي أخبار االحتياط يكون وارداً في خصوص
الشبهات التحريمية أيضاً ،كحديث رسول ه ِ
اّلل ص قالَ « :ح َال ٌل بَيِّ ٌن َو َح َرا ٌم
َ ُ ُ ّ
ات»)1( ... ات نَجا مِن ال ْمحرم ِ ك -فَمن تَر َك الشُّ به ِ ات بين َذل ِ
َ َ ُ َ َّ َ َُ َ ْ َ َ بَيِّ ٌنَ -و ُشب ُ َه ٌ َ ْ َ
ناص في الشبهات التحريمية ،فال يمكن حمله على الشبهات الوجوبية.
فهذا ّ
ٍ
وحينئذ :يكون هذا الحديث ،مع حديث االطالق متساويين ،لوورد هما في
الشبهات التحريمية ،فالنسبة بينهما (التباين) كما واضح ،دون األخصية
مطلقا.
أما الوجهان اآلخران :فإن قلنا :بأن عدم شمول أخبار البراءة لموارد (العلم
االجمالي ،والشبهات قبل الفحص) إنما هو باإلنصراف من الدليل ،أو
القرينة اللبية العقلية ،أو اإلرتكازية العقالئية ،التي هي كالمخصص المتصل،
فتكون أخبار البراءة أخص من أخبار االحتياط من هذه الناحية ،وإن قلنا:
إن موارد (العلم اإلجمالي ،وما قبل الفحص) ،إنما هي خارجة بمخصص
ٍ
حينئذ أخص مطلقا ،حتى بناءاً منفصل ،ال بما ذكر ،فال تكون أخبار البراءة
على القول بإنقالب النسبة ،الذي ال نقول به ،بل تكون النسبة بينهما عموم
وخصوص من وجه.
وذلك :ألخصية أخبار االحتياط من ناحية أخرى وهي :أن دليل االحتياط
ال يشمل موارد الشبهة الموضوعية :ألحد أمرين:
إما من جهة التخصيص من الخارج ،حيث إن هناك نصوصاً صريحة،
يدع
واضحة على عدم وجوب االحتياط في الشبهات الموضوعية ،ولم ّ
أحد من العلماء قاطبة ،وجوب االحتياط فيها ،فيكون المخصص قطعياً.
أو من جهة :أن بعض أدلة وجوب االحتياط في نفسها صريحة في خصوص
النصين ،وهو
الشبهة الحكمية ،كمقبولة عمربن حنظلة ،الواردة في تعارض ّ
شبهة حكمية.
فالنتيجة :ال تتم دعوى أخصية دليل البراءة من دليل االحتياط مطلقا ،بل لما
ذكرنا تكون النسبة بينهما عموماً وخصوصاً من وجه.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) :فقد ذكر النسبة بين أخبار البراءة ،وأخبار
االحتياط ،تختلف باختالف أخبار البراءة سعة وضيقاً.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 91:ذي الحجة9449: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في بيان النسبة بين أدلة البراءةمطلقا ،وأدلة االحتياط مطلقا،
األصولي عند ما ذهب إلى البراءة له أدلة وكذلك األخباري عندما ذهب
إلى االحتياط فله أدلة ،من الكتاب والسنة والعقل ،فما هي النسبة بين هذه
األدلة ،ذكرنا أن الكالم في النسبة تقع في جهات :الجهة األولى كان الكالم
في بيان النسبة بين آيات البراءة وآيات االحتياط ،الجهة الثانية كان في بيان
النسبة بين آيات البراءة وأخبار االحتياط تارة وبين اخبار البراءة وآيات
االحتياط تارة أخرى وتقدم الكالم في ذلك.
وأما الكالم في الجهة الثالثة :فيأتي التساؤل :ما هو النسبة بين أخبار البراءة،
وأخبار االحتياط؟ ذهب السيد الخوئي(قده) أن النسبة بينهما عموم
وخصوص مطلق ،عمومية األخبار االحتياط ،وخصوصية األخبار البراءة ،أما
السيد الشهيد(قده) فتارة ذكر أن بينهما تباين ،وأخرى :عموم خصوص
مطلق ،وثالثة عموم خصوص من وجه ،على اختالف مباني تقدم الكالم في
بيان ذلك كله.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) :فقد ذكر النسبة بين أخبار البراءة ،وأخبار
االحتياط ،تختلف باختالف أخبار البراءة سعة وضيقاً.
أما أخبار البراءة :فقد تقدم أنها على أصناف ثالثة:
األول :األخبار المطلقة الشاملة لجميع الشبهات من الحكمية والموضوعية
وتتمثل بحديث الرفع.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 91:ذي الحجة9449: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أما بناءاً على ما قويناه :من أنه ال إطالق لمثل حديث الرفع بالنسبة إلى
الشبهات المقرونة بالعلم االجمالي ،إلنصرافه عنها بالنظر العرفي االرتكازي،
فتكون النسبة بين حديث الرفع وبين أخبار االحتياط هو العموم والخصوص
من وجه فتتحد النتيجة مع نتيجة القول بانقالب النسبة.
وأما النسبة بين الصنف الثاني (كحديث االطالق) من أخبار البراءة ،وبين
أخبار االحتياط فهي نسبة العموم والخصوص المطلق ،كما هو واضح.
والزم ذلك:
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 21:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في البحوث السابقة في بيان نسبة بين أخبار البراءة وبين أخبار
االحتياط ،وقد صنفنا اخبار البراءة إلى ثالثة أصناف ،تقدم الكالم في بيان
النسبة بين صنف األول المتمثل بحديث رفع ،وصنف الثاني المتمثل
بحديث إطالق مع االخبار االحتياط.
بقي الكالم في بيان النسبة بين الصنف الثالث من أخبار البراءة المتمثل
بحديث الحجب (ما حجب هلال )...وبين اخبار االحتياط ،فيمكن القول بعد
مالحظة هذا الحديث من اختصاصه بموارد الشبهات الحكمية ،لورود العلم
(ما حجب علمه) هو األحكام دون الموضوعات ،فإذا يمكن القول بصراحة
أن النسبة بين هذا الصنف وبين اخبار االحتياط التي تدل على جميع
الشبهات بال استثناء فتكون نسبة بينهما عموم خصوص مطلق ايضاً ،باعتبار
شمول اخبار االحتياط جميع الشبهات ،وحديث حجب مختص بالشبهة
الحكمية ،فبين هما عموم وخصوص مطلق .نقول هنا احتماالن:
االحتمال األول :ما إذا قلنا بأن هذا الصنف ال يشمل الشبهات الحكمية
المقرونة بالعلم االجمالي ،وكذلك الشبهات الحكمية قبل الفحص،
لتنجزهما ،وعدم جواز الترخيص فيهما ،فالزمه تقييد إطالق أخبار االحتياط
ل
أوالً بغير الشبهات الحكمية بعد الفحص .هذا من جانب.
ومن جانب آخر البد من تقييد إطالق أخبار االحتياط ثانياً بمادل على
الترخيص ،في الشبهات الموضوعية أيضاً.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 21:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ونتيجة هذين التقييدين أنه ال يبقى تحت أخبار االحتياط اال موردان :وهما:
الشبهات المقرونة بالعلم االجمالي ،والشبهات البدوية قبل الفحص.
االحتمال الثاني :ما إذا قلنا :بأن هذا الصنف باطالقه يشمل الشبهات
المقرونة بالعلم االجمالي ،وكذا الشبهات قبل الفحص أيضاً.
ٍ
فحينئذ وإن كانت نسبته إلى أخبار االحتياط محفوظة ،وهي نسبة الخاص
إلى العام ،ونسبة المقيد إلى المطلق ،اال أنه في هذا الفرض ،ال يمكن تقييد
اطالق أخبار االحتياط بهذا الصنف مع تقييده بمادل على الترخيص في
الشبهات الموضوعية معاً وهو واضح :ألن نسبة كل واحد من المخصصين
إلى أخبار االحتياط ،وإن كان نسبة الخاص إلى العام ،اال أن نسبة المجموع
إليها نسبة المباين إلى المباين وهو واضح.
إذاً :فتخصيص أخبار االحتياط بهما معاً ال يمكن ،للزوم لغويتها ،لعدم بقاء
ال ،وتخصيصها باحدهما المعيلن ،دون اآلخر ترجيح من غير
شيء تحتها أص ً
مرجح .ومن هنا تقع المعارضة بينهما ،وبين أخبار االحتياط ،فتسقطان معاً
ٍ
حينئذ هو أصالة البراءة العقلية في الشبهات بعد بالمعارضة ،فالمرجع
الفحص والشبهات الموضوعية ،وأصالة االشتغال في الشبهات المقرونة
بالعلم االجمالي ،والشبهات قبل الفحص.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 21:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
هذا كله بناءاً على القول بعدم انقالب النسبة عند تقييد اطالق هذا الصنف
من أخبار البراءة بغير الشبهات المقرونة بالعلم االجمالي ،والشبهات قبل
الفحص.
وأما على القول بانقالب النسبة بهذا التقييد ،فتنقلب النسبة من التباين إلى
العموم والخصوص المطلق.
وذلك :ألن مجموع هذين المخصصين ألخبار االحتياط ،وهما:
أخبار البراءة في هذا الصنف ،المقيد بغير الشبهات المقرونة بالعلم
االجمالي وبغير الشبهات قبل الفحص.
وما دل على الترخيص في الشبهات الموضوعية ،يكون أخص من أخبار
االحتياط ،باعتبار شمولها للشبهات المقرونة بالعلم االجمالي ،والشبهات قبل
الفحص ،دون هذين المخصصين.
ومن هنا :البد من االلتزام بتقييد إطالقها بالمخصصين تطبقاً لقاعدة حمل
المطلق على المقيد ،ونتيجة ذلك هي تخصيص أخبار االحتياط بالشبهات
المقرونة بالعلم االجمالي ،والشبهات قبل الفحص ،وال مانع من ذلك.
وأما الثمرة بين القولين في المسألة :فعلى القول بعدم انقالب النسبة تكون
النسبة بين مجموع المخصصين( ،كحديث الحجب) وما دل على الترخيص
في الشبهات الموضوعية كحديث الحل ،وبين اطالق أخبار االحتياط وهي
التباين.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 21:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا فيما ذكره شيخنا األستاذ (دام ظله) في المقام حيث قال إن
النسبة بين اخبار البراءة واخبار االحتياط تختلف باختالف اخبار البراءة سعة
وضيقاً ،ثم صنف اخبار البراءة إلى أصناف ثالثة ،الصنف األول متمثل
بحديث الرفع ،والصنف الثاني بحديث اإلطالق والصنف الثالث بحدث
الحجب.
تقدم الكالم في بيان النسبة بين الصنف األول التي تكون مطلقة شاملة
لجميع الشبهات ،الحكمية والموضوعية ،وقال إن النسبة بينهما هو النسبة
تباين ،على القول المعروف والمشهور ولكن إذا قلنا بأن أخبار البراءة
الصنف األول ال إطالق لمثل حديث الرفع ،ألنها منصرفة عن الشبهات
المقرونة بالعلم اإلجمالي فحي ٍ
نئذ تكون النسبة بين حديث الرفع وبين اخبار
االحتياط المطلقة هو العموم والخصوص من وجه فإذاً النتيجة تتحد مع
نتيجة القول بانقالب النسبة الذي ال نقول به.
وأما النسبة بين الصنف الثاني (كحديث االطالق) من أخبار البراءة ،وبين
أخبار االحتياط فهي نسبة العموم والخصوص المطلق ،كما هو واضح.
والزم ذلك :هو تقييد إطالق أخبار االحتياط بغير الشبهات التحريمية التي
هي مدلول هذا الصنف المتمثل بحديث اإلطالق هذا من جهة.
ومن جهة أخرى :البد من تقييد اطالق هذا الصنف بغير الشبهات التحريمية
المقرونة بالعلم االجمالي ،أو التحريمية قبل الفحص ،ألن قوة احتمال
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 20:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وهذا التفصيل اليمكن االلتزام به ألنه خالف االجماع القائم على خالفه
وخالف القول بعدم الفصل ،بين الشبهات الحكمية بعد الفحص.
فإنه يقال :ال مانع من االلتزام بهذا التفصيل إذا كان ذلك نتيجة الجمع
العرفي بين األدلة فما أدعي من االجماع ،وعدم القول بالفصل على
المالزمة بين الشبهتين فال يكون حجة.
وأما النسبة بين الصنف الثالث (المتمثلة بحديث الحجب -ماحجب هّال
علمه عن العباد فهو موضوع عنهم )-أخبار البراءة وأخبار االحتياط فهي
العموم والخصوص المطلق ايضاً.
وذلك :ألن أخبار االحتياط تشمل باطالقها جميع الشبهات بال استثناء ،وهذا
ٍ
وحينئذ فهنا احتماالن: الصنف مختص بالشبهات الحكمية
االحتمال األول :ما إذا قلنا بأن هذا الصنف ال يشمل الشبهات الحكمية
المقرونة بالعلم االجمالي ،وكذلك الشبهات الحكمية قبل الفحص،
لتنجزهما ،وعدم جواز الترخيص فيهما ،فالزمه تقييد إطالق أخبار االحتياط
ّ
أوالً بغير الشبهات الحكمية بعد الفحص .هذا من جانب.
ومن جانب آخر البد من تقييد إطالق أخبار االحتياط ثانياً بمادل على
الترخيص ،في الشبهات الموضوعية أيضاً.
ونتيجة هذين التقييدين أنه ال يبقى تحت أخبار االحتياط اال موردان:
وهما :الشبهات المقرونة بالعلم االجمالي ،والشبهات البدوية قبل الفحص.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 20:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
االحتمال الثاني:
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 22:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في جهات التي عقدناها لبيان النسبة بين أدلة البراءة وأدلة
االحتياط ،وذكرنا في الجهة األولى أن النسبة وبيان النسبة بين آيات البراءة
من جهة وآيات االحتياط من جهة األخرى ،وفي الجهة الثانية ،ذكرنا أن
النسبة بين اآليات البراءة وأخبار االحتياط تارة ،وبين األخبار البراءة
واآليات االحتياط ،تارة أخرى ،وفي الجهة الثالثة ،أن النسبة بين أخبار
البراءة وأخبار االحتياط ،حيث قسمنا وصنفنا إلى أصناف ثالثة ،واختلفة
النسبة في كل صنف من تلك أصناف.
اليوم نتناول البحث في الجهة الرابعة.
وأما الكالم في الجهة الرابعة:
وهي مالحظة النسبة بين أدلة استصحاب البراءة وأخبار االحتياط.
ذكر السيد الخوئي(قده) تبعاً للمحقق النائيني(قده):
أن النسبة بين أخبار االستصحاب ،وأخبار االحتياط ،إنما هو نسبة الدليل
الحاكم إلى الدليل المحكوم ،فيقدم أخبار االستصحاب على أخبار
االحتياط.
بتقريب :ان االستصحاب ،حاكم على أخبار االحتياط ،ورافع لموضوعها،
وهو الشك.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 22:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وذلك :ألن االستصحاب أمارة وناظر إلى الواقع ،وليس من األصول العملية،
فإن معنى حجية االستصحاب هو التعبد ببقاء اليقين في ظرف الشك ،وليس
معناها التبعد بالعمل بالشك في ظرفه.
وهناك فرق واضح بين التعبيرين ،فإن األول تعبير عرفي عن موقع
االستصحاب كأمارة ،والثاني تعبير عرفي عن موقعه كأصل عملي .فتأمل.
وبكلمة :أن المجعول في باب االستصحاب هو الطريقية والعلم التعبدي في
ظرف الشك ،وجعل المكلف عالماً ببقاء الحالة السابقة ،وإلغاء الشك تعبداً،
الذي هو موضوع أخبار االحتياط ،فال يبقى موضوع لألخبار االحتياط،
وهذا هو معنى (الحكومة).
ال يقال :لما ذا يكون االستصحاب من أضعف األمارات؟
فإنه يقال :من جهة أن التعبير ببقاء اليقين السابق في ظرف الشك يفيد
التبعدي العلمي ،دون الحكائي كسائر األمارات ،فمن أجل ذلك ال تكون
مثبتاته حجة ،بخالف األمارات.
أما السيد الشهيد(قده) فقد اعترض على ما أفاده السيد الخوئي(قده) بوجوه:
أوالً :ماذكر مبني على حجية االستصحاب من باب جعل الطريقية والعلم
ال عن األصول،
التعبدي ،ولكن هذا المبنى مرفوض عندنا في األمارات ،فض ً
كما تقدم في مباحث القطع ،وسيأتي تفصيله في مباحث االستصحاب.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 22:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وثانياً :لو سلمنا كبرى :جعل الطريقية والعلمية ،فالمجعول إنما يصير حاكماً
في مورد رتب فيه األثر على العلم ،ال في مورد رتب فيه األثر على الشك،
فإن دليل االستصحاب بنفسه قد أخذ في موضوعه الشك ،فالطريقية
المجعولة فيه طريقية في طول الشك ،وظاهرها أنها غير ناظرة إلى إلغاء
الشك نفسه ،فالبد أن تكون ناظرة إلى التعبد ببقاء اليقين ونحو ذلك ،من
دون الغاء الشك الذي هو موضوع االحتياط ،فال حكومة ،حيث ال إلغاء
للشك.
بخالف أدلة األمارات ،حيث لم يؤخذ في موضوعها الشك ،فتكون ناظرة
إلى الغاء الشك ،فتكون حاكمة.
وهذا واضح.
وثالثاً :لو تنزلنا أيضاً ،وسلمنا أن لسان دليل االستصحاب ،هو لسان دليل
األمارة ،أي لم يؤخذ في موضوعه الشك.
ولكن نقول :كما أن دليل االستصحاب واألمارة دليل على اعتبار العلم
وجعل الطريقية ،وإلغاء الشك ،كذلك دليل االحتياط ،والوقوف عند
الشبهة ،دليل على عدم جواز االعتماد على أحد طرفي الشبهة ،والبناء عليه،
إرشاد إلى عدم الحجية والطريقية ،وعدم الغاء الشك ،ولزوم حفظ الواقع،
واالهتمام به فيتعارضان.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 22:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وثالثاً :لو تنزلنا أيضاً ،وسلمنا أن لسان للنل االستصحاب ،هو لسان للنل
األمارة ،أي لم يؤخذ في موضوعه الشك.
ولكن نقول :كما أن للنل االستصحاب واألمارة للنل على اعتبار العلم
وجعل الطريقنة ،وإلغاء الشك ،كذلك للنل االظحتناط ،والوقوف عند
الشبهة ،للنل على عدم جواز االعتمال على أظحد طرفي الشبهة ،والبناء علنه،
إرشال إلى عدم الحجنة والطريقنة ،وعدم الغاء الشك ،ولزوم ظحفظ الواقع،
واالهتمام به فنتعارضان.
فالنتنجة :يتعارض للنل االستصحاب ،وللنل االظحتناط ،فالمرجع هو :العام
الفوقي ،أو األصل العملي ،فال ظحكومة ،وال ورول.
والصحنح :في المقام أن يقال :إن أخبار االظحتناط أخص من استصحاب
البراءة لون العكس ،أو بحكم األخص ،بناءاً على عدم شمول للنل
االستصحاب لموارل الشك قبل الفحص ،ولموارل الشبهة المقرونة بالعلم
ال) ،ال متصل.
االجمالي ،من جهة مخصص منفصل (كحديث الرفع مث ً
فبناءاً على ذلك يكون للنل االستصحاب ،قد ورل علنه عدة مخصصات:
منها :مخصص أخرج موارل الشك قبل الفحص.
منها مخصص أخرج موارل الشك المقرونة بالعلم االجمالي.
منها :مخصص أوسع منهما بحنث اخرج مطلق الشبهة الحكمنة.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 52:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ثم إن هذه المخصصات وإن كان بعضها أو سع من بعض ولكن البد من
إعمال جمنعها ،ألن كل واظحد من هذه المخصصات هو أخص مطلقا ،من
للنل االستصحاب ،ولما كان هذه المخصصات هي مفال أللة االظحتناط فال
محالة يتقدم أللة االظحتناط باألخصنة على أللة االستصحاب.
نعم :لو فرضنا أن للنل االستصحاب في نفسه إبتلى بمخصص متصل ،ولم
ال لموارل الشبهات المقرونة بالعلم االجمالي ،أو لموارل الشك قبل
يكن شام ً
الفحص ،فحننئذ تكون النسبة بنن للنل االستصحاب وأخبار االظحتناط هي
العموم والخصوص من وجه ،ألن للنل االستصحاب يفترق عن أخبار
االظحتناط باإلستصحاب في غنر موارل الشبهات الحكمنة ،وأخبار االظحتناط
تفترق في موارل الشك المقرون بالعلم االجمالي ،وموارل الشك قبل
الفحص ويجتمعان في مالة واظحدة ،وهي الشبهات الحكمنة بعد الفحص،
غنر المقرونة بالعلم اإلجمالي.
وظحننئذ :مقتضى االستصحاب هو نفس التكلنف فنها ،ومقتضى أخبار
االظحتناط هو التنجنز وثبوت التكلنف ،فنتعارضان بنحو العموم من وجه
فنها ،وظحنن ال يوجد مرجح ألظحدهما على اآلخر نلتزم بالتعارض والتساقط،
لون الحكومة ،فأين الحكومة؟.
وأما شنخنا األستاذ(لام ظله) في مقام مناقشة السند الخوئي(قده) وتفنند
مبناه:
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 52:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ال كونه
وذكر أن االستصحاب لنس من األصول المحرزة كاالظحتناط ،فض ً
أمارة ،ال ثبوتاً :ألن النقنن السابق قد زال في ظرف الشك قطعاً والشك ال
يصلح لألمارية.
وال إثباتاً :ألن مفال للنل االستصحاب هو التعبد بالعمل على طبق الحالة
السابقة في ظرف الشك ولنس هو التعبد ببقاء النقنن كما قنل ،إذ ال يقنن
في ظرف الشك.
فالنتنجة :أنه ال يمكن أن المجعول في باب االستصحاب الطريقنة والعلم
التعبدي ال ثبوتاً ،وال إثباتاً ،فال يكون تقديم االستصحاب على أخبار
االظحتناط بمالك الحكومة .هذا.
والصحنح أن يقال :إن تقديم االستصحاب على أخبار االظحتناط ،إنما هو
بمالك األظهرية ،أو األخصنة ظحكماً ،بلحاظ أن اإلرتكاز العرفي قائم على
عدم التفكنك بنن موارل االستصحاب.
وهذا االرتكاز يشكلل الداللة اإللتزامنة بنن موارله ،فلذلك هو بمنزلة
الخاص ،فنقدم على أخبار االظحتناط في مورل االظحتناط ،من باب تقديم
الخاص على العام ،أو تقديم األظهر على الةاهر.
ألن هذا االرتكاز العرفي قرينة على أظهريته ،وكالهما من موارل الجمع
الداللي العرفي ،وهذا هو األقرب.
هذا تمام كالمنا في الجهة الرابعة.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 52:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
) التوبة ،اآلية(1.111
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 62:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في البحوث السابقة فيما قدمه القائلون بوجوب االحتياط في
الشبهات الحكمية خصوصاً في الشبهات التحريمية ما قدمه األخباريون من
علمائنا على وجوب اإلحتياط ،و أوردوا على ذلك أدلة من الكتاب والسنة
وأدلة العقل ،تقدم الكالم في الكتاب وفي السنة.
أما الثالث :الدليل العقلي على وجوب االحتياط
قرب اإلستدالل على وجوب االحتياط
ذكر السيد الخوئي(قده) أنه قد ّ
بحكم العقل من وجوه:
الوجه األول :أن كل مكلف يعلم اجماالً بوجود تكاليف الزامية في الشريعة
المقدسة ،وهذا العلم اإلجمالي ينجز التكاليف الواقعية على تقدير ثبوتها
ويمنع من الرجوع إلى البراءة ،بل يوجب االحتياط.
أما الطروق واألمارات ،ال ترفع تنجزها وال ينحل العلم اإلجمالي بها،
تعرض لها لنفي أحكام أخرى
وذلك :ألنها تثبت أحكاماً في مواردها ،وال ّ
في غير موارد ها ،ومن البديهي أن انحالل العلم اإلجمالي إنما يكون بدليل
يدل على ثبوت التكليف في بعض األطراف ونفيه عن البعض اآلخر
فالتنجز يبقى على حاله.
ّ مطابقة ،أو التزاماً،
ال :إذا علمنا إجماالً بوجوب صالة مرددة بين الظهر والجمعة ،كان قيام
مث ً
ال نافياً لوجوب صالة الجمعة وبالعكس،
األمارة على وجوب صالة الظهر مث ً
وبااللتزام ،فينحل العلم اإلجمالي بها ال محالة.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 62:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما إذا كان المعلوم باإلجمال أحكاماً كثيرة ال تعيّن لها ،فقيام الدليل على
ثبوت أحكام في موارد خاصة ،ال ينفي ثبوت الحكم في غيرها ،فال ينحل
العلم اإلجمالي ،فال يصار إلى البراءة ،وبمقتضى أن االشتغال اليقيني
يقتضي الفراغ اليقيني ،البد من القول بوجوب االحتياط ،هذا.
وقد أجاب السيد الخوئي(قده) :عنه بأمرين :األول :بالنقض بالشبهات
الوجوبية والموضوعية ،فإن هذا العلم اإلجمالي ،لو كان مانعاً عن الرجوع
إلى البراءة في الشبهات الحكمية التحريمية ،لكان مانعاً عن الرجوع إليها
فيهما أيضاً ،مع أن األخباريين ال يقولون بوجوب االحتياط فيهما.
الثاني :بالحل :وهو أن العلم اإلجمالي بتكاليف واقعية ينحل بقيام األمارات
على تكاليف إلزامية بمقدار المعلوم باإلجمال.
وتوضيحه :أن لنا هنا ثالثة علوم إجمالية بالتكاليف الشرعية :أحدهما :هو
العلم اإلجمالي الكبير ،وأطرافه جميع الشبهات مما يحتمل التكليف مطلقا،
ومنشؤه العلم بالشريعة المقدسة ،إذ ال معنى للشرع الخالي عن التكاليف
رأساً.
ثانيها :هو العلم اإلجمالي المتوسط.
وأطرافه موارد قيام األمارات المعتبرة ،وغير المعتبرة ،ومنشؤه كثرة
األمارات ،والقطع بمطابقة بعضها للواقع ،فإنا ال نحتمل مخالفة جميعها
للواقع.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 62:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ثالثها :هو العلم اإلجمالي الصغير بالتكاليف الشرعية ،وأطرافه موارد قيام
األمارات المعتبرة فقط.
ومنشؤه :القطع بمطابقة مقدار كبير منها للواقع ،وحيث إن العلم اإلجمالي
األول ينحل بالعلم اإلجمالي الثاني وهكذا الثاني بالثالث ،فال يتنجز
التكليف في غير مؤديات الطرق واألمارات المعتبرة.
وميزان االنحالل :أن ال يكون المعلوم باإلجمالي في العلم اإلجمالي
الصغير ،اقل عدداً من المعلوم بالعلم اإلجمالي الكبير ،بحيث لو أفرزنا من
أطراف العلم اإلجمالي الكبير مقدار المعلوم باإلجمال في العلم اإلجمالي
الصغير ،لم يبق لنا علم إجمالي في بقية األطراف من العلم اإلجمالي الكبير.
ال :إذا علمنا بوجود خمس شياه مغصوبة في قطيع من الغنم ،وعلمنا أيضاً
مث ً
بوجود خمس شياه مغصوبة في جملة البعض من هذا القطيع ،فال محلة
ينحل العلم اإلجمالي األول بالعلم اإلجمالي الثاني.
ثم بعد ذلك لو علمنا بعلم اجمالي ثالث ،أن الشياه الخمس من البيض إنما
هي من النعاج دون الضأن ،فال محالة ينحل العلم اإلجمالي الثاني بالعلم
اإلجمالي الثالث ،وهو األصغر ،وهكذا.
وفي المقام :لما كان منشأ العلم اإلجمالي الكبير ،هو العلم باستلزام الشريعة
ألحكام وتكاليف كثيرة فينحل بالعلم اإلجمالي المتوسط ،وهو العلم
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 62:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وتوضيح ذلك :أن العلم اإلجمالي متقوم دائماً بقضية منفصلة ،مانعة الخلو،
ومفادها إما هذا ،أو ذاك.
ال :في العلم اإلجمالي بنجاسة أحد اإلناءين يصدق قولنا(:إما هذا اإلناء
مث ً
نجس وإما ذاك) وقد يحتمل نجاستهما معاً.
والمدار في تنجيز العلم اإلجمالي إنما هو على هذا الترديد ،حدوثاً و بقاءا،
فإذا فرضنا أن القضية المنفصلة انقلبت إلى قضيتين حمليتين:
إحداهما :متيقنة ،ولو باليقين التعبدي ،كقيام البينة على نجاسة اإلناء
األبيض ،فيقال« :اإلناء األبيض نجس لقيام األمارة عليه»
واألخرى :مشكوكة بالشك الساري ،فيقال« :نشك في نجاسة اإلناء األسود،
أو أن اإلناء األسود مشكوك النجاسة بنحو الشبهة البدوية».
فال محالة ينحل العلم اإلجمالي المتمثل بالقضية المنفصلة ويسقط عن
التنجيز وذلك :ألن تنجيز العلم اإلجمالي ليس أمراً تعبداً ،وإنما هو بحكم
ال ،كالعلم التفصيلي ،فإذا زالت كاشفيته بطرو
العقل لكاشفيته التكليف عق ً
الشك الساري زال التنجيز ال محالة ،كما هو الحال في العلم التفصيلي بعينه.
هذا ما أجابه السيد الخوئي(قده) عن الوجه األول من الدليل العقلي على
وجوب االحتياط بدعوى منجزية العلم اإلجمالي بوجود التكاليف االلتزامية
في الشريعة.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 72:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما السيد الشهيد (قده) فقد أبطل دعوى االنحالل تبعاً للشيخ االنصاري
في مبحث (اثبات حجية خبر الواحد) لثقة ،حيث اعترض على ما ذكره
السيد الخوئي(قده) تبعاً لصاحب الكفاية (قده) باعتراضين:
أحدهما :عدم انحالل العلم اإلجمالي المتوسط بالعلم اإلجمالي الصغير ألنه
تلفيق وتجميع لعلوم اجمالية متعددة.
واآلخر :عدم انطباق الميزان والمعيار الذي ذكراه (قدهما) لالنحالل في
المقام ،وقد تقدم الكالم فيهما هناك ،فال نعيد ،ومن أراد فليراجع.
أما شيخنا األستاذ (دام ظله) فلم يتعرض لحكم العقل في المقام ،وإن كان
له اعتراض على ما ذكره السيد الشهيد(قده) فيما تقدم.
وقد تقدم الكالم فيه ،في مبحث حجية خبر الواحد ،فال نعيد.
الوجه الثاني :لحكم العقل باالحتياط
بيانه :أنه ذكر قديماً تقريب في اثبات االحتياط العقلي ،في موارد الشبهات:
وحاصله :أن األصل في األشياء ،أو األفعال غير ضرورية هو (المنع والحظر)
بحكم العقل ،حتى يرد دليل على االباحة.
وفي المقام :بما أنه لم يثبت (الجواز واالباحة) في الشبهات التحريمية فنصير
ال.
إلى الحظر والتوقف ،وهو معنى وجوب االحتياط عق ً
وقد أجاب السيد الخوئي(قده) عنه بوجوه ثالثة:
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 72:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الوجه األول :أن أصالة الحظر ليست من األصول المسلمة عند العقالء ،فإن
جماعة كثيرة منهم ذهبوا إلى أن األصل في األشياء هو االباحة ،فال وجه
لالستدالل بما هو محل الخالف.
الوجه الثاني :أنه ال ارتباط بين المقام ،وتلك المسألة ،فإن استقالل العقل
بالحظر على تقدير تسليمه إنما بمناط غير موجود في المقام ،باعتبار أن
موضوع (أصالة الحظر) إنما هو الفعل بما هو مقطوع بعدم جعل حكم له
شرعاً ،بخالف المقام ،حيث إن موضوعه هو الفعل المشكوك الحكم ،فال
يستلزم القول بالحظر في تلك المسألة القول باالحتياط في المقام ،بل يمكن
القول بالبراءة في المقام ،مع االلتزام بالحظر في تلك المسألة.
ال ،اال أنها تختص بصورة ما
الوجه الثالث :لو سلمنا تمامية تلك القاعدة عق ً
إذا كان لم يثبت الترخيص عند الشك في التكليف ،ولكن أدلة البراءة
حاكمة على تلك القاعدة ،وتثبت الترخيص.
أما السيد الشهيد(قده) :بعد ذكر هذا الوجه في ضمن حكم العقل بوجوب
االحتياط ،حكم بصحة هذا الوجه في نفسه ،وأنه مطابق لمسلك حق الطاعة.
اال أنه قال(قده) :إن هذه القاعدة (أصالة الحظر) والتوقف في األشياء
محكومة ألدلة البراءة الشرعية المتقدمة.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فلم أجد له تعرضاً لحكم العقل في المقام.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 72:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الوجه الثالث :من االستدالل بحكم العقل على وجوب االحتياط في
الشبهات.
وحاصله :أن في ارتكاب الشبهة احتمال الوقوع في الضرر والهلكة
والعقاب.
والعقل مستقل بوجوب دفع الضرر المحتمل.
وأجاب السيد الخوئي(قده) عنه بما حاصله:
إن أريد بالضرر الضرر الدنيوي فالكبرى ممنوعة ،ألننا نرى العقالء يقدمون
على الضرر المقطوع به ،لرجاء حصول المنفعة ،فكيف بالضرر المحتمل مع
أن في غالب المعامالت هناك احتمال الضرر على التجار.
وكذلك الصغرى :لعدم ثبوت المالزمة بين ارتكاب الحرام وترتب الضرر
الدنيوي بل ربما يكون في ارتكاب الحرام منفعة دنيوية ،كما في موارد
االنتفاع بمال الغير غصباً.
نعم :قد يترتب الضرر الدنيوي على ارتكاب بعض المحرمات كأكل الميتة
ال -ولكن ال تثبت بالكلية ،كما جاء في االستدالل.
وشرب السم-مث ً
وإن أريد بالضرر الضرر األخروي ،أي العقاب.
تنجز
ففيه :أن احتمال التكليف الواقعي ،ال يستلزم احتمال العقاب ،اال مع ّ
التكليف ،ووصوله إلى المكلف ،فمع عدم تنجز التكليف ،وعدم وصوله
ال ،لعدم التنجيز.
إلى المكلف ،ليس هناك احتمال العقاب أص ً
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 72:ذي الحجة1441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما القطع بالعقاب :فغير موجود حتى في مخالفة التكليف المنجز الواصل
الحتمال العفو والشفاعة.
فالنتيجة :أن هذا الوجه أيضاً ال ينهض إلثبات وجوب االحتياط في
ال.
الشبهات عق ً
ولم يتعرض السيد الشهيد (قده) وشيخنا األستاذ (دام ظله) إلى هذا الوجه،
وبذلك يتم الكالم في (أصالة البراءة) وفروعها.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 17 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في البحث السابق في الجهة األولى من مسألة دوران األمر بين
المحذورين مع عدم اإلمكان المخالفة في التوصليات التي ال تحتاج إلى
قصد القربة ،وذكرنا مثاالً لهذا المسالة أنه لو تردد أمر نذره بين أنه نذر
وجوب السفر يوم الجمعة ،أو نذر حرمة السفر وترك السفر كذلك ،فما هو
الوظيفة وما هو الحكم في دوران األمر في يوم الجمعة هل يجب عليه
السفر أو يحرم عليه السفر ،ذكرنا أن في مثل هذه المسألة دوران األمر بين
المحذورين اختلفت كلمات االصحاب على أقوال خمسة :األول :تقديم
احتمال الحرمة ،لكون دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة .الثاني :الحكم
بالتخيير بينهما شرعاً ،لبعض الروايات ،كمرفوعة ابن حنظلة اآلتية .الثالث:
الحكم باإلباحة شرعاً ،لبعض النصوص اآلتية .الرابع :الحكم بالتخيير بينهما
ال ،من دون االلتزام بحكم ظاهري شرعاً.
عق ً
ال ،وهذا األخير بحكم العقل والشرع كما
الخامس :جريان البراءة شرعاً وعق ً
سيأتي .أما السيد الخوئي(قده) فقد اختار القول الخامس من األخير.
والوجه :أوالً :لعموم أدلة البراءة الشرعية وشمولها للمقام ،وعدم ثبوت ما
يمنع عن شمولها .وثانياً :لحكم العقل بقبح العقاب بال بيان على خصوص
الوجوب أو الحرمة ،للجهل به ،الموجب لصدق عدم البيان .ويتضح ما
ذكرناه أكثر عند مناقشة سائر األقوال.
أما القول األول :وهو تقديم احتمال الحرمة.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 81 :محرم الحرام8441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
يتحمل االنسان
ّ محتمل الحرمة ،ألنها تختلف باختالف الموارد ،إذ قد
الضرر في طريق جلب المنفعة ،وقد ال يتحمله مطلقا ،فليس لذلك ضابط
كلّي.
وأما القول الثاني وهو الحكم (بالتخيير) بينهما شرعاً.
واستدل على هذا القول بوجهين:
الوجه األول :بإطالق مرفوعة عمر بن حنظلة« ،يأتي عنكم الخبران» حيث
ال من الخبرين موافق لالحتياط ،أو
ورد في ذيلها ،بعد فرض الراوي أن ك ً
مخالف له أمر بالتخيير شرعاً ،فقال (ع) بعد بيان المرجحات« :إذاً فتخيّر
أحدهما ،فتأخذ به ،ودع اآلخر» فهي واضحة الداللة عليه.
المؤمنة ،كأصالة البراءة ،أو استصحاب عدم
ّ الوجه الثاني :جريان األصول
التكليف ،فالتخيير مستند إليها ،فيكون مخيراً شرعاً ،بين الفعل أو الترك.
وقد أجاب السيد الخوئي(قده) عن هذا القول بما حاصله:
إن أريد بالتخيير الشرعي التخيير في المسألة األصولية ،أعني األخذ بأحد
الحكمين في مقام اإلفتاء ،نظير األخذ بأحد الخبرين المتعارضين ،كما ورد
في الوجه األول ،فال دليل عليه فإن قياس المقام على الخبرين المتعارضين
كما ورد في المقبولة قياس مع الفارق ،لوجود النص هناك ،دون المقام.
مع أن األصول المؤمنة كالبراءة واالستصحاب ال يجري في جميع األطراف
للمعارضة ،وال في بعض األطراف ،ألنه ترجيح بال مرجح.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 81 :محرم الحرام8441: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما القول الثالث :وهو اختيار اإلباحة الشرعية ظاهرا .ولعل مستند هذا
عبدال بن سنان عن الصادق(ع)« :قَال :كُل َشيء فِ ِ
يه َح َالل َو َ ُّ القول وصحيحة هّ
ك َح َالل َأبَداَ -حتَّى تَع ِر َف ال َح َر َام مِن ُه ب ِ َعين ِ ِه فَت َ َد َع ُه (».)1
َح َرام فَ ُه َو ل َ َ
بتقريب أن المراد منها هي الحلية المجعولة للشاك والمتردد ،المعبر عنها
بأوصالة اإلباحة شرعا.
وأجاب السيد الخوئي(قده) :عن هذا القول بوجهين:
األول :أن أدلة اإلباحة الشرعية مختصة بالشبهات الموضوعية ،فال تجري
فيها إذا دار األمر بين المحذورين في الشبهات الحكمية.
وعليه :فيكون الدليل أخص من المدعى.
الثاني :أن أدلة الحل التي مستند هذا القول ،ال تشمل المقام أوصال ،ألن
المأخوذ في الحكم باإلباحة الظاهرية شرعا ،هو (الشك فيها) مع أن
المفروض في المقام هو العلم بثبوت اإللزام في الواقع إجماال ،وعدم كون
الفعل مباحا يقينا ،فكيف يمكن الحكم باإلباحة ظاهرا؟ مع أن الفعل إما
واجب أو حرام.
وبكلمة :أن اإلباحة الشرعية المتمثلة (بأوصالة الحل) إنما تجري فيما إذا
احتمل مطابقتها للواقع ،وأما فيما إذا علم بمخالفتها للواقع ،فال يمكن جعلها
وال جريانها .وحيث إنا نعلم في المقام وجدانا ،بأن أوصالة الحل في المسألة
مخالفة للواقع ،ولهذا ال يمكن جعلها ،وجريانها.
وقد أجاب السيد الشهيد(قده) :عن إشكال السيد الخوئي(قده) على القول
الثالث بما حاوصله:
إن إمكان جعل الحكم الظاهري باإلباحة ال يتوقف على أن تكون اإلباحة
أو الحلية الظاهرية محتملة .وذلك :ألن حقيقة الحكم الظاهري باإلباحة هي
ترجيح أحد نوعي األغراض الواقعية المتزاحمة ،في عالم المحركية
والبعث ،ومن هنا يعلم أن موضع الحكم الظاهري ،ومالكه ليس هو (الشك
في حكمه واقعي مماثل له) وإنما موضوعه (الشك بنحو يوجب تزاحم
الغرضين في المحركية) نحو الفعل.
ومن المعلوم أن هذا الموضوع ثابت فيما نحن فيه ،وهو تزاحم الوجوب
والحرمة ،والمفسدة والمصلحة.
فالنتيجة :ليس في المقام إشكال ثبوتي على جعل حكم ظاهري باإلباحة
والحلية.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 19 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
نعم :هناك إشكال اثباتي ،فإن مستند القول باإلباحة الظاهرية شرعا ،لو كان
وصحيحة هّ
عبدال بن سنان المتقدمة ،أو موثقة مسعدبن وصدقة ،فيهما ورد
«كل شيء حالل حتى تعرف أنه حرام ».فال يمكن التمسك بهما في
المقام ،بظهور الرواية في كون أحد طرفي االحتمال هو الحرمة ،والطرف
فرجح جانب الحلي ّة والتسهيل على جانب الحرمة ،بخالف
اآلخر هو الحليةّ ،
المقام وهو ترجيح الوجوب.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) أجاب أيضا عما ذكره السيد الخوئي(قده)
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 20 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) أجاب أيضاً عما ذكره السيد الخوئي(قده) من
الحل ،للمقام ،وحاصله:
ل عدم شمول روايات
أن اعتبار احتمال مطابقة الحكم الظاهري للواقع ،في صحة جعل الحكم
الظاهري إنما يتم في مثل جعل الحجية لألمارات ،وألصالة اإلحتياط،
ولالستصحاب ،فإن موضوع حجية األمارات ،هو األمارات التي يحتمل
مطابقتها للواقع ،وأما األمارات المعلوم مخالفتها ،أو مطابقتها للواقع ،فال
معنى لجعل الحجية لها ،وكذلك الحال في اإلحتياط واالستصحاب.
وأما أصالة الحل :فال توجد فيها نكتة ثبوتية ،أو اثباتية ،لكونها
متقومة(باحتمال مطابقتها للواقع) ألن موضوعها (الشك في الحكم الواقعي
مطلقا) سواء أكان احتمال المطابقة والمماثلة بينها وبين الحكم الواقعي
المشكوك موجوداً أم ال.
ال :إذا شك في وجوب شيء وحليته ،أو في حرمة شيء وحليته ،فاحتمال
مث ً
المطابقة موجود.
وأما إذا شك في حرمة شيء أو وجوبه ،فإن احتمال المطابقة للواقع ،وإن لم
يكن موجوداً اال ل أنه (أصالة الحل) تجري من جهة تحقق موضوعها ،وهو
(الشك في الحكم الواقعي) وجريانها إنما هو بمقتضى المصلحة العامة،
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 20 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وهي المصلحة التسهيلية النوعية ،التي تدعو المولى إلى جعل الترخيص،
وإن كان جعله قد يؤدي إلى تفويت المصلحة الشخصية ،اال ل أنها تتقدم
عليها عند التزاحم .هذا كله في مقام الثبوت.
وأما في مقام اإلثبات :فروايات الحل ظاهرة في اختصاصها بالشبهات
التحريمية فال تشمل المقام وهو دوران األمر بين الوجوب والحرمة.
ال)
وأما القول الرابع :وهو الحكم (بالتخيير عق ً
ومن دون أن يكون المورد محكوماً ظاهري شرعاً .واختاره المحقق
النائيني(قده) واستدل عليه بوجهين:
الوجه األول :أن التعبد بحكم ظاهري ،البد له من أثر شرعاً واال كان جعله
لغواً.
ال :في موارد الشبهات التحريمية والوجوبية ،حيث جعل فيهما الترخيص
مث ً
حل من التكليف اللزومي.
والبراءة .أثر الترخيص :كون المكلف في ل
وأما في المقام :فجعل الحل والترخيص ،أو عدمه ،ال ينفعان بحال المكلف،
ٍ
حينئذ ألنه على كل تقدير البد من أن يفعل أو يترك ،وال ثالث ،فال معنى
ٍ
حينئذ من لجعل اإلباحة والحلية في حقه ،فإنه تحصيل حاصل ،فالبد
الذهاب إلى التخيير بحكم العقل.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 20 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ثم لم أجد من السيد الشهيد(قده) تعرضاً لهذا القول ،وال من شيخنا األستاذ
(دام ظله) اعتراضاً على ما ذكره السيد الخوئي(قده) .هذا جواب على الوجه
األول.
الوجه الثاني للنائيني(قده) أن رفع اإللزام ظاهراً بأدلة البراءة (كحديث
الرفع) إنما يكون في مورد قابل لوضع اإللزام ،بإيجاب االحتياط،
والمفروض عدم إمكانه في المقام ،للتنافي بين الحكمين ،كما هو
المفروض ،فال يمكن االحتياط.
فإذا لم يمكن جعل اإللزام ،ال يمكن رفعه أيضاً ،فالمقام غير قابل للتعبد
الشرعي بالوضع أو الرفع ،فالبراءة والترخيص ال يمكن جعلها ،فالبد من
ال بين الفعل والترك فثبت المطلوب.
التخيير عق ً
وأجاب عنه السيد الخوئي(قده) بما حاصله :أن المورد قابل لتعبّد بالنسبة
إلى كل من الحكمين بخصوصه ،كما تقدم.
فإن القدرة على الوضع ،إنما تالحظ بالنسبة إلى كل من الوجوب والحرمة
ال ،ال إليهما معاً ،ومجتمعين ،وحيث إن جعل االحتياط بالنسبة إلى كل
مستق ً
منهما بخصوصه أمر ممكن ،فال محالة كان الرفع أيضاً بهذا اللحاظ ممكناً.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 23 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
المتضادة في
ّ توضيح ذلك :أن التمكن والقدرة على كل واحد من األفعال
طول اآلخر ،كالقيام والقعود ،والفعل والترك ،كافية في القدرة على ترك
الجميع ،خصوصاً إذا كان لهما حالة ثالثة (الضدان اللذان لهما ثالث) ،وال
يعتبر في القدرة عليهما ،التمكن من فعل الجميع في عرض واحد.
أال ترى أن االنسان مع عدم قدرته على إيجاد األفعال المتضادة والجمع
بينهما في آن واحد قادرة على ترك جميعها ،وليس ذلك من جهة قدرته
ال .ففي المقام وإن لم يكن
على فعل كل واحد منهما بخصوصه ،ومستق ً
الشارع متمكناً من وضع اإللزام بالفعل ،والترك معاً ولكنه :متمكن من وضع
اإللزام بكل منهما بخصوصه.
فلما كان كل واحد من ٍ
وحينئذ وهذا يكفي في قدرته على رفعهما معاً،
ّ
الوجوب والحرمة مجهوالً ،كان مشموالً ألدلة البراءة.
فالنتيجة :يكون الترخيص في كل من الفعل والترك بال إشكال.
أما السيد الشهيد(قده) فلم أجد له التعرض لهذا الوجه في المقام.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فقد ذكر أن جواب السيد الخوئي(قده) على
هذا الوجه غير صحيح...
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 24 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في القول الرابع من األقوال ،في دوران األمر بين المحذورين،
حيث اختاره المحقق النائيني(قده) وذهب إلى أن الحكم في دوران األمر
ال فقط ،وذكر لذلك وجهين:
بين المحذورين ،التخيير عق ً
الوجه األول هو التعبد بحكم ظاهري الشرعي البد له أثر ،ففي المقام ال
يكون هناك أثر وفائدة لترخيص والبراءة.
اعترض على ذلك السيد الخوئي(قده) قال :إنه يمكن جعل الترخيص
والبراءة لكل واحد واحد من االحتمالين على حدة وقد تقدم الكالم في
ذلك.
الوجه الثاني للنائيني(قده) أن رفع اإللزام ظاهراً بأدلة البراءة (كحديث
الرفع) إنما يكون في مورد قابل لوضع اإللزام ،بإيجاب االحتياط،
والمفروض عدم إمكانه في المقام ،للتنافي بين الحكمين ،كما هو
المفروض ،فال يمكن االحتياط.
وأجاب عنه السيد الخوئي(قده) بما حاصله :أن المورد قابل لتعبّد بالنسبة
إلى كل من الحكمين بخصوصه ،قد تقدم الكالم في ذلك.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 24 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فقد ذكر أن جواب السيد الخوئي(قده) على
هذا الوجه غير صحيح ،وذلك :لما تقدم من أنه ال يمكن جعل إيجاب
االحتياط لكل من الفعل أو الترك في نفسه ،وبقطع النظر عن اآلخر.
وكذلك :ال يمكن جعل إيجاب االحتياط للفعل معيناً أو للترك كذلك.
ذلك :ألن احتمال تعيّن كل منهما معارض باحتمال تعيّن اآلخر ،وال ترجيح
في البين.
وعليه :فإذا لم يمكن ذلك ثبوتاً ،فال تصل النوبة إلى مقام االثبات ،للتمسك
بأصالة البراءة عن تعيّن أحدهما ،دون اآلخر اثباتاً.
فالنتيجة :أن أصالة البراءة عن تعيّن كل منهما ال يمكن ،ألن نتيجتها التخيير،
ال ،وتكويناً ،وكذا عن أحدهما المعيّن ،دون اآلخر ،ألنه
وهو ثابت عق ً
ٍ
حينئذ ترجيح بال مرجح ،فإذا لم يمكن ثبوتاً ،فال يصل الدور إلى مقام
اإلثبات.
ثم أضاف (دام ظله) :أن موارد دوران األمر بين المحذورين ،إذا كانت في
واقعة واحدة ،ولم تكن مزية ألحد االحتمالين على اآلخر ،فال تكون
مشمولة لألصول المؤمنة ،كأصالة البراءة العقلية ،لتحقق البيان ،وهو العلم
اإلجمالي ،وأصالة البراءة الشرعية ،لعدم إمكانها ثبوتاً ،واستصحاب عدم
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 24 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
التكليف ،لعدم تحقق الركن الثالث فيه ،وهو األثر الشرعي المترتب عليه
في ظرف الشك.
ال ،ال شرعاً في هذه
ومن هنا قلنا :الصحيح :هو التخيير بين الفعل والترك عق ً
المسألة وسيجيئ زيادة توضيح لذلك عند مناقشة القول الخامس.
ال ،واختاره السيد الخوئي(قده).
القول الخامس :جريان البراءة شرعاً وعق ً
أما البراءة شرعاً :فلعموم أدلة البراءة الشرعية ،من أصالة الحل ،وحديث
الرفع ،وعدم ثبوت ما يمنع عن شمولها.
وأما البراءة العقلية :فلحكم العقل بقبح العقاب على خصوص الحرمة ،أو
خصوص الوجوب ،للجهل به ،الموجب لصدق (عدم البيان).
وقد اتضح تفصيله عند بيان سائر األقوال ،ومنا قشتها فال نعيد.
وأشار (قده) إنه قد يستشكل على الرجوع إلى األصول العملية في المقام
بوجهين:
الوجه األول :أن الرجوع إليها ،مخالف للعلم اإلجمالي ،بكون األصلين،
على خالف الواقع.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 24 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
والجواب :أن هذه مخالفة التزامية ،ال بأس بها ،وأما المخالفة العملية
القطعية ،فهي مستحيلة ،كالموافقة القطعية ولذا يعبّر عن المقام بدوران األمر
بين محذورين:
الوجه الثاني :أن الرجوع إلى األصول النافية ،كالبراءة واستصحاب عدم
يصح عند الشك في أصل التكليف ،وحيث إنا نعلم في المقام
ّ الجعل ،وإنما
بجنس اإللزام والتكليف ،فالشك إنما هو في المكلف به ،ال في التكليف،
فكيف يمكن الرجوع إلى األصل النافي؟!
والجواب :أن العلم باإللزام إنما يمنع من جريان األصول العملية فيما إذا
ال للباعثية والزاجرية ،كما إذا دار األمر
كان التكليف المعلوم باإلجمال ،قاب ً
بين وجوب شيء ،وحرمة آخر ،وأما إذا دار األمر بين وجوب شيء
وحرمته بعينه ،فالعلم بوجود اإللزام في حكم العدم.
وذلك :ألن الموافقة القطعية مستحيلة ،والموافقة االحتمالية كالمخالفة
ال.
االحتمالية حاصلة ال محالة ،فال أثر للعلم اإلجمالي باإللزام أص ً
فصح أن نقول :إن مورد دوران األمر بين محذورين ،من قبيل الشك في
ّ
التكليف ،دون الشك في المكلف به.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 24 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ال يقال :نمنع جريان البراءة العقلية المتمثلة بقاعدة (قبح العقاب بال بيان) من
جهة أن العلم اإلجمالي في المقام ،بيان ومنجز.
فإنه يقال :إن العلم اإلجمالي غير القابل للباعثية والزاجرية ،في المقام ،فال
تصل النوبة إلى التخيير العقلي.
وأما السيد الشهيد(قده) :فقد افاد في المقام ما حاصله:
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 26 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
والتحقيق أن يقال :إنا نعلم في المقام إجماالً بتكليف الزامي ،يدور بين
احتمال الوجوب ،واحتمال الحرمة وهذا العلم اإلجمالي ،وإن كانت بيانيته
وكاشفيته على ثبوت أصل التكليف تامة ،لكونها ذاتية.
اال أنه قام البرهان على استحالة تأثير هذا العلم اإلجمالي في تنجيز الفعل،
أو الترك ،وإدخال أحدهما ،أو كليهما في دائرة (حق الطاعة والمولوية).
وذلك :ألن هذا العلم اإلجمالي في المقام كما أنه قاصر عن اقتضاء وجوب
الموافقة القطعية ،كذلك قاصر عن اقتضاء حرمة المخالفة القطعية ،من باب
استحالة أن يتنجز على المكلف فعل الشيء وتركه معاً ،لكونه خارج عن
قدرة المكلف ،وكذلك العلم اإلجمالي قاصر عن اقتضاء وجوب الموافقة
االحتمالية الترجيحية بالفعل ،أو الترك ،ألنه يستلزم الترجيح بال مرجح
المستحيل ،فإن نسبة العلم اإلجمالي إلى كل واحد من الطرفين على حد
سواء ،فيكون تأثيره في تنجيز أحد هما المعين ،دون اآلخر ،ترجيح بال
مرجح وهو قبيح.
والحاصل :أن برهان استحالة تنجيز العلم اإلجمالي لشيء في المقام مركب
من حكمين عقليين:
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 26 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أحدهما :هو استحالة التنجيز وثبوت حق الطاعة للمولى ،إذا كان التكليف
خارجاً عن قدرة المكلف.
وبهذا الحكم :ثبت بطالن وجوب الموافقة ،وحرمة المخالفة القطعيتين معاً.
واآلخر :هو استحالة الترجيح بال مرجح ،في الموافقة االحتمالية.
وبهذا يبطل تنجيز أحدهما دون اآلخر ،المعبّر عنه بوجوب الموافقة
االحتمالية.
وهذا حال العلم اإلجمالي المتعلق بكال االحتمالين الملزمين ،وبمالحظتهما
معاً.
وأما حال اقتضاء العلم اجمالي للتنجيز ،بلحاظ كل واحد من االحتمالين:
فهنا صورتان:
الصورة األولى :ما إذا لو حظ اقتضاء االحتمال للتنجيز ،بما هو طرف للعلم
اإلجمالي ،أي :يستمد تنجيزه من تنجيز العلم اإلجمالي بكال االحتمالين.
فقد تقدم :أن العلم اإلجمالي في خصوص المقام ،ال يعقل أن يكون منجزاً
ال ،باألصالة حتى يستمد هذا االحتمال تنجيزه منه ،بالتبع.
عق ً
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 26 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا فيما ذكره السيد الشهيد(قده) وحاصله :بعد أن قال إن األقوال
في المسألة كثيرة ،أشار (قده) بما حاصله :أن العلم اإلجمالي في المقام
يستحيل أن يكون منجزا للطرفين ،لخروجه عن عهدة المكلف ،وكذا
الطرف واحد ،الستحالة الترجيح بال مرجح .وذكر (قده) حال العلم
اإلجمالي إذا الحظنا إما أن يكون بلحاظ متعلق وهو الوجوب أو الحرمة،
يستحيل تنجيز كال الطرفين ،لخروجه عن قدرة المكلف ،فال تجب وجوب
مرجح،
الموافقة وحرمة المخالفة ،ويستحيل أحد الطرفين لكونه ترجيح بال ّ
فال تجب الموافقة االحتمالية.
أو بلحاظ كل واحد من االحتمالين ،الوجوب أو الحرمة ،صورتان :الصورة
األولى :إما يالحظ بما هو طرف وتابع للعلم اإلجمالي ،يعني يستمد تنجيزه،
وحينئذ ال يعقل تنجيزه بالتبع مع فرض عدم تنجيزه باألصالة كما تقدم.
ال (مع غض النظر عن اآلخر ،وعن كونه
الصورة الثانية :إذا لو حظ مستق ً
طرفاً للعلم اإلجمالي) فهنا احتماالن :االحتمال األول :على مسلك منجزية
االحتمال فكل واحد من االحتمالين في نفسه ثبوتاً ينجز متعلقه من العقل أو
الترك ،وال يستلزم الترجيح ،وهذا معقول ،وغير مستحيل ،ولكن في مقام
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 27 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
التأثير واقتضاء واالثبات يقع التزاحم بينهما ،فيأتي استحالة تنجيز هما
للخروج عن القدرة وأحدهما لترجيح القبيح.
فالنتيجة :على مسلك حق الطاعة ال يكون كل واحد من االحتمالين منجزاً
ال بمالك الطرفية للعلم اإلجمالي (التبعية) وال بمالك (االستقالل) وفي
نفسيهما لوقوع التزاحم بين المقتضيين.
االحتمال الثاني :ما إذا قلنا بمبدأ (البراءة العقلية) المتمثلة بقاعدة (قبح
وحينئذ يثبت عدم التنجز بوجهين طوليين: ٍ العقاب بال بيان)
الوجه األول :أن االحتمال في نفسه ،ال يقتضي التنجيز ،ألنه ليس ببيان.
الوجه الثاني :لو سلمنا اقتضاءه للتنجيز فهنا يتزاحم المقتضيان ،ويستحيل
تأثيرهما معاً ،وأما تأثير أحدهما دون اآلخر ،فهو ترجيح بال مرجح.
وعليه :فيتحقق موضوع البراءة العقلية ،وهو (عدم البيان) .هذا.
واتضح مما ذكرناه :ما في كالم األصحاب من االختالف.
فالقائل بجريان البراءة العقلية ،لعل مقصوده كان هو النظر إلى االحتمال بما
هو احتمال ،فأثبت (البراءة العقلية) لعدم منجزية االحتمال عنده.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 27 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
والقائل :بعدم جريانها ،كان مقصوده النظر إلى االحتمال بما هو طرف للعلم
اإلجمالي المنجز ،فأنكر البراءة العقلية ،وذهب إلى التخيير العقلي ،من باب
منجزية العلم اإلجمالي والبيان.
وأما البراءة الشرعية:
فالصحيح وفاقاً للمحققين العراقي والنائيني(قدهما) وخالفاً للسيد
الخوئي(قده) ،عدم جريان البراءة الشرعية فيما نحن فيه بنكتة ثبوتية.
وذلك :ألن معنى جعل البراءة في المقام هو ترجيح مصلحة الترخيص
الواقعي ،على مصلحتي الوجوب والحرمة ،في مقام الحفظ .وهو ممكن
ثبوتاً.
وهذا يعنى أهمية المصلحة الترخيصية ،على المصلحة اإللزامية الوجوبية
والتحريمية ،وهذا ال يستلزم اتحاد المصلحتين اإللزاميتين في مقام الحفظ،
يرجح المولى مصلحة
واندكاكهما لحصول مصلحة الترخيص ،بل قد ّ
الوجوب ،أو مصلحة الحرمة في مقام الحفظ ،فال أولوية ليقال بتقديم
جانب الحرمة ،لقاعدة دفع المفسدة ،فإذاً ال مانع ثبوتاً من جعل الترخيص
الذي هو مفاد البراءة الشرعية.
بل بنكتة إثباتية وهو المنع عن شمول أدلة البراءة للمقام.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 27 :محرم الحرام1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أما دليل (أصالة الحل) فالننا نقطع بعدم الحلية ،بعدم وجود حكم بالحلية
وضعاً في المقام ،بل يدور األمر بين الوجوب والحرمة تكليفا فقط ،دون
الحلية.
وأما حديث الرفع :فلما تقدم من أن الرفع الظاهري ،إنما هو في قبال الوضع
الظاهري ،وفي مورد يعقل فيه الوضع الظاهري( ،كلما أمكن فيه الوضع
أمكن فيه الرفع).
ولكن :في موارد الدوران بين المحذورين ،ال يعقل الوضع الستحالة
الموافقة والمخالفة الواقعيتين معاً ،وكذا الموافقة والمخالفة االحتماليتين
كما تقدم.
فتحصل :عدم جريان البراءة الشرعية في المقام ،بمالك إثباتي.
ّ
بقي في المقام أمران:
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 1 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
انتهينا عن ذكر األقوال في مسألة أصالة التخيير ،أي مسألة دوران األمر بين
المحذورين ،وتحصلنا على هذه النتيجة أن السيد الخوئي(قده) قد ذهب
واختار جريان البراءتين ،البراءة العقلية قبح عقاب بال بيان ،والبراءة الشرعية
بجريان أدلة البراءة الشرعية وشمولها هذا المقام.
وأما السيد الشهيد الصدر(قده) وشيخنا األستاذ (دام ظله) فقد ذهب إلى
ال كما ذهب إليه المحقق النائيني (قده) ،ثم بقي في المقام أمران:
التخيير عق ً
األمر األول :هل يجري استصحاب عدم التكليف الذي ينتج نتيجة البراءة
في الطرفين ،أوال؟ قوالن:
القول األول :ذهب المحقق النائيني(قده) إلى عدم جريان االستصحاب في
المقام ،بدعوى :أن االستصحاب أصل تنزيلي ،وهو مطعّم بشيء من
األمارية ،وهذا يوجب التعارض بين األصلين وتساقطهما عند العلم
اإلجمالي بالخالف ،بمعنى أنه ال يجري أصالن تنزيليان في طرفي العلم
اإلجمالي ،مع وجود العلم اإلجمالي بالخالف.
القول الثاني :ما ذهب إليه السيد الخوئي(قده) ،حيث قال بجريان
االستصحاب في المقام ،بدعوى :وجوب المقتضي ،وعدم المانع فإنه ال
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 1 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما من يرفض هذا المبنى يصح عنده جريان االستصحاب في محل الكالم
فينتج نتيجة البراءة في المقام وهو الصحيح.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فله تعليقان في المقام:
األول :على ما ذكره الشيخ النائيني(قده) من عدم جريان االستصحاب.
الثاني :على ما ذكره السيد الخوئي(قده) من جريانه.
أما التعليق األول :أننا لو سلمنا أن االستصحاب من األصل المحرز ،ولكن
مع ذلك ال يكون حاله حال األمارات ،وذلك ألن األمارات مثبتاتها حجة،
دون االستصحاب.
وعلى هذا األساس فال تشمل األمارات أطراف العلم اإلجمالي ،لوقوع
المعارضة بينها في أطرافه.
ال :في المقام :إذا قامت األمارة على وجوب الفعل ،فهي تدل بالمطابقة
مث ً
على وجوبه وبااللتزام على نفي حرمته ،ثم إذا قامت أمارة أخرى على
حرمته ،فهي تدل بالمطابقة على حرمته ،وبااللتزام على نفي وجوبه ،ولهذا
تقع المعارضة بين المدلول المطابقي لكل منهما ،مع المدلول االلتزامي
لألخرى ،فتسقطان معاً من جهة المعارضة.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 1 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما االستصحاب :حيث ال يكون مثبتاته حجة ،فال يدل استصحاب عدم
الوجوب على ثبوت الحرمة بااللتزام ،وكذلك العكس ،فإذاً ليس هناك مانع
اال العلم بمخالفة أحدهما االستصحابين للواقع ،وهو ال يمنع من جريان
االستصحاب إذا لم يكن مانع آخر.
وأما التعليق الثاني :على ما ذكره السيد الخوئي(قده) من جريان
االستصحاب في المقام.
وحاصله :أن األصول المؤمنة ،منها :استصحاب عدم التكليف ،إنما تجري
في المسائل التي كون احتمال التكليف فيها منجزاً لو ال جريان األصول
فيها ،فإن جريانها مانع من تنجيزه ،واال فالمقتضي له تام ،وحيث إن احتمال
الوجوب واحتمال الحرمة في المقام ،ال يكون منجزاً ،فال يجري استصحاب
عدم الوجوب ،وعدم الحرمة.
وذلك :ألن هذا االستصحاب ال يكون مؤمناً ،باعتبار أن التأمين ثابت في
المرتبة السابقة على أساس عدم المقتضى للتنجيز ،فال يمكن جريان
االستصحاب مطلقا.
وأما استصحاب أحدهما المعين ،فهو ترجيح من غير مرجح.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 1 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما استصحاب عدم كل منهما في نفسه ،وبقطع النظر عن اآلخر فهو أيضاً
ال يمكن ،لما تقدم وجه ،من عدم التأمين في المسألة.
والخالصة :أن االستصحاب متقوم بأركان ثالثة:
الركن األول :اليقين بحدوث شيء ،أو بعدم حدوثه.
الركن الثاني :الشك في بقائه.
الركن الثالث :ترتب األثر الشرعي عليه في ظرف الشك.
أما الركنان األوالن :فهما متوفران في المقام.
وأما الركن الثالث :فهو غير متوفر فيه ،وذلك :ألن الوجوب المحتمل في
المسألة ،وكذلك الحرمة المحتملة فيها ،غير قابلين للتنجيز ،لكي يترتب
على استصحاب عدم الوجوب ،وعدم الحرمة ،نفي األثر الشرعي القابل
للتنجيز.
فإذاً ال يترتب عليه شيء غير عدم التنجيز بين الفعل والترك ،وهو ثابت
ال ،وتكويناً في المرتبة السابقة ،ولهذا ال تجري االستصحاب في المقام.
عق ً
ثم أضاف (دام ظله) :أن موارد دوران األمر بين المحذورين ،إذا كانت في
واقعة واحدة ،ولم تكن مزية ألحد االحتمالين على اآلخر ،فال تكون
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 1 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ذكرنا بعد االنتهاء من بيان األقوال في المسألة دوران األمر بين المحذورين
أنه بقي أمران :واألمر األول تقدم الكالم فيه ،وهو في جريان االستصحاب
عدم التكليف أو عدم جريانه ،حيث ذهب السيد الخوئي قده إلى جريانه
وايّده على ذلك السيد الشهيد (قده) وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فقد ناقش
في ذلك؛ وقال بعدم جريانه في المقام ،لنكتة ما ،ثم الكالم في األمر الثاني:
في إمكان الترجيح بالمزية ،من قوة االحتمال أو المحتمل ،أو عدمه.
ال أنه بناءاً على ما اخترناه ،من جريان
ذكر السيد الخوئي(قده) تفصي ً
األصول النافية (كالبراءة العقلية ،والشرعية ،واستصحاب عدم الجعل) في
موارد دوران االمر بين المحذورين ،ال فرق بين أن يكون أحد الحكمين
من الوجوب أو الحرمة ،محتمل األهمية ،وعدمه.
ال من الحكمين المجهولين ،مورد ألصالة البراءة،
والوجه في ذلك :ألن ك ً
ومأمون من العقاب على مخالفته ،سواءاً أكان أحدهما على تقدير ثبوته في
الواقع أهم من اآلخر ،أم لم يكن.
وأما بناءاً على كون الحكم في المقام هو (التخيير العقلي) فالمقام يندرج
ٍ
حينئذ فيه هو في كبرى (دوران األمر بين التعيين والتخيير) ،فهل الحكم
(التعيين) أو (التخيير)؟ وجهان بل قوالن:
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 2 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما على القول بجريان مبنى البراءة العقلية) ،وعدم منجزية االحتمال في
نفسه ،وإنما المنجز هو العلم اإلجمالي الذي هو البيان ،فالبد من التفصيل
بين قولين في مسألة تنجيز العلم اإلجمالي.
األول :إن العلم اإلجمالي ال ينجز اال الجامع ،أ ي (الحكم االلزامي) بمعنى
حرمة المخالفة القطعية.
فعلى هذا القول :وال يتنجز اال الجامع ،دون صاحب المزية المحتملة.
الثاني :أن العلم اإلجمالي ينجز الواقع المعلوم باإلجمال ،ويوجب الموافقة
القطعية.
وعلى هذا القول :يمكن دعوى أن الموافقة القطعية إذا استحالت تصل
النوبة الى الموافقة الظنية ،أي االحتمال األقرب إلى الواقع ،فيرجح جانب
الظن واالحتمال من الحكمين ،من جهة المزية ،وقوة االحتمال فيه من
ال تحت التأمين واألصول المؤمنة من
اآلخر ،فيكون األهم احتماالً داخ ً
العقاب.
وعلى ضوء ما ذكرناه :يتضح بطالن قياسين في المقام:
األول :قياس ما نحن فيه بموارد دوران األمر بين التعيين والتخيير ،على
القول بأن األصل هو التعيين بالنسبة إلى القائل (بالتخيير).
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 3 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فإنه قياس مع الفارق وذلك :ألن في مسألة دوران األمر بين التعيين والتخيير،
نعلم اجماالً بأحد وجوبين :إما الوجوب التعييني ،إما الوجوب التخييري،
ٍ
وحينئذ بناءاً على القول بالتعيين يمكن الموافقة القطعية للعلم اإلجمالي ،بأن
نأخذ بجانب التعيين ،ونأتي به وجوباً ،وهذا بخالف العلم اإلجمالي فيما
ال .كما هو واضح.
نحن فيه ،حيث ال يمكن فيه الموافقة القطعية أص ً
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 4 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الظن واالحتمال من الحكمين ،من جهة المزية ،وقوة االحتمال فيه من
ال تحت التأمين واألصول المؤمنة من
اآلخر ،فيكون األهم احتماالً داخ ً
العقاب.
وعلى ضوء ما ذكرناه :يتضح بطالن قياسين في المقام:
األول :قياس ما نحن فيه بموارد دوران األمر بين التعيين والتخيير ،على
القول بأن األصل هو التعيين بالنسبة إلى القائل (بالتخيير).
فإنه قياس مع الفارق وذلك :ألن في مسألة دوران األمر بين التعيين والتخيير،
نعلم اجماالً بأحد وجوبين :إما الوجوب التعييني ،إما الوجوب التخييري،
ٍ
وحينئذ بناءاً على القول بالتعيين يمكن الموافقة القطعية للعلم اإلجمالي ،بأن
نأخذ بجانب التعيين ،ونأتي به وجوباً ،وهذا بخالف العلم اإلجمالي فيما
ال .كما هو واضح.
نحن فيه ،حيث ال يمكن فيه الموافقة القطعية أص ً
الثاني :قياس ما نحن فيه بموارد ترجيح أحد المتزاحمين المحتمل األهمية
على اآلخر.
فهذا أيضاً قياس مع الفارق ،وذلك :ألن في مسالة ترجيح أحد المتزاحمين
ال يكون التمسك بحسب
المحتمل األهمية ،هناك حكمان وجوبيان مث ً
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 4 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الحقيقة ،وبإطالق دليل وجوب األهم ،أو محتمل األهمية حتى حال
االشتغال بالواجب غير األهم ،بخالف العكس (وجوب المهم).
ألن وجوب المهم مقيد بعدم االشتغال باألهم ،أو محتمل األهمية كما هو
مذكور في محله ،بخالف المقام ،حيث نعلم بحكم واحد مردد بين اإللزام
بالفعل ،واإللزام بالترك ،وليس هناك حكمان.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فقد أفاد في المقام ما وصل إليه السيد
الشهيد(قده) بال فرق يذكر ،فال نعيد.
هذا تمام كالمنا في الجهة األولى :وهو :دوران األمر بين المحذورين في
التوصليات ،مع وحدة الواقعة.
الجهة الثانية :في دوران األمر بين المحذورين ،في التعبديات ،مع وحدة
الواقعة ،سواء أكان أحد الحكمين أو كالهما تعبدياً.
مثاله :ما إذا دار األمر بين وجوب الصالة على المرأة ،وحرمتها عليها ،من
جهة احتمال الطهر واحتمال الحيض ،في دم مشكوك ،مع عدم إحراز
أحدهما ولو باالستصحاب ،وبناءاً على حرمة الصالة على الحائض ذاتاً،
بمعنى أن يكون نفس العمل واألفعال المخصوصة ،وهي أولها التكبير،
وآخرها التسليم ،حراماً عليها ،ولو عدم قصد القربة ،وانتسابه إلى المولى.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 4 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ففي مثل ذلك :يمكن المخالفة القطعية ،بإتيان العمل بغير قصد القربة،
وحينئذ ،فإنه على تقدير عدم حيضها (طهرها) فقد تركت الواجب لعدمٍ
القسم الثاني :ما ال يمكن فيه الموافقة القطعية ،وال المخالفة القطعية،
كموارد دوران األمر بين المحذورين ،فيما لم يكن شيء من الحكمين
المحتملين تعبدياً ،بل كانا توصلياً.
مثاله :دوران األمر بين وجوب السفر يوم الجمعة وبين حرمته ،بالنذر المردد
بينهما ،فال يمكن فيه ،ال الموافقة القطعية ،وال المخالفة القطعية ،كما تقدم.
القسم الثالث :ما يمكن فيه المخالفة القطعية ،دون الموافقة القطعية.
مثاله :المرأة المرددة بين الحيض والطهر ،كالمضطربة التي رأت الدم
بصفات الحيض في اليوم األول ،فتعلم اجماالً إما بوجوب الصالة عليها ،لو
كانت طاهرة ،أو بحرمة الصالة عليها ذاتاً ،لو كانت حائضاً.
وكذلك :ما لو علم اجماالً بوجوب أحد الضدين اللذين لهما ثالث في
زمان واحد ،كما لو علم إما بوجوب القيام عليه ،أو بوجوب الجلوس عليه
في صالة مستحبة ،منذورة إما عن قيام ،أو عن جلوس ،فأمكنت المخالفة
القطعية بتركهما معاً ،أو بأن يصلي عن اضطجاع ،وال يمكن له الموافقة
القطعية ،لعدم إمكان الجمع بين الضدين في آن واحد.
القسم الرابع :عكس الثالث ،بإمكان الموافقة القطعية ،دون المخالفة القطعية.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 5 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
القسم الثالث :ما يمكن فيه المخالفة القطعية ،دون الموافقة القطعية.
أما القسم الرابع :عكس الثالث ،بإمكان الموافقة القطعية ،دون المخالفة
القطعية.
مثاله :مالو علم اجماالً بحرمة أحد الضدين اللذين لهما ثالث في وقت
واحد ،كما لو نذر ،إما بترك التدخين قائماً ،أو بتركه جالساً ،فيمكن له
الموافقة القطعية بتركهما معاً ،وال يمكن له المخالفة القطعية ،الستحالة
يدخن قائماً وجالساً
مخالفتهما معاً ،بالجمع بين الضدين في آن واحد ،بأن ّ
في آن واحد ،وكان المنذور هو الترك.
كما أن هذا القسم يجري في جميع موارد الشبهات التحريمية غير
المحصورة ،حيث يمكن فيها الموافقة القطعية بترك جميع األطراف ،وال
يمكن فيها المخالفة القطعية لعدم إمكان ارتكاب جميع األطراف.
ال :لو علم اجماالً بوجود ميتة عند قصابي النجف يوم الثالثاء ،فبإمكانه
مث ً
عدم شراء اللحم يوم الثالثاء فتحصل الموافقة القطعية ،بترك أكل الميتة
ولكن ال يمكن فيها المخالفة القطعية عادة ،لعدم إمكان شراء اللحم من
ألف محل قصابية منتشرة في أنحاء النجف األشرف عادة لتحصل المخالفة
باألكل منها جميعاً.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 5 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
إذا عرفت ذلك :فاعلم أنه ال أثر للعلم اإلجمالي في (القسم الثاني) الذي ال
يمكن فيه الموافقة والمخالفة القطعيتين ،كما هو الحال في دوران األمر بين
والمؤمنة في أطرافه ،على ما
ّ المحذورين ،وفي مثله تجري األصول النافية
تقدم بيانه في الجهة األولى.
وأما غيره من األقسام الثالثة ،فاألصول في أطراف العلم اإلجمالي في
مواردها متعارضة ومتساقطة ،على ما سيجيئ الكالم فيه إن شاء هّال تعالى.
ويترتب على ذلك بتنجيز العلم اإلجمالي من حيث حرمة المخالفة القطعية
ووجوب الموافقة القطعية ،أو من إحدى الجهتين ،دون األخرى كما تقدم
في األقسام الثالثة.
والنتيجة :أنه إذا تساقطت األصول في أطراف العلم اإلجمالي فالحكم
المعلوم باإلجمال يتنجز بالمقدار الممكن ،فإن أمكن المخالفة القطعية
والموافقة القطعية ،فالتنجيز ثابت من الجهتين ،واال ّ فمن إحداهما
وحيث إن الموافقة القطعية غير ممكن ،فال محالة يحكم العقل بالتخيير بين
االتيان بالصالة برجاء المطلوبية ،وبين تركها رأساً ،ألنه مضطرة إلى
أحدهما ال بعينه ،هذا ما ذكره السيد الخوئي(قده) تبعاً للمحقق
الخراساني(قده).
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 5 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
بعد أن ذكر السيد الخوئي(قده) اقسام العلم اإلجمالي في دوران األمر في
التعبديات ،قال أن االقسام األربع ،،السسم األول ،فيما يمن في الموافس،
السطعي ،والمخالف ،قطعي ،،و مثل بالوجوب الصالة والغصب ،السسم الثاني ما
ال يمن في المخالف ،قطعي ،وال المخالف ،السطعي ،،كالدوران األمر بي
المحذوري في التعبديات ،كالمرئ ،التي ال تعلم أن الواجب علي الصالة أو
تحرم عليها الصالة فيما كان شاكاً في طهرها وحيض ها ،أما بالنسب ،الى
السسم الثالث ما يمن في المخالف ،السطعي ،،وال يمن موافس ،السطعي،،
السسم الرابع عنس ذلك ،ففي هذه الصور قال أن م جه ،امنان الموافس،
السطعي ،والمخالف ،السطعي ،قال :ان ال أثر للعلم اجمالي في السسم الثاني ،ألن
في باب دوران األمر بي المحذوري ال يمن العالم اإلجمالي ،فتجري
األصول العملي ،واألصول المؤمن ،ألصال ،البراءة ،أو اصال ،استصحاب عدم
التنليف ،أما في األقسام الثالث ،األخرى ،العسل يحنم بتخيير ،بي اختيار
الموافس ،أو اختيار المخالف ،،وكذلك السيد الشهيد اعترض على ذلك ،أن
العلم اإلجمالي في اقسام الثالث ،يسسط ،فينحل العلم اإلجمالي إلى العلم
التفصيلي والشك بدوي ،بما أن ينون هناك شك في تنليف فيجري البراءة
في المسام.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 8 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أما شيخنا األستاذ (دام ظل ) :فسد أقر ما ذكره السيد الشهيد(قده) في المسام،
وخالف السيد الخوئي(قده) والمحسق النائيني واآلخوند (قدهما) حيث
ذهبوا إلى أن منجزي ،العلم اإلجمالي في المسام بالنسب ،إلى المخالف،
السطعي ،،م باب العلي ،التام ،للتنجيز ،وذهب (دام ظل ) إلى أن العلم
ٍ
مستض للتنجيز مطلسا ،حتى بالنسب ،إلى المخالف ،السطعي ،العملي،، اإلجمالي
وتفصلي في باب العلم اإلجمالي.
ثم إن ما تسدم في كالم السيد الشهيد(قده) وشيخنا األستاذ (دام ظل ) :إنما
كان فيما إذا فرض تساوي طرفي العلم اإلجمالي بالنسب ،إلى الفعل والترك،
وعدم وجود المزي ،في أحد المحذوري .
ال وفرضنا وجود
وأما مع فرض وجود مزي ،ألحد الطرفي احتماالً ،أو محتم ً
المزي ،في جانب التنليف التعبدي وفرضنا أن احتمال (الوجوب) أقوى م
ٍ
فحينئذ ،ال مانع م أن ينون الوجوب المحتمل وجوباً احتمال (الحرم)،
قريباً ،على أساس أن متعلس أرجح م متعلق الحرم ،،وهذا الرجحان ينفي
في اإلتيان ب بسصد السرب.،
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 8 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
المسام الثاني :فيما إذا كانت الواقع ،المشتبه ،متعددة ومتنررة ،وحيث يدور
األمر بي المحذوري مع تعدد الواقع ،،توصليي كانا أو تعبديي ،أو
باالختالف ،وال يختلف الحنم هنا كثيراً بي التوصلي والتعبدي.
وتفصيل :في مباحث العلم اإلجمالي إن شاء هلال تعالى.
ويسع النالم هنا في موردي :المورد األول :ما إذا كان تعدد الواقع ،عرضياً.
المورد الثاني :ما إذا كان تعدد الواقع ،طولياً.
أما النالم في المورد األول :ومثال :ما لو علم إجماالً بصدور حلفي ،أو
نذري ،في يوم واحد ،تعلق أحدهما بفعل شيء (كالصوم) واآلخر تعلق
بترك شيء آخر (كالسفر) واشتب األمران في الخارج ،فيدور األمر في كل
منهما بي الوجوب والحرم ،،فهل :يحنم بالتخيير في كل م الحلفي أو
النذري ؟
فسد يسال :إن الحنم هو التخيير بي الفعل (الصوم) والترك (السفر) في كل
ال منهما م موارد دوران األمر بي المحذوري ،مع
منهما ،بدعوى :أن ك ً
استحال ،الموافس ،والمخالف ،السطعيتي في كل منهما ،فيحنم بالتخيير ،فجاز
اإلتيان بنال األمري (الصوم والسفر) ،كما جاز تركهما معاً ،م جه،
التخيير ،كما جاز االتيان بالفعل في أحدهما ،والترك في اآلخر ،وبالعنس.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 8 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وذكر السيد الخوئي(قده) :أن ما قيل :خالف التحسيق ،وذلك :ألن العلم
اإلجمالي باإللزام المردد بي الوجوب والحرم ،في كل م األمري ،وإن
لم ين ل أثر ،الستحال ،الموافس ،السطعي ،،والمخالف ،السطعي ،في كل منهما
كما ذكر ،اال أن يتولد في المسام علمان اجماليان آخران:
أحدهما :العلم اإلجمالي بوجوب أحد الفعليي ( :الصوم ،أو السفر).
والثاني :العلم اإلجمالي بحرم ،أحدهما.
ال للموافس ،السطعي.،
أما األول :فيستضى االتيان بهما تحصي ً
وأما الثاني يستضي تركهما معاً ،كذلك.
وحيث إن الجمع بي الفعلي والتركي معاً مستحيل ،يسسط العلمان ع
التنجيز بالنسب ،إلى وجوب الموافس ،السطعي ،،ولن يمن مخالفتهما
السطعي ،،بإيجار الفعليي فسط ،أو بتركهما فسط ،فال مانع م تنجيز كل
منهما بالنسب ،إلى حرم ،المخالف ،السطعي ،،فإنها المسدار الممن ،على ما
تسدم بيان .
ال للموافس،
وعلي :فالالزم هو اختيار أحد الفعلي ،وترك اآلخر تحصي ً
االحتمالي ،،وحذراً م المخالف ،السطعي.،
وأما السيد الشهيد(قده) فلم أجد أن تعرض في بحوث إلى هذا المورد.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 8 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما شيخنا األستاذ (دام ظل ) فسد تعرض لهذا المورد في بحوث وتسريرات ،
ولن لم يضف شيئاً على ما ذكره أستاذ (قده).
نعم :أشار (دام ظل ) إلى أن ال مانع م كون العلم اإلجمالي منجزاً لحرم،
المخالف ،السطعي ،،دون وجوب الموافس ،السطعي ،العملي ،،وأن ال مانع م
التبعيض في تنجيزه بأن ينون منجزاً بالنسب ،إلى حرم ،المخالف ،،دون
وجوب الموافس.،
وأما النالم في المورد الثاني :وهو ما لوكان التعدد طولياً.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 9 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في المورد الثاني من موارد دوران األمر بين المحذورين فيما لو
كانت الواقعة متعددة كان مورد األول فيما كان تعدد عرضياً ،في يوم
واحد ،هناك نذر بوجوب الفعل أو بوجوب الترك ،ولكن تردد أنه كان
وجوب الفعل أو كان وجوب الترك ،تقدم الكالم فيه ،ذكر السيد الخوئي
البد من اختيار أحد الفعلين ألجل الحصول على الموافقة االحتمالية،
وحضراً من المخالفة القطعية ،وذكرنا أن السيد الشهيد قده لم يتعرض إلى
هذا البحث ،وشيخنا األستاذ لم يضيف شيئاً على ما ذكره السيد
الخوئي(قده).
وأما الكالم في المورد الثاني :وهو ما لوكان التعدد طولياً.
ومثاله :ما إذا علم المكلف ،بتعلق حلف بإيجاد فعل (كالسفر) في زمان
(كالخميس) وعلم بتعلق حلف آخر بترك فعل (ترك السفر) في زمان آخر
(كالجمعة).
واشتبه عليه الزمانان وهذا من موارد تعدد الواقعة طولياً ففي يوم الخميس
يدور أمر التكليف بين (وجوب السفر) أو حرمته) ،وكذلك يوم الجمعة.
فقد يقال :إن الوظيفة في هذه الصورة هو التخيير بين (الفعل والترك) في
كل من الزمانين ،إذ كل واقعة منهما مستقلة ،دار األمر فيها بين الوجوب
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 9 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
والحرمة ،وال يمكن فيها الموافقة القطعية ،وال المخالفة القطعية ،وال وجه
ال ،وهو
لضم الوقائع بعضها إلى بعض ،بل البد من مالحظة كل منهما مستق ً
ال يقتضي اال التخيير ،فللمكلف اختيار الفعل في كل من الزمانين ،واختيار
الترك في كل منهما واختيار الفعل في أحدهما ،والترك في اآلخر.
ذكر السيد الخوئي(قده):
والتحقيق أن يقال :إن في المقام احتمالين:
األول :ما إذا قلنا بتنجيز العلم اإلجمالي في األمور التدريجية ،كغير ها ،فال
فرق بين الموردين المذكورين؛ أي (التعدد الطولي والعرضي) التحاد
ٍ
حينئذ ،فالبد من االلتزام بتنجيزه بالمقدار الممكن. المالك فيهما
وعليه :فالعلم اإلجمالي منجز بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية ،فالالزم
اختيار الفعل في أحد الزمانين ،واختيار الترك في اآلخر ،حذراً من المخالفة
ال للموافقة االحتمالية .وهذا االحتمال هو األظهر.
القطعية ،وتحصي ً
الثاني :ما إذا قلنا بعدم تنجيز العلم اإلجمالي في التدريجيات ،فيحكم
بالتخيير بين الفعل والترك في كل زمان ،إذ لم يبق سوى العلم اإلجمالي
بالزام المردد بين الوجوب والحرمة ،في كل من الزمانين.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 9 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وقد عرفت أن مثل هذا العلم اإلجمالي ال يوجب التنجيز ،لعدم امكان
الموافقة القطعية ،وال المخالفة القطعية ،فيتخيّر المكلف بين الفعل والترك
في كل من الزمانين ،هذا والراجح هو االحتمال األول ،فال فرق بين
الموردين.
وأما السيد الشهيد(قده) وكذلك شيخنا األستاذ(دام ظله) فقد وافقا ما ذكره
أستاذهما في المقام من لزوم اختيار الفعل في أحد الزمانين ،والترك في
ال للموافقة االحتمالية،
اآلخر ،حذراً من حصول المخالفة القطعية ،وتحصي ً
بعد الفراغ عن منجزية العلم اإلجمالي في األمور التدريجية.
بقي شيء :وهو ما إذا دار األمر بين المحذورين ،مع تعدد الواقعة واحتمل
أهمية أحد الحكمين( ،كالوجوب) فهل يتقدم ما احتمل أهميته؟ فتجب
موافقة القطعية ،وإن استلزم المخالفة القطعية للتكليف اآلخر غير محتمل
األهمية (كالحرمة) أم ال؟ وجهان ،بل قوالن:
قال السيد الخوئي(قده) الصحيح هو الثاني ،أي عدم تقدم محتمل األهمية.
وذلك :ألن الحكمين المردد كل منهما بين الوجوب والحرمة وإن لم يكونا
من قبيل المتعارضين (صل ،وال تصل) إذ ال تنافي بينهما في مقام الجعل
بعد فرض أن متعلق كل منهما غير متعلق اآلخر ،اال أنهما ليسا من قبيل
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 9 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
المتزاحمين ايضاً ،إذا التزاحم بين التكليفين إنما هو فيما إذا كان المكلف
عاجزاً عن امتثال كليهما ،كإنقاذ الغريقين.
والمفروض في المقام قدرته على امتثال كال التكليفين ،غاية األمر كونه
عاجزاً عن إحراز االمتثال فيهما ،لجهله بمتعلق كل منهما ،وعدم تمييزه
الواجب عن الحرام فتنتقل الوظيفة إلى االمتثال االحتمالي ،بإيجاد أحد
الفعلين ،وترك اآلخر.
وعليه :فال وجه إلجراء حكم التزاحم ،وتقديم محتمل األهمية على غيره،
بإيجاد كال الفعلين لو كان محتمل األهمية هو (الوجوب) ،أو ترك كليهما،
لوكان محتمل األهمية هي (الحرمة).
ال:
وأما السيد الشهيد(قده) فقد خالف استاذه واعترض عليه قائ ً
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 10 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في البحث السابق في مسألة إذا دار األمر بين المحذورين ،ومع
تعدد الواقعة ،ولكن احتملنا أهمية أحد الحكمين ،كالوجوب بالصيام أو
الحرمة للسفر ،فمع احتمال أهمية أحد الحكمين هل يتقدم مهتوم األهميته
بحيث نحكم بوجوب الموافقة القطعية للمحتمل األهمية حتى لو استلزم من
جانب آخر ،المخالفة القطعية لتكليف آخر غير محتمل األهمية كما لو
فرضنا أنه هناك حرمة سفر او ال؟
وجهان :بل قوالن ،ذكر قال السيد الخوئي(قده) الصحيح هو الثاني ،أي
عدم تقدم محتمل األهمية.
وذلك :ألن الحكمين المردد كل منهما بين الوجوب والحرمة وإن لم يكونا
من قبيل المتعارضين (صل ،وال تصل) إذ ال تنافي بينهما في مقام الجعل
بعد فرض أن متعلق كل منهما غير متعلق اآلخر ،اال أنهما ليسا من قبيل
المتزاحمين ايضاً ،إذا التزاحم بين التكليفين إنما هو فيما إذا كان المكلف
عاجزاً عن امتثال كليهما ،كإنقاذ الغريقين.
والمفروض في المقام قدرته على امتثال كال التكليفين ،غاية األمر كونه
عاجزاً عن إحراز االمتثال فيهما ،لجهله بمتعلق كل منهما ،وعدم تمييزه
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 10 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فهل يرى العقل تقديم الموافقة القطعية للمهم (المساوقة للمخالفة القطعية
لألهم) .على الموافقة االحتمالية لهما ،أو بالعكس ،أو يحكم بالتخيير في
مقام العمل ،أو غير ذلك.
وتفصيله يأتي في مباحث العلم اإلجمالي.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فقد خالف أستاذه أيضاً.
بتقريب :أنه ال فرق بين أن يكون التزاحم بين التكليفين المعلومين
بالتفصيل ،أو باإلجمال.
غاية األمر التزاحم في الفرض األول إنما هو مرحلة االمتثال ،وفي الفرض
الثاني في مرحلة احراز امتثال ،وحينئ ٍذ فإذا كان أحدهما أهم من اآلخر.
فعلى األول :كان التزاحم بين األهم والمهم امتثاالً.
وعلى الفرض الثاني :كان التزاحم بين إحراز امتثال األهم ،واحراز امتثال
المهم.
وال فرق في حكم العقل بالتقديم لألهم ،أو محتمل األهمية بين الفرض
األول والثاني.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 10 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الجهة الثالثة :في منجزية العلم اإلجمالي بالنسبة إلى وجوب الموافقة
القطعية.
ال أو
الجهة الرابعة :في إمكان جعل الترخيص في أطراف العلم اإلجمالي ك ً
بعضاً ،ثبوتاً واثباتاً.
أما الكالم في الجهة األولى :وقد فسرت حقيقة العلم اإلجمالي بعدة
تفسيرات:
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 12 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في الجهة األولى من الجهات التي أردنا بحثها في مسألة أصالة
االحتياط واالشتغال ،ومورد هذا األصل كما ذكرنا هو الشك في المكلف
به ،وليس في التكليف ،أما الكالم في الجهة األولى وهي في حقيقة العلم
اإلجمالي وذكرنا أن أساطين من العلماء قد فسروا العلم اإلجمالي بتفاسير
متعددة متقاربة ،ولكن هناك بعض االشكال من بعض العلماء على بعض
هذه التفاسير.
التفسير األول :ما ذهب إليه المحقق الخراساني(قده) ،وحاصله :أن العلم
اإلجمالي هو العلم المتعلق بالفرد المردد ،وبما أن الفرد المردد أمر
اعتباري ،فال بأس بتعلقه به ،فحقيقته متقومة بتعلقه بالفرد المعيّن والمحدد.
وفيه :أنه كيف يعقل تعلق العلم بالفرد المردد؟ فإن أراد (قده) منه الفرد
المردد ،الواحد المردد المفهومي ،فهو ليس بمردد بل معين.
التفسير الثاني :ما ذهب إليه المحققين األصفهاني والنائيني والسيد
الخوئي(قدهم).
وحاصله :أن حقيقة العلم اإلجمالي متقومة (بتعلقه بالجامع االنتزاعي) وهو
عنوان (أحدهما) وأما خصوصية الفرد ،فهي خارجة عن متعلقه ،فيكون نسبة
العلم اإلجمالي إلى الجامع االنتزاعي ،كنسبة العلم التفصيلي إلى معلومه
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 12 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
المعيّن ،ألن الجامع كالواقع متعين بحده في عالم الذهن ،وهذه نقطة
اتفاقهما.
واما نقطة الخالف والفرق في المعلوم بالعرض ،وفي مقام التطبيق ،فإنه في
العلم اإلجمالي ،مردد بين فردين أو أفراد في الخارج ،فيكون مبهما
ومجمال في مقام التطبيق الخارجي ،بخالف المعلوم بالعرض في العلم
التفصيلي حيث إنه متعيّن ،فال إبهام فيه ،في هذه المرحلة أيضا ،وهذا ما
يظهر من كالم المحققين النائيني واالصفهاني (قدهما).
وأضاف السيد الخوئي(قده) :أن المعلوم باإلجمال هو الجامع المعلوم
بالذات وال إجمال وال ابهام فيه ،ولكن ال واقع موضوعي له في الخارج،
حتى ينطبق عليه .مثال :إذا علم بنجاسة أحد اإلناءين فالمعلوم باإلجمال هو
نجاسة الجامع ،وهو عنوان (أحدهما) وأما نجاسة هذا اإلناء بالخصوص ،أو
ذاك اإلناء كذلك فهي ليست معلومة باإلجمال ،بل هي مشكوكة ونجاسة
المعلومة باإلجمال ال تنطبق على نجاسة خصوص هذا اإلناء أو ذاك اإلناء،
واال النقلب العلم اإلجمالي علما تفصيليا ،إذ معنى ذلك هو :أن نجاسة هذا
االناء مصداق للمعلوم بالذات بتمام خصوصياته ،وهو كما ترى.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 12 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ثم قال (قده) :لو كان للمعلوم بالذات في عالم الذهن في العلم اإلجمالي
واقع موضوعي في عالم الخارج ،ينطبق عليه ،فما ذا يقال في موارد العلم
اإلجمالي التي ليست فيها واقع معيّن ،حتى في علم هّال تعالى؟
مثاله :ما إذا علم بنجاسة أحد اإلناءين بمالقاة الدم ،وكان في الواقع كال
اإلناءين نجسين بمالقاته.
ففي مثل ذلك :ال يتصور أن يكون للمعلوم باإلجمال تعي ّن في الواقع،
ضرورة أنه ال يمكن أن تكون نجاسة هذا اإلناء خاصة مصداقا للمعلوم
باإلجمال ،أو نجاسة ذلك اإلناء كذلك ،ألن نسبته إلى نجاسة كل منهما
على حد سواء ،وفي مثل ذلك :ال يتصور واقع موضوعي للمعلوم باإلجمال،
وإن قلنا بوجود واقع موضوعي فيما إذا كان أحدهما مالقيا للدم في الواقع
دون اآلخر ،ألنه في مثل ذلك يمكن القول بانطباق المعلوم باإلجمال على
خصوص اإلناء المالقي له ،وأما في مثل المثال المذكور ،فال يتصور ذلك.
فالنتيجة :أن وعاء المعلوم باإلجمال ،إنما هو عالم الذهن ،وال يمكن أن
يتعدى عنه إلى الواقع الخارجي ،وينطبق عليه ،واال كان معنى ذلك انحصار
العلم بالتفصيلي ،وعدم وجود العلم اإلجمالي ،وهذا كما ترى خالف
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 12 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الوجدان والضرورة ،وأما لو قيل :بانطباقه على الواقع المردد ،فقد عرفت أنه
ال وجود له في الخارج حتى ينطبق عليه.
وقد اعترض شيخنا األستاذ (دام ظله) على ما ذكره السيد الخوئي(قده) :من
أن المعلوم باإلجمال هو الجامع المعلوم بالذات ،وال إجمال ،وال إبهام فيه.
ولكن ال واقع موضوعي له خارجا ،إلى آخره.
وحاصل االعتراض :أن ما ذكره السيد األستاذ (قده) من البرهان على عدم
واقع موضوعي ينطبق عليه العلم اإلجمالي إذ لو انطبق على الواقع المعين
في الخارج ،انحصر العلم بالتفصيلي ،ولو انطبق على الواقع المردد ،فهو ال
وجود له في الخارج ،إذ كل ما في الخارج محدد ومعين ،وال ترديد.
فهذا البرهان مبني على أن للمعلوم بالذات في العلم اإلجمالي ،لو كان له
معلوما بالعرض أيضا ،فهو الواقع المعين في الخارج ،ولهذا قال(قده) فما ذا
يقال في الموارد التي ال تعيّن فيها للواقع؟ أي المثال النقضي.
ولكن هذا المبنى خاطئ ،ألن المطابق للمعلوم بالذات في العلم اإلجمالي
ليس هو الواقع المعين ،في الخارج ،ألن المطابق للمعلوم بالذات في العلم
اإلجمالي ليس هو الواقع المعين ،في الخارج ،واال لزم انقالب العلم
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 12 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
اإلجمالي إلى العلم التفصيلي ،بل مطابقه هو واقع الفرد فيه ،وهو مردد بين
هذا ،وذاك.
وعلى هذا فإن كان المعلوم بالعرض في العلم اإلجمالي معينا في الخارج
واقعا ،وغير معين عندنا ،كانت صورة الجامع العرضي ،هو عنوان أحدهما
حيث إنها صورة الفرد في الذهن ،فهي تنطبق على صورة الفرد بحده
الفردي في الخارج ،وهي معينة في الواقع ،ومرددة عندنا ،بين صورة هذا
الفرد خاصة ،وصورة ذاك الفرد كذلك.
وأما إذا لم يكن المعلوم بالعرض في العلم اإلجمالي معينا واقعا في الخارج،
كالمثال النقضي الذي ذكره (قده) فيكون مطابق صورة الجامع في الذهن
التي هي صورة الفرد فيه في مثل هذا المثال ،صورة كل من الفردين في
الخارج على البدل.
والخالصة :أن متعلق العلم اإلجمالي حيث إنه الجامع المنتزع من الفرد في
الخارج فصورته في الذهن هي صورة الفرد ،ولها مطابق في الخارج ،وهو
الفرد الموجود فيه.
وكذلك إذا علم بنجاسة أحد اإلناءين في الخارج ،وكان كال هما نجسين
في الواقع ،إذ ال شك أن المعلوم عنده ،هو نجاسة أحدهما في الخارج وال
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 12 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
يرى العالم بها اال ّ نجاسة فيه ،دون اآلخر ،وحيث إن العلم ال يتعلق بالفرد
في الخارج مباشرة ،فيتعلق به بواسطة صورته في أفق الذهن ،وهو عنوان
أحدهما ،فال مانع من انطباقه على كليهما خارجا.
فالصحيح :أنه ال فرق بين العلم اإلجمالي والتفصيلي ،في وجود المطابق
لهما في الخارج ،فإن صورة المعلوم بالذات في الذهن ،فيهما ،هي نفس
صورة المعلوم بالعرض في الخارج منهما ،ومطابق لهما ،فال فرق بينهما.
التفسير الثالث :ما ذهب إليه المحقق العراقي (قده):
وحاصله :أن العلم اإلجمالي هو ما تعلق بالفرد المعين في الواقع ،ولكن
يفترق عن العلم التفصيلي في نفس العلم ،أي في (المعلوم بالذات) وذكر
(قده) في المقاالت :أنه بلغني عن بعض من يدعى الفضل من أهل العصر
(ولعله قصد المحقق االصفهاني أو النائيني قدهم) أنه قال :ال فرق بين العلم
اإلجمالي والتفصيلي من ناحية نفس العلم ،حيث إن في العلم التفصيلي
يعلم بالواقع ،وفي العلم اإلجمالي يعلم بالجامع ،وإنما الفرق بينهما من
ناحية المعلوم الخارجي.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 12 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ثم قال(قده) :والصحيح :أن العلم سواء أكان إجماليا أو تفصيليا يتعلق
بالواقع ،وينكشف به الواقع ،اال أن الفرق بينهما في نفس العلم واالنكشاف،
أي في المعلوم والمنكشف بالذات.
فتارة يكون االنكشاف ،انكشافا تاما ،وتفصيليا ،واضحا.
وأخرى :يكون االنكشاف انكشافا مجمال وغير واضح و ناقصا.
أي :أن الفرد قد ينكشف بصورته المفصلة ،وقد ينكشف بصورة مشوشة،
وأضاف السيد الشهيد(قده) :فلو أردنا أن نشبه العلم اإلجمالي بحسب ما
يقوله المحقق العراقي(قده) بالحواس الخارجية ،قلنا نفرض أن شخصين
يريان جسما ،أحدهما يراه من قريب ،واآلخر يراه من بعيد ،حيث يراه
شبحا ،ال يدري أنه إنسان ،أو حيوان ،أو شجر ،مثال.
فكل واحد من هذين الشخصين يتعلق احساسه بالواقع المعين الواحد ،لكن
أحدهما له إحساس ،تفصيلي واضح ،واآلخر عنده اإلجمالي ،ومشوش
وغير واضح ،فمثل هذا الفرق الثابت بين اإلحساسين الظاهريين ،نتصوره
بين اإلدراكين الباطنيين ،اللذين هما العلم التفصيلي ،والعلم اإلجمالي.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 12 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ولعل :الدليل والبرهان على مختاره هو :انطباق المعلوم باإلجمال على تمام
ما في الخارج ،مثل انطباق المجمل على المفصل ،والمبهم على المبين،
وليس انطباقه على جزء ما في الخارج ،كانطباق الكلي والجامع على الفرد.
أما السيد الشهيد(قده) فقد ذكر تعليقا:
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 11 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
التفسير األول :ما ذهب إليه المحقق الخراساني(قده) ،وحاصله :أن العلم
اإلجمالي هو العلم المتعلق بالفرد المردد ،وبما أن الفرد المردد أمر
اعتباري ،فال بأس بتعلقه به ،فحقيقته متقومة بتعلقه بالفرد المعيّن والمحدد.
وفيه :أنه كيف يعقل تعلق العلم بالفرد المردد؟ فإن أراد (قده) منه الفرد
المردد ،الواحد المردد المفهومي ،فهو ليس بمردد بل معين.
وإن أراد (قده) منه :واقع الفرد المردد ،ومصداقه ،كما هو الظاهر ،فهذا غير
معقول ،إذ كل ماهية لها تعيّن ما هوي ال محالة ،وما ليس له تعين ما هوي
ليس بماهية ،حتى يتعلق به العلم ،فالفرد المردد ال ماهية له حتى يتعلق به
العلم.
أقول :مقصوده (قده) :هو الفرد المعلوم مفهوماً والمردد مصداقاً وخارجاً.
التفسير الثاني :ما ذهب إليه المحققين األصفهاني والنائيني والسيد
الخوئي(قدهم).
وحاصله :أن حقيقة العلم اإلجمالي متقومة (بتعلقه بالجامع االنتزاعي) وهو
عنوان (أحدهما) وأما خصوصية الفرد ،فهي خارجة عن متعلقه ،فيكون نسبة
العلم اإلجمالي إلى الجامع االنتزاعي ،كنسبة العلم التفصيلي إلى معلومه
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 11 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
المعيّن ،ألن الجامع كالواقع متعين بحده في عالم الذهن ،وهذه نقطة
اتفاقهما.
واما نقطة الخالف والفرق في المعلوم بالعرض ،وفي مقام التطبيق ،فإنه في
العلم اإلجمالي ،مردد بين فردين أو أفراد في الخارج ،فيكون مبهماً
ال في مقام التطبيق الخارجي ،بخالف المعلوم بالعرض في العلم
ومجم ً
التفصيلي حيث إنه متعيّن ،فال إبهام فيه ،في هذه المرحلة أيضاً ،وهذا ما
يظهر من كالم المحققين النائيني واالصفهاني (قدهما).
وأضاف السيد الخوئي(قده) :أن المعلوم باإلجمال هو الجامع المعلوم
بالذات وال إجمال وال ابهام فيه ،ولكن ال واقع موضوعي له في الخارج،
ال :إذا علم بنجاسة أحد اإلناءين فالمعلوم باإلجمال هو
حتى ينطبق عليه .مث ً
نجاسة الجامع ،وهو عنوان (أحدهما) وأما نجاسة هذا اإلناء بالخصوص ،أو
ذاك اإلناء كذلك فهي ليست معلومة باإلجمال ،بل هي مشكوكة ونجاسة
المعلومة باإلجمال ال تنطبق على نجاسة خصوص هذا اإلناء أو ذاك اإلناء،
واال النقلب العلم اإلجمالي علماً تفصيلياً ،إذ معنى ذلك هو :أن نجاسة هذا
االناء مصداق للمعلوم بالذات بتمام خصوصياته ،وهو كما ترى.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 11 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ثم قال (قده) :لو كان للمعلوم بالذات في عالم الذهن في العلم اإلجمالي
واقع موضوعي في عالم الخارج ،ينطبق عليه ،فما ذا يقال في موارد العلم
اإلجمالي التي ليست فيها واقع معيّن ،حتى في علم هّال تعالى؟.
مثاله :ما إذا علم بنجاسة أحد اإلناءين بمالقاة الدم ،وكان في الواقع كال
اإلناءين نجسين بمالقاته.
ففي مثل ذلك :ال يتصور أن يكون للمعلوم باإلجمال تعي ّن في الواقع،
ضرورة أنه ال يمكن أن تكون نجاسة هذا اإلناء خاصة مصداقاً للمعلوم
باإلجمال ،أو نجاسة ذلك اإلناء كذلك ،ألن نسبته إلى نجاسة كل منهما
على حد سواء ،وفي مثل ذلك :ال يتصور واقع موضوعي للمعلوم باإلجمال،
وإن قلنا بوجود واقع موضوعي فيما إذا كان أحدهما مالقياً للدم في الواقع
دون اآلخر ،ألنه في مثل ذلك يمكن القول بانطباق المعلوم باإلجمال على
خصوص اإلناء المالقي له ،وأما في مثل المثال المذكور ،فال يتصور ذلك.
فالنتيجة :أن وعاء المعلوم باإلجمال ،إنما هو عالم الذهن ،وال يمكن أن
يتعدى عنه إلى الواقع الخارجي ،وينطبق عليه ،واال كان معنى ذلك انحصار
العلم بالتفصيلي ،وعدم وجود العلم اإلجمالي ،وهذا كما ترى خالف
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 11 :صفر الخير1442: l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الوجدان والضرورة ،وأما لو قيل :بانطباقه على الواقع المردد ،فقد عرفت أنه
ال وجود له في الخارج حتى ينطبق عليه.
وقد اعترض شيخنا األستاذ (دام ظله) على ما ذكره السيد الخوئي(قده):
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء2 :ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وحاصله :أن حقيقة العلم اإلجمالي متقومة (بتعلقه بالجامع االنتزاعي) وهو
عنوان (أحدهما) وأما خصوصية الفرد ،فهي خارجة عن متعلقه ،فيكون نسبة
العلم اإلجمالي إلى الجامع االنتزاعي ،كنسبة العلم التفصيلي إلى معلومه
المعيّن ،ألن الجامع كالواقع متعين بحده في عالم الذهن ،وهذه نقطة
اتفاقهما.
التفسير الثالث :ما ذهب إليه المحقق العراقي (قده) :وحاصله :أن العلم
اإلجمالي هو ما تعلق بالفرد المعين في الواقع ،ولكن يفترق عن العلم
التفصيلي في نفس العلم ،أي في (المعلوم بالذات) ،أن العلم سواء أكان
إجمالياً أو تفصيلياً يتعلق بالواقع ،وينكشف به الواقع ،اال أن الفرق بينهما في
نفس العلم واالنكشاف ،أي في المعلوم والمنكشف بالذات .فتارة :يكون
االنكشاف ،انكشافاً تاماً ،وتفصيلياً ،واضحاً .وأخرى :يكون االنكشاف
ال وغير واضح و ناقصاً.
انكشافاً مجم ً
أما السيد الشهيد(قده) فقد ذكر تعليقاً على ما تقدم من التفاسير لحقيقة
العلم اإلجمالي وحاصله:
لما كان العلم اإلجمالي أمراً وجدانياً راجعاً إلى وجدان كل أحد ،فلذلك
يحتمل قوياً أن مقصود العلماء ،كالمحقق الخراساني(قده) ،حيث قال :إن
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء2 :ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
القسم الثاني :الصورة التي يخلقها الذهن البشري نفسه ،يبتنها على ما في
ال لإللباس على كل
الخارج ،ويجعلها رمزاً لكل فرد من األفراد ،وثوباً قاب ً
فرد من األفراد ،فليست هذه الصورة قابلة لالنطباق على ما في الخارج
بالمعنى الصادق في القسم األول ،إذ ليست هي في الحقيقة جزءاً مق ّشرا
لكل فرد ومنتزعاً منه ،وموجودة في ضمن كل فرد من األفراد ،وإنما هي
رمز يرمز به الى الفرد الخارج بقشوره ،وهذه الصورة كثيراً ما يخلقها الذهن
البشري ،خصوصاً إذا لم يستطيع أن يسيطر على األفراد ،فينسج صوربنفسه
حتى يرمز بها إلى أي فرد أراد ،وذلك كما في صورة العدم ،حيث إنه ال
معنى إلتيان أفراد العدم من الخارج إلى الذهن ،بعدم وجود ها فيه ،وأي
ويكون منه صورة العدم
ّ يقشره،
شيء يرد إلى الذهن من الخارج لكي ّ
الكلي؟ فلما لم يستطيع الذهن أن يسيطر على األفراد صاغ هذا الرمز ،وهذه
الصورة ،ليرمز به إلى الواقع.
ومثله :صورة الوجود حيث إن أفراد الوجود لم تكن تأتي إلى الذهن
حسب ما يقال :من أن الوجود هو (أنه في األعيان) وهذا المعنى ال يأتي في
الذهن فلما لم يقدر الذهن البشري على السيطرة على أفراده جعل في نفسه
هذا الرمز ،كي يرمز به إلى األفراد.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء2 :ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ومن هذه الصور المصوغة من قبل الذهن البشري عنوان أحدهما ونحوه،
فهو عنوان رمزي ،وليس شيئاً ينطبق على ما في الخارج ،جزءاً من كل فرد،
بل هو رمز لتمام ذاك الفرد بقشوره ،وإذا أردنا أن نشبّهه بشيء في باب
اللغة ،شبهناه بالمشترك اللفظي ،الذي هو رمز لكل واحد من المعاني بتمامه،
ال لخصوص الجزء الجامع بينهما(كالمشترك المعنوي) فهذه الرموز تجعل
من قبل الذهن البشري ،من قبيل جعل األلفاظ رمزاً إلى المعاني اال أنها
ليست بصناعة اللغة ،كما في رمزية األلفاظ ،بل بقوة خاصة في الفهم
البشري ،أو دعها هّال تعالى فيه ،ليدرك بها األشياء.
وفي باب العلم اإلجمالي:
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء3 :ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في تعليق السيد الشهيد(قده) على جميع تفاسير العلم اإلجمالي
الوجداني حيث قال :أن مقصود العلماء يرجع إلى شيء واحد ،واالختالف
من جهة مالحظة كل منهم إلى جهة من جهات المطلب والموضوع ومن
زاويته الخاصة.
والتحقيق :أن الصورة الكلية الحاصلة في الذهن على قسمين:
القسم األول :الصورة الحاصلة من الجزئيات واألفراد الخارجية كاإلنسان
وافراده ،والذهن البشري يقشر األجزاء ،ويطرح مميزاتها ،فتبقى صورة كلية
منتزعة قابلة لالنطباق على كثرين في الخارج( ،الكلي الطبيعي).
القسم الثاني :الصورة الكلية التي يخلقها ذهن البشر نفسه ابتداءا ويلبسها
ال لإللباس
ويركبها على ما في الخارج ،بأن يجعلها رمزاً لكل فرد ،وثوباً قاب ً
على كل فرد بقشوره وخصوصياته ،من دون تقشيره وطرح مميزاته.
وجه الحاجة :أن الذهن البشري إذا لم يستطيع أن يسيطر على األفراد ينسج
ويحوط صورة بنفسه ليرمز بها إلى أي فرد أراد ،مثاله :صورة العدم وصورة
الوجود ومنها عنوان أحدهما ،حيث هو كالمشترك اللفظي(العين) في اللغة
حيث يكون رمزاً لكل واحد من المعاني المختلفة بتمامه ،ال لخصوص
(الجزء الجامع بينهما) كما هو الحال في المشترك المعنوي.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء3 :ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الحد
اإلجمالي إلى العلم التفصيلي ،فألننا ال ندعي كون مصب العلم هو ّ
الشخصي والواقع ،بل مصبّه هو عنوان (أحدهما).
وهذا الذي ذكرناه هو واقع المطلب الذي اختلفت التعابير عنه فيمكن أن
يعبّر عنه بالفرد المردد ،ويمكن أن يعبّر عنه (بالجامع) كما يمكن أن يعبّر
عنه بالواقع ،فإن هذا الرمز بطبيعته له مرونة ،فيمكن أن يرمز به إلى هذا
الفرد ،أو إلى ذاك الفرد ،وفي نفس الوقت ال يمكن أن يرمز به إلى الفردين
معاً بنحو (المجموعية) بل يرمز به إلى كل واحد منهما على سبيل البدل
عيناً ،ألنه أمر اعتباري ،قابل لورود األحوال الكثيرة عليه .هذا.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فقد ناقش ما ذكره المحقق العراقي(قده)
وحاصلها:
أما أوالً :فألن ما ذكره (قده) من أن متعلق العلم اإلجمالي هو (الفر المعيّن
في الواقع) كمتعلق العلم التفصيلي فال يرجع إلى معنى صحيح ،وذلك ألنه
(قده) إن أراد بذلك أن العلم اإلجمالي تعلق بالفرد المعين في الخارج،
مباشرة ،فهذا مستحيل ،ألن العلم اإلجمالي من الصفات النفسانية ،فيستحيل
أن يتعلق بالخارج مباشرة ،بل البد من أن يكون تعلقه به بواسطة مفهوم
ذهني ،وصورة نفسانية ،كما هو واضح.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء3 :ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وإن أراد به :عنوان (أحدهما) فيرد عليه :مضافاً إلى أنه ليس بفرد معين ،بل
هو عنوان جامع مردد بين فردين ،أنه متعيّن في أفق الذهن ،ال في الواقع،
كما هو صريح كالمه (قده).
وأما ثانياً :أن ما ذكره(قده) من أن الفرق بين العلم اإلجمالي والعلم
التفصيلي ،إنما هو في نفس العلم ال في المعلوم فهو غريب جداً ،وذلك:
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 6ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في البحوث السابقة ،في التفاسير التي ذكرها العلماء لحقيقة
العلم اإلجمالي من أن متعلق العلم اإلجمالي هو الفرد المردد ،أو أن متعلق
العلم اإلجمالي هو الجامع الذاتي أو ان المتعلق العلم اإلجمالي هو فرد
المعين في الواقع ،على أقوال ،وغير هذه األقوال ،أما المحقق العراقي(قده)
كان رأي هو تفسير ثالث ،ذكر أن العلم اإلجمالي هو ما تعلق بالفرد معين
في الواقع ،في كالمه(قده) هناك أمور ثالثة :تقدم الكالم فيه.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فقد ناقش ما ذكره المحقق العراقي(قده)
وحاصلها:
أما أوالً :فألن ما ذكره (قده) من أن متعلق العلم اإلجمالي هو (الفر المعيّن
في الواقع) كمتعلق العلم التفصيلي فال يرجع إلى معنى صحيح ،وذلك ألنه
(قده) إن أراد بذلك أن العلم اإلجمالي تعلق بالفرد المعين في الخارج،
مباشرة ،فهذا مستحيل ،ألن العلم اإلجمالي من الصفات النفسانية ،فيستحيل
أن يتعلق بالخارج مباشرة ،بل البد من أن يكون تعلقه به بواسطة مفهوم
ذهني ،وصورة نفسانية ،كما هو واضح.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 6ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وإن أراد به :عنوان (أحدهما) فيرد عليه :مضافاً إلى أنه ليس بفرد معين ،بل
هو عنوان جامع مردد بين فردين ،أنه متعيّن في أفق الذهن ،ال في الواقع،
كما هو صريح كالمه (قده).
وأما ثانياً :أن ما ذكره(قده) من أن الفرق بين العلم اإلجمالي والعلم
التفصيلي ،إنما هو في نفس العلم ال في المعلوم فهو غريب جداً ،وذلك:
ضرورة :أن العلم في طرف النقيض مع الجهل فال يعقل أن يكون نفس
العلم بما هو انكشاف مشوب باإلجمال ،والجهل والترديد ،ألن االجمال في
العلم اإلجمالي ،ليس في المعلوم بالذات الذي هو عبارة عن الصورة العلمية
القائمة بالنفس ،أي عنوان أحدهما ،وال يتصور اإلجمال فيها.
بل االجمال إنما هو في انطباق المعلوم بالذات على المعلوم بالعرض في
الخارج ،باعتبار أنه غير معيّن فيه ،بل مردد بين هذا الفرد وذاك الفرد.
وعلى هذا فلعل مراده(قده) من أن متعلق العلم اإلجمالي هو افراد المعين
في الواقع ثبوتاً ،وإن كان غير معيّن إثباتاً ،ال أنه أراد بالمعيّن في الواقع ثبوتاً
وإثباتاً ،ألنه خالف الضرورة والوجدان.
أقول :نعم ،وهذا هو مقصوده (قده).
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 6ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ومن هنا يظهر :أن مراده (قده) من عدم الفرق بين متعلق العلم اإلجمالي
ومتعلق العلم التفصيلي ،إنما هو في مقام الثبوت والواقع ،وأنه الفرد في
كليهما معاً ،ال أنه ال فرق بينهما حتى في مقام اإلثبات؟
وأما ثالثاً :أن ما ذكره(قده) من أن المتعلق للعلم اإلجمالي ،لو كان هو
(الجامع) فهو ال ينطبق على الفرد في الواقع بح ّده الفردي ،وخصوصياته
وقشوره ،وإنما ينطبق على الحيثية المشتركة بين األفراد ،فهو غير معقول
أيضاً.
إذ فيه :أن ما ذكر يتم في الجامع الذاتي المنتزع من الحيثية المشتركة بين
األفراد ،وال يتم في الجامع العرضي المنتزع من الفردي ،كعنوان المصداق
والفرد والشخص.
ال :إذا علم اإلنسان بنجاسة أحد اإلناءين ،فالمعلوم باإلجمال هو نجاسة
مث ً
أحدهما ،المعين في الواقع ،وفي نفس األمر ،والمجهول عندنا ،ومن هنا
يخترع العقل عنوان أحدهما ويستخدمه لإلشارة إلى ما هو نجس في الواقع،
فيكون المعلوم بالذات عنوان (أحدهما) في عالم الذهن ،ويكون المعلوم
بالعرض هو واقعه في الخارج ،المردد عندنا بين هذا الفرد وذاك.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 6ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فالنتيجة :أن ما ذكره (قده) من الرد على المحققين إنما يتم في الجامع
الذاتي دون العرضي االختراعي.
فالصحيح أن يقال :إن العلم اإلجمالي متعلق بالجامع العرضي االختراعي
بحده
االعتباري ،وهو عنوان (أحدهما) القابل لالنطباق على الفرد الخارجي ّ
الفردي وبخصوصياته ،وإنما اضطررنا إلى اعتبار هذا العنوان في متعلق العلم
اإلجمالي واختراعه بلحاظ عدم تمكن تعلق العلم اإلجمالي بالواقع
تردده بين الفردين عندنا .فالفرق بين العلم
الخارجي مباشرة من جهة ّ
اإلجمالي والتفصيلي ،هو أن متعلق العلم التفصيلي هو صورة الواقع
الخارجي المعيّن ،المتولدة في الذهن ،ومتعلق العلم اإلجمالي هو الصورة
المتولدة والمخترعة من الواقع الخارجي المردد ،والمعبر عنه بالجامع
االختراعي ،فمتعلق العلم التفصيلي صورة الواقع ،ومتعلق العلم اإلجمالي
صورة الجامع وهو عنوان أحدهما .ومن المعلوم أنه ال فرق بينهما من حيث
االنطباق على الفرد بخصوصياته الفردية.
هذا تمام كالمنا في األقوال واالتجاهات ،في تفسير حقيقة العلم اإلجمالي.
أقول :ما ذكره شيخنا األستاذ (دام ظله) تأييداً لكالم السيد الشهيد(قده) تام
ال غبار عليه وهو مقصود المحقق العراقي(قده) أيضاً.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 6ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كما لو حصل له العلم بالحرمة ،بعد ذلك ،من سؤال المعصوم(ع) أو بغيره
من الطرق.
وهذا غاية ما قيل في وجه جواز المخالفة القطعية العملية المذكورة.
فإنه يقال :إن هذا الكالم بعيد عن التحقيق.
وذلك :ألنه ال يعتبر في حكم العقل بقبح مخالفة المولى ،اال وصول
ال ،وهو
التكليف من حيث الكبرى ،وهي علمه بحرمة شرب الخمر مث ً
متحقق.
ومن حيث الصغرى :وهي علمه بتحقق الخمر خارجاً ،وهو حاصل.
ٍ
حينئذ عقاباً بال بيان. وبذلك يتم البيان ،فال يكون العقاب على المخالفة
وأما تردد الخمر بين مائعين أو أكثر ،فال دخل له في موضوع حكم العقل
بقبح المخالفة.
والشاهد على ذلك هو الوجدان ومراجعة العقالء حيث ال يرى فرقاً في
الحكم بالقبح بين ما إذا عرف العبد ابن المولى بشخصه فقتله ،وبين ما إذا
علم به إجماالً بين عدة أشخاص ،فقتلهم جميعاً ،ثم علم ال حقاً بقتله.
وبكلمة :أن المعتبر في حكم العقل بقبح المخالفة للمولى إنما هو وصول
ال.
التكليف ،وأما تمييز المكلف به ،فال دخل له في الحكم المذكور أص ً
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 7ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ولذلك ،ال ريب في حكم العقل بقبح المخالفة ،بارتكاب جميع األطراف
دفعة ،كما إذا نظر إلى امرأتين يعلم بحرمة النظر إلى إحداهما ،مع أن متعلق
التكليف غير مميز .هذا.
وأما السيد الشهيد(قده) فقد أورد على مختار المشهور ،ومنهم المحقق
النائيني ،والسيد الخوئي(قدهما).
وحاصله :أن ما ذكرته مدرسة المحقق النائيني(قده) من علية العلم اإلجمالي
لحرمة المخالفة القطعية؛ ألن في جعل الترخيص الشرعي الظاهري في تمام
أطرافه يكون عصياناً قطعياً للمولى ،وهو قبيح وممتنع على الشارع ،وبذلك
ال ،وتركاً.
تحرم المخالفة القطعية ،بالترخيص لجميع األطراف ،فع ً
ويستبطن دعوى:
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 9ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ويستبطن دعوى :أن حكم العقل بحرمة المخالفة القطعية أي :منجزية العلم
اإلجمالي لها حكم تنجيزي ،ال تعليقي ،واال كان الترخيص الشرعي رافعاً
لموضوع العصيان والقبح.
ومن الواضح أن إثبات التنجيزية في الحكم العقلي البد وأن يكون على
أساس افتراض خصوصية فيه تمنع عن إمكان رفعه من قبل الشارع
بالترخيص ،وهذه الخصوصية يمكن أن تكون أحد األمور التالية بالتحليل.
األول :خصوصية مولوية المولى التي قلنا بأنها ليست مجعولة من قبل
جاعل ،بل هي مولوية ذاتية ،يدركها العقل ،وروحها ومالكها ،كونه سيداً
وله حق الطاعة على عباده.
وهذه الخصوصية ال إشكال في ذاتيتها ،وامتناع ارتفاعها ،على حد ارتفاع
وجوب الوجود عنه تعالى.
اال ّ أن الترخيص الشرعي ليس رفعاً لها ،بل رفع لموردها ،أي :اعمال
للمولوية ،وتقديم جانب األهم من المالكات الواقعية على غيره ،فال يقدح.
الثاني :خصوصية قبح ظلم المولى وهتكه والخروج عن قوانين الرقية
والعبودية ،بالنسبة إليه تعالى ،بالعصيان وعدم الطاعة.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 9ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وهذه الخصوصية أيضاً ذاتية بمعنى أن قبح هتك المولى أمر ذاتي يستقل به
العقل.
اال ّ أن هذا الهتك غير حاصل في المقام ،فإن االرتكاب والمخالفة مستند
إلى الترخيص من قبل المولى نفسه ،وبذلك ال يكون خروجاً على المولى،
بل على العكس يكون انقياداً وموافقة لقرار المولى ،وتشريعه الذي اتخذه
نتيجة المتزاحم بين مالكات التشريع اإللزامية والترخيصية ،في مقام الحفظ.
الثالث :دعوى أن العقل يمنع المولى نفسه من أن يعمل مولويته في مقام
التزاحم الحفظي ،وتقديم جانب المصالح الترخيصية.
ال.
ولكن من الواضح أن هذه الخصوصية ،بل الدعوى غير مقبولة أص ً
وذلك :ألن معنى ذلك هو تضييق وتحديد مولوية المولى ،وعدم احترامها
ال ،والحال أن حرمة المخالفة القطعية العملية ،إنما يكون على أساس
عق ً
ال ،وعدم هتكه في موارد حق الطاعة.
احترام مولوية المولى عق ً
فالنتيجة :أن بهذا التحليل العقلي ظهر أن الحكم العقلي بحرمة المخالفة
القطعية مطلقا إنما هو حكم تعليقي ،ومعلق ومنوط ،بعدم استناد المخالفة
إلى ترخيص الشارع نفسه ،وليس بحكم تنجيزي ،وأما إذا رخص الشارع
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 9ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في الجهة الثانية ،في أن منجزية العلم اإلجمالي لحرمة مخالفة
العملية ،هل يكون على نحو علية التامة أو على نحو االقتضاء ،ذكرنا في
المسألة قوالن:
القول األول اختاره مدرسة المحقق النائيني(قده) حيث ذهبوا إلى أن
منجزية العلم اإلجمالي تكون على نحو علية تامة ،وهذا هو المعروف
والمشهور بين العلماء ،وذكرنا استدالل السيد الخوئي(قده) على المقام ،ثم
تعرضنا وذكرنا إلى رد السيد الشهيد (قده) في البحث السابق.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) افاد في رد مقالة المشهور ومنهم المحقق
النائيني والسيد الخوئي(قدهما) وتأييداً لمقالة المحقق اآلخوند والسيد
الشهيد(قدهما) كالماً؛ وحاصله :أن حكم العقل بقبح معصية المولى
ومخالفته ،ليس حكماً تنجيزياً بل هو حكم معلق على ثبوت موضوعه في
المرتبة السابقة وهو ثبوت حق الطاعة للمولى ،فإذا لم يثبت الموضوع ،لم
يثبت الحكم ،وهذا هو معنى التعليق.
وعليه :فإذا رخص المولى في ارتكاب أطراف العلم اإلجمالي فمعناه عدم
ثبوت حق الطاعة له على العبد في المرتبة السابقة وعندئذ فال حكم للعقل
ال ،سالبة بانتفاء الموضوع ،وهذا هو معنى أن تنجيز العلم
بالقبح أص ً
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 10ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
اإلجمالي لحرمة المخالفة القطعية العملية ،ال يكون بنحو (العلية التامة)
ضرورة أنه معلق على عدم إذن المولى ،وترخيصه في المخالفة.
وأما مع اإلذن والترخيص في المخالفة ،فال يكون في ارتكاب أطراف العلم
اإلجمالي ،مخالفة للمولى ،بل فيه موافقة إلذنه وترخيصه فيه .فإذاً :ينتفي
حكم العقل بالقبح ،بانتفاء موضوعه.
ثم إنه ال فرق بين العلم اإلجمالي والعلم التفصيلي من هذه الناحية ،وهي
تعليقية حكم العقل بقبح المعصية ،وحسن الطاعة.
نعم يفترقان من ناحية أخرى وهي :أنه ال يمكن ردع العالم بالعلم التفصيلي
عن علمه؛ ألن الترخيص بالترك يتجه إلى نفس المعلوم ،مع أن العلم بعدم
الترخيص بالترك (وجوب الفعل) أيضاً متوجه إلى نفس المعلوم ،ولهذا
يكون المورد ،بنظر العالم القاطع ،تهافتاً وتناقضاً.
وأما في العلم اإلجمالي ،فبما ان الترخيص فيه ال يتجه إلى نفس المعلوم،
بل يتجه إلى أطرافه المشكوكة ،فال يكون بنظر العالم تهافتاً فيه ،وال تناقضاً
وهو واضح.
هذا تمام كالمنا في القول األول ،أي كون منجزية العلم اإلجمالي بنحو
العلية التامة وهو المشهور ورده.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 10ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في الجهة الثانية ،في منجزية العلم االجمالي في حرمة مخالفة
القطعية العملية ،وأن هذه المنجزية هل تكون على علية التامة ،كما ذهب
إليه مدرسة المحقق النائيني ،وقد ناقش هذا القول السيد الشهيد(قده)
وشيخنا األستاذ (دام ظله) بما ال مزيد عليه.
القول الثاني :إن منجزية العلم اإلجمالي بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية
العملية ،تكون على نحو االقتضاء ،دون العلية.
وقد اختار هذا القول ،المحقق الخراساني(قده) وتبعه على ذلك السيد
الشهيد(قده) وشيخنا األستاذ (دام ظله) كما ظهر مما تقدم.
وعلى نحو االختصار؛ ذكرنا أن المحقق الخراساني مهد مقدمتين :في
األولى قال :أن موضوع الحكم الظاهري والترخيص الذي هو الشك
والجهل محفوظ في كل طرف من أطراف العلم اإلجمالي بال استثناء،
ولهذا ال مانع من جعله الترخيص في كل طرف من أطرافه من هذه الناحية.
المقدمة الثانية :أن التكليف المعلوم باإلجمال ،حيث إنه غير منكشف تمام
االنكشاف ،فال يكون فعلياً من جميع الجهات ،فإذا لم يكن كذلك فال
مضادة بينه وبين الحكم الظاهري ،ألن المضادة إنما هي بين حكمين
فعليين ،وأما إذا كان أحدهما فعلياً من تمام الجهات واآلخر غير فعلي
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 13ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كذلك ،فال مضادة بينه وبين الحكم الظاهري ،ألن المضادة إنما هي بين
حكمين فعليين ،وأما إذا كان أحدهما فعلياً من تمام الجهات ،واآلخر غير
فعلي كذلك ،فال مضادة بينهما.
فالنتيجة :أنه ال مانع من جعل الحكم الظاهري الترخيصي في أطراف العلم
اإلجمالي ،ألن موضوعه محفوظ في كل طرف من أطرافه ،والمضادة بينه
وبين الحكم الواقعي المعلوم باإلجمال غير موجودة ،حتى تمنع من جعل
الترخيص.
أما السيد الخوئي(قده) :فقد اعترض على مقالة المحقق الخراساني (قده)
وحاصله :أن ما ذكره (قده) هنا مبني على ما ذكره في مسألة الجمع بين
الحكم الظاهري والواقعي ،من أن الحكم الواقعي ليس فعلياً من جميع
الجهات ،مع عدم العلم التفصيلي به ،فال منافاة بينه وبين الحكم الظاهري،
لعدم كونهما في مرتبة واحدة ،فإن الحكم الظاهري فعلي ،والحكم واقعي
ٍ
حينئذ. إنشائي
وعلى هذا األساس التزم في المقام بإمكان جعل الترخيص في أطراف العلم
اإلجمالي بالتكليف االلزامي من الوجوب أو الحرمة ،لعدم المنافاة بين
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 13ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الدليل من اشتراك التكليف بين العالم والجاهل مضافاً إلى ما تقدم من عدم
إمكان أخذ العلم بالحكم في موضوعه.
والحاصل :أن ما ذكره صاحب الكفاية (قده) ال يفيد في الجمع بين الحكم
الواقعي والظاهري ،وال في إثبات إمكان الترخيص في أطراف العلم
ال في فعلية الحكم ،وقد عرفت
اإلجمالي لكونه مبنياً على كون العلم دخي ً
ال.
عدم دخله فيها أص ً
والصحيح :عدم إمكان جعل الترخيص في تمام أطراف العلم اإلجمالي
وقياس المقام بالشبهات البدوية ،والشبهات غير المحصورة مع الفارق،
وتفصيله ،موكول إلى محله .هذا ما ذكره السيد الخوئي(قده).
ثم إن السيد الشهيد(قده) وكذا شيخنا األستاذ(دام ظله) قد اكتفيا في المقام
بما تقدم منهما من المناقشة ألصل ما ذكرته مدرسة المحقق النائيني(قده)
ولم يتعرضا لمنا قشة ما ذكره السيد الخوئي(قده) رداً على المحقق
الخراساني (قده) وسوف يأتي بعض المناقشات في مسألة الجمع بين
الحكم الواقعي والظاهري.
نعم ذكرا بعض االعتراض على استدالل المحقق الخراساني (قده) ولكن
نحيل تفصيل ذلك إلى روايات الالحقة إن شاء هلال تعالى.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 13ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما السيد الخوئي (قده) فقد قيل :إنه يظهر منه تبعاً ألستاذه النائيني(قده)
في أجود التقريرات أن العلم اإلجمالي ال يكون منجزاً لوجوب الموافقة
القطعية العملية.
وقد استدل المحقق النائيني(قده) على ذلك :بأن العلم اإلجمالي إنما يتعلق
بالجامع أي وجوب إحدى صالتين ،إما الظهر أو الجمعة ،وهو الذي تم
عليه البيان...
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 14ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أما الكالم في المورد األول (في أصل تنجيز العلم اإلجمالي لوجوب
الموافقة) المشهور بين األصوليين أن العلم اإلجمالي يكون منجزا لوجوب
الموافقة القطعية العملية ،كتنجيزه لحرمة المخالفة القطعية العملية بال فرق،
وذهب إليه المحقق الخراساني(قده) كما ذهب إليه المحقق النائيني(قده)
في دورته األولى ،على ما في تقريرات المحقق الكاظمي(قده).
وأما السيد الخوئي (قده) فقد قيل :إنه يظهر منه تبعا ألستاذه النائيني(قده)
في أجود التقريرات أن العلم اإلجمالي ال يكون منجزا لوجوب الموافقة
القطعية العملية.
وقد استدل المحقق النائيني(قده) على ذلك :بأن العلم اإلجمالي إنما يتعلق
بالجامع أي وجوب إحدى صالتين ،إما الظهر أو الجمعة ،وهو الذي تم
بحده ال يقتضي الجمع بين األطراف ،بل
عليه البيان فهو المنجز ،فالجامع ّ
يكفي في موافقته تطبيقه على أحد أفراده.
وعليه :فال يقتضي العلم اإلجمالي بنفسه ،وبالمباشرة ،تنجيز وجوب الموافقة
القطعية ،ولزوم االتيان بالصالتين معا.
نعم :إنما تكون منجزية بعد تساقط األصول المؤمنة ،وذلك :ألن هذا العلم
اإلجمالي ،لما كان علة تامة لحرمة المخالفة القطعية ،فال يمكن جعل
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 14ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما الكالم في المقام الثاني :وهو منجزية العلم اإلجمالي لوجوب الموافقة
على مسلك المشهور من (قاعدة قبح العقاب بال بيان).
فنقول :إنه قد ذكرت تقريبات لوجوب الموافقة القطعية العملية على هذا
المسلك.
إما بدعوى :سراية التنجز من الجامع إلى الواقع ،فتجب الموافقة القطعية.
أو بدعوى :كفاية تنجز الجامع ،في إيجاب الموافقة القطعية ،ونشير إلى
بعضها:
التقريب األول :هو ما افاده المحقق العراقي(قده):
وحاصله :أن العلم بالجامع ،وإن لم يسر إلى األفراد ،لعدم العلم باألفراد
ال ،ولكن (التنجز) الذي هو نتيجة العلم بالجامع قائم بالجامع ،وتابع له،
تفصي ً
في قابلية التحرك والسراية إلى ما ينطبق عليه الجامع ،وال يقف على نفس
الجامع.
غاية األمر :لما كان (القطع بالجامع) سبباً لقيام التنجز على موضوعه وهو
الجامع والقطع ال يسرى إلى األفراد ،اال أن مجرد عدم قابلية السبب وهو
(القطع) للسراية إلى األفراد ال يوجب عدم سراية مسببه وهو (التنجز) تبعاً
لموضوعه ،وهو (الجامع) فيسري التنجز إلى األفراد.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 15ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
والخالصة :أن التنجز الذي هو حكم عقل ،يتبع موضوعه في السراية ،وال
يتبع سببه.
وأجاب عنه السيد الشهيد(قده):
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 16ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ال،
المقدمة الثانية :أن المخالفة االحتمالية للتكليف المنجز ،غير جائزة عق ً
ألنها مساوقة الحتمال المعصية.
فالنتيجة :حيث إن الجامع منجز بالعلم اإلجمالي ،فال تجوز مخالفته
االحتمالية.
والتقريب الفني لذلك:
الصغرى :ترك الموافقة القطعية ،بمخالفة أحد الطرفين يعتبر مخالفة احتمالية
للجامع المنجز.
ال.
الكبرى :المخالفة االحتمالية للتكليف المنجز ،غير جائز ،عق ً
ال ،فتجب الموافقة القطعية.
النتيجة :ترك الموافقة القطعية غير جائز عق ً
والجواب عن ذلك :أننا نمنع المقدمة األولى (الصغرى).
فيقال :بأن الجامع إذا لو حظ فيه مقدار الجامع بحده ،بما هو جامع
(أحدهما) فقط ،لم تكن مخالفة أحد الطرفين ،مع موافقة الطرف اآلخر،
مخالفة احتمالية له ،ألن الجامع بحده ال يقتضي أكثر من التطبيق على أحد
الفردين ،والمفروض أن العلم اإلجمالي منصب على الجامع بحده ،وأن
ٍ
حينئذ. ال
التنجز تابع لمقدار العلم ،فال مخالفة احتمالية للمقدار المنجز أص ً
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 16ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في المورد األول ما تقدم وكان في بيان منجزية العلم اإلجمالي
لوجوب الموافقة القطعية العملية ،على مسلك المشهور ،أي على قاعدة
العقاب بال بيان ،وذكرنا أن في هذا المورد أو في خصوص المنجزية على
هذا المسلك هناك تقريبات:
التقريب األول كان للمحقق العراقي (قده) وخالصة هذا التقريب :هو أن
العلم اإلجمالي بالجامع منجز للجامع ،وكل ما هو منجز للجامع يكون منجزاً
لألفراد ،فالعلم اإلجمالي والقطع ،ليس قطعاً لألفراد ،وإنما تكون منجزية
هي التي تسري إلى األفراد ،فتجب الموافقة القطعية ،وذكرنا وجه االكشكال
في هذا التقريب.
التقريب الثاني كان للمحقق االصفهاني(قده) حيث ذكر صغرى وكبرى،
حيث قال:
الصغرى :ترك الموافقة القطعية ،بمخالفة أحد الطرفين يعتبر مخالفة احتمالية
للجامع المنجز.
ال.
الكبرى :المخالفة االحتمالية للتكليف المنجز ،غير جائز ،عق ً
ال ،فتجب الموافقة القطعية.
النتيجة :ترك الموافقة القطعية غير جائز عق ً
وتقدم المناقشة فيه.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 20ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فالنتيجة :أن بهذا القياس المركب ثبت وجوب الموافقة القطعية ،ولكن
بواسطة احتمال التكليف ،المساوق الحتمال العقاب عند ترك كل طرف،
فالعلم اإلجمالي بالجامع ،يقتضي وجوب الموافقة القطعية العملية.
والجواب عنه أوالً :أن هذا التقريب يثبت تنجز الواقع ،ووجوب الموافقة
القطعية باالحتمال ،ال بالعلم اإلجمالي ،فهو خارج عن محل الكالم.
وثانياً :ما هو المقصود من تعارض األصول المؤمنة ،وتساقطها؟
فإن كان المقصود بها (البراءة العقلية) المبنية على (قاعدة قبح العقاب بال
بيان) بمعنى أن جريانها في جميع األطراف غير ممكن ،ألنه يؤدي إلى
المخالفة القطعية المحرمة.
وأما بعض األطراف خاصة ،فال تجري (البراءة العقلية) من جهة (قبح
الترجيح بال مرجح).
ففيه :أن ما ذكره غير صحيح ،ألن قاعدة البراءة العقلية ،تجري ابتداءاً فيما
زاد على الجامع المعلوم باإلجمال ،واحداً كان الزائد أو أكثر ،ألننا إذا علمنا
ال من الوجوبين بخصوصه
اجماالً بوجوب (الظهر أو الجمعة) يكون ك ً
مورداً للبراءة العقلية في حد نفسه.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 20ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ففي نهاية المطاف :اتضح أنه على مسلك (قاعدة قبح العقاب بال بيان ،ال
يمكن تبرير وجوب الموافقة القطعية العملية للعلم اإلجمالي و تنجيزه له.
وهذا بنفسه ،مع كل كلماتهم إنما نشأ من جهة قاعدة القبح ،حيث إن
مقتضاها جواز ارتكاب أحد طرفي العلم اإلجمالي ،مع أن الوجدان يدل
على لزوم الموافقة القطعية عندما يعلم اجماالً بحكم من قبل المولى،
ولذلك وقعوا في حيرة من أمرهم ،من جهة تعارض الوجدان ،مع مقتضى
القاعدة.
والجدير لهم التنازل عن هذه القاعدة ،أو على األقل تخصيصها بما ال يشمل
فرض العلم االجمالي ،حتى يستريحون من هذه اإلكشكاالت المحرجة
الجائية من قبل هذه القاعدة المقدسة عندهم.
تحصل من جميع ما تقدم في المورد األول :اتفاق األعالم الثالثة في النتيجة
على أن العلم اإلجمالي يكون منجزاً لوجوب الموافقة القطعية العملية ،ولو
بالواسطة أو باألولوية القطعية.
وأما الكالم في المورد الثاني :وهو بعد الفراغ عن منجزية العلم اإلجمالي
لوجوب الموافقة القطعية العملية.
فهل يكون (التنجيز) بنحو (االقتضاء) او بنحو (العلية التامة).
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 21ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في الجهة الثانية من الجهات التي أردنا ان نبحث فيها في
منجزية علم اإلجمالي ،في الجهة األولى تكلمنا عن حقيقة العلم اإلجمالي،
في الجهة الثانية تكلمنا عن منجزية العلم اإلجمالي لحرمة المخالفة ،و في
الجهة الثالثة تكلمنا في منجزية العلم اإلجمالي لوجوب الموافقة ،وذكرنا
أنه يقع الكالم في هذه الجهة في الموردين؛ المورد األول :في أصل منجزية
العلم اإلجمالي لوجوب الموافقة القطعية العملية ،وقد ثبتت هذه المنجزية
بال إشكال ،وقد ذكرنا اتفاق األعالم الثالثة في النتيجة ،على أن العلم
اإلجمالي يكون منجزاً لوجوب الموافقة القطعية العملية ،سواءاً أكان
بالمباشرة ،أو كان بالواسطة.
وأما الكالم في المورد الثاني :وهو بعد الفراغ عن منجزية العلم اإلجمالي
لوجوب الموافقة القطعية العملية ،فهل يكون (التنجيز) بنحو (االقتضاء) او
بنحو (العلية التامة) .ال يخفى :أن الحكم في المقام أيضاً يختلف باختالف
المباني والمسالك في منجزية العلم اإلجمالي لحرمة المخالفة القطعية
العملية.
أما بناءاً على ما ذهب إليه السيد الشهيد(قده) وكذلك شيخنا األستاذ (دام
ظله)من أن تنجيز العلم اإلجمالي لحرمة المخالفة القطعية العملية يكون
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 21ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
بنحو االقتضاء ،دون العلية التامة ،فال مجال لهذا البحث ،وذلك :لوضوح أن
تنجيز العلم اإلجمالي لحرمة المخالفة القطعية ،إذا كان بنحو االقتضاء فال
يحتمل أن يكون تنجيزه لوجوب الموافقة القطعية العملية بنحو العلية التامة،
ألن الحاكم في باب التنجيز هو العقل ،فإن العقل كما يحكم بقبح مخالفة
المولى على أساس أنها معصية وظلم له ،كذلك يحكم بحسن الموافقة
ال بالوظيفة.
والطاعة ،أداءاً لحق المولوية ،وعم ً
وعليه :فإذا كان حكم العقل بقبح المخالفة حكماً تعليقياً أي معلقا على عدم
صدور الترخيص من قبل المولى فيها ،فال يعقل أن يكون حكمه بوجوب
الموافقة (حكماً تنجيزياً) ،وغير معلق على شيء ،بحيث ليس بإمكان
الشارع الترخيص في تركها ،وهذا كما ترى.
مع أن الزم القول بكون تنجيزه لوجوب الموافقة القطعية ،على نحو العلية
ال عن المخالفة القطعية ،وهذا مما
التامة ،هو حرمة المخالفة االحتمالية ،فض ً
ال يلتزم به القائل ،بحرمة المخالفة القطعية على نحو االقتضاء (أي الشهيد
واألستاذ).
وذلك :ألنه كيف يمكن تعلق افتراض وجود مانع عن تنجيزه لحرمة
المخالفة القطعية ،ليكون على نحو االقتضاء ،وعدم افتراض وجود مانع عن
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 21ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
تنجيزه ،لوجوب الموافقة القطعية ،فيكون على نحو العلية التامة؟ فالفرق
تحكم.
مع أن وجوب الموافقة القطعية ،على نحو العلية ،مالزم لحرمة المخالفة
االحتمالية ،على نحو العلية ،وال يلتزم به القائل بهذا المبنى ،إذاً فال يعقل أن
يكون العلم اإلجمالي علة تام ًة لتنجيز وجوب الموافقة القطعية ،دون حرمة
ال عن المخالفة القطعية العملية.
المخالفة االحتمالية ،التي هي مالزمة له ،فض ً
أقول :ذهاب المحقق الخراساني(قده) إلى االقتضاء في حرمة المخالفة
وإلى العلية التامة في وجوب الموافقة ،يبطل الدعوى المذكورة ،كما
سيأتي.
وأما بناءاً على مسلك المشهور :من تنجيز العلم اإلجمالي لحرمة المخالفة
القطعية بنحو العلية التامة ،فللبحث فيه مجال واسع.
اعلم :أن المشهور قد اختلف في المقام على قولين :القول األول :كون
تنجيزه له لوجوب الموافقة بنحو االقتضاء .القول الثاني :كون تنجيزه له
بنحو العلية التامة.
أما القول األول :فقد اختاره السيد الخوئي تبعاً للمحق النائيني(قدهما) وقد
أفاد السيد الخوئي(قده) في وجه ذلك :بأن تنجيز العلم اإلجمالي لوجوب
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 21ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الموافقة القطعية العملية ،معلق على عدم جريان األصول المؤمنة في أطرافه،
وتساقطها بالمعارضة.
أما إذا أمكن جريان األصل المؤمن في بعض أطرافه بال معارض ،فال يكون
ٍ
حينئذ بحكم الشارع إلى علم تفصيلي العلم اإلجمالي منجزاً ،بل هو ينحل
وشك بدوي ،فال أثر له ،هذا كله في مقام الثبوت.
أما في المقام االثبات :فحيث إن األصول المؤمنة ال تجري في جميع
أطراف العلم اإلجمالي الستلزامه محذور (المخالفة القطعية العملية) وهي ال
تجوز ،وأما جريانها في بعض األطراف دون بعضها اآلخر ،فيستلزم منه
محذور( ،الترجيح من غير مرجح) وهو قبيح.
إذاً فستقط األصول المؤمنة جمعاً ،عن أطراف العلم اإلجمالي ،وال تجري
ٍ
وحينئذ يكون العلم اإلجمالي منجزاً لوجوب الموافقة ال وال بعضا،
فيها ال ك ً
القطعية ،ال بالمباشرة ،بل بواسطة احتمال وجود التكليف في كل طرف من
أطرافه ،باعتبار أن متعلق العلم اإلجمالي مباشرة هو الجامع ،فيكون منجزاً له
كذلك ،أي مباشرة.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 21ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ال بـ السيد
كان كالمنا في ما ذكره مدرسة المحقق النائيني متمث ً
الخوئي(قده) تبعاً ألستاذه حيث قال أن تنجيز لعلم اإلجمالي لوجوب
الموافقة القطعية العملية أن هذا التنجيز يكون على نحو االقتضاء ،وتقدم ما
ذكره في ذلك من التفصيل.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) :فقد ناقش مقالة السيد الخوئي (قده) في
المقام بوجهين:
الوجه األول :اشكال مبنائي على مختار السيد الخوئي(قده) تبعاً للمحققين
النائيني واالصفهاني(قدهما) من كون متعلق العلم اإلجمالي هو (الجامع
بحده الجامعي).
وحاصل االشكال :أنه ال شبهة في أن متعلق التكليف في موارد العلم
اإلجمالي هو (الفرد بحده الفردي) دون (الجامع بحده الجامعي) وذلك:
ألن المكلف إذا علم بوجوب احدى صالتين في يوم الجمعة ،فال محالة
يكون معلق الوجوب في الواقع إما خصوص صالة الظهر ،بحدها الخاص،
واسمها المخصوص أو (خصوص صالة الجمعة) كذلك ،فال يحتمل أن
يكون متعلق الوجوب المعلوم باإلجمال ،هو الجامع بينهما ،وهو عنوان
(إحداهما) ألنه مأخوذ لإلشارة إلى ما هو متعلق التكليف في الواقع ،حيث
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 22ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ومتناقضة ،بأن يحكم بقبح شيء ،وفي نفس الوقت يحكم بحسنه ،لتوقف
حكمه على إحراز المالك.
وكذلك :ال يعقل التعارض بين األحكام الشرعية الواقعية ،بمالها من
المالكات الواقعية ،والمبادئ ،في مقام الثبوت والواقع ،كاألحكام العقلية.
نعم :يمكن تصور التعارض في مقام االثبات ،بين األدلة الشرعية الظنية
المعتبرة ،دون القطعية ،وتمام الكالم في مبحث التعادل والترجيح.
وعليه :فحيث إن موضوع قاعدة (قبح العقاب بال بيان) موجود في كل
طرف ،وهو (عدم البيان) فال مانع من جريانها فيه بدون معارضة.
وأما العلم اإلجمالي :فال يكون مانعاً اال عن جريانها في الجامع ،باعتبار أنه
مورد البيان والعلم ،دون كل طرف من أطرافه ،فإذاً التكليف المتعلق
بالجامع حيث إنه معلوم ومنجز ،فهو خارج عن مورد القاعدة ،تخصصاً،
وموضوعاً.
وأما تعلقه بكل طرف من أطرافه فحيث إنه مشكوك فيه ،فال مانع من جريان
القاعدة فيه ،وتكون القاعدة مؤمنة من احتمال العقاب.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 22ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
نعم :القاعدة ال تؤمن من العقاب على الجامع المعلوم ،ألنه خارج عن
موضوعها كما ذكرنا ،فالعلم بوجوب الجامع ،يقتضي االتيان به ،اال أنه
يكفي في إتيان الجامع ،اإلتيان بأحد فرديه ،أو أفراده.
ونتيجة ذلك هي أن العلم اإلجمالي ال يقتضي وجوب الموافقة القطعية،
لوجود مانع عنه ،وهو (قاعدة قبح العقاب بال بيان) وإنما يقتضي وجوب
الموافقة الجامع ،ويكفي فيها تطبيقه على أي طرف شاء أو أراد ،وهذا ال
يمنع من جريان القاعدة في كل طرف من أطرافه ،وعليه فال بد من
التفكيك بين الوجوب من حيث تعلقه بالجامع ،وبينه من حيث تعلقه بكل
بحده الخاص ،فالعلم اإلجمالي يتنجز التكليف والوجوب من حيث
طرف ّ
تعلقه بالجامع ،ولكنه ال يكون منجزاً من حيث تعلقه بالفرد بحده الفردي.
ومن هنا فالمكلف ال يعاقب على ترك كل طرف من أطرافه في نفسه ،وهذا
ال ينافي معاقبته على ترك الجامع المنجز ،إذ هو ملزم في تطبيق الجامع على
األطراف مخيراً ،وغير ملزم بتطبيقه على طرف معيّن لعدم الترجيح.
أما القسم الثاني :وهو األصول المؤمنة الشرعية ،فإن تساقطها في أطراف
العلم اإلجمالي بالتعارض ،يبتنى على مقدمتين:
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 22ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
المقدمة األولى :أن تكون خصوصية كون العلم اإلجمالي متعلقاً بالفرد
بحده الفردي مجهولة ،ومشكوكة لتكون مشمولة لقاعدة (التأمين) الشرعية.
ّ
المقدمة الثانية :أن يكون ألدلة األصول المؤمنة إطالق يشمل جميع أطراف
العلم اإلجمالي.
فمع توفر المقدمتين تجري األصول المؤمنة في األطراف لتحقق موضوعها،
ولكن جريانها في جميع األطراف يستلزم المخالفة القطعية العملية،
فتتعارض وتتساقط ،فيكون العلم اإلجمالي منجزاً لوجوب الموافقة القطعية
العملية .ولكن كلتا المقدمتين غير تامة.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 23ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في مناقشة شيخنا األستاذ (دام ظله) لمقالة السيد الخوئي(قده)
القائل بأن تنجيز العلم اإلجمالي لوجوب الموافقة القطعية العملية إنما يكون
بنحو االقتضاء ،فناقش واعترض على مطلبين:
اإلشكال األول كان اشكاالً مبنائيا حيث ان المبنى السيد الخوئي (قده) تبعاً
للنائيني واالصفهاني (قدهما) أن متعلق العلم اإلجمالي جامع بحده
الجامعي ،وقال أن هذا غير صحيح ،بل المتعلق هو الفرد ،بحده الفردي،
يعني إما خصوص صالة الجمعة ،أو خصوص صالة الظهر الفرد بحده
الفردي ،تقدم الكالم فيه.
أما الوجه الثاني :ما ذكره السيد الخوئي الوجه الثاني :أن دعوى :عدم
جريان األصول المؤمنة مطلقا في أطراف المعلوم باإلجمال.
مدفوعة :وذلك :ألن األصول المؤمنة على قسمين :القسم األول :األصول
المؤمنة العقلية ،كقاعدة قبح القعاب بال بيان.
القسم الثاني :األصول المؤمنة الشرعية ،كأصالة البراءة ،واستصحاب عدم
التكليف.
أما القسم األول :فال يتصور فيه التعارض؛ وذلك :لكون األحكام العقلية،
أحكام واقعية ثبوتية ،وتابعة لموضوعاتها .تقدم الكالم فيه.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 23ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أما القسم الثاني :وهو األصول المؤمنة الشرعية ،فإن تساقطها في أطراف
العلم اإلجمالي بالتعارض ،يبتنى على مقدمتين:
المقدمة األولى :أن تكون خصوصية كون العلم اإلجمالي متعلقاً بالفرد
بحده الفردي مجهولة ،ومشكوكة لتكون مشمولة لقاعدة (التأمين) الشرعية.
ّ
المقدمة الثانية :أن يكون ألدلة األصول المؤمنة إطالق يشمل جميع أطراف
العلم اإلجمالي.
فمع توفر المقدمتين تجري األصول المؤمنة في األطراف لتحقق موضوعها،
ولكن جريانها في جميع األطراف يستلزم المخالفة القطعية العملية،
فتتعارض وتتساقط ،فيكون العلم اإلجمالي منجزاً لوجوب الموافقة القطعية
العملية .ولكن كلتا المقدمتين غير تامة.
أما المقدمة األولى :فلما تقدم من أن الجامع في المقام عرضي ،وباختراع
من العقل ،وأخذه في متعلق العلم اإلجمالي إنما هو لإلشارة إلى ما هو
متعلق التكليف في الواقع ،بإشارة مبهمة ترددية ،على أساس أن العلم ال
يمكن أن يشار به إلى الواقع مباشرة ،فالبد أن يكون بواسطة مفهوم ذهني
مشير إليه ،ومن هنا كان أخذه لمجرد اإلشارة إلى الواقع ،واال فال موضوعية
ال كما تقدم.
له أص ً
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 23ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما المقدمة الثانية :فقد تقدم أنه ال إطالق ألدلة األصول المؤمنة الشرعية،
كحديث الرفع ،لشمول األطراف المعلوم باإلجمال ،وذلك :ألن المتبادر
والمنسبق منها أدلة األصول بمناسبة الحكم والموضوع االرتكازية،
اختصاصها بالشبهات البدوية ،وانصرافها عن الشبهات المقرونة بالعلم
اإلجمالي كالمقام.
وعلى هذا :فاألصول المؤمنة الشرعية وإن كانت غير مانعة عن تنجيز العلم
اإلجمالي لوجوب الموافقة القطعية ،اال أن األصول المؤمنة العقلية ،تكون
مانعة عن تنجيزه.
فالنتيجة :أن العلم اإلجمالي ،على مسلك السيد الخوئي(قده) :ال يكون
منجزاً لوجوب الموافقة القطعية ،ألنه منجز للتكليف المتعلق بالجامع بحده
الجامعي.
وأما احتماله في كل طرف ،إنما يكون منجزاً شريطة عدم وجود األصل
المؤمن فيه ،والمفروض أنه موجود ،وهو أصالة البراءة العقلية ،فما ذكره
(قده) غير تام.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 23ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما القول الثاني :على ضوء مسلك المشهور هو كون العلم اإلجمالي علة
تامة لتنجيز وجوب الموافقة القطعية العملية ،وقد وجه هذا القول كل من
المحقق الخراساني واالصفهاني والعراقي (قدهم).
وأما المحقق الخراساني(قده) :فقد ذكر أن تنجيز العلم اإلجمالي لوجوب
الموافقة القطعية ،بنحو العلة التامة ،مبني على فعلية الحكم الواقعي من جميع
الجهات.
إذ معها ال يمكن جعل الحكم الترخيصي في أطراف العلم اإلجمالي (ال
ال) الستلزامه القطع باجتماع حكمين متضادين فعليين في شيء واحد
ك ً
وهو مستحيل.
وال بعضاً الستلزامه احتمال اجتماع الضدين ،وهو مستحيل ،كالقطع
باجتماعهما.
ومن هنا يكون العلم اإلجمالي (علة تامة) للتنجيز بالنسبة إلى وجوب
الموافقة القطعية العملية.
وأجاب عنه شيخنا األستاذ (دام ظله) :أنه قد تقدم في مبحث الجمع بين
الحكم الظاهري والحكم الواقعي ،أن األحكام الظاهرية بكال قسميه ،من
اإللزامية الطريقية والترخيصية ،ال تنافي األحكام الواقعية ،ال في مرحلة
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 23ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
المبادئ والمالكات ،وال في مرحلة الجعل ،وال في مرحلة االمتثال ،كما هو
واضح.
هذا إضافة إلى أن ما ذكره (قده) من أن الحكم تارة يكون فعلياً من جميع
الجهات ،وأخرى من بعض الجهات ،ال يرجع إلى معنى محصل ،وقد تقدم
تفصيله هناك ،فراجع.
وأما المحقق االصفهاني (قده) :فقد أفاد في وجه كون تنجيز العلم
اإلجمالي لوجوب الموافقة القطعية العملية ،على نحو العلية التامة ،ما
حاصله:
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 24ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ألنها ال تدفع العقاب عليه ،بل الدليل الدال على تنجيزه في المرتبة السابقة،
وارد عليها.
وأما األصول المؤمنة الشرعية فال تشمل المقام ،ألن موردها التكليف
المشكوك بدواً الذي ال يكون منجزاً بمنجز آخر عند االحتمال ،والفرض
ثبوت التنجيز هنا بالعلم اإلجمالي والشبهة مقرونة بالعلم اإلجمالي.
وأجاب شيخنا األستاذ (دام ظله) :أن ما ذكره االصفهاني (قده) قابل
للمناقشة :وذلك :فإن تنجيز التكليف بالعلم اإلجمالي إنما هو بالمقدار الذي
تعلق به العلم اإلجمالي ،وهو التكليف المتعلق بالجامع بحده الجامعي ،وأما
تعلق التكليف بالفرد بحده الفردي ،فهو مشكوك وغير معلوم.
وعليه :فال يكون منجزاً للتكليف من حيث تعلقه بالفرد.
ونتيجة ذلك :عدم وجوب الموافقة القطعية ،وجواز االكتفاء بالموافقة
االحتمالية ،باعتبار أن تنجز الجامع ووجوبه ال يقتضي اال االتيان بالجامع في
الخارج ،ويكفي فيه إتيانه بأحد فرديه ،أو أفراده.
والحاصل :أن ما ذهب إليه المحقق االصفهاني (قده) من وجوب الموافقة
القطعية على نحو العلية التامة ،ال يتم في نفسه.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 24ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما المحقق العراقي(قده) فقد افاد في وجه كون العلم اإلجمالي علة تامة
لوجوب الموافقة القطعية؛ ألن التكليف المتعلق بالفرد هو متعلق العلم
اإلجمالي مباشرة ،فيكون منجزاً ال محالة ،وال يمكن فرض (وجود المانع
فيه).
ولهذا ال فرق من هذه الناحية بينه ،وبين العلم التفصيلي ،ومن هنا يكون
التكليف المحتمل في كل طرف خارجاً من موضوع األصول المؤمنة
العقلية ،تخصصاً وموضوعاً ،لقيام البيان على التكليف المحتمل في كل
طرف ،وهذا البيان هو العلم اإلجمالي.
وأما األصول المؤمنة الشرعية ،فلما كان موضوعها (احتمال ثبوت التكليف
في الواقع ،وعدم كونه منجزاً بمنجز في المرتبة السابقة ،فهي ال تجري في
المقام ،لفرض تنجز التكليف بالعلم اإلجمالي في المرتبة السابقة ،فال
موضوع لها أيضاً.
ومن هنا قلنا :بأن تنجز وجوب الموافقة القطعية ،إنما يكون بنحو العلية
التامة ،وذلك لعدم إمكان فرض وجود المانع عنه.
وقد أجاب عنه شيخنا األستاذ(دام ظله) بما حاصله:
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 24ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أوالً :جواب مبنائي وهو أن متعلق العلم اإلجمالي ليس هو الفرد المعين في
الواقع ،لوضوح أن متعلقه (الجامع العرضي) الستحالة تعلق العلم بالواقع
مباشرة ،اال بواسطة صورة ذهنية ،وهي صورة (الجامع العرضي).
وفي المقام هو عنوان (إحداهما) بخالف العلم التفصيلي حيث الصورة
الذهنية ال ترديد في انطباقها على الخارج ،ومن هنا ال يمكن قياس العلم
اإلجمالي بالعلم التفصيلي ،إذ يمكن القول بأن العلم التفصيلي (علة تامة)
لوجوب الموافقة القطعية العملية ،بخالف العلم اإلجمالي.
ثانياً :مع اإلغماض عن ذلك وتسليم أن متعلق العلم اإلجمالي هو الفرد
المعين ،اال ّ أنا ذكرنا في غير مورد ،من أن حكم العقل (بقبح الظلم وحسن
العدل) ليس حكماً تنجيزياً مطلقا ،بل هو حكم تعليقي ،معلق على ثبوت
موضوعه ومالكه في المرتبة السابقة ،ولهذا قلنا :إن حكم العقل (بقبح
معصية المولى) وتفويت حقه ،وهو (حق الطاعة) وكذا حسن طاعة المولى
وانقياده معلق على ثبوت موضوعه وهو (حق الطاعة) واال فينتفي حكم
العقل بانتفاء موضوعه عند ترخيص الشارع ،فال وجه للقول بالعلية ،والحكم
التنجيزي.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 24ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فالمتحصل :أنه ال يمكن االلتزام بكون العلم اإلجمالي (علة تامة) لوجوب
ال ،لوجود المانع عن تنجيزه دائماً ،وهو شمول
الموافقة القطعية العملية أص ً
إطالق دليل األصل المؤمن ،لكل طرف من أطراف العلم اإلجمالي،
مشروطاً بترك الطرف اآلخر.
والصحيح :هو كون العلم اإلجمالي (مقتض) لوجوب الموافقة القطعية
العملية وليس على نحو (العلية التامة).
هذا تمام كالمنا في الجهة الثالثة.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 27ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أما الكالم في الفرع األول :وهو ما نعية العلم اإلجمالي ثبوتاً عن إجراء
األصول الترخيصية في جميع األطراف.
ذكر السيد الخوئي(قده) :أن ما يتصور أن يكون مانعاً عن إمكان جعل
الترخيص (الحكم الظاهري) في تمام األطراف هو ما ذكره المحقق
النائيني(قده) وحاصله:
أن جعل الحكم الظاهري في تمام األطراف مستلزم للترخيص في المعصية
ومخالفة التكليف المعلوم الواصل موضوعاً و(صغرى وكبرى) بالعلم
ال ،ال يصدر من المولى الحكيم ،من غير فرق بين
اإلجمالي وهو قبيح عق ً
أن يكون الحكم الظاهري ثابتاً باألمارة أو باألصل التنزيلي ،أو غير التنزيلي،
وال فرق في حكم العقل القبح الترخيص في مخالفة التكليف الواصل بين
ال ،أو يكون معلوماً باإلجمال.
أن يكون معلوماً تفصي ً
وأجاب عنه السيد الخوئي(قده) :أن هذا الوجه وإن كان صحيحاً ،اال أنه
مختص بموارد العلم اإلجمالي بثبوت التكليف دون نفيه ،مع كون الحكم
الظاهري في جميع األطراف نافياً ،ففي مثل هذا الفرض يستحيل شمول
المؤمنة لجميع أطراف العلم اإلجمالي كما ذكره(قده).
ّ أدلة األصول
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 27ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ال يقال :إن مورد جريان األصل إنما هو كل واحد من األطراف بخصوصه،
وثبوت التكليف فيه غير معلوم وغير واصل ،فليس فيه ترخيص في العصية
ال.
أص ً
فإنه يقال :إن أريد بذلك :أن جريان األصل في كل طرف بخصوصه منضماً
ال فيكون ترخيصاً
إلى الترخيص في بقية األطراف كما هو محل الكالم فع ً
في مخالفة التكليف الواصل قطعاً.
أما إن أريد بذلك :جعل الحكم الظاهري في كل طرف من األطراف مقيداً
بعدم ارتكاب الطرف اآلخر ،فسيأتي الكالم عنه في المقام الثاني ،إن شاء
هّال تعالى.
وأجاب عنه السيد الشهيد(قده) :أن حاصل كالم المحقق النائيني(قده) :هو
دعوى المضادة بين جعل الحكم الظاهري الترخيصي ،وبين حكم العقل
بقبح المعصية.
وفيه :أن المعصية كلما تحققت وإن كان قبيحة بحكم العقل وحكم العقل
ال يقبل التخصيص ،اال أن الكالم في تحقق موضوع المعصية ألن تحقق
موضوع المعصية فرع كون منجزية العلم اإلجمالي تنجيزية ال تعليقية
ومعلقة على عدم الترخيص الشرعي.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 27ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وقد تقدم في أصل البرهان أن حكمه تعليقي ،وليس تنجيزياً ،بمعنى أنه
يمكن للشارع أن يرفعه بترخيصه ،ألن هذا الحكم من أجل المولى وليس
عليه فكلما أمكن للمولى أن يرخص مولوياً ،ارتفع موضوع المعصية والقبح
وثبتت مولويته.
فاتضح أن ترخيص المولى في تمام األطراف ال يعنى الترخيص في
المعصية ،إذ ليس معنى ذلك رفع مولوية المولى ،أو الترخيص في معصية
وهتك حرمته ليقال ،باستحالته.
بل معناه :اعمال المولى لواليته ،وتحركه باتجاه حفظ ما هو المهم من
غرضه في مقام التزاحم الحفظي و المحركية تماماً ،كما هو الحال في
موارد الشبهات البدوية.
بل المنع عن ذلك الترخيص بدعوى أنه ليس للمولى تقديم أغراضه
الترخيصية على الغرض االلزامي في موارد التزاحم فهو في الحقيقة تجديد
لمولوية المولى ،وتحكم عليه ،وتوهين له.
والحاصل :كما ال تضاد بين التكليف الواقعي المعلوم باإلجمال ،مع
الترخيص الظاهري في تمام األطراف ،النحفاظ مرتبة الحكم الظاهري في
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 27ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
مورده ،كذلك ال تضاد بين الترخيص الظاهري ،وحكم العقل بقبح المعصية
حيث ال معصية مع ترخيص المولى.
وأجاب عنه شيخنا األستاذ (دام ظله):
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 28ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في الجهة الرابعة من بحوث العلم اإلجمالي ،المقام األول :وهو
في إمكان جعل الترخيص في تمام االطراف العلم اإلجمالي ،المقام الثاني:
في إمكان جعل الترخيص في بعض األطراف ،ثم في المقام األول يقع فيه
فرعين :الفرع األول :في المانع ثبوتي ،الفرع الثاني في المانع اثباتي ،قلنا أن
السيد الخوئي(قده) تبعاً ألستاذه المحقق النائيني(قده) قال :أن العلم
اإلجمالي يكون مانعاً من جعل الترخيص في تمام األطراف العلم اإلجمالي
ثبوتاً ،وذكرنا الوجه في ذلك من أنه يؤدي إلى الترخيص في معصية المولى
ال ،واعترض عليه السيد الشهيد الصدر(قده) وقد تقدم
فهذا يكون قبيحاً عق ً
الكالم في ذلك.
وأجاب عنه شيخنا األستاذ (دام ظله) :وحاصله :أن تعليل المحقق
النائيني(قده) لعدم إمكان جعل الترخيص في تمام األطراف ،بأنه ترخيص
ال غريب جداً ،ألنه دوري.
في معصية المولى ،وهو قبيح عق ً
وذلك :ألن عدم إمكان جعل الحكم الظاهري الترخيصي في جميع أطراف
العلم اإلجمالي متفرع على كون العلم اإلجمالي ،علة تامة للتنجيز ،بالنسبة
إلى حرمة المخالفة القطعية العملية في المرتبة السابقة ،حيث إن من آثار
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 28ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كونه علة تامة هو عدم إمكان جعل الحكم الظاهري الترخيصي في تمام
أطرافه ،فإذاً كيف يصح جعله علة وسبباً لكونه علة تامة؟
إذ لو كان سبباً وعلة تامة ،لزم الدور ،وبكلمة :أن عدم إمكان جعل الحكم
الترخيصي في جميع األطراف متوقف على كون العلم اإلجمالي علة تامة
للتنجيز بالنسبة إلى حرمة المخالفة فلو توقف كونه علة تامة له على عدم
إمكان جعل الترخيص في تمام األطراف لزم الدور.
فالنتيجة :أن ما أفاده المحقق النائيني(قده) من الوجه ال يصلح أن يكون
ال ومرجعاً على ما نعية العلم اإلجمالي عن إمكان جعل الترخيص في
دلي ً
تمام األطراف ثبوتاً للزوم الدور الباطل.
فتحصل :من جميع ما ذكرناه في الفرع األول أن السيد الخوئي(قده) تبعاً
ألستاذه المحقق النائيني(قده) يرى ما نعية العلم اإلجمالي من جعل
الترخيص في تمام أطراف المعلوم باإلجمال ثبوتاً.
وأما السيد الشهيد(قده) وكذلك شيخنا األستاذ (دام ظله) ال يرون ما نعية
العلم اإلجمالي عن جعل الترخيص في جميع األطراف ثبوتاً وهو الصحيح
المختار.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 28ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما الكالم في الفرع الثاني :وهو ما نعية العلم اإلجمالي عن شمول األدلة
األصول الترخيصية لجميع األطراف إثباتاً.
ذكر السيد الخوئي(قده) أن الحكم الظاهري على قسمين:
القسم األول :ما إذا كان دليل الحكم الظاهري هو (األمارات) كالبينة
والخبر.
القسم الثاني :ما إذا كان دليل الحكم الظاهري هو (األصل) كاالستصحاب
والبراءة وأصالة.
أما القسم األول :وهو ما إذا قامت األمارة في كل طرف على خالف
المعلوم باإلجمال ،مثاله :إذا علمنا إجماالً (بنجاسة أحد إناءين) ،وقامت
(البينة) على طهارة أحدهما المعين ،كاإلناء األبيض ،وقامت بينة أخرى
على طهارة اآلخر ،كاإلناء األصفر ،وحينئذ ،فال ريب في عدم حجية شيء
من األمارتين ،وذلك :ألن ما دل على طهارة اإلناء األبيض ،قد دل على
نجاسة اآلخر بااللتزام وذلك :بضميمة ومالحظة العلم اإلجمالي بنجاسة
أحدهما وهكذا ما دل على طهارة اإلناء األصفر ،يدل على نجاسة اآلخر،
بااللتزام كذلك.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 28ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ولهذا نلتزم بجريانها فيما لم يلزم منه (المخالفة العملية) كما إذا كان
المعلوم باإلجمال حكماً غير الزامي ،وكان مفاد األصل حكماً الزامياً،
وهكذا.
وذلك :ألن األصل مطلقا تنزيلياً كان أو غيره ال يترتب عليه اال ثبوت
مؤداه وال يؤخذ بلوازمه ،من نفي غيره التزاماً ،وغاية ما يترتب على ضم
بعض األصول إلى بعضها اآلخر ،هو العلم بمخالفة بعضها للواقع ،وال ضير
فيه ،بناءاً على ما هو التحقيق من عدم وجوب الموافقة االلتزامية.
مثاله :ما إذا شك المصلي في الطهارة بعد الفراغ من الصالة ،وكان مسبوقاً
بالحدث ،فالوظيفة هي جريان قاعدة الفراغ ،بالنسبة إلى الصالة الماضية.
ولكن يجري (استصحاب الحدث) بالنسبة إلى الصلوات اآلتية ،مع أنه يعلم
اجماالً بعدم مطابقة أحد األصلين التنزيليين للواقع ،فتلزم المخالفة
االلتزامية ،وليس ذلك اال من جهة أنه ال يترتب على جريان األصلين اال
المخالفة االلتزامية وهي غير مانعة عن جريانها.
فتحصل من جميع ما تقدم أن في مقام اإلثبات والداللة تفصيل في المقام:
فإذا كان دليل الحكم الظاهري هو (األمارات) فال تشمل جميع األطراف،
للتعارض ،وال تشمل بعض األطراف لمحذور الترجيح بال مرجح.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 28ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وإذا كان دليله هو (األصل) فال مانع من شمول أدلة األصول مطلقا لجميع
ال عن بعضها ،لوال وجود المانع الثبوتي ،وهو :لزوم المخالفة
األطراف فض ً
القطعية العملية.
أما السيد الشهيد (قده) :فقد افاد في المقام ما حاصله:
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 29ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
النائيني وأيده السيد الخوئي (ال يحصل هناك ترخيص في المعصية المولى،
يعني ال يلزم المخالفة القطعية العملية.
أما السيد الشهيد (قده) :فقد افاد في المقام ما حاصله:
أن المستفاد من كلمات المحققين عدم ما نعية العلم اإلجمالي عن جريان
األصول الترخيصية في تمام األطراف في نفسها ،لتصريحهم بأن كل طرف
من األطراف مشمول إلطالق أدلة األصول في نفسه ،وإنما يتمسكون في
مقام اسقاط األصول بالمانع الثبوتي المتقدم.
ولكن الصحيح :هو ما نعية العلم اإلجمالي عن جريان األصول الترخيصية
في تمام األطراف (إثباتاً) كما يظهر ذلك ويتضح بمراجعة الفهم العرفي،
واالرتكاز العقالئي ،فإنه ال يساعد على جعل الترخيص الظاهري في تمام
األطراف ،ويرى العرف فيه نحو مناقضة مع التكليف الواقعي المعلوم
ال ،مثال :لو قال المولى العرفي لعبده :إذا
باإلجمال ،رغم كونه ممكناً عق ً
رأيت شخصاً يغرق ،ولم تحرز كونه محبوباً لي ،وأنا اهتم بنجاته ،فليس من
الالزم عليك إنقاذه.
ثم رأى العبد شخصين يغرقان ،ويعلم اجماالً بأن واحداً منهما محبوب
للمولى ،يهتم المولى بنجاته ،فتركهما حتى غرقا معاً ،ثم اعتذر عند المولى:
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 29ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
بأني رأيت أن كل واحد منهما داخل تحت العنوان العدمي الذي بينته ،من
(عدم احراز كونه محبوباً بك) فتركته ،فإن هذا االعتذار يعد عند العرف من
المضحكات.
وبكلمة :أن عدم مشمول دليل الترخيص ألطراف العلم اإلجمالي من
الواضحات بحسب الفهم العرفي.
والنكتة في ذلك أمران:
األمر األول :أن العقالء بحسب نظرهم ال يرفعون اليد عن األغراض اإللزامية
المحرزة والمعلومة في التكاليف ،لمجرد غرض ترخيصي محتمل أو
مشتبه ،وذلك :ألن األغراض الترخيصية في ارتكاز العقالء ال يمكن أن تبلغ
درجة من األهمية ،بحيث تتقدم على غرض الزامي معلوم .ومن هنا يكون
الترخيص في تمام األطراف بحسب أنظار هم ،كأنه تفويت لذلك الغرض
اإللزامي ،ومناقض معه.
ولعل هذا هو نفس االرتكاز الذي كان يشعر به بعض األعالم بحسب
إحساسه الوجداني والعقالئي ،فجعله كاشفاً عن حكم عقلي بعلية العلم
اإلجمالي لحرمة المخالفة القطعية ،فذهبوا إلى ان المانع ثبوتي ،ولكن قد
ال.
عرفت عدم صحة ذلك مفص ً
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 29ربيع1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وإنما الصحيح أن هذا االرتكاز يكون بمثابة قرينة لبية متصلة بالخطاب،
تمنع عن أصل انعقاد الظهور في االطالق في أدلة األصول ،لشمول أطراف
المعلوم باإلجمال جميعاً ،فيكون المانع اثباتياً ،ال ثبوتياً وترخيصاً في
المعصية ولزوم المخالفة القطعية.
نعم :يمكن أن تشمل أدلة األصول بعض األطراف ،دون البعض اآلخر ،مع
الحفاظ على الغرض اإللزامي ،ولكنه ترجيح بال مرجح ،كما يأتي الكالم
عنه في المقام الثاني.
األمر الثاني :دعوى القصور في شمول أدلة الترخيص لتمام األطراف ،بيان
ذلك:
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 1ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
مانعية العلم اإلجمالي عن جريان أصول في تمام األطراف هذا يكون مانعاً
اثباتياً ،ألمرين:
األمر األول :أن العقالء بحسب نظرهم ال يرفعون اليد عن األغراض اإللزامية
المحرزة والمعلومة في التكاليف ،لمجرد غرض ترخيصي محتمل أو
مشتبه ،وذلك :ألن األغراض الترخيصية في ارتكاز العقالء ال يمكن أن تبلغ
درجة من األهمية ،بحيث تتقدم على غرض الزامي معلوم .ومن هنا يكون
الترخيص في تمام األطراف بحسب أنظار هم ،كأنه تفويت لذلك الغرض
اإللزامي ،ومناقض معه.
ولعل هذا هو نفس االرتكاز الذي كان يشعر به بعض األعالم بحسب
إحساسه الوجداني والعقالئي ،فجعله كاشفاً عن حكم عقلي بعلية العلم
اإلجمالي لحرمة المخالفة القطعية ،فذهبوا إلى ان المانع ثبوتي ،ولكن قد
ال.
عرفت عدم صحة ذلك مفص ً
وإنما الصحيح أن هذا االرتكاز يكون بمثابة قرينة لبية متصلة بالخطاب،
تمنع عن أصل انعقاد الظهور في االطالق في أدلة األصول ،لشمول أطراف
المعلوم باإلجمال جميعاً ،فيكون المانع اثباتياً ،ال ثبوتياً وترخيصاً في
المعصية ولزوم المخالفة القطعية.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 1ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
نعم :يمكن أن تشمل أدلة األصول بعض األطراف ،دون البعض اآلخر ،مع
الحفاظ على الغرض اإللزامي ،ولكنه ترجيح بال مرجح ،كما يأتي الكالم
عنه في المقام الثاني.
األمر الثاني :دعوى القصور في شمول أدلة الترخيص لتمام األطراف.
بيان ذلك :أن عنوان (ماال يعلمون) أو عنوان (الشبهة) في الروايات وإن كان
ال لكل طرف مشتبه ومجهول الحكم من أطراف العلم اإلجمالي في
شام ً
نفسه ،اال أن المنساق عرفاً من الحكم المجعول بقوله(ص) «رفع عن
أمتي »...إنما هو الترخيص الظاهري لصالح األغراض الترخيصية في موارد
التزاحم بينها ،وبين خصوص األغراض اإللزامية المشتبهة التي ال يعلم بها
ال كالشبهات البدوية ،دون األغراض اإللزامية التي يعلم بها ،ولو بعلم
أص ً
اجمالي ،كالمقام .وال مالزمة بين الترخيص في ذلك ،والترخيص في موارد
األغراض اإللزامية المعلومة اجماالً المشتبهة مع األغراض الترخيصية،
وذلك :إلمكان االكتفاء بالترخيص األول فقط لنكات موضوعية أو ذاتية،
من قبيل مطابقة االرتكازات العرفية وعدم التناقض.
وأما في محل الكالم :وهو مورد العلم اإلجمالي لو ال حظنا كل طرف في
نفسه فهو مورد للترخيص األول ،ولكن لو ال حظنا مجموع األطراف،
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 1ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فالترخيص فيها يكون من النوع الثاني المعلوم عرضه االلزامي ،الذي يقصر
عن إثباته الدليل ،وال يجدي ثبوت الترخيص من الناحية األولى في إثباته.
ملحوظة :أن هذا األمر الثاني إنما يتم في مثل حديث الرفع (رفع عن أمتي
ماال يعلمون) ،وال يتم في مثل حديث الحلية (كل شيء لك حالل حتى
تعرف الحرام منه بعينه) الظاهر في العلم بوجود الحرام ،أي الغرض
اإللزامي إجماالً ،دون الغرض الترخيصي.
نعم :يتم فيه الوجه األول .وكذلك ال يتم هذا الوجه في األصول الترخيصية
التنزيلية ،أي التي يكون لقوة االحتمال دخل في مالكها ،كاالستصحاب
النافي للتكليف في مورد العلم اإلجمالي بالتكليف وذلك ألن دليل
االستصحاب ناظر إلى كاشفية الحال السابقة ،مع قطع النظر عن نوع الحكم
الثابت به ،وكونه غرضاً إلزامياً أو ترخيصياً ،وإنما يتم فيه الوجه األول.
فالمتحصل :أن الصحيح في المنع عن جريان األصول في تمام األطراف هو
وجود المحذور اإلثباتي ،دون المحذور الثبوتي كما تخيل المشهور.
وكذلك األمر في موارد األمارات المثبتة للحكم الظاهري الترخيصي لجميع
أطراف المعلوم باإلجمال ،كالمثال الذي ذكره السيد الخوئي(قده) من قيام
بينتين متعارضتين ،حيث إن دليل حجية األمارة ال يشمل البينتين
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 1ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ٍ
حينئذ منجزاً المتعارضتين ،فيكون المانع اثباتياً ،ويكون العلم اإلجمالي
لوجوب الموافقة ،وحرمة المخالفة ،وتفصيل الكالم في باب التعادل.
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فقد اتفق مع السيد الخوئي والسيد
الشهيد(قدهما) على أن المانع من شمول الحكم الظاهري الثابت باألمارة
لجميع األطراف هو أن دليل حجية واعتبار األمارة ال يشمل كلتا األمارتين
المتعارضتين معاً ،لتنافيهما ،وتناقضهما اثباتاً.
وأما شموله إلحداهما المعيّنة دون األخرى فهو ترجيح بال مرجح ،إذاً فال
محالة يسقط دليل اعتبار األمارة في المقام عن الحجية ،للمحذور اإلثباتي،
ويكون العلم اإلجمالي منجزاً لوجوب الموافقة ،حرمة المخالفة.
وأما أدلة األصول المؤمنة فقد ذكر (دام ظله) هنا أوالً :ما ذهب اليه السيد
الخوئي(قده) من أن المانع من شمولها لجميع األطراف ثبوتي حيث ال
قصور في مثل إطالق حديث الرفع وغيره عن شمول أطراف العلم
اإلجمالي جميعاً ،حيث ال قصور في مثل إطالق (حديث الرفع) وغيره عن
شمول أطراف العلم اإلجمالي جميعاً.
ثم ذكر ما أشكل عليه السيد الشهيد (قده) حيث منع عن هذا االطالق
لتوقفه على مقدمات الحكمة(منها) عدم وجود القرينة على التقييد
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 1ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فقال(قده) ولكن القرينة موجودة وهي االرتكاز العرفي العقالئي على أن
في جعل الترخيص ،تفويت للتكليف وللغرض االلزامي ،ومناقض له ،وهذا
االرتكاز يصلح أن يكون (قرينة لبية متصلة بالخطاب) تمنع عن انعقاد
اإلطالق في أدلة األصول ،لشمول األطراف المعلوم باإلجمال جميعاً،
فيكون المانع إثباتياً.
ثم قال(دام ظله) إنه يمكن المناقشة فيما ذكره السيد الشهيد(قده) ...
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 2ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
شمولها لجميع األطراف ثبوتي حيث ال قصور في مثل إطالق حديث الرفع
وغيره عن شمول أطراف العلم اإلجمالي جميعاا ،حيث ال قصور في مثل
إطالق (حديث الرفع) وغيره عن شمول أطراف العلم اإلجمالي جميعاا.
ثم ذكر ما أشكل عليه السيد الشهيد (قده) حيث منع عن هذا االطالق
لتوقفه على مقدمات الحكمة(منها) عدم وجود القرينة على التقييد
فقال(قده) ولكن القرينة موجودة وهي االرتكاز العرفي العقالئي على أن
في جعل الترخيص ،تفويت للتكليف وللغرض االلزامي ،ومناقض له ،وهذا
االرتكاز يصلح أن يكون (قرينة لبية متصلة بالخطاب) تمنع عن انعقاد
اإلطالق في أدلة األصول ،لشمول األطراف المعلوم باإلجمال جميعاا،
فيكون المانع إثباتياا.
ثم قال(دام ظله) إنه يمكن المناقشة فيما ذكره السيد الشهيد(قده) بتقريب
أن إمكان جعل الحكم الظاهري الترخيص في أطراف العلم اإلجمالي ثبوتاا
إنما هو بنكتة :أن الترخيص المولوي رافع لموضوع حكم العقل (بقبح
معصية المولى).
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 2ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وذلك :ألن حكم العقل على ما هو الصحيح ليس حكماا تنجيزياا ،بل حكم
تعليقي ،ومعلق على عدم الترخيص المولوي ،مع ثبوت الترخيص ،ينتفي
حكم العقل بانتفاء موضوعه فال منافاة في مقام الثبوت فهو تام.
وأما بحسب مقام االثبات :فإن ما ذكره (قده) من أن االرتكاز العرفي
والعقالئي على عدم رفع اليد عن األغراض اإللزامية في التكليف المعلوم
باإلجمال ،وعدم تفويتها لمجرد غرض ترخيص محتمل ،والذي هو عبارة
أخرى عن قبح المخالفة القطعية ،يكون بمثابة قرينة لبية متصلة بالخطاب
مثل (رفع ماال يعلمون) يمنع عن انعقاد ظهور األدلة في اإلطالق ،فيكون
المانع اثباتياا.
غير تام.
أما أوالا :فألن هذا االرتكاز العرفي العقالئي ،إنما هو بمثابة القرينة اللبية
المنفصلة دون المتصلة ،فهو مانع عن حجية إطالق األدلة بعد انعقادها.
وذلك :ألن أصل انعقاد الظهور لإلطالق ،منوط بتمامية مقدمات الحكمة،
فإذا تمت انعقد اطالقه ،سواء أكان اإلطالق موافقاا لالرتكاز العرفي
والعقالئي أم ال.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 2ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما ثانياا :ال يبعد دعوى اختصاص أدلة األصول المؤمنة بالشبهات البدوية
وعدم شمولها للشبهات المقرونة بالعلم اإلجمالي ،وذلك :من جهة أن
المتبادر منها عرفاا وبمناسبة الحكم اإللزامي فيها معلوماا ،كالشبهات البدوية.
وأما الشبهات المقرونة بالعلم اإلجمالي :بالتكليف االلزامي الوجوبي أو
التحريمي فهي منصرفة عنها األدلة ،على أساس أن التكليف فيها معلوم،
ال ،وعدم جواز تفويت التكليف االلزامي
ومقتضاه وجوب االحتياط فيها عق ا
المعلوم والغرض االلزامي فيه.
وأما ثالثاا :مع تسليم عدم الظهور لتلك األدلة في جعل الحكم الترخيصي في
خصوص الشبهات البدوية ،فال شبهة أنها غير ظاهرة في االطالقات ،فتكون
مجملة من هذه الناحية ،والقدر المتيقن منها خصوص الشبهات البدوية.
والحاصل :أن عدم شمول أدلة حجية األمارات المتكلفة لألحكام
الترخيصية لجميع أطراف العلم اإلجمالي إنما هو لمانع إثباتي ،وهو وقوع
التعارض بينهما بالنسبة إلى شمولها لجميع األطراف ،ولزوم الترجيح بال
مرجح بالنسبة إلى شمولها للبعض دون بعضها اآلخر ،نعم على القول بالعلية
التامة فالمانع ثبوتي.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 2ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما عدم شمول أدلة األصول العملية المؤمنة لتمام األطراف ،فإنما هو
لقصور ها في نفسها ،ال لمانع ثبوتي ،وال إثباتي ،نعم لو فرض لها اإلطالق،
فعلى القول باالقتضاء كان المانع إثباتياا ،وعلى القول بالعلية التامة كان المانع
ثبوتياا هذا.
وأما الكالم في المقام الثاني :وهو البحث عن مانعية العلم اإلجمالي ثبوتاا
واثباتاا ،عن جريان األصول الترخيصية في بعض األطراف.
فيقع الكالم في فرعين أيضاا:
الفرع األول :في إمكان جعل الحكم الظاهري الترخيصي في بعض
األطراف وعدمه ثبوتاا.
الفرع الثاني :في شمول أدلة األصول لبعض األطراف ،وعدمه إثباتاا بعد
إمكان جعله ثبوتاا.
أما الكالم في الفرع األول:
ذكر السيد الخوئي(قده) أن المعروف بين األصوليين ،منهم المحقق
النائيني(قده) إمكان جعل الترخيص في بعض األطراف في نفسه ،وأنه ال
مانع منه بحسب مقام الثبوت ،ولهذا قالوا :أن العلم اإلجمالي ليس علة تامة
لوجوب الموافقة القطعية العملية.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 2ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وذلك :ألن العلم ال يتطلب أكثر من االمتثال الجامع بين االمتثال الوجداني
والتعبدي ،فإذا فرض الترخيص في جميع األطراف ،كان ترخيصاا في
المخالفة القطعية فلم يتحقق االمتثال بكال وجهيه ،وأما لو رخص الشارع في
بعض األطراف ،فهذا معناه جعل الطرف اآلخر بدالا عن الواقع ،وهذا يعني
تمامية االمتثال التعبدي...
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 5ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
بعد أن انتهينا من التكلم في المقام األول ،أي في مانعية العلم اإلجمالي من
جريان األصول العملية في جميع أطراف المعلوم باإلجمال باالتفاق ،يعني
العلم اإلجمالي يمنع من جريان األصل العلمي كالبراءة واالستصحاب وغير
ذلك في جميع األطراف هذا كان باالتفاق ،اآلن نتناول الكالم في المقام
الثاني.
المقام الثاني :وهو البحث عن مانعية العلم اإلجمالي ثبوتاً واثباتاً ،عن جريان
األصول الترخيصية في بعض األطراف.
فيقع الكالم في فرعين أيضاً:
الفرع األول :في إمكان جعل الحكم الظاهري الترخيصي في بعض
األطراف وعدمه ثبوتاً.
الفرع الثاني :في شمول أدلة األصول لبعض األطراف ،وعدمه إثباتاً بعد
إمكان جعله ثبوتاً.
أما الكالم في الفرع األول :ذكر السيد الخوئي(قده) أن المعروف بين
األصوليين ،منهم المحقق النائيني(قده) إمكان جعل الترخيص في بعض
األطراف في نفسه ،وأنه ال مانع منه بحسب مقام الثبوت ،ولهذا قالوا :أن
علة تامة لوجوب الموافقة القععية العملية. العلم اإلجمالي لي
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 5ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وذلك :ألن العلم ال يتعلب أكثر من االمتثال الجامع بين االمتثال الوجداني
والتعبدي ،فإذا فرض الترخيص في جميع األطراف ،كان ترخيصاً في
المخالفة القععية فلم يتحقق االمتثال بكال وجهيه ،وأما لو رخص الشارع في
بعض األطراف ،فهذا معناه جعل العرف اآلخر بدالً عن الواقع ،وهذا يعني
تمامية االمتثال التعبدي ،وإن لم يتحقق االمتثال الوجداني ،ثم بعد ذكر
مقالة المحققين الخراساني والعراقي(قدهما) على استحالة جعل الحكم
الظاهري في بعض األطراف ،ومناقشتها.
قال (قده) :إنه ال مانع من جعل الحكم الظاهري في بعض األطراف بحسب
مقام الثبوت.
أما السيد الشهيد(قده) فقد أفاد في المقام ما حاصله :بناءاً على ما أخترناه في
المقام األول ،من عدم مانعية العلم اإلجمالي ثبوتاً ،عن جريان الترخيص في
تمام األطراف ،فال يبقى مجال للبحث عن مانعية الترخيص في بعض
األطراف ،فلئن كان الترخيص في تمام األطراف جائزاً ،ففي بعض
األطراف بعريق أولى.
نعم :بناءاً على مقالة المشهور ،فهناك مجال للبحث عن المانعية في بعض
األطراف.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 5ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما شيخنا األستاذ (دام ظله) فلم يتعرض مباشرة إلى بحث هذا الفرع ،وإن
كان مبناه (دام ظله) ال يختلف عن مبنى السيد الشهيد(قده) في المسألة،
وقد أشار إليه في غضون البحوث السابقة.
وأما الكالم فر الفرع الثاني :وهو المحذور اإلثباتي؛ أي أن البحث يتناول
شمول أدلة األصول لبعض األطراف ،وعدمه في مقام اإلثبات.
أما السيد الخوئي(قده) :فقد أفاد في المقام ما حاصله :والتحقيق :عدم
شمول أدلة األصول الترخيصية معلقا ،لبعض أطراف المعلوم باإلجمال
أيضاً.
أما البراءة العقلية :فألن مالكها (قاعدة قبح العقاب بال بيان) وال مجال
لجريانها بعد تمامية البيان ،و وصول التكليف إلى المكلف بالعلم اإلجمالي،
وتنجزه وهو واضح.
وأما األصول الشرعية :كحديث (الرفع) فألن شمول أدلتها لبعض األطراف
ال؛ لخروجه
معيناً ترجيح بال مرجح ،وللبعض غير المعين غير صحيح أص ً
تخصصاً ،إذا الغالب حصول القعع بإباحة البعض غير المعين ،من األطراف،
ال؛ ليكون مشموالً ألدلة األصول.
فالبعض غير المعين ،غير مشكوك فيه اص ً
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 5ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
نعم على تقدير احتمال ثبوت التكليف في جميع األطراف ،ال أثر للحكم
بإباحة بعضها غير المعين بعد وجوب االجتناب عن الجميع األطراف بحكم
العقل ،مقدمة لالجتناب عن الحرام المعلوم باإلجمال.
وبكلمة :أن مورد جريان األصل هو المشكوك فيه ،وهو كل واحد من
من المشكوك فيه ،بل الغالب األطراف بخصوصه واما عنوان (أحدها) فلي
هو حصول القعع بإباحته.
فالنتيجة :أن أدلة األصول غير شاملة لبعض األطراف أيضاً.
وأما السيد الشهيد(قده) وكذلك شيخنا األستاذ (دام ظله) فقد ظهر موقفهما
مما سبق ،وهو أنه بعد فرض عدم إمكان جريان األصل في تمام األطراف
إما لمانع ثبوتي كما ذهب إليه مدرسة المحقق النائيني (قده) ومنهم السيد
الخوئي(قده).
أو لمانع إثباتي كما ذهب إليه العلمان ،من أن الفهم العرفي واالرتكاز
العقالئي الذي هو بمثابة القرينة اللبية المتصلة ،أو المنفصلة ،هو المانع من
جريانها في جميع األطراف ،فيكون فرض جريانها في المقام في البعض
المعين ،دون بعضها اآلخر ترجيحاً بال مرجح.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 5ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ألن نسبة دليل األصل إلى كل من العرفين على نحو واحد وأما جريانه في
البعض المردد غير معقول في نفسه ،إذ ال معنى للفرد المردد ،كما عرفت.
وبكلمة :أنه بعد العلم بعدم جريان األصل في جميع األطراف في وقت
واحد ،يحصل التعارض بين إطالق دليل األصل لكل طرف ،وإطالقه لسائر
األطراف ،ومقتضى التعارض هو التساقط.
ال يقال :إن المانع من جريان األصول في جميع األطراف...
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 6ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أو لمانع إثباتي كما ذهب إليه العلمان ،من أن الفهم العرفي واالرتكاز
العقالئي الذي هو بمثابة القرينة اللبية المتصلة ،أو المنفصلة ،هو المانع من
جريانها في جميع األطراف ،فيكون فرض جريانها في المقام في البعض
المعين ،دون بعضها اآلخر ترجيحاً بال مرجح.
ألن نسبة دليل األصل إلى كل من الطرفين على نحو واحد وأما جريانه في
البعض المردد غير معقول في نفسه ،إذ ال معنى للفرد المردد ،كما عرفت.
وبكلمة :أنه بعد العلم بعدم جريان األصل في جميع األطراف في وقت
واحد ،يحصل التعارض بين إطالق دليل األصل لكل طرف ،وإطالقه لسائر
األطراف ،ومقتضى التعارض هو التساقط.
ال يقال :إن المانع من جريان األصول في جميع األطراف ،هو محذور
الترخيص في المخالفة القطعية ،وهذا المحذور إنما ينشأ من إجراء االصل
المؤمن في كل من الطرفين مطلقا ،سواء ارتكب المكلف الطرف اآلخر ،أم
اجتنبه.
ومن هنا لو ألغينا إطالق األصل في كل منهما ،وقيدناه لحالة عدم ارتكاب
اآلخر ،انتج إثبات ترخيصين مشروطين ،كل منهما منوط بترك اآلخر ،ومثل
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 6ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وإثباتهما بإطالق دليل األصل ،ال يمكن اال بالتأويل ،وإرجاعهما إلى
الترخيص في الجامع أي في (أحدهما).
وهذه العناية ال يفي بها إطالق دليل األصل (رفع عن أمتي ماال يعلمون)
مطلقا.
إن قلت :على ما ذكر ال تبقى ثمرة بين القول بالعلية التامة وبين القول
باالقتضاء ،وذلك :ألنه على كال القولين ظهر عدم جريان األصل المؤمن في
بعض األطراف.
قلت :تتحقق الثمرة في بعض الصور والحاالت ،نشير إلى واحدة منها.
ال :مالو علم المكلف إجماالً بنجاسة أحد اإلناءين وكان أحدهما مجرى
مث ً
ألصالة الطهارة فقط ،ولكن اآلخر كان مجرى (الستصحاب الطهارة)
ومجرى (ألصالة الطهارة) معاً ،فأصالة في الطرف األول تعارض استصحاب
الطهارة في الطرف الثاني ،وال تدخل (أصالة الطهارة) في الثاني ،في هذا
التعارض ،لكونها متأخرة رتبة عن االستصحاب ،ومتوقفة على عدمه،
فكيف تقع طرفاً للمعارضة في مرتبة؟ ،بمعنى أنه ال مقتضي (ألصالة
الطهارة) في الثاني اال بعد سقوط األصل الموضوعي الحاكم وهو
(استصحاب الطهارة).
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 6ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ٍ
وحينئذ يسقط االستصحاب في الطرف الثاني ،مع أصالة الطهارة في الطرف
األول بسبب التعارض ،فتبقى أصالة الطهارة في الطرف الثاني بال معارض.
ومن هنا نقول :إذا صح جريان األصل بال معارض كما في الحالة المتقدمة
يكون ذلك تعبيراً عمليا عن الثمرة ،بين القول بالعلية ،وبين القول باالقتضاء
حيث إنه على القول بالعلية ال يجري األصل مطلقا ،بخالف القول
باالقتضاء ،هناك ثمرات أخرى فليطلب من المطوالت.
خالصة البحوث المتقدمة في العلم اإلجمالي...
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 7ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
مثاله :ما لو علم إجماالً ،إما باستصحاب الدعاء ،أو استصحاب الصال ،عند
ةؤية الهالل ،فال مانع من جريان األصول المثبتة للتكليف في جميع أطرافه،
بحسب مقام الثبوت.
وذلك :لعدم المحذوة المتصوة عند ثبوت الحكم االلزامي مع األصول
ال عن األصول المثبتة.
النافية ،فض ً
والحكم :غير االلزامي أضف إلى كون األصول المثبتة ،تثبت وتؤكد
االحتياط المطلوب في المقام ،كما أنه ال مانع من اشمول أدلة األصول
المثبتة (كأصالة الطهاة والحل) في المقام أيضاً.
نعم :ال تجري األماةات مطلقا ،في تمام األطراف ،الستلزامها التناقض
بحسب الداللة االلتزامية على ما تقدم بيانه ،ولكنها تجري مع تحقق
موضوعها في بعض األطراف لعدم المانع.
أما السيد الشهيد(قده) فقد ذكر :أنه ظهر من مجموع ما تقدم :أن العلم
اإلجمالي بالتكليف أي مواةد الشك في المكلف به ،يجري فيه أصالة
ال عن
االحتياط ،ومع جريان أصالة االحتياط تجب الموافقة القطعية ،فض ً
حرمة المخالفة القطعية.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 7ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
اال أن وجوب الموافقة القطعية ليس من جهة المحذوة الثبوتي ،عن جريان
الترخيص في تمام األطراف ،أو بعض األطراف في المعلوم باإلجمال.
بل لمحذوة اثباتي وهو اةتكاز المناقضة بين الحكم الواقعي والترخيص في
األطراف ينظر العرف والعقالء وهذا المحذوة ،إنما هو بالنسبة إلى جريان
الترخيص في جميع األطراف.
وأما المحذوة االثباتي لجريانها في بعض األطراف إنما هو بمالك التساقط
إذ بعد العلم بعدم جريان األصل في كل األطراف ،يحصل التعاةض بين
إطالق دليل األصل لكل طرف وبين اطالقه لسائر األطراف ،ومقتضى
التعاةض هو التساقط.
وأما اشيخنا األستاذ (دام ظله) فقد ذكر ما حاصله:
ال وال
أن إطالق دليل حجية األماة ال يشمل أطراف العلم اإلجمالي ،ال ك ً
بعضاً للتعاةض بين المدلول المطابقي ألخذهما مع المدلول االلتزامي لآلخر
الموجب للتساقط ،كما تقدم.
وأما إطالق أدلة األصول العملية فال يشمل أطراف العلم اإلجمالي لوجود
القرينة اللبية المنفصلة وهي الفهم العرف واالةتكاز العقالئي ،المناقض
لجعل الترخيص ثم إن جعل الحكم الترخيصي في جميع أطراف العلم
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 7ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
مطلقا ،بل يجوز لبسه حتى مع العلم التفصيلي بالنجاسة في غير الصالة
اختياراً ،فيبقى شرب الماء محتمل الحرمة والحلية الحتمال نجاسة الماء،
ولكن هل تجري في الماء (أصالة الحلية) أو تسقط بالعلم اإلجمالي
كسقوط (أصالة الطهارة)؟ وجهان :بل قوالن:
أما المحقق النائيني(قده) :فقد ذهب إلى سقوطها للمعارضة باألصل الجاري
في الطرف اآلخر ،وإن كان واحداً ال أكثر ،والتزم (قده) بعدم جواز شرب
الماء في المثال المتقدم من جهة عدم المؤمن من احتمال العقاب عليه.
أما السيد الخوئي(قده) :فقد قال :التحقيق جريان أصالة الحل وعدم
معارضتها بأصالة الطهارة في الطرف اآلخر ،وذلك ،لما عرفت من أن العلم
اإلجمالي بالتكليف ال يوجب تنجز الواقع ،اال بعد تساقط األصول في
أطرافه ،فإذا كان األصل الجاري العرضي في الطرفين من سنخ واحد،
كأصالة الطهارة في المثال المذكور ،فال مناص من القول :بعدم شمول لكال
الطرفين ،الستلزامه الترخيص في المعصية وكذا عدم شموله ألحد الطرفين،
دون اآلخر ،الستلزامه الترجيح بال مرجح.
وأما األصل الطولي :المختص بأحد الطرفين(كأصالة الحلية) أو (أصالة
اإلباحة) في الماء فال مانع من شمول دليله للطرف المختص به وهو الماء
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 12ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
إذ ال يلزم منه ترجيح بال مرجح؛ لعدم شمول دليله للطرف اآلخر في نفسه
على الفرض.
وبعبارة أخرى :أن دليل أصالة الطهارة بعد العلم بعدم شموله لكال الطرفين
لمانع ثبوتي الترخيص في المعصية ،نعلم بتخصيصه وعدم جريانه في المقام
فال بد من رفع اليد عنه إما في كال الطرفين ،أو في أحدهما ،وحيث إن
الثاني مستلزم للترجيح بال مرجح ،فتعين األول.
وأما دليل أصالة الحل فهو بعمومه ال يشمل اال أحد الطرفين المشكوك
حليته وهو شرب الماء من أول األمر فال موجب لرفع اليد عنه.
وأما الطرف اآلخر ،فهو مقطوع الحلية ،وهو لبس الثوب النجس في غير
الصالة ،فيكون خارجاً عن مورد أصالة الحل ،موضوعاً وتخصصاً ،وهذا
أحد الموارد التي يرجع فيها إلى األصل المحكوم ،بعد سقوط األصل
الحاكم بالتعارض ونظيره في الفقه كثير.
منها ما لو علم بنجاسة شيء واحد ،في زمان ،وعلم بطهارته في زمان آخر،
وشك في المتقدم منهما فإنه بعد تساقط االستصحابين بالمعارضة يرجع إلى
قاعدة الطهارة فيه.
ذكر السيد الشهيد (قده):
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 13ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في التنبيه األول من تنبيهات العلم اإلجمالي وهو الذي ذكره
السيد الخوئي في المقام من أن األصول الجارية في أطراف معلوم باإلجمال
تختلف باختالف موارد ،وذكر ان في المقام أقسام ثالثة :تقدم الكالم في
القسم األول ،وفي القسم الثاني ،واليوم نذكر القسم الثالث:
وأما القسم الثالث :وهو ما إذا كان األصل الجاري في أحد الطرفين (أصالة
الطهارة) مغايراً في السنخ ،لألصل الجاري في الطرف اآلخر ،فإن لم يكن
أحد الطرفين مختصاً ومشموالً بأصل طولي فال إشكال في عدم جواز
الرجوع إلى األصل الجاري في كال الطرفين ،وال في أحدهما ،للزوم
الترخيص في المعصية ،أو للزوم الترجيح بال مرجح.
وأما إذا كان أحدهما مختصاً بأصل طولي فهو يتصور بصورتين:
الصورة األولى :ما إذا كان األصل الطولي فيها موافقاً في المؤدى ،مع
األصل الجاري ،في مرتبة سابقة عليه.
الصورة الثانية :ما إذا كان األصل الطولي فيها غير موافق للمؤدى ،مع األصل
الجاري ،في مرتبة سابقة عليه.
أما الصورة األولى :وهي :توافق األصل الطولي ،مع األصل الجاري في
المؤدى مثاله :ما إذا علمنا إجماالً إما بنجاسة أحد الماءين ،أو غصبية
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 14ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
مثال الثاني :وهي صورة التخالف بين األصول العرضية ،ما إذا علم اجماالً
إما بنقصان ركعة من صالة المغرب ،أو عدم االتيان بصالة العصر ،بعد
الفراغ منهما ،وحينئذ :فاألصل الجاري في صالة المغرب هو (قاعدة الفراغ)
وأما األصل الجاري في صالة العصر هو (قاعدة الحيلولة) فتسقطان ألجل
المعارضة بمالحظة العلم اإلجمالي ،والمرجع هو استصحاب عدم االتيان
بالركعة المشكوك نقصانها ،في صالة المغرب ،فيحكم ببطالنها وأصالة
البراءة من وجوب قضاء صالة العصر باعتبار أن الفوت الذي هو موضوع
وجوب القضاء ال يثبت بأصالة عدم االتيان بصالة العصر اال على القول
باألصل المثبت ،فيحكم بالصحة.
مالحظة :أن هذا التفصيل من جواز الرجوع إلى األصل الطولي في بعض
الموارد ،وعدم جواز الرجوع إليه في البعض اآلخر ،يترتب عليه ثمرات
مهمة في بحث الخلل في الصالة ،وفي بحث فروع العلم اإلجمالي ،فال
تغفل.
بقي شيء:
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 15ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
تقدم الكالم في التنبيه األول من تنبيهات العلم اإلجمالي حيث ذكرنا فيه
التفصيل بين أقسام وموارد التي يجري فيه األصل الطولي أو األصل
العرضي وأنه في بعض الموارد يجوز الرجوع إلى األصل الطولي وفي
بعض الموارد ال يجوز الرجوع إلى األصل الطولي لعدم الفائدة وعدم
الثمرة.
التنبيه الثاني :في أركان منجزية العلم اإلجمالي
ظهر مما تقدم :أن لقاعدة منجزية العلم اإلجمالي أركاناً أربعة ،فال بد من
توفرها جميعاً ،حتى تجب الموافقة القطعية العملية.
الركن األول :وجود العلم بالجامع وتحققه.
كما لو علم المكلف بوجوب مردد بين أحد شيئين ،إما الظهر ،أو الجمعة،
فلو فرضنا أنه يعلم بوجوب خصوص أحدهما ،كان علمه تفصيلياً ،وهو
خلف الفرض.
ولو فرض أنه شاك في أصل ثبوت هذا الوجوب وال يعلم به كان شكّه
بدوياً في كل طرف ،لعدم كونه مقروناً بالعلم اإلجمالي فتجري أصالة
البراءة الشرعية.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 15ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فإذاً في تحقق العلم اإلجمالي البد أن يكون هناك علم بالجامع ،واال دار
بين كونه علماً تفصيلياً ،أو شكاً بدوياً ،وهو خلف.
ثم إن المتعلق بالجامع قد يكون علماً وجدانياً كما لو قطع بنجاسة أحد
اإلناءين بالرؤية ،وقد يكون (علماً تعبدياً) كما إذا قامت البينة على نجاسة
أحدهما.
ومن المعلوم أنه ال اشكال في منجزية العلم اإلجمالي الوجداني) وإنما وقع
الخالف واالشكال في منجزية العلم اإلجمالي التعبدي الحاصل من البينة،
فهل يمكن أن نطبق عليه قاعدة منجزية العلم اإلجمالي الوجداني ،أوال؟
وجهان:
الوجه األول :هو تطبيق قاعدة منجزية العلم اإلجمالي ،على هذا المورد،
وذلك :ألن دليل الحجية يجعل األمارة حجة وعلماً كالعلم الوجداني،
فيترتب عليه آثار العلم الوجداني الطريقي كالمنجزية ،فال تجري أصالة
الطهارة ،ال في هذا اإلناء وال في ذاك اإلناء؛ للزوم الترخيص في المعصية.
الوجه الثاني :هو عدم تطبيق قاعدة المنجزية على البينة ومعه فال محذور،
في إجراء أصالة الطهارة في كال اإلناءين ،اال محذور الترخيص في
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 15ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
المخالفة القطعية ،للتكليف الواقعي ،وهو غير الزم في مورد البينة ،وذلك:
لعدم العلم بمصادفة البينة للتكليف الواقعي ،الحتمال خطأها.
والصحيح :هو الوجه األول :وذلك :ألن في المقام دليلين متعارضين:
أحدهما :دليل حجية األمارة ،الذي ينجز مؤدى األمارة ،ويمنع من جريان
األصل (كأصالة الطهارة) فيهما ،واآلخر :دليل األصل الجاري في كل واحد
منهما ،من جهة الشك في كل منهما ،المحقق لموضوع األصل.
وبما أنه ال يمكن العمل بكال الدليلين المتعارضين والمتنافيين ،ذهب
القائلون بالوجه األول إلى تمامية دليل حجية البينة ،ويترتب عليه :عدم
إمكان إجراء األصول في كال الطرفين ،والزمه ترك كال اإلناءين ،وعدم
ارتكابهما.
وذهب القائلون بالوجه الثاني :إلى تقديم دليل أصالة الطهارة على دليل
البينة ،فذهبوا إلى جريان أصالة الطهارة فيهما.
ولكن نقول :بما أن كال الدليلين حجة ،فالبد من الجمع بينهما ،لرفع التنافي،
وكيفية الجمع ،هو أن يقال :إن العرف يرى تقديم دليل البينة على دليل
األصل ،من جهة األخصية ،أو النصية.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 15ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
بيان ذلك :أنه ال يخلو مورد البينة من أصل من األصول العملية غالباً ،وعليه
فلو أن حجية البينة اختصت بغير مورد األصل ،كان معنى ذلك :الغاء البينة
مطلقا ،وهذا هو معنى كون دليل البينة أخص ،بل يمكن القول :أن دليل
حجية البينة وغيرها من األمارات نص في الشمول لموارد األصل ،فضال عن
األخصية ،وعلى أساس هذا الجمع يلزم عدم جريان أصالة الطهارة في كال
اإلناءين ألن جريانها فيهما خلف تقديم دليل البينة باألخصية .وبما ذكرنا:
يتنجز كال الطرفين ،بالبينة ،ويلزم االجتناب عنهما معاً.
الركن الثاني:
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 16ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في بيان أركان العلم اإلجمالي ،وذكرنا أن لقاعدة منجزية العلم
اإلجمالي هناك أركان أربعة ،وبدونها ال يكون العلم اإلجمالي منجزاً ،تقدم
الكالم في الركن األول ،وكان في أنه البد أن يكون هناك علم بالجامع
موجوداً ومتحققاً ،يعني يكون العلم بالجامع ،دون الشك ،العلم بالجامع دون
الفرد ،واال لو كان العلم بالفرد كان من مصاديق العلم التفصيلي ،إذا كان
بدل العلم الشك بالجامع ،هذا يكون من باب الشك بدوي ،فيخرج عن
العلم اإلجمالي ،تقدم الكالم في الركن األول.
الركن الثاني :توقف العلم اإلجمالي وبقائه على الجامع ،وعدم سرايته إلى
الفرد.
وذلك :ألن بمجرد سراية العلم اإلجمالي إلى الفرد ،انقلب إلى علم تفصيلي
بالفرد ،وصار منجزاً بالنسبة إلى ذلك الفرد فقط ،ويصبح الفرد الثاني مورداً
للشك البدوي ،فتجري فيه البراءة حتماً ،وهذا االنقالب يسمى بانحالل
العلم اإلجمالي ،بالعلم بالفرد ،والشك في اآلخر ،ثم إن يتعلق العلم بالفرد
أنحاء عديدة ،في بعضها ينحل العلم اإلجمالي وفي بعضها ال ينحل،
نذكرها ال حقاً ،إن شاء هلال تعالى.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 16ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
والمفروض هنا :أنه قد رخص الشارع بارتكاب بعضها ،وهو االناء األصفر،
لكونه مورداً للشك البدوي.
الركن الرابع :أن يكون جريان البراءة ،أو أي أصل آخر مرخص في جميع
أطرافه ،مؤدياً إلى ترخيص المكلف في ارتكاب المخالفة القطعية ،مع
تمكنه بالفعل من ارتكابها ،و وقوعها خارجاً على وجه مأذون فيه ،كما في
الشبهات المحصورة.
ففي مثل ذلك :يكون العلم اإلجمالي منجزاً ،واال فال.
بمعنى :انه لو لم يكن جريان األصول في أطرافه مؤدياً إلى المخالفة القطعية
ولو مع اإلذن والترخيص في االرتكاب ،كما لو كان المكلف قاصراً عاجزاً
في قدرته على المخالفة القطعية ،رغم إجراء األصل في كل األطراف ،فإنه
ٍ
حينئذ ال محذور في جريان األصول في كل طرف ومعه ،ال يكون العلم
ٍ
حينئذ منجزاً. اإلجمالي
مثاله :لو علمنا علماً اجمالياً بنجاسة أحد إناءين فهنا يكون العلم اإلجمالي
منجزاً ألنه يمكن إجراء أصالة الطهارة في كال اإلناءين في نفسه ،ولكن
يلزم منه محذور الترخيص في ارتكابهما معاً ،أي الترخيص في المخالفة
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 16ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
القطعية ،وخصوصاً أنه هذه المخالفة ممكنة للمكلف بارتكاب كال اإلناءين
الصغرين ،أو خلطهما واستعماله.
ولكن لو علمنا اجماالً بنجاسة إناء ضمن أواني كثيرة غير محصورة ،فهنا ال
يلزم تحقق المخالفة القطعية العملية ،من جريان األصول في جميع
األطراف ،لعدم إمكان ارتكاب جميعها ،لعدم حصرها ،ومن هنا قلنا :أن مع
جريان األصول في جميع األطراف غير المحصورة ،من دون تحقق محذور
ألي طرف
(المخالفة القطعية العملية) ال يكون هذا العلم اإلجمالي منجزاً ل
يختار المكلف اقتحامه وارتكابه ،له إجراء األصل المؤمن.
والخالصة :أنه البد من توفر هذه األركان األربعة ،حتى يكون العلم
اإلجمالي منجزاً ،وعليه :فإذا انهدم ركن واحد من هذه األركان ،بطلت
منجزية العلم اإلجمالي.
التنبيه الثالث:
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 19ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الشرط األول :أن يكون متعلق العلم اإلجمالي حكماً مولوياً الزامياً فعلياً،
على كل تقدير ،أي سواء أكان في هذا الطرف ،أو ذاك الطرف.
مثاله :ما إذا علم إجماالً بوجوب صالة الظهر ،أو بوجوب صالة الجمعة في
يوم الجمعة ،أو علم إجماالً ،إما بوجوب صالة القصر ،أو صالة التمام ،في
السفر.
أو علم إجماالً ،إما بغصبية وحرمة اإلناء األبيض ،او اإلناء األصفر وهكذا.
فإن التكليف اللزومي المعلوم باإلجمال فعلي ومورد لالبتالء على كل
تقدير ،في تمام األمثلة المتقدمة.
وعليه :فإذا كان متعلق العلم اإلجمالي كذلك ،فهو منجز لذلك التكليف
المولوي على القولين في المسألة.
أما على القول بالعلية التامة :كما هو المشهور ،فيكون تنجيز العلم اإلجمالي
للتكليف االلزامي بنحو (العلية التامة) بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية
العملية) ،وبنحو (االقتضاء) بالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعية العملية
وذلك :باعتبار أن تنجيز العلم اإلجمالي لوجوب الموافقة ،مبني على
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 19ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وذلك :لما تقدم من أنه ال يمكن أن يكون حكم العقل بالتنجيز والتعذير
وكذا حكمه بـ حسن اإلطاعة وقبح المعصية ،حكماً تنجيزياً ،بل هو حكم
ال عن العلم اإلجمالي كما
تعليقي ،حتى في موارد العلم التفصيلي ،فض ً
تقدم.
تساؤل :هل هناك ثمرة تظهر بين القولين في مسألة العلم اإلجمالي؟
والجواب :أن الثمرة ال تظهر بين القولين(إثباتاً) الذي هو المهم.
وذلك :ألنه على كال القولين يكون العلم اإلجمالي منجزاً للتكليف المعلوم
باإلجمال ،في كل طرف من أطرافه مباشرة ،غاية األمر على القول بالعلية،
ال وال بعضاً في مقام
ال يمكن جعل األصول المؤمنة في أطرافه ،ال ك ً
الثبوت ،واال لزم خلف فرض كونه علة تامة للتنجيز ،بينما على القول
باالقتضاء يمكن جعلها ثبوتاً ،ولكنها تسقط في مقام االثبات من جهة
المعارضة.
وعليه :فيكون العلم اإلجمالي بعد سقوط األصول منجزاً للتكليف المعلوم
باإلجمال في كل طرف من أطراف العلم اإلجمالي ،فال ثمرة من هذه
الناحية بين القولين.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 19ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
نعم :تظهر الثمرة بينها ،فيما إذا فرض عدم جريان األصل المؤمن في أحد
طرفيه لمانع ،أو لعدم المقتضي.
وذلك :ألنه على القول باالقتضاء لو فرض وجود األصل المؤمن في أحد
األطراف بسب أو خخر ،فال مانع من جريانه في الطرف اآلخر.
وأما على القول بالعلية التامة ،فالمانع عن جعل األصل المؤمن في أطراف
ال ،أو بعضاً) ثبوتاً هو نفس العلم اإلجمالي مباشرة ،فإنه
العلم اإلجمالي (ك ً
طالماً يكون موجوداً ،فال يعقل جعل األصل المؤمن في أطرافه.
وعليه :فلو فرض على القول بالعلية سقوط األصل المؤمن في أحد طرفي
المعلوم باإلجمال ،لمانع أو لعدم المقتضي ،ال يصلح أن يكون ذلك مانعاً
عن تنجيز العلم اإلجمالي واال لزم خلف فرض كونه علة تامة .هذا.
الشرط الثاني :أن ال يكون أحد طرفي العلم اإلجمالي منجزاً بمنجز سابق،
على العلم اإلجمالي ،واال فال أثر له ،وذلك :ألن المتنجز مر ًة ال يقبل التنجز
مرة أخرى مطلقا على كال القولين(االقتضاء والعلية التامة)...
األصول :مبحث األصول العملية
االحد 20ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وفيه :أن ما ذكره من التعليل لهذا الشرط (استحالة التنجز مرة أخرى) قابل
للمناقشة ،وذلك :ألنه إذا اجتمع في آن واحد منجزان على تكليف الزامي
فال يمكن أن يستند تنجزه فيه إلى أحد هما المعين ،ألنه ترجيح من غير
مرجح ،باعتبار أن نسبته إلى كليهما على حد سواء ،وال ترجيح للسابق في
التنجيز على الالحق في هذا اآلن ،وهذا نظير اجتماع علتين مستقلتين على
معلول واحد.
ألن وجود التكليف االلزامي في آن االجتماع ،ال محالة مستند إلى كلتا
العلتين المستقلتين معاً ،وال إلى أحدهما ،دون األخرى ،للزوم الترجيح من
غير مرجح ،بعد ما كانت نسبة كليتهما إليه في هذا اآلن نسبة واحدة ،وال
أثر لسبق إحداهما على األخرى ،فإن التعاصر بين العلة والمعلول ،من
القضايا األولية الوجدانية.
والتحقيق في المقام :بعد أن تبيّن أن المنجزين ،إذا اجتمعا على تكليف
الزامي واحد ،كان تنجيزه مستنداً إلى كليهما معاً ،بحيث يكون كل واحد
منهما جزء العلة ،ال تمام العلة.
يقع الكالم تارة :على القول باالقتضاء المختار ،وأخرى :على القول
المشهور بالعلية التامة.
األصول :مبحث األصول العملية
االحد 20ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أما على القول األول :وهو القول باالقتضاء فمرة يفرض المنجز السابق
ال في العلم اإلجمالي وأخرى :في األمارة ،وثالثة :في األصول العملية
متمث ً
الشرعية.
أما الفرض األول :وهو ما لوكان المنجز السابق ألحد الطرفين علماً اجمالياً.
مثاله :مالو علمنا إجماالً بنجاسة أحد اإلناءين ،إما األبيض ،او األصفر ،ثم ال
حقاً علمنا بمالقاة اإلناء األسود (الثالث) ألحدهما المعين( ،كاإلناء األبيض)
ال ومن المعلوم أن هذه المالقاة تشكل علماً اجمالياً آخر ،وهو العلم
مث ً
اإلجمالي إما بنجاسة اإلناء األسود ،أو اإلناء األصفر ،فيكون اإلناء األصفر
طرفاً لكال العلمين اإلجماليين ،وفي آن حدوث العلم اإلجمالي الثاني
بالمالقاة ،فقد اجتمع عليه منجزان :أحدهما :العلم اإلجمالي األول ،واآلخر:
العلم اإلجمالي الثاني.
وعليه :يكون التنجز في آن االجتماع) ال محالة ،مستنداً إلى كليهما معاً،
يعني المجموع بحيث يكون كل واحد منهما جزء العلة للتنجز ،ال تمام
العلة ،وال يمكن أن يكون التنجز مستنداً إلى أحد العلمين االجماليين
المعيّن ،دون اآلخر ،وذلك :للزوم محذور (الترجيح بال مرجح) بعد ما
كانت نسبة كال العلمين إليه ،نسبة واحدة.
األصول :مبحث األصول العملية
االحد 20ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كما ال يمكن أن يكون مستنداً إلى كل واحد منهما ،بنحو االستقالل ،بأن
يكون كل واحد تمام العلة ،بعد ما كانت العلتان من سنخ واحد ،للزوم
ال ،فإن في مثل ذلك
لغوية تأثير أحدهما ،بعد تحقق التنجز من اآلخر مستق ً
ال محالة يكون المؤثر هو المجموع وال رابع.
ال يقال :يلزم على كون المؤثر هو المجموع ،استحالة اجتماع علتين
مستقلتين على معلول واحد شخصي ،كما ثبتت في محله.
فإنه يقال :نعم :ولكن ثبوت االستحالة إنما يكون في مورد ما إذا كانت
العلتان المستقلتان ،متباينتين ،وجوداً وماهية ،ال فيما إذا كانتا متسانختين،
كالمقام ،فراجع.
وعليه :فال محالة يكون تنجيز التكليف المشكوك في اإلناء األصفر في
المثال مستنداً إلى كال العلمين اإلجماليين ،في آن االجتماع ،وال أثر لسبق
أحد العلمين على اآلخر.
والوظيفة :هو وجوب االجتناب عن اإلناء األسود ،واألبيض ،كما يجب
االجتناب عن اإلناء األصفر جميعاً ،لتعارض األصول ،ألن أصالة الطهارة في
اإلناء األسود أيضاً يكون معارضاً بأصالة الطهارة في اإلناء األصفر ،كما هو
الحال مع اإلناء األبيض سابقاً على المالقاة.
األصول :مبحث األصول العملية
االحد 20ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في التنبيه الثالث في بيان شروط العلم اإلجمالي يعني شروط
تنجيز العلم اإلجمالي ،الشرط األول أنه البد أن يكون متعلق العلم اإلجمالي
حكماً مولوياً الزامياً .وفي الشرط الثاني قلنا إذا كان هناك منجزين ،على
تكليف واحد الشرط أنه أال يكون مسبوقا للمنجزية ،وجر من البحث إلى
بيان فروض وصور وجود منجز السابق على أحد أطراف المعلوم باإلجمال،
وقلنا الحكم قد يختلف بين القولين في المسألة ،القول بالعلية تامة ،وقول
باالقتضاء ،في منجزية العلم اإلجمالي ،فقدمنا القول باالقتضاء ،الذي هو
مختار السيد الشهيد(قده) وشيخنا األستاذ (دام ظله) وهو مختار لنا أيضاً،
ذكرنا في هذه الصورة فروض:
أما الفرض األول :وهو ما لوكان المنجز السابق ألحد الطرفين علماً اجمالياً.
مثاله :مالو علمنا إجماالً بنجاسة أحد اإلناءين ،إما األبيض ،او األصفر ،ثم ال
حقاً علمنا بمالقاة اإلناء األسود (الثالث) ألحدهما المعين( ،كاإلناء األبيض)
ال ومن المعلوم أن هذه المالقاة تشكل علماً اجمالياً آخر ،وهو العلم
مث ً
اإلجمالي إما بنجاسة اإلناء األسود ،أو اإلناء األصفر ،فيكون اإلناء األصفر
طرفاً لكال العلمين اإلجماليين ،وفي آن حدوث العلم اإلجمالي الثاني
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 21ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
بالمالقاة ،فقد اجتمع عليه منجزان :أحدهما :العلم اإلجمالي األول ،واآلخر:
العلم اإلجمالي الثاني.
ال في (األمارة) ومثاله :ما
وأما الفرض الثاني :ما إذا كان المنجز السابق متمث ً
إذا قامت األمارة (كالبينة) على نجاسة إناء معيّن في الخارج(كاإلناء
األبيض) ثم علمنا إجماالً :إما بنجاسته أو بنجاسة اإلناء األصفر.
ففي مثله نقول :إنه وإن اجتمع في (اإلناء األبيض) منجزان :أحدهما البيّنة،
واآلخر :العلم اإلجمالي ،اال أن تنجز اإلناء األبيض ،مستند إلى البيّنة على
القول باالقتضاء ،كما هو محل الكالم ،دون العلم اإلجمالي.
وذلك :ألن تنجيز العلم اإلجمالي ألطرافه متوقف على مقدمة خارجية،
وهي تعارض األصول المؤمنة ،في أطرافه ،وسقوطها بالتعارض .ولبعض
مرجح.
أطرافه ،دون البعض اآلخر ،متوقف على صحة الترجيح بال ّ
وأما تنجيز البينة للتكليف فال يتوقف على شيء ،بل هو بالمباشرة.
وعليه :فحيث إن أصالة الطهارة التي موضوعها الشك ،في اإلناء األبيض قد
لتقدمها عليها بالحكومة ،على المشهور ،وتقدمها
سقطت من جهة البينة ّ
ٍ
حينئذ ألصالة الطهارة في اإلناء األصفر، بالقرينة على المختار .فال معارض
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 21ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فإذاً ال مانع من جريان أصالة الطهارة فيه ،بذلك ينحل العلم اإلجمالي إلى
علم تفصيلي في األبيض بالبينة ،وإلى شك بدوي في األصفر.
ال في األصل
المنجز السابق متمث ً
ّ وأما الفرض الثالث :وهو ما إذا كان
العملي .ومثاله :ما إذا شككنا في نجاسة (اإلناء األبيض) وكان مسبوقاً
ٍ
وحينئذ ،نستصحب بقاء النجاسة فيه ،ثم بعد ذلك لو علمنا إجماالً بالنجاسة
إما بنجاسة اإلناء األبيض) أو اإلناء األصفر.
وفي مثله :وإن كان المنجزان هما (االستصحاب) و(العلم اإلجمالي) قد
اجتمعا في اإلناء األبيض ،اال أن االستصحاب ،حيث إنه مقدم على أصالة
تنجزه إلى االستصحاب،
الطهارة هي أصل حكمي ،فبطبيعة الحال يستند ّ
منحل حكماً ،ألنه مادام استصحاب بقاء
ّ دون العلم اإلجمالي ،باعتبار أنه
النجاسة في اإلناء األبيض ،يجري ،فال تصل النوبة إلى أصالة الطهارة فيه،
حتى تعارض أصالة الطهارة ،في اإلناء األصفر.
ألنها محكوم باالستصحاب (بالحكومة أو بالقرينة اللبية) ،ومن هنا ال مانع
من جريان اصالة الطهارة في اإلناء األصفر ،لعدم المعارض لها فينحل العلم
اإلجمالي حكماً ،وهذا كله إنما كان على القول (باالقتضاء) وهو المختار
لسيد الشهيد(قده) وشيخنا األستاذ.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 21ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما على القول بالعلية التامة ،وهو ما اختاره السيد الخوئي(قده) تبعاً
للمشهور ،فأيضاً يقع الكالم تارة فيما إذا كان المنجز السابق (العلم
اإلجمالي) وأخرى األمارة المعتبرة ،وثالثة األصل العملي ،وهذه فروض
ثالثة.
ال (بالعلم اإلجمالي ايضاً.
الفرض األول :ما لوكان المنجز السابق متمث ً
مثاله :ما إذا علمنا إجماالً بنجاسة أحد اإلناءين (األبيض أو األصفر) ثم
ٍ
وحينئذ :فيكون ال.
علمنا بمالقاة اإلناء الثالث األسود لإلناء (األبيض) مث ً
اإلناء األصفر مورداً الجتماع المنجزين عليه.
ومن الواضح وقد ظهر وتقدم :أن المؤثر في تنجز (األصفر) حال توارد
المنجزين عليه هو كال المنجزين معاً ،بحيث يكون كل المنجزين جزء
العلة ،ال تمام العلة.
وال يمكن أن يكون تنجزه مستنداً إلى أحدهما المعين ،دون اآلخر ،للزوم
الترجيح بال مرجح.
وال يمكن استناده إلى السابق منهما إذ ال أثر للسبق في المقام ،ألن المعلول
في كل آن بحاجة إلى العلة في ذاك اآلن لقاعدة التعاصر بينهما ،وال يكفي
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 21ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وجود العلة قبل هذا اآلن ،لوجود المعلول فيه ،واال لزم انفكاك المعلول عن
العلة ،وهو مستحيل ،لكونه خرقاً لقانون التعاصر.
وال فرق في هذا الفرض بين القولين في المسألة (القول بالعلية والقول
باالقتضاء) والوظيفة :هو وجوب االجتناب عن األطراف الثالثة جميعاً ،كما
على القول باالقتضاء.
ودعوى :أن العلم اإلجمالي الثاني ،ال يكون منجزاً له ،باعتبار أن أحد
متنجز بمنجز سابق ،ال يمكن المساعدة عليها ،كما تقدم سابقاً ،فال
ٌ طرفيه
نعيد.
نعم الفرق بين القولين إنما هو في أن التنجيز على القول باالقتضاء مستند
إلى تساقط األصول المؤمنة ،وأما على القول بالعلية فهو مستند إلى العلم
اإلجمالي مباشرة.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 22ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في البحث السابق في الفرض األول من الفروض التي أردنا أن
نذكرها في على القول بكون علم اإلجمالي يكون منجزاً للتكليف على نحو
العلية التامة ،كما ذهب إليه السيد الخوئي(قده) وكان الشرط الثاني من
الشروط التي أردنا أن نذكرها في منجزية العلم اإلجمالي هو أن ال يكون
بعض األطراف أو أحد األطراف منجزاً بمنج ٍز سابق ،على العلم اإلجمالي
تقدم الكالم على القول باالقتضاء ،واآلن على القول بالعلية ذكرنا فروضاً
ال بالعلم اإلجمالي
صور ثالثة ،الفرض األول :ما لوكان المنجز السابق متمث ً
ايضاً .مثاله :ما إذا علمنا إجماالً بنجاسة أحد اإلناءين (األبيض أو األصفر)
ال .البد من
ثم علمنا بمالقاة اإلناء الثالث األسود لإلناء (األبيض) مث ً
االجتناب عن هذه األطراف الثالثة.
ال في األمارة (كالبينة) مثاله :ما
الفرض الثاني :ما إذا كان المنجز السابق متمث ً
ال فعلمنا بنجاسته تعييناً،
إذا قامت البينة على نجاسة إناء معين (كاألبيض) مث ً
ثم بعد ذلك علمنا بعلم إجمالي ،إما بنجاسة ،أو نجاسة اإلناء (األصفر).
ففي مثل ذلك :حيث إن تنجيز العلم اإلجمالي للتكليف المعلوم باإلجمال
يكون بالمباشرة ،وعلى نحو (العلية التامة) في كال طرفيه ،فيكون تنجيز
نجاسة (اإلناء األبيض) مستنداً إلى كل من البينة ،والعلم اإلجمالي معاً ،في
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 22ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
آن اجتماعهما عليه ،وال يمكن أن يكون مستنداً إلى أحدهما المعين
كالبينة ،دون اآلخر ،للزوم الترجيح بال مرجح بعد ما كانت نسبة كليهما إلى
(اإلناء األبيض) على حد سواء في تنجيز النجاسة.
وبكلمة :أن العلم اإلجمالي ،بما أنه ال ينحل باألمارة ،ال انحالال حقيقياً كما
هو واضح ،القتصاره على العلم التفصيلي ،وال انحالال حكمياً ،ألنه متوقف
على كون األمارة مانعة عن تنجيزه ،وهذا خلف فرض كون العلم
اإلجمالي ،علة تامة للتنجيز ،فال تكون األمارة مانعة ،فال انحالل.
والحاصل :أن الثمرة تظهر بين القولين في هذا الفرض.
فعلى القول بالعلية التامة :فإن العلم اإلجمالي يكون مؤثراً في التنجيز ،وأما
البيّنة القائمة على أحد طرفيه ،ال تمنع عن تنجيزه ،طالماً ظل ثابتاً وغير
منحل ،والمفروض أن العلم اإلجمالي غير منحل في المقام ،ال حقيقة ،وال
حكماً ،كما تقدم.
وعلى القول باالقتضاء :فحيث إن تنجيز العلم اإلجمالي يتوقف على
تعارض األصول المؤمنة في أطرافه ،وتساقطها بالتعارض ،فال يكون تعارض
ال ،ألن األصل المؤمن في مورد البينة وهو اإلناء األبيض ساقط
في المقام مث ً
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 22ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ٍ
وحينئذ ال معارض لألصل المؤمن عند جريانه من جهة تقديم البيّنة عليه،
في اإلناء األصفر ،فيحكم بطهارته.
من هنا يظهر :أن ما هو المشهور بين األصوليين :من أن التكليف المنجز ،ال
يقبل التنجيز مرة أخرى ،ألنه لغو ،وإن كان صحيحاً بحسب الكبرى ،اال أن
المقام ليس من صغريات هذه الكبرى ،كما هو واضح ،على القول بالعلية.
ال باألصل العملي.
الفرض الثالث :فيما إذا كان المنجز السابق متمث ً
مثاله :مالو شك في طهارة أو في بقاء نجاسة اإلناء األبيض ،فيستصحب بقاء
النجاسة ،وبعد االستصحاب علم إجماالً ،إما بنجاسة اإلناء األبيض ،أو
نجاسة اإلناء األصفر ،وفي مثل ذلك يكون العلم اإلجمالي منجزاً على
القول بالعلية ،إذ ال يمكن تصور المانع عن تنجيزه ،ألنه خلف فرض كونه
علة تامة له ،كما تقدم.
ففي آن اجتماع االستصحاب مع العلم اإلجمالي ،يكون التنجيز مستنداً إلى
كليهما معاً ،ال إلى أحدهما كاالستصحاب دون اآلخر ،ألنه يستلزم الترجيح
مرجح.
من دون ّ
فإذاً يكون العلم اإلجمالي منجزاً للنجاسة في مورد االستصحاب أيضاً.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 22ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في تنبيهات العلم اإلجمالي في تنبيه الثالث ،الذي تعرضنا في
هذا التنبيه إلى شروط تنجيز العلم اإلجمالي وذكرنا الشرط األول أن العلم
اإلجمالي البد أن يتعلق بحكم مولوي الزامي فعلي من جميع جهات ،وفي
الشرط الثاني انه البد أن ال يكون أحد اطراف العلم اإلجمالي منجزاً بمنجز
سابق واال ال يحصل التنجيز ولو في الجملة.
الشرط الثالث :أن تنجيز العلم اإلجمالي لوجوب الموافقة القطعية العملية
مشروط بكون المكلف قادراً على المخالفة القطعية العملية ،واال فال يكون
منجزاً له.
مثاله :مالو علم بنجاسة إناء من خمسة آنية ،ثم اختفى إناء واحد ،فوجوب
الموافقة يكون بترك استعمال جميع األواني الخمسة ،ولكن هل تحقق
الموافقة القطعية باالجتناب عن األربعة الباقية ،والحال أن اإلناء الخاص
ٍ
مختف؟
ال.
والجواب :نعم ،فإن المختفي قد اجتنب عنه فع ً
ولكن لو شرطنا أن تحقق الموافقة القطعية متوفقة على القدرة على المخالفة
القطعية ،ال تحقق الموافقة القطعية ،لعدم القدرة في مفروض المثال على
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 23ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
المخالفة القطعية ،الختفاء إناء واحد منها ،وذلك ألنه بارتكاب جميع
األواني األربع تحصل المخالفة االحتمالية فقط.
وفيه :لو سلمنا هذا الشرط ،فهو ليس شرط آخر في مقابل الشرط األول،
وهو كون متعلق العلم اإلجمالي هو الحكم المولوي الفعلي على كل
تقدير.
وذلك :ألن أحد أطراف العلم اإلجمالي إذا خرج عن قدرة المكلف ،لم
ال وتركاً ،فإن فعلية
يكن التكليف فعلياً على كل تقدير وعلى كل حال ،فع ً
التكليف منوطة بالقدرة على امتثاله ومع العجز عنه ،ال يعقل أن يكون فعليا،
واال لزم التكليف بغير المقدور.
فإذاً مع عدم القدرة على جميع أطراف العلم اإلجمالي ال علم بالتكليف
الفعلي مطلقا ،سواء أكان في هذا الطرف ،أو ذاك ،أو في الطرف الثالث
وهكذا ،الحتمال كون التكليف في الطرف المختفي.
فالنتيجة :أن هذا الشرط ،ليس شرطاً آخر في مقابل الشرط األول ،بل هو
من أفراده.
فتحصل :أن شروط العلم اإلجمالي للتنجيز اثنان كما تقدم.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 23ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
التنبيه الرابع :ال مالزمة بين وجوب الموافقة وحرمة المخالفة القطعيتين
العمليتين ،بل يمكن التفكيك بينهما ،فيما إذا جرى األصل في بعض
األطراف ،دون بعض ،لجهة من الجهات ،فال تجب الموافقة القطعية ،إن
حرمت المخالفة القطعية ،وبالعكس.
نعم :فيما إذا لم يجر األصل في شيء من األطراف من جهة المعارضة،
تجب الموافقة القطعية العملية ،كما تحرم المخالفة القطعية العملية.
ال كانت أصالة اإلباحة في
مثال :مالو علم إجماالً بحرمة أحد المائعين ،مث ً
كل واحد منهما معارضة بمثلها في اآلخر ،فتجب الموافقة القطعية
باالجتناب عنهما ،كما تحرم المخالفة القطعية بارتكابهما معاً ،فاجتمعا في
المثال.
مثال :ما لو علم بحرمة الجلوس في إحدى غرفتين في زمان معيّن ،كانت
أصالة اإلباحة في كل واحد منهما معارضة بمثلها في اآلخر ،فيتساقطان.
ٍ
وحينئذ :تجب الموافقة القطعية بترك الجلوس فيهما ،وإن كانت المخالفة
القطعية غير محرمة ،لعدم التمكن منها بالجلوس في الغرفتين في آن أو
زمان معين.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 23ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
مثال :لو علم بوجوب الجلوس في احدى غرفتين ،في ساعة معيّنة كانت
أصالة البراءة في كل واحد معارضة بمثلها ،فيتساقطان ،فتحرم المخالفة بترك
الجلوس فيهما وال تجب الموافق لعدم التمكن منها.
وعليه :فال وجه لما ذكره المحقق النائيني(قده) من عدم وجوب الموافقة
القطعية ،فيما إذا لم تحرم المخالفة القطعية.
والحاصل :فالنسبة بين وجوب الموافقة وحرمة المخالفة هي العموم من
وجه ،ويظهر االفتراق من الجانبين ،واجتماعهما فيما ذكرناه من األمثلة.
التنبيه الخامس :لوكان األثر في أحد طرف العلم اإلجمالي أكثر من األثر
ٍ
فعندئذ :تارة ال يكون بينهما قد ٌر مشترك ،فهنا قسمان: في الطرف اآلخر،
القسم األول :ما لو ترتب أثر أكبر على طرف ال يكون بينه وبين اآلخر قدر
مشترك.
مثاله :ما إذا علمنا أنه نذر في ليلة الجمعة قراءة ما ،ولكنه ال يدري أنه نذر
عم،
قراءة سورة يس ،أو سورة عم ،فإن سورة يس وإن كان أكثر من سورة ّ
اال ّ أنه لم يكن بينهما قدر مشترك ومتيقن.
الحكم :ال شبهة في تنجيز العلم اإلجمالي للطرفين ،ووجوب قراءة
السورتين معاً ،لتباين السورتين ،وعدم قدر المتيقن بينهما وحرمة المخالفة.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 23ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وال فرق في تنجيزهما معاً بين القول باالقتضاء أو العلية التامة ،غاية األمر أن
تنجيزه على االقتضاء متوقف على سقوط األصول المؤمنة ،في أطرافه
بالتعارض.
وأن تنجيزه على العلية فال يتوقف على شيء ،بل يكون بالمباشرة من نفس
العلم اإلجمالي.
القسم الثاني:
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 26ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
القسم الثاني :اختالف اآلثار مع وجود القدر المشترك بينهما .مثاله :ما إذا
علمنا بوقوع نجاسة أحد إناءين (المطلق أو المضاف) .فإن كانت قد وقعت
في الماء المضاف فال يترتب عليه غير حرمة شربه ،وهي أثر مشترك بينهما،
وإن كانت وقعت في المطلق ،ترتب عليه اثران ،حرمة الشرب ،وعدم جواز
التطهير به.
ففي هذا القسم :هل العلم اإلجمالي ينجز تمام اآلثار الثالثة من المشتركة
والمختصة ،أو منجز لخصوص األثر المشترك بينهما ،وهو حرمة الشرب،
فقط؟ وجهان:
أما المحقق النائيني(قده) فقد ذهب إلى الثاني وهو تنجز األثر المشرك
(حرمة الشرب) بدعوى :أن األصل في كل طرف ،يتعارض بمثله في
الطرف اآلخر ،بالنسبة إلى األثر المشترك فيه وهو حرمة الشرب ،فيسقط في
كل من الطرفين بالتعارض فيكون العلم اإلجمالي منجزاً بالنسبة إلى حرمة
الشرب فيهما.
وأما بالنسبة إلى األثر المختص ببعض األطراف وهو عدم جواز الوضوء به،
فيجري األصل فيه بال معارض وهو أصالة الطهارة.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 26ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
العلم اإلجمالي على أساس أنه (قده) قال :إن األثر الزائد منفي بنفس
األصل المؤمن (قاعدة الطهارة) الذي ينفي األثر المشترك في الماء المطلق،
وهو (أصالة الطهارة) أو (استصحاب الطهارة) والمفروض سقوط هذا
األصل المؤمن بالمعارضة ،فال يبقى ما يثبت جواز الوضوء به ،في الماء
المطلق.
وهذا البيان يظهر منه االعتراف بأن األثر الزائد ،خارج عن دائرة العلم
اإلجمالي وثابت في نفسه ،وإنما ال ينفي باعتبار عدم وجود أصل ترخيصي
يختص به ،كالمشترك.
ونتيجة ذلك أنه إذا كان له أصل مخصوص مختص به ،جرى في نفيه ،بال
محذور.
ال في أطراف
ثم أشكل السيد الشهيد(قده) بأن األثر المختص إذا كان داخ ً
العلم اإلجمالي وتنجز به فال يمكن نفيه باألصل المؤمن المشترك وال
ال في أطراف العلم اإلجمالي بل
باألصل المختص به ،وأما إذا لم يكن داخ ً
كان خارجاً عنها فيمكن نفيه باألصل المؤمن المشترك وهو (أصالة
الطهارة) ،وفي المقام ،تمسكاً بإطالق دليلها ألنها قد سقطت عن الماء
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 26ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
المطلق بالمعارضة بلحاظ أثره المشترك ،وهو حرمة الشرب ،وال مانع من
التمسك بها لنفي عدم جواز النصوص به.
مناقشة شيخنا األستاذ (دام ظله) للسيد الشهيد(قده) وحاصلها:
أما أوالً :فال يظهر من بيان السيد األستاذ(قده) أن األثر الزائد ،خارج عن
دائرة العلم اإلجمالي ،ألن الموجود في كالمه(قده) أن األثر الزائد منفي
بنفس األصل ،المؤمن الذي ينفي األثر المشترك في الماء المطلق .الخ.
فإن هذا البيان ال يدل على أنه داخل في دائرة العلم اإلجمالي كما ال يدل
على أنه خارج عنها ،فإذاً ،ليس هنا ما يدل على جواز الوضوء به.
وأما ثانياً :أن ما ذكره السيد الشهيد(قده)
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 27ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في التنبيه الخامس من تنبيهات العلم اإلجمالي ،القسم الثاني لو
اختلفت آثار األطراف مع وجود القدر المشترك ،مثاله :وقوع النجاسة في
أحدهما(المضاف أو المطلق) ،ولألول أثر واحد (حرمة شربه) وللثاني أثران
(عدم جواز الوضوء به).
وقع الخالف في سعة تنجيز العلم اإلجمالي ،هل تمام اآلثار أو خصوص
األثر المشترك(حرمة الشرب) قال النائيني(قده) ينجز المشترك ويجري
األصل في المختص ،قال الخوئي(قده) ينجز الجميع ألن (األثر الزائد منفي
بنفس األصل المؤمن النافي لألثر المشترك (الماء المطلق) ،والمفروض
سقوطه بالمعارضة ،فال يبقى ما يثبت (جواز الوضوء).
قال السيد الشهيد(قده) هذا البيان يظهر منه أن األثر الزائد خارج عن دائرة
العلم اإلجمالي.
ال في أطراف العلم اإلجمالي وتنجز
وفيه :أن األثر المختص إذا كان داخ ً
به ،فال يمكن نفيه باألصل المؤمن مطلقا ،ال المشترك وال المختص بسقوط
األصل في أطراف العلم بالتعارض .واال فيمكن نفيه باألصل المؤمن
المشترك وهو (أصالة الطهارة) في المقام ،لسقوطها عن المطلق بالمعارضة،
بلحاظ أثره المشترك دون المختص.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 27ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وعليه :فال مانع من التمسك (بأصالة الطهارة) لجواز الوضوء أو لنفي عدم
جواز الوضوء ،فصح كالم النائيني وهو المستفاد من كالم السيد
الخوئي(قده) أيضاً.
مناقشة شيخنا األستاذ (دام ظله) للسيد الشهيد(قده) وحاصلها:
أما أوالً :فال يظهر من بيان السيد األستاذ(قده) أن األثر الزائد ،خارج عن
دائرة العلم اإلجمالي ،ألن الموجود في كالمه(قده) أن األثر الزائد منفي
بنفس األصل ،المؤمن الذي ينفي األثر المشترك في الماء المطلق.
فإن هذا البيان ال يدل على أنه داخل في دائرة العلم اإلجمالي كما ال يدل
على أنه خارج عنها ،فإذاً ،ليس هنا ما يدل على جواز الوضوء به.
ال
وأما ثانياً :أن ما ذكره السيد الشهيد(قده) من أن األثر الزائد إذا كان داخ ً
في دائرة العلم اإلجمالي ،وتنجز به ،فال يجدي األصل المؤمن المختص به
ال عن األصل المشترك ،فال يمكن المساعدة عليه؛ إذ
أيضاً في نفيه فض ً
لوكان له أصل مؤمن مختص به ،فهو يمنع عن تنجيز العلم اإلجمالي لفرض
أنه ال معارض له ،فإذا لم يكن له معارض في الطرف اآلخر ،فال مانع من
جريانه فيه ،وانحالل العلم اإلجمالي بالنسبة إليه حكماً .هذا من ناحية.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 27ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ومن ناحية أخرى :أن األثر الزائد في مثل المثال داخل في دائرة العلم
اإلجمالي ألن العلم اإلجمالي تعلق بنجاسة (الجامع) بين الماء المطلق والماء
المضاف.
ٍ
وحينئذ :فإن كان النجس في الواقع الماء المطلق ترتب على نجاسة أثران:
أحدهما :حرمة شربه ،تكليفاً ،واآلخر :عدم جواز الوضوء به ،وضعاً ،وإن
كان النجس في الواقع الماء المضاف ،ترتب على نجاسة أثر واحد ،وهو
حرمة شربه فقط تكليفاً.
فإذاً كال األثرين في الماء المطلق ،داخل في دائرة العلم اإلجمالي لوضوح
أن العلم اإلجمالي لم يتعلق بحرمة الشرب الجامع بين شرب الماء المطلق
وشرب الماء المضاف ،حتى يقال :إن عدم جواز الوضوء به خارج عن
دائرة العلم اإلجمالي بل العلم اإلجمالي تعلق بالموضوع لألثر وهو نجاسة
أحدهما ،غاية األمر ،يترتب على نجاسة الماء المطلق أثران وهما حرمة
شربه ،وعدم جواز الوضوء به ،ويترتب على نجاسة الماء المضاف أثر
واحد ،وهو حرمة شربه ،ومن الواضح :أن العلم اإلجمالي ،علم بترتب أثره
عليه ،فإذاً ال يمكن التفكيك بين حرمة شربه وبين عدم جواز الوضوء به،
بدعوى :أن األثر األول داخل في دائرة العلم اإلجمالي دون الثاني ،مع أن
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 27ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أصالة الطهارة تنفى كال األثرين في عرض واحد ،فال يمكن القول :بأن
األثر األول منفي بها دون الثاني ،ألنه ترجيح بال مرجح ،إذ نسبة أصالة
الطهارة إلى كال األثرين نسبة واحدة ،بل ولو كان األثران طوليين ،فاألمر
أيضاً كذلك ،يعني :أن كال األثرين داخل في دائرة العلم اإلجمالي ألن
العلم بنجاسة الماء المطلق علم بترتب آثارها عليه مطلقا ،سواء أكانت اآلثار
طولية ،ام كانت عرضية ،وسواء أكان العلم بها تفصيلياً ،أم إجمالياً وعليه
فإذا تنجزت نجاسة الماء المطلق على تقدير ثبوتها فيه ،تنجزت آثارها ،من
حرمة شربه ،وعدم جواز الوضوء به وهكذا.
وإذا تنجزت بنجاسة الماء المضاف إن كان في الواقع نجساً تنجز أثرها
الوحيد ،وهو حرمة شربه فقط ،وال يمكن التفكيك في التنجيز ،في األول،
بين حرمة شربه ،وعدم جواز الوضوء به ،وأن األول منجز ،دون الثاني ،ألنه
خلف فرض كونه من آثار نجاسة ،إذ معنى تنجز النجاسة هو آثارها ،واال
فال معنى لتنجزها.
وعلى هذا :فالعلم اإلجمالي بنجاسة أحد الماءين (المطلق أو المضاف) هو
العلم اإلجمالي إما بحرمة شرب الماء األول ،وعدم جواز الوضوء به ،أو
حرمة شرب الماء الثاني ،فإذاً كل من حرمة شرب الماء األول ،وعدم جواز
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 27ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الوضوء به ،طرف للعلم اإلجمالي وحرمة شرب الماء الثاني ،طرف آخر له،
غاية األمر أن في أحد طرفي العلم اإلجمالي أثرين شرعيين ،وفي الطرف
اآلخر أثراً شرعياً واحداً.
والحاصل :أنه ال شبهة في أن األثر الزائد في المقام ،داخل في دائرة العلم
اإلجمالي ومنجز به ،بعد سقوط األصل المؤمن وهو أصالة الطهارة في الماء
المطلق بآثاره ،فإنه بعد سقوطها فيه المعارضة مع أصالة الطهارة في الماء
المضاف ،كما ال يجوز شربه ،كذلك ال يجوز الوضوء به.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 28ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
والنكتة في ذلك :أن دليل األصل المؤمن في الطرف المشترك حيث إنه قد
ابتلي بالتعارض بين فرديه في الداخل ،وسقط ،فال يكون حجة بعد السقوط
حتى يصلح أن يعارض دليل األصل المؤمن المختص في أحد طرفيه
خاصة.
ولكن :هذه النكتة ال تختص باألثر الزائد ،بل تعم األثر المشترك أيضاً ،إذا
مؤمن مختص بأحد طرفي العلم اإلجمالي ،وغير متسانخ
كان هناك أصل ّ
لألصل المؤمن المشترك بين طرفيه ،وقد تقدم تفصيل ذلك في التنبيه الثالث
على القول باالقتضاء فراجع.
هذا كله فيما إذا كان األثر الزائد ،واألثر المشترك في موضوعين ،كالمثال
المتقدم بأن يكونا من قبيل األقل واألكثر االستقالليين( ،المضاف
والمطلق).
وأخرى يكون أثراً مرتبطاً بأن يكونا من قبيل دوران األمر بين األقل واألكثر
االرتباطيين ،وعلى كال التقديرين :فاألثر الزائد خارج عن دائرة العلم
اإلجمالي والمرجع فيه أصالة البراءة عن التكليف الزائد بال معارض.
ثم إن السيد الخوئي(قده) :ذكر في ذيل هذا التنبيه مثاالً آخر :المثال :ما لو
بتنجس ثوبه ولكنه ال يدري أنه بمالقاة البول أو بمالقاة
علم شخص إجماالً ّ
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 28ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الدم ،فعلى األول :يجب عليه غسله مرتين بالماء غير الجاري ،وعلى الثاني
يجب عليه غسله مرة واحدة .ففي مثل ذلك :لو غسل هذا الثوب مرة
واحدة ،فبطبيعة الحال ،يشك في طهارته أو بقائه على النجاسة ،ووجوب
ٍ
وحينئذ :وإن كان ال مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن غسله مرة ثانية،
وجوب غسله مرة أخرى ،أو استصحاب عدم وجوبه ،اال أن هذا األصل،
محكوم باستصحاب بقاء نجاسته.
أما السيد الشهيد(قده) :فقد أشكل عليه بإشكالين:
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 29ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في ما ذكره السيد الخوئي (قده) في ذيل تنبيه الخامس حيث
أورد مثاالً فقال لو علم شخص بتنجس ثوبه ولكنه ال يدري انه تنجس
بمالقاة البول حتى يحتاج إلى تعدد غسل أو تنجس بمالقاة الدم حتى ال
ٍ
فحينئذ فلو فرض في هذا المثال لو غسل هذا الثوب يحتاج بتعدد غسل،
ٍ
حينئذ يشك بطهارة ثوبه أو مرة واحدة(بالماء غير الجاري) فبطبيعة الحال
بقائه على النجاسة ،إذا كان البول بغسل الواحدة ال يطهر الثوب ،إذا كان
دماً يطهر ،فإذاً يبقى على الشك في الطهارة والنجاسة ،ما هو التكليف؟ قال
السيد الخوئي(قده) أنه ال مانع من الرجوع إلى أصالة البراء عن وجوب
غسله مرة أخرى ،أو استصحاب عدم وجوب غسله ،ولكن التفت السيد
الخوئي بعد ذلك قال :أن هذا األصل (أصالة البراءة عن وجوب غسل أو
استصحاب عدم وجوب غسل) وإن كان يجري لكنه هناك أصل آخر أقوى
وحاكم على هذين األصلين ،وهو استصحاب بقاء نجاسته ،ألنه علم بنجاسة
وقطع بنجاسة ،أن ثوبه تنجس واقعاً ،وحقيقة ،بعد ما غسله مرة واحدة هل
هذه النجاسة ارتفعت أو بعد باقية فنستصحب بقاء النجاسة ،فالوظيفة
وجوب غسله مرة أخرى.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 29ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أما السيد الشهيد(قده) :فقد أشكل عليه بإشكالين :اإلشكال األول :أنه ال
معنى ألصالة البراءة عن وجوب غسله مرة أخرى ،أو استصحاب عدم
وجوبه ،ألن وجوب الغسل ليس حكماً تكليفياً حتى يكون مورداً ألصالة
البراءة ،أو استصحاب عدم وجوبه بل هو عبارة عن الحكم بالطهارة بعد
غسله.
اإلشكال الثاني :أن استصحاب بقاء نجاسة محكوم باستصحاب عدم مالقاته
فهو حكم وضعي ،للبول ،فإنه ينقح مطهرية غسله ،وأنه واحدة ،ألن الدليل
يدل على أن الغسل مطهر ،ومقتضى إطالقه أنه مطهر مرة واحدة ،وخرج
من إطالقه خصوص الثوب المالقي للبول بالدليل.
وعليه :فإذا كان الثوب متنجساً ،وشك في أن تنجسه هل هو بمالقاته للبول
أو بغيره ،فال مانع من استصحاب عدم مالقاته للبول وبه يحرز الموضوع،
بكال جزئيه ،أحدهما تنجسه ،وهو محرز بالوجدان ،واآلخر :عدم كون
تنجسه بمالقاة البول وهو محرز باالستصحاب ،فإذاً يتحقق الموضوع
ٍ
حينئذ غسله مرة واحدة. المركب بكامل أجزائه ،فيكفي في طهارته
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 29ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وفيه :أن االشكال الثاني متين جداً وذلك ألن استصحاب بقاء نجاسة الثوب
محكوم باستصحاب عدم مالقاته للبول ،وبه يحرز موضوع مطهرية الغسل
مرة واحدة.
وأما االشكال األول :فالظاهر أنه غير وارد ،وذلك :ألن مراد السيد
األستاذ(قده) من أصالة البراءة عن وجوب الغسل ،هو أصالة البراءة عن
وجوبه الشرطي ،ال عن وجوبه التكليفي ،حيث إن الشك في أن الطهارته
ٍ
حينئذ إنما هو في شرطية الغسل مرة مشروط بغسله مرة ثانية أوال ،فالشك
أخرى ،للحكم بطهارته ،وال مانع من أصالة البراءة عن شرطيته ،أو
استصحاب عدم شرطيته.
فالنتيجة :أن بعد العلم بنجاسة الثوب يشك في طهارته بعد غسله مرة واحدة،
وفي مثله وإن كان يجري استصحاب بقاء نجاسة في نفسه ،اال أنه محكوم
باستصحاب عدم مالقاته للبول .هذا.
التنبيه السادس :هل العلم اإلجمالي منجز للواقع ،إذا تعلق باألمور التدريجية
مثل ما إذا تعلق باألمور الدفعية ،أم ال؟ قوالن :وقبل الشروع في تحقيق
الحال في المقام البد من التنبيه على أمر مهم .والتنبيه :أن محل الكالم في
هذا البحث هو ما إذا لم تكن أطراف العلم اإلجمالي مورداً لالحتياط ،في
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 29ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الوجه :ألن العلم بالتكليف الفعلي ،مع تمكن المكلف من الموافقة القطعية
بتركهما معاً ،والمخالفة القطعية (بلبسهما معا) يوجب التنجز ،على ما تقدم
بيانه وعلى كال القولين والمسلكين.
القسم الثاني :أن تكون التدريجية مستندة إلى عدم تمكن المكلف من
الجمع بين األطراف مع تمكنه من ارتكاب كل منها بالفعل ،مع ترك اآلخر،
مثاله :كما لو علم بوجوب صالة الظهر ،أو الجمعة ،فإنه وإن لم يتمكن من
بأيهما شاء،
الجمع بينهما في زمان واحد ،اال أنه متمكن من اإلتيان ّ
ونظيره :العلم بحرمة أحد الضدين اللذين لهما ثالث ،فال يمكن الجمع بين
الضدين.
الحكم :ال إشكال في تنجيز العلم اإلجمالي في هذا القسم أيضاً كالقسم
األول.
الوجه :لوجود العلم بالتكليف الفعلي وسقوط األصول في األطراف
للمعارضة.
القسم الثالث :وهو العمدة؛ أن تكون التدريجية مستندة إلى تقيّد أحد
األطراف بزمان ،أو زماني متأخر ،والتكليف المعلوم في هذا القسم ،تارة:
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 29ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
يكون فعلياً على كل تقدير ،وأخرى :ال يكون فعلياً اال على تقدير دون
تقدير.
أما األول :وهو ما يكون التكليف المعلوم فعلياً على كل تقدير.
مثاله :كما إذا علم بتعلق النذر بقراءة سورة خاصة في هذا اليوم أو في الغد،
فإنه بناءاً على كون الوجوب بالنذر صار فعلياً من باب الواجب التعليقي نعلم
بتكليف فعلي متعلق بالقراءة في هذا اليوم ،أو بالقراءة في الغد.
فالتدريجية يكون في المتعلق ،أما الوجوب فهو حاصل بالفعل .وعلى كل
تقدير وبالنذر وصار فعلياً مطلقا.
الحكم :أنه ال مناص من القول بتنجيز العلم اإلجمالي في هذه الصورة أيضاً،
بوجوب الموافقة وحرمة المخالفة.
الوجه :لما تقدم من أن الميزان في التنجيز هو العلم بالتكليف الفعلي وعدم
المانع وهما متحققان على الفرض.
وأما الثاني :وهو ما ال يكون العلم فيه متعلقاً بالتكليف الفعلي على كل
تقدير .مثاله :كما إذا علم بوجوب الحج مردد بين كونه فعلياً اآلن ،وكونه
فعلياً فيما بعد ،كما إذا تردد الواجب بين كونه فعلياً مطلقا ،أو مشروطاً
يحصل فيما بعد.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 29ربيع1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في التنبيه السادس من تنبيهات العلم اإلجمالي حيث تعرضنا في
هذا التنبيه إلى أن العلم اإلجمالي هل ينجز االحكام التدريجية بحيث تكون
أطراف الحاصلة على نحو التدريج ،ذكرنا أن الكالم هنا يقع في أقسام:
القسم األول :في ما إذا كانت التدريجية اختيارية ومثلنا بمثال الثوبين
المشتبه نجاسة أحدهما أو غصبية أحدهما .القسم الثاني من جهة عدم
القدرة على الجمع بين الطرفين ،كالصالة الظهر والجمعة في اليوم الجمعة.
القسم الثالث :فيما لو كان أحدهما مقيداً بأمر زمان أو زماني ،وفي هذا
القسم األخير كان كالمنا أيضاً في أمرين :األول :ما إذا كان العلم اإلجمالي
فيه متعلقاً بالتكليف الفعلي على كل تقدير ،الثاني :ما إذا كان العلم
اإلجمالي ال يكون متعلقاً بالتكليف فعلي على كل تقدير ،في مورد األول
مثلنا بأن :ما إذا علم بتعلق النذر بقراءة سورة خاصة في هذا اليوم أو في
الغد ،فإنه بناءاً على كون الوجوب بالنذر صار فعلياً من باب الواجب
التعليقي نعلم بتكليف فعلي متعلق بالقراءة في هذا اليوم ،أو بالقراءة في
الغد .فالتدريجية يكون في المتعلق ،أما الوجوب فهو حاصل بالفعل .وعلى
كل تقدير وبالنذر وصار فعلياً مطلقا.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 3ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الحكم :أنه ال مناص من القول بتنجيز العلم اإلجمالي في هذه الصورة أيضاً،
بوجوب الموافقة وحرمة المخالفة.
الوجه :لما تقدم من أن الميزان في التنجيز هو العلم بالتكليف الفعلي وعدم
المانع وهما متحققان على الفرض.
وأما الثاني :وهو ما ال يكون العلم فيه متعلقاً بالتكليف الفعلي على كل
تقدير .مثاله :مالو علم إجماالً بأحد حكمين ،أحدهما :بلحاظ الزمان
الحاضر ،واآلخر :بلحاظ الزمان المستقبل ،من قبيل :علم المرأة اجماالً
بحيضها في هذا الزمان أو اول شهر ،فيحرم عليها الدخول في المسجد،
ال ،بالفعل ،أو في الزمان اآلتي آخر الشهر ،فيحرم عليها ذلك في الوقت
مث ً
اآلتي ،فهل :يكون مثل هذا العلم اإلجمالي منجزاً ،أوال؟
ذهب صاحب الكفاية (قده) إلى جواز الرجوع إلى األصل(أصالة البراة من
الحرمة) في كل من الطرفين(.لعدم العلم بالتكليف الفعلي).
وأما المحقق النائيني(قده) فقد اختار عدم جواز الرجوع إلى األصل البراءة
في شيء من الطرفين للمنجزية.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 3ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما الشيخ األنصاري(قده) فقد فصل بين :ما إذا كان المالك في األمر
المتأخر تاماً من اآلن ،فيكون العلم اإلجمالي منجزاً ،فال يجوز الرجوع،
وبين ما إذا لم يكن كذلك ،فال يكون منجزاً فيجوز الرجوع.
أما السيد الخوئي(قده) فقد مهد مقدمة قبل توضيح كيفية االستدالل لجميع
األقوال.
ال مع
مقدمة :وهي أن تأخر التكليف تارة يكون مستنداً إلى عدم إمكانه فع ً
تمامية المقتضي له.
مثاله :ما إذا تعلق النذر بأمر متأخر (كالحج في الموسم) بناءاً على استحالة
ال باالشتمال على المالك
الواجب التعليقي ،فإن الفعل المنذور يتصف فع ً
ال ،بل
الملزم ،بتعلق النذر به ،اال ّ أن األمر بالوفاء بالنذر غير ممكن فع ً
مشروط بمجيء زمانه ،بناءاً على استحالة األمر الفعلي بالشيء المتأخر.
وأخرى :يكون تأخير التكليف مستنداً إلى عدم تمامية المقتضي ،لعدم
تحقق ماله دخل في تمامية ،وهذا كأكثر الشرائط التي تتوقف عليها فعلية
التكليف.
مثاله :كما إذا علمت المرأة المبتدئة بأنها تحيض ثالثة أيام مرددة بين جميع
أيام الشهر(العشرة األولى ،أو الثانية ،أو الثالثة) ،فال علم لها بالتكليف
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 3ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الفعلي(،حرمة الصالة ودخول المسجد) وال بمالكه التام ،فال مقتضي لعدم
ال ،المترتب عليه التكليف ومالكه.
العلم بالحيض فع ً
إذا عرفت ذلك فاعلم :أن من نظر إلى أن تنجيز العلم اإلجمالي متوقف
على كونه متعلقاً بالتكليف الفعلي اختار عدم تنجيزه في المقام ،و جواز
الرجوع إلى األصول في جميع األطراف.
الوجه :ألن المفروض هو تردد التكليف فيه بين أن يكون فعلياً وبين أن
يكون غير فعلي بل مشروطاً بشرط غير حاصل ،فال علم بالتكليف الفعلي.
ال،
وعليه :فال مانع من الرجوع إلى األصل بالنسبة إلى الطرف المبتلى به فع ً
كما ال مانع منه بالنسبة إلى الطرف اآلخر في ظرف تحقق االبتالء به ال
حقاً ،أيضاً لنفس السبب.
وأما شيخنا األنصاري(قده) :فقد نظر إلى أن العلم بالمالك التام الفعلي
بمنزلة العلم بالتكليف ،فالتزم بعدم تنجيز العلم اإلجمالي عند عدم العلم
ال.
ال ،والتزم بتنجيزه فيما إذا علم المالك التام فع ً
بالمالك التام فع ً
ال بمنزلة
والوجه لهذا التفصيل :ألن الترخيص في تفويت المالك الملزم فع ً
الترخيص في مخالفة التكليف الفعلي فهو قبيح ،إذ عدم فعلية التكليف إنما
هو بوجود المانع ،مع تمامية المقتضى وهو ال يرفع قبح الترخيص في
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 3ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
تفويت المالك الملزم .ومن هنا التزم الشيخ األنصاري (قده) بتنجيز العلم
اإلجمالي في مسألة العلم بالنذر المردد بقراءة سورة الجمعة تعلقه بأمر
حالي أو استقبالي ،وبعدم تنجيزه في مسألة علم المرأة بالحيض المردد بين
أيام الشهر؛ لعدم العلم بالتكليف الفعلي من جهة عدم المقتضي .فتسمك
(قده) باستصحاب عدم تحقق الحيض إلى اآلن األول من ثالثة أيام في
آخر الشهر (العشرة األخيرة) ،وبالبراءة بعده.
والوجه :في رجوعه من االستصحاب اوالً ،إلى البراءة أخيراً ،هو أن المرأة
بعد تحقق اآلن األول من ثالثة أيام في آخر الشهر يحصل لها العلم بتحقق
حيض وطهر قبل ذلك اآلن ،وبما أن تاريخ كل منهما مجهول،
فاالستصحاب غير جار للمعارضة على مسلكه(قده) ولعدم إحراز اتصال
زمان الشك بزمان اليقين على مسلك صاحب الكفاية(قده).
وعليه :فال مجال لجريان االستصحاب على كل حال ،فيرجع إلى البراءة.
هذا.
والتحقيق :هو ما ذهب إليه المحقق النائيني(قده) من تنجيز العلم اإلجمالي
وعدم جواز الرجوع إلى األصل في شيء من الطرفين.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 4ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أما السيد الخوئي(قده) فقد مهد مقدمة تقدم الكالم فيها ،وبين رأيه في
المقام وقال :والتحقيق :هو ما ذهب إليه المحقق النائيني(قده) من تنجيز
العلم اإلجمالي وعدم جواز الرجوع إلى األصل في شيء من الطرفين.
ال فقد عرفت وجهه من أنه بمنزلة فعلية التكليف
أما فيما تم فيه المالك فع ً
لوجود المقتضي.
وأما فيما لم يتم فيه فلما تقدم في مبحث مقدمة الواجب ،من استقالل العقل
بقبح تفويت المالك الملزم في ظرفه ،بتعجيز النفس قبل مجيء وقته،
كاستقالله بقبح بين كونه مستنداً إلى العبد كما تقدم ،وبين كونه مستنداً
ال ،وترخيصه في
إلى المولى بترخيصه في ارتكاب الطرف المبتلى به فع ً
ارتكاب الطرف اآلخر في ظرف االبتالء ،فإنه في النتيجة :ترخيص في
تفويت المالك الملزم التام وهو قبيح ،وهو بمنزلة الترخيص في مخالفة
التكليف الواصل ،وعصيانه في حكم العقل وال اشكال في قبحه.
وأما السيد الشهيد(قده) وكذا شيخنا األستاذ(دام ظله) قد وافق السيد
الخوئي(قده) في المقام من تنجيز العلم اإلجمالي لجميع األطراف .فراجع.
التنبيه السابع في عدم تنجيز العلم اإلجمالي ألطراف الشبهة غير المحصورة
أو تنجيزه.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 4ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الوجه الثاني :ما ذكره الشيخ األنصاري (قده) من أن الشبهة غير المحصورة
ما كان احتمال التكليف قد تضاءل في كل واحد من األطراف حتى صار
موهوماً واحتماالً غير عقالئي ،لكثرة األطراف ،فيكون وجوده كالعدم.
وفيه أوالً :ما ذكره المحقق النائيني(قده) :من أن هذا الضابط وهذا التعريف
كأنه إحالة على أمر مجهول ،وذلك :ألن الوهم له مراتب كثيرة ،فأي مرتبة
منه يكون ميزاناً لكون الشبهة غير محصورة؟
والجواب :أن كل مراتب الوهم ليست باحتمال عقالئي وليس بمتنجز.
وثانياً :أن موهومية احتمال التكليف ،ال يمنع من التنجيز ،ولذا يتنجز
التكليف المردد بين الطرفين ،ولو كان احتماله في أحدهما مظنوناً ،وفي
اآلخر موهوماً.
وذلك :ألن مجرد احتمال التكليف بأي مرتبة كان يساوق احتمال العقاب
بتلك المرتبة والنسبة ،وهو المالك في تنجز التكليف بالعلم اإلجمالي مالم
يحصل المؤمن.
الوجه الثالث :ما ذكره بعض العلماء وهو :أن الضابط في كون الشبهة غير
محصورة...
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 5ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في التنبيه السابع ،حيث تعرضنا في هذا التنبيه إلى مسألة إلى أن
العلم اإلجمالي هل يكون منجزاً ألطراف الشبهة غير محصورة ،أوال؟
قلنا أن المعروف والمشهور عدم حصول التنجيز لشبهات غير محصورة،
ولكن التحقيق في المقام يستد عي التكلم في مقامين :المقام األول :في بيان
وتحديد الموضوع ،ما هو المراد من الشبهة غير المحصورة ،المقام الثاني
في بيان الحكم لهذه الشبهة بعد تنقيح الموضوع هل يكون منجز أوال
يكون منجزاً.
أما الكالم في المقام األول :قلنا انه ذكر في تعريف شبهة المحصورة وجوه،
وذكرنا الوجه األول ،والثاني ،وقلنا كليهما غير تام.
الوجه الثالث :ما ذكره بعض العلماء وهو :أن الضابط في كون الشبهة غير
حد تكون موافقتها القطعية العملية
محصورة هو أن كثرة أطرافها بلغت ّ
ٍ
وحينئذ :فإذا وصلت كثرة اطرافه إلى الدرجة ،فتكون الشبهة غير عسرة،
محصورة ،وال يكون العلم اإلجمالي منجزاً للتكليف المعلوم باإلجمال ،فإذاً
ٍ
حينئذ. ال مانع من الرجوع إلى األصول المؤمنة فيها
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 5ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وفيه :أوالً :أن العسر بنفسه مانع عن تنجز التكليف وفعليته مطلقا ،سواء
أكانت أطراف الشبهة قليلة أو كثيرة ،فال يكون ذلك ضابطاً لكون الشبهة
غير محصورة.
وثانياً :أن العسر إنما يوجب ارتفاع التكليف بمقدار يرتفع به العسر ال مطلقا،
فالعسر ال يمنع عن تنجيز العلم اإلجمالي على االطالق ،كما هو المدعى
للقائل بعدم التنجيز في الشبهة غير المحصورة.
الوجه الرابع :أن الميزان في كون الشبهة غير محصورة هو الصدق ،فما
صدق عليه عرفاً أنه محصورة ،يترتب عليه حكمه ،ويختلف ذلك باختالف
الموارد.
وفيه أوالً :أن هذه الكلمة(الشبهة المحصورة) لم ترد في موضوع دليل
شرعي من آية أو رواية ليرجع في فهم معناها عند الشك والترديد إلى
العرف ،وإنما هي من االصطالحات المستحدثة.
وثانياً :أن العرف ال ضابطة عندهم لتميز المحصور عن غيره ،وذلك :ألن
عدم الحصر ليس من المعاني المتأصلة ،وإنما هو أمرا إضافي ،يختلف
باختالف األشخاص واألزمان ونحو هما.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 5ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وثانياً :أن عدم القدرة على المخالفة القطعية غير منضبط في نفسه ،فإنه
يختلف باختالف المعلوم باإلجمال ،وباختالف األشخاص ،وباختالف قلة
الزمان وكثرته ،وغير ذلك من الخصوصيات ،فليس له ضابط ،فكيف يكون
ضابطاً لكون الشبهة غير محصورة؟
وثالثا :أن عدم التمكن من المخالفة القطعية ،إن أريد به :عدم التمكن منها
دفعة واحدة.
ففيه :أن كثيراً من الشبهات المحصورة كذلك ،أي ال يتمكن من مخالفتها
القطعية دفعة ،وإن أريد به عدم التمكن منها ولو تدريجاً.
ففيه أنه قلما تكون شبهة غير محصورة ،ألن كثيراً من الشبهات التي تعد غير
محصورة ،عندهم ،يتمكن المكلف من ارتكاب جميع أطرافها في ضمن
سنة أو أكثر ،أو أقل.
أما الوجه السادس :فقد ذكر السيد الخوئي(قده) أنه لم يظهر لنا معنى
محصل ،وضابط دقيق ومضبوط للشبهة غير المحصورة ،حتى نتكلم في
حكمها.
نعم :أنه ال فرق في تنجيز العلم اإلجمالي بين كثرة األطراف ،أو قلّتها فقد
يكون كثرة األطراف مالزمة لطروء بعض العناوين المانعة عن تنجيز العلم
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 5ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في المقام األول ،في تفسير وتشريح المراد من الشبهة غير
المحصورة ،وقلنا إن العلماء اختلفوا في تفسيره على وجوه ،وقد تكون
بعض هذه الوجوه متقاربة في نفسها .اال أن السيد الخوئي (قده) بعد أن
ذكر من هذه الوجوه فقال في األخير لم يظهر لنا معنى محصل وضابط
دقيق لشبهة غير المحصورة حتى نتكلم في حكمها ،وفي نهاية قال :ال فر
بالنسبة إلى تنجيز العلم اإلجمالي بين كثرة األطراف(غير المحصورة) وقلة
األطراف( المحصورة) ،نعم أنه كثرة األطراف قد تكون مالزمة لطروء
بعض العناوين األخرى ،تلك العناوين هي تكون مانعة عن تنجيز العلم
ال العسر والحرج للجمع بين هذه األطراف
اإلجمالي دون كثرة األطراف ،مث ً
أو خروج بعض األطراف عن مورد االبتالء أو لوجود االضطرار لالرتكاب
لبعض األطراف ،فهذه العناوين تطرأ على غالب كثرة األطراف وأحياناً
تطرأ مع قلة األطراف ،إذا طرأ هذه العناوين المانع عن تنجيز ،فتكون عبرة
لذه العناوين ال كثرة األطراف.
الوجه السابع :ما ذكره السيد الشهيد(قده) من أن المعيار في الشبهة غير
المحصورة ،ما بلغت أطرافها إلى حد تضاءلت القيمة االحتمالية النطبا
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 6ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
بعدم االنطبا ،يقطع بعدم العقاب .فالنتيجة :ال يكون العلم اإلجمالي لو
كانت أطرافه غير محصورة ،منجزاً لوجوب الموافقة ،وال لحرمة المخالفة.
وأما شيخنا األستاذ(دام ظله) فقد أيد استاذه السيد الخوئي(قده) فقد ذهب
إلى القول بأن كثرة األطراف في نفسها ال تصلح أن تكون مانعة عن تنجيز
العلم اإلجمالي ،وذلك؛ ألن التنجيز يدور مدار شروطه وتوفر أركانه ،وهي
متوفرة في المقام ،ألن العلم قد تعلق بجامع التكليف الفعلي القابل للتنجيز
على كل تقدير ،ودليل األصل المؤمن يشمل كل طرف من اطرافه في
نفسه .غاية األمر أنه يسقط من جهة المعارضة ،فيكون العلم اإلجمالي منجزاً
بال مانع يذكر.
ودعوى :أنه ال مانع من الترخيص في المخالفة القطعية العملية ،ألن حجية
االطمئنان بعدم االنطبا ،معناها أن ما يقابله من االحتمال الموهوم ليس
منجزاً ،وفي مثل نجاسة إناء من ألف ،احتمال النجاسة ،وفي مقابل
االطمئنان بعدم النجاسة ،ال يكون وجوده كالعدم ،وال قيمة له وال اعتبار.
مدفوعة :أما أوالً :فكما أن االطمئنان بعدم االنطبا على هذا الفرد حجة
ببناء العقالء ،فكذلك االطمئنان باالنطبا على سائر األفراد ،فإنه يمنع عن
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 6ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ارتكاب األفراد الباقية جميعاً .وفيه :انه واضح ،الضعف حيث ال اطمئنان
باالنطبا .
وأما ثانياً :فألن ما يترتب على هذا االطمئنان هو جواز اقتحام طرف واحد،
وهو الطرف الذي قام االطمئنان بعدم انطبا المعلوم باإلجمال عليه ،وأما
اقتحام سائر األطراف ،فهو بال حجة ومبرر ،إذ ال اطمئنان على عدم
االنطبا عليها .بل االطمئنان أيضاً موجود في كل طرف إلى النصف.
ال :إذا اقتحم فرداً من الماءة وشربه فالقيمة االحتمالية لعدم شرب النجس
مث ً
تسعة وتسعين في الماءة ،والقيمة االحتمالية لشرب النجس (الواحد في
الماءة) فإذا اقتحم فردين من الماءة أو ثالثة ،أو أربعة ،وهكذا تضاءلت
القيمة االحتمالية بعدم شرب النجس ،وكبرت القيمة االحتمالية لشرب
النجس إلى أن يزول االطمئنان بعدم شرب النجس على حساب
االحتماالت .ومن هنا قلنا إنه ال يجوز اقتحام جميع أطراف الشبهة غير
المحصورة ،ألن فيه مخالفة قطعية عملية ،بحيث ال يمكن الترخيص فيها
لتوفر أركان تنجيز العلم اإلجمالي فمجرد كثرة األفراد ال تكون مانعة عن
تحقق المخالفة القطعية.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 6ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الوجه الرابع :دعوى ان لزوم االجتناب التام ،في الشبهة غير المحصورة،
مستلزم للحرج ،وهو منفي في الشريعة المقدسة.
وفيه :أن دليل نفي العسر والحرج إنما يتكفل نفي الحكم نوعاً عما يكون
ال ،بمعنى :أن المعتبر في نفي الحكم ورفعه ،هو
مصداقاً للعسر والحرج فع ً
الحرج الشخصي ،كما هو الحال في الضرر ،وهو يختلف باختالف
األشخاص واألزمان ،وغير ذلك ،من الخصوصيات ،فال دليل على نفي
الحكم مطلقا ،ولو بالنسبة إلى شخص وال حرج عليه ،وسيجيئ تفصيل
الكالم في ذلك ،عند التعرض لقاعدة نفي الضرر ،إن شاء هلال تعالى.
الوجه الخامس :رواية الجبن ،وهي رواية محمد ب ِن ِسنَان عن َأبِي ال ْجار ِ
ود َ ُ َ ْ ُ َ َّ ْ
ْت لَه َأ ْخبرنِي من ر َأى َأنَّه يجعل فِ ِ
يه ُ ُْ َ ُ ْت َأبَا َج ْعفَ ٍر ع َع ِن ال ُْجبُن -فَقُل ُ ُ َ َ َ ْ َ قَا َلَ « :س َأل ُ
يه ال َْميْت َ ُةُ -حر َم فِي َجمِي ِع
اح ٍد يجعل فِ ِ
ُْ َ ُ
ان و ِ
ٍ ِ
ال َْميْت َ ُة -فَقَا َل َأ م ْن َأ ْج ِل َمك َ َ
ين»)1(... ْاألَر ِ
ض
َ َ
بتقريب أنها ظاهرة في عدم تنجيز العلم االجمالي عند كون الشبهة غير
محصورة.
وفيه أوالً :أن الرواية ضعيفة السند(بمحمد بن سنان) الذي لم يثبت توثيقه،
فال تصلح هذه الرواية لالعتماد عليها ،واالستدالل بها.
وثانياً أنها غير تامة داللة أيضاً ،وذلك :ألنها غير متعرضة للمحصور ،أو غيره
من الشبهة ،بل ظاهرا :أن العلم بوجود فرد محرم دار أمره بين ما يكون في
محل اإلبتالء ،وبين ما يكون خارجاً عن محل االبتالء ،اليوجب االجتناب
عما هو محل االبتالء ،واال لزم حرمة ما في جميع األرضين ،لوجود حرام
واحد ،وهو كما ترى ،فالنتيجة :أن هذه الرواية أجنبية عن الشبهة غير
المحصورة .هذا.
فالمتحصل :أن هذا القول القائل بعدم وجوب االجتناب عن أطراف الشبهة
غير المحصورة والذي اختاره المشهور ،ال يمكن اثباته بدليل ،لضعف ما
أقاموه عليه من الوجوه.
القول الثاني :وهو القول بوجوب االجتناب عن أطراف الشبهة غير
المحصورة وقد اختار هذا القول بوجوب االجتناب عن أطراف الشبهة غير
المحصورة ،وقد اختار هذا القول السيد الخوئي(قده) وشيخنا األستاذ (دام
ظله).
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 7ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الدليل :أنه بعد عدم ظهور معنى دقيق وضابط للشبهة غير المحصورة ،فال
تصل النوبة إلى التكلم عن حكمها من حيث التنجيز وعدمه« فالبد حي ٍ
نئذ
من االلتزام بمنجزية العلم االجمالي في كل شبهة مطلقا ،بال فرق بين كثرة
األطراف وقلته.
نعم :يستثنى من ذلك ما إذا كانت كثرة األطراف مالزمة لطرو بعض
العناوين المانعة عن تنجيز العلم االجمالي (كالعسر والحرج واالضطرار،
والخروج عن محل االبتالء وغير ذلك) ،فيكون العلم االجمالي فيها غير
منجز ،ال من جهة عدم المقتضي بل من جهة وجود المانع وطروه مع كثرة
األطراف.
بل تلك العناوين تكون مانعة عن تنجيز العلم االجمالي حتى مع قلة
األطراف ،هذا.
وذكر شيخنا األستاذ (دام ظله) كالماً مؤيداً لمقالة أستاذه في المنجزية
مطلقا ،وحاصله :بأن كثرة األطراف في نفسها ال تصلح أن تكون مانعة عن
تنجيز العلم االجمالي ،وذلك من جهة دوران التنجيز مدار شروطه ،من
التعلق بالجامع ،وجريان األصل المؤمن في جميع أطرافه في نفسها بال مانع،
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 7ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
صحة الوضوء به ،وعلى االحتمال الثاني كون الشك بمنزلة عدم الشك،
صح الوضوء بإناء واحد مع احتمال كونه مائعاً ،مضافاً وال يعتنى بهذا
االحتمال لغرض كونه كالعدم ،بعد كون الشبهة غير محصورة ،فهو بمنزلة
الشك البدوي لنفي االحتمال.
والتحقيق :أنه يختلف الحال باختالف المباني والمدارك ،في الشبهة غير
المحصورة ،فبناءاً على مسلك الشيخ االنصاري(قده) من أن المالك في عدم
التنجيز (كون االحتمال موهوماً ،ال يعتنى به العقالء) فالشك في مفروض
المثال يكون بمنزلة العدم فال يعتنى باحتمال كون المتوضأ به مضافاً ،بعد
كونه موهوماً على الفرض فيصح الوضوء به.
وأما على مسلك المحقق النائيني(قده) من أن المالك في عدم التنجيز هو
عدم حرمة المخالفة القطعية لعدم القدرة عليها ،بارتكاب تمام األطراف
والوضوء بها ،وأن وجوب الموافقة القطعية متفرعة عليها ،فالعلم بالتكليف
المردد بين أطراف غير محصورة ،يكون كعدمه ،لعدم التنجيز والبراءة.
وأما الشك في كل واحد من األطراف فهو باق على حاله ،وهو بنفسه مورد
لقاعدة االشتغال.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 10ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
إذ يعتبر في صحة الوضوء إحراز كون ما يتوضأ به ماءاً مطلقا ،فنفس
احتمال كونه مضافاً كاف في الحكم بعدم صحة الوضوء به ،ولو لم يكن
ٍ
حينئذ من تكرار الوضوء يعلم معه علم اجمالي بوجود مائع مضاف ،فال بد
وقوع الوضوء بماء مطلقا.
وأما لو كان المدرك هو االجماع على عدم التنجيز فالمقدار الذي يثبت
ابتداءاً هو جواز ترك الموافقة القطعية وعدم وجوبه ألنه القدر المتيقن من
وعندئذ تدل خل المسألة تحت فرض ثبوتٍ االجماع الذي هو دليل لبي
الترخيص في بعض أطراف العلم اإلجمالي ال بعينه ،فإن قلنا :إن ذلك
مستلزم لثبوت الترخيص في الجميع ،قلنا به هنا واال فال.
وإذا كان المدرك نفي الحرج والعسر ،على عدم التنجيز والمانع منه فأيضاً
المقدار الذي يثبت ابتداءاً هو جواز ترك الموافقة القطعية ،فإن الحرج ينتفي
ٍ
وعندئذ يبتني جواز المخالفة القطعية وعدمه، بما هو دون المخالفة القطعية،
على ما يختار في مسألة االضطرار إلى بعض األطراف ال بعينه ،من جواز
المخالفة حتى يرتفع االضطرار.
وإذا كان المدرك االطمئنان :فإنما يجوز االرتكاب بمقدار يطمئن معه بعدم
المخالفة .هذا.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 10ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الثاني :أنه بناءاً على عدم تنجيز العلم اإلجمالي في الشبهة غير المحصورة،
لو كانت األطراف في نفسها كثيرة ،وكان المعلوم باإلجمال ،في البين أيضاً
كثيراً ،وقد يعبر عنها بشبهة الكثير في الكثير.
مثاله :ما لوكان أطراف الشبهة الفاً ،والمعلوم باإلجمال بينهما ماءة ،فإن
األطراف في نفسها وإن كانت كثيرة ،واال أن نسبة المعلوم إليها هي نسبة
الواحد إلى العشرة ،فهل يكون العلم اإلجمالي في مثل ذلك الفرض منجزاً،
أم ال؟
والتحقيق :أنه يختلف الحال أيضاً ،باختالف المسالك والمدارك ،المتقدمة،
في تنجيز العلم اإلجمالي في الشبهة غير المحصورة.
فعلى مسلك الشيخ (قده) من أن المالك في عدم التنجيز ،كون احتمال
التكليف موهوماً ال يعتنى به العقالء كان العلم اإلجمالي في مفروض المثال
منجزاً ألن احتمال التكليف في كل واحد من األطراف ،من قبيل تردد
الواحد في العشرة ،ومثله ال يعد موهوماً كما هو ظاهر ،بل يعتنى العقالء
بتلك النسبة.
أما على المسلك المحقق النائيني(قده) :من أن الوجه في عدم التنجيز عدم
حرمة المخالفة القطعية ،لعدم التمكن منها بارتكاب تمام األطراف ،وأن
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 10ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وجوب الموافقة القطعية متفرعاً عليها ،فال بد من االلتزام بعدم التنجيز في
المقام أيضاً ،فإن المخالفة القطعية ،ال تتحقق اال بارتكاب جميع األطراف،
ٍ
وحينئذ فال تجب الموافقة القطعية أيضاً ،فال وهو متعذر ،أو متعسر عادة،
يكون العلم اإلجمالي منجزاً ال محالة.
نعم :األمر قد يختلف باختالف الموارد.
ال :إذا علم بنجاسة خمسين في ماءة ولم يكن قادراً على الجمع بين
مث ً
الماءة ،فال يكون العلم اإلجمالي منجزا لحرمة المخالفة ،لعدم التمكن منها،
فال تحب الموافقة القطعية أيضاً ،وأما إذا كان قادراً على ارتكاب واحد
وخمسين ،فهو قادر على المخالفة القطعية وال تجري األصول واال جرت
األصول.
وإذا كان مدرك عدم التنجيز هو االطمئنان :فعدم التنجيز غير ثابت هنا ألن
المفروض أن كثرة التكليف المعلوم أيضاً ككثرة األطراف ،فكيف يطمأن
ٍ
حينئذ منجزاً. بعدم التكليف في هذا الفرد؟ وعليه يكون العلم اإلجمالي
األمر الثالث :هل تختص الشبهة غير المحصورة بخصوص الشبهات
التحريمية أو تعم الشبهات الوجوبية أيضاً ،فيه قوالن:
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 11ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في ذيل التنبيه السابع ،من تنبيهات علم اإلجمالي وذكرنا تحت
عنوان بقي أمور ،األمر األول :بناءاً على عدم تنجيز العلم اإلجمالي لشبهة
غير المحصورة ،كما هو المعروف والمشهور بين األصحاب ،فهل مثل هذا
العلم اإلجمالي يكون كال علم ،يكون حكمه حكم الشك ،أوال؟ قلنا فيه
خالف ،وفي أمر الثاني تعرضنا إلى عدم التنجيز العلم اإلجمالي لشبهة غير
محصورة إذا كان هناك احتمال واحد ،في ضمن احتماالت متعددة ،وتردد
نجاسة بين إ ٍ
ناء من أواني متعددة وكثيرة ،اآلن إذا كان الشبهة الكثير في
الكثير ،عشرة أواني في ضمن مائة آنية ،أو مائة آنية في ضمن ألف آنية،
هل يكون العلم اإلجمالي منجزاً في مثل هذه الصورة أو ال يكون منجزاً
كما في الصورة األولى ،هذا سميناها بالشبهة الكثير في الكثير ،وقلنا أنه وقع
الخالف أيضاً بين الفقهاء وبين األصحاب والظاهر أن هذه الشبهة ليس
كتلك الشبهة األولى.
وبقي الكالم في األمر األخير ،وهو :األمر الثالث :هل تختص الشبهة غير
المحصورة بخصوص الشبهات التحريمية أو تعم الشبهات الوجوبية أيضاً،
فيه قوالن:
القول األول :هو االختصاص بالتحريمية ،واختاره المحقق النائيني(قده).
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 11ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
والوجه في ذلك :أنه لما كان الضابط لتحديد الشبهة غير المحصورة هو
بلوغ أطرافها من الكثرة إلى حد ال يتمكن المكلف من المخالفة القطعية
العملية كشرب مشكوك النجاسة ،وهذا الضابط ال ينطبق اال على الشبهات
التحريمية باعتبار أن الشبهة الوجوبية مهما كثرت أطرافها كوجوب الوضوء
بالمشتبه بالمضاف ،كان المكلف قادراً على المخالفة القطعية العملية بترك
جميع األطراف.
وعليه :فال تعم الشبهة غير المحصورة لموارد الشبهات الوجوبية ،لعدم
تحقق الضابط فيها.
القول الثاني :عدم االختصاص بالتحريمية ،بل تعم الوجوبية أيضاً ،واختاره
غير المحقق النائيني(قده) من العلماء منهم االعالم الثالثة ،وإن اختلفوا في
التنجيز.
الوجه :في ذلك :يختلف حسب اختالف المدارك على عدم تنجيز العلم
اإلجمالي للشبهات غير المحصورة ،بل حتى على القول بالتنجيز.
وأما إذا كان االجماع هو المدرك على عدم وجوب االحتياط في الشبهات
غير المحصورة ،فال تختص الشبهة المحصورة بالشبهات التحريمية ،بل تعم
الشبهات الوجوبية أيضاً ،وذلك :ألن الشبهة إذا بلغت كثرة أطرافها إلى
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 11ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
درجة عدم الحصر ،فال يجب االحتياط فيها ،بال فرق بين الشبهتين ،غاية
األمر حيث إن الدليل لبي فال يكون حجة ،اال في القدر المتيقن ،وهو جواز
المخالفة االحتمالية ،دون المخالفة القطعية العملية ،وال فرق في هذه الناحية
بين الشبهتين التحريمية والوجوبية.
وبناءاً على مدركية قاعدة ال ضرر او ال حرج فاألمر أيضاً كاإلجماع،
وذلك :ألن جريان هذه القاعدة تدور مدار موضوعها الضرر والحرج،
وجوداً وعدماً ،دون الحكم ،بال فرق بين ان يتحقق موضوعها في الشبهة
غير المحصورة بقسميها الوجوبية والتحريمية ،وبال فرق بينهما.
بل هذه القاعدة تجري حتى في الشبهات المحصورة عند تحقق موضوعها
فضال عن الشبهات غير المحصورة ،ألن هذه القاعدة غير ناظرة إلى الحكم
وجوباً أو تحريماً.
وأما بناءاً على مدركية االطمئنان :بعدم انطباق المعلوم باإلجمال على كل
طرف من أطرافه بنحو االشتراط بكل فرد والبدلية ،عن المشتبه الواقعي،
فأيضاً ال فرق بين كون الشبهة غير المحصورة تحريمية أو وجوبية .وذلك:
ألن الواجب إذا كان مردد بين ماءة فرد ،فبطبيعة الحال كان المكلف
يطمئن بعدم انطباقه على كل فرد من أفراده مشروطاً على البدل ،عن
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 11ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
المشتبه الواقعي ،ولهذا ال فرق من هذه الناحية بين قسمي الشبهة التحريمية
أو الوجوبية.
فالنتيجة :أن األظهر أنه ال وجه لتخصيص الشبهة غير المحصورة بالشبهة
التحريمية كما صنعه المحقق النائيني(قده) بل تعم الشبهة الوجوبية أيضاً.
والحل :أنه على المحقق النائيني (قده) للموافقة مع سائر المدارك في
المسالة أن يفسر الشبهة غير المحصورة ،إذا كانت تحريمية وبما ال يتمكن
من المخالفة القطعية العملية ،وإذا كانت وجوبية بما ال يتمكن من الموافقة
القطعية العملية ،وبهذا التفسير والتفصيل ترتفع المخالفة بينه وبين سائر
االقوال في التعميم.
التنبيه الثامن:
إذا تردد الواجب بين أمرين أو أمور ،وأتى المكلف ببعض المحتمالت،
فانكشف مصادفته للواقع فال إشكال في سقوط الواجب فيما إذا كان
الواجب توصلياً( ،كأداء الدين) أما إذا كان الواجب تعبدياً (كالصالة) هل
يسقط الواجب أوال؟
اختار الشيخ األنصاري (قده) عدم السقوط اال فيما إذا كان المكلف عازماً
على الموافقة القطعية بالجمع بين المحتمالت ،فلولم يكن المكلف قاصداً
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 11ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
اال االتيان ببعض المحتمالت ال يحكم بالصحة ،لعدم تحقق قصد القربة
المنحصرة بإتيان الجميع لوجوبها.
ال:
وأما السيد الخوئي(قده) فقد خالفه وناقشه قائ ً
إن ما ذكره الشيخ األنصاري (قده) مبني على اعتبار الجزم في نية العبادة،
ولكن بما أنه لم يقم دليل على اعتبار الجزم في نيتها كان المرجع هو البراءة
من اعتباره ،وذلك :ألنه إذا شك في اعتبار قصد القربة ،أو قصد الوجه ،أو
قصد التميز ،أو الجزم في النية وغيرها مما لم يقم دليل على اعتباره
بالخصوص ،فال بد من الرجوع إلى البراءة عن اعتباره.
وعليه ،فلو أتى المكلف ببعض المحتمالت برجاء إصابة الواقع ،فقد قصد
القربة بفعله فإذا صادف الواقع كان صحيحاً ،ومسقطاً لألمر ال محالة.
وظهر مما ذكر ناه حكم أنه لو دار امر الواجبين المترتبين (كالظهر والعصر)
بين أفعال متعددة ومتكررة ،لم يعتبر في صحة الثاني الفراغ اليقيني من
األول ،بل يكفي االتيان ببعض محتمالته ،مع فرض انكشاف إصابته للواقع.
فإذا دار أمر القبلة بين الجهات األربع جاز للمكلف أن يصلى الظهر والعصر
إلى جهة ثم يصليها إلى جهة ثانية وهكذا إلى الثالثة والرابعة.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 11ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
نعم لو صلى الظهر إلى جهة ال يجوز أن يصلّي العصر إلى جهة أخرى ،قبل
ٍ
حينئذ تكون أن يصلى الظهر إليهما ،والوجه فيه ظاهر ،ألن صالة العصر
باطلة يقيناً ،إما من جهة االخالل باالستقبال ،أو من جهة االخالل بالترتيب.
فالنتيجة :أن األظهر هو سقوط الواجب التعبدي كالتوصلي ،إذا انكشف
مصادفته للواقع ،اال إذا كان هناك مانع آخر من جهة االخالل باالستقبال أو
بالترتيب.
التنبيه التاسع:
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 17ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في بيان تنبيهات باب العلم اإلجمالي ،وبلغنا في تنبيه التاسع من
تلك تنبيهات ،نتناول في هذا التنبيه :في معرفة أنه هل ينحل العلم اإلجمالي
عند االضطرار إلى ارتكاب بعض أطراف الشبهة ،أو ال ينحل؟
وال بد من تمهيد مقدمة لتنقيح محل البحث في هذا التنبيه.
المقدمة :أن الكالم في انحالل العلم اإلجمالي ،وعدمه لالضطرار إلى أحد
األطراف تعييناً ،إنما يكون في صورتين:
الصورة األولى :فيما إذا كان االضطرار رافعاً لجميع آثار الحكم المعلوم
باإلجمال.
مثاله :ما إذا علمنا بنجاسة أحد مائعين الحليب ،أو الخل ،مع االضطرار إلى
شرب الحليب ،واألثر المترتب على هذا المعلوم باإلجمال ليس اال الحرمة
المرتفعة باالضطرار في الحليب.
الحكم :في هذه الصورة هو القول بانحالل العلم اإلجمالي ،وعدم تنجيزه
ال.
للنجاسة أص ً
الوجه :باعتبار أن التكليف في الطرف المضطر إليه (الحليب) مرتفع
باالضطرار (بحديث الرفع).
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 17ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما في الطرف اآلخر (الخل) يكون التكليف (حرمة الشرب) مشكوكاً من
جهة الشك في النجاسة ،فالمرجع فيه إلى أصالة الطهارة بال معارض.
الصورة الثانية :ما إذا لم يكن االضطرار رافعاً لجميع آثار المعلوم باإلجمال،
بل كان رافعاً لبعضها باالضطرار ،دون البعض اآلخر.
مثاله :كما إذا علمنا بنجاسة أحد مائعين الماء أو الحليب ،وكان مضطراً إلى
شرب الماء ،فشرب الماء وبقي منه مقداراً.
فإن األثر المترتب على هذه النجاسة المعلومة باإلجمال هو (حرمة الشرب
للماء) ،وهذا حكم تكليفي ،وهناك أثر آخر يترتب على المعلوم باإلجمال
هو (عدم صحة الوضوء به) وهو حكم وضعي ،والذي ارتفع باالضطرار إنما
هو الحكم التكليفي وهو حرمة الشرب فقط ،دون الحكم الوضعي ،وهو
عدم صحة الوضوء به.
الحكم :هو عدم جواز التوضؤ بالماء المتبقّى بل عدم انحالل العلم
اإلجمالي.
الوجه :ألن االضطرار إلى شرب النجس ،يرفع الحكم التكليفي بجواز شربه
فقط ،وال يوجب رفع الحكم الوضعي حتى يقال :بجواز الوضوء به أيضاً.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 17ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وبكلمة :أن االضطرار إلى (الشرب) يرفع حكم الشرب ،وال يستوجب رفع
حكم (الوضوء به) وهو عدم الجواز ،فيبقى الحكم بعدم جواز الوضوء،
بالماء المتبقى على حاله ،لكونه معلوماً بالنجاسة ،على االجمال وطرفاً له.
وهذا كله فيما إذا كان االضطرار إلى أحد األطراف (على التعيين).
وأما إذا كان االضطرار إلى أحد هما ال على التعيين.
مثاله :ما إذا علمنا إجماالً بنجاسة أحد الماءين ،مع االضطرار إلى شرب
أحدهما ال بعينه ،حيث إن المرتفع باالضطرار هو حرمة الشرب ،حكم
تكليفي ،فقط ،دون عدم صحة الوضوء به( ،حكم وضعي).
الحكم :عدم انحالل العلم اإلجمالي ،بسبب االضطرار بال إشكال وال
خالف.
الوجه :لبقاء أثر المعلوم باإلجمال عدم صحة الوضوء في الطرف المضطر
إليه ،بعد االضطرار أيضاً ،حيث إنا نعلم إجماالً أن هذا المتبقي من الماء ،ال
يجوز التوضؤ به ،كقبل االضطرار ،وهذا العلم اإلجمالي يكون منجزاً
للتكليف ،عدم صحة وجواز الوضوء ،ال محالة ،فال يصح التوضؤ به وإن
جاز شربه لالضطرار.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 17ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
والحاصل :أن الكالم في انحالل العلم اإلجمالي لالضطرار وعدمه إنما هو
فيما إذا كان االضطرار موجباً لرفع جميع اآلثار ،كمثال ما لو علمنا بنجاسة
الخل او الحليب واضطررنا لشرب الحليب ،فيحكم بطهارة الخل ايضاً،
للشك ،به ينحل العلم اإلجمالي ،دون ما إذا كان االضطرار موجباً لرفع
بعض اآلثار ،كما في الصورة الثانية ،عند تردد النجاسة بين الماء والحليب
واضطر إلى شرب الماء ،كما تقدم.
إذا عرفت ذلك فنقول :إن تحقيق الحال في انحالل العلم اإلجمالي
لالضطرار وعدمه يستدعي التكلم في مقامين:
المقام األول :فيما إذا كان االضطرار إلى أحد هما (المعيّن) .مثاله :ما لو علم
اجماالً بنجاسة الماء أو الحليب ،مع االضطرار إلى شرب الماء فقط.
المقام الثاني :فيما إذا كان االضطرار إلى أحدهما (على التعيين) .مثاله :العلم
اإلجمالي بنجاسة أحد الماءين ،مع االضطرار إلى شرب أحدهما ال بعينه.
أما المقام األول :فهو يتصور بصور ثالث :الصورة األولى :أن يكون
االضطرار حادثاً بعد التكليف بالحرمة ،وبعد العلم به.
الصورة الثانية :أن يكون االضطرار حادثاً بعد التكليف وقبل العلم به.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 18ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
کان کالمنا فی التنبیه التاسع حیث ذکرنا في هذا التنبیه مسألة انحال ل اللم
اإلجمالي بسبب حدوث اضطرار و طرو االضطرار إلی ارتكاب بلض
األطراف ملموم باإلجما ل ،هل ينحل عم اإلجمالي بسبب االضطرار أو ال؟
وملهدنا لذلك مقدمة ،لبیان اقسام االضطرار ،إذا عرفت ذلك فنقو ل :إن
تحقیق الحا ل في انحال ل اللم اإلجمالي لالضطرار وعدمه يستدعي التكم
في مقامین:
المقام األو ل :فیما إذا کان االضطرار إلی أحد هما (الملیّن) .مثاله :ما لو عم
اجماالً بنجاسة الماء أو الحمیب ،مع االضطرار إلی شرب الماء فقط.
المقام الثاني :فیما إذا کان االضطرار إلی أحدهما (عمی التلیین) .مثاله :اللم
اإلجمالي بنجاسة أحد الماءين ،مع االضطرار إلی شرب أحدهما ال بلینه.
أما المقام األو ل :فهو يتصور بصور ثالث :الصورة األولی :أن يكون
االضطرار حادثاً بلد التكمیف بالحرمة ،وبلد اللم به.
الصورة الثانیة :أن يكون االضطرار حادثاً بلد التكمیف وقبل اللم به .مثاله:
ما إذا کان أحد الماءين نجساً في الواقع ،ولكنه ل يكن عالماً به ،فاضطر
إلی شرب أحدهما وهو ال يلم بالنجاسة ،فشرب ،ث عم بأن أحدهما کان
نجساً قبل االضطرار.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 18ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الصورة الثالثة :أن يكون االضطرار حادثاً قبل تحقق التكمیف ،وقبل اللم
به.
أما الكالم في الصورة األولی :فقد اختمفت کممات االصحاب فیها.
أما الشیخ األنصاري(قده) فقد اختار عدم انحال ل اللم االجمالي.
الوجه :أن التكمیف (حرمة الشرب) قد تنجز باللم اإلجمالي قبل عروض
االضطرار ،وال رافع له في الطرف اآلخر غیر المضطر إلیه ،فیبقی عمی
حرمته من جهة اللم اإلجمالي ،وأما مورد االضطرار ارتفع التكمیف بسبب
االضطرار.
وأما صاحب الكفاية(قده) فمه قوالن:
القو ل األو ل :ما ورد في متن الكفاية حیث اختار االنحال ل وعدم التنجیز.
الوجه :تنجیز التكمیف ،يدور مدار المنجز ،حدوثاً بقاءاً ،والمنجز هو اللم
اإلجمالي بالتكمیف ،وبلد االضطرار إلی أحد الطرفین ال يبقی عم
بالتكمیف في الطرف اآلخر ،بالوجدان ،کما هو الحا ل في اللم التفصیمي
بلد زواله بالشك الساري ،فإن التنجیز يسقط بزواله .فاللم اإلجمالي ال
يكون أقوى في التنجیز من اللم التفصیمي ،فیسقط التنجیز.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 18ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
القو ل الثاني :ما ذکره في الهامش ،وهو القو ل بلدم االنحال ل وببقاء التنجیز
في الطرف اآلخر ،غیر المضطر إلیه ،فیما إذا کان االضطرار إلی أحدهما
ال.
الملین کما هو محل کالمنا فل ً
الوجه :بتقريب أن اللم اإلجمالي قد تلمق بالتكمیف المردد بین المحدود
والمطمق باعتبار أن التكمیف في احد الطرفین محدود ،بلروض االضطراري
وفي الطرف اآلخر مطمق ،للدم االضطرار إلیه ،ويكون من قبیل تلمق اللم
اإلجمالي بالتكمیف المردد بین القصیر والطويل ،وال فرق في تنجز
التكمیف باللم اإلجمالي بین أن يكون الطرفان کالهما (قصرين) أو
ال کالمقام.
کالهما (طويمین) أو يكون أحدهما قصیراً واآلخر طوي ً
فإن اللم اإلجمالي منجز فیه بال إشكا ل.
مثاله :کما لو عممنا إجماالً بوجوب دعاء قصیر أو دعاء طويل ،فیكون اللم
اإلجمالي منجزاً فیه ،باالحتیاط بقراءتهما ملاً.
ث قا ل(قده) والمقام من هذا القبیل(المحدود والمطمق ،والقصیر والطويل)
بلینه فإن االضطرار حادث بلد التكمیف وبلد اللم به عمی الفرض ،فیكون
التكمیف في الطرف المضطر إلیه قصیراً ومنتهیاً بلروض االضطرار ،وفي
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 18ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
العلم بالتكليف ،على الفرض؟ فال علم اجمالي منجز لطرف اآلخر.
الصحيح هو الثاني:
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 20ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فهل االعتبار بسبق التكليف على االضطرار ،فيحكم بالتنجيز؟ أو على العلم
الحادث بعد االضطرار ،فيحكم بعدم التنجيز ،لكون االضطرار كان قبل
العلم بالتكليف ،على الفرض؟ فال علم اجمالي منجز لطرف اآلخر.
الصحيح هو الثاني :ألن المانع من جريان األصل ،هو العلم اإلجمالي
ال.
بالتكليف ،ال التكليف الواقعي ،بواقعيته ،ولو لم يعلم به المكلف أص ً
فهو حين االضطرار إما قاطع بعدم التكليف فال يحتاج إلى إجراء األصل،
بل ال يمكن ،وإما شاك فيه ،فال مانع من جريانه في الطرفين ،لعدم المعارضة
ولعدم العلم بالتكليف على الفرض ،وأما العلم اإلجمالي الحادث بعد
االضطرار فهو مما ال أثر له ،وذلك :الحتمال وقوع النجاسة في الطرف
المضطر إليه ،وال يوجب حدوث التكليف فيه ،لكون االضطرار رافعاً له.
وبالجملة :أن التكليف في الطرف المضطر إليه مما نقطع بعدمه ،وذلك ألن
األمر دائر بين كون التكليف منفياً فيه من أول األمر ،الحتمال عدم كونه
نجساً ،وبين سقوطه باالضطرار ،ولوكان نجساً ،وأما التكليف في الطرف
ال اال أنه ال مانع فيه من الرجوع إلى األصل ،إذ ال
اآلخر ،وإن كان محتم ً
معارض له ،ألنه ال يجري في الطرف المضطر إليه لعدم األثر له ،وللقطع
بالحلية فيه ،كما تقدم.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 20ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وقد ظهر مما ذكرناه في حكم (االضطرار إلى المعين) من األطراف بأقسامه
الثالثة حكم غير االضطرار ،مما يرتفع معه الحكم ،كفقدان بعض
األطراف ،أو خروجه عن محل االبتالء ،أو االكراه إلى البعض المعيّن من
األطراف ونحوها ،فإنه يجري فيها جميع ما ذكرناه في االضطرار من
األقسام واألحكام ،فال حاجة إلى اإلعادة.
المقام الثاني :وهو ما إذ كان االضطرار إلى أحد األطراف (ال بعينه) وقد
وقع فيه الخالف أيضاً بين األصحاب.
أما صاحب الكفاية (قده) فقد اختار في هذه الصورة الحكم بعدم التنجيز.
الدليل :ألن الترخيص في بعض األطراف ،ألجل االضطرار ،ال يجامع
التكليف الفعلي على كل تقدير الذي كان شرطاً للتنجيز ،فليس في غير ما
يختاره المكلف لرفع اضطراره اال ّ احتمال التكليف وهو منفي باألصل.
وأما الشيخ األنصاري(قده) فقد اختار القول بالتنجيز مطلقا ،حتى في صورة
تقدم االضطرار على حدوث التكليف ،وعلى العلم به ،وتبعه المحقق
النائيني(قده) .وأما السيد الخوئي(قده) فقد اي ّد هنا قول الشيخ األنصاري تبعاً
ألستاذه (قدهما) وقال(قده) :أن القول بالتنجيز هو الصحيح.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 20ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
عنهما معاً وهو طرح ألدلة االضطرار بالفعل ،ويكون نظير االجتناب عما
اضطر إليه معيناً ،وتبقى حرمة المخالفة القطعية بارتكابهما معاً ،على حالها،
إذ ال موجب لرفع اليد عنها ،بعد التمكن منها ،كما هو المفروض فيترك
أحدهما لتحصل المخالفة االحتمالية.
بقي شيء :وهو ما ذكره المحقق النائيني(قده) في المقام وحاصله :أنه (قده)
قد التزم في المقام بأنه لو صادف ما يختاره المضطر لرفع اضطراره مع
الحرام الواقعي ،ترتفع الحرمة واقعاً ،وذلك...:
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 21ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في التنبيه التاسع حيث تناولنا في هذا التنبيه مسألة انحالل العلم
اإلجمالي باالضطرار إلى بعض األطراف في الشبهة ،تارة يكون االضطرار
إلى المعين ،وأخرى يكون االضطرار إلى غير المعين ،وتقدم الكالم في
ذلك ،وما ذكره بعض العلماء ومناقشة السيد الخوئي(قده).
بقي شيء :وهو ما ذكره المحقق النائيني(قده) في المقام وحاصله :أنه (قده)
قد التزم في المقام بأنه لو صادف ما يختاره المضطر لرفع اضطراره مع
الحرام الواقعي ،ترتفع الحرمة واقعاً ،وذلك :ألن االضطرار ،وإن كان متعلقاً
بالجامع ،اال أنه باختياره الحرام الواقعي لرفع اضطراره من باب االتفاق
يصير الحرام مصداقاً للمضطر إليه ،فترتفع حرمته واقعاً ،ومع ذلك التزم
(قده) بعدم جريان البراءة من التكليف في الطرف اآلخر ،وذلك :ألن
ارتفاع الحرمة إنما يكون بعد اختياره الحرام لرفع اضطراره .وأما قبله
فالحكم المعلوم باإلجمال فعلي ومنجز.
وقد تقدم عند البحث عن االضطرار إلى المعين أن الرافع للتكليف إن كان
متأخراً عن التكليف وعن العلم اإلجمالي بالتكليف إنما يقتصر في رفع
التكليف بمورد تحقق الرافع وأما غيره من األطراف فالحكم فيه باق على
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 21ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
تنجزه ،وعليه يكون المقام نظير االضطرار إلى المعين بعد العلم اإلجمالي
بالتكليف ،وسقوط األصول المؤمنة في األطراف ،للمعارضة.
ونتيجة ذلك :سقوط التكليف واقعاً على تقدير مصادفة ما يختاره المكلف
لرفع اضطراره مع الحرام الواقعي ،من باب االتفاق ،وعدم سقوطه على
تقدير عدم المصادفة.
وهذا ما أفاده المحقق النائيني(قده) في ذيل هذا التنبيه.
واعتراض السيد الخوئي(قده) على ما ذكره استاذه (قده) في المقام
بإيرادين:
اإليراد األول :أن اختيار المكلف الحرام الواقعي اتفاقاً لرفع اضطراره ال
يوجب ارتفاع حرمته واقعاً ،ودعوى :أنه باالختيار يصير الحرام مصداقاً
للمضطر إليه من باب االتفاق ،فترتفع حرمته واقعاً .غير مسموعة :ألن
االضطرار إلى الجامع أحدهما ال ينقلب إلى االضطرار إلى المعيّن بإرادة
المكلف واختياره ،بل يبقى على ما هو عليه ،وهذا واضح.
اإليراد الثاني :أنه على تقدير تسليم ارتفاع الحرمة واقعاً عما يختاره
المكلف كما قيل ،ولكن كيف يعقل الحكم من الشارع ،بحرمته إلى زمان
اختيار المكلف له اتفاقاً ،لرفع اضطراره؟
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 21ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وإن شئت قلت :إنه كما يعتبر في تنجيز العلم اإلجمالي القدرة العقلية في
جميع األطراف وعدم الخروج عن محل االبتالء ،كذلك تعتبر القدرة
ال فلو خرج بعض األطراف
الشرعية فيها فإن الممنوع شرعاً كالممتنع عق ً
عن تحت قدرته شرعا ،كالمثال ال يكون العلم اإلجمالي منجزاً ،لجريان
األصل في الطرف اآلخر ،بال معارض .التنبيه الحادي عشر
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 24ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
بعد أن انتهينا من التنبيه العاشر ،والذي ذكرنا أنه البد أن يكون في العلم
اإلجمالي أثر عملي وفعلي ،نتناول اليوم التنبيه الحادي عشر في بعض
شروط تنجيز العلم اإلجمالي:
الشرط األول :القدرة على فعل أو ترك جميع أطراف الشبهة.
الوجه :إذ لوكان بعض األطراف غير مقدور للمكلف ،كان التكليف بالنسبة
إليه ساقطاً يقيناً ،العتبار القدرة في التكليف ،ويكون التكليف في الطرف
اآلخر مشكوك الحدوث ،فتجري أصالة البراءة.
وبعبارة أخرى :لو كان بعض األطراف غير مقدور للمكلف يؤول األمر إلى
ٍ
حينئذ الشك في أصل التكليف ،ال الشك في المكلف به ،فيكون المرجع
إلى أصالة البراءة ،دون أصالة االحتياط.
الشرط الثاني :كون جميع أطراف الشبهة متواجداً في محل االبتالء.
الشيخ األنصاري(قده) قد ذكر هذا الشرط لتنجيز العلم اإلجمالي (وفي
خصوص الشبهة التحريمية) والتزم (قده) بعدم التنجيز فيما إذا كان بعض
ال
األطراف خارجاً عن محل االبتالء وإن كان مقدوراً له( .بأن كان مث ً
رئيس نقابة القصابين وعنده أرقامهم ويتصل بالجميع).
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 24ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في التنبيه الحادي عشر من تنبيهات العلم اإلجمالي حيث ذكرنا
في هذا التنبيه إلى شرطين آخرين ،ذكرا أنهما يعتبران في تنجيز العلم
اإلجمالي الشرط األول تقدم وهو انه يعتبر القدرة على الفعل أو على الترك،
على الفعل في الشبهات الوجوبية ،وعلى الترك في الشبهات التحريمية،
القدرة على جميع األطراف يكون معتبر ،األمر الثاني :هو كون جميع
األطراف مورداً لالبتالء ،و الشيخ االنصاري (قده) قال أن هذا الشرط
يختص بالشبهات التحريمية ،وذكر الوجه في ذلك ،وأما صاحب الكفاية
(قده) فقد ذكر التوسعة ،يعني وسع األمر في هامش كتاب الرسائل ،وقال
أن المالك الذي ذكره الشيخ االنصاري (قده) في الشبهات التحريمية
المالك موجود في الشبهات الوجوبية أيضاً .المحقق النائيني(قده) أورد على
الصاحب الكفاية مؤيداً لكالم الشيخ االنصاري (قده) فرد تعميم استاذه
صاحب الكفاية(قده).
وأما السيد الخوئي(قده) :ذكر المبنى لكال القولين بقوله اآلتي:
والتحقيق أن يقال :إنه لو بنينا على أن التكليف بما هو حاصل عادة وإن
كان مقدوراً فعله وتركه ،يكون لغواً ،فال فرق بين التكليف الوجوبي
والتحريمي.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 25ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
لغو
فإنه كما يقال :إن النهي والزجر عن شيء متروك في نفسه حسب العادةٌ ،
ومستهجن .فكذلك يقال :إن البعث نحو شيء حاصل بنفسه ،لغوو
ٍ
حينئذ في تنجيز العلم اإلجمالي عدم كون بعض األطراف مستهجن ،فيعتبر
خارجاً عن محل االبتالء عادة ،في المقامين(الشبهة التحريمية والوجوبية)
فيتم كالم صاحب الكفاية(قده).
وإن بنينا على أن التكليف بما هو حاصل عادة ،ال يكون لغواً ،وال يشترط
في صحة التكليف أزيد من القدرة ،فال فرق أيضاً بين التكليفين،
(التحريمي والوجوبي) وال يعتبر في تنجيز العلم اإلجمالي ،عدم خروج
بعض األطراف عن معرض االبتالء في المقامين ،فهنا احتماالن ومبنيان:
والصحيح هو االحتمال الثاني ،إذ ليس الغرض من األوامر والنواهي الشرعية
مجرد تحقق الفعل والترك خارجاً ،كما في األوامر والنواهي العرفية ،فإن
غرضهم من األمر بشيء ليس اال تحقق الفعل خارجاً ،كما أن غرضهم من
النهي عن شيء ال يكون اال انتفاء هذا الشيء خارجاً.
ٍ
وحينئذ :كان األمر بشيء حاصل بنفسه عادة ،لغواً وطلباً للحاصل عندهم ،ال
محالة وكذا النهي عن شيء متروك بنفسه ،لغو ومستهجن عندهم بشهادة
الوجدان.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 25ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وهذا بخالف األوامر والنواهي الشرعية ،فإن الغرض منها ليس مجرد تحقق
الفعل والترك خارجاً ،بل الغرض صدور الفعل استناداً إلى أمر المولى
وطلبه ،وكون الترك مستنداً إلى نهيه ،ليحصل لهم بذلك التقرب والكمال
النفساني.
وال فرق في ذلك بين التعبدي والتوصلي ،ألن الغرض من األمر والنهي في
كليهما هو االستناد في األفعال والتروك إلى أمر المولى ونهيه ،بحيث يكون
العبد متحركاً تكويناً بتحريكه التشريعي ،وساكناً كذلك بتوقيفه التشريعي
لحصول الترقي والكمال والتقرب.
نعم الفرق بينهما في أن المالك من المصلحة في الواجب لو توقف حصوله
على قصد القربة فهو تعبدي ،واال فهو توصلي.
ومن هنا نقول :لما كان الغرض من التكليف الشرعي هو (الفعل المستند)
إلى أمر المولى ،و(الترك المستند) إلى نهي المولى دون مجرد الفعل والترك
كالعرفية ،فال قبح في األمر بشيء حاصل عادة بنفسه ،وال في النهي عن
شيء متروك بنفسه ،إذ ليس الغرض مجرد الفعل والترك ،حتى يكون األمر
والنهي بهما لغواً وطلباً للحاصل.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 25ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
والشاهد :وقوع األمر في الشريعة المقدسة بأشياء تكون حاصلة بنفسها عادة،
كحفظ النفس ،واالنفاق على األوالد والزوجة ،وكذا وقوع النهي عن أشياء
متروكة بنفسها كأكل القاذورات ،والزنا باألمهات ،ونحو ذلك مما هو كثير
جداً.
والمتحصل مما ذكرناه :أنه ال يعتبر في تنجيز العلم اإلجمالي عدم كون
بعض األطراف خارجاً عن معرض االبتالء ال في الشبهة الوجوبية ،وال في
الشبهة التحريمية ،بل المعتبر كون جميع األطراف مقدوراً للمكلف كما
تقدم.
وال يخفى أن غالب ما ذكروه من األمثلة لخروج بعض األطراف عن محل
االبتالء هي أمثلة لخروج بعض األطراف عن القدرة كما تقدم في الشرط
األول ،كإناء الملك والميتة الواحدة عند القصابين.
التنبيه الثاني عشر :في حكم مالقى بعض أطراف الشبهة المحصورة .وقبل
التكلم في حكمه البد من بيان أمرين :األمر األول :أن الكالم إنما هو فيما
إذا كانت المالقاة مختصة ببعض األطراف .وذلك :ألنه لو فرضنا أن شيئاً
ال ،وخارج عن محل
واحداً القى جميع األطراف فهو معلوم النجاسة تفصي ً
الكالم.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 25ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في التنبيه الثاني عشر في معرفة حكم مالقي ،لبعض أطراف
الشبهة المحصورة ،ما هو حكم المالقي ،وذكرناه انه تكلم في حكم مالقي
لبعض أطراف شبهة المحصورة ،البد من بيان أمرين :األمر األول :أن
الكالم إنما هو فيما إذا كانت المالقاة مختصة ببعض األطراف .وذلك :ألنه
ال،
لو فرضنا أن شيئاً واحداً القى جميع األطراف فهو معلوم النجاسة تفصي ً
وخارج عن محل الكالم.
وكذا لو فرضنا أن شيئين قد القى أحدهما طرفاً من العلم اإلجمالي(اإلناء
األبيض) واآلخر القى الطرف اآلخر( ،اإلناء األصفر) فال إشكال في وجوب
االجتناب عن كال المالقيين ،كوجوب االجتناب عن نفس الطرفين ،من
جهة أنه قد تولّد علم االجمالي آخر بنجاسة أحد المالقيين ،زائداً على
العلم اإلجمالي األول المتعلق بنفس الطرفين ،فهذا الفرض أيضاً خارج عن
محل الكالم .األمر الثاني :أن تنجيز العلم اإلجمالي متوقف على تساقط
األول في أطرافه كما تقدم مثاله.
وهذا التساقط إنما يكون مع العلم بالتكليف الفعلي مطلقا ،سواء أكان العلم
متعلقا بالتكليف الفعلي ابتداءاً كما في الشبهات الحكمية.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 26ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ومثاله :ما لو علم بوجوب صالة الجمعة ،أو صالة الظهر ،في يوم الجمعة ،او
كان متعلقاً بالموضوع التام للحكم ،كما في الشبهات الموضوعية.
مثاله :ما لو علم بخمرية أحد المائعين ،وهي موضوع تام للنجاسة والحرمة،
والحكم معلوم والموضوع مشتبه.
وأما إذا لم يعلم اال بالموضوع الناقص ،أي علم بجزء الموضوع ،فال مانع
من جريان األصل ،والحكم بعدم تحقق الموضوع التام.
مثاله :مالو علم اجماال بكون أحد الجسدين عنده ميت إنسان ،واآلخر جسد
حيوان ،مذكى ومأكول اللحم (كالغنم) فإن هذا العلم اإلجمالي ،وإن كان
يقتضي وجوب االجتناب عن أكل لحم كل من الجسدين ،بناءاً على
وجوب االحتياط ،اال أنه إذا مس شخص أحدهما فقط ،ال يحكم عليه
ٍ
حينئذ. بوجوب الغسل
وذلك :ألن المعلوم باإلجمال ،وهو بدن ميت االنسان ،جزء للموضوع
للحكم بوجوب الغسل ،وتمامه مس بدن ميّت االنسان ،وهو مشكوك
التحقق ،واألصل عدمه.
والوجه في ذلك :أي في اعتبار التساقط مع العلم بالتكليف الفعلي بقسميه.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 26ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ألن العلم اإلجمالي إذا تعلق بثبوت التكليف الفعلي (كالمثال األول صالة
الظهر والجمعة ،والثاني الخمر) فالشك في كل واحد من األطراف إنما
يكون شكاً في انطباق التكليف بالوجوب أو بالحرمة ،باإلجمال عليه ،ومعه
ال يمكن الرجوع إلى األصل النافي في جميع األطراف ،وذلك الستلزامه
الترخيص في المعصية ،ومخالفة التكليف الواصل وال في بعض األطراف.
وذلك :للزوم الترجيح بال مرجح ،وهو باطل.
وأما إن كان الشك في تمامية الموضوع وجزئيته كمثال (العلم بإنسانية أحد
الميتين).
فمرجعه حينئذ إلى الشك في أصل التكليف بوجوب غسل المس ،فال مانع
من الرجوع إلى األصل فيه.
وما ذكرناه من تساقط األصول فيما إذا كان المعلوم باإلجمال تمام
الموضوع ،كمثال خمرية أحدهما ،وعدم المانع من الرجوع إلى األصل
فيما إذا كان المعلوم باإلجمال جزء الموضوع واضح ،ال إشكال فيه ،من
حيث (الكبرى).
ولكن وقع الخالف واالشكال في بعض الموارد كالمثال اآلتي ،من حيث
(الصغرى).
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 26ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فقد يدعى :أنه من موارد العلم اإلجمالي بالتكليف الفعلي للعلم بتمام
الموضوع ،فيحكم بالتنجيز.
وقد يقال :إنه من موارد العلم بجزء الموضوع ،ال تمامه ،فيكون التكليف
مشكوكاً فيه ،فيرجع إلى األصل فال تنجيز.
مثاله :ما لو علم اجماالً بغصبية إحدى الشجرتين ،ثم حصلت إلحدى هما
ثمرة ،دون األخرى فقد يقال فيه :بجواز التصرف في الثمرة تكليفاً ،وبعدم
ضمانها وضعاً ،باعتبار أن الموجب لحرمة الثمرة ،كونها نماء المغصوب
وهو مشكوك فيه ،واألصل عدمه ،فال حرمة تكليفاً ،كما أن موضوع الضمان
هو وضع اليد على مال الغير ،وهو أيضاً مشكوك فيه ،واألصل عدمه ،فال
ضمان وضعاً.
وعليه :فالعلم اإلجمالي بغصبية إحدى الشجرتين ،ال يترتب عليه الحكم
بحرمة التصرف وال الضمان بالنسبة إلى الثمرة إلحداهما ،من جهة الشك
في تحقق الموضوع ،واألصل عدمه.
نعم يترتب عليه الحكم بحرمة التصرف في نفس الشجرتين ،وضمان
المغصوب منهما بوضع اليد عليه ،لكون العلم اإلجمالي بالنسبة إلى
الشجرتين منجز.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 26ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ذكرنا في البحث السابق تحت التنبيه الثاني عشر من تنبيهات العلم اإلجمالي
في أمرين الذين مهدناهما وقدمناهما قبل البحث في هذا التنبيه وقع اتفاق
بين العلماء على أن المعلوم باإلجمال لوكان تمام الموضوع للحكم
فاألصول تتساقط في أطراف العلم اإلجمالي في المعلوم باإلجمال ،فيكون
العلم اإلجمالي منجز ،لوجوب االجتناب ،مثلنا كون المعلوم باإلجمال هو
تمام الموضوع إذا علمنا بخمرية أحد االناءين فاإلناء األبيض خمر أو االناء
األصفر خمر فإذا قلنا ان االناء األبيض مشكوك الخمرية فنجري اصالة عدم
الخمرية أو اصالة الطهارة ،وكذلك في االناء الثاني ،فيكون معارض للعلم
اإلجمالي ،فإذا أجرينا في كليهما يؤد إلى الترخيص في الحرمة ،هذا غير
صحيح.
وأما إذا لم يعلم اال بالموضوع الناقص ،أي علم بجزء الموضوع ،فال مانع
من جريان األصل ،والحكم بعدم تحقق الموضوع التام.
مثاله :مالو علم اجماال بكون أحد الجسدين عنده ميت إنسان ،واآلخر جسد
حيوان ،مذكى ومأكول اللحم (كالغنم) فإن هذا العلم اإلجمالي ،وإن كان
يقتضي وجوب االجتناب عن أكل لحم كل من الجسدين ،بناءاً على
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 27ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وجوب االحتياط ،اال أنه إذا مس شخص أحدهما فقط ،ال يحكم عليه
ٍ
حينئذ. بوجوب الغسل
وذلك :ألن المعلوم باإلجمال ،وهو بدن ميت االنسان ،جزء للموضوع
للحكم بوجوب الغسل ،وتمامه مس بدن ميّت االنسان ،وهو مشكوك
التحقق ،واألصل عدمه.
وما ذكرناه من تساقط األصول فيما إذا كان المعلوم باإلجمال تمام
الموضوع ،كمثال خمرية أحدهما ،وعدم المانع من الرجوع إلى األصل
فيما إذا كان المعلوم باإلجمال جزء الموضوع واضح ،ال إشكال فيه ،من
حيث (الكبرى).
ولكن وقع الخالف واالشكال في بعض الموارد كالمثال اآلتي ،من حيث
(الصغرى) ،فقد يدعى :أنه من موارد العلم اإلجمالي بالتكليف الفعلي للعلم
بتمام الموضوع ،فيحكم بالتنجيز.
وقد يقال :إنه من موارد العلم بجزء الموضوع ،ال تمامه ،فيكون التكليف
مشكوكاً فيه ،فيرجع إلى األصل فال تنجيز.
مثاله :ما لو علم اجماالً بغصبية إحدى الشجرتين ،ثم حصلت إلحدى هما
ثمرة ،دون األخرى فقد يقال فيه :بجواز التصرف في الثمرة تكليفاً ،وبعدم
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 27ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الكبرى الكلية ،اال بعد إحراز الصغرى (كالثمرة المغصوبة) خارجاً ،وتحقق
الصغرى مشكوك فيه في المقام ،إذ لم يحرز كون الثمرة من منافع العين
المغصوبة ،الحتمال كونها من منافع العين المملوكة ،فيجري استصحاب
عدم كونها من منافع العين المغصوبة ،فال ضمان بانتفاء الموضوع.
ودعوى :أن االستصحاب المذكور معارض باستصحاب (عدم كونها من
منافع العين المملوكة).
مدفوعة :لما تقدم من أنه ال مانع من جريان االستصحابين ،إذا لم يستلزم
منهما مخالفة عملية ،ولو نوقش في جريان االستصحاب المذكور أيضا،
ٍ
حينئذ من الرجوع إلى (أصالة البراءة ألجل المعارضة والسقوط ،فال مانع
من الضمان).
وأما الحكم التكليفي :فتجري البراءة عنه أيضاً ،للشك ولعدم العلم بتحقق
موضوعه ،وهو التصرف في مال الغير ،لعدم إحراز كون الثمرة مال الغير،
وال تتحقق حرمة التصرف ،اال بعد إحراز كون التصرف تصرفاً في مال
الغير ،والحال هو مشكوك فيه ،فيرجع إلى األصل(البراءة من الحرمة).
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 27ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما الشيخ االنصاري(قده) فقد خالف السيد الخوئي(قده) إلى عدم جريان
البراءة من الحرمة في األموال كالمقام ،في موارد متعددة تمسكاً بقوله(ع)
ه
اّلل »)1( ... ها ل حأا « ...اال ي ِحل ما ٌل ِإ اال مِن وج ٍ
ه
ْ ا ْ ا ُ ُّ ا ُّ ا
كان كالمنا في مسألة العلم اإلجمالي بغصبية احدى شجرتين ،وذكرنا أو
فرضنا إلحدى هما هناك ثمرة ،فهل يجوز التصرف في الثمرة أو ال يجوز؟
قوالن:
قلنا أن المحقق النائيني(قده) فقد قال بأنه ال يجوز التصرف في الثمرة ،ألن
العلم اإلجمالي منجز تكليفاً و وضعاً ،بالنسبة إلى الثمرة كشجرة ،والوجه
في ذلك :قال :أن الوضع اليد على عين الشجرة المغصوبة (قلنا البد من
االجتناب عنها) ،فوضع اليد عليها لقاعدة اليد هذا يوجب ضمان هذه
الشجرة المغصوبة(يعني العين) وكذلك ضمان منافعها يعني الثمرة وضعاً،
هذا من حيث الوضع ،أما ترتب حرمة التصرف على الثمرة هذا يستتبع
ترتب حرمة على عين الشجرة ،كما أن ال يجوز التصرف في عين الشجرة
محل اتفاق الفقهاء بسبب العلم االجمالي ألنه من األطراف العلم اإلجمالي
هذه الحرمة المرتبة على التصرف في عين شجرة تستلزم حرمة التصرف في
الثمرة بعين المالك قد تقدم توضيح ذلك.
أما السيد الخوئي(قده) فقد خالف استاده ،فقال ال ،بل يجوز التصرف في
الثمرة وضعاً وتكليفاً ،وما ذكره المحقق النائيني(قده) قابل للمناقشة ،وقد
ناقش ما ذكره المحقق النائيني(قده) تارة باالستصحاب جاري في المقام
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 28ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
تارة إلثبات عدم كون نماء الشجرة تكون مغصوبة ،وأخرى أنه ال مانع في
النهاية من جريان البراءة عن الضمان وأصالة البراءة عن الحرمة ،وهذا كله
تقدم.
وأما الشيخ االنصاري(قده) فقد خالف السيد الخوئي(قده) إلى عدم جريان
البراءة من الحرمة في األموال كالمقام ،في موارد متعددة تمسكاً بقوله(ع)
ه
اّلل »)1( ... ها ل حأا « ...اال ي ِحل ما ٌل ِإ اال مِن وج ٍ
ه
ْ ا ْ ا ُ َُ ا ُّ ا
وفيه :أوالً :أن الرواية مرسلة ،ال يصح االعتماد عليها .وثانياً :مع الغض عن
سندها ،أن الشك في الحرمة من أسباب وأدلة الحلية شرعاً ألدلة البراءة،
فبالتعبد الشرعي يثبت كون النماء مما أحلَه هَاّلل تعالى.
وثالثاً :أن منشأ الشك في الحرمة احتمال كون النماء ملك الغير
واالستصحاب يقتضي عدمه ،بناءاً على جريانه في األعدام األزلية ،كما هو
الصحيح ،وبهذا االستصحاب يحرز كونه مما أحلَه هَاّلل تعالى.
ال يقال :إن استصحاب (عدم كون النماء ملك الغير) يعارض مع استصحاب
(عدم دخول النماء في ملكه).
فإنه يقال :إنه لو قلنا بجريان استصحاب (عدم دخول النماء في ملكه) فهو ال
يثبت كون النماء ملكاً للغير الذي هو الموضوع لحرمة التصرف ،اال على
القول باألصل المثبت ،وال نقول به ،وأما جواز التصرف ،فال يتوقف على
كونه ملكاً له للمتصرف ،بل يكفيه (عدم كونه ملكاً للغير) فال يكون األصل
بالنسبة إلى جواز التصرف مثبتاً .هذا كلَه فيما إذا لم تكن األطراف مسوقة
بملكية الغير.
مثاله :ما لو اصطاد رجالن صيدين ،فغصب أحدهما صيد اآلخر ،واشتبها
وقد حصل ألحدهما النماء.
وأما لو كانت األطراف مسبوقة بملكية الغير .مثاله :ما لو اشترى احدى
الشجرتين ،وغصب األخرى ،فاشتبها ،وحصل إلحداهما النماء.
الحكم :أنه ال إشكال في الحكم بضمان المنافع ،وحرمة التصرف فيها.
الوجه :الستصحاب بقاء الشجرة في ملك مالكها ،وعدم انتقالها إليه.
ومتقضى هذا االستصحاب ،هو الحكم بملكية المنافع لمالك الشجرة األول،
فيحرم التصرف فيها من قبل المشتري إلحداهما ،يضمنها .هذا.
وتوهم :أن استصحاب بقاء الشجرة ذات النماء ،على ملك مالكها معارض
َ
باستصحاب بقاء الشجرة األخرى ،على ملك مالكها ،أيضاً ،للعلم اإلجمالي
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 28ج1442:-1 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
اشتراها منه ،فليس ما ذكره من التفصيل مختصاً بالغاصب ،وهذا تعميم في
المقام.
مهدناه من األمرين :فلنعد إلى حكم المالقي لبعض أطراف
فإذا عرفت ما َ
الشبهة المحصورة ،فنقول :إن الكالم فيه يتم في ضمن مسائل ثالث:
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 4ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في التنبيه الثاني عشر في حكم المالقي لبعض أطراف الشبهة
المحصورة ،يعني لو فرضنا أنه هناك إناءان علمنا بنجاسة أحدهما وأصاب
أحد هما ثوب فهل يتنجس هذا الثوب أم ال؟ ذكرنا في البحث السابق أن
الكالم يتم في هذه المسألة في ضمن مسائل ثالث:
المسألة األولى :ما إذا كانت المالقاة والعلم بها ،بعد العلم اإلجمالي.
المسألة الثانية :عكس األولى :بأن كانت المالقاة والعلم بها ،قبل العلم
اإلجمالي.
المسألة الثالثة :ما إذا كان العلم اإلجمالي بعد المالقاة ،وقبل العلم بها.
أما المسألة األولى :فملخص الكالم فيها :أن نجاسة المالقي (بالكسر) على
فرض تحققها ،ليست توسعاً ،في نجاسة المالقى(بالفتح) وال تكون بمنزلة
تقسيم الواحد إلى قسمين ،حتى تكون نجاسة المالقي قسماً من نجاسة
المالقى ،بل تكون نجاسة أخرى حادثة وحاصلة من نجاسة المالقى ،من
باب حصول المعلول من العلة ،ولهذا ال تجري على المالقي جميع أحكام
المالقى.
ال :لو كان قد ولغ كلب في إناء ،فالبد في تطهيره من التعفير ،ولكن لو
مث ً
القى شيء آخر هذا االناء من ثوب أو إناء آخر أو غير هما ،ال يجب في
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 4ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
تطهيره التعفير ،مالو القى البول اإلناء فيه ماء وجب غسله من البول مرتين،
وأما المالقي له ،فال يجب الغسل من الماء المالقي للمالقى للبول اال مرة
واحدة.
فتحصل :أن نجاسة المالقي ،ليست عين نجاسة المالقى في الحكم ،بل
ال.
غيرها نظير الطهارة الحاصلة من الماء الطاهر مث ً
ال :أنه لو أصاب المطر ثوباً متنجساً ،فطهره كانت طهارة الثوب غير طهارة
مث ً
المطر ال محالة ،ولكنها حاصلة من طهارة المطر ،من باب حصول المعلول
من العلة.
وبعبارة أخرى :أن نجاسة المالقي على فرض تحققها نجاسة جديدة
وحادثة ،والمفروض ،وجود الشك في تحققها واألصل عدمه ،فال ينبغي
الشك في عدم وجوب االجتناب عن المالقي ،ألن وجوب االجتناب عن
المالقي النجس ،موضوعه مركب من أمرين( ،النجس) و(مالقاته) ،والعلم
اإلجمالي بنجاسة أحد المائعين ،ليس اال علماً بما هو جزء الموضوع،
والجزء اآلخر ،وهو (المالقاة) مشكوك فيه ،وال يكون العلم منجزاً له،
لمالقاة النجس ،فيرجع عند الشك فيه إلى أصالة عدم مالقاة النجس ،أو
أصالة الطهارة.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 4ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في البحث السابق في التنبيه الثاني عشر ،في بيان حكم المالقي
لبعض األطراف الشبهة المحصورة ،وذكرنا أن الكالم يقع في ضمن
مسائل ،المسألة األولى كون المالقاة ألحد الطرفين المعلوم نجاستهما ،ثم
العلم بهذه المالقاة بعد العلم االجمالي يعني أوالً علم بنجاسة أحد اإلنائين،
ثم بعد ذلك حصلت المالقاة بين ثوب وأحد اإلنائين كاإلناء األبيض ،ثم
علم بهذه المالقاة ،يعني المالقاة والعلم بالمالقاة كان بعد العلم االجمالي
ال هل
بالنجاسة أحد اإلنائين ،ما هو الحكم الثوب المالقي بإناء األبيض؟ مث ً
يحكم بطهارة أو يحكم بنجاسة؟ ،وقع الخالف بين الفقهاء ،المعروف
والمشهور بعدم النجاسة المالقي ،والوجه في ذلك :ألننا نشك في تحقق
نجاسة الثوب ،فإذا شككنا فالمرجع في الشك هو أصالة عدم مالقاة
النجس ،أو أصالة الطهارة ،فال يجب اجتناب عنه.
في مقابل هذا القول هناك قول بوجوب االجتناب عن المالقي ،كما في
المالقى ،استدلوا على ذلك بوجهين :األول باتحاد نجاسة المالقي مع نجاسة
المالقى ،بل قالوا عينية نجاسة المالقي ونجاسة المالقى ،ثم وحدة
حكمهما ،المالقى لما كان واجب االجتناب فهذا المالقي الذي متحد معه
في النجاسة وعينه حكمه أيضاً وجوب االجتناب.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 5ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
يؤيد هذا الوجه بخبر المروي عن الشيخ الطوسي بأسناده المتصلة إلى جابر
ت فَأْر ٌة فِي َخابِية -فِ
يهاَ َ ل فَقَا َل ل َ ُه َوقَ َع ْ َ عن أبي جعفر الباقر(ع) « قَا َلَ :أت َ ُاه َر ُج ٌ
ت فَ َما ت َ َرى فِي َأك ْل ِ ِه -قَا َل فَقَا َل ل َ ُه َأبُو َج ْعفَر ع َال تَأْكُل ُْه -فَقَا َل ل َ ُه َس ْم ٌن َأ ْو َزي ْ ٌ
ل الْفَأْ َر ُة َأ ْه َو ُن َعل َ َّي -مِ ْن َأ ْن َأت ْ ُر َك َط َعامِي مِ ْن َأ ْجل ِ َها قَا َل فَقَا َل ل َ ُه َأبُو الر ُج ُ
َّ
كِ -إنَّ ّ ََ
الل َح َّر َم ِ ين ِ
د ِ ب ْت ف ف ختاس ا م ن ِ
إ و ِ
ة ر ْ أ ف ل اِ ب ف ِ
خ َج ْعفَر عِ -إن َّ َ
َ َ َ ْ َّ
َ َ َ َْ َ ْ َّ ك ل َ ْم ت َ ْست َ
ال َْميْت َ َة مِ ْن ك ُ ِّل َش ْيء (».)1
علي) أكل الفأرة وتقريب االستدالل :إن السائل لم يرد بقوله(الفأرة أهون ّ
مع السمن أو الزيت ،بل أراد أكل السمن أو الزيت المالقي لها.
الل َح َّر َم ال َْميْت َ َة مِ ْن ك ُ ِّل َش ْيء » كان في مقام التعريض
فقول اإلمام(ع)ِ « :إنَّ َ َّ
للسائل وهو يدل على أن نجاسة المالقي للميتة هي عين نجاسة الميتة ،فيدل
على اتحادهما .هذا.
وأما الجواب عن الوجه األول(وهو دعوى االتحاد والعينية بين المالقي
والمالقى) :ففيه ما تقدم من أن نجاسة المالقي حاصلة من نجاسة المالقى
من باب حصول المعلول من العلة ،ال أنها عينها ،ولذا ال تجري عليها
ال فال نعيد.
أحكامها ،كما تقدم مفص ً
( )1وسائل الشيعة ،ج ،1باب 5من أبواب الماء المضاف ،ح.2
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 5ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما الجواب عن االستدالل بالخبر المتقدم :ففيه أوالً :أن الخبر ضعيف
(لعمروبن شمر) فال يصح التمسك به ،واالعتماد عليه.
وثانياً :لو سلمنا اال أنه ال داللة للخبر على أن نجاسة المالقي عين نجاسة
المالقى ،بنحو السراية الحقيقية ،كما قيل ،كيف ،والحال الخبر غير ناظر
ال؟ فإن السائل استبعد كون الفأرة مع صغرها موجبة
إلى هذه الجهة أص ً
لنجاسة ما في الخابية الكبيرة من السمن ،أو الزيت ،على ما يظهر من
علي).
كالمه(الفارة أهون ّ
فرد عليه اإلمام(ع) بأن َّالل تعالى حرم الميتة من كل شيء بمعنى أنه ال فرق
ّ
بين الكبير والصغير ،فغاية ما يستفاد من الخبر أن نجاسة الشيء كالميتة
الموجبة لحرمته ،مستلزمة لنجاسة مال قيه وحرمته ،وهذا ال ينكر ولكن ليس
في ذلك داللة على أن نجاسة المالقي ،عين نجاسة المالقى ،وان حرمته
عين حرمته فتأمل.
الوجه الثاني :أنه بعد العلم بالمالقاة ،يحدث علم إجمالي آخر ،بوجود
نجس بين المالقي الثوب ،والطرف اآلخر (كاإلناء األصفر) وهذا العلم
االجمالي مماال مجال النكاره بعد فرض المالزمة بين نجاسة الشيء (اإلناء
األبيض) ،ونجاسة مالقيه (الثوب) ،واقعاً.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 5ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ومن هنا لو فرض إنعدام المالقى كان العلم بالنجاسة المرددة بين المالقي
والطرف اآلخر موجوداً ،فهذا العلم االجمالي الحادث بعد العلم بالمالقاة،
ال للموافقة القطعية،
يقتضي االجتناب عن المالقي والطرف اآلخر تحصي ً
وهو المطلوب.
نعم :لوفرضت المالقاة بعد إنعدام الطرف اآلخر لم يكن العلم االجمالي
الثاني مؤثراً في التنجيز واالجتناب ،لعدم كونه علماً بالتكليف الفعلي
النجاسة والحرمة ،على كل تقدير ،الموجب لتساقط األصول في األطراف،
لخروج بعض األطراف عن االبتالء وعدم المنجزية.
وأجاب الشيخ األنصاري (قده) عن هذا الوجه بأن العلم االجمالي الثاني ال
يمنع من جريان األصل في المالقي وذلك ألن جريان األصل في المالقي
إنما هو في طول جريان األصل في المالقى لكون الشك في المالقي يكون
شيئاً ومسبباً من الشك في النجاسة المالقى ،فيكون األصل الجاري في
ال
ال جارياً في الشك السببي ،واألصل الجاري في المالقي ،اص ً
المالقى أص ً
جارياً في الشك المسببي ،ومن المعلوم والظاهر أن االصل السببي حاكم
على األصل المسببي ،كما ثبت في محله ،وعليه :فعلى تقدير جريان األصل
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 5ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
في المالقى ،ال تصل النوبة إلى جريان األصل في المالقي بل ال حاجة إليه.
()1
نعم :بعد سقوط األصل في المالقى ألجل المعارضة بينه وبين األصل
الجاري في الطرف اآلخر تصل النوبة إلى جريان االصل في المالقي،
فيجري فيه أصالة الطهارة ،بال معارض.
كان كالمنا في التنبيه الثاني عشر وهو معرفت حكم مالقي الشيئ لبعض
األطراف الشبهة المحصورة ،هل يحكم بنجاسته أو ال؟ ،قلنا في مسألة اولى
إذا كان هناك علم االجمالي بالنجاسة األحد اإلنائين وكان المالقاة للثوب
لبعض األطراف ،والعلم بهذه المالقات بعد العلم االجمالي ،المعروف
والمشهور الحكم بعدم نجاسة المالقي( ،شك في تحقق نجاسة الثوب)
فالمرجع هو أصالة الطهارة ،أو أصالة عدم المالقات بالنجس الواقعي ،فال
يجب االجتناب عنه .وهناك قول اآلخر يقول :يحكم بالوجوب االجتناب
عن المالقي الذي القا بعض األطراف الشبهة المحصورة ،وقلنا أنه ذكر
وجهين :تارة قال :أن نجاسة المالقي ونجاسة المالقى متحدة ،فالحكم
يكون واحدة ،كيف حكمتم باإلجتناب عن المالقى فيحكم بالوجوب
االجتناب عن المالقي وأيدوا هذا القول بالرواية الشيخ الطوسي عن جابر
الجعفي تقدم الكالم فيه.
الوجه الثاني :أنه بعد العلم بالمالقاة ،يحدث علم إجمالي آخر ،بوجود
نجس بين المالقي الثوب ،والطرف اآلخر (كاإلناء األصفر) وهذا العلم
االجمالي مماال مجال النكاره بعد فرض المالزمة بين نجاسة الشيء (اإلناء
األبيض) ،ونجاسة مالقيه (الثوب) ،واقعاً.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 6ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ومن هنا لو فرض إنعدام المالقى كان العلم بالنجاسة المرددة بين المالقي
والطرف اآلخر موجوداً ،فهذا العلم االجمالي الحادث بعد العلم بالمالقاة،
ال للموافقة القطعية،
يقتضي االجتناب عن المالقي والطرف اآلخر تحصي ً
وهو المطلوب.
وأجاب الشيخ األنصاري (قده) عن هذا الوجه بأن العلم االجمالي الثاني ال
يمنع من جريان األصل في المالقي وذلك ألن جريان األصل في المالقي
إنما هو في طول جريان األصل في المالقى لكون الشك في المالقي يكون
شيئاً ومسبباً من الشك في النجاسة المالقى ،فيكون األصل الجاري في
ال
ال جارياً في الشك السببي ،واألصل الجاري في المالقي ،اص ً
المالقى أص ً
جارياً في الشك المسببي ،ومن المعلوم والظاهر أن االصل السببي حاكم
على األصل المسببي ،كما ثبت في محله ،وعليه :فعلى تقدير جريان األصل
في المالقى ،ال تصل النوبة إلى جريان األصل في المالقي بل ال حاجة إليه.
نعم :بعد سقوط األصل في المالقى ألجل المعارضة بينه وبين األصل
الجاري في الطرف اآلخر تصل النوبة إلى جريان االصل في المالقي،
فيجري فيه أصالة الطهارة ،بال معارض.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 6ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ببطالن الترجيح بال مرجح ،فإن بعد العلم االجمالي ال يمكن جريان األصل
في جميع األطراف للزوم المخالفة القطعية وال في بعضها الترجيح بال
مرجح ،فتسقط األصول ،ويتنجز التكليف ال محالة ،وعليه :فلو لم يجر
األصل في بعض األطراف في نفسه ،لجهة من الجهات ،فال مانع من جريان
األصل في الطرف اآلخر ،فال يكون العلم اإلجمالي منجزاً .ولتوضيح المقام
البد من ذكر أمثلة:
ال،
المثال األول :ما لو علمنا اجماالً بوقوع النجاسة في أحد المائعين مث ً
ال) قبل
وكان أحدهما المعيّن محكوماً بالنجاسة ألجل االستصحاب (مث ً
العلم اإلجمالي.
الحكم :عدم جريان أصالة الطهارة في المعين ،حتى تعارض جريانها في
الطرف اآلخر ،وعليه فتجري أصالة الطهارة في الطرف اآلخر بال معارض.
بعبارة أخرى ،ال يكون العلم اإلجمالي المذكور علماً بالتكليف الفعلي على
كل تقدير ،في الطرفين ،بل ليس اال احتمال التكليف في الطرف اآلخر
فقط ،ال مطلقا ،فيجري فيه األصل النافي للتكليف بال معارض.
المثال الثاني :مالو كان مجرد الشك منجزاً للتكليف في بعض األطراف كما
لو علمنا إجماالً بأنا لم نأت بصالة العصر ،أو بصالة العشاء ،وكان ذلك في
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 6ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ال) وبعد فوات وقت صالة العصر ،وبقاء وقت صالة العشاء.
الليل( ،مث ً
الحكم :أن مجرد الشك في االتيان بصالة العشاء ،يكفي في تنجيز التكليف
بالنسبة إليها ،من جهة بقاء الوقت فوجوب االتيان بصالة العشاء ال يحتاج
إلى جريان أصالة عدم االتيان ،فال مانع من الرجوع إلى األصل في اآلخر،
ٍ
حينئذ هو قاعدة الحيلولة ،أو أصالة عدم وهو صالة العصر ،فالمرجع
وجوب القضاء .وذلك :ألن القضاء يفرض جديد ،واألصل عدمه ،أي عدم
الفوت.
المثال الثالث :ما لو علمنا أوالً :بنجاسة أحد المائعين ،ثم علمنا اجماالً
بوقوع نجاسة في أحدهما ،أو في إناء ثالث.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 9ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في التنبيه الثاني عشر في بيان حكم المالقي بعض األطراف
الشبهة المحصورة ،وذكرنا أن الكالم في هذه التنبيه يقع في ضمن المسائل
ثالثة ،كان كالمنا في المسألة األولى كون المالقاة والعلم بالمالقاة بعد
العلم اإلجمالي ما لو علم بالنجاسة أحد االناءين إما اإلناء األبيض أو اإلناء
األصفر ،الماء الموجود في أحد اإلناءين قد تنجس بنجاسة ما ،والعلم بهذه
المالقات بعد العلم االجمالي ،هنا عدة أقوال :األول :المعروف والمشهور
ال إذا شك في تحقق نجاسة الثوب،
الحكم بعدم نجاسة المالقي ( ،مث ً
فالمرجع هو أصالة الطهارة ،أو أصالة عدم المالقات بالنجس الواقعي) ،فال
يجب االجتناب عنه .وهناك قول اآلخر قال :يحكم بالوجوب االجتناب عن
المالقي الذي القى بعض األطراف الشبهة المحصورة ،ذكر وجهين :تارة
قال :أن نجاسة المالقي ونجاسة المالقى متحدة ،فالحكم يكون واحدة،
كيف حكمتم باإلجتناب عن المالقى فيحكم بالوجوب االجتناب عن
المالقي وأيد هذا القول بالرواية الشيخ الطوسي عن جابر الجعفي تقدم
الكالم فيه.
الوجه الثاني :أنه بعد العلم بالمالقاة ،يحدث علم إجمالي آخر ،بوجود
نجس بين المالقي الثوب ،والطرف اآلخر (كاإلناء األصفر) وهذا العلم
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 9ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
االجمالي مماال مجال النكاره بعد فرض المالزمة بين نجاسة الشيء (اإلناء
األبيض) ،ونجاسة مالقيه (الثوب) ،واقعاً.
ومن هنا لو فرض إنعدام المالقى كان العلم بالنجاسة المرددة بين المالقي
والطرف اآلخر موجوداً ،فهذا العلم االجمالي الحادث بعد العلم بالمالقاة،
ال للموافقة القطعية،
يقتضي االجتناب عن المالقي والطرف اآلخر تحصي ً
وهو المطلوب.
وأجاب الشيخ األنصاري (قده) عن هذا الوجه بأن العلم االجمالي الثاني ال
يمنع من جريان األصل في المالقي وذلك ألن جريان األصل في المالقي
إنما هو في طول جريان األصل في المالقى لكون الشك في المالقي يكون
شيئاً ومسبباً من الشك في النجاسة المالقى ،فيكون األصل الجاري في
ال
ال جارياً في الشك السببي ،واألصل الجاري في المالقي ،اص ً
المالقى أص ً
جارياً في الشك المسببي ،ومن المعلوم والظاهر أن االصل السببي حاكم
على األصل المسببي ،كما ثبت في محله ،وعليه :فعلى تقدير جريان األصل
في المالقى ،ال تصل النوبة إلى جريان األصل في المالقي بل ال حاجة إليه.
وقيل :أنه يتوجه االشكال على جواب الشيخ األنصاري(قده) (بالشبهة
الحيدرية) وتقريرها :أنه كما أن جريان أصالة الطهارة في المالقي في طول
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 9ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الماء جارية بال معارض ،لعدم جريانها في الثوب في نفسها فتقع التعارض
ٍ
حينئذ بين أصالة الطهارة في المالقي وبين أصالة اإلباحة في الماء ،فإنا نعلم
إجماالً ،بأن هذا المالقي نجس ،أو أن هذا الماء حرام ،وبعد تساقط
األصلين يكون العلم اإلجمالي بالنسبة إلى المالقي أيضاً منجزاً ،فيجب
االجتناب عنه أيضاً في هذا الفرض ،فالتفصيل هو الصحيح.
وأما المسألة الثانية:
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 10ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أما الكالم في الصورة األولى :فقد وقع الخالف بين األصحاب في وجوب
االجتناب عن المالقي فيها وعدمه ،فاختار الشيخ االنصاري وتبعه المحقق
النائيني(قدهما) عدم وجوب االجتناب عن المالقي.
بدعوى :أن األصل الجاري في المالقي ،متأخر رتبة عن األصل الجاري في
المالقى ،وذلك :ألن الشك في نجاسة المالقي ،ناشئ عن الشك في نجاسة
المالقى ،وال تصل النوبة إلى جريان األصل في المالقي ،اال بعد سقوط
األصل فيما القاه ،وبعد سقوطه للمعارضة بينه وبين األصل في الطرف
اآلخر ،يجري األصل في المالقى ،بال معارض.
وذهب صاحب الكفاية(قده) :إلى وجوب االجتناب من المالقي وذلك:
باعتبار أن العلم اإلجمالي ،كما تعلق بالنجاسة المرددة بين المالقى ،وبين
الطرف اآلخر ،كذلك تعلق بالنجاسة المرددة بين المالقي وبين الطرف
اآلخر ،فاألمر دائر بين نجاسة المالقي والمالقى ،ونجاسة الطرف اآلخر.
مثاله :ما لو علمنا بوقوع نجاسة في اإلناء الكبير ،أو في االناءين الصغرين،
الحكم :فكما يجب االجتناب عن جميع األواني الثالث في هذا المثال،
وبال إشكال فكذلك يجب االجتناب في المقام عن المالقي والمالقى
والطرف اآلخر.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 10ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
والوجه :لوحد الحكم هو عدم الفرق بين المثال وما نحن فيه ،اال في أن
نجاسة المالقي مسببة عن نجاسة المالقى في المقام ،بخالف المثال ،حيث
إن نجاسة أحد اإلناءين الصغيرين ،ليست مسببة عن نجاسة اإلناء اآلخر،
ومجرد ذلك ال يوجب الفرق في التنجيز ،بعد كون نسبة العلم اإلجمالي
حد سواء.
إلى كليهما على ّ
أما السيد الخوئي(قده) فقد قال إن الصحيح ما ذهب إليه صاحب الكفاية
(قده) من وجوب االجتناب عن المالقي في هذه الصورة.
وذلك :ألن األصل الجاري في المالقي وإن كان متأخراً رتبة عن األصل
الجاري في المالقى ،اال أنه ليس متأخراً عن األصل الجاري في الطرف
اآلخر ،كما أن األصل الجاري في المالقى ليس متأخراً عنه أيضاً.
فكما يقع التعارض بين جريان األصل في المالقى ،وجريانه في الطرف
اآلخر ،كذلك يقع التعارض بين جريان األصل في المالقي ،وجريانه في
الطرف اآلخر.
وبالنتيجة :تسقط األصول ويكون العلم اإلجمالي منجزاً ،فيجب االجتناب
عن الجميع أي (المالقي والمالقى) والطرف اآلخر.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 10ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ال يقال :إن األصل الجاري في المالقي ،حيث يكون متأخراً رتب ًة عن
األصل الجاري في المالقى ،ألنه ناشئ منه ومسبب عنه ،واألصل الجاري
في المالقى مع األصل الجاري في الطرف اآلخر في رتبة واحدة ،فلزم كون
األصل الجاري في المالقي ،متأخراً عن األصل الجاري في الطرف اآلخر،
لقاعدة أن المتأخر عن أحد المتساويين متأخر عن اآلخر أيضاً ،ال محالة.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 11ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في بيان المسائل المذكورة في التنبيه الثاني عشر ،من تنبيهات
العلم اإلجمالي( ،في بيان حكم المالقي لبعض األطراف شبهة المحصورة)،
كان كالمنا في المسألة الثانية :وهي ما إذا حصلت المالقاة ،وعلم بها ثم
حصل العلم اإلجمالي بنجاسة المالقى ،أو شيء آخر ،فهي تتصور على
صورتين:
الصورة األولى :ما إذا كان زمان نجاسة المالقى ،على فرض تحققها واقعاً،
وزمان نجاسة مالقيه متحداً.
وبعبارة أخرى :كان زمان المعلوم باإلجما ،،وزمان المالقاة واحداً .مثاله :ما
إذا كان ثوب في إناء فيه ماء ،وعلمنا إجماالً ،بوقوع نجاسة فيه ،أو في إناء
آخر .قلنا :الصحيح ما ذهب إليه صاحب الكفاية (قده) من القو ،بوجوب
ال عن المالقى.
االجتناب عن المالقي ،فض ً
ال يقا :،إن األصل الجاري في المالقي ،حيث يكون متأخراً رتب ًة عن
األصل الجاري في المالقى ،ألنه ناشئ منه ومسبب عنه ،واألصل الجاري
في المالقى مع األصل الجاري في الطرف اآلخر في رتبة واحدة ،فلزم كون
األصل الجاري في المالقي ،متأخراً عن األصل الجاري في الطرف اآلخر،
لقاعدة أن المتأخر عن أحد المتساويين متأخر عن اآلخر أيضاً ،ال محالة.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 11ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فإنه يقا :،بأن ذلك إنما يتم في التقدم والتأخر من حيث الزمان أو من حيث
الشرف ،دون التقدم والتأخر من حيث الرتبة ،ألن تأخر شيء عن أحد
المتساويين في الرتبة ،ال يقتضي تأخره عن اآلخر أيضاً ،فإن وجود المعلو،
متأخر رتبة عن وجود علته ،وليس متأخراً عن عدمها ،مع أن وجود العلة
وعدمها في رتبة واحدة ،وذلك :ألنه ليس بينهما علية ومعلولية ويعبر عن
عدم العلية والمعلولية بين شيئين بوحدة الرتبة .هذا.
فتحصل :أن الصحيح ما ذهب إليه صاحب الكفاية(قده) من وجوب
االجتناب عن المالقي في هذه الصورة.
أما الصورة الثانية :وهي ما إذا كان زمان المعلوم باإلجما ،سابقاً على زمان
المالقاة ،مثاله :كما إذا علمنا يوم السبت بأن أحد هذين اإلناءين كان نجساً
ثوب يوم الجمعة.
يوم الخميس ،والقى أحدهما ٌ
الحكم :فيه خالف فقد قيل :بعدم وجوب االجتناب عن المالقي فيها.
والوجه :ألن المعلوم باإلجما ،هي النجاسة المرددة بين الماءين في
مفروض المثا ،،وأما الثوب ،فليس من أطراف العلم اإلجمالي ،فيكون
الشك في نجاسته شكاً في حدوث نجاسة جديدة غير ما هو معلوم إجماالً،
فال مانع من الرجوع إلى األصل فيه.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 11ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
والفرق بين الصورتين :أنه في الصورة األولى :ال يكون تخلل زماني بين
نجاسة المالقى ،على تقدير تحققها واقعاً ،وبين نجاسة المالقي ،فالعلم
اإلجمالي قد تعلق من أو ،األمر بنجاسة المالقى والمالقي والطرف اآلخر،
نظير تعلق العلم اإلجمالي بنجاسة إناء كبير ،أو إناءين صغيرين ،بخالف
الصورة الثانية ،لكون زمان المعلوم باإلجما ،سابقا على زمان المالقاة،
فيكون المالقي غير داخل في أطراف العلم اإلجمالي ويكون الشك شكاً
في حدوث نجاسة جديدة ،فال مانع من الرجوع إلى األصل فيه .والحكم
بعدم وجوب االجتناب عنه على القاعدة.
وقا ،السيد الخوئي(قده) :الظاهر عدم الفرق بين الصورتين المتقدمتين ،في
وجوب االجتناب عن المالقي حتى في الصورة الثانية ايضاً.
وذلك :ألن المعلوم باإلجما ،فيها وإن كان سابقاً بوجوده الواقعي على
المالقاة ،اال أنه مقارن لها بوجوده العلمي ،والتنجيز من آثار العلم بالنجاسة،
ال من آثار وجودها الواقعي ،وحيث إن العلم اإلجمالي متأخر عن المالقاة
ال في العلم
المقارن للمعلوم ،فال محالة يكون المالقي أيضاً من أطرافه وداخ ً
وال أثر لتقدم المعلوم باإلجما ،على المالقاة واقعاً زماناً ففي المثا ،المتقدم،
نحن نعلم إجماالً يوم السبت بأن (أحد الماءين والثوب نجس) أو الماء
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 11ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
اآلخر وحده يكون نجساً فيكون نظير العلم اإلجمالي بنجاسة اإلناء الكبير،
أو اإلناءين الصغرين ،فال يمكن إجراء األصل في المالقي ،لعين ما ذكرناه
في الصورة األولى.
وعليه :فيجب االجتناب عنه أيضاً.
وبعبارة واضحة :أوالً :أنه في جريان األصل ،البد من الشك الفعلي ،وثانياً:
أنه في تحقق (التنجيز) البد من العلم ،ألن التكليف بوجوده الواقعي ال
يكون منجزاً ما دام لم يحصل العلم بالتكليف .وعليه :فقبل العلم اإلجمالي
ال يكون هناك شك في أطرافه فال مجا ،لجريان األصل ،وال لتساقط
األصو ،،سالبة بانتفاء الموضوع.
وبعد العلم اإلجمالي كان المالقي أيضاً من أطراف العلم اإلجمالي فتتساقط
األصو ،،ويجب االجتناب عن الجميع ،أي عن المالقي ،والمالقى،
والطرف اآلخر ،هذا.
أما المسألة الثالثة :وهي ما إذا كان العلم اإلجمالي بعد المالقاة وقبل العلم
بالمالقاة ،فهل الحكم فيها (عدم وجوب االجتناب) عن المالقي ،وتكون
ملحقة بالمسألة األولى ،الشتراكهما في كون العلم اإلجمالي مقدماً على
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 11ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
األو ،بالثاني ،وقد ذكرنا أن التنجيز في صورة االنقالب يدور العلم الثاني،
فحسب .هذا.
أما السيد الخوئي(قده) فقد خالف هذا القيل.
فقا :،أن الظاهر عدم وجوب االجتناب عن المالقي في هذه المسألة ،كما
هو الحا ،في المسألة األولى.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 12ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في المسألة الثالثة من المسائل التي تطرقنا إليها في التنبيه الثاني
عشر من تنبيهات العلم اإلجمالي وذكرنا في هذه المسألة صورة ما إذا
تحققت المالقاة ،بين الثوب و احد االناءين وهو ال يعلم بالمالقاة ثم علم
بعلم اإلجمالي بنجاسة احد االناءين قبل أن يعلم بالمالقاة ،ثم بعد ذلك علم
بالمالقاة ،يعني كان العلم اإلجمالي بالنجاسة مرددة بين اإلناءين كان بعد
تحقق المالقاة الذي ال يعلم به ،وقبل العلم بالمالقاة ،ذكرنا أنه وق اللال
بين األصوليين في هذه المسألة ،فقيل بوجوب االجتناب عن المالقي ،كما
هو الحال في المسألة الثانية .أما السيد اللوئي(قده) فقد خالف هذا القيل؛
فقال :أن الظاهر عدم وجوب االجتناب عن المالقي في هذه المسألة ،كما
هو الحال في المسألة األولى.
الدليل :لما ذكرناه في ذيل المسألة الثانية ،من أن المدار في التنجيز إنما هو
حصول العلم بالنجاسة ،ال وجود النجاسة الواقعي ،فالمالقاة وإن كانت
سابقة على العلم اإلجمالي بنجاسة مرددة ،اال أنه ال يترتب عليها ،فبعد العلم
اآلخر ،يتساقط األصالن ،فيهما اإلجمالي بنجاسة المالقى ،أو الطر
للمعارضة ،ويتنجز التكليف بالعلم األول.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 12ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وذلك :ألن العلم بالمالقاة المتأخر ،وإن كان يوجب علماً إجمالياً بنجاسة
اآلخر ،اال أن هذا العلم ال أثر له بالنسبة إلى الطر المالقي ،أو الطر
اآلخر ،وذلك من جهة تنجز التكليف فيه بمنجز سابق ،وهو العلم اإلجمالي
األول.
وعليه :فال مان من الرجوع إلى األصل في المالقي ،لما تقدم من أنه لو كان
العلم اإلجمالي منجزاً بمنجز سابق ،ال أثر للعلم التكليف في أحد أطرا
اآلخر، اإلجمالي بالنسبة إليه ،فال مان من الرجوع إلى األصل في الطر
فال يجب االجتناب عن المالقى.
اآلخر ،بالعلم والمقام من هذا القبيل ،فإن التكليف قد تنجز في الطر
السابق ،فال مان من الرجوع إلى األصل في المالقي ،بعد العلم اإلجمالي
الثاني الحاصل من العلم بالمالقاة ،لعدم المعارض له ،مطلقا في الصورتين
المفروضين في المسألة ،بال فرق بين أن يكون زمان المعلوم باإلجمال
متحداً م زمان العلم بالمالقاة ،أو سابقاً عليه .هذا.
بقي الكالم فيما ذكره صاحب الكفاية (قده) من تثليث األقسام:
وأنه قد يجب االجتناب عن المالقى ،دون المالقي ،كما في المسألة
األولى.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 12ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أنه يترتب على جريان أصالة الطهارة فيه أثر فعلي ،وهو الحكم بطهارة
مالقيه فمجرد الخروج عن محل االبتالء ،أو عن تحت القدرة غير مانع من
جريان األصل فيه حيث يترتب عليه األثر.
غسل ثوب متنجس بماء ،مع القطع بطهارة الماء ،أو حتى مع الغفلة
مثاله :ما ّ
عن طهارته ونجاسته ،ثم انعدم ذلك الماء أو خرج عن محل االبتالء ،ثم
شك في طهارته فال مانع من جريان أصالة الطهارة فيه ،ليترتب الحكم
بطهارة الثوب المغسول به ،حيث يترتب عليه األثر.
مثال الثاني :ما لوكان هناك ماء نجس ،فالقاه ثوب حين الغفلة عن نجاسته،
ثم انعدم ذلك الماء ،أو خرج عن محل االبتالء فشككنا في طهارته قبل
مالقاة الثوب ،الحتمال وصول المطر إليه ،أو اتصاله بالكر أو الجاري ،فإنه
ال مانع من جريان استصحاب النجاسة فيه ،لترتيب الحكم بنجاسة الثوب
عليه ،مع أن المستصحب خارج عن محل االبتالء ،أو معدوم .وهذا ال يضر
في جريان األصل.
والمقام من هذا القبيل ،فإن المالقى وإن كان خارجاً عن محل االبتالء ،اال
انه ال مانع من جريان أصالة الطهارة فيه في نفسه ،لترتيب الحكم بطهارة
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 13ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
مالقيه ،اال أن العلم اإلجمالي األول بنجاسته أو نجاسة الطرف اآلخر ،يمنع
من الرجوع إلى األصل في كل منهما فيجب االجتناب عنهما.
وأما المالقي فحكمه من حيث جريان األصل فيه ،وعدمه فيكون على
التفصيل الذي تقدم في المسائل الثالث.
وملخصه :أنه إذا كان العلم بالمالقاة بعد العلم اإلجمالي فال مانع من جريان
األصل فيه كما تقدم في المسألة األولى.
وإن كان العلم بالمالقاة قبل العلم اإلجمالي فيكون العلم اإلجمالي مانعاً عن
جريان األصل فيه ،وكالم صاحب الكفاية قد فرض على الثاني.
المورد الثاني :ما لو تعلق العلم اإلجمالي أوالً :إما بنجاسة المالقي أو شيء
آخر ،ثم حدث العلم بالمالقاة ،والعلم بنجاسة المالقى أو ذلك الشيء قبل
المالقاة ،ولو مع العلم بأن نجاسة المالقي على تقدير تحققها ناشئة من
المالقاة ،ال غير.
مثاله :ما لو علم يوم السبت اجماالً بنجاسة الثوب ،أو اإلناء الكبير ثم علم
يوم األحد بنجاسة اإلناء الكبير ،أو اإلناء الصغير يوم الجمعة ،وبمالقاة
الثوب لإلناء الصغير في يوم الجمعة .الحكم :عدم وجوب االجتناب عن
المالقى وهو االناء الصغير ،وذلك :ألن نجاسة الثوب ولو مع عدم احتمالها
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 13ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
من غير ناحية المالقاة قد تنجزت بالعلم اإلجمالي الحادث يوم السبت
لتساقط األصليين في طرفيه للمعارضة ،فيجب االجتناب عن المالقي وهو
الثوب ،وعن اإلناء الكبير.
وأما المالقى :وهو االناء الصغير فال مانع من الرجوع إلى األصل فيه لكون
الشك فيه يكون شكاً حادث ًا بعد تنجز التكليف في االناء الكبير والثوب.
وفيه :عدم تمامية ما ذكرناه هنا من وجوب االجتناب عن المالقي ،دون
المالقى.
وذلك :ألن التنجيز يدور مدار العلم اإلجمالي حدوثاً وبقاء ،فالعلم
اإلجمالي األول الحادث يوم السبت – في المثال -وإن أو جب تنجز
التكليف بالنسبة إلى الثوب واالناء الكبير ،اال أنه بعد حدوث العلم
اإلجمالي يوم األحد بنجاسة االناء الكبير ،أو االناء الصغير ينحل العلم
اإلجمالي األول ،بالثاني ،فيكون الشك في نجاسة الثوب شكاً في حدوث
ٍ
حينئذ من نجاسة أخرى ،اإلناء الصغير ،غير ما هو معلوم اجماالً ،فال مانع
الرجوع إلى األصل فيه ،لخروجه عن أطراف العلم اإلجمالي بقاءاً.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 13ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كان كالمنا في البحوث السابقة في بيان بعض تنبيهات التي يذكر في
موارد العلم اإلجمالي ،واكتفينا بما ذكرنا من التنبيهات ،اآلن يقع الكالم في
المورد الثاني من موارد البحث المتقدم.
المورد الثاني :دوران األمر بين األقل واألكثر .ذكرنا في مستهل
مبحث (أصالة االحتياط) (وهي المرجع في موارد الشك في المكلف به)
بأن التكليف المعلوم باإلجمال تارة يتردد بين المتباينين ،وأخرى يتردد بين
األقل واألكثر ،فعقدنا البحث في موردين :وقد تقدم الكالم في المورد
األول ،وهنا نتكلم في المورد الثاني .ثم إن الكالم في الشك ودوران األمر
بين األقل واألكثر يقع في فرعين :الفرع األول :في الشك ودوران األمر بين
األقل واألكثر ،االرتباطيين (كالدين) وحصول الوفاء بمقدار األقل.
الفرع الثاني :في دورانه بين األقل واألكثر االستقاللين (كركعات الصالة
دورانها بين القصر والتمام.
أما الكالم في الفرع األول :ال إشكال في أنه ملحق بمحل البحث والمقام
وهو مباحث األصول العملية( ،الشك في التكليف) مطلقا ،كما هو واضح.
ولكن الكالم في أن الشك في موارد دوران األمر بين األقل واألكثر،
االرتباطيين هل هو ملحق بالشك في أصل التكليف ،حتى يكون وجوب
ٍ
حينئذ مورداً للبراءة؟ أو أنه ملحق (بالشك في المكلف به) ليكون األكثر
مورداً لالشتغال؟ فيه قوالن:
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 16ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
القول األول :الحقه بالشك في أصل التكليف وذلك نظراً إلى أن التكليف
باألقل متيقن ،وباألكثر مشكوك فيه ،فيجري فيه البراءة.
القول الثاني :الحقه بالشك في المكلف به ،وذلك :نظراً إلى وحدة التكليف
ٍ
وحينئذ يكون التكليف متيقناً ،وإنما الشك في وتردده بين األقل واألكثر،
انطباقه على األقل ،أو على األكثر ،فيكون شكاً في المكلف به ،ومجرى
لالحتياط.
والتحقيق في المقام يقتضي التكلم في مقامين :المقام األول :في دوران
األمر بين األقل واألكثر ،في األجزاء الخارجية ،كأجزاء الصالة ،ومبلغ
الدين ومقداره.
المقام الثاني :في دوران األمر بين األقل واألكثر في األجزاء التحليلية .مثاله:
كدوران األمر بين االطالق والتقييد ،ودوران األمر بين الجنس والفصل،
كما يأتي توضيحه .أما الكالم في المقام األول :وهو دوران األمر
بينهما في األجزاء الخارجية .فقد وقع الخالف بين األصحاب على أقوال
ثالثة:
القول األول :إن المقام مجرى لقاعدة االشتغال ،وعدم جريان البراءتين،
(العقلية والنقلية).
القول الثاني :المقام يكون مجرى للبراءتين العقلية والنقلية معاً واختاره
الشيخ األنصاري (قده) وجماعة.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 16ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
القول الثالث :التفصيل بجريان البراءة النقلية فقط ،دون العقلية ،واختاره
الخراساني وتبعه النائيني(قدهما).
أما السيد الخوئي (قده) ،فقال :إن تنقيح البحث يستدعي التكلم في جهتين:
الجهة األولى :في جريان البراءة العقلية ،وعدم جريانها.
الجهة الثانية :في جريان البراءة النقلية ،وعدم جريانها.
أما الكالم في الجهة األلى :فالصحيح ما ذهب إليه الشيخ االنصاري
ال عن النقلية ،وذكر(قده) وجوهاً
(قده) من جريان البراءة العقلية فض ً
لتقريبه:
الوجه األول :ما ذكره(قده) في الرسائل من أن وجوب األقل المردد بين
النفسي والغيري ،والغيري متقين ،إذ لوكان األقل واجباً فقط كان وجوبه
نفسياً.
وإن كان األكثر هو الواجب ،كان وجوب األقل في ضمنه غيرياً.
وأما وجوب األكثر في نفسه ،فهو مشكوك فيه ،فيجري فيه األصل (البراءة
ال).
عق ً
ولكن تمامية هذا الوجه يتوقف على إثبات أمرين :األول :إمكان اتصاف
األجزاء بالوجوب الغيري واال لم يصح القول بأن وجوب األقل متيقن في
نفسه ،ومردد بين النفسي والغيري ،وذلك :ألنه على تقدير عدم اتصاف
األجزاء بالوجوب الغيري ال يكون هناك اال وجوب نفسي فقط ،شك في
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 16ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
تعلقه ،باألقل أو األكثر ،فال علم بوجوب األقل على كل تقدير ،ونفسي أو
غيري.
الثاني كون العلم بالوجوب الجامع بين النفسي والغيري موجباً النحالل
العلم اإلجمالي بالوجوب النفسي ،المردد تعلقه باألقل واألكثر ،ألنه على
تقدير عدم انحالل العلم اإلجمالي ال يكون وجوب األكثر ،مورداً لجريان
ال وهذا واضح.
البراءة أص ً
أما األمر األول :أي إمكان اتصاف األجزاء بالوجوب الغيري الظاهر أنه لم
يثبت بدليل بل الثابت خالف ،أي عدم اتصافها به.
والوجه :هو ما ثبت في بحث وجوب المقدمة من استحالة اتصاف األجزاء
بالوجوب الغيري ،ألن الوجوب الغير ناشئ عن توقف وجود على وجود
آخر ،وفي المقام ليس وجود المركب غير وجود األجزاء ،حتى يتوقف
عليه من باب توقف وجود الشيء على وجود غيره ،فيترشح من وجوب
المتوقف نفسياً وجوب المتوقف عليه غيرياً ،بل وجود المركب عين وجود
األجزاء فال توقف وال فرق بينها اال بمجرد االعتبار واللحاظ ،فإن األجزاء
إذا لوحظت بشرط شيء أي بشرط االنضمام ،فهي المركب وإذا لوحظت
األجزاء ال بشرط ،فهي األجزاء واال في الواقع ال فرق بينهما.
وأما األمر الثاني :أي كون العلم بالوجوب الجامع بين النفسي والغيري
موجباً النحالل العلم اإلجمالي بالوجوب النفسي.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 16ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 17ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في ما ذكره السيد الخوئي ألجل تنقيح البحث جعل البحث في
جهتين :الجهة األولى في جريان البراءة العقلية ،وعدم جريانها ،والجهة في
جريان البراءة النقلية وعدم جريانها ،في مسألة دوران األمر بين األقل
واألكثر االرتباطيين في األجزاء الخارجية ،فذكر (قده) أن الكالم في الجهة
األولى فالصحيح هو ما ذهب إليه الشيخ األنصاري (قده) من جريان البراءة
العقلية ،حيث ذكر الشيخ االنصاري وجوهاً لتقريب القول بجريان العقلية
ال عن النقلية ،والسيد الخوئي(قده) أشاره إلى وجهين من تلك الوجوه،
فض ً
تقدم الكالم في الوجه األول وهو ما ورد في الرسائل من أن وجوب األقل
المردد بين النفسي والغيري ،والغيري متقين ،إذ لوكان األقل واجباً فقط
كان وجوبه نفسياً .وإن كان األكثر هو الواجب ،كان وجوب األقل في
ضمنه غيرياً .وأما وجوب األكثر في نفسه ،فهو مشكوك فيه ،فيجري فيه
ال) .السيد قال :ان تمامية هذا الوجه يتوقف على إثبات
األصل (البراءة عق ً
امرين :األول :إمكان اتصاف األجزاء بالوجوب الغيري .الثاني كون العلم
بالوجوب الجامع بين النفسي والغيري موجباً النحالل العلم اإلجمالي
بالوجوب النفسي ،المردد تعلقه باألقل واألكثر .تقدم الكالم في عدم تمامية
األمر األول.
وأما األمر الثاني :أي كون العلم بالوجوب الجامع بين النفسي والغيري
موجباً النحالل العلم اإلجمالي بالوجوب النفسي.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 17ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
فقد يقال فيه :بعدم االنحالل ،بدعوى :أنه يعتبر في االنحالل أن يكون
المعلوم بالتفصيل من سنخ المعلوم باإلجمال ،والمقام ليس كذلك.
وذلك :ألن المعلوم باإلجمال هو الوجوب النفسي ،سواء أكان متعلقاً باألقل
أو باألكثر ،والمعلوم بالتفصيل هو الوجوب الجامع بين النفسي والغيري فال
ينحل العلم اإلجمالي.
وفيه :أن مقتضى التحقيق هو (االنحالل).
ال.
وذلك :لما تقدم في مبحث مقدمة الواجب مفص ً
وخالصته :أن انحالل العلم اإلجمالي وعدمه في المقام ،يرتكزان على نقطة
أخرى وهي (جريان أصالة البراءة عن وجوب الزائد ،وعدمه) .وال عالقة له
باتصاف األجزاء بالوجوب الغيري ،وعدم اتصافها به.
وبكلمة :أن األمر بالمركب كالصالة إذا لم يكن أمر باألجزاء ،فال موجب
لالنحالل ،وإن كان األمر به عين األمر باألجزاء ،كما هو كذلك تعيّن القول
باالنحالل ،بناءاً على ما حقق من عدم المانع من جريان أصالة البراءة عن
وجوب الزائد ،وعلى كال التقديرين ،ال فرق بين القول بوجوب األجزاء
غيرياً ،والقول بعدمه.
فالنتيجة :أن التقريب المذكور في كالم الشيخ االنصاري (قده) غير تام ،من
جهة عدم تمامية األمر األول ،وهو دعوى اتصاف األجزاء بالوجوب
الغيري ،وكذلك من جهة عدم تمامية األمر الثاني أيضاً.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 17ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وتوضيحه :يستدعي التنبيه على أمر وهو أن محل الكالم في دوران األمر
بين األقل واألكثر ،إنما هو فيما إذا كان األقل متعلقاً للتكليف بنحو ال
بشرط القسمي ،بمعنى أنا نعلم أن الواجب لو كان هو األقل ،ال بشرط
يضره االتيان باألكثر ،وأما إذا كان األقل مأخوذاً في التكليف
االنضمام ،ال ّ
يضره االتيان باألكثر ،كما في مثال :دوران األمر بين القصر
(بشرط ال) ّ
والتمام ،فهو خارج عن محل الكالم ،لكون الدوران فيه من قبيل الدوران
بين المتباينين ،وتقدم وجوب االحتياط فيه.
وبعبارة أخرى :الكالم في دوران األمر بين األقل واألكثر ،إنما هو فيما إذا
كان مقتضى االحتياط هو االتيان باألكثر ،وإذا كان األقل مأخوذاً بشرط ال،
ال بل مقتضى
ال يمكن االحتياط بإتيان األكثر ،الحتمال كون الزائد مبط ً
ٍ
حينئذ هو االتيان باألقل مرة ،وباألكثر مرة أخرى. االحتياط
ولذا كان مقتضى االحتياط عند الشك في القصر والتمام هو الجمع بينهما،
ال االتيان بالتمام فقط ،وهذا هو الميزان في تمييز دوران األمر بين األقل
واألكثر ،عن دوران األمر بين المتباينين.
فإذا عرفت محل الكالم في دوران األمر بين األقل واألكثر ،فاعلم :أن ذات
األقل معلوم الوجوب قطعاً...
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 18ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في دوران األمر بين األقل واألكثر االرتباطيين ،عقد السيد
الخوئي(قده) البحث في جهتين ،الجهة األولى :في جريان البراءة العقلية،
وعدم جريانها ،الجهة الثانية :في جريان البراءة النقلية وعدم جريانها ،فإذاً
الكالم في الجهة األولى :وهو في جريان براءة العقلية المبتنية على قبح
العقاب بال بيان ،أو عدم جريان البراءة العقلية عند دوران األمر بين األقل
ال أو ال؟ الشيخ االنصاري (قده)
واألكثر ،هل تجري البراءة عن األكثر عق ً
ال عن النقلية ،فأيده على ذلك السيد
قال بجريان البراءة العقلية في المقام فض ً
الخوئي(قده) فإذاً محل الكالم في المقام هو في دوران األمر بين األقل
واألكثر االرتباطيين ،يعني بين األقل ال بشرط ،يعني األقل مطلقا واألكثر
كذلك ،فإذاً هل تجري البراءة العقلية أو ال؟ البراءة لرفع وجوب األكثر عند
الشك ،تقدم الكالم في توضيح ذلك.
فإذا عرفت محل الكالم في دوران األمر بين األقل واألكثر
فاعلم :أن ذات األقل معلوم الوجوب قطعاً ،وإنما الشك في أنه مأخوذ في
متعلق التكليف على نحو االطالق ،أي بنحو (الالبشرط القسمي) أو هو
مأخوذ بنحو (بشرط شيء) وهو االنضمام مع األجزاء المشكوكة.
فإنا نعلم بوجوب ذات األقل ،أي :الجامع بين اإلطالق والتقييد ،وإنما الشك
في خصوصية االطالق والتقييد ،فإنهما وإن كانا قسمين من الماهية الجامعة
بينهما ،اال أنه ال إشكال في كونهما قسمين بالنسبة إلى نفسيهما.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 18ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وبالجملة :تعلق التكليف بذات األقل متيقن ،وإنما الشك في أنه واجب
مطلق ،وبال تقييد بشيء ،أو أنه واجب مقيداً بانضمام األجزاء المشكوكة؟
وحيث إن االطالق ال يكون تضييقاً على المكلف كما هو الظاهر ،فال معنى
لجريان البراءة العقلية أو النقلية فيه ،فإنه ال يحتمل العقاب في صورة
االطالق ،حتى ندفعه بقاعدة (قبح العقاب بال بيان) أو (بحديث الرفع)
فتجري البراءة العقلية في التقييد بال معارض.
وقد ذكرنا مراراً أن تنجيز العلم اإلجمالي موقوف على تعارض األصول في
أطرافه وتساقطها وأنه لو لم يجر األصل في أحد طرفيه في نفسه فال مانع من
ٍ
حينئذ منجزاً. جريانه في الطرف اآلخر ،فال يكون العلم اإلجمالي
والمقام كذلك لما عرفت من أن االطالق توسعة على المكلف ،فال يكون
ال في التقييد ،بال
مورداً للبراءة في نفسه ،لعدم األثر ،فتجري البراءة عق ً
ال عن وجو ب األكثر ،نظير ما إذا علمنا إجماالً
معارض ،أي البراءة عق ً
بحرمة شيء أو اباحته فهذا العلم اإلجمالي وإن كان طرفاه متباينين ،اال أنه
حيث ال تجري البراءة العقلية وال النقلية ،في طرف اإلباحة ،لعدم احتمال
العقاب فيه ،حتى يدفع بقاعدة قبح العقاب بال بيان ،أو بحديث الرفع وأمثاله
من األدلة النقلية ،فيكون احتمال الحرمة فقط ،موردا لجريان البراءة العقلية
والنقلية ،بال معارض ،هذا.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 18ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في مسألة دوران األمر بين األقل واألكثر االرتباطيين وقلنا
األقوال في المسألة ثالثة ،قول بجريان البراءة ،قول بعدم جريان البراءة ،قول
بتفصيل بين البراءة العقلية وبين البراءة الشرعية ،الكالم أوالً في جريان
البراءة العقلية وعدم جريانها ،ذكر السيد الخوئي(قده) تبعاً للمحقق
االنصاري(قده) بجريان البراءة العقلية عن وجوب األكثر المشكوك،
وخالصة ما ذكرناه في هذا المقام من جريان البراءة العقلية وهو :أن األقل
متيقن الوجوب ،والشك في أنه واجب مطلق و(ال بشرط) وبال تقييد عن
االنضمام أو واجب مقيد وبشرط شيء ،االنضمام إلى األجزاء المشكوكة؟
والجواب :أن االطالق لما لم يكن تكليفاً وتضييقاً على المكلف ،فال معنى
لجريان البراءتين فيه؛ ألنه في صورة االطالق ال يحتمل العقاب على ترك
المشكوك بعد إحراز األقل ،وأما التقييد وشرطية االنضمام ،فتجري البراءة
عنه عند الشك بال معارض وهو المطلوب.
ولكن ذكر بعض العلماء موانع عن جريانها ،منها ما ذكره صاحب الكفاية
(قده) من استحالة انحالل العلم اإلجمالي (إما بوجوب األقل أو األكثر) في
المقام (إلى وجوب األقل والبراءة عن األكثر) الستلزامه الخلف ،وعدم
نفسه.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 19ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أما األول :فألن العلم بوجوب األقل ،يتوقف على تنجز التكليف مطلقا ،أي
على تقديري تعلقه باألقل ،وتعلقه باألكثر ،فلو كان وجوبه على كل تقدير
مستلزماً لعدم تنجزه فيما إذا كان متعلقاً باألكثر ،كان خلفاً.
وأما الثاني :فألنه يلزم من وجود االنحالل ،عدم تنجز التكليف على تقدير
تعلقه باألكثر ،وهو مستلزم لعدم وجوب األقل ،على كل تقدير ،المستلزم
لعدم االنحالل ،ومالك االستحالة في التقريبين واحد ،وهو االنحالل يتوقف
على تنجز التكليف على كل تقدير ،ومعه ال تنجز بالنسبة إلى األكثر ،فيلزم
الخلف ومن فرض وجود االنحالل عدمه .هذا.
والجواب :عن كال التقريبين كلمة واحدة ،وهي :أن االنحالل ال يتوقف
على تنجز التكليف على كل تقدير ،أي على تقدير تعلقه باألقل وتعلقه
باألكثر ،بل االنحالل ،وتنجز التكليف ،بالنسبة إلى األكثر ،متنافيان( ،فإذا
تنجز األكثر فال ينحل الى األقل) ،ال يجتمعان ،فكيف يكون متوقفاً عليه؟
بل االنحالل مبني على العلم بوجوب ذات األقل على تقدير ،أي على
تقدير وجوب األقل في الواقع وبنحو االطالق ،وعلى تقدير وجوبه في
الواقع بنحو التقييد.
فذات األقل ،معلوم الوجوب ،وإنما الشك في االطالق والتقييد ،وحيث إن
مجرى لألصل في نفسه( ،على ما
ً االطالق ال يجري فيه البراءة ،ال يكون
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 19ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
تقدم بيانه) فيجري األصل في التقييد بال معارض ،وينحل العلم اإلجمالي ال
ال.
محالة ،فتجري البراءة عق ً
وهذا واضح ال غبار عليه ،فال يكون مستلزماً للخلف ،وال وجود االنحالل
مستلزماً لعدمه ،وإنما نشأت هذه المغالطة ،من أخذ التنجز على كل تقدير
شرطاً لالنحالل ،وهذا ليس مراد القائل بالبراءة ،بل مراده ما ذكرناه.
ومنها :أن التكليف المعلوم المحتمل تعلقه باألقل واألكثر ،تكليف واحد
متعلق باألجزاء ،مقيداً بعضها ببعض ثبوتاً وسقوطاً.
وذلك :ألن المفروض كون األجزاء ارتباطية ،ومعه ال يعقل سقوط التكليف
باإلضافة إلى بعض األجزاء ،مع عدم سقوطه باإلضافة إلى بعض آخر،
لكون التكليف واحداً ،واألجزاء ارتباطية.
وعليه :فال يحصل القطع بسقوط التكليف بإتيان األقل ،حتى بالنسبة إلى
نفس األقل المقطوع وجوبه الحتمال وجوب األكثر ،واحتمال وجوبه
مالزم الحتمال عدم سقوط التكليف رأساً ،ألنه مالزم لعدم سقوطه
باإلضافة إلى خصوص األكثر ،فيكون المقام من موارد العلم بثبوت
التكليف ،والشك في سقوطه ،فيكون مجرى لقاعدة االشتغال ،ألن العلم
بشغل الذمة ،يقتضي العلم بالفراغ ،وال يحصل اال بإتيان األكثر.
والجواب :أن الشك في السقوط يكون ناشئاً من أمرين:
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 20ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في مسألة دوران األمر بين األقل واألكثر االرتباطيين باألجزاء
خارجية وذكرنا أن الصحيح في المسألة والمختار هو االنحالل يعني يكون
العلم اإلجمالي بوجوب األقل أو بوجوب األكثر ينحل إلى العلم التفصيلي
والمتيقن وجوب األقل وشك في وجوب األكثر فتجري براءة العقلية ،ألن
الشك ليس بيان ،فإذاً األاصالة البراءة العقلية اصحيح ويجري في المقام كما
اختاره السيد الخوئي(قده) تبعاً لشيخ األنصاري (قده) ولكن ذكر العلماء
موانع ،يعني أن مقتضي النحالل وجريان البراءة العقلية في األكثر موجود،
ولكن هناك موانع من جريان براءة العقلية في المقام ،تقدم الكالم في ما
ذكره المحقق الخراساني (قده) حيث قال استحالة انحالل العلم اإلجمالي
في المقام ألنه يلزم من فرض االنحالل أحد المحذورين ،إما لزوم خلف
وإما لزوم عدم نفسه ،وقد تقدم جواب عن ذلك.
المانع الثاني :أن التكليف المعلوم المحتمل تعلقه باألقل واألكثر ،تكليف
واحد متعلق باألجزاء ،مقيداً بعضها ببعض ثبوتاً وسقوطاً.
وذلك :ألن المفروض كون األجزاء ارتباطية ،ومعه ال يعقل سقوط التكليف
باإلضافة إلى بعض األجزاء ،مع عدم سقوطه باإلضافة إلى بعض آخر،
لكون التكليف واحداً ،واألجزاء ارتباطية.
وعليه :فال يحصل القطع بسقوط التكليف بإتيان األقل ،حتى بالنسبة إلى
نفس األقل المقطوع وجوبه الحتمال وجوب األكثر ،واحتمال وجوبه
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 20ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
مالزم الحتمال عدم سقوط التكليف رأساً ،ألنه مالزم لعدم سقوطه
باإلضافة إلى خصوص األكثر ،فيكون المقام من موارد العلم بثبوت
التكليف ،والشك في سقوطه ،فيكون مجرى لقاعدة االشتغال ،ألن العلم
بشغل الذمة ،يقتضي العلم بالفراغ ،وال يحصل اال بإتيان األكثر.
والجواب :أن الشك في السقوط يكون ناشئاً من أمرين:
تارة :يكون ناشئاً من الشك في اصدور الفعل من المكلف وعدم اصدوره
بعد تمامية البيان والحجة ،من قبل المولى .مثاله :ما إذا علمنا بوجوب اصالة
الظهر وشككنا في إتيانها ،ففي مثل ذلك :تجري قاعدة االشتغال ،بال شبهة
وال إشكال.
وذلك :لتمامية البيان من قبل المولى ،و واصول التكليف إلى المكلف ،وإنما
حصل الشك في سقوط التكليف بعد واصوله ،فالبد من العلم بالفراغ،
باالحتياط بحكم العقل ،وهذا خارج عن المقام.
وأخرى :يكون الشك ناشئاً من عدم واصول التكليف إلى المكلف ،فال يعلم
العبد بما هو مجعول من قبل المولى ،كما في المقام ،فإن الشك في سقوط
التكليف بإتيان األقل ،يكون ناشئاً من الشك في جعل المولى وتكليفه
لألكثر وعدم جعله.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 20ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ففي مثل ذلك :كان جعل التكليف بالنسبة إلى األكثر مشكوكاً فيه ،فيرجع
إلى األاصل العقلي ،وهو قاعدة قبح العقاب بال بيان ،وإلى األاصل النقلي
المستفاد من مثل حديث الرفع.
فبعد االتيان باألقل ،وإن كان الشك في سقوط التكليف واقعاً موجوداً
بالوجدان ،الحتمال وجوب األكثر ،اال أنه مما ال بأس به ،بعد العلم بعدم
العقاب ،على مخالفته ،لعدم واصوله إلينا ،والعقل مستقل بقبح العقاب بال
بيان.
ومنها الموانع ما ذكره المحقق النائيني(قده) من أن العلم التفصيلي بوجوب
األقل ،إنما هو على نحو اإلهمال ،الجامع بين االطالق والتقييد ،مع الشك
في خصواصية االطالق والتقييد ،وهذا المقدار من العلم التفصيلي ،هو
المقوم للعلم اإلجمالي؛ ألن كل علم اجمالي ،علم اجمالي بالنسبة إلى
الخصواصيات ،وعلم تفصيلي بالنسبة إلى الجامع ،فال يكون هذا العلم
التفصيلي موجباً لالنحالل ،واال لزم انحالل العلم اإلجمالي بنفسه.
وبعبارة أخرى :انحالل العلم اإلجمالي بعد كونه قضية منفصلة مانعة الخلو.
إنما يكون االنحالل بتبدلها بقضيتين حمليتين؛ إحداهما متيقنة ،واألخرى
مشكوكة ،كما هو الحال في األقل واألكثر االستقالليين ،وهذا مفقود في
المقام.
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 20ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
اال أنه حيث تكون إحدى الخصوصيتي مجرى لألص كالتقييد ،دون
األخرى ،كان جريان األص في إحداهما ،في حكم االنحالل ،لما عرفت
م أن تنجيز العلم اإلجمالي متولف على تعارض األصول في أطرافه،
وتسالطها.
فبعد العلم يوجوب األل ينحو اإلهمال الجامع يي االطالق والتقييد ،وإن
لم يك لنا علم يإحدى الخصوصيتي ،حتى يلزم االنحالل الحقيقي ،اال أنه
حيث يكون احداهما هو التقييد مورداً لجريان األص يال معارض ،كان
جريانه فيه دون اآلخر مانعاً ع تنجيز العلم اإلجمالي ،فيكون يحكم
االنحالل ،إلى وجوب األل ،وهذا االنحالل الحكمي ال يكون في
المتبايني ،لعدم جريان األص في واحد منهما فقط ،اليتالئه يالعارض،
لجريانه فيهما ،فإن األصلي في المتبايني يتسالطان للمعارضة ،وهذا هو
الفارق يي المقامي .هذا.
ومنها ما ذكره صاحب الكفاية أخذاً م كالم الشيخ األنصاري(لدهما).
وحاصله :أن األحكام الشرعية تايعة للمالكات في متعلقاتها م المصالح
والمفاسد ،على ما هو الحق على مذهب العدلية ،وحيث إنه يجب تحصي
غرض المولى يحكم العق ،فال مناص م االحتياط ،واالتيان ياألكثر ،إذ ال
يعلم يحصول الغرض عند االلتصار ياألل ،الحتمال دخ األكثر في
حصوله ،فاليد م االحتياط.
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 23ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
ثم أجاب الشيخ األنصاري(لده) يعد االلتفات إلى ضعف هذا االشكال،
يجوايي :
األول نقضي وجدلي :أن الكالم في جريان البراءة وعدمه ،في المقام ،ال
يكون مبتنياً على مذهب العدلية القائلي يتبعية األحكام للمصالح والمفاسد
في متعلقاتها ،ي عام.
الثاني :أن الغرض مما ال يمك القطع يحصوله في المقام على ك تقدير،
(سواء وجوب األل أو األكثر).
أما على تقدير االتيان ياألل ،فالحتمال دخ األكثر في حصوله.
وأما على تقدير االتيان ياألكثر ،فالحتمال دخ لصد الوجه في حصوله،
ٍ
وحينئذ فلو أتينا يالزائد ع المتيق يقصد األمر الجزمي ،فهو تشريع محرم
ال يحص معه الغرض ،وإن أتينا يه يقصد األمر االحتمالي فال يقطع معه
يحصول الغرض ،الحتمال اعتبار لصد الوجه في حصوله ،فإذاً :ال يجب
علينا تحصي القطع يتحقق الغرض ،وذلك :لعدم إمكانه فال يبقى في البي
اال الحذر م العقاب ،وتحصي المؤم منه ،وهو يحص يإتيان األل ،
المعلوم وجويه ،وأما األكثر فاحتمال العقاب على تركه يدفع ياألص ،
ويقاعدة لبح العقاب يال ييان ،هذا ملخص جوايي الشيخ(لده)
وأما السيد الخوئي(لده) :فقد نالش كال الجوايي :
األصول :مبحث األصول العملية
السبت 23ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
أما الجواب األول :فإنه جواب جدلي ،ألن جواز الرجوع إلى البراءة على
مسلك األشعري ،ال يجدي القائ يبطالنه ،وهو م العدلية.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 24ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
كان كالمنا في إشكال الكفاية على البراءة العقلية ،وحاصله :أن األحكام
الشريعة تابعة لمالكات في المتعلق ،وحيث يجب تحصيل غرض المولى
بحكم العقل ،فال منا ص من االحتياط ،بإتيان غرض المولى بحكم العقل،
فال مناص من االحتياط ،بإتيان األكثر ،لعدم حصول العلم بالغرض بإتيان
األقل ،الحتمال دخل األكثر في حصول الغرض.
جواب األنصاري(قده) ال يكون القول بالبراءة مبنياً على مذهب العدلية ،بل
هو عام يعم مذهب األشعري ،المخالف له ،وأن الغرض ال يمكن القطع
بحصوله في المقام مطلقا ،سواء أتى باألقل أو باألكثر .أما لو أتى باألقل،
فالحتمال دخل األكثر فيه ،أما لو أتى باألكثر ،فالحتمال دخل قصد الوجه
فيه.
وعليه :فال يجب تحصيل القطع بتحقق الغرض لعدم إمكانه في المقام.
ٍ
حينئذ اال الحذر من العقاب وتحصيل المؤمن منه ،والمؤمن منه فال يبقى
يحصل بإتيان األقل (المعلوم وجوبه) واجراء القاعدة في األكثر ،لدفع
احتمال العقاب.
وأما السيد الخوئي(قده) :فقد ناقش كال الجوابين:
أما الجواب األول :فإنه جواب جدلي ،ألن جواز الرجوع إلى البراءة على
مسلك األشعري ،ال يجدي القائل ببطالنه ،وهو من العدلية.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 24ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما الثاني :ففيه أوالً :أن ما ذكره من عدم امكان القطع بحصول الغرض ،لو
تم فإنما يتم في التعبديات ،دون التوصليات ،وذلك :لعدم توقف حصول
الغرض فيها على قصد الوجه قطعاً فيلزم القول بالتفصيل ،بوجوب االحتياط
في التوصليات ،دون التعبديات ،وهو مقطوع البطالن ،ولم يلتزم به أحد،
حتى الشيخ نفسه.
وثانياً :أن اعتبار قصد الوجه على القول به يختص بصورة اإلمكان بقصد
ال كما قيل ،لعدم المعرفة بالوجه
الوجه ،دون ما لو لم يمكن قصد الوجه أص ً
كما في المقام ،ألن القول باعتبار قصد الوجه مطلقا ،أمكن أو لم يمكن
مستلزم لعدم امكان االحتياط في المقام ،ألن معنى االحتياط هو االتيان بما
يحصل معه العلم بفراغ الذمة ،وهذا المقام مما ال يمكن العلم به ،بناءاً على
اعتبار قصد الوجه مطلقا ،إذ ال يحصل العلم بالفراغ باإلتيان باألقل،
الحتمال وجوب األكثر ،وال يحصل العلم بالفراغ بإتيان األكثر ،الحتمال
ال ،ال باإلتيان باألقل ،وال
اعتبار قصد الوجه ،فال يحصل العلم بالفراغ أص ً
باإلتيان باألكثر ،وهذا مما لم يلتزم به أحد حتى الشيخ (قده) نفسه ،ألنه ال
خالف وال إشكال في إمكان االحتياط ،بل ال إشكال في حسنه باإلتيان
باألكثر ،وإنما الكالم في وجوبه ،وعدمه ،والسر فيه :أن قصد الوجه على
القول بوجوبه ،يختص بصورة اإلمكان ففي مثل المقام ال يكون واجباً قطعاً،
واال لزم بطالن االحتياط رأساً ،وهو كما ترى.
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 24ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وثالثاً :أن احتمال اعتبار قصد الوجه ،مما لم يدل عليه دليل وبرهان ،بل هو
مقطوع البطالن ،على ما تقدم بيانه في مبحث التعبدي والتوصلي ،فراجع.
ورابعاً :لو سلمنا اال أن اعتبار قصد الوجه ،مع عدم تمامية دليله ،إنما هو في
الواجبات االستقاللية دون الواجبات الضمنية ،أي األجزاء كالمقام ،فراجع،
ما ذكر العتبار قصد الوجه في مبحث التعبدي والتوصلي.
أما المحقق النائيني(قده) :فقد أجاب عن أصل االشكال صاحب الكفاية
بإتيان األكثر احتياطاً لتحصيل الغرض ،بما حاصله:
بأن الغرض تارة :يكون نسبته إلى الفعل المأمور به ،نسبة المعلول إلى علته
التامة.
مثاله :كالقتل ،بالنسبة إلى قطع األوداج .وأخرى :تكون نسبته إليه كنسبة
المعلول إلى العلل اإلعدادية ،والفرق بينهما واضح.
فإن الغرض على األول :مترتب على الفعل المأمور به رأساً ومباشرة ،بال
توسط أمر آخر خارج عن قدرة المكلف ،وعلى الثاني :ال يترتب الغرض
على الفعل المأمور به ،مباشرة ،بل يتوقف على مقدمات أخرى ،خارجة عن
قدرة المكلف كحصول (السنبل من الحبة) فإن الفعل الصادر من المكلف
هو الزرع والسقي ونحوهما من المقدمات اإلعدادية ،وأما حصول السنبل
فيتوقف على مقدمات أخرى خارجة عن قدرة المكلف كحرارة الشمس،
ال ،وعليه :فلو علمنا بأن الغرض يكون من
وحبوب الرياح وغيرهما ،مث ً
األصول :مبحث األصول العملية
األحد 24ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
القسم األول يجب القطع بحصول الغرض بال فرق بين أن يكون األمر في
مقام االثبات والداللة ،متعلقاً بنفس الغرض أو بعلته ،ففي مثله لو دار األمر
ال
بين األقل واألكثر ،كان مورداً لالحتياط ،فيجب االتيان باألكثر ،تحصي ً
للقطع بغرض المولى.
ولو علمنا :بأن الغرض يكون من القسم الثاني ،فال إشكال في أن حصول
الغرض ليس متعلقاً للتكليف ،لعدم صحة التكليف بغير المقدور ،فال يجب
على المكلف اال االتيان بما أمر به المولى ،وهو نفس الفعل المأمور به ،من
الزرع والسقي ،وفي مثله لو دار األمر بين األقل واألكثر ،وجب االتيان
باألقل ،للعلم بوجوبه على كل تقدير ،وكان وجوب األكثر مورداً لألصل
لعدم العلم به.
أما لو شككنا في ذلك :ولم نعلم بأن الغرض يكون من القسم األول ،ليجب
االحتياك ،عند دوران األمر بين األقل واألكثر ،أو من القسم الثاني ،ليرجع
إلى أصالة البراءة عن األكثر ،فال مناص من الرجوع إلى األمر والدليل
ٍ
وحينئذ :فإن كان األمر متعلقاً بالغرض ،كاألوامر المتعلقة بالطهارة من
الحدث ،كما في مثل قوله تعالىِ « :إ ْن كُنْت ُ ْم ُجنُباً فَ َّ
اط َّه ُروا »)1( ...يستكشف
منه كون الغرض مقدوراً لنا ألنه لم يكن مقدوراً ،لم يأمر المولى ،الحكيم
به ،لقبح التكليف لغير المقدور ،فيجب االحتياط عند دوران األمر بين األقل
فكون الغرض األقصى خارجاً عن قدرة المكلف ،ال يفيد في دفع االشكال،
بعد االلتزام بوجوب االحتياط ،فيما إذا كان الغرض مترتباً على المأموربه،
ترتب المعلول على العلة التامة ،ألن الغرض االعدادي الذي نشك في
حصوله ،باتيان األقل ،يكفي لوجوب االحتياط ،واالتيان باألكثر.
أما السيد الخوئي(قده) :أفاد :أن الصحيح في الجواب عن االشكال الكفاية
أن يقال:
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 25ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
بين األقل واألكثر ،أو من القسم الثاني ،ليرجع إلى أصالة البراءة عن األكثر،
فال مناص من الرجوع إلى األمر والدليل.
أما السيد الخوئي(قده) :أفاد :أن الصحيح في الجواب عن االشكال الكفاية
أن يقال:
إنه إن كان الغرض بنفسه متعلقاً للتكليف كما إذا أمر المولى بقتل زيد ففي
ال له
مثل ذلك يجب على المكلف إحراز حصوله واالتيان بمايكون محص ً
يقيناً ،وأما إن كان التكليف متعلقا بالفعل المأموربه ،فال يجب على العبد اال
االتيان بما أمر به المولى ،وأما كون المأموبه وافياً بغرض المولى ،فهو من
وظائف المولى ،فعليه أن يأمر العبد بما يفي بغرضه.
فلو فرض عدم تمامية البيان من قبل المولى ،ال يكون تفويت الغرض
مستنداً إلى العبد ،فال يكون العبد مستحقاً للعقاب.
وبالجملة :ال يزيد الغرض على أصل التكليف ،فكما أن التكليف الذي لم
يقم عليه بيان من المولى ،مورد لقاعدة قبح العقاب بال بيان ،كذلك الغرض
الذي لم يقم عليه بيان من المولى ،مورد لقاعدة قبح العقاب بال بيان.
فإذا دار األمر بين األقل واألكثر ،فكما أن التكليف بالزائد على القدر
المتيقن مما لم تقدم عليه حجة من قبل المولى ،فيكون العقاب عليه عقاباً
بال بيان ،فكذلك الغرض المشكوك ترتبه على األقل أو األكثر ،فإنه على
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 25ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
تقدير ترتبه على األقل ،كانت الحجة عليه تامة ،وصح العقاب على تقويته
بترك األقل ،وعلى تقدير ترتبه على األكثر ،لم تقم عليه الحجة ،من قبل
المولى ،وكان العقاب على تفويته بترك األكثر ،عقاباً بال بيان.
هذا كله بناءاً على ما هو المشهور من مذهب العدلية ،القائلين بتبعية األحكام
للمالكات في متعلقاتها ،وأما على القول بكونها تابعة للمصالح في نفسها
كما مال إليه صاحب الكفاية(قده) في بعض كلماته ،وكما هو الحال في
األحكام الوضعية ،مثل الملكية والزوجية ونحوهما ،فاإلشكال مندفع من
أصله ،كما هو واضح.
هذا تمام كالمنا في صحة جريان البراءة العقلية في مسألة دوران األمر بين
األقل واألكثر.
وأما الكالم في الجهة الثانية :وهي في جريان البراءة الشرعية وعدمه.
وملخص الكالم فيه :أنه إن قلنا بجريان البراءة العقلية في المسألة كما هو
الصحيح ،فال ينبغي االشكال في جريان البراءة الشرعية ،أيضاً بمالك واحد،
وهو عدم جران األصل في اإلطالق ،باعتبار كونه سعة على المكلف ،وال
يكون تضييقاً عليه ليشمله (حديث الرفع) فيجري األصل في التقييد بال
معارض ،فكما قلنا :إن األصل عدم التقييد بمعنى قبح العقاب عليه ،لعدم
البيان ،كذلك نقول :برفع المؤاخذة على التقييد ،لكونه مما ال يعلم فيشمله
حديث الرفع.
األصول :مبحث األصول العملية
اإلثنين 25ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وإن قلنا :بعدم جريان البراءة العقلية ،وعدم انحالل العلم اإلجمالي ففي
جواز الرجوع إلى البراءة الشرعية وعدمه وجهان :ذهب الخراساني
والنائيني(قدهما) إلى األول.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 26ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وإن قلنا :بعدم جريان البراءة العقلية ،وعدم انحالل العلم اإلجمالي ففي
جواز الرجوع إلى البراءة الشرعية وعدمه وجهان :ذهب الخراساني
والنائيني(قدهما) إلى األول.
أما المحقق النائيني(قده) :فقد ذكر في وجه جريان البراءة الشرعية ما
حاصله :أن مفاد حديث الرفع ونحوه ،عدم التقييد في مرحلة الظاهر ،فيثبت
به االطالق ظاهراً ،ألن عدم التقييد هو عين االطالق ،باعتبار أن التقابل
بينهما هو من باب تقابل العدم والملكة ،فاإلطالق هو عدم التقييد في مورد
كان صالحاً للتقييد ،فبضميمة مثل حديث الرفع إلى أدلة األجزاء والشرائط،
يثبت االطالق ،في مرحلة الظاهر.
وأما صاحب الكفاية(قده) فذكر في وجه الرجوع إلى البراءة الشرعية ما
حاصله :أن عموم مثل حديث الرفع ،قاض برفع جزئية ما شك في جزئيته،
فمثله يرتفع االجمال والتردد ،عما تردد أمره بين األقل واألكثر ،ويعيّنه في
األول.
والتحقيق :عدم صحة التفكيك بين البراءة العقلية ،والشرعية ،وأنه على
تقدير عدم جريان البراءة العقلية كما هو المفروض ،ال مجال لجريان البراءة
الشرعية أيضاً ،وذلك :ألن عمدة ما توهم كونه مانعاً عن جريان البراءة
العقلية أمران:
األول :لزوم تحصيل الغرض المردد ترتبه على األقل واألكثر.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 26ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
الثاني :أن األقل المعلوم وجوبه على كل تقدير ،هو الطبيعة المرددة بين
االطالق والتقييد ،فكل من االطالق والتقييد مشكوك فيه ،فال ينحل العلم
اإلجمالي لتوقفه على اثبات االطالق ،فمالم يثبت االطالق كان العلم
اإلجمالي باقياً على حاله.
وعليه :يكون الشك في سقوط التكليف بإتيان األقل ،ال في ثبوته ،فيكون
ال من هذين
مجرى لقاعدة االشتغال ،دون قاعدة البراءة ،والظاهر أن ك ً
الوجهين لو تم لكان مانعاً عن الرجوع إلى البراءة الشرعية أيضاً.
أما الوجه األول :فألن الغرض الواصل بالعلم اإلجمالي لو لزم تحصيله
مطلقا ،على كل تقدير ،كما هو المفروض ،فال ينفع الرجوع إلى مثل
حديث الرفع ،مع الشك في حصول الغرض بإتيان األقل ،إذ غاية ما يدل
عليه حديث الرفع ونحوه هو رفع الجزئية عن الجزء المشكوك فيه ظاهراً،
بمعنى عدم العقاب على تركه ،ومن المعلوم أن رفع الجزئية عن الجزء
المشكوك فيه ظاهراً ال يدل على كون الغرض مترتباً على األقل جزماً.
وبعبارة أخرى :أصالة عدم جزئية المشكوك ،ال يترتب عليها كون الغرض
مترتباً على األقل ،لعدم كونه من آثاره الشرعية ،فإحراز كون الغرض مترتباً
على األقل بها مبني على القول باألصل المثبت ،وال نقول به ،فيجب االتيان
باألكثر ،إلحراز حصول الغرض وهو االحتياط.
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 26ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
وأما الوجه الثاني :فألن جريان البراءة عن األكثر أي :عن تقييد األقل
بانضمام األجزاء المشكوك فيها ،ال يثبت تعلق التكليف باألقل على نحو
االطالق اال على القول باألصل المثبت ،وذلك :لما تقدم من أن التقابل بين
االطالق والتقييد ،يحسب مقام الثبوت هو تقابل التضاد ،إذن االطالق
بحسب مقام الثبوت عبارة عن لحاظ الطبيعة بنحو السريان والشمول،
والالبشرط القسمي ،والتقييد عبارة عن لحاظها بشرط شيء ،ومن المعلوم
أن الطبيعة الملحوظة بنحو ال بشرط ،مضاد ٌة ،مع الطبيعة بشرط شيء ،ومع
كون التقابل بين االطالق والتقييد من تقابل التضاد ،فال يمكن اثبات
االطالق بنفي التقييد ألنه أصل مثبت ،ومعه ال ينحل العلم اإلجمالي
المقتضي لوجوب االحتياط ،فال تجري البراءة النقلية ،كما ال تجري البراءة
العقلية.
نعم :بناءاً على ما تقدم من أن انحالل العلم اإلجمالي ال يحتاج إلى إثبات
االطالق ،بل يكفيه جريان األصل في أحد الطرفين بال معارض ،جرت
البراءة العقلية والنقلية في المقام ،بمالك واحد ،وهو عدم جريان األصل في
االطالق.
فتلخص مما ذكرناه :عدم صحة التفكيك بين البراءة العقلية والنقلية في
ال كما اختاره الشيخ
ال ونق ً
المقام .فال بد من القول بجريان البراءة عق ً
األصول :مبحث األصول العملية
الثالثاء 26ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
والظاهر :أن منشأ االشكال كان من جهة الخلط بين الجهل والنسيان
واالضطرار واإلكراه ،فإنه في باب االضطرار ،بعد رفع جزئية بعض األجزاء
اضطروا إليه» يحتاج وجوب الباقي
ّ لالضطرار إلى تركه ،بقوله(ص)« :وما
إلى الدليل ألن األدلة األولية إنما دلت على وجوب المركب التام ،وبعد
رفع اليد عنها ألدلة الضطرار ،لم يبق دليل على وجوب بقية األجزاء ،وكذا
الحال في باب اإلكراه والنسيان.
نعم :االشكال المذكور وارد في هذه الموارد ،وال مدفع له ،وال يفيد ما ذكر
صاحب الكفاية(قده) في مقام الجواب عنه ،من أن نسبة حديث الرفع إلى
أدلة األجزاء والشرائط ،هي نسبة االستثناء إلى المستثنى منه ،وذلك :ألن
النسبة المذكورة إنما تتم بعد ما دل دليل على وجوب التقية.
ال في وجود هذا الدليل ،ال يمكن إثباته ،أي اثبات وجوب
والكالم فع ً
التقية ،بنفس حديث الرفع ،فإن مفاده نفي وجوب ما اضطر إليه ،ال اثبات
وجوب بقية األجزاء والشرائط ،فبعد رفع اليد عن األدلة األولية ،الدالة على
المركب التام ،ألجل االضطرار ،لم يبق دليل على وجوب البقية.
نعم لو دل دليل خاص ،على وجوب البقية ،في مورد كما في الصالة ،فإنها
ال تسقط بحال ،يكون هو المتبع ،أو تمت قاعدة الميسور كبرى وصغرى،
فيعمل بها واال فيشكل الحكم بوجوب البقية ،كما في (الصوم) ،فإنه بعد
اإلفطار في بعض أجزاء اليوم ،ألجل االضطرار ،ال دليل على وجوب
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 27ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي
اإلمساك في بقية أجزاء ذلك اليوم ،و أوضح منه الوضوء فيما إذا لم يكن
الماء كافياً لغسل جميع األعضاء ،فإنه ال دليل على وجوب سسل بعض
األعضاء دون بعض اآلخر ،وقد عرفت أن كل ذلك أجنبي عن المقام ،ألن
العلم اإلجمالي ،بوجوب األقل المردد بين كونه بنحو االطال أو بنحو
التقييد ،كاف في إثبات وجوب األقل ،بال حاجة إلى دليل آخر.
وهذا تمام كالمنا في الجهتين اللتين عقدنا هما لبيان جريان البراءة العقلية،
وكذا البراءة الشرعية عند دوران األمر بين األقل واألكثر االرتباطيين في
األجزاء الخارجية ،وقلنا الصحيح جريانهما معاً وقد وضحنا الدليل عليه.
وهذا تمام كالمنا في المقام األول وسيأتي الكالم في المقام الثاني ،وهو
دوران األمر بين األقل واألكثر االرتباطيين في األجزاء التحليلية ،إن شاء هّال.
بقي شيء هنا :وهو الكالم في االستصحاب ،فقد تمسك به لالشتغال مرة،
وللبراءة أخرى.
أما التمسك به لالشتغال فتقريبه :أن التكليف متعلق بما هو مردد بين األقل
واألكثر ،وعليه :يكون الواجب مردداً بين ما هو مقطوع البقاء ،أي األكثر،
وبين ما هو مقطوع االرتفاع أي األقل ،فان التكليف لو كان متعلقاً باألقل
فهو مرتفع باإلتيان باألقل يقيناً ،ولو كان متعلقاً باألكثر ،فهو با يقيناً ،وبعد
االتيان باألقل ،نشك في سقوط التكليف ،المتيقن ثبوته قبل االتيان باألقل،
األصول :مبحث األصول العملية
األربعاء 27ج1442:-2 l األستاذ الشيخ محمد جواد المهدوي