Professional Documents
Culture Documents
نبذة
نبذة
إعداد:
هيئة إحياء التراث التابعة للجنة الثقافية التابعة لدائرة المحسنين
والمحسنات أحفاد الشيخ محمودا جب
مكل طوبى امبيل 1445هـ2024/م
1
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ،والصﻼة والسﻼم
على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأمته وسلم تسليما.
وبعد :فالهدف من وراء هذه الورقات المعدودة إلقاء نظرة إجمالية على
حياة شخص من الشخصيات المريدية ]الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه[،
أﻻ وهو الشيخ محمد المحمود جب امباكي.
مولده ونسبه:
النور الشي ُخ محمد المحمود امباكي المشهور بالشيخ َ أبصر
َ لقد
ب عام 1330الهجري ،الموافق لشهر يناير 1912الميﻼدي محمو ًدا ُج ّ ِ
بمدينة طوبى المحروسة جانب البئر الخديمية )عين الرحمة( المتمركزة
شمال الجامع الكبير ،وقد أعطى الشيخ الخديم اﻹذنَ لوالده بﺄن يسميه "محمد
س ِّم ِه َمحمودا" فجرى ذلك على فكتب في رسال ٍة و ﱠج َه َها إليه " َ
َ المحمود"
ألسن الناس تيمنا بمقولة الشيخ وتبركا بها.
فوالده هو }الشيخ مصمب امباكي{ ) 1882ـ1942م( بن القاضي مام
مور أنت سل بن حبيب الله بن مام مهرم عدنان أهل امباكي ،وهو غني
عن التعريف ،وأما والدته فهي السيدة العفيفة البارة أَ ِمنﺔُ ُﺟ ِبّ ْه ُﺟ ْ
وب
) (Aminata diobe Diopبنت محمد أَ ِمنَةَ قُ ﱠم ْه ) Mouhamad
(Aminata khoumbeبن مختار فاطمة ُجلﱠ ْه ) Moukhtar
(Fatimatou dioullaبن ُكو ّدِي ِب ْن َد ِبد ّْو ) (kodde bende bidiwبن
مصمب ّه ِيبْ ) (Massamba ayip Diopوالد مختار اندمبي
) ،(Makhtar ndoumbeومحمد آمنة قمه هذا كان يستوطن قريته
باس "1المتآخمة بين "انجامور "2و"جلوف" ،وقد ﱠ
مر بها أبو الشهيرة ب" َك ْر ٍ
المحامد العبد الخديم ،ونزل ضيفا عنده ،وقضى فيها ليلة عامرة ،وذلك
5
ــ كثرة البﻼيا الواقعة على أهله وأتباعه بين فينة وأخرى حتى ثبت
أن رجﻼ من مريديه خرج يوما للبحث عن الماء فوجد مصرعه حول البئر.
سه اﻷبية بالرغم من العوائق الكثيرة ،والمصائب المتتالية لم تبال نف ُ
وعز ُمه القوي بشيء من هذه وتلك ،ولم تمنعه من تحقيق هدفه المنشود.
تحولت )طوبى امبيل( من قرية عادية إلى مدينة بفضل الله وتوفيقهّ ،
معمورة يتمتع أهلُها بجميع اﻵليات المتوفرة في المدن السنغالية اﻷخرى،
خصوصا فيما يتعلق بالمرافق الصحية ،والطاقة الكهربائية ،والخطوط
البرقية الهاتفية ،إلى جانب وصول مواسير المياه العذبة إلى المنازل.
وقد زاره فيها جميع إخوته من الشيخ مصمب امباكي ،وجميع أبناء
العمومة من العبد الخديم إﻻ للشيخ محمد مصطفى امباكي ،والسبب يعود
إلى وفاته قبل اكتمال التﺄسيس - ،وقد كان يدا ﻻ يخفى دعمها المعنوي في
البذور اﻷولى التي ُزرعت في هذه المدينة -وحتى البرزخيات أمهات
المريدين قضين فيها معا يوما وليلة تحت إشراف السيدة آمنة جب.
عﻼﻗاته اﻻﺟتماعيﺔ:
ﻻ ريب أن من يتﺄمل في سيرته العطرة يقف على مواقف كثيرة تعبر
عن عﻼقاته المتجذرة بين إخوته من المريدين بشكل خاص ،ومن المسلمين
بشكل عام ،فقد ش ّمر عن ساق الجد ليكون المثل اﻷعلى في مد أواصر
اﻷخوة المنشودة في كتاب الله تعالى ،وﻻ ينطلي على أحد أنه بدأ في هذه
المهمة من إخوته اﻷقارب من أب واحد ،فقد كان يجمع هداياه ،ويسوقها
من طوبى امبيل إلى طوبى المحروسة ليق ِ ّد َمها ﻷخيه الكبير وخليفة أبيه
ين ُمو ُد َم ْي{ وقد كان س ِر ْ
اﻷو ِّل سرين محمد اﻷمين امباكي المشهور بـ} َ
يعتبره شيخا له وقدوة ً عظيمة ،إلى حد أنه لم يكن يتجرأ أن يبيت في قري ٍة
ف اﻷخير ضيفا في البكرة احتراما له وتقديرا ،إﻻ بعد لَ ّ ٍ ُ نزل فيها هذا
س ﱠكان القري ِة ،كما أنه لم يكن يحتكر له فقط تلك الروابط ان من ُ و َد َو َر ٍ
س الحبال ﻹخوته الصغار الذين جعلوه كلهم شيخا الحميمة ،بل كان يمد ن ْف َ
جراء معامﻼته الحسنى وأفضاله الغزيرة ،فقد زاره الشيخ محمد لهم ﱠ
المﺄمون المعروف ب-سرين مود فاط خر -في قريته طوبى امبيل ،وقال
له إبﱠﺄن العودة" :ﻻ شك أنه انخرط في سلكي أتباع كثيرون من المريدين،
6
لكني أبايعك لتكونَ شيخي ،وإذا وافَتْنِي المنيةُ فﻼ أثق في روحي بﺄح ٍد
سواك".
وعلى نفس النمط ،نجد سرين صالح امباكي الذي كثيرا يتجاذب معه
أطراف المزاح والمداعبة ،والشيخ عبد الباقي الذي أهداه سيارة فارهة،
والشيخ محمد المصطفى الذي كان قائ َده المغوار ،ورائ َد أعماله ،ولقد جرت
مبادﻻت عديدة ومواقف كثيرة تنم عن مودة ومحبة كان يكنها كل ٌ بينهما
منهما ﻵخر ،وعلى هذا يتدرج الباقون بدايةً من سرين مام مور -حفظه الله
ورعاه ،وأتم مشاريعه -الخليفة الحالي للشيخ مصمب الذي ﻻ يزال لسانُه
رطبًا بذكر محاسن أخيه الكبير الشيخ محمودا ،وﻻ يختلف اﻷمر عند سرين
عبد السﻼم الذي أعطاه اﻻسم ،وسرين عبد الخبير اﻷخ اﻷصغر رحمهما
بيت من هؤﻻء المشايخ إﻻ ونجد فيه س ِميا الله تعالى ،ولهذا؛ ﻻ يكاد يخلو ٌ
له.
وفي قالب آخر ،نجد أن جذور العﻼقات امتدت إلى كافة المريدين
وجميع اﻷسر الخديمية ،فلقد قال في حقه الشيخ محمد المصطفى بن العبد
الخديم" :لو كان جميع إخوتي مثله ﻻسترحتُ ،ولَ َما عانيتُ شيئا" ،وعﻼوة
على ذلك ،لما اكتمل بناء المسجد الجامع هامسه الشيخ محمد الفاضل بﺄن
اﻹمام فيه نظرا للدور الفعﱠال الذي لعبه أبوه الشيخ مصمب في َ يكون
مبررا بﺄنه الطريقة المريدية ،وفي رفع قواعد المسجد الكبير ،لكنه اعتذر ِ ّ
ﻻ يكون أمام شيوخه مطلقا ،أ ّما الشيخ عبد اﻷحد فقد كانَ منز ُل المترجم له
الثاني ،يختلف إليه كثيرا ،وﻻ نغالي لو قلنا :إنه كان يتناول فيه َ منزلَهُ
الفطور كثيرا ،كما كان يشتري الخبز من حسابه الخاص ويحمله إلى
ف بإنشاء المنزل ،وعلى اﻻتجاه المعاكس فقد كان ذلك اﻷول هو الم َكلﱠ َ
ي ٍ يمت ﱡد من طوبى المحروسة إلى طوبى بِلَ ْل قري ِة هذا اﻷخير، طريق سو ّ
الكثير من اﻷمور المادية والمعنوية ،التي ﻻ َ الكثير
َ ولقد تبادل الرجﻼن
يسع المقا ُم لذكرها ،وعلى اﻻختصار يمكن القول بﺄنهما كانا أشبه من قول
الشافعي ﻷحمد الحنبلي:
ق َم ْن ِزلَ ْه ﻗُ ْلتُ :ا ْلﻔَ َ
ضاﺋِ ُل ﻻَت ُﻔَ ِار ُ وركُ أَحْ َم ٌد َوتَ ُز ُ
ور ُه ﻗَالُوا :يَ ُز ُ
7
ض ِل ِه ،ﻓَا ْلﻔَ ْ
ض ُل ِﻓي ا ْل َحالَ ْي ِن لَ ْه ﻓِ ِلﻔَ ْ ض ِل ِه أَ ْو ُز ْرت ُهُ
ارنِي ﻓَ ِلﻔَ ْ
ِإ ْن َز َ
وعلى نفس النسق ،يﺄتي سرين عبد القادر الذي كان يمازح به كثيرا ،كما
كان هو المكلف بإعطاء اﻷسماء ﻷوﻻده ،وهكذا سرين صالح الخليفة
الخامس الذي قد شهد من قوته وحنكته وخدمته ما شهد في أعمال خلكوم،
والشيخ محمد المرتضى الذي قام بتدشين مسجده بطوبى اميبل ،وهكذا
الشيخ شعيب امباكي الذي كان يُفطر عنده كل يوم عاشوراء.
وعلى جانب آخر ،نجده يتراوح بين دار المعطي ،ودار المنان ،فيبقى
عند سرين عبد القدوس امباكي أياما طواﻻ يتفقد أحواله وينظر في شؤون
العيال ،كما كان يقضي نفس اﻷيام عند سرين الشيخ َح َو بَ ﱠل امباكي يصل
به الرحم لكي ﻻ ينصر ْم.
وليس من الكياسة بمكان أن نغلق الصفحة دون أن نذكر تلك العﻼقات
الثنائية ،واﻻرتباطات الوطيدة بين سرين محمودا وأسرة الحاج مالك سه،
فقد كان حريصا على القيام بواجب اﻷخوة بينه وبين اﻷسرة ،فكان يتعهد
سرين بابكر سه ،حيث قام بزيارته في " انجامبور " في دار بنته المشهورة
س ْخنَ أستُ سه{ وأهداه كيسا من الطنابيل )التمور الهندية( ،كما سجل بـ} ُ
لنا التاريخ في دفاتره الخالدة تلك العﻼقة اﻷخوية التي كانت تربطه بالسيدة
سةَ سه ] ابنة الحاج مالك سه[ وزوجها الحاج مور قﺞ سه في مقرهما نَ ِفي َ
بامبركﻼن ،ومما يذكر أنه في سنة من السنوات وجد الحريق في مسكنهما
فﺄحـرق الدار ولم يترك رطـبا وﻻ يابسا ،فﺄمر الشيخ محمودا جميع مريديه
القاطنين في المنطقة أن يذهبوا إليهم ليقوموا بترميم الدار وإقامتها من جديد،
وأقاموا لهما فيها غرفة كبيرة وأنيقة فسمياها طوبى ،تعبيرا عما غشيهما
من الفرح والسرور ،والغبطة والحبور ،وكانا كثيرا ما يثنيان على الشيخ
محمودا جب ،ويعبران عن حسن الجوار معه.
وﻻ يخفى أن هذه الزيارات امتداد لعﻼقات ثنائية كانت تدور بين
اﻷسرة المالكية ووال ِد المتر َجم له الشيخ مصمب امباكي.
وهكذا ،كان يعرف جميع اﻷسر الخديمية والمريدية ،ﻻ يتوانى في
اﻻتصال بهم ،ويسﺄلهم كلهم على حد سواء.
8
وخوفا من اﻹطالة المفرطة نكتفي بهذا القدر علما بﺄن عﻼقاته
اﻻستثنائية ﻻ يمكن سردها في صفحات محدودة.
أخﻼﻗه وصﻔاته:
كان الشيخ محمودا امباكي ـ رضي الله عنه ـ محبّا للشيخ الخديم،
ومريدا صادقا بكل ما تحمله الكلمة من معنى ،ومراعيا للشريعة اﻹسﻼمية
بشقيها ) العبادات ـ المعامﻼت( ،عﻼوة على ذلك ،كان حريصا على إقامة
الصلوات في الجماعة أينما ح ّل وارتحل ،وإنما كان يتولى بنفسه منصب
اﻹمام الراتب في منزله ،وقد ثبت عن الرواة أنه لم يتخلّف عن صﻼة
الجمعة في المسجد الجامع الكبير بطوبى إﻻ مرة واحدة ،كما أنه كان يتحلى
بالصبر والتواضع وكثرة الصمت ،فضﻼ عن أنه كان ّ
يكن لعياله مودة
وشفقة ،ويتجاذب معهم أطراف حديث في كثير من اﻷمور ،كما كان يحثهم
على صلة الرحم.
وعلى سيرته هذه ،درج أبناؤه وأحفاده" ،شنشنة أعرفها من أخزم"!
كان الخليفة الثاني للشيخ مصمب ـ رضي الله عنه ـ ما بين 1957ـ
1996م.
وﻓاته:
توفي الشيخ محمودا يوم الجمعة الثاني عشر من صفر1417هـ
الموافق :الثامن والعشرون من يوليو 1996م ،وصلى عليه سرين حبيب
ي َجرحٍامباكي اﻹمام ،وقال فيه مقولته الخالدة " :هذه الجنازة لم تشهد أ ّ ﱠ
وﻻ انتقا ٍد ﻻ من المسلمين وﻻ من المريدين وﻻ من اﻹخوة اﻷقارب" ،وتمت
مواراة جثمانه في مقبرة طوبى قرب والده الشيخ مصمب امباكي ـ رضي
الله تعالى ـ عنهما وأرضاهما.
َك َما َكﻔَا ُه ا ْل ِع َدىَ ،وا ْل ُك ﱡل ُم ْن َد ِه ُم ع َد ٍد َو َزا َدهُ اللﱠهُ ِر ْ
ض َوانًا ِب َ
ﻼ َ
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وخديمه وأمته وسلم تسليما
مكل طوبى امبيل 1444هـ2023/م
10