You are on page 1of 137

‫كواليس نفس‬

‫كواليس نفس‬

‫كتاب مجمع‬
‫فريق ومضة الثقافي‬

‫إشراف وإعداد‬
‫خالد عبد الرزاق نعمان‬
‫نور أنس طيارة‬

‫تدقيق لغوي‬
‫إيالف فيصل طويل‬
‫آالء علي العطا‬
‫مقدمة‬

‫من ضياع العالم وحروف الكتب ونهاية حبر األقالم‬


‫وتقلب الصفحات واأليام ستجد حقائق لكل ما حولك‬ ‫َ‬
‫من غدٍر وحزن وشكوك وفرح و وفاء وسعادة ‪،‬‬
‫تتمحور حول دائرة الخيٍر و الشر‪ ،‬تحمل في طياتها‬
‫مواقف ال تنسى‪ ،‬وأشخاص على هيئة دروس‬
‫نتعلمها واختبارات لحدود الصبر ومعادن األصل‪،‬‬
‫تضعنا أمام األخذ بثأر ورد الجرح بالمثل وبين‬
‫الَص فح والتسامح وطيبة القلب‪ ،‬نقدم لَك مفاتيح‬
‫األبواب المغلقة أمام كل نفٍس ضائعة وتائهة في‬
‫متاهة الشر لتجد النور الذي يرشدها لطريق الخير‬
‫خطت أقالم فريق ومضة الثقافي إلى كل من تقع‬
‫عينه على هذا الكتاب‪ ،‬نضع بين يديك مجموع ما‬
‫خطه فرسان ومضة عن معركة الخير والشر‬
‫األبدية بطريقة أدبية ممتعة تروي لك أحداث‬
‫ومواقف وأحاديث جرت بين الخير والشر والنفس ‪.‬‬
‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫حكاية مبعثر‬
‫َأَح ٌد ُيَناِد ي َج وَهَر اُألنَثى ِبُأِّمِه‬

‫َظَّن َنْفَس ُه َص اِئًحا إْذ َقاَل ‪ُ" :‬أِّم ْي‬

‫َيا َص َدى اآلِه الُم ِر يَبِة ُيْر ِج ُع الَّصوَت انِكَس اًرا َخاِئًفا"‬

‫‪َ -‬هاَّل َقَص ْص ِت ِِح َك اَيًة ِلْي ؟!‬


‫‪ -‬الَم وُت ُيْنِص ُت ‪َ ،‬يا ُبَنَّي ‪َ ،‬فَنْم َع َلى ُجوِع الَّس َم اِع‪َ - .‬أَنا ُمِص ٌّر ‪.‬‬

‫َم ا َفِهْم ُت ُمَر اَدَها‬

‫ُأل‬
‫َفَلَقْد َع ِش ْقُت َتَلُّهَف ا نَثى الَّص ِغ يرِة َبْيَن َعيَنيَها‪َ ،‬و َعيَناَها انِتَع اٌش ‪َ ،‬و ْهَي َتشُك و ِبالَم َج اِز‬
‫الُم خَم ِلِّي ُحُضوَر َم اِض يَها َو َح اِض ِر َها َم ًعا‬

‫اآلَن َيصُر ُخ ‪َ" :‬ليَتِني َم ا ُك نُت ِط فاًل "‪.‬‬


‫َبْيَنَم ا ِفْي اْلَج اِنِب الَخ ْلِفِّي َز ْو ٌج‪ ،‬اَل أٌب ‪َ ،‬م ا َزاَل َيمُض ُغ َم ا َتَبَّقى ِم ْن َكاَل ٍم َج اِرٍح َو الَّش اُي‬
‫ِفْي َفِمِه ُيَخ َّم ُر‪:‬‬

‫"إَّنَها َم أَس اُتُه؛ َفَد ُع وُه َيبِكي َم ا اسَتَطاَع"‪.‬‬

‫َو َس ْو َف َأسَأُل ِفْي َغ ِد ْي ِم رآِتَي اُألوَلى‪ ،‬انِع َك اِسْي ‪َ" :‬م ْن َسَبى َهَذ ا الَّض ِم يَر ِبَم ا َو َر اَء‬
‫الَّنْهِد ُقْل ِلْي ؟"‪.‬‬

‫َلْن ُيِج يَب ‪َ .‬و َلْن َأَر ى‪َ ،‬بْع َد الَّتَم ُّد ِن ‪َ ،‬أَّي َو حٍش ِفْي الَم َر اَيا‬

‫إَّنَنا َنعَتاُد ‪َ ،‬لِكْن اَل َر َج اَء ِم َن الَّنَداَم ِة ِح يَن َيبَلُعَنا الَّض َباْب‬

‫**‬ ‫**‬ ‫**‬

‫ِفْي الَّناِر إصَبُع ِط فَلٍة‬

‫َتبِكي َع َلى َو َج ٍع َع ِنيٍد‬

‫ُثَّم َتضَح ُك ِفْي ُو ُجوِه الَح اِض ِر يْن‬

‫َو َغًدا َس َتضَح ُك ِفْي ُو ُجوِه الَع اِبِر يْن‬

‫"إَّياِك َلْمَس الَم اِء َيا َأشَقى َع َباَد هللا"‪.‬‬

‫ِفْي َم قَهى ُيَج اِو ُر َغيَم ًة َم شُح وَنًة ِبالُحِّب َكاَنْت َتسَتِع يُد َم َس اَر َها ِم ْن ُد ْو ِن َو ْقٍع‬
‫ُثَّم َأْلَقْت َخ اَتًم ا ِم ْثَل الَفَر اَش ِة َفْو َق َطاِو َلِة الَع َش اِء‬

‫"َأَنا َأَخ اُف "‪َ .‬و َلْم َتُع ْد َح ْيُث َك اَنا َو َكاَنْت‬

‫ِفْي ُأوِتيٍل ِفْي َباِر يَس ُم َقَّنٌع ِباِال نِهَياِر ‪َ ،‬و ِط فَلٌة َك ُبَر ْت َو َلْم َتكَبْر ‪َ ،‬و َش ْم ٌع َطْو ُع إصَبِعَها‬

‫َو َم عَناُه ِبِذ كَر ى َناِر َها اُألوَلى‬

‫َفاَل َفرٌق إَذ ا َبَّد ْلَت ِش يَن الَّش مِع ِبالَع يِن الَم ِليَئِة ِبالَّلِهيِب َو بالُّد موِع‬

‫َفَقْد َم اَت اَّلِذ يَن َلُهْم َم َش اِع ُر ُهْم َو َلْو َم وًتا َم َج اِز ًّيا‬

‫**‬ ‫**‬ ‫**‬

‫َو ُك نُت ُأَد ِّخ ُن اآلَم اَل‬

‫َك اَن الَو قُت َم يًتا‬

‫اَل ُتَقِّبُلُه ِش َفاُه الُّص بِح َك ْي َيحَيا َقِلياًل‬

‫ُك نُت َح ًّيا َك ْي ُأِح َّس ِبَبْر ِدَي الَقلِبِّي َو ْهَو ُيَم نِهُج الَو عَي الُمَبِّك َر‬

‫َم ا َأُك وُن إَذ ا َم ا شيء اإلحَس اُس ِفَّي ؟!‬


‫َفَيا َلَع ْد ِل اَألرِض!‬

‫َو الَم أَس اُة َك اَألشَو اِق ُتنِهُك ِني احِتَض اًنا َبْع َد َم ا َك اَن الِع َقاُب‬

‫َفُحزِنَي الُم حَتاُل ُأِّم ْي‬

‫إَّنِنْي ِم ْن َهِذِه اَألحَز اِن َأْو ِم ْن َغْيِر َها‬

‫َم ا الَفرُق َم ا َبْيَن اْلَج َو اِهِر إْن َع َلْت َأْو ُأْلِبَس ْت َثوَب الُّنُجوِم ؟!‬

‫ِهَي الُّلَغاُت ِبَم ا َح َو ْتُه ِم ْن َقِد يٍم َطاِئٍش‪َ ،‬أْو َح اِلٍم ‪َ ،‬ج اَء ْت إَلْيَنا ِم ْن َأَس اِس الَخوِف ِم ْن ِتْلَك‬
‫الَّس َم اِء‬

‫َو ُع ِّطَر ْت ِبَم َج اِز َها الَّش مِسِّي َح َّتى ُتْبِص َر اَألرَض العتمة ِفْي َخ َباَياَها َم َر اَياَها‬

‫َو َلِكِّنْي َأَخاُف ِم َن الَحَياِة‬

‫َفَداِخ ُل الَّش خِص الَم ِر يِض ِبَم ا َر آُه ُطُفوَلٌة ُحبَلى ِبَح ْيَو اٍن َص ِغ يٍر َيكُم ُن الَّش يَطاُن ِفْيِه‬

‫َفَنْح ُن َأْبَد ْع َناُه‪َ ،‬ش َّك ْلَناُه‪َ ،‬أْلَبْسَناُه‪َ ،‬أْو َج ْد َناُه ِفْي ُع ْم ِق اَألَنا ُم ْنُذ الَخ ِليَقِة‬

‫ُك ُّل َو عٍي َخ ْلَفُه َش يَطاُنُه‬

‫َم ْن َذ ا ُياَل ُم َع َلى اْلَج ِر يَم ِة ِع ْنَد َم ا َيجَتاُحُه َخيٌط َر ِفيٌع ِم ْن َتَذُّك ِر ِه الَم ِر يِر ؟!‬
‫َو َم ْن ُياَل ُم َع َلى َحَياِتِه َهْل ُياَل ُم َع َلى َمَم اِتِه؟!‬

‫**‬ ‫**‬ ‫**‬

‫َم ْن َأَنا؟‬

‫ُلْو ِس ْيَفُر الَم دُفوُن ِفَّي ‪َ ،‬أِج ْب ُع ُيوِنَي ‪َ ،‬م ْن َأَنا؟‬

‫َك ْم ُك نُت ِط فاًل َج اِهاًل‬

‫إْذ ُقلُت ِللَخَّباِز ‪" :‬إِّنْي َج اِئٌع"‬

‫َلْم ُيعِطِني إاَّل َر ِغ يًفا َو اِح ًدا‬

‫َنَهُبوُه ِم ِّنْي ِفْي الَّطِر يْق !‬

‫َو َأَنا َع َلْك ُت الَّش وَك َح َّتى ُأْطِع َم اَألطَفاَل ِم ْنُه‬

‫َو ُك نُت َقْد َهَّلْلُت َد ْهًرا‪" :‬اَل إَلَه ِس َو ى اإلَلِه"‬

‫َلَع َّلِنْي ‪ِ ،‬م ْن َقْبِل َأْن ُأْر َو ى ِبِذ كِر ِه‪َ ،‬أسُك ُب الَم اَء الُم َهَّد َد ِبارِتَع اَش اِت الِّلَس اِن َع َلى ِش َفاِه‬
‫َح ِبيَبِتْي‬

‫َو َأَنا َبَنْيُت الُعَّش ‪ِ ،‬م ْن َد ِم َي الُمَجَّمِد ‪َ ،‬فْو َق َأرِص َفِة الَّش َو اِر ِع‪ِ ،‬فْي الَك َناِئِس‪ِ ،‬فْي اْلَج َو اِم ِع‬
‫إَّنِنْي الاَّل َش يُء ‪َ ،‬لِكِّنْي ُأَح ِّر ُك َعقَر ًبا ِفْي َس اَع ِتْي َح َّتى ُأِفيَق‬

‫ِلَم الَحَياُة َتُفوُتِني َو َأَنا َع َلى َهَذ ا الَحَر اِك ؟‬

‫َفاَل َج َناٌح َك ْي ُأَح ِّلَق َفْو َق آاَل ِمْي َو َأسُهو ِفْي َص اَل ِة اِال نِهياْر‬

‫**‬ ‫**‬ ‫**‬

‫اآلَن َيسَأُل َس اِئٌل‪:‬‬

‫‪َ -‬م ْن َبَّد َل اإلنَس اَن ِفْيَك ِبَو حِش ِه؟‬

‫َو َهِل الَّتَغ ُّيُر َيشَتِر ي الَم وَت الَبِط يَء ِبَع شَتُر وَت َو َعرِشَها الَم نِسِّي َم ا َبْيَن الُّنُهوِد ؟‬

‫‪َ -‬أَنا الُم َغَّيَر َلْن ُأَبِّد َل ِم عَطِفْي َم ْهَم ا َتَبَّلَل ِبالَخ َطاَيا‬

‫إَّنِنْي ِتْلَك الَخ َطاَيا‬

‫َع َّلَم ْتِني َك ْيَف َأنُظُر َداِخِلْي‬

‫َم ا ِم ْن َم ًدى‬

‫َأَنا َلْس ُت ِم ْنُك ْم َبْع َد َأْن ُقِطَع ْت ُخ ُيوِط ْي‬


‫إَّنِنْي َنجٌم ُيَس اِفُر ِفْي ُع ُيوِن الَّضاِئِع يْن‬

‫ثائر العالي ‪ /‬سوريا‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫ِفي ُجِّب الُّلب والنفس‬

‫ُهناك‪ ،‬حيُث الُم ناوشاُت الكثيرة‪ ،‬الكثيُر من األفكار‪ ،‬أقُع ضحّية أفكاري‪ ،‬أستلقي‬
‫وكأّنني أملُك طمأنينَة العالِم ظاهرّيًا‪ ،‬ولكن‪ ،‬في الاّل ظاهر والاّل َم كشوف‪ ،‬تكُم ُن حرٌب‬
‫حِم ي َو طيُسها وكّش رت عن أنيابها العوجاء‪ ،‬يرَتطُم دماغي بالقحِف يريد الخروَج ‪،‬‬
‫رَّبما ُأقيَم برنامج " االّتجاُه المعاكس" في عقلي‪،‬‬
‫ضيفا هذه الحلقة وحٌش ذو أنياٍب وعيناِن حمراواِن وعَّك اٌز بصليب مردة الّش ياطين‪،‬‬
‫و ُك تلٌة نورانَّيٌة ُم ضيئٌة كمشكاة‪ ،‬وقورة الّنظراِت باعثُة الطمأنينة‪ ،‬طرح عقلي‬
‫الّسؤال‪،‬‬
‫هذه المّرة أريُد إنهاء الَج دل‪ ،‬ومعرفة أصل القضّية ‪،‬‬
‫سؤاُل هذه الحلقة‪:‬‬
‫من الُم سيطُر على الّنفِس البشرية‪ ،‬سّيد خير ‪،‬سّيد شر‪،‬‬
‫برأيكما‪ ،‬من له أصُل الوجود‪ ،‬ومن له حٌّظ أكبُر في الّنفس!؟‬
‫يقفُز الّش ّر بغيِر استئذان وبطريقة متهّك مة يقول ‪:‬‬
‫أنا بال شك وال جدل‪ ،‬أما كاَن أّوُل ما عصى به آدُم رَّبُه بسببي‪ ،‬وثَّم نهَج في الّش ر ابنه‬
‫فقتل أخاه‪ ،‬الخيُر خردٌة وعملة بالية للضعفاء!‬
‫الّش ُّر ِفطرُة اإلنسان أنا األقوى‪ ،‬والبقاء لألقوى‪.‬‬
‫كاَن الخيُر جالسًا محَّم َّر الوجنتان ‪،‬يبدو أَّنه حَّض َر للكثيِر من الكالم‪ ،‬والحاُل أيضًا أَّنُه‬
‫غاضٌب مّم ا سمعه!‬
‫‪-‬أظُّن أَّن في اإلنسان بذرة خيٍر متأصلة في عروقه ال مناَص من ذلك‪ ،‬حيَن عصى‬
‫آدم رَّبه كان راشدًا وِفعلُه لم َيُك ن فطرّيًا إَّنما من وسوسة الشيطان‪،‬‬
‫وحينما قتل قابيُل هابيل كان ذلك نتيجة غيٍظ في نفسه‪ ،‬فتحالَف مع الّش ياطين وقتل‬
‫أخاه‪،‬‬
‫أّم ا الفطرة تتجّسُد في الخير‪ ،‬الّطفُل وأفعالُه ُتظهُر الِفطرة الّسليمة! هل رأيَت يومًا‬
‫طفًال يقتُل ويفعُل الَّش ر!‬
‫رّبما الّش ر غريزة تظَهُر في من يغلُب عليه طابُع الوحوش ال البشر!‬
‫صحيح‪ ،‬في داخِل كِّل مَّنا زوبعُة شر وزوبعُة خير‪،‬‬
‫لكّن الفطرة ‪،‬كُّل الفطرِة في الخير‪،‬‬
‫وأقول بما يقوله الكتاُب الحكيم{إَّن اإلنساَن ُخ لق هلوعًا* إذا مَّسُه الَّش ر جزوعًا* وإذا‬
‫مَّسه الخيُر منوعًا}‬
‫قفز الَّش ُّر بطريقته المعتادة وقال ساخرًا متهكمًا‪:‬‬
‫تضع األدّلة ضّد ك ‪،‬أُّي بالهٍة تفعلينها‪،‬‬
‫كالمِك ُيثبُت أَّن اإلنسان مفطوُر على الَّش ر وحِّب الذات!‬
‫يقوُل الخيُر بهدوء‪:‬‬
‫ال تأخِذ الكالِم من ظاهِر ه وُتهمل معناه العميق‪ ،‬دعني أوّضُح لَك وأحسم األمر‪،‬‬
‫هذه اآلياُت ُسبقت بوصِف الكافريَن وعذابهم!‬
‫والحاُل أَّن هذه ِص فاُت الكّفار ومن ترَك نفسه على هواها ولم يَر ِّو ضها وُيهِّذ بها ‪،‬‬
‫لكن‪ ،‬ترويُض الّنفس باإليماِن ‪ ،‬باليقيِن ‪ ،‬والحِّب ‪،‬والبذِل ‪،‬‬
‫ذلَك ُك ُّله يؤّد ي إلى عيِن الخير‪،‬‬
‫ُتبعِت اآلياُت باستثناء الُم َّتقين الَخِّيرين ُبدأت ب {إاّل }‬
‫وثَّم االستثناءات‪،‬‬
‫والَح ُّق أن الهلع والجَز ع والَم نع صفاُت الالهيَن عن ترويِض أنفسهم‪،‬‬
‫فالفطرُة ‪ ،‬كُّل الفطرة في الخيِر والحّب ‪،‬‬
‫أّم ا الشر‪ ،‬كُّل الّش ّر‪ ،‬غريزٌة في الوحوش يَتطَّبُع بها اإلنسان وحسب‪،‬‬
‫‪ -‬أنِت تصفيَن الَّش ر بأَّنه غريزة الوحوش!‬
‫أي أّنك تَّتهمين ُم عظم اإلنسانّية بالوحشَّية‪ ،‬حروب المسلمين ‪،‬سيُل الّد ماء فيها والقتل‬
‫والَهرج‪ ،‬أليس ذلك شّر ًا‪ ،‬كيف تصفين الّش ر بأّنه غريزة وقد قاتل أنبُل بنو اإلنسان‬
‫بالّسيف واّلرمح وَقتلوا!‬
‫‪-‬عندي جواٌب لكِّل شيال ُتحاول َز عزعة قناعتي البّتة!‬
‫هناَك سيٌف ترفعه في سبيِل الحِّق للقضاء على أنياِب الّذ ئاب البشرّية‪ ،‬وسيٌف تقتُل به‬
‫الحَّق ‪،‬‬
‫القتُل ليس شّر ًا بحتة‪ ،‬والّش ُّر ال يتجّسد في القتِل فقط هناك قتٌل بالكلمِة‪ُ ،‬هناك أفعاٌل‬
‫شّر يرة أشنع من القتل‪،‬‬
‫وكي ال تقوَل لي أَّني لم أجب على أصِل الُّسؤال‪ ،‬الَّسيُف الذي ُيرفع في وجه الِّذ ئاِب‬
‫البشرّية هو سيُف خير‪ ،‬إلعالِء راية الفداء في سبيل نشر فكرة الحِّق ‪،‬أو في سبيل‬
‫شرف األوطان واألديان!‬
‫كٌّل له الحُّق في قتِل من يحاوُل تدنيس وطنه ودينه!‬
‫وفي ذلك الّش هادة في سبيل هللا!‬
‫فال تدع كل الَّش ِّر وتجسدُه في القتل!‬
‫‪-‬حسنًا ‪ ،‬أقنعِتني بذلك‪،‬‬
‫لكن أجبني لم قاَل الُقرآن‪ {،‬وُخ لق اإلنساُن ضعيفًا}‬
‫أليس ذلك دليًال على فطرية الَّش ر يا ساذجة!؟‬
‫‪-‬أنَت تسوق األدّلة ضّد ك! بل أنَت الّساذج!‬
‫الَّضعُف صفٌة مالزمة لفعِل الَّش ر‪،‬‬
‫إذا غلبِت الَّش هواُت واألهواُء الَّنفس‪ ،‬إذا طعنت األهواء جَس د الفطرَّية‪ ،‬يْض عف‬
‫اإلنساُن أمامها ويمكن أن يفعَل ما يحلو له ويطيب كالوحوش تماما وهذا يؤّد ي إلى‬
‫ذات الّنتيجة التي ُقلتها لك‪،‬‬
‫الَّش ُّر غريزة‪ ،‬والخيُر فطرة‬
‫‪-‬غلبتني ما أفطنِك !‬
‫‪-‬اقتنعت أخيرًا أم أَّنك ستثوُر في وجهي بأسئلتك مجّد دًا!؟‬
‫أفرغ ما في جعبتَك من أسئلة!‬
‫‪-‬بل اقتنعُت حّقًا وا أسفي!‬
‫العقل‪:‬‬
‫ُر ِفعت األقالُم وجّفت القراطيُس والُّص حف!‬
‫فألِق الَّلوَم على غريزتَك في شِّر ك يا بني اإلنساِن ‪،‬‬
‫واشكْر فطرتَك في خيرَك إن كنَت من الُفَّطان!‬
‫ال شَّر إاَّل وقد سَيبَت نفسَك لم ترِّو ضها‬
‫وال خير إاّل وقد رَّو ضَت نفسَك لم ُتسِّيبها‬
‫عائشة عماد الدين خيرهللا‬
‫سوريا ‪ /‬دمشق‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫*ملكا األضداِد بين السبيل وضاَّلته*‬

‫_هيئ َأنت َيا طِّيَب اإلحساِس ومؤِم َن القلِب‬


‫__َم ْن أَنا ؟ َأُتحِّدثني أنا؟!‬
‫_َنَع م أْنْت ‪ ،‬أنَت الذي جعلَت مِّني الضَّد وبمثالتيك هذه الكُّل يكرهني‬
‫__و ما ذنِبي؟‪ ..‬ما ذنِبي‪ ،‬أنا ُأدعي بالخيِر وأنَت بالُّسوء ‪..‬‬
‫_ ما ذنُبَك ؟‪ ..‬هه وتسأل؟‪ُ ..‬ك َّف عن فعِل الخير‬
‫__ولماذا؟!‪..‬‬
‫_ليحُّبوني‬
‫__ليحُّبوك؟! أنت و يرغبوا فيَك الشر‬
‫_شٌر شر‪ ،‬كَّف عن هذا‪ ،‬سّم وني بالسوِء لوجوِد ك أنت‪ ،‬لْو لْم تكْن لكْنت‬
‫ُ أنا كُّل شيء‪.‬‬
‫__وماذا لْو لْم تكْن أنَت ألصلحُت كَّل شيء‪ ،‬بالخيِر في الحياِة بال سوٍء وال مضَّرة‬
‫_لكَّنك شيطان‪..‬‬
‫__و منُذ مَتى ُتوصُف المالئكُة بالشياطيِن ؟!‪ ..‬ما مبتغاَك وما مراُد ك يا هذا؟ ماذا‬
‫تريد مني؟‬
‫_اسرْق ‪...‬‬
‫__يعطيِني ُهللا حالًال يطعُمِني‬
‫_انهْب ‪...‬‬
‫__يكفيِني ُهللا بخيِر رزقه‬
‫_اقتْل ‪...‬‬

‫__ تاهلل لدُم أخي لغاٍٍل‬


‫_من أنَت أُّيها الخير‪..‬‬
‫__أنا الضميُر أنا المريُح يوَم الكبائر‪،‬‬
‫أنا المخِّلُص و الُّر وُح المنقذُة ليوَم ُيبعُث هذا الجسد‬
‫_هيئ‪ ..‬أنَت هِل انتهْيَت ؟‪ ..‬قْل ِلي ما تريد ألذهَب لقيلولِتي قطعُتها ألجِل أْن أرّد ك‬
‫عن طريقَك ‪ ،‬لكّنَك الخيُر وتأَبى المعصية‪.‬‬
‫__ُتْب ‪ُ ..‬عْد إلى هللا‪..‬‬
‫_أبغُض تلك األفعاِل‬
‫__اهتِد و اهِد غيرك‬
‫_هه و لماذا؟‪..‬‬
‫__لتفوَز برؤيِة الرحمن‬
‫_متاُع الُّد نيا لي‬

‫__واآلخرُة خيٌر و أبَقى‬

‫_حسًنا ُخ ْذ ها لك‪ ،‬يبدو أَّنك مخلٌص و الجداُل معَك عقيم‪.‬‬

‫__بْل قلِبي رحيٌم و مؤمٌن قوٌّي بذكِر هللا‪،‬‬


‫"أاَل بذكِر ِهللا تطمئُّن القلوب"‪.‬‬

‫رهف الحياني‬
‫سوريا ‪/‬حلب‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫ألم يأن؟‬

‫ها أنا مّر ة أخرى في مكاني المعهود ولكن على غير ما قبلها وسواها وألّو ل مّرة‬
‫أبصر شخصًا غيري في هذا المكان‪ ،‬شخصًا يبدو بثيابه الّرثة بشعره األشعث وحالته‬
‫المزرية كانعكاٍس لروحي المتعبة في مرآة الواقع‪ ،‬انعكاٌس لروحي على حقيقتها‬
‫مجّردٌة من زينتها البشرّية الّرخيصة البهّية‪ ،‬قلت لنفسي أو قالت هي لي‪ :‬من هذا؟‬
‫وكيف يمكن لمتسّو ٍل وضيٍع أن يجلس في مكاني أنا؟‬
‫ال أهذبنه وقبل أن أفعل بادرني هو بالقول‪ :‬أهال بك يا صاحبي لقد تأّخ رت هذه المّرة‬
‫لن أقول أّنني اشتقت لك ولكّني أفتقدك فهاّل جلست!‬
‫رغم الّد هشة التي اعترتني والوجل الذي ولج لقلبي إاّل أّنني لّبيت طلبه وجلست‪ ،‬لم‬
‫أنبس ببنه شفة حّتی أّني لم أجد معنی للّسالم فلم ألقه‪ ،‬شيء ما غريب بهذا الغريب‬
‫رغم أّني ال أعرفه ولم أره قباًل ‪ ،‬إاّل أّنه استطاع الّسيطرة علّي كلًّيا‪.‬‬
‫لبرهٍة ران الّصمت على كّل ما في مجلسنا حّتى الّر يح هدأت قبل أن يكسره هو بقوله‬
‫ألم يأن؟‬
‫أحسست بكلمته اخترقت صميم فؤادي رغم أّنه لم يتبعها بأّي شيء وال حرف واحد‬
‫فقط "ألم يأن؟" ليسرد أمام عيني شريط طويل في بداية كّل حلقة من حلقاته ألم يأن؟‬
‫ألم يأن لك ترك هذا الّد خان الذي يحرقنا مًعا؟‬
‫ألم يأن لك كّف كّفك عن حوائج الّناس وكّف لسانك عن أعراضهم؟‬
‫ألم يأن لك االعتراف بحقيقتك الخبيثة لتلك الفتاة المخدوعة ببطلها المزّيف؟‬
‫ألم يأن لك التوقف عن إطعامنا وأهلك من مال الحرام؟ فقد أحرقتنا كما تری بأّم‬
‫عينك‬
‫ألم يأن لك وضع حٍّد للخصومة والقطيعة مع إخوتك ووالديك؟‬

‫ألم يأن لك أن تقّبل يدي أّم ك ورأس أبيك والعودة ألحضانهما قبل فوات اآلوان؟‬
‫وبينما تتسلسل أحداث هذا الّش ريط أمامي عال صوته شجًّيا باكًيا يصفعني كما لم‬
‫يحدث من قبل‪:‬‬
‫"ألم يأِن لّلذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر هّللا "‬
‫وثبت بعدها مردًدا بلى وهّللا قد آن بلى وهّللا قد آن بال وعي مني لبرهة‪ ،‬ثّم وكأّن شيًئا‬
‫لم يكن عصفت رياحي العبثية بهذا الّسكون اآلمن من جديد ألنظر بعدها إلی هذا‬
‫الغريب نظرة االزدراء ذاتها التي اعتدت عليها صارًخ ا في وجهه‪ :‬من تظّن نفسك يا‬
‫هذا! وماذا تظّن نفسك فاعاًل أّيها المتسّو ل؟ أال تعرف من أنا!‬
‫ليجيبني دون أن يحّرك ساكًنا بنظرة جمدت كل ما في الدنيا‪:‬‬
‫بلى بلى أدرك تماًم ا من أنت وأعرفك حّق المعرفة‪.‬‬
‫إّنما أنت عبد ضعيف من عباد هّللا ‪ ،‬خلٌق ضعيف من خلقه‪ ،‬غّر تك نفسك ودنياك وما‬
‫أنا هذا المتسّو ل الذي تزدريه إاّل حقيقتك‪ ،‬روحك التي مّيزك هّللا بها فطردتها بعون‬
‫دنياك من هذا الجسد‪ ،‬فاهدأ واجمح رياحك عّلنا نعود مًعا إلی بّر األمان‪.‬‬
‫مشرد أنا بسبب شيطانك يا هذا‪ ،‬فبيتي قلبك الذي أحتّله وزادي عمرك الذي أفناه‬
‫ووجهتي وجهتك التي غيرها فهاّل نعد!‬
‫ومع أّنه يرمي كالمه بهدوء تام إاّل أّن لكالمه قّو ة عصماء‪ ،‬تهوي بكل ما في الّد نيا‬
‫علی أعتابه لذا وبدون تفكير قلتها‪ :‬هو ذاك هو ذاك ما أرجوه فهلّم أعّني‪ ،‬ثم ومع هذه‬
‫الكلمة عادت أمواجي تالطم بعضها بعًضا‪.‬‬
‫أنت ستعينني ياهذا ههه بثيابك الّرثة أم بشعرك األشعث أم بصحن الّتسّو ل هذا الذي‬
‫تحمله أغرب عن وجهي وال أرينك مرة أخری وإاّل أوجعتك‪.‬‬
‫ليرّد علّي بهدوئه الذي لم يتغّير‪ ،‬أَو تستطيع؟‬
‫جرب إن كنت حًقا تستطيع بذراعك المفتولة هذه أّيها المتكّبر الجّبار وهّللا ال يحب‬
‫المتكّبرين‬
‫ألهوي بيدي بعدها علی وجهه فال أصفع إاّل وجهي صارًخ ا‪ ،‬متأّلًم ا‪ ،‬مدرًك ا تّو ي‬
‫للحقيقة بعد أن اختفى ذاك الغريب‪.‬‬
‫فلم أشعر إاّل بدموع عيني تسيل وصوت يصدح في قلبي اآلن نرجع راشدين‪.‬‬

‫حمزة محمد الموسی‬


‫سوريا‪ /‬القامشلي‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫من سأكون؟!‬
‫نعيش مجمل تفاصيل حياتنا على مزاجهم وتحت إشرافهم وسيطرتهم‪..‬‬
‫مكبلين لكل شيء أصبحنا أسرى ال نملك حرية اختيار أبسط األشياء‪.‬‬
‫قيد تنفيذ وحٍب وظروف قيد حرٍب وعنف‬
‫قيد أشخاص و مجتمع وعادات‪..‬‬
‫ماذا عن عدم رغبتي بممارسة عادات وقواعد مجتمع هم من اخترعوه وهم من‬
‫وضعوا قوانينه وقواعده في وقت لم أكن أنا أتيت لهذه الحياة وفرض علي قواعد ال‬
‫تناسب تفكيري‬
‫هل سنبقى هكذا ؟؟!‬
‫ُنجبر على أشياء ال نريدها‬
‫على أسلوب حياة ال يناسبنا‬
‫إلى متى سنبقى نسير على نفس الوتيرة؟‬
‫تطبيق تقاليدهم وعاداتهم وكأننا رجل آلي ُم َّقيُد التنفيذ اخترعوه وعلينا أن نسير حسب‬
‫ما أرادوا‬
‫أليس هذا ظلم؟!‬
‫ماذا عن حقوقي كـإنسان؟!‬
‫ماذا عن رغبتي بالتعلم؟ من أي منهج أتيتم بقولكم المقنع ال يحق لي التعلم‬
‫متى أصبح العلم عيبًا؟!!‬
‫من أي دين جئتم بحجتكم الضعيفة والمقَّنعة أيضًا‪.‬‬
‫ال تستطيعين الخروج عن محيطك‪ ..‬ومتى كان التعلم حرامًا!!!‬
‫ما شأني أنا بعاداتكم وتقاليدكم الغريبة ولو أنني خرجت عنها سأصبح منبوذة‬
‫وخارجة عن المألوف وغريبة ومتمردة وألفاظكم النابية جميعها ستطلقونها نحوي‪.‬‬
‫بأي حق !! ال أعلم ولكن الذي أعلمه أنني في وسط مجتمع تسوده عادات مرصعة‬
‫باألنانية والحقد والجهل ومن غير المعقول أال ألتزم بها‬
‫وإال سوف تضعونني على الهامش‬
‫هل سيمضي العمر وأنا أحاول الخروج من تلك المتاهة التي تجعلني أقف مرارًا‬
‫وتكرارًا في منتصف الطريق أخاطب نفسي‬
‫وماذا اآلن ؟! ماذا نفعل ؟! كيف سنكمل؟!‬
‫هل أستطيع التحرر من تلك المتاهة؟ أم هل سأستطيع تغير فكرهم؟‬
‫هل أقدم طلب لجوء لمن يحتوي فكري ولكن هل سأجد مجتمع ال يفرض معتقده!!‬
‫بالطبع ال‪ ،‬ال يوجد‪..‬‬
‫فإن الذي مانحن عليه اآلن لم يكن إال بسبب تقمص الكثير لشخصية النرجسية ;‬
‫فجميعهم يعتقد أنه األفضل وما دونه األسواء‬
‫ومابينهم وقفنا مع حيرتنا وضياعنا‪...‬نطرح السؤال نفسه‬
‫هل سنعيش يومًا ما كما نريد؟؟‬
‫بدأت أصوات غريبة تتصادم في رأسي فأحد األصوات كان قويًا جدًا وكأنه أحد‬
‫الجالدين في األفالم الدموية ال يعرف إال القسوة‬
‫فعندما كنت أسأل نفسي قال لي‪ :‬أنِت هنا لتفعلي ما نصه عليك المجتمع الذي يحكمك‬
‫بعاداٍت تقّيد عقلك وروحك‬
‫فجأة!!‬
‫ظهر صوت آخر بدا لي أنه صوت حكيم‬
‫ذو عقل راجح ومليء بالثقة واألمان‬
‫يقول لي‪ :‬سمعي أال تمتلكين عقًال؟‬
‫كيف تكونين أسيرة لبشر مثلك؟‬
‫لم أستِط ع اإلجابة‬
‫وبدأت بالتفكير فيما قاله ذلك الحكيم‬
‫وحينها صاح الشر قائًال‪ :‬مالك تحرضها على شيء أقوى منها بكثير؟‬
‫إنها ضعيفة ال تقوى على المواجهة وتائهة في أسئلة ال متناهية‬
‫فرد عليه الخير بكلمات تعجبت منها قال ‪:‬من يمتلك عقًال يستطيع مواجهة كل‬
‫المخلوقات ولكن عليه أن يحسن التفكير بعقله وأن يعرف أهدافه في هذي الحياة‪.‬‬
‫وحينما أردت أن أجيبه على أهدافي قاطعني الشر وهو يقول‪:‬‬
‫إن هدفها هو إرضاءهم والخضوع الكامل‬
‫فقاطعه الخير مسرعًا بقوله‪ :‬هدفك هو أال تكوني مسيرة خلف شيء ال تؤمنين به‪.‬‬
‫هدفك هو إرضاء ذاتك وأن تعيشي الحياة‬
‫كما تحبي ولكن شرط أال تؤذي غيرك‪.‬‬
‫توصلت أخيرًا إلى إنني الشخص الوحيد‬
‫الذي يستطيع تحريري من فكرهم ومعتقداتهم‬
‫وكأنني مع نفسي وقفنا في ميدان الحرب واجهت صراعًا طويًال‬
‫إلى أن استطعت أخيرًا االنتصار على نفسي‬
‫وهذا ما جعلني أقوى على مواجهة من حولي‬
‫وأن أقف أمام كل من سعى إلى تهميش ذاتي‬
‫كن أنت القائد في رحلتك‬
‫إن استطعت مواجهة النفس وضبطها فبالتأكيد‬
‫أنت قادر على مواجهة كل شيء يقف أمامك كن أنت صاحب السادة ‪.‬‬

‫آالء أحمد اليوسف‬


‫سوريا ‪/‬حمص‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬


‫معركة أزلية‬

‫أرى داخلي حربًا ِم ن الِّص راعات‪..‬‬


‫ِص راع بْين جْيشْيِن يْح ماَل ن ُسيوفًا ِليبارز كٌّل منهما اآلخر بها هَذ ا الَّتَض اِّد اَّلذي ُيْعتبر‬
‫ُج ْز ء ِم ن ُم عادالت كْو نَّية وسط ِم يزان يتأْر جح نْح و الخْير أو الَّش ِّر‬
‫تصادٌم بْين طرفّي ِص راع أحدهَم ا نافٌع واآْل خر فاسٌد ‪.‬‬
‫والَّنْفُس ُم كَّبلٌة ِفي ُر ْك ن زاوية ِاْنصَباب ناظَر ْيها على مساَر ْيِن الَّصالح والَّطالح‬
‫مْعركة أزلَّية يتوَّجب ِفيَها كْبح مثالب الَّض اَل ل ورْفع راية نْص ر محاسن الَّر َش اد‬
‫ِفي ُك ِّل نسٍق ِم ن أْنساق الَّنْفس البشرَّية تْنشأ هذه المْعركة‬
‫َلكَّن المارد الِّش ِّر ير الخارجَّي َلن يْد خل ِإاَّل ِإَذ ا ِاْستْقبله مارد داخلٌّي‬
‫يْسمح َله ِبالُّنفوذ والَّتوُّغ ل ِليْخ سر خْير ُد ْنياه‬
‫فكَّلَم ا زادْت ُطرقات ذلك المارد ُك ِّبل ماردك الَّد اخلَّي‬
‫فال شيء يْعلو في سبيل غْر س قَّو ة الخْير‪.‬‬

‫هديل ثائر خضور‬


‫سوريا‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬


‫خبايا الَّنفس‬

‫صمٌت أنيٌق ال يسمح لنا ببوِح الّسيئاِت مهما كان األلُم سجّيًا فهو ُم تأصٌل بجذوِر‬
‫اإلنساِن منُذ أوِل صرخٍة‪،‬‬
‫ُربما يغفو نزوًة بطريقٍة ما ليتشكل الّش ر‪،‬‬
‫كالنوِر في الّظالم‬
‫كالّد واء للمرض‬
‫أحٌد يبني وآخُر يهدُم‬
‫لفطرتَك اإلنسانّية أثٌر عميٌق في ّتَش ُع ِب قراراتَك الختياِر طريِق الخير أو الّش ّر‪،‬‬
‫أو كما ُيقال طريق الّش ياطين أو المالئكة‪.‬‬
‫الخير‪ :‬أتفُق ُك ّل االتفاِق بأّن ُسبَل الّش ياطين كثيرٌة تأُخ ذَك إلى حِد اُألمنيات كافيتَك‬
‫لكني أنا المالئكي طريقي طويٌل ليوِص لَك إلى بوابِة الّنوِر ال لذلَك الُّثقِب الّلولبّي‬
‫األسود‪.‬‬
‫الّش ر‪ :‬الُبّد من وجودي ليكُم َن الخير في الّتوبِة ‪ ،‬الحياة لم تكون يومًا عادلًة لكّن البقاء‬
‫لألقوى‪.‬‬
‫الخير‪ :‬لكّن الّنفَس أمارٌة بالّسوء تأتيَك في حالِة الّضياع الاّل ُم تناهية لُتعمي بصيرتَك ‪،‬‬
‫أّم ا الّنفُس الُم طمئّنة دائمًا موجودة مستمّرة تعود بعد نهاِر كامٍل لربها راضّيٍة‪.‬‬
‫ُم لّخ ُص حديثي رأيي الخاُّص وقراري الّش خصّي ‪ ،‬أنانيتي في االختيار طالما ساقتني‬
‫لرحمانّية االختيار ذلَك الخيُر أبوابُه مفتوحٌة دومًا فّياضٌة بعيوِن الوئام والّسالم‬
‫ال تّتبع رغبَة عقلَك الباطِن فُك ُّل بذرٍة ُتعطي حقول‪،‬‬
‫سُأنهي الحديث وأقول‪ :‬اسمع لصوت قلبَك فهو بوصلُتَك وسَط العاصفِة الُم تأِّج جة فإّم ا‬
‫أن ُتبحر بسفينِتك إلى الَج حيِم وإّم ا أن تبحَر بها إلى بِّر األمان‪.‬‬
‫جوى حسين صخر‬
‫سوريا ‪/‬الالذقية‬
‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫مفترُق طرق‬

‫لمعت النجوم في سماء المدينة التي نفت الرحمة من شوارعها‪ ،‬تالشت دموع الرجال‬
‫المشردين و ُأحِك مت القبضة على من فيه من فتيات الليل الالتي تعملن بين أزقة‬
‫الحّي ‪ ،‬تجّو ل برٌق بين ركاِم منزله القديم ترددت أصابعه على بقايا حجار الديار ذاك‬
‫أصيٌص فخارٌي مطلٌي باللون الزيتّي وذاك آخٌر باللون األزرق وبجواره اثنين من‬
‫اللون األصفر والقرميدّي عصفت رياٌح غريبٌة في مثل يوٍم كهذا منذ سنتين اندثرت‬
‫قصُة عائلٍة بأكملها بين زوايا هذا البلد البائس انطوت وكأنها صفحات كتاب َبِلَي‬
‫لكثرة االستعمال‪ ،‬عادت مع هذه الذكريات روحيه اللتين لطالما جاهد في إخفائهما و‬
‫إسكات صوتيهما عّله ينجو بما بقي من روٍح داخل جسده العليل‪.‬‬
‫طرقت أحرف مالك الرحمة أذنه وراحت تمسح آالمه بحروٍف رقيقٍة في حين أن‬
‫مالك الَج وِر زرع أشواك الصّبار بين كلماته‪.‬‬
‫نور‪ :‬ال بأس عليك ‪..‬‬
‫لقد مرت األيام التي أهلكت فؤادك وقّلبتك عن يميٍن وشماٍل ‪.‬‬
‫ديجور‪ :‬إي للذكريات طعٌم صاٌب كالزقوم ينتشل أعضاء اإلنسان ويبلي قلبه بأشّد‬
‫أنواع العذاب‪.‬‬
‫نور‪ :‬هلل أحكام هلل ألطاف هلل أيٍد تمسح تواسي وتْج ُبر هلل أوقات تطمِئن‪.‬‬
‫ديجور‪ :‬هل تعلم ما هو أكثر شيٍء يعذب روح اإلنسان ويستنزفها؟ ما يؤرقه ويجعله‬
‫عرضة لالكتئاب وحّب العزلة؟‬
‫نور‪ :‬ما هو؟‬
‫ديجور‪ :‬أال يأخذ بثأر قلبه أال يثور على من انتهك ُحرمة أشياءه الخاصة أال…‬
‫نور‪ :‬توقف‪ ..‬ما لذي تثرثر به؟ هل جننت؟ تحِّر ض الفتى و أنا الذي اعتقدت أن‬
‫نفسك قد ُأصِلحت بعد كل هذا الوقت‪..‬‬
‫ديجور‪ :‬ال تستنكر أقوالي أيها المغّفل ف كما أّن السنين لم تغيرك ولم تنجح في‬
‫التأثير على اتجاهاتك ليس لها سلطاٌن على اتجاهاتي كذلك‬
‫نور‪ :‬لكّن االتجاه الذي تسعى به ليس سوى منحدٍر للهالك وتفشي العداوة أكثر‪.‬‬
‫ديجور‪ :‬وكأن اتجاهك هو من يسير على سويٍة واضحة ها هو صديقنا قد أفلت زمام‬
‫األمور من بين يديه لظنه أّن هذا العالم سُيصلح أو أن التسامح في وقتنا محموٌد‬
‫وسيقِّو م النفوس ففقد منزله و‪.....‬‬
‫نور‪ :‬يكفيك هراًء حتى هذا الحد وكفى‪ ..‬لم يفقد شيئًا بل كان أمر هللا الذي اختاره له‬
‫ويعرف أنه على مقدرة لتحّم له فإالهتنا عادٌل ال يحّم ل نفسًا إال وسعها‪.‬‬
‫ديجور‪ :‬بل غباؤه من تسبب في ذلك فعندما ُأرسِلت لجنُة اإلعمار و ُأعطي أمر الهدم‬
‫لبناء مقهى يرتاده السّياح وافق و هو يضحك كاألبله ظّن منه أن ذلك سينتشله من‬
‫الفقر لم يعلم بأن مسؤول الموقع يحتال على أمثاله‪.‬‬
‫برق‪ :‬وهل تظن أنني سأتركه في حال سبيله سيندم على كل حجٍر وقع في هذا الحي‬
‫سأكون كابوسه الذي يهرب منه ويختبئ خلف ذات الجدران المهّد مة سأكون جحيمه‬
‫الذي لن يطيق المكوث فيه ساعًة‪.‬‬
‫نور‪ :‬ال تفعل ياصديقي انظر حياتك التي بنيتها في مكاٍن جميٍل ال تهدمها فوق رأسك‬
‫فتصبح يؤوسًا نادمًا اتركه وأفعاله هلل‪..‬‬
‫ديجور‪ :‬إياك أن تصغي له تابع انتقم للسنتين اللتين بكت فيهما والدتك و تحّجرت‬
‫دموع والدك في عينيه دعه يعاني حتى ينهار ويتمنى الموت وال يجده‬
‫برق‪ :‬وهذا ما سيحدث‪...‬‬
‫قبل أن تشرق الشمس الباردة على أطالٍل خاويٍة وتبعث بجدائلها الذهبية على أديم‬
‫األرض ليعانقها كطفٍل هرع ألمه بعد ليلٍة من الخوف‪.‬‬
‫المستخَدم‪ :‬سيدي أعتذر على اتصالي لكن هناك حدث حل يا سيدي‬
‫المستِبد‪ :‬ما األمر في هذه الساعة؟ ماذا تريد؟‬
‫المستخَدم‪ :‬كارثة يا سيدي اثنين من المصانع احترقا بالكامل لم يخرج منهما شيء‬
‫المستِبد‪ :‬ما الذي تقوله يا هذا؟ كيف حدث ذلك؟!‬
‫المستخَدم‪ :‬يجب أن ترى بنفسك يا سيدي وهناك رسالة أيضًا‪...‬‬
‫المستِبد‪ :‬رسالة! رسالة ماذا هذه؟ هل تقصد أن الحريق مفتعل؟؟!‬
‫المستخَدم‪ :‬نعم يا سيدي‪ .‬لقد كتب فيها "هي البداية"‬
‫المستِبد‪ :‬اللعنة عليكم اللعنة عليك وّز عوا الحراس على المداخل أريده حّيًا‪..‬‬
‫المستخَدم‪ :‬أمرك سيدي‬
‫"‪ :‬هل أنت مرتاٌح هكذا؟ هللا ال يحب من يضُّر البشر هللا ال يحب من يعتدي على‬
‫أرزاق الناس‬
‫برق وعيناه معّلقتان بسحابة دخان السجائر التي نفثها‪ :‬هّو ن عليك ياصديقي هي‬
‫البداية‪.‬‬
‫نور‪ :‬إياك إياك أن تفعل شيئًا آخر إنك ترتكب خطًأ كبيرًا ستندم عليه الحقًا‪.‬‬
‫برق‪ :‬لنحيا حتى يأتي هذا ال "الحقًا" ولن أندم على شيٍء إال أنني تأخرت بهذه‬
‫الخطوة‪.‬‬
‫وما إن انتشرت الظلمة في المكان وأرخى الليل سدوله على أطراف المدينة‬
‫وانتشرت الكالب الضالة في األحياء المجاورة رنين هاتف نحاسّي يصدع في أرجاء‬
‫البهو الكبير‬
‫المستخَدم‪ :‬سيدي لقد حدث مجددًا‬
‫المستِبد‪ :‬أال لعنة هللا عليكم الواحد تلو اآلخر أين المكان؟ ألم تعثروا عليه؟‬
‫المستخَدم‪ :‬المخزن فارٌغ يا سيدي ال يوجد كأس طحيٍن حتى لقد ُأفِر غ بالكامل‪..‬‬
‫المستِبد‪ :‬ما الذي تقوله؟ ما لذي تهذي به؟‬
‫يا إلهي ساعدني قلبي قلبي‬
‫في صباح اليوم التالي وقد بزغت شمس االنتصار على أحياء منسية شبع أطفال‬
‫البسطاء اليوم لقد امتألت بيوت المؤن البارحة هذا ما تداوله الناس لقد ُقِر عت‬
‫األبواب وما إن فتحت حتى انهالت أكياس الطحين ليسلم هذا الشاب على فعل الخير‬
‫ليطل هللا بعمر أحبائه‪.‬‬
‫ديجور‪ :‬تهانينا يا صديقي‪ .‬الفاسد يقبع في المشفى بعد نوبة قلبية أصابته‬
‫نور‪ :‬اسكت أنت كل المصائب منك ومن أمثالك شيطانك أنت أكبر من شيطان ذلك‬
‫الفاسد حتى‪.‬‬
‫برق‪ :‬ال عليَك يا صديقي أعلم أنك مستاٌء مني لكن هذا كان يجب أن يحدث منذ وقت‬
‫طويل اآلن سيستطيع أبي أن ينام بعمٍق وراحٍة اآلن ستخبز أمي المعجنات و تدعوا‬
‫إليها جاراتها في الحّي اآلن فقط أستطيع أن ألقي التحية بصدر واسع حين أمُّر على‬
‫قبريهما‪..‬‬
‫نور‪ :‬ليغفر هللا لك يا عزيزي ويرحمهما‪.‬‬
‫برق‪ :‬آمين يا إله العالمين‪.‬‬
‫إيالف فيصل طويل‬
‫سوريا | إدلب‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫شتات‬

‫حّطت طيور الليل فوق البيت المهجور ثانيًة‪ ،‬بعد أن هدر و أرخى جدائله على موقٍع‬
‫ناٍء في أقاصي المجهول‪ ،‬غّطت شعرها الفحمّي بشاٍل صوفٍّي ‪،‬وسترت وجهها بلثاٍم‬
‫أسوَد جعل بحر عينيها نهاية البداية ألحاديث البديع وانطلقت تتجول بين أزقة‬
‫المخيمات‪ ،‬عّلها تجد ما يسّد رمق أسنانها ويشّد أصالبهم‪ ،‬رافقتها روحيها كي يكونا‬
‫مؤنَس يِن لها في طريقها الوِع ر حيث بدأ جدالهما المعتاد‪...‬‬
‫ديجور‪ :‬هيه انظري لتلك الجهة يا لمعة‪ ..‬يبدو أن من يقطن في تلك الخيام في حالة‬
‫مرموقة انتهزي الفرصة ما إن ُيفرك الِس راج‪.‬‬
‫لمعة‪ :‬أجل يبدو أنهم في حالة جيدة وسيكون لديهم ما ُيحي أبنائي لليلتين متتاليتين‪.‬‬
‫نور‪ :‬ما تفعلينه خاطئ يا لمعة صدقيني ربما هم بحاجة لهذا الطعام أكثر من أبنائك ال‬
‫تطعميهم مأكًال حرامًا سيرزقكم هللا من فضله صدقيني ربما ال ينسى أحدًا و‪...‬‬
‫لمعة‪ :‬صه‪ ..‬ال تتفوهي بحرف بعد‪ ،‬لقد استمعت لك في الليلة الماضية ماذا حدث ها‬
‫قولي لي ماذا حدث؟‬
‫نور‪ :‬أنا لم‪..‬‬
‫لمعة‪ :‬قلت إياك أن تتحدثي‪ ..‬لقد نام أبنائي وهم يبكون لشدة جوعهم لقد رأيت في‬
‫أعينهم دموع الرجاء لقد ُفِتَت فؤادي وأثارت بركان الحقد عليِك ‪.‬‬
‫ديجور‪ :‬افهمي يا هذه سيموت أطفالها إن استمعت لك اليوم عليها أن ُتغير على‬
‫الجيران كي تنقذ أطفالها الذين ال يشعر بهم أحٌد لو لم تكن تكابد عافيتها لُقضي عليهم‬
‫منذ زمن‪..‬‬
‫نور‪ :‬لكن هذا للناس حٌق وليس عليها أن تتعدى عليه مهما يكن األمر ال يحُّق لها أن‪..‬‬
‫ديجور‪ :‬أحّبذ أن تصمتي قبل أن أبرحك ضربًا‪ .‬أقول لك سيموت أطفالها والزلت‬
‫تثرثرين بالحقوق والناس أال سحقًا لك ولحقوق الناس إن كانوا هم بال ضمير فما ذنب‬
‫عينيها التي تنادي اإلله في كل ليلة لُيسكت قرير بطونهم؟‬
‫لمعة‪ :‬اصمتا اآلن قد ُأخمد السراج سأذهب‪.‬‬
‫وقفت خائفة أمام انسدال باب الخيمة وهي تسترق السمع لحديث بين الزوجين فهمت‬
‫منه أن لإلطعام سوى رغيفين من الخبز و بضٍع حباٍت من الثمار‪ ،‬ولدهشتها حين‬
‫سمعت اسمها من صوت الرجل يقول لزوجته أن تذهب بنصف الكمية لعائلتها و‬
‫أطاعته الزوجة‪.‬‬
‫فأخذت لمعة تركض مسرعًة بُخ طاها حتى تصل إلى خيمتها الرديئة‪.‬‬
‫الزوجة تناديها‪ :‬السالم عليك يا لمعة‪.‬‬
‫لمعة‪ :‬أهًال وسهًال بِك تفضلي‪.‬‬
‫الزوجة‪ :‬شكرًا لِك ‪،..‬تفضلي لقد اشتهينا لكم هذه األطعمة‪ ،‬أعتذر منك هي قليلة لكن‬
‫أحببنا أن نشارككم إياها‪.‬‬
‫لمعة‪ :‬شكرًا على لطفكم يا سيدتي رافقتِك السالمة‪.‬‬
‫دخلت وبيدها ما أحضرته الزوجة وقد جرت على خديها الورديين دموع األلم لقد‬
‫قصدت تلك الخيمة ولو أنها لم تسمع ما سمعته لكانت قد ارتكبت ذنبًا بحق أهل‬
‫الخيمة و أطفالها‪.‬‬
‫نور‪ :‬أرأيت يا لمعة لقد عّو ضك هللا عن الحرام بالحالل الهنِّي ‪.‬‬
‫ديجور‪ :‬لكن هذا لن يسَّد جوعهم‪...‬لن يمأل قوت ليلتهم ويسكت قرير بطونهم‪.‬‬
‫لمعة‪ :‬و إن لم يسكتها ولكنني لن أعود للسرقة من الخيام سأطلب من أهلها وإن لم‬
‫يعطوني فهم هلل و إن أعَطوني فهم أيضًا هلل‪.‬‬
‫ديجور‪ :‬ستندمين سترين أطفالِك يموتون من الجوع أمام ناظَر يِك ‪.‬‬
‫لمعة‪ :‬هم و أنا هلل‪ ،‬سيكفينا هللا من خيره وسيجزينا الخير على كل ما نمّر به‪.‬‬
‫نور‪ :‬أجل هذا ما سيحصل صدقيني سيكون العوض مذهًال وسيدهشِك بكرمه‪.‬‬
‫لمعة‪ :‬و أنا على يقيٍن بهذا‪.‬‬
‫أشرقت الشمس على مخيٍم بجانب بستاِن التفاِح الذي يطُّل على هضبٍة بكتِف نابلس‬
‫الجميلة‪ ،‬خرجت لمعة على صوٍت رجولٍّي مألوٍف لقد كان زوج تلك السيدة التي‬
‫جاءت عند الليل‪.‬‬
‫الرجل‪ :‬سيدة لمعة أستميحك عذرًا على إزعاجي لك في مثل هذا الوقت‪.‬‬
‫لمعة‪ :‬ال ليست مشكلًة يا أخي‪ ،‬أشكرك على طعام البارحة‪.‬‬
‫الرجل‪ :‬عفا هللا عنك وعنا يا سيدة نحن أهل و أتمنى إن احتجت أي شيء أن تخبري‬
‫زوجتي وال يكون بيننا سوى الخير إن شاء هللا‪.‬‬
‫لمعة‪ :‬شكرًا لك يا أخي هذا من لطفكم أدامك هللا لزوجتك و أطفالك‪.‬‬
‫الرجل‪ :‬أتمنى أن تقبلي هذه الهدية ألطفالك‪ ،‬هذا صندوٌق جمعت فيه ما تيسر لي من‬
‫أطعمٍة أساسيٍة كنت قد مررت واشتريُت ما استطعُت لنا ولكم‪.‬‬
‫لمعة‪ :‬أنا ‪ ...‬أنا أشكرك جزيل الشكر يا أخي ولكن هذا كثير ال أستطيع أن أقبله أعتذر‬
‫منك‪.‬‬
‫الرجل‪ :‬أرجوك اقبليها يا سيدة فهي ألجل شفاء ابٍن لي قد أصابته حمى شديدة فجأة‪.‬‬
‫لمعة‪ :‬حسنًا إذًا شكرًا لك‪ ،‬عافاه هللا‪.‬‬
‫الرجل‪ :‬سلمِت‪.‬‬
‫نور‪ :‬أرأيت يا لمعة لقد أنار هللا بصر هذا الرجل و جعل مرض ابنه سببا ليأكل‬
‫أطفالك‪.‬‬
‫إلهنا إله عادل ال يترك أحدًا في منتصف الطريق‪ ،‬ضاًال يا ئسًا يمّد له يد العون دائمًا‪،‬‬
‫يكفي أال يقطع العبد إيمانه به و أن يرتمي بثقله على دعاٍء ‪ ،‬يسمعه هللا قبل أن يلفظ به‬
‫العبد‪.‬‬

‫إيالف فيصل طويل‬


‫سوريا | إدلب‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫الحلم‬

‫مستلقيًا على فراشي َأنظر إلى السماء من النافذة وأفكر بما دار بيننا من حديث رطب‬
‫الدموع مليء بالغضب ماطرًا بالكلمات القاسية ‪ ،‬مدجج بالعبارات الجارحة ‪ُ ،‬أحلل و‬
‫أربط ما حدث ولماذا وكيف‬
‫ربما بسبب بعض التراكمات واألخطاء من كالنا وبعض التقصير واإلهمال أيضًا‪،‬‬
‫وكلما عدت بذاكرتي أستشيط غضبًا من بعض الكلمات التي رمتني بها وأعزم على‬
‫أال أسامحها وحينما أهدأ قليًال أذكر ما قلته ومافعلته لها وألوم نفسي عليه وأبرر‬
‫كالمها أنه ردة فعل‬
‫حتى أخذني النوم ورأيت حلمًا غريبًا‬
‫رأيت أني أحضر اجتماعًا وعلى شّقي األيمن رجل بديع الطّلة حسن الوجه هزيل‪،‬‬
‫ثيابه بيضاء نظر إلّي وقال أنا الطيبة والحب والتسامح بداخلك واسمي الخير وعلى‬
‫شّقي األيسر رجل أسود معتم قبيح الشكل ضخم القوام قال أنا الغضب والحقد‬
‫والكراهية واألنانية واسمي الشر واجتماعنا هذا بشأن ماحدث مؤخرًا مع الفتاة التي‬
‫تحبها‪ ،‬وأجزم أنك لن تسامحها على ما بدر منها ولن تنسى تلك الردود وهذا الصواب‬
‫وال تلقي بالك لهذا الخير فإنه يدلك على إذالل نفس والضعف والتنازل المهين ثم‬
‫ظهر رجل كالفرسان قال ‪ :‬أنا الكبرياء يا فتى وقد تأّذ يت وأريد حقي ‪ ،‬كنت شبه‬
‫مقتنع بكالمهما‬
‫قال الخير‪ :‬ترّيث واسمعني‬
‫قلت له ‪ :‬هات ما عندك والغضب يّتقد بي والشر بجانبي يتضخم حجمه‬
‫قال ‪ :‬انظر إنه يتغذى على غضبك وأنت فتى تحكمه االنفعاالت وغضبه يسيطر عليه‬
‫ال تسمع منهما وتحرر من سيطرة الغضب عليك وعدم صبرك وتفكيرك بأفعالك‬
‫سبب هزالتي هذه‬
‫يا فتى ‪ :‬ألم تقل لها كذا وكذا ألم تفعل كذا وكذا ألم تبادلها االهتمام بشح ‪ ،‬باهلل عليك‬
‫ما قلته وفعلته أنت أليس أكثر إيذاًء من ما قالته هي‪ ،‬لو أنك أبدلت كلماتك الجارحة‬
‫بكلمات طيبة رقيقة لينة وأطلت صبرك كنت قد فزت بابتسامتها وحفظت خاطرها‬
‫وكبريائك من ردها على فعلك‪ ،‬ثم ظهرت فتاة صغيرة جميلة لكن قد ُك ِس رت يدها‬
‫وعلى وجهها بعض الكدمات والجروح تعّج بت ألمرها ‪،‬من أنت و من هذا الذي بال‬
‫قلب وال رحمة فعل بك هذا‬
‫قالت ‪:‬أنا خاطر فتاتك وأنت من فعل بي هذا صدمت لمقالتها ولم أستطع الرد ثم‬
‫أكمل الخير قائًال ‪ :‬ال جواب لديك هذا بالفعل ما تفعله الكلمات المؤذية والقاسية في‬
‫خواطر وقلوب الناس ‪،‬انظر أمامك فكر بعقالنية دع اللين واللطف والمحبة واألخالق‬
‫الحميدة تغلب على أسلوبك تقابلك بمثلهم وليس فقط تلك الفتاة إنما بكل ما تواجه‬
‫أيامك المقبلة و دع عنك الغضب والحقد والكراهية فإنهما رداءان ثقيالن كريهان‬
‫األثر منفران للنوم والناس ‪ ،‬قلت في نفسي إنه على حق وبدأ الغضب يزول عني‬
‫والشر يتقلص حجمه والخير ينظر ويزداد قوة قال الشر ال تنس ما قالته‬
‫قلت له ‪ :‬هذا بذاك لو لم أقل وأفعل ما فعلته لما كان حدث ماحدث ‪،‬أيها الخير ِنعم‬
‫القول والنصيحة بإذن هللا سأعمل بها ‪ ،‬نهضت من نومي التفُّت حولي إنه حلم ياله‬
‫من حلم ‪،‬علَي أنا أنتبه لتصرفاتي وأكبت غضبي وكلماتي وأعتذر عّم ا بدر مني‬
‫فاالعتذار ُخ لق وليس مهانة حتى ال أخسر أحبتي ‪.‬‬

‫خالد عبدالرزاق نعمان‬


‫سوريا ‪/‬ريف دمشق‬
‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫نصائُح خير‬

‫جالسٌة بكِّل هدوء ‪،‬‬


‫ال أدري لماذا!!‬
‫ليس من عاداتي الّصمت‪ ،‬فمعروٌف عّني المشاجرُة وكثرُة الحركة‪ ،‬في هدوئي‬
‫َس معُت شيئًا يتحّد ث‪ ،‬أهو حديٌث في عقلي؟!!‬
‫أجل إَّنه يضُّج بأفكاٍر غريبِة‪ ،‬وكأَّن شيطانًا سكن نصَف عقلي‪ ،‬ومالٌك هادٌئ في‬
‫الِّنصِف اآلخِر ‪.‬‬
‫يتحَّد ثون هناك في قلعِة رأسي‪،‬‬
‫قلت لنفسي ألسمع عّم ا يتحّد ثون‪ ،‬أصغيُت لهم‪ ،‬فإذ بضَّج ٍة كبيرة وأحدهم كان‬
‫يخاطبني‪،‬‬
‫أنِت أجل أنِت يافتاة!‬
‫_أنا؟‬
‫_أجل أنِت ‪ ،‬ما رأيك بأن تقومي بغسِل ذنُو بِك بوضوٍء ؟‬
‫أو إهداء أحدهم بسمٌة منِك تكون صدقة!‬
‫أو ما رأيك بصفاء ذهنك بسورٍة قرآنّية!‬
‫فإذا بأحدهم مقاطعًا له يصرخ بصوت حاّد ‪:‬‬
‫ما بالك!‬
‫اترك الفتاَة وشأنها‪ ،‬هي لن تقوم إال بإسعادي ستؤذي قلبًا بكِّل لذٍة ‪ ،‬سترُّد عجوزًا‬
‫سائلة‪ ،‬أو ُتهين امرأًة عاملة! أو حّتى بإمكانها خداُع وّد !‬
‫ما رأُيك بقطع الورد؟‬
‫هكذا سنبقى أنا وهي بألف خير‪،‬‬

‫اسكتُه الخيُر قائًال ‪ :‬اصمت يالك من أبله تحشو األفكار الَّسامة في عقلها‪ ،‬تستغّلها!‬
‫بريئٌة هي اللئيم‪،‬‬

‫ُصدمُت أنا مَّم ا سمعت‬


‫اشتَّد غضبي وقلُت ‪ :‬استمعوا لي‪ ،‬أنا األحُّق باالختيار بأِّي طريِق أمشي خيرًا كان أو‬
‫شّر ًا‪،‬‬
‫أّيها الخير‪،‬‬
‫يا لجمالك! حديثك فقط أراح جيوَش الحكمة التي تستوطن قلبي وعقلي‪،‬‬
‫وأنت أّيها الَّش ر الّلعين ليتك لم تتكلم وتضع برأسي أفكارًا مسمومة!‬
‫اصمت واذهب‪ ،‬يالك من أبله!‬
‫اذهب بعيدًا‪ ،‬ال أريد نصائحك‪ ،‬أريُد خيرًا يريُح بالي‪ ،‬ويعطي لقلبي الَّطمأنينة‪ ،‬يزيل‬
‫الّض ّجة التي تمُأل عقلي ويهدئ بالي!‬
‫‪-‬فتحُت عيناي فجأة وإذا بي مستلقيًة في سريري وضوء الشمس في عينَّي !‬
‫يا له من حلم رائع ‪.‬‬
‫وفاء منصور حسين‬
‫سوريا(ريف دمشق)‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫أتعبني اّلزمان يا صديقي‬

‫بيَن هدوٍء تاٍّم وظالٍم شديد‪ ،‬ونور قمر بعيد‪ ،‬الكثير من اللمعان في الّسماِء ‪ ،‬مع صوٍت‬
‫بعيٍد لمعزوفٍة موسيقيٍة حزينة‪ ،‬أنا ُهنا مسكني‪ ،‬ملجأي‪ ،‬ومالذي‪ ،‬المكان اّلذي اعتدُت‬
‫أن أكوَن فيه‪ ،‬مع حزٍن ثابٍت في قلبي وألٍم قوي بيَن ضلوعي‪ ،‬أسبُح في بحِر دموعي‬
‫وأنظر وأقول هل من أحٍد يواسيني؟!‬
‫أَو ُّد أن أصرخ والجميُع يسمُع صرخاتي‪ ،‬أَو ُّد التخّلي عن كِّل ما طمحُت به‪ ،‬فال‬
‫تحقيٌق على أحالمي يطرُأ في هذه الحياة‪ ،‬أَو ُّد أن أتالشى خلَف الظالم‪ ،‬أو أن أكوَن‬
‫رماًدا يتطايُر في الّسماِء المظلمة‪ ،‬أريُد تلَك االستراحة األبدية (الموت)‪ ،‬أرغُب أن‬
‫أهاجَر لكِّل مدِن العالم‪ ،‬وأن أرحل عنها‪ُ ،‬يسعدني جًدا أن أكوَن تحت الُّتراب‪ ،‬وال‬
‫ُيسعدني أُّي شيٍء آخر‪.‬‬
‫منُذ والدتي والّسعادُة البخيلة الزمتني ولم تتركني‪ ،‬أعطتني عهًدا بأن ال تزورني‬
‫وأقسمْت باهلل أن ال تكوَن على عينَّي أو شفتي‪.‬‬
‫إذا قّررت الّسعادة زيارتي أشعُر وكأّنها كابوٌس َم َّر علّي ‪ ،‬أكره ذكرياتي السيئة‪،‬‬
‫لكّنني أريُد قراءتها‪ ،‬ليعلَم قلبي كم جعلني أتأّذ ى عندما سمَح لي بحِّبهم؛ وليعلَم عقلي‬
‫بكم قراٍر سيٍء أخذه وكان سبب دماري‪َ ،‬فـ مسكُت بأوراقي ورقًة تلوى األخرى‬
‫حيُث كتبُت بها كَّل حدٍث حصل في حياتي سوآءا أكاَن خيبًة أم فرحة‪ ،‬أو حّتى تعاسُة‬
‫حٍّب ‪ُ ،‬ك ُّل شيء حصل في هذه الحياة القاسية‪.‬‬
‫بدأُت في القراءة و وجدُت في الورقة األّو لى زفاَف أختي‪ ،‬يالُه من حفِل زفاٍف كبير‬
‫ورائع‪ ،‬قرأُت الورقة الثانية كان بعد زفاف أختي في شهٍر وكان نجاحي في الثانوّية‪،‬‬
‫وكانت الورقة الثالثة زواجي مّم ن أحّببت‪َ ،‬فـ الخامسة وكانت شرائي لسيارة‬
‫أحالمي‪...‬‬
‫‪-‬وأقسُم إّنني غبية؛ ُك ُّل هذا في حياتي وأنا أتأّلم وأبكي من شيٍء بسيٍط حدَث لي منُذ‬
‫زمٍن بعيد!‬
‫صوٌت غريٌب اجتاَح أذنّي لكّنه يشبُه صوَت صديقتي ُسمية أو إّنني أتخّيل‪َ ،‬فـ اكتشفُت‬
‫مصدره بعد لحظاٍت‪ ،‬إّنه من النهر!‬
‫=ِلَم الحزن في عينيِك ؟‬
‫ِلَم األلم اّلذي صادفِك ال يزول؟‬
‫لماذا يا عروب؟‬
‫صّد قيني يا صديقتي كُّل البشر هكذا‪ ،‬تكوُن حياتهم في بدايتها سيئة‪ ،‬ويسيرون على‬
‫هذا النهج وال يعلمون أَّن الّسعادة تزورهم كَّل يوم‪َ .‬فـاليأُس محصوٌر في قلوِّبهم‪،‬‬
‫والعقول فقّد ت سيطرتها عليهم‪ ،‬جميُع البشر هكذا اطمئّني لسِت وحدِك ‪ ،‬هيا عروب‬
‫رّتبي أوراقِك و ارمي القبيَح منها عندي داخل النهر‪ ،‬واحتفظي بالجميل‪ ،‬فإَّنها لن‬
‫تعود سوى ذكرياته‪ ،‬ستصلي إلى األمان اّلذي حلمتي به‪ ،‬ستشعرين بالسكينِة وتهدئي‬
‫فهذه ليست أّو ل مواجهٍة لِك ‪.‬‬
‫_لكَّن الّز مان أتعبني يا رفيق‪.‬‬
‫=ال تيأسي‪ ،‬الحياُة مليئٌة بالتحّد يات‪ ،‬وعليِك تخّطيها‪ ،‬ما زلت في بداية العمر!‬
‫ستقفي في وجِه الريح‪ ،‬وكّلما وقعتي ستنجحين وتسعّد ي‪،‬‬
‫أنِت مثااًل لوردٍة تحمُل األمل رغَم ظلمة الطريق وضيقها‪ ،‬ستكونيَن يوًم ا ما كنِت‬
‫تريدينُه لنفسِك ‪ ،‬سترسميَن فرحًة مع كِّل بداية‪ ،‬وستكون دائًم ا جميلًة وصعبة‪ ،‬لكَّن‬
‫النهايات أجمل وأجمل!‬
‫سينجلي الخوُف اّلذي بيَن أضلعِك ؛ ليزرَع هللا األمان محّله‪ ،‬ثقي بنفسِك وتوكلي على‬
‫هللا؛ َفـ ليس لنا غيره‪ ،‬دائًم ا بابُه مفتوٌح ألوجاعنا‪.‬‬
‫‪-‬طلبت الموت من هللا‪ ،‬ولم أتخّلى عن طلبي‪.‬‬
‫‪-‬الحياُة جميلٌة بوجوِد هللا بيننا‪.‬‬
‫وبعد سنيٍن من اليأس‪ ،‬وهمزاٌت من الشيطاِن والبعد عن الفرِح أتى الخير على هيئِة‬
‫صديٍق؛‬
‫أكثَر هللا من أمثاِل الصداقات عندما تكون هكذا!‪.‬‬

‫عروب كامل األغوات‬


‫األردن‪/‬الكرك‬
‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫ماهية اإلنسان‬

‫أسوُء ما يقُع به المرُء موقَع المالمة‪ ،‬أن يكوَن إثَر ضحَّية نفِس ه‬

‫تقوُد ه إلى العمى البصيرِّي القلبّي ‪ ،‬فيَّتبُع سبَلها وُأمرِتها‬

‫تعويذُة الَّذ اِت هي من أمِر المرِء ذاته‬


‫اإلنساُن عيُنه يستطيُع إقامَة حٍد لتلَك الّتعويذة واإلنساُن ذاّته َيخطي خطاها ويستمُّر‬
‫بها‪.‬‬

‫فنحُن نِع ي المنكَر اّلذي نهاَنا ُهللا عنُه و نفعُله بكِّل إرادٍة و لرَّبما بإصرار‬
‫و في المقابِل نحُن على معرفٍة تاَّمٍة بمغفرِة ِهللا تعالى فنتسارُع فنتوب‪.‬‬

‫نقُع في المعاِص ي شّر الوقوع‪ ،‬فينتشُلنا هللا بعفوِه ومغفرِته‬


‫نعاود المعصَّيَة فنرى غفراَن ِهللا هَو الَّسبيُل األوحد‪ ،‬دون أن تنفَذ خزائُن التوبة‪..‬‬

‫فالَّنفُس أَّم ارٌة بالسوء‪ ،‬والقناعُة كنٌز ال َيفنى‪..‬‬

‫والحياُة يصُفها هللا تعالى بالمتاِع أْي أَّنها إلى زوال‪ ،‬والحياُة حقيقٌة مطلقٌة تحارُبها‬
‫الَّذ اُت اإلنسانَّية‪ ،‬فاإلنساُن يسعى للخلوِد األزلِّي رغَم معرفِته بالحقيقِة األكثِر إطالًقا‬
‫أَّنه آيٌل ليوّم يبعُث فيِه هلل عَّز وجّل‪.‬‬

‫ما سُّر هذا الَّتناقُض بين كواليِس الَّنفِس البشرَّية‪ ،‬السُّر ذاُته يكمُن بوجوِد المالئكِة‬
‫المسَّخ رة التي تدِّو ن لَك كَّل خيٍر و شر‪..‬‬
‫كَّل حسنٍة و سِّيئة‪ ..‬كل نَّيٍة و هي في موطِنها الفكرِّي قبل أن تكوَن فكرًة وُتَنفذ‪.‬‬
‫أْي أّن اإلنساَن نفَس ه يحمُل نفسيِن اثنتيِن في داخِله‪..‬‬
‫األولى آمرة‪ ،‬واألخرة ناهية‪ ..‬وهللا سبحاَنه و تعاَلى قاٍض بيَن هذه وتلك‪ ،‬و أَّن‬
‫اإلنساَن بثنائية المتناقضِة مصيره محكم هلل‪ ..‬فاألجدُر به توظيَف كل غريزٍة في‬
‫مكاِنها األنسب‪ ،‬و بما يرضي هللا سبحانه وتعالى‬

‫الفناُء أمٌر ال بّد منُه ‪..‬‬

‫تلَك الغريزتاِن المتناقضتاِن ما بيَن الموِت والحياَة يأتيها يوٌم ويحسُم ها‬
‫اصنْع شيًئا يقيَك يوَم الزواِل ‪،‬لِّو ْن فضاَء ك بالنقاِء ‪..‬‬
‫اجعل نصيَبك ِم َن الخيِر كالنجوِم ال ُتعُّد وال ُتحصى‪.‬‬
‫فكّل أمٍر تجُد له محكمًة في أيسِر ك اعدْل في حكمك تلَقى الحياَة ولو بعَد الموت‪.‬‬

‫فالسِّيئُة واقعة والحسنُة ماحية‬

‫رهف عبد الكريم الحياني‬


‫سوريا ‪ /‬حلب‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫وانتصر‬

‫وعلى مداِر عشرة أعوام‪ ،‬كَّلما ذهبُت للسرير أتقَّلُب مع عقارِب الَّساعة وال أستطيُع‬
‫أن أنام‪ ،‬أتحاوُر مع الخيال‪ ،‬حواٌر يتعقبُه حوار‪ ،‬وال أعلم مع من؟‬
‫لكَّنه حواٌر كبيٌر يدوُم ألَف وتسعون ثانية وأجزاٌء من اللحظات!‬
‫وبعد كِّل حواٍر رهيب ال أعلُم إن اكتمَل أو ال!‬
‫أسمُع أحدهم يقطُع وعوًدا على نفسِه بتبديِل نمط حياته إلى األفضل‪ ،‬واآلخُر يضحُك‬
‫بصوٍت منخفٍض ويقول‪َ :‬نْم اآلن و في الَّصباح سيختفي كُّل الَّتخطيط وتعوُد كما كنَت‬
‫عليه اليوم‪.‬‬
‫حواُر الليل خادٌع وكاذب في آٍن واحد!‬
‫انسى األمر نومي بطبعِه ثقيل ال يستجيُب ألِّي شيء‪ ،‬حّتى لصوت الُّطبول‪ ،‬أنظُر إلى‬
‫الّساعة حين استيقاظي ألراها في الّساعة العاشرة صباًحا!‬
‫_يا إلهي فاتتني صالُة الفجر على وقتها!‬
‫=ال تقلق‪ ،‬ابحث على اإلنترنت كيفّية قضاُئها‪،‬‬
‫مسكُت هاتفي وبدأُت في البحث!‬
‫_يا للعجب‪ ،‬أغنية جميلة نسمعها في الّصباح‪ ،‬حسًنا‪ ،‬لنسمعها‪= .‬انتبه يا ساري صالة‬
‫الفجر بانتظارك‪...‬‬
‫_ما الفائدة من أداِء صالة الفجر اآلن فات األوان‪.‬‬
‫مسكُت الهاتف وبقيُت اتصّفح على اإلنترنت حّتى سمعُت ‪-‬هللا أكبر‪ -‬ماذا آذان‬
‫الظهر؟!‬
‫=نعم يا عزيزي لي أكثُر من ساعٍة ونصف وأنا أقنعَك أن تصلي الفجر!‬
‫أصبحت الّساعة ‪! 11:30‬‬
‫_اااوه‪ ،‬وقُت عملي متحِّم س لرؤية صديقاتي‪ ،‬مللُت من المنزل‪ ،‬سأضيُع وقتي معهَّن‬
‫وأضحك‪.‬‬
‫=ال يا ساري ُهَّن ليس حالِلك‪ ،‬استغل وقتك في الّتسبيح واالستغفار ما استطعت‪.‬‬
‫_كالمك ممل‪ ،‬إلى اللقاء‪.‬‬
‫رأيُت نقوًدا في محفظة على مكتبي!‬
‫_غريٌب لمن هذه النقود!‬
‫=هي تلَك النقود اّلتي فقدتها منُذ عام‪.‬‬
‫_لم أتذّك ر!‬
‫=هيا خذها وعليك الّسالم‪.‬‬
‫_سأشتري بها الطعام وأدعو أصدقائي بتناولِه معي وأقضي وقًتا ممتع‪.‬‬
‫○اذهب واشتري الكروم‪ ،‬أطيُب من الطعام بكثير‪.‬‬
‫=اسمع! إَّنه حرام‪.‬‬
‫○أحسنت‪ ،‬لكّنه يزيُل الهموم ولن تشعر بالغموم؛ فأنَت بحاجة هذا‪ ،‬وال تنسى باب‬
‫الّتوبة معلوم ورُّبك غفور رحيم‪.‬‬
‫_ال ال‪ ،‬لن أقبل ُهم بحاجة لجمعتنا مًعا ألدعوهم اآلن‪.‬‬
‫قضينا وقًتا رائًعا مًعا‪ ،‬وبدأُت بالدعاء‪ ،‬أن يديم هللا نعمة الصداقة والطعام‪.‬‬
‫_اصمت؛ فدعائك لن يستجاب‪ ،‬وأنت تفعل ذلك خشيَة العتاب!‬
‫_يا لك من سفيه‪.‬‬
‫_شكًرا لك‪.‬‬
‫مرضت ُأمي‪ ،‬أقسُم برِّبي أَّنها أوجعت قلبي!‬
‫_هللا معك يا ساري اقرأ القرآن فهو راحة لنفسك‪.‬‬
‫_ُأٍف ‪ ،‬وبما تشكو األغاني!‬
‫=هي كالُم الشيطان‪.‬‬
‫_ال أقبل!‪ ،‬أعطني دلياًل ‪.‬‬
‫=لدَّي الكثير من األحاديِث الّصحيحة‪.‬‬
‫_من أخبرَك أَّنها صحيحة؟‬
‫كُّلها ضعيفة‪ ،‬طِّبق ما قلته لك‪ ،‬وال يشغُل بالك اْلُهراء‪،‬‬
‫أنَت عنيد‪ ،‬وأنا مطيٌع اسمُع الكالم!‬
‫=أحسنت؛ فأنَت اآلن بأمان‪.‬‬
‫وبدأُت قراءة األذكار‪ ،‬فأتت إلى عقلي األفكار؛ ألرِّتب دوالب مالبسي في الّنهار‪.‬‬
‫_كيَف استطعُت أن ُأواسيك؟‬
‫○بضحكٍة استهزائيه‪ ،‬أنَت جاهٌل ومغّفل‪ ،‬تتوقع أن ُأخبرك!‬
‫_ماذا يا سفيه؟‬
‫○مثلما سمعت‪ ،‬أنا ُأزين لَك كُّل شيء ال تراضاه‪ ،‬وأنَت بلمِح البصر ُتغّير رأيك‬
‫أحياًنا‪ ،‬تغِّلبني ألقنعك؛ لكَّنك مطيٌع نوًعا ما ‪ ،‬وأنَت تقول كيَف استطعت!‬
‫يا جاهل‪ ،‬أنَت وآالُف البشر غيرك مجبورين على أوامري‪.‬‬
‫_ماذا‪ ،‬ماذا‪ ،‬من تكون أنت؟‬
‫○هذا ليس من شأنك‪.‬‬
‫_أنا على قيد االنتظار باإلجابة‪ ،‬ماذا بعد ال تريد أن تتكلم!‬
‫○لم يكن هناَك من قبل إجابة لتكن اآلن‪.‬‬
‫_إلى متى سيبقى هذا الحال؟‬
‫ال أعلم لكنني اشعر إنك الشيطان‬
‫○ال تفهمني بشكٍل خاطئ‪ ،‬أنا نفسُه أنت‪ ،‬لكّنني أخاطبَك على هيئِة إنساٍن آخر‪.‬‬
‫_أرجو أن تفهمني أنا ال أرضى أن أكون هكذا‪ ،‬اذهب يا لعين؛ فأنت تريد أن يكون‬
‫مصيري الجحيم‪.‬‬
‫○ال تكثر من اآلمال؛ فاألَّيام القادمة إَّنها عليَك ُثقال‪ ،‬أنَت لن تدوم هكذا‪ ،‬ستحتاج ألن‬
‫ترفه عن نفسك ولم تُجدني‪.‬‬
‫_ال تكثر من الكالم؛ فأنَت مصيرك الَّنار ال ُم حال‪ ،‬ال أريُد إكماَل حديثي معك‪،‬‬
‫سأذهب ألقرأ كتابي المفّضل‪.‬‬
‫○رّتب غرفتَك المّتسخة‪ ،‬ثَّم اقرأ ما شئت‪ ،‬لقد كنَت من الصغار المطيعين‪ ،‬و ستصبح‬
‫من الكبار المطيعين!‬
‫_أنَت ال تعرفني‪ ،‬نعم كنُت صغير بالنسبِة لك‪ ،‬لكّنني على عشرِة أعواٍم مّرت‪ ،‬وأنا‬
‫أرافقك أّم ا اآلن فكال!‬
‫أعوُذ باهلل من الشيطان اّلذي يوسوس في صدوِر الصغار والكبار‪.‬‬
‫هكذا مضت عشرُة أعواٍم يا رفاق‪ ،‬أّم ا اآلن ُأسير على أوامِر اإلسالم‪ ،‬لعَّل هللا يغفُر‬
‫لي وأعيُش بسالٍم برفقِة القرآن‪ ،‬وأتوّك ُل على هللا وأنام ألستيقُظ على اآلذان و ًأصّلي‬
‫كما تعّلمُت ونسيُت اللهَّو والّش يطان‪ ،‬ال أكذب عليكم يزورني الّش يطان؛ ألَّنه وعد هللا‬
‫أن ال يتركنا وشأننا‪ ،‬لكن ليس ُك َّل حين تكون زيارتُه ال سمع كالمُه يا رفاق‪ ،‬فأنا‬
‫أرجمُه بالّرحمن الّرحيم‪.‬‬
‫إّنني من اإلسالم ديُن اْلخير واإليمان‪ ،‬وأيقنُت أَّن الّش ر من الّش يطان‪ ،‬والفساد كُّلُه من‬
‫هذا الكائن اللعين؛ َفـ طبيعُة نفسنا بأَّن الخيُر فيها واإليمان يستهويها؛ َفـ انتصر‬
‫اإلسالم وُهزم الكّذ اب اللعين‪.‬‬
‫إسراء كامل األغوات‪.‬‬
‫األردن‪/‬الكرك‪.‬‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫ومن الحب ما قتل‬

‫في أزَّقِة الَّش وارِع القديمة‪ ،‬حيُث الال نور فيها‬

‫هناَك العجوُز المتسّو ل‪ ،‬يجوَل األمتاَر باحًثا عن فتاِت الخبِز وبقاَيا الطعاِم ليسَّد‬
‫مجزرَة الجوِع داخَله‬
‫يومًيا و بال تغُّيٍب في وصِب األجواِء عليه‪ ،‬ملتحفًا السماَء مَّتخذًا من األرِض فراشًا‪.‬‬

‫صدقٌة من هذا و بعُض الفتاِت من ذاك‪،‬‬


‫و على هذِه الشاكلِة يعيش‬

‫صامًتا طواَل الوقِت سائًال بدوِن إلحاح‪َ ،‬م ن يعِط ِه شكَر ه و َم ْن لْم يعِط ه ال يأَبه بأمِر ه‬
‫وال يلُّج عليِه الطلب‪.‬‬

‫ُيحَك ى أَّنه في صباه الفتّي كان عاشقًا مجنوًنا بإحدى فتيات حِّيِه‪.‬‬

‫كاَن يَّتخُذ من أسفَل نافذِة تلَك الفتاِة مقاًم ا ويجلُسه‪ ،‬يكتُب األشعاَر حًبا بها‬

‫نعْم ‪ ،‬هذِه الفتاُة التي جعَلت من شخٍص عاقٍل مجنونًا‪ ،‬و أَّيما الجنون كان‪ ،‬وكأَّنه‬
‫كجنوِن قيٍس بليلى‬

‫كان حُّبُه لها عاجزًا دائًم ا‪ ،‬كاَن كَّلما أقبَل عليها عاشًقا متَّيًم ا قابلْتُه بالَّرفِض القاطع‪.‬‬

‫و بعَد الكثيِر والكثيِر من محاوالِت الحِّب منه‪ ،‬و الرفِض منها‬

‫وقعِت الحادثة‪..‬‬

‫في تلَك الليلِة السوداوَّيِة و هَو متقوقٌع يشرُب الخمر لينسى‬

‫مضى على حاِله أياٌم تصحُبها لياٍل أشبَه بوقِع الحساِم على عنِقه‬
‫حَّدَث نفَس ه‪ :‬سأفعُلها نعْم سأفعُلها‬

‫في حقيقِة األمِر ما كان هو الذي يحِّد ُث ذاَته‬

‫أحٌد ما صاَح صيحَة الحقِد في نفِس ه‪ ،‬و قاَلها بلساِنه‪ :‬سأفعُلها‬

‫ارتَدى ثياًبا غريبًة و عزَم أن يسُتَر شيئًا من وجِهه لكي ال يتعَّر َف أحٌد عليه‪ ،‬و انتظَر‬
‫ساعَة مجيِئها و لحظَة وصوِلها‬

‫و ِم ْن خلِفها انقَّض عليَها كالمجنون‪ ،‬و أغلَق فمها بقطعِة قماٍش مخَّد ر‪.‬‬

‫استطاَع أْن ُيفقُد ها القدرَة على الَّتحرِك و أغمَي عليها‪ ،‬و ارتَم ت بيَن يديِه فاقدًة‬
‫للوعي‪.‬‬

‫في هذِه األثناء‪ ،‬وكأَّن أحًدا ألَقى عليه بعًص ا أعجَز ْته وعاَد شيٌء من وعِيه‬

‫_ كيف هذا ولَم فعلُت هذا يا هللا‪.‬‬

‫ماذا أفعل‪ ،‬أين آخُذ ها؟‪..‬‬

‫وهللا إِّني َلن أفعَل هذا فأنا أحُّبها و هي جميلِتي‪..‬‬

‫كيف أفسُد جماَلها كيف؟‪..‬‬


‫و بدوِن وعٍي حمَلها و دخَل بَها لبيٍت مهجوٍر بذاَك الحِّي المعتِم الذي باَت هو اآلَن‬
‫رهينته‪.‬‬

‫جلس يتأَّم ُل مالمحَها لطالَم ا أحَّب ملمَس وجنَتْيها الوردَّيتين‪.‬‬

‫واآلن‪..‬‬

‫انتابْته حالُة صراٍع داخَل رأِس ه‪ ،‬ماَذ ا يفعل؟‪..‬‬

‫أتاُه اللعيُن مَّر ًة ُأخرى‪.‬‬

‫_ هذه فرصُتَك فاْستغَّلها‬

‫و آخٌر يحِّذ ْر ه‬

‫_إياك‪ ،‬إياَك فاَّتِق َهللا فيَم ا أوتيت‪.‬‬

‫كَّبل رأَس ه بيديه وصاَح صيحَة الَّضياع‪.‬‬

‫_كفى‪...‬كفى‬

‫وعَلى صوِته تفَّتحْت عيناَها المرهقتان لتجد نفَس ها مكَّبلَة األيدي مغلقة الفم‪.‬‬

‫ما إن رآها حَّتى اهُّتَز رعشًا بأكمِله‪ ،‬فاقترَب مْنها و همَس لها‪ :‬أحُّبِك لكَّنِك أنِت‪.‬‬
‫ورَّد دها بصوٍت أعاَل من ذاك‪ :‬أنِت‬
‫كُّل هذا ِم ن ُصنَعِك ‪ ،‬حاوْلُت جاهدًا الحصوَل على حِّبِك بكِّل قلٍب نقّي ‪ ،‬لكَّنِك استكبرت‬
‫على حِّبي هذا‪..‬‬
‫واآلْن تحَّمِلي هذِه الَّنتيجَة يا جميلة‪.‬‬

‫نظراُتها كاَنت عقيمًة على الحديِث و بُحمرِة دموِع ها الدمية‪ ،‬كاَنت عاجزًة على‬
‫مقاومِة الوحِش الذي عبَث بها عْبَث الثعالب‪.‬‬

‫ذلك الوسواُس قد أتقَن عمَله فيه‪ ،‬و هَي كالَّضحيِة في فِم المفترس‬

‫وقَف بشجاعة ما فعل‪ ،‬و رَم ى حَّبه النقَّي مع ذاَك الشخِص التقي‪ ..‬والتَبس ثوَب جشِع‬
‫ملَّذ اِت النفِس القاتلة‬

‫وشرع بطعِنها إلى أن فارقِت حياة‪.‬‬

‫أخفى الّدالئََل و لبسأت جريمَته القذرة‪ ،‬و الَذ بالفرار البعيد‬

‫بعيدًا جًدا عن وقعِته و كأَّن كابوًسا قْد مَّر عليه‪.‬‬


‫فهَو كاَن تحَت تأثيِر الخمرِة الَّش يطانَّية‬

‫ظَّل يمِش ي ويمِش ي حَّتى نَأى عْن ذاَك المكان‪.‬‬

‫زلزاٌل حَّل بقدمْيه‪ ،‬فارتَم ى على رصيف‪ ،‬ونزَل عليِه نعاٌس مخلوٌط بتعٍب وألم‪.‬‬

‫حتى سمَع صوًتا خافًتا من بعيد‪..‬‬


‫الصالُة خيٌر مَن الَّنوم‬

‫لم يِع ما سِمَع كاَنت له تهيؤا فقْط وأصداًء بعيدة‬

‫بقَي على الَّرصيِف حَّتى طفَقْت خيوُط الفجِر تتفَّجر‪ ،‬ومَع إشراقِة الَّش مِس على‬
‫عينيه‪ ،‬اللتيِن اَّتخَذ السواُد مقاًم ا دوَنهما‪ ..‬استفاَق من نوِم ه وجلَس لثواني غيَر مدرٍك‬
‫لنفِس ه ولما فعل‬

‫تكَّلم في سِّر ِه مندهشًا‪ :‬أيَن أنا؟‪ ..‬من جاَء بي إلى هنا؟‪ ،‬و ما هذِه الحاُل الذي أنا عليها‬
‫اآلن؟‪ ،‬يا هللا‪ ..‬ما الذي حصل؟‪..‬‬

‫َلْم يتذَّك ْر شيئًا واحًدا من الليلِة الَّسابقة‪.‬‬

‫ذهَب إلى منزِله وهَو في ريبٍة في أمِر ه‪ ،‬و أفكاٌر تِض ُّج ُج ْم ُج َم َته‪ ،‬يمِش ي ماِئَل الجنبيِن‬
‫بطيَء الخطأ إلى أن وصل ‪..‬‬

‫غسَل آثاَر السكرِة بالماِء حَّتى ازهرت حاُله وارتاَح بعَض الشيء‪ ،‬و جلَس على‬
‫الشرفِة حامًال كوَب قهوة‪.‬‬

‫يحاوُل تذُّك َر أحداَث الليلِة الماضية‪ ،‬لكْن كَّل محاوالُته باَء ت بالفشل‬
‫إلى أْن جاَء داٍع يدعو في أزَّقة الحي‪:‬‬

‫_ويالْه‪ ..‬وياله‪ ..‬فتاٌة مقتولة‬

‫ذِر َع عَلى هذا الصوِت و اْص فَّر لوُنه و بدأت تكُّر عليِه بعُض لحظاُت الليلِة المشؤومِة‬
‫أماَم ه وكأَّنها مشاهٌد مدروسة‬
‫يا إلهي‪ ..‬ماذا فعلُت أنا يا إلهي؟‪..‬‬

‫أنا قاتٌل أنا مجرم‪ ،‬إَّنها بريئٌة إَّنها صغيرتي أنا أحُّبها‬

‫كيف ذلك يا هللا؟‪..‬‬

‫ال أصِّدُق هذا‪ ،‬أُّي شيطاٍن احتَّل بصيرِتي وطغى على قلِبي؟‪..‬‬

‫وقَع منهارًا مكَّو مًا على نفِس ه‬

‫مَض ت السنوُن وهو يعاقُب نفسُه أشَّد العقاب‪ ،‬إلى اليوِم الذي أصبَح بِه بهذي الحال‪..‬‬

‫وسُّر ه قاِتُله‬

‫في ذلَك الوقِت كُّل الُّش بهاِت بعيدٌة عنه‪ ..‬ظَّن الناُس بِه حزيًنا على مقتلها‪ ..‬و أَّن‬
‫الُم حُّب ال يقتل‪.‬‬

‫من الحِّب ما َقتل‬ ‫وفي حقيقِة األمِر أَّن‬

‫واآلن محكمُة الضميِر أصدرت حكًم ا عليِه يصاحبُه أبَد الَّد هِر بحوزته يأِّنُبه‬

‫و هو اآلن العجوُز الِذ ي هو ِبال مأوًى وال مأوًى له ِس َو ى الغرفَة الصغيرَة المركونَة‬
‫في أيسِر ه‬
‫غرفٌة موقودٌة بالَّنار و تكويه‪...‬‬

‫رهف عبد الكريم الحياني‬


‫سوريا حلب‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫كالهما شر‬

‫جوهر الحياة مصطلح ليس بالغريب فهو يتكرر في معظم الجلسات و المحاضرات و‬
‫الحوارث ويتكلم فيها من يفهمه و من يجهله وتنسب صفة الفهم لمن يتفوه به برفقة‬
‫مصطلحات أخرى أو مصطلحات أجنبية يدخلها في سياق حديثه ‪.‬‬
‫فجوهر (معنى) الحياة‪.‬‬
‫لنبدأ بمعنى جوهر أو السبب الذي جمع الكلمتين باعتبار هذا الجمع يتطلب مهارة و‬
‫حنكة وهنا وِج د السؤال‪ ،‬كيف وِج د؟‬
‫من خطر له أن يجمع جوهر مع الحياة؟‬
‫هل اللغة تقبل هذا الشيء ؟‬
‫لنذهب للحياة مع العلم أننا تجاهلنا معنى الجوهر كليًا ألن جوهر الحديث هو الحياة‪،‬‬
‫فما هي الحياة هل هي هللا؟‬
‫أم الطبيعة؟‬
‫أم الكون؟‬
‫ثالث ال ترابط بينهما لكن كل منهم ُيعتبر حياة!!‬
‫لماذا يكون علينا أن نتدخل بمعنى الحياة لماذا ال ندخل في جوهر الحياة بشكل‬
‫مباشر!! أقصد مراحل الحياة و ديمومتها ولكن من ناحية بعيدة كل البعد عن‬
‫المضمون العام للحياة بتعريفها بمعنى أوضح صراعات االستمرارية‪ ...‬قال أحد‬
‫الشيوعيين أن ال حياة دون صراع‪.‬‬
‫وقد وثق التاريخ (حتى لو كان كاذبا)‪ ،‬صراعات مراحل الحياة و المنطق الال طبيعي‬
‫يقول بأن الصراعات أمر ضروري ولكن الفكرة األهم أن النزاعات و الحروب هي‬
‫التي خلقت التطور للفائز و الخاسر في الغرب و للفائز في الشرق لكن بتأخر كبير و‬
‫تطور قليل _لكي نكون واقعيين بعض الشيء‪ -‬فكرة الصراع بمعناها الواضح و‬
‫الخفي تدل على الحروب و القتال و من خالل المنطق نستدل أن هناك طرفين‬
‫أحدهما الشر و اآلخر هو الخير و لكن ما ال ندركه أن الطرفين هما الشر عندما‬
‫يتصارعان و يهينان اإلنسانية و اإلنسان و أيضًا هما الخير عندما تكون الصراعات‬
‫دافع للتطور الذي أوصلنا الى ما نحن عليه االن‪.‬و في جوهر الحديث يكون السؤال‬
‫لماذا لم يستطع التطور القضاء على الصراعات؟ وبمعنى آخر ِلماذا لم يستطع الخير‬
‫أن يقضي على الشر ؟‬
‫الجواب ‪ ....‬مفتوح ‪.‬‬
‫علي القطراوي‬
‫لبنان‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫ُك ْر ٌه ِبُحٍّب‬
‫ما بين أن أحّبك وأن أكرهك كانت هي مشكلتي‪ ،‬في الحِّب أكرهك‪،‬‬
‫في الكرِه أحّبك‪ ،‬ما بين الكلمتين يلزم وجود اختالف‪،‬‬
‫بينما هناك تشابه كبير بينهَّن ‪.‬‬
‫أبحث عن الحِل وأخوض رحلًة في عقلي‪ ،‬ومخيلتي‪ ،‬وأبحث بين طياتِه عن أمٍل ‪،‬‬
‫على أمٍل للعثوِر على جواٍب لسؤالي‪ ،‬تحاوٌر يدوُر في مخيلتي بيني‪ ،‬وبين نفسي‪،‬‬
‫الحّب ‪ :‬أنا لسُت مجّرد شعوٍر فارغ‪.‬‬
‫الكره‪ :‬أنا أيًض ا ال آتي عن عبٍث‪.‬‬
‫الكره‪ :‬هناك حٌّب شديد يكمن بداخلي‪ ،‬منازعات ومشاحنات‪.‬‬
‫الحّب ‪ :‬هذا ال يعني أّنني خاٍل من الحروِب والهوامِش‪.‬‬
‫الكره‪ :‬أنا كلمة يقولها الحبيباِن لشّد ِة الحّب ‪ ،‬وأحياًنا يطلقونها عندما يمتِلُئ الحّب‬
‫بداخلهم‪.‬‬
‫الحّب ‪ :‬أنا كلمة صادقة تحمل في جيبها العديد من المشاعِر ‪ ،‬واالهتماِم ‪ ،‬والحنان‪ ،‬أنا‬
‫شيء ال يوصف‪.‬‬
‫الكره‪ :‬حاُلَك كحالي بقليٍل من الّتوابِل الخشنة‪.‬‬
‫الحّب ‪ :‬حاُلَك ! محاٌل أنَت أّيها الكرُه القبيح‪.‬‬
‫الكره‪ :‬أنت يا من تصُف نفسَك بالحّب ‪ ،‬فبداخلك مُّر وعذاُب سنوات من الحزِن‬
‫والحنين‪ ،‬أنت علقٌم شديد‪.‬‬
‫الحّب ‪ :‬إاَّل أّنني إحساٌس صادق‪.‬‬
‫الكره‪ :‬وأنا صادق‪ ،‬لكن أنا حٌّب مضاعف‪ ،‬وهيام‪ ،‬وهوى‪ ،‬وعتاب‪ ،‬وغرام‪.‬‬

‫هل لكما بالّصمت‪ ،‬وأن تكّفا عن هذا الحوار‪،‬‬


‫كالكما متشابه بقليل من االختالف‪،‬‬
‫"حٌّب ‪ ،‬وكره"‬
‫صفتان للعشق‪ ،‬والّتتيم في حين ال يجد المغرمون وصف لحالتهم فإّم ا أن يترجموا‬
‫إحساسهم بكلمة حّب‬
‫أو أن يحللوها بكلمٍة تكمن في مسمى الكره‪.‬‬

‫آمال حميدي دعيبس‬


‫درعا 'بصرى الشام'‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫خيرًا وشرًا‬
‫مازالت تحتويني عاداتي الطفولية‪...‬‬
‫ما زلت أكلُم نفسي أمام المرآة‬
‫أخجل من مواقفي وكالمي‬
‫مازال الضياع يسكنني‬
‫بين القلب والعقل‬
‫بين كتب الدين وكتب الفلسفة‬
‫في اليقظة واألحالم‬
‫أجدهم ‪...‬‬
‫الخير والشر‬
‫نعم‬
‫الخير هو الذي خلق معي في رحم أمي‬
‫أما الشر هو الذي قد كُبر مع سنوات عمري المتزايدة ‪..‬‬

‫الخير والشر‬
‫ليتُه سقط الشر كما سقطت كل آالم الوالدة في غرفة المخاض خالل تلك اللحظة!‬

‫سأعني بالخير مانحن موقنون من منفعته لنا‬


‫أتفق مع الفيسلوف"برتراند راسل "في هذه المقولة‪...‬‬

‫كما كنُت آراءهم دائًم ا هما شخصان بالنسبة لي‬


‫الخير والشر هما مجرد شعورًا نملكه تجاه األمر‪،،‬لكن تعتمد علينا ميزة التفريق‬
‫بينهما‬

‫أما بالنسبة للديانات السماوية‪...‬‬


‫فهي رفعت مفهوم الخير إلى مرتبة عليا وجعلتُه من صفات وأعمال هللا أما بالنسبة‬
‫لمفهوم الشر مع تطور الوعي اإليماني أصبح اإلنسان يعي تمامًا أن فعل الشر‬
‫منسوب إلى الشيطان‪.‬‬

‫يولد اإلنسان حرًا والبد أنه يولد خيرًا ولكن ال يولد شريرًا‪،،‬وذلك لدليل طفولته التي‬
‫تتمحور كيف كان يعيشها ولكن ال تخلو من األنانية كما كل طفل يعتبر نفسه محور‬
‫العالم ويريد كل شيء لنفسه واليميز بين المصلحة الفردية والعامية‪..‬‬
‫كما يمكننا التكلم عن فعل الشر لدى األطفال فهو كالكذب والخداع والسرقة واألذية‪..‬‬
‫كما لو أن السلوكان يتوقفان على مدى التوجيه الذي يتلقاه من خالل التربية والمحيط‬
‫العائلي واالجتماعي‪..‬‬

‫دعونا ندخل في كتب علم النفس ودراستها قليًال "النفس اإلنسانية وحاالتها المتغيرة"‬
‫الكتشفنا أو لنقول أننا لوجدنا أن اإلنسان في صراع دائم مع ذاته بين أفعال الخير‬
‫والشر وإن دراسة الحاالت تؤكد أن لكل سلوك سبًبا‪...‬‬
‫وكما جميعنا نقول أنهم يعودون لعوامل عدة "البيئة االجتماعية‪-‬الوراثة‪-‬التربية‪-‬‬
‫المحيط اإلجتماعي"جميعها تحدد السلوك وبما أن اإلنسان حر فمن الطبيعي أن تدخل‬
‫إرادته في إفعاله‬
‫علينا األخذ بعين االعتبار للظروف التي جعلته يفعل شرًا ‪،‬وكما لو أنه فعل خير فذلك‬
‫أيضًا يعود للظروف التي أحاطت به‬

‫جميعنا يعتقد أن الظواهر التي نعتبرها شرًا كالموت والمرض والفقر ‪،‬لكل منها‬
‫أسبابها التي يجب على اإلنسان أن يقبلها ويعترف بمحدوديتها وعدم كمالها‪..‬‬
‫كما ورد في مقال يومي على صفحات التواصل االجتماعي تحدُث عن هذه الظواهر‬
‫قائلين في الحرف الواحد‪:‬‬
‫إذا كان المرض شرًا فهذا طبيعي نسبًة لألسباب التي ينتج عنها المرض فالجسد مادة‬
‫من الممكن أن تصاب بخلل ما نتيجة ظروف معينة وكذلك الفقر في العالم ليس ألن‬
‫مجموعة من الناس ُك تب لها أن تولد فقيرة وإنما ألن أصحاب المال والسطلة حجبوا‬
‫ثروتهم لخيرهم الذاتي إما الموت فهو النهاية الطبيعة لكل كائن على هذه األرض وال‬
‫يمكنه االستمرار فيها نظرًا لمحدوديته البشرية‪.‬‬
‫من السهل جدًا علينا أن نفرز أعمال الخير والشر والتفريق بين اُألناس األشرار‬
‫واألخيار جميعنا نسلك الخير والشر بطريقٍة متفاوتة‪ ،‬ولسنا نعمم التساهل مع الشر‬
‫أو التبرير لفعل الشر إنما المحاسبة بهدف أن يكون المسيطر الخير دونما االنتقام‬
‫ممن فعل الشر فإذا رددنا فعل الشر بالشر فدخلنا بدوامته الكبرى‪.‬‬
‫المحبة هي الشريعة الوحيدة التي تساعد اإلنسان على االبتعاد عن فعل الشر‪.‬‬

‫كل هذا يتطلب منا الوعي والصبر والحب‪.‬‬

‫هيفاء عبد اللطيف بيرقدار‬


‫سوريا حمص‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬


‫كواليس نفس‬

‫في هزيٍع بارٍد مشت جحمرٌش بخطواٍت بطيئٍة تثاقلْت خطواتها عند منعطف في كتف‬
‫الطريق وعادت بعض الذكريات الموحشة تشوش رأسها في طرفه راحا ينازعانها‬
‫ككل مرٍة‬
‫أجل مصابة بالزهايمر لكن األسى ال ُينسى‪.‬‬
‫ديجور‪ :‬لو كنت تحملين ودًا لهم لما استطعت أن تشيحي بوجهك عن أفعال عديمي‬
‫الضمير في كل مرٍة لُك نِت ُثرتي ألجل الحقوق التي انتزعت منهم لكنِك مجرد عجوٍز‬
‫تعين السواد على األبرياء‪.‬‬
‫نور‪ :‬لم تقولين هذا؟ دعي المسكينة وشأنها أال ترين آالمها التي تكوي لّبها؟ ألم‬
‫تعطفي على حالها عندما صحا ضميرها وتغّلب على مرضها و أعادها لذكريات‬
‫الزمن الخاوي‪.‬‬
‫ديجور‪ :‬بل تستحق ما يحدث لها لو أنها لم تصمت على ما رأته في تلك الليلة‬
‫السوداوية لكان لها أناٌس يساندونها في مرضها ويعتنون بها لما ضلت طريقها نحو‬
‫بيتها كلما خرجت‪.‬‬
‫نور‪ :‬من منا ال يخطئ يا ديجور…لكل منا مراحل ضعٍف تغيره وتتمكن منه في‬
‫بعض األوقات لو أن جميعنا يعامل هكذا لتهاوت األركان وعمت الفوضى‪.‬‬
‫ديجور‪ :‬لقد تسببت بموت شاب لم يبتسم العمر أمامه بعُد ‪...‬‬
‫لقد بكت أمه حتى أصابت الدموع ما أصابت من قرنيتها ففقدت بصرها‪.‬‬
‫نور‪ :‬إنه أمر هللا لقد كان سببًا ليمتحن صبر أهله‪ ،‬وال يمكن أن نتناسى خطأه لوال‬
‫جرعة المخدرات التي تناولها خفيًة لما وصل لذلك الحد‪.‬‬
‫ديجور‪ :‬أليس بسببهم لقد سرقوا ونهبوا أمالك والده لم يستطع أن يوقفهم هي فقط من‬
‫كانت تستطيع أن تصدح بالحق لكنها مجرد ضعيفٍة ال تقوى على شيء فصمتت‪.‬‬
‫نور‪ :‬وهذا أمر هللا أيضًا‪ .‬ال أبرر ذنبها يكفيها عذاب الضمير الذي أوحش حياتها‪،‬‬
‫خسرت جارتها المقربة بعد أن ُك شفت حقيقة علمها بما جرى وكيف أنها في تلك الليلة‬
‫رأته يلتقي بتاجر مشبوه ولم تنطق بحرٍف خوفًا على أمه‪.‬‬
‫ديجور‪ :‬لهذا عليها أن تنهي حياتها فليست أغلى من ذلك الشاب الذي كان باستطاعتها‬
‫أن تنقذه‪.‬‬
‫نور‪ :‬هذا ليس حًال أبدًا هي هكذا تتبع خطوات الشيطان الذي يجّرها نحو حفرٍة ال‬
‫قرار لها‪.‬‬
‫ديجور‪ :‬ربما هذا أفضل من أن تعيش آالمها كل مرٍة على ذات المنوال‪.‬‬
‫نور‪ :‬بل هو تكفير لذنبها وهللا أعلم بسرائر عباده‪.‬‬

‫إيالف فيصل طويل‬


‫سوريا ‪ /‬إدلب‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬


‫الذئب‬

‫من أغرب العالقات التي ُع رفت‪ ،‬عالقة الّذ ئب بالبدو عالقة كونية عجيبة‪ ،‬عمادها‬
‫حرب وحّب فال يمدح البدو بأعّز من الّذ ئب الذي هو عدّو هم األّو ل‪ ،‬فلكم أغار عليهم‬
‫ودادوا‪ ،‬ولكم فتكوا به وفتك‪ ،‬إاّل أّن له في أنفسهم من الحّب ما ال يوصف فيشّبهون به‬
‫أبطالهم ويصفون بأفعاله أفعالهم وأكثر من هذا‪ ،‬فتجدني مثاًل أنا ابن البادية أحمل‬
‫اسًم ا يستنكره غيري من الّناس ما إن يسمع أحدهم أّن اسمي هو "ذيب"‪ ،‬والسمي‬
‫قّص ة يرويها جّد ي‪ ،‬جّد ي الذي حّم لني هذا االسم وعند سؤالي لُه في ليلة من ليالينا‬
‫الباردة عن سبب هذا االسم المحّبب الغريب‪ ،‬قال وهو يعدل جلسته قرب المدفأة‬
‫ويعّد ل أطراف عباءته الّصوفّية الّثقيلة والتي تسمی بلهجتنا (الفروة)‪:‬‬
‫أي بنّي أال يعجبك أن تكون ذئب‪ ،‬وهللا ما أسميتك بهذا االسم إاّل لما رأيته من الّذ ئب‬
‫من عجب‪ ،‬فبينما أنا أرع غنمي في ليلة خريفّية أرقب فيها نجم سهيل إذ نبحت كالبي‬
‫نباحًا أعرفه ليس كغيره من الّنباح‪ ،‬إّنما هو تنبيه لقدوم الّذ ئب يا بنّي ‪ ،‬فما كان لي إال‬
‫أن جهزت بندقّيتي تحّسًبا ولكن هيهات فما هي إاّل لحظات كالبرق الخاطف كان‬
‫الذئب قد أمسك بعنق أحد الخراف ووّلى بغنيمته المنشودة‪ ،‬وإني جّد ك يا بنّي يعّز‬
‫علّي أن يأخذ مالي بغير وجه حق‪ ،‬امتطيت (الغّر ة) عال عجل وعلی أثره تتبعني‬
‫كالبي (والغّرة هي فرس لجّد ي يعشقها) ومع طلوع الفجر وبداللة كالبي إذ ال يمكنها‬
‫أن تخطئ رائحة الّذ ئب وصلت لواٍد أعرفه حجرًا حجر وإذ بالّذ ئب الذي غز غنمي‬
‫وسلبني خروفي إلی جوار ذئٍب آخر يشبهه شكًال إاّل أّنه مسّن مريض وخروفي‬
‫المقتول ملًقى عند قدميه ينهش منه لوحده ال يقربه الّذ ئب الّش اب‪ ،‬أخذت بندقّيتي‬
‫ولقمتها مصّو ًبا علی الّذ ئب الغازي يكفيني لقتله ضغطة زناد فقط‪ ،‬ولكّني وهّللا لم‬
‫أستطع‪ ،‬شيء ما بداخلي منعني من قتله وألكثر من مّرة أصّو ب وأتراجع منظر‬
‫خروفي ودمه يشعالن في قلبي نار االنتقام ومنظر الّذ ئب العجوز وبّر الّذ ئب الّش اب‬
‫بوالده يقفان حائاًل بيني وبين قتله‪ ،‬نفسي تحدثني أن أقتله لقد فتك بخروٍف اليوم‬
‫وربما يعود غدًا مع قطيٍع كامل فأجهز عليه ‪ ،‬ولكن كيف أال تری إنما يفعل هذا برًا‬
‫بوالده أأجعل الذئب خيرًا مني‪ ،‬ال وهللا بل أعفو عنه لخيره‪ ،‬ليعود صوتي الشرير‬
‫صادحًا ما الذي تقوله إنه مفترس‪ ،‬مجبوٌل علی الفتك والقتل‪ ،‬إن عفوت اليوم عنه‬
‫عاد غدًا ليقتلك‪،‬‬
‫ال ال لقد كان بإمكانه الفتك بغنمي في كل ليلة مضت ويأخذ أكثر من هذا الخروف‬
‫لكنه لم يفعل‪ ،‬إال لمساعدة أبيه‬
‫لكنه مفترس سيفعل مرارًا إن لم يقتل‪ ،‬اضغط علی هذا الزناد وأقتله‬
‫فإن لم تكن ذئبًا أكلتك الذئاب‪،‬‬
‫ما هذا الهراء وأين يذهب دور هللا في هذه المقولة‪ ،‬بل أسامح لوجهه‪ ،‬ولم يخطر‬
‫ببالي في تلك الّساعة إاّل قوله تعالی "وهل جزاء اإلحسان إاّل اإلحسان"‪ ،‬ليغلب الخيُر‬
‫فَّي علی شّر االنتقام وأجازي خير هذا الّش اب البار بعجوزه خيًر ا‪ ،‬أخاطب نفسي‬
‫الّش ريرة بما اعتدنا عليه من خير‪ ،‬أحتسبه ضيًفا أعطيته حّقه في الّضيافة‪ ،‬وارضی‬
‫بالّسالمة مغنمًا‪ ،‬وهو ما كان‪.‬‬
‫وبعد سنين طوال عندما بّش روني بمولود جديد مولود ذكر‪ ،‬تراءت لي تلك الحادثة‬
‫فأقسمت أن أسّم يه "ذيب" عس أن يجعل هّللا له من اسمه نصيب ويجعله باًّر ا بوالديه‬
‫وهذا أحسبه ما سيكون‪.‬‬

‫الحمزة محمد الموسى‬


‫القامشلي‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬


‫تضاد‬
‫في أولى ساعات الغسق وقبل اْنِقشاع بضع أنجم من سماء المدينة الُم طَفأة‪ ،‬تسابقت‬
‫عبراتها نحو سهٍل وردّي اللون وقد عانق فردوس عينيها ُحمرٌة تنِّبئ عن طبيعة‬
‫ليلتها‬
‫ُع ِقدت محكمٌة متناقضة األطراف كٍّل منها يسعى ليثبت وجهة نظره إزاء قضية‬
‫الصلة بين الجاني والَم جنّي عليه‪.‬‬
‫_ اهدئي يا صديقتي فّو ضي أمرك هلل حّد ثيه بعبرات صدرك‪ ،‬أجل هو يعلم ولكن‬
‫يحب أن يسمع أحرف مناجاتك و تلعثمك‪.‬‬
‫_هي‪ :‬لقد اكتفيت حقًا لم أعد أقوى على الصمود أكثر لم يعد بإمكاني التغافل عما‬
‫يحصل لقد انتهى مخزوني من الصبر‪.‬‬
‫_ عليه أن يدفع ثمن ُجَّل دموعك لن تغفري له هذه المرة لقد طفح الكيل و أنت في‬
‫كل مرة تسامحينه و تتغافلين عن مدى األلم الذي يسببه لِك إلى متى ستخضعين‬
‫لبراءتك حتى تنهي دموع الليل أمرك؟‬
‫_اصمتي أنِت أيتها المشعوذة إنه أخاها كيف يمكن أن تؤذيه؟؟‬
‫_لكنه آذاها ولم يضع اعتبارًا لألخوة لقد رمى بصلة الدم قبل القلب‪ ،‬شخٌص كهذا ال‬
‫يؤتمن شخص كهذا ال يجب أن يمّر دون عقاب دون محاسبة‪.‬‬
‫_ربما ضغوطه العائلية سبب لما يبدر منه من أفعال مسيئة نحوها‪ ،‬أو ربما العمل‬
‫يرهقه فهو أٌب لثالثة أطفال يكّد كي يجد لقمًة هنيئة لهم‬
‫_ وما ذنبها هي؟ أهي من تسبب المشقة؟ أهي من ُتثِقل عليه بطلباتها؟ ما ذنبها حتى‬
‫يأخذ مالها ويتركها دون شيٍء يعينها على هذه الدنيا؟ البارحة أرسل إليها بأنه يريد‬
‫بيع ِس وارها كما أرسل منذ أسبوعين طالبًا ِع قَدها‪.‬‬
‫_ لكنه في النهاية أخ‪ ،..‬ال يمكنها أن تستغني عنه ففي هذه الحياة ال أحد لها سواه‪.‬‬
‫_ إن بقيُت على صلته فهو في األساس ال يعتبرها سوى مخزونًا للمال كلما أراده‬
‫طلب منها‪ ،‬عليها اآلن أال تستجيب له فإن فعلْت ستجد نفسها ذات يوم بال مكان‪.‬‬
‫_بل ستجلس معه و تحاوره كي تفهم ِلَم يعاملها هكذا وستحاول مساعدته‪.‬‬
‫_ بل ستطرده من بيتها ولن تنبس ِبِبنٍت شفٍة فهو ليس سوى مستغٍل حقيٍر ‪.‬‬
‫_سأفعل ما يجب علّي فعله سأقرضه المال ولكن أيضًا سأحاسبه على معاملتي هكذا‪،‬‬
‫سأعينه وأكون سندًا له وفي نفس الوقت سأجعله في صفي سأحاول جاهدة أن‬
‫أستكشَّف سبب ابتعاده عني‪.‬‬
‫_ستؤذين نفسِك كثيرًا ال تنسي ذلك لقد حّذ رتك سينتهي بِك األمر بال مأوًى تحت‬
‫المطر حتى هو لن يدخلك بيته‪.‬‬
‫_ ستفعلين ما يجب عليِك فعله ستجدين إجاباٍت لكل سؤاٍل يتخّبط في رأسِك وستوقفين‬
‫سيل الدموع مهما كانت إجاباته مريرة‪.‬‬
‫_هي‪ :‬أجل فالسبب يرفع العتب‪.‬‬
‫_هو‪ :‬مساء الخير يا أختي أرجوا أن تكوني أعددِت سوارِك ألنني على عجٍل ‪.‬‬
‫_هي‪ :‬ال يا أخي يجب أن نتحدث أوًال‪.‬‬
‫_هو‪ :‬حسنًا إذًا لنتحدث‪...‬‬
‫_هي‪ :‬لم تفعل هذا يا أخي لماذا تعاملني بهذه الطريقة هل سببُت لَك ألمًا دون قصد‬
‫هل جعلتَك تعاني دون أن أنتبه؟‬
‫_هو‪ :‬ماذا يحدث يا أختي؟ هل هذا بسبب السوار الذي طلبته منِك ‪ ،‬أم بسبب العقد‬
‫الذي أخذتُه منِك أيضًا؟ ال تقلقي سأعيدها لِك عندما تتوافر النقود معي أنا لن أستولي‬
‫عليها‪.‬‬
‫_هي‪ :‬ال أحدثَك عن السوار و العقد بل عن الجفاء الذي تقابلني به عن برود عالقتنا‬
‫األخوية ِلَم تعدني غريبة؟!‪ ..‬تتذكرها عندما تقترض منها ماًال هل هكذا تعمل بوصية‬
‫والدينا؟ هل ُتِر كت هرٌة أمانًة في عنقك؟ أنا أختك‪...‬‬
‫_هو‪ :‬سامحيني يا أختي أنا أعلم أنني مقصٌر معك لكن األعمال التي أقوم بها تشغلني‬
‫من الصباح حتى المساء وما إن أعود إلى المنزل حتى ألتقي باألطفال يغالبهم النعاس‬
‫ويغالبني التعب‪.‬‬
‫_هي‪ :‬لكن هذا ال يعني أال تذكرني إال عند حاجتَك أنا بحاجة لحنانك الستناٍد على‬
‫جداٍر يشبه الذي كنُت أحتمي به خوفًا من الكالِب في طريق المدرسة‪.‬‬
‫_هو‪ :‬أعتذر حقًا يا أختي لن تبِك بعد اآلن سأكون بقربِك وسأحمل دموعِك بين ثنايا‬
‫قلبي لن أجعلِك تفتقرين للسند ستكون أيامنا القادمة أقرب مما هي عليه اآلن‪.‬‬
‫*هي‪ :‬إن شاء هللا يا أخي‪.‬‬

‫إيالف فيصل طويل‬


‫سوريا | إدلب‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫َح شَر جُة الِنزاع الداِخ لي‬

‫كّرس البعض من الفالِس فة الَو قت والُجهد للتمييز بيَن الخير والَش ر فبعُضهم من رأى‬
‫أن اإلنسان يكتسب غراِئز تدَفعُه ِللَش ر‪،‬‬
‫وَبعضهم اآلخر رأى أَّنُه َيكتسب غراِئز تدَفعُه للخير‪.‬‬
‫وإما أن يكون الخير صاِد ر عن نِية َطّيبة وإرادة حّرة أو نتيَج ة وعي ومسؤولية‪.‬‬
‫"من وجِهة نظري الَش خصّية"‬
‫الشر َيتفاَقم وَلِكن الخير ُيحاِو ل المقاومة ِبشّتى الوساِئل‪ ،‬و التحاُلف َبينهم يبدو أمرًا‬
‫شاّقًا للغاية وَفّتاك‪.‬‬
‫فاإلنسان على ِص راع وَج دل ُم سَتِّم ر بين الَع قل الذي هو َم صدر لألفكار الصحيحة‬
‫واليقينّية والقلب وهو منبع للعاِط فة‪.‬‬
‫واالختيار بينُهم في وضِع نا الراِهن َيبدو صعبًا للغاية‪.‬‬
‫في بعض المواِقف َيتخّلی اإلنسان عن مباِد ئه التي تحُك مه بشكٍل ُم َّتِز ن ويحتاج‬
‫شخصيًا الستخدام الشر فَبعض األشخاص ُيرِغ مون الرتكاب األخطاء وفعل ما ليس‬
‫على اإلنسان ِفعُله ليقمعُهم‪ ،‬والرؤية من ِو جِهة نظر َعكسّية تمامًا وُم خاِلفة للواقع‪.‬‬
‫ِح واري اآلن يرَتِكز على الَش خصَيتين الَر ئيستين الشهريَتين ِلَنتطِلع إليِهم ِم ن َج ميع‬
‫َم زاياُهم الُم َتَدهِو رة‪.‬‬
‫حواٌر دائم ُم ستِم ر الجَدل و ِبُطُر ٍق ُم حَتِر فة ‪..‬‬
‫العقل‪ :‬ابذل ما لديك َم ن ُجهد فلسَت قاِد ر على أن َتغُلبني‪.‬‬
‫القلب‪ :‬أنا ُأخطئ في َبعض األحيان فأنا أسيُر خلَف غراِئزي سلبية كانت أم إيجابية‬
‫وأنت لسَت قادر على ُم ضاهاتي سأجَع ُلَك َتذوب َك شمَعٍة َهَلكت من اإلضاءة ‪..‬‬
‫العقل‪ :‬أتعَلم أنَك مهما َفعلت ال يمكن ألحٍد االستغناء عني فأنا أرُك ض خلَف المثالّية‪،‬‬
‫َس تغَر ق بشِّر أعماِلك أُيها الُم سَتّبد‪..‬‬
‫القلب وِبُك ِّل َدهشة‪ :‬ها ِم ن أيَن لَك هذِه الِثقة؟! كفاك أنَت ُم َتَغطِر س وُهم َيسيروَن ِم ثُل‬
‫األسيِر خلَف العواِط ف التي تصُد ر عني فهي ُترضي الُنفوس‪..‬‬
‫العقل ‪َ:‬لِكن الُك ل َيعَلم أنني َم ن ُأجدي نفعًا‪..‬‬
‫القلب‪ُ :‬حّبًا هَّلل كفاَك هراء َس تعَج ز ِلكي ُتقابلني‪..‬‬
‫العقل ‪ :‬األشخاص الَح قيقّين الُم َتشِّبثين ِبمباِدِئهم‪ ،‬من َينُظرون إلى الحياة من الزاوية‬
‫الصحيحة هم من َيختاروني فأنا ال أصُلح إال ِللُعقالء‪..‬‬
‫القلب‪ :‬لكن العقالء لكي ُيصبحوا على ما ُهم عليه‪ ،‬يجب أن يختاروني أوًال فأنا َم نبع‬
‫ِللتجاُرب التي َيمّرون ِبها للتعُّلم ِم َن األخطاء‪..‬‬
‫العقل ‪َ :‬ص حيح فأنَت بالفعل ُم َغ َّفل َترَتِك ب األخطاء وال ُتبالي‪َ ،‬تقع في الَم صاِئب وال‬
‫َتكَتفي فأنَت َع ِط ٌش على روحك‪ ،‬ال ُيجدي الَتحُّد ث معَك نفعًا‪ ،‬حّقًا ال أَح د يعَلم بأّيِة ُلغٍة‬
‫َيحاِد ثك‪..‬‬
‫القلب‪ :‬وماذا عنك أنت أترى نفسك في القمة؟!‬
‫العقل ‪:‬نعم ِبُك ِّل تأكيد‪٠‬‬
‫القلب ‪:‬لكنني أنا من أجُلس في القمة ففي َو قِتنا الراِه ن أنا من أفوز‪..‬‬
‫العقل‪ :‬صحيح لكن الحياة لم تخلو من الخير فهو الَم ِلك دومًا والَم ِلك ال ُيمكن أِل حد أن‬
‫ُيضاهيه قّو ة ‪..‬‬
‫القلب‪ :‬بماذا ينَفع الملك إذ كان ال ُيرضي ميوًال وال ُيشبع َغريزة والشر اآلن هو‬
‫الراِبح‪ ،‬فالُّلعبة بيننا تزداُد حماسا وحب األنا لن َينَتِص ر‪...‬‬
‫العقل‪ :‬سأسعى لتدميِر ك وَس وَف ترى العدل هو من سيسري في نهاَيِة الَم طاف‪.‬‬
‫القلب‪َ :‬تدمير العالم َيقف‬
‫على َخ طوة وأنا المسؤول عنها‪..‬‬
‫العقل ‪ :‬أما بناءه َفيعَتِم د على األقوى فكرًا على صاحب اإلرادة الحرة والنّية السليمة‪،‬‬
‫بناؤوه يتَّو قف على الخير‪...‬‬
‫القلب‪ :‬الخراب هو ُم تعتي وغايتي في بعِض األحيان‪ ،‬ال أنُك ر أنني أكون ذو حكمة‬
‫لكن ِش عاري هو "الشر" والَس عي ِللهالك‪..‬‬
‫العقل‪ :‬اهدأ أُيها الُم َتعجِر ف أنا الخير الالمتناهي وأساُس البناِء الصلِب والفضُل دومًا‬
‫َيعود لصلِب الِبناء ِلَج عِلِه َم تين‪ ،‬األنا فوَق ُك ِّل شيء‪..‬‬
‫القلب‪ :‬أُيها العجوز في الِخ تام َس تفَتِقد ِلُع َّك اَز ِتك التي َتتِكُئ عليها وسيكوُن الموُت‬
‫َح ليُفك‪ ،‬فالّش ر َينتشر‪.‬‬
‫العقل‪ :‬الُم ناَفسة ُم سَتمّرة "وَلن َتتوقف لتفن الَع واِلم" ِلنرى الفاِئز‪.‬‬

‫رؤى فايز المكاوي‬


‫سوريا‪ /‬دمشق‬
‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫عراك في الُلّب‬

‫عندما يعّلق اإلنسان أمله على شيء في هذه الدنيا فإنه يستنزف نفسه بشكل ال يطاق‬
‫يوهم قلبه المسكين و يتوّهم هو اآلخر‪..‬‬
‫_دعيه أيتها الملعونة أال ترين أنه يتألم كفاك إيذاًء له أال يكفيك ما حّل على رأسه‬
‫بسببك؟؟‬
‫_ بل أنت ابتعدي أيتها الموبوءة يا محّبة النور السخيف كل هذا بسبب مهزلتك كم‬
‫أوهمت الفتى حتى تعّلق به‪.‬‬
‫_إنه صديقه وتحصل أموٌر كهذه بين األصدقاء في أساس كل العالقات القوية مشاكُل‬
‫يتجاوزونها سويًا فليس هنالك داٍع لكل خرافاتك‪.‬‬
‫_خرافاتي إذًا أليس كذلك؟ هذا ليس بصديٍق حّتى‪ ،‬إنه عدوه ويجب أن ينتقم منه‬
‫بأسرع وقت اللعنة عليه‪.‬‬
‫_يكفي اصمتي أيتها الشيطانة الجميع ُيخطئ و يجب عليه أن يغفر زّلته وأال ينسى‬
‫سنين الوّد التي جمعتهما‪.‬‬
‫_ بل عليه أن يعد أشّد العقاب و يبدأ بمواضع الضعف التي يعرفها تجاهه‪.‬‬
‫_ أَو تظنين أني سأتركه لك وألفكارك السوداوية أيتها المريضة الملعونة حتى وإن‬
‫كان ذلك سبب في تالشَّي فإنني لن أتركه بين مخالب لتنهشي رأسه بأفكارك المؤذية‪.‬‬
‫_ ليس هنالك داٍع ألفعل أي شيء انظري له كيف يتخّبط بين ذكرياته والمواقف التي‬
‫سانده بها ثم ماذا خذله واستغل أقرب فرصة له ثم طعنه في المكان الذي يعرف أنه‬
‫لن يقوى على تحمله‪.‬‬
‫_ حقًا إنك مجرد شيطان لعين ُم صّغ ر سترين كيف سأخلصه من ألمه وكيف سأجعله‬
‫يعيد الثقة التي تفتت بينهما ‪،‬هو مجرد موقف لن يمحو ما كان في سنوات العمر التي‬
‫قضياها سويًا‬
‫هو‪ :‬ششش يكفي كلتاكما فلتصمتا ال أريد أن أسمع إحداكما تتفوه بحرف واحد إياكما‬
‫أن أسمع كلمة أخرى تنطق بها ألسنتكما‬
‫_اسمعني أرجوك اترك هذه الزجاجة من يدك إنها ال تفيدك و أطفئ هذه السيجارة‬
‫إنها تؤذيك أكثر استمع إلّي قليًال هاّل أخفضت صوت هذه الموسيقى و خرجت من‬
‫هذه الغرفة المظلمة اترك هذه المسالك الشيطانة و دروبها إنك تؤذي نفسك إنها‬
‫تستهلكك‬
‫_ فلتسكتي يا مهووسة النور لن يفيد كالمك الفارغ معه لقد سقط في شباك الالوعي‬
‫التي نصبها حول نفسه ولن تنجحي في استعادته ورّد ه لطريقك المقرف‬
‫_ سترين غدًا ماذا سأفعل يا ُمِض ّلة‪.‬‬
‫ها هي قطرات الندى قد عانقت بتالت الورود بعد ليلٍة عنيفٍة من شجار الرياح مع‬
‫السحاب و تخّبط أوراق األشجار وأغصانها بشكل جنوني‪ .‬راحت الشمس بخيوطها‬
‫الذهبية تتسلل إلى وجهه القمحي وشعره الفحمّي الذي تبعثر بشكل منتظم بعد ليلته‬
‫المأساوية‪.‬‬
‫_ صباح الخير يا ألطف من على هذا الكون هل تشرب شاي النعناع لقد حّضرته‬
‫خصيصًا لك كي نجلس و نتجاذب أطراف الحديث‬
‫هو‪ :‬ال أريد‬
‫يهّم بإمساك ما بقي من إحدى زجاجات األمس ف تحّرك إصبعها محطمًة الزجاجة‬
‫إلى قطع صغيرة نثرتها على شكل وجٍه غاضب‬
‫هو‪ :‬ليس وقتك اآلن اتركيني وشأني‪.‬‬
‫_ سنتحدث واآلن مرغمًا كنت أم راضيًا‬
‫هو‪ :‬حسنًا ماذا تريدين هات ما عندك‬
‫_ استمع إلي ليس في هذه الدنيا إنسان معصوٌم عن الخطأ ليس في اتساع هذا الكون‬
‫أحد لم َتزَّل قدمه عن طريق الخير لكن المأساة الكبرى هي حين يغرق أحدنا بهذا‬
‫الطريق ويتوه أكثر فأكثر علينا دائمًا أن نتشبث بحبال النجاة التي تربطنا به لقد خلقنا‬
‫حاشا أن يتركنا ‪-‬لطيٌف بنا‪ -‬وكل عثرٍة يضعها في طريقنا هي لوحٌة إرشاديٌة لطيفة‬
‫تلفت انتباهنا لضرورة الهرولة إليه فهذه العثرة و كأنها رسالة تنبيٍه على أنه اشتاق لنا‬
‫ولسماع تراتيلنا اليومية وإجهاشنا بالبكاء وطلب عونه‪.....‬‬
‫هو مقاطعًا‪ :‬ال يحبني إنني أعرف أن ما فعله‪ .‬صديقي باألمس ليس سوى خطة منه‬
‫ألنني أبتعد عنه لقد حرق فؤادي بهذا إنني أعصيه نعم أفرط بالشرب وأدخن ولكن ما‬
‫حدث البارحة ليس رسالة صغيرة إنه غاضب مني لدرجة أنه سلبني أكثر صديق‬
‫أتكئ عليه أكثر صديق أثق به‪.‬‬
‫_ على العكس هو يحبك و اشتاق لقربك ولصوتك الجميل وأنت تدعوه بمكنونات‬
‫صدرك وكي ال يتعلق قلبك بسواه أورد رسالة األمس‪.‬‬
‫_ ال تستمع لها إنها تثرثر كالعادة لم يكن يجب على صديقك أن يضغط على وريدك‬
‫وهو يعلم حق العلم أن تلك المسألة تصيبك في الصميم أنت تمسك أشياء كثيرة عليه‬
‫تستطيع أن تلقي به في مهاوي الحفر القاتمة لقد غدر بك طعنك و استغبى قلبك لقد‬
‫ناورَ جيدًا ثم باغتك بضربٍة أحدثت في ظهرك ثقبًا لن يمأله أي صديق ولن تستطيع‬
‫بعد هذا أن تثق بأحد‬
‫_اصمتي أنت وإال‪....‬‬
‫هو‪ :‬يكفي أنا اتخذت قراري بهذا الموضوع ولن تتدخل إحداكما مرة أخرى سأفعل ما‬
‫أريد وكيفما أريد‪.‬‬
‫ساد صمٌت رهيب في المكان خفق فؤادها بشدة و انقبض صدرها خوفًا من أن يكون‬
‫في مرحلة الالوعي المسؤول فهو اآلن في ريعان شبابه حيث اليزال رحيق‬
‫الفراشات يشوش عينيه وكيف أن عصبتيه المفرطة ستحول بينه وبين صديق عمره‬
‫وليس بوسعها فعل شيء طارت حوله كثيرًا حاولت قول العديد من الكلمات رّتلت‬
‫كثيرًا لكن لم ينفع بشيء‬
‫_هل هذا أنت؟‬
‫‪‬‬
‫_هو‪ :‬نعم أنت متفاجئ صحيح فمن يفعل ما فعلت لن يتصور أنه قد يرى ضحيته في‬
‫اليوم التالي‪.‬‬
‫_ أنا أعلم أنك لن تصدقني لكنني حقًا نادم انفطر قلبي لما فعلته البارحة لقد زّل‬
‫لساني حقًا أعتذر منك وأريدك أن تسامحني‪.‬‬
‫_هو وفي عينيه دمعة تحارب لالنحدار على لحيته السوداء‪ :‬هل هذا جزائي؟ هل هذه‬
‫مكافأتي؟‬
‫_وقبل أنا ينبس اآلخر ببنه الشفة يناوله ضربة بقبضته الحديدة تشّج شفته‪.‬‬
‫_ هه ِفداك اضرب هيا نّفس عن غضبك‪.‬‬

‫_وقبل أن يهّم برفع قبضته تذّك ر كلماتها «إن كان هللا الذي منحنا كل شيء و أغدق‬
‫بعطاياه علينا يسامحنا ويغفر لنا بمجرد أن نستغفره فمن أنت حتى ال تغفر زلة‬
‫صديقك الذي ليس لك أفضال عليه»‬
‫فاضت عيناه بالدموع وخّر على األرض منهارًا سنده قائًال‪ :‬تماسك لم تبدأ اللعبة حتى‬
‫اآلن‪..‬‬

‫_عانقه طويًال حتى أحّس أنه سيكسر قفصه الصدرّي وبكى هو اآلخر‪..‬‬

‫_هو‪ :‬سامحتك‪...‬فليسامحك هللا‪.‬‬

‫_ لقد ورث فؤاده من أمه بليٍن معقوٍد بإحكام‪ ،‬جوهره جميٌل يّتجه ذاتيًا لدرب النور‬
‫ويتبع شعاع التسامح‪.‬‬

‫إيالف فيصل طويل‬


‫سوريا ‪ /‬إدلب‪.‬‬
‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫حديٌث وجداني‬

‫صراع‪ ،‬ضياع‪ ،‬تشويش‬


‫من سينتصر؟‬
‫من سيتحكم بي؟‬
‫ملكة الخير أم الشر!؟‬
‫ملكة الخير‪ :‬بالطبع أنا‪.‬‬
‫أال تتذكرين كيف أّن كل الناس أحبوِك ألنِك طيبة‪.‬‬
‫أنا‪ :‬بالفعل كان جواب الكثير منهم سبب حبهم لي أنني طيبة‪.‬‬
‫ملكة الشر‪ :‬اصمتا دعاني أتكلم‪.‬‬
‫‪،‬لكن أغلبهم تجّرأ على أذيتك ألنك طيبة غبية‪.‬‬
‫ملكة الخير‪ :‬الطيبة ليست غباء إنما صفة جميلة!‬
‫ملكة الشر‪ :‬لماذا دائمًا ُتْخ َذ ل؟ ألنها تسمع كالمك‬
‫كم مرًة قلت لِك ردي لهم اإلساءة باإلساءة لكنِك تفعلين ما تقوله لِك تلك‪.‬‬
‫أنا‪ :‬لم أستِط ع حاولت‪.‬‬
‫ملكة الخير ‪ :‬لماذا ترد اإلساءة باإلساءة أليس هللا موجودًا هو من سيأخذ الحق‪.‬‬
‫ملكة الشر‪ :‬اصمتي أيتها الغبية‬
‫أنا‪ :‬كفى لقد أتعبُتماني‪.‬‬
‫ملكة الخير‪ :‬دعِك منها واسمعيني ردي لهم اإلساءة بالخير ليتعلموها منِك األخالق‬
‫والطيبة‪،‬‬
‫وماجزاء اإلحسان إال اإلحسان‪.‬‬
‫ملكة الشر‪ :‬كم مرة بكيتي بمفردك من أذاهم؟ دعيهم يشعرون بما جعلوِك تعيشين به‪.‬‬
‫أنا‪ :‬بالفعل بكيت كثيرًا‬
‫ملكة الخير‪ :‬انتبهي هم لم يروا ولم يشعروا لكن هللا يرى كل شيء لن يتركِك ‪،‬‬
‫إنه يمهل وال يهمل‪.‬‬
‫ملكة الشر‪ :‬هل ستفعلين كما قالت لِك ؟‬
‫أنا‪ :‬نعم‪.‬‬
‫ملكة الشر ‪ :‬اسمعيني ولو لمرة واحدة وسترين ماذا سيحصل!‬
‫أنا‪ :‬كفاِك وسوسة‪.‬‬
‫ملكة الخير غالبة عليِك دائمًا‪..‬‬
‫سأفعل كل شيء تقوله لي‬
‫نحن زائرون في هذه الدنيا‪،‬‬
‫وكل شيء فان‪..‬‬
‫وكل شخص سُيحاسب على أفعاله لذلك ال تحاولي بعد‪.‬‬
‫مريم محمد المحمد‬
‫سوريا ‪ /‬حمص‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫َك ِر هُتَك وكلي حٌب‬

‫شخص واحٌد سيمر على حياتك ليترك أثرًا يدوم فيك ما حييت‪ ،‬شخص واحٌد لن يمَر‬
‫مرور الكرام سيترك فيك شيئًا منه‪ ،‬ربما شعورًا أو روحًا جديدة‪.‬‬
‫في حياِة كل امرٍئ سيمر شخص واحد بشكل غير مألوف‪ ،‬بطريقٍة نادرة تقلب‬
‫حياتك‪ ،‬كنيزكٍ يسقط على أرض خاوية لم يتحرك فيها شيٌء منذ سنوات‪ ،‬رأيُت‬
‫جمال الدنيا بشخٍص واحد ليس بسواه‪ ،‬وكيف لي أن أعرف أن هذا الجمال الذي‬
‫جسده هللا فيك يحوي بسويدائه كل هذا السواد‪.‬‬
‫لم أكن أدري‪ ،‬مشيت على ُخ طا قلبي ودقاته الغير منتظمة‪ ،‬ما كان يتمالكني وال‬
‫أتمالكه حين أراك‪ ،‬أفقد القدرة على التحكم بحواسي كأنها ليست لي‪ ،‬وكأنها من‬
‫أتباعك‪ ،‬جئت على قلبي بطريقة غير معتادة‪ ،‬صورتك تعانق قلبي في كل مرة أراَك‬
‫فيها‪ ،‬تطمح عيناي لضمة من جفونك الفاتنة الفّتانة‪ ،‬أنت راسٌخ في قلبي من الوريد‬
‫إلى الوريد لالنهاية‪ ،‬رغم كل بشاعتك‪ ،‬كل مواقفك الشنيعة‪ ،‬كم بقيُت مخدوعة‪ ،‬كم‬
‫غرتني المظاهر‪ ،‬شخص جميل القالب قبيح القلِب‪ ،‬كم آَلمتني‪ ،‬وأنا صادقٌة بقلِب طفلة‬
‫بلهاء‪ ،‬ما علمت أن جرح الجسد َيطيُب ‪ ،‬وجرح الفؤاِد ال ُيشفى وال يطيب وإن مرت‬
‫عليه السنوات والُد هور‪ ،‬كيف طاوعت نفسك على مقابلة الحب بالكره‪ ،‬والصدق‬
‫بالكذب‪ ،‬قلبك ماكٌر صدقني‪ ،‬رغم أني ما انتظرُت المقابل أبدًا‪ ،‬فالمحبُ إن أحَب‬
‫أعطى كثيرًا لشدة حبِه‪ ،‬ولن ينتظر مقابًال‪ ،‬تلقيُت منَك في كّل مرة بدًال عن نفحات‬
‫حبي‪ ،‬هبوب رياٍح وأعاصير‪ ،‬أهلكتني حقًا‪ ،‬وما تغيرت مشاعري اتجاهك‪ ،‬كنت‬
‫أكذب على نفسي بأّني سوف أنساك وليس قبل أن أخذ ثار قلبي منك‪ ،‬هل أسير بقول‬
‫قلبي الذي أحّب وال يؤذي‪ ،‬أم أطاوع عقلي الذي يود قتلك‪ ،‬يشتعُل العراك بينهما في‬
‫كل مرة أراك فيها‪ ،‬ولكن الشيء الوحيد الذي ال صراع فيه هو كبريائي الذي يحتُل‬
‫كل قرار‪ ،‬لكن قلبي لم يهدأ لشدة ما يلوذ به عقلي من قساوة ليأخذ ثأر قلبي المتقلب‪،‬‬
‫بعد ما أصيب بعقم الحب بسببك وال يرى النجاة إال فيك وحدك‪ ،‬أخيرًا قررت أن‬
‫أرتب الخراب الذي أحدثته بي وسأترك أمرك للرب وحده لعل كّل حبي يعود لي‪،‬‬
‫وكل بشاعتك التي أحببتها أوال تعود إليك‪ ،‬بعد ما أحببتك بكل ما فيك وماتزال‬
‫تالحقني حتى في أحالمي لتراودني فكرة االنتقام من جديد‪ ،‬أعود للنوم كأني مكبلة‬
‫بالحديد تاركًة هلل األمر كله‪ ،‬فالمحُّب ال يؤذي وإن ذاق اللوعة والمرار‪ ،‬فالحُب أشد‬
‫وأقوى من أي شعوٍر آخر‪.‬‬

‫شيماء شحادة‬
‫سوريا‪ /‬ريف دمشق‬
‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫في زمن الفقِر‬


‫ها أنا مشتُت الفكِر أسيُر دون وجهٍة وأحمُل بين كفي مرض أمي وهَّم ُأختي ومخاوف‬
‫أخي تركني والدي في منتصِف عمري‪.‬‬
‫_هذا ما اعتاُد لفعلُه وهو حبك الدائم ولكنني كنُت دائم التذمر منك ومن تصرفاتك‪.‬‬
‫_كان يريدَك أن تكون رجًال صالحًا مثلُه خاَف عليَك من أسوِد العالم‪.‬‬
‫_ أال يكفي نقاشًا هزيًال‪ ..‬أبي توفى بعد معاناٍة مع المرض رحمَك هللا ياأبي كم‬
‫أشتاُقَك ‪.‬‬
‫_وصلُت المنزَل ‪.‬‬
‫_في ريعاِن طفولتي كانت أمي تردُد على مسامعنا دعاَء الشفاِء من المرِض كانت‬
‫دائمًا تصُف لنا نعمة الصحة وكم نحن محظوظين ألننا لم ندخل المستشفى‪.‬‬
‫_ما ظننت يومًا يا أمي أن يكون دعائي هلل أن أدخلها‪.‬‬
‫_أتمنى دخولها كي تتعالجي هناك وتعودين لنا بصحتِك وعافيتِك ‪.‬‬
‫_لكن كيف؟؟؟‬
‫_وكل ما بجيبي ال يكفينا لشراء طعاٍم للغد‪.‬‬
‫_دخلُت غرفَة أختي‪.‬‬
‫_أخي لم ألحظ دخولَك هل لَك وقٌت طويٌل هنا؟؟‬
‫_ال عزيزتي منذ لحظات عدت كيف حالك وحال أمي؟؟‬
‫_بخير ياأخي‪ ،‬منذ قليل كانت في زيارتنا قمر بنت جارنا‪.‬‬
‫_قمر!! كيف حالهم منذ مدة وأنا أفقد لرؤية أباها أليس هنا؟؟‬
‫_يأتي لزيارتهم كل ثالث أشهر فقط سافَر منذ مدة لبالد الخليج‪.‬‬
‫_جلسُت أنا وأختي نتشارُك الحديث عنهم‪.‬‬
‫_كانت عيونها حزينًة جدًا وهي تصف لي روعَة وجماَل الحلل التي ترديها قمر‬
‫وأناقَة مالبسها ورائحة عطرها‪.‬‬
‫_انقضى الليل وأنا ذهبُت إلى غرفتي‪.‬‬
‫_ها أنت مع أفكارك مرة أخرى وآياتَك وصلواتَك كم من السنين ستبقى على هذه‬
‫األساليِب‪.‬‬
‫_ال تستمْع لُه سيخلصَك إيمانَك ‪.‬‬
‫_نعم نعم سيخلصَك عندما تموْت أمَك ويتشتت أخوتك‪.‬‬
‫_النبي يوسف رموا به في البئر وأراَد هللا لُه أن يكون ملك مصر‪.‬‬
‫_لسنا في أيام األنبياء نحن في القرن العشرين‬
‫_ماهي اقتراحاتك إذن؟‬
‫_كانت نفسي تسمع لُه وهي تحترق ألمًا‪.‬‬
‫_إذًا أوًال ستراقب بيت قمر وعند غيابهم ستدخل البيت وتأخذ ما تستحليه نفسَك‪.‬‬
‫ماذا‪ ..‬ما هذا ‪ ..‬أهذا ما كلمنا به هللا ؟! ألم يوصيَك أباَك بعدم السرقة والقتل والشهوة‬
‫والزنة‪.‬‬
‫_ملك الخير لو كان كل العالِم هنا لديهم من المال الكثير ومن الطعام والخيرات ما‬
‫يكفيهم لهم وألطفالهم كانوا جميعًا سوف يطبقون الوصايا في حياتهم لكن لن تعدل‬
‫الحياة إذ طبقت الوصايا واحدة من عشرة أشخاٍص‪.‬‬
‫_كن أنت عكس التيار‪.‬‬
‫_سأموت جوعًا ويموت قلبي حرقتًا ببعد أحبائي‪ ،‬أرجوَك اصمت حتى ننتهي‪.‬‬
‫_قل ما لديك يأملك الّش ر‪.‬‬
‫_لن تذهب للمعبد بعد اليوم‬
‫_ هذا ما شأنه بالخطِة!!‬
‫_تصلي ؟وتسرق؟‬
‫_ممكن أن تصبح المسروقات مقدسة إذ صليَت وتصبح حالٌل عليَك هههههه‪..‬‬
‫_لعنَك اإللُه هيا أكمل‪.‬‬
‫اخلد للنوِم بعد ساعاٍت من النقاِش‪..‬‬
‫_أُّم يوسَف لم تلقى منُه فلسًا واحدًا منُذ أسبوع‬
‫_خالد صديقُه نقَل أثاَث منزله وحده ألن صديقه اعتذَر منُه بحجِة العمل‪.‬‬
‫_العجوز الذي طلَب منه المساعدة في قطع الطريِق لم ينصت إليِه وقطع وحدُه‪.‬‬
‫_رامي طفل جاره المدلل لم يبتسم في وجهِه منذ أيام‪.‬‬
‫_قضى مدة شهر يحاول التقرب من أهل قمر‪.‬‬
‫_وفي إحدى أيام الشتاء زارت مخيلته أيام أبيِه عندما كانوا في طريقهم إلى بيت‬
‫الجد‪.‬‬
‫_يا ُبنَّي اسمع هذه القصة القصيرة‪..‬‬
‫_تفضل ياأبي‪.‬‬
‫_كانت طفلة صغيرة في طريقها إلى المنزل عند مصادفتها لرجٍل عجوٍز كان يترجى‬
‫المارة كي يشتروا لُه القليَل من الطعاِم ليسنَد نفسه بها‪.‬‬
‫_نظرت لجيبها كانت تحمُل القليَل من النقود التي خبئها لتشتري محفظًة جديدًة‪.‬‬
‫_لكن كالم والدتها عن مساعدة المحتاجين تردد في مسامعها‪.‬‬
‫_فأخرجت نقودها واشترت الخبز والجبن وأعطتها لذلك العجوز‪..‬‬
‫_تستعُد للعودِة إلى المنزِل وإذا بصوِت رجٍل يخترُق مسامعها قفي يا طفلتي‪.‬‬
‫_لماذا فعلِت هذا وأنت بحاجِة المال؟‬
‫_وقفت معُه تحدثُه عن حديِث أمها وعن مدى إيمانها بأن مساعدتها للعجوز سيرسل‬
‫هللا لها من يساعدها أيضا‪.‬‬
‫_وبماذا أستطيع مساعدتِك إذًا ؟‬
‫كان رجًال غنيًا صاحَب نفوٍذ ‪..‬‬
‫_توسد الخجُل خداها‪.‬‬
‫_أريُد معطفًا لبرد الشتاء القارس‬
‫_هههه هذا فقط؟ ‪..‬‬
‫_ذهبا واشترى لها ما تريد وتكفَل بتأمين مصروفها ومصروف أمها لفترٍة طويلٍة‪..‬‬
‫كانت جلستي بين المالكين كشخٍص يقُف ع حافِة بركان ال أستطيع العودة وال القفز‬
‫لألمام‪.‬‬
‫_ُنصبت قدماه وراح يتسلُل إلى هناك‬
‫_وصل الخزانة ها نحن ذا‪ ،‬الكثير من المال الكثير من الرفاهية‪.‬‬
‫_عاد لفراشه وهو يفكر ماذا سوف يتوجب عليه فعله األن‪.‬‬
‫_أتصرفَك كان صحيحًا؟؟ هل هذه وصايا أباك‪ ،‬أهذا يرضي اإلله؟‬
‫_أشرقت الشمس ع جفونه المتعبة‪ ،‬وصراخ قمر وأمها‪.‬‬
‫_ ‪.....‬‬
‫_واألن بعد مرور األشهر الطويلة‪ ،‬ها هو من الناس السكرة والعبي القمار‬
‫ومتعاطي المخدرات‪.‬‬
‫_تتسألون عن حال أهلِه!!‬
‫_الزالوا يعانون الفقر والمرض والجوع‪.‬‬
‫_جشعة جعله أعمى ال يرى سوى المال نسيهم كما نسى أباه وربه‪.‬‬
‫_ماذا عندَك يا أبا يوسف ؟!‬
‫_يوجد شاب وشابة يطلبون رؤيتك‪.‬‬
‫_كم مرًة يجب علَّي تنبيهك بهذا‪.‬‬
‫_ال أريد رؤية متسولين أمام بابي‪.‬‬
‫_أطردتهم ؟‬
‫_سيدي ليس متسولين لديهم شيء مهم لَك‪.‬‬
‫شيء مهم؟!‬
‫_لنرى‪.‬‬
‫_أنتم ؟‪..‬‬
‫_ماذا تفعلون هنا؟‬
‫_أتينا لنعزيَك بوفاِة والدتَك وهذا ما أرادت أهدئك إياه قبل رحيلها‪.‬‬
‫_وضعوا له مسبحة الصالة والكتاب ورحلوا دون سماع أي كلمة منُه‪.‬‬
‫أمي توفت؟‪..‬‬
‫_سقط أرضًا‪..‬‬
‫_جلس في غرفته ألشهر يحاسب نفسه ع أخطائه تارًة ويحترق بناِر غروره تارًة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫_حتى أتى َم لُك الموت ليسرق روحُه بخفٍة كما سرق صندوق قمر وأمها بخفٍة أيضًا‪.‬‬

‫نورما عيد الياس‬


‫محافظة درعا‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫بؤس قلب‬
‫أنا على يسارك بإمكانك سماعي‪.‬‬
‫وأنا أيضًا هنا بإمكانك أن تري جناحّي بطرف عينك الُيمنى‪.‬‬

‫‪ -‬فلنبدأ باألمر حاًال‪،‬‬


‫‪ -‬ال داٍع لالنتظار‪.‬‬
‫‪ -‬فقط شاهدي‪ ،‬ضعي هذا القلب بين كفيِّك‪.‬‬
‫‪_ -‬لم أَر قلبًا بهذا الحجم من قبل‪.‬‬
‫‪َ -‬يخيل إلي بأني أعرف هذا القلب‪ ،‬نبضاته المتسارعة‪ ،‬لونه القاتم وشغافه الحزين‪،‬‬
‫أشُعر به‪.‬‬
‫‪ِ -‬لَم يعتصر ألمًا هكذا!‬
‫‪ -‬قلب من هذا؟‬
‫‪-‬قلبِك ‪.‬‬
‫‪ِ-‬لَم هو خارج جسدي ؟‬
‫‪ -‬يهمس داخل ُأذني‪ :‬ألم تقولي بأنِك تعبِّت ِم نه‪ ،‬وتوّد ين لو أنك ُتكملي الباقي من‬
‫عمرك دونه؟ أنا فقط سأريحك منه‪.‬‬
‫‪ -‬لقد قررت ذلك مسبقًا‪ُ ،‬م ذ أن غفوِت وها أنا هنا ُألحقق َم طلبِك ‪.‬‬
‫‪- -‬أشعر بأنني خاوية دونه‪ ،‬ظننت أنني سأحيا بال حزن ال أكثر‪.‬‬
‫‪ -‬أعده‪ ،‬لقد تراجعت ‪.‬‬
‫‪- -‬أتظنين أن األمر سهًال !‬
‫‪ - -‬توقف عن الهمس بأذني فحسب‪.‬‬
‫‪ -‬يرفرف بطرف جناحه ألراه ُقبالة وجهي‪...‬‬
‫‪ - -‬ألم أكن آِّت إليٍك كل ليلة وأرّد د في مسمعك " ال تعلمين شيئًا‪ ،‬كفّي عن الهذيان" ؟‬
‫‪ -‬تجاهلِت األمر ِلثالث لياٍل ‪ ،‬انظري إلى آخر أمل لِك في هذه الحياة‪ ،‬انظري إلى‬
‫كفّيِك ‪...‬‬
‫‪ -‬أنظر ألرى قلبي وقد جّفت دماءه‪،‬‬
‫‪- -‬مال نبضاته لم تعد مسموعة؟‬
‫‪ -‬أراه يعتصر‪ ،‬قل لي؟‪..‬‬
‫‪ -‬يرفرف بجناحيه مائٍل للجهة اليسرى‪.‬‬
‫‪- -‬أوقف هذه المهزلة!‬
‫‪ -‬لقد تراجعت عن األمر‪ ،‬انظر إليها إنها خاويه حقًا‪ ،‬ال دماء تسري حتى بروحها‪،‬‬
‫‪ -‬يجب أن تتوقف اآلن‪.‬‬
‫‪- -‬يهمس مقهقهًا ال تراجع في األمر إال إن غلب يقينها هذا األمر‪،‬‬
‫‪َ -‬دعها تتيقن أوًال‪.‬‬
‫‪ -‬دعها ُتقر بأن ال حياة دون قلب بائس وحزين على هذه األرض‪.‬‬
‫‪ -‬أنت تعلم‪ ،‬الفرح ليس له النصيب األكبر ألي قلب في هذه الحياة‪،‬‬
‫‪- -‬هّيا َخ ّلها وروحها‪،‬‬
‫‪ -‬سيتوقف األمر دون إشارة مني حتى ‪...‬‬
‫‪ -‬أبكي وقلبي بين كفّي ‪ ،‬ال ُأريد أن أكون فارغة‪ ،‬ال بأس بقلب حزين عّله يفرح‬
‫يومًا‪،‬‬
‫‪ُ -‬أردد ‪ -‬ال بأس‪ ،‬ال بأس‪..‬‬
‫‪- -‬تبًا ‪،‬لقد تيقنْت حقًا !‬
‫‪ - -‬هّيا أعيديه لصدرك ‪.‬‬
‫‪ُ -‬يعاود النبض مسرعًا مجددًا ‪ ،‬الدماء تسري بين كفّي من جديد‪.‬‬
‫‪ُ -‬أعيده وأنا أردد ‪" :‬ال بأس"‬
‫‪ -‬يرفرف ويعود لمكانه‪ ،‬وهو يردد "هاهي روحك الخاوية‪ ،‬باتت مأهولة بالحياة‬
‫ُم جددًا‪.‬‬
‫‪ -‬افتحي عينيِك ‪ ،‬إياِك أن تطلبي العيش دون قلب مجددًا‪.‬‬
‫‪ -‬وأنا هنا ‪ُ،‬سخرت ألجلك‪.‬‬
‫‪...... -‬‬
‫‪ -‬أفتح عينّي ودمعي ُيخالط َخ دّي‬
‫‪ -‬أتحسس دفء قلبي‪،‬‬
‫‪ -‬ال بأس‪...‬‬
‫‪ -‬جودي مروان حمامّية ‪ ،‬دمشق ‪،‬سورية‬
‫صدًى تائٌه‬
‫غرفٌة صغيرة قديمة كائنة على سطِح المنزل منسيٌة وأنا مثُلها هي مالذي الوحيد‬
‫عندما لم يكن لي مالذ‪.‬‬
‫يرتاُد زاويُتها تخٌت خشبٌي قديم‪ ،‬الذي من حركتي َفوقُه ُيدخلني بدوامِة ضجيٍج ال‬
‫مخرَج منها‪.‬‬
‫نافذٌة صغيرة ذاُت إطاٍر خشبٍي قديم تتوسد منتصَف الحائط الذي تآكَل ِط الءُه مع‬
‫الزمن‪ُ ،‬تِط ُّل على شارٍع غيُر ُم عَّبد‪ُ ،‬جدراٌن ُأخرى غير مفهومة تليُق بأفكاري‪.‬‬
‫أعواٌم تمأل أعالَي الُجدران َك ذكرى وفاة فريد األطرش‪ ،‬وكوكب الشرق فاطمة قد قاَم‬
‫بتأريخها جدي المهووس بأغانيهما‪.‬‬
‫ُقصاصاٌت من جرائَد قديمة تعود لبعِض الُش عراء والُكّتاب ُم لصقٌة تحتها للذكرى‪.‬‬
‫صوٌر وذكرياٌت ألصدقائي ومن أحببتهم‪ ،‬قمُت بتعليقها في ُم قتبِل السنِة الحالية ظننُت‬
‫أنها َس ُتسعدني ولم أحِس ب أنها ستجلُب لي كل هذه التعاسة‪.‬‬
‫طاولٌة صغيرة فوقها مزهِر َّية يملؤها الزنبُق والياسمين والرائحة ُتنعُش القلوب ُك ّلها‬
‫إاّل قلبي‪ ،‬تحتها زجاجاُت نبيٍذ تعوُد للقرن الماضي أذكُر أنها لجدي الذي لم يحتِس‬
‫النبيَذ يوًم ا‪.‬‬
‫مستلٍق على السرير ُأحاوُل جاهًدا أاّل أتحرك كي ال تصُد ر األصوات الُم زعجة‬
‫وأدخَل بدوامِة الضجيِج تلك‪ ،‬وفوَق رأسي تلَك الساعُة القديمة ِتك ُتك ِتك ُتك أكاُد أن‬
‫أضرَب رأسي بالحائط!‬
‫عقلي مرمٌي منسٌي على الطاِو لة إلى جانب كوب القهوِة البارد‪ ،‬ال أنظُر إليه ألنه ما‬
‫عاد ُيجدي نفًعا تجاَه األرق كعادتِه سابًقا‪.‬‬
‫أسترجُع الذكريات المؤلمة تارًة والجميلة تارًة ُأخرى على أي حال كلها تورُث األلم‬
‫في قلبي‪.‬‬
‫أغُّض الطرف عن عقلي أحاول تجُّنب الدخول بدوامة الحوار البالية مع أبله‪.‬‬
‫‪ -‬أبله! من األبله يا أنت؟!‬
‫‪ -‬آٍه سمعتني‪ ،‬آ أنا لم أقصد‪ ..‬أعتذر‪.‬‬
‫‪ -‬وكيف أقبُل ِاعتذارك وأنت نعّتني باألبله دون أّي إساءٍة مني لك‪.‬‬
‫‪ -‬قلت لك أعتذر ولم أقصد هّيا ُاغُرب عن وجهي‪.‬‬
‫‪ -‬لكنك أال تدري أنَك جرحَت مشاعري يا عديَم المشاعر!!‬
‫عالوًة على أنك تتركني مرمّيًا منسّيًا على هذه الطاولة القديمة وتحسُب أني غافٌل‬
‫عن فعلك القبيح هذا!‬
‫هل نسيت كل معروٍف قدمتُه لك؟! من الذي كان يقدم لك كل المساعدات عندما‬
‫تكون في أوِج حيرتك؟!‬
‫‪ -‬لم أنَس ولكن تخليت عنَك البتة مذ لم أُع د أفتكر لنفسي‪ ،‬هيا ِابتعد عن طريقي‬
‫ودعني وشأني فال قدرَة لي على الدخول بمتاهِة الجدال بموضوع أنا بصدٍد عنه‪.‬‬
‫‪ -‬هذا هَو خطأك الكبير أنك تخليت عن نفسك وعني أيًض ا وأصبحَت تستمع لقلبك‬
‫الساذَج مع أفكاره‪.‬‬
‫‪ِ -‬ابتعد عني‪ ،‬وقلبي ذاك ِاقتلعتُه ورميتُه من تلك النافذة ليدهسُه كُّل مار‪.‬‬
‫أشعلُت سيجارتي رغم أنني لم أتذوقها يوًم ا وأكره رائحتها أيًض ا لكنني أردُت‬
‫مشاهدَة كيفية االحتراق كما بداخلي‪.‬‬
‫هيا أيها األبله ِاحملني قطعتين وضعني واحدًة مكاني وُأخرى َر هُن أحزاني‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فجأًة وإذ بغراٍب أسود يقُف في تلك النافذة الملعونة يحمُل بين جناحيه قلبي الذي‬
‫رميته‪.‬‬
‫أنا هنا لن أدعك تصبُح سجيَن هذا العقل وأفكاره‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ِاحتَّد الحوار بين عقلي وقلبي كٌّل منهما يريُد أن يأُخَذ مكان اآلخر‪.‬‬
‫قلبي بضحكٍة هيستيرية هاهاها َهُلَّم إلّْي أنا ُم نقذَك من قبٍل ومن بعد‪ ،‬الزمني‬ ‫‪-‬‬
‫ولن تندم‪.‬‬
‫قلبي الحزين في النافذة عيناُه اغرورقت بالدموع ينظُر إلَّي نظرَة الوداع األخيرة‪.‬‬
‫شعرُت بالذنِب حياله وأردُت أن أعطيه فرصًة ُأخرى رغم نفاذ الفرِص له‪.‬‬
‫نهضُت من سريري وقلت لهما‪ :‬هاتا ما عندكما من عروض وأنا سأحِس ُم األمَر‬
‫واختاُر الُم ناسب لي‪.‬‬
‫عقلي‪ :‬أنا من سيجعُلك تعيش بِكِّل حريٍة بعيًدا عن كل األفكار المليئِة بالعاطفة‪ ،‬أنا‬
‫من سُيخرُجَك من دوامة الضوضاء تلك التي تحسُب أنها بفعلي ولكنها من فعِل قلبك‪.‬‬
‫سآخذك من دنيا الجحيم إلى النعيم التي تحلم بأن تعيشها مع أفكارَك الجميلة وأوراقَك‬
‫وقلمك التي ستصنع منك الكاتَب العظيم‪ ،‬بأفكاري وطموحاتي معك‪.‬‬
‫‪-‬قلبي الحزين‪ :‬أنا قلبك الذي بي حملت كل أحبابك‪ ،‬تلك الجميلة البيضاء ذات العيون‬
‫الخضراء الُم حببة لقلبك وهي حاضرٌة اآلن في بالك‪.‬‬
‫اصمت‪ ..‬اصمت ال أريد سماع أي شيٍء عنها‪.‬‬
‫عقلي يضحك بُك ِّل فخٍر لتذوقه لّذ َة االنتصار‪.‬‬
‫حزيٌن بعَض الشيء لُم فارقة قلبي ولكنه كان متعبي‪ ،‬واكتفيت من حمل أعباِء الحزن‪.‬‬
‫ها أنا اآلن مع عقلي راٍض على كل ما أفعلُه‪ ،‬أعيُش حياتي متنعمًا رغم افتقاري‬
‫للعاطفة ولكن بهذِه الحال أفضل‪ ،‬ها أنا أعيُش مع قلمي وأوراقي بِكِّل سعادٍة كنُت‬
‫أنتظرها من قبل‪.‬‬
‫سأكون يوًم ا ما أريد بأفكاري الخضراء‪ ،‬بعقلَي الُم تميز‪.‬‬

‫أحمد الخّراش‬
‫سوريا ‪ /‬حماة‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫أيهما ولماذا‬
‫حوار بسيط دار بيني وبين نفسي‪ ،‬تارًة أهدأ كما لو أن النقاش انتهى ووصلت إلجابة‪،‬‬
‫وتارًة أخرى يتملكني الغضب وأبدأ بالصراخ كالمجانين‪ ،‬أيعقل أني أتحير في أمٍر‬
‫كهذا!! مصيري وطريقي‪.‬‬
‫يمكنني وبكل سهولة الوصول لمبتغاي‪ ،‬والعيش كما أريد فرحًا سعيدًا‬
‫لحظة لحظة!‬
‫أسأل نفسي‪ ،‬من أين ستأتي السعادة والفرح؟؟ وأنا بنيُت أحالمي وآمالي على إنقاذ‬
‫حطام اآلخرين‪ ،‬كيف سأنعم بكل هذا؟‬
‫تجاوبني نفسي‪ :‬جواب بسيط وسهل‪ ،‬أنت اآلن وصلت لهدفك وحقتت أحالمك‪ ،‬ماذا‬
‫تريد بعد فـليذهب اآلخرون للجحيم‬
‫يسود الصمت ويهدأ الوضع أحدث نفسي بنفسي (نعم‪ ،‬ولم ال‪ ،‬وماشأني بهم؟‬
‫سأختار‪ ...‬قررت! ‪ ..‬أجل هذا الذي أريد)‬
‫أقول تلك الكلمات في تردد وكأن شيئًا يمنعني من اتخاذ خطوة الوصول للحلم‪،‬‬
‫ينده الصوت الهادئ داخلي‪ :‬هل تعلم ماذا تفعل؟‬
‫لماذا أنت عازم على فعل ما ال ترضاه؟؟‬
‫والعديد من األسئلة جعلتني أغضب وأبدأ بالصراخ (كفى كفى!)‬
‫إنه ليس أنا‪.‬‬
‫هذا الواقع هذه الدنيا واأليام تجبرنا على فعل اآلخرين لنصل لما نريد حتى وإن كانت‬
‫الوسائل خاطئة‬
‫الذي يهم في النهاية النتيجة‬
‫وأنا أريد النتيجة ألني أعيش ألجل نفسي‪ ،‬نفسي فقط)‬
‫وانهار جالسًا على األرض‬
‫نفسي تنظر لي بابتسامة نصر‬
‫والصوت ذاك الهادئ تحول من صوٍت صارخ إلى صوت حاني محاول تهدئتي‬
‫عاد الهدوء وسيطر على الوضع العام‬
‫نظرت لنفسي في المرآة (أنا لست هكذا‪ ،‬لست بهذا الشر والسوء‪ ،‬لماذا انجرف مع‬
‫التيار وأعلم النهاية ستسرني قليال وتدمرني إلى أبد اآلبدين)‬
‫مسحت بيدي على وجهي رسمت ابتسامة لم أجد لها تفسير‬
‫لن أسمح بذلك‬
‫أحالمي آمالي ومبتغاي سأتعب‪ ،‬أجتهد‪ ،‬اعمل وأسهر للوصل لها‬
‫خطوة بخطوة مع ذاك الصوت الحاني الهادئ سنصل‬
‫لن نضر أحد سنساعد الجميع أيضًا‪ ،‬هكذا أنا وهكذا كبرت ‪.‬‬

‫بلقيس يحيى الدوس‬


‫درعا‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫انتصار الحق‬
‫نحن في زمان خلت منه اإلنسانية‪ ،‬تجردنا من اإلحساس وأصبحنا مجرد هياكاًل ال‬
‫مشاعر لها‪ ،‬نسير على طرق مجهولة مظلمة‪.‬‬
‫نمُّد أيدينا أمامنا لنستكشف العثرات‪ ،‬فُينير الخير بداخلنا ضوء يشع من أناملنا ويبقينا‬
‫على قيد الحياة؛‬
‫لكن لكٍّل طريقته في البقاء حيًا والشر أشرس منافٍس للخير بداخل كل منا‪.‬‬
‫األفكار تتزاحم داخل عقلي‪ ،‬وقلبي يتخَّبُط يمنًة ويسرة‪ ،‬أتفكر في الحياة بعمق وما زاد‬
‫هذا التفكير العميق هو قطرات المطر‪ ،‬أتشّو ق عودًة لمنزلي الدافئ ألجلس بجانب‬
‫المدفأة وأضع حيواني اللطيف العزيز داخل معطفي‪.‬‬
‫كنت أصارع الرياح العاصفة كما يصارع القبطان بسفينتِه األمواج وفي طريقي‬
‫رأيت امرأًة تحتضن طفلها الرضيع الباكي وتجلس على الرصيف‪ ،‬وكانت ترتدي‬
‫وابنها ثيابًا بالية رقيقة ال تقي برد الشتاء الشديد وبصوت يخترقه الحزن ويشوبه األلم‬
‫قالت بحرقة‪:‬‬
‫من مال هللا يا محسنين‪ ،‬أعطوني ولو خبزًا‪ ،‬أشفقوا على الصغير فإنه قد تجّم د‪.‬‬
‫وقفت برهًة وعادت األصوات تتصارع بداخلي مجددًا‪ ،‬ووقفت نفسي فاصلة بين‬
‫أكثر األصوات خبثًا واألكثر مصارعة فيما بينها وهما الخير والشر‪ ،‬بدأ صوت الشر‬
‫األسود أوًال‪ :‬ماذا تفعل هي إنها ساذجة‪ ،‬لتعمل في أي مكان‪ .‬إنها ليست عاجزة وكما‬
‫أّن كل زاوية بها فرص عمل‪.‬‬
‫‪ -‬الخير‪ :‬ال يا صديق إنها امرأة مسكينة‬
‫‪-‬الشر‪ :‬من المسكين هنا؟ إذا واصلت التفكير فكلنا هنا مسكين‪ ،‬هذا تركته زوجته‬
‫واآلخر مات كلبه‪.....‬‬
‫‪-‬النفس‪ :‬كفا عن التصارع‪ ،‬لن أساعد أحدًا‪ ،‬سيأتي آخر ال يملك صراعات خرقاء‬
‫بداخله كي يساعدها‪..‬‬
‫‪-‬الخير‪ :‬ماذا أنت بفاعل؟ أتترك امرأة وحيدة وسط هذا البرد القارس وأنت ستذهب‬
‫وتجلس في بيتك مرتاحًا؟‬
‫‪-‬الشر‪ :‬وهو معنٌّي بها؟ أهي أخته أو صديقته مثًال؟‬
‫‪-‬الخير‪ :‬إّن األيام دّو ارة يا عزيزي ولن يبقى كًاّل منا مكانه ثم إن ال شيء يضيع في‬
‫هذه الحياة وكما تدين تدان‪.‬‬
‫‪-‬الشر‪ :‬بل أنا أريد مصلحتك‪ ،‬إن ساعدتها‪ ..‬ماذا ستستفيد سوى أن تخسر بضعا من‬
‫أموالك العزيزة‪.‬‬
‫جلست على صخرة من مقربة منها وهي تجلس قبالتي‪ :‬بل سأكسب ثوابا!‬
‫تردد ذلك الصوت بداخلي وبماذا يعنيك هذا الثواب؟ أهو سيطعمك ام سيطعم جروك‬
‫الحبيب؟‬
‫‪-‬الخير‪ :‬حسٌن تفعل يا صديقي‪ ،‬اذهب اآلن قبل فوات األوان‪.‬‬
‫‪-‬النفس‪ :‬االن اسكتا كليكما‪ ،‬سأقرر بنفسي‪ ..‬ثم توجهت مبتعدا عنها‪.‬‬
‫‪-‬الشر‪ :‬لقد انتصرت!‬
‫‪-‬الخير‪ :‬لماذا فعلت ذلك‪ ،‬ألن تفكر في هذه المسكينة؟‬
‫توجه نحو ماركت صغير واشترى بضعة وجبات خفيفة وبعدها توجه نحو محل‬
‫ألبسة واشترى سترة من الفرو ولحافا قطني وتقدم نحوها‪.‬‬
‫‪-‬سيدتي‪ ،‬الجو ماطر جدا‪ ..‬أرجو أن تقبلي هذا مني‪ ،‬ثم جلس بمقربة منها‪.‬‬
‫لماذا ال تعملين؟‬
‫‪ -‬ال يوجد عمل اذهب إليه إال ويرفضونني عند معرفتهم بأن لدي طفل‪.‬‬
‫صمت برهًة محادثًا نفسه من جديد‪ :‬أرأيت أّيها الشر؟ لماذا تحكم على الناس بهذه‬
‫السرعة؟‬
‫‪ -‬سيدتي‪ ،‬لدى أختي أطفال وهي تحتاج إلى مربية ومن الممكن أن تحضري صغيرك‬
‫معك فهل تستطيعين ذلك؟‬
‫‪ -‬أحقًا ذلك؟‬
‫‪ -‬هذا رقمي اتصلي بي ألزّو دك بالعنوان والزمان‪.‬‬
‫ابتعد متّو جهًا نحو منزله وأفرجت عنه ابتسامة عندما انهالت عليه دعوات المرأة التي‬
‫ادفأت ثلج صدره‪ ،‬كان يفّك ر بقلبه أّنه لوال وجود اإلنسانية والمحّبة لكانت الحياة‬
‫ُقِتلت وألصبحنا وحوش بهيئة كائنات صغيرة تعتمر هذا الكوكب المليء بالظلم‬
‫والمصاعب‪.‬‬

‫غنوة حسام سعود‬


‫حمص‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬


‫حياٌة جديدٌة‬

‫السادس والعشرون من ديسمبر الساعة الثانية عشر ليًال ‪..‬‬

‫أذكُر تلك الليلة جيًدا عندما وقفت دموعي ُتزاِحُم حبات المطر وانطلق أنيني يشارُك‬
‫رعَد السماِء وبرقها بالصوِت العالي‪ ،‬أذكر عندما كان قلبي نافذًة لهواء العاصفة‬
‫البارد‪ ،‬عندما كنت أقف على شرفِة منزلي وقد مَّز قني حزني على الماضي‪.‬‬
‫كنت قد أطلقُت تَّنُهداتي التي تحولت إلى صراٍخ غير مسموع إلى السماِء ‪:‬‬
‫يا رب السموات إنني أصارُع بداخلي أصواًتا أقوى مّني‪ ،‬يتقاتل شخصان بداخلي‪،‬‬
‫تطفال على حياتي ومنحا لنفسيهما اسمين‪ ،‬إّنهما الخير و الّش ر‪.‬‬
‫لقد بُّت شخًصا متناقًض ا و ذو وجهين ‪ ،‬تارًة أكون طيًبا وتارًة أصبُح ظالًم ا في وجه‬
‫الناس‪ ،‬في أِّي تفصيٍل صغيِر في حياتي يدخالن حلبة المصارعة في داخلي ليأتي‬
‫وقت العراك فيتصارعان بشراسِة وبدون رأفٍة على حالي لتنتهي المصارعة بفوز‬
‫أحدهما على اآلخر‪.‬‬
‫فتخرج نفسي بقرار طيب حيًنا وشرًسا حيًنا آخر حّتى أنه من الممكن أن يكون على‬
‫نفس الموضوع لكن في زمنين ُم ختلفين‪ ،‬لقد تعبُت بما يكفي يا رب قد باتوا ينعتونني‬
‫بفاقِد العقل وما أنا بذلك‪ ،‬كُّل ما بي أنني أصارع أصوات بداخلي ال أستطيع‬
‫مقاومتها‪ ،‬أال َو وجدتني جاثًيا على ركبتي أمام المنتصر منها أنِّفُذ رغباته رغم نياِط‬
‫قلبي الذي يتقطع غير معجًبا بالقراِر الصادِر ‪.‬‬
‫ثَّم فجأًة قطَع صوتي ونحيبي امرأٌة شديدُة الجمال‪ ،‬اقتربْت مّني بلطف ثَّم مّست‬
‫شعري بأطراِف أنامِلها الناعمة‬
‫بصوٍت ُم رتجف‪ :‬من أنت ؟!‬
‫‪-‬أنا مخِّلصُتك من عمِق ُحزِنك‪ ،‬وتستطيع أن تطلب شيًئا واحًدا ألخدمك به ‪.‬‬
‫‪-‬أريد نصيحة !‬
‫‪-‬قل لي يا عزيزي ‪.‬‬
‫‪-‬أريد أن أمّيز بين الخير و الشر وأريُد معرفة أّيهما أفضل ‪.‬‬
‫أخذت المرأة الجميلة بيدي إلى مكان رائع الجمال ‪ ،‬بهَّي المنظر‬
‫وقالت‪ :‬ما هذا يا عزيزي ؟‬
‫‪-‬إّنه الخير ‪ ،‬الخير بذاته!‬
‫‪-‬حسنًا ‪ ،‬ال تقرب أّي شيء هنا ألنُه خِط ٌر و سام‪.‬‬
‫ثّم أخذت بي إلى مكاٍن موحٍش كئيٍب وقالت‪ :‬ما هذا؟‬
‫فأجبتها‪ :‬إّنه الّش ر يا سيدتي‪.‬‬
‫قالت‪ :‬خلف هذه الشجيرات يوجد النعيم والخير كّله‪ ،‬ثم عادت بي إلى الُش رفة ‪.‬‬
‫‪-‬مجمل القول يا عزيزي أّنه ليس هنالك خير وشر في الواقع ‪ ،‬بل هما نتاُج طريقِة‬
‫تفكيرنا ومشاعرنا تجاه األشياء‪ ،‬أنت سّيد الموقف وحاكُم ه‪ ،‬أنت من تجعل الخير‬
‫ُبستاًنا في أعماِقك أو تتخَذ من الشِّر سبياًل لبناِء غابٍة موحشٍة ‪ ،‬فاعمل خيًرا تلقى‬
‫الخير‪.‬‬
‫ثم اختفت فجأًة ‪.‬‬
‫استيقظت مذعورًا ‪ ،‬ذهبت إلى المرآة حتى أرى لمسة أناملها الرقيقة‪ ،‬نظرُت إلى‬
‫الساعِة إّنها الثانية عشر والربع‪ ،‬لقد مَّر على حياة الخير ربُع ساعة !!‬

‫غنوة حسام سعود‬


‫حمص‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬


‫هزيمٌة ُم عتادة‬

‫بعَد جميِع الحروب التي أخوضها‪ ،‬ينشُب صراٌع من نوٍع آخٍر في كواليِس نفسي‪،‬‬
‫فأراني نادمًا على كّل ما ُقلته حينًا‪ ،‬وحينًا ال مباليًا‪ ،‬حّتى ُيخَلَق الحواُر العقيم هذا‪:‬‬
‫‪-‬ما كاَن يجُب أن أقوَل هذا‪ ،‬ما كاَن يجُب أن أغضَب بسرعٍة كالعادة!‬
‫‪-‬اصمت اآلن‪ ،‬كان الموقُف يستحّق فعًال‪ ،‬لم نفعل أّي شيء خاطئًا‬
‫‪-‬بلى! لكّنك غير ُم كترث‬
‫‪-‬هل تتوّقع من "الالمباالة" أن تكترث؟ ال تكن أحمقًا أّيها الّندم‬
‫‪-‬أنا لسُت أحمقًا‪ ،‬أنَت ستودي هذا الجسَد إلى مصائَب عديدة دوَن أن تالحظ‬
‫‪-‬وكأن كثرَة قلقك لن تودي بصاحبنا هذا إلى مصّح ٍة عقلّيٍة ِم ن كثرِة قلِقك الغبّية!؟‬
‫‪-‬كاّل أنا ال أبالغ‪ ،‬صاحبنا يفتعُل الكثيَر من األخطاء وال يتعلُم منها بسببك!‬
‫‪-‬حسنًا هل كثرة القلق حول ما حصَل مسبقًا ستغّيُر شيئًا؟‬
‫‪-‬ال‪...‬لكن يمكننا أن نتعلم من أخطاءنا‪...‬أنَت حتى لم ترى أّنها كانت أخطاًء أصًال!‬
‫‪-‬إّني أتمّسك باألسباب اّلتي تجعلني أكثر اطمئنانا‪ .‬ال أفكر بأخطائي‪ ،‬ليَس ألّني ال‬
‫أرى أّنها كانت أخطاًء ‪ ،‬بل ألّنها حصلت ولن يغّير القلُق شيئًا حصل فعًال!‬
‫‪-‬أنَت غبي!!!‬
‫‪ -‬بل إّنك أنَت من يتمّسُك باألموِر والمزعجة ويبقى طواَل الوقِت يفّك ُر بها‪ ،‬يا صاح‬
‫إّنها حياٌة عابرٌة سخيفٌة ال تستحُّق عناَء القلق!‬
‫أنت ستجعل هذا الجسد يموُت لوال وجودي!‬
‫‪-‬وكأّنَك أنَت الذي سُتبقيِه على قيِد الحياة مع عدم وجودي!‬
‫بل إنك ستجعلُه يموُت بأبشِع الّطرِق يا أبله!‬
‫‪-‬أنَت غبٌّي جّد ًا أّيها الّندم!‬
‫* أنتم أيها الشّبان‪ ،‬آسٌف على المقاطعة لكّن جسدي الذي تتناقشوَن حوَلُه يريُد أن‬
‫ينام‪ِ ،‬لذا سأكون بصفك الالمباالة" مثَل كّل مّرة فقط ألنام بسالٍم ‪ ،‬تصبحوَن على خير‬
‫وال أوّد سماع نقاشكم المعتاد ُك ّل يوم!‬
‫‪-‬عقُلَك يصفُق لَك يا صاح إنني أشجعك هّيا ننام‪ ،‬تعبُت جّد ًا من العمل وحديث هؤالِء‬
‫يزعجني حقًا‬
‫*هذا رائع أصبحنا اثنان‪...‬‬

‫آالء حسن عثمان‬


‫سوريا‪/‬طرطوس‬
‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫نقاء روح‬

‫أصواُت سياراِت اإلسعاف منتشرٌة في ُك ِّل مكان‪ ،‬إنها تزداُد و تتقدم إلى المستشفى‬
‫الذي أعمُل به‪ ،‬هرولُت مسرعًة إلى قسِم اإلسعاف‪ ،‬ألقوَم بمهمتي كطبيب وصلت‬
‫السيارات و أنزلوا المصابين‪ ،‬بدأنا بالركِض نحوهم و تفُّح ِص وضعهم كان وجُه أول‬
‫مصاب مشوًها بالكامل‪ ،‬بدأُت بفحصِه وأدركُت وضعُه السيء‪ ،‬حاولُت السيطرة على‬
‫وضعِه مبدئًيا ثم أرسلتُه إلى إحدى ُغ رِف المستشفى‪ ،‬فوضعُه حرٌج للغاية‪.‬‬
‫قد ُأصيَب برأسِه ويحتاج لعمليٍة خطيرة جًدا و تحتاُج إلى بعِض الصور و الدراساِت‬
‫الدقيقة‪ ،‬تسّلمُت أوراقُه ألبدأ بدراسِة حالتُه فقد أصبح مريضي‪ ،‬عندما اطلعُت على‬
‫االسِم شعرُت بصدمٍة كبيرة فهذا االسم قد ُح ِفَر في ذاكرتي‪،‬‬
‫فهو من تسَبَب لي بالكثيِر من المشاكل و كان رادٌع كاٍف بالنسبِة لي‪ِ ،‬اتجهُت إلى‬
‫حديقِة المستشفى و ألقيُت األوراَق بُقربي على المقعد‪ .‬تدبرُت السماَء قلياًل محاواًل‬
‫التخُلَص من تلك الصدمة‪ ،‬أقنعُت نفسي بهذِه الصدمة بأن أحد أعدائي أصبَح مريًضا‬
‫عندي‪ ،‬لكنني‪ ،‬لم أستطع إهماُل تلَك األيام الَم ِك نة التي قضيُتها معُه في سِّن مراهقتان‪،‬‬
‫فالبداية كانت أول أياِم المرحلِة الثانوية فُكّنا في نفِس الصف‪.‬‬
‫كنُت ُم جتهًدا جًدا و هو كان العكس‪ ،‬بدأ األمُر بقليٍل من الِح قد و الُسخرية أماَم الجميع‬
‫إلى الكثير من الِش جارات معه و التي دائًم ا ما تنتهي بالكثيِر من اللكمات الُم برحة‬
‫والتي ما زال آثاُر بعضها في جسدي‪ ،‬عندما بدأت أستذكُر ُك ِّل تلك المأساة ِانتابني‬
‫شعوُر قاٍس بداخلي وقلُت بيني وبيَن نفسي ‪:‬إنني من المؤَّك ِد ُم صاٌب بالُجنون إن قمُت‬
‫ِبمعالجتِه‪ ،‬لو أّني ِاستمعُت ِلـُسخريته َو وقوفُه بطريقي لما كنت اآلن طبيب ‪،‬‬
‫لكن ‪...‬مهنتي إنسانية و يتوجُب علَّي فيها معالجُة جميِع المرضى‪ ،‬لكّني لم أقوى على‬
‫ُم عالجتِه ‪ ،‬ومن الُم ستحيل أن أفعَل هذا ‪..‬البتة بل سأجلُس هذه المرة جانبي الطّيب‬
‫الُم تساِم ح جانًبا و لن أسمح لُه بإقناعي‪ ،‬بل سأسمح للجانِب الشرير مّني أن يقوَم‬
‫بالفعِل الُم ناسب وأن ينتقَم منُه ولو أّد ى بي ذلك الفعل بنهايِة الَم طاف وأدخلني إلى‬
‫السجن‪.‬‬
‫عدُت إلى المستشفى و إذ بي أسمُع الكثيَر من األصواِت‪ ،‬ركضُت إلى الُغ رفة التي‬
‫تخُرج منها األصوات و وجدت طفلًة صغيرة تصرُخ أريُد أبي إّني أحتاجُه وال أقوى‬
‫على فقِد ه‪ ،‬أرجوكم ساعدوني ال تدعوه يموت وكُّل األطباء و الُم َم رضين يطبطبون‬
‫على كتفها ويقومون بمواساتها ُرغَم ِص غِر ِس ِّنها ولكن ما بيدهم حيلة غيَر ذلك‪،‬‬
‫حاولت تهدئِتها معهم و تبَّيَن لي فيما بعد بأن مريضي هو والدها و أنُهما تعرضا‬
‫لحادِث سير و توفيت والدتها منُذ فترة‪ ،‬عندها بدأت حرٌب داخلية في أعماقي‪ ،‬فبعدما‬
‫حسمُت أمَر االنتقام منه‪ ،‬رأيُت طفلته و ما حَّل بهما‪ ،‬عاَد لي جانبي الطيب الحنون‬
‫الذي ال يقوى على إيذاء أحد‪ ،‬عاَد من جديد و هو يرِّدُد بصوٍت قوي في عقلي‪:‬‬
‫أنقذُه ‪ ...‬أنقذُه‪.‬‬
‫و صوٌت آخر‪ :‬بل ِانتقم فهذِه الُفرصة ربما أو من المستحيل أن تتكرَر لك مرٌة ُأخرى‪.‬‬
‫‪ -‬لكن فِّك ر جيًدا قبَل اِال نتقام أُيها الشرير و أمِع ن النظر إلى تلك الِط فلة‪ ،‬فقد ُتوفيت‬
‫ُأمها و سيموُت والدها إن لم ُتجري لها العملية في أسرِع وقٍت ُم مكن‪.‬‬
‫‪-‬بل ليس عليه أن يكترَث ألمِر ها فهَي ستذهُب إلى داِر أيتاٍم بعد موت والدها أو‬
‫يتوالها أحٌد أقربائها‪.‬‬
‫‪-‬بل والدها هو خيُر من يرعاها‪ ،‬ليس قريب و ال دار أيتام‪.‬‬
‫‪-‬أن ُتقضي حياتها بداِر أيتام أجزل لها من أن تقضيها مع شخٍص كهذا‪.‬‬
‫_و ما فعله هذا الشخص؟؟‬
‫_كان ُيضمَر الكثير من الحقد له‪ ،‬و دائم السخرية له و الِخ صام‪.‬‬
‫‪-‬و ما أدراَك أن باقي الناس ال ُتضِم ر له الحقد‪ ،‬و ما أدراك من ال يسخُر منه بحال‬
‫غيابه‪ ،‬فحاله ربما كحاِل الكثيرين دائمين الُسخرية و اِال ستهزاء ال يهمهم مشاعُر‬
‫اآلخرين‪ ،‬بل هذا الفعل يسِبُب لهم السعادة و لكن هو ليس كذلك و لن أسمَح له بأن‬
‫ُيصبح ِبال مشاعر و ال يهمك مشاعَر اآلخرين‪.‬‬
‫‪ -‬و لماذا يجُب عليه أن يهتَّم بمشاعِر اآلخرين و هم ال يهتموَّن بمشاعرِه و يسعون‬
‫لحرِق روحه رويًدا ‪..‬رويدا !!‬
‫_ ألننا بشٌر ؛ ألننا مختلفون‪ ،‬ألن بعضنا من يسيطُر عليه و البعُض اآلخر أنا من‬
‫أسيطر عليه‪ ،‬لكنني متأكٌد من أن من يتمتع بهذا القلب الصافي الذي لديه سأسيطر‬
‫عليه أنا دائمًا‪.‬‬
‫‪-‬لكنه آلمه ‪..‬آلمه كثيًرا‪.‬‬
‫‪-‬لكن لو لم يؤلمُه بكالمه لما تحّد ى نفسه و أرهقها أكثَر بكثير من استطاعتها ‪ ،‬ولما‬
‫وصل إلى هنا‪ ،‬لكنه أراَد أن ُيثبت له أن كالمُه لن يوقفُه‪ ،‬و بالفعل لم يزده ِس وى‬
‫إصراًرا و ِاجتهاد‪.‬‬
‫و متأكٌد من أنه َس ينصدم عندما يقرأ اسمُه كونه طبيبه و من سيجري عمليتُه‪ ،‬و‬
‫سترى نظراَت الندم في عينيه‪ ،‬أرجوَك أيها الطبيب دع جانب عدِّو َك الطِّيب و‬
‫الجميل يعمل‪ ،‬حِر كُه أنت‪ِ ،‬اجعله شخًص ا طيًبا‪ ،‬أو إذا أصبَح طيًبا زدُه طيبة‪ ،‬و ال‬
‫تجعل الشر في نفسك و في نفس ابنته و عائلتُه ضدك في المستقبل‪.‬‬
‫حاولت إنهاء تلَك الحرب الغيُر ُم تناهية بين جانبّْي الخير و الشر‪ ،‬و بدأُت بالتفكير‬
‫بعد تلك المعركة‪ ،‬ربما لديه حٌق فيما يقول فالبذرُة السليمة الخِّيرة ُتثِم ر و تنتشر‬
‫ِثماُرها في الكثير من األماكن‪ ،‬أّم ا البذرة الغيُر صالحة فال ُتثمر سوى الفساد‪.‬‬
‫انتهى تفكيري بصوُت أقداٍم تقترب مني و يقول‪ :‬لقد ِاستيقَظ مريُضَك يا ُد كتور ‪.‬‬
‫ذهبُت مسرًعا إليه و شرحُت له وضعه و خطورَة عمليتِه ‪ ،‬و تركت له الوقُت كي‬
‫ُيفِّك َر في نفسه بالموافقة على العملية أو ال‪ ،‬و لم أذُك ر له من أنا‪ ،‬فلم أرد التشويش‬
‫على ذهنه أكثر من ذلك‪ ،‬و بينما ُيفِّك ر بدأنا بدراسِة وضعه و كيفية إجراء عمليته أنا‬
‫و عدد من األطباء‪ ،‬و كنت متأكد من موافقته‪ ،‬فالوقت يلتِهم من عمره و ليس لديه‬
‫الكثيُر من الوقت‪.‬‬
‫و بعد القليل من الوقت أتت الممرضة و بيدها ورقُة الموافقة‪.‬‬
‫ُس ِر رُت بذلك و توجهنا إلى ُغ رفِة العمليات و بعد ساعات خرجنا و االبتسامة تمأل‬
‫وجوهنا‪ ،‬فلقد نجحت العملية‪.‬‬
‫و عندما استيقظ من العملية دخلَت ألراه و أخبرني أنه لم يكن يستوعب ما يجري من‬
‫الصدمات الُم تتالية عليه‪ ،‬فلم ُيرِّك ز على أِّي حرٍف وجدُه في الورقة‪ ،‬ولذلك لم يقرأ‬
‫اسمي‪ ،‬لكنه منُذ قليل سأل الممرضة و قالت له اسمي شعرُت بتلك النظرة المليئة‬
‫بالندم على تلك الفترة‪ ،‬و بدأنا بالتحدث عنها‪،‬‬
‫قلت له في نهاية الحديث ‪:‬ال تستهن بأي أحد ‪،‬فربما من كنت تسخر منه اآلن‬
‫سيصبح طوق نجاة لك في المستقبل‪.‬‬

‫إيمان طالل مراد‬


‫سوريا‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫كأس واحد‬
‫بدأت يومي مثل باقي األيام‬
‫فأنا طبيبة جراحة أعالج المرضى‬
‫كالعادة دخلت المشفى وإذ بالممرضات يتراكضن حولي ‪ ،‬حادث أليم والطفل مصاب‬
‫إصابات بالغة خطيرة ‪،‬وعلى الفور ذهبت ألنقذ ذاك الطفل ‪،‬دخلت إلى الغرفة وخلفي‬
‫الممرضات وأنا أطلب منهن التحاليل والصور الشعاعية ‪،‬فوجئت من إصابة الطفل‬
‫فقد كان مليئًا بالدماء ال تكاد مالمحه ترى لشدة خطورة إصاباته ومن هول المنظر‪،‬‬
‫بدأت بعملي وطلبت نقله إلى غرفة العمليات‪ ،‬لم أنتبه لوجود رجٍل منكٍّب على سرير‬
‫الطفل ممسكًا بيده ‪،‬قلت له ابتعد ‪ ،‬رفع رأسه وإذا به ‪،‬جمدت الدماء في عروقي ‪،‬نعم‬
‫إنه طليقي وهذا ابنه ‪ ،‬أصابه ما أصابني من ذهول وبدأ يتوسل لي ألنقذ حياة ابنه‪،‬‬
‫للحظات معدودة عادت بي الذاكرة إلى ما قبل ستة سنوات‪،‬‬
‫قرر ذاك الرجل الذي أحببته من قلبي أن ننفصل لعدم قدرتي على إنجاب طفل له‬
‫جعلني امرأًة محطمًة‬
‫بدأت أفكر لعدة ثواني هل أجري العملية البنه أم أنتقم منه؟‬
‫هل أجعله ينكسر كما كسرني ؟‬
‫هل أرّد له الشر بالخير؟‬
‫أيستحق أن أكون سبب فرحه وهو من كان سبب تعاستي؟‬
‫دون أن أشعر رددت قائلة ‪ :‬ال تقلق سيكون بخير ‪.‬‬
‫قررت أن أجري البنه العملية‬
‫ألننا بشر طيبتنا غلبت على الشر فينا‪.‬‬
‫وإن ظلمني في يوٍم من األيام لي هللا هو من سيجبرني‪.‬‬
‫ال ذنب لذلك الطفل وال أمه وال حتى أبيه هذا قدري‪.‬‬
‫مهما كان الشر داخلنا لكنه دائمًا ينتصر الخير‪.‬‬
‫أشعر وكأن شيئًا داخلي ينتفض ويحدثني‬
‫ياحمقاء ال تفعليها هكذا ستكافئينه‪،‬‬
‫ألم تتذكري كيف أبكاك دمًا؟‬
‫بسبب هذا الطفل أنتما لم تستمرا سويًا‬
‫ألنك لم تستطيعي إنجابه‬
‫رددت قائلة ‪ :‬ماذا تريدين ياملكة الشر؟‬
‫أن أرفض إجراء العملية ويموت الطفل أمامي‪،‬‬
‫ما ذنبه ؟‬
‫كم أنا شريرة إن فعلتها‬
‫ماذا سأستفاد غير الذنوب وألم الضمير؟‬
‫نحن بشر ال نحاسب بعضنا هللا يحاسبنا‪.‬‬
‫صرخت ال إراديًا هيا جهزوا غرفة العمليات وبدأت ُأطمئن والدته ووالده ال تقلقا‬
‫سأفعل كل ما بوسعي ليكون بأفضل حال‬
‫دخلت الغرفة وبدأت بالعملية‬
‫بعد ساعتين انتهت وزال الخطر عن الطفل‬
‫االبتسامة مباشرة ارتسمت على وجهي‪،‬‬
‫وخرجت ألبّش ر والديه‪.‬‬
‫ملكة الشر ‪ :‬أحسنت استمري بارتكاب الحماقات بالفعل هذا جزاء من تركك‬
‫بمنتصف الطريق‪.‬‬
‫أنا ‪ :‬اصمتي وال تحاولي معي أبدًا‪.‬‬
‫لن أعامل الناس بمعاملتهم مهما فعلوا بي‬
‫الحياة ستدور وكل ساق سيسقى بما سقى‪،‬‬
‫لن أخَّلد في هذه الحياة‪.‬‬
‫كلنا ذاهبون وسيدفع كل مذنٍب ثمن ذنوبه التي ألحقها بغيره‪.‬‬

‫مريم محمد المحمد‬


‫سوريا ‪/‬حمص‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫سأقفز!‬

‫أخذت جفون عينّي ُتغَلق في حين أنني كنت جالسًا بالقرب من السرير على كرسي‬
‫خشبي‪ ،‬و تحت رفوف الكتب و بجانب لوحات زمن النهضة‪ ،‬حينها لفت انتباهي ذلك‬
‫المغلف الصغير الموجود على حافة النافذة‪ ،‬اتجهت نحوه ألرى ما بداخله و إذ‬
‫بالغبار يغطي غالفه السميك بكثافة‪ ،‬نفخته فتطايرت جزيئات الغبار في أرجاء‬
‫المكان‪ ،‬فتحته و في الصفحة األولى هذا ما ُك تب‪:‬‬
‫أيام عشناها أنا و أمي العزيزة‪ ..‬أمي الغالية‪ ،‬كل شيٍء في حياتي‪.‬‬
‫اشتقت إليك يا أمي‪.‬‬
‫من كان في جميع الصور هو والدي‪ ،‬والدي و والدته‪ ،‬حينها انتابني شعور األلم و‬
‫الكراهية‪ ،‬و أردد لنفسي بصوت عاٍل و غاضب‪:‬‬
‫لماذا يا أيتها السافلة؟! لما فعلتي هذا؟!‬
‫رميت المغلف في نار الموقدة و رأيت الصور رمادًا‪ ،‬سمعت صوت الشر داخلي‬
‫يقول‪:‬‬
‫الشر‪ :‬لما ال تذهب و تقتلها يا رجل؟! لقد فعلت فعًال شنيعًا بحٍق‪.‬‬
‫ليرد عليه رجل الخير في داخلي و يبدأ صراع الخير و الشر في جسدي‪:‬‬
‫الخير‪ :‬أتعتقد أّن الحل الوحيد هو قتلها؟!‬
‫أنا‪ :‬ال أعلم ما الحل‪ ،‬فإني أحترق من الداخل‬
‫الشر‪ :‬و ِلَم االنتظار؟ اذهب إلى منزلها و اقتلها في الحال‪.‬‬
‫الخير‪ :‬غبي‪،‬أحمق‪ ،‬و ما الفائدة من قتلها؟!‬
‫أهكذا يكون الوفاء؟!‬
‫أنا‪ :‬عن أي وفاٍء تتحدث؟‪...‬فهي تركتني وحيدًا بين أكوام الُقمامة و في ظل األوضاع‬
‫السيئة و الطقس البارد‪.‬‬
‫الشر‪ :‬أُّي أٍم تفعل هذا الفعل الشنيع؟‬
‫أنا‪ :‬معك حق يا رجل‪...‬الحل الوحيد للخالص من هذا العذاب هو قتلها‬
‫الخير‪ :‬أتمازحني فعًال؟!! أتعتقد أنك ستصبح في حال أفضل إن قتلتها؟!‬
‫الشر‪ :‬و لما ال؟‬
‫انا‪ :‬سأدخل السجن بتهمة قتل‪.‬‬
‫الخير‪ :‬أرأيت! الحل ليس كما تعتقد!‬
‫ذهبت إلى غرفة النوم خاصتي و أخذت ذلك السالح الذي أخفيته تحت المالبس و‬
‫انطلقت في سيارتي مسرعًا‪.‬‬
‫الخير‪ :‬إلى أين أنت ذاهب؟! و لماذا السالح؟! ألم تُقل أنك سُتسجن إن قتلتها؟‬
‫الشر‪ :‬حّياك يا رجل‪ ،‬هذا ما أردته‬
‫الخير‪ :‬ماذا تنوي؟!‬
‫أنا‪ :‬بالطبع إن قتلتها سأدخل السجن‪...‬لكن إن قتلُت نفسي لن أدخل السجن‬
‫الخير‪ :‬إياك‪ .‬إياك‪ ،‬هذا ليس أنت‪ ،‬لست من يفعل هذه األفعال القذرة‪ .‬أتعلم كم‬
‫ستمضي من الوقت في دوامة تأنيب الضمير و العذاب النفسي؟‬
‫الشر‪ :‬ال تكترث لهذا الهراء و أفعل ما تشاء‬
‫الخير‪ :‬اصمت أنت‪ ،‬فكل ما يفعله اآلن بسببك‬
‫الشر‪ :‬ال مشكلة إذًا! حاول إيقافه إن استطعت‪ ،‬أراك في المطهر!‬
‫نزلت من السيارة حينها و وقفت على صخرة قريبة من إحدى الوديان العميقة و‬
‫المليئة بالضباع الشرسة‪.‬‬
‫الخير‪ :‬إياك يا رجل‪ .‬هذا ليس أنت‬
‫الشر‪ :‬افعلها فالموت أسهل من هذه الحياة المليئة بالعذاب‪.‬‬
‫الخير‪ :‬أي عذاب تتحدث عنه؟!! فإنه يعيش في نعيم‬
‫انا‪ :‬أهذه نهايتي؟؟‬
‫الخير‪ :‬بالطبع ال‬
‫الشر‪ :‬إن أردت ذلك‪.‬‬
‫الخير‪ :‬كف عن العبث بعقله و اتركه يقرر‬
‫الشر‪ :‬األقوى هو من يسيطر و من ثم ينتصر‬
‫أنا‪ :‬سأقفز!‬
‫الخير‪ :‬و لماذا ؟ فحياتك هذه أجمل بكثير مما ستراه بعد قليل‪.‬‬
‫الشر‪ :‬اتركه فحسب‪.‬‬
‫قفزت حينها في ذلك الوادي الخطير و بدأت أحشائي تتطاير‪ ،‬و دمائي تسيل‪ ،‬و‬
‫عظامي تتكسر‪ ،‬رأيت الويل في هذه اللحظة‪.‬‬
‫الخير‪ :‬لما فعلت هذا؟‬
‫الشر‪ :‬أهذا سؤال لي؟!‬
‫أنا‪ :‬ألني مللت من هذه الحياة‪.‬‬

‫حيدر أنور شمسين‬


‫سوريا‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫على قيُد التفكير‬


‫ما بين أن أتقدم خطوًة‪،‬‬
‫وأن أتراجع خطوًة‪،‬‬
‫وأن أتكلم‪ ،‬وأاّل أتكلم‪،‬‬
‫أن أفّرغ كّل ما بقلبي‪ ،‬وأتحدث عن مدى شوقي وحنيني اللَذ ان هّز ا كيان حبي‪ ،‬اّلذي‬
‫تغلغل في أعماِق هيامي‪ ،‬ووصواًل ألرض أحالمي‪،‬‬
‫عشق يزداد من العدِم وينطوي مصطحًبا نبضات قلٍب تتجرع أنفاس الفكر بالحّب ‪،‬‬
‫نفسي تسألني أّيهما المالك‪،‬‬
‫هل المالك ذاك اّلذي يقول لي تكلمي وأفرغي ما بداخلك لعّله يحدث بعد ذلك أمًرا؟‬
‫أم الّش يطان اّلذي سيبعث في نفسي إلى الّظالم بفعلتي هذِه؟‬
‫ياترى لرّبما المالك من سيخبرني بأاّل أبادر بأّي خطوة وأن أكمل عذابي الّد اخلي‪،‬‬
‫وتحطم نفسي وتمزق قلبي‪،‬‬
‫يا نفسي أخبريني‪،‬‬
‫كيف لي أن أميز بين الّش يطان والمالك؟‬
‫لم ال يكون المالك هو المخطئ والّش يطان على حّق‬
‫هل من الّض روري أن أستمع ألحد منهم‪،‬‬
‫أريد خياًرا ثالًثا بين هذين الخيارين‪،‬‬
‫أريد أن ألملم شتات نفسي من ضياعها وضياع أفكارها المقيدة بالعديد من الّش روط‪،‬‬
‫ليس بمقدوري أن أبرح‪ ،‬وأغير من شروطي اّلتي وهبتها لنفسي‪ ،‬وعملت على وضع‬
‫حدود محددة‪،‬‬
‫هكذا علمت نفسي‬
‫لكن‪،‬‬
‫لم نفسي أصبحت تفكر بأشياء أخرى وتضيعني بين الخيارين‪،‬‬
‫أأنا مع نفسي‬
‫أم أنا ضدها؟‪،‬‬
‫هل أنا ذاتي؟‬
‫من أنا؟‬
‫ضائعة لدرجة عدم فهمي بماذا أفكر وبماذا سأفكر!‬

‫يا نفسي قولي لي ماذا أفعل؟‪.‬‬


‫_فكري بعقلك ال بقلبك‪.‬‬
‫_لكن أريد الّطريقة‪.‬‬
‫_فكري بنفسك‪.‬‬
‫_نفسي ال تقوى على العيش بدونه‪.‬‬
‫_إًذ ا فكري بعقلك‪.‬‬
‫_عقلي مستحوذ عليه من ِقبله‪ ،‬ومفاهيمه مبنية على وجوده‪ ،‬وأفكاري كلها تكون به‪.‬‬
‫_إًذ ا فكري بقلبك فلرّبما تصلح الحال‪.‬‬
‫_قلبي منقلب لقلبه‪ ،‬وحبه أصبح فريضة بقلبي‪.‬‬
‫_عبث‪ ،‬الحوار معك عقيم‪.‬‬

‫آمال حميدي دعيبس‬


‫درعا 'بصرى الشام'‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫وسام الخير‬

‫بعد أن تتّم قراءة هذه الكلمات أطلب لي المغفرة من رّبك ألّني سأكون حينها قد‬
‫وصلت لمحّطتي األخيرة في هذه الحياة‪.‬‬
‫أنا الّنقيب إلياس قّناص في الفرقة العسكرّية الّثالثة الّتابعة لقّو ات الجيش األمريكّي ‪،‬‬
‫أنهيت خدمتي العسكرّية بوسام شرف إن استحققته فلمّر ة واحدة عاقبني الجيش عليها‬
‫حينها‪ ،‬سأرويها لكم بالّتفصيل‪:‬‬
‫في أواخر شتاء عام ‪ 2003‬إّبان اجتياحنا للعراق وتحديًدا بغداد‪ ،‬متمركًز ا في برج‬
‫المراقبة الّتابع للّنقطة الّثالثة من خّط الّش مال قبل غروب شمس ذاك اليوم القارس‬
‫أبصرت عينّي حركة في األفق ومع الخوف الذي كّنا نعيشه والقوانين الّص ارمة التي‬
‫تنّص علی منع اقتراب أّي كائن من نقاطنا مسافة تقّد ر بألف متر وقتل كّل من‬
‫يتجاوز هذه القوانين‪ ،‬أخذت بندقّيتي الخاّص ة تلك التي أصبت بها عشرات األهداف‬
‫بدّقة المتناهية (ديث) هكذا كنت أسّم يها حاضرة كصاحبها علی مدار الّساعة‪ ،‬قّربت‬
‫الّصورة بمنظارها ألحّد د ماهّية األجسام المتحّر كة التي أراها وإذ بي أری طفلة ال‬
‫تتجاوز العاشرة من العمر‪ ،‬معها كلب أعرج يجّران مًعا جّثة رجل جاوز الخمسين‪،‬‬
‫من منظار بندقّيتي أدركت تماًم ا أّنه مّيت وأّن الفتاة لم تدرك هذا وتسعی إلنقاذه ومع‬
‫هذا كانت القوانين تملي علّي أن أقتلهم جميًعا‪ ،‬ولكن كيف ال يمكن إلنسان في الّد نيا‬
‫أن يفعل!‬
‫الزلت أسمع صوت مدّر بي في دورة القنص‪ ،‬إّنهم أعداء‪ ،‬اقتلهم‪..‬‬
‫ولكن كيف!‬
‫صوت ضعيف بداخلي "إّنها مجّر د طفلة تهرب بجّثة والدها للحياة"‬
‫إّنهم أعداء كّلهم‪ ،‬يمكن ألطفالهم أن يقتلوا بدم بارد فال تنخدع بمظاهرهم اقتلها‬
‫ياإلهي‪ ،‬مستحيل!‬
‫لقد اقتربت كثيًر ا ستتسبب بالمتاعب أو ستموت هذه الصغيرة ولكّنها مجّر د طفلة‪،‬‬
‫طفلة ستموت إن بقيت بالعراء حّتی الّصباح‪.‬‬
‫يعود الّصوت مّرة أخری‪ ،‬ولكّنها القوانين كّل من يتعّد ی حدود نقاطنا هو عدّو ويجب‬
‫أن يقتل‪ ،‬لذا تالمس سّبابتي زناد البندقّية ويثّبت منظاري مرمی رصاصتي علی‬
‫رأس الّطفلة‪..‬‬
‫توقفني عيناها الّد امعتان‪ ،‬هذا مستحيل ال يمكن لهذه الّص غيرة أن تكون عدًّو ا! إّنها‬
‫تبحث عن القليل من الّد فء فقط‪ ،‬سأسمح لها بالعبور‬
‫كيف تسمح لها بالعبور يطرق الّصوت مّر ة أخری‪ ،‬تقول القوانين بقتلها هي وكلبها‬
‫مًعا وإاّل سيعاقبك القائد اقتلها ليست أّو ل من تقتله وال آخرهم‪،‬‬
‫آه حًّقا هذا صحيح لقد قتلت قبلها الكثير وسأقتل بعدها الكثير إّنهم أعداء يستحّقون‬
‫الموت‪ ،‬يعود إصبعي لزناد بندقّيتي مجدًّد ا وقبل أن أضغطه تسقط الّص غيرة علی‬
‫األرض مغشًّيا عليها من الّتعب والبرد‪ ،‬حسًنا لقد وّفرت علّي أمًر ا في غاية الّصعوبة‬
‫ولكّنها طفلة‪ ،‬طفلة ال يمكن أن أتركها تموت فلتذهب القوانين للجحيم سأذهب‬
‫لمساعدتها‪ ،‬وإاّل فكلبها األعرج ذاك الذي يحاول مساعدتها خير مّني‬
‫ألقيت بعدها بندقّيتي ونزلت مسرًعا من برج المراقبة مهرواًل نحوها استقبلني كلبها‬
‫أيما استقبال‪ ،‬حملتها بين ذراعّي وأنا ألعن إنسانيتنا المزّيفة تلك التي غلبتها رحمة‬
‫هذا الكلب وعدت بها إلی مستوصف الّنقطة‬
‫بعد تلّقيها العالج تبّين أن والدها فالح بسيط أصابته شظّية من شظايا القصف‬
‫المتكّر ر بطائرتنا علی المنطقة‪ ،‬أي أنهما وكلبها أبرياء كآالف غيرهم قتلناهم ظلًم ا‬
‫وزوًر ا ومع هذا لم تغني هذي الحقيقة عّني من العقوبة شيء ودون أن أكترث تلّقيت‬
‫عقوبتي بسعادة بالغة ألّنها كانت دليل انتصار الخير في إنسان مجرم مثلي علی الّش ر‬
‫الذي ترّبينا عليه‪.‬‬
‫أقدمت بعدها علی تقديم أوراق استقالتي وتسريحي من الجيش ألنهي خدمتي بوسام‬
‫شرف علی عملّياتي الّسابقة‪ ،‬وسام ال يليق بنا وال نعرفه ولم أستحّقه يوًم ا غير ذاك‬
‫اليوم‪.‬‬

‫الحمزة محمد الموسی‬


‫القامشلي‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫صمت الروح‬

‫سأقول قوًال‬
‫ال يحق لي قوله‬
‫وال يحق لك سماعه‬

‫أنت حر باختيار سجنك‬


‫أنت نوٌر يحرق النور ليرى الظالم‬
‫أنت ظل لمن خلق الظالم‬

‫وأنت خلقت الظالم بإيمانك الراسخ‬


‫فكان‪ ،‬وكنت (أنت) ظًال له‪..‬‬

‫أنت نور حتى بالظالم‬


‫النور يبدد الظالم ويؤويه‬
‫لو عجز عن إيوائه لما كان كامًال‬
‫وهو كامل منذ قدم الزمان وقبل الزمان‬
‫حيث كان المكان ال شيء!‬

‫كانت المالئكة صامتة صائمة عن الغناء‬


‫وكانت الشياطين ترقد بأحضان الشياطين‬
‫كان الظالم حالكًا بعد أن ساد النور‬

‫وكان سيد النور يقف فوق العرش‬


‫يصرخ بال صوت‪ ،‬ليهز ممالك األرض وما تحتها‬
‫حتى وقفت الجبال رعبًا وجمدت األحجار خشية‬
‫وكان الرعب يدب في قاع البحار واسطحها‬
‫الشجر خاشع والسماء منصته‬

‫حين قال كلمته‪..‬‬


‫أنا بي يكوُن الكْو ن وان لم أكن به‪ ،‬بل قوة بال نور‬
‫ال يراه الوجود إال في عيني‪ ،‬وانا عين قبل عين‬
‫عين تراها‪ ،‬وعين أراك بها‬
‫فلي كل ما لي ولي ما ليس ألحد‬
‫أنا الواحد الذي ال يخاف الشرك‬
‫فأنا هنا قبل أن يأتي من يدعي وحدانيتي‬
‫ثم أخبر األرض أنها أرض‪ ،‬فعلمت أنها أرض‬
‫وال شيء سوى األرض؛ فهي باقية أرض لن تتبدل وأخبر النار والماء والهواء أن‬
‫كل منهم ما هو فكانوا!‬

‫وأخبر النهاية أنها لن تأتي‬


‫وقال للزمن؛ كن ما كانوا ولك أن تغيرهم‬
‫على أن ال يتغير التغيير‪ ،‬فلم يتغير‬

‫وكان الكل منصتًا‬


‫فـ كان ما قال‪ ،‬وهو صامت‬

‫رقصت المالئكة حول العرش‬


‫واستيقظت الشياطين من السبات إلى الجحيم‬

‫وكان اإلنسان في النعيم‬

‫فـ(اختار) ان يعيش على أن يكون‪ ،‬فكان ما اراد كما اراد؛ وكان جاهال حين (أراد)‬
‫أن يكون إنساًنا ليعيش! فما زال االنسان في جحيم الحياة لم يعرف ما يكون‬

‫وال زال صامتًا ‪.‬‬


‫رغد محمد‬
‫سوريا‪ /‬دمشق‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫بين الخيِر والشر‬

‫الخير و الشر ‪ ،‬المالك و الشيطان ‪ ،‬الطيبة و القسوة ‪ ،‬النور و الظالم ‪ ،‬و الكثير من‬
‫األسماء لصراٍع أزلي‬
‫في زمٍن ليَس بعيد وليَس قريب ‪ ،‬بعد الكثيِر من الخيبات ‪ ،‬والعديِد من الطعنات ‪،‬‬
‫والخيانة التي حطمتني ‪ ،‬ومزقتني وحولتني إلى فتات‬
‫حتى إنني حاولت االنتحار في أكثر من مناسبة‪،‬‬
‫كان هناَك شيٌء ينجيني من هذا‪،‬‬
‫أنُه دافُع االنتقام‪ ،‬االنتقام لنفسي و لذاتي‪ ،‬اعتاَد الشيطان على زرِع هذا الدافع في‬
‫قلبي‪،‬‬
‫الشيطاُن الذي بداخلي بدأ يوسوس لي بكِل شيٍء فظيع‪.‬‬
‫يقوُل لي تخلص من هذا وذاك‪ ،‬حطم القيود المفروضة عليك‬
‫يوسوُس لي بأن أفعل ما أريد وما أشاء وما أحب‬
‫كنُت خيَر االبن المطيع ‪ ،‬كنُت االبن البار بوالدِه‪.‬‬
‫غفلُت عن نصائح مالكي وبدأت أنصُت للشيطان‪ ،‬كنُت أطعمه ألذ الشهوات وجميع‬
‫الملذات‪.‬‬
‫سيطَر علي الشيطان‪.‬‬
‫وسيطَر معُه دافُع االنتقام ‪ ،‬والثأُر لقلبي المكسور‬
‫حان الوقت وبدأت لحظة االنتقام ‪ ،‬وضع الشيطان خطة كي أتخلص من ندى‪ ،‬كي‬
‫أنتقم منها‪ ،‬كي أحولها إلى فتات‪ ،‬كي أنعم بالخالص‪ ،‬وأرُد الدين‪ ،‬أن العيَن بالعين‪،‬‬
‫والسُن بالسن والبادُئ بالخطيئة أظلُم ‪.‬‬
‫المالك‪ :‬كال يا عزيز ال تفعل هذا إّن ندى كانت في يوٍم ما محبوبتَك‪.‬‬
‫الشيطان‪ :‬عزيز أفعل ذلك األمر وانتقم منها‪ ،‬هي من حطمتَك وجعلتَك ذليًال‪.‬‬
‫المالك‪ :‬إن المسامح كريم‪ ،‬والكرُم من شيمَك يا عزيز‪.‬‬
‫الشيطان‪ :‬إن من يرُد الديَن هو الكريم‪.‬‬
‫المالك‪ :‬ال تصغي إليه يا عزيز‪ ،‬ال تدع الظالم يسيطر عليَك ‪ ،‬أفتح نافذَة قلبك ودع‬
‫النوَر يدخُل لقلبَك‪.‬‬
‫الشيطان‪ :‬إنَك اآلن ضعيف‪ ،‬تحلى ببعض الشجاعة وأفعلها‪ ،‬حول ضعفَك إلى قوة‪.‬‬
‫المالك‪ :‬إن العطَف قوة‪ ،‬والرحمَة قوة‪ ،‬والصبُر قوة‪.‬‬
‫التحمُل قوة‪ ،‬المودة قوة‪ ،‬حول ضعفَك إلى قوة عن طريِق الرحمِة يا عزيز‪.‬‬
‫لم أعد أسمُع إال جملًة واحدة (حول ضعفَك إلى قوة عن طريق الرحمة) تتكرر‬
‫وتتكرر هذه الكلماُت في رأسي‪.‬‬
‫مر شريُط الذاكرِة أمامي بسرعِة كأنُه فيلٌم قديم‪.‬‬
‫لقد كانت في يوٍم من األياِم محبوبتي‪،‬‬
‫من أجل الوّد فقط‪.‬‬
‫إن الكريَم من يسامح‬
‫إن الشجاع من يصفح‬
‫إن القوي من يرحم‬
‫القوة تأتي من الخير والرحمة…‪..‬‬
‫وبعد أن بدأُت أغرق في الظلمات‪ ،‬أشرقت شمُس الخيِر و أنقذتني‪ ،‬الخيُر نوٌر على‬
‫نور ‪..‬‬
‫هكذا انتصرت قوُة الخيِر على قوِة الشر‪.‬‬

‫صالح صبري المفرج‬


‫سوريا‪/‬حمص‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫صراُع الَهواِج س‬

‫َم َلٌك بجناحين‪ ،‬وشيطاٌن بقرون‪،‬‬


‫يوسوس الشيطاُن تارًة أنا األقوى‪ ،‬والملُك تارًة بل أنا‪ ،‬وكالعادة‪ ،‬أغرُق في بحٍر ال‬
‫ماء فيه َبل كلماٌت ! هواجس َتخُّيلَّية‪ ،‬وكأَّنني في ُلعبة شِّد الحبال!‬
‫هاجٌس يأخذني وهاجٌس يبِع ُد ني ‪،‬‬
‫منُذ زمٍن وأنا تائهة‪ُ ،‬أغِّلف نفسي بقشرة "الّر شد" ولسُت على رشدي!‬
‫إّنها قضّيٌة تستحُّق الّتفكير مرارًا‪ ،‬لكِّنني أرهقت‪،‬‬
‫شعرُت أّني أبحُث عن إبرة في كومِة قش!‬
‫ماذا لو وجدُت اإلبرة! وأقّلب دفاتَر عقلي‪ ،‬وُأقّلب‪ ،‬حّقًا وجدُتها!‬
‫قال تعالى‪ {:‬وَنفٍس وما سّو اها* فألهَم ها ُفجورها وتقواها}_الشمس_‬
‫الَخ يُر والَّش ر‪ِ ،‬م كياالن في يِد الَبشرّيِة أجمع‪ ،‬فإّم ا غذاُء الّر وح بالخير والِو قاية‪ ،‬وإّم ا‬
‫دُّسها بالوساوِس الّش يطانّية ‪،‬في رحِم القلِب جنينان‪ ،‬توأمان غير حقيقّيان‪ ،‬الخيُر‬
‫والّش ر‪ ،‬وما يطغى على اإلنسان هو الجنيُن الذي يغديه أكثر‪،‬‬
‫لذا تجُد تَنّو عًا في بني آدم ‪ ،‬ذاَك يخرُج منه الَّش ُّر كأَّنُه ُم جَّر ٌد من اإلنسانّية والّضمير‬
‫والقلِب ‪،‬وذاَك قد أصبَح مالِئكَّي األثِر والِفعل‪،‬‬
‫ِفي َهذا الُم جَتمع َتجِنيد األغبَياء أصبَح سهًال ِلنشر الكراِهية‪َ ،‬و َتجييِش الَغوَغاء‬
‫ِلُم حاَر بة الخير‪َ ،‬و ِقيام الُم ظاَهرات ِلرَفع َم َظالِت الّش ر‪،‬‬
‫ولكَّن اإلنسان‪ ،‬لكَّن الَّضمير ‪،‬يرتاح بكونه ُم سالم‪ُ ،‬يدرُك راحُته في حياته القصيرة‬
‫يدرك أن الخيَر الذي فعلَتُه اليوَم وكابدَت نفَس َك من أجله سينقلُب لَك في يوٍم خيرًا‬
‫مضاعفًا‪،‬‬
‫ودعَك من مقولة "اعمل خيرًا تلقى شّر ًا"‬
‫بل اعمل خيرًا تلقى راحًة وُحسنًا وأجرًا وخيرًا كثيرًا!‬
‫ولتعلم ‪،‬حياتَك كجداِر العزِل في فلسطين‪ ،‬كالُحدود الّش ائكة‪ ،‬إذا أنَت أردَت تجاوزها‬
‫سترتفُع في وجهك البنادُق ‪ ،‬هل تفُّر إلى الموِت من الموت!‬
‫ال مناَص سُيصيُبَك شٌّر وَس تعبُر مطّباٍت في الحياِة قد تكسُرك‪ ،‬سَيغتاُلك قدُر ما‪،‬‬
‫ويصيُبك الّش ر في حادٍث ُم رورّي ‪ ،‬لكن ال تقف ‪،‬وُك ن ُقنبلًة في وجه الّش ر‪ ،‬بندقّية‬
‫تصيُب الّش ّر في منتصِف رأسه‪ ،‬ال تبديَد للّش ّر ‪ ،‬بل مواجهة ‪ ،‬مواجهة فقط!‬
‫عائشة عماد الّد ين خير هللا‬
‫سوريا ‪ /‬دمشق‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫مع أي طرف أسير‬


‫تتوارى األفكار وتتنازع حول فكرة الجسد ‪ ،‬وغالبية الفالسفة تفصل الجسد عن‬
‫الروح ‪ ،‬بمعنى ‪:‬‬
‫أنا أعرف جسدي ولكن روحي في بعض األحيان تخذلني ‪.‬‬
‫هذا ما هو إال فرضية البعض يصدقها واآلخرون يرفضونها ‪.‬‬
‫ولكنني على يقين بأن جسدي تحت تحكمي ‪.‬‬
‫ولكنني سأخصص الكالم قليًال عن مِلكات الخير والشر ‪.‬‬
‫في يوٍم من أيام حياتي المبعثرة ‪:‬‬
‫كنت مستلقيًة على أريكة المنزل أتأمل حالي وإذ بحدٍس يأخذ عقلي ويقول لي ‪:‬‬
‫انهضي وانتزعي قلبه ‪ ،‬دعيه يكسر يديه قبل وصولها إليك ‪.‬‬
‫ضعيه في سجٍن أبدٍّي وأحكمي القفل عليه جيدًا‪.‬‬
‫ضعي سّم ًا في طعامه واهربي ‪.‬‬
‫اصرخي بوجهه ليعلن االستسالم من قهر حبالك الصوتية ‪.‬‬
‫ال تلتزم الصمت ‪ ،‬ال تكوني خياًال و صورًا ‪.‬‬
‫كوني غضبًا ‪ ،‬عتبًا ‪ ،‬قاتلًة ‪.‬‬
‫فيدور حديث بيني وبين نفسي الشريرة ‪:‬‬
‫_قاتلة؟‬
‫_أجل قاتلة ‪ ،‬هل تريدين زوال هذه اللعنة ؟‬
‫هذه فرصتك ‪ ،‬هيا ال تهدري الوقت ‪.‬‬
‫أضبط مكان جلوسي وأستعد لتنفيذ المهمة ‪.‬‬
‫أسمع بعض من التشجيعات والطبول التي تشوشني وتمنعني من التفكير ‪..‬‬
‫وكأن حربًا بين مالك الخير والشر هذا ينشر سهامه واآلخر يحاول التصدي‬
‫وتحويلها إلى أمل ‪..‬‬
‫ولكن من يفوز ‪.‬؟‬
‫أو أستطيع تشبيهها بسماٍء مليئٍة بسحٍب سوداَء اللون والكثير من التكاثف المزعج‬
‫لألعين باإلضافة إلى المطر المتسارع للوصول لألرض ‪.‬‬
‫ولكن إذا نظرت إلى تلك الزاوية سترى الشمس تحاول الصعود والبروز ‪ ،‬الصمود‬
‫وإزاحة هذا العبء الكبير ‪ ،‬القتال والفوز ‪.‬‬
‫وفي النهاية نيل السالم والهدوء ‪.‬‬
‫فتراني أقف وأشد العزم لقتله ولكنني بذات اللحظة أجلس ‪.‬‬
‫أغمض مقلتّي وأنهار بالبكاء ‪ ،‬وكأن الجاذبية األرضية حدت قوتي ومنعتني من‬
‫الوقوف ‪.‬‬
‫أو كأن الشمس سطعت وأزاحت كل تلك الغيوم ‪.‬‬
‫أو مالك الخير أنهى آخر سهم وحوله إلى أمل ‪.‬‬
‫أسمعه يقول ‪ :‬هناك أمل ‪ ،‬حب ‪.‬‬
‫يذكرني بشيء لطالما نسيته منذ مدة ‪ ( :‬الحب ) ‪.‬‬
‫أحب نفسي ‪ ،‬أحب عائلتي ‪.‬‬
‫ما من أحد يستطيع إنهاء حياة ليست حياته ‪.‬‬
‫إنها ملكي ونهايتها لم تأت بعد ‪.‬‬
‫فأنهض‪..‬أتبرج‪..‬أبتسم ثم أقول ‪:‬‬
‫هذه أنا جميلة بالقدر الكبير ‪ ،‬بالوضع الذي يجعله يرتبك‪.‬‬

‫روان عبدهللا أبو خازم‬


‫سوريا ‪/‬دمشق‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫َخ يٌر ُم نَتِص ر‬


‫يا لتعجُر ِف الّطبيعِة اإلنسانّية‪ ،‬كم أَّنها فطرَّيٌة وجاهلٌة بماهَّيِة الخيِر والَّش ِّر في هذه‬
‫الحياة!‬
‫تتعامُل ِبكِّل غباٍء وخاَّص ًة عندما تأُم ر الَّنفَس بالِّش ّر‪ ،‬فكما نعلُم أَّن الَّنفَس أمارٌة‬
‫بالُّسوء‪ ،‬هنا يكُم ُن دور الُّر وِح الخيرَّية‪ ،‬إّم ا أن تفتَن بالُّسوء وتذهَب في طريقها للَّش ّر‪،‬‬
‫وإَّم ا أن تبقى صامدة متشّبثًة بالخير تأبى أن تلتِفَت لِفتنِة الَّش ر‪.‬‬
‫ُرغم الّصراع الَّنفسِّي الذي سيحدث بين الخير والَش ر‪.‬‬
‫أجد أن اإلنسان مخَّيٌر هنا ليس مسيٌر‪ ،‬يختاُر أن يكون طِّيبًا لِّينًا أو خبيثًا قاسيًا‪،‬‬
‫ما رأيَك بحديثي أُّيها الخير؟‬

‫‪-‬الخير‪ :‬أرى بكالمِك العقالنّية‪ ،‬فالُّر وح البشرِّية مليئٌة باألنانَّية‪ ،‬تفعُل ما يرضيها‬
‫واليهمها الَّطبيعة التي حولها‪ ،‬ولكِّني أفعُل ما بوسعي لكي ال يغريها الَّش ّر ألَّنُه أصبح‬
‫مباحًا‪...‬‬

‫‪-‬الَّش ّر‪ :‬ما باُلَك!‬


‫أنا فقط أحِّقق ذواتهم‪ ،‬ال يهمني من حولهم‪ ،‬يهُّم ني إشعارهم بالَّتمرد‪ ،‬يهُّم ني أن أرى‬
‫الجميع في ألٍم وفزع‪ ،‬فأنا أستلُّذ عندما أرى البشر متخاصمين يأتون إلَّي بكِّل تذُّلٍل‬
‫يرجون مِّني القضاء عليك أُّيها الخير‪...‬‬

‫‪-‬الخير‪ :‬انظر إلّي !‬


‫لن يتزاحموا على بابك أُّيها الّسيء‪ ،‬لن يتركوا أبوابي ويذهبوا لنبع الفساد‪ ،‬فأنا‬
‫أعطيهم الحياة الّنبيلة‪ ،‬أنا الذي أبعُث في نفوِس هم اإليجابَّية والَّطمأنينة‪ ،‬وهذا سيجعلهم‬
‫يطردونك من نفوسهم‪.‬‬
‫‪-‬الَّش ّر ‪ :‬افعل إن استطعت‪ ،‬فأنا لي منزٌل في ذواتهم ويقتاتون يومًيا من أفعالي‪،‬‬
‫آُم رهم بعدم األخالق كي أشبع‪ ،‬وباإلفعال القبيحِة كي ال أظمأ‪.‬‬

‫‪-‬الخير‪ :‬تتحدُث بثقٍة عمياٍء أال تدري بأِّني الوفاء والوالء‪ ،‬أنا دائمًا منتصٌر وأنت‬
‫منهزٌم منكسر‪ ،‬سترى هذا بأِّم عينيك وتعوُد إلي لتعتذر بكِّل تذُّلٍل ‪.‬‬

‫_واآلن اسمحوا لي بالتدخل شاكرًة إياَك أُّيها الخير يا منبع الَّصفاء الُّر وحّي ‪ ،‬أُّيها‬
‫العظيُم بكِّل معانيَك ‪ ،‬دعك من الَّش ر وال تجادلُه!‬
‫فأنت الَّليُن المنتصر‪ ،‬وهو الخاسر المنكسر‪ ،‬جميعنا لدينا عقٌل وقادر على االختيار ‪،‬‬
‫وتأَّك د أَّن البشر إن صادفوا الَّش ر بيوم سيقتلعون جذورُه ويأتوَنك ِبكِّل تأكيٍد فاطمئن‬

‫وفاء منصور حسين‬


‫سوريا(ريف دمشق)‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬


‫مناظرُة أعداء‬

‫‪ -‬بالّرغِم من أّنك عدوّي الّلدود أّيها الشّر‪ ،‬لكنّني سأطرُح عليَك سؤاًال‬
‫‪-‬هّيا‪ ،‬بسرعة ال وقَت لدّي ألمثالَك أّيها "الخير"‬
‫‪-‬كيَف توجُد في قلِب اإلنساِن فجأًة؟!‬
‫تعلُم أنا أولُد مع اإلنسان‪ ،‬أنا فطرتُه أّم ا أنت فـ‪...‬‬
‫‪-‬حسنًا ال تكمل إنني أوَج ُد ألسباٍب عديدة‪ ،‬فـُطرقي التي تمتاُز بالّنوعّية‪ ،‬جميُعها من‬
‫وحشّيِة هذا العالم!‬
‫‪-‬كيف هذا؟!‬
‫‪ -‬غبّي لن أتعّجب منك‪...‬‬
‫إن بحثنا عن ماضي المجرمين سنجُد أّن الحياَة قد سلبت منهم جميع وسائِل الفرح‪،‬‬
‫سنالحُظ أّن أحالمهم ُقِتلت‪ ،‬وطفولتهم ُس ِر َقت ُك رهًا‪ ،‬وخيباُتهم تراكَم ت حّتى أصبَح‬
‫الواقُع في أعينهم أسودًا‪ ،‬والغمامة الرمادّية الكئيبة تلَك تالحقهم دومًا‬
‫‪-‬هذا صحيح‪!...‬‬
‫‪ -‬أرأيت!؟‬
‫أيها الخيُر الغبّي ‪ ،‬أنَت ستولُد فطرّيًا مَع اإلنسان‪ ،‬أّم ا أنا فأتغذى على الضياِع واأللم‬
‫‪ -‬الكثيُر من المتألمين سلكوا طريَق الّنجاح‪ ،‬فـهذا ليَس مبررًا كافيًا لكوِن أّي إنساٍن‬
‫يحمُلَك في قلبه!‬
‫‪-‬نعم‪َ ،‬و هنا يكمن دوُر العقِل في هذا‪...‬‬
‫_سمعُت اسمي هنا‬
‫‪-‬اصمت وارجع لعملك!‬
‫ااٍه سأكمل‪ ،‬وال تقاطعوني فإِن اشتعلُت غضبًا سأحرقكم!‬
‫‪-‬ح‪...‬حسنًا‬
‫‪-‬إذًا أين كنت؟ أجل كنُت أقوُل أن عقل اإلنسان هو من يحدد الطريق الذي سيسلكه‪،‬‬
‫ليَس الجميُع يمتلك الصفاَت ذاتها‪ ،‬إذًا لن يكوَن لألشخاص ردأت فعٍل متشابهة!‬
‫‪-‬أظّن أنني فهمُت ما ُتريُد إيصاله‬
‫‪ -‬أفحمني اآلَن هّيا!‬
‫‪ -‬أنَت تحاوُل إيصاَل فكرَة أن الوحَش ال ُيخَلُق وحشًا؟!‬
‫‪ -‬تمامًا‪ ،‬أقصُد هذا‪ ،‬وأقوُل لَك أنني ال أوَلُد ُم َتأّص ًال بطّياِت اإلنساِن أبدًا‪ ،‬وهذا ما‬
‫يجعلني مكتسبًا أّيها األبله!‬
‫‪-‬إذًا ال لوَم يقُع على األشرار؟!‬
‫‪-‬ليَس تمامًا‪ ،‬لكن هناك كمّيٌة كبيرة من اللوم على محيطه!‬
‫‪-‬كيف هذا؟‬
‫‪-‬أقصُد أّنه لو وجَد من يوجهه بالّش كِل الّص حيح لما سلَك أّي نوٍع من أنواعي!‬
‫ُيالُم المجتمع على معاملتِه الخاطئة للذين يحملونني في داخلهم!‬
‫‪-‬أتعلُم أمرًا‪...‬؟‬
‫‪-‬ماذا؟!‬
‫‪ -‬الشيء الوحيُد الذي استنتجتُه من هذا الّنقاش‪ ،‬أّنَك تحملني بداخلك‪ ،‬لكنني مدفون في‬
‫عمقَك ‪ ،‬حّتى الّش ُر يحمُل خيرًا!‬
‫‪ -‬أوه‪...‬رّبما أنَت على حِّق أّيها األبله‬
‫‪ -‬أظُّن أنني على وشِك أن أصادق شخصًا آخر!‬
‫‪-‬لن يحدث هذا في أحالمك!‬
‫‪-‬هه سنرى!‬

‫آالء حسن عثمان‬


‫سوريا‪ /‬طرطوس‬
‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫انفصام مشاعر‬

‫دومًا ما أفشُل في تحديد مشاعري للّناس مهما كانت عالقتي ِبهم‪ ،‬فتراني تارُة أحّب‬
‫فالنة وتارًة أكرهها‪ ،‬تارًة أحّب نفسي وتارًة أمقتها‪ ،‬وأحّب وطني حينًا وحينًا آخَر‬
‫أبغضه‪ ،‬دومًا ما تنفصُم أحاسيسي ليشّك لوا الحواَر اآلتي‪:‬‬
‫‪-‬يجب علينا أن نكون متفقين لمّر ٍة واحدٍة أّيها الُك ره!‬
‫‪-‬ماذا تفّضلت؟‬
‫‪-‬أقوُل أن هذا اإلنساَن الساذج يجُب أن ُيحدد مشاعره تجاه كّل شيٍء حوَله!‬
‫‪ -‬حسنًا‪ ،‬ليَس ذنبي إن كان أحمقًا‪ ،‬فـأنا أكرُه من يوُّد أن يؤذيني‪ ،‬فإّني أحافُظ على ماِء‬
‫وجهي وال أسمُح ألحٍد أن يحتّك بكرامتي أّيها "الحّب " الغبّي‬
‫‪-‬احترم نفسك‪ ،‬أنا فقط أعطي الكثيَر من الُفرص وأساِم ح اّلذين من حولي!‬
‫‪-‬مع عدم احترامي‪ ،‬إّنك أحمق!‬
‫فجميُع األموِر اّلتي آذوَك بها ما كاَن عليَك أن تسامَح هم عليها وتستمَّر في حّبهم أبدًا‬
‫‪-‬لماذا؟!‬
‫‪-‬إّنَك تعطيهم مجاًال أكبَر لطعنك سيفعلونها مئاَت المّرات ألّنَك سامحتهم!‬
‫‪-‬لكّنهم تأسفوا واعتذروا!‬
‫‪-‬تبًا‪ ،‬هل االعتذار ُيرِمُم الجرَح اّلذي باَت في قلِب صاحِبنا؟‬
‫‪-‬اذا‪..‬أجل!‬
‫‪-‬كاّل أّيها األحمق!‬
‫‪ُ -‬حّبَك لم يفيدَك في ترميِم جراِح ك‪ِ ،‬لذا إنني أجعُل صاحبنا يكرُه جميَع من حاول أن‬
‫يسبب له ضررًا أّيًا كان!‬
‫‪-‬هذا خاِط ئ‬
‫‪-‬كاّل ‪ ،‬لم يهِز م صاحبنا أحد إال أولئك الذين منحهم ثقَته‪ ،‬لطالما كانت يُد األعداء‬
‫بيضاء وال غدر فيها‪ ،‬أما يُد أولئك الذي أحّبهم صاحبنا هي التي افتعلت جميَع‬
‫المعارك!‬
‫ِلذا أنا أقوُم بحمايِة صاحبي أّم ا أنَت فتهلكُه‬
‫"صوُت صراٍخ يقوُل‪ :‬اصمتوا‪ ،‬أريد الّنوم لعنُة ِهللا عليكم"‬
‫دومًا ما تنتهي معاركهم‪ ،‬بهزيمتي! !‬

‫آالء حسن عثمان‬


‫سوريا ‪/‬طرطوس‬
‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫صراع الروح‬

‫السيجارة الثامنة و العشرون‪ ،‬الساعة تقارب الثانية فجرًا‬


‫البرد قارٌس هنا‪ ،‬و األمطار غزيرٌة‬
‫الظالم حالٌك‬
‫و كأن شحوبًا في هذه الحياة‪ ،‬قد أصاب كل الدنيا ‪.‬‬
‫أفكاٌر متضاربٌة‪ ،‬و ذاكرٌة متخمٌة‪ ،‬منهكٌة‪ ،‬متعبٌة ‪.‬‬
‫بركاٌن يثور في داخله‪ ،‬غضٌب أوقدت ناره تلك الخائنة ‪.‬‬

‫صراع يدور في نفسه‪ ،‬أ أفعل ؟! أم ال ‪.‬‬


‫صوٌت يهمس في أذنه‪ ،‬أن تجاهل كل ما حصل‪ ،‬تابع مسيرتك و ال تلتفت للوراء ‪.‬‬
‫و آخر يقول ‪ :‬ال تتركها بعد أن مّز قت روحك‪ ،‬و قتلت قلبك‪ ،‬كن كالنار التي ال ُتبقي‬
‫و ال َتذر ‪.‬‬

‫يرد األول قائًال ‪:‬‬


‫ألم تكن ذات يوٍم صاحبَة قلبك و ملكة فؤادك ؟!‬
‫اتركها لعذاب ضميرها‪.‬‬

‫يهمس الثاني بحدة أكبر قائًال‪ :‬لقد قتلت هذا القلب و قّطعت أوصاله‬
‫لم تترك فيه جزًء يغفر‪ ،‬فِلم الصفح ؟! ‪.‬‬

‫األول ‪ :‬كن كالمطر‪ ،‬أينما سقط‪ ،‬أحيا ‪.‬‬


‫َذ رها لتِع ش حياتها كما أرادت‪ ،‬و ستشعر بتلك الغربة يومًا ما ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬بل كن كالبرق‪ ،‬أينما سقط دّم ر كل من حوله‬


‫ال تترك جرحك مكشوفًا كي َتُلكه الحياة كل يوم ‪.‬‬

‫األول ‪ :‬لقد كان يؤذيك ما يؤذيها‪ ،‬و يقّض مضجعك ما يحزنها‬


‫أتستطيع أن َتزرع الحزن في قلبها بيدك ؟! ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬هي !! ‪ ،‬لقد فعلت‬


‫فلماذا لم تفكر حتى في مشاعرك و قلبك الذي انفطر على ما فعلته بك ‪.‬‬
‫لم تفكر فيك حتى‪ ،‬فكيف ستعذرها‪ ،‬انتقم ‪.‬‬

‫األول ‪ :‬خذها مني يا أنا ‪.‬‬


‫ما الفائدة التي ترجو إن آذيتها ؟!‬
‫إن زرعت الخوف و الحزن في قلبها ؟!‬
‫ألم تكن أنت أمنها و أمانها‪ ،‬ذات خيبة حّب ؟!‬

‫الثاني ‪ :‬ما الذي يقوله هذا؟!‬


‫صدقني‪ ،‬ستتجرع األلم و العذاب ما حييت ‪.‬‬
‫ستتمنى الموت في كل يوم آالف المرات و لن تجده ‪.‬‬
‫انتقم لنفسك‪ ،‬انتقم لقلبك و روحك ‪.‬‬

‫األول ‪ :‬لقد قتلت روحك و مّز قت قلبك‪ ،‬و أذاقتك من الويالت الكثير و الكثير‪ ،‬و لكن‬
‫هل أنت مستعٌد لتأنيب ضميرك وقلبك ما حييت‪ ،‬إن آذيتها ؟!‬
‫إذًا فافعل‪ ،‬افعل ما يمليه عليك شّرك األسود ‪.‬‬
‫كن أنت‪ ،‬ال تترك ظالم األيام يلّطخ قلبك ‪.‬‬
‫اصفح و سامح‪ ،‬و اترك عجلة الزمان تدور‪ ،‬فهي عائدٌة ذات يوم ‪.‬‬
‫فكن مستعدًا متأهبًا‪ ،‬في أجمل ُح ّلتك ‪.‬‬
‫كل شيٍء سيعود إلى هيئته‪ ،‬فدائرة األيام ال ترحم ‪.‬‬

‫أمير الديراني‬
‫سوريا‬
‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫هشاشة روح‬

‫أسود ‪:‬‬
‫أعجُب منه حًقا‪ ،‬كل تلك الَدمامة في هيئتِه‬
‫و يتصرُف كاألطفال‪ ،‬و َيرتدي كاألطفال‪ ،‬يلعُب كاألطفال و يتكلُم مثلهم‪ ،‬يلهو ِم ثَلهم‪،‬‬
‫غير أنهم يخافوَنُه ِلُقبِح ه‪.‬‬
‫في ُك ِّل يوم يلتقُط لنفسِه ِبضَع صوٍر لَيضعها على مواقِع التواصِل االجتماعي ليراها‬
‫الناس وال أعلُم لماذا!‬
‫ما الذي ينتظرُه ذاك الُم َتصابي ؟!‬

‫هل سيحِقُق إنجاًز ا عظيًم ا بهذا؟!‬


‫أم سيكوُن محَّط ُسخريِة الجميع ؟!‬

‫أبيض ‪:‬‬
‫على ُرسِلك يا هذا‪ ،‬ما كل هذِه السوداويَة التي َتمِلكها في قلبك‪،‬‬
‫ما ِبك ؟!‬
‫و ِلما تتكلم عنه بُك ِّل هذه السوداوية‪ ،‬وبهذا الكِّم الهاِئل من الُسخط و اِال شمئزاز ؟!‬
‫هل آذاَك بشيء ؟!‬
‫أخبرني !!‬

‫أسود ‪:‬‬
‫هو لم يؤذني قط و لن يستطع‪.‬‬
‫و لكن أمتعُض من تصُرفاِته ِتلك‪ ،‬دائًم ا ما َأسأُل نفسي ما الذي يدوُر في رأسه وِلَم‬
‫يفعُل هذه األفعال وهَو غيُر مرغوٍب به‬

‫أبيض ‪ :‬دعُه وشأُنه لماذا ُتفِّك ر ِبه أتعرُف شيًئا عنه ؟!‬
‫أجزُم بأنك ال تعرُف أي شيء ‪.‬‬
‫هو بشٌر أيضًا يملُك من المشاعِر و األحاسيس ما تمِلك أنت وله خاطٌر إذ شعَر‬
‫بُسخريٍة من أحد سيتمَّلكُه شعوُر الُبكاء‪.‬‬

‫أسود ‪:‬‬
‫نعم ربما‪ ،‬و لكن ليس مثلي ‪.‬‬
‫أبيض ‪:‬‬
‫ربما هو يحاوُل الفراَر من َدمامته‪ ،‬و مما فعلُته في نفسه‪ ،‬ليهُر َب إلى الحياة‪ ،‬التي‬
‫ُح ِر م منها الكثير وهو في أمِّس الحاجة لمتطلباته‪.‬‬
‫لربما يحاوُل العيَش رغَم هروِب الجميع منه وشعورُه بالنفي الُم طلق‪.‬‬
‫يحاوُل ِبشّتى ُطرِق المحاولة أن ينسى‪ ،‬و ينأى بنفسه عن ُك ِّل ما حوله‪.‬‬
‫أتريد أن تعاقبه على محاولته للحياة وتفكيُره بتغيير الشيِء الذي نشَأ عليه؟!‬
‫حًقا إنها لُم حاولُة قمٍع ال ُتغتفر‪.‬‬
‫أسود ‪:‬‬
‫فليعش كما يشاء ولكن ليبتعد ويذهب حيُث ال أحد من حوله ‪.‬‬
‫أبيض ‪:‬‬
‫الحياة ليست ِم لُك ك وحُد ك و أنت لن تستطع أن ُترِغ مُه على طريقٍة للحياة تالئم‬
‫راحتك فهو لم ُيخلق ليعيش كما تشاء أنت وغيُرك‪.‬‬

‫أسود ‪:‬‬
‫ال أستطيُع رؤيَة تلك المهزلة و أبقى مخنوَق التفكيِر و اإلحساس ‪ُ ،‬م قفَل الفم وال أغّير‬
‫شيء‪.‬‬

‫أبيض ‪:‬‬
‫ال تالحقُه و تجاهله‪ ،‬ما دام ُيزعجَك إلى هذا الحد‬
‫اتُركه و شأُنه اهتَّم بنفسَك و بشؤونك فقط فليَس من حِقك التدُّخ ل في شؤون اآلخرين‪.‬‬

‫دِّع الناَس يعيشوَن حياَتهم كما أرادوا‬


‫و ِع ّْش حياَتك كيفما تشاء‪.‬‬

‫دِّع الخلَق للخالق و ال تلتفت ألي أحد وال تتدخل قّط بأموِر أحد‪.‬‬
‫اجتهد بنفسك وِلنفسك كي تنجو‪ ،‬و كن أنت فقط وليَس اآلخرين‪.‬‬

‫ُك ُّل الناِس لديهم َدمامتهم الخاصة بهم‪.‬‬


‫َدمامة األخالِق والقلب والروح ولكن ليَس من شأِن أحٍد مّنا التدُخ ل بأحد‪.‬‬

‫أمير الديراني‬
‫سوريا‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫ما بين الخير والشر‬

‫مازالت تحتويني عاداتي الطفولية‪...‬‬

‫ما زلت أكلم نفسي أمام المرآة‬

‫أخجل من مواقفي وكالمي‬

‫مازال الضياع يسكنني‬

‫بين القلب والعقل‬

‫بين كتب الدين وكتب الفلسفة‬

‫في اليقظة واألحالم‬


‫أجدهم ‪...‬‬

‫الخير والشر‬

‫نعم‬

‫الخير هو الذي خلق معي في رحم أمي‬

‫أم الشر هو الذي قد كبر مع عداد عمري‬

‫الخير والشر‬

‫ليتُه سقد شر كما سقط بقيٍة من الحبل السري‪.‬‬

‫سأعني بالخير ما نحن موقنون من منفعته لنا‬

‫أتفق مع الفيلسوف برتراند راسل هذه المقولة‪...‬‬

‫كما كنُت أراهم دائًم ا هما شخصان بالنسبة لي‬


‫الخير والشر هما مجرد شعورًا نملكه تجاه األمر‪،،‬لكن تعتمد علينا ميزة التفريق‬
‫بينهما‬

‫أم بالنسبة لديانات السماوية‪...‬‬

‫فهي رفعت مفهوم الخير إلى مرتبة عليا وجعلتُه من صفات وأعمال هللا‪،،‬أم بنسبة‬
‫لمفهوم الشر مع تطور الوعي اإليماني نفى إنسان فعل الشر عن هللا وأعوزه إلى‬
‫الشيطان‪.‬‬

‫يولد اإلنسان حرًا وال بد أنه يولد خيرًا ولكن ال يولد شريرًا‪،،‬وذلك لدليل طفولته التي‬
‫تتمحور كيف كان يعيشها ولكن ال تخلو من األنانية‪،،‬كما مل طفل يعتبر نفسه محور‬
‫العالم ويريد كل شيء لنفسه وال يميز بين المصلحة الفردية والعامية‪..‬‬

‫كما يمكننا تكلم عن فعل الشر لدى الطفل فهو كالكذب والخداع والسرقة واألذية‪..‬‬

‫كما لو أن السلوكان يتوقفان على مدى التوجيه الذي يتلقاه من خالل التربية والمحيط‬
‫العائلي واالجتماعي‪..‬‬

‫دعوننا ندخل في كتب علم النفس ودراستها قليًال "النفس اإلنسانية وحاالتها المتغيرة"‬

‫الكتشفنا أو لنقول أننا لوجدنا أن إنسان في صراع دائم مع ذاته بين أفعال الخير‬
‫والشر وإن دراسة الحاالت تؤكد أن لكل سلوك سبًبا‪...‬‬
‫وكما جميعنا نقول أنهم يعودون لعوامل عدة "البيئة االجتماعية‪-‬الوراثة‪-‬التربية‪-‬‬
‫المحيط االجتماعي "جميعها تحدد السلوك وبما أن اإلنسان حر فمن الطبيعي أن‬
‫تدخل إرادته في أفعاله‬

‫علينا األخذ بعين االعتبار للظروف التي جعلته يفعل شر ‪،،‬وكما لو أنه فعل خير‬
‫فذلك أيضا يعود للظروف التي أحاطت به‬

‫جميعنا يعتقد أن الظواهر التي نعبرها شرًا كالموت والمرض والفقر‪،،‬لك منها أسبابه‬
‫التي يجب على إنسان أن يقبلها ويعترف بمحدوديته وعدم كماله‪..‬‬

‫كما ورد في مقال يومي على صفحات تواصل االجتماعي تحدُث عن هذه الظواهر‬
‫قائلين في الحرف الواحد‪:‬‬

‫إن إذا كان المرض شرًا فهذا طبيعي نسبًة لألسباب التي ينتج عنها المرض فالجسد‬
‫مادة من الممكن أن تصاب بخلل ما نتيجة ظروف معينة‪،،‬وكذلك الفقر في العالم ليس‬
‫ألن مجموعة من الناس ُك تب لها أن تولد فقيرة وإنما ألن أصحاب المال والسطلة‬
‫حجبوا ثروتهم لخيرهم الذاتي‪،،‬إما الموت فهو النهاية الطبيعة لكل كائن على هذه‬
‫األرض وال يمكنه االستمرار فيها نظرًا لمحدوديته البشرية‪.‬‬

‫من السهل جدًا علينا نفرز أعمال الخير والشر وتفريق بين ناس أشرار‬
‫وأخيار‪،،‬جميعنا نسلك الخير والشر بطريقٍة متفاوتة وعلينا عم تساهل أو تبرير لفعل‬
‫الشر إنما المحاسبة بهدف أن يكون المسيطر الخير دونما االنتقام ممن فعل الشر فإذا‬
‫رددنا فعل الشر بالشر فدخلنا بدوامته الكبرى‪.‬‬

‫المحبة هي الشريعة الوحيدة التي تساعد اإلنسان على االبتعاد عن فعل الشر‪.‬‬
‫كل هذا يتطلب منا الوعي والصبر والحب‪.‬‬

‫هيفاء عبد اللطيف بيرقدار‬


‫سوريا ‪/‬حمص‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫انتقام أخمده الحب‬

‫دائًم ا أسأُل نفسي هل سيعود نادًم ا راجًيا ُقربي؟!‬


‫وماذا لو عاَد حًّقا حينها!‬
‫هل سأكون عافيًة لُه عن رحيلِه الُم فاجئ الذي أفقدني الثقة بُك ِّل من حولي وجعلني‬
‫أؤِم ُن بأّن ال للُحِّب وجود‪.‬‬
‫هل سُأشّيُد بكلتا يدّي العاجزتين حاجَز النسيان الذي َتخَّلَق بسبِب ُبعده عني قائلًة لُه‪:‬‬
‫إّني ال أحّبك نادمٌة كثيًرا لمعرفتي بك فقد جئَت على هيئة ُع مٍر كامٍل من وجع‬
‫حتى أتت تلك اللحظة اّلتي طالما شككُت بمجيئها ‪ ،‬تخَّبطت مشاعري بين الُحِّب‬
‫والُبغ ‪،‬‬
‫وبدأ قلبي وعقلي بالتصارع بين العودة والمغادرة‪.‬‬
‫كان عقلي يدفعني لالنتقام منه ‪ ،‬بتمزيِق مشاعره إن كان يملكها إرًبا إرًبا بكلماتي‬
‫الجارحة وأصب غضب قلبي النادم على‬
‫حّبه َك ـُبركاٍن ثائٍر يأبى الخمود حّتى‪ ،‬سأقوم بُك ِّل ذلك ليس إاّل كي ُأخمد نيراَن االنتقام‬
‫المشتعل ضمن فؤادي الُم تهالك‪ ،‬و وسأحّطم قلبُه كما فعل بي‪ ،‬راحلًة مستهزئًة تاركًة‬
‫بسمَة االستخفاف به النهزامِه أمامي عائًدا يوطُئ رأسُه خجاًل ِمّم ا اقترفُه‪،‬‬
‫فسرحت في عينيه تأُّم اًل ‪ ،‬غارقة بذكريات الماضي الجميل ‪ ،‬متمنيًة عودتها ‪،‬‬
‫فبدأ فؤادي يرتجف شوًقا لكلماتِه الدافِئة‪ ،‬فأحببت االقتراب أكثر من االبتعاد ‪ ،‬ألّنه‬
‫موطُن سعادتِي فمنذ رحيله اختفت االبتسامة عن وجهي واحتّل الحزن مالمح وجهي‬
‫اللطيفة ‪ ،‬ولم تعد روحي تشعر بالطمأنينة‪.‬‬
‫تلخبطت أفكاري بمشاعري ولم أعد أعلم ما سأقّر ر وما سأفعل وفي أخر وهلة‬
‫ترّد َد ْت في مسمعَّي رسالًة من السماء‪ :‬إّن‬
‫هللا ُيسامُح ِع بادُه الُم ذنبين فمن أنِت حّتى ال ُتسامحيه؟!‬
‫َفِلتخِم دي ناَرِك الُم شتعلة‪ ،‬ومِّز قي صفحاَت الماضي وُأحرقيها بنارك الملتهبة وال‬
‫تطفئيها بانتقامك المدّم ر لسعادتك‬
‫ولتكن بدايًة جديدًة ُتعيد لروحك البهجة‪.‬‬
‫فتنهدُت تنهيدة من أعماِق روحي وعيناي تذرُف الدمَع لُتخرج الُحزن منهما‪،‬‬
‫وارتميُت في أحضانِه باكيًة راجيًة أاٍّل يبتعد عني مرة آخرى ‪.‬‬

‫روعة معضاد النبواني‬


‫سوريا ‪ /‬ريف دمشق‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫تكامٌل و تضاٌد‬

‫_هل سألت نفسك ذات مّر ة عن أصل تواجِد الخير و الشّر؟‬


‫_هل سألت عن الدوافع التي تجعلنا نقّرر ما إذا كانت األفعال التي ُتحَدث خِّيرًة أم‬
‫شريرًة‪ ،‬وما الذي يدفعنا لنبذ الشّر ورفضه والرغبة في أفعال الخير واستحسانها؟‬
‫_أو لماذا نشعر بالسعادة لخيٍر ما وبضيٍق لشٍّر ما؟‬
‫سأخبرَك بشيٍء أيها القارئ قبل اإلجابة عن هذه األسئلة التي لطالما خطرت في بالي‬
‫عندما كنت في سّن السابعة و لم أجد إجابتها إال بعد خمسة عشَر عامًا ِم ن تخاُطِر ها‬
‫إلى ذهني‪ ،‬أّن هاتان القيمتان الوجودَّيتان ُتكِّم الن بعضيهما وال يمكن الفصُل بينهما‬
‫في الحياة وال في الخلود ألنهما مرتبطتان ارتباطًا وثيقا وسترى هذا من خالل‬
‫قراءتك للنص الذي بين يديك‪.‬‬
‫الخير‪ :‬هو قيمٌة وجوديٌة ‪ ،‬تنبع من الذات البشرية لتقييم فعٍل ما بأنه يساعد في بقائها‬
‫آمنة على هذه الحياة وفي المثل األعلى‪.‬‬
‫الشّر‪ :‬هو قيمٌة وجوديٌة نقيضٌة بالخير‪ُ ،‬تشعر اإلنسان بأَّن فعًال ما يهدد حياته‬
‫بالخطر‪.‬‬
‫بداية القصة التي جمعت هاتان القيمتان كانت مع بدايِة الخلِق في الُم ثل األعلى أو ما‬
‫يسمى في عالم األرواح‪ ،‬حيُث ُخ لقت فيه األرواُح بقيٍم وصفاٍت متفاوتة‪ ،‬وذلك لحكمٍة‬
‫إلهيٍة في جعلنا نكتشُف جماليَة الوجوِد والحياِة والنعيِم ‪ ،‬ونتفَّهُم أسرارُه و روعتُه‪.‬‬
‫والدوافع التي تجعلنا نحبٌذ فعًال ونذُم آخَر ‪ ،‬هي معرفتنا بالنتيجة التي سيؤدي إليها‬
‫هذا الفعل في تحديِد بقاءنا على الوجوِد آمنيَن أم ال؛ ما يجعلنا نقاتُل باستماته لبقاٍء آمن‬
‫لنا جميعا سواء في الحاضر أو المستقبل‪ ،‬ولكن في بعض األحياِن تختلف القيمة من‬
‫شخٍص آلخر فعلى سبيِل المثال‪..‬‬
‫كاَن اكتشاُف الكهرباء في بدايتِه خيرًا للبشريِة جمعاء عندما كان يقتصر استخدامها‬
‫لخدمة البشرية ولتسهيل الحياة وجعلها مرهفة بالرخاء‪ ..‬بقَي هذا الحاُل إلى أن تحّو ل‬
‫هذا االكتشاِف إلى سالٍح مدّم ٍر ُيستعمُل في الحروِب بداعي فرِض القّو ة والهيمنة‬
‫والسطوة وهنا تم تغييُر القيمِة التي حصلت عليها الكهرباء ِم ن الناحية الغريزية‬
‫للنفس البشرية ِم ن ِقَبِل الُم تضررين ِم ن البشر‪.‬‬
‫هكذا يتم الحكم على األفعاِل واألشياِء إن كانت خّيرًة أم شريرًة ‪ ،‬ومنبع كل هذه‬
‫األحكام هي الغريزة البشرية في البقاء‪ ،‬ما ُيشعرها بالراحِة والطمأنينِة تجاه الخير‪،‬‬
‫والضيِق والخوِف تجاه الشّر‪.‬‬
‫لقد كنا صغارًا نحلُم بأن نصبَح أبطاًال نقضي على الشِّر قضاًء تامًا لكن في النهايِة‪.‬‬
‫كال القيمتان ال يمكُن القضاَء على إحداهما‪ .‬فلوال الخيُر ما عرفنا معنًى للشِّر والعكُس‬
‫صحيح‪.‬‬

‫أنس المسلماني‬
‫سوريا ‪ /‬حمص‬

‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫كتبها يوما دوستويفسكي‬

‫" لن تستطيع أن ُت حارب قبح العالم دون أن تتلوث منه بشيء"‬


‫لكنه نسي أن من يجرب قبح العالم لمرة‪ ،‬يأبى بكل قلبه أن يذيقه لغيره‪ ،‬اعذرني‬
‫دوستويفسكي فهذه المرة قاعدتك ال تعمم‪ ،‬ال داعي للقلق من أولئك الطيبين الذين‬
‫اضطروا لمواجهة الشرور ألنه في الغالب أمامهم طريقين ال ثالث لهما‪.‬‬
‫أما األول فهو أن يصبحوا قساة وجبابرة‪ ،‬يدوسون بأقدامهم كل من يأتي في‬
‫طريقهم‪ ،‬أي أنهم يتحولون من مرحلة الضحية إلى اإلجرام‪ .‬وهذا الطريق يسلكه‬
‫الضعفاء‪.‬‬
‫أما عن الطريق الثاني فقد وهب ألصحاب القلوب‪ ،‬طريق ال خوف فيه وال حزن‪،‬‬
‫تخيل حتى أنهم يميطون الحزن عن طريق من سيأتي بعدهم‪ ،‬وهنا يكمن نقاء‬
‫روحهم وجالدتهم‪ ،‬نعم لقد انتصروا على هذا العالم ومازالوا طيبين‪ ،‬واخطأت هذه‬
‫المرة عزيزي دوستويفسكي ودعني أكتبها برؤيتي‪:‬‬
‫"تستطيع أن تحارب العالم بنقاء روحك‪ ،‬مهما بدى لك الشر قويا فتلك خديعة‪،‬‬
‫ستنتصر حتما"‬

‫نور أنس طيارة‬


‫سوريا ‪ /‬حمص‬
‫كتاب مجمع لفريق ومضة الثقافي‬

‫إنساٌن أنا‬
‫لسُت بمالكًا وال بشيطان‪ ،‬إني وهللا إنساٌن ‪ ،‬تارًة يفعل خيرًا وأخرى يذنب ويخطئ‪.‬‬
‫فبعد الخير فرح وبعد الشّر كرب وتوبٌة ‪.‬‬
‫والشّر البد أن يجد طريقا له داخلي لكن الخير يحاربه محاوًال منعه من المكِر ‪.‬‬
‫حرب فّي والنفس حكم والعقل والقلب شركاُء‪،‬‬
‫فبتعدد الحّك ام البد من االختالف والخالف‪ ،‬لذلك أحيانا ما تجدني جالسًا فقط ال أفعل‬
‫ال شرًا وال حتى خيرا تجنبا لوقوع مصيبة‪.‬‬
‫فيبادر الشر محاوًال اإلغراء بالفتن قائال‪ :‬الحياة قصيرة افعل ما تريد‬
‫ويرد الخير مسرعًا‪ :‬والندم ما حاله؟ يا صاح اصبر واعمل صالحًا خيٌر من الندم‪.‬‬
‫_ال تهتم ِلَم يقول‪ ،‬حاقٌد وحاسٌد ال أكثر‬
‫_وعلى ماذا أحقد وأحسد على شر سيصيبه عاجًال أم آجًال؟ أريد نجاته ال أكثر‪.‬‬
‫يا صاح إن القلب على ما عودته يعتاد فعود قلبك على الحب والخير لتجده نقيًا خاٍل‬
‫من السواد ‪،‬كن طيبًا ذا لسان طيب تجد الطيبين حولك‪.‬‬
‫فبذرة الخير مزروعة في جوف كل منا وبذرة الشر أيضا لكن اختالفنا أّن مّن ا من‬
‫يسقي بذرة الخير فتعينه عل جنوح نفسه ومنا من يسقي بذرة الشر فتضّله عن الحق‪.‬‬
‫وأن الثمار ستنضج يومًا وسيأكل كٌّل من ثمره‪.‬‬
‫فسارع لالعتناء ببذرة الخير حتى ال يصيبك الندم فالندم قاٍس ال يفيد‪ ،‬والحزن‬
‫بجواره موجٌع‪.‬‬

‫مريم محمد نضال بياسي‬


‫سوريا ‪ /‬طرطوس‬
‫النهاية‬

You might also like