Professional Documents
Culture Documents
صلح الحديبية
صلح الحديبية
صلــــح الـــحــديبيــة
مقدمة :
ان صلح الحديبية ،الصلح الذي وقع بين المسلمين وبين كفار قريش مدة عشر سنوات،بعد بيعة الرضوان في منطقة
بقرب مكة عندما ذهب الرسول واصحابه الى مكة بنية اداء العمرة فُمنعو منها ،واتفقو على ان يأتو العام التالي
بموجب عقد الحديبية هذا.لصلح الحديبية احداث كثيرة تدل على مدى صدق الصحابة إليمانهم وحبهم للرسول صلى
هللا عليه وسلم،كما استفاد من احداثها امة اإلسالم جميعًا سياسيًا واعالميًا ودينيًا.هناك العديد من القصص المنفردة
التي ينبغي ان نفرغ لها بحث مستقل ،مثل اشاعة مقتل عثمان ،وبيعة الرضوان،وكتابة العقد.لكننا سنركز بشكل اكبر
على الصلح بذاته.
ما هو صلح الحديبية
هو صلح عقد بيم المسلمين وقريش في شهر ذي القعدة من العام السادس للهجرة ،في منطقة قرَب مكة تسمى
الحديبية .وكان عندما ذهب الرسول ومعه الصحابة الى مكة ألداء العمرة ،تحقيقًا لمنامه ،لكن واجهتهم بعض
العقبات من نوايا المشركين ،فأرسل عثمان رضي هللا عنه الى قريش لتوضيح نواياهم وانهم لم يأتوا ليقاتلوا بل أتو
للعمرة ،فتأخر عثمان فشاع خبر قتله ،فبايع الرسول الصحبة تحت الشجرة (بيعة الرضوان) ليقاتلوا المشركين ،اال
ان لحقهم مرسًال من قريش يوضح لهم الحقيقة خوفًا من ثأر المسلمين ،ثم اتفقوا على الصلح .هذا الصلح عبارة عن
اتفاق بين الرسول ومشركي قريش للهدنة لمدة عشر سنوات ،باإلضافة الى بعض الشروط بين الطرفين كانت هذه
الشروط منحازة بشدة التجاه المشركين ،اال ان هذا الصلح افاد المسلمين كثيرًا ،على الرغم من منعهم من اداء
العمرة في نفس العام ،لكنهم عادو في العام المقبل بأعداد كبيرة ودخلوا مكة ألداء العمرة التي سميت عمرة
القضاء.كما كان هذا الصلح سببا في فتح مكة في العام الثامن من الهجرة .حيث نقضت المشركين الصلح ،عند
اعتداء بني بكر بن عبد مناة من كنانة على بني خزاعة.
سبب تسميته بهذا االسم:
سمى هذا الصلح بهذا اإلسم نسبة للمنطقة التي ُعقد فيها الصلح بين المسلمين والمشركين ،وهي منطقة الحديبية
بقرب مكة والتي ُت سمى اليوم الشميسي .كما يطلق على هذا الصلح اتفاق الحديبية ،أو عقد الحديبية لكن المشهور
هو صلح الحديبية.وفيه روى ابن مسعود رضي هّللا عنه عن النبي أنه قال ”:إنكم تعدون الفتح فتح مكة ونحن نعد
الفتح صلح الحديبية.”..وهناك بعض التسميات االخرى عن صلح الحديبية مذكورة في بعض كتب السيرة منها حادثة
الحديبية ،أمر الحديبية ،قصة الحديبية ،عمرة الحديبية ،غزوة الحديبية.
اسباب هذا الصلح
جاء للرسول صلى هللا عليه وسلم منامًا بأنه مرتدى مالبس اإلحرام ويؤدي العمرة مع اصحابه ،ولذلك اعلن النبي
بأنه يريد الذهاب الى مكة ألداء العمرة في العام السادس من الهجرة في شهر ذي القعدة .بالطبع كانت األجواء بين
المسلمين والمشركين في قريش ليست مستقرة ،وبالرغم من ذلك ذهب النبي صلى هللا عليه وسلم ومعه ألف وأربع
مئة من المهاجرين واألنصار ،ولبسوا مالبس اإلحرام ليؤكدوا لقريش أنهم يريدون العمرة وال يقصدون الحرب.
وعندما اقتربوا من مكة بلغهم أن المشركين اجمعو لمقاتلتهم وصدهم .لذا ارسل الرسول عثمان بن عفان رضي هللا
عنه ليوضح لهم نيتهم وانهم اتو للعمرة وليس لديهم اي نية للقتال .تأخر عثمان في الرجعة ،لذلك شاع بينهم انه
قتل ،وهنا حدثت بيعة الرضوان بين الرسول والصحابة تحت الشجرة على ان يقاتلوا المشركين حتى الموت .عندما
علمت قريش بذلك ،اسرعوا في ارسال عثمان بن عفان ،وارسلوا رسوًال لعقد اتفاق بين المسلمين وقريش سمي
بصلح الحديبية.
من الذي حضر صلح الحديبية
أشهد على الصلح رجال من المسلمين ورجال من المشركين .منهم أبو بكر الصديق ،وعمر بن الخطاب ،وعبد
الرحمن بن عوف ،وعبد هّٰللا بن سهيل بن عمرو ،وسعد بن أبي وقاص ،ومحمود بن مسلمة ،ومكرز بن حفص وهو
مشرك ،وعلي بن أبي طالب ،وكان هو كاتب الصحيفة .وعليه دخلت قبيلة خزاعة في عهد الرسول صلى هللا عليه،
ودخل بنو بكر بن عبد مناة من كنانة في عهد قريش.
صيغة صلح الحديبية وشروطه:
كتب فيه:
باسمك اللهم ،هذا ما صلح عليه محمد بن عبد هللا و سهيل بن عمرو .واصطلحا على وضع الحرب بين الناس عشر
سنين يأمن فيهم الناس ويكف بعضهم عن بعض.
على أنه من قدم مكة من أصحاب محمد حاجًا أو معتمرًا ،أو يبتغى من فضل هللا فهو آمن على دمه وماله،
ومن قدم المدينة من قريش مجتازًا إلى مصر أو إلى الشام يبتغي من فضل هللا فهو آمن على دمه وماله.
على أنه من آتى محمدًا من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريش ممن مع محمد لم يردوه عليه.
وأن بيننا عيبة مكفوفة ،وأنه ال إسالل وال إغالل.
أنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخله ،ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه.
وأنك ترجع عنا عامك هذا ،فال تدخل علينا مكة ،وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك
فأقمت بها ثالثًا ،معك سالح الراكب السيوف في القرب وال تدخلها بغيرها.
وعلى أن الهدى حيث ما جئناه ومحله فال تقدمه علينا.
الخاتمة:
في ختام البحث عن صلح الحديبية ،يجب ان نذكر وجه االستفادة من هذا الصلح الذي كان يرى فيه المسلمون وقتها
انه اتفاق غير عادل بالنسبة لهم .كما كره بعض الصحابة ،ومنهم عمر بن الخطاب رضي هللا عنه ،اال ان هللا
ابشرهم بالنصر .حيث أنزل هللا على نبيه سورة الفتح ،في طريق عودته للمدينة المنورة ،وفيها يقول هللا تعالىِ”:إَّن ا
َفَت ْح َن ا َلَك َف ْت ًح ا ُّم ِبيًن ا*ِّلَي ْغ ِفَر َلَك ُهَّللا َم ا َتَقَّد َم ِمن َذ نِبَك َو َم ا َت َأَّخ َر َو ُيِتَّم ِنْع َم َت ُه َع َلْي َك َو َي ْه ِدَيَك ِص َر اًط ا ُّمْس َت ِقيًما“.وهنا ادرك
المسلمون ان التسليم ألمر هللا ورسوله فيه كل الخير لهم ولدعوة اإلسالم.
كان هذا الصلح من التعاليم السياسية التي علمنا اياها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .حيث اكتسب وقتًا من خالل
هذه الهدنة استطاع فيها كسب المزيد من القوة واإلستعداد .وبالفعل حصل فتح مكة بعدها بفترة وجيزة ،دون اراقة
الدماء.