Professional Documents
Culture Documents
كواليس نفس
كتاب مجمع
فريق ومضة الثقافي
إشراف وإعداد
خالد عبد الرزاق نعمان
نور أنس طيارة
تدقيق لغوي
إيالف فيصل طويل
آالء علي العطا
مقدمة
حكاية مبعثر
َأَح ٌد ُيَناِد ي َج وَهَر اُألنَثى ِبُأِّمِه
َيا َص َدى اآلِه الُم ِر يَبِة ُيْر ِج ُع الَّصوَت انِكَس اًرا َخاِئًفا"
ُأل
َفَلَقْد َع ِش ْقُت َتَلُّهَف ا نَثى الَّص ِغ يرِة َبْيَن َعيَنيَهاَ ،و َعيَناَها انِتَع اٌش َ ،و ْهَي َتشُك و ِبالَم َج اِز
الُم خَم ِلِّي ُحُضوَر َم اِض يَها َو َح اِض ِر َها َم ًعا
َو َس ْو َف َأسَأُل ِفْي َغ ِد ْي ِم رآِتَي اُألوَلى ،انِع َك اِسْي َ" :م ْن َسَبى َهَذ ا الَّض ِم يَر ِبَم ا َو َر اَء
الَّنْهِد ُقْل ِلْي ؟".
َلْن ُيِج يَب َ .و َلْن َأَر ىَ ،بْع َد الَّتَم ُّد ِن َ ،أَّي َو حٍش ِفْي الَم َر اَيا
إَّنَنا َنعَتاُد َ ،لِكْن اَل َر َج اَء ِم َن الَّنَداَم ِة ِح يَن َيبَلُعَنا الَّض َباْب
ِفْي َم قَهى ُيَج اِو ُر َغيَم ًة َم شُح وَنًة ِبالُحِّب َكاَنْت َتسَتِع يُد َم َس اَر َها ِم ْن ُد ْو ِن َو ْقٍع
ُثَّم َأْلَقْت َخ اَتًم ا ِم ْثَل الَفَر اَش ِة َفْو َق َطاِو َلِة الَع َش اِء
"َأَنا َأَخ اُف "َ .و َلْم َتُع ْد َح ْيُث َك اَنا َو َكاَنْت
ِفْي ُأوِتيٍل ِفْي َباِر يَس ُم َقَّنٌع ِباِال نِهَياِر َ ،و ِط فَلٌة َك ُبَر ْت َو َلْم َتكَبْر َ ،و َش ْم ٌع َطْو ُع إصَبِعَها
َفاَل َفرٌق إَذ ا َبَّد ْلَت ِش يَن الَّش مِع ِبالَع يِن الَم ِليَئِة ِبالَّلِهيِب َو بالُّد موِع
َفَقْد َم اَت اَّلِذ يَن َلُهْم َم َش اِع ُر ُهْم َو َلْو َم وًتا َم َج اِز ًّيا
ُك نُت َح ًّيا َك ْي ُأِح َّس ِبَبْر ِدَي الَقلِبِّي َو ْهَو ُيَم نِهُج الَو عَي الُمَبِّك َر
َو الَم أَس اُة َك اَألشَو اِق ُتنِهُك ِني احِتَض اًنا َبْع َد َم ا َك اَن الِع َقاُب
َم ا الَفرُق َم ا َبْيَن اْلَج َو اِهِر إْن َع َلْت َأْو ُأْلِبَس ْت َثوَب الُّنُجوِم ؟!
ِهَي الُّلَغاُت ِبَم ا َح َو ْتُه ِم ْن َقِد يٍم َطاِئٍشَ ،أْو َح اِلٍم َ ،ج اَء ْت إَلْيَنا ِم ْن َأَس اِس الَخوِف ِم ْن ِتْلَك
الَّس َم اِء
َو ُع ِّطَر ْت ِبَم َج اِز َها الَّش مِسِّي َح َّتى ُتْبِص َر اَألرَض العتمة ِفْي َخ َباَياَها َم َر اَياَها
َفَداِخ ُل الَّش خِص الَم ِر يِض ِبَم ا َر آُه ُطُفوَلٌة ُحبَلى ِبَح ْيَو اٍن َص ِغ يٍر َيكُم ُن الَّش يَطاُن ِفْيِه
َفَنْح ُن َأْبَد ْع َناُهَ ،ش َّك ْلَناُهَ ،أْلَبْسَناُهَ ،أْو َج ْد َناُه ِفْي ُع ْم ِق اَألَنا ُم ْنُذ الَخ ِليَقِة
َم ْن َذ ا ُياَل ُم َع َلى اْلَج ِر يَم ِة ِع ْنَد َم ا َيجَتاُحُه َخيٌط َر ِفيٌع ِم ْن َتَذُّك ِر ِه الَم ِر يِر ؟!
َو َم ْن ُياَل ُم َع َلى َحَياِتِه َهْل ُياَل ُم َع َلى َمَم اِتِه؟!
َم ْن َأَنا؟
َلَع َّلِنْي ِ ،م ْن َقْبِل َأْن ُأْر َو ى ِبِذ كِر ِهَ ،أسُك ُب الَم اَء الُم َهَّد َد ِبارِتَع اَش اِت الِّلَس اِن َع َلى ِش َفاِه
َح ِبيَبِتْي
َو َأَنا َبَنْيُت الُعَّش ِ ،م ْن َد ِم َي الُمَجَّمِد َ ،فْو َق َأرِص َفِة الَّش َو اِر ِعِ ،فْي الَك َناِئِسِ ،فْي اْلَج َو اِم ِع
إَّنِنْي الاَّل َش يُء َ ،لِكِّنْي ُأَح ِّر ُك َعقَر ًبا ِفْي َس اَع ِتْي َح َّتى ُأِفيَق
َفاَل َج َناٌح َك ْي ُأَح ِّلَق َفْو َق آاَل ِمْي َو َأسُهو ِفْي َص اَل ِة اِال نِهياْر
َو َهِل الَّتَغ ُّيُر َيشَتِر ي الَم وَت الَبِط يَء ِبَع شَتُر وَت َو َعرِشَها الَم نِسِّي َم ا َبْيَن الُّنُهوِد ؟
َ -أَنا الُم َغَّيَر َلْن ُأَبِّد َل ِم عَطِفْي َم ْهَم ا َتَبَّلَل ِبالَخ َطاَيا
َم ا ِم ْن َم ًدى
ُهناك ،حيُث الُم ناوشاُت الكثيرة ،الكثيُر من األفكار ،أقُع ضحّية أفكاري ،أستلقي
وكأّنني أملُك طمأنينَة العالِم ظاهرّيًا ،ولكن ،في الاّل ظاهر والاّل َم كشوف ،تكُم ُن حرٌب
حِم ي َو طيُسها وكّش رت عن أنيابها العوجاء ،يرَتطُم دماغي بالقحِف يريد الخروَج ،
رَّبما ُأقيَم برنامج " االّتجاُه المعاكس" في عقلي،
ضيفا هذه الحلقة وحٌش ذو أنياٍب وعيناِن حمراواِن وعَّك اٌز بصليب مردة الّش ياطين،
و ُك تلٌة نورانَّيٌة ُم ضيئٌة كمشكاة ،وقورة الّنظراِت باعثُة الطمأنينة ،طرح عقلي
الّسؤال،
هذه المّرة أريُد إنهاء الَج دل ،ومعرفة أصل القضّية ،
سؤاُل هذه الحلقة:
من الُم سيطُر على الّنفِس البشرية ،سّيد خير ،سّيد شر،
برأيكما ،من له أصُل الوجود ،ومن له حٌّظ أكبُر في الّنفس!؟
يقفُز الّش ّر بغيِر استئذان وبطريقة متهّك مة يقول :
أنا بال شك وال جدل ،أما كاَن أّوُل ما عصى به آدُم رَّبُه بسببي ،وثَّم نهَج في الّش ر ابنه
فقتل أخاه ،الخيُر خردٌة وعملة بالية للضعفاء!
الّش ُّر ِفطرُة اإلنسان أنا األقوى ،والبقاء لألقوى.
كاَن الخيُر جالسًا محَّم َّر الوجنتان ،يبدو أَّنه حَّض َر للكثيِر من الكالم ،والحاُل أيضًا أَّنُه
غاضٌب مّم ا سمعه!
-أظُّن أَّن في اإلنسان بذرة خيٍر متأصلة في عروقه ال مناَص من ذلك ،حيَن عصى
آدم رَّبه كان راشدًا وِفعلُه لم َيُك ن فطرّيًا إَّنما من وسوسة الشيطان،
وحينما قتل قابيُل هابيل كان ذلك نتيجة غيٍظ في نفسه ،فتحالَف مع الّش ياطين وقتل
أخاه،
أّم ا الفطرة تتجّسُد في الخير ،الّطفُل وأفعالُه ُتظهُر الِفطرة الّسليمة! هل رأيَت يومًا
طفًال يقتُل ويفعُل الَّش ر!
رّبما الّش ر غريزة تظَهُر في من يغلُب عليه طابُع الوحوش ال البشر!
صحيح ،في داخِل كِّل مَّنا زوبعُة شر وزوبعُة خير،
لكّن الفطرة ،كُّل الفطرِة في الخير،
وأقول بما يقوله الكتاُب الحكيم{إَّن اإلنساَن ُخ لق هلوعًا* إذا مَّسُه الَّش ر جزوعًا* وإذا
مَّسه الخيُر منوعًا}
قفز الَّش ُّر بطريقته المعتادة وقال ساخرًا متهكمًا:
تضع األدّلة ضّد ك ،أُّي بالهٍة تفعلينها،
كالمِك ُيثبُت أَّن اإلنسان مفطوُر على الَّش ر وحِّب الذات!
يقوُل الخيُر بهدوء:
ال تأخِذ الكالِم من ظاهِر ه وُتهمل معناه العميق ،دعني أوّضُح لَك وأحسم األمر،
هذه اآلياُت ُسبقت بوصِف الكافريَن وعذابهم!
والحاُل أَّن هذه ِص فاُت الكّفار ومن ترَك نفسه على هواها ولم يَر ِّو ضها وُيهِّذ بها ،
لكن ،ترويُض الّنفس باإليماِن ،باليقيِن ،والحِّب ،والبذِل ،
ذلَك ُك ُّله يؤّد ي إلى عيِن الخير،
ُتبعِت اآلياُت باستثناء الُم َّتقين الَخِّيرين ُبدأت ب {إاّل }
وثَّم االستثناءات،
والَح ُّق أن الهلع والجَز ع والَم نع صفاُت الالهيَن عن ترويِض أنفسهم،
فالفطرُة ،كُّل الفطرة في الخيِر والحّب ،
أّم ا الشر ،كُّل الّش ّر ،غريزٌة في الوحوش يَتطَّبُع بها اإلنسان وحسب،
-أنِت تصفيَن الَّش ر بأَّنه غريزة الوحوش!
أي أّنك تَّتهمين ُم عظم اإلنسانّية بالوحشَّية ،حروب المسلمين ،سيُل الّد ماء فيها والقتل
والَهرج ،أليس ذلك شّر ًا ،كيف تصفين الّش ر بأّنه غريزة وقد قاتل أنبُل بنو اإلنسان
بالّسيف واّلرمح وَقتلوا!
-عندي جواٌب لكِّل شيال ُتحاول َز عزعة قناعتي البّتة!
هناَك سيٌف ترفعه في سبيِل الحِّق للقضاء على أنياِب الّذ ئاب البشرّية ،وسيٌف تقتُل به
الحَّق ،
القتُل ليس شّر ًا بحتة ،والّش ُّر ال يتجّسد في القتِل فقط هناك قتٌل بالكلمِةُ ،هناك أفعاٌل
شّر يرة أشنع من القتل،
وكي ال تقوَل لي أَّني لم أجب على أصِل الُّسؤال ،الَّسيُف الذي ُيرفع في وجه الِّذ ئاِب
البشرّية هو سيُف خير ،إلعالِء راية الفداء في سبيل نشر فكرة الحِّق ،أو في سبيل
شرف األوطان واألديان!
كٌّل له الحُّق في قتِل من يحاوُل تدنيس وطنه ودينه!
وفي ذلك الّش هادة في سبيل هللا!
فال تدع كل الَّش ِّر وتجسدُه في القتل!
-حسنًا ،أقنعِتني بذلك،
لكن أجبني لم قاَل الُقرآن {،وُخ لق اإلنساُن ضعيفًا}
أليس ذلك دليًال على فطرية الَّش ر يا ساذجة!؟
-أنَت تسوق األدّلة ضّد ك! بل أنَت الّساذج!
الَّضعُف صفٌة مالزمة لفعِل الَّش ر،
إذا غلبِت الَّش هواُت واألهواُء الَّنفس ،إذا طعنت األهواء جَس د الفطرَّية ،يْض عف
اإلنساُن أمامها ويمكن أن يفعَل ما يحلو له ويطيب كالوحوش تماما وهذا يؤّد ي إلى
ذات الّنتيجة التي ُقلتها لك،
الَّش ُّر غريزة ،والخيُر فطرة
-غلبتني ما أفطنِك !
-اقتنعت أخيرًا أم أَّنك ستثوُر في وجهي بأسئلتك مجّد دًا!؟
أفرغ ما في جعبتَك من أسئلة!
-بل اقتنعُت حّقًا وا أسفي!
العقل:
ُر ِفعت األقالُم وجّفت القراطيُس والُّص حف!
فألِق الَّلوَم على غريزتَك في شِّر ك يا بني اإلنساِن ،
واشكْر فطرتَك في خيرَك إن كنَت من الُفَّطان!
ال شَّر إاَّل وقد سَيبَت نفسَك لم ترِّو ضها
وال خير إاّل وقد رَّو ضَت نفسَك لم ُتسِّيبها
عائشة عماد الدين خيرهللا
سوريا /دمشق
رهف الحياني
سوريا /حلب
ألم يأن؟
ها أنا مّر ة أخرى في مكاني المعهود ولكن على غير ما قبلها وسواها وألّو ل مّرة
أبصر شخصًا غيري في هذا المكان ،شخصًا يبدو بثيابه الّرثة بشعره األشعث وحالته
المزرية كانعكاٍس لروحي المتعبة في مرآة الواقع ،انعكاٌس لروحي على حقيقتها
مجّردٌة من زينتها البشرّية الّرخيصة البهّية ،قلت لنفسي أو قالت هي لي :من هذا؟
وكيف يمكن لمتسّو ٍل وضيٍع أن يجلس في مكاني أنا؟
ال أهذبنه وقبل أن أفعل بادرني هو بالقول :أهال بك يا صاحبي لقد تأّخ رت هذه المّرة
لن أقول أّنني اشتقت لك ولكّني أفتقدك فهاّل جلست!
رغم الّد هشة التي اعترتني والوجل الذي ولج لقلبي إاّل أّنني لّبيت طلبه وجلست ،لم
أنبس ببنه شفة حّتی أّني لم أجد معنی للّسالم فلم ألقه ،شيء ما غريب بهذا الغريب
رغم أّني ال أعرفه ولم أره قباًل ،إاّل أّنه استطاع الّسيطرة علّي كلًّيا.
لبرهٍة ران الّصمت على كّل ما في مجلسنا حّتى الّر يح هدأت قبل أن يكسره هو بقوله
ألم يأن؟
أحسست بكلمته اخترقت صميم فؤادي رغم أّنه لم يتبعها بأّي شيء وال حرف واحد
فقط "ألم يأن؟" ليسرد أمام عيني شريط طويل في بداية كّل حلقة من حلقاته ألم يأن؟
ألم يأن لك ترك هذا الّد خان الذي يحرقنا مًعا؟
ألم يأن لك كّف كّفك عن حوائج الّناس وكّف لسانك عن أعراضهم؟
ألم يأن لك االعتراف بحقيقتك الخبيثة لتلك الفتاة المخدوعة ببطلها المزّيف؟
ألم يأن لك التوقف عن إطعامنا وأهلك من مال الحرام؟ فقد أحرقتنا كما تری بأّم
عينك
ألم يأن لك وضع حٍّد للخصومة والقطيعة مع إخوتك ووالديك؟
ألم يأن لك أن تقّبل يدي أّم ك ورأس أبيك والعودة ألحضانهما قبل فوات اآلوان؟
وبينما تتسلسل أحداث هذا الّش ريط أمامي عال صوته شجًّيا باكًيا يصفعني كما لم
يحدث من قبل:
"ألم يأِن لّلذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر هّللا "
وثبت بعدها مردًدا بلى وهّللا قد آن بلى وهّللا قد آن بال وعي مني لبرهة ،ثّم وكأّن شيًئا
لم يكن عصفت رياحي العبثية بهذا الّسكون اآلمن من جديد ألنظر بعدها إلی هذا
الغريب نظرة االزدراء ذاتها التي اعتدت عليها صارًخ ا في وجهه :من تظّن نفسك يا
هذا! وماذا تظّن نفسك فاعاًل أّيها المتسّو ل؟ أال تعرف من أنا!
ليجيبني دون أن يحّرك ساكًنا بنظرة جمدت كل ما في الدنيا:
بلى بلى أدرك تماًم ا من أنت وأعرفك حّق المعرفة.
إّنما أنت عبد ضعيف من عباد هّللا ،خلٌق ضعيف من خلقه ،غّر تك نفسك ودنياك وما
أنا هذا المتسّو ل الذي تزدريه إاّل حقيقتك ،روحك التي مّيزك هّللا بها فطردتها بعون
دنياك من هذا الجسد ،فاهدأ واجمح رياحك عّلنا نعود مًعا إلی بّر األمان.
مشرد أنا بسبب شيطانك يا هذا ،فبيتي قلبك الذي أحتّله وزادي عمرك الذي أفناه
ووجهتي وجهتك التي غيرها فهاّل نعد!
ومع أّنه يرمي كالمه بهدوء تام إاّل أّن لكالمه قّو ة عصماء ،تهوي بكل ما في الّد نيا
علی أعتابه لذا وبدون تفكير قلتها :هو ذاك هو ذاك ما أرجوه فهلّم أعّني ،ثم ومع هذه
الكلمة عادت أمواجي تالطم بعضها بعًضا.
أنت ستعينني ياهذا ههه بثيابك الّرثة أم بشعرك األشعث أم بصحن الّتسّو ل هذا الذي
تحمله أغرب عن وجهي وال أرينك مرة أخری وإاّل أوجعتك.
ليرّد علّي بهدوئه الذي لم يتغّير ،أَو تستطيع؟
جرب إن كنت حًقا تستطيع بذراعك المفتولة هذه أّيها المتكّبر الجّبار وهّللا ال يحب
المتكّبرين
ألهوي بيدي بعدها علی وجهه فال أصفع إاّل وجهي صارًخ ا ،متأّلًم ا ،مدرًك ا تّو ي
للحقيقة بعد أن اختفى ذاك الغريب.
فلم أشعر إاّل بدموع عيني تسيل وصوت يصدح في قلبي اآلن نرجع راشدين.
من سأكون؟!
نعيش مجمل تفاصيل حياتنا على مزاجهم وتحت إشرافهم وسيطرتهم..
مكبلين لكل شيء أصبحنا أسرى ال نملك حرية اختيار أبسط األشياء.
قيد تنفيذ وحٍب وظروف قيد حرٍب وعنف
قيد أشخاص و مجتمع وعادات..
ماذا عن عدم رغبتي بممارسة عادات وقواعد مجتمع هم من اخترعوه وهم من
وضعوا قوانينه وقواعده في وقت لم أكن أنا أتيت لهذه الحياة وفرض علي قواعد ال
تناسب تفكيري
هل سنبقى هكذا ؟؟!
ُنجبر على أشياء ال نريدها
على أسلوب حياة ال يناسبنا
إلى متى سنبقى نسير على نفس الوتيرة؟
تطبيق تقاليدهم وعاداتهم وكأننا رجل آلي ُم َّقيُد التنفيذ اخترعوه وعلينا أن نسير حسب
ما أرادوا
أليس هذا ظلم؟!
ماذا عن حقوقي كـإنسان؟!
ماذا عن رغبتي بالتعلم؟ من أي منهج أتيتم بقولكم المقنع ال يحق لي التعلم
متى أصبح العلم عيبًا؟!!
من أي دين جئتم بحجتكم الضعيفة والمقَّنعة أيضًا.
ال تستطيعين الخروج عن محيطك ..ومتى كان التعلم حرامًا!!!
ما شأني أنا بعاداتكم وتقاليدكم الغريبة ولو أنني خرجت عنها سأصبح منبوذة
وخارجة عن المألوف وغريبة ومتمردة وألفاظكم النابية جميعها ستطلقونها نحوي.
بأي حق !! ال أعلم ولكن الذي أعلمه أنني في وسط مجتمع تسوده عادات مرصعة
باألنانية والحقد والجهل ومن غير المعقول أال ألتزم بها
وإال سوف تضعونني على الهامش
هل سيمضي العمر وأنا أحاول الخروج من تلك المتاهة التي تجعلني أقف مرارًا
وتكرارًا في منتصف الطريق أخاطب نفسي
وماذا اآلن ؟! ماذا نفعل ؟! كيف سنكمل؟!
هل أستطيع التحرر من تلك المتاهة؟ أم هل سأستطيع تغير فكرهم؟
هل أقدم طلب لجوء لمن يحتوي فكري ولكن هل سأجد مجتمع ال يفرض معتقده!!
بالطبع ال ،ال يوجد..
فإن الذي مانحن عليه اآلن لم يكن إال بسبب تقمص الكثير لشخصية النرجسية ;
فجميعهم يعتقد أنه األفضل وما دونه األسواء
ومابينهم وقفنا مع حيرتنا وضياعنا...نطرح السؤال نفسه
هل سنعيش يومًا ما كما نريد؟؟
بدأت أصوات غريبة تتصادم في رأسي فأحد األصوات كان قويًا جدًا وكأنه أحد
الجالدين في األفالم الدموية ال يعرف إال القسوة
فعندما كنت أسأل نفسي قال لي :أنِت هنا لتفعلي ما نصه عليك المجتمع الذي يحكمك
بعاداٍت تقّيد عقلك وروحك
فجأة!!
ظهر صوت آخر بدا لي أنه صوت حكيم
ذو عقل راجح ومليء بالثقة واألمان
يقول لي :سمعي أال تمتلكين عقًال؟
كيف تكونين أسيرة لبشر مثلك؟
لم أستِط ع اإلجابة
وبدأت بالتفكير فيما قاله ذلك الحكيم
وحينها صاح الشر قائًال :مالك تحرضها على شيء أقوى منها بكثير؟
إنها ضعيفة ال تقوى على المواجهة وتائهة في أسئلة ال متناهية
فرد عليه الخير بكلمات تعجبت منها قال :من يمتلك عقًال يستطيع مواجهة كل
المخلوقات ولكن عليه أن يحسن التفكير بعقله وأن يعرف أهدافه في هذي الحياة.
وحينما أردت أن أجيبه على أهدافي قاطعني الشر وهو يقول:
إن هدفها هو إرضاءهم والخضوع الكامل
فقاطعه الخير مسرعًا بقوله :هدفك هو أال تكوني مسيرة خلف شيء ال تؤمنين به.
هدفك هو إرضاء ذاتك وأن تعيشي الحياة
كما تحبي ولكن شرط أال تؤذي غيرك.
توصلت أخيرًا إلى إنني الشخص الوحيد
الذي يستطيع تحريري من فكرهم ومعتقداتهم
وكأنني مع نفسي وقفنا في ميدان الحرب واجهت صراعًا طويًال
إلى أن استطعت أخيرًا االنتصار على نفسي
وهذا ما جعلني أقوى على مواجهة من حولي
وأن أقف أمام كل من سعى إلى تهميش ذاتي
كن أنت القائد في رحلتك
إن استطعت مواجهة النفس وضبطها فبالتأكيد
أنت قادر على مواجهة كل شيء يقف أمامك كن أنت صاحب السادة .
صمٌت أنيٌق ال يسمح لنا ببوِح الّسيئاِت مهما كان األلُم سجّيًا فهو ُم تأصٌل بجذوِر
اإلنساِن منُذ أوِل صرخٍة،
ُربما يغفو نزوًة بطريقٍة ما ليتشكل الّش ر،
كالنوِر في الّظالم
كالّد واء للمرض
أحٌد يبني وآخُر يهدُم
لفطرتَك اإلنسانّية أثٌر عميٌق في ّتَش ُع ِب قراراتَك الختياِر طريِق الخير أو الّش ّر،
أو كما ُيقال طريق الّش ياطين أو المالئكة.
الخير :أتفُق ُك ّل االتفاِق بأّن ُسبَل الّش ياطين كثيرٌة تأُخ ذَك إلى حِد اُألمنيات كافيتَك
لكني أنا المالئكي طريقي طويٌل ليوِص لَك إلى بوابِة الّنوِر ال لذلَك الُّثقِب الّلولبّي
األسود.
الّش ر :الُبّد من وجودي ليكُم َن الخير في الّتوبِة ،الحياة لم تكون يومًا عادلًة لكّن البقاء
لألقوى.
الخير :لكّن الّنفَس أمارٌة بالّسوء تأتيَك في حالِة الّضياع الاّل ُم تناهية لُتعمي بصيرتَك ،
أّم ا الّنفُس الُم طمئّنة دائمًا موجودة مستمّرة تعود بعد نهاِر كامٍل لربها راضّيٍة.
ُم لّخ ُص حديثي رأيي الخاُّص وقراري الّش خصّي ،أنانيتي في االختيار طالما ساقتني
لرحمانّية االختيار ذلَك الخيُر أبوابُه مفتوحٌة دومًا فّياضٌة بعيوِن الوئام والّسالم
ال تّتبع رغبَة عقلَك الباطِن فُك ُّل بذرٍة ُتعطي حقول،
سُأنهي الحديث وأقول :اسمع لصوت قلبَك فهو بوصلُتَك وسَط العاصفِة الُم تأِّج جة فإّم ا
أن ُتبحر بسفينِتك إلى الَج حيِم وإّم ا أن تبحَر بها إلى بِّر األمان.
جوى حسين صخر
سوريا /الالذقية
كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي
مفترُق طرق
لمعت النجوم في سماء المدينة التي نفت الرحمة من شوارعها ،تالشت دموع الرجال
المشردين و ُأحِك مت القبضة على من فيه من فتيات الليل الالتي تعملن بين أزقة
الحّي ،تجّو ل برٌق بين ركاِم منزله القديم ترددت أصابعه على بقايا حجار الديار ذاك
أصيٌص فخارٌي مطلٌي باللون الزيتّي وذاك آخٌر باللون األزرق وبجواره اثنين من
اللون األصفر والقرميدّي عصفت رياٌح غريبٌة في مثل يوٍم كهذا منذ سنتين اندثرت
قصُة عائلٍة بأكملها بين زوايا هذا البلد البائس انطوت وكأنها صفحات كتاب َبِلَي
لكثرة االستعمال ،عادت مع هذه الذكريات روحيه اللتين لطالما جاهد في إخفائهما و
إسكات صوتيهما عّله ينجو بما بقي من روٍح داخل جسده العليل.
طرقت أحرف مالك الرحمة أذنه وراحت تمسح آالمه بحروٍف رقيقٍة في حين أن
مالك الَج وِر زرع أشواك الصّبار بين كلماته.
نور :ال بأس عليك ..
لقد مرت األيام التي أهلكت فؤادك وقّلبتك عن يميٍن وشماٍل .
ديجور :إي للذكريات طعٌم صاٌب كالزقوم ينتشل أعضاء اإلنسان ويبلي قلبه بأشّد
أنواع العذاب.
نور :هلل أحكام هلل ألطاف هلل أيٍد تمسح تواسي وتْج ُبر هلل أوقات تطمِئن.
ديجور :هل تعلم ما هو أكثر شيٍء يعذب روح اإلنسان ويستنزفها؟ ما يؤرقه ويجعله
عرضة لالكتئاب وحّب العزلة؟
نور :ما هو؟
ديجور :أال يأخذ بثأر قلبه أال يثور على من انتهك ُحرمة أشياءه الخاصة أال…
نور :توقف ..ما لذي تثرثر به؟ هل جننت؟ تحِّر ض الفتى و أنا الذي اعتقدت أن
نفسك قد ُأصِلحت بعد كل هذا الوقت..
ديجور :ال تستنكر أقوالي أيها المغّفل ف كما أّن السنين لم تغيرك ولم تنجح في
التأثير على اتجاهاتك ليس لها سلطاٌن على اتجاهاتي كذلك
نور :لكّن االتجاه الذي تسعى به ليس سوى منحدٍر للهالك وتفشي العداوة أكثر.
ديجور :وكأن اتجاهك هو من يسير على سويٍة واضحة ها هو صديقنا قد أفلت زمام
األمور من بين يديه لظنه أّن هذا العالم سُيصلح أو أن التسامح في وقتنا محموٌد
وسيقِّو م النفوس ففقد منزله و.....
نور :يكفيك هراًء حتى هذا الحد وكفى ..لم يفقد شيئًا بل كان أمر هللا الذي اختاره له
ويعرف أنه على مقدرة لتحّم له فإالهتنا عادٌل ال يحّم ل نفسًا إال وسعها.
ديجور :بل غباؤه من تسبب في ذلك فعندما ُأرسِلت لجنُة اإلعمار و ُأعطي أمر الهدم
لبناء مقهى يرتاده السّياح وافق و هو يضحك كاألبله ظّن منه أن ذلك سينتشله من
الفقر لم يعلم بأن مسؤول الموقع يحتال على أمثاله.
برق :وهل تظن أنني سأتركه في حال سبيله سيندم على كل حجٍر وقع في هذا الحي
سأكون كابوسه الذي يهرب منه ويختبئ خلف ذات الجدران المهّد مة سأكون جحيمه
الذي لن يطيق المكوث فيه ساعًة.
نور :ال تفعل ياصديقي انظر حياتك التي بنيتها في مكاٍن جميٍل ال تهدمها فوق رأسك
فتصبح يؤوسًا نادمًا اتركه وأفعاله هلل..
ديجور :إياك أن تصغي له تابع انتقم للسنتين اللتين بكت فيهما والدتك و تحّجرت
دموع والدك في عينيه دعه يعاني حتى ينهار ويتمنى الموت وال يجده
برق :وهذا ما سيحدث...
قبل أن تشرق الشمس الباردة على أطالٍل خاويٍة وتبعث بجدائلها الذهبية على أديم
األرض ليعانقها كطفٍل هرع ألمه بعد ليلٍة من الخوف.
المستخَدم :سيدي أعتذر على اتصالي لكن هناك حدث حل يا سيدي
المستِبد :ما األمر في هذه الساعة؟ ماذا تريد؟
المستخَدم :كارثة يا سيدي اثنين من المصانع احترقا بالكامل لم يخرج منهما شيء
المستِبد :ما الذي تقوله يا هذا؟ كيف حدث ذلك؟!
المستخَدم :يجب أن ترى بنفسك يا سيدي وهناك رسالة أيضًا...
المستِبد :رسالة! رسالة ماذا هذه؟ هل تقصد أن الحريق مفتعل؟؟!
المستخَدم :نعم يا سيدي .لقد كتب فيها "هي البداية"
المستِبد :اللعنة عليكم اللعنة عليك وّز عوا الحراس على المداخل أريده حّيًا..
المستخَدم :أمرك سيدي
" :هل أنت مرتاٌح هكذا؟ هللا ال يحب من يضُّر البشر هللا ال يحب من يعتدي على
أرزاق الناس
برق وعيناه معّلقتان بسحابة دخان السجائر التي نفثها :هّو ن عليك ياصديقي هي
البداية.
نور :إياك إياك أن تفعل شيئًا آخر إنك ترتكب خطًأ كبيرًا ستندم عليه الحقًا.
برق :لنحيا حتى يأتي هذا ال "الحقًا" ولن أندم على شيٍء إال أنني تأخرت بهذه
الخطوة.
وما إن انتشرت الظلمة في المكان وأرخى الليل سدوله على أطراف المدينة
وانتشرت الكالب الضالة في األحياء المجاورة رنين هاتف نحاسّي يصدع في أرجاء
البهو الكبير
المستخَدم :سيدي لقد حدث مجددًا
المستِبد :أال لعنة هللا عليكم الواحد تلو اآلخر أين المكان؟ ألم تعثروا عليه؟
المستخَدم :المخزن فارٌغ يا سيدي ال يوجد كأس طحيٍن حتى لقد ُأفِر غ بالكامل..
المستِبد :ما الذي تقوله؟ ما لذي تهذي به؟
يا إلهي ساعدني قلبي قلبي
في صباح اليوم التالي وقد بزغت شمس االنتصار على أحياء منسية شبع أطفال
البسطاء اليوم لقد امتألت بيوت المؤن البارحة هذا ما تداوله الناس لقد ُقِر عت
األبواب وما إن فتحت حتى انهالت أكياس الطحين ليسلم هذا الشاب على فعل الخير
ليطل هللا بعمر أحبائه.
ديجور :تهانينا يا صديقي .الفاسد يقبع في المشفى بعد نوبة قلبية أصابته
نور :اسكت أنت كل المصائب منك ومن أمثالك شيطانك أنت أكبر من شيطان ذلك
الفاسد حتى.
برق :ال عليَك يا صديقي أعلم أنك مستاٌء مني لكن هذا كان يجب أن يحدث منذ وقت
طويل اآلن سيستطيع أبي أن ينام بعمٍق وراحٍة اآلن ستخبز أمي المعجنات و تدعوا
إليها جاراتها في الحّي اآلن فقط أستطيع أن ألقي التحية بصدر واسع حين أمُّر على
قبريهما..
نور :ليغفر هللا لك يا عزيزي ويرحمهما.
برق :آمين يا إله العالمين.
إيالف فيصل طويل
سوريا | إدلب
شتات
حّطت طيور الليل فوق البيت المهجور ثانيًة ،بعد أن هدر و أرخى جدائله على موقٍع
ناٍء في أقاصي المجهول ،غّطت شعرها الفحمّي بشاٍل صوفٍّي ،وسترت وجهها بلثاٍم
أسوَد جعل بحر عينيها نهاية البداية ألحاديث البديع وانطلقت تتجول بين أزقة
المخيمات ،عّلها تجد ما يسّد رمق أسنانها ويشّد أصالبهم ،رافقتها روحيها كي يكونا
مؤنَس يِن لها في طريقها الوِع ر حيث بدأ جدالهما المعتاد...
ديجور :هيه انظري لتلك الجهة يا لمعة ..يبدو أن من يقطن في تلك الخيام في حالة
مرموقة انتهزي الفرصة ما إن ُيفرك الِس راج.
لمعة :أجل يبدو أنهم في حالة جيدة وسيكون لديهم ما ُيحي أبنائي لليلتين متتاليتين.
نور :ما تفعلينه خاطئ يا لمعة صدقيني ربما هم بحاجة لهذا الطعام أكثر من أبنائك ال
تطعميهم مأكًال حرامًا سيرزقكم هللا من فضله صدقيني ربما ال ينسى أحدًا و...
لمعة :صه ..ال تتفوهي بحرف بعد ،لقد استمعت لك في الليلة الماضية ماذا حدث ها
قولي لي ماذا حدث؟
نور :أنا لم..
لمعة :قلت إياك أن تتحدثي ..لقد نام أبنائي وهم يبكون لشدة جوعهم لقد رأيت في
أعينهم دموع الرجاء لقد ُفِتَت فؤادي وأثارت بركان الحقد عليِك .
ديجور :افهمي يا هذه سيموت أطفالها إن استمعت لك اليوم عليها أن ُتغير على
الجيران كي تنقذ أطفالها الذين ال يشعر بهم أحٌد لو لم تكن تكابد عافيتها لُقضي عليهم
منذ زمن..
نور :لكن هذا للناس حٌق وليس عليها أن تتعدى عليه مهما يكن األمر ال يحُّق لها أن..
ديجور :أحّبذ أن تصمتي قبل أن أبرحك ضربًا .أقول لك سيموت أطفالها والزلت
تثرثرين بالحقوق والناس أال سحقًا لك ولحقوق الناس إن كانوا هم بال ضمير فما ذنب
عينيها التي تنادي اإلله في كل ليلة لُيسكت قرير بطونهم؟
لمعة :اصمتا اآلن قد ُأخمد السراج سأذهب.
وقفت خائفة أمام انسدال باب الخيمة وهي تسترق السمع لحديث بين الزوجين فهمت
منه أن لإلطعام سوى رغيفين من الخبز و بضٍع حباٍت من الثمار ،ولدهشتها حين
سمعت اسمها من صوت الرجل يقول لزوجته أن تذهب بنصف الكمية لعائلتها و
أطاعته الزوجة.
فأخذت لمعة تركض مسرعًة بُخ طاها حتى تصل إلى خيمتها الرديئة.
الزوجة تناديها :السالم عليك يا لمعة.
لمعة :أهًال وسهًال بِك تفضلي.
الزوجة :شكرًا لِك ،..تفضلي لقد اشتهينا لكم هذه األطعمة ،أعتذر منك هي قليلة لكن
أحببنا أن نشارككم إياها.
لمعة :شكرًا على لطفكم يا سيدتي رافقتِك السالمة.
دخلت وبيدها ما أحضرته الزوجة وقد جرت على خديها الورديين دموع األلم لقد
قصدت تلك الخيمة ولو أنها لم تسمع ما سمعته لكانت قد ارتكبت ذنبًا بحق أهل
الخيمة و أطفالها.
نور :أرأيت يا لمعة لقد عّو ضك هللا عن الحرام بالحالل الهنِّي .
ديجور :لكن هذا لن يسَّد جوعهم...لن يمأل قوت ليلتهم ويسكت قرير بطونهم.
لمعة :و إن لم يسكتها ولكنني لن أعود للسرقة من الخيام سأطلب من أهلها وإن لم
يعطوني فهم هلل و إن أعَطوني فهم أيضًا هلل.
ديجور :ستندمين سترين أطفالِك يموتون من الجوع أمام ناظَر يِك .
لمعة :هم و أنا هلل ،سيكفينا هللا من خيره وسيجزينا الخير على كل ما نمّر به.
نور :أجل هذا ما سيحصل صدقيني سيكون العوض مذهًال وسيدهشِك بكرمه.
لمعة :و أنا على يقيٍن بهذا.
أشرقت الشمس على مخيٍم بجانب بستاِن التفاِح الذي يطُّل على هضبٍة بكتِف نابلس
الجميلة ،خرجت لمعة على صوٍت رجولٍّي مألوٍف لقد كان زوج تلك السيدة التي
جاءت عند الليل.
الرجل :سيدة لمعة أستميحك عذرًا على إزعاجي لك في مثل هذا الوقت.
لمعة :ال ليست مشكلًة يا أخي ،أشكرك على طعام البارحة.
الرجل :عفا هللا عنك وعنا يا سيدة نحن أهل و أتمنى إن احتجت أي شيء أن تخبري
زوجتي وال يكون بيننا سوى الخير إن شاء هللا.
لمعة :شكرًا لك يا أخي هذا من لطفكم أدامك هللا لزوجتك و أطفالك.
الرجل :أتمنى أن تقبلي هذه الهدية ألطفالك ،هذا صندوٌق جمعت فيه ما تيسر لي من
أطعمٍة أساسيٍة كنت قد مررت واشتريُت ما استطعُت لنا ولكم.
لمعة :أنا ...أنا أشكرك جزيل الشكر يا أخي ولكن هذا كثير ال أستطيع أن أقبله أعتذر
منك.
الرجل :أرجوك اقبليها يا سيدة فهي ألجل شفاء ابٍن لي قد أصابته حمى شديدة فجأة.
لمعة :حسنًا إذًا شكرًا لك ،عافاه هللا.
الرجل :سلمِت.
نور :أرأيت يا لمعة لقد أنار هللا بصر هذا الرجل و جعل مرض ابنه سببا ليأكل
أطفالك.
إلهنا إله عادل ال يترك أحدًا في منتصف الطريق ،ضاًال يا ئسًا يمّد له يد العون دائمًا،
يكفي أال يقطع العبد إيمانه به و أن يرتمي بثقله على دعاٍء ،يسمعه هللا قبل أن يلفظ به
العبد.
الحلم
مستلقيًا على فراشي َأنظر إلى السماء من النافذة وأفكر بما دار بيننا من حديث رطب
الدموع مليء بالغضب ماطرًا بالكلمات القاسية ،مدجج بالعبارات الجارحة ُ ،أحلل و
أربط ما حدث ولماذا وكيف
ربما بسبب بعض التراكمات واألخطاء من كالنا وبعض التقصير واإلهمال أيضًا،
وكلما عدت بذاكرتي أستشيط غضبًا من بعض الكلمات التي رمتني بها وأعزم على
أال أسامحها وحينما أهدأ قليًال أذكر ما قلته ومافعلته لها وألوم نفسي عليه وأبرر
كالمها أنه ردة فعل
حتى أخذني النوم ورأيت حلمًا غريبًا
رأيت أني أحضر اجتماعًا وعلى شّقي األيمن رجل بديع الطّلة حسن الوجه هزيل،
ثيابه بيضاء نظر إلّي وقال أنا الطيبة والحب والتسامح بداخلك واسمي الخير وعلى
شّقي األيسر رجل أسود معتم قبيح الشكل ضخم القوام قال أنا الغضب والحقد
والكراهية واألنانية واسمي الشر واجتماعنا هذا بشأن ماحدث مؤخرًا مع الفتاة التي
تحبها ،وأجزم أنك لن تسامحها على ما بدر منها ولن تنسى تلك الردود وهذا الصواب
وال تلقي بالك لهذا الخير فإنه يدلك على إذالل نفس والضعف والتنازل المهين ثم
ظهر رجل كالفرسان قال :أنا الكبرياء يا فتى وقد تأّذ يت وأريد حقي ،كنت شبه
مقتنع بكالمهما
قال الخير :ترّيث واسمعني
قلت له :هات ما عندك والغضب يّتقد بي والشر بجانبي يتضخم حجمه
قال :انظر إنه يتغذى على غضبك وأنت فتى تحكمه االنفعاالت وغضبه يسيطر عليه
ال تسمع منهما وتحرر من سيطرة الغضب عليك وعدم صبرك وتفكيرك بأفعالك
سبب هزالتي هذه
يا فتى :ألم تقل لها كذا وكذا ألم تفعل كذا وكذا ألم تبادلها االهتمام بشح ،باهلل عليك
ما قلته وفعلته أنت أليس أكثر إيذاًء من ما قالته هي ،لو أنك أبدلت كلماتك الجارحة
بكلمات طيبة رقيقة لينة وأطلت صبرك كنت قد فزت بابتسامتها وحفظت خاطرها
وكبريائك من ردها على فعلك ،ثم ظهرت فتاة صغيرة جميلة لكن قد ُك ِس رت يدها
وعلى وجهها بعض الكدمات والجروح تعّج بت ألمرها ،من أنت و من هذا الذي بال
قلب وال رحمة فعل بك هذا
قالت :أنا خاطر فتاتك وأنت من فعل بي هذا صدمت لمقالتها ولم أستطع الرد ثم
أكمل الخير قائًال :ال جواب لديك هذا بالفعل ما تفعله الكلمات المؤذية والقاسية في
خواطر وقلوب الناس ،انظر أمامك فكر بعقالنية دع اللين واللطف والمحبة واألخالق
الحميدة تغلب على أسلوبك تقابلك بمثلهم وليس فقط تلك الفتاة إنما بكل ما تواجه
أيامك المقبلة و دع عنك الغضب والحقد والكراهية فإنهما رداءان ثقيالن كريهان
األثر منفران للنوم والناس ،قلت في نفسي إنه على حق وبدأ الغضب يزول عني
والشر يتقلص حجمه والخير ينظر ويزداد قوة قال الشر ال تنس ما قالته
قلت له :هذا بذاك لو لم أقل وأفعل ما فعلته لما كان حدث ماحدث ،أيها الخير ِنعم
القول والنصيحة بإذن هللا سأعمل بها ،نهضت من نومي التفُّت حولي إنه حلم ياله
من حلم ،علَي أنا أنتبه لتصرفاتي وأكبت غضبي وكلماتي وأعتذر عّم ا بدر مني
فاالعتذار ُخ لق وليس مهانة حتى ال أخسر أحبتي .
نصائُح خير
اسكتُه الخيُر قائًال :اصمت يالك من أبله تحشو األفكار الَّسامة في عقلها ،تستغّلها!
بريئٌة هي اللئيم،
بيَن هدوٍء تاٍّم وظالٍم شديد ،ونور قمر بعيد ،الكثير من اللمعان في الّسماِء ،مع صوٍت
بعيٍد لمعزوفٍة موسيقيٍة حزينة ،أنا ُهنا مسكني ،ملجأي ،ومالذي ،المكان اّلذي اعتدُت
أن أكوَن فيه ،مع حزٍن ثابٍت في قلبي وألٍم قوي بيَن ضلوعي ،أسبُح في بحِر دموعي
وأنظر وأقول هل من أحٍد يواسيني؟!
أَو ُّد أن أصرخ والجميُع يسمُع صرخاتي ،أَو ُّد التخّلي عن كِّل ما طمحُت به ،فال
تحقيٌق على أحالمي يطرُأ في هذه الحياة ،أَو ُّد أن أتالشى خلَف الظالم ،أو أن أكوَن
رماًدا يتطايُر في الّسماِء المظلمة ،أريُد تلَك االستراحة األبدية (الموت) ،أرغُب أن
أهاجَر لكِّل مدِن العالم ،وأن أرحل عنهاُ ،يسعدني جًدا أن أكوَن تحت الُّتراب ،وال
ُيسعدني أُّي شيٍء آخر.
منُذ والدتي والّسعادُة البخيلة الزمتني ولم تتركني ،أعطتني عهًدا بأن ال تزورني
وأقسمْت باهلل أن ال تكوَن على عينَّي أو شفتي.
إذا قّررت الّسعادة زيارتي أشعُر وكأّنها كابوٌس َم َّر علّي ،أكره ذكرياتي السيئة،
لكّنني أريُد قراءتها ،ليعلَم قلبي كم جعلني أتأّذ ى عندما سمَح لي بحِّبهم؛ وليعلَم عقلي
بكم قراٍر سيٍء أخذه وكان سبب دماريَ ،فـ مسكُت بأوراقي ورقًة تلوى األخرى
حيُث كتبُت بها كَّل حدٍث حصل في حياتي سوآءا أكاَن خيبًة أم فرحة ،أو حّتى تعاسُة
حٍّب ُ ،ك ُّل شيء حصل في هذه الحياة القاسية.
بدأُت في القراءة و وجدُت في الورقة األّو لى زفاَف أختي ،يالُه من حفِل زفاٍف كبير
ورائع ،قرأُت الورقة الثانية كان بعد زفاف أختي في شهٍر وكان نجاحي في الثانوّية،
وكانت الورقة الثالثة زواجي مّم ن أحّببتَ ،فـ الخامسة وكانت شرائي لسيارة
أحالمي...
-وأقسُم إّنني غبية؛ ُك ُّل هذا في حياتي وأنا أتأّلم وأبكي من شيٍء بسيٍط حدَث لي منُذ
زمٍن بعيد!
صوٌت غريٌب اجتاَح أذنّي لكّنه يشبُه صوَت صديقتي ُسمية أو إّنني أتخّيلَ ،فـ اكتشفُت
مصدره بعد لحظاٍت ،إّنه من النهر!
=ِلَم الحزن في عينيِك ؟
ِلَم األلم اّلذي صادفِك ال يزول؟
لماذا يا عروب؟
صّد قيني يا صديقتي كُّل البشر هكذا ،تكوُن حياتهم في بدايتها سيئة ،ويسيرون على
هذا النهج وال يعلمون أَّن الّسعادة تزورهم كَّل يومَ .فـاليأُس محصوٌر في قلوِّبهم،
والعقول فقّد ت سيطرتها عليهم ،جميُع البشر هكذا اطمئّني لسِت وحدِك ،هيا عروب
رّتبي أوراقِك و ارمي القبيَح منها عندي داخل النهر ،واحتفظي بالجميل ،فإَّنها لن
تعود سوى ذكرياته ،ستصلي إلى األمان اّلذي حلمتي به ،ستشعرين بالسكينِة وتهدئي
فهذه ليست أّو ل مواجهٍة لِك .
_لكَّن الّز مان أتعبني يا رفيق.
=ال تيأسي ،الحياُة مليئٌة بالتحّد يات ،وعليِك تخّطيها ،ما زلت في بداية العمر!
ستقفي في وجِه الريح ،وكّلما وقعتي ستنجحين وتسعّد ي،
أنِت مثااًل لوردٍة تحمُل األمل رغَم ظلمة الطريق وضيقها ،ستكونيَن يوًم ا ما كنِت
تريدينُه لنفسِك ،سترسميَن فرحًة مع كِّل بداية ،وستكون دائًم ا جميلًة وصعبة ،لكَّن
النهايات أجمل وأجمل!
سينجلي الخوُف اّلذي بيَن أضلعِك ؛ ليزرَع هللا األمان محّله ،ثقي بنفسِك وتوكلي على
هللا؛ َفـ ليس لنا غيره ،دائًم ا بابُه مفتوٌح ألوجاعنا.
-طلبت الموت من هللا ،ولم أتخّلى عن طلبي.
-الحياُة جميلٌة بوجوِد هللا بيننا.
وبعد سنيٍن من اليأس ،وهمزاٌت من الشيطاِن والبعد عن الفرِح أتى الخير على هيئِة
صديٍق؛
أكثَر هللا من أمثاِل الصداقات عندما تكون هكذا!.
ماهية اإلنسان
أسوُء ما يقُع به المرُء موقَع المالمة ،أن يكوَن إثَر ضحَّية نفِس ه
فنحُن نِع ي المنكَر اّلذي نهاَنا ُهللا عنُه و نفعُله بكِّل إرادٍة و لرَّبما بإصرار
و في المقابِل نحُن على معرفٍة تاَّمٍة بمغفرِة ِهللا تعالى فنتسارُع فنتوب.
والحياُة يصُفها هللا تعالى بالمتاِع أْي أَّنها إلى زوال ،والحياُة حقيقٌة مطلقٌة تحارُبها
الَّذ اُت اإلنسانَّية ،فاإلنساُن يسعى للخلوِد األزلِّي رغَم معرفِته بالحقيقِة األكثِر إطالًقا
أَّنه آيٌل ليوّم يبعُث فيِه هلل عَّز وجّل.
ما سُّر هذا الَّتناقُض بين كواليِس الَّنفِس البشرَّية ،السُّر ذاُته يكمُن بوجوِد المالئكِة
المسَّخ رة التي تدِّو ن لَك كَّل خيٍر و شر..
كَّل حسنٍة و سِّيئة ..كل نَّيٍة و هي في موطِنها الفكرِّي قبل أن تكوَن فكرًة وُتَنفذ.
أْي أّن اإلنساَن نفَس ه يحمُل نفسيِن اثنتيِن في داخِله..
األولى آمرة ،واألخرة ناهية ..وهللا سبحاَنه و تعاَلى قاٍض بيَن هذه وتلك ،و أَّن
اإلنساَن بثنائية المتناقضِة مصيره محكم هلل ..فاألجدُر به توظيَف كل غريزٍة في
مكاِنها األنسب ،و بما يرضي هللا سبحانه وتعالى
تلَك الغريزتاِن المتناقضتاِن ما بيَن الموِت والحياَة يأتيها يوٌم ويحسُم ها
اصنْع شيًئا يقيَك يوَم الزواِل ،لِّو ْن فضاَء ك بالنقاِء ..
اجعل نصيَبك ِم َن الخيِر كالنجوِم ال ُتعُّد وال ُتحصى.
فكّل أمٍر تجُد له محكمًة في أيسِر ك اعدْل في حكمك تلَقى الحياَة ولو بعَد الموت.
وانتصر
وعلى مداِر عشرة أعوام ،كَّلما ذهبُت للسرير أتقَّلُب مع عقارِب الَّساعة وال أستطيُع
أن أنام ،أتحاوُر مع الخيال ،حواٌر يتعقبُه حوار ،وال أعلم مع من؟
لكَّنه حواٌر كبيٌر يدوُم ألَف وتسعون ثانية وأجزاٌء من اللحظات!
وبعد كِّل حواٍر رهيب ال أعلُم إن اكتمَل أو ال!
أسمُع أحدهم يقطُع وعوًدا على نفسِه بتبديِل نمط حياته إلى األفضل ،واآلخُر يضحُك
بصوٍت منخفٍض ويقولَ :نْم اآلن و في الَّصباح سيختفي كُّل الَّتخطيط وتعوُد كما كنَت
عليه اليوم.
حواُر الليل خادٌع وكاذب في آٍن واحد!
انسى األمر نومي بطبعِه ثقيل ال يستجيُب ألِّي شيء ،حّتى لصوت الُّطبول ،أنظُر إلى
الّساعة حين استيقاظي ألراها في الّساعة العاشرة صباًحا!
_يا إلهي فاتتني صالُة الفجر على وقتها!
=ال تقلق ،ابحث على اإلنترنت كيفّية قضاُئها،
مسكُت هاتفي وبدأُت في البحث!
_يا للعجب ،أغنية جميلة نسمعها في الّصباح ،حسًنا ،لنسمعها= .انتبه يا ساري صالة
الفجر بانتظارك...
_ما الفائدة من أداِء صالة الفجر اآلن فات األوان.
مسكُت الهاتف وبقيُت اتصّفح على اإلنترنت حّتى سمعُت -هللا أكبر -ماذا آذان
الظهر؟!
=نعم يا عزيزي لي أكثُر من ساعٍة ونصف وأنا أقنعَك أن تصلي الفجر!
أصبحت الّساعة ! 11:30
_اااوه ،وقُت عملي متحِّم س لرؤية صديقاتي ،مللُت من المنزل ،سأضيُع وقتي معهَّن
وأضحك.
=ال يا ساري ُهَّن ليس حالِلك ،استغل وقتك في الّتسبيح واالستغفار ما استطعت.
_كالمك ممل ،إلى اللقاء.
رأيُت نقوًدا في محفظة على مكتبي!
_غريٌب لمن هذه النقود!
=هي تلَك النقود اّلتي فقدتها منُذ عام.
_لم أتذّك ر!
=هيا خذها وعليك الّسالم.
_سأشتري بها الطعام وأدعو أصدقائي بتناولِه معي وأقضي وقًتا ممتع.
○اذهب واشتري الكروم ،أطيُب من الطعام بكثير.
=اسمع! إَّنه حرام.
○أحسنت ،لكّنه يزيُل الهموم ولن تشعر بالغموم؛ فأنَت بحاجة هذا ،وال تنسى باب
الّتوبة معلوم ورُّبك غفور رحيم.
_ال ال ،لن أقبل ُهم بحاجة لجمعتنا مًعا ألدعوهم اآلن.
قضينا وقًتا رائًعا مًعا ،وبدأُت بالدعاء ،أن يديم هللا نعمة الصداقة والطعام.
_اصمت؛ فدعائك لن يستجاب ،وأنت تفعل ذلك خشيَة العتاب!
_يا لك من سفيه.
_شكًرا لك.
مرضت ُأمي ،أقسُم برِّبي أَّنها أوجعت قلبي!
_هللا معك يا ساري اقرأ القرآن فهو راحة لنفسك.
_ُأٍف ،وبما تشكو األغاني!
=هي كالُم الشيطان.
_ال أقبل! ،أعطني دلياًل .
=لدَّي الكثير من األحاديِث الّصحيحة.
_من أخبرَك أَّنها صحيحة؟
كُّلها ضعيفة ،طِّبق ما قلته لك ،وال يشغُل بالك اْلُهراء،
أنَت عنيد ،وأنا مطيٌع اسمُع الكالم!
=أحسنت؛ فأنَت اآلن بأمان.
وبدأُت قراءة األذكار ،فأتت إلى عقلي األفكار؛ ألرِّتب دوالب مالبسي في الّنهار.
_كيَف استطعُت أن ُأواسيك؟
○بضحكٍة استهزائيه ،أنَت جاهٌل ومغّفل ،تتوقع أن ُأخبرك!
_ماذا يا سفيه؟
○مثلما سمعت ،أنا ُأزين لَك كُّل شيء ال تراضاه ،وأنَت بلمِح البصر ُتغّير رأيك
أحياًنا ،تغِّلبني ألقنعك؛ لكَّنك مطيٌع نوًعا ما ،وأنَت تقول كيَف استطعت!
يا جاهل ،أنَت وآالُف البشر غيرك مجبورين على أوامري.
_ماذا ،ماذا ،من تكون أنت؟
○هذا ليس من شأنك.
_أنا على قيد االنتظار باإلجابة ،ماذا بعد ال تريد أن تتكلم!
○لم يكن هناَك من قبل إجابة لتكن اآلن.
_إلى متى سيبقى هذا الحال؟
ال أعلم لكنني اشعر إنك الشيطان
○ال تفهمني بشكٍل خاطئ ،أنا نفسُه أنت ،لكّنني أخاطبَك على هيئِة إنساٍن آخر.
_أرجو أن تفهمني أنا ال أرضى أن أكون هكذا ،اذهب يا لعين؛ فأنت تريد أن يكون
مصيري الجحيم.
○ال تكثر من اآلمال؛ فاألَّيام القادمة إَّنها عليَك ُثقال ،أنَت لن تدوم هكذا ،ستحتاج ألن
ترفه عن نفسك ولم تُجدني.
_ال تكثر من الكالم؛ فأنَت مصيرك الَّنار ال ُم حال ،ال أريُد إكماَل حديثي معك،
سأذهب ألقرأ كتابي المفّضل.
○رّتب غرفتَك المّتسخة ،ثَّم اقرأ ما شئت ،لقد كنَت من الصغار المطيعين ،و ستصبح
من الكبار المطيعين!
_أنَت ال تعرفني ،نعم كنُت صغير بالنسبِة لك ،لكّنني على عشرِة أعواٍم مّرت ،وأنا
أرافقك أّم ا اآلن فكال!
أعوُذ باهلل من الشيطان اّلذي يوسوس في صدوِر الصغار والكبار.
هكذا مضت عشرُة أعواٍم يا رفاق ،أّم ا اآلن ُأسير على أوامِر اإلسالم ،لعَّل هللا يغفُر
لي وأعيُش بسالٍم برفقِة القرآن ،وأتوّك ُل على هللا وأنام ألستيقُظ على اآلذان و ًأصّلي
كما تعّلمُت ونسيُت اللهَّو والّش يطان ،ال أكذب عليكم يزورني الّش يطان؛ ألَّنه وعد هللا
أن ال يتركنا وشأننا ،لكن ليس ُك َّل حين تكون زيارتُه ال سمع كالمُه يا رفاق ،فأنا
أرجمُه بالّرحمن الّرحيم.
إّنني من اإلسالم ديُن اْلخير واإليمان ،وأيقنُت أَّن الّش ر من الّش يطان ،والفساد كُّلُه من
هذا الكائن اللعين؛ َفـ طبيعُة نفسنا بأَّن الخيُر فيها واإليمان يستهويها؛ َفـ انتصر
اإلسالم وُهزم الكّذ اب اللعين.
إسراء كامل األغوات.
األردن/الكرك.
هناَك العجوُز المتسّو ل ،يجوَل األمتاَر باحًثا عن فتاِت الخبِز وبقاَيا الطعاِم ليسَّد
مجزرَة الجوِع داخَله
يومًيا و بال تغُّيٍب في وصِب األجواِء عليه ،ملتحفًا السماَء مَّتخذًا من األرِض فراشًا.
صامًتا طواَل الوقِت سائًال بدوِن إلحاحَ ،م ن يعِط ِه شكَر ه و َم ْن لْم يعِط ه ال يأَبه بأمِر ه
وال يلُّج عليِه الطلب.
ُيحَك ى أَّنه في صباه الفتّي كان عاشقًا مجنوًنا بإحدى فتيات حِّيِه.
كاَن يَّتخُذ من أسفَل نافذِة تلَك الفتاِة مقاًم ا ويجلُسه ،يكتُب األشعاَر حًبا بها
نعْم ،هذِه الفتاُة التي جعَلت من شخٍص عاقٍل مجنونًا ،و أَّيما الجنون كان ،وكأَّنه
كجنوِن قيٍس بليلى
كان حُّبُه لها عاجزًا دائًم ا ،كاَن كَّلما أقبَل عليها عاشًقا متَّيًم ا قابلْتُه بالَّرفِض القاطع.
وقعِت الحادثة..
مضى على حاِله أياٌم تصحُبها لياٍل أشبَه بوقِع الحساِم على عنِقه
حَّدَث نفَس ه :سأفعُلها نعْم سأفعُلها
ارتَدى ثياًبا غريبًة و عزَم أن يسُتَر شيئًا من وجِهه لكي ال يتعَّر َف أحٌد عليه ،و انتظَر
ساعَة مجيِئها و لحظَة وصوِلها
و ِم ْن خلِفها انقَّض عليَها كالمجنون ،و أغلَق فمها بقطعِة قماٍش مخَّد ر.
استطاَع أْن ُيفقُد ها القدرَة على الَّتحرِك و أغمَي عليها ،و ارتَم ت بيَن يديِه فاقدًة
للوعي.
في هذِه األثناء ،وكأَّن أحًدا ألَقى عليه بعًص ا أعجَز ْته وعاَد شيٌء من وعِيه
واآلن..
و آخٌر يحِّذ ْر ه
_كفى...كفى
وعَلى صوِته تفَّتحْت عيناَها المرهقتان لتجد نفَس ها مكَّبلَة األيدي مغلقة الفم.
ما إن رآها حَّتى اهُّتَز رعشًا بأكمِله ،فاقترَب مْنها و همَس لها :أحُّبِك لكَّنِك أنِت.
ورَّد دها بصوٍت أعاَل من ذاك :أنِت
كُّل هذا ِم ن ُصنَعِك ،حاوْلُت جاهدًا الحصوَل على حِّبِك بكِّل قلٍب نقّي ،لكَّنِك استكبرت
على حِّبي هذا..
واآلْن تحَّمِلي هذِه الَّنتيجَة يا جميلة.
نظراُتها كاَنت عقيمًة على الحديِث و بُحمرِة دموِع ها الدمية ،كاَنت عاجزًة على
مقاومِة الوحِش الذي عبَث بها عْبَث الثعالب.
ذلك الوسواُس قد أتقَن عمَله فيه ،و هَي كالَّضحيِة في فِم المفترس
وقَف بشجاعة ما فعل ،و رَم ى حَّبه النقَّي مع ذاَك الشخِص التقي ..والتَبس ثوَب جشِع
ملَّذ اِت النفِس القاتلة
زلزاٌل حَّل بقدمْيه ،فارتَم ى على رصيف ،ونزَل عليِه نعاٌس مخلوٌط بتعٍب وألم.
بقَي على الَّرصيِف حَّتى طفَقْت خيوُط الفجِر تتفَّجر ،ومَع إشراقِة الَّش مِس على
عينيه ،اللتيِن اَّتخَذ السواُد مقاًم ا دوَنهما ..استفاَق من نوِم ه وجلَس لثواني غيَر مدرٍك
لنفِس ه ولما فعل
تكَّلم في سِّر ِه مندهشًا :أيَن أنا؟ ..من جاَء بي إلى هنا؟ ،و ما هذِه الحاُل الذي أنا عليها
اآلن؟ ،يا هللا ..ما الذي حصل؟..
ذهَب إلى منزِله وهَو في ريبٍة في أمِر ه ،و أفكاٌر تِض ُّج ُج ْم ُج َم َته ،يمِش ي ماِئَل الجنبيِن
بطيَء الخطأ إلى أن وصل ..
غسَل آثاَر السكرِة بالماِء حَّتى ازهرت حاُله وارتاَح بعَض الشيء ،و جلَس على
الشرفِة حامًال كوَب قهوة.
يحاوُل تذُّك َر أحداَث الليلِة الماضية ،لكْن كَّل محاوالُته باَء ت بالفشل
إلى أْن جاَء داٍع يدعو في أزَّقة الحي:
ذِر َع عَلى هذا الصوِت و اْص فَّر لوُنه و بدأت تكُّر عليِه بعُض لحظاُت الليلِة المشؤومِة
أماَم ه وكأَّنها مشاهٌد مدروسة
يا إلهي ..ماذا فعلُت أنا يا إلهي؟..
أنا قاتٌل أنا مجرم ،إَّنها بريئٌة إَّنها صغيرتي أنا أحُّبها
ال أصِّدُق هذا ،أُّي شيطاٍن احتَّل بصيرِتي وطغى على قلِبي؟..
مَض ت السنوُن وهو يعاقُب نفسُه أشَّد العقاب ،إلى اليوِم الذي أصبَح بِه بهذي الحال..
وسُّر ه قاِتُله
في ذلَك الوقِت كُّل الُّش بهاِت بعيدٌة عنه ..ظَّن الناُس بِه حزيًنا على مقتلها ..و أَّن
الُم حُّب ال يقتل.
واآلن محكمُة الضميِر أصدرت حكًم ا عليِه يصاحبُه أبَد الَّد هِر بحوزته يأِّنُبه
و هو اآلن العجوُز الِذ ي هو ِبال مأوًى وال مأوًى له ِس َو ى الغرفَة الصغيرَة المركونَة
في أيسِر ه
غرفٌة موقودٌة بالَّنار و تكويه...
كالهما شر
جوهر الحياة مصطلح ليس بالغريب فهو يتكرر في معظم الجلسات و المحاضرات و
الحوارث ويتكلم فيها من يفهمه و من يجهله وتنسب صفة الفهم لمن يتفوه به برفقة
مصطلحات أخرى أو مصطلحات أجنبية يدخلها في سياق حديثه .
فجوهر (معنى) الحياة.
لنبدأ بمعنى جوهر أو السبب الذي جمع الكلمتين باعتبار هذا الجمع يتطلب مهارة و
حنكة وهنا وِج د السؤال ،كيف وِج د؟
من خطر له أن يجمع جوهر مع الحياة؟
هل اللغة تقبل هذا الشيء ؟
لنذهب للحياة مع العلم أننا تجاهلنا معنى الجوهر كليًا ألن جوهر الحديث هو الحياة،
فما هي الحياة هل هي هللا؟
أم الطبيعة؟
أم الكون؟
ثالث ال ترابط بينهما لكن كل منهم ُيعتبر حياة!!
لماذا يكون علينا أن نتدخل بمعنى الحياة لماذا ال ندخل في جوهر الحياة بشكل
مباشر!! أقصد مراحل الحياة و ديمومتها ولكن من ناحية بعيدة كل البعد عن
المضمون العام للحياة بتعريفها بمعنى أوضح صراعات االستمرارية ...قال أحد
الشيوعيين أن ال حياة دون صراع.
وقد وثق التاريخ (حتى لو كان كاذبا) ،صراعات مراحل الحياة و المنطق الال طبيعي
يقول بأن الصراعات أمر ضروري ولكن الفكرة األهم أن النزاعات و الحروب هي
التي خلقت التطور للفائز و الخاسر في الغرب و للفائز في الشرق لكن بتأخر كبير و
تطور قليل _لكي نكون واقعيين بعض الشيء -فكرة الصراع بمعناها الواضح و
الخفي تدل على الحروب و القتال و من خالل المنطق نستدل أن هناك طرفين
أحدهما الشر و اآلخر هو الخير و لكن ما ال ندركه أن الطرفين هما الشر عندما
يتصارعان و يهينان اإلنسانية و اإلنسان و أيضًا هما الخير عندما تكون الصراعات
دافع للتطور الذي أوصلنا الى ما نحن عليه االن.و في جوهر الحديث يكون السؤال
لماذا لم يستطع التطور القضاء على الصراعات؟ وبمعنى آخر ِلماذا لم يستطع الخير
أن يقضي على الشر ؟
الجواب ....مفتوح .
علي القطراوي
لبنان
ُك ْر ٌه ِبُحٍّب
ما بين أن أحّبك وأن أكرهك كانت هي مشكلتي ،في الحِّب أكرهك،
في الكرِه أحّبك ،ما بين الكلمتين يلزم وجود اختالف،
بينما هناك تشابه كبير بينهَّن .
أبحث عن الحِل وأخوض رحلًة في عقلي ،ومخيلتي ،وأبحث بين طياتِه عن أمٍل ،
على أمٍل للعثوِر على جواٍب لسؤالي ،تحاوٌر يدوُر في مخيلتي بيني ،وبين نفسي،
الحّب :أنا لسُت مجّرد شعوٍر فارغ.
الكره :أنا أيًض ا ال آتي عن عبٍث.
الكره :هناك حٌّب شديد يكمن بداخلي ،منازعات ومشاحنات.
الحّب :هذا ال يعني أّنني خاٍل من الحروِب والهوامِش.
الكره :أنا كلمة يقولها الحبيباِن لشّد ِة الحّب ،وأحياًنا يطلقونها عندما يمتِلُئ الحّب
بداخلهم.
الحّب :أنا كلمة صادقة تحمل في جيبها العديد من المشاعِر ،واالهتماِم ،والحنان ،أنا
شيء ال يوصف.
الكره :حاُلَك كحالي بقليٍل من الّتوابِل الخشنة.
الحّب :حاُلَك ! محاٌل أنَت أّيها الكرُه القبيح.
الكره :أنت يا من تصُف نفسَك بالحّب ،فبداخلك مُّر وعذاُب سنوات من الحزِن
والحنين ،أنت علقٌم شديد.
الحّب :إاَّل أّنني إحساٌس صادق.
الكره :وأنا صادق ،لكن أنا حٌّب مضاعف ،وهيام ،وهوى ،وعتاب ،وغرام.
خيرًا وشرًا
مازالت تحتويني عاداتي الطفولية...
ما زلت أكلُم نفسي أمام المرآة
أخجل من مواقفي وكالمي
مازال الضياع يسكنني
بين القلب والعقل
بين كتب الدين وكتب الفلسفة
في اليقظة واألحالم
أجدهم ...
الخير والشر
نعم
الخير هو الذي خلق معي في رحم أمي
أما الشر هو الذي قد كُبر مع سنوات عمري المتزايدة ..
الخير والشر
ليتُه سقط الشر كما سقطت كل آالم الوالدة في غرفة المخاض خالل تلك اللحظة!
يولد اإلنسان حرًا والبد أنه يولد خيرًا ولكن ال يولد شريرًا،،وذلك لدليل طفولته التي
تتمحور كيف كان يعيشها ولكن ال تخلو من األنانية كما كل طفل يعتبر نفسه محور
العالم ويريد كل شيء لنفسه واليميز بين المصلحة الفردية والعامية..
كما يمكننا التكلم عن فعل الشر لدى األطفال فهو كالكذب والخداع والسرقة واألذية..
كما لو أن السلوكان يتوقفان على مدى التوجيه الذي يتلقاه من خالل التربية والمحيط
العائلي واالجتماعي..
دعونا ندخل في كتب علم النفس ودراستها قليًال "النفس اإلنسانية وحاالتها المتغيرة"
الكتشفنا أو لنقول أننا لوجدنا أن اإلنسان في صراع دائم مع ذاته بين أفعال الخير
والشر وإن دراسة الحاالت تؤكد أن لكل سلوك سبًبا...
وكما جميعنا نقول أنهم يعودون لعوامل عدة "البيئة االجتماعية-الوراثة-التربية-
المحيط اإلجتماعي"جميعها تحدد السلوك وبما أن اإلنسان حر فمن الطبيعي أن تدخل
إرادته في إفعاله
علينا األخذ بعين االعتبار للظروف التي جعلته يفعل شرًا ،وكما لو أنه فعل خير فذلك
أيضًا يعود للظروف التي أحاطت به
جميعنا يعتقد أن الظواهر التي نعتبرها شرًا كالموت والمرض والفقر ،لكل منها
أسبابها التي يجب على اإلنسان أن يقبلها ويعترف بمحدوديتها وعدم كمالها..
كما ورد في مقال يومي على صفحات التواصل االجتماعي تحدُث عن هذه الظواهر
قائلين في الحرف الواحد:
إذا كان المرض شرًا فهذا طبيعي نسبًة لألسباب التي ينتج عنها المرض فالجسد مادة
من الممكن أن تصاب بخلل ما نتيجة ظروف معينة وكذلك الفقر في العالم ليس ألن
مجموعة من الناس ُك تب لها أن تولد فقيرة وإنما ألن أصحاب المال والسطلة حجبوا
ثروتهم لخيرهم الذاتي إما الموت فهو النهاية الطبيعة لكل كائن على هذه األرض وال
يمكنه االستمرار فيها نظرًا لمحدوديته البشرية.
من السهل جدًا علينا أن نفرز أعمال الخير والشر والتفريق بين اُألناس األشرار
واألخيار جميعنا نسلك الخير والشر بطريقٍة متفاوتة ،ولسنا نعمم التساهل مع الشر
أو التبرير لفعل الشر إنما المحاسبة بهدف أن يكون المسيطر الخير دونما االنتقام
ممن فعل الشر فإذا رددنا فعل الشر بالشر فدخلنا بدوامته الكبرى.
المحبة هي الشريعة الوحيدة التي تساعد اإلنسان على االبتعاد عن فعل الشر.
في هزيٍع بارٍد مشت جحمرٌش بخطواٍت بطيئٍة تثاقلْت خطواتها عند منعطف في كتف
الطريق وعادت بعض الذكريات الموحشة تشوش رأسها في طرفه راحا ينازعانها
ككل مرٍة
أجل مصابة بالزهايمر لكن األسى ال ُينسى.
ديجور :لو كنت تحملين ودًا لهم لما استطعت أن تشيحي بوجهك عن أفعال عديمي
الضمير في كل مرٍة لُك نِت ُثرتي ألجل الحقوق التي انتزعت منهم لكنِك مجرد عجوٍز
تعين السواد على األبرياء.
نور :لم تقولين هذا؟ دعي المسكينة وشأنها أال ترين آالمها التي تكوي لّبها؟ ألم
تعطفي على حالها عندما صحا ضميرها وتغّلب على مرضها و أعادها لذكريات
الزمن الخاوي.
ديجور :بل تستحق ما يحدث لها لو أنها لم تصمت على ما رأته في تلك الليلة
السوداوية لكان لها أناٌس يساندونها في مرضها ويعتنون بها لما ضلت طريقها نحو
بيتها كلما خرجت.
نور :من منا ال يخطئ يا ديجور…لكل منا مراحل ضعٍف تغيره وتتمكن منه في
بعض األوقات لو أن جميعنا يعامل هكذا لتهاوت األركان وعمت الفوضى.
ديجور :لقد تسببت بموت شاب لم يبتسم العمر أمامه بعُد ...
لقد بكت أمه حتى أصابت الدموع ما أصابت من قرنيتها ففقدت بصرها.
نور :إنه أمر هللا لقد كان سببًا ليمتحن صبر أهله ،وال يمكن أن نتناسى خطأه لوال
جرعة المخدرات التي تناولها خفيًة لما وصل لذلك الحد.
ديجور :أليس بسببهم لقد سرقوا ونهبوا أمالك والده لم يستطع أن يوقفهم هي فقط من
كانت تستطيع أن تصدح بالحق لكنها مجرد ضعيفٍة ال تقوى على شيء فصمتت.
نور :وهذا أمر هللا أيضًا .ال أبرر ذنبها يكفيها عذاب الضمير الذي أوحش حياتها،
خسرت جارتها المقربة بعد أن ُك شفت حقيقة علمها بما جرى وكيف أنها في تلك الليلة
رأته يلتقي بتاجر مشبوه ولم تنطق بحرٍف خوفًا على أمه.
ديجور :لهذا عليها أن تنهي حياتها فليست أغلى من ذلك الشاب الذي كان باستطاعتها
أن تنقذه.
نور :هذا ليس حًال أبدًا هي هكذا تتبع خطوات الشيطان الذي يجّرها نحو حفرٍة ال
قرار لها.
ديجور :ربما هذا أفضل من أن تعيش آالمها كل مرٍة على ذات المنوال.
نور :بل هو تكفير لذنبها وهللا أعلم بسرائر عباده.
من أغرب العالقات التي ُع رفت ،عالقة الّذ ئب بالبدو عالقة كونية عجيبة ،عمادها
حرب وحّب فال يمدح البدو بأعّز من الّذ ئب الذي هو عدّو هم األّو ل ،فلكم أغار عليهم
ودادوا ،ولكم فتكوا به وفتك ،إاّل أّن له في أنفسهم من الحّب ما ال يوصف فيشّبهون به
أبطالهم ويصفون بأفعاله أفعالهم وأكثر من هذا ،فتجدني مثاًل أنا ابن البادية أحمل
اسًم ا يستنكره غيري من الّناس ما إن يسمع أحدهم أّن اسمي هو "ذيب" ،والسمي
قّص ة يرويها جّد ي ،جّد ي الذي حّم لني هذا االسم وعند سؤالي لُه في ليلة من ليالينا
الباردة عن سبب هذا االسم المحّبب الغريب ،قال وهو يعدل جلسته قرب المدفأة
ويعّد ل أطراف عباءته الّصوفّية الّثقيلة والتي تسمی بلهجتنا (الفروة):
أي بنّي أال يعجبك أن تكون ذئب ،وهللا ما أسميتك بهذا االسم إاّل لما رأيته من الّذ ئب
من عجب ،فبينما أنا أرع غنمي في ليلة خريفّية أرقب فيها نجم سهيل إذ نبحت كالبي
نباحًا أعرفه ليس كغيره من الّنباح ،إّنما هو تنبيه لقدوم الّذ ئب يا بنّي ،فما كان لي إال
أن جهزت بندقّيتي تحّسًبا ولكن هيهات فما هي إاّل لحظات كالبرق الخاطف كان
الذئب قد أمسك بعنق أحد الخراف ووّلى بغنيمته المنشودة ،وإني جّد ك يا بنّي يعّز
علّي أن يأخذ مالي بغير وجه حق ،امتطيت (الغّر ة) عال عجل وعلی أثره تتبعني
كالبي (والغّرة هي فرس لجّد ي يعشقها) ومع طلوع الفجر وبداللة كالبي إذ ال يمكنها
أن تخطئ رائحة الّذ ئب وصلت لواٍد أعرفه حجرًا حجر وإذ بالّذ ئب الذي غز غنمي
وسلبني خروفي إلی جوار ذئٍب آخر يشبهه شكًال إاّل أّنه مسّن مريض وخروفي
المقتول ملًقى عند قدميه ينهش منه لوحده ال يقربه الّذ ئب الّش اب ،أخذت بندقّيتي
ولقمتها مصّو ًبا علی الّذ ئب الغازي يكفيني لقتله ضغطة زناد فقط ،ولكّني وهّللا لم
أستطع ،شيء ما بداخلي منعني من قتله وألكثر من مّرة أصّو ب وأتراجع منظر
خروفي ودمه يشعالن في قلبي نار االنتقام ومنظر الّذ ئب العجوز وبّر الّذ ئب الّش اب
بوالده يقفان حائاًل بيني وبين قتله ،نفسي تحدثني أن أقتله لقد فتك بخروٍف اليوم
وربما يعود غدًا مع قطيٍع كامل فأجهز عليه ،ولكن كيف أال تری إنما يفعل هذا برًا
بوالده أأجعل الذئب خيرًا مني ،ال وهللا بل أعفو عنه لخيره ،ليعود صوتي الشرير
صادحًا ما الذي تقوله إنه مفترس ،مجبوٌل علی الفتك والقتل ،إن عفوت اليوم عنه
عاد غدًا ليقتلك،
ال ال لقد كان بإمكانه الفتك بغنمي في كل ليلة مضت ويأخذ أكثر من هذا الخروف
لكنه لم يفعل ،إال لمساعدة أبيه
لكنه مفترس سيفعل مرارًا إن لم يقتل ،اضغط علی هذا الزناد وأقتله
فإن لم تكن ذئبًا أكلتك الذئاب،
ما هذا الهراء وأين يذهب دور هللا في هذه المقولة ،بل أسامح لوجهه ،ولم يخطر
ببالي في تلك الّساعة إاّل قوله تعالی "وهل جزاء اإلحسان إاّل اإلحسان" ،ليغلب الخيُر
فَّي علی شّر االنتقام وأجازي خير هذا الّش اب البار بعجوزه خيًر ا ،أخاطب نفسي
الّش ريرة بما اعتدنا عليه من خير ،أحتسبه ضيًفا أعطيته حّقه في الّضيافة ،وارضی
بالّسالمة مغنمًا ،وهو ما كان.
وبعد سنين طوال عندما بّش روني بمولود جديد مولود ذكر ،تراءت لي تلك الحادثة
فأقسمت أن أسّم يه "ذيب" عس أن يجعل هّللا له من اسمه نصيب ويجعله باًّر ا بوالديه
وهذا أحسبه ما سيكون.
كّرس البعض من الفالِس فة الَو قت والُجهد للتمييز بيَن الخير والَش ر فبعُضهم من رأى
أن اإلنسان يكتسب غراِئز تدَفعُه ِللَش ر،
وَبعضهم اآلخر رأى أَّنُه َيكتسب غراِئز تدَفعُه للخير.
وإما أن يكون الخير صاِد ر عن نِية َطّيبة وإرادة حّرة أو نتيَج ة وعي ومسؤولية.
"من وجِهة نظري الَش خصّية"
الشر َيتفاَقم وَلِكن الخير ُيحاِو ل المقاومة ِبشّتى الوساِئل ،و التحاُلف َبينهم يبدو أمرًا
شاّقًا للغاية وَفّتاك.
فاإلنسان على ِص راع وَج دل ُم سَتِّم ر بين الَع قل الذي هو َم صدر لألفكار الصحيحة
واليقينّية والقلب وهو منبع للعاِط فة.
واالختيار بينُهم في وضِع نا الراِهن َيبدو صعبًا للغاية.
في بعض المواِقف َيتخّلی اإلنسان عن مباِد ئه التي تحُك مه بشكٍل ُم َّتِز ن ويحتاج
شخصيًا الستخدام الشر فَبعض األشخاص ُيرِغ مون الرتكاب األخطاء وفعل ما ليس
على اإلنسان ِفعُله ليقمعُهم ،والرؤية من ِو جِهة نظر َعكسّية تمامًا وُم خاِلفة للواقع.
ِح واري اآلن يرَتِكز على الَش خصَيتين الَر ئيستين الشهريَتين ِلَنتطِلع إليِهم ِم ن َج ميع
َم زاياُهم الُم َتَدهِو رة.
حواٌر دائم ُم ستِم ر الجَدل و ِبُطُر ٍق ُم حَتِر فة ..
العقل :ابذل ما لديك َم ن ُجهد فلسَت قاِد ر على أن َتغُلبني.
القلب :أنا ُأخطئ في َبعض األحيان فأنا أسيُر خلَف غراِئزي سلبية كانت أم إيجابية
وأنت لسَت قادر على ُم ضاهاتي سأجَع ُلَك َتذوب َك شمَعٍة َهَلكت من اإلضاءة ..
العقل :أتعَلم أنَك مهما َفعلت ال يمكن ألحٍد االستغناء عني فأنا أرُك ض خلَف المثالّية،
َس تغَر ق بشِّر أعماِلك أُيها الُم سَتّبد..
القلب وِبُك ِّل َدهشة :ها ِم ن أيَن لَك هذِه الِثقة؟! كفاك أنَت ُم َتَغطِر س وُهم َيسيروَن ِم ثُل
األسيِر خلَف العواِط ف التي تصُد ر عني فهي ُترضي الُنفوس..
العقل َ:لِكن الُك ل َيعَلم أنني َم ن ُأجدي نفعًا..
القلبُ :حّبًا هَّلل كفاَك هراء َس تعَج ز ِلكي ُتقابلني..
العقل :األشخاص الَح قيقّين الُم َتشِّبثين ِبمباِدِئهم ،من َينُظرون إلى الحياة من الزاوية
الصحيحة هم من َيختاروني فأنا ال أصُلح إال ِللُعقالء..
القلب :لكن العقالء لكي ُيصبحوا على ما ُهم عليه ،يجب أن يختاروني أوًال فأنا َم نبع
ِللتجاُرب التي َيمّرون ِبها للتعُّلم ِم َن األخطاء..
العقل َ :ص حيح فأنَت بالفعل ُم َغ َّفل َترَتِك ب األخطاء وال ُتباليَ ،تقع في الَم صاِئب وال
َتكَتفي فأنَت َع ِط ٌش على روحك ،ال ُيجدي الَتحُّد ث معَك نفعًا ،حّقًا ال أَح د يعَلم بأّيِة ُلغٍة
َيحاِد ثك..
القلب :وماذا عنك أنت أترى نفسك في القمة؟!
العقل :نعم ِبُك ِّل تأكيد٠
القلب :لكنني أنا من أجُلس في القمة ففي َو قِتنا الراِه ن أنا من أفوز..
العقل :صحيح لكن الحياة لم تخلو من الخير فهو الَم ِلك دومًا والَم ِلك ال ُيمكن أِل حد أن
ُيضاهيه قّو ة ..
القلب :بماذا ينَفع الملك إذ كان ال ُيرضي ميوًال وال ُيشبع َغريزة والشر اآلن هو
الراِبح ،فالُّلعبة بيننا تزداُد حماسا وحب األنا لن َينَتِص ر...
العقل :سأسعى لتدميِر ك وَس وَف ترى العدل هو من سيسري في نهاَيِة الَم طاف.
القلبَ :تدمير العالم َيقف
على َخ طوة وأنا المسؤول عنها..
العقل :أما بناءه َفيعَتِم د على األقوى فكرًا على صاحب اإلرادة الحرة والنّية السليمة،
بناؤوه يتَّو قف على الخير...
القلب :الخراب هو ُم تعتي وغايتي في بعِض األحيان ،ال أنُك ر أنني أكون ذو حكمة
لكن ِش عاري هو "الشر" والَس عي ِللهالك..
العقل :اهدأ أُيها الُم َتعجِر ف أنا الخير الالمتناهي وأساُس البناِء الصلِب والفضُل دومًا
َيعود لصلِب الِبناء ِلَج عِلِه َم تين ،األنا فوَق ُك ِّل شيء..
القلب :أُيها العجوز في الِخ تام َس تفَتِقد ِلُع َّك اَز ِتك التي َتتِكُئ عليها وسيكوُن الموُت
َح ليُفك ،فالّش ر َينتشر.
العقل :الُم ناَفسة ُم سَتمّرة "وَلن َتتوقف لتفن الَع واِلم" ِلنرى الفاِئز.
عراك في الُلّب
عندما يعّلق اإلنسان أمله على شيء في هذه الدنيا فإنه يستنزف نفسه بشكل ال يطاق
يوهم قلبه المسكين و يتوّهم هو اآلخر..
_دعيه أيتها الملعونة أال ترين أنه يتألم كفاك إيذاًء له أال يكفيك ما حّل على رأسه
بسببك؟؟
_ بل أنت ابتعدي أيتها الموبوءة يا محّبة النور السخيف كل هذا بسبب مهزلتك كم
أوهمت الفتى حتى تعّلق به.
_إنه صديقه وتحصل أموٌر كهذه بين األصدقاء في أساس كل العالقات القوية مشاكُل
يتجاوزونها سويًا فليس هنالك داٍع لكل خرافاتك.
_خرافاتي إذًا أليس كذلك؟ هذا ليس بصديٍق حّتى ،إنه عدوه ويجب أن ينتقم منه
بأسرع وقت اللعنة عليه.
_يكفي اصمتي أيتها الشيطانة الجميع ُيخطئ و يجب عليه أن يغفر زّلته وأال ينسى
سنين الوّد التي جمعتهما.
_ بل عليه أن يعد أشّد العقاب و يبدأ بمواضع الضعف التي يعرفها تجاهه.
_ أَو تظنين أني سأتركه لك وألفكارك السوداوية أيتها المريضة الملعونة حتى وإن
كان ذلك سبب في تالشَّي فإنني لن أتركه بين مخالب لتنهشي رأسه بأفكارك المؤذية.
_ ليس هنالك داٍع ألفعل أي شيء انظري له كيف يتخّبط بين ذكرياته والمواقف التي
سانده بها ثم ماذا خذله واستغل أقرب فرصة له ثم طعنه في المكان الذي يعرف أنه
لن يقوى على تحمله.
_ حقًا إنك مجرد شيطان لعين ُم صّغ ر سترين كيف سأخلصه من ألمه وكيف سأجعله
يعيد الثقة التي تفتت بينهما ،هو مجرد موقف لن يمحو ما كان في سنوات العمر التي
قضياها سويًا
هو :ششش يكفي كلتاكما فلتصمتا ال أريد أن أسمع إحداكما تتفوه بحرف واحد إياكما
أن أسمع كلمة أخرى تنطق بها ألسنتكما
_اسمعني أرجوك اترك هذه الزجاجة من يدك إنها ال تفيدك و أطفئ هذه السيجارة
إنها تؤذيك أكثر استمع إلّي قليًال هاّل أخفضت صوت هذه الموسيقى و خرجت من
هذه الغرفة المظلمة اترك هذه المسالك الشيطانة و دروبها إنك تؤذي نفسك إنها
تستهلكك
_ فلتسكتي يا مهووسة النور لن يفيد كالمك الفارغ معه لقد سقط في شباك الالوعي
التي نصبها حول نفسه ولن تنجحي في استعادته ورّد ه لطريقك المقرف
_ سترين غدًا ماذا سأفعل يا ُمِض ّلة.
ها هي قطرات الندى قد عانقت بتالت الورود بعد ليلٍة عنيفٍة من شجار الرياح مع
السحاب و تخّبط أوراق األشجار وأغصانها بشكل جنوني .راحت الشمس بخيوطها
الذهبية تتسلل إلى وجهه القمحي وشعره الفحمّي الذي تبعثر بشكل منتظم بعد ليلته
المأساوية.
_ صباح الخير يا ألطف من على هذا الكون هل تشرب شاي النعناع لقد حّضرته
خصيصًا لك كي نجلس و نتجاذب أطراف الحديث
هو :ال أريد
يهّم بإمساك ما بقي من إحدى زجاجات األمس ف تحّرك إصبعها محطمًة الزجاجة
إلى قطع صغيرة نثرتها على شكل وجٍه غاضب
هو :ليس وقتك اآلن اتركيني وشأني.
_ سنتحدث واآلن مرغمًا كنت أم راضيًا
هو :حسنًا ماذا تريدين هات ما عندك
_ استمع إلي ليس في هذه الدنيا إنسان معصوٌم عن الخطأ ليس في اتساع هذا الكون
أحد لم َتزَّل قدمه عن طريق الخير لكن المأساة الكبرى هي حين يغرق أحدنا بهذا
الطريق ويتوه أكثر فأكثر علينا دائمًا أن نتشبث بحبال النجاة التي تربطنا به لقد خلقنا
حاشا أن يتركنا -لطيٌف بنا -وكل عثرٍة يضعها في طريقنا هي لوحٌة إرشاديٌة لطيفة
تلفت انتباهنا لضرورة الهرولة إليه فهذه العثرة و كأنها رسالة تنبيٍه على أنه اشتاق لنا
ولسماع تراتيلنا اليومية وإجهاشنا بالبكاء وطلب عونه.....
هو مقاطعًا :ال يحبني إنني أعرف أن ما فعله .صديقي باألمس ليس سوى خطة منه
ألنني أبتعد عنه لقد حرق فؤادي بهذا إنني أعصيه نعم أفرط بالشرب وأدخن ولكن ما
حدث البارحة ليس رسالة صغيرة إنه غاضب مني لدرجة أنه سلبني أكثر صديق
أتكئ عليه أكثر صديق أثق به.
_ على العكس هو يحبك و اشتاق لقربك ولصوتك الجميل وأنت تدعوه بمكنونات
صدرك وكي ال يتعلق قلبك بسواه أورد رسالة األمس.
_ ال تستمع لها إنها تثرثر كالعادة لم يكن يجب على صديقك أن يضغط على وريدك
وهو يعلم حق العلم أن تلك المسألة تصيبك في الصميم أنت تمسك أشياء كثيرة عليه
تستطيع أن تلقي به في مهاوي الحفر القاتمة لقد غدر بك طعنك و استغبى قلبك لقد
ناورَ جيدًا ثم باغتك بضربٍة أحدثت في ظهرك ثقبًا لن يمأله أي صديق ولن تستطيع
بعد هذا أن تثق بأحد
_اصمتي أنت وإال....
هو :يكفي أنا اتخذت قراري بهذا الموضوع ولن تتدخل إحداكما مرة أخرى سأفعل ما
أريد وكيفما أريد.
ساد صمٌت رهيب في المكان خفق فؤادها بشدة و انقبض صدرها خوفًا من أن يكون
في مرحلة الالوعي المسؤول فهو اآلن في ريعان شبابه حيث اليزال رحيق
الفراشات يشوش عينيه وكيف أن عصبتيه المفرطة ستحول بينه وبين صديق عمره
وليس بوسعها فعل شيء طارت حوله كثيرًا حاولت قول العديد من الكلمات رّتلت
كثيرًا لكن لم ينفع بشيء
_هل هذا أنت؟
_هو :نعم أنت متفاجئ صحيح فمن يفعل ما فعلت لن يتصور أنه قد يرى ضحيته في
اليوم التالي.
_ أنا أعلم أنك لن تصدقني لكنني حقًا نادم انفطر قلبي لما فعلته البارحة لقد زّل
لساني حقًا أعتذر منك وأريدك أن تسامحني.
_هو وفي عينيه دمعة تحارب لالنحدار على لحيته السوداء :هل هذا جزائي؟ هل هذه
مكافأتي؟
_وقبل أنا ينبس اآلخر ببنه الشفة يناوله ضربة بقبضته الحديدة تشّج شفته.
_ هه ِفداك اضرب هيا نّفس عن غضبك.
_وقبل أن يهّم برفع قبضته تذّك ر كلماتها «إن كان هللا الذي منحنا كل شيء و أغدق
بعطاياه علينا يسامحنا ويغفر لنا بمجرد أن نستغفره فمن أنت حتى ال تغفر زلة
صديقك الذي ليس لك أفضال عليه»
فاضت عيناه بالدموع وخّر على األرض منهارًا سنده قائًال :تماسك لم تبدأ اللعبة حتى
اآلن..
_عانقه طويًال حتى أحّس أنه سيكسر قفصه الصدرّي وبكى هو اآلخر..
_ لقد ورث فؤاده من أمه بليٍن معقوٍد بإحكام ،جوهره جميٌل يّتجه ذاتيًا لدرب النور
ويتبع شعاع التسامح.
حديٌث وجداني
شخص واحٌد سيمر على حياتك ليترك أثرًا يدوم فيك ما حييت ،شخص واحٌد لن يمَر
مرور الكرام سيترك فيك شيئًا منه ،ربما شعورًا أو روحًا جديدة.
في حياِة كل امرٍئ سيمر شخص واحد بشكل غير مألوف ،بطريقٍة نادرة تقلب
حياتك ،كنيزكٍ يسقط على أرض خاوية لم يتحرك فيها شيٌء منذ سنوات ،رأيُت
جمال الدنيا بشخٍص واحد ليس بسواه ،وكيف لي أن أعرف أن هذا الجمال الذي
جسده هللا فيك يحوي بسويدائه كل هذا السواد.
لم أكن أدري ،مشيت على ُخ طا قلبي ودقاته الغير منتظمة ،ما كان يتمالكني وال
أتمالكه حين أراك ،أفقد القدرة على التحكم بحواسي كأنها ليست لي ،وكأنها من
أتباعك ،جئت على قلبي بطريقة غير معتادة ،صورتك تعانق قلبي في كل مرة أراَك
فيها ،تطمح عيناي لضمة من جفونك الفاتنة الفّتانة ،أنت راسٌخ في قلبي من الوريد
إلى الوريد لالنهاية ،رغم كل بشاعتك ،كل مواقفك الشنيعة ،كم بقيُت مخدوعة ،كم
غرتني المظاهر ،شخص جميل القالب قبيح القلِب ،كم آَلمتني ،وأنا صادقٌة بقلِب طفلة
بلهاء ،ما علمت أن جرح الجسد َيطيُب ،وجرح الفؤاِد ال ُيشفى وال يطيب وإن مرت
عليه السنوات والُد هور ،كيف طاوعت نفسك على مقابلة الحب بالكره ،والصدق
بالكذب ،قلبك ماكٌر صدقني ،رغم أني ما انتظرُت المقابل أبدًا ،فالمحبُ إن أحَب
أعطى كثيرًا لشدة حبِه ،ولن ينتظر مقابًال ،تلقيُت منَك في كّل مرة بدًال عن نفحات
حبي ،هبوب رياٍح وأعاصير ،أهلكتني حقًا ،وما تغيرت مشاعري اتجاهك ،كنت
أكذب على نفسي بأّني سوف أنساك وليس قبل أن أخذ ثار قلبي منك ،هل أسير بقول
قلبي الذي أحّب وال يؤذي ،أم أطاوع عقلي الذي يود قتلك ،يشتعُل العراك بينهما في
كل مرة أراك فيها ،ولكن الشيء الوحيد الذي ال صراع فيه هو كبريائي الذي يحتُل
كل قرار ،لكن قلبي لم يهدأ لشدة ما يلوذ به عقلي من قساوة ليأخذ ثأر قلبي المتقلب،
بعد ما أصيب بعقم الحب بسببك وال يرى النجاة إال فيك وحدك ،أخيرًا قررت أن
أرتب الخراب الذي أحدثته بي وسأترك أمرك للرب وحده لعل كّل حبي يعود لي،
وكل بشاعتك التي أحببتها أوال تعود إليك ،بعد ما أحببتك بكل ما فيك وماتزال
تالحقني حتى في أحالمي لتراودني فكرة االنتقام من جديد ،أعود للنوم كأني مكبلة
بالحديد تاركًة هلل األمر كله ،فالمحُّب ال يؤذي وإن ذاق اللوعة والمرار ،فالحُب أشد
وأقوى من أي شعوٍر آخر.
شيماء شحادة
سوريا /ريف دمشق
كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي
بؤس قلب
أنا على يسارك بإمكانك سماعي.
وأنا أيضًا هنا بإمكانك أن تري جناحّي بطرف عينك الُيمنى.
أحمد الخّراش
سوريا /حماة
أيهما ولماذا
حوار بسيط دار بيني وبين نفسي ،تارًة أهدأ كما لو أن النقاش انتهى ووصلت إلجابة،
وتارًة أخرى يتملكني الغضب وأبدأ بالصراخ كالمجانين ،أيعقل أني أتحير في أمٍر
كهذا!! مصيري وطريقي.
يمكنني وبكل سهولة الوصول لمبتغاي ،والعيش كما أريد فرحًا سعيدًا
لحظة لحظة!
أسأل نفسي ،من أين ستأتي السعادة والفرح؟؟ وأنا بنيُت أحالمي وآمالي على إنقاذ
حطام اآلخرين ،كيف سأنعم بكل هذا؟
تجاوبني نفسي :جواب بسيط وسهل ،أنت اآلن وصلت لهدفك وحقتت أحالمك ،ماذا
تريد بعد فـليذهب اآلخرون للجحيم
يسود الصمت ويهدأ الوضع أحدث نفسي بنفسي (نعم ،ولم ال ،وماشأني بهم؟
سأختار ...قررت! ..أجل هذا الذي أريد)
أقول تلك الكلمات في تردد وكأن شيئًا يمنعني من اتخاذ خطوة الوصول للحلم،
ينده الصوت الهادئ داخلي :هل تعلم ماذا تفعل؟
لماذا أنت عازم على فعل ما ال ترضاه؟؟
والعديد من األسئلة جعلتني أغضب وأبدأ بالصراخ (كفى كفى!)
إنه ليس أنا.
هذا الواقع هذه الدنيا واأليام تجبرنا على فعل اآلخرين لنصل لما نريد حتى وإن كانت
الوسائل خاطئة
الذي يهم في النهاية النتيجة
وأنا أريد النتيجة ألني أعيش ألجل نفسي ،نفسي فقط)
وانهار جالسًا على األرض
نفسي تنظر لي بابتسامة نصر
والصوت ذاك الهادئ تحول من صوٍت صارخ إلى صوت حاني محاول تهدئتي
عاد الهدوء وسيطر على الوضع العام
نظرت لنفسي في المرآة (أنا لست هكذا ،لست بهذا الشر والسوء ،لماذا انجرف مع
التيار وأعلم النهاية ستسرني قليال وتدمرني إلى أبد اآلبدين)
مسحت بيدي على وجهي رسمت ابتسامة لم أجد لها تفسير
لن أسمح بذلك
أحالمي آمالي ومبتغاي سأتعب ،أجتهد ،اعمل وأسهر للوصل لها
خطوة بخطوة مع ذاك الصوت الحاني الهادئ سنصل
لن نضر أحد سنساعد الجميع أيضًا ،هكذا أنا وهكذا كبرت .
انتصار الحق
نحن في زمان خلت منه اإلنسانية ،تجردنا من اإلحساس وأصبحنا مجرد هياكاًل ال
مشاعر لها ،نسير على طرق مجهولة مظلمة.
نمُّد أيدينا أمامنا لنستكشف العثرات ،فُينير الخير بداخلنا ضوء يشع من أناملنا ويبقينا
على قيد الحياة؛
لكن لكٍّل طريقته في البقاء حيًا والشر أشرس منافٍس للخير بداخل كل منا.
األفكار تتزاحم داخل عقلي ،وقلبي يتخَّبُط يمنًة ويسرة ،أتفكر في الحياة بعمق وما زاد
هذا التفكير العميق هو قطرات المطر ،أتشّو ق عودًة لمنزلي الدافئ ألجلس بجانب
المدفأة وأضع حيواني اللطيف العزيز داخل معطفي.
كنت أصارع الرياح العاصفة كما يصارع القبطان بسفينتِه األمواج وفي طريقي
رأيت امرأًة تحتضن طفلها الرضيع الباكي وتجلس على الرصيف ،وكانت ترتدي
وابنها ثيابًا بالية رقيقة ال تقي برد الشتاء الشديد وبصوت يخترقه الحزن ويشوبه األلم
قالت بحرقة:
من مال هللا يا محسنين ،أعطوني ولو خبزًا ،أشفقوا على الصغير فإنه قد تجّم د.
وقفت برهًة وعادت األصوات تتصارع بداخلي مجددًا ،ووقفت نفسي فاصلة بين
أكثر األصوات خبثًا واألكثر مصارعة فيما بينها وهما الخير والشر ،بدأ صوت الشر
األسود أوًال :ماذا تفعل هي إنها ساذجة ،لتعمل في أي مكان .إنها ليست عاجزة وكما
أّن كل زاوية بها فرص عمل.
-الخير :ال يا صديق إنها امرأة مسكينة
-الشر :من المسكين هنا؟ إذا واصلت التفكير فكلنا هنا مسكين ،هذا تركته زوجته
واآلخر مات كلبه.....
-النفس :كفا عن التصارع ،لن أساعد أحدًا ،سيأتي آخر ال يملك صراعات خرقاء
بداخله كي يساعدها..
-الخير :ماذا أنت بفاعل؟ أتترك امرأة وحيدة وسط هذا البرد القارس وأنت ستذهب
وتجلس في بيتك مرتاحًا؟
-الشر :وهو معنٌّي بها؟ أهي أخته أو صديقته مثًال؟
-الخير :إّن األيام دّو ارة يا عزيزي ولن يبقى كًاّل منا مكانه ثم إن ال شيء يضيع في
هذه الحياة وكما تدين تدان.
-الشر :بل أنا أريد مصلحتك ،إن ساعدتها ..ماذا ستستفيد سوى أن تخسر بضعا من
أموالك العزيزة.
جلست على صخرة من مقربة منها وهي تجلس قبالتي :بل سأكسب ثوابا!
تردد ذلك الصوت بداخلي وبماذا يعنيك هذا الثواب؟ أهو سيطعمك ام سيطعم جروك
الحبيب؟
-الخير :حسٌن تفعل يا صديقي ،اذهب اآلن قبل فوات األوان.
-النفس :االن اسكتا كليكما ،سأقرر بنفسي ..ثم توجهت مبتعدا عنها.
-الشر :لقد انتصرت!
-الخير :لماذا فعلت ذلك ،ألن تفكر في هذه المسكينة؟
توجه نحو ماركت صغير واشترى بضعة وجبات خفيفة وبعدها توجه نحو محل
ألبسة واشترى سترة من الفرو ولحافا قطني وتقدم نحوها.
-سيدتي ،الجو ماطر جدا ..أرجو أن تقبلي هذا مني ،ثم جلس بمقربة منها.
لماذا ال تعملين؟
-ال يوجد عمل اذهب إليه إال ويرفضونني عند معرفتهم بأن لدي طفل.
صمت برهًة محادثًا نفسه من جديد :أرأيت أّيها الشر؟ لماذا تحكم على الناس بهذه
السرعة؟
-سيدتي ،لدى أختي أطفال وهي تحتاج إلى مربية ومن الممكن أن تحضري صغيرك
معك فهل تستطيعين ذلك؟
-أحقًا ذلك؟
-هذا رقمي اتصلي بي ألزّو دك بالعنوان والزمان.
ابتعد متّو جهًا نحو منزله وأفرجت عنه ابتسامة عندما انهالت عليه دعوات المرأة التي
ادفأت ثلج صدره ،كان يفّك ر بقلبه أّنه لوال وجود اإلنسانية والمحّبة لكانت الحياة
ُقِتلت وألصبحنا وحوش بهيئة كائنات صغيرة تعتمر هذا الكوكب المليء بالظلم
والمصاعب.
أذكُر تلك الليلة جيًدا عندما وقفت دموعي ُتزاِحُم حبات المطر وانطلق أنيني يشارُك
رعَد السماِء وبرقها بالصوِت العالي ،أذكر عندما كان قلبي نافذًة لهواء العاصفة
البارد ،عندما كنت أقف على شرفِة منزلي وقد مَّز قني حزني على الماضي.
كنت قد أطلقُت تَّنُهداتي التي تحولت إلى صراٍخ غير مسموع إلى السماِء :
يا رب السموات إنني أصارُع بداخلي أصواًتا أقوى مّني ،يتقاتل شخصان بداخلي،
تطفال على حياتي ومنحا لنفسيهما اسمين ،إّنهما الخير و الّش ر.
لقد بُّت شخًصا متناقًض ا و ذو وجهين ،تارًة أكون طيًبا وتارًة أصبُح ظالًم ا في وجه
الناس ،في أِّي تفصيٍل صغيِر في حياتي يدخالن حلبة المصارعة في داخلي ليأتي
وقت العراك فيتصارعان بشراسِة وبدون رأفٍة على حالي لتنتهي المصارعة بفوز
أحدهما على اآلخر.
فتخرج نفسي بقرار طيب حيًنا وشرًسا حيًنا آخر حّتى أنه من الممكن أن يكون على
نفس الموضوع لكن في زمنين ُم ختلفين ،لقد تعبُت بما يكفي يا رب قد باتوا ينعتونني
بفاقِد العقل وما أنا بذلك ،كُّل ما بي أنني أصارع أصوات بداخلي ال أستطيع
مقاومتها ،أال َو وجدتني جاثًيا على ركبتي أمام المنتصر منها أنِّفُذ رغباته رغم نياِط
قلبي الذي يتقطع غير معجًبا بالقراِر الصادِر .
ثَّم فجأًة قطَع صوتي ونحيبي امرأٌة شديدُة الجمال ،اقتربْت مّني بلطف ثَّم مّست
شعري بأطراِف أنامِلها الناعمة
بصوٍت ُم رتجف :من أنت ؟!
-أنا مخِّلصُتك من عمِق ُحزِنك ،وتستطيع أن تطلب شيًئا واحًدا ألخدمك به .
-أريد نصيحة !
-قل لي يا عزيزي .
-أريد أن أمّيز بين الخير و الشر وأريُد معرفة أّيهما أفضل .
أخذت المرأة الجميلة بيدي إلى مكان رائع الجمال ،بهَّي المنظر
وقالت :ما هذا يا عزيزي ؟
-إّنه الخير ،الخير بذاته!
-حسنًا ،ال تقرب أّي شيء هنا ألنُه خِط ٌر و سام.
ثّم أخذت بي إلى مكاٍن موحٍش كئيٍب وقالت :ما هذا؟
فأجبتها :إّنه الّش ر يا سيدتي.
قالت :خلف هذه الشجيرات يوجد النعيم والخير كّله ،ثم عادت بي إلى الُش رفة .
-مجمل القول يا عزيزي أّنه ليس هنالك خير وشر في الواقع ،بل هما نتاُج طريقِة
تفكيرنا ومشاعرنا تجاه األشياء ،أنت سّيد الموقف وحاكُم ه ،أنت من تجعل الخير
ُبستاًنا في أعماِقك أو تتخَذ من الشِّر سبياًل لبناِء غابٍة موحشٍة ،فاعمل خيًرا تلقى
الخير.
ثم اختفت فجأًة .
استيقظت مذعورًا ،ذهبت إلى المرآة حتى أرى لمسة أناملها الرقيقة ،نظرُت إلى
الساعِة إّنها الثانية عشر والربع ،لقد مَّر على حياة الخير ربُع ساعة !!
بعَد جميِع الحروب التي أخوضها ،ينشُب صراٌع من نوٍع آخٍر في كواليِس نفسي،
فأراني نادمًا على كّل ما ُقلته حينًا ،وحينًا ال مباليًا ،حّتى ُيخَلَق الحواُر العقيم هذا:
-ما كاَن يجُب أن أقوَل هذا ،ما كاَن يجُب أن أغضَب بسرعٍة كالعادة!
-اصمت اآلن ،كان الموقُف يستحّق فعًال ،لم نفعل أّي شيء خاطئًا
-بلى! لكّنك غير ُم كترث
-هل تتوّقع من "الالمباالة" أن تكترث؟ ال تكن أحمقًا أّيها الّندم
-أنا لسُت أحمقًا ،أنَت ستودي هذا الجسَد إلى مصائَب عديدة دوَن أن تالحظ
-وكأن كثرَة قلقك لن تودي بصاحبنا هذا إلى مصّح ٍة عقلّيٍة ِم ن كثرِة قلِقك الغبّية!؟
-كاّل أنا ال أبالغ ،صاحبنا يفتعُل الكثيَر من األخطاء وال يتعلُم منها بسببك!
-حسنًا هل كثرة القلق حول ما حصَل مسبقًا ستغّيُر شيئًا؟
-ال...لكن يمكننا أن نتعلم من أخطاءنا...أنَت حتى لم ترى أّنها كانت أخطاًء أصًال!
-إّني أتمّسك باألسباب اّلتي تجعلني أكثر اطمئنانا .ال أفكر بأخطائي ،ليَس ألّني ال
أرى أّنها كانت أخطاًء ،بل ألّنها حصلت ولن يغّير القلُق شيئًا حصل فعًال!
-أنَت غبي!!!
-بل إّنك أنَت من يتمّسُك باألموِر والمزعجة ويبقى طواَل الوقِت يفّك ُر بها ،يا صاح
إّنها حياٌة عابرٌة سخيفٌة ال تستحُّق عناَء القلق!
أنت ستجعل هذا الجسد يموُت لوال وجودي!
-وكأّنَك أنَت الذي سُتبقيِه على قيِد الحياة مع عدم وجودي!
بل إنك ستجعلُه يموُت بأبشِع الّطرِق يا أبله!
-أنَت غبٌّي جّد ًا أّيها الّندم!
* أنتم أيها الشّبان ،آسٌف على المقاطعة لكّن جسدي الذي تتناقشوَن حوَلُه يريُد أن
ينامِ ،لذا سأكون بصفك الالمباالة" مثَل كّل مّرة فقط ألنام بسالٍم ،تصبحوَن على خير
وال أوّد سماع نقاشكم المعتاد ُك ّل يوم!
-عقُلَك يصفُق لَك يا صاح إنني أشجعك هّيا ننام ،تعبُت جّد ًا من العمل وحديث هؤالِء
يزعجني حقًا
*هذا رائع أصبحنا اثنان...
نقاء روح
أصواُت سياراِت اإلسعاف منتشرٌة في ُك ِّل مكان ،إنها تزداُد و تتقدم إلى المستشفى
الذي أعمُل به ،هرولُت مسرعًة إلى قسِم اإلسعاف ،ألقوَم بمهمتي كطبيب وصلت
السيارات و أنزلوا المصابين ،بدأنا بالركِض نحوهم و تفُّح ِص وضعهم كان وجُه أول
مصاب مشوًها بالكامل ،بدأُت بفحصِه وأدركُت وضعُه السيء ،حاولُت السيطرة على
وضعِه مبدئًيا ثم أرسلتُه إلى إحدى ُغ رِف المستشفى ،فوضعُه حرٌج للغاية.
قد ُأصيَب برأسِه ويحتاج لعمليٍة خطيرة جًدا و تحتاُج إلى بعِض الصور و الدراساِت
الدقيقة ،تسّلمُت أوراقُه ألبدأ بدراسِة حالتُه فقد أصبح مريضي ،عندما اطلعُت على
االسِم شعرُت بصدمٍة كبيرة فهذا االسم قد ُح ِفَر في ذاكرتي،
فهو من تسَبَب لي بالكثيِر من المشاكل و كان رادٌع كاٍف بالنسبِة ليِ ،اتجهُت إلى
حديقِة المستشفى و ألقيُت األوراَق بُقربي على المقعد .تدبرُت السماَء قلياًل محاواًل
التخُلَص من تلك الصدمة ،أقنعُت نفسي بهذِه الصدمة بأن أحد أعدائي أصبَح مريًضا
عندي ،لكنني ،لم أستطع إهماُل تلَك األيام الَم ِك نة التي قضيُتها معُه في سِّن مراهقتان،
فالبداية كانت أول أياِم المرحلِة الثانوية فُكّنا في نفِس الصف.
كنُت ُم جتهًدا جًدا و هو كان العكس ،بدأ األمُر بقليٍل من الِح قد و الُسخرية أماَم الجميع
إلى الكثير من الِش جارات معه و التي دائًم ا ما تنتهي بالكثيِر من اللكمات الُم برحة
والتي ما زال آثاُر بعضها في جسدي ،عندما بدأت أستذكُر ُك ِّل تلك المأساة ِانتابني
شعوُر قاٍس بداخلي وقلُت بيني وبيَن نفسي :إنني من المؤَّك ِد ُم صاٌب بالُجنون إن قمُت
ِبمعالجتِه ،لو أّني ِاستمعُت ِلـُسخريته َو وقوفُه بطريقي لما كنت اآلن طبيب ،
لكن ...مهنتي إنسانية و يتوجُب علَّي فيها معالجُة جميِع المرضى ،لكّني لم أقوى على
ُم عالجتِه ،ومن الُم ستحيل أن أفعَل هذا ..البتة بل سأجلُس هذه المرة جانبي الطّيب
الُم تساِم ح جانًبا و لن أسمح لُه بإقناعي ،بل سأسمح للجانِب الشرير مّني أن يقوَم
بالفعِل الُم ناسب وأن ينتقَم منُه ولو أّد ى بي ذلك الفعل بنهايِة الَم طاف وأدخلني إلى
السجن.
عدُت إلى المستشفى و إذ بي أسمُع الكثيَر من األصواِت ،ركضُت إلى الُغ رفة التي
تخُرج منها األصوات و وجدت طفلًة صغيرة تصرُخ أريُد أبي إّني أحتاجُه وال أقوى
على فقِد ه ،أرجوكم ساعدوني ال تدعوه يموت وكُّل األطباء و الُم َم رضين يطبطبون
على كتفها ويقومون بمواساتها ُرغَم ِص غِر ِس ِّنها ولكن ما بيدهم حيلة غيَر ذلك،
حاولت تهدئِتها معهم و تبَّيَن لي فيما بعد بأن مريضي هو والدها و أنُهما تعرضا
لحادِث سير و توفيت والدتها منُذ فترة ،عندها بدأت حرٌب داخلية في أعماقي ،فبعدما
حسمُت أمَر االنتقام منه ،رأيُت طفلته و ما حَّل بهما ،عاَد لي جانبي الطيب الحنون
الذي ال يقوى على إيذاء أحد ،عاَد من جديد و هو يرِّدُد بصوٍت قوي في عقلي:
أنقذُه ...أنقذُه.
و صوٌت آخر :بل ِانتقم فهذِه الُفرصة ربما أو من المستحيل أن تتكرَر لك مرٌة ُأخرى.
-لكن فِّك ر جيًدا قبَل اِال نتقام أُيها الشرير و أمِع ن النظر إلى تلك الِط فلة ،فقد ُتوفيت
ُأمها و سيموُت والدها إن لم ُتجري لها العملية في أسرِع وقٍت ُم مكن.
-بل ليس عليه أن يكترَث ألمِر ها فهَي ستذهُب إلى داِر أيتاٍم بعد موت والدها أو
يتوالها أحٌد أقربائها.
-بل والدها هو خيُر من يرعاها ،ليس قريب و ال دار أيتام.
-أن ُتقضي حياتها بداِر أيتام أجزل لها من أن تقضيها مع شخٍص كهذا.
_و ما فعله هذا الشخص؟؟
_كان ُيضمَر الكثير من الحقد له ،و دائم السخرية له و الِخ صام.
-و ما أدراَك أن باقي الناس ال ُتضِم ر له الحقد ،و ما أدراك من ال يسخُر منه بحال
غيابه ،فحاله ربما كحاِل الكثيرين دائمين الُسخرية و اِال ستهزاء ال يهمهم مشاعُر
اآلخرين ،بل هذا الفعل يسِبُب لهم السعادة و لكن هو ليس كذلك و لن أسمَح له بأن
ُيصبح ِبال مشاعر و ال يهمك مشاعَر اآلخرين.
-و لماذا يجُب عليه أن يهتَّم بمشاعِر اآلخرين و هم ال يهتموَّن بمشاعرِه و يسعون
لحرِق روحه رويًدا ..رويدا !!
_ ألننا بشٌر ؛ ألننا مختلفون ،ألن بعضنا من يسيطُر عليه و البعُض اآلخر أنا من
أسيطر عليه ،لكنني متأكٌد من أن من يتمتع بهذا القلب الصافي الذي لديه سأسيطر
عليه أنا دائمًا.
-لكنه آلمه ..آلمه كثيًرا.
-لكن لو لم يؤلمُه بكالمه لما تحّد ى نفسه و أرهقها أكثَر بكثير من استطاعتها ،ولما
وصل إلى هنا ،لكنه أراَد أن ُيثبت له أن كالمُه لن يوقفُه ،و بالفعل لم يزده ِس وى
إصراًرا و ِاجتهاد.
و متأكٌد من أنه َس ينصدم عندما يقرأ اسمُه كونه طبيبه و من سيجري عمليتُه ،و
سترى نظراَت الندم في عينيه ،أرجوَك أيها الطبيب دع جانب عدِّو َك الطِّيب و
الجميل يعمل ،حِر كُه أنتِ ،اجعله شخًص ا طيًبا ،أو إذا أصبَح طيًبا زدُه طيبة ،و ال
تجعل الشر في نفسك و في نفس ابنته و عائلتُه ضدك في المستقبل.
حاولت إنهاء تلَك الحرب الغيُر ُم تناهية بين جانبّْي الخير و الشر ،و بدأُت بالتفكير
بعد تلك المعركة ،ربما لديه حٌق فيما يقول فالبذرُة السليمة الخِّيرة ُتثِم ر و تنتشر
ِثماُرها في الكثير من األماكن ،أّم ا البذرة الغيُر صالحة فال ُتثمر سوى الفساد.
انتهى تفكيري بصوُت أقداٍم تقترب مني و يقول :لقد ِاستيقَظ مريُضَك يا ُد كتور .
ذهبُت مسرًعا إليه و شرحُت له وضعه و خطورَة عمليتِه ،و تركت له الوقُت كي
ُيفِّك َر في نفسه بالموافقة على العملية أو ال ،و لم أذُك ر له من أنا ،فلم أرد التشويش
على ذهنه أكثر من ذلك ،و بينما ُيفِّك ر بدأنا بدراسِة وضعه و كيفية إجراء عمليته أنا
و عدد من األطباء ،و كنت متأكد من موافقته ،فالوقت يلتِهم من عمره و ليس لديه
الكثيُر من الوقت.
و بعد القليل من الوقت أتت الممرضة و بيدها ورقُة الموافقة.
ُس ِر رُت بذلك و توجهنا إلى ُغ رفِة العمليات و بعد ساعات خرجنا و االبتسامة تمأل
وجوهنا ،فلقد نجحت العملية.
و عندما استيقظ من العملية دخلَت ألراه و أخبرني أنه لم يكن يستوعب ما يجري من
الصدمات الُم تتالية عليه ،فلم ُيرِّك ز على أِّي حرٍف وجدُه في الورقة ،ولذلك لم يقرأ
اسمي ،لكنه منُذ قليل سأل الممرضة و قالت له اسمي شعرُت بتلك النظرة المليئة
بالندم على تلك الفترة ،و بدأنا بالتحدث عنها،
قلت له في نهاية الحديث :ال تستهن بأي أحد ،فربما من كنت تسخر منه اآلن
سيصبح طوق نجاة لك في المستقبل.
كأس واحد
بدأت يومي مثل باقي األيام
فأنا طبيبة جراحة أعالج المرضى
كالعادة دخلت المشفى وإذ بالممرضات يتراكضن حولي ،حادث أليم والطفل مصاب
إصابات بالغة خطيرة ،وعلى الفور ذهبت ألنقذ ذاك الطفل ،دخلت إلى الغرفة وخلفي
الممرضات وأنا أطلب منهن التحاليل والصور الشعاعية ،فوجئت من إصابة الطفل
فقد كان مليئًا بالدماء ال تكاد مالمحه ترى لشدة خطورة إصاباته ومن هول المنظر،
بدأت بعملي وطلبت نقله إلى غرفة العمليات ،لم أنتبه لوجود رجٍل منكٍّب على سرير
الطفل ممسكًا بيده ،قلت له ابتعد ،رفع رأسه وإذا به ،جمدت الدماء في عروقي ،نعم
إنه طليقي وهذا ابنه ،أصابه ما أصابني من ذهول وبدأ يتوسل لي ألنقذ حياة ابنه،
للحظات معدودة عادت بي الذاكرة إلى ما قبل ستة سنوات،
قرر ذاك الرجل الذي أحببته من قلبي أن ننفصل لعدم قدرتي على إنجاب طفل له
جعلني امرأًة محطمًة
بدأت أفكر لعدة ثواني هل أجري العملية البنه أم أنتقم منه؟
هل أجعله ينكسر كما كسرني ؟
هل أرّد له الشر بالخير؟
أيستحق أن أكون سبب فرحه وهو من كان سبب تعاستي؟
دون أن أشعر رددت قائلة :ال تقلق سيكون بخير .
قررت أن أجري البنه العملية
ألننا بشر طيبتنا غلبت على الشر فينا.
وإن ظلمني في يوٍم من األيام لي هللا هو من سيجبرني.
ال ذنب لذلك الطفل وال أمه وال حتى أبيه هذا قدري.
مهما كان الشر داخلنا لكنه دائمًا ينتصر الخير.
أشعر وكأن شيئًا داخلي ينتفض ويحدثني
ياحمقاء ال تفعليها هكذا ستكافئينه،
ألم تتذكري كيف أبكاك دمًا؟
بسبب هذا الطفل أنتما لم تستمرا سويًا
ألنك لم تستطيعي إنجابه
رددت قائلة :ماذا تريدين ياملكة الشر؟
أن أرفض إجراء العملية ويموت الطفل أمامي،
ما ذنبه ؟
كم أنا شريرة إن فعلتها
ماذا سأستفاد غير الذنوب وألم الضمير؟
نحن بشر ال نحاسب بعضنا هللا يحاسبنا.
صرخت ال إراديًا هيا جهزوا غرفة العمليات وبدأت ُأطمئن والدته ووالده ال تقلقا
سأفعل كل ما بوسعي ليكون بأفضل حال
دخلت الغرفة وبدأت بالعملية
بعد ساعتين انتهت وزال الخطر عن الطفل
االبتسامة مباشرة ارتسمت على وجهي،
وخرجت ألبّش ر والديه.
ملكة الشر :أحسنت استمري بارتكاب الحماقات بالفعل هذا جزاء من تركك
بمنتصف الطريق.
أنا :اصمتي وال تحاولي معي أبدًا.
لن أعامل الناس بمعاملتهم مهما فعلوا بي
الحياة ستدور وكل ساق سيسقى بما سقى،
لن أخَّلد في هذه الحياة.
كلنا ذاهبون وسيدفع كل مذنٍب ثمن ذنوبه التي ألحقها بغيره.
سأقفز!
أخذت جفون عينّي ُتغَلق في حين أنني كنت جالسًا بالقرب من السرير على كرسي
خشبي ،و تحت رفوف الكتب و بجانب لوحات زمن النهضة ،حينها لفت انتباهي ذلك
المغلف الصغير الموجود على حافة النافذة ،اتجهت نحوه ألرى ما بداخله و إذ
بالغبار يغطي غالفه السميك بكثافة ،نفخته فتطايرت جزيئات الغبار في أرجاء
المكان ،فتحته و في الصفحة األولى هذا ما ُك تب:
أيام عشناها أنا و أمي العزيزة ..أمي الغالية ،كل شيٍء في حياتي.
اشتقت إليك يا أمي.
من كان في جميع الصور هو والدي ،والدي و والدته ،حينها انتابني شعور األلم و
الكراهية ،و أردد لنفسي بصوت عاٍل و غاضب:
لماذا يا أيتها السافلة؟! لما فعلتي هذا؟!
رميت المغلف في نار الموقدة و رأيت الصور رمادًا ،سمعت صوت الشر داخلي
يقول:
الشر :لما ال تذهب و تقتلها يا رجل؟! لقد فعلت فعًال شنيعًا بحٍق.
ليرد عليه رجل الخير في داخلي و يبدأ صراع الخير و الشر في جسدي:
الخير :أتعتقد أّن الحل الوحيد هو قتلها؟!
أنا :ال أعلم ما الحل ،فإني أحترق من الداخل
الشر :و ِلَم االنتظار؟ اذهب إلى منزلها و اقتلها في الحال.
الخير :غبي،أحمق ،و ما الفائدة من قتلها؟!
أهكذا يكون الوفاء؟!
أنا :عن أي وفاٍء تتحدث؟...فهي تركتني وحيدًا بين أكوام الُقمامة و في ظل األوضاع
السيئة و الطقس البارد.
الشر :أُّي أٍم تفعل هذا الفعل الشنيع؟
أنا :معك حق يا رجل...الحل الوحيد للخالص من هذا العذاب هو قتلها
الخير :أتمازحني فعًال؟!! أتعتقد أنك ستصبح في حال أفضل إن قتلتها؟!
الشر :و لما ال؟
انا :سأدخل السجن بتهمة قتل.
الخير :أرأيت! الحل ليس كما تعتقد!
ذهبت إلى غرفة النوم خاصتي و أخذت ذلك السالح الذي أخفيته تحت المالبس و
انطلقت في سيارتي مسرعًا.
الخير :إلى أين أنت ذاهب؟! و لماذا السالح؟! ألم تُقل أنك سُتسجن إن قتلتها؟
الشر :حّياك يا رجل ،هذا ما أردته
الخير :ماذا تنوي؟!
أنا :بالطبع إن قتلتها سأدخل السجن...لكن إن قتلُت نفسي لن أدخل السجن
الخير :إياك .إياك ،هذا ليس أنت ،لست من يفعل هذه األفعال القذرة .أتعلم كم
ستمضي من الوقت في دوامة تأنيب الضمير و العذاب النفسي؟
الشر :ال تكترث لهذا الهراء و أفعل ما تشاء
الخير :اصمت أنت ،فكل ما يفعله اآلن بسببك
الشر :ال مشكلة إذًا! حاول إيقافه إن استطعت ،أراك في المطهر!
نزلت من السيارة حينها و وقفت على صخرة قريبة من إحدى الوديان العميقة و
المليئة بالضباع الشرسة.
الخير :إياك يا رجل .هذا ليس أنت
الشر :افعلها فالموت أسهل من هذه الحياة المليئة بالعذاب.
الخير :أي عذاب تتحدث عنه؟!! فإنه يعيش في نعيم
انا :أهذه نهايتي؟؟
الخير :بالطبع ال
الشر :إن أردت ذلك.
الخير :كف عن العبث بعقله و اتركه يقرر
الشر :األقوى هو من يسيطر و من ثم ينتصر
أنا :سأقفز!
الخير :و لماذا ؟ فحياتك هذه أجمل بكثير مما ستراه بعد قليل.
الشر :اتركه فحسب.
قفزت حينها في ذلك الوادي الخطير و بدأت أحشائي تتطاير ،و دمائي تسيل ،و
عظامي تتكسر ،رأيت الويل في هذه اللحظة.
الخير :لما فعلت هذا؟
الشر :أهذا سؤال لي؟!
أنا :ألني مللت من هذه الحياة.
وسام الخير
بعد أن تتّم قراءة هذه الكلمات أطلب لي المغفرة من رّبك ألّني سأكون حينها قد
وصلت لمحّطتي األخيرة في هذه الحياة.
أنا الّنقيب إلياس قّناص في الفرقة العسكرّية الّثالثة الّتابعة لقّو ات الجيش األمريكّي ،
أنهيت خدمتي العسكرّية بوسام شرف إن استحققته فلمّر ة واحدة عاقبني الجيش عليها
حينها ،سأرويها لكم بالّتفصيل:
في أواخر شتاء عام 2003إّبان اجتياحنا للعراق وتحديًدا بغداد ،متمركًز ا في برج
المراقبة الّتابع للّنقطة الّثالثة من خّط الّش مال قبل غروب شمس ذاك اليوم القارس
أبصرت عينّي حركة في األفق ومع الخوف الذي كّنا نعيشه والقوانين الّص ارمة التي
تنّص علی منع اقتراب أّي كائن من نقاطنا مسافة تقّد ر بألف متر وقتل كّل من
يتجاوز هذه القوانين ،أخذت بندقّيتي الخاّص ة تلك التي أصبت بها عشرات األهداف
بدّقة المتناهية (ديث) هكذا كنت أسّم يها حاضرة كصاحبها علی مدار الّساعة ،قّربت
الّصورة بمنظارها ألحّد د ماهّية األجسام المتحّر كة التي أراها وإذ بي أری طفلة ال
تتجاوز العاشرة من العمر ،معها كلب أعرج يجّران مًعا جّثة رجل جاوز الخمسين،
من منظار بندقّيتي أدركت تماًم ا أّنه مّيت وأّن الفتاة لم تدرك هذا وتسعی إلنقاذه ومع
هذا كانت القوانين تملي علّي أن أقتلهم جميًعا ،ولكن كيف ال يمكن إلنسان في الّد نيا
أن يفعل!
الزلت أسمع صوت مدّر بي في دورة القنص ،إّنهم أعداء ،اقتلهم..
ولكن كيف!
صوت ضعيف بداخلي "إّنها مجّر د طفلة تهرب بجّثة والدها للحياة"
إّنهم أعداء كّلهم ،يمكن ألطفالهم أن يقتلوا بدم بارد فال تنخدع بمظاهرهم اقتلها
ياإلهي ،مستحيل!
لقد اقتربت كثيًر ا ستتسبب بالمتاعب أو ستموت هذه الصغيرة ولكّنها مجّر د طفلة،
طفلة ستموت إن بقيت بالعراء حّتی الّصباح.
يعود الّصوت مّرة أخری ،ولكّنها القوانين كّل من يتعّد ی حدود نقاطنا هو عدّو ويجب
أن يقتل ،لذا تالمس سّبابتي زناد البندقّية ويثّبت منظاري مرمی رصاصتي علی
رأس الّطفلة..
توقفني عيناها الّد امعتان ،هذا مستحيل ال يمكن لهذه الّص غيرة أن تكون عدًّو ا! إّنها
تبحث عن القليل من الّد فء فقط ،سأسمح لها بالعبور
كيف تسمح لها بالعبور يطرق الّصوت مّر ة أخری ،تقول القوانين بقتلها هي وكلبها
مًعا وإاّل سيعاقبك القائد اقتلها ليست أّو ل من تقتله وال آخرهم،
آه حًّقا هذا صحيح لقد قتلت قبلها الكثير وسأقتل بعدها الكثير إّنهم أعداء يستحّقون
الموت ،يعود إصبعي لزناد بندقّيتي مجدًّد ا وقبل أن أضغطه تسقط الّص غيرة علی
األرض مغشًّيا عليها من الّتعب والبرد ،حسًنا لقد وّفرت علّي أمًر ا في غاية الّصعوبة
ولكّنها طفلة ،طفلة ال يمكن أن أتركها تموت فلتذهب القوانين للجحيم سأذهب
لمساعدتها ،وإاّل فكلبها األعرج ذاك الذي يحاول مساعدتها خير مّني
ألقيت بعدها بندقّيتي ونزلت مسرًعا من برج المراقبة مهرواًل نحوها استقبلني كلبها
أيما استقبال ،حملتها بين ذراعّي وأنا ألعن إنسانيتنا المزّيفة تلك التي غلبتها رحمة
هذا الكلب وعدت بها إلی مستوصف الّنقطة
بعد تلّقيها العالج تبّين أن والدها فالح بسيط أصابته شظّية من شظايا القصف
المتكّر ر بطائرتنا علی المنطقة ،أي أنهما وكلبها أبرياء كآالف غيرهم قتلناهم ظلًم ا
وزوًر ا ومع هذا لم تغني هذي الحقيقة عّني من العقوبة شيء ودون أن أكترث تلّقيت
عقوبتي بسعادة بالغة ألّنها كانت دليل انتصار الخير في إنسان مجرم مثلي علی الّش ر
الذي ترّبينا عليه.
أقدمت بعدها علی تقديم أوراق استقالتي وتسريحي من الجيش ألنهي خدمتي بوسام
شرف علی عملّياتي الّسابقة ،وسام ال يليق بنا وال نعرفه ولم أستحّقه يوًم ا غير ذاك
اليوم.
صمت الروح
سأقول قوًال
ال يحق لي قوله
وال يحق لك سماعه
فـ(اختار) ان يعيش على أن يكون ،فكان ما اراد كما اراد؛ وكان جاهال حين (أراد)
أن يكون إنساًنا ليعيش! فما زال االنسان في جحيم الحياة لم يعرف ما يكون
الخير و الشر ،المالك و الشيطان ،الطيبة و القسوة ،النور و الظالم ،و الكثير من
األسماء لصراٍع أزلي
في زمٍن ليَس بعيد وليَس قريب ،بعد الكثيِر من الخيبات ،والعديِد من الطعنات ،
والخيانة التي حطمتني ،ومزقتني وحولتني إلى فتات
حتى إنني حاولت االنتحار في أكثر من مناسبة،
كان هناَك شيٌء ينجيني من هذا،
أنُه دافُع االنتقام ،االنتقام لنفسي و لذاتي ،اعتاَد الشيطان على زرِع هذا الدافع في
قلبي،
الشيطاُن الذي بداخلي بدأ يوسوس لي بكِل شيٍء فظيع.
يقوُل لي تخلص من هذا وذاك ،حطم القيود المفروضة عليك
يوسوُس لي بأن أفعل ما أريد وما أشاء وما أحب
كنُت خيَر االبن المطيع ،كنُت االبن البار بوالدِه.
غفلُت عن نصائح مالكي وبدأت أنصُت للشيطان ،كنُت أطعمه ألذ الشهوات وجميع
الملذات.
سيطَر علي الشيطان.
وسيطَر معُه دافُع االنتقام ،والثأُر لقلبي المكسور
حان الوقت وبدأت لحظة االنتقام ،وضع الشيطان خطة كي أتخلص من ندى ،كي
أنتقم منها ،كي أحولها إلى فتات ،كي أنعم بالخالص ،وأرُد الدين ،أن العيَن بالعين،
والسُن بالسن والبادُئ بالخطيئة أظلُم .
المالك :كال يا عزيز ال تفعل هذا إّن ندى كانت في يوٍم ما محبوبتَك.
الشيطان :عزيز أفعل ذلك األمر وانتقم منها ،هي من حطمتَك وجعلتَك ذليًال.
المالك :إن المسامح كريم ،والكرُم من شيمَك يا عزيز.
الشيطان :إن من يرُد الديَن هو الكريم.
المالك :ال تصغي إليه يا عزيز ،ال تدع الظالم يسيطر عليَك ،أفتح نافذَة قلبك ودع
النوَر يدخُل لقلبَك.
الشيطان :إنَك اآلن ضعيف ،تحلى ببعض الشجاعة وأفعلها ،حول ضعفَك إلى قوة.
المالك :إن العطَف قوة ،والرحمَة قوة ،والصبُر قوة.
التحمُل قوة ،المودة قوة ،حول ضعفَك إلى قوة عن طريِق الرحمِة يا عزيز.
لم أعد أسمُع إال جملًة واحدة (حول ضعفَك إلى قوة عن طريق الرحمة) تتكرر
وتتكرر هذه الكلماُت في رأسي.
مر شريُط الذاكرِة أمامي بسرعِة كأنُه فيلٌم قديم.
لقد كانت في يوٍم من األياِم محبوبتي،
من أجل الوّد فقط.
إن الكريَم من يسامح
إن الشجاع من يصفح
إن القوي من يرحم
القوة تأتي من الخير والرحمة…..
وبعد أن بدأُت أغرق في الظلمات ،أشرقت شمُس الخيِر و أنقذتني ،الخيُر نوٌر على
نور ..
هكذا انتصرت قوُة الخيِر على قوِة الشر.
صراُع الَهواِج س
-الخير :أرى بكالمِك العقالنّية ،فالُّر وح البشرِّية مليئٌة باألنانَّية ،تفعُل ما يرضيها
واليهمها الَّطبيعة التي حولها ،ولكِّني أفعُل ما بوسعي لكي ال يغريها الَّش ّر ألَّنُه أصبح
مباحًا...
-الخير :تتحدُث بثقٍة عمياٍء أال تدري بأِّني الوفاء والوالء ،أنا دائمًا منتصٌر وأنت
منهزٌم منكسر ،سترى هذا بأِّم عينيك وتعوُد إلي لتعتذر بكِّل تذُّلٍل .
_واآلن اسمحوا لي بالتدخل شاكرًة إياَك أُّيها الخير يا منبع الَّصفاء الُّر وحّي ،أُّيها
العظيُم بكِّل معانيَك ،دعك من الَّش ر وال تجادلُه!
فأنت الَّليُن المنتصر ،وهو الخاسر المنكسر ،جميعنا لدينا عقٌل وقادر على االختيار ،
وتأَّك د أَّن البشر إن صادفوا الَّش ر بيوم سيقتلعون جذورُه ويأتوَنك ِبكِّل تأكيٍد فاطمئن
-بالّرغِم من أّنك عدوّي الّلدود أّيها الشّر ،لكنّني سأطرُح عليَك سؤاًال
-هّيا ،بسرعة ال وقَت لدّي ألمثالَك أّيها "الخير"
-كيَف توجُد في قلِب اإلنساِن فجأًة؟!
تعلُم أنا أولُد مع اإلنسان ،أنا فطرتُه أّم ا أنت فـ...
-حسنًا ال تكمل إنني أوَج ُد ألسباٍب عديدة ،فـُطرقي التي تمتاُز بالّنوعّية ،جميُعها من
وحشّيِة هذا العالم!
-كيف هذا؟!
-غبّي لن أتعّجب منك...
إن بحثنا عن ماضي المجرمين سنجُد أّن الحياَة قد سلبت منهم جميع وسائِل الفرح،
سنالحُظ أّن أحالمهم ُقِتلت ،وطفولتهم ُس ِر َقت ُك رهًا ،وخيباُتهم تراكَم ت حّتى أصبَح
الواقُع في أعينهم أسودًا ،والغمامة الرمادّية الكئيبة تلَك تالحقهم دومًا
-هذا صحيح!...
-أرأيت!؟
أيها الخيُر الغبّي ،أنَت ستولُد فطرّيًا مَع اإلنسان ،أّم ا أنا فأتغذى على الضياِع واأللم
-الكثيُر من المتألمين سلكوا طريَق الّنجاح ،فـهذا ليَس مبررًا كافيًا لكوِن أّي إنساٍن
يحمُلَك في قلبه!
-نعمَ ،و هنا يكمن دوُر العقِل في هذا...
_سمعُت اسمي هنا
-اصمت وارجع لعملك!
ااٍه سأكمل ،وال تقاطعوني فإِن اشتعلُت غضبًا سأحرقكم!
-ح...حسنًا
-إذًا أين كنت؟ أجل كنُت أقوُل أن عقل اإلنسان هو من يحدد الطريق الذي سيسلكه،
ليَس الجميُع يمتلك الصفاَت ذاتها ،إذًا لن يكوَن لألشخاص ردأت فعٍل متشابهة!
-أظّن أنني فهمُت ما ُتريُد إيصاله
-أفحمني اآلَن هّيا!
-أنَت تحاوُل إيصاَل فكرَة أن الوحَش ال ُيخَلُق وحشًا؟!
-تمامًا ،أقصُد هذا ،وأقوُل لَك أنني ال أوَلُد ُم َتأّص ًال بطّياِت اإلنساِن أبدًا ،وهذا ما
يجعلني مكتسبًا أّيها األبله!
-إذًا ال لوَم يقُع على األشرار؟!
-ليَس تمامًا ،لكن هناك كمّيٌة كبيرة من اللوم على محيطه!
-كيف هذا؟
-أقصُد أّنه لو وجَد من يوجهه بالّش كِل الّص حيح لما سلَك أّي نوٍع من أنواعي!
ُيالُم المجتمع على معاملتِه الخاطئة للذين يحملونني في داخلهم!
-أتعلُم أمرًا...؟
-ماذا؟!
-الشيء الوحيُد الذي استنتجتُه من هذا الّنقاش ،أّنَك تحملني بداخلك ،لكنني مدفون في
عمقَك ،حّتى الّش ُر يحمُل خيرًا!
-أوه...رّبما أنَت على حِّق أّيها األبله
-أظُّن أنني على وشِك أن أصادق شخصًا آخر!
-لن يحدث هذا في أحالمك!
-هه سنرى!
انفصام مشاعر
دومًا ما أفشُل في تحديد مشاعري للّناس مهما كانت عالقتي ِبهم ،فتراني تارُة أحّب
فالنة وتارًة أكرهها ،تارًة أحّب نفسي وتارًة أمقتها ،وأحّب وطني حينًا وحينًا آخَر
أبغضه ،دومًا ما تنفصُم أحاسيسي ليشّك لوا الحواَر اآلتي:
-يجب علينا أن نكون متفقين لمّر ٍة واحدٍة أّيها الُك ره!
-ماذا تفّضلت؟
-أقوُل أن هذا اإلنساَن الساذج يجُب أن ُيحدد مشاعره تجاه كّل شيٍء حوَله!
-حسنًا ،ليَس ذنبي إن كان أحمقًا ،فـأنا أكرُه من يوُّد أن يؤذيني ،فإّني أحافُظ على ماِء
وجهي وال أسمُح ألحٍد أن يحتّك بكرامتي أّيها "الحّب " الغبّي
-احترم نفسك ،أنا فقط أعطي الكثيَر من الُفرص وأساِم ح اّلذين من حولي!
-مع عدم احترامي ،إّنك أحمق!
فجميُع األموِر اّلتي آذوَك بها ما كاَن عليَك أن تسامَح هم عليها وتستمَّر في حّبهم أبدًا
-لماذا؟!
-إّنَك تعطيهم مجاًال أكبَر لطعنك سيفعلونها مئاَت المّرات ألّنَك سامحتهم!
-لكّنهم تأسفوا واعتذروا!
-تبًا ،هل االعتذار ُيرِمُم الجرَح اّلذي باَت في قلِب صاحِبنا؟
-اذا..أجل!
-كاّل أّيها األحمق!
ُ -حّبَك لم يفيدَك في ترميِم جراِح كِ ،لذا إنني أجعُل صاحبنا يكرُه جميَع من حاول أن
يسبب له ضررًا أّيًا كان!
-هذا خاِط ئ
-كاّل ،لم يهِز م صاحبنا أحد إال أولئك الذين منحهم ثقَته ،لطالما كانت يُد األعداء
بيضاء وال غدر فيها ،أما يُد أولئك الذي أحّبهم صاحبنا هي التي افتعلت جميَع
المعارك!
ِلذا أنا أقوُم بحمايِة صاحبي أّم ا أنَت فتهلكُه
"صوُت صراٍخ يقوُل :اصمتوا ،أريد الّنوم لعنُة ِهللا عليكم"
دومًا ما تنتهي معاركهم ،بهزيمتي! !
صراع الروح
يهمس الثاني بحدة أكبر قائًال :لقد قتلت هذا القلب و قّطعت أوصاله
لم تترك فيه جزًء يغفر ،فِلم الصفح ؟! .
األول :لقد قتلت روحك و مّز قت قلبك ،و أذاقتك من الويالت الكثير و الكثير ،و لكن
هل أنت مستعٌد لتأنيب ضميرك وقلبك ما حييت ،إن آذيتها ؟!
إذًا فافعل ،افعل ما يمليه عليك شّرك األسود .
كن أنت ،ال تترك ظالم األيام يلّطخ قلبك .
اصفح و سامح ،و اترك عجلة الزمان تدور ،فهي عائدٌة ذات يوم .
فكن مستعدًا متأهبًا ،في أجمل ُح ّلتك .
كل شيٍء سيعود إلى هيئته ،فدائرة األيام ال ترحم .
أمير الديراني
سوريا
كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي
هشاشة روح
أسود :
أعجُب منه حًقا ،كل تلك الَدمامة في هيئتِه
و يتصرُف كاألطفال ،و َيرتدي كاألطفال ،يلعُب كاألطفال و يتكلُم مثلهم ،يلهو ِم ثَلهم،
غير أنهم يخافوَنُه ِلُقبِح ه.
في ُك ِّل يوم يلتقُط لنفسِه ِبضَع صوٍر لَيضعها على مواقِع التواصِل االجتماعي ليراها
الناس وال أعلُم لماذا!
ما الذي ينتظرُه ذاك الُم َتصابي ؟!
أبيض :
على ُرسِلك يا هذا ،ما كل هذِه السوداويَة التي َتمِلكها في قلبك،
ما ِبك ؟!
و ِلما تتكلم عنه بُك ِّل هذه السوداوية ،وبهذا الكِّم الهاِئل من الُسخط و اِال شمئزاز ؟!
هل آذاَك بشيء ؟!
أخبرني !!
أسود :
هو لم يؤذني قط و لن يستطع.
و لكن أمتعُض من تصُرفاِته ِتلك ،دائًم ا ما َأسأُل نفسي ما الذي يدوُر في رأسه وِلَم
يفعُل هذه األفعال وهَو غيُر مرغوٍب به
أبيض :دعُه وشأُنه لماذا ُتفِّك ر ِبه أتعرُف شيًئا عنه ؟!
أجزُم بأنك ال تعرُف أي شيء .
هو بشٌر أيضًا يملُك من المشاعِر و األحاسيس ما تمِلك أنت وله خاطٌر إذ شعَر
بُسخريٍة من أحد سيتمَّلكُه شعوُر الُبكاء.
أسود :
نعم ربما ،و لكن ليس مثلي .
أبيض :
ربما هو يحاوُل الفراَر من َدمامته ،و مما فعلُته في نفسه ،ليهُر َب إلى الحياة ،التي
ُح ِر م منها الكثير وهو في أمِّس الحاجة لمتطلباته.
لربما يحاوُل العيَش رغَم هروِب الجميع منه وشعورُه بالنفي الُم طلق.
يحاوُل ِبشّتى ُطرِق المحاولة أن ينسى ،و ينأى بنفسه عن ُك ِّل ما حوله.
أتريد أن تعاقبه على محاولته للحياة وتفكيُره بتغيير الشيِء الذي نشَأ عليه؟!
حًقا إنها لُم حاولُة قمٍع ال ُتغتفر.
أسود :
فليعش كما يشاء ولكن ليبتعد ويذهب حيُث ال أحد من حوله .
أبيض :
الحياة ليست ِم لُك ك وحُد ك و أنت لن تستطع أن ُترِغ مُه على طريقٍة للحياة تالئم
راحتك فهو لم ُيخلق ليعيش كما تشاء أنت وغيُرك.
أسود :
ال أستطيُع رؤيَة تلك المهزلة و أبقى مخنوَق التفكيِر و اإلحساس ُ ،م قفَل الفم وال أغّير
شيء.
أبيض :
ال تالحقُه و تجاهله ،ما دام ُيزعجَك إلى هذا الحد
اتُركه و شأُنه اهتَّم بنفسَك و بشؤونك فقط فليَس من حِقك التدُّخ ل في شؤون اآلخرين.
دِّع الخلَق للخالق و ال تلتفت ألي أحد وال تتدخل قّط بأموِر أحد.
اجتهد بنفسك وِلنفسك كي تنجو ،و كن أنت فقط وليَس اآلخرين.
أمير الديراني
سوريا
الخير والشر
نعم
الخير والشر
فهي رفعت مفهوم الخير إلى مرتبة عليا وجعلتُه من صفات وأعمال هللا،،أم بنسبة
لمفهوم الشر مع تطور الوعي اإليماني نفى إنسان فعل الشر عن هللا وأعوزه إلى
الشيطان.
يولد اإلنسان حرًا وال بد أنه يولد خيرًا ولكن ال يولد شريرًا،،وذلك لدليل طفولته التي
تتمحور كيف كان يعيشها ولكن ال تخلو من األنانية،،كما مل طفل يعتبر نفسه محور
العالم ويريد كل شيء لنفسه وال يميز بين المصلحة الفردية والعامية..
كما يمكننا تكلم عن فعل الشر لدى الطفل فهو كالكذب والخداع والسرقة واألذية..
كما لو أن السلوكان يتوقفان على مدى التوجيه الذي يتلقاه من خالل التربية والمحيط
العائلي واالجتماعي..
دعوننا ندخل في كتب علم النفس ودراستها قليًال "النفس اإلنسانية وحاالتها المتغيرة"
الكتشفنا أو لنقول أننا لوجدنا أن إنسان في صراع دائم مع ذاته بين أفعال الخير
والشر وإن دراسة الحاالت تؤكد أن لكل سلوك سبًبا...
وكما جميعنا نقول أنهم يعودون لعوامل عدة "البيئة االجتماعية-الوراثة-التربية-
المحيط االجتماعي "جميعها تحدد السلوك وبما أن اإلنسان حر فمن الطبيعي أن
تدخل إرادته في أفعاله
علينا األخذ بعين االعتبار للظروف التي جعلته يفعل شر ،،وكما لو أنه فعل خير
فذلك أيضا يعود للظروف التي أحاطت به
جميعنا يعتقد أن الظواهر التي نعبرها شرًا كالموت والمرض والفقر،،لك منها أسبابه
التي يجب على إنسان أن يقبلها ويعترف بمحدوديته وعدم كماله..
كما ورد في مقال يومي على صفحات تواصل االجتماعي تحدُث عن هذه الظواهر
قائلين في الحرف الواحد:
إن إذا كان المرض شرًا فهذا طبيعي نسبًة لألسباب التي ينتج عنها المرض فالجسد
مادة من الممكن أن تصاب بخلل ما نتيجة ظروف معينة،،وكذلك الفقر في العالم ليس
ألن مجموعة من الناس ُك تب لها أن تولد فقيرة وإنما ألن أصحاب المال والسطلة
حجبوا ثروتهم لخيرهم الذاتي،،إما الموت فهو النهاية الطبيعة لكل كائن على هذه
األرض وال يمكنه االستمرار فيها نظرًا لمحدوديته البشرية.
من السهل جدًا علينا نفرز أعمال الخير والشر وتفريق بين ناس أشرار
وأخيار،،جميعنا نسلك الخير والشر بطريقٍة متفاوتة وعلينا عم تساهل أو تبرير لفعل
الشر إنما المحاسبة بهدف أن يكون المسيطر الخير دونما االنتقام ممن فعل الشر فإذا
رددنا فعل الشر بالشر فدخلنا بدوامته الكبرى.
المحبة هي الشريعة الوحيدة التي تساعد اإلنسان على االبتعاد عن فعل الشر.
كل هذا يتطلب منا الوعي والصبر والحب.
تكامٌل و تضاٌد
أنس المسلماني
سوريا /حمص
إنساٌن أنا
لسُت بمالكًا وال بشيطان ،إني وهللا إنساٌن ،تارًة يفعل خيرًا وأخرى يذنب ويخطئ.
فبعد الخير فرح وبعد الشّر كرب وتوبٌة .
والشّر البد أن يجد طريقا له داخلي لكن الخير يحاربه محاوًال منعه من المكِر .
حرب فّي والنفس حكم والعقل والقلب شركاُء،
فبتعدد الحّك ام البد من االختالف والخالف ،لذلك أحيانا ما تجدني جالسًا فقط ال أفعل
ال شرًا وال حتى خيرا تجنبا لوقوع مصيبة.
فيبادر الشر محاوًال اإلغراء بالفتن قائال :الحياة قصيرة افعل ما تريد
ويرد الخير مسرعًا :والندم ما حاله؟ يا صاح اصبر واعمل صالحًا خيٌر من الندم.
_ال تهتم ِلَم يقول ،حاقٌد وحاسٌد ال أكثر
_وعلى ماذا أحقد وأحسد على شر سيصيبه عاجًال أم آجًال؟ أريد نجاته ال أكثر.
يا صاح إن القلب على ما عودته يعتاد فعود قلبك على الحب والخير لتجده نقيًا خاٍل
من السواد ،كن طيبًا ذا لسان طيب تجد الطيبين حولك.
فبذرة الخير مزروعة في جوف كل منا وبذرة الشر أيضا لكن اختالفنا أّن مّن ا من
يسقي بذرة الخير فتعينه عل جنوح نفسه ومنا من يسقي بذرة الشر فتضّله عن الحق.
وأن الثمار ستنضج يومًا وسيأكل كٌّل من ثمره.
فسارع لالعتناء ببذرة الخير حتى ال يصيبك الندم فالندم قاٍس ال يفيد ،والحزن
بجواره موجٌع.