Professional Documents
Culture Documents
كيف تستوعب ما تقرأ
كيف تستوعب ما تقرأ
التعليم والتثقيف يعتمد بشكل أساسي على الكتب؛ لذا من أراد أن يتعلم ذاتيًا أن يتقن مهارات
القراءة الصحيحة ،فالقراءة مهارة وفن ال يجيده كثير من الناس ،فكم من القراء الذين يبذلون
جهدًا وأوقاتًا طويلة في القراءة ،ومع ذلك فإن حصيلتهم قليلة جدًا .والشك أن الخلفية العلمية
والثقافية للشخص لها أثر كبير في عملية االستيعاب ،إال إن طريقة القراءة وكيفية التعامل مع
الكتاب تؤثر بدرجة عالية في مستوى الفهم واالستيعاب.
وفي هذه المقالة سوف يكون حديثي عن كيفية القراءة والذي تعتبر محور أساسي في عملية
االستيعاب .فالقراءة مهارة تكتسب بالتعلم وتتطور بالممارسة والتمرين ،وبقدر ما تكون مهارتك
عالية بقدر ما يكون استيعابك لما تقرأ عاليًا .وسأذكر باختصار بعض القواعد األساسية في كيفية
القراءة الصحيحة ،فإن معرفة القواعد يشكل مرونة أو على األقل هي شرط الكتساب المهارة.
قبل القراءة:
أوًال :القراءة الفعالة تبدأ قبل القراءة ،فالقارئ الجيد يحدد هدفه من القراءة ،فقبل كيف تقرأ،
أسأل :لماذا أقرأ؟ ما الهدف من وراء قراءتي؟ وقد حدد خبراء القراءة ستة أهداف رئيسة للقراءة
ال يكاد القارئ يخرج عن هذه األهداف:
ومعرفة الهدف ووضوحه في الذهن أمر أساسي وضروري لعلمية االستيعاب والفهم .فحدد هدفك
قبل القراءة ،فإذا كان هدفك أن تقرأ من أجل القراءة فقط ،فأجهد نفسك قليًال لتخرج بسبب أفضل،
فالقراءة مع هدف محدد هو بأهمية فهم ما تقرأ .وفي قراءة الكتب الشرعية يجب أن يكون هدفك
مرضاة هللا ـ عز وجل ـ ،فال تقرأ العلم الشرعي من أجل تماري به السفهاء أو تكاثر به العلماء
أو تريد أن تصرف به وجوه الناس إليك فإن ذلك يقودك إلى النار عياذًا باهلل من ذلك.
ثانيًا :حدد المكان الذي سوف تقرأ فيه الكتاب .ويشترط في المكان أن يكون خاليًا من الملهيات
والصوارف التي تعيقك أو تقطع عليك تركيزك خالل القراءة .وكذلك البد أن يكون المكان بعيدًا
عن الضوضاء واإلزعاج فالقراءة نشاط فردي تتطلب هدوءًا لزيادة درجة االستيعاب .فاختر
المكان الهادئ ،على أن تكون إضاءة المكان صحية.
واجعل كل ما تحتاج إليه من أدوات أساسية كاألقالم واألوراق والملفات في هذا المكان قريبة من
متناول يدك ،فكثير من الوقت يضيع في البحث عن األساسيات التي تحتاجها مما يسبب إزعاجًا
وإرباكًا .وأفضل مكان للقراءة هو المنزل فخصص مكان فيه للقراءة ،وبإمكانك أن تقرأ في
أماكن أخرى هادئة كالمكتبة مثًال إال إن هناك قيودًا تجعل القراءة في هذه األماكن صعبة فالمكتبة
تغلق الساعة التاسعة وأنت ال زلت تشعر بنشاط ورغبة في القراءة ،وتفتح في وقت متأخر،
باإلضافة أنها قد تكون بعيدة عن المنزل مما يعني ضياع كثير من الوقت في الذهاب واإلياب.
كما أن القراءة في المنزل لها أثر سلوكي تربوي ينعكس على األبناء في حب القراءة.
ثالثًا :حدد طريقة قرأتك مع الكتاب فهل ستكون قراءتك متقيدة بالزمن أم بالكمية ،وأعني بالزمن
هل ستقرأ مثًال نصف ساعة من الكتاب يوميًا بصرف النظر عن كم قرأت من الكتاب ،ففي هذه
الحالة يكون االهتمام بالوقت ،أم أن قراءتك تهتم بالمقدار ،فمثًال تقرأ عشرين صفحة يوميًا ـ مهما
أخذت من وقت ـ فاالهتمام للكمية وليس للوقت .أم أنك ستقرأ خالل يومين أو ثالثة قراءة مستمرة
دون انقطاع .يجب في البداية أن تحدد طريقة تعاملك مع الكتاب لكي تحدد زمن االنتهاء
وتستطيع تقييم نفسك هل أنت منضبط بوقتك أم ال؟ وهل أنت قارئ جيد أم ال؟
رابعًا :اقتن الكتاب الذي يحقق لك هدفك ،فمثًال لو أردت أن تقرأ عن العولمة فإنك ستجد كتب
كثيرة تناولت موضوع العولمة بطرق مختلفة .يجب أن تكون أكثر تحديدًا ،ماذا تريد عن
العلومة؟ هل تريد فقط معرفة عامة لمعنى العولمة دون الدخول في الجزئيات والتحليالت الدقيقة؟
فهنا يكفيك كتاب مختصر تقرأ فيه الخطوط العريضة عن العلومة .أما أنك تريد التوسع في
معرفة العلومة ودراستها دراسة تحليله ومعرفة منطلقاتها وأهدافها وآثارها على العالم برمته.
فهنا البد أن تبحث كتاب شامل واسع؛ بل أحيانًا يتطلب األمر أكثر من كتاب لتحقيق الهدف .فكن
متقنًا في اختيار الكتاب.وكما يراعى في اختيار الكتاب أن يكون متوافقًا مع مستواك المعرفي أو
أن يكون لديك القدرة في استيعاب ما فيه.
خامسًا :قبل شراء الكتاب اجعل لك عادة أن تقرأ فهرس الكتاب ومقدمته والخاتمة وما كتب خلف
الكتاب ومقتطفات سريعة ومختصرة من ثنايا الكتاب .فهذه القراءة لهذه المواقع تبين لك :هل أنت
بحاجة لشراء هذا الكتاب؟ وهل الكتاب يحقق هدفك؟
وتبين لك أيضًا ـ من خالل هذه النظرة السريعة ـ جودة قلم الكاتب .فإن الكتاب الجيد المتقن السبك
له أثر كبير على االرتقاء بالمستوى الفكري والبالغي القارئ ،باإلضافة ما يشكله من أثر عميق
في ثبات أو تغير أو تزعزع قناعات القارئ ،لهذا احرص دائمًا باقتناء الكتاب الرصين في
عباراته ،المحكم في معانيه .ويعرف الكتاب القيم :بسالمة عقيدة مؤلفه ،فالكاتب ال يكاد يخرج
عن معتقداته وتصوراته .وكذلك عن طريق معرفة الكاتب وعالقته بالموضوع فهل هو
متخصص فيما كتب أم متطفل .وكذلك عن طريق استشارة أهل التخصص عن الكتاب وعن
أفضل ما كتب في مجال تخصصهم .فإن هذا يعينك على تجاوز كثير من الوقت والجهد.
سادسًا :حدد جدول زمني ثابت للقراءة ،وإن كان القارئ الجيد يقرأ في كل وقت؛ ولكن لوجود
أعمال أخرى ضرورية في حياتنا فإننا بحاجة شديدة إلى تحديد وقت زمني يومي ثابت للقراءة.
واجعل هذا الوقت المخصص للقراءة في الفترة التي تقل أو تنعدم فيها المقاطعات والصوارف،
على أن يعلم جميع أفراد أسرتك وأصدقائك بهذا الوقت المخصص للقراءة كي يعينوك في في
االستمرار.
سابعًا :ال تذهب إلى القراءة وأنت في حالة عصبية منفعلة ،أو تشعر بالضغط النفسي واإلكراه
فإن عملية االستيعاب تعتمد بدرجة عالية على مقدار حضورك الذهني .احرص دائمًا أن تقرأ
وأنت بشوق ومحبة للقراءة .فقراءة الراغب المحب ليست كقراءة المكره المضطر .اجعل عقلك
ومشاعرك وعواطفك تدفعك إلى القراءة ،انطلق إلى القراءة بكلك ال ببعضك لكي ال يتشتت ذهنك
وتضيع وقتك .وقد حذر أسالفنا من القراءة في حاالت انشغال البال ،فيقول الكناني رحمه هللا":
وال يدرس في وقت جوعه أو عطشه أو همه أو غضبه أو نعاسه أو قلقه ،وال في حال برده
المؤلم ،وحره المزعج ،فربما أجاب أو أفتى بغير الصواب ،وألنه ال يتمكن مع ذلك من استيفاء
النظر" فالقراءة نشاط ذهني يشترط فيها هدوء الذهن واستقراره كي يفهم ما يقرأ.
ثامنًا :فكر كثيرًا في الكتاب ،وحاول دائمًا أن تحدث نفسك عن قراءة الكتاب الذي اخترته ،وأنك
سوف تنهيه في الوقت المحدد ،حّد ث نفسك أنك لن تجعل أحد يعوقك عن المضي في مشروعك
هذا ،اجعل الدافع ينبعث من ذاتك لكي يكون أدائك أكثر إبداعًا .ومما ينبغي ذكره ،ويجمل العمل
به هو االستعانة باهلل عز وجل ودعاءه في قراءة هذا الكتاب واالستفادة منه ،فاالعتماد على هللا
عز وجل من أقوى الطرق في تحقيق ما تصبو إليه مع سلوك ما أمر هللا به من اخذ األسباب
الصحيحة لتحقيق ما تريد.
خالل القراءة:
أوًال :ال يكن همك من القراءة إنهاء صفحات الكتاب؛ بل اجعل الغاية هي فهم ما بين يديك ،ومن
العبارات المشهورة الصحيحة :ال تسأل كم قرأت ولكن كم فهمت ،فإذا كان هدفك إنهاء الكتاب
فقط فإنك بهذا تسعى إلى إجهاد نظرك من غير طائل ،والقراءة الجيدة اإليجابية يجب أن
يصاحبها التفكير واالستنتاج وأعمال الفكر في المقروء فالهدف األساسي من القراءة هو فهم ما
تقرأه ،وال يتم الفهم إال بالتفكير في المقروء ،ووضع األسئلة واكتشاف األجوبة من خالل القراءة.
وخالل قراءتك ستجد أشياء ال تستطيع فهمها ،فال تتذمر أو تتضجر فهذا أمر طبيعي يحدث لكل
واحد منا ،ولفهم ما أشكل عليك حاول قراءة ما استعصي عليك مرة أخرى ولكن بطرقة مغايرة:
· دّو ن في ورقة خارجية تلخيصًا لما قرأت.
· اقرأ بصوت مسموع وببطء.
· حاول أن تتخلى عن استنتاجك السابق واقرأ بنظرة جديدة ومغايرة.
إذا لم تفهم فال تيأس ،استمر في قراءتك فهناك احتمال كبير أن تفهم هذه اإلشكالية بعد االنتهاء
من قراءة الكتاب .وهنا ألفت نظرك إلى أمر مهم وهو في حالة عدم فهمك لجزئية معينة ال
تستعجل في السؤال عنها؛ بل أعط نفسك الفرصة للتفكير والتأمل والمدارسة مع الكتاب ،فربما
قليل من التفكير يقودك إلى فهم ما تريد ،ونحن بحاجة إلى بناء عقول قادرة على االكتشاف
واالستنتاج ،تعتمد على قدراتها وطاقتها ،فاالعتماد كثيرًا على قول الشيخ والمعلم يعني بذلك
تهميش عقولنا ،فاجعل دومًا قراءتك عملية بحث واكتشاف مستصحبًا الصبر والجلد لكي تفهم
وتستوعب ما تقرأه.
ثانيًا :أقرا بتركيز ،فالتركيز هو لب القراءة وجوهرها األساسي ،وقراءة بدون تركيز ضياع
للوقت والجهد ،فمستوى نجاحك في القراءة يعتمد ـ بعد توفيق هللا ـ على درجة تركيزك،
والتركيز عملية تحكم وانضباط وترويض للنفس حتى يكون لدى الشخص القدرة على االستغراق
في عملية القراءة ،فهو مهارة يتعلمه المرء كما يتعلم أي مهارة أخرى .ونحن قد نستطيع القراءة
لفترة طويلة ولكننا قد ال نستطيع أن نملك المتابعة الذهنية والتركيز فيما نقرأ .فما سبب ذلك؟
ال شك أن هناك معوقات تصد القارئ عن مواصلة التركيز ومن تلك المعوقات التي يجب الحذر
منها تشتت الذهن واالسترسال مع األفكار الجانبية ،والشرود في خياالت وهمية ،ولقوة التركيز
ال تدع األفكار العشوائية تسيطر على مسار تفكيرك وتقودك حيثما شاءت ،فال تنجذب مع كل
فكرة أو خاطرة تراودك ،اهتم بما في يدك ،وإن شعرت أنك لن تستطيع أن تتغلب على شرودك
الذهني فحاول أن تغير مكانك أو اشغل نفسك بشيء آخر غير القراءة حتى ترحل هذه األفكار
العارضة ،حاول أن تقلل من ارتباطاتك وأشغالك فإن ذلك يشتت الذهن.
وكذلك مما يعوق عملية التركيز عدم الثبات على أمر واالنتقال من كتاب إلى آخر ومن علم إلى
علم آخر ،فال يكاد ينجز في حياته كتابًا أو يتقن فنًا من فنون العلم وهذا داء عالجه العزم
واإلصرار على إتمام ما بدأ به.
ًا
وكذلك من عوائق التركيز خالل القراءة الضجر والملل ،والقراءة عملية ذهنية تتطلب نفس تئدة
صابرة .جّد د همتك وعزيمتك بقراءة سير أولي اإلنجازات الضخمة .أجلس مع ذوي الهمم
العالية .تذكر دائمًا هدفك ،ضع أهدافك دائمًا نصب عينيك ولو أن تكتب هدفك على المكتب
وجدار الغرفة أمامك ،غير جدول قراءتك ،وغير بين الكتب إذا مللت ،إذا تعبت وأجهدت فخذ
قسطًا من الراحة ،ال ترهق نفسك فاإلنسان له طاقة محدودة فإن احتجت إلى النوم فنم ،ثم عد بعد
ذلك وأنت أكثر نشاط.
إن الحياة اليوم أصبحت أكثر صعوبة وتعقيدًا؛ فمتطلباتها أصبحت أكثر ،مما نتج عن ذلك
الضغط النفسي ـ مرض العصر ـ فنحن مطالبون بالتعلم والعمل واإلنتاج أكثر مما كان يطالب به
أسالفنا ،وحالة التركيز تتطلب منك أن تقلل من مستوى الضغط النفسي خالل قراءتك؛ لذا يجب
أن يكون لديك المهارة في التخلص أو تقليل الضغط النفسي الذي نشعر به كي تكون أكثر
تركيزًا ،ومن العوامل المساعدة في تخفيف الضغط النفس هو إتقان مهارة إدارة الوقت والتنظيم
وكيفية التعامل مع الذات.
ابحث عن كل طريقة تبعث فيك الحماس والنشاط ،فاألمر يتطلب تربية جادة للنفس حتى تكون
قادر على التركيز واالستغراق فيما تقرأ .فإن ضعف التركيز له آثار سلبية أشدها أنه ينتج لدى
الشخص عدم الفهم أو سوء فهم وتصور خاطئ لما يقرأ .قد تكون بحاجة إلى قدر من االنضباط
لتتغلب على االتجاه الطبعي نحو الكسل أو الملل أو السآمة واإلحباط أو الرغبة في عمل شيء
آخر فمما تدركه العقول السليمة أن اإلنجاز والنجاح يسبقه آالم ومصاعب تتطلب صبر وتحمل
وهمة عالية ،فال بد من إجبار النفس وترويضها وتربيتها وبذل جهد شاق لتتغلب على مشاعرك
ورغباتك حتى يكون التركيز واالستغراق واالنهماك في القراءة جزء أساسي من شخصيتك.
ثالثًا :دون ما تقرأ ،فمن أساسيات القراءة تدوين المذكرات ،فبقدر ما تستطيع اكتب كل شيء تراه
مفيدًا وهامًا حتى وإن كنت صاحب ذاكرة قوية فذة فأنت مطالب بكتابة المذكرات لتكون قارئ
جيد ،فكتابتك للمذكرات يعني استخدام أكثر من حاسة ،والمذكرات تعتبر حجر الزاوية لنجاحك
في هذا الطريق فهي تساعدك على التركيز ،والفهم ،والتذكر ،وكذلك تحفزك للبحث أكثر في
الموضوع ،وتسد الثغرات العلمية لديك ،مع إثارة لكثير من األسئلة ،باإلضافة إلى أن التحليل
المنطقي للمذكرات يعتبر الخطة األولى إليجاد معلومات تفصيلية أدق في البحث فهي الخطو
األولى لكتابة األبحاث واألعمال الطويلة.
وال يقتصر دور المذكرات لكتابة النقاط الهامة؛ حتى لكتابة القضايا التي لم تفهمها وتتطلب
توضيح أكثر ،أو زيادة تفصيل وشرح .وليس هناك طريقة وحيدة لكتابة المذكرات بل كل شخص
له أسلوبه الخاص في تدوين المذكرات ،ولكن األمر المشترك في كتابة المذكرات أن المذكرة
يجب أن تحتوي على اسم المرجع ،ورقم الصفحة ،ويشترط أن تكتب لك مذكرة عنوان خاص
يميزها عن غيرها ويدل على محتوى المذكرة ،وكذلك ال بد أن تكتب المذكرة بأسلوبك فال تنسخ
ما هو موجود في الكتاب وإنما دون بأسلوبك وعباراتك ما استخلصته من معلومات هامة،
ويفضل في كتابة المذكرات أن تكون بعد قراءة كل فصل كامًال حتى تكون قادرًا على الربط بين
التفاصيل واألحداث الهامة.
رابعًا :قبل أن تشرع في قراءة الكتاب ،يجب أن تضع أسئلة ،ـ فمن صفات القارئ الرديء أنه ال
يضع أسئلة وال يجيب على أي سؤال يتبادر إليه ـ اكتب هذه األسئلة في ورقة وضعها على
غالف الكتاب :ماذا يبحث الكتاب بمجمله؟ ما مدى أهمية المعلومات التي طرحها؟ هل الكتاب
شامل في تناوله للموضوع؟ كيف تناول الكتاب عرض أفكاره؟ ثم تضع أسئلة متعلقة بخصوصية
الموضوع وتبحث عن أجوبة لجميع أسئلتك .فلو كنت تقرأ كتابًا عن "الجهاد" فاكتب قبل ما تقرأ
جميع ما يثيرك حول موضوع الجهاد على أن تكون الكتابة على شكل أسائلة ،أجهد نفسك لكتابة
كل ما يمكن أن يثار حول موضوع الجهاد ،فهذه األسئلة تجعلك أكثر فعالية وكلما كانت األسئلة
أكثر وأوضح كلما كانت القراءة أكثر قوة ونقدًا .وخالل قراءتك ابحث عن أجوبة ألسئلتك.
خامسًا :ناقش الكتاب ،ضع اإلشارات والعالمات على الكتاب ،وإن كان هناك بعض القراء
يرفضون هذه الطريقة ولكنني أجد أنها أسلوب فّعال لعملية االستيعاب وهي تدل على مقدار
التفاعل مع الكتاب ،وإيجاد نوع من النقاش البناء مع ما هو مدون في الكتاب .إن موافقتك للكتاب
و مخالفتك و عالمات التعجب واالستفهام يجب أن تظهر واضحة في الكتاب.
وهناك وسائل كثيرة يمكن استخدامها لعلمية الحوار مع الكتاب وأشهر تلك الطرق وأكثرها
استعماًال هي وضع خطًا تحت أو فوق الجمل الرئيسة ،أو وضع خطًا شاقوليًا لعدة فقرات في
هامش الفقرات المهمة ،وكذلك وضع خطًا أحمرًا تحت الجمل الهامة ،أو وضع عالمة استفهام
لما استكشل عليك ،ووضع نجمة بجانب الفقرات التي تحمل فكرة هامة وتتطلب دراسة أكثر،
ووضع دائرة داللة على أن هذه الفقرة لها عالقة بفقرات سابقة أو الحقة ،أو طوي أسفل
الصفحة ،وبعضهم يستخدم الورقة الفارغة الموجودة في أخر الكتاب لكتابة ملخصات صغيرة أو
عناوين عن المواضيع الهامة وبجوارها أرقام الصفحات التي وردت في الكتاب ،أو يستخدم
قصاصات ورق يجعلها في الكتاب ويدون فيها األشياء الهامة.
بعد القراءة:
عند انتهاءك من قراءة الكتاب ال يعني إنهاء العالقة بالكتاب ،فلتثبيت المعلومات يتطلب األمر
مراجعة ما قرأت ،ولكن قبل المراجعة يجب أن تجاوب على هذه األسئلة:
· ما المواضيع التي احتاج إلى مراجعتها؟
· كم من الوقت احتاج لمراجعة كل موضوع؟
· ما أماكن القوة والضعف لدي؟
وخالل مراجعتك البد أن تجاوب على جميع األسئلة التي دونتها خالل قراءتك ،فال تعني
المراجعة إعادة القراءة بشكل سريع على أمل أن تستعيد ذاكرتك كل المعلومات؛ بل هي أكثر من
مجرد القراءة فهي تتطلب الكتابة ،والتحدث ،والنقاش ،وتحليل األفكار المتعلقة بالموضوع؛ بل
أحيانًا يتطلب األمر إعادة قراءة فصول كاملة كي تفهم ما قرأت بشكل واضح.
والمراجعة أحيانًا تتطلب وجود شخص يناقشك ،فالمناقشة طريقة قوية لتحسين مستوى التعليم
والتذكر ،يقول النووي ـ رحمه هللا ـ ":فإن بالمذاكرة يثبت المحفوظ ويتحرر ويتأكد ويتقرر
ويزداد بحسب كثرة المذاكرة ،ومذاكرة حاذق في الفن ساعة انفع من المطالعة والحفظ ساعات
بل أيام" وإن لم تجد أحدّا تراجع معه فليس هناك خيار أن تراجع لوحدك ،قال الكناني ـ رحمه هللا
ـ ":فإن لم يجد الطالب من يذاكره ذاكر نفسه بنفسه وكرر ما سمعه ولفظه على قلبه ليعلق ذلك
على خاطره فإن تكرار المعنى على القلب كتكرار اللفظ على اللسان سواء بسواء وقل أن يفلح
من يقتصر على الفكر والتعقل بحضرة الشيخ خاصة ثم يتركه ويقوم وال يعاوده ".وطردًا للملل
قّسم الموضوع إلى وحدات على أن تكون المراجعة في وقت نشاطتك الذهني ،وعند انتهاءك من
المراجعة ال يعني قطع الصلة بالكتاب؛ بل ال بد من إعادة المراجعة بعد أسبوع تقريبًا وقد يتطلب
األمر مراجعة الكتاب عدة مرات فيعتمد ذلك على مقدرة ذاكرتك وعالقتك بالموضوع .وصلى
هللا وسلم على نبينا محمد.